Professional Documents
Culture Documents
Ghottes La Mer
Ghottes La Mer
1
العمبلؽ ،والقرع بن منري ،والسمك الصغّب الذي نزؿ من السماء ،والثعباف الطائر بذنب ٠بك ...وتوارثت أجياؿ من
ا٤بغاربة يف بعض ا٤بناطق الساحلية خرافات تتعلق بالتكهن با٤بستقبل بواسطة أصداؼ البحر ،بل منهم من زعم أنو يكلم
احملار تكليما ،ومنهم من قدس بعض األ٠باؾ وأطعمها وقرطها وحرس مزاراهتا إذل اليوـ .وزعم القزويِب (ىّبودوت القروف
الوسطى) أف الناس كانوا يتربكوف يف نواحي سبتة بنسل ٠بكة موسى الٍب عادت إذل البحر بعد شيها !
ودل يقتصر األمر يف ىذه األساطّب ا٤برتبطة بالبحر فقط على األ٠باؾ ،بل تعداىا ليشمل حيوانات أخرى كتلك
ا١بياد األسطورية الٍب ٚبرج من احمليط ليبل ،حسب زعم بعضهم ،يف شواطئ ا٤بغرب األطلنطكية ،لتنزو على ا٢بجور الٍب
تلد بعد ذلك عتاؽ خيل فريدة من نوعها .فهل لذلك عبلقة بتصور اإلغريق إل٥بهم پوصيدوف الذي مثلوه وىو ديخر
عباب البحر ٩بتطيا عربة ٘برىا خيوؿ ميثية ؟
فلقد كاف البحر ومازاؿ يف اعتقاد بعض ا٤بغاربة ٦باال مقدسا طاىرا ال جيوز تنجيسو .وخصت آ٥بتو بالعبادة
دائما يف شواطئ مشاؿ افريقيا حسب ىّبودوت ،وذلك قبل أف يتعرؼ اإلغريق على پوصيدوف الذي كانت لو القدرة
ا٤بطلقة على البحر.
1
- BRUNOT (L.), La mer dans les traditions et les industries indigènes à Rabat et Salé, Paris, 1920, p. II.
2
-TARRADELL (M.), Marruecos púnico, Tetuàn 1960, p.112, fig.31 ; FANTAR (M.), Le dieu de la mer chez les
Phéniciens et les Puniques, Rome 1977 ; Id. La religion phénicienne et punique de Lixus : témoignages de
l’archéologie et de l’épigraphie, in : LIXUS, Actes du colloque organisé par l’Institut des sciences de l’archéologie et du
patrimoine de Rabat avec le concours de l’Ecole française de Rome, Larache, 8-11 novembre 1989, Paris-Rome 1992,
pp. 115-121.
3
-POLYBE , III, 22 : « Les Romains et leurs alliés ne navigueront pas au-delà du cap Beau, à moins d'y être
poussés par la tempête ou chassés par leurs ennemis ; s'ils le dépassent en cas de force majeure, il ne leur sera permis
; » d'acheter ou de prendre que ce qui leur sera nécessaire pour radouber leur vaisseau ou pour faire un sacrifice.
SAINT DENIS (E. de), Le rôle de la mer dans la poésie latine, Lyon 1935, pp. 27-28 :
تؽس ؼٛي اٌفرهج اٌر ٟتكأ اٌهِٚاْ ٠ثٕ ْٛـالٌٙا اٌّؼاتك اٌّفٕٕح ٌٕ١ثرٚ ْٛتٛنذٛٔٛي .
2
وكاف البحارة اإلغريق القدامى يقدسوف بوصيدوف )Poséidon( 1ويستعطفونو ٢بماية سفنهم والسماح ٥بم
بالذىاب والعودة بسبلـ .كما كانت اإل٥بة إزيس )Isis(2تعترب أيضا ،حامية السفن وا٤ببلحْب.
وتعترب ظاىرة التقدمات الٍب كاف البحارة القدامى يتقربوف هبا إذل آ٥بة البحر بعد ٪باهتم من الغرؽ موغلة يف
القدـ .ولقد حدثنا فرجيل )Virgile( 3عن شجرة زيتوف مقدسة يف شاطئ Laurenteكاف البحارة اإليطاليوف
يعلقوف على أغصاهنا نذرىم شكرا لآل٥بة الٍب ٪بتهم من ا٤بوت يف البحر .كما كاف ا٤ببلحوف الناجوف من ا٤بوت يعلقوف
ا٤ببلبس الٍب كانوا يرتدوهنا يف البحر على جدراف ا٤بعابد ،بعد أخذىم العهد على أنفسهم بإىدائها لئللو ا٢بامي.4
ولقد أشار فوفيل )J. -J. Fauvel(5إذل قبة "سيدي عبد الرٞبن" ا٤بوجودة على بعد 11كلم جنوب الدار
البيضاء ،فوؽ حشفة ديكن الوصوؿ إليها مشيا على األقداـ خبلؿ ا١بزر ؛ وىي حشفة تعتقد العامة أهنا مقدسة ،وتعقد
فوؽ قمتها خرقا وخصل الشعر كنذر.
وكاف دوطي ( 6)Ed. Douttéقد ذكر أف ا٤بعلومات الٍب وصلتنا عن معتقدات األىارل القددية يف ا٤بغرب
وآ٥بتهم األولية تعترب نادرة وال ٛبكننا بالتارل من تكوين فكرة صحيحة عن ىذه ا٤بعتقدات وتلك اآل٥بة ،كما ال ٛبكننا
ىذه ا٤بعلومات من فهم وتفسّب بعض ا٤بمارسات الٍب ال ٛبت يف جوىرىا إذل اإلسبلـ بصلة .وبالرغم من قوؿ دوطي
ىذا فإف برونو ( 7)L. Brunotيرى أف البحر كاف خي ص بالعبادة يف ا٤بغرب ،واعتربه بعض ا٤بغاربة قدديا إ٥با يعبد
بسبب ا٣بوؼ الشديد الذي ولده البحر يف أنفسهم كمصدر للعجائب ا٣بارقة وألخطار ال ٙبصى.
1
-SCHMIDT (J.), Dictionnaire de la mythologie grecque et romaine, Paris 1985, pp. 258-260 ; GRANT (M.) et
HAZEL (J.), Dictionnaire de la mythologie, Coll. Marabout université, 1975, pp. 299-303 ; BABELON (E.), Catalogue
des monnaies grecques de la Bibliothèque Nationale, Paris 1893, p. CLX :
" ( )...وأد ػثاقج إٌٗ اٌثؽه ناٌفح فِ ٟكْ ِاٚئ فٕ١م١اٚ .ذّصً ٔمٛق ت١هٚخ ت١ٔٛكِّ ْٚرط١ا ػهتح ذعه٘ا أفهاي تؽه٠ح ؛ ٚـالي اٌؼٕه اٌهِٚأٟ
٠ظٙه ت١ٔٛك ْٚػٍ ٝتؼٗ إٌمٛق األنٚاق٠ح (")...؛ ٚأظه أٙ٠ا ْ.187 ،180 ،179 ، 178 ،176 ،174 ، 170 ، 166 ، 165 .
2
; -PETRONE, Le Satiricon, Gallimard 1969, p. 244, n.168
ٚأظه :يعجى انحضاسج انًصشَح انقذًَح ،اٌطثؼح اٌصأ١ح )...(": 77-76 .ْ ْ ، 1996 ،اِركخ ػثاقج إ٠ى ً٠ف ٟػٙك اٌثطاٌّح ٚاٌهِٚاْ ،إٌِ ٝا تؼك
ؼكٚق ِٕهٚ ،واْ ٌٙا ِؼاتك٘ا ٚوٕٙرٙاٚ ،أػ١اق٘ا ٚأٌهان٘ا اٌك١ٕ٠ح ف ٟوافح ظٙاخ اٌؼاٌُ اٌهِٚأ ٟؼ١س ٔانخ ذّصً اٌهتح اٌؼاِح ٌٍى ْٛوٍٗ" .أٔا أَ
اٌطث١ؼح وٍٙا١ٌٚ ،كج ظّ١غ اٌؼٕأهِّٕٚ ،أ اٌىِٓ ٚأٍٔٗٚ ،اٌهتح اٌؼٍ١اٍِٚ ،ىح األِثاغٚ ،أٌ ٌٝٚىاْ اٌٍّاءٚ ،إٌّٛلض اٌؼاَ ٌعّ١غ اٌٙ٢ح ٚاٌهتاخ .أؼىُ
لناخ اٌٍّاء ٍّٔٚاخ اٌثؽه اٌف١هجٌٚ ،ى ْٛاٌعؽ ُ١اٌّمفه؛ ٚأٌ١هُ٘ و١فّا أِاء"ٚ .نتّا ػثكخ ٘مٖ اإلٌٙح إٌّه٠ح ف ٟذّٛقج ،فٍمك ٔمُ اٌّٙا ػٍ ٝػكق
وث١ه ِٓ اٌمطغ إٌمك٠ح ؼ١س ِصٍد أٙ٠ا نِٛو ٘مٖ اإلٌٙح :اٌّى٘هٚ ،اًٌّّ ت ٓ١لهٔ ٟتمهجٔٚ ،عّح ٌكاٌ١ح ِغ ٘الي ،اٌّٟء اٌم ٞلك ٠صثد أْ ػثاقج إوً٠
وأد ِٕرّهج تٌ ٓ١ىاْ ٘مٖ اٌّكٕ٠حٚ .نتّا اورٍد ػثاقج ٘مٖ اإلٌٙح ف ٟاٌّغهب أّ٘١ح أوصه ِغ لك َٚوٍٛ١تاذهٖ ٌ ،ٟٕ١ٍ١وٚظح ٛ٠تا اٌصأٚ ،ٟتٕد اٌٍّىح
إٌّه٠ح وٍٛ١تاذهٖ ِٚانن أٔطٛاْ ؛ أظه تؽصٕا :تًىدج. 73 .ْ ،
3
-VIRGILE, L’Enéide, trad., inrtod. et notes par M. Rat, Paris 1965, p. 273 :
"(ِ )...اءخ إٌكفح أْ ذٕثد ف ٟلٌه اٌّىاْ ِعهج و٠ر ْٛته ٞتأٚنالٙا اٌّهجٚ ،وأد ِىهٌح ٌفٛٔٛيٚ .واْ اٌثؽانج ٠ىهِ٘ ْٛمٖ اٌّعهج ِٕم ػٙك لك ُ٠؛
فىٍّا ٔعٛا ِٓ اٌغهق وأٛا ٠ؼٍم ْٛػٍٙ١ا لهاتٌ ُٕٙ١إلٌٗ اٌّموٛن (.")...
4
-HORACE, Odes et Epodes, Texte établi et traduit par F. Villeneuve, Paris 1981, I, 5,14 :
"( )...أِا أٔا ،فٍمك ٘ٚؼد ػٍ ٝاٌٍٛن اٌّمكي ٌٛؼح ٔمن٠ح ذّٙك تأٔٔ ٟمنخ ِالتٍ ٟاٌّثٍٍح إلٌٗ اٌثؽه األػظُ".
5
-MAROC, par J.-J. FAUVEL ; Coll. Guides bleus, Paris 1973, p. 232.
6
- DOUTTE (Ed.), Magie et religion dans l’Afrique du Nord, Alger, 1909, p. 14 : « Qu’est-il resté d’intact dans la
religion actuelle des indigènes de l’Afrique du Nord, de leurs croyances antérieures, de leurs divinités primitives ? Bien
peu de choses… ».
7
; - BRUNOT (L.), La mer dans les traditions et les industries indigènes à Rabat et Salé, pp. 1- 6
ٚأظه ْ ِٓ 4 .اٌّهظغ ٔفٍٗ " :ذعٍ ٝاألٚل١أٛي ٌإلٍٔاْ وىائٓ ؼ ٟأػٍ ،ٝفؼثك ذٍه اٌمٛج اٌٙائٍح ٚاٌفف١ح".
3
ص قدديا بالعبادة ،فإف ا٣بشية أجربت اإلنساف دوما على االحَباـ ومن الطبيعي أف يكوف البحر قد خ َّ
والتقديس .فلقد جسد البحر احمليط قوة ىائلة جهل اإلنساف البدائي مصدرىا وأصلها ،فاعتقد أف ىذه القوة ما ىي إال
قوة كائن أعلى جبار ،مث عبدىا .وىكذا ربطت جل الشعوب القددية العبلقة بْب البحر واآل٥بة.
والحظ برونو 1يف شاطئ الرباط وسبل أدلة تشهد على تأليو األىارل للمحيط وعلى العبادة الٍب خصوه هبا والٍب
ما زالت بعض آثارىا موجودة ،وإف دل تبق كما كانت يف األصل .فالبحر حسب ىذه ا٤بعتقدات كائن حي ال يقبل
بعض األمور ؛ فهو يهيج عند وفاة رجل صاحل ،ويضطرب عندما يسّب فيو فلك حيمل رجبل خانو زوجو أو موادا ٧برمة
كا٣بمر و٢بم ا٣بنزير (تأثّب اإلسبلـ) ،أو جثة ،وىو ال يطيق الطلبة عندما يتلوف صلواهتم ،كما ال يطيق السلطاف ٤با
يركبو.
ففي اعتقاد األىارل كاف البحر كائنا حيا مقدسا ،لذلك ٠بوه بالسلطاف ؛ ولقد ٠بوه كذلك -يف رأي برونو-
ألهنم مسلموف ،لكنهم يعطوف ٥بذا االسم ا٤بفهوـ الذي يعطيو ا٤بسيحيوف لكلمة عفريت .ولقد جاءت تسمية "سلطاف"
ىاتو نتيجة معتقدات خاصة مفادىا أف البحر مقدس .وزعم سكاف غرب ا٤بغربٗ ،با فيهم سكاف ا٤بناطق الداخلية أف
البحر-السلطاف ال حيتمل السلطاف-ا٤بلك ،فالقوتاف ال ديكنهما أف تتعايشا يف نفس ا٤بكاف .كما اعتقد أنو لو ركب
السلطاف البحر فإف مركبو سيغرؽ حتما ،وأنو ٤با يركب يف زورقو ا٤بلكي لعبور النهر والتوجو إذل سبل ،فإف البحر يهيج.
وبالرغم من كونو يوجد يف النهر ،فإف زورقو يَبجح أكثر من العادة .وتساءؿ برونو عما إذا كانت ىذه الظاىرة ىي الٍب
تفسر الطريقة الٍب اتبعها سبلطْب ا٤بغرب القدامى يف أسفارىم من فاس إذل الرباطٕ ،بيث ٪بدىم ال جيتازوف مع ٧ببلهتم
هنر أيب رقراؽ إال عند ٨باضة توجد عند عالية النهر ؟
ومن األدلة الٍب تثبت ،حسب برونو ،أف البحر كاف مؤ٥با ،الصيغة الٍب كاف يستعملها بعض ا٤بغاربة للقسم،
كقو٥بم «فليبتلعِب البحر إف كنت قد فعلت كذا ؛ أو إذا وقع كذا .»...كما اعتقد بعضهم أف البحر عند ركوبو ال
حيتمل أف يعبد غّبه ،أيا كاف ،وحجتهم على ذلك أنو لو تبل راكب من ركاب السفينة صبلة ما فإف البحر يهيج ال
٧بالة .وىو اعتقاد كاف سائدا يف العهد الذي دل تكن جذور اإلسبلـ قد ترسخت بعد يف سواحل ا٤بغرب .ونفس
االعتقاد ساد يف الشواطئ الشمالية من حوض ا٤بتوسط بالنسبة للمسيحيْبٕ ،بيث كاف الرىباف والراىبات ديتنعوف عن
تبلوة صلواهتم عند ركوهبم البحر.
ولقد مكن التنقيب األثري يف ميداف ( )forumليكسوس من العثور على ساترة قرميد (( ،)antéfixeحلية
معمارية يف حافة السطح إلخفاء فجوات القرميد) برونزية ترجع إذل القرف Iؽ.ـ .وتوجد حاليا يف متحف الرباط األثري.
وٛبثل ىذه الساترة شخصا وصفو ماريوف ( )J. Marionكالتارل :
«ديثل ىذا األثر شخصا يف عنفواف الشباب ،شعره كثيف حييط ٗبعظم دائرة وجهو ويتدذل ليختلط بلحية كثة.
