Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 12

‫درا�سـات‬

‫الموظف العمومي والمنازعات الإدارية‪:‬‬


‫�أي تعليل �أو �إلغاء للقرارات الإدارية الم�شوبة بعدم ال�شرعية؟‬
‫ذ‪ .‬عبد الرحيم خال�ص‬
‫�أ�ستاذ القانون العام بجامعة ابن زهر‪� ،‬أكادير‬

‫مقدمة‬
‫ما العمل في حالة �صدور قرار �إداري يم�س بالو�ضعية القانونية للموظفين العموميين �أو يخرق �إحدى‬
‫حقوقهم الممنوحة والمحمية با�سم القانون؟ وما هي الإجراءات والم�ساطر الإدارية والقانونية الممكن‬
‫اتباعها لف�ض المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية التي ت�صدرها ال�سلطة الإدارية في مواجهة الموظف‬
‫العمومي؟‬
‫ف�ضال عن �س�ؤالي االنطالق �أعاله‪ ،‬تجدر الإ�شارة �إلى �أن هذه الدرا�سة القانونية‪ ،‬تنطلق من الم�شاكل‬
‫والعقبات التي تعتر�ض ال�سريان العادي لمهام و�أدوار الموظف العمومي داخل الإدارة المغربية‪ ،‬ح�سب‬
‫دخل‬‫ما تن�ص عليه العديد من الن�صو�ص القانونية �أو القرارات الإدارية ذات العالقة؛ الأمر الذي قد ُي ِ‬
‫الموظف في دوامة من الإجراءات الإدارية والم�ساطر الق�ضائية‪ ،‬وال�سيما في الحالة التي قد ُيثار فيها نزاع‬
‫�إداري مع ال�سلطة التي قد تعتر�ض �أو توقف م�سيرة الموظف الذي ال ي�ؤدي كما ينبغي – ح�سب ر�أيها –‬
‫وظيفته �أو مهامه المخولة له قانونا‪.‬‬
‫�إن اعترا�ض الإدارة �أو ال�سلطة العمومية المعنية ال�ستمرار الموظف في �أداء المهام المنوطة به‪ ،‬ي�ستلزم‬
‫�إ�صدار قرار �إداري يو�ضح �أ�سباب ومكامن الخلل في ممار�سة الموظف لمهامه من جهة‪ ،‬كما يبرز‬
‫مالب�سات النزاع القائم بين الإدارة والموظف من جهة �أخرى‪.‬‬
‫يبدو ب�أن التطرق �إلى طبيعة العالقة التي تجمع بين الإدارة والموظف عموما‪ ،‬غالبا ما تُثار على م�ستوى‬
‫الحقوق التي يتمتع بها كل طرف على حدة �أو الواجبات المفرو�ضة على كال الطرفين‪ ،‬وبخا�صة في‬
‫عبد الرحيم خال�ص‬ ‫‪16‬‬

‫حاالت خرقهما �أو عدم احترامهما لتلك الحقوق والواجبات‪ .‬غير �أن وقوع اختالف فيما بين الإدارة‬
‫والموظف العمومي بخ�صو�ص طرق �أداء المهام والأدوار‪ ،‬قد ُيثير �إ�شكالية تتمحور حول مدى �إمكانية رد‬
‫الحقوق لأ�صحابها و�إجبار الطرف المحكوم عليه بتنفيذ الحكم ال�صادر ق�ضائيا �ضده‪.‬‬
‫تجدر الإ�شارة �إلى �أن الأمر‪ ،‬يتعلق‪ ،‬هنا‪ ،‬بالإجراءات والم�ساطر التي يمكن اتباعها لف�ض �أي نزاع‬
‫قد يقوم بين الإدارة والموظف العمومي‪ ،‬وال�سيما في حالة �صدور قرار �إداري ال يتقبله الموظف المعني‬
‫بالأمر‪ .‬فمن جهة‪ ،‬يتوجب على الإدارة �إقناع الموظف ب�أنه قد ارتكب خط�أ ي�ستوجب قرارها الإداري‬
‫ال�صادر في حقه؛ ومن جهة �أخرى‪ ،‬يتوجب على الإدارة تعليل ذلك القرار وذكر الأ�سباب التي �أدت �إلى‬
‫اتخاذه‪ .‬وفي حالة عدم تعليل القرار الذي اتخذته الإدارة في حق الموظف العمومي‪ ،‬فيحق لهذا الأخير‬
‫اللجوء �إلى الق�ضاء الإداري‪ ،‬وطلب فح�ص �شرعية القرارات الإدارية غير المعللة �أو المطالبة ب�إلغائها ب�صفة‬
‫نهائية‪.‬‬
‫ن�صف الق�ضاء الإداري المغربي‪،‬‬ ‫من هذا المنطلق‪ ،‬نت�ساءل في �إطار �إ�شكالية رئي�سية‪� :‬إلى �أي حد ُي ِ‬
‫الموظف العمومي الذي ت�صدر في حقه قرارات �إدارية غير معللة وم�شوبة بعدم ال�شرعية �أو تخرق �إحدى‬
‫حقوقه الإدارية والقانونية؟‬
‫يمكننا اعتماد الفر�ضية الآتية كمنطلق للإجابة عن ال�س�ؤال الإ�شكالي �أعاله‪ ،‬وهي فر�ضية ب�شقين‪:‬‬
‫يتعلق ال�شق الأول بمرحلة ما قبل اللجوء �إلى المحاكم الإدارية‪ ،‬حيث يتوقف النزاع ما بين الموظف‬
‫وال�سلطة الإدارية المعنية على م�ستوى حاالت وطبيعة القرارات الإدارية الملزم تعليلها قانونيا وواقعيا؛‬
‫بينما‪ ،‬يتعلق ال�شق الثاني بمرحلة اللجوء �إلى المحاكم الإدارية‪ ،‬حيث يتوقف الف�صل في النزاع ما بين‬
‫الموظف وال�سلطة الإدارية المعنية على �أ�سا�سين‪� :‬أوال‪ ،‬فح�ص مدى �شرعية القرار الإداري غير المعلل؛‬
‫وثانيا‪� ،‬إلغاء كل قرار �إداري يثبت عدم �شرعيته و�إعادة الحالة �إلى ما كانت عليه لفائدة الموظف‪ ،‬ما لم ُيرفق‬
‫هذا الأخير طلب الإلغاء بطلب التعوي�ض‪.‬‬
‫قبل البدء في تحليل ومناق�شة محوري الدرا�سة‪� ،‬سوف نتطرق �أوال �إلى تعريف «الموظف العمومي»‪،‬‬
‫قبل �أن نتطرق ثانيا �إلى تعريف «القرار الإداري»‪ ،‬باعتبارهما مفتاحين رئي�سيين �ضمن الإ�شكالية �أعاله‪.‬‬
‫تجدر الإ�شارة بداية �إلى �أن الف�صل الثاني من النظام الأ�سا�سي العام للوظيفة العمومية (((‪ ،‬ين�ص ب�أنه‪:‬‬
‫« ُيعد موظفا كل �شخ�ص يعين في وظيفة قارة وير�سم في �إحدى رتب ال�سلم الخا�ص ب�أ�سالك الإدارة التابعة‬
‫للدولة»؛ بالإ�ضافة �إلى كل من يوجد «في حالة قانونية ونظامية �إزاء الإدارة» (((‪ ،‬ويطبق عليه قانون‬
‫الوظيفة العمومية من العاملين بالإدارات المركزية للدولة �أو بالم�صالح الخارجية الملحقة بها‪.‬‬

