التقرير الاستراتيجي ٢٠٢٠- المعهد العراقي

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 410

‫التقرير اإلستراتيجي‬

‫‪2020‬‬
‫اسم الكتاب‪ :‬التقرير اإلستراتيجي العراقي ‪2020‬‬

‫القسم الفني للمعهد العراقي للحوار‬ ‫االخراج الفني‪:‬‬

‫المعهد العراقي للحوار‬ ‫الناشر‪:‬‬

‫الطبعة االولى ‪٢٠٢٢‬‬


‫الطبعة‪:‬‬

‫© جميع الحقوق محفوظة‬

‫يحتفظ المعهد بحقوق ملكيته للمواد المنشورة‪ ،‬ويتطلب‬


‫إعادة نشر أي مادة إلكترون ًّيا أو ورق ًّيا الحصول على موافقة‬
‫المعهد مع اإلشارة إلى جهة النشر‬

‫‪ISBN: 978-9933-590-13-0‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي‬
‫‪2020‬‬
‫جيتارتسإلا ريرقتلا‬

‫رئيس الفريق‬

‫عباس راضي العامري‬

‫هيئة التحرير‬

‫د‪ .‬عادل عبد احلمزة ثجيل‬ ‫د‪ .‬سهاد إسماعيل خليل‬ ‫د‪ .‬علي فارس حميد‬

‫الباحثون‬

‫الـــبـــاحـــث ع ــل ــي آل مــظــلــوم‬ ‫د‪ .‬ي ـ ــاس ـ ــر عـ ــلـ ــي إبـ ــراهـ ــيـ ــم‬
‫الباحث علي كرمي السيد علي‬ ‫د‪ .‬نـــــصـــــر م ـ ــح ـ ــم ـ ــد ع ــل ــي‬
‫د‪ .‬عــــلــــي رســــــــــول حــســن‬ ‫الباحث عدنان عبد األمير مهدي‬
‫الــــــلــــــواء الـــــركـــــن امل ــت ــق ــاع ــد‬ ‫د‪ .‬م ــص ــط ــف ــى نـ ــاجـ ــي واح ـ ــد‬
‫عـــــــــمـــــــــاد هـــــــــــــــــادي عـ ــلـ ــو‬ ‫ال ــب ــاح ــث عــــــادل ح ــس ــن دفـ ــار‬
‫د‪ .‬حــســن ســعــد عــبــد احلميد‬ ‫د‪ .‬ســـــــــام جــــــبــــــار شـ ــهـ ــاب‬
‫بــيــار مــصــطــفــى ســيــف الــديــن‬ ‫د‪ .‬لـــــورنـــــس ي ــح ــي ــى ص ــال ــح‬
‫الــبــاحــث حــــازم جـــري منيخر‬ ‫د‪ .‬كــــــــــــرار أنــــــــــــور نـ ــاصـ ــر‬
‫د‪ .‬عـــبـــد الـ ــعـ ــزيـ ــز عــلــيــوي‬ ‫د‪ .‬إيــــــــــاف راجــــــــــح هــــــادي‬
‫د‪ .‬حيدر عبد اجلبار حسوني‬ ‫ال ــب ــاح ــث وســـــام ول ــي ــد محمد‬

‫هيئة اإلستشارة والدعم‬

‫د‪ .‬لـــبـــنـــى خـــمـــيـــس م ــه ــدي‬ ‫د‪ .‬مـــظـــهـــر مـــحـــمـــد ص ــال ــح‬
‫األستاذ محمد شياع السوداني‬ ‫الــــــــــــلــــــــــــواء ســـــــعـــــــد مـ ــعـ ــن‬
‫د‪ .‬عبد اجلبار أحمد عبد اهلل‬ ‫د‪ .‬صــــــالــــــح احلـــــســـــنـــــاوي‬
‫د‪ .‬عــبــد عــلــي كــاظــم املــعــمــوري‬ ‫د‪ .‬عـــــامـــــر حــــســــن فـــيـــاض‬
‫د‪ .‬فـــــــــرح ضــــــيــــــاء ح ــس ــن‬ ‫األســــــتــــــاذ نـــــــــزار خـ ــيـ ــر اهلل‬
‫مــــــركــــــز مـــــــرايـــــــا لـ ــإسـ ــتـ ــطـ ــاع‬
‫|‪5‬‬
‫عن المعهد العراقي للحوار‬

‫المعهــد العراقــي للحــوار مؤسســة فكريــة بحثيــة‪ ،‬تعنــى بالدراســات والتخطيــط‬


‫الســتراتيجي‪ ،‬تأسســت بعــد التغييــر فــي عــام ‪ ،2003‬لتقــوم بمهمــة صناعــة القرارات‬
‫وتحضيــر الخيــارات وبدائلهــا مــن خــال الرصــد المكثــف لألحــداث وتطوراتهــا‬
‫وعرضهــا علــى المختصيــن ومناقشــتها مــن خــال نــدوات و ورش عمــل وطــاوالت‬
‫بحــث مســتمرة‪ ،‬للخــروج بحلــول متوقعــة لمــا يعتــرض العمليــة الديمقراطيــة الناشــئة‬
‫مــن عقبــات و اعاقــات‪.‬‬
‫يتميــز المعهــد العراقــي للحــوار بقربــه مــن كل مفاصــل الدولــة؛ عبــر المشــرف‬
‫العــام الشــيخ د‪ .‬همــام حمــودي الــذي يعــد مــن صانعــي القــرار فــي البــاد‪ ،‬وعبــر‬
‫اعضائــه الــذي لهــم اتصــال مباشــر بقــادة البــاد جميعــا وبمختلــف توجهاتهــم الفكرية‬
‫وااليديولوجيــة والسياســية‪.‬‬

‫مجلة حوار الفكر الفصلية‬


‫يصــدر المعهــد العراقــي للحــوار مجلــة (حــوار الفكــر) الفصليــة الفكريــة كل ثالثــة‬
‫اشــهر وقــد وصــل لغايــة شــهر حزيــران ‪ 2021‬الــى ‪ 27‬عــدد ًا‪ ،‬يحتــوي كل عــدد علــى‬
‫ملــف الهــم مــا يشــغل ذوي الشــان والمختصيــن مــن امــور تقــع فــي طريــق او تعتــرض‬
‫بنــاء الدولــة العراقيــة الحديثــة‪ ،‬ومنهــا‪:‬‬
‫‪-‬االرهاب في العراق‪.‬‬
‫‪-‬أزمة المياه في العراق‪.‬‬
‫‪-‬معوقات التحول الديمقراطي في العراق‪.‬‬
‫‪-‬اعادة بناء الدولة‪ . .‬صياغات الحل‪.‬‬
‫‪-‬المرأة في ظل الدستور العراقي الجديد‪.‬‬
‫‪-‬مدخل لتحسين مستوى جودت عمليات نشر التقنيات الزراعية‪.‬‬
‫‪-‬االنتخابات النزيهة ودور االعالم فيها‪.‬‬

‫|‪7‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪-‬االنتخابات البرلمانية العراقية‪.‬‬


‫‪-‬احداث الموصل‪ . .‬تداعيات االزمة واثارها‪.‬‬
‫‪-‬الحشد الشعبي‪ . .‬مقاربات تاريخية وسياسية‪.‬‬
‫‪-‬البرنامج الحكومي بين النظرية والتطبيق االداري‪.‬‬
‫‪-‬الحرب على داعش‪ . .‬العالم يستنفر ضد االرهاب‪.‬‬
‫‪-‬االقتصاد العراقي‪ . .‬بين الريعية والتنوع‪.‬‬
‫‪-‬خيارات ما بعد االنتصار‪.‬‬
‫‪-‬التعليم ما بعد االنتصار‪ . .‬صناعة انسان وبناء دولة‪.‬‬
‫‪-‬دور العامل الخارجي في المتغيرات السياسية الداخلية العراقية‪.‬‬

‫الموسم الثقافي السنوي‬


‫يقيــم المعهــد العراقــي للحــوار موســم ًا ثقافي ـ ًا ســنوي ًا فــي شــهر رمضــان‪ ،‬يســتمر‬
‫لعــدة ايــام‪ ،‬يحاضــر فيــه جملــة مــن المختصيــن فــي الموضوعــات الحيــة المتعلقــة‬
‫بالشــأن العراقــي واالقليمــي والدولــي‪.‬‬
‫كان من ابرز موضوعاته‪:‬‬
‫‪-‬رمضان االنتصار‪ . .‬فرصة للحوار والتنمية‬
‫‪-‬رؤى في الشأن العراقي‬
‫‪-‬مع ًا لبناء العراق‪ ،‬االنسان والمؤسسات‪.‬‬
‫‪-‬شيعة العراق‪ . .‬الى أين؟‬

‫ابرز نشاطات المعهد‪:‬‬


‫اقــام المعهــد نــدوات وحلقــات نقاشــية تجــاوزت ال‪ 80‬برنامجـ ًا الــى حيــن صــدور‬
‫هــذا الملخــص التعريفــي كان مــن ابرزهــا‪:‬‬
‫‪ -‬نــدوة دور الدبلوماســية فــي عمليــة التنميــة الكوريــة الجنوبيــة (الســفير الكــوري‬
‫الجنوبــي فــي بغــداد هيــان ميونــغ كيــم‪.‬‬
‫‪ -‬التطــورات السياســية وعالقــة الحكومــة االتحاديــة باالقليــم (نائــب رئيــس‬
‫الــوزراء العراقــي االســبق‪ ،‬عضــو المكتــب السياســي لالتحــاد الوطنــي الكردســتاني‬
‫د‪ .‬برهــم صالــح‪.‬‬
‫‪ -‬برنامج حوار الشباب‪.‬‬
‫‪|8‬‬
‫راوحلل يقارعلا دهعملا نع‬

‫‪ -‬التجربــة البرازيليــة ‪ 00‬اســباب الصعــود (الســفير البرازيلــي فــي بغــداد انــور‬


‫النحــاس)‪.‬‬
‫‪ -‬الدفع باآلجل (رئيس اللجنة المالية النيابية د‪ .‬احمد الجلبي)‪.‬‬
‫‪ -‬ازمــة الحضــارة االســامية (وزيــر الماليــة الســابق د‪ .‬علــي عبــد االميــر‬
‫عــاوي)‪.‬‬
‫‪ -‬وزارة التعليــم العالــي بيــن الواقــع والطمــوح (وزيــر التعليــم العالــي االســتاذ‬
‫علــي االديــب)‪.‬‬
‫‪ -‬حلقــة نقاشــية (رئيــس مركــز البحــوث والدراســات الســتراتيجية فــي طهــران د‪.‬‬
‫حســين اكبــري)‪.‬‬
‫‪ -‬الهنــد ‪ 00‬تعدديــة مفرطــة وعملقــة اقتصاديــة (الســفير الهنــدي فــي بغــداد‬
‫ســوريش كيــة)‪.‬‬
‫‪ -‬السياســة الماليــة واالقتصاديــة للموازنــة االتحاديــة (د‪ .‬حيــدر العبــادي رئيــس‬
‫الــوزراء)‪.‬‬
‫‪ -‬ندوة (االمن في العراق التحديات والمعالجات)‪.‬‬
‫‪ -‬ورشة عمل مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين ‪ -‬االليات والمعوقات‪.‬‬
‫‪ -‬حــوار حــول التجربــة الصينيــة مــع ســفير العــراق فــي الصيــن الدكتــور عبــد‬
‫الكريــم هاشــم‪.‬‬
‫‪ -‬العراق والخيارات الدولية لمواجهة االرهاب في مجلس النواب‪.‬‬
‫‪ -‬حوار حول التجربة الصربية مع سفير صربيا في بغداد راديساف بيتروفيتش‪.‬‬
‫‪ -‬حوار التردي المالي وانعكاساته على اداء الحكومة‪.‬‬
‫‪ -‬حــوار حــول منطقــة الشــرق االوســط بعــد االتفــاق النــووي ونهايــة داعــش مــع‬
‫الدكتــور كريــم باكــزاد رئيــس مركــز العالقــات الدوليــة واالســتراتيجية فــي باريــس‪.‬‬
‫‪ -‬ندوة (االمن في العراق التحديات والمعالجات)‪.‬‬
‫‪ -‬جلسة حوارية لمناقشة المصادر المالية البديلة لدعم الحشد الشعبي‪.‬‬
‫‪ -‬نــدوة محــددات السياســية الخارجيــة‪ . . .‬التعامــل مــع ازمــة قطــر نموذجــا مــع‬
‫الســيد نــزار الخيــر اهلل وكيــل وزارة الخارجيــة‪.‬‬
‫‪ -‬ندوة اعالم التوحش واليات المواجهة ‪00‬كيف نحاصر االرهاب اعالمي ًا‪.‬‬
‫‪ -‬ندوة الشباب وتحديث الخطاب الموجه اليهم‪.‬‬

‫|‪9‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪ -‬نــدوة دور العامــل الخارجــي فــي المتغيــرات السياســية العراقيــة بالتعــاون مــع‬
‫لجنــة العالقــات الخارجيــة النيابيــة‪.‬‬

‫حوار بغداد‬
‫يعــد حــوار بغــداد عالمــة فارقــة فــي عمــل المعهــد العراقــي للحــوار وهــو تجمــع‬
‫حــواري ســنوي ُيعقــد فــي العاصمــة العراقيــة بغداد‪ ،‬ويســتضيف عشــرات المســؤولين‬
‫السياســيين واالمنييــن ورجــال االعمــال واالكاديمييــن مــن العــراق والمنطقــة والعالــم‬
‫لتبــادل وجهــات النظــر ازاء التحديــات المختلفــة التــي نواجههــا معـ ًا‪.‬‬
‫وتركــزت نقاشــات المؤتمــر االول الــذي عقــد فــي ‪ 15-14‬كانــون الثانــي ‪2017‬‬
‫حــول خيــارات مــا بعــد االنتصــار علــى داعــش فــي العــراق‪ ،‬وتأثيــر ذلــك سياســي ًا‬
‫واقتصادي ـ ًا وامني ـ ًا وثقافي ـ ًا وعلــى مســتوى العالقــات الخارجيــة بيــن بلــدان المنطقــة‬
‫التــي تشــهد موجــات عنــف مشــابهة‪.‬‬
‫يعتبــر حــوار بغــداد مســاحة حــوار حــرة بــدون شــروط وقيــود يلتقــي فيهــا نخبــة مــن‬
‫المفكريــن وصنــاع الــرأي والقــرار لوضــع الحلــول المناســبة الهــم مــا يواجــه بلداننــا‬
‫مــن تحديــات مختلفــة‪.‬‬

‫اصدارات المعهد‪:‬‬
‫‪ -‬العراق في الوثائق السرية لوزارة الخارجية االمريكية ‪.1957-1955‬‬
‫‪ -‬الدستور العراقي الدائم ‪ 00‬ماله وما عليه‪.‬‬
‫‪ -‬نحو نظرة قرآنية لقضايا السياسة والمجتمع‪ 14( .‬كراس ًا)‬
‫‪ -‬ماذا يحتاج العراق في ضوء تجربة ثمان سنوات‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة بناء الدولة‪ . .‬صياغات الحل (جزءان)‪.‬‬
‫‪ -‬معوقات التحول الديمقراطي في العراق‪.‬‬
‫‪ -‬الرؤى المستقبلية لتحقيق االمن المائي العربي‪.‬‬
‫‪ -‬افكار ورؤى في قضايا عراقية ‪ -‬محاضرات المرحوم د‪ .‬احمد الجلبي‪.‬‬
‫‪ -‬الثقافة السياسية‪ . .‬منطلق المفهوم وازمة التأسيس‪.‬‬

‫‪| 10‬‬
‫المحتويات‬

‫عن المعهد العراقي للحوار ‪7................................‬‬


‫ملخص تنفيذي‪13.......................................‬‬
‫أولوليات األداء الحكومي في عام ‪13........................2020‬‬
‫النظام السياسي‬
‫فلسفة معقدة بوجه اإلصالح الحكومي ‪29.........................‬‬
‫بناء الحوار بين الحكومة اإلتحادية وحكومة إقليم كردستان ‪66.............‬‬
‫تحديات البناء في بيئة قتال ‪70................................‬‬
‫الحشد الشعبي ‪102.......................................‬‬
‫األداء االمني لوزارة الداخلية العراقية ‪111..........................‬‬
‫األمن السيبراني ‪148......................................‬‬
‫الدولة والمجتمع‪161......................................‬‬
‫التحديات الحكومية في مجال تحسين واقع الفئات‬
‫اإلجتماعية في عام ‪174................................2020‬‬
‫أزمة النزوح في العراق ‪187..................................‬‬
‫األداء التشريعي والرقابي لمجلس النواب‪200........................‬‬
‫المعالجات والحلول ‪219...................................‬‬
‫إصالح السياسات التنموية والمالية واألداء االقتصادي في عام ‪230....... 2020‬‬

‫| ‪11‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫الحراك الدبلوماسي‪ :‬الفاعلية والتوزان‬


‫المطلوب في البيئة اإلقليمية والدولية ‪341..........................‬‬
‫العراق والبيئة الدولية‪ :‬الحراك الدبلوماسي والتوزان المطلوب ‪383...........‬‬
‫أزمة المياه في حوض الرافدين‪402..............................‬‬

‫‪| 12‬‬
‫ملخص تنفيذي‬

‫أولوليات األداء الحكومي في عام ‪2020‬‬

‫لــم يعــد مــن الســهل التعامــل مــع التطــورات السياســية التــي يشــهدها العــراق‬
‫ومحيطــه اإلقليمــي مــن دون أن تكــون هنالك دراســة شــاملة تدعــم الجهــود الحكومية‬
‫فــي مجــال التنفيــذ وتســعى إلــى تحديــد األولويــات الضروريــة ألداءهــا وفــق تقديــر‬
‫أولــي لطبيعــة المتغيــرات التــي ترافــق البيئــة المحيطــة بصانــع القــرار والفريــق الــذي‬
‫يعمــل معــه فــي الحكومــة‪.‬‬
‫إنطلقــت فكــرة التقريــر مــن أن يكــون هنالــك إســتهداف مــدروس ألولويــات‬
‫الحكومــة العراقيــة فــي عــام ‪ 2020‬مــن خــال تحليــل المجــاالت التــي إســتهدفها‬
‫المنهــاج الحكومــي ومقارنتهــا بطبيعــة البنيــة المؤسســاتية للنظــام‪ ،‬وطبيعــة المــوارد‬
‫المتاحــة والتــي يمكــن إعتمادهــا فــي األداء السياســي للحكومــة مــن أجــل تأميــن‬
‫مســتوى مناســب مــن اإلنجــاز‪ ،‬وعلــى أســاس تراكمي وفقـ ًا للتقييمــات اإلســتراتيجية‬
‫التــي طرحهــا فريــق الدراســة‪ ،‬لذلــك تختلــف فكــرة هــذا التقريــر عــن ماســبقه‪ ،‬فهــي‬
‫يرصــد حالــة مســتقبلية ويســعى إلــى توظيــف أو خلــق الفــرص المناســبة لتحقيــق‬
‫األهــداف المقصــودة‪.‬‬
‫إن أولويــات األداء الحكومــي لعــام تخضــع وفقــ ًا للتقريــر إلــى تحديــد ماهــو‬
‫مطلــوب فعـ ًا فــي عــام ‪ 2020‬مــن أجــل وضــع القواعــد األساســية لإلصــاح الــذي‬
‫أصبــح هدف ـ ًا تقصــده جميــع المشــاركين فــي العمليــة السياســية‪.‬‬

‫| ‪13‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫أو ًال‪ :‬المجال األمني والعسكري‬


‫‪1.‬الهيكليــة الوطنيــة ألداء وتكامــل المؤسســات األمنيــة فرضــت الظــروف‬
‫السياســية واألمنيــة علــى العــراق أن يكــون فــي حرب مســتمرة ضــد التنظيمات‬
‫اإلرهابيــة ممــا أهمــل وجــود هيكليــة وطنيــة للمؤسســات األمنيــة تشــمل‬
‫الجيــش والشــرطة اإلتحاديــة والبيشــمركة والحشــد الشــعبي‪ ،‬ومــن ثــم فــإن‬
‫أولويــات مجلــس األمــن المباشــرة بإعــداد هيكليــة أمنيــة لتشــخيص المخاطــر‬
‫والتهديــدات والتحديــات ووظائــف التشــكيالت األمنيــة بمختلــف صنوفهــا‪.‬‬
‫‪2.‬دعــم وتشــجيع الصناعــات الحربيــة بالشــكل الــذي يســد حاجــة القــوات‬
‫المســلحة العراقيــة واألجهــزة األمنيــة األخــرى مــن األســلحة واألعتــدة‬
‫والتجهيــزات الضروريــة لرفــع االســتعداد والقــدرات القتاليــة لقواتنــا‬
‫المســلحة‪ .‬واإلســتعانة بطلبــة جامعــات التكنلوجيــا وتقنيــات المعلومــات‬
‫والهندســة فــي هــذا المجــال‪.‬‬
‫‪3.‬علــى وزارة الدفــاع إعــادة دراســة مســارح العمليــات وتحديــد متطلبــات‬
‫اعدادهــا وتجهيزهــا بالشــكل الــذي ُيمكــن القــوات المســلحة العراقيــة مــن‬
‫القيــام بتنفيــذ وأداء مهامهــا وواجباتهــا بمــا يؤمــن لهــا درء األخطــار والتصــدي‬
‫للتهديــدات المعاديــة ويحقــق لهــا االنتصــار علــى العــدو‪ ،‬وتشــمل مــد‬
‫الطــرق‪ ،‬بنــاء الجســور‪ ،‬بنــاء المعســكرات والمطــارات‪ ،‬والقواعــد الجويــة‬
‫والبحريــة وبنــاء وتوزيــع مراكــز ومخــازن الدعــم اللوجســتي‪ ،‬بنــاء وتجهيــز‬
‫وتحصيــن ونشــر المخافــر الحدوديــة‪ . . .‬الــخ)‪.‬‬
‫‪4.‬إعــادة النظــر بنــوع التســليح والتجهيــز المطلــوب وتحديــده وفــق متطلبــات‬
‫واقــع التحديــات الداخليــة والخارجيــة التــي يتعــرض لهــا األمــن الوطنــي‬
‫العراقــي‪ ،‬دون اإلعتمــاد علــى مصــدر تســليحي واحــد بــل تنويــع مصــادر‬
‫التســليح والتجهيــز والتدريــب أيض ـ ًا‪ ،‬وخصوص ـ ًا بالنســبة لتســليح القــوات‬
‫الجويــة والبحريــة والصنــف المــدرع‪.‬‬
‫‪5.‬إن اإلستفادة من الحشد الشعبي كمورد للقوة الوطنية يتطلب اآلتي‪:‬‬
‫أ‪ -‬توظيــف تجربــة الحشــد الشــعبي عــن طريــق تحويلــه إلى قــوة عســكرية احترافية‬
‫(علــى شــاكلة مؤسســة مســتقلة) تخــدم أهــداف األمــن الوطنــي العراقــي مرهونــة‬
‫بتجــاوز تحديــات اإلنتمــاء السياســي‪ ،‬واالهــم مرهونــة بالتقيــد بمعاييــر اإلحترافيــة‪،‬‬
‫أي (التماســك‪ /‬االحترافيــة‪ :‬وشــروطها) وذلــك بــان التقيــد بهذيــن المعيارييــن ُيمكن‬
‫‪| 14‬‬
‫ماع يف يموكحلا ءادألا تايلولوأولوأ‬

‫صانــع القــرار مــن تحويــل الحشــد الشــعبي مــن تنظيــم عســكري ثــوري إلــى مؤسســة‬
‫عســكرية محترفــة تخــدم أهــداف األمــن الوطنــي‪.‬‬
‫ب‪ -‬الجانــب التنظيمــي‪ :‬العمــل علــى تنظيــم تشــكيالت الحشــد الشــعبي وفــق‬
‫أطــر عملياتيــة تلبــي أهــداف وجــوده‪ ،‬حيــث ينبغــي أن ينطــوي علــى مديريــات‬
‫اإلســناد‪ ،‬والعمليــات المشــتركة‪ ،‬العمليــات الخاصــة وبالشــكل الــذي يؤمــن المقدرة‬
‫علــى القيــام بعمليــات أمنيــة مشــتركة مــع القــوات المســلحة‪.‬‬
‫‪ -٦‬وزارة الداخلية‬
‫‪ .‬أعلــى معهــد إعــداد المفوضيــن فــي وزارة الداخليــة اإلســتعانة بالخبــرات‬
‫العلميــة الحديثــة فــي تطويــر المناهــج النظريــة والعمليــة فــي معهــد إعــداد‬
‫مفوضــي الشــرطة لرفــد وزارة الداخليــة بالعناصــر الكفــؤة التــي تشــكل الخليــة‬
‫الوســطى فــي هيــكل الــوزارة‬
‫‪.‬بعلــى مديريــة المــرور العامــة إعــادة النظــر فــي رســم وتنفيــذ السياســة العامــة‬
‫للســامة المروريــة بمــا يتكفــل بتنظيــم الســير األمن علــى الطرق‪ ،‬وإســتكمال‬
‫العمــل باشــارات المــرور ليشــمل عمــوم البــاد‪.‬‬
‫‪.‬جزيــادة التنســيق بيــن مديريــة مكافحــة الجريمــة المنظمــة ومديريــة مكافحــة‬
‫المخــدرات وتشــكيل غرفــة عمــل مشــتركة نظــر ًا إلرتبــاط ملــف المخــدرات‬
‫بملــف الجريمــة المنظمــة فــي العــراق‪.‬‬
‫‪ .‬دتطويــر وتحديــث االجهــزة الكاشــفة للمخــدرات مــن أجــل تعزيــز القــدرات‬
‫الوطنيــة لمكافحــة المخــدرات‪ ،‬فــي ظــل التخــوف مــن أن يتــم إســتخدام‬
‫الطائــرات المســيرة فــي نقــل وتوزيــع وتهريــب المخــدرات‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬بناء الدولة وفق منظور االجتماع السياسي‬


‫‪ -١‬ترســيخ قــوة القانــون عبــر إثبــات أن الدولــة هــي المحتكــر الوحيــد لإلكــراه‪،‬‬
‫وهــذا التوجــه مــن قبــل الدولــة يتطلــب‪:‬‬
‫أ‪ -‬منــع أي بنيــة اجتماعيــة مــن إيقــاع أي حكــم أو إكــراه ملــزم لألفــراد‪ ،‬وعلــى‬
‫الدولــة تحقيــق ذلــك عــن طريــق‪:‬‬
‫‪-‬الحــد مــن نشــاط الفصائــل غيــر النظاميــة فــي المــدن‪ ،‬جميــع القوى المســلحة‬
‫ومهمــا كانــت أدوارهــا عظيمــة فــي حفــظ النــاس والدفــاع عــن العــراق فــإن‬

‫| ‪15‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫يفتــرض أن يجعلهــا أكثــر حرصـ ًا علــى الدولــة‪ .‬وهــو بحاجــة إلــى إســتيعاب‬
‫سياســي بالدرجــة األولــى عــن طريــق تفعيــل مبــدأ الثــواب والعقــاب‪.‬‬
‫‪-‬منــع الخصومــات العشــائرية والحــد مــن ممارســة القبائــل لــدور الدولــة‪،‬‬
‫خصوصــا فــي الحواضــر والمــدن‪ .‬وهــذا الطريــق هــو األســلم واألكثــر إتاحــة‬
‫أمــام صانــع القــرار العراقــي والــذي تميــل الدراســة إلــى البــدء عبــره‪ ،‬ألنــه‬
‫وبقــدر ارتبــاط بعــض العشــائر ببعــض الفصائــل المســلحة لكنهــا بالنهايــة‬
‫تظــل شــأن داخلــي‪ ،‬ويمكــن الحــد مــن دورهــا بطريقــة أســهل مــن تلــك‬
‫التــي تواجــه تحجيــم الفصائــل‪ ،‬وهنــا يمكــن البــدء بسلســة إجــراءات إداريــة‬
‫وأمنيــة‪ ،‬أولهــا رفــع المســاندة الحكوميــة التــي تمنــح شــيوخ العشــائر أهميــة‬
‫اســتثنائية فــي المجتمــع‪ ،‬والثانــي تجريــم وعقوبــة كل مــن يقــوم بعــدوان على‬
‫أســاس عشــائري‪ ،‬ومنــع االحتــكام إلــى العشــائر والعفــو عــن القاتــل فــي‬
‫حــاالت القتــل العمــد وغيرهــا‪.‬‬
‫ب‪ -‬ضــرورة اإلصــاح القضائــي‪ ،‬ويمكــن أن نقتــرح ســبيلين فــي هــذا الشــأن‪،‬‬
‫وتميــل الدراســة إلــى إختيارهمــا مع ـ ًا دون تفضيــل أحــد علــى اآلخــر‪:‬‬
‫‪-‬فــك ارتبــاط المعهــد القضائــي بــوزارة العــدل وإلحاقــه بمجلــس القضــاء‬
‫األعلــى‪ ،‬وتشــديد معاييــر إختيــار القضــاة‪ ،‬والرقابــة عليهــم‪ ،‬وتوفيــر‬
‫الحمايــة الكافيــة لهــم فــي ذات الوقــت مــن المطالبــات العشــائرية والتدخــات‬
‫السياســية‪.‬‬
‫‪-‬يجــب البــدء ببرنامــج المقصلــة التشــريعية حيــث أن القوانيــن العراقيــة تعانــي‬
‫مــن ترهــل تشــريعي عمــره أكثــر مــن نصــف قــرن‪ ،‬لدرجــة أن البنــك الدولــي‬
‫صنــف فعاليــة القوانيــن العراقيــة بدرجــة متدنيــة التتجــاوز ‪. ٪20‬‬
‫وقد وقع العراق اتفاقية مع (‪ )USAID‬بهذا الشأن ويمكن تفعيلها‪.‬‬
‫‪ -٢‬إصــاح النظــام التعليمــي وتركيــز دوره بوصفــه أحــد أهــم نواقــل القيــم فــي‬
‫عمليــة التنشــئة‪ ،‬التــي تعــد الركــن األســاس فــي اســتقرار الهويــة الوطنيــة فــي الوعــي‬
‫الجمعــي‪.‬‬
‫‪ -٣‬إن مــن أهــم روافــد اســتقرار الهويــة الوطنيــة هــو قــدرة الدولــة علــى إثبــات‬
‫حضورهــا اإليجابــي فــي حيــاة األفــراد‪ ،‬ومــن أهــم معالــم هــذا الحضــور هــو توفيــر‬
‫الخدمــات‪ ،‬البنيــة التحتيــة المتعلقــة بالكهربــاء والمــاء والطــرق‪ ،‬والقطــاع الصحــي‬
‫وســامة البيئــة‪.‬‬
‫‪| 16‬‬
‫ماع يف يموكحلا ءادألا تايلولوأولوأ‬

‫‪ -٤‬إن هنالــك حاجــة ماســة لتطويــر برامــج الرعايــة والحمايــة االجتماعيــة عــن‬
‫طريــق زيــادة النفقــات الحكوميــة فيهــا‪ ،‬فضـ ًا عــن دعــم الصناعــات المحليــة الناتجــة‬
‫عــن برامــج التدريــب والتطويــر مــن أجــل أن يكــون هنالــك تكامــل بيــن مناهــج‬
‫التدريــب والتطويــر وتوظيــف مايتحقــق منهــا‪.‬‬
‫‪ -٥‬إعتمــاد خطــة نوعيــة لبرامــج التأهيــل والتطويــر فــي وزارة العمــل والشــؤون‬
‫االجتماعيــة تعتمــد علــى حاجــة األســواق مــن أجــل إيجــاد حيــاة إجتماعيــة قائمــة‬
‫علــى أســاس دعــم فئــة الشــباب ودفعهــم بإتجــاه حيــاة آمنــه إقتصادي ـ ًا‪ .‬إذ البــد أن‬
‫تكــون هــذه الــدورات متطابقــة مــع إحتياجــات الســوق كالحالــة مــع صيانــة األجهــزة‬
‫األلكترونيــة والحواســيب وأجهــزة المحمــول التــي أصبحــت أكثــر رواجـ ًا فــي ســوق‬
‫العمــل‪.‬‬
‫‪ -٦‬شــمول الســكان الــذن يعيشــون تحــت خــط الفقــر ببرامــج الحمايــة‬
‫االجتماعيــة‪ ،‬ويمكــن أن تتزايــد نســب المشــمولين بهــذا البرنامــج بعــد حمــات‬
‫القضــاء علــى المتجاوزيــن علــى هــذه الشــبكة والتــي تســعى وزارة العمــل إلــى تنفيــذ‬
‫خطــة شــاملة بهــذا الشــأن‪.‬‬
‫‪ -٧‬تعزيــز مناهــج المواطنــة واإلندمــاج الوطنــي الخاصــة بتقويــم األحــداث‬
‫وخصوصــ ًا الذيــن صــدرت بحقهــم عقوبــات وأحــكام مــن أجــل تقليــل فــرص‬
‫مضاعفــة اإلنحــراف واإلجــرام فــي المجتمــع‪.‬‬
‫‪ -٨‬ضــرورة تســيير حــوار وطنــي وإجتماعــي شــامل فــي المناطــق التــي تعرضــت‬
‫للظلــم واإلنتهــاك مــن قبــل تنظيــم داعــش اإلرهابــي مــن أجــل تحقيــق مســتوى مــن‬
‫العــدل‪ ،‬فضـ ًا أن تكــون إجــراءات المعاقبــة مــن قبــل المؤسســات القضائيــة للدولــة‬
‫وليــس العقوبــات القســرية الناتجــة مــن األفــراد‪.‬‬
‫‪ -٩‬أن هنالــك قصــور فــي الخطــة الوطنيــة فــي مجــال تمكيــن دور النســاء فــي‬
‫مجــال األمــن وخصوصـ ًا النســاء العامــات فــي قطــاع األمــن والتــي تقــع علــى عاتقــن‬
‫مهمــات تتعلــق باإلصــاح وتحســين ســلوك الســجينات وبنــاء ثقافــة الســام‪.‬‬
‫‪ -١٠‬إن هنالــك حاجــة ماســة إلبــراز عــدد النســاء فــي المهــام القياديــة فــي‬
‫مؤسســات صنــع القــرار فــي الجانــب التنفيــذي عــن طريــق إشــراكها فــي المفاوضــات‬
‫واألنشــطة الوطنيــة علــى المســتوى الداخلــي والخارجــي‪ .‬خاص ـ ًة بعــد أن حققــت‬
‫المــرأة نجاحـ ًا فــي الدرجــات الخاصــة وصلــت إلــى (‪ ، )610‬وفــي المناصــب العليــا‬

‫| ‪17‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫حققــت المــرأة (‪ )65‬موقــع بدرجــة وزيــر أو وكيــل وزيــر حســب بيانــات الجهــاز‬
‫المركــزي لإلحصــاء الصــادر فــي عــام ‪.2017‬‬
‫‪ -١١‬البــد مــن التفكيــر بإغــاق المخيمــات الخاصــة بأســر تنظيــم «داعــش»‬
‫االرهابــي ألن وجــود هــذه االســر داخــل مخيــم واحــد أمــر فــي غايــة الخطــورة ألنــه‬
‫قــد يخلــق بيئــة قــد تكــون حاضنــة لنشــر التطــرف داخــل هــذا المخيــم كمــا حــدث فــي‬
‫ســجن «بــوكا» الــذي تخــرج منــه إرهابيــون لــم يكونــوا كذلــك قبــل دخولهم الســجن‪.‬‬
‫‪ -١٢‬يجــب التفريــق بيــن أســر تنظيــم «داعــش» االرهابــي‪ ،‬واألشــخاص المنتمين‬
‫إلــى (أفخــاذ) عشــائرية كانــت فيهــا غالبيــة مــن التنظيــم‪ ،‬إذ اضطــر الكثيــرون خصوص ًا‬
‫فــي محافظتــي األنبــار وصــاح الديــن الى تغييــر أماكن ســكنهم والبقاء فــي المخيمات‬
‫خوف ـ ًا مــن إنتقــام بعــض العشــائر المتنفــذة التــي تعــادي عشــائر أخــرى أســهمت فــي‬
‫إيــواء عناصــر التنظيــم االرهابــي‪ ،‬وتداولــت مواقــع التواصــل االجتماعــي فــي تمــوز‬
‫‪ 2019‬مقطــع فديــو ألشــخاص فــي مدينــة هيــت بمحافظــة األنبــار ينهالــون بالضــرب‬
‫علــى رجــل إتضــح الحقـ ًا قريــب ألســرة كانــت مؤيــدة لتنظيــم «داعــش» اإلرهابــي‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬المجال التشريعي والرقابي‬


‫‪1.‬هنالــك حاجــة ماســة لتطويــر قواعــد الســلوك الداخلــي ألعضــاء المجلــس‬
‫مــن أجــل بنــاء نظــام مــن القيــم والتقاليــد البرلمانيــة بعيــدة عــن التجــاوز علــى‬
‫الحــدود المســموحة أو تجــاوز الصالحيــات فــي وســائل اإلعــام ممــا يربــك‬
‫عمــل بقيــة مؤسســات الدولــة التنفيذيــة‪.‬‬
‫‪2.‬زيــادة التواصــل بيــن مجلــس النــواب والمواطنيــن عــن طريــق إيجــاد نمــط‬
‫مــن الشــراكة المجتمعيــة قائــم علــى أســاس الحــوار والتواصــل بيــن المواطــن‬
‫ومجلــس النــواب يهــدف بالدرجــة األولــى إلــى قيــاس رضــى المواطنيــن مــن‬
‫العمــل البرلمانــي‪.‬‬
‫‪3.‬تعزيز العالقات مع المؤسسات عن طريق‪:‬‬
‫‪ .‬أاإلنفتــاح علــى الجامعــات عــن طريــق مشــروع الزائــر البرلمانــي (أعضــاء‬
‫وكــوادر)‪.‬‬

‫‪| 18‬‬
‫ماع يف يموكحلا ءادألا تايلولوأولوأ‬

‫‪.‬بتكثيــف األنشــطة التربويــة بتشــجيع زيــارات تالميــذ وطلبــة الكليــات‬


‫للبرلمــان ( (( ( * ) ‪.‬‬
‫‪.‬جتحســين صــورة المؤسســة البرلمانيــة‪ ،‬بإعــداد مخطــط تواصلــي ثقافــي بنــاء‬
‫علــى الرصيــد التاريخــي والموقــع الجغرافــي للمؤسســة‪ ،‬وذلــك عــن طريــق‬
‫تنظيــم أو إحتضــان المجلــس لتظاهــرات ثقافيــة وفكريــة‪.‬‬
‫‪ .‬دمحاضــرات ثقافيــة‪ ،‬معــارض فنيــة‪ ،‬يتعــرف بمناســبتها المشــاركون علــى‬
‫تاريــخ المؤسســة ورمزيــة البنايــة التــي تحتضــن البرلمــان‪.‬‬
‫‪4.‬تركيــز مجلــس النــواب علــى تدريــب أعضــاءه تقنيــات األعمــال الرقابيــة فــي‬
‫مجــال اإلســتجواب وطــرح الثقــة والتحقــق لمــا فــي ذلــك مــن أهميــة فــي‬
‫تقويــم األداء الحكومــي‪ ،‬وال يتأتــى ذلــك إال عــن طريــق تدريــب متخصــص‬
‫مــن قبــل خبــراء قانونييــن متخصصيــن فــي العمــل البرلمانــي‪.‬‬
‫‪ .‬أيتطلــب مــن رئاســة مجلــس النــواب تطويــر برنامــج تدريبــي عميــق ُيمكــن‬
‫عضــو البرلمــان مــن القــدرة علــى مراجعــة الميزانيــة وممارســة الــدور الرقابــي‬
‫والتشــريعي الخــاص بذلــك عــن طريــق إطالعــه علــى أهــم المبــادئ والمعايير‬
‫الناظمــة للميزانيــة‪ ،‬وأنــواع الموازنــات وكيفيــة إعدادهــا والتوقعــات الماليــة‬
‫والحســابات الختاميــة‪ ،‬وغيرهــا مــن األمــور التقنيــة المتخصصــة‪.‬‬
‫‪5.‬علــى رئاســة مجلــس النــواب تدريــب األعضــاء البرلمانييــن علــى تفعيــل دور‬
‫الدبلوماســية البرلمانيــة لمــا لهــا مــن أهميــة فــي دعــم الجهــود الحكوميــة فــي‬
‫مجــال تنفيــذ السياســة الخارجيــة للدولــة‪ ،‬إذ تحضــى الدبلوماســية البرلمانيــة‬
‫بأهميــة كبيــرة بســبب قربهــا مــن الشــعوب الســيما فــي جوانــب دبلوماســية‬
‫المســار الثانــي والمســاهمة فــي تقييــم ودعــم النشــاط الحكومــي واإلنخــراط‬
‫فــي العمــل األممــي والدولــي‪ ،‬عــن طريــق االتحــادات البرلمانيــة والمنظمات‬
‫والجهــات المؤسســية اإلقليميــة والدوليــة‪ .‬وحســب برامــج يتــم التنســيق‬
‫عليهــا مــع الحكومــة ووزارة الخارجيــة‪.‬‬

‫‪ )*( .1‬هنــاك مشــروع إلســتيعاب عــدد مــن طلبــة كليــات العلــوم السياســية والقانــون واالعــام‬
‫واالقتصــاد للعمــل فــي العطلــة الصيفيــة وتحضيــر مشــاريع تخرجهــم‪.‬‬

‫| ‪19‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫رابع ًا‪ :‬أولويات السياسة الخارجية واألداء الدبلوماسي في عام ‪2020‬‬


‫‪1.‬إعــادة النظــر بعضويــة الكويــت بفريــق العمــل المشــرك المعنــي بأعــداد‬
‫الخطــط وبيــان جــدوى مشــروع الربــط الســككي‪ ،‬كــون الربــط الســككي هــو‬
‫شــأن داخلــي عراقــي‪ ،‬وليــس هنــاك دا ٍع مــن دخــول الكويــت فــي فريــق اعــداد‬
‫الخطــط ودراســة جــدوة وإمكانيــة تنفيــذ مشــروع‪ ،‬اذ ليــس مــن المتوقــع ان‬
‫يبــدي الجانــب الكويتــي عــدم الجــدوى مــن مشــروع الربــط الســككي لكونــه‬
‫يصــب فــي مصلحــة الكويــت‪.‬‬
‫‪2.‬التحفــظ علــى مشــروع الربــط الســككي بيــن العــراق والكويت‪ ،‬كــون األخيرة‬
‫تســعى مــن خاللــه الــى تفعيــل مينــاء مبــارك الكبيــر‪ .‬ذلــك بــأن موافقــة العــراق‬
‫علــى مشــروع الربــط الســككي يعطــي فرصــة للكويــت فــي بنــاء مشــروعها‬
‫الكبيــر الــذي يعــد مــن أهــم وأكبــر مشــاريع خطــة التنميــة الكويتيــة (كويــت‬
‫جديــدة ‪ ، )2035‬األمــر الــذي يجعــل مــن الكويــت نقطــة اتصــال بيــن الشــرق‬
‫والغــرب فــي حيــن أن مســتقبل العــراق يمكــن فــي بنــاء مينــاء الفــاو الكبيــر‬
‫واســتغالله لمصلحــة العــراق‪.‬‬
‫‪3.‬إن عــدم موافقــة العــراق علــى الربــط الســككي مــن شــأنه ان يــؤدي الــى إعاقــة‬
‫بنــاء مشــروع مينــاء مبــارك‪ ،‬فضــا عــن تقليلــه أهميــة اتفاقيــة خــور عبــد اهلل‬
‫لصالــح الكويــت‪ ،‬وبالتالــي يمكــن توظيــف مشــروع الربــط الســككي كورقــة‬
‫ضغــط لتحقيــق بعــض المكاســب مــن الجانــب الكويتــي مــن بينهــا تعديــل‬
‫اتفاقيــة خــور عبــد اهلل بموافقــة الطرفيــن‪ ،‬وجعــل مشــروع مينــاء مبــارك‬
‫مشــروع تكاملــي عراقــي كويتــي يخــدم المصالــح المشــتركة بيــن البلديــن‪،‬‬
‫وذلــك مقابــل الموافقــة علــى مشــروع الربــط الســككي‪.‬‬
‫‪4.‬اســتثمار الجهــود القطريــة فــي إعــادة اعمــار المناطــق المحــررة مــن دنــس‬
‫داعــش اإلرهابــي‪ ،‬حيــث قرضــت قطــر العــراق مليــار دوالر فــي الجهــد‬
‫الدولــي إلعــادة إعمــار العــراق خــال مؤتمــر الكويــت‪ ،‬حيــث ســبق وان‬
‫أكــد وزيــر الدولــة للشــؤون الخارجيــة القطــري ان الحكومــة القطريــة لديهــا‬
‫رغبــة حقيقيــة فــي المســاهمة بإعــادة اعمــار العــراق‪ ،‬وأنهــا تنــوي ان تكــون‬
‫الوســيط مــا بيــن العــراق والشــركات االســتثمارية العالميــة الكبــرى‪.‬‬
‫‪5.‬تطويــر االنفتــاح وتعزيــز العالقــات بيــن العــراق واإلمــارات العربيــة المتحــدة‬
‫مــن أجــل االرتقــاء وتوســيع العالقــات الثنائيــة بيــن البدليــن نقتــرح ان تكــون‬
‫‪| 20‬‬
‫ماع يف يموكحلا ءادألا تايلولوأولوأ‬

‫هنــاك زيــارة للســيد رئيــس الــوزراء عــادل عبــد المهــدي الــى دولــة االمــارات‪،‬‬
‫لدفــع عجلــة العالقــات بيــن البلديــن لتســاهم برســم خطــوات جديــة لتطويــر‬
‫العالقــات بيــن البلديــن‪ ،‬الســيما وان االمــارات وجهــت دعــوة رســمية الــى‬
‫رئيــس مجلــس الــوزراء لزيــارة ابــو ظبــي فــي نهايــة العــام ‪.2018‬‬
‫‪6.‬اســتثمار المجلــس التنســيقي المشــترك بيــن بيــن العــراق والمملكــة العربيــة‬
‫الســعودية لإلرتقــاء بالعالقــات للمســتوى االســتراتيجي وفتــح آفــاق جديــدة‬
‫مــن التعــاون فــي مختلــف المجــاالت‪ .‬وحــث المملكــة علــى االلتــزام‬
‫فــي االيفــاء بتعهداتهــا بتقديــم ‪ 5 .1‬مليــار دوالر العــادة اعمــار المناطــق‬
‫المتضــررة جــراء العمليــات العســكرية ضــد كيــان داعــش االرهابــي‪.‬‬
‫‪7.‬إذا كان الجانــب التركــي يــروم ضمــان عــدم اســتهداف االمــن التركــي او‬
‫تهديــده مــن قبــل حــزب العمــال الكردســتاني‪ ،‬فــإن الجانــب العراقــي يــروم‬
‫مــن تركيــا إيقــاف الخروقــات المتكــررة لألراضــي العراقيــة وانســحاب القوات‬
‫التركيــة مــن األراضــي العراقيــة‪ ،‬والحالــة هــذه فــإن الضــرورة تفــرض إزالــة‬
‫التهديــد الكــردي الــذي يشــكله حــزب العمــال الكردســتاني أوال قبــل التهديــد‬
‫التركــي وهــو مــا يتطلــب أن يكــون هنالــك إتفــاق ثالثــي يضمــن مصالــح‬
‫األطــراف الثالثــة فــي هــذا المجــال‪.‬‬
‫‪8.‬الضغــط علــى الجانــب االيرانــي بحســم ملــف األنهــار المشــتركة بتفعيل عمل‬
‫لجنــة األنهــار المشــتركة وعقــد اجتمــاع لهــا فــي أقــرب وقــت لحســم هــذا‬
‫الموضــوع‪ ،‬مــن خــال طــرح ورقــة اللجــوء الــى التقاضــي لتوفيــر الحصــص‬
‫المائيــة العادلــة مــن الميــاه وذلــك اســتنادا الــى االتفاقيــة المبرمــة بيــن البديــن‬
‫فــي ‪ 26‬كانــون األول ‪ 1975‬الخاصــة باســتثمار الميــاه الحدوديــة المشــتركة‪.‬‬
‫‪9.‬مــن اجــل تعظيــم فرصــة ببــروز دور عراقــي فــي المنطقــة‪ ،‬يتطلــب التعامــل‬
‫بواقعيــة وعقالنيــة ببنــاء عالقــة تحالفيــه امنيــة مــع الواليــات المتحــدة‬
‫األمريكيــة أساســها البراغماتيــة فــي التعامــل وواقعيــة فــي تحديــد األهــداف‬
‫ومحتواهــا الحيــاد الضمنــي فــي لعبــة التوازنــات بمــا يضمــن تحقيــق المصالــح‬
‫التــي تؤهــل للممارســة دور مهــم عبــر القنــوات الناعمــة بتفعيــل االتفاقيــات‬
‫اإلســتراتيجية مــن جهــة وعقــد اتفاقيــات تتالئــم مــع التطــورات فــي المنطقــة‪.‬‬
‫ ‪10.‬إن علــى وزارة الخارجيــة تأطيــر العالقــة مــع االتحــاد األوربــي يجــب‬
‫ان يحــدد اقتصاديــا مــع إعطــاء األولويــة لألمــن بــدال مــن الديمقراطيــة‪،‬‬
‫| ‪21‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫وكذلــك تعزيــز التعــاون مجــال التدريــب والدفــاع‪ ،‬واالتصــاالت‪ ،‬ونقــل‬


‫التكنولوجيــة‪ .‬باإلضافــة إلــى مايتصــل بالمشــاركة فــي الحــوارات الخاصــة‬
‫ببنــاء ثقافــة الحــوار بيــن العــراق ومحيطــه اإلقليمــي‪.‬‬
‫ـاال أوســع فــي اإلســتثمار بالقطــاع النفطــي فــي‬‫ ‪11.‬منــح روســيا اإلتحاديــة مجـ ً‬
‫العــراق‪ ،‬ففــي ظــل الشــعور الروســي بالعزلــة المفروضــة عليهــا مــن قبــل‬
‫الواليــات المتحــدة االمريكيــة يتطلــب مــن العــراق فــي العــام ‪ 2020‬ان‬
‫يطــور عالقتــه بروســيا االتحاديــة علــى مســتوى الطاقــة ويزيــد مــن حجــم‬
‫التعــاون معهــا فــي اســتثمار قطــاع النفــط فــي العــراق ويقــدم التســهيالت‬
‫للشــركات الروســية‪ ،‬ولكــن بشــرط احتــرام الســلطات المركزيــة فــي بغــداد‪،‬‬
‫وعــدم تجاوزهــا خــال توقيــع اتفاقيــات مــع األقاليــم فــي العــراق‪ ،‬وان‬
‫تكــون الحكومــة االتحاديــة هــي الجهــة المركزيــة التــي تتعامــل معهــا روســيا‬
‫االتحاديــة فــي ابــرام عقــود النفــط‪.‬‬
‫ ‪12.‬العمــل وبجديــة علــى إعــادة مراجعــة قــرارات مجلــس االمــن خاصــة تلــك‬
‫المتخــذة بموجــب الفصــل الســابع مــن ميثــاق االمــم المتحــدة‪ ،‬اذ لــم يخــرج‬
‫العــراق بعــد مــن الفصــل الســابع وان اعــان خروجــه كان غيــر مــدروس‬
‫ودقيــق‪ ،‬إلن قــرار خــروج العــراق مــن الفصــل الســابع وبشــكل كامــل يمثــل‬
‫منعطف ـ ًا حقيقي ـ ًا ســوف يؤســس الــى عــودة العــراق إلــى مكانتــه الطبيعيــة فــي‬
‫المجتمــع الدولــي ومحيطــه االقليمــي‪ ،‬وسيســهم فــي تعزيــز ودعــم العالقات‬
‫الثنائيــة والمتعــددة‪ ،‬والمضــي قدمـ ًا فــي ســبيل زيــادة تفعيــل دور العــراق فــي‬
‫المنظمــات الدوليــة والمتخصصــة مــن أجــل تحقيــق اهدافــه وطموحاتــه‬
‫المشــروعة‪.‬‬
‫ ‪13.‬ضــرورة االنتبــاه الــى طبيعــة عمــل بعثــة االمــم المتحــدة لمســاعدة العــراق‬
‫(‪ )UNAMI‬فالعــراق اشــبه مــا يكــون تحــت الوصايــة الدوليــة‪ ،‬الن عمــل‬
‫البعثــة يجــدد كل عــام بموجــب قــرارات مجلــس االمــن‪ ،‬ومــن خــال قــراءة‬
‫ســريعة لهــذه القــرارات ســوف نجــد بــان هنــاك توســع فــي الواليــة المنوطــة‬
‫بعمــل هــذه البعثــة‪ ،‬فقــد توســعت صالحياتهــا بشــكل يدعــو الــى القلــق‪،‬‬
‫لقــد مــر العــراق بمرحلــة اســتثنائية لكنــه اســتعاد اســتقراره وســيادته بشــكل‬
‫تدريجــي‪ ،‬قــد اليخلــو وضعــه الداخلــي مــن المشــاكل وهــذا حــال اغلــب‬
‫الــدول‪ ،‬لكــن اســتمرار عمــل البعثــة كل عــام يفتــح لهــا المجــال للتدخــل‬
‫‪| 22‬‬
‫ماع يف يموكحلا ءادألا تايلولوأولوأ‬

‫بمســائل ذات طابــع خالفــي منهــا (حقــوق االنســان باالخــص حقــوق المــراة‬
‫والطفــل‪ ،‬المناطــق الداخليــة والمتنــازع عليهــا بموجــب الفقــرة (‪ )140‬مــن‬
‫الدســتور‪ ،‬عالقــة العــراق مــع محيطــه االقليمــي وقضيــة الكويــت‪. . .‬‬
‫الــخ) ‪ ،‬لــذا يتعيــن علــى الحكومــة العراقيــة االنتبــاه الــى اللغــة المســتخدمة‬
‫ضمــن قــرارات مجلــس االمــن المتخــذة لتجديــد واليــة عمــل البعثــة فــي‬
‫العــراق‪ ،‬كمــا يتعيــن التحــرك وبشــكل متــوازي علــى تمكيــن المنظمــات‬
‫المتخصصــة مــن العــودة الخــذ دورهــا الطبيعــي فــي العــراق دون االســتناد‬
‫الــى بعثــة (يونامــي) كغطــاء‪ ،‬هــذا اذ علمنــا ان المبالــغ المرصــودة وبحســب‬
‫فريــق التقييــم المســتقل قــد بلغــت ‪ ٪80‬لصالــح امــور لوجســتية وتشــغيلية‬
‫بينمــا يصــرف اقــل مــن ‪ ٪20‬منهــا علــى االســتجابات االنســانية الطارئــة فــي‬
‫العــراق‪ .‬كمــا ان اســتمرار عمــل البعثــة يحــرم العــراق مــن ممارســة حقــه‬
‫الســيادي ولعــل مــن أبرزهــا إعــادة طلــب الترشــيح لعضويــة مجلــس األمــن‪.‬‬
‫ ‪14.‬حــث مجلــس النــواب والجهــات الماليــة كــوزارة الماليــة والبنــك المركــزي‬
‫علــى ضــرورة ضمــان التمويــل الكافــي لســداد حصــة العــراق ضمــن‬
‫المســاهمات واالشــتراكات والمنــح الماليــة كبــدل لعضويتــه ضمــن االمــم‬
‫المتحــدة ووكاالتهــا المتخصصــة والمنظمــات الدوليــة‪.‬‬
‫ ‪15.‬إعــداد وزارة الخارجيــة لورشــة عمــل تبــدأ بمقــر وزارة الخارجيــة وتتنقــل‬
‫مــن األمانــة العامــة لمجلــس الــوزراء نــزو ًال الــى وزارات الدولــة وهيئاتهــا‬
‫المختلفــة‪ ،‬الغــرض منهــا شــرح اليــة التقديــم الــى وظائــف األمــم المتحــدة‬
‫عبــر عــرض ‪ ،Power Point‬الهــدف منــه بيــان كافــة الخطــوات الواجــب‬
‫اتباعهــا عنــد التقديــم ومــا هــي ابــرز المعوقــات‪ ،‬وكيــف يمكــن للعــراق ان‬
‫يتدخــل ومتــى فــي زيــادة حصصــه مــن هــذه الوظائــف‪.‬‬
‫ ‪16.‬تحســين التنســيق فيمــا بيــن وزارة الخارجيــة والــوزارات القطاعيــة وبمــا‬
‫يضمــن ايجــاد مواقــف وطنيــة متكاملــة الركائــز مــن النواحــي السياســية‬
‫والفنيــة‪ ،‬ليتســنى عرضهــا والدفــاع عنها والتفاوض بشــانها ضمــن المؤتمرات‬
‫واالجتماعــات الدوليــة وبمــا يلبــي حجــم الطموحــات والتحديــات التــي‬
‫يواجههــا العــراق‪.‬‬
‫ ‪17.‬العمــل علــى تشــكيل هيئــة لــو لجنــة تســعى الــى تعزيــز بنــاء القــدرات وخلــق‬
‫كــدر متخصــص علــى مســتوى خبــراء فــي مجــال المنظمــات الدوليــة‪ ،‬مــع‬
‫| ‪23‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫متابعــة اماكــن عملهــم مســتقب ًال وبمــا يخــدم مصلحــة العمــل الوظيفــي ومكانة‬
‫العــراق كعضــو فــي االمــم المتحــدة والمنظمــات المتخصصــة والدوليــة‪. .‬‬
‫ ‪18.‬العمــل علــى خلــق نقــاط اتصــال وطنيــة قــادرة وفاعلــة لالســتجابة الــى‬
‫المتطلبــات والدراســات واالســتبيانات ذات الصلــة بعمــل كل منظمــة‬
‫دوليــة وبمــا يتوائــم مــع التحديــات الفعليــة والتــي تواجــه كل قطــاع حســب‬
‫االختصــاص‪ ،‬وان يتــم اختيــار وســائل اتصــال مســتدامة عبــر تخصيــص‬
‫هواتــف وبريــد الكترونــي تابــع الــى مؤسســة وليــس الــى أشــخاص‪.‬‬

‫خامس ًا‪ :‬تمكين اإلدارة التفاوضية في مجال المياه‬


‫‪1.‬إعتمــاد مبــدأ منــح الفــرص بالمثــل‪ /‬أي تحــرك إيجابــي تركــي تجــاه العــراق‬
‫ســيقابله منافــع عراقيــة لتركيــا‪ . .‬ونقتــرح هنــا التركيــز علــى التبــادل‬
‫التجــاري‪ .‬كخطــوة مناســبة بهــذا الشــأن خصوصــ ًا وأن هنالــك مخــاوف‬
‫تركيــة مــن أن سياســة اإلنفتــاح الســعودي علــى العــراق قــد تؤثــر علــى نســب‬
‫التبــادل التجــاري معهــا‪.‬‬
‫‪2.‬مــن الممكــن منــح الشــركات الزراعيــة التركيــة بعــض األراضــي لإلســتثمار‬
‫الزراعــي ســيما األراضــي الواقعــة علــى ضفــاف نهــري دجلــة والفــرات‬
‫وبميــزة تنافســية‪ .‬وهنــا علــى علــى الحكومــة العراقيــة تكليــف وزارة الزراعــة‬
‫بحصــر األراضــي القابلــة لإلســتثمار مــن قبــل الجانــب التركــي فــي مناطــق‬
‫جنــوب العــراق بشــكل أكبــر وعلــى األراضــي التــي تجــري فيهــا ميــاه دجلــة‬
‫والفــرات‪.‬‬
‫‪3.‬يمكــن للعــراق التلويــح ببنــاء ســد علــى نهــر دجلــة (حتــى وإن كان مــن الناحية‬
‫اإلعالميــة فقــط) وفقـ ًا للخارطــة الفنيــة المقدمــة مــن وزارة المــوارد الماليــة‪،‬‬
‫حتــى التســتمر تركيــا بفكــرة تأجــر الســدود للعــراق‪.‬‬
‫‪4.‬يمكــن للعــراق التلويــح بتنفيــذ بعــض الخيــارات التركيــة كالحالــة مــع منفــذ‬
‫فيشــخابور علــى ســبيل المثــال مــن أجــل طمأنــة تركيــا بــأن العــراق يبحــث‬
‫عــن تعزيــز فــرص تركيــا فــي العــراق‪ ،‬وإدراجهــا ضمــن ملــف اإلتفاقيــات‬
‫اإلســتراتيجية الموقعــه‪.‬‬
‫‪5.‬علــى العــراق أن يعمــل علــى صياغــة إســتراتيجية للميــاه تــوازي إســتراتيجية‬
‫مكافحــة اإلرهــاب تســهم فــي تأميــن الحاجــة الفعليــة مــن الســدود وتحقيــق‬
‫‪| 24‬‬
‫ماع يف يموكحلا ءادألا تايلولوأولوأ‬

‫متطلبــات اإلســتخدام األمثــل للميــاه برؤيــة وطنيــة عراقيــة فضـ ًا عــن مايتعلق‬
‫بالميــاه الجوفيــة‪ ،‬فالحاجــة الفعليــة مــن الســدود واإلســتخدام األمثــل تتطلب‬
‫خطــة واقعيــة تعمــل علــى المحافظــة علــى نســبة التقــل عــن ‪ ٪60‬إن لــم يكــن‬
‫أكثــر مــن الميــاه المهــدورة‪.‬‬
‫‪6.‬علــى الحكومــة العراقيــة العمــل بجديــة لتنشــيط دبلوماســية المســار الثانــي‬
‫فــي سياســتها تجــاه تركيــا وأن تعمــل علــى فهــم الحــركات السياســية الرســمية‬
‫وغيــر الرســمية المؤثــرة فــي تركيــا وتعتمــد إســتراتيجيات للتنســيق معهــا كونها‬
‫تعمــل علــى التأثيــر بشــكل كبيــر علــى القــرارات اإلســتراتيجية التركيــة‪.‬‬

‫سادس ًا‪ :‬المجال اإلقتصادي‬


‫‪1.‬ضــرورة أن تكــون هنالــك فلســفة إقتصاديــة واضحــة للنظــام االقتصــادي‬
‫للدولــة مــن أجــل أن تتالئــم مــع متطلبــات التنميــة والتخطيــط التنمــوي وعلــى‬
‫وزارة التخطيــط والبنــك المركــزي وهيئــة اإلســتثمار وضــع فلســفة مرجعيــة‬
‫واضحــة فــي هــذا الجانــب‪.‬‬
‫‪2.‬إن إرتفــاع القيمــة الحقيقيــة للدينــار العراقــي يســبب مشــكلة كبيــرة بوجــه‬
‫تحقيــق التنميــة‪ ،‬ألن الــدول الســائرة فــي طريــق تحقيــق التنميــة عــادة مــا‬
‫تخشــى‪ ،‬وخاصــة الناهضــة‪ ،‬إرتفــاع ســعر الصــرف الحقيقــي لعمالتهــا‬
‫الوطنيــة للحفــاظ علــى زخــم االســتثمار فــي االنشــطة المتجهــة للتصديــر‪.‬‬
‫‪3.‬إن معالجــة ملــف الفســاد يعــد أولويــة ضروريــة للعــراق فــي عــام ‪2020‬‬
‫وعلــى الحكومــة العراقيــة التعجيــل بعــدة خطــوات فــي هــذا الجانــب‪:‬‬
‫‪ .‬أالتعجيــل فــي مجــال الحوكمــة والحكــم الرشــيد فــي مؤسســات الدولــة‬
‫التنفيذيــة والرقابيــة‪.‬‬
‫‪.‬بتخفيــف أعبــاء الهيــكل اإلداري الحكومــي عــن طريــق منــح الصالحيــات‬
‫بشــكل تدريجــي للمحافظــات علــى أن تقــوم المؤسســات اإلتحاديــة‬
‫باإلشــراف المباشــر والمتابعــة الدوريــة فــي عــام ‪.2020‬‬
‫‪4.‬إعتمــاد سياســة ســحب الســيولة النقديــة عــن طريــق طــرح ســندات للجمهــور‬
‫ممــا يعــزز مــن سياســة اإلســتثمار للحكومــة والجمهــور علــى أن تكــون هنالك‬
‫خطــوات مدروســة فــي القطاعــات التــي ســتنتهج هــذا المبــدأ فــي ســحب‬
‫الســيولة النقديــة‪.‬‬
‫| ‪25‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪5.‬علــى مجلــس الــوزراء دعــم إســتراتيجية تنويــع المــوارد اإلقتصاديــة عــن‬


‫طريــق تركيــز إهتمامهــا بقطــاع الســياحة فــي عــام ‪ 2020‬والــذي يتطلــب‬
‫‪ .‬أرفــع مهــارات المــوارد البشــرية العاملــة فــي القطــاع الســياحي وفــي القطاعــات‬
‫المتشــابكة األخــرى عــن طريــق برامــج التدريــب والتأهيل‪.‬‬
‫‪.‬بتفعيــل دور الرقابــة الســياحية علــى المطاعــم والفنــادق بحيــث يتــم تحديــد‬
‫درجاتهــا أو االلتــزام بعــدد النجــوم المعلنــة للمطعــم أو الفنــدق علــى وفــق‬
‫المعاييــر الدوليــة‪.‬‬
‫‪.‬جتجــاوز مشــكلة التســويق الســياحي‪ .‬عــدم وجــود جهــة محليــة ســواء أكانــت‬
‫منظمــة مجتمــع مدنــي أو شــركة ســياحية مختصــة أو مهتمــة بالترويج للســياحة‬
‫وبتبنــي تصميــم وطباعــة اإلعالنــات فــي هــذا المجــال‪.‬‬
‫‪6.‬علــى مجلــس الــوزراء دعــم اإلســتراتيجية الوطنيــة للزراعــة فــي عــام ‪2020‬‬
‫عــن طريــق جملــة مــن السياســات فــي مقدمتهــا‪:‬‬
‫‪ .‬أتعزيــز عمليــة التمويــل للنشــاطات الزراعيــة مــن قبــل وزارة الزراعــة‬
‫والمصــرف الزراعــي بعــد إعــداد برنامــج شــامل يتعلــق بالجوانــب النوعيــة‬
‫والكميــة لحاجــة الســوق الداخليــة‪.‬‬
‫‪.‬بدعــم المنتــوج المحلــي عــن طريــق فــرض ضرائــب وروســوم علــى البضائــع‬
‫الزراعيــة المســتوردة‪.‬‬
‫‪.‬جربــط الناتــج الزراعــي الســنوي بالقطــاع الصناعــي مــن أجــل تحقيــق مســتوى‬
‫تســويقي أفضــل للمنتــوج الوطنــي وهــذا يتطلــب التكامــل فــي المســتويات‬
‫اآلتيــة‪:‬‬
‫‪-‬مشــروع تربيــة العجــول واألبقــار يتطلــب وجــود مجــازر ومعامــل لأللبــان‬
‫وبــرادات حديثــة وكبيــرة للخــزن‪.‬‬
‫‪-‬أنتــاج المحاصيــل الزيتيــة مثــل السمســم والقطــن والــذرة وفــول الصويــا‬
‫يتطلــب تفعيــل إســتالم هــذه المحاصيــل فــي معامــل الزيــوت الموجــودة‬
‫داخــل العــراق‪.‬‬
‫‪-‬زراعــة المحاصيــل الطبيــة مثــل (البابنــك) يتطلــب اســتالمها مــن قبــل معامــل‬
‫األدويــة فــي العــراق‪ .‬والســبب فــي ذلــك عــدم وجــود تنســيق مشــترك بيــن‬
‫الــوزارات والهيئــات المعنيــة بالقطــاع الزراعــي و القطاعــات األخــرى‪.‬‬

‫‪| 26‬‬
‫ماع يف يموكحلا ءادألا تايلولوأولوأ‬

‫‪7.‬إن تطويــر قطــاع الصناعــة لدعــم االقتصــاد الوطنــي يتطلــب إعــادة تأهيــل‬
‫البنيــة التحتيــة التابعــة لــوزارة الصناعــة ومشــاركة القطــاع الخــاص وهــي قــد‬
‫تشــكل أولويــة منخفضــة للسياســة الحكوميــة فــي عــام ‪ ،2020‬إال أن وضــع‬
‫الحجــر األســاس فيهــا علــى أربــع مراحــل أي لغايــة عــام ‪2023‬ســيؤدي إلــى‬
‫إيجــاد بنيــة صناعيــة جيــدة ممكــن تطويرهــا فيمــا بعــد عــن طريــق جــذب‬
‫اإلســتثمارات األوروبيــة أو الخليجيــة إلــى العــراق‪.‬‬

‫سابع ًا‪ :‬إصالح العملية السياسية‬


‫‪1.‬إن أي إصــاح لــأداء السياســي البــد أن يكــون مرتبطــ ًا بتكامــل العمــل‬
‫التشــريعي ووضــوح مهامــه‪ ،‬وهــذا مايتطلــب تشــكيل مجلــس اإلتحــاد‬
‫الــذي ســينضم أداء المحافظــات وعالقتهــا بالحكومــة اإلتحاديــة ومايتصــل‬
‫بالخالفــات العالقــة فــي هــذا الشــأن‪.‬‬
‫‪2.‬نقــل األداء المؤسســي مــن الرؤيــة الضيقــة المحصــورة فــي مكتــب الوزيــر إلــى‬
‫البرامــج التــي يعمــل علــى إعدادهــا مجلــس األمــن الوطنــي‪ ،‬األمــر الــذي‬
‫يعــزز مــن أداء المؤسســات التنفذيــة ونقــل البرنامــج الحكومــي إلــى مجــال‬
‫التنفيــذ الفعلــي‪.‬‬
‫‪3.‬تأهيــل مركــز بحثــي متخصــص يمتلــك قــدرة علــى التشــخيص وتقييــم البيئــة‬
‫واإلســتجابة اإلســتراتيجية لمراقبــة المجــاالت التنفيذيــة للحكومــة وتحديــد‬
‫ردود الفعــل المتوقعــة والخيــارات الالزمــة لتنفيــذ السياســات‪.‬‬
‫‪4.‬إن الحــوار مــع إقليــم كردســتان كجــزء مــن برنامــج اإلصــاح اإلداري‬
‫والسياســي وتصفيــر المشــكالت بحاجــة إلــى أن يكــون حكومــي ورســمي‬
‫وأن يتجنــب المواقــف السياســية الخاضعــة إلــى المصالــح الضيقــة‪.‬‬
‫‪5.‬إن تعزيــز دور االدعــاء العــام فــي الســلطة القضائيــة يعــد واحــدة مــن أهــم‬
‫ضــرورات النظــام السياســي فــي عــام ‪ 2020‬مــن أجــل أن يتناســب الــدور مــع‬
‫المســؤوليات التــي تقــع علــى عاتقــه فــي المجــال القضائــي‪.‬‬
‫‪6.‬بالنظــر لكثــرة األزمــات والمشــكالت االجتماعيــة والسياســية وغيرهــا فعلــى‬
‫صانــع القــرار العمــل علــى توســيع المــوارد البشــرية للســلطة القضائيــة‬
‫لتناســب حجــم المشــكالت التــي تواجــه المجتمــع‪.‬‬

‫| ‪27‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪7.‬إن واحــدة مــن أهــم ضــرورات اإلصــاح السياســي هــو إصــاح النظــام‬
‫اإلنتخابــي مــن خــال تصميــم نظــام يــوازن بيــن المعاييــر الدوليــة لألنظمــة‬
‫االنتخابيــة ومعطيــات الواقــع السياســي واإلداري للعــراق وبمــا يضمــن مهــام‬
‫الرقابــة وتنفيــذ المســؤوليات التــي تتصــل بمرحلــة مابعــد االنتخابــات‪.‬‬

‫‪| 28‬‬
‫النظام السياسي‬

‫فلسفة معقدة بوجه اإلصالح الحكومي‬

‫بعــد أن شــهد العــراق نظام ـ ًا سياســي ًا شــمولي ًا مركزي ـ ًا ألكثــر مــن ثالثــة عقــود مــن‬
‫القــرن المنصــرم‪ ،‬جــاء االحتــال االمريكــي للعــراق فــي ‪ 2003 /4 / 9‬ليغيــر ذلــك‬
‫النظــام‪ ،‬إذ تولــت ســلطة االئتــاف المؤقــت برئاســة الحاكــم المدنــي االمريكــي‬
‫(بريمــر) أدارة الدولــة العراقيــة‪ ،‬وتأســيس مايعــرف بمجلــس الحكــم الــذي ضــم‬
‫أغلــب االحــزاب العراقيــة المعارضــة للنظــام الســابق‪ ،‬وقانــون إدارة الدولــة للمرحلــة‬
‫االنتقاليــة للعــام (‪ ، )2004‬والــذي يعــد بمثابــة دســتور مؤقــت للعــراق‪ ،‬ممــا مهــد‬
‫الطريــق لتشــريع الدســتور العراقــي الدائــم للعــام (‪ ، )2005‬إذ نصــت مادتــه االولــى (‬
‫(جمهوريــة العــراق دولــة اتحاديــة واحــدة مســتقلة‪ ،‬ذات ســيادة كاملــة‪ ،‬نظــام الحكــم‬
‫فيهــا جمهــوري نيابــي برلمانــي ديمقراطــي‪ ،‬وهــذا الدســتور ضامــن لوحــدة العــراق)‬
‫) ‪ ،‬وعليــه فــإن النظــام السياســي العراقــي بعــد العــام (‪ )2005‬وفــق الدســتور هــو‬
‫نظــام اتحــادي برلمانــي لعــل مــن أبــرز ســماته التــوازن والتعــاون بيــن ســلطاته الثــاث‬
‫(التشــريعية‪ ،‬التنفيذيــة‪ ،‬القضائيــة) فــي أدارة الحكــم‪.‬‬
‫ويلحــظ إن التجربــة الديمقراطيــة الوليــدة فــي العــراق والتــي جــاءت بإســلوب‬
‫الصدمــة بعيــد ًا عــن التــدرج التاريخــي للنمــط الديمقراطــي للحكــم‪ ،‬فقــد تعرضــت‬
‫للكثيــر مــن التحديــات والمعوقــات السياســية واألمنيــة واالقتصاديــة واالجتماعيــة‪،‬‬
‫األمــر الــذي جعــل تلــك التجربــة تعانــي مــن أمــراض تــكاد تكــون مزمنــة أصابــت‬
‫جســد الدولــة العراقيــة ومؤسســاتها الديمقراطيــة الوليــدة‪ ،‬ممــا حتــم علــى المختصين‬
‫التفكيــر فــي محاولــة تقويــم وإصــاح تلــك المنظومــة السياســية‪ ،‬مــن أجــل تحســين‬
‫أداء تلــك المؤسســات وفــق األطــر الدســتورية والقانونيــة‪ ،‬وتحليلهــا وتشــخيص‬
‫أبــرز المعوقــات والتحديــات التــي أعاقــت عمــل تلــك المؤسســات‪ ،‬ووضــع الحلــول‬
‫المالئمــة التــي هــي بمثابــة خارطــة طريــق لإلصــاح الحكومــي المنشــود‪ ،‬عليــه‬

‫| ‪29‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫ســيتطرق البحــث فــي األطــر التشــريعية الدســتورية للســلطات الثــاث (التشــريعية‪،‬‬


‫التنفيذيــة‪ ،‬القضائيــة) ‪ ،‬باإلضافــة الــى النظــام االنتخابــي الــذي يعــد مــن أهــم‬
‫الخيــارات السياســية للبلــدان وهــو كذلــك الوســيلة التــي يعبــر المواطــن مــن خاللهــا‬
‫عــن رايــه وتمثــل المدخــل الرئيســي لقيــام حكــم تمثيلــي ألشــخاص يتــم اختيارهــم‬
‫مــن قبــل الشــعب مــن أجــل تمثيــل انســب لجميــع مكونــات المجتمــع العراقــي‬
‫واســتقرار النظــام السياســي‪ ،‬واإلشــارة إلــى أبــرز المعوقــات والتحديــات‪ ،‬وأهــم‬
‫الحلــول التقويميــة لإلصــاح الحكومــي‪.‬‬

‫أو ًال‪ :‬السلطة التشريعية‬

‫‪ -1‬اإلطار التشريعي‬
‫الســلطة التشــريعية االتحاديــة تتألــف حســب المــادة (‪-64 -61 - 56 -49-48‬‬
‫‪ )65‬مــن الدســتور العراقــي الدائــم لعــام (‪ )2005‬مــن مجلــس النــواب ومجلــس‬
‫االتحــاد‪ ،‬إذ يتكــون مجلــس النــواب مــن عــدد مــن األعضــاء بنســبة مقعــد واحــد‬
‫لــكل مائــة ألــف مــن نفــوس العــراق يمثلــون الشــعب العراقــي بأكملــه‪ ،‬يتــم انتخابهــم‬
‫بطريــق االقتــراع العــام الســري المباشــر‪ ،‬ويراعــى تمثيــل ســائر مكونــات الشــعب‬
‫العراقــي‪ ،‬علــى أن تشــكل نســبة النســاء مــا ال يقــل عــن الربــع مــن أعضــاء المجلــس‪،‬‬
‫وتكــون مــدة العضويــة فــي المجلــس (‪ )4‬ســنوات تقويميــة تبــدأ بــأول جلســة‬
‫وتنتهــي بنهايــة الســنة الرابعــة‪ ،‬مــا لــم يتــم حــل المجلــس باألغلبيــة المطلقــة لعــدد‬
‫أعضائــه‪ ،‬بنــاء علــى طلــب مــن ثلــث أعضائــه أو طلــب مــن رئيــس الــوزراء بموافقــة‬
‫رئيــس الجمهوريــة‪ ،‬وللمجلــس اختصاصــات متعــددة مــن أهمهــا تشــريع القوانيــن‬
‫االتحاديــة‪ ،‬والرقابــة علــى أداء الســلطة التنفيذيــة‪ ،‬ويتــم إنشــاء مجلــس تشــريعي‬
‫يدعــى (مجلــس االتحــاد) يضــم ممثليــن عــن األقاليــم والمحافظــات غيــر المنتظمــة‬
‫فــي اقليــم‪ ،‬وينظــم تكوينــه‪ ،‬وشــروط العضويــة فيــه‪ ،‬واختصاصاتــه‪ ،‬وكل مــا يتعلــق‬
‫بــه بقانــون يســن بأغلبيــة ثلثــي أعضــاء مجلــس النــواب‪.‬‬
‫فــي أغلــب الــدول االتحاديــة يتكــون البرلمــان مــن مجلســين أحدهمــا يمثل شــعب‬
‫الدولــة االتحاديــة ككل ويســمى ب (المجلــس األدنــى) ‪ ،‬واآلخــر يمثــل االقاليــم‬
‫والواليــات المكونــة لإلتحــاد ويطلــق عليــه (المجلــس األعلــى) ‪ ،‬ولقــد أختلــف‬
‫الفقهــاء فــي تحديــد أي مــن المجلســين يعبــر عــن مظهــر االتحــاد أو الوحــدة‪ ،‬إذ‬
‫‪| 30‬‬
‫وكحلا حالصإلا هجوب ةدقعم ةفسلف‬

‫ذهــب قســم منهــم إلــى أن المجلــس األدنــى هــو الــذي يعبــر عــن الوحــدة أو االتحــاد‬
‫باعتبــاره يمثــل شــعب الدولــة بمجموعــه‪ ،‬أمــا المجلــس األعلــى فهــو يعبــر عــن‬
‫االســتقالل‪ ،‬وهــذا اإلتجــاه الفقهــي األقــل‪ ،‬فــي حيــن يذهــب االتجــاه الغالــب إلــى‬
‫أن المجلــس األعلــى وأن كان يمثــل االقاليــم والواليــات المكونــة لالتحــاد إال أنــه‬
‫ال يمكــن أن يعبــر عــن مظهــر االســتقالل بســبب وجــوده داخــل البرلمــان االتحــادي‬
‫بجانــب المجلــس األدنــى هــو تمثيــل للواليــات والوحــدات األعضــاء جميعهــا وليــس‬
‫لوحــدة معينــة‪ ،‬فض ـ ًا عــن أن البرلمــان االتحــادي يمــارس إختصاصاتــه بمجلســيه‬
‫األعلــى واألدنــى وتســري ســلطاته علــى إقليــم الدولــة بأســره‪ ،‬فمجلــس االتحــاد‬
‫(المجلــس األعلــى) هــو مكمــل للجهــاز التشــريعي االتحــادي الــذي تشــترك فيــه‬
‫جميــع الوحــدات السياســية فــي تكوينــه‪ ،‬وعليــه فــأن وجــوده ودوره فــي العمــل بهــذا‬
‫الشــكل يعبــر عــن مظهــر االشــتراك وليــس مظهــر االســتقالل‪.‬‬
‫ومــن أبــرز الوســائل الرقابيــة للســلطة التشــريعية فــي العــراق علــى الســلطة‬
‫التنفيذيــة والتــي نصــت عليهــا المــادة (‪ )61‬مــن الدســتور لعــام (‪ )2005‬هــي حــق‬
‫الســؤال‪ ،‬وحــق االســتجواب‪ ،‬وحــق ســحب الثقــة‪ ،‬وحــق طــرح موضــوع للنقــاش‪،‬‬
‫كمــا يحتــاج البرلمــان إلــى العديــد مــن االختصاصــات لمراقبــة أعمــال الســلطة‬
‫التنفيذيــة مــن أجــل الحــرص علــى اتباعهــا القواعــد الدســتورية فــي ســياق عملهــا‪،‬‬
‫وتكــون الرقابــة علــى قضايــا مهمــة لعــل أبرزهــا‪ :‬برنامــج الحكومــة ومراجعــة التقاريــر‬
‫الدوريــة التــي تقدمهــا‪ ،‬تنفيــذ الموازنــة العامــة والحســابات الختاميــة‪ ،‬االتفاقيــات‬
‫والقــروض‪ ،‬الضرائــب العامــة والرســوم‪ ،‬الخطــط التنمويــة‪ ،‬شــكاوى المواطنيــن‪.‬‬
‫ويلحــظ أن الواقــع السياســي للتجربــة البرلمانيــة العراقيــة يشــير إلــى أن أغلــب‬
‫حــاالت االســتجواب أو التحقيــق البرلمانــي أو أي نــوع مــن أنــواع الرقابــة البرلمانيــة‬
‫فــي العــراق وخاصــة فــي الــدورة االولــى (‪ )2010 -2006‬إنتهــت نتيجتهــا إلــى‬
‫عــدم تحــرك أي مســؤولية ســواء كانــت سياســية أو وزاريــة‪ ،‬إذ لــم يحاســب أي‬
‫وزيــر أو مســؤول حكومــي بإســتثناء وزيــر التجــارة (عبــد الفــاح الســوداني) الــذي‬
‫تــم إســتجوابه أثــر الفســاد المالــي واإلداري‪ ،‬وتــم ســحب الثقــة منــه وعــده مســتقي ًال‬
‫فــي ‪ ،2009 /5 /16‬فضـ ًا عــن تدنــي مســتوى الثقافــة البرلمانيــة والقانونيــة‪ ،‬األمــر‬
‫الــذي جعــل الحكومــة بمنــأى عــن المحاســبة مســتغلة جهــل وفشــل أعضــاء المجلــس‬
‫فــي ممارســة الرقابــة‪ ،‬إذ كانــت جلســات االســتجواب واالســتدعاء تتســم بالطابــع‬
‫السياســي بعيــد ًا عــن المهنيــة‪.‬‬
‫| ‪31‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫وممــا تقــدم يتضــح أنــه علــى الرغــم مــن وجــود االطــار التشــريعي الدســتوري‬
‫الضامــن لصالحيــات الســلطة التشــريعية فــي العــراق‪ ،‬إال أن تلــك التجربــة عانــت‬
‫مــن الكثيــر مــن التحديــات والمعوقــات التــي حالــت دون أداء الواجبــات التشــريعية‬
‫والرقابيــة للســلطة التشــريعية المكلفــة بهــا دســتوري ًا‪.‬‬

‫‪ -2‬تحديات ومعوقات السلطة التشريعية العراقية‪:‬‬


‫‪ -1‬التحــدي الدســتوري‪ :‬ويتمثــل فــي أن الدســتور لــم يتطــرق بالتفصيــل إال‬
‫للمــواد التــي تــم االتفــاق عليهــا مــن قبــل الكتــل السياســية العراقيــة مــن حيــث المبــدأ‬
‫بينمــا تركــت المســائل الخالفيــة والجوهريــة إلــى مجلــس النــواب‪ ،‬إذ أدرجــت تحــت‬
‫عبــارة (ينظــم بقانــون) ‪ ،‬وذلــك مــن أجــل الخــروج مــن المعضلــة التــي واجهــت‬
‫لجنــة كتابــة الدســتور آنــذاك‪ ،‬ويبــرز التحــدي بشــكل واضــح فــي تمســك كل الكتــل‬
‫السياســية بمطالبهــا وعــدم التنــازل عنهــا‪ ،‬فضـ ًا عــن مــاورد فــي الدســتور فــي المــادة‬
‫(‪ )110‬بخصــوص اإلختصاصــات الحصريــة للســلطات االتحاديــة والخاصــة برســم‬
‫السياســة العامــة للدولــة االتحاديــة الخارجيــة والماليــة والجنســية واألمــن الوطنــي‪،‬‬
‫بينمــا تــرك مــا دونهــا مــن مواضيــع إلــى ســلطة األقاليــم أو المحافظــات غيــر المنتظمــة‬
‫بإقليــم‪ ،‬والتســاؤل األبــرز هــو كيــف يمكــن تعديــل قانــون اتحــادي بواســطة قانــون‬
‫محافظــة أو اقليــم؟ وهــذا يتناقــض مــع الهيــكل الهرمــي القانونــي‪ ،‬إذ أن المدونــة‬
‫الدســتورية والقانونيــة فــي الــدول الفيدراليــة تنــص علــى علويــة القوانيــن الدســتورية‬
‫االتحاديــة علــى قوانيــن االقاليــم‪ ،‬فــي حيــن اعطــى دســتور العــراق لألقاليــم الحــق‬
‫فــي تعديــل القوانيــن االتحاديــة بمــا يتــاءم مــع ظروفهــا‪ ،‬ممــا يــؤدي إلــى أفــراغ‬
‫المحتــوى التشــريعي الــذي يختــص بــه مجلــس النــواب والتنــازل عنــه لســلطة ذات‬
‫تــدرج قانونــي أدنــى يتمثــل بســلطة االقاليــم‪.‬‬
‫‪ -2‬المحاصصــة الطائفيــة‪ :‬إذ كــرس هــذا المبــدأ منــذ الشــروع فــي بنــاء‬
‫مؤسســات النظــام السياســي الجديــد فــي العــراق بعــد ‪ ،2003 /4 /9‬حتــى كاد‬
‫يكــون عرفـ ًا دســتوري ًا‪ ،‬ممــا جعــل القــرارات والقوانيــن التــي يتخذهــا البرلمــان تفتقــر‬
‫إلــى الكثيــر مــن المصداقيــة فــي النوايــا مــن جانــب وتعمــق حالــة التــأزم السياســي مــن‬
‫جانــب آخــر‪ ،‬إذ قامــت المحاصصــة الطائفيــة علــى أســاس توزيــع الســلطات الثــاث‬
‫والمناصــب الوظيفيــة فــي الدولــة وفقــا لمعيــار االنتمــاء إلــى طائفــة معينــة على أســاس‬
‫النســب العدديــة إلــى المكــون الطائفــي العــام‪.‬‬
‫‪| 32‬‬
‫وكحلا حالصإلا هجوب ةدقعم ةفسلف‬

‫‪ -3‬غيــاب المعارضــة البرلمانيــة‪ :‬إذ أن أغلــب الكتــل الموجــودة فــي البرلمــان‬


‫ممثلــة فــي الحكومــة‪ ،‬األمــر الــذي أفضــى إلــى غيــاب دور المعارضــة البرلمانيــة‪،‬‬
‫فلــم يبــادر أي عضــو أو كتلــة برلمانيــة علــى تحريــك الــدور الرقابــي لخشــيتها مــن‬
‫األعضــاء أو الكتــل األخــرى للقيــام بالــدور ذاتــه ضدهــا‪ ،‬وأضحــت غايــة تلــك الكتل‬
‫وأعضاءهــا حمايــة مصالحهــم الخاصــة ومصالحهــم الحزبيــة الضيقــة‪ .‬وبالرغــم مــن‬
‫تبلــور مالمــح كتلــةى معارضــة يقودهــا تيــار الحكمــة فــي عــام ‪ 2019‬إال أن مــدى‬
‫تأثيرهــا فــي ضــوء التوافقــات السياســية ســيبقى محكومـ ًا بمــا تقدمــه مــن أداء ممــا قــد‬
‫يجعلهــا تؤســس لمثــل هــذه الظاهــرة فــي مجلــس النــواب‪.‬‬
‫‪ -4‬عــدم تــوازن الســلطة التشــريعية‪ :‬علــى الرغــم مــن النــص الدســتوري‬
‫علــى ثنائيــة الســلطة التشــريعية العراقيــة فــي دســتور العــام (‪ ، )2005‬إال إن مجلــس‬
‫االتحــاد لــم يشــكل إلــى الوقــت الحاضــر‪ ،‬إذ أن المجلــس التشــريعي الثانــي (مجلــس‬
‫االتحــاد) يبــدو حاجــة ملحــة إلعــادة التــوازن للمجلــس النيابــي‪ ،‬الــذي يعــد أكثــر‬
‫توازنــ ًا مــن المجلــس األول‪ ،‬ويتشــكل وفــق اعتبــارات الخبــرة والكفــاءة الوفــق‬
‫االعتبــارات الدينيــة والمذهبيــة والقوميــة‪ ،‬ويلحــظ أنــه فــي الوقــت الــذي جــاء تنظيــم‬
‫مجلــس النــواب مفصــ ًا فــي الدســتور‪ ،‬لــم يخصــص للمجلــس الثانــي (مجلــس‬
‫االتحــاد) إال نصيــن‪ ،‬أحــال فــي احدهمــا (‪62‬م) علــى قانــون يصــدر بأغلبيــة ثلثــي‬
‫أعضــاء مجلــس النــواب‪ ،‬ممــا يــدل علــى أن اإلقــرار بالفيدراليــة فــي العــراق قــد‬
‫فرضــه الواقــع السياســي فــي أقليــم كردســتان‪ ،‬وعــدم جديــة االئتالفــات البرلمانيــة في‬
‫مجلــس النــواب العراقــي لغــرض إقــرار مشــروع قانــون مجلــس االتحــاد‪ ،‬فضـ ًا عــن‬
‫تــرك تنظيــم مجلــس االتحــاد وكل مــا يتعلــق بــه لتشــريع عــادي رغــم أن ذلــك اآلمــر‬
‫يقــع ضمــن اختصــاص الدســتور االتحــادي حصــر ًا‪ .‬وعليــه تعــد تلــك التحديــات‬
‫والمعوقــات االساســية التــي عرقلــت عمــل الســلطة التشــريعية‪ ،‬وهــي أبــرز نقــاط‬
‫الضعــف والتهديــدات التــي إتســمت بهــا التجربــة البرلمانيــة التشــريعية العراقيــة بعــد‬
‫العــام (‪ ، )2005‬ممــا يتطلــب مــن صانــع القــرار العراقــي القيــام باإلصــاح الحكومي‬
‫للســلطة التشــريعية عــن طريــق إتبــاع األليــات اآلتيــة‪:‬‬
‫‪ -1‬تعديــل الدســتور‪ :‬إذ يعــد الدســتور القانــون األســمى فــي أي نظــام سياســي‪،‬‬
‫وهــو اإلطــار التشــريعي األعلــى فــي أي دولــة مدنيــة حديثــة‪ ،‬فــا يســن قانون تشــريعي‬
‫عــادي وال فرعــي‪ ،‬وال ترســم سياســة عامــة إال مــن خــال الغطــاء الدســتوري‪،‬‬
‫فالدســتور العراقــي الدائــم للعــام (‪ )2005‬يعانــي مــن الكثير مــن الثغرات التــي أغفلتها‬
‫| ‪33‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫لجنــة كتابــة الدســتور آنــذاك ألســباب ذاتيــة وموضوعيــة رافقــت كتابــة الدســتور‪،‬‬
‫مــن أبرزهــا ظــروف الواقــع السياســي واالقتصــادي واالجتماعــي الــذي عانــي منهــا‬
‫العــراق قبــل وبعــد العــام (‪ ، )2003‬وفقــدان الثقــة المتبادلــة بيــن االحــزاب والتيــارات‬
‫السياســية العراقيــة‪ ،‬فضـ ًا عــن قلــة الخبــرة بالقانــون الدســتوري لألغلــب األعــم مــن‬
‫أعضــاء لجنــة كتابــة الدســتور‪ ،‬األمــر الــذي جعــل الكثيــر مــن مــواد الدســتور وفقراتــه‬
‫الخالفيــة والتــي عرقلــت رســم السياســات العامــة الحكوميــة‪ ،‬عقبــة كبيــرة فــي إطــار‬
‫ترشــيد الســلطة التشــريعية االتحاديــة‪ ،‬األمــر الــذي حتــم علــى عمليــة االصــاح‬
‫الحكومــي التشــريعي العمــل علــى تعديــل بعــض مــواد وفقــرات الدســتور أو اضافــة‬
‫ملحــق دســتوري لــه كأســاس ألي اصــاح يمكــن أن تشــهده العمليــة السياســية فــي‬
‫المســتقبل المنظــور‪.‬‬
‫‪ -2‬حكومــة االغلبيــة السياســية‪ :‬يعــد خيــار حكومــة االغلبيــة السياســية‬
‫الخيــار االنســب فــي ضــوء التجربــة الديمقراطيــة البرلمانيــة بعــد العــام (‪)2005‬‬
‫والتــي عانــت مــن أمــراض مزمنــة شــوهت تجربــة النظــام البرلمانــي فــي العــراق‪،‬‬
‫لعــل أبرزهــا مــا يعــرف بالنظــام التوافقــي أو الديمقراطيــة التوافقيــة بصبغــة تقاســم‬
‫الســلطات والمناصــب وفــق نمــط المحاصصــة الطائفيــة والمذهبيــة والقوميــة‪ ،‬ممــا‬
‫خلــق نظــام سياســي مشــوه اليمــت للنظــام البرلمانــي بصلــه‪ ،‬األمــر الــذي جعــل‬
‫العــراق يمــر بمرحلــة مــا قبــل التحــول الديمقراطــي بعيــد ًا عــن األســس الدســتورية‬
‫التــي نــص عليهــا الدســتور‪ ،‬وعليــه فــأن اعتمــاد نمــوذج حكومــة االغلبيــة السياســية‬
‫فــي ادارة الدولــة العراقيــة أضحــى مطلب ـ ًا أساســي ًا لبنــاء الدولــة وضــرورة مهمــة فــي‬
‫ترشــيد النظــام السياســي مــن خــال وجــود اغلبيــة سياســية حاكمــة ومعارضــة سياســية‬
‫حقيقيــة تراقــب عمــل الحكومــة فــي البرلمــان‪ ،‬واإلبتعــاد عــن نمــط تقاســم الســلطة‬
‫الــذي قــاد إلــى المزيــد مــن الفشــل والتراجــع السياســي واالقتصــادي واالجتماعــي‬
‫فــي العــراق‪.‬‬
‫‪ -3‬ثنائيــة الســلطة التشــريعية‪ :‬تلــك الثنائيــة التــي أشــار لهــا دســتور عــام‬
‫(‪ )2005‬ولــم تطبــق فعليـ ًا‪ ،‬ممــا يتطلــب العمــل علــى تطبيــق مــا نــص عليــه الدســتور‬
‫فــي تشــكيل الجنــاح الثانــي مــن الســلطة التشــريعية العراقيــة (مجلــس االتحــاد) ‪،‬‬
‫بإعتبــاره ضــرورة أساســية للدولــة العراقيــة االتحاديــة الفيدراليــة‪ ،‬وتعديــل النــص‬
‫الدســتوري الخــاص بــه فــي جعــل تنظيمــه وإقــرار صالحياتــه وتحديدهــا دســتوري ًا‬
‫وليــس مــن إخصــاص المدونــة التشــريعية العاديــة‪ ،‬مــن أجــل تحقيــق التــوازن‬
‫‪| 34‬‬
‫وكحلا حالصإلا هجوب ةدقعم ةفسلف‬

‫القانونــي والدســتوري بيــن المجلســين (مجلــس النــواب ومجلــس االتحــاد) ‪ ،‬ذلــك‬


‫التــوازن الــذي يضمــن تحقيــق التــوازن االجتماعــي فــي الدولــة العراقيــة والــذي يعــد‬
‫مــن متطلبــات ومســتلزمات بنــاء الدولــة المدنيــة الحديثــة التــي تهــدف مقاصــد دســتور‬
‫(‪ )2005‬تحقيقهــا‪.‬‬
‫‪ -4‬النظــام االنتخابــي‪ :‬إذ أن النظــام االنتخابــي الــذي أعتمــد فــي العــراق وفــي‬
‫أكثــر مــن دورة انتخابيــة‪ ،‬كان يخــدم بطريقــة أو بأخــرى األحــزاب والكتــل الكبيــرة‬
‫ويضمــن بقائهــا فــي الســلطة ألطــول فتــرة ممكنــة‪ ،‬ممــا جعــل تغييــر نمطيــة أداء‬
‫الســلطة التشــريعية العراقيــة وإنعكاســها علــى مجمــل الســلطات االخــرى أمــر ًا يــكاد‬
‫يكــون مســتحي ًال‪ ،‬وأن أي تغييــر يضمــن تحقيــق إصالحـ ًا حكوميـ ًا حقيقيـ ًا ال يمكــن‬
‫لــه النجــاح إال مــن خــال اتبــاع نظامــ ًا انتخابيــ ًا جديــد ًا يضمــن وصــول االحــزاب‬
‫الصغيــرة والنخــب السياســية الجديــدة بالشــكل الــذي يضمــن مشــاركة فاعلــة ألغلــب‬
‫فئــات الشــعب العراقــي‪ ،‬ولعــل تراجــع نســب المشــاركة الشــعبية فــي االنتخابــات‬
‫األخيــرة بحوالــي أقــل مــن (‪ ) ٪40‬مــن الناخبيــن دليـ ًا قاطعـ ًا لإلحباط الــذي أصابهم‬
‫مــن عــدم قدرتهــم علــى التغييــر فــي ظــل انظمــة انتخابيــة تضمــن بقــاء نفــس األحــزاب‬
‫الكبيــرة فــي الســلطة ومنــذ عقــود‪ ،‬وعليــه يعــد ايجــاد نظــام انتخابــي جديــد يكــون‬
‫ضامنــا لتمثيــل أغلــب فئــات الشــعب العراقــي أمــر ًا ضروريـ ًا ألي إصــاح حكومــي‪،‬‬
‫وســيتم التطــرق لموضــوع النظــام االنتخابــي بالتفصيــل الحقــا‪.‬‬
‫وخالصــة القــول أن االصــاح الحكومــي للســلطة التشــريعية العراقيــة يعــد أمــر ًا‬
‫مهم ـ ًا مــن خــال اتبــاع اآلليــات األساســية المشــار اليهــا آنف ـ ًا‪( ،‬تعديــل الدســتور‪،‬‬
‫حكومــة االغلبيــة السياســية‪ ،‬ثنائيــة الســلطة التشــريعية‪ ،‬نظــام انتخابــي جديــد‬
‫يضمــن مشــاركة واســعة) ‪ ،‬فض ـ ًا عــن أن االصــاح الحكومــي للســلطة التشــريعية‬
‫يعــد ضــرورة أساســية ألي اصــاح حكومــي فــي الســلطة التنفيذيــة وتحســين ادائهــا‬
‫ألهميــة الســلطة التشــريعية ومكانتهــا االساســية فــي أي نظــام فيدرالــي اتحــادي‬
‫برلمانــي نيابــي‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬السلطة التنفيذية‬


‫‪ -1‬االطار التشريعي‬
‫يختلــف دور الســلطة التنفيذيــة مــن دولــة آلخــرى وحســب النظــام السياســي‪ ،‬إذ‬
‫أن الســلطة التنفيذيــة فــي دولــة تطبــق النظــام البرلمانــي يختلــف وضعهــا فــي دولــة‬
‫| ‪35‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫تتبنــى نظامــا آخــر‪ ،‬ففــي النظــام البرلمانــي يجــب أن تكــون الحكومــة حائــزة علــى‬
‫ثقــة البرلمــان وعندمــا تفقــد تلــك الثقــة عليهــا أن تســتقيل‪ ،‬وحتــى اليكــون للبرلمــان‬
‫الهيمنــة دائمـ ًا‪ ،‬فــإن الحكومــة لهــا الحــق فــي الطلــب مــن رئيــس الدولــة حــل البرلمان‬
‫وإجــراء انتخابــات مبكــرة‪ ،‬ممــا يخلــق حالــة مــن التــوازن بيــن الســلطتين التشــريعية‬
‫والتنفيذيــة‪ ،‬ومــن أهــم المبــادئ التــي يقــوم عليهــا النظــام البرلمانــي هــو مبــدأ ثنائيــة‬
‫الســلطة التنفيذيــة‪ ،‬أي وجــود (رئيــس الدولــة ورئيــس الــوزراء) ويمــارس كل منهمــا‬
‫صالحياتــه علــى وجــه االســتقالل‪ ،‬وتختلــف تلــك الصالحيــات لــكل منهمــا‪،‬‬
‫إذ يتمتــع رئيــس الــوزراء بصالحيــات رئيســية وفعليــة مــع تقييــد صالحيــات رئيــس‬
‫الدولــة ســواء مــن الناحيــة الدســتورية أو الفعليــة‪.‬‬
‫وأشــار دســتور العــراق الدائــم لعــام (‪ )2005‬للســلطة التنفيذيــة مــن خــال المــواد‬
‫(‪ ، )86 -66‬والتــي بينــت شــروط وصالحيــات كل مــن رئيــس الجمهوريــة ورئيــس‬
‫الــوزراء‪ ،‬إذ نصــت المــادة (‪( )66‬تكــون الســلطة التنفيذيــة االتحاديــة‪ ،‬مــن رئيــس‬
‫الجمهوريــة‪ ،‬ومجلــس الــوزراء‪ ،‬تمــارس صالحياتهــا وفقــا الدســتور والقانــون)‬
‫والمــادة (‪( )67‬رئيــس الجمهوريــة هــو رئيــس الدولــة ورمــز وحــدة الوطــن‪ ،‬يمثــل‬
‫ســيادة البــاد‪ ،‬ويســهر علــى ضمــان االلتــزام بالدســتور‪ ،‬والمحافظــة علــى اســتقالل‬
‫العــراق‪ ،‬وســيادته‪ ،‬ووحدتــه‪ ،‬وســامة اراضيــه‪ ،‬وفقــا ألحــكام الدســتور) ‪ ،‬فيمــا‬
‫نصــت المــادة (‪ )73‬علــى صالحيــات لعــل أهمهــا (إصــدار العفــو الخــاص بتوصيــة‬
‫مــن رئيــس مجلــس الــوزراء‪ ،‬باســتثناء مايتعلــق بالحــق الخــاص‪ ،‬والمحكوميــن‬
‫بارتــكاب الجرائــم الدوليــة واإلرهــاب والفســاد المالــي واإلداري‪ ،‬والمصادقــة علــى‬
‫المعاهــدات واالتفاقيــات الدوليــة‪ ،‬بعــد موافقــة مجلــس النــواب‪ ،‬ويصــادق ويصــدر‬
‫القوانيــن التــي يســنها مجلــس النــواب‪ ،‬وتعــد مصادقـ ًا عليهــا بعــد مضــي خمســة عشــر‬
‫يومــا مــن تاريــخ تســلمها) مــن الصالحيــات‪.‬‬
‫أمــا رئيــس مجلــس الــوزراء فقــد اشــارت المــادة (‪ )76‬أو ًال (يكلــف رئيــس‬
‫الجمهوريــة‪ ،‬مرشــح الكتلــة النيابيــة األكثــر عــدد ًا‪ ،‬بتشــكيل مجلــس الــوزراء‪ ،‬خــال‬
‫خمســة عشــر يوم ـ ًا مــن تاريــخ إنتخــاب رئيــس الجمهوريــة) وثاني ـ ًا (يتولــى رئيــس‬
‫مجلــس الــوزراء المكلــف تســمية اعضــاء وزارتــه خــال مــدة أقصاهــا ثالثــون يومــا‬
‫مــن تاريــخ التكليــف) ‪ ،‬فيمــا نصــت المــادة (‪ )80‬إلــى صالحيــات مجلــس الــوزراء‬
‫لعــل أهمهــا (تخطيــط وتنفيــذ السياســة العامــة للدولــة والخطــط العامــة واألشــراف‬
‫علــى عمــل الــوزارات والجهــات غيــر المرتبطــة بــوزارة‪ ،‬واقتــراح مشــروعات‬
‫‪| 36‬‬
‫وكحلا حالصإلا هجوب ةدقعم ةفسلف‬

‫القوانيــن‪ ،‬وإعــداد مشــروع الموازنــة العامــة والحســاب الختامــي وخطــط التنميــة) ‪،‬‬
‫(علــى أن تكــون مســؤولية رئيــس مجلــس الــوزراء والــوزراء امــام مجلــس النــواب‬
‫تضامنيــة وشــخصية‪ .‬المــادة ‪.)83‬‬
‫ويلحــظ ممــا تقــدم أن الدســتور العراقــي النافــذ لعــام (‪ )2005‬كان قــد إختــط‬
‫لنفســه طريق ـ ًا خاص ـ ًا ووســط ًا فــي تحديــد صالحيــات رئيــس الجمهوريــة‪ ،‬فجمــع‬
‫بيــن اإلتجــاه الــذي يعطــي للرئيــس دور ًا شــكلي ًا وبروتوكوليــ ًا‪ ،‬وبيــن االتجــاه‬
‫الــذي يخولــه صالحيــات تفــوق تلــك الممنوحــة لــه فــي النظــام الرئاســي‪ ،‬إذ إلــى‬
‫جانــب االختصاصــات البروتوكوليــة يتمتــع الرئيــس بصالحيــات اقتــراح القوانيــن‬
‫والمصادقــة علــى المعاهــدات واالتفاقيــات‪ ،‬ممــا جعــل لــه االشــتراك فــي إختصــاص‬
‫هــو باألصــل لمجلــس النــواب حســب المــادة (‪ /58‬ثالثــا) ‪ ،‬كمــا خــول الدســتور‬
‫للرئيــس اختصــاص بالــغ الخطــورة تمثــل فــي طلــب ســحب الثقــة مــن رئيــس مجلــس‬
‫الــوزراء‪ ،‬وهــو إختصــاص اليخــول لرئيــس دولــة ذات نظــام برلمانــي‪ ،‬كمــا أن‬
‫الدســتور لــم يفــرد لرئيــس مجلــس الــوزراء إال بعــض الصالحيــات المحــددة كالقيــادة‬
‫العامــة للقــوات المســلحة وتــرأس وإدارة جلســات مجلــس الــوزراء‪ ،‬فــي الوقــت‬
‫الــذي أعطــى لرئيــس الجمهوريــة صالحيــات أوســع فــي بعــض االحيــان‪ ،‬إلــى جانــب‬
‫الصالحيــات الفرديــة فــي اشــتراك رئيــس مجلــس الــوزراء مــع رئيــس الجمهوريــة‪،‬‬
‫كإقتــراح إعــان الحــرب وحالــة الطــوارئ واقتــراح العفــو الخــاص ومنــح االوســمة‬
‫والنياشــين‪ ،‬وفــي الوقــت الــذي تعــد فيــه صالحيــات رئيــس الــوزراء صالحيــات‬
‫اداريــة وتنفيذيــة واســعة ولكــن هنــاك صالحيــات ربطهــا الدســتور بموافقــة مجلــس‬
‫النــواب ممــا جعــل النظــام السياســي العراقــي هــو أقــرب إلــى نظــام الجمعيــة‪.‬‬
‫وفــي النظــام البرلمانــي العراقــي فــإن ادارة الســلطة التنفيذيــة وقمــة هرمهــا يتــم‬
‫إختيارهــا عبــر البرلمــان المنتخــب‪ ،‬ليقــوم البرلمــان بمهمــة تشــريع القوانيــن‪ ،‬ومــا‬
‫تتطلبــه السياســات العامــة للدولــة مــن تشــريعات‪ ،‬بينمــا تعمــل الســلطة التنفيذيــة‬
‫علــى تطبيــق تلــك التشــريعات‪ ،‬وتنفيــذ تلــك السياســات مــن خــال رقابــة الســلطة‬
‫التشــريعية‪ ،‬فاألصــل فــي النظــم البرلمانيــة هــو والدة الحكومــة مــن رحــم البرلمــان‪،‬‬
‫أوال عضــوا فــي البرلمــان ثــم يكلــف‬ ‫فيدخــل الوزيــر أو رئيســه أو رئيــس الجمهوريــة ً‬
‫بواجبــات تنفيذيــة‪ ،‬ويلحــظ أن عضــو الســلطة التنفيذيــة غالبـ ًا مايكــون عضــو ًا بــارز ًا‬
‫فــي الحــزب واســتثمار لقاعدتــه الشــعبية يخــوض عــادة معركتــه االنتخابيــة‪ ،‬ويلحــظ‬
‫أن الســلطة التنفيذيــة فــي أغلــب الحكومــات العراقيــة المتعاقبــة بعــد العــام (‪)2005‬‬
‫| ‪37‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫كانــت متلكئــة فــي ادائهــا‪ ،‬إذ ان الحكومــة لــم تعمــل علــى اتبــاع نهــج أو سياســة‬
‫أو برنامــج فاعــل‪ ،‬وإدارة حكيمــة الســتثمار المــوارد وخاصــة الماديــة (النفطيــة)‬
‫فــي بنــاء اقتصــاد قــوي‪ ،‬ولــم تســتطيع الحكومــات المتعاقبــة علــى إطفــاء الديــون‬
‫الخارجيــة خاصــة (الخليجيــة) علــى العــراق التــي كان معظمهــا مــن حــرب دعمتهــا‬
‫تلــك الــدول فــي الثمانينــات مــن القــرن المنصــرم‪ ،‬وعليــه كانــت هنــاك الكثيــر مــن‬
‫التحديــات والمعوقــات لعمــل الســلطة التنفيذيــة بعــد العــام (‪ )2005‬التــي عرقلــت‬
‫عملهــا وكانــت ســبب ًا أساســي ًا فــي تراجــع أدائهــا‪ ،‬والحيلولــة دون تحقيــق برامجهــا‬
‫الحكوميــة‪.‬‬

‫‪ -2‬معوقات وتحديات السلطة التنفيذية‬


‫‪ -1‬تحدي الفساد‬
‫رغــم أن العــراق يحتــل المرتبــة التاســعة عالمي ـ ًا فــي الثــروة الطبيعيــة وتقــدر ب‬
‫(‪ )16‬ترليــون دوالر‪ ،‬فقــد إحتــل العــراق احــد المراتــب العشــر األولــى مــن بيــن‬
‫الــدول األكثــر فشــا مــن بيــن (‪ )177‬دولــة فــي العالــم‪ ،‬وهــي دول فــي مرحلــة‬
‫الخطــر مرتبــة عدديــ ًا مــن ‪ 10 -1‬هــي‪ :‬الصومــال وتشــاد والســودان وزيمبابــوي‬
‫وجمهوريــة الكونغــو الديمقراطيــة وأفغانســتان والعــراق وجمهوريــة أفريقيــا الوســطى‬
‫وباكســتان‪ ،‬ممــا ســبب فوضــى فــي العمــل الحكومــي العراقــي والــذي قــاد إلــى‬
‫تعطيــل القوانيــن‪ ،‬وأدى إلــى فقــدان سلســلة األوامــر والنواهــي الحكوميــة حتــى‬
‫أصبــح الفســاد االختصــاص الرئيــس لموظــف الدولــة يمارســه مــن خــال وظيفتــه‪،‬‬
‫فض ـ ًا عــن ماتعانيــه أجهــزة الدولــة مــن هيكليــة قديمــة لــم تتغيــر رغــم تغيــرات قيــم‬
‫وطموحــات األفــراد مــن شــأنه أن يخلــق فجــوة بيــن الجانبيــن تظهــر مــن خــال قصــور‬
‫األجهــزة االداريــة فــي االســتجابة لمطالــب األفــراد‪ ،‬ممــا يدفــع ببعــض العامليــن‬
‫لمســالك تنضــوي تحــت مفهــوم الفســاد مــن أجــل تجــاوز محــددات الهيــاكل‬
‫القديمــة‪ ،‬كمــا أن ســيطرة الدولــة علــى مجمــل القطاعــات االقتصاديــة‪ ،‬وإحتــكار‬
‫عــدد محــدود مــن المؤسســات للقطــاع االقتصــادي وحمايتهــا مــن المنافســة ســوف‬
‫يــؤدي إلــى تشــجيع هــذه المؤسســات علــى الفســاد‪ ،‬تزامن ـ ًا مــع عــدم فعاليــة نظــم‬
‫الرقابــة الماليــة واالقتصاديــة فــي مؤسســات الدولــة والتــي كانت ســبب ًا للفســاد االداري‬
‫بــل التغطيــة المســتمرة للفاســدين وتوفيــر الحمايــة لهــم‪ ،‬ممــا أدى إلــى اضعــاف‬
‫قواعــد ونظــم العمــل الرســمية المعتمــدة فــي الجهــاز االداري المعنــي والحيلولــة دون‬
‫‪| 38‬‬
‫وكحلا حالصإلا هجوب ةدقعم ةفسلف‬

‫تحقيــق ألهدافــه الرســمية كليـ ًا أو جزئيـ ًا‪ ،‬فضـ ًا عــن تأثيــرات أخــرى ترتبــط بــاألداء‬
‫االقتصــادي واإلجتماعــي والتــي ســيتم مناقشــها عنــد تنــاول تلــك المجــاالت‪.‬‬

‫‪ -2‬فشل االداء لألجهزة الحكومية‬


‫إذ فشــلت األجهــزة الحكوميــة فــي أداء واجباتهــا مــن خــال تدنــي القــدرة‬
‫اإلنفاقيــة (عــدا الرواتــب واالمتيــازات) فــي مجمــل أجهــزة الحكومــة وبنســبة ال‬
‫تتعــدى (‪ ) ٪40‬فــي حيــن تعــود األمــوال فــي نهايــة الســنة إلــى الخزانــة العامــة‪ ،‬فضـ ًا‬
‫عــن تدنــي نســبة التنفيــذ ألغلــب المشــاريع (النفقــات االســتثمارية) فلــم تتعــدى‬
‫نســبة (‪ ) ٪26‬قياســا للمبالــغ المصروفــة‪ ،‬إذ أن االجهــزة الحكوميــة تصــرف األمــوال‬
‫المخصصــة للمشــاريع مــن دون أن يكــون هنــاك تنفيــذ فعلــي علــى األرض‪ ،‬بســبب‬
‫إحتــكار الوظائــف االشــرافية مــن األحــزاب المهيمنــة علــى الســلطة‪ ،‬فالفشــل فــي‬
‫األداء الحكومــي كان إنعــكاس للفوضــى االداريــة والحكوميــة الناجمــة عــن الصــراع‬
‫علــى الحكــم والمناصــب والنفــوذ‪ ،‬ونمــط المحاصصــة التــي أوصلــت الفاشــلين‬
‫والفاســدين فــي أجهــزة الدولــة‪ ،‬ممــا نجــم عــن ذلــك إغــراق المجتمــع العراقــي فــي‬
‫محــن الفقــر والبطالــة وانعــدام الخدمــات‪.‬‬

‫‪ -3‬المحاصصة والتوافقية‬
‫بعــد العــام (‪ )2003‬عانــت عمليــة بنــاء الدولــة فــي العــراق مــن مشــكلة جوهريــة‬
‫عنــد تأســيس مجلــس الحكــم االنتقالــي‪ ،‬علــى أســاس مبــدأ التمثيــل النســبي‬
‫للقوميــات واألديــان والطوائــف العراقيــة‪ ،‬لضمــان تمثيلهــا واإلعتــراف بوجودهــا‬
‫وحقوقهــا لتتأســس الدولــة العراقيــة علــى قاعــدة المحاصصــة القوميــة والطائفيــة‬
‫والدينيــة‪ ،‬األمــر الــذي لــم يمكــن النظــام السياســي مــن تكويــن مشــروع وطنــي لدولــة‬
‫وطنيــة مبنيــة علــى العدالــة والمســاواة والحريــة‪ ،‬فإعتمــاد النظــام السياســي العراقــي‬
‫علــى المحاصصــة التــي تعمــل علــى تقاســم مراكــز الحكــم فــي الدولــة بيــن االحــزاب‬
‫والقــوى السياســية بعــد العــام (‪ )2003‬أصبــح يهــدد أي بنــاء محتمــل لدولــة عراقيــة‬
‫تقــوم علــى المؤسســات ونظــام الكفــاءة فــي ادارة الدولــة‪ ،‬أمــا مبــدأ التوافقيــة الــذي‬
‫ُأعتمــد مــن قبــل النظــام السياســي أدى إلــى غيــاب الدولــة المدنيــة وحكــم القانــون‪،‬‬
‫إذ كان االنمــوذج التوافقــي محاولــة للعــودة لحكــم القبيلــة والديــن‪ ،‬وهــو تهديــد‬

‫| ‪39‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫للحكومــة المدنيــة التــي تقــوم علــى حكــم القانــون وســيادة حكــم المؤسســات فــي‬
‫إدارة الدولــة‪ ،‬فيتحــول والء الفــرد مــن الدولــة إلــى الطائفــة والعشــيرة‪.‬‬

‫‪ -4‬ضعف االدارة العامة الحكومية‬


‫إذ تشــمل االدارات العامــة الحكوميــة القيــادات االداريــة ضمــن مفاصــل الجهــاز‬
‫االداري الحكومــي‪ ،‬وهــي مســؤولة عنــد إدارة وتنميــة وتطويــر االنشــطة االداريــة‪،‬‬
‫بمــا يضمــن تحقيــق أهــداف المؤسســات الحكوميــة والتــي تــدار مــن المديريــن‬
‫الحكومييــن‪ ،‬والذيــن يفتــرض أن يكونــوا مــن ذوي الخبــرة والكفــاءة لالنتقــال‬
‫بالمؤسســات مــن حــال إلــى حــال أفضــل‪ ،‬ورغــم وجــود الكفــاءات والخبــرات إال‬
‫أنهــا غيــر قــادرة علــى أن تفعــل شــيئا‪ ،‬بســبب إصــرار األحــزاب والكتــل السياســية‬
‫علــى إســناد المناصــب إلــى ذويهــم ومناصريهــم مــن دون اعتبــار للتسلســل الوظيفــي‬
‫وحتــى القــدرة الشــخصية‪ ،‬وتوزيعهــا بصيغــة الغنائــم‪ ،‬األمــر الــذي اليســتقيم مــع‬
‫مشــروع بنــاء دولــة مدنيــة حديثــة‪.‬‬

‫‪ -5‬التحديات االمنية‬
‫التحــدي األمنــي اليــزال قائم ـ ًا وهنــاك إســتمرار للهجمــات االرهابيــة التــي وأن‬
‫خفــت حدتهــا مــن الناحيــة الكميــة لكنهــا بــدأت تأخــذ طابعــا ًنوعيـ ًا وخاصـ ًة ضــرب‬
‫مؤسســات الدولــة‪ ،‬ممــا جعــل العمليــة السياســية تواجــه تحديــات خطيــرة‪ ،‬إذ أن‬
‫المشــكلة االمنيــة تشــكل عائقـ ًا كبيــر ًا فــي وجــه الحكومــة العراقيــة‪ ،‬فحل المؤسســات‬
‫األمنيــة مــن قبــل ســلطة االئتــاف الموحــدة قــد أدى إلــى توافــد القــوى االرهابيــة‪،‬‬
‫إذ نشــأت نتيجــة ذلــك المــد االرهابــي المتأســلم شــرائح إجتماعيــة جديــدة فــي‬
‫المجتمــع العراقــي وظهــور فئــات بيروقراطيــة ذات ســمة طائفيــة وعشــائرية‪ ،‬فض ـ ًا‬
‫عــن التوســع الكبيــر فــي حجــم القــوات األمنيــة واإلنفــاق العســكري عليهــا ممــا يثقــل‬
‫الموازنــة العامــة للدولــة وعلــى حســاب باقــي مجــاالت الصــرف األخــرى‪ ،‬فالتوســع‬
‫فــي عســكره المجتمــع العراقــي تقــاس عالميــا بقيمــة معالتيــن‪:‬‬
‫األولــى‪ :‬عــدد األفــراد فــي قــوى األمــن والجيــش‪ /‬إجمالــي عــدد الســكان‪.‬‬
‫والمتوســط العالمــي فــي عــام ‪ 2007‬هــو ‪ 4‬لــكل ‪.1000‬‬
‫الثانيــة‪ :‬إجمالــي اإلنفــاق فــي قطاعــات األمــن والجيــش‪ /‬إجمالــي عــدد‬
‫الســكان‪ .‬والمتوســط العالمــي فــي عــام ‪ 2005‬هــو ‪ 162‬دوالر للفــرد الواحــد‬
‫‪| 40‬‬
‫وكحلا حالصإلا هجوب ةدقعم ةفسلف‬

‫كنفقــات إنفــاق امنــي وعســكري‪ ،‬وهــذا االنفــاق انعكــس ســلبي ًا علــى حجــم اإلنفــاق‬
‫علــى الخدمــات‪.‬‬
‫ويلحــظ أن تلــك التحديــات والمعوقــات كانــت قد عرقلــت عمل الســلطة التنفيذية‬
‫فــي أداء وظائفهــا‪ ،‬وفــي تحقيــق أهــداف السياســات العامــة ألغلــب مؤسســاتها‪ ،‬ممــا‬
‫جعــل أي عمليــة اصــاح سياســي حكومــي يتعلــق بالســلطة التنفيذيــة تســعى للحــد‬
‫مــن تلــك المعوقــات والتحديــات عليهــا إتبــاع مجموعــة مــن اآلليــات لعــل أبرزهــا‬
‫اآلتــي‪:‬‬

‫‪ -1‬مكافحة الفساد‬
‫تعــد اســتراتيجية مكافحــة الفســاد أحــد األســس المهمة للحفــاظ على المؤسســات‬
‫التنفيذيــة للحكومــة‪ ،‬باعتبــار أن الفســاد هــو المــرض األكثــر خطــورة الــذي يصيــب‬
‫الجهــاز التنفيــذي ألي حكومــة ويعرقــل تنفيــذ برامجهــا وسياســاتها العامــة‪ ،‬وذلــك‬
‫عــن طريــق تبنــي أجهــزة رقابيــة مهنيــة تعمــل علــى كشــف ملفــات الفســاد‪ ،‬وإحالــة‬
‫المتورطيــن فيهــا إلــى القضــاء‪ ،‬علــى أن تتبنــى اســتراتيجية مكافحــة الفســاد مســألة‬
‫مراجعــة البيئــة القانونيــة الخاصــة بمعاقبــة الفاســدين‪ ،‬وتشــديد العقــاب عليهــم وفــق‬
‫قوانيــن خاصــة تتعلــق بالفســاد تكــون رادعــة تضمــن اعــادة المــال العــام إلــى الدولــة‪،‬‬
‫إلــى جانــب قانــون العقوبــات العراقــي كمــا هــو الحــال فــي تشــريع قانــون مكافحــة‬
‫االرهــاب‪ ،‬باعتبــار أن آفــة الفســاد أكثــر خطــورة مــن االرهــاب نفســه أن لــم تكــن‬
‫هــي منتجــة لــه‪ ،‬وأن تتمتــع الســلطة الرقابيــة بصالحيــات تنفيذيــة واســعة تمكنهــا مــن‬
‫أداء مهامهــا بعيــد عــن األطــر البيروقراطيــة والروتيــن الــذي قــد يحــول دون حســم‬
‫ملفــات الفســاد ومعاقبــة الفاســدين‪ ،‬وأن تنحصــر تلــك المهمــة الرقابيــة بجهــة واحــدة‬
‫متخصصــة فــي الكشــف عــن الفســاد والتحقيــق معهــم وإتخــاذ اإلجــراءات العقابيــة‬
‫وفــق قانــون يشــرع (قانــون مكافحــة الفســاد) ‪ ،‬يكــون ديــوان الرقابــة الماليــة هــو‬
‫الجهــة المســؤولة عنــه حصريـ ًا‪ ،‬ألن تعــدد الجهــات التــي تواجــه الفســاد تعــد حلقــات‬
‫زائــدة قــد تعرقــل جهــود مكافحــة الفســاد بــد ًال مــن أن تحــد منــه‪.‬‬

‫‪ -2‬تحسين كفاءة األجهزة التنفيذية‬


‫تعــد األجهــزة التنفيذيــة األداة الرئيســة للســلطة التنفيذيــة التــي تســعى فــي تحقيــق‬
‫أهــداف السياســات العامــة للحكومــة‪ ،‬وعليــه فــإن ضمــان تنفيــذ تلــك األهــداف‬
‫| ‪41‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫يتطلــب الكفــاءة والخبــرة المطلوبــة لتلــك األجهــزة مــن خــال مواردهــا البشــرية التــي‬
‫تتولــى ادارتهــا‪ ،‬والتــي يجــب إختيارهــا مــن ضمــن العناصــر االداريــة التــي تدرجــت‬
‫عبــر الســلم الوظيفــي لمؤسســات الدوليــة العراقيــة‪ ،‬ولهــا الخبــرة المطلوبــة للنهــوض‬
‫باإلصــاح المنشــود علــى أســس مهنيــة‪ ،‬بعيــد ًا عــن تولــي إدارة األجهــزة الحكوميــة‬
‫التنفيذيــة شــخصيات تمثــل أحــزاب سياســية كل مؤهالتهــا أنهــا جــاءت بنــاء علــى‬
‫نظــام المحاصصــة والنمــوذج التوافقــي‪ ،‬ممــا جعــل األجهــزة الحكوميــة التنفيذيــة‬
‫تتخبــط فــي أداء واجباتهــا وتعرقــل بصــورة مباشــرة تحقيــق أهــداف أغلــب السياســات‬
‫الحكوميــة العامــة فــي العــراق‪ ،‬فضـ ًا عــن إتخــاذ أفضــل الســبل لتطويــر أداء األجهــزة‬
‫الحكوميــة التنفيذيــة عــن طريــق إرســال الكــوادر المتقدمــة فيهــا للتدريــب واكتســاب‬
‫المهــارات االداريــة المطلوبــة فــي أكثــر الــدول العالميــة تقدمـ ًا فــي مجــال إدارة الجودة‬
‫االداريــة‪ ،‬أو االســتعانة بخبــراء ومستشــارين اداريــن دولييــن للتدريــب واالســتفادة من‬
‫خبراتهــم فــي خلــق كادر اداري متطــور يســتطيع تنفيــذ المهــام الموكلــة لــه‪ ،‬وتحقيــق‬
‫األهــداف األساســية ألغلــب السياســات العامــة التــي تريــد الدولــة العراقيــة تحقيقهــا‬
‫حاضــر ًا ومســتقب ًال‪.‬‬

‫‪ -3‬تبني نظام ديمقراطي سليم‬


‫عــرف العــراق بعــد العــام (‪ )2003‬نظام ـ ًا سياســي ًا ديمقراطي ـ ًا يقــوم علــى نظــام‬
‫المحاصصــة والديمقراطيــة التوافقيــة‪ ،‬التــي ُأريــد لهــا أن تكــون لفتــرة زمنيــة محــددة‪،‬‬
‫وتمثــل تحــو ًال ديمقراطيـ ًا لبنــاء دولــة مدنيــة حديثــة‪ ،‬ال أن تكــون عرفـ ًا سياســي ًا يمتــد‬
‫ألكثــر مــن عقــد مــن الزمــن‪ ،‬األمــر الــذي أدى إلــى أن تكــون االجهــزة الحكوميــة‬
‫التنفيذيــة مــرآة عاكســة للمحســوبية والمنســوبية‪ ،‬ولتفشــي ظاهــرة الفســاد بســبب‬
‫سياســة تقاســم المكاســب بيــن أحــزاب الســلطة‪ ،‬ممــا يتطلــب تبنــي نظــام ديمقراطــي‬
‫ســليم‪ ،‬يتســم بأغلبيــة حاكمــة وأقليــة معارضــة‪ ،‬ومايؤســس لدولــة حكــم القانــون‬
‫وأهــم معاييــره الشــفافية‪ ،‬والمســألة والمحاســبة‪ ،‬اآلمــر الــذي يمهــد لبنــاء نظــام‬
‫ديمقراطــي ســليم يمكــن لــه مــن النهــوض بالواقــع العراقــي سياســ ًا واقتصاديــ ًا‬
‫واجتماعيــ ًا‪.‬‬

‫‪| 42‬‬
‫وكحلا حالصإلا هجوب ةدقعم ةفسلف‬

‫‪ -4‬تحسين أداء االدارات المحلية ومجالس المحافظات‬


‫إذ تعانــي هــذه االجهــزة مــن قلــة الخبــرة والكفــاءة فــي ادارة االعمــال التــي تقــع‬
‫ضمــن إختصاصهــا‪ ،‬ممــا عرقلــة تنفيــذ السياســات العامــة الحكوميــة‪ ،‬األمــر الــذي‬
‫يتطلــب تنميــة المهــارات االداريــة لموظفــي ورؤســاء الوحــدات االداريــة ســواء‬
‫علــى مســتوى المحافظــات أو االقضيــة والنواحــي‪ ،‬فضــ ًا عــن رؤســاء مجالــس‬
‫المحافظــات وأعضائهــا‪ ،‬وحصــر تولــي تلــك المناصــب بكفــاءات متخصصــة‬
‫بــاإلدارة العامــة‪ ،‬والقانــون والعلــوم السياســية‪ ،‬باعتبارهــا األكثــر تخصصـ ًا فــي إدارة‬
‫األجهــزة التنفيذيــة الحكوميــة‪ ،‬ومــن أجــل تحقيــق أهــداف السياســات العامــة بشــكل‬
‫أكثــر نفع ـ ًا وأقــل كلفــة‪.‬‬
‫وممــا تقــدم يتضــح أن االصــاح الحكومــي المطلــوب للحــد مــن التحديــات التــي‬
‫تواجــه الســلطة التنفيذيــة فــي العــراق‪ ،‬يجــب أن يكــون شــام ًال ومتوازن ـ ًا وتكاملي ـ ًا‬
‫مــن أجــل ترشــيد عمــل األجهــزة االداريــة الحكوميــة التنفيذيــة‪ ،‬وفــق معاييــر الجــودة‬
‫الشــاملة فــي إدارة المــوارد البشــرية والماديــة‪ ،‬ولكــي تكــون الســلطة التنفيذيــة‬
‫قــادرة علــى وضــع اإلطــار التشــريعي للقوانيــن والخطــط واألهــداف موضــع التنفيــذ‬
‫الســليم والرشــيد‪ ،‬بإعتبــار أن االصــاح الحكومــي للســلطة التنفيذيــة هــو الضمانــة‬
‫األساســية لوضــع األســس التشــريعية الدســتورية والعاديــة والفرعيــة موضــع التنفيــذ‪،‬‬
‫فالجهــاز التنفيــذي الــذي ال يعانــي مــن الفســاد ويمتلــك مــوارد بشــرية تتميــز بالكفــاءة‬
‫والخبــرة والنزاهــة‪ ،‬ويعتمــد علــى أبــرز مبــادئ حكــم القانــون (الشــفافية‪ ،‬المســألة‪،‬‬
‫المحاســبة) ‪ ،‬وتكامــل الكفــاءة والخبــرة والتعــاون بيــن األجهــزة االداريــة اإلتحاديــة‬
‫وبيــن األجهــزة االداريــة فــي االقليــم والمحافظــا‪ ،‬يكــون جهــاز تنفيــذي ســليم وقــادر‬
‫علــى تحقيــق الجــودة الشــاملة فــي االدارة العامــة فــي العــراق‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬السلطة القضائية‬

‫‪ -1‬االطار التشريعي‬
‫تمثــل الســلطة القضائيــة المؤسســة الدســتورية الثالثــة مــن مؤسســات الدولــة‪ ،‬وأن‬
‫مــا يصــدر عنهــا مــن أحــكام وقــرارات يدخــل فــي إطــار مخرجــات النظــام السياســي‪،‬‬
‫إذ أن الســلطة القضائيــة هــي الهيئــة التــي تنــاط بهــا تفســير القانــون وتطبيقــه علــى‬
‫الوقائــع التــي تعــرض عليهــا للفصــل فيهــا‪ ،‬ومهمتهــا األساســية هــي الرقابــة التــي‬
‫| ‪43‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫تمارســها علــى أعمــال الســلطة التشــريعية وخاصــة فيمــا يتعلــق بدســتورية القوانيــن‬
‫والرقابــة التــي تمارســها علــى الســلطة التنفيذيــة فيمــا يتعلــق بمشــروعية أعمــال‬
‫االدارة‪ ،‬والدســتور العراقــي الدائــم للعــام (‪ )2005‬كان قــد حــدد االطــار التشــريعي‬
‫للســلطة القضائيــة العراقيــة‪ ،‬والــذي يمكــن أن نحــدد أهــم المــواد الدســتورية التــي‬
‫بينــت ذلــك االطــار باآلتــي‪:‬‬
‫‪ -1‬الســلطة القضائيــة مســتقلة‪ ،‬وتتوالهــا المحاكــم علــى إختــاف أنواعهــا‬
‫ودرجاتهــا‪ ،‬وتصــدر احكامهــا وفقــا للقانــون (المــادة ‪.)87‬‬
‫‪ -2‬القضــاة مســتقلون‪ ،‬الســلطان عليهــم فــي قضائهــم لغيــر القانــون‪ ،‬وال يجــوز‬
‫أليــة ســلطة التدخــل فــي القضــاء أو فــي شــؤون العدالــة (المــادة ‪.)88‬‬
‫‪ -3‬تتكــون الســلطة القضائيــة االتحاديــة مــن مجلــس القضــاء األعلــى‪،‬‬
‫والمحكمــة االتحاديــة العليــا‪ ،‬ومحكمــة التمييــز االتحاديــة‪ ،‬وجهــاز االدعــاء العــام‪،‬‬
‫وهيئــة االشــراف القضائــي‪ ،‬والمحاكــم االتحاديــة األخــرى التــي تنظــم وفقــا للقانــون‬
‫(المــادة ‪.)89‬‬
‫‪ -4‬يتولــى مجلــس القضــاء األعلــى ادارة شــؤون الهيئــات القضائيــة‪ ،‬وينظــم‬
‫القانــون طريقــة تكوينــه وإختصاصاتــه وقواعــد ســير العمــل فيــه (المــادة ‪.)90‬‬
‫‪ -5‬يمــارس مجلــس القضــاء األعلــى صالحيــات منهــا‪ ،‬إدارة شــؤون القضــاء‬
‫واإلشــراف علــى القضــاء االتحــادي‪ ،‬ترشــيح رئيــس وأعضــاء محكمــة التمييــز‬
‫االتحاديــة‪ ،‬ورئيــس االداء العــام‪ ،‬ورئيــس هيئــة االشــراف القضائــي‪ ،‬وعرضهــا على‬
‫مجلــس النــواب للموافقــة علــى تعيينهــم‪ ،‬إقتــراح مشــروع الموازنــة الســنوية للســلطة‬
‫القضائيــة االتحاديــة‪ ،‬وعرضهــا علــى مجلــس النــواب للموافقــة عليهــا (المــادة ‪91‬‬
‫أو ًال وثاني ـ ًا وثالث ـ ًا)‪.‬‬
‫‪ -6‬المحكمــة االتحاديــة العليــا هيئــة قضائيــة مســتقلة ماليــا وإداري ـ ًا‪ ،‬وتختــص‬
‫بالرقابــة علــى دســتورية القوانيــن واألنظمــة النافــذة‪ ،‬وتفســير نصــوص الدســتور‪،‬‬
‫والفصــل فــي القضايــا التــي تنشــأ عــن تطبيــق القوانيــن االتحاديــة‪ ،‬والقــرارات‬
‫واألنظمــة والتعليمــات‪ ،‬واإلجــراءات الصــادرة عــن الســلطة االتحاديــة‪ ،‬ويكفــل‬
‫القانــون حــق كل مــن مجلــس الــوزراء وذوي الشــأن مــن األفــراد وغيرهــم حــق الطعن‬
‫المباشــر لــدى المحكمــة‪ ،‬والفصــل فــي المنازعــات التــي تحصــل بيــن الحكومــة‬
‫االتحاديــة وحكومــات االقاليــم والمحافظــات والبلديــات واإلدارات المحليــة‪،‬‬
‫والفصــل فــي المنازعــات التــي تحصــل فيمــا بيــن حكومــات االقاليــم أو المحافظات‪،‬‬
‫‪| 44‬‬
‫وكحلا حالصإلا هجوب ةدقعم ةفسلف‬

‫والفصــل فــي اإلتهامــات الموجهــة إلــى رئيــس الجمهوريــة‪ ،‬ورئيــس مجلــس‬


‫الــوزراء والــوزراء وينظــم ذلــك بقانــون‪ ،‬فضـ ًا عــن المصادقــة علــى النتائــج النهائيــة‬
‫لالنتخابــات العامــة لعضويــة مجلــس النــواب‪ ،‬والفصــل فــي تنــازع اإلختصــاص بيــن‬
‫القضــاء االتحــادي والهيئــات القضائيــة األقاليــم والمحافظــات غيــر المنتظمــة فــي‬
‫أقليــم‪ ،‬والفصــل فــي تنــازع االختصــاص فيمــا بيــن الهيئــات القضائيــة لألقاليــم أو‬
‫المحافظــات غيــر المنتظمــة فــي أقليــم‪ ،‬وقــرارات المحكمــة االتحاديــة باتــه وملزمــة‬
‫للســلطات كافــة (المــواد ‪ 92‬اوال والمــادة ‪ 93‬والمــادة ‪.)94‬‬
‫ومــن أبــرز المبــادئ العامــة التــي تقــوم عليهــا الســلطة القضائيــة‪ ،‬االســتقالل أي‬
‫حصانــة الســلطة القضائيــة مــن تدخــل الســلطة التشــريعية والتنفيذيــة فــي شــؤونها‬
‫وأعمالهــا مــن خــال الضمانــات الدســتورية‪ -‬االســتقالل الوظيفــي‪ -‬االســتقالل‬
‫الشــخصي‪ -‬االســتقالل المؤسســي‪ ،‬والمبــدأ المهــم اآلخــر هــو ســيادة القانــون وهــو‬
‫أن يخضــع كافــة األفــراد حــكام ومحكوميــن لحكــم القانــون‪ ،‬فضــ ًا عــن مبــادئ‬
‫النزاهــة والفعاليــة والمحاكمــة العادلــة وحــق الدفــاع وعالنيــة جلســات المحاكمــات‬
‫وحــق التقاضــي‪ ،‬وعلــى الرغــم مــن محاولــة الدســتور العراقــي لعــام (‪ )2005‬وضــع‬
‫األســس الديمقراطيــة لحكــم المؤسســات القانونيــة عــن طريــق مبــدأ الفصــل بيــن‬
‫الســلطات والحقــوق والحريــات العامــة واســتقالل الســلطة القضائيــة عــن الســلطتين‬
‫التشــريعية والتنفيذيــة إال أنهــا ال تــزال تتعــرض لضغــوط غيــر مباشــرة مــن قبــل الســلطة‬
‫التنفيذيــة وتظهــر فــي أحيــان كثيــرة كأنهــا تابعــة وخاضعــة للســلطة التنفيذيــة‪.‬‬

‫‪ -2‬تحديات ومعوقات السلطة القضائية‬


‫‪ -1‬التأثير السياسي على إستقالل القضاء‬
‫علــى الرغــم مــن النصــوص الدســتورية التــي تؤكــد إســتقاللية القضــاء العراقــي‬
‫وفــق دســتور (‪ )2005‬وفــق المــادة (‪ ، )87‬وتأكيــد المــادة (‪ )88‬مــن أن القضــاة‬
‫مســتقلون ال ســلطان عليهــم فــي قضائهــم لغيــر القانــون‪ ،‬لكــن القضــاء العراقــي لــم‬
‫يســلم بمؤسســاته وشــخوصه وأحكامــه مــن التأثيــر السياســي الــذي يحــاول زجــه‬
‫فــي النزاعــات السياســية‪ ،‬ومحاولــة كل جهــة أن تســتخدم القضــاء أداة لصالحــه‬
‫علــى الرغــم مــن الطابــع السياســي لتلــك النزاعــات‪ ،‬إذ مارســت الســلطة التنفيذيــة‬
‫دور ًا فــي التأثيــر بالعمــل القضائــي وتوجيهــه باتجــاه أمــا لمصلحــة الحكومــة أو احــد‬
‫رجالهــا فــي إصــدار قــرار قضائــي معيــن‪ ،‬وقــد يكــون ذلــك التأثيــر واضحـ ًا أو مســتتر ًا‬
‫| ‪45‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫بأســاليب مختلفــة منهــا أن يتــم الــزام المحاكــم أو القضــاة بتســليم وزارة العــدل أو‬
‫إحــدى مؤسســات الحكومــة بصــور مــن الدعــاوى المدنيــة والجنائيــة التــي ترفــع علــى‬
‫شــخصيات مهمــة ومســؤولة فــور تقديمهــا أو مــن خــال قــدرة وزيــر العــدل بنقــل‬
‫الدعــاوى مــن محكمــة إلــى أخــرى‪ ،‬وبمــا نجــم عنــه تجريــد ســائر المحاكــم والقضــاة‬
‫مــن الشــعور باالســتقالل بســبب الضغــوط التــي تمــارس عليهــم‪ ،‬ممــا يجعــل الســلطة‬
‫القضائيــة مرفــق اداري تابــع للســلطة التنفيذيــة تفتقــر إلــى االســتقالل‪ ،‬ومــن أبــرز‬
‫األمثلــة علــى ذلــك قــرار المحكمــة االتحاديــة فــي تفســير المــادة ‪ ،76‬أو قــرارات‬
‫الهيئــة القضائيــة للمســائلة والعدالــة‪.‬‬

‫‪ -2‬العوز الدستوري البنيوي للسلطة القضائية‬


‫إن الســلطة القضائيــة هــي أحــد اركان الســلطة السياســية التــي اوالهــا الدســتور‬
‫الدائــم أهميــة خاصــة فــي المــواد (‪ ، )91-88-87‬ورغــم ذلــك كان مــن الواجــب‬
‫علــى المشــرع الدســتوري أن يحــدد المبــادئ الرئيســية المتعلقــة بتكويــن الســلطة‬
‫القضائيــة وإختيــار رئيســها وتحديــد اختصاصاتهــا‪ ،‬مــن أجــل ضمــان اســتقاللها‬
‫وعــدم تجــاوز الســلطات األخــرى علــى إختصاصاتهــا‪ ،‬فضــ ًا عــن أن الدســتور‬
‫الدائــم لــم يحــدد أعضــاء المحكمــة االتحاديــة العليــا وتــرك ذلــك لقانــون الحــق‪ ،‬إذ‬
‫أن تحديــد عــدد اعضــاء المحكمــة االتحاديــة العليــا أفضــل مــن تركــه لقانــون عــادي‪،‬‬
‫يمكــن أن يعــدل زيــادة أو نقصــان حســب األهــواء والظــروف السياســية وتدخــات‬
‫الكتــل السياســية‪ ،‬كمــا أن المــادة (‪91‬ثانيــا) مــن الدســتور وســعت مــن تشــكيلة‬
‫المحكمــة االتحاديــة العليــا لتشــمل عــدد ًا مــن القضــاء‪ ،‬وخبــراء فــي الفقــه االســامي‬
‫وفقهــاء القانــون‪ ،‬أذ لــم تعــد المحكمــة االتحاديــة مقتصــرة علــى قضــاة بــل شــملت‬
‫فقهــاء القانــون وخبــراء فــي الفقــه االســامي‪ ،‬ممــا يعنــي وجــود طوائــف مختلفــة‬
‫ويمكــن أن يجــر ذلــك إلــى المحاصصــة الطائفيــة‪ ،‬وســيؤدي ذلــك إلــى تبايــن فــي‬
‫اآلراء وعــدم اســتقرار االحــكام التــي تصدرهــا المحاكــم فــي حيــن أن هــذه االحــكام‬
‫يجــب أن تســتند إلــى أســس دســتورية وقانونيــة صرفــة‪.‬‬

‫‪ -3‬قلة الموارد البشرية في السلطة القضائية‬


‫يبلــغ عــدد قضــاة العــراق مــا عــدا (قضــاة محكمــة التميــز) (‪ )756‬قاضي ـ ًا بينمــا‬
‫يبلــغ عــدد االدعــاء العــام (‪ )112‬عضــو ًا‪ ،‬إذ يمثــل ذلــك خلــ ًا كبيــر ًا وواضحــ ًا‬
‫‪| 46‬‬
‫وكحلا حالصإلا هجوب ةدقعم ةفسلف‬

‫لــه عالقــة بيــن التركــة الثقيلــة التــي خلفهــا النظــام الســابق والمتمثلــة بالمشــاكل‬
‫االجتماعيــة واالقتصاديــة واألمنيــة وبيــن عــدد القضــاة واالدعــاء العــام‪ ،‬إذ اليوجــد‬
‫تناســب بيــن عــدد الدعــاوى التــي تنظــر مــن قبــل المحاكــم وعــدد القضــاة الذيــن‬
‫يتولــون تدقيقهــا ومراجعتهــا ومــن ثــم الوصــول إلــى اصــدار قــرارات العادلــة‪ ،‬وعليــه‬
‫فــأن قضيــة زيــادة عــدد القضــاة واالدعــاء العــام ضــرورة ملحــة مــن أجــل أن تكــون‬
‫القــرارات واألحــكام الصــادرة منهــا قانونيــة إلــى حــد كبيــر‪ ،‬فضـ ًا عــن مشــكلة عــدم‬
‫االختصــاص للقاضــي العراقــي بنظــر نــوع معيــن مــن القضايــا‪ ،‬إذ أن االختصــاص لــه‬
‫فوائــد جمــة تتمثــل فــي إحتــراف القاضــي لعملــه فــي حقــل معيــن مــن حقــول العمــل‬
‫القضائــي ممــا يخلــق لديــه قــدرة االســتنباط واإلبــداع والتحليــل الكبيريــن بعكــس‬
‫عــدم االختصــاص‪ ،‬فمثــا فــي العــراق يمكــن أن تصــدر محكمــة االســتئناف قــرار ًا‬
‫بنقــل قاضــي مــن محكمــة البــداءة مث ـ ًا ليكــون قاضي ـ ًا فــي محكمــة التحقيــق ممــا‬
‫يشــتت امكانيــات القاضــي العمليــة‪.‬‬

‫‪ -4‬جدلية علوية وأهمية مكونات السلطة القضائية‬


‫ويتضــح ذلــك مــن خــال الخالفــات بيــن مجلــس القضــاء األعلــى والمحكمــة‬
‫االتحاديــة حــول علويــة وأهميــة مكانــة كل منهمــا‪ ،‬إذ تعتبــر المحكمــة االتحاديــة‬
‫العليــا أنهــا تمثــل أعلــى هيئــة قضائيــة فــي العــراق‪ ،‬وأعلــى مكونــات الســلطة القضائيــة‬
‫االتحاديــة‪ ،‬ثــم يليهــا مجلــس القضــاء األعلــى ومحكمــة التمييــز االتحاديــة‪ ،‬وجهــاز‬
‫االدعــاء العــام وهيئــة االشــراف القضائــي‪ ،‬فــي حيــن يــرى مجلــس القضــاء األعلــى‬
‫أنــه األكثــر أهميــة مــن بيــن مكونــات الســلطة القضائيــة‪ ،‬باعتبــار أن المــادة (‪ )89‬مــن‬
‫دســتور جمهوريــة العــراق لســنة ‪ 2005‬نصــت علــى االشــارة علــى مكونــات الســلطة‬
‫القضائيــة بحســب تسلســل اهميتهــا وهــي مجلــس القضــاء األعلــى‪ ،‬والمحكمــة‬
‫االتحاديــة‪ ،‬ومحكمــة التمييــز االتحاديــة‪ ،‬وجهــاز االدعــاء العــام‪ ،‬وهيئــة االشــراف‬
‫القضائــي‪ ،‬والمحاكــم االتحاديــة األخــرى‪ ،‬وعليــه فــأن مجلــس القضــاء االعلــى‬
‫ذكــر قبــل المحكمــة االتحاديــة‪ ،‬وبذلــك فهــو يتقــدم فــي األهميــة والعلويــة علــى‬
‫المحكمــة االتحاديــة‪ ،‬واليوجــد نــص فــي الدســتور يشــير إلــى علويــة المحكمــة‬
‫االتحاديــة علــى باقــي مكونــات الســلطة القضائيــة‪.‬‬
‫ومــن خــال مــا تقــدم يتبيــن أن علــى الرغــم مــن تبنــي االطــار الدســتوري العراقــي‬
‫الضمانــات االساســية الســتقالل القضــاء والتأكيــد علــى مبــدأ الفصــل بيــن الســلطات‬
‫| ‪47‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫كمبــدأ أساســي يقــوم عليــه النظــام السياســي البرلمانــي‪ ،‬إال أنــه اصطــدم بتحديــات‬
‫الواقــع السياســي واالقتصــادي واالجتماعــي واألمنــي فــي العــراق‪ ،‬األمــر حــد مــن‬
‫فاعليــة عمــل الســلطة القضائيــة فــي تحقيــق ضمانــات إجــراءات التقاضــي‪ ،‬وفــرض‬
‫حكــم القانــون علــى االفــراد والمؤسســات‪ ،‬وحــل المنازعــات السياســية والتشــريعية‬
‫والقانونيــة‪ ،‬وتفســير النصــوص القانونيــة دســتوري ًا وتشــريعي ًا‪ ،‬ممــا يتطلــب وضــع‬
‫خارطــة طريــق لضمــان أهــم مبــدأ اكــد عليــه دســتور (‪ )2005‬الدائــم وهــو اســتقاللية‬
‫القضــاء والــذي يمكــن أن تتحقــق وفــق اليــات االصــاح الحكومــي والتــي تتمثــل‬
‫باآلتــي‪:‬‬

‫‪ -1‬ضمانات استقالل القضاء‬


‫علــى الرغــم مــن تأكيــد النصــوص الدســتورية علــى مبــدأ اســتقالل القضــاء‬
‫مــن الناحيــة االداريــة والتنظيميــة‪ ،‬إال أن مــن الناحيــة الواقعيــة يخضــع إلــى التأثيــر‬
‫السياســي بشــكل أو بأخــر‪ ،‬بإعتبــار أن النصــوص الدســتورية تشــير إلــى تعييــن قضــاة‬
‫المحكمــة االتحاديــة العليــا مــن خــال الســلطة التشــريعية‪ ،‬ممــا يجعــل عمليــة‬
‫اختيــار القضــاة تخضــع للتأثيــر السياســي‪ ،‬والنمــط التوافقــي والمحاصصــي الــذي‬
‫اعتمــد كعــرف دســتوري منــذ العــام (‪ ، )2003‬بعيــد ًا عــن المهنيــة والكفــاءة والنزاهــة‬
‫التــي يجــب أن تتوفــر فــي مــن يمثــل الســلطة القضائيــة‪ ،‬ويكــون ذلــك الضامــن‬
‫الســتقاللية القضــاء‪ ،‬فاإلصــاح الحكومــي المطلــوب هــو تحقيــق اســتقاللية القضــاء‬
‫مــن خــال ربــط الســلطة القضائيــة بمجلــس القضــاء االعلــى الــذي يتكــون مــن‬
‫أعضــاء قضــاة يتدرجــون وفــق الســلم الوظيفــي المهنــي للســلطة القضائيــة وقانــون‬
‫المحاكــم العراقيــة‪ ،‬يتــم إختيارهــم باالنتخــاب داخــل المجلــس نفســه‪ ،‬وهــذا‬
‫المجلــس هــو مــن يختــار أعضــاء المحكمــة االتحاديــة العليــا وفــق معاييــر الكفــاءة‬
‫والنزاهــة والمهنيــة القضائيــة‪ ،‬وفصــل ارتبــاط الســلطة القضائيــة بالســلطة التنفيذيــة‬
‫والتشــريعية‪ ،‬تحقيقــا لمبــدأ أساســي (أن ال ســلطان علــى القضــاء إال للقانــون) ‪ ،‬ممــا‬
‫يتطلــب تعدي ـ ًا دســتوري ًا فيمــا يتعلــق بتشــكيل الســلطة القضائيــة يضمــن اســتقاللية‬
‫حقيقيــة لهــا (اداريــا‪ ،‬مالي ـ ًا‪ ،‬تنظيمي ـ ًا) ‪ ،‬وخاص ـ ًة أن العــراق يمــر بمرحلــة مــا قبــل‬
‫التحــول الديمقراطــي التــي القــت بضاللهــا علــى مجمــل العمليــة السياســية فــي‬
‫العــراق‪ ،‬وتحتــاج إلــى قضــاء مســتقل قــادر علــى تقويــم وإصــاح العمــل الحكومــي‬
‫فــي العــراق‪.‬‬
‫‪| 48‬‬
‫وكحلا حالصإلا هجوب ةدقعم ةفسلف‬

‫‪ -2‬دستورية المؤسسات القضائية‬


‫اصــاح البنيــة الدســتورية لتشــمل كل مؤسســات الســلطة القضائيــة‪ ،‬وخاصــة‬
‫فيمــا يتعلــق بتشــكيل المحكمــة االتحاديــة العليــا وحصــر ذلــك بالتشــريع الدســتوري‬
‫بعيــد ًا عــن التشــريع العــادي الــذي أشــار إليــه دســتور العــراق الدائــم (‪( )2005‬ينظــم‬
‫بقانــون) ‪ ،‬األمــر الــذي يخضــع مؤسســة مهمــة فــي الســلطة القضائيــة للتأثير السياســي‬
‫(التوافقــي والمحاصصــي) ممــا يخــل بمبــدأ االســتقاللية والمهنيــة التــي تعــد مبــادئ‬
‫أساســية لنجــاح الســلطة القضائيــة فــي أداء عملهــا‪ ،‬وأن يحــدد دســتوري ًا عــدد أعضــاء‬
‫المحكمــة االتحاديــة العليــا‪ ،‬وتحــدد المدونــة القانونيــة التــي تعتمــد عليهــا الســلطة‬
‫القضائيــة دســتوري ًا‪ ،‬ووضــع حــد لجدليــة المــادة الثانيــة أو ًال أ و ب مــن الدســتور‬
‫(أ‪ -‬ال يجــوز ســن قانــون يتعــارض مــع ثوابــت االســام‪ ،‬ب ‪ -‬ال يجــوز ســن قانــون‬
‫يتعــارض مــع مبــادئ الديمقراطيــة) ‪ ،‬والســؤال المنطقــي وفــق هــذه المــادة هــل‬
‫الســلطة القضائيــة تســتند إلــى مدونــة قانونيــة تشــريعية اســامية أو مدونــة قانونيــة‬
‫تشــريعية مدنيــة؟‪ ،‬وعليــه علــى المشــرع الدســتوري تحديــد المدونــة القانونيــة التــي‬
‫تعتمــد مــن الســلطة القضائيــة فــي العــراق‪ ،‬وبيــان كيفيــة تحقيــق التكيــف واالنســجام‬
‫القضائــي لقضــاة عراقييــن وفقهــاء فــي الفقــه االســامي تجمعهــم مؤسســة قضائيــة‬
‫واحــدة مهمــة هــي المحكمــة االتحاديــة العليــا‪ ،‬علم ـ ًا أن القضــاء العراقــي اليــزال‬
‫يعتمــد علــى القانــون المدنــي وقانــون العقوبــات وقانــون االحــوال الشــخصية التــي‬
‫تســتمد أغلــب قواعدهــا القانونيــة مــن القانــون الفرنســي والمصــري والفقــه االســامي‬
‫بجميــع مذاهبــه‪ ،‬والتــي تعتمــده المحاكــم العراقيــة بمختلــف اختصاصاتهــا النوعيــة‬
‫والوظيفيــة‪ ،‬فاإلصــاح الحكومــي المطلــوب هــو تحديــد المدونــة القانونيــة التــي‬
‫تســتند اليهــا الســلطة القضائيــة وخاصــة المحكمــة االتحاديــة العليــا فــي انفــاذ حكــم‬
‫القانــون بتشــريع دســتوري واضــح بعيــد ًا عــن الضبابيــة التــي تشــوب كثيــر مــن مــواد‬
‫وفقــرات دســتور العــراق لعــام (‪.)2005‬‬

‫‪ -3‬تعزيز الموارد البشرية للسلطة القضائية‬


‫تعانــي الســلطة القضائيــة العراقيــة مــن قلــة القضــاة والمدعيــن العمومييــن‪ ،‬وعــدم‬
‫تغطيــة التوســع الكبيــر فــي أنــواع المحاكــم المدنيــة والجنائيــة واإلداريــة ودرجاتهــا‬
‫المتعــددة فــي العــراق‪ ،‬ممــا يحتــم علــى صانــع القــرار الحكومــي كخطــوة مهمــة‬
‫لإلصــاح الحكومــي أن يعمــل علــى التوســعة فــي القبــول فــي المعهــد القضائــي‬
‫| ‪49‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫فــي العــراق ليشــمل أكبــر عــدد ممكــن مــن الكفــاءات العلميــة وخاصــة (الماجســتير‬
‫والدكتــوراه) ‪ ،‬مــن أجــل تغطيــة النقــص الكبيــر فــي عــدد القضــاة والمدعييــن‬
‫العمومييــن‪ ،‬والتأكيــد علــى التخصــص الوظيفــي والنوعــي للقضــاة لضمــان الدقــة‬
‫والجــودة والكفــاءة فــي العمــل القضائــي‪ ،‬إذ تعانــي أكثــر محاكــم العــراق مــن ظاهــرة‬
‫تعــدد المهــام للقاضــي الواحــد‪ ،‬مــن حيــث هــو قاضــي بــداءة وقاضــي محكمــة أحوال‬
‫شــخصية وجنــح فــي آن واحــد‪ ،‬ممــا يســبب معضلــة كبيــرة يعانــي منهــا القضــاء‬
‫العراقــي وهــي تأخيــر حســم الدعــاوى‪ ،‬ممــا يتناقــض مــع مبــدأ قضائــي مهــم هــو‬
‫(تحقيــق القضــاء الناجــز والعــادل)‪.‬‬

‫‪ -4‬تعزيز دور االدعاء العام (النيابة العامة)‬


‫يعــد مــن الضــروري تعزيــز دور االدعــاء العــام فــي الســلطة القضائيــة باعتبــاره‬
‫ممثــ ًا للمجتمــع وحامــي للعدالــة‪ ،‬وأن يكــون مــن ضمــن برامــج االصــاح‬
‫الحكومــي تعديــات دســتورية مســتقبلية‪ ،‬تشــمل تخصيــص مــواد دســتورية تفصيليــة‬
‫عــن دور ومهــام وتشــكيل االدعــاء العــام‪ ،‬وبيــان أهميتــه فــي الســلطة القضائيــة‪ ،‬وأن‬
‫يمكــن اإلدعــاء العــام مــن أخــذ دور ًا جوهري ـ ًا فــي ضمــان اســتقالل وعدالــة القضــاء‬
‫العراقــي‪ ،‬إذ ال يــزال دوره هامشــيا ال يتناســب وحجــم المهــام التــي يتوجــب القيــام‬
‫بهــا لضمــان تحقيــق القضــاء العــادل والعاجــل والناجــز‪.‬‬
‫وخالصــة القــول أن االصــاح الحكومــي للســلطات الثــاث (التشــريعية‪،‬‬
‫التنفيذيــة‪ ،‬القضائيــة) أضحــى أمــر ًا ضروريـ ًا لتقويــم مســار النظــام السياســي العراقي‪،‬‬
‫بعــد التجربــة الديمقراطيــة والتــي امتــدت ألكثــر مــن عقــد مــن الزمــن‪ ،‬تلــك‬
‫التجربــة التــي جــاءت بطريقــة الصدمــة‪ ،‬وبعيــد ًا عــن التدريجيــة التاريخيــة للتجــارب‬
‫الديمقراطيــة التــي مــرت علــى الكثيــر مــن النظــم السياســية فــي العالــم‪ ،‬وأن األمــر‬
‫األساســي فــي أي عمليــة اصــاح حكومــي هــو وجــود االرادة السياســية للنخــب‬
‫السياســية الحاكمــة فــي إجــراء االصالحــات الضروريــة للمؤسســات الحكوميــة‪،‬‬
‫مــن خــال معالجــة التحديــات والمعوقــات التــي تواجههــا تلــك المؤسســات‬
‫بإصالحــات حقيقيــة‪ ،‬تمكنهــا مــن أداء مهامهــا بشــكل ســليم‪ ،‬علــى أن تســتند تلــك‬
‫االصالحــات إلــى أهــم معاييــر الحكــم الرشــيد (الشــفافية‪ ،‬المســألة‪ ،‬المحاســبة‪،‬‬
‫الرؤيــة االســتراتيجية) لبنــاء مؤسســات حكوميــة تعتمــد حكــم القانــون وفرضــه علــى‬
‫كل األفــراد حكامــا ومحكوميــن‪ ،‬وأن ال يكــون االصــاح لمرحلــة زمنيــة معينــة وإنمــا‬
‫‪| 50‬‬
‫وكحلا حالصإلا هجوب ةدقعم ةفسلف‬

‫يكــون مســتمر ًا وتكامليـ ًا‪ ،‬باعتبــار أن المؤسســات الحكوميــة االساســية (التشــريعية‪،‬‬


‫التنفيذيــة‪ ،‬القضائيــة) تمثــل واجهــة النظــام السياســي‪ ،‬وانعــكاس للبيئــة السياســية‬
‫الداخليــة الدائمــة التغييــر‪ ،‬ممــا يســتلزم أن تكــون عمليــة تقويــم تلــك المؤسســات‬
‫متالئمــة ومتناغمــة مــع تلــك التغييــرات‪ ،‬وأن تتناغــم تلــك االصالحــات الحكوميــة‬
‫مــع االهــداف التنمويــة لأللفيــة الثالثــة (‪ )2030-2015‬أهــداف التنميــة المســتدامة‬
‫(‪ )17‬هدفـ ًا‪ ،‬واعتبارهــا خارطــة طريــق لإلصــاح الحكومــي المؤسســي فــي العــراق‬
‫فــي المســتقبل المنظــور‪.‬‬