ولقد مثل الشعر واللحية على شكل خصائل مقصبة تظهر وسطها رؤوس ثبلثة أ٠باؾ ومقدـ أجسادىا (يف اللحية)،
وكذا دلفيناف (على مستوى األذنْب) ،وزبانيا قشريات (على ا١ببْب) .وشكل ا٢باجباف وعظما الوجنتْب من أجزاء قشور
1
- BRUNOT (L.), La mer… op. cit., pp. 1- 6.
4
حيوانات سرطانية ،الشيء الذي يضفي على مبلمح ىذا الشخ ص مظهرا كلو خشونة وشراسة .والشفة السفلى غليظة،
والفم مفتوح بعض الشيء ويعلوه شارب كث يتدذل على جانيب الفم وخيتلط طرفاه باللحية حيث خيتفياف يف ا١بزء الذي
تربز فيو ٠بكتاف ،على اليمْب وعلى الشماؿ».1
ويعتقد شارؿ بيكار )Charles - Picard( 2أف ىذا التمثاؿ ديثل إ٥با ٕبريا من أصل فينيقي -بو،ي.
ويبدو أف ىذه الفرضية ترتكز على ما ورد يف بعض النصوص القددية ،وخاصة ن ص رحلة حنوف الذي ٙبدث عن ىيكل
بِب فوؽ رأس صولوييس على شرؼ اإللو بوصيدوف.
وكاف شطبلف )L. Chatelain( 3قد وصف بدقة متناىية ٛبثيل رأس اإللو احمليط ىذا الذي مشلت سيطرتو
٦باؿ البحار البل٧بدود ،والذي خلف لنا القدامى عددا كبّبا من صوره ،معظمها مثل بواسطة الفسيفساء ،وصف
شطبلف بعضها يف فرنسا وتونس وا١بزائر .واعترب ىذا العادل األثري اكتشاؼ ىذه ا٢بلية ا٤بعمارية الٍب ٛبثل اإللو احمليط
أىم اكتشاؼ أثري ٖبصوص األدوات ا٤بعدنية ا٤بنقوشة الٍب عثر عليها يف مشاؿ ا٤بغرب.
ومعلوـ أف الفنانْب القدامى غالبا ما مثلوا ىذا اإللو ملتحيا ورافعا ٤بذراة ثبلثية وماسكا بسمكة4؛ وكانت ا٤بذراة
الثبلثية ىي سبلح صيادي الًب القدامى بشكل خاص .كما مثل ذات اإللو ٧بموال على عربة ٘برىا حيوانات مسوخ،
نصفها فرس والنصف اآلخر ثعباف ،وٙبيط بالعربة أ٠باؾ ودالفْب وكائنات ٕبرية ٨بتلفة األشكاؿ ،وكذا حوريات ٕبرية
وجاف ،اخل.5
و٩با يثبت عبادة اآل٥بة البحرية الفينيقية -البونية األصل يف ا٤بغرب القدمي ،الفارس البحري الذي عثر عليو
طراديل يف موضع ٛبودة .6ويتعلق األمر بقبلدة ( )un médaillonمن الطْب ا٤بشوي ،وقد مثل عليها شخ ص ديتطي
مارد ٕبر يركض .ويبدو الفارس مسلحا برمح أو ٗبذراة ثبلثية ومتأىبا للهجوـ .ويقطع ىذا الفارس ٕبرا مليئا بالدالفْب،
ثبلثة منها تسبح ٙبت مارد البحر يف ا٘باه اليمْب .وحسب فنطار 7فإف "ا٤بوضوع البحري" ٥بذه القطعة من تأثّب فينيقي،
ويذكرنا بشكل خاص ٗبواضيع القطع النقدية الفينيقية .فمارد ٕبر ٛبودة يركض شأنو شأف مطية ملقارت كما مثل على
نقود صور .وتعود ىذه القطعة األثرية حسب فنطار إذل القرف IVؽ.ـ.
1
; - FANTAR (M.), La religion phénicienne et punique de Lixus , p. 117
ٌٚمك نإٔ٠ا ِعّٛػح ِٓ ٔٛن اٌمطغ إٌمك٠ح اٌف١ٕ١م١ح اٌرٌ ٟىد ِا ت 351 ٚ 400 ٓ١قٚ .َ.لك ِصٍد ػٍ ٝتؼٙٙا آٌٙح تؽه٠ح ٍِرؽ١ح ،أ ٚأفهاي اٌثؽه،
تٕفرٙا آٌٙح تؽه٠ح ،أٍِ ٚمانخ ٍِرؽ١ا ّ٠رط ٟفهٌا تؽه٠ا ...ناظغ ذفأ٘ ً١مٖ إٌمٛق ٚذؼاٌ١ك ٔاؼة اٌّؤٌف :
BABELON (E.), Catalogue des monnaies grecques de la Bibliothèque Nationale…Chypre et Phénicie, Paris 1893, pp.
123-192.
2
-CHARLES-PICARD (G.), Musées et sites archéologiques du Maroc, CRAI, 1946, pp. 668-669.
3
-CHATELAIN (L.), Le Maroc des Romains. Etude sur les centres antiques de la Maurétanie occidentale, Paris 1944,
; pp. 60-66 ; TARRADELL (M.), Lixus, Tetuàn 1959, p. 72, Lam. 19
ٚأظه ٔٚف تٛب ت١ىٌ ٛمٕاع اإلٌٗ اٌّؽ٘ ٛ١ما ف ٟوراب :
DE L’EMPIRE ROMAIN AUX VILLES IMPERIALES. 6000 ans d’art au Maroc, Paris 1990, p. 156 ; PONSICH (M.),
Une mosaïque du dieu Océan à Lixus, B.A.M., VI, 1966, pp. 323-328.
4
- GRANT (M.) et HAZEL (J.), Dictionnaire de la mythologie, p. 299.
5
- GRIMAL (P.), Dictionnaire de la Mythologie grecque et romaine, 7è éd. Paris 1982 : Poséidon.
6
- TARRADELL (M.), Marruecos púnico, p. 112, fig. 31.
7
- FANTAR (M.), Le dieu de la mer chez les Phéniciens et les Puniques, pp. 62-79.
5
ويف منطقة رأس كانطاف ،الحظ مونطا،ي )R. Montagne( 1آثار وبقايا بعض العبادات البحرية القددية
متمثلة يف أ٠باء بعض القديسْب والقديسات كبلال تساوت ( )Tessaoutعند سفح رأس كانطاف ،حيث أشار
سكوالكس [وليس ابلْب] إذل وجود موضع معبد بوصيدوف القدمي ،وسيدي شيشكاؿ ( )Chechkalالذي بنيت
قبتو فوؽ صخر يطل على البحر ،وسيدي ٦بموع الصا٢بْب ...والحظ الباحث الفرنسي أف تقديس األولياء يف منطقة
رأس كانطاف يفوؽ تقديس باقي األولياء يف ا١بهات األخرى ،كما الحظ أف األ٠باؾ الٍب تصاد يف بداية موسم الصيد
خبلؿ فصل الربيع ،هتدى إذل ىؤالء األولياء .وجنوب ىذه ا٤بنطقة ،أشار مونطا،ي إذل حجرة سيدنا يونس بالقرب من
زاوية سيدي واسي (( )Ouasseiناحية ماسة) ؛ ويعترب مونطا،ي ىذه ا٢بجرة من بْب بقايا العبادات البحرية القددية يف
ا٤بنطقة.2
وكاف سكوالكس قد ذكر يف رحتلو أف منطقة رأس صولوييس «جد مشهورة وجد مقدسة» ،وأشار إذل ا٤بعبد
الذي أقيم فوؽ ىذا الرأس والذي كاف مكرسا لپوصيدوف .3وعثر لوكي )A. Luquet( 4يف أسفل ا١برؼ الواقع على
على بعد 11كلم جنوب آسفي (جرؼ اليهودي) على قدـ ٛبثاؿ يعتقد لوكي أف القدامى كرسوه لبوصيدوف ،كما دأبوا
على ذلك كلما حطت سفنهم يف شاطئ جديد ،بغية كسب ود اآل٥بة احمللية.
ولقد شبو اإلغريق أحد اآل٥بة الفينيقية الرئيسية بإ٥بهم پوصيدوف ،إلو البحر والفرس ،وكاف ىذا اإللو الفينيقي
حيظى بتقديس خاص يف قرطاجة كما يتجلى ذلك من خبلؿ بعض النصػوص القددية .ففي سنػة 431ؽ.ـ .فاجأ
خيالة جيلػوف ( )Gélonىاملكػار ا٤بػاغونػي ( )le Magonide Hamilcarوقتلوه خبلؿ إقامتو الذبائح
لپوصيدوف يف ىيمّبا .5ويف سنة 414ؽ.ـ .ضحى البونيوف بطفل لكرونوس وبعدد كبّب من ا٢بيوانات لپوصيدوف،
معلنْب بذلك بداية حصارىم ألغريغينطي .)Agrigente( 6وبعد مرور حوارل قرنْب على ذلك ،يف سنة 511ؽ.ـ.
٤با ٙبالف ىانيباؿ مع فليب Vا٤بقدو،ي وأدى القسم أثناء ىذا التحالف ،فإنو اختار پوصيدوف مع سبعة آ٥بة أخرى
كشاىد على قسمو وضامن للتحالف.7
1
- MONTAGNE (R.), Les marins indigènes de la zone française du Maroc, Hespéris, III, 1923, p. 202.
ٔ -2فٍٗ 196 .ْ :؛ ٚأظه :اٌؽٍٓ تٓ ِؽّك اٌٛواْ ،وصف إفشَقُا ،ض ٛ٠ٚ )...( ": 114 .ْ ، 1ظك ف ٟـانض ِاٌح ػٍِ ٝاٚئ اٌثؽه ٍِعك ٠مكٌٗ
إٌاي وص١ها (٠ٚ )...ماي اٙ٠ا أْ إٌث( ًٔٛ٠ ٟػٍ ٗ١اٌٍالَ) ٌّا اٌرمّٗ اٌؽٛخ ٔثم تاٌؼهاء فٌ ٟاؼً ِاٌحٚ ،ظّ١غ اٌؼٛانٖ اٌر ٟذؽًّ ٌمف ٘ما اٌٍّعك ِٓ
ػظاَ ٌّه اٌثٍٚ .)...( ،ٓ١ذؽى ٟاٌؼاِح أٗ ِا ِهخ ٌّىح ِٓ ٘ما إٌٛع تمهب اٌٍّعك إال ِاذد تٍثة اٌثهوح اٌرِٕ ٟؽٙا هللا ٌٙما اٌٍّعك (.")...
-3ناظغ سحهح سكىالكس:112 ،
DESANGES (J.), Recherches sur l’activité des Méditerranéens aux confins de l’Afrique (VI è S. av. J.-C. – IV è S.
ap. J.-C.), Paris 1978, pp. 412- 414.
4
-LUQUET (A.), Contribution à l’Atlas archéologique du Maroc : Le Maroc punique, B.A.M., IX, 1973-1975, p. 290.
5
-DIODORE, XI, 21 : « Amilcar se trouvait alors dans le camp de l'armée navale, et se disposait à offrir un pompeux
sacrifice à Neptune, lorsqu'un détachement de cavaliers amena à Gélon un messager porteur de lettres de la part des
Sélinontins. Il y était écrit que les Sélinontins enverraient à Amilcar la cavalerie qu'il leur avait demandée, et qu'elle
arriverait au jour qu'il avait lui-même indiqué : or, ce jour était précisément celui où Amilcar allait offrir le sacrifice...».
6
-DIODORE, XIII, 86 : « Il [Imilcar] offrit ensuite des sacrifices aux dieux selon la coutume de son pays ; c'est-à-dire
» en immolant un enfant à Saturne et en jetant un grand nombre de victimes dans la mer en l'honneur de Neptune.
7 -POLYBE, VII, 2, 2 : « (2) nous concluons cette alliance en présence de Jupiter, de Junon, d'Apollon, ainsi que du
dieu suprême des Carthaginois, d'Hercule, et d'Iolaûs; en présence de Mars, de Triton, de Neptune ; … ».
6
وبالرغم من ا٤بكانة الرفيعة الٍب حظي هبا ىذا اإللو يف أوساط البونيْب ودوامها على مر العصور كما رأينا ،فإننا
٪بهل الػكػثػيػر عنو فيما يػتعػلق بالكػيػفػيػة الٍب تصوره هبا القرطاجػيػوف وفيما خيػ ص اس ػم ػو األصػلي بال ػسػامػيػة وك ػذا أص ػلػو
ا٢بقيقي .وحسب فيلوف البيبلوسي )Philon de Byblos( 1فإف ىذا اإللو كاف كبّب آ٥بة بّبوت.)Berytos( 2
وكاف الصيدونيوف ( )Sidoniensقبل الصوريْب ( )Tyriensقد عبدوا إ٥با كاف يعترب كبّب آ٥بة البحر ،وىو
يشبو إذل حد بعيد إلو القرطاجيْب ىذا (پوصيدوف) .3وبانتقالو من صور إذل مشاؿ افريقيا حيث سعى پوصيدوف لتحويل
عبادة البونيْب لصا٢بو بسرعة ،عمل ىذا اإللو على خ ص نفسو ٗبجموعة من ا٣باصيات الٍب كاف يتميز هبا أحد اآل٥بة
احمللية الذي كاف يشاهبو أكثر من غّبه ،إذل درجة أف ىّبودوت اعتقد أف پوصيدوف إ٥با بو،ي األصل .4وكاف غزيل قد
دحض قوؿ ىّبدوت ىذا.5
وحسب كركبينو ،)J. Carcopino(6ليست ىذه ىي ا٤برة األوذل الٍب تتجلى فيها مرونة البونيْب يف ا٤بيداف
الديِب حيث أظهر ىؤالء يف مشاؿ إفريقيا قابلية للتأثر ال يستهاف هبا .فسواء بالنسبة إل٠بيهما أو خاصياهتما فإف كبّبي
آ٥بة ٦بمع اآل٥بة القرطاجي تانيت-پيِب-بعل ( )Tanit -Pené-Baalوبعل ٞبوف قد ألفا -دوف شك -بْب
عناصر تنتمي إذل ا٤بعتقدات الليبية وأخرى ترتبط بالديانة الفينيقية.
فليس غريبا أف يكوف حنوف قد وجد يف غرب ا٤بغرب ذلك الپوصيدوف احمللي الذي كاف السّبينيوف
( )Cyrénéensقد أطلعوا ىّبودوت على وجوده يف شواطئ سّبت ( ،)Syrtesىذا اإللو الذي قد يكوف ٛبكن
فيما بعد من فرض عبادتو على ليبيا بأسرىا والذي حاوؿ حنوفٛ ،بشيا مع سياسة قرطاجة التقليدية يف ىذا ا٤بيداف ،أف
يكسب وده وود عابديو بتكريسو ذلك ا٥بيكل الذي حدثنا عنو يف الرحلة.
وسواء كاف رسو حنوف ونزولو يف رأس كنطاف من أجل إظهار تقواه جهارا ،وإعبلف خضوعو لپوصيدوف اللييب
الذي كاف يعبد يف ىذه األصقاع منذ العهود الغابرة ،وىو خضوع وتقوى من شأهنا طمأنة األىارل وإفراحهم ،أو كاف
نزولو قصد نشر ديانة أجداده البونية وعبادة اإللو سيد البحر ،فإف ىذا العمل ما كاف حنوف لينجزه لو دل يهيئ الفينيقيوف
ا٤بيداف من قبلو ،وىم السابقوف إذل ىذه األراضي ومكتشفوىا األوائل .ففي ا٢بالة األوذل سيكوف ا٤بعمروف الفينيقيوف،
وىم بنو عم حنوف ا٤بتكلموف لغتو وا٤بتدينوف بديانتو ،ىم الذين أطلعوا قائد الرحلة على خاصيات پوصيدوف وقدراتو
وكذا التقوى الٍب كانت ٚبصو هبا القبائل يف ىذه الناحية ،كما قد يكوف ىؤالء ا٤بعمروف ىم الذين أجروا االتصاالت
األولية الضرورية مع األىارل قبل قياـ حنوف بتكريسو ا٥بيكل ا٤بذكور .ويف ا٢بالة الثانية سيكوف الفينيقيوف أيضإ ،بكم
النفوذ الذي مارسوه على األىارل ،ىم الذين ساعدوا حنوف خبلؿ تشييده للهيكل وحافظوا على بنائو فيما بعد .مث إنو
ِ -1ؤنؾ ػاَ ف ٟاٌمهْ اٌصأّٔٚ ٟه تاإلغه٠م١ح وراب "انتاسَخ انفُُُقٍ" اٌم ٞوػُ أٔٗ ذهظّح ٌّؤٌف اٌّؤنؾ اٌف١ٕ١مٌ ٟأى١ٔٛاٌٚ .ْٛٚمك ظّغ ٌِٛه ِا
ذثم ِٓ ٝفمهاخ ٘ما اٌىراب ف ٟاٌعىء اٌصاٌس ِٓ ِؤٌفٗ :
Fragm. Histor. Græc., Paris, t. III, 1849.
