Professional Documents
Culture Documents
فقه المعاملات 1
فقه المعاملات 1
فقه المعاملات 1
الحمد هلل رب العاملين ،وبه نستعين ،والصالة والسالم على سيدنا دمحم املصطفى ألامين وعلى آله
وصحبه أجمعين.
أما بعد فهذه محاضرات مختصرة نقدمها لطلبة الفصل الخامس في وحدة فقه املعامالت ( 2قسم
املناكحات) ،وقد حاولنا تقسيم املادة إلى فصلين اثنين ،حيث خصصنا الفصل ألاول للحديث عن
الزواج وما يتعلق به ،والفصل الثاني للتفصيل في الطالق وما يتصل به .وذلك على النحو آلاتي:
1
، وقوله تعالى :
، 2 وقال ،3 :وقال في أصناف
عذاب أهل النار و أنواعه ،4 :وقال في خلقه أصناف املوجودات من جماد
.5 وغيره :
واملعنى الذي يدور عليه لفظ الزواج وما اشتق منه عند العرب في كالمها هو الاقتران والارتباط؛ تقول
العرب :زوج الش يء ،وزوجه إليه ،قرنه به ،وفي التنزيل ، 6 :ويطلق
7
على كل من الزوجين إذا ارتبطا بعقد الزواج ،قال تعالى. :
وتطلق العرب الزوج أيضا على القرينين من غير إلانسان والحيوان ،كالخف والنعل ،وكل ما يقترن
بالخرمماثال له ،أو مضادا له".8
ويطلق الزوج في عالم الحيوان على كل واحد من القرينين من الذكر وألانثى قال تعالى :
، 9 وقال سبحانه وتعالى.10 :
وألافصح في لغة العرب أن يطلق الزوج على كل من الذكر وألانثى بصيغة واحدة ،وهذه لغة أهل
الحجاز ،فتقول املرأة في لغتهم :هذا زوجي ،ويقول الرجل :هذا زوجي.
الفرع الثاني :الزواج يف االصطالح الفقهي:
عرف الزواج في اصطالح الفقهاء بتعاريف ،نختار منها تعريف ابن عرفة الورغمي التونس ي املالكي
َ َ َ َ الت َل ُّذذ ب َآدم َّي ٍة َغ ْير ُموجب ق َ
َ ْ ٌ َ َ ُ َ َّ ُ ْ َ َّ
يم ُت َها ِب َب ِين ٍة ق ْبل ُه ،غ ْي َر َع ِال ٍم ِ ٍ ِ ِ ِ ِ (ت 328ه ) حيث ":النكاح عقد على مجر ِد متع ِة
ْ َ َ
اع َعلى آلاخ ِر". اب َع َلى ْاملَ ْش ُهور َأ ْو ْإلا ْج َم ُ
إن َح َّر َم َها ْالك َت ُ
َ ُ َ ُ ْ َ ََ ْ
عا ِقدها حرمتها،
ِ ِ ِ
ْ َ ُ
وهذا التعريف وضحه وبينه وحل ألغازه إلامام الرصاع في شرح حدود ابن عرفة قائال :ق ْول ُهَ ":عق ٌد "
ُُ ٌ ْ
وم ِلل َعا ِق ِد
ْ ْ َ ٌ َ
اب َوق ُبو ٌل ِم ْن َجا ِن َب ْي ِن َوال َعق ُد ِفي ِه لز اح ِف ِيه إيج الش ْي ُخ في ْالج ْنس ُه َنا ب ْال َع ْقد َأل َّن الن َك َ
َ َّ َ َّ
عبر
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
3
املوسم الدراسي 0202-0202م
َ َ ُ َ َ ْ َ َ ْ ُ ُ َ َ ْ َ َ َ َ ُ ُن ُ ْ ُ ُ ُ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ ُ ُ َ َ ْ َ َّ ُ َ ٌ َ ْ ُ ُ
الزنا ِ م ك ح هم ك ح و ك يو ك ل ذ
ِ ِ ه ي ل ع ق د ص ي َل و أ احِ ك الن
فهل يصدق علي ِه أنه ِنكاح يثب ِ ِ ِ ِ
مز ا و ل يه ف ت
ُ َ ْ َ ْ ُ ُ َ َّ ُ ْ َ ُ ُ ْ ُ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َ ُ َّ ُ ْ َ ُ ُ ْ ُ َ َ ْ
َ َ َْ
الزنا ،فاأل َّو ُل َيقو ُل ِب َع َد ِم َح ِد ِه ِ م ك ح ه م ك ح ن أ ر خ آلا ل و ق ال و احِ ك الن
ِ م ك ح هم ك ح نأ ور ه ش امل ؛ ن ِ َلقو
َّ َ َ ْ َ َ ُ َ ُّ َ ُ ُ َ ُْ َ ْ ُ ُ َ َْ َ َّ ََْ َوبإ ْل َ
الس َّن ِة َل َيكون ّللَا فقط ،وما ح ِرم ِب اب ِ ِ ِ ت ك
ِ ب ات
ِ
اُم َح َّر َ
م ي اع
ِ راأل َّو ُل ُي َ ف ه س كع ي نِ االث و هِ ب
ِ د
ِ لو ال اق ح
ِِ ِ
ّللَا َ -كماَ الش ْي ُخ َ -ح َم ُه َّ ُ ُ ْ ُ ُ ُ ْ َ َ َ َ َّ ُ َ َ َ ُ ُّ َ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ ْ َ ُ َل َّ
رِ حكمه حكم ذ ِلك .والثا ِني ير ِاعي ما يعم ذ ِلك ف ِإذا صح هذا وجب أن يقو
َّ َ َ ْ ََّ َ ْ َ ْ ْ ْ َ ُ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ُ ُّ َ ْ ْ َ َ َ َ ُ َ ْ ُ َ َ َ
ض َمش ِاي ِخنا ِفي الر ِد علي ِه أن َرأ ْيته ِفي لف ِظ ِه أو ِإلاجماع ِبغي ِر و ٍاو بعد أو وكان يمر ِلبع ِض ِهم ،وذكره بع
َّ َ َ َ ُ َ ْ َ ْ ْ َ ُ َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َّ ْ َ َّ َ َ ص َو َاب ُه بإ ْث َبات ْال َواوَ ،و َي ُقو ُل في َب ْ
ض َم َج ِال ِس ِه إن صو ابه أو و ِإلاجماع ِب ِزياد ِة و ٍاو بعد أو؛ ِألن ألاول َل ِ ع ِ ِ ِِ ِ
َ
َ ُ َ َ َ ْ ُ ُ َ َ َْ َّ َّ
َي ُقو ُل ِبالثا ِني َوالثا ِني َي ُقو ُل ِباأل َّو ِل َو َي ِز ُيد َعل ْي ِهَ ،وذ ِل َك َّإن َما َيكون َم َع ال َو ِاو َو َعلى َما ق َّر ْرته َي َت َع َّي ُن أ ْن َيكون
َّ َ َ َ ََ ْ َ َّ َ َ َ ْ َ َ َ َّ َ َّ ْ َ َ َّ َ َ َ ُ َ َ َّ َ َّ ْ َ َ ْ َ
اصَ ،وآلاخ َر َعلل ُه ِبأ ْم ٍر َع ٍام فال َي ِص ُّح إَل ك َما ذك َر ُه - ِبغي ِر و ٍاو ،و ِألنا قررنا أن أحدهما َعلل َالتح ِريم ِبأم َ ٍر َ ٍ
خ
َ َ َ َ
َ ُّ َ ْ َ ُ َ ْ َّ ُ َ ُّ َ َ ُّ ْ َ ً َ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ْ َ َ َّ ْ ُ 1 َ َ ُ َّ ُ َ َ َ َ َّ ُ َّ
يل الثا ِني أعم وأشمل ،وألاول أخص و أقل أفرادا فيتعين حرف أو فتأمله.... ر ِحمه ّللَا تعالى -فالد ِل
ويمكن أن نستنبط من تعريف ابن عرفة املستفادات آلاتية:
أن النكاح عقد :ألنه يفتقر إلى إلايجاب والقبول ،ويقتض ي إرادتين ،إَل أنه ليس من العقود التي
يحق فيها للطرفين أن يحددا آلاثار التي تنشأ عنه ،بل إن الشارع هو الذي حدد تلك آلاثار ،وبين ما
يترتب على كل واحد من الطرفين من حقوق وواجبات .كما أنه يفترق عن الحقوق العادية في أنه يمكن
ألحد الطرفين وهو الزوج ،أن ينهيه بإرادته املنفردة وذلك عن طريق الطالق ،وإن كان الشارع حمل
املطلق مسؤوليات نحو زوجته املطلقة.
أن النكاح هو الوسيلة الشرعية لتنظيم املعاشرة ،و إباحة متعة التلذذ ،وبذلك تخرج العقود التي
يتوصل بها إلى منافع أخرى كاإلجارة والبيع والشركة وغيرها من عقود املعاوضات.
أن هذا العقد يعتبرمن العقود الشكلية التي َل يكفي فيها مجرد التراض ي ،بل َلبد فيها من إلاشهاد،
وهو املراد بالبينة ،وهي تشمل البينة الحقيقية التي هي شهادة عدلين ،أو ما يقوم مقامهما ،و البينة
الحكمية ،وذلك كما إذا حضر رجل وامرأة أجنبيان عن البلد ،وادعيا أنهما زوجان ،وأن زواجهما كان
ص َّدقان في ذلك.
ببينة ،فإنهما ُي َ
أنه يشترط في النكاح الشرعي أن يكون الزوج غير عالم بأنه يحرم عليه التزوج بتلك املرأة موضوع
العقد ،وهو ما يفهم منه أنه إذا كان يعلم أن تزوجه بها حرام ،ومع ذلك عقد عليها ،فإنه َل يعتبر عقد
نكاح شرعي ،و إنما هو من قبيل الزنا...
- 1شرح حدود ابن عرفة ،للرصاع ،طبعة وزارة ألاوقاف والشؤون إلاسالمية املغربية ،ط 1515هـ515 -511 ،1885 /
4
م0202-0202 املوسم الدراسي
.2
: أن هللا سبحانه وتعالى حث على الزواج في قوله:ثانيا
3
: أن هللا تبارك وتعالى أخبرنا أن النكاح من سنن املرسلين في قوله:ثالثا
...4
دليل املشروعية من السنة النبوية: الفرع الثاني
:وهي أدلة كثرية نذكر منها
حث الرسول عليه الصالة والسالمالشباب على الزواج في حديث علقمة قال كنت مع عبد: أوَل
هل لك يا أبا:هللا فلقيه عثمان بمنى فقال يا أبا عبد الرحمن إن لي إليك حاجة فخلوا فقال عثمان
فلما رأى عبد هللا أن ليس له حاجة إلى هذا أشار،عبد الرحمن في أن نزوجك بكرا تذكرك ما كنت تعهد
« يا معشر: لقد قال لنا النبي، فانتهيت إليه وهو يقول أما لئن قلت ذلك، يا علقمة:إلي فقال
.5»الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء
75 آلاية،سورة النحل- 1
1 آلاية،سورة النساء- 2
6 جزء من آلاية،سورة النساء- 3
69 آلاية،سورة الرعد- 4
5635 رقم. من استطاع منكم الباءة قول النبي: باب، كتاب النكاح، أخرجه البخاري في صحيحه-5
5
املوسم الدراسي 0202-0202م
ثانيا :أنه قد أنكر إنكارا شديدا على الذين أرادوا الترفع عن الزواج ،واعتزال النساء؛ فعن
أنس قال « :جاء ثالثة رهط إلى بيوت أزواج النبي يسألون عن عبادة النبي فلما أخبروا كأنهم
تقالوها فقالوا :و أين نحن من النبي قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر،قال أحدهم :أما أنا
فإني أصلي الليل أبدا وقال آخر أنا أصوم الدهر وَل أفطر ،وقال آخر :أنا أعتزل النساء فال أتزوج أبدا
،فجاء رسول هللا إليهم فقال :أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما وهللا إني ألخشاكم هلل و أتقاكم له ،لكني
أصوم و أفطروأصلي وأرقد و أتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني» ...1
وغيرذلك من أحاديث الباب.
الفرع الثالث :اإلمجاع
لقد أجمعت ألامة على مشروعية النكاح؛ قال ابن قدامة في املغني":مشروعية النكاح الكتاب والسنة
وإلاجماع ؛ أما الكتاب فقول هللا تعالى، :
وقوله تعالى . :وأما السنة
فقول النبي «:يا معشر الشباب ،من استطاع منكم الباءة فليتزوج ،فإنه أغض للبصر ،وأحصن
للفرج ،ومن لم يستطع فليصم ،فإن الصوم له وجاء» ،وأجمع املسلمون على أن النكاح مشروع.2 "..
املطلب الثالث :يف احلكمة من مشروعية الزواج
لقد شرع هللا تعالى الزواج لحكم عظمية ومقاصد جليلة نذكرمنها على سبيل املثال َل الحصر.