‫رابع ًا‪ :‬إصالح النظام اإلنتخابي‬


‫يعــد تصميــم النظــام االنتخابــي أهــم وأخطــر عمليــة بعــد صياغــة الدســتور‪،‬‬
‫إذ ترتبــط بهــذه المعادلــة جملــة مــن المتغيــرات التــي ترتبــط ببنــاء النظــام السياســي‬
‫والحوكمــة والشــفافية والمســاءلة وتعزيــز ثقافــة المشــاركة وتعزيــز المصالحــة الوطنية‬
‫وضمــان تنفيــذ الرقابــة والتــوازن بيــن الســلطات وضمــان فاعليــة وكفــاءة فــي تبنــي‬
‫سياســيات عامــة تولــد مــن رحــم المشــاكل والحاجــات المجتمعيــة‪ .‬تبنــى العــراق بعد‬
‫عــام ‪ 2005‬نظــام التمثيــل النســبي بدعــوى ان هــذا النظــام يحقــق عدالــة فــي تمثيــل‬
‫الناخبيــن وأقــرب وينجــم عــن توزيــع للمقاعــد بصيغــة مقاربــة لألصــوات المدلــى‬
‫بهــا‪ .‬إال ان النظــام اإلنتخابــي الحالــي إلــى جملــة مــن المعوقــات فشــل السياســات‬
‫العامــة والمحاصصــة الطائفيــة العرقيــة وتدنــي نســب اإلقبــال علــى التصويت والفســاد‬
‫السياســي حيــث يتصــدر العــراق قائمــة الــدول الفاســدة بحســب مؤشــر الفســاد الصادر‬
‫عــن منظمــة الشــفافية العالميــة‪ ،‬كمــا وينــدرج العــراق اآلن فــي إطــار األنظمــة الهجينــة‬
‫‪ Hybrid Regime‬وبحســب مؤشــر الديمقراطيــة الصــادر عــن مجلــة اإليكونوميســت‬
‫‪ The Economist‬لعــام ‪ 2018‬فــان العــراق يقــع علــى أســفل قائمــة الــدول الهجينــة‬
‫يأتــي بعــده األردن فــي أعلــى قائمــة الــدول اإلســتبدادية‪ .‬فضـ ًا علــى أن العــراق مــن‬
‫بيــن الــدول األكثــر فســاد ًا علــى وفــق تقاريــر منظمــة الشــفافية العالميــة ‪.CPA‬‬

‫هل سبق صياغة النظام اإلنتخابي في العراق دراسة متأنية؟‬


‫لــم تســبق النظــام االنتخابــي‪ ،‬حالــه حــال الدســتور‪ ،‬دراســة متأنيــة للنظــر فــي‬
‫مالئمتــه مــن عدمهــا مــع الواقــع ومــع طبيعــة المرحلــة اإلنتقاليــة التــي تســتوجب توفيــر‬
‫حــد مقبــول مــن اإلســتقرار السياســي وتوفيــر المســتلزمات الرئيســة لبنــاء الدولــة إال‬
‫| ‪51‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫انــه علــى العكــس تمامـ ًا مثــل األود فــي النظــام اإلنتخابــي أهــم تحديــات بنــاء الدولــة‬
‫وأخطرهــا‪ .‬وفــي هــذا الصــدد يؤشــر الدليــل الدولــي لألنظمــة االنتخابيــة وجــود‬
‫عامليــن يحــددان عمليــة وضــع النظــام االنتخابــي وهمــا؛ افتقــاد القــوى السياســية‬
‫للدرايــة الكافــة بشــأن األنظمــة اإلنتخابيــة األمــر الــذي ينتــج عنــه غيــاب الوعــي‬
‫الكامــل بشــأن الخيــارات المتوفــرة والنتائــج المترتبــة علــى كل منهــا‪ .‬أو علــى العكس‬
‫مــن ذلــك اســتغالل القــوى السياســية لدرايتهــا بتفاصيــل األنظمــة اإلنتخابيــة للدفــع‬
‫صــوب إعتمــاد نظــم يعتــدون أنهــا تتالئــم بنحــو أفضــل مــع مصالحهــم الحزبيــة‪.‬‬
‫والمفارقــة تحكــم هــذان العامــان بعمليــة انتقــاء النظــام االنتخابــي فــي العــراق إذ‬
‫بــدا الواضــح ان القــوى السياســية العراقيــة افتقــدت إلــى الدرايــة الكافيــة بشــأن هــذا‬
‫النظــام ومــن ثــم النتائــج المترتبــة عليــه‪ .‬إذ أصــدر الحاكــم المدنــي لقــوات االحتــال‬
‫بــول بريمــر‪ ،‬بنــاء علــى توصيــة (كارينــا بيريللــي) مديــرة قســم المســاعدة االنتخابيــة‬
‫التابــع لألمــم المتحــدة‪ ،‬هــذا النظــام (التمثيــل النســبي ‪ -‬دوائــر كبيــرة) لتالفــي‬
‫التعقيــدات الفنيــة الناجمــة عــن ترســيم الدوائــر االنتخابيــة‪ .‬وكذلــك علــى أســاس‬
‫شــمولية هــذا النظــام وفاعليتــه ويوفــر ســرعة فــي االنجــاز وتســاوق ًا مــع ذلــك نــص‬
‫األمــر اإلنتخابــي رقــم ‪ 96‬فــي القســم الثالــث الفقــرة ‪ 3‬علــى (أن يكــون العــراق دائــرة‬
‫انتخابيــة واحــدة وســيتم توزيــع جميــع المقاعــد فــي المجلــس الوطنــي علــى الكيانات‬
‫السياســية مــن خــال نظــام التمثيــل النســبي بالقائمــة المغلقــة) ‪ ،‬وعلــى الرغــم مــن‬
‫ان الجمعيــة الوطنيــة اصــدرت قانــون انتخــاب رقــم ‪ 16‬لســنة ‪ 2005‬والــذي الغــى‬
‫بموجبــه االمــر رقــم ‪ 96‬والقوانيــن الالحقــة اال انهــا لــم تغيــر أصــل النظــام االنتخابــي‬
‫(التمثيــل النســبي) إذ ان كل التعديــات التــي طــرأت علــى هــذا النظــام لــم تغيــر مــن‬
‫مخرجــات النظــام ‪ -‬التــي ســنتناولها بالتفصيــل ‪ -‬بنحــو كبيــر‪ .‬وتأسيس ـ ًا علــى ذلــك‬
‫فقــد وقــد جــرب العــراق عــددا مــن االنتخابــات البرلمانيــة واالنتخابــات لمجالــس‬
‫المحافظــات مــن العــام ‪ 2005‬حتــى العــام ‪ 2018‬اســتندت كلهــا علــى نظــام التمثيــل‬
‫النســبي (الكامــل ‪ -‬التقريبــي‪ -‬ومــن ثــم ســانت ليغــو المعــدّ ل) يوضحهــا الجــدول‬
‫اآلتــي‪:‬‬

‫‪| 52‬‬
‫وكحلا حالصإلا هجوب ةدقعم ةفسلف‬

‫الجدول رقم ‪1‬‬

‫انتخابات‬ ‫االنتخابات‬ ‫االنتخابات‬ ‫انتخاب‬


‫التغيرات في‬
‫مجلس النواب‬ ‫مجلس النواب‬ ‫الجمعية الوطنية مجلس النواب‬
‫النظام االنتخابي‬
‫‪2014/4/30‬‬ ‫‪2010/3/7‬‬ ‫‪2005/12/15 2005/1/30‬‬
‫‪328‬‬ ‫‪325‬‬ ‫‪257‬‬ ‫‪257‬‬ ‫عدد المقاعد‬
‫التمثيل النسبي‬ ‫التمثيل النسبي‬ ‫التمثيل النسبي‬ ‫التمثيل النسبي‬ ‫النظام االنتخابي‬
‫كل محافظة هي‬ ‫كل محافظة هي‬ ‫كل محافظة هي‬ ‫العراق كدائرة‬
‫الدائرة االنتخابية‬
‫دائرة انتخابية‬ ‫دائرة انتخابية‬ ‫دائرة انتخابية‬ ‫انتخابية‬
‫قائمة شبه‬
‫قائمة شبه مفتوحة‬ ‫قائمة مغلقة‬ ‫قائمة مغلقة‬ ‫نوع القائمة‬
‫مفتوحة‬
‫المقاعد‬
‫التوجد‬ ‫‪ 7‬مقعد‬ ‫‪ 45‬مقعد‬ ‫التوجد‬
‫التعويضية‬
‫نسبة المشاركة‬
‫‪2 .61‬‬ ‫‪٪2 .62‬‬ ‫‪٪63 .79‬‬ ‫‪٪58‬‬
‫في االنتخابات‬
‫صيغة توزيع‬
‫سانت ليغو‬ ‫القاسم االنتخابي‬ ‫الباقي األقوى‬ ‫الباقي األقوى‬
‫المقعد‬
‫مااليقل عن ‪3‬‬
‫واليزيد على‬ ‫ليس أقل وليس‬ ‫عدد المرشحين‬
‫‪.....‬‬ ‫‪......‬‬
‫ضعف عدد‬ ‫أكثر من ‪275‬‬ ‫في القائمة‬
‫مقاعد الدائرة‬
‫عدد الكيانات‬
‫‪ 12‬كيان سياسي ‪ 12‬كيان سياسي ‪ 14‬كيان سياسي ‪ 34‬كيان سياسي‬
‫الفائزة مع كوتا‬
‫أو إئتالف‬ ‫أو إئتالف‬ ‫أو إئتالف‬ ‫أو إئتالف‬
‫االقليات‬

‫المصدر‪ :‬عبد اهلل فاضل حسين العامري التطور التأريخي لإلنتخابات العراقية (‪، )2014-1920‬‬
‫دراسات انتخابية ‪ 1‬كانون الثاني ‪ /‬يناير ‪ ،2015‬ص‪.116‬‬

‫| ‪53‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪ -1‬إشكالية النظام االنتخابي‬


‫أغلــب الجــدل المثــار بشــأن إصــاح النظــام اإلنتخابــي اليعالــج أصــل المشــكلة‬
‫أو المشــاكل التــي أنتجهــا هــذا النظــام بــل قضايــا ثانويــة‪ ،‬مــن قبيــل العتبــة فــي نظــام‬
‫ســانت ليغــو‪ ،‬فهــي فــي أحســن األحــوال لــن يغيــر مــن واقــع المعادلــة إال بنســبة‬
‫ضئيلــة جــد ًا‪ .‬إذ أن االشــكالية تكمــن فــي أصــل النظــام االنتخابــي (التمثيــل النســبي‬
‫‪ -‬القائمــة المغلقــة ومــن ثــم شــبه المفتوحــة)‪.‬‬
‫فقــد أظهــرت نتائــج تلــك االســتطالع إن األغلبيــة العظمى من المســتطلعين ليســت‬
‫راضيــة عــن النظــام االنتخابــي القائــم‪ ،‬حيــث قالــت نســبة (‪ ) ٪٦ ،٨٨‬أن النظــام‬
‫االنتخابــي الحالــي لــم يحقــق االســتقرار السياســي المنشــود‪ .‬كمــا أشــار االســتطالع‬
‫إلــى أن نســبة (‪ ) ٪٧ ،٧٥‬مــن المســتطلعين يــرون أن النظــام االنتخابــي الحالــي لــم‬
‫يخلــق أي نــوع مــن أنــواع المعارضــة السياســية الحقيقيــة‪ ،‬ورأت نســبة (‪ ) ٪87‬أن‬
‫النظــام الحالــي لــم يســاهم فــي خلــق كتلــة عابــرة للطوائــف‪ .‬أخيــرا‪ ،‬طالــب (‪،٦٨‬‬
‫‪ ) ٪٩‬مــن المســتطلعين بتغييــر النظــام االنتخابــي المعمــول بــه فــي العــراق‪ ،‬إضافــة‬
‫لمطالبــة (‪ ) ٪٧ ،٦٥‬باعتمــاد أليــه الدوائــر المتعــددة داخــل كل محافظــة‪ .‬والمخطــط‬
‫التالــي يوضــح ذلــك‬

‫المصدر‪ :‬هاشم الركابي‪ ،‬إصالح النظام االنتخابي‪ ،‬مركز البيان للدراسات والتخطيط‪ ،‬بغداد‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪| 54‬‬
‫وكحلا حالصإلا هجوب ةدقعم ةفسلف‬

‫لــذا أثــار النظــام االنتخابــي الحالــي العديــد مــن اإلشــكاليات علــى بنــاء النظــام‬
‫السياســية والحكــم والشــرعية وكان لهــا تأثيــر مباشــر علــى كفــاءة النظــام السياســي‬
‫والسياســيات العامــة وهــذه اإلشــكاليات هــي علــى النحــو اآلتــي‪:‬‬

‫أو ًال‪/‬تكريس الهويات الطائفية‪ -‬العرقية‬


‫أدى النظــام اإلنتخابــي الحالــي الــى تكريــس الهويــات الطائفيــة ‪ -‬العرقيــة وتعزيــز‬
‫هيمنــة األحــزاب الكبيــرة ذات الطابــع الطائفــي العرقــي علــى المشــهد السياســي فــي‬
‫العــراق‪ ،‬وذلــك الن هــذا النظــام جعــل المنافســة بيــن األحــزاب والناخبيــن فحســب‪،‬‬
‫فيمــا تــذوب هويــة المرشــح الــذي يجــد نفســه مضطــر ًا‪ ،‬علــى وفــق هــذه المعادلــة‪،‬‬
‫إســتجداء‪ -‬وربمــا دفــع مبالــغ ماليــة فــي بعــض األحيــان‪ -‬للوصــول إلــى صناديــق‬
‫اإلقتــراع‪ .‬الن قــادة االحــزاب والمتنفذيــن هــم مــن يتحكم بوضــع قائمة المرشــحين‪.‬‬
‫أمــا الناخــب ســيجد نفســه مضطــر ًا النتخــاب تلــك األحــزاب ألنــه يــكاد التوجــد‬
‫فرصــة لفــوز المرشــحين الذيــن يفضلونهــم طالمــا كانــت قيمــة المقعــد البرلمانــي‬
‫عاليــة جــدا إذ تراوحــت النســبة بيــن‪ 28667‬و ‪ 53719‬فــي إنتخابــات عامــي ‪2010‬‬
‫و ‪ 2014‬أو أدنــى بقليــل فكيــف يتســنى للمرشــح مــن غيــر األحــزاب الكبيــرة أو‬
‫المســتقل أن يحصــل علــى هــذه النســبة للفــوز بعضويــة البرلمــان‪ ،‬األمــر الــذي كان‬
‫لــه أثــره الواضــح علــى الســلوك اإلنتخابــي للناخبيــن العراقييــن الذيــن هــم فــي الواقــع‬
‫حولــوا خيارهــم مــن المرشــح الــذي يفضلونــه إلــى المفاضلــة بيــن الســيء واألســوأ‬
‫إســتناد ًا إلــى قاعــدة التصويــت اإلســتراتيجي الــذي تقضــي بــأن الناخــب يصــوت‬
‫بطريقــة تحــدث أثرهــا فــي اإلنتخابــات‪ ،‬أي اليصــوت للمرشــح الخاســر وإن كان‬
‫يفضلــه‪ .‬وكان لذلــك أثــر كبيــر علــى تكريــس هيمنــة هــذه األحــزاب علــى المشــهد‬
‫السياســي مــن جهــة وعلــى عــزوف قطــاع كبيــر مــن المواطنيــن عــن االنتخابــات مــن‬
‫جهــة أخــرى‪ .‬وممــا زاد الطيــن بلــة تبنــي نظــام ســانت ليغــو المعــدل برفــع العتبــة‬
‫االمــر الــذي كــرس هيمنــة االحــزاب الكبيــرة علــى المشــهد االنتخابــي والســيما‬
‫بعــد اصــدار البرلمــان التعديــل االخيــر علــى قانــون انتخابــات مجالــس المحافظــات‬
‫القادمــة ‪ 2020‬الــذي جعــل العتبــة ‪ 9 .1‬الــذي يتســبب بنحــو واضــح خســارة‬
‫االحــزاب الصغيــرة لمقاعدهــا وتبــدو النتيجــة علــى االخــص فــي ظــل تقليــص مقاعــد‬
‫مجالــس المحافظــات‪.‬‬

‫| ‪55‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫ثانياً‪ :‬تعزيز الهوية العشائرية‬


‫أن هــذا النظــام يصــب فــي صالــح تكريــس الهويــة العشــائرية ومــن ثــم دعــم نفــوذ‬
‫زعمــاء القبائــل فــي المشــهد السياســي بســبب إعتمــاد هــذا النظــام اإلنتخابــي علــى‬
‫الدوائــر الكبيــرة أدى علــى إختــال فــي التــوازن بالتمثيــل‪ ،‬ســواء أكان فــي إنتخابــات‬
‫مجلــس النــواب أم فــي انتخابــات مجالــس المحافظــات‪ ،‬بيــن مركــز المدينــة‬
‫واألقضيــة والنواحــي لصالــح األخيــرة‪ ،‬نظــر ًا للتأثيــر الــذي يحدثــه التحشــيد هنــاك‬
‫الــذي ترجــم باإلقبــال علــى التصويــت بمســتويات عاليــة مقابــل تدنــي هــذه النســب‬
‫فــي مراكــز المــدن‪ .‬األمــر الــذي يرجــح كفــة المرشــحين الفائزيــن مــن تلــك المناطــق‬
‫علــى حســاب المركــز‪( .‬فعلــى ســبيل المثــال ال الحصــر عــدد األقضيــة فــي محافظــة‬
‫بابــل ‪ 4‬فقــط إال ان الفائزيــن فــي مركــز المدينــة ‪ 2‬فقــط مــن الكوتــا النســائية وفــي‬
‫الموصــل فــاز ‪ 4‬فقــط مــن أصــل ‪ 34‬نائــب)‪.‬‬

‫الجدول رقم ‪2‬‬


‫عدد المقاعد‬ ‫عدد األقضية‬ ‫المحافظة‬
‫‪69‬‬ ‫‪10‬‬ ‫بغداد‬
‫‪31‬‬ ‫‪10‬‬ ‫نينوى‬
‫‪25‬‬ ‫‪7‬‬ ‫البصرة‬
‫‪19‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ذي قار‬
‫‪18‬‬ ‫‪16‬‬ ‫السليمانية‬
‫‪17‬‬ ‫‪4‬‬ ‫بابل‬
‫‪15‬‬ ‫‪9‬‬ ‫أربيل‬
‫‪15‬‬ ‫‪8‬‬ ‫األنبار‬
‫‪14‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ديالى‬
‫‪12‬‬ ‫‪4‬‬ ‫كركوك‬
‫‪12‬‬ ‫‪8‬‬ ‫صالح الدين‬
‫‪12‬‬ ‫‪3‬‬ ‫النجف‬
‫‪11‬‬ ‫‪7‬‬ ‫دهوك‬
‫‪11‬‬ ‫‪3‬‬ ‫كربالء‬

‫‪| 56‬‬
‫وكحلا حالصإلا هجوب ةدقعم ةفسلف‬

‫‪11‬‬ ‫‪3‬‬ ‫واسط‬


‫‪11‬‬ ‫‪4‬‬ ‫القادسية‬
‫‪10‬‬ ‫‪4‬‬ ‫المثنى‬
‫‪10‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ميسان‬
‫‪320‬‬ ‫‪120‬‬ ‫المجموع‬

‫يوضح الجدول أعاله عدد األقضية بإزاء عدد المقاعد المخصصة لمجلس النواب‬
‫العراقي ويمكن مالحظة الفارق الكبير في عدد المقاعد التي تحصدها األقضية‬
‫والنواحي على حساب المدن وذلك يعود بالدرجة األساس الى إعتماد الدوائر‬
‫الكبيرة (المحافظة دائرة إنتخابية)‪ .‬وهذا من شأنه أن يفضي إلى خلل في تمثيل‬
‫الناخبين وكذلك العدالة في التمثيل الجغرافي لهم‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬تزايد معدالت الفساد السياسي‬


‫يــؤدي هــذا النظــام إلــى تزايــد معــدالت الفســاد السياســي‪ .‬إذ تؤشــر الدراســات‬
‫عالقــة وثيقــة بيــن النظــام االنتخابــي والفســاد وهــي علــى النحــو اآلتــي‪ :‬يقتــرن نظــام‬
‫التمثيــل النســبي بالمجمــل بمســتويات عاليــة مــن الفســاد مقارنــة باألنظمــة األخــرى‬
‫(األغلبيــة والمختلطــة) وأعلــى مســتويات للفســاد ترتبــط بالقائمــة المغلقــة وشــبه‬
‫المفتوحــة فيمــا تكــون بمســتويات أدنــى فــي ظــل نظــام القائمــة المفتوحــة‪.‬‬
‫وذلــك ألنــه يضعــف العالقــة بيــن المرشــحين والناخبيــن طالمــا كانــت الهويــة‬
‫الحزبيــة هــي العامــل الحاســم فــي الفــوز فــي اإلنتخابــات ومــن ثــم تضعــف القــدرة‬
‫علــى محاســبة الناخبيــن للمرشــحين عبــر صناديــق اإلقتــراع‪ .‬أمــا المرشــحين فهــم‬
‫فــي ظــل هــذه المعادلــة ســيضطرون إلســتجداء دعــم اإلحــزاب فــي ســبيل الترشــح‪،‬‬
‫ومــن ثــم ســيكون المرشــح مديــن لرئيــس الحــزب فــي الفــوز ال الناخبيــن‪ ،‬وهــذا‬
‫مايفســر خضــوع النــواب الــى قــادة الكتــل فــي التصويــت فــي البرلمــان وليــس‬
‫لدوائرهــم اإلنتخابيــة‪.‬‬
‫ونتيجــة لنظــام توزيــع المقاعــد بالقاســم االنتخابــي أو بصيغــة ســانت ليغــو المعدلة‬
‫فــإن األصــوات التــي يجمعهــا رمــز الحــزب ســتذهب لقائمتــه فيمــا لــو زادت عــن‬
‫ســعر مقعــده‪ ،‬فمثــا حصــد الســيد نــوري المالكــي فــي انتخابــات ‪2014‬م وحــده‬

‫| ‪57‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪ 721782‬ألــف صــوت فــي محافظــة بغــداد مــن مجمــوع ‪ 1074609‬مليــون تــاه‬


‫بنفــس القائمــة بالمركــز الثانــي حســين الشهرســتاني ب ‪11201‬ألــف فقــط وهكــذا‪.‬‬

‫رابع ًا‪ :‬حكومة ضعيفة ومعارضة برلمانية ضعيفة أو معدومة‬


‫أنتجــت مخرجــات المعادلــة اإلنتخابيــة القائمــة ضعــف الحكومــة‪ ،‬طالمــا‬
‫كانــت مخرجــات هــذا النظــام تفضــي إلــى تشــظي األحــزاب داخــل البرلمــان ومــن‬
‫ثــم صعوبــة إنتــاج حكومــة متماســكة تتبنــى برنامــج متماســك‪ .‬بــإزاء ذلــك التوجــد‬
‫معارضــة فاعلــة فــي البرلمــان تراقــب األداء الحكومــي (هــذا إن وجــدت معارضــة‬
‫باألســاس) وذلــك الن الحكومــة مؤلفــة مــن قبــل الكتــل البرلمانيــة كافــة علــى وفــق‬
‫النســبة التــي حصلــت عليهــا مــن المقاعــد البرلمانيــة التــي خضعــت باألســاس الــى‬
‫الصيغــة الطائفيــة ‪ -‬العرقيــة‪.‬‬

‫خامس ًا‪ :‬العزوف اإلنتخابي‬


‫الــذي تجلــى إنخفــاض مســتوى المشــاركة واإلقبــال علــى التصويــت وذلــك‬
‫بســبب اإلحبــاط الناجــم عــن ســوء الخدمــات والفســاد المستشــري كمــا يوضحــه‬
‫المخطــط رقــم ‪ .2‬إذ ترتفــع مســتويات المشــاركة فــي االنتخابــات عندمــا يتمخــض‬
‫عــن نتائــج االنتخابــات‪ ،‬ســواء علــى المســتوى العــام أو المحلــي‪ ،‬تأثيــر فعلــي فــي‬
‫إدارة الحكــم‪ .‬فلــو علــم الناخــب مســبق ًا بــأن الحضــوض لمرشــحه المفضــل بالفــوز‬
‫فمــا الــذي ســيحفزه علــى المشــاركة؟ وهــذا الــذي حصــل بالفعــل فــي االنتخابــات‬
‫وعلــى النحــو الــذي فصلنــاه أعــاه‪ ،‬والمخطــط التالــي يوضــح نســب االقبــال علــى‬
‫التصويــت فــي االنتخابــات بيــن األعــوام بيــن ‪.2018-2005‬‬

‫‪| 58‬‬
‫وكحلا حالصإلا هجوب ةدقعم ةفسلف‬

‫سادس ًا‪ :‬يعمل النظام اإلنتخابي بالضد من المصالحة الوطنية‬


‫ان النظــام االنتخابــي باالضافــة إلــى كونــه الوســيلة التــي يتــم مــن خاللهــا انتخــاب‬
‫المرشــحين الــى مؤسســات الحكــم‪ ،‬تعمــل بوصفهــا أداة إلدارة الصراعــات الدائــرة‬
‫فــي المجتمــع‪ .‬فقــد تدفــع بعــض النظــم االنتخابيــة‪ ،‬فــي ظــروف معينــة‪ ،‬األحــزاب‬
‫السياســية إلــى التوجــه نحــو قواعــد أوســع مــن المؤيديــن خــارج نطــاق اإلطــار‬
‫األضيــق لمؤيديهــم االعتيادييــن‪ . .‬وبذلــك يمكــن أن تكــون برامــج األحــزاب أكثــر‬
‫شــمولية وأقــل فئويــة أو اســتثنائية‪ .‬ويمكــن لمحفــزات أخــرى للنظــم االنتخابيــة أن‬
‫تحــد مــن تقوقــع األحــزاب السياســية ضمــن أطــر قبليــة‪ ،‬أوعرقيــة‪ ،‬أو محليــة‪ ،‬أو‬
‫لغويــة أو أيديولوجيــة‪.‬‬
‫لكــن فــي حالــة العــراق جعــل هــذا النظــام مــن األحــزاب تتقوقــع ضمــن هوياتهــا‬
‫الفرعيــة ويحــول دون بنــاء أحــزاب عابــرة للطائفيــة‪ -‬العرقيــة‪ .‬وجعــل مــن الصــراع‬
‫السياســي بيــن القــوى الرئيســة ينســحب علــى الشــارع العراقــي‪ .‬واليقتصــر األمــر‬
‫علــى ذلــك فحســب بــل انســحب نمــط التشــظي واالنقســام ضمــن الحــزب نفســه‪.‬‬

‫| ‪59‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫سابع ًا‪ :‬النظام اإلنتخابي يعمل بالضد من دمقرطة األحزاب‬


‫تعــد الديمقراطيــة مــن داخــل األحــزاب متطلبــ ًا جوهريــ ًا لديمقراطيــة النظــام‬
‫السياســي ككل‪ ،‬إال ان أنظمــة التمثيــل النســبي يقلــل الحافــز صــوب تبنــي الديمقراطية‬
‫مــن داخــل االحــزاب وذلــك الن قــادة الحــزب اليجــدون ضــرورة لذلــك طالمــا‬
‫كانــت هويــة الحــزب هــي العامــل الحاســم فــي فــوز المرشــح كمــا أشــرنا آنف ـ ًا لــذا‬
‫اليجــد قــادة االحــزاب ضــرورة تبنــي اآلليــات الديمقراطيــة فــي داخــل بنــى أحزابهــم‪.‬‬
‫فــي حيــن تدفــع أنظمــة أخــرى‪ ،‬والســيما فــي نظــم األغلبيــة‪ ،‬قــادة الحــزب إلــى‬
‫تبنــي اآلليــات الديمقراطيــة ضمــن بناهــا‪ .‬وعلــى الرغــم مــن تأكيــد قانــون األحــزاب‬
‫العراقــي فــي المــادة ‪ 6‬المرقــم ‪ 36‬لعــام ‪ 2015‬تفتقــر أغلــب األحــزاب السياســية فــي‬
‫العــراق الــى اآلليــات الديمقراطيــة فــي إختيــار قياداتهــا‪.‬‬

‫ثامن ًا‪ :‬غياب البرامج السياسية في الحمالت االنتخابية‬


‫ومــن أبــرز مايميــز االنتخابــات ســواء أكانــت البرلمانيــة أم فــي مجالــس‬
‫المحافظــات هــو غيــاب البرامــج السياســية لألحــزاب المتنافســة (التــي مــن المفتــرض‬
‫أن تترجــم إلــى سياســات عامــة بعــد االنتخابــات) وذلــك الن التصويــت‪ ،‬بفعــل النظام‬
‫االنتخابــي القائــم‪ ،‬اليســتند علــى البرنامــج السياســي بــل علــى أســاس االنتمــاءات‬
‫االثنيــة‪ -‬الطائفيــة‪.‬‬

‫‪-2‬البدائل‬
‫أو ًال‪ -‬نظام األغلبية (الترشيح الفردي‪ -‬دوائر إنتخابية صغيرة)‬
‫إعتمــاد الترشــيح الفــردي القائــم علــى نظــام األغلبيــة أو مايعــرف بنظــام الفائــز‬
‫االول ‪ First Past The Post‬وإعتمــاد الدوائــر اإلنتخابيــة الصغيــرة كمــا هــو الحــال‬
‫فــي النظــام االنتخابــي الــذي تتبعــه الواليــات المتحــدة وبريطانيــا والهنــد وغيرهــا مــن‬
‫البلــدان‪.‬‬

‫‪ -1‬المزايا‪:‬‬
‫أ‌‪-‬يعــزز مــن الرقابــة الشــعبية وإمكانيــة محاســبة المســؤولين عبــر صناديــق‬
‫اإلقتــراع‪:‬‬

‫‪| 60‬‬
‫وكحلا حالصإلا هجوب ةدقعم ةفسلف‬

‫الن هويــة المرشــح ســتكون هــي العامــل الحاســم بالفــوز‪ ،‬كمــا انــه ســيجعل هناك‬
‫عالقــة مباشــرة بيــن المرشــحين ودوائرهــم اإلنتخابيــة األمــر الــذي ســيمكن الناخبيــن‬
‫مــن محاســبة المســؤولين عبــر صناديــق اإلقتــراع األمــر الــذي ســيجبر األحــزاب‬
‫السياســية علــى إنتقــاء أفضــل الشــخصيات ذات الســمعة اإلجتماعيــة والمهنيــة الجيــدة‬
‫لتحقيــق الفــوز علــى الخصــوم‪ .‬ويمكــن مالحظــة تأثيــر هــذا النظــام مــن خــال النظــر‬
‫إلــى التغييــر الــذي أحدثــه التحــول مــن القائمــة المغلقــة إلــى القائمــة شــبه المفتوحــة‬
‫فــي اإلنتخابــات البرلمانيــة الســابقة واالنتخابــات الــى مجالــس المحافظــات‪.‬‬
‫ب‌‪-‬يفضي إلى حكومة قوية وإلى معارضة قوية‪:‬‬
‫النــه ســيقلل قــدر اإلمــكان مــن األحــزاب ومــن ثــم ســيفضي إلــى قيــام تحالفــات‬
‫أكثــر تماســك ًا ومــن ثــم حكومــة أكثــر فاعليــة‪ ،‬بــإزاء ذلــك ســيفضي إلــى وجــود‬
‫معارضــة قويــة‪.‬‬
‫ت‌‪-‬تحجيم الفساد‬
‫ألنــه يعــزز مــن إمكانيــة المســاءلة وتعزيــز قيــم الشــفافية ليــس علــى المســتوى‬
‫الشــعبي فحســب بــل علــى مســتوى الرســمي عبــر اآلليــات الرســمية‪ .‬إذ يتســنى‬
‫للناخبيــن محاســبة المســؤولين عبــر صناديــق االقتــراع‪.‬‬
‫ث‌‪-‬يرجح من إمكانية تشكيل أحزاب عابرة للطائفية‪ -‬العرقية‪.‬‬
‫فــي ظــل المعادلــة التــي تحكــم هــذا النظــام االنتخابــي ســتجد االحــزاب نفســها‬
‫مضطــرة لتجــاوز الخطــوط الطائفيــة العرقيــة والســيما فــي المناطــق المختلطــة‪.‬‬
‫ج‌‪-‬تحجيم تأثير الهوية العشائرية على اإلنتخابات‪.‬‬
‫وذلــك الن تقســيم المحافظــات إلــى دوائــر إنتخابيــة بعــدد المقاعــد ســيحد وبنحــو‬
‫كبيــر مــن تأثيــر الهويــة العشــائرية علــى مخرجــات اإلنتخابــات مهمــا كانــت المشــاركة‬
‫واســعة ألن عــدد المقاعــد التــي ســتخصص لألقضيــة فــي عمــوم العــراق هــي ‪120‬‬
‫مقعــد ًا مــن أصــل ‪ 320‬فــي حيــن فــي النظــام اإلنتخابــي الحالــي يســتحوذ المرشــحون‬
‫مــن األقضيــة والنواحــي بفعــل هــذا النظــام علــى حصــة األســد مــن المقاعــد بســبب‬
‫تأثيــر التحشــيد العشــائري علــى النحــو الــذي فصلنــاه آنفـ ًا‪.‬‬
‫ح‌‪-‬يشــجع علــى المشــاركة السياســية الواســعة واإلقبــال علــى التصويــت‬
‫طالمــا يتســنى للناخبيــن إمكانيــة تغييــر المســؤولين عبــر صناديــق االقتــراع ومــن ثــم‬
‫محاســبتهم‪.‬‬
‫خ‌‪-‬هذا النظام بسيط وغير مكلف‪.‬‬
‫| ‪61‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪ -2‬التحديات‪.‬‬
‫أ‌‪-‬مقاومة األحزاب الكبيرة‪:‬‬
‫الشــك ان االحــزاب الكبيــرة ســتقاوم اي مشــروع لتعديــل قانــون االنتخابــات‬
‫وذلــك ألن أي تغييــر مــن شــأنه تغييــر معادلــة القــوة والنفــوذ فــي خارطــة االنتخابــات‬
‫العراقيــة‪ ،‬وكمــا بــدأ واضحـ ًا فــي التعديــات الســابقة أصــرت االحــزاب علــى ضمــان‬
‫عــدم حصــول اي تعديــل ولــو بنحــو جزئــي‪.‬‬
‫ب‌‪ -‬تحديات فنية‬
‫إن مــن أكبــر التحديــات التــي تواجــه تقليــص حجــم الدائــرة االنتخابيــة فــي العــراق‬
‫هــو عــدم وجــود إحصــاء ســكاني‪ ،‬وقــد أرجــأت الحكومــة العراقيــة فــي كثيــر مــن‬
‫‪ 1997‬تعــداد ســكاني‪ ،‬إذ أجــري آخــر تعــداد عــام األحيــان إجــراء تعــداد للســكان‬
‫لتجنــب التداعيــات السياســية‪ ،‬والســيما حــول مــا يســمى «األراضــي المتنــازع عليهــا»‬
‫وتوزيــع الثــروات؛ لــذا مــن الصعــب تحديــد العــدد الدقيــق للمقيمــي فــي كل قضــاء‪.‬‬
‫كمــا توجــد اشــكالية مهمــة فــي هــذا الخصــوص وهــو التغييــر الديمغرافــي الــذي‬
‫قامــت بــه األحــزاب فــي تلــك المناطــق األمــر الــذي يجعــل مــن الصعــب اذا يرتبــط‬
‫بهــذه االشــكالية تطبيــق المــادة ‪ 140‬مــن الدســتور والتــي تضمنــت تحديــد أجـ ًا أمــده‬
‫‪ 2007‬إلجــراء االســتفتاء لكــن االســتفتاء لــم يحصــل ضمــن الســقف الــذي حــدده‬
‫الدســتور‪ .‬ومــن الجديــر بالذكــر إن هنــاك طرائــق عــدة لتحديــد الدوائــر االنتخابيــة‬
‫نجملهــا علــى النحــو اآلتــي‪:‬‬
‫الطريقــة األولــى‪ :‬تحديــد عــدد الدوائــر تبعــا لعــدد أعضــاء المجلــس المنتخــب‪:‬‬
‫وهــي أن يقــوم الدســتور بتحديــد عــدد أعضــاء المجلــس النيابــي‪ -‬علــى وفــق نظــام‬
‫االنتخابــات المعمــول بــه ‪ ،-‬ومــن ثــم تقســيم الدولــة إلــى دوائــر انتخابيــة وفقــا لنظــام‬
‫االنتخــاب المعمــول بــه ‪ -‬تبعــ ًا لعــدد النــواب‪ ،‬فــإذا كان نظــام االنتخــاب المطبــق‬
‫هــو نظــام االنتخــاب الفــردي عندهــا يكــون عــدد الدوائــر اإلنتخابيــة مســاوي ًا لعــدد‬
‫النــواب بحيــث يمثــل كل دائــرة انتخابيــة نائــب واحــد‪ ،‬أمــا إذا كان النظــام المطبــق‬
‫هــو نظــام االنتخــاب بالقائمــة فــان عــدد الدوائــر االنتخابيــة فــي هــذه الحالــة مســاوي ًا‬
‫لعــدد أعضــاء المجلــس النيابــي مقســوم ًا علــى عــدد النــواب المحــدد والمقــرر انتخابــه‬
‫فــي كل دائــرة انتخابيــة ومــن شــأن هــذه الطريقــة أن تجعــل مــن عــدد أعضــاء المجلــس‬
‫النيابــي ثابت ـ ًا اليتغيــر بزيــادة التعــداد الســكاني أو نقصانــه‪.‬‬

‫‪| 62‬‬
‫وكحلا حالصإلا هجوب ةدقعم ةفسلف‬

‫الطريقــة الثانيــة‪ :‬تقســيم الدوائــر االنتخابيــة تبعــا للكثافــة الســكانية‪ :‬وذلــك بــأن‬
‫يكــون عــدد أعضــاء المجلــس النيابــي متناســبا مــع عــدد مواطنــي الدولــة (كأن يكــون‬
‫هنــاك نائــب لــكل عشــرين ألــف نســمة) األمــر الــذي يجعــل عــدد النــواب‪ ،‬ومــن ثــم‬
‫عــدد الدوائــر االنتخابيــة يتغيــر تبعــا لتغيــر عــدد الســكان ســواء بالزيــادة أو النقصــان‪.‬‬
‫الطريقــة الثالثــة‪ :‬الجمــع بيــن األســلوبين الســابقين‪ . .‬وذلــك بتقســيم البلــد إلــى‬
‫عــدد ثابــت مــن الدوائــر االنتخابيــة بالرغــم مــن امكانيــة زيــادة عــدد النــواب داخــل‬
‫الدائــرة نفســها تبعــا لزيــادة عــدد الســكان ومثــال ذلــك مايســتنتج منــه مــن الجمــع بيــن‬
‫نــص دســتور جمهوريــة العــراق لعــام ‪ 2005‬فــي الفقــرة األولــى مــن المــادة ‪ 49‬ومــا‬
‫قــرره قانــون االنتخابــات رقــم ‪ 16‬لســنة ‪ 2005‬فــي الفقــرة (ثانيــا) مــن المــادة ‪15‬‬
‫والمــادة (‪ )2‬مــن القانــون رقــم (‪ )26‬لســنة ‪( 2009‬قانــون تعديــل قانــون االنتخابــات)‬
‫مــن تقســيم الدوائــر االنتخابيــة فــي البلــد إلــى عــدد ثابــت علــى وفــق الحــدود االداريــة‬
‫للمحافظــات العراقيــة ‪ 19‬االمــر الــذي يعنــي ان العــدد ثابــت ومحــدد مــن الناحيــة‬
‫الجغرافيــة لكنــه متغيــر تبع ـ ًا لعــدد الســكان مــن ناحيــة عــدد النــواب داخــل كل دائــرة‬
‫انتخابيــة‪.‬‬

‫‪-3‬البدائل المتاحة‬
‫البديــل األول‪ :‬اإلعتمــاد علــى عــدد الناخبيــن المســجلين وتخصيــص المقاعــد‬
‫لــكل قضــاء إذ يوجــد ‪ 120‬قضــاء فــي العــراق كمــا هــو موضــح فــي الجــدول رقــم ‪2‬‬
‫مــن الممكــن تحقيــق النتيجــة المرجــوة مــن وجــود مــن ‪ 3‬إلــى ‪ 8‬مقاعــد لــكل قضــاء‬
‫مــن خــال توزيــع المقاعــد المخصصــة لــكل محافظــة إلــى أقضيتهــا إســتناد ًا علــى‬
‫العــدد اإلجمالــي للناخبيــن المســجلين فــي كل منهــا علمـ ًا أن قانــون االنتخابــات لعــام‬
‫‪ 2005‬قــد إعتمــد علــى عــدد الناخبيــن المســجلين‪.‬‬
‫البديــل الثانــي‪ :‬اإلعتمــاد علــى بيانــات وزارة التجــارة لتحديــد عــدد المقاعــد‬
‫عبــر تحديــد عــدد مراكــز الحصــص التموينيــة فــي كل قضــاء وعــدد الناخبيــن فــي كل‬
‫منهمــا‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ -‬النظام المختلط‬


‫يقصــد بــه إعتمــاد النظــام المختلــط المتــوازي الــذي يجمــع بيــن نظــام التمثيــل‬
‫النســبي (الدوائــر الكبيــرة ‪ -‬القائمــة شــبه المفتوحــة‪ -‬ســانت ليغــو) فــي االنتخابــات‬
‫| ‪63‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫لمجلــس النــواب ونظــام االغلبيــة (الترشــيح الفــردي ‪ -‬الدوائــر الصغيــرة) النتخابــات‬


‫مجالــس المحافظــات‪ .‬وهــذا النظــام مــن شــأنه الجمــع بيــن مزايــا كال النظاميــن‪.‬‬
‫يســعى هــذا النظــام الــى تحقيــق االنســجام باإلعتمــاد علــى اكثــر مــن نظــام‬
‫انتخابــي‪ ،‬مــن خــال المــزج بيــن نظامــي األغلبيــة والتمثيــل النســبي وذلــك بعــد أن‬
‫يتــم معالجــة ســلبيات كل منهمــا‪ ،‬وهنــاك شــكلين رئيســيين لهــذا النظــام وهمــا النظــام‬
‫االنتخابــي المتــوازي ونظــام العضويــة المختلطــة‪ ،‬فــاالول يشــير الــى الحالــة التــي ال‬
‫تعتمــد فيهــا نتائــج احــد النظاميــن علــى نتائــج النظــام اآلخــر (نظــام االغلبيــة ونظــام‬
‫التمثيــل النســبي) ويعمــان بشــكل مســتقل وال يســتند توزيــع المقاعــد فــي أحدهمــا‬
‫علــى مايحــدث فــي النظــام االخــر‪ ،‬أمــا حيــن ترتبــط نتائــج االنتخــاب ألحــد النظاميــن‬
‫بنتائــج االنتخــاب للنظــام اآلخــر فهــذا ينطبــق علــى الحالــة الثانيــة‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ -‬التحول صوب القائمة المفتوحة الحرة‬


‫فــي البــدء تجــدر اإلشــارة إلــى ان قانــون إنتخابــات مجلــس النــواب العراقــي‬
‫المرقــم ‪ 45‬لعــام ‪ 2013‬قــد أشــار إشــارة خاطئــة فــي الفصــل األول عندمــا عــرف‬
‫القائمــة المفتوحــة ب (وهــي القائمــة التــي تحــوي علــى أســماء المرشــحين المعلنــة)‬
‫إذ ان تســمية القائمــة المغلقــة والمفتوحــة ناجــم عــن مــدى إمكانيــة الناخــب فــي تاشــير‬
‫خياراتــه فــي القائمــة‪ .‬لــذا فــان النظــام المعتمــد حاليــ ًا يســمى نظــام القائمــة شــبه‬
‫المفتوحــة (المقيــدة) حيــث ينتخــب الناخــب‪ .‬وفــي هــذه الحالــة بإمــكان الناخــب‬
‫وضــع قائمتــه الخاصــة مــن القوائــم المتنافســة (علــى أن اليقــل العــدد عــن ثالثــة‬
‫مرشــحين واليزيــد علــى عــدد المقاعــد المخصصــة للدائــرة االنتخابيــة) مــن دون‬
‫التقيــد بقائمــة واحــدة‪.‬‬

‫‪ -1‬المزايا‬
‫الناخــب‪ :‬يتســنى للناخــب علــى وفــق هــذا القائمــة االختيــار مــن بيــن القوائــم‬
‫المتنافســة مــن يفضلــه مــن المرشــحين إســتناد ًا علــى معرفــة تامــة واكيــدة بالمرشــحين‬
‫الذيــن ســيدرجهم فــي قائمتــه االنتخابيــة األمــر الــذي يجعــل مــن هويــة المرشــح‬
‫العامــل المهــم‪ ،‬وليــس الحاســم‪ ،‬فــي عمليــة االختيــار وســيعزز مــن العالقــة بيــن‬
‫المرشــحين ومــن ينتخبهــم فــي الدوائــر االنتخابيــة وهــذا مــن شــأنه تعزيــز المحاســبة‬
‫والمســؤولية عبــر امكانيــة الناخبيــن حجــب التصويــت‪.‬‬
‫‪| 64‬‬
‫وكحلا حالصإلا هجوب ةدقعم ةفسلف‬

‫المرشــح‪ :‬ســيتحرر نوع ـ ًا مــا مــن هيمنــة األحــزاب الن الناخبيــن ســيختارون‪،‬‬
‫علــى وفــق هــذه القائمــة‪ ،‬أســماء مرشــحين مــن بيــن القوائــم المتنافســة فــي الدائــرة‬
‫االنتخابيــة‪.‬‬
‫األحــزاب‪ :‬ســتضطر االحــزاب علــى وفــق القائمــة هــذه انتقــاء افضــل المرشــحين‬
‫كــي يكونــوا عامــل جــذب لالصــوات فــي القائمــة كمــا ســتعمل جاهــدة علــى أن تعبــر‬
‫الخطــوط الطائفيــة والعرقيــة فــي المناطــق المختلطــة‪.‬‬

‫‪ -2‬التحديات‬
‫يتمثــل التحــدي االهــم امــام تبنــي هــذا النــوع مــن القوائــم هــو الكلفــة الناجمــة‬
‫عــن الحمــات االنتخابيــة ممــا يجعــل المرشــحين أكثــر عرضــة لتلقــي األمــوال غيــر‬
‫المشــروعة‪.‬‬
‫تأسيس ـ ًا علــى مــا تقــدم‪ ،‬يمكــن القــول أنــه التوجــد صيغــة مثاليــة لصياغــة نظــام‬
‫انتخابــي متكامــل لكــن مــا يحتاجــه العــراق فــي هــذه المرحلــة‪ ،‬كمــا هــو الحــال مــع‬
‫جميــع البلــدان التــي تمــر بمرحلــة انتقاليــة‪ ،‬هــو تبنــي اصــاح حقيقــي وجــذري للنظام‬
‫االنتخابــي الــذي مــن شــأنه أن يفضــي الــى عمليــة انتخابيــة حقيقيــة يشــعر مــن خاللهــا‬
‫الناخــب بقــوة صنــدوق االقتــراع فــي التغييــر السياســي وفــي محاســبة المســؤولين‬
‫وتحجيــم الفســاد‪ .‬وكذلــك تصميــم نظــام إنتخابــي يــوازن بيــن المعاييــر الدوليــة‬
‫لالنظمــة االنتخابيــة ومــع معطيــات الواقــع العراقــي وطبيعــة المرحلــة التــي يمــر بهــا‬
‫العــراق التــي تتطلــب حكومــة متماســكة قويــة وتطبيــق فعــال لنظــام الرقابــة والتــوازن‬
‫وفاعليــة أكبــر علــى صعيــد السياســات العامــة بنحــو عــام‪.‬‬

‫| ‪65‬‬
‫بناء الحوار بين الحكومة اإلتحادية وحكومة إقليم كردستان‬
‫(نحو نمط جديد إلدارة الحوار)‬

‫اليوجــد خــاف أن هنالــك جملــة مــن اإلشــكاليات القانونيــة والسياســية‬


‫بيــن الحكومــة اإلتحاديــة وحكومــة إقليــم كردســتان‪ ،‬وهــي وليــدة لجملــة مــن‬
‫اإلختالفــات فــي وجهــات النظــر وتشــخيص األطــر الصحيحيــة لــإدارة المشــتركة‬
‫فــي ضــوء دســتور العــراق الدائــم لعــام ‪ .2005‬وإذا ماحاولنــا تشــخيص المســتويات‬
‫التــي تتداخــل فــي نطاقهــا الخالفــات فإننــا نكــون أمــام مســتويين أساســيين‪:‬‬

‫المستوى األول‪ /‬الخالف اإلداري‬


‫إذ أن هنالــك خــاف إداري بشــأن حــدود الصالحيــات التــي يمكــن لــإدارة‬
‫المشــتركة فيهــا تثبيــت النجــاح‪ ،‬فالصالحيــات الواســعة لإلقليــم فــي أحيــان أو‬
‫صالحيــات الحكومــة اإلتحاديــة فــي أحيــان أخــرى جعلــت هنالــك مســتويات‬
‫للتداخــل‪ ،‬وهــذا التداخــل بحاجــة إلــى مراجعــة وتقييــم خصوصـ ًا مــع وجــود أطــراف‬
‫ثالثــة مــن اإلدارات المحليــة تتداخــل معهــا حــدود الصالحيــات‪ .‬إذ لــم ترســم العالقة‬
‫بيــن الطرفيــن صــورة عــن التكامــل بقــدر التماثــل الــذي يهيمــن علــى المشــهد‪،‬‬
‫فاألصــح أن تكــون العالقــة متكاملــة ومشــتركة فــي اإلدارة بـ ً‬
‫ـدال مــن أن تبلــغ صــورة‬
‫التضــاد أو التماثــل مشــهد العالقــة المشــتركة‪.‬‬

‫المستوى الثاني‪ /‬الخالف المالي‬


‫تمتلــك حكومــة إقليــم كردســتان صالحيــات كبيــرة فــي المجــال المالــي وصلــت‬
‫إلــى حــد المقــدرة علــى تصديــر النفــط‪ ،‬وهــي قــد جــاءت كنتيجــة لإلتفاقيــات المبرمة‬
‫مــع الحكومــة اإلتحاديــة‪ ،‬وفــي الحقيقــة إن واردات التصديــر يجــب أن تعــود إلــى‬
‫المركــز ليعــاد توزيعهــا مــن جديــد بموجــب قانــون الموازنــة وهــو ماتــم االتفــاق عليــه‬
‫أيض ـ ًا‪ ،‬وهــذا الخــاف المالــي بحاجــة إلــى إعــادة تقييــم ووضــع حلــول نهائيــة لــه‬

‫‪| 66‬‬
‫اتسدرك ميلقإ ةموكحو ةيداحتإلا ةموكحلا نيب راوحلا ءانب‬

‫ألنــه يســبب إشــكاليات متعــددة مــع بقيــة اإلدارات المحليــة‪ .‬ورغــم أن هذه المشــكلة‬
‫يقابلهــا مشــكلة رواتــب موظفــي اإلقليــم إال أنــه مــن الممكــن إيجــاد قنــوات إلدارتهــا‬
‫مــن خــال التفــاوض بقنــوات خلفيــة تعمــل علــى تســهيل الحــوارات وتأميــن مســتوى‬
‫مقبــول مــن التســوية‪ ،‬والتــي يمكــن إعتمادهــا مــن قبــل الجانبيــن‪ .‬وســتعمل هــذه‬
‫القنــوات علــى تقريــب الكثيــر مــن وجهــات النظــر المختلفــة فــي هــذا المجــال‪.‬‬
‫إلــى جانــب ذلــك اليمكــن إنــكار أن هنالــك حــاالت مــن عــدم التوافــق بشــأن عــدة‬
‫قضايــا ســواء كانــت داخليــة أم خارجيــة‪ ،‬فهنالــك تبايــن فــي وجهــات النظــر بشــأن‬
‫العمليــات العســكرية وتداخــل بيــن قيــادة العمليــات المشــتركة وقــوات البيشــمركة‬
‫فضـ ًا عــن وجــود عــدم إنســجام أحيانـ ًا فــي القضايــا الخارجيــة وباألخــص مايتعلــق‬
‫بالمواقــف السياســية مــن تركيــا والتعــاون فــي مجــاالت قــد يكــون لهــا تأثيــر علــى‬
‫الكــرد فــي تركيــا‪ .‬وقــد شــكل مجمــوع هــذه السياســات غيــر المنســجمة فرصــ ًا‬
‫ومكــن أطــراف ثالثــة مــن اإلســتفادة منهــا‬‫لتصاعــد الخالفــات فــي أحيــان كثيــرة ّ‬
‫لتحقيــق مكاســب خاصــة‪.‬‬
‫إن كل مايتصــل بالخــاف اإلداري أو المالــي هــو بالشــك حقائــق اليمكــن‬
‫إنكارهــا فــي تقييــم العالقــة بيــن المركــز واإلقليــم‪ ،‬فالقضايــا الجوهريــة بحاجــة‬
‫إلــى أطــر جديــدة مــن التنســيق وهــي بالشــك تعــد مــن أولويــات الحكومــة اإلتحاديــة‬
‫وحكومــة اإلقليــم كذلــك‪ .‬وعليــه فــإن تحليــل مســتويات الخــاف وعــدم اإلنســجام‬
‫فــي هــذه المحــددات يجعلنــا أمــام ثــاث معطيــات لبرامــج التســوية وبنــاء الحــوار‬
‫وعلــى النســق اآلتــي‪:‬‬
‫‪1.‬إن ماينقــل مــن قضايــا تخــص الخالفــات اإلداريــة أو الماليــة بيــن الحكومــة‬
‫اإلتحاديــة وحكومــة اإلقليــم غالب ـ ًا ماتكــون بالصيــغ الصحفيــة واإلعالميــة‬
‫وليســت قائمــة علــى أســاس المنطــق العقالنــي فــي تحليــل السياســات‬
‫والقــرارات الصــادرة عــن الطرفيــن‪.‬‬
‫‪2.‬إن المواقــف السياســية التــي تصــدر مــن كتل سياســية ســواء أكانت فــي اإلقليم‬
‫أو المركــز هــي ليســت بالضــرورة تعبيــر حقيقــي عــن المواقــف الرســمية‬
‫لمراكــز صنــع القــرار وإنمــا تســتهدف تحقيــق مكاســب شــعبية أو تأجيــج‬
‫الــرأي العــام وتضليلــه‪ ،‬ومــن ثــم فــإن اإلتــكاء عليهــا عنــد إتخــاذ القــرار‬
‫اليحفــز أي مســتوى للتنســيق بيــن حكومــة اإلقليــم والحكومــة اإلتحاديــة‪.‬‬

‫| ‪67‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪3.‬إن ضعــف وتراجــع العالقــات بيــن المركــز واإلقليــم يعنــي أن قنــوات التواصل‬
‫والتفاعــل غيــر كافيــة وهنالــك حاجــة إلعــادة تقييــم هــذه القنــوات وإســنادها‬
‫بقنــوات جديــدة قــادرة علــى التأثيــر‪.‬‬
‫تشــكل هــذه المعطيــات الثــاث عقبــات حقيقيــة ألي حــوار بيــن الحكومــة‬
‫اإلتحاديــة وحكومــة إقليــم كردســتان‪ ،‬فعمليــة التنــازع فــي جميــع دول العالــم‬
‫أوجــدت ضوابــط إلدارتهــا وتســويتها وهــي مســألة فــي حقيقــة األمــر طبيعيــة بســبب‬
‫غمــوض الصالحيــات مــن جهــة وضعــف اإلجــراءات التفســيرية فــي هــذا الشــأن‪.‬‬
‫إن تحديــد مســتويات الخــاف وحــدوده يســهم بشــكل كبيــر فــي إيجــاد القنــوات‬
‫الكفيلــة ببنــاء الحــوارات وإدارة التنســيق وبأقــل تكلفــة مــن اإلســتمرار فــي الخــاف‪.‬‬
‫وعلــى هــذا األســاس نكــون أمــام نتيجيتيــن أساســيتين تســبق الخيــارات المقترحــة‬
‫إلدارة الحــوار وعلــى النحــو اآلتــي‪:‬‬

‫النتيجة األولى‬
‫إن أول نتيجــة يمكــن بلوغهــا فــي ضــوء ماتمــت اإلشــارة إليــه مــن معطيــات هــو‬
‫أن الخــاف أو ضعــف التنســيق اإلداري بيــن المركــز واإلقليــم هــو سياســي وإداري‬
‫وليــس لــه صلــه بمراكــز صنــع القــرار‪ ،‬إذ أن إعتمــاد صانعــي القــرار علــى خيــارات‬
‫غيــر ناضجــة مبنيــة علــى تقاريــر غيــر دقيقــة ومواقــف غيــر أساســية يجعــل التعقيــدات‬
‫السياســية واإلداريــة بيــن المركــز واإلقليــم تتزايــد‪.‬‬

‫النتيجة الثانية‬
‫إن علــى مراكــز صنــع القــرار أن تتجــاوز القنــوات التقليديــة حتــى تتمكــن مــن‬
‫تحقيــق حــوار منســجم وبنــاء قــادر علــى تســوية الخالفــات قبــل وقوعهــا ويتحســب‬
‫ألي تطــور يســتهدف طرفــي العالقــة‪.‬‬

‫إن األسس العامة للبحث تجعلنا أمام‪:‬‬


‫‪1.‬أن يبــدأ الحــوار بيــن الحكومــة اإلتحاديــة وحكومــة اإلقليــم بعــزل قضايــا‬
‫الخــاف الواحــدة عــن األخــرى‪ ،‬فلــكل قضيــة ضوابــط إداريــة متصلــة‬
‫بقوانيــن داخليــة اليمكــن تجاوزهــا ومــن الصعــب تطبيــق األطــر العامــة‬
‫للمســاومة بينهمــا‪ ،‬فهــي ليســت قضيــة تفاوضيــة تتجــاوز الحــدود الوطنيــة‬
‫‪| 68‬‬
‫اتسدرك ميلقإ ةموكحو ةيداحتإلا ةموكحلا نيب راوحلا ءانب‬

‫للدولــة‪ ،‬وكل الخيــارات التــي تحــاول أن تســتنجد بالمســاومة مــن شــأنها أن‬
‫تضعــف العالقــات‪.‬‬
‫‪2.‬يجــب أن تبــدأ عمليــة التســوية بمســار التفــاوض الثانــي بعــد أن تفــوض‬
‫الحكومــة اإلتحاديــة وحكومــة اإلقليــم قنــوات مناســبة تثــق بهــا مــن جهــة‬
‫ترتــب التنســيقات المبكــرة وتعمــل علــى قــراءة المواقــف السياســية‪ .‬وهنــا‬
‫فــإن أفضــل القنــوات التــي تــؤدي دبلوماســية المســار الثانــي هــي مراكــز‬
‫األبحــاث ســواء أكانــت القريبــة مــن الحكومــات أو التــي تنتمــي إليهــا فهــي‬
‫قــادرة علــى إيجــاد خيــارات مناســبة يمكــن أن تطمئــن جميــع األطــراف‪.‬‬
‫‪3.‬ينتقــل العمــل بعــد تنفيــذ هــذا المســار بتحويــل عمليــة الحــوار إلــى المســار‬
‫األول وهنــا فــإن الجلــوس بيــن صانعــي القــرار هــو األفضــل فــي الخيــارات‬
‫كونــه تجــاوز اإلجــراءات البيروقراطيــة التــي تعرقــل الحــوار وتفقــد الثقــة‪،‬‬
‫الســيما وأن الخيــارات تكــون جاهــزة وقريبــة مــن رؤيــة جميــع األطــراف‬
‫بهــذا الجانــب‪.‬‬
‫‪4.‬هنالــك حاجــة ماســة لزيــادة اإلنفتــاح بيــن بعــض مؤسســات اإلقليــم‬
‫كالجامعــات والمعاهــد ومراكــز البحــث والمؤسســات العلميــة والثقافيــة فــي‬
‫بغــداد وبقيــة المحافظــات خصوصـ ًا الوســطى والجنوبيــة والتــي ستســهم فــي‬
‫تعزيــز لغــة الحــوار واإلبتعــاد عــن قضايــا الخــاف‪.‬‬

‫| ‪69‬‬
‫تحديات البناء في بيئة قتال‬

‫إشكاليات بناء المؤسسة العسكرية العراقية في عام ‪2020‬‬


‫الشــك أن المرحلــة التــي تلــت اإلنتصــار علــى تنظيــم داعــش تحتــاج إلــى ســلم‬
‫أهلــي ومبــادرة شــاملة للوئــام االجتماعــي تســهم فيهــا جميــع األطــراف السياســية‬
‫ومؤسســات المجتمــع المدنــي وحتــى المؤسســة الدينيــة‪ ،‬بهــدف الوصــول إلــى‬
‫إعــادة اعمــار وبنــاء ماهدمــه ودمــره تنظيــم داعــش االرهابــي مــن بنــى تحتيــة وعالقات‬
‫ـاس وقاعــدة‬ ‫إجتماعيــة وإنســانية أثــرت فــي النســيج االجتماعــي العراقــي المعيــن االسـ ِ‬
‫بنــاء أي جيــش وطنــي يتولــى مســؤولية حمايــة أمــن واســتقرار العــراق‪.‬‬
‫أعــادت الحــرب ضــد تنظيــم داعــش االرهابــي اإلهتمــام بضــرورة مراجعــة البنــاء‬
‫المؤسســي للمؤسســة العســكرية واألمنيــة العراقيــة عــن طريــق إســتحضار مرتكــزات‬
‫األمــن الوطنــي العراقــي المتمثلــة بصفحتــي األمــن والدفــاع وإعــادة بنــاء مفاصلهــا‬
‫التنفيذيــة القــوات المســلحة الحاليــة (الجيــش والشــرطة) وقواعدهــا الماديــة‬
‫التدريبيــة والتســليحية ونظــام معركتهــا‪ ،‬بعيــد ًا عــن المحاصصــة الطائفيــة والعرقيــة‬
‫ووفــق المهــام والغايــات واألغــراض التــي مــن أجلهــا شــكلت القــوات المســلحة‪،‬‬
‫باســتحضار المفاهيــم الوطنيــة الحقيقيــة‪ ،‬ووحــدة القيــادة وتماســك التنظيــم‬
‫وشــمولية التمثيــل ليكــون جيــش وطنــي متكامــل قــادر علــى تلبيــة المهــام بإعتمــاد‬
‫معاييــر الكفــاءة المهنيــة والخبــرة العســكرية مســتفيدين مــن خبــرات الجيــش العراقــي‬
‫الســابق وخبــرات جيــوش التحالــف الدولــي الداعــم للعــراق فــي حربــه ضــد تنظيــم‬
‫داعــش االرهابــي‪.‬‬

‫اإلنفتاح العملياتي بعد معارك التحرير‬


‫بالرغــم مــن تعــدد التشــكيالت المســلحة التــي تتولــى مســؤولية األمــن فــي محافظة‬
‫نينــوى والمناطــق المحيطــة بهــا إال أن الحــرب ضــد تنظيــم داعــش االرهابــي‪،‬‬
‫وإســتمرار المواجهــات فــي مناطــق مختلفــة ضــد التنظيــم االرهابــي بعــد تحولــه إلــى‬

‫‪| 70‬‬
‫لاتق ةئيب يف ءانبلا تايدحت‬

‫اســلوب حــرب العصابــات‪ ،‬إذ كشــفت المواجهــات المســلحة ضعــف كبيــر فــي‬
‫القــدرات التســليحية والتنظيميــة ومنظومــات القيــادة والســيطرة والدعــم اللوجســتي‬
‫التــي تتوافــر عليهــا القــوات المســلحة العراقيــة‪ .‬ومــن المعــروف أنــه كان مــن نتيجــة‬
‫المواجهــة مــع تنظيــم داعــش خــروج مــا يقــارب أربعــة فــرق مــن الخدمــة وفقــدان‬
‫أعــداد كبيــرة مــن المعــدات العســكرية مــن دبابــات ومدرعــات ومدفعيــة وعجــات‬
‫الهمــر فــي المعــارك ضــد تنظيــم داعــش االرهابــي فــي العاميــن (‪)2014 -2013‬‬
‫‪ ،‬فضـ ًا عــن أن إســتمرار المعــارك الشرســة فــي الحــرب ضــد داعــش شــكل عمليــة‬
‫اســتنزاف كبيــرة للقــدرات التســليحية والقــوة البشــرية للقــوات المســلحة العراقيــة‪،‬‬
‫األمــر الــذي شــكل معاضــل وتحديــات كبيــرة ومعقــدة ازاء إحتــواء وصــد الهجــوم‬
‫الــذي شــنه تنظيــم داعــش االرهابــي‪ ،‬وإعــادة تنظيــم المؤسســة العســكرية العراقيــة‬
‫فــي ظــروف وبيئــة قتــال إســتنزاف يومــي‪ ،‬ضــد تنظيــم ارهابــي شــرس ومدعــوم مــن‬
‫قبــل قــوى اقليميــة ودوليــة‪ .‬إضافـ ًة لذلــك فقــد واجهــت المؤسســة العســكرية العراقية‬
‫بمختلــف أذرعهــا وصنوفهــا البريــة والجويــة والبحريــة‪ ،‬عــدد ًا كبيــر ًا مــن المعاضــل‬
‫والمعوقــات والتحديــات كان مــن أبرزهــا‪:‬‬

‫أو ًال‪ :‬المعاضل العملياتية ويمكن تقسيمها إلى‪:‬‬


‫‪1.‬غيــاب االعــداد المســبق لمســرح العمليــات العســكرية بمــا يؤمــن مالئمــة‬
‫مناطــق القتــال المحتملــة لنجــاح القيــام بالعمليــات العســكرية (البريــة والجوية‬
‫والبحريــة) عــن طريــق توفــر وتأميــن طــرق ووســائل االتصــال والمواصــات‬
‫وإنتشــار مراكــز الدعــم اللوجســتي واالخــاء الطبــي‪ ،‬وكذلــك المطــارات‬
‫والقواعــد الجويــة فــي إتجاهــات التهديــد المختلفــة‪ ،‬وكافــة مســتلزمات‬
‫اإلســناد القتالــي واإلداري للمعركــة فــي عمــوم مســرح العمليــات‪ .‬وهــذا لــم‬
‫يكــن متوفــر ًا بالشــكل المالئــم للجيــش بعــد تدميــر البنيــة التحتيــة للمؤسســة‬
‫العســكرية العراقيــة وحــل الجيــش العراقــي أثــر االحتــال األمريكــي للعــراق‬
‫فــي عــام ‪.2003‬‬
‫‪2 .‬مســك األراضــي المحــررة وفــرض القانــون والنظــام فيهــا‪ :‬شــكلت معضلــة‬
‫مســك األراضــي المحــررة وفــرض ســلطة القانــون والنظــام فيهــا معضلــة‬
‫كبيــرة للمؤسســة العســكرية العراقيــة لألســباب اآلتيــة‪:‬‬

‫| ‪71‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪ .‬أالمســاحات الشاســعة مــن األراضــي والقــرى والقصبــات والمــدن المحــررة‬


‫وضــرورة حمايتهــا مــن عــودة أنشــطة التنظيمــات االرهابيــة وخالياهــا النائمــة‪.‬‬
‫‪.‬باالختــاف الكبيــر والمتبايــن فــي مســتويات التدريــب والمهــارات القتاليــة‬
‫للقــوات المشــتركة بعمليــات التحريــر (جيــش‪ ،‬شــرطة اتحاديــة‪ ،‬حشــد‬
‫شــعبي‪ ،‬جهــاز مكافحــة االرهــاب‪ ،‬الــرد الســريع‪ ،‬العشــائر‪.) . .‬‬
‫‪.‬تتبايــن تقييــم القــوات الماســكة لألهــداف الحيويــة التــي ســيتوجب حمايتهــا‬
‫فــي المناطــق المحــررة مثــل محطــات الكهربــاء والســدود المائيــة وأنابيــب‬
‫النفــط وطــرق المواصــات والمصانــع والمعامــل وغيرهــا مــن االهــداف‬
‫الحيويــة االخــرى‪.‬‬
‫‪.‬ثشــحة المــوارد البشــرية وموجــود القطعــات المكلفــة بمســك االرض ممــا‬
‫إنعكــس ســلب ًا علــى أســلوب اإلنفتــاح والتوزيــع واالنتشــار واالســتخدام‬
‫القتالــي للقطعــات الماســكة فــي عمــوم المناطــق المحــررة‪.‬‬
‫‪.‬جالتبايــن بيــن الجيــش والشــرطة‪ ،‬فــي مســتوى ونوعيــة التدريــب واالعــداد‪،‬‬
‫وكذلــك فــي أســاليب فــرض القانــون والتعامــل مــع حــاالت خــرق القوانيــن‬
‫فــي المناطــق المحــررة والتعامــل مــع الســكان‪ ،‬ممــا أوجــد مســاحات مــن‬
‫الفســاد والخلــل فــي العالقــة بيــن المواطنيــن واالجهــزة األمنيــة‪.‬‬
‫‪3 .‬األلغــام والمقذوفــات والعبــوات الناســفة غيــر المنفلقــة‪ :‬واجهــت‬
‫المؤسســة العســكرية العراقيــة معضلــة كبيــرة فــي مســرح عملياتهــا نتيجــة‬
‫وجــود آالف األلغــام والعبــوات الناســفة وحتــى المقذوفــات غيــر المنفلقــة‬
‫والتــي تنتشــر علــى مســاحات شاســعة ومختلفــة مــن األراضــي العراقيــة مــن‬
‫الشــمال إلــى الجنــوب ومــن الشــرق إلــى الغــرب‪ ،‬باإلضافــة الــى الكــم‬
‫الكبيــر مــن العبــوات واأللغــام التــي زرعهــا تنظيــم داعــش اإلرهابــي علــى‬
‫محــاور وإتجاهــات تقــدم القــوات المســلحة العراقيــة باتجــاه المناطــق‬
‫التــي ســيطر عليهــا التنظيــم االرهابــي‪ ،‬والتــي تغطــي الكثيــر مــن األراضــي‬
‫الزراعيــة والصناعيــة واالقتصاديــة إضافـ ًة إلــى انتشــارها فــي المناطــق اآلهلــة‬
‫بالســكان‪ .‬ومــن الجديــر بالذكــر أن هــذه األعــداد الكبيــرة مــن األلغــام‬
‫والمقذوفــات غيــر المنفلقــة ستشــكل خطــر ًا مســتمر ًا علــى حيــاة الســكان‬
‫المدنييــن وســتعيق عمليــات إعــادة االعمــار والزراعــة والمواصــات فــي‬
‫مرحلــة مــا بعــد داعــش‪.‬‬
‫‪| 72‬‬
‫لاتق ةئيب يف ءانبلا تايدحت‬

‫‪4 .‬معضلــة تأميــن الحــدود مــع دول الجــوار‪ :‬إن قضيــة الحــدود العراقيــة بعــد‬
‫عــام ‪ 3002‬مــن القضايــا المهمــة والملحــة إلســتتباب األمــن واإلســتقرار‬
‫وإيقــاف المجاميــع االرهابيــة القادمــة مــن خلــف الحــدود إذ أصبــح الحديــث‬
‫عــن أمــن العــراق واســتقراره مرهونــ ًا بالســيطرة الفعليــة علــى حــدوده مــع‬
‫دول الجــوار‪ ،‬وذلــك لمنــع تســلل االرهابييــن والمهربيــن وتجــارة الســاح‬
‫والمخــدرات إلــى داخــل االراضــي العراقيــة وهــي معضلــة البــد أن تحــل‬
‫بالتنســيق بيــن الحكومــة االتحاديــة وحكومــة اقليــم كردســتان مــن جهــة وبيــن‬
‫العــراق ودول الجــوار وبشــكل ثنائــي مــن جهــة أخــرى‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬المعاضل التنظيمية‬


‫‪1 .‬مســتويات ونــوع التســلح‪ :‬شــكل تلــكأ الواليــات المتحــدة االمريكيــة فــي‬
‫تســليح الجيــش العراقــي معضلــة حقيقيــة أثــرت علــى أداء وبنــاء القــوات‬
‫المســلحة العراقيــة وفــق االتفاقيــة األمنيــة الموقعــة عــام ‪ ،2008‬واتفاقيــة‬
‫اإلطــار االســتراتيجي الموقعــة بيــن البلديــن عــام ‪ ،2011‬وكانــت واحــدة‬
‫مــن أســباب اإلنهيــار األمنــي فــي حزيــران ‪ .2014‬بعــد أن تركــت الواليــات‬
‫المتحــدة األمريكيــة القــوات المســلحة بــدون غطــاء جــوي حقيقــي أثــر‬
‫إنســحابها منــه فــي عــام ‪ .2011‬كمــا أن الواليــات المتحــدة االمريكيــة‬
‫تلــكأت فــي اإلســتجابة الســريعة لمتطلبــات تعويــض وتســليح الجيــش‬
‫العراقــي بعــد عــام ‪ ،2014‬بمــا يتناســب والتهديــد الــذي كان العــراق‬
‫يتعــرض لــه اثــر هجــوم تنظيــم داعــش االرهابــي فــي حزيــران ‪ .2014‬األمــر‬
‫الــذي جعــل المؤسســة العســكرية العراقيــة أمــام ضــرورة الســرعة فــي وضــع‬
‫السياســات والخطــط المناســبة إلســتثمار مــوارد الدولــة المتيســرة لجهــة‬
‫وضــع اســتراتيجية واضحــة للتســلح تســتجيب لســرعة متطلبــات مواجهــة‬
‫التحديــات األمنيــة الراهنــة فــي إطــار فهــم موضوعــي لمتطلبــات بنــاء الدولــة‬
‫وتطلعــات أبنائهــا وتحديــد المرتكــزات األساســية الثالثــة إلدارة هــذا الجهــد‬
‫وهــي (تحديــد األهــداف والمصالــح‪ ،‬تحديــد التحديــات والمعوقــات‪،‬‬
‫تحديــد الوســائل الرئيســية لتحقيقهــا وفــق اإلمكانــات والمــوارد المتاحــة)‪.‬‬
‫بمــا يؤمــن االحتفــاظ بقــوات مســلحة فــي حالــة اســتعداد قتالــي دائــم وكفــاءة‬
‫قتاليــة عاليــة للدفــاع عــن حــدود الدولــة وعمقهــا‪.‬‬
‫| ‪73‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪2 .‬الحاجــة الــى صنــف القــوات الخاصــة‪ :‬أظهــرت تجربــة الحــرب ضــد‬
‫تنظيــم داعــش االرهابــي حاجــة الجيــش الــى (قــوات خاصــة) ذات تدريــب‬
‫متقدمــة ولياقــة بدنيــة عاليــة وحضــور ذهنــي متقــدم للقيــام بعمليــات صعبــة‬
‫وعاليــة الخطــورة‪ ،‬مثــل عمليــات إقتحــام خطــوط العــدو فــي المناطــق‬
‫الحضريــة وقتــاالت المــدن والعمــل خلــف خطــوط العــدو‪ .‬إذ أن قــوات‬
‫جهــاز مكافحــة االرهــاب لــم تصمــم للقيــام بمثــل الواجبــات والمهــام التــي‬
‫أوكلــت إليهــا فــي الحــرب ضــد تنظيــم داعــش بعــد أن خاضــت قواتــه عــدة‬
‫معــارك تقليديــة كقــوة مشــاة خفيفــة‪ ،‬ممــا إســتنزف قــدرات وعناصــر هــذا‬
‫الجهــاز الــذي أنهــك فــي أعقــاب معركــة الموصــل‪ ،‬وتقــدّ ر اإلدارة األمريكيــة‬
‫ّأن «جهــاز مكافحــة اإلرهــاب» عانــى مــن «نســبة ‪ ٪40‬مــن الخســائر فــي‬
‫المعــارك ضــد تنظيــم داعــش اإلرهابــي»‪ ،‬فعلــى ســبيل المثــال‪ ،‬بلــغ عــدد‬
‫جنــود «كتيبــة المغاويــر اإلقليميــة» فــي النجــف فــي بدايــة معركــة الموصــل‬
‫‪ 350‬جندي ـ ًا وتق ّلــص إلــى ‪ 150‬جندي ـ ًا خــال ‪ 90‬يوم ـ ًا فقــط مــن القتــال»‪.‬‬
‫وال تــزال المؤسســة العســكرية العراقيــة تعانــي مــن النقــص الكبيــر فــي‬
‫األســلحة والمعــدات مــن ناحيــة الكميــة والنوعيــة‪ ،‬بســبب غيــاب سياســة‬
‫دفاعيــة واضحــة علــى صعيــد الدولــة نجــم عنــه غيــاب إســتراتيجية عســكرية‬
‫وغمــوض فــي العقيــدة العســكرية للقــوات المســلحة العراقيــة‪ ،‬فض ـ ًا عــن‬
‫عــدم وجــود صناعــة وطنيــة لألســلحة والتجهيــزات العســكرية الضروريــة‬
‫إلدامــة حالــة االســتعداد والقــدرة القتاليــة لقواتنــا المســلحة‪.‬‬
‫‪3 .‬القيــادة والســيطرة‪ :‬تعــد معضلــة القيــادة والســيطرة واحــدة مــن أهــم‬
‫الــدروس المســتنبطة مــن تجربــة الحــرب ضــد تنظيــم داعــش اإلرهابــي‪،‬‬
‫وكانــت مــن نقــاط الوهــن الكبيــرة فــي منظومــة القيــادة والســيطرة‪ ،‬عــزل‬
‫القيــادة العســكرية العليــا الممثلــة فــي رئاســة أركان الجيــش عــن دورهــا فــي‬
‫أدارة الحــرب مــع المقــرات الميدانيــة (قيــادات العمليــات والفــرق العســكرية‬
‫المرتبطــة بهــا)‪ .‬كمــا أن التبايــن واالختــاف فــي نوعيــة القــوات المشــتركة‬
‫بالحــرب ضــد داعــش االرهابــي مــن حيــث مســتوى التدريــب والتســليح‪،‬‬
‫والمتمثلــة بالجيــش والشــرطة االتحاديــة والــرد الســريع والحشــد الشــعبي‬
‫وجهــاز مكافحــة االرهــاب‪ ،‬أفــرز معاضــل وصعوبــات فــي التعــاون والتنســيق‬
‫وتحشــيد مختلــف أنــواع المــوارد العســكرية واللوجســتية المتيســرة وجعلهــا‬
‫‪| 74‬‬
‫لاتق ةئيب يف ءانبلا تايدحت‬

‫بيــد القائــد العــام للقــوات المســلحة وتحــت تصرفــه مــن أجــل إتخــاذ القــرار‬
‫مــن حيــث التوقيــت والمســتوى‪ ،‬بســبب الخليــط غيــر المتجانــس مــن القوات‬
‫المتوفــرة للدفــاع فــي القواطــع الدفاعيــة المختلفــة وضعــف التفاهم والتنســيق‬
‫فيمــا بينهــا مــع ضيــاع القــدرة علــى تحديــد المســؤوليات الميدانيــة‪ ،‬وكذلــك‬
‫بســبب الفصــل مابيــن قيــادات هــذه القــوات المختلفــة مــن ناحيــة التخطيــط‬
‫وإدارة المعــارك ألســباب مختلفــة‪ ،‬ولــم تكــن قيــادة العمليــات المشــتركة‬
‫التــي شــكلت عــام ‪ ،2013‬المســؤولة علــى جميــع قيــادات العمليــات قــادرة‬
‫علــى منــع ماحــدث فــي حزيــران ‪ ،2014‬ألنهــا لــم تكــن تملــك الصالحيــات‬
‫الكاملــة لرفــع القــدرات القتاليــة وتنســيق التعــاون وحشــد المــوارد المختلفــة‬
‫مــن أجــل الحــرب ضــد تنظيــم داعــش االرهابــي فــي الزمــان والمــكان‬
‫المناســبين‪ .‬وعلــى الرغــم مــن إعــادة تشــكيل قيــادة العمليــات المشــتركة‬
‫بتاريــخ ‪ 26‬حزيــران ‪ ،2014‬إال أنهــا واجهــت صعوبــات ومعوقــات تنظيميــة‬
‫وضغوطــات سياســية فــي أداء الــدور القيــادي المطلــوب لمواجهــة تحديــات‬
‫خطيــرة كالتــي شــكلها هجــوم تنظيــم داعــش االرهابــي فــي حزيــران ‪.2014‬‬
‫‪4 .‬الترهــل الكبيــر بالرتــب العســكرية الكبيــرة‪ :‬وهــي ظاهــرة ضبطيــة‪ ،‬أثــرت‬
‫ســلب ًا علــى منظومــة االدارة والقيــادة فــي الجيــش‪ ،‬كمــا أثــر هــذا الترهــل علــى‬
‫مســتوى ونوعيــة الضبــط العســكري ومنظومــة التدريــب واالعــداد فــي القوات‬
‫المســلحة للمراتــب والضبــاط بشــكل عــام‪ ،‬ممــا إنعكــس علــى مســتوى‬
‫اإلســتعداد واألداء القتالــي‪ ،‬وكذلــك الضبــط العســكري داخــل تشــكيالت‬
‫الجيــش وبحســب تصريــح لوزيــر الدفــاع العراقــي فــي ‪ 2015/2/27‬كان‬
‫الجيــش العراقــي يتوافــر علــى (‪ )97‬ضابط ـ ًا برتبــة فريــق وأكثــر مــن ‪1750‬‬
‫ضابط ـ ًا برتبــة عميــد وهــذه األعــداد بالرتــب الكبيــرة تؤثــر ســلب ًا فــي منظومــة‬
‫االدارة والقيــادة فــي الجيــش‪.‬‬
‫‪5 .‬ضعــف الضبــط العســكري‪ :‬مــن أكثــر المعاضــل حساســية إنعــدام الضبــط‬
‫العســكري الــازم توافــره فــي المؤسســة العســكرية‪ ،‬بســبب إســتمرار تســلل‬
‫السياســة والعشــائرية إلــى المؤسســة العســكرية واألمنيــة‪ ،‬وهــي الخطيئــة‬
‫الكبــرى التــي تســللت إلــى المؤسســة العســكرية الوطنيــة‪ .‬وقــد أدى إنعــدام‬
‫الضبــط واإلنضبــاط إلــى انتشــار حــاالت الهشاشــة ونقــاط الضعــف فــي‬
‫صفــوف الجيــش العراقــي‪ .‬وإســتفحال ظاهــرة باتــت ُتعــرف باســم «الجنــود‬
‫| ‪75‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫الفضائييــن»‪ .‬وتفتقــر العديــد مــن الوحــدات العســكرية إلــى التكامــل و العــدد‬


‫المطلــوب بشــكل خطيــر‪ ،‬كمــا أن الجنــود المتبقيــن اســتُنزفوا وأصابهــم‬
‫اإلرهــاق‪ . .‬أمــا الجانــب المعنــوي‪ ،‬فإنــه وبســبب الحمايــة السياســية لفئــات‬
‫مــن الضبــاط كان لــه تأثيــر ســلبي علــى أداء المؤسســة العســكرية بشــكل عــام‪.‬‬
‫‪6 .‬معاضــل الجيــوش الرديفــة‪ :‬أن تشــكيل الجيــوش الرديفــة لــم يكــن غريب ـ ًا‬
‫عــن الذهنيــة السياســية والعســكرية العراقيــة‪ ،‬قبــل عــام ‪ ،2003‬إذ أن تاريــخ‬
‫الجيــوش الرديفــة فــي العــراق يشــير الــى تشــكيالت (الفرســان الحميديــة‪،‬‬
‫الجندرمــة‪ ،‬الليفــي‪ ،‬المقاومــة الشــعبية‪ ،‬الحــرس القومــي‪ ،‬الجيــش‬
‫الشــعبي‪ ،‬الحــرس الجمهــوري‪ ،‬الحــرس الجمهــوري الخــاص‪ ،‬جيــش‬
‫القــدس‪ ،‬فدائــي صــدام‪ ،‬الجيــش الشــعبي)‪ .‬وقــد أدى ذهــاب الحكومــات‬
‫المتعاقبــة علــى الدولــة العراقيــة إلــى تســويغ تشــكيل وإســتخدام الجيــوش‬
‫الرديفــة إلــى معاضــل القيــادة والســيطرة ومعاضــل عديــدة أخــرى مثــل‬
‫(تبايــن وإختــاف التدريــب واالعــداد القتالــي‪ ،‬تبايــن التســليح والتجهيــز‪،‬‬
‫إختــاف فــي الــوالءات وسلســلة القيــادة‪ ،‬إختــاف عقائــد القتــال‪ ،‬عــدم‬
‫وضــوح ســاحات العمــل والمهــام المكلفــة بهــا‪ . . .‬الــخ)‪ .‬وقــد أدى تعــدد‬
‫الجيــوش أو القــوات المســلحة الرديفــة الــى تراكمــات أضعفــت الدولــة‪،‬‬
‫وأغــرت القــوى السياســية بالصــراع لالســتحواذ عليهــا‪ ،‬وإضعــاف موقعهــا‬
‫عــن طريــق العمــل علــى تغييــب الجيــش فــي ذهنيــة المواطــن المتلقــي‪،‬‬
‫ـآكل صورتــه بصفتــه حاميـ ًا للوطــن الحقـ ًا‪ ،‬فضـ ًا عــن تعمــد‬ ‫والعمــل علــى تـ ّ‬
‫إضعافــه مؤسســي ًا بغــرض منعــه مــن القــدرة علــى التأثيــر السياســي‪ .‬األمــر‬
‫الــذي أضعــف كثيــر ًا الهويــة الوطنيــة‪ .‬ومــع ذلــك فــإن ضــرورة وجــود هيكليــة‬
‫ألداء القــوة العســكرية الرديفــة ســواء بالنســبة للحشــد الشــعبي أو البيشــمركة‬
‫يعــد متطلــب ضــروري ألي إصــاح يخــص المؤسســة العســكرية‪.‬‬
‫‪7 .‬الســيطرة علــى الســاح المنفلــت‪ :‬إن األوضــاع المســتجدة بعــد االنتصــار‬
‫علــى تنظيــم داعــش االرهابــي يجعــل عمليــة الحفــاظ علــى األمن واالســتقرار‬
‫المجتمعــي وإجــراء أي مصالحــة فــي العــراق‪ ،‬أمــام معضلــة بقــاء الســاح‬
‫بيــد الفصائــل المســلحة المتواجــدة علــى األرض‪ ،‬ســواء كانــت تلــك التــي‬
‫تعمــل تحــت رايــة هيئــة الحشــد الشــعبي‪ ،‬وبعــض العشــائر‪ ،‬أو غيرهــا مــن‬
‫التشــكيالت‪ ،‬األمــر الــذي يجعــل مشــكلة حصــر الســاح بيــد الدولــة أحــد‬
‫‪| 76‬‬
‫لاتق ةئيب يف ءانبلا تايدحت‬

‫أهــم المشــاكل التــي ســتواجه الدولــة فــي مرحلــة مابعــد اإلنتصــار علــى تنظيــم‬
‫داعــش اإلرهابــي‪ ،‬وستشــكل عقبــة كبيــرة بوجــه عمليــات إعــادة اإلعمــار‬
‫وبنــاء مجتمــع حضــاري متطــور فــي العــراق‪.‬‬
‫‪8 .‬الفســاد االداري والمالــي‪ :‬وهــي معضلــة أثــرت بشــكل واضــح فــي أداء‬
‫تشــكيالت ودوائــر المؤسســة العســكرية واألمنيــة العســكرية العراقيــة وكانــت‬
‫واحــدة مــن أهــم أســباب ماحصــل فــي الموصــل فــي حزيــران ‪ .2014‬وقــد‬
‫ّشــكل الفســاد االداري والمالــي فــي القــوات المســلحة العراقيــة ظاهــرة ســلبية‬
‫اثــرت فــي أداء القيــادات والتشــكيالت والوحــدات المقاتلــة منــذ تأســيس‬
‫أولــى تشــكيالت الجيــش فــي ‪ ،2004‬وتســبب هــذا الفســاد بتفاقــم ظاهــرة‬
‫مــا ســمي ب (الجنــود الفضائييــن)‪ .‬إذ أن ضعــف القــدرات القتاليــة للجيــش‬
‫العراقــي الجديــد جــاء نتيجــة حتميــة للفســاد االداري والمالــي فــي عقــود‬
‫التســليح الخاصــة بتســليح وتجهيــز المؤسســة العســكرية العراقيــة الجديــدة‪.‬‬
‫الشــكل التالــي يوضــح المعاضــل التنظيميــة فــي المؤسســة العســكرية‬
‫العراقيــة‪.‬‬
‫مستويات‬
‫ونوع التسلح‬
‫القيادة والسيطرة‬
‫الحاجة الى‬
‫صنف القوات‬
‫الخاصة‬
‫الفساد االداري‬
‫والمالي‬

‫السيطرة‬
‫على السالح‬ ‫المعاضل‬
‫المنفلت‬ ‫التنظيمية‬ ‫معاضل الجيوش‬
‫الرديفة‬

‫المحاصصة‬
‫ضعف الضبط‬
‫الطائفية‬
‫العسكري‬
‫الترهل بالرتب‬
‫العسكرية‬

‫المعاضل التنظيمية في المؤسسة العسكرية العراقية‬

‫| ‪77‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫المواجهة وعمليات التحرير‬


‫أدت تشــكيالت الجيــش العراقــي وجهــاز مكافحــة االرهــاب وتشــكيالت وفصائل‬
‫الحشــد الشــعبي‪ ،‬دور ًا شــجاع ًا عــن طريــق ســيطرتها علــى (خــط صــد) أي خــط عــدم‬
‫إنســحاب‪ ،‬فــي ســامراء وديالــى وضواحــي مدينــة بغــداد‪ .‬كمــا أدت العشــائر فــي تلــك‬
‫المناطــق والتــي شــاركت مــع «قــوات األمــن العراقيــة» دور ًا بطولي ـ ًا مماث ـ ًا‪ ،‬تم ّثــل‬
‫باإلحتفــاظ بالرمــادي وحديثــة فــي وقــت كان فيــه تنظيــم داعــش االرهابــي يتقــدم بــا‬
‫كابــح ويفــرض ســيطرته علــى أكثــر مــن ثلــث البــاد‪.‬‬
‫وفــي وقــت الحــق مــن ذلــك العــام‪ ،‬قــادت «تشــكيالت وفصائل الحشــد الشــعبي»‬
‫الهجمــات المضــادة األولــى فــي آمرلــي وجــرف الصخــر‪ ،‬ولكــن بحلــول الوقــت‬
‫الــذي وقعــت فيــه معــارك تكريــت والرمــادي وبيجــي والفلوجــة وهيــت فــي الفتــرة‬
‫‪ ،2016-2015‬تو ّلــت قــوات الجيــش العراقيــة المدعومــة مــن التحالــف الدولــي‬
‫مســؤولية القيــادة كقــوات رئيســية للهجــوم المضــاد‪.‬‬
‫يقــول مايــكل نايتــس الباحــث المتخصــص فــي الشــؤون العراقيــة فــي معهــد‬
‫واشــنطن لدراســات الشــرق االدنــى أنــه مــن الضــروري ذكــر اإلســهامات المشــتركة‬
‫فــي القتــال ضــد تنظيــم داعــش االرهابــي‪ ،‬التــي قدّ متهــا القــوات المقاتلــة الرئيســة‬
‫فــي العــراق‪ ،‬وهــي جهــاز مكافحــة اإلرهــاب‪ ،‬والجيــش‪ ،‬والشــرطة االتحاديــة‪،‬‬
‫ووحــدات «البيشــمركة» التابعــة ل «حكومــة إقليــم كردســتان» و «تشــكيالت وفصائــل‬
‫الحشــد الشــعبي»‪ ،‬التــي تشـ ّـكلت بعــد فتــوى أصدرهــا آيــة اهلل العظمــى الســيد علــي‬
‫السيســتاني فــي حزيــران‪ /‬يونيــو ‪ ،2014‬قبــل أن يــؤدي ممــر الزمــن إلــى تشــويه‬
‫الحقائــق‪ .‬ومــن أهــم الحقائــق التــي يشــير اليهــا مايــك نايتــس مــا يلــي‪:‬‬
‫‪1.‬إن توضيــح فكــرة تقاســم أعبــاء الحــرب قــد يســاعد إدارة الرئيــس األمريكــي‬
‫دونالــد ترامــب علــى تقديــر الطريقــة التــي حــ ّرر بهــا العراقيــون واألكــراد‬
‫أنفســهم إلــى حــدّ كبيــر فــي هــذا الصــراع‪ ،‬بعدمــا خاضــوا غالبيــة القتــال‬
‫الفعلــي علــى األرض (مــع مســاعدة قويــة الغنــى عنهــا مــن قــوات التحالــف‪،‬‬
‫بطبيعــة الحــال)‪.‬‬
‫‪2.‬يتع ّيــن علــى المســؤولين األمريكييــن تصحيــح ســوء الفهــم الســائد بــأن الكــرد‬
‫حملــوا عبئـ ًا غيــر متناســب فــي القتــال‪ ،‬ال ســيما وأن الســهولة النســبية لنقــل‬
‫التقاريــر مــن أراضــي «حكومــة إقليــم كردســتان» خــال الحــرب فاقمــت هــذا‬
‫التصــور‪.‬‬
‫‪| 78‬‬
‫لاتق ةئيب يف ءانبلا تايدحت‬

‫‪3.‬تظهــر كافــة المقاييــس المتاحــة أن «قــوات األمــن العراقيــة» خاضــت عــدد ًا‬
‫أكبــر مــن المعــارك وحــ ّررت عــدد ًا أكبــر مــن المــدن‪ ،‬مــن غيرهــا مــن‬
‫تصمــم فيــه الواليــات‬
‫القــوات‪ .‬ولهــذا الواقــع أهميــة فــي الوقــت الــذي ّ‬
‫المتحــدة األمريكيــة ودول التحالــف األخــرى تعاونهــا األمنــي المســتقبلي مــع‬
‫العــراق و«حكومــة إقليــم كردســتان»‪.‬‬
‫‪4.‬عندمــا تؤخــذ فــي االعتبــار المســاهمات البطوليــة للقــوات الكرديــة‬
‫و«تشــكيالت وفصائــل الحشــد الشــعبي»‪ ،‬إال أن «قــوات األمــن العراقيــة» هي‬
‫التــي حملــت العــبء األكبــر حتــى اآلن وســتواجه أكبــر التحديــات المســتقبلية‬
‫مــن حيــث منــع عــودة تنظيــم «الدولــة اإلســامية»‪.‬‬
‫‪5.‬مــا ذكــره مايــكل نايتــس اعــاه يشــكل اختــاالت فــي اســتراتيجية ادارة‬
‫الرئيــس ترامــب ازاء التعاطــي مــع الحالــة العراقيــة بعــد النصــر الحاســم الــذي‬
‫حققتــه القــوات المســلحة العراقيــة علــى تنظيــم داعــش االرهابــي‪ ،‬األمــر‬
‫الــذي يتطلــب مــن الجهــات ذات العالقــة فــي الحكومــة العراقيــة أن توضــح‬
‫للجانــب االمريكــي النقــاط التــي قــد تشــكل عوائــق وعقبــات فــي مســار تطــور‬
‫العالقــات االمريكيــة العراقيــة‪.‬‬

‫أو ًال‪ :‬تشكيل الحشد الشعبي وعمليات التحرير‬


‫تعــد الحــرب ضــد االرهــاب التــي جــرت فــي العــراق منــذ ظهــور تنظيــم (داعــش)‬
‫االرهابــي التــي واجهتهــا القــوات المســلحة العراقيــة واحــدة مــن (الحــروب الهجينــة‬
‫‪ )Hybrid war‬وهــي خليــط مــن مفاهيــم الحــرب النظامية وأســاليب حــرب العصابات‬
‫المتطــورة‪ ،‬وتســتخدم فيهــا أســاليب قتاليــة واعالميــة ونفســية وتكنولوجيــات‬
‫عســكرية ال تخضــع لشــكل معيــن أو قواعــد ثابتــة بدايــة مــن القيــادة وإنتهــاء بالعمليات‬
‫العســكرية الجاريــة خاللهــا‪ .‬األمــر الــذي عجــزت فيــه القــوات المســلحة العراقيــة‬
‫النظاميــة لوحدهــا عــن التصــدي لــه‪ .‬ومــن المهــم أن نشــير الــى أن لحظــة إحتــال‬
‫الموصــل مــن قبــل تنظيــم داعــش االرهابــي لــم تســبب إنبثــاق الفصائــل المســلحة‬
‫الرئيســية التــي قاتلــت تنظيــم داعــش‪ ،‬ألنهــا كانــت موجــودة مــن األســاس‪ ،‬إال أن‬
‫دعــوة المرجعيــة الدينيــة الشــريفة فــي النجــف االشــرف بتاريــخ ‪،2014/6/13‬‬
‫المواطنيــن الذيــن يتمكنــون مــن حمــل الســاح للتطــوع فــي صفــوف القــوات االمنيــة‬
‫للدفــاع عــن العــراق‪ ،‬فــي ماعــرف ب (فتــوى الجهــاد الكفائــي) ‪ ،‬وتشــكيل (الحشــد‬
‫| ‪79‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫الشــعبي ‪ ، )Hashd al-Shaabi‬نقلــت دور الفصائــل المســلحة إلــى مســتوى أكثــر‬


‫تطــور ًا‪ ،‬وهــو تجليهــا بصفتهــا حاميــة للدولــة والعمليــة السياســية‪ ،‬األمــر الــذي شــكل‬
‫فاصلــة تاريخيــة بيــن حالتيــن مــن النكــوص واالســتجابة القويــة حققــت معهــا القــوات‬
‫المســلحة العراقيــة والحشــد الشــعبي انتصــارات كبيــرة‪ ،‬فــي معــارك التحريــر ضــد‬
‫تنظيــم داعــش االرهابــي الممتــدة مــن حزيــران ‪ 2014‬ولغايــة كانــون االول ‪.2017‬‬
‫ولمــا كانــت فتــوى الجهــاد الكفائــي قــد أفــرزت تجربــة قتاليــة وجهاديــة كبيــرة‬
‫أسســت مابــدأ يعــرف بهيئــة الحشــد الشــعبي فــكان البــد مــن وضــع هــذه التجربــة‬
‫ضمــن إطارهــا القانونــي والتشــريعي باعتبارهــا ركيــزة مهمــة لوحــدة واســتقرار العــراق‬
‫بعــد االنتصــارات الكبيــرة التــي حققهــا ابطــال الحشــد الشــعبي والتضحيــات الكبيــرة‬
‫التــي قدموهــا فــي ســبيل تحريــر االراضــي العراقيــة مــن دنــس داعــش االرهابــي‪،‬‬
‫فــكان إصــدار قانــون «هيئــة الحشــد الشــعبي رقــم (‪ » )40‬فــي ‪،2016/11/26‬‬
‫الــذي أقــر مــن قبــل مجلــس النــواب العراقــي بأغلبيــة األصــوات‪ ،‬وصــادق عليــه‬
‫رئيــس جمهوريــة العــراق اســتناد ًا إلــى أحــكام البنــد (أوال) مــن المــادة (‪ ، )61‬والبنــد‬
‫(ثالثــ ًا) مــن المــادة (‪ ، )73‬مــن الدســتور‪ ،‬وبذلــك حفــظ حــق وحقــوق مقاتلــي‬
‫وعناصــر الحشــد الشــعبي الذيــن قدمــوا الغالــي والنفيــس إلتزامــ ًا وطاعــة للفتــوى‬
‫المقدســة للجهــاد‪.‬‬

‫‪ -1‬استراتيجية إستخدام تشكيالت الحشد الشعبي‬


‫تميــزت اســتراتيجية إســتخدام تشــكيالت الحشــد الشــعبي بإختالفهــا عــن‬
‫اســتراتيجية الحــرب التقليديــة‪ ،‬إذ إختلــف األســلوب القتالــي فــي إدارة المعــارك لــدى‬
‫قيــادات الحشــد الشــعبي عــن القــوات المســلحة النظاميــة وبذلــك تغيــرت النتائــج التي‬
‫شــكلت مــع الوقــت صعوبــة كبيــرة علــى تنظيــم داعــش االرهابــي فــي مواجهــة مقاتلي‬
‫الحشــد الشــعبي الذيــن اتبعــوا اســتراتيجية غيــر مألوفــة فــي نشــر تشــكيالت الحشــد‬
‫الشــعبي وتنظيمهــا‪ ،‬كذلــك فــي أســلوب تســليح وتجهيــز هــذه التشــكيالت بأســلحة‬
‫تتــاءم وتتناســب مــع طبيعــة المعركــة وأســاليب قتــال العــدو (تنظيــم داعــش) فــي‬
‫مياديــن المواجهــة‪.‬‬
‫كمــا تميــزت اســتراتيجية اســتخدام تشــكيالت الحشــد الشــعبي فــي الجوانــب‬
‫المتعلقــة بالتخطيــط العســكري وأســلوب تقييــم النتائــج‪ ،‬وكذلــك أســلوب اختيارهــا‬
‫لمناطــق وجبهــات خاصــة للمواجهــة واالشــتباك مــع تنظيــم داعــش االرهابــي‪.‬‬
‫‪| 80‬‬
‫لاتق ةئيب يف ءانبلا تايدحت‬

‫وإســتناد ًا لنتائــج المعــارك والعمليــات التــي خاضتهــا تشــكيالت الحشــد الشــعبي فــإن‬
‫تلــك العمليــات تعــد مزاوجــة بيــن مفهــوم العمليــات الســائدة فــي الحــروب النظاميــة‬
‫للجيــوش التقليديــة وبيــن مفهــوم الحــرب الشــعبية وحــرب العصابــات أو بمعنــى أكثــر‬
‫وضوحــ ًا يمكــن القــول إن اســتراتيجية اســتخدام الحشــد الشــعبي كســرت مفهــوم‬
‫التفــوق التقليــدي عــن طريــق مناهــج وأســاليب مختلفــة عمــا كان متبعـ ًا فــي القــوات‬
‫المســلحة النظاميــة‪ .‬وأدخلــت بعــد ًا جديــد ًا علــى مفهــوم حــروب الجيــل الخامــس‬
‫(‪ )5GW -Fifth Generation Warfare‬المعتمــدة علــى قــوة الكيانــات الصغيــرة‬
‫المدربــة والتشــكيالت العصابيــة والجماعــات اإلرهابيــة ذات التســليح المتطــور‪.‬‬
‫فــكان دخــول الحشــد الشــعبي الــى ســاحة المعركــة ضــد التنظيــم االرهابــي (داعــش)‬
‫عنصــر ًا جديــد ًا غيــر معادلــة الصــراع لصالــح القــوات المســلحة العراقيــة‪ .‬خالصــة‬
‫القــول أن االســتراتيجية العســكرية للحشــد الشــعبي تميــزت باآلتــي‪:‬‬
‫‪1.‬المرونــة العاليــة فــي القتــال والســرعة فــي االنتشــار والمواجهــة وتغييــر الخطط‬
‫حســب الحاجــة وحســب تطــورات القتــال فــي الميدان‪.‬‬
‫‪2.‬تك ّيــف القيــادة مــع نوعيــة العمليــات واســاليب القتــال التــي يتبعهــا التنظيــم‬
‫االرهابــي وإتخــاذ تدابيــر وقائيــة فوريــة بــدون اللجــوء للتسلســل العملياتــي‬
‫فــي القيــادة‪.‬‬
‫‪3.‬إعتمــاد مفهــوم ســاحة الحــرب المفتوحــة دون اإلعتمــاد علــى خطــوط ثابتــة‬
‫وخنــادق وتحصينــات ضخمــة ومراكــز تحشــد خلفيــة‪.‬‬
‫‪4.‬إســتثمار النجــاح الحاصــل مــن عمليــات اإلغــارة والضربــات المفاجئــة‬
‫واســتغالل نقــاط ضعــف التنظيــم االرهابــي لصالــح المجهــود الرئيســي نحــو‬
‫الهــدف المحــدد‪.‬‬
‫‪5.‬إختيــار األماكــن واألوقــات المناســبة لمواجهــة التنظيــم االرهابــي‪،‬‬
‫ومهاجمتــه فــي أســوء حاالتــه إلــى جانــب االســتفادة مــن طبيعــة األرض فــي‬
‫كل الحــاالت‪.‬‬
‫‪6.‬اإلعتمــاد علــى القــدرات الذاتيــة المحليــة فــي تخزيــن الذخائــر ومــواد‬
‫اإلعاشــة ومــواد تمويــن القتــال للقــوات مكنــت الحشــد الشــعبي مــن تفــادي‬
‫الوقــوع فــي فــخ صعوبــة اإلمــداد اللوجســتي الــذي طالمــا عانــت منــه القــوات‬
‫العســكرية النظاميــة‪.‬‬

‫| ‪81‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪7.‬إعتمــاد مفهــوم النوعيــة فــي اختيــار نوعيــة التســليح والتجهيــز لتشــكيالت‬


‫الحشــد الشــعبي وباألخــص بالنســبة للســاح الثقيــل بـ ً‬
‫ـدال مــن الكميــة وعــدم‬
‫إقحامــه فــي تشــكيالت كبــرى ثقيلــة الحركــة تكــون عبئ ـ ًا عنــد المواجهــات‬
‫الحاســمة واالســتعاضة عنــه بوحــدات ســريعة مضــادة للمدرعــات لصــد‬
‫العجــات المفخخــة االنتحاريــة ومعالجتهــا قبــل وصولهــا إلــى الحافــة‬
‫األماميــة لقطعــات الحشــد الشــعبي‪.‬‬
‫‪8.‬توســع الحشــد الشــعبي فــي إســتخدام المنظومــات الصاروخيــة والراجمــات‬
‫الخفيفــة خاصــة وأن لهــا عــدة مميــزات تعبويــة منهــا الدقــة وكثافــة النيــران‬
‫والقــوة التدميريــة تجعلهــا أســلحة مناســبة وفاعلــة ضمــن أســلوب القتــال ضــد‬
‫تنظيــم داعــش االرهابــي‪.‬‬

‫‪ -2‬معاضل الحشد الشعبي‬


‫واجهــت تشــكيالت الحشــد الشــعبي عــدد مــن المعاضــل والصعوبــات والتــي‬
‫يمكــن ان ندرجهــا تحــت عنوانيــن همــا‪:‬‬

‫‪ -1‬المعاضل الفنية والتنظيمية‬


‫‪ .‬أضعــف وعــدم انتظــام عمليــة التطـ ّـوع وأدراج المتطوعيــن ضمــن تشــكيالت‬
‫الحشــد الشــعبي‪ ،‬ممــا أفــرز الكثيــر مــن المعوقــات اللوجســتية أعاقــت تطــوع‬
‫المواطنيــن‪.‬‬
‫‪.‬بأشــارت المرجعيــة الدينيــة العليــا فــي أكثــر مــن خطبــة الــى عــدم الســماح‬
‫بوجــود مجموعــات مســلحة خــارج األطــر القانونية تحــت أي صفــة وعنوان‪.‬‬
‫وأن هــذا مســؤولية الحكومــة وليــس لهــا ان تتســامح فــي القيــام بهــا‪ .‬فــي‬
‫اشــارة الــى دخــول بعــض الفصائــل المســلحة خــارج األطــر القانونيــة تحــت‬
‫عنــوان الحشــد الشــعبي‪ ،‬وهــو أمــر أتــاح فرصــة بحمــل الســاح بصــورة غيــر‬
‫قانونيــة‪ ،‬أســاءت لســمعة وصــورة الحشــد الشــعبي علــى الصعيــد االعالمــي‪.‬‬
‫‪.‬جتعــدد الفصائــل المســلحة التــي إنضــوت تحــت عنــوان الحشــد الشــعبي‬
‫ورفعهــا لرايــات وأعــام تنظيماتهــا وفصائلهــا العســكرية والسياســية عكــس‬
‫صبغــة طائفيــة أحاديــة الجانــب علــى مفهــوم الحشــد الشــعبي‪ ،‬لذلــك أكــدت‬
‫المرجعيــة الدينيــة العليــا فــي أكثــر مــن خطبــة‪ ،‬علــى ضــرورة أن يكــون العلــم‬
‫‪| 82‬‬
‫لاتق ةئيب يف ءانبلا تايدحت‬

‫العراقــي هــو الرايــة التــي يرفعونهــا فــي قطعاتهــم ووحداتهــم‪ ،‬وليتجنبــوا عــن‬
‫اســتخدام أيــة صــور أو رمــوز أخــرى‪ .‬وهــي نقطــة مهمــة تعــزز مــن وحــدة‬
‫الصــف‪.‬‬
‫‪ .‬دإســتمرار معاضــل الدعــم اللوجســتي للحشــد الشــعبي الذيــن ه ّبــوا للدفــاع‬
‫عــن البلــد‪ ،‬إذ اليــزال هنــاك تلكــؤ فــي دفــع مســتحقاتهم الماليــة وإيصــال‬
‫المــؤن واالرزاق والعتــاد واالخــاء الطبــي‪ ،‬وتوفيــر مــا يحتاجونــه مــن خــال‬
‫القنــوات القانونيــة الرســمية‪ ،‬ممــا يؤثــر بشــكل واضــح علــى زخــم تفعيــل‬
‫الحافــز الجهــادي لديهــم‪.‬‬
‫‪ .‬هتعــدد الفصائــل المســلحة التــي إنضــوت تحــت عنــوان الحشــد الشــعبي‬
‫باختــاف مرجعياتهــا السياســية والفكريــة ومصــادر تمويلهــا‪ ،‬أوجــد معاضــل‬
‫وصعوبــات فــي وحــدة القيــادة والتنســيق ومرونــة المنــاورة بالقطعــات وحشــد‬
‫الطاقــات والمــوارد‪ ،‬ليــس فقــط بيــن قيــادات وتشــكيالت تلــك الفصائــل بــل‬
‫ايضــ ًا بينهــا وبيــن الجهــات الحكوميــة والقيــادات العســكرية الرســمية فــي‬
‫إطــار الحــرب ضــد عصابــات داعــش االرهابيــة‪.‬‬
‫‪ .‬وعــدم تنظيــم التطــوع وتعــدد الفصائــل المســلحة أتــاح الفرصة لبعــض العناصر‬
‫المندســة وغيــر المنضبطــة وعناصــر الجريمــة المنظمــة باســتغالل عنــوان‬
‫الحشــد الشــعبي لإلســاءة للمواطنيــن واالعتــداء علــى ممتلكاتهــم وارتــكاب‬
‫جرائــم مختلفــة أســاءت لســمعة واهــداف ورســالة الحشــد الشــعبي‪.‬‬

‫‪ -2‬المعاضل السياسية‬
‫‪ .‬ألــم ينخــرط بعــض مــن الفصائــل المســلحة (فصائــل المقاومــة االســامية) ‪،‬‬
‫ضمــن هيئــة الحشــد الشــعبي‪ ،‬على الرغم مــن دعــوة المرجعية الدينيــة لربطها‬
‫بهيئــة الحشــد الشــعبي أو بالمؤسســة العســكرية‪ ،‬ولكنهــا قاتلــت تحــت رايــة‬
‫الحشــد الشــعبي‪ ،‬ألســباب سياســية وفكريــة‪ .‬وقــد أظهــرت تجربــة بعــض‬
‫معــارك التحريــر ضــد تنظيــم داعــش االرهابــي الخــاف بيــن رئيــس الــوزراء‬
‫العراقــي الســابق حيــدر العبــادي و نائــب رئيــس هيئــة الحشــد الشــعبي‪ ،‬جمال‬
‫جعفــر أل إبراهيــم (أبــو مهــدي المهنــدس) فــي بعــض المواقــف‪ ،‬وأظهرت أن‬
‫العالقــة التــي تربــط بعــض قيــادات الحشــد الشــعبي وقيــادات بعــض الفصائــل‬
‫المســلحة بالقائــد العــام للقــوات المســلحة العراقيــة (رئيــس مجلــس الــوزراء‬
‫| ‪83‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫العراقــي) هــي إلــى حــدٍّ كبيــر عالقــة تنســيقية وال تدخــل فــي إطــار التسلســل‬
‫القيــادي الرســمي‪.‬‬
‫‪.‬بعلــى الرغــم مــن اإلعــان شــبه الشــكلي منــذ إبريل‪/‬نيســان ‪ ،2015‬عــن ربط‬
‫تشــكيالت الحشــد الشــعبي برئيــس الــوزراء القائــد العــام للقــوات المســلحة؛‬
‫وكذلــك األمــر الديوانــي المرقــم (‪ )91‬فــي ‪ 24‬شــباط ‪ 2016‬باعتبــار هيئــة‬
‫الحشــد الشــعبي تشــكي ًال يتمتــع بالشــخصية المعنويــة ويعــد جــزء ًا مــن القــوات‬
‫المســلحة العراقيــة‪ ،‬ويرتبــط بالقائــد العــام للقــوات المســلحة‪ ،‬ثــم صــدور‬
‫قانــون الحشــد الشــعبي رقــم (‪ )41‬فــي شــهر تشــرين‪/‬نوفمبر عــام ‪،2016‬‬
‫الصــادر عــن مجلــس النــواب بأغلبيــة األصــوات‪ ،‬وصــادق عليــه رئيــس‬
‫جمهوريــة العــراق إســتناد ًا إلــى أحــكام البنــد (أوال) مــن المــادة (‪ ، )61‬والبند‬
‫(ثالثـ ًا) مــن المــادة (‪ ، )73‬وصـ ً‬
‫ـوال إلــى األمــر الديوانــي المرقــم ‪ 237‬بتاريــخ‬
‫‪ ،2019/7/1‬الــذي وضــع قيــادات الفصائــل أمــام أحــد الخياريــن‪ ،‬التفــرغ‬
‫للسياســة والتخلــي عــن الســاح أو االندمــاج ضمــن القــوات األمنيــة بقيــادة‬
‫القائــد العــام للقــوات المســلحة‪ .‬إال أنــه ال يبــدو أن زعمــاء بعــض الفصائــل‬
‫المســلحة بــوارد التخلــي عــن أســلحتهم والخضــوع لســلطة الحكومــة العراقية‬
‫أو لهيئــة الحشــد الشــعبي‪.‬‬
‫‪.‬جالتحفظــات األمريكيــة واالقليميــة والداخليــة علــى األدوار والمهــام الموكلــة‬
‫للحشــد الشــعبي‪ ،‬وكل تلــك الضغوطــات المتعــددة المصــادر والمســتويات‬
‫تلتقــي عنــد نقطــة واحــدة‪ ،‬وان تنوعــت واختلفــت أســاليبها وأدواتهــا‪ ،‬وهــذه‬
‫النقطــة‪ ،‬تتمثــل فــي إبعــاد إيــران عــن المشــهد العراقــي بأقصــى قــدر ممكــن‪،‬‬
‫إذا لــم يكــن باإلمــكان إقصائهــا بالكامــل‪ .‬ولعــل هنــاك تصــور ًا وإنطباعـ ًا عام ًا‬
‫لــدى المجتمــع الدولــي مفــاده أن الحشــد الشــعبي لــه عالقــات مهمــة ونوعيــة‬
‫مــع الجمهوريــة اإليرانيــة‪ ،‬ولكــن فــي حقيقــة األمــر فأنــه ال يمكــن تصنيــف‬
‫الحشــد بعناوينــه المتعــددة‪ ،‬ومرجعياتــه المتنوعــة‪ ،‬فــي إطــار واحــد‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬دور جهاز مكافحة االرهاب‬


‫كان لــدور جهــاز مكافحــة االرهــاب فــي عمليــات التحريــر تأثيــر ًا مهمــ ًا فــي‬
‫إســتعادة «الجيــش العراقــي» و»الشــرطة االتحاديــة» بعــض الثقــة العامــة منــذ إنهيارهما‬
‫فــي حزيران‪/‬يونيــو ‪ 2014‬عندمــا ســقطت الموصــل وحوالــي ‪ 20‬مدينــة أخــرى فــي‬
‫‪| 84‬‬
‫لاتق ةئيب يف ءانبلا تايدحت‬

‫أيــدي تنظيــم «داعــش االرهابــي»‪ . .‬إذ تمكنــت تشــكيالت جهــاز مكافحــة االرهــاب‬
‫مــن اإلنتقــال بمهنيــة وحرفيــة عاليــة مــن خــوض معــارك منخفضــة الكثافــة تمثلــت‬
‫بمعالجــة أهــداف حساســة ومجاميــع ارهابيــة شرســة‪ ،‬ومــن ثــم تطــور أدائــه عندمــا‬
‫إنتقــل إلــى خــوض معــارك متوســطة الكثافــة تمثلــت بمواجهــات مباشــرة ضــد عناصــر‬
‫داعــش االرهابــي واختــراق دفاعاتــه فــي المــدن التــي ســيطر عليهــا بعــد حزيــران‬
‫‪ .2014‬وقــد عكســت فعاليــات جهــاز مكافحــة االرهــاب قــدرات تخطيــط وتنســيق‬
‫عاليــة لقياداتــه الميدانيــة وهيئــات ركــن مقــرات قياداتــه العملياتيــة عــن طريــق التنســيق‬
‫والتعــاون مــع تشــكيالت الجيــش العراقــي والحشــد الشــعبي والشــرطة االتحاديــة‬
‫فضـ ًا عــن التعــاون والتنســيق مــع قــوات التحالــف الدولــي‪ .‬وقد قــام «جهــاز مكافحة‬
‫اإلرهــاب» خــال معــارك التحريــر بعمليــات ضخمــة ضــد تنظيــم داعــش االرهابــي‪،‬‬
‫محافظـ ًا علــى وتيــرة عملياتيــة شــاقة ومســتمرة ال تضاهيهــا أي قــوة عمليــات خاصــة‬
‫أخــرى فــي العالــم‪ ،‬معــزز ًا ســمعته باعتبــاره أحــد أفضــل قــوات العمليــات الخاصــة‬
‫فــي الشــرق األوســط‪ .‬لقــد اتســمت عمليــات جهــاز مكافحــة االرهــاب بتبنــي مبــدأ‬
‫الالمركزيــة وإعطــاء مرونــة للقــادة واآلمريــن فــي تقديــر الموقــف العملياتــي والتعبــوي‬
‫وإتخــاذ القــرارات الميدانيــة علــى أســاس المعطيــات والعوامــل المؤثــرة فــي الموقــف‬
‫الــذي يواجهــه القائــد الميدانــي‪.‬‬
‫كمــا أن الحضــور الميدانــي والمشــاركة الفاعلــة للقــادة واآلمريــن فــي المعــارك‬
‫اعطــى حافــز ًا لعناصــر ومقاتلــي الجهــاز علــى االندفــاع العالــي ورفــع الــروح المعنويــة‬
‫لديهــم‪ .‬وشــكل الجهــد االســتخباري لجهــاز مكافحــة االرهــاب عنصــر ًا مهمــة فــي‬
‫إســناد المعــارك والعمليــات القتاليــة التــي خاضهــا وشــارك بهــا جهــاز مكافحــة‬
‫االرهــاب‪.‬‬
‫إن النجاحــات فــي ميــدان المعركــة لتشــكيالت «جهــاز مكافحــة اإلرهــاب» علــى‬
‫مــدى الســنوات الثــاث والنصــف مــن معــارك التحريــر ســتدفعان علــى األرجــح‬
‫إلــى إعــادة النظــر فــي توســيع نطــاق «الجهــاز» ليصبــح قــوة مشــاة خفيفــة مــن النخبــة‬
‫وأن «جهــاز مكافحــة اإلرهــاب» أصبــح اآلن قــوة عســكرية‬ ‫متعــددة الفــرق‪ .‬خاص ـ ًة ّ‬
‫قانوني ـ ًا بمســتوى وزارة (اعتبــار ًا مــن ‪ 13‬آب‪/‬أغســطس ‪ .)2016‬وفــي عــام ‪2017‬‬
‫تضمنــت الميزانيــة العراقيــة أول بنــد إنفــاق مخصــص ل»جهــاز مكافحــة اإلرهــاب»‪،‬‬
‫بلــغ مجموعــه ‪ 683‬مليــون دوالر‪.‬‬

‫| ‪85‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪ -1‬معاضل جهاز مكافحة االرهاب‬


‫واجهــت تشــكيالت جهــاز مكافحــة االرهــاب عــدد مــن المعاضــل اثنــاء أدائهــا‬
‫لواجباتهــا كان مــن أبرزهــا اآلتــي‪- :‬‬
‫‪ .‬أعــدم تخصيــص قــوات معقبــة مــن الجيــش العراقــي أو األجهــزة األمنيــة‬
‫األخــرى لمســك االرض أو المناطــق التــي يحررهــا جهاز مكافحــة االرهاب‪،‬‬
‫ممــا إضطــر الــى تحــول تشــكيالت الجهــاز الــى إشــغال مواضــع دفاعيــة وهــي‬
‫فعاليــات ليســت مــن اختصــاص تشــكيالت جهــاز مكافحــة االرهــاب األمــر‬
‫الــذي أثــر علــى الــروح واالســاليب التعرضيــة التــي تتســم بهــا تشــكيالت‬
‫وعناصــر الجهــاز‪.‬‬
‫‪.‬بلــم يرتقــي الجهــد الهندســي لعناصــر جهــاز مكافحــة االرهــاب إلــى مســتوى‬
‫مواكبــة المهــام الموكلــة لتشــكيالت الجهــاز ممــا أدى الــى اصابــات‬
‫وتضحيــات بنســبة (‪ ) ٪56‬بيــن عناصــر الهندســة العســكرية لجهــاز مكافحــة‬
‫االرهــاب‪.‬‬
‫‪.‬جعــدم إســناد الجهــاز بعجــات اختصاصيــة لنقــل المدرعــات (ســاحبات‬
‫وعجــات نقــل الدبابــات) ‪ ،‬ممــا أدى الــى فقــدان المرونــة وســرعة رد الفعــل‬
‫والتحــرك باتجــاه مناطــق االشــتباك المطلوبــة‪.‬‬
‫‪ .‬دضعــف وتواضــع منظومــة االســناد االداري والدعــم اللوجســتي واالخــاء‬
‫الطبــي لتأميــن التعويــض الفــوري مــن األجهــزة والمعــدات واالســلحة‬
‫واالعتــدة والعجــات ممــا أثــر ســلب ًا علــى ســرعة حســم المعــارك‪.‬‬
‫‪ .‬هضعــف واضــح فــي االســتعدادات والتدابيــر والتدريــب علــى مواجهــة‬
‫االســلحة الكيمياويــة والكتلويــة التــي اســتخدمها عناصــر تنظيــم داعــش‬
‫االرهابــي‪.‬‬
‫‪ .‬وضعــف وعــدم تيســر أجهــزة االســتمكان والكشــف البصــري وااللكترونــي‬
‫لجمــع المعلومــات االســتخبارية وتحديــد مواقــع القناصــة واســتمكان‬
‫ومصــادر النيــران المعاديــة‪.‬‬
‫الشكل اآلتي يوضح أهم معاضل جهاز مكافحة االرهاب‬

‫‪| 86‬‬
‫لاتق ةئيب يف ءانبلا تايدحت‬

‫عمليات التحرير التي خاضتها القوات المسلحة العراقية‬


‫إســتطاعت المؤسســة العســكرية أن تعيــد تنظيــم صفــوف القــوات المســلحة رغــم‬
‫كل المعاضــل التــي واجهــت المؤسســة بعــد حزيــران عــام ‪ ،2014‬وقــد كان لهــذا‬
‫التجــاوز دور مهــم فــي عمليــات التحريــر التــي خاضتهــا القــوات المســلحة ضــد‬
‫تنظيــم داعــش اإلرهابــي‪ ،‬والشــكل اآلتــي يوضــح أهــم مؤشــرات تطــور أداء القــوات‬
‫المســلحة فــي هــذا الشــأن‪:‬‬
‫أهــم وابــرز عمليــات التحريــر التــي خاضتهــا القــوات المســلحة العراقيــة ضــد‬
‫تنظيــم داعــش االرهابــي للفتــرة مــن حزيــران ‪ 2014‬ولغايــة التاســع مــن ديســمبر‬
‫‪2017‬‬ ‫األول)‬ ‫(كانــون‬

‫| ‪87‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫تاريخ‬
‫النتائج‬ ‫القوات المشاركة‬ ‫اسم المعركة‬ ‫ت‬
‫المعركة‬
‫فك الحصار بالكامل‬
‫عن مدينة آمرلي وهزيمة‬
‫الجيش العراقي‪،‬‬
‫تنظيم داعش في المنطقة‬
‫الحشد الشعبي‪،‬‬ ‫آب ‪2014‬‬ ‫معركة آمرلي‬ ‫‪1‬‬
‫وطرده من األجزاء‬
‫البيشمركة‬
‫الشرقية لمحافظة صالح‬
‫الدين ‪.‬‬

‫خاضت القوات المشاركة‬


‫ما يقارب أكثر من ‪50‬‬
‫عملية عسكرية لتحرير‬
‫كامل محافظة ديالى‬
‫وبلغت خسائر تنظيم‬ ‫الجيش العراقي ‪،‬‬
‫تموز‬ ‫عملية تحرير‬
‫داعش أكثر من ألف قتيل‬ ‫الحشد الشعبي ‪،‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪2014‬‬ ‫محافظة ديالى‬
‫بينهم ‪ 300‬قتيل أجنبي‬ ‫البيشمركة‬
‫وعربي وبدأت عمليات‬
‫التحرير من ناحية العظيم‬
‫وانتهت في بتحرير مدينة‬
‫جلوالء‪.‬‬

‫تحرير مدينة جرف النصر‬


‫وقتل نحو ‪ 500‬مسلح‬
‫من داعش كانت العملية‬ ‫الجيش العراقي‪،‬‬ ‫‪24‬ت‪1‬‬
‫عملية عاشوراء‬ ‫‪3‬‬
‫ضربة قاضية في وجه‬ ‫الحشد الشعبي‬ ‫‪2014‬‬
‫التنظيم حيث فقد أهم‬
‫نقطة إستراتيجية‪.‬‬

‫‪| 88‬‬
‫لاتق ةئيب يف ءانبلا تايدحت‬

‫تاريخ‬
‫النتائج‬ ‫القوات المشاركة‬ ‫اسم المعركة‬ ‫ت‬
‫المعركة‬
‫تحرير ناحية الضلوعية‬
‫و فك الحصار عن‬
‫الجيش العراقي والحشد‬
‫مدينتي بلد والدجيل‬ ‫عملية تحرير‬
‫ك‪ 2015 2‬الشعبي بمساعدة عشائر‬ ‫‪4‬‬
‫المحاصرتين باإلضافة‬ ‫الضلوعية‬
‫الضلوعية‬
‫إلى فتح طريق بغداد ‪-‬‬
‫سامراء‬

‫تحرير ناحية العلم‬


‫الجيش العراقي والحشد والعوجة وقضاء الدور‬
‫اذار‬ ‫حملة محافظة‬
‫الشعبي بمساعدة بعض وفك الحصار عن سامراء‬ ‫‪5‬‬
‫‪2015‬‬ ‫صالح الدين‬
‫والسيطرة على تالل‬ ‫عشائر صالح الدين‬
‫حمرين الجنوبية‪.‬‬

‫عملية تحرير‬
‫الجيش العراقي والحشد‬
‫تحرير مدينة تكريت في‬ ‫اذار‬ ‫تكريت (لبيك‬
‫الشعبي وجهاز مكافحة‬ ‫‪6‬‬
‫‪ 31‬آذار ‪2015‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫يارسول اهلل‬
‫االرهاب‬
‫االولى)‬

‫فك الحصار عن مصفى‬


‫بيجي بالكامل وتحرير‬
‫نحو ‪ 300‬جندي ومقاتل‬
‫قوات جهاز مكافحة‬ ‫عملية فك‬
‫كان محاصر في المصفى‬
‫اإلرهاب بمساندة‬ ‫ايار ‪2015‬‬ ‫الحصار عن‬ ‫‪7‬‬
‫وقد كان أطول حصار‬
‫الحشد الشعبي‬ ‫مصفى بيجي‬
‫نفذه داعش على القوات‬
‫العراقية منذ هجوم يونيو‬
‫عام ‪.2014‬‬

‫| ‪89‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫تاريخ‬
‫النتائج‬ ‫القوات المشاركة‬ ‫اسم المعركة‬ ‫ت‬
‫المعركة‬
‫تحرير جزيرة سامراء‬
‫‪-‬البالغ مساحتها حوالي‬
‫‪ 5‬آالف كيلومت ٍر مربع‪،‬‬
‫الجيش العراقي والحشد‬
‫وعدد القرى البالغ‬
‫الشعبي وجهاز مكافحة‬ ‫‪ 25‬أيار‬ ‫عمليات ثارات‬
‫عددها حوالي ‪ 65‬قرية‬ ‫‪8‬‬
‫االرهاب الشرطة‬ ‫‪2015‬‬ ‫العسكريين‬
‫زراعية‪ -‬و تحرير ما تبقى‬
‫االتحادية‬
‫من محافظة صالح الدين‬
‫وتأمين مرقد األماميين‬
‫العسكريين‪،‬‬
‫تحرير كامل قضاء بيجي‬
‫بما في ذلك المصفاة‬
‫والمدينة والنواحي‬ ‫الجيش العراقي والحشد‬
‫عمليات لبيك‬
‫الشعبي وجهاز مكافحة التابعة له ومنحت القوات‬ ‫‪ 22‬ت‪1‬‬
‫يارسول اهلل‬ ‫‪9‬‬
‫العراقية السيطرة الكاملة‬ ‫االرهاب الشرطة‬ ‫‪2015‬‬
‫الثانية‬
‫على الطريق السريع‬ ‫االتحادية‬
‫الممتد من بغداد إلى‬
‫بيجي‪.‬‬
‫الجيش العراقي والحشد‬ ‫تموز‬
‫تحرير مناطق واسعة من‬
‫الشعبي وجهاز مكافحة‬ ‫‪2015‬‬ ‫حملة تحرير‬
‫محافظة االنبار بما فيها‬ ‫‪10‬‬
‫االرهاب الشرطة‬ ‫الى شباط‬ ‫محافظة األنبار‬
‫الرمادي‬
‫االتحادية‬ ‫‪2016‬‬
‫الجيش العراقي والحشد‬ ‫اذار‬
‫تحرير واستعادة مدينة‬ ‫معركة هيت‬
‫‪ 2016‬الى الشعبي وجهاز مكافحة‬
‫هيت بالكامل من تنظيم‬ ‫عملية وشق‬ ‫‪11‬‬
‫االرهاب الشرطة‬ ‫‪ 14‬نيسان‬
‫داعش االرهابي‪.‬‬ ‫الصحراء‬
‫االتحادية‬ ‫‪2016‬‬

‫‪| 90‬‬
‫لاتق ةئيب يف ءانبلا تايدحت‬

‫تاريخ‬
‫النتائج‬ ‫القوات المشاركة‬ ‫اسم المعركة‬ ‫ت‬
‫المعركة‬
‫استعاد الجيش العراقي‬
‫السيطرة الكاملة على‬ ‫‪16‬‬
‫الجيش العراقي‬ ‫معركة الرطبة‬ ‫‪12‬‬
‫الرطبة والمناطق المحيطة‬ ‫أيار‪2016‬‬
‫بها‬
‫تحرير مدن الكرمة‬
‫الجيش العراقي والحشد‬ ‫‪22‬‬
‫الصقالوية والحالبسة‬
‫الشعبي وجهاز مكافحة‬ ‫أيار‪26 -‬‬ ‫عملية كسر‬
‫والفلوجة وقتل أكثر من‬ ‫‪13‬‬
‫االرهاب الشرطة‬ ‫حزيران‬ ‫اإلرهاب‬
‫نحو ‪ 3000‬عنصر من‬
‫االتحادية‬ ‫‪2016‬‬
‫داعش االرهابي‪.‬‬
‫تحرير جزيرة الخالدية‬
‫وقتل جميع المحاصرين‬ ‫اب‪ -‬ايلول‬ ‫معركة جزيرة‬
‫الحشد الشعبي‬ ‫‪14‬‬
‫من داعش البالغ عددهم‬ ‫‪2016‬‬ ‫الخالدية‬
‫نحو الف عنصر‬
‫الجيش العراقي وجهاز‬
‫تحرير قاعدة القيارة‪،‬‬
‫مكافحة االرهاب‬ ‫‪ 24‬اذار‬ ‫عملية الفتح‬
‫و إستعادة عدة قرى من‬ ‫‪15‬‬
‫والشرطة االتحادية‬ ‫‪2016‬‬ ‫المبين‬
‫داعش‬
‫والبيشمركة‬
‫تحرير مطار تلعفر‬
‫الجيش العراقي والحشد العسكري وقطع إمدادات‬
‫‪ 16‬ت‪1‬‬
‫الشعبي وجهاز مكافحة تنظيم داعش من الحدود‬ ‫عمليات قادمون‬
‫‪18-‬ت‪2‬‬ ‫‪16‬‬
‫السورية ومحاصرة نحو‬ ‫االرهاب الشرطة‬ ‫يا نينوى‬
‫‪2016‬‬
‫االتحادية والبيشمركة ‪ 30‬الف مقاتل في مدينتي‬
‫الموصل وتلعفر‪.‬‬

‫| ‪91‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫تاريخ‬
‫النتائج‬ ‫القوات المشاركة‬ ‫اسم المعركة‬ ‫ت‬
‫المعركة‬
‫شارك في المعارك حوالي‬
‫‪ 60‬ألف من القوات‬
‫األمنية وتمكنوا من قتل‬
‫الجيش العراقي والحشد‬ ‫‪ 16‬ت‪1‬‬
‫‪ 25‬الف مسلحا ‪ ،‬كما‬
‫الشعبي وجهاز مكافحة‬ ‫‪- 2016‬‬ ‫معركة تحرير‬
‫نفذت طائرات التحالف‬ ‫‪17‬‬
‫االرهاب الشرطة‬ ‫‪ 10‬تموز‬ ‫الموصل‬
‫الدولي حوالي ‪ 20‬ألف‬
‫االتحادية والبيشمركة‬ ‫‪2017‬‬
‫طلعة جوية قتل فيها‬
‫حوالي خمسة آالف‬
‫مسلح‬
‫الجيش العراقي والحشد‬
‫الشعبي وجهاز مكافحة‬ ‫‪ 20‬آب‬ ‫معركة تحرير‬
‫حرير كامل قضاء تلعفر‬ ‫‪18‬‬
‫االرهاب الشرطة‬ ‫‪2017‬‬ ‫تلعفر‬
‫االتحادية‬
‫الجيش العراقي والحشد‬ ‫‪21‬‬
‫حرير كامل قضاء‬
‫الشعبي وجهاز مكافحة‬ ‫أيلول‪-‬‬ ‫معركة تحرير‬
‫الحويجة وجميع المناطق‬ ‫‪19‬‬
‫االرهاب الشرطة‬ ‫‪ 10‬ت‪1‬‬ ‫الحويجة‬
‫المجاورة‬
‫االتحادية‬ ‫‪2017‬‬
‫لسيطرة على جميع‬
‫المناطق المتنازع عليها‬
‫منها كركوك‪ ،‬داقوق‪،‬‬
‫الجيش العراقي والحشد‬ ‫عملية فرض‬
‫سنجار‪ ،‬طوزخورماتو‪،‬‬
‫الشعبي وجهاز مكافحة‬ ‫ت‪1‬‬ ‫األمن عملية‬
‫جلوالء‪ ،‬ألتون كوبري‪،‬‬ ‫‪20‬‬
‫االرهاب الشرطة‬ ‫‪2017‬‬ ‫كركوك‬
‫خانقين‪ ،‬زمار‪ ،‬ربيعة‪،‬‬
‫االتحادية‬ ‫(‪)2017‬‬
‫مخمور‪ ،‬وكفري و‬
‫حقول النفط والمطارات‬
‫في كركوك‪.‬‬

‫‪| 92‬‬
‫لاتق ةئيب يف ءانبلا تايدحت‬

‫تاريخ‬
‫النتائج‬ ‫القوات المشاركة‬ ‫اسم المعركة‬ ‫ت‬
‫المعركة‬
‫تحرير الجزيرة بين‬
‫نينوى واألنبار بإسناد‬
‫طيران الجيش ومسك‬
‫الحدود الدولية العراقية‬
‫السورية شمال الفرات‬
‫من منطقة الرمانة حتى‬
‫الجيش العراقي والحشد تل صفوك على طول‬
‫معركة الحدود‬
‫الشعبي وجهاز مكافحة ‪ 183‬كيلومترا‪ .‬حيث أنه‬ ‫‪ 9‬ك‪1‬‬
‫وإعالن النصر‬ ‫‪21‬‬
‫بذلك "تم إكمال تحرير‬ ‫االرهاب الشرطة‬ ‫‪2017‬‬
‫النهائي‬
‫األراضي العراقية كافة من‬ ‫االتحادية‬
‫براثن عصابات داعش‬
‫اإلرهابية وأحكمت قواتنا‬
‫البطلة سيطرتها على‬
‫الحدود الدولية العراقية‬
‫السورية من منفذ الوليد‬
‫إلى منفذ ربيعة‪.‬‬

‫وقــد كان لإلســناد الجــوي الــذي قدمتــه القــوة الجويــة العراقيــة دور ًا بــارز ًا فــي‬
‫تحقيــق النصــر علــى تنظيــم داعــش االرهابــي‪ .‬الشــكل التالــي يوضــح حجــم الجهــد‬
‫الجــوي الــذي نفذتــه القــوة الجويــة العراقيــة للفتــرة مــن ‪ 10‬يونيــو ‪ 2014‬إلــى ‪31‬‬
‫ديســمبر ‪.2017‬‬

‫| ‪93‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫المصدر‪ :‬المنتدى العربي للدفاع على الموقع االلكتروني‪.http: //bit. ly/2k0v9HO ،‬‬

‫‪| 94‬‬
‫لاتق ةئيب يف ءانبلا تايدحت‬

‫تحديات اعادة التسليح ورفع القدرات القتالية للمؤسسة العسكرية العراقية‬


‫إســتغرقت ســلطات االحتــال االمريكــي فــي العــراق فتــرة طويلــة نســبي ًا مــن‬
‫الزمــن لتبــدء متباطئــة عمليــة تشــكيل جيــش عراقــي جديــد‪ ،‬وظلــت هنــاك حالــة‬
‫مــن الفــراغ تقــدر بحوالــي ثالثــة شــهور كاملــة‪ ،‬مــا بيــن صــدور قــرار حــل الجيــش‬
‫العراقــي األصلــي‪ ،‬وصــدور قــرار تشــكيل جيــش جديــد‪ .‬األمــر الــذي عكــس بشــكل‬
‫ـاس تــردد واشــنطن وعــدم رغبتهــا فــي تســليح القــوات العراقيــة بالشــكل والحجــم‬ ‫أسـ ِ‬
‫المطلوبيــن‪ .‬ومــن الممكــن إرجــاع ذلــك إلــى أن المســئولين فــي الواليــات المتحــدة‬
‫األمريكيــة كانــوا يتعاملــون فــي بــادئ األمــر بقــدر كبيــر مــن االســتهانة مــع المقاومــة‬
‫العراقيــة‪ ،‬وهــو أمــر ثبــت عــدم صحتــه فيمــا بعــد‪ ،‬فض ـ ًا عــن رغبتهــم فــي جعــل‬
‫العــراق معتمــد ًا علــى القــوات األمريكيــة فــي توفيــر الحمايــة واألمــن ألطــول فتــرة‬
‫ممكنــة‪ .‬وكان الحــدث األهــم هــو مــا حــدث فــي شــباط ‪ 2006‬مــن نســف لضريــح‬
‫االماميــن العســكريين فــي ســامراء‪ ،‬وتزايــد أعمــال القتــل‪ ،‬وعجــز قــوات االحتــال‬
‫االمريكيــة علــى كبــح جمــاح تنظيــم القاعــدة االرهابــي‪ ،‬فســقطت العديــد مــن مناطــق‬
‫العــراق تحــت ســيطرة القاعــدة وغيرهــا‪ ،‬فقامــت واشــنطن مجبــرة علــى اعــادة النظــر‬
‫فــي اســتراتيجيتها لتســليح الجيــش العراقــي‪ ،‬واإلســراع بتســليح وتدريــب القــوات‬
‫العراقيــة الجديــدة لتصبــح قــادرة علــى تولــي المهــام األمنيــة مــن قــوات االحتــال‬
‫األمريكيــة‪ ،‬وقــد تطلــب هــذا التغييــر باالســتراتيجية االمريكيــة فــي تســليح الجيــش‬
‫العراقــي‪ ،‬الــى القبــول بزيــادة عــدد وتحســين نوعيــة االســلحة التــي يجهــز ويســلح‬
‫بهــا الجيــش العراقــي الجديــد‪.‬‬
‫تعــد عمليــة بنــاء الجيــش العراقــي ركيــزة أساســية فــي عمليــة إعــادة بنــاء العــراق‬
‫بعــد عــام ‪ ،2003‬وتســتحوذ هــذه العمليــة علــى أهميــة محوريــة تتجــاوز اإلطــار‬
‫المباشــر لهــا‪ ،‬وتمتــد إلــى آفــاق أرحــب تتعلــق بمســتقبل العــراق وطبيعــة التوجهــات‬
‫االســتراتيجية الكبــرى للسياســة العراقيــة فــي المســتقبل القريب‪ ،‬سياســي ًا وعســكري ًا‪.‬‬
‫علــى الرغــم مــن التعثــر والتلكــؤ‪ ،‬فــي تســليح الجيــش العراقــي الجديــد طيلــة‬
‫الســنوات التــي تلــت تشــكيله بأســلحة مختلفــة ومتنوعــة المنشــأ والمصدر‪ ،‬وبحســب‬
‫التحديــات والتهديــدات التــي تواجــه المهــام التــي كلــف بهــا الجيــش العراقــي‪ ،‬أدى‬
‫الــى تبلــور معالــم اســتراتيجية لتســليح الجيــش العراقــي الجديــد خصوصــ ًا بعــد‬
‫العــام ‪ .2007 /2006‬وممــا الشــك فيــه أن وضــع السياســات والخطــط المناســبة‬
‫الســتثمار مــوارد الدولــة المتيســرة لجهــة وضــع اســتراتيجية واضحــة للتســلح فــي‬
‫| ‪95‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫العــراق‪ ،‬يتطلــب فهمــ ًا موضوعيــ ًا لمتطلبــات بنــاء الدولــة وتطلعــات أبنائهــا وفــق‬
‫ظــروف البنــاء المنطقيــة والواقعيــة فــي تحديــد المرتكــزات األساســية الثالثــة إلدارة‬
‫هــذا الجهــد (تحديــد االهــداف والمصالــح‪ ،‬تحديــد التحديــات والمعوقــات‪ ،‬تحديــد‬
‫الوســائل الرئيســة لتحقيقهــا وفــق االمكانــات والمــوارد المتاحــة)‪ .‬وهــذا مــا لــم‬
‫تأخــذه قــوات اإلحتــال بعيــن اإلعتبــار فــي اســتراتيجيتها لتســليح الجيــش العراقــي‬
‫حتــى بعــد ســحب القــوات األمريكيــة فــي عــام ‪.2011‬‬
‫حاولــت وثيقــة األبعــاد اإليجابيــة العتمــاد اســتراتيجية األمــن القومــي فــي العــراق‬
‫وآليــات التفاعــل معهــا مــن قبــل المؤسســات والشــرائح االجتماعيــة‪ ،‬الصــادرة عــن‬
‫المركــز الوطنــي للتخطيــط المشــترك فــي بغــداد كانــون الثانــي ‪ ،2009‬صياغــة مــا‬
‫يمكــن إعتبــاره االهــداف والمصالــح الســتراتيجية االمــن القومــي العراقيــة‪ ،‬مــن‬
‫خــال تأكيدهــا علــى وجــوب اســتكمال وتطويــر منظومــة القيــادة والســيطرة‪ ،‬تمهيــد ًا‬
‫لنقــل الســيطرة العملياتيــة لفــرق الجيــش العراقــي مــن القــوات متعــددة الجنســيات‪،‬‬
‫باإلضافــة الــى تحقيــق االكتفــاء الذاتــي فــي الجانــب األمنــي‪ .‬وكان تأكيــد الوثيقــة‬
‫علــى ضــرورة تطويــر قــدرات وبرامــج مكافحــة االرهــاب اعترافـ ًا منهــا بــان االرهــاب‬
‫يشــكل أهــم التحديــات والمعوقــات التــي تواجــه العــراق اليــوم باإلضافــة الــى تحــدي‬
‫آخــر ال يقــل خطــورة عــن االرهــاب أشــارت اليــه الوثيقــة عــن طريــق تأكيدهــا علــى‬
‫تطويــر السياســة الخاصــة بحصــر الســاح بيــد الدولــة ودمــج كافــة الفصائــل فــي‬
‫المجتمــع‪.‬‬
‫يشــير بــاراك ســالموني الباحــث فــي معهــد واشــنطن لسياســات الشــرق األوســط‬
‫‪ WINEP‬فــي دراســة بعنــوان شــراكة مســؤولة‪ :‬قطــاع األمــن القومــي العراقــي مــا‬
‫بعــد ‪( 2011‬إن مظهــر القــوات العراقيــة ال يناســب دولــة كاملــة الســيادة لهــا جيــران‬
‫مســلحون جيــد ًا بأســلحة هجوميــة متطــورة علــى نحــو متزايــد)‪ .‬ممــا ســبق يمكننــا‬
‫ادراك وفهــم تصريــح رئيــس اركان الجيــش العــراق الفريــق االول بابكــر زيبــاري‬
‫حــول تحديــد فتــرة زمنيــة طويلــة تمتــد الــى عــام ‪ 2020‬الكتمــال جاهزيــة الجيــش‬
‫العــراق للقيــام بالــدور والمهمــة المنوطــة بــه أســوة بباقــي جيــوش المنطقــة‪ ،‬وليكــون‬
‫بمســتوى التحديــات التــي تواجــه العــراق‪.‬‬
‫أمــا علــى مســتوى التدريــب فقــد أســهم عــدم موافقــة الحكومــة العراقيــة علــى‬
‫منــح الحصانــة للمدربيــن االمريــكان الذيــن كان مــن المؤمــل بقائهــم لتدريــب الجيش‬
‫العراقــي والــذي أدى الــى توقــف البرامــج التدريبيــة االمريكيــة وكذلــك توقــف برامــج‬
‫‪| 96‬‬
‫لاتق ةئيب يف ءانبلا تايدحت‬

‫التدريــب لبعثــة الناتــو التدريبيــة‪ ،‬يضــاف الــى ذلــك كلــه رفــض جهــات داخليــة‬
‫عراقيــة تســليح الجيــش‪ ،‬ورفــض كل مــن الكويــت وإيــران ذلــك‪ ،‬ومــا رفــض تمويــل‬
‫صفقــة ‪ 16-F‬إال دليــل علــى ذلــك‪ ،‬كمــا أن الفســاد الــذي استشــرى بيــن القــوات‬
‫االمريكيــة أســهم فــي تباطــؤ آليــة التدريــب وتوقفهــا اثــر االنســحاب االمريكــي‬
‫أواخــر عــام ‪ ،2011‬االمــر الــذي يتطلــب عقــد اتفاقيــات تدريبيــة جديــدة الســتيعاب‬
‫االســلحة والمعــدات التــي ســيزود بهــا الجيــش العراقــي‪ .‬ويؤكــد تقريــر مجموعــة‬
‫عمــل مســتقبل العــراق (تقريــر كروكــر) ‪ « ،‬أن االســتثمار الكبيــر فــي تدريــب الجيــش‬
‫العراقــي فــي الســنوات التــي تلــت عــام ‪ ،2003‬فشــل فــي إنتــاج قــوة قــادرة علــى‬
‫الدفــاع عــن البــاد فــي عــام ‪.2014‬‬

‫المؤسسة العسكرية العراقية وخيار إعادة التنظيم في بيئة القتال‬


‫إن واحــدة مــن أهــم متطلبــات تعزيــز دور المؤسســة العســكرية وفاعليتهــا فــي أداء‬
‫الواجبــات المكلفــة بهــا هــو إعــادة تنظيــم بنــاء المؤسســة العســكرية عــن طريــق فهــم‬
‫موضوعــي للتحديــات التــي تواجههــا وطبيعــة الظــروف والتهديــدات التــي تواجــه‬
‫الدولــة‪ ،‬األمــر الــذي يجعــل مــن ضــرورات العمــل اإلســتراتيجي هــو إعــادة تنظيــم‬
‫هيكليــة القــوات المســلحة بمــا يتناســب مــع هــذه الظــروف‪.‬‬

‫متطلبات إعادة التنظيم بعد التحرير‬


‫ان إعــادة تنظيــم المؤسســة العســكرية العراقيــة‪ ،‬باتــت مطلب ـ ًا ملح ـ ًا بعــد ســنوات‬
‫مــن الحــرب ضــد تنظيــم داعــش االرهابــي‪ ،‬التــي أفــرزت ســلبيات عديــدة فــي الهيكل‬
‫التنظيمــي للمؤسســة العســكرية العراقيــة‪ ،‬فض ـ ًا عــن التطــورات التــي حصلــت فــي‬
‫التســليح والتجهيــز واألداء القتالــي لتشــكيالت وفــرق وقيادات المؤسســة العســكرية‪،‬‬
‫طيلــة ســنوات مــن التجــارب القتاليــة أبــان الحــرب ضــد تنظيــم داعــش االرهابــي‪ .‬كما‬
‫أن التحديــات األمنيــة الخارجيــة والداخليــة قــد تباينــت وإختلفــت بشــكل كبيــر عــن‬
‫مرحلــة تشــكيل وزارة الدفــاع العراقيــة بعــد عــام ‪ ،2003‬األمــر الــذي بــات يتطلــب‬
‫إعــادة النظــر بكيفيــة ربــط الهيــكل التنظيمــي للمؤسســة العســكرية العراقيــة بالخطــط‬
‫واألهــداف الموضوعــة ضمــن اســتراتيجية االمــن الوطنــي العراقــي‪.‬‬
‫إن مســؤولية اعــادة التنظيــم وتطويــر المؤسســة العســكرية العراقيــة لمرحلــة‬
‫مــا بعــد االنتصــار علــى داعــش االرهابــي وتحديــد أهدافهــا ومتطلبــات بنائهــا هــي‬
‫| ‪97‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫مســؤولية القيــادة العســكرية العراقيــة العليــا ممثلــة بالقائــد العــام للقــوات المســلحة‬
‫والــوزارات االمنيــة (الدفــاع والداخليــة واالمــن الوطنــي) ‪ ،‬فضــ ًا عــن مراكــز‬
‫البحــوث والدراســات المنبثقــة وذات الصلــة بتلــك الــوزارات‪ ،‬أي المختصــة‬
‫بالشــؤون االمنيــة والعســكرية‪ ،‬والعــراق يزخــر باإلمكانيــات المتخصصــة فــي هــذا‬
‫المجــال شــرط فســح المجــال لهــا مــن دون احــكام او تصــورات مســبقة وأن يكــون‬
‫الفاصــل هــو خدمــة العــراق الوطــن والدولــة بعيــد ًا عــن أي إنتمــاء آخــر أو تخنــدق‬
‫فئــوي‪ .‬وعليــه فــان مراحــل تحديــد أســبقيات وســائل وطــرق متطلبــات إعــادة تنظيــم‬
‫المؤسســة العســكرية العراقيــة بعــد االنتصــار علــى تنظيــم داعــش اإلرهابــي عبــر إعادة‬
‫تقييــم التهديــدات المحيطــة بالعــراق ومســتوى األولويــة فــي تأثيــر كل منهــا علــى‬
‫األمــن الوطنــي‪ ،‬فاألســبقية لتأميــن عناصــر اإلســتراتيجية الدفاعيــة علــى المســتوى‬
‫اإلســتخباري والجــوي أصبحــت أكثــر مــن أي إعتبــار آخــر فــي عــام ‪.2020‬‬
‫إلــى جانــب ذلــك فالبــد أن تعمــل مستشــارية األمــن الوطنــي علــى تصميــم هيكليــة‬
‫موحــدة للصنــوف األمنيــة المختلفــة وتحديــد ًا مايتعلــق بالجيــش والحشــد الشــعبي‬
‫والبيشــمركة بــد ًال مــن أن تكــون هنالــك هيكليــات أمنيــة متعــددة فــي هــذا الصــدد‪ ،‬في‬
‫ضــوء ماتمتلكــه هــذه المؤسســات مــن وســائط عســكرية ووظائــف تتعلــق بتكوينهــا‪.‬‬
‫إن االســلوب أو اآلليــة التــي ســتحكم صياغــة وســائل وطــرق اعــادة التنظيــم‬
‫للمؤسســة العســكرية العراقيــة لمرحلــة مــا بعــد داعــش‪ ،‬يجــب أن تؤمــن اآلتــي‪:‬‬
‫‪1.‬إصــدار القوانيــن والتعلميــات الخاصــة بتحديــد صالحيــات القيــادات‬
‫العســكرية العليــا والقــادة الكبــار‪ ،‬باإلضافــة الــى اصــدار القوانيــن الخاصــة‬
‫بتحديــد مهــام وارتبــاط القيــادات والمؤسســات العســكرية ضمــن (منظومــة‬
‫الدفــاع العراقيــة) مثــل (وزارة الدفــاع والبيشــمركة والحشــد الشــعبي وجهــاز‬
‫مكافحــة االرهــاب والشــرطة اإلتحاديــة) لتجــاوز معاضــل التداخــل والتقاطــع‬
‫فــي المهــام والواجبــات وســاحات العمــل وتقيــل الترهــل فــي المؤسســات‬
‫العســكرية وتقليــل االنفــاق العســكري‪.‬‬
‫‪2.‬تطويــر الهيــكل التنظيمــي للقيــادة بحيــث يضمــن القــدرة علــى تحشــيد كل‬
‫المــوارد المتاحــة لمواجهــة التهديــدات المحتملــة فــي اطــار مــن التكامــل‬
‫والتفاعــل التــام لــكل أفــرع وصنــوف القــوات المســلحة العراقيــة‪.‬‬
‫‪3.‬أن تكــون عمليــة اعــادة التنظيــم للمؤسســة العســكرية العراقيــة‪ ،‬علــى قــدر‬
‫مــن المرونــة لالســتجابة ألي نــوع مــن التحديــات التــي قــد تظهــر مســتقب ًال‬
‫‪| 98‬‬
‫لاتق ةئيب يف ءانبلا تايدحت‬

‫كمــا تكــون قــادرة علــى التطــور بفعــل تطــور بيئــة التهديــدات واالمكانــات‬
‫المتوفــرة‪.‬‬
‫‪4.‬البــد مــن أخــذ عامــل الكلفــة والتأثيــر بنظــر االعتبــار حتــى التســتمر تكاليــف‬
‫األمــن ثقـ ًا علــى عاتــق موازنــة الدولــة‪ .‬ومــن الجديــر بالذكــر أن معيــار ‪٪10‬‬
‫مــن الدخــل الوطنــي كإنفــاق ألغــراض االمــن والدفــاع يبــدو أمــرا منطقي ـ ًا‬
‫فــي ضــوء الظــروف التــي تمــر بهــا الدولــة علــى أن يجــري التعديــل زيــادة أو‬
‫نقصان ـ ًا حســب الظــروف‪.‬‬
‫‪5.‬إعــادة هيكلــة المؤسســة العســكرية الحاليــة بشــكل تدريجــي لتالئــم متطلبــات‬
‫المرحلــة مــا بعــد داعــش باتجــاه التحــول الــى جيــش يعتمــد النــوع وليــس‬
‫الكــم بمعنــى جيــش رشــيق مــرن ذو تســليح متطــور حديــث‪.‬‬
‫‪6.‬دمــج مؤسســات ودوائــر التخطيــط والموازنــة الماليــة ضمــن وزارة الدفــاع‬
‫بمــا يؤمــن تقليــل الترهــل االداري ووحــدة القــرار وزيــادة الكفــاءة والحــد مــن‬
‫التكاليــف فــي التخطيــط واالدارة الماليــة‪.‬‬

‫القيادة العامة للقوات المسلحة‬


‫فــي ظــل عمليــة إعــادة التنظيــم للمؤسســة العســكرية العراقيــة‪ ،‬البــد مــن األخــذ‬
‫بنظــر اإلعتبــار‪ ،‬التطــور فــي وســائل وأســاليب القتــال المترتــب علــى التطــور الهائــل‬
‫وحــدة فــي تغيــر المواقــف‬‫فــي نظــم التســليح واالتصــاالت ومايتبــع ذلــك مــن ســرعة ّ‬
‫أثنــاء المعركــة ســواء فــي المواجهــة أو العمــق‪ ،‬فــان معركــة األســلحة المشــتركة‬
‫الحديثــة تتميــز بالتغيــر الســريع‪ ،‬لذلــك فــان الســيطرة علــى عامــل الوقــت ســيتوقف‬
‫عليهــا النجــاح فــي إتخــاذ القــرار بالوقــت المناســب‪ ،‬وهــذا يعنــى أهميــة عمليــة تبــادل‬
‫المعلومــات خــال مراكــز القيــادة و ســرعة تقديــر الموقــف وإصــدار التعليمــات‬
‫وأوامــر القتــال بســرعة للقيــادات والتشــكيالت فــي الوقــت المناســب‪ .‬إســتناد ًا الــى‬
‫ذلــك فــان أحــد أبــرز التغييــرات فــي الهيــاكل التنظيميــة للقــوات المســلحة واألجهــزة‬
‫األمنيــة‪ ،‬تتمثــل فــي فصــل مســؤولية البنــاء (التدريــب واإلعــداد والتســليح والتجهيــز)‬
‫‪ ،‬عــن مســؤولية االســتخدام وتحديــد سلســلة القيــادة والســيطرة التــي تبــدأ بالقائــد‬
‫األعلــى لكافــة القــوات العســكرية ثــم القائــد العــام للقــوات المســلحة ومــن يليــه مــن‬
‫القيــادات العملياتيــة والتعبويــة‪ ،‬لذلــك تتجــه القــوات المســلحة لــدول العالــم الــى‬
‫العمــل علــى إنشــاء قيــادة عامــة للقــوات المســلحة‪ :‬وهــي الجهــة أو القيــادة المســؤولة‬
‫| ‪99‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫عــن االســتخدام القتالــي للقــوات المســلحة وتنظيــم وتنفيــذ خطــط القــوات المســلحة‬
‫لمواجهــة التهديــدات الناشــئة ومتطلبــات بيئــة األمــن فــي المنطقــة‪ .‬والتــي ينبغــي أن‬
‫تؤمــن‪:‬‬
‫●التكامــل والتفاعــل التــام لــكل أجهــزة الدولــة ووزاراتهــا بهيــكل قيــادة مالئــم‬
‫لقيــادة العمليــة السياســية‪ -‬االمنيــة ‪ -‬التطويريــة بشــكل ســلس‪.‬‬
‫●أن تكــون القيــادة العامــة للقــوات المســلحة علــى قــدر مــن المرونة لالســتجابة‬
‫ألي نــوع مــن التحديات‪.‬‬
‫●أن تكــون قــادرة علــى التطــور بفعــل تطــور وتغيــر بيئــة التهديــدات واإلمكانات‬
‫المتوفرة‪.‬‬
‫وبمــا أنــه لــم يصــدر لحــد اآلن قانــون يحــدد صالحيــات القائــد العــام للقــوات‬
‫المســلحة‪ ،‬فإنــه مــن المناســب االشــارة إلــى أن للقائــد العــام للقــوات المســلحة‬
‫الســلطة القياديــة فــي العمليــات‪ ،‬بحيــث يقــوم بتوزيــع مهــام القــوات المشــتركة‬
‫وتحديــد األهــداف وإعطــاء التوجيــه الــازم للتخطيــط العملياتــي والتنفيــذ وســيتم‬
‫دعــم القيــادة العامــة للقــوات المســلحة‪ ،‬بأطقــم متخصصــة مدربــة وقــدرات‬
‫اســتخباراتية متقدمــة وأنظمــة متطــورة للقيــادة والتحكــم واالتصــاالت واألتمتــة‪.‬‬
‫وتعــد القيــادة العامــة للقــوات المســلحة (بإعتبارهــا مركــز القيــادة والســيطرة الرئيــس‬
‫بالنســبة للقــوات المســلحة واألجهــزة االمنيــة) ‪ ،‬بمثابــة العقــل المفكــر لإلنســان فهــي‬
‫تتلقــى كل مواقــف القــوات المســلحة‪ ،‬وتقــوم بتحليــل هــذه المعلومــات بســرعة ثــم‬
‫تصــدر تعليماتهــا فــي صــورة توجيهــات ووصايــا وتكليــف بمهــام معينــة ومحــددة قــد‬
‫تكــون مصيريــة‪ .‬ومــن هنــا ظهــرت أهميــة وحــدة القيــادة والســيطرة‪ ،‬إذ أثبتــت خبــرة‬
‫الحــروب الســابقة علــى مــر العصــور أهميــة وحــدة اﻟﻘﻴﺎدة المركزيــة لكافــة المــوارد‬
‫االســتراتيجية والعملياتيــة واللوجســتية للبلــد أثنــاء الحــرب وفــي أوقــات األزمــات‬
‫والتوتــرات‪ ،‬ﻣﻊ الحفــاظ ﻋﻠﻰ المرونــة العملياتيــة والتعبويــة‪ ،‬ولهــذا كان إهتمــام‬
‫جيــوش العالــم علــى مــر التاريــخ بمراكــز القيــادة والســيطرة‪.‬‬
‫إســتناد ًا لمــا ســبق تبــرز ضــرورة تطويــر (قيــادة العمليــات المشــتركة) بتنظيمهــا‬
‫وتشــكيلها الحالــي بشــكل تدريجــي لتالئــم متطلبــات (القيــادة العامــة للقــوات‬
‫المســلحة) ‪ ،‬بغيــة إســتخالص نقــاط القــوة التــي يمكــن اإلســتفادة منهــا ومعالجــة‬
‫معاضــل القيــادة والســيطرة للوصــول للحلــول األنســب للقيــادة والســيطرة علــى‬
‫مختلــف أنــواع المــوارد العســكرية واللوجســتية المتيســرة فــي عمــوم البــاد‪ ،‬وجعلهــا‬
‫‪| 100‬‬
‫لاتق ةئيب يف ءانبلا تايدحت‬

‫بيــد القائــد العــام للقــوات المســلحة وتحــت تصرفــه فــي أثنــاء الحــروب وفــي أوقــات‬
‫األزمــات والتوتــرات‪ ،‬مــن أجــل إتخــاذ القــرار المناســب وفــي الوقــت المناســب‬
‫لمواجهــة التهديــدات المختلفــة المحتملــة التــي تهــدد األمــن الوطنــي العراقــي‪.‬‬

‫| ‪101‬‬
‫الحشد الشعبي‬
‫ديناميكية التحول من القوة العسكرية الثورية إلى القوة العسكرية االحترافية‬

‫وفقــا للتصنيفــات العســكرية يعــد الحشــد الشــعبي قــوة عســكرية ثوريــة‪ ،‬وهــو‬
‫األمــر الــذي جعلهــا تتميــز بقــدرة عســكرية فعالــة مقارنــة بتشــكيالت القــوات‬
‫المســلحة العراقيــة‪ ،‬وعليــه مــن أجــل توظيــف تجربــة الحشــد الشــعبي فــي تعزيــز‬
‫األمــن الوطنــي العراقــي بشــكل مؤسســاتي ينبغــي تحويلــه ً‬
‫أوال مــن تنظيــم عســكري‬
‫ثــوري إلــى مؤسســة عســكرية احترافيــة‪.‬‬