‫((( الف�صل الثاني من الظهير ال�شريف رقم ‪ 1.58.008‬ال�صادر بتاريخ ‪ 24‬فبراير ‪ 1958‬بمثابة النظام الأ�سا�سي العام للوظيفة‬
‫العمومية‪ ،‬الجريدة الر�سمية عدد ‪ 2372‬بتاريخ ‪� 11‬أبريل ‪.1958‬‬
‫((( الف�صل الثالث من الظهير ال�شريف رقم ‪ 1.58.008‬ال�صادر بتاريخ ‪ 24‬فبراير ‪ ،1958‬نف�س المرجع �أعاله‪.‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،166-165‬يوليوز‪�-‬أكتوبر ‪2022‬‬


‫‪17‬‬ ‫الموظف العمومي والمنازعات الإدارية‪� :‬أي تعليل �أو �إلغاء للقرارات الإدارية الم�شوبة بعدم ال�شرعية؟‬

‫وعليه‪ ،‬ف�إن لكل مواطن الحق في ولوج �أ�سالك الوظيفة العمومية والتعيين فيها «على وجه‬
‫الم�ساواة» (((‪ ،‬ولكن ب�شرط �أن يكون من جن�سية مغربية ومتمتعا بالحقوق الوطنية وله القدرة البدنية‬
‫على ممار�سة الوظيفة المر�شح �إليها‪ ،‬الخ (((‪ .‬وذلك بالرغم من ا�ستبعاد النظام الأ�سا�سي العام للوظيفة‬
‫العمومية بع�ض المواطنات والمواطنين ب�شكل ا�ستثنائي‪ ،‬مع تمتيعهم ب�صفات �أخرى غير �صفة الموظف‬
‫العمومي (((‪.‬‬
‫�أما فيما يخ�ص تعريف القرار الإداري‪ ،‬فيمكن بداية القول ب�أنه كل ما تقوم به �أو ت�صدره الإدارة �أو‬
‫ال�سلطة الإدارية من ت�صرفات وفق �سلطتها المنفردة (((‪ ،‬وفي مواجهة الأغيار‪� ،‬أيا كانت طبيعتهم‪� ،‬سواء‬
‫عامة �أو خا�صة‪ .‬وفي درا�ستنا‪ ،‬هذه‪� ،‬سنتحدث عن القرار الإداري باعتباره كل عمل �أو فعل تقوم به الإدارة‬
‫�أو ت�صدره وفق �أ�س�س قانونية �أو �إدارية تجاه موظفيها‪ ،‬والمرفو�ض االن�صياع لمقت�ضياته من طرف ه�ؤالء‬
‫(الموظفين)‪.‬‬
‫ويمكن‪ ،‬تبعا لذلك‪ ،‬تعريف القرار الإداري باعتباره كل «عمل قانوني ي�صدر عن الإدارة المنفردة‬
‫للإدارة‪ ،‬وال يتوقف نفاذه على موافقة من ينطبق عليهم» (((؛ وهو ما يعني �ضرورة توفر عدة �شروط‬
‫العتبار ت�صرف ما‪� ،‬صادر عن �سلطة �إدارية‪ ،‬قرارا �إداريا (((‪ .‬فكيف ذلك؟‬
‫تبعا لكل ما �سبق‪ ،‬يمكننا اتباع الخطة الآتية بغية الإجابة عن الإ�شكالية المطروحة �سابقا‪:‬‬
‫المحور الأول‪ :‬الموظف العمومي و�إلزامية تعليل القرارات الإدارية خارج نطاق اخت�صا�صات‬
‫المحاكم الإدارية؛‬
‫المحور الثاني‪ :‬الموظف العمومي و�إلزامية فح�ص وتعليل القرارات الإدارية داخل نطاقات اخت�صا�ص‬
‫المحاكم الإدارية‪.‬‬

‫((( الفقرة الأولى من الف�صل الأول من الظهير ال�شريف رقم ‪ 1.58.008‬ال�صادر بتاريخ ‪ 24‬فبراير ‪ ،1958‬نف�س المرجع �أعاله‪.‬‬
‫((( �أنظر مختلف ال�شروط المطلوبة لولوج �أ�سالك الوظيفة العمومية كما هي واردة في الف�صل الواحد والع�شرين من الظهير‬
‫ال�شريف رقم ‪ 1.58.008‬ال�صادر بتاريخ ‪ 24‬فبراير ‪ ،1958‬نف�س المرجع �أعاله‪.‬‬
‫((( �أنظر فيما يخ�ص بع�ض الفئات التي ال يطبق عليها النظام الأ�سا�سي العام للوظيفة العمومية بالمغرب‪ ،‬كتاب‪ :‬محمد‬
‫الأعرج‪ ،‬الن�شاط الإداري‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬ط‪� ،2014 ،1 .‬ص‪.355-353 .‬‬
‫((( محمد الأعرج‪ ،‬الن�شاط الإداري‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.36-34 .‬‬
‫((( نف�س المرجع �أعاله‪� ،‬ص‪.36 .‬‬
‫((( مثل تلك ال�شروط نجد‪� :‬أن يكون القرار الإداري ال�صادر عمال قانونيا‪� ،‬أن ي�صدر عن �سلطة �إدارية وطنية ولي�ست �أجنبية‪،‬‬
‫و�أن يكون له �أثر قانوني‪� .‬أنظر‪ :‬محمد الأعرج‪ ،‬الن�شاط الإداري‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.42-37 .‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،166-165‬يوليوز‪�-‬أكتوبر ‪2022‬‬