-أوال :تحصين النفس وقضاء حاجتها الجنسية بالطرق املشروعة التي أحلها هللا ،بدليل ما جاء في
حديث علقمة السالف .وحديث أبي هريرة قال رسول هللا «:ثالثة حق على هللا عونهم اُمجاهد في
سبيل هللا واملكاتب الذي يريد ألاداء والناكح الذي يريد العفاف» .... 3وَل شك أن هذا فيه حفظ
ألاخالق وألاعراض ووقاية من الشحناء والبغضاء ،قال هللا تعالى:
4 ؛ أي أن هللا تعالى أحل لكم من النساء ما عدا هؤَلء
اُمحرمات التي بينها ،وذلك لتبتغوا بأموالكم ومهوركم حالئل لكم قاصدين تحصين أنفسكم من
الوقوع في الحرام غير زناة...
-ثانيا :تحديد العالقة بين الزوجين وبيان حقوق كل واحد منهما قبل آلاخر وواجباته عليه ،وتكوين
أسرة تحت رعاية الزوجين رعاية مشتركة وهذا بدليل الحديث :عن عبد هللا بن عمر امهنع هللا يضر أنه سمع
- 1أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب النكاح ،باب الترغيب في النكاح.رقم 5636
- 2املغني البن قدامة 665 /7 ،
- 3أخرجه الترمذي في سننه ،كتاب فضائل الجهاد عن رسول هللا ،باب :ما جاء في املجاهد والناكح واملكاتب وعون هللا إياهم ،رقم 1355
- 4سورة النساء ،جزء من آلاية 55
6
املوسم الدراسي 0202-0202م
رسول هللا يقول« :كلكم راع ومسئول عن رعيته فاإلمام راع وهو مسئول عن رعيته ،والرجل في أهله
راع وهو مسئول عن رعيته ،واملرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها ،والخادم في مال سيده
راع وهو مسئول عن رعيته ،قال فسمعت هؤَلء من رسول هللا وأحسب النبي قال :والرجل في
مال أبيه راع وهو مسئول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته».1
-ثالثا :إنشاء أسرة مستقرة ،وهذا الاستقرار أساسه أواصر املودة والرحمة والسكن والطمأنينة التي
تؤسس لها آلاية الكريمة :
. 2
املطلب الرابع :يف حكم الزواج:
الزواج عقد تعتريه ألاحكام الشرعية الخمسة من وجوب وندب و إباحة وكراهة وتحريم؛
أوَل :يكون الزواج مندوبا إليه ،وهو ألاصل ،ملن كان قادرا على الزواج وعلى تحمل أعبائه ولم
يخش على نفسه الزنا ان لم يتزوج ،لقول الرسول عليه الصالة والسالم ،عن ابن مسعود قال :قال
رسول هللا «:يا معشر الشباب ،من استطاع منكم الباءة فليتزوج ،فإنه أغض للبصر وأحصن
للفرج ،ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» .3وذلك ملا فيه من املصالح التي تتجلى في بناء
ألاسرة واُمحافظة على النوع ،وتكثيرسواد ألامة كما سبقت إلاشارة.
ثانيا :يكون الزواج واجبا في حق من خاف على نفسه الزنا ،وكذلك في حق املرأة إذا خافت على
نفسها الزنا بدون زواج.
ثالثا:يكون الزواج مباحا بالنسبة ملن كان َل يخاف على نفسه الزنا إن بقي بدون زواج ،ومن َل
يرجو النسل ،وَل تميل نفسه إلى النكاح ،ويقدرعلى تحمل أعبائه وَل يقطعه عن فعل الخير.
رابعا:يكون الزواج مكروها في حق من َل رغبة له في النساء ،ومن غلب على ظنه أنه ليس قادرا على
تحمل أعبائه مثل إساءة العشرة والعجزعن إلانفاق وغيرذلك..
خامسا :يكون الزواج حراما في حق من كان َل يرغب في النساء ،وكان يخاف أن يضر بزوجته ،كأن
ينفق عليها من حرام أو َل يستطيع النفقة عليها أبدا وَل القيام بشؤونها.
قال ابن عاصم في تحفته:
4
وباعتبارالناكح والنكاح واجب أو مندوب أو مباح
- 1أخرجه البخاري في مواضع كثيرة من صحيحه ،منها كتاب الاستقراض و أداء الديون والحجر والتفليس ،باب العبد راع في مال سيده وال
يعمل إال بإذنه .رقم5559
- 2سورة الروم ،آلاية 51
- 3أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب النكاح ،باب :من استطاع منكم الباءة .رقم 5635
- 4إحكام ألاحكام على تحفة الحكام ،دمحم بن يوسف الكافي ،تح :مأمون الجنان ،ص71 :
7
املوسم الدراسي 0202-0202م
وقال ابن قدامة" :واختلف أصحابنا في وجوبه؛ فاملشهور في املذهب أنه ليس بواجب ،إَل أن يخاف
أحد على نفسه الوقوع في محظور بتركه ،فيلزمه إعفاف نفسه وهذا قول عامة الفقهاء .وقال أبو بكر
عبد العزيز :هو واجب .وحكاه عن أحمد .وحكى عن داود أنه يجب في العمر مرة واحدة؛ للية والخبر.
ولنا ،أن هللا تعالى حين أمر به .علقه على الاستطابة ،بقوله سبحانه :فانكحوا ما طاب لكم من
النساء والواجب َل يقف على الاستطابة ،وقال :مثنى وثالث ورباع . وَل يجب ذلك باَلتفاق ،فدل
على أن املراد باألمر الندب ،وكذلك الخبر يحمل على الندب ،أو على من يخش ى على نفسه الوقوع في
1
اُمحظوربترك النكاح .قال القاض ي :وعلى هذا يحمل كالم أحمد و أبي بكر ،في إيجاب النكاح".
بيان:
وسيأتي التفصيل.1
ويجوز التعريض للمرأة املعتدة من،3
: وفاة؛ وذلك لقول هللا تعالى
.4
وذهب الحنفية إلى أن املرأة املعتدة من طالق بائن َل يجوز التعريض فيها وَل التصريح شأنها في ذلك
شأن املطلقة طالقا رجعيا وذلك دفعا َلتهام الخاطب أنه كان سببا في تصدع العالقة الزوجية التي
كانت قائمة.
خامسا :املرأة املستبرأة :وهي املرأة التي تنتظر ثالث حيض ُلي ْعلم خلو رحمها من الحمل الذي قد
ينشأ عن الزنا؛ فهذه املرأة يحرم التصريح بخطبتها أثناء مدة استبرائها ولو من قبل من زنا بها ،وأما إن
تزوجها غير من زنا بها ودخل بها ووطئها أثناء فترة الاستبراء فإنها تحرم عليه ويتأبد تحريمها ،وهذا هو
قول مالك ومطرف ،وقال ابن القاسم و ابن املاجشون َل يتأبد تحريمها 1.وهما قوَلن في املذهب.
وإذا كان الذي تزوجها ووطئها أثناء الاستبراء هو نفس من زنا بها فإنه َل يتأبد تحريمها عليه ،ولذلك
يباح له أن يتزوجها بعد انتهاء الاستبراء.
سادسا :املرأة اُمخطوبة لشخص آخر ،فإنه يحرم خطبتها ما دامت مخطوبة لغيره؛ وقد ورد
النهي عن ذلك في أحاديث منها:
أ -حديث أبي هريرة أن رسول هللا قال « َل يخطب أحدكم على خطبة أخيه».2
قال مالك رحمه هللا" :وتفسير قول رسول هللا فيما نرى ،وهللا أعلمَ ،ل يخطب أحدكم على خطبة
أخيه .أن يخطب الرجل املرأة .فتركن إليه .ويتفقان على صداق واحد معلوم ،وقد تراضيا .فهي
تشترط عليه لنفسها .فتلك التي نهى أن يخطبها الرجل على خطبة أخيه .ولم يعن بذلك ،إذا خطب
الرجل املرأة فلم يو افقها أمره ،ولم تركن إليه ،أن َل يخطبها أحد .فهذا باب فساد يدخل على
3
الناس".
ب-أن ابن عمرامهنع هللا يضر كان يقول :نهى النبي أن يبيع بعضكم على بيع بعض وَل يخطب الرجل على خطبة
أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب .4
و اشترط املالكية في هذا التحريم شرطين اثنين وهما:
أن يكون الخاطب ألاول كفئا لها.
أن يكون غير فاسق ،بأن يكون صالحا في دينه أو مجهول الحال .وذلك بدليل حديث أبي هريرة
السالف.
وذهب قوم إلى أنه يجوز خطبة رجل فاضل على غيره بدليل ما روي عن فاطمة بنت قيس أن أبا
عمرو بن حفص طلقها البتة ،وهو غائب ،فأرسل إليها وكيله بشعير ،فسخطته ،فقال :وهللا ما لك
علينا من ش يء ،فجاءت رسول هللا ،فذكرت ذلك له ،فقال« :ليس لك عليه نفقة» ،فأمرها أن تعتد
في بيت أم شريك ،ثم قال« :تلك امرأة يغشاها أصحابي ،اعتدي عند ابن أم مكتوم ،فإنه رجل أعمى
- 1شرح الزرقاني على مختصر خليل،طبعة دار الكتب العلمية 1555 ،هـ5665 /م 585-585 /6 ،
- 2رواه مالك في املوطأ ،كتاب النكاح ،باب :ما جاء في الخطبة.
- 3موطأ إلامام مالك ،طبعة دار إحياء التراث العربي1895 ،م 556/2،
- 4أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب النكاح ،باب :ال يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع .رقم 5155
12
املوسم الدراسي 0202-0202م
تضعين ثيابك ،فإذا حللت فآذنيني» ،قالت :فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان ،و أبا جهم
خطباني ،فقال رسول هللا « :أما أبو جهم ،فال يضع عصاه عن عاتقه ،وأما معاوية فصعلوك َل مال
له ،انكحي أسامة بن زيد» فكرهته ،ثم قال« :انكحي أسامة» ،فنكحته ،فجعل هللا فيه خيرا ،واغتبطت
1
به.
املطلب الثالث :يف النظر إىل املخطوبة :حكمه وقدره.
الفرع األول:حكم النظر إىل املخطوبة
النظر إلى املرأة اُمخطوبة أمر مشروع ،لكنه مقيد بضوابط شرعية،ولقد ورد إلاذن بالنظر للمخطوبة
في أحاديث كثيرة منها:
-عن املغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي «: انظرإليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما».2
وفي رواية َلن ماجه :عن املغيرة بن شعبة ،قال :أتيت النبي ملسو هيلع هللا ىلص فذكرت له امرأة أخطبها ،فقال:
«اذهب فانظر إليها ،فإنه أجدر أن يؤدم بينكما» ،فأتيت امرأة من ألانصار ،فخطبتها إلى أبويها،
وأخبرتهما بقول النبي ملسو هيلع هللا ىلص ،فكأنهما كرها ذلك ،قال :فسمعت ذلك املرأة ،وهي في خدرها ،فقالت :إن كان
رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص أمرك أن تنظر ،فانظر ،وإَل فأنشدك ،كأنها أعظمت ذلك ،قال :فنظرت إليها فتزوجتها،
3
فذكرمن مو افقتها»
-عن جابر بن عبد هللا ألانصاري قال سمعت رسول هللا يقول «:إذا خطب أحدكم املرأة فقدر أن
يرى منها بعض ما يدعوه إليها فليفعل» .4
-عن أبي هريرة قال كنت عند النبي فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من ألانصار فقال له رسول
هللا « : أنظرت إليها قالَ :ل ،قال :فاذهب فانظرإليها فإن في أعين ألانصارشيئا ».5
الفرع الثاني:يف قدر النظر إىل املخطوبة
إن النظر إلى اُمخطوبة كما حث حث عليه الرسول عليه الصالة والسالم هو في ألاصل مقيد
بمجموعة من القيود ومنضبط بجملة من الضوابط ،ومحاطة بآداب يجب مراعاتها وينبغي للباء
وألاولياء اُمحافظة عليها ،وقد قيد الشرع النظر بمقدار معين ،وذلك حفاظا لحكم ومقاصد شرعية
عظمى في مقدمتها اُمحافظة على كرامة املرأة وصون حرمتها،...
- 1أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الطالق ،باب :املطلقة ثالثا ال نفقة لها ،رقم1596 :
- 2أخرجه الترمذي في سننه ،كتاب النكاح ،باب ما جاء في النظر إلى املخطوبة ،رقم 1697
- 3أخرجه ابن ماجه في سننه ،كتاب النكاح ،باب النظر إلى املرأة إذا أراد أن يتزوجها ،رقم .1933
- 4أخرجه إلامام أحمد في مسنده ،مسند املكثرين من الصحابة ،باقي مسند املكثرين ،مسند جابر بن عبد هللا ،.رقم ،15953وهو حديث
حسن.
- 5أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب النكاح ،باب :باب ندب النظر إلى وجه املرأة وكفيها ملن يريد تزوجها ،رقم 1555
13
املوسم الدراسي 0202-0202م
1 ؛ واملراد بما ظهر منها الوجه والكفان كما هو مستفاد من الحديث :عن عائشة رض ي هللا
عنها أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول هللا وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول هللا
وقال «:يا أسماء إن املرأة إذا بلغت اُمحيض لم تصلح أن يرى منها إَل هذا وهذا وأشار إلى وجهه
وكفيه».2
والحديث فيه دَللة على أنه ليس الوجه والكفين من العورة ،فيجوز لألجنبي أن ينظر إلى وجه املرأة
ألاجنبية وكفيها عند أمن الفتنة مما تدعو الشهوة إليه من جماع أو ما دونه".3
لكن الحديث وإن كان يدل على أنه يجوز للرجل أن ينظر إلى وجه املرأة وكفيها فقط ،إَل أن الفقهاء
قيدوا هذا الجواز بوجود حاجة داعية إلى هذا النظر من قبيل الخطبة أو الشهادة ،أما النظر إلى املرأة
من غيرحاجة وَل ضرورة فال يجوزشرعا ،كما اشترطوا أن يكون النظربعلمها ،وهو مذهب املالكية.