2
-PHILON DE BYBLOS, II, 25 ; in : GSELL (St.), H.A.A.N., IV, p. 337.
3
-HESYCHIUS, in : GSELL (St.), H.A.A.N., IV, p. 337.
١٘ -4هٚقٚخ )...(": 50 ، II ،اٌٍ١ث ُ٘ ْٛ١اٌم ٓ٠ػهفٛا اإلغه٠ك تث١ٔٛكٚ ،ْٚاٌٍ١ثٚ ْٛ١ؼكُ٘ أٍٚمٛا اٌُ ت١ٔٛكٚ ْٚػثكٚا ٘ما اإلٌٗ قائّا (.")...
5
- GSELL (St.), Hérodote, Alger 1915, p. 159 ; 188.
6
-CARCOPINO (J.), Le Maroc antique, Paris 1943, pp. 92-95.
7
فيما عدا الفينيقيْب ،دل يكن األىارل قادرين على تزويد حنوف ٗبا احتاجتو ىذه العملية من مواد بناء ومهندس و٫باتْب
زوقوا ا٤بعبد حسب ا٤بزعوـ سكوالكس بصور اآلدميْب واألسود والدنافيل .وىؤالء ا٤بعمروف الفينيقيوف ىم الذين قد
يكونوا ٛبكنوا من فرض احَباـ ىيكل پوصيدوف الذي أصبح األىارل يقدسونو وحيجوف إليو زرافات لتقدمي الذبائح ،وصار
موضعو بعد مرور مائة عاـ مكانا مقدسا ذاع صيتو يف الببلد.
فتأسيس حنوف ىيكبل لپوصيدوف فوؽ شناخ صولوييس يعترب من بْب الدالئل الٍب تشّب إذل ا٤بساعدة الٍب
أسداىا الفينيقيوف إذل قائد الرحلة خبلؿ تنفيذ خطتو يف ا٤بغرب ؛ كما يشّب تأسيس ىذا ا٥بيكل إذل وجود قدمي ٤بواطِب
حنوف يف ىذه األصقاع.
ويرى كركبينو 1أنو إذا كانت آثار معبد بوصيدوف قد زالت ٛباما ،فإف بعض آثار الطقوس الٍب رٗبا كاف األىارل
يقوموف هبا يف ذلك العصر تقربا من اإللو الذي طوع الفرس والبحر دل تنمح كليا ،كما افَبض ذلك مارسي
.)Marcy(2فلقد أشار ىذا األخّب إذل ما كاف يقوـ بو سكاف ىذه الناحية من بعض األمازيغ الذين اعتنقوا اإلسبلـ،
والذين استمروا يف ٩بارسة بعض العادات الضاربة جذورىا يف التاريخ ،والٍب كانت تقضي بقيادة أحجار خيلهم العقائم
خبلؿ بعض ليارل السنة إذل رأس كنطاف ،آملْب أف ٚبصبها فحوؿ كردية وعجيبة تطلع بغتة من أعماؽ البحر .وخيل ص
كركبينو إذل القوؿ بأف عمل حنوف ىذا ال ديكن تصور إ٪بازه و٪باحو إال إذا افَبضنا أف عملية البناء كانت مسبوقة دوف
أدىن شك ٗبرحلة ٙبضّب ىيأ خبل٥با ا٤بعمروف الفينيقيوف يف أ٫باء صولوييس الظروؼ ا٤بناسبة لضماف ٪باح مشروع حنوف
ٖبصوص ا٤بعبد ا٤بكرس لپوصيدوف.
فإذا ما ٧بصنا ن ص الرحلة فهمنا أف الفينيقيْب كانوا قد سبقوا حنوف إذل اكتشاؼ ساحل ا٤بغرب األطلنطكي
حيث أسسوا مستعمرات أقدـ من تلك الٍب حيدثنا عنها حنوف .وىكذا فإذا تطرؽ الن ص ٤بستعمرات حنوف ثبلث مرات،
يف الفقرات الثانية وا٣بامسة والثامنة ،فإنو ال يستعمل نفس الفعل للداللة على تأسيسها .فبالنسبة لتيمياطّبيا يف الفقرة
الثانية استعمل صاحب الن ص ا٤باضي « εχτίσμενأسسنا» الذي يعكس فكرة التأسيس انطبلقا من ال شيء ؛
بينما ٪بده يف الفقرتْب ا٣بامسة حيث يعد مستعمرات كركوف طيكوس ( )Karikon Teichosوغويت()Guttè
وأكرا ( )Akraومليطا ( )Melittaوأرمبيس ( )Arambys؛ والثامنة حيث حيدثنا عن كّب،ي يستعمل ا٤باضي
ٗ χατψχισμενبعُب «تركنا وراءنا معمرين جدد» ،الشيء الذي يعِب أف األمر يتعلق بإنزاؿ معمرين قدموا مباشرة من
قرطاجة لتعزيز ا١باليات القددية الٍب عمرت ا٤بستعمرات ا٤بذكورة .أما فيما خي ص تيمياطّبيا ( )Thymiatèriaالٍب
تطابق ا٤بهدية ،3على مصب هنر سبو ،والٍب قدـ إليها حنوف مباشرة من عمودي ىرقل بعد يومْب من اإلٕبار ،فإف
القائد القرطاجي أسس فوؽ موضعها مستعمرة جديدة وأنزؿ فيها معمرين ألوؿ مرة .εχτίσμενوحسب
مارسي( ،4)G. Marcyفإف حنوف أطلق على ىذه ا٤بستعمرة االسم الذي كاف األىارل يف ىذه األصقاع ينعتوف بو
ٔ -1فٍٗ.
2
-MARCY (G.), Notes linguistiques autour du périple d’Hannon, Hespéris, XX, 1953, p. 40.
3
- CARCOPINO (J.), Le Maroc antique, p. 95.
4
- MARCY (G.), Notes linguistiques autour du périple d’Hannon, p. 35.
8
ا٤بوضع الذي أسست فوقو تيمياطّبيا والذي يعِب بالليبية منفذ مصب ( )tumiaالوادي ( .)taryaوكاف اإلغريق قد
ر٠بوا ىذا االسم ٕبروؼ لغتهم ،فحصل بالصدفة جناس تاـ بْب اال٠بْب ،وأضحى اسم ىذه ا٤بستعمرة يعِب يف اللغة
اإلغريقية «ا٤بباخر» ،أي ( .)Thymiatèriaولقد الحظ كركبينو 1أف رحلة حنوف تذكر تيمياطّبيوف وليس
تيمياطّبيا ،إال أف ىذا االسم يف صيغتو الثانية قد ورد عند ا٤بنتحل اسم سكوالكس (الفقرة )115لتسمية ا٤بستعمرة
نفسها.
9
الرب ينمحي أماـ أوليائو».1
وكاف عادل االجتماع األ٤با،ي ويرب ( )M. Weberقد ذكر يف أشهر كتاب لو صدر بعد موتو سنة 1251
"االقتصاد والمجتمع" ،أنو «٤با تقوـ قوة كهنوتية بالقضاء على عبادة ما ،فإف اآل٥بة القدامى تستمر يف الوجود
كشياطْب2»...؛ أو أولياء !
والحظ الوسط )E. Laoust( 3يف بداية العشرينيات من القرف ا٤باضي أف الصيادين يف نواحي أگادير -
كما ىو الشأف يف باقي شواطئ احمليط األطلنطكي -كانوا يضعوف أنفسهم ٙبت ٞباية أولياء الشاطئ الذين ديكنوهنم،
حسب اعتقاد األىارل ،من الصيد بوفرة ،ويقوهنم من األخطار يف البحر .وكاف صيادو أگادير يتقربوف إذل سيدي عبد
اهلل أو٢باج الذي تشرؼ قبتو على البحر ،وخيصصوف جزءا من صيدىم لصيانة ضريح الورل ا٤بذكور حيث يذٕبوف
األضاحي يف شهر ماي من كل سنة.
وكاف سكاف سبل أيضا يقدموف األضاحي للبحر قصد إرضائو وخاصة عند ىيجانو .فلقد ذكر برونو 4أنو ٤با
يهيج البحر ٤بدة طويلة وحيوؿ دوف عمل البحارة ،فإف ىؤالء حياولوف هتدئتو ويشَبوف ٥بذا الغرض تيسا أسودا يقوـ
"رايس ا٤برسى" بنحره على شاطئ البحر مرددا عبارة «العار عليكم آ رجاؿ السواحل» ؛ وما يقصد برجاؿ السواحل إال
عفاريت البحر حسب برونو .مث ترمى األضحية يف البحر ،ويستأنف الرايس عملية التبخّب على طوؿ الساحل.
ويعترب دوطي ( )Doutté5أف الذبيحة ما ىي إال وسيلة يهدؼ هبا ا٤بضحي االتصاؿ بالكائن ا٤بقدس ،وأف
األىارل يعتقدوف يف قرارة أنفسهم أف األضحية تقاـ إللو ٦بسد يف البحر ،وأف ىذا األخّب يقبلها ويأكلها.
والذبيحة حسب ( ،)S. Reinachكما ذكر برونو 6ذلك ،ىي مركز كل العبادات والرابطة األساسية بْب
اإلنساف واإللو .أدل يقل ىزيود أف ا٥بدايا واألضاحي ترضي اآل٥بة وا٤بلوؾ! 7
ولقد ا٧بى تأثّب اآل٥بة القددية الٍب خصت بالعبادة يف ا٤بناطق الساحلية ا٤بغربية تدرجييا ،وحل ٧بلها األولياء
ومزاراهتم يف معتقدات العامة .ويطلق سكاف شواطئ الرباط وسبل على ىؤالء األولياء ا٤بدفونْب على شاطئ البحر "رجاؿ
السواحل" ،كما رأينا ،ويستغيثوف هبم أو يتوسلوف إليهم ٝباعة ،فهم الذين يقوهنم من البحر .وتوجد قباب ىؤالء
األولياء عادة يف أماكن مرتفعة ،إما فوؽ جرؼ كما ىو ا٢باؿ بالنسبة لقرب سيدي اٞبد بن عاشر يف شاطئ سبل ،أو
تشرؼ على وادي أيب رقراؽ بالنسبة لسيدي ٨بلوؼ مثبل ...فهم كنظرائهم يف ا٤بناطق الداخلية من الببلد ،يشرفوف من
قبورىم النائفة على ا٤بناطق الٍب حيموهنا .ولقد كانت ىذه ا٤بمارسة سائدة يف ا٢بضارات القددية حيث كاف البحارة
1
- MANA (A ,), Les Regraga , p. 38.
2
-WEBER (M.), Economie et société, Ed. Plon, p. 449.
3
-LAOUST (E.), Pêcheurs berbères du Sous, Hespéris, III, 1923, p. 247.
4
- BRUNOT (L.), La mer dans les traditions et les industries indigènes à Rabat et Salé, p. 6-15.
5
- DOUTTE (Ed.), Magie et religion dans l’Afrique du Nord, op. cit. p. 453 : « … Nous venons de définir le sacrifice :
c’est le moyen d’entrer en communication avec le divin par l’intermédiaire d’un être vivant qui est détruit au cours de
la cérémonie ».
6
- BRUNOT (L.), La mer dans les traditions et les industries indigènes à Rabat et Salé, p. 6-15.
7
- HESIODE, Fragment LXXXVIII : « Les présents persuadent les dieux, les présents persuadent les rois vénérables.
(Suidas in Dôra.) ».
10
األولوف يتوسلوف إذل آ٥بة البحر ويقيموف ٥با ا٥بياكل فوؽ أماكن مرتفعة تنيف على البحر ،وخاصة يف ا٤بناطق ا٤بعروفة
ٖبطورهتا وصعوبة ا٤ببلحة فيها .ويرى دوطي يف كتابو "اإلسالم الجزائري" ،أف قباب ىؤالء األولياء قد بنيت عامة فوؽ
ا٤بواضع الٍب أقاـ فيها األقدموف ىياكلهم الوثنية.1
وحسب برونو ،2فإف مزارات األولياء يف شاطئ سبل توجد فوؽ مواضع اعتربت مقدسة منذ غابر األزمنة ،وإف
قدسوف إال لكوف قبورىم الشعوب تتعبد دائما يف نفس األماكن .وىؤالء األولياء ليسوا ببحارة وال بقراصنة قدامى ،وال ي َّ
توجد على الشاطئ .وجيهل األىارل تارخيهم ا٢بقيقي ،كما جيهلوف معظم أساطّبىم ،لكن ذلك دل دينعهم من االستمرار
يف تقديسهم.
ويروي برونوٖ 3بصوص سيدي ا٢باج عبد اهلل اليابوري أف البحارة ٤با ديروف بفلكهم يف البحر أماـ قربه
يصيحوف" :وسع اهلل " ،شأهنم شأف ٕبارة العصر القدمي الذين كانوا كلما مروا أماـ معبد من معابد اآل٥بة القددية إال
وصاحوا بأ٠بائها .ويرى ىذا الباحث أف اإلسبلـ صبغ ىذه العادة الوثنية بصبغة أخرى ،وأف البحار السبلوي ٤با يصيح
صيحتو ا٤بذكورة يسمي اهلل ولكنو يقصد يف قرارة نفسو الورل اليابوري .كما يتوسل إذل ىذا الورل أيضا وبصفة خاصة
ليسكن البحر عند ىيجانو.
وذكر جورل )Joly( 4يف ٕبثو حوؿ "الصناعة يف تطواف" دور ا٤بزارات الساحلية يف توفّب ا٢بماية للمبلحْب
كلما توقفوا خبلؿ أسفارىم البحريةٕ ،بيث يعترب ا٤بزار مكانا آمنا لقضاء الليل يف شاطئ يتمتع ٕبماية الورل .وكل
شاطئ كاف لو ورل حيميو.
والواقع أف ظاىرة االعتقاد يف األولياء "أىل اإلغاثة" ،والتقرب إذل البحر كمصدر للعجائب واألخطار كانت من
الظواىر الراسخة يف عقلية ا٤بغاربة ا١بماعية ،سواء يف ا٤بناطق الساحلية أو يف داخل الببلد ،كفاس مثبل.
ومن أغرب ما قرأت يف "الترجمانة الكبرى" أليب القاسم الزيا،ي ،وصفو لرحلتو البحرية سنة 1511ىػ من
الصويرة إذل اصطنبوؿ ،وكيف ىاج البحر وأوشك الزيا،ي ومن معو على ا٥ببلؾ ؛ كما وصف لنا موقف "الباشدور"
العثما،ي إ٠باعيل أفندي العدائي من ا٤بغرب وسلطانو ،وهتديد الزيا،ي للسفّب الَبكي بذٕبو تقربا للبحر !
