المحور الثاني الرغبة والارادة - 054415

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 3

‫المحور الثاني ‪ :‬الرغبة واالرادة‬

‫الطرح االشكالي للمحور‪:‬‬

‫اإلرادة ‪La volonté‬‬ ‫الرغبة ‪Le désir‬‬


‫هً بمثابة تخطٌط وتصمٌم واع ومؤسس‬ ‫مٌل أو نزوع نحو موضوع معٌن‪ ،‬والعٌا‬
‫على العمل والفكر وٌترجم إلى الفعل‬ ‫كان أو متخٌال‪ ،‬والذي ٌمثل امتالكه من‬
‫والممارسة من أجل تحمٌك هدف معٌن‪.‬‬ ‫لبل اإلنسان مصدر متعة ولذة وبهجة‪.‬‬

‫‪ -‬بما أن االنسان ذات واعٌة ومفكرة فهو ٌعً أٌضا رغباته وٌتحكم فٌها وبالتالً تكون الرغبة تابعة‬
‫إلرادته أي أن بٌنهما ترابط واتصال‪.‬‬
‫‪ -‬لكن فً الممابل نجد االنسان فً كثٌر من الحاالت ٌجهل االسباب الحمٌمٌة التً تجعله ٌرغب فً‬
‫الشًء مما ٌجعل الرغبة تنفلت من لبضة الوعً وتكون بذلن تابعة لالوعً‪ ،‬وهذا معناه أن بٌن الرغبة‬
‫واإلرادة لطٌعة وانفصال‪.‬‬

‫ما طبٌعة العاللة بٌن الرغبة واإلرادة؟ هل هً عاللة اتصال وترابط أم أنها عاللة لطٌعة وانفصال؟‬
‫وهل كل ما نرغب فٌه نرٌده ونعٌه أم ٌتدخل الالوعً فً توجٌه رغباتنا؟ بمعنى اخر هل ٌمكن الوعً‬
‫برغباتنا والتحكم فٌها أم أنها تتجاوز إرادتنا؟‬

‫الفرضية الثانية‬ ‫الفرضية األولى‬


‫مجال نشاط الرغبة‬ ‫مجال اشتغال الرغبة‬
‫هو الالوعً‬ ‫ونشاطها هو الوعً‬

‫استثمار نص باروخ اسبٌنوزا ص‪:53‬‬

‫مطلب التحلٌل‪:‬‬

‫اطروحة النص‪:‬‬
‫ٌؤكد الفٌلسوف الهولندي باروخ اسبنٌوزا فً اطروحته على أن الرغبة تمثل ماهٌة االنسان ألنها تتجدر‬
‫فً أعماله‪ ،‬فهً خاصٌة ترتبط بعنصر الوعً الذي ٌعتبر أساس الحٌاة النفسٌة لإلنسان‪ ،‬فالرغبة وفك‬
‫هذا التصور هً الوعً بما نشتهٌه ونرغب فٌه ونسعى للحصول علٌه‪ ،‬وعلى هذا األساس فاإلرادة هً‬
‫فً الوالع رغبات اساسها حفظ بماء الفرد وجهد تبذله النفس لكً تستمر فً الوجود‪ ،‬فاذا تعلك بالنفس‬
‫وحدها سمً إرادة‪ ،‬واذا تعلك بالنفس والجسم سمً شهوة‪ ،‬أما الرغبة لٌ ست سوى شهوة لكنها واعٌة‪،‬‬
‫بمعنى أن الرغبة هً الشهوة المصحوبة بوعً ذاتها‪ ،‬وبذلن اعتبر اإلنسان حسب اسبٌنوزا كائن راغب‪.‬‬
‫تحلٌل األطروحة‪:‬‬