‫عبد الرحيم خال�ص‬ ‫‪18‬‬

‫المحور الأول‬
‫الموظف العمومي و�إلزامية تعليل القرارات الإدارية‬
‫خارج نطاق اخت�صا�صات المحاكم الإدارية‬
‫�سنتطرق‪ ،‬في �إطار من التحليل والنقا�ش – �ضمن هذا المحور – �إلى الحالة التي ال يزال فيها النزاع‬
‫مح�صورا فقط بين الإدارة والموظف العمومي‪ ،‬قبل الولوج �إلى المحاكم بغية ال�شروع في م�سطرة رفع‬
‫الدعوى الق�ضائية‪ .‬و�سنو�ضح ذلك‪ ،‬من خالل النقط الآتية‪:‬‬
‫– القرار الإداري في مواجهة الموظف العمومي‪ :‬حاالت عدم ال�شرعية؛‬
‫– ال�سلطة الإدارية وطبيعة القرارات الواجب تعليلها في مواجهة الموظف العمومي؛‬
‫– اال�ستثناءات الواردة على القرارات الإدارية الواجب تعليلها (بما فيها القرارات ال�ضمنية ال�سلبية)‪.‬‬

‫�أوال‪ :‬القرار الإداري في مواجهة الموظف العمومي ‪ :‬حاالت عدم ال�شرعية‬


‫تجدر الإ�شارة �إلى �أن الو�صف �أو الحكم على قرار �إداري ب�أنه قرار م�شوب بعدم ال�شرعية‪ ،‬ال يتم‬
‫�إال في �إطار القرارات التي تتخذها �إدارات الدولة والجماعات الترابية وهيئاتها �أو الم�ؤ�س�سات العمومية‬
‫ومختلف الم�صالح التي يعهد �إليها بت�سيير مرفق عام؛ وذلك باعتبار تلك القرارات‪ ،‬قرارات �إدارية فردية‬
‫�سلبية �صادرة لفائدة الغير‪ ،‬مما يتطلب تعليلها تحت طائلة عدم ال�شرعية‪ .‬ويكون ذلك‪ ،‬عادة «بالإف�صاح‬
‫كتابة في �صلب القرارات عن الأ�سباب القانونية والواقعية الداعية �إلى اتخاذها» (((‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬يعتبر القرار الإداري مو�ضوع النزاع بين الموظف العمومي والإدارة المعنية ب�إ�صداره‪ ،‬قرارا‬
‫م�شوبا بعدم ال�شرعية‪ ،‬كلما كنا �أمام �إحدى الحاالت الآتية‪:‬‬
‫‪.1‬حينما يكون القرار ذو طابع �إداري‪� ،‬أي كل قرار ت�صدره هيئة �إدارية �أو م�ؤ�س�سة �إدارية �أو مرفق‬
‫�إداري‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يخرج عن هذه الحالة كل قرار يت�سم بالطابع غير الإداري كالقرار ال�سيا�سي؛‬
‫‪.2‬حينما يكون القرار ذو طابع فردي‪� ،‬أي ت�صدره هيئة في �صيغة ت�ستهدف الحاالت الفردية ولي�س‬
‫الحاالت الجماعية؛‬
‫‪.3‬حينما يكون القرار ذو طابع �سلبي في طبيعته ولي�س �إيجابيا‪� ،‬أي ال ت�صدره الإدارة ل�صالح المعني‬
‫بالأمر‪ ،‬بل يكون في الغالب �ضده؛‬

‫((( �أنظر المادة الأولى من الظهير ال�شريف رقم ‪ 1.02.202‬ال�صادر بتاريخ ‪ 23‬يوليوز ‪ 2002‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 03.01‬ب�ش�أن �إلزام‬
‫الإدارات العمومية والجماعات المحلية والم�ؤ�س�سات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية‪ ،‬الجريدة الر�سمية عدد ‪ 5029‬بتاريخ‬
‫‪ 12‬غ�شت ‪.2002‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،166-165‬يوليوز‪�-‬أكتوبر ‪2022‬‬


‫‪19‬‬ ‫الموظف العمومي والمنازعات الإدارية‪� :‬أي تعليل �أو �إلغاء للقرارات الإدارية الم�شوبة بعدم ال�شرعية؟‬

‫‪.4‬حينما يكون القرار في غير م�صلحة المعني بالأمر‪� ،‬أي �أن ال�سلطة الإدارية التي �أ�صدرته ال ت�ستهدف‬
‫من ورائه �أي فائدة ل�صالح الموظف العمومي المعني بالقرار‪ ،‬و�إنما يخدم طرفا �آخر؛‬
‫‪.5‬حينما يكون القرار مكتوبا‪� ،‬أي �أن الإدارة المعنية ت�صدر قرارها في �صيغة مكتوبة‪ ،‬مما يعني �أن‬
‫القرارات التي تعتبر �شفوية ال تدخل في هذه الحاالت؛‬
‫‪.6‬حينما يكون القرار غير مت�ضمن لالعتبارات الداعية �إلى اتخاذه من طرف الإدارة‪ ،‬وال�سيما الأ�سباب‬
‫القانونية؛‬
‫‪.7‬حينما يكون القرار ذو طابع غير مت�ضمن �أي�ضا لالعتبارات الواقعية المعتمدة ك�أ�سباب مقنعة من‬
‫طرف الإدارة‪.‬‬
‫يالحظ مما �سبق‪ ،‬وجود �سبع حاالت‪ ،‬يمكن للموظف العمومي �أن يثبت فيها ومن خاللها وجود م�س‬
‫ب�إحدى حقوقه الإدارية والقانونية التي يحتويها القرار الإداري ال�صادر �ضده‪ .‬وعليه‪ ،‬فكل حالة من تلك‬
‫الحاالت‪ ،‬ت�ؤدي مبا�شرة �إلى و�صف القرار الإداري بعدم ال�شرعية؛ الأمر الذي يحق للموظف المطالبة‬
‫بتعليل ذلك من طرف الإدارة التي اتخذته‪.‬‬
‫ولكن ال�س�ؤال الذي يطرح نف�سه هو‪ :‬هل كل ما ي�صدر من قرارات عن ال�سلطة الإدارية معنية بالتعليل‬
‫القانوني والواقعي �أم �أن الأمر يتعلق فقط ببع�ض القرارات الإدارية؟‬

‫ثانيا‪ :‬ال�سلطة الإدارية وطبيعة القرارات الواجب تعليلها في مواجهة الموظف العمومي‬
‫يعد تحت طائلة عدم ال�شرعية‪ ،‬كل «قرار �إداري فردي» (‪� ((1‬سلبي �صادر لغير فائدة المعني بالأمر‪،‬‬
‫وغير المف�صح عنه كتابة‪ ،‬ودون �أن يت�ضمن في طلبه كل الأ�سباب القانونية والواقعية الداعية التخاذه في‬
‫حق الموظف العمومي المعني بالأمر‪ .‬ويدخل �ضمن خانة هذه القرارات‪ ،‬ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬القرارات المرتبطة بمجال ممار�سة الحريات العامة �أو التي تكت�سي طابع �إجراء �ضبطي؛‬
‫‪ .2‬القرارات الإدارية القا�ضية ب�إنزال عقوبة �إدارية �أو ت�أديبية؛‬
‫‪.3‬القرارات الإدارية التي تقيد ت�سليم رخ�صة �أو �شهادة �أو �أي وثيقة �إدارية �أخرى ب�شروط �أو تفر�ض‬
‫�أعباء غير من�صو�ص عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل؛‬
‫‪ .4‬القرارات القا�ضية ب�سحب �أو �إلغاء قرار من�شئ لحقوق؛‬