«( )...و٤با دخلنا جزر بر الَبؾ استأنس ىذا الباشدور ،وسرح لسانو بالشتم يف دولة ا٤بغرب وأىلو وىو
يسمعِب ذلك ،فواعظتو ا٤برة بعد ا٤برة وهنيتو فلم يرجع عن فعلو واستمر على ذلك إذل أف أ١بأنا البحر وأىوالو إذل مرسى
الشيشمة وأشرفنا على ا٤بهالك وايسنا من ا٢بياة وا٤بركب مشرؼ على التلف بكلنا ،وىو يسب أمّب ا٤بؤمنْب ويدعو عليو،
فقمت إليو وأخذت بلحيتو وقبضو خدامي وىو يصيح ،فقلت واهلل يا ملعوف ألتقرب بذٕبك قبل ا٤بوت ،وجاء الرئيس
1
- DOUTTE (Ed.), L’islam algérien, op. cit., p. 103 : « Les peuples, …, ont presque toujours prié aux mêmes lieux et
cela se vérifie aussi bien dans l’Islam algérien que dans toute autre religion. Les sanctuaires musulmans occupent pour
la plupart des places que d’autres sanctuaires avaient occupés avant eux : actuellement ces sanctuaires sont tous en
principe des tombes des marabouts, où l’on vient solliciter l’intercession du saint …».
2
- BRUNOT (L.), La mer dans les traditions et les industries indigènes à Rabat et Salé, p. 6-15.
3
- Idem, Ibid.
4
- JOLY (A.), L’Industrie à Tétouan (suite) ; L- Métiers et industries de la mer, Archives Marocaines, XVIII, 1912, p.
234.
11
وأعوانو فرغبو،ي فيو وسرحوه من يدي ،وخلصنا من تلك الورطة ودخلنا ا٤برسة وأرسينا هبا(.1»)...
وإذا كاف الزيا،ي قد أوشك أف يتقرب للبحر بذبح آدمي ! ويعكس ذلك ما يعكسو من تصور ا٤بغريب وموقفو
٘باه البحر ،فإف بعض ا٤بؤلفات ا٤بغربية تؤكد ما رأيناه ٖبصوص تقديس العامة لؤلولياء أىل اإلغاثة .فلقد وردت يف ىذه
الكتب أ٠باء بعضهم ،ووصفت تصرفاهتم وأعما٥بم يف حاالت معينة تطلبت تدخلهم للنصح أو اإلنقاذ أو ا٤بساعدة.
فهذا العادل والفقيو واألديب اليوسي يروي لنا يف ا١بزء األوؿ من "المحاضرات" خروجو من فاس «لزيارة
صلحاء الساحل» سنة 1102ىػ.
« ...فلما انتهينا إذل مقاـ الشيخ أيب سلهاـ جلسنا على شاطئ البحر :
مػن نعيم الفردوس نفػحة لطف فػي عػش ػي ك ػأن ػمػا اخػتػل ػسػت ػو
ػس وعلم أشهى اجتذاب وقطف قد قػطػفنا بو جػُب ج ػنػ ػتػي أن ػ ػ
بعػد ىجػر من ذي وداد وعطف وارتضعنا ألذ من ك ػأس وصػ ػل
ػد فػكاف منو لػذلك مطف».2 ولقد كاف يف ا٢بشا جذوة الوجػ
ومازاؿ موسم موالي بوسلهاـ يقاـ كل سنة يف فصل الصيف (يوليوز -غشت) ،ويعترب من أىم ا٤بواسم الٍب
حيتفى هبا يف ىذه ا٤بنطقة الساحلية بْب العرائش والقنيطرة .ويدخل بعض العامة خبلؿ ىذا ا٤بوسم إذل مغارة (مقدسة)
ٔبوار قرب موالي بوسلهاـ يعتقدوف أهنا ٙبتضن رفات يوسف ابن أرسطو ؟ وذي القرنْب ،وديصوف حليمة عليا تقطر ماء
3
ما٢با...
كما وردت يف "المحاضرات" أخبار بعض أصحاب الكرامات يف الساحل األطلنطكي ،وبالضبط يف سبل
الٍب حدثنا اليوسي عن وليها سيدي عبد اهلل بن حسوف وعن بعض كراماتو ا٤برتبطة با٤ببلحة والبحر :
«وعن صلحاء سبل أف رجبل من رؤساء البحر جاء إذل سيدي علي أيب الشكاوي فشاوره على السفر يف البحر
فقاؿ لو :ال تفعل ،وإف فعلت فبل تربح مالك وال نفسك ،وخرج من عنده فأتى سيدي عبد اهلل بن حسوف فشاوره
فقاؿ لو :سافر تسلم وتغنم .فسافر ،فاتفق عند دخو٥بم البحر أف أسرىم الروـ فذىبوا هبم إذل أف لقوا بعض سفن
ا٤بسلمْب فوقع بينهم قتاؿ فظهر ا٤بسلموف ،فاستمكن ىؤالء من سفينتهم الٍب أسرهتم فقبضوا عليها وغنموىا ورجعوا
سا٤بْب غامنْب ،ومثل ىذا من أحوا٥بم كثّب».4
ويذكرنا ىذا الن ص بوحي دلفي ( )l’oracle de Delphesحيث كاف اإلغريق القدامى يأتوف الستشارة
عرافتو ( )la Pythieالٍب توافق أو تعارض أو تبوح بكبلـ غّب مفهوـ ال ديكن تأويلو !
وأعطى القادري يف "نشر المثاني" بعض أ٠باء الصلحاء الذين اعتقد الناس يف كراماهتم ا٤برتبطة بالبحر
- 1اٌى٠أ ،ٟانتشجًاَح انكثشي فٍ أخثاس انًعًىس تشا وتحشا .ؼممٗ ٚػٍك ػٍ ٗ١ػثك اٌىه ُ٠اٌف١الٌ ،ٟاٌهتا. 97 - 96 .ْ ْ ،1991 ٚ
-2اٌ ،ٌٟٛ١انًحاضشاخ فٍ األدب وانهغح ،ذؽم١ك ِٚهغ ِؽّك ؼعٚ ٟأؼّك اٌّهلا ٞٚإلثاي ،ض ، 1ت١هٚخ . 214 . ْ ، 1982
3
- SALMON (G.), Quelques légendes relatives à Mouley Bou Salham, Archives Marocaines, IV, n° 2-3, 1905, pp.
412-421 ; MAROC , par J. FAUVEL, coll. « les Guides bleus », Paris 1973, p. 120.
-4اٌ ،ٌٟٛ١إٌّكن اٌّموٛن.292 .ْ ،
12
وا٤ببلحة ،كإبراىيم الصياد القصري الذي كاف « ...من أىل اإلغاثة يف الرب والبحر ،واألحواؿ العجيبة ،واألسرار الغريبة،
وا١بذب القائم ،والقلب ا٥بائم.1»...
«( )...ومنهم الورل ا١بليل أبو ٧بمد سيدي عبد العزيز ا٤بدعو عزوز داهلل )...( ،وكاف من أىل اإلغاثة
وا٢بظوة ،ولو مكاشفات وكرامات .)...( ،قاؿ عم والدنا حسبما رأيت ٖبطو :حدثِب بعض الفضبلء من أصحاب
الشيخ سيدي ٧بمد بن عبد اهلل معن أنو ذىب مرة إذل ببلد تطاوف بقصد التجارة ،فنزؿ هبا دارا مع أناس هبا ،فلما
حضر وقت األكل قدـ إليهم بعض الفاسيْب كاف ىناؾ مسافرا صحنا من الكسكس ،وجعل يتحدث معهم وقاؿ ٥بم :
أق ص عليكم خرب ىذا الدقيق الذي صنع منو ىذا الكسكس ،إنو من ببلد العناب .فقالوا لو وكيف ذلك :فقاؿ قدمنا
من مدينة ا١بزائر يف سفينة يف البحر إذل سبتة ،فلما أشرفنا عليها ىبت علينا ريح صاعقة أزالتنا من مكاننا وردتنا إذل
ا٤بوضع الذي منو أتينا ،وارتج البحر علينا باألمواج حٌب أشرفنا على الغرؽ ...فجعل من يف السفينة ينادوف بصا٢بي
بلدىم ،وجعلت أنا أقوؿ يا سيدي عزوز ،أكررىا )...( ،وكاف إذ ذاؾ حيا .قاؿ :وإذا بو قد أتى على ا٥بيئة الٍب أعرفو
عليها ( )...حٌب وصل إذل السفينة وردىا بيده فسكنت إذ ذاؾ وزاؿ ما بنا ،ومررنا بببلد العناب حيث ألقانا البحر،
فاشَبينا منو ىذا الدقيق الذي صنع منو ىذا الكسكس(.»2)...
«( )...فمنهم البهلوؿ سيدي عنَب ا٣بلطي .ظهرت لو كرامات ،وتواترت عنو أخبار ٗبغيبات ،و٥بج بو عامة
فاس كثّبا .ومن احملكى عنو أنو ريئ [=رئي] يطأ أتانا ،فقاؿ لو بعض ا٢باضرين :ما ىذا يا سيدي ؟ فقاؿ لو :إ،ي
أصلح السفينة ،فلبث قليبل فجاء قوـ كانوا ركبوا سفينة يف البحر فعرض ٥بم فيها فساد أيقنوا منو بالغرؽ ،فجعلوا
يستغيثوف بسيدي عنَب ألهنم كانوا يعرفونو ،فسهل ٥بم إصبلحها .ورٗبا ذكر البعض منهم أنو شاىده يصلحها ،فنجاىم
اهلل تعاذل بربكتو ،فكاف ظاىر فعلو خراب ،وباطنو صواب».3
«( )...و٤با أمر السلطاف سيدي ٧بمد بن عبد اهلل ا٢بسِب الرئيس حسن أف يصنع مركبا فصنع ا٤براكب الكربى
الٍب ليس يف ا٤بغرب مثلها ،فلما كملت تعذر عليو عومها يف البحر ،فقصد موالي ابراىيم [بن عبد السبلـ الوزا،ي] ىذا
وطلب منو أف يطلب اهلل أف يهوف عليو تعوديها ،ففاض وجده وأدركتو العناية من اهلل وقاؿ لو :اذىب اآلف فعومها،
فسار حسن فورا وأخذ يف تعوديها فسهل اهلل عليو تعوديها وعامت يف البحر يف ا٢بْب ،وصدؽ اهلل مقالو (.4»)...
وجاء يف "تحفة األلباب" ،أف شخصا يدعى ٧بمد ا٤بعلم كاف من أشهر أىل اإلغاثة يف البحر يف ببلد ا٤بغرب:
« ...ويف ا٤بغرب األعلى قريب من القّبواف قرب رجل صاحل يقاؿ لو ٧بمد ا٤بعلم ،وكاف من الزىاد مستجاب الدعوة ،وكل
من مر على قربه يأخذ من ترابو شيئا ،فإذا ركبوا على البحر وىاج البحر وعصفت الرياح وكثر ا٤بوج أخرجوا من تراب قربه
شيئا وألقوه يف البحر ودعوا اهلل تعاذل ،سكن البحر وزالت الرياح وسهل [اهلل] عليهم السفر ،وىذا معلوـ يف أرض
ا٤بغرب.5»...
-1اٌماقنَ ،ٞشش انًثاٍَ ألهم انقشٌ انحادٌ عشش وانثاٍَ ،ذؽم١ك ِؽّك ؼعٚ ٟأؼّك اٌرٛف١ك ،ض ،1اٌهتا.73 . ْ ، 1978 ٚ
ٔ - 2فٍٗ. 241- 240 .ْ ْ ،
- 3اٌماقنَ ،ٞشش انًثاٍَ ألهم انقشٌ انحادٌ عشش وانثاٍَ ،ذؽم١ك ِؽّك ؼعٚ ٟأؼّك اٌرٛف١ك ،ض ، 2اٌكان اٌثٙ١اء . 303 .ْ ، 1982
- 4اٌماقنَ ،ٞشش انًثاٍَ ألهم انقشٌ انحادٌ عشش وانثاٍَ ،ذؽم١ك ِؽّك ؼعٚ ٟأؼّك اٌرٛف١ك ،ض ، 4اٌكان اٌثٙ١اء .257 .ْ ،1986
- 5أت ٛؼاِك األٔكٌٍ ٟاٌغهٔا ،ٟٚتحفح األنثاب وَخثح األعجاب ،ذؽم١ك :
13
-8الطقوس المرتبطة بالبحر :العنصرة نموذجا :
مارس القدامى طقوس الشعوذة ا٤برتبطة با٤باء كالرش واالستحماـ الٍب كانت تستهدؼ تساقط ا٤بياه السماوية.
وحيدثنا القديس أغوسطينوس عن بعض ىذه الطقوس الٍب كانت سائدة يف عهده ،حيث كاف العواـ يستحموف يف البحر
يوـ القديس حيٓب ( ،)Saint-Jeanأي يوـ االنقبلب الصيفي .1ويعرؼ ىذا اليوـ يف ا٤بغرب باسم "العنصرة" ؛ فلقد
أشار سلموف ( 2)G. Salmonإذل حفلة العنصرة يف سبل والرباط ،والحظ موافقة العنصرة ٢بفلة (la Saint-
)Jeanيف فرنسا .كمػا أشػار ا٢بسن بن ٧بمد الوزاف الػفػاسي ولػوطػورنػو ( )Le Tourneauإذل العنصرة يف فاس.3
وتعترب العنصرة أو عيد االنقبلب الصيفي من التقاليد ا٤بوغلة يف القدـ يف مشاؿ افريقيا .وال يعرؼ أصل ىذه
الكلمة ،غّب أف ا٤بستشرؽ دوزي ( )Dozyيرجع أصلها إذل العربية ،ومعناىا «اجتماع الشعب إلحياء أعياد دينية».4
ولقد وردت ىذه الكلمة يف التلمود حيث أطلقت على عيد ا٣بمسْب ( .)Pentecôteوتطلق العنصرة أيضا
على عيد ا٣بمسْب بالنسبة لؤلقباط ،وعيد القديس حيٓب ( )la Saint Jeanيف إسبانيا حيث كاف حيتفل هبا ا٤بسلموف
وا٤بسيحيوف على السواء خبلؿ العصر الوسيط .ولقد استنكرىا ا٤بؤلفوف العرب واعتربوىا من األعياد القددية ا٤بسيحية أو
الفارسية .وذكر ا٤بقريزي يف خططو أف اليهود حيتلفوف هبا.
وحيتفل هبذا العيد يف مشاؿ إفريقيا يوـ 54يونيو حسب التقومي اليوليوسي ،أي يوـ 1أو 4يوليوز حسب
التقومي الغريغوري.5
ولقد الحظ سفّب فرنسا يف ا٤بغرب دو شينيي ( 6)De Chénierيف القرف XVIIIاحتفاؿ أىل سبل
بالعنصرة يوـ 1يوليوز.