‫أن المقيــاس األســاس للتحــول المؤسســاتي للحشــد الشــعبي مشــروط بمعياريين‪:‬‬


‫األول‪ /‬درجــة التماســك التنظيمــي مقابــل التحــزب‪ ،‬ألن ازديــاد التماســك يعنــي‬

‫‪| 102‬‬
‫يبعشلا دشحلا‬

‫تحقيــق درجــة عاليــة مــن التحــول المؤسســاتي‪ .‬الثانــي‪ /‬درجــة االحترافيــة مقابــل‬
‫الثوريــة‪.‬‬
‫وتعنــي درجــة االحترافيــة العســكرية وشــروطها‪ :‬أن صناعــة القــرار العســكري‬
‫وطــرق تنفيــذه ترتكــز علــى معاييــر موضوعيــة ومســتمدة مــن أســس منطقيــة أكثــر‬
‫منهــا أيديولوجيــة‪ ،‬وكذلــك تعنــي ان المؤسســة العســكرية يجــب أن تديــن بالــوالء‬
‫للنظــام المدنــي فــي الســلطة وتطيعــه طاعــة عميــاء بصــرف النظــر عــن السياســة أو‬
‫األيديولوجيــة التــي يتبناهــا‪ .‬كمــا تعنــي القبــول بالقيــود والضوابــط‪ ،‬وتعنــي ايضــا‬
‫عــدم التدخــل بالسياســية‪ ،‬وكذلــك واالهــم فــي شــروط االحترافيــة العســكرية هــي‬
‫التخلــي المؤسســة العســكرية عــن دور الحــارس األيديولوجــي للجماعــات‪ :‬األثنيــة‪،‬‬
‫الطائفيــة (الداخليــة والخارجيــة) أو المؤسســات الدينيــة‪.‬‬
‫أمــا درجــة التماســك التنظيمــي (بوصفهــا عنصــر أســاس لالحتــراف) فأنهــا تعنــي‬
‫درجــة االنصيــاع للتسلســل القيــادي الواضــح داخــل المؤسســة‪ .‬ومــن بيــن الشــروط‬
‫األساســية للتماســك هــي انحســار التحــزب الــذي يعنــي وجــود مجموعتيــن او أكثــر‬
‫داخــل تنظيــم مــا‪ ،‬تعمــل كل منهمــا علــى حمايــة مصالحهــا الخاصــة (األيديولوجيــة‪،‬‬
‫الطائفيــة‪ ،‬العرقيــة‪ ،‬السياســية‪ ،‬العائليــة‪ ،‬اإلقليميــة) او علــى جعــل أهدافهــا أهداف ـ ًا‬
‫للتنظيــم ككل‪.‬‬
‫أن االنتقــال بالحشــد الشــعبي مــن تنظيــم عســكري ثــوري إلــى مؤسســة عســكرية‬
‫احترافيــة (مســتقلة) يعنــي تطبيــق تلــك الشــروط المذكــورة آنفــا‪ .‬وهــو األمــر الــذي‬
‫يجعــل أمــام خيــار االســتقالل العديــد مــن التحديــات نذكــر منهــا مــا يلــي‪:‬‬
‫●أن شــروط االنتقــال بالحشــد مــن تنظيــم عســكري ثــوري إلــى مؤسســة‬
‫عســكرية احترافيــة مســتقلة‪ ،‬مــن الصعوبــة بمــكان تحقيقهــا‪ ،‬ذلــك ألن‬
‫األيديولوجيــة تعــد الدافــع المحــرك لــكل تصرفــات وســلوكيات عناصــر‬
‫الحشــد الشــعبي بمــا فيهــا قيادتــه‪ .‬وعليــه فــأن الســعي نحــو مأسســة الحشــد‬
‫الشــعبي ســوف يظهــر مقاومــة داخليــة للــروح االحترافيــة المؤسســاتية‪،‬‬
‫ســعيا للحفــاظ علــى الــروح الثوريــة‪ .‬وهــو أمــر متوقــع مــن التنظيمــات ذات‬
‫الســمات الثوريــة الن الحمــاس األيديولوجــي عــادة مــا يصــاب بالوهــن نتيجــة‬
‫للتحــول المؤسســاتي‪.‬‬

‫| ‪103‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫●إن مقاومــة الحشــد الشــعبي للــروح العســكرية االحترافيــة تتعــارض تعارض ـ ًا‬
‫صارخــ ًا مــع الجهــود العلنيــة لتحويــل الحشــد الشــعبي إلــى قــوة محترفــة‬
‫عســكرية ومــن ثــم غيــر مسيســة‪.‬‬
‫●وبينمــا تقضــي الــروح االحترافيــة العســكرية أن تبنــي القــوة المســلحة قرارتهــا‬
‫علــى عوامــل منطقيــة وبرجماتيــة وموضوعيــة بــدال مــن النــزوات العاطفيــة‬
‫أو األيديولوجيــة‪ ،‬غيــر أن األدلــة المتوافــرة والشــواهد الكثيــرة تشــير إن‬
‫الحشــد الشــعبي يعطــي األولويــة لأليديولوجيــة علــى الحســابات المنطقيــة‬
‫والبرغماتيــة‪ .‬حيــث تعانــي التشــكيالت القتاليــة فــي الحشــد الشــعبي مــن‬
‫جملــة مــن المشــاكل فــي هــذا المجــال‪ ،‬مــن بينهــا العجــز فــي توظيــف‬
‫وتنظيــم المــوارد التــي تمتلكهــا الدولــة فــي مواجهــة العــدو‪ ،‬عــاو ًة علــى‬
‫كيفيــة توظيــف التحالفــات المواجهــة لــذات العــدو‪ :‬كالتحالــف الدولــي ضــد‬
‫تنظيــم داعــش‪ ،‬وذلــك لدواعــي إيديولوجيــة وليســت برغماتيــة‪.‬‬
‫●ان التحــول إلــى قــوة عســكرية محترفــة يشــترط بــان تنــأى المؤسســة بنفســها‬
‫عــن الممارســات السياســية الداخليــة‪ ،‬وأن ال يســعى عناصرها نحو الســلطة‪،‬‬
‫وهــو امــر ال ينســجم مــع توجهــات الكثيــر مــن فصائــل الحشــد الشــعبي‪.‬‬
‫●مــن بيــن اهــم التحديــات التــي يوجههــا خيــار االســتقاللية هــي مســألة‬
‫التحــزب‪ ،‬فمــن المعــروف أن الحشــد الشــعبي يتكــون مــن عــدد غيــر قليــل‬
‫مــن الفصائــل المختلفــة أيديولوجيــا‪ ،‬وان تحويلــه إلــى مؤسســة مســتقلة بهــذه‬
‫الشــاكلة يجعــل التحــزب ينتقــل إلــى داخــل المؤسســة وهــو االمــر الــذي قــد‬
‫يســهل اســتغالل الزعمــاء الدينييــن أو السياســيين الدينييــن للفصائــل المنضوية‬
‫فــي إطــار الحشــد الشــعبي لممارســة النفــوذ والســيطرة‪.‬‬
‫●إن الــروح العســكرية االحترافيــة تعنــي ضمنيـ ًا أن القوة المســلحة تقبــل بالقيود‬
‫والضوابــط وتنصــاع ألوامــر القيــادات العليــا‪ ،‬وهــو أمــر ال ينســجم مــع الكثيــر‬
‫مــن فصائــل الحشــد الشــعبي‪ .‬فعلــى الرغــم مــن أن فصائــل الحشــد تدعــي‬
‫أنهــا تحــت ســلطة الحكومــة وتأتمــر بأمرهــا‪ ،‬إال أن الكثيــر منهــا فــي الواقــع‬
‫مســتقلة إلــى حــد كبيــر‪ ،‬وهنــاك الكثيــر مــن الفصائــل داخــل الحشــد الشــعبي‬
‫بســبب أيديولوجيتهــا ال تديــن بالــوالء للنظــام المدنــي فــي الســلطة‪.‬‬
‫وفــي ضــوء مــا تقــدم‪ ،‬أن توظيــف تجربــة الحشــد الشــعبي مــن خــال تحويلــه إلــى‬
‫قــوة عســكرية احترافيــة (علــى شــاكلة مؤسســة مســتقلة) تخــدم أهــداف األمــن الوطني‬
‫‪| 104‬‬
‫يبعشلا دشحلا‬

‫العراقــي مرهونــة بتجــاوز تلــك التحديــات‪ ،‬واالهــم مرهونــة بالتقيــد بالمعاييــر‬


‫المذكــورة أنف ـ ًا‪ ،‬أي (التماســك‪ /‬االحترافيــة‪ :‬وشــروطها) ذلــك بــان التقيــد بهذيــن‬
‫المعيارييــن ُيمكــن صانــع القــرار مــن تحويــل الحشــد الشــعبي مــن تنظيــم عســكري‬
‫ثــوري إلــى مؤسســة عســكرية محترفــة تخــدم أهــداف األمــن الوطنــي‪ ،‬وهــو األمــر‬
‫الــذي قــد يســهم فــي نجــاح خيــار اســتقاللية الحشــد الشــعبي‪.‬‬

‫‪ -2‬الخيار الثاني‪ :‬خيار دمج الحشد الشعبي في تشكيالت وزارة الدفاع‬


‫ان تطويــر تجربــة الحشــد الشــعبي بشــكل مؤسســي وتحويلهــا مــن تنظيم عســكري‬
‫ثــوري إلــى قــوة عســكرية احترافيــة قــد يواجــه العديــد مــن التحديــات كمــا أســلفنا‪.‬‬
‫وهــو مــا يجعــل أمــام صانــع القــرار خيــار االندمــاج خيــار ًا موضوعي ـ ًا‪ ،‬ليــس ألنــه‬
‫خيــار يســتوعب عناصــر الحشــد الشــعبي فــي المؤسســات الرســمية للدولــة‪ ،‬وأنمــا‬
‫للحيلولــة دون خلــق المزيــد مــن المؤسســات الموزايــة للدولة‪ ،‬أو باألحــرى للحيلولة‬
‫دون خلــق جهــاز أمنــي مــوازي للدولــة يتمســك بأيديولوجيــة ثوريــة (كالحالــة مــع‬
‫الحــرس الثــوري اإليرانــي الــذي رغــم تحقيقــه شــرط التماســك المؤسســاتي وعــدم‬
‫التحــزب‪ ،‬إال انــه يفتقــد للــروح االحترافيــة العســكرية مقارنــة بالــروح الثوريــة‪ ،‬فتــراه‬
‫يتدخــل بالسياســة الداخليــة والخارجيــة اإليرانيــة إلــى ابعــد الحــدود) ‪ ،‬الســيما وأن‬
‫الوضــع فــي العــراق يميــل باتجــاه الحاجــة إلــى الحفــاظ علــى احتــكار الحكومــة‬
‫للقــوة وليــس تشــتيتها‪.‬‬
‫وعليــه أن صعوبــة التقيــد بالشــروط المؤسســاتية لتطويــر تجربــة الحشــد الشــعبي‬
‫تنقلنــا إلــى خيــار دمــج الحشــد الشــعبي فــي منظومــة الدفــاع الوطنــي‪ ،‬كقــوة رادعــة‬
‫للتهديــدات الطارئــة‪ ،‬وهــو أمــر ينســجم مــع نمــوذج الحشــد الشــعبي الــذي يتوفــر فيــه‬
‫بعــض المالمــح الجذابــة التــي توفــر عنصــر الــردع‪ ،‬منهــا‪ :‬أوال‪ /‬ســرعة االســتجابة‬
‫فــي مواجهــة التهديــدات‪ ،‬وذلــك لقدرتــه علــى االتصــال بســرعة لطلــب االحتيــاط‬
‫والدعــم والمســاندة مــع وجــود المعنويــات العاليــة لوحداتــه وتشــكيالته‪ .‬ثانيــا‪/‬‬
‫أســلوب القيــادة الشــخصية (الكاريزميــة) بــإدارة ودعــم العمليــات‪ .‬إذ يقــوم أســلوب‬
‫القيــادة فــي الحشــد الشــعبي علــى أســاس الخصائــص الشــخصية ومســتوى الخبــرة‬
‫فــي المعركــة وهــو مــا يجــذب الشــباب العراقييــن الذيــن يبحثــون عــن قــدوات وليــس‬
‫بالضــرورة عــن قــادة يجــب أن يطاعــوا‪ ،‬وهــو مــا يعطــي للحشــد الشــعبي القــدرة علــى‬
‫زيــادة اصطفــاف قواتــه أثنــاء األزمــات والتهديــدات‪.‬‬
‫| ‪105‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫خيار االندماج ومهامه‪ :‬الحشد الشعبي بوصفه قوة مهاجمة ورادعة‬


‫بالتأســيس علــى االنتصــارات التــي حققهــا الحشــد الشــعبي ضــد تنظيــم داعــش‪،‬‬
‫اخــذ الحشــد الشــعبي يكتســي صيتــ ًا داخليــ ًا وخارجيــ ًا مفــاده‪ :‬أن مقاتلــة الحشــد‬
‫الشــعبي ليــس مجزيــ ًا‪ ،‬أي ان الخســارة ســتكون حتميــة عنــد مواجهــة الحشــد‬
‫الشــعبي‪ ،‬وهــو األمــر الــذي أوجــد حالــة مــن الــردع‪ ،‬يمكــن مــن خاللهــا تعزيــز هيبــة‬
‫المؤسســة العســكرية علــى ردع التهديــدات‪ ،‬ومــن ثــم تعزيــز القــدرة فــي ضمــان‬
‫األمــن الوطنــي عنــد مواجهــة التهديــدات اإلرهابيــة‪ .‬فبالمقارنــة مــع وزارة الداخليــة‪،‬‬
‫تخلــو وزارة الدفــاع مــن قــوة ردع داعمــة لقدراتهــا العســكرية‪ ،‬كالحالــة مــع جهــاز‬
‫مكافحــة اإلرهــاب الداعــم لعمليــات قــوى األمــن الداخلــي‪ .‬وهــو مــا يمكــن توظيفــه‬
‫مــن خــال الحشــد الشــعبي الــذي يحظــى بســمعة ردع عاليــة مقارنــة بتشــكيالت‬
‫القــوات المســلحة التابعــة لــوزارة الدفــاع‪.‬‬
‫إن االهتمــام بالكيفيــة التــي يمكــن مــن خاللهــا عمــل قــوات الحشــد الشــعبي‬
‫(كقــوة رادعــة) داخــل منظومــة الدفــاع الوطنــي هــي قضيــة ذات جــدل كبيــر نظــر ًا‬
‫لقــدرة الحشــد الشــعبي علــى القيــام بمهــام متعــددة أمنيــة ودفاعيــة‪ ،‬ومــع أن هــذه‬
‫المرونــة والتكيــف هــي ســمة إيجابيــة يمكــن توظيفهــا فــي األزمــات‪ ،‬إال انــه ينبغــي‬
‫األخــذ بعيــن االعتبــار إن الحشــد الشــعبي هــو قــوة استشــهادية‪ ،‬ممــا يعنــي إن الحشــد‬
‫الشــعبي يجــب أن يكلــف بمهــام هجوميــة‪ ،‬وبطريقــة مواجهــة تســتند إلــى عقيــدة‬
‫الضربــة األولــى الخاطفــة‪ ،‬وذلــك لعــدة أســباب‪:‬‬
‫أو ًال‪ /‬لبــث روح الذعــر واإلربــاك داخــل صفــوف العــدو (التنظيمــات االرهابيــة)‬
‫وهــو األمــر الــذي يســهل الحســم العســكري إذ نالحــظ فــي الكثيــر مــن العمليــات‬
‫العســكرية عندمــا يتولــى الحشــد الشــعبي عمليــة المبــادأة األولــى ترتفــع المعنويــات‬
‫العســكرية للقــوات المســلحة بالتقــدم إلــى األمــام‪.‬‬
‫ثانيــ ًا‪ /‬لزيــادة معنويــات القــوات التــي تنفــذ عملياتهــا بعــد الحشــد الشــعبي‬
‫وأعطائهــم قــوة الدفــع األولــى للمواجهــة‪.‬‬
‫وتحتــاج اســتراتيجية الضربــة األولــى الخاطفــة فــي العمليــات العســكرية إلــى‬
‫ثــاث متطلبــات‪ :‬أوال‪ /‬مجموعــة متحركــة (ســريعة االنتقــال) وكلمــا كانــت أصغــر‬
‫فهــي افضــل‪ .‬ثانيــا‪ /‬التنســيق الكامــل بيــن الوحــدات المختلفــة‪ .‬ثالثــا واالهــم‪/‬‬
‫القــدرة علــى إيصــال األوامــر بســرعة صعــود ًا ونــزوال ًعبــر سلســلة مرنــة فــي القيــادة‪.‬‬
‫وجميــع هــذه المتطلبــات متوفــرة اغلبهــا فــي تشــكيالت الحشــد الشــعبي‪.‬‬
‫‪| 106‬‬
‫يبعشلا دشحلا‬

‫الشــك أن مرحلــة مــا بعــد داعــش تحتــاج إلــى ســلم أهلــي ومبــادرة شــاملة للوئــام‬
‫اإلجتماعــي تســهم فيهــا جميــع األطــراف السياســية ومؤسســات المجتمــع المدنــي‬
‫وحتــى المؤسســة الدينيــة‪ ،‬بهــدف الوصــول إلــى إعــادة إعمــار وبنــاء ماهدمــه ودمــره‬
‫تنظيــم داعــش االرهابــي مــن بنــى تحتيــة وعالقــات اجتماعيــة وانســانية أثــرت فــي‬
‫النســيج االجتماعــي العراقــي‪.‬‬
‫إن قاعــدة بنــاء أي جيــش وطنــي يتولــى مســؤولية حمايــة أمــن واســتقرار العــراق‪.‬‬
‫وعلــى الرغــم مــن أن التوجهــات الحاليــة فــي تطويــر القــوات العراقيــة التعكــس‬
‫إتجاهـ ًا اســتراتيجي ًا واضحـ ًا إال أن أمــام المؤسســة العســكرية العراقيــة ثالثــة خيــارات‬
‫أو خطــط عمــل لتطويــر وإعــادة تنظيــم القــوات المســلحة‪ ،‬وهــي األكثــر قابليــة‬
‫للتطبيــق فــي المرحلــة الراهنــة‪- :‬‬
‫■بنــاء جيــش وقــوات جويــة متطــورة تســتطيع مواجهــة التحديــات الداخليــة‬
‫وقــادرة علــى مســك وحمايــة الحــدود وإعاقــة ومنــع تســلل االرهابييــن‬
‫عبرهــا‪.‬‬
‫■بنــاء جيــش يضــم أعــداد ًا كبيــرة مــن أنظمــة األســلحة الثقيلــة والمتطــورة‬
‫يكافــئ القــدرات التســليحية للــدول االقليميــة والمجــاورة‪ ،‬لضمــان ســيادة‬
‫العــراق وإعــادة الدولــة إلــى وضعهــا السياســي الــذي يتناســب مــع ماتحملــه‬
‫مــن إمكانيــات‪.‬‬
‫■مزيــج مــن الخياريــن األوليــن‪ ،‬أي بنــاء قــوات عســكرية قــادرة علــى مســاعدة‬
‫(أو‪ ،‬إذا لــزم األمــر‪ ،‬حلــول محــل) منظمــات تطبيــق القانــون فــي مواجهــة‬
‫عــدم االســتقرار المحلــي‪ ،‬مــع إظهــار الســيادة الوطنيــة وقــوة النظــام‬
‫للمواطنيــن العراقييــن‪.‬‬

‫التوصيات‬
‫إســتناد ًا لمــا ســبق مناقشــته مــن عوامــل وماإنبثــق عنهــا مــن مســالك محتملــة‬
‫أو خيــارات‪ ،‬وفــي ضــوء التهديــدات الداخليــة والخارجيــة‪ ،‬فانــه البــد مــن إعــادة‬
‫النظــر باالســتراتيجية العســكرية العراقيــة وبنــاء عقيــدة قتاليــة عراقيــة‪ ،‬بشــكل أكثــر‬
‫موضوعيــة متالفيــن األخطــاء واإلخفاقــات التــي وقعــت فــي الســابق ومســتفيدين مــن‬
‫دروس التجربــة التــي مــر بهــا العــراق فــي حربــه ضــد االرهــاب وخصوصـ ًا ضــد تنظيــم‬
‫داعــش االرهابــي وهــذا االمــر يتطلــب اآلتــي‪:‬‬
‫| ‪107‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪1.‬إعــادة النظــر فــي البنــاء المؤسســي للقــوات المســلحة العراقيــة عــن طريــق‬
‫إســتحضار مرتكــزات األمــن الوطنــي العراقــي‪ ،‬وإعــادة بنــاء مفاصلهــا‬
‫التنفيذيــة القــوات المســلحة الحاليــة (بمختلــف مســمياتها) وقواعدهــا الماديــة‬
‫التدريبيــة والتســليحية ونظــام معركتهــا‪ ،‬بعيــد ًا عــن المحاصصــة الطائفيــة‬
‫والعرقيــة علــى أن تحــدد المهــام والغايــات واألغــراض التــي مــن أجلهــا‬
‫شــكلت تلــك القــوات‪ ،‬وســاحة عملهــا وإرتباطهــا ضمــن سلســلة القيــادة‬
‫والســيطرة‪.‬‬
‫‪2.‬اســتصدار قانــون يحــدد صالحيــات القائــد العــام للقــوات المســلحة بمــا يتعلق‬
‫بــدوره فــي قيــادة القــوات المســلحة العراقيــة‪ ،‬فــي زمــن الســلم والحــرب‪،‬‬
‫إســتناد ًا لمــا ورد فــي المــادة (‪ )78‬مــن الدســتور العراقــي لســنة ‪.2005‬‬
‫‪3.‬تطويــر قيــادة العمليــات المشــتركة الــى (القيــادة العامــة للقــوات المســلحة)‬
‫حيــث أن الســيد رئيــس مجلــس الــوزراء هــو (القائــد العــام للقــوات‬
‫المســلحة) بحســب مــا ورد فــي المــادة (‪ )78‬مــن الدســتور العراقــي لســنة‬
‫‪ ،2005‬فــان صفتــه تنســحب علــى القيــادة (هيئــة ركــن القائــد) التــي يرأســها‬
‫أو التــي تســاعده وتقــدم لــه المشــورة فــي قيــادة القــوات المســلحة‪ .‬علــى أن‬
‫تمنــح بقانــون الصالحيــات الحقيقيــة الســتخدام وتوظيــف كافــة المــوارد‬
‫اللوجســتية المتيســرة لمواجهــة التحديــات والتهديــدات الداخليــة والخارجيــة‬
‫لألمــن الوطنــي العراقــي‪ ،‬فــي زمــن الســلم أو فــي زمــن الحــرب‪.‬‬
‫‪4.‬إعــادة النظــر بنــوع التســليح والتجهيــز المطلــوب وتحديــده وفــق متطلبــات‬
‫واقــع التحديــات الداخليــة والخارجيــة التــي يتعــرض لهــا األمــن الوطنــي‬
‫العراقــي‪ ،‬دون اإلعتمــاد علــى مصــدر تســليحي واحــد بــل تنويــع مصــادر‬
‫التســليح والتجهيــز والتدريــب أيض ـ ًا‪ ،‬وخصوص ـ ًا بالنســبة لتســليح القــوات‬
‫الجويــة والبحريــة والصنــف المــدرع‪.‬‬
‫‪5.‬إعــادة التفكيــر بإعــادة العمــل بنظــام الفيالــق ‪ CORPS‬فــي قيــادة الفــرق‬
‫‪ DIVISION‬واأللويــة ‪ BRIGADE‬لمــا يؤمنــه مــن مرونــة وســهولة‬
‫وامكانيــات دعــم لوجســتي فــي القيــادة والســيطرة علــى عمــل الفــرق‬
‫والتشــكيالت القتاليــة‪.‬‬
‫‪6.‬إعــادة دراســة مســارح العمليــات وتحديــد متطلبــات اعدادهــا وتجهيزهــا‬
‫بالشــكل الــذي ُيمكــن القــوات المســلحة العراقيــة مــن القيــام بتنفيــذ وأداء‬
‫‪| 108‬‬
‫يبعشلا دشحلا‬

‫مهامهــا وواجباتهــا بمــا يؤمــن لهــا درء األخطــار والتصــدي للتهديــدات‬


‫المعاديــة ويحقــق لهــا االنتصــار علــى العــدو‪ ،‬وتشــمل مــد الطــرق‪ ،‬بنــاء‬
‫الجســور‪ ،‬بنــاء المعســكرات والمطــارات‪ ،‬والقواعــد الجويــة والبحريــة وبنــاء‬
‫وتوزيــع مراكــز ومخــازن الدعــم اللوجســتي‪ ،‬بنــاء وتجهيــز وتحصيــن ونشــر‬
‫المخافــر الحدوديــة‪ . . .‬الــخ)‪.‬‬
‫‪7.‬إعــادة النظــر بتشــكيل إحتياطــي اســتراتيجي بمســتوى فرقــة مدرعــة وفرقــة‬
‫قــوات خاصــة‪ ،‬تكــون بإمــرة القائــد العــام للقــوات المســلحة لزجهــا فــي‬
‫مناطــق واتجاهــات التهديــدات الخطيــرة‪.‬‬
‫‪8.‬اجــراء حــوار فعــال وموضوعــي حــول وضــع ودور قــوات البيشــمركة فــي‬
‫اطــار مــا يســمى (منظومــة الدفــاع العراقيــة) ‪ ،‬واعــادة النظــر بأســلوب وكيفيــة‬
‫ربطهــا بنظــام معركــة وزارة الدفــاع العراقيــة تحقيقـ ًا بكونهــا جــزء مــن (منظومة‬
‫الدفــاع العراقيــة)‪.‬‬
‫‪9.‬التوســع بتشــكيل كتائــب ناقــات الدبابــات بمختلــف أنواعهــا لتأميــن المرونــة‬
‫وســرعة رد الفعــل فــي المنــاورة بالقطعــات المدرعــة واآلليــة‪.‬‬
‫ ‪10.‬اعــادة النظــر بمنظومــة إعــداد الضبــاط وضبــاط الصــف بشــكل أكثــر دقــة‬
‫ومهنيــة عــن طريــق الدقــة البالغــة فــي اإلنتقــاء علــى أســس أخالقيــة ووطنيــة‪،‬‬
‫وبمــا يعــزز الضبــط العســكري الصــارم فــي القــوات المســلحة العراقيــة‬
‫وكذلــك القيــم المهنيــة واالنســانية واالخالقيــة ومعالجــة حالــة الترهــل‬
‫بالرتــب الكبيــرة‪ .‬كمــا ينبغــي اإلهتمــام البالــغ بمناهــج وخطــط تدريــب‬
‫القــوات المســلحة بمختلــف صنوفهــا وفقــ ًا لمــا تفرضــه البيئــة مــن فــرص‬
‫وتهديــدات وتحديــات قائمــة‪.‬‬
‫ ‪11.‬إصــدار التشــريعات القانونيــة الخاصــة بحصــر الســاح المتوســط والثقيــل‬
‫بيــد الدولــة وحضــر التنظيمــات والتشــكيالت المســلحة التــي ليــس لهــا‬
‫إرتبــاط بالقيــادة العســكرية حمايــ ًة للســلم االهلــي والوئــام االجتماعــي‪.‬‬
‫ ‪12.‬زيــادة التخصيصــات الماليــة لتطويــر عمــل االســتخبارات واالســتطالع‬
‫وجمــع المعلومــات ورصــد تحــركات وفعاليــات الخاليــا االرهابيــة النائمــة‬
‫بمــا يؤمــن التخطيــط الســليم والناجــع لنجــاح العمليــات العســكرية‪ ،‬ولــدرء‬
‫خطــر هــذه الخاليــا والتنظيمــات االرهابيــة المتبقيــة فــي مرحلــة مــا بعــد‬
‫داعــش‪.‬‬
‫| ‪109‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫ ‪13.‬ضــرورة بنــاء القــوة العســكرية العراقيــة وفــق اســتراتيجية حديثــة تســتقطب‬


‫وتتفاعــل مــع مقومــات ثــورة المعلوماتيــة‪ ،‬وذلــك للحفــاظ علــى االمــن‬
‫الوطنــي العراقــي وحمايــة مقدراتــه وتحقيــق أهدافــه‪.‬‬
‫ ‪14.‬دعــم وتشــجيع الصناعــات الحربيــة بالشــكل الــذي يســد حاجــة القــوات‬
‫المســلحة العراقيــة واألجهــزة األمنيــة األخــرى مــن األســلحة واألعتــدة‬
‫والتجهيــزات الضروريــة لرفــع اإلســتعداد والقــدرات القتاليــة للقــوات‬
‫المســلحة‪.‬‬
‫ ‪15.‬اإلرتقــاء بعمــل الهندســة اآلليــة الكهربائيــة فــي القــوات المســلحة بحيــث‬
‫تأخــذ علــى عاتقهــا عمليــات الصيانــة والتصليــح واالدامــة لألســلحة‬
‫والمعــدات والتجهيــزات العســكرية بــد ًال مــن شــركات الصيانــة االجنبيــة التــي‬
‫يمكــن أن تســحب أو تتوقــف عــن عملهــا ألي ســبب كان سياســي أو مالــي‪.‬‬

‫‪| 110‬‬
‫األداء االمني لوزارة الداخلية العراقية‬
‫دراسة في معوقات ومقومات االداء‬

‫ترتبــط مهمــة األمــن الداخلــي بشــكل كبيــر بــاألداء الــذي تقــوم بــه وزارة الداخلية‪،‬‬
‫فعمليــات حفــظ النظــام واألمــن هــي مهمــة تؤديهــا وزارة الداخليــة بشــكل خــاص‪،‬‬
‫تعــد وزارة الداخليــة العراقيــة أحــد أهــم الــوزارات الســيادية مــن حيــث طبيعــة‬
‫االهــداف والمهــام التــي تؤديهــا فــي المجتمــع العراقــي‪ ،‬فهــي تهــدف للحفــاظ علــى‬
‫النظــام واألمــن العــام واآلداب العامــة‪ ،‬فضــ ًا عــن حمايــة األرواح والممتلــكات‬
‫وإدخــال األمــن والطمأنينــة فــي نفــوس المواطنيــن وبالتنســيق والتعــاون مــع الجهــات‬
‫ذات العالقــة‪.‬‬
‫إذ تحــرص وزارة الداخليــة علــى توفيــر األمــن واالســتقرار للمواطــن ولــكل مقيــم‬
‫داخــل أراضــي الدولــة العراقيــة علــى حــد ســواء‪ ،‬فهــي تســهر لتحقيــق هــذه الغايــة‬
‫الوطنيــة النبيلــة ايمان ـ ًا منهــا بــأن هــذه الغايــة ركيــزة أســاس لتحقيــق النمــو والتقــدم‬
‫للعــراق‪.‬‬
‫هــذه األهــداف والمهــام والمســؤوليات تســهم فــي طــرح تســاؤل هــام لــكل مهتــم‬
‫وباحــث فــي الشــؤون األمنيــة العراقيــة أال وهــو االداء االمنــي‪ ،‬إذ يعــد ســؤال االداء‬
‫االمنــي لــوزارة الداخليــة العراقيــة (منهجــ ًا‪ ،‬ووظيفــة‪ ،‬وكبنيــة) مــن أهــم األســئلة‬
‫التــي ينتظــر منهــا إجابــات موضوعيــة تســتند علــى مؤشــرات وحقائــق واقعيــة ضمــن‬
‫مجموعــة مــن المتغيــرات التــي شــهدتها المؤسســة االمنيــة العراقيــة منــذ ‪2003‬م‬
‫وإلــى وقــت قريــب‪.‬‬
‫إن جوانــب األداء االمنــي لــوزارة الداخليــة يتطلــب جهــد ًا عارفـ ًا بمتطلبــات البنيــة‬
‫االمنيــة العراقيــة وآليــات عمــل القطــاع االمنــي فيــه‪ ،‬فضــ ًا عــن الممكنــات التــي‬
‫تســهم فــي تطويــر ذلــك األداء‪ ،‬والمعوقــات التــي قــد تقــف حجــر عثــرة أمــام أي‬
‫جهــد وطنــي يســعى لتطويــر مؤسســة الداخليــة العراقيــة‪.‬‬
‫وفي هذه الورقة نسعى لالجابة على تلك التساؤالت وعبر أربعة محاور‪:‬‬

‫| ‪111‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫ً‬
‫أوال‪ :‬وزارة الداخلية العراقية بعد ‪2003‬م‪ :‬إطار عام‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬معوقات األداء االمني لوزارة الداخلية العراقية‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬مقومات األداء االمني لوزارة الداخلية العراقية‪.‬‬
‫رابع ًا‪ :‬وزارة الداخلية العراقية ومشروع ‪ ،2020‬ما العمل ؟‬

‫أو ًال‪ :‬وزارة الداخلية العراقية بعد ‪2003‬م‪ :‬أطار عام‬


‫تنطلــق وزارة الداخليــة العراقيــة فــي تنفيــذ سياســاتها األمنيــة مــن إســتراتيجية األمن‬
‫الوطنــي العراقــي‪ ،‬والتــي تؤمــن التوجهــات االســتراتيجية ألغــراض الحمايــة والدفــاع‬
‫عــن المصالــح الوطنيــة المتمثلــة فــي الجوانــب األمنيــة‪ ،‬السياســية‪ ،‬االقتصاديــة‪،‬‬
‫االجتماعيــة) ‪ ،‬فض ـ ًا عــن بنــاء مؤسســة الداخليــة بحرفيــة ومهنيــة تمثــل كل أبنــاء‬
‫الشــعب العراقــي‪ ،‬وتشــكيل قيــادة متطــورة لمواجهــة اإلرهــاب مــن حيــث الكــم‬
‫والنــوع والتدريــب والتســليح والتجهيــز المتطــور‪ ،‬والــذي مــن الممكــن أن يغطــي‬
‫مســاحة العــراق مــن الشــمال إلــى الجنــوب‪.‬‬
‫قامــت وزارة الداخليــة بجهــود كبيــرة فــي مجــال التوعيــة األمنيــة وكذلــك فــي‬
‫مجــال مكافحــة اإلرهــاب وفــق خطــة عمــل تركــز بدرجــة كبيــرة علــى توعيــة الشــباب‬
‫العراقــي مــن خطــر اإلنســياق وراء أفــكار الجماعــات اإلرهابيــة‪ ،‬وإيضــاح الجوانــب‬
‫الخطيــرة لفكــر تلــك الجماعــات عــن طريــق االســتعانة بالمتخصصيــن فــي وزارة‬
‫الداخليــة فــي مجــال مكافحــة اإلرهــاب عــن طريــق المشــاركة باللقــاءات التلفزيونيــة‬
‫واالذاعيــة وبرامــج التوعيــة التــي تقدمهــا الــوزارة‪ ،‬وتكثيــف المحاضــرات لرجــال‬
‫األمــن وطلبــة الجامعــات‪ ،‬ناهيــك عــن تشــجيعها للبحــوث العلميــة واتاحــة الفرصــة‬
‫لالكاديمييــن لتنــاول ظاهــرة اإلرهــاب مــن الجوانــب التحليليــة والعالجيــة والوقائيــة‪.‬‬
‫إن وزارة الداخلية العراقية تنطلق في عملها لتحقيق ثالثة أهداف جوهرية‪- :‬‬
‫‪ -١‬المحافظة على النظام واالمن العام‪.‬‬
‫‪ -2‬حمايــة أرواح المواطنيــن وحرياتهــم وممتلكاتهــم ومنــع الجرائــم اإلرهابيــة‬
‫والمنظمــة وضبطهــا‪.‬‬
‫‪ -3‬العمــل علــى تحقيــق تلــك األهــداف وفــق ضوابــط الدســتور والقوانيــن‬
‫العراقيــة النافــذة‪.‬‬
‫ومــن هــذا المنطلــق وضعــت الــوزارة خطــة عمــل اســتراتيجية لمكافحــة اإلرهــاب‬
‫كان أولهــا إعــادة النظــر بتشــكيالت الــوزارة وأعــادة تأهيلهــا مــن جديــد‪ ،‬إذ ُأعيــد‬
‫‪| 112‬‬
‫قارعلا ةيلخادلا ةرازول ينمالا ءادألا‬

‫تشــكيل الــوزارة بعــد احتــال العــراق فــي ‪2003/9/1/‬م‪ ،‬وتمــت دعــوة ضبــاط‬
‫وشــرطة األمــن الســابقين لإلتحــاق بدوائرهــم لحفــظ األمــن فــي العــراق‪ ،‬ومســاعدة‬
‫الــوزارة فــي وضــع رؤيــة اســتراتيجية للعمل األمنــي والتصــدي للســلوكيات اإلجرامية‬
‫ومكافحــة النشــاطات اإلرهابيــة التــي تفشــت بعــد ‪2003/4/9/‬م‪ ،‬وقامــت الــوزارة‬
‫بتشــكيل مديريــة مكافحــة اإلرهــاب والجريمــة المنظمــة التــي شــهد تشــكيلها ثــاث‬
‫مراحــل مهمــة‪:‬‬
‫‪1.‬بتاريــخ ‪2003/7/16‬م تأسســت مديريــة مكافحــة الجرائــم الكبــرى فــي‬
‫جانــب الكــرخ‪.‬‬
‫‪2.‬بتاريــخ ‪2006/1/11/‬م وبنــاء ًا علــى قــرار مجلــس وزراء الداخليــة العــرب‬
‫تــم تشــكيل مديريــة مكافحــة اإلرهــاب والجريمــة المنظمــة‪.‬‬
‫‪3.‬تــم دمــج المديريــة العامــة للتحقيقــات الجنائيــة ومديريــة مكافحــة اإلرهــاب‬
‫بأســم مديريــة مكافحــة اإلرهــاب والجريمــة المنظمــة تكــون مهمتهــا التحقيــق‬
‫فــي جميــع الجرائــم اإلرهابيــة والجرائــم المنظمــة وكشــفها والقبــض علــى‬
‫مرتكبيهــا وجمــع األدلــة ضدهــم‪ ،‬واحالتهــم إلــى المحاكــم وفــق ضوابــط‬
‫ومعاييــر حقــوق اإلنســان‪.‬‬
‫كمــا انشــأت وزارة الداخليــة العراقيــة المديريــة العامــة لالســتخبارات ســنة‬
‫(‪2006‬م) بســبب الحاجــة الماســة لهــا لدعــم وكالــة االســتخبارات والتحقيقــات‬
‫االتحاديــة التــي تعــد واحــدة مــن أهــم األجهــزة االمنيــة فــي الــوزارة وهدفهــا مكافحــة‬
‫التنظيمــات اإلرهابيــة وعصابــات الجريمــة المنظمــة والجماعــات الداعمــة لهــا‪ ،‬عــن‬
‫طريــق جمــع وتحليــل المعلومــات الخاصــة بنشــاطاتها وإصــدار األوامــر القضائيــة‬
‫الالزمــة بحقهــا وفــق القانــون مــع مراعــاة ضوابــط حقــوق اإلنســان التــي ينــص عليهــا‬
‫الدســتور العراقــي والقيــم العربيــة واإلســامية االصيلــة‪ ،‬ووضعــت هــذه الوكالــة‬
‫خــط ســاخن للتواصــل مــع المواطــن العراقــي وهــو (‪.)476‬‬
‫عالو ًة على ذلك أنشأت الوزارة مديريات عدة خاصة بمكافحة اإلرهاب‪:‬‬
‫‪1.‬مديريــة اســتخبارات الشــرطة االتحاديــة‪ ،‬والتــي تقــوم بمهمــة جمــع‬
‫المعلومــات االســتخبارية عــن الخاليــا اإلرهابيــة لغــرض تفكيكهــا والقضــاء‬
‫عليهــا‪ ،‬كمــا تقــوم بجمــع وتنظيــم وتبويــب المعلومــات االســتخبارية لغــرض‬
‫إضعــاف قــدرات التنظيمــات اإلرهابيــة‪ ،‬فضــ ًا عــن مراقبــة أنشــطة تلــك‬
‫التنظيمــات وعناصرهــا‪ ،‬وتحديــد مســتوى التهديــدات لألمــن الوطنــي‪ ،‬كمــا‬
‫| ‪113‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫تقــوم بالتنســيق والعمــل المشــترك مــع االجهــزة االســتخبارية واألمنيــة ذات‬


‫الصلــة بمكافحــة اإلرهــاب‪.‬‬
‫‪2.‬مديريــة األمــن السياســي واآلثــار‪ ،‬ومهمتهــا جمــع المعلومــات عــن الخاليــا‬
‫اإلرهابيــة والجريمــة المنظمــة التــي تقــوم بســرقة األثــار العراقيــة وتهريبهــا‪،‬‬
‫فضـ ًا عــن حمايــة بعثــات التنقيــب المحليــة والدوليــة ورفــع التجــاوزات التــي‬
‫تقــع علــى المواقــع االثريــة والتراثيــة وبالتنســيق مــع الجهــات ذات العالقــة‪.‬‬
‫تــم انشــاء هــذه المديريــة ســنة ‪2008‬م وتغييــر اســمها الــى مديريــة حمايــة‬
‫اآلثــار والتــراث وفــك إرتباطهــا مــن قيــادة قــوات الشــرطة االتحاديــة وربطهــا‬
‫يوكالــة الــوزارة لشــؤون الشــرطة ســنة ‪2010‬م‪.‬‬
‫‪3.‬دائــرة اســتخبارات شــرطة النفــط‪ ،‬وهــي الجهــة المســؤولة عــن إعــداد‬
‫الخــط المعلوماتيــة الكفيلــة لحمايــة المنشــأت النفطيــة العراقيــة والخروقــات‬
‫المحتملــة‪ ،‬واعــداد المواقــف والخالصــة االســتخبارية علــى ضــوء‬
‫المعلومــات المباشــرة‪ ،‬وقــد تــم تغييــر اســمها الــى المديريــة العامــة لشــرطة‬
‫الطاقــة والعمــل علــى تطبيــق قانــون (‪ )41‬لســنة ‪ 2008‬الخــاص بمكافحــة‬
‫تهريــب المنتجــات النفطيــة وضبــط العجــات المســتخدمة فــي عمليــات‬
‫التهريــب وكشــفت تفنــن عصابــات التهريــب واســتخدامها لطــرق دقيقــة‬
‫فــي االحتيــال وتحويــر العجــات وتزويــر مستمســكات التحميــل والتفريــغ‬
‫وإحالــة المهربيــن والمتالعبيــن بقــوت الشــعب الــى المحاكــم المختصــة‪.‬‬
‫‪4.‬دائــرة اســتخبارات الجامعــات والمعاهــد‪ ،‬التــي تتولــى تدقيــق المعلومــات‬
‫عــن األشــخاص العامليــن فــي الجامعــات والمعاهــد ضمــن جرائــم اإلرهــاب‬
‫والجريمــة المنظمــة‪.‬‬
‫‪5.‬دائــرة اســتخبارات الوافديــن‪ ،‬ومهمتهــا جمــع المعلومــات عــن الوافديــن‬
‫العــرب واألجانــب وتزويــد دائــرة األقامــة بهــا‪ ،‬ومتابعــة حركــة المشــبوهين‬
‫وإحالتهــم للجهــات المعنيــة‪.‬‬
‫‪6.‬دائــرة اســتخبارات قــوى األمــن الداخلــي‪ ،‬التــي تعمــل علــى تدقيــق وجمــع‬
‫المعلومــات عــن العامليــن فــي دوائــر األمــن الداخلــي فيمــا يخــص اإلرهــاب‬
‫والجريمــة المنظمــة وكل مــا يمــس بأمــن الدولــة‪.‬‬

‫‪| 114‬‬
‫قارعلا ةيلخادلا ةرازول ينمالا ءادألا‬

‫‪7.‬دائــرة اســتخبارات وزارة الصحــة‪ ،‬وتعمــل علــى تدقيــق المعلومــات عــن‬


‫العامليــن والمراجعيــن للدوائــر الصحيــة وتأميــن خطــوط اتصــال وتعــاون‬
‫لمكافحــة اإلرهــاب والجريمــة المنظمــة‪.‬‬
‫كمــا باشــرت وزارة الداخليــة العراقيــة بتطويــر عمــل شــرطة النجــدة بمــا يتالئــم مــع‬
‫متطلبــات مكافحــة اإلرهــاب‪ ،‬وقــد نجحــت الــوزارة فــي ذلك‪.‬‬
‫وفــي ســبيل تفعيــل الجهــد األمنــي إتبعــت وزارة الداخليــة اســتراتيجية اخــرى‬
‫لمكافحــة اإلرهــاب والتــي تتضمــن‪:‬‬
‫‪ -‬منــح مكافئــة لــكل مــن يدلــي بمعلومــات تــؤدي إلــى القــاء القبــض علــى‬
‫اإلرهابييــن‪.‬‬
‫‪ -‬معالجــة المصابييــن مــن منتســبي الــوزارة أثنــاء اداء مهامهــم الوطنيــة فــي مواجهة‬
‫التنظيمــات اإلرهابيــة المتطرفة‪.‬‬
‫‪ -‬وضــع قيــود مشــددة علــى صناعــة واســتيراد وحيــازة وتــداول األســلحة ووضــع‬
‫العقوبــات لمــن يخالــف ذلــك‪.‬‬
‫‪ -‬تعزيــز األجــراءات األمنيــة حــول المنشــأت الحكوميــة الحيويــة التــي مــن‬
‫الممكــن أن تكــون هدفــ ًا لإلرهابييــن‪.‬‬
‫‪ -‬انشــاء قواعــد بيانــات لجمــع وتحليــل المعلومــات الخاصــة بالعناصــر اإلرهابيــة‬
‫والمنظمــات اإلرهابيــة وبالتعــاون والتنســيق مــع الجهــات االمنيــة ذات العالقــة‪.‬‬
‫‪ -‬التنسيق مع الدول المجاورة وعقد اتفاقيات أمنية ثنائية لتبادل المعلومات‪.‬‬
‫‪ -‬صــرف رواتــب ومخصصــات لــذوي عوائــل شــهداء الداخليــة وتعييــن أحــد‬
‫أبنــاء الشــهداء فــي دوائــر ومؤسســات الدولــة‪.‬‬
‫‪ -‬إطــاق اســماء شــهداء الــوزارة مــن المنتســبين ممــن تصــدوا لإلرهــاب‬
‫واستشــهدوا فــي ســبيل الدفــاع عــن الوطــن علــى االحيــاء والمناطــق والشــوارع‬
‫والحدائــق العامــة تخليــد ًا لذكراهــم‪.‬‬
‫‪ -‬تعييــن متحــدث رســمي لــوزارة الداخليــة تكــون مهمتــه التواصــل مــع االعــام‬
‫والــرأي العــام العراقــي حــول مســتجدات الســاحة األمنيــة والخســائر التــي تتكبدهــا‬
‫المجموعــات اإلرهابيــة‪.‬‬
‫وفــي ظــل تنامــي الجريمــة بأنواعهــا المتعــددة كأحــد الســلبيات التــي أفرزهــا‬
‫االحتــال االمريكــي للعــراق كان الب ـ َد مــن إيجــاد وســائل مســاعدة إلســتباق تنفيــذ‬
‫الجرائــم ومواجهتهــا‪ ،‬وهــو ماســعت لتنفيــذه الــوزارة التــي اتبعــت اســلوب ًا أمنيـ ًا يجعل‬
‫| ‪115‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫مــن المواطــن العراقــي جــزء ًا حيويـ ًا مــن منظومــة األمــن الشــاملة التــي تتبعها الــوزارة‪،‬‬
‫ولتطبيــق أســس العدالــة االجتماعيــة‪ ،‬واســتجابة لتوصيــات واســتراتيجيات مجلــس‬
‫وزراء الداخليــة العــرب شــكلت وزارة الداخليــة العراقيــة جهــاز الشــرطة المجتمعيــة‬
‫ســنة (‪2008‬م) ليكــون وســيط ًا بيــن المؤسســة األمنيــة ومؤسســات وشــرائح المجتمــع‬
‫كافــة‪ ،‬إذ شــكل الجهــاز لخلــق التواصــل والتفاعــل مــع الشــرطة والمجتمــع‪ ،‬فضـ ًا‬
‫عــن أداء المهمــات األتيــة‪:‬‬
‫‪ -‬العمــل علــى تطويــر العمــل االجتماعــي اإلنســاني فــي جهــاز الشــرطة العراقيــة‬
‫ممــا يســهم فــي التقــارب بيــن المواطــن والشــرطة‪.‬‬
‫‪ -‬أشــراك أفــراد المجتمــع بــكل فئاتــه فــي تحقيــق األمــن المجتمعــي وإزالــة حاجــز‬
‫الخــوف بيــن المواطــن وعمــل الشــرطة‪.‬‬
‫‪ -‬تخفيــف العــبء عــن مراكــز الشــرطة عــن طريــق حــل الخالفــات التــي ال تحتــاج‬
‫الــى بالغات رســمية‪.‬‬
‫‪ -‬تقويــة التماســك المجتمعــي وحــل الخالفــات اإلســرية والعنــف اإلســري‪،‬‬
‫وحــاالت اهمــال تربيــة االطفــال والعنــف المدرســي‪.‬‬
‫‪ -‬التنســيق المســتمر مــع المجالــس البلديــة حــول الجوانــب األمنيــة فــي مناطقهم‪،‬‬
‫ومتابعــة اصحــاب المنــازل المؤجــرة والمحــات‪ ،‬فضــ ًا عــن متابعــة الســيارات‬
‫المتروكــة والمجهولــة واالبــاغ عنهــا‪.‬‬
‫‪ -‬تقديــم الدعــم النفســي لعوائــل االرهــاب وضحاياهــم ومعالجــة اآلثــار المترتبــة‬
‫عليهــا‪ ،‬ورصــد ظواهــر االتجــار بالبشــر والدعــارة والمخــدرات‪ ،‬والرقابــة علــى‬
‫الشــركات المشــبوهة التــي قــد تعــد مركــز ًا لتمويــل اإلرهــاب‪.‬‬
‫‪ -‬عقــد لقــاءات دوريــة تشــاورية مــع المواطنيــن وشــيوخ العشــائر ومؤسســات‬
‫المجتمــع المدنــي مــن أجــل حصــر المشــاكل االجتماعيــة ووضــع الحلــول الالزمــة‬
‫لهــا‪.‬‬
‫واتجهــت وزارة الداخليــة العراقيــة انســجام ًا مــع الظــروف األمنيــة التــي مــر بهــا‬
‫العــراق باالســتعانة بالشــرطيات العراقيــات ضمــن تشــكيالته عمومــ ًا والشــرطة‬
‫المجتمعيــة والســيما فــي ظــل تزايــد أعــداد األرامــل فــي العــراق جــراء االعمــال‬
‫اإلرهابيــة وارتفــاع حــاالت الطــاق المبكــر الســباب متعــددة‪ ،‬فضــ ًا عــن القيــام‬
‫بمهمــات التفتيــش فــي الحواجــز األمنيــة‪.‬‬

‫‪| 116‬‬
‫قارعلا ةيلخادلا ةرازول ينمالا ءادألا‬

‫إن التوصيــف العــام لــوزارة الداخليــة يســاعد فــي تقييــم الجهــد األمنــي وتحليــل‬
‫المعوقــات التــي مــن شــأنها أن تمنــع تنفيــذ البرامــج المكلفة بهــا تجاه أمــن المواطنين‪،‬‬
‫فضـ ًا عــن ضــرورة هــذا التوصيــف فــي قيــاس قــدرة المقومــات علــى تنفيــذ األهــداف‬
‫وماتتطلبــه مــن إجــراءات لدعــم األداء األمنــي لــوزارة الداخليــة‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬معوقات األداء األمني لوزارة الداخلية العراقية‬


‫أكــد البرنامــج الحكومــي للســيد عــادل عبــد المهــدي (‪)2020-2018‬‬
‫واســتراتيجية وزارة الداخليــة علــى اعطــاء األولويــة لألمــن كعامــل أســاس لتحقيــق‬
‫االســتقرار والتنميــة‪ ،‬والشــروع نحــو تقديــم وتنفيــد خارطــة التنميــة االقتصاديــة فــي‬
‫البلــد‪.‬‬
‫إال أن تلــك األولويــة المرتبطــة بمــدى تطــور األداء االمنــي للمؤسســات االمنيــة‬
‫العراقيــة واجهــت جملــة مــن المعوقــات‪ ،‬وهــي علــى إختــاف أشــكالها تشــكل‬
‫تحــدي صريــح ألداء أهــداف ومهــام ومســؤوليات وزارة الداخليــة‪ ،‬والتــي يمكــن أن‬
‫توجــز فــي‪:‬‬

‫‪ -1‬التدخل السياسي‬
‫اتســم المشــهد السياســي العراقــي باإلنخــراط السياســي المتزايــد فــي التدخــل‬
‫بعمــل وزارة الداخليــة‪ ،‬والــذي يؤثــر فــي عــدم االســتقاللية فــي صنــع القــرار االمنــي‬
‫ويضــر بجــودة األداء االمنــي ألجهــزة الــوزارة‪.‬‬
‫فالتدخــل السياســي يعــد أحــد المؤشــرات الخطــرة فــي إضعــاف المنظومــة األمنيــة‬
‫وتعريضهــا لالختــراق عبــر تســيس بعــض القيــادات األمنيــة وترشــيحها للمناصــب‪،‬‬
‫وهــذه القيــادات قــد تســتجيب الــى رغبــات وأجنــدات مراجعهــا السياســية التــي‬
‫رشــحتها بـ ً‬
‫ـدال مــن مراجعهــا المباشــرة فــي المؤسســة االمنيــة‪ ،‬والــذي قــد يفضــي الــى‬
‫تســريب معلومــات امنيــة خــارج المنظومــة المؤسســية االمنيــة وقــد تتجــاوز حــدود‬
‫الوطــن‪.‬‬
‫هــذا التدخــل السياســي قــد يصــل حتــى الــى اختيــار منصــب وزيــر الداخليــة‪ ،‬إذ‬
‫أن منصــب وزيــر الداخليــة كان والــى وقــت قريــب مثــار جــدل كبيــر ولمــدة طويلــة‬
‫وخاضــع لمشــادات وتجاذبــات سياســية ووفــق رؤى خاصــة ضيقــة محكومــة‬
‫بالمصالــح الحزبيــة‪ ،‬ومدعومــة برؤيــة وتصريحــات سياســية متشــنجة تســهم فــي‬
‫| ‪117‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫االضــرار بالجهــد األمنــي المتحقــق‪ ،‬فــي حيــن مــن المفتــرض أن يوصــل الفرقــاء‬
‫السياســيين رســائل أمــان وطمانينــة والتعاطــي مــع موضــوع إختيــار وزيــر الداخليــة‬
‫بعيــد ًا عــن المحاصصــة الحزبيــة وشــخصنة المنصــب‪ ،‬والعمــل وفــق أليــات الفضــاء‬
‫الوطنــي والكفــاءة المهنيــة فــي االختيــار‪.‬‬
‫فالسياســة االمنيــة الرشــيدة هــي تلــك السياســة التــي تنطلــق مــن رؤيــة واضحــة‬
‫لصنــاع القــرار وتصــاغ وفــق قواعــد صحيحــة ومقبولــة‪ ،‬إال أن الواقــع يشــير أن الحــل‬
‫السياســي المحاصصاتــي فــي اختيــار بعــض القيــادات االمنيــة قــد ينتــج عنــه حلــول‬
‫أمنيــة محاصصاتيــة وخلــق قناعــة مجتمعيــة وسياســية بــان الــوزارات قــد حســم أمرهــا‬
‫بــأن تكــون الدفــاع لمكــون والداخليــة لمكــون آخــر‪.‬‬
‫هــذه الحلــول السياســية مــن الناحيــة اإلســتراتيجية يفتــرض أن التســتقر فــي البنيــة‬
‫السياســية العراقيــة (فكــر ًا‪ ،‬منهجـ ًا‪ ،‬ســلوك ًا) رغــم أنهــا تتجــدد فــي كل دورة انتخابيــة‬
‫بصــور خالفــات سياســية حــول مــن يديــر وزارة الداخليــة أو بقيــة الــوزارات وألســباب‬
‫سياســية غيــر مفهومــة أحيانــ ًا والتــي تســهم فــي زعزعــة األمــن الداخلــي وفقــدان‬
‫الكثيــر مــن مقومــات االمــن واالســتقرار‪.‬‬
‫يصــل التدخــل السياســي أحيانـ ًا الــى مســتوى تعييــن االفــراد فــي المؤسســة األمنيــة‬
‫بصــورة عامــة ووزارة الداخليــة علــى وجــه الخصــوص‪ ،‬األمــر الــذي قــد يولــد ضغــط‬
‫علــى المنتســب مــن حيــث تلبيــة طموحاتــه وتحديــد الــوالء للفئــة السياســية التــي‬
‫رشــحته للتعييــن‪.‬‬
‫إن إنعــدام الثقــة بيــن االطــراف السياســية فــي االتفــاق علــى مــن يشــغل منصــب‬
‫وزارة الداخليــة وإدارة شــؤونها هــي حالــة حاضــرة فــي المشــهد السياســي العراقــي‬
‫وفــي كل دورة انتخابيــة‪ ،‬فــي ظــل تعــدد الخطابــات السياســية التــي تعكــس المرجعيــة‬
‫السياســية للكيــان السياســي ال المرجعيــة القانونيــة والمهنيــة‪ ،‬والــذي بــدوره ينعكــس‬
‫ســلب ًا فــي تأخيــر تشــكيل الحكومــة كاملــة عقــب كل انتخابــات والتــي دأب اإلرهابيون‬
‫علــى اســتغاللها لشــن اكبــر قــدر ممكــن مــن الهجمــات اإلرهابيــة ومــن ثــم اإلســهام‬
‫فــي تراجــع األداء األمنــي لــوزارة الداخليــة‪.‬‬
‫أن تأثيــر نظــام المحاصصــة فــي توزيــع المناصــب األمنيــة يؤثــر فــي األداء العــام‬
‫لــوزارة الداخليــة والتــي وصلــت ذروتهــا فــي ســقوط الموصــل ســنة (‪2014‬م) ‪ ،‬إذ‬
‫اســهمت المحاصصــة فــي إعتمــاد الكــم علــى حســاب النــوع فــي االنتســاب للداخليــة‬

‫‪| 118‬‬
‫قارعلا ةيلخادلا ةرازول ينمالا ءادألا‬

‫والــذي أدى الــى إنتشــار الترهــل الوظيفــي والتبذيــر فــي المــوارد وحصــول إختــال‬
‫واضــح فــي التــوازن بيــن الرتــب‪.‬‬
‫إن تطويــر األداء األمنــي لــوزارة الداخليــة يمكــن أن يتحقــق ويصــل لمســتوى‬
‫االنتصــار االســتراتيجي فــي حــال تــم ايقــاف التدخــات السياســية فــي عمل الــوزارة‪،‬‬
‫والتــي تعــد ضمــان أمــن واســتقالل للمؤسســة وللبــاد عموم ـ ًا‪.‬‬

‫‪ -2‬مراكز الشرطة‬
‫تعــد مراكــز الشــراطة العراقيــة بمثابــة ذراع لــوزارة الداخليــة فــي الرقابــة الدائمــة‬
‫والمســتمرة علــى الســلوك العــام واآلداب العامــة فــي المجتمــع‪ ،‬فهــي مكلفــة مــن‬
‫قبــل المجتمــع للمحافظــة علــى النظــام واالمــن العــام وحمايــة االرواح والممتلكات‪،‬‬
‫فض ـ ًا عــن منــع الجريمــة وضبطهــا‪.‬‬
‫أن مركــز الشــرطة العراقــي عبــارة عــن مؤسســة امنيــة ينــاط إليهــا القيــام بواجبــات‬
‫أمنيــة تكفــل انســيابية وحركــة المواطنيــن مــن دون خــوف أو قلــق‪ ،‬إذ شــهدت هــذه‬
‫المؤسســة ومنــذ ‪2003‬م مجموعــة مــن التغيــرات مــن حيــث التوزيــع والعــدد والمهــام‬
‫وهــي‪:‬‬
‫‪ -‬مــع دخــول القــوات االمريكيــة والقــوات المتحالفــة معهــا الــى العــراق شــهدت‬
‫مراكــز الشــرطة إعــادة هيكلــة وتنظيــم‪ ،‬إذ قســمت بغــداد علــى ســبيل المثــال إلــى‬
‫تســعة قواطــع وبواقــع (‪ )52‬مركــز شــرطة عــام ‪2003‬م‪.‬‬
‫‪ -‬مــن ‪2004‬م‪2006-‬م‪ ،‬إهتمــت وزارة الداخليــة العراقيــة بإنشــاء أفــواج قتاليــة‪،‬‬
‫أمــا مراكــز الشــرطة فكانــت تــدار مــن قبــل الشــرطة العســكرية االمريكيــة‪ ،‬إذ تعرضــت‬
‫خــال تلــك المــدة مراكــز الشــرطة الــى العديــد مــن الهجمــات االرهابيــة االنتحاريــة‬
‫بالســيارات المفخخــة‪.‬‬
‫‪ -‬فــي عــام ‪2007‬م تــم تشــكيل قيــادة عمليــات بغــداد لتوحيــد القيــادة‪ ،‬إال انهــا‬
‫بعثــرت عمــل مراكــز الشــرطة وقيدتهــا للظــروف االمنيــة الحساســة التــي شــهدها‬
‫العــراق فــي تلــك المــدة‪.‬‬
‫‪ -‬فــي عــام ‪2009‬م قامــت وزارة الداخليــة بتوســيع وإســتحداث مراكــز الشــرطة‬
‫بواقــع (‪ )92‬مركــز فــي بغــداد لكــن مــن دون دراســة جــدوى حــول التوســيع‪.‬‬

‫| ‪119‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪ -‬منــذ عــام ‪2010‬م أخــذ عمــل ادارات مراكــز الشــرطة بالتداخــل مــع الجهــات‬
‫األمنيــة األخــرى مــن دون أن تســودها مرجعيــة عمــل واحــدة (اســتخبارات الداخليــة‪،‬‬
‫مكافحــة االجــرام‪ ،‬جهــاز االمــن الوطنــي‪ ،‬ادارات المراكــز)‪.‬‬
‫هــذا االمــر يظهــر أن هنالــك إنفراديــة فــي العمــل والمهــام‪ ،‬وكل جهــة تعمــل‬
‫بمعــزل عــن األخــرى ممــا يــؤدي الــى ضيــاع الجهــود وتشــتيت األداء األمنــي‬
‫المطلــوب‪ ،‬لكــن الحــال تغيــر بعــد ‪2016‬م والــذي ســيتم الحديــث عنــه بنــوع مــن‬
‫التفصيــل الحقــ ًا‪.‬‬
‫فــي الواقــع أن أحــد تحديــات األداء األمنــي لمراكــز الشــرطة العراقيــة هــو مــا يتعلــق‬
‫باحتــرام حقــوق اإلنســان بالنســبة للموقــوف وعــدم االســاءة اليــه أو ضربــه‪ ،‬فاحتــرام‬
‫حقــوق الموقــوف هــو توجــه أســاس أكــد عليــه رئيــس الــوزراء ووزيــر الداخليــة‬
‫وعــده منهــج أســاس فــي العمــل داخــل مراكــز الشــرطة ســواء فــي حــاالت التوقيــف‪،‬‬
‫التحقيــق‪ ،‬المســاواة فــي المعاملــة دون تجــاوزات‪ ،‬التفتيــش‪ ،‬منــع التعذيــب لنيــل‬
‫االعترافــات‪ ،‬وهــذه الحــاالت ال تعــد بتاتـ ًا تعبيــر ًا عــن التســاهل مــع الجريمــة بقــدر ما‬
‫هــي حــق كفلــه القانــون والدســتور والعــرف العــام‪.‬‬
‫وعلــى الرغــم مــن ذلــك تحــدث مــن حيــن آلخــر حــاالت تعذيــب فــي بعــض‬
‫مراكــز الشــرطة للموقوفيــن لنيــل االعترافــات بصــورة غيــر قانونيــة وهــي حــاالت‬
‫فرديــة يمارســها ضبــاط وعناصــر يعملــون فــي بعــض مراكــز الشــرطة ممــن ال يلتزمــون‬
‫بقواعــد التحقيــق الصحيــح واإلرشــادات التوجيهيــة التــي ســبق أن أصدرتهــا وأكــدت‬
‫عليهــا وزارة الداخليــة العراقيــة بهــذا الصــدد‪.‬‬
‫المشــكلة هنــا تكمــن فــي دور اإلعــام المتصيــد لهكــذا حــاالت والعمــل علــى‬
‫تعميمهــا كظاهــرة ســائدة مســلم بهــا فــي أجهــزة الداخليــة‪ ،‬وال يخفــى علــى أحــد‬
‫مــا يعنيــه هــذا فــي شــيوع ثقافــة الخــوف مــن مركــز الشــرطة المرتكــز علــى التعذيــب‬
‫والقمــع والســيطرة االجتماعيــة‪ ،‬ومــن ثــم إبتعــاد المواطــن عــن التفاعــل والتواصــل‬
‫مــع مراكــز الشــرطة والــذي بــدوره يســهم فــي تراجــع كبيــر فــي األداء االمنــي لتلــك‬
‫المراكــز‪.‬‬
‫وبالتزامــن مــع ذلــك نجــد أن إنتشــار الفســاد بــدوره يعــد أحــد معوقــات األداء‬
‫األمنــي لمراكــز الشــرطة ويســهل مــن مهــة اختراقهــا مــن قبــل االرهابييــن وعناصــر‬
‫الجريمــة المنظمــة‪ ،‬إذ اكــد الوكيــل االداري االقــدم لــوزارة الداخليــة الدكتــور (عقيــل‬
‫الخزعلــي) فــي اذار (‪2019‬م) بــأن الفســاد مستشــري فــي أغلــب مراكــز الشــرطة‬
‫‪| 120‬‬
‫قارعلا ةيلخادلا ةرازول ينمالا ءادألا‬

‫وإن الــوزارة تعمــل علــى إعــادة تقييــم علــى تلــك المراكــز وإختيــار األفضــل بينهــا‬
‫ومحاســبة المفســدين‪ ،‬فض ـ ًا عــن تعمــد البعــض مــن المنتســبين تاخيــر معامــات‬
‫المواطنيــن بهــدف الضغــط عليهــم وإنجازهــا عبــر طــرق غيــر مشــروعة‪ ،‬ممــا يولــد‬
‫إنطبــاع ســيء عــن أداء الــوزارة بشــكل عــام ومراكــز الشــرطة بشــكل خــاص‪ ،‬والــذي‬
‫قــد يــؤدي بالمواطنيــن الــى توجههــم الــى جهــات اخــرى غيــر نظاميــة لحــل مشــاكلهم‬
‫بعيــد ًا عــن مراكــز الشــرطة ممــا يشــكل تراجــع كبيــر فــي المهــام واألداء األمنــي‬
‫المفتــرض تقديمــه مــن قبــل تلــك المراكــز‪.‬‬
‫أضــف إلــى ذلــك وجــود ظاهــرة المنتســبين الوهمييــن فــي بعــض مراكــز الشــرطة‬
‫وقواطــع النجــدة والتــي ســبق أن كشــفت عنهــا تقاريــر مكتــب المفتــش العــام لــوزارة‬
‫الداخليــة عبــر التدقيــق بســجالت الحضــور‪ ،‬والــذي يضــاف إليــه وجــود أعــداد‬
‫ليســت بالقليلــة فــي مراكــز الشــرطة غيــر مؤهلــة بدني ـ ًا ألداء المهــام األمنيــة‪.‬‬

‫‪ -3‬األمن الوظيفي‬
‫يقصــد باألمــن الوظيفــي هــو إحســاس المنتســب لــوزارة الداخليــة باألمــن الوظيفي‬
‫عنــد أداء واجبــه الوظيفــي علــى أكمــل وجــه‪ ،‬إذ يســهم االحســاس باألمــن الوظيفــي‬
‫فــي زيــادة كفــاءة المهــام الموكلــة لمنتســب الداخليــة وبفعاليــة عاليــة‪ ،‬وبالتالــي تــزداد‬
‫درجــة وكفــاءة وفعاليــة المؤسســة التــي ينتمــي إليهــا‪.‬‬
‫فاألمــن الوظيفــي لعناصــر وزارة الداخليــة يكمــن فــي درجــة الرضــا عــن النفــس‬
‫فــي أداء المهــام والواجبــات الموكلــة إليهــم بموجــب األنظمــة والتعليمــات المعمــول‬
‫بهــا فــي الــوزارة‪ ،‬ونقصــد هنــا الرضــا بالنفــس شــعور المنتســب بنــدرة تعرضــه للخطر‬
‫والتهديــد والقلــق جــراء تنفيــذه الحــكام القانــون‪.‬‬
‫وبقــدر تعلــق االمــر بــاألداء األمنــي ‪-‬نقولهــا وبحســرة‪ -‬أن تحديــات االمــن‬
‫الوظيفــي متواجــدة فــي حــاالت معينــة فــي العــراق ويعانــي منهــا بعــض منتســبي وزارة‬
‫الداخليــة جــراء ظــروف معينــة‪ ،‬وفــي الحــاالت‪:‬‬
‫‪ -‬تعــرض المنتســب للفصــل العشــائري والمالحقــة مــن قبــل عشــيرة مــا نتيجــة‬
‫إلعتقــال متهــم ينتمــي إليهــا مــن قبــل المنتســب‪ ،‬وهــي حالــة تكــررت ألكثــر مــن مــرة‬
‫دون أن تجــد لهــا رادع قــوي رغــم وجــود قوانيــن تقــف لصالــح عنصــر االمــن فــي‬
‫هكــذا ظــروف وحــاالت‪ .‬إذ نجــد حمايــة عشــائرية قبليــة لبعــض أبنائهــا المخالفيــن‬
‫للقانــون‪ ،‬وتراجــع ذلــك بالنســبة للمنتســب وظيفي ـ ًا‪.‬‬
‫| ‪121‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪ -‬تعــرض المنتســب لعقوبــة فــي حــال تنفيــذه للقانــون ضد مســؤول كبيــر بالدولة‪،‬‬
‫وســبق أن شــهدنا هكــذا حــاالت ضــد بعض المنتســبين فــي مديريــة المرور‪.‬‬
‫‪ -‬تعــرض بعــض منتســبي الداخليــة الصابــات بالغــة جــراء تنفيذهــم للواجبــات‬
‫األمنيــة وشــعورهم بتاخــر الدعــم المؤسســي لهــم فــي العــاج أو التعويــض أو نيــل‬
‫المســتحقات‪.‬‬
‫إن خطــورة هــذه النمــاذج المشــار اليهــا يكمــن فــي أن تراجــع األمــن الوظيفــي‬
‫يســهم فــي تراجــع العمــل االمنــي لعنصــر االمــن فــي الداخليــة ومــن حيــث‪:‬‬
‫●كمية العمل المنجز‪.‬‬
‫●جودة العمل المنجز‪.‬‬
‫●دقة االنجاز‪.‬‬
‫●مدى المعرفة بالعمل‪.‬‬
‫●كفاءة األداء بشكل عام‪.‬‬

‫‪ -3‬الفساد المالي واالداري‬


‫إن ظاهــرة إنتشــار الفســاد المالــي واإلداري تعــد المؤشــر األبــرز فــي تفســير‬
‫األوضــاع المؤلمــة والمرعبــة التــي عاشــها العــراق كدولــة ومجتمــع ومؤسســات‪،‬‬
‫والتــي خلقــت فجــوة كبيــرة عــن مواكبــة التقــدم والتطــور الــذي كان سيشــهده العــراق‬
‫جــراء التغييــر السياســي‪ .‬إذ أن قيــم الفســاد واستشــراءه أصبــح مؤشــر قــوي ودليــل‬
‫واضــح فــي ســيطرة الفســاد علــى خلــق بيئــة ال تســمح لتحقيق االصــاح واالســتقرار‪،‬‬
‫والعمــل علــى ديمومــة الوضــع المغــذي للفســاد‪.‬‬
‫تكمــن المشــكلة فــي أن موضــوع الفســاد داخــل األجهــزة األمنيــة يعــد موضــوع‬
‫حســاس وخطــر جــد ًا‪ ،‬ومــن الممكــن التأشــير علــى بعض صــوره ومالمحــه ورصدها‬
‫فــي حيــز الواقــع العملــي‪ ،‬لكــن بعــض صــوره ومظاهــره تحيطهــا الســرية واليمكــن‬
‫كشــفها أو علــى األقــل تقديرهــا‪ ،‬ممــا خلــق مشــكلة فــي إحتــواء الحالــة بصــورة‬
‫كاملــة‪.‬‬
‫فالفســاد داخــل األجهــزة االمنيــة يعــد عامــل رئيــس فــي حصــول الخروقــات‬
‫االمنيــة ومفســر حاســم لمــا حصــل فــي الموصــل‪ ،‬واألمــر اليتوقــف عنــد هــذا‬
‫الحــد‪ ،‬فالفســاد ومنــذ عــام ‪2003‬م إتخــذ صــور عــدة داخــل وزارة الداخليــة‪ ،‬إذ‬
‫أشــار المفتــش العــام لــوزارة الداخليــة الســابق (نــوري النــوري) أن هنالــك خروقــات‬
‫‪| 122‬‬
‫قارعلا ةيلخادلا ةرازول ينمالا ءادألا‬

‫كبيــرة حدثــت داخــل وزارة الداخليــة والســيما فــي ملــف التدريــب والتعيينــات‪ ،‬فعلى‬
‫صعيــد التدريــب لــم يكــن بإمــكان الشــرطة العراقيــة أن تضبــط األســلحة فــي الشــارع‬
‫وكيفيــة التعامــل معهــا‪ ،‬وأن وظيفــة البعــض منهــم إنحســرت علــى تنظيــم ســير المرور‬
‫ـوال لهــا أن‬‫فقــط‪ ،‬فض ـ ًا عــن أن دوريــات الشــرطة فــي بــادىء األمــر لــم يكــن مخـ ً‬
‫تطلــق النــار لمواجهــة الجريمــة المنظمــة‪ ،‬أمــا علــى صعيــد التعيينــات فــكان يتــم وفــق‬
‫مبالــغ نقديــة كبيــرة ممــا ســهل مــن أختــراق الــوزارة مــن لــدن اإلرهابييــن‪ ،‬فضـ ًا عــن‬
‫منــح رتــب عاليــة ألشــخاص ال يجيــدون القــراءة أو الكتابــة‪ ،‬وهــذا األمــر أضــر كثيــر ًا‬
‫فــي جهــود الداخليــة فــي تحقيــق األداء األمنــي المطلــوب فــي مكافحــة اإلرهــاب‪،‬‬
‫ممــا ألــزم الداخليــة إلــى إعتمــاد تقنيــة التقديــم األلكترونــي للتعينــات لمحاربــة الفســاد‬
‫والمحســوبية ومنــع تســلل اإلرهابييــن داخــل الــوزارة واجهزتهــا المختلفــة‪.‬‬
‫كمــا شــهدت الــوزارة كذلــك ظاهــرة المنتســبين الوهمييــن والتــي خصــص لهــم‬
‫مالييــن الدنانيــر‪ ،‬فض ـ ًا عــن وجــود منتســبين فــي الــوزارة مارســت اإلبتــزار بحــق‬
‫المواطنيــن العراقييــن بإســم القانــون‪ ،‬ممــا أدى إلــى ضعــف ثقــة المواطــن بــأداء‬
‫الــوزارة وتراجــع دورهــا األمنــي فــي مكافحــة اإلرهــاب‪ .‬ودعــم هــذا الــكالم تقريــر‬
‫ديــوان الرقابــة الماليــة عــن وجــود حــاالت تزويــر لبعــض منتســبي الــوزارة والتــي‬
‫بموجبهــا تــم تعيينهــم‪.‬‬
‫أمــا علــى صعيــد التســليح فقــد شــرعت وزارة الداخليــة بتســليح عناصرهــا‬
‫بأســلحة حديثــة ومتطــورة ومــن مناشــئ عالميــة فــي ســبيل التصــدي وبكفــاءة‬
‫للتنظيمــات اإلرهابيــة ولعناصــر الجريمــة المنظمــة وتجــار المخــدرات‪ ،‬إال أن بعــض‬
‫عقــود التســليح تلــك تخللهــا شــبهات فســاد والمتعلقــة فــي عقــود التجهيــز والمعــدات‬
‫الخاصــة بمكافحــة اإلرهــاب‪ ،‬فعلــى ســبيل المثــال قامــت وزارة الداخليــة بشــراء‬
‫أجهــزة لكشــف المتفجــرات (‪ )Bomb Detector‬والــذي أســتوردت ُه الــوزارة مــن‬
‫شــركة بريطانيــة مرخصــة متخصصــة باألســلحة وهــي شــركة (‪ )ATCS‬البريطانيــة‪،‬‬
‫والــذي تبيــن فيمــا بعــد عــدم صالحيتــه في كشــف المتفجــرات والــذي ذهــب ضحيتها‬
‫المئــات مــن العراقييــن األبريــاء‪ ،‬إذ أســتوردت الــوزارة عــدد كبيــر مــن هــذا الجهــاز‬
‫وبلــغ ســعر الواحــد منهــا (‪ )60‬الــف دوالر‪ ،‬فــي حيــن أن الجهــاز يبــاع فــي بريطانيــا‬
‫بمبلــغ (‪ )40‬دوالر فقــط‪ ،‬وأنفقــت عليــه الحكومــة العراقيــة مبلــغ (‪ )85‬مليــون‬
‫دوالر‪ ،‬مــن دون أن يعــود بــأي فائــدة تذكــر فــي مكافحــة اإلرهــاب‪ ،‬ممــا حــدى‬
‫بمحكمــة (أولــد ريبلــي) البريطانيــة إلــى أن تصــدر حكم ـ ًا يقضــي بســجن البريطانــي‬
‫| ‪123‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫(جميــس ماكورمــك) صاحــب الشــركة المــوردة للســاح لمــدة (‪ 10‬ســنوات) بتاريــخ‬


‫‪/2‬آيــار‪2013/‬م‪ ،‬مــن دون أن يقابلهــا تحقيــق مماثــل فــي الجانــب العراقــي‪.‬‬
‫كمــا شــهدت الــوزارة صفقــة فســاد أشــار لهــا وزيــر الداخليــة األســبق (محمــد‬
‫ســالم الغبــان) عــن وجــود صفقــة تجهيــز الــوزارة بــدروع محليــة الصنــع وعددهــا‬
‫(‪ )100‬ألــف درع لدعــم جهــود الحشــد الشــعبي فــي مكافحــة اإلرهــاب والتــي تــم‬
‫تجهيزهــا مــن قبــل وزارة الصناعــة والمعــادن العراقيــة‪ ،‬إذ تبيــن وجــود فســاد مالــي‬
‫فيهــا‪ ،‬إذ بيــع الــدرع الواحــد للــوزارة بمبلــغ (‪ )250‬ألــف دينــار‪ ،‬فــي حيــن أن ســعره‬
‫الحقيقــي ال يتجــاوز (‪ )25‬ألــف دينــار‪ ،‬وبعــد الفحــص الفنــي تبيــن أن الــدروع غيــر‬
‫مطابقــة للمواصفــات العالميــة وان (‪ )5000‬درع فقــط صالــح لالســتعمال‪ ،‬فض ـ ًا‬
‫عــن أن هــذا الــدرع عبــارة عــن قطعــة حديديــة مغلفــة بقمــاش يمكــن إختراقــه بســهولة‬
‫مايعــرض قــوات األمــن العراقيــة لخطــر حقيقــي فــي الجبهــة‪ ،‬وأشــار الوزيــر أنـ ُه قــدم‬
‫ملــف هــذه القضيــة للقضــاء العراقــي وهيئــة النزاهــة العراقيــة إلتخــاذ مــا يلــزم علــى‬
‫الرغــم مــن الضغــوط التــي تعــرض لهــا مــن لــدن مســؤولين عراقييــن متنفذيــن‪.‬‬
‫ومــن ناحيــة أخــرى قــدم لنــا تقريــر الرقابــة الماليــة معــوق آخــر تعانــي منــه وزارة‬
‫الداخليــة‪ ،‬إذ بيــن التقريــر أن الــوزارة تفتقــر إلــى وجــود مديريــات تضــع مؤشــرات‬
‫ومعاييــر لقيــاس عمــل واداء الــوزارة‪ ،‬فضـ ًا عــن أن وزارة الداخليــة ال تمتلــك خطــط‬
‫عمــل ســنوية لمراقبــة عمــل وتدقيــق أنشــطة التشــكيالت العســكرية التابعــة لهــا بيــن مــا‬
‫هــو مثبــت فــي األوراق وبيــن مــا هــو موجــود فــي أرض الواقــع‪.‬‬
‫وبالمجمــل العــام يتضــح لنــا أن الفســاد يتناســب عكســي ًا مــع األداء األمنــي صعــود ًا‬
‫وهبوطـ ًا‪ ،‬ويقــدم لنــا صــور ودالئــل مختلفــة علــى تواجــده وتأثيــره الســلبي فــي العمل‬
‫االمنــي مــن حيث‪:‬‬
‫‪ -‬تســهيل عبــور االرهابييــن عبــر الحــدود بأســلحتهم أو بســياراتهم المفخخــة لقــاء‬
‫مبلــغ مالي‪.‬‬
‫‪ -‬تســهيل حــاالت هــروب عناصــر الجريمــة المنظمــة وتجــار المخــدرات مــن‬
‫الســجون‪.‬‬
‫‪ -‬تلقــي الرشــاوي فــي تســهيل دخــول البضائــع والســلع عبــر الســيطرات الداخليــة‬
‫والخارجيــة ومــا قــد ينتــج عنهــا مــن محاذيــر امنيــة‪.‬‬
‫‪ -‬مخاطر ذلك تسليحي ًا على حياة عنصر االمن في ميدان القتال‪.‬‬

‫‪| 124‬‬
‫قارعلا ةيلخادلا ةرازول ينمالا ءادألا‬

‫‪ -4‬اللجان التحقيقية‬
‫اللجنــة التحقيقيــة عبــارة عــن أجــراء يهــدف للبحــث والتقصــي عــن الحقائــق‬
‫وإتخــاذ القــرار الــازم وفــق القوانيــن النافــذة والمعمــول بهــا فــي العــراق‪ ،‬إذ تســعى‬
‫اللجنــة التحقيقيــة بمتابعــة المخالفــة أو الجريمــة بهــدف الكشــف عــن فاعلهــا‬
‫والوصــول الــى الحقيقــة‪ ،‬والعمــل علــى إتخــاذ القــرار العقابــي المناســب حســب‬
‫درجــة إضــراره بالمصلحــة العامــة‪.‬‬
‫فــي وزارة الداخليــة تشــكل اللجــان التحقيقيــة وفــق شــروط وإجــراءات قانونيــة‬
‫وتنتهــي عملهــا خــال مــدة معينــة وإعــان النتائــج بشــكل علنــي ويطلــع عليهــا الــرأي‬
‫العــام طبق ـ ًا لمبــدأ الشــفافية وتعريــف المواطــن بــاألدوار األمنيــة المقدمــة مــن قبــل‬
‫الــوزارة مــن أجــل إرســال رســائل األمــن والطمانيــة ألبنــاء المجتمــع‪.‬‬
‫المشــكلة هنــا تــرد فــي أن لجــان التحقيــق تعانــي مــن جملــة مــن المعوقــات وفــي‬
‫مقدمتهــا التدخــل السياســي فــي عمــل ومســار التحقيــق فــي اللجنــة‪ ،‬وفــي حــال تــم‬
‫التصــدي لتلــك التدخــات يتــم إتهــام اللجنــة بكونهــا أداة لتحقيــق التصفيــة السياســية‬
‫لطــرف معيــن فــي العمليــة السياســية‪ ،‬فض ـ ًا عــن غيــاب نتائــج التحقيقــات أو عــدم‬
‫إكمالهــا ســواء داخــل الــوزارة أو فــي مديرياتهــا المختلفــة أو تأخــر إنجازهــا لســبب أو‬
‫آلخــر‪ ،‬األمــر الــذي قــد يولــد قناعــة لــدى الــرأي العــام بــأن تشــكيل لجــان تحقيقيــة‬
‫إزاء قضيــة مــا هــو محاولــة لكســب الوقــت ولصــرف النظــر عــن القضيــة التــي ستنســى‬
‫مــع مــرور الوقــت‪.‬‬
‫وبهــذا الصــدد أشــار تقريــر ديــوان الرقابــة المالــي واالتحــادي لســنة ‪2018‬م فــي‬
‫الفقــرة الخاصــة بــوزارة الداخليــة العراقيــة بــأن مديريــة شــرطة محافظــة بغــداد علــى‬
‫ســبيل المثــال قــد تأخــرت فــي إنجــاز المجالــس واللجــان التحقيقيــة خالفـ ًا لضوابــط‬
‫وتعليمــات مجلــس الوزراءالمرقــم (‪ )6845‬بتاريــخ ‪2008/3/16‬م‪ ،‬والــذي ينــص‬
‫علــى ضــرورة ســرعة إنجــاز التحقيــق االداري وفــق الســياقات المعمــول بهــا‪.‬‬
‫ذكــر التقريــر أن اللجــان التحقيقيــة التــي شــكلتها المديريــة حــول موضــوع إختفــاء‬
‫األســلحة واألعتــدة أو فقدانهــا بلــغ (‪ )88‬لجنــة تحقيقيــة ولــم يحســم منهــا ســوى ‪8‬‬
‫فقــط وبنســبة انجــاز ‪. ٪9‬‬
‫أمــا المجالــس التحقيقيــة فــي قضايــا امنيــة اخــرى فبلغــت (‪ )1865‬مجلــس‬
‫تحقيقــي لــم يحســم منهــا ســوى (‪ )190‬وبنســبة انجــاز ‪. ٪10‬‬

‫| ‪125‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫زد علــى ذلــك عــدم تشــكيل مديريــة حمايــة المنشــآت والشــخصيات لجــان‬
‫تحقيقيــة رغــم وجــود حــاالت لفقــدان وإختفــاء لالســلحة تابعــة للمديريــة‪ ،‬وأن‬
‫المخالفــات التــي أبداهــا ديــوان الرقابــة حــول عمــل هــذه المديريــة وبقيــة المديريــات‬
‫المرتبطــة بالــوزارة فــي عمــوم العــراق لــم يــرد بشــانها أي رد‪ ،‬ومــن هــذه المديريــات‪:‬‬
‫‪ -‬مديرية حماية المنشات والشخصيات في بغداد‪.‬‬
‫‪ -‬مديرية شرطة الطاقة‪.‬‬
‫‪ -‬قيادة قوات حرس الحدود‪.‬‬
‫‪ -‬مديرية الدفاع المدني‪.‬‬
‫‪ -‬مديرية الدفاع المدني في المثنى‪.‬‬
‫‪ -‬مديرية الدفاع المدني في النجف‪.‬‬

‫‪ -5‬الوجود المسلح خارج سلطة الدولة‬


‫ونقصــد بــه أي وجــود للســاح خــارج ســلطة القانــون‪ ،‬وهــذه التواجــد لــه صــوره‬
‫وأشــكال عــدة فــي العــراق وهــي‪:‬‬
‫●األجنحــة المســلحة التابعــة لألحــزاب أو التيــارات السياســية والتــي تســعى‬
‫للحفــاظ علــى إمتــاك أســلحتها عبــر حجــج ومبــررات غيــر منطقيــة خــارج‬
‫منظومــة الدولــة‪.‬‬
‫●التســلح العشــائري خــارج ســلطة القانــون‪ ،‬وهــي حالــة منشــرة في العــراق مما‬
‫يدفــع بالمواطــن الــى اللجــوء للعشــائر لحــل مشــاكله خــارج ســلطة الدولــة‬
‫لتوفيــر الحمايــة‪ ،‬ممــا يعطــي للعشــيرة قــوة ودور أعلــى مــن ســلطة الدولــة‪،‬‬
‫وفــي بعــض األحيــان تمتلــك بعــض العشــائر أســلحة متوســطة وثقيلــة يفــوق‬
‫تلــك التــي تمتلكهــا العناصــر األمنيــة والتــي نجدهــا حاضــرة فــي النزاعــات‬
‫والخالفــات العشــائرية (البصــرة أنموذجـ ًا) ‪ ،‬إذ ذكــر قائــد شــرطة البصــرة بــأن‬
‫بعــض العشــائر تتحــدي بوقاحــة ســلطة القانــون‪.‬‬
‫●الجماعــات المســلحة التــي تتخــذ مــن العــراق مقــر لهــا لضــرب دول اخــرى‬
‫مجــاورة‪.‬‬
‫●إمتــاك عناصــر الجريمــة المنظمــة ومهربــي النفــط عبــر الحــدود ألســلحة‬
‫تفــوق تلــك التــي يمتلكهــا عنصــر األمــن أثنــاء المواجهــة‪ ،‬وهــي حالــة تحدث‬
‫عنهــا مديــر شــرطة الطاقــة العراقــي مــن حيــث االشــارة إلــى أن المديريــة تــم‬
‫‪| 126‬‬
‫قارعلا ةيلخادلا ةرازول ينمالا ءادألا‬

‫تكليفهــا بواجبــات أمنيــة بضعــف مــا كانــت تقــوم بــه قبــل إحتــال الموصــل‬
‫ومــن دون زيــادة فــي القــوة البشــرية أو نوعيــة االســلحة‪ ،‬والتــي نعانــي منهــا‬
‫أثنــاء اإلشــتباكات مــع المهربيــن للنفــط‪.‬‬
‫●الســاح الــذي يمتلكــه المواطنيــن‪ ،‬إذ ذكــر الوكيــل االقــدم لــوزارة الداخليــة‬
‫الدكتــور (عقيــل الخزعلــي) بانــه فــي ســنة واحــدة تــم اصــدار (‪ )90‬الــف‬
‫هويــة مرخصــة لحمــل الســاح‪ ،‬وإعطــاء تراخيــص (‪ )119‬لفتــح محــال‬
‫لبيــع الســاح‪ ،‬فضـ ًا عــن عــدم وجــود قيــود أو شــروط فــي موضــوع حمــل‬
‫الســاح‪.‬‬
‫●بــطء متابعــة االســواق االلكترونيــة لبيــع الســاح بعيــد عــن أعيــن الرقابــة وعبر‬
‫صفحــات التواصــل االجتماعــي‪ ،‬وتــم ضبــط العديــد مــن الحــاالت الجرميــة‬
‫فــي بغــداد عبــر تنفيــذ الجرائــم الجنائيــة بواســطة شــراء األســلحة عبــر وســائل‬
‫التواصــل االجتماعــي‪.‬‬
‫إن اســتمرار هــذه المظاهــر يقــدم حالــة غيــر مرضيــة عــن األداء االمنــي المطلــوب‪،‬‬
‫ويضعــف مــن قــوة الدولــة وعمــل مؤسســة وزارة الداخليــة‪.‬‬

‫‪ -6‬اإلعالم األمني‬
‫يعــد االعــام األمنــي مــن المصطلحــات حديثــة النشــأة وذو مدلــول أمنــي يرتيــط‬
‫بالسياســات واالســتراتيجيات ألي دولــة‪ ،‬والــذي يســهم فــي خدمــة أمــن المجتمــع‬
‫وإســتقراره ومرتكــز ًا علــى المخــزون الفكــري والثقافــي لألمــة‪.‬‬
‫إذ يكــون االعــام أمني ـ ًا عندمــا تكــون القضيــة التــي يواجهــا قضيــة أمنيــة تتعلــق‬
‫بســامة المواطنيــن‪ ،‬فالــدول الحريصــة علــى أمنهــا البــ َد أن تكــون لديهــا سياســة‬
‫اعالميــة أمنيــة واضحــة‪ ،‬وتعهــد بمســؤولية الخطــاب األمنــي إلــى خبــراء ممــن‬
‫يمتلكــون معــارف واســعة فــي علــم اإلجــرام واالجتمــاع وعلــم النفــس والنفــس‬
‫الجنائــي واللغــة الســايكولوجية‪ ،‬فضــ ًا عــن الكفــاءة والتنبــؤ بتقديــر المخاطــر‬
‫لضمــان التأثيــر فــي النــاس وكســبهم‪ ،‬وبهــذا الصــدد طرحنــا التســاؤل األتــي‪ ،‬مــا‬
‫مــدى إســهام االعــام اإلمنــي لــوزارة الداخليــة العراقيــة فــي دعــم األداء االمنــي علــى‬
‫صعيــد الواقــع؟‪.‬‬
‫يقصــد باالعــام األمنــي هــو كل المــواد االعالمية التــي تعالج األحــداث والظواهر‬
‫والتطــورات األمنيــة بجوانبهــا المختلفــة‪ ،‬والتــي تنقــل المعلومــات الكاملــة والحيويــة‬
‫| ‪127‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫والمهمــة التــي تغطــي كل الوقائــع واالوضــاع المتعلقــة بأمــن المجتمــع واســتقراره‪،‬‬


‫والتــي يعــد أخفاؤهــا أو التقليــل منهــا ومــن أهميتهــا نوع ـ ًا مــن التعتيــم اإلعالمــي‪،‬‬
‫وتبــرز أهميــة اإلعــام األمنــي فــي أنــه ال يقــف عنــد حــد نقــل المعلومــات واألخبــار‬
‫األمنيــة الصادقــة إلــى الجمهــور فقــط‪ ،‬بــل يســعى إلــى تأســيس وعــي أمنــي يثــري‬
‫الــروح المعنويــة والماديــة بــكل مقومــات النجــاح التــي تكفــل اإللتــزام بالتعليمــات‬
‫واألنظمــة مــن أجــل أمــن وســامة المواطــن فــي شــتى مجــاالت الحيــاة‪.‬‬
‫وإنطالقـ ًا مــن هــذه األهميــة شــهد االعــام األمنــي لــوزارة الداخليــة نضــوج كبيــر‬
‫بدايــة عــام ‪2006‬م فــي ظــل إنتخــاب وزيــر للداخليــة لمــدة (‪4‬ســنوات) والذي أســهم‬
‫فــي إنضــاج عمــل المؤسســة األمنيــة ومنهــا منظومــة االعــام األمنــي‪ ،‬فتــم تأســيس‬
‫جريــدة البلــد االميــن‪ ،‬مجلــة أمــان النهريــن‪ ،‬مجلــة الداخليــة‪ ،‬مجلــة المحقــق‪،‬‬
‫صحيفــة الحــارس‪ ،‬اذاعــة وزارة الداخليــة‪ ،‬برنامــج العيــون الســاهرة‪ ،‬ومــواد‬
‫إعالميــة أخــرى بهــدف إيصــال رســائل االمــن واالســتقرار للــرأي العــام العراقــي مــن‬
‫جهــة‪ ،‬وجمهــور المؤسســة االمنيــة مــن جهــة اخــرى ودعــم األداء األمنــي لمختلــف‬
‫تشــكيالت ومديريــات الــوزارة‪.‬‬
‫كمــا اتجهــت وزارة الداخليــة بإســتحداث ودعــم برامــج أمنيــة فــي القنــوات‬
‫العراقيــة للتركيــز علــى جهــود قــوات األمــن العراقيــة‪ ،‬وتقديــم رســائل إعالميــة‬
‫تحمــل فــي طياتهــا نبــذ الطائفيــة وإشــاعة التســامح والتعايــش الســلمي فــي المجتمــع‪.‬‬
‫مــع هــذا شــهد االعــام األمنــي لــوزارة الداخليــة جملــة معوقــات أثــرت فــي جهــود‬
‫التعريــف بــاألداء األمنــي ومــن حيث‪:‬‬
‫‪ -‬تأخــر اإلعــام األمنــي فــي تغطيــة الحــوادت االمنيــة وقلــة المعلومــات الرســمية‬
‫عنهــا والــذي يتيــح الفرصــة لالعــام المعــادي فــي تضخيــم االحــداث والترويــج‬
‫للمعلومــات الكاذبــة التــي يحقــق مــن ورائهــا اهدافــه الدعائيــة والنفســية‪.‬‬
‫‪ -‬تذبذب التغطية االعالمية الديناميكية للحدث أو الموقف األمني‪.‬‬
‫‪ -‬الجمــود والنمطيــة فــي نشــر وعــرض األخبــار والمعلومــات وفــي إختيــار‬
‫المواضيــع وأســاليب معالجتهــا وطــرق تقديمهــا وعرضهــا‪.‬‬
‫‪ -‬ضعــف إنتشــار المــواد االعالميــة الخاصــة بــوزارة الداخليــة واقتصارهــا فــي‬
‫التوزيــع علــى المنتســبين دون فئــات أخــرى ‪ -‬كطلبــة الجامعــات مث ـ ًا ‪ -‬فــي حيــن‬
‫أنهــا يجــب ان تخاطــب الــرأي العــام العراقــي والمواطــن العراقــي البســيط‪ ،‬وأن‬

‫‪| 128‬‬
‫قارعلا ةيلخادلا ةرازول ينمالا ءادألا‬

‫تكــون خارطــة توزيعهــا ونشــرها أوســع وأشــمل دون أن تقتصــر علــى أفــراد المؤسســة‬
‫االمنيــة فقــط‪.‬‬
‫‪ -‬كثــرة األرقــام المعلنــة بــدون معــادل صــوري يدفــع الجمهــور للشــك فــي‬
‫مصداقيتهــا‪.‬‬

‫‪ -7‬الشرطة المجتمعية‬
‫تعــد الشــرطة المجتمعيــة العراقيــة عبــارة عــن قــوة أمنيــة ذا طابــع وصبغــة شــعبية‬
‫تمــارس دور الوســيط بيــن المؤسســة األمنيــة (مراكــز الشــرطة) وبيــن المؤسســات‬
‫والنخــب االجتماعيــة‪ ،‬فضــ ًا عــن أداء دور التواصــل والتفاعــل لهــدف تحقيــق‬
‫اكبــر قــدر مــن المشــاركة الحقيقيــة بيــن الشــرطة والمجتمــع فــي تحمــل المســؤوليات‬
‫األمنيــة وفــق مفهــوم األمــن اإلنســاني الشــامل‪.‬‬
‫وقــد زادت أهميــة الشــرطة المجتمعيــة بعــد إدراك أهميــة العالقــة العضويــة بيــن‬
‫جهــاز الشــرطة والمنظومــة المجتمعيــة‪ ،‬إذ تهتــم الشــرطة المجتمعيــة بالتعــرف علــى‬
‫دور العوامــل االجتماعيــة فــي فاعليــة أجهــزة الشــرطة بحيــث تكــون هــذه األجهــزة‬
‫قــادرة علــى تحقيــق أهدافهــا اإلجتماعيــة‪.‬‬
‫وفــي ظــل تنامــي الجريمــة بأنواعهــا المتعــددة كأحــد الســلبيات التــي أفرزهــا‬
‫االحتــال االمريكــي للعــراق بعــد ‪2003‬م كان البــ َد مــن إيجــاد وســائل مســاعدة‬
‫إلســتباق تنفيــذ الجرائــم ومواجهتهــا‪ ،‬وهــو مــا ســعت لتنفيــذه الــوزارة التــي إتبعــت‬
‫إســلوب ًا أمنيـ ًا يجعــل مــن المواطــن العراقــي جــزء ًا حيويـ ًا مــن منظومــة األمــن الشــاملة‬
‫التــي تتبعهــا الــوزارة‪ ،‬ولتطبيــق أســس العدالــة االجتماعيــة‪ ،‬وإســتجابة لتوصيــات‬
‫واســتراتيجيات مجلــس وزراء الداخليــة العــرب شــكلت وزارة الداخليــة العراقيــة‬
‫جهــاز الشــرطة المجتمعيــة ســنة (‪2008‬م) ليكــون وســيط ًا بيــن المؤسســة األمنيــة‬
‫ومؤسســات وشــرائح المجتمــع كافــة‪.‬‬
‫إذ شــكل الجهــاز لخلــق التواصــل والتفاعــل مــع الشــرطة والمجتمــع‪ ،‬فضـ ًا عــن‬
‫أداء المهمــات األتيــة‪:‬‬
‫‪ -‬العمــل علــى تطويــر العمــل االجتماعــي اإلنســاني فــي جهــاز الشــرطة العراقيــة‬
‫ممــا يســهم فــي التقــارب بيــن المواطــن والشــرطة‪.‬‬
‫‪ -‬فــي أفضــل حاالتهــا تؤســس الشــرطة المجتمعية عقــد ًا إجتماعيـ ًا بيــن المواطنين‬
‫والدولــة أو تعــززه لضمــان التحــرر مــن جميــع أشــكال العنــف ووضــع حــد لها‪.‬‬
‫| ‪129‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪ -‬إشــراك أفــراد المجتمــع بــكل فئاتــه فــي تحقيــق األمــن المجتمعــي وإزالــة حاجــز‬
‫الخــوف بيــن المواطــن وعمــل الشــرطة‪.‬‬
‫‪ -‬تخفيــف العــبء عــن مراكــز الشــرطة عــن طريــق حــل الخالفــات التــي التحتــاج‬
‫إلــى بالغــات رســمية‪.‬‬
‫‪ -‬تطوير آليات عمل أصدقاء الشرطة والعمل التطوعي في المجال األمني‪.‬‬
‫‪ -‬تقديم الدعم االجتماعي لضحايا الجريمة واإلرهاب‪.‬‬
‫‪ -‬تقويــة التماســك المجتمعــي وحــل الخالفــات اإلســرية والعنــف األســري‪،‬‬
‫وحــاالت إهمــال تربيــة االطفــال والعنــف المدرســي‪.‬‬
‫‪ -‬إبراز الدور االجتماعي المدني للشرطة الوطنية كقوة خادمة للشعب‪.‬‬
‫‪ -‬التنســيق المســتمر مــع المجالــس البلديــة حــول الجوانــب األمنيــة فــي مناطقهم‪،‬‬
‫ومتابعــة أصحــاب المنــازل المؤجــرة والمحــات‪ ،‬فضــ ًا عــن متابعــة الســيارات‬
‫المتروكــة والمجهولــة واإلبــاغ عنهــا‪.‬‬
‫‪ -‬تقديــم البالغــات والخدمــات المتصلــة بالحــوادث البليغــة الناجمــة عــن‬
‫فقــدان فــرد أو أكثــر مــن أفــراد األســرة وبخاصــة حــوادث المــرور والحــرق والغــرق‬
‫واإلختطــاف واإلبتــزاز وغيرهــا‪.‬‬
‫‪ -‬تقديــم الدعــم النفســي لعوائــل االرهــاب وضحاياهــم ومعالجــة اآلثــار المترتبــة‬
‫عليهــا‪ ،‬ورصــد ظواهــر اإلتجــار بالبشــر والدعــارة والمخــدرات‪ ،‬والرقابــة علــى‬
‫الشــركات المشــبوهة التــي قــد تعــد مركــز ًا لتمويــل اإلرهــاب‪.‬‬
‫‪ -‬عقــد لقــاءات دوريــة تشــاورية مــع المواطنيــن وشــيوخ العشــائر ومؤسســات‬
‫المجتمــع المدنــي مــن أجــل حصــر المشــاكل اإلجتماعيــة ووضــع الحلــول الالزمــة‬
‫لهــا‪.‬‬
‫ومــع ذلــك نجــد أن تجربــة الشــرطة المجتمعيــة لــم تــؤدي ذلــك الــدور األمنــي‬
‫والخدمــي الحيــوي المــوكل إليهــا وذلــك بحــد ذاتــه عائــد إلــى جملــة أمــور‪:‬‬
‫●توزيــع منتســبي الشــرطة المجتمعيــة علــى مديريــات ليســت مــن إختصاصهــم‬
‫كأفــواج الطــوارىء مثـ ًا‪.‬‬
‫●يفتقر جهاز الشرطة المجتمعية إلى نظام داخلي يحدد آليات عمله‪.‬‬
‫●االفتقــار إلــى التنســيق مــع الــوزارات والدوائــر االخــرى ذات االهتمــام‬
‫المشــترك كــوزارة العمــل والشــؤون االجتماعيــة‪ ،‬وزارة التربيــة‪ ،‬وزارة‬
‫التعليــم العالــي والبحــث العلمــي‪ ،‬المجالــس البلديــة‪.‬‬
‫‪| 130‬‬
‫قارعلا ةيلخادلا ةرازول ينمالا ءادألا‬

‫●قلــة الــكادر النســوي فــي ســلك الشــرطة المجتمعيــة الــذي يمتلــك القــدرة‬
‫علــى الحركــة والتواصــل مــع البيئــات النســوية والقضايــا االجتماعيــة الخاصــة‬
‫بالنســاء‪.‬‬
‫●اإلفتقار إلى اإلعالن واإلعالم عن نشاطات هذا الجهاز‪.‬‬
‫●تداخل مهام الشرطة المجتمعية مع مهام الشرطة المحلية‪.‬‬
‫●عــدم تفهــم بعــض فئــات المجتمــع لطبيعــة عمــل الشــرطة المجتمعيــة العراقيــة‬
‫وتصادمهــا مــع حاجــز االعــراف والتقاليــد الســائدة‪.‬‬
‫●ضعــف الروابــط االجتماعيــة بيــن افــراد الشــرطة المجتمعيــة مــع ســكان‬
‫المناطــق التــي يعملــون بهــا‪.‬‬
‫●قلة الموارد المالية المخصصة للجهاز ألداء مهامه بفعالية أكبر‪.‬‬

‫‪ -8‬نظام إختيار وإعداد القادة‬


‫إن إختيــار القــادة وأعدادهــم يتــم وفــق نظــام يتســم بالموضوعيــة والدقــة ووفــق‬
‫معاييــر وشــروط تنافســية عاليــة‪ ،‬مــن حيــث المهــارات‪ ،‬الخبــرات‪ ،‬الكفــاءة‪،‬‬
‫الصحــة البدنيــة والنفســية‪ ،‬تاريــخ الخدمــة‪ ،‬حســن الســيرة واألخــاق‪ ،‬الســامة‬
‫االمنيــة‪ ،‬الوعــي األمنــي تخطيــط وتنظيــم وتنفيــذ‪ ،‬اإلنجــازات‪ . .‬الــخ‪.‬‬
‫لكــن قياسـ ًا علــى الحالــة العراقيــة نجــد وفــي حــاالت معينة يكــون اســناد المناصب‬
‫ســواء مــن مرتبــة آمــر فــوج وصعــود ًا ال يخضــع لمعاييــر مكتوبــة أو شــروط محــددة‪،‬‬
‫بــل تكــون وفــق معاييــر شــخصية أو حزبيــة أو عائليــة بعيــد ًا عــن المعاييــر المهنيــة فــي‬
‫االختيار‪.‬‬
‫وهنــا قــد يــرد أشــكال أو إعتــراض علــى هــذه الحالــة عبــر اإلســتناد علــى نظــام‬
‫إختيــار القــادة الــذي صــدر ســنة (‪2016‬م) ‪ ،‬والــذي يتضمــن الشــروط والمعاييــر‬
‫إلختيــار وإســناد المنصــب للمســؤول األمنــي‪ ،‬لكــن األشــكال الــذي يــرد علــى هــذا‬
‫النظــام علــى لســان الوكيــل االقــدم لــوزارة الداخليــة الدكتــور (عقيــل الخزعلــي) بأنــه‬
‫غيــر مســتند علــى قاعــدة قانونيــة تشــريعية وبالتالــي يفســر علــى أنــه غيــر ملــزم وغيــر‬
‫واجــب االتبــاع‪.‬‬
‫وبنــاء علــى ذلــك فــان إختيــار القــادة االمنييــن بنــاء علــى معايير ال تســتند الــى وثيقة‬
‫أو نظــام رســمي معتمــد يســهم فــي تراجــع االداء االمنــي العــام عندمــا يكــون القــرار‬
‫األمنــي بيــد أشــخاص لــم يصلــوا للمنصــب وفــق الضوابــط والمعاييــر المطلوبــة‪.‬‬
‫| ‪131‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪ -9‬معوقات اخرى‬
‫●فــي نــدوة بحثيــة علميــة هامــة أشــار الوكيــل االداري االقــدم لــوزارة الداخليــة‬
‫الدكتــور (عقيــل الخزعلــي) إلــى جملــة مهمــة وخطــرة بــذات الوقــت‬
‫والخاصــة بالمعوقــات المؤسســية لــأداء االمنــي لــوزارة الداخليــة والتــي‬
‫تضمنــت جملــة مــن المعوقــات التــي تتطابــق مــع األداء األمنــي لــوزارة‬
‫الداخليــة وهــي يمكــن أن تجمــل علــى النحــو اآلتــي‪:‬‬
‫‪ -‬المــاكات غيــر المؤهلــة‪ ،‬إذ تضــم وزارة الداخليــة وفقـ ًا الحصائيــات ‪2019‬م‬
‫أكثــر مــن ‪ 200‬ألــف موظــف يحملــون الشــهادة االبتدائيــة ومــا دون‪ ،‬أي مــا يعــادل‬
‫ثلــث المــوارد البشــرية فــي الــوزارة او اكثــر‪ ،‬فضــ ًا عــن تواجــد مــاكات غيــر‬
‫تخصصيــة تعمــل فــي بعــض مفاصــل الــوزارة والــذي يؤثــر ســلب ًا فــي منظومــة الرقابــة‬
‫والتخطيــط وضعــف المعلومــات‪ .‬فإنخفــاض وجــود أصحــاب الشــهادات العليــا فــي‬
‫المــوارد البشــرية فــي الــوزارة يؤســس إلــى تراجــع االســتثمار األمثــل فــي التوظيــف‬
‫ومايؤثــر علــى نوعيــة األداء لتحقيــق أهــداف الــوزارة‪.‬‬
‫‪ -‬تراجــع منظومــة التدريــب والتأهيــل خصوصــ ًا أن بعــض المؤسســات األمنيــة‬
‫التابعــة لــوزارة الداخليــة ال يتجــاوز نســبة التدريــب فيهــا (‪ ) ٪3‬فقــط‪ ،‬فض ـ ًا عــن‬
‫وجــود أعــداد ليســت بالقليلــة فــي تشــكيالت الــوزارة غيــر مؤهلــة بدني ـ ًا‪ ،‬تدريبي ـ ًا‪،‬‬
‫نفســي ًا ألداء الواجبــات‪ ،‬وكأن اإللتحــاق بالوظيفــة فــي وزارة الداخليــة ليســت ســوى‬
‫مصــدر للــرزق فقــط‪.‬‬
‫بط وتلكؤ منظومة العدالة الجنائية‪.‬‬ ‫‪ْ -‬‬
‫‪ -‬قلة اإلمكانيات والتجهيزات والمعدات والوسائل الفنية في األداء العملياتي‪.‬‬
‫‪ -‬القصــور التشــريعي فــي عمــل وزارة الداخليــة‪ ،‬فاغلــب القوانيــن المعمــول بهــا‬
‫تعــود الــى قبــل ‪2003‬م‪ ،‬وهــذه القوانيــن لــم تشــهد تطــور بإتجــاه خدمــة المواطــن‪،‬‬
‫بــل زادت البعــد بينــه وبيــن وزارة الداخليــة‪.‬‬
‫●انتشــار المخــدرات وبصــورة مقلقــة فــي ظــل ضعــف التحديث الجهزة كشــف‬
‫المخــدرات والمعمــول بهــا فــي مختلــف دول العالــم‪ ،‬فضـ ًا عــن النقــص في‬
‫التدريــب علــى األســاليب الحديثــة لمكافحــة المخدرات‪.‬‬

‫‪| 132‬‬
‫قارعلا ةيلخادلا ةرازول ينمالا ءادألا‬

‫ثالثاً‪ :‬مقومات األداء االمني لوزارة الداخلية العراقية‬


‫مــن أبجديــات العمــل األمنــي فــي المؤسســات األمنيــة أن حــدوث أي صدمــة أمنيــة‬
‫كبــرى تحتــاج الــى إجــراء تغيــر وتغييــر منهجــي فــي البرامــج والخطــط وفــي األداء‬
‫األمنــي بصــورة عامــة‪ ،‬والعمــل علــى تطويــر عمــل المؤسســة االمنيــة بمــا يؤهلهــا‬
‫لحمايــة األمــن واإلســتقرار ومنــع حــدوث وتكــرار تلــك الصدمــة مجــدد ًا‪.‬‬
‫إن صدمــة ســقوط الموصــل بيــد التنظيمــات االرهابيــة فــي حزيــران (‪2014‬م)‬
‫أســهم وعلــى نحــو مباشــر وغيــر مباشــر فــي أن تشــرع وزارة الداخليــة العراقيــة‬
‫بأحــداث ثــورة وهندســة جديــدة فــي العمــل األمنــي مــن أجــل ترســيخ عوامــل‬
‫االســتقرار السياســي واالجتماعــي‪ ،‬عبــر خلــق إصــاح بنيــوي وجــذري قوامــة‬
‫الكفــاءة والتطويــر ومبــدأ الثــواب والعقــاب‪.‬‬
‫إذ تعاطــت وزارة الداخليــة بصــورة إيجابيــة مــع معوقــات األداء األمنــي لعملهــا‬
‫وتشــخيص مظاهــر الخلــل والتكلســات البنيويــة كضــرورة لالصــاح األمنــي‪ ،‬إذ‬
‫قــادت الــوزارة بحركــة تصحيحيــة ومراجعــة حقيقيــة الصــاح المنظومــة االمنيــة‬
‫الخاصــة بهــا مــن أجــل أداء واجباتهــا ومهامهــا علــى أكمــل وجــوه‪ ،‬وأدنــاه جملــة مــن‬
‫المقومــات الداعمــة لــأداء األمنــي للــوزارة والــذي مــن خاللــه حققــت الكثيــر مــن‬
‫النجاحــات وعلــى أكثــر مــن صعيــد‪.‬‬

‫‪ -1‬الدعم السياسي‬
‫إن النظــام السياســي العراقــي ومنــذ إعــان بيــان النصــر علــى اإلرهاب أخــذ يضغط‬
‫وبقــوة لصالــح تقديــم الدعــم السياســي وتوحيــد الخطــاب السياســي أزاء عمــل وزارة‬
‫الداخليــة والعمــل علــى تقديــم كل الدعــم الــازم لهــا وعــدم التدخــل فــي قراراتهــا أو‬
‫محاولــة التأثيــر فــي المســار االمنــي الــذي رســمته لهــا‪.‬‬
‫إذ اخــذ الدعــم السياســي لــوزارة الداخليــة صــور عــدة (الدعــم السياســي لقيــادة‬
‫الــوزارة‪ ،‬الدعــم السياســي لمخرجــات عمــل الــوزارة‪ ،‬الدعــم السياســي لجهــود‬
‫مكافحــة الفســاد فــي الــوزارة‪ ،‬الدعــم السياســي ضــد التصريحــات االســتفزازية‬
‫لبعــض الجهــات ضــد عمــل ومنتســبي الــوزارة‪ ،‬الدعــم السياســي للــوزارة ضــد‬
‫االســاءات االقليميــة والدوليــة لمنظومــة عمــل الــوزارة‪ ،‬الدعــم السياســي للشــروط‬
‫المهنيــة فــي إختيــار وزيــر الداخليــة بعيــد ًا عــن التدخــات الحزبيــة)‪.‬‬

‫| ‪133‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫فهــذا الدعــم السياســي علــى إختــاف صــوره يصــب فــي مصلحــة تطويــر األداء‬
‫األمنــي للــوزارة لمــا يتضمنــه الدعــم مــن رســائل ومضاميــن أمنيــة والــذي بــدوره‬
‫يفضــي إلــى‪:‬‬
‫‪ -‬إن حمايــة المشــروع الوطنــي العراقــي والتجربــة اليمقراطيــة الجديــدة فيــه تحتاج‬
‫إلــى تقديــم كل أشــكال الدعــم السياســي لألجهــزة االمنيــة ومنهــا وزارة الداخليــة‬
‫بصفتهــا الوعــاء والحامــي لإلســتقرار ولوحــدة العــراق‪.‬‬
‫‪ -‬الدعــم السياســي يعنــي تقديــم خطــاب سياســي وطني رســمي يتمتــع بالمصداقية‬
‫لــدى المواطنيــن وال يعمــل علــى إســتئثار فئــة إجتماعيــة ضــد أخــرى‪ ،‬والــذي يصــب‬
‫فــي مصلحــة اإلســتقرار األمني‪.‬‬
‫‪ -‬الدعم السياسي يقدم لنا أجهزة أمنية ذات كفاءة متقدمة‪.‬‬
‫‪ -‬أن اإلنتمــاءات السياســية للمواطنيــن لهــا عالقــة قويــة فــي الشــعور باألمــن‪ ،‬ومن‬
‫ثــم فــان التدخــل السياســي فــي عمــل وزارة الداخليــة قــد يشــعر المواطنيــن الذيــن‬
‫هــم خــارج منظومــة اإلنتمــاء الحزبــي أو السياســي بغيــاب األمــن علــى النقيــض مــن‬
‫المواطنيــن المنخرطيــن فيــه‪.‬‬
‫ومــن هــذا المنطلــق يؤكــد النظــام السياســي العراقــي علــى تقديــم الدعــم السياســي‬
‫بــدل التدخــل فــي إصــاح القطــاع األمنــي وتطويــر األداء األمنــي‪.‬‬
‫‪ -‬الدعــم السياســي يــؤدي إلــى تحقيــق اإلنســجام علــى المســتوى اإلجتماعــي‬
‫وتحقيــق التقــارب بيــن الــوزارة والمواطنيــن‪.‬‬

‫‪ -2‬مراكز الشرطة‬
‫فــي حزيــران ‪2019‬م تبنــت وزارة الداخليــة العراقيــة وثيقــة الضوابــط الجديــدة‬
‫للتحقيــق الجنائــي‪ ،‬وهــو عبــارة عــن كتيــب يضــم ضوابــط العمــل القياســي الموحــد‬
‫وتعميمهــا علــى كل مراكــز التدريــب فــي وزارة الداخليــة‪ ،‬وذلــك بهــدف التعامــل مــع‬
‫ملــف الجريمــة بصــورة أكثــر شــفافية وفاعليــة‪.‬‬
‫يهــدف هــذا الكتيــب الــى نقــل مفهــوم مركــز الشــرطة العراقــي مــن مفهــوم القــوة‬
‫والســلطة إلــى مفهــوم الخدمــة والتأميــن للمواطــن بــدء ًا مــن المنتســب‪ ،‬الموظــف‪،‬‬
‫المحقــق‪ ،‬قاضــي التحقيــق‪ ،‬والــذي بــدوره يعطــي مصداقيــة أكثــر للعمــل األمنــي‬
‫بصــورة عامــة‪.‬‬

‫‪| 134‬‬
‫قارعلا ةيلخادلا ةرازول ينمالا ءادألا‬

‫كمــا عمــدت الــوزارة إلــى تطويــر ورفــع كفــاءة عمــل مراكــز الشــرطة عبــر‬
‫إســتحداث دورات تدريبــة جديــدة بدنيــة وتســليحية‪ ،‬فضــ ًا عــن إدخــال مناهــج‬
‫جديــدة ضمــن الخطــط التدريبيــة الســنوية فــي مجــاالت التخطيــط االســتراتيجي‬
‫والجــودة األمنيــة‪ ،‬وتطويــر مناهــج الحصانــة األمنيــة‪.‬‬
‫كمــا طــورت الــوزارة مــن المهــام والجــوالت التفتيشــية علــى مراكــز الشــرطة‬
‫لمتابعــة العمــل األمنــي الموجــز ورصــد المخالفــات وتصحيحهــا‪ ،‬والعمــل علــى‬
‫إنهــاء حــاالت الفســاد التــي قــد تــرد عبــر تاخيــر إنجــاز معامــات المواطنيــن‪ ،‬والتاكيد‬
‫علــى انســنة الســجون والمعتقــات‪.‬‬
‫إن مراكــز الشــرطة عبــارة عــن جســم مصغر لــوزارة الداخليــة يلجا اليهــا المواطنون‬
‫عنــد حــدوث أي حالــة تســتوجب تدخــل أمنــي لحلهــا‪ ،‬ومــن ثــم فــإن تحقيــق رغبــات‬
‫وشــكاوي المواطنيــن وتحقيــق الرضــا بالنســبة للمراجعيــن يعــد مؤشــر هــام فــي تطــور‬
‫األداء األمنــي لمراكــز الشــرطة العراقيــة والــذي يســهم فــي تحطيــم الفجــوة النفســية‬
‫بيــن المواطــن والشــرطي عبــر تغييــر أنظمــة عمــل مراكــز الشــرطة لصالحــه‪.‬‬
‫ويحســب لمراكــز الشــرطة العراقيــة إســهامها الواضــح فــي خفــض الجرائــم‬
‫الجنائيــة والجرائــم المنظمــة واإلرهابيــة نتيجــة لعملهــا الــدؤوب فــي تحقيــق وبســط‬
‫األمــن ومحاســبة المخالفيــن‪ ،‬ونظــر ًا لتطــور أدوات التحقيــق واالشــراف والمتابعــة‬
‫لصالــح خدمــة المجتمــع‪ ،‬وفــق الضوابــط المهنيــة واألخالقيــة ومــن دون تجــاوز‬
‫علــى حقــوق المواطنيــن أو المتهميــن‪.‬‬

‫‪ -3‬األمن الوظيفي‬
‫أن المؤسســة األمنيــة العراقيــة هــي ملــك للشــعب العراقــي وتعمــل فــي خدمتــه‪،‬‬
‫وهــو أمــر بديهــي ألنهــم مــن الشــعب وفــي خدمــة الشــعب‪ ،‬إذ أصبحــت تلــك‬
‫المؤسســة ممنوحــة الثقــة وإعــادة إكتســاب مهنيتهــا المعهــودة فــي ظــل تحقيــق‬
‫االنتصــارات المتتاليــة علــى المجاميــع االرهابيــة‪ ،‬وإتخــاذ القــرارات وفــق القانــون‬
‫مهمــا كان الشــخص المخالــف ومنصبــه‪.‬‬
‫هــذه الثقــة والمهنيــة العاليــة ســعت وزارة الداخليــة إلــى تعزيزهــا وتمتينهــا وعبــر‬
‫بوابــة األمــن الوظيفــي لمنتســبيها‪ ،‬وإضفــاء طابــع الديناميكيــة والحركيــة عليهــا لكــون‬
‫األمــن الوظيفــي مــن أهــم ركائــز النجــاح فــي عمــل أي مؤسســة أمنيــة‪.‬‬

‫| ‪135‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫ومــن هــذا المنطلــق إتخــذت الــوزارة سلســلة مــن اإلجــراءات لدعــم األمــن‬
‫الوظيفــي لمنتســبيها ورفــع كفــاءة األداء األمنــي المطلــوب وعبــر‪:‬‬
‫●دعــم الــوزارة لمنتســبيها ضــد الفصــول العشــائرية جــراء تطبيقهــم للقانــون‪،‬‬
‫وحاســبة مرتكبيهــا وفــق قوانيــن مكافحــة االرهــاب‪.‬‬
‫●دعــم منتســبي الــوزارة بتطبيــق القانــون ضــد كل المســؤولين دون اســتثناء‪،‬‬
‫ولعــل حادثــة إعتــداء محافــظ واســط علــى أحــد منتســبي الداخليــة فــي احــدى‬
‫الســيطرات أحــد األدلــة الممكــن اإلســتناد عليهــا فــي ذلــك‪.‬‬
‫●إعتمــاد مبــدأ المكافئــات والحوافــز والترقيــات للمنتســبين الذيــن يحققــون‬
‫إنجــازات متقدمــة وكفــاءة عاليــة فــي العمــل االمنــي‪.‬‬

‫‪ -4‬االصالح المؤسسي‬
‫يقصــد باإلصــاح المؤسســي كافــة االجــراءات والبرامــج والخطــط التــي وضعتهــا‬
‫وزارة الداخليــة العراقيــة فــي ســبيل تطويــر جــودة العمــل األمنــي والخدمــات األمنيــة‬
‫فــي المجتمــع بمــا يتناســب مــع التحديــات والظــروف المحيطــة بقطــاع االمــن فــي‬
‫العــراق‪.‬‬
‫إذ إعتمــدت الــوزارة علــى برامــج خاصــة ســنوية لتقييــم سياســاتها األمنيــة وأداء‬
‫تشــكيالتها المختلفــة‪ ،‬فضــ ًا عــن المقارنــة بيــن االحتياجــات االمنيــة المطلــوب‬
‫توافرهــا للمواطنيــن مــع اإلمكانيــات األمنيــة المتوفــرة‪ ،‬والعمــل علــى اجــراء‬
‫مراجعــات أمنيــة لسياســاتها وبصــورة دوريــة مــن أجــل اإلرتقــاء بعمــل الــوزارة‬
‫وتحقيــق االدارة الرشــيدة فيهــا‪.‬‬
‫ولعــل الســؤال الــذي قــد يــرد بهــذا الصــدد والخــاص حــول طبيعــة األســباب التــي‬
‫دفعــت بــوزارة الداخليــة نحــو تبنــي اإلصــاح المؤسســي؟‬
‫إن اإلصــاح المؤسســي لــوزارة الداخليــة أمــر مهــم فــي تعزيــز جهــود حفــظ األمــن‬
‫واإلســتقرار وضمــان بــأن يعيــش العراقيــون بصــورة أكثــر أمننـ ًا عــن طريــق مؤسســات‬
‫أمنيــة فعالــة أكثــر‪ ،‬إذ يشــمل االصــاح المؤسســة نفســها‪ ،‬المديريــات كافــة‪ ،‬األفــراد‬
‫والمســؤولين‪ ،‬القوانيــن والتشــريعات الخاصــة بالــوزارة‪ ،‬برامــج التقييــم‪ ،‬وهــذه‬
‫االخيــرة شــرعت بهــا وزارة الداخليــة بهــف تطويــر رأس المــال البشــري والحفــاظ‬
‫علــى مكانــة الــوزارة وحرصهــا علــى تنميــة القيــادات االستشــرافية وتشــجيع الكفاءات‬
‫التــي تعــزز مــن جهــود التطويــر ومواكبــة المســتجدات‪.‬‬
‫‪| 136‬‬
‫قارعلا ةيلخادلا ةرازول ينمالا ءادألا‬

‫كمــا تضمنــت جهــود الــوزارة فــي االصــاح المؤسســي تفعيــل وتطويــر الرقابــة‬
‫الداخليــة ومكافحــة الفســاد بشــتى صــوره‪ ،‬ولعــل حادثــة هــروب الســجناء مــن ســجن‬
‫القنــاة واإلجــراءات العقابيــة الســريعة التــي اتخــذت بحــق المنتســبين دليــل علــى جدية‬
‫الــوزارة فــي معاقبــة المتخاذليــن فــي األداء األمنــي كمدخــل لمكافحة الفســاد‪ ،‬والذي‬
‫جــاء بالتزامــن مــع جهــود المفتــش العــام للــوزارة والــذي اســهم فــي ضبــط الكثيــر مــن‬
‫المنتســبين بالجــرم المشــهود فــي قضايــا وابتــزاز ورشــوة واإلخــال بالوظيفــة األمنية‪.‬‬

‫‪ -5‬االعالم األمني‬
‫ســعت وزارة الداخليــة العراقيــة إلــى إشــراك وســائل االعــام كأدوات فاعلــة‬
‫للقيــام بأنشــطة إعالميــة كمعالجــات أمنيــة لإلرهــاب بالتزامــن مــع الــدور الحيــوي‬
‫الــذي يقــوم بــه االعــام األمنــي للــوزارة فــي تصحيــح المفاهيــم الخاطئــة للديــن‬
‫االســامي ودحــض شــائعات التنظميــات االرهابيــة‪ ،‬والعمــل علــى اشــاعة الحــوار‬
‫وقيــم التســامح فــي المجتمــع‪.‬‬
‫أذ طــورت مديريــة االعــام التابعــة للــوزارة مــن معالجاتهــا االمنيــة لألحــداث‬
‫مــن أجــل إعطــاء مصداقيــة أكبــر لإلنجــاز األمنــي العراقــي وهــو يحقــق االنتصــارات‬
‫المتتاليــة علــى المجاميــع االرهابيــة‪.‬‬
‫ان االســلوب الجديــد التــي اتبــع فــي تغطيــة االحــداث األمنيــة أســهم فــي زيــادة‬
‫تعــاون أفــراد المجتمــع مــع الــوزارة ومؤسســاتها المختلفــة‪ ،‬وهــذا التعاطــي أدى الــى‬
‫زيــادة كفــاءة األداء األمنــي عبــر‪:‬‬
‫●دعــم المشــاركة الجماهيريــة للمنتســب االمنــي وبالتالــي خلــق صــورة ذهنيــة‬
‫جديــدة لعمــل رجــل االمــن فــي العــراق‪.‬‬
‫●تضيق الفجوة بين الثقافة العامة والمعرفة االمنية‪.‬‬
‫●التعامــل مــع الحــدث األمنــي بســرعة عاليــة وإعطــاء مصداقيــة للمنجــز األمنــي‬
‫ومعالجتــه صوريـ ًا وفديوي ًا‪.‬‬
‫●التعريف بدور وزارة الداخلية في مكافحة الجريمة‪.‬‬
‫●دعــم اســتراتيجية األمــن الوطنــي العراقــي عبــر برامــج وورش عمــل مســتمرة‬
‫للتعريــف بالجهــود التــي تقــوم بهــا الحكومــة العراقيــة للقضــاء علــى اإلرهــاب‪.‬‬
‫●التصويــر الدقيــق إلخفاقــات التنظيمــات اإلرهابيــة فــي العــراق‪ ،‬والتركيــز‬
‫علــى نجاحــات القــوات المســلحة العراقيــة‪ ،‬فضــ ًا عــن تصويــر وبــث‬
‫| ‪137‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫حــاالت اإلقتتــال التــي تجــري بيــن التنظيمــات اإلرهابيــة وحــاالت الهــروب‬


‫مــن المعــارك‪.‬‬
‫●اإلســهام فــي إزالــة ثقافــة الخــوف والشــك مــن األجهــزة األمنيــة فــي‬
‫المجتمــع‪ ،‬وأن الــوزارة تعكــس التركيبــة الوطنيــة للمجتمــع العراقــي‪.‬‬
‫●إســتعمال الرمزيــة والــدالالت الوطنيــة فــي الخطابــات االعالميــة‪ ،‬والعمــل‬
‫علــى خلــق إعــام أمنــي مــوازي لحجــم الخســائر التــي تعرضــت لهــا‬
‫المجموعــات اإلرهابيــة‪.‬‬
‫●التأكيــد علــى قيــم المواطنــة وعــ َد (حــب العــراق واإلنتمــاء لــهُ) القيمــة‬
‫األســاس بعيــد ًا عــن الطائفــة والتحــزب‪.‬‬
‫●تعزيــز نقــاط اإللتقــاء بيــن أطيــاف المجتمــع العراقــي وتعميــق الحــس الوطنــي‬
‫واألمنــي‪ ،‬وتوحيــد الخطــاب االعالمــي تجــاه الخطــاب االعــام المعــادي‬
‫والمضلــل‪.‬‬
‫●تعزيز ثقة المواطن بنفسه وبقدرته على إحداث التغيير‪.‬‬
‫●دعــوة المواطــن إلــى إعتمــاد الحــوار وإحتــرام اآلخــر لنبــذ الجهــل والتعصــب‬
‫خدمــة للوطــن‪.‬‬
‫●كمــا جــاء تشــكيل خليــة االعــام الحربــي كانطالقــة مهمــة فــي أن تولــي جهــة‬
‫محترفــة أداء ملــف االعــام األمنــي فــي كافــة التشــكيالت األمنيــة بهــدف‬
‫عــدم تشــتيت المعلومــة األمنيــة وقطــع الطريــق أمــام عشــوائية التصريحــات‬
‫التــي كانــت منتشــرة بعــد ‪2014‬م‪.‬‬

‫‪ -6‬الشرطة المجتمعية‬
‫اطلقــت وزارة الداخليــة العراقيــة العراقيــة نهايــة عــام (‪2018‬م) خارطــة طريــق‬
‫جديــدة لعمــل الشــرطة المجتمعيــة وبالتعــاون مــع البرنامــج اإلنمائــي لألمــم المتحــدة‬
‫فــي العــراق‪ ،‬وجــاء هــذا المشــروع كأحــد مكتســبات النصــر علــى تنظيــم داعــش‬
‫اإلرهابــي ولمعالجــة المشــكالت اإلجتماعيــة الناجمــة عنــه‪ ،‬فضــ ًا عــن الســعي‬
‫لتوفيــر األمــن واالســتقرار اإلجتماعــي للمواطــن علــى األمــد البعيــد‪.‬‬
‫أن هــذا المشــروع الــذي أســهمت بــه وزارة الداخليــة حقــق العديــد مــن المكاســب‬
‫علــى الصعيــد األمنــي خــال الســنة االولــى مــن تطبيقــه‪ ،‬وهــذه المكاســب تضمنــت‪:‬‬

‫‪| 138‬‬
‫قارعلا ةيلخادلا ةرازول ينمالا ءادألا‬

‫●التوجــه نحــو الســلطة المدنيــة لألمــن علــى المســتوى المحلــي‪ ،‬وجدولــة‬


‫عمــل الشــرطة لصالــح المفهــوم االجتماعــي‪.‬‬
‫●تكثيــف االجتماعــات والزيــارات واللقــاءات الميدانيــة مــع المســؤولين‬
‫الحكومييــن والمحلييــن ووجهــاء المناطــق‪ ،‬فضــ ًا عــن زيــارة مــدارس‬
‫الفتيــات وأعطاهــن التعليمــات الالزمــة لمنــع الوقــوع فــي فخــاخ اإلبتــزاز‬
‫األلكترونــي عبــر وســائل التواصــل االجتماعــي وكيفيــة التعامــل معهــا‪،‬‬
‫وقــد أســهم هــذا اإلجــراء فــي تحقيــق العديــد مــن المكاســب الهامــة فــي‬
‫ظــل إنتشــار حــاالت اإلبتــزاز األلكترونــي للفتيــات وجهلهــن بعمــل وســائل‬
‫التواصــل االجتماعــي‪ ،‬فهــذا اإلجــراء أســهم فــي القبــض علــى الكثيــر مــن‬
‫المبتزيــن للفتيــات ونصــب الكمائــن لهــم عبــر إنشــاء خــط إتصــال مخصــص‬
‫لهــذا الغــرض لضبــط والتعامــل مــع حــاالت اإلبتــزاز الرقمــي‪.‬‬
‫●تعزيــز الشــراكة الجديــة بيــن الشــرطة المجتمعيــة ومؤسســات العدالــة‬
‫الجنائيــة‪.‬‬
‫●زيــارة المرضــي والمســنين ومصابــي الحــوادث اإلرهابيــة والحــوادث‬
‫المروريــة والعمــل علــى رفــع معنوياتهــم‪ ،‬واإلهتمــام بتقديــم الخدمــات‬
‫األمنيــة الميســرة لكبــار الســن وذوي االحتياجــات الخاصــة واألرامــل‬
‫وإعانتهــم علــى قضــاء حوائجهــم دون أن يكلفهــم ذلــك أي مشــقة أو عنــاء‬
‫بســبب ظروفهــم الخاصــة‪.‬‬
‫●تطويــر برامــج تهــدف لــزرع الثقــة بيــن المواطــن ومؤسســات الشــرطة المحليــة‬
‫والخدمية‪.‬‬
‫●التدخــل المبكــر لحــل الخالفــات والمشــاجرات البســيطة التــي تحــدث بيــن‬
‫الجيــران والعمــل علــى إحتوائهــا وإزالــة مســبباتها حــال وقوعها ومنــع تفاقمها‬
‫بالتنســيق مــع الجهــات المحليــة المختصــة والتعامــل مــع قضايــا هــروب‬
‫وتغيــب األبنــاء عــن منــزل األســرة واتخــاذ اإلجــراءات الوقائيــة والعالجيــة‬
‫الســريعة‪.‬‬
‫●التوعيــة حــول أهميــة نصــب كاميــرات المراقبــة االمنيــة فــي المنــازل والمحــال‬
‫التجاريــة وشــرح آليــات وضوابــط عملهــا الســليم‪ ،‬فضــا عــن تقديــم‬
‫التوجيهــات الالزمــة فــي كيفيــة توظيفهــا فــي تحقيــق األمــن واالســتقرار‪،‬‬
‫وذلــك عبــر زيــارات ميدانيــة لألهالــي ولمحــال بيــع الكاميــرات األمنيــة‪.‬‬
‫| ‪139‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫●حمايــة األطفــال والنســاء واألســر مــن ظاهــرة التعنيــف األســري وتقديــم كافــة‬
‫الخدمــات األمنيــة والنفســية بهــذا الصــدد‪.‬‬

‫‪ -7‬الحوكمة االلكترونية‬
‫أخــذت وزارة الداخليــة العراقيــة علــى عاتقهــا بالســعي نحــو مواكبــة التطــورات‬
‫التقنيــة والعلميــة فــي المجــاالت الرقميــة وااللكترونيــة‪ ،‬وذلــك مــن أجــل النهــوض‬
‫بالواقــع األمنــي وتســهيل العمــل الشــرطوي واحتياجــات المواطــن العراقــي‪.‬‬
‫إذ خطــت الــوزارة نحــو تحقيــق األمــن المعلوماتــي وعمــل قاعــدة بيانــات مــن‬
‫أجــل الحفــاظ علــى المعلومــات مــن العبــث والضيــاع‪ ،‬فض ـ ًا عــن تحقيــق بعــض‬
‫المكتســبات األمنيــة‪.‬‬
‫فعلــى ســبيل المثــال قامــت وزارة الداخليــة بوضــع هويــة أحــوال مدنيــة وطنيــة‬
‫جديــدة تحــت أســم (مشــروع البطاقــة الوطنيــة الموحــدة) لتعزيــز متطلبــات األمــن‬
‫الوطنــي‪ ،‬حيــث تمتــاز الهويــة الجديــدة بأنهــا قــادرة علــى الكشــف علــى الدخــاء‬
‫والمزوريــن‪ ،‬فضــ ًا عــن‪- :‬‬
‫‪ -‬تبسيط االجراءات االدارية في الحصول على الهوية الوطنية‪.‬‬
‫‪ -‬القضاء على الفساد المالي واالداري‪.‬‬
‫‪ -‬تعزيز األمن الوطني‪.‬‬
‫‪ -‬ايجاد قواعد بيانات الكترونية ثابتة دقيقة خاصة بكل مواطن عراقي‪.‬‬
‫تحتــوي هــذه البطاقــة علــى الرقــم االلكترونــي المدنــي الخــاص بــكل مواطــن‬
‫والــذي صمــم بشــكل يصعــب تزويــره‪ ،‬ألنهــا تعمــل وفــق تقنيــة بصمــة األصابــع‬
‫وبصمــة العيــن‪ ،‬كمــا أنهــا تحتــوي علــى شــريحة ألكترونيــة تضــم كل المعلومــات‬
‫الشــخصية عــن حاملهــا‪ ،‬وتكــون صالحــة لمــدة عشــر ســنوات‪ ،‬ممــا يســهل مــن‬
‫حالــة تعقــب اإلرهابييــن ومالحقتهــم‪.‬‬
‫ومــن جانــب آخــر إســتحدثت الــوزارة شــعبة الجرائــم االلكترونيــة التابعــة‬
‫لمديريــة الجرائــم الجنائيــة للقيــام بمهــام ضبــط الجرائــم األلكترونيــة والقيــام بمهــام‬
‫التوعيــة الرقميــة أمنيـ ًا‪ ،‬إذ قامــت هــذه الشــعبة بجهــد متميــز فــي إســتخدام تكنولوجيــا‬
‫المعلومــات واالتصــاالت لتحســين األداء األمنــي فــي تقديــم أفضــل الخدمــات‬
‫للمواطــن عبــر نشــر التوعيــة االمنيــة عبــر وســائل االعــام المختلفــة مــن أجــل تدعيــم‬
‫إســهام الجمهــور مــع رجــال االمــن لتحقــق االمــن االلكترونــي‪.‬‬
‫‪| 140‬‬
‫قارعلا ةيلخادلا ةرازول ينمالا ءادألا‬

‫أن الهــدف المســتقبلي لــوزارة الداخليــة العراقيــة جــراء تبنــي نظــام الحوكمــة‬
‫االلكترونيــة يكمــن فــي‪:‬‬
‫●ربط الوزارة مع دوائرها الكترونيا بشبكة داخلية‪.‬‬
‫●ربط الوزارات مع بعضها البعض‪.‬‬
‫●إنجــاز معامــات المواطنيــن عــن طريــق البوابــة االلكترونيــة وتســهيل‬
‫معامالتهــم عــن بعــد دون الحاجــة لمراجعــة الــوزارة او دوائرهــا الكثــر مــن‬
‫مــرة‪.‬‬

‫‪ -8‬مكافحة المخدرات‬
‫إن وزارة الداخليــة وبمختلــف تشــكيالتها بذلــت جهــود كبيــرة ومتواصلــة فــي‬
‫مكافحــة المخــدرات فــي العــراق‪ ،‬والقبــض علــى التجــار والمهربيــن والمروجيــن‪،‬‬
‫فضـ ًا عــن الــدور العالجــي الــذي تقدمــه الــوزارة وعبــر مديريــة مكافحــة المخــدارت‬
‫وبالتعــاون مــع األجهــزة األمنيــة األخــرى‪ ،‬والعمــل علــى إعــادة التاهيــل فــي مراكــز‬
‫متخصصــة ليكونــوا عــون وشــريك فاعــل وداعــم لــوزارة الداخليــة فــي تحمــل‬
‫المســؤولية المشــتركة لمكافحــة المخــدرات‪.‬‬
‫وبهــذا الصــدد نجــد أن وزارة الداخليــة تبنــت اســتراتيجية للتصــدي لمشــكلة‬
‫المخــدرات تتكــون مــن ثالثــة عناصــر رئيســة وهــي‪:‬‬
‫‪ -‬عنصــر التوعيــة والوقايــة وتعريــف أبنــاء المجتمــع بمخاطــر المخــدرات ومــا‬
‫يحصنهــم مــن الوقــوع فــي براثينهــا‪.‬‬
‫‪ -‬عنصــر المكافحــة عبــر وضــع برامــج وخطــط خاصــة مــن شــانها أحكام الســيطرة‬
‫علــى حــاالت تهريــب المخــدرات أو زراعتهــا أو االتجــار بهــا وتعاطيها‪.‬‬
‫‪ -‬عنصــر العــاج وإعــادة التاهيــل بهــدف عــاج المدمنيــن وإعــادة تأهيلهــم‬
‫اجتماعيــ ًا ونفســي ًا وتربويــ ًا‪.‬‬

‫‪ -9‬تراجع الخروقات االمنية‬


‫إن مــن بديهيــات العلــوم األمنيــة أن تكــون مراجعــة األحــداث والخروقــات األمنيــة‬
‫علــى اختــاف أشــكالها مقيــاس ومؤشــر أســاس لمعرفــة األداء األمنــي لــوزارة‬
‫الداخليــة ومقيــاس النتاجيــة األمــن فــي العــراق‪.‬‬

‫| ‪141‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫وبقــدر تعلــق األمــر بالعــراق وجهــود وزارة الداخليــة نجــد أن مقيــاس األداء األمني‬
‫فيهــا ال يشــخص فيهــا اعتباطـ ًا أو عبــر تصريحــات الناطقيــن االعالمييــن للــوزارة‪ ،‬بــل‬
‫عبــر مــا هــو متحقــق علــى أرض الواقــع‪ ،‬ومعطيــات الميــدان تشــير إلــى تراجــع واضح‬
‫فــي حجــم الخروقــات االمنيــة واألحــداث األمنيــة ضمــن قواطــع ومهــام الداخليــة‪،‬‬
‫ممــا يــدل علــى الســلوك المنظــم لمنــع الجريمــة والتنبــؤ الصحيــح بهــا‪.‬‬
‫ومــن أجــل تحســين أداء الــوزارة فــي مواجهــة الجماعــات اإلرهابيــة والتصــدي‬
‫للخروقــات األمنيــة ومنــع تكرارهــا بــدأت الداخليــة العراقيــة بالتنســيق أمنيـ ًا مــع وزارة‬
‫الدفــاع العراقيــة علــى طــول خطــوط المواجهة مــع التنظيمــات اإلرهابيــة‪ ،‬وأن التعاون‬
‫بيــن الوزارتيــن كفيــل بتراجــع حجــم تلــك الخروقــات‪ ،‬وهــذا التنســيق األمنــي أتضــح‬
‫جليـ ًا فــي حمايــة الزائريــن للعتبــات المقدســة ســنوي ًا‪ ،‬كمــا نســقت وزارة الداخليــة مــع‬
‫لجنــة الدفــاع واألمــن البرلمانيــة بمــا مــن شــأنه أن يســهم فــي تطويــر وعــاج الملــف‬
‫األمنــي‪.‬‬
‫كمــا قامــت وزارة الداخليــة بالتنســيق الدائــم مــع مختلــف مجالــس المحافظــات‬
‫مــن أجــل توفيــر حمايــة أفضــل وتبــادل المعلومــات األمنية حــول تحــركات اإلرهابيين‬
‫والمجرميــن وتنقالتهــم بيــن المــدن والمحافظــات العراقيــة‪.‬‬
‫وفــي اآلونــة األخيــرة إتجهــت وزارة الداخليــة العراقيــة للتعــاون مــع وزارة‬
‫الخارجيــة العراقيــة فــي مجــال مكافحــة اإلرهــاب عــن طريــق تشــكيل لجنــة مشــتركة‬
‫بيــن الوزارتيــن لتبــادل المعلومــات األمنيــة حــول الداخليــن والوافديــن للعــراق‬
‫والخارجيــن منــه‪ ،‬إذ شــكلت الــوزارة شــبكة إتصــال متطــورة وحديثــة فــي شــرطة‬
‫حمايــة الحــدود العراقيــة ترتبــط بالمديريــات العراقيــة التابعــة للــوزارة‪ ،‬وتحديــث‬
‫بياناتهــا بإســتمرار وهــذا اإلجــراء أســهم فــي إلقــاء القبــض على العديــد مــن المطلوبين‬
‫واإلرهابييــن‪.‬‬

‫رابع ًا‪ :‬وزارة الداخلية العراقية ومشروع ‪ ،2020‬ما العمل ؟‬


‫لقــد بــات واضحـ ًا أن األمــن بوصفــه الشــامل يعد بــاب اإلســتقرار ومفتــاح التنمية‪،‬‬
‫وهــو المدخــل الواســع لتحريــك عجلــة االقتصــاد إلــى األمــام‪ ،‬ومــن دونــه ال يمكــن‬
‫الحديــث عــن أي مســتقبل مشــرق فــي المديــات المتوســطة والبعيــدة‪.‬‬
‫ففــي المحــاور الســابقة تــم إســتعراض وتبيــان معوقــات ومقومــات األداء االمنــي‬
‫لــوزارة الداخليــة‪ ،‬وفــي ســبيل الســعي لتجــاوز تلــك المعوقــات وتطويــر األداء األمني‬
‫‪| 142‬‬
‫قارعلا ةيلخادلا ةرازول ينمالا ءادألا‬

‫الوطنــي واإلنتقــال إلــى مرحلــة التعافــي التــام فــي ظــل الظــروف الصعبــة التــي يمــر بهــا‬
‫العــراق‪ ،‬وفــي ســبيل خلــق بيئــة أمنــة ومســتقرة وأداء أمنــي فعــال‪ ،‬نقــدم أدنــاه أفــكار‬
‫ومقترحــات خاصــة تمثــل خارطــة طريــق نحــو اإلرتقــاء بعمــل الــوزراة فــي ‪2020‬م‬
‫وعلــى مســتويين‪:‬‬

‫على المستوى العام للوزارة‬


‫‪ -1‬تبنــي وإعتمــاد وزارة الداخليــة لمؤشــرات خاصــة لتبيــان مــدى فاعليــة أدائهــا‬
‫األمنــي ومــدى تحقــق االهــداف االســتراتيجية للــوزراة‪ ،‬وباالعتمــاد على مؤشــرات‪:‬‬
‫نســب اإلنجــاز الخاصــة بتنفيــذ الخطــة االســتراتيجية للــوزارة ســواء علــى مســتوى‬
‫الــوزارة كمنظومــة واحــدة‪ ،‬أو علــى مســتوى المديريــات التابعــة لهــا‪.‬‬
‫●نســبة عــدد القضايــا الخاصــة باألعمــال االرهابيــة والجريمــة المنظمــة التــي‬
‫تــم التعامــل معهــا وحســمها‪.‬‬
‫●نسبة عدد القضايا الخاصة بمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية‪.‬‬
‫●القضايا العشائرية التي تم التعامل معها أمني ًا وحسمها‪.‬‬
‫●نسب القضايا الخاصة باإلعتداء على األمالك العامة والخاصة‪.‬‬
‫●عدد حاالت الخطف وتجارة االعضاء البشرية‪.‬‬
‫●عدد النازحين والمهجرين العائدين الى محل سكناهم االصلي‪.‬‬
‫●نسب عدد المعامالت المنجزة للمراجعين في مديريات الوزارة‪.‬‬
‫●عدد الشكاوي المقدمة ضد المديريات والمؤسسات التابعة للوزارة‪.‬‬
‫●عدد قضايا الفساد المضبوطة في الوزارة وتشكيالتها‪.‬‬
‫●عدد حاالت اإلعتداء على مراكز الشرطة في عموم العراق‪.‬‬
‫●عدد القضايا األمنية المضبوطة بالتعاون مع االجهزة األمنية األخرى‪.‬‬
‫‪ -2‬إلــزام مختلــف مديــرات الــوزارة علــى تنفيــذ الخطــة االســتراتيجية العامــة‬
‫للــوزارة ورفــع تقاريــر دوريــة بشــأنها‪.‬‬
‫‪ -3‬تطوير المنظومة االلكترونية لوزارة الداخلية وعبر‪:‬‬
‫●اإلســراع بتنفيــذ مشــاريع الربــط االلكترونــي وتقديــم الخدمــات الرقميــة‬
‫للمواطنيــن‪.‬‬
‫●تطوير بنية الكترونية مناسبة للعمل االداري في دوائر ومراكز الوزارة‪.‬‬

‫| ‪143‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫●اســتحداث تطبيــق (مركــز الشــرطة فــي هاتفــك) لتقديــم كافــة اشــكال الدعــم‬
‫للمواطنيــن‪ ،‬وإســتخدامه كوســيلة لتقديــم البالغــات أو التعــرف علــى بعــض‬
‫خدمــات مراكــز الشــرطة أو االستفســار عــن بعــض المعلومــات الخدميــة ذات‬
‫العالقــة بحيــاة المواطــن اليوميــة‪.‬‬
‫●تطويــر مهــام االســتخبارات االلكترونيــة فــي تتبــع حــاالت بيــع االســلحة عبــر‬
‫وســائل التواصــل االجتماعــي‪.‬‬
‫‪ -4‬إعــادة ترتيــب أولويــات الــوزارة فــي معالجــة التحديــات والتهديــدات األمنيــة‬
‫وفــق رؤيتهــا الخاصــة مــن حيــث (االكثــر خطــورة‪ ،‬متوســط الخطــورة‪ ،‬أقــل خطورة)‬
‫‪ ،‬ومثــال علــى ذلــك‪:‬‬
‫(الهجمــات االرهابيــة‪ ،‬الجريمــة المنظمــة‪ ،‬الفســاد المالــي واالداري‪ ،‬مكافحــة‬
‫المخــدرات‪ ،‬الخطــف والســرقة‪ ،‬الحــوادث المروريــة‪ ،‬العنــف االســري‪ . .‬الــخ)‪.‬‬
‫‪ -5‬اســتحداث مديريــة أو شــعبة تطويــر األداء المؤسســي‪ ،‬وتطويــر الهيــكل‬
‫التنظيمــي للــوزارة بمــا يتناســب وتحقيــق اإلنســجام والتكامــل وعــدم التداخــل فــي‬
‫المهــام‪.‬‬
‫‪ -6‬إعــادة توزيــع المــوارد البشــرية بشــكل يتوافق مــع إحتياجات الــوزارة‪ ،‬والعمل‬
‫علــى إســتثمار أصحــاب الشــهادات العليا لتطويــر االداء في العنصر البشــري‪.‬‬
‫‪ -7‬العمــل علــى دعــم وتعزيــز الرضــا الوظيفــي للمنتســبين بالــوزارة ماديــ ًا‬
‫ومعنويــ ًا ‪.‬‬
‫‪ -8‬تنظيــم ومراقبــة حــاالت االتجــار باألســلحة الناريــة واقتنائهــا‪ ،‬ووضــع ضوابط‬
‫قياســية لالمتــاك وفــق مــا تقتضيــه المصلحــة الوطنيــة العراقية‪.‬‬
‫‪ -9‬تطويــر أدوات التدريــب وفــق المقايســس العالميــة‪ ،‬والعمــل علــى توحيــد‬
‫مرجعيــة التدريــب‪.‬‬
‫‪ -10‬تحســين الخدمــات االداريــة للمواطنيــن مــن أجــل توســيع دائــرة الرضــا‬
‫والقبــول المجتمعــي ألداء وزارة الداخليــة‪.‬‬
‫‪ -11‬إنشــاء نظــام خــاص معنــي بأمــن الوثائــق الرســمية الخاصــة بــوزارة الداخليــة‬
‫ومنــع تســربها لالعــام ووســائل التواصــل االجتماعــي‪.‬‬
‫‪ -12‬إعــادة النظــر فــي تقييــم وتوزيــع القــوى العاملــة بالــوزراة‪ ،‬وتطويــر ادوات‬
‫التوظيــف والتعييــن‪.‬‬
‫‪ -13‬تشكيل نظام حماية الشهود والمخبرين المتعاونين في المجال األمني‪.‬‬
‫‪| 144‬‬
‫قارعلا ةيلخادلا ةرازول ينمالا ءادألا‬

‫‪ -14‬االســهام فــي تقديــم مقتــرح قانــون منــع التدخــل السياســي فــي عمــل وزارة‬
‫الداخليــة‪ ،‬وأبعــاد التأثيــرات الســلبية للمحاصصــة عــن منظومــة االدارة والقيــادة‬
‫بالــوزارة‪.‬‬

‫على مستوى مديريات الوزارة‬


‫‪ -1‬تشــكيل لجنــة معنيــة بتطويــر وهندســة العمــل االداري داخــل مراكــز الشــرطة‪،‬‬
‫والعمــل علــى ادخــال العامــل التقنــي فيهــا كنقطــة تحــول لتشــكيل مراكــز شــرطة‬
‫نموذجيــة واســراع الخطــى نحــو بلــوغ مشــروع الحكومــة االلكترونيــة‪.‬‬
‫‪ -2‬متابعــة ملفــات المجالــس التحقيقيــة وعــدد المنجــز منهــا‪ ،‬وتشــخيص أســباب‬
‫التاخيــر فــي حســم بقيــة الملفــات ووضــع الحلــول الســريعة لهــا‪.‬‬
‫‪ -3‬احــكام الســيطرة علــى المنافــذ الحدوديــة وجعلــه أولويــة قصــوى خــال‬
‫المرحلــة القادمــة‪.‬‬
‫‪ -4‬تطويــر وتحديــث االجهــزة الكاشــفة للمخــدرات مــن أجــل تعزيــز القــدرات‬
‫الوطنيــة لمكافحــة المخــدرات‪ ،‬فــي ظــل التخــوف مــن أن يتــم اســتخدام الطائــرات‬
‫المســيرة فــي نقــل وتوزيــع وتهريــب المخــدرات‪.‬‬
‫‪ -5‬تفعيــل قانــون مكافحــة المخــدرات والمؤثــرات العقليــة رقــم (‪ )50‬لســنة‬
‫‪2017‬م‪.‬‬
‫‪ -6‬زيــادة التنســيق بيــن مديريــة مكافحــة الجريمــة المنظمــة ومديريــة مكافحــة‬
‫المخــدرات وتشــكيل غرفــة عمــل مشــتركة نظــر ًا إلرتبــاط ملــف المخــدرات بملــف‬
‫الجريمــة المنظمــة فــي العــراق‪.‬‬
‫‪ -7‬دعــم مراكــز الدفــاع المدنــي باآلليــات والمعــدات الحديثــة‪ ،‬وزيــادة عــدد‬
‫مراكزهــا فــي االقضيــة والنواحــي‪.‬‬
‫‪ -8‬زيــادة عــدد أفــراد شــرطة الطاقــة وتحديــث تســليح أفرادهــا مــن أجــل التصــدي‬
‫بفاعليــة أكبــر لعصابــات التهريــب وســرقة المشــتقات النفطيــة‪.‬‬
‫‪ -9‬تطويــر أداء االعــام االمنــي وبمــا يتناســب وحجــم التحديــات‪ ،‬والعمــل علــى‬
‫إيصــال صوتــه لمختلــف شــرائح المجتمــع‪.‬‬
‫‪ -10‬تطويــر المناهــج النظريــة والعمليــة فــي معهــد اعــداد مفوضــي الشــرطة لرفــد‬
‫وزارة الداخليــة بالعناصــر الكفــؤة التــي تشــكل الخليــة الوســطى فــي هيــكل الــوزارة‪،‬‬
‫فضـ ًا عــن‪:‬‬
‫| ‪145‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪ -‬العمــل علــى ازالــة معوقــات عمــل المعهــد فيمــا يخــص تفعيــل قانــون المعهــد‬
‫ومعادلة الشــهادة‪.‬‬
‫‪ -‬إفتقــار المعهــد الــى الوســائل التوضيحيــة بمجــال التدريــب علــى األســلحة‪،‬‬
‫وهــذا األمــر يعنــي ضيــاع نصــف المنهــاج المخصــص للطلبــة والمتكــون مــن منهــج‬
‫بدنــي وآخــر تطبيقــي عســكري‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على توفير مختبر دعم للطب العدلي ولالسعافات األولية‪.‬‬
‫‪ -11‬إعــادة النظــر فــي رســم وتنفيــذ السياســة العامــة للســامة المروريــة بمــا‬
‫يتكفــل بتنظيــم الســير األمــن علــى الطــرق‪ ،‬وإعــادة العمــل باشــارات المــرور‪.‬‬
‫‪ -12‬العمــل علــى كتابــة مســودة اســتراتيجية للســامة المروريــة وبالتعــاون مــع‬
‫الجهــادة الســاندة‪ ،‬وعلــى أن تكــون بمســتوين‪:‬‬
‫االول ‪ /‬قصيرة المدى (‪2022-2020‬م)‬
‫الثاني‪ /‬بعيدة المدى (‪2026-2020‬م)‬
‫إذ تتضمــن المســودة حلــول عمليــة فــي ظــل الزيــادة المســتمرة للســكان‬
‫والمركبــات‪ ،‬وزيــادة عــدد التراخيــص الممنوحــة للســائقين الجــدد‪ ،‬وان يكــون‬
‫هدفهــا االســتراتيجي العــام هــو جعــل الطــرق فــي العــراق االكثــر أمن ـ ًا وتخفيــض‬
‫ا عــن رفــع مســتوى الوعــي‬ ‫عــدد الوفيــات الناجمــة عــن الحــودات المروريــة‪ ،‬فضـ ً‬
‫المــروري لــدى المواطنيــن ونشــر ثقافــة الســامة المروريــة فــي المجتمــع‪.‬‬
‫‪ -13‬تبنــي مشــروع المدينــة الطبيــة الخاصــة بمعالجــة الجرحــى مــن منتســبي‬
‫وزارة الداخليــة‪.‬‬
‫إن وزراة الداخليــة العراقيــة ورغــم التحديــات المتنوعــة التــي واجهتهــا أخــذت‬
‫تســتعيد عافيتهــا بصــورة متصاعــدة‪ ،‬بعــد تشــخيص المشــاكل والمعوقــات‬
‫ومحاولــة حلهــا‪ ،‬وعبــر قيــادة شــجاعة وذكيــة إســتطاعت تجــاوز المشــكالت‬
‫ا عــن إختيــار القيــادات المهنيــة القــادرة‬‫األمنيــة والتدخــات السياســية‪ ،‬فضــ ً‬
‫علــى مكافحــة الفســاد والتطبيــق النموذجــي للواجبــات والقوانيــن والتعليمــات‬
‫النافــذة‪ ،‬والعمــل علــى تطويــر العمــل المؤسســي للــوزارة عبــر إختيــار االشــخاص‬
‫المناســبين لتولــي المســؤولية األمنيــة‪.‬‬

‫‪| 146‬‬
‫قارعلا ةيلخادلا ةرازول ينمالا ءادألا‬

‫إن وزراة الداخليــة العراقيــة بالمجمــل نجحــت فــي العديــد مــن الواجبــات‬
‫اإلســتثنائية التــي أنيطــت بهــا وذات الطابــع العســكري والمتعلــق بمحاربــة‬
‫االرهــاب‪ ،‬ومتوقــع أن تســتمر تلــك النجاحــات ولتصبــح أكثــر قربـ ًا للمواطنيــن فــي‬
‫ســبيل تحقيــق األمــن واإلســتقرار فــي المجتمــع‪.‬‬

‫| ‪147‬‬
‫األمن السيبراني‬
‫تحدي خفي وإستجابة غير مدروسة‬

‫قــد اليبــدو ألول وهلــة أن هــذه الدراســة تقــدم وصفــة ناجعــة لتأميــن الفضــاء‬
‫الســيبراني‪ ،‬لكــن قــد تســتطيع أن تبيــن نهج ـ ًا مرن ـ ًا يمكــن تطبيقــه لمســاعدة اإلدارة‬
‫الوطنيــة علــى مراجعــة وتحســين وتأميــن مؤسســاتها وسياســتها وروابطهــا الحاليــة‬
‫التــي يمكــن أن تأثــر وتتأثــر باألمــن الســيبراني‪ ،‬فالــذي يديــر العالــم اليــوم هــو مــن‬
‫يملــك آليــات توظيــف هــذه البيئــة االلكترونيــة الجديــدة‪ ،‬وســيكون هــو األكثــر قــدرة‬
‫علــى التأثيــر فــي ســلوك الفاعليــن المســتخدمين لهــا‪ ،‬ونظــر ًا ألهميــة دعــم جهــود‬
‫الدولــة لألمــن القومــى وتنميــة المجتمــع العراقــي‪ ،‬خاصـ ًة فــى ظــل تزايــد التهديــدات‬
‫والتحديــات المســتقبلية فــي المجــال الســيبرانى والمجتمــع الرقمــي‪ ،‬ولرصــد‬
‫ومجابهــة المخاطــر والتهديــدات المتزايــدة فإنــه ينبغــي أن يكــون هنالــك مجلــس‬
‫لألمــن الســيبراني يرتبــط برئاســة مجلــس الــوزراء ليدعــم اإلســتراتيجية الوطنيــة‬
‫لألمــن الســيبراني ويعمــل علــى توزيــع األدوار بيــن الجهــات الحكوميــة والقطــاع‬
‫الخــاص ومؤسســات األعمــال والمجتمــع‪.‬‬
‫يــرى المختصــون بــأن طبيعــة العالــم الذكــي الــذي نعيــش فيــه والشــامل لهواتــف‬
‫ذكيــة‪ . .‬أجهــزة ذكيــة‪ . .‬مــدن ذكيــة‪ . .‬زراعــة ذكيــة‪ . .‬تســوق ذكــي‪ . .‬وأجهــزة‬
‫صحيــة ذكيــة‪ . .‬أصبــح يحتــم علــى الــدول أن تكــون لديهــا مؤسســات فاعلــة وخطط‬
‫واضحــة لمواجهــة مايرتبــط بهــا مــن تبعــات وتداعيــات‪ ،‬إذ يوجــد فــي العالــم حوالــي‬
‫(‪ )23‬بليــون جهــاز متصــل باإلنترنــت‪ ،‬أي أكثــر مــن البشــر بثالثــة أضعــاف‪ ،‬ويتو َّقــع‬
‫أن يصــل الرقــم إلــى أكثــر مــن (‪ )30‬بليون ـ ًا عــام ‪2020‬م‪ ،‬وأكثــر مــن (‪ )75‬بليــون‬
‫جهــاز فــي عــام ‪2025‬م‪ .‬فالعالــم اليــوم فــي ترابــط إلكترونــي لــم يســبق لــه مثيــل‪،‬‬
‫وبــات الــذكاء االصطناعــي يتحكــم بحياتنــا بشــكل إيجابــي مــن دون شــك‪ ،‬لكنــه‬
‫اليخلــو مــن المخاطــر‪.‬‬