‫(‪ ((1‬يق�صد بالقرار الإداري الفردي‪« ،‬كل قرار �صادر بكيفية �أحادية الجانب عن ال�سلطة الإدارية المعنية يهم �شخ�صا بعينه‬
‫�أو مجموعة �أ�شخا�ص محددة �أ�سما�ؤهم �سواء كانوا �أ�شخا�صا ذاتيين �أو معنويين‪ ،‬عموميين �أو خوا�صا»‪� .‬أنظر الفقرة الثانية‬
‫والأخيرة من المادة الخام�سة من المر�سوم رقم ‪ 2.05.1369‬ال�صادر بتاريخ ‪ 2‬دجنبر ‪ 2005‬ب�ش�أن تحديد قواعد تنظيم القطاعات‬
‫الوزارية والالتمركز الإداري‪ ،‬الجريدة الر�سمية عدد ‪ 2260‬ال�صادرة بتاريخ ‪ 12‬يناير ‪[ ،2006‬والذي تم ن�سخ بع�ض مقت�ضياته‬
‫المخالفة – ح�سب الفقرة الثانية والأخيرة من المادة ‪ – 47‬لمقت�ضيات المر�سوم رقم ‪ 2.17.618‬ال�صادر بتاريخ ‪ 26‬دجنبر ‪2018‬‬
‫بمثابة ميثاق وطني لالتمركز الإداري‪ ،‬الجريدة الر�سمية عدد ‪ 6738‬ال�صادرة بتاريخ ‪ 27‬دجنبر ‪.2018‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،166-165‬يوليوز‪�-‬أكتوبر ‪2022‬‬


‫عبد الرحيم خال�ص‬ ‫‪20‬‬

‫‪ .5‬القرارات الإدارية التي ت�ستند على تقادم �أو فوات �أجل �أو �سقوط حق؛‬
‫‪ .6‬القرارات التي ترف�ض منح امتياز يعتبر حقا للأ�شخا�ص الذين تتوافر فيهم ال�شروط القانونية (‪((1‬؛‬
‫‪.7‬القرارات الإدارية الفردية التي تتخذها الإدارة في حالة ال�ضرورة �أو الظروف اال�ستثنائية ب�شرط‬
‫تقديم المعني بالأمر لطلب اطالعه على �أ�سباب اتخاذ الإدارة للقرار في �أجل ‪ 30‬يوما من تاريخ‬
‫التبليغ‪ ،‬ودون �أن يتعلق بالقرارات الآتية‪:‬‬
‫– القرارات الإدارية القا�ضية ب�إنزال عقوبة �إدارية �أو ت�أديبية؛‬
‫– القرارات الإدارية التي ت�ستند على تقادم �أو فوات �أجل �أو �سقوط حق (‪.((1‬‬
‫توجد‪ ،‬خارج القرارات الواردة �أعاله‪ ،‬عدة ا�ستثناءات‪ ،‬يمكن للإدارة ا�ست�صدار قرارات بخ�صو�صها‬
‫دون �أن تعد في �صميم القرارات الم�شوبة بعدم ال�شرعية‪ .‬فما هي هذه القرارات اال�ستثنائية؟‬

‫ثالثا‪ :‬اال�ستثناءات الواردة على القرارات الإدارية الواجب تعليلها‬


‫يمكن لل�سلطة الإدارية �أن ت�صدر عدة قرارات �إدارية �ضد الموظف العمومي‪ ،‬وتعد غير م�شوبة بعدم‬
‫ال�شرعية في الحاالت اال�ستثنائية الآتية‪:‬‬
‫‪ .1‬فيما يتعلق بالقرارات ال�صريحة‪ ،‬نجد‪:‬‬
‫– القرارات الإدارية التي تقت�ضي الأمن الداخلي والخارجي للدولة (‪((1‬؛‬
‫– القرارات الإدارية التي تقت�ضيها حاالت ال�ضرورة والظروف اال�ستثنائية (‪.((1‬‬
‫‪ .2‬فيما يتعلق بالقرارات ال�ضمنية ال�سلبية‪ ،‬نجد نقطة فريدة وهي‪:‬‬
‫يتعلق الأمر بمن�صو�ص المادة الخام�سة من القانون رقم ‪ 03.01‬ب�ش�أن �إلزام الإدارات العمومية‬
‫والجماعات المحلية والم�ؤ�س�سات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية والتي تن�ص – متى �سكتت ال�سلطات‬
‫الإدارية من خالل القرارات ال�ضمنية ال�سلبية التي ت�صدرها – على �أنه «يحق للمعني بالأمر تقديم طلب‬
‫داخل �أجل الثالثين (‪ )30‬يوما الموالية الن�صرام الأجل القانوني للطعن الطالعه على �أ�سباب القرار ال�ضمني‬
‫ال�سالف‪ ،‬وتكون الإدارة حينئذ ملزمة بالرد على الطلب داخل �أجل خم�سة ع�شرة (‪ )15‬يوما من تاريخ‬
‫التو�صل بالطلب»‪.‬‬

‫(‪ ((1‬القرارات المقدمة في النقط ال�ستة الأولى‪ ،‬هي مجموع القرارات التي �أوجب الم�شرع المغربي على الإدارات تعليلها‬
‫كما جاء في المادة الثانية من القانون رقم ‪ 03.01‬ب�ش�أن �إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والم�ؤ�س�سات العمومية‬
‫بتعليل قراراتها الإدارية‪ ،‬مرجع �سابق‪.‬‬
‫(‪ ((1‬المادة الرابعة من القانون رقم ‪ ،03.01‬نف�س المرجع �أعاله‪.‬‬
‫(‪ ((1‬المادة الثالثة من القانون رقم ‪ ،03.01‬نف�س المرجع �أعاله‪.‬‬
‫(‪ ((1‬المادة الرابعة من القانون رقم ‪ ،03.01‬نف�س المرجع �أعاله‪.‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،166-165‬يوليوز‪�-‬أكتوبر ‪2022‬‬


‫‪21‬‬ ‫الموظف العمومي والمنازعات الإدارية‪� :‬أي تعليل �أو �إلغاء للقرارات الإدارية الم�شوبة بعدم ال�شرعية؟‬