والحظ بيل ( 7)Belأف أىل أزمور وأىل الريف يف نواحي تطواف يستحموف يف البحر يوـ االنقبلب الصيفي
خبلؿ احتفا٥بم بالعنصرة .ووصفها كوال ألربيك ( )J. Cola Alberichكالتارل :
«ومن بقايا األفضلية الٍب تسدى للمياه ىذا العيد الذي يسمى "عيد العنصرة" أو "عيد ا٤باء" الذي ال زاؿ
14
مرعيا يف ا٤بغرب رغم إسبلميتو .ففي ىذا العيد يقصد ألوؼ الزوار الشواطئ حيث يتجمهروف .وأما سكاف ا١بباؿ
فيحملوف الشبابات والطبوؿ ويقصدوف السواحل على األقداـ أو يف الزوارؽ وىم يعزفوف على آالهتم مقابل سكوت
النساء التاـ».1
وىذا ما شاىدتو يف صباي يف شاطئ مرتيل حيث كانت تقاـ احتفاالت كربى تشارؾ فيها بعض قبائل جبالة،
وتشمل بصفة خاصة مسابقات ا٤براكب (من نوع الشباؾ) يف البحر ،وأىازيج ...ولقد أشارت بعض "الدالئل
السياحية" الفرنسية الشهّبة الصادرة يف سلسلة ( )les Guides bleusإذل ىذه االحتفاالت الٍب كانت تقاـ يف
شاطئ مرتيل يف أوائل يوليوز ،ووصفها ريكار ( )P. Ricardكالتارل « :حفبلت العنصرة الٍب تقاـ فوؽ ا٤باء خبلؿ
موسم ىاـ وغريب جدا يف بداية يوليوز».2
وكاف بوطوكي ( )J. Potockiقد ٙبدث يف رحلتو إذل ا٤بغرب عن العنصرة خبلؿ مقامو يف تطواف ،وصادؼ
ذلك يوـ 1يوليوز ،و٠باىا بالعنصرة أو حفلة الغبلؿ » .« La Ansra ou fête des moissons…3
» moissons…3فهل يتعلق األمر باستمرار للحفلة الرومانية الٍب كانت تسمى ( ،Cerialiaحفلة
الغبلؿ) ،أو ( ،Pariliaحفلة قطعاف ا٤باشية) ؟ وىي حفبلت درسها ا٤بؤرخ دوميزيل ( )G. Dumézilبدقة يف
كتابو الشهّب" :حفالت الصيف والخريف الرومانية" ...كما درس يف نفس الكتاب حفلة ()les Neptunalia
الٍب كانت تقاـ يوـ 58يوليوز .4وكانت ىذه ا٢بفبلت تقاـ يف العادل الروما،ي على شرؼ نپتوف ( )Neptuneإلو
البحر .ويف التقوديات القددية ،كاف يوـ 58يوليوز يسمى Neptuni ludi et feriae, ou Neptuni :
ludi؛ الشيء الذي يعِب أف ألعابا ٨بتلفة كانت تقاـ خبل٥با .ويرجح صاحب مقاؿ Neptunalia5يف قاموس
( )Larousseأف ىذه األلعاب كانت يف األصل عبارة عن مسابقات قوارب ،ألهنا كانت حفلة نوتية هنر التيرب بشكل
خاص .وكاف الشعب يصنع أكواخا من أغصاف األشجار وأوراقها إلقامة مأدبات وللتسلية ٙبت ظبل٥با .ولقد خلد
الشاعر البلتيِب اجمليد ىوراس ) (Horaceىذه ا٢بفبلت يف أبيات نقلناىا إذل العربية كالتارل :
«( )...ما ىو أحسن شيء ديكنِب أف أفعلو ،يوـ االحتفاء بنيپتوف ؟
انتشلي الكيكوب ( )le cécubeمن اعتكافو برشاقة يا ليدي (،)Lydé
واىجمى على ا٢بكمة يف معاقلها )...( .وبتناوب معك ؛
سأعظم نيپتوف وخصبلت النّبييد ( )les Néreidesا٣بضراء ؛
- 1وٛال أٌثه٠ه (ـ ،)ٛ١ٌٛدساسح سالالخ شًال إفشَقُاِ ،ؽا٘هج أٌم١د ِ 31 َٛ٠اني 1947ف ٟلاػح اٌّؽا٘هاخ تٕ١اتح اٌرهت١ح ٚاٌصمافح ترطٛاْ،
ذطٛاِْ ،ؼٙك ِٛال ٞاٌؽٍٓ. 39.ْ ،1948 ،
2
; - MAROC par P. RICARD, Coll. « Les Guides bleus », Paris 1950, p. 491
ٚفٚ ٟثؼح ، 1973أِان فٛف ً١إٌِٛ ٝاٌُ أـه ٜذّثٗ اٌؼٕٕهجٚ ،وأد ذماَ ف ٟاٌفٕ١كق (ٌِ ٌُٛثؼح نظاي 7 َٛ٠غّد)ٚ ،اٌّ١ٙك ،ٛ١ٔٛ٠ 7 َٛ٠ :
ٚذانغٗ ٛ١ٌٛ٠ 15 َٛ٠و ؛ ناظغ :
MAROC , par J. FAUVEL, p. 128 ; 132 ; JOLY (A.), Un calendrier agricole marocain, Archives marocaines, III, 1905,
pp. 172-173.
3
- POTOCKI (J.), Voyages en Turquie et en Egypte, en Hollande, au Maroc, Paris 1980, p. 38 - 39.
4
- DUMEZIL (G.), Fêtes romaines d’été et d’automne, suivi de Dix questions romaines, Paris 1975, p. 22.
5
- GRAND DICTIONNAIRE UNIVERSEL du XIXe S., t. XI, Paris 1865, p. 928.
15
يف حْب ستمدحْب بكنارتك الطوف ( )Latonوسهاـ السانتية ( )la Cyntienneالسريعة (.1»)...
وأفاض القدامى يف وصف نپتوف ( )Neptuneالذي نظمت ىذه ا٢بفبلت على شرفو ؛ وطابق الروماف بينو
وبْب پوصيدوف إلو البحر اإلغريقي الذي كاف يعد بْب آ٥بة اإلغريق االثِب عشر ( .)les Olympiensومثلو اإلغريق
مسلحا بشوكة ثبلثية ،وىو سبلح صيادي الًب ،و٩بتطيا عربة ٘برىا حيوانات مسوخ ،نصفها خيوؿ ونصفها اآلخر
ثعابْب .وكانت ٙبيط هبذه العربة أ٠باؾ ودالفْب وكائنات ٕبرية ٨بتلفة األشكاؿ وجاف ،اخل.2
واعتقد القدامى أف ٥بذا اإللو القدرة على إغراؽ ا٤بسافرين أو إ٪بادىم يف البحر ،وعلى تركو البحر رىوا ...ونورد
فيما يلي ترٝبتنا لفقرات من "حوارات اآللهة البحرية" ؛ الٍب تصورىا لوسياف ) (Lucien de Samosateوالٍب
تعكس نظرة القدامى ٥بذا اإللو :
« -السيكلوپ )...( :ىكذا خدعِب اآلمث [أوليس] بذلك االسم [ال أحد]؛ ولكن الذي يؤ٤بِب أكثر ىو أنو
عّب،ي بففٍب قائبل :أبوؾ نيپتوف بنفسو ،لن يقدر على إبرائك.
-نيپتوف :دـ ناعم الباؿ يا بِب ،سأنتقم لك منو ،وسيعلم أ،ي إف كنت عاجزا عن إبراء العمياف ،فإ،ي قادر
على إنقاذ من يسافروف يف البحر أو ىبلكهم (.3)...
عرفوا اإلغريق بپوصيدوف .ففي األصل كاف الليبيوف وحدىم يعرفوفوحسب ىّبدوت ،فإف الليبيْب ىم الذين َّ
اسم پوصيدوف ،اإللو الذي خصوه بالعبادة دائما.5
ويف العصر الروما،ي عبد أىارل مشاؿ إفريقيا نيپتوف ،ليس يف ا٤بناطق الساحلية فحسب ،حيث عبدوه كإلو
البحر ،بل حٌب داخل الببلد ،وبصفة خاصة يف العيوف الٍب اعترب نيپتوف سيدىا.6
ولقد عثر يف وليلي على ٛبثاؿ إلو هنري مت اكتشافو يف الدار احملتوية علي فسيفساء فينوس .كما عثر يف نفس
ا٤بدينة على ٛبثاؿ ديثل نيپتوف ،وىو نسخة من ٛبثاؿ پوصيدوف إيسطميوس ( ،)Poséidon Isthmiosوكبلمها
1
- HORACE, Odes et Epodes, III, 28.
2
- GRIMAL (P.), Dictionnaire de la Mythologie grecque et romaine, 7è éd. Paris 1982 : Neptune et Poséidon.
3
- LUCIEN DE SAMOSATE, Dialogues des Dieux marins, Dialogue II.
4
- Idem, Dialogues V ; VI ; VIII.
5
- HERODOTE, II, 50 :
"(ٚ )...اٌٙ٢ح اٌر٠ ٟمٛي إٌّه ْٛ٠أٔ٠ ُٙع ٍْٛٙأٌّاء٘ا ٍٔٚرٕا ،فّ١ا أػرمك ،ػٓ ٚه٠ك اٌث١الظ ،ٓ١١تاٌرصٕاء ت١ٔٛك ْٚاٌم ٞذؼهف ػٍ ٗ١اإلغه٠ك ػٓ
ٚه٠ك اٌٍ١ث ُ٘ٚ .ٓ١١اٌّؼة اٌٛؼ١ك اٌمٔ ٞعك فِٕ ٗ١م اٌثكا٠ح إٌٙا ٠ؽًّ ٘ما االٌُ ،فٙال ػٓ أِٔ ُٙا واٌٛا ٠ؼثك.")...( ٗٔٚ
6
- GSELL (St.), H.A.A.N., VI, p. 152.
16
موجود يف متحف الرباط األثري .1وٛبثل ٦بموعة من ا٢بمامات العمومية واألحواض الٍب عثر عليها يف بعض ا٤بواضع
األثرية يف ا٤بغرب عادل البحر ،كرسوـ لؤل٠باؾ والَبيتوف (( )tritonsآ٥بة ا٤بوج) ،كما ىو الشأف بالنسبة لفسيفساء
تريتوف يف بناصا ،أو حوريات ٛبتطي وحوشا ٕبرية أو ٙبيط ٔبسد اإللو احمليط ...أو صياد رافع ٤بذراة ثبلثية وسط
2
طحالب وأ٠باؾ وطيور ٕبرية...
17
روايات ٨بتلفة.1
وتذكرنا أسطورة القرع بن منري بعرائس البحر يف ا٤بيثولوجيا اإلغريقية ،تلك العرائس الٍب كانت ٘بذب بأنغامها
الٍب ال تقاوـ البحارة إذل ا٢بشاؼ الشاطئية الٍب تتحطم عليها سفنهم .2واعتقد القدامى أف أوليس ( )Ulysseوأوريف
( )Orphéeمها البطبلف الوحيداف اللذاف ٪بيا من إغراء عرائس البحر القاتل.
وبعيدا عن ببلد اإلغريق وأساطّبىم ،أورد القادري يف "نشر المثانـي" «حوادث» وقعت يف فاس تتعلق بعادل
البحر ،وىي أقرب إذل األسطورة منها إذل األحداث التارخيية .وىذه «ا٢بوادث» كثّبة ،أذكر من بينها على سبيل ا٤بثاؿ:
«ومن حوادث ىذا العاـ [1101ىػ] ،ففي ليلة األربعاء خامس ربيع الثا،ي نزؿ ثلج ونزؿ معو حوت صغار
3
طو٥با قدر ثلثي ا٣بنصر من اليد ،ودل ينزؿ ا٤بطر بعد أكثر من شهرين. »)...( ،
«وأخربوا أيضا أهنم رأوا يف ا١بو [سنة 1153ىػ] ٨بلوقا عظيما ٧بموال يف ا٥بواء ،رأسو رأس ثعباف ،وذنبو ذنب
٠بك ،ويف ظهره شيء كالصومعة ،ويده كيد اإلنساف ،ويف إحدى يديو سيف ،وعرضو ٫بو ستْب ميبل ،وأما طولو فبل
يعلم ألنو بقي جيوز ٫بو ثبلثة أياـ(.»4)...
فالبحر حاضر يف متخيل ا٤بغاربة عن طريق ىذه الكائنات البحرية األسطورية الٍب ٙبدثت عنها العامة والفقهاء،
سواء يف ا٤بناطق الساحلية أو القارية ؛ وىو حاضر أيضا يف حياة بعضهم الروحية من خبلؿ الكهانة وتقديس بعض
األ٠باؾ .فلقد أطلعنا پلينيوس على استعماؿ القدامى يف بعض ببلد حوض البحر ا٤بتوسط لؤل٠باؾ ا٤بقدسة يف عمليات
التكهن وتأويل حركاهتا.5
ويف ا٤بغرب ،الحظ الباحث الفرنسي دوطي ( )Douttéيف بداية القرف ا٤باضي عرافات يف نواحي الصويرة
تتكهن با٤بستقبل ٗبحار ا٤بريق ( )murex؛ وىي ظاىرة الحظها أيضا الربتغارل Diego de Torrèsسنة
،1118وىو ما قد يعِب أف األجياؿ توارثتها يف ىذه ا٤بنطقة الساحلية منذ العصور القددية .وزعمت النساء األمازيغيات
أهنن تكلمن احملار الذي تربينو يف العلب!6
ولقد الحظ الوسط ( 7)Laoustيف الرباط وسبل بشكل خاص ،انتشار احملار بكثرة يف ا٤بقابر الٍب ٙبد يف
معظمها بالبحر ،حيث تغطى القبور ا٢بديثة العهد بكسار احملار .واستفسر الباحث الفرنسي األىارل حوؿ ىذا العرؼ،
-1ناظغ :اٌعاؼع ،انثُاٌ وانتثٍُُ ،ض ٚ «: 113-112 .ْ ْ ،2لوه تؼٗ اٌؽىّاء أػاظ١ة اٌثؽه ٚذى٠ك اٌثؽه ٓ١٠فماي :اٌثؽه وص١ه اٌؼعائةٚ ،أٍ٘ٗ
أٔؽاب وٚائك ،فأفٍكٚا تمٍ ً١اٌىمب وص١ه إٌكقٚ ،أقـٍٛا ِا ال ٠ى ْٛف ٟتاب ِا لك ٠ىاق ٠ى ،ْٛفعؼٍٛا ذٕك٠ك إٌاي ٌ ُٙف ٟغهائة األؼاق٠س ٌٍّا إٌٝ
اقػاء اٌّؽاي.
ٚلاي تؼٗ اٌؼهب «:ؼكز ػٓ اٌثؽه ٚال ؼهض» )...( ،؛ ٚأظه ف٘ ٟما اٌّٛ٘ٛع أٙ٠ا :ض 515 .ْ ، 3؛ ٚض ٚ .19 .ْ ،6ػٓ "ؼّك ٚغثاٚج ٚظٍُ
اٌٍّاو ،"ٓ١ناظغ انحُىاٌ ،ض. 105 .ْ 2
2
- GRANT (M.) et HAZEL (J.), Dictionnaire de la mythologie, p. 327-328.
ٚػٓ ِفٍٛلاخ اٌثؽه اٌؼع١ثح ف ٟاٌثؽه اٌّرٚ ٌٛٛاٌثؽان اٌثؼ١كج فِ ٟؤٌفاخ اٌؼٕه اٌعّٛٙنٚ ٞاٌؼٕه اإلِثهاٛٚن ٞاٌهِٚأ ،ٟناظغ :
SAINT DENIS (E. de), Le rôle de la mer dans la poésie latine, Lyon 1935, pp. 411- 413.
-3اٌماقنَ ،ٞشش انًثاٍَ ألهم انقشٌ انحادٌ عشش وانثاٍَ ،ذؽم١ك ِؽّك ؼعٚ ٟأؼّك اٌرٛف١ك ،ض 119 .ْ ، 2؛ ٚأظه :اٌعاؼع ،انحُىاٌ،ض.ْ ،5
ٌٚ )...(«: 527مٌه ّٚغ تؼٗ اٌىماتٔ ِّٓ ٓ١ىهٖ اٌّٗ ،فموه أْ أً٘ أ٠مض ِطهٚا [ِهج] أوثه ِثات ٛ١ف ٟاألنٖٚ ،إٌّٔٙا [ٚأػمتٙا] ٚأػظّٙاٚ[ ،أُٔٙ
اِرٚٛاٍِٚ ،ؽٛاٚ ،لهٌٛاٚ ،ذىٚق ِٕٙا ٍِافهُ٘].»)...(.
-4اٌماقنَ ،ٞشش انًثاٍَ ألهم انقشٌ انحادٌ عشش وانثاٍَ ،ذؽم١ك ِؽّك ؼعٚ ٟأؼّك اٌرٛف١ك ،ض . 233 .ْ ، 3
5
- PLINE, H.N., XXXII, 17 (8).
6
- MANA (A,), Les Regraga, p. 107.
7
- LAOUST (E.), Pêcheurs berbères du Sous, p. 240.
18
وتضاربت أجوبتهم يف ٧باولة تفسّبه .فمنهم من ٙبدث عن الربكة ،ومنهم من زعم أف القصد من ذلك ىو ٘بميل القرب
أو ٧باربة النباتات الٍب تغطيو مع مرور الزمن...