‫المستوى المفاهٌمً‪:‬‬
‫لتحلٌل النص بشكل أكبر وأكثر وضوحا البد من الولوف عند البنٌة المفاهٌمٌة التً ارتكزت علٌها‬
‫اطروحة النص‪ ،‬وٌأتً فً مطلعها مفهوم اإلرادة باعتبارها المدرة على االختٌار والتصرف وفك ما‬
‫ٌملٌه تفكٌر الفرد وحسب سٌاق النص هً الجهد الذي تبذله النفس للحفاظ على بمائها‪ ،‬وهذا الجهد عندما‬
‫ٌرتبط بالنفس والجسم معا ٌسمى شهوة وهً بذلن تشكل ماهٌة اإلنسان‪ ،‬ذلن أن هذا الجهد المزدوج هو‬
‫ما ٌحفظ به اإلنسان وجوده‪ .‬ثم نجد مفهوم الرغبة الذي ٌتداخل مع مفهوم الشهوة‪ ،‬بحٌث ٌعرف اسبٌنوزا‬
‫الرغبة بما هً شهوة مصحوبة بوعً ذاتها‪ ،‬وعلى هذا األساس تكون الرغبة هً شهوة مصحوبة بإرادة‬
‫الفرد‪ ،‬هذه األخٌرة تحٌل على دخول عامل الوعً والشعور فً تكوٌن الرغبة لدى االنسان على عكس‬
‫الحٌوان الذي ال ٌتوفر على هذا العامل‪ .‬وهكذا ٌتبٌن أن العاللة بٌن المفاهٌم تمثلت أوال فً عاللة ترابط‬
‫بٌن اإلرادة والشهوة بحٌث تبرز فً كون األولى أي اإلرادة تزود الثانٌة بالوعً وتجعلها تتحمك وفك‬
‫لتدخل العمل‪ .‬وثانٌا فً عاللة تداخل بٌن الشهوة والرغبة ‪ ،‬بحٌث أن هذه األخٌرة تحمٌك ما ٌشتهٌه‬
‫اإلنسان بشكل واع وهذا ما ٌجعل اإلنسان ٌختلف عن الحٌوان‪ ،‬إذ أن الرغبة هً من اختصاص اإلنسان‬
‫ألنه كائن واع بشهواته فً حٌن الحٌوان لدٌه شهوات ولٌس لدٌه رغبات ألنه ٌفتمد إلى الوعً‪.‬‬

‫المستوى الحجاجً‪:‬‬

‫وبما أن الدرس الفلسفً ال ٌكتمل معناه وال ٌستمٌم محتواه إال فً ظل هٌكلة حجاجٌة تدعمه وتضفً‬
‫علٌه نوعا من االنسجام المنطمً‪ ،‬فإ ن صاحب النص لم ٌتجاوز هذا المطلب األساسً واعتمد على بنٌة‬
‫حجاجٌة متماسكة للدفاع عن اطروحته استهلها بعرض فكرته حول ماهٌة النفس والجهد الذي تبذله‬
‫للحفاظ على وجودها‪ ،‬ولام بتوضٌح ذلن من خالل الولوف عند هذا الجهد وارتباطه سواء بالنفس‬
‫لوحدها أو بالنفس والجسد معا‪ ،‬حٌث عرف مفهوم اإلرادة التً اعتبرها الجهد الذي تبذله النفس من أجل‬
‫الحفاظ على بمائها‪ ،‬وكذلن مفهوم الشهوة بكونها الجهد الذي تبذله النفس والجسد معا‪ ،‬لٌصل إلى تعرٌف‬
‫لمفهوم الرغب ة بكونها شهوة مصحوبة بوعً ذاتها‪ ،‬وهذا ما ٌؤكد على أنه ال ٌمكن فصل الرغبة عن‬
‫اإلرادة‪ .‬لٌنتمل بعد ذلن إلى تمدٌم مثال السكن لكً ٌوضح لنا بأن الناس ٌعون رغباتهم إال أنهم ٌجهلون‬
‫عللها وأسبابها الحمٌمٌة‪.‬‬
‫وفً األخٌر بعد عملٌة التحلٌل ٌمكن الخروج باستنتاج مفاده أن جوهر وماهٌة اإلنسان وحمٌمته تتحدد‬
‫فً الجهد الذي ٌموم به والذي ٌتجلى فً الرغبة باعتبارها لوة محركة‪ ،‬وبه ٌكون اإلنسان حسب‬
‫اسبٌنوزا كائن راغب‪.‬‬

‫مطلب المنالشة‪:‬‬

‫منالشة داخلٌة‪( :‬ابراز لٌمة وحدود االطروحة)‬


‫تكمن لٌمة وأهمٌة أطروحة اسبٌنوزا فً كونها لد جعلت من اإلرادة أساس الرغبة‪ ،‬وأن اإلنسان ٌعتبر‬
‫كائن واع ومرٌد‪ ،‬لذلن ال ٌمكن فً نظر اسبٌنوزا فصل الرغبة عن الوعً واإلرادة فهً خاصٌة‬
‫جوهرٌة إنسانٌة‪ ،‬لكن فً الممابل فمد تعرضت هذه األطروحة النتمادات عدٌدة على رأسها إغفال دور‬
‫الالشعور‪/‬الالوعً فً تحدٌد الرغبة ‪ ،‬وهذا ما ذهبت إلى تأكٌده مدرسة التحلٌل النفسً عن طرٌك‬
‫المحلل والطبٌب النفسانً جان الكان‪ ،‬وعلٌه فهل ٌمكن أن نؤسس الرغبة على فرضٌة الالشعور؟‬
‫منالشة خارجٌة‪( :‬مولف جان الكان)‬
‫ٌذهب الكان الطبٌب والمحلل النفسانً إلى المول أن مجال الرغبة هو مجال الالشعور‪ ،‬وهذا األخٌر‬
‫دائما ما ٌنفلت من سلطة الذات والعمل (الوعً) وبما أن الرغبة الشعورٌة فإن لها بنٌتها الخاصة‬
‫والمستملة‪ ،‬فهً ترفع درجة اللذة واالستمتاع إلى ألصى حد خارج منطمة الوعً واإلرادة‪ ،‬إنها استمتاع‬
‫الجسد الموشوم بالضغوطات النفسٌة والجنسٌة الدفٌنة بطرٌمة استٌهامٌة تراهن على الخٌال للتملص من‬
‫الوالع وما ٌحمله من مت اعب للنفس‪ ،‬وبالتالً ٌمكن المول أن الرغبة مادامت تنفلت من لبضة الوعً‬
‫والوالع وتنشط فً الجانب الالشعوري فهً تتعارض مع اإلرادة‪.‬‬

‫مطلب التركٌب‪:‬‬
‫خالصة المول أن معالجة اشكالٌة العاللة بٌن الرغبة واإلرادة لد لادتنا إلى تصورات ورؤى متعددة‬
‫ومختلفة باختالف المرجعٌات الثمافٌة والفكرٌة وهذا ما ٌضفً على التفكٌر الفلسفً طابع الغنى والتنوع‪.‬‬
‫وعلٌه فمد تعرفنا من خالل التحلٌل والمنالشة على تصورٌن متعارضٌن حول مفهوم الرغبة‪ ،‬األول‬
‫فلسفً ٌرى أن الرغبة تجد أصلها فً الوعً واإلرادة بحٌث تكون للذات الراغبة سلطة على‬
‫الموضوعات التً ترغب فٌها‪ ،‬وٌظهر هذا التحدٌد فً أطروحة اسبٌنوزا الذي ٌجعل الرغبة مفهوم‬
‫مالزم للوعً‪ .‬فً حٌن أن التصور الثانً ذو الطبٌعة السٌكولوجٌة فٌذهب إلى جعل الالشعور أصل‬
‫الرغبة ‪ ،‬وفٌه تكون هذه األخٌرة منفلتة من سلطة الوعً كونها تشتغل خارج منطمة الوعً واإلرادة ‪،‬‬
‫وهو المولف الذي تبناه المحلل النفسً جان الكان‪ .‬أما من وجهة نظري فٌتضح لً أن (التعبٌر عن‬
‫الرأي الشخصً المدعم بحجج)‪.‬‬

You might also like