القول الثاني :جوازالنظرإلى الوجه والكفين والقدمين ،وهو مذهب الحنفية في رواية.
القول الثالث:جواز النظر إلى كل ما تظهره املرأة في بيتها في الغالب وهي ستة أعضاء :اليد والوجه
والرقبة والقدم والرأس والساق؛ ودليل هذا القول أن النبي عليه الصالة والسالم أباح النظر إلى كل ما
يدعو الرجل إلى النكاح من كل ما تظهره املرأة في بيتها غالبا وإن بغير علمها.وهذا مذهب الحنابلة في
رواية.
القول الرابع:جواز النظر إلى جميع بدن املرأة ،وهو مذهب داود الظاهري ،ودليله :قوله الرسول
عليه الصالة والسالم" :انظرإليها".
تذييل لالطالع والتأمل:
وفي هذا املقام نورد مسألة من البيان والتحصيل من أجل البيان والتحصيل:
"مسألة :وسئل مالك عن الرجل يريد تزويج املرأة فيريد أن يغتفلها النظر إما من الكوة ونحوها لينظر
إلى جمالها ،قال :ليدخل عليها بإذن ،قال :قلت َل يريد ذلك و إنما يريد أن يغتفلها فقال :ما سمعت
- 1البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في مسائل املستخرجة ،بأبي الوليد ابن رشد ،تحقي أحمد الشرقاوي إقبال ،طبعة دار
الغرب إلاسالمي ،ج 665-665 /5
15
املوسم الدراسي 0202-0202م
وسنبين هذه ألاركان ضمن مطالب أربعة ،أولها في الصيغة ،وثانيها في إلاشهاد ،وثالثها في العاقدين،
ورابعها في الصداق وخامسها في الولي
املطلب األول :يف الصيغة
الصيغة هي كل ما يدل على إلايجاب والقبول ،كلفظ التزويج والتمليك ويجري مجراهما البيع
1
والهبة.
الفرع األول :يف أساليب التعبري
أ -التعبري باللفظ:
ألفاظ الصيغة هي ما يدل على الزواج لغة أو عرفا ،وقد اختلف الفقهاء في ألالفاظ التي ينعقد بها
الزواج على ثالثة أقسام:
القسم ألاول :ألفاظ اتفق الفقهاء على انعقاد الزواج بها وهي :النكاح والزواج وما يشتق منهما مثل:
أنكحت وزوجت ،وذلك لورودهما في القرآن الكريم؛ قال هللا تعالى ،1 :وقال سبحانه
وتعالى.2 :
القسم الثاني :ألفاظ اتفق الفقهاء على عدم انعقاد الزواج بها وهي :كل لفظ يقتض ي التوقيت دون
التأبيد ،وذلك نحو وهبت أو أعمرت أو آجرت أو أعرت أو رهنت.
القسم الثالث :ألفاظ اختلف الفقهاء في انعقاد الزواج بها ،وهي ألالفاظ التي تقتض ي التأبيد مدى
الحياة ،وليست مشتقة من لفظي النكاح والزواج ،مثل وهبت وملكت ومنحت وأعطيت ،واملشهورعند
املالكية أن النكاح ينعقد بكل لفظ يدل على التأبيد مدى الحياة ،ويدل على النكاح مثل أنكحت
وزوجت ووهبت وملكت ومنحت وأعطيت ،وفي هذا يقول ابن عاصم 308ه :
فالصيغة النطق بما كأنكحا من مقتض تأبدا مستوضحا
أي أن الصيغة -وهي إحدى أركان النكاح عند الناظم -هي كل لفظ ينطق به الولي ويدل على التأبيد:
كأنكحت ،وزوجت ومثلها :بعت وحبست وتصدقت إن قصد بكل ذلك النكاح ،وإَل فال ينعقد .3وهذا بناء
على أن العبرة في العقود املعاني َل ألالفاظ واملباني ،وذلك بدليل الكتاب والسنة؛ فأما الكتاب فقول هللا
تعالى .4 :وأما السنة فحديث
َس ْهل ْبن َس ْع ٍدَ ،أ َّن ْام َرَأ ًة َج َاء ْت َر ُسو َل َّّللَا َ ،ف َق َال ْتَ :يا َر ُسو َل َّّللَا ،ج ْئ ُت َأل َه َب َل َك َن ْفس يَ ،ف َن َظ َر إ َل ْيهاَ
ِ ِ ِ َ ِ َِ ِ ِ ِ
َ ًْ َ َ ْ َ َ َ
ْ َّ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َ َّ َ َ ُ َ ْ َ َ َ ْ َ َّ َ َ َّ َ َّ َ َ َ ْ َ َ َ َّ َ ُ ُ َّ ُ ُ
ض ِفيها شيئا جلست، ّللَا َ فصعد النظر ِإليه َا وصوبه ،ثم طأطأ رأسه ،فلما رأ ِت املرأة أنه لم يق ِ َرسول ِ
ْ
الَ « :ه ْل ِعن َد َك ِم ْن اج ٌة َف َزو ْج ِن َيهاَ ،ف َق َ ال :أ ْي َر ُسو َل َّّللَا ،إ ْن َل ْم َت ُك ْن َل َك ب َها َح َ َ ق
ََ
ف ، ه اب ح صَ ام َر ُج ٌل م ْن أ ْ َف َق َ
ِ ِ ِ ِ ِِ ِ
َ َ َ َ َّ َ َ ُ َ َّ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ َ ْ ً َ َ َ َ ُ َّ َ َ َ َ َ َ َ َ
ّللَا ،قال« :اذهب ِإلى أه ِلك فانظر هل ت ِجد شيئا» فذهب ثم رجع ،فقالَ :ل ّللَا يا رسول ِ ش ْي ٍء؟» قالَ :ل و ِ
ّللَا َيا الْ « :ان ُظ ْر َو َل ْو َخ َات ًما م ْن َحديد»َ ،ف َذ َه َب ُث َّم َ َج َعَ ،ف َق َ َ َ َّ ّللَا َما َو َج ْد ُت َش ْي ًئاَ ،ق َ َو َّ َ ُ َ َّ
الَ :ل و ِ ر ِ ٍ ِ ّللَا يا َرسول ِ ِ
ص ُف ُه ،ف َق َ ُ ُ َّ َ َ َ َ
ال َس ْه ٌلَ :ما ل ُه ر َد ٌاء -فل َها ن ْ َ َ
ّللَا َو ََل َخ َات ًما م ْن َح ِد ٍيدَ ،ول ِك ْن َه َذا إ َزاري -ق َ ُ َ َّ
ّللَا : ال َرسول ِ ِ ِ ِ ِ ِ َرسول ِ
الر ُج ُل س َّ ص َن ُع بإ َزار َك؟ إ ْن َلب ْس َت ُه َل ْم َي ُك ْن َع َل ْي َها م ْن ُه َش ْي ٌءَ ،وإ ْن َلب َس ْت ُه َل ْم َي ُك ْن َع َل ْي َك م ْن ُه َش ْي ٌء» َف َج َل َ « َما َت ْ
ِ ِ ِ ِ ِِ ِ ِ
الَ « :م َاذا َم َع َك منَ ّللَا ُ م َو ِل ًيا َف َأ َم َر ب ِه َف ُد ِع َيَ ،ف َل َّما َج َاء َق َ امَ ،ف َر ُآه َ ُسو ُل َّ َ َ َّ َ َ َ ْ ُ ُ ُ َّ ِ َ
ِ ِ ِ ر حتى طال مج ِلسه ،ثم ق
َ ْ َ َ
ال« :أ َت ْق َر ُؤ ُه َّن َع ْن ظ ْهر قلب َك؟» ق َ َ َ
ور ُة َك َذا َ -ع َّد َد َها -ق َ ور ُة َك َذا َو ُس َ ور ُة َك َذا َو ُس َ الَ :معي ُس َ َ َ ُ
ال: ِ ِ ِ ق الق ْر ِآن؟»
ُ َ َ َّ ْ ُ َ َ َْ َ َ ْ
5
ال« :اذ َه ْب فق ْد َملكتك َها ِب َما َم َع َك ِم َن الق ْر ِآن» نعم ،ق
- 1أخرجه أبو داود في سننه ،كتاب النكاح ،باب في الصداق ،رقم 5169
- 2املدونة الكبرى55 /3 ،
18
املوسم الدراسي 0202-0202م
الج ِد من آثار، واستثنوا من ذلك بعض العقود التي يكون فيها الهزل ِ
كالج ِد ،يترتب عليه ما يترتب على ِ
ومن ذلك الزواج بحيث ينعقد متى صدرالتعبيربما يفيده ولو كان صاحبه هازَل فيه.1
كالج ِد اتفاقا ،2ومستندهم حديث أبي هريرة، قال ابن جزي 142ه في ":والهزل فيه -أي في الزواجِ -
قال :قال رسول هللا « :ثالث جدهن جد ،وهزلهن جد :النكاح والطالق والرجعة» .3ومعنى الحديث
أنه لو طلق أو نكح أو راجع وقال كنت َلعبا هازَل َل ينفعه قوله هذا ،قال الخطابي في معالم السنن:
"اتفق عامة أهل العلم على أن صريح لفظ الطالق إذا جرى على لسان البالغ العاقل فإنه مؤاخذ به
4 ً ً ً
وَل ينفعه أن يقول كنت َلعبا أو هازَل أو لم أنو به طالقا أو ما أشبه ذلك من ألامور".
ج:التعبري بالسكوت
إن السكوت قد يكون بمنزلة التعبير عن الرضا ،وذلك هو حال القبول الصادر من الفتاة البكر،
فإن الشأن بالنسبة للفتاة إذا خطبت أن تسكت؛ ألنها تستحيي من التعبير عن رضاها بالقول ،ولذلك
يعتبر سكوتها قبوَل منها للزواج؛ ألنها لو لم ترض ما سكتت ،وألفصحت عن عدم قبولها ،وينبغي أن
يعرض عليها الزواج بواسطة من َل تستحيي منه ،وأن تخبربأن سكوتها يعتبرقبوَل منها.
الفرع الثاني :يف شروط الصيغة
تشترط في الصيغة (إلايجاب والقبول) جملة من الشروط وهي على حسب البيان آلاتي:
أ
الشرط الول :أن يكون إلايجاب والقبول بالنطق عند الاستطاعة ،والكتابة أو إلاشارة عند العجز كما
سبق.
الشرط الثاني :اقتران القبول باإليجاب وأن يكونا في مجلس واحد؛ وقد اختلف الفقهاء في هذه املسألة،
وهل يجب صدورهما في مجلس واحد وبال فاصل بينهما ،أو َل يجب ذلك على آلاتي:
ذهب فريق من املالكية إلى أن القبول يجب أن يتم فور صدور إلايجاب ،إَل أنه إذا تأخر القبول مدة
يسيرة ،كما إذا وقع إلايجاب فألقيت خطبة ،ثم صدر القبول أثناءها أو عند انتهائها فال يضر ذلك .ومن
أصحاب هذا القول من يرى أن اليوم واليومين إذا فصلت بين إلايجاب والقبول فإنها تعتبر مدة يسيرة
َل تضر.
وذهب فريق آخر من املالكية إلى أنه َل يجب الفور ،و أنه متى لحق إلايجاب القبول فإن العقد ينبرم ،ما
لم يكون املوجب قد رجع عن إيجابه .وهذا هو مذهب الحنفية.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يجب أن يصدر القبول عقب إلايجاب فورا من غير فاصل .فإن
تأخر ولو مدة يسيرة ثم قبل لم ينعقد العقد .وقد جمع ابن جزي هذا بقوله ":ويلزم فيه الفور من
الطرفين ،فإن تراخى فيه القبول عن إلايجاب يسيرا جاز ،وقال الشافعيَ :ل يجوز مطلقا ،وأجازه أبو
1
حنيفة مطلقا".
الشرط الثالث :يشترط في إلايجاب والقبول أن يكون البت نهائيا؛ غير مقيد بأجل أو شرط و اقف أو
فاسخ.
وأما البت في العقد بدون التقييد بشرط و اقف أو فاسخ فألن الغاية من الزواج كما سبق هي الدوام
والاستمرار ،فال يقبل الوقف وَل الفسخ .وكل شرط يؤدي إلى ذلك َل يجوز ،ويدخل في ذلك نوعان من
ألانكحة وهي :وهي نكاح الخيار والنكاح املوقوف.
تفريع يف نكاح اخليار والنكاح املوقوف
أ -نكاح اخليار:
نكاح الخيار هو ما يثبت ألحد املتعاقدين من الاختيار بين إلامضاء والفسخ ،وقد أجازه املالكية إذا
كان خيار اُمجلس على املعتمد ،وذلك مثل أن يشترط أحد الطرفين أن له الخيار ما داما في اُمجلس
2
الذي حصل فيه العقد ،فإنه يصح النكاح وَل يفسد ذلك.