ويعتقد الوسط أف ىناؾ عبلقة بْب ىذا العرؼ وما دأب عليو بعض سكاف قرطاجة من وضع احملار يف قبور
ذويهم ،مع باقي األثاث ا٤بأٛبي .وأشار پونسيك ( 1)M. Ponsichإذل استعماؿ القدامى لبعض أنواع احملار قصد
التزيْب ،بعضها عثر عليو يف ٦بموعة من القبور الفينيقية يف طنجة ونواحيها .وعثر باسي ( ،)H. Bassetحسب
الووسط ( ،2)E. Laoustأيضا يف مقربة شالة القددية على احملار .فهل كانت ٥بذا احملار قيمة سحرية كبعض أنواع
السمك ،كما اعتقد الروماف ذلك ؟ وىو رٗبا اعتقاد فينيقي األصل .فلقد مارس القدامى عبادة السمك ،ومازالت آثار
طقوس ىذه العبادة منتشرة يف تونس حيث يعترب العواـ السمكة واقية من العْب الشريرة.3
وكانت ظاىرة األ٠باؾ ا٤بقدسة منتشرة يف أوساط القدامى وحدثتنا عنها بعض ا٤بصادر القددية .فلقد وصف
الشاعر مارسياؿ ( 4)Martialيف إحدى إٔبراماتو ( )épigrammeاأل٠باؾ ا٤بقدسة الٍب تسبح يف مياه يب
( )Baiesوتعرؼ سيدىا وتبلمس يده مبلمسة لطيفة...
وحسب پلينيوس ،توجد يف عدة فيبلت امرباطورية أ٠باؾ تطعم باليد ؛ « ...ولقد ٙبدث عن ذلك القدامى
ألهنم شاىدوه بإعجاب يف الربؾ الطبيعية وليس يف ا٤بسمكات ( : )les viviersيف حصن Elore5يف صقلية ،غّب
غّب بعيد عن Syracuse؛ وكذلك يف عْب Jupiter Labraynde6بالنسبة أل٠باؾ األنقليس ا٤بزينة با٢بلقات ؛
؛ وكذلك الشأف بالنسبة أل٠باؾ Chiosبالقرب من ىيكل الشيوخ ( )temple des Vieillards؛ ويف ببلد
الرافدين (ميزوپوطاميا) بالنسبة أل٠باؾ عْب .7»Chabura
وأورد برونو ( 8)L. Brunotخرب ٠بكة أنقليس ضخمة كانت تعيش يف عْب شالة حوارل ،1215-1211
،1215يبلغ طو٥با باعا ونصف باع ،9وكاف غطاء خياشيمها مزينا ٕبلقتْب .وكاف الناس يطعموهنا فتات ا٣ببز وقطعا
1
- PONSICH (M.), Recherches archéologiques à Tanger et dans sa région, Paris 1970, pp. 144-147.
2
- LAOUST (E.), Pêcheurs berbères du Sous, p. 240.
3
--CHARLES-PICARD (G.), Les religions de l’Afrique antique, p. 12.
4
- MARTIAL, Ep., IV, 30 : « [4,30] XXX. - UN PÊCHEUR. Crois-moi, pêcheur, fuis bien loin du lac de Baïes, si tu
ne veux pas en revenir criminel. Le poisson qui nage dans ces eaux est sacré ; il connaît le maître du monde, et vient
lécher cette main, la plus puissante de l'univers. Ajouterai-je que chacun de ces poissons à son nom, et qu'il accourt
rapidement à la voix du maître qui l'appelle ? Un Libyen impie jeta un jour dans cette eau profonde sa ligne tremblante,
mais, au moment de tirer sa proie, frappé tout à coup de cécité, il perdit l'usage de ses yeux et ne put voir le poisson
qu'il avait pris : aujourd'hui, maudissant ses hameçons sacrilèges, il se tient en mendiant sur le rivage de Baïes. Toi,
pécheur, tandis que tu le peux encore, retire-toi innocent ; jette dans ces eaux des aliments salutaires, et respecte des
» poissons consacrés.
19
من اللحم ،ودل يصطدىا أحد قط إذل أف اختفت يف يوـ ما.
ومازالت أ٠باؾ األنقليس تعيش يف العْب ا٤بذكورة يف شالة إذل يومنا ىذا ؛ وقد عوض البيض ا٤بسلوؽ والقطع
النقدية الٍب يرميها الزوار يف الصهريج فتات ا٣ببز وقطع اللحم الٍب ٙبدث عنها برونو .وجلي أف أ٠باؾ األنقليس الٍب
شاىدهتا يف آخر زيارة رل ٥بذا ٤بوضع األثري سنة ،5114دل تعد مزينة با٢بلقات !
ومعلوـ أف شالة حسب اليوسي ،من ا٤بواضع الٍب اشتهرت يف ببلد ا٤بغرب «ٗبفثر الصا٢بْب ووقع التغارل فيها،
منها شالة يف رباط سبل ،فبل يعرؼ هبا إال أهنا مزارة يزورىا الناس ويتربكوف هبا ،ودل يظهر من التربؾ بالصا٢بْب فيها ٥بذا
العهد إال حيٓب بن يونس ،وىو معروؼ هبا ،وال تعرؼ لو ترٝبة.»1...
وشاىدت يف تطاوف أ٠باؾ أنقليس ضخمة يف مزار مشهور يف أوساط العامة يسمى "العوينة" ،حيظى بتقديس
الزوار الذين تؤطرىم "مقدمة" تشرؼ على تنظيم طقوس عملية الزيارة من إيقاد الشموع وإطعاـ االنقليس والشرب من
ماء العْب الٍب يعيش فيها السمك "ا٤بقدس" ...وإطعاـ القطط الٍب ٘بسد ا١بن خارج العْب ،بطواجن ٠بك تطهى
خصيصا للمناسبة ! وا٤بوضع ا٤بذكور يوجد أماـ قبة سيدي علي التبْب ،اجملاىد األندلسي ا٤بعروؼ.2
وأشار القزويِب خبلؿ حديثو عن سبتة يف "كتاب آثار البالد" إذل «الصخرة الٍب وصل إليها موسى وفتاه يوشع
فنسيا ا٢بوت ا٤بشوي وكانا قد أكبل نصفو فأحٓب اهلل تعاذل النصف اآلخر فاٚبذ سبيلو يف البحر عجبا ،ولو نسل إذل
اآلف يف ذلك ا٤بوضع )...( ،والناس يتربكوف هبا ويهدوهنا إذل احملتشمْب ،واليهود يقددوهنا وحيملوهنا إذل الببلد البعيدة
للهدايا».3
ودل تقتصر ظاىرة تقديس األ٠باؾ على ا٤بناطق الساحلية (شالة وتطاوف) ،وىي مناطق عرفت تأثّبات فينيقية
ورومانية فيما بعد ،كما ىو الشأف يف باقي بلداف حوض البحر ا٤بتوسط ،بل ٪بد ىذه الظاىرة منتشرة يف داخل الببلد.
فلقد أشار برونو ( 4)L. Brunotإذل وجود أ٠باؾ مقدسة يف سيدي فريج بفاس ويف حوض تيساوت .وال يعرؼ ىل
ىل ىذه الظاىرة دخيلة على ا٤بغرب أـ ال ؟
وتزين بعض األوا،ي النحاسية بنقوش ٛبثل أ٠باكا ،وىي تعترب فأؿ خّب يف اعتقاد العامة .وقد يدؿ ذلك على
بقايا طقوس تقديس السمك قدديا.
ووردت يف بعض ا٤بصادر العربية أخبار تتعلق باألنقليس وتقديسو يف أماكن أخرى شرؽ ا٤بتوسط ،كما ىو
الشأف بالنسبة ٤بشهد النيب دانياؿ ( )la chapelle de Danielا٤بقدس وأ٠باكو األنقليس التابو (: )tabous
«( )...وفيها [سوس ٖبراساف] ٠بكة كبّبة كالغنمة الكبّبة يف أذهنا حلقة ذىب ،فسألت عنها دل جعلوا يف
-1اٌماقنَ ،ٞشش انًثاٍَ ألهم انقشٌ انحادٌ عشش وانثاٍَ ،ذؽم١ك ِؽّك ؼعٚ ٟأؼّك اٌرٛف١ك ،ض . 63 .ْ ، 3
2
; - VALDERRAMA (F.), El culto a las fuentes en Tetuan, I C.A.M.E., Tetuan 1954, pp. 491-500
ٚظؼفه اتٓ اٌؽاض اٌٍٍّ" ،ٟأٌطٛنج ذطٛاْ أ ٚذطٛاْ األٌطٛنج" ،تطىاٌ خالل انقشٍَُ 61و 61؛ أػّاي ٔكٚج ذطٛاْ ـالي اٌمهٔ11- 9: 17ٚ 16 ٓ١
ِاني ،1995وٍ١ح ا٢قاب ٚاٌؼٍ َٛاإلٍٔأ١ح ترطٛاْ ،ذطٛاْ . 176 - 165. ْ ْ ، 1996
3
- Journal Asiatique, oct.-déc. 1925, pp. 325-326.
ٚأظه اٌثىه ،ٞانًسانك وانًًانك ،ض٠ٚ )...(": 783 .ْ، 2موه أْ تٙما اٌّ٘ٛغ [ِاء اٌؽ١اج] ٍٔ ٟفر ٌِٝٛ ٝاٌؽٛخٛ٠ٚ ،ظك ف ٟلٌه اٌّ٘ٛغ ـأح
ق ْٚغ١هٖ ؼٛخ ٍٕ٠ة إٌ ،ٌِٝٛ ٝػه٘ٗ ِمكان شٍصِ ٟثه ٌٗٛٚٚأوصه ِٓ ِثه.")...(،
4
- BRUNOT (L.), La mer dans les traditions et les industries indigènes à Rabat et Salé, p. 176 ; Archives Marocaines,
VI, p. 367.
20
أذهنا حلقة ذىب ...وذلك السمك ال يفر من الناس وقد أنس هبم يزوروف مشهد دانياؿ من ٝبيع ا٤بواضع ،وعلى ذلك
ا٤بشهد أوقاؼ كثّبة وخادـ خيدـ الزائرين والغرباء اجملاورين(.1»)...
وحسب ا٤بسعودي ،كانت تعيش يف قصر األمْب ٠بكة مقرطة ٕبلقٍب ذىب كاف ا٣بليفة العباسي جيد هبا وجدا
شديدا إذل أف ضاعت منو...
«وذكر ابراىيم ابن ا٤بهدي قاؿ :استأذنت على األمْب يوما وقد اشتد ا٢بصار عليو من كل وجو ؛ فأبوا أف
يأذنوا رل بالدخوؿ عليو إذل أف كابرت ودخلت ؛ فإذا ىو قد تطلع إذل دجلة بالشباؾ ؛ وكاف يف وسط القصر بركة
عظيمة ٥با ٨بَبؽ للماء إذل دجلة ،ويف ا٤بخَبؽ شباؾ حديد ؛ فسلمت عليو وىو مقبل على ا٤باء وا٣بدـ والغلماف قد
انتشروا إذل تفتيش ا٤باء يف الربكة ،وىو كالوالو ؛ فقاؿ رل وقد ثنيت بالسبلـ عليو وكررت « :ال تدري يا عم ،فمقرطٌب
قد ذىبت من الربكة إذل دجلة» ؛ وا٤بقرطة ٠بكة كانت قد اصطيدت لو وىي صغّبة ،فقرطها ٕبلقٍب ذىب فيهما حبتا
در وقيل :ياقوت ؛ قاؿ :فخرجت وأنا آيس من فبلحو وقلت لو ارتدع عن الرعونة من وقت لكاف ىذا الوقت».2
وإذا كاد األمْب أف يفقد صوابو بسبب ضياع مقرطتو ،فإف أخاه ا٤بأموف فقد حياتو فجأة بسبب ٠بكة أورد
خربىا ا٤بسعودي مفصبل يف ا١بزء الرابع من "مروج الذهب" :
«( )...فرحل [ا٤بأموف] فلم ينثن عن غزاتو حٌب فتح أربعة عشر حصنا ،وانصرؼ من غزاتو فنزؿ على عْب
البدندوف ا٤بعروفة بالعشّبة ( )...وجلس ٙبت الكنيسة الٍب عقدت لو وا٤باء ٙبتو( )...فينما ىو كذلك إذا الحت ٠بكة
٫بو الذراع كأهنا سبيكة فضة ،فجعل ٤بن خيرجها سبقا ،فبدر بعض الفراشْب فنزؿ وأخذىا وصعد ؛ فلما صار على
حرؼ العْب أو على ا٣بشب الذي عليو ا٤بأموف اضطربت وامنلست من يد الفراش فوقعت يف ا٤باء كا٢بجر فنضحت من
ا٤باء على صدر ا٤بأموف و٫بره وتػرقوتو فبلت ثوبو ؛ مث ا٫بدر الفراش ثانية فأخذىا ووضعها بْب يدي ا٤بأموف يف منديل
تضطرب ؛ فقاؿ ا٤بأموف« :تقلى الساعة».
مث أخذتو الرعدة من ساعتو ودل يقدر يتحرؾ من مكانو فغطي باللحف والدواويج وىو يرتعد كالسعفة ويصيح:
«الربد الربد !» ،مث حوؿ إذل ا٤بضرب ودثر وأوقدت النّباف حولو وىو يصيح «الربد الربد !» مث أيت بالسمكة وقد فرغ من
قليها ،فلم يقدر على الذواؽ منها ،وقد شغلو ما ىو فيو عن تناوؿ شيء منها ؛ و٤با اشتد األمر با٤بأموف سأؿ ا٤بعتصم
ٖبتيشوع وابن ماسويو يف ذلك الوقت عن ا٤بأموف وىو يف سكرات ا٤بوت.»3...
ويوحي ىذا ا٤بوت ا٣باطف أف ٠بكة عْب البدندوف كانت مقدسة أو ٥با قيمة سحرية جهل ا٣بليفة وباؿ أمرىا
!؟
21
-1تخصيب الخيول األسطورية للحجور :
وإذا كانت بعض األ٠باؾ قد قدست يف ا٤باضي يف مناطق من ا٤بغرب وحوض البحر ا٤بتوسط ،كما ىو الشأف
بالنسبة لبعض ٜبار البحر الٍب استعملت يف ميداف الكهانة وا٤بعتقدات أو العبلج :الودع (ج ودعة وودعة) مثبل ؛ فإف
بعض سكاف ا٤بناطق الساحلية األطلنطكية ا٤بغربية عرفوا يف ا٤باضي ،شأهنم شأف اإلغريق القدامى ،أسطورة ا٢بجور الٍب
ٚبصبها خيوؿ أسطورية .وإذل عهد قريب نسبيا كاف بعضهم يربط أفراسو طوؿ الليل يف مواضع معلومة من الشاطئ
األطلنطكي معتقدا أف فحوال ٚبرج من احمليط لتنزو عليها.
وزعم أىارل الرباط ونواحيها أف ىناؾ خيوال ٕبرية ٚبرج من البحر ليبل لتسفد ا٢بجور ،وأحدىا لو رأساف ،وأف
األمهار الٍب تولد بعد ذلك تكوف من أٝبل ا١بياد وأجودىا ،وتعرؼ بػ«خيل الريح» .ويروي سكاف شواطئ دكالة
أسطورة أوردىا دوطي ( )E. Douttéيف كتابو "مراكش" ،1مفادىا أف جوادا ٕبريا (العود البحري) خيرج من البحر
ليلة واحدة يف السنة ليسفد حجور قبيلة البخايت ،وىو ما يفسر حسب ىؤالء وجود أفراس عتاؽ يف قبيلتهم ال نظّب ٥با.
ويسمي القزويِب ىذه األمهار يف عجائب المخلوقات «أفراس ا٤باء».
يقوؿ القزويِب :
«فرس ا٤باء :قالوا إنو كفرس الرب إال أنو أكرب عرفا وذنبا وأحسن لونا وحافره مشقوؽ كحافر بقر الوحش وجثتو
دوف فرس الرب وفوؽ ا٢بمار بقليل ،ورٗبا خيرج ىذا الفرس من ا٤باء وينزو على فرس الرب فيتولد منهما ولد يف غاية ا٢بسن.
وحكي أف الشيخ أبا القاسم ويعرؼ بكركاف رٞبو اهلل وىو من مشايخ خراساف نزؿ على ماء وكاف معو حجرة ،فخرج
من ا٤باء فرس أدىم عليو نقط بيض كالدراىم ونزا على ا٢بجرة فولدت مهرا شبيها بالذكر عجيب الصورة ،فلما كاف
ذلك الوقت عاد إذل ذلك ا٤بكاف وا٢بجرة وا٤بهر معو طمعا يف مهر آخر ،فخرج الفحل وشم مهره مث وثب يف ا٤باء ووثب
ا٤بهر بعده فكاف الشيخ يعاود ذلك ا٤بوضع مع ا٢بجرة فسمي أبا القاسم كركاف».2
ويف كتاب "تاريخ الحيوانات" روى أرسطو 3أف ا٢بجور تعد من بْب ذوات ا٢بوافر الٍب تدؽ (ودؽ أي طلب
الفحل) أكثر من غّبىا وقت السفاد ،وأهنا على أية حاؿ مثاؿ األنثى ا٤بسعورة ؛ ولذلك يطلق ىذا النعت ا٤بهْب -
ا٢بجر -على ا٤برأة الشبقة.