‫‪| 148‬‬
‫ناربيسلا نمألا‬

‫بــدأت المخــاوف فــي المجــال الســيبراني نتيجــة لجملــة مــن المؤشــرات والمظاهــر‬
‫التــي تتعلــق بــأداء الــدول فيمــا بينهــا‪ ،‬ويبــدو أن األبــرز بيــن هــذه المظاهــر هــو معطيين‬
‫رئيســيين فــي المجال الســيبراني‪:‬‬
‫المعطــى األول‪ :‬أصبحــت الــدول الصغــرى بــل حتــى األفــراد يمكنهــا التأثيــر فــي‬
‫الــدول الكبــرى مــن خــال األســلحة الســيبرانية‪ ،‬ففــي الفضــاء الســيبراني لــم تعــد‬
‫الــدول الكبــرى هــي الفاعــل المؤثــر فيــه فقــط‪ ،‬بــل يمكــن إمتــاك أســلحة ســيبرانية‬
‫مــن قبــل الــدول الصغــرى والتأثيــر علــى الــدول الكبــرى‪ ،‬دون إمكانيــة اكتشــافها‪،‬‬
‫بــل األكثــر مــن ذلــك أنــه بأســتطاعة فــرد التأثيــر فــي دولــة بإختراقهــا ســيبراني ًا‪ ،‬دون‬
‫الوصــول لهويــة ومــكان هــذا الفــرد‪.‬‬
‫المعطــى الثانــي‪ :‬لــم تعــد هنــاك ســيادة كاملــة للــدول علــى فضائهــا األلكترونــي‬
‫فــأن جميــع دول العالــم باتــت عرضــة لالختــراق‪ ،‬لذلــك تصــدرت أولويــة األمــن‬
‫الســيبراني فــي اســتراتيجيات معظــم الــدول‪.‬‬
‫هنــاك أحــداث مهمــة كانــت ســبب في ســعي أغلــب الــدول إلنشــاء جيش ســيبراني‬
‫مثــل الواليــات المتحــدة االمريكيــة وفرنســا والمانيــا والصيــن وروســيا االتحاديــة أو‬
‫إنشــاء هيئــات ومجالــس ســيبرانية مثــل إيــران وتركيــا والمملكــة العربيــة الســعودية‬
‫واالمــارات العربيــة المتحــدة والمغــرب والجزائــر ومصــر وســوريا‪ ،‬وهــذا أن دل‬
‫علــى شــيء يــدل علــى أن هنــاك صــراع ســيبراني أن لــم نبالــغ بالقــول بأنهــا حــرب‬
‫ســيبرانية قادمــة‪.‬‬
‫فض ـ ًا عــن أن هنــاك العديــد مــن األحــداث التــي غيــرت اســتراتيجية دول العالــم‬
‫بإتجــاه أهميــة بنــاء اســتراتيجية لألمــن الســيبراني الوطنــي بســبب التداعيــات التــي‬
‫نشــأت مــن هجمــات اإلختــراق أو التهكيــر والتــي نشــأ عــن طريقهــا التفكيــر بأهميــة‬
‫بنــاء إســتراتيجية وطنيــة فاعلــة لألمــن الســيبراني‪.‬‬

‫التداعيات الدولية التي دفعت الدول لبناء استراتيجية لألمن السيبراني‬


‫او ًال‪ :‬تهكيــر دولــة أســتونيا بالكامــل وفــي مابعــد تهكيــر دولــة جورجــا بضربــة‬
‫ســيبرانية غيــر مســبوقة فــي العالــم(((‪.‬‬

‫‪ - .1‬يمكــن االطــاع علــى الملحــق او علــى الرابــط التالــي يوفــر كافــة التفاصيــل ‪https: //arb. majalla.‬‬
‫‪/com/2017/03‬‬

‫| ‪149‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫ثانيــاً‪ :‬ضــرب بعــض مفاعــل ايــران النوويــة (بفايــروس ستاكســنت) وتعطيلهــا‬


‫وضــرب هــذا الفايــروس الهنــد واندنوســيا وباكســتان(((‪.‬‬
‫إن هذيــن الحدثيــن مــن أهــم األحــداث الســيبرانية التــي شــكلت حافــز دولــي‬
‫لتطويــر األمــن الســيبراني للــدول فلــم يعــد العالــم الســيبراني بعــد هذيــن الحدثيــن‬
‫كمــا كان قبلهمــا كان التطــور فــي مجــال األمــن الســيبراني يشــكل نســبة عاليــة فــي‬
‫اســتراتيجيات الــدول لكــن بعــد هاذيــن الحدثيــن أصبــح يشــغل المســاحات الكبيــرة‬
‫والرائــدة فــي اســتراتيجيات الــدول كافــة‪.‬‬
‫ثالث ـاً‪ :‬حــوادث كثيــرة هــزت األمــن القومــي للــدول (تهكيــر البنتاغــون‪ ،‬البيــت‬
‫األبيــض‪ ،‬وكالــة ناســا‪ ،‬بنــوك فــي الواليــات المتحــدة وســرقة أمــوال‪ . . . . .‬الــخ‬
‫((()‬
‫رابعــا‪ :‬تهكيــر األنتخابــات األمريكيــة وأتهــام روســيا‪ ،‬وتهكيــر اإلنتخابــات‬
‫الفرنســية وإتهــام روســيا كذلــك‪ ،‬فضــ ًا عــن اإلتهامــات المووجهــة إلــى روســيا‬
‫بتهكيــر اإلنتخابــات االلمانيــة‪.‬‬
‫خامس ـاً‪ :‬عمليــات ســيبرانية وســرقة المعلومــات واالبتــكارات والتأثيــر باقتصــاد‬
‫الــدول وخصوصــ ًا الحــرب الدائــرة بيــن الصيــن والواليــات المتحــدة األمريكيــة‬
‫وتتهــم األخيــرة الصيــن بأنهــا تســرق بيانــات مــن شــركات أمريكيــة عــن طريــق التســلل‬
‫االلكترونــي‪.‬‬
‫سادســاً‪ :‬عمليــات ســيبرانية لتهكيــر الهواتــف‪ :‬تهكيــر هواتــف رؤســاء الــدول‬
‫مثــل اختــراق هاتــف الرئيــس بــاراك اوبامــا والرئيــس انيجيليــا ميــركل‪ . . .‬الــخ (((‪.‬‬
‫سابع ًا‪ :‬عمليات سيبرانية لتحريك الرأي العام بطرق مختلفة‪.‬‬

‫‪ .1‬يمكــن االطــاع علــى اختــراق شــبكات الكمبيوتــر المتعلقــة بالبرنامــج النــووي اإليرانــي فــي الملحــق‬
‫او علــى الرابــط التالــي ‪/https: //www. alarabiya. net/ar/iran/2015/02/17‬‬

‫‪ .2‬يمكــن االطــاع علــى الملحــق فــي اختــراق كمبيوتــرات وزارة الدفــاع األمريكيــة «البنتاغــون» ووكالــة‬
‫الفضــاء والطيــران األمريكيــة «ناســا»‪.‬‬
‫‪ .3‬للمزيد ينظر على الرابط التالي او في الملحق‪.‬‬

‫‪| 150‬‬
‫ناربيسلا نمألا‬

‫التحديات الوطنية في المجال السيبراني‬


‫بمــا أن الملعلومــات الرقميــة تعــد اليــوم ثــروة ترتبــط بثقافــة النــاس وتوجاهتهــم‬
‫اإلجتماعيــة والسياســية والثقافيــة وترتبــط إرتباطـ ًا وثيقـ ًا بسياســية الــدول اإلقتصاديــة‬
‫والسياســية والعســكرية واالجتماعيــة‪ ،‬فإنهــا تمثــل تحديــ ًا مهمــ ًا يواجــه أمــن‬
‫المعلومــات حيــث تشــكل تلــك التحديــات خطــر ًا كبيــر ًا ومعقــد ًا يحتــاج التصــدي‬
‫لــه وجــود إرادة سياســية متماســكة وقــرار حاســم لتصميــم اســتراتيجية تطويــر البنــى‬
‫التحتيــة للخدمــات الســيبرانية‪ ،‬ممــا يســهم ذلــك فــي زيــادة النمــو المرغــوب فيــه‬
‫سياســي ًا واقتصاديــ ًا واجتماعيــ ًا وعســكري ًا‪.‬‬

‫‪ -1‬إن أهــم حــدث مــر بــه العــراق بعــد عــام ‪ 2003‬هــو إحتــال ثــاث‬
‫محافظــات فــي العــراق مــن قبــل كيــان داعــش االرهابــي‪ ،‬إذ تمــت تعبئــة عناصــر‬
‫داعــش للهجــوم علــى المحافظــات عــن طريــق االنترنيــت لــم تكــن ســرية الــى درجــة‬
‫ال يمكــن اكتشــافها بــل النهــم اســتخدموا (االنترنيــت المظلــم) ولــم تكــن لــدى‬
‫صانــع القــرار المعلومــات الكافيــة فــي هــذه الشــأن‪ ،‬ومــن ثــم بعــد دخولهــم العــراق‬
‫كانــوا يجنــدون أتباعهــم عبــر مواقــع لــم يكــن معرفتهــا بأمــر مســتحيل لكــن‪ ،‬لضعــف‬
‫القــدرات الوطنيــة فــي المجــال الســيبراني لــم يكــن مــن الســهل معالجتهــا‪ .‬ومــن ثــم‬
‫إعتمــد اقتصــاد داعــش االرهابــي بشــكل كبيــر علــى بيــع النفــط‪ ،‬وكان يصــدر النفــط‬
‫عــن طريــق موقــع فــي (االنترنيــت المظلــم) ويســتخدمون العملــة الرقميــة (البيتكوين)‬
‫لشــراء مــا يحتاجــون مــن أســلحة وذخائــر وجميــع مــا تتطلبــه العمليــات التــي يقومــون‬
‫بهــا‪.‬‬
‫ورغــم القضــاء علــى تنظيــم داعــش اإلرهابــي مــن الناحيــة العســكرية‪ ،‬إال‬
‫أنهــم اليزالــوا يديــرون نشــاطاتهم بإســتخدام الفضــاء الســيبراني بــكل حريــة لتنفيــذ‬
‫عملياتهــم ويكــون منطلقهــا القــادم فــي تنفيــذ أي عمليــات مســتقبلية‪ ،‬إذ مايــزال‬
‫هنالــك صعوبــات مــن الناحيــة الفنيــة للحجــز علــى أموالهــم أو إختــراق وتهكيــر‬
‫مواقعهــم لقطــع التواصــل بينهــم أو الكشــف المســبق للعمليــات االرهابيــة التــي‬
‫حصلــت فــي العــام الماضــي‪ ،‬فض ـ ًا عــن أنــه مايــزال بإمكانهــم تجنيــد األشــخاص‬
‫وتعليمهــم صناعــة المتفجــرات والتفجيــر فــي المــكان المطلــوب عبــر االنترنيــت‪.‬‬

‫| ‪151‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪ -2‬خطورة التجسس السيبراني واختراق األنظمة‪:‬‬


‫تنتشــر العديــد مــن برامــج التجســس المســتخدمة ألســباب سياســية لتهديــد أمــن‬
‫وســامة الدولــة‪ ،‬إذ يقــوم المجــرم بــزرع برنامــج التجســس قبــل قدومهــا أو إختــراق‬
‫األنظمــة اإللكترونيــة بعــد قدومهــا لتقــوم بعدهــا شــبكات اإلختــراق بهــدم أنظمــة‬
‫النظــام واإلطــاع علــى المخططــات العســكرية أو اإلقتصاديــة التــي تخــص أمــن‬
‫البــاد‪.‬‬

‫‪ -3‬حمايــة الحــدود‪ :‬أن مــن ضمــن المخاطــر التــي يواجههــا العــراق إختــراق‬
‫الحــدود ســواء عــن طريــق االختــراق التقليــدي كاالرهابييــن أو االختــراق االلكترونــي‬
‫كالطائــرات المســيرة التــي يمكــن لهــا إختــراق العمــق العراقــي وتنفيــذ عمليــات دون‬
‫تأميــن امكانيــة اكتشــاف هجومهــا وبعــض النظــر عــن امكانيــة ايقافهــا‪.‬‬

‫‪ -٤‬خطورة األختراق السيبراني لألنتخابات‪:‬‬


‫إن واحــدة مــن المخاطــر التــي تتصــل بالمجــال الســيبراني هــو إمكانيــة إختــراق‬
‫العمليــة اإلنتخابيــة خاص ـ ًة وأن العــراق مقبــل علــى مرحلــة التصويــت األلكترونــي‪،‬‬
‫إذ قــد يــؤدي اإلختــراق الســيبراني لإلنتخابــات إلــى أزمــات سياســية كبيــرة فــي مجــال‬
‫التشــكيك بنتائــج اإلنتخابــات أو التالعــب باألصــوات ممــا يجعــل البلــد أمــام منعطف‬
‫خطيــر فــي هــذا الجانــب‪.‬‬

‫‪ -٥‬خطورة أختراق البنوك بعمليات سيبرانية‪:‬‬


‫بعــد أن إتجهــت الدولــة العراقيــة لتوطيــن الرواتــب مــن أجــل القضاء علــى عمليات‬
‫الفســاد التــي تتصــل بهــذا الموضــوع‪ ،‬قامــت أغلــب المصــارف الــى توطيــن الرواتــب‬
‫بواســطة الفيــزا كارد او الكــي كارد وغيرهــا‪ ،‬ففــي ظــرف ســنة ســيكون ‪ ٪70‬أو اكثــر‬
‫موطنــه رواتبهــم‪ ،‬لكــن هنــاك خطــر كبيــر فــي إحتمــال حصــول أي إختــراق الكترونــي‬
‫للبنــوك وســرقة االمــوال (الرواتــب) وهــذا يعــد مــن اإلحتمــاالت المتوقعــة بشــكل‬
‫كبيــر والحــوادث التاريخيــة كبيــرة وكثيــرة‪ ،‬ممــا ســيؤدي الــى مشــاكل كبيــرة وخلــل‬
‫كبيــر فــي أمــن الدولــة المالــي‪ .‬فضـ ًا عــن ذلــك فقــد ترتبــط الهجمــات الســيبرانية بمــا‬
‫يعــرف بأمــوال الفســاد ‪ Black money‬التــي تعنــي إمكانيــة تهريــب هــذه األمــوال عــن‬
‫طريــق االنترنيــت ممــا يؤثــر علــى أمــن وإقتصــاد الدولــة‪.‬‬
‫‪| 152‬‬
‫ناربيسلا نمألا‬

‫‪ -٦‬اإلختراق السيبراني للرأي العام والتأثير فيه‬


‫يعتمــد اإلرهابيــون علــى إســتخدام وســائل االتصــال الحديثــة وشــبكة األنترنــت‬
‫مــن أجــل بــث ونشــر معلومــات مغلوطــة‪ ،‬والتــي قــد تــؤدي لزعزعــة االســتقرار‬
‫فــي البــاد وإحــداث الفوضــى بهــدف تنفيــذ مصالــح سياســية ومخططــات إرهابيــة‪،‬‬
‫وتضليــل عقــول الشــباب لإلنتفــاع بمصالــح شــخصية‪.‬‬
‫ظهــرت العالقــة مابيــن الفضــاء اإللكترونــي واألمــن الدولــي‪ ،‬خاصــة مــع التوســع‬
‫فــي تبنــي الحكومــات األلكترونيــة‪ ،‬وإتســاع نطــاق مســتخدمي وســائل االتصــال‬
‫وتكنولوجيــا المعلومــات فــي العالــم‪ ،‬إذ تصبــح قواعــد البيانــات القوميــة فــي حالــة‬
‫إنكشــاف خارجــي‪ ،‬وهــذا مايعرضهــا لخطــر التعــرض لهجمــات الفضــاء األلكترونــي‬
‫إلــى جانــب الدعايــة والمعلومــات المضللــة ونشــر الشــائعات أو نشــر أســرار الدولــة‬
‫أو الدعــوة ألعمــال تحريضيــة‪.‬‬

‫‪ -٧‬التهديــدات المســتمرة لمواقــع الــوزارات وخصوصــ ًا التربيــة والتعليــم‬


‫العالــي وباقــي الــوزارات وســرقة البيانــات المهمــة أو تســريب االســئلة‪ ،‬أو التالعــب‬
‫فيهــا ألثــارة الفوضــى فــي البــاد‪.‬‬

‫‪ -٨‬جرائــم تســبب األذى لألفــراد‪ :‬إنتحــال الشــخصية‪ ،‬تهديــد األفــراد‪ ،‬جرائــم‬


‫القــذف والتشــهير‪ ،‬االحتيــال االلكترونــي‪ ،‬وقــد إنتشــرت جميــع هــذه الجرائــم فــي‬
‫مجتمعنــا فــي األونــة األخيــرة بســبب ضعــف القــدرات الدفاعيــة الســيبرانية فــي هــذا‬
‫المجــال‪.‬‬

‫‪ -٩‬إمكانيــة توظيــف الســيبرانية عســكرياً‪ :‬دفعت المزايــا االســتراتيجية لهجمات‬


‫الفضــاء االلكترونــي الــى إمكانيــة توظيفهــا عســكري ًا فــي ظــل إعتمــاد الــدول علــى‬
‫األنظمــة اإللكترونيــة فــي جميــع منشــآتها الحيويــة‪ ،‬والعمــل علــى توظيــف الفضــاء‬
‫اإللكترونــي فــي تعظيــم قــوة الــدول‪ ،‬عــن طريــق إيجــاد ميــزة أو تفــوق أو تأثيــر فــي‬
‫البيئــات المختلفــة‪ ،‬ومــن ثــم ظهــر مايعــرف «االســتراتيجية الســيبرانية» للــدول‪،‬‬
‫والتــي تشــير إلــى القــدرة علــى التنميــة‪ ،‬وتوظيــف القــدرات للتشــغيل فــي الفضــاء‬
‫اإللكترونــي‪ ،‬وذلــك باإلندمــاج والتنســيق مــع المجــاالت العملياتيــة األخــرى‬
‫لتحقيــق أو دعــم إنجــاز األهــداف عبــر عناصــر القــوة القوميــة‪.‬‬
‫| ‪153‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫ركائز األمن السيبراني‬


‫‪ -١‬تطوير إستراتجية وطنية لألمن السيبراني وحماية البنية التحتية للمعلومات‪.‬‬
‫أن نقطــة انطــاق األمــن الســيبراني الوطنــي تبــدأ بتطويــر سياســة وطنيــة‪،‬‬
‫اقتصاديــة‪ ،‬عســكرية‪ ،‬اجتماعيــة لرفــع الوعــي حــول قضايــا األمــن الســيبراني‬
‫والحاجــة إلجــراءات وطنيــة جــادة والــى التعــاون الدولــي‪.‬‬

‫‪ -٢‬إنشاء تعاون وطني بين الحكومة ومجتمع صناعة االتصاالت والمعلومات‬


‫(القطاع الخاص)‪.‬‬
‫تتمثــل هــذه الخطــوة بتطويــر المخطــط الوطنــي لتحفيــز األمــن الســيبراني بهــدف‬
‫تقليــص مخاطــر وأثــار التهديــدات الســيبرانية وتتضمــن إنشــاء مجلــس أمــن ســيبراني‬
‫والمشــاركة فــي الجهــود الدوليــة واإلقليميــة لتحفيــز الوقايــة الوطنيــة‪ ،‬والتعافــي مــن‬
‫الحــوادث الســيبرانية‪.‬‬

‫‪ -٣‬ردع الجريمة السيبرانية‪:‬‬


‫ويرتبــط هــذا المســتوى فــي األداء بالقدرة علــى تنمية القــدرات الدفاعية الســيبرانية‬
‫وتطويــر إمكانيــات العامليــن فــي قطــاع األمــن الســيبراني وتنظيــم عمليــة التنســيق بيــن‬
‫مختلــف المؤسســات التــي يرتبــط أداءهــا بالمجــال الســيبراني فــي وزارات الداخليــة‬
‫والعــدل وجهــاز األمــن الوطنــي‪.‬‬

‫‪ -٤‬خلق قدرات وطنية‪ :‬ضمن برنامج يعد في تقارير منفردة‪:‬‬


‫يكــون ضمــن برنامــج يعــد فــي تقريــر منفصــل لكســب جميــع القــدرات الوطنيــة‬
‫الذيــن يســتطيعون العمــل فــي هــذا المجلــس ضمــن مواصفــات اســتراتيجية وفنيــة‬
‫معينــة‪ ،‬ومــن ثــم القيــام بتدريبهــم بواســطة خبــراء عراقيــن ودوليــن علــى األمــن‬
‫الســيبراني‪.‬‬

‫‪ -٥‬تحفيــز ثقافــة وطنيــة لألمــن الســيبراني‪ :‬والتــي تســهم فــي الحــد مــن ظاهــرة‬
‫الجرائــم الســيبرانية وإســتغالل الــرأي العــام األلكترونــي والتحكــم فيــه‪.‬‬

‫‪| 154‬‬
‫ناربيسلا نمألا‬

‫إقامة التعاون بين الحكومة الوطنية والقطاع الخاص‬


‫تعــد حمايــة البنيــة التحتيــة الحيويــة للمعلومــات والفضــاء الســيبراني مســؤولية‬
‫مشــتركة يمكــن إنجازهــا علــى أفضــل وجــه عــن طريــق التعــاون بيــن الحكومــات‬
‫علــى جميــع المســتويات والقطــاع الخــاص‪( ،‬شــبكات االتصــال واالنترنيــت) الــذي‬
‫يمتلــك ويديــر جانبـ ًا كبيــر ًا مــن البنيــة التحتيــة‪ .‬وبالطبــع‪ ،‬يجــب أن تكــون للجهــات‬
‫الحكوميــة الكلمــة الفاصلــة فــي أي قــرارات وطنيــة تتخــذ‪ .‬فــإن التعــاون بيــن مالكــي‬
‫هــذه األنظمــة ومشــغليها مــن شــأنه أن يعــزز وجــود نظــام لألمــن يتســم بالفعاليــة‬
‫واالســتدامة‪.‬‬

‫البرنامج العالمي لالمن السيبراني‪:‬‬


‫يلخــص تقريــر رئيــس فريــق الخبــراء رفيــع المســتوى المعنــي بالبرنامــج العالمــي‬
‫لألمــن الســيبراني الــذي أطلقــه األميــن العــام فــي ‪ 17‬مايــو ‪ 2007‬مقترحــات الخبــراء‬
‫بشــأن األهــداف االســتراتيجية الرئيســية المتجســدة فــي هــذه المبــادرة‪ ،‬مــع التركيــز‬
‫علــى التوصيــات ذات الصلــة فــي مجــاالت العمــل الخمــس التاليــة‪:‬‬
‫■التدابيــر القانونيــة‪ :‬وتركــز «التدابيــر القانونيــة» ضمــن مجــاالت العمــل‬
‫هــذه علــى كيفيــة تنــاول التحديــات القانونيــة التــي تثيرهــا األنشــطة اإلجراميــة‬
‫المرتكبــة علــى شــبكات تكنولوجيــا المعلومــات واالتصــاالت بطريقــة‬
‫متوافقــة دوليــ ًا‪.‬‬
‫■التدابيــر التقنيــة واإلجرائيــة‪ :‬وتركــز «التدابيــر التقنيــة واإلجرائيــة» علــى‬
‫التدابيــر الرئيســة لتعزيــز إعتمــاد نهــج معــززة لتحســين األمــن وإدارة المخاطــر‬
‫فــي الفضــاء الســيراني‪ ،‬بمــا فــي ذلــك مخططــات وبروتوكــول ومعاييــر‬
‫االعتمــاد‪.‬‬

‫| ‪155‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫■الهيــكل التنظيمــي‪ :‬يركــز «الهيــكل التنظيمــي» علــى الوقايــة مــن الهجمــات‬


‫الســيبرانية والكشــف عنهــا واالســتجابة لهــا وإدارة األزمــات‪ ،‬بمــا فــي ذلــك‬
‫حمايــة أنظمــة البنيــة التحتيــة الحيويــة للمعلومــات‪.‬‬
‫■بنــاء القــدرات‪ :‬يركــز «بنــاء القــدرات» كمــا قلنــا ســابق ًا علــى انشــاء مجلــس‬
‫أمــن ســيبراني مــن القــدرات الوطنيــة ووضــع اســتراتيجيات آلليــات بنــاء‬
‫القــدرات الســتثارة الوعــي‪ ،‬ونقــل المعــارف‪ ،‬وتقويــة األمــن الســيبراني فــي‬
‫برنامــج السياســة الوطنيــة‪.‬‬
‫■التعــاون الدولــي (((‪ :‬ويركــز «التعــاون الدولــي» علــى التعــاون والحــوار‬
‫والتنســيق الدولــي فــي تنــاول قضايــا األمــن الســيبراني‪.‬‬

‫عرض عام لألهداف‬


‫‪1 .‬توفيــر الحمايــة الســيبراينة‪ :‬يجــب توفيــر الحمايــة الســيبرانية للســلطة‬
‫التنفيذيــة والتشــريعية والقضائيــة وبعــد توفيــر الحمايــة الســيبرانية لكافــة‬
‫موسســات الدولــة‪ ،‬يمتــدد الهــدف لتوفيــر الحمايــة الســيبراينة للمواطنيــن‪.‬‬

‫‪ - .1‬يمكــن االطــاع علــى النــص الكامــل لمشــروع الــرأي ‪ 4‬للمنتــدى العالمــي لسياســات االتصــاالت‬
‫علــى الموقــع‪.http: //www. itu. int/osg/csd/wtpf/wtpf2009/documents/opinion4. pdf:‬‬

‫‪| 156‬‬
‫ناربيسلا نمألا‬

‫‪2 .‬وضــع اســتراتيجية ســيبرانية وطنيــة‪ :‬وضــع اســتراتيجية األمــن الســيبراني‬


‫لحمايــة الهيــاكل األساســية الحيويــة للمعلومــات والفضــاء الســيبراني مــن‬
‫الهجمــات الســيبرانية والهجمــات األخــرى‪.‬‬
‫‪3.‬المشــاركة فــي الجهــود الدوليــة الراميــة إلــى تنســيق األنشــطة الوطنيــة ذات‬
‫الصلــة بالوقايــة مــن الحــوادث واإلســتعداد والتصــدي لهــا‪ ،‬والتعافــي منهــا‪.‬‬
‫إن األهــداف الســابقة مشــتركة بيــن جميــع البلــدان؛ بيــد أن الخطــوات المحــددة‬
‫التــي تتخــذ لتنفيذهــا تتبايــن بحســب االحتياجــات والظــروف التــي ينفــرد بهــا كل‬
‫بلــد‪ .‬وســوف تتولــى الحكومــات الوطنيــة‪ ،‬فــي كثيــر مــن البلــدان‪ ،‬االطــاع بهــذه‬
‫الخطــوات وتقييــم إحتياجاتهــا وأولوياتهــا وفقـ ًا لمــا تمتلكــه مــن مــوارد وإحتياجــات‬
‫فــي هــذا الشــأن‪.‬‬

‫استراتيجية وطنية تحدد األدوار والمسؤوليات‬


‫مــا إن يتــم تحديــد سياســة عامــة واضحــة لألمــن الســيبراني‪ ،‬فــإن هــذه السياســة‬
‫يمكــن التوســع فيهــا عــن طريــق اســتراتيجية وطنيــة تحــدد األدوار والمســؤوليات‪،‬‬
‫وتضــع األولويــات‪ ،‬وتقــرر األطــر الزمنيــة والقياســات المتعلقــة بالتنفيــذ‪ .‬وباإلضافــة‬
‫إلــى ذلــك‪ ،‬فــإن السياســة واالســتراتيجية قــد يضعــان أيضــ ًا الجهــود الوطنيــة فــي‬
‫ســياق األنشــطة الدوليــة األخــرى المضطلــع بهــا فــي مجــال األمــن الســيبراني‪.‬‬
‫ومــن أجــل وضــع سياســة عامــة لألمــن الســيبراني‪ ،‬قــد يكــون مــن الضــروري‬
‫زيــادة الوعــي بالمســائل التــي ينطــوي عليهــا األمــر فيمــا بيــن كبــار المســؤولين عــن‬
‫اتخــاذ القــرارات‪ .‬ويتعيــن علــى هــؤالء المســؤولين أن يدركــوا أن بلــوغ األهــداف‬
‫المتفــق عليهــا لألمــن الســيبراني قــد يســتغرق فتــرة طويلــة‪.‬‬
‫‪1.‬تحديــد شــخص رئيســي ومؤسســة رائــدة لتولــي االضطــاع بالجهــد الشــامل‬
‫علــى المســتوى الوطنــي‪ ،‬وتحديــد المــكان الحكومــي الــذي ينبغــي أن ينشــأ‬
‫فــي إطــاره فريــق اإلســتجابة لحــوادث األمــن الســيبراني‪.‬‬
‫‪2.‬تحديــد الخبــراء وواضعــي السياســات المالئميــن داخــل الــوزارات‬
‫الحكوميــة‪ ،‬والســلطات الحكوميــة والقطــاع الخــاص وأدوارهــم‪.‬‬
‫إذ تتطلــب اإلجــراءات الوطنيــة الفعالــة إدراج «ثقافــة األمــن الســيبراني» بيــن جميــع‬
‫المشــاركين‪ .‬وعلــى جميــع األفــراد والمؤسســات داخــل الحكومــة وخارجهــا‪ ،‬الذين‬
‫يضعــون أنظمــة وشــبكات المعلومــات ويمتلكونهــا ويو ّ َردونهــا ويديرونهــا ويقومــون‬
‫| ‪157‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫بصيانتهــا ويســتعملونها‪ ،‬تفهــم الــدور الــذي يتعيــن أن يضطلعــوا بــه واإلجــراءات‬


‫التــي ينبغــي اتخاذهــا‪ .‬ويجــب علــى كبــار صانعــي السياســات وقــادة القطــاع الخــاص‬
‫تحديــد األهــداف واألولويــات داخــل مؤسســاتهم‪ .‬ويتعيــن علــى كبــار الخبــراء‬
‫الفنييــن توفيــر الخطــوط التوجيهيــة واألطــر الالزمــة التخــاذ اإلجــراءات المطلوبــة‪.‬‬
‫‪3.‬تحديد الترتيبات التعاونية لجميع المشاركين‪.‬‬
‫ينبغــي للحكومــات الوطنيــة أن تعــزز‪ ،‬علــى الســواء‪ ،‬مــن الترتيبــات التعاونيــة‬
‫الرســمية وغيــر الرســمية التــي تتيــح وتشــجع االتصــال وتبــادل المعلومــات فيمــا بيــن‬
‫القطــاع الخــاص والحكومــة‪ .‬وســوف ينفــذ األمــن الســيبراني علــى المســتوى التقنــي‬
‫أو التشــغيلي بواســطة طائفــة عريضــة مــن المؤسســات الحكوميــة وغيــر الحكوميــة‪.‬‬
‫وينبغــي أيض ـ ًا تنســيق هــذه الجهــود وإدراج آليــة لتقاســم المعلومــات‪.‬‬
‫‪4.‬تحديد النظراء الدوليين على المستوى المحلي للمشاركين المحليين‪:‬‬
‫إن تعزيــز الجهــود الدوليــة لمعالجــة قضايــا األمــن الســيبراني‪ ،‬بمــا فــي ذلــك‬
‫تقاســم المعلومــات وجهــود المســاعدة‪ ،‬يجــب أن يأخــذ في اإلعتبــار نتائج المشــروع‬
‫المتعلــق بتنفيــذ القــرار ‪ 45‬الصــادر عــن المؤتمــر العالمــي لتنميــة االتصــاالت لعــام‬
‫‪ .2006‬ســيحصل الجهــد الرامــي إلــى تحســين األمــن الســيبراني الوطنــي علــى‬
‫المســاعدة عــن طريــق المشــاركة فــي المنتديــات اإلقليميــة أو الدوليــة التــي يمكــن أن‬
‫توفــر التعليــم والتدريــب‪ ،‬فــي شــكل مؤتمــرات وورش عمــل فــي أغلــب األحيــان‪.‬‬
‫وتقــوم هــذه المنتديــات باســتثارة الوعــي بالقضايــا‪ ،‬وتوفيــر عــروض الخبــراء‪،‬‬
‫وإتاحــة الفرصــة للبلــدان لتقاســم أفكارهــا وخبراتهــا ومنظوراتهــا‪ .‬كمــا يمكــن أن‬
‫تســاعد فــي هــذا الجهــد المشــاركة أو العضويــة فــي المنظمــات اإلقليميــة والدوليــة‬
‫العاملــة نحــو تحقيــق أهــداف مماثلــة‪.‬‬
‫‪5.‬تقييــم الحالــة الراهنــة لألمــن الســيبراني وإعــادة تقييمــه دوريــ ًا ووضــع‬
‫أولويــات البرامــج‪.‬‬
‫ينبغــي أن تتضمــن االســتراتيجية الوطنيــة لألمــن الســيبراني مســح ًا وطنيـ ًا ألغراض‬
‫التقييــم‪ ،‬يمكــن إســتخدامه فــي عمليــات التقييــم الذاتــي للتقــدم الــذي يجــري إحــرازه‬
‫كجــزء مــن التدريــب أو جهــد التقييــم‪.‬‬

‫‪| 158‬‬
‫ناربيسلا نمألا‬

‫هيكلية قيادة مجلس األمن السيبراني‬


‫إن طبيعــة التحديــات التــي تواجــه الدولــة فــي مجــال األمــن الســيبراني يجعــل‬
‫مــن الضــرورة أن تكــون هنالــك مؤسســات عليــا قــادرة علــى تقييــم التحديــات‬
‫والتهديــدات ومــن ثــم التعامــل معهــا بهامــش كبيــر مــن المرونــة مــن أجــل تكــون‬
‫اإلســتجابة موازيــة للفعــل الموجــه‪ .‬تتبــع الــدول إســتراتيجيات متنوعــة بحســب‬
‫طبيعــة التهديــدات الســيبرانية التــي تواجههــا وبحســب ماتمتلكــه مــن مناطــق معرضــة‬
‫للتهديــد األلكترونــي‪ ،‬إال أن الجهــد الــذي تشــترك فيــه معظــم الــدول أنهــا بــدأت‬
‫تلجــأ إلــى تشــكيل مجلــس وطنــي لألمــن الســيبراني يأخــذ علــى عاتقــه تشــخيص‬
‫التهديــدات وبنــاء إســتراتيجيات الحمايــة الالزمــة فــي هــذا المجــال‪،‬‬
‫أوأل‪ :‬يكــون بقيــادة وإشــراف القائــد العــام للقــوات المســلحة الســيد رئيــس‬
‫الــوزراء‪.‬‬
‫ثانيـاً‪ :‬أشــراف وزيــر الدفــاع وعضويــة المخططيــن األســتراتيجين‪ ،‬واالتصــاالت‬
‫وممثليــن عــن وزارت الداخليــة والخارجيــة والعــدل وجهــاز األمــن الوطنــي‬
‫والمخابــرات ومكافحــة اإلرهــاب والبنــك المركــزي ووزارة النفــط والكهربــاء‬
‫والماليــة والتخطيــط والصحــة والمــوارد المائيــة‪.‬‬
‫ثالثــاً‪ :‬أدارة مجلــس الخبــراء (المخططيــن األســتراتيجين االشــراف العــام‪،‬‬
‫الفنييــن وهــم تنفيذيــن‪ ،‬المخترعيــن لالســلحة الســيبرانية الدفاعيــة والهجوميــة)‪.‬‬
‫رابعــاً‪ :‬اختيــار شــركات أو دول بعيــدة عــن الصراعــات الدوليــة ورائــدة فــي‬
‫األمــن الســيبراني مثــل هنــاك شــركات مســتقلة ودول مثــل االتحــاد االوربــي ودولــة‬
‫(ســنغافورة) لتدريــب وتطويــر الكــوادر الوطنيــة علــى األمــن الســيبراني فــي اعلــى‬
‫مســتوى‪.‬‬

‫اختصاصات مجلس األمن السيبراني‬


‫‪1.‬وضــع خطــة اســتراتيجية وطنيــة لألمــن الســيبراني ومــن ثــم اإلشــراف علــى‬
‫تنفيذهــا‪.‬‬
‫‪2.‬متابعــة اإللتــزام فــي تحديــث السياســات والضوابــط واإلرشــادات المتعلقــة‬
‫فــي األمــن الســيبراني‪.‬‬
‫‪3.‬وضع أنظمة إدارة المخاطر في األمن السيبراني‪.‬‬
‫‪4.‬حصر القطاعات والجهات المهمة في األمن السيبراني‪.‬‬
‫| ‪159‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪5.‬إبالغ الجهات بالتهديدات والمخاطر المتعلقة باألمن السيبراني‪.‬‬


‫‪6.‬االستجابة للحوادث المتعلقة باألمن السيبراني ضمن أطر واضحة‪.‬‬
‫‪7.‬إنشاء مراكز مختصة بالعمليات الوطنية لألمن السيبراني‪.‬‬
‫‪8.‬بناء منصات تتعلق باألمن السيبراني واإلشراف عليها‪.‬‬
‫‪9.‬وضــع آليــة محــددة لمشــاركة المعلومــات المتعلقــة باألمــن الســيبراني‪ ،‬بيــن‬
‫الجهــات والقطاعــات فــي العــراق‪.‬‬
‫ ‪10.‬مســاندة الجهــات المختصــة خــال اإلســتدالل والتحقيــق بالجرائــم المتعلقة‬
‫باألمن الســيبراني‪.‬‬
‫ ‪11.‬وضــع المعاييــر والضوابــط الالزمــة فــي عمليــات الترخيــص بإســتيراد أو‬
‫تصديــر األجهــزة البرمجيــات ذات الحساســية العاليــة‪.‬‬
‫ ‪12.‬تأهيل الكوادر الوطنية المتخصصة في مجاالت األمن السيبراني‪.‬‬
‫ ‪13.‬رفع مستوى الوعي بما يختص باألمن السيبراني‪.‬‬
‫ ‪14.‬إعــداد تقاريــر دوريــة لقيــاس أداء األمــن الســيبراني فــي البلــد والعمــل علــى‬
‫تطويــره‪.‬‬
‫فــي الســنوات القليلــة الســابقة اعتبــرت الســيبرانية (‪ )cyber‬أو أنظمــة المعلومــات‬
‫قــوة للســيطرة علــى األحــداث واتخــاذ القــرارات نظــر ًا للتطــور الســريع فــي‬
‫تكنولوجيتهــا‪ ،‬إذ وجــدت الــدول المتقدمــة فيهــا ســبي ًال للتخلــص مــن أزمــات‬
‫السياســية واالقتصاديــة‪ ،‬حيــث يعيــش العالــم اليــوم عصــر المعلومــات وأنظمتهــا‬
‫والتقنيــات والبحــث عــن أفضــل إســتخدام لهــا بأقــل تكلفــة إلنتاجهــا‪ ،‬وذلــك ألن‬
‫المعلومــات الســليمة تــؤدي إلــى قــرارات ســليمة ومــن ثــم تؤثــر إيجابيـ ًا علــى مــوارد‬
‫المجتمعــات والثــراوات‪ ،‬وبالتالــي علــى رفاهيــة أفرادهــا‪ .‬وألهميــة هــذه المعلومــات‬
‫وتزايــد حجمهــا والبحــث عــن أفضــل اســتخدامات لهــا علــى المســتوى االســتراتجي‬
‫للدولــة وعلــى مســتوى المنشــات بغيــة الوصــول الــى قــرارات ســليمة تنعكــس أثارهــا‬
‫علــى رفاهيــة أفــراد المجتمــع وهــذا مــاأدى إلــى تكويــن هــذه المؤسســات لتكويــن‬
‫أنظمــة الحمايــة والدفــاع عــن األمــن الوطنــي فــي المجــال الســيبراني‪.‬‬

‫‪| 160‬‬
‫الدولة والمجتمع‬
‫دراسة عبر منظور االجتماع السياسي‬

‫إن تفحــص ثبــات فكــرة الدولــة فــي المجتمــع العراقــي‪ ،‬بوصفهــا ُبنيــة قاعديــة‬
‫تقــوم عليهــا ُبنــى عديــدة تشــكل المجمــوع المــادي للدولــة‪ ،‬والتــي تكون في أساســها‬
‫فكــرة معنويــة لهــا تجليــات ماديــة‪ ،‬قائمــة علــى أســاس التعبيــر عــن (الجماعــة التــي‬
‫تتبنــى بنجــاح‪ ،‬فــي إطــار حــدود معينــة‪ ،‬احتكــر العنــف الجســدي المشــروع) وفق ـ ًا‬
‫للفكــرة التــي عبــر عنهــا ماكــس فيبــر عــن الدولــة‪.‬‬
‫وهذه البنى يمكن أن تتقسم تحت أربعة مجاميع أساسية هي‪:‬‬
‫‪ُ 1.‬بنى وظيفتها حماية النظام السياسي (األمن السياسي)‪.‬‬
‫‪ُ 2.‬بنى تقوم على حماية الركائز الحضارية (األمن السوسيوثقافي)‪.‬‬
‫‪ُ 3.‬بنى تحمي الموارد االقتصادية والبناء االقتصادي (األمن االقتصادي)‪.‬‬
‫‪ُ 4.‬بنى وظيفتها حماية الكيان المادي للدولة أو األمة (األمن العسكري)‪.‬‬
‫وتتفاعــل هــذه البنــى بانســجام ضمــن النظــام السياســي‪ ،‬ونجــاح النظــام يعتمــد‬
‫فــي إدارتهــا بتــوازن لتســتقر الدولــة وتضمــن إمتدادهــا الزمانــي والمكانــي‪ ،‬وتماســك‬
‫بنيتهــا المجتمعيــة‪ .‬بيــد أن نجــاح وإنســجام هــذا التفاعــل مرتبــط قبــل كل شــيء‬
‫برســوخ البنيــة القاعديــة تلــك؛ بالدولــة كفكــرة معنويــة أساســية‪ ،‬تربــط بيــن الجماعــة‬
‫والنظــام السياســي‪ ،‬تنبثــق باإلتفــاق عليهــا‪ ،‬بالعقــد االجتماعــي والسياســي الــذي‬
‫يوجدهــا‪ ،‬لتكــون ضامــن الجماعــة وضمانتهــم‪ ،‬تحفظهــم بحفظهــم لهــا‪ ،‬بتراضيهــم‬
‫علــى الحــد األدنــى علــى شــكلها وطبيعتهــا‪ ،‬فلســفتها ونظامهــا السياســي‪.‬‬
‫إن فكــرة الدولــة فــي العــراق لــم تنضــج ولــم تكتمــل يومــ ًا‪ ،‬وأن محفــزات‬
‫إهتزازهــا تراكمــت منــذ أول تدخــل للجيــش فــي السياســة بانقــاب بكــر صدقــي عــام‬
‫وصــوال إلــى تولــي الجيــش للحكــم مباشــرة عــام (‪ ، )1958‬ثــم تنامــي‬ ‫ً‬ ‫(‪)1936‬‬
‫النزعــة الشــمولية اإلقصائيــة وهيمنتهــا وصــو ًال إلــى االنفجــار العنيــف عــام (‪)2003‬‬
‫‪ ،‬ومــا رافقــه مــن تدخــات دوليــة أو إقليميــة وجــدت فــي إنهيــار الدولــة العراقيــة‬

‫| ‪161‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫ضامــن لتفــرد أدوارهــا االســتراتيجية فــي اإلقليــم‪ ،‬فتصاعــدت عمليــة تفتيــت فكــرة‬
‫الدولــة بســرعة وبطريقــة أضــرت ال بالنظــام السياســي وحســب‪ ،‬بــل تجاوزتــه كالزمــة‬
‫طبيعيــة إلــى البنــى األخــرى المرتبطــة بالدولــة كفكــرة‪ ،‬وبالمجتمــع العراقــي بشــكل‬
‫أســاس‪.‬‬
‫وحيــث أن تفتــت ســلطان الدولــة يســتتبع بــدوره عجزهــا عــن التفــرد باإلكــراه‬
‫الشــرعي‪ ،‬وهــو مايقــود مباشــرة إلــى أن تبــرز الهويــات الثانويــة والتنظيمــات األوليــة‬
‫لتأخــذ دور الدولــة‪ ،‬وتــؤدي وظيفتهــا األســاس أي الدولــة وهــي الحمايــة‪ ،‬حمايــة‬
‫األفــراد فــي المجتمــع‪ ،‬عبــر الجماعــة‪.‬‬
‫وألن النســيج االجتماعــي العراقــي نســيج معقــد متعــدد اإلثنيــات فــإن تلــك‬
‫التنظيمــات األوليــة تمثلــت بعــدد مــن بنــى مــا قبــل الدولــة كالطائفــة والقوميــة‬
‫والعشــائرية‪ ،‬وكلمــا ازداد ضعــف الدولــة ازداد االســتقطاب اإلثنــي تجــاه هــذه‬
‫البنــى التقليديــة‪ ،‬لتتمــدد باتجــاه مســاحة ســلطان الدولــة‪ ،‬وتفــرض قوانينهــا علــى‬
‫مــن ينضــوي تحتهــا‪ ،‬و ُتلــزم مــن لــم ينضــوي تحــت مضلتهــا بتلــك القوانيــن بمنطــق‬
‫القــوة ال بمنطــق الطاعــة المترتبــة علــى العقــد االجتماعــي والسياســي الطوعــي‪ ،‬إذ‬
‫أن االنتمــاء إلــى العــرق والعشــيرة هــو إنتمــاء ســابق علــى ماهــو سياســي فهــو إنتمــاء‬
‫مكتســب بالــوالدة‪ ،‬بينمــا يكــون اإلنتمــاء إلــى الدولــة كفكــرة أســاس علــى األقــل‬
‫انتمــاء مصطنــع يوجــده المجمــوع االنســاني بتنازلــه عــن حريتــه لســلطان الدولــة‬
‫مقابــل حمايتــه‪.‬‬
‫وإذ تضعــف الدولــة‪ ،‬ويتراجــع ســلطانها لصالــح ُبنــى تقليديــة‪ ،‬فــإن ذلــك يقــود‬
‫أيض ـ ًا إلــى تراجــع فعاليــة إدارة المــوارد‪ ،‬وفشــل عمليــات النظــام السياســي األربعــة‬
‫التــي ذكــرت آنف ـ ًا‪.‬‬
‫بالتأســيس علــى ذلــك‪ ،‬تناقــش هــذه الفقــرة أزمــات ومزالــق النظــام السياســي فــي‬
‫العــراق‪ ،‬ضمــن إطــاره االجتماعــي‪ ،‬عبــر تقســيمها إلــى مجموعتيــن رئيســتين‪:‬‬
‫األولــى‪ :‬أزمــات مــن خــارج النظــام السياســي‪ ،‬بمعنــى أنهــا أزمــات ترتبــط بمــا‬
‫قبــل اختيــار شــكل النظــام السياســي وآليــة تــداول الحكــم‪ ،‬هــي أزمــات ترتبــط‬
‫بالقــوى واألفــكار المؤسســة‪ ،‬أزمــات وجوديــة‪ ،‬تتعلــق بإنحســار فكــرة الدولــة‪،‬‬
‫وضمــور العقــد االجتماعــي السياســي‪ ،‬بمــا قــاد إلــى انفــراط احتــكار الدولــة لإلكــراه‬
‫الشــرعي‪ ،‬وانبثــاق الهويــات الفرعيــة‪ ،‬وضعــف ســلطان القانــون‪ ،‬وصــوال إلــى‬
‫الفشــل التنمــوي‪.‬‬
‫‪| 162‬‬
‫عمتجملاو ةلودلا‬

‫الثانيــة‪ :‬أزمــات مــن داخــل النظــام‪ ،‬هــي أزمــات تنظيميــة إداريــة مؤسســة علــى‬
‫األزمــات مــن خــارج النظــام ووليدتــه‪ ،‬تتعلــق بآليــات تــداول الســلطة‪ ،‬ضعــف‬
‫األداء البرلمانــي الناتــج عــن النظــام االنتخابــي‪ ،‬والــذي بــدا وكأن تصميمــه لتــداول‬
‫الســلطة قــد تــم تحــت هاجــس أزمــات الهويــة والخــوف مــن اآلخــر‪ ،‬وتشــتت عمليــة‬
‫صنــع القــرار السياســي‪ ،‬كذلــك العالقــة مــع إقليــم كردســتان التــي تمثــل أزمــة تنبــع‬
‫مــن الخــارج إلــى الداخــل‪ ،‬وانعــكاس تفاعــل تلــك األزمــات علــى رئيــس مجلــس‬
‫الــوزراء حتــى يمكــن وصفــه بأنــه يمتلــك صالحيــات واســعة وقــدرات ضيقــة‪،‬‬
‫وحركــة كل تلــك التعقيــدات فــي مســار يتوحــد ليصــب بإضطــراب فــي بنيــة المجتمــع‬
‫العراقــي‪ ،‬ويهزهــا بعنــف‪.‬‬

‫أوال‪ :‬البيئة السياسية العراقية‪ :‬األزمات المتشابكة‪.‬‬


‫‪ .1‬العقد االجتماعي السياسي وفكرة الدولة في العراق‪.‬‬
‫لقــد كانــت لحظــة انهيــار الســلطة عــام (‪ )2003‬بمثابــة الشــرارة التــي فجــرت‬
‫االختــاف بشــأن الســلطة والنظــام السياســي فــي العــراق‪ ،‬ونقطــة الخــاف بشــأن‬
‫الدولــة ليســت جديــدة فــي العــراق‪ ،‬ويمكــن أن نتلمــس جذورهــا فــي محطــات‬
‫تاريخيــة قديمــة رافقــت بدايــة تأســيس الدولــة العراقيــة الحديثــة عــام (‪ )1921‬ومنهــا‬
‫مالحظــة حنــا بطاطــو المهمــة التــي تتعلــق بموقــع الدولــة وصورتهــا عنــد العراقييــن‬
‫َ‬
‫الحــظ أن‬ ‫أواخــر العهــد العثمانــي وبدايــات تأســيس الدولــة العراقيــة الحديثــة‪ ،‬إذ‬
‫(حكومــة بغــداد) قــد وقفــت علــى الــدوام كن ـ ٍد لســلطة ونفــوذ العشــائر التــي أقامــت‬
‫دويالتهــا الخاصــة فــي مناطــق نفوذهــا‪ ،‬ممــا جعــل تلــك العشــائر تنظــر (للدولــة فــي‬
‫بغــداد) علــى الــدوام بوصفهــا عــدو ًا‪ ،‬خصوصـ ًا بمالحظــة مارافــق ذلــك مــن إســتبداد‬
‫مارســه الــوالة العثمانيــون‪ ،‬بــل ويذهــب إلــى القــول أن ( (الحكومــة ‪ -‬أيــة حكومــة ‪-‬‬
‫قــد أصبحــت بالنســبة إلــى الطبقــات االجتماعيــة الدنيــا التــي نــادر ًا مــا كانــت تتلقــى أي‬
‫رعايــة وبقيــت محرومــة دومـ ًا تقريبـ ًا شــيئ ًا البــد لإلنســان مــن أن يحمــي نفســه منــه وال‬
‫يســتحق إال عــدم الثقــة والكراهيــة) ) ‪ ،‬حتــى ينتهــي إلــى أن معارضــة الحكومــة آنــذاك‬
‫قــد أصبحــت ( (بالنســبة إلــى معظــم العراقييــن مســألة غريزيــة‪ ،‬إن صــح القــول‪،‬‬
‫اســتمرت بالظهــور حتــى بعــد انقطــاع أو تهلهــل الخيــوط التــي تربطهــم بجماعتهــم‬
‫القبليــة أو المعتقديــة) )‪.‬‬

‫| ‪163‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫ورغــم أن الملــك فيصــل األول إمتلــك رؤيــة واضحــة بشــأن مشــاكل دولتــه‬
‫الناشــئة ممــا حــدده فــي مذكرتــه المعروفــة إال أن وفاتــه المبكــرة‪ ،‬ثــم مــا تالهــا‬
‫مــن اضطرابــات سياســية وانقالبــات عســكرية بــدأت مــع إنقــاب بكــر صدقــي‬
‫حالــت دون اكتمــال مشــروعه‪ .‬بــل أن السياســات التــي اتبعتهــا األنظمــة السياســية‬
‫فــي أغلــب العهــود الجمهوريــة خصوص ـ ًا قــادت لتفاقــم االزمــة وراكمــت تداعيتهــا‬
‫حتــى هــددت قيــم المجتمــع باالنهيــار‪ ،‬ووضعــت هويتــه أمــام تح ـ ٍد خطــر بســبب‬
‫االســتئثار والتهميــش ونقــص الحريــات‪ ،‬وتــم ذلــك فــي ظــل عــدم وجــدود تمييــز‬
‫فــي الوعــي الجمعــي للعراقييــن بيــن الدولــة والســلطة السياســية‪ ،‬وامتــداد ســخطهم‬
‫إلــى الدولــة المغضــوب عليهــا تاريخيـ ًا‪ ،‬وهــو مــا عمــق مشــكلة الخــوف مــن اآلخــر‬
‫فرديــ ًا وجمعيــ ًا وصــو ًال إلــى الهــرب بحثــ ًا عــن هويــات بديلــة بمــا أضــر بالنســيج‬
‫االجتماعــي‪ ،‬وقلــص اإلعتمــاد علــى الموحــدات الكبــرى ‪ -‬المتمثلــة أساسـ ًا بالدولــة‬
‫‪ -‬إلــى أطــر اجتماعيــة ضيقــة‪ ،‬تمثلــت بالتناقضــات اإلثنيــة‪ ،‬وصــو ًال إلــى اإلنكفــاء‬
‫علــى الــذات اإلثنيــة كوســيلة للدفــاع‪.‬‬
‫ثــم إنفجــرت هــذه التراكمــات بمجموعهــا عقــب التغييــر العنيــف عــام (‪، )2003‬‬
‫ووجــد النظــام السياســي الــذي قــام بعدهــا نفســه أمــام مهمــة إيجــاد إجمــاع ال علــى‬
‫النظــام السياســي وحســب‪ ،‬بــل علــى الدولــة ذاتهــا‪ ،‬وهــو مارافقتــه عراقيــل معقــدة‬
‫كان مــن أهمهــا الموقــف مــن التغييــر العســكري األمريكــي الــذي كان متناقض ـ ًا بيــن‬
‫التأييــد‪ ،‬والرفــض الســلمي‪ ،‬والرفــض المســلح وغيرهــا‪ ،‬باإلضافــة إلــى االنبثــاق‬
‫الهوياتــي‪ ،‬ومــا الزمــه مــن قلــق مــن التهميــش ونزعــات ثأريــة‪ ،‬بمــا إنعكــس آخــر‬
‫األمــر علــى التخبــط فــي المشــاركة السياســية التــي يفتــرض أن ُتوجــد اإلجمــاع‬
‫الوطنــي‪.‬‬
‫مــن جانــب آخــر‪ ،‬يشــار إلــى أن األحــزاب السياســية العراقيــة كانــت قــد نمــت فــي‬
‫ظــل آليــات عمــل المعارضــة السياســية للنظــام الديكتاتــوري مــن خــارج الوطــن‪،‬‬
‫وكان تصدرهــا للعمليــة السياســية بعــد العــام (‪ )2003‬إنتقــا ًال مفاجئـ ًا مــن المعارضــة‬
‫إلــى الحكــم‪ ،‬بعــد أن إنشــغلت هــذه األحــزاب فــي الســابق بمعارضتهــا عــن ترتيــب‬
‫نفســها كأحــزاب سياســية ديمقراطيــة‪ ،‬ممــا قــاد إلــى انشــغالها عــن إتمــام البنــاء‬
‫الديمقراطــي الداخلــي الــازم لوجودهــا ضمــن الدولــة‪.‬‬

‫‪| 164‬‬
‫عمتجملاو ةلودلا‬

‫ولعلــه صــار مــن الواضــح فــي هــذه النقطــة لمــاذا انصــب الصــراع السياســي بعــد‬
‫(‪ )2003‬تجــاه الســيطرة علــى النظــام السياســي والدولــة‪ ،‬وليــس العمــل ضمنهمــا‪،‬‬
‫وأن هــذا التوجــه عرقــل الطمــوح فــي إتمــام بنــاء ديمقراطــي محكــم للدولــة‪.‬‬
‫وســنلمس عمــق هــذه المشــاكل المتعلقــة بصــورة الدولــة فــي الوعــي الجمعــي‬
‫العراقــي وكيــف تجلــت بصــورة ماديــة فــي عرقلــة واضطــراب األمــن الوطنــي العراقــي‬
‫فــي الفقــرة التاليــة التــي تتنــاول األزمــات مــن داخــل النظــام السياســي‪.‬‬

‫‪ .2‬االختالل المؤسسي في النظام السياسي‪.‬‬


‫تقــوم اإلختــاالت المؤسســية فــي النظــام السياســي علــى اإلضطرابــات التــي تــم‬
‫التطــرق لهــا فــي المحــور الســابق‪ ،‬فاالختــاف بشــأن الدولــة‪ ،‬وضعــف مركزيتهــا في‬
‫الهويــة الوطنيــة قــاد ألن يكــون شــكل النظــام السياســي المنبثــق عــن اتفــاق المكونــات‬
‫اإلثنيــة بــدوره مضطرب ـ ًا قائم ـ ًا علــى الخــوف والتوجــس لدرجــة جعلــت األحــزاب‬
‫السياســية المســاهمة فــي العمليــة السياســية تتصــرف وكأنهــا أطراف ـ ًا متنازعــة علــى‬
‫النظــام أكثــر مــن كونهــا تمثــل مكونــات مختلفــة ضمــن النظــام‪.‬‬
‫وقــاد هــذا الســلوك السياســي المضطــرب؛ ومحاولــة الســيطرة علــى النظــام‬
‫السياســي؛ إلــى اهتــزاز بنيــة االجهــزة االمنيــة التــي هــي ذراع الدولــة ووســيلتها لتأكيــد‬
‫تفردهــا باإلكــراه الشــرعي‪.‬‬
‫وأهم معالم االختالل المؤسسي تتضح في اآلتي‪:‬‬

‫أ‪ .‬الهاجس اإلثني واآلليات الديمقراطية‪.‬‬


‫إن مجمــل ماســبقت اإلشــارة لــه مــن تداعيــات ومشــاكل سياســية قــاد إلــى أن تنقــل‬
‫األحــزاب السياســية هواجســها الهوياتيــة إلــى اآلليــة الديمقراطيــة فــي تــداول الســلطة‬
‫وهــي االنتخابــات‪ ،‬فصممــت النظــم االنتخابيــة بطريقــة حــاول الجميــع فيهــا أن ال‬
‫يــدع ألحــد إمكانيــة اتخــاذ قــرار باألغلبيــة‪ ،‬وهــو مــا انعكــس أيضــا علــى العمــل‬
‫وعطــل عمل الســلطات‬ ‫البرلمانــي فــي العــراق‪ ،‬بمــا جعــل البرلمــان مقبــرة للقوانيــن‪ّ ،‬‬
‫التنفيذيــة‪ ،‬وهــو مــا يقــود إلــى القــول بــأن مشــكلة البرلمــان العراقــي مشــكلة ال تتعلــق‬
‫بآليــة عمــل البرلمــان قــدر مــا هــي مشــكلة نابعــة مــن خارجــه‪ ،‬وحلهــا علــى مــا يبــدو‬
‫غيــر ممكــن تحــت قبــة البرلمــان العراقــي ذاتــه‪.‬‬

‫| ‪165‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫ب‪ .‬إقليم كردستان‪ :‬ضعف المركز وحركية اإلقليم‪.‬‬


‫وبالتأســيس علــى عــدم االســتقرار السياســي فــي جســد الســلطة المركزيــة؛ تذهب‬
‫الدراســة إلــى أن أزمــة العالقــة مــع إقليــم كردســتان تتعلــق بضعــف ســلطان الدولــة‬
‫واالختــاف بشــأن الدســتور والنظــام السياســي ال بقــوة إقليــم كردســتان بذاتــه‪ ،‬وإنهــا‬
‫مــن جانــب آخــر ترتبــط بمجموعــة مــن العوامــل المعقــدة‪ ،‬أولهــا الموقــف الدولــي‬
‫والتحــركات اإلقليميــة التــي تعــزز ســلطة اإلقليــم تجــاه ســلطان الحكومــة المركزيــة‪.‬‬
‫باإلضافــة إلــى ذلــك‪ ،‬فــإن عزلــة اإلقليــم منــذ تســعينات القــرن الماضــي ّ‬
‫مكنتــه‬
‫مــن أن يعــزز ســلطاته األمنيــة داخــل حــدود اإلقليــم‪ ،‬وفــي ظــل االضطرابــات األمنيــة‬
‫فــي بقيــة انحــاء العــراق‪ ،‬واختــاف الكتــل السياســية‪ ،‬والســعي إليجــاد أجــواء آمنــة‬
‫وحلفــاء مؤثريــن تجــاه الغرمــاء السياســيين فــي ظــل اســتقطاب شــديد ســببه النظــام‬
‫االنتخابــي الــذي جعــل مــن البرلمــان العراقــي ســاحة للصــدام السياســي وعرقلــة‬
‫القــرارات والقوانيــن‪ ،‬وبالمحصلــة فــإن إقليــم كردســتان اســتثمر الخــاف السياســي‬
‫ليجعــل لمســاندته لفصيــل سياســي تجــاه آخــر ثمــن سياســي باهــظ يرتكــز علــى‬
‫ضعــف الحكومــة المركزيــة أكثــر ممــا يرتكــز علــى نقــاط قــوة إقليــم كردســتان ذاتــه‪،‬‬
‫وبالمجمــل يمكــن القــول أن أزمــة العالقــة بيــن اإلقليــم والحكومــة المركزيــة ليســت‬
‫مشــكلة ال يمكــن حلهــا‪ ،‬وأن مــن الممكــن للحكومــة المركزيــة أن تكــون الطــرف‬
‫األقــوى لــو شــاءت‪.‬‬

‫ج‪ .‬السلطتين التنفيذية والتشريعية‪ :‬بين النصوص القانونية والتمدد السياسي‪.‬‬


‫تركــز هــذا الفقــرة مــن الدراســة علــى مــا يخــص العالقــة بيــن مجلــس النــواب‬
‫ومجلــس الــوزراء‪ ،‬وســلطة وصالحيــات رئيــس مجلــس الــوزراء تجــاه الســلطة‬
‫التشــريعية‪ ،‬فقــد منــح الدســتور العراقــي لهــذا المنصــب صالحيــات واســعة‪ ،‬ورغــم‬
‫أن هنــاك مــن يــرى بــأن الصالحيــات تلــك منحــت لمجلــس الــوزراء مجتمعــا وليــس‬
‫لشــخص رئيــس مجلــس الــوزراء إال أن هــذا ال يعنــي الواقــع المطبــق بتمامــه‪،‬‬
‫وال يمكــن فــي هــذه العجالــة اإلشــارة إلــى تفصيــات نصــوص القوانيــن المتعلقــة‬
‫بصالحيــات كل مــن الســلطة التنفيذيــة والتشــريعية ويمكــن الرجــوع إلــى دراســات‬
‫تناولــت هــذا الموضــوع بالتفصيــل‪.‬‬
‫ولكــن يمكــن القــول أن التطبيــق الفعلــي قــد ال يكــون بالطريقــة التــي وردت فــي‬
‫النصــوص القانونيــة‪ ،‬فقــد أبــرز الواقــع السياســي قــدرة رئيــس مجلــس الــوزراء علــى‬
‫‪| 166‬‬
‫عمتجملاو ةلودلا‬

‫أن يتوســع باســتخدام صالحياتــه مســتثمر ًا الخالفــات السياســية‪ ،‬فهنــاك ‪ -‬فضـ ًا عــن‬
‫المشــاكل بيــن الســلطتين التنفيذيــة والتشــريعية ‪-‬مشــاكل داخــل كل فــرع منهمــا بحــد‬
‫ذاتــه‪ ،‬مشــاكل تعــود بدرجــة كبيــرة إلــى مشــكلة اإلجمــاع الوطنــي غيــر المتحقــق‪،‬‬
‫والديمقراطيــة التوافقيــة التــي تقيــد آليــات صنــع السياســة العامــة والرقابــة بدرجــة‬
‫كبيــرة وقــد لوحظــت إمكانيــة تمــدد ســلطة رئيــس الــوزراء وقدرتــه علــى الذهــاب‬
‫بعيــد ًا فــي صالحياتــه فــي ظــل الخالفــات السياســية العميقــة وهــو مــا أشــارت لــه عــدد‬
‫مــن القــوى السياســية‪.‬‬
‫فضـ ًا عــن أن هنــاك مــن يؤكــد علــى أن النصــوص الدســتورية العراقيــة لــم تمنــح‬
‫رئيــس الــوزراء بشــخصه الصالحيــات التــي تمنــح عــادة لرئيــس الــوزراء فــي النظــم‬
‫البرلمانيــة‪ ،‬وأن الصالحيــات الواســعة التــي ذكرهــا الدســتور انصرفــت إلــى مجلــس‬
‫الــوزراء وليــس لرئيســه‪.‬‬
‫وعلــى أي حــال ســنالحظ أن عــدم التوافق انعكس علــى عملية إعــداد المقترحات‬
‫ومشــاريع القوانيــن التــي خضعــت للــرؤى المتناقضــة لممثلــي المكونــات‪ ،‬وهــو‬
‫خضــوع علــى حســاب المشــاكل العامــة‪ ،‬التــي تســم صميــم المجتمــع‪ ،‬وتــؤدي‬
‫تفاعالتهــا إلــى القــاء تداعيــات ســلبية علــى بنيتــه وعالقتــه بالدولــة‪ ،‬بفكــرة الدولــة‬
‫بالمجمــل‪ ،‬وأده هــذه المشــكلة أيضــا إلــى المســاس بــروح العمليــة التشــريعية فــي‬
‫النظــام الديمقراطــي التــي تقــوم علــى مبــدأ األغلبيــة‪ ،‬وحولتهــا إلــى التوافقيــة‪ ،‬حتــى‬
‫أن القــرار التشــريعي صــارت صياغتــه تتــم خــارج قاعــة البرلمــان وفــق التســويات‬
‫السياســية ال وفــق النقــاش البرلمانــي فــي كثيــر مــن األحيــان‪.‬‬
‫وهــذه النقطــة بالــذات تقودنــا إلــى أن المشــاكل السياســية‪ ،‬والــوالءات الحزبيــة‪،‬‬
‫ضمــن مــا يؤشــره الباحثــون مــن ضعــف للتعــاون بيــن الحكومــة والبرلمــان‪ ،‬فضــا‬
‫عــن انعــدام الثقــة بيــن الكتــل‪ ،‬ســتنعكس أيض ـ ًا علــى الــدور الرقابــي الــذي تمارســه‬
‫الســلطتين علــى بعضهمــا‪ ،‬خصوص ـ ًا فــي محاســبة المقصريــن‪.‬‬
‫والبــد مــن اإلشــارة إلــى أمــر مهــم‪ ،‬وهــو أن الصــراع السياســي وضعــف األداء‬
‫المؤسســي قــاد بالضــرورة إلــى حــدوث فشــل تنمــوي‪ ،‬واعتمــاد العــراق علــى مــورد‬
‫واحــد لتمويــل النشــاط االقتصــادي وهــو النفــط‪ ،‬وهــو مــا قــاد بــدوره أيضا إلــى ارتفاع‬
‫مســتويات الفســاد التــي تتــازم عــادة مــع االقتصــاد الريعــي‪ ،‬ولضيــق المجــال تكتفــي‬
‫الدراســة باإلشــارة إلــى هــذه المشــكلة مــع التأكيــد علــى أنهــا مــن أهــم التحديــات‬
‫التــي تواجــه الدولــة فــي ســبيل اســتقرار األمــن العراقــي‪.‬‬
‫| ‪167‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫وعلــى هــذا كلــه‪ ،‬يمكــن القــول أن التفكيــر بوجــود مجلــس االتحــاد كمــوازن‬
‫لمجلــس النــواب لــن يتحقــق لــو تــم علــى ذات األســس االنتخابيــة وفــي ذات‬
‫االضطــراب السياســي واالهتــزاز فــي الهويــة والثقــة بيــن المكونــات العراقيــة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التحديات‬
‫وســعي ًا منهــا لتقديــم تشــخيص للمشــاكل مــع إتباعهــا بمقترحــات للحــل؛ ستقســم‬
‫الدراســة فــي هــذا المحــور التحديــات التــي تواجــه العــراق وأمنــه الوطنــي ضمــن‬
‫المجموعتيــن الرئيســتين الســابقتين عبــر تقديــم التحديــات ضمنهمــا مجتمعتيــن ثــم‬
‫تقــدم مقترحــات ووســائل للتعامــل مــع تلــك التحديــات‪.‬‬
‫‪1.‬بناء الهوية الوطنية العراقية‪.‬‬
‫‪2.‬ترميــم الــذات العراقيــة وتدعيــم الهويــة الوطنيــة‪ ،‬وهــو مــا يرتبــط بالعقــد‬
‫االجتماعــي السياســي‪.‬‬
‫‪3.‬إعــادة الثقــة بالدولــة‪ ،‬ونظامهــا السياســية‪ ،‬وإثبــات قدرتهــا علــى ان تكــون‬
‫المحتكــر الوحيــد لإلكــراه الشــرعي‪.‬‬
‫‪4.‬االتفاق على شكل النظام السياسي وآلية تداول السلطة‪.‬‬
‫‪5.‬االنتقــال بالصــراع السياســي مــن كونــه صــراع علــى النظــام إلــى تنافــس‬
‫داخلــه‪ ،‬عبــر اآلليــات الديمقراطيــة وإثبــات مبــدأ أن األغلبيــة السياســية ال‬
‫تعنــي االســتئثار والحرمــان مــن الحقــوق‪.‬‬
‫‪6.‬وبالتأســيس علــى ذلــك ينبغــي أن يتــم إصــاح النظــام االنتخابــي بمــا يضمــن‬
‫اســتقرار االئتالفــات السياســية وخفــض الصــراع الحزبــي بالــغ التعــدد إلــى‬
‫تنافــس سياســي بأطــراف معينــة‪.‬‬
‫‪7.‬ويرتبــط بذلــك إيقــاف المحاصصــة الحزبيــة‪ ،‬وهــي ســتكون قــرار سياســي‬
‫بحــت‪ ،‬البــد مــن حصــر االســتحقاق االنتخابــي فــي البرلمــان والــوزارات‬
‫شــرط أن يتــم ترشــيح األكفــاء القادريــن للــوزارات‪ ،‬أمــا بقيــة المناصــب‬
‫فتخضــع للخبــرة والخدمــة العامــة فــي ذات التخصــص‪.‬‬
‫‪8.‬االنتقال باالقتصاد العراقي من سيطرة الريع إلى اقتصاد تنموي ناهض‪.‬‬
‫‪9.‬االلتفــات إلــى الفــرق الجوهــري بيــن وظائــف الدفــاع واألمــن‪ ،‬وأن الجيــش‬
‫ال يمكــن أن يقــوم بمقــام األجهــزة األمنيــة‪.‬‬

‫‪| 168‬‬
‫عمتجملاو ةلودلا‬

‫ثالثا‪ :‬مقترحات الستجابة النظام السياسي للتحديات التي تواجهه‪.‬‬


‫بالتأســيس علــى ذلــك كلــه‪ ،‬تجــد الدراســة أن مــا يمكــن ان يكــون مقترحــات‬
‫عمليــة للتعامــل مــع هــذه التحديــات ويمكــن ان تســوق الدراســة مــا يلــي‪:‬‬
‫‪ .1‬ممــا ســبق يتضــح أن الواجــب اآلن هــو العمــل باتجــاه ترميــم الــذات الوطنيــة‪،‬‬
‫إعــادة الثقــة بالدولــة لترســيخ الهويــة الوطنيــة العراقيــة‪ ،‬وتحقيــق هــذا وترميــم الــذات‬
‫الوطنيــة يرتبــط بدرجــة كبيــرة باســتعادة الدولــة لموقعهــا فــي وجــدان الفــرد‪ ،‬دورهــا‬
‫فــي حياتــه‪ ،‬وهنــا يمكــن ان نقتــرح مــا يلــي‪:‬‬
‫أ‪ .‬ترســيخ قــوة القانــون‪ ،‬إثبــات أن الدولــة هــي المحتكــر الوحيــد لإلكــراه‪ ،‬وبهــذا‬
‫الســبيل يجــب التأكيــد علــى مــا يلــي‪:‬‬
‫●منــع أي بنيــة اجتماعيــة مــن إيقــاع أي حكــم أو إكــراه ملــزم لإلفــراد‪ ،‬وتقتــرح‬
‫الدراســة طريقيــن‪:‬‬
‫األول‪ :‬يجــب الحــد مــن نشــاط الفصائــل غيــر النظاميــة فــي المــدن‪ ،‬جميــع القــوى‬
‫المســلحة ومهمــا كانــت أدوارهــا عظيمــة فــي حفــظ النــاس والدفــاع عــن العــراق فــإن‬
‫يفتــرض أن يجعلهــا أكثــر حرصــا علــى الدولــة‪.‬‬
‫ولكــن هــذا الطريــق محفــوف بالمخاطــر وقــد يقــود إلــى صــدام بيــن القــوات‬
‫النظاميــة وبيــن الفصائــل المســلحة إذا مــا تــم دون اتفــاق سياســي‪ ،‬وهــو أمــر صعــب‬
‫بالمجمــل‪ ،‬ولكــن ممكــن أيضــا‪.‬‬
‫الثانــي‪ :‬يجــب منــع الخصومــات العشــائرية والحــد مــن ممارســة القبائــل لــدور‬
‫الدولــة‪ ،‬خصوصــا فــي الحواضــر والمــدن‪.‬‬
‫وهــذا الطريــق هــو األســلم واألكثــر إتاحــة أمــام صانــع القــرار العراقــي والــذي‬
‫تميــل الدراســة إلــى البــدء عبــره‪ ،‬ألنــه وبقــدر ارتبــاط بعــض العشــائر ببعــض‬
‫الفصائــل المســلحة لكنهــا بالنهايــة تظــل شــأن داخلــي‪ ،‬ويمكــن الحــد مــن دورهــا‬
‫بطريقــة أســهل مــن تلــك التــي تواجــه تحجيــم الفصائــل‪ ،‬وهنــا يمكــن البــدء بسلســة‬
‫إجــراءات إداريــة وأمنيــة‪ ،‬أولهــا رفــع المســاندة الحكوميــة التــي تمنــح شــيوخ العشــائر‬
‫أهميــة اســتثنائية فــي المجتمــع‪ ،‬والثانــي تجريــم وعقوبــة كل مــن يقــوم بعــدوان علــى‬
‫أســاس عشــائري‪ ،‬ومنــع االحتــكام إلــى العشــائر والعفــو عــن القاتــل فــي حــاالت‬
‫القتــل العمــد وغيرهــا‪ ،‬ومــا نذهــب لــه هنــا لــه مــا يعضــده‪ ،‬فقــرار مجلــس القضــاء‬
‫األعلــى بالتعامــل مــع (الدكــة العشــائرية) ضمــن المــادة ‪ 4‬بداللــة المــادة ‪ 2‬مــن قانــون‬

‫| ‪169‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫االرهــاب اثبتــت انخفــاض هــذا الجــرم المخالــف للقانــون بدرجــة كبيــرة فــي بغــداد‪،‬‬
‫بمــا يؤكــد امكانيــة الذهــاب إلــى مــدى أبعــد‪.‬‬
‫●باالرتبــاط مــع مــا ســبق‪ ،‬البــد مــن االلتفــات إلــى ضــرورة اإلصــاح‬
‫القضائــي‪ ،‬ويمكــن ان نقتــرح ســبيلين فــي هــذا الشــأن‪ ،‬وتميــل الدراســة إلــى‬
‫اختيارهمــا معــا دون تفضيــل أحــد علــى اآلخــر‪:‬‬
‫األول‪ :‬توفيــر الحمايــة الكافيــة للقضــاة مــن المطالبــات العشــائرية والتدخــات‬
‫السياســية‪.‬‬
‫الثانــي‪ :‬يجــب البــدء ببرنامــج المقصلــة التشــريعية حيــث أن القوانيــن العراقيــة‬
‫تعانــي مــن ترهــل تشــريعي عمــره أكثــر مــن نصــف قــرن‪ ،‬لدرجــة أن البنــك الدولــي‬
‫صنــف فعاليــة القوانيــن العراقيــة بدرجــة متدنيــة ال تتجــاوز ‪. ٪20‬‬
‫وقد وقع العراق اتفاقية مع (‪ )USAID‬بهذا الشأن ويمكن تفعيلها‪.‬‬
‫●إصــاح النظــام التعليمــي وتركيــز دوره بوصفــه أحــد أهــم نواقــل القيــم فــي‬
‫عمليــة التنشــئة‪ ،‬التــي تعــد الركــن األســاس فــي اســتقرار الهويــة الوطنيــة فــي‬
‫الوعــي الجمعــي‪.‬‬
‫●إن مــن أهــم روافــد اســتقرار الهويــة الوطنيــة هــو قــدرة الدولــة علــى إثبــات‬
‫حضورهــا اإليجابــي فــي حيــاة األفــراد‪ ،‬ومــن أهــم معالــم هــذا الحضــور‬
‫هــو توفيــر الخدمــات‪ ،‬البنيــة التحتيــة المتعلقــة بالكهربــاء والمــاء والطــرق‪،‬‬
‫والقطــاع الصحــي وســامة البيئــة‪.‬‬
‫●اســتثمار انتصــارات الجيــش العراقــي والقــوى األمنيــة والمتطوعيــن فــي‬
‫الحشــد الشــعبي فــي بــث روح الحماســة الوطنيــة تجــاه الدولــة‪.‬‬
‫ب‪ .‬لعــل مــن أهــم مــا يتعلــق بالعقــد االجتماعــي السياســي هــو التوافــق علــى‬
‫الدســتور‪ ،‬بمــا يســتوجب تعديــل الدســتور العراقــي النافــذ‪.‬‬
‫وهــذا الطريــق وإن كان صعبــا لكــن مــن الممكــن البــدء بالفقــرات الدســتورية‬
‫المتفــق علــى ضــرورة تعديلهــا بيــن القــوى السياســية‬
‫ج‪ .‬البــدء بتطبيــق االســتراتيجية الوطنيــة للنزاهــة‪ ،‬وتعزيــز األجهــزة الرقابيــة‬
‫وتشــديد العقوبــات القانونيــة علــى مــن يخالــف األمانــة فــي القطــاع العــام‪.‬‬
‫‪ .2‬فيمــا يخــص إقليــم كردســتان‪ ،‬مــن الواضــح أن التلويــح باالســتقالل الــذي‬
‫يظهــر كل مــدة فــي اإلقليــم هــو مجــرد منــاورة سياســية للضغــط علــى حكومــة‬
‫المركــز‪ ،‬وإن مــن غيــر الممكــن أن تســتقل كردســتان فــي بيئــة معاديــة‪ ،‬وقــد أثبتــت‬
‫‪| 170‬‬
‫عمتجملاو ةلودلا‬

‫تجربــة االســتفتاء علــى االســتقالل فشــلها الذريــع بســبب القــوى الدولــة واالقليميــة‪،‬‬
‫وبالمجمــل‪ ،‬هنــاك مجموعــة مــن نقــاط القــوة التــي يمكــن اســتثمارها تجــاه القــوى‬
‫المتشــددة فــي اإلقليــم‪:‬‬
‫●الخالفــات الداخليــة بيــن األحــزاب الكرديــة والموقــف المختلــف تجــاه‬
‫العالقــة مــع الحكومــة المركزيــة‪.‬‬
‫●العالقــات اإلقليميــة للحكومــة العراقيــة والمصالــح االقتصاديــة التــي تربــط‬
‫العــراق بالــدول المجــاورة التــي يمكــن ان تســتثمر للضغــط علــى الــدول‬
‫اإلقليميــة التــي قــد تســاند الخطــاب المتــأزم فــي اإلقليــم تجــاه الحكومــة‬
‫المركزيــة‪.‬‬
‫ويبــدو الوضــع مناســبا جــدا للعمــل بهــذا االتجــاه‪ ،‬فالحكومــة اإليرانيــة متعاونــة‬
‫مــع الحكومــة العراقيــة ويمكــن اســتثمار نفوذهــا فــي اإلقليــم بهــذا االتجــاه‪ ،‬كمــا ان‬
‫الحكومــة التركيــة منشــغلة بازمتهــا الداخليــة‪ ،‬فضــا عــن أمكانيــة اســتثمار الضغــط‬
‫الروســي علــى تركيــا‪ ،‬وقــد عرضــت الحكومــة الروســية أكثــر مــن مــرة مســاعدتها‬
‫علــى الحكومــة العراقيــة‪.‬‬
‫●إلــزام حكومــة إقليــم كردســتان بواجباتهــا تجــاه الحكومــة المركزيــة‪ ،‬ويمكــن‬
‫الضغــط عبــر التلويــح باســتبدال شــاغلي المناصــب الحكوميــة مــن األحــزاب‬
‫الكرديــة فــي بغــداد‪ ،‬وهــو أمــر أيضــا يتعلــق بضــرورة إيقــاف المحاصصــة‬
‫الحزبيــة فيمــا يخــص المناصــب الحكوميــة التــي تحتــاج إلــى تكنوقــراط‪،‬‬
‫فضــا عــن اعتمــاد اإلقليــم علــى الموازنــة المركزيــة‪.‬‬
‫وهــذا الطريــق يبــدو أســهل الطــرق وأكثرهــا إمكانيــة للتطبيــق‪ ،‬ورغــم ان الدراســة‬
‫تميــل إلــى ضــرورة تفعيــل الطــرق ثالثتهــا معــا‪ ،‬لكــن يمكــن لهــا أن تميــل إلــى البــدء‬
‫مــن هــذا الطريــق األخيــر وتقدمــه كخيــار أول لصانــع القــرار‪.‬‬
‫‪ .3‬البــد مــن البــدء بإصــاح إداري شــامل‪ ،‬يســتهدف شــكل إدارة الدولــة وروح‬
‫اإلدارة فــي ذات الوقــت‪ ،‬إصــاح بقــدر مــا يشــمل شــكل العالقــة اإلداريــة بيــن‬
‫المركــز والمحافظــات فإنــه يشــمل أيضــا معاييــر المتصديــن لــإدارة‪ ،‬ويمكــن هنــا‬
‫اقتــراح مــا يلــي‪:‬‬
‫األول‪ :‬التحــرك أكثــر باتجــاه الالمركزيــة اإلداريــة فــي شــؤون المحافظــات مــع‬
‫التأكيــد علــى الحــدود الفاصلــة بيــن الصالحيــات الســيادية وصالحيــات اإلدارات‬
‫المحليــة‪ ،‬ألنــه ســيكون مــن المجــدي فــي عمليــة بنــاء الدولــة أن تمنــح الثقــة‬
‫| ‪171‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫لــإدارات المحليــة بمــا يــدرأ مخــاوف التفــرد واالســتبداد‪ ،‬ولكــن هــذا الطريــق‬
‫محفــوف بمخاطــر ان يســتلم اإلدارات أشــخاص علــى أســس الحزبيــة والمناطقيــة‬
‫أكثــر مــن كونــه يســتند إلــى الكفــاءة والخبــرة‪ ،‬وال تميــل الدراســة إلــى إتاحــة أمــر‬
‫شــاغلي المناصــب اإلداريــة الكبيــرة إلــى اختيــار مجالــس المحافظــات علــى االقــل‬
‫فــي الوقــت الحاضــر‪.‬‬
‫الثانــي‪ :‬البــدء ببرنامــج تنمــوي لتقليــل الحلقــات اإلداريــة الزائــدة والشــروع‬
‫ببرنامــج الحكومــة االلكترونيــة‪ ،‬وهــو الطريــق األســلم واألكثــر تأثيــرا فــي الوقــت‬
‫الحاضــر وتوصــي الدراســة باعتمــاده باالســتفادة مــن التجــارب الدوليــة فــي هــذا‬
‫المضمــار‪.‬‬
‫‪ .4‬دعــم اإلنتــاج الزراعــي المحلــي بمــا يخفــف االعتمــاد علــى النفــط‪ ،‬والبــد ان‬
‫يرافــق ذلــك برنامــج رقابــة حكومــي قــوي وإتاحــة الفرصــة لالســتثمار األجنبــي فــي‬
‫الزراعــة وحمايــة المســتثمرين مــن الفســاد‪.‬‬
‫ورغــم أن هــذا الطريــق مرتبــط باتفاقيــات العــراق الدوليــة فــي المجــال االقتصــادي‬
‫بمــا يمنــع فــرض سياســة حمايــة لكــن يمكــن تقديــم حوافــز وامتيــازات لالنتــاج‬
‫المحلــي مثــل األولويــة فــي العقــود الحكوميــة واإلعفــاء الضريبــي‪.‬‬
‫‪ .5‬أهــم خطــوة فــي عمليــة التمييــز بيــن وظائــف األمــن والدفــاع‪ ،‬وتقتــرح‬
‫الدراســة مــا يلــي‪:‬‬
‫األول‪ :‬تقويــة أجهــزة األمــن الداخلــي وتقانتهــا‪ ،‬بالخصــوص جهــاز االمــن‬
‫الوطنــي الــذي ال يــزال معلقــا مــن الناحيــة القانونيــة‪ ،‬البــد مــن ســن قانــون للجهــاز‬
‫ورفــع معاييــر اختيــار أعضائــه‪ ،‬ورفــده بالمختبــرات والخبــراء فــي األدلــة الجنائيــة‪،‬‬
‫ومنحــه الصالحيــات الكافيــة لممارســة عملــه كمــا هــو الحــال مــع األجهــزة المناظــرة‬
‫لــه دوليــا‪.‬‬
‫الثانــي‪ :‬تأســيس أكاديميــة لألمــن الوطنــي‪ ،‬بمــا يمكــن مــن جــذب الشــباب مــن‬
‫الخريجيــن ممــن لــم تســتوعبهم ســوق العمــل إلــى األجهــزة األمنيــة بمــا يعــزز األمــن‬
‫الوطنــي‪.‬‬
‫الثالــث‪ :‬ســحب الجيــش مــن الشــوارع ألن وظيفتــه هــي الدفــاع الخارجــي ورفــد‬
‫الــروح المعنويــة الجمعيــة بالقــوة وليــس الوقــوف فــي ســيطرات تســبب النقمــة علــى‬
‫الجيــش‪.‬‬

‫‪| 172‬‬
‫عمتجملاو ةلودلا‬

‫‪ .6‬اإلســراع بإقــرار قانــون مجلــس الخدمــة االتحــادي وهــو مــا يصــب بإنهــاء‬
‫المحاصصــة فــي الوظائــف الحكوميــة‪ ،‬وهــو أهــم قــرار تميــل الدراســة إلــى عــدم‬
‫اهمالــه لــدوره الكبيــر فــي رفــع مشــاعر الغبــن الجمعــي تجــاه الدولــة ووظائفهــا‬
‫الحكوميــة‪.‬‬
‫‪ .7‬العمــل باتجــاه مراجعــة االســتراتيجيات الوطنيــة التــي أنجزتهــا الحكومــات‬
‫العراقيــة بعــد (‪ )2003‬مثــل خطــة التنميــة الوطنيــة‪ ،‬واالســتراتيجية الوطنيــة للتربيــة‬
‫والتعليــم العالــي فــي العــراق‪ ،‬وهــي خطــط مــرت ســنوات العمــل المقــررة بهــا دون‬
‫أن توضــع موضــع التطبيــق مطلقــا‪.‬‬
‫‪ .8‬أهــم اقتــراح فــي ســبيل تعزيــز مكانــة الدولــة مجتمعيـ ًا وتقترحــه الدراســة كأمــر‬
‫البــد منــه هــو البــدء بمبــادرة وطنيــة حقيقيــة للســكن‪ ،‬تمكــن كل أســرة عراقيــة مــن‬
‫الســكن فــي بيــت‪ ،‬أو أن تدفــع اقســاطه بيســر حســب القــدرة الماليــة لــكل أســرة‪،‬‬
‫توفيــر الســكن هــو األســاس فــي خفــض نصــف العــبء االقتصــادي عــن أغلــب األســر‬
‫العراقيــة‪.‬‬
‫وفــي ختــام هــذه الفقــرة‪ ،‬يمكــن القــول أن العــراق الــذي ابتكــر فكــرة الدولــة‪،‬‬
‫وكـ ّـون أول الــدول فــي التاريــخ؛ ال يصلــح حالــه بــا دولــة‪ ،‬ومــن أفضــل مــا جــاء‬
‫بهــذا الســياق هــو قــول الباحــث المغربــي إدريــس هانــي‪ :‬أزمــة العــراق األساســية هــي‬
‫فــي انحســار الدولــة‪ ،‬ثالثــة أربــاع مشــاكل العــراق بســبب اهتــزاز الدولــة‪ ،‬إذا وجــدت‬
‫الدولــة فــإن هــذه المشــاكل ســتحل تلقائي ـ ًا‪ ،‬والربــع الباقــي بالسياســات العامــة‪.‬‬

‫| ‪173‬‬
‫التحديات الحكومية في مجال تحسين واقع الفئات‬
‫اإلجتماعية في عام ‪2020‬‬

‫رغــم إتســاع البرامــج والسياســات الحكوميــة فــي مجــال اإلرتقــاء بواقــع المجتمــع‬
‫وتحســين مســتوى الخدمــات المقدمــة إلــى فئاتــه إال أن هــذا الواقــع اليــزال يعانــي مــن‬
‫الكثيــر مــن التحديــات والتهديــدات‪ ،‬فطبيعــة التكامــل الــذي يجــب أن يرتبــط بالبرامج‬
‫والسياســات التــي تعتمدهــا الحكومــة اليــزال يعانــي مــن عــدم التكامــل‪ ،‬ويفتقــر إلــى‬
‫تخطيــط تسلســلي قــادر علــى ضمــان المعالجــة الكليــة وليســت الوقتيــة‪.‬‬
‫مــن جهــة أخــرى يبــدو أن المخاطــر التــي ترافــق واقــع المجتمــع وتحديــات‬
‫الفقــر والبطالــة أســهمت فــي تكويــن مظاهــر جديــدة فــي العالقــات اإلجتماعيــة أدت‬
‫فيمــا بعــد إلــى مضاعفــة نطــاق التحديــات فــي مجــال التخطيــط الحكومــي الموجــه‬
‫للمعالجــة بســبب التراكمــات المســتمرة والتشــخيصات غيــر الحقيقيــة‪ ،‬األمــر الــذي‬
‫يفــرض علــى الســلطة التشــريعية والتنفيذيــة أولويــات جديــة يجــب العمــل عليهــا فــي‬
‫عــام ‪ 2020‬مــن أجــل توفيــر معالجــات حقيقيــة تنســجم مــع واقــع المجتمــع‪.‬‬

‫أو ًال‪ :‬الشباب‬


‫تواجــه فئــة الشــباب فــي المجتمــع العراقــي عــدة مشــكالت أســهمت فــي تكويــن‬
‫أزمــات إجتماعيــة مركبــة ترتبــط بضعــف الرغبــة فــي اإلســتمرار بالحيــاة واإلنتحــار‬
‫أو اللجــوء إلــى اإلرتبــاط بعمليــات التجــارة غيــر المشــروعة‪ ،‬فغيــاب فــرص العمــل‬
‫وتنامــي معــدالت البطالــة أســهمت فــي تكويــن أزمــات جديــدة معقــدة فــي تركيبهــا‬
‫ومســتمرة فــي زيادتهــا‪ .‬ففــي الدراســات اإلجتماعيــة ترتبــط قيمــة الرجــل ومكانتــه‬
‫بمــا يؤديــه مــن عمــل فــي الحيــاة العامــة‪ ،‬ومــن ثــم فــإن فقدانهــا يــؤدي إلــى إنكســار‬
‫فــي شــخصيته ورؤيتــه الشــخصية لرجولتــه‪.‬‬
‫يعــد العمــل بمفومــه اإلجتماعــي النشــاط األكثــر أهميــة بالنســبة ألغلبيــة أفــراد‬
‫المجتمــع‪ ،‬فعلــى الرغــم مــن وجــود رغبــات التملــص أو التقليــل مــن المهــام‬

‫‪| 174‬‬
‫ماع يف ةيعامتجإلا تائفلا عقاو نيسحت لاجم يف ةيموكحلا تايدحتلاحتلا‬

‫المفروضــة فــي العمــل إال أن البديــل يعــد أمــر ًا غيــر مقبــول فــي جميــع المجتمعــات‬
‫وباألخــص العــراق الــذي تقــاس علــى أساســه الكثيــر مــن اإلعتبــارات اإلجتماعيــة‪.‬‬
‫إلــى جانــب أن العمــل يعطــي للفــرد قيمــة إجتماعيــة تعــزز مــن إرتباطــه بالقيــم التــي‬
‫تســود المجتمــع وتولــد لديــه الرغبــة فــي الدفــاع عــن مايمــس الثوابــت الوطنيــة‪.‬‬
‫أســهم إرتفــاع نســبة البطالــة فــي أن تبــرز مظاهــر جديــدة فــي نطــاق التفاعــات‬
‫اإلجتماعيــة لعــل مــن بينهــا ظاهــرة طلــب العمــل عبــر مواقــع التواصــل االجتماعــي‪،‬‬
‫منصــة يقــوم عــن طريقهــا العاطليــن عــن العمــل بعــرض‬ ‫تحــول الفيســبوك إلــى َّ‬
‫إذ ّ‬
‫خدماتهــم بشــكل لــم يكــن متــداول فــي الســابق ممــا يمنــح فرص ـ ًا إلســتغالل هــذه‬
‫الفئــة بســبب الحاجــة الماســة لديهــم للعمــل‪ .‬ولعــل مــن أهــم األســباب التــي زادت‬
‫مــن اإلحبــاط لــدى قطــاع الشــباب كذلــك هــي طبيعــة السياســات الخاصــة بقطــاع‬
‫العمــل خصوصــ ًا فــي القطــاع الخــاص‪ ،‬وإهــدار مبالــغ كبيــرة فــي مشــاريع غيــر‬
‫مجديــة لــم تتــرك تأثيــر واضــح فــي ســوق العمــل‪.‬‬
‫مــن المؤكــد أن طريقــة عــرض الخدمــات فــي منصــات التواصــل اإلجتماعــي لــه‬
‫تأثيــرات ســلبية علــى واقــع الشــباب‪ ،‬ســيما إذا إرتبطــت بطريقــة العــرض نفســها‪،‬‬
‫فهــذه المنصــات متاحــة للجميــع وتســبب مشــكالت يصعــب مراقبتهــا ممــا يجعــل‬
‫إمكانيــة إســتغاللهم مــن قبــل منظمــات أو عصابــات أمــر فــي غايــة الســهولة للحاجــة‬
‫الماســة للعمــل‪ .‬وقــد الحــظ الكثيــر مــن المراقبيــن مــدى تأثيــر هــذه المنصــات علــى‬
‫بعــض الشــباب فــي مظاهــرات تشــرين األول عــام ‪ ،2019‬فعلــى الرغــم مــن حــرص‬
‫الكثيــر منهــم علــى ســلمية التظاهــرات إال أن طبيعــة الحــوارات والنقاشــات التي كانت‬
‫تجــري فــي مواقــع التواصــل اإلجتماعــي كان لهــا تأثيــر ســلبي علــى مســار التظاهــرات‬
‫بســبب رغبــة فئــة قليلــة فــي العــدد ذات نطــاق كبيــر فــي التأثيــر علــى الحــدث العــام‬
‫بإســتخدام العنــف ضــد القــوات األمنيــة‪ ،‬مــن أجــل تحقيــق تصــادم وإشــتباك بينهــم‬
‫ممــا يجعــل الوضــع فــي غايــة الخطــورة‪.‬‬
‫بالمقابــل اليمكــن إغفــال مجموعــة كبيــرة مــن الحقائــق التــي أثــرت بشــكل كبيــر‬
‫علــى السياســات الحكوميــة فــي هــذا الشــأن لعــل مــن بينهــا إنخفــاض أســعار النفــط‬
‫فــي األســواق العالميــة والحــرب علــى اإلرهــاب التــي أســهمت فــي توقــف أغلــب‬
‫المشــاريع‪ ،‬ممــا ضاعــف مــن نســبة البطالــة خصوصـ ًا فــي ظــل مخرجــات الجامعــات‬
‫مــن الخرجيــن التــي أضعفــت قــدرة ســوق العمــل علــى إســتيعابهم‪ .‬وبالرغــم مــن‬
‫إعــان اإلنتصــار علــى تنظيــم داعــش وتبنــي الحكومــة منهاجـ ًا قائمـ ًا علــى فكــرة البناء‬
‫| ‪175‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫واإلعمــار إال أنــه فــي الحقيقــة لــم تولــي الحكومــة إهتمامـ ًا للمنجــز الخدمــي بصــورة‬
‫واضحــة بإختــاف أنواعــه رغــم وجــود مشــاريع كثيــرة توقفــت نســبة اإلنجــاز فيهــا‬
‫بمســتويات عاليــة بســبب ضعــف التمويــل قبــل عــام ‪ ،2018‬وكل ماتحتــاج إليــه هــو‬
‫قــرارات إســتثنائية إلعــان إســتكمالة بصــورة تامــة وإدخــال المشــروع خــط الخدمــة‪.‬‬
‫إذ بلغــت نســبة البطالــة ‪ ٪14‬حســب بيانــات وزارة التخطيــط وإحتلــت فئــة الشــباب من‬
‫هــذه النســبة ‪ ، ٪19‬وبالرغــم مــن إنخفاضهــا حســب هــذه اإلحصائيــات إال أنهــا فــي‬
‫الواقــع يؤشــر خــاف ذلــك عنــد تحليــل مظاهــرات تشــرين األول ‪ 2019‬ولعــل ذلــك‬
‫ســرتبط بمعاييــر عديــدة مــن بينهــا حــدود العيــش‪ ،‬إذ أن كثيــر مــن األعمــال والمهــن‬
‫التــي يؤديهــا الشــباب اليمكــن نســبها إلــى ســوق العمــل ممــا يجعلهــا مؤشــرات رقميــة‬
‫تضــاف إلــى البطالــة نفســها‪.‬‬
‫لــم تتمكــن السياســات الحكوميــة مــن تشــغيل المصانــع العراقيــة المعطلــة بســبب‬
‫طبيعــة التكاليــف التــي يمكــن أن تنفــق علــى هــذه المصانــع بالمقارنــة مــع مايتــم‬
‫توفيــره عــن طريــق اإلســتيراد واإلســتثمار األجنبــي فــي العــراق‪ ،‬وألحــق إغفــال هــذه‬
‫القطاعــات وقطاعــات أخــرى كالزراعــة فــي تضييــق فــرص الشــباب فــي العمــل ممــا‬
‫إضطــر بعضهــم إلــى مغــادرة مناطقهــم واإلنتقــال إلــى العاصمــة للبحــث عــن فــرص‬
‫للعمــل‪.‬‬
‫يعانــي العــراق مــن مشــكالت فــي التزاحــم اإلجتماعــي‪ ،‬فالعاصمــة تعــد‬
‫مركــز جــذب مهــم لباقــي المحافظــات بإعتبارهــا تضــم مركــز الســلطتين التشــريعية‬
‫والتنفيذيــة‪ ،‬ممــا يجعــل الشــعور بفــرص العمــل تكــون أكبــر بالنســبة للشــباب فــي‬
‫المحافظــات‪ ،‬غيــر أن ذلــك فــي الحقيقــة وبرغــم إنتفــاءه مــن الناحيــة الواقعيــة أســس‬
‫لمشــاكل جديــدة بســبب عــدم توافــر فــرص عمــل أساســ ًا للشــباب فــي العاصمــة‬
‫فضـ ًا عــن التأثيــرات األخــرى الناتجــة عــن زيــادة الكثافــة الســكانية‪ .‬وقــد كــون هــذا‬
‫التزاحــم مشــاكل أكبــر تتصــل بالســكن وعــدم كفايــة المؤسســات الخدميــة لحاجــات‬
‫المواطنيــن‪.‬‬
‫وممــا يجــدر الوقــوف عنــده أن العــراق قــد دخــل فيمــا يطلــق عليــه إســم (الهبــة‬
‫الديموغرافيــة) مطلــع العــام (‪ - )2019‬وفــق تقديــرات الجهــاز المركــزي لإلحصــاء‬
‫‪ -‬ممــا يعنــي تحــول المجتمــع العراقــي الــذي غالبيتــه مــن األطفــال وصغــار الســن‬
‫(دون ‪ 15‬ســنة) والمعاليــن (اكبــر مــن ‪ 64‬ســنة) إلــى مجتمــع يشــكل فيــه الســكان‬
‫فــي ســن العمــل واإلنتــاج المجموعــة األكبــر‪ ،‬أي أن معــدل نمــو الســكان النشــطين‬
‫‪| 176‬‬
‫ماع يف ةيعامتجإلا تائفلا عقاو نيسحت لاجم يف ةيموكحلا تايدحتلاحتلا‬

‫اقتصاديــ ًا ســيتجاوز معــدالت النمــو للفئــات الســكانية المعالــة وهــم صغــار الســن‬
‫وكبــار الســن‪ ،‬ممــا يعنــي فــي ظــل التعثــر االقتصــادي المشــار إليــه آنفــا حصــول زيــادة‬
‫فــي حجــم البطالــة والفقــر؛ بســبب دخــول العــراق فــي الهبــة الديموغرافيــة‪ ،‬وأن‬
‫العــراق مقبــل علــى المزيــد مــن الطلــب علــى الوظائــف‪ ،‬األمــر الــذي ينــذر بتزايــد‬
‫الضغــوط المجتمعيــة التــي قــد تقــود إلــى مزيــد مــن التظاهــرات للمطالبــة بالوظائــف‬
‫الحكوميــة‪ ،‬لذلــك علــى الحكومــة العراقيــة القيــام بإجــراءات عمليــة عاجلــة لتوفيــر‬
‫فــرص العمــل فــي القطــاع الخــاص مــن خــال توفيــر بيئــة اقتصاديــة داعمــة للقطــاع‬
‫الخــاص‪ ،‬فــي ضــل عــدم إمكانيــة اســتحداث درجــات فــي القطــاع العــام المتضخــم‬
‫أساسـ ًا‪ ،‬وأهــم هــذه الخطــوات هــي محاربــة الفســاد والرشــوة والروتيــن البيروقراطــي‬
‫الــذي يتســبب بهــرب المســتثمرين ومــن ثــم فقــدان العــراق لمشــاريع توفــر فــرص‬
‫عمــل لشــبابه‪.‬‬
‫إلــى جانــب ذلــك فقــد أســهم غيــاب فــرص العمــل ومراكــز خاصــة إلســتيعاب‬
‫الشــباب إلــى إرتفــاع نســب اإلنتحــار فــي المجتمــع‪ ،‬إذ ســجلت وزارة التخطيــط‬
‫وجهــاز اإلحصــاء بحســب تقاريــر صــدرت عنهمــا أرقامـ ًا وصلــت إلــى (‪ )607‬حالــة‬
‫انتحــار فــي ســنة ‪ ،2017‬أمــا فــي ســنة ‪ 2018‬فالعــدد إنخفــض إلــى (‪ )315‬ولكــن‬
‫يجــب أن نأخــذ فــي اإلعتبــار أن بعــض العائــات تخفــي أســباب المــوت إذا كان‬
‫انتحــار ًا وترجعــه ألســباب أخــرى؛ حفاظ ـ ًا علــى الســمعة االجتماعيــة‪.‬‬
‫ُتعــد ظاهــرة اإلنتحــار ظاهــرة ُمعقــدة ولهــا أســبابها المختلفــة‪ ،‬فضــ ًا عــن أن‬
‫المعلومــات المتوفــرة فــي هــذا الموضــوع غيــر كافيــة للدراســة‪ ،‬فالتداخــل بيــن‬
‫المســببات وماتفرضــه الظــروف فــي العــراق يجعلنــا أمــام عــدة تفســيرات فــي‬
‫مقدمتهــا‪:‬‬
‫القــراءة والتفســير األول‪ :‬يعتبــر اإلنتحــار فعــل سياســي إحتجاجــي علــى ســوء‬
‫األوضــاع القائمــة مــن بطالــة وفســاد إداري وتهميــش واســتبعاد اجتماعــي لفئــة‬
‫الشــباب‪ ،‬ومــن ثــم عــدم القــدرة علــى تحقيــق األحــام والطموحــات‪.‬‬
‫القــراءة والتفســير الثانــي‪ :‬هــي قــراءة تســتند علــى نظريــة دوركهايــم‪ ،‬وخصوص ًا‬
‫مــا أســماه االنتحــار األنومــي‪ ،‬أو الالنظامــي‪ ،‬ويحــدث نتيجــة الفوضــى االجتماعيــة‬
‫وفقــدان المعاييــر المناســبة للعيــش والوصــول للنجــاح‪.‬‬
‫القــراءة والتفســير الثالــث‪ :‬يســتند أيض ـ ًا علــى مــا اســماه دوركهايــم (االنتحــار‬
‫األنانــي) الــذي يعنــي عــدم شــعور الفــرد ّأن لوجــوده معنــى‪ ،‬شــخص يفشــل فــي‬
‫| ‪177‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫تحقيــق نجاحــه ومكانتــه‪ ،‬وعندهــا يعاقــب نفســه والمجتمــع الــذي لــم يبــال بــه‬
‫باالنتحــار‪.‬‬
‫‪‎‬القــراءة والتفســير الرابــع‪ :‬هــو اإلنغــاق االجتماعــي أو عــدم وجــود منافــذ ترفيــه‬
‫للفــرد وخصوصـ ًا فــي بعــض مناطــق العــراق إذ ال ترفيــه وال منتديــات يعبــر فيهــا الفــرد‬
‫عــن نفســه وهواياتــه‪ ،‬ضمــن قيــود اجتماعيــة متشــددة ال تتوافــق حتــى مــع القيــم‬
‫الدينيــة المتســامحة‪ ،‬وفــرض مســاحات مــن الحــرام لــم يســنها الديــن مــن األســاس‪.‬‬
‫إن حالــة عــدم الرضــا القائمــة فــي المجتمــع بســبب غيــاب فــرص العمــل وضعــف‬
‫فــرص الترفيــه‪ ،‬وعــدم وجــود قنــوات وبرامــج حكوميــة قــادرة علــى تلبيــة إحتياجــات‬
‫الشــباب أو إســتيعاب مطالبهــم ســمح بتكويــن ضغوطــات متجــددة يصعــب إســتيعابها‬
‫مــن قبــل فئــة الشــباب فــي ضــوء عــدم التغيــر فــي المظاهــر اإلجتماعيــة القائمــة‪.‬‬
‫ومــن المؤكــد أن التعامــل مــع الشــباب يتطلــب أن تكــون هنالــك لجــان جديــة لوضــع‬
‫المعالجــات المنطقيــة لهــذه األزمــات المتجــددة والتــي يمكــن أن تتراكــم بشــكل أكثــر‬
‫تعقيــد ًا‪ .‬إذ أن الشــعور بعــدم الرضــا وعــدم القــدرة علــى التكيــف مــع البيئــة وضعــف‬
‫النظــام السياســي فــي إســتيعاب المطالــب بلــور مظاهــر جديــدة يصعــب التعامــل معهــا‬
‫دون الوقــوف علــى المســببات الحقيقيــة لهــا‪.‬‬
‫إن إنتشــار اإلدمــان علــى المخــدرات واإلنخــراط فــي تجــارة األعضــاء البشــرية‬
‫والخطــف تعــد واحــدة مــن أهــم النتائــج التــي يمكــن أن تتولــد بفعــل الفــراغ الــذي‬
‫يعيشــه الشــباب‪ ،‬وهــذه فــي حقيقتهــا مظاهــر خطيــرة لــم تكــن موجــودة بســبب الرقابــة‬
‫التــي توليهــا األســرة ومؤسســات المجتمــع المدنــي‪ ،‬إال أن ضعــف هــذه المؤسســات‬
‫فــي أداء أدوارهــا ضاعــف مــن إنتشــار هــذه المظاهــر وتناميهــا فــي المجتمــع‪ .‬فقــد‬
‫ســجلت بيانــات وزارة الداخليــة (‪ )153‬جريمــة تخــص اإلتجــار بالبشــر‪ ،‬وبالرغــم‬
‫مــن ضعــف اإلحصائيــات المســجلة والمعلــن عنهــا إال أن هنالــك الكثيــر مــن‬
‫المؤشــرات أن هــذه الحالــة قــد تراجعــت منــذ صــدور قانــون مكافحــة اإلتجــار بالبشــر‬
‫رقــم ‪ 38‬لســنة ‪ .2012‬إذ أســهم إنضمــام العــراق إلــى اإلتفاقيــات الدوليــة الخاصــة‬
‫بالجريمــة المنظمــة فــي مســاعدة وزارة الداخليــة فــي هــذا الجانــب‪.‬‬
‫إن تنامــي الجريمــة كمظهــر جديــد فــي المجتمــع يعبــر عــن وجــود حــاالت‬
‫إجتماعيــة ناشــئة بفعــل ضعــف الرقابــة االجتماعيــة مــن جهــة والحكوميــة مــن جهــة‬
‫أخــرى‪ ،‬وتــدل اإلحصائيــات المســلجة عــن نســب عاليــة فــي هــذا الصــدد‪ ،‬إذ بلــغ‬
‫ضحايــا القتــل العمــد حســب تقريــر التنميــة المســتدامة الصــادر عــن وزارة التخطيــط‬
‫‪| 178‬‬
‫ماع يف ةيعامتجإلا تائفلا عقاو نيسحت لاجم يف ةيموكحلا تايدحتلاحتلا‬

‫لعــام ‪ 2017‬بحــدود (‪ )1983‬وتوزعــت بيــن البالغيــن الذيــن بلــغ عددهــم (‪)1844‬‬


‫فــي حيــن كان عــدد ضحايــا القتــل العمــد لألحــداث (‪ )139‬مــن العــام نفســه‪.‬‬

‫الجدول يوضح القتلى العمد في العراق لعام ‪2017‬‬

‫اإلناث‬ ‫الذكور‬ ‫العدد الكلي‬ ‫ضحايا القتل لعام ‪2017‬‬

‫‪364‬‬ ‫‪1480‬‬ ‫‪1983‬‬ ‫ضحايا القتل للبالغين‬

‫‪53‬‬ ‫‪86‬‬ ‫‪139‬‬ ‫ضحايا القتل لألحداث‬

‫إن زيــادة ضحايــا القتــل العمــد يبيــن وجــود نســبة عاليــة مــن التعصــب فــي إدارة‬
‫المشــاكل االجتماعيــة وحســمها مــن قبــل األفــراد دون اللجــوء إلــى المؤسســات‬
‫الرســمية الخاصــة‪ ،‬أو المؤسســات القضائيــة للبــت فــي الحكــم إذ أن اإلعتقــاد الــذي‬
‫يســود المجتمــع قائــم علــى أســاس الحلــول الفرديــة وليــس المؤسســاتية‪ ،‬فضـ ًا عــن‬
‫إنتشــار األســلحة الناريــة الخفيفــة والصغيــرة بيــن المواطنيــن والتــي ضاعفــت بشــكل‬
‫كبيــر مــن زيــادة حــاالت القتــل المتعمــد والجريمــة المنظمــة الســيما فــي المناطــق‬
‫التــي تحصــل فيهــا نزاعــات عشــائرية‪ ،‬أو تضعــف فيهــا ســلطة الدولــة‪ ،‬إذ ســجلت‬
‫التقاريــر الدوليــة التابعــة لمكتــب المفتــش العــام الخــاص بإعــادة إعمــار العــراق أكثــر‬
‫مــن (‪ )9750000‬ســاح نــاري مفقــودة مــن وزارة الدفــاع والداخليــة وأن أغلــب‬
‫هــذه األســلحة التحتــوي علــى أرقــام تسلســلية مســجلة ممــا يجعــل عمليــة تعقبهــا‬
‫مــن قبــل المؤسســات األمنيــة العراقيــة تواجــه صعوبــات كبيــرة‪ .‬وقــد أســهم إنتشــار‬
‫هــذه األســلحة فــي زيــادة الجريمــة والجريمــة المنظمــة‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬المشردين وإتساع معدالت الفقر‬


‫إن واحــدة مــن المظاهــر الخطيــرة فــي المجتمع هي ظاهرة المشــردين مــن األطفال‬
‫الذيــن يشــكلون عناصــر حساســة تضعــف مؤشــرات التنميــة البشــرية للدولــة‪ ،‬بلغــت‬
‫نســبة المشــردين حســب إحصائيــات تقريــر التنميــة المســتدامة (‪ )91‬مشــرد باإلســتناد‬
‫إلــى ماتــم تســجيله فــي دائــرة إصــاح األحــداث لعــام ‪ ،2016‬إال أنــه اليــزال هنالــك‬
‫أعــداد غيــر مســجلة تســتخدم أســلوب التخفــي مــن أجــل عــدم إلقــاء القبــض عليهــم‪،‬‬
‫| ‪179‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫وقــد ســاهمت إجــراءات الشــرطة المجتمعيــة فــي تقليــل هــذه النســبة إال أنــه التــزال‬
‫دوائــر الرعايــة االجتماعيــة غيــر قــادرة علــى إســتيعاب جميــع أعــداد المشــردين فــي‬
‫المجتمــع‪.‬‬
‫إن تزايــد هــذه النســب قــد كان بعــد جملــة مــن التطــورات التــي رافقــت عمليــة‬
‫التســول فــي محافظــات العــراق وخصوص ـ ًا فــي بغــداد‪ ،‬إذ كان لعمليــة النــزوح أثــر ًا‬
‫مهم ـ ًا فــي زيــادة أعــداد المتســولين والمشــردين فــي بغــداد بشــكل خــاص باإلضافــة‬
‫إلــى الســوريين الــذي تنظمــوا أيض ـ ًا فــي مناطــق عديــدة ممــا جعــل ظاهــرة الجريمــة‬
‫تتزايــد بشــكل واضــح‪.‬‬
‫يناقــش تقريــر التنميــة المســتدامة الــذي صــدر عــن مركــز حوكمــة فــي عــام‬
‫‪ 2019‬هشاشــة البرامــج اإلجتماعيــة فــي معالجــة مشــكلة الفقــر والمواطنيــن الذيــن‬
‫يعيشــون تحــت خــط الفقــر‪ ،‬إذ إن تزايــد معــدالت المشــردين والعالقــات اإلجتماعيــة‬
‫المتفســخة هــو نتيجــة فعليــة لطبيعــة الفقــر حســب التقريــر‪ ،‬فضـ ًا عــن أن نســب الفقــر‬
‫تتزايــد بســبب ضعــف البرامــج الحكوميــة علــى إســتيعاب هــذه الفئــة ضمــن القنــوات‬
‫المخصصــة لهــم‪ .‬إذ ان بعــض المخصصــات والمعونــات التــي تمنــح مــن قبــل‬
‫الدولــة قــد التكــون كافيــة لتغطيــة نفقــات المواطنيــن وإلتزاماتهــم بســبب الفــوارق فــي‬
‫الرواتــب بيــن وزارات الدولــة وبشــكل مضاعــف فــي بعــض األحيــان‪ ،‬وهــذا مايــؤدي‬
‫إلــى زيــادة الفجــوة بيــن المواطنيــن وإختــال فــي النســب الخاصــة بأعــداد المواطنيــن‬
‫الذيــن يعيشــون تحــت خــط الفقــر‪ .‬مــن جهــة آخــرى فإنــه التــزال النســبة المخصصــة‬
‫فــي الموازنــة الســنوية للدولــة تعــد بســيطة وغيــر مجدية بشــأن برامــج الحد مــن الفقر‪،‬‬
‫رغــم أن العــراق قــد تجــاوز خطــر المعــارك المباشــرة ضــد تنظيــم داعــش اإلرهابــي‬
‫وإنتقالــه مــن الحــرب إلــى مكافحــة اإلهــاب والتطــرف‪ ،‬إذ أن النســبة المخصصــة مــن‬
‫المــوارد بشــكل مباشــر لبرامــج الحــد مــن الفقــر وفقـ ًا للتقاريــر الســنوية الرســمية لعــام‬
‫‪ 2017‬بلغــت (‪ )1 .0‬وهــذه النســبة التغطــي متطلبــات المعيشــة وتحقيــق الســام فــي‬
‫ظــل المعانــاة التــي تعــرض لهــا العراقيــون منــذ عــام ‪ .2003‬فض ـ ًا عــن أن هنالــك‬
‫مشــكالت حقيقــة تواجــه تشــخيص التحديــات وكيفيــة المعالجــة فــي حــاالت تطبيــق‬
‫المســاواة والعــدل فــي هــذه البرامــج بســبب قلــة البيانــات الخاصــة بهــذا الجانــب‪.‬‬
‫إن معالجــة مشــكالت الشــباب التتوقــف فقــط عنــد برامــج الرعايــة اإلجتماعيــة‬
‫والبرامــج األخــرى المرتبطــة بــوزارة العمــل‪ ،‬فالــدورات التــي تقــوم بهــا وزارة العمــل‬
‫لتعليــم الشــباب مهــن مناســبة لهــم ليســت كفيلــة بحــل األزمــة دون أن تســهم وزارة‬
‫‪| 180‬‬
‫ماع يف ةيعامتجإلا تائفلا عقاو نيسحت لاجم يف ةيموكحلا تايدحتلاحتلا‬

‫الصناعــة فــي إســتثمار هــذه المهــارات أو صقلهــا فــي المصانــع التابعــة لهــا‪ ،‬فالعمليــة‬
‫البــد أن تكــون ذات ترابــط لحمايــة الشــباب مــن الهجمــات الثقافيــة الخارجيــة التــي‬
‫تؤديهــا دول وشــركات تهــدف إلــى تغييــر طبيعــة العالقــات اإلجتماعيــة فــي المجتمــع‬
‫العراقــي‪.‬‬
‫ورغــم أن وزارة العمــل قــد حاولــت توســيع نطــاق اإلهتمــام بالفئــات الشــبابية مــن‬
‫خــال برامــج مختلفــة إال أن المشــكلة فــي تمكيــن الشــباب فــي قطــاع ســوق العمــل‪،‬‬
‫فقــد شــملت نظــم الحمايــة والرعايــة االجتماعيــة حســب البيانــات المســجلة فــي‬
‫وزارة العمــل والشــؤون االجتماعيــة (‪ )574 .104 .1‬كانــت عــدد الذكــور وفقــ ًا‬
‫لهــذه اإلحصائيــات (‪ )120 .690‬أمــا اإلنــاث فقــد بلــغ العــدد (‪، )454 .414‬‬
‫وهــي نســبة تتطابــق إلــى حــد كبيــر مــع مخصصــات هــذه البرامــج فــي عــام ‪2016‬‬
‫والتــي بلغــت ‪ 7 .8‬مــن مجمــوع الميزانيــات الوطنيــة والناتــج المحلــي اإلجمالــي‪،‬‬
‫ويبــدو عــن طريــق تحليــل التقاريــر الصــادرة مــن وزارة العمــل والشــؤون االجتماعيــة‬
‫فض ـ ًا عــن تقريــر التنميــة المســتدامة أن هــذه النســب هــي مســتقلة عــن المواطنيــن‬
‫الذيــن يعيشــون تحــت خــط الفقــر‪ ،‬فاألعــداد المذكــورة والتــي تــم تغطيتهــا بموجــب‬
‫نظــم الحمايــة االجتماعيــة لــم تســتطع تغطيــة كافــة المواطنيــن الــذي يعيشــون تحــت‬
‫خــط الفقــر‪ ،‬أو أنهــم يفتــرض أن يشــملون ببرنامــج آخــر مقتــرح لتقليــل هــذه النســبة‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬تمكين المرأة‬


‫بــدأ العــراق بخطــوات إيجابيــة فــي مجــال تمكيــن المــرأة ومتابعــة تنفيــذ القــرار‬
‫‪ 1325‬الصــادر عــن مجلــس األمــن ليعمــل علــى توفيــر المســتلزمات الضروريــة لــدور‬
‫المــرأة فــي منــع الصراعــات وحفــظ الســلم واألمــن‪ ،‬وقــد جــاءت الخطــة الوطنيــة‬
‫(‪ )2018 -2014‬لتركــز علــى ضــرورة إدمــاج المــرأة فــي الجهــود التــي تبــذل مــن‬
‫أجــل الســام وتوفيــر األمــن فــي حــاالت مــا بعــد النزاعــات المســلحة واألزمــات‬
‫المحليــة والدوليــة‪ ،‬ومشــاركتها فــي هــذه الجهــود وفــي تنفيذهــا تأكيــد ًا لدورهــا‬
‫كفاعــل وليــس كمجــرد ضحيــة لهــذه النزاعــات‪.‬‬
‫مــن الناحيــة الشــكلية والموضوعيــة يعــد العــراق الدولــة األولــى مــن حيــث تطبيــق‬
‫القــرار فــي منطقــة الشــرق األوســط وشــمال أفريقيــا‪ ،‬ولعــل المؤشــرات التــي قدمتهــا‬
‫اللجنــة الوطنيــة عــن األدوار التــي قامــت بهــا المــرأة فــي مجــال القيــادة وتمكيــن‬
‫الســام تبيــن المســتويات التــي حققهــا العــراق فــي هــذا المجــال‪ .‬وكان لــوزارة‬
‫| ‪181‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫الدولــة لشــؤون المــرأة دور مهــم فــي تقديــم هــذه الخطــة ومتابعــة تنفيذهــا‪ ،‬ورغــم‬
‫وجــود الكثيــر مــن التحديــات التــي واجهــت عمليــة تنفيــذ هــذه الخطــة خصوصــ ًا‬
‫بعــد إلغــاء وزارة الدولــة لشــؤون المــرأة إال أن اللجــان المختصــة فــي األمانــة العامــة‬
‫لمجلــس الــوزراء وبقيــة الــوزارات الســاندة أســهمت فــي تنفيــذ مايمكــن القيــام بــه فــي‬
‫الخطــة الوطنيــة وبمــا هــو متــاح مــن إمكانيــات ومــوارد فــي فتــرة حرجــة وخطيــرة كان‬
‫يمــر بهــا العــراق بســبب السياســات التــي قــام بهــا تنظيــم داعــش اإلرهابــي وضعــف‬
‫المــوارد الماليــة للدولــة‪.‬‬
‫تضمنــت الخطــة الوطنيــة مجموعــة مــن المحــاور الخاصــة بمجــال تمكيــن المــرأة‬
‫وقــد ركــزت علــى عــدة أهــداف فــي هــذا المجــال فــي مقدمتهــا‪:‬‬
‫‪1.‬زيــادة المشــاركة الفعالــة والنســبية للمــرأة فــي مواقــع صنــع القــرار علــى‬
‫المســتوى المحلــي والوطنــي‪ ،‬وفــي جميــع لجــان المصالحــة ومفاوضــات‬
‫بنــاء الســالم‪.‬‬
‫‪2.‬إقــرار كوتــا للمــرأة فــي الســلطة التنفيذيــة‪ ،‬كإجــراء إيجابــي مــن أجــل الســماح‬
‫للمــرأة بــأداء دورهــا فــي عمليــة صنــع القــرار‪.‬‬
‫‪3.‬مواءمــة التشــريعات الوطنيــة مــع المعاييــر واآلليــات الدوليــة لحقــوق االنســان‬
‫للمــرأة‪ ،‬بمــا فــي ذلــك قــرار مجلــس االمــن ‪ ،1325‬والغــاء أو تعديــل‬
‫النصــوص والقوانيــن التــي تنتهــك حقــوق المــرأة وســن التشــريعات التــي‬
‫تحميهــا وتعــزز مكانتهــا‪.‬‬
‫‪4.‬تمكين المرأة وتعزيز قدراتها عن طريق النهج القائم على الحقوق‪.‬‬
‫‪5.‬تكامــل وادمــاج النــوع االجتماعــي فــي جميــع السياســات والعمليــات‬
‫المرتبطــة بمنــع النزاعــات وتســوية النزاعــات وبنــاء الســام فــي العــراق‪.‬‬
‫‪6.‬المســاهمة فــي الحــد مــن العنــف ضــد المــرأة وتوفيــر دور إيــواء آمنــة‬
‫للضحا يــا ‪.‬‬
‫ورغــم تركيــز الخطــة الوطنيــة علــى دور المــرأة إال أنهــا قــد خلــت مــن اإلشــارة إلى‬
‫اآلليــات التــي يمكــن أن تعتمــد فــي تطويــر دور النســاء فــي المؤسســات األمنيــة وتلبيــة‬
‫اإلحتياجــات الضروريــة لهــن مــن أجــل ضمــان مســتويات عاليــة مــن النجــاح فــي‬
‫تنفيــذ المهــام الموكلــة إليهــن‪ .‬وكذلــك إغفالهــا فيمــا يتعلــق المصالحــة والتعايــش‬
‫الســلمي التــي تعــد متطلــب ضــروري فــي مرحلــة مابعــد اإلنتصــار علــى تنظيــم داعــش‬
‫اإلرهابــي كــون أن المــرأة هــي عنصــر أساســي فــي بنــاء الســام ومــن غيــر الممكــن‬
‫‪| 182‬‬
‫ماع يف ةيعامتجإلا تائفلا عقاو نيسحت لاجم يف ةيموكحلا تايدحتلاحتلا‬

‫تجاهلهــا فــي مواجهــة التطــرف كإطــار للعمــل اإلســتراتيجي الــذي يتلــي عمليــة‬
‫مكافحــة اإلرهــاب‪.‬‬
‫إن إتســاع أعمــال اللجنــة الوطنيــة المكلفــة بإعــداد خطــة العمــل الثانيــة لقــرار‬
‫‪ 1325‬وتمكيــن دور المــرأة شــمل إلــى جانــب المؤسســات الحكوميــة مؤسســات‬
‫المجتمــع المدنــي ليعمــان بشــكل متــوازي فــي تحقيــق متطلبــات القــرار‪ ،‬وتجــدر‬
‫اإلشــارة هنــا إلــى جملــة مــن الحقائــق‪:‬‬
‫‪1.‬إن العــراق قــد حافــظ علــى تمثيــل مهــم للمــرأة فــي الســلطة التشــريعية‬
‫بموجــب الكوتــا التــي أقرهــا النظــام اإلنتخابــي‪.‬‬
‫‪2.‬إن هنالــك حاجــة ماســة إلبــراز عــدد النســاء فــي المهــام القيادية في مؤسســات‬
‫صنــع القــرار فــي الجانــب التنفيــذي عــن طريــق إشــراكها فــي المفاوضــات‬
‫واألنشــطة الوطنيــة علــى المســتوى الداخلــي والخارجــي‪ .‬خاص ـ ًة بعــد أن‬
‫حققــت المــرأة نجاحـ ًا فــي الدرجــات الخاصــة وصلــت إلــى (‪ ، )610‬وفــي‬
‫المناصــب العليــا حققــت المــرأة (‪ )65‬موقــع بدرجــة وزيــر أو وكيــل وزيــر‬
‫حســب بيانــات الجهــاز المركــزي لإلحصــاء الصــادر فــي عــام ‪.2017‬‬
‫‪3.‬أن هنالــك قصــور فــي الخطــة الوطنيــة فــي مجــال تمكيــن دور النســاء فــي‬
‫مجــال األمــن وخصوصــ ًا النســاء العامــات فــي قطــاع األمــن والتــي تقــع‬
‫علــى عاتقــن مهمــات تتعلــق باإلصــاح وتحســين ســلوك الســجينات وبنــاء‬
‫ثقافــة الســام‪.‬‬
‫‪4.‬إن مؤسســات المجتمــع المدنــي ماتــزال بحاجــة إلــى مؤهــات وعناصــر‬
‫كفــوءة لتكــون قــادرة علــى العمــل بتــوازي مــع المؤسســات الحكوميــة‪،‬‬
‫فالنشــاطات والبرامــج اإلجتماعيــة التــي تعمــل علــى تنفيذهــا تختلــف عــن‬
‫تنفيــذ القــرارات األمميــة والبرامــج الحكوميــة‪ ،‬لذلــك يتطلــب أن يكــون عمل‬
‫هــذه المؤسســات فــي هــذا المجــال تحــت إشــراف ورقابــة اللجنــة الوطنيــة‪.‬‬
‫‪5.‬الحاجــة إلــى إشــراك نســاء مــن فئــات غيــر سياســية أو حكوميــة ليكــون هنالــك‬
‫مجــال لتمثيــل الجانــب اإلجتماعــي وتوســيع وجهــات النظــر وعــدم إقصارهــا‬
‫علــى الجانــب السياســي فقــط‪.‬‬

‫| ‪183‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫رابع ًا‪ :‬مؤسسات العدالة اإلنتقالية‬


‫كونــت السياســات التــي كانــت متبعــة قبــل عــام ‪ 2003‬وجــود شــريحة كبيــرة مــن‬
‫المواطنيــن الذيــن تعرضــوا للظلــم واإلضطهــاد ســواء أكان ذلــك ألســباب فئويــة أو‬
‫سياســية‪ ،‬ممــا جعــل هنالــك ضــرورة إلــى تشــكيل مؤسســات تضمــن ترســيخ العدالــة‬
‫فــي الحيــاة العامــة للمواطنيــن وألجــل معالجــة األزمــات القائمــة علــى الشــعور‬
‫بالتهميــش أو التــي تعرضــت إلــى الظلــم فــي مراحــل معينــة مــن قبــل مؤسســات‬
‫الدولــة‪.‬‬
‫مــن الناحيــة الشــكلية والتطبيقيــة فقــد إلتــزم العــراق بإيجــاد هــذه المؤسســات مــن‬
‫أجــل ضمــان توزيــع الحقــوق وتكويــن متطلبــان القبــول والرضــا بيــن المواطنيــن‬
‫كالحالــة مــع تشــكيل مؤسســة الســجناء والشــهداء وربطهــا برئيــس مجلــس الــوزراء‬
‫لتكــون قــادرة علــى تجــاوز التحديــات البيروقراطيــة التــي يمكــن أن تعتــرض المهــام‬
‫الموكلــة إليهــا‪ .‬غيــر أن طبيعــة التحديــات التــي مــرت بالعــراق بعــد عــام ‪2003‬‬
‫ومواجهــة الجماعــات اإلرهابيــة وماســببته هــذه الجماعــات مــن تفجيــرات وقتــل على‬
‫الهويــة واإلنتمــاء الوطنــي أدى إلــى أن تظهــر شــرائح جديــدة تضــاف إلــى مســؤولية‬
‫التكويــن الجديــد للســلطة وإدارة الحكــم بإعتبارهــا المســؤولة عــن حيــاة المواطنيــن‬
‫ويجــب أن تعالــج المشــكالت التــي تطــرأ فــي مــدة حكمهــا‪.‬‬
‫إلــى جانــب ذلــك لــم تتمكــن مؤسســات العدالــة اإلنتقاليــة أن تكتمــل إجــراءات‬
‫العدالــة منــذ عــام ‪ ،2003‬فالتوقيتــات التــي كان يجــب أن تحــرص الحكومــة علــى‬
‫تضمينهــا فــي عمــل هــذه المؤسســات لــم تكــن موجــودة أساس ـ ًا األمــر الــذي جعــل‬
‫هــذه المؤسســات تســتمر فــي برامجهــا دون أن تكمــل كافــة أجراءاتهــا بعــد أن مضــى‬
‫عليهــا أكثــر مــن ‪ 16‬عــام‪.‬‬
‫تكمــن الغايــات الخاصــة فــي تكويــن مثــل هــذه المؤسســات ىبالمســاهمة فــي‬
‫إعــادة توزيــع الحقــوق وفــق متطلبــات القبــول والرضــا بالنظــام السياســي‪ ،‬إال ان‬
‫عــدم حــرص هــذه المؤسســات علــى إســتكمال تنفيــذ متطلبــات العمــل ســيعمل‬
‫علــى إيجــاد أزمــات إجتماعيــة جديــدة وفجــوة فــي داللــة اإلنتمــاء خصوصــ ًا مــع‬
‫األخــذ بعيــن اإلعتبــار أن هنالــك تناقضــات فــي المواقــف السياســية بشــأن تشــخيص‬
‫الفئــات التــي تعرضــت للظلــم والتــي تتعــرض إلــى الحرمــان بيــن ماقبــل عــام ‪2003‬‬
‫ومابعدهــا‪.‬‬

‫‪| 184‬‬
‫ماع يف ةيعامتجإلا تائفلا عقاو نيسحت لاجم يف ةيموكحلا تايدحتلاحتلا‬

‫علــى المســتوى الثانــي فــإن ماجــرى فــي المناطــق التــي ســيطر عليهــا تنظيــم داعش‬
‫اإلرهابــي بحاجــة كذلــك إلــى عمليــة تنظيــم الســيما فــي ضــوء ماخلقــه تنظيــم داعــش‬
‫مــن مظاهــر إجتماعيــة وآثــار نفســية ومتعلقــات أخــرى تتصــل بعوائــل داعــش وجيــل‬
‫الخالفــة الــذي تعمــد تنظيــم داعــش اإلرهابــي علــى تنشــئته‪ ،‬إذ تمكــن تنظيــم داعــش‬
‫اإلرهابــي مــن تجنيــد أكثــر مــن (‪ )1500‬طفــل حســب التقريــر الســنوي الصــادر عــن‬
‫مفوضيــة حقــوق اإلنســان فــي عــام ‪ ،2015‬وهــذا بحــد ذاتــه يعــد مــن المخاطــر‬
‫الكبيــرة علــى األمــن الوطنــي فــي عــام ‪ ،2020‬إذ أن مؤشــرات الســام والعــدل قــد‬
‫تتالشــى إذا ماتلــكأت الدولــة فــي تطبيــق قيــم العدالــة االجتماعيــة فــي هــذا الصــدد‪.‬‬
‫تتطلــب عمليــة بنــاء الســام توفيــر فــرص جديــدة للعيــش خصوصـ ًا فــي المناطــق‬
‫التــي تعرضــت إلــى ســيطرة تنظيــم داعــش اإلرهابــي‪ ،‬إذ أوجــدت إعــادة إدمــاج‬
‫اآلالف مــن العوائــل حالــة مــن التأييــد والرفــض للســكان‪ ،‬أو حتــى أولئــك الذيــن‬
‫بقــوا علــى الحيــاد‪ ،‬فالمخــاوف والهواجــس داخــل مجتمعــات المناطــق التــي ســيطر‬
‫عليهــا تنظيــم داعــش اإلرهابــي مازالــت بحاجــة إلــى دور كبيــر للمؤسســات الحكومية‬
‫ومؤسســات المجتمــع المدنــي مــن أجــل إدارة األوضــاع بعــد مرحلــة التحريــر مــن‬
‫التنظيمــات اإلرهابيــة‪.‬‬
‫فضــ ًا عــن أن هنالــك مايعــرف بأقــارب أعضــاء تنظيــم داعــش اإلرهابــي‪ ،‬إذ‬
‫قــد يشــكل معاقبتهــم أو التعامــل معهــم خــارج اإلطــار القضائــي مدخــ ًا لإلنتقــام‬
‫والتهديــد‪ ،‬إذ قامــت بعــض القبائــل بإعــان قوائــم أســماء الطــرد مــن القبيلــة فــي‬
‫محافظــة األنبــار وصــاح الديــن بســبب إنتمــاء بعــض أفــراد هــذه األســماء إلــى تنظيــم‬
‫داعــش‪ ،‬أو القيــام بطردهــم مــن المحافظــات لمــدة التقــل عــن (‪ )5‬ســنوات‪ ،‬وهــذه‬
‫العقوبــات قــد تخــل بالنظــام االجتماعــي وتدعــو إلــى الثــأر فــي المســتقبل بســبب‬
‫الشــعور بالظلــم‪.‬‬
‫إن فهــم التحديــات التــي تواجــه الشــباب والعدالــة االجتماعيــة تجعلنــا أمــام الكثيــر‬
‫مــن الخيــارات التــي يمكــن أن يلجــأ لهــا صانــع القــرار بشــكل ســريع مــن اجــل إحتــواء‬
‫األزمــات المكونــة داخــل هــذه القطاعــات‪ ،‬ولعــل مــن أهــم مايمكــن العمــل عليــه فــي‬
‫عــام ‪ 2020‬هــو‪:‬‬
‫‪1.‬إن هنالــك حاجــة ماســة لتطويــر برامــج الرعايــة والحمايــة االجتماعيــة عــن‬
‫طريــق زيــادة النفقــات الحكوميــة فيهــا‪ ،‬فضـ ًا عــن دعــم الصناعــات المحليــة‬

‫| ‪185‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫الناتجــة عــن برامــج التدريــب والتطويــر مــن أجــل أن يكــون هنالــك تكامــل‬
‫بيــن مناهــج التدريــب والتطويــر وتوظيــف مايتحقــق منهــا‪.‬‬
‫‪2.‬إعتمــاد خطــة نوعيــة لبرامــج التأهيــل والتطويــر فــي وزارة العمــل والشــؤون‬
‫االجتماعيــة تعتمــد علــى حاجــة األســواق مــن أجــل إيجــاد حيــاة إجتماعيــة‬
‫قائمــة علــى أســاس دعــم فئــة الشــباب ودفعهــم بإتجــاه حيــاة آمنــه إقتصاديـ ًا‪.‬‬
‫إذ البــد أن تكــون هــذه الــدورات متطابقــة مــع إحتياجــات الســوق كالحالــة مــع‬
‫صيانــة األجهــزة األلكترونيــة والحواســيب وأجهــزة المحمــول التــي أصبحــت‬
‫أكثــر رواجـ ًا فــي ســوق العمــل‪.‬‬
‫‪3.‬شــمول الســكان الــذن يعيشــون تحــت خــط الفقــر ببرامــج الحمايــة‬
‫االجتماعيــة‪ ،‬ويمكــن أن تتزايــد نســب المشــمولين بهــذا البرنامــج بعــد‬
‫حمــات القضــاء علــى المتجاوزيــن علــى هــذه الشــبكة والتــي تســعى وزارة‬
‫العمــل إلــى تنفيــذ خطــة شــاملة بهــذا الشــأن‪.‬‬
‫‪4.‬تعزيــز مناهــج المواطنــة واإلندمــاج الوطنــي الخاصــة بتقويــم األحــداث‬
‫وخصوصــ ًا الذيــن صــدرت بحقهــم عقوبــات وأحــكام مــن أجــل تقليــل‬
‫فــرص مضاعفــة اإلنحــراف واإلجــرام فــي المجتمــع‪.‬‬
‫‪5.‬ضــرورة تســيير حــوار وطنــي وإجتماعــي شــامل فــي المناطــق التــي تعرضــت‬
‫للظلــم واإلنتهــاك مــن قبــل تنظيــم داعــش اإلرهابــي مــن أجــل تحقيق مســتوى‬
‫مــن العــدل‪ ،‬فضــ ًا أن تكــون إجــراءات المعاقبــة مــن قبــل المؤسســات‬
‫القضائيــة للدولــة وليــس العقوبــات القســرية الناتجــة مــن األفــراد‪.‬‬

‫‪| 186‬‬
‫أزمة النزوح في العراق‬
‫التحديات‪ . .‬والحلول الممكنة‬

‫يمثــل النازحــون شــريحة مهمــة مــن ســكان العــراق الذيــن أرغمــوا علــى مغــادرة‬
‫مناطقهــم التــي دخلهــا تنظيــم «داعــش» االرهابــي منتصــف عــام ‪ ،2014‬وهــم هنــا‬
‫يختلفــون عــن الالجئيــن الذيــن يغــادرون مناطقهــم بإرادتهــم بحث ـ ًا عــن األفضــل‪،‬‬
‫إذ كان النازحــون عبــارة عــن موجــات ســكانية فــرت مــن مدنهــا وقراهــا أمــا بســبب‬
‫بطــش التنظيــم االرهابــي‪ ،‬أو بســبب المعــارك التــي يصعــب أن تميــز بشــكل دقيــق‬
‫بيــن االرهابــي والمدنــي‪ ،‬فمنهــم مــن قصــد المخيمــات التــي أعــدت الســتقبالهم‪،‬‬
‫وآخــرون شــدوا الرحــال إلــى مناطــق آمنــة كاقليــم كردســتان أو بغداد ومــدن الجنوب‪،‬‬
‫كمــا غــادر االالف إلــى خــارج العــراق هربـ ًا مــن الفوضــى التــي رافقــت دخــول تنظيــم‬
‫«داعــش» االرهابــي إلــى الموصــل ومــدن أخــرى شــمال وغــرب البــاد‪.‬‬
‫وعلــى الرغــم مــن تحريــر جميــع المــدن والمناطــق مــن ســيطرة التنظيــم االرهابــي‬
‫إال أن أزمــة النازحيــن لــم تنتــه فــي ظــل وجــود مخيمــات تــأوي مواطنيــن غيــر قادريــن‬
‫علــى العــودة ألســباب مختلفــة تأتــي فــي مقدمتهــا قضيــة تدميــر منازلهــم‪ ،‬والمشــاكل‬
‫الماديــة التــي تحــول دون عودتهــم‪ ،‬األمــر الــذي أســهم فــي أن يشــكلون إحــدى‬
‫أزمــات مابعــد اإلنتصــار علــى تنظيــم داعــش اإلرهابــي‪.‬‬

‫أو ًال‪ :‬تصنيف النازحين‬


‫شــهد العــراق بعــد دخــول تنظيــم «داعــش» االرهابــي الــى الموصــل ومناطــق‬
‫عراقيــة أخــرى شــمال وغــرب البــاد موجــة نــزوح غيــر مســبوقة لســكان هــذه‬
‫المناطــق بســبب االجــراءات التعســفية واإلجراميــة للتنظيــم االرهابــي‪ ،‬والــذي أرغــم‬
‫أهالــي المــدن التــي دخــل إليهــا علــى االلتــزام بتعليماتــه واإلمتثــال بأوامــره مــا دفــع‬
‫أكثــر مــن خمســة مالييــن مــن الســكان للهــروب مــن بطــش «داعــش» الــى أماكــن أكثــر‬
‫أمنـ ًا داخــل وخــارج العــراق‪ ،‬مــا يــزال نحــو مليــون و‪ 700‬الــف شــخص نازحيــن إلــى‬

‫| ‪187‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫غايــة اآلن بحســب آخــر إحصائيــة لمنظمــة الهجــرة الدوليــة التــي أصدرتهــا منتصــف‬
‫عــام ‪.2019‬‬

‫‪-1‬النازحون إلى خارج العراق‬


‫التوجــد إحصائيــات دقيقــة ألعــداد النازحيــن إلــى خــارج العــراق بعــد عــام‬
‫‪ ،2014‬إال أن أغلــب النازحيــن إلــى خــارج البــاد هــم مــن االيزيدييــن واألقليــات‬
‫االخــرى الذيــن اضطــروا الــى مغــادرة مناطقهــم فــي محافظــة نينــوى بعــد إجتياحهــا‬
‫مــن قبــل تنظيــم «داعــش» االرهابــي‪ ،‬إذ تؤكــد آخــر إحصائيــات مكتــب إنقــاذ‬
‫االيزيدييــن فــي اقليــم كردســتان والتــي صــدرت فــي حزيــران ‪ 2019‬أن نحــو ‪360‬‬
‫ألــف أيزيــدي نزحــوا مــن ســنجار ومناطــق آخــرى فــي نينــوى مــن بينهــم ‪ 100‬ألــف‬
‫شــخص غــادروا الــى خــارج العــراق‪ ،‬كمــا قتــل االالف مــن االيزيدييــن عثــر علــى‬
‫بعضهــم فــي ‪ 80‬مقبــرة جماعيــة بحســب االحصائيــة ذاتهــا‪.‬‬
‫ولــم يقتصــر النــزوح إلــى خــارج البــاد علــى االيزيدييــن إذ يوجــد االالف مــن‬
‫ســكان المحافظــات الشــمالية والغربيــة الذيــن نزحــوا الــى تركيــا ودول عربيــة‬
‫وأوربيــة‪ ،‬ولــم يعــودوا ألســباب عــدة أبرزهــا تعرضهــم للظلــم والتنكيــل مــن قبــل‬
‫تنظيــم «داعــش»‪ ،‬فضـ ًا عــن رغبــة بعضهــم باللجــوء فــي الــدول التــي نزحــوا إليهــا‪.‬‬
‫وفــي أيلــول ‪ 2019‬قالــت وزارة الهجــرة أن ‪ 94‬ألــف الجــئ عراقــي عــادوا مــن‬
‫تركيــا مــن بينهــم نازحيــن ضمــن برنامــج رحــات طوعيــة للعــودة نظمتــه الــوزارة‪،‬‬
‫مشــيرة الــى إســتمرار وزارة الهجــرة بحملــة إعــادة النازحيــن فــي تركيــا الــى مناطقهــم‬
‫المحــررة مجان ـ ًا‪.‬‬

‫‪-2‬النازحون إلى اقليم كردستان‬


‫علــى الرغــم مــن تكاليــف إيــواء النازحيــن فــي اقليــم كردســتان التــي تصــل اإى‬
‫مليــار ونصــف المليــار دوالر ســنوي ًا والتــي يقــول االقليــم انــه يتحمــل نحــو ‪٪75‬‬
‫منهــا‪ ،‬إال أن كردســتان مايــزال يــأوي مئــات االالف مــن النازحيــن الذيــن تقــول وزارة‬
‫التخطيــط فــي اإلقليــم أنهــم علــى نوعيــن‪ ،‬األول يضــم عراقييــن نزحــوا مــن مناطــق‬
‫القتــال مــع تنظيــم «داعــش» االرهابــي بيــن عامــي ‪ 2014‬و ‪ ،2017‬وعددهــم غيــر‬
‫ثابــت إال أنــه يصــل أحيان ـ ًا الــى مليــون ونصــف المليــون‪ ،‬والســبب فــي عــدم ثبــات‬
‫االعــداد فــي اإلحصائيــة يعــود الــى رغبــة عــدد غيــر قليــل مــن النازحيــن بالعــودة‬
‫‪| 188‬‬
‫قارعلا يف حوزنلا ةمزأ‬

‫الــى المخيمــات فــي مــدن كردســتان بعــد أن ذهبــوا ووجــدوا مناطقهــم مدمــرة‪ ،‬أمــا‬
‫الصنــف اآلخــر مــن النازحيــن فــي االقليــم فهــم ســوريون تقــول وزارة التخطيــط فــي‬
‫كردســتان ان عددهــم يصــل الــى ‪ 250‬الــف‪.‬‬

‫‪-3‬النازحون في محافظاتهم‬
‫مثلــت المــدن التــي فشــل تنظيــم «داعــش» االرهابــي فــي الســيطرة عليهــا منتصــف‬
‫عــام ‪ 2014‬شــمال وغــرب البــاد مــاذ ًا آمنــ ًا للنازحيــن مــن المــدن التــي وقعــت‬
‫فريســة للتنظيــم‪ ،‬ففــي محافظــة االنبــار مثــ ًا إســتقبل مخيــم النازحيــن فــي قضــاء‬
‫عامريــة الفلوجــة االف النازحيــن‪ ،‬كمــا تحولــت المدينــة الســياحية فــي الحبانيــة‬
‫إلــى أكبــر مخيــم إليــواء نازحــي مــدن االنبــار التــي دخلهــا «داعــش»‪ ،‬وكذلــك‬
‫الحــال بالنســبة لمناطــق أخــرى لــم تســقط بيــد التنظيــم اإلرهابــي مثــل حديثــة‪ ،‬كمــا‬
‫اســتقبلت مــدن ومناطــق مثــل ســامراء وبلــد والعلــم نازحــي صــاح الديــن‪ ،‬كمــا لجــأ‬
‫ســكان مناطــق الحويجــة والريــاض جنوبــي محافظــة كركــوك التــي دخلهــا «داعــش»‬
‫الــى مركــز المحافظــة (كركــوك)‪.‬‬
‫وفــي نينــوى فــأن ‪ ٪41‬مــن النازحيــن هنــاك هــم مــن مناطــق فــي المحافظــة فــي‬
‫حيــن أن ربعهــم جــاءوا مــن مناطــق فــي كركــوك وصــاح الديــن واألنبــار‪ ،‬وأشــارت‬
‫منظمــة الهجــرة الدوليــة الــى أن أغلــب النازحيــن داخلي ـ ًا فــي محافظاتهــم يعــودون‬
‫بشــكل بطــئ جــد ًا إلــى مجتمعاتهــم األصليــة بســبب تدميــر مناطقهــم‪ ،‬وهــذا األمــر‬
‫يشــكل عائــق أمــام عــودة ‪ ٪52‬مــن النازحيــن خــارج المخيمــات‪ ،‬و‪ ٪38‬مــن نازحــي‬
‫المخيمــات وفق ـ ًا إلحصائيــات المنظمــة ذاتهــا‪.‬‬

‫‪-4‬النازحون إلى بغداد ومحافظات الفرات االوسط والجنوب‬


‫تســبب قــرب محافظــة االنبــار مــن بغــداد بعــبء كبيــر علــى العاصمــة التــي‬
‫اســتقبلت أكثــر مــن ‪ 50‬ألــف أســرة نازحــة مــن مــدن األنبــار التــي دخلهــا تنظيــم‬
‫«داعــش» االرهابــي‪ ،‬وانتشــر النازحــون فــي عــدة مخيمــات ببغــداد‪ ،‬فضــ ًا عــن‬
‫النازحيــن الذيــن اســتأجروا منــازل لهــم فــي أحيــاء بغــداد‪ ،‬كمــا اســتقبلت محافظــات‬
‫النجــف وكربــاء وبابــل والبصــرة ومناطــق جنوبيــة أخــرى االف النازحيــن الفاريــن‬
‫مــن ســيطرة التنظيــم االرهابــي علــى مناطقهــم‪ ،‬والمعــارك التــي نتجــت عــن ذلــك‪.‬‬

‫| ‪189‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫النازحــون فــي داخــل محافظاتهــم قالــوا لباحثــي التقريــر االســتراتيجي أنهــم‬


‫حســموا أمرهــم بشــأن البقــاء فــي بغــداد وبقيــة المــدن التــي نزحــوا إليهــا ألســباب عــدة‬
‫أكــدوا أن أبرزهــا غيــاب اإلســتقرار األمنــي فــي مناطقهــم‪ ،‬فضـ ًا عــن إقــدام بعضهــم‬
‫ببيــع ممتلكاتــه فــي المناطــق المحــررة وشــراء منــزل فــي مــدن النــزوح‪ ،‬يضــاف إلــى‬
‫ذلــك قيــام بعــض االســر بنقــل أوالدهــم إلــى مــدارس وجامعــات بغــداد فــي مؤشــر‬
‫علــى عــدم وجــود نيــة بالعــودة فــي المســاقبل القريــب‪.‬‬

‫‪-5‬نازحو المناطق غير المستقرة‬


‫بعــد دخــول تنظيــم «داعــش» االرهابــي الــى منطقــة جــرف النصــر شــمالي محافظــة‬
‫بابــل عــام ‪ 2014‬اضطــر ســكانها للفــرار الــى مناطــق اخــرى قريبــة فــي المســيب‬
‫والمحاويــل والحلــة‪ ،‬كمــا توجــه بعضهــم الــى محافظــات مجــاورة كاالنبــار وبغداد‪.‬‬
‫ويختلــف نازحــو جــرف النصــر عــن بقيــة النازحيــن فــي مســألة مهمــة تتمثــل بعــدم‬
‫توفــر اإلســتقرار األمنــي الكافــي الــذي يضمــن عودتهــم وفقــ ًا لتأكيــدات قيــادات‬
‫أمنيــة ومحليــة فــي بابــل قالــت فــي أكثــر مــن مناســبة أن المنطقــة غيــر آمنــة وأن عــودة‬
‫النازحيــن مرتبطــة بتوفيــر اإلســتقرار فيهــا حفاظــ ًا علــى أرواح ســكانها العائديــن‪،‬‬
‫فض ـ ًا عــن وجــود خشــية مــن عــودة جماعــات متطرفــة إليهــا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أسباب النزوح‬


‫‪-1‬تعسف وإجرام تنظيم «داعش» اإلرهابي‬
‫منــذ األيــام األولــى لدخــول تنظيــم داعــش اإلرهابــي الموصــل ومــدن عراقيــة‬
‫أخــرى شــمال وغــرب البــاد حــاول تنظيــم «داعــش» االرهابــي فــرض تعاليمــه علــى‬
‫ســكان هــذه المناطــق التــي شــهدت إنخــراط بعــض أبنائهــا فــي صفــوف التنظيــم‪،‬‬
‫إال أن االغلبيــة كانــت ضــد وجــوده مــا دفعهــم للنــزوح هرب ـ ًا مــن تعســفه وبطشــه‪،‬‬
‫إذ فــرض زيــه وأوامــره علــى الرجــال والنســاء واألطفــال‪ ،‬ولــم يســلم مــن إســتبداده‬
‫أي مكــون مــن المكونــات اإلجتماعيــة فــي تلــك المناطــق حتــى تحولــت المناطــق‬
‫التــي دخلهــا إلــى خــراب فــي وقــت قصيــر‪ ،‬بعــد أن أقــدم التنظيــم االرهابــي علــى‬
‫تفجيــر منــازل عناصــر األمــن فــي تلــك المناطــق‪ ،‬والمتعاونيــن مــع القــوات األمنيــة‪،‬‬
‫فض ـ ًا عــن قيامــه بفــرض أتــاوات علــى األغنيــاء‪ ،‬وإســتيالءه علــى أراض ومتاجــر‬
‫وشــركات صيرفــة وكل مرفــق يمكــن أن يــدر مــوارد فــي جميــع المــدن والقــرى التــي‬
‫‪| 190‬‬
‫قارعلا يف حوزنلا ةمزأ‬

‫دخلهــا‪ ،‬كمــا قــام عناصــر «داعــش» بالســيطرة علــى مؤسســات الدولــة كافــة وعلــى‬
‫ممتلكاتهــا‪ ،‬وأرغــم الزعامــات القبليــة والمحليــة علــى الترويــج ألفــكاره‪ ،‬كل هــذه‬
‫التصرفــات وغيرهــا دفعــت ســكان المحافظــات الشــمالية والغربيــة الــى التفكيــر‬
‫بالهــروب نزوحــا علــى الرغــم مــن خطورتــه‪ ،‬إذ كان تنظيــم «داعــش» يوجــه نيــران‬
‫اســلحته تجــاه االســر التــي ترغــب بالنــزوح ألنــه كان يريــد إبقاءهــا دروعــا بشــرية‪،‬‬
‫ولقيــت أســر بكاملهــا حتفهــا بنيــران التنظيــم االرهابــي اثنــاء محاولتهــا الهــروب‪.‬‬

‫‪-2‬مشاكل اجتماعية‬
‫عرفــت بعــض المحافظــات التــي دخلهــا تنظيــم «داعــش» االرهابــي كاالنبــار‬
‫وصــاح الديــن وبعــض مناطــق نينــوى وديالــى بطبيعتهــا االجتماعيــة القائمــة علــى‬
‫أســاس الحفــاظ علــى التقاليــد العشــائرية التــي نســفها التنظيــم االرهابــي بتعاليمــه التــي‬
‫كان يعطيهــا غطــا ًء دينيـ ًا‪ ،‬وأصبــح يتدخــل فــي كل كبيــرة وصغيــرة‪ ،‬كطريقــة الصــاة‬
‫وأداء العبــادات التــي كان يريدهــا ان تكــون حســب فهمــه‪ ،‬كمــا الغــى «داعــش»‬
‫األعــراف العشــائرية التــي كانــت تتبــع فــي حــل المشــاكل ووضــع محلهــا مــا كان‬
‫يصفهــا ب «المحاكــم الشــرعية» التابعــة لــه والتــي ذهــب عــدد كبيــر مــن االبريــاء‬
‫ضحيــة لظلمهــا‪ ،‬يضــاف الــى ذلــك تدخلــه فــي طريقــة الــزواج والمهــور‪ ،‬فضـ ًا عــن‬
‫إضطــرار بعــض األســر الــى القبــول بتزويــج بناتهــا الــى عناصــر بالتنظيــم االرهابــي‬
‫خشــية مــن بطشــه‪ .‬بســبب كل ذلــك ومــن أجــل الحفــاظ علــى مــا تبقــى مــن كرامــة‬
‫فكــرت األســر فــي المناطــق التــي اجتاحهــا تنظيــم «داعــش» االرهابــي بالفــرار كســبيل‬
‫ال بديــل لــه للخــاص‪.‬‬

‫‪-3‬العامل االقتصادي‬
‫ســيطر تنظيــم «داعــش» االرهابي علــى جميع المــوارد االقتصادية فــي المحافظات‬
‫والمــدن التــي إحتلهــا‪ ،‬وفــرض قيــود ًا كبيــرة وضرائــب فادحــة علــى التجــار ونشــر‬
‫عناصــره علــى كل مداخــل الكــدن والقــرى لضمــان عــدم تنقــل البضائــع والســلع‬
‫مــن دون اشــرافه‪ ،‬مــا أدى الــى حــدوث إنهيــار اقتصــادي فــي المناطــق التــي كانــت‬
‫تحــت ســيطرته‪ ،‬كمــا كان بعــض عناصــر التنظيــم االرهابــي يتاجــرون بمعاناة الســكان‬
‫المحاصريــن‪ ،‬إذ اضطــرت بعــض األســر لبيــع مصوغاتهــا الذهبيــة وســياراتها وأحيانـ ًا‬
‫منــازل وأراضــي لتوفيــر مبالــغ تدفــع كرشــى لعناصــر «داعــش» بهــدف تهريبهــم إلــى‬
‫| ‪191‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫خــارج مناطــق ســيطرة التنظيــم‪ ،‬وبحســب زعامــات محليــة فــأن هــذه المبالــغ كانــت‬
‫تصــل إلــى آالف الــدوالرات‪ .‬ووفق ـ ًا الســتبيان أجرتــه منظمــة الهجــرة الدوليــة فــأن‬
‫‪ ٪21‬مــن النازحيــن كانــوا غيــر قادريــن علــى توفيــر قــوت يومهــم مــا دفهــم للنــزوح‬
‫وعــدم التفكيــر بالعــودة‪.‬‬

‫‪ -4‬عدم االستقرار األمني‬


‫كان واضح ـ ًا أن الحــل الوحيــد للخــاص مــن المنظمــة االرهابيــة األخطــر علــى‬
‫مســتوى العالــم هــو القــوة‪ ،‬لــذا فــأن الحكومــة العراقيــة لــم تتأخــر فــي بــدء المعــارك‬
‫مــع التنظيــم االرهابــي التــي لــم يكــن يختلــف بشــأنها أحــد‪ ،‬إال أن إحتمــاء عناصــر‬
‫تنظيــم «داعــش» بالمدنييــن جعــل التمييــز صعب ـ ًا داخــل المناطــق التــي كانــت تحــت‬
‫ســيطرته‪ ،‬مــا دفــع ســكان هــذه المناطــق الــى الهــروب منهــا‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬خارطة النزوح في العراق‬


‫علــى الرغــم مــن إختــاف االحصائيــات التــي تتبعــت أعــداد النازحيــن إال أن‬
‫أغلبهــا إتفــق علــى أن العــدد لــم يقــل عــن ‪ 4‬مالييــن نــازح مــن مختلــف مناطــق‬
‫البــاد‪ ،‬انخفــض هــذا العــدد بشــكل كبيــر بعــد عمليــات التحريــر التــي توجــت بالنصــر‬
‫فــي تمــوز ‪ ،2017‬اال أن ذلــك لــم يضــع حـ ًا نهائيـ ًا ألزمــة النازحيــن التــي مــا تــزال‬
‫موجــودة حتــى اللحظــة وفــي المحافظــات اآلتيــة‪:‬‬

‫‪-1‬األنبار‬
‫تمكــن تنظيــم «داعــش» االرهابــي مــن دخــول أغلــب مــدن محافظــة االنبــار‬
‫منــذ مطلــع عــام ‪ 2014‬باســتثناء مدينــة عامريــة الفلوجــة جنــوب شــرقي المحافظــة‬
‫التــي صمــدت بوجــه التنظيــم االرهابــي بســبب التشــكيالت العشــائرية التــي حملــت‬
‫الســاح بوجــه االرهــاب الــى جانــب القــوات االمنيــة‪ ،‬باالضافــة الــى مدينــة حديثــة‬
‫التــي دافعــت عنهــا العشــائر‪ ،‬فضـ ًا عــن مدينــة الخالديــة التــي لــم يتمكــن «داعــش»‬
‫مــن دخولهــا بســبب بســالة القــوات االمنيــة التــي اســتعانت بعشــائر المنطقــة‪.‬‬
‫ونتيجــة لدخــول التنظيــم االرهابــي ألغلــب مــدن االنبــار فــإن المحافظــة ســجلت‬
‫أكبــر عــدد مــن النازحيــن بعــد أن فــر نحــو ‪ 4 .1‬مليــون شــخص مــن منازلهــم وفقــا‬
‫لتقريــر أصــدره مركــز سيســفاير لحقــوق المدنييــن بالتعــاون مــع المجموعــة الدوليــة‬
‫‪| 192‬‬
‫قارعلا يف حوزنلا ةمزأ‬