‫ويمكن بخ�صو�ص التمديد في الآجال المن�صو�ص عليه في المادتين الرابعة والخام�سة �أعاله‪ ،‬والمتعلق‬
‫بطلب المعني بالأمر‪ ،‬وجواب ال�سلطة الإدارية‪� ،‬أن يمدد في �أجل الطعن المن�صو�ص عليه في الفقرة‬
‫الخام�سة من الف�صل ‪ 360‬من قانون الم�سطرة المدنية (‪ ((1‬والمادة ‪ 23‬من القانون رقم ‪ 41.90‬المحدثة‬
‫بموجبه محاكم �إدارية (‪.((1‬‬
‫�إذا كان كل ما �سبق‪ ،‬يدخل في خانة الإجراءات والم�ساطر والآليات �أو الطرق والحاالت التي تعد فيها‬
‫القرارات الإدارية ال�صادرة عن �سلطة �إدارية م�شوبة بعدم ال�شرعية‪ ،‬ف�إن تجاوز تلك الم�ساطر والحاالت‬
‫متى لم ت�ستجب لها الإدارة‪ ،‬يجعل الموظف العمومي المت�ضرر منها يلج �إلى المحاكم الإدارية بق�صد‬
‫المطالبة بحقوقه القانونية في مواجهة ال�سلطة الإدارية المعنية‪.‬‬
‫فمتى يمكن للموظف العمومي اللجوء �إلى الق�ضاء الإداري في مواجهة الإدارة ال�صادرة للقرار الإداري‬
‫الم�شوب بعيب الم�شروعية؟‬
‫وما هي الدعاوى التي يمكن للموظف المت�ضرر من قرار الإدارة رفعها �ضد ال�سلطة الإدارية المعنية؟‬

‫المحور الثاني‬
‫الموظف العمومي و�إلزامية فح�ص وتعليل القرارات الإدارية‬
‫داخل نطاقات اخت�صا�ص المحاكم الإدارية‬
‫كلما تم الطعن من طرف الموظف العمومي في قرار �إداري م�شوب بعدم ال�شرعية �أمام المحكمة‬
‫المتعلق‬ ‫‪41.90‬‬ ‫من الباب الثاني من القانون رقم‬ ‫‪44‬‬ ‫الإدارية‪ ،‬يتم مبا�شرة اال�ستناد �إلى منطوق المادة‬
‫بالمحاكم الإدارية �أو يتم الرجوع �إلى المواد من ‪� 20‬إلى ‪ 25‬من الباب الثالث المتعلق برفع دعوى الإلغاء‬
‫�أمام المحاكم الإدارية‪ ،‬في حالة ال�شطط في ا�ستعمال ال�سلطة‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى عدم تعليل القرار الإداري‪.‬‬
‫وهو ما �سنتطرق �إليه ب�شكل مف�صل في النقطتين الآتيتين‪:‬‬
‫فح�ص �شرعية القرارات الإدارية غير المعللة �أمام المحاكم الإدارية؛‬ ‫–‬

‫طلبات �إلغاء القرارات الإدارية غير ال�شرعية ب�سبب تجاوز ال�سلطة‪.‬‬ ‫–‬

‫(‪ ((1‬ظهير �شريف بمثابة قانون رقم ‪ 1.74.447‬ال�صادر بتاريخ ‪� 28‬شتنبر ‪ 1974‬بالم�صادقة على ن�ص قانون الم�سطرة المدنية‪،‬‬
‫الجريدة الر�سمية عدد ‪ 3230‬مكرر‪ ،‬بتاريخ ‪� 30‬شتنبر ‪.1974‬‬
‫(‪ ((1‬الظهير ال�شريف رقم ‪ 1.91.225‬ال�صادر بتاريخ ‪� 10‬شتنبر ‪ ،1993‬قانون رقم ‪ 41.90‬المحدث بموجبه محاكم �إدارية‪،‬‬
‫الجريدة الر�سمية عدد ‪ 4227‬بتاريخ ‪.1993/11/03‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،166-165‬يوليوز‪�-‬أكتوبر ‪2022‬‬


‫عبد الرحيم خال�ص‬ ‫‪22‬‬

‫�أوال‪ :‬في فح�ص �شرعية القرارات الإدارية غير المعللة �أمام المحاكم الإدارية‬
‫يمكن �أن يعهد من طرف المت�ضرر �إلى محكمة عادية غير زجرية �أو �إلى محكمة زجرية كاملة الوالية‬
‫لفح�ص �شرعية القرارات الإدارية غير المعللة‪.‬‬
‫في الحالة الأولى‪� ،‬إذا رفع المت�ضرر دعوى ق�ضائية لفح�ص مدى �شرعية القرار الإداري المطعون فيه �أمام‬
‫محكمة عادية غير زجرية‪ ،‬ف�إن هذه الأخيرة ال تقوم بتقدير مدى �شرعية القرار الإداري و�إنما ت�ؤجل الحكم‬
‫في الق�ضية وتحيل �أمر تقدير �شرعية القرار الإداري محل النزاع �إما �إلى المحكمة الإدارية �أو �إلى محكمة‬
‫النق�ض ح�سب اخت�صا�ص كل من هاتين الجهتين الق�ضائيتين؛ وذلك‪ ،‬ح�سب ما هو م�سموح للمحكمة‬
‫الإدارية النظر فيه ابتدائيا (‪ ،)1‬وما هو م�سموح به لمحكمة النق�ض النظر فيه ابتدائيا وانتهائيا (‪.)2‬‬
‫‪ .1‬بالن�سبة للمحكمة الإدارية‬
‫يحق للمحكمة الإدارية النظر‪ ،‬ابتدائيا‪ ،‬في‪:‬‬
‫– طلبات �إلغاء قرارات ال�سلطات الإدارية ب�سبب تجاوز ال�سلطة؛‬
‫– النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية؛‬
‫– دعاوى التعوي�ض عن الأ�ضرار التي ت�سببها �أعمال ون�شاطات �أ�شخا�ص القانون العام؛‬
‫– النزاعات المتعلقة بالمعا�شات ومنح الوفاة؛‬
‫– تطبيق الن�صو�ص المتعلقة باالنتخابات وال�ضرائب ونزع الملكية لأجل الم�صلحة العامة؛‬
‫– الدعاوي المتعلقة بتح�صيل الديون الم�ستحقة للخزينة العامة؛‬
‫– النزاعات المتعلقة بالو�ضعية الفردية للموظفين‪...‬؛‬
‫– فح�ص �شرعية القرارات الإدارية (‪.((1‬‬
‫‪ .2‬بالن�سبة لمحكمة النق�ض‬
‫يحق لمحكمة النق�ض‪ ،‬ابتدائيا وانتهائيا‪ ،‬النظر في طلبات الإلغاء ب�سبب تجاوز ال�سلطة المتعلقة بـ‪:‬‬
‫– المقررات التنظيمية والفردية ال�صادرة عن رئي�س الحكومة؛‬
‫–  قرارات ال�سلطات الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة االخت�صا�ص المحلي لمحكمة‬
‫�إدارية (‪.((1‬‬
‫�أما في الحالة الثانية‪� ،‬أي حينما ترفع الق�ضية �أمام محاكم زجرية كاملة الوالية‪ ،‬ف�إن �أمر تقدير مدى �شرعية‬
‫القرار الإداري المتنازع بخ�صو�صه‪ ،‬تبقى قائمة ومقبولة‪ ،‬ولكن ب�شرط �أن يتم التم�سك �أمامها بطلب‬