وذهب الجهمور من غير املالكية إلى أن الخيار في النكاح َل يثبت ،سواء في ذلك خيار اُمجلس وخيار
الشرط ،وبه قال ابن عبد البر من املالكية3؛ ألن الحاجة غير داعية إليه ،فإنه َل يقع في الغالب إَل بعد
ترو وتفكر ،وسؤال كل واحد من الزوجين عن صاحبه ،واملعرفة بحاله؛ وألن النكاح ليس بمعاوضة
4
محضة.
ب -النكاح املوقوف:
ومثاله أن يصدرإلايجاب والقبول من ولي الزوجة من غيرأن يستأذنها ويقبل الزوج ،أو يصدرإلايجاب
من أب الزوج من غير أن يوكله على ذلك ،فتقبل الزوجة أو وليها .أو يتفق الرجل واملرأة على الزواج من
غيرعلم ولي الزوجة.
و إنما كان الزواج في هذه الحاَلت موقوفا ألنه يتوقف في ألاولى على رضا الزوجة ،وفي الثانية على رضا
الزوج ،وفي الثالثة على رضا ولي الزوجة.
وفي النكاح املوقوف أقوال ثالثة:
حتى يشهدا" .1وقال ابن جزي في الشهادة على النكاح":وَل تجب في العقد ،وتجب في الدخول .وهي
شرط كمال في العقد ،وشرط جوازفي الدخول".2
وقال ابن عاصم في التحفة:
وفي الدخول الحتم في إلاشهاد وهو مكم ـ ـ ـ ـل في الانعقاد.3
لكن قد يقع إلاشهاد عند العقد ،و يؤمر الشهود قبل إلاشهاد أو عنده بكتمان هذا الزواج ،وهذا ما
يسمى :نكاح السر .وهو ما سنبينه في النقاط آلاتية:
تفريع يف نكاح السر:
أ أ
المسالة الولى :في تعريف نكاح السر.
قال ابن عرفة في تعريفه ":نكاح السر هو ما أسرالشهود حين عقده بكتمه". 4
ويدخل في نكاح السر كذلك ما اتفق الزوجان أو الولي على كتمانه ،ولو لم يأمروا الشهود بذلك ،وهو
قول الباجي414ه ؛ جاء في حاشية الدسوقي2802ه قوله ":والحاصل أن في نكاح السر طريقتين طريقة
الباجي وهي أن استكتام غير الشهود نكاح سر أيضا كما لو تواص ى الزوجان والولي على كتمه ولم
يوصوا الشهود بذلك ورجحها البدر القرافي والبناني .وطريقة ابن عرفة ورجحها املواق والحطاب ،وهي
أن نكاح السر ما أوص ي الشهود على كتمه أوص ى غيرهم أيضا على كتمه أم َل وَل بد أن يكون املوص ي
الزوج انضم له أيضا غيره كالزوجة أم َل وكالم املصنف ممكن تمشيته على كل من الطريقتين فيحتمل
أن املعنى وفسخ موص ى بكتمه هذا إذا كان املتواص ي بكتمه الزوجة أو الولي أو هما معا بل ولو كان
املتواص ي بكتمه الشهود وهي طريقة الباجي ويحتمل وفسخ موص ى بكتمه ،هذا إذا كان املتواص ي
5
بكتمه الزوجة والولي والشهود بل ،لو كان املتواص ي بكتمه الشهود فقط وهي طريقة ابن عرفة".
أ
المسالة الثانية :في حكم نكاح السر.
لقد اختلف الفقهاء في حكم نكاح السر فقال املالكية إنه زواج فاسد يفسخ قبل الدخول ،ويصح
إذا لم يطلع عليه إَل بعد الدخول بمدة .وقال أبو حنيفة والشافعي و ابن حزم أن النكاح يجوز في هذه
الحاَلت وَل يسمى نكاح السر .ولكنهم قالوا بكراهته مراعاة لقول املالكية ومعتمدهم في ذلك آلاتي:
أ .أنه نكاح مشتمل على الصيغة والولي وشاهدي عدل ،ولم يرد عن الشرع أنه نهى عن نكاح
يشتمل على ذلك.
- 1النوادر والزيادات على ما في املدونة من غيرها من ألامهات ،البن أبي زيد القيرواني ،الطبعة ألاولى 1888م ،دار الغرب إلاسالمي ،الجزء 5
تح :دمحم حجي :ص.533 :
- 2القوانين الفقهية ،البن جزي ،ص555 :
- 3إحكام ألاحكام على تحفة الحكام ،ص71 :
- 4شرح حدود ابن عرفة ،ص 556 :طبعة وزارة ألاوقاف والشؤون إلاسالمية .هكذا وردت بلفظ َ
أس َّر ،وفي بعض الكتب جاءت بلفظ ِأم َر.
- 5حاشية الدسوقي على الشرح الكبير،طبعة دار الفكر – 567 /5 ،ينظر كذلك املنتقى للباجي ، 615 /6 ،مطبعة السعادة 1665ه
22
املوسم الدراسي 0202-0202م
ب .أن إلاعالن بعد شاهدي عدل ليس بشرط في النكاح ،و إنما هو مستحب فقط .و إلاشهاد
يحصل في ضمنه إلاعالن ،فكل إشهاد إعالن.
ج .أنه ليس بنكاح السر؛ ألن عدد من علمه يصل إلى خمسة أشخاص على ألاقل ،وهم الزوجان
والولي والشاهدان ،والعادة تدل على أن السرإذا جاوزاثنين شاع.
ويذكر أصحاب هذا الرأي أن نكاح السر املنهي عنه هو الذي لم يقع إلاشهاد عليه ،وأما ما حضره
شاهدان فهو نكاح عالنية َل نكاح سر ،بدليل ما روى إلامام مالك عن أبي الزبير املكي أن عمر بن
الخطاب أتي بنكاح لم يشهد عليه إَل رجل وامرأة فقال هذا نكاح السر وَل أجيزه ولو كنت تقدمت فيه
لرجمت ".1
الفرع الثاني :شروط الشهادة على الزواج:
تشترط في الشهادة على النكاح شروط وهي:
أ .أوال :التثنية:
أي أن يشهد اثنان على الزواج ،وذلك ألن كل ما ليس من العقود املاليةَ ،ل يثبت إَل بشهادة اثنين
عمال بقول هللا تعالى ،2 :وقد أجمع العلماء على أن الزواج َل يثبت
بأقل من شهادة اثنين؛ فلو ادعى رجل على امرأة أنها زوجته و أنكرت ،أو العكس ،ولم ُي ْد ِل بشهادة اثنين
من العدول ،فإن الدعوى تلغى ،ولو أحضر املدعي عدَل واحدا يشهد بثبوت الزوجية فإن ذلك َل
يكفي ،وَل يكلف املدعى عليه في الحالتين معا بأن يحلف يمين إلانكار؛ ألن كل دعوى َل تثبت إَل
بعدلينَ ،ل تتوجه يمين إلانكارفيها على املدعى عليه.
ب .ثانيا :العدالة:
اختلف الفقهاء في اشتراط العدالة في شاهدي الزواج على قولين:
أ
القول الول :أن يكون الشاهدان على الزواج عدلين؛ وذلك ألن املطلوب في إلاشهاد على املعامالت
وسائر العقود أن يكونا عدلين ،والزواج عقد من العقود التي تنتج عنها آثار كثيرة ،لذلك يجب أن
يستوثق فيه ،لئال يتعذر إثباته ،وحتى َل يكون محال للنزاع أو للطعن في الشهود .وهذا هو قول الجمهور
من مالكية وشافعية وحنابلة.
القول الثاني :أنه َل يشترط في شاهدي الزواج العدالة ،و أنه يمكن أن يشهد به شاهدان فاسقان،
وهذا هو قول الحنفية وسندهم في ذلك قاعدتهم ":أن كل من يصلح أن يكون قابال للعقد بنفسه
ينعقد النكاح بشهادته ،وكل من يصلح أن يكون وليا في نكاح يصلح أن يكون شاهدا في ذلك النكاح،
- 1موطأ إلامام مالك ،كتاب النكاح ،باب جامع ما ال يجوز من النكاح565/5 ،
- 2سورة الطالق ،جزء من آلاية 5
23
املوسم الدراسي 0202-0202م
وعلى هذا ألاصل قلنا :ينعقد النكاح بشهادة الفاسقين ،وَل ينعقد عند الشافعي -رحمه هللا تعالى -؛
1
لقوله َ« -ل نكاح إَل بولي وشاهدي عدل»"....
ولكن هذا الاستدَلل مردود وَل يستقيم؛ ألن ثمة فرقا بين الشهادة والزواج ،حيث إن الزواج يعتبر
حقا لكل شخص ،بينما تعتبر الشهادة رتبة َل يصل إليها إَل من كان أهال لها ،وهو من كان متصفا
2
بالعدالة ليكون موثوقا به ،ولتعتبرشهادته حجة تثبت بها الحقوق ،ويصدرالحكم بمقتضاها.
ج .ثالثا:الذكورة:
يشترط في الشاهدين في الزواج أن يكونا ذكرين ،وذلك ألن الجمهور يرى أن كل ما ليس بمال وَل
يؤول إلى املال َل تقبل فيه شهادة النساء ،وسندهم في ذلك قول هللا تعالى عند الكالم على الرجعة :
حيث نص على إشهاد عدلين ذكرين .أما النساء فال تقبل شهادتهن
إَل في ألاموال أو ما يؤول إليها .وفي ذلك يقول هللا تعالى :
.3وروي عن الزهري أنه قال :مضت السنة أنه َل تجوز شهادة النساء في الحدود ،وَل في
النكاح ،وَل في الطالق .غيرأن الحنفية يرون أنه تقبل شهادة رجل وامرأتين في الزواج.
د .رابعا :مساع الشاهدين يف جملس واحد:
وهذا هو مذهب الجمهور على أنه َلبد من أن يشهد الشاهدان معا ،وفي مجلس واحد على كل من
الزوجين أو من يقوم مقامهما .و أنه إذا شهد كل واحد منهما على حدة فال يثبت ذلك النكاح وَل يصح.
ويرى إلامام مالك أنه يجوز أن يشهد أحد الشاهدين بعد أن يشهد آلاخر على الزواج ،وَل يجعله ذلك
زواجا فاسدا .فالزوجان إذا لم يشهدا عدلين عند العقد ،ثم أشهد كل من الزوج والزوجة والولي اثنين
من العدول على الزواج فإن ذلك يقبل ،سواء كان الشاهدان اللذان شهدا على الزوج هما نفسهما من
4
شهدا على الزوج والولي ،أو غيرهما .وإذا كان الشاهدان متغايرين سميت الشهادة بشهادة ألابداد.
،1 فإن هذه آلاية نصت على أن عدة املطلقة التي ما تزال
لم تبلغ ،ثالثة أشهر ،وهذا دليل على جواززواجها قبل البلوغ.
وأما السنة فحديث عائشة اهنع هللا يضر «أن النبي تزوجها وهي بنت ست سنين ،وأدخلت عليه وهي بنت
تسع ،ومكثت عنده تسعا».1
وقال ابن رشد ":و اتفقوا على أن ألاب يجبر ابنه الصغيرعلى النكاح ،وكذلك ابنته الصغيرة البكر ،وَل
يستأمرها ملا ثبت « أن رسول هللا تزوج عائشة اهنع هللا يضر بنت ست أو سبع ،وبنى بها وهي بنت تسع ،بإنكاح
أبي بكرأبيها »إَل ما روى من الخالف عن ابن شبرمة. 2".
وذهب املالكية إلى أن لألب أن يجبر ابنته على الزواج قبل بلوغها بحيث يحق له أن يزوجها بمن شاء
وبأي صداق أراد ،ما لم يكن بالزوج عاهة كالجنون ،وإَل فال يحق له جبرها على الزواج من هذا الرجل.
والبلوغ إنما يعرف بعالمات وهي :نبات شعر العانة لكل من الذكر وألانثى ،أو بخروج املني بالنسبة
للذكر ،أو الحيض أو الحمل بالنسبة لألنثى .فإن لم تظهر أي من هذه العالمات فيرى املالكية أن الحد
ألاقص ى لبلوغ الذكر وألانثى هو بلوغ الثامنة عشر من العمر ،وخالفهم الحنفية في ألانثى حيث يرون أن
أقص ى حد لبلوغها هو السابعة عشرة.
وقد أجمع الفقهاء على أنه ليس للولي أن يمنع وليته إذا دعت إلى كفء ،وبصداق مثلها ،وأنها ترفع
3
أمرها إلى السلطان فيزوجها ،ما عدا ألاب ففيه خالف.
والدليل على ذلك :حديث :سهل بن سعد قال جاءت امرأة إلى رسول هللا فقالت :إني وهبت من
نفس ي ،فقامت طويال ،فقال رجل :زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة ،قال :هل عندك من ش يء
تصدقها؟ قال :ما عندي إَل إزاري ،فقال :إن أعطيتها إياه جلست َل إزار لك ،فالتمس شيئا فقال :ما
أجد شيئا ،فقال :التمس ولو خاتما من حديد ،فلم يجد ،فقال :أمعك من القرآن ش يء؟ قال :نعم،
سورة كذا وسورة كذا لسورسماها ،فقال :قد زوجناكها بما معك من القرآن».4
الشرط الثاني :العقل.