‫لحقــوق األقليــات أشــار الــى أن هــذا العــدد يشــكل نســبة ‪ ٪40‬مــن ســكان المحافظة‪،‬‬
‫أمــا مــن تبقــى فــي المــدن التــي كانــت خاضعــة لســيطرة «داعــش» فأنهــم كانــوا أمــا‬
‫محاصريــن مــن قبلــه‪ ،‬أو جماعــات مــن النســاء واالطفــال الذيــن قتــل الرجــال فــي‬
‫أســرهم أو فــروا مــن بطــش التنظيــم اإلرهابــي‪.‬‬
‫الثقــل األكبــر لنازحــي األنبــار كان علــى محافظــة بغــداد التــي إســتقبلت منــذ عــام‬
‫‪ 2014‬أكثــر مــن ‪ 50‬ألــف أســرة نازحــة مــن األنبــار‪ ،‬تأتــي بعــد ذلــك محافظــات اقليم‬
‫كردســتان وخصوصــا أربيــل التــي اســتقبلت االف األســر النازحــة مــن المحافظــة‪،‬‬
‫وبقيــة األســر نزحــت الــى محافظــات الفــرات األوســط والجنــوب‪.‬‬
‫ونتيجــة للتحســن الملحــوظ فــي الواقــع األمنــي لمحافظــة االنبــار فإن العــدد األكبر‬
‫مــن النازحيــن عــادوا الــى مناطقهــم‪ ،‬وحتــى الذيــن دمــرت منازلهــم ولــم يتمكنــوا‬
‫مــن إعمارهــا فأنهــم اســتأجروا أماكــن ســكن مؤقتــة فــي مناطقهــم‪ ،‬إال أن ذلــك لــم‬
‫ينــه أزمــة النــزوح فــي المحافظــة التــي مــا تــزال مســتمرة بوجــود عــدد مــن المخيمــات‬
‫أكبرهــا مخيــم فــي مدينــة عامريــة الفلوجــة‪ ،‬وتوقــع وزيــر الهجــرة والمهجريــن نوفــل‬
‫بهــاء موســى فــي تمــوز ‪ 2019‬ان تكــون محافظــة األنبــار أول محافظــة محــررة‬
‫تخلــو مــن مخيمــات النازحيــن العــام المقبــل‪ ،‬مؤكــد ًا توحيــد الجهــود بيــن الــوزارة‬
‫والمحافظــة وجميــع الجهــات ذات العالقــة لمعالجــة جميــع المشــاكل التــي تحــول‬
‫دون عــودة النازحيــن‪.‬‬

‫‪ -2‬نينوى‬
‫مــا تــزال االالف مــن األســر التــي نزحــت مــن مناطــق بمحافظــة نينــوى بعــد دخــول‬
‫تنظيــم «داعــش» االرهابــي فــي مخيمــات النــزوح وهــؤالء يعــدون مــن النازحيــن‬
‫اللذيــن طــال أمــد نزوحهــم بعــد أن تجــاوزت ‪ 3‬ســنوات‪ ،‬إذ نــزح مــن نينــوى منــذ عــام‬
‫‪ 2014‬أكثــر مــن نصــف مليــون شــخص بواقــع ‪ 175‬ألــف أســرة نتيجــة لقيــام التنظيــم‬
‫االرهابــي بعمليــات تهجيــر واختطــاف للمســيحيين فــي ســهل نينــوى وااليزيدييــن فــي‬
‫ســنجار‪ ،‬باإلضافــة إلــى تســبب إجرامــه بنــزوح عــدد كبيــر مــن ســكان مدينــة الموصــل‬
‫ومناطــق اخــرى‪ ،‬وميــز النــزوح مــن نينــوى شــئ مــن الميــول اللغــوي أو العرقــي إذ‬
‫نزحــت األقليــات إلــى مناطــق تلتقــي معهــا دينيـ ًا أو قوميـ ًا كمــا حــدث مــع المســيحيين‬
‫الذيــن نزحــوا الــى مناطــق فــي اربيــل مثــل عينــكاوة وااليزيدييــن مثـ ًا الذيــن فــروا إلــى‬

‫| ‪193‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫إقليــم كردســتان ودول مجــاورة‪ ،‬فــي حيــن نزحــت االف األســر الشــيعية مــن تلعفــر‬
‫الــى النجــف وكربــاء ومــدن جنوبيــة‪.‬‬

‫‪ -3‬صالح الدين‬
‫شــهد عــدد مــن مــدن محافظــة صــاح الديــن األساســية نزوحــ ًا إلالف األســر‬
‫بعــد دخــول تنظيــم «داعــش» االرهابــي اليهــا عــام ‪ ،2014‬وباســتثناء مــدن جنــوب‬
‫المحافظــة التــي ســارع الحشــد الشــعبي الــى مســاندة القــوات االمنيــة فــي حمايتهــا‪.‬‬
‫ونــزح فــي بدايــة دخــول التنظيــم االرهابــي الــى تكريــت ومــدن اخــرى نحــو ‪ 30‬الــف‬
‫اســرة مــن صــاح الديــن عــاد االالف منهــم بعــد تحريــر مدينــة تكريــت عــام ‪.2015‬‬
‫وعلــى الرغــم مــن مــرور أربــع ســنوات علــى بدايــة النــزوح إال أن هــذه القضيــة مــا‬
‫تــزال تمثــل ملفـ ًا شــائكا فــي صــاح الديــن‪ ،‬ففــي الوقــت الــذي تؤكــد فيــه الحكومــة‬
‫المحليــة إصرارهــا علــى إغــاق جميــع مخيمــات النــزوح خــال العــام الحالــي‪،‬‬
‫تصطــدم تلــك الرغبــة بمطالبــات نــواب وسياســيين ومنظمــات حقوقيــة باالبقــاء‬
‫عليهــا‪ ،‬إال أن بعــض الســكان المحلييــن المتضرريــن مــن ظلــم تنظيــم «داعــش»‬
‫االرهابــي رفضــوا مطلــع ايلــول ‪ 2019‬ايــواء أســر التنظيــم فــي مخيــم بمدينة الشــرقاط‬
‫فــي محافظــة صــاح الديــن ونظمــوا باالســتعانة بناشــطين مدنييــن وزعمــاء عشــائر‬
‫وقفــة احتجاجيــة لمنــع اعادتهــم‪.‬‬
‫وبحســب مديــر االعــام فــي محافظــة صــاح الــدي جمــال عــكاب فــأن النازحيــن‬
‫هنــاك يقســمون الــى نوعيــن‪ ،‬فهــم أمــا نازحيــن بســبب هــدم وتضــرر منازلهــم‪ ،‬أو هم‬
‫عبــارة عــن أســر «داعــش» أو مطلوبيــن للقضــاء‪ ،‬فــأن المحافظــة اســتلمت مــن نينــوى‬
‫‪ 2800‬عائلــة أغلبهــم أســر تنظيــم «داعــش» االرهابــي بينهــم أطفــال ونســاء والبعــض‬
‫منهــم ملفهاتهــم ســليمة‪ ،‬وبيــن إدارة المحافظــة وبتوجيــه الحكومــة المركزيــة كان لهــا‬
‫اجتمــاع مطــول مــع شــيوخ ووجهــاء المحافظــة واألجهــزة األمنيــة لمناقشــة خطــورة‬
‫بقــاء أطفــال التنظيــم االرهابــي فــي المخيمــات‪ ،‬مؤكــد ًا أن بعــض العشــائر تعهــدت‬
‫بالتنســيق مــع األجهــزة األمنيــة مــن أجــل ضمــان عــودة أطفــال ونســاء تنظيــم «داعش»‬
‫بهــدف مراقبتهــم وصهرهــم فــي المجتمــع‪.‬‬

‫‪| 194‬‬
‫قارعلا يف حوزنلا ةمزأ‬

‫‪ -4‬كركوك‬
‫شــهدت محافظــة كركــوك ضغطــ ًا كبيــر ًا بعــد عــام ‪ 2014‬بســبب توافــد أعــداد‬
‫كبيــرة مــن النازحيــن إليهــا مــن محافظــات االنبــار وصــاح الديــن وديالــى باإلضافــة‬
‫الــى النازحيــن داخلي ـ ًا مــن منطقتــي الحويجــة والريــاض جنــوب كركــوك حتــى بلــغ‬
‫عــدد النازحيــن فيهــا نهايــة عــام ‪ 2014‬نحــو ‪ 400‬ألــف نــازح‪ ،‬وفــي عــام ‪2015‬‬
‫طلبــت االدارة المحليــة فــي كركــوك مــن نازحــي ديالــى العــودة بســبب تحريــر‬
‫مناطقهــم ومنحتهــم شــهر واحــد لتنفيــذ القــرار‪ ،‬وفــي اذار ‪ 2019‬ذكــر إعــام محافظة‬
‫كركــوك أن الســلطات المحليــة اغلقــت ‪ 3‬مخيمــات للنازحيــن مــن أصــل ‪ 7‬متبقيــة فــي‬
‫المحافظــة‪ ،‬نتيجــة للجهــود المبذولــة مــن الســلطات المحليــة والمنظمــات الدوليــة‬
‫إلعــادة النازحيــن إلــى مناطقهــم‪ ،‬مؤكــد ًا أن ألفــي أســرة تضــم ‪ 9‬االف شــخص مــا‬
‫تــزال فــي المخيمــات األربــع المتبقيــة‪.‬‬

‫‪ -5‬ديالى‬
‫بــدأ النــزوح فــي محافظــة ديالــى مــن ناحيــة المنصوريــة التابعــة لقضــاء الخالــص‬
‫وفقـ ًا لتقريــر أصدرتــه المفوضيــة العليــا لحقــوق اإلنســان قالــت فيــه أن النــزوح هنــاك‬
‫بــدأ فــي الســادس والعشــرين مــن حزيــران ‪ ،2014‬وبمــرور الوقــت إتســعت دائــرة‬
‫النــزوح التــي شــملت مناطــق أخــرى فــي المحافظــة دخلهــا تنظيــم «داعــش» االرهابــي‬
‫أو حــاول الدخــول اليهــا مثــل جلــوالء والســعدية والقــرى القريبــة منهــا‪ ،‬إذ نــزح الــى‬
‫مدينــة خانقيــن وحدهــا أكثــر مــن ‪ 10‬االف أســرة‪ ،‬يضــاف إليهــم أعــداد أخــرى‬
‫نزحــت الــى مناطــق داخــل وخــارج ديالــى‪ ،‬إال أن المحافظــة ســرعان مــا اســتعادت‬
‫االالف مــن نازحيهــا بعــد تمكــن القــوات االمنيــة والحشــد الشــعبي مــن تحريــر جميــع‬
‫مــدن المحافظــة‪ ،‬لكــن ذلــك لــم ينــه ازمــة النــزوح فــي ديالــى بشــكل كامــل‪.‬‬

‫‪ -6‬بابل‬
‫دخــل تنظيــم «داعــش» االرهابــي إلــى جــرف النصــر الواقعــة شــمال محافظــة بابــل‬
‫منتصــف عــام ‪ 2014‬مــا تســبب بنــزوح نحــو ‪ 13‬الــف اســرة بواقــع ‪ 65‬الــف شــخص‬
‫بحســب عضــو البرلمــان رشــيد العــزاوي الــذي قــال فــي تصريحــات صحفيــة أن نســبة‬
‫العــودة الــى المنطقــة صفــر بســبب مــا أصابهــا مــن دمــار خــال معــارك تحريرهــا مــن‬
‫التنظيــم االرهابــي‪ .‬وعلــى الرغــم مــن مــرور نحــو ‪ 4‬ســنوات علــى تحريرهــا إال أن‬
‫| ‪195‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫هــذه المنطقــة مــا تــزال تمثــل عقــدة علــى طريــق حــل أزمــة النازحيــن‪ ،‬إذ يصــر نــواب‬
‫«ســنة» علــى ضــرورة عــودة النازحيــن باســرع وقــت وتــم اســتقبال هــذه الدعــوات‬
‫باذنيــن‪ ،‬االولــى احســنت النيــة بهــا وتضامنــت معهــا شــريطة توفــر االســتقرار‬
‫األمنــي‪ ،‬فــي حيــن شــككت األخــرى بهــذه الدعــوات واعتبرتهــا محــاوالت للكســب‬
‫االنتخابــي‪ ،‬ويبقــى كل ذلــك مرهونـ ًا بمــدى توفــر االســتقرار فــي جــرف النصــر التــي‬
‫تؤكــد الجهــات المســؤولة عــن أمنهــا أنهــا مــا تــزال غيــر جاهــزة إلســتقبال النازحيــن‬
‫منهــا‪.‬‬

‫رابع ًا‪ :‬حلول مقترحة الزمة النازحين‬


‫بعــد االطــاع علــى تصنيــف النازحيــن وأســباب نزوحهــم وخريطــة توزيعهــم‬
‫علــى المحافظــات‪ ،‬توصــل التقريــر الــى التوصيــات اآلتيــة التــي يعتقــد أنهــا مناســبة‪:‬‬
‫●ضــرورة التنســيق بيــن الجهــات الحكوميــة والمفوضيــة العليا لحقوق االنســان‬
‫والمنظمــات العراقيــة والدوليــة المعنيــة بشــؤون الهجــرة بهــدف التوصــل الــى‬
‫احصائيــة دقيقــة لعــدد النازحيــن فــي خــارج البــاد‪ ،‬ألن هــذه االحصائيــة‬
‫ستســهل عمليــة الوصــول اليهــم واقناعهــم بالعــودة‪.‬‬
‫●معالجــة بعــض الحــاالت االنســانية التــي يتعــرض لهــا النازحــون فــي الخــارج‬
‫والتــي جعلــت مــن بعضهــم صيــد ًا ســه ًال للمكاســب السياســية لغــرض‬
‫المتاجــرة بمعاناتهــم‪ ،‬إذ تعــرض وســائل االعــام بيــن الحيــن واآلخــر نــازح‬
‫مريــض بحاجــة الــى عمليــة جراحيــة خطيــرة‪ ،‬أو نازحــة غيــر قــادرة علــى دفــع‬
‫االيجــار الشــهري‪ ،‬علــى ان تكــون المعالجــة مؤقتــة لحيــن اقناعهــم بالعــودة‪.‬‬
‫●التنســيق بيــن المؤسســات التابعــة للحكومــة والمفوضيــة العليــا المســتقلة‬
‫لالنتخابــات بهــدف إبعــاد النازحيــن فــي الخــارج عــن ابتــزاز بعــض االحــزاب‬
‫واالشــخاص الذيــن يحاولــون الحصــول علــى اصواتهــم مقابــل بعــض‬
‫المســاعدات الماليــة البســيطة‪ ،‬والتركيــز علــى ذلــك مــع قــرب إجــراء‬
‫انتخابــات مجالــس المحافظــات‪.‬‬
‫●تقديــم ضمانــات بحصــول النازحيــن الــى خــارج العــراق والذيــن توجــد‬
‫بحقهــم دعــاوى قضائيــة بالحصــول علــى محاكمــات عادلــة‪ ،‬فضــ ًا عــن‬
‫دعــم الحــل العشــائري فــي حــال كانــت خالفاتهــم قبليــة ال تشــمل التــورط‬
‫بجرائــم أو االنتمــاء الــى تنظيــم «داعــش» االرهابــي‪.‬‬
‫‪| 196‬‬
‫قارعلا يف حوزنلا ةمزأ‬

‫●حــث الســفارات والقنصليــات فــي الخــارج علــى تقديــم جهــود اســتثنائية‬


‫للنازحيــن فــي الخــارج عــن طريــق اســتبدال جوازاتهــم أو مــا شــابه ذلــك‬
‫ليكــون لــدى النازحيــن إنطبــاع بأنهــم سواســية مــع اقرانهــم داخــل البــاد‪،‬‬
‫وهــذا األمــر سيشــجعهم علــى العــودة‪.‬‬
‫●تخصيــص منــح تتضمــن تكاليــف الطيــران والســفر مــع مبلــغ تشــجيعي إضافي‬
‫لــكل أســرة أو شــخص يرغــب بالعــودة شــريطة أن يعــود النــازح الــى منطقتــه‬
‫األصليــة التــي نــزح منهــا بضمــان مختــار المنطقــة والشــرطة المحليــة‪.‬‬
‫●تخصيــص مبالــغ ماليــة للنازحيــن العراقييــن فــي مخيمــات اقليم كردســتان ألن‬
‫مســؤولين باالقليــم صرحــوا فــي أكثــر مــن مناســبة بــأن األمــوال التــي تصــرف‬
‫علــى المخيمــات أغلبهــا مــن أمــوال كردســتان‪ ،‬وهــذا يعنــي أنــه الضمانــات‬
‫بــأن هــذه األمــوال تكفــي لــكل احتياجــات النازحيــن‪ ،‬كمــا ال توجــد ضمانات‬
‫باســتمرارها‪ ،‬كمــا أن أيــة ازمــة ماليــة تصيــب االقليــم ســتنعكس بالتأكيــد على‬
‫أوضــاع النازحيــن هنــاك‪.‬‬
‫●المباشــرة بتوزيــع التعويضــات وان كان علــى شــكل دفعــات للمناطــق‬
‫المتضــررة ألن اغلــب النازحيــن فــي اقليــم كردســتان هــم مــن محافظــة نينــوى‬
‫التــي مــا تــزال المنطقــة القديمــة فيهــا مدمــرة بشــكل كامــل‪ ،‬ومــن مناطــق‬
‫أخــرى باالنبــار وصــاح الديــن ممــن دمــرت بيوتهــم‪ ،‬إذ ال يمكــن الضغــط‬
‫علــى هــذه الفئــة علــى النازحيــن مــن دون اعانتهــم مادي ـ ًا‪.‬‬
‫●فــي حــال وزعــت تعويضــات بالفعــل ال بــد مــن الحــرص علــى توزيعهــا مــن‬
‫قبــل الحكومــة أو مــن يمثلهــا حصــر ًا بعيــد ًا عــن نــواب المناطــق المحــررة‬
‫الذيــن بــدأ بعضهــم مبكــرا باطــاق وعــود باســتحصال التعويضــات مقابــل‬
‫وعــود إنتخابيــة‪.‬‬
‫●االســراع بتوزيــع دفعــة المليــون ونصــف المليــون علــى النازحيــن العائديــن‬
‫الــى مناطقهــم والتــي وعــدوا بهــا لكنهــا لــم تصــرف ألن صرفهــا سيشــجع‬
‫بقيــة النازحيــن علــى العــودة‪.‬‬
‫●التعامــل مــع أســر تنظيــم «داعــش» االرهابــي النازحيــن فــي اقليــم كردســتان‬
‫وفــي مناطــق أخــرى (فــي نينــوى وصــاح الديــن واالنبــار) وفقــا للقانــون‬
‫مــع االســتعانة بالعــرف العشــائري حتــى وان كان بصــورة وقتيــة عــن طريــق‬
‫اآلتــي‪:‬‬
‫| ‪197‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫أ‪-‬منــح العشــائر التــي تتهــم أفــراد فــي أســر تنظيــم «داعــش» االرهابــي النازحــة‬
‫بارتــكاب جرائــم الحــق فــي إقامــة دعــوى قضائيــة وتقديــم األدلــة والشــهود خــال‬
‫مــدة محــددة كأن تكــون شــهر مثـ ًا يســقط حقــه بعدهــا فــي المطالبــة بمنعهــم مــن‬
‫العــودة‪.‬‬
‫ب‪-‬تقــوم الجهــات القضائيــة والقــوات األمنيــة وإدارة المخيمــات بتســهيل‬
‫إجــراءات التحقيــق مــع المتهميــن وحســم قضاياهــم بأســرع وقــت ممكــن‪ ،‬ويــودع‬
‫مــن تثبــت بحقــه االتهامــات الســجن‪ ،‬أمــا األبريــاء فيمكــن أن يمنحــوا كتــب رســمية‬
‫تمنحهــم حــق العــودة الــى مناطقهــم‪.‬‬
‫ج‪-‬يمكــن االســتعانة ببعــض شــيوخ العشــائر المؤثريــن مــن اجــل فــض النزاعــات‬
‫المتعلقــة بعــودة أســر تنظيــم «داعــش» االرهابــي لتجنــب حــدوث بعــض االزمــات‪،‬‬
‫كتلــك التــي حدثــت فــي ايلــول ‪ 2019‬حيــن رفــض أبنــاء العشــائر وشــخصيات‬
‫مجتمعيــة عــودة أســر التنظيــم االرهابــي الــى مخيــم الشــرقاط فــي محافظــة صــاح‬
‫الديــن‪.‬‬
‫د‪-‬البــد مــن التفكيــر باغــاق المخيمــات الخاصة بأســر تنظيــم «داعــش» االرهابي‬
‫ألن وجــود هــذه االســر داخــل مخيــم واحــد أمــر فــي غايــة الخطــورة ألنــه قــد يخلــق‬
‫بيئــة قــد تكــون حاضنــة لنشــر التطــرف داخــل هــذا المخيــم كمــا حــدث فــي ســجن‬
‫«بــوكا» الــذي تخــرج منــه إرهابيــون لــم يكونــوا كذلــك قبــل دخولهــم الســجن‪.‬‬
‫●يجــب التفريــق بيــن أســر تنظيــم «داعــش» االرهابــي‪ ،‬واالشــخاص المنتميــن‬
‫إلــى (أفخــاذ) عشــائرية كانــت فيهــا غالبيــة مــن التنظيــم‪ ،‬إذ اضطــر الكثيــرون‬
‫خصوص ـ ًا فــي محافظتــي األنبــار وصــاح الديــن الــى تغييــر أماكــن ســكنهم‬
‫والبقــاء فــي المخيمــات خوفـ ًا مــن إنتقــام بعــض العشــائر المتنفــذة التــي تعادي‬
‫عشــائر أخــرى أســهمت فــي إيــواء عناصــر التنظيــم االرهابــي‪ ،‬وتداولــت‬
‫مواقــع التواصــل االجتماعــي فــي تمــوز ‪ 2019‬مقطــع فديــو الشــخاص فــي‬
‫مدينــة هيــت بمحافظــة االنبــار ينهالــون بالضــرب علــى رجــل إتضــح الحق ـ ًا‬
‫قريــب ألســرة كانــت مؤيــدة لتنظيــم «داعــش» االرهابــي‪.‬‬
‫●البــد مــن متابعــة المنظمــات التــي تدعــي أنهــا تصــرف مبالــغ ماليــة كبيــرة‬
‫للنازحيــن فــي مخيمــات المحافظــات‪ ،‬ومالحقــة المتورطيــن بالفســاد‬
‫منهــم‪ ،‬إذ أكــد عــدد مــن النازحيــن فــي مخيــم عامريــة الفلوجــة باالنبــار انهــم‬

‫‪| 198‬‬
‫قارعلا يف حوزنلا ةمزأ‬

‫يشــاهدون فــي وســائل االعــام أنبــاء عــن تلقيهــم مســاعدات الوجــود لهــا‬
‫علــى أرض الواقــع‪.‬‬
‫●منــح قــروض تشــجيعية للنازحيــن الذيــن اســتقروا فــي بغــداد وبعــض‬
‫محافظــات الجنــوب والفــرات االوســط بهــدف حثهــم علــى العــودة‪ ،‬ألن‬
‫العامــل المــادي هــو الســبب االســاس فــي النــزوح فــي الوقــت الحاضــر بعــد‬
‫زوال الخطــر االمنــي‪ ،‬وتراجــع التحــدي االجتماعــي مــن خــال حــل كثيــر‬
‫مــن النزاعــات العشــائرية التــي نتجــت عــن االرهــاب‪.‬‬
‫●يمكــن أن يكــون لموظفــي وطلبــة المحافظــات المحــررة أولويــة وعــدم‬
‫ممانعــة فــي حــال رغبــوا بالنقــل مــن المناطــق التــي نزحــوا اليهــا الــى مناطقهــم‬
‫األصليــة‪ ،‬وقــد يرافــق ذلــك أمــور تحفيزيــة أخــرى مثل كتــب الشــكر والتقدير‬
‫والقــدم الوظيفــي البســيط‪.‬‬
‫●ايــاء نازحــي جــرف النصــر أهميــة خاصــة فــي ظــل رغبــة واضحــة مــن قبــل‬
‫سياســيين بتحويلهــم الــى ورقــة انتخابيــة بعــد أن طرحــت قضيتهــم بقــوة خالل‬
‫الربــع األول مــن عــام ‪ 2019‬فــي مؤشــر علــى وجــود نيــة لتحشــيدهم إنتخابيـ ًا‬
‫قبــل انتخابــات مجالــس المحافظــات المقــرر أن تجــري فــي نيســان ‪.2020‬‬
‫●يمكــن قطــع الطريــق علــى السياســيين المتاجريــن بنــزوح ســكان جــرف النصر‬
‫عــن طريــق تنظيــم زبــارة لمســؤولين حكومييــن الــى المنطقــة لتظهــر اســباب‬
‫عــدم العــودة امــام الكاميــرات‪.‬‬
‫●إرســال لجنــة تقصــي حقائــق الــى مدينــة ســنجار للتوصــل الــى األســباب‬
‫الحقيقيــة وراء عــدم عــودة االالف مــن ســكانها االيزيدييــن التــي تقــول تقاريــر‬
‫إنهــم مــا زالــوا يخشــون العــودة‪.‬‬
‫●وضــع جــدول زمنــي لمــدة عــام إلعــادة النازحيــن إلــى مناطقهــم المســتقرة‬
‫أمني ـ ًا وفقــا للتوصيــات الســابقة علــى أن تكــون هنــاك مراجعــة ربــع ســنوية‬
‫لمــا تــم إنجــازه مــع إعــان نتائــج العــودة للــرأي العــام الــذي ينبغــي أن يقتنــع‬
‫بشــفافية التعامــل مــع ملــف النازحيــن‪ ،‬كمــا أن النجــاح بتحقيــق نتائــج مقبولــة‬
‫بالعــودة ســيؤثر علــى العقــل الجمعــي لبقيــة النازحيــن ويدفعهــم للعــودة الــى‬
‫مناطقهــم‪.‬‬

‫| ‪199‬‬
‫األداء التشريعي والرقابي لمجلس النواب‬

‫مــع إنتهــاء الســنة التشــريعية األولــى وبدايــة الســنة الثانيــة مــن الــدورة النيابيــة‬
‫الرابعــة ‪ ،2022-2018‬تبــرز الحاجــة أكثــر مــن أي وقــت مضــى لمراجعــة عمــل‬
‫مجلــس النــواب العراقــي وتحديــد نقــاط القــوة والضعــف فــي أداءه‪ ،‬فضــ ًا عــن‬
‫تشــخيص المشــكالت وتحديــد المخاطــر والتهديــدات والتحديــات وفــق منهــج‬
‫علمــي وموضوعــي لدراســة أداء هــذه المؤسســة الدســتورية‪ ،‬ولتحديــد رؤيــة واقعيــة‬
‫لجملــة مــن المعالجــات القابلــة للتطبيــق‪.‬‬
‫إن تخصيــص هــذا المحــور لدراســة األداء البرلمانــي علــى المســتويين التشــريعي‬
‫والرقابــي يوفــر مداخــل واضحــة لسياســات اإلصــاح التــي تتبناهــا الســلطة التشــريعية‬
‫والتنفيذيــة فــي الوقــت ذاتــه‪ ،‬وهــو يهــدف إلــى وضــع نظــام فعــال يطابــق وينســجم‬
‫مــع ظروفهــم ووظائفهــم الدســتورية‪ ،‬إذ بــات ضروري ـ ًا وضــع قواعــد لنظــام تطويــر‬
‫القواعــد البرلمانيــة‪ ،‬مــع آليــة إنفــاذ مناســبة للبرلمانييــن مــن أجــل‪- :‬‬
‫‪-‬وضــع إســتراتيجية تطويــر وإصــاح مجلــس النــواب بمــا يتــاءم والقواعــد‬
‫الدســتورية والنظــام الداخلــي للمجلــس‪.‬‬
‫‪-‬السماح ألعضاء البرلمان بإظهار أعلى درجات العمل والفاعلية‪.‬‬
‫‪-‬تعزيــز مســتوى ثقــة الجمهــور بالنظــام السياســي الديمقراطــي بوجــه عــام‪،‬‬
‫وبمجلــس النــواب وأعضــاءه بوجــه خــاص‪.‬‬
‫‪-‬إبــراز البرلمــان بشــكل فاعــل ومؤثــر والــذي يعــد متطلب ـ ًا ضروري ـ ًا للتجســيد‬
‫الفعلــي لمبدئــي فصــل وتــوازن الســلطات المنصــوص عليهــم فــي الدســتور‬
‫العراقــي الدائــم لعــام ‪.2005‬‬
‫‪-‬تطويــر فعاليــة المجلــس فــي القيــام بمهامــه المرتبطــة بالتشــريع ومراقبــة العمل‬
‫الحكومــي والدبلوماســية البرلمانيــة بتطابــق مــع متطلبات الدســتور‪.‬‬

‫‪| 200‬‬
‫اونلا سلجمل يباقرلاو يعيرشتلا ءادألا‬

‫‪-‬انفتــاح مجلــس النــواب علــى محيطــه (المواطنــون‪ -‬المجتمــع المدنــي) ‪،‬‬


‫وإشــراكهم فــي الحــوارات والنقاشــات المجتمعيــة‪ ،‬وكذلــك فــي النشــاط‬
‫التشــريعي‪.‬‬
‫‪-‬تفعيل عالقة مجلس النواب مع مؤسسات الدولة‪.‬‬
‫‪-‬نشــر التوعيــة والتثقيــف بالعمــل البرلمانــي على المســتوى المحلــي واإلقليمي‬
‫والدولي‪.‬‬
‫إلــى جانــب ذلــك فــإن التركيــز علــى المحــور البرلمانــي يبيــن مســائل هامــة قلمــا‬
‫تناولتهــا النصــوص والتقاريــر البرلمانيــة حتــى االن‪ ،‬الســيما المتعلقــة بالتشــريع‬
‫والرقابــة ومكامــن تطويرهمــا‪ ،‬كمــا يــأن الفاعليــة والشــفافية تعــد متطلــب ضــروري‬
‫للمقارنــة بيــن الســنوات التشــريعية الحاليــة والســابقة مــن حيــث إنتظــام الجلســات‪،‬‬
‫والحركــة التشــريعية والرقابيــة مــن إســتجوابات وإســتضافات ومنــح الثقــة والقرارات‪،‬‬
‫ورغــم تعــدد مهــام البرلمــان إال أن أهــم أركان عمــل مجلــس النــواب تتعلق بمســتويين‬
‫رئيســيين همــا الرقابــة والتشــريع وهــذه تتطلــب تشــخيص المشــكالت األساســية‬
‫التــي تعتــرض العمــل النيابــي‪ ،‬وتحديــد أهــم المخاطــر والتهديــدات والتحديــات‪،‬‬
‫مــع تحديــد رؤيــة واقعيــة لمعالجــة كل مســتوى مــن المســتويات المذكــورة فــي بنــد‬
‫التحديــات وفــق منهجيــة علميــة معتمــدة علــى بيانــات وإحصائيــات موثقــة‪.‬‬
‫علــى المســتوى العــام هنالــك رغبــة فــي داخــل مجلــس النــواب إلــى تطويــر‬
‫مجــاالت العمــل البرلمانــي وتبنــي السياســات اإلصالحيــة فــي جميــع تشــكيالت‬
‫الدولــة الحكوميــة وهــو مايســتوحي مضمونــه مــن تراكــم الخبــرة مــن جهــة ووجــود‬
‫الرغبــة الحقيقيــة لتكويــن مســتوى مــن اإلنســجام بيــن العمــل البرلمانــي ومتطلبــات‬
‫وغايــات المواطنيــن‪ ،‬وتجــدر اإلشــارة إلــى أن الهــدف والغايــة مــن هــذا المحــور هــو‬
‫إعــداد مخطــط قابــل للتطبيــق فــي مجلــس النــواب‪ ،‬كمــا يحــدد المراحــل الرئيســية‬
‫لعمليــة اإلصــاح البرلمانــي‪ ،‬والتوصــل الــى إتفــاق بشــأن بنــاء قواعــد وآليــات‬
‫مفصلــة أكثــر مــن أجــل إنفاذهــا‪ .‬كمــا يجــب ان يشــارك البرلمانيــون بمــن فيهــم هيــأة‬
‫رئاســة المجلــس فــي جميــع مراحــل وضــع قواعــد التطويــر واإلصــاح‪ ،‬وخصوصـ ًا‬
‫فــي المراحــل األولــى لوضــع القواعــد‪ ،‬إذ يجــب أن تضــم أكبــر عــدد ممكــن مــن‬
‫النــواب عــن طريــق المناقشــة والمــداوالت العامــة‪ ،‬وفــي المراحــل المتقدمــة ســيكون‬
‫مــن األفضــل تفويــض مهمــة صــوغ القواعــد الــى لجنــة مختصــة‪ ،‬ولكــن يجــب ان‬
‫تكــون مصحوبــة دائمــا بالتشــاور والمناقشــة والتــداول داخــل مجلــس النــواب‪.‬‬
‫| ‪201‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫إن جميــع هــذه الخطــوات تتطلــب أن تبــدأ بخطــة منهجيــة تأخــذ علــى عاتقهــا‬
‫معالجــة الخلــل أينمــا وجــد فــي عمــل مجلــس النــواب عــن طريــق تحســين وتطويــر‬
‫وتفعيــل األداء التشــريعي والرقابــي بالدرجــة األولــى وتطويــر النظــام الداخلــي‪،‬‬
‫واإلنتقــال مــن القطيعــة الــى الشــراكة مــع المؤسســات اإلعالميــة‪ ،‬ومنظمــات‬
‫المجتمــع المدنــي‪ ،‬كخطــوة أولــى‪ ،‬ثــم إســتكمال خطــط المشــروع االســتراتيجي‬
‫للنهــوض بواقــع العمــل النيابــي‪ ،‬بغيــة تفعيــل ماتعطــل مــن وظائــف مجلــس النــواب‪،‬‬
‫وإصــاح أي خلــل فــي وظائفــه‪ ،‬وتطويــر هــذه المؤسســة بمــا يجعلهــا مؤسســة‬
‫محترفــة ومنتجــة وذات تأثيــر واضــح‪.‬‬

‫المخاطر والتهديدات‬
‫يركــز هــذا المســتوى مــن التحليــل علــى السياســات والقوانيــن واإلجــراءات‬
‫القائمــة‪ ،‬فــي ظــل المنجــز التشــريعي والرقابــي المتحقــق خــال المــدة الزمنيــة التــي‬
‫يغطيهــا التقريــر‪ ،‬لتحديــد نقــاط قــوة العمــل البرلمانــي الممكنــة ومعالجــة كافــة‬
‫التحديــات التــي يواجههــا مجلــس النــواب فــي إتمــام عمليــة بنــاء الدولــة‪ ،‬وفــي ســبل‬
‫بنــاء القــدرات بالشــكل الــذي يعــزز مــن قدرتــه علــى االضطــاع بــدور حاســم فــي‬
‫عمليــة التنميــة‪ ،‬كمــا يطــرح التقريــر فرص ـ ًا لصياغــة مســارات وفــرص جديــدة أكثــر‬
‫ً‬
‫شــموال وفعاليــة‪ .‬ففــي ضــوء منــاخ العمــل البرلمانــي ومــا يرتبــط بــه مــن أزمــات‬
‫اجتماعيــة واقتصاديــة‪ ،‬مــا هــو الــدور الــذي يجــب ان يؤديــه البرلمــان فــي ظــل‬
‫التحديــات القائمــة‪.‬‬
‫وبالرغــم مــن حجــم وقيمــة إختصاصــات مجلــس النــواب بعــده ســلطة موازيــة‬
‫لباقــي الســلطات‪ ،‬ورغــم الضمانــات الدســتورية الممنوحــة‪ ،‬إال أن العمــل البرلمانــي‬
‫فــي مجلــس النــواب يتســم بالحاجــة عموم ـ ًا للتطويــر فــي الوظيفــة التشــريعية أو ًال‪،‬‬
‫وتفعيــل الرقابــة علــى أعمــال الحكومــة ثانيـ ًا‪ ،‬إذ يتســم العمــل التشــريعي فــي مجلــس‬
‫النــواب بالتضخــم الكمــي فــي اإلنتــاج التشــريعي علــى حســاب المعيــار النوعــي‪،‬‬
‫وضعــف دور البرلمــان فــي عمليــات اإلصــاح والتغييــر‪ ،‬وقلــة الثقافــة التشــريعية‬
‫لــدى بعــض األعضــاء‪ ،‬والعالقــة غير المســتقرة بيــن البرلمــان والمواطنيــن والمجتمع‬
‫المدنــي‪ ،‬فضـ ًا عــن عــدم مأسســة العالقــة بيــن الحكومــة ومجلــس النــواب‪ ،‬ضبابيــة‬
‫دوره الرقابــي‪ ،‬وقبــل كل ذلــك تعطيــل وظيفــة البرلمــان‪ -‬كمؤسســة واألعضــاء‬

‫‪| 202‬‬
‫اونلا سلجمل يباقرلاو يعيرشتلا ءادألا‬

‫كنــواب للشــعب‪ -‬التمثيليــة‪ ،‬وهــو مــا إنعكــس ســلبي ًا علــى صــورة مجلــس النــواب‬
‫وأعضــاءه لــدى الناخبيــن‪.‬‬

‫| ‪203‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫المحور االول‬

‫األداء التشريعي‬

‫عقــدت الجلســة البرلمانيــة األولــى فــي (‪ )2019-9-3‬أي بعــد (‪ )4‬أشــهر مــن‬


‫إجــراء اإلنتخابــات البرلمانيــة فــي دورتهــا الرابعــة برئاســة النائــب األكبــر ســنا محمــد‬
‫علــي زينــي‪ ،‬وإجتمــع المجلــس فــي اليــوم الثانــي (‪ )2018-9-4‬ضمــن الجلســة‬
‫األولــى المفتوحــة ولــم يتمكــن مــن حســم إختيــار رئيــس المجلــس‪ ،‬وإصطــدم‬
‫المجلــس الجديــد بأحــداث البصــرة‪ ،‬وإنعقــد مجــدد ًا فــي يــوم الســبت الموافــق‬
‫(‪ )2018-9-8‬ليقــف عنــد تلــك األحــداث‪ ،‬وبعــد اإلنتخابــات بحوالــي (‪)5‬‬
‫اشــهر وتحديــدا فــي (‪ )2018-9-15‬تــم إنتخــاب رئيــس البرلمــان محمــد ريــكان‬
‫الحلبوســي بأغلبيــة (‪ )167‬صوتــا وفــي (‪ )16‬أيلــول إســتكمل البرلمــان هيئتــه‬
‫الرئاســية بإنتخــاب نائبيــن لرئيــس البرلمــان‪ ،‬وفــي (‪ )2018-10-2‬فــي الجلســة‬
‫الرابعــة لمجلــس النــواب التــي عقــدت فــي يــوم الثالثــاء صـ ّـوت البرلمــان العراقــي‬
‫علــى مرشــح االتحــاد الوطنــي الكردســتاني برهــم صالــح رئيسـ ًا للجمهوريــة بحصوله‬
‫علــى (‪ )219‬صوتــ ًا باألغلبيــة المطلقــة ألصــوات أعضــاء مجلــس النــواب‪ .‬ومــن‬
‫ثــم ك ّلــف رئيــس الجمهوريــة مرشــح الكتلــة النيابيــة األكبــر (عــادل عبــد المهــدي)‬
‫بتشــكيل الحكومــة العراقيــة فــي غضــون شــهر واحــد بموجــب الدســتور‪ ،‬ونــال عــادل‬
‫عبــد المهــدي الثقــة لحكومتــه مــع (‪ )14‬وزيــرا فــي (‪ )2018-10-24‬وصـ ّـوت علــى‬
‫منهاجــه الــوزاري و أدى اليميــن الدســتوري مــع حكومتــه‪.‬‬

‫او ًال‪ :‬الحركة التشريعية‬


‫وتتضمــن كل مــا يتعلــق بالجلســات العامــة والقوانيــن المنجــزة وغيــر المنجــزة‬
‫(القــراءة األولــى‪ ،‬القــراءة الثانيــة‪ ،‬تأجيــل التصويــت)‬

‫‪ -1‬الجلسات العامة‬
‫تعــد مهمــة التشــريع مــن أولــى واجبــات ووظائــف مجلــس النــواب العراقــي‬
‫بحســب المــادة ‪ 61‬مــن الدســتور‪ ،‬وعلــى هــذا األســاس عقــد مجلــس النــواب (‪)66‬‬
‫جلســة خــال الســنة التشــريعية األولــى‪ ،‬وحســب التفاصيــل اآلتيــة‪- :‬‬
‫‪| 204‬‬
‫اونلا سلجمل يباقرلاو يعيرشتلا ءادألا‬

‫أ‪ -‬عقــد مجلــس النــواب علــى مــدى الســنة التشــريعية األولــى‪ )66( :‬جلســة‬
‫بواقــع‪:‬‬
‫‪ )30(-‬جلسة في الفصل التشريعي األول‪.‬‬
‫‪ )36(-‬جلسة في الفصل التشريعي الثاني‪.‬‬
‫‪-‬ب‪ -‬عدد أيام عقد الجلسات كانت‪ )70( :‬يوم ًا‪:‬‬
‫‪ )34(-‬يوم في الفصل التشريعي األول‪.‬‬
‫‪ )36(-‬يــوم فــي الفصــل التشــريعي الثانــي وللمــدة الزمنيــة مــن ‪ 3‬أيلــول ‪2018‬‬
‫لغايــة ‪ 30‬تمــوز ‪.2019‬‬
‫(((‬
‫ب‪ -‬نوعيــة الجلســات منهــا (‪ )65‬جلســة اعتياديــة وجلســة واحــدة اســتثنائية‬
‫(خاصــة)‪ ،‬وابقــى المجلــس الجلســتين (‪ )1‬و (‪ )26‬مفتوحتــان فــي الفصل التشــريعي‬
‫األول (((‪ .‬فــي حيــن خــا الفصــل التشــريعي الثانــي مــن أي جلســة مفتوحــة‪.‬‬
‫وفي أدناه جدول يوضح عدد الجلسات في األشهر السنة التشريعية األولى‪:‬‬
‫عدد األيام‬ ‫عدد الجلسات‬ ‫الشهر‬ ‫ت‬
‫‪7‬‬ ‫‪4‬‬ ‫أيلول ‪2018‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬ ‫تشرين األول ‪2018‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬ ‫تشرين الثاني ‪2018‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪8‬‬ ‫كانون األول ‪2018‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫كانون الثاني ‪2019‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪7‬‬ ‫آذار ‪2019‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪7‬‬ ‫نيسان ‪2019‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪7‬‬ ‫آيار ‪2019‬‬ ‫‪8‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪8‬‬ ‫حزيران ‪2019‬‬ ‫‪9‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪7‬‬ ‫تموز ‪2019‬‬ ‫‪10‬‬
‫‪70‬‬ ‫‪66‬‬ ‫المجموع‬

‫جدول من عمل الباحث‪ :‬عادل حسن دفار‪ ،‬اعتماد ًا على نشرات الدائرة االعالمية لمجلس النواب‬

‫‪ .1‬عقدت الجلسة في ‪ 2019/9/8‬لمناقشة االوضاع في محافظة البصرة‪.‬‬


‫‪ .2‬جلســة االولــى بقيــت مفتوحــة لاليــام ‪ 3‬و‪ 4‬و‪ 15‬و‪ 16‬أيلــول ‪ 2018‬وهــي جلســة اكتمــل بهــا انتخــاب‬
‫هيــأة رئاســة المجلــس‪ ،‬فــي حيــن بقيــت الجلســة (‪ )26‬لاليــام ‪ 16‬و‪ 19‬كانــون الثانــي ‪.2016‬‬

‫| ‪205‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫وهــذا العــدد فــي الجلســات يتحقــق بشــكل مقــارب فــي كل الســنوات األولــى‬
‫للــدورات النيابيــة الثــاث الســابقة‪ ،‬إذ بلغــت فــي الــدورة األولــى (‪ )70‬جلســة‪،‬‬
‫وفــي الــدورة الثانيــة (‪ )66‬جلســة‪ ،‬وفــي الــدورة الثالثــة (‪ )77‬جلســة‪ ،‬لــكل الســنوات‬
‫التشــريعية األولــى‪.‬‬

‫‪ -2‬القوانين المنجزة‬
‫تنســحب هــذه المعادلــة علــى الحركــة التشــريعية لمجلــس النــواب‪ ،‬إذ إســتطاع‬
‫المجلــس تشــريع (‪ )20‬قانــون فــي حيــن شــرع مجلــس النــواب فــي الســنة األولــى مــن‬
‫الــدورة النيابيــة األولــى والثانيــة والثالثــة (‪ )30 ،9 ،30‬قانــون تواليـ ًا‪.‬‬
‫وأما عن نوعية القوانين المشرعة في الدورة الرابعة‪ ،‬فهي كاألتي‪- :‬‬

‫العدد‬ ‫نوع القانون‬ ‫ت‬


‫‪6‬‬ ‫(((‬
‫قانوني وسياسي‬ ‫‪1‬‬
‫‪4‬‬ ‫(((‬
‫تصديق وانضمام إلى اتفاقيات‬ ‫‪2‬‬
‫‪3‬‬ ‫(((‬
‫الجانب االقتصادي‬ ‫‪3‬‬

‫‪ .1‬ســتة قوانيــن تخــص الجانــب القانونــي والسياســي‪ .1 :‬قانــون الموازنــة العامــة االتحاديــة لجمهوريــة‬
‫العــراق للســنة الماليــة ‪ .2 .2019‬قانــون التعديــل األول لقانــون صنــدوق اســترداد أمــوال العــراق رقــم‬
‫(‪ )9‬لســنة ‪ .3 .2012‬قانــون تعديــل قانــون الغرامــات الــواردة بقانــون العقوبــات رقــم (‪ )111‬لســنة ‪1969‬‬
‫المعــدل والقوانيــن الخاصــة األخــرى رقــم (‪ )6‬لســنة ‪ .4 .2008‬قانــون اإلدارة الماليــة‪ .5 .‬مقتــرح قانــون‬
‫التعديــل األول لقانــون الموازنــة العامــة االتحاديــة لجمهوريــة العــراق للســنة الماليــة ‪ .6 .2019‬قانــون‬
‫التعديــل األول لقانــون انتخابــات مجالــس المحافظــات غيــر المنتظمــة فــي اقليــم واالقضيــة التابعــة لهــا‬
‫رقــم (‪ )12‬لســنة ‪.2018‬‬
‫‪ .2‬اربعــة قوانيــن تصديــق وانضمــام الــى اتفاقيــات‪ .1 :‬قانــون تصديــق اتفاقيــة تجنــب االزدواج الضريبــي‬
‫ومنــع التهــرب بمــا يختــص بالضريبــة علــى الدخــل ورأس المــال بيــن حكومــة جمهوريــة العــراق وحكومــة‬
‫دولــة اإلمــارات العربيــة المتحــدة‪ .2 .‬قانــون انضمــام جمهوريــة العــراق‏الــى إتفاقيــة بشــأن المعاييــر‬
‫الدنيــا للضمــان االجتماعــي رقــم (‪ )102‬لســنة‏‏‪ .3 .1952‬قانــون انضمــام جمهوريــة العــراق الــى‬
‫االتفاقيــة الدوليــة لإلنقــاذ‏لســنة ‪ .4 .1989‬قانــون تصديــق اتفاقيــة‏التعــاون العســكري واألمنــي بيــن‬
‫حكومــة جمهوريــة العــراق وحكومــة‏المملكــة األردنيــة الهاشــمية‪.‬‬
‫‪ .3‬ثالثــة قوانيــن الجانــب االقتصــادي‪ .1 :‬قانــون المــدن الصناعيــة‪ .2 .‬قانــون تعديــل قانــون الشــركات‬
‫رقــم (‪ )21‬لســنة ‪ 3 . .1997‬قانــون العفــو مــن العقوبــات الضريبيــة‪.‬‬

‫‪| 206‬‬
‫اونلا سلجمل يباقرلاو يعيرشتلا ءادألا‬

‫‪2‬‬ ‫(((‬
‫الجانب األمني‬ ‫‪4‬‬
‫‪1‬‬ ‫الوضع الخدمي‬
‫(((‬
‫‪5‬‬
‫‪1‬‬ ‫(((‬
‫االجتماعي‬ ‫‪6‬‬
‫‪1‬‬ ‫قطاع التربية والتعليم‬
‫(((‬
‫‪7‬‬
‫‪1‬‬ ‫الجانب الثقافي واإلعالمي‬
‫(((‬
‫‪8‬‬
‫‪1‬‬ ‫(((‬
‫المجتمع المدني‬ ‫‪9‬‬

‫‪20‬‬ ‫المجموع‬

‫‪ -3‬القوانين غير المنجزة‪:‬‬


‫أوصــل مجلــس النــواب (‪ )50‬مشــروع ومقتــرح قانــون إلــى إحــدى مرحلــة مــن‬
‫مراحــل التشــريع‪ ،‬إال إنــه لــم يقــر تلــك القوانيــن لألســباب مختلفــة‪:‬‬

‫‪ .1‬قانونــي يخصــان الجانــب االمنــي‪ .1 :‬قانــون المــرور‪ .2 .‬قانــون التعديــل الســادس لقانــون التنفيــذ‬
‫رقــم (‪ )45‬لســنة ‪.1980‬‬
‫‪ .2‬قانون الهيأة البحرية العراقية العليا‪.‬‬
‫‪ .3‬قانون حقوق شهداء جريمة قاعدة الشهيد الطيار ماجد التميمي الجوية‪.‬‬
‫‪ .4‬مقترح قانون التعديل األول لقانون المجمع العلمي رقم (‪ )22‬لسنة ‪.2015‬‬
‫‪ .5‬قانون التعديل األول لقانون المطابع األهلية رقم (‪ )5‬لسنة ‪.1999‬‬
‫‪ .6‬قانون التعديل الثاني لقانون نقابة الجيولوجيين رقم (‪ )197‬لسنة ‪.1968‬‬

‫| ‪207‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫العدد‬ ‫مرحلة التشريع‬ ‫ت‬


‫‪3‬‬ ‫تأجيل التصويت‬
‫(((‬
‫‪١‬‬
‫‪12‬‬ ‫(((‬
‫قراءة تقرير ومناقشة (القراءة الثانية)‬ ‫‪٢‬‬
‫‪29‬‬ ‫(((‬
‫القراءة األولى‬ ‫‪٣‬‬

‫‪ .1‬ثالثــة قوانيــن أجــل التصويــت عليهــا‪ ،‬وهــي‪ .1 :‬مشــروع قانــون التعديــل األول لقانــون حجــز ومصادرة‬
‫‏األمــوال‏المنقولــة وغيــر المنقولــة العائــدة الــى أركان النظــام الســابق رقــم (‪ )72‬لســنة ‪ .2 .2017‬مقتــرح‬
‫قانــون إعــادة منتســبي الداخليــة والدفــاع الــى الخدمــة‪ .3 .‬مشــروع قانــون تصديــق اتفــاق مقــر بيــن‬
‫حكومــة جمهوريــة العــراق واللجنــة الدوليــة للصليــب األحمــر‪.‬‬
‫‪ .2‬قــراءة تقريــر ومناقشــة (القــراءة الثانيــة) ل (‪ )12‬مشــروع ومقتــرح قانــون‪ ،‬وكاآلتــي‪ .1 :‬مشــروع قانــون الخدمة‬
‫المدنيــة االتحــادي‪ .2 .‬مشــروع قانــون نقابــة التمريــض‪ .3 .‬مشــروع قانــون رســم طابــع الحملــة الوطنيــة لبنــاء‬
‫المــدارس وريــاض األطفــال‪ .4 .‬مقتــرح قانــون التعديــل الثالــث لقانــون تــدرج ذوي المهــن الطبيــة والصحيــة‬
‫رقــم (‪ )6‬لســنة ‪ .5 .2000‬مقتــرح قانــون اللجنــة االولمبيــة الوطنيــة العراقيــة‪ .6 .‬مشــروع قانــون التعديــل األول‬
‫لقانــون الحجــر الزراعــي رقــم (‪ )76‬لســنة ‪ .7 .2012‬مشــروع قانــون هيــأة االعــام واالتصــاالت‪ .8 .‬مشــروع‬
‫قانــون المحكمــة االتحاديــة العليــا‪ .9 .‬مشــروع قانــون االســتثمار المعدنــي‪.‬‏‪ .10‬مشــروع قانــون هيــأة التصنيــع‬
‫‏الحربــي‪ .11 .‬مشــروع قانــون الطعــن لمصلحــة القانــون فــي األحــكام والقــرارات الخاصــة بالملكيــة العقاريــة‪.‬‬
‫‪ .12‬مشــروع قانــون التعديــل األول لقانــون هيئــة النزاهــة رقــم (‪ )30‬لســنة ‪.2011‬‬
‫‪ .3‬القــراءة األولــى ل (‪ )29‬مشــروع ومقتــرح قانــون‪ ،‬وكاآلتــي‪ .1 :‬مقتــرح قانــون تعديــل قانــون الخدمــة والتقاعــد‬
‫العســكري رقــم (‪ )3‬لســنة ‪ .2 .2010‬مقتــرح قانــون تعديــل قانــون الخدمــة والتقاعــد لقــوى األمــن الداخلــي‬
‫رقــم (‪ )18‬لســنة ‪ .3 .2011‬مشــروع قانــون جرائــم المعلوماتيــة‪ .4 .‬مشــروع قانــون الكســب غيــر المشــروع‪.5 .‬‬
‫مقتــرح قانــون تخصيــص قطــع أراض للعوائــل العراقيــة‪ .6 .‬مشــروع قانــون اســتيفاء اجــر المثــل عــن األراضــي‬
‫المملوكــة للدولــة المتصــرف فيهــا ألغــراض غيــر زراعيــة‪ .7 .‬مقتــرح قانــون نقابــة المبرمجيــن‪ .8 .‬مشــروع قانــون‬
‫الناجيــات االيزيديــات‪ .9 .‬مشــروع قانــون معالجــة التجــاوزات الســكنية‪ .10 .‬مقتــرح قانــون حمايــة األشــخاص‬
‫مــن االختفــاء ألقســري‪ .11 .‬مشــروع قانــون حريــة التعبيــر عــن الــرأي واالجتمــاع والتظاهــر‏الســلمي‪ .12 .‬مشــروع‬
‫قانــون الالجئيــن‪ .13 .‬مقتــرح قانــون إلغــاء قــرار مجلــس قيــادة الثــورة رقــم (‪ )459‬لســنة ‪ 1987‬لغــرض إنصــاف‬
‫أبنــاء مدينــة مندلــي‪ .14 .‬مقتــرح قانــون التعديــل األول لــزرع األعضــاء البشــرية ومنــع االتجــار بهــا رقــم (‪)11‬‬
‫لســنة ‪ .15 .2016‬مشــروع قانــون تصديــق اتفاقيــة تجنــب االزدواج الضريبــي ومنــع التهــرب مــن دفــع الضرائــب‬
‫المفروضــة علــى الدخــل ورأس المــال بيــن حكومــة جمهوريــة العــراق والحكومــة الهنغاريــة‪ .16 .‬مشــروع قانــون‬
‫تصديــق اتفاقيــة فــي شــأن التحالــف العالمــي لألراضــي الجافــة‪ .17 .‬مشــروع قانــون انضمــام جمهوريــة العــراق‬
‫الــى اتفاقيــة حمايــة األمومــة رقــم‏‏ (‪ )183‬لســنة ‪ .18 .2000‬مشــروع قانــون تصديــق البروتوكــول لعــام ‪2014‬‬
‫المكمــل‏التفاقيــة العمــل الجبــري رقــم (‪ )29‬لعــام ‪ .19 .1930‬مشــروع قانــون انضمــام جمهوريــة العــراق الــى‬
‫اتفاقيــة الســامة والصحــة فــي الزراعــة رقــم (‪ )184‬لســنة ‪ .20 .2001‬مشــروع قانــون انضمــام جمهوريــة العــراق‬
‫الــى النظــام األساســي لمؤتمــر الهــاي للقانــون الدولــي الخــاص‪ .21 .‬مشــروع قانــون انضمــام جمهوريــة العــراق‬
‫الــى اتفاقيــة حمايــة واســتخدام المجــاري المائيــة العابــرة للحــدود والبحيــرات الدوليــة هلســنكي ‪.22 .1992‬‬
‫مشــروع قانــون انضمــام جمهوريــة العــراق الــى االتفاقيــة الدوليــة لضبــط وإدارة ميــاه الصابــورة والرواســب فــي الســفن‬
‫لعــام ‪ .23 .200‬مشــروع قانــون انضمــام جمهوريــة العــراق الــى اتفاقيــة مينــا ماتــا بشــأن الزئبــق‪ .24 .‬مشــروع‬

‫‪| 208‬‬
‫اونلا سلجمل يباقرلاو يعيرشتلا ءادألا‬

‫‪6‬‬ ‫(((‬
‫تأجيل قراءة تقرير ومناقشة (القراءة الثانية)‬ ‫‪٤‬‬
‫‪50‬‬ ‫المجموع‬

‫تقييم السنة التشريعية األولى‬


‫‪1.‬يمكــن إدراج بعــض المالحظــات علــى الحركــة التشــريعية مــن عمــل مجلــس‬
‫النــواب خــال ســنته التشــريعية األولــى‪:‬‬
‫‪2.‬بالرغــم مــن أن مجلــس النــواب إســتكمل إنتخــاب هيــأة رئاســته فــي ‪15‬‬
‫أيلــول ‪ ،2018‬إال أن الــدور التشــريعي بــدأ فــي الجلســة رقــم (‪ )20‬فــي‬
‫‪ 2018/12/20‬أي بعــد ثمانيــة أشــهر مــن إعــان نتائــج االنتخابــات‪،‬‬
‫ثالثــة أشــهر مــن انتخــاب هيــأة الرئاســة‪ ،‬والســبب وراء ذلــك هــو التأخــر فــي‬
‫تشــكيل اللجــان النيابيــة بمــا تتضمــن مــن اختيــار األعضــاء وإنتخــاب رئاســة‬
‫اللجــان التــي تقــوم بإعــداد ومراجعــة القوانيــن‪ .‬ممــا ُيفســر فاعليــة المجلــس‬
‫التشــريعية فــي الفصــل التشــريعي الثانــي بواقــع (‪ )19‬قانــون مقابــل قانــون‬
‫واحــد فــي فصلــه األول‪.‬‬
‫‪3.‬هنــاك مشــكلة أخــرى تتحملهــا كل من الســلطة التنفيذية والســلطة التشــريعية‪،‬‬
‫فأغلــب القوانيــن المحالــة إلــى المجلــس مــن الحكومــة غيــر ناضجــة وخــال‬
‫مرحلــة القــراءة األولــى والثانيــة يــرد تعديــل عليهــا‪ ،‬وهنــا يعــاد القانــون‬
‫ويعــدل ومــن ثــم يعــاد وهكــذا‪ ،‬وقوانيــن أخــرى يجــري التعديــل عليهــا مــن‬
‫قانــون انضمــام جمهوريــة العــراق الــى اتفاقيــة اليونســكو بشــأن حمايــة التــراث الثقافــي المغمــور بالميــاه‪.25 .‬‬
‫مشــروع قانــون انضمــام جمهوريــة العــراق إلــى اتفاقيــة باريــس الملحــق باتفاقيــة األمــم المتحــدة اإلطاريــة لتغيــر‬
‫المنــاخ لعــام ‪ .26 .1992‬مشــروع قانــون تصديــق اتفاقيــة إعفــاء حاملــي جــوازات الســفر الدبلوماســية والخدمــة‪/‬‬
‫الرســمية مــن ســمة الدخــول بيــن حكومــة جمهوريــة العــراق وحكومــة جمهوريــة صربيــا‪ .27 .‬مشــروع قانــون‬
‫انضمــام جمهوريــة العــراق إلــى اتفاقيــة تجــارة الحبــوب لعــام ‪ .28 .1995‬مشــروع قانــون انضمــام جمهوريــة العــراق‬
‫إلــى اتفاقيــة بنــك االســتثمار اآلســيوي للبنــى التحتيــة‪ .29 .‬مشــروع قانــون تصديــق اتفاقيــة تســريع التعــاون فــي‬
‫المجــال االقتصــادي وشــؤون الطاقــة بيــن حكومــة جمهوريــة العــراق وحكومــة جمهوريــة كوريــا الجنوبيــة‪.‬‬
‫‪ .1‬تأجيــل قــراءة تقريــر ومناقشــة (القــراءة الثانيــة) ل (‪ )6‬مشــاريع قوانيــن‪ ،‬وكاآلتــي‪ .1 :‬مشــروع قانــون‬
‫تنظيــم إنشــاء عــاوي بيــع الفواكــه والخضــر والحيوانــات‪ .2 .‬مشــروع قانــون االتصــاالت والمعلوماتيــة‪.‬‬
‫‪ .3‬مشــروع قانــون التعديــل األول لقانــون وزارة التربيــة رقــم (‪ )22‬لســنة ‪ .4 .2011‬مشــروع قانــون وزارة‬
‫االتصــاالت وتكنولوجيــا المعلومــات‪ .5 .‬مشــروع قانــون التعديــل األول لقانــون الجنســية رقــم (‪ )26‬لســنة‬
‫‪ .6 .2006‬مقتــرح قانــون الضمــان الصحــي‪.‬‬

‫| ‪209‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫قبــل المجلــس ويقــر ويعــاد للحكومــة وتطعــن بــه‪ ،‬وهكــذا فض ـ ًا عــن أن‬
‫الكثيــر مــن مقترحــات أعضــاء مجلــس النــواب تواجــه طعنـ ًا مســتمر ًا مــن قبــل‬
‫الحكومــة بســبب ســحب صالحيــة (التشــريع) مــن مجلــس النــواب وإناطتــه‬
‫بالســلطة التنفيذيــة‪.‬‬
‫‪4.‬أغلــب القوانيــن المشــرعة فــي الســنة التشــريعية األولــى هــي قوانيــن مــدورة‬
‫مــن الــدورة النيابيــة الســابقة‪ ،‬وكان مــن المفتــرض إدراجهــا جميعــ ًا علــى‬
‫جــدول أعمــال المجلــس‪ ،‬إال أن الحكومــة ســحبت جــزء كبيــر منهــا‪ ،‬وهــو‬
‫مــا أربــك الــدور التشــريعي لمجلــس النــواب‪.‬‬
‫‪5.‬بقيــت مشــكلة القوانيــن المفتــرض تشــريعها حســب الدســتور قائمــة‪ ،‬إذ‬
‫تمكــن مجلــس النــواب فــي الــدورات الســابقة مــن إقــرار (‪ )45‬قانــون‪،‬‬
‫وبقيــت (‪ )45‬تحتــاج إلــى إقرارهــا(((‪.‬‬
‫‪6.‬نالحــظ مــن المقارنــة بيــن عــدد القــراءات األولــى والثانيــة وتأجيــل التصويــت‬
‫عليهــا‪ ،‬إن هنــاك (‪ )29‬قانــون لــم تــزل عنــد القــراءة األولــى ولــم تعــرض‬
‫للقــراءة الثانيــة‪ ،‬إضافــ ًة إلــى (‪ )12‬قانــون قــرارات قــراءة ثانيــة ولــم يتــم‬
‫التصويــت عليهــا‪ ،‬فض ـ ًا عــن (‪ )3‬قوانيــن تأجــل التصويــت عليهــا‪ ،‬وأيض ـ ًا‬
‫هنــاك (‪ )6‬قوانيــن تــم تأجيــل قــراءة تقاريــر مناقشــتها فــي القــراءة الثانيــة‪.‬‬
‫وهــذا يعنــي أن الزمــن الــذي إســتغرقته القــراءات األولــى والثانيــة لمشــروعات‬
‫ومقترحــات القوانيــن بمثابــة الزمــن المهــدور مــن عمــر الســنة التشــريعية‬
‫األولــى‪ ،‬إذ يتكــرر هــذا المشــهد مــع كل دورة نيابيــة‪.‬‬
‫‪7.‬لــم يلتــزم مجلــس النــواب بعقــد جلســاته بالتوقيــت المقــرر فــي جــدول أعمال‬
‫الجلسات‪.‬‬
‫‪8.‬لــم يتمكــن مجلــس النــواب مــن إكمــال كافــة فقــرات جــدول العمــل المقــرر‬
‫للجلســات‪ ،‬إذ تضمــن جــدول أعمــال المجلــس خــال الشــهور الماضيــة‬
‫(‪ )243‬فقــرة نفــذ منهــا (‪ )130‬فقــرة ولــم تنفــذ منهــا (‪.)113‬‬

‫‪ .1‬المستشــار عمــار رحيــم الكنانــي‪ ،‬الدســتور العراقــي لعــام ‪ 2005‬والقوانيــن التــي نــص علــى تنظيمهــا‬
‫بقانــون‪ ،‬مكتبــة القانــون والقضــاء‪ ،‬بغــداد‪ ،2019 ،‬ص ص ‪.10-6‬‬

‫‪| 210‬‬
‫اونلا سلجمل يباقرلاو يعيرشتلا ءادألا‬

‫‪ -٨‬غيابات األعضاء‬
‫علــى الرغــم مــن وضــوح المــادة (‪ )18‬مــن النظــام الداخلــي التــي توجــب نشــر‬
‫غيابــات وحضــور األعضــاء علــى موقــع المجلــس وفــي أحــدى الصحــف‪ ،‬إال أن‬
‫تلــك الغيابــات لــن تنشــر(((‪.‬‬
‫‪ .‬أإن المعــدل العــام لحضــور األعضــاء للجلســات للمــدة التــي يغطيهــا التقريــر‬
‫هــو (‪ )201‬عضــو وهــو أقــل مــن معــدل حضــور األعضــاء للفصــل التشــريعي‬
‫األول اذ كان (‪ )235‬عضــو ًا‪.‬‬
‫‪.‬بإن مجلــس النــواب الحالــي يعمــل ب (‪ )324‬عضــو ًا وليــس ب (‪)329‬‬
‫عضــو ًا إذ لــم يــؤ ِد اليميــن الدســتوري خمســة أعضــاء لغايــة انتهــاء الفصــل‬
‫التشــريعي الثانــي‪.‬‬
‫‪.‬جســجلت الجلســة (‪ )17‬أدنــى نســبة فــي حضــور األعضــاء إذ اقتصــر الحضــور‬
‫فيهــا علــى (‪ )171‬عضــو‪.‬‬
‫‪ .‬دســجلت الجلســة األولــى مــن الفصــل التشــريعي الثانــي أعلــى نســبة فــي‬
‫حضــور األعضــاء‪ ،‬إذ بلــغ حضــور األعضــاء فيهــا (‪( 285‬عضــو‪.‬‬
‫‪ .‬همعــدل حضــور األعضــاء فــي جلســات المجلــس يمكــن إســتخالص معــدل‬
‫الغيــاب الــذي بلــغ تقريبــا (‪ )128‬عضــو فــي كل جلســة ممــا يعنــي ان أكثــر‬
‫مــن ثلــث األعضــاء ال يحضــرون جلســات المجلــس‪.‬‬
‫‪ .‬وتكــرر أيضــ ًا تأخــر العديــد مــن النــواب عــن حضــور الجلســات فــي وقتهــا‬
‫المحــدد والمعلــن ممــا يضطــر هيــأة الرئاســة الــى تأجيــل بــدأ الجلســات لمــدة‬
‫نصــف ســاعة إلكمــال النصــاب القانونــي‪.‬‬
‫‪ .‬زتكــرار مغــادرة العديــد مــن النــواب قاعــة الجلســات بعــد تثبيــت حضورهــم‬
‫بنصــف ســاعة علــى إنعقــاد الجلســة‪ ،‬ممــا يــؤدي إلــى إربــاك عمــل الجلســة‬
‫وعــدم إكتمــال النصــاب‪.‬‬

‫‪ .1‬المرصــد النيابــي العراقــي‪ ،‬مركــز مــدارك لألبحــاث والدراســات‪ ،‬التقريــر الفصلــي الثانــي للســنة‬
‫التشــريعية األولــى مــن الــدورة االنتخابيــة الرابعــة‪ ،‬ص ‪17‬‬

‫| ‪211‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫المحور الثاني‬

‫األداء الرقابي‬

‫الوظيفــة الرقابيــة هــي المهمــة الثانيــة لمجلــس النــواب‪ ،‬بحســب المــادة (‪)61‬‬
‫مــن الدســتور‪ ،‬ويقصــد بــه متابعــة أداء الســلطة التنفيذيــة عــن طريــق مناقشــة وبحــث‬
‫السياســيات العامــة ومناقشــة الــوزراء ورئيــس مجلــس الــوزراء وكبــار المســئولين‬
‫التنفيذييــن ورؤســاء وأعضــاء الهيئــات المســتقلة‪ ،‬فضــ ًا عــن إســتخدام آليــات‬
‫اإلســتجواب واإلســتضافة والســؤال وطــرح مواضيــع عامــة للمناقشــة حســب مانظمــه‬
‫الدســتور والنظــام الداخلــي لمجلــس النــواب‪.‬‬
‫وعلــى هــذا األســاس ســيجري تقييــم األداء الرقابــي إعتمــاد ًا علــى البيانــات‬
‫المتحصلــة بخصــوص اإلســتضافات ومنــح الثقــة للحكومــة‪ ،‬كمــا يشــمل‬
‫ذلــك التصويــت علــى التعيينــات واإلقالــة‪ ،‬فضــ ًا عــن القــرارات والتوصيــات‪،‬‬
‫والمواضيــع العامــة للمناقشــة‪ ،‬واألســئلة النيابيــة‪ .‬مــع مالحظــة عــدم إدراج آليــة‬
‫اإلســتجواب بســبب عــدم تحققهــا خــال الســنة التشــريعية األولــى‪ ،‬وهــو أمــر طبيعــي‬
‫لبدايــة عمــل أي دورة نيابيــة ‪ -‬بإســتثناء الــدورة النيابيــة الثانيــة ‪ 2014-2010‬التــي‬
‫حققــت إســتجواب ًا واحــد ًا‪ -‬كــون اإلســتجواب يســتلزم عمــل دؤوب ووقــت لجمــع‬
‫المعلومــات‪ ،‬فضــ ًا عــن إســتقرار عمــل المجلــس أعضــاء ًا ولجــان‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اإلستضافات‬
‫رغــم أن مفــردة (اإلســتضافة) لــن تــرد فــي أي مــن المــواد الدســتورية وال فــي‬
‫النظــام الداخلــي‪ ،‬إال أنهــا إحــدى األدوات الرقابيــة التــي يمارســها مجلــس النــواب‬
‫لمســائلة الحكومــة وإســتيضاح سياســتها‪ .‬وعلــى هــذا األســاس حقــق مجلــس النــواب‬
‫(‪ )10‬إســتضافات علــى مســتوى المجلــس‪ ،‬توزعــت علــى‪- :‬‬
‫‪-‬تحققــت إســتضافتان لرئيــس مجلــس الــوزراء حيــدر العبــادي ووزراء الداخليــة‬
‫والدفــاع والمــوارد المائيــة والبلديــات واإلعمــار والصحــة والحكومــة المحلية‬
‫فــي البصــرة لمناقشــة األوضــاع فــي المحافظــة وتوفيــر الخدمــات فيهــا علــى‬
‫أثــر المظاهــرات االحتجاجيــة التــي اندلعــت بالمحافظــة‪.‬‬

‫‪| 212‬‬
‫اونلا سلجمل يباقرلاو يعيرشتلا ءادألا‬

‫‪-‬إســتضافة واحــدة األميــن العــام لمجلــس الــوزراء مهــدي العــاق ووفــد مــن‬
‫وزارة الماليــة لمناقشــة الدرجــات الوظيفيــة ونقــل الصالحيــات‪.‬‬
‫‪-‬إســتضافة واحــدة لوزيــر التعليــم العالــي والبحــث العلمــي عبــد الرزاق العيســى‬
‫لمناقشــة خطــة القبــول المركــزي وإجــراء إمتحــان الــدور الثالــث للتعليــم‬
‫العالــي وتوســعة خطــة القبــول للدراســات العليــا‪.‬‬
‫‪-‬إســتضافة واحــدة لــوزراء ومســئولي وزارات الصحــة والزراعــة والمــوارد‬
‫المائيــة ورئيــس مجلــس محافظــة بابــل لمناقشــة قضيــة نفــوق األســماك فــي‬
‫المحافظــة‪.‬‬
‫‪-‬إســتضافة واحــدة لمحافــظ البنــك المركــزي علــي العــاق وفيصــل الهيمــص‬
‫مديــر المصــرف العراقــي للتجــارة لمناقشــة األوضــاع الماليــة والنقديــة‬
‫ومايتعلــق بعمــل البنــك المركــزي وملــف غــرق العملــة فــي بنايــة مصــرف‬
‫الرافديــن‪.‬‬
‫‪-‬إســتضافة واحــدة للجنــة الحكوميــة الخاصــة بمشــروع قانــون الموازنــة العامــة‬
‫االتحاديــة للســنة الماليــة ‪ 2019‬برئاســة الســيد فــؤاد حســين وزيــر الماليــة نائب‬
‫رئيــس مجلــس الــوزراء للشــؤون االقتصاديــة لمناقشــة مشــروع القانــون‪.‬‬
‫‪-‬إســتضافة واحــدة للممثليــن األمانــة العامــة لمجلــس الــوزراء ومديــر عــام‬
‫الفــروع فــي وزارة الهجــرة والمهجريــن وممثــل وزارة المــوارد المائية لمناقشــة‬
‫غــرق مخيمــات النازحيــن فــي إقليــم كردســتان‪.‬‬
‫‪-‬إســتضافة واحــدة لوزيــر الكهربــاء الســيد لــؤي الخطيــب والمــاك المتقــدم فــي‬
‫الــوزارة لمناقشــة برنامــج الــوزارة لعــام ‪.2019‬‬
‫‪-‬إســتضافة الســادة برهــم صالــح رئيــس الجمهوريــة وعــادل عبد المهــدي رئيس‬
‫مجلــس الــوزراء وفائــق زيــدان رئيــس مجلــس القضــاء األعلــى وعــزت توفيــق‬
‫رئيــس هيــأة النزاهــة وكالـ ًة وصــاح نــوري رئيــس ديــوان الرقابــة الماليــة وكالـ ًة‬
‫لمناقشــة توحيــد الجهــود بيــن الســلطات مــن أجــل مكافحــة الفســاد اإلداري‬
‫والمالــي‪.‬‬

‫من المالحظ على اإلستضافات اآلتي‪:‬‬


‫‪1.‬حضر اإلستضافات رئيس ًا ووزراء الحكومتين السابقة والحالية‪.‬‬
‫‪2.‬اإلستضافات كانت تناقش قضايا عاجلة‪.‬‬
‫| ‪213‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪3.‬اإلســتضافات كانــت أســرع مــن الــدور التشــريعي حيــث إســتضاف ولــم‬


‫يجــري انتخــاب هيــأة الرئاســة وهــذا يحــدث ألول مــرة فــي الــدورات‬
‫االنتخابيــة للمجلــس‪.‬‬
‫‪4.‬خرجــت ثمانيــة إســتضافات مــن مجمــوع عشــرة إســتضافات بنتائــج ســواء‬
‫بإصــدار توصيــة أو قــرار او تشــكيل لجــان متابعــة أو تحقيقيــة‪.‬‬
‫‪5.‬كانــت اإلســتضافات فــي الفصــل التشــريعي األول أكثــر مــن الفصل التشــريعي‬
‫الثانــي حيــث كانــت فــي األول تســعة إســتضافات والثانــي إســتضافة واحــدة‬
‫فقــط‪.‬‬
‫‪6.‬النشــاط الرقابــي األبــرز فــي عمــل مجلــس النــواب هــو االســتضافات حيــث‬
‫لــم تحصــل عمليــة اســتجواب خــال الســنة التشــريعية األولــى‪ ،‬كذلــك لــم‬
‫يتــم توجيــه أســئلة برلمانيــة الــى الجهــات التنفيذيــة خــال الجلســات العامــة‪.‬‬
‫‪7.‬رغــم أن الســنة التشــريعية األولــى لهــذه الــدورة شــهدت (‪ )10‬إســتضافات‪،‬‬
‫إال أنهــا أقــل ســنة مقارنــة بالســنوات األولــى للــدورات الســابقة‪ ،‬إذ ســجلت‬
‫الســنوات األولــى للــدورات الثــاث الماضيــة (‪ )17 ،12 ،14‬إســتضافة‬
‫علــى التوالــي‪ ،‬كمــا موضــح بالجــدول األتــي‪- :‬‬

‫الجدول ادناه يوضح مقارنة بين السنوات التشريعية األولى في الدورات االنتخابية األربعة‪- :‬‬

‫عدد االستضافات عدد االستجوابات‬ ‫الدورة االنتخابية‬ ‫ت‬


‫‪-‬‬ ‫‪14‬‬ ‫األولى ‪2010-2006‬‬ ‫‪١‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪12‬‬ ‫الثانية ‪2014-2010‬‬ ‫‪٢‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪17‬‬ ‫الثالثة ‪2018-2014‬‬ ‫‪٣‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪10‬‬ ‫الرابعة ‪2022-2018‬‬ ‫‪٤‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬منح الثقة للحكومة من عدمها‪:‬‬


‫منــح مجلــس النــواب الثقــة لحكومــة رئيــس الــوزراء المكلــف عــادل عبــد المهدي‬
‫علــى مــدى (‪ )4‬جلســات‪ ،‬وكاآلتي‪:‬‬

‫‪| 214‬‬
‫اونلا سلجمل يباقرلاو يعيرشتلا ءادألا‬

‫رقم وتاريخ الجلسة‬ ‫عدد الوزراء الممنوحين الثقة‬ ‫ت‬


‫(‪ )9‬في ‪2018/10/24‬‬ ‫(‪ )14‬وزير‬ ‫‪١‬‬
‫(‪ )19‬في ‪2018/12/18‬‬ ‫ثالث وزراء‬ ‫‪٢‬‬
‫(‪ )23‬في ‪2018/12/24‬‬ ‫وزيرين‬ ‫‪٣‬‬
‫(‪ )26‬في ‪2019 /6 /24‬‬ ‫ثالث وزراء‬ ‫‪٤‬‬

‫رفــض مجلــس النــواب منــح الثقــة لمرشــحي ثــاث وزارات‪ ،‬وهــم‪ :‬صبــا خيــر‬
‫الديــن الطائــي وســفانة حســين علــي الحمدانــي وزاهــدة محمــد العبيــدي المرشــحات‬
‫لــوزارة التربيــة وهنــاء عمانوئيــل المرشــحة لــوزارة الهجــرة والمهجريــن وفيصــل‬
‫الجربــا المرشــح لــوزارة الدفــاع‪.‬‬
‫وتــم التصويــت بالموافقــة علــى طلــب الســيد رئيــس مجلــس الــوزراء بخصــوص‬
‫طلــب اإلعفــاء المقــدم مــن قبــل (الســيدة شــيماء خليــل الحيالــي) مــن منصــب وزيــر‬
‫التربيــة‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬التصويت على التعيين واالقالة‪- :‬‬


‫‪ -١‬التصويت على التعيين‬
‫صــوت مجلــس النــواب بالموافقــة علــى تعييــن القضــاة المرشــحين لمحكمــة‬
‫التمييــز االتحاديــة ((( والســيد محمــد جعفــر محمــد باقــر حيــدر الصــدر بمنصــب‬
‫ســفير فــي وزارة الخارجيــة ((( و محمــد عبــد الرضــا عبــد الحميــد بمنصــب مديــر‬
‫مكتــب رئيــس مجلــس الــوزراء وحميــد نعيــم خضيــر بمنصــب األميــن العــام لمجلــس‬
‫الــوزراء (((‪.‬‬

‫‪ . 1‬وهــم (القاضــي نعمــان كريــم احمــد البيانــي‪ ،‬القاضــي كاظــم عبــاس حبيــب الخفاجــي‪ ،‬القاضــي‬
‫محمــد قاســم محمــد الجنابــي‪ ،‬القاضــي محمــد عبــد علــي شــدهان الغانمــي‪ ،‬القاضــي حســن فــؤاد‬
‫منعــم الخفاجــي) الجلســة رقــم (‪ )21‬فــي ‪.2018/12/22‬‬
‫‪ . 2‬الجلسة رقم (‪ )8‬في‪.2019/4/ 10‬‬
‫‪ . 3‬الجلسة رقم (‪ )23‬في ‪2019 /6/ 13‬‬

‫| ‪215‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪ -٢‬اإلقالة‪:‬‬
‫صــوت مجلــس النــواب بالموافقــة وباألغلبيــة المطلقــة علــى إقالــة محافــظ نينــوى‬
‫نوفــل حمــادي العاكــوب ونائبيــه عبــد القــادر عبــد اهلل ســنجاري وحســن ذنــون ســليم‬
‫بنــا ًء علــى الطلــب المقــدم مــن رئيــس مجلــس الــوزراء‪.‬‬

‫رابع ًا‪ :‬القرارات والتوصيات‪:‬‬

‫‪ -١‬القرارات‪:‬‬
‫صوت مجلس النواب على (‪ )16‬ستة عشر قرار ًا هي‪- :‬‬
‫‪1.‬قــرار خــاص بقــرارات مجلــس الــوزراء الســابق خــال فتــرة تصريــف‬
‫األعمــال‪.‬‬
‫‪2.‬قــرار خــاص إلســتئناف عمــل مجلــس المفوضيــن مفوضيــة العليــا المســتقلة‬
‫لإلنتخابــات‪.‬‬
‫‪3.‬قرار بسبب السيول التي تعرضت إليها بعض مناطق العراق‪.‬‬
‫‪4.‬قرار بخصوص الضرر الذي لحق بالثروة السمكية في العراق‪.‬‬
‫‪5.‬قرار الخاص بالموازنة مجلس النواب للسنة المالية ‪.2019‬‬
‫‪6.‬قرار الخاص بالموازنة السلطة القضائية للسنة المالية ‪.2019‬‬
‫‪7.‬قــرار الخــاص بالموازنــة المفوضيــة العليــا لحقــوق اإلنســان للســنة الماليــة‬
‫‪.2019‬‬
‫‪8.‬قــرار دعــم الحكومــة لغــرض دعــم مجلــس القضــاء األعلــى لتعزيــز إجــراءات‬
‫مكافحة الفســاد‪.‬‬
‫‪9.‬قــرار بخصــوص المفســوخة عقودهــم مــن الجيــش والشــرطة والقــوات‬
‫األمنيــة فــي وزارتــي الداخليــة والدفــاع‪.‬‬
‫ ‪10.‬قرار بخصوص الفيضانات والسيول‪.‬‬
‫ ‪11.‬قرار بخصوص حظر األلعاب االلكترونية والبوبجي والعاب العنف‪.‬‬
‫ ‪12.‬قــرار بخصــوص إلغــاء العمــل بنظــام اإلحيائــي والتطبيقــي المعتمــد حالي ـ ًا‬
‫فــي الفــرع العلمــي اإلعــدادي‪.‬‬
‫ ‪13.‬قــرار بخصــوص حمايــة المنتــج الوطنــي ومنــع إغــراق الســوق المحليــة‬
‫ومنــع اســتيراد الدواجــن وبيــض المائــدة واألســماك الحيــة‪.‬‬
‫‪| 216‬‬
‫اونلا سلجمل يباقرلاو يعيرشتلا ءادألا‬

‫ ‪14.‬قــرار بخصــوص إلغــاء التمييــز بيــن مراكــز المــدن واالقضيــة والنواحــي‬


‫والقصبــات‪ ،‬مــن خــال إلغــاء توزيــع الدرجــات الوظيفيــة علــى أســاس‬
‫النســب بيــن المركــز واألطــراف‪.‬‬
‫ ‪15.‬قــرار بخصــوص إعتبــار يــوم ‪ 6/13‬مــن كل عــام مناســبة وطنيــة بمناســبة‬
‫ذكــرى فتــوى الجهــاد الكفائــي وتأســيس هيئــة الحشــد الشــعبي لمواجهــة‬
‫تنظيــم داعــش اإلرهابــي‪.‬‬
‫ ‪16.‬قــرار بخصــوص التوصيــات المقدمــة مــن لجنــة مراقبــة تنفيــذ البرنامــج‬
‫الحكومــي والتخطيــط االســتراتيجي بخصــوص حــل أزمــة الســكن‪.‬‬
‫مــن المالحــظ أن القــرارات جــاءت نتيجــة مناقشــة طرحــت خــال الجلســات‬
‫ماعــدا القــرارات الخاصــة بالموازنــات الماليــة لعــام ‪ 2019‬لمجلــس النواب والســلطة‬
‫القضائيــة والمفوضيــة حقــوق اإلنســان وهــي قــرارات نــص عليهــا الدســتور وقوانيــن‬
‫تلــك المؤسســات‪.‬‬

‫‪ -٢‬التوصيات‪:‬‬
‫بلغ عدد التوصيات (‪ )53‬توصية توزعت على اربعة مواضيع‪ ،‬وكاالتي‪:‬‬

‫عدد‬
‫تاريخها‬ ‫رقم الجلسة‬ ‫موضوع التوصية‬ ‫ت‬
‫التوصيات‬
‫ايجاد الحلول لمشاكل محافظة‬
‫‪ 27‬ايلول ‪2018‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪1‬‬
‫البصرة‬
‫‪ 24‬اذار ‪2019‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪14‬‬ ‫ضحايا العبارة في محافظة نينوى‬ ‫‪2‬‬
‫‪ 28‬اذار ‪2019‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪3‬‬ ‫المنافذ الحدودية‬ ‫‪3‬‬
‫‪ 11‬تموز ‪2019‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪20‬‬ ‫حل ازمة السكن‬ ‫‪4‬‬
‫‪53‬‬ ‫المجموع‬

‫خامس ًا‪ :‬المواضيع العامة للمناقشة‬


‫ناقش مجلس النواب (‪ )18‬موضوعت طرحت كمواضيع عامة للمناقشة‪- :‬‬
‫‪1.‬معدالت الطلبة وخطة القبول المركزي‪.‬‬
‫‪2.‬الدرجات الخاصة‪.‬‬
‫‪3.‬انتخابات مجالس المحافظات‪.‬‬
‫| ‪217‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪4.‬مخيمات النازحين والسيول‪.‬‬


‫‪5.‬مطار النجف‪.‬‬
‫‪6.‬عقود وزارة الكهرباء‪.‬‬
‫‪7.‬الدرجات الوظيفية في محافظة الديوانية‪.‬‬
‫‪8.‬تخصيص قطع اراضي لمنتسبي الدفاع والداخلية‪.‬‬
‫‪9.‬مجلس محافظة بغداد‪.‬‬
‫ ‪10.‬صرف اجور المحافظين‪.‬‬
‫ ‪11.‬البطاقة التموينية‪.‬‬
‫ ‪12.‬االعتداءات االمريكية على القوات االمنية في كركوك‪.‬‬
‫ ‪13.‬الوضع البيئي في محافظة البصرة‪.‬‬
‫ ‪14.‬احراق المحاصيل في عدد من المحافظات‪.‬‬
‫ ‪15.‬ازمة السكن‪.‬‬
‫ ‪16.‬انهاء عمل مجلس مفوضين هيئة االعالم واالتصاالت‪.‬‬

‫سابع ًا‪ :‬االسئلة النيابية‬


‫‪ -١‬االسئلة التحريرية‬

‫العدد الكلي‬ ‫االسئلة التي تمت االجابة عليها‬ ‫االسئلة التي لم تتم االجابة عليها‬
‫‪75‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪48‬‬

‫‪ -٢‬االسئلة الشفهية‬

‫العدد الكلي‬ ‫االسئلة التي تمت االجابة عليها تحريريا‬ ‫االسئلة التي لم تتم االجابة عليها‬

‫‪13‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪| 218‬‬
‫لولحلاو تاجلاعملا‬

‫المعالجات والحلول‬

‫محاور تطوير العمل البرلماني‬

‫أو ًال‪ :‬تطوير العملية التشريعية‬


‫تعــد عمليــة تقويــم وتطويــر الوظيفــة التشــريعية لمجلــس النــواب مــن أهــم‬
‫عوامــل إصــاح البرلمــان‪ ،‬كــون التشــريع هــو جوهــر تطويــر المجــاالت االجتماعيــة‬
‫واالقتصاديــة والثقافيــة والسياســية‪:‬‬

‫‪ -١‬المطابقة الدستورية والقانونية‪ ،‬وتنقسم الى محورين‪- :‬‬

‫أ‪ -‬مراجعة شاملة للقوانين السابقة‬


‫وتعنــي عمليــة فحــص شــاملة ومطابقــة دقيقــة لــكل التشــريعات الســابقة‪ ،‬ألن‬
‫عمليــة اإللغــاء والتعديــل والتشــريع التــي قــام بهــا مجلــس النــواب دائمــ ًا ماكانــت‬
‫تصطــدم بدعــاوى مرفوعــة أمــام المحكمــة االتحاديــة‪ ،‬ممــا يشــكل إربــاك لألوضــاع‬
‫القانونيــة ومشــاكل مســتمرة أثنــاء التطبيــق‪ ،‬ويمكــن لمجلــس النــواب تشــكيل‬
‫لجنــة نيابيــة برئاســة أحــد نــواب رئيــس المجلــس ودعمــه بفريــق عمــل مــن موظفــي‬
‫البرلمــان‪ ،‬مهمتهــا جمــع وفحــص وتدقيــق هــذه القوانيــن‪ ،‬لتقــدم تقريرهــا فــي نهايــة‬
‫الســنة التشــريعية األولــى والتوصيــة بمــا تــراه مناســب ًا‪ ،‬والتوصيــة ‪ -‬كذلــك‪ -‬بتوحيــد‬
‫التشــريعات بموضــوع موحــد‪ .‬علمـ ًا إن هــذه التجربــة متبعــة فــي الكثيــر مــن األنظمــة‬
‫الدســتورية‪.‬‬

‫ب‪ -‬فحص دستورية مشروعات القوانين بدقة قبل التصويت‬


‫ال يمكــن للبرلمــان أن يشــرع قوانيــن مخالفــة للدســتور‪ ،‬ولهــذا فعليــه أوال وقبــل‬
‫أي إجــراء‪ ،‬التأكــد مــن أن مشــاريع ومقترحــات القوانيــن المقدمــة إلــى مجلــس‬
‫النــواب مطابقــة للدســتور والتتعــارض مــع القوانيــن النافــذة‪ ،‬ولذلــك ولتــدارك‬
‫حصــول مثــل هــذا األمــر يفضــل شــروع اللجنــة القانونيــة فــي البرلمــان بدراســة كل‬
‫مشــاريع ومقترحــات القوانيــن مــن الناحيــة الدســتورية والتحقــق مــن عــدم مخالفتهــا‬
‫ألي نــص أو مبــدأ مــن مبــادئ الدســتور قبــل البــدء بإجــراءات تشــريع هــذا القانــون‪.‬‬
‫| ‪219‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬تطوير النظام الداخلي للبرلمان‬


‫يتمتــع النظــام الداخلــي بأهميــة كبيــرة‪ ،‬كونــه ينظــم عمــل الســلطة المجلــس‬
‫النــواب‪ ،‬وهــو أحــوج مــا يكــون إلــى نظــام داخلــي متطــور‪ ،‬يحيــط بتفاصيــل‬
‫العمــل البرلمانــي إحاطــة متمكنــة‪ ،‬ويعالــج فنيــات العمــل البرلمانــي بطــرق علميــة‬
‫متوافقــة مــع الدســتور‪ ،‬ومتناغمــة مــع تطــور التجــارب البرلمانيــة العالميــة فــي هــذا‬
‫الخصــوص‪ .‬وعلــى هــذا األســاس تبــرز الحاجــة إلــى أن يكــون النظــام الداخلــي‬
‫لمجلــس النــواب مواكبــ ًا للنقــاط االتيــة‪- :‬‬

‫‪ -١‬قواعد السلوك‬
‫يمثــل النائــب الشــعب بأكملــه‪ ،‬ويســتدعي ذلــك أن يكــون ســلوكه منضبطـ ًا أثنــاء‬
‫تمتعــه بصفــة النيابــة‪ ،‬حتــى التنحــرف الممارســة الديمقراطيــة ويتشــوه كيانهــا‪،‬‬
‫فــإن ذلــك يســتدعي تفعيــل قوانيــن ومدونــات للســلوك البرلمانــي (مدونــة الســلوك‬
‫البرلمانــي العراقيــة لعــام ‪ ، )2016‬تفعي ـ ًا جدي ـ ًا‪ ،‬وتتطلــب ضوابــط أكثــر جديــة‪،‬‬
‫فــإذا كان المشــرع الدســتوري أغفــل تبيــان المســؤولية السياســية للنــواب‪ ،‬وأســبغ‬
‫الحمايــة لعضــو مجلــس النــواب يفتــرض تالفــي ذلــك فــي النظــام الداخلــي لمجلــس‬
‫النــواب‪ ،‬وتضمينــه نصوصــه تقــرر حــق المجلــس بفصــل أحــد أعضــاءه ألســباب‬
‫تتعلــق بإخاللــه بمســؤوليته السياســية الوطنيــة أو إخاللــه بقســمه الدســتوري أو أثــر‬
‫إدانتــه بجنايــة أو غياباتــه التــي تتجــاوز الحــد المســموح بــه قانون ـ ًا‪.‬‬
‫إذ يســتخدم العديــد مــن البرلمانــات قواعــد الســلوك النيابــي كنتيجــة مباشــرة لخرق‬
‫البرلمانييــن القواعــد القائمــة‪ ،‬ففــي المملكــة المتحــدة علــى ســبيل المثــال‪ٌ ،‬أدخــل‬
‫نظــام جديــد لضبــط الســلوك النيابــي فــي ‪ ،1994‬إذا وضعــت لجنــة برلمانيــة مختصــة‬
‫مدونــة ســلوك شــاملة وجديــدة ألعضــاء البرلمــان‪ ،‬تضمنــت «مبــادئ الحيــاة العامــة‬
‫الســبعة»‪ ،‬وهــي (نكــرات الــذات ‪ -‬النزاهــة‪ -‬الموضوعيــة‪ -‬المســاءلة‪ -‬االنفتــاح‬
‫‪ -‬الصــدق‪ -‬القيــادة) بعدمــا تقاضــى بعــض النــواب المــال لتمثيــل مصالــح القطــاع‬
‫الخــاص فــي مجلــس العمــوم‪.‬‬
‫مــن جهــة أخــرى بحثــت معظــم البلــدان فــي الحاجــة إلــى نظــام جديــد ألخالقيــات‬
‫وقواعــد الســلوك إســتجابة لقلــق جماهيــري عــام حــول معاييــر وســلوك السياســيين‪،‬‬
‫إذ يســتغل بعــض النــواب مناصبهــم لتحقيــق مكاســب خاصــة‪ ،‬ففــي اســتراليا مث ـ ًا‪،‬‬
‫أتــى النقــاش حــول الحاجــة بشــأن ســوء إســتخدام األمــوال العامــة‪ ،‬وتدنــي ثقــة‬
‫‪| 220‬‬
‫لولحلاو تاجلاعملا‬

‫النــاس بالسياســيين‪ ،‬ففــي إحــدى المراحــل‪ ،‬كان ‪ ٪7‬فقــط مــن االســتراليين يؤمنــون‬
‫بــأن النــواب يتمتعــون بمســتويات عاليــة مــن الصــدق واالخــاق‪.‬‬
‫ومــن ثــم فــإن علــى النــواب الداعيــن إلــى اإلصــاح والتطويــر اإلفــادة مــن هــذه‬
‫الفــرص لتأطيــر النقــاش حــول نظــام أخالقــي جديــد‪ ،‬وتحديــد الغــرض األسـ ِ‬
‫ـاس مــن‬
‫قواعــد الســلوك النيابــي‪ ،‬ألن النظــام الداخلــي يملــي علــى العضــو طريقــة العمــل‪،‬‬
‫ولكنــه ال يطلــع النائــب علــى طريقــة التصــرف‪ ،‬وفــي البرلمانــات الناشــئة‪ ،‬إذ التجربــة‬
‫الديمقراطيــة محــدودة‪ ،‬وحيــث النــواب يتغيــرون بنســبة عاليــة فــي كل دجــورة نيابية‪،‬‬
‫يكــون الوضــع أكثــر صعوبــة بســبب اإلفتقــار إلــى ثقافــة برلمانيــة واضحــة‪ ،‬لذلــك‬
‫ســيحتاج األعضــاء الــى المســاعدة‪ ،‬لكــي يفهمــوا النظــام الداخلــي مــن جهــة‪ ،‬ولكــي‬
‫يفهمــوا المعاييــر المتوقعــة منهــم مــن جهــة أخــرى‪ .‬ولعــل الطريقــة البديهيــة لتحقيــق‬
‫ذلــك هــي إعتمــاد نظــام لتدريــب األعضــاء‪ ،‬ووضــع مجموعــة مــن األدلــة والكتيبــات‬
‫التوضيحيــة لتكــون بمنزلــة مراجــع للنــواب‪ ،‬تســتخدم كمالحــق للنظــام الداخلــي‪،‬‬
‫تشــرح عــن مجلــس النــواب ومســارات مزاولــة وظائفــه‪ ،‬وقــد تكــون هــذه األدلــة‬
‫بــكل بســاطة‪ ،‬مســارد للمصطلحــات البرلمانيــة‪ ،‬مثــل تلــك التــي وضعتهــا دائــرة‬
‫البحــوث بمجلــس النــواب‪.‬‬
‫‪ -٢‬نشــر النظــام الداخلــي لمجلــس النــواب بنســخته المعدلــة األخيــرة علــى‬
‫الموقــع الرســمي‪ ،‬إذ الزال الموقــع ينشــر النســخة القديمــة غيــر المعدلــة للنظــام‬
‫الداخلــي منــذ الــدورة النيابيــة االولــى ‪.2006‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬اإلتصال والتواصل‬


‫يهــدف إلــى إنفتــاح المجلــس علــى المواطــن وإســتراتيجية التواصــل عــن طريــق‬
‫إنفتــاح مجلــس النــواب علــى محيطــه‪ ،‬وفــي طليعتــه‪ ،‬وســائل اإلعــام والمواطنــون‬
‫والمجتمــع المدنــي وخاصــة الشــباب‪ .‬وتشــجيع المواطنيــن علــى المشــاركة الفعليــة‬
‫والمنظمــة فــي اآلنشــطة البرلمانيــة‪ .‬ومنهــا‪- :‬‬

‫‪ -١‬الشراكة مع وسائل اإلعالم‪:‬‬


‫‪-‬تمــارس وســائل اإلعــام دور ًا محوري ـ ًا فــي تحســين البرلمــان‪ ،‬كمــا يمكــن‬
‫لهــا أن تشــوه صــورة هــذه المؤسســة بقصــد أو مــن دون قصــد‪ ،‬وهــذه الحالــة‬
‫يتحمــل مســئوليتها ليســت تلــك الوســائل فقــط‪ ،‬وإنمــا المؤسســة البرلمانيــة‬
‫| ‪221‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫بأعضائهــا أيضــ ًا‪ ،‬إذ يالحــظ أن العديــد مــن األعضــاء يتعاطــون بســلبية‬
‫كبيــرة فــي تغطيــة مايجــري فــي جلســات المجلــس‪ ،‬والعديــد منهــم أيض ـ ًا‬
‫يمارســون التصريحــات دون مراعــاة لآلثــار الســلبية التــي يمكــن إنعكاســها‬
‫علــى المؤسســة النيابيــة‪ .‬لذلــك يجــب مراعــاة هــذا الجانــب والعمــل علــى‬
‫تقنيــن وضبــط األداء اإلعالمــي لألعضــاء‪.‬‬
‫‪-‬الناطــق الرســمي‪ :‬فــي العديــد مــن المجالــس النيابيــة وخصوص ـ ًا األوربيــة‬
‫يطلــق علــى رئيــس الســلطة التشــريعية مصطلــح (المتحــدث‪)speaker/‬‬
‫الــذي يســهم بالدرجــة األولــى فــي التعامــل مــع وســائل اإلعــام بأنواعهــا‬
‫المتعــددة‪ ،‬ويقــدم خالصــة المواقــف البرلمانيــة الرســمية التــي تعتمدهــا‬
‫وســائل االعــام‪ ،‬محاولــة منــه فــي التأثيــر علــى الــرأي العــام‪ ،‬هدفــه التعبيــر‬
‫عــن رأي أو موقــف البرلمــان فــي قضايــا معينــة‪ ،‬ويحتــاج هــذا المنصــب إلــى‬
‫تعديــل فــي النظــام الداخلــي ليشــرف علــى إعــام المجلــس‪ ،‬ويشــرف فني ـ ًا‬
‫علــى إدارة اإلعــام باألمانــة العامــة‪ ،‬بالتنســيق مــع األميــن العــام لتنظيــم‬
‫إدارة اإلعــام‪ ،‬ويكــون ناطقـ ًا رســمي ًا‪ ،‬ويقــدم المشــورة لهيــأة الرئاســة فيمــا‬
‫يتعلــق بالتغطيــة اإلعالميــة لجلســات البرلمــان‪ ،‬ومتابعــة أجهــزة اإلعــام‬
‫لألنشــطة التــي تــدور فــي أروقــة المجلــس‪ .‬ويحــق لــه حضــور جلســات‬
‫المجلــس الوطنــي‪ ،‬وإجتماعــات هيــأة رئاســة المجلــس‪ ،‬وإجتماعــات‬
‫اللجــان الدائمــة‪ ،‬وغيرهــا مــن المهــام‪ ،‬وليــس بالضــرورة أن يصبــح الناطــق‬
‫الرســمي رئيــس للمجلــس كمــا هــو الحــال فــي مجلــس العمــوم واللــوردات‬
‫فــي انكلتــرا‪ ،‬أو عضــو ًا برلماني ـ ًا كمــا فــي تونــس ومصــر‪.‬‬
‫‪-‬يعــد مشــروع إحــداث قنــاة تلفزيونيــة برلمانيــة مكونــ ًا إضافيــ ًا وجــزء مــن‬
‫إســتراتيجية شــاملة فــي مجــال التواصــل التقتصــر علــى بــث الجلســات‬
‫وأنشــطة المجلــس األخــرى‪ ،‬بــل تعمــل ‪ -‬أيضــا ‪ -‬علــى إنتــاج وبــث برامــج‬
‫تربويــة حــول الديمقراطيــة وحقــوق اإلنســان والتثقيــف السياســي بشــكل‬
‫عــام‪ .‬إنجــاز شــريط وثائقــي حــول تاريــخ الحيــاة البرلمانيــة وللتعريــف‬
‫باإلنجــازات التــي حققهــا البرلمــان‪.‬‬
‫‪ -٢‬الشــراكة المجتمعيــة‪ :‬ونقصــد بــه العمــل علــى إشــراك المواطنيــن فــي تقديــم‬
‫إقتراحــات فــي مجــال التشــريع وتشــجيع المشــاركة الواســعة للمواطنيــن فــي األعمــال‬
‫واألنشــطة البرلمانيــة‪ .‬ويهــدف هــذا المشــروع إلــى بلــورة نظــام يمكــن المواطنــون‬
‫‪| 222‬‬
‫لولحلاو تاجلاعملا‬

‫مــن الحصــول علــى المعلومــات بطريقــة منتظمــة حــول المشــاريع التــي يدرســها‬
‫مجلــس النــواب علــى طريقــة (جلســات االســتماع) ‪ ،‬بشــكل يتيــح تقديــم وجهــات‬
‫النظــر حــول مســودات المشــاريع والمقترحــات‪ ،‬بهــدف تطويــر آليــات التفاعــل مــع‬
‫المواطنيــن والمجتمــع المدنــي‪ ،‬ولقيــاس رضــى المواطنيــن مــن العمــل البرلمانــي‪.‬‬
‫اليتضمــن النظــام الداخلــي لمجلــس النــواب إمكانيــة قانونيــة إلشــراك المجتمــع‬
‫المدنــي فــي العمــل التشــريعي والرقابــي إذا اســتثنينا المــادة ‪ 114‬مــن النظــام الداخلــي‬
‫للمجلــس التــي تنــص علــى أنــه يمكــن ل ّلجــان الدّ ائمــة‪ ،‬فــي إطــار ممارســة أعمالهــا‪،‬‬
‫مختصيــن وذوي خبــرة لإلســتعانة بهــم فــي أداء مها ّمهــا‪ .‬غيــاب‬ ‫ّ‬ ‫أن تدعــو أشــخاصا‬
‫النــص القانونــي الــذي يمنــح إمكانيــة لمؤسســات المجتمــع المدنــي المختلفــة‪،‬‬
‫وعلــى رأســها الجمعيــات والنقابــات والمنظمــات‪ ،‬مــن المشــاركة مــع المؤسســات‬
‫البرلمانيــة فــي عملهــا التشــريعي عــن طريــق االســتماع لهــا وإبــداء الــرأي فــي‬
‫النصــوص القانونيــة‪.‬‬
‫هنــاك العديــد مــن الصيــغ الخاصــة بمشــاركة المجتمــع المدنــي فــي أعمــال‬
‫البرلمــان‪ ،‬ســنحاول الوقــوف عنــد أهمهــا‪ ،‬فــي األخيــر نتمكــن مــن القيــام بالمقارنــة‬
‫المرجعيــة ونحســن ونعــزز مــن ســبل التواصــل والمشــاركة بيــن المجتمــع المدنــي‬
‫والبرلمــان‪:‬‬
‫‪-‬البرلمــان النيوزيلنــدي‪ :‬يوجــه دعــوة مفتوحــة لتلقــي مالحظــات المواطنيــن‬
‫مــن جميــع الجهــات المعنيــة‪ ،‬أفــراد ًا ومنظمــات‪ ،‬مــن خــال الصحافــة أو‬
‫غيرهــا مــن وســائل اإلعــام‪.‬‬
‫‪-‬البرلمــان التركــي يعمــل علــى توجيــه الدعــوة مباشــرة إلــى هيئــات المجتمــع‬
‫المدنــي المعنيــة بموضــوع التشــريع المطــروح للنقــاش‪.‬‬
‫‪-‬البرلمــان التشــيكي يــداوم علــى عقــد مايســمى عــادة «بجلســات االســتماع»‬
‫التــي تعتبــر إحــدى أكبــر أشــكال المشــاركة المدنيــة شــيوع ًا‪ ،‬هــذه الجلســات‬
‫التــي تخصــص لإلســتماع لممثليــن عــن القطاعــات المدنيــة والمهنيــة المعنيــة‬
‫بمشــاريع القوانيــن المدروســة‪.‬‬
‫‪-‬برلمانــات ســلوفينيا وروســيا البيضــاء‪ ،‬وحرصـ ًا منهــا علــى مأسســة التواصــل‬
‫المدنــي البرلمانــي‪ ،‬فإنهــا تتوفــر علــى مكتــب إتصــال مــع المنظمــات غيــر‬
‫الحكوميــة‪ ،‬ومجالــس استشــارية مكونــة مــن ممثليــن للمجتمــع المدنــي‬
‫ولبعــض الخبــراء‪ ،‬وتشــتغل هــذه المجالــس بالمــوازاة مــع لجــان دائمــة‪.‬‬
‫| ‪223‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪-‬وفــي بعــض الحــاالت‪ ،‬فالبرلمــان ال يقــدم فقــط ضمانــات لتلقــي مالحظــات‬


‫المجتمــع المدنــي‪ ،‬بــل يســمح بتلقــي آراء مكتوبــة مــن قبــل المواطنيــن‪،‬‬
‫غيــر أنــه فــي عــدد قليــل مــن البلــدان تتخــذ المشــاركة المدنيــة فــي العمــل‬
‫البرلمانــي شــك ًال أكثــر قــوة كمــا هــو الحــال فــي الجمهوريــة اللبنانيــة وروســيا‬
‫االتحاديــة‪ ،‬ففــي لبنــان تأســس منــذ ســنة ‪ 1999‬منتــدى الحــوار البرلمانــي‬
‫وهــو منظمــة غيــر حكوميــة تهــدف إلــى نقــل آراء واقتراحــات المجتمــع‬
‫المدنــي إلــى البرلمــان وضمــان توفيــر المعلومــات للبرلمانــي حــول برنامــج‬
‫المنظمــات غيــر الحكوميــة وتنظيــم أنشــطة متبادلــة بيــن هــذه المنظمــات‬
‫واللجــان البرلمانيــة‪ ،‬أمــا فــي روســيا االتحاديــة فقــد أقــر مجلــس الدومــا‬
‫خــال ســنة ‪ ،2005‬قانونــ ًا ينظــم «المجلــس الشــعبي لروســيا االتحاديــة»‬
‫بإعتبــاره وســيط ًا بيــن المجتمــع والســلطة التشــريعية‪ ،‬يتألــف مــن منظمــات‬
‫المجتمــع المدنــي ويتولــى مهمــة تقييــم المبــادرات التشــريعية مــن منطلــق مــا‬
‫تحققــه مــن مصلحــة عامــة‪.‬‬
‫‪-‬تتوفــر جنــوب إفريقيــا منــذ عــام ‪ ،2004‬علــى مؤسســة تعقــد بشــكل ســنوي‬
‫ألهــداف متشــابهة‪ ،‬هــي «المؤتمــر الشــعبي»‪ ،‬الــذي يضــم ممثلــي قطاعــات‬
‫الشــباب والنســاء والمعاقيــن والعمــال‪ ،‬الذيــن يتداولــون فــي نقــاش عمومــي‬
‫تبثــه وســائل اإلعــام مباشــرة‪.‬‬
‫‪-‬فــي فرنســا‪ ،‬وإذا كان المجتمــع المدنــي ال يتوفــر مــن الناحيــة القانونيــة‬
‫والشــكلية علــى القــدرة علــى التدخــل فــي العمــل التشــريعي‪ ،‬فــإن هــذا ال‬
‫يمنعــه مــن فــن ممارســة تأثيــر غيــر مباشــر علــى مجمــل الديناميــة البرلمانيــة‪،‬‬
‫إذ غالبـ ًا مــا يحــرص البرلمانيــون علــى معرفــة آراء الخبــراء والمعنييــن داخــل‬
‫المجتمــع المدنــي‪ ،‬إتجــاه أي مشــروع قانــون أو ميزانيــة ســنوية‪.‬‬
‫‪-‬فــي نفــس االتجــاه يمكــن لمجلــس النــواب البلجيكــي عقــد جلســات للنقــاش‬
‫العمومــي‪ ،‬قصــد معرفــة آراء ممثلــي المجتمــع المدنــي والخبــراء‪.‬‬
‫‪-‬أمــا «البوندســتاغ» األلمانــي فيتوفــر علــى ســجل بجميــع هيئــات المجتمــع‬
‫المدنــي الراغبــة فــي التعبيــر عــن مصالحهــا والدفــاع عنهــا‪.‬‬
‫‪-‬ويبــدو جديــر ًا بالمالحظــة أن بعــض القطاعــات تحظــى أكثــر مــن غيرهــا‬
‫بتواصــل أكثــر فعاليــة بيــن المجتمــع المدنــي والبرلمانــات‪ ،‬ولعــل أبرزهــا‬
‫يبقــى متعلقــ ًا بالقضايــا النســائية وبمســائل حقــوق اإلنســان‪.‬‬
‫‪| 224‬‬
‫لولحلاو تاجلاعملا‬

‫‪-‬وهكــذا ينظــم البرلمــان المكســيكي منــذ عــام ‪ ،1998‬بشــكل ســنوي «برلمان‬


‫النســاء» والــذي يتألــف مــن مشــرعين فدرالييــن ومحلييــن فضـ ًا عن نســاء من‬
‫المجتمــع المدنــي‪ ،‬ويهــدف هــذا البرلمــان إلــى وضــع توصيــات مطروحــة‬
‫علــى األجنــدة التشــريعية المتعلقــة بقضايــا المســاواة بيــن الرجــل والمــرأة‪،‬‬
‫وفــي نفــس االتجــاه تقريب ـ ًا‪ ،‬تعمــل مبــادرة الموازنــة الخاصــة بالنســاء‪ ،‬فــي‬
‫جنــوب أفريقيــا‪ ،‬علــى تعزيــز تعــاون مشــرعين وفعاليــات نســائية‪ ،‬إلدخــال‬
‫مقاربــة النــوع االجتماعــي‪ ،‬فــي بنــاء موازنــة جنــوب إفريقيــا‪.‬‬
‫وعلــى العمــوم يمكــن إجمــال اإلجــراءات والصيــغ المفتــرض العمــل بهــا ضمانـ ًا‬
‫لتواصــل أفضــل بيــن المجتمــع المدنــي والبرلمــان‪ ،‬فــي قائمــة مــن البنــود ســبق‬
‫«لدليــل الممارســة الجيــدة» المعــد مــن طــرف اإلتحــاد البرلمانــي الدولــي أن حددهــا‬
‫فيمــا يلــي‪:‬‬
‫‪1.‬وجــود ســجل عــام متــاح للجمهــور ويضــم المنظمــات غيــر الحكوميــة‬
‫وســجل بالخبــراء منظــم حســب الموضــوع إهتمــام هــذه المنظمــات ومرتــب‬
‫أبجديــ ًا‪.‬‬
‫‪2.‬إجــراء دعايــة فعالــة بإســتخدام وســائل اإلعالم إلبــاغ الجمهور بمشــروعات‬
‫القانــون‪ ،‬وجلســات اإلســتماع البرلمانية‪.‬‬
‫‪3.‬توجيــه دعــوات إلــى المنظمــات والخبــراء المعنييــن‪ ،‬بمــن فيهــم الممثلــون‬
‫عــن المجموعــات المســتهدفة متــى كان ذلــك مالئم ـ ًا ليقدمــوا مالحظاتهــم‬
‫أو يعرضــوا أدلتهــم‪.‬‬
‫‪4.‬وضع إجراءات لطرح مالحظات المواطنين من األفراد للمناقشة‪.‬‬
‫‪5.‬وجــود ســجل عــام علــى شــبكة االنترنيــت يضــم جميــع المالحظــات‬
‫المقدمــة‪.‬‬
‫‪6.‬التعريــف بــدور النــواب فــي تمثيــل الناخبيــن وواجبهــم فــي الدفــاع عــن‬
‫مصالحهــم ونقــل مطاليبهــم إلــى البرلمــان‪.‬‬
‫‪7.‬جعــل البرلمــان الفضــاء المتميــز لــكل الحــوارات والنقاشــات ومــكان الفضــاء‬
‫الديمقراطــي والســلمي لــكل الخالفــات المجتمعيــة‪.‬‬
‫‪8.‬العمــل علــى إجــراء اســتطالعات الــرأي بشــكل دائــم لقيــاس مــدى الرضــا‬
‫العــام عــن المؤسســة النيابيــة لــدى المواطنيــن‪.‬‬

‫| ‪225‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪9 .‬تعزيز العالقات مع المؤسسات عن طريق‪:‬‬


‫‪ .‬أاإلنفتــاح علــى الجامعــات عــن طريــق مشــروع الزائــر البرلمانــي (أعضــاء‬
‫وكــوادر)‪.‬‬
‫‪.‬بتكثيــف األنشــطة التربويــة بتشــجيع زيــارات تالميــذ وطلبــة الكليــات‬
‫للبرلمــان ( (((*) ‪.‬‬
‫‪.‬جتحســين صــورة المؤسســة البرلمانيــة‪ ،‬بإعــداد مخطــط تواصلــي ثقافــي بنــاء‬
‫علــى الرصيــد التاريخــي والموقــع الجغرافــي للمؤسســة‪ ،‬وذلــك عــن طريــق‬
‫تنظيــم أو إحتضــان المجلــس لتظاهــرات ثقافيــة وفكريــة‪.‬‬
‫‪ .‬دمحاضــرات ثقافيــة‪ ،‬معــارض فنيــة‪ ،‬يتعــرف بمناســبتها المشــاركون علــى‬
‫تاريــخ المؤسســة ورمزيــة البنايــة التــي تحتضــن البرلمــان‪.‬‬

‫‪ -10‬إنتاج الوثائق‪ :‬ويتعلق اآلمر بالوثائق التالية‪:‬‬


‫‪ .‬أمجلة برلمانية دورية تصدر عن دائرة البحوث‪.‬‬
‫‪.‬بمؤلفــات تعــرف بتاريــخ المؤسســة البرلمانيــة‪ ،‬وبالثــروة الثقافيــة والفنيــة التــي‬
‫تتوفــر عليهــا‪.‬‬
‫‪.‬جالتقارير عن أنشطة المجلس‪.‬‬
‫‪ .‬دكتيبات لإلرشاد المؤسساتي‪.‬‬
‫‪ .‬همطويات وكتيبات تستجيب لحاجيات كل فئة مستهدفة‪.‬‬
‫‪ .‬ومطويات خاصة بشراكة المجلس مع بعض المؤسسات الدولية‪.‬‬

‫رابع ًا‪ :‬تأهيل أعضاء البرلمان‬


‫تبــرز الحاجــة الــى عمليــة تأهيــل اعضــاء البرلمــان كــون ‪ ٪70‬هــم ممــن ليــس‬
‫لديهــم خبــرة فــي مجــال العمــل البرلمانــي‪ ،‬وإن أعدادهــم لتولــي مهامهــم الدســتورية‬
‫علــى أفضــل وجــه‪ ،‬يأتــي عــن طريــق علــى تأهيــل عضــو المجلــس النيابــي مــن خــال‬
‫الفقــرات اآلتيــة‪:‬‬

‫‪ )*( .1‬هنــاك مشــروع إلســتيعاب عــدد مــن طلبــة كليــات العلــوم السياســية والقانــون واالعــام‬
‫واالقتصــاد للعمــل فــي العطلــة الصيفيــة وتحضيــر مشــاريع تخرجهــم‪.‬‬

‫‪| 226‬‬
‫لولحلاو تاجلاعملا‬

‫‪ -١‬الخدمات التدريبية‬
‫البيئــة البرلمانيــة بمــا تحويــه مــن أعضــاء وأمانــة عامــة بيئــة متغيــرة وتحــاول مواكبــة‬
‫هــذا التطــور بشــكل مســتمر عــن طريــق البرامــج التدريبيــة مســتمر لتبلــي احتياجــات‬
‫مجلــس النــواب الفنيــة المتجــددة‪ ،‬وأن التخطيــط المنظــم للتدريــب البرلمانــي يعــد‬
‫نقطــة البــدء للقــدرة علــى تحديــد وحصــر هــذه االحتياجــات المتجــددة‪ ،‬وان تحديــد‬
‫هــذه االحتياجــات المتجــددة نقطــة االرتــكاز للتخطيــط المنظــم للتدريــب البرلمانــي‪،‬‬
‫ويمكــن تحديدهــا بالنقــاط اآلتيــة‪- :‬‬
‫أ‪ -‬التدريــب القانونــي‪ :‬يهــدف إلــى تحســين المنهجيــة المرتبطــة بمشــاريع‬
‫القوانيــن المقدمــة مــن الحكومــة والمقترحــات التــي يتقــدم بهــا أعضــاء مجلــس‬
‫النــواب‪ .‬كمــا يهــدف إلــى الرقــي بالعمــل التشــريعي إلــى مســتوى االختصاصــات‬
‫الدســتورية‪.‬‬
‫أحــد أهــم محــاور التدريــب التــي تقــع ضمــن صالحيــات المجلــس خــال‬
‫ممارســة مهامــه التشــريعية والرقابيــة‪ ،‬وهــذا التدريــب ذو أبعــاد متفرعــة ومتطــورة‪،‬‬
‫فمــن برامــج تدريبيــة تعنــى بالثقافــة القانونيــة العامــة فــي مجــاالت المعرفــة بالدســتور‬
‫ومنظومــة التشــريعات الوطنيــة ومســار العمليــة التشــريعية‪ ،‬إلــى التوعيــة والتثقيــف‬
‫بــاألدوار والصالحيــات المنوطــة بالنائــب وفقـ ًا للنظــام الداخلــي وآليــات وإجــراءات‬
‫فــي عمــل اللجــان أو المناقشــات العامــة‪.‬‬
‫ب‪ -‬التدريــب علــى األعمــال الرقابيــة‪ :‬مــن ضمــن المهــام الدســتورية التــي يقوم‬
‫بهــا البرلمــان ممارســة الرقابــة علــى عمــل الســلطة التنفيذيــة ضمــن وســائل وأدوات‬
‫دســتورية وقانونيــة‪ ،‬مثــل الســؤال واإلســتجواب وطــرح الثقــة والعرائــض والتحقــق‬
‫واللجــان المتخصصــة والمشــتركة وإبــداء الرغبــة وغيرهــا مــن أدوات‪ ،‬والتــي تتطلــب‬
‫مهــارات وطــرق وإجــراءات فــي الممارســة‪ ،‬وال يتأتــى ذلــك إال عــن طريــق تدريــب‬
‫متخصــص مــن قبــل خبــراء قانونييــن متخصصيــن فــي العمــل البرلمانــي‪.‬‬
‫ج‪ -‬التدريــب علــى األدوار الماليــة‪ :‬إن مــن ضمــن الصالحيــات المنوطــة‬
‫بمجلــس النــواب مناقشــة الموازنــة العامــة وفقـ ًا لألطــر الدســتورية والقانونيــة‪ ،‬وهــذا‬
‫األمــر اليتقنــه إال المتخصصيــن بالشــؤون الماليــة واالقتصاديــة بإعتبــاره حقــل علــم‬
‫متخصــص‪ ،‬إال أن تطويــر برنامــج تدريبــي عميــق يمكــن عضــو البرلمــان مــن القــدرة‬
‫علــى مراجعــة الميزانيــة وممارســة الــدور الرقابــي والتشــريعي الخــاص بذلــك عــن‬
‫طريــق إطالعــه علــى أهــم المبــادئ والمعاييــر الناظمــة للميزانيــة‪ ،‬وأنــواع الموازنــات‬
‫| ‪227‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫وكيفيــة إعدادهــا والتوقعــات الماليــة والحســابات الختاميــة‪ ،‬وغيرهــا مــن األمــور‬


‫التقنيــة المتخصصــة‪.‬‬
‫د‪ .‬التدريــب علــى السياســات العامــة‪ :‬ونعنــي بــه تحليــل ومراقبــة تنفيــذ‬
‫البرنامــج الحكومــي وخطــط التنميــة المقدمــة مــن الســلطة التنفيذيــة علــى صعيــد‬
‫الصحــة واإلســكان والعمــل والتنميــة االجتماعيــة وغيرهــا مــن الشــؤون التــي تدخــل‬
‫فــي تســيير المرافــق العامــة فــي الدولــة تصلــح محـ ًا للتدريــب البرلمانــي‪ ،‬إذ أن مــن‬
‫واجبــات مجلــس النــواب المتابعــة والرقابــة علــى أعمــال المؤسســات التنفيذيــة بمــا‬
‫يحقــق طموحــات وتطلعــات جمهــور المواطنيــن‪.‬‬
‫وعليــه‪ ،‬فــإن التخطيــط للسياســات وتنفيذهــا وتقييــم نجاحهــا وتحليــل األولويات‬
‫ورصــد النفقــات وغيرهــا مــن األمــور التقنيــة مواضيــع تدريــب البــد للنــواب مــن‬
‫التمــرس عليهــا‪ ،‬وال بــد مــن تمكيــن الموظفيــن العامليــن مــع النــواب والمديريــات‬
‫المتخصصــة الفنيــة مــن األمانــة العامــة إتقــان هــذه المهــارات‪ ،‬حتــى تتمكــن‬
‫مــن االســتجابة بشــكل مؤسســي ومنهجــي الحتياجــات النــواب وتقديــم أفضــل‬
‫الخدمــات‪.‬‬
‫هـــ‪ .‬التدريــب الدبلوماســي‪ :‬التدريــب علــى أفضــل الممارســات فــي مجــال‬
‫ممارســة العمــل الدبلوماســي وأطــر العمــل وتشــكيل اللجــان واإلختصاصــات‬
‫واإلنخــراط فــي العمــل األممــي والدولــي‪ ،‬مــن خــال االتحــادات البرلمانيــة‬
‫والمنظمــات والجهــات المؤسســية اإلقليميــة والدوليــة‪ ،‬وبيــان أنــواع العالقــات‬
‫الدبلوماســية ومهــارات كتابــة تقاريــر الوفــود البرلمانيــة والتوصيــات وجــدول‬
‫األعمــال والبنــود الطارئــة‪ ،‬وعــرض ألفضــل الممارســات الدبلوماســية الناجحــة‪،‬‬
‫وكيفيــة إدارة الشــعب البرلمانيــة والتواصــل وبنــاء فريــق المتابعــة الخــاص بالشــعب‬
‫البرلمانيــة‪ ،‬وتوثيــق مخرجــات العمــل‪ ،‬واإلنخــراط فــي اإلنتخابــات والمناصــب‬
‫الدوليــة واإلقليميــة الخاصــة بالمنظمــات واالتحــادات البرلمانيــة‪.‬‬
‫و‪ .‬التدريــب علــى عمــل اللجــان‪ :‬ويضــم هــذا النــوع مــن التدريــب قائمــة كبيــرة‬
‫وواســعة مــن أشــكال التدريــب علــى عمــل اللجــان مثــل دور اللجــان البرلمانيــة‬
‫فــي العمــل التشــريعي والرقابــي‪ ،‬والتحقــق‪ ،‬وأفضــل الممارســات فــي إدارة عمــل‬
‫اللجــان واختصاصهــا‪ ،‬وأنــواع اللجــان البرلمانيــة والصالحيــات‪ ،‬وأنــواع وكيفيــة‬
‫كتابــة تقاريــر اللجــان البرلمانيــة‪ ،‬وأشــكالها وأفضــل الصياغــات واألطــر الخاصــة‬
‫بتقريــر اللجــان‪.‬‬
‫‪| 228‬‬
‫لولحلاو تاجلاعملا‬

‫ز‪ .‬التدريــب علــى التواصــل اإلعالمــي‪ :‬إن اإلعــام البرلمانــي مــن أهــم أدوات‬
‫العمــل البرلمانــي بالشــراكة مــع وســائل اإلعــام المختلفــة‪ ،‬ويعتبــر اإلعــام أحــد‬
‫أهــم الوســائل التــي يســعى النائــب للتواصــل معهــا وكذلــك المواطــن‪ ،‬فالنائــب‬
‫يرغــب بالتواصــل اإلعالمــي وإبــراز أنشــطته علــى المواطنيــن حتــى يقــدم للشــعب‬
‫وللناخبيــن قدرتــه وكفاءتــه فــي االنخــراط بالعمــل البرلمانــي‪ ،‬كمــا أن الــرأي العــام‬
‫وجمهــور المواطنيــن مهتمــون بشــكل كبيــر فــي متابعــة نشــاطات مجلــس النــواب‬
‫كمؤسســة دســتورية‪ ،‬وكذلــك لتقديــر مــدى التــزام النائــب بالبرامــج االنتخابيــة التــي‬
‫طرحهــا كأحــد وســائل الرقابــة الشــعبية‪.‬‬

‫| ‪229‬‬
‫إصالح السياسات التنموية والمالية واألداء االقتصادي في عام ‪2020‬‬

‫مايــزال التفكيــر بإصــاح السياســات التنمويــة والماليــة هــي أكثــر مايشــغل حكومــة‬
‫الســيد عــادل عبــد المهــدي بســبب طبيعــة األعبــاء االقتصاديــة التــي ينبغــي علــى‬
‫حكومتــه القيــام بهــا‪ ،‬فمشــاكل اإلعمــار والبنــاء المرتبطــة بالمناطــق المحــررة وطبيعة‬
‫اإلختــاالت الهيكليــة والبيروقراطيــة التــي تهيمــن علــى مؤسســات الدولــة االقتصادية‬
‫تجعــل مــن إصــاح السياســات التنمويــة والماليــة وتحســين األداء االقتصــادي أولويــة‬
‫بالنســبة لصانــع القــرار خــال الســنوات القادمــة‪.‬‬
‫مــن الصعــب جــد ًا التفكيــر بإصــاح السياســات العامــة للدولــة وتحســين مســتوى‬
‫الخدمــات المقدمــة إلــى المواطنيــن مــن دون أن يكــون هنالــك تحســن فــي الجانــب‬
‫االقتصــادي وإعــادة تنظيــم المــوارد واإلســتفادة منهــا علــى نحــو يضمــن التكامــل‬
‫بيــن اإلنفــاق والمنجــز‪ ،‬وهــذا مايجعــل ذلــك أولويــة لــأداء الحكومــي فــي المجــال‬
‫االقتصــادي فــي عــام ‪.2020‬‬

‫ملخص تنفيذي‬
‫لــم تكــن األوضــاع العامــة فــي العــراق محفــزة للتنميــة االقتصاديــة‪ ،‬فالتنميــة‬
‫عمليــة شــاملة تحتــاج إلــى تعبئــة وتكييــف اجتماعــي‪ ،‬كمــا أن التنميــة بحــد ذاتهــا‬
‫ترتبــط بشــدة بالمنطــق السياســي القائــم فــي البــاد‪ ،‬فالبنــاء الحكومــي القائــم علــى‬
‫المكونــات فــي إدارة الدولــة العراقيــة حــول دور الدولــة الــى رعايــة للمكونــات‪،‬‬
‫وضيــاع أي قــدرات للتخطيــط تســتهدف تحويــل الدولــة الــى دولــة كفــوءة‪ ،‬وبالرغــم‬
‫مــن قيــام الحكومــة باصــدار العديــد مــن الخطــط التنمويــة الشــاملة‪ ،‬وكذلــك تشــريع‬
‫العديــد مــن القوانيــن‪ ،‬واصــدار السياســات إال أن تلــك التوجهــات بقيــت قاصــرة عــن‬
‫التحقــق ألســباب عــدة أبرزهــا تعــارض اإلرادة القائمــة علــى إرضــاء المكونــات مــع‬
‫المنطــق الــذي تقــوم عليــه تلــك الخطــط أو التشــريعات‪.‬‬

‫‪| 230‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫ومــن جانــب آخــر‪ ،‬يبــدو أن المجتمــع لــم يعــد يعطــي اإلهتمــام لمعنــى التنميــة‪،‬‬
‫فالنظــرة المجتمعيــة إلــى الدولــة صــارت تقتصــر علــى مهمــة توفيــر الرعايــة‬
‫والخدمــات‪ ،‬بمعنــى أدق توزيــع الهبــات والمنــح‪ ،‬فالوظيفــة العامــة تحولــت الــى‬
‫منحــة‪ ،‬والقطــاع الحكومــي فــي جــزء كبيــر منــه بــدأ يتحــول الــى أكبــر نظــام للرعايــة‬
‫االجتماعيــة بــدون كفــاءة فــي تقديــم الخدمــات العامــة‪ ،‬وهــذا القصــور فــي رؤيــة‬
‫المجتمــع يؤثــر بدرجــة كبيــرة علــى اي خطــط حكوميــة تنمويــة‪ ،‬بــل حتــى ان‬
‫البرامــج والوعــود االنتخابيــة ال تحــاول الخــروج عــن التصــور المجتمعــي ذلــك‪ ،‬ألن‬
‫مخالفتهــا قــد يعنــي الخســارة أو النهايــة الحتميــة لصانــع القــرار أو للمرشــح لصنــع‬
‫القــرار‪.‬‬
‫عقبــة التنميــة فــي العــراق تعارضــت ومنــذ ســنة التغييــر فــي ‪ 2003‬مــع اإلنفــات‬
‫األمنــي‪ ،‬وبــروز التنظيمــات االرهابيــة المســلحة والتطــورات التــي ترتبــت علــى‬
‫مكافحــة االرهــاب والبرامــج المطبقــة‪ ،‬فضـ ًا عــن صعــود قــوى غيــر رســمية لتثبيــت‬
‫الوضــع األمنــي‪ ،‬كان لهــا أثرهــا فــي إتجاهــات عــدة فاإلســتثمارات فــي المناطــق‬
‫المحليــة تتحســب لهــذه القــوى‪ ،‬كمــا أن فــرص التوســع فــي الســوق تضاءلــت بســبب‬
‫الصعوبــة فــي إبقــاء أو توطيــن رؤوس االمــوال المحليــة‪ .‬كمــا أن التعبئــة الوطنيــة التــي‬
‫جــرت فــي ‪ 2014‬لمواجهــة تنظيــم داعــش االرهابــي عملــت علــى تحويــل جــزء كبيــر‬
‫مــن النفقــات االســتثمارية الــى نفقــات لبرامــج امنيــة وعســكرية او لشــراء اســلحة‪.‬‬
‫وهــذه االوضــاع مثلــت ضغوط ـ ًا علــى النخــب السياســية الحاكمــة وعلــى صانعــي‬
‫القــرار فــي البــاد‪ ،‬وهــو مــا أدى بالنتيجــة إلــى خــرق قواعــد التحــول االقتصــادي إلــى‬
‫النظــام االقتصــادي القائــم علــى اقتصــاد الســوق‪.‬‬
‫إن االختالفــات بيــن القــوى السياســية تعــد هــي األخــرى مــن العقبــات التــي لهــا‬
‫أثرهــا فــي توجيــه مســار النمــو أو فــي رصــد التخصيصــات الماليــة‪ ،‬فاالختالفــات‬
‫بيــن الســلطة المركزيــة وســلطة اقليــم كوردســتان حــول حصــة االقليــم مــن الموازنــة‬
‫واخضاعهــا‪ ٩‬الــى مبــدأ التجاذبــات السياســية‪ ،‬هــي األخــرى تجعــل مــن الصعــب‬
‫مقدمــ ًا حســاب التخصيصــات االســتثمارية المرصــودة‪ .‬ولذلــك أدت التوافقــات‬
‫السياســية داخــل العمليــة السياســية بقصــد أو مــن دون قصــد الــى تعطيــل برامــج‬
‫التنميــة فــي جميــع المجــاالت‪ .‬كمــا وينســجم مــع ذلــك اختــاف االجنــدات‬
‫االقليميــة والدوليــة التــي تربــك تثبيــت الرؤيــة االقتصاديــة للبــاد‪.‬‬

‫| ‪231‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫لقــد آلــت ميكانيكيــة التحــول الــى قفــزة كبيــرة فــي المحســوبية والفســاد‪ ،‬الــذي‬
‫عــد عامــل مشــتت ألي جهــد تنمــوي‪ ،‬فالتجربــة أثبتــت فــي العــراق بــأن الفســاد‬
‫يتســع مــع إتســاع الــدورة الماليــة‪ ،‬ومــع األداء البيروقراطــي القائــم علــى التعامــات‬
‫الورقيــة‪ ،‬وفــي الحيــن الــذي يتســع فيــه النشــاط االقتصــادي غيــر الرســمي فان الفســاد‬
‫يجــد فيــه مــأوى مناســب لتعظيــم انشــطته‪ .‬وبالرغــم مــن الجهــود المضنيــة التــي تقــوم‬
‫بهــا الحكومــة العراقيــة لمواجهــة الفســاد‪ ،‬فــإن إجــراءت المكافحــة تــؤدي فــي بعــض‬
‫األحيــان الــى إتســاع دوامــة الفســاد‪ ،‬كمــا أن التصميــم الهيكلــي لالقتصــاد العراقــي‬
‫الــذي يتالئــم مــع طابــع المحاصصــة للعمليــة السياســية عــادة مــا يكــون هواالخــر‬
‫منشــط لــاداء الفاســد‪.‬‬
‫وإنطالقــ ًا مــن االدراك القائــل بــأن عمليــة التنميــة تتطلــب إصالحــات شــاملة‬
‫قبــل االنطــاق فيهــا‪ ،‬فــإن تصميــم هيــكل االيــرادت والنفقــات الحكوميــة لــم يكــن‬
‫منســجم ًا تمامـ ًا مــع أي خطــة طموحــة للتنميــة‪ ،‬بــل فــي حقيقتــه حــول دور الدولــة الى‬
‫دولــة مانحــة للهبــات‪ ،‬وهــذا المنطــق تكــون نتائجــه تفــوق الممارســات التــي يؤديهــا‪،‬‬
‫فنقــص الخدمــات وضعــف التعليــم وتهالــك البنــى التحتيــة وإرتفــاع أعــداد الفقــراء‬
‫والعاطليــن عــن العمــل كلهــا مظاهــر ناتجــة مــن ارتفــاع النفقــات الحكوميــة وضعــف‬
‫االيــرادات‪ ،‬فالحجــم االقتصــادي لبلــد تعــداده الســكاني يفــوق ‪ 38‬مليــون نســمة‬
‫مــع تضخــم شــريحة الشــباب الــى حجــم الســكان‪ ،‬اليمكــن أن يتــم شــموله بنظــام‬
‫الرعايــة إن لــم تكــن هنــاك اصالحــات اقتصاديــة تهــدف الــى تعزيــز التشــغيل والتنــوع‬
‫فــي االقتصــاد العراقــي‪ .‬ولذلــك‪ ،‬فــان أولــى حلقــات االصــاح تبــدأ مــن الموازنــة‬
‫االتحاديــة التــي يمكــن اعتبارهــا مقــود التنميــة‪ ،‬ومــن ثــم فــي النظــام التجــاري الــذي‬
‫عــزز التبعيــة االقتصاديــة الــى العالــم بصــورة مفرطــة‪ ،‬وفــي السياســة النقديــة‪ ،‬الن‬
‫تصميــم الموازنــة االتحاديــة قائــم علــى االرتبــاط الحــاد (التبعيــة) بالــدورة االقتصادية‬
‫وبظــروف النمــو فــي البلــدان المتقدمــة‪ ،‬ممــا يســهل انتقــال العــدوى االقتصاديــة الــى‬
‫البــاد‪.‬‬

‫‪| 232‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫المحور االول‬

‫المخاطر السياسية واالقتصادية المحيطة في بيئة النمو في العراق‬

‫كانــت التغييــرات السياســية التــي حصلــت فــي العــراق عــام ‪ ،2003‬حدثـ ًا تاريخي ًا‬
‫مهم ـ ًا فــي إطــار السياســة العالميــة‪ ،‬وغيَــر الكثيــر مــن السياســات واالســتراتيجيات‬
‫االقليميــة والدوليــة فــي منطقــة الشــرق االوســط‪ ،‬وألقــت تلــك التغييــرات بضاللهــا‬
‫علــى كثيــر مــن الجوانــب الداخليــة‪ ،‬فبعــد تلــك الســنين الطويلــة مــن الدكتاتوريــة‬
‫والضغــط السياســي الــذي مــورس علــى المجتمــع‪ ،‬أصبــح الــكالم عــن ديمقراطيــة‬
‫سياســية‪ ،‬ونســمع عــن مفاهيــم حقــوق االنســان ودولــة الرفــاه وغيرهــا‪ ،‬لكــن بســبب‬
‫كل تلــك التعقيــدات السياســية وتضــارب المصالــح للقــوى العالميــة‪ ،‬وبالتزامــن مــع‬
‫هشاشــة الوضــع الداخلــي‪ ،‬دخلــت البــاد بمطبــات كانــت شــبه مدمــرة ابزهــا النفــوذ‬
‫الدولــي والتضــاد والطائفيــة السياســية واالرهــاب وغيــر ذلــك الكثيــر‪ ،‬وأنتجــت‬
‫مظاهــر التصــارع تلــك نتائــج ســلبية اوصلــت البــاد علــى مــا هــو عليــه اليــوم‪.‬‬
‫كان الملــف االقتصــادي أحــد أبــرز الملفــات التــي تأثــرت بشــدة باالوضــاع‬
‫المترديــة تلــك‪ ،‬بالرغــم مــن أن العــراق بلــد ًا زاخــر بالمــوارد لــو احســن إدارة تلــك‬
‫المــوارد فانــه مــن المفتــرض أن توصــل البــاد إلــى مصــاف الــدول الناميــة خصوصـ ًا‬
‫بعــد عودتــه إلــى الحاضنــة الدوليــة بعــد ســنوات عديــدة مــن القطيعــة بســبب سياســات‬
‫النظــام الســابق‪ ،‬مــن ثــم االنفتــاح التجــاري مــع إمكانيــة اســتيراد التكنولوجيــا الحديثة‬
‫وفتــح اســواق خارجيــة بالتزامــن مــع الفــرص التــي إنتابــت ســنوات بعــد التغييــر مــن‬
‫إرتفــاع أســعار النفــط وتحســن صــادرات العــراق مــن الطاقــة وغيرهــا مــن اإلمتيازات‪.‬‬
‫وهنــا يطــرح تســاؤل مفــاده‪ ،‬هــل أن السياســات االقتصاديــة التــي ُأتبعــت بعــد عــام‬
‫‪ 2003‬كانــت بمســتوى تعمــل علــى خلــق نمــو اقتصــادي مســتدام؟ أم علــى العكــس‬
‫مــن ذلــك‪ ،‬أي أنهــا ذات أثــر معــوق للنمــو االقتصــادي؟‪.‬‬

‫أو ًال‪ :‬األوضاع االقتصادية والسياسية ُ‬


‫المربكة في عراق ما بعد ‪ 2003‬حجبت‬
‫قدرات النمو‬
‫النمــو االقتصــادي فــي العــراق لــم يكــن نمــو ًا اقتصاديــ ًا حقيقيــ ًا ‪ -‬التنميــة‬
‫االقتصاديــة فــي العــراق تقدمــت بشــكل بطــيء وتوقفــت تمامـ ًا فــي بعــض القطاعــات‬
‫| ‪233‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫ولــم يكــن ســبب هــذا نقــص النمــو االقتصــادي الشــامل‪ ،‬كمــا يعــرف بزيــادة معــدالت‬
‫نمــو الناتــج المحلــي االجمالــي‪ ،‬فالنمــو االقتصــادي الســريع الــذي شــهده العــراق‬
‫بعــد ‪ 2003‬كان ناتــج مــن الزيــادة فــي أســعار النفــط‪ ،‬ولكــن بســبب الصراعــات‪،‬‬
‫وســوء إدارة الحكومــة والفســاد‪ ،‬فــان المواطــن العراقــي لــم يــرى أي تطــورات نوعيــة‬
‫فــي الحيــاة أو فــرص العمــل‪ ،‬واذا كانــت الديمقراطيــة هــي نظــام يتــم فيــه إشــغال‬
‫المناصــب الحكوميــة عــن طريــق االنتخابــات التنافســية‪ ،‬فعليــه يجــب إعتبــار العــراق‬
‫دولــة ديمقراطيــة‪ ،‬وبالــذات بعــد سلســلة االنتخابــات المتتاليــة التــي جــرت فــي‬
‫الســنوات ‪ ،2018-2014-2010-2006-2005‬فض ـ ًا عــن انتخابــات مجالــس‬
‫المحافظــات‪ ،‬والتــي تــم عــن طريقهــا كســر لعنــة الديمقراطيــة فــي الشــرق األوســط‬
‫وبالتحديــد فــي العالــم العربــي‪ ،‬ولكــن فــي حقيقــة االمــر فــإن الديمقراطيــة لهــا عنــوان‬
‫وموضــوع واختصــاص يشــمل أوســع مــن هــذا التوصيــف الضيــق الــذي ينحصــر‬
‫باالنتخابــات التنافســية‪ ،‬وفــي حقيقــة االمــر‪ ،‬فــان وحــدة التحليــل االقتصــادي‬
‫«‪ »Economic Intelligence Unit‬صنفــت العــراق فــي عــام ‪ 2012‬بانــه نظــام هجيــن‬
‫يحتــوي علــى عناصــر ديمقراطيــة وأخــرى اســتبداية‪ ،‬وكــون أن العــراق يصنــف مــن‬
‫ضمــن الــدول الهشــة (تسلســل ‪ 13‬فــي عــام ‪ 2019‬مــن مجمــوع ‪ 178‬دولــة) (((·‬
‫فــان المخاطــر تلــك قــد تمهــد لنشــوء اســتبدايات فرعيــة‪ ،‬أو علــى أقــل تقديــر توافــر‬
‫القناعــة الشــعبية لمــلء االخفاقــات بتحــركات اســتبدادية مقبولــة اجتماعيـ ًا‪ .‬ولذلــك‬
‫ســاهمت هــذه االمــور فــي ضعــف الحوكمــة‪ ،‬وفــي ضــوء ذلــك‪ ،‬يحــدد تشــخيص‬
‫البلــد المنهجــي للبنــك الدولــي (‪ )SCD‬هيــكل حوكمــة العــراق بالضعيــف باعتبــاره‬
‫العقبــة الرئيســية أمــام التنميــة األكثــر إنصافــا واالكثــر اســتدامة‪.‬‬
‫التكييــف االقتصــادي مــع منطــق دولــة المكونــات (المحاصصــة) أرهــق ميكانيكيــة‬
‫النمــو فــي الســوق العراقــي ‪ -‬وهــذه األوضــاع تمثــل جزئيــة ممتــدة مــن الحقبــة‬
‫التاريخيــة القريبــة قبــل عــام التغييــر‪ ،‬بكونهــا فتــرة تاريخيــة امتــزج بهــا الريــع النفطــي‬
‫باالســتبداد السياســي‪ ،‬فصــار نتاجـ ًا لذلــك « خليــط بيــن تســيد عوائــد النفــط واســتبداد‬
‫النخبــة الحاكمــة‪ ،‬فخضــع االقتصــاد والمجتمــع الرادة منفــردة‪ ،‬وكان الســلوك‬

‫‪ · .1‬حقــق العــراق تحســن ًا ملحوظ ـ ًا فــي مقيــاس الهشاشــة خــال اكثــر مــن عقــد بعــد ان كان مجمــوع‬
‫النقــاط التــي حصــل عليهــا العــراق هــي ‪ 4 .111‬فــي ‪ ،2007‬اال ان تحســن االوضــاع االمنيــة وســيادة‬
‫القانــون وســيطرة الدولــة قــد خفــض عناصــر الهشاشــة فــي البــاد الــى ‪ 1 .99‬فــي ‪.2019‬‬

‫‪| 234‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫االقتصــادي االســتبدادي للنظــام فــي حينهــا وفــق هــذه الرؤيــة مــع اســلوب يفتقــر‬
‫الــى أدنــى مســتويات العدالــة فــي التوزيــع‪ ،‬وبالرغــم مــن األحــداث التــي تلــت عــام‬
‫التغييــر ومــا أفرزتــه مــن تداعيــات وخــراب كبيــر‪ ،‬وبعــد دوران عجلــة الحيــاة لتفصــح‬
‫لنــا عــن االنتقــال بعــد التغييــر الــى نظــام ريعــي توافقــي يســتند الــى فكــرة (دولــة‬
‫المكونــات) ‪ ،‬يقــوم علــى أســاس التوافــق فــي توزيــع العوائــد النفطيــة (المتســيدة)‬
‫أيضــ ًا بيــن المكونــات السياســية‪ ،‬مــع الحفــاظ علــى ذلــك اإلرث المتمثــل بســوء‬
‫التوزيــع‪ ،‬مقرونـ ًا بمحــاوالت يمكــن تســميتها بالخجولــة بيــن الحيــن واآلخــر لصناعة‬
‫االســتبداد السياســي وفــق المنظــور االقتصــادي للتعامــل مــع الثــروة‪ .‬ويمكــن القــول‬
‫أن االســتبداد النفطــي فــي ظــل ديمقراطيــة مــا بعــد التغييــر» قــد تمخــض عــن وليــد‬
‫جديــد هــو الفســاد السياســي «‪ »Political Corruption‬تمثــل فــي ضلــوع مســؤولين‬
‫كبــار فــي الدولــة بعمليــات الفســاد‪.‬‬
‫هــذه التبعــات المترتبــة علــى تســيد النفــط علــى المشــهد االقتصــادي فــي العــراق‬
‫قبــل وبعــد التغييــر تمثــل ســمة مهمــة مــن ســمات أغلــب بلــدان األطــراف‪ ،‬إذ لــم‬
‫تشــهد تلــك البلــدان ترابــط بيــن حجــم المــوارد الطبيعــة المتاحــة وتحقيــق التنميــة‪،‬‬
‫بــل وأكثــر مــن ذلــك أن تلــك المــوارد أصبحــت نقمــة عليهــا فــي أغلــب األحيــان وهذا‬
‫مايطلــق عليــه بعــض الباحثيــن فــي شــؤون تلــك البلــدان بلعنــة المــوارد«‪Resources‬‬
‫‪. »Curse‬‬
‫وبرغــم األحــداث التــي غيــرت مســار التاريــخ فــي العــراق‪ ،‬عدنــا مــن جديــد لربــط‬
‫االقتصــاد بنحــو شــبه تــام بعوائــد تصديــر النفــط لينشــب الصــراع حــول ذلــك الريــع‪،‬‬
‫خالقـ ًا العديــد مــن األزمــات الداخليــة والتــي ألقــت بضاللهــا علــى مســتوى االســتقرار‬
‫الداخلــي العــام‪ ،‬لنفقــد علــى أثــره ركيــزة مهمــة مــن ركائــز بنــاء النمــو االقتصــادي‪،‬‬
‫وأتيــح خــال هــذه المــدة فــرص كبيــرة‪ ،‬مــن قبيــل العــودة للحاضنــة الدوليــة واطفــاء‬
‫الكثيــر مــن الديــون وغيــر ذلــك بالتزامــن مع تشــريع مجموعــة مــن القوانيــن ذات البعد‬
‫االقتصــادي لالنطــاق نحــو االصــاح االقتصــادي وهــي كاالتــي‪:‬‬
‫‪ .1‬قانون البنك المركزي العراقي رقم ‪ 56‬لسنة ‪.2004‬‬
‫‪ .2‬قانون االصالح المصرفي رقم ‪ 94‬لسنة ‪.2004‬‬
‫‪ .3‬قانون مكافحة غسيل األموال رقم ‪ 93‬لسنة ‪.2004‬‬
‫‪ .4‬قانون سوق العراق لالوراق المالية رقم ‪ 74‬لسنة ‪.2004‬‬

‫| ‪235‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪ .5‬قانــون االســتثمار رقــم ‪ 13‬لســنة ‪ 2006‬والــذي تضمــن مجموعــة امتيــازات‬


‫لتشــجيع االســتثمار المحلــي واألجنبــي‪.‬‬
‫كما اطلقت الدولة مجموعة من االستراتيجيات التنموية منها‪:‬‬
‫‪1.‬استراتيجية التنمية الوطنية ‪.2007-2005‬‬
‫‪2.‬خطة التنمية الوطنية ‪.2010-2007‬‬
‫‪3.‬خطة التنمية الوطنية ‪.2014-2010‬‬
‫‪4.‬استراتيجية تطوير القطاع الخاص للسنوات ‪2030 -2014‬‬
‫‪5.‬خطة التنمية الوطنية للسنوات ‪.2022-2018‬‬
‫ويالحــظ فــي هــذه المرحلــة ارتفاعـ ًا نســبي ًا فــي القــدرة الشــرائية للفــرد العراقــي‪،‬‬
‫والتنــوع النســبي فــي الســلع االســتهالكية للفــرد العراقــي قياســ ًا بســنوات مــا قبــل‬
‫التغييــر‪ ،‬لكــن بالرغــم مــن ذلــك بقيــت التنميــة االقتصاديــة مشــلولة‪.‬‬
‫التصــور المجتمعــي حــول إقتصــار دور الدولــة علــى توزيــع الهبــات والمنــح‬
‫يمنــع نمــو برامــج انتخابيــة قائمــة علــى تطويــر اليــات الســوق‪ -‬ويشــار هنــا إلــى أن‬
‫واحــدة مــن ســمات هــذه المرحلــة فــي الجانــب االقتصــادي هــو مايعــرف ب (الــدور‬
‫السياســي فــي النشــاط االقتصــادي) ‪ ،‬وتكمــن هــذه المشــكالت فــي أن الديمقراطيــة‬
‫لدينــا الزالــت فــي مرحلــة الحضانــة ويرافــق تطبيقهــا جملــة مــن المشــاكل منهــا‬
‫ضعــف البرامــج االنتخابيــة التنمويــة وتصــورات الناخــب القائمــة علــى أســاس الحــس‬
‫الطائفــي واالقليمــي وغيرهــا‪ ،‬لذلــك فــأن عمليــة تحقيــق الرضا عــن النخب السياســية‬
‫(فــي الغالــب) يأخــذ منحــى اقتصــادي فعلــى ســبيل المثــال السياســة الحكوميــة‬
‫تجــاه التوظيــف الحكومــي واالعانــات‪ ،‬إذ بلــغ العــدد حتــى عــام ‪ 2018‬أكثــر مــن‬
‫(‪ )7‬مالييــن موظــف بيــن منتســب متدنــي االنتاجيــة ومتلقــي الرعايــة االجتماعيــة‬
‫والمتقاعديــن‪ .‬وأن جوهــر تلــك العمليــة يكمــن فــي توزيــع األمــوال مقابــل الصــوت‬
‫االنتخابــي‪ ،‬بمعنــى آخــر هــو (عوائــد الريــع النفطــي مقابــل صــوت الناخــب) ‪ ،‬وهنــا‬
‫نلمــس الفــرق بيــن الديمقراطيــات الراســخة والديموقراطيــات الناشــئة‪ ،‬إذ يتســيد‬
‫الملــف االقتصــادي فــي الديمقراطيــات غيــر الناشــئة عبــر برامــج انتخابيــة بإطــار‬
‫محــدد يشــمل الضمــان الصحــي وخلــق فــرص العمــل وتحســين مســتوى الضرائــب‬
‫وغيرهــا‪ ،‬وهــذه الصــورة تــكاد تكــون معكوســة فــي العــراق‪ ،‬بنحــو عــام ضمــن‬
‫خصائــص البلــدان المتخلفــة يأخــذ االقتصــاد شــكله التابــع لألهــداف السياســية‬
‫بحيــث يكــون عبــارة عــن أداة لتعزيــز الوجــود السياســي للنخــب ذات النفــوذ‪.‬‬
‫‪| 236‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫ونلمــس هنــا آثــار تلــك السياســة االقتصاديــة علــى األداء العــام القتصــاد الدولــة‪ ،‬إذ‬
‫إرتفعــت نســبة البطالــة والبطالــة المقنعــة وهــذا يعنــي تدنــي االنتاجيــة‪ ،‬مقابــل ذلــك‬
‫شــكلت سياســة رفــع االجــور فــي القطــاع العــام الــى حــدوث ظاهــرة (المزاحمــة)‬
‫‪ ،‬بمعنــى أصبــح التوجــه األكبــر للمــوارد البشــرية نحــو العمــل فــي القطــاع العــام‬
‫بســبب عــدم وجــود ضغــوط مرهقــة فــي العمــل‪ ،‬مقابــل أجــور مرتفعــة‪ ،‬األمــر الــذي‬
‫إنعكــس ســلب ًا علــى رغبــة القــوى العاملــة للتوجــه الــى النشــاط الخــاص‪ ،‬وهــذا يعــد‬
‫واحــد مــن اســباب التراجــع فــي نشــاط القطــاع الخــاص‪ .‬ومــن المحــاور المهمــة هــي‬
‫التوجهــات االســتهالكية لالقتصــاد العراقــي والــذي انعكــس علــى الزيــادة فــي اســتيراد‬
‫الســلع االســتهالكية‪ ،‬فاالقتصــاد شــهد تحــول هيكلــي نحــو االســتهالك تزامــن مــع‬
‫طبيعــة التحــوالت التشــغيلية واالســتهالكية فــي االنفــاق الكلــي‪.‬‬
‫الوضــع االمنــي المنفلــت وتشــتت االطــراف المثبتــة لالمــن يكبــح اي قــدرة علــى‬
‫التوســع فــي الســوق او خلــق فــرص للنمــو‪ -‬ففــي أعقــاب الغــزو الــذي قادتــه الواليات‬
‫المتحــدة فــي عــام ‪ ،2003‬شــهدت البــاد تدهــور ًا ســريع ًا فــي الوضــع األمنــي‬
‫فــي عــام ‪ 2004‬وحــرب أهليــة فــي عامــي ‪ 2006‬و ‪ .2007‬تزامــن هــذا مــع زيــادة‬
‫عائــدات النفــط‪ .‬جعــل الوضــع األمنــي مــن المســتحيل علــى الحكومــة التركيــز علــى‬
‫إعــادة اإلعمــار‪ ،‬وخاصــة بالنســبة للبنيــة التحتيــة الهشــة لشــبكات البنــى التحتيــة مثــل‬
‫الكهربــاء والميــاه‪ ،‬أو معالجــة مشــاكل القطاعــات المزمنــة والمتراكمــة مثــل التدهــور‬
‫الزراعــي‪ .‬بعدهــا لتنــدرج مــن ضمــن ههــذ العقبــات انهيــار جــزء كبيــر مــن البــاد على‬
‫يــد تنظيــم داعــش االرهابــي والجهــود الوطنيــة لمواجهــة هــذا التنظيــم‪ ،‬ومعالجــة‬
‫ايــواء النازحيــن الذيــن بلــغ عددهــم ‪ 5 .4‬مليــون نســمة شــكلوا ‪ ٪13‬مــن ســكان‬
‫العــراق فــي حينهــا‪ .‬لذلــك تــم تعليــق التنميــة االقتصاديــة‪ .‬بــد ًال مــن ذلــك‪ ،‬ركــزت‬
‫الحكومــة جوانــب اإلنفــاق علــى القطــاع األمنــي وخلــق وظائــف فــي القطــاع العــام‪،‬‬
‫فضـ ًا عــن رفــع االجــور لضمــان الــوالء العــام‪ .‬وهــي فــي الحقيقــة عناصــر أســهمت‬
‫فــي إربــاك الوضــع التنمــوي فــي صورتــه الحاليــة‪ .‬ويجــادل البنــك الدولــي بأنه بســبب‬
‫ضعــف الحوكمــة‪ ،‬فــإن مــا كان ينبغــي أن تكــون مزايــا البــاد منهــا‪ :‬الثــروة النفطيــة‬
‫والتنــوع الديموغرافــي والجغرافــي فانهــا تحولــت إلــى مســؤوليات‪ ،‬أي االعتمــاد‬
‫علــى النفــط واالنقســامات العرقيــة والطائفيــة‪ .‬ولــم تتمكــن مؤسســات البــاد مــن‬
‫حــل المطالــب المتنافســة علــى الثــروة النفطيــة فــي ســياق التباينــات الديموغرافيــة‬
‫والتفاوتــات المكانيــة المختلفــة أو تعزيــز الرفــاه االجتماعــي واالقتصــادي والبشــري‬
‫| ‪237‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫والتنميــة‪ .‬ولــم تنجــح تلــك المؤسســات فــي تهيئــة بيئــة مؤاتيــة لخلــق فــرص عمــل‬
‫منتجــة ومــا يصاحبهــا مــن نمــو اقتصــادي مســتدام‪ .‬كمــا يالحــظ تأثيــر أوجــه القصــور‬
‫فــي الحوكمــة علــى التنويــع‪ :‬إذا تــم ســحب الجهــد والمــوارد إلــى التشــوهات‬
‫الناجمــة عــن نقــص المشــتريات واتخــاذ القــرارات التعســفية واإلجــراءات المفرطــة‬
‫للمعامــات التجاريــة‪ ،‬التــي يتــم توجيههــا بعيــد ًا عــن خلــق فــرص العمل واالســتثمار‬
‫المنتــج‪.‬‬
‫النخــب السياســية خرقــت قواعــد التحــول االقتصــادي بســبب حجــم الضغــوط‬
‫التــي واجهتهــا ‪ -‬ولذلــك فــان العقــدة األهــم فــي التحــول االقتصــادي تــم خرقــه مــن‬
‫قبــل النخــب السياســية الوطنيــة‪ ،‬إذ أدت دور ًا فــي تــآكل الحــدود بيــن القطاعيــن العــام‬
‫والخــاص‪ ،‬وأوجــدت وضعـ ًا للوصــول الــى الوظائــف العامــة‪ ،‬والمكاســب الخاصــة‬
‫بنفــس الوقــت‪ ،‬ولذلــك حاولــت االســتفادة مــن الجهــاز الحكومــي بصورتيــن‪:‬‬
‫األولــى‪ /‬عــن طريــق التوظيــف التباعهــم فــي القطــاع العــام‪ ،‬وهــو أمــر أســهم فــي‬
‫ترهــل القطــاع العــام وعــدم كفائتــه وبالتالــي نقــص الخدمــات الحكوميــة‪.‬‬
‫الثانيــة‪ /‬االســتفادة مــن العقــود والمقــاوالت مــع القطــاع الخــاص‪ .‬وهــذه‬
‫الحركتــان مثلــت اســتراتيجية للنخــب فــي البقــاء والتكيــف والتاقلــم‪ ،‬وهــو مــا يمكــن‬
‫أن نســميه التعايــش بيــن الســلطة السياســية والســلطة غيــر المشــروعة‪ .‬ومــن ثــم فــإن‬
‫االطــار التنظيمــي صــار يحتــوي علــى قواعــد متناقضــة بيــن النظــام االســتبدادي الــذي‬
‫ولــد لخدمــة الســلطة الشــاملة (النظــام الدكتاتــوري قبــل ‪ ، )2003‬وبيــن النظــام‬
‫المؤسســي القائــم علــى اقتصــاد الســوق‪ ،‬ومــن ثــم نشــوء مــا يســمى بالبرجوازيــة‬
‫الطفيليــة‪.‬‬
‫االختــاف والتنــازع علــى حصــة اقليــم كوردســتان مــن الموازنــة االتحاديــة عائــق‬
‫امــام تخطيــط جهــود التنميــة ‪ -‬الصــورة فــي االقليــم ال تختلــف عــن صورتهــا فــي‬
‫عمــوم البــاد‪ ،‬باعتبــاره جــزء ًا مــن صــورة أعــم‪ ،‬واالشــكالية مــع االقليــم تبــدأ مــن‬
‫نظــام الحصــة فــي الموازنــة االتحاديــة (هنــاك إختــاف فــي اآلراء بخصــوص حصــة‬
‫االقليــم مــن الموازنــة العامــة االتحاديــة) ‪ ،‬إذ أن هــذا النظــام يعــزز الطابــع الريعــي فــي‬
‫الموازنــة االتحاديــة ويضعــف جهــود االصــاح والتحــول فــي دور الموازنــة‪ ،‬وهــو‬
‫مــا يضعــف أي قــدرة علــى اإلصــاح مســتقب ًال‪ ،‬صحيــح أن األوضــاع فــي االقليــم‬
‫حققــت نجاحــات علــى مســتوى اســتقطاب الشــركات االجنبيــة والمســتثمرين قبــل‬
‫عــام ‪ 2014‬ليشــكل االســتثمار االجنبــي فــي االقليــم حوالــي ‪ ٪55‬مــن مجمــل‬
‫‪| 238‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫االســتثمار فــي عمــوم العــراق‪ ،‬إال أن هــذه الصــورة تغيــرت بعــد عــام ‪ ،2014‬إذ أدى‬
‫دخــول تنظيــم داعــش االرهابــي الــى محافظــات الموصــل وكركــوك وصــاح الديــن‬
‫وجــزء مــن محافظــة اربيــل الــى انهيــار الصــورة االقتصاديــة التــي كانت تعــد افضل عن‬
‫باقــي البــاد تقريبـ ُا‪ ،‬اذ ســرعان مــا انتقلــت االزمــة االقتصاديــة مــن الحكومــة المركزية‬
‫بفعــل انهيــار أســعار النفــط‪ ،‬وهــروب االســتثمارات ورؤوس االمــوال االجنبيــة مــن‬
‫المنطقــة بفعــل توتــر االوضــاع االمنيــة‪ ،‬ونــزوح ‪ 8 .1‬مواطــن الــى داخــل االقليــم‬
‫ممــا زاد مــن عــدد ســكان االقليــم بنســبة ‪ ، ٪28‬وانخفــاض التحويــات مــن الحكومة‬
‫المركزيــة مــن ‪ 13‬مليــار دوالر فــي ‪ 2013‬الــى ‪ 1‬مليــار دوالر فــي ‪ .2014‬أدت تلــك‬
‫االمــور الــى حصــول ازمــة اقتصاديــة كبيــرة فــي االقليــم تفــوق تلــك التــي حصلــت فــي‬
‫بغــداد‪ .‬وبالرغــم مــن االقليــم كان يعــد منطقــة باللــون االخضــر للمســتثمر االجنبي إال‬
‫أنــه لــم يســتطع ان يخلــق بيئــة تنمويــة ينفــرد بهــا‪ ،‬فلــم يســتفد مــن الوفــورات الماليــة‬
‫الكبيــرة التــي كانــت تاتيــه مــن الحكومــة االتحاديــة‪ ،‬ولذلــك بقــي أيضـ ًا القطــاع العــام‬
‫المصــدر األســاس للتشــغيل‪ ،‬وكذلــك هيمنــة االســتيرادات علــى االنتــاج المحلــي‪،‬‬
‫فالنقــص بالطلــب المحلــي يتــم تعويضــه بنســبة ‪ ٪90‬مــن االســتيرادات‪.‬‬
‫التعبئــة لمواجهــة تنظيــم داعــش حــول النفقــات االســتثمارية الــى نفقــات‬
‫عســكرية وامنيــة ‪ -‬فاألحــداث التــي شــهدها العــراق فــي عــام ‪ 2014‬وماتالهــا مــن‬
‫تعبئــة عســكرية والدخــول فــي حــرب ضــد تنظيــم داعــش االرهابــي وخــوض تلــك‬
‫الحــرب فــي المــدن العراقيــة أثــر بشــكل كبيــر علــى طبيعــة النفقــات الحكوميــة معــزز ًا‬
‫االســتهالك الاكبــر للنفقــات العســكرية مــن الموازنــة فــي ظــروف إنهيــار أســعار‬
‫النفــط‪ .‬فضـ ًا عــن ذلــك‪ ،‬فقــد تســببت الحــرب ضــد تنظيــم داعــش وانعــدام األمــن‬
‫علــى نطــاق واســع فــي تدميــر البنيــة التحتيــة واألصــول فــي المناطــق التــي يســيطر‬
‫عليهــا داعــش‪ ،‬وحولــت المــوارد مــن االســتثمار إلــى اإلنفــاق العســكري‪ ،‬ومــن‬
‫ثــم أثــرت بشــدة تلــك األوضــاع علــى القطــاع الخــاص المحلــي واضعفــت الثقــة‬
‫فــي االســتثمار‪ ،‬وازديــاد الفقــر والضعــف والبطالــة‪ ،‬فقــد بلغــت الخســائر الحقيقيــة‬
‫التراكميــة الناجمــة عــن النــزاع بمــا يقــدر ‪ ٪72‬مــن الناتــج المحلــي اإلجمالــي لعــام‬
‫‪ 2013‬الــذي بلــغ ‪ 218‬مليــار دوالر‪ ،‬و ‪ ٪142‬مــن الناتــج المحلــي اإلجمالــي غيــر‬
‫النفطــي مــن نفــس العــام‪ ،‬كمــا ان مقــدار االمــوال المخمنــة رســمي ًا مــن قبــل وزارة‬
‫التخطيــط إلعــادة إعمــار المــدن التــي احتلهــا داعــش تبلــغ ‪ 88‬مليــار دوالر‪ ،‬فــي‬