1
- DOUTTE (E.), Marrâkech, Paris 1905, p. 237 : « Il existe une fraction des Ἁbda, les Bkhâti qui est enclavée dans les
Doukkâla, … Ils ont des bêtes magnifiques, surtout certains chevaux noirs. Une légende très enracinée veut que tous les
ans, une nuit, « le cheval marin », … sorte de la mer et vienne saillir les juments des Bkhâti. Ainsi explique-t-on la
beauté des produits qui errent dans les pâturages de cette tribu…».
-2اٌمى ،ٟٕ٠ٚعجائة انًخهىقاخ وغشائة انًىجىداخ ،لكَ ٌٗ ٚؼممٗ فانٚق ٌؼك ،ت١هٚخ . 193 - 192 .ْ ْ ،1973
3
- ARISTOTE, Histoire des Animaux, VI, 17, 6 ; Texte établi et traduit par P. Louis, Paris 1968 : « Parmi les femelles,
ce sont les juments, avant toutes les autres, et après elles, les vaches, qui se montrent les plus ardentes à l'accouplement.
Les femelles des chevaux en deviennent folles, ou comme on dit, hippomanes ; de là vient que, quand on veut flétrir les
gens beaucoup trop livrés aux plaisirs de l'amour, on leur inflige ce surnom d'hippo-mânes, qu'on tire uniquement de la
» jument, parmi toutes les autres femelles.
ٚاٌعاؼع ،انحُىاٌ ،ض «: .55ْ ، 4لاي [ٔاؼة إٌّطك]ٚ :وػُ تؼٗ إٌاي أْ إٔاز اٌف ً١ذّرٍئ ن٠ؽا ف ٟوِاْ ٘١عٙا ،فال ٠ثاػك ْٚاٌموٛنج ػٕٙا.
ٚإلا اػرها٘ا لٌه نوٙد نوٙا ِك٠كا ،شُ ال ذأـم غهتا ٚال ِهلا ،تً ذأـم ف ٟاٌّّاي ٚاٌعٕٛب» ؛ ٚاٌمى( ٟٕ٠ٚػٍ ٟتٓ ػّه تٓ ػٍ ٟاٌىاذث ،)ٟجىايع
انهزج ،اٌّا٠ح (ٌ١ث١ا) ، 222.ْ ، 2002،ؼ١س ٚنق والَ ِث ٗ١تّا نٚاٖ اٌعاؼع.
22
وأهنا حْب تدؽ تعدو وتبتعد عن باقي،بصب بالريح وقت السفادٚ بجور٢ أف ا،1 حسب أرسطو،ويروى كذلك
فيسيل آنذاؾ من عضوىا، وال تَبؾ أيا كاف يقَبب منها حٌب تنهك أو تبلغ البحر،بنوب١بو الشماؿ أو ا٫ بيل إما٣ا
... ولكنو أفتح منو لونا،بِب٤التناسلي سائل يشبو ا
بصبٚ بجور ديكن أف٢ولقد وردت يف عدة مصادر إغريقية والتينية نصوص تثبت اعتقاد القدامى يف أف ا
) ٕبب حجور إريكطونيوسBorée( وحيكي ىومّبس يف اإللياذة كيف علق بوري.بواسطة الريح
: )Erichthonios(
وىي تتباىى،) ترعى يف مروج نديةErichtonios( ) كانت ثبلثة آالؼ حجرا يف ملك إريكطونيوس...(«
، وسافد بعضها،بذ شكل حصاف ذي عرؼ شديد الزرقةٚ) الذي اBorée( وأثناء رعيها علق هبا بوري.ٗبهراهتا الوثابة
كانت تقفز على أطراؼ سفا السنابل دوف،بهرات تركض يف حقوؿ القمح٤با كانت ىذه ا٤ و.فولدت اثنتا عشرة مهرة
.2»)...( بصطخبة٤ كانت تعدو على قمم أمواجو ا،با كانت تقفز على سطح البحر الشاسع٤ و...ثنيها
، ويف رواية أخرى. وكاف ديثل على شكلها،بيل٣) إلو ريح الشماؿ العنيفة عبلقة وطيدة باBorée( وكاف لبوري
.3) الٍب ولدت لو اثنا عشر مهراDanaos( بلك داناووس٤نزا بوري على إحدى حجور ا
،)Zéphyr( ) إذل زفّبAchille( نسب ىومّبس خيوؿ البطل اإلغريقي آخيل،ويف النشيد السادس عشر
: ) الٍب ٘بسد العنفBorée( وىي ريح لطيفة يرحب هبا كلما ىبت عكس ريح الشماؿ،إلو ريح الغرب
) وباليوسXanthos( گزانطوس: ) بفرسْب سريعْب ذلولْبAutomédon( ) أتاه أوطوميدوف...(«
) الٍب نزا عليهاla Harpye Podargé( وقد ولدهتما ىارپي پودارجي،) اللذين كانا يطّباف كالرياحBalios(
.»4)...( برى األوقيانوس٦ ) العنيف بينما كانت ترعى يف مرج على ضفاؼZéphyre( زيفّب
.5)Apollon( ويف رواية أخرى ذكر گزانطوس وباليوس كحصانْب خالدين لئللو أپولوف
) وصفاLes Géorgiques( ) يف ديوانوVirgile( فّبجيل،وخلف لنا أكرب شعراء روما على اإلطبلؽ
: لقد أنشد فرجيل قائبل.بذه الظاىرة الٍب كاف ىومّبس سباقا لوصفها٥ شاعريا يف منتهى الروعة
يف العهد الذي،بنوف١ وكانت فينوس بنفسها قد زرعت فيها ىذه ا،بجور شيء فريد٢) ولكن ىياج ا...(«
1
- ARISTOTE, Histoire des Animaux, VI, 17, 7 : « On dit aussi qu'à ces époques, elles sont affolées par le vent. C'est
ce qui fait que dans l'île de Crète, on n'empêche en rien la saillie des cavales. Une fois couvertes, elles se mettent à fuir
loin des autres chevaux ; leur mal est celui que, pour les femelles des sangliers, on appelle avoir la fureur du sanglier.
D'ailleurs, elles ne courent jamais ni vers l’est, ni vers l'ouest ; mais toujours au nord ou au sud. Quand elles sont
atteintes de cette furie, elles ne souffrent pas que personne s'approche d'elles, jusqu'à ce qu'elles tombent épuisées de
fatigue, ou qu'elles se plongent dans la mer. 8 Elles laissent alors couler un corps pareil à celui qu'on appelle aussi du
nom d'hippomane dans le poulain qui vient de naître. Ce corps ressemble à l'ovaire de la truie; et c'est une substance
très recherchée pour la fabrication des remèdes. Aux époques de l'accouplement, les juments se penchent les unes sur
les autres plus qu'elles ne le font d'ordinaire ; elles agitent à tout instant leur queue ; et la voix qu'elles ont alors est très
différente de celle qu'elles ont à tout autre moment. Alors aussi, il s'écoule de leurs parties génitales un liquide qui se
rapproche de la semence des mâles, mais qui est beaucoup plus léger. »
2
- HOMERE, L’Iliade, XX, 223.
3
- GRANT (M.) et HAZEL (J.), Dictionnaire de la mythologie, pp. 69-70.
4
- HOMERE, L’Iliade, XVI, 150 ; MANILIUS, Astronomiques, IV, 584-595.
5
- GRANT (M.) et HAZEL (J.), Dictionnaire de la mythologie, p. 378.
23
مزقت فيو فكوؾ الپوطنياد ( )les Potniadesأعضاء غلوكوس ( .)Glaucusىذا ا٢بجور يدفعها حبها ا١بنو،ي
فيما وراء الغارغار ( ،)Gargareوفيما وراء األسكا،ي ( )l’Ascagneا٤بصوت ،وتقطع ا١بباؿ واألهنار ؛ وٗبجرد ما
تودؽ ،تصعد إذل قمم الصخور وفمها موجو ٫بو زيفّب ( ،)Zéphyrوتتشرب نسامو الرقيقة ،وغالبا ما يتم إخصاهبا
دوف سفاد ،بواسطة الريح ؛ فيا للعجب ! (.»1)...
وروى فاروف ( )Varronيف مؤلفو "االقتصاد الريفي" يف القرف Iؽ.ـٚ .بصيب الريح للحجور على شواطئ
الربتغاؿ األطلنطكية ،يف ا٤بنطقة الٍب تقع فيها مدينة أوليسيپو ( ،)Olisipoوىو االسم القدمي ٤بدينة لشبونة :
«وٖبصوص التسافد ،يقع يف إسپانيا شيء غريب ولكنو حقيقي :ففي لوزيطانيا ،بالقرب من األوقيانوس،
( )...توجد فوؽ جبل طاغروس ( )Tagrusحجور يتم إخصاهبا يف بعض األحياف بواسطة الريح .)...( ،لكن ا٤بهور
الٍب تلدىا ىذه ا٢بجور ال تعيش أكثر من ثبلث سنوات.»2
ويف مؤلفو الضخم ،De Re rustica ،أورد العادل الزراعي الروما،ي كولوميل ( 3)Columelleيف القرف
Iـ نفس األسطورة مستشهدا بأبيات فرجيل الذي كاف ٧بل إعجابو.
والحظ ( 4)S. Reinachأف أسطورة ا١بياد العتاؽ الٍب تنسب إذل الرحيْب زفّب ( )Zéphyreوبوري
( )Boréeاستمرت يف أوربا إذل غاية القروف الوسطى ،بل إذل ما بعد العصر الوسيط ،ورجح أف يكوف اإلغريق قد
تصوروا الرياح على شكل خيل ،كما ىو األمر بالنسبة للميثولوجيا ا١برمانية.
واعتقد بعض العرب ،حسب ا١باحظ ،أف للرياح خصائ ص ،فالشماؿ « ييبس ويقصف ،وا١بنوب يرطب
ويلدف »5؛ « ...وأكثر ما يكوف فساد البيض يف ا١بنائب ،ولذلك كاف ابن ا١بهم ال يطلب من نسائو الولد إال والريح
مشاؿ».6
« وروى أبو الفرج بن ا١بوزي بإسناده أف الريح 7تنقسم إذل قسمْب :رٞبة وعذاب ؛ وينقسم كل قسم إذل
الرخاء .وأ٠باء أقساـ قسم أربعة أقساـ .ولكل قسم اسم .فأ٠باء أقساـ قسم الرٞبة :ا٤ببشرات ،والنُّشر ،وا٤برسبلت ،و ُّ
1
- VIRGILE, Les Géorgiques, III, 274.
2
- VARRON, Economie rurale, II, 1, 19.
3
- COLUMELLE, De Re rustica, VI, 27.
4
- REINACH (S.), Cultes, Mythes et Religions, t. V, Paris 1923, p. 42.
-5اٌعاؼع ،انحُىاٌ ،ض ٚ": 407.ْ ، 4أّٔكٔ٠ ٟؽ ٝ١األغه :وٙهب اٌمٌ ْٛ١ث١ه اٌؽك٠ـــــــــــــــــــك َٛ٠اٌعٕائة ٘هتا ٚو١كا
فٍُ أػهفٗ ؛ فٍأٌد تؼٗ إٌ١الٍح فماي ٔ :ؼُ٘ ،ما تِ ٓ١ؼهٚف .إلا أـهظٕا اٌؽك٠كج ِٓ اٌى١ه فِّ َٛ٠ ٟايٚ ،اؼراظد ف ٟاٌمطغ إٌِ ٝائح ٘هتح ،اؼراظد
ف ٟلطؼٙا َٛ٠اٌعٕٛب إٌ ٝأوصه ِٓ لٌهٚ ،إٌ ٝأِك ِٓ لٌه اٌٙهب." ...
-6اٌعاؼع ،انحُىاٌ ،ض 173 – 172 . ْ ْ ،3؛ ٌٚمك ٌثمٗ اإلغه٠م ٟإتُّمها ٚإٌ٘ ٝما اٌىالَ ؼ١س لاي «:إْ اٌعٕٛب إلا ٘ثّد ،ألاتد اٌٛٙاء ٚتهّقذٗ،
ٌٚفٕد اٌثؽان ٚاألٔٙان .فىً ِٟء ف ٟنٛٚتح ذغّ١ه ٌٚ ٗٔٛؼاالذٗ ٟ٘ٚ .ذهـ ٟاألتكاْ ٚاٌؼٕةٚ ،ذٛنز اٌىًٍٚ ،ذؽكز شِمال ف ٟاألٌّاعٚ ،غّاٚج فٟ
األتٕانٚ .أِا اٌّّاي فئٔٙا ذٍٕة األتكاْٚ ،ذٕؽػ األقِغحٚ ،ذؽٍٓ اٌٍٚ ،ْٛذٕف ٟاٌؽٛايٚ ،ذم ٞٛاٌّٛٙج ٚاٌؽهوح ،غ١ه أٔٙا ذ١ٙط اٌٍؼايٚٚ ،ظغ
إٌكن» ؛ أظه :إٌ٠ٛهَ ،ٞهاَح األسب فٍ فُىٌ األدب ،اٌٍّفه األٚي ،اٌما٘هج ،تك ْٚذان٠ؿ.96 .ْ ،
ِ ٟ٘ٚ« -7ؤٔصح٠ ،ماي ٘ثّد اٌه٠ػ ذٙة ٘ثٛتاٚ ،ذعّغ ػٍ ٝن٠اغٚ ،لك قي االٌرمهاء ػٍ ٝأٔٙا ؼ١س ٚنقخ ف ٟاٌمهآْ اٌىه ُ٠فِ ٟؼهٖ اٌؼماب ،وأد تٍفع
اإلفهاقٚ ،ؼ١س ٚنقخ فِ ٟؼهٖ اٌهؼّح وأد تٍفع اٌعّغ .لاي ذؼاٌ ٝف ٟظأة اٌؼماب ٚ ﴿ :فِ ٟػا ٍق إِ ْل أنْ ٌ ٍْٕا ػٍ ْ ُُ ِٙ ١اٌهِّ٠ػ ْاٌؼمِ[ ﴾ُ١اٌمان٠اخ ،ا٠٢ح ]41؛
ً ٍُِْر ِّه ﴾ [اٌمّه ،ا٠٢ح ٚ .]19ف ٟظأة اٌهؼّح ُٛ٘ٚ﴿ :اٌَّ ِم ٞأنْ ًٌ اٌهِّ ٠اغ تُ ّْهًا ت ْ٠ ٓ١ك ْٞنؼْ ّرِ ِٗ ٚلاي ﴿ :إَِّٔا أنْ ٌ ٍْٕا ػٍ ِْ ُْ ِٙ ١ن٠ؽًا ٔهْ ٔهًا فِٔ َِ ْٛ٠ ٟؽْ ٍ
ٚأ ْٔى ٌْٕا ِِٓ اٌٍَّّا ِء ِا ًء ُٛٙٚنًا﴾ [اٌفهلاْ ،ا٠٢ح ]48؛ ٚلاي َّ ﴿ :
هللاُ اٌَّ ِمُ٠ ٞهْ ٌِ ًُ اٌهِّ ٠اغ فرُصُِ ١ه ٌؽاتًا فْ ١ث ٍُطُُٗ فِ ٟاٌٍَّّا ِء وْ١ف ّ٠ا ُء﴾ [اٌه ،َٚا٠٢ح ،]48إٌٝ
ّ
غ١ه لٌه ِٓ ا٠٢اخ ؛ أظه :صثح األعشً ٌٍمٍمّٕكِ ،ٞهؼٗ ٚػٍك ػٍٚ ٗ١لاتً ِٕٔ ٗٔٛؽّك ؼٍ ًِّ ٓ١اٌك ،ٓ٠ض ،1 ٚ ،2ت١هٚخ .ْ ْ ،1987
185-184؛ ٚوراب فقه انهغح ٌٍصؼاٌث ،ٟت١هٚخ279 -277 .ْ ،1885 ،؛ .355-354
24
العذاب :العاصف ،والقاصف (ومها يف البحر) ،والعقيم ،والصرصر (ومها يف الرب) .1»...