‫(‪ ((1‬المادة الثامنة من القانون رقم ‪ 41.90‬المتعلق بالمحاكم الإدارية‪ ،‬مرجع �سابق‪.‬‬
‫(‪ ((1‬المادة التا�سعة من القانون رقم ‪ 40.90‬المتعلق بالمحاكم الإدارية‪ ،‬نف�س المرجع �أعاله‪.‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،166-165‬يوليوز‪�-‬أكتوبر ‪2022‬‬


‫‪23‬‬ ‫الموظف العمومي والمنازعات الإدارية‪� :‬أي تعليل �أو �إلغاء للقرارات الإدارية الم�شوبة بعدم ال�شرعية؟‬

‫فح�ص �شرعية القرار الإداري المطعون فيه‪� ،‬سواء باعتباره �أ�سا�سا للمتابعة �أو باعتباره و�سيلة من و�سائل‬
‫الدفاع‪.‬‬
‫يت�ضح مما �سبق ب�أن عمليات فح�ص �شرعية القرارات الإدارية غير المعللة‪ ،‬ال ت�صح �إال �إذا رفعت �أمام‬
‫المحاكم المخت�صة؛ وهنا‪ ،‬نق�صد المحكمة الإدارية �أو محكمة النق�ض‪ .‬في حين‪ ،‬يمكن �أي�ضا للمحاكم‬
‫الزجرية متى تم التم�سك �أمامها بالدعوى الق�ضائية لفح�ص �شرعية القرار الإداري‪� ،‬أن تنظر في الق�ضية‬
‫بنف�سها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬في طلبات �إلغاء القرارات الإدارية غير ال�شرعية ب�سبب تجاوز ال�سلطة‬
‫يحق لكل موظف عمومي مت�ضرر من قرار �إداري �صادر عن جهة �إدارية وال يت�ضمن التعليل المن�صو�ص‬
‫عليه في القانون رقم ‪� ،((1( 03.01‬أن يطعن في هذا القرار عن طريق رفع دعوى ق�ضائية ب�إلغاء ذلك القرار‬
‫�أمام الجهة الق�ضائية الإدارية المخت�صة‪ ،‬بحيث �أن «كل قرار �إداري �صدر من جهة غير مخت�صة �أو لعيب في‬
‫�شكله �أو النحراف في ال�سلطة �أو النعدام التعليل �أو لمخالفة القانون‪ ،‬ي�شكل تجاوزا في ا�ستعمال ال�سلطة‪،‬‬
‫يحق للمت�ضرر الطعن فيه �أمام الجهة الق�ضائية الإدارية المخت�صة» (‪.((2‬‬

‫‪� .1‬شروط رفع دعوى الإلغاء ب�سبب قرار غير معلل‬


‫كل موظف عمومي مت�ضرر من �أي قرار �إداري غير معلل‪ ،‬يحق له رفع دعوى �أمام المحاكم الإدارية‬
‫المخت�صة لإلغائه‪ ،‬ولكن �شرط‪:‬‬
‫– توجيه طلب الإلغاء ب�سبب تجاوز ال�سلطة مكتوبا �إلى الجهة الإدارية الق�ضائية المخت�صة؛‬
‫– �إرفاق الطلب بن�سخة من القرار الإداري المطلوب �إلغا�ؤه؛‬
‫–  �إرفاق الطلب بن�سخة من التظلم الإداري �إذا �سبق للمتظلم تقديمه �إلى ال�سلطة الإدارية المعنية‬
‫ب�إ�صدار القرار غير المعلل؛ �أو‪،‬‬
‫– �إرفاق الطلب بن�سخة من وثيقة ت�شهد ب�إيداع التظلم �إذا كان رف�ضه �ضمنيا؛‬
‫–  تقديم الطلب من طرف المت�ضرر داخل ‪ 60‬يوما من تاريخ ن�شر �أو تبليغ القرار المطلوب �إلغائه من‬
‫طرف المعني بالأمر‪.‬‬

‫المتعلق ب�إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والم�ؤ�س�سات العمومية بتعليل قراراتها‬ ‫(‪ ((1‬القانون رقم‬
‫‪03.01‬‬
‫الإدارية‪ ،‬مرجع �سابق‪.‬‬
‫(‪ ((2‬المادة ‪ 20‬من القانون رقم ‪ 41.90‬المحدث للمحاكم الإدارية‪ ،‬مرجع �سابق‪.‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،166-165‬يوليوز‪�-‬أكتوبر ‪2022‬‬


‫عبد الرحيم خال�ص‬ ‫‪24‬‬

‫تجدر الإ�شارة‪ ،‬في حالة توفر ال�شروط �أعاله‪� ،‬إلى �أن كل طلب �إلغاء ب�سبب تجاوز ال�سلطة وال�سيما في‬
‫حالة غياب التعليل بخ�صو�ص القرار الإداري ال�صادر �ضد الموظف العمومي‪ ،‬تجدر الإ�شارة �إلى �أن كل‬
‫طلب في هذا ال�ش�أن‪ ،‬يعفى من «�أداء الر�سم الق�ضائي»‪.‬‬