‫| ‪239‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫حيــن أن بعــض التقديــرات الدوليــة تشــير الــى االمــوال المتطلبــة العــادة االعمــار‬
‫تتــرواح بيــن ‪ 230-160‬مليــار دوالر‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬إشكالية التوصيف الفلسفي لالقتصاد العراقي‬


‫االنطالقــة الفكريــة فــي تحديــد شــكل النظــام االقتصــادي تمنــح االقتصــاد الهويــة‬
‫التــي تميــزه عــن غيــره‪ ،‬فالمــدارس االقتصاديــة بنحــو عــام تولــد علــى أســاس‬
‫قــراءة واقعيــة تتبعهــا مجموعــة مــن المعالجــات االفتراضيــة تحــت أطروحــة كليــة‬
‫كبــرى‪ ،‬وان الوضــع الطبيعــي مــن ناحيــة تعامــل المجتمــع والمذهــب االقتصــادي‬
‫أي االفــراز األخيــر للرؤيــة االقتصاديــة هــو االجتهــاد مــن قبــل المجتمــع للحفــاظ‬
‫علــى ذلــك الكيــان االقتصــادي القائــم‪ ،‬النــه الضامــن للمصالــح العامــة لذلــك‬
‫المجتمــع‪ ،‬وينســجم مــع تطلعــات االفــراد ويصنــع لهــم االســتقرار والســعادة (الرفــاه‬
‫االقتصــادي)‪.‬‬
‫لــم يشــهد العــراق بعــد التغييــر توجهــات واضحــة المعالــم نحــو تنظيــر فلســفي‬
‫اقتصــادي يضعنــا فــي زاويــة محــددة‪ ،‬لذلــك يطــرح تســاؤل مفــاده‪ ،‬مــا هــو واقــع‬
‫االقتصــاد العراقــي؟ وعلــى أي أســاس تســتند تلك الحزم مــن السياســات واإلجراءات‬
‫االقتصاديــة التــي طبقــت فــي العــراق؟ واذا أمعنــا النظــر بالمنهــاج الدســتوري الــذي‬
‫يضبــط ايقاعــات حركــة المجتمــع والدولــة وافــراد الدولــة بالعمــوم لنجــد أن هنــاك‬
‫حالــة مــن االغتــراب فــي مجــال التشــغيل العــام للمنهــاج االقتصــادي للبــاد وحركته‪،‬‬
‫فالدســتور العراقــي لــم يكــن واضحــا فــي قضيــة االدارة االقتصادية‪ ،‬ولذلــك أصبحت‬
‫االدارة االقتصاديــة يســيرة مــن قبــل النخــب السياســية التــي ليس لهــا مــدارس فكرية او‬
‫فقهيــة فــي فلســفة إدارة االقتصــاد الوطنــي‪ .‬ولــو تمعنــا أكثــر فــي الحــدث االقتصــادي‬
‫نالحــظ بعــد كل تلــك الســنوات التــي تلــت التغييــر‪ ،‬فــان القطــاع الخــاص العراقــي‬
‫يعانــي مــن ضمــور كبيــر جــد ًا‪ ،‬مقابــل إمتــاك الحكومــة إلــى يومنــا هــذا للعديــد مــن‬
‫المؤسســات مولــدة القيمــة‪ ،‬مقابــل اســتقطابها لليــد العاملــة للعمــل ضمــن القطــاع‬
‫الحكومــي‪ ،‬وبــذات الوقــت تزامــن التغييــر السياســي فــي العــراق مــع إعــان التوجــه‬
‫الدســتوري نحــو الريعيــة المفرطــة علــى اســاس اقتصــاد الســوق! وهــذا مــا نصــت‬
‫عليــه المــادة (‪-112‬ثاني ـ ًا) مــن الدســتور الدائــم للبــاد «تقــوم الحكومــة االتحاديــة‬
‫وحكومــات االقاليــم والمحافظــات المنتجــة معــ ًا برســم السياســات االســتراتيجية‬
‫الالزمــة لتطويــر ثــروة النفــط والغــاز بمــا يحقــق اعلــى منفعــة للشــعب العراقــي معتمدة‬
‫‪| 240‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫احــدث تقنيــات مبــادئ الســوق وتشــجيع االســتثمار»‪ ،‬لذلــك لــم يتــم تلمــس توجــه‬
‫حقيقــي نحــو الســوق وال توجــد سياســات فاعلــة نحــو خلــق االســتثمارات الكبــرى‬
‫للقطــاع الخــاص‪.‬‬
‫إن المتابــع يكتشــف حجــم التناقضــات بيــن الواقــع والتوجــه الرســمي‪ ،‬ويدفعنــا‬
‫ذلــك للســؤال‪ ،‬هــل نحــن نعمــل فــي اطــار نظــام اشــتراكي؟ ام ليبراليــة مقيــدة؟ أم‬
‫اشــتراكية ســوق؟ أم الخيــار لــم يحســم بعــد؟ وهنــا يمكــن ان نضــع تصــور عــن‬
‫أســباب هــذه الظاهــرة‪ ،‬والتــي يمكــن تلخيصهــا باالتــي‪:‬‬
‫‪1.‬التوجهــات الحديثــة لالقتصــاد العالمــي وضــرورة أن يســتفاد العــراق مــن‬
‫تلــك التوجهــات عــن طريــق العديــد مــن المؤتمــرات التــي عقــدت مــن اجــل‬
‫العــراق مثــل تلــك التــي أدارهــا نــادي باريــس ولنــدن‪ ،‬ممــا شــكل نــوع مــن‬
‫انــواع الضغــط تجــاه التحــول نحــو اقتصــاد الســوق‪.‬‬
‫‪2.‬مســتوى منخفــض نســبي ًا مــن المرونــة تجــاه التخلــي عــن النزعــة االشــتراكية‬
‫علــى مســتوى االداء الحكومــي والثقافــة االجتماعيــة العامــة التــي تنظــر الــى‬
‫الحكومــة كأب يجــب عليــه أن يوفــر كل شــئ‪ ،‬ويــؤدي النمــط الريعــي الــدور‬
‫األكثــر فاعليــة فــي ديمومــة هــذه النظــرة‪.‬‬
‫‪3.‬المســار التنمــوي يشــير الــى أن بلدنــا يفتقــر الــى فلســفة اقتصاديــة واضحــة‬
‫المعالــم وذات اتجــاه محــدد ومرســوم‪ ،‬وهنــا االشــكالية الكبــرى‪ ،‬كيــف‬
‫نصنــع التنميــة االقتصاديــة فــي بلــد ال يملــك أســاس فلســفي القتصــاده؟ إن‬
‫ديناميكيــة التأثيــر فــي هــذا الجانــب تكمــن فــي مســار التخطيــط االقتصــادي‪،‬‬
‫بمعنــى مــن اليملــك رؤيــة واضحــة لــن يتمكــن مــن وضــع الخطــط المناســبة‬
‫للتنميــة العلــى المســتوى القريــب وال علــى المســتوى البعيــد‪ ،‬وهــذا يشــكل‬
‫عائــق فــي طريــق تحقيــق التنميــة االقتصاديــة‪ ،‬الن إحــداث التنميــة الشــاملة‬
‫تســتلزم وضــع المخطــط االقتصــادي فــي زاويــة الرؤيــة واضحــة المعالــم‪،‬‬
‫واالفتقــار لهــذا البعــد االســتراتيجي فــي التخطيــط التنمــوي يعــود فــي شــكله‬
‫االساســي الــى غيــاب القاعــدة الفلســفية الــذي يوضحــه الشــكل‪.‬‬

‫| ‪241‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫شكل‪ 1 .‬المسار التنموي في ظل الضبابية الفلسفية الدارة االقتصاد العراقي‬

‫خطط سنوية او برامج‬ ‫استراتيجيات‬ ‫سياسات‬


‫حكومية ال تعدو ان تكون توزيع‬ ‫تفتقر الى االساس‬ ‫وممارسات متعددة‬
‫لألموال قطاعي ًا ومكاني ًا من‬ ‫الفلسفي في التفسير‬ ‫ومتضاربة في غالب‬
‫عائدات الموارد الطبيعية‬ ‫والمنطق‬ ‫االحيان‬

‫التوافقــات السياســية داخــل العمليــة السياســية ادت فــي كثيــر مــن االحيــان بقصــد‬
‫أو مــن دون قصــد الــى تعطيــل برامــج التنميــة فــي جميــع المجاالت‪ -‬بســبب المشــاكل‬
‫السياســية التــي تســببت فــي عمليــة المشــاركة والتوافق بيــن القوى السياســية لمشــاركة‬
‫الــوزارات وفقــ ًا لــوالءات الحــزب بعيــد ًا عــن الكفــاءة واالحترافيــة‪ ،‬وهــو ماعــزز‬
‫مــن عــدم وضــوح الرؤيــة االقتصاديــة وعــدم وجــود قــادة لصنــع خطــط اســتراتيجية‬
‫لحــل المشــكالت‪ .‬باإلضافــة إلــى توليــد حالــة مــن الفســاد المالــي واإلداري‪ ،‬أدى‬
‫ذلــك الــى اللجــوء لحلــول مرتجلــة دفعــت االقتصــاد العراقــي نحــو نتائــج ســلبية‪،‬‬
‫مــع علمنــا بــان هنــاك اســتراتيجيات وخطــط وافيــة عــن تطويــر االنشــطة االقتصاديــة‬
‫والتنميــة الشــاملة ممكــن ان تضــع االقتصــاد العراقــي علــى المســارات الصحيحــة‪،‬‬
‫إال أننــا نجــد أن هنــاك حالــة مــن الفصــام بيــن تلــك الخطــط والمســارات التــي تضعهــا‬
‫وبيــن السياســات واالجــراءات ســواء الحكوميــة أو التشــريعية‪.‬‬
‫األجنــدات االقليميــة والدوليــة تربــك االدارة االقتصاديــة‪ -‬بطبيعــة الحــال إن‬
‫تســارع األحــداث والضغــوط المســلطة بفعــل األجنــدات الخارجيــة وغيرهــا تصنــع‬
‫حالــة مــن اإلربــاك‪ ،‬أي أن تلــك الظــروف تقلــل مــن هامــش رؤى أصحــاب القــرار‪،‬‬
‫وتخفــض مــن توقعاتهــم للمســتقبل ومــن ثــم يتحــول عملهــم الــى مجــرد نشــاط‬
‫احصائــي يقــوم ببعــض التنبــؤات والتوقعــات قصيــرة المــدى فقــط‪ ،‬وهــذا حــال‬
‫التوجــه التخطيطــي فــي العــراق‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬الفساد‪ . . .‬معوق أصيل للتنمية‬


‫الفســاد يتســع مــع اتســاع دورة المــال‪ -‬ظاهــرة الفســاد لهــا موقــع متصــدر فــي‬
‫المشــهد االقتصــادي فــي الوقــت الحاضــر وثمــة شــواهد كثيــرة علــى تنامــي ظاهــرة‬
‫الفســاد فــي البــاد‪ ،‬ويعد الفســاد مــن المعوقــات الحقيقيــة للتنميــة‪ ،‬فهو يرفــع الكلف‬
‫فــي أداء المشــاريع‪ ،‬ويهــدر المــوارد وال يســمح بذهابهــا إلــى مواقعهــا الصحيحــة‬
‫‪| 242‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫المنتجــة‪ ،‬ويضيــع فــرص زيــادة النشــاط االقتصــادي ممــا يــؤدي إلــى إرتفــاع نســب‬
‫البطالــة والفقــر وغيرهــا‪ ،‬ناهيــك عــن آثــاره االجتماعيــة والسياســية‪ ،‬وإن للفســاد‬
‫فــي العــراق أســباب متعــددة مــن اهمهــا مــا ذكرتــه مجلــة (‪ )Foreign Policy‬فــي‬
‫عددهــا الصــادر فــي عــام ‪ 2012‬والــذي جــاء فيــه «إن تدفــق أمــوال إعــادة االعمــار‬
‫الضخمــة بعــد العــام ‪ 2003‬قــد طغــت علــى إمكانــات القطــاع العــام الضعيفــة وغيــر‬
‫المنظمــة فــي المراقبــة»‪ ،‬وهنــا نلمــس ظاهــرة (المــال الســائب) كعامــل اساســي فــي‬
‫تحفيــز الفســاد‪ ،‬وال يخفــى علــى المتابــع حجــم مــا أنفــق فــي العــراق مــن أمــوال‬
‫فــي صــورة موازنــات حكوميــة كان يعبــر عنهــا بيــن الحيــن واألخــر (باالنفجاريــة)‬
‫نجحــت بصناعــة طبقــة ثريــة جديــدة علــى حســاب المــال العــام‪ ،‬وأن بلــد ًا يعانــي مــن‬
‫مســتوى فســاد بحجــم مانعانيــه يصعــب عليــه تحقيــق التنميــة االقتصاديــة‪ ،‬خاص ـ ًة‬
‫وأن الفســاد قــد يتحــول الــى جــزء مــن ثقافــة اجتماعيــة تبيــح إعتبــار المــال العــام‬
‫غنيمــة وهنــاك حــق فــي االســتيالء عليــه‪ ،‬والفســاد يتعاظــم فــي دوائــر الخدمــة العامــة‬
‫للمجتمــع كالكهربــاء والســكن‪ ،‬عبــر المشــاريع الوهميــة والتخمينــات خــارج القيــم‬
‫الســوقية وغســيل االمــوال واالمتيــازات الفاحشــة لكبــار المســؤولين وغيرهــا الكثيــر‪.‬‬
‫لذلــك‪ ،‬فــان معيــار كلفــة الفرصــة البديلــة فــي اطــار االمــوال المنهوبــة يوصلنــا الــى‬
‫نتائــج خطيــرة جــد ًا‪ ،‬وعليــه نــكاد نجــزم‪ ،‬ان التنميــة تبــدأ فــي العــراق مــن حيــث‬
‫كبــح جمــاح الفســاد‪ ،‬وعلــى صعيــد مؤشــرات (‪ )C P I‬الخاصــة بمنظمــة الشــفافية‬
‫الدوليــة‪ ،‬يوضــح لنــا الشــكل‪ 2 .‬موقــع العــراق مقارنــة مــع باقــي دول العالــم حســب‬
‫هــذا المؤشــر‪.‬‬

‫| ‪243‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫يقــع العــراق فــي التسلســل ‪ 168‬مــن مجمــوع ‪ 180‬دولــة فــي عــام ‪ 2018‬فــي‬
‫مؤشــر الفســاد‪ ،‬علم ـ ًا أن تسلســل الــدول يقــوم علــى أســاس أن الدولــة التــي تاتــي‬
‫فــي المرتبــة االولــى تكــون هــي األكثــر شــفافية والعكــس صحيــح‪ ،‬وهــذا يعنــي ان‬
‫موقــع العــراق تحــت تلــك التصنيفــات المتأخــرة جــد ًا يبيــن لنــا حجــم الفســاد الكبيــر‬
‫المستشــري فيــه‪ ،‬ويشــار هنــا إلــى أن الســنة األفضــل لوضــع العــراق كان فــي عــام‬
‫‪ 2004‬إذ إحتــل العــراق المرتبــة (‪ )129‬ويمكــن ربــط الموضــوع بالعــدد المنخفــض‬
‫للــدول الداخلــة فــي التصنيــف والتــي بلغــت فــي ذلــك العــام ‪ 145‬دولــة‪ ،‬وكذلــك‬
‫عــدم تشــكل الحكومــة وتوزيــع المناصــب علــى النخــب السياســية‪ ،‬كمــا يؤشــر‬
‫انخفــاض اإليــراد النفطــي حينهــا‪.‬‬
‫االداء البيروقراطــي والتعامــات الشــفوية الحيــة تزيــد مــن فــرص الفســاد‪ -‬تأخــذ‬
‫فــرص الفســاد باالرتفــاع مــع توســع األداء البيروقراطــي والرشــوة والمحســوبية‪،‬‬
‫والفســاد أصبــح ينتشــر علــى جميــع مســتويات الحكومــة واصبــح ثقافــة قابلــة‬
‫للممارســة علــى صعيــد االداء الحكومــي‪ ،‬وقــد ترافــق مــع ذلــك إنشــاء شــبكات‬
‫االبتــزاز والمحســوبة التــي تشــكل عقبــة رئيســية أمــام تحقيــق االســتقرار وإعــادة‬
‫اإلعمــار وتقديــم الخدمــات األساســية‪ .‬وقــد وصفــت منظمة الشــفافية الدولية انتشــار‬
‫الفســاد داخــل المؤسســات العراقيــة بأنــه فيــروس‪ ،‬وحــذرت مــن أن شــلل الحكومــة‬
‫كان يســهم فــي «انتشــار العناصــر اإلجراميــة والمصالــح المكتســبة فــي جميــع أنحــاء‬
‫التعامــات البيروقراطيــة» (‪ .)2017 ،Sassoon‬وفــي إحــدى إســتطالعات الــرأي‬
‫التــي جــرت مؤخــر ًا‪ ،‬حدد المواطنــون وأصحــاب األعمــال العراقيون الفســاد باعتباره‬
‫أهــم تحــد سياســي يواجــه البــاد‪ ،‬وعــدوه أكثــر خطــر ًا مــن المخــاوف األمنيــة‪ ،‬كمــا‬
‫أن الفســاد يعــد مــن مولــدات اإلحبــاط االجتماعــي‪ ،‬ومــن ثــم يشــكل الــى جانــب‬
‫مســاوء االنفــاق فــي الخزينــة وإهــدار األمــوال العامــة‪ ،‬فإنــه يولــد االســتياء والعنــف‬
‫‪ -‬بمــا فــي ذلــك التطــرف‪ .‬وفــي حقيقــة األمــر‪ ،‬فــإن معالجــة الفســاد الراســخ فــي‬
‫النظــام االقتصــادي يعــد أمــر ًا صعبـ ًا‪ ،‬ولكنــه ضــروري للحــد مــن التشــوهات الهائلــة‬
‫فــي الســوق التــي تمنــع االقتصــاد المتــوازن مــن الوصــول إلــى جــذوره‪ .‬وقــد وفــرت‬
‫الشــراكة التكنولوجيــة مــع شــركات التكنولوجيــا طريقــة لتقليــل فــرص الكســب غيــر‬
‫المشــروع فــي النظــام‪ .‬فمثـ ًا كانــت شــراكة الحكومــة العراقيــة مــع شــركات خاصــة‬
‫لدفــع رواتــب موظفــي القطــاع العــام عــن طريــق نظــام البطاقــة البيومتريــة إحــدى‬
‫المبــادرات الناجحــة التــي تقلــل مــن قابليــة الفســاد التــي كانــت نشــطة مــع نظــام‬
‫‪| 244‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫الدفــع الســابق القائــم علــى النقــد‪ ،‬وهــو مــا يتطلــب تعميمــه بطريقــة اكثــر شــمولية‬
‫مــع المدفوعــات الماليــة‪.‬‬
‫الفســاد ينشــط فــي الجوانــب االقتصاديــة غيــر الرســمية‪ -‬مــن جهــة أخــرى يرتبــط‬
‫الفســاد فــي االقتصــاد العراقــي أيضـ ًا باالقتصــاد الخفــي (‪ )Hidden Economy‬الــذي‬
‫نمــى بشــكل كبيــر فــي االونــة االخيــرة وأصبــح يتســع حجمــه مقارنــة مــع الناتــج‬
‫المحلــي اإلجمالــي‪ ،‬إذ تخمــن بعــض االحصــاءات بــأن نســبة القطــاع غيــر الرســمي‬
‫يشــكل ‪ ٪65‬مــن الناتــج المحلــي االجمالــي‪ ،‬وهــذا الحيــز يمثــل مســاحة واســعة‬
‫لحركــة الفاســدين‪ ،‬كمــا أن فــرص الفســاد تتســع مــع تدهــور البيئــة االجتماعيــة‪،‬‬
‫وشــيوع العالقــات القبليــة والعصابــات االجراميــة واالرهــاب‪ ،‬ويوضــح الشــكل‪3 .‬‬
‫المســاحات التــي يعمــل فيهــا الفســاد فــي العــراق‪:‬‬

‫إجــراءات مكافحــة الفســاد أدت فــي بعــض االحيــان الــى اتســاع دوامــة الفســاد ‪-‬‬
‫بصــورة عامــة‪ ،‬تكلفــة الفســاد فــي البــاد تميــل إلــى أن تكبــر بمــرور الزمــن‪ ،‬وهنــاك‬
‫حوافــز لــدى المســؤولين الحكومييــن لالســتمرار فــي تعقيــدات وتكلفــة االمتثــال‬
‫مــع األنظمــة مــن أجــل تشــجيع رجــال األعمــال لدفــع رشــاوي أكبــر‪ ،‬وعليــه‪ ،‬فــان‬
‫انتشــار الفســاد بشــكل واســع اليزيــد فقــط مــن تكلفــة أداء االعمــال‪ ،‬ويعمــل أيض ـ ًا‬
‫علــى تثبيــط أي دور لــرواد األعمــال الناشــئين أو المحتمليــن‪ ،‬ولذلــك نجــد أن‬
‫| ‪245‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫بيئــة االعمــال فــي العــراق أصبحــت تتســم بكونهــا بيئــة معاديــة لتبســيط االجــراءات‬
‫التنظيميــة‪ ،‬والتــي عــدت بــاب مــن أبــواب الفســاد‪ ،‬فــان العــراق يمتلــك واحــدة مــن‬
‫أكثــر البيئــات المعاديــة لالعمــال فــي العالــم وكمــا فــي الشــكل‪ 4 .‬الــذي يوضــح‬
‫تسلســل العــراق مقارنــة بــدول العالــم فــي مجــال ســهولة بيئــة ممارســة االعمــال‪.‬‬

‫التاخــر فــي اجــراءات الحوكمــة والحكــم الرشــيد يعنــي تاجيــل مواجهــة الفســاد‪-‬‬
‫تحليــل الشــكل‪ 4 .‬يعنــي بــأن بيئــة األعمــال مازالــت معاديــة فــي العــراق‪ ،‬إذ مــن بيــن‬
‫‪ 190‬دولــة داخلــة فــي التصنيــف‪ ،‬يالحــظ بــان العــراق قــد ارتفــع نصيبــه مــن العــداوة‬
‫التنظيميــة وخصوصــ ًا فــي الســنوات االخيــرة بعــد عــام ‪ ،2013‬ويبــدو أن الســبب‬
‫االســاس فــي ارتفــاع تلــك المؤشــرات هــو إحتــال داعــش لعــدد مــن المحافظــات‬
‫العراقيــة ومــا رافــق ذلــك مــن خلــق اجــواء العســكرة ومواجهــة تلــك التنظيمــات‬
‫االرهابيــة التــي أثــرت علــى بيئــة االعمــال فــي العــراق‪.‬‬
‫ويتطلــب األمــر لمواجهــة تلــك العقبــات تبســيط االجــراءات التنظيميــة‪ ،‬ألن‬
‫هنــاك عالقــة عكســية بيــن الفســاد وتبســيط االجــراءات التنظيميــة فكلمــا كانــت بيئــة‬
‫األعمــال أكثــر وضوح ـ ًا كلمــا أثــر ذلــك علــى تيســير االعمــال وقطــع الفــرص عــن‬
‫الفاســدين‪ .‬ويرافــق ذلــك تحســين األداء الحكومــي‪.‬‬
‫وعلــى الرغــم مــن أن العــراق قــد حقــق توجهــات إيجابيــة فــي هــذ الجانــب كونــه‬
‫قــد إنضــم الــى اتفاقيــات عــدة منهــا إنضمــام الحكومــة العراقيــة الــى منظمــة مبــادرة‬
‫الشــفافية فــي مجــال الصناعــات االســتخراجية (‪ )EITI‬والتوقيــع علــى إتفاقيــة األمــم‬
‫المتحــدة لمكافحــة الفســاد (‪ ، )UNCAC‬إال أن التقــدم الــذي تحققــه البــاد يســير‬
‫‪| 246‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫ببــطء بســبب أن هــذه االتفاقيــات وخصوصــ ًا إتفاقيــة األمــم المتحــدة لمكافحــة‬


‫الفســاد تتطلــب اجــراءات معقــدة منهــا تتعلــق بالحكــم الرشــيد أو الحوكمــة‪ ،‬وهــي‬
‫إجــراءات الزالــت الحكومــة العراقيــة تعمــل عليهــا‪.‬‬
‫التصميــم الهيكلــي لالقتصــاد العراقــي محفــز لنمــو الفســاد ‪ -‬كمــا ويضــاف إلــى‬
‫العناصــر المحفــزة للفســاد هــو الطبيعــة الهيكليــة لتركيبيــة االقتصــاد العراقــي‪ ،‬والتــي‬
‫إمتزجــت بالمركزيــة الشــديدة والصــراع بيــن الــوزارات والهيئــات حــول الصالحيــات‬
‫وتنفيــذ المهــام فيمــا يتعلــق باالجــراءات التنظيميــة واالقتصاديــة‪ ،‬وهــذا ولــد حالــة‬
‫مــن التصــارع بيــن الــوزارات والســلطات األخــرى فــي المحافظــات حــول تمركــز‬
‫الصالحيــات والتضــاد التنظيمــي‪ ،‬وهــو مايؤشــر بــأن منــح الصالحيــات للمحافظــات‬
‫يقلــل مــن حــدة التنــازع ومــن ثــم يعمــل علــى تخفيــف حالــة اإلســتياء مــن أداء‬
‫الحكومــة المركزيــة‪ ،‬ويقلــل مــن عــبء الهيــكل االداري الحكومــي‪ ،‬أي بمعنــى آخــر‬
‫التخلــص مــن الهيــاكل المســببة لحالــة الفســاد بنســب معينــة‪.‬‬

‫رابع ًا‪ :‬المالية العامة والترهل االقتصادي‬


‫إن وضــع العــراق االقتصــادي والخصوصيــة التــي يمتلكهــا‪ ،‬تجعــل مســؤولية‬
‫السياســة الماليــة الحكوميــة ثقيلــة ومهمــة كبــرى فــي تحقيــق التنميــة االقتصاديــة‪،‬‬
‫والســبب يعــود إلــى إحتيــاج القطــاع الخــاص العراقــي لــدور حكومــي داعــم خصوصـ ًا‬
‫وأنهــا تحتكــر إنتــاج المــوارد الطبيعيــة وعلــى راســها النفــط االمــر الــذي يصبــح لزامـ ًا‬
‫عليهــا ان توجــه تلــك االيــرادات نحــو خلــق النشــاط االقتصــادي الخــاص عــن طريــق‬
‫أنــواع متعــددة مــن الدعــم‪ .‬ومــن جهــة أخــرى‪ ،‬يجــب أن تعمــل علــى خلــق حالــة‬
‫مــن التــوازن فــي السياســة التجاريــة مــا بيــن حمايــة المنتــج المحلــي وبيــن اســتيراد‬
‫التكنولوجيــا الحديثــة لدعــم النشــاط الخــاص الوطنــي‪ ،‬وغيرهــا العديــد مــن‬
‫السياســات‪ ،‬لكــن األداء العــام للماليــة الحكوميــة لــم يكــن بالمســتوى المطلــوب‬
‫بعــد عــام ‪ 2003‬فقــد أقدمــت السياســة الحكوميــة‪ ،‬علــى توســيع التوظيــف فــي‬
‫الجهــاز الحكومــي دون جــدوى اقتصاديــة‪ ،‬ممــا أرهــق الميزانيــة الحكوميــة بمبالــغ‬
‫كبيــرة علــى شــكل أجــور ورواتــب وغيــر ذلــك مــن السياســات والممارســات التــي‬
‫ســوف نتطــرق لهــا والتــي كانــت عامـ ًا أساســي ًا فــي إضعــاف القــدرة الحكوميــة علــى‬
‫االســتدامة الماليــة‪.‬‬

‫| ‪247‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫اإلنفاق العام‪:‬‬
‫االنفــاق الحكومــي خلــق ثقافــة دولــة الرعايــة القائمــة علــى تصاعــد الفقــر‪-‬‬
‫ـاس بحجــم االيــرادات النفطيــة‬‫إرتبــط اإلنفــاق العــام الحكومــي بعــد ‪ 2003‬بنحــو أسـ ِ‬
‫بمســتوى عالــي الحساســية‪ ،‬وبــذات الوقــت فــإن الجانــب التشــغيلي مــن النفقــات‬
‫العامــة كان ســائد ًا فــي الموازنــات الحكوميــة‪ ،‬بمعنــى آخــر إن سياســة اإلنفــاق العــام‬
‫هــي سياســة توســعية ليســت بإتجــاه معيــن أو غيــر نوعيــة مــع ترجيــح كفــة النفقــات‬
‫التشــغيلية علــى حســاب الجوانــب االســتثمارية فــي إعــداد وتنفيــذ الموازنــة العامــة‪.‬‬
‫ويوضــح الجــدول‪ 1 .‬اتجــاه اإلنفــاق فــي السياســة الماليــة مــع الــدالالت االقتصاديــة‬
‫لهــا‪.‬‬
‫جدول‪ 1 .‬االنفاق العام التشغيلي واالستثماري للحكومة العراقية ‪ /‬مليار دينار‬

‫المنفذ من‬ ‫النفقات‬


‫االستثمارية‪٪‬‬ ‫النفقات‬ ‫حجم اإلنفاق‬
‫االستثمارية‬ ‫السنة‬
‫التشغيلية‪٪‬‬ ‫العام‬
‫(((*‬
‫‪%‬‬
‫‪103.3‬‬ ‫‪12.4‬‬ ‫‪87.6‬‬ ‫‪35.235‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪50.3‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪87.8‬‬ ‫‪73.533‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪56.9‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪95.9‬‬ ‫‪95.578‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪52.0‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪83.2‬‬ ‫‪111.455‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪95.6‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪77.7‬‬ ‫‪157.026‬‬ ‫‪2008‬‬
‫‪64.2‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪82.6‬‬ ‫‪130.643‬‬ ‫‪2009‬‬
‫‪65.7‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪.77‬‬ ‫‪162.064‬‬ ‫‪2010‬‬
‫‪59.3‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪77.4‬‬ ‫‪217.327‬‬ ‫‪2011‬‬
‫‪78.9‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪72.1‬‬ ‫‪254.225‬‬ ‫‪2012‬‬
‫‪73.3‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪66.1‬‬ ‫‪273.587‬‬ ‫‪2013‬‬
‫ــــــــ‬ ‫‪30‬‬ ‫‪103.6‬‬ ‫‪266.332‬‬ ‫‪2014‬‬
‫‪67.4‬‬ ‫‪19.1‬‬ ‫‪80.9‬‬ ‫‪194.860‬‬ ‫‪2015‬‬
‫‪71.5‬‬ ‫‪17.8‬‬ ‫‪82.2‬‬ ‫‪196.924‬‬ ‫‪2016‬‬

‫‪ * .1‬تشير الى نسبة التنفيذ المالي وليس المادي فاألخير اقل من ذلك بكثير‪.....‬‬

‫‪| 248‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫‪64.7‬‬ ‫‪21.8‬‬ ‫‪78.2‬‬ ‫‪225.722‬‬ ‫‪2017‬‬


‫‪56.1‬‬ ‫‪17.1‬‬ ‫‪82.9‬‬ ‫‪251.064‬‬ ‫‪2018‬‬
‫‪65.7‬‬ ‫‪16.9‬‬ ‫‪83.1‬‬ ‫‪167.198‬‬ ‫المتوسط‬

‫يوضــح لنــا الجــدول‪ 1 .‬حالــة التنامــي المســتمر فــي حجــم االنفــاق الحكومــي‪،‬‬
‫مــع الحساســية الواضحــة لاليــرادات النفطيــة‪ ،‬عبــر اإلنخفــاض المســجل فــي‬
‫االعــوام ‪ 2008‬و ‪ 2009‬و‪ 2014‬التــي ترافقــت مــع االزمــة االقتصاديــة العالميــة‬
‫وإنخفــاض أســعار النفــط‪ .‬اإلرتفــاع واالنخفــاض فــي االنفــاق بســبب التقلبــات فــي‬
‫أســعار النفــط يؤكــد لنــا بــأن التدخــل الحكومــي كمــي وليــس نوعــي أي ليــس لــه‬
‫اتجــاه محــدد‪ ،‬وخالصــة هــذا االنفــاق هــو المعطيــات االتيــة‪:‬‬
‫‪ .‬أ التفــوق الواضــح جــد ًا للجانــب التشــغيلي عــن االســتثماري‪ ،‬وبمــا أن الطلب‬
‫الحكومــي يشــكل جــزء أساســي وحيــوي مــن الطلــب الكلــي فــي االقتصــاد‬
‫العراقــي‪ ،‬فــأن ذلــك يؤشــر التنامــي المســتمر فــي الطلــب العــام االســتهالكي‬
‫ممــا يــؤدي الــى ضغــوط تضخميــة لهــا آثــار كبيــرة علــى االقتصــاد مــن حيــث‬
‫تحمــل السياســة النقديــة (كمــا ســوف نوضــح الحقـ ًا) ألعبــاء مكلفــة لتحقيــق‬
‫االســتقرار النقــدي‪ ،‬ناهيــك عــن إرتفــاع حجــم النقــد االجنبــي المســرب‬
‫للخــارج بســبب إرتفــاع حجــم الطلــب العــام وزيــادة حجــم االســتيراد‪،‬‬
‫والعمليــة برمتهــا تنســف (التراكــم الراســمالي) وهنــا تكمــن العرقلــة لعمليــة‬
‫التنميــة‪.‬‬

‫| ‪249‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪.‬ب أن تســيد االنفــاق التشــغيلي مقابــل ضعــف االنفــاق االســتثماري علــى‬


‫مســتوى التخصيــص والتنفيــذ الفعلــي‪ ،‬يعطينــا تصــور واضــح عــن أســباب‬
‫تراجــع البنيــة التحتيــة لالقتصــاد العراقــي ومــن ثــم التراجــع المســتمر فــي تلــك‬
‫الركيــزة االقتصاديــة االساســية‪ ،‬وهنــا يبــرز المبــرر الفعلــي لضعــف االقبــال‬
‫علــى اإلســتثمار فــي البلــد‪ ،‬مــن قبــل القطــاع الخــاص العراقــي أو االجنبــي‪،‬‬
‫وهنــا نســجل معرقــل اخــر للتنميــة االقتصاديــة‪.‬‬
‫‪.‬جكمــا هــو واضــح إن االنفــاق االســتثماري يعــود ليحقــق عائــد مــع الحفــاظ‬
‫علــى قيمــة األصــل‪ ،‬علــى إعتبــار مراعــاة المعاييــر االقتصاديــة الصحيحــة فــي‬
‫القــرار االســتثماري‪ ،‬والعكــس بالنســبة للتشــغيلي أو االســتهالكي‪ ،‬مــن هنــا‬
‫نشــخص حالــة خطيــرة جــد ًا‪ ،‬وهــي أن ذهــاب الماليــة العامــة نحــو أبــواب‬
‫الصــرف تلــك‪ ،‬يعنــي عــدم القــدرة الحكوميــة علــى تحقيــق االســتدامة‬
‫الماليــة كــون تلــك النفقــات لــن تعــود بشــيء للحكومــة مــع عــدم وجــود قيمــة‬
‫ألصــل رأســمالي‪ ،‬فلــو أنفقــت علــى جوانــب اســتثمارية كالبنيــة التحتيــة أو‬
‫دعــم القطــاع الخــاص وغيــر ذلــك‪ ،‬فــأن ذلــك يعــود الــى الحكومــة بعائــد‬
‫نتيجــة لنمــو القطــاع الخــاص‪ ،‬ومــن ثــم تنامــي حجــم االيــراد الضريبــي‪.‬‬
‫وهنــا نؤشــر عائــق آخــر للتنميــة‪.‬‬
‫‪ .‬دان تســيد اإلنفــاق التشــغيلي يرســخ فــي المجتمــع التفكيــر الريعــي االتكالــي‬
‫القائــم علــى أســاس إن النفــط هبــة مــن اهلل وال أحــد لــه الفضــل فــي إيجــاده‪،‬‬
‫لذلــك يحتــدم الصــراع حــول تلــك النفقــات الحكوميــة القادمــة كســيل هــادر‬
‫دون عنــاء‪ ،‬ومــن ثــم قتــل روح اإلندفــاع نحــو العمــل واإلنتــاج واإلكتفــاء‬
‫بالجلــوس واالنتظــار مــا تجــود بــه الحكومــة مــن عوائــد ذلــك الريــع ونكــون‬
‫هنــا امــام صــورة دولــة الرعايــة «‪.»Patronage State‬‬

‫االيرادات الحكومية‪:‬‬
‫الهيــكل العــام لإليــرادات الحكوميــة بعــد التغييــر ال يشــجع علــى خلــق تنميــة‬
‫اقتصاديــة مســتدامة‪ ،‬تشــكل لنــا تصــور اقتصــادي معيــن يجعلنــا نتلمــس حجــم‬
‫المخاطــر االقتصاديــة المحيطــة بالوضــع االقتصــادي للبــاد‪ ،‬ومــدى عالقــة تلــك‬
‫السياســات االقتصاديــة بالمقــدرة علــى تحقيــق التنميــة االقتصاديــة المســتدامة كــون‬
‫األهميــة النســبية لإليــرادات الحكوميــة كبيــرة جــد ًا ألنهــا تمنــح الحكومــة القــدرة‬
‫‪| 250‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫علــى لعــب دورهــا المؤثــر فــي العمليــة التنمويــة‪ ،‬مــن خــال منحهــا القــدرة علــى‬
‫االســتدامة الماليــة فــي االمــد البعيــد وســيتبين لنــا الفــرق بيــن التوجــه االقتصــادي‬
‫الصحيــح مــن جانــب هيــكل االيــرادات الحكوميــة‪ ،‬وبيــن واقــع حــال الحكومــة‬
‫العراقيــة‪.‬‬
‫الجدول‪ 2 .‬مساهمة القطاعات االقتصادية في ايرادات الحكومة العراقية‪ /‬مليار دينار‬

‫اإليراد غير‬
‫اإليراد النفطي ‪٪‬‬ ‫اإليراد الكلي‬ ‫السنة‬
‫النفطي‪٪‬‬
‫‪1.2‬‬ ‫‪98.8‬‬ ‫‪32988‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪2.7‬‬ ‫‪97.3‬‬ ‫‪40435‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪5.1‬‬ ‫‪94.9‬‬ ‫‪49055‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪5.5‬‬ ‫‪94.5‬‬ ‫‪54964‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪5.4‬‬ ‫‪94.6‬‬ ‫‪80641‬‬ ‫‪2008‬‬
‫‪9.1‬‬ ‫‪90.9‬‬ ‫‪55243‬‬ ‫‪2009‬‬
‫‪9.4‬‬ ‫‪90.6‬‬ ‫‪70178‬‬ ‫‪2010‬‬
‫‪5.5‬‬ ‫‪94.5‬‬ ‫‪103989‬‬ ‫‪2011‬‬
‫‪6.8‬‬ ‫‪93.2‬‬ ‫‪119817‬‬ ‫‪2012‬‬
‫‪7.2‬‬ ‫‪92.8‬‬ ‫‪113840‬‬ ‫‪2013‬‬
‫‪6.7‬‬ ‫‪93.3‬‬ ‫‪105609‬‬ ‫‪2014‬‬
‫‪13.3‬‬ ‫‪86.7‬‬ ‫‪66470‬‬ ‫‪2015‬‬
‫‪17.8‬‬ ‫‪82.2‬‬ ‫‪54409‬‬ ‫‪2016‬‬
‫‪15.2‬‬ ‫‪84.8‬‬ ‫‪77422‬‬ ‫‪2017‬‬
‫‪9.9‬‬ ‫‪90.1‬‬ ‫‪106569‬‬ ‫‪2018‬‬

‫األرقــام الــواردة فــي الجــدول‪ 2 .‬تعطــي مجموعــة مــن الــدالالت التــي يمكــن‬
‫تلخيصهــا بالنقــاط االتيــة‪:‬‬
‫‪ .‬أتســيد شــبه تــام للنفــط فــي تشــكيل اإليــراد الحكومــي‪ ،‬وهــذا يعنــي االحاديــة‬
‫وماتعنيــه مــن مخاطــر بســبب مــا تحملــه ســلعة النفــط مــن خصوصيــة‪،‬‬
‫وكمــا أثبــت التاريــخ أن أســعار النفــط التعــرف اإلســتقرار تمام ـ ًا والتقلبــات‬
‫الحاصلــة خصوص ـ ًا الهبــوط يعنــي أزمــة ماليــة حكوميــة والقصــور فــي تلبيــة‬
‫| ‪251‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫الجانــب االنفاقــي للحكومــة‪ ،‬وهــذا واضــح جــد ًا فــي عجــز الحكومــة‬


‫للســنوات التــي ينخفــض فيهــا االيــراد بســبب اإلنهيــار فــي األســعار‪ ،‬ممــا‬
‫قــد يدفــع الــى وســائل أخــرى تشــكل عبئــ ًا كبيــر ًا كاالســتدانة الخارجيــة‬
‫ومــا يرافقهــا مــن خدمــات ديــن وإعتبــارات سياســية أخــرى‪ ،‬باإلضافــة الــى‬
‫اللجــوء للمنظمــات العالميــة وعلــى رأســها صنــدوق النقــد الدولــي ومــا‬
‫يحمــل ذلــك مــن آثــار‪ ،‬أن تلــك العمليــة لهــا اثــار ســلبية كبيــرة فــي مجــال‬
‫قــدرة الحكومــة علــى االســتدامة الماليــة‪ ،‬وهــذا الجانــب المضعــف للمركــز‬
‫المالــي الحكومــي يجعلهــا فــي احتيــاج دائــم للوســائل المذكــورة أعــاه‪،‬‬
‫وأن تلــك االثــار المترتبــة علــى تســيد النفــط‪ ،‬ال تمكــن الحكومــة مــن لعــب‬
‫دورهــا المؤثــر فــي تحقيــق التنميــة االقتصاديــة‪.‬‬
‫بمــرور الزمــن نالحــظ محافظــة النفــط علــى موقــع الصــدارة وبفــارق كبيــر‬
‫جــد ًا عــن مــا ســواه مــن االيــرادات‪ ،‬بــل نالحــظ تخطيــط الحكومــة الــى تضخيــم‬
‫هــذا النــوع مــن االيــرادات‪ ،‬والــذي يمكــن ان يتحقــق عبــر رفــع االنتــاج‪ ،‬وهــذا‬
‫يدفــع االقتصــاد العراقــي الــى متالزمــة المــرض الهولنــدي «‪ »Dutch diseases‬أي‬
‫التركيــز علــى القطــاع المــدر للدخــل‪ ،‬دون إبــداء أي إهتمــام للقطاعــات األخــرى‬
‫فــي االقتصــاد‪ ،‬وهــذا المــرض مــن شــأنه تعزيــز االحاديــة فــي االقتصــاد‪ ،‬وإضعــاف‬
‫القــدرة علــى تنويــع مصــادر الدخــل ومــن ثــم ال تنميــة اقتصاديــة فــي ظــل تفشــي هــذا‬
‫المــرض االقتصــادي‪.‬‬

‫‪| 252‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫‪.‬بنالحــظ التزامــن مابيــن إرتفــاع االنفــاق الحكومــي الــذي يشــكل االســتهالك‬


‫الجــزء األكبــر كمــا بينــا ســابق ًا‪ ،‬مــع إرتفــاع االيــراد النفطــي‪ ،‬وهــذا يــدل علــى‬
‫الحساســية المشــار لهــا بيــن المتغيريــن‪ ،‬ويؤشــر لنــا الغيــاب التــام لعامــل‬
‫التخطيــط المالــي فــي تحويــل تلــك االيــرادات إلــى نحــو آخــر‪ ،‬فالصيغــة‬
‫الحاليــة تعــد عنصــر أســاس فــي عرقلــة التنميــة االقتصاديــة‪ ،‬ولذلــك تحولــت‬
‫عمليــة إعــداد الموازنــة فــي البــاد الــى آليــة رتيبــة تتمثــل بقبــض عوائــد النفــط‬
‫بيــد‪ ،‬لتحــول الــى انفــاق اســتهالكي باليــد االخــرى لتعــود مــن حيــث أتــت‬
‫تلــك االيــرادات‪ ،‬عــن طريــق السياســة التجاريــة‪ ،‬وهــذه الــدورة للعملــة‬
‫الصعبــة فــي العــراق قــد تــم تبديــد التراكــم الراســمالي الــازم تحقيقــه مــن‬
‫فرصــة إرتفــاع أســعار النفــط عالمي ـ ًا‪.‬‬

‫‪ -٣‬العالقة بين التنمية وطريقة اعداد الموازنة العامة‪:‬‬


‫الموازنــة االتحاديــة «‪ »Federal Budget‬مقــود النمــو فــي البــاد ‪ -‬وهــي عبــارة‬
‫عــن قانــون يقــر فــي البرلمــان العراقــي فــي بدايــة الســنة الماليــة‪ ،‬يتضمــن تخميــن‬
‫لحجــم االيــرادات الحكوميــة ونفقاتهــا‪ ،‬لتترجــم بعــد ذلــك علــى ارض الواقــع علــى‬
‫نحــو برامــج يفتــرض أن تدفــع باتجــاه تحقيــق التنميــة االقتصاديــة الشــاملة‪ .‬وتتســم‬
‫طريقــة إعــداد الموازنــة العامــة بإســلوب تقليــدي يعــرف بموازنــة البنــود والتــي تعــد‬
‫أســلوب قديــم يتــم التركيــز فيــه علــى الجانــب الرقابــي فــي تتبــع أســاليب التعاطــي‬
‫مــع التخصيصــات المقدمــة للــوزارات والهيئــات االخــرى‪ ،‬والتأكــد مــن ان عمليــة‬
‫صــرف تلــك التخصيصــات كان فــي اطــار القوانيــن والضوابــط النافــذة‪ ،‬مــع التأكــد‬
‫مــن حــدوث الواقعــة الماليــة (اإلنجــاز المالــي) ‪ ،‬بمعنــى عــدم وجــود إهتمــام في ذات‬
‫المشــاريع التــي تــم االنفــاق عليهــا مــن قبــل المؤسســات الحكوميــة مــن حيــث تحديــد‬
‫جــدوى تلــك المشــاريع‪ ،‬ومقــدار مــا تحققــه مــن عوائــد كهــدف أسـ ِ‬
‫ـاس مــن إقامــة‬
‫تلــك المشــاريع (االنجــاز المــادي) ‪ ،‬وطريقــة البنــود تختلــف مــع األســلوب األكثــر‬
‫حداثــة فــي إعــداد الموازنــة وهــو (البرامــج واألداء أو التعاقديــة أو الصفريــة وغيرهــا)‬
‫والتــي هــي طــرق تســتخدم فــي إعــداد الموازنــة‪ ،‬اي اســتخدام أســاليب تهــدف الــى‬
‫ربــط التمويــل بالنتائــج ويقــوم هــذا اإلســلوب بالتعاطــي مــع المشــاريع المقدمــة مــن‬
‫الــوزارت بمعيــار الكلفــة والعائــد والنظــر إلــى أهــداف المشــروع المقــدم مــن الــوزارة‬
‫وقيــاس اآلثــار المترتبــة علــى المشــروع المــراد تغطيتــه مــن االنفــاق الحكومــي‪ ،‬أي‬
‫| ‪253‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫أنهــا تركــز علــى النشــاط الحكومــي وطبيعــة مــا تقدمــة المؤسســات الحكوميــة مــن‬
‫مشــاريع‪ ،‬وهــذا مــن شــأنه أن يقلــل مــن الهــدر واإلســراف فــي المــوارد الحكوميــة‪.‬‬
‫عمومــ ًا يوضــح لنــا الشــكل‪ ،7 .‬حجــم الموازنــات فــي العــراق بعــد عــام ‪2003‬‬
‫وماتالهــا‪ ،‬وإرتباطهــا بتحقــق ثنائيــة نــادرة الحــدوث فــي اقتصاديــات العالــم تجمــع‬
‫بيــن عنصريــن قلمــا يتحققــا فــي محــل واحــد إال وهمــا (موازنــة ثريــة ‪ /‬تنميــة فقيــرة‪.‬‬
‫‪.)Alas . . . . .‬‬

‫الموازنــات هــي األخــرى لــم تحفــز أي دور جوهــري فــي خلــق التنميــة‪ ،‬خصوص ًا‬
‫أن األدبيــات االقتصاديــة تركــز علــى الــدور التنمــوي للموازنــات وهــي فــي أصلهــا‬
‫أهــداف تنمويــة كــون أن القطــاع الحكومــي قطــاع عــام يهــدف الــى تحقيــق المنافــع‬
‫االقتصاديــة واالجتماعيــة لمواطنيــه‪ ،‬وعلــى أثــر ذلــك تصبــح الموازنــة عبــارة عــن‬
‫مقدمــات لتحقيــق الرفــاه االقتصــادي‪ ،‬عــن طريــق اإلنطــاق نحــو النمــو والتنميــة‪،‬‬
‫وبالرغــم مــن تلــك األرقــام الكبيــرة لــم نشــهد أجــواء تنمويــة‪ ،‬بســبب ســوء التخطيــط‬
‫وعوامــل تمــت االشــارة إليهــا‪ ،‬ولــو أخذنــا بنظــر اإلعتبــار حجــم الســكان ونصيــب‬
‫الفــرد مــن تلــك الموازنــة عبــر البنيــة االرتكازيــة الماديــة وغيــر الماديــة‪ ،‬المكننــا‬
‫تقديــر حجــم الهــدر االقتصــادي فــي العــراق مــن ‪ 2003‬وإلــى اآلن‪.‬‬

‫خامس ًا‪ :‬السياسة التجارية واالنكشاف االقتصادي‬


‫السياســة التجاريــة للعــراق جعلــت التبعيــة االقتصاديــة الــى العالــم مفرطــة جــد ًا ‪-‬‬
‫أقــدم العــراق بعــد التغييــر علــى إتبــاع سياســة تجاريــة منفتحــة علــى العالــم الخارجي‪،‬‬
‫‪| 254‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫وصــارت الحــدود مفتوحــة علــى مصراعيهــا أمــام الســلع الوافــدة بــكل أنواعهــا‪،‬‬
‫والتــي أخــذ الطابــع االســتهالكي الشــكل البــارز جــد ًا‪ ،‬مقابــل التميــز بتصديــر ســلعة‬
‫النفــط‪ ،‬تلــك السياســة جعلتنا فــي موقــع اقتصــاد التبعيــة (‪)Dependence Economy‬‬
‫وهــي الفكــرة االقتصاديــة المشــهورة بيــن الباحثيــن فــي مجــال العالقــات بيــن المركــز‬
‫واألطــراف‪ ،‬والقائمــة علــى فكــرة مفادهــا بــأن تتخصــص االطــراف بإنتــاج وتصديــر‬
‫المــوارد األوليــة وتتخصــص دول المركــز أو المحــور وهــي الــدول المتقدمــة بتصديــر‬
‫الصناعــات‪ ،‬وهــذه العالقــة تنتــج مــا يســمى بعالقــات التبعيــة‪ ،‬أي هنــاك دول مســتقلة‬
‫مؤثــرة ودول تابعــة متأثــرة‪.‬‬
‫الدخــول الــى منظمــة التجــارة العالميــة دون إصــاح الوضــع االقتصــادي ســيجعل‬
‫الســوق العراقــي أرض منخفضــة لســيول الســلع االجنبيــة ‪ -‬السياســة التــي أقــدم عليهــا‬
‫العــراق فــي ظــل التوجهــات االفتراضيــة‪ ،‬المتمثلــة بتحريــر االقتصــاد واإلنضمــام إلــى‬
‫منظمــة التجــارة العالميــة والتــي حصــل العــراق فيهــا علــى لقــب مراقــب فــي شــباط‬
‫‪ ،2005‬وهــذا الدخــول قــد يدفــع البــاد إلــى أن تكــون مصــداق لمــا يمكــن تســميته‬
‫بــاألرض المنخفضــة «‪ »Low Land‬بمعنــى أصبــح محــط لســيول ســلعية قادمــة مــن‬
‫دول الجــوار وغيرهــا بســبب حالــة االنخفــاض الناتجــة عــن فقدانــه الركيــزة الرافعــة‬
‫لالقتصــاد‪ ،‬إال وهــو القطــاع الخــاص الوطنــي‪ ،‬وعليــه إســتغلت تلــك الــدول حالــة‬
‫الفــراغ االنتاجــي لتقضــي علــى االنتــاج الوطنــي بنحــو شــبه تــام عــن طريــق االغــراق‪.‬‬
‫ولعــل الظاهــرة األهــم لتلــك السياســات المتبعــة هــي اإلنكشــاف االقتصــادي والتــي‬
‫رافقــت التجــارة الخارجيــة للعــراق‪ ،‬كحــال أغلــب دول االطــراف‪.‬‬

‫مؤشرات االنكشاف االقتصادي‬


‫إن لهــذه الظاهــرة مجموعــة مؤشــرات حــال إنطباقهــا‪ ،‬تصنــف الدولــة فــي معيــار‬
‫االنكشــاف االقتصــادي علــى أســاس مجموعــة مــن المؤشــرات التــي إذا تطابقت على‬
‫وضــع الدولــة تصبــح فيهــا الدولــة منكشــفة اقتصاديـ ًا وهــذه المؤشــرات كاآلتــي‪:‬‬
‫‪ .‬أمؤشــر نســبة المســتورد الــى الناتــج المحلــي االجمالــي‪ ،‬فارتفــاع النســبة الــى‬
‫‪ ٪21‬فأكثــر يدخــل الدولــة فــي منطقــة االنكشــاف التجــاري‪.‬‬
‫‪.‬بمؤشــر نســبة الصــادرات الــى الناتــج المحلــي االجمالــي‪ ،‬ويميــل هــذا‬
‫المؤشــر إلــى أخــذ قيــم مرتفعــة بالنســبة الــى البلــدان التــي تســتمد نســبة كبيــرة‬
‫مــن دخلهــا القومــي مــن إنتــاج ســلعة أوليــة تصديريــة واحــدة او عــدد قليــل‬
‫| ‪255‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫جــد ًا مــن الســلع‪ ،‬إذ أن إرتفــاع الصــادرات الــى الناتــج المحلــي اإلجمالــي‬
‫الــى ‪ ٪25‬فأكثــر تجعــل مــن الدولــة فــي منطقــة االنكشــاف التجــاري‪.‬‬
‫‪.‬تنســبة التجــارة الخارجيــة إلــى الناتــج المحلــي االجمالــي‪ ،‬فالتجــارة الخارجية‬
‫إذا إرتفعــت نســبتها الــى ‪ ٪45‬مــن الناتــج المحلــي االجمالــي أو أكثــر حينئــذ‬
‫تعــد الدولــة منكشــفة اقتصاديـ ًا‪.‬‬
‫مؤشــر االنكشــاف التجــاري للعــراق يقــع ضمــن مرحلــة الخطــر علــى األمــن‬
‫الوطنــي ‪ -‬ومــن اإلطــاع علــى البيانــات الخاصــة بالتجــارة الخارجيــة للعــراق فــي‬
‫الجــدول‪ ،3 .‬نالحــظ إنطبــاق المعاييــر الثــاث أعــاه لالنكشــاف االقتصــادي علــى‬
‫االقتصــاد العراقــي‪ ،‬وقــد أدت تلــك السياســة ومــا ســببته مــن إنكشــاف اقتصــادي‬
‫كمؤشــر ضعــف فــي اقتصــاد الدولــة إلــى آثــار اقتصاديــة ســلبية عديــدة لعــل منهــا‬
‫اآلتــي‪:‬‬
‫●الصعوبــة الكبيــرة فــي إيجــاد معيــار واضــح لتقديــر قيمــة الصــادرات الوطنيــة‪،‬‬
‫ألنهــا تعتمــد بنحــو أساســي علــى النفــط‪ ،‬والنفــط متقلــب األســعار‪ ،‬األمــر‬
‫الــذي ينعكــس علــى دقــة التخطيــط‪ ،‬الــذي هــو الركيــزة األساســية لتحقيــق‬
‫التنميــة‪.‬‬
‫●الحساســية الشــديدة جــد ًا لالزمــات العالميــة‪ ،‬ألن النفــط ســلعة (اقتصاديــة‬
‫وسياســية) فــي ذات الوقــت ممــا يــؤدي ذلــك إلــى إربــاك فــي االقتصــاد‬
‫الوطنــي حيــال أي أزمــة عالميــة أو تصعيــد سياســي‪ ،‬وهــذا اإلرتبــاط يشــكل‬
‫عنصــر معرقــل للتنميــة‪.‬‬
‫●صعوبــات حقيقيــة تواجــه القطاعــات الوطنيــة علــى رأســها القطــاع الخــاص‪،‬‬
‫فــي مواجهــة تلــك الســلع الوافــدة‪ ،‬ممــا ســبب ذلــك فــي ضمــور كبيــر فــي‬
‫القطــاع االنتاجــي الوطنــي‪.‬‬
‫●سياســة حريــة التجــارة‪ ،‬بالتزامــن مــع التحســن النســبي فــي دخــل الفــرد‬
‫العراقــي‪ ،‬مــع إنخفــاض أســعار المســتورد بســبب اإلغــراق وغيــاب التعريفــة‬
‫الكمركيــة‪ ،‬دفــع الفــرد العراقــي للتعويــض عــن ســنوات العــوز قبــل عــام‬
‫‪ ،2003‬وصــار هنــاك فوضــى اســتهالكية‪ ،‬بمعنــى االرتفــاع فــي الميــل‬
‫الحــدي لالســتهالك وكانــت علــى حســاب الميــل الحــدي لإلدخــار‪ ،‬وكانــت‬
‫ضريبتهــا تســرب كبيــر فــي العملــة الصعبــة خــارج البلــد‪ ،‬ممــا عرقــل أي‬
‫فرصــة للتراكــم الراســمالي‪.‬‬
‫‪| 256‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫●إن ذلــك التحســن فــي دخــل الفــرد مــع االنفــاق الحكومــي االســتهالكي‬
‫المرتفــع‪ ،‬ولــد طلــب كلــي اســتهالكي مرتفــع كان وراء تحفيــز عمــل‬
‫(المضاعــف والمعجــل) لصالــح الــدول المصــدرة للعــراق‪ ،‬وكان األولــى‬
‫أن تكــون لالقتصــاد الوطنــي دور فــي تحفيــز متطلبــات التنميــة‪ ،‬والســبب‬
‫يعــود إلــى عــدم إتبــاع سياســة تجاريــة صحيحــة مــع الضعــف الشــديد لمرونــة‬
‫الجهــاز االنتاجــي المحلــي‪.‬‬

‫جدول‪ 3 .‬مؤشرات التجارة الخارجية كنسبة من الناتج المحلي االجمالي واالنكشاف االقتصادي‬
‫في العراق للسنوات ‪2018-2003‬‬

‫التجارة إلى‬ ‫مجموع‬ ‫الصادرات الصادرات غير‬


‫االستيراد إلى‬
‫الناتج المحلي‬ ‫النفطية إلى النفطية إلى الصادرات الى‬
‫الناتج المحلي‬ ‫السنة‬
‫اإلجمالي‪( ٪‬‬ ‫الناتج المحلي الناتج المحلي الناتج المحلي‬
‫اإلجمالي‪٪‬‬
‫حد أدنى )‬ ‫اإلجمالي ‪ ٪‬اإلجمالي‪ ٪‬االجمالي ‪٪‬‬

‫‪57.04‬‬ ‫‪28.54‬‬ ‫‪32.86‬‬ ‫‪4.36‬‬ ‫‪28.5‬‬ ‫‪2003‬‬


‫‪74.66‬‬ ‫‪37.75‬‬ ‫‪37.14‬‬ ‫‪0.23‬‬ ‫‪36.91‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪59.27‬‬ ‫‪27.20‬‬ ‫‪32.23‬‬ ‫‪0.16‬‬ ‫‪32.07‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪51.27‬‬ ‫‪19.57‬‬ ‫‪31.94‬‬ ‫‪0.24‬‬ ‫‪31.70‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪50.25‬‬ ‫‪14.90‬‬ ‫‪35.51‬‬ ‫‪0.16‬‬ ‫‪35.35‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪71.87‬‬ ‫‪23.17‬‬ ‫‪48.94‬‬ ‫‪0.24‬‬ ‫‪48.70‬‬ ‫‪2008‬‬
‫‪64.67‬‬ ‫‪29.35‬‬ ‫‪35.43‬‬ ‫‪0.11‬‬ ‫‪35.32‬‬ ‫‪2009‬‬
‫‪63.14‬‬ ‫‪26.50‬‬ ‫‪36.76‬‬ ‫‪0.12‬‬ ‫‪36.64‬‬ ‫‪2010‬‬
‫‪62.85‬‬ ‫‪21.25‬‬ ‫‪41.71‬‬ ‫‪0.11‬‬ ‫‪41.6‬‬ ‫‪2011‬‬
‫‪67.43‬‬ ‫‪22.73‬‬ ‫‪44.83‬‬ ‫‪0.13‬‬ ‫‪44.7‬‬ ‫‪2012‬‬
‫‪47.92‬‬ ‫‪25.5‬‬ ‫‪38.43‬‬ ‫‪0.01‬‬ ‫‪38.42‬‬ ‫‪2013‬‬
‫‪48.27‬‬ ‫‪23.7‬‬ ‫‪39.34‬‬ ‫‪1.97‬‬ ‫‪37.37‬‬ ‫‪2014‬‬
‫‪48.19‬‬ ‫‪24.21‬‬ ‫‪37.78‬‬ ‫‪1.24‬‬ ‫‪36.54‬‬ ‫‪2015‬‬
‫‪52.36‬‬ ‫‪22.45‬‬ ‫‪40.76‬‬ ‫‪1.14‬‬ ‫‪39.62‬‬ ‫‪2016‬‬
‫‪61.48‬‬ ‫‪23.16‬‬ ‫‪44.49‬‬ ‫‪1.23‬‬ ‫‪43.26‬‬ ‫‪2017‬‬
‫‪58.22‬‬ ‫‪26.94‬‬ ‫‪42.44‬‬ ‫‪1.19‬‬ ‫‪41.25‬‬ ‫‪2018‬‬

‫| ‪257‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫البيئــة التنظيميــة محفــزة لنمــو الممارســات غيــر القانونيــة ‪ -‬تؤثــر البيئــة التنظيميــة‬
‫فــي العــراق أيضـ ًا علــى هيــكل الصــادرات وهــي عــاد ًة ماتــؤدي الــى نمــو أســاليب غيــر‬
‫قانونيــة أو تنظيميــة فــي الصــادرات كمثــال إســتخدام التهريــب أو الرشــوى مــن أجــل‬
‫التخليــص‪ ،‬ولذلــك يصنــف البنــك الدولــي العــراق مــن ضمــن البلــدان التــي لهــا‬
‫أســلوب تنظيمــي معــادي للصــادرات‪ ،‬فمثـ ًا إذا أردت أن تصــدر شــاحنة قياســية مــن‬
‫البضائــع فيتطلــب األمــر إمــاء ‪ 10‬وثائــق وربمــا ‪ 80‬يومـ ًا مــن المعامــات االداريــة‪،‬‬
‫وهــذا األمــر النجــده فــي بلــدان أخــرى فــي الشــرق األوســط والتــي يصــل المعــدل‬
‫فيهــا الــى ‪ 20‬يومـ ًا وفــي المتوســط ‪ 6‬وثائــق فقــط‪.‬‬
‫إرتفــاع التكلفــة الحديــة لالنتــاج نتــاج لسياســات االنفــاق التشــغيلي للموازنــة‬
‫‪ -‬إن إختــال هيــكل الميــزان التجــاري هــو محصلــة يمكــن أن تبــدأ مــن هيــكل‬
‫الصــادرات الوطنــي‪ ،‬فلدينــا منتــج وطنــي واحــد قابــل للتصديــر ويشــكل نســبة ‪٪99‬‬
‫مــن الصــادرات الوطنيــة وهــو النفــط‪ ،‬وهــذا المنتــج ال يتطلــب أيــدي عاملــة ماهــرة‬
‫أو إعــادة تصنيــع كونــه مــورد طبيعــي يمثــل خزيــن ســيادي‪ ،‬وبالتالــي االرتــكاز علــى‬
‫هــذا النمــط مــن الصــادرات ومــن ثــم إعــادة تدويــر المــوارد الماليــة الماليــة المتحصلــة‬
‫مــن هــذا المــورد فــي الموازنــة العامــة للدولــة العراقيــة والتــي تشــكل فيهــا النفقــات‬
‫التشــغيلية نســبة كبيــرة مــن اإلنفــاق دون أن يكــون لــه دور فــي الموازنــات االســتثمارية‬
‫قــد ولــد إرتفــاع فــي التكلفــة الحديــة لالنتــاج الوطنــي‪ ،‬أي بمعنــى ارتفــاع تكاليــف‬
‫االنتــاج الوطنــي مقابــل االنتــاج االجنبــي‪ ،‬ولذلــك نالحــظ إتســاع فجوة االســتيرادات‬
‫مقابــل ضمــور أي إمكانيــة لتطويــر منتــج محلــي أو وطنــي‪ ،‬ففــي الشــكل‪ 8 .‬يتضــح‬
‫مقــدار اثــر هــذه الدوامــة فــي التصــاق هيــكل االســتيرادات بالصــادارت النفطيــة‪،‬‬
‫إذ أنــه وبســبب مــا ذكــر فــي أعــاه مــن هيمنــة مــوارد الريــع النفطــي علــى هيــكل‬
‫الصــادرات الوطنــي‪ ،‬يتبعــه اإلســلوب الكالســيكي القائــم علــى توزيــع تلــك‬
‫االيــرادات بشــكل موازنــات قائمــة علــى النمــط التشــغيلي كالرواتــب واالجــور‬
‫والعقــود التشــغيلية‪ ،‬وبســبب إرتفــاع التكلفــة الحديــة لالنتــاج الوطنــي‪ ،‬نالحــظ‬
‫ارتبــاط هيــكل االســتيرادات بايــرادات النفــط‪ ،‬اذ يالحــظ ان انخفــاض االيــرادات‬
‫النفطيــة يعنــي بالمقابــل انخفــاض اإلســتيرادات‪ ،‬وبذلــك يكــون المحــور الريعــي هــو‬
‫المتغيــر المســتقل واالســتيرادات هــي المتغيــر التابــع‪ ،‬وتبعيــة االســتيرادات الســافرة‬
‫تلــك تلتصــق ســنوي ًا كمــا نالحظهــا فــي الشــكل بالصــادرات النفطيــة وليــس بمتغيــر‬
‫الصــادرات غيــر النفطيــة الــذي يــكاد ان يــرى فــي قــاع هيــكل الصــادرات الوطنــي‪.‬‬
‫‪| 258‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫واإلنطبــاع المتولــد الــذي يمكــن جزمــه بــان هيــكل االســتيرادات الوطنــي هــو هيــكل‬
‫قائــم علــى النمــط االســتهالكي والــذي يتمحــور حــول االســتهالك الغذائــي واأللبســة‬
‫واالدويــة والبضائــع األخــرى‪ ،‬ناهيــك عــن مســالة أخــرى وهــي أن االســتيرادات‬
‫الحكوميــة شــكلت أيضـ ًا حيــز ًا كبيــر ًا مــن هيــكل االســتيرادات الوطنــي منهــا اســتيراد‬
‫المشــتقات النفطيــة والكهربــاء وكذلــك االثــاث المكتبــي للدوائــر الحكوميــة‪ ،‬إال أنــه‬
‫قــد تحــول جــزء كبيــر مــن تلــك االســتيرادت إلــى القضايــا العســكرية بعــد دخــول‬
‫داعــش الــى البــاد‪ ،‬فــي مقابــل ضعــف االنفــاق االســتثماري‪.‬‬

‫كمــا أن إرتفــاع االســتيرادات وانخفــاض أســعار النفــط ســيؤدي الــى تحويــل‬


‫المعامــات الجاريــة الــى عجــز يتــم تمويلــه مــن احتياطيــات العملــة األجنبيــة أو عــن‬
‫طريــق اإلقتــراض دوليــ ًا كمــا حصــل فــي ســنوات االزمــة الماليــة العالميــة وأزمــة‬
‫إنهيــار أســعار النفــط‪.‬‬
‫ولتاكيــد عالقــة التبعيــة االقتصاديــة فــي هيــكل الصــادرات واالســتيرادات الوطنــي‬
‫باإلمــكان قيــاس حالــة التبعيــة االقتصاديــة عــن طريــق معامــل او مؤشــر «‪Gini‬‬
‫‪ »Hirschman‬الــذي يقيــس طبيعــة التركــز للصــادرات عــن طريــق المعادلــة اآلتيــة‪:‬‬

‫‪H=∑x1 /x1+x2‬‬
‫‪ H‬مؤشر التركز السلعي للصادرات‬
‫‪ 1X‬صادرات الدولة من السلعة االولى (النفطية)‬
‫‪ X2‬صادرات الدولة من السلعة الثانية (غير النفطية)‬
‫| ‪259‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫اذا كانــت النتجيــة اكبــر مــن ‪ ٪60‬هــذا يعنــي انطبــاق مؤشــر التبعيــة علــى اقتصــاد‬
‫الدولــة‪.‬‬

‫جدول‪ 4 .‬مؤشر التركز السلعي للصادرات العراقية حسب مؤشر هيرشمان (التبعية االقتصادية)‬

‫‪2010‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫السنة‬


‫‪0.99‬‬ ‫‪0.99‬‬ ‫‪0.99‬‬ ‫‪0.99‬‬ ‫‪0.99‬‬ ‫‪0.99‬‬ ‫‪0.99‬‬ ‫المؤشر ‪0.87‬‬

‫‪2018‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫السنة‬


‫‪0.97‬‬ ‫‪0.97‬‬ ‫‪0.97‬‬ ‫‪0.96‬‬ ‫‪0.95‬‬ ‫‪0.99‬‬ ‫‪0.99‬‬ ‫المؤشر ‪0.99‬‬

‫سادس ًا‪ :‬السياسة النقدية وأعباء االستقرار النقدي‬


‫تعــد المتغيــرات النقديــة ذات تأثيــر ســريع وفاعــل نســبي ًا فــي المســار العــام للنشــاط‬
‫االقتصــادي ألنهــا مرتبطــة بالجانــب النقــدي‪ ،‬فهنــاك عالقــة ديناميكيــة بيــن النقــود‬
‫والتضخــم واالنتــاج‪ ،‬وأن الجانــب النقــدي ينظــم بإجــراءات وسياســات خاضعــة‬
‫لرؤيــة البنــك المركــزي‪ ،‬وأن اإلشــارات التــي يبعثهــا البنــك المركــزي‪ ،‬تكــون بمثابــة‬
‫رســائل بإتجــاه إيضــاح التوجهــات للسياســة النقديــة فــي األمــد المنظــور‪ ،‬إذا كانــت‬
‫توســعية عــن طريــق تشــجيع التوســع عبــر زيــادة عــرض النقــد وخفــض ســعر الفائــدة‬
‫اإلســمي‪ ،‬أو انكماشــية عبــر تخفيــض عــرض النقــد ورفــع ســعر الفائــدة‪.‬‬
‫التوجــه االقتصــادي للبــاد نحــو اقتصــاد الســوق‪ ،‬كانــت إحــدى خطواتــه بإصــدر‬
‫قانــون اســتقاللية البنــك المركــزي‪ ،‬والــذي عــد نقطــة تحــول مهمــة‪ ،‬بعــد أن كان‬
‫البنــك المركــزي خاضــع للتوجهــات االقتصاديــة الحكوميــة‪.‬‬
‫فــي ظــل االســتقاللية للبنــوك المركزيــة فــي العالــم يتــم إســتخدام ثــاث أدوات‬
‫أساســية للســيطرة علــى المعــدل العــام لألســعار‪ ،‬ودفــع معــدالت التضخــم نحــو مــا‬
‫يعــرف (بالتضخــم المســتهدف) ‪ ،‬وهــي الحالــة التــي تضمن الســيطرة على االســعار‪،‬‬
‫مــع دفــع عجلــة النمــو االقتصــادي بــذات الوقــت‪ ،‬وهــذه االدوات هــي‪:‬‬
‫‪1 .‬نســبة االحتيــاط القانونــي‪ :‬وهــي نســبة يحتفــظ بهــا البنــك المركــزي‪،‬‬
‫مــن حجــم الودائــع بإشــكالها كافــه التــي بحــوزة البنــك التجــاري‪ ،‬وهــذه‬
‫النســبة يعمــد البنــك الــى رفعهــا لتقويــض مقــدرة البنــوك التجاريــة علــى منــح‬
‫‪| 260‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫القــروض لكبــح جمــاح التضخــم‪ ،‬أو العكــس لــو أراد البنــك المركــزي اتبــاع‬
‫سياســة نقديــة توســعية فعندهــا يخفــض تلــك النســبة‪.‬‬
‫‪2 .‬ســعر إعــادة الخصــم وســعر البنــك‪ :‬وتتمثــل هــذه األداة بالســعر الــذي‬
‫يحــدده البنــك المركــزي لخصــم مــا يتــم تقديمــه لــه مــن قبــل المصــارف‬
‫العاملــة فــي االقتصــاد مــن أوراق ماليــة أو تجاريــة‪ ،‬وعندمــا يقــرر البنــك‬
‫المركــزي أن تكــون السياســة النقديــة انكماشــية‪ ،‬فانــه يعمــد إلــى رفــع ســعر‬
‫إعــادة الخصــم‪ ،‬كــون إرتفــاع الســعر يرفــع كلفــة خصــم االوراق الماليــة‬
‫والتجاريــة ومــن ثــم عــزوف المصــارف التجاريــة مــن الخصــم لــدى البنــك‬
‫المركــزي‪ ،‬ممــا يــؤدي الــى تحديــد القــدرة االئتمانيــة للبنــوك التجاريــة ومــن‬
‫ثــم كبــح جمــاح التضخــم‪ ،‬والعكــس صحيــح تمامـ ًا‪ ،‬أمــا ســعر البنــك‪ ،‬فهــو‬
‫ســعر الفائــدة الــذي يقــوم البنــك المركــزي بفرضــه علــى القــروض الممنوحــة‬
‫مــن قبلــه الــى المصــارف التجاريــة بأعتبــاره (الملجــأ األخيــر لإلقــراض) وكذا‬
‫الحــال عنــد السياســة النقديــة االنكماشــية يرفــع البنــك المركــزي ســعر الفائــدة‬
‫كــون هــذا اإلجــراء يرفــع كلفــة االئتمــان علــى البنــوك التجاريــة‪ ،‬وبعــد ذلــك‬
‫علــى الجمهــور‪ ،‬ممــا يــؤدي الــى عــزوف العمــاء عــن االقتــراض‪ ،‬وفــي‬
‫النهايــة الســيطرة علــى معــدالت التضخــم‪.‬‬
‫‪3 .‬عمليــات الســوق المفتوحــة‪ :‬والمقصــود هنــا عمليــة طــرح الســندات‬
‫الحكوميــة طويلــة األجــل وهــذه األداة فعالــة جــد ًا وتحمــل أكثــر مــن وجــه‪،‬‬
‫فهــي مــن جانــب تمــول العجــز الــذي قــد يحصــل فــي الموازنــة الحكوميــة‪،‬‬
‫وبــذات الوقــت أداة فعالــة فــي الســيطرة علــى عــرض النقــد‪ ،‬فطــرح الســندات‬
‫للجمهــور وبيعهــا يعنــي ســحب الســيولة النقديــة مــن التــداول‪ ،‬األمــر الــذي‬
‫ينعكــس إيجابي ـ ًا علــى خفــض معــدالت التضخــم‪ ،‬أمــا شــراء تلــك االوراق‬
‫يعنــي ضــخ ســيولة داخــل االقتصــاد‪ ،‬االمــر الــذي ينعكــس ايجابيــ ًا علــى‬
‫حجــم الطلــب العــام فــي االقتصــاد‪ ،‬ومــن ثــم تنشــيط االقتصــاد مــن حالــة‬
‫الكســاد التــي يمــر بهــا‪.‬‬
‫إن تلــك األدوات‪ ،‬تمكــن البنــك المركــزي مــن توجيــه الكتلــة النقديــة داخــل‬
‫االقتصــاد بالشــكل الــذي يضمــن تحقيــق أهــداف السياســة النقديــة‪ ،‬والتــي‬
‫يقــع الســيطرة علــى المعــدل العــام لألســعار فــي مقدمتهــا حســب معاييــر‬
‫االســتقاللية‪ ،‬ولكــن فاعليــة تلــك األدوات وضمــان تأثيرهــا يتوقــف علــى‬
‫| ‪261‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫مجموعــة عوامــل يجــب توفرهــا داخــل االقتصــاد‪ ،‬وســوف نتطــرق الــى‬


‫جوانــب ذات تمــاس مباشــر بتلــك األدوات علــى مســتوى اقتصادنــا العراقــي‪،‬‬
‫لنحلــل علــى أثــر ذلــك طبيعــة إجــراءات البنــك المركــزي فــي مجــال الســيطرة‬
‫علــى األســعار‪ ،‬مــع بيــان كلــف تلــك اإلجــراءات وعالقتهــا بالتنميــة‪.‬‬
‫وهنــا نطــرح ســؤال جوهــري‪ ،‬هــل أن هــذه االدوات فاعلــة فــي الســيطرة‬
‫علــى المعــدل العــام لألســعار فــي العــراق؟ ال يخفــى علــى المتابــع أن هنــاك‬
‫مجموعــة متغيــرات لهــا تأثيــر مباشــر علــى تلــك األدوات‪ ،‬فالمعطيــات‬
‫السياســية وفقــدان االســتقرار االمنــي وقبــل ذلــك طبيعــة السياســية الماليــة‬
‫والتجاريــة كمــا وضحنــاه جعــل هنــاك محدوديــة كبيــرة جــد ًا فــي حجــم‬
‫االســتثمارات‪ ،‬بمعنــى أن كلفــة االئتمــان وســعر الفائــدة أصبــح محــدود‬
‫التاثيــر علــى االســتثمارات كونهــا فقــدت تقريبــا الحساســية تجــاه ســعر الفائــدة‬
‫بســبب الظــروف المشــار اليهــا‪ ،‬وهــذا يقودنــا إلــى الحكــم علــى أن أداة ســعر‬
‫الفائــدة أصبحــت غيــر فاعــل بيــد البنــك المركــزي للســيطرة علــى المعــدل‬
‫العــام لالســعار‪.‬‬
‫‪4.‬أمــا بخصــوص نســبة االحتياطــي القانونــي‪ ،‬والتــي ترتبــط إرتبــاط مباشــر‬
‫بالجهــاز المصرفــي كمــا بينــا ســابق ًا‪ ،‬وبســبب محدوديــة تأثيــر الجهــاز‬
‫المصرفــي داخــل االقتصــاد العراقــي لعوامــل عديــدة‪ ،‬ألقــى ذلــك بضاللــه‬
‫علــى األداة االخــرى مــن تلــك األدوات وهــي نســبة االحتياطــي القانونــي‪.‬‬
‫بقيــت عمليــة الســوق المفتوحــة بطــرح الســندات الحكوميــة طويلــة األجــل‪،‬‬
‫والتــي لــم يقــدم عليهــا البنــك المركــزي منــذ عــام التغييــر إلــى هــذا اليــوم‪،‬‬
‫مــع العلــم أنهــا أداة فعالــة ومهمــة جــد ًا‪ ،‬ويمكــن إعتبــار عــدم اللجــوء الــى‬
‫تلــك العمليــة غيــر مبــررة‪ ،‬لذلــك «ال ينبغــي للعــراق ان يتأخــر كثيــر ًا عنهــا»‪.‬‬
‫‪5.‬االدوات النقديــة لــم تكــن فاعلــة فــي الســيطرة علــى الكتلــة النقديــة وتحقيــق‬
‫االســتقرار العــام فــي االســعار ‪ -‬لذلــك تــم اللجــوء الــى سياســة اخــرى‬
‫لتحقيــق الغــرض االساســي للبنــك المركــزي وهــي (سياســة ســعر الصــرف او‬
‫مــزاد العملــة) ‪ ،‬وكمــا وضحنــا فــي السياســة التجاريــة أن العــراق يعتمــد بنحــو‬
‫ـاس لتلبيــة حاجــة الســوق الداخليــة علــى الســلع المســتوردة‪ ،‬وفــي هــذه‬ ‫أسـ ِ‬
‫الحالــة يعــد ســعر الصــرف هــو العامــل الحاســم فــي إســتقرار المعــدل العــام‬
‫لألســعار‪ ،‬لذلــك تــم إتبــاع نظــام صــرف (المعــوم المــدار) ‪ ،‬والــذي يطلــق‬
‫‪| 262‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫عليــه «بالقــذر» حســب األدبيــات االقتصاديــة الليبراليــة‪ ،‬ويتــم اللجــوء لــه فــي‬
‫حالــة الخــوف مــن (العائمــة) أي النظــام المعــوم‪ ،‬وعــن طريــق تلــك السياســة‬
‫نجــح البنــك المركــزي فــي الســيطرة علــى معــدالت التضخــم‪ ،‬وبهــذا تمكــن‬
‫البنــك عــن طريــق مــزاد العملــة فــي ترويــج العملــة الصعبــة للقطــاع الخــاص‬
‫العراقــي‪ ،‬فــي تحقيــق تلــك النســب المعقولــة مــن التضخــم عبــر البيــع بســعر‬
‫المــدار‪.‬‬
‫صــرف أقــل مــن المــوازي لــه وتثبيــت الســعر عبــر المعــوم ُ‬
‫‪6.‬االحتياطــي المتراكــم مــن العملــة الصعبــة لــه الفضــل فــي إســتقرار المؤشــرات‬
‫النقديــة وليــس الــى السياســات المتبعــة ‪ -‬إن مــن أهــم العوامــل التــي مكنــت‬
‫البنــك المركــزي العراقــي مــن إدارة هــذه السياســة بنجــاح‪ ،‬هــو حجــم‬
‫االحتياطــي المتراكــم مــن العملــة الصعبــة والــذي قــد تــم «عبــر قيــام وزارة‬
‫الماليــة بمقايضــة مالديهــا مــن ايــرادات بالــدوالر‪ . . .‬لقــاء حصولهــا علــى‬
‫مــا ترغــب بــه مــن الدينــار العراقــي»‪ ،‬وبهــذه العمليــة تراكــم اإلحتياطــي لــدى‬
‫البنــك المركــزي العراقــي‪ ،‬وأصبــح البنــك المركــزي يلبــي حاجــة القطــاع‬
‫التجــاري العراقــي مــن العملــة الصعبــة بســعر صــرف إمتــاز بالثبــات النســبي‬
‫خــال تلــك الســنوات‪.‬‬
‫‪7.‬ومــن مــا تقــدم ممكــن ان نشــير الــى مجموعــة تصــورات ومجموعــة أعبــاء‬
‫مبنيــة علــى مــا تقــدم مــن تحليــل ذات عالقــة بالسياســة النقديــة وهــي كاالتــي‪:‬‬
‫‪8.‬إن سياســة البنــك المركــزي بخصــوص ســعر الصــرف‪ ،‬هــي سياســة دفاعيــة‬
‫بامتيــاز‪ ،‬بمعنــى ان تجــاوب البنــك المركــزي لحجــم الطلــب المتنامــي فــي‬
‫هــذه الفتــرة دون أن يكــن لــه القــدرة علــى التحكــم بذلــك الطلــب نتيجــة‬
‫لفقــدان الســيطرة علــى العــرض النقــدي‪ ،‬والــذي صــار متغيــر تابــع للسياســة‬
‫اإلنفاقيــة الحكوميــة لذلــك هــي دفاعيــة وضعــت البنــك المركــزي بموضــع‬
‫المدافــع عــن قيمــة العملــة الوطنيــة ومــن ثــم االســتقرار بالمعــدل العــام‬
‫لألســعار‪ ،‬بمعنــى فقــدان البنــك المركــزي القــدرة علــى المبــادرة‪.‬‬
‫‪9.‬كلفــت تلــك السياســة الدفاعيــة نزيــف كبيــر مــن العملــة الصعبــة للخــارج‪،‬‬
‫والــذي يعكســها حجــم المبيعــات المتنامــي والــذي يعنــي باإلجمــال تســرب‬
‫عملــة صعبــة للخــارج وهــذه الظاهــرة تعرقــل عمليــة التراكــم الرأســمالي‬
‫وتعــوق النمــو والتنميــة‪.‬‬

‫| ‪263‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫ ‪10.‬أصبــح البنــك المركــزي‪ ،‬فــي قدرتــه علــى إدارة تلــك السياســة‪ ،‬حســاس‬
‫جــد ًا لإليــرادات النفطيــة والتــي تذبذبــت نتيجــة إلنخفــاض أســعار النفــط‪،‬‬
‫وهــذا واضــح جــد ًا فــي االنخفــاض الحاصــل مابيــن عامــي ‪ 2013‬و‪2014‬‬
‫مــن ‪ 6 ،90‬الــى ‪ 4 ،77‬تريليــون دينــار‪ ،‬بمعنــى إرتبــط غطــاء العملــة بالريــع‬
‫النفطــي وذلــك التذبــذب يســوق إلــى حالــة مــن عــدم االســتقرار كمؤشــر‬
‫ســلبي نحــو تحقيــق النمــو والتنميــة‪.‬‬
‫ ‪11.‬إن إرتبــاط االحتياطــي بالريــع النفطــي‪ ،‬يدخــل بلدنــا فــي تصنيفــات إقتصادية‬
‫ذات بعــد ســلبي منهــا مــا يطلــق عليــه مخاطــر البلــدان «‪»Country Risks‬‬
‫ومــن ضمــن تلــك المخاطــر موضــوع عــدم االســتقرار فــي إحتياطــي العملــة‬
‫االجنبيــة وهــذا األمــر يضعــف مؤشــرات المركــز االقتصــادي للعــراق عالميـ ًا‬
‫وجــذب االســتثمارات‪.‬‬
‫ ‪12.‬إن اإلســتقرار النســبي فــي معــدالت التضخــم نتيجــة لمــزاد العملــة‪ ،‬اليمكــن‬
‫تصنيفــه علــى أنــه إســتقرار راســخ فــي قيمــة العملــة‪ ،‬األمــر الــذي يعــد واحــدة‬
‫مــن اســباب ثقــة المســتثمر المحلــي واالجنبــي بإلســتقرار (هــش) اليمكــن‬
‫أن يبعــث برســالة قويــة للمســتثمر كــون العالقــة ذات حساســية عاليــة إليــراد‬
‫الســلعة الواحــد والمتذبذبــة ألســعار النفــط‪.‬‬
‫ ‪13.‬بالنظــر الــى طبيعــة السياســة التجاريــة كمــا بيناهــا فــي محــل ســابق‪،‬‬
‫واإلنكشــاف االقتصــادي وتصديــر النفــط الســتيراد كل شــيء تقريبــ ًا‪،‬‬
‫بالتزامــن مــع اإلرتفــاع المســتمر فــي االنفــاق الحكومــي االســتهالكي كلهــا‬
‫شــكلت قــوة دافعــة نحــو زيــادة االســتيراد والســيما فــي ظــل ســعر الصــرف‬
‫المدعــوم مــن قبــل المركــزي بدرجــات أقــل مــن الســعر المــوازي لــه والــذي‬
‫جعــل ســعر المســتورد مــن الســلع أقــل مــن قيمتهــا الحقيقيــة مــن جهــة‬
‫ومنافــس قاتــل للمنتــوج المحلــي عبــر الســعر والنــوع مــن جهــة اخــرى‪.‬‬
‫وهــذا أســهم بقــوة فــي القضــاء نســبي ًا ليــس علــى المنتــوج المحلــي فحســب‬
‫بــل علــى األمــل فــي تحفيــز االنتــاج المحلــي مســتقب ًال‪.‬‬
‫ ‪14.‬نتيجــة لفقــدان ســعر الفائــدة لفاعليتــه فــي تحفيــز االســتثمار واالدخــار‪،‬‬
‫أصبحــت قضيــة تراكــم اإلدخــار الوطنــي وصناعــة رأســمال محلــي كقــوة‬
‫ذاتيــة فــي تحقيــق النمــو والتنميــة أمــر صعــب جــد ًا‪.‬‬

‫‪| 264‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫ ‪15.‬إن إرتفــاع القيمــة الحقيقيــة للدينــار العراقــي يســبب مشــكلة كبيــرة بوجــه‬
‫تحقيــق التنميــة‪ ،‬ألن الــدول الســائرة فــي طريــق تحقيــق التنميــة عــادة مــا‬
‫تخشــى‪ ،‬وخاصــة الناهضــة‪ ،‬إرتفــاع ســعر الصــرف الحقيقــي لعمالتهــا‬
‫الوطنيــة للحفــاظ علــى زخــم االســتثمار فــي االنشــطة المتجهــة للتصديــر‪.‬‬

‫شكل‪ 9 .‬اثر ارتفاع سعر صرف العملة الوطنية في تحقيق النمو والتنمية االقتصادية‬

‫وملخــص القــول‪ ،‬إلــى أن حجــم األعبــاء التــي تحملتهــا السياســة النقديــة‬


‫للســيطرة علــى المعــدل العــام لألســعار كــردود أفعــال تجــاه السياســة الماليــة‬
‫والسياســة التجاريــة‪ ،‬شــكلت عائــق فــي العديــد مــن جوانبهــا لتحقيــق النمــو والتنميــة‬
‫االقتصاديــة‪.‬‬

‫سابع ًا‪ :‬المخاطر االقليمية على التنمية في العراق‪:‬‬


‫عــدم ضبــط ايقاعــات الحركــة االقتصاديــة مــع الوضــع الجغرافــي للعــراق يؤثــر‬
‫فــي فــرص التنميــة الوطنيــة‪ ،‬خصوصـ ًا مــع ســيادة مبــدأ االنفتــاح االقتصــادي وعــدم‬
‫ضبــط إيقاعــات الحركــة االقتصاديــة للبــاد وفــق منهــاج أو سياســة وطنيــة واضحــة‬
‫تراعــي احتياجــات النمــو الوطنيــة‪ ،‬العــراق يعــد دولــة شــبه حبيســة‪ ،‬فهــو محــاط‬
‫بســتة دول بريــ ًا‪ ،‬مــع إطاللــة بحريــة ضيقــة جــد ًا طولهــا ‪ 57‬كــم‪ ،‬ووفــق أدبيــات‬
‫| ‪265‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫النمــو الســائدة إلــى يومنــا هــذا‪ ،‬فانــه عــادة مــا تكــون الــدول البحريــة أكثــر قــدرة‬
‫علــى إدارة النمــو مــن الــدول الحبيســة‪ ،‬وهنــاك الكثيــر مــن الشــواهد الفعليــة لهــذه‬
‫النظريــة منهــا الموقــع الجغرافــي لليابــان ودول جنــوب شــرق أســيا وحتــى الواليــات‬
‫المتحــدة وبريطانيــا تاريخي ـ ًا‪ .‬لكــن موقــع العــراق فــي هــذه الرقعــة الجغرافيــة ليــس‬
‫هــو الفاعــل الوحيــد المؤثــر فــي الواقــع التنمــوي كمتغيــر خارجــي‪ ،‬إذ أن التوتــرات‬
‫التــي تشــهدها المنطقــة نجــد لهــا صــدى كبيــر فــي االقتصــاد الوطنــي بــل وحتــى‬
‫علــى المســتوى الرســمي‪ ،‬خاص ـ ًة وأن الديموغرافيــة الســكانية للبــاد تعــد مكم ـ ًا‬
‫لديموغرافيــة المنطقــة‪ ،‬وتتاثــر إلــى حــد كبيــر بالجــوار الجغرافــي‪ ،‬فهنــاك توتــرات‬
‫ومناطــق ســاخنة وتدخــل دولــي يرجــع معظــم تلــك الصراعــات إلــى عوامــل التطــرف‬
‫وأســباب طائفيــة‪ .‬ولذلــك فــإن حالــة الالإســتقرار فــي المنطقــة تنعكــس بصــورة جليــة‬
‫علــى االوضــاع الوطنيــة وربمــا علــى المواقــف بيــن المكونــات الوطنيــة‪.‬‬
‫العــدوى االقتصاديــة للفســاد والتهريــب والمبــادالت التجاريــة غيــر القانونيــة‬
‫تتكيــف مــع البيئــة االقليميــة التــي تشــترك فــي مؤشــرات الفســاد ‪ -‬ويضــاف إلــى ذلــك‬
‫التعقيــد أن كل دول الجــوار الجغرافــي للعــراق تصنــف علــى أنهــا دول اســتبدادية‬
‫أو هجينــة بيــن الديموقراطيــة والديكتاتوريــة‪ ،‬كذلــك فــإن هــذه الــدول لهــا ســجل‬
‫متفــاوت بيــن المتوســط والمرتفــع فــي مؤشــر الفســاد الصــادر مــن منظمــة الشــافية‬
‫الدوليــة‪ .‬وهــذا الوضــع يؤثــر علــى جهــود اإلصــاح االقتصــادي محليــ ًا كــون أن‬
‫العــدوى االقتصاديــة للفســاد كالتهريــب أو الصفقــات والمبــادالت التجاريــة غيــر‬
‫القانونيــة لهــا بيئــة مشــتركة وهــي قــادرة علــى االســتقرار والنمو والنفــاذ عبــر الحدود‪.‬‬
‫توزيــع المنافــذ يبعــد خطــر التوتــرات االقليميــة علــى االقتصــاد الوطنــي ‪-‬‬
‫بخصــوص المنفــذ البحــري للبــاد‪ ،‬فــإن هــذا المنفــذ يمــر عبــر طــرق تعــد األشــد‬
‫خطــر ًا فــي العالــم وغيــر مســتقرة بســبب الصــراع االمريكــي االيرانــي حــول مضيــق‬
‫هرمــز‪ ،‬والمســألة االساســية هنــا تتعلــق بالعــراق ف ‪ ٪90‬مــن صــادرات العــراق‬
‫مــن النفــط تمــر عبــر هــذا المنفــذ‪ ،‬كمــا ان ‪ ٪86‬مــن اســتيرادات العــراق أيض ـ ًا تمــر‬
‫عبــر البصــرة وهــو مايجعــل مصيــر البــاد االقتصــادي مرهــون باالوضــاع فــي تلــك‬
‫المنطقــة‪ ،‬وإحتماليــة نشــوب صــراع فــي مضيــق هرمــز فــإن ذلــك اليعنــي فقــط إيقــاف‬
‫عجلــة النمــو فــي االقتصــاد العــراق وإنمــا أيضــا ربمــا ســيؤدي إلــى ركــود اقتصــادي‬
‫وأزمــة حــادة فــي مســتويات اإلســتهالك المحلــي‪.‬‬

‫‪| 266‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫موازنــة البــاد الماليــة مرتبطــة بالــدورة االقتصاديــة للــدول المتقدمــة ‪ -‬أمــا علــى‬
‫الصعيــد الدولــي‪ ،‬فــان تصميــم وضــع الموازنــة فــي البــاد جعلهــا لصيقــة األوضــاع‬
‫االقتصاديــة الدوليــة ومــن ثــم فهــي موازنــة تبعيــة كمــا تــم االشــارة فيمــا ســبق وهــذه‬
‫التبعيــة ترهــن موضــوع التنميــة فــي البــاد بالــدورة االقتصاديــة فــي الــدول المتقدمــة‬
‫عــن طريــق ظــروف الطلــب علــى الســوق النفطــي الدولــي‪ ،‬واضطرابــات النمــو فــي‬
‫البلــدان المتقدمــة‪.‬‬
‫ومــن جهــة أخــرى‪ ،‬تعــد المديونيــة الدوليــة واحــدة مــن المشــاكل التــي تنــدرج‬
‫ضمــن عوائــق التنميــة فــي البــاد‪ ،‬فديــون العــراق بعــد عــام ‪ 2003‬كانــت ‪ 130‬مليــار‬
‫دوالر‪ ،‬وقامــت الحكومــة العراقيــة بمســاعدة المنظمــات االقتصاديــة الدوليــة بإطفــاء‬
‫جــزء كبيــر مــن هــذه الديــون وصلــت الــى ‪ ٪80‬عبــر نــادي باريــس ولنــدن‪ ،‬ولكــن‬
‫بقيــت هنــاك ديــون مســتحقة علــى العــراق والناتجــة مــن غــزو النظــام الســابق للكويــت‬
‫والتعويضــات التــي فرضــت علــى ذلــك الغــزو‪ ،‬فض ـ ًا عــن الديــون الســعودية‪ ،‬وال‬
‫زالــت الحكومــة العراقيــة إلــى يومنــا هــذا تعمــل علــى ســداد الديــون وفوائدهــا‪،‬‬
‫وتبلــغ قيمــة الديــون حالي ـ ًا المســتحقة علــى العــراق ‪ 66‬مليــار دوالر امريكــي‪ ،‬منهــا‬
‫‪ 40‬مليــار تابعــة الــى النظــام الســابق و‪ 26‬مليــار اقرضــت بعــد عــام ‪ ،2003‬وتتحمــل‬
‫الدولــة العراقيــة فوائــد الديــون التــي ترتفــع ســنوي ًا (تــم إيقــاف فوائــد الديــن التابعــة‬
‫الــى النظــام الســابق مــن قبــل الحكومــة العراقيــة)‪ .‬وتشــير بعــض المصــادر إلــى أن‬
‫ســداد الديــن ســنويا يبلــغ ‪ ٪12-9‬مــن الموازنــة العامــة االتحاديــة للبــاد‪.‬‬
‫يــؤدي هــذا الدَيــن الدولــي دور ًا رئيسـ ًا فــي عرقلــة عمليــة التنميــة االقتصاديــة فــي‬
‫البــاد‪ ،‬ألن ســداد هــذا الدَيــن يقــوم علــى أســاس خصــم جــزء مــن مبيعــات النفــط‬
‫العراقيــة‪ ،‬فــي الوقــت الــذي باإلمــكان أن يتــم تحويــل جــزء مــن هــذه االســتقطاعات‬
‫بغــرض إعــادة بنــاء المؤسســات االنتاجيــة خاصــة تلــك المتعلقــة بالنفــط والطاقــة‬
‫والتــي ترتبــط بتطويــر القطاعــات االنتاجيــة االخــرى‪.‬‬
‫خالصــة القــول‪ ،‬فــان هنــاك مجموعــة مــن الكوابــح االقليميــة والدوليــة التــي‬
‫ســيكون لهــا أثــر كبيــر فــي جهــود التنميــة الوطنيــة منهــا األزمــات التــي تعيشــها‬
‫المنطقــة وخصوص ـ ًا الصــراع االمريكــي االيرانــي فــي المنطقــة وأثــره علــى العــراق‪،‬‬
‫كذلــك الحــرب األهليــة فــي ســوريا والغــارات التركيــة وااليرانيــة فــي مناطــق شــمال‬
‫العــراق والتــي تتطلــب مــن العــراق أن يثبــت قوتــه وحضــوره العســكري فــي تلــك‬
‫الرقعــة الجغرافيــة مــن البــاد‪ ،‬ممــا يعنــي رفــع االنفــاق العســكري‪ ،‬والــذي ربمــا‬
‫| ‪267‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫ســيقابل بتعطــل االنشــطة االســتثمارية فــي تلــك المنطقــة مــن البــاد بســبب هــروب‬
‫رأس المــال وعــدم االســتثمار‪ ،‬وبالتوجــه الــى أقصــى الجنــوب وبالتحديــد الــى‬
‫المنفــذ المائــي الوحيــد للعــراق‪ ،‬فيبــدو أن قيــود العــراق التنمويــة ســتكبح مــن هــذا‬
‫المنفــذ‪ ،‬فــكل مــن ايــران والكويــت تتشــارك فــي هــذا الممــر الحيــوي‪ ،‬والكويــت‬
‫فعــا بــدات بمضايقــة تجــارة العــراق فــي خــور عبــد اهلل عبــر مينــاء مبــارك‪ ،‬وايــران‬
‫تعلــن صراحــة نيتهــا بإغــاق مضيــق هرمــز أمــام حركــة التجــارة الدوليــة وفــي حــال‬
‫حصــول ذلــك فــان العــراق ســيكون اكبــر المتضرريــن اقتصاديــا جــراء هــذا الفعــل‪.‬‬
‫ومــن ثــم إشــكالية الديــون المترتبــة علــى العــراق جــراء العقوبــات الدوليــة علــى‬
‫النظــام الســابق والتــي تتحملهــا الحكومــة العراقيــة‪ ،‬فباإلمــكان اســتثمار العالقــات‬
‫الجيــدة للعــراق مــع دول الخليــج والقيــام بمفاوضــات طويلــة األمــد مــن أجــل إعفــاء‬
‫العــراق مــن جــزء مــن هــذه الديــون أو إعــادة جدولتهــا واســتثمار جــزء منهــا فــي البــاد‬
‫كمشــاريع اســتثمارية فــي البــاد‪.‬‬
‫بقــاء الديموقراطيــة تبقــى مســالة حساســة أيضــ ًا لمســالة النمــو االقتصــادي ‪-‬‬
‫عندمــا تشــهد الديموقراطيــات نمــو ًا اقتصاديـ ًا أيضـ ًا‪ ،‬فــإن إحتماليــة اســتبدالها بنظــام‬
‫اســتبدادي فــي ســنة مــا هــو ‪ ، ٪5 .1‬ولكــن الهبــوط االقتصــادي يرفــع هــذه النســبة‬
‫الــى ‪ ، ٪5‬إذ إن أغلــب حــاالت مــوت الديموقراطيــة تكــون مصحوبــة بازمــات‬
‫اقتصاديــة‪ ،‬وهــو أمــر مرهــون فــي حقيقتــه بصــادرات النفــط‪ ،‬أي إنــه إذا إســتمر‬
‫التصديــر بنســب مرتفــة يصاحبــه نمــو اقتصــادي عالمــي وارتفــاع ملحــوظ فــي أســعار‬
‫النفــط فــإن ذلــك ممكــن أن يــؤدي إلــى تاميــن نمــو الديمقراطيــة فــي العــراق ويرفــع‬
‫مــن إحتمــال ديمومتهــا فــي العــراق‪.‬‬
‫ولكــن تبقــى مســالة مهمــة وهــي أن ضمــان بقــاء الديمقراطيــة يجــب أن يرافقــه أو‬
‫يرتبــط معــه تحقيــق المســاواة فــي الدخــل‪ ،‬إذ تشــير البحــوث إلــى أن الديموقراطيــات‬
‫األكثــر إســتقرار ًا ترتبــط بمجتمعــات المســاواة‪ ،‬وهــي مســالة يبــدو مــن الصعوبــة‬
‫تحقيقهــا فــي البيئــة العراقيــة‪ ،‬فمؤشــرات الفقــر ترتفــع‪ ،‬وخصوصــا مؤشــرات الفقــر‬
‫متعــدد األبعــاد‪ ،‬صحيــح أنهــا كانــت مرتفــة بعــد عــام ‪ 2003‬إذ علــى ســبيل المثــال‬
‫ارتفــع معــدل الفقــر متعــدد األبعــاد فــي ‪ 2007‬وشــكل ‪ ٪4 .22‬مــن حجــم الســكان‬
‫إال أنــه إنخفــض بعــد ذلــك الــى ‪ ٪6 .11‬فــي عــام ‪ ،2011‬بعدهــا ليتصاعــد هــذا‬
‫الرقــم بمديــات مرتفعــة اذ وصــل الــى ‪ ٪35‬مــن حجــم الســكان فــي العــراق فــي‬
‫‪ ،2017‬وهــو مــا ينــذر بإرتفــاع هــذا الرقــم مســتقب ًال مماســيؤثر حتمـ ًا علــى االســتقرار‬
‫‪| 268‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫السياســي واالقتصــادي واالجتماعــي فــي البــاد‪ .‬وهنــا تجــدر اإلشــارة إلــى أنــه‬
‫وبالرغــم مــن إرتفــاع حجــم الناتــج المحلــي االجمالــي فــي البــاد مــن ‪ 88‬مليــار‬
‫دوالر فــي ‪ 2007‬الــى ‪ 186‬مليــار دوالر فــي ‪ 2011‬وفــي ‪ 2017‬الــى ‪ 193‬مليــار‬
‫دوالر‪ ،‬اال ان معــدالت الفقــر متعــدد األبعــاد ضلــت تأخــذ منحــى مرتفــع‪ ،‬ومــرده‬
‫ناتــج إلــى الطبيعــة األحاديــة لالقتصــاد العراقــي وإعتمــاده علــى صــادرات النفــط ومــن‬
‫ثــم دور الموازنــة فــي تحريــك عجلــة االقتصــاد ذي الميــل الحــدي لالســتهالك‪ .‬ألنــه‬
‫وبنفــس الوقــت الــذي ترتفــع فيــه معــدالت الفقــر فــإن معــدل دخــل الفــرد (حصــة‬
‫الفــرد مــن الناتــج المحلــي االجمالــي) هــو اآلخــر إرتفــع‪ ،‬فقــد كان هــذا المعــدل فــي‬
‫‪ 2007‬ال يتجــاوز ‪ 600 ،2‬دوالر فــإن هــذه الحصــة إرتفعــت الــى ‪ 000 ،5‬دوالر‬
‫فــي ‪ .2017‬هــذه المفارقــات ناتجــة مــن التوليفــة الخاطئــة التــي أشــرنا اليهــا فيمــا‬
‫ســبق فــاإلدارة اإلقتصاديــة للبــاد فــي ظــروف التحــول لــم تكــن ســليمة وتفقــد أي‬
‫رؤيــة تجــاه االوضــاع اإلقتصاديــة أو التنمويــة فــي عمــوم البــاد‪.‬‬
‫إن تلــك األوضــاع تزيــد مــن خطــر هشاشــة األوضــاع فــي العــراق‪ ،‬والتــي تزيــد‬
‫مــن تعقيــدات اإلختبــار لإلســتقرار السياســي فــي العــراق‪ ،‬فقــد حصــل العــراق علــى‬
‫تصنيــف ضعيــف جــد ًا فــي مؤشــر الدولــة الهشــة‪ ،‬وهــو مــا يؤثــر علــى مشــروعية‬
‫النظــام السياســي فــي العــراق والتــي تتناقــص بشــكل ســريع‪ ،‬فالعــراق رســى فــي قــاع‬
‫الــدول ضمــن مؤشــر هشاشــة النظــام لألعــوام الســابقة مــن ‪ 2007‬وإلــى العــام الحالي‬
‫‪ .2019‬ولــم تطــرأ تغييــرات أو تحســينات فــي بنيــة هيــكل عمــل الدولــة العراقيــة‬
‫والناتجــة فــي جــزء كبيــر منهــا مــن العقبــات التــي تــم اإلشــارة إليهــا فيمــا ســبق‪ .‬وهــذا‬
‫يمكــن أن يضعنــا أمــام معادلــة «صامويــل هانتجتــون» (‪ )Samuel Huntington‬التــي‬
‫يربــط فيهــا بيــن التنميــة االقتصاديــة واالســتقرار السياســي‪ ،‬إذ يــرى هنتجتــون بــأن‬
‫الحركــة االجتماعيــة هــي وليــدة التنميــة االقتصاديــة وإن فشــل التنميــة ســيؤدي الــى‬
‫االحبــاط االجتماعــي‪ ،‬ومــن ثــم فــإن اإلحبــاط االجتماعــي يعمل علــى زيــادة الحركة‬
‫المضــادة ضــد النظــام‪ ،‬ومــن ثــم ضعــف المشــاركة السياســية‪ ،‬وأن ضعــف المشــاركة‬
‫السياســية يولــد حالــة مــن الالإســتقرار السياســي وتوتــر األوضــاع فــي البــاد‪ ،‬وهــذا‬
‫األمــر يمكــن أن نــرى مالمحــه فــي االنتخابــات التــي جــرت فــي عــام ‪ ،2018‬إذ‬
‫يالحــظ أن النســبة المتدنيــة للمشــاركة تعــزى الــى مقــدار االحبــاط االجتماعــي‪.‬‬

‫| ‪269‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫ملخص تنفيذي المحور الثاني‬

‫ينطلــق إصــاح السياســات الماليــة واألداء االقتصــادي للحكومــة مــن تحســين‬


‫المســارات المكونــة للناتــج المحلــي االجمالــي عــن طريــق التركيــز علــى موضــوع‬
‫التنــوع االقتصــادي‪ ،‬وتحســين إتجاهــات االنفــاق الحكوميــة الجاريــة كونهــا‬
‫أصبحــت أســيرة لموروثــات األخطــاء التراكميــة للسياســة الماليــة فــي الســنوات‬
‫الســابقة‪ ،‬ويتطلــب األمــر فــي جــزء منــه التركيــز علــى تحســين االنفــاق االســتثماري‬
‫الــذي يبــدو إنــه صــار ضحيــة للنفقــات الحكوميــة الجاريــة‪ ،‬ألن السياســية الماليــة‬
‫الحكوميــة أصبحــت وكأنهــا قائمــة علــى ردات الفعــل‪ ،‬وال تســتطيع أن تبنــي آفــاق‬
‫واســعة للنمــو‪ .‬فالنمــو المتوقــع فــي الناتــج المحلــي االجمالــي لــن يكــون نمــو ًا يــرد‬
‫اثــره الــى دور فاعــل فــي السياســة الماليــة‪ ،‬ولذلــك ال يمكــن أن يتوقــع بــأن النمــو‬
‫االقتصــادي الــذي ســيحصل فــي أن يكــون مســتدام ًا‪ ،‬وهــذا النمــو األولــي يتطلــب‬
‫تنويــع االيــرادات وضبــط النفقــات التشــغيلية‪ ،‬ولذلــك البــد مــن التركيــز علــى إنفــاذ‬
‫سياســة ضريبيــة كفــوءة‪ ،‬يتبــع ذلــك‪ ،‬تنفيــذ إصالحــات فــي القطــاع العــام تزيــد‬
‫مــن الجــدوى االنتاجيــة لموظفــي هــذا القطــاع المترهــل‪ ،‬وأيضــا العمــل علــى دفــع‬
‫االصــاح الهيكلــي فــي المؤسســات المملوكــة للدولــة‪ ،‬بإعتبــار أن تحقيــق ذلــك‬
‫سيشــكل فرصــة إلعــادة توجيــه النفقــات االســتثمارية‪.‬‬
‫ولتحقيــق نمــو فاعــل فــي قــوى الســوق وفــي المشــروعات التابعــة الــى القطــاع‬
‫الخــاص‪ ،‬فإنــه يتطلــب التركيــز علــى توســيع قاعــدة التمويــل والوصــول الســريع إليــه‬
‫بتخفيــف المشــروطية الممنوحــة علــى القــروض‪ ،‬كــون أن هــذا النــوع مــن القــروض‬
‫يؤمــن فــرص أوســع للتشــغيل وتقليــل البطالــة‪ ،‬وخصوصـ ًا فــي المشــروعات الصغيرة‬
‫والمتوســطة‪.‬‬
‫ولكــي تعــزز الحكومــة مــن قدراتهــا التنمويــة والتخطيــط الســليم للتنميــة بإحصــاء‬
‫دقيــق لالمكانــات المتاحــة‪ ،‬فــإن األمــر يتطلــب تحجيــم دور القطــاع غيــر الرســمي‬
‫فــي االقتصــاد‪ ،‬ألن هــذا القطــاع يضاعــف مــن الهــدر‪ ،‬ويوهــم المخطــط باتجاهــات‬
‫التنميــة‪ ،‬فضـ ًا عــن أنــه يعــد أكبــر عائــق أمــام تحقيــق تنــوع االيــرادات‪ ،‬ألنــه يخــرج‬
‫مــن الســجل الحكومــي‪.‬‬
‫إن التركيــز علــى تنميــة القطــاع الخــاص ســيقلل العــبء‪ ،‬أو الضغــط علــى‬
‫المنظومــة الحكوميــة فيمــا يتعلــق بالتعييــن أو إيجــاد وظائــف للعاطليــن فــي القطــاع‬
‫‪| 270‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫العــام‪ ،‬إال أن تعزيــز النمــو فــي القطــاع الخــاص يتطلــب إنهــاء التمييــز القانونــي أو‬
‫السياســاتي بيــن القطاعيــن‪ ،‬فكلمــا تــم تحقيــق قــدر أكبــر مــن العدالــة التشــريعية أو‬
‫الماليــة أو الرقابيــة‪ ،‬كلمــا قلــت نســب التفــاوت وتتحســن فــرص التكافــؤ‪ .‬وهــو‬
‫ســيؤدي إلــى حمايــة النظــام العــام فــي البــاد مــن أي إرتــدادات أو هــزات إجتماعيــة‬
‫عنيفــة‪.‬‬
‫ولكــن هــل يتــم تحقيــق ذلــك بعيــد ًا عــن قطــاع الطاقــة؟ ســيبقى قطــاع الطاقــة‬
‫فــي العــراق الركــن الــذي ال يمكــن اإلســتغناء عنــه‪ ،‬والــذي يحتــاج إلــى مزيــد مــن‬
‫االســتثمارات فيــه‪ ،‬لكــن بشــرط أن يقتــرن االســتثمار فــي قطــاع النفــط أو الغــاز‬
‫بسياســات جديــدة تتعامــل مــع االيــرادات كمنفــذ حيــوي لتعزيــز النفقــات الحكوميــة‬
‫االســتثمارية‪ ،‬التــي تؤمــن تنشــيط االقتصــاد غيــر النفطــي‪ .‬واالســتثمارات فــي قطــاع‬
‫الغــاز باإلمــكان أن تدعــم تحقيــق مضاعــف مالــي للحكومــة يخــدم الســوق‪.‬‬
‫وفــي جانــب منــه يمكــن أن يحقــق االســتثمار المتواصــل فــي قطــاع الطاقــة الفرصــة‬
‫لخلــق إســتثمارات ســيادية تنصــف حقــوق االجيــال القادمــة‪ .‬كمــا وينــدرج تحــت‬
‫هــذا البنــد تحســين الكهربــاء‪ ،‬ألنهــا تســهم بدرجــة كبيــرة فــي تحقيــق مرونــة فــي‬
‫عمــل الســوق وفــي إقامــة المشــروعات الصغيــرة والمتوســطة التــي تخفــف مــن حجــم‬
‫البطالــة والضغــط االجتماعــي‪.‬‬
‫وبقــدر تعلــق األمــر باإلســتقرار السياســي العــام‪ ،‬فــإن المتغيــر االقتصــادي‬
‫ســيكون لــه دور فــي إســتقرار المناطــق المحــررة مــن داعــش‪ ،‬ألن دعــم قــوى الســوق‬
‫وتهميــش الفــوارق االقتصاديــة التــي لحقــت بهــذه المناطــق مــن حيــث ضعــف‬
‫قــدرات الســوق وارتفــاع معــدالت البطالــة عــن مــا ســواها مــن المناطــق األخــرى مــن‬
‫البــاد ســيؤدي إلــى حالــة مــن اإلغتــراب الوطنــي‪ ،‬فــإن األمــر يتطلــب اإلهتمــام بهــذا‬
‫المناطــق والــذي يعــد مــن أبــرز المداخــل التــي تحــرم القــوى المتطرفــة مــن العــودة‬
‫إلــى أنشــطتها أو إيجــاد بيئــة مناســبة لمؤيديهــا‪.‬‬

‫| ‪271‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫المحور الثاني‬

‫اصالح السياسات المالية واألداء االقتصادي الحكومي‬

‫ورثــت الدولــة العراقيــة فــي عــام ‪ 2003‬اقتصــاد ًا متخلــف بجميــع صفاتــه‪ ،‬فقــد‬
‫أســهمت العقوبــات االقتصاديــة الدوليــة علــى العــراق فــي تعثــر وتشــوه العالقــة بيــن‬
‫القطاعــات االقتصاديــة‪ ،‬كمــا عــزز نظــام العقوبــات الدوليــة والتنافــض فــي فلســفة‬
‫االدارة االقتصاديــة مــن النظــام السياســي إلــى ظهــور االقتصــاد غيــر الرســمي‪،‬‬
‫وكانــت اإليــرادات الحكوميــة تتــم فــي كثيــر مــن األحيــان خــال فتــرة العقوبــات‬
‫الدوليــة علــى التهريــب والتجــارة غيــر المشــروعة ضمــن خطــة أعدهــا النظــام‬
‫السياســي للتجــاوز علــى العقوبــات الدوليــة‪ ،‬كمــا أن حزمــة السياســات التــي إتبعهــا‬
‫هــذا النظــام شــوهت العالقــة بيــن المتغيــرات االقتصاديــة فــي الســوق الوطنــي‪،‬‬
‫أبرزهــا كانــت التضخــم المفــرط والناتجــة مــن إختــال العالقــة بيــن العــرض‬
‫والطلــب‪ ،‬وهــو مــاأدى إلــى تشــوه أســس التنميــة فــي البــاد والقــدرة علــى إحصــاء‬
‫القطاعــات المنتجــة فــي االقتصــاد الوطنــي‪ ،‬وبعــد عــام ‪ 2003‬والــى يومنــا هــذا‪،‬‬
‫تواجــه الحكومــة العراقيــة موروثــات ســلبية كبيــرة مــن النظــام الســابق أبرزهــا الديــون‬
‫الدوليــة والتضخــم وضعــف الخدمــات وإضمحــال قــوى الســوق المحليــة وإعتمــاد‬
‫حكومــي كبيــر علــى الميزانيــة االتحاديــة التــي تواجــه طلبــات وضغــوط كثيــرة‪ ،‬وهــذه‬
‫الضغــوط ناتجــة بالدرجــة األســاس كمــا رأينــا فــي المحــور األول ناتجــة باألســاس‬
‫مــن تصميــم الموازنــة العامــة‪ ،‬والتــي نجــد مــن الصعوبــة علــى الحكومــة العراقيــة‬
‫فــي التخلــي عــن النهــج المتبــع فــي تصميــم الموازنــات العامــة‪ ،‬والتــي كانــت فــي‬
‫بداياتهــا مراعيــة للظــروف االجتماعيــة التــي مــر بهــا العــراق خــال العقــود الماضيــة‪،‬‬
‫إال أنهــا عــززت الطابــع األحــادي والنمــط التشــغيلي علــى االســتثماري ممــا يصعــب‬
‫فــك هــذه العالقــة فــي الوقــت الحاضــر أو عــاج اآلثــار التــي تركتهــا علــى نمــط‬
‫االنتــاج أو الســوق بصــورة عامــة‪ ،‬فالمشــكلة األســاس التــي خلقتهــا الموازنــة هــو‬
‫ترهــل كبيــر فــي الرواتــب واالجــور التــي تشــكل نصــف القــوى العاملــة فــي البــاد‬
‫والتــي تعتمــد علــى االنفــاق الحكومــي‪ ،‬كمــا ويســتمر اإلنفــاق االمنــي (الجيــش‬
‫والشــرطة) فــي التصاعــد والنمــو‪ ،‬ومــع تبــدل شــكل التحديــات األمنيــة بمســارات‬
‫وتكتيــكات مختلفــة فــان ذلــك يقابلــه إســتعداد حكومــي أكبــر بمعنــى آخــر أبــواب‬
‫‪| 272‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫لإلنفــاق جديــدة قــد التمثــل إمتــداد لالبــواب الســابقة‪ ،‬وهــو مــا يمثــل عقبــة أمــام‬
‫التراجــع عــن اإلجــراءات الســابقة‪ ،‬يترافــق مــع ذلــك إنفــاق كبيــر للتخفيــف مــن حــدة‬
‫الفقــر علــى شــكل ســلة غــذاء والتــي تمثلهــا الحصــة التموينيــة التــي يصــل اإلنفــاق‬
‫عليهــا ‪ ٪2‬مــن الناتــج االجمالــي فــي البــاد يتخللهــا فســاد كبيــر‪ ،‬ومصروفــات شــبكة‬
‫الحمايــة االجتماعيــة االخــرى‪ ،‬ومــن ثــم ضغوطــات أخــرى علــى شــكل إنفــاق‬
‫اســتثماري إلعــادة إعمــار المناطــق المحــررة مــن داعــش وترميــم البنــى التحتيــة التــي‬
‫تدمــرت بشــكل شــبه كامــل نتيجــة للحــرب التــي دارت فــي تلــك المناطــق‪ ،‬والننســى‬
‫المتطلبــات األخــرى منهــا الديــون المتراكمــة علــى العــراق وفوائدهــا والتعويضــات‬
‫الماليــة لدولــة الكويــت جــراء غــزو النظــام الســابق الــى الكويــت‪ ،‬واإلنفــاق علــى‬
‫خطــة التنميــة الوطنيــة طويلــة األمــد والتــي تدعــوا إلــى إســتثمار طويــل األمــد وهائــل‬
‫فــي مجــال استكشــاف وإنتــاج وتســويق النفــط‪ .‬وهــي كلهــا تمثــل ضغــوط ليــس مــن‬
‫الســهولة التوفيــق فيمــا بينهــا‪.‬‬
‫ومــن أجــل التنســيق بيــن المتطلبــات والضغــوط الكبيرة علــى الموازنــة الحكومية‪،‬‬
‫فإنــه يجــب أن تصمــم السياســة الماليــة بشــكل يعــزز مــن إســتقرار الوضــع االقتصــاد‬
‫للبلــد ورفــع معــدالت النمــو الحقيقــي وإســتقرار األســعار وتخفيــض البطالــة‬
‫وبنــاء موازنــات مســتجيبة الــى األهــداف التنمويــة للبــاد‪ .‬وعنــد تتبــع مســار األداء‬
‫االقتصــادي للحكومــة العراقيــة نجــد أنهــا دائمـ ًا ماتحــاول أن تتغلــب علــى الصعوبــات‬
‫االقتصاديــة ومطالــب الجماهيــر بزيــادة الصــادرات مــن النفــط الخــام‪ ،‬وهــو إجــراء‬
‫يعــزز مــن المشــاكل االقتصاديــة علــى األمــد البعيــد‪ ،‬وفــي كثيــر مــن االحيــان كانــت‬
‫الحكومــة العراقيــة فــي وضــع يحســد عليــه إذا ماقارنــا الوضــع االقتصــادي بباقــي‬
‫الــدول الناميــة‪ ،‬فقــد أســهمت الزيــادة فــي أســعار النفــط فــي عــام ‪ 2012‬إلــى إرتفــاع‬
‫معــدل االيــراد الحكومــي الــى ‪ ، ٪27‬ولكــن فــي حقيقــة األمــر فــإن هــذا اإليــراد لــم‬
‫يعكــس تحســن واضــح علــى مســتوى التنميــة االقتصاديــة أو اإلســتثمار‪ ،‬ونفــس‬
‫الحــال ففــي العــام القــادم تشــير التوقعــات إلــى إرتفــاع معــدل النمــو فــي االقتصــاد‬
‫العراقــي الــى ‪ ، ٪8‬وناتجــة هــذه النســبة فــي حقيقتهــا مــن رفــع صــادرات النفــط‬
‫وتحســن األســعار النســبي المتوقــع فــي العــام القــادم‪ .‬ولكــن علــى األمــد البعيــد‬
‫يبــدو أن المســتقبل اليحمــل بشــارات التعافــي االقتصــادي‪ ،‬أو دالئــل علــى تحســن‬
‫االداء الحكومــي فــي المجــال االقتصــادي‪ ،‬أن بقيــت النظــرة قاصــرة علــى أن إيــرادات‬
‫مبيعــات النفــط هــي قاطــرة النمــو االقتصــادي فــي البــاد‪.‬‬
‫| ‪273‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫تحسين المسارات المكونة للناتج المحلي اإلجمالي يعتمد على التنوع‬


‫االقتصادي‪:‬‬
‫الناتــج المحلــي االجمالــي (‪ )GDP‬يمثــل المؤشــر األكثــر شــمولية لفهــم مســار‬
‫االقتصــاد الكلــي للبــاد‪ ،‬وعنــد تتبــع مســار هــذا الناتــج منــذ عقــود نجــد أنــه يتاثــر‬
‫بعــدد مــن العوامــل األساســية‪ :‬منهــا بالمقــام األول صــادرات النفــط‪ ،‬طبيعــة النظــام‬
‫السياســي والصراعــات الداخليــة واالقليميــة‪ ،‬فضـ ًا عــن مقــدار النمــو فــي الســكان‪،‬‬
‫إذ تتاثــر العالقــة بيــن معــدل حصــة الفــرد مــن هــذا الناتــج بمقــدار النمــو الســكاني‪،‬‬
‫الــذي لــم يراعــى فيــه ومنــذ تاســيس الدولــة العراقيــة أي تنميــط لخلــق عالقــة متوازيــة‬
‫ومتســاوية بيــن نمــو الســكان ونمــو الناتــج المحلــي االجمالــي الحقيقــي وليــس‬
‫النفطــي‪ ،‬فاإلخفــاق فــي النمــو يجــب أن يقابــل بخفــض معــدل الــوالدات كــون أن‬
‫االقتصــاد العراقــي قــد اليتحمــل الضغــط الســكاني مســتقب ًال أن بقــي علــى المنــوال‬
‫الحالــي‪ ،‬فطــوال العقــود الخمــس الماضيــة كانــت مؤشــرات النمــو االنفجاريــة فــي‬
‫الناتــج المحلــي اإلجمالــي ناتجــة مــن الطفــرات فــي أســعار النفــط عالميـ ًا‪ ،‬ولــم تكــن‬
‫ناتجــة مــن خطــط اقتصاديــة وطنيــة‪.‬‬
‫كمــا تأثــر الناتــج المحلــي اإلجمالــي فــي العــراق بشــدة بالتقلبــات والصدمــات‬
‫السياســية منــذ ســنوات مضــت‪ ،‬وتتضــح هــذه العالقــة فــي الشــكل‪ ،1 .‬فقــد عبثــت‬
‫الصراعــات المحليــة والثــورات والحــروب فــي مســتوى األداء االقتصــادي‪ ،‬وقريب ـ ًا‬
‫منــذ عــام ‪ 1980‬لــو إعتبرناهــا ســنة أســاس فــي قيــاس العالقــة بيــن المتغيريــن لنجــد‬
‫أن مقــدار التبعيــة االقتصاديــة لألحــداث السياســية فــي البــاد كانــت مطلقــة‪ ،‬وهــذا‬
‫التأثــر المطلــق بالصراعــات السياســية ناتــج فــي األســاس مــن عــدم القــدرة علــى خلــق‬
‫التنــوع فــي االقتصــاد الوطنــي‪ ،‬ففــي الســنوات الثمــان فــي الحــرب العراقيــة االيرانيــة‬
‫إنخفــض األداء االقتصــادي للناتــج المحلــي اإلجمالــي بصــورة كبيــرة‪ ،‬ونالحــظ أنــه‬
‫مالبــث أن يرتفــع األداء االقتصــادي بعــد الحــرب حتــى عدنــا الــى صدمــة جديــدة‬
‫فــي االقتصــاد الوطنــي وهــي غــزو النظــام الســابق للكويــت‪ ،‬ومــن ثــم العقوبــات‬
‫الدوليــة‪ ،‬وبالرغــم مــن االقتصــاد العراقــي بعــد عــام ‪ 2003‬صمــم علــى أســاس‬
‫تحقيــق اســتقاللية بيــن المتغيريــن االقتصاديــة والسياســي‪ ،‬إال أن حجــم الموروثــات‬
‫التقليديــة فــي الهيمنــة جعلــت العالقــة تكــون اكثــر ترابطيــة‪ ،‬فطبيعــة العالقــة بيــن‬
‫النخــب السياســية والناتــج المحلــي اإلجمالــي أســهمت فــي عــودة العالقــة المتغيــرة‬
‫الســابقة بيــن الصراعــات السياســية وفــرص النمــو االقتصــادي‪ ،‬ولكــن دخــول البــاد‬
‫‪| 274‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫فــي الحــرب االهليــة أضعــف األداء االقتصــادي للناتــج المحلــي اإلجمالــي مــن‬
‫جديــد‪ ،‬ولكــن بعــد أن تــم إنهــاء هــذه الحــرب‪ ،‬ومــن ثــم إرتفعــت أســعار النفــط‬
‫بــدأت مالمــح النمــو االقتصــادي تظهــر مــن جديــد‪ ،‬لتنحــط تلــك التفــاؤالت فــي‬
‫مؤشــرات النمــو أثــر إحتــال داعــش لبعــض المــدن العراقيــة‪ .‬هــذه العالقــة التفاعليــة‬
‫بيــن المتغيــرات السياســية واالقتصاديــة مــن جهــة التأثيــر والتأثــر‪ ،‬أو بصــورة أدق‬
‫االســتقاللية والتبعيــة‪ ،‬نجــد فيهــا إن المتغيــر السياســي طــوال العقــود األربــع الماضيــة‬
‫علــى أقــل تقديــر هــو المتحكــم (المتغيــر المســتقل) فــي األداء االقتصــادي للعــراق‪،‬‬
‫ومــن ثــم فــان اإلقتصــاد أصبــح هــو التابــع للمتغيــر السياســي‪ .‬وهــذا اإلختــال فــي‬
‫العالقــة وكمــا موضــح فــي الشــكل‪ 1 .‬يعــود فــي حقيقتــه الــى صفــة أساســية يتســم‬
‫بهــا الناتــج المحلــي االجمالــي وهــي أن الدولــة أو النظــام السياســي بصــورة أدق هــو‬
‫المحــرك للنمــو‪ ،‬وأن القطاعــات االقتصاديــة االخــرى وبالتحديــد القطــاع الخــاص‬
‫لــم يكــن لــه اي دور طــوال الســنوات الماضيــة فــي تثبيــت االســتقرار السياســي نتيجــه‬
‫لضمــور حصتــه التــي ان ارتفعــت فــي احســن احوالــه قــد تصــل الــى الــى ‪ ٪29‬مــن‬
‫الناتــج المحلــي االجمالــي فــي الســنوات االخيــرة‪ .‬مــع العلــم بــان اغلــب انشــطة‬
‫القطــاع الخــاص تتــم بصيغــة المقــاوالت مــع القطــاع الحكومــي‪ .‬وهــذا يجعــل مــن‬
‫هــذا القطــاع متلقــي للصدمــات واالتجاهــات بــدال مــن محفــز لالســتقرار‪.‬‬

‫تحويــل العالقــة بيــن المتغيــرات أعــاه وإعــادة التــوازن بينهــا يتطلــب بالدرجــة‬
‫األســاس إحيــاء حالــة التنــوع فــي االقتصــاد العراقــي‪ ،‬فالتنــوع االقتصــادي يعنــي‬
‫إضعــاف عالقــة التبعيــة بالجانب السياســي‪ ،‬خصوصــا وأن إحياء األنشــطة االقتصادية‬
‫| ‪275‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫الحقيقــة يعنــي إمكانيــة خلــق لوبيــات وجماعــات ضغــط تمثــل كابح ـ ًا أمــام التفــرد‬
‫السياســي‪ ،‬أو علــى أقــل تقديــر إنهــاء حالــة التبعيــة مــن الداخــل‪ ،‬وهــو مــا يجعــل‬
‫فــي المقابــل القــرار السياســي أكثــر عقالنيــة ورجاحــة فــي إتخــاذ القــرارات‪ .‬وهــذه‬
‫العالقــة المترابطــة التــدل المؤشــرات الحاليــة علــى انفراجهــا فــي المســتقبل القريب‪،‬‬
‫إذ ال زالــت تبيعــة الناتــج المحلــي تتجــه بقــوة إلــى عائــدات المــوارد الطبيعيــة‪،‬‬
‫كمــا أن مؤشــرات النمــو فــي صــادرات هــذ المــوارد ترتفــع بشــكل أكبــر مــن النمــو‬
‫فــي العوائــد االخــرى‪ ،‬وكمــا يالحــظ فــي الشــكل‪ 2 .‬فاإلنخفــاض المســجل فــي‬
‫ايــرادات النفــط بعــد عــام ‪ 2014‬ناتجــة ســيطرة داعــش علــى األراضــي فــي الشــمال‬
‫الغربــي مــن العــراق والتــي أعاقــت تصديــر النفــط الــى مينــاء جهــان‪ ،‬كمــا أن تصاعــد‬
‫الخالفــات بيــن الحكومــة اإلتحاديــة وحكومــة إقليــم كوردســتان العــراق أســهم هــو‬
‫اآلخــر فــي قطــع صــادرات النفــط الــى تركيــا‪ ،‬يضــاف الــى ذلــك العامــل الكبــر الــذي‬
‫ســاهم باالنخفــاض وهــو إنهيــار أســعار النفــط فــي العــام ‪2014‬و‪ ،2015‬امــا النمــو‬
‫الملحــوظ فــي االيــرادات غيــر النفطيــة وارتفــاع نموهــا وإن كان قــد بقــي ســلبي ًا فــان‬
‫هــذا يعــود الــى حزمــة االجــراءات التقشــفية التــي قامــت بهــا الحكومــة الســابقة‪،‬‬
‫ومحاولــة رفــع النمــو فــي القطاعــات االخــرى‪ ،‬كااليــرادات الضريبيــة والكمركيــة‬
‫وفــرض رســوم مرتفعــة علــى بعــض الســلع‪ ،‬مــع محاولــة لخصخصــة بعــض‬
‫القطاعــات االنتاجيــة والخدميــة‪.‬‬

‫‪| 276‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫بديهي ـ ًا يؤثــر النمــو فــي الناتــج المحلــي االجمالــي علــى مســتويات النمــو لدخــل‬
‫الفــرد‪ ،‬اإلرتفــاع الملحــوظ فــي الناتــج المحلــي االجمالــي أســهم فــي رفــع معــدل‬
‫دخــل الفــرد مــن هــذا الناتــج‪ ،‬ولكــن هــذا االرتفــاع مــن جهــة أخــرى لــم يكــن معبــر ًا‬
‫عــن إمكانيــة رفــع قــدرات النمــو فــي الجوانــب األخــرى‪ ،‬فلــم يكــن النمــو أو اإلرتفاع‬
‫فــي دخــل الفــرد معبــر لدالــة حقيقيــة عــن تحســن مســتوى المعيشــة للفــرد العراقــي‪،‬‬
‫فســمتوى الفقــر قــد شــهد إرتفاع ـ ًا مســتمر ًا فمث ـ ًا الفقــر متعــدد األبعــاد إرتفــع مــن‬
‫‪ ٪11‬فــي ‪ 2011‬الــى ‪ ٪13‬فــي ‪ ،2017‬كمــا أن تقاريــر المنظمــات الدوليــة ترجــح‬
‫إلــى أن الفقــر متعــدد األبعــاد وصــل الــى ‪ ٪35‬فــي ‪ ،2017‬ونقصــد الفقــر متعــدد‬
‫األبعــاد هــي القــدرة علــى الحصــول علــى الخدمــات والتعليــم والصحــة‪، . . . . .‬‬
‫فــي حيــن ان مســتويات البطالــة هــي االخــرى شــهدت ارتفاعــا مــن ‪ ٪11‬فــي ‪2009‬‬
‫الــى ‪ ٪12‬فــي ‪ 2017‬حســب االحصــاءات الرســمية‪ ،‬وأن كانــت هنــاك مصــادر‬
‫أخــرى ترجــح وصــول البطالــة فــي العــراق الــى اكثــر مــن ‪ ، ٪40‬وتمثــل البطالــة عائقـ ًا‬
‫حكوميـ ًا أمــام مواجهتهــا بســبب تضخــم أعــداد الداخليــن الــى ســوق العمــل والــذي‬
‫يقــدر ســنوي ًا ب ‪ 800‬الــف نســمة‪ ،‬وهــذا يعنــي بــان معــدل دخــل الفــرد فــي العــراق‪،‬‬
‫هــو ليــس معــد ًال حقيقيـ ًا يمثــل مســتوى المعيشــة فــي البــاد‪ ،‬وإنمــا الصــورة الحقيقيــة‬
‫قائمــة علــى أن النمــو فــي الناتــج المحلــي اإلجمالــي يقابلــه إرتفــاع فــي البطالــة‬
‫ومعــدل الفقــر‪ ،‬وهــذا األمــر ســيترك علــى المــدى المتوســط تالشــي ًا حــاد ًا فــي الطبقــة‬
‫الوســطى نمــو الفقــر وإنعــدام التعليــم والصحــة وســوء التغذيــة‪ ،‬مقابــل طبقــة غنيــة‬
‫تتعاظــم مواردهــا مــع تعاظــم النمــط االقتصــادي االحــادي الريعــي والتــي ســتكون‬
‫عائقـ ًا أمــام الجهــود لخلــق حالــة مــن التنويــع االقتصــادي فــي االقتصــادي الوطنــي‪،‬‬
‫ألن التنويــع االقتصــادي يعنــي إجــراء سلســلة مــن االصالحــات التــي تتعــارض مــع‬
‫مصالــح هــذه الطبقــة‪ ،‬وهــذه الطبقــة البرجوازيــة الناشــئة تتعاظــم فرصهــا مــع فــرص‬
‫الفســاد‪ ،‬واالنتقــال الســريع لــرؤوس االمــوال‪ ،‬والتعامــات االقتصاديــة غيــر الثابتــة‬
‫أو غيــر المســتقرة‪.‬‬

‫| ‪277‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫مالحظة‪ :‬جرى تطبيع البيانات ‪ Normalization‬بين المتغيرات الثالث‪.‬‬


‫المؤشــر فــي الشــكل‪ ،3 .‬يــدل علــى أنــه حتــى لــو تــم رفع معــدل النمــو فــي الناتج‬
‫المحلــي االجمالــي والــذي علــى أثــره ســيرتفع معــدل دخــل الفــرد فــان هــذا اإلتفــاع‬
‫لــن يعمــل علــى خلــق وظائــف جديــدة‪ ،‬وال حتــى توســيع أفــاق ســوق العمــل‪ ،‬وإنمــا‬
‫يــؤدي الــى رفــع التكلفــة الحديــة لإلنتــاج (المــرض الهولنــدي) ‪ ،‬والــذي يــؤدي إلــى‬
‫إنعــدام فــرص التشــغيل أو االنتــاج المحلــي‪ ،‬إذ يرتفــع مؤشــر الحصــة إعتمــاد ًا علــى‬
‫االيــرادات الحكوميــة مــن المــوارد الطبيعيــة‪ ،‬وعنــد مقارنــة هــذا المؤشــر مــع البلــدان‬
‫المتقدمــة أو االقتصــادات القائمــة علــى التنــوع االقتصــادي‪ ،‬فنالحــظ أن العالقــة‬
‫تكــون مغايــرة لمــا هــي فــي العــراق‪ ،‬ففــي الســنوات التــي ســبقت إنهيــار أســعار‬
‫النفــط فــي ‪ 2014‬تخلخلــت العالقــة بيــن دخــل الفــرد وحصتــه مــن الناتــج المحلــي‬
‫بصــورة غيــر طبيعيــة أو إرتداديــة وكانــت عبــارة عــن صــورة مشــوهة‪ ،‬علــى الرغــم‬
‫مــن أن مســتويات التشــغيل بقيــت ثابتــة‪ ،‬وهــذا األمــر مــرده الــى اإلعتماديــة المفرطــة‬
‫للناتــج المحلــي علــى المــوارد الريعيــة‪ ،‬والــذي إنعكــس ســلب ًا فــي تمثيــل العالقــة‬
‫االقتصاديــة بيــن الناتــج الوطنــي ودخــل الفــرد منــه‪ ،‬وهــو مايلحــظ فــي الشــكل‪4 .‬‬
‫والتــي يمكــن مقارنتهــا بالــدول المتقدمــة أو البلــدان ذات النمــو االقتصــادي المرتفــع‪،‬‬
‫والتــي نجــد فيهــا بــأن اإلســتمرارية فــي نمــو دخــل الفــرد تعكــس العالقــة الحقيقيــة‬
‫بيــن المتغيريــن‪ ،‬وليســت ذات بعــد إرتــدادي صــارخ كمــا فــي العــراق‪ ،‬وهــذا يعنــي‬
‫أن العائــدات التــي تولــدت مــن المــوارد الطبيعيــة اليمكــن أن نعدهــا ممث ـ ًا لحصــة‬
‫الفــرد مــن االقتصــاد الوطنــي‪ ،‬خاصــة وأنهــا التســهم فــي تعظيــم البيئــة االســتثمارية‬
‫‪| 278‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫فــي الســوق الوطنــي‪ ،‬بســبب الطبيعــة االنفاقيــة التــي تعتمدهــا الحكومــة فــي التعامــل‬
‫مــع هــذا النــوع مــن اإليــرادات‪.‬‬

‫إتجاهات اإلنفاق الحكومي الجاري لصيق لموروثات االخطاء التراكمية‬


‫أصبحــت هنــاك قاعــدة فــي اإلنفــاق الحكومــي الجــاري منــذ عــام ‪ ،2003‬بــأن‬
‫المصروفــات الحكوميــة الجاريــة تذهــب فــي معظمهــا الــى رواتــب الموظفيــن وإلــى‬
‫الرواتــب التقاعديــة والضمــان االجتماعــي بصــورة تصاعديــة ســنوي ًا‪ ،‬وهــذا اإلرتفــاع‬
‫فــي المصروفــات المرصــودة لهــذا الجانــب ناتجــة بســبب إرتفــاع أعــداد الموظفيــن‬
‫والمتقاعديــن‪ ،‬فعلــى مــدى طــوال الســنوات الســتة عشــر الماضيــة إرتفعــت النســب‬
‫بصــورة تــكاد تكــون غيــر منطقيــة‪ ،‬وإن كانــت هنــاك محــاوالت فــي الســنوات التــي‬
‫أعقبــت أزمــة انهيــار أســعار النفــط بتخفيــض حجــم هــذا االنفــاق‪ ،‬إال أن موازنــة عــام‬
‫‪ 2019‬نبهــت الــى العــودة لمخاطــر اإلنفــاق التشــغيلي المتصاعــد وهــو مايمثــل إمتداد‬
‫للمنهــاج الســابق األخــذ في االرتفــاع‪ ،‬فالمخصصــات المرصــودة لرواتــب الموظفين‬
‫والمتقاعديــن واالعانــات االجتماعيــة بلغــت ‪ ٪6 .60‬مــن إجمالي االنفاق التشــغيلي‬
‫الحكومــي لســنة ‪ ،2019‬وتأتــي بعدهــا مدفوعــات المنــح واالعانــات وخدمــة الديــن‬
‫والتــي بلغــت نســبتها ‪ ٪9 .26‬مــن مجمــوع اإلنفــاق الجــاري‪ ،‬والتــي تمثــل نفقــات‬
‫متراكمــة لسياســات الديــن والتعويضــات ضمنهــا نفقــات تعويضيــة إلــى الكويــت‪،‬‬
‫وفوائــد الديــون المســتحقة علــى النظــام الســابق‪ .‬والمالحــظ علــى االنفــاق الحكومي‬
‫وطريقــة إعــداد الموازنــات العامــة للدولــة العراقيــة ازديــاد االنفــاق بشــكل أســرع علــى‬
‫| ‪279‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫الرواتــب والنفقــات التقاعديــة بصــورة أكبــر مــن المكونــات األخــرى‪ ،‬مــع مالحظــة‬
‫أنــه كلمــا إزداد االنفــاق علــى أي مــن هــذه المكونــات فإنــه يعنــي التاثيــر الســلبي علــى‬
‫المفاصــل األخــرى لالنفــاق‪ ،‬وخاصــة علــى الســلع والخدمــات‪ ،‬فعلــى ســبيل المثال‬
‫إنخفضــت المصروفــات الســنوية علــى الســلع والخدمــات بمقــدار الثلــث تقريبـ ًا‪ ،‬مــن‬
‫‪ 2 .18‬تريليــون دينــار فــي عــام ‪ 2005‬الــى ‪ 3 .12‬تريليــون دينــار فــي ‪ 2011‬والــى‬
‫‪ 7 .14‬تريليــون فــي ‪ ،2019‬إذ كان المتوقــع أن تنفــق الحكومــة علــى شــراء المعدات‬
‫واالجهــزة والمســتلزمات التــي تخــدم جــودة األداء الحكومــي‪ ،‬إال إن أعطــاء االهميــة‬
‫لالنفــاق علــى الرواتــب جعــل األداء الحكومــي غيــر فاعــل أيض ـ ًا‪ ،‬وهــو أمــر يدعــم‬
‫حجــة الموظــف الحكومــي فــي تبريــره لعــدم انتاجيتــه بالنقــص الحاصــل فــي األجهــزة‬
‫أو المعــدات الداعمــة لعملــه أو بســبب إندثــار األجهــزة القديمــة وعــدم القــدرة علــى‬
‫صيانتهــا‪.‬‬
‫يقابــل ذلــك تســديد للتراكمــات الماليــة الموروثــة مــن النظــام الســابق بفعــل‬
‫المديونيــة ودفــع فوائــد الديــن والتعويضــات والتــي تــؤرق بالطبــع الخطــط الحكوميــة‬
‫لالصــاح ورصــد الجهــود إلــى التنميــة‪ .‬وبالرغــم مــن التخفيــض الــذي حصــل فــي‬
‫الديــون المترتبــة علــى العــراق بعــد عــام ‪ ،2003‬إال أنهــا عــادت لترتفــع مــن جديــد‬
‫فــي الســنوات االخيــرة‪ ،‬إذ تقــدر الديــون المترتبــة علــى العــراق فــي الوقــت الحاضــر‬
‫بنســبة ‪ ٪58‬مــن الناتــج المحلــي االجمالــي‪ .‬وهــذا الموضــوع يســتوجب علــى‬
‫الحكومــة تهيــأة جهــد تفاوضــي العــادة جدولــة للديــون وفوائدهــا‪.‬‬

‫االنفاق االستثماري ضحية للنفقات الجارية‪:‬‬


‫يتســم اإلنفــاق االســتثماري بالتغيــر المســتمر‪ ،‬فحصتــه مــن الموازنــة االتحاديــة‬
‫ليســت ثابتــة‪ ،‬كمــا أنــه ال يعكــس توجهــات تنمويــة لمديــات زمنيــة متوســطة أو بعيــدة‬
‫المــدى‪ ،‬فتــارة يرتفــع وأخــرى ينخفــض حســب وضــع الدولــة المالــي‪ ،‬فينخفــض‬
‫علــى ســبيل المثــال الــى‪ ٪40‬كمــا حصــل فــي ‪ ،2004‬أو يرتفــع إلــى ‪ ٪70‬كمــا فــي‬
‫عــام ‪ 2011‬والــذي بلــغ ‪ 33‬تريليــون دينــار‪ ،‬أو يبقــى كمــا هــو عليــه مثلمــا ســجلته‬
‫الموازنــة االتحاديــة لســنة ‪ ،2019‬والتــي تــم تخصيــص ‪ 33‬تريليــون دينــار لالنفــاق‬
‫االســتثماري‪ ،‬مــع العلــم أن نســبة هــذا اإلنفــاق بلغــت ‪ ٪8 .24‬مــن المصروفــات‬
‫الكليــة للدولــة العراقيــة فــي ‪ ،2019‬وأن ‪ ٪20‬مــن المبلــغ المخصــص لالســتثمار‬
‫فــي الموازنــة جــاء مــن خزينــة الدولــة أي مــن القــروض االجنبيــة والمصــرف العراقــي‬
‫‪| 280‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫للتجــارة (‪ .)TBI‬كمــا أن ‪ ٪60‬مــن إجمالــي االنفــاق االســتثماري خصــص لإلنفــاق‬


‫علــى قطــاع الطاقــة‪ ،‬وإن كان يحمــل معــه جوانــب إيجابيــة فــي تضخيــم االيــرادات‬
‫الحكوميــة وتحســين إدارة قطــاع الطاقــة وتقليــل التســربات والهــدر فــي الغــازات‬
‫المنبعثــة مــن اســتخراج النفــط‪ ،‬إال أن ذلــك يعنــي مــن كفــة أخــرى‪ ،‬اإلبقــاء علــى‬
‫الطابــع الريعــي مســتقب ًال فــي تمثيــل األداء الحكومــي واعتمــاد االقتصــاد العراقــي على‬
‫هــذا القطــاع‪ ،‬إن لــم يتــم وضــع ســقف زمنــي للتحول نحــو التنوع فــي االســتثمارات‪.‬‬
‫هــذه المؤشــرات علــى اإلنفــاق االســتثماري الحكومــي تاثيرهــا ال يقتصــر علــى‬
‫تراكــم رأس المــال فقــط‪ ،‬بــل فــي كثيــر مــن االحيــان تنتــاب هــذا النــوع مــن االنفــاق‬
‫عــدم الكفــاءة‪ ،‬بــل يشــجع فــي الغالــب علــى الفســاد‪ ،‬فالمعلــوم بــأن النفقــات‬
‫االســتثمارية العامــة فــي البــاد تعتمــد بدرجــة كبيــرة علــى االنفــاق الحكومــي‪ ،‬كــون‬
‫أن القطــاع الخــاص والمســتثمرين االجانــب ليــس لهــم دور أو إســهام كبيــر فــي هــذا‬
‫الجانــب‪ ،‬ومــن ثــم فانــه عندمــا تقــوم الحكومــة بخفــض النفقــات االســتثمارية أو‬
‫تقليلهــا‪ ،‬فــان هــذا يعنــي بــان البنــى التحتيــة واالســتثمارات االخــرى فــي الكهربــاء‬
‫والطــرق والصحــة والتعليــم وإمــدادات الميــاه ومــا شــابه ذلــك‪ ،‬ســوف تتوقــف أو‬
‫ربمــا لــن يتــم إنهاءهــا‪ ،‬مــع االشــارة إلــى مســالة جديــرة باالهتمــام فــي هــذا الجانــب‬
‫وحســب التجربــة المنظــورة فــي هــذا المجــال‪ ،‬هــو انــه كلمــا يتــم اهمــال مشــاريع‬
‫البنيــة التحتيــة لســنين ويتــم مــن ثــم العــودة علــى اكمالهــا يكــون المشــروع اشــبه‬
‫بالمدمــر النــه ســيكون معــرض خــال فتــرة توقــف العمــل للســرقة‪ ،‬أو التخريــب‪،‬‬
‫أو ربمــا التقــادم بســبب الفســاد فــي إنجــاز هــذه المشــاريع‪ ،‬وبالتالــي يصبــح مــن‬
‫الصعوبــة إعــادة احيــاء تلــك المشــاريع أن لــم يتــم التعامــل معهــا علــى أنهــا خرائــب‬
‫تحتــاج إلــى نفقــات إضافيــة تتضمــن اإلزالــة واعــدة البنــاء‪ .‬وهــذا النمــط االســتثماري‬
‫ناتــج مــن الطبيعــة التــي تقــوم عليهــا الموازنــة االتحاديــة فهــي ليســت مــوازن برامــج‬
‫وانمــا موازنــة بنــود والتــي يصعــب فيهــا مواصلــة الجهــود االســتثمارية فــي المشــاريع‬
‫االســتراتيجية ذات النتائــج بعيــدة األثــر‪.‬‬
‫وبحكــم التجــارب الســابقة فــي األداء العــام لنظــرة الحكومــة إلــى النفقــات‬
‫االســتثمارية‪ ،‬فــان النتيجــة أو القاعــدة العامــة لهــذا الســلوك قائــم علــى التعامــل مــع‬
‫هــذه النفقــات علــى أنهــا نفقــات ثانويــة‪ ،‬وهــو إجــراء خطيــر وغيــر صحيــح ألنــه‬
‫ســيكون مهــدد لفــرص التنميــة‪ ،‬كــون أن النفقــات االســتثمارية لــو أحســن التعامــل‬
‫معهــا ســتكون لهــا القــدرة علــى إمتصــاص الصدمــات الناتجــة مــن انهيــار أو انخفــاض‬
‫| ‪281‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫أســعار النفــط‪ ،‬ومنــح الفرصــة إلســتدامة النمــو فــي البــاد‪ ،‬إال أن تعثــر الحكومــة‬
‫فــي الحصــول علــى اإليــرادات الكافيــة‪ ،‬يــؤدي بهــا إلــى أن تقــوم بخفــض اإلنفــاق‬
‫االســتثماري وحتــى اإلجتماعــي‪ ،‬حتــى يتــم تمويــل العجــز فــي كثيــر مــن األحيــان‬
‫عــن طريــق بيــع ســندات الخزانــة العراقيــة وتحويــل األمــوال مــن البنــوك الحكوميــة‬
‫مــن أجــل ضمــان النفقــات التشــغيلية‪.‬‬

‫السياسة المالية قائمة على ردات الفعل‪:‬‬


‫السياســة الماليــة فــي العــراق تعتمــد علــى اإلســتجابة الســريعة وردود الفعــل‬
‫لحركــة إيــرادات النفــط‪ ،‬وبمــا إن القطــاع الخــاص اليعــد مولــد ًا للوظائــف‪ ،‬لذلــك‬
‫فــإن وفــورات النفــط تخلــق إمكانيــة توســيع الموظفيــن فــي القطــاع الحكومــي دون‬
‫تحقيــق أدنــى كفــاءة فــي إنتاجيــة الموظــف الحكومــي‪ ،‬والــذي يفســر التدافــع القــوي‬
‫علــى القطــاع العــام كونــه يحمــل مزايــا تنافســية اليســتطيع القطــاع الخــاص توفيرهــا‪،‬‬
‫فالــى جانــب اإلفتقــار العــام للعمالــة الماهــرة فــي العــراق‪ ،‬يواجــه القطــاع الخــاص‬
‫تحديـ ًا إضافيـ ًا يتمثــل فــي عــدم قدرتــه علــى التوفيــق بيــن المزايــا المقدمــة فــي القطــاع‬
‫العــام‪ ،‬ممــا يقلــل مــن جاذبيــة التســابق عليــه‪« .‬فهنــاك قناعــة بــأن الوظائــف العامــة‬
‫آمنــة وذات أجــور عاليــة نســبي ًا تجــذب العمــال المهــرة وغيــر المهــرة والمتعلميــن‪،‬‬
‫ممــا يقلــل مــن توفرهــم فــي القطــاع الخــاص»‪ .‬كمــا أن الشــركات المملوكــة للدولــة‬
‫لــم تكــن فقــط غيــر منتجــة وتمثــل إســتنزاف ًا هائــ ًا للمــوارد الحكوميــة‪ ،‬ولكنهــا‬
‫جذبــت أيض ـ ًا موظفيــن مــن القطــاع الخــاص‪ ،‬الذيــن لــم يتمكنــوا مــن التنافــس مــع‬
‫المزايــا التــي تمنحهــا الدولــة بصــورة ســخية‪ .‬ولذلــك يــرى المختصيــن بــأن مزايــا‬
‫الوظيفــة الحكوميــة ومــا تتضمنهــا مــن نظــام للرعايــة (نظــام التقاعــد) يمثــل احــد‬
‫العوائــق التــي تحــول دون تطويــر وظائــف القطــاع الخــاص‪.‬‬
‫الموازنــة االتحاديــة لســنة ‪ 2019‬تضمنــت نفقــات مثلــت خروجــ ًا عــن النهــج‬
‫التقشــفي للســنوات الســابقة التــي تلــت أزمــة انهيــار النفــط فــي ‪ ،2014‬وفــي‬
‫ضــوء التطــورات التــي تضمنتهــا هــذه الموازنــة فإنــه مــن المتوقــع أن يرتفــع اإلنفــاق‬
‫الجــاري بنســبة ‪ ٪27‬علــى أســاس ســنوي فــي الميزانيــة بســبب الزيــادات الكبيــرة‬
‫فــي مصروفــات الرواتــب واألجــور فــي القطــاع العــام‪ ،‬والتحويــات‪ ،‬والســلع‬
‫والخدمــات‪ ،‬وكذلــك رفــع مخصصــات حكومــة إقليــم كردســتان‪ .‬وتفتــرض‬
‫بعــض التوقعــات أن قائمــة األجــور والمدفوعــات األخــرى التشــغيلية ســوف تتجــاوز‬
‫‪| 282‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫مامخصــص فــي الموازنــة مســتقب ًال‪ ،‬بســبب ضعــف ضوابــط االيــرادات‪ ،‬فــي حيــن‬
‫أن الزيــادة الكبيــرة فــي اإلنفــاق الرأســمالي أو اإلســتثماري فــي الميزانيــة لــن يكــون‬
‫علــى األرجــح متكام ـ ًا أو ســيتم صرفــه كمــا هــو مخطــط لــه‪ .‬نتيجــة لذلــك‪ ،‬مــن‬
‫المتوقــع أن تتحــول الميزانيــة مــن فائــض تحقــق بنســبة ‪ ٪8‬فــي عــام ‪ 2018‬إلــى عجــز‬
‫يقــدر ب ‪ ٪4‬مــن الناتــج المحلــي اإلجمالــي فــي عــام ‪ ،2019‬وكذلــك مــن المتوقــع‬
‫أن تنخفــض االحتياطيــات النقديــة فــي عــام ‪ .2019‬وإن لــم يتــم إجــراء تغييــرات فــي‬
‫السياســة الماليــة فــإن الوضــع المالــي ســوف يتدهــور علــى المــدى المتوســط‪ ،‬إذ أن‬
‫اســعار النفــط مهــددة باالنخفــاض خــال الســنوات القادمــة يقابلــه إرتفــاع فــي فاتــورة‬
‫األجــور‪ .‬وعلــى أثــر ذلــك ســيتم تســجيل حــاالت العجــز المالــي وممكــن أن يصــل‬
‫إلــى حوالــي ‪ ٪6‬مــن إجمالــي الناتــج المحلــي بحلــول عــام ‪ 2024‬مــع إنخفــاض‬
‫االحتياطيــات بثبــات إلــى مــا دون المســتويات الكافيــة وتــآكل الخزيــن المالــي‪.‬‬
‫وبذلــك ســيرتفع الديــن ويبقــى مســتدام ًا علــى الرغــم مــن نفقــات الديــن الحاليــة‪،‬‬
‫وربمــا ســتلجأ الحكومــة إلــى حزمــة مــن االجــراءات تــؤدي الــى تضييــق الخنــاق علــى‬
‫الســوق وعلــى القطــاع الخــاص بالخصــوص‪ ،‬ألن الحاجــة الــى إعــادة االعمــار أو‬
‫ترميــم أوضــاع الســوق المحلــي ســتتوقف‪ ،‬بســبب الطبيعــة التــي أشــرنا إليهــا فــي‬
‫تخليهــا عــن نفقــات االســتثمار‪.‬‬
‫وبالرغــم مــن ذلــك فــان التوقعــات المرحليــة تشــير إلــى إرتفــاع معــدالت النمــو‬
‫بســبب التصميــم الريعــي للموازنــة‪ ،‬وكذلــك إلــى إرتفــاع متوقــع فــي الناتــج المحلــي‬
‫االجمالــي غيــر النفطــي يصــل الــى ‪ ٪5‬بســبب الوفــرة فــي هطــول األمطــار هــذا العــام‬
‫بشــكل أفضــل‪ ،‬وســيكون معــدل النمــو فــي القطــاع الزراعــي للعــام الحالــي تحديــد ًا‬
‫الــى ‪ ، ٪8‬وهــي نســبة غيــر قابلــة علــى االســتدامة ألن هبــات الطبيعــة مــن الميــاه قــد‬
‫التتوفــر مســتقب ًال‪ ،‬وكذلــك ممكــن أن يحقــق اإلنتعــاش النســبي فــي قطــاع الطاقــة‬
‫الكهربائيــة نمــو ًا فــي الناتــج المحلــي اإلجمالــي ماعــدا النفــط‪.‬‬