يشترط في عقد الزواج أن يكون الطرفان عاقلين ليكونا على بينة من الالتزامات املترتبة عليهما.
إَل أن هذا ألاصل ترد عليه استثناءات ،حيث إنه يمكن لألب أو وصيه أن يجبر اُمجنون على الزواج
إذا خيف عليه الزنا أو الضرر بدونه ،وثبت أن الزواج يفيده في رفع هذا الضرر ،فإن لم يكن له أب أو
وص ي فللقاض ي أن يجبره على الزواج حينئذ.5
- 1أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب النكاح ،باب :إنكاح الرجل ولده الصغار ،رقم5166 :
- 2بداية املجتهد ونهاية املقتصد3/5 ،
- 3بداية املجتهد ونهاية املقتصد15 /5 ،
- 4أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب النكاح ،باب :باب السلطان ولي لقول النبي زوجناكها بما معك من القرآن ،رقم 5165
- 5شرح الزرقاني -187 /6 ،الشرح الكبير للدردير – 555 /5 ،املغني البن قدامة -69 /7 ،مغني املحتاج للشربيني139 /6 ،
26
املوسم الدراسي 0202-0202م
27
املوسم الدراسي 0202-0202م
الموانع المؤبدة؛
وهي املوانع التي َل يمكن أن ترتفع في املستقبل ،ولهذا َل يجوز للرجل أن يتزوج تلك املرأة أبدا .وهذه
املوانع تنحصر في خمسة وهي :القرابة واملصاهرة والرضاع ووطء العاقد في العدة واللعان .وهي
على البيان آلاتي:
القرابة:
والنساء اُمحرمات بالقرابة سبع وهن النساء املذكورات في قول هللا تعالى:
،1 ويشمل
التحريم كل من:
ألام :ويقصد بها كل امرأة لها على الرجل وَلدة ،ويرتفع نسبه إليها بالبنوة ،سواء كانت من جهة أبيه
أو من جهة أمه ،وسواء كانت وَلدتها له بنكاح صحيح أو َل.
البنت :ويراد بها كل امرأة للرجل عليها وَلدة ،وتنسب إليه مباشرة أو بواسطة ،كبنت الابن أو بنت
البنت.
ألاخت :ويراد بها كل امرأة شاركت الرجل في أصليه أي في ألاب وألام ،أو في أحد ألاصول(في ألاب أو في
ألام) ،وَل يدخل في التحريم أخت ألاخت إذا لم تكن أختا للرجل.
العمة :وهي كل امرأة شاركت أب الرجل في أصليه وما عال ،أو في أحدهما ،و تطلق العمة على أخت
ألاب سواء كانت شقيقة أو من أبيه أو من أمه ،وكذلك يدخل في التحريم عمة ألاب وعمة ألام وما عال،
وَل يحرم ما تنسل من العمة كبنتها أو بنت بنتها.
الخالة :وهي كل امرأة شاركت أم الرجل في أصليه وما عال منها ،أو شاركتها في أصليها ،ومعناه أنه
تحرم أخت ألام سواء كانت شقيقة أو ألب أو ألم ،وأخت أم ألام ،وأخت أم ألاب وهكذا .أما ما تنسل من
الخالة فال يحرم.
بنت ألاخ :وهي كل امرأة تنتسب إلى أخ الرجل من جهة البنوة؛ سواء كانت بنته مباشرة أو بنت ابنه
أو بنت ابنته وما سفل منها.
بنت ألاخت :وهي كل امرأة تنسلت من أخت الرجل ،سواء كانت ابنتها مباشرة أو بنت ابنها ،أو بنت
ابنتها وما سفل منها.
املصاهرة
:اُمحرمات من املصاهرة أربع وهن
: بدليل قول هللا تعالى: زوجة ألاب
. ويدخل في ألاب الجد وما عال، 1
،2 : وذلك بدليل قول هللا تعالى: زوجة الابن وما تنسل منها
سواء طلقها البن أو مات عنها قبل،ومعناه أنه يحرم على ألاب أن يتزوج زوجة ابنه الذي من صلبه
أما إذا كان متبنى له فال يحرم عليه أن يتزوج من. فمجرد العقد كاف في التحريم،الدخول أو بعده
وقد أبطل إلاسالم بهذا ما كان يجري عليه العرف في الجاهلية،زوجته بعد أن يطلقها أو يموت عنها
:والدليل على هذا قول هللا تعالى،حيث كانوا يعتبرون الابن من التبني مثل الابن من الصلب
3
فإنه يحرم، وما تنسل منها؛ ومعناه أنه إذا تزوج رجل امرأة ودخل بها ثم طلقها أو ماتت:بنت الزوجة
: وذلك بدليل قول هللا تعالى،عليه أن يتزوج ابنتها
4
فإذا تزوج رجل امرأة ثم،5 : وذلك بدليل قول هللا تعالى، أو أم أمها:أم الزوجة
وهذا هو مذهب. أو أم أمها، فإنه يحرم عليه أن يتزوج أمها،طلقها أو ماتت عنه قبل الدخول أو بعده
.""العقد على البنات يحرم ألامهات: يقول الفقهاء.الجمهورومنهم املالكية
الرضاع:
وسنتناول مانع الرضاع بش يء من البيان والتفصيل من خالل آلاتي:
-أ -تعريف الرضاع:
الرضاع -بفتح الراء وكسرها -لغة مصدر من رضع الثدي ،وهو اسم ملص الثدي َّ
لغة :الرضاع أو ِ
وشرب لبنه ،يقال :امرأة مرضع :أي لها ولد ترضعه ،أو ذات رضيع أو لبن رضاع 1.واصطالحا عرف
بتعاريف عدة منها تعريف ابن عرفة أن الرضاع هو ":وصول لبن آدمي ُمحل مظنة غذاء آخر".2
ب-أدلة التحريم بالرضاع:
ألاصل في التحريم بالرضاع الكتاب والسنة وإلاجماع؛
-فأما الكتاب فقول هللا تعالى في سورة النساء:
، 3ووجه الدَللة أن هللا سبحانه وتعالى ذكر ألام وألاخت من الرضاع
وعطفهما على اُمحرمات من النسب فدل هذا على أنه يحرم الزواج بهما ،كما دلت آلاية على أن
الرضاع يحرم ما يحرم من النسب.
-وأما دليل التحريم من السنة النبوية فأحاديث كثيرة منها ما روته عائشة اهنع هللا يضر أن النبي عليه الصالة
والسالم قال« :الرضاعة تحرم ما تحرم الوَلدة» ، 4وعن ابن عباس : أن النبي قال في ابنة عمه
حمزةَ«:ل تحل لي إنها ابنة أخي من الرضاعة ،ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب» ...5ووجه
الدَللة أن هذه ألاحاديث دلت على أن الرضاع يتعلق به التحريم ،و أنه ما نع من موانع النكاح.
وقد أجمع فقهاء ألامة منذ عهد الرسول عليه الصالة والسالم إلى يومنا هذا على أن الرضاع يحرم.
ج-شروط الرضاع احملرِّم:
اُمحرم هو الرضاع الذي تشترط فيه الشروط آلاتية: ِ ليس كل رضاع يحرم النكاح طبعا بل الرضاع
-2-أن يكون اللبن لدمية؛ ويحرم لبن آلادمية ولو ميتة رضعها الطفل مباشرة ،أو حلب له منها .ودليل
تحريم لبن امليتة عموم قول هللا تعالى :فهو يوجب التسوية بين الحية وامليتة.
-8-أن يصل اللبن إلى الجوف؛ ولو كان الوصول للجوف شكاَ ،ل إن وصل للحلق فقط ،فال يحرم على
حرم اللبن الواصل للجوف بسبب الوجور وهو صب اللبن في الفم ،والسعوط وهو صب ٌ
املشهور .وي ِ
اللبن في ألانف ،وما وصل عن طريق الحقنة إذا كان مغذيا.
-4-أن يصل اللبن للرضيع إلى الجوف في الحولين ،على املشهور في املذهبَ ،ل إن وصل لجوف كبير؛
تعالى : ودليل اشتراط كون الرضاع في الحولين قول هللا
،1 فالية بينت الزمان الذي يقع فيه الرضاع .فإن رضع شخص
محرما .وهذا هو رأي املالكية.
في امرأة بعد مرورالحولين فال يعتبرذلك الرضاع ِ
وفي رواية للمالكية عن ابن عبد الحكم أن الرضاع الذي يقع قريبا من الحولين بشهر أو شهرين يكون
حكمه حكم ما وقع داخل الحولين .وهذه ألاقوال متقاربة ويشهد لها كثير من ألاحاديث منها حديث أم
سلمة اهنع هللا يضر قالت :قال رسول هللا َ« :ل يحرم من الرضاعة إَل ما فتق ألامعاء في الثدي وكان قبل
اُمحرم هو الذي يصل إلى ألامعاء ويجري فيها عندما يكون الطفل في زمن ِ الفطام»2؛ أي أن الرضاع
الثدي أي في وقت الرضاع.
تفريع :يف مسألة لنب الفحل
املراد ":بالفحل الرجل تكون له امرأة ولدت منه ولدا ولها لبن؛ فكل من أرضعته من ألاطفال بهذا
3
اللبن فهو محرم على الزوج وإخوته وأوَلده منها ،ومن غيرها ،ألن اللبن للزوج حيث هو سببه".
ومثاله :أن يكون لرجل امرأتان حملتا منه ،وأرضعت إحداهما ذكرا ،بينما أرضعت ألاخرى أنثى،
فهل يحل النكاح بين الذكر وألانثى..
إن الذي ذهب إليه الجمهور ،ومنهم املالكية أن لبن الفحل يحرم؛ حيث يصبح ذلك الرجل(أي زوج
املرضعة )أبا للرضيع ،فيحرم بينهما ومن قبلهما ما يحرم من ألاباء وألابناء من النسب .
وقد استدل الفقهاء بالتي:
-2بما روي عن عروة بن الزبير ،عن عائشة ،أن أفلح ،أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها ،وهو
عمها من الرضاعة ،بعد أن نزل الحجاب ،فأبيت أن آذن له ،فلما جاء رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص أخبرته بالذي
صنعت «فأمرني أن آذن له» ، 4وفي رواية أن عائشة ،أخبرته أنه جاء أفلح أخو أبي القعيس يستأذن
عليها بعد ما نزل الحجاب ،وكان أبو القعيس أبا عائشة من الرضاعة ،قالت عائشة :فقلت :وهللاَ ،ل
آذن ألفلح ،حتى أستأذن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ،فإن أبا القعيس ليس هو أرضعني ،ولكن أرضعتني امرأته،
قالت عائشة :فلما دخل رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص قلت :يا رسول هللا ،إن أفلح أخا أبي القعيس جاءني يستأذن
علي ،فكرهت أن آذن له حتى أستأذنك ،قالت :فقال النبي ملسو هيلع هللا ىلص« :ائذني له» ،قال عروة :فبذلك كانت
عائشة تقول« :حرموا من الرضاعة ما تحرمون من النسب».1
-0وبما روي عن عبد هللا بن عباس أنه سئل عن رجل كانت له امر أتان فأرضعت إحداهما غالما،
2
وأرضعت ألاخرى جارية ،فقيل له هل يتزوج الغالم الجارية فقالَ« :ل اللقاح واحد»
تفريع:
قال اللخمي 413ه في التبصرة" :اللبن يكون للفحل بوجهين:أحدهما :أن يكون ماؤه سببا لوجود اللبن.
والثاني :أن يكون سببا لكثرته ،وإن كان موجودا قبل وطئه.ويصح وقوع الحرمة بوجه ثالث ،وهو مباشرة
مائه للولد وهو في البطن من غير واسطة؛ ألن ماءه حينئذ ينعشه ويجري فيه.
فاألول :أن يتزوج امرأة وَل لبن لها فأصابها فدرت لذلك ،أو تحمل فتلد فترضع بذلك اللبن ،فإن الزوج
بذلك أب؛ ألنه سبب وجود ذلك اللبن وعن مائه كان ،فإن تزوج امرأة ذات لبن ولم يتقدم لها زوج فأصابها
و أنزل ،كان به أبا؛ ألنه باإلنزال شارك في اللبن؛ ألن ماءه يكثره ،فإن كانت ذات لبن من زوج كان قبله
3
فأصابها الثاني ،كان املرضع ابنا لهما ،فاألول ألنه سبب وجوده ،والثاني ألنه سبب كثرته"....
د-النساء احملرمات من الرضاع:
قبل التفصيل في النساء اُمحرمات من الرضاعَ ،لبد من إلاشارة إلى أن هؤَلء النسوة هن املذكورات في
اُمحرمات من القرابة ،والدليل على هذا أحاديث منها :حديث :قبيصة بن ذؤيب أنه سمع أبا هريرة
يقول :نهى النبي أن تنكح املرأة على عمتها واملرأة وخالتها فنرى خالة أبيها بتلك املنزلة ،ألن عروة
حدثني عن عائشة قالت :حرموا من الرضاعة ما يحرم من النسب» ،4وعن علي قال« :قال رسول
هللا إن هللا حرم من الرضاع ما حرم من النسب» ،5وبذلك فإن النساء اُمحرمات من الرضاع هن:
ألام من الرضاع ،فمن رضع في امرأة فإنها تعتبر أمه ،يحرم عليه أن يتزوجها أو يتزوج أمها أو أم أمها
6
أو أم أبيها ،والدليل على تحريم ألام من الرضاع قول هللا تعالى :
- 1أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الرضاع ،باب تحريم الرضاعة من ماء الفحل ،رقم 1555
- 2موطأ مالك ،كتاب الرضاع ،باب رضاعة الصغير ،رقم 5
- 3التبصرة ،للخمي ،تح :أحمد عبد الكريم نجيب ،طبعة 1565هـ5611،م5156 /5 ،
- 4أخرجه البخاري ،كتاب النكاح ،باب :ال تنكح املرأة على عمتها ،رقم5116 :
- 5أخرجه الترمذي في سننه ،كتاب الرضاع ،باب ما جاء يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ،رقم1153:
- 6سورة النساء ،جزء من آلاية 56
32
املوسم الدراسي 0202-0202م
البنت من الرضاع :فمن رضعت في زوجة رجل يحرم عليه أن يتزوجها وما تنسل منها ألنها تعتبر
ابنته من الرضاع ،ومثل البنت من الرضاع بنت الابن من الرضاع.
، 1وألاخت من الرضاع ألاخت من الرضاع ،ودليله قول هللا تعالى :
اللعان
اللعان لغة معناه الطرد وإلابعاد ،يقال لعنه هللا أي أبعده من رحمته ،واصطالحا قال ابن عرفة":
اللعان حلف الزوج على زنا زوجته أو نفيه حملها الالزم له ،وحلفها على تكذيبه إن أوجب نكولها حدها
بحكم قاض" ،1أو هو حلف زوج مسلم مكلف على رؤيته زنى زوجته أو على نفي حملها منه ،وحلف
زوجته على تكذيبه أربعة أيمان بصيغة أشهد باهلل لرأيتها تزني ونحوه وبحضور حاكم سواء صح
النكاح أو فسد".2
و اللعان له سببان وهما:
أ -إما دعوى رؤية الزنا ،ويشترط في ذلك أَل يطأ زوجته بعد الرؤية ،فإن ادعى الزوج الزنا دون الرؤية
حد للقذف ،ولم يجزاللعان على املشهور.
ب -و إما نفي الحمل :ويشترط في هذا:
-أن يدعي أنه لم يطأها ألمريلحق به،
-أن يدعي الاستبراء بحيضة واحدة ،وقال ابن املاجشون بثالث حيض
3
-أن ينفيه قبل وضعه ،فإن سكت حتى وضعته ُح َّد ولم يالعن.
ويكون اللعان على الصفة التي ورد بها في القرآن الكريم؛ ولفظه يؤخذ من قول هللا في آية املالعنة
من سورة النور ،وقال فيه الفقهاء :أن يقول أربع مرات في الرؤية ":أشهد باهلل لقد رأيتها تزني ويصف
الزنا كما يصفه الشهود . 4ويقول في نفي الحمل :أشهد باهلل لقد زنت ،أو ما هذا الحمل مني ،وقال ابن
املواز ويقول :باهلل الذي َل إله إَل هو "...ويقول في الخامسة لعنة هللا عليه إن كان من الكاذبين ،وتقول
هي أربع مرات في الرؤية :أشهد باهلل ما رآني أزني ،وفي نفي الحمل ما زنيت و إنه منه" وتقول في الخامسة
غضب هللا عليها إن كان من الصادقين.
فإذا وقع اللعان لسبب من ألاسباب السابقة وتم بالطريقة املشار إليها فإنه يفرق بين الزوجين
ويتأبد تحريمها عليه.
الموانع المؤقتة؛
ويقصد بها املوانع التي يمكن أن ترتفع ،ولهذا فإنها تمنع الزواج ما دامت قائمة ،فإذا ارتفعت جاز
للرجل أن يتزوج تلك املرأة.وهذه املوانع هي:
الجمع بين امرأتين يحرم الجمع بينهما ،بحيث يحرم على الرجل أن يتزوج امرأة تكون بينها وبين
زوجته قرابة أو مصاهرة أو رضاع ،وعلى هذا َل يجوزللرجل أن يجمع بين :
-املرأة وأختها ،وذلك بدليل قول هللا تعالى:
؛ وذلك سواء كانت ألاختان شقيقتين ،أو من جهة ألاب فقط ،أو من جهة ألام فقط ،أو
كانتا أختين من الرضاع.
-املرأة وعمتها أو املرأة وخالتها ،وذلك ألحاديث منها :ما رواه أبو هريرة قال :نهى رسول هللا أن
تنكح املرأة على عمتها أو خالتها» ،1ومثل العمة والخالة عمة ألاب وخالته ،ما عال منها ،بحيث يحرم
الجمع بين املرأة وعمة أبيها ،واملرأة وخالة أبيها ،أو عمة أمها أو خالة أمها.
الزيادة على القدر املسموح به شرعا ،فال يجوز للرجل أن يجمع بين أكثر من أربع زوجات ،وذلك
بدليل قول هللا تعالى :
2 أي أنه يباح لكم أن اثنتين أو ثالثا أو أربعا ،فالواو للتخييرَ ،ل للجمع ،ويؤيد هذا املعنى ما
ورد في ألاحاديث النبوية منها :عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال :أسلم غيالن بن سلمة الثقفي
وتحته عشرنسوة فقال له النبي خذ منهن أربعا».3
املطلقة ثالثا قبل أن تتزوج غيره ،فال يجوز للرجل أن يتزوج امرأة طلقها ثالث مرات إَل بعد انقضاء
تعالى : عدتها من زوج آخر يكون قد دخل بها دخوَل يعتد به شرعا ،ودليله قول هللا
4
،وقول هللا تعالى :
والنكاح الذي يحل املبتوتة-أي املطلقة ثالثا -لزوجها ألاول َلبد له من شروط وهي:
أ.أن يكون الزواج الثاني غيرمجمع على فساده .ومنه زواج اُمحلل وهو َل يجوز.
ب .أن يكون َلزما ،أما إذا كان غير َلزم كما إذا تزوج غير الرشيد بدون إذن وليه ،أو كان بأحد
الزوجين عيب يوجب الخيار للخر ،فإن الوطء فيه َل يكفي إَل إذا حصل بعد إجازة الولي ،أو بعد
اطالع الطرف آلاخرعلى العيب والرض ى به.
- 1أخرجه البخاري ،كتاب النكاح ،باب ال تنكح املرأة على عمتها،رقم6169 :
- 2سورة النساء ،آلاية 6
- 3أخرجه ابن ماجه في سننه ،كتاب النكاح ،باب :الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة ،رقم1856 :
- 4سورة البقرة ،جزء من آلاية 558
- 5سورة البقرة ،آلاية 566
35
املوسم الدراسي 0202-0202م
ج .أن يطأها الزوج الثاني بعد العقد ،ويكفي في الوطء تغييب الحشفة في الفرج ،وَل يشترط
إلانزال خالفا للحسن البصري .والدليل على أن املطلقة ثالثا َل تحل لزوجها ألاول إَل بالوطء بعد
العقد ما روته عائشة اهنع هللا يضر قالت ":أن امرأة رفاعة القرظي جاءت إلى رسول هللا ،فقالت :يا رسول
هللا ،إن رفاعة طلقني فبت طالقي ،و إني نكحت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظي ،و إنما معه مثل
الهدبة ،قال رسول هللا « :لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ َل ،حتى يذوق عسيلتك وتذوقي
1
عسيلته»
د .أن يثبت وقوع الخلوة بينهما ولو بشهادة امرأتين ،وأن يقع الوطء بعلم املرأة .أما علم الرجل
فاملعتمد عند املالكية أنه َل يشترط.
ه .أن يكون الزوج حين الوطء بالغا ،مسلما.
و .أن تكون الزوجة حين الوطء خالية من املوانع الشرعية للوطء وهي :الحيض والنفاس
وإلاحرام والاعتكاف والصوم.
ز .أَل ينكرأحد الزوجين وقوع الوطء املذكور.
زواج املسلمة بغير املسلم ،لقد حرم هللا تعالى على املسلمة أن تتزوج بغير املسلم ،وهذا التحريم
مؤقت يبقى ما بقي الرجل كافرا ،فإن أسلم أمكنه أن يتزوج املسلمة حينئذ ،وذلك عمال بقول هللا
تعالى :
التزوج بامرأة في عصمة آخر ،أو في عدة أو استبراء ،وقد سبق الحديث عن هؤَلء النسوة في باب
الخطبة ،فلتراجع هناك.
إلاحرام ،وهو نية الدخول في الحج أو العمرة ،فال يجوز للمحرم أن يتزوج وَل أن يزوج غيره .وقد
ذهب مالك والشافعي وإلامام أحمد إلى أن اُمحرم إذا عقد الزواج لنفسه أو لغيره فإن ذلك العقد
يعتبرا فاسدا ،واستدلوا على ذلك باألحاديث الواردة في النهي؛ منها:عن يحيى بن يحيى قال قرأت
على مالك عن نافع عن نبيه بن وهب أن عمر بن عبيد هللا أراد أن يزوج طلحة بن عمر بنت شيبة بن
- 1أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الطالق ،باب من أجاز طالق الثالث ،رقم5536:
- 2سورة البقرة ،آلاية 551
36
املوسم الدراسي 0202-0202م
جبير فأرسل إلى أبان بن عثمان يحضر ذلك وهو أمير الحج فقال أبان سمعت عثمان بن عفان
َ َْ َ ْ ُ ُْ َ ْ
يقول:قال رسول هللا َ «:ل َين ِك ُح اُم ْح ِر ُمَ ،وَل ُينك ُحَ ،وَل َيخط ُب ».1
املرض ،واملقصود باملرض هنا هو املرض اُمخوف الذي يتسبب عنه املوت في الغالب على الراجح
في املذهب املالكي ،وسواء كان ذلك املرض في الرجل أو في املرأة؛ ألن الغالب أن الزواج َل يقصد به
إَل التضييق على ورثة املريض بإدخال وارث آخر.
املطلب الرابع :يف الصداق
وسيكون البيان من خالل آلاتي:
-تعريف الصداق -حكم الصداق-الحكمة من مشروعية الصداق-شروط الصداق-مقدار
الصداق-أنواع الصداق-أحوال الصداق-الاختالف في الصداق،
الفرع األول :يف تعريف الصداق:
أوال :تعريف الصداق لغة
ْ ٌ َ َ َ ُ َّ ُ
ص ِدقة والصداق مهر املرأة،وجمعها في أدنى العدد أ الصداق لغة :قال ابن منظور ":الصداق ِ
َ ََ َ َ
َّ
تزو ْ
البناءان ِإنما هما على الغالب ،وقد أصدق املرأة حين جها أي جعل لها َ ص ُد ٌق وهذان والكثير ُ
ً ص ُدقات َّ َ ً َ داقا ،وقيل َأ ْ
ص َد َقها َّ َ ً
هن ِن ْحلة" ِ
النساء ََ آتوا و ":تعالى قوله في سحق إِ بو أ ، داقا ص لها ىسم ص
ُ ص ْدقات َّ ص ْدقة قال ُ الص ُدقة ،ومن قال ُ الص ُدقات :جمع َّ َّ
هن قال وَل يقرأ من هذه اللغات بش يء ِإن ِ ِ
َ ُ ُ َ َّ
ص ُدقة وهو مهر املرأة وفي رواية الص ُدقات" هي جمع َ
ِ
غالوا في َّ القراءة سنة وفي حديث عمرَ" :ل ت
يان ؤد صدقان َع َّنا َأي ُ
ي صداق وفي الحديث وليس عند َأ َب َو ْينا ما ُي ْ ص ُدق النساء جمع َ ُ ُ
غالوا في ُ َل ت
ِ ِ ِ ِ ٍ
َّ َ َ
الصداق.2 ِإلى أزواجنا
ثانيا :تعريف الصداق اصطالحا
الصداق في الاصطالح هو املال الواجب للمرأة على الرجل بالنكاح ،أو الوطء ،وقد سماه هللا تعالى
كذلك أجرا وفريضة ،ويقال له أيضا املهر.
الفرع الثاني:يف حكم الصداق:
الصداق واجب على الزوج نحو زوجته ،والدليل على ذلك الكتاب والسنة وإلاجماع:
أوال :الدليل من القرآن الكريم :
-قول هللا تعالى 3 :؛ ووجه الاستدَلل أن هللا تعالى أمر بإيتاء النساء
صدقاتهن ،وألامر لألزواج كما يدل عليه سياق آلايات وتناسق ضمائرها؛ قال ابن العربي ":وقد اختلف
الناس في ذلك على قولين :أحدهما :أن املراد بذلك ألازواج .الثاني :أن املراد به ألاولياء؛ قاله أبو صالح.
- 1أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب النكاح ،باب تحريم نكاح املحرم ،وكراهة خطبته.رقم 1568
- 2لسان العرب،البن منظور ،مادة صدق
- 3سورة النساء ،جزء من آلاية 5
37
املوسم الدراسي 0202-0202م
و اتفق الناس على ألاول؛ وهو الصحيح ؛ ألن الضمائر واحدة ؛ إذ هي معطوفة بعضها على بعض في
نسق واحد ،وهي فيما تقدم بجملته ألازواج ؛ فهم املراد ها هنا" .1وقال القرطبي ":هذه آلاية تدل على
2
وجوب الصداق للمرأة ،وهو مجمع عليه وَل خالف فيه"
-وقوله تعالى3 :؛ ووجه الاستدَلل أن هللا تعالى أمر بإيتاء الزوجات
أجورهن ،وألاجوراملهور ،وألامرللوجوب ،ويدل على الوجوب قوله في النص :فريضة.