‫‪� .2‬آجال تقديم طلب الإلغاء لأجل غياب التعليل‬


‫يقدم طلب الإلغاء �أمام المحكمة الإدارية المعنية في المدة التي تلي �صدور القرار وتبليغه �إلى المعني‬
‫بالأمر‪ ،‬وهي ‪ 60‬يوما‪ .‬و�أي تقديم للطلب خارج هذه الآجال‪ ،‬ال يقبل قانونيا وي�صبح القرار �ساري‬
‫المفعول‪.‬‬
‫�أما �إذا �سبق طلب الإلغاء‪ ،‬طلب التظلم الذي يوجه �إلى م�صدر القرار �أو رئي�س ال�سلطة التي �أ�صدرته‪،‬‬
‫ففي هذه الحالة ال يرفع طلب الإلغاء �إال بعد �صدور قرار �صريح برف�ض التظلم الإداري كليا �أو جزئيا من‬
‫طرف الإدارة المعنية بالقرار (‪.((2‬‬
‫�أما في حالة التزام ال�سلطة الإدارية المرفوع �إليها التظلم‪ ،‬ال�صمت طوال مدة ‪ 60‬يوما‪ ،‬اعتبر �سكوتها‬
‫عنه بمثابة رف�ض له (‪.((2‬‬
‫�أما �إذا كانت ال�سلطة الإدارية المعنية ب�إ�صدار قرارها بخ�صو�ص التظلم المرفوع �إليها‪ ،‬ذات نظام ين�ص‬
‫على �إجراء خا�ص في �ش�أن بع�ض الطعون الإدارية‪ ،‬ف�إن طلب الإلغاء ال يقدم �إلى الجهة الق�ضائية المعنية �إال‬
‫بعد ا�ستنفاذ �آجال الإجراء الخا�ص‪ ،‬وفي �آجال مدة ‪ 60‬يوما المحدد �سابقا (‪.((2‬‬
‫كل التزام بال�صمت في �ش�أن طلب قدم �إلى ال�سلطة الإدارية التي �أ�صدرت القرار لمدة ‪ 60‬يوما من تاريخ‬
‫تقديم الطلب‪ ،‬اعتبر �سكوتها رف�ض للطلب ما لم ين�ص قانون على خالف ذلك‪ ،‬لتبد�أ مدة ‪ 60‬يوما التي‬
‫تخول للمت�ضرر الحق في رفع دعوى الإلغاء �إلى ال�سلطة الق�ضائية المعنية بالأمر (‪.((2‬‬
‫وتجدر الإ�شارة �إلى �أنه �إذا كان ب�إمكان المتظلم‪ ،‬رفع دعوى للمطالبة بما يدعونه من حقوق عن طريق‬
‫الطعن العادي �أمام الق�ضاء ال�شامل؛ ف�إن طلبها الهادف �إلى �إلغاء القرار الإداري يكون غير مقبول بتاتا‪.‬‬
‫كما يمكن لفت االنتباه �إلى �أنه‪ ،‬قبل النظر من طرف المحكمة الإدارية في القرار المطلوب �إلغائه من‬
‫طرف المعني بالأمر‪ ،‬يمكن للمحكمة �أن ت�أمر – ب�صورة ا�ستثنائية – بوقف تنفيذ القرار الإداري المطعون‬
‫فيه �إذا التم�س طالب الإلغاء �صراحة ذلك من المحكمة (كتابة) (‪.((2‬‬

‫(‪ ((2‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 23‬من القانون رقم ‪ 41.90‬المحدث للمحاكم الإدارية‪ ،‬مرجع �سابق‪.‬‬
‫(‪ ((2‬وبالتالي ال يبتدئ تاريخ �إمكانية رفع دعوى الإلغاء �إال بعد م�ضي وانق�ضاء مدة ‪ 60‬يوما من تاريخ �سكوت الإدارة عن‬
‫�إ�صدار جواب بخ�صو�ص التظلم‪.‬‬
‫(‪ ((2‬الفقرة الرابعة من المادة ‪ 23‬من القانون رقم ‪ 41.90‬المحدث للمحاكم الإدارية‪ ،‬مرجع �سابق‪.‬‬
‫(‪ ((2‬الفقرة الخام�سة من المادة ‪ 23‬من القانون رقم ‪ 41.90‬المحدث للمحاكم الإدارية‪ ،‬مرجع �سابق‪.‬‬
‫(‪ ((2‬المادة ‪ 24‬من القانون رقم ‪ 41.90‬المحدث للمحاكم الإدارية‪ ،‬مرجع �سابق‪.‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،166-165‬يوليوز‪�-‬أكتوبر ‪2022‬‬


‫‪25‬‬ ‫الموظف العمومي والمنازعات الإدارية‪� :‬أي تعليل �أو �إلغاء للقرارات الإدارية الم�شوبة بعدم ال�شرعية؟‬

‫تجدر الإ�شارة �إلى �أن �أجل قبول طلب �إلغاء القرار الإداري ب�سبب تجاوز ال�سلطة‪ ،‬ينتهي بمجرد‬
‫رفع الدعوى �إلى الجهة الق�ضائية غير المخت�صة ولو كانت محكمة النق�ض؛ غير �أنه يبتدئ �سريان الأجل‬
‫مجددا‪ ،‬ابتداء من تبليغ المدعى للحكم ال�صادر نهائيا بتعيين الجهة الق�ضائية المخت�صة (‪.((2‬‬

‫خاتمة‬
‫يمكن القول‪ ،‬ختاما‪ ،‬ب�أن الم�شرع المغربي قد عمل على تقديم عدة حلول وبدائل قانونية لتجاوز‬
‫النزاعات القائمة �أو الممكن قيامها بين الموظف العمومي وال�سلطة الإدارية‪� ،‬صاحبة القرار الإداري‬
‫الم�ؤثر في المركز القانوني للموظف‪.‬‬
‫ويتجلى اهتمام الم�شرع‪ ،‬في مطالبة الإدارة ب�ضرورة تعليل القرارات التي ت�صدرها‪ ،‬ح�سب مقت�ضيات‬
‫القانون رقم ‪ 03.01‬من جهة‪� ،‬أو ب�ضرورة ال�سماح للموظف الذي �صدر في حقه القرار‪ ،‬الطعن فيه �أمام‬
‫الق�ضاء الإداري من جهة �أخرى؛ و�سواء‪ ،‬كان ذلك‪ ،‬من خالل طلب فح�ص مدى �شرعية القرار الإداري‬
‫ال�صادر في حق الموظف �أو برفع دعوى الإلغاء‪ ،‬ح�سب ال�شروط والظروف التي ن�ص عليها قانون‬
‫المحاكم الإدارية رقم ‪.41.90‬‬
‫على العموم‪ ،‬تظل �إ�شكالية المنازعات التي تثار بين ال�سلطة الإدارية والموظف العمومي‪ ،‬من بين‬
‫الإ�شكاليات الكبرى‪ ،‬الواجب البحث في مختلف �صورها و�أنواعها ب�شكل معمق‪ .‬وما محاولتنا‪ ،‬هذه‪،‬‬
‫�سوى نقطة في واد‪ ،‬بم�سعى فهم جزء ال يتجز�أ من موقع ومكانة الموظف الإداري في ظل ال�سلطة الإدارية‬
‫التي تتمتع بموقع قوة‪ ،‬قانونيا «و�سلطويا»‪ ،‬حيث يظل الموظف تابعا لها �أو ال يت�صرف – على الأقل – �إال‬
‫وفق �شروطها‪ ،‬وهو مح�صور بذلك بين �سلطتها الإدارية المنفردة والتي قد تتخذ �صور قرارات �إدارية قد‬
‫ت�شوبها عدم ال�شرعية �أو تكون غير مبررة وبين ما تتطلبه القوانين الجاري بها العمل من ان�صياع تام للإدارة‬
‫و�سلطاتها‪ ،‬في المركز والالمركز‪.‬‬
‫�إن محاولتنا هذه‪ ،‬ال ت�سعى �إلى تقديم الحلول والبدائل‪ ،‬و�إن كانت تحاول لفت االنتباه �إلى م�شكل‬
‫يتكرر في دواليب الإدارة المغربية ب�شكل متوا�صل وكبير‪ .‬فنحن‪ ،‬ل�سنا بمخت�صين ح�صريين بالمادة‬
‫الإدارية وما يدور في فلكها من منازعات وعقود وق�ضاء �إداري‪ ،‬الخ‪ .‬ولكن‪ ،‬لنا تجربة في المجال‬
‫الإداري‪� ،‬سواء على م�ستوى الأعمال والت�صرفات الإدارية‪ ،‬وما تثيره من منازعات �إدارية وقانونية‬
‫وق�ضائية‪� ،‬أو على م�ستوى التدري�س النظري المرفق بجانب تطبيقي على م�ستوى تحليل ومناق�شة بع�ض‬
‫القرارات الإدارية �أو الأحكام الق�ضائية والتعليق عليها؛ والتي �سبق التطرق �إليها درا�سة وبحثا في القانون‬
‫الإداري والمرافق العمومية‪.‬‬