‫النمو االقتصادي المتوقع لن يكون مستدام‪:‬‬


‫السياســة الماليــة غيــر قــادرة علــى خلــق وفــورات ماليــة فــي االنمــاط االقتصاديــة‬
‫األخــرى غيــر النفطيــة‪ ،‬ومــن المحتمــل أن يــؤدي االنخفــاض المتوقــع فــي النمــو‬
‫الــى كبــح النفقــات االســتثمارية وزيــادة االقتــراض مــن أجــل ضمــان تســديد الرواتــب‬
‫واألجــور‪ ،‬وأي إجــراءات مــن هــذا القبيــل تعنــي إرتفــاع حــدة المخاطــر االجتماعيــة‬
‫| ‪283‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫فــي ظــل إرتفــاع نســبي عالــي فــي نمــو الســكان‪ ،‬ودخــول كبيــر لســوق العمــل مــن‬
‫قبــل الفئــات العمريــة الجديــدة والتــي تقــدر ب ‪ 800‬الــف نســمة ســنوي ًا‪ ،‬مــع الضعــف‬
‫الكبيــر فــي االيــرادات الحكوميــة واحتمــاالت انخفــاض أســعار النفــط‪ ،‬أو حــدوث‬
‫صدمــة غيــر متوقعــة فــي أســعار النفــط‪ ،‬إذا ماعلمنــا أن كل انخفــاض فــي ســعر‬
‫برميــل النفــط بمقــدار ‪ 1‬دوالر يعنــي إنخفــاض فــي الناتــج المحلــي االجمالــي بمقــدار‬
‫‪ ، ٪6 .0‬وعــدم القــدرة علــى فتــح منافــذ جديــدة تســتوعب االعــداد الداخلــة الــى‬
‫ســوق العمــل كموظفيــن حكومييــن جــدد‪ .‬وضمــن المنظــور المتوقــع لمثــل هكــذا‬
‫صدمــات‪ ،‬فانــه مــن المحتمــل أن تنخفــض االحتياطيــات النقديــة المســجلة مــن ‪65‬‬
‫مليــار دوالر فــي نهايــة عــام ‪ 2018‬إلــى ‪ 37‬مليــار دوالر بحلــول نهايــة عــام ‪،2020‬‬
‫مــع إرتفــاع الديــن العــام الــى ‪ ٪61‬مــن الناتــج المحلــي اإلجمالــي‪ .‬وفــي المحصلــة‬
‫فــإن غيــاب سياســة االنضبــاط المالــي‪ ،‬وتدهــور اســعار النفــط او انتعاشــها مــع‬
‫اقحامهــا بصــورة متزايــدة فــي الموازنــة العامــة‪ ،‬ســيعمل علــى خلــق معجــل للتدهــور‬
‫االقتصــادي الســريع فــي األوضــاع العامــة‪.‬‬

‫تنويع االيرادات يحتاج الى انفاذ سياسات ضريبية كفوءة‪:‬‬


‫بحكــم الوقائــع الثابتــة فــي العــراق فــان النفــط ال يوفــر أساس ـ ًا للنمــو الشــامل‪،‬‬
‫وبالرغــم مــن ان االقتصــاد النفطــي يمثــل أكثــر مــن نصــف إجمالــي الناتــج المحلــي‪،‬‬
‫إال أنــه ال يخلــق ســوى حوالــي ‪ ٪1‬مــن إجمالــي العمالــة‪ ،‬وليــس لــه روابــط باألنشــطة‬
‫غيــر النفطيــة اال بعــض االســتثناءات القليلــة‪ .‬ومــع ارتفــاع إنتــاج النفــط فــي العقــد‬
‫األول مــن القــرن العشــرين بســبب صعــود القــوى االقتصاديــة الناميــة فــي جنــوب‬
‫شــرق أســيا‪ ،‬ظهــر نمــوذج للتنميــة فــي مناطــق محــدودة جغرافيــ ًا‪ ،‬فمثــ ًا تركيــز‬
‫الشــركات علــى إعــادة تأهيــل حقــول النفــط والبنيــة التحتيــة للتصديــر وفــرت بعــض‬
‫اآلثــار الجانبيــة محليـ ًا التــي يمكــن أن نعتبرهــا تنميــة محــدودة فــي األثــر‪ ،‬إال أنهــا لــم‬
‫تخلــق مزايــا مســتدامة للنمــو فــي عمــوم البــاد‪ ،‬وان كان ينظــر البعــض مــن غيــر ذوي‬
‫اإلختصــاص بــأن هــذا االمــر خلــق مزايــا متنوعــة فــي االقتصــاد العراقــي‪ ،‬خصوصـ ًا‬
‫فــي مناطــق انتــاج النفــط فــي البصــرة مث ـ ًا‪ .‬ويرتبــط موضــوع المنافــع التــي تخلقهــا‬
‫االســتثمارات فــي القطــاع النفطــي بحقيقــة أن العــراق علــى عكــس جيرانــه الغنــي‬
‫بالنفــط‪ ،‬لديــه عــدد كبيــر مــن الســكان الــذي يرتفــع بمتواليــات تصاعديــة‪ ،‬وبالتالــي‬
‫فــان العالقــة مثــا هنــا بيــن نمــو الســكان واالعتماديــة علــى النفــط لــن توفــر فــرص‬
‫‪| 284‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫العمــل الكافيــة‪ .‬ومــن ثــم فــإن االعتمــاد علــى النفــط يجعــل آفــاق تنويــع االقتصــاد‬
‫محــدودة للغايــة بــل ربمــا يلجــم هــذه المحــاوالت بســبب إرتفــاع تكاليــف االنتــاج‬
‫محلي ـ ًا‪ .‬ويؤثــر علــى المــدى المتوســط فــي خلــق إخفاقــات متشــعبة أمــام التنويــع‬
‫االقتصــادي‪.‬‬
‫الطبيعــة غيــر المتنوعــة نســبي ًا فــي االقتصــادي العراقــي ككل أدت إلــى خلــق‬
‫فجــوة كبيــرة بيــن الطلــب علــى المنتجــات القابلــة للتــداول واإلنتــاج المحلــي لهــا ‪-‬‬
‫ممــا أدى بــدوره إلــى زيــادة اإلعتمــاد علــى الــواردات‪ .‬حتــى عندمــا تمتعــت البــاد‬
‫بنمــو قــوي فــي الناتــج المحلــي اإلجمالــي لعــدد مــن الســنوات حتــى عــام ‪،2014‬‬
‫فــإن القاعــدة الزراعيــة والصناعيــة المنكمشــة التــزال غيــر قــادرة علــى تلبيــة طلــب‬
‫الســكان علــى األغذيــة والســلع‪ .‬تــم ســد هــذه الفجــوة عــن طريــق الــواردات‪ ،‬ممــا‬
‫أدى إلــى أن يتحــول الجــزء األكبــر مــن اإلنتــاج المحلــي فــي تجــارة التجزئــة‪ .‬فــي‬
‫الوقــت نفســه‪ ،‬تكــون صــادرات الســلع المنتجــة محل ًيــا محــدودة للغايــة وهــي ســمة‬
‫نموذجيــة القتصــادات الريــع‪ .‬الــذي أســهم فــي تدميــر اإلنتــاج المحلــي‪ ،‬وأصبــح‬
‫مــن المســتحيل اآلن العثــور علــى أي ســلعة عراقيــة للبيــع فــي االســواق المحليــة‪،‬‬
‫ولذلــك فــان اســتيرادات العــراق أصبحــت تقتــرن باحتياجــات الفــرد‪ ،‬إذ أن متوســط‬
‫نصيــب الفــرد ســنوي ًا مــن حجــم االســتيرادات يبلــغ ‪ 1580‬دوالر وهــذه النســبة قــد‬
‫تتصاعــد مــع حجــم الســكان فــي ظــل الظــروف االقتصاديــة االعتياديــة‪ .‬فاســتيرادات‬
‫العــراق فــي عــام ‪ 2016‬بلغــت ‪ 45‬مليــار دوالر لترتفــع فــي عــام ‪ 2018‬الــى ‪60‬‬
‫مليــار دوالر‪ ،‬بالرغــم مــن أن الحكومــة إتخــذت اجــراءات تقشــفية حينهــا فــي تصميــم‬
‫الموازنــة االتحاديــة فــي البــاد‪.‬‬
‫فــي موازنــة عــام ‪ 2018‬تــم إعتمــاد سياســة قائمــة علــى تحقيــق ايــرادات مــن‬
‫الضرائــب علــى المبيعــات‪ ،‬وقــد حققــت نتائــج جيــدة‪ ،‬إال أن إلغــاء هــذه الحزمــة مــن‬
‫السياســات التــي لــم يتــم تمثيلهــا فــي قانــون الموازنــة لعــام ‪ ،2019‬وهــو مــا يحتمــل‬
‫أن يدفــع الــى تعظيــم النفقــات الحكوميــة الجاريــة مســتقب ًال‪ ،‬ومــن أجــل قطــع الطريــق‬
‫أمــام توســع فجــوة المدفوعــات الحكوميــة مســتقب ًال‪ ،‬فــان أحــد الحلــول المطروحــة‬
‫هــو بتشــريع قانــون للضريبــة المســتقلة‪ ،‬وإدخــال تدابيــر علــى سياســات الدفــع‬
‫الضريبــي‪ ،‬والحــد مــن فــرص الفســاد المتغلغلــة فــي المؤسســات الضريبيــة‪ ،‬بإعتمــاد‬
‫أكثــر علــى اتمتــة العمــل الضريبــي والتشــبيك االلكترونــي‪ ،‬بعيــد ًا عــن االجــراءات‬
‫الكتابيــة الورقيــة التــي تيســر مــن تشــعب الفســاد فــي المؤسســات الضريبيــة‪.‬‬
‫| ‪285‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫االصالحات في القطاع العام والمؤسسات المملوكة للدولة فرصة العادة توجيه‬


‫نفقات االستثمار الحكومية‪:‬‬
‫إن تحفيــز موظفــي القطــاع العــام علــى اإلنتقــال إلــى القطــاع الخــاص ســيتطلب‬
‫مــن الحكومــة أن تحــد مــن المعاشــات الســخية للغايــة التــي يقدمهــا القطــاع العــام‬
‫وبالتحديــد الــى المؤسســات المعطلــة‪ ،‬وأن تســتخدم المــوارد التــي يتــم توفيرهــا‬
‫لبــدء تشــغيل نظــام التقاعــد المفتــوح لموظفــي القطــاع الخــاص‪ .‬مــن اجــل تحقيــق‬
‫التــوازن بيــن المزايــا المتاحــة للعامليــن فــي القطاعيــن العــام لتخفيــف العــبء الهائــل‬
‫الــذي يتحملــه القطــاع العــام المتضخــم الــذي ُينظــر إليــه حاليــ ًا علــى أنــه ضمــان‬
‫مالــي لمــدى الحيــاة ألولئــك الذيــن يعملــون فيــه‪ .‬ويجــب علــى الحكومــة العراقيــة‬
‫أيض ـ ًا تنفيــذ الخطــوات التــي تشــجع العامليــن فــي القطــاع العــام علــى المضــي قدمــا‬
‫نحــو تطويــر جــودة العمــل الحكومــي‪ ،‬ورفــع االنتاجيــة الوظيفيــة للجهــاز الحكومــي‬
‫العــام‪ ،‬بمــا يضمــن الكفــاءة وجــودة االدارة فــي تقديــم الخدمــات الــى المواطنيــن‪.‬‬
‫مــن جهــة أخــرى فــان األمــر يتطلــب فــي جــزء منــه إنهــاء موضــوع الشــركات‬
‫المملوكــة للدولــة‪ ،‬باعتبــار أن جــزء مــن هيمنــة القطــاع العــام فــي االقتصــاد العراقــي‬
‫والتــي حــال دون ظهــور قطــاع خــاص حيــوي وخلــق فــرص العمــل المرتبطــة بــه هــو‬
‫عــدم حســم دور المنشــات والشــركات التابعــة إلــى الدولــة‪ .‬إذ تعمل هذه المؤسســات‬
‫المملوكــة للدولــة منــذ فتــرة طويلــة كمصــادر لرعايــة الموظفيــن والعامليــن فيهــا‬
‫واصبحــت فــي كثيــر مــن األحيــان هدفــا للموظفيــن الحكومييــن كــون أن المحاســبة‬
‫أو الخدمــة فيهــا تكــون معدومــة‪.‬‬
‫وواقــع الحــال أن العديــد مــن الشــركات المملوكــة للدولــة قــد إنتهــى جدواهــا‬
‫منــذ تســعينيات القــرن الماضــي‪ .‬علــى الرغــم مــن أن إصــاح الشــركات المملوكــة‬
‫للدولــة ظــل موضــوع يخضــع لمحــاوالت عــدة ولســنوات‪ ،‬ولــم يتحقــق فيــه إال‬
‫تقــدم محــدود‪ .‬وإصــاح الشــركات المملوكــة للدولــة هــو علــى أي حــال مهمــة‬
‫ضخمــة‪ ،‬ويقــدر صنــدوق النقــد الدولــي أن هنــاك حوالــي ‪ 192‬مؤسســة مملوكــة‬
‫للدولــة توظــف أكثــر مــن ‪ 555‬الــف شــخص يمثلــون معظــم العامليــن فــي القطــاع‬
‫الصناعــي‪ ،‬وأن هنــاك مــن ‪ ٪50-30‬منهــم فــي وظائــف فائضــة‪ ،‬باإلضافــة إلــى‬
‫أن معظــم الشــركات المملوكــة للدولــة ال تعمــل‪ .‬فــي حيــن أن الحفــاظ عليهــا‬
‫يســتنزف مــوارد إضافيــة مــن الدولــة‪ ،‬وال يمكــن للحكومــة إغالقهــا بســبب التكلفــة‬
‫االجتماعيــة الكبيــرة التــي ســتترتب فــي حــال تفييــض أكثــر مــن نصــف مليــون عامــل‪،‬‬
‫‪| 286‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫أو حتــى خصخصتهــا مــع الحفــاظ علــى مســتويات التوظيــف الحاليــة كونــه يمثــل أمــر‬
‫اليتحقــق بوجــود هــذا الكــم الهائــل مــن العامليــن لتحقيــق أي جــدوى اقتصاديــة‪.‬‬
‫والمؤسســات المملوكــة الــى الدولــة تتكــون مــن عــدد مــن المنشــأت والمصانــع‪،‬‬
‫والتــي تتــراوح بيــن ‪ 10-5‬مصانــع‪ ،‬وأصغــر هــذه المؤسســات كمتوســط لعــدد‬
‫العامليــن يبلــغ ‪ 100‬شــخص ويتجــاوز عــدد العامليــن فــي المصانــع الكبيــرة ‪ 4‬االف‬
‫عامــل‪ ،‬وتعانــي هــذه المؤسســات مــن العمالــة الشــبحية‪ ،‬لذلــك بإمــكان احصــاء‬
‫مقــدار الرواتــب واألجــور ولكــن فــي بعــض االحيــان هنــاك صــورة ضبابيــة حــول‬
‫العــدد الحقيقــي للعامليــن فيهــا‪ ،‬وبالرغــم مــن المحــاوالت المتكــررة إلحصــاء‬
‫العامليــن فيهــا بصــورة دقيقــة‪ ،‬إال أن هــذا األمــر واجــه مصاعــب عــدة بســبب العــداوة‬
‫التنظيميــة‪ ،‬وأن االنفــاق الحكومــي علــى هــذه المؤسســات قــد وصــل الــى ‪ ٪3‬مــن‬
‫اجمالــي االنفــاق الحكومــي‪ ،‬علم ـ ًا بــأن االنفــاق علــى هــذه المؤسســات المتوقفــة‬
‫عــن العمــل والتــي التخــدم االقتصــاد الوطنــي هــو نفــس االنفــاق علــى قطاعــي‬
‫التعليــم األولــي والثانــوي فــي المــدارس العراقيــة التابعــة الــى وزارة التربيــة‪.‬‬
‫إن اصــاح المؤسســات المملوكــة إلــى الدولــة اليخضــع الــى معيــار واحــد‪،‬‬
‫واليمكــن تبســيط العمليــة بالقــول بــأن الخصخصــة هــي الحــل األفضــل‪ ،‬والســبب‬
‫يعــود إلــى أن عــدد العامليــن فــي هــذه المؤسســات ليــس بالعــدد القليــل وأن تســريح‬
‫هــؤالء غيــر الكفوءيــن فــي معظمهــم قــد يولــد حالــة تؤثــر علــى االســتقرار االجتماعي‬
‫والسياســي فــي البــاد‪ ،‬وهــذه المؤسســات تتــوزع تبعيتهــا بيــن الــوزارات المختلفــة‬
‫ومعظمهــا يعــود الــى وزراة الصناعــة وإلــى الدوائــر المنحلــة مــن النظــام الســابق‪ ،‬كمــا‬
‫أن هنــاك مســألة أخــرى مؤثــرة فــي التوزيــع الجغرافــي لهــذه المؤسســات كــون أن‬
‫معظمهــا خــارج المــدن وضمــن نطــاق المحافظــات التــي تطغــى عليهــا صيغــة التنــوع‬
‫الديموغرافــي‪ ،‬بتعبيــر أدق المناطــق التــي تنشــط فيهــا قضيــة المكونــات‪ ،‬كمــا أن‬
‫توزيــع هــذه المؤسســات يكــون علــى مســاحات مختلفــة منهــا لقضايــا عســكرية‬
‫وأمنيــة تتعلــق باالنتــاج العســكري التــي خضعــت لهــا سياســات النظــام الســابق‪،‬‬
‫ومــن ثــم فــان توزيعهــا الجغرافــي ال يخــدم قضيــة تحقيــق الجــدوى االقتصاديــة‪،‬‬
‫وبالتالــي اليمكــن اخضاعهــا الــى مبــدأ الخصخصــة‪ ،‬ولكــن هــذه المصانــع باإلمــكان‬
‫احيائهــا وجعلهــا ضمــن احتــكارات الدولــة علــى إعتبــار أن المنافــس لهــذا النمــط‬
‫مــن الصناعــات‪ ،‬أمــا المؤسســات النفطيــة أو التــي تعنــى بقضايــا المــوارد الطبيعيــة‬
‫أو الطاقــة فهــي األخــرى بإمــكان إبقائهــا تحــت ســيطرة الحكومــة‪ ،‬ولكــن هنــاك‬
‫| ‪287‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫مؤسســات تمثــل عمليــة احيائهــا شــيء تعجيــزي‪ ،‬ممــا تتطلــب برامــج وسياســات‬
‫خاصــة بهــا يمكــن أن يؤجــل النظــر بهــا إلــى مراحــل أخــرى فــي برنامــج إعــادة إعــادة‬
‫هيكلــة المؤسســات المملوكــة الــى الدولــة‪.‬‬

‫الوصول السريع الى التمويل يعمل على احياء أنشطة القطاع الخاص‪:‬‬
‫القطــاع المالــي فــي العــراق صغيــر نســبي ًا مقارنــ ًة بالناتــج المحلــي اإلجمالــي‬
‫وتهيمــن عليــه الدولــة‪ ،‬ممــا يجعلــه غيــر تنافســي وغيــر قــادر علــى تلبيــة احتياجــات‬
‫االقتصــاد الخــاص النامــي‪ ،‬كمــا أنــه يعــد أحــد المصــادر التــي تعيــق تنميــة‬
‫المشــروعات الخاصــة فــي البــاد‪ .‬وتســتأثر بنــوك الدولــة بحوالــي ‪ ٪90‬مــن إجمالــي‬
‫األصــول والودائــع‪ .‬كمــا أن نظــام الضمانــات (الكفالــة) غيــر مالئــم فــي البــاد يعنــي‬
‫أن البنــوك تبالــغ فــي ضمــان القــروض‪ .‬تبلــغ قيمــة االئتمــان المقــدم للقطــاع الخــاص‬
‫أقــل مــن ‪ ٪7‬مــن الناتــج المحلــي اإلجمالــي (مقارنــة مــع ‪ ٪55‬فــي المتوســط فــي‬
‫بلــدان أخــرى فــي منطقــة الشــرق األوســط وشــمال أفريقيــا)‪ .‬إن ضمــان الحصــول‬
‫علــى التمويــل أمــر صعــب للغايــة بالنســبة لكيانــات القطــاع الخــاص‪ .‬بســبب وجــود‬
‫تحديــات فــي جميــع مراحــل سلســلة اإلقــراض المضمــون‪ :‬تســجيل الضمــان‪،‬‬
‫والتنفيــذ‪ ،‬والتصــرف‪ .‬وتطلــب البنــوك مــن الشــركات بإفــراط فــي ضمــان القــروض‪:‬‬
‫تبلــغ قيمــة الضمانــات علــى القــروض ‪ ٪140‬مــن قيمــة القــرض للشــركات الصغيــرة‪،‬‬
‫أمــا الشــركات المتوســطة فتكــون قيمــة الضمانــات مــن أصــل القــرض بمقــدار ‪٪180‬‬
‫مــن أصــل القــرض‪ ،‬والشــركات الكبــرى ‪ ٪330‬مــن أصــل القــرض‪ .‬وهــذا مايعــد‬
‫عائق ـ ًا أمــام نمــو الشــركات‪ ،‬فليــس مــن المســتغرب أن تقــوم الشــركات التابعــة الــى‬
‫القطــاع الخــاص إلــى االعتمــاد علــى األمــوال الداخليــة أو األربــاح المحفوظــة لديهــا‬
‫لتمويــل راس المــال لهــذه الشــركات فــي االســتثمارت الجديــدة‪ .‬وتشــير التقديــرات‬
‫إلــى أن أقــل مــن ‪ ٪5‬مــن الشــركات الصغيــرة والمتوســطة في القطــاع الرســمي (القطاع‬
‫الخــاص المســجل لــدى الحكومــة) قــد حصلــت علــى قــروض بنكيــة‪ .‬وهــذا الوضــع‬
‫كبــح مــن فــرص البــاد فــي معيــار حريــة ممارســة االعمــال‪ ،‬فتصنــف ممارســة‬
‫أنشــطة األعمــال لســنة ‪ 2018‬العــراق فــي المرتبــة ‪( 186‬مــن أصــل ‪ 190‬دولــة) فــي‬
‫الحصــول علــى االئتمــان‪ .‬ومــن الناحيــة الفعليــة فــإن اعاقــة وصــول الشــركات الــى‬
‫التمويــل يجعــل مهمــة نمــو وتطــور الشــركات التابعــة الــى القطــاع الخــاص مهمــة‬
‫شــاقة إن لــم تكــن تعجيزيــة‪ .‬ومــن ثــم فــإن هنــاك حاجــة إلــى طــرق جديــدة للحصــول‬
‫‪| 288‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫علــى تمويــل يمكــن الوصــول إليهــا مــن قبــل جميــع مــن الشــركات والمؤسســات‬
‫التابعــة الــى القطــاع الخــاص‪.‬‬
‫أمــا مــزاد العملــة‪ ،‬فهــو اآلخــر صغيــر ومــر بــدورات مــن «االزدهــار واإلفــاس»‬
‫فــي الســنوات األخيــرة‪ .‬جــاءت تدفقــات المحافــظ األجنبيــة األولــى فــي عــام ‪2010‬‬
‫فــي أعقــاب دخــول البنــوك والشــركات اإلقليميــة التــي اســتحوذت علــى حصــص‬
‫األغلبيــة فــي الكيانــات المحليــة‪ ،‬وأدى ذلــك إلــى زيــادة حجــم التــداول وزيــادة‬
‫الســيولة ومــن ثــم الــى طفــرة فــي التعامــات النقديــة فــي هــذه المــزادات‪ .‬لكــن غــزو‬
‫داعــش وانهيــار أســعار النفــط تســبب فــي تراجــع التدفقــات األجنبيــة مــع خــروج‬
‫المســتثمرين بشــكل جماعــي‪ ،‬علــى اثرهــا انخفــض الســوق بنســبة ‪ ٪68‬مــن ذروتــه‬
‫فــي عــام ‪ 2014‬ليصــل إلــى أدنــى مســتوى لــه فــي عــام ‪ .2016‬واليــزال الســوق فــي‬
‫المراحــل المبكــرة جــد ًا مــن تطــوره ولــم يــؤدي بعــد دور ًا مهم ـ ًا فــي االقتصــاد‪.‬‬
‫لكــن الحقيقــة المــرة التــي تذكــر هنــا‪ ،‬والتــي تعــد كابح ـ ًا أمــام تحريــر أســواق‬
‫المــال الوطنيــة‪ ،‬هــو انــه إذا قامــت الحكومــة العراقيــة بتحريــر النظــام المالــي مــن‬
‫أجــل تحقيــق كفــاءة أعلــى ونمــو اقتصــادي‪ ،‬فــان ذلــك يجعــل مــن الســهل علــى رأس‬
‫المــال أن يهــرب‪ ،‬باالضافــة الــى ذلــك فــإن الوســاطات الماليــة الخاصــة المرســملة‬
‫والمنظمــة بشــكل غيــر مالئــم‪ ،‬تعطــي الحوافــز فــي إدراتهــا علــى اإلنخــراط فــي‬
‫مخاطــر شــركات التمويــل الخارجيــة‪ ،‬ولذلــك ليــس مــن الســهل علــى العــراق الــذي‬
‫هــو بأمــس الحاجــة الــى راس المــال االجنبــي أن يكــون بعيــد ًا عــن حركــة راس المــال‬
‫العالميــة‪ ،‬ولكــن فــي الوقــت ذاتــه فــان تحريــر االنشــطة الماليــة قــد يرتــد ســلب ًا علــى‬
‫الوضــع المالــي فــي البــاد‪ ،‬وربمــا يزيــد مــن حالــة الالاســتقرار فــي البــاد‪ .‬وضمــن‬
‫هــذا الســياق يطــرح أحــد المختصيــن فكــرة اللجــوء الــى سياســية المراحــل فــي‬
‫التحريــر المالــي‪ ،‬والتــي تبــدأ مــن تحريــر وازالــة القيــود علــى رأس المــال المحلــي‬
‫الــى تحريــر االســتثمار االجنبــي المباشــر‪ ،‬ومــن ثــم أســواق األســهم والســندات إلــى‬
‫أن تنتهــي بتحريــر االقتــراض مــن مؤسســات التمويــل االجنبيــة‪.‬‬
‫القطــاع غيــر الرســمي يوهــم التخطيــط الســليم للتنميــة ويزيــد النفقــات ويقلــل‬
‫تنويــع االيــرادات الحكوميــة‪:‬‬
‫واحــدة مــن المشــاكل الرئيســة فــي إقامــة األعمــال الخاصــة فــي العــراق‪ ،‬تكمــن‬
‫فــي القطــاع غيــر الرســمي الكبيــر والــذي يمثــل عائــق كبيــر أمــام االحصــاء الدقيــق‬
‫لالنشــطة االقتصاديــة الحاليــة‪ .‬ويعــزي البعــض النمــو فــي القطــاع غيــر الرســمي الــى‬
‫| ‪289‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫بيئــة االعمــال الصعبــة فــي البــاد وكذلــك الــى العــداوة التنظيميــة للقطــاع الخــاص‬
‫وبالتحديــد الــى رجــال األعمــال‪ .‬فهنــاك تكاليــف قــد تؤثــر علــى نموهــا فــي حــال‬
‫قــررت اللجــوء الــى تســجيل أنشــطتها رســمي ًا فــي االقتصــاد‪ ،‬فمــن بيــن العقبــات هــي‬
‫ضعــف الخدمــات والحمايــة القانونيــة‪ ،‬فض ـ ًا عــن ان التطبيــق القانونــي والتنظيمــي‬
‫المتراخــي المشــاب بحــاالت الفســاد يــؤدي إلــى نمــو القطــاع غيــر الرســمي‪ .‬مــع‬
‫التنويــه أن حتــى الشــركات الرســمية تلجــأ الــى االخفــاء الجزئــي مــن أنشــطتها‪ ،‬ففــي‬
‫كثيــر مــن األحيــان تتحاشــى الشــركات تســجيل أنشــطتها فــي حــال لــم يكــون لهــا‬
‫نشــاط متعلــق بالعمــل الحكومــي أو عقــد مــع طــرف حكومــي‪ .‬ويمثــل ذلــك عائــق‬
‫كبيــر أمــام تخطيــط النشــاط االقتصــادي فــي البــاد ووضــع خطــة تنمويــة بعيــدة األمــد‬
‫كــون أن بعــض التقديــرات تشــير إلــى أن حجــم االنشــطة االقتصاديــة غيــر الرســمية‬
‫تمثــل ‪ ٪25‬مــن الناتــج المحلــي االجمالــي‪ ،‬كمــا أن إهمــال هــذه الشــركات يعنــي‬
‫أن هنــاك هــدر وإســتغالل للخدمــات الحكوميــة مــن قبــل هــذه الجهــات دون علــم‬
‫الحكوميــة فيهــا‪ ،‬كان تتعلــق باســتخدام الكهربــاء والمــاء واالرض وإندثــارات أخــرى‬
‫ربمــا تتعلــق بالتلــوث‪ ،‬يقابلهــا اهــدار فرصــة فــي تحصيــل الضرائــب والرســوم علــى‬
‫انشــطتها‪ ،‬وهنــا يكــون المطلــوب إحصــاء دقيــق مدفــوع بخلــق بيئــة تنظيميــة صديقــة‬
‫لنشــاطات الشــركات التابعــة الــى القطــاع الخــاص‪.‬‬

‫تعزيز النمو في القطاع الخاص يحمي النظام العام في البالد من الهزات‬


‫العنيفة‪:‬‬
‫يســيطر القطــاع الخــاص فــي العــراق علــى الشــركات الفرديــة والصغــرى‪ ،‬التــي‬
‫تعمــل بشــكل رئيســي فــي تجــارة التجزئة وخدمــات البنــاء والتشــييد والنقــل‪ ،‬وكذلك‬
‫الصناعــات الخفيفــة‪ .‬غالبيــة هــذه الشــركات مملوكــة ألصحابهــا الحصرييــن‪،‬‬
‫والباقــي عبــارة عــن شــراكات عائليــة إلــى حــد كبيــر‪ :‬يوجــد فــي البلــد عــدد قليــل‬
‫مــن التكتــات الضخمــة متعــددة الصناعــات‪ .‬ومــع ذلــك‪ ،‬تبــرز الشــركات الخاصــة‬
‫الكبيــرة فــي مجــال تكنولوجيــا المعلومــات واالتصــاالت‪ ،‬وخاصــة االتصــاالت‬
‫المتنقلــة‪ ،‬وفــي الخدمــات التقنيــة لقطــاع النفــط والغــاز‪ ،‬وفــي التصنيــع واغلبهــا‬
‫شــركات تابعــة إلــى دول الجــوار أو إلــى قــوى اقتصاديــة دوليــة‪ ،‬فــي حقيقــة األمــر‬
‫فــان القطــاع الخــاص ُينظــر لــه علــى أنــه المفتــاح القــادرة علــى خلــق فــرص العمــل‪،‬‬
‫ويؤمــن علــى المــدى الطويــل منــع نشــوب الصراعــات‪.‬‬
‫‪| 290‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫البيئــة التنظيميــة فــي العــراق التحبــذ القطــاع الخــاص‪ .‬وتقــر إســتراتيجية الحكومة‬
‫لتنميــة القطــاع الخــاص للســنوات ‪ 2030-2014‬بــأن القوانيــن واللوائــح الحالية التي‬
‫تحكــم القطــاع الخــاص غالبـ ًا مــا تكــون بمثابــة عائــق أمــام تنميــة القطــاع الخــاص‪.‬‬
‫وفــي العديــد مــن الحــاالت‪ ،‬ويقيــدون تنشــيط القطــاع الخــاص وكذلــك منــع إنشــاء‬
‫وظائــف جديــدة‪ ،‬إذ تــم إصــدار العديــد مــن القوانيــن واللوائــح البالــغ عددهــا ‪29‬‬
‫الــف قانــون فــي البــاد فــي القــرن الماضــي‪ ،‬ولكــن عندمــا يتــم إصــدار قوانيــن‬
‫جديــدة‪ ،‬ال يتــم إلغــاء القوانيــن القديمــة‪ .‬ونتيجــة لذلــك‪ ،‬فــإن النظــام التشــريعي‬
‫العراقــي مثقــل بــاإلرث الثقيــل للتشــريعات القديمــة التــي تتعــارض مــع حاجــة البــاد‬
‫إلــى اقتصــاد مفتــوح وشــفاف ومتنــوع‪ .‬واللوائــح غالب ـ ًا مــا تكــون ســيئة التصميــم‪،‬‬
‫وتأثيرهــا علــى القطــاع الخــاص ال يولــى االعتبــار الكافــي؛ كمــا ان القوانيــن الحاليــة‬
‫ضعيفــة التطبيــق؛ وال يوجــد تنســيق فعــال ومتماســك بيــن مختلــف الــوزارات التــي‬
‫تنظــم القطــاع الخــاص أو بيــن الحكومــة والقطــاع الخــاص؛ والعديــد مــن الــوزارات‬
‫ال تملــك القــدرة الكافيــة لتنفيــذ أي إصالحــات‪.‬‬
‫تعــد تنميــة القطــاع الخــاص واحــدة مــن أضعــف مجــاالت اإلصــاح فــي بيئــة‬
‫شــاملة ذات إصــاح ضئيــل للغايــة للسياســة الهيكليــة‪ :‬فــي عــام ‪ 2018‬احتــل العــراق‬
‫المرتبــة ‪ 154‬لبــدء نشــاط تجــاري مــن مجمــوع ‪ 169‬دولــة‪ ،‬و يبلــغ إجمالــي ســهولة‬
‫ممارســة القطــاع الخــاص لألعمــال فــي تقريــر ‪ 2018‬التسلســل ‪( 168‬مــن أصــل‬
‫‪ ، )190‬ويوجــد حاليـ ًا أيضـ ًا تأخيــر طويــل فــي تحويــل المبالــغ الكبيــرة مــن األمــوال‬
‫مــن وإلــى العــراق‪ ،‬وهــو أمــر يعمــل علــى تثبيــط المســتثمرين األجانــب‪.‬‬

‫إصالح قطاع الطاقة لمنظور مرحلي يدفع الى تعزيز االقتصاد غير النفطي‪:‬‬
‫أولــت الموازنــة االتحاديــة لعــام ‪ 2019‬اإلهتمــام باالســتثمار فــي قطــاع الطاقــة‪،‬‬
‫ورصــدت النفقــات االســتثمارية فــي الجانــب ب ‪ ٪64‬مــن الموازنــة االتحاديــة فــي‬
‫البــاد‪ ،‬وهــذا اإلجــراء يحمــل مضاميــن صحيحــة‪ ،‬فمــن الضــروري أن تواصــل‬
‫الحكومــة العراقيــة إعطــاء األولويــة لالســتثمار فــي قطــاع النفــط والغــاز وتعمــل علــى‬
‫تعظيــم كفــاءة المؤسســات التــي تتعامــل مــع الشــركات األجنبيــة العاملــة فــي هــذا‬
‫القطــاع‪ .‬بإعتبــار ان هــذا القطــاع يوفــر المــوارد األساســية لحركــة وديمومــة عمــل‬
‫االقتصــاد العراقــي‪ .‬صحيــح إن عمليــة االنتقــال مــن اإلعتمــاد علــى النفــط الــى التنوع‬
‫فــي االيــرادات يتطلــب التركيــز علــى جوانــب أخــرى غيــر ريعيــة‪ ،‬ولكــن األوضــاع‬
‫| ‪291‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫الحاليــة فــي البــاد تتطلــب سياســات طاقــة تعمــل علــى تعزيــز التنــوع وليــس تنميــط‬
‫االحاديــة‪ ،‬وفــي جــزء مــن العــاج المرحلــي فــان هنــاك حاجــة إلــى إعــادة التفــاوض‬
‫علــى العقــود مــع شــركات النفــط‪ .‬ويمكــن أن تســتفيد الحكومــة أيض ـ ًا مــن االبتعــاد‬
‫عــن اتفاقيــات الخدمــة الفنيــة‪ ،‬التــي تفــرض رســوم ًا مرتفعــة علــى كل برميــل يتــم‬
‫انتاجــه فــي وقــت تنخفــض فيــه أســعار النفــط‪ ،‬والتــي تفشــل فــي تحفيــز االســتثمارات‬
‫الفعالــة مــن حيــث التكلفــة فــي البنيــة التحتيــة مــن جانــب شــركات النفــط‪ ،‬فض ـ ًا‬
‫عــن كونهــا أســهمت فــي تلكــؤ عمــل شــركات النفــط الوطنيــة‪ .‬باإلضافــة إلــى ذلــك‪،‬‬
‫تســريع عمليــات إتخــاذ وصنــع القــرار وتعزيــز القــدرات المؤسســية وهمــا أمــران‬
‫مهمــان للحفــاظ علــى االســتثمار الدولــي المتزايــد فــي هــذا القطــاع وتنميتــه‪.‬‬

‫إستثمار عائدات النفط تنصف حقوق االجيال‪:‬‬


‫هنــاك حاجــة الــى تخصيــص المزيــد مــن عائــدات النفــط لالســتثمارات فــي‬
‫رأس المــال العــام‪ ،‬وهــذا مــن شــأنه أن يوفــر أوســع الفوائــد مــن حيــث التنويــع‬
‫والتحــول االقتصــادي‪ .‬ومــع ذلــك‪ ،‬فــإن هــذا يتطلــب مــن الحكومــة تحســين إدارة‬
‫االســتثمارات العامــة الحاليــة الســيئة للغايــة فــي ســياق إطــار مالــي وظيفــي متوســط​​‬
‫األجــل‪ ،‬واســتراتيجية واضحــة إلدارة الديــون‪ .‬يجــب علــى الحكومــة النظــر فــي‬
‫تخصيــص جــزء مــن عائــدات النفــط فــي صنــدوق ادخــار انتقالــي ينشــأ خــارج‬
‫العــراق‪ ،‬ليكــون انشــاءه مــن خــال عــاج نقــاط الضعــف فــي إدارة الماليــة العامــة‪.‬‬
‫مــن خــال تصميــم آليــة لإليــرادات الفعالــة‪ .‬ويمكــن القيــام بذلــك فــي ســياق إنشــاء‬
‫«صنــدوق لثــروة األجيــال» أو الصنــدوق الســيادي‪ ،‬وهــذا الصنــدوق مــن االهميــة فــي‬
‫خلــق إســتقرار مالــي طويــل األمــد يتجنــب التقلبــات فــي أســعار النفــط وإمتصــاص‬
‫الصدمــات الناتجــة مــن تلــك التقلبــات‪ .‬ولكــن هــذا الســعي يتطلــب اصــاح فــي ادارة‬
‫القطــاع النفطــي وتحســين إجــراءات الشــفافية والمســاءلة فــي إدارتــه‪.‬‬

‫انتاج الغاز يسهم في تحقيق احتياطات مالية ومضاعف غير مباشر لخدمة‬
‫السوق‪:‬‬
‫أمضــت فيــه الحكومــة خطــوات فعليــة مــن أجــل تقليــل الهــدر فــي الغــاز‬
‫المصاحــب النتــاج النفــط‪ ،‬والــذي يقــدر الهــدر فيــه للســنوات الســابقة الــى ‪ 5‬مليــار‬
‫دوالر ســنوي ًا‪ ،‬كمــا أن تقديــرات الجهــاز المركــزي لالحصــاء قــد قــدرت نســب‬
‫‪| 292‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫الحــرق فــي الغــاز المصاحــب النتــاج النفــط قــد بلغــت ‪ ٪65‬للســنوات الســابقة‪،‬‬
‫واتفقــت حكومــة دولــة رئيــس الــوزراء عــادل عبــد المهــدي مــع شــركات عالميــة‬
‫منهــا شــركة ‪ ExxonMobil‬االمريكيــة بتوقيــع عقــد قيمتــه ‪ 53‬مليــاردوالر‪ ،‬لاليقــاف‬
‫حــرق الغــاز المصاحــب الســتخراج النفــط‪ ،‬وسيســهم االســتثمار فــي قطــاع الغــاز‬
‫علــى دعــم الجــدوى االقتصاديــة اليقــاف اســتيراد الغــاز مــن دول الجــوار بســد النقص‬
‫محليـ ًا‪ ،‬كذلــك دعــم الصناعــات فــي مجــاالت اإلســمنت واأللمنيــوم والتــي تحتــاج‬
‫الــى طاقــة عاليــة جــد ًا ممكــن أن يوفرهــا الغــاز‪ ،‬ومــن الممكــن أن يوفــر هــذا األمــر‬
‫للعــراق مســتقب ًال إحيــاء أنبــوب الغــاز العراقــي الــذي كان يصــدر الغــاز المحلــي الــى‬
‫الكويــت والــى الموانــئ الكويتيــة التــي تضــم منصــات تصديــر الغــاز والتــي اليمتلــك‬
‫العــراق البنــى التحتيــة المشــابهة لهــا‪ .‬ولكــن فــي حقيقــة األمــر أن الصراعــات التــي‬
‫تشــهدها المنطقــة قــد توثــر فــي عمليــات المباشــرة فــي اســتثمار مشــروع الغــاز‬
‫العراقــي‪ .‬والــذي يعنــي مــن جهــة أخــرى اســتمرار تعويــض النقــص فــي الغــاز عــن‬
‫طريــق االســتيرادات للســنوات القادمــة‪.‬‬

‫يدعم اصالح الكهرباء نشاط المشروعات الصغيرة والمتوسطة‪:‬‬


‫إن أوضــاع الكهربــاء بقيــت عامــل مؤثــر متعــدد األبعــاد فــي النمــو وفــي القضايــا‬
‫التــي تتعلــق بتطويــر الطاقــة‪ ،‬فقــد أثــرت المصروفــات الحكوميــة الكبيــرة علــى هــذا‬
‫القطــاع علــى مــوارد البــاد مثلــت عنصــر ًا كابحـ ًا فــي قضايــا النمــو‪ ،‬كمــا أن إســتمرار‬
‫شــراء الغــاز مــن خــارج البــاد لتغذيــة محطــات توليــد الطاقــة هــو أمــر اليخضــع‬
‫إلعتبــارات الجــدوى االقتصاديــة‪ ،‬فديــون وزارة الكهربــاء ترتفــع داخلي ـ ًا مــع وزارة‬
‫النفــط‪ ،‬كمــا أن اســتيرادات الكهربــاء مــن دول الجــوار تســتنزف جــزء ًا مــن النفقــات‬
‫الحكوميــة العامــة‪ ،‬لذلــك تمثــل مســالة الكهربــاء التحــدي األكبــر للحكومــات‬
‫العراقيــة بعــد عــام ‪ ،2003‬إذ تســتنزف الكهربــاء ‪ ٪8 .1‬مــن الناتــج المحلــي‬
‫للبــاد فــي ‪ ،2018‬ويتوقــع أن تســتمر هــذه النســبة مســتقب ًال‪ ،‬الكهربــاء تؤثــر فــي‬
‫األوضــاع االقتصاديــة للبــاد بإتجاهيــن‪ ،‬اإلتجــاه األول‪ :‬قبــل التوليــد والمتمثــل‬
‫فــي إنشــاء محطــات الطاقــة وتهيــأة الوقــود الــازم للتشــغيل وتعويــض النقــص فــي‬
‫االنتــاج المحلــي مــن خــال االســتيرادات‪ ،‬صحيــح أن مســألة اإلســتقاللية فــي انتــاج‬
‫الطاقــة الكهربائيــة لــم تعــد لهــا جــدوى اقتصاديــة فــي كثيــر مــن األحيــان‪ ،‬ولكــن هنــا‬
‫البــد مــن أن يتجــه التركيــز الحكومــي الــى إســتغالل االنتــاج الوطنــي مــن الغــاز‪ ،‬مــع‬
‫| ‪293‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫االســتثمار فــي تشــغيل محطــات الطاقــة بزيــت الغــاز الثقيــل الــذي تعانــي المصافــي‬
‫الوطنيــة مــن انتاجــه بكثــرة بــل يــؤدي فــي بعــض االحيــان التراكــم فــي زيــت الغــاز‬
‫الــى توقــف بعــض المصافــي‪ ،‬وهــذا النــوع مــن الغــاز يصعــب تصديــره بســبب كلفــة‬
‫التصديــر العاليــة‪ .‬لذلــك تولــدت عالقــة بيــن توليــد الكهربــاء وعمــل المصافــي‪،‬‬
‫إذ يغلــق إنقطــاع الكهربــاء غيــر المتوقــع المصافــي‪ ،‬بينمــا يولــد الفشــل فــي إيصــال‬
‫الوقــود مــن حيــث الكــم أو النــوع الــى انخفــاض توليــد الطاقــة‪ ،‬بــل ربمــا إلــى تــآكل‬
‫محطــات التوليــد‪ ،‬بســبب رداءة نوعيــة الوقــود‪ ،‬وهــذا األمــر يتطلــب خطــط مشــتركة‬
‫بيــن وزارتــي الكهربــاء والنفــط حــول مواجهــة هــذا النــوع مــن العقبــات والتخطيــط‬
‫لتحســين األداء المشــترك مســتقب ًال‪.‬‬
‫اإلتجــاه الثانــي المؤثــر فــي انتــاج الكهربــاء ذو بعــد تنمــوي‪ ،‬فمــن أجــل اســتدامة‬
‫إنتــاج الكهربــاء والمضــي فــي الخطــط المســتقبلية لتحســين أداء الكهربــاء‪ ،‬فضـ ًا عن‬
‫إيقــاف الهــدر ودفــع المســتحقات الداخليــة والخارجيــة لديــون وزارة الكهربــاء‪ ،‬فــان‬
‫األمــر يتطلــب تفعيــل مســالة مهمــة وهــي الجبايــة أو فاتــورة الكهربــاء‪ ،‬إذ ال زالــت‬
‫الكهربــاء تمنــح مجانـ ًا وحجــم اســتهالكها اليخضع الــى معاييــر الضريبــة التصاعدية‪،‬‬
‫كمــا أن منظومــة الجبايــة ال زالــت متاخــرة جــدا فــي إحصــاء اســتهالك الطاقــة علــى‬
‫اســس فنيــة ومهنيــة‪ ،‬إن لــم تخلــوا بعــض االحيــان مــن عمليــات الفســاد‪ .‬وبالنتيجــة‬
‫فــإن إصــاح نظــام الجبايــة وتفعيــل الفواتيــر الكهربائيــة وتفعيلــه ســيولد القــدرة علــى‬
‫ديمومــة امــداد الكهربــاء‪ ،‬وتقليــل النفقــات الحكوميــة علــى هــذا الجانــب‪ ،‬ونظــام‬
‫الجبايــة يمكــن ان يتــم بصــورة تدرجيــة يتحمــل أعبائهــا كل مــن المواطــن والحكومة‪،‬‬
‫إلــى أن يتــم فصــل الدعــم الحكومــي عــن قطــاع الكهربــاء مســتقب ًال بعــد ان يتــم تحقيق‬
‫االســتقرار فيــه‪ ،‬واالجــراءات الحكوميــة عــن طريــق تعميــم نمــوذج المــدن القائــدة‬
‫والتــي يتــم فيهــا نصــب عــدادات جديــدة للكهربــاء وإمــداد الطاقــة الكهربائيــة بصــورة‬
‫دوريــة دون توقــف مــع تفعيــل برنامــج للجبايــة بشــكل منتظــم يعــد مــن النمــاذج‬
‫الناجحــة التــي يمكــن تعميمهــا علــى المــدن األخــرى‪.‬‬
‫ســتوفر اإلســتمراية فــي إمــداد الطاقــة الكهربائيــة محليــ ًا القــدرة علــى تنشــيط‬
‫الســوق‪ ،‬كمــا أن إســتدامة إيصــال الكهربــاء ســيعمل علــى تنشــيط المشــاريع الصغيــرة‬
‫والمتوســطة‪ ،‬وهــذا النــوع مــن المشــاريع (المشــاريع الصغيــرة والمتوســطة) يعــد مــن‬
‫األنشــطة االقتصاديــة األكثــر قــدرة علــى تحقيــق االســتقرار فــي ســوق العمــل عــن‬
‫طريــق امتصــاص العــدد األكبــر مــن العاطليــن عــن العمــل وخصوص ـ ًا مــن شــريحة‬
‫‪| 294‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫المتعلميــن‪ ،‬والــذي يقلــل بالمحصلــة مــن الضغــط علــى الطلــب للوظائــف فــي‬
‫القطــاع العــام‪.‬‬

‫دعم قوى السوق في المناطق المحررة يحرم القوى المتطرفة من عودة انشطتها‪:‬‬
‫المتغيــرات االقتصاديــة فــي المناطــق المحــررة وخصوصــ ًا فــي المــدن الكبيــرة‬
‫التتســاوى مــع المحافظــات األخــرى‪ ،‬فنســب الفقــر واألميــة وحركــة الســوق‬
‫والبطالــة ترتفــع عــن قريناتهــا مــع المحافظــات االخــرى‪ ،‬إذ أن نســبة الفقــر متعــدد‬
‫األبعــاد يصــل الــى ‪ ٪40‬مــن عــدد الســكان‪ ،‬وحركــة األســواق فــي تلــك المناطــق‬
‫شــبه راكــدة ممــا تســجل أعلــى نســبة بطالــة فيهــا‪ ،‬كمــا أن جهــود إعــادة اإلعمــار فــي‬
‫المناطــق المحــررة لــم ترتقــي بعــد الــى المســتوى الــذي يؤمــن إنتهــاء االشــكاالت‬
‫التــي تعانــي منهــا هــذه المــدن‪ ،‬كمــا أن األمــوال المرصــودة لجهــود إعــادة االعمــار‬
‫التفــي بتحقيــق ‪ ٪2‬مــن األضــرار التــي لحقــت بهــا‪ ،‬كمــا ان هنــاك بعــض الشــكوك‬
‫حــول تخمينــات احتياجــات التــي تحتاجهــا والتــي قــدرت ب ‪ 88‬مليــار دوالر مــن قبل‬
‫وزارة التخطيــط‪ ،‬اال ان هنــاك تقاريــر تتحــدث عــن أن كلفــة إعــادة االعمــار تتطلــب‬
‫مــن ‪ 230-160‬مليــار دوالر‪ .‬وهــي مبالــغ اليمكــن تغطيتهــا باألجــل القريــب‪.‬‬
‫ولكــن يفتــرض علــى الحكومــة أن تعمــل فــي الوقــت الحاضــر علــى التقديــم‬
‫الفعــال للخدمــات األساســية وخلــق فــرص مــدرة للدخــل‪ ،‬خاصــة للشــباب‪،‬‬
‫باعتبــاره أمــر ضــروري لتحســين الهشاشــة الكامنــة ومنــع حــدوث حلقــة أخــرى مــن‬
‫العنــف والصــراع فــي البــاد‪.‬‬

‫| ‪295‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫ملخص تنفيذي المحور الثالث‬

‫يرتبــط األمــن الغذائــي إرتباطــا وثيقـ ًا باســتراتيجية التنمية الشــاملة للبــاد‪ ،‬وكذلك‬
‫بهياكلــه االجتماعيــة واالقتصاديــة والسياســية‪ ،‬والزراعــة فــي العــراق تبقــى المصــدر‬
‫االســاس للعمالــة االكبــر فــي العــراق بعــد الوظائــف الحكوميــة فنســبة المشــتغلين فــي‬
‫الزراعــة يبلغــون ‪ ٪14‬مــن العمالــة الكليــة‪ ،‬وبالرغــم مــن إنخفــاض العمالــة الزراعيــة‬
‫الــى النصــف فــي الســنوات األخيــرة إال أنهــا بقيــت المهنــة األكثــر إســتقطابا للعمالــة‬
‫بعــد القطــاع الحكومــي‪.‬‬
‫وقــد ارتبــط االســتهالك الغذائــي فــي العــراق بدخــل الفــرد‪ ،‬إذ يالحــظ أنــه‬
‫كلمــا إرتفــع دخــل الفــرد كلمــا زاد االســتهالك الغذائــي‪ ،‬بالمقابــل فــان الزيــادة فــي‬
‫االســتهالك الغذائــي اليعنــي بــأن هنــاك عدالــة فــي التغذيــة‪ ،‬إذ فــي الوقــت الــذي‬
‫ارتفــع فيــه اســتهالك الغــذاء‪ ،‬فــان ذلــك قوبــل بإرتفــاع نســب أولئــك االشــخاص‬
‫الــذي لــم يعــد لديهــم القــدرة فــي الحصــول علــى الغــذاء‪ ،‬أو الذيــن يعانــون مــن‬
‫النقــص الغذائــي‪ ،‬ولذلــك بــات العــراق مــن أكثــر البلــدان فــي المنطقــة قصــور ًا فــي‬
‫تحقيــق األمــن الغذائــي أو فــي تحقيــق اإلكتفــاء علــى الطلــب المحلــي مــن الغــذاء‪،‬‬
‫بســبب العجــز الــذي يعانيــه فــي الوقــت الحاضــر‪ ،‬وتعــد واردات العــراق مــن الغــذاء‬
‫مــن أعلــى الــواردات علــى مســتوى المنطقــة‪ ،‬ويعــزى جــزء كبيــر فــي نمــو الطلــب‬
‫علــى الغــذاء إلــى إرتفــاع عــدد الســكان فــي الســنوات األخيــرة‪ ،‬كمــا أن الصراعــات‬
‫المحليــة التــي شــهدها العــراق تؤثــر بدرجــة كبيــرة فــي االنتــاج الزراعــي المحلــي‪،‬‬
‫كــون أن أغلــب الصراعــات حصلــت فــي المناطــق التــي تتمتــع بميــز انتاجيــة فــي‬
‫المجــال الزراعــي‪ ،‬ولذلــك أصبحــت االســتيرادات الزراعيــة تغطــي ‪ ٪85‬مــن‬
‫الطلــب المحلــي لالســتهالك‪ ،‬فــي حيــن أن متوســط إنفــاق األســرة فــي العــراق علــى‬
‫الحاجــات الغذائيــة تبلــغ شــهريا ‪ 360‬الــف دينــار‪ ،‬وأن عــدد األســر فــي العــراق‬
‫تتــرواح علــى الرقــم ‪ 7‬مليــون أســرة‪ ،‬وهــذا يعنــي ان البــاد تنفــق شــهري ًا بحــدود ‪.2‬‬
‫‪ 5‬تريليــون دينــار علــى االســتهالك الغذائــي‪ ،‬تذهــب منهــا أكثــر مــن ‪ 1 .2‬تريليــون‬
‫دينــار كمشــتريات غذائيــة مــن خــارج العــراق‪.‬‬
‫وفــي الوقــت الــذي إرتفــع فيــه مصطلــح «الســيادة الغذائيــة» كمفــوم ذات بعــد‬
‫أمنــي‪ ،‬فــإن التنافــس االقليمــي ســيرتفع فــي الســنوات المقبلــة علــى الهيمنــة الغذائيــة‬
‫باعتبــاره أحــد أدوات الهيمنــة‪ ،‬خصوصــ ًا إذا مــا علمنــا أن عــدد ســكان الشــرق‬
‫‪| 296‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫االوســط وشــمال افريقيــا ســيبلغ ‪ 600‬مليــون نســمة فــي ‪ ،2050‬وأن العــراق‬


‫ســيكون عــدد ســكانه ‪ 84‬مليــون نســمة متوقــع فــي العــام المذكــور أعــاه‪ ،‬لذلــك‬
‫تخطــط معظــم دول الجــوار الجغرافــي علــى بنــاء الســدود وتحويــل مجــاري االنهــر‬
‫ومــن ثــم تاميــن أهــم مدخــل لالمــن الغذائــي وهــو الميــاه‪ ،‬لــذا فــان علــى العــراق‬
‫ومــن اجــل معالجــة المشــاكل الكبيــرة التــي يعانــي منهــا فــي الوقــت الحاضــر فــإن‬
‫أولــى توجهــات التنميــة يجــب أن تتركــز علــى اصــاح القطــاع الزراعــي وتاميــن‬
‫الميــاه‪ ،‬ألن مشــكلة الميــاه ستتســع فــي المســتقبل‪ .‬وأبــرز السياســات التــي يجــب‬
‫أن يتــم إتباعهــا هــو العمــل علــى االصــاح القانونــي والمؤسســاتي وعلــى مســتوى‬
‫السياســات الوطنيــة والمحليــة‪ ،‬وأن يتــم التركيــز علــى إنهــاء مجانيــة اســتخدام الميــاه‬
‫الــذي أدى الــى يكــون حجــم المــاء المســتخدم فــي العــراق لــكل فــرد يبلــغ ‪ 398‬لتــر‬
‫يوميــا وهــو أعلــى مــن معــدل اســتهالك الفــرد فــي الــدول التــي تتمتــع بوفــرة مائيــة كمــا‬
‫فــي بريطانيــا والمانيــا التــي يســتهلك فيهــا الفــرد ‪ 200‬لتــر يوميــا كمتوســط‪.‬‬
‫يضــاف الــى أن القطــاع الزراعــي يحتــاج إلــى أن يتــم تنظيمــه جغرافيـ ًا علــى عمــوم‬
‫البــاد‪ ،‬الن بعــض المنتجــات الزراعيــة التــي يتــم زراعتهــا فــي مناطــق معينــة تعمــل‬
‫علــى إنهــاك االرض وزيــادة ملوحتهــا‪ ،‬كمــا أن إهمــال تطويــر القطــاع الزراعــي أدى‬
‫الــى إرتفــاع مســاحات االراضــي التــي تتعــرض الــى التصحــر بســبب فقــدان التربــة‬
‫لعناصرهــا البايولوجيــة‪.‬‬
‫ان اســتراتيجيات التعامــل مــع القطــاع الزراعــي يمكــن أن تكون شــاملة ألن المرونة‬
‫الحاليــة التــي تتمتــع بهــا البــاد مــن الميــاه واالراضــي تجعــل الزراعــة مشــروعا قابــل‬
‫للتعافــي‪ ،‬بــل بامــكان الحكومــة العمــل علــى إســتراتيجية قائــدة قــادرة علــى تغييــر‬
‫االوضــاع الزراعيــة فــي العــراق وللســنوات الخمــس القادمــة‪.‬‬
‫أمــا فــي القطــاع اآلخــر القــادر علــى أن يكــون ضمــن القطاعــات الرائــدة فــي النمــو‬
‫وهــو القطــاع الســياحي الــذي نمــى بشــكل واضــح فــي الســنوات االخيــرة‪ ،‬فالســياحة‬
‫نحــو العــراق تنقســم الــى ثــاث أقســام‪ :‬الدينيــة‪ ،‬والتاريخيــة‪ ،‬والجغرافيــة‪ ،‬وتعــد‬
‫الســياحة الدينيــة مــن أكثــر أنمــاط الســياحية إنتشــار ًا فــي العــراق بســبب وجــود‬
‫أضرحــة االئمــة االطهــار (عليهــم الســام) والمراقــد والمــزارات الدينيــة االخــرى‪،‬‬
‫ويدخــل العــراق ســنوي ًا ‪ 5-3‬مليــون ســائح دينــي مــن دول الجــوار ومنطقــة الشــرق‬
‫االوســط والعالــم‪ ،‬وتبلــغ حجــم النفقــات المخمنــة مــن هــذا النــوع مــن الســياحة‪،‬‬
‫كمتوســط ‪ 3‬مليــار دوالر ســنوي ًا تذهــب معظمهــا الــى الشــركات التابعــة إلــى دول‬
‫| ‪297‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫الجــوار والمنظمــة لرحــات الســفر‪ ،‬ولذلــك تســتفيد هــذه الــدول مــن العوائــد الماليــة‬
‫للســائحين أكثــر ممــا يســتفيده العــراق‪ .‬إن االســتثمار فــي الســياحة بمجملهــا فرصــة‬
‫عظيمــة وخصوصـ ًا فــي الســياحة الدينيــة والتاريخيــة‪ ،‬وهــو يقتضــي إتخــاذ مجموعــة‬
‫مــن االجــراءات الفنيــة التــي تســهم فــي تحســين اســتحواذ العــراق علــى مصروفــات‬
‫الســائحين‪ ،‬عبــر التوســيع فــي بنــاء الفنــادق مــن الدرجــة األولــى‪ ،‬فالبــاد التمتلــك‬
‫ســوى ســبعة فنــادق مــن الدرجــة األولــى‪ ،‬وتصميــم برامــج الكترونيــة وتطبيقــات‬
‫برمجيــة تســهم فــي تيســير دخــول الســائحين والتعــرف علــى المناطــق الجغرافيــة‪،‬‬
‫وتكــون أداة إرشــادية‪ ،‬واإلهتمــام بجــودة الشــركات الســياحية المحليــة والوطنيــة‬
‫التابعــة إلــى القطــاع الخــاص‪ ،‬كــي تكــون أكثــر قــدرة علــى منافســة الشــركات التابعــة‬
‫الــى دول الجــوار‪ .‬بمــا يســهم فــي توطيــن األمــوال المنفقــة مــن قبــل الســائحين فــي‬
‫العــراق‪ .‬إن االســتثمار فــي الســياحة فرصــة عظيمــة للعــراق للتنميــة‪ .‬وبالرغــم مــن‬
‫كل هــذه الميــز التــي يتمتــع بهــا العــراق فــي الســياحة إال أن االمــوال الخارجــة مــن‬
‫النشــاطات الســياحية أعلــى مــن الداخلــة إليــه‪.‬‬

‫‪| 298‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫المحور الثالث‬

‫اصالح القطاعات التنموية الرائدة وفق ًا للمنظور االستراتيجي‬

‫إلــى جانــب اإلشــكاالت الهيكليــة التــي يعانــي منهــا االقتصــاد العراقــي‪ ،‬فــإن‬
‫عمليــة معالجــة االخفاقــات أو إصــاح السياســات لــن تكــون رافــد ًا أساســي ًا لالصــاح‬
‫االقتصــادي‪ ،‬ألن ظــروف التحــول قــد تقتضــي زمنـ ًا اطــول ممــا هــو مخطــط لــه‪ ،‬كمــا‬
‫أن الحاجــات المجتمعيــة غيــر قابلــة لتاجيــل‪ ،‬ومــن هــذا المنطلــق‪ ،‬تقتضــي الضــرورة‬
‫التركيــز علــى إختيــار نمــاذج اقتصاديــة قطاعيــة قــادرة علــى أن تمثــل حالــة يمكــن عــن‬
‫طريقهــا معالجــة هيكليــة لالقتصــادي العراقــي وهــي بنفــس القــوت تتمتــع بميــز نســبية‬
‫تنســجم مــع االمكانــات التــي يمتلكهــا العــراق‪ ،‬وبنفــس الوقــت قــادرة علــى مــلء‬
‫االحتياجــات الوطنيــة ومعالجــة الضغــوط المجتمعيــة‪ ،‬ولذلــك ســيكون للقطاعــان‬
‫األكثــر أهميــة فــي االصــاح االقتصــادي همــا القطــاع الزراعــي الــذي بإمكانــه أن‬
‫يؤمــن فــرص العمــل وإحيــاء األمــن الغذائــي وتقليــل الضغــط علــى المدينــة‪ ،‬وبنفــس‬
‫الوقــت القــدرة علــى خفــض االســتيرادات الغذائيــة التــي إرتفعــت لتشــكل ‪ ٪85‬مــن‬
‫حاجــات المجتمــع العراقــي‪ .‬ويضــاف إلــى تلــك األهميــة قطــاع الســياحة بإعتبارهــا‬
‫قطاعــات تنمويــة رائــدة تكــون روافــد أساســية لالقتصــاد العراقــي موازيــة للقطــاع‬
‫النفطــي الــذي يمثــل القطاعــي شــبه األوحــد للعــراق‪ ،‬يتطلــب عــرض المــوارد‬
‫االقتصاديــة وإمكانيــة االرتقــاء بهــا كمدخــات أساســية للقطاعــات الرائــدة تلــك‪،‬‬
‫ولهــذا الغــرض ســنتناول فــي هــذا المحــور ثــاث مطالــب أساســية وهــي‪:‬‬
‫المطلب االول‪ :‬معادلة القوة االقتصادية المستدامة‪.‬‬
‫المطلــب الثانــي‪ :‬اســتراتيجية واقعيــة إلصــاح القطــاع الزراعــي كقطــاع تنمــوي‬
‫رائــد‪.‬‬
‫المطلــب الثالــث‪ :‬اســتراتيجية واقعيــة إلصــاح القطــاع الســياحي كقطــاع تنمــوي‬
‫رائــد‪.‬‬

‫المطلب االول‪ :‬معادلة القوة االقتصادية ال ُمستدامة‬


‫تعــد عمليــة الترابــط المرحلــي باإلســلوب التكميلــي‪ ،‬أي إن كل مرحلــة تاريخيــة‬
‫تعــدّ مقدمــة للثانيــة‪ ،‬والثانيــة مكملــة لألولــى‪ ،‬عنصــر أســاس فــي ضمــان ديمومــة‬
‫| ‪299‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫زخــم االصالحــات االقتصاديــة ومــن ثــم تحقيــق التنميــة دون حصــول االختناقــات‬
‫الناتجــة عــن ضعــف التخطيط ببعده االســتراتيجي‪ ،‬بمعنــى أن التخطيط االســتراتيجي‬
‫التنمــوي كان مــن الدقــة بمــكان جعــل الحقــب التاريخيــة مترابطــة ومكملــة إحداهــا‬
‫لألخــرى‪ ،‬إذ تنطلــق المرحلــة الجديــدة بسياســاتها التنمويــة من حيث إنتهــت األخرى‬
‫قبلهــا دون أي اختناقــات معرقلــة‪ .‬ومرحلــة اإلنطــاق نحــو النضــج االقتصــادي ماهي‬
‫إال قطــف ثمــار جهــود ســابقة لهــا‪ ،‬وهــذه الجهــود الســابقة التــي تتمثــل فــي مرحلــة‬
‫االنطــاق إنمــا يكمــن نجاحهــا فــي اختيــار القطاعــات التنمويــة الرائــدة والتــي يســتند‬
‫إختيارهــا عبــر مامتوفــر مــن ميــزات نســبية فــي بلدنــا العــراق وحســب نظــام االولويــات‬
‫لتكــون مصــداق لمرحلــة التكامــل لمــا ســيأتي بعدهــا مــن تطــور اقتصــادي‪.‬‬
‫كمــا هــو معلــوم أن االقتصــاد العراقــي يشــمل مجموعــة مــن المتغيــرات هــي‬
‫كاالتــي‪:‬‬
‫‪1 .‬الموارد البشرية‪ :‬وتشمل العنصر البشري القادر على العمل‪.‬‬
‫‪2 .‬المــوارد الطبيعيــة‪ :‬وتعــد بمثابــة رأســمال طبيعــي علــى شــكل مــوارد‬
‫موجــودة فــي الطبيعــة‪.‬‬
‫‪3 .‬المــوارد الماديــة‪ :‬وتأخــذ شــكل رأســمال مــادي يمــد النشــاط االقتصــادي‬
‫القائــم‪.‬‬
‫‪4 .‬المــوارد التكنولوجيــة‪ :‬مجموعــة العلــوم والمعــارف المســتعملة فــي‬
‫عمليــات االنتــاج‪.‬‬
‫‪5 .‬المــوارد المؤسســاتية‪ :‬وتشــمل حــزم القوانيــن والتشــريعات فضــ ًا عــن‬
‫المؤسســات الفاعلــة‪.‬‬
‫‪6 .‬المــوارد التاريخيــة والجغرافيــة‪ :‬وهــي عناصــر يمكــن اســتثمارها فــي‬
‫الجانــب الســياحي‪.‬‬
‫تلــك مــوارد موزعــة بنحــو غيــر متكافــئ فــي االقتصــاد العراقــي‪ ،‬نجــد بعضهــا‬
‫وفيــر نســبي ًا‪ ،‬وتكــون شــحيحة جــد ًا فــي اخــرى‪ ،‬ولكــن مــا يثيــر الدهشــة‪ ،‬أن هنــاك‬
‫اقتصــادات ضعيفــة رغــم توفــر هــذه المــوارد‪ ،‬بينمــا نجــد اقتصــادات متقدمــة رغــم‬
‫شــح المــوارد فيهــا مثــل ســنغافورة واليابــان‪ ،‬وهــذا يجعلنــا نبحــث عــن المتغيــر الــذي‬
‫لــه التأثيــر فــي تحقيــق النمــو والتقــدم‪ ،‬وهــذا يتمثــل فــي المتغيــر السياســي‪ ،‬ومــن هنــا‬
‫يمكــن لنــا بيــان الركائــز االســاس الواجــب توافرهــا لضمــان نجــاح الجهــود التــي مــن‬

‫‪| 300‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫المفتــرض بذلهــا إلصــاح القطاعــات التنمويــة الرائــدة ذات االولويــة علــى غيرهــا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وتتمثــل تلــك الركائــز فــي محوريــن أساســين وهمــا‪:‬‬
‫أ‪ -‬االرادة لتحقيــق التنميــة المقرونــة بالقــدرة الكامنــة فــي شــخصيات أصحــاب‬
‫القــرار ضمــن تلــك الحكومــة مــع اإلدارة الناجحــة وذلــك ألن العمــل المفــروض‬
‫اتمامــه يحصــل بالمجمــوع (كفريــق أو كابينــة وزاريــة مــن األعلــى إلــى األدنــى‬
‫وبالعكــس بيــن تلــك الكابينــة والمجتمــع)‪.‬‬
‫ب‌‪ -‬العقليــة ذات المنظــور االســتراتيجي فــي التخطيــط االقتصــادي (وذلــك‬
‫لضمــان أن يكــون التخطيــط عبــر القيــد الزمنــي والمكانــي ومــن ثــم شــموله االقتصــاد‬
‫رمتــه واألجيــال الالحقــة)‬
‫وعنــد دخــول المتغيــرات (أ‪ ،‬ب) باعتبارهــا متغيــرات خارجيــة علــى المتغيــرات‬
‫المشــار إليهــا فــي أعــاه‪ ،‬فــإن الحــال ســوف يختلــف مــن الســكون والهــدر وعــدم‬
‫االســتثمار لتلــك المــوارد إلــى حــال آخــر‪ ،‬وكمــا توضــح المعادلــة االتيــة والتــي‬
‫يمكــن تســميته (معادلــة تحقيــق القــوة االقتصاديــة المســتدامة)‬

‫المستدامة = (اإلرادة والقدرة واالدارة الناجحة (*)‬


‫معادلة القوة االقتصادية ُ‬
‫المنظور االستراتيجي) (*) (الموارد البشرية‪ +‬الموارد الطبيعية ‪+‬الموارد المادية‬
‫‪ +‬الموارد التكنولوجية ‪+‬الموارد لمؤسساتية ‪ +‬موارد التاريخ والجغرافية)‪.‬‬
‫ويمكــن عــن طريــق هــذه المعادلــة‪ ،‬إختيــار القطاعــات التنمويــة الرائــدة فــي‬
‫العــراق كمرحلــة إنطــاق أولــى عبــر الوفــرة النســبية فــي المــوارد الطبيعيــة (األرض‬
‫والميــاه ومــوارد التاريــخ والجغرافيــة) مــع توفــر المــوارد البشــرية فتكــون االولويــة‬
‫فــي القطــاع الزراعــي((((*) والقطــاع الســياحي((((**)‪ ،‬وبذلــك نضمــن ً‬
‫أوال التنويــع‬
‫عبــر التخفيــف مــن األحاديــة عبــر االعتمــاد شــبه االوحــد علــى القطــاع النفطــي عــن‬
‫طريــق اإلعتمــاد علــى قطاعــات موازيــة (الزراعــة والســياحة) ثــم يتحقــق التكامــل فــي‬

‫‪ )*( .1‬األراضــي الزراعيــة الصالحــة للزراعــة فــي العــراق تبلــغ تقريبـ ًا ‪ 4 ،44‬مليــون دونــم وان مــا ُمســتغل‬
‫ـكل إال ‪ ، ٪43 ،32‬وأن معــدل نصيــب الفــرد مــن االراضــي الصالحــة للزراعــة تقريب ـ ًا (‪،4‬‬ ‫منهــا ال ُتشـ ِّ‬
‫ا عــن الوفــرة النســبية‬‫‪ )64‬دونــم وهــو مــا يعــادل ضعــف المعــدل العالمــي البالــغ (‪2‬دونــم) للفــرد‪ .‬فضـ ً‬
‫للميــاه الصالحــة لــإرواء واالهميــة االســتراتيجية لألمــن الغذائــي‪.‬‬
‫‪ )**( .2‬يتمتــع العــراق بوفــرة شــبه مطلقــة بالمواقــع الســياحية علــى كافــة انواعهــا الدينيــة والجغرافيــة‬
‫والطبيــة والثقافيــة والتراثيــة وغيرهــا الكثيــر‪.‬‬

‫| ‪301‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫المســتدامة‬
‫مراحــل الحقــة بالقطاعــات األخــرى ومــن ثــم تحقيــق النهضــة االقتصاديــة ُ‬
‫وهــذا هــو مكنــون المنظــور االســتراتيجي الواجــب توفــره فــي المتغيــر السياســي‪،‬‬
‫والمخطــط اآلتــي يمثــل المنظــور االســتراتيجي عبــر تكامــل القطاعــات علــى المــدى‬
‫المفتــرض أن يتحقــق شــريطة أن نبــدأ بالمرحلة‬
‫الطويــل الزمنــي والمكانــي والــذي مــن ُ‬
‫األولــى المتمثلــة بالقطاعــات التنمويــة الرائــدة‪.‬‬
‫المستدامة على المدى القصير والمتوسط والطويل‬
‫شكل‪ 1 .‬تفاعل عناصر القوة االقتصادية ُ‬

‫المطلب الثاني‪ :‬استراتيجية واقعية إلصالح القطاع الزراعي كقطاع‬


‫تنموي رائد‬
‫لغــرض إقتــراح اســتراتيجية ناجعــة إلصــاح القطــاع الزراعــي‪ ،‬البــد مــن تنــاول‬
‫الملــف المائــي الــذي يعــد مــن أكثــر الملفــات حرجــ ًا فــي وضــع العــراق الحالــي‬
‫والمســتقبلي‪ ،‬حاليــ ًا الميــاه فــي العــراق تتميــز بالوفــرة النســبية علــى الرغــم مــن‬
‫أزمتهــا المتوقعــة مســتقب ًال‪ ،‬بســبب التحديــات الداخليــة والخارجيــة‪ ،‬ويمكــن تقديــم‬
‫مقترحــات اســتراتيجية لتذليــل تلــك التحديــات فــي القطــاع المائــي وكاآلتــي‪:‬‬

‫‪| 302‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫او ًال‪ :‬التحديات المائية في العراق بعد عام ‪ 2003‬وادوات عالجها‪:‬‬

‫‪ :1‬الموارد المائية في العراق‬


‫اآلتية‪:‬‬ ‫ُت ّ‬
‫قسم الموارد المائية في العراق إلى كل من المصادر التقليدية‬
‫((((*)‬

‫■األمطار‬
‫‪ .‬أالمنطقــة الجبليــة‪ :‬ويتــراوح متوســط الســقوط المطــري فيهــا مــن ‪ 500‬ملــم‬
‫إلــى أكثــر مــن ‪ 1000‬ملــم ســنوي ًا‪.‬‬
‫‪.‬بمنطقــة ســفوح الجبــال‪ :‬ويتــراوح معــدّ ل الســقوط المطــري فيهــا مــن ‪300‬‬
‫ملــم ‪ 500 -‬ملــم ســنوي ًا‪.‬‬
‫‪.‬تمنطقــة الجزيــرة‪ :‬وهــي شــبه صحراويــة‪ ،‬تقــع جنــوب منطقــة ســفوح الجبــال‬
‫ويبلــغ متوســط الســقوط المطــري فيهــا بحوالــي ‪ 200‬ملــم ســنوي ًا‪.‬‬
‫‪.‬ثمنطقــة الســهول‪ :‬ويبلــغ معــدّ ل الســقوط المطــري فيهــا حوالــي ‪ 150‬ملــم‬
‫ســنوي ًا‪.‬‬
‫‪.‬جالمنطقــة الصحراويــة‪ :‬ويبلــغ فيهــا متوســط الســقوط المطــري بأقــل مــن‬
‫‪ 100‬ملــم ســنوي ًا‪.‬‬

‫■المسطحات المائية‪:‬‬
‫تتمثــل مصــادر المــوارد المائيــة المســطحة فــي العــراق باألنهــار دائمــة الجريــان‬
‫وروافدهــا واألنهــار الموســمية والوديــان الموســمية والبحيــرات الطبيعيــة وخزانــات‬
‫الميــاه كالســدود‪ ،‬وتعــد هــذه المصــادر العمــود الفقــري للحيــاة االجتماعيــة‬
‫واالقتصاديــة والديموغرافيــة لشــعب العــراق‪ ،‬إذ يتركــز معظــم ســكانه حــول هــذه‬
‫المصــادر أو بالقــرب منهــا خاصــ ًة‪.‬‬
‫ـري دجلــة والفــرات مجتمعيــن حوالــي‬ ‫ويبلــغ معــدّ ل اإليــراد الســنوي الطبيعــي لنهـ ّ‬
‫‪ 82-78‬مليــار م‪ 3‬ســنوي ًا تقريبـ ًا‪ ،‬وهــي كميــة ليســت ثابتــة بــل متغيــر ًة وفقـ ًا للعالقات‬
‫التــي تفرضهــا سياســة الــدول أعالــي الحــوض المتشــاطئة فــي حوضــي نهــري دجلــة‬
‫والفــرات (تركيــا وســوريا وإيــران) ‪ ،‬كمــا أنهــا تختلــف بحســب الظــروف المناخيــة‬

‫‪ )*( .1‬وهناك مصادر غير تقليدية تحقق االستدامة ولكنها غير مستغلة في العراق‪.‬‬

‫| ‪303‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫للســنة المائيــة الواحــدة‪ ،‬ففــي الســنة الرطبــة يمكــن أن تزيــد اإليــرادات إلــى أكثــر مــن‬
‫‪ 100‬مليــار م‪ 3‬ســنويا (كمــا فــي عــام ‪ )1988‬أمــا فــي الســنة الجافــة فإنهــا قــد تقــل‬
‫عــن ‪ 50‬مليــار م‪ 3‬ســنوي ًا (كمــا فــي عــام ‪.)2014‬‬
‫ُيعــد عمــود نهــر دجلــة وروافــده أهــم مصــدر للميــاه العذبــة فــي العــراق حالي ـ ًا‪،‬‬
‫وذلــك نظــر ًا لضخامــة إيــراده الســنوي مقارنــة بغيــره بالمصــادر األخــرى‪ ،‬وكذلــك‬
‫لكــون ‪ ٪64 ،39‬مــن هــذا اإليــراد الســنوي يأتــي مــن داخــل العــراق‪ ،‬أي بحــدود‬
‫معــدّ ل ‪ 8 ،19‬مليــار م‪ 3‬ســنوي ًا‪ ،‬وهــي لذلــك كميــة مضمونــة بالنســبة للعــراق‪،‬‬
‫ولكــن تهددهــا الظــروف المناخيــة التــي تشــهد تغييــرات كبيــرة و ُمطــردة‪ .‬وبالنســبة‬
‫لنهــر الفــرات‪ ،‬فقــد تراجعــت إيراداتــه الســنوية بشــكل حــاد بســبب أعمــال التطويــر‬
‫التــي تقــوم بهــا دول أعالــي حــوض الفــرات الســيما تركيــا ضمــن مــا يعــرف بمشــروع‬
‫الــگاب‪ ،‬جنب ـ ًا إلــى جنــب مــع الظــروف المناخيــة حيــث تراجعــت هــذه اإليــرادات‬
‫إلــى أقــل مــن ‪ 19‬مليــار م‪ 3‬ســنوي ًا بعــد أن كانــت بحــدود ‪ 32‬مليــار م‪ 3‬ســنويا عنــد‬
‫الحــدود العراقيــة الســورية‪.‬‬
‫أمــا المصــدر الثانــي للميــاه الســطحية فــي العــراق فهــي البحيــرات االصطناعيــة‬
‫والخزانــات المائيــة مقــدم الســدود والتــي يتــم إمالئهــا مــن اإليــرادات المائيــة لألنهــار‬
‫الرئيســية فــي المواســم الرطبــة ليجــري إســتخدامها عنــد الحاجــة فــي المواســم‬
‫الجافــة ولذلــك فهــي تمثــل الخزيــن االســتراتيجي للعــراق وعامــل األمــان لــه فــي‬
‫مواجهــة فتــرات الجفــاف‪ ،‬والتــي مــن المتوقــع أن تشــهد إنخفــاض فــي األعــوام‬
‫ـري‬
‫المقبلــة بســبب أعمــال التطويــر التــي تقــوم بهــا الــدول المتشــاطئة فــي حوضـ ّـي نهـ ّ‬
‫دجلــة والفــرات‪ ،‬وتبلــغ إمكانيــات خــزن العــراق للميــاه العذبــة بحــدود ‪ 126‬مليــار‬
‫م‪ 3‬موزعــة فــي وســطه وشــماله حصــر ًا‪.‬‬

‫جدول‪ 1 .‬مساحة وطاقة مشاريع الخزن في العراق‬

‫مساحة الخزن‬
‫سعة الخزن (مليار م‪)3‬‬ ‫المشروع‬
‫السطحية (كم‪)2‬‬
‫‪8،2‬‬ ‫‪500‬‬ ‫سد حديثة‬
‫‪3،28‬‬ ‫‪426‬‬ ‫بحيرة الحبانية‬

‫‪| 304‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫‪13،5‬‬ ‫‪417‬‬ ‫سد الموصل‬


‫‪6،8‬‬ ‫‪270‬‬ ‫سد دوكان‬
‫‪3،7‬‬ ‫‪140‬‬ ‫سد دربندخان‬
‫‪1،5‬‬ ‫___‬ ‫سد العظيم‬
‫‪3،95‬‬ ‫‪374‬‬ ‫سد حمرين‬
‫‪85‬‬ ‫‪3500‬‬ ‫بحيرة الثرثار‬
‫‪125،85‬‬ ‫‪5627‬‬ ‫المجموع‬

‫■المياه الجوفية‬
‫ُتعــد ميــاه األمطــار هــي المغــذي الرئيســي لمكامــن الميــاه الجوفيــة فــي العــراق‪،‬‬
‫الــذي توجــد فيــه ‪ 5‬مناطــق هيدرولوجيــة رئيســية هــي‪:‬‬
‫(المنطقــة الجبليــة‪ ،‬منطقــة الهضــاب والتــال‪ ،‬منطقــة الســهل الرســوبي‪ ،‬منطقــة‬
‫ســهل الجزيــرة‪ ،‬منطقــة الصحــراء الغربيــة)‪.‬‬

‫■مصادر غير تقليدية‪ /‬وهي غير متاحة في العراق بسبب الضعف االداري‬
‫والتخطيطي‬
‫هنــاك مصــادر غيــر تقليديــة للميــاه وهــي ُمعتمــدة فــي أغلــب دول العالــم‪ ،‬وهــي‬
‫متوفــرة فــي العــراق ولكــن غيــر ُمعتمــدة‪ ،‬ومنهــا‪:‬‬
‫●تحلية المياه المالحة‪ .‬مياه البزل مث ًال‪.‬‬
‫●إعــادة اســتخدام وتدويــر ميــاه الصــرف الصحــي‪ .‬نتحمــل تكاليــف باهظــة‬
‫للتخلــص منهــا‪.‬‬
‫●إستمطار السحب‪.‬‬
‫●إعادة استخدام مياه االمطار لألغراض البلدية وفي اوقات ُمختلفة‪.‬‬
‫المجمعــات الســكنية بعــد‬
‫ففــي ماليزيــا يتــم إعــادة اســتخدام ميــاه االمطــار فــي كل ُ‬
‫تجميعهــا فــي خزانــات عمالقــة وتصفيتهــا واعــادة ضخهــا إلــى كل تلــك المجمعــات‬
‫التــي تصــل الــى أكثــر مــن أربعيــن طابــق ولطيلــة فتــرات الســنة دون الحاجــة إلــى‬
‫االســالة عبــر اإلعتمــاد علــى ميــاه األمطــار فقــط‪.‬‬

‫| ‪305‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪ :2‬محدودية الموارد المائية في العراق وتحليل أسباب انخفاضها الخارجية‬


‫إن كميــة الميــاه المتاحــة فــي العــراق فــي أحســن الظــروف هــي (‪ 82‬مليــار م‪3‬‬
‫مــن ميــاه النهريــن ‪ 126 +‬إجمالــي خزيــن الســدود والبحيــرات وهــي تعتمــد علــى‬
‫ميــاه االنهــار ‪ 4 +‬مــن الميــاه الجوفيــة = ‪ 212‬مليــار م‪ ،3‬وهــذا الرقــم اصبــح غيــر‬
‫واقعــي بالمــرة وبانحــراف كبيــر جــد ًا‪ .‬فمحدوديــة توافــر الميــاه العذبــة فــي العــراق‪،‬‬
‫المحــددات التــي تعتــرض ُســبل تنميــة القطــاع الزراعــي‪،‬‬ ‫كانــت والزالــت مــن أبــرز ُ‬
‫ذلــك ألن الميــاه المتوافــرة‪ ،‬كمـ ًا ونوعـ ًا‪ ،‬ال تســمح باالســتغالل الكامــل للمســاحات‬
‫الزراعيــة القابلــة لــإرواء والبالغــة تقريب ـ ًا ‪ 4 ،44‬مليــون دونــم‪.‬‬
‫مــا يعنــي أن العــراق وحتــى فــي أحســن األحــوال (التــي تفتــرض بقــاء إيــرادات‬
‫الميــاه العذبــة كمــا هــي عليــه اآلن وثبــات مســتوى الكفــاءة فــي االســتخدام الحاليــة‬
‫فــي ظــل االدارة الضعيفــة لقطــاع الميــاه فــي البــاد) لــن يتمكــن مــن إحــراز أي تقــد ٍم‬
‫توســع الفجــوة بيــن الناتــج‬
‫فــي إنتاجــه الزراعــي‪ .‬وهــو ماســيؤدي بــا شــك إلــى ّ‬
‫الزراعــي فــي العــراق وبيــن الطلــب علــى المنتجــات الزراعيــة التــي ســيفرضها نمــو‬
‫الســكان فــي حالــة بقــاء إدارة المــوارد المائيــة علــى مــا هــي عليــه‪.‬‬

‫●محدودية الموارد المائية السطحية‪ /‬دجلة والفرات في العراق حالي ًا‬


‫نهــري دجلــة والفــرات فــي دول الجــوار المتشــاطئة (تركيــا‬ ‫ّ‬ ‫حوضــي‬
‫ّ‬ ‫إن إمتــداد‬
‫وســوريا وإيــران) قــد جعــل مــن العــراق دولــة مصــب‪ .‬األمــر الــذي َم َّكــن هــذه الــدول‬
‫مــن فــرض سياســاتها المائيــة عليــه‪ .‬كانــت الميــاه العذبــة تنســاب إلــى العــراق مــن‬
‫الجبــال فــي تركيــا مباشــر ًة الــى نهــر دجلــة‪ ،‬أو مــرور ًا عبــر أراضــي ســوريا الــى نهــر‬
‫الفــرات‪ ،‬ومــن جبــال إيــران كذلــك دون حواجــز أو ســدود منــذ األزل‪ .‬وقامــت هــذه‬
‫الــدول الثالثــة منــذ مطلــع الســبعينات مــن القــرن الماضــي بالشــروع في إنشــاء الســدود‬
‫التخزينيــة والمشــاريع اإلروائيــة ومازالــت ماضيـ ًة فــي إنشــاء المزيــد منهــا دون األخــذ‬
‫ٍ‬
‫نقــص فــي الــواردات المائيــة المنســابة إلــى‬ ‫بنظــر االعتبــار مــا ســوف يترتــب مــن‬
‫العــراق‪ ،‬ودون األخــذ بنظــر اإلعتبــار تدهــور نوعيتهــا‪.‬‬
‫لنهــري دجلــة والفــرات‪ ،‬قــد ق ّلــت اآلن بشــكل‬ ‫ّ‬ ‫أن اإليــرادات المائيــة الحاليــة‬
‫ملحــوظ عــن معدّ التهــا فــي الســنوات الســابقة‪ ،‬وعلــى نحــو متــدرج بمــرور الزمــن‪،‬‬
‫ويمكــن مالحظــة ذلــك مــن خــال مقارنــة معدّ التهــا الســابقة والحديثــة فــي أدنــاه‪:‬‬
‫‪ 66 ،76‬مليار م ‪ 3‬خالل المدة (‪1950‬م ‪1959‬م)‪.‬‬
‫‪| 306‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫‪ 30 ،89‬مليار م ‪ 3‬خالل المدة (‪1960‬م ‪1969‬م)‪.‬‬


‫‪ 07 ،68‬مليار م ‪ 3‬خالل المدة (‪1970‬م ‪1979‬م)‪.‬‬
‫‪ 37 ،76‬مليار م ‪ 3‬خالل المدة (‪1980‬م ‪1989‬م)‪.‬‬
‫وهــذه الكميــات المذكــورة فــي أعــاه التمثــل مشــكلة الــى العــراق‪ ،‬إال أن‬
‫المخاطــر بــدات مــع نهايــة عقــد الثمانينــات وبدايــة التســعينات‪ ،‬إذ نالحــظ إخفــاض‬
‫عامــي ‪1990‬م‬ ‫ّ‬ ‫اإليــرادات المائيــة بنســبة ‪ ٪5 ،30‬خــال المــدة المحصــورة بيــن‬
‫و‪2015‬م‪:‬‬
‫‪ 78 ،68‬مليار م‪ 3‬خالل المدة (‪1990‬م ‪1995‬م)‪.‬‬
‫‪ 58 ،53‬مليار م‪ 3‬خالل المدة (‪1996‬م ‪2002‬م)‪.‬‬
‫‪ 80 ،52‬ميار م‪ 3‬خالل المدة (‪2003‬م ‪2009‬م)‪.‬‬
‫‪ 85 ،47‬مليار م‪ 3‬خالل المدة (‪2015 2010‬م)‪.‬‬
‫مــا تقــوم بــه تركيــا مث ـ ًا‪ُ ،‬يمثــل تبني ـ ًا للســيادة المطلقــة علــى المجــاري المائيــة‬
‫الدوليــة‪ ،‬الســيما وأنهــا تعــد المجــرى المائــي المشــترك والميــاه التــي تجــري فيــه‬
‫ضمــن ســيادتها اإلقليميــة‪ ،‬ومــن ثــم فهــي تتيــح لنفســها تنفيــذ المشــاريع الكبيــرة‬
‫التخزينيــة واإلروائيــة دون النظــر إلــى مصالــح الــدول المتشــاطئة األخــرى‪ ،‬وهــذا‬
‫يتج ّلــى مــن خــال عــدم إخطارهــا بذلــك للــدول المتشــاطئة وإنتظــار موافقتهــا‪ ،‬أو‬
‫مــن خــال عــدم تنفيذهــا لمعظــم البنــود والفقــرات التــي أشــارت إليهــا المــادة (‪)8‬‬
‫الخاصــة بالتعــاون فيمــا بيــن الــدول المتشــاطئة فــي اتفاقيــة عــام ‪( 1997‬المذكــورة‬
‫أعــاه) ‪ ،‬إذ أنهــا تعــد الميــاه واقعــة ضمــن حــدود إقليمهــا‪ ،‬وهــي لذلــك ُتســمي‬
‫مــا يعبــر مــن ميــاه فــي النهــر الدولــي المشــترك بالميــاه العابــرة للحــدود «‪Trans-‬‬
‫‪ »boundary Water‬وحتــى فــي هــذا االصطــاح فهــي تتبنــى مفهوم ـ ًا يختلــف عــن‬
‫المفهــوم الدولــي العــام لهــذه التســمية حيــث ترتــب تركيــا مــن جانبهــا حقوق ـ ًا لهــذه‬
‫التســمية ال تســمح للــدول األخــرى بمشــاركتها أواالعتــراض علــى تصرفاتهــا الخاصة‬
‫علــى المجــرى المائــي الدولــي‪ ،‬فلــم تأخــذ موافقــة العــراق أو تعلمــه بخططهــا أو‬
‫ـري‬
‫مراحــل تنفيذهــا أو توقيتــات إمالئهــا بشــأن الســدود الكبيــرة التــي أنشــأتها علــى نهـ ّ‬
‫دجلــة والفــرات‪ ،‬وحتــى بعــد تشــغيلها لــم تعلمــه بخطــط التشــغيل وإدارة الســدود‬
‫ـدي‬
‫ـري دجلــة والفــرات‪ ،‬أو الســدود الصغيــرة علــى رافـ ّ‬ ‫ـودي نهـ ّ‬
‫الكبيــرة علــى عامـ ّ‬
‫هذيــن النهريــن‪ ،‬وهــذا مــا يتعــارض مــع مبــدأ التعــاون الــذي حددتــه اإلتفاقيــات‬

‫| ‪307‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫الدوليــة المقبولــة العالميــة والتــي يمكــن أن تحقــق نوعـ ًا مــن اإلدارة المشــتركة لهــذه‬
‫المجــاري المائيــة المشــتركة‪.‬‬

‫حوضي دجلة والفرات في الدول المتشاطئة‬


‫ّ‬ ‫جدول‪ 2 .‬يوضح أهم السدود المنشأة الحالية على‬
‫(تركيا وسوريا وإيران)‬

‫الطاقة‬
‫سنة اإلنجاز‬ ‫الغرض‬ ‫الخزنية‬ ‫إسم السد‬ ‫الدولة‬ ‫حوض النهر‬
‫(مليار م‪)3‬‬
‫‪ 1975‬م‬ ‫توليد الطاقة‬ ‫‪31،00‬‬ ‫كيبان‬ ‫تركيا‬ ‫الفرات‬
‫‪1978‬م‬ ‫توليد الطاقة‬ ‫‪9،58‬‬ ‫كاراكايا‬ ‫تركيا‬ ‫الفرات‬
‫‪1992‬م‬ ‫الري‪،‬توليد الطاقة‬
‫ّ‬ ‫‪48،70‬‬ ‫أتاتورك‬ ‫تركيا‬ ‫الفرات‬
‫توليد الطاقة‪،‬السيطرة‬
‫‪1999‬م‬ ‫‪0،16‬‬ ‫كاراكاميس‬ ‫تركيا‬ ‫الفرات‬
‫على الفيضان‬
‫‪2000‬م‬ ‫الري‪ ،‬توليد الطاقة‬
‫ّ‬ ‫‪1،22‬‬ ‫بيره جك‬ ‫تركيا‬ ‫الفرات‬
‫المجموع الخزني في تركيا = ‪ 90،66‬مليار م‬
‫‪3‬‬

‫‪1975‬م‬ ‫الري‪ ،‬توليد الطاقة‬


‫ّ‬ ‫‪11،70‬‬ ‫الطبقة‬ ‫سوريا‬ ‫الفرات‬
‫توليد الطاقة‪ ،‬السيطرة‬
‫‪1988‬م‬ ‫‪0،10‬‬ ‫البعث‬ ‫سوريا‬ ‫الفرات‬
‫على الفيضان‬
‫الخابور‬
‫‪1999‬م‬ ‫الري‬
‫ّ‬ ‫‪0،99‬‬ ‫سوريا‬ ‫الفرات‬
‫األعلى‬
‫‪1999‬م‬ ‫توليد الطاقة‬ ‫‪1،90‬‬ ‫تشرين‬ ‫سوريا‬ ‫الفرات‬
‫المجموع الخزني في سوريا = ‪ 14،69‬مليار م‪3‬‬
‫ديوه‬
‫‪1972‬م‬ ‫الري‬
‫ّ‬ ‫‪0،20‬‬ ‫تركيا‬ ‫دجلة‬
‫كجيدي‬
‫‪1997‬م‬ ‫الري‪،‬توليد الطاقة‬
‫ّ‬ ‫‪0،60‬‬ ‫دجلة‬ ‫تركيا‬ ‫دجلة‬
‫‪1997‬م‬ ‫توليد الطاقة‬ ‫‪1،92‬‬ ‫كرالكيزي‬ ‫تركيا‬ ‫دجلة‬

‫‪| 308‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫‪1998‬م‬ ‫الري‪،‬توليد الطاقة‬


‫ّ‬ ‫‪1،18‬‬ ‫بطمان‬ ‫تركيا‬ ‫دجلة‬
‫حتى اآلن‬ ‫الري‪،‬توليد الطاقة‬
‫ّ‬ ‫‪10،14‬‬ ‫إليسو‬ ‫تركيا‬ ‫دجلة‬
‫المجموع الخزني في تركيا = ‪ 14،04‬مليار م‪3‬‬
‫‪1962‬م‬ ‫الري‪ ،‬توليد الطاقة‬
‫ّ‬ ‫‪3،46‬‬ ‫ِدز‬ ‫إيران‬ ‫دجلة‬
‫‪1979‬م‬ ‫الري‪ ،‬توليد الطاقة‬
‫ّ‬ ‫‪3،14‬‬ ‫الكارون‬ ‫إيران‬ ‫دجلة‬
‫‪1998‬م‬ ‫الري‪،‬توليد الطاقة‬
‫ّ‬ ‫‪1،20‬‬ ‫المارون‬ ‫إيران‬ ‫دجلة‬
‫الري‪،‬توليد الطاقة‪،‬‬
‫ّ‬
‫‪2001‬م‬ ‫‪7،80‬‬ ‫الكرخة‬ ‫إيران‬ ‫دجلة‬
‫السيطرة على لفيضان‬
‫المجموع الخزني في إيران = ‪ 15،60‬مليار م‪3‬‬

‫●محدودية الموارد المائية الجوفية في العراق حالي ًا‬


‫يبلــغ الخزيــن المتجــدد للميــاه الجوفيــة فــي العــراق حوالــي ‪ 4‬مليــار م‪ 3‬تقريب ـ ًا‬
‫ســنوي ًا‪ ،‬و تعتمــد هــذه القيمــة علــى الســاقط المطــري و الظــروف األخــرى كالرشــح‬
‫مــن األنهــر وغيرهــا‪ ،‬وتزيــد وتنقــص تبعــ ًا لذلــك‪ ،‬علمــ ًا أن هــذا التقديــر يشــمل‬
‫جميــع الطبقــات الجيولوجيــة المائيــة التــي يصيبهــا عامــل التجديــد‪ .‬ومــن أبــرز‬
‫أســباب محدوديــة وقصــور الميــاه الجوفيــة فــي العــراق‪ ،‬هــو تفــاوت نوعيتهــا حســب‬
‫اختــاف مناطــق تواجدهــا (مكامنهــا) ‪ ،‬حيــث توجــد الميــاه الجوفيــة الجيــدة التــي‬
‫يكــون فيهــا تركيــز المــواد الصلبــة الذائبــة ‪TDS‬منخفضـ ًا نســبي ًا والتــي يســهل الوصــول‬
‫إليهــا فــي شــمال العــراق‪ ،‬وكمــا هــو معلــوم فــإن هــذه المنطقــة تمتــاز بارتفــاع‬
‫معــدّ الت األمطــار فيهــا‪ ،‬ممــا ينفــي الحاجــة لهــذا النــوع مــن الميــاه‪ .‬أمــا الميــاه‬
‫الجوفيــة فــي مناطــق الوســط ذات الطبوغرافيــة المنخفضــة فإنهــا تمتــاز بالملوحــة‬
‫النســبية نظــر ًا النخفــاض معــدّ ل األمطــار فيهــا‪ ،‬أمــا فــي جنــوب العــراق (منطقــة ســهل‬
‫وادي الرافديــن المعروفــة بالســهل الرســوبي) فــإن الميــاه الجوفيــة مالحــة جــد ًا نظــر ًا‬
‫دوري‪ .‬ويتــم‬ ‫ّ‬ ‫لكــون المنطقــة جافــة تفتقــر لتغذيــة مكامــن الميــاه الجوفيــة بشــكل‬
‫إســتخدام الميــاه الجوفيــة فــي العــراق‪ ،‬بشــكل أساســي فــي القطــاع الزراعــي‪ ،‬علمـ ًا‬
‫بــان المشــاريع اإلروائيــة المعتمــدة علــى الميــاه الجوفيــة موزعــة جميعهــا فــي شــمال‬
‫العــراق كمشــروع رانيــة ســرجاوة علــى ســبيل المثــال‪ .‬وعلــى الرغــم مــن عــدم‬
‫توافــر معلومــات تفصيليــة الســتهالك الميــاه الجوفيــة علــى أســاس أنمــاط اســتخدام‬
‫| ‪309‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫األراضــي الزراعيــة وســجالت اآلبــار ونمذجــة الميــاه الجوفيــة‪ ،‬فإنــه يتــم اســتخدام‬
‫حوالــي ‪ 4 ،3‬مليــار م‪ 3‬تقريب ـ ًا مــن الميــاه الجوفيــة ســنوي ًا فــي القطــاع الزراعــي فــي‬
‫عمــوم العــراق حالي ـ ًا‪.‬‬

‫●محدودية الموارد المائية السطحية والجوفية في العراق مستقب ًال‬


‫بالنظــر لغيــاب اإلتفــاق والتعــاون المشــترك بيــن العــراق والــدول المتشــاطئة فــي‬
‫حوضـ ّـي نهــري دجلــة والفــرات‪ ،‬ال ســيما حــول مــا ســتنفذه هــذه الــدول مســتقب ًال مــن‬
‫مشــاريع خزنيــة وإروائيــة‪ ،‬فإنــه مــن الصعوبــة بمــكان تحديــد الــوارد المائــي للعــراق‬
‫نهــري دجلــة والفــرات مســتقب ًال علــى نحــ ٍو دقيــق‪ ،‬حيــث تتكتــم كل الــدول‬ ‫ّ‬ ‫مــن‬
‫المشــاطئة عــن مشــاريعها اإلروائيــة‪ ،‬هنالــك بعــض العناصــر المحــددة التــي تدفــع‬
‫بإتجــاه اإلعتقــاد بانخفــاض حصــة العــراق مــن ميــاه حوضـ ّـي دجلــة والفــرات‪ ،‬وأبــرز‬
‫ـكاني فــي الــدول المتشــاطئة التــي ســيدفعها مؤكــد ًا إلــى‬
‫هــذه العناصــر هــي النمــو السـ ّ‬
‫إســتغالل المزيــد مــن أراضيهــا فــي الزراعــة ومــن ثــم إســتخدام كميــات أكبــر مــن‬
‫الميــاه العذبــة مســتغلة غيــاب اإلتفاقيــات الدوليــة الملزمــة بهــذا الصــدد‪ .‬فعلــى ســبيل‬
‫المثــال تخطــط تركيــا إلقامــة ثالثــة ســدود علــى نهــر دجلــة فــي المســتقبل القريــب‬
‫بمجمــوع خــزن يبلــغ ‪ 56 .9‬مليــار م‪ ،3‬وهــي‪ -1( :‬ســد ســلوان بســعة ‪70 ،8‬‬
‫مليــار م‪ - 2 ،3‬ســد كــرزان بســعة ‪ 50 ،0‬مليــار م‪ -3 ،3‬ســد جــزرة بســعة ‪36 ،0‬‬
‫مليــار م‪.)3‬‬
‫كمــا تخطــط تركيــا إلرواء مســاحة تقــدر ب ‪ 1 ،1‬و ‪ 685 .0‬مليــون هكتــار مــن‬
‫نهــر الفــرات و دجلــة علــى التوالــي‪ ،‬وقــد باشــرت تنفيــذ العديــد مــن هــذه المشــاريع‬
‫دون إخطــار العــراق ودون األخــذ بنظــر اإلعتبــار ماستســببه مــن نتائــج ســلبيه علــى‬
‫الــوارد العراقــي والتلــوث الكبيــر المحتمــل فــي نوعيــة ميــاه النهريــن‪.‬‬
‫أمــا بالنســبة لســوريا‪ ،‬فــإن الوضــع المائــي فيهــا هو األكثــر غموضـ ًا من بقيــة الدول‬
‫المتشــاطئة‪ ،‬ورغــم أنــه ليــس مــن المرجــح أن تقــوم ســوريا بتفيــذ أعمــال إســتصالح‬
‫ـال خزنيــة أو إروائيــة علــى نهــر الفــرات أو روافــده فــي‬‫لإلراضــي الزراعيــة‪ ،‬أو أعمـ ٍ‬
‫أراضيهــا خــال المســتقبل المنظــور‪ ،‬بســبب الحــرب الدائــرة فيهــا والتــي مــن غيــر‬
‫المتوقــع أن تنتهــي فــي األمــد القريــب‪ ،‬اال ان لســوريا مخططــات كبيــرة الســتثمار‬
‫نهــر الفــرات قــد تؤثــر علــى كميــة االنهــار الداخلــة الــى العــراق وكذلــك نوعيــة الميــاه‬
‫ألنهــا ســتكون ميــاه تحتــوي علــى مــواد كيمياويــة مــن مخلفــات المصانــع‪.‬‬
‫‪| 310‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫أمــا بالنســبة إليــران‪ ،‬فمــن المتوقــع أن تنفــذ برنامج ـ ًا طموح ـ ًا فــي مجــال خــزن‬
‫الميــاه وإســتصالح األراضــي الزراعيــة فــي منطقــة خوزســتان‪ ،‬علــى منابــع االنهــار‬
‫الثالثــة الكبــرى المشــتركة مــع العــراق (انظــر الجــدول ‪ ، )2‬إذ أن مــن المتوقــع إنشــاء‬
‫‪ 12‬ســد ًا جديــد ًا علــى هــذه األنهــار‪ ،‬يجــري حاليـ ًا تشــييد خمســة ســدود منهــا‪ ،‬بينمــا‬
‫ال تــزال الســبعة ســدود المتبقيــة فــي طــور التخطيــط والدراســة‪ ،‬إضافــة إلــى تشــييد‬
‫عشــرات المنشــآت والنواظــم الجديــدة التــي تقــوم بتحويــل الميــاه بغــرض اســتصالح‬
‫وارواء مئــات آالف الهكتــارات مــن األراضــي الزراعيــة التــي تزيــد حاجتهــا االروائيــة‬
‫مــن الميــاه احيانـ ًا علــى اإليــرادات المائيــة الطبيعيــة للنهــر نفســه‪ .‬وفــي هــذا الصــدد‪،‬‬
‫فإننــا ال نتوقــع أن تعـ ِدل إيــران عــن هــذه اإلجــراءات بســهولة‪ ،‬بســبب برامــج التنميــة‬
‫التــي تتبناهــا‪ ،‬ونظــر ًا للهبــوط الحــاد فــي أســعار النفــط العالميــة مؤخــر ًا والتــي مــن‬
‫المنطقــي أن تدفــع إيــران إلــى تعجيــل تبنــي بديــل اإلســتثمار فــي القطــاع الزراعــي‬
‫الــذي ُيحتــم بــدوره إنجــاز مشــاريع تخزينيــة ألغــراض اإلرواء‪.‬‬

‫‪ :3‬االسباب الداخلية لمحدودية الموارد المائية في العراق‬


‫يمكن اختصارها باآلتي‪:‬‬
‫●مشاكل تقسيم وتوزيع المياه داخلي ًا بين المحافظات‪.‬‬
‫ري األراضــي الزراعيــة ممــا يــؤدي الــى الهــدر‬
‫●اســتخدام الطــرق التقليديــة فــي ّ‬
‫الكبيــر فضـ ًا إلــى التأثيــر ســلب ًا علــى االراضــي الزراعيــة (التملــح والتغــدق)‪.‬‬
‫المجمعــات الســكنية والصناعيــة ومــن‬ ‫●شــبه مجانيــة اســتخدام الميــاه مــن قبــل ُ‬
‫ثــم الهــدر الكبيــر‪.‬‬
‫●التخلص من النفايات بطرق عشوائية وتلويث مياه االنهار‪.‬‬
‫●الوجود إلعادة استخدام وتدوير لمياه الصرف‪.‬‬
‫●الوجود الستغالل امثل لمياه االمطار‪.‬‬
‫●كل مــا ُذكــر فــي أعــاه وغيرهــا ناتــج عــن االدارة الضعيفــة للمــوارد المائيــة‬
‫بســبب ســوء التخطيــط وســوء التنفيــذ‪.‬‬

‫| ‪311‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪ :4‬استخدام المياه في القطاع الزراعي كمثال للهدر والالكفاءة كسبب داخلي‬


‫للتحدي المائي‬
‫المســتهلك األعظــم للميــاه فــي العــراق‪ ،‬والهــادر األكبــر‬ ‫القطــاع الزراعــي هــو ُ‬
‫لهــا فــي ذات الوقــت‪ ،‬إذ يســتهلك ‪ ٪27 .87‬مــن كميــة الميــاه المتاحــة الســطحية‬
‫والجوفيــة كمعــدل ســنوي‪ ،‬فــي حيــن ان كفــاءة اســتخدام الميــاه تبلــغ ‪ ، ٪35‬مقابــل‬
‫هــدر يبلــغ ‪ ٪65‬كمعــدل ســنوي‪ ،‬وتمثــل الخســائر األخــرى هــي‪ :‬خســائر النقــل‬
‫فــي الشــبكات اإلروائيــة ‪ +‬خســائر التشــغيل ‪ +‬الخســائر داخــل الحقــل وفــي نظــم‬
‫ـري لألراضــي المســتصلحة فــي العــراق‪ ،‬ويقــع الجــزء األكبــر مــن الخســائر ضمــن‬ ‫الـ ّ‬
‫مســتوى الحقــل و التــي لــم تعالــج بشــكل صحيــح جــ ّراء الممارســات اإلروائيــة‬
‫الحاليــة داخــل الحقــل مــن قبــل المزارعيــن واهمهــا إتّبــاع طريقــة الــري باألغمــار‬
‫وعــدم االلتــزام بمواعيــد فتــرات الــري و غيرهــا الكثيــر) ((((*)‪.‬‬
‫ويمكــن تحليــل الالإســتدامة فــي المــوارد المائيــة فــي القطــاع الزراعــي فــي العــراق‬
‫عبــر المعــادالت اآلتية‪:‬‬

‫كمية المياه المتاحة سنوي ًا في العراق = (كمية المياه الواردة سنوي ًا من نهر دجلة‬
‫وروافده) ‪( +‬كمية المياه الواردة سنوي ًا من مياه نهر الفرات) ‪( +‬مقدار السحب‬
‫المستدام من المياه الجوفية سنوياً)‪1 . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬
‫وإستناد ًا لما تقدم‪ ،‬وبمعرفة اآلتي‪:‬‬
‫‪-‬الميــاه المتاحــة ســنوي ًا (متغيــرة نحــو الهبــوط بســبب انخفــاض الــوارد مــن‬
‫المنبــع)‪.‬‬
‫‪-‬كميــة الميــاه التــي يســتهلكها القطــاع الزراعــي فــي العــراق (متغيــرة نحــو‬
‫الصعــود بســبب الهــدر والحاجــة للزراعــة بســبب النمــو الســكاني)‪.‬‬
‫‪-‬كفــاءة اإلرواء اإلجماليــة فــي مشــاريع العــراق اإلروائيــة (ثباتهــا عنــد ‪٪35‬‬
‫حســب الدراســات واالنحــراف ‪.) ٪65‬‬

‫‪ )*( .1‬نالحــظ ان الهــدر الحاصــل يعــود فــي غالبــه لســوء االدارة وضعــف المــورد البشــري العامــل البشــري‬
‫فــي القطــاع الزراعــي‪ ،‬وهنــاك هــدر ُمضــاف يتمثــل فــي هــدر القطــاع الســكني والخدمــي والصناعــي‬
‫والطاقــوي‪ . . . . . .‬وغالبــه كذلــك بســبب ســوء االدارة وضعــف العامــل البشــري‪.‬‬

‫‪| 312‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫إن معادلــة الإلســتدامة (الهــدر) فــي المــوارد المائيــة فــي القطــاع الزراعــي فــي‬
‫العــراق تأخــذ الشــكل اآلتــي‪:‬‬

‫حجم الهدر = (كمية المياه الذاهبة للزراعة المروية) ‪( -‬الكفاءة االجمالية (*)‬
‫كمية المياه الذاهبة للزراعة المروية)‪2 . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫نسبة الهدر (الالإستدامة) = ( (حجم الهدر في المياه) ÷ (كمية المياه المتاحة) )‬


‫‪3...............................٪‬‬
‫من الجدول‪ ،3 .‬يمكن تسجيل االستنتاجات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬كانــت كميــة الهــدر فــي الميــاه فــي القطــاع الزراعــي هــي ‪ 64 ،390‬مليــار م‪3‬‬
‫للمــدة ‪.2015-2003‬‬
‫‪ -‬كان معــدّ ل الهــدر الســنوي فــي الميــاه فــي القطــاع الزراعــي هــو ‪040 ،30‬‬
‫مليــار م‪/ 3‬ســنة‪.‬‬
‫‪ -‬كان معــدّ ل نســبة (الهــدر الســنوي للميــاه فــي القطــاع الزراعــي نســب ًة إلــى الميــاه‬
‫المتاحــة) هــو ‪ ، ٪26 ،56‬وبعبــارة أخــرى كان معــدّ ل الهــدر فــي الميــاه فــي القطــاع‬
‫الزراعــي يفــوق نصــف الميــاه المتاحــة ســنوي ًا الســطحية والجوفيــة‪.‬‬
‫‪ -‬أمــام هــذا الهــدر غيــر المبــرر‪ ،‬فــإن مســاهمة القطــاع الزراعــي فــي الناتــج‬
‫المحلــي اإلجمالــي تتــراوح بيــن ‪ ٪6 - 4‬للمــدة المذكــورة‪ .‬وهــي مســاهمة متدنيــة‬
‫للغايــة وقاصــرة حتــى عــن تلبيــة الطلــب المحلــي ألســباب شــتى‪.‬‬
‫‪ -‬كان هــذا الهــدر فــي المــوارد المائيــة للقطــاع الزراعــي هــو لمســاحة أراضــي‬
‫زراعيــة تبلــغ تقريبــ ًا ‪ 4 ،14‬مليــون دونــم (األراضــي الزراعيــة المعتمــدة علــى‬
‫شــكل إال ‪ ٪43 ،32‬مــن األراضــي الزراعيــة‬ ‫اإلرواء) ‪ ،‬وإن هــذه األراضــي ال ُت ِّ‬
‫الصالحــة للزراعــة فــي العــراق والبالغــة تقريبــ ًا ‪ 4 ،44‬مليــون دونــم‪.‬‬

‫| ‪313‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫جدول‪ 3 .‬يمثل الهدر بالموارد المائية في القطاع الزراعي فقط للمدة ‪2015-2003‬‬

‫‪ :5‬الضرورة القصوى إلدارة كفوءة للملف المائي تضمن االستدامة الداخلية‬


‫والخارجية للموارد المائية‬
‫التحديــات خارجيــة مباشــرة فرضتهــا السياســات المائيــة التــي تتبعهــا الــدول‬
‫المتشــاطئة‪ ،‬أضافـ ًة إلــى عوامــل أخــرى كالتغيــر المناخــي‪ ،‬واألهــم تحديــات داخليــة‬
‫تكمــن فــي مشــاكل تقســيم وتوزيــع الميــاه داخليـ ًا بيــن المحافظــات واســتخدام الطرق‬
‫ري األراضــي الزراعيــة ومجانيــة إســتخدام الميــاه ومــن ثــم هدرهــا‪،‬‬ ‫التقليديــة فــي ّ‬
‫ما ُيلــزم القائميــن علــى هــذا الشــأن التحــول مــن نهــج اإلدارة التقليديــة الضعيفــة إلــى‬
‫المســتدام‪ ،‬الــذي يقضــي باســتخدام تقنيــات حديثــة الســتخدام الميــاه بعيــد ًا‬ ‫النهــج ُ‬
‫عــن الهــدر وكذلــك مراقبــة منابــع الملوثــات لمصــادر الميــاه الســطحية والقيــام‬
‫بإصــاح مؤسســي وتشــريعي شــامل يســتهدف الحفــاظ علــى المــوارد المائيــة مــن‬
‫الهــدر فضـ ًا عــن ادارة ملــف المــوارد المائيــة مــع دول المنبــع بالشــكل الــذي يحقــق‬
‫االســتدامة المائيــة الخارجيــة والداخليــة‪.‬‬
‫‪| 314‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫ويمكــن تقديــم مقتــرح اســتراتيجي يضمــن إدارة كفــؤة وفاعلــة الســتدامة المــوارد‬
‫المائيــة فــي العــراق‪ ،‬وتتألــف االســتراتيجية المقترحــة مــن أربــع أولويــات ُيشــرع فــي‬
‫تنفيذهــا علــى نحــو متزامــن‪ ،‬تتألــف كل منهــا مــن عــدد مــن اإلجــراءات المتماســكة‬
‫التــي تســتهدف إســتدامة المــوارد المائيــة‪.‬‬

‫شكل‪ 2 .‬االستراتيجية المقترحة الستادمة الموراد المائية في العراق‬

‫األولوية ‪ :1‬إعداد صيغة اتفاقيات ومعاهدات مقبولة دولي ًا للمحاصصة المائية‬


‫تتضمــن هــذه األولويــة‪ ،‬القيــام بالخطــوات المتتابعــة االتيــة لمــدة خمــس ســنوات‬
‫اآلتيــة وهــي‪:‬‬
‫أ‪ -‬تشكيل الفريق التفاوضي الوطني للمياه‪.‬‬
‫ب‪ -‬تأسيس أرضية مالئمة للشروع بالحوار والتفاوض مع الدول المتشاطئة‪.‬‬
‫ـمي علــى‬
‫ج‪ -‬رســم مواقــف العــراق التفاوضيــة المحــددة وإضفــاء الطابــع الرسـ ّ‬
‫كلٍ منهــا‪.‬‬
‫د‪ -‬الشــروع بعمليــة التفــاوض إلبــرام اتفاقيــة ثنائيــة أو ثالثيــة أو رباعيــة مــع الــدول‬
‫المتشــاطئة فــي الحوضيــن‪ :‬ويجــدر فــي هــذا الصــدد أن يكــون مراكــز الثقــل التــي‬
‫تتمحــور حولهــا االتفاقيــة التفاوضيــة بالنســبة للعــراق‪:‬‬
‫‪-‬ضمــان حصــة عادلــة مــن الميــاه الدوليــة المشــتركة وفقـ ًا الســتخدام مخطـ ٍ‬
‫ـط‬
‫لــه‪.‬‬

‫| ‪315‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪-‬ضمــان أن تســتوفي نوعيــة الميــاه الدوليــة المشــتركة الــواردة عنــد حــدود‬


‫العــراق مســتقب ًال المعاييــر الدوليــة لنوعيــة الميــاه‪ ،‬وبمايضمــن تحقــق هــذه‬
‫المعاييــر عنــد أبعــد نقطــة لتلــك األنهــار فــي العــراق‪.‬‬
‫‪-‬ضمــان القــدرة علــى التنبــؤ بكميــات ونوعيــات الميــاه الدوليــة الــواردة للعراق‬
‫عنــد الحــدود الدولية‪.‬‬

‫األولوية ‪ :2‬إصالح مؤسسي وقانوني شامل لقطاع الموارد المائية‬


‫عبــر القيــام بإجــراء إصــاح مؤسســي وقانونــي شــامل لقطــاع المــوارد المائيــة فــي‬
‫العــراق لتدعيــم قــدرة الجهــات المســؤولة عــن إدارة قطــاع المــوارد المائيــة فــي القيــام‬
‫بتخطيــط ومتابعــة وتنظيــم تشــغيل تطويــر هــذا القطــاع بشــكل أكثــر كفــاءة و فاعليــة‪،‬‬
‫علــى أن يســتهدف اإلصــاح تحقيــق مــا يلــي (مــدة هــذا المدخــل خمســة ســنوات) ‪:‬‬
‫‪1.‬تشريع قوانينٍ حاكمة جديدة تتعلق بكمية ونوعية وحقوق المياه‪.‬‬
‫المخولــة بتنفيــذ القوانيــن ا ُلمش ـ َّرعة‪ ،‬مــع تحديــد‬
‫ّ‬ ‫‪2.‬التحديــد الدقيــق للجهــات‬
‫صالحيــات كل منهــا‪.‬‬
‫‪3.‬عــد الميــاه قيمــة اقتصاديــة فــي جميــع اســتعماالتها التنافســية واالعتــراف بهــا‬
‫ســلع ًة اقتصاديــة ‪ Economic Commodity‬وفــق مبــدأ (المســتخدم يدفــع)‪.‬‬

‫األولوية ‪ :3‬إعادة تأهيل البنى التحتية للموارد المائية‬


‫تتضمــن هــذه األولويــة البنــى االرتكازيــة التــي مــن شــأنها رفــع كفــاءة الخــزن‬
‫والنقــل وإعــادة اإلســتخدام والتدويــر وإعــادة تأهيــل البنــى التحتيــة الخاصــة بالمــوارد‬
‫المائيــة فــي العــراق‪ .‬مــن منظومة قنــوات الري والبزل‪ ،‬والســدود‪ ،‬وشــبكات اســالة‪،‬‬
‫وبنــى ارتكازيــة لخــزن ميــاه االمطــار وإعــادة اســتخدامها‪ ،‬فضـ ًا الــى ُمتطلبــات اعــادة‬
‫تدويــر ميــاه الصــرف‪ ،‬وإعــادة تأهيــل محطــات الرصــد والقيــاس وتحديثهــا‪.‬‬

‫‪| 316‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫الري الكلية للمشاريع اإلروائية واالستخدامات الصناعية‬


‫األولوية ‪ :4‬رفع كفاءة ّ‬
‫والسكنية‬
‫من هذه االجراءات‪:‬‬

‫أ‌‪ -‬تشكيل جمعيات مستخدمي المياه‪.‬‬


‫تعمــل هــذه الجمعيــات كحلقــة وصــل بيــن الــوزارات ذات العالقــة المائيــة‬
‫والزراعــة وغيرهــا وبيــن المســتخدمين بهــدف تحقيــق أقصــى المنافــع بأقــل األضرار‪،‬‬
‫وتســتهدف التوعيــة الجماهيريــة والتعليميــة فضـ ًا عــن ضــرورة الجبايــة التــي تعكــس‬
‫القيمــة االقتصاديــة للميــاه‪ ،‬وفــرض العقوبــات علــى المهــدر لهــا‪.‬‬
‫وفــي ذلــك الصــدد فإننــا نقتــرح إتّبــاع الخطــوات التاليــة مــن قبــل وزارة المــوارد‬
‫المائيــة فــي تأســيس هــذه الجمعيــات‪:‬‬
‫‪ -‬تهيئــة القاعــدة الجماهيريــة‪ :‬إقامــة سلســلة متتابعة مــن النــدوات والمحاضرات‬
‫الوعي العــام لديهم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الهادفــة لبنــاء العالقــات الوديــة مــع مســتخدمي الميــاه وخلــق‬
‫‪ -‬االستشــارة‪ :‬إقامــة النــدوات الخاصــة بغيــة استشــارة مســتخدمي الميــاه حــول‬
‫ماهيــة التنظيــم األكثــر مالئمــة بالنســب إليهــم وكيفيــة تماشــيه مــع المتطلبــات التــي‬
‫تبتغيهــا الــوزارة‪.‬‬
‫ـون مخــول يمنــح جمعيــات مســتخدمي‬ ‫‪ -‬توفيــر اإلطــار التشــريعي‪ :‬تشــريع قانـ ٍ‬
‫الميــاه كيان ـ ًا قانوني ـ ًا ويجيــز منحــه وتخويلــه الصالحيــات‪.‬‬
‫‪ -‬االنتخابــات‪ :‬إجــراء االنتخابــات الخاصــة باختيــار مجالس الجمعيــات وممثلي‬
‫مســتخدمي الميــاه‪ ،‬وتســجيل تلــك الجمعيــات وإعــداد وثائــق التأســيس لــكل منهــا‬
‫بإشــراف وزارة المــوارد المائيــة‪.‬‬
‫وموظفــي الجمعيــات تمهيــد ًا لــأداء‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬بنــاء القــدرات‪ :‬بنــاء قــدرات أعضــاء‬
‫ً‬
‫الفعــال‪.‬‬
‫ـري والبــزل‬
‫‪ -‬التحديــد الفنــي‪ :‬عــن طريــق تحديــد العناصــر الرئيســية لخطــة الـ ّ‬
‫الســنوية‪.‬‬

‫ب‪ -‬تطوير النمط الزراعي داخل المشاريع اإلروائية‪:‬‬


‫ولضمــان أن يكــون التنفيــذ علــى وفــق الخطــة الموضوعــة‪ ،‬البــد مــن وجــود‬
‫الرقابــة علــى تنفيــذ االســتراتيجية ونقتــرح أن تكــون الجهــة المشــرفة علــى عمليــة‬
‫| ‪317‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫الرقابــة علــى هــذه االســتراتيجية (فــي حالــة تبنيهــا مــن لــدن وزارة المــوارد المائيــة)‬
‫‪ ،‬هــي هيئــة المستشــارين التابعــة لرئاســة مجلــس الــوزراء‪ .‬وذلــك ألنهــا جهــة وطنيــة‬
‫عليــا ذات ســلطة فاعلــة للرقابــة علــى ُمجريــات تنفيــذ االســتراتيجية‪ ،‬وإلكســابها‬
‫مزيــد ًا مــن الشــمولية واإلنفــاذ‪ ،‬وتجنيبهــا الخــاف بيــن الحكومــة المركزيــة‬
‫والحكومــات المحليــة‪ .‬نقتــرح فــي هــذا الصــدد أن يصــار الــى تشــكيل لجنــة إشــراف‬
‫وإســناد وتقييــم أداء ورقابــة علــى االســتراتيجية برئاســة وزارة المــوارد المائيــة وهيئــة‬
‫المستشــارين‪ ،‬علــى أن تتألــف مــن المختصيــن مــن الــوزارات ذات العالقــة بتنفيــذ‬
‫االســتراتيجية‪ ،‬وحســب اآلتــي‪:‬‬
‫األولويــة (‪ : )1‬وزارة المــوارد المائيــة‪ ،‬وزارة الزراعــة‪ ،‬وزارة الخارجيــة‪ ،‬وزارة‬
‫البيئــة‪ ،‬وزارة التجــارة‪ ،‬وزارة الكهربــاء‪ ،‬وزارة الســياحة‪.‬‬
‫األولويــة (‪ : )2‬وزارة المــوارد المائيــة‪ ،‬وزارة الزراعــة‪ ،‬وزارة البيئــة‪ ،‬وزارة‬
‫العــدل‪ ،‬مجلــس القضــاء األعلــى‪.‬‬
‫األولوية (‪ : )3‬وزارة الموارد المائية‪ ،‬وزارة الزراعة‪.‬‬
‫األولوية (‪ : )4‬وزارة الموارد المائية‪ ،‬وزارة الزراعة‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬التخطيط اإلستراتيجي لموارد القطاع الزراعي وصو ًال إلى خيار‬
‫استراتيجي ُمستدام‬
‫ســنتناول هنــا تحليــل لواقــع القطــاع الزراعــي فــي العــراق باســتخدام مصفوفــة‬
‫‪ SWOC‬ومصفوفــة تحليــل ‪ TOWS‬عــن طريــق تحليــل نقــاط القــوة والضعــف للبيئــة‬
‫الداخليــة والفــرص والتحديــات للبيئــة الخارجيــة لهــذا الواقــع والهــدف هــو ترجمــة‬
‫وتقييــم هــذا التحليــل واســتخدامه بعــد ذلــك فــي تبنــي خيــار اســتراتيجي مســتدام‪.‬‬

‫‪ :1‬تحليل البيئة الخارجية لواقع الموارد الزراعية‪:‬‬

‫أ‌‪ -‬التحديات‪:‬‬
‫●الوضــع األمنــي‪ :‬إن مــن أهــم التحديــات التــي تواجــه القطــاع الزراعــي هــو‬
‫الوضــع األمنــي ومــا تتعــرض لــه البــاد مــن هجمــات إرهابيــة بيــن الحيــن‬
‫واآلخــر وال ســيما فــي محافظــات االنبــار ونينــوى وصــاح الديــن وديالــى‬
‫وغيرهــا‪.‬‬
‫‪| 318‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫●إنشــار ظاهــرة التصحــر‪ :‬لــم تحــظ مشــكلة التصحــر منــذ عقــود بإهتمــام‬
‫الجهــات الحكوميــة ذات العالقــة نظــر ًا لعــدم توفــر التمويــل والتخطيــط‬
‫الــازم لتجــاوز هــذه المشــكلة ممــا أدى إلــى تفاقمهــا‪ .‬وترتبــط مشــكلة‬
‫التصحــر بمجموعــة مــن األســباب منهــا‪:‬‬
‫‪ -‬التغيرات المناخية وقلة الغطاء النباتي‪.‬‬
‫‪ -‬انخفاض المساحات المزروعة بالمحاصيل الزراعية ومن أهمها البساتين‪.‬‬
‫‪ -‬تعثر معظم المشاريع اإلروائية منذ عام ‪ ٢٠٠٣‬ألسباب مختلفة‪.‬‬
‫‪ -‬االفتقار إلى السدود على القنوات واألنهر الالزمة لخزن المياه‪.‬‬
‫‪ -‬عــدم تفعيــل القوانيــن الخاصــة بحمايــة الغطــاء النباتــي‪ ،‬والحاجــة إلــى شــمول‬
‫بعــض المقاطعــات بقانــون المراعــي‪.‬‬
‫‪ -‬عــدم إســتغالل طاقــة الريــاح أو الطاقــة الشمســية فــي إســتخراج الميــاه وتشــغيل‬
‫أنظمــة الــري واالعتمــاد الكلــي علــى الكهربــاء الوطنيــة‪.‬‬
‫●الزحــف الســكاني والعمرانــي علــى األراضــي الزراعيــة الخصبــة والتجــاوزات‬
‫علــى األراضــي المخصصــة للزراعــة‪ ،‬فيــكاد اليخلــو قضــاء أو ناحيــة مــن‬
‫حــي ســكني او اكثــر اقيــم علــى أرض ذات جنــس زراعــي مــن قبــل األهالــي‬
‫أضاف ـ ًة إلــى انشــاء المصانــع والمحــات التجاريــة‪.‬‬
‫●تناقــص اإلنتــاج الحيوانــي‪ :‬أغلــب االســتثمارات فــي هــذا المجــال هــي‬
‫اســتثمارات عائليــة لتغطيــة االحتيــاج المنزلــي وبيــع مــا يزيــد عنــه وليــس‬
‫اســتثمار رأســمالي‪.‬‬
‫●صعوبــة تربيــة النحــل‪ :‬تواجــه تربيــة النحــل مشــكلة طائــر الــوروار حيــث‬
‫يلتهــم هــذا الطائــر النحــل وبغــزارة‪ ،‬ورغــم أنهــم يعانــون فــي نفــس الوقــت‬
‫مــن الدبــور إال أن طائــر الــوروار مؤثــر جــدا‪ ،‬وتصعــب معالجتــه خاصــة‬
‫وأنهــم يســتخدمون طــرق تقليديــة ال تجــدي نفع ـ ًا معــه‪ ،‬فض ـ ًا عــن ضغــط‬
‫الصيهــود والبــرد القــارص علــى النحــل دون وجــود معالجــات فاعلــة‪.‬‬
‫●النقــص فــي الكهربــاء والوقــود والزيــوت‪ :‬إن هــذه المشــكلة تحمــل المــزارع‬
‫تكاليــف باهظــة تضــاف علــى تكلفــة الوحــدة الواحــدة مــن المحاصيــل‬
‫الزراعيــة ممــا يجعــل المنتــوج المحلــي بعيــد جــدا عــن إمكانيــة المنافســة مــع‬
‫نظيــره المســتورد‪.‬‬

‫| ‪319‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫●العقــود الزراعيــة‪ :‬تجــاوز البعــض علــى المقاطعــات المعــدة للرعــي ذات‬


‫المســاحة الواســعة وغيــر المشــمولة بالعقــود الزراعيــة‪ ،‬بحيــث لــم تعــد‬
‫مراعــي حقيقيــة‪ ،‬وال يتــم اســتيفاء مبالــغ العقــود مــن الفالحيــن أو تقديــم‬
‫الســلف لهــم‪ .‬وترتبــط هــذه المشــكلة بعــدة أســباب منهــا‪ :‬عــدم توفــر‬
‫التمويــل‪،‬واالفتقــارإلــىالتخطيــطالمطلــوبلتجــاوزمثــلهــذهالمشــكلة‪.‬‬
‫●عدم التنسيق بين المراكز البحثية والدوائر الزراعية‪:‬‬
‫إن هذه المراكز لم تأخذ دور المبادرة في تقديم المعالجات والمقترحات‪.‬‬
‫عــدم تبنــي الدوائــر الزراعيــة المقترحــات والتوصيــات التــي تتمخــض عنهــا‬
‫البحــوث العلميــة خاصــة بحــوث الدراســات العليــا‪ ،‬وبحــوث الكليــات ذات الصلــة‪.‬‬
‫ضعف التواصل العلمي األكاديمي مع الواقع التطبيقي‪.‬‬
‫قلة التمويل الالزم لتوجيه الباحثين في هذا المجال‪.‬‬
‫عــدم أخــذ المبــادرة مــن قبــل الدوائــر الزراعيــة والمحافظــة والمجالــس متمثل ـ ًة‬
‫باللجــان الزراعيــة‪.‬‬
‫●ضآلــة االســتثمارات فــي القطــاع الزراعــي‪ :‬ترتبــط اإلمكانــات الضعيفــة‬
‫للقطــاع الخــاص علــى االســتثمار فــي الزراعــة بمجموعــة مــن األســباب لعــل‬
‫أبرزهــا اآلتــي‪:‬‬
‫‪-‬تســتغرق إجــراءات الحصــول علــى القــروض فتــرات زمنيــة طويلــة قــد تتجاوز‬
‫أحيانـ ًا ثــاث ســنوات مــع وجود الفســاد‪.‬‬
‫‪-‬عــدم الوضــوح فــي توجيــه االســتثمارات نظر ًا لعــدم وجــود خارطة اســتثمارية‬
‫ذات منظــور اســتراتيجي للقطــاع الزراعي‪.‬‬
‫‪-‬عــدم وجــود مؤسســات تمويــل تخفــف مــن الشــروط المفروضــة علــى‬
‫المســتثمرين بهــذا المجــال‪.‬‬
‫‪-‬المنافســة الحــادة التــي يتعــرض لهــا المنتــج الزراعــي المحلــي مــن المنتجــات‬
‫المستوردة‪.‬‬
‫●عــدم تعويــض المزارعيــن المتضرريــن نتيجــة للعمليــات العســكرية التــي‬
‫أضــرت بمحاصيلهــم بشــكل مباشــر أو غيــر مباشــر مثــل اإلضــرار بمشــاريع‬
‫اإلرواء ممــا ســبب تلــف المحاصيــل‪ .‬ويقــف وراء هــذه المشــكلة العديــد‬
‫مــن الجهــات كــوزارات الماليــة والدفــاع والمــوارد المائيــة والزراعــة وديــوان‬
‫المحافظــة والمجالــس‪.‬‬
‫‪| 320‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫●عــدم وجــود التكامــل واالرتباطــات االماميــة والخلفيــة بيــن القطاعــات‬


‫االقتصاديــة األخــرى‪ :‬إذ تبــدو الصلــة ضعيفــة بيــن الزراعــة والقطاعــات‬
‫األخــرى‪ ،‬وعلــى ســبيل المثــال يالحــظ عــدم وجــود التكامــل بيــن القطــاع‬
‫الزراعــي والقطــاع الصناعــي عــن طريــق اآلتــي‪:‬‬
‫‪-‬مشــروع تربيــة العجــول واألبقــار يتطلــب وجــود مجــازر ومعامــل لأللبــان‬
‫وبــرادات حديثــة وكبيــرة للخــزن‪.‬‬
‫‪-‬أنتــاج المحاصيــل الزيتيــة مثــل السمســم والقطــن والــذرة وفــول الصويــا‬
‫يتطلــب تفعيــل اســتالم هــذه المحاصيــل فــي معامــل الزيــوت الموجــودة‬
‫داخــل العــراق‪.‬‬
‫‪-‬زراعــة المحاصيــل الطبيــة مثــل (البابنــك) يتطلــب اســتالمها مــن قبــل معامــل‬
‫األدويــة فــي العــراق‪ .‬والســبب فــي ذلــك عــدم وجــود تنســيق مشــترك بيــن‬
‫الــوزارات والهيئــات المعنيــة بالقطــاع الزراعــي و القطاعــات األخــرى‪.‬‬
‫●اآلفات واألمراض وترتبط هذه المشكلة باألسباب اآلتية‪:‬‬
‫‪-‬ضعف مقاومة السالالت لألمراض والحشرات‪ ،‬وتذبذب المناخ‪.‬‬
‫‪-‬عــدم توفــر التمويــل إلجــراء البحــوث والدراســات التــي مــن شــأنها القضــاء‬
‫علــى األمــراض والحشــرات‪.‬‬
‫‪-‬غيــاب التخطيــط االســتراتيجي الــازم لتجــاوز المشــكالت ومــن ثــم عــدم‬
‫وجــود أفــق واضــح للحلــول المقترحــة‪.‬‬

‫ب‌‪ -‬الفرص‪:‬‬
‫إن أمــام القطــاع الزراعــي حزمــة مــن الفــرص الثمينــة الســانحة التــي تلــوح فــي‬
‫األفــق‪ ،‬والتــي ســيكون مــن شــأن إنتهازهــا واســتغاللها أهميــة كبيــرة فــي تحقيــق‬
‫إصــاح وتنميــة القطــاع الزراعــي‪ ،‬ويمكــن تلخيــص هــذه الفــرص فــي‪:‬‬
‫●موقــع العــراق‪ ،‬الوســط بيــن دول متعــددة ممــا يكســبه فرصــة الربــط البــري‬
‫والجــوي بينهــم‪.‬‬
‫●الطابع الريفي والزراعي لغالب سكان القطر‪.‬‬
‫●مــن المتعــارف عليــه لــدى المواطنيــن رغبتهــم فــي المنتــج المحلــي مــن‬
‫المحاصيــل الزراعيــة‪.‬‬
‫●وجود فرص إستثمارية كبيرة في القطاع الزراعي والقطاع الحيواني‪.‬‬
‫| ‪321‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫●وجــود الجمعيــات الفالحيــة وخبــراء فــي الزراعــة يمكــن االســتفادة منهــم فــي‬
‫التدريــب الفنــي لأليــدي العاملــة الزراعيــة والــكادر اإلشــرافي‪.‬‬
‫●وجــود الصحــراء والســدود الممكــن إســتغاللها فــي إنشــاء مشــاريع لتوليــد‬
‫الطاقــة الكهربائيــة‪.‬‬
‫●توفــر تقنيــات ومنهجيــات متطــورة فــي الممارســات الزراعيــة وتوفــر اســاليب‬
‫وتقنيــات للــري الحديــث‪.‬‬
‫●الوفــرة النســبية للميــاه وإمكانيــة إعــادة االســتخدام والتدويــر لمــا متــاح مــن‬
‫ميــاه مــع امكانيــة الترشــيد‪.‬‬
‫●إمكانية عقد اتفاقيات للتجارة البينية مع الدول المجاورة‪.‬‬

‫‪ -2‬تحليل البيئة الداخلية لواقع الموارد الزراعية‪:‬‬

‫أ‌‪ -‬نقاط القوة‪:‬‬


‫أن لواقــع المــوارد الزراعيــة عــدد ًا البــأس بــه مــن نقــاط القــوة التــي تســهل وتتيــح‬
‫التوجــه نحــو تحقيــق التنميــة المســتدامة وتتجســد فــي‪:‬‬
‫●وفــرة الميــاه التــي تدخــل فــي العمليــة الزراعيــة كمصــدر مائــي لــأرواء‬
‫وكذلــك توليــد الطاقــة أضافــ ًة إلــى دخولهــا فــي العديــد مــن العمليــات‬
‫الصناعيــة التــي لديهــا أرتبــاط بالزراعــة‪.‬‬
‫●وفرة األيدي العاملة في القطاع الزراعي‪.‬‬
‫●وفرة األراضي الصالحة للزراعة‪.‬‬
‫●التنــوع فــي اإلنتــاج الزراعــي (النباتــي والحيوانــي) وأيضـ ًا التنــوع علــى أســاس‬
‫تعــدد أفصل الســنة‪.‬‬
‫●غزارة االنتاج النباتي بسبب الغلة العالية لألرض الزراعية‪.‬‬
‫●مناخ مالئم إلنتاج جميع المحاصيل الزراعية الشتوية والصيفية‪.‬‬

‫ب‌‪ -‬نقاط الضعف‪:‬‬


‫علــى الرغــم مــن نقــاط القــوة الموجــودة فــي واقــع المــوارد الزراعيــة إال أنهــا‬
‫تعانــي مــن بعــض نقــاط الضعــف وهــي‪:‬‬
‫●ضعف في أداء المراكز البحثية الخاصة بتطوير قطاع الزراعة‪.‬‬
‫‪| 322‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫●ضعف الوعي في أهمية استخدام التكنولوجيا من قبل الفالحيين‪.‬‬


‫●عدم توفر مصادر الطاقة والوقود بصورة منتظمة‪.‬‬
‫●ضعف في القوانين والتشريعات الخاصة بتشجيع الفالحين‪.‬‬
‫●إهمال الصناعات الغذائية ذات االرتباط الخلفي بالزراعة‪.‬‬
‫●فشــل مؤسســات التســويق الزراعــي مــن تســويق المنتجــات الزراعيــة بصــورة‬
‫عصريــة‪.‬‬
‫●إنخفــاض فاعليــة األســمدة والبــذور‪ ،‬إذ يركــز الفــاح فــي بعــض األحيــان‬
‫علــى ســماد «اليوريــا» والــذي يضيــف للمنتــج الزراعــي ســرعة فــي النمــو‬
‫باإلضافــة إلــى زيــادة كميــة اإلنتــاج‪ ،‬ولكــن يعــاب عليــه أنــه يفقــد المنتــج‬
‫الزراعــي طعمــه ومذاقــه األصلــي ويتوجــب التركيــز فــي هــذه الحالــة علــى‬
‫الســماد المركــب الــذي يعطــي جــودة فــي اإلنتــاج‪ .‬وكذلــك التخضــع‬
‫المبيــدات الكيماويــة فــي الوقــت الحاضــر للســيطرة النوعيــة العراقيــة ممــا‬
‫يســمح بدخــول مبيــدات ذات جــودة منخفضــة وقــد تســبب أحيانــا مضاعفــات‬
‫جانبيــة علــى األمــد البعيــد‪.‬‬
‫●ضعــف دور المرشــد الزراعــي حيــث يعانــي الفــاح مــن المشــاكل الزراعيــة‬
‫المعروفــة ذات الصلــة بالمحاصيــل الزراعيــة والثــروة الحيوانيــة وعــدم‬
‫اإلســتفادة مــن طاقــات الطلبــة فــي كليــة الزراعــة‪.‬‬
‫●ضعــف دور االتحــادات والجمعيــات الزراعيــة فــي تحديــد أهــم المشــاكل‬
‫التــي يعانــي منهــا القطــاع الزراعــي فــي المحافظــة‪ ،‬وعــدم فهــم هــذه‬
‫االتحــادات لدورهــا التخطيطــي والتنظيمــي واالستشــاري فــي حــل المشــاكل‬
‫التــي يعانــي منهــا القطــاع الزراعــي‪.‬‬
‫وبعــد االنتهــاء مــن إجــراء التحليــل االســتراتيجي للبيئــة الداخليــة والخارجيــة‬
‫لواقــع المــوارد الزراعيــة‪ ،‬يمكــن عــرض ذلــك وبشــكل مختصــر ضمــن جــدول‬
‫مصفوفــة ‪ Sowc‬مــع التأثيــر النســبي لــكل نقطــة وكاآلتــي‪:‬‬

‫| ‪323‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫جدول‪ 4 .‬مصفوفة ‪ SOWC‬للموارد الزراعية في االقتصاد العراقي‬

‫التأثير‬ ‫نقاط الضعف‬ ‫التأثير‬


‫نقاط القوة‬
‫النسبي‬ ‫النسبي‬
‫ضعف في أداء المراكز البحثیة‬ ‫وفرة المیاه التي تدخل في‬
‫‪9.49‬‬ ‫الخاصة بتطوير قطاع الزراعة‬ ‫‪17.60‬‬ ‫العملية الزراعية كمصدر‬
‫مائي لألرواء‬
‫ضعف الوعي في أهمیة استخدام‬
‫وفرة األیدي العاملة في‬
‫‪9.88‬‬ ‫التكنولوجیا من قبل الفالحيين‬ ‫‪5.40‬‬
‫القطاع الزراعي‬

‫عدم توفیر مصادر الطاقة والوقود‬ ‫وفرة األراضي الصالحة‬


‫‪5.67‬‬ ‫‪15.60‬‬
‫بصورة منتظمة‬ ‫للزراعة‬
‫ضعف في القوانین والتشریعات‬ ‫التنوع في اإلنتاج الزراعي‬
‫‪6.50‬‬ ‫‪16.40‬‬

‫البيئة الداخلية‬
‫الخاصة بتشجيع الفالحين‬ ‫(النباتي والحیواني)‪.‬‬
‫إهمال الصناعات الغذائیة ذات‬ ‫غزارة االنتاج النباتي بسبب‬
‫‪7.81‬‬ ‫‪11.70‬‬
‫االرتباط الخلفي بالزراعة‬ ‫الغلة العالية لالرض الزراعية‬
‫فشل مؤسسات التسویق الزراعي‬
‫من تسويق المنتجات الزراعية ‪13.12‬‬
‫بصورة حضارية‬
‫إنخفاض فاعلية وكمية األسمدة‬
‫‪8.40‬‬
‫والبذور‬ ‫مناخ مالئم ألنتاج جميع‬
‫‪10.08‬‬
‫ضعف دور المرشد الزراعي‬ ‫المحاصيل‪.‬‬
‫‪4.72‬‬

‫ضعف دور االتحادات‬


‫‪4.96‬‬ ‫والجمعيات الزراعية‬

‫‪70.55‬‬ ‫المجموع‬ ‫‪76.78‬‬ ‫المجموع‬

‫‪| 324‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫التأثير‬ ‫التأثير‬
‫التحديات‬ ‫الفرص‬
‫النسبي‬ ‫النسبي‬
‫المتميز على مستوى‬ ‫الموقع ُ‬
‫‪12.80‬‬ ‫الوضع االمني‬ ‫‪10.95‬‬
‫التجارة االقليمية ‪.‬‬
‫اغلب السكان هم من االرياف‬
‫‪0.88‬‬ ‫إنتشار ظاهرة التصحر‬ ‫‪4.72‬‬
‫والقرى‪.‬‬
‫الزحف السكاني والعمراني‬
‫على األراضي الزراعیة الخصبة‬ ‫رغبة المواطنين في المنتج‬
‫‪1.67‬‬ ‫‪9.94‬‬
‫و التجاوزات غیر القانونیة على‬ ‫المحلي من المحاصيل الزراعية‬
‫األراضي المخصصة للزراعة‬
‫وجود فرص استثماریة كبیرة في‬
‫‪1.83‬‬ ‫تناقص اإلنتاج الحيواني‬ ‫‪7.48‬‬
‫القطاع الزراعي و الحیواني‬
‫وجود الجمعيات الفالحية‬
‫وخبراء في الزراعة يمكن‬

‫البيئة الداخلية‬
‫‪2.13‬‬ ‫صعوبة تربية النحل‬ ‫‪14.82‬‬ ‫االستفادة منهم في التدریب الفني‬
‫لألیدي العاملة الزراعیة والكادر‬
‫اإلشرافي‬
‫وجود الصحراء والسدود الممكن‬
‫النقص في الكهرباء والوقود‬
‫‪2.83‬‬ ‫‪7.80‬‬ ‫استغاللها في إنشاء مشاریع‬
‫والزيوت‬
‫لتولید الطاقة الكهربائية‬
‫‪1.37‬‬ ‫العقود الزراعية‬
‫عدم التنسيق بين المراكز‬
‫‪5.73‬‬
‫البحثية والدوائر الزراعية‬
‫ضآلة اإلستثمارات في القطاع‬ ‫توفر تقنيات ومنهجيات متطورة‬
‫‪11.88‬‬
‫الزراعي‬ ‫في الممارسات الزراعية وتوفر‬
‫‪0.72‬‬ ‫عدم تعويض المزارعين‬ ‫‪17.43‬‬ ‫اساليب وتقنيات للري الحديث‬
‫عدم وجود التكامل‬ ‫(الري بالتنقيط أو بالرش)‪.‬‬
‫واالرتباطات االمامية والخلفية‬
‫‪15.50‬‬
‫بين القطاعات االقتصادية‬
‫األخرى‬
‫‪12.27‬‬ ‫اآلفات واألمراض‬
‫‪69.61‬‬ ‫المجموع‬ ‫‪73.14‬‬ ‫المجموع‬

‫| ‪325‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪ :3‬الخيار االستراتيجي المناسب إلصالح وتنمية القطاع الزراعي في العراق‬


‫تعــد مصفوفــة ‪ TOWS‬هيــك ً‬
‫ال أو صيغــة جديــدة لمصفوفــة تحليــل البيئــة ‪SWOC‬‬
‫فهــي تعتمــد علــى تحليل البيئــة الخارجيــة ً‬
‫أوال‪ ،‬وتحليــل البيئــة الداخلية ثانيـ ًا‪ ،‬موفرة‬
‫عــن طريــق الدراســة والتحليــل هيــك ًال وخطــوة لألمــام بغيــة توليــد وخلــق الخيــارات‬
‫أوال علــى إســتغالل الفــرص المتاحــة فــي‬‫االســتراتيجية المحتملــة عــن طريــق التركيــز ً‬
‫البيئــة الخارجيــة والحــد مــن التحديــات أو اجتنابهــا مــن خــال اإلعتمــاد واالرتــكاز‬
‫علــى مواطــن القــوة فــي البيئــة الداخليــة وبمــا يضمــن ويعــزز ويتيــح معالجــة مواطــن‬
‫الضعــف فــي تلــك البيئــة‪ .‬وأن تحليــل ‪ SWOC‬الينتهــي فقــط عنــد تحليــل نقــاط‬
‫عناصــر البيئــة الداخليــة والخارجيــة وإنمــا ترجمــة وتقييــم التحليــل وذلــك لغــرض‬
‫وضــع خطــة اســتراتيجية الســتثمار نقــاط القــوة لتقليــص نقــاط الضعــف وإســتغالل‬
‫الفــرص والحــد مــن مخاطــر التحديــات‪ ،‬وهــذا مــا يعــرف بتقييــم ‪ TOWS‬كمــا مبيــن‬
‫فــي الجــدول التالــي‪:‬‬
‫جدول‪ 5 .‬مصفوفة ‪ TOWS‬للموارد الزراعية لالقتصاد العراقي‬

‫‪| 326‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫تقويم البيئة الداخلية لواقع الموارد الزراعية‬


‫نقاط الضعف ‪:‬‬ ‫نقاط القوة ‪:‬‬ ‫تحليل وتقويم ‪TOWS‬‬
‫‪1.‬ضعــف فــي أداء المراكــز‬ ‫‪1.‬وفرة المیاه‪.‬‬ ‫وفيه نالحظ تقاطع‬
‫البحثیــة الخاصــة بتطويــر‬ ‫‪2.‬وفرة األیدي العاملة‪.‬‬ ‫نقاط القوة مع كل من‬
‫الزراعــةا‬ ‫األراضــي‬ ‫‪3.‬وفــرة‬ ‫الفرص والتهديدات‬
‫الوعــي‬ ‫‪.2.‬ضعــف‬ ‫ا لز ر ا عیــة ‪.‬‬ ‫في البيئة الخارجية‬
‫فــي أهمیــة اســتخدام‬ ‫‪4.‬التنــوع فــي اإلنتــاج‬ ‫ونالحظ تقاطع نقاط‬
‫التكنولوجیــا مــن قبــل‬ ‫الزراعــي (النباتــي‬ ‫الضعف ايض ًا مع كل‬
‫ا لفال حيــن ‪.‬‬ ‫و ا لحیو ا نــي ) ‪.‬‬ ‫من الفرص والتهديدات‬
‫‪ 3.‬عــدم توفــر مصــادر‬ ‫االنتــاج‬ ‫‪5.‬غــزارة‬ ‫في البيئة الخارجية‬
‫الطاقــة والوقــود بصــورة‬ ‫الزراعــي بســبب الغلــة‬ ‫وماينتج عن هذه‬
‫منتظمــة ‪.‬‬ ‫العاليــة لالراضــي‬ ‫التقاطعات من خيارات‬

‫تقويم البيئة الخارجية لواقع الموارد‬


‫‪4.‬ضعــف فــي القوانیــن‬ ‫الزراعيــة ‪.‬‬ ‫اربعة تمثل ك ًال منها‬
‫والتشــریعات الخاصــة‬ ‫‪6.‬منــاخ مالئــم النتــاج‬ ‫منطلق ًا بناءاالستراتيجية‬
‫بتشــجيع الفالحيــن‬ ‫جميــع المحاصيــل‬ ‫المقترحة ‪.‬‬
‫الصناعــات‬ ‫‪5.‬إهمــال‬ ‫الزراعيــة ‪.‬‬
‫الغذائیــة ذات االرتبــاط‬
‫الخلفــي بالزراعــة ‪.‬‬
‫مؤسســات‬ ‫‪6.‬فشــل‬
‫التســویق الزراعــي مــن‬
‫المنتجــات‬ ‫تســويق‬
‫بصــورة‬ ‫الزراعيــة‬
‫حضا ر يــة ‪.‬‬
‫‪7.‬إنخفــاض فاعليــة وكميــة‬
‫األســمدة والبــذور‬
‫‪8.‬اآلفات واألمراض‬
‫‪9.‬ضعــف دور المرشــد‬
‫الزراعــي‬
‫ ‪10.‬ضعــف دور االتحــادات‬
‫والجمعيــات الزراعيــة‬

‫| ‪327‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫فــي ضــوء تحليــل ‪ SWOC‬و ‪ ،TOWS‬تصبــح لدينــا أربعــة مســارات اســتراتيجية‬


‫مــع قــوة كل اســتراتيجة‪ ،‬يمثــل كل منهــا تمــازج وتقاطــع بيــن أحــد عناصــر البيئــة‬
‫الداخليــة ومــا يقابلــه فــي المصفوفــة مــن عناصــر البيئــة الخارجيــة الهــدف مــن هــذا‬
‫التمــازج هــو تحقيــق التكيــف بيــن أوجــه القــوة والضعــف والفــرص والتحديــات التــي‬
‫تواجــه المــوارد المتاحــة‪ ،‬وكمــا موضحــة فــي الجــدول اآلتــي‪:‬‬
‫‪| 328‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫جدول‪ 6 .‬مصفوفة الخيارات األستراتيجية لموارد القطاع الزراعي في االقتصاد‬


‫العراقي‬
‫الضعف ( ‪) W‬‬ ‫القوة (‪) S‬‬ ‫البيئة الداخلية‬
‫‪%70.55‬‬ ‫‪%76.78‬‬ ‫البيئة الخارجية‬
‫‪WO‬‬ ‫‪SO‬‬
‫الفرص (‪)O‬‬
‫(أستراتيجية عالجية )‬ ‫(أستراتيجية هجومية )‬
‫‪%73.14‬‬
‫‪%51.60‬‬ ‫‪%56.15‬‬
‫‪WC‬‬ ‫‪SC‬‬
‫التحديات (‪)C‬‬
‫(أستراتجية أنكماشية)‬ ‫(أستراتيجية دفاعية)‬
‫‪%69.61‬‬
‫‪% 49.10‬‬ ‫‪%53.44‬‬

‫مــن خــال النتائــج التــي وردت فــي التحليــل وأســتناد ًا الــى المعلومــات التــي ظهــرت‬
‫يبــدو أن االســتراتيجية المثلــى لإلســتفادة مــن المــوارد الزراعيــة لالقتصــاد العراقــي‬
‫لتحقيــق تنميــة زراعيــة مســتدامة هــي االســتراتيجية الهجوميــة أي خيــار النمــو أو‬
‫التوســع والــذي يعنــي االســتخدام األقصــى لنقــاط القــوة الداخليــة فــي انتــزاع الفــرص‬
‫الثمينــة‪ ،‬إذ أن المنافــع المترتبــة علــى هــذا الخيــار االســتراتيجي تتجســد فــي قدرتــه‬
‫بعــد أن يتــم تنفيــذه إلــى النهــوض بواقــع القطــاع الزراعــي ليســهم بوصفــه رافــد ًا‬
‫اساســي ًا فــي الناتــج المحلــي االجمالــي الســنوي فــي العــراق ويكــون داعمـ ًا إلقتصــاد‬
‫البلــد ويحقــق التنويــع المطلــوب الــذي يعانــي مــن كونــه اقتصــاد ريعــي ويمكــن أن‬
‫تتمثــل أهــم المخرجــات المحتملــة لهــذا الخيــار االســتراتيجي باآلتــي‪:‬‬

‫أ‌‪ -‬من الناحية االقتصادية‪:‬‬


‫●تعظيم إيرادات الموازنة العامة الدولة لكونه قطاع مدر للدخل‪.‬‬
‫●معالجــة مشــكلة تدنــي اإلنتاجيــة الزراعيــة بســبب إنخفــاض المســتوى التقنــي‬
‫فــي الزراعــة‪.‬‬
‫●زيادة حصة الفرد من الناتج المحلي االجمالي‪.GDP‬‬
‫●اإلســتفادة مــن اآلثــار االقتصاديــة للنفقــات العامــة للدولــة وعــدم تســرب‬
‫اآلثــار التوســعية القتصــاد الــدول األخــرى بســبب إزديــاد مرونــة الجهــاز‬
‫االنتاجــي للقطــاع الزراعــي‪.‬‬

‫| ‪329‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫●نتيجــة الزيــادة التلقائيــة فــي الطلــب ســتؤدي الــى إتجــاه مســتوى الدخــل الــى‬
‫زيــادة الطلــب الكلــي ومــن ثــم تحفيــز بقيــة القطاعــات وهــذا جوهــر عمــل‬
‫المضاعــف‪.‬‬
‫●جذب المستثمرين ألنشاء المصانع والمجازر والمخازن المبردة‪.‬‬
‫●تحقيــق الترابــط العمــودي واالفقــي وتحقيــق التكامــل مــع القطاعــات االخرى‬
‫وطليعتهــا الصناعــات الغذائية‪.‬‬

‫ب‌‪ -‬من الناحية االجتماعية‪:‬‬


‫●تشــغيل االيــدي العاملــة فــي الزراعــة والمعامــل المرتبطــة بالمحاصيــل‬
‫الزراعيــة‪.‬‬
‫●زيادة دخل الفرد نتيجة توفير فرص العمل‪.‬‬
‫●االلتحام والترابط المجتمعي واالنتماء الوطني‪.‬‬

‫ت‌‪ -‬من الناحية البيئية‪:‬‬


‫●معالجة تدهور التربة نتيجة االستغالل الخاطئ للموارد الزراعية‪.‬‬
‫●الحفاظ على االراضي من التصحر‪.‬‬
‫●توفيــر مســاحات خضــراء مــن األشــجار ممــا يســهم فــي تنقيــة الهــواء وتنظيــم‬
‫درجــات الحــرارة‪.‬‬
‫●إدراك الفــاح بأهميــة الميــاه ممــا يــؤدي الــى اســتخدامه بطريقــة مســتدامة عــن‬
‫طريــق وســائل ري حديثــة‪.‬‬

‫‪ :4‬الضوابط اإلرشادية في إعداد الخطة االستراتيجية (الرؤيا والرسالة‬


‫واالهداف والتنفيذ والرقابة والخيار البديل مع تحليل الفجوة) ‪:‬‬
‫إن المباشــرة بعمليــة إعــداد خطــة اســتراتيجية تتطلــب جملــة مــن الضوابــط لتكــون‬
‫دليــل استرشــاد فــي التوجهــات الرئيســية للخطــة االســتراتيجية وكاآلتــي‪:‬‬
‫‪ .‬أتحديــد الرؤيــة‪ ،‬وتمثــل الركيــزة االساســية للتوجــه االســتراتيجي للمــوارد‬
‫المتاحــة وتعنــي رســم صــورة ذهنيــة عــن مســتقبل المــورد وهــو واقــع بعيــد‬
‫المــدى ال نلمســه حاليــ ًا وهــو تجســيد لعبــارة (مــاذا نريــد أن نكــون فــي‬
‫المســتقبل)‪ .‬وتــم تحديــد الرؤيــة للقطــاع الزراعــي‪ ،‬وهــي‪:‬‬
‫‪| 330‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫(زيادة نسبة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي االجمالي للبلد ويصبح قطاع قائد‬
‫ومساند لالقتصاد يساهم في التنويع)‬
‫‪ .‬بتحديد الرسالة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫(االرتقاء بالزراعة المحلية عن طريق كفاءة أستخدام الموارد الزراعية المتاحة وادخال تقنية‬
‫أنتاجية جديدة لزيادة انتاجية المشروعات والمنشآت التجارية)‬
‫‪ .‬تالغايات‪ ،‬الغاية هنا هي‪:‬‬
‫(أعتماد استراتيجية إصالح للقطاع الزراعي لمعالجة مشكلة تدني االنتاجية الزراعية النباتية‬
‫والحيوانية وتدهور التربة نتيجة االستغالل الخاطئ للموارد الزراعية)‬
‫‪ .‬ثاألهداف االستراتيجية‪:‬‬
‫تشــير األهــداف إلــى البعــد التشــغيلي التفصيلــي المحــدد الــذي عــاد ًة مــا يكــون‬
‫مرشــد ًا للنتائــج ومعيــار ًا للقيــاس والتقييــم وتشــتق األهــداف مــن غايــة المنظمــة‬
‫وتكــون واقعيــة وممكنــة التحقيــق وقابلــة لالنجــاز وتكــون األهــداف اإلســتراتيجية‬
‫للمــوارد الزراعيــة ذات أبعــاد ماديــة وإجتماعيــة وبيئيــة وتشــريعية وكاألتــي‪:‬‬
‫‪-‬ماديــة‪ :‬إنتــاج الســلع والخدمــات بشــكل مســتمر والعمــل علــى تعظيــم الرفــاه‬
‫االقتصــادي ألطــول مــدة ممكنــة وإعــادة تصميــم وبنــاء القطــاع الزراعــي‬
‫ليســهم وبشــكل كبيــر فــي زيــادة دخــل المواطــن وتعظيــم الناتــج المحلــي‬
‫اإلجمالــي‪.‬‬
‫‪-‬اجتماعيــة‪ :‬إســتثمار المــورد البشــري الــذي يعــد العامــل األســاس فــي زيــادة‬
‫إنتاجيــة القطــاع الزراعــي واإلعتنــاء بــرأس المال البشــري بكل فئاتــه ومكوناته‬
‫ممايــؤدي إلــى توافــر جميــع المهــارات والقــدرات الصحيــة والتعليميــة والذي‬
‫يؤهلهــا للمشــاركة فــي العمليــة االقتصاديــة واالجتماعيــة‪ ،‬هــذا فض ـ ًا عــن‬
‫تطويــر رأس المــال المجتمعــي علــى حســن االدارة واإلنصــاف والعدالــة فــي‬
‫التوزيــع والمشــاركة فــي إتخــاذ القــرار والســعي إلــى تحقيــق معــدالت نمــو‬
‫مرتفعــة‪ ،‬مــع المحافظــة علــى إســتقرار معــدل نمــو الســكان‪ ،‬حتــى التفــرض‬
‫ضغوطــات شــديدة علــى المــوارد الطبيعيــة‪.‬‬
‫‪-‬بيئيــة‪ :‬أن تكــون حمايــة المــوارد الطبيعيــة والتنــوع الحيــوي متــازم مــع‬
‫إحتــرام المواقــع البيئيــة وحســن إســتغاللها للمحافظــة علــى المــوروث‬
‫الطبيعــي وجعلــه ثــروة مســتدامة تســتفيد منهــا األجيــال القادمــة‪.‬‬

