هل يجوز تقديم اسم مرفوع

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 3

‫مسألة‪[ :‬هل يجوز تقديم اسم مرفوع أو منصوب في جملة جواب الشرط؟ وما يترتب عليه؟]‬

‫(‪)1‬‬
‫المقدمة‬
‫أسلوب الشرط هو أسلوب خبري من األساليب البالغية في اللغة العربية الثرية بأساليبها‬
‫البالغية المتعددة‪ ،‬والشرط هو اقتران أمر بأمر آخر بحيث ال يتحقق األمر الثاني إال بعد‬
‫‪.‬تحقق األمر األول وذلك بوجود أداة الشرط‬

‫ذهب الكوفيون إلى أنه إذا تقدم االسم المرفوع في جواب الشرط فإنه ال يجوز فيه الجزم‪،‬‬
‫يكر ُمك" واختلفوا في تقديم المصنوب في جواب الشرط‬
‫ووجب الرفع‪ ،‬نحو "إن تأتِنِي زي ٌد ِ‬
‫نحو "إن تأتني زيدا أكرم" فأباه أبو زكرياء يحيى بن زياد الفراء‪ ،‬وأجازه أبو الحسن علي‬
‫‪.‬بن حمزة الكسائي‬
‫‪.‬وذهب البصريون إلى أن تقديم المرفوع والمنصوب في جواب الشرط كله جائز‬
‫أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا‪ :‬إنما قلنا إنه ال يجوز فيه الجزم‪ ،‬وذلك ألن جزم جواب‬
‫الشرط إنما كان لمجاورته فعل الشرط‪ ،‬فإذا فارقه بتقديم االسم بطلت المجاورة الموجبة‬
‫‪.‬للجزم‪ ،‬فبطل الجزم‪ ،‬وإذا بطل الجزم وجب فيه الرفع‬
‫وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا‪ :‬إنما قلنا إنه يجوز‪ ،‬وذلك ألنه يجب أن يقدر فيه فعل كما‬
‫وجب التقدير مع تقديم االسم على فعل الشرط؛ ألن حرف الشرط يعمل فيهما‪ ،‬على ما بينا‪،‬‬
‫فكما وجب التقدير مع تقديمه على فعل الشرط فكذلك مع تقديمه على جواب الشرط‪ ،‬وال فرق‬
‫‪.‬بينهما (‪)2‬‬

‫وأما الجواب عن كلمات الكوفيين‪ :‬أما قولهم‪" :‬إنما قلنا‪ :‬إنه ال يجوز فيه الجزم؛ ألن الجزم‬
‫في جواب الشرط إنما كان لمجاورته فعل الشرط؛ فإذا فارقه بتقديم االسم وجب أن يبطل‬
‫الجزم" قلنا‪ :‬قد ذكرنا بطالن كون المجاورة موجبة للجزم في موضعه وبينا فساده بما يغني‬
‫‪.‬عن اإلعادة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫"(‪ )1‬انظر في هذه المسألة‪ :‬شرح الرضي على كافية ابن الحاجب "‪2٣٨ /2‬‬
‫(‪ )2‬الكتاب‪ :‬اإلنصاف في مسائل الخالف بين النحويين البصريين والكوفيين صــ ‪50٨‬‬
‫والذي يدل على فساد ما ذهب إليه الفراء من منع جواز تقديم المنصوب قول ُ‬
‫طفَ ْي ٍل الغَنَ ِوي‬
‫ط ِب ْر ل َها ‪ ...‬ويعرف لها أيَّا َم َها ال َخي َْر ت ُ ْع ِق ِ‬
‫ب‬ ‫ول ْل َخ ْي ِل أَيَّا ٌم؛ فَ َم ْن يَ ْ‬
‫ص َ‬

‫فنصب "الخير" بتعقب‪ ،‬وتقديره‪ :‬تعقب الخير‪ ،‬و "تعقب" مجزوم‪ ،‬وإنما كسرت الباء ألن‬
‫القصيدة مجرورة‪ ،‬وإنما كان هذا في المجرورة دون المرفوعة والمنصوبة لوجهين؛‬
‫أحدهما‪ :‬أن الجزم في األفعال نظير الجر في األسماء‪ ،‬فلما‬
‫هذا البيت من قصيدة طويلة لطفيل الغنوي ‪-‬وهو أحد شعراء قيس الفحول‪ ،‬وكان يلقب‬
‫"طفيل الخيل" لكثرة وصفه إياها‪ ،‬كان يلقب "المحبر" لجودة وصفه ‪-‬وبعد البيت المستشهد‬
‫‪:‬به قوله‬

‫وقد كان حيانا عدوين في الذي ‪ ...‬خال؛ فعلى من كان في الدهر فارتبي‬
‫إلى اليوم لم تحدث إليكم وسيلة ‪ ...‬ولم تجدوها عندنا في التنسب‬
‫جزيناهم أمس العظيمة؛ إننا ‪ ...‬متى ما تكن منا الوثيقة نطلب‬