‫(‪ ((2‬المادة ‪ 25‬من القانون رقم ‪ 41.90‬المحدث للمحاكم الإدارية‪ ،‬مرجع �سابق‪.‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،166-165‬يوليوز‪�-‬أكتوبر ‪2022‬‬


‫عبد الرحيم خال�ص‬ ‫‪26‬‬

‫�إن ما يتعلق بعدم تعليل القرارات التي ت�صدرها الإدارة بمح�ض �إرادتها المنفردة‪ ،‬ف�ضال عن ال�شطط في‬
‫ا�ستعمال ال�سلطة المخولة لها بحكم القانون «الظاهر»! لأ�شبه – في نظرنا – بالإرادة المنفردة للحاكم‪ ،‬في‬
‫القرن ال�ساد�س ع�شر ب�أوروبا‪ ،‬حينما كان يمتلك كافة ال�سلط بين يديه‪ ،‬فتجده ي�صدر القوانين كما يفر�ض‬
‫ال�ضرائب �أو يعلن الحروب �أو ي�صدر الأحكام �ضد كل من ال يواليه في �أمر ال�سمع والطاعة‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬نالحظ ب�أن بع�ض الإدارات بالمغرب وال�سيما ر�ؤ�سائها �أو مديريها �أو مدبريها على العموم‪،‬‬
‫ال تعمل �إال في �إطار تكري�س الثقافة والعقلية وال�سلوك المف�ضي �إلى عدم احترام الموظف �أو المرتفق‬
‫باعتبارهما �أ�صل وجودها في الأ�سا�س؛ �إذ‪ ،‬ال يمكننا الحديث عن الإدارة بدون وجود الموظف �أوال‬
‫ووجود المرتفق ثانيا‪ .‬وعليه‪ ،‬يجب على الإدارة عدم تكري�س فكرة �صاحبة الحق دائما و�أنها ال تخطئ‬
‫�أبدا‪ .‬ف�أمام �إيمانها بكونها ال�سلطة العامة‪ ،‬الواجب احترامها �إداريا وقانونيا‪ ،‬و�أنها �صاحبة القوة والإرادة‬
‫العامة التي تدبر الم�صالح العامة‪ ،‬فيجب عليها تكري�س القيادة الحكيمة والمعقلنة لمواردها الب�شرية وعلى‬
‫ر�أ�سها الموظف القائم على �أداء مهامها و�أن�شطتها و�أدوارها على �أح�سن وجه‪ ،‬دون �أن نن�سى الوجه الآخر‬
‫الذي يمثله المواطن المرتفق‪ ،‬الذي يتوجب على الإدارة ا�ستح�ضاره بطرف �أ�سا�سي في معادلة الوظيفة‬
‫القائمة والم�ستمرة للإدارة‪.‬‬
‫�إن غياب الموظف‪ ،‬معناه غياب الإدارة؛ لكن‪ ،‬غياب المواطن المرتفق‪ ،‬معناه غياب الموظف‬
‫والإدارة معا‪ .‬ولذلك‪ ،‬فكلما ظهر للإدارة �أو تبين لها وجود ن�شاز عن الخط الذي ر�سمته �أو اعتمدته‪ ،‬وفق‬
‫القوانين والقرارات والم�ساطر التي �سطرتها بنف�سها‪ ،‬فيتوجب عليها �إعادة النظر في عالقتها بالموظف‬
‫وحقوقه من جهة وبالمرتفق وحقوقه من جهة �أخرى‪ .‬بل‪ ،‬يجب �إ�شراك الموظف في قراراتها قبل �إعالنها‪،‬‬
‫وا�ستقراء �آراء المواطنين �أو المرتفقين قبل ن�شر قوانينها‪.‬‬
‫تبعا لكل ما �سبق‪ ،‬نتمنى من الم�شرع المغربي �إعادة النظر في طبيعة تلك العالقة‪ ،‬بين الموظف الإداري‬
‫وال�سلطة الإدارية ذات القرار المنفرد‪ ،‬بهدف تجاوز �أي خالف قد يتطور لي�صبح نزاعا ق�ضائيا‪ ،‬بما له من‬
‫تداعيات ذاتية ومو�ضوعية وزمنية وقانونية‪ .‬وقد يكون �إعادة النظر في القانون الأ�سا�سي للوظيفة العمومية‪،‬‬
‫فيما يتعلق بالموظف العمومي‪ ،‬مدخال رئي�سيا لإ�صالح �إداري معا�صر‪ ،‬بمنطق القرن الواحد والع�شرين‪،‬‬
‫الذي ي�شهد على مدى قرابة ثالثون عاما من الق�ضاء الإداري المنا�صر للموظف العمومي ب�صفة عامة‪.‬‬
‫�أما المواطن والمرتفق‪ ،‬فيجب على الإدارة – في عالقتها معه – �إعادة تحديد �أولوياتها لمعرفة �أهدافها‬
‫الحقيقية‪ ،‬الواجب بلوغها بكل �شفافية ونزاهة؛ مع �ضرورة ا�ستح�ضار العالقة ال�سببية بين الإدارة‪ ،‬ممثلة في‬
‫الموظف‪ ،‬والمواطن ممثال في المرتفق‪ ،‬حيث يرتبط وجود الأولى بوجود الثاني‪ .‬وهذا مو�ضوع درا�سة‬
‫�أخرى �سيكون لنا موعد معه في الم�ستقبل القريب‪.‬‬

‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،166-165‬يوليوز‪�-‬أكتوبر ‪2022‬‬

You might also like