‫| ‪331‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪-‬تشــريعية‪ :‬وجــود مؤسســات متطــورة لهــا القــدرة علــى إيجــاد وســائل لتنظيــم‬
‫وصنــع القــرار‪ ،‬مــن أجــل تنظيــم عمليــات االنتــاج والتوزيــع وتأميــن حريــة‬
‫المنافســة وتحديــد حقــوق الملكيــة الخاصــة وضمــان الحمايــة التامــة لهــا‬
‫لتوفيــر الثقــة للجميــع بمــن فيهــم المســتثمر األجنبــي‪.‬‬

‫‪| 332‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫المطلب الثالث‬

‫استراتيجية واقعية إلصالح القطاع السياحي كقطاع تنموي رائد‬

‫ســيتناول هــذا المطلــب تحليــل لواقــع القطــاع الســياحي فــي البلــد باســتخدام‬
‫مصفوفــة ‪ SWOC‬ومصفوفــة تحليــل ‪ TOWS‬عــن طريــق تحليــل البيئــة الخارجيــة‬
‫والداخليــة لهــذا الواقــع والهــدف هــو ترجمــة وتقييــم هــذا التحليــل وإســتخدامه بعــد‬
‫ذلــك فــي تبنــي خيــار إســتراتيجي مســتدام وهــو ذات اإلجــراء البحثــي الحاصــل مــع‬
‫القطــاع الزراعــي‪.‬‬

‫‪ -١‬تحليل البيئة الخارجية لواقع الموارد السياحية‪:‬‬


‫أ‌‪ -‬التحديات‪:‬‬
‫‪-‬األوضاع األمنية غير المستقرة نسبي ًا ما بعد عام ‪ 2003‬والى اآلن‪.‬‬
‫‪-‬إغــاق المحــات والمطاعــم فــي بعــض المــدن‪ ،‬إذ تســببت اإلجــراءات‬
‫األمنيــة التــي قامــت بهــا القــوات االمنية للحفــاظ على امــن المواطــن لمواجهة‬
‫اإلرهــاب بغلــق بعــض المحــات والمطاعــم فــي العديــد مــن المــدن‪.‬‬
‫‪-‬اإلفتقــار إلــى الفنــادق الســياحية بمواصفــات مقبولــة عالميــ ًا فــي غالــب‬
‫المراكــز الســياحية بإســتثناء اقليــم كردســتان العــراق‪ .‬رغــم أن البعــض مــن‬
‫رجــال األعمــال بــدأ بإنشــاء مثــل هــذه الفنــادق إال أنهــا مــا زالــت ال تكفــي‬
‫إلســتقبال أعــداد كبيــرة مــن الســواح فضــ ًا عــن رداءة الخدمــات وعــدم‬
‫إنتشــار مثــل هكــذا فنــادق فــي عمــوم البلــد‪ ،‬ويعــود الســبب إلــى عــدم وجــود‬
‫مــا يشــجع رجــال األعمــال بفتــح فنــادق ســياحية جديــدة بســبب اإلجــراءات‬
‫الروتينيــة المعقــدة وضعــف اإلســتقرار السياســي واالمنــي وغيرهــا‪.‬‬
‫‪-‬عــدم الرغبــة لالســتثمار فــي القطــاع مــن قبــل رجــال األعمــال بســبب‬
‫المعوقــات اإلداريــة المتمثلــة بمشــكلة الحصــول علــى إجــازة فتــح مكتــب أو‬
‫شــركة ســياحية‪ ،‬وعــدم توفــر البنــى التحتيــة الضروريــة للســياحة‪.‬‬
‫‪-‬إهمــال المتاحــف التاريخيــة مــن قبــل هيئــة اآلثــار ومالــه مــن دور كبيــر فــي‬
‫حركــة اآلثــار التاريخيــة‪ .‬ويعــود الســبب إلــى الــدور الضعيــف لهيئــة الســياحة‬
‫واآلثــار‪.‬‬
‫| ‪333‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪-‬الخوف من تخريب أو سرقة المعالم األثرية‪.‬‬


‫‪-‬المنافسة القوية في المنطقة والدول المحيطة‪.‬‬

‫ب‌‪ -‬الفرص‪:‬‬
‫إن أمــام القطــاع الســياحي حزمــة مــن الفــرص الثمينــة الســانحة التــي تلــوح فــي‬
‫االفــق‪ ،‬والتــي ســيكون مــن شــأن إنتزاعهــا واســتغاللها أهميــة كبيــرة فــي تحقيــق‬
‫تنميــة القطــاع الســياحي ويمكــن تلخيــص هــذه الفــرص فــي‪:‬‬
‫●إستغالل شغف التعرف على الحضارة في وادي الرافدين‪.‬‬
‫●المناســبات الدينيــة للذكــرى الســنوية الستشــهاد االئمــة االطهــار (عليهــم‬
‫الســام)‪.‬‬
‫●إستغالل التحسن األمني حالي ًا في عموم البالد‪.‬‬
‫●وجود اإلمكانيات البشرية‪.‬‬

‫تحليل البيئة الداخلية لواقع الموارد السياحية‪:‬‬

‫أ‌‪ -‬نقاط القوة‪:‬‬


‫إن لواقــع المــوارد الســياحية عــدد ًا البــأس بــه مــن نقــاط القــوة التــي تســهل وتتيــح‬
‫التوجــه نحــو تحقيــق التنميــة المســتدامة وتتجســد فــي‪:‬‬
‫●المراقد المقدسة الموجودة‪.‬‬
‫●آثار اشورية وبابلية واكدية وغيرها الكثير‪ ،‬تعود الى ما قبل الميالد‪.‬‬
‫●آثار لعاصمة الدولة العباسية‪.‬‬
‫●وجــود ســاحل نهــري عمــاق لدجلــة والفــرات وانهــار فرعيــة اخــرى مــن‬
‫الشــمال الــى الجنــوب ومــن الغــرب الــى الجنــوب وأماكــن متفرقــة أخــرى‬
‫كثيــرة‪.‬‬
‫●الطبيعة الخالبة من جبال ووديان ومزارع‪.‬‬
‫● وجــود المحميــات الطبيعيــة والتــي يمكــن ان تضاهــي مــا موجــود عالميـ ًا عبــر‬
‫تأهيلهــا والمتمثلــة فــي االهوار‪.‬‬

‫‪| 334‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫ب‌‪ -‬نقاط الضعف‪:‬‬


‫علــى الرغــم مــن نقــاط القــوة الموجــودة فــي واقــع المــوارد الســياحية إال أنهــا‬
‫تعانــي مــن بعــض نقــاط الضعــف وهــي‪:‬‬
‫●إهمــال غالــب اآلثــار التاريخيــة عــدم االهتمــام الكافــي بصيانــة اآلثــار‬
‫التاريخيــة المهمــة‪ ،‬إذ يوجــد الكثيــر مــن اآلثــار التــي تحتــاج للحفــر‬
‫والتنقيــب‪ ،‬باإلضافــة إلــى المحافظــة علــى اآلثــار المكتشــفة أصـ ًا والســبب‬
‫هــو اإلهمــال غيــر المتعمــد للقطــاع الســياحي بصــورة عامــة‪.‬‬
‫●عــدم وجــود بنــى تحتيــة تصلــح للســياحة نتيجــة للعمليــات اإلرهابيــة التــي‬
‫تعــرض لهــا البلــد‪.‬‬
‫●قلــة الخبــرة فــي مجــال الســياحة للمــوارد البشــرية‪ ،‬إضافــ ًة إلــى عــدم‬
‫وجــود دليــل ســياحي يوثــق المعالــم الســياحية المهمــة ويســهم باإلعــان‬
‫عــن األماكــن الســياحية فيهــا‪ ،‬باإلضافــة إلــى عــدم وجــود توثيــق للمعالــم‬
‫الســياحية المهمــة فيهــا‪.‬‬
‫●ضعــف التســويق الســياحي‪ .‬عــدم وجــود جهــة محليــة ســواء أكانــت منظمــة‬
‫مجتمــع مدنــي أو شــركة ســياحية مختصــة أو مهتمــة بالترويــج للســياحة وبتبني‬
‫تصميــم وطباعــة اإلعالنــات فــي هــذا المجــال‪ .‬والســبب فــي ذلــك يعــود إلــى‬
‫عــدم وجــود مختصيــن فــي هــذا المجــال ً‬
‫أوال‪ ،‬وثاني ـ ًا عــدم االنتبــاه ألهميــة‬
‫هــذه النقطــة فــي إمكانيــة جــذب الســياح‪ .‬فضــا عــن ضعــف التســويق‬
‫الحاســوبي عبــر وســائل التســويق االلكترونيــة‪.‬‬
‫●صعوبــة تســجيل الشــركات الســياحية وقلــة التنســيق بيــن الدوائــر المعنيــة ممــا‬
‫يــؤدي إلــى عــدم توفــر التســهيالت ألصحــاب المكاتــب والشــركات الســياحية‬
‫مــن الدخــول والخــروج للمراكــز الســياحية مــن دون الخضــوع للســياقات‬
‫والضوابــط المعمــول بهــا فــي بقيــة المــدن التــي يكــون للجانــب الســياحي دور‬
‫مهــم ووجــود اســتثناءات فــي بعــض محافظــات العــراق فــي الســياحة الدينيــة‬
‫مــن قبــل هيئــة الســياحة الفتتــاح شــركات فــي بعــض المحافظــات خــارج‬
‫الضوابــط المعمــول بهــا فــي الجانــب الســياحي فــي عمــوم العــراق‪ ،‬والســبب‬
‫فــي ذلــك االنقطــاع بيــن اإلدارات المحليــة للمحافظــة مــع الحكومــة المركزية‬
‫خــال فتــرة تزايــد اإلرهــاب‪.‬‬

‫| ‪335‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫●عــدم تفعيــل دور الرقابــة الســياحية علــى المطاعــم والفنــادق بحيــث يتــم‬
‫تحديــد درجاتهــا أو االلتــزام بعــدد النجــوم المعلنــة للمطعــم أو الفنــدق علــى‬
‫وفــق المعاييــر الدوليــة‪ .‬والســبب فــي ذلــك ضعــف فــي الجانــب القانونــي‬
‫لــدور الرقابــة الســياحية ومعاييــر منــح اإلجــازات‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬مصفوفة تحليل ‪:TOWS‬‬


‫تعــد مصفوفــة ‪ TOWS‬هيــك ً‬
‫ال أو صيغــة جديــدة لمصفوفــة تحليــل البيئــة ‪SWOC‬‬
‫فهــي تعتمــد علــى تحليــل البيئــة الخارجيــة أو ًال (الفــرص و التحديــات) وتحليــل البيئة‬
‫الداخليــة ثانيـ ًا (نقــاط القــوة ونقــاط الضعــف) موفــرة عــن طريــق الدراســة والتحليــل‬
‫هيــك ًال وخطــوة لألمــام بغيــة توليــد وخلــق الخيــارات االســتراتيجية المحتملــة مــن‬
‫خــال التركيــز ً‬
‫اوال علــى اســتغالل الفــرص المتاحــة فــي البيئــة الخارجيــة والحــد مــن‬
‫التحديــات أو اجتنابهــا مــن خــال اإلعتمــاد واالرتــكاز علــى مواطــن القــوة فــي البيئــة‬
‫الداخليــة وبمــا يضمــن ويعــزز ويتيــح معالجــة مواطــن الضعــف فــي تلــك البيئــة‪ .‬إذ أن‬
‫تحليــل ‪ SWOC‬الينتهــي فقــط عنــد تحليــل نقــاط عناصــر البيئــة الداخليــة والخارجيــة‬
‫وإنمــا ترجمــة وتقييــم التحليــل وذلــك لغــرض وضــع خطــة اســتراتيجية إلســتثمار‬
‫نقــاط القــوة لتقليــص نقــاط الضعــف وإســتغالل الفــرص والحــد مــن التحديــات‪،‬‬
‫وهــذا مــا يعــرف بتقييــم ‪ TOWS‬كمــا مبيــن فــي الجــدول اآلتــي‪:‬‬

‫تقويم البيئة الداخلية لواقع الموارد السياحية‬


‫نقاط الضعف ‪:‬‬ ‫نقاط القوة ‪:‬‬ ‫تحليل وتقويم ‪TOWS‬‬
‫ ‪11.‬إهمال اآلثار والمتاحف‬ ‫‪5.‬المراقد المقدسة‬ ‫وفيه نالحظ تقاطع نقاط‬
‫تقويم البيئة الخارجية لواقع الموارد السياحية‬

‫التاريخية‪.‬‬ ‫‪6.‬اثار اشورية وبابلية واكدية‬ ‫القوة مع كل من الفرص‬


‫ ‪12.‬عدم وجود بنى تحتية تصلح‬ ‫وغيرها تعود الى ماقبل‬ ‫والتهديدات في البيئة‬
‫للسياحة‪.‬‬ ‫الميالد ‪.‬‬ ‫الخارجية ونالحظ تقاطع‬
‫ ‪.13.‬قلة الخبرة في مجال السياحة‪.‬‬ ‫‪7.‬اثار لعاصمة الدولة‬ ‫نقاط الضعف ايض ًا مع كل‬
‫ ‪.14.‬ضعف التسويق السياحي‪.‬‬ ‫العباسية ‪.‬‬ ‫من الفرص والتهديدات في‬
‫ ‪.15.‬عدم وجود تجمع خاص‬ ‫البيئة الخارجية وما ينتج عن ‪8.‬وجود سواحل النهار‬
‫للشركات السياحية‬ ‫متعددة‪.‬‬ ‫هذه التقاطعات من خيارات‬
‫‪9.‬الطبيعة الخالبة من جبال ‪16.‬صعوبة تسجيل الشركات السياحية‬ ‫اربعة‪.‬‬
‫ ‪17.‬عدم تفعيل دور الرقابة السياحية‬ ‫ووديان ومزارع‪.‬‬
‫ ‪10.‬المحميات وفي مقدمتها‬
‫االهوار‪.‬‬

‫‪| 336‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫| ‪337‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫جدول‪ 7 .‬مصفوفة ‪ TOWS‬للموارد السياحية في العراق‬

‫الضعف (‪) S‬‬ ‫القوة (‪) S‬‬ ‫البيئة الداخلية‬


‫‪%69.41‬‬ ‫‪%62.19‬‬ ‫البيئة الخارجية‬
‫‪WO‬‬ ‫‪SO‬‬
‫الفرص (‪)O‬‬
‫(أستراتيجية عالجية )‬ ‫(أستراتيجية هجومية )‬
‫‪%61.82‬‬
‫‪%42.90‬‬ ‫‪%38.44‬‬
‫‪WC‬‬ ‫‪SC‬‬
‫التحديات (‪)C‬‬
‫(أستراتجية أنكماشية)‬ ‫(أستراتيجية دفاعية)‬
‫‪%71.57‬‬
‫‪% 49.67‬‬ ‫‪%44.50‬‬
‫فــي ضــوء تحليــل ‪ SWOC‬وتحليــل ‪ Tows‬ومصفوفــة الخيــارات االســتراتيجية‪،‬‬
‫يبــدو أن االســتراتيجية المثلــى الســتخدام المــوارد الســياحية ليشــكل قطــاع تنمــوي‬
‫رائــد لالقتصــاد العراقــي آخذيــن بنظــر اإلعتبــار المســؤولية االقتصاديــة لألجيــال‬
‫الحاليــة والقادمــة هــي االســتراتيجية االنكماشــية أي خيــار الترشــيد أو التحــوط أو‬
‫االندمــاج والــذي يعنــي اختيــار بدائــل اســتراتيجية تقلــل مــن عوامــل الضعــف وتحييــد‬
‫التحديــات‪ ،‬إذ أن المنافــع المترتبــة علــى هــذا الخيــار االســتراتيجي ســتكون كثيــرة‬
‫وأبرزهــا‪:‬‬
‫‪1.‬مــن خــال إختــاط الســائحين مــع المواطنيــن مــن أبنــاء البلــد ســيكون هنــاك‬
‫كســب اجتماعــي عــن طريــق مســاهمة الســائحين فــي نقــل النتــاج الفكــري‬
‫والعلمــي والتبــادل الثقافــي مــن خــال التمــاس مــع الحضــارات األخــرى‪.‬‬
‫‪2.‬زيــادة الطلــب علــى الســلع المحليــة عــن طريــق التبضــع ممــا يســهم فــي‬
‫تحريــك الســوق المحليــة‪.‬‬
‫‪3.‬علــى المســتوى العــام ســتكون هنــاك منفعــة للدولــة مــن خــال الضرائــب‬
‫الكمركيــة التــي تترتــب علــى دخــول الســائحين إلــى البــاد ورســوم دخــول‬
‫المناطــق الســياحية‪.‬‬
‫‪4.‬ســتكون هنــاك ســيولة نقديــة أجنبيــة تدخــل عــن طريــق الســائحين ممــا يســهم‬
‫فــي تحريــك ســوق الصــرف المالــي‪.‬‬
‫‪5.‬خلــق فــرص عمــل إضافيــة ومصــادر دخــل جديــدة لشــرائح كثيــرة تعــد مصدر‬
‫مهــم فــي التنــوع االقتصادي‪.‬‬

‫‪| 338‬‬
‫ع يف يداصتقالا ءادألاو ةيلاملاو ةيومنتلا تاسايسلا حالصإالصإ‬

‫ثالث ًا‪ :‬الضوابط األرشادية في أعداد الخطة االستراتيجية‪:‬‬


‫أن المباشــرة بعمليــة اعــداد خطــة اســتراتيجية تتطلــب جملــة مــن الضوابــط لتكــون‬
‫دليــل أسترشــاد فــي التوجهــات الرئيســية للخطــة االســتراتيجية وكمــا يلــي‪:‬‬

‫‪ -١‬تحديد الرؤية‪:‬‬
‫وتــم تحديــد الرؤيــة للمــوارد الســياحية وهــي (إعــادة هيكلــة المؤسســات‬
‫والقطاعــات الســياحية بحيــث تنصــب جهودهــا علــى بنــاء القــدرات الفنيــة والبشــرية‬
‫ووضــع األســس العلميــة لتنميــة الســياحة المســتدامة كماكنــة تتبنــى التطــور‬
‫االقتصــادي واالجتماعــي بنظــم مقبولــة اجتماعي ـ ًا ومفيــدة اقتصادي ـ ًا وتحافــظ علــى‬
‫اســتدامة البيئــة)‪.‬‬

‫‪ -٢‬تحديد الرسالة‪:‬‬
‫وهــي (إســتثمار اإلمكانيــات الســياحية المتنوعــة بصــورة كفــؤة للنهــوض بالقطــاع‬
‫الســياحي ليكــون قطــاع تنمــوي رائــد)‪.‬‬

‫‪ -٣‬الغايات‪:‬‬
‫والغايــة هنــا هــي (أن تســهم الســياحة فــي التنميــة االقتصاديــة واالجتماعيــة والبيئية‬
‫فــي العــراق وزيــادة مســاهمتها فــي الناتــج المحلــي اإلجمالي)‪.‬‬

‫‪ -٤‬األهداف االستراتيجية‪:‬‬
‫وتكــون األهــداف االســتراتيجية للمــوارد الســياحية ذات أبعــاد ماديــة و اجتماعيــة‬
‫وبيئيــة وتشــريعية وكاآلتــي‪:‬‬
‫●إرتفاع نسبة مساهمة السياحة في الناتج المحلي اإلجمالي‪.‬‬
‫●تنظيم القطاع السياحي ومنظماته لزيادة فعالية العمل واإلنتاجية فيه‪.‬‬
‫●تحســين صــورة البــاد‪ ،‬وإتبــاع وســائل وخطــط تســويقية إحترافيــة تؤثــر فــي‬
‫خلــق الصــورة اإليجابيــة والعمــل عــن طريــق الســياحة علــى ترويــج صــورة‬
‫إيجابيــة وتعزيــز المنتــوج الثقافــي المحلــي‪ ،‬وإغنــاؤه عــن طريــق مــا توفــره‬
‫الســياحة مــن تفاعــل الثقافــات األخــرى‪.‬‬

‫| ‪339‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫●رفــع مهــارات المــوارد البشــرية العاملــة فــي القطــاع الســياحي وفــي القطاعــات‬
‫المتشــابكة األخــرى عــن طريــق برامــج التدريــب والتأهيل‪.‬‬
‫●النهوض بالمستوى المعيشي للمناطق التي تمتلك الموارد السياحية‪.‬‬

‫‪| 340‬‬
‫الحراك الدبلوماسي‪ :‬الفاعلية والتوزان‬
‫المطلوب في البيئة اإلقليمية والدولية‬

‫المحور األول‬

‫الوثيقة المرجعية للسياسة الخارجية (‪)2024-2020‬‬

‫تقــدم هــذه الوثيقــة اإلطــار المرجعــي للدبلوماســية العراقيــة لتحقيــق أهــداف‬


‫السياســة الخارجيــة‪ ،‬وتعــد األولــى مــن نوعهــا تعبيــر ًا عــن التطــور الــذي يشــهده‬
‫العمــل الدبلوماســي العراقــي فــي المحافــل المختلفــة‪ ،‬األمــر الــذي يعكــس الحاجــة‬
‫الــى اطــار عــام تنظيمي‪-‬ارشــادي لراســمي و منفــذي السياســة الخارجيــة العراقيــة‪.‬‬
‫إذ تســعى السياســية الخارجيــة لــكل بلــد إلــى اإلنخــراط فــي النظــام العالمــي‬
‫بصــورة اكثــر فاعليــة و نجاعــة عبــر وســائل و أســاليب غيــر تقليديــة‪ ،‬ولهــذا فــإن هــذه‬
‫الوثيقــة هــي اإلطــار العــام لكيفيــة تفاعــل العــراق مــع العالــم و المتغيــرات الحاصلــة‬
‫فيــه‪ .‬لذلــك تأخــذ هــذه الوثيقــة بنظــر االعتبــار ثــاث عوامــل رئيســة‪:‬‬
‫‪1.‬ظروف البيئتين المحلية والخارجية‪.‬‬
‫‪2.‬افاق تنامي العالقات الدبلوماسية‪.‬‬
‫‪3.‬اإلطار الفلسفي للسياسة الخارجية‪.‬‬

‫او ًال‪ :‬صميم السياسة الخارجية العراقية (‪)The Core of Foreign Poicy‬‬
‫«صميــم الدولــة او صميــم سياســة مــا» ونعنــي بــه المــدار الــذي تتمحــور علــى‬
‫وفقــه سياســة الدولــة فــي البيئــة الخارجيــة‪ ،‬وهــو االرضيــة التــي تنطلــق منها سياســاتها‬
‫والهــدف االعلــى الــذي تتبنــاه الدولــة‪ .‬واذا راقبنــا سياســات الــدول االخــرى لوجدنــا‬
‫صميــم الدولــة واضحـ ًا فمثــا نجــد باكســتان تحــاول أن تبقــي علــى هويتهــا وتــوازن‬
‫القــوى مــع الهنــد‪ ،‬أمــا الواليــات المتحــدة االمريكيــة فصميــم سياســتها هــو االمــن‬

‫| ‪341‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫القومــي‪ ،‬أمــا اليابــان هــو النمــو االقتصــادي‪ ،‬حتــى المنظمــات الدوليــة فأنهــا تملــك‬
‫صميــم لوجودهــا إذ نجــد أن األمــم المتحــدة جــل جهدهــا ينصــب علــى تعزيــز‬
‫الســام واالســتقرار ورفــع مكانــة االنســان‪ ،‬فــي حيــن يتمثــل صميــم سياســية االتحــاد‬
‫األوربــي فــي الحفــاظ علــى الوحــدة االوربيــة وتعزيزهــا‪ .‬ومــن هــذا الصميــم يمكــن‬
‫ان نفهــم طبيعــة اإلطــار الفلســفي الــذي تنطلــق منــه السياســة الخارجيــة العراقيــة التــي‬
‫وألول مــرة منــذ تأســيس الدولــة العراقيــة الحديثــة تبحــث عــن اطــر فلســفية تحــدد‬
‫مجــال تعاونهــا الخارجيــة وليــس االكتفــاء بالمصالــح السياســية‪.‬‬
‫وعليــه ليكــون صميــم السياســة الخارجيــة العراقيــة «الســام والتنميــة والتعــاون‬
‫والكســب المشــترك» أي تعزيــز التعــاون فــي المجــاالت المشــتركة اي تعزيز المشــترك‬
‫ونبــذ المختلــف‪ ،‬والعمــل علــى تعزيــز الحــوار والتواصــل والتبــادل الحضــاري‪.‬‬
‫وادامــة التوافــق اإلقليمــي المنشــأ للســام عبــر الحافــظ علــى الســيادة الوطنيــة وعــدم‬
‫التدخــل فــي الشــؤون الداخليــة‪ ،‬واتبــاع الحلــول الدبلوماســية للقضايــا الســاخنة‬
‫وتعزيــز الســام واالســتقرار فــي الشــرق األوســط‪ ،‬فضــا عــن التمســك بالمنفعــة‬
‫المتبادلــة والكســب المشــترك والتنميــة المشــتركة فــي إطــار المصالــح المشــتركة‬
‫والتنميــة المســتدامة‪ .‬وهــو األمــر الــذي مــن شــأنه أن يفضــي الــى تعميــق العالقــات‬
‫اإلقليميــة والدوليــة القائمــة علــى التعــاون الشــامل والتنميــة المشــتركة‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬األطر المرجعية للسياسة الخارجية العراقية‬

‫‪ -١‬الدستور العراقي الدائم لعام ‪2005‬‬


‫يمثــل الدســتور اول مرجــع مــن مراجــع السياســة الخارجيــة العراقيــة والدســتور‬
‫هــو القانــون االســمى ويمكــن ان يوصــف بانــه ابــو القوانيــن وهــو قائــد الدولــة فــي‬
‫كل شــيء‪ .‬والدســتور العراقــي الحالــي قائــم علــى ثالثــة اســس هــي الديمقراطيــة‬
‫والتعدديــة والفيدراليــة‪ .‬وقــد جعــل الدســتور امــور السياســة الخارجيــة مــن اختصاص‬
‫الســلطة المركزيــة او الســلطة االتحاديــة‪.‬‬
‫وقــد حــدد الدســتور الخطــوط الرئيســة للسياســة الخارجيــة‪ .‬فالمــادة الثالثــة منــه‬
‫نصــت علــى أن العــراق (عضــو مؤســس فــي الجامعــة العربيــة وملتــزم بميثاقهــا وجــزء‬
‫مــن العالــم االســامي)‪ .‬ولهــذا النــص حــل الدســتور المســألة القومية كمــا أوجد ح ًال‬
‫لمســألة الديــن الرســمي للدولــة‪ .‬وهكــذا اصبحــت السياســة الخارجيــة للدولــة ملزمــة‬
‫‪| 342‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫بميثــاق الجامعــة العربيــة وبالعمــل المشــترك‪ .‬كمــا أنهــا ملزمــة بالتضامــن مــع العالــم‬
‫االســامي‪ .‬وتعــد المــادة الثامنــة مــن الدســتور العمــود الفقــري للسياســة الخارجيــة‬
‫للعــراق‪ .‬إذ أنهــا تقضــي بــان العــراق (يرعــى مبــادئ حســن الجــوار ويلتــزم بعــدم‬
‫التدخــل فــي الشــؤون الداخليــة للــدول األخــرى ويســعى لحــل النزاعــات بالوســائل‬
‫الســلمية ويقيــم عالقاتــه علــى أســاس المصالــح المشــتركة والتعامــل بالمثــل ويحتــرم‬
‫التزاماتــه الدوليــة‪( .‬فمبــدأ حســن الجــوار هــو مــن المبــادئ االساســية التــي تقــوم‬
‫عليهــا العالقــات الدوليــة‪ .‬وهــذا المبــدأ مقتبــس مــن ميثــاق االمــم المتحــدة ووارد‬
‫فــي الكثيــر مــن دســاتير الــدول وهــو مــن المبــادئ المســتقرة فــي القانــون الدولــي‬
‫والعالقــات الدوليــة‪ .‬كمــا أن مبــدأ عــدم التدخــل فــي الشــؤون الداخليــة هــو أيض ـ ًا‬
‫مــن مبــادئ ميثــاق االمــم المتحــدة ومبــدأ مســتقر فــي العالقــات الدوليــة وال يوجــد‬
‫دســتور دولــة مــن الــدول يســمح لحكومتهــا التدخــل فــي الشــؤون الداخليــة للغيــر‪.‬‬
‫ونتيجــة للحــروب التــي خاضهــا النظــام الســابق‪ ،‬فــرض الدســتور الجديــد‬
‫تســوية النزاعــات بالطــرق الســلمية منعــ ًا لتكــرار المآســي التــي مــر بهــا العــراق‬
‫نتيجــة تلــك الحــروب‪ .‬ووســائل تســوية المنازعــات ســلمي ًا عديــدة أشــار إليهــا‬
‫ميثــاق االمــم المتحــدة فــي المــادة (‪ .)33‬ولســنا هنــا بصــدد شــرح هــذه الوســائل‪.‬‬
‫والمبــدأ اآلخــر مــن مبــادئ المــادة الثامنــة هــو إقامــة عالقــات العــراق مــع الــدول‬
‫االخــرى علــى اســاس المصالــح المشــتركة مــن دون التضحيــة بمصالحنــا‪.‬‬
‫وممــا تضمنتــه هــذه المــادة مبــدأ احتــرام التزاماتنــا الدوليــة‪ .‬والمقصــود‬
‫بالتزاماتنــا الدوليــة جميــع المعاهــدات والمواثيــق مــع جميــع الــدول األخــرى‬
‫والمنظمــات الدوليــة‪ ،‬بمــا فــي ذلــك قــرارات مجلــس االمــن الدولــي‪.‬‬
‫وتلتــزم المــادة الســابعة مــن الدســتور ب (محاربــة كل كيــان او نهــج يتبنــى العنصريــة‬
‫او االرهــاب او التكفيــر او التطهيــر الطائفــي او التمهيــد لــه او التحريــض عليــه)‪.‬‬
‫وبذلــك أعــد الدســتور أيــة إنتهــاك لحقــوق االنســان انتهــاك للدســتور ويســتحق‬
‫مرتكبــه المســائلة القانونيــة‪.‬‬
‫وقــد حــرم الدســتور إســتخدام أســلحة الدمــار الشــامل في عالقاتنــا الدوليــة‪ .‬وهذا‬
‫االلتــزام يتوافــق مــع التزامــات العــراق وفقـ ًا التفاقياتنــا الدوليــة التــي إلتــزم بهــا تجــاه‬
‫المجتمــع الدولــي‪ .‬كمــا حــرم الدســتور اســتعمال االراضــي العراقيــة لتكــون مقــر ًا أو‬
‫ممــر ًا او ســاحة لنشــاط االرهــاب‪ .‬ولــم يغفــل الدســتور النــص علــى حمايــة حقــوق‬

‫| ‪343‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫االنســان‪ .‬ففــي المــواد ‪ 21-14‬نــص علــى حمايــة الحقــوق المدنيــة والسياســية‪،‬‬


‫وفــي المــادة ‪ 26-22‬نــص على حمايــة الحقــوق االقتصاديــة واالجتماعيــة والثقافية‪.‬‬

‫‪ -٢‬البرنامج الحكومي‬
‫إن المرجــع الثانــي للسياســة الخارجيــة هــو البرنامــج الحكومــي المقــدم إلــى‬
‫مجلــس النــواب‪ ،‬وهــذا البرنامــج يتضمــن عــادة سياســة الحكومــة فــي الشــؤون‬
‫الداخليــة والشــؤون الخارجيــة‪ .‬فعنــد مراجعــة البرنامــج الحكومــي نجــد فيــه فقــرات‬
‫مهمــة تتعلــق بالسياســة الخارجيــة علــى ان يكــون متوافقــ ًا مــع احــكام الدســتور‪.‬‬
‫وهــذا البرنامــج يكــون ملــزم لجميــع وزارات واجهــزة الدولــة ومــن ضمنهــا وزارة‬
‫الخارجيــة‪.‬‬

‫‪ -٣‬قرارات مجلس الوزراء‬


‫إن المرجــع الثالــث للسياســة الخارجيــة هــو مايصــدر عــن مجلــس الــوزراء مــن‬
‫قــرارات تمــس عالقــات العــراق بالــدول االخــرى‪ .‬وهــذه القــرارات البــد وان تكــون‬
‫ضمــن احــكام الدســتور ايض ـ ًا‪ .‬وميــزة هــذه القــرارات انهــا تواكــب التطــورات علــى‬
‫الســاحة الدوليــة‪.‬‬

‫‪ -٤‬وزارة الخارجية‬
‫إن المرجــع الرابــع للسياســة الخارجيــة هــو نشــاط وزارة الخارجيــة‪ .‬فــوزارة‬
‫الخارجيــة تقــوم بدوريــن فــي ميــدان العالقــات الدوليــة‪ .‬االول هــو دورهــا االســاس‬
‫فــي تنفيــذ السياســة الخارجيــة للدولــة بصفتهــا الجهــاز التنفيــذي للسياســة الخارجيــة‬
‫فــي كل المياديــن‪ .‬ولــوزارة الخارجيــة دور آخــر تمثــل فــي تطويــر وتغذيــة السياســة‬
‫الخارجيــة بالمواقــف المســتجدة علــى الســاحة الدوليــة‪ ،‬وتقــدم الــى مجلــس الــوزراء‬
‫بمقترحــات بهــذا الخصــوص‪ .‬وهــي بذلــك تخلــق أو تســهم فــي خلــق مواقــف فــي‬
‫السياســة الخارجيــة‪ ،‬ولكــن دائم ـ ًا ضمــن حــدود الدســتور‪.‬‬

‫‪ -٥‬االتفاقيات الدولية‬
‫فــي ظــل العولمــة وتدويــل الدســاتير الوطنيــة يمكــن أن نضيــف مصــدر ًا خامس ـ ًا‬
‫للسياســة الخارجيــة وهــو االتفاقيــات الدوليــة‪ ،‬وخاصــة االتفاقيــات الدوليــة العامــة‪،‬‬
‫‪| 344‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫اي االتفاقيــات التــي تنطبــق علــى المجتمــع الدولــي بصــورة عامــة كميثــاق األمــم‬
‫المتحــدة‪ ،‬وغيــره مــن االتفاقيــات التــي تنضــوي إليهــا الدولــة وتلتــزم فــي تنفيذهــا‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬األهداف واألولويات االستراتيجية للسياسة الخارجية العراقية‬


‫يمكن تلخيص أهداف السياسة الخارجية للعراق بما يلي‪:‬‬
‫●تحقيق أمن البالد‪.‬‬
‫●الحفــاظ علــى ســيادة الدولــة وســامتها االقليميــة ككيــان مســتقل فــي‬
‫المجتمــع الدولــي‪.‬‬
‫●الدفاع عن النظام الديمقراطي‪.‬‬
‫●مكافحة االرهاب‪.‬‬
‫●حماية المصالح العراقية في الخارج‪.‬‬
‫●تحقيق الرفاه والتنمية‪.‬‬
‫●الحفاظ على وحدة الصف الوطني‪.‬‬
‫●إقامة عالقات متوازنة ومثمرة مع الدول األخرى‪.‬‬
‫●تفعيل دور العراق وتعزيزه في المنظمات الدولية‪.‬‬
‫●تعزيز المنفعة االقتصادية المتبادلة‪.‬‬
‫وفــي ضــوء تلــك األهــداف وصميــم السياســة الخارجيــة المقتــرح تحــدد الوثيقــة‬
‫المرجعيــة األهــداف واألوليــات المرحليــة للسياســة الخارجيــة العراقيــة فــي العــام‬
‫‪ 2020‬باآلتــي‪:‬‬
‫‪1.‬ضمــان أمــن الدولــة‪ :‬تســعى السياســة الخارجيــة العراقيــة الــى ضمــان امــن‬
‫الدولــة العراقيــة ابتــداء مــن ضمــان أمــن وحمايــة المواطنيــن والحفــاظ علــى‬
‫حياتهــم و ممتلكاتهــم و ضمــان المؤسســات الحكوميــة‪ .‬و ينــدرج أمــن‬
‫مصالــح العــراق العليــا ضمــن أولويــات وأهــداف السياســة السياســة الخارجيــة‬
‫عــن طريــق ضمــان ســيادة ووحــدة العــراق اراضيــه‪ ،‬اإلســتقالل السياســي‪ ،‬و‬
‫حقــوق الشــعب‪ .‬و تنطلــق الدبلوماســية العراقيــة فــي نشــاطها هــذا مــن حقيقــة‬
‫مفادهــا أن أمــن العــراق يتحقــق بيئــة إقليميــة مســتقرة‪ ،‬ولهــذا الهــدف‪ ،‬تســعى‬
‫الدبلوماســية العراقيــة لتعزيــز عالقــات التعــاون االســتراتيجي مــع الــدول‬
‫الحليفــة والصديقــة عبــر آليــات جماعيــة ضمــن أروقــة المنظمــات الدوليــة‬

‫| ‪345‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫وآليــات ثنائيــة‪ ،‬وأن دور المنظمــات الدوليــة حيــوي جــد ًا لضمــان العمــل‬
‫الجماعــي الفاعــل‪.‬‬
‫‪2.‬تعزيــز االســتقرار اإلقليمــي واألمنــي‪ .‬يتخــذ العــراق موقفــا واضح ـ ًا مــن‬
‫مناطــق الحــوار والتوتــر فــي المنطقــة مؤيــد ًا للحلــول السياســية الســلمية التــي‬
‫تحافــظ علــى ارواح المدنييــن ومدنهــم وتبعــد شــبح الصراعــات المســلحة‬
‫عــن المنطقــة‪ ،‬وينطلــق العــراق فــي موقفــه هــذا مــن مبــادئ وقناعــات‬
‫أخالقيــة ترتكــز علــى احتــرام حقــوق االنســان وكرامتــه أينمــا حــل دون فوارق‬
‫سياســية أم دينيــة وحقــه فــي حيــاة حــرة كريمــة‪ .‬ومــن هــذه القناعــة‪ ،‬يســعى‬
‫العــراق لحــل الصراعــات فــي المنطقــة مــع ضمــان منطقــة خاليــة مــن اســلحة‬
‫الدمــار الشــامل‪ ،‬فضـ ًا عــن حمايــة ممــرات نقــل الطاقــة و محاربــة االرهــاب‬
‫والتطــرف‪ .‬ذلــك بــأن أمــن العــراق يتأثــر بصــورة مباشــرة باألوضــاع اإلقليميــة‬
‫مــن عــدة جوانــب أهمهــا (امــن الطاقــة‪ ،‬اإلرهــاب‪ ،‬و األمــن االقتصــادي) ‪،‬‬
‫إذ ان الشــركاء التجارييــن األهــم للعــراق الذيــن يوفــرون اإلحتياجــات الرئيســة‬
‫للمواطــن العراقــي هــم مــن دول اإلقليــم‪ ،‬كمــا أن تصديــر الطاقــة يعتمــد‬
‫بصــورة رئيســة علــى الممــرات المائيــة فــي المنطقــة الســيما فــي جنــوب‬
‫العــراق‪.‬‬
‫‪3.‬التعــاون فــي مكافحــة اإلرهــاب والتطــرف‪ .‬يعــد العــراق الدولــة األولــى‬
‫عالميــ ًا مــن حيــث المعانــاة مــن خطــر االرهــاب علــى الرغــم مــن تحقيــق‬
‫النصــر النهائــي علــى كيــان داعــش االرهابــي‪ ،‬لذلــك فــإن الدبلوماســية‬
‫العراقيــة تبحــث عــن كل مصــدر مــن شــأنه تعزيــز اإلســتقرار االقليمــي يســوده‬
‫التعــاون تجنب ـ ًا ألزمــات شــبيهة بســقوط الموصــل تحــت ســيطرة االرهــاب‬
‫فــي ‪ ،2014‬لهــذا الســبب يتعــاون العــراق مــع دول العالــم و فــي مقدمتهــم‬
‫دول الجــوار إليجــاد أرضيــة مشــتركة وصلبــة فــي مجــال محاربــة االرهــاب‬
‫و يواصــل التعــاون الوثيــق مــع المجتمــع الدولــي الســيما مــع التحالــف‬
‫الدولــي لمحاربــة داعــش واألمــم المتحــدة ودول االتحــاد االوربــي فــي‬
‫مجــال التدريــب و التســليح و تبــادل المعلومــات‪ ،‬فــي ســبيل ضمــان التســليح‬
‫األفضــل فــي مواجهــة االرهابييــن والتدريــب االمثــل علــى المعــدات الجديــدة‬
‫فض ـ ًا عــن تعزيــز آليــات تبــادل المعلومــات‪ .‬وضمــن الرؤيــة االســتراتيجية‬
‫العراقيــة للسياســة الخارجيــة فــان التعــاون هــو الســبيل األمثــل لمواجهــة‬
‫‪| 346‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫المخاطــر القائمــة ومنــع حــدوث أيــة تحديــات جديــدة محتملــة‪ .‬ويؤمــن‬


‫العــراق بــإن التعــاون اإلقليمــي الفاعــل هــو اداة مؤثــرة فــي مجــال محاربــة‬
‫اإلرهــاب الســيما عبــر جامعــة الــدول العربيــة و التحالــف الدولــي لمحاربــة‬
‫داعــش و المضــي قدمــ ًا فــي ســبيل خلــق نــواة اقليميــة أوســع تضــم تركيــا‬
‫وايــران للمجموعــة العربيــة فــي مجــال مكافحــة االرهــاب‪.‬‬
‫‪4.‬تعزيــز التنميــة المســتدامة والكســب المشــترك‪ .‬إن عمليــة تحســين الوضــع‬
‫التنمــوي فــي العــراق مرتبطــة بشــكل كبيــر باإلنفتــاح اإلقتصــادي‪ ،‬لذلــك‬
‫تعمــل الدبلوماســية العراقيــة علــى تعزيــز الروابــط اإلقتصاديــة مــع الشــركاء‬
‫اإلقتصادييــن والتجارييــن ومــن أهمهــم (الواليــات المتحــدة‪ ،‬اإلتحــاد‬
‫االوربــي كمنظومــة اقتصاديــة‪ ،‬اليابــان‪ ،‬كوريــا الجنوبيــة والصيــن) بوصفهــم‬
‫أعمــدة رئيســة لإلســتثمار األجنبــي فــي العــراق‪ .‬كمــا يعــد التبــادل التجــاري‬
‫محفــز مهــم للوضــع التنمــوي‪ ،‬الســيما وإن الشــركاء التجارييــن يــؤدون دور ًا‬
‫مهمــ ًا فــي هــذه العمليــة‪ ،‬وإنطالقــا مــن إيمــان الحكومــة العراقيــة بأهميــة‬
‫العالقــات اإلقتصاديــة و دور المجتمــع الدولــي فــي تعزيــز الواقــع التنمــوي‬
‫فــي العــراق تســعى الدبلوماســية لتشــجيع اإلســتثمار االجنبــي فــي المســاهمة‬
‫بالقطاعــات المختلفــة عبــر تســهيالت لحركــة االمــوال والكفــاءات الــى‬
‫العــراق لتعزيــز و تنويــع مصــادر النمــو اإلقتصــادي الســيما فــي مجــاالت‬
‫الطاقــة (النفــط و الغــاز) ‪ ،‬فض ـ ًا عــن خلــق بدائــل اســتثمارية داعمــة للنفــط‬
‫وتســهم بشــكل إيجابــي فــي الناتــج المحلــي اإلجمالــي ومــن بينهــا الســياحة‬
‫والخدمــات‪ ،‬ويســعى العــراق بجديــة لإلنضمــام الــى منظمــة التجــارة‬
‫العالميــة‪.‬‬
‫‪5.‬تعزيــز صــورة العــراق وســمعته اإليجابيــة فــي العالــم‪ .‬إن مــن بيــن أهــم‬
‫أهــداف السياســة الخارجيــة العراقيــة هــو تعزيــز ســمعة وصــورة العــراق‬
‫اإليجابيــة فــي العالــم‪ ،‬إذ تســعى الدبلوماســية العراقيــة لتكويــن قناعــة‬
‫عالميــة ايجابيــة مــع خلــق مجــاالت خاصــة بالهويــة العراقيــة فــي البيئتيــن‬
‫الدوليــة والعالميــة‪ ،‬وبهــذا الصــدد تهتــم الدبلوماســية العراقيــة بتبريــز اإلرث‬
‫الحضــاري العراقــي بوصفــه مــن أهــم المســاهمات فــي اإلرث التاريخــي‬
‫العالمــي وإســتطاعت مؤخــر ًا مــن إضافــة آثــار بابــل ضمــن الئحــة اليونســكو‬
‫لــإرث العالمــي‪ ،‬وفــي هــذا اإلطــار وظفــت وزارة الخارجيــة ادوات غيــر‬
‫| ‪347‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫تقليديــة مــن بينهــا الدبلوماســية العامــة الثقافيــة‪ ،‬و الرقميــة وغيرهــا مــن‬
‫ادوات الدبلوماســية الموازيــة للتقليديــة‪ .‬كمــا يعمــل العــراق علــى زيــادة عــدد‬
‫الســياح األجانــب بمــا يحقــق هدفيــن (اقتصــادي‪ ،‬وثقافــي)‪.‬‬
‫‪6.‬مواكبــة التطــورات واالهتمامــات العالميــة‪ .‬إن مــن اهــداف السياســة‬
‫الخارجيــة العراقيــة مواكبــة التطــورات واإلهتمامــات العالميــة ليكــون دولــة‬
‫فاعلــة ذات دور ايجابــي فــي مواجهــة التحديــات العالميــة ومــن بينهــا التغيــر‬
‫المناخــي‪ ،‬إذ تعمــل الحكومــة العراقيــة علــى صياغــة اســتراتيجيته الوطنيــة‬
‫مــع ‪ .UNDP‬وأن العــراق طــرف فــي (اتفاقيــة األمــم المتحــدة اإلطاريــة‬
‫بشــأن التغيــر المناخــي) منــذ ‪ ،2007‬كمــا أنــه طرفــ ًا فــي اتفاقيــة باريــس‬
‫للتغيــر المناخــي للعــام ‪ ،2015‬وكل ذلــك تعبيــر ًا عــن التــزام العــراق بالجهود‬
‫العالميــة لمواجهــة اإلحتبــاس الحــراري‪.‬‬
‫‪7.‬تقديــم الخدمــات والتســهيالت القنصليــة‪ :‬أن مــن بيــن أهــداف العــراق‬
‫هــو تقديــم أفضــل والتســهيالت القنصليــة للجاليــة العراقيــة فــي الخــارج‬
‫فضـ ًا عــن تعزيــز فــرص الطلبــة العراقييــن للدراســة فــي ارقــى الجامعــات فــي‬
‫العالــم‪.‬‬

‫‪| 348‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫المحور الثاني‬

‫الحراك الدبلوماسي على المستوى اإلقليمي والدولي‪ :‬التوزان المطلوب‬

‫تمهيد‪ :‬التوازن المطلوب‬


‫قــد ال نعــدو الصــواب إذا قلنــا‪ :‬إن العــراق يعيــش فــي وســط بيئــة إقليميــة تتســم‬
‫بأنهــا شــديدة التعقيــد والتأثيــر فــي آن واحــد‪ ،‬الســيما وأن التــوازن اإلقليمــي فــي‬
‫منطقــة الشــرق األوســط يتصــف بأنــه تــوازن غيــر مســتقر يســوده غيــاب التفاهــم‬
‫والتعــاون‪ ،‬وتملئــه حــاالت التنافــس والصــراع‪ ،‬فضــ ًا عــن الرغبــة فــي تغييــر‬
‫المواقــف بيــن القــوى الفاعلــة فيــه‪ ،‬ناهيــك عمــا تعــوزه التفاعــات اإلقليميــة‪،‬‬
‫والالعبيــن المتنفذيــن فيــه مــن مــدركات جيوسياســية تذهــب إلــى الحــد مــن دور‬
‫العــراق الخارجــي‪ ،‬فهنــاك فــي الشــرق األوســط العديــد مــن المحــددات التــي تحــول‬
‫دون قيــام دور عراقــي فاعــل فــي المنطقــة‪ ،‬وتلــك المحــددات وأن كانــت مشــتتة أو‬
‫موزعــة علــى اكثــر مــن دولــة‪ ،‬وأن كانــت متناقضــة أحيانـ ًا‪ ،‬إال أنهــا متفقــة علــى الحــد‬
‫مــن الــدور العراقــي فــي منطقــة الشــرق األوســط‪ .‬والحالــة هــذه‪ ،‬فــإن مــا يتبــادر إلــى‬
‫الذهــن فــي هــذا المجــال‪ ،‬هــو‪ :‬كيــف يســتطيع العــراق أن يتكيــف مــع هــذه البيئــة‬
‫اإلقليميــة‪ ،‬وأن يؤثــر فيهــا فــي الوقــت نفســه؟ وذلــك لتعظيــم مصالحــه وتحجيــم‬
‫التحديــات التــي تعتــرض ســبيله فــي البيئــة اإلقليميــة والدوليــة‪.‬‬
‫في بادئ األمر يجب أن ندرك حقيقتين‪:‬‬
‫الحقيقــة األولــى مفادهــا‪ :‬إن الدولــة تبنــى علــى أســاس غيــر قابــل للمســاومة‬
‫وهــو االحتــكار التــام للقــوة فــي الداخــل‪ ،‬وهــذا األســاس هــو الــذي يجعــل الــدول‬
‫مالكــة الســيادة‪ ،‬ومــن دونــه تفقــد الــدول أحــد اهــم مقومــات ســيادتها‪ ،‬إذ مــع هــذا‬
‫االحتــكار تســتطيع الــدول أن تمتلــك القــدرة فــي التعامــل مــع غيرهــا مــن الــدول‪،‬‬
‫ذلــك بــان قــوة الدولــة فــي الخــارج مرهونــة بســيطرتها علــى األخريــن فــي الداخــل‪،‬‬
‫فــإذا كانــت هــذه القــوة غيــر مســيطر عليهــا‪ ،‬أو باألحــرى بيــد مــن التســيطر علــى‬
‫أفعالــه الدولــة‪ ،‬فكيــف ســتحقق الدولــة أهدافهــا؟ وكيــف ســيكون موقــف صانــع‬
‫القــرار العراقــي فــي المفاوضــات وهــو عاجــز عــن التحكــم بنتائــج تلــك القــوة أمــام‬
‫األخريــن‪ ،‬أو ال يمتلــك القــدرة علــى التحكــم بهــا‪.‬‬
‫| ‪349‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫أمــا الحقيقــة الثانيــة فمفادهــا‪ :‬إن العــراق ‪-‬كالحالــة مــع عديــد مــن دول المشــرق‬
‫والخليــج العربــي‪ُ -‬يعــدّ مــن الــدول ذات المحــاور الجيوسياســية‪-‬نقطة ارتــكاز‪-‬‬
‫لالعبيــن الجيوســتراتيجيين الدولييــن واإلقليمييــن‪ ،‬وتنبــع أهميــة الــدول ذات‬
‫المحــاور الجيوسياســية بالنســبة لالعبيــن الجيوســتراتيجيين مــن ذلــك الــدور الــذي‬
‫يمكــن أن تؤديــه فــي تحديــد طــرق الوصــول إلــى مناطــق مهمــة‪ ،‬أو فــي منــع المــوارد‬
‫عــن العبيــن مهميــن‪ ،‬وكذلــك تنبــع أهميتهــا مــن دورهــا كمناطــق عازلــة‪ ،‬إذ يمكــن‬
‫أن تكــون الدولــة ذات المحــور الجيوسياســي درع ـ ًا دفاعي ـ ًا لدولــة حيويــة مــا‪ ،‬وفــي‬
‫أحيــان أخــرى يمكــن القــول‪ :‬إن مجــرد وجــود مثــل هــذه الدولــة ذات المحــور‬
‫الجيوسياســي يعنــي‪ :‬حــدوث تأثيــرات سياســية وثقافيــة مهمــة جــد ًا فــي العــب‬
‫جيواســتراتيجي آخــر ذي فاعليــة اكبــر‪.‬‬
‫وهــذه الحقيقــة يؤكدهــا ويثبتهــا التاريــخ السياســي لــدول منطقــة الشــرق األوســط‬
‫وطالمــا أن الــدول ذات المحــاور الجيوسياســية تتأثــر بالــدول الفاعلــة أو الناشــطة‬
‫جيواســتراتيجي ًا‪ ،‬فــإن تفاعــات وأدوار دول المشــرق والخليــج العربــي مرتبطــة بقــوة‬
‫ونفــوذ تأثيــر الالعبيــن الجيواســتراتيجيين‪ ،‬مــن الخــارج القريــب إيــران وتركيــا‪ ،‬ومــن‬
‫الخــارج البعيــد الواليــات المتحــدة األمريكيــة وروســيا االتحاديــة‪ .‬فــدول المشــرق‬
‫والخليــج العربــي منــذ تأسيســها كانــت مرتبطــة بــدول ناشــطة جيواســتراتيجي ًا‪ ،‬إقليميـ ًا‬
‫(تركيــا‪ ،‬وإيــران) ‪ ،‬ودوليــ ًا (فرنســا وبريطانيــا) قبــل الحــرب العالميــة الثانيــة‪ ،‬و‬
‫(الواليــات المتحــدة واالتحــاد الســوفيتي) خــال مرحلــة الحــرب البــاردة‪ ،‬ومــن ثــم‬
‫(الواليــات المتحــدة وروســيا االتحاديــة) فيمــا بعــد انتهــاء الحــرب البــاردة‪.‬‬
‫وفــي ضــوء تلــك الحقيقــة‪ ،‬مــن الصعوبة بمــكان أن يكون هنــاك دور عراقــي فاعل‬
‫فــي البيئــة اإلقليميــة الشــرق أوســطية مــن دون االرتبــاط بالقــوى الجيواســتراتيجية‬
‫الفاعلــة فــي المنطقــة‪( :‬الواليــات المتحــدة‪ ،‬روســيا االتحاديــة‪ ،‬االتحــاد األوربــي‪،‬‬
‫الصيــن) ‪ ،‬إذ ليــس هنــاك تأثيــر عراقــي خارجــي مرجــو فــي البيئــة اإلقليميــة مــع حالــة‬
‫فــك االرتبــاط االســتراتيجي أو التكتيكــي بتلــك القــوى الجيواســتراتيجية‪.‬‬

‫سياسات التوزان واالرتباط التكتيكي بالقوى الدولية واإلقليمية‬


‫إن طبيعــة التغييــر فــي البيئــة اإلقليميــة والدوليــة‪ ،‬تفــرض علــى صانــع القــرار‬
‫العراقــي أن يتجــه نحــو الخيــارات التكتيكيــة (تعــاون مشــترك‪ ،‬شــراكات‪ ،‬تآلفــات‪،‬‬
‫اتفاقــات‪ ،‬مبــادرات مشــتركة) فــي التعامــل مــع القــوى الجيواســتراتيجية‪ ،‬وليــس‬
‫‪| 350‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫الخيــارات االســتراتيجية (شــراكات اســتراتيجية‪ ،‬تحالفــات‪ ،‬معاهــدات) ‪ ،‬وذلــك‬


‫لضمــان التكيــف مــع الظــروف‪ ،‬وأيضــا لضمــان حريــة الحركــة والمنــاورة فــي البيئــة‬
‫اإلقليميــة‪ .‬وعليــه مــن أجــل قيــام دور فاعــل فــي الشــرق األوســط علــى صانــع القــرار‬
‫أن يضــع فــي حســبانه خيــارات االرتبــاط التكتيكــي بالقــوى الدوليــة واإلقليميــة‬
‫المؤثــرة فــي المنطقــة‪ ،‬باالســتناد إلــى بعــض المبــادئ التــي تقــوم علــى أســس‪:‬‬
‫االحتــرام المتبــادل للســيادة ووحــدة األراضــي العراقيــة‪ ،‬وللخيــارات السياســية‬
‫الداخليــة والخارجيــة‪ ،‬وعــدم التدخــل فــي الشــؤون الداخليــة‪ ،‬والمســاوة والمنفعــة‬
‫المتبادلــة‪ ،‬والتعايــش الســلمي‪ ،‬علــى أن تكــون تلــك المبــادئ هــي الحاكمــة فــي‬
‫عالقــات العــراق الخارجيــة‪ ،‬وأن تكــون هــي أســاس االبتعــاد واالقتــراب مــن القــوى‬
‫الكبــرى والــدول المجــاورة للعــراق‪.‬‬

‫العراق والبيئة االقليمية‪ :‬الحراك الدبلوماسي والتوزان المطلوب‬


‫أوال) إيران وخيارات سياسة التوزان واالرتباط التكتيكي‬

‫‪ - ١‬العراق وفق المنظور اإليراني والحاجة الى التوزان‬


‫يعــد العــراق بالنســبة إليــران منفــذ ًا حيويـ ًا لممارســة النفــوذ اإلقليمــي فــي الشــرق‬
‫األوســط‪ ،‬فالمتتبــع للجغرافيــة السياســية اإليرانيــة يجــد بــان ايــران محاطــة مــن‬
‫جهــة الشــرق بقــوى نوويــة متحالفــة مــع الواليــات المتحــدة (الهنــد وباكســتان)‬
‫‪ ،‬ومــن جهــة الغــرب محاطــة بدولــة تختلــف معهــا أيديولوجيــا وتمثــل رادعــا لهــا‬
‫(تركيــا) ‪ ،‬ومــن جهــة الجنــوب وعلــى طــول الســاحل الخليجــي محاطــة ايــران‬
‫بــدول تشــاطرها العــداء ومتحالفــة مــع الواليــات المتحــدة األمريكيــة (دول مجلــس‬
‫التعــاون الخليجــي)‪ .‬ولهــذا يعــد العــراق مــن بيــن الــدول المجــاورة الوحيــدة التــي‬
‫تمنــح إيــران دور ًا إقليمي ـ ًا متزايــد ًا فــي الشــرق األوســط‪ .‬ولهــذا تخشــى إيــران مــن‬
‫ـوال للغــرب‪ ،‬ويتمتــع بعالقــات جيــدة مــع الواليــات المتحــدة األمريكيــة‬ ‫عــراق مـ ٍ‬
‫والــدول المتحالفــة معهــا مثــل دول مجلــس التعــاون الخليجــي والســيما المملكــة‬
‫العربيــة الســعودية‪ ،‬العتقادهــا (أي ايــران) ‪ :‬بــان التوجــه الغربــي للعــراق مــع وجــود‬
‫عالقــات اقتصاديــة قويــة مــع دول الشــرق األوســط العربيــة يمكــن أن يســهم فــي زيــادة‬
‫عزلــة إيــران الجغرافيــة‪ .‬لذلــك ينبغــي أن نــدرك إن الرؤيــة اإليرانيــة للعــراق ليســت‬
‫محكومــة فحســب بأهميــة التطــورات الداخليــة العراقيــة‪ ،‬وإنمــا محكومــة أيضــا‬
‫| ‪351‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫وبصــورة أكبــر مــن حالــة النفــوذ والحضــور اإلقليمــي والدولــي فــي العــراق‪ ،‬ولعــل‬
‫ذلــك يقــف بصــورة أساســية وكعامــل محــوري فــي السياســة اإليرانيــة تجــاه العــراق‪،‬‬
‫ذلــك الن موقــع العــراق الجيوسياســي الحســاس‪ ،‬ودوره فــي خلــق التــوزان اإلقليمــي‬
‫فــي مواجهــة القــوى اإلقليميــة وفــي مقدمتهــا إيــران يبقــى العامــل األكبــر فــي تعييــن‬
‫الرؤيــة اإليرانيــة إزاء العــراق‪ ،‬وعليــه فــان النظــرة اإليرانيــة إلــى العــراق تتمحــور حــول‬
‫إمكانيــة إخــراج العــراق مــن الناحيــة االســتراتيجية مــن كونــه قــوة لتحقيــق التــوازن‬
‫والتعــادل مــع القــوى اإلقليميــة إلــى قــوة مســاندة إليــران‪ ،‬وهــو مــا يعنــي منــح ايــران‬
‫الفرصــة إلعــادة تعريــف دورهــا اإلقليمــي لنفســها والقــوى األخــرى بصــورة تضمــن‬
‫إليــران وجودهــا كالعــب وقــوة إقليميــة مؤثــرة‪.‬‬
‫ومــن الجديــر بالمالحظــة فــي هــذا الصــدد‪ :‬علــى صانــع القــرار أن يــدرك إن‬
‫إيــران هــي شــريك مفتــرض للعــراق‪ ،‬ولكــن غيــر موثــوق بــه فــي الســعي مــن أجــل‬
‫زيــادة قــوة العــراق‪ ،‬فعلــى الرغــم مــن أن ايــران علــى خــاف تركيــا ودول مجلــس‬
‫التعــاون الخليجــي‪ ،‬دعمــت العــراق فــي حربــه ضــد (داعــش) ‪ ،‬وتســعى إلــى توطيــد‬
‫قــوة الشــيعة فــي الحكومــات المتعاقبــة‪ ،‬وبالرغــم مــن أن الفوضــى وعــدم االســتقرار‬
‫بالعــراق هــي حالــة ال ترغــب بهــا ايــران‪ ،‬وتجانــب األهــداف اإليرانيــة فــي العــراق‪،‬‬
‫إال أن ايــران مــن ناحيــة أخــرى ال ترغــب مــرة ثانيــة فــي عــراق قــوي ينافســها علــى‬
‫النفــوذ فــي الشــرق األوســط‪ ،‬ولهــذا فــي تســعى عبــر عــدة طــرق للحــد مــن القــوة‬
‫اإلجماليــة للعــراق فــي المنطقــة‪ .‬غيــر أن ذلــك ال يعنــي عــدم توســيع آفــاق التعــاون‬
‫مــع إيــران‪ .‬فإيــران دولــة مجــاورة وذات ثقــل إقليمــي‪ ،‬ولهــا مــع العــراق العديــد‬
‫مــن المشــتركات ال يمكــن غــض الطــرف عنهــا‪ ،‬ومــن وأجــب صانــع القــرار تطويــر‬
‫العالقــات مــع ايــران الــى افــاق رحبــة‪ ،‬وأن ال يشــاطر الرغبــة الخليجيــة التــي تــرى‬
‫ايــران كعــدو ازالــي‪ ،‬فإيــران يجــب التعاطــي معهــا بعيــدا عــن االقصــاء واالســتعداء‪،‬‬
‫ذلــك أنــه ليــس مــن مصلحــة العــرب أن يجمعــوا علــى معــادة ايــران‪ ،‬الن ثمــن معادتها‬
‫لــه حســاب كبيــر‪ ،‬خصوصــا ان التنــوع فــي عالقــات العــرب بإيــران لــه فائــدة للمنطقــة‬
‫واليــران علــى الســواء‪،‬‬
‫ولكــن علــى صانــع القــرار ان يديــر تطــور عالقتــه مــع إيــران بطريقــة ال تنمــي‬
‫هاجــس الخــوف لــدى دول الخليــج وتركيــا والواليــات المتحــدة االمريكيــة فــي‬
‫الوقــت الــذي يتصاعــد الحضــور اإليرانــي فــي العــراق‪ ،‬كالحالــة مــع ســلطنة عمــان‪،‬‬
‫فعلــى الرغــم مــن تطــور عالقتهــا مــع ايــران غيــر أن ذلــك ال يعنــي أن ســلطنة عمــان‬
‫‪| 352‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫غيــر مدركــة للتهديــد االســتراتيجي التــي تمثلــه ايــران بعالقتهــا غيــر المتوازنــة علــى‬
‫كل األصعــدة مــع ُعمــان‪ ،‬غيــر أنهــا وظفــت هــذه التهديــد فــي عالقتهــا مــع دول‬
‫الخليــج وعلــى رأســها الســعودية‪ ،‬كمــا وظفــت التهديــد الســعودي فــي عالقتهــا مــع‬
‫ايــران فيمــا يعــرف بتــوازن التهديــد‪ ،‬وعليــه حافظــت عمــان علــى عالقــات متوازنــة‬
‫ومتقدمــة مــع ايــران‪ ،‬وأبقــت نفســها علــى مســافة بينهــا وبيــن ايــران بشــكل يحفــظ‬
‫اســتقالليتها‪ ،‬كمــا أنهــا أمضــت بتحالفهــا الــذي ال يتزعــزع مــع الواليــات المتحــدة‬
‫االمريكيــة وبريطانيــا‪ ،‬فضــا عــن عالقتهــا المتقدمــة مــع دول الخليــج‪ ،‬وكل ذلــك‬
‫دون أن ترهــن قرارهــا ألحــد مــن هــذه األطــراف‪ .‬وعليــه مــن خــال اتبــاع سياســة‬
‫خارجيــة مســتقلة وغيــر تدخليــة ومحايــدة بقــدر األماكــن الحفــاظ علــى التــوزان بيــن‬
‫المصالــح المتضاربــة فــي الجــوار العراقــي وبيــن المصالــح العليــا للدولــة المتمثلــة‬
‫باألمــن واالســتقرار‪ ،‬وذلــك ضمــن سياســة تضــع المصالــح الوطنيــة والبعــد عــن‬
‫الصراعــات كهــدف اساســي وتوجهــي‪.‬‬

‫‪ -٢‬المشكالت العالقة مع ايران‪:‬‬


‫بالرغــم مــن تطــور العالقــات العراقيــة اإليرانيــة منــذ العــام ‪ 2003‬وحتــى الوقــت‬
‫الحاضــر‪ ،‬وتطــور أفــاق التعــاون بيــن البدليــن‪ ،‬وهــو التعــاون الــذي مــا يــزال مضطردا‬
‫يومــا بعــد يــوم بالرغــم مــن الضغــوط واالتهامــات االمريكيــة باســتغالل هــذا التعــاون‬
‫لتحقيــق مكاســب إقليميــة إيرانيــة‪ ،‬ولكــن بالرغــم مــن هــذه التطــورات اإليجابيــة‬
‫فــي العالقــات بيــن البلديــن‪ ،‬إال انــه التــزال هنــاك العديــد مــن المواضيــع والملفــات‬
‫العالقــة التــي تحتــاج الــى تســوية مــع إيــران ومنهــا االتــي (((()‪.‬‬

‫‪ -١‬مشكلة الحدود النهرية (انجراف خط التالوك)‬


‫لعــل مــن أبــرز المشــكالت العالقــة مــع ايــران والتــي تشــكل تحديــا أساســيا ينبغــي‬
‫أن يولــى عنايــة خاصــة‪ ،‬هــي مشــكلة انجــراف خــط الحــدود النهريــة فــي شــط العــرب‬
‫(التالــوك) لمســافة ‪ 2200‬متــر ممــا كان عليــه فــي العــام ‪ ،1975‬باتجــاه الجانــب‬

‫‪ ) )1‬لقــد اعتمــد الباحــث علــى الســفير محمــد الحــاج حمــود لبيــان المشــاكلة العالقــة بيــن العــراق‬
‫وايــران وســبل حلهــا‪ .‬للمزيــد ينظــر‪ :‬محمــد الحــاج حمــود‪ ،‬المفاوضــات الدوليــة والســيادة الوطنيــة‪،‬‬
‫ط‪( ،1‬عمــان‪ :‬دار الثقافــة للنشــر والتوزيــع‪)2019 ،‬‬

‫| ‪353‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫العراقــي ممــا أدى ذلــك الــى خســارة العــراق لجــزء مــن أراضيــه واضافتهــا الــى‬
‫الجانــب اإليرانــي‪ ،‬وهــو مــا يشــكل تحــدي كبيــر علــى العــراق لمــا لــه مــن أثــر علــى‬
‫ســيادة العــراق وبحــره اإلقليمــي ومنطقتــه االقتصاديــة وجرفــه القــاري‪ ،‬األمــر الــذي‬
‫تكمــن خطورتــه فــي أنــه سيســبب فــي المســتقبل القريــب بوقــوع مينــاء خــور العميــة‬
‫النفطــي داخــل الميــاه اإلقليميــة اإليرانيــة‪.‬‬
‫علــى الرغــم مــن تطــور مشــكلة االنجرافــات الحاصلــة فــي شــط العــرب‪،‬‬
‫وبالرغــم مــن اســتمرار االتصــاالت بيــن مســؤولي البلديــن لتنظيــم اجتماعــات فنيــة‬
‫لدراســة الحلــول لمشــكلة تحديــد المجــرى العميــق للنهــر (خــط التالــوك) ‪ ،‬إال ان‬
‫هــذه االجتماعــات لــم تفضــي الــى نتيجــة تذكــر‪ .‬اذ هنــاك وجهــات نظــر متابيــن بيــن‬
‫العــراق وايــران حــول طبيعــة التغيــرات التــي حصلــت فــي شــط العــرب‪ ،‬اذ تعــد ايــران‬
‫االنجرافــات التــي حصلــت فــي شــط العــرب انجرافــات طبيعيــة ومــن ثــم فــات خــط‬
‫التالــوك يتبــع التغيــرات الطبيعيــة التــي حصلــت فــي مجــرى النهــر حســب بروتكــول‬
‫الحــدود النهريــة لعــام ‪ .1975‬امــا العــراق فيــرى ان هــذه التغيــرات التــي حصلــت فــي‬
‫مجــرى شــط العــرب هــي تغيــرات غيــر طبيعيــة لــذا يطالــب بإعــادة خــط التالــوك الــى‬
‫احداثيــات عــام ‪.1975‬‬
‫وفــي الواقــع ان التغيــرات حصلــت فــي شــط العــرب وفــي القنــاة المالحيــة عنــد‬
‫مدخــل شــط العــرب هــي تغيــرات غيــر طبيعيــة حدثــت نتيجــة أســباب عديــدة يلخصها‬
‫كبيــر المفاوضيــن العراقييــن محمــد الحــاج حمــود اســتنادا الــى فريــق المســح العراقــي‬
‫الــى االتــي‪:‬‬
‫●وجــود الغــوارق فــي شــط العــرب نتجيــة النــزاع المســلحة بيــن العــراق وايــران‬
‫بيــن عامــي ‪ 1980‬و‪.1988‬‬
‫●غلــق ايــران لقنــاة حفــار الواصلــة بيــن نهــر الــكارون وشــط العــرب‪ ،‬وتغييــر‬
‫مســار نهــر الــكارون الــى قنــاة بهشــمير التــي تصــب فــي الجانــب اإليرانــي مــن‬
‫فوهــة شــط العــرب‪ ،‬األمــر الــذي أدى الــى انجــراف تلــك الفوهــة والممــر‬
‫المالحــي نحــو الميــاه العراقيــة مكونــة أراضــي جديــدة فــي الجانــب اإليرانــي‪.‬‬
‫●ممــا ســاعد أيضــا علــى تلــك التغيــرات فــي شــط العــرب ســرعة جريــان‬
‫التيــارات فــي ميــاه الخليــج العربــي بفعــل المــد والجــزر والتــي تســير عكــس‬
‫اتجــاه عقــارب الســاعة ممــا يدفــع المصــب باتجــاه الميــاه العراقيــة‪.‬‬

‫‪| 354‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫●انخفــاض كميــة الميــاه العذبــة المجهــزة ســنويا الــى شــط العــرب مــن دجلــة‬
‫والفــرات والــكارون بســبب الســدود والخزانــات فــي تركيــا وســوريا وإيــران‪.‬‬
‫●االعمــال الهندســية واالنشــاءات الصناعيــة التــي نفــذت فــي مصفــاة عبــادان‪،‬‬
‫وغيرهــا مــن العوامــل غيــر الطبيعيــة ناهيــك عــن كثافــة حركــة الســفن‬
‫والــزوارق مــن قبــل الجانــب اإليرانــي واســتخدامها الســرعة العاليــة ممــا أدى‬
‫الــى حــدوث انجرافــات فــي شــط العــرب‪.‬‬
‫يتبيــن ممــا ورد أعــاه ان التغيــرات التــي حصلــت فــي شــط العــرب هــي تغيــرات‬
‫غيــر طبيعيــة‪ ،‬الحقــت ضــررا بالغــا باالقليــم العراقــي وســيادته‪ ،‬مــع العــرض ان خــط‬
‫العمــق الجديــد ال يخــدم توجــه العــراق فــي الحفــاظ علــى مياهــه اإلقليميــة وينتــزع‬
‫مــن العــراق مســاحة كبيــرة لهــا اثــر بالــغ علــى ســيادته وبحــره اإلقليميــة ومنطقتــه‬
‫االقتصاديــة الخالصــة وجرفــه اإلقليمــي‪ ،‬ويمنــع العــراق مــن ممارســه حقــه فــي‬
‫المنطقــة‪ ،‬وينتقــص مــن مســاحة أراضيــه ومياهــه‪.‬‬
‫وبمــا أن االنجرافــات الحاصلــة فــي شــط العــرب هــي انجرافــات غيــر طبيعيــة‬
‫خــاف الرؤيــة اإليرانيــة‪ ،‬وبالعــودة الــى الفقــرة (‪ )5‬مــن المــادة الثانيــة مــن بروتكــول‬
‫تحديــد الحــدود النهريــة لعــام ‪ ،1975‬يبيــن الســفير محمــد الحــاج حمــود ان هــذه‬
‫المــادة تشــترط العتمــاد خــط التالــوك الجديــد ان (يقــرر الطرفــان باتفــاق مشــترك)‬
‫ذلــك‪ ،‬وهــذا مــا لــم يحصــل فــي الحالــة التــي نحــن فــي صددهــا‪ ،‬ويبيــن الحــاج‬
‫حمــود‪ ،‬وعنــد عــدم وجــود مثــل هــذا االتفــاق تشــترط المــادة أعــاه‪( :‬يجــب إعــادة‬
‫الميــاه علــى نفقــة الطرفيــن الــى المجــرى كمــا كان عليــه فــي ســنة ‪ )1975‬علــى وفــق‬
‫الشــروط األتيــة‪:‬‬
‫‪-‬أن يطلب ذلك أحد الطرفين‬
‫‪-‬خــال الســنتين اللتيــن تعقبــان اللحظــة التــي تتحقــق فيهــا االنتقــال‪( .‬أي‬
‫خــال الســنتين التــي تعقبــان انجــراف خــط التالــوك عــن مســاره)‬
‫ويبيــن الحــاج حمــود لقــد تحقــق الشــرط األول منــذ عــودة العالقــات الطبيعــة بيــن‬
‫البلديــن مــا بعــد ‪ ،1975‬امــا الشــرط الثانــي فانــه اليمكــن تحقيقــه بســبب ظــروف‬
‫القــوة القاهــرة التــي بــدأت منــذ انــدالع النــزاع المســلح بيــن البلديــن فــي أيلــول‬
‫‪ ،1980‬حيــث لــم يكــن االنجــراف قــد حصــل قبــل ذلــك‪ ،‬واســتمرت العالقــات‬
‫متوتــرة بيــن البلديــن حتــى بعــد وقــف العمليــات العســكرية فــي العــام ‪.1988‬‬

‫| ‪355‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫مسارات حل مشكلة الحدود النهرية بين العراق وإيران‬


‫التحديات‪:‬‬
‫يصــر الجانــب اإليرانــي علــى اعتمــاد اتفاقيــة الجزائــر ‪ ،1975‬وتفعيــل مكتــب‬
‫التنســيق المشــترك (‪ )CBC‬الــذي يشــرف علــى إدارة شــط العــرب قبــل البــت فــي‬
‫موضــوع االنجرافــات كــون هــذه االنجرافــات طبيعيــة وان خــط التالــوك يبتــع هــذه‬
‫االنجرافــات‪ ،‬وهــو األمــر الــذي بينــه وزيــر الخارجيــة اإليرانــي محمــد جــواد ظريــف‬
‫فــي رده علــى رســالة وزيــر الخارجيــة الســابق إبراهيــم الجعفــري فــي ‪2‬حزيــران‬
‫‪ ،2017‬والــذي طالبــه بضــرورة حســم ملــف ترســيم الحــدود النهريــة فــي شــط‬
‫العــرب وفقــا الحداثيــات المتفــق عليهــا عــام ‪ ،1975‬فــكان جــواب الســيد ظريــف‪:‬‬
‫«العمــل علــى تحديــد خــط وســط المجــري الرئيــس الصالــح للمالحــة فــي شــط‬
‫العــرب حســب الترتيــب المذكــور والمــدرج فــي بروتكــول تحديــد الحــدود النهريــة‬
‫بتاريــخ ‪ 13‬حزيــران ‪ ،1975‬وســائر المســائل المتبقيــة والمتعلقــة بهــذا الممــر المائــي‬
‫المهــم والتــي تشــمل فتــح مكتــب التنســيق المشــترك (‪ )CBC‬والعمــل علــى كــري‬
‫النهــر‪.‬‬
‫ونظــرا لذلــك لــم تنتــج االجتماعــات التــي عقــدت مــع الجانــب اإليرانــي فــي‬
‫بغــداد للمــدة ‪ 24 - 23‬تمــوز ‪ ،2017‬وطهــران للمــدة ‪ 30-26‬اب ‪ ،2018‬وبغــداد‬
‫فــي شــهر شــباط ‪ ،2018‬وخرمشــهر فــي ‪ 15‬أيــار ‪ ،2019‬عــن أي نتيجــة تذكــر لحــل‬
‫الموضــوع‪ ،‬اذ كانــت هنــاك مماطلــة وعــدم جديــة مــن الجانــب اإليرانــي بحســم‬
‫الملــف‪ ،‬وعــدم ابــداء مرونــة مــع العــراق وإعــادة خــط الحــدود الــى مــكان عليــه عــام‬
‫‪.1975‬‬
‫وهــو مــا يخالــف وجهــة النظــر العراقيــة التــي تؤكــد علــى ضــرورة معالجــة‬
‫االنجرافــات فــي مجــرى النهــر ألن هــذا االمــر يؤثــر علــى ســيادة العــراق وعلــى‬
‫أراضيــه ومياهــه وال يمكــن احيــاء مكتــب التنســيق المشــترك اال بعــد معالجــة موضــوع‬
‫االنجرافــات الن هــذا االمــر يرتبــط بالحيــز الجغرافــي لعمــل المكتــب وهــو حــوض‬
‫شــط العــرب الــذي يشــرف عليــه مكتــب التنســيق المشــترك‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬
‫اســتنادا الــى الفقــرة (‪ )5‬مــن المــادة الثانيــة مــن بروتكــول تحديــد الحــدود النهريــة‬
‫لعــام ‪ ،1975‬علــى صانــع القــرار العراقــي إعــادة خــط التالــوك كمــا كان عليــه فــي‬
‫‪| 356‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫العــام ‪ 1975‬وعلــى نفقــة الطرفيــن‪ ،‬كــون االمــر لــه صلــة بســيادة الدولــة علــى اقليمها‬
‫النهــري والبــري‪ ،‬وذلــك قبــل البــدء فــي افتتــاح مكتــب التنســيق المشــترك وكــري‬
‫النهــر‪ ،‬كونهــا الورقــة الوحيــدة للضغــط علــى الجانــب اإليرانــي‪ ،‬مــع العمــل علــى‬
‫انتشــال الغــوارق فــي شــط العــرب قبــل كــري النهــر‪ ،‬اذ ان انتشــالها يزيــل األســباب‬
‫الرئيســة غيــر الطبيعيــة النجــراف خــط التالــوك فــي شــط العــرب‪ ،‬وهــو ما تســعى ايران‬
‫ألثبــات ان تغيــر خــط التالــوك ألســباب طبيعيــة‪ .‬وهــو االمــر الــذي ينبغــي توظيفــه فــي‬
‫ظــل الوضــع االقتصــادي اإليرانــي‪ ،‬مــع التلويــح باســتخدام ورقــة الســياحة الدنيــة‬
‫الــى العــراق والســياحة الطبيــة والدينيــة العراقيــة الــى ايــران‪.‬‬

‫‪ -٢‬مشكلة عدم وجود حدود بحرية مع إيران (البحر اإلقليمي والجرف القاري‬
‫والمنطقة االقتصادية الخالصة)‬
‫مــن بيــن المشــاكل العالقــة مــع ايــران والتــي لهــا صلــة بالمشــكلة األولــى (انجــراف‬
‫خــط التالــوك) هــي عــدم وجــود حــدود بحريــة للعــراق متفــق عليهــا تحــدد مناطــق‪:‬‬
‫البحــر اإلقليمــي والجــرف القــاري والمنطقــة االقتصاديــة الخالصــة مــع الجانــب‬
‫اإليرانــي فــي الطــرف الشــمالي مــن الخليــج العربــي‪ ،‬وهــي الحــدود التــي يشــترك‬
‫فيهــا العــراق مــع الكويــت فضــا عــن ايــران‪ .‬األمــر الــذي يســتدعي اتفــاق ثالثــي مــع‬
‫هاتيــن الدولتيــن لغــرض تحديــد تلــك المناطــق وفقــا ألحــكام اتفاقيــة األمــم المتحــدة‬
‫لقانــون البحــار لعــام ‪ ،1982‬مــع العــرض انــه ال يجــوز أن تنفــرد دولتــان مــن بيــن‬
‫الــدول الثالثــة فــي تحديــد تلــك المناطــق دون مشــاركة الدولــة الثالثــة‪.‬‬
‫غيــر أن مشــكلة تحديــد الحــدود البحريــة بيــن العــراق وايــران والكويــت مرتبطــة‬
‫بالمشــكلة األولــى (تحديــد خــط التالــوك) وال تنفصــل عنهــا‪ ،‬اذ ال بــد قبــل تحديــد‬
‫الحــدود البحريــة تحديــد خــط األســاس فــي شــط العــرب فيمــا اذا كان يتبــع خــط‬
‫التالــوك وفقــا لبروتكــول تحديــد الحــدود النهريــة لعــام ‪ ،1975‬او يتبــع الخــط الــذي‬
‫اوجدتــه االنجرافــات غيــر الطبيعيــة فــي شــط العــرب منــذ العــام ‪ 1975‬وحتــى الوقــت‬
‫الحاضــر‪ .‬وعليــه مــن الضــروري علــى صانــع القــرار أن يعمــل علــى تحديــد خــط‬
‫األســاس الــذي يقــاس منــه البحــر اإلقليمــي العراقــي وذلــك قبــل البــدء بالمفاوضــات‬
‫مــع إيــران والكويــت لتحديــد حــدود البحــر اإلقليمــي معهمــا‪.‬‬

‫| ‪357‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫التوصيات‪ :‬مسارات حل مشكلة عدم وجود حدود بحرية مع إيران‬


‫‪-‬تحديــد خــط التالــوك أوال كمــا مبيــن فــي النقطــة أعــاه (اســتنادا الــى الفقــرة‬
‫(‪ )5‬مــن المــادة الثانيــة مــن بروتكــول تحديــد الحــدود النهريــة لعــام ‪،1975‬‬
‫علــى صانــع القــرار العراقــي إعــادة خــط التالــوك كمــا كان عليــه فــي العــام‬
‫‪ 1975‬وعلــى نفقــة الطرفيــن)‬
‫‪-‬العمــل علــى ابــرام اتفاقيــة بيــن العــراق والكويــت وإيــران لتحديــد (البحــر‬
‫اإلقليمــي والجــرف القــاري والمنطقــة االقتصاديــة الخالصــة) وفيمــا يلــي‬
‫نمــوذج التفاقيــة يقترحهــا الســفير محمــد الحــاج حمــود لغــرض ترســيم‬
‫الحــدود بيــن هــذه الــدول وهــي كمــا يلــي‪:‬‬
‫اتفــاق ترســيم الحــدود البحريــة بعــد العالمــة ‪ 162‬بيــن جمهوريــة العــراق و‪. . .‬‬
‫‪...........‬‬
‫الغــرض تطويــر وتمتيــن العالقــات األخويــة بيــن جمهوريــة العــراق و‪. . . . . .‬‬
‫‪ . . .‬فقــد اتفــق الطرفــان علــى مــا يأتــي‪:‬‬

‫المــادة األولــى‪ :‬تشــكيل لجنــة مشــتركة مــن الفنييــن المختصيــن‬


‫بالشــؤون البحريــة مكونــة مــن ثالثــة أعضــاء مــن كل جانــب تقــوم‬
‫بوضــع القواعــد القانونيــة والفنيــة لترســيم حــدود البحــر اإلقليمــي‬
‫والجــرف القــاري والمنطقــة االقتصاديــة الخالصــة بيــن البلديــن بعــد‬
‫العالمــة البحريــة رقــم ‪ 162‬الواقعــة فــي نهايــة خــور عبــداهلل‪.‬‬
‫المــادة الثانيــة‪ :‬اللجنــة المشــتركة أن تســتعين بالعــدد الكافــي مــن‬
‫الخبــراء المختصيــن فــي الشــؤون البحريــة المختلفــة مــن رعايــا البلديــن‬
‫أو مــن غيرهــم‪.‬‬
‫المــادة الثالثــة‪ :‬تعتمــد اللجنــة فــي تحديدهــا لخــط الحــدود بيــن‬
‫البلديــن خــط الوســط أو بــا تســاوي األبعــاد الــذي تبعــد كل نقطــة فيــه‬
‫بأبعــاد متســاوية عــن أقــرب النقــاط الواقعــة علــى خــط األســاس لــكل‬
‫مــن البلديــن‪.‬‬

‫‪| 358‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫المــادة الرابعــة‪ :‬تأخــذ اللجنــة فــي االعتبــار الظــروف التأريخيــة‬


‫والظــروف الخاصــة لــكل منهمــا ولمناطقهمــا البحريــة عنــد ترســيم‬
‫الحــدود حيثمــا اقتضــى الحــال‪.‬‬
‫المــادة الخامســة‪ :‬عنــد االتفــاق على خط الحــدود تثبــت إحداثيات‬
‫الطــول والعــرض لذلــك الخــط وتوضــع عالمــات بحريــة علــى طــول‬
‫الحــدود وفــق تلــك اإلحداثيــات بعمــل مشــترك بيــن البلديــن‪.‬‬
‫المــادة السادســة‪ :‬تتشــاور اللجنــة حــول نقطــة التقــاء الحــدود‬
‫العراقيــة‪ . . . . . . . . . . . . . . .‬فيمــا بينهــا التثبيــت تلــك‬
‫النقطــة‪.‬‬
‫أ‪ :‬عنــد تعــذر التوصــل إلــى اتفــاق مــن قبــل اللجنــة يرفــع الموضــوع‬
‫إلــى الجهــات السياســية العليــا لحــل نقــاط الخــاف‪.‬‬
‫ب‪ :‬عنــد تعــذر التوصــل إلــى اتفــاق بيــن الجهــات السياســية العليــا‬
‫يعــرض الخــاف علــى المحكمــة الدوليــة لقانــون البحــار ويكــون‬
‫قرارهــا نهائيــا وملزمــة للطرفيــن‪.‬‬
‫المــادة الســابعة‪ :‬يدخــل هــذا االتفــاق حيــز التنفيــذ عنــد تبــادل‬
‫وثائــق التصديــق بالطــرق الدبلوماســية وفــق اإلجــراءات القانونيــة فــي‬
‫كل مــن البلديــن‪.‬‬

‫‪ -٣‬مشكلة األنهار المشتركة مع إيران‬


‫يشــترك العــراق مــع إيــران باثنيــن وأربعيــن (‪ )42‬نهــرا حدوديــا محاذيــا تنبــع مــن‬
‫داخــل األراضــي اإليرانيــة وتصــب فــي داخــل األراضــي العراقيــة فــي نهــر دجلــة‬
‫ونهــر ديالــى وهــور الحويــزة‪ .‬وقــد قامــت إيــران بشــكل منفــرد ومــن دون التشــاور‬
‫مــع العــراق فــي الســنوات االخيــرة‪ ،‬ببنــاء الســدود والخزانــات علــى هــذه األنهــار‬
‫المشــتركة‪ ،‬األمــر الــذي حجــب الميــاه علــى األرضــي العراقيــة‪ ،‬والحــق ضــررا كبيــرا‬
‫علــى الــواردات المائيــة لهــذه األنهــار وتــردي نوعيــة مياههــا وانعــكاس ذلــك ســلبا‬
‫علــى حيــاة الســكان واألراضــي الزراعيــة والثــروة الســمكية‪.‬‬
‫وفــي الواقــع أن عمليــة تنظيــم واســثمار المجــاري المائيــة المشــتركة بيــن العــراق‬
‫وايــران يخضــع التفــاق يعــود للعــام ‪ ،1975‬ولكــن هنــاك مماطلــة مــن الجانــب‬
‫اإليرانــي فــي تنفيــذ هــذا االتفــاق‪.‬‬
‫| ‪359‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫يذكــر الســفير محمــد الحــاج حمــود لــو عدنــا الــى االتفــاق المبــرم بيــن البلديــن‬
‫حــول اســتثمار مجــاري الميــاه الحدوديــة‪ ،‬وهــو االتفــاق الموقــع عليــه فــي بغــداد‬
‫فــي ‪ 26‬كانــون األول ‪ ،1975‬ســنجد ان المــادة الثانيــة منــه تقســم األنهــار المشــتركة‬
‫والمتتابعــة بيــن البلديــن إلــى ثــاث مجموعــات‪:‬‬
‫‪ .‬أتقسيم مياه أنهر بناوة سوتا وقرة تو وكنكير مناصفة بين البلدين‬
‫‪.‬بيجــري تقســيم ميــاه نهــر الونــد وكنجــان جــم والطيــب والدويريــج بيــن‬
‫البلديــن علــى أســاس محاضــر جلســات لجنــة تحديــد الحــدود العثمانيــة‬
‫االيرانيــة العــام ‪ 1914‬والعــرف‪.‬‬
‫‪.‬جيجــري التقســيم بيــن البلديــن لتصريــف مجــاري المــاء المحاذيــة والمتتابعــة‬
‫التــي لــم تذكــر فــي الفقرتيــن أعــاه طبقــا ألحــكام هــذا االتفــاق‪.‬‬
‫ويضيــف الحــاج حمــود‪ :‬عنــد مناقشــة هــذه النصــوص‪ ،‬نجــد أن إيــران لــم تتقيــد‬
‫بتقســيم ميــاه المجموعــة (أ) علــى أســاس المناصفــة‪ ،‬وإنمــا حولــت أغلــب ميــاه أنهــر‬
‫هــذه المجموعــة لســقي األراض الزراعيــة وال يحصــل العــراق علــى النصــف المقــرر‬
‫وفــق االتفــاق‪ .‬أمــا المجموعــة (ب) فقــد أحــال النــص إلــى محاضــر جلســات لجنــة‬
‫تحديــد الحــدود العثمانيــة اإليرانيــة لعــام ‪ 1914‬وال يجــوز التالعــب بحصــص الميــاه‬
‫لهــذه المجموعــة ألن تلــك المحاضــر ملزمــة للطرفيــن وموقعــا عليهــا مــن قوميســري‬
‫الــدول األربــع‪ :‬تركيــا وإيــران وبريطانيــا وروســيا‪ .‬أمــا بالنســبة للمجموعــة (ج)‬
‫فلــم يــرد بشــأنها نــص باتفــاق ‪ ،1975‬وبقــي أمرهــا غامضــا وأطلقــت إيــران يدهــا‬
‫بالتصــرف بمياههــا دون مراعــاة لحقــوق العــراق وســكانه عليهــا‪.‬‬

‫مسارات حل مشكلة األنهار المشتركة مع إيران‬

‫التحديات‪:‬‬
‫يذكــر الســفير محمــد الحــاج حمــود المســؤول عــن هــذا الملــف منــذ العــام‬
‫‪ 2003‬ومــا بعدهــا طالــب العــراق فــي االجتماعــات المشــتركة مــع الجانــب اإليرانــي‬
‫ببحــث موضــوع األنهــار المشــتركة بيــن البلديــن واتفــق الطرفــان علــى تشــكيل لجنــة‬
‫فرعيــة متخصصــة لهــذا الموضــوع‪ ،‬بشــرط أن تبحــث وضــع مجموعــات األنهــر‬
‫الثــاث المذكــورة فــي االتفــاق أعــاه‪ .‬وفعــا تشــكلت اللجنــة الفرعيــة وعقــدت‬
‫أربعــة اجتماعــات‪ ،‬كان آخرهــا فــي طهــران فــي ‪ .2014/1/14‬وطلبــت إيــران مــن‬
‫‪| 360‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫الجانــب العراقــي تقديــم قائمــة كاملــة بأســماء األنهــر التــي تقــع ضمــن المجموعــة‬
‫(ج) والمعلومــات والخرائــط الخاصــة بهــا‪ .‬وقــد ســلم العــراق هــذه المعلومــات‬
‫والخرائــط إلــى الجانــب اإليرانــي‪ ،‬غيــر أن االجتماعــات التــي عقــدت مــع الجانــب‬
‫اإليرانــي فــي بغــداد للمــدة ‪ 24 - 23‬تمــوز ‪ ،2017‬وطهــران للمــدة ‪ 30-26‬اب‬
‫‪ ،2018‬وبغــداد فــي شــهر شــباط ‪ ،2018‬لــم تنتــج عــن أي نتيجــة تذكــر فــي هــذا‬
‫المجــال‪ ،‬وقــد تلمســت الخارجيــة العراقيــة مماطلــة مــن الجانــب اإليرانــي وعــدم‬
‫رغبــة بمناقشــة قضيــة األنهــار المشــتركة وتوفيــر الحصــص المائيــة العادلــة مــن المياه‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬
‫الضغــط علــى الجانــب االيرانــي بحســم ملــف األنهــار المشــتركة بتفعيــل عمــل‬
‫لجنــة األنهــار المشــتركة وعقــد اجتمــاع لهــا فــي أقــرب وقــت لحســم هــذا الموضــوع‪،‬‬
‫مــن خــال طــرح ورقــة اللجــوء الــى التقاضــي لتوفيــر الحصــص المائيــة العادلــة مــن‬
‫الميــاه وذلــك إســتناد ًا إلــى االتفاقيــة المبرمــة بيــن البديــن فــي ‪ 26‬كانــون األول ‪1975‬‬
‫الخاصــة باســتثمار الميــاه الحدوديــة المشــتركة‪.‬‬

‫ثانيا) تركيا وخيارات سياسة التوزان واالرتباط التكتيكي‬


‫‪ -١‬العراق وفق المنظور التركي‬
‫بالرغــم مــن معارضتهــا لالحتــال األمريكــي للعــراق‪ ،‬ورفضهــا مــرور القــوات‬
‫األمريكيــة عبــر أراضيهــا‪ ،‬إال أن تركيــا قبيــل احتــال األمريكــي كانــت تلعــب دوار ًا‬
‫أساســيا فــي عمليــة احتــواء العــراق‪ ،‬وفيمــا بعــد ‪ ،2003‬أخــذت تســعى ‪-‬كالحالة مع‬
‫إيران‪-‬إلــى أن يكــون العــراق محــور جيوسياســي (نقطــة ارتــكاز) لهــا فــي المنطقــة‪.‬‬
‫ولكــن العــراق بعــد التغييــر بــات كيان ًا غامضـ ًا في عقيــدة السياســة الخارجيــة التركية ال‬
‫يرضــى بعالقــات تركيــة قائمــة علــى اســتراتيجية التبعيــة المتبادلــة‪ ،‬وهي االســتراتيجية‬
‫التــي تتعامــل بهــا تركيــا مــع الجــوار العربــي علــى خلفيــة التعالــي بوصفهــا ً‬
‫دوال تنتمــي‬
‫تاريخيـ ًا لمجــال اإلمبراطوريــة العثمانيــة‪ .‬وعليــه أصبــح العــراق بمالمحــه ومكتســباته‬
‫الجديــدة‪ ،‬وبعالقتــه الجيــدة مــع إيــران هــو مصــدر قلــق لتركيــا‪ ،‬ذلــك الن األخيــرة‬
‫تخشــى مــن أن هــذه المالمــح مــن شــأنها أن تأتــي بقيــادات سياســية إســامية عصيــة‬
‫علــى التبعيــة التركيــة‪ ،‬والســيما أن تركيــا تعتقــد أنهــا غيــر قــادرة علــى أن تــؤدي دور ًا‬
‫كبير‪-‬بالعــراق‪ -‬فــي ظــل الحضــور اإليرانــي فــي العــراق‪ ،‬وتكمــن أهميــة العــراق فــي‬
‫| ‪361‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫المــدرك االســتراتيجي التركــي علــى انــه مجـ ً‬


‫ـاال تمتــدّ إليهــا تطلعاتهــا الجيوسياســية‬
‫واألمنيــة‪ ،‬انهــا علــى حــد تعبيــر أحمــد داود أوغلــو «ال تنحصــر فــي العالقــات علــى‬
‫مســتوى الدولــة‪ ،‬بــل تمتــد إلــى كافــة المجموعــات والفصائــل ذات الفاعليــة والتأثيــر‬
‫داخــل البــاد»‪ .‬وبصــرف النظــر عــن مصالــح الطاقــة ذات االولويــة‪ ،‬يمكــن أجمــال‬
‫المصالــح التركيــة فــي العــراق بعامليــن أساســين‪ :‬األول‪ /‬هــو منــع أيــة مجموعــة‬
‫متمــردة كرديــة تركيــة مثــل حــزب العمــال الكردســتاني مــن إيجــاد مــاذ آمــن فــي‬
‫شــمال العــراق‪ ،‬والثانــي‪ /‬وهــو األهــم‪ ،‬خفــض أثــر العــدوى علــى أكــراد تركيــا‬
‫والــذي يمكــن أن ينجــم عــن النشــاطات السياســية لألكــراد العراقييــن‪.‬‬
‫عــاوة علــى ذلــك تســعى تركيــا الــى تأميــن بعــض األهــداف فــي العــراق ومنهــا‬
‫هــي حمايــة المصالــح التركيــة فــي الموصــل‪ ،‬وهــو هــدف ذو دوافــع تاريخيــة‪،‬‬
‫وتدخــل فــي طياتــه دوافــع اســتعدادية اســتيالئية يجســدها قــول وزيــر الخارجيــة‬
‫التركيــة الســابق عبــد اهلل غــول باالتــي‪« :‬إذ تقســم العــراق‪ ،‬فــإن لتركيــا حقوقــا تنجــم‬
‫عــن ذلــك» فــي إشــارة إلــى الموصــل‪ .‬ومــع ذلــك تســعى لوضــع حــد لقــوات لحــزب‬
‫العمــال الكردســتاني والمجموعــات الكرديــة المواليــة لــه فــي شــمالي العــراق‪ ،‬ومنــع‬
‫ســيطرته علــى جبــال ســنجار وتأمينــه ممــر ًا بري ـ ًا يربــط بيــن العــراق وســوريا لمــرور‬
‫عناصــره‪ ،‬وذلــك للحيلولــة دون أن يصبــح جبــل ســنجار جبــل قنديــل ثانــي‪ .‬وتعــول‬
‫تركيــا علــى مســعود البرزانــي وقواتهــا المتواجــدة فــي معســكر بعشــيقة‪ .‬ومــن بيــن‬
‫األهــداف األخــرى التــي تســعى تركيــا إلــى الوصــول إليهــا فــي هــي حمايــة التركمــان‬
‫الســنة‪ ،‬وهــو أمــر تولــي لــه تركيــا أهميــة كبيــرة‪.‬‬
‫ومــع ذلــك‪ ،‬ينبغــي أن نعــي إن العالقــات التركيــة العراقيــة فــي مرحلــة مــا بعــد‬
‫‪ ،2003‬هــي مرهونــة بالمتغيريــن الكــردي واإليرانــي‪.‬‬
‫بالنســبة للمتغيــر اإليرانــي‪ ،‬يــدرك صانعــو السياســة التركيــة علــى نحــو متزايــد‬
‫فكــرة وقــوع العــراق تحــت نفــوذ إيــران‪ ،‬ويــرون أن مــن تداعيــات ذلــك هــو اســتئثار‬
‫إيــران علــى إعاقــة النفــوذ التركــي فــي العــراق والمنطقــة‪ ،‬وقــد تــم تفســير ممانعــة‬
‫العــراق علــى الوقــوف ضــد الرئيــس بشــار األســد كمؤشــر علــى موقفــه فــي هــذا‬
‫الترتيــب الجديــد‪ ،‬ولهــذا فــان جــزء أساســيا فــي توجهــات تركيــا إزاء العــراق هــو‬
‫مواصلــة الصــراع مــع إيــران بشــكل هــادئ فــي العــراق مــن اجــل كســب النفــوذ فــي‬
‫المنطقــة‪.‬‬

‫‪| 362‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫أمــا بالنســبة للمتغيــر الكــردي‪ ،‬يمكــن القــول‪ :‬إن العالقــات العراقيــة التركيــة‬
‫تســير وفــق فرضيــة العالقــة العكســية‪ ،‬فكلمــا تقتــرب حكومــة بغــداد مــن تركيــا‪،‬‬
‫يضعــف أو يقــل اهتمــام تركيــا بحكومــة إقليــم كردســتان (لمــا تمتلكــه بغــداد مــن‬
‫قــدرة علــى تقديــم منافــع لتركيــا أكثــر مــن كردســتان) ‪ ،‬وبالعكــس حينمــا تنجــرف‬
‫حكومــة بغــداد بعيــد ًا عــن تركيــا‪ ،‬تقتــرب تركيــا كثيــر ًا مــن إقليــم كردســتان‪ ،‬وهــو‬
‫األمــر الــذي يجعــل مــن األكــراد عامــل ضغــط علــى العــراق‪ ،‬بينمــا ينبغــي أن يكونــوا‬
‫عامــل ضغــط علــى تركيــا اذا تتبعنــا أصــل العالقــة بيــن الطرفيــن أي األكــراد وتركيــا‬
‫تاريخيــا ومســتقبليا‪.‬‬
‫وتســعى تركيــا مــن وراء إقليــم كردســتان فــي العــراق إلــى تحقيــق الضغــط‬
‫علــى حكومــة بغــداد‪ ،‬والــى موازنــة الحضــور اإليرانــي فــي العــراق وكذلــك فــي‬
‫إقليــم كردســتان عبــر جــذب أربيــل لمواجهــة حــزب العمــال الكردســتاني‪ ،‬وذلــك‬
‫العتقــاد تركيــا‪ :‬بــان إيــران لهــا اتصــاالت مهمــة مــع حــزب العمــال الكردســتاني‪،‬‬
‫وبالرغــم مــن أن تركيــا تســعى مــن تكثيــف عالقتهــا بكردســتان لغايــات جعــل منطقــة‬
‫شــمالي العــراق الحديقــة الخلفيــة لهــا‪ ،‬إال أنهــا تهــدف مــن عالقتهــا الحاليــة بإقليــم‬
‫بكردســتان وتكثيــف الروابــط االقتصاديــة والسياســية معــه إلــى الســيطرة علــى اإلقليــم‬
‫وقراراتــه السياســية‪ ،‬وذلــك بهــدف التحكــم بعالقــات طرفــي االمتــداد الكــردي فــي‬
‫ســوريا وتركيــا‪ ،‬والحيلولــة دون تعاونهمــا معــا‪ ،‬ودق أســفين الصــراع بينهمــا‪ .‬ومــع‬
‫ذلــك فــإن هنــاك أهــدف مشــتركة بيــن تركيــا وإقليــم كردســتان‪ ،‬وهــي أهــداف تكثــر‬
‫احتماليــة تشــابكها إذا توتــرت عالقــة العــراق مــع تركيــا‪ ،‬إذ يســعى إقليــم كردســتان‬
‫مــن وراء تركيــا إلــى تحقيــق هدفيــن‪ :‬األول‪ /‬توظيــف تركيــا كعامــل مــوازن للنفــوذ‬
‫اإليرانــي فــي كردســتان‪ ،‬الثانــي‪ /‬لمواجهــة النزعــات المركزيــة لحكومــة بغــداد‪.‬‬
‫وعليــه تعــد إيــران وإقليــم كردســتان فــي العــراق مــن األطــراف المؤثــرة ســلبا‬
‫وإيجابــا فــي مســتوى العالقــات التركيــة العراقيــة‪ .‬ومــن الجديــر بالمالحظــة أنــه كلمــا‬
‫عمــد العــراق إلــى إيــران لموازنــة النفــوذ التركــي‪ ،‬عمــدت تركيــا إلــى إقليــم كردســتان‬
‫لموازنــة النفــوذ اإليرانــي‪ .‬وهــو األمــر الــذي يجعــل العالقــات العراقيــة التركيــة‬
‫مرهونــة بإقليــم كردســتان وإيــران بوصفهمــا طرفيــن مثبط ـ ًا كل منهمــا لآلخــر‪.‬‬

‫| ‪363‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪ -٢‬المشكالت العالقة مع تركيا‪:‬‬


‫بالرغــم مــن تطــور العالقــات العراقيــة التركيــة منــذ العــام ‪ 2003‬وحتــى الوقــت‬
‫الحاضــر‪ ،‬وتطــور أفــاق التعــاون علــى مســتوى العالقــة بيــن البلديــن‪ ،‬إال انــه التــزال‬
‫هنــاك العديــد مــن المواضيــع والملفــات العالقــة التــي تحتــاج الــى تســوية مــع تركيــا‬
‫وقــد تختلــف أولويــة هــذه الملفــات حســب أهميتهــا والحاجــة الــى تســويتها وكمــا‬
‫يلــي‪:‬‬

‫‪ -١‬مشكلة المياه‬
‫ال شــك أن مســألة وكميــة الميــاه الــواردة للعــراق واحــدة مــن أهــم المشــكالت‬
‫العالقــة مــع تركيــا‪ ،‬الســيما وان السياســة المائيــة ذات االبعــاد االســتراتيجية التــي‬
‫تقــوم بهــا تركيــا علــى حوضــي دجلــة والفــرات تشــكل تحديــا وعائقــا أمــام مســتقبل‬
‫األمــن المائــي فــي العــراق‪ .‬اذ تقــوم تركيــا ومــا تــزال بإنشــاء ســدود ومشــاريع اروائيــة‬
‫عديــدة داخــل ارضيهــا ضمــن مشــروع (الغــاب) دون تزويــد العــراق بــأي معلومــات‬
‫عنهــا كالحالــة مــع ســد اليســو‪.‬‬
‫ذلــك إن مــن بيــن التهديــدات التــي تواجــه األمــن المائــي للعراق هــو الشــروع بملئ‬
‫ســد أليســو‪ ،‬إذ تقــدر المؤشــرات األوليــة أن عمليــة مــلء الســد ســوف تســتغرق ثــاث‬
‫ســنوات‪ ،‬ومــن المتوقــع أن يواجــه العــراق جــراء ذلــك كارثــة جفــاف فــي المناطــق‬
‫الجنوبيــة منــه‪ ،‬إذ ســوف تنخفــض كميــة الميــاه التــي تصــل إلــى العــراق عبــر نهــر‬
‫دجلــة إلــى ‪60‬م‪ 3‬فــي الثانيــة بعــد أن كانــت ‪550‬م‪ ،3‬ومــن أبــرز المشــاكل المتوقعــة‬
‫جــراء ذلــك هــو‪:‬‬
‫‪-‬جفــاف واســع فــي المنطقــة الجنوبيــة وخاص ـ ًة محافظــة البصــرة‪ .‬باإلضافــة‬
‫إلــى األهــوار‪.‬‬
‫‪-‬مشــاكل فــي توليــد الطاقــة الكهربائيــة بالنســبة للمنشــأت الهيدرولكيــة القائمــة‬
‫علــى ســد الموصــل وســدة ســامراء‪.‬‬

‫‪| 364‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫مقترحات حل مشكلة المياه بين العراق وتركيا‬

‫التحديات‪:‬‬
‫إن مطالــب العــراق مــن الجانــب التركــي تتلخــص فــي زيــادة نســبة االطالقــات‬
‫المائيــة عبــر حوضــي دجلــة والفــرات‪ ،‬وتحديــد حصــص مائيــة عادلــة علــى وفــق‬
‫المواثيــق واألعــراف الدوليــة وتأطيــر ذلــك باتفــاق قانونــي‪ .‬إال أن العــراق لــم‬
‫يصــل الــى اتفــاق مــع الجانــب التركــي فــي هــذا المجــال يشــمل أمنــه المائــي بشــكل‬
‫مســتقبلي‪ ،‬ولكنــه توصــل الــى عقــد مذكــرة تفاهــم وقعتهــا وزارة المــوارد المائيــة‬
‫ووزارة الغابــات وشــؤون الميــاه التركيــة بتاريــخ ‪ 25‬كانــون األول ‪ 2014‬بشــأن الميــاه‬
‫تقــوم بموجبهــا تركيــا بإطــاق حصــص عادلــة ومنصفــة مــن ميــاه حوضــي دجلــة‬
‫والفــرات الــى العــراق‪ .‬إال ان هــذه المذكــرة لــم تشــمل الترتيبــات المتعلقــة بســد‬
‫أليســو وغيــره مــن المشــروعات التركيــة المســتقبلية التــي مــن شــأنها أن تؤثــر علــى‬
‫نســبة الميــاه الــواردة الــى العــراق‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬
‫التوصــل الــى اتفــاق يضمــن حصــص مائيــة عادلــة للعــراق ومــن أجــل التوصــل‬
‫الــى ذلــك نقتــرح علــى صانــع القــرار اآلتــي‪:‬‬

‫فيما يتعلق بسد أليسو‬


‫‪-‬أن تأجيــل تركيــا لمــلء ســد أليســو ال يمكــن أن يســتمر‪ ،‬لذلــك ينبغــي‬
‫التفــاوض مــع تركيــا مــن اجــل تقليــل الكميــات المائيــة الموجــه لملــئ ســد‬
‫أليســو بشــكل ال يلحــق الضــرر بالعــراق اثنــاء خطــة ملــئ ســد أليســو كأن‬
‫تكــونخطــةملــئالســدتمتــدلمــدةخمســةســنواتبــدالمــنثالثــةســنوات‪.‬‬
‫‪-‬الضغــط علــى الجانــب التركــي مــن خــال الشــركات التجاريــة واإلســتثمارية‬
‫التــي تعمــل فــي العــراق مــن أجــل التأثيــر علــى بعــض مصــادر القــرار فــي‬
‫تركيــا لتقليــل الكميــات المائيــة الموجهــة لمــلء الســد‪.‬‬
‫‪-‬التفــاوض مــع الحكومــة اإليرانيــة بشــأن فتــح نهــر الــكارون لتقليــل اآلثــار‬
‫الســلبية الناتجــة عــن الجانــب التركــي‬

‫| ‪365‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫فيما يتعلق بالتوصل اتفاق يضمن حصص مائية عادلة للعراق‬


‫‪-‬التحــرك دبلوماســي ًا لتفعيــل االتفاقيــات الدوليــة الخاصــة بــدول المنبــع‬
‫والمصــب مــن خــال وزارة الخارجيــة وعبــر مجلــس األمــن‪.‬‬
‫‪-‬بمــوازه ذلــك العمــل علــى منــح تركيــا ميــزة الدولــة األولــى بالرعايــة فــي‬
‫مجــال التجــارة واالســتثمار مقابــل التوصــل الــى اتفــاق يضمــن حصــص مائيــة‬
‫عادلــة للعــراق‪.‬‬
‫‪-‬العمــل علــى أغــراء تركيــا بإعطائهــا نســبة معينــة مــن النفــط بأســعار تفضيليــة‬
‫لحثهــا للتوصــل الــى اتفــاق يضمــن الحصــص المائيــة للعــراق‪.‬‬
‫‪-‬تشــكيل وفــد وطنــي للتفــاوض ليكــون جاهــزا عنــد توفــر الظــروف المالئمــة‬
‫للشــروع بالمفاوضــات‪.‬‬

‫‪ -٢‬مشكلة حزب العمال الكردستاني وتواجد القوات التركية في معسكر بعشيقة‬


‫ال تنفصــل مشــكلة حــزب العمــال الكردســتاني عــن مشــكلة تواجــد القــوات‬
‫العســكرية التركيــة فــي بعشــيقة‪ ،‬اذ ان اســتمرار الخروقــات العســكرية التركيــة‬
‫لألراضــي واألجــواء العراقيــة مرتبــط بشــكل أساســي بموضــوع حــزب العمــال‬
‫الكردســتاني ‪ ،pkk‬والســيما فــي ظــل احتــدام الصــراع بيــن تركيــا واالكــراد بعــد‬
‫فشــل مبــادرة الســام التــي أعلنتهــا تركيــا فــي اذار ‪ ،2013‬ودخــول الطرفيــن مرحلــة‬
‫الصــراع المفتــوح وذلــك بالتــوازي مــع مخرجــات داعــش واالزمــة الســورية‪ .‬وهــو‬
‫االمــر الــذي أدى الــى تمــدد حــزب العمــال فــي العديــد مــن المناطــق الشــمالية فــي‬
‫العــراق ممــا ســمح لــه بتأســيس مراكــز انطــاق وتدريــب‪ ،‬مــا شــكل خطــرا علــى‬
‫األمــن القومــي التركــي‪ ،‬األمــر الــذي دفــع األتــراك باســتخدام القــوة المســلحة ضــده‪.‬‬

‫مقترحات لتسوية مشكلة حزب العمال الكردستاني مع تركيا‬


‫التحديات‪:‬‬
‫تعــد ورقــة حــزب العمــال الكردســتاني ورقــة فــي غايــة األهميــة لضمــان وحــدة‬
‫األراضــي العراقيــة‪ ،‬وإلجبــار تركيــا علــى احتــرام الخيــارات السياســية الداخليــة‬
‫للحكومــة المركزيــة‪ .‬فمــن المعــروف أن وحــدة األراضــي التركية‪-‬كالحالــة مــع‬
‫وحــدة األراضــي العراقيــة‪ -‬مهــددة مــن قبــل األكــراد فــي ســوريا والعــراق وتركيــا؛‬
‫بســبب طموحاتهــم المســتقبلية لتغيــر الواقــع الراهــن فــي تلــك البلــدان‪ ،‬ومــن‬
‫‪| 366‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫المالحــظ فــي هــذا الصــدد‪ ،‬أنــه مــن بيــن هــذه المجموعــات الكرديــة تدعــم تركيــا‬
‫فقــط كردســتان العــراق‪ ،‬وذلــك لعــدم امتــاك العــراق ورقــة ضغــط عليهــا كالحالــة‬
‫مــع ســوريا وايــران ومــن المعــروف‪ :‬حينمــا تكــون حالــة المســاومة متبادلــة تتــوازن‬
‫العالقــات الثنائيــة‪ ،‬ويكــون هنــاك مجـ ً‬
‫ـاال للتفاهــم والتعــاون‪ .‬وبالتالــي فــإن التقــرب‬
‫أو إيجــاد قنــوات اتصــال خلفيــة بحــزب العمــال الكردســتاني يعنــي أمريــن‪:‬‬
‫أوال‪ /‬إمســاك ورقــة ضغــط ومســاومة علــى تركيــا‪ ،‬مقابــل الورقــة الكرديــة التــي‬
‫تلــوح بهــا تركيــا علــى الحكومــة المركزيــة‪.‬‬
‫ثانيــا‪ /‬إقامــة عالقــة متوازنــة مــع إقليــم كردســتان‪ ،‬ذلــك الن حــزب العمــال‬
‫الكردســتاني يشــكل نقطــة ضغــط كبيــرة علــى إقليــم كردســتان‪ ،‬ويعــادي الحــزب‬
‫الديمقراطــي الكردســتاني التابــع لمســعود بارزانــي‪ ،‬وال يؤمــن بإقامــة دولــة كرديــة‬
‫فــي شــمالي العــراق تحــت ســيطرة البارزانــي‪.‬‬

‫كيف يمكن استخدام حزب العمال الكردستاني‬


‫ســلبيا‪ :‬أن االســتخدام الســلبي لحــزب العمــال الكردســتاني ضــد تركيــا من شــأنها‬
‫أن يدفعهــا الســتمرار خروقاتهــا العســكرية لألراضــي واألجــواء العراقيــة‪ ،‬وهــو االمــر‬
‫الــذي مــن شــأنه ان يدفــه تركيــا لتعزيــز وجودهــا فــي بعشــيقة او توظــف معســكر‬
‫بعشــيقة إلدارة قــوة عســكرية لمشــاغلة ومواجــه حــزب العمــال الكردســتاني فــي‬
‫العــراق (كالحالــة مــع تجربــة الجيــش الســوري الحــر ودوره فــي عمليــة درع الفــرات)‬
‫‪( ،‬وهــذه هــي الخطــة ب بالنســبة لتركيــا) وهــو أمــر ينطــوي علــى مخاطــر أمنيــة كبيــرة‬
‫بشــكل يعيــق االســتقرار المفتــرض‪.‬‬

‫مسارات لتسوية مشكلة حزب العمال الكردستاني‬


‫التوصيات‪:‬‬
‫إذا كان الجانــب التركــي يــروم ضمــان عــدم اســتهداف االمــن التركــي او تهديــده‬
‫مــن قبــل حــزب العمــال الكردســتاني‪ ،‬فــإن الجانــب العراقــي يــروم مــن تركيــا إيقــاف‬
‫الخروقــات المتكــررة لألراضــي العراقيــة وانســحاب القــوات التركيــة مــن األراضــي‬
‫العراقيــة‪ ،‬والحالــة هــذه فــإن الضــرورة تفــرض إزالــة التهديــد الكــردي الــذي يشــكله‬
‫حــزب العمــال الكردســتاني أوال قبــل التهديــد التركــي وهــو مــا يتطلــب االتــي‪:‬‬

‫| ‪367‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫أن يعمــل العــراق علــى عقــد اتفــاق مــع حــزب العمــال الكردســتاني يضمــن‬
‫بمقتضــاه عــدم اســتخدام الحــزب األراضــي العراقيــة الســتهداف االمــن التركــي‪،‬‬
‫مقابــل أن يضمــن العــراق عدم اســتهداف الجانــب التركي لحــزب العمال الكردســتاني‬
‫فــي األراضــي العراقيــة‪ .‬ومــن ثــم العمــل علــى عقــد اتفــاق ثالثــي قــدر تعلــق االمــر‬
‫بحــزب العمــال فــي العــراق علــى ان يكــون األخيــر هــو محــور االتفــاق والضامــن لــه‪،‬‬
‫وعلــى ان يكــون للعــراق اليــد العليــا فــي هــذه االتفــاق واالمســاك بــه كورقــة ضغــط‬
‫مســتقبلية يمتلــك العــراق زمامهــا‪.‬‬

‫عوامل جلب حزب العمال الكردستاني لالتفاق مع بغداد‪.‬‬


‫علــى صانــع القــرار العراقــي ان يضغــط علــى حــزب العمــال الكردســتاني بالتوصل‬
‫الــى اتفــاق مــع العــراق وعــدم اســتهداف االمــن التركــي مــن األراضــي العراقيــة‪ ،‬وفــي‬
‫حالــة عــدم اذعانهــم‪ ،‬علــى صانــع القــرار العراقــي اعالمهــم بــأن العــراق والحالــة هذه‬
‫ســوف يكــون منفتحــا علــى الخيــارات التركيــة التــي مــن بينهــا الســماح للقــوات التركية‬
‫بالدخــول لألراضــي العراقيــة وإزالــة التهديــد الــذي يشــكله حــزب العمــال علــى االمن‬
‫التركــي‪ .‬أي يجــب ان يضــع صانــع القــرار العراقــي فــي حســبانه مســألة إعــادة النظــر‬
‫بمذكــرة التفاهــم لصالــح تركيــا كخيــار لمســاومة حــزب العمــال الكردســتاني‪ ،‬فهــذا‬
‫األمــر يشــكل عامــل ضغــط علــى حــزب العمــل الكردســتاني‪ .‬امــا إذا تحقــق االتفــاق‬
‫مــع حــزب العمــال الكردســتاني ولــم يتحقــق مــع تركيــا فمــن الممكــن التلويــح بإلغــاء‬
‫االتفاقيــة الموقعــة بيــن العــراق وتركيــا والتــي بموجبهــا ُيســمح للقــوات التركيــة‬
‫بدخــول األراضــي العراقيــة بعمــق (‪ )20‬كــم مربــع‪ ،‬لضــرب مقاتلــي حــزب العمــال‬
‫الكردســتاني‪ .‬الســيما وإن حرمــان تركيــا مــن هــذه االتفاقيــة لــه ارتــدادات ســلبية‬
‫علــى األمــن القومــي التركــي‪ .‬فتركيــا بحاجــة ماســة إلــى هــذه االتفاقيــة وســعت إلــى‬
‫تجديدهــا مــع العــراق فــي العــام ‪ ،2014‬عندمــا وقعــت الحكومــة العراقيــة برئاســة‬
‫الدكتــور حيــدر العبــادي مــع الحكومــة التركيــة برئاســة احمــد داود أوغلــو اتفاقــ ًا‬
‫يشــمل التعــاون األمنــي واالقتصــادي وأحيــاء مجلــس التعــاون االســتراتيجي العراقــي‬
‫التركــي‪ .‬وبالمجمــل أن االتفاقيــة خيــار نحــو اســتقرار دائــم ومثمــر فــي شــمالي‬
‫العــراق‪ ،‬وفرصــة نحــو كســب تركيــا وحــزب العمــال الكردســتاني فــي آن واحــد‪،‬‬
‫ولكــن مــن الضــروري ان يوضــع بنــد فــي االتفــاق بيــن األطــراف الثالثــة‪ :‬يلغــي هــذا‬
‫االتفــاق‪ ،‬االتفاقيــة التــي تســمح للقــوات التركيــة بالدخــول لألراضــي العراقيــة‪،‬‬
‫‪| 368‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫علــى ان يعــاد النظــر بهــا إذا اســتجد تهديــد حــزب العمــال الكردســتاني الــى لألمــن‬
‫التركــي‪ .‬والحالــة هــذه فــإن تــوازن التهديــد هــو الــذي يضمــن ســير االتفــاق ويكســب‬
‫كال الطرفيــن‪.‬‬

‫ثالثا) دول مجلس التعاون الخليجي‪ . .‬وخيارات سياسة التوزان واالرتباط‬


‫((( ((*))‬

‫لعلنــا ال نبيــح ســر ًا اذا قلنــا‪ :‬إن دول مجلــس التعــاون الخليجــي أصبحــت‬
‫بعــد أحــداث (الربيــع العربــي) وظهــور (داعــش) فــي المنطقــة‪ -‬مــن الــدول األكثــر‬
‫قــوة بيــن الــدول العربيــة فــي منطقــة الشــرق األوســط‪ ،‬وذلــك بالتزامــن مــع تراجــع‬
‫الــدور المصــري‪ ،‬وانتشــار حالــة الفوضــى واالضطــراب وعــدم االســتقرار في ســوريا‬
‫والعــراق‪ ،‬ومــع ذلــك فقــد قــادت الثــروات الماليــة التــي راكمتهــا دول مجلــس‬
‫التعــاون الخليجــي بســبب المداخيــل النفطيــة إلــى تعزيــز نفوذهــا السياســي واألمنــي‬
‫واالقتصــادي والثقافــي فــي المنطقــة العربيــة‪ .‬إذ أســهمت هــذه الفوائــض الماليــة إلــى‬
‫جانــب الضعــف الــذي لحــق ببعــض الــدول العربيــة‪ ،‬إلــى بــروز حاجــة لتأكيــد الــذات‬
‫بيــن دول مجلــس التعــاون الخليجــي‪ ،‬فاخــذ نــزوع بعــض الــدول الخليجيــة يتجــه‬
‫نحــو مأسســة سياســة خارجيــة مســتقلة عــن عبــاءة بعضهــا البعــض‪ ،‬فبــرزت لنــا إلــى‬
‫جانــب الســعودية قطــر واألمــارات‪ .‬وفــي ظــل تنامــي قناعــة أثبــات الــذات‪ ،‬أصبحــت‬
‫كل واحــدة مــن هــذه الــدول الخليجيــة ملتزمــة بديناميتهــا الخاصــة فــي التعامــل مــع‬
‫القضايــا اإلقليميــة فــي الشــرق األوســط‪ ،‬ولــم يــؤدي ذلــك إلــى تبايــن السياســات‬
‫الخارجيــة لــدول مجلــس التعــاون الخليجــي فحســب‪ ،‬بــل أدى إلى اشــتعال المنافســة‬
‫بينهمــا علــى التأثيــر والنفــوذ فــي العالــم العربــي‪،‬‬
‫ونظــرا لتصاعــد مكانــة دول الخليــج فــي الشــرق األوســط فعلــى العــراق ان يعــزز‬
‫عالقتــه مــع هــذا المحيــط بطريقــة تعــود عليــه باإليجــاب بالتزامــن مــع االنفتــاح‬

‫‪ ))*(( 1‬إن مــن ضــرورات اإلســتقرار فــي منطقــة الخليــج هــي إدراك المعادلــة القائمــة علــى أســاس ثــاث‬
‫دول رئيســة فيــه هــي الســعودية وإيــران والعــراق‪ ،‬ويالحــظ أن الــدول الكبــرى والعظمــى فــي المنطقــة‬
‫كانــت ومازالــت تحــاول إبعــاد ممكنــات التحالــف بينهــم فنجــد هنالــك طرفيــن أمــام طــرف كالحالــة مــع‬
‫سياســة العموديــن قبــل الثــورة اإليرانيــة وبعــد الثــورة أصبــح العــراق والســعودية ضــد إيــران‪ ،‬واليــوم هنالــك‬
‫حالــة فوضويــة تســود العالقــات بيــن الــدول الثــاث‪ ،‬ولذلــك فــإن الوســاطة لتحقيــق تفاهــم وفــق هــذا‬
‫المعطــى قــد تســاهم فــي تحقيــق اإلســتقرار اإلقليمــي‪ ،‬ورغــم صعوبتهــا وتعقيداتهــا كخيــار إســتراتيجي‬
‫لألمــن إال أنهــا غيــر مســتحيلة‪ ،‬ويعــد العــراق وفــق هــذا المســتوى الطــرف األكثــر قــدرة فــي أن يــؤدي دور‬
‫فــي هــذا الجانــب‪.‬‬

‫| ‪369‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫الخليجــي علــى العــراق‪ ،‬غيــر أن المحــدد الرئيســي الــذي مــن شــأنه أن يقــف عائقــا‬
‫امــام تطويــر العالقــات العراقيــة الخليجيــة هــو المحــدد اإليرانــي وهــو مــا يجــب‬
‫وضعــه فــي الحســبان فــي التعامــل مــع دول الخليــج‪ ،‬فكمــا هــو معــروف ان دول‬
‫الخليــج تــرى فــي ايــران تهديــدا لمصالحهــا فــي المنطقــة وان كانــت هنــاك مغــاالة فــي‬
‫هــذه الرؤيــة‪ ،‬بيــد ان الواقــع يفيــد بــان دول مجلــس التعــاون الخليجــي وعلــى رأســها‬
‫الســعودية واالمــارات والبحريــن تــرى فــي ايــران تهديــدا لهــا‪ ،‬وامتــداد لذلــك تــرى‬
‫تلــك الــدول بــأن عالقــات العــراق مــع إيــران تجعــل مــن التهديــد اإليرانــي مضاعفــا‬
‫فــي الخليــج‪ ،‬العتقادهــا‪ :‬بــأن العــراق تحــت النفــوذ اإليرانــي ســيكون مؤثــر ًا علــى‬
‫معادلــة امــن الخليــج‪ ،‬الســيما وان هنــاك تقاطــع واختــاف فــي االتجاهــات السياســية‬
‫والدينيــة التــي تعتمدهــا كل مــن دول مجلــس التعــاون الخليجــي‪ ،‬وإيــران والعــراق‪.‬‬
‫وانطالقــا مــن تلــك الرؤيــة‪ ،‬تــرى الســعودية‪ :‬أن إيــران ال تــزال تتعاطــى مــع العــراق‬
‫كمجــال حيــوي لهــا‪ ،‬وبعــد اســتراتيجي متمــم لكيانهــا‪ ،‬وقاعــدة انطــاق نحــو نفــوذ‬
‫إيرانــي أكبــر تجــاه دول الخليــج والمنطقــة العربيــة‪.‬‬
‫ومهمــا يكــن مــن أمــر‪ ،‬فــي ظــل تنامــي الرغبــة الخليجيــة فــي االنفتــاح علــى‬
‫العــراق قبالــة رغبــة األخيــر فــي تعزيــز هــذه االنفتــاح فــإن ســبل تطويــر العالقــات مــع‬
‫دول مجلــس التعــاون الخليجــي تكمــن فــي العمــل علــى التوصيــات األتيــة‪:‬‬

‫‪ -١‬المملكة العربية السعودية‪:‬‬


‫●اســتثمار المجلــس التنســيقي المشــترك بيــن البلديــن لألرتقــاء بالعالقــات‬
‫للمســتوى االســتراتيجي وفتــح آفــاق جديــدة مــن التعــاون فــي مختلــف‬
‫المجــاالت‪.‬‬
‫●حــث المملكــة العربيــة الســعودية علــى االلتــزام فــي االيفــاء بتعهداتهــا بتقديــم‬
‫‪ 5 .1‬مليــار دوالر العــادة اعمــار المناطــق المتضــررة جــراء العمليــات‬
‫العســكرية ضــد كيــان داعــش االرهابــي‪.‬‬
‫●تفعيــل التعــاون بيــن المملكــة والعــراق فــي المجــال االمنــي واالســتخباري‬
‫ومكافحــة االرهــاب‪ ،‬وضبــط الحــدود بيــن البلديــن‪ ،‬والعمــل علــى توقيــع‬
‫مذكــرة تفاهــم فــي الشــأن االمنــي (تــم ارســال مذكــرة تفاهــم فــي الجانــب‬
‫االمنــي مــن قبــل وزارة الداخليــة العراقيــة الــى الجانــب الســعودي وبانتظــار‬
‫الــرد)‪.‬‬
‫‪| 370‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫●تشــجيع الشــركات الســعودية ورجــال االعمــال الســعوديين لالســتثمار فــي‬


‫العــراق‪ ،‬بعــد هزيمــة عصابــات داعــش واســتقرار االوضــاع‪ ،‬اذ مــن الممكــن‬
‫ان يكــون للســعوديين دور مهــم لالســتثمار فــي العــراق‪.‬‬
‫●التعــاون والتنســيق بيــن البلديــن فــي مجــال النفــط والغــاز‪ ،‬وحــث المملكــة‬
‫علــى دعــم العــراق فــي مجــاالت الطاقــة الكهربائيــة والوقــود وتحليــة الميــاه‪،‬‬
‫اذ يعانــي العــراق ازمــة فــي هــذه المجــاالت‪.‬‬
‫●فتح المنافذ الحدودية امام التجارة والحجيج‪.‬‬
‫●بنــاء مينــاء جــاف (علــى غــرار المينــاء الجــاف فــي الريــاض) فــي احــدى‬
‫المــدن العراقيــة‪ ،‬وربطــه بقنــاة جافــة عبــر االراضــي الســعودية الــى احــد‬
‫موانــئ المملكــة عبــر البحــر االحمــر‪.‬‬
‫●دعــوة المملكــة العربيــة الســعودية مــن خــال شــركاتها الكبــرى فــي مجــال‬
‫االســتثمار الزراعــي لالســتثمار فــي باديــة انبــار الســماوة‪.‬‬
‫●التأكيــد علــى اهميــة اقامــة مشــاريع كبــرى بيــن الحكومــة العراقيــة والشــركات‬
‫الســعودية‪ ،‬مثــال علــى ذلــك مشــروع نبــراس فــي البصــرة‪ ،‬واســتثمار شــركة‬
‫معــادن فــي مشــروع الفوســفات فــي القائــم وغيرهــا مــن المشــاريع‪.‬‬
‫●طــرح اســتثمار مشــروع انشــاء خــط دولــي ســريع يربــط الخــط الدولــي الســريع‬
‫فــي العــراق الــى الحــدود مــع المملكــة العربيــة الســعودية ومــن ثــم الــى موانــئ‬
‫البحــر االحمــر وتشــجيع الشــركات العمالقــة علــى االســتثمار فــي هــذا‬
‫الخــط‪.‬‬
‫●االســراع فــي تمويــل المشــاريع والتــي تبنــى صنــدوق التنميــة الســعودي‬
‫والبنــك االســامي للتنميــة تمويلهــا خــال مؤتمــر اعــادة اعمــار العــراق فــي‬
‫الكويــت مطلــع العــام الماضــي‪.‬‬
‫●الربــط الكهربائــي والمســاعدة فــي تلبيــة احتياجــات محافظــة البصــرة مــن‬
‫الميــاه المحــاة والطاقــة الكهربائيــة‪.‬‬

‫‪ -٢‬االمارات العربية المتحدة‪:‬‬


‫●تطويــر االنفتــاح وتعزيــز العالقــات‪ :‬مــن أجــل االرتقــاء وتوســيع العالقــات‬
‫الثنائيــة بيــن البدليــن نقتــرح ان تكــون هنــاك زيــارة للســيد رئيــس الــوزراء‬
‫عــادل عبــد المهــدي الــى دولــة االمــارات‪ ،‬لدفــع عجلــة العالقــات بيــن‬
‫| ‪371‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫البلديــن لتســاهم برســم خطــوات جديــة لتطويــر العالقــات بيــن البلديــن‪،‬‬


‫الســيما وان االمــارات وجهــت دعــوة رســمية الــى رئيــس مجلــس الــوزراء‬
‫لزيــارة ابــو ظبــي فــي نهايــة العــام ‪.2018‬‬
‫●إلغــاء الديــون‪ :‬حــث الجانــب اإلماراتــي علــى اإلســراع بتنفيــذ مبادرتــه‬
‫بشــأن إلغــاء ديونــه علــى العــراق البالغــة (‪ )8 .5‬مليــار دوالر‪ ،‬وتوقيــع‬
‫اتفاقيــة إللغــاء تلــك الديــون‪ .‬وكان الشــيخ خليفــة بــن زايــد آل نهيــان رئيــس‬
‫دولــة اإلمــارات أعلــن فــي عــام ‪ 2008‬إلغــاء كافــة الديــون علــى العــراق إال‬
‫ان اعالنــه لــم يتحقــق فعليـ ًا‪ .‬اذ لــم تســتجب بعــد االمــارات لطلبــات العــراق‬
‫العديــدة لصياغــة وتوقيــع اتفاقيــة الغــاء تلــك الديــون‪ ،‬فــي حيــن اشــارت‬
‫مســودة اتفاقيــة الديــون المقترحــة مــن العــراق والمزمــع ابرامهــا بيــن حكومتــي‬
‫البلديــن الــى ان الديــون المســتحقة علــى العــراق بلغــت (‪،000 ،550 ،3‬‬
‫‪( )000‬ثالثــة مليــارات وخمســمائة وخمســون مليــون دوالر) بحســب وزارة‬
‫الماليــة العراقيــة‪ .‬ولــم تــزود وزارة الخارجيــة اإلماراتيــة العــراق حتــى الوقــت‬
‫الحاضــر ايــة وثائــق ومعلومــات عــن حجــم الديــون المســتحقة علــى العــراق‬
‫مــع دولــة االمــارات او وثائــق تثبــت اطفــاء ديــون االمــارات علــى العــراق‪.‬‬
‫●التعــاون األمنــي‪ :‬التأكيــد علــى ضــرورة التعــاون األمنــي والعســكري بيــن‬
‫العــراق واإلمــارات فــي مجــال تبــادل المعلومــات االســتخباراتية ومكافحــة‬
‫اإلرهــاب والمنظمــات المتطرفــة‪ ،‬والعمــل علــى توقيــع مذكــرة تفاهــم خاصة‬
‫بالجانــب األمنــي وتبــادل المعلومــات األمنيــة واالســتخبارية بيــن البلديــن‪.‬‬
‫●التبــادل التجــاري واالســتثمار‪ :‬ربــط العالقــات السياســية بالجانــب‬
‫االقتصــادي مــع دولــة اإلمــارات‪ ،‬ال ســيما فــي مجــال الطاقــة وإعــادة‬
‫التصديــر واألعمــار وقطــاع البنــوك‪ ،‬فضـ ًا عــن محاولــة جذب االســتثمارات‬
‫اإلماراتيــة‪ .‬وفــي هــذا المجــال علــى العــراق أن يذلــل التحديــات التــي‬
‫تواجههــا الشــركات اإلماراتيــة فــي العــراق إلن مــن شــأن ذلــك المســاهمة‬
‫جوهريــا فــي تعزيــز االســتثمارات اإلماراتيــة فــي العــراق وتنميــة العالقــات‬
‫التجاريــة بيــن البلديــن‪ ،‬فضــا عــن اســتثمار العــراق لمعــرض (إكســبو دبــي‬
‫‪ )2020‬للمشــاركة بشــكل فاعــل والترويــج االســتثماري‪ ،‬الســيما وان‬
‫االمــارات تتطلــع بتواجــد قــوي للعــراق فــي معــرض اكســبو دبــي ‪ 2020‬الذي‬

‫‪| 372‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫يعتبــر منصــة رئيســية للترويــج االقتصــادي وتمكيــن المؤسســات الصغيــرة‬


‫والمتوســطة مــن الولــوج إلــى النوافــذ التســويقية الفعالــة‪.‬‬
‫●إعــادة االعمــار‪ :‬اســتثمار إمكانيــة دعــم الجانــب اإلماراتــي إلغاثــة وإعــادة‬
‫اعمــار المناطــق التــي تعرضــت لهجمــات اإلرهــاب فــي العــراق‪ ،‬علم ـ ًا أن‬
‫اإلمــارات تحتــل مكانــة متقدمــة علــى مســتوى العالــم فــي تقديــم المســاعدات‬
‫التنمويــة واإلنســانية‪ .‬وفــي هــذا المجــال علــى العــراق اســتثمار مبــادرة‬
‫االمــارات فــي إعــادة اعمــار المناطــق المحــررة مــن دنــس داعــش اإلرهابــي‪،‬‬
‫حيــث أســهمت االمــارات بمبلــغ قــدرة ‪ 500‬مليــون دوالر فــي الجهــد الدولي‬
‫إلعــادة إعمــار العــراق خــال مؤتمــر الكويــت‪ ،‬إال أن االمــارات التــزال لــم‬
‫توقــع علــى اســتمارة التعهــد الخاصــة بالمســاهمات التــي قدمتهــا اإلمــارات‬
‫خــال مؤتمــر الكويــت‪.‬‬
‫●اســترجاع االثــار‪ :‬التأكيــد علــى مســاعدة الحكومــة اإلماراتيــة للعــراق إلعادة‬
‫قطــع اآلثــار العراقيــة المســروقة والموجــودة فــي دولــة اإلمــارات‪ ،‬وذلــك مــن‬
‫خــال حــث وزارة الثقافــة اإلماراتيــة علــى التعــاون مــع العــراق فــي إعــادة‬
‫اآلثــار العراقيــة المنهوبــة بعــد عــام ‪.2003‬‬
‫●ســمات الدخــول‪ :‬حــث الجانــب اإلماراتــي علــى تســهيل منــح ســمات‬
‫الدخــول لحاملــي الجــوازات الدبلوماســية والخدمــة مــع عوائلهــم‬
‫المنقوليــن إلــى دولــة اإلمــارات‪ ،‬فضـ ًا عــن تســهيل منحهــا للوفــود العراقيــة‬
‫والشــخصيات المشــاركة فــي أعمــال معــارض أو مؤتمــرات تخصصيــة تقــام‬
‫علــى ارض دولــة اإلمــارات‪.‬‬

‫‪ -٣‬قطر‬
‫مــن الضــروري االســتدراك بــأن قطــر والســيما بعــد االزمــة الخليجيــة باتــت أكثــر‬
‫انفتاحــا علــى العــراق وذلــك لموازنــة التوجــه الســعودي فــي االنفتــاح علــى العــراق‪،‬‬
‫فقــد عــززت الخصومــة السياســية بيــن الســعودية وقطــر‪ ،‬بعــد قطــع العالقــات بينهمــا‪،‬‬
‫مــن حالــة التنافــس بيــن كال البلديــن مــن أجــل اكتســاب مســاحة أكبــر للنفــوذ والتأثيــر‬
‫فــي العديــد مــن البلــدان العربيــة‪ .‬وقــد شــكل العــراق أحــد هــذه البلــدان المتنافــس‬
‫عليهــا الكتســاب النفــوذ والتأثيــر فــي مواقفــه اإلقليميــة والدوليــة‪.‬‬

‫| ‪373‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫وقــد تعــزز االنفتــاح القطــري علــى العــراق بعــد موقــف األخيــر مــن االزمــة القطرية‬
‫الخليجيــة الــذي القــى ترحيبــا قطريــا‪ ،‬وذلــك عبــر رفــض العــراق للعزلــة التــي‬
‫تفرضهــا دول الخليــج علــى قطــر‪ ،‬ودعوتــه اطــراف النــزاع كافــة للتهدئــة وتغليــب لغــة‬
‫الحــوار‪ ،‬وحــل المشــاكل بيــن االشــقاء بعيــد ًا عــن التصعيــد‪ ،‬وتشــديده علــى ضــرورة‬
‫حــل االزمــة عبــر طاولــة المفاوضــات ودعمــه فــي هــذا المجــال لمبــادرة الكويــت‬
‫لحــل االزمــة بالطــرق الدبلوماســية‪ .‬وهــو الموقــف الــذي لــم يلقــى قبــوال لــدى‬
‫الســعودية واالمــارات‪.‬‬
‫ومهمــا يكــن مــن أمــر‪ ،‬علــى صانــع القــرار فــي ســعيه لتطويــر العالقــات مــع قطــر‬
‫أن يــدرك حالــة التنافــس الخليجــي الخليجــي وأن يوظفهــا لصالحــه عبــر الحيــاد‬
‫والتــوزان‪ ،‬وهــو التنافــس الــذي يجــري علــى قــدم وســاق بيــن الســعودية وقطــر‪،‬‬
‫ظاهــره التنافــس علــى النفــوذ فــي المنطقــة‪ ،‬ولكــن جوهــره وباطنــه هــو لمــن ســتكون‬
‫القيــادة فــي مجلــس التعــاون الخليجــي‪ ،‬وهــي نقطــة حساســة يجــب حســابها جيــدا‬
‫فــي مســتوى االندفــاع مــع طــرف دون آخــر‪.‬‬
‫وعليــه فــي ظــل الظــروف اإلقليميــة والدوليــة مــن المهــم للعــراق االســتمرار‬
‫بتطويــر العالقــات مــع قطــر‪ ،‬وتفعيــل التعــاون المشــترك بينهمــا‪ ،‬الســيما فــي ظــل‬
‫االســتقرار الــذي يشــهده العــراق ومــا يملكــه مــن فــرص اســتثمارية كبيــرة فــي مجــال‬
‫إعــادة االعمــار وتطويــر البنــى التحتيــة‪ ،‬ومــن أجــل تطويــر العالقــات العراقيــة القطرية‬
‫وتعزيــز االنفتــاح بيــن البلديــن ينبغــي العمــل علــى اآلتــي‪:‬‬
‫●تعزيــز العالقــات السياســية بيــن البلديــن وتوثيقهــا بالحــوارات المشــتركة‬
‫والعمــل علــى توقيــع مذكــرة تفاهــم حــول المشــاورات السياســية بيــن‬
‫البلديــن‪.‬‬
‫●تعزيــز التعــاون األمنــي بيــن البلديــن‪ ،‬والعمــل علــى امكانيــة توقيــع اتفاقيــة‬
‫امنيــة بيــن البلديــن تعنــى باطــار تبــادل المعلومــات االســتخبارية حــول‬
‫االرهــاب واإلرهابييــن‪.‬‬
‫●إقامــة شــراكة اقتصاديــة‪ :‬فتــح افــاق تعــاون جديــدة فــي المجــال االقتصــادي‬
‫والســيما فــي مجــال فــي مجــال الطاقــة (النفــط والغــاز) بيــن العــراق وقطــر‪،‬‬
‫وتوجيــه دعــوة للشــركات القطريــة لالســتثمار فــي العــراق فــي مجــال قطــاع‬
‫النفــط والغــاز‪ ،‬وامكانيــة تقديــم تســهيالت لرجــال االعمــال واعفائهــم مــن‬
‫ً‬
‫اســتكماال ألعمــال ملتقــى رجــال االعمــال العراقــي ‪-‬‬ ‫ســمات الدخــول‪،‬‬
‫‪| 374‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫القطــري‪ ،‬وفــي هــذا المجــال ينبغــي العمــل علــى فتــح ملحقيــات تجاريــة فــي‬
‫دولــة قطــر مــن أجــل المســاعدة فــي اقامــة شــراكات اقتصاديــة ثنائيــة الســيما‬
‫مــع الشــركات القطريــة الرئيســة مثــل (قطــر للبتــرول‪ ،‬غــاز قطــر‪ ،‬جهــاز قطــر‬
‫لالســتثمار) ‪ ،‬حيــث ان اغلــب شــركات االســتثمار القطريــة الكبــرى تعمــل‬
‫بــرؤوس أمــوال حكوميــة وبمشــاركة جهــاز قطــر لالســتثمار‪.‬‬
‫●تعزيــز التعــاون الزراعــي بيــن البلديــن‪ :‬دعــوة الجانــب القطــري علــى‬
‫االســتثمار فــي اراضــي الزراعيــة فــي منطقــة جنــوب ووســط العــراق‪ ،‬ســيما‬
‫وان العــراق لديــه امكانــات ضخمــة فــي المجــال الزراعــي والثــروة الحيوانيــة‬
‫والســمكية واالعــاف الحيوانيــة‪ ،‬ومــن الممكــن التعــاون بيــن البلديــن فــي‬
‫تأميــن االمــن الغذائــي للعــراق وقطــر‪.‬‬
‫●الربــط البحــري‪ :‬تعزيــز التعــاون فــي مجــال الموانــئ عبــر تفعيــل الربــط‬
‫البحــري وفتــح خطــوط مالحيــة مــا بيــن العــراق وقطــر‪( .‬ســبق وان تــم‬
‫االتفــاق علــى فتــح مكاتــب تســجيل فــي مينــاء حمــد وبالمقابــل فتــح تلــك‬
‫المكاتــب فــي الموانــئ العراقيــة للجانــب القطــري)‬
‫●اســتثمار الجهــود القطريــة فــي إعــادة اعمــار المناطــق المحــررة مــن دنــس‬
‫داعــش اإلرهابــي‪ ،‬حيــث قرضــت قطــر العــراق مليــار دوالر فــي الجهــد‬
‫الدولــي إلعــادة إعمــار العــراق خــال مؤتمــر الكويــت‪ ،‬حيــث ســبق وان‬
‫أكــد وزيــر الدولــة للشــؤون الخارجيــة القطــري ان الحكومــة القطريــة لديهــا‬
‫رغبــة حقيقيــة فــي المســاهمة بإعــادة اعمــار العــراق‪ ،‬وأنهــا تنــوي ان تكــون‬
‫الوســيط مــا بيــن العــراق والشــركات االســتثمارية العالميــة الكبــرى‪.‬‬
‫●إلغــاء الديــون‪ :‬حــث الجانــب القطــري علــى اطفــاء ديــون العــراق والبالغــة‬
‫مليــار ونــص المليــار دوالر‪ ،‬وهــي القــروض التــي تعــود للعــام ‪ ،1980‬او‬
‫العمــل علــى اســتثمارها تلــك الديــون علــى شــكل مشــاريع فــي العــراق‪.‬‬

‫‪ -٤‬الكويت‪:‬‬
‫علــى الرغــم مــن تطــور العالقــات العراقيــة الكويــت بعــد العــام ‪ ،2003‬إال ان‬
‫هــذه العالقــة التــزال يحكمهــا الشــك والنــزاع المبطــن أكثــر مــن المــودة والتعــاون‬
‫الظاهريتيــن‪ ،‬وهــو مــا يجــب ادراكــه والتعامــل معــه واقعيــا مــن قبــل صانــع القــرار‪ ،‬اذ‬
‫التــزال الجغرافيــة ناهيــك عــن التاريــخ بتحكــم بمســتوى تطــور العالقــة بيــن البلدين‪.‬‬
‫| ‪375‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫والســيما وان عــدم عدالــة الظــروف التــي مــر بهــا العــراق ورســمت بهــا الحــدود مــع‬
‫الكويــت‪ ،‬لــم تــؤدي الــى قناعــة عراقيــة داخليــة‪ ،‬اذ يبقــى هنــاك أمــل فــي إعــادة‬
‫التفــاوض بشــأنها متــى مــا ســنحت الظــروف‪ ،‬وهــو أمــر قــد يطــرأ علــى أي اتفــاق‬
‫نفطــي او بحــري او ســككي بيــن البلديــن‪ ،‬وهــذا مــا تدركــه الكويــت جديــا لذلــك‬
‫عمــدت الــى تدويــل اتفاقاتهــا الجغرافيــة مــع العــراق عبــر األمــم المتحــدة ومجلــس‬
‫االمــن‪ .‬وعليــه فــإن الحتميــة الجغرافيــة لهــا اليــد الطولــي فــي رســم العالقــات العراقية‬
‫الكويتيــة حاضــرا ومســتقبال‪.‬‬
‫اذ تبقــى النزاعــات بيــن دول تتفــاوت فــي المســاحة وامكانــات القــوة والمــوارد‬
‫شــيئا واردا فــي عالقتهــا الثنائيــة‪ ،‬لذلــك عنــد تحليــل العالقــات العراقيــة الكونتيــة‬
‫مــن الزاويــة الجغرافيــة ســنجد أن العــراق دولــة تتملــك مقومــات قــوة مــن مســاحة‬
‫وعنصــر بشــري ومــوارد طبيعيــة بمــا يؤهلهــا لــدور قيــادي فــي المنطقــة‪ ،‬ولكــن‬
‫مــع تلــك المقومــات فــإن العــراق يعانــي مــن ضعــف جغرافــي والســيما فــي جــزؤه‬
‫البحــري‪ ،‬فالعــراق يعانــي مــن شــبه اختنــاق بحــري‪ ،‬وهــو مــا ال يتناســب مــع طموحــه‬
‫فــي اوقــات القــوة النســبية‪ ،‬لذلــك فــإن مكمــن مجالــه الحيــوي يتمثــل فــي الكويــت‬
‫الــذي يشــكل فيهــا المطلــع البحــري نقطــة جــذب لــه (((()‪.‬‬
‫والحالــة هــذه فــإن الكويــت تــدرك نقطــة ضعــف العــراق فــي هــذا المجــال‪ ،‬غيــر‬
‫أن ادراكهــا اليــزال مبنــي علــى مخاوفهــا مــن زيــادة قــوة العــراق‪ ،‬فهــي مســتمرة فــي‬
‫استشــعار التهديــد مــن العــراق‪ ،‬وعليــه فــإن الســلوك الكويتــي تجــاه العــراق اليــزال‬
‫تحكمــه فكــرة اضعــاف العــراق قــدر االمــكان‪ ،‬او ربطــه مصلحيــا بالكويــت‪ ،‬لذلــك‬
‫عــادة مــا نجــد الكويــت تســعى الــى امتــاك او الحفــاظ علــى اوراق ضغــط ذات‬
‫صــات جغرافيــة بحريــة وحدوديــة تجــاه العــراق‪ ،‬وهــذا مــا يمكــن أن نستشــفه مــن‬
‫مرامــي الكويــت فــي بنــاء مينــاء مبــارك فهــو عمليــا ال يخــدم الكويــت بقــدر مــا هــو‬
‫مخصــص ‪ 80‬بالمائــة لخدمــة العــراق‪ ،‬وال يمكــن تعــود إليــه الفائــدة إال مــن العــراق‬
‫او عبــره علــى اقــل تقديــر‪ .‬ولكنــه مــن ناحيــة هــو اخــرى هــو ورقة ضغــط علــى العراق‬
‫تتحكــم بهــا الكويــت يضطــر منهــا خاللهــا العــراق التماهــي مصلحيــا مــع الكويــت‪،‬‬
‫وينحســب األمــر نفســه علــى اتفاقيــة تقســيم خــور عبــد اهلل وتنيظــم المالحــة فيــه بيــن‬

‫‪ ) )1‬ينظــر‪ :‬ياســين البكــري‪ ،‬العالقــات العراقيــة الكويتيــة ‪ /‬لعبــة التاريــخ والجغرافيــا والتدخــل‬
‫الخارجــي‪ ،‬الحــوار المتمــدن‪ ،‬العــدد‪ 19 ،3431 :‬تمــوز ‪.2011‬‬

‫‪| 376‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫البلديــن‪ .‬لذلــك نالحــظ بالرغــم مــن انفتــاح العــراق علــى الكويــت وتعاونــه الجــدي‬
‫فــي ســبيل تســوية القضايــا العالقــة التــي صــدرت بحقهــا قــرارات مــن مجلــس االمــن‬
‫بمــا فيهــا الديــون‪ ،‬واألســرى والمفقوديــن‪ ،‬واالرشــيف الكويتــي‪ ،‬وكل مــا لــه صلــة‬
‫بالتعويــض عــن الضــرر الــذي أصــاب الكويــت جــراء الغــزو الصدامــي لهــا‪ ،‬ولكــن‬
‫بالمقابــل هنــاك انفتــاح وتعــاون حــذر مــن الكويــت إزاء العــراق حتــى فــي المجــال‬
‫التجــاري علــى ســبيل المثــال ال الحصــر‪ ،‬اذ مــا تــزال الكويــت تفــرض حضــر علــى‬
‫دخــول البضائــع العراقيــة‪ ،‬ناهيــك عــن التجــاوزات علــى الحــدود العراقيــة الكويتيــة‪.‬‬
‫والحالــة هــذه‪ ،‬ال يمكــن لمســتقبل العالقــات العراقية‪-‬الكويتيــة أن تقــوم علــى‬
‫أســس متينــة مــن الثقــة والتوافــق والتعــاون‪ ،‬مــا لــم يصــار الــى حــل القضايــا العالقــة‬
‫بيــن البلديــن وأبرزهــا االتــي‪:‬‬

‫‪ -١‬تنظيم المالحة في خور عبد اهلل‬


‫علــى الرغــم مــن اتفاقيــة تنظيــم المالحــة فــي خــور عبــد اهلل التــي وقعــت بيــن‬
‫العــراق والكويــت فــي العــام ‪ ،2012‬إال انــه التــزال هنــاك بعــض األمــور العالقــة‬
‫المعلقــة بعمليــة تنظيــم المالحــة فــي الخــور مــن بنيهــا تطويــر القنــاة المالحيــة فــي‬
‫خــور عبــد اهلل‪ ،‬الســيما وانــه بعــد عمليــة ترســم الميــاه فــي خــور عبــد اهلل بيــن العــراق‬
‫والكويــت أصبحــت الميــاه العميقــة فــي الخــور فــي الجانــب الكويتــي‪ ،‬وأصبحــت‬
‫الميــاه الضحلــة للمالحــة فــي الجانــب العراقــي‪ ،‬واليــزال العــراق يســتخدم الممــر‬
‫المالحــي القديــم فــي الجانــب الكويتــي‪ .‬وبموجــب ذلــك تقدمــت الكويــت بمشــروع‬
‫تطويــر القنــاة المالحيــة فــي الجانــب العراقــي ليكــون صالحــا للمالحــة البحريــة وعلى‬
‫نقفتهــا والبالغــة ‪ 410‬مليــون دوالر‪.‬‬

‫التحديات‪:‬‬
‫لــم تســفر االجتماعــات بيــن العــراق والكويــت التــي كان اخرهــا فــي أيــار ‪،2019‬‬
‫علــى المضــي قدمــا فــي مشــروع تطويــر القنــاة المالحيــة بحســب المقتــرح الكويتــي‪،‬‬
‫بســبب اعتــراض الجانــب الكويتــي علــى الضمانــات القانونيــة التــي قدمهــا العــراق‬
‫بخصــوص تطويــر القنــاة المالحيــة‪ ،‬وعــدم وضــوح المرجعيــة القانونيــة فــي حالــة‬
‫الخــاف حــول القضايــا المتعلقــة باألشــراف علــى عمليــة الحفــر وتوســعة القنــاة‪.‬‬

‫| ‪377‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫التوصيات‪:‬‬
‫العمــل علــى تطويــر القنــاة المالحيــة فــي خــور عبــد اهلل فــي الجانــب العراقــي‬
‫بعيــدا عــن الكويــت مــن خــال تخصيــص مبلــغ فــي الموازنــة العامــة للقيــام بهــذا‬
‫المشــروع‪ ،‬او إيجــاد بدائــل اســتثمارية أخــرى‪ ،‬ذلــك الن أحــد التهديــدات وراء‬
‫تطويــر الكويــت للقنــاة المالحيــة تكمــن أن يتخــذ الجانــب الكويتــي مــن أعمــال‬
‫توســعة وتعميــق القنــاة المالحيــة ســندا تاريخيــا بــاي حــال مــن األحــوال يســتند إليــه‬
‫مســتقبال فــي مســألة ترســيم الحــدود الواقعيــة ضمــن منطقــة العمــل‪ ،‬وهــي النقطــة‬
‫الخالفيــة التــي لــم تعطــي الكويــت بهــا ضمانــات للعــراق ولــم توافــق علــى أدرجهــا‬
‫فــي محاضــر اجتماعــات اللجنــة الفنيــة العراقيــة الكويتيــة المشــتركة‪ .‬عــاوة علــى‬
‫ذلــك أن عمليــة تطويــر القنــاة المالحيــة بجهــود وامــوال كويتيــة قــد يــؤدي الــى انفــراد‬
‫الكويــت بالقنــاة المالحيــة فــي خــور عبــد اهلل‪ ،‬وهــو مــا يمكــن أن يهــدد المصالــح‬
‫العليــا للدولــة‪.‬‬

‫‪ -١‬ترسيم الحدود البحرية ما بعد العالمة ‪162‬‬


‫مــا تــزال الحــدود البحريــة بعــد العالمــة ‪ 162‬غيــر مرســمة بيــن العــراق والكويــت‪.‬‬
‫غيــر أن الكويــت واســتنادا الــى خــط توزيــع مناطــق العمليــات األمنيــة بموجــب‬
‫البروتكــول المبادلــة والمالحــة بعــد العالمــة ‪ 162‬لعــام ‪ 2008‬الموقــع بيــن قائــد‬
‫البحريــة العراقيــة ونظيــره الكويتــي‪ ،‬قــد اخــذت تطلــق وصــف (الميــاه اإلقليميــة‬
‫الكويتيــة) مــا بعــد العالمــة ‪ ،162‬وتحتــج علــى تواجــد الســفن العراقيــة بهــذه‬
‫المنطقــة‪ ،‬بالرغــم مــن أن هــذه المنطقــة التــزال غيــر مرســمة بيــن البلديــن وفــق قــرار‬
‫مجلــس االمــن ‪.833‬‬
‫عــاوة علــى ذلــك‪ ،‬قامــت الكويــت منــذ العــام ‪ 2012‬بأحــداث تغيــرات جغرافيــة‬
‫فــي المنطقــة الواقعــة فــي العالمــة ‪ 162‬فــي خــور عبــد اهلل مــن خــال تدعيــم منطقــة‬
‫ضحلــة (عبــر عمليــات دفــن للمنطقــة البحريــة) وإنشــاء جزيــرة مصطنعــة تســمى‬
‫(فيشــت العيــج) وإقامــة منصــة مراقبــة بحريــة فوقهــا مــن طــرف واحــد دون موافقــة‬
‫العــراق او علمــه وخالفــا لالتفــاق المبــرم بيــن البلديــن بتاريــخ ‪ 28‬كانــون االول‬
‫‪ 2014‬باعتبــار ان بــرج مينــاء ام قصــر وبــرج مينــاء الشــويخ برجــي المراقبــة الوحيديــن‬
‫المعنييــن بتنظيــم المالحــة فــي الخــور‪ .‬ومــن اجــل تدويــل هــذه التغيــرات الجغرافيــة‬
‫قدمــت الكويــت فــي العــام ‪ 2014‬طلبــا الــى االدمراليــة البحريــة فــي بريطانيــا مــن اجل‬
‫‪| 378‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫تحديــث الخارطــة المرقــة (‪ )1234‬لتشــمل وجــود جزيــرة فشــت العيــج‪ ،‬بالرغــم‬


‫مــن عــدم تواجــد تلــك الجــزرة فــي الخريطــة المذكــورة فــي العــام ‪ .2012‬وبموجــب‬
‫ذلــك أصــدرت الكويــت المرســوم رقــم (‪ )317‬لســنة ‪ ،2014‬بشــأن تحديــد البحــر‬
‫اإلقليمــي لدولــة الكويــت‪ ،‬واودعتــه لــدى األمــم المتحــدة‪ ،‬بالرغــم مــن أنــه اعتبــر‬
‫البحــر اإلقليمــي الكويتــي مرســوما مــن حافــة منصــة فشــت العيــج‪ .‬علــى الرغــم مــن‬
‫أن هــذا المرســوم الــذي يحــدد البحــر اإلقليمــي الكويتــي يتعــارض مــع احــكام المــادة‬
‫‪ 15‬مــن اتفاقيــة األمــم المتحــدة لقانــون البحــار والتــي تنــص (حيــث تكــون ســواحل‬
‫دولتيــن متقابلــة او متالصقــة‪ ،‬ال يحــق ألي مــن الدولتيــن‪ ،‬فــي حــال عــدم وجــود‬
‫اتفــاق بينهمــا علــى خــاف ذلــك‪ ،‬أن تمــد بحرهــا االقليمــي الــى ابعــد مــن خــط‬
‫الوســط الــذي تكــون كل نقطــة عليــه متســاوية فــي بعدهــا عــن اقــرب النقــاط علــى‬
‫خــط االســاس الــذي يقــاس منــه عــرض البحــر االقليمــي لــكل مــن الدولتيــن‪) .‬‬

‫التحديات‪:‬‬
‫إن إقامــة منصــة كويتيــة فــي منطقــة فشــت العيــج يجعــل منــه منشــأة كويتيــة ثابتــة‬
‫ودائمــة‪ ،‬وبموجبهــا ســيتم رســم خــط األســاس بيــن العــراق والكويــت مــن نهايــة هذه‬
‫المنطقــة‪ ،‬األمــر الــذي ســيؤثر علــى البحــر اإلقليمــي العراقــي ويزيــد مــن تضــرره‬
‫الجغرافــي‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬
‫●متابعــة الشــكوى التــي قدمهــا العــراق الــى مجلــس االمــن ضــد قيــام الجانــب‬
‫الكويتــي بنصــب منصــة فــي منقطــة فشــت العيــج‪ ،‬وبيــان اصطناعيــة جزيــرة‬
‫فشــت العيــج مــن خــال الخريطــة (‪ )1235‬المعــدة مــن قبــل االدمراليــة‬
‫البحريــة فــي بريطانيــا لألعــوام (‪ )2013 ،2012 ،2011 ،2010‬ومقارنتها‬
‫بالخريطــة المحدثــة بالعــام ‪ ،2014‬أي بعــد ظهــور الجزيــرة االصطناعيــة‪.‬‬
‫●تشــكيل فريــق مــن الخبــراء الغواصيــن لتحليــل التربــة المســتضافة المصطنعــة‬
‫والحجــر المســتخدم فــي انشــاء هــذه الجزيــرة لبيــان اصطناعيــة جزيــرة فشