قصة

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 3

‫كان يا مكان في مدينة صغيرة هادئة فتاة بهية الطلعة ‪ ،‬شقراء الشعر بيضاء البشرة ‪ ،‬قليلة‬

‫الكالم قد وهبها هللا سبحانه وتعالى الفطنة والحكمة رغم صغر عمرها ‪ ،‬فكانت تتعامل بهدوء‬
‫وثبات كأنها شخص راشد حكيم‪.‬‬
‫في أحد األيام الممطرة وتحت سقف سماء رمادية متموجة بالبرق والرعد ‪ ،‬خرجت الفتاة‬
‫الشقراء من بيتها بقلب مليء بالطاعة واإلمتثال ألوامر أمها ‪ ،‬تحمل معها قفة صغيرة‬
‫إلقتناء الطلبات من عند البقال‪.‬‬
‫كانت الرياح تهب بقوة شديدة في هذا اليوم ‪ ،‬حتى أنها لم تستطيع أن تمشي ‪ ،‬فأصبحت تقاوم‬
‫الرياح وتمشي بصعوبة ألن جسدها الصغير كان يحاول الصمود أمام قوة الرياح وشدة‬
‫وغزارة األمطار المتهاطلة ‪ ،‬وإذ هي في طريقها نحو البقال وكلها عزيمة وإصرار للوصول‬
‫إلى المتجر وفي لحظة خاطفة تعصف الرياح بقوة أكثر‪ ،‬حاملة معها ورقة نقدية مغمورة‬
‫بماء المطر تكاد أن تتمزق‪.‬‬
‫أمسكت الفتاة الشقراء بالورقة النقدية والفرحة والبهجة بادية على وجهها حتى أنها لم تنتبه‬
‫إلى الحالة التي كانت عليها من شدة السعادة‪.‬‬
‫إ شترت الفتاة الشقراء طلبات أمها وعادت مسرعة إلى البيت‪،‬و فور دخولها إلى البيت‬
‫سارعت إلخراج الورقة النقدية المتشبعة بالماء ووضعتها على المدفئة ‪ ،‬وهي متشوقة‬
‫ومتطلعة ألحالم جديدة‬
‫الفتاة الشقراء كانت تتقن الغزل والنسيج والخياطة والطرز وحتى الطبخ ‪ ،‬كانت تمتلك‬
‫مهارات مختلفة وفي مجاالت متعددة‪،‬ألنها فتاة تقدس الوقت وتستثمره فيما يفيدها‪ ،‬وينمي‬
‫شخصيتها‪.‬‬
‫بدأت الفتاة الشقراء تفكر وتبحث عن وسيلة أو شئ تقوم به من شأنه يضاعف المال وفي‬
‫نفس الوقت تشتري به ما تريد ‪ ،‬فبدأت تطرح األسئلة وتتحدث مع نفسها‪.‬‬
‫الفتاة الشقراء ‪ :‬ماذا أفعل بهذا المال ؟ هل أشتري حلوى أو شكوالطة لذيذة ‪ ،‬ال‪ ،‬أم أشتري‬
‫دمية جميلة شقراء بشعر طويل ؟ أم أضع هذه النقود في الحصالة ؟‬

‫‪1‬‬
‫دخلت الفتاة الشقراء في دوامة من التساؤالت واإلحتماالت فهي كانت تريد أن تقتني كل هذه‬
‫األشياء الجميلة وفي نفس الوقت تبقى محتفظة بجزء من المال ‪.‬‬
‫فجأة قفزت الفتاة الشقراء بقوة وعزم وقالت‪ :‬وجدتها سأستثمر في مالي‬
‫قررت الفتاة شراء كمية قليلة من الصوف وقالت مادام المال الذي أمتلكه ال يكفي لشراء كمية‬
‫كبيرة من الصوف سأشتري حسب قيمة المال ‪ ،‬سأقوم بنسج مالبس شتوية لألطفال الرضع‬
‫ألننا في فصل الشتاء وألن مالبس الرضع ال تحتاج الى كمية كبيرة من الصوف‪.‬‬
‫بدأت الفتاة المبدعة الشقراء بنسيج لباس الرضيع بكل حب ونشاط وحماس‪ ،‬وهي تتطلع ألن‬
‫تصبح مستثمرة ناجحة ومميزة‪.‬‬
‫بعدما أنهت من نسج اللباس الصغير‪ ،‬وأصبح جاهزا‪ ،‬ذهبت الى أبيها وطلبت منه أن يعرض‬
‫منتجها في محله مع بقية السلع ‪ ،‬ألن أباها كان تاجر في بيع مالبس األطفال ‪ ،‬وافق األب‬
‫على العرض وأعجب كثيرا بطريقة وأسلوب حديثها وطريقة تفكيرها‪ ،‬وأسلوب تعاملها‬
‫الحكيم مع المال ‪.‬‬
‫في مساء الغد دخل األب الى البيت والفرحة والرضى والفخر ظاهر على وجهه فنادى ابنته‬
‫الشقراء بصوت كله بهجة وسعادة‬
‫األب‪ :‬اين أنت يا ابنتي تعالي ؟ فردت عليه‬
‫الفتاة الشقراء‪ :‬أنا هنا يا أبي مرحبا بك‬
‫سلمت الفتاة على أبيها كالعادة وقبلت يديه وقالت له‪ :‬نعم أبي هل أحضر لك شئ لتأكله؟ قال‬
‫لها األب ال يا ابنتي العزيزة‪ ،‬خذي النقود لقد تم بيع بضاعتك في وقت قصير جدا لم أكن‬
‫أتوقع ذلك‪.‬‬
‫قدم األب المبلغ وهو مبتسم وفخور ومعجب بطريقة تفكير ابنته وتميزها عن بقية أوالده‬
‫وتفردها‬
‫فبدأ األب يعانق ابنته بشدة قائال لها ‪ :‬أنا أحبك كثيرا يا ابنتي الغالية المميزة والحكيمة‪ ،‬سأقوم‬
‫بدعمك وتقديم كل ماتحتاجين اليه من مواد أولية ألجل زيادة إنتاجك وتحقيق حلمك في أن‬
‫تصبحي مستثمرة ناجحة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫بعد فترة من العمل واإلجتهاد تمكنت الشقراء من جعل هذا المنتج ذو عالمة مميزة بجودة‬
‫عالية وأصبح الطلب عليه يتزايد يوما بعد يوم خاصة في فصل الشتاء‪.‬‬
‫كانت الفتاة الشقراء كل يوم تشكر وتحمد هللا على الحكمة والفطنة التي رزقها هللا إياها وعلى‬
‫نعمة الوالد الحنون‬
‫هذه هي قصة الفتاة المبدعة الشقراء‪.‬‬
‫من تعتقد تكون هذه الفتاة الشقراء عزيزي القارئ ؟‬
‫إذا كانت اجابتك هي أنها والدتي ‪ ،‬فدعني أقول لك أنك قد وفقت في اإلجابة‪.‬‬
‫الفتاة الشقراء الحكيمة انها امي الطيبة الغالية أروع وأحن وأطيب أم في الوجود ‪ ،‬فاللهم‬
‫اجعل أمي محفوفة برحمتك ورضاك وأرزقها الصحة والسعادة والسكينة في كل لحظة من‬
‫حياتها‬
‫آمين‬

‫المؤلفة ‪ :‬بشير شريف خديجة‬

‫‪2024/05/14‬‬
‫الساعة ‪ 09:12‬صباحا‬

‫‪3‬‬

You might also like