والرياح ،حسب ابن قتيبة «،2أربع "الشماؿ ،)...( "3وىي إذا كانت يف الصيف حارة "بار ٌح" وٝبعها بوارح ؛
و"ا١بنوب" تقابلها ؛ و"الصبا "4تأيت من مطلع الشمس ،وىي "القبوؿ" و"الدَّبور "5تقابلها .وكل ريح جاءت بْب مهيب
مهيب رحيْب فهي "نكباء"٠ ،بيت بذلك ألهنا نكبت ،أي :عدلت عن مهاب ىذه األربع».
6
الصبا ،أو الشماؿ والدبور ،أو
وعرؼ ا٤بربد النكباء ،ب ػ « الريح الٍب تأيت من بْب رحيْب فتكوف بْب الشماؿ و َّ
الصبا ؛ فإذا كانت النكباء تناوح الشماؿ فهي آية الشتاء .ومعُب "تناوح" :تقابل (.»)... ا١بنوب والدبور ،أو ا١بنوب و َّ
-1إٌ٠ٛهَ ،ٞهاَح األسب فٍ فُىٌ األدب ،اٌٍّفه األٚي ،اٌما٘هج ،تك ْٚذان٠ؿ.95 .ْ ،
-2اتٓ لر١ثح ،أدب انكاتة ،اٌطثؼح اٌهاتؼح ،اٌما٘هج .72 .ْ، 1964
« -3اٌصاٌصح "اٌّّاي"٠ٚ :ماي فٙ١ا ِّاي ّْ ِٚأي ِٚاًِ ِٚأًِْ ِّٛٙوا ٚغ١ه ِّٛٙو ؛ ِٙٚثّٙا ِٓ ؼ ّك اٌمطة اٌّّاٌ ٟإٌِ ٝغهب اًٌّّ١ٌّٚ ،د ِّاال
ألٔٙا ػٍِّ ٝاي ِٓ اٌرمثً اٌّّهق» ؛ أظه :صثح األعشً ٌٍمٍمّٕك ،ٞض .185 .ْ ،2
« -4ل١ٌّ ً١د ن٠ػ إٌَّثا ،ألْ إٌفٛي ذٕث ٛإٌٙ١ا ٌِط١ة ٍّٔٙ١ا ٚن ْٚؼٙاٚ .إٌَّثٛج اٌّٚ .ً١ظاء ف ٟتؼٗ ا٢شان ِ :ا تُؼس ٔث ٟإال ٚإٌثا ِؼٟٗ٘ٚ ،
اٌه٠ػ اٌرٌُ ٟفهخ ٌٍٍّ١اْٚ ...ػٓ نٌٛي هللا ...أٔٗ لاي "ُٕٔهخ تإٌّثاٚ ،أٍُ٘ىد ػاق تاٌ ّكتٛن » .أظه :إٌ٠ٛهَ ،ٞهاَح األسب فٍ فُىٌ األدب ،اٌٍّفه
األٚي ،اٌما٘هج ،تك ْٚذان٠ؿ 99 -97 .ْ ْ ،؛ ٚصثح األعشً ٌٍمٍمّٕك ،ٞض ٚ «: 185 .ْ ،2أٔٛي اٌه٠اغ أنتؼح :األ" ٌٝٚإٌَّثا" ٟ٘ٚ :اٌر ٟذأذٟ
ِٓ اٌّّهقٚ ،ذٍّ ٝاٌمثٛي أٙ٠ا ،ألٔٙا فِ ٟماتٍح ٍِرمثًِ اٌّّهق .لاي فٕٔ ٟاػح اٌ ُىرّاب [ألت ٟظؼفه إٌؽاي] ٚ :أً٘ ِٕه ٍّٙٔٛ٠ا اٌّهل١ح ،ألٔٙا ذأذٟ
ِٓ ِّهق اًٌّّ ٟ٘ٚ ،اٌرُٕٔ ٟه تٙا إٌث َٛ٠ ٟاألؼىاب وّا أـثه تمُٕٔ" ٌٗٛهخ تإٌّثا" ».
-5أظه :صثح األعشً ٌٍمٍمّٕك ،ٞض «: 185 .ْ ،2اٌصأ١ح "اٌ ّكتٛن" ِٙٚ :ثُّٙا ِٓ ِغهب اًٌّّ إٌ ٝؼك اٌمطة اٌعٕٛت١ٌُّٚ ،ٟد اٌكتٛن ألْ ٍِرمثً
اٌّّهق ٍ٠ركته٘اٚ ،ذٍّ ٝاٌغهت١ح ٌٙثٛتٙا ِٓ ظٙح اٌّغهبٚ ،تٙا ٍ٘ىد ػاق وّا أـثه ػٍ ٗ١اٌٍالَ تمٚ": ٌٗٛأٍ٘ىد ػاق تاٌ ّكتٛن".
-6اٌّثهق ،انكايم ،اٌّعٍك ،2قان اٌفىه اٌؼهت ،ٟتك ْٚذان٠ؿ.54 .ْ ،
7
- HESIODE, Les travaux et les Jours, Vers 755-759 ; Traduction : Anne BIGNAN, Paris, 1847 :« Si tu arrives au
milieu d'un sacrifice déjà commencé, ne te moque point des mystères ; la divinité s'en irriterait. Ne va point uriner dans
le courant des fleuves qui coulent vers la mer, ni dans l'eau des fontaines ; garde toi de les profaner ainsi. N'y satisfais
»pas également d'autres besoins ; une telle action ne serait pas plus louable.
8
- HERODOTE, I, 138.
25
«دل يرد تّبيدات ( )Tiridateفعبل أف يأيت عن طريق البحر ألف اجملوس يروف أف البصق يف البحر أو تنجيسو
بإحدى ٪باسات اإلنساف وخيم العواقب (.»1)...
وأشار ا١باحظ إذل أف « اجملوسي ال يتغوط يف اآلبار والببلليع ألنو بزعمو يكرـ بطن األرض عن ذلك ،ويزعم
أف األرض أحد األركاف الٍب بنيت العوادل ا٣بمسة عليها بزعمهم (.2»)...
وإذا كاف أقدـ شعراء اإلغريق ،ىيزيود قد هنى يف ديوانو "األعمال واأليام" ،كما رأينا ،عن التبوؿ يف ٦باري
األهنار الٍب تصب يف البحر ؛ فإف سكاف شواطئ الرباط كانوا ديتنعوف بدورىم عن البصق والتبوؿ ورمي القاذورات يف
البحر ،شأهنم شأف اإلغريق القدامى ،ألف البحر ٦باؿ طاىر ال ينبغي تنجيسو ،وراكبو جيب أف يكوف متطهرا ،ومن ال
يتقيد هبذا النهي فإنو سيصاب يف زعمهم بالصرع حتما.
ولقد ورد يف ا٢بديثٟ« :بس يورثن النسياف :أكل التفاح ،وسؤر الفأرة ،وا٢بجامة يف النقرة ،ونبذ القملة،
والبوؿ يف ا٤باء الراكد.»3
وجاء يف مسرحية : Le Satiricon
«الكل يعلم فعبل أنو ٧برـ على كل إنساف ديتطي سفينة أف حيلق شعره أو يقلم أظفاره ،إال حينما تعصف الرياح
ويهيج البحر .وكاف ىذا اإلمث يعترب نذير شر كاف على رب السفينة أف يطهر سفينتو منو.»4
والحظ برونو ( 5)L. Brunotأيضا انتشار ىذا االعتقاد يف داخل الببلد حيث ديتنع األىارل عن التبوؿ
والبصق ورمي القاذورات يف األهنار خشية من عقاب عفريت من العفاريت الساكنة فيها ،الشيء الذي دفع برونو إذل
االعتقاد بأف ىناؾ تداخبل بْب عبادة البحر وعبادة ا٤باء العذب ؛ كما الحظ ىذا الباحث تدخل عفاريت ا٤باء يف ىذه
ا٤بعتقدات.
ويبدو ،حسب دوسو ( 6)R. Dussaudأف ا٤بعرفة الٍب كانت للكنعانيْب ٖبصوص العيوف البحرية جعلتهم
يعتقدوف أف البحر وا٤بياه ا١بوفية خاضعة لنفس اإللو :
«قبل اٚباذىم بعل (حداد) إ٥با ،كاف الكنعانيوف يعبدوف إ٥با يسهر على جرياف العيوف ومياه اآلبار ...وىو اإللو
ألياف (.)Aliyan
ووسع ألياف بعل ٦باؿ سيطرتو على البحر ألف الشاطئ الفينيقي يتميز حسب القدامى ٖباصية تكمن يف أف العيوف
تتفجر يف البحر».
1
; - PLINE, H.N., XXX, 17
ٍِٚفً (٘هِاْ ) ،يىتٍ دَك ،ذهظّح ق .إؼٍاْ ػثاي ،ت١هٚخ .32 .ْ ،1965
-2اٌعاؼع ،انحُىاٌ ،ض .370. ْ ، 3
-3اٌعاؼع ،انحُىاٌ ،ض .269. ْ ، 5
4
; - PETRONE, Le Satiricon, Gallimard 1969, p.150
ٚأظه ف ٟاٌٍّهؼ١ح ٔفٍٙا ٔٚف اٌؼأفح ٚذؽط ُ١اٌٍفٕ١ح . 170- 168.ْ ْ :
5
-BRUNOT (L.), La mer dans les traditions et les industries indigènes à Rabat et Salé, p. 4.
6
-DUSSAUD (R.), Les religions des Hittites et des Hourrites, des Phéniciens et des Syriens, in : Les anciennes
Religions orientales, II, Paris 1945, p. 356.
26
ومن بْب األدلة الٍب تثبت ،حسب برونو ( ،1)L. Brunotقدسية البحر يف اعتقاد ٕبارة الرباط وسبل،
زعمهم بأف التوضؤ ٗباء البحر لو قدرة على التطهّب ومزايا تفوؽ بكثّب مزايا التوضؤ با٤باء العذب ،وىو ما اعتربه برونو
تأثّبا للشعائر الوثنية يف بعض شعائر اإلسبلـ .أدل يكن اإلغريق يعتقدوف أف التطهر ٗباء البحر أكثر فعالية ونفعا من
التطهر با٤باء العذب 2؟
وجرت العادة يف ببلد اإلسبلـ أف ال يركب ا٤برء البحر إال متطهرا ،وأف يتلو بعض اآليات القرآنية لتجعلو يف
مأمن من ٨باطر البحر ،وما أكثرىا قدديا .ويقوؿ الزيا،ي 3يف ىذا األمر :
« ...و٩با شافهنا بو [أبو الربكات سيدي مبارؾ ابن الفقيو العبلمة سيدي عمر الصائغي بقسنطينة يف ا١بزائر]
بعد السبلـ عليو وا١بلوس معو وسؤالو ،أف قاؿ لنا إف أردمت ركوب البحر فعندما تضعوف أرجلكم يف زورؽ ا٤بركب فاذكروا
التعوذ باهلل والبسملة والفاٙبة ،واذكروا الفاٙبة خصوصا سبعا ،فإهنا أماف من الغرؽ وا٢برؽ واألسر.»)...( ،
ويروي پلينيوس أنو لتهدئة الريح ،كاف القدامى يلجؤوف إذل إظهار امرأة عارية .وكاف سكاف الرباط ،حسب
برونو ( ،4)L. Brunotكلما أرادوا أف تكف السماء عن اإلمطار١ ،بأوا ،شأهنم شأف قدامى پلينيوس ،إذل فتاة عذراء
عذراء واألكرب سنا يف عائلتها ،لتتوجو إذل السماء بقو٥با « :صحاي وال ندري» (اصحي وإال كشفت عن عوريت) .وإذا
ما استمرت السماء يف اإلمطار مشرت تنورهتا ووجهت مؤخرهتا ٫بو السماء !
٘بلت عبادة آ٥بة البحر والتقرب إليها يف ا٤بغرب القدمي يف مظاىر شٌب ؛ واستمرت بعض ىذه ا٤بظاىر حٌب
عصرنا.
ولقد حاولت تقصي آثار عبادة اآل٥بة البحرية الفينيقية-البونية األصل يف ا٤بغرب القدمي واستعراض بعض األدلة
وا٤بمارسات الٍب تؤكد تقديس أىارل الشواطئ ا٤بغربية للبحر خبلؿ العصر القدمي ،وىي ٩بارسات تذكرنا بنصائح ا٤بؤلفْب
القدامى ىيزيود وپلينيوس وغّبىم ...وذكرت ما رواه ىّبودوت ٖبصوص الليبيْب القدامى الذين خصوا پوصيدوف بالعبادة
دائما وعرفوا اإلغريق بو ؛ وتوقفت عند وصف سكوالكس للهيكل الذي كرس لنفس اإللو فوؽ شناخ صولييس (رأس
كنطاف) ،يف موضع «ٙبذره ا٤براكب» على حد تعبّب أيب الفداء الذي قد يؤكد صحة رحلة حنوف ؟ ورأينا يف عجالة أف
أىارل مشاؿ إفريقيا عبدوا نيپتوف قدديا ،ليس يف ا٤بناطق الساحلية فحسب حيث عبدوه كإلو البحر ،بل حٌب داخل
الببلد ،وبصفة خاصة يف العيوف الٍب اعترب ىذا اإللو سيدىا أيضا ...وىو اإللو الذي عثر على بعض ٛباثيلو يف وليلي،
كما ىو الشأف بالنسبة لقناع إلو البحر احمليط أو الفسيفساء الٍب ٛبثل ذات اإللو يف ليكسوس .ولعل أسطورة سيدي
مغدوؿ يف الصويرة وما تتضمنو من بقايا تتعلق بنيپتوف وخصائصو ،أو "خيل الريح" يف شواطئ الرباط ودكالة وما تتضمنو
1
- BRUNOT (L.), La mer dans les traditions et les industries indigènes à Rabat et Salé, p. 20.
2
- REINACH (S.), Orpheus. Histoire générale des religions, Paris 1930, p. 139 :
«(ٌٕٚ )...الؼع أٔٗ ف ٟأٌٛ١اْ أٙ٠ا ،واْ ِاء اٌثؽه ٠ؼرثه أوصه ٔفؼا ف ٟػٍّ١اخ اٌرط١ٙه».
- 3اٌى٠أ ،ٟانتشجًاَح انكثشي .153.ْ ،
4
- BRUNOT (L.), La mer dans les traditions et les industries indigènes à Rabat et Salé, p. 40.
27
من آثار خصائ ص پوصيدوف (العربة الٍب ٘برىا خيوؿ وثابة وطحلبية اللوف ،)...من بْب اآلثار الواضحة على عبادة
األىارل القدامى يف ا٤بغرب آل٥بة البحر .واستوقفتِب أيضا ظاىرة تقديس األ٠باؾ يف بعض ا٤بواضع ا٤بغربية (شالة،
وتطواف ،وفاس ،)...وىي ظاىرة كانت جد مألوفة يف ببلد اإلغريق والروماف .ولعل تزيْب بعض األوا،ي النحاسية يف
ا٤بغرب بنقوش ٛبثل أ٠باكا تعتربىا العامة فأؿ خّب ،من بقايا طقوس تقديس السمك يف ا٤بغرب القدمي ؟
فتقديس القدامى للبحر وبعض أ٠باكو أو عبادة آ٥بتو وتعظيم كائناتو ظواىر متوسطية راسخة يف معتقدات
شعوب حوض البحر ا٤بتوسط وعقلياهتم ا١بماعية.
فهل يتعلق األمر بتوارد أفكار بْب سكاف ضفاؼ ا٤بتوسطٕ ،بيث قد تكوف ىذه الظواىر عرفت انتشارا بْب
سكاف ا٤بغرب القدمي من غّب نقل أو ٠باع ؛ أـ أهنا وصلت إذل ا٤بغرب عن طريق الفينيقيْب والبونيْب أو الروماف من
بعدىم ؟
مصطفى غطيس
mghottes@hotmail.com
28