‫وإنما روينا لك هذه األبيات لتعلم أن روي هذه القصيدة مكسور ألن لذلك مدخال في بيان‬
‫االستشهاد بالبيت‪ ،‬والبيت من شواهد رضي الدين في باب الجوازم‪ ،‬وشرحه البغدادي في‬
‫الخزانة "‪ "٦٤2 /٣‬وقوله "وللخيل أيام" مبتدأ مؤخر وخبر مقدم‪ ،‬وقوله‪" :‬من يصطبر‬
‫لها" من اسم شرط‪ ،‬والفعل بعده مجزوم به على أنه فعل الشرط‪ ،‬وقوله "ويعرف لها‬
‫أيامها" الفعل معطوف على فعل الشرط‪ ،‬ولهذا كان مجزوما‪)1( ،‬‬
‫والخير‪ :‬مفعول مقدم لتعقب‪ ،‬وتعقب الخير‪ ،‬أي تحدث الخير في عاقبة أمرها‪ ،‬ومحل‬
‫االستشهاد من هذا البيت قوله "الخير تعقب" فإنه قوله تعقب فعل مضارع واقع جواب‬
‫للروي‪ ،‬وال يجوز أن يكون‬
‫ّ‬ ‫الشرط الذي هو "من" والدليل على أنه جواب الشرط أنه مكسور‬
‫هذا الفعل مرفوعًا وال أن يكون منصوبًا‪ ،‬ألنهم ال يستسيغون كسر الفعل المضارع ألجل‬
‫الروي إال أن يكون مجزو ًما‪ ،‬والسر في هذا يرجع إلى أمرين‪،‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الكتاب‪ :‬اإلنصاف في مسائل الخالف بين النحويين البصريين والكوفيين صــ ‪509‬‬
‫األول‪ :‬أن الجزم في األفعال نظير الجر في األسماء‪ ،‬كل واحد منهما يختص به قبيل منهما‪،‬‬
‫فالجر يختص به االسم‪ ،‬والجزم يختص به الفعل‪ ،‬فلما وجب تحريك الفعل المضارع المجزوم‬
‫الروي حركوه بالحركة التي يختص بها نظيره وهي الكسرة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ألجل‬
‫والوجه الثاني‪ :‬أن الفتحة والضمة يدخالن الفعل المضارع؛ فلو أنهم حركوا المضارع‬
‫المجزوم بالفتحة أو الضمة حين تدعوهم الحاجة إلى تحريكه اللتبس األمر فلم يعرف أهذه‬
‫للروي وقد علم أن الكسر ال‬
‫ّ‬ ‫الحركة أصلية أم عارضة ألجل الروي‪ ،‬ولكن إذا كسروا آخره‬
‫يدخله باألصالة علم من أول وهلة أن هذه الكسرة طارئة وليست أصلية‪ ،‬وهذا ظاهر إن شاء‬
‫هللا أبلغ الظهور‪،‬‬
‫ومتى عرف أن هذا الفعل المضارع مجزوم وقد سبقه أداة شرط وفعل الشرط علم أنه جواب‬
‫الشرط‪ .‬وأن كلمة "الخير" مفعول به لهذا الفعل تقدم عليه؛ فدل ذلك على أنه يجوز تقديم‬
‫االسم المنصوب بجواب الشرط مع أن جواب الشرط مجزوم؛ فهذا إيضاح كالم المؤلف في‬
‫‪.‬هذا الموضوع وبيانه بأوضح عبارة‪ ،‬وهللا سبحانه أعلى وأعلم‬
‫وجب تحريكه حركوه حركَةَ النظير‪ ،‬والثاني‪ :‬أن الرفع والنصب يدخالن هذا الفعل‪ ،‬وال يدخله‬
‫الجر‪ ،‬فلو حركوه بالضم أو الفتح اللتبس حركة اإلعراب بحركة البناء‪ ،‬بخالف الكسر؛ فإنه‬
‫‪.‬ليس فيه لَب ٌ‬
‫ْس (‪)1‬‬
‫والذي يدل على فساد ما ذهب إليه الفراء من امتناع جواز تقديم المنصوب أنا أجمعنا على‬
‫أن المنصوب فَ ْ‬
‫ض َلهٌ في الجملة‪ ،‬بخالف المرفوع؛ فينبغي أن ال يعت ّد بتقديمه كتقديم المرفوع‪،‬‬
‫‪.‬وهللا أعلم‬

‫الخاتمة‬

‫في النهاية نصل إلي ‪ :‬ما يلي (لوال) دائ ًما اسم مرفوع يقع مبتدأ خبره محذوف وجوبًا إذا‬
‫كان كونًا عا ًما‪ ،‬ولهذا كان شرطها جملة اسمية‪ ،‬أ ّما جوابها فمثل جواب لو يقترن بالالم إذا‬
‫‪.‬كان فل ماضي ومثبتًا‪ ،‬ويتجرد من الالم إذا كان منفيًا‬
‫‪.‬و يجوز أن يقترن جواب الشرط (لوال) بالالم‪ ،‬وتسمى الالم الرابطة للجواب‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الكتاب‪ :‬اإلنصاف في مسائل الخالف بين النحويين البصريين والكوفيين صــ ‪510‬‬

You might also like