Professional Documents
Culture Documents
554e 1 PDF
554e 1 PDF
554e 1 PDF
* خليل اللواح
بوابة القصر الكبير
وتوالت بعد هذا التقرير مجموعة من المحطات الأساسية و البرامج الإصلاحية لدعم
تأهيل الإدارة العمومية انسجاما مع متطلبات العصر ومع روح التغيير.
وأبرز هذه المحطات ،تتعلق بانبثاق دستور جديد لسنة 2011بنفس إصلاحي ،من
خلال إ عطائه إشارات واضحة لإحداث قطيعة مع كل الممارسات التي كانت تسقم
جسم الإ دارة المغربية .وتعتبر الحكامة الجيدة من أقوى المفاهيم التي ركز عليها
لتغيير أنماط التدبير الإداري وتبني أساليب جديدة قائمة على تبسيط المساطر
الإ دارية وجودة الخدمات المقدمة.
ووعيا من جلالة الملك بأهمية مرحلة ما بعد دستور فاتح يوليوز ،2011فقد أولى
مكانة خاصة في خطبه لإصلاح الإ دارة العمومية ،وبرز ذلك بشكل جلي في أكثر من
مناسبة وخطاب ،ولعل الخطاب الذي ألقاه يوم الجمعة 14أكتوبر 2016بمناسبة
افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان خير دليل على ذلك ،إذ اختار جلالته هذه المناسبة
للحديث عن إصلاح الإ دارة العمومية وتحسين علاقتها بالمواطن ،مؤكدا جلالته بهذه
المناسبة على ضرورة القيام بثورة داخل الإدارة العمومية لكسر تلك الصورة
التقليدية للعلاقة بين المواطن والإدارة من خلال تغيير السلوكيات والعقليات لأجل
مرفق عمومي فعال في خدمة المواطن.
ويقول جلالته في هذا الصدد "… .إن المرافق والإدارات العمومية ،تعاني من عدة
نقائص ،تتعلق بالضعف في الأداء ،و في جودة الخدمات ،التي تقدمها للمواطنين.
كما أنها تعاني من التضخم ومن قلة الكفاءة ،وغياب روح المسؤولية لدى العديد
من الموظفين."...
هذه الإختلالات محط إجماع كل المغاربة ،يلامسونها بشكل جلي في كل فرصة
لطلب الخدمات العمومية ،خدمات تتراوح بين التماطل في تلبيتها وبين الزبونية
في الحصول عليها وبين التعقيد والتعسير في كيفية الوصول اليها ،خدمات وراءها
بنيات ادارية عتيقة مهترئة وعقليات متحجرة بئيسة همها الدفاع عن مصالحها
الشخصية الضيقة ومقاومة التغيير بنفس الجمود والعدمية.
جلالة الملك يعود مرة اخرى بتاريخ 29يوليوز 2017بمناسبة الذكرى 18لتربعه على
عرش أسلافه المنعمين ،ليسلط الضوء في جانب من خطابه لمحدودية أداء الادارة
العمومية وآثار ذلك على تنمية المغرب .ويقول جلالته.…"،إن من بين المشاكل التي
تعيق تقدم المغرب ،هو ضعف الإدارة العمومية ،سواء من حيث الحكامة ،أو
مستوى النجاعة أو جودة الخدمات ،التي تقدمها للمواطنين."...
وقد استعرض جلالته بشكل مستفيض لأزمة الادارة العمومية التي تعود بالأساس
إلى مقاومة العقليات لرو ح التغيير ،وإلى ضعف التنفيذ والإبداع ،وعدم الاهتمام
بالتواصل واستقبال المواطنين والتفاعل مع ملاحظاتهم وشكاياتهم وتظلماتهم،
وعدم التطبيق الص ارم لمقتضيات الفقرة الثانية ،من الفصل الأول من الدستور
التي تنص على ربط المسؤولية بالمحاسبة.
ويؤكد جلالته في هذا السياق "… .لقد حان الوقت للتفعيل الكامل لهذا المبدأ ( ربط
المسؤولية بالمحاسبة ) ،فكما يطبق القانون على جميع المغاربة ،يجب ان يطبق
أولا على كل المسؤولين بدون استثناء أو تمييز ،وبكافة مناطق المملكة."...
لقد وضع جلالته بخطابه هذا ،خارطة طريق لوضع الادارة العمومية على سكتها
الصحيحة ،لاسيما وأن النموذج المغربي الاقتصادي بلغ مرحلة من النضج تجعله
مؤهلا للحاق بنادي الدول الصاعدة ،في مناخ يتميز بالعولمة الاقتصادية.
وفي اعتقادي أن الإدارة العمومية المغربية ستبقى غير قادرة على استيعاب
ومواجهة المهام والأدوار الطلائعية المنوطة بها ،ما لم تتحرر من الروتين والبطء،
وما لم تجدد نفسها وتعقلن مساطرها ،وتواكب مستجدات الارتقاء الإداري.
وفي هذا الإطار ،هناك العدي د من المقترحات والتي بدون شك سيكون لها الأثر
الملموس على النهوض والارتقاء بالمرفق العمومي خدمة لتنمية المغرب على
جميع الأصعدة ،وهي :
تلك أهم مداخل إصلاح الادارة العمومية للنهوض بجودة الخدمات العمومية ،تغييرا
للصورة النمطية لهذه الادارة في مخيال المجتمع ،وكسبا للرهان الذي يفتح آفاقا
رحبة للمغرب لتحسين موقعه في الخارطة العالمية للتنمية بمختلف أبعادها
ومستوياتها.