ثانيا :الدليل من السنة :
-حديث :سهل بن سعد قال :جاءت امرأة إلى رسول هللا فقالت :إني وهبت من نفس ي فقامت
طويال ،فقال رجل :زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة ،قال :هل عندك من ش يء تصدقها ،قال :ما
عندي إَل إزاري ،فقال :إن أعطيتها إياه جلست َل إزار لك فالتمس شيئا ،فقال :ما أجد شيئا ،فقال:
التمس ولو خاتما من حديد ،فلم يجد ،فقال :أمعك من القرآن ش يء ،قال :نعم سورة كذا وسورة
كذا ،لسورسماها ،فقال :قد زوجناكها بما معك من القرآن».4
-حديث عائشة اهنع هللا يضر أن رسول هللا قال «:أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ،فنكاحها
باطل ،فنكاحها باطل ،فإن دخل بها فلها املهر بما استحل من فرجها ،فإن اشتجروا فالسلطان ولي
5
من َل ولي له»
-حديث أنس بن مالك قال :قدم عبد الرحمن بن عوف فآخى النبي بينه وبين سعد بن الربيع
ألانصاري وعند ألانصاري امرأتان فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله ،فقال بارك هللا لك في أهلك
ومالك دلوني على السوق ،فأتى السوق فربح شيئا من أقط وشيئا من سمن فرآه النبي بعد أيام
وعليه وضر من صفرة فقال :مهيم يا عبد الرحمن ،فقال :تزوجت أنصارية ،قال :فما سقت إليها؟
قال :وزن نواة من ذهب ،قال" أولم ولو بشاة» ،6فهذا يدل على أن الرسول عليه الصالة والسالم قد
أقره على ذلك.
ثالثا :اإلمجاع:
1
لقد اتفق العلماء على أن الصداق من شروط صحة النكاح ،وعلى هذا َل يجوزالتواطؤ على تركه.
والصداق شرط صحة في الزواج؛ بمعنى أنه َل يصح الزواج إذا وقع الاتفاق على إسقاطه ،وليس
معنى أنه يجب أَل يقع الاتفاق عليه بتحديده بجميع تفاصيله ،و إنما يعني أنه َل يجوز أن يقع الاتفاق
على أن يكون الزواج بدون صداق ،ولهذا يصح الزواج ولو لم يتعرض لذكر الصداق؛ ألن املضر هو
2
التصريح بإسقاط الصداق.
الفرع الثالث:يف احلكمة من مشروعية الصداق.
لقد أوجب الشرع الصداق على الزوج زوجته؛ ملا فيه من إشعار بالرغبة ،واستعداد لبذل املال ،وملا
فيه من رمزية كذلك لتحمل جميع املسؤوليات املادية الناتجة عن الزواج.
وقد جعل هللا تعالى الصداق للنساء على ألازواج ألسباب عدة منها:
-أنه أوفق للطبيعة والفطرة إلانسانية.
-أن الشرع قد أوجب على الزوج النفقة التي تترتب عليها القوامة؛ فكان الصداق مرحلة أولى من
مراحل تحمل املسؤولية ،كما كانت النفقة تعويضا للزوجة مقابل القوامة للرجل؛ عمال بقول هللا
تعالى.3 :
-من أجل بناء ألاسرة على أساس العدل واملساواة...
الفرع الرابع:يف شروط الصداق.
يشترط في الصداق جملة من الشروط وهي:
أ
-الشرط الول :أن يكون طاهرا؛ فال يجوز أن يكون الصداق عبارة عن قدر من الخمر مثال؛ ألنه نجس،
ولو كانت الزوجة كتابية.
-الشرط الثاني :أن يكون منتفعا به؛ فال يجوز أن يكون الصداق شيئا َل يمكن الانتفاع به منفعة
شرعية ،وذلك مثل الخنزير.
-الشرط الثالث :أن يكون مقدورا على تسليمه ،فكل ما ليس مقدورا على تسليمهَ ،ل يصح أن يكون
صداقا ،وذلك مثل الجمل الشارد والسيارة املسروقة...ويقاس عليهما أي ش يء َل يقدر الزوج على
تسليمه اليوم.
-الشرط الرابع :أن يكون معلوما ،فال يصح إذا كان الزواج شيئا مجهوَل؛ كأن يتفقا على أن الصداق هو
ثمرشجرة أو شجرات قبل أن يبدو صالحها ،على أن َل تأخذ تلك الثمرة إَل بعد نضجها...
فيالحظ أن الشروط التي تشترط في الصداق هي نفسها الشروط التي تشترط في الثمن في عقد البيع،
إَل أنه يغتفر في الصداق ما َل يغتفر في الثمن من الجهل اليسير؛ وذلك كأن يكون الصداق هو أن يلتزم
الزوج بأن يقوم بتجهيز البيت بما يحتاجه من فراش و أثاث ،على أن يصبح ذلك كله ملكا لزوجته ،وهذا
ما يعبر عنه بالشوار،فيكون الزوج في هذه الحالة ملزما بتجهيز البيت بما جرت به العادة في وسطهما.
أو أن يقول الزوج إني أتزوجها على أن أدفع لها صداق أمثالها ،وتقبل الزوجة ذلك من غير تحديد
1
لذلك الصداق ،ويلزمه حينئذ أن يؤدي لها صداق ما تتزوج به مثيالتها.
وإذا لم تتوفر الشروط املذكورة كلها أو بعضها فإن الزواج يكون فاسدا ،فإن اطلع عليه قبل
الدخول فسخ وجوبا ،وإن لم يطلع عليه إَل بعد الدخول فإنه َل يفسخ ،ويجب لها صداق املثل.2
ويجوز في الصداق كل ما صح أن يكون ثمنا ،أو كل ما صح الالتزام به ،سواء كان قدرا من املال ،كألف
درهم أو عرضا كقطيع من املاشية ،أو منزَل أو سيارة أو غيرها ...كما يصح أن يكون منفعة معينة؛ كأن
يتعهد الزوج بأن يقوم لزوجته بعمل معين ،كأن يتولى الدفاع عنها في قضية معينة ،ومثل أن يقوم
بتعليمها عددا من سورالقرآن الكريم...
وَل يجوز أن يتفق وليان على أن يزوج أحدهما آلاخر وليته على أن تكون إحداهما صداقا لألخرى؛ وهو
ما يسمى بنكاح الشغار ،وهو نكاح محرم بدليل حديث :ابن عمر امهنع هللا يضر أن رسول هللا نهى عن الشغار ،
والشغارأن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه آلاخرابنته ليس بينهما صداق".3
تفريع عن نكاح الشغار
ونكاح الشغارعلى ثالثة أنواع:
أ
النوع الول :صريح الشغار؛ وهو أن يزوج الرجل وليته على أن يزوجه آلاخر وليته بدون صداق
بينهما (الزوجتين معا بدون صداق) ،مثل أن يقول أزوجك ابنتي بدون صداق على أن تزوجني أختك
بدون صداق .وهو نكاح فاسد يفسخ قبل الدخول وبعده .فإذا فسخ قبل الدخول فالش يء للمرأة ،وإذا
فسخ بعد الدخول فلها صداق املثل.
النوع الثاني :وجه الشغار؛ وهو أن يكون لكل واحد من الزوجتين صداقا؛ مثل أن يقول الرجل
لخر أزوجك أختي بصداق قدره ثالثة آَلف درهم بشرط أن تزوجني أختك بصداق قدره ألفا درهم.
و إنما سمي هذا النوع وجه الشغار ألن فيه شبها بالنكاح الصحيح من حيث تسمية الصداق لكل
واحدة من الزوجتين ،ولكن ملا شرط فيه نكاح واحدة باألخرى كان شغارا .وهو نكاح فاسد يفسخ إذا
اطلع عليه قبل الدخول ،وإذا لم يطلع عليه إَل بعد الدخول فال يفسخ ،وتستحق كل واحدة من
الزوجتين ألاكثر من املسمى وصداق املثل؛ بمعنى أنه إذا كان ما سمى لها من الصداق أكثر من صداق
أمثالها فيلزم الزوج ذلك ،وإن كان من صداق أمثالها وجب عليه أن يؤدي لها صداق أمثالها.
النوع الثالث :الشغار املركب؛ وهو أن يزوج الرجل وليته بصداق مسمى على أن يزوجه آلاخر وليته
من غير صداق .وحكم هذا النكاح أن التي سمي لها الصداق يفسخ إن اطلع عليها قبل الدخول ،أما إن
لم يطلع عليها إَل بعد الدخول فال يفسخ ويجب على الزوج أن يدفع لها ألاكثرمن املسمى وصداق املثل؛
أي يكون لها حكم وجه الشغار .أما التي لم يسم لها الصداق فيفسخ قبل الدخول وبعده ،بمعنى أنه
يكون لها حكم صريح الشغار.
- 1أخرجه إلامام أحمد في مسنده ،من حديث السيدة عائشة اهنع هللا يضر ،رقم55558 :
41
املوسم الدراسي 0202-0202م
أعطيتها صداقها سهمي بخيبر ،فأخذت سهما فباعته بمائة ألف ،قال :وقال رسول هللا « :خير
الصداق أيسره ».1
-حديث أبي العجفاء قال :خطبنا عمر رحمه هللا ،فقال «أَل َل تغالوا بصدق النساء ،فإنها لو كانت
مكرمة في الدنيا ،أو تقوى عند هللا لكان أوَلكم بها النبي ،ما أصدق رسول هللا امرأة من نسائه،
2
وَل أصدقت امرأة من بناته أكثرمن ثنتي عشرة أوقية»
و اتفق الفقهاء على أن الصداق ليس له حد أقص ى َل تجوز الزيادة عليه ،وسندهم في ذلك قول هللا
، 3 وما ورد عن عمر بن الخطاب
تعالى :
عندما أراد أن يمنع املغاَلة في املهور ،وأن يجعل للصداق حدا َل تجوز الزيادة عليه قالت له امرأة:
"ليس ذلك لك يا عمر ،إن هللا تعالى يقول :
،
4
فتراجع عمرعن ذلك وقال :امرأة أصابت ورجل أخطأ.
لكنهم اختلفوا حول أقل الصداق على أقوال:
أ
القول الول :ذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن أقل الصداق عشرة دراهم (بالدرهم الشرعي) أو ما
يوازيها ،بحيث َل يصح الزواج بأقل من ذلك.
القول الثاني:أن أقل الصداق خمسة دراهم ،وهو َلبن شبرمة.
القول الثالث :أقل الصداق هو ما يصح أن يكون ثمنا أو أجرة ،وهو قول الشافعية.
القول الرابع :أقل الصداق ما يساوي ربع دينار ذهبي أو ثالثة دراهم فضية ،وهو قول إلامام مالك
وعليه أكثر املالكية بحيث يرون أن الزواج الذي ينعقد على أقل من ذلك َل يصح على تلك الحال؛
ويكون حكمه على البيان آلاتي:
-إذا اطلع عليه قبل الدخول خير الزوج بين تكميل الصداق إلى القدر املذكور ،وبين فسخ الزواج
بطالق ،ويكون للزوجة نصف ما وقع عليه العقد.
-إذا لم يطلع عليه إَل بعد الدخول فإنه يرغم على إتمام الصداق إلى القدراملذكور.
ويرى ابن وهب من املالكية أن الزواج يصح ولو كان الصداق درهما ،وبناء على هذا فإن من تزوج بأقل
من ربع دينارَل يفسخ نكاحه ولو امتنع من إتمامه.
- 1أخرجه الحاكم في املستدرك وقال :هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ،ولم يخرجاه .رقم 5755
- 2أخرجه أبو داود في سننه ،كتاب النكاح ،باب :الصداق ،رقم 5163
- 3سورة النساء ،جزء من آلاية 56
- 4لإلفادة تنظر كتب التفسير الفقهي لقول هللا تعالى :
42
املوسم الدراسي 0202-0202م
- 1نكاح التفويض عرفه ابن عرفة بقوله " :عقد دون تسمية مهر وال إسقاطه وال صرفه لحكم أحد".
- 2القوانين الفقهية ،ص ،558 :طبعة دار الرشاد الحديثة.
43
املوسم الدراسي 0202-0202م
1
.
-سابعا :أن يكون عدَل غير فاسق ،وراشدا غير سفيه ،وهما شرطا كمال ،وليس شرطا صحة في الولي
1
على القول الراجح.
وقد ذكرابن جزي في قوانينه صفات الولي فقال ":وهي إلاسالم ،والبلوغ ،والعقل ،والذكورية اتفاقا في
ألاربعة ،والحرية خالفا ألبي حنفية .واختلف في اشتراط العدالة والرشد ،فقيل :يعقد السفيه على
وليته ،خالفا ألبي حنيفة .وقيل :يعقد وليه .ويعقد الكافر على الكافر ،و إنما يعقد املسلم على الكافرة
2
بالرق خاصة".
وقد بين ابن رشد في بداية اُمجتهد سبب اختالف الفقهاء في مسألة اشتراط الوَلية في الزواج ،وعرض
1
أدلة كل فريق وحججه ،فلتراجع هناك.
الفرع الرابع :يف ترتيب األولياء يف النكاح
يمكن أن نلخص ترتيب ألاولياء بما ذكره ابن الجالب املالكي 813ه في تفريعه باب ألاولياء في النكاح
ومراتبهم وهو كالم جامع في ترتيب ألاولياء في النكاح في فصل خصصه لذلك ،حيث أورد قول مالك في
ذلك ":والابن أولى بإنكاح أمه من أبيها ،وكذلك ابن الابن أولى به من أبيها .وألاخ ،و ابن ألاخ ،أولى به من
جدها ،ثم الوَلية بعد ذلك مرتبة على ترتيب العصبات في املواريث".2
وقد ذكر ابن رشد اختالف الفقهاء في املسألة فقال ...":واختلفوا في ترتيب الوَلية من النسب فعند
مالك أن الوَلية معتبرة بالتعصيب إَل الابن ،فمن كان أقرب عصبة كان أحق بالوَلية ،وألابناء عنده
أولى وإن سفلوا .ثم آلاباء ،ثم إلاخوة لألب وألام ،ثم لألب ،ثم بنو إلاخوة لألب وألام ،ثم لألب فقط ،ثم
ألاجداد لألب وإن علوا.
وقال املغيرة :الجد و أبوه أولى من ألاخ ،و ابنه ليس من أصل ،ثم العمومة على ترتيب إلاخوة وإن
سفلوا ،ثم املولى ،ثم السلطان .واملولى ألاعلى عنده أحق من ألاسفل ،والوص ي عنده أولى من ولي
النسب ،أعني :وص ي ألاب.
واختلف أصحابه فيمن هو أولى :وص ي ألاب؟ أو ولي النسب؟ فقال ابن القاسم :الوص ي أولى ،مثل قول
مالك .وقال ابن املاجشون ،و ابن عبد الحكم :الولي أولى .وخالف الشافعي مالكا في وَلية البنوة فلم
يجزها أصال ،وفي تقديم إلاخوة على الجد ،فقالَ :ل وَلية لالبن .وروي عن مالك أن ألاب أولى من الابن
وهو أحسن ،وقال أيضا :الجد أولى من ألاخ ،وبه قال املغيرة .والشافعي اعتبرالتعصيب ،أعني أن الولد
ليس من عصبتها؛ لحديث عمر " َل تنكح املرأة إَل بإذن وليها ،أو ذي الرأي من أهلها ،أو السلطان. 3." ...
فتأمله.
4
تفريعات يف اجتماع األولياء يف النكاح
التفريع األول :يف من زوجها وليان من رجلني
قال مالك يرحمه هللا :وإذا جعلت املرأة أمرها إلى وليين فزوجاها من رجلين ،ثم ُع ِل َم بذلك قبل
الدخول بها ،فاألول أحق بها من الثاني .فإن دخل بها الثاني قبل علمه باألول لم يفسخ نكاحه منها ،وكان
أحق بها.
- 1بداية املجتهد ونهاية املقتصد ،البن رشد ،طبعة دار الحديث-القاهرة5665 ،م 53 /6 ،وما بعدها.
- 2التفريع في فقه إلامام مالك ،البن الجالب ،تح :سيد كسروي حسن ،طبعة دار الكتب العلمية1559 ،هـ 5667-م.636 /1 ،
- 3بداية املجتهد ونهاية املقتصد56/6 ،
- 4التفريع البن الجالب863-863 /2 ،
48
املوسم الدراسي 0202-0202م
جميعا ،ثم تزوجت من شاءت ً وإن لم ُيعلم أيهما قبل صاحبه وكان ذلك قبل الدخول بها فسخ نكاحهما
منهما أو غيرهما .وإن دخل بها أحدهما فهو أحق بها من آلاخر.
التفريع الثاني :اختالف األولياء يف تزويج املرأة
إذا كان للمرأة أولياء من درجة واجدة فأيهم زوجها جاز نكاحها ،فإن اختلفوا قبل النكاح فأوَلهم بها
ً
أفضلهم حاَل ،فإن استووا في الدرجة والفضل واختلفوا في عقد النكاح نظر فيه الحاكم فعقده إن رأى
سدادا أو رده إلى من يعقده منهم أو من غيرهم .وَل وَلية ألحد من ذوي ألارحام في النكاح و إنما الوَلية ً ذلك
فيه للعصبات.
المبحث الرابع :في أنواع الزواج وأحكامه.
الزواج بالنظرإلى توفرشروطه وأركانه ،أو عدم توفرها إما زواج صحيح وإما زواج فاسد.
املطلب األول:الزواج الصحيح
وهو الزواج الذي توفرت فيه أركانه وشروطه ،وكان خاليا من املوانع التي سبق ذكرها ،وكان الزوج
رشيدا أو مأذونا له في الزواج ،وكان الزوج كذلك كفؤا ،أو رض ي كل من الولي والزوج بالزواج منه بالرغم
من كونه غيركفء...
فإذا تحقق هذا اعتبر الزواج صحيحا وترتبت تبعا لذلك آلاثار الشرعية من قبيل املساكنة الشرعية
وحسن املعاشرة ،وثبوت الحقوق الشرعية من قبيل إلارث ووجوب النفقة الزوجية ،وطاعة الزوجة
لزوجها ،وإرضاع الزوجة أوَلدها عند الاستطاعة ،ورعاية البيت وتربية ألابناء....
وَل يحكم بفساد الزواج إَل إذا ثبت أنه فاقد لركن أوشرط؛ ألن القاعدة أن محمل النكاح على
1
الصحة حتى يتبين الفساد.
وإذا تخلف أحد أركان الزواج أو شروطه ،أو وجد مانع من موانعه ،فإنه يعتبرحينئذ فاسدا.
املطلب الثاني:الزواج الفاسد
الزواج الفاسد هو كل زواج فقد ركنا من أركانه ،أو شرطا من شروطه؛ كالزواج بغير ولي ،أو بالزوجة
الخامسة ،وكما إذا تزوج شخص بامرأة محرمة عليه تحريما مؤبدا أو مؤقتا...
الفرع األول :يف أنواع الزواج الفاسد
الزواج الفاسد نوعان:
النوع األول :الزواج الفاسد لعقده،
وهو ما اختل فيه شرط من شروط العقد؛ كالزواج بامرأة من النسوة اُمحرمات حرمة مؤبدة بنسب
أو رضاع أو مصاهرة ،أو الزواج بامرأة خامسة ،أو تزوج الشخص وهو محرم بحج أو عمرة ،أوالزواج
أثناء العدة ،أو زواج املتعة ،أو الزواج الذي يتفق فيه على إسقاط الصداق أو إلاشهاد.
غير ذلك لرواية بلغته والذي كان يقول به عليه أكثر الرواة وما كان فسخه بغير طالق فال ميراث فيه،
وأما ما عقدته املرأة على نفسها أو على غيرها وما عقد العبد على غيره فإن هذا يفسخ دخل أو لم
1
يدخل بغيرطالق وَل ميراث فيه".
ثالثا :من حيث اإلرث،
بالنسبة للزواج اُمجمع على فساده ،وهو الزواج الذي يفسخ بغير طالقَ ،ل يكون فيه توارث بين
الزوجين ولو وقع بعد الدخول ،وسواء مات أحدهما قبل الفسخ أو بعده .أما الزواج اُمختلف في
فساده وهو الزواج الذي يفسخ بطالق فيكون فيه التوارث بين الزوجين إذا مات أحدهما سواء وقع
الدخول أو لم يقع ،فإن فسخ قبل املوت فال إرث بينهما ،ولو مات أحدهما أثناء فترة العدة؛ ألن هذا
الطالق يعتبربائنا.
ويستثنى من هذا حاَلت يفسخ فيها الزواج بطالق ،وَل توارث بين الزوجين ولو مات أحدهما قبل
الفسخ وهي:
-زواج املريض؛ َل إرث فيه إذا مات أحدهما سواء مات الصحيح أو مات املريض ،مات قبل الدخول
أو بعده ،ألن هذا زواج فاسد بسبب إدخال وارث ،ويعاقب بحرمانه.
-نكاح الخيار وهو زواج فاسد عند املالكية كما سبق ذكره يفسخ إذا اطلع عليه قبل الدخول ،فإذا
مات أحد الزوجين قبل الفسخ َل يرثه آلاخر .أما إذا وقع الدخول فإنه يصبح صحيحا ،ألن الدخول
دال على الاختيارمن قبل من كان له الخيار.
-إذا عقدت املرأة الزواج لنفسها ،أو ألنثى غيرها ،فإذا مات أحد الزوجين قبل الفسخ َل يرثه آلاخر.
رابعا:من حيث وجوب الصداق،
إذا فسخ الزواج فبل الدخول فإن الزوجة َل تستحق الصداق ،أما إذا فسخ بعد الدخول فللزوجة
املسمى من الصداق إذا سمى لها صداقا ،وإَل فلها صداق املثل .وقد سبق التفصيل في هذا في أحكام
الصداق فليراجع هناك.
خامسا:من حيث ثبوت النسب،
من حيث ثبوت النسب َلبد ما التمييزبين الزواج الذي يشتمل على شبهة تدرأ الحد وغيره:
فإذا كان الزواج الفاسد يشتمل على شبهة تدرأ الحد فإن الولد ينسب للزوج ويلحق به ،وذلك كمن
تزوج امرأة تحرم عليه من جهة القرابة او املصاهرة أو الرضاع ،وكان غير عالم بأن هذا املانع يحرم
عليه الزواج بتلك املرأة.
ألن الشبهة في باب النسب تفسرلصالح املولود عمال بكلي حفظ النسل ،وحماية لالبن من الضياع،
سودة قط>> ،1ووجه الاستدَلل بالحديث كما عند إلامام النووي على شرح صحيح مسلم قال":
فمعناه أنه إذا كان للرجل زوجة أو مملوكة صارت فراشا له فأتت بولد ملدة إلامكان منه لحقه الولد
وصار ولدا يجري بينهما التوارث وغيره من أحكام الوَلدة ،سواء كان مو افقا له في الشبه أم مخالفا .
ومدة إمكان كونه منه ستة أشهر من حين اجتماعهما" ،2فكان الفراش علة للحكم بالولد .وما تلده
املرأة من ولد على فراش الزوجية ينسب إلى أبيه؛ ألن وَلدته على فراش الزوجية قرينة كافية لكونه من
الزوج و أنه خلق من مائه.
وقال الباجي في تحديد معنى الفراش ":وقوله الولد للفراش وللعاهرالحجرالفراش عند أصحابنا
هي ألامة ؛ ألنها تصير فراشا بإقرار السيد بالوطء ومعنى ذلك أن الولد لصاحب الفراش قال القاض ي
أبو الوليد :ويحتمل عندي أن يكون املراد بالفراش ما يفترش وذلك أن الوطء غالبا إنما يكون على
ش يء يفترش فيكون معناه وهللا أعلم أن السيد إذا وطئ أمته فقد اتخذ لها فراشا ،وأن الولد منسوب
3
إلى صاحب الفراش وهو سيد ألامة التي جعل لها فراشا وهو أحق به من غيره"..
قال ابن رشد ":اتفق الجمهور على أن أوَلد الزنا َل يلحقون بآبائهم إَل في الجاهلية على ما روي عن
عمربن الخطاب على اختالف في ذلك بين الصحابة ،وشذ قوم فقالوا يلحق ولد الزنا في إلاسالم".4
وقد استدل الجمهورعلى ذلك بأحاديث منها:
-2حديث :عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ،قال « :إن النبي قال كل مستلحق استلحق بعد
أبيه الذي يدعى له ادعاه ورثته فقض ى أن كل من كان من أمة يملكها يوم أصابها فقد لحق بمن
استلحقه وليس له مما قسم قبله من امليراث ش يء وما أدرك من ميراث لم يقسم فله نصيبه وَل يلحق
إذا كان أبوه الذي يدعى له أنكره وإن كان من أمة لم يملكها أو من حرة عاهربها فإنه َل يلحق به وَل يرث
وإن كان الذي يدعى له هو ادعاه فهو ولد زنا من أهل أمه من كانوا حرة كان أو أمة» .5
-0حديث :عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول هللا قال « :أيما رجل
عاهر بحرة أو أمة فالولد ولد زنا َل يرث وَل يورث » ،قال أبو عيس ى وقد روى غير ابن لهيعة هذا
6
الحديث عن عمرو بن شعيب والعمل على هذا عند أهل العلم أن ولد الزنا َل يرث من أبيه.
-1أخرجه البخاري في صحيحه في مواضع كثيرة منها كتاب الفرائض ،باب:الولد للفراش ،حرة كانت أو أمة ،رقم - 3758 :وأخرجه مسلم في
صحيحه ،كتاب الرضاع ،باب :الولد للفراش وتوقي الشبهات ،رقم 5355
-2النووي على شرح مسلم ،كتاب الرضاع ،باب :الولد للفراش.
-3املنتقى شرح املوطأ ،ط 1دار الكتب العلمية1556 ،هـ 1888م656-668 /7 ،
-4بداية املجتهد.581 /5 ،
-5أخرجه ابن ماجه في سننه ،كتاب الفرائض ،باب في ادعاء الولد ،رقم .5763
-6أخرجه الترمذي في سننه ،كتاب الفرائض عن رسول هللا ،باب :ما جاء في إبطال ميراث ولد الزنا
53
املوسم الدراسي 0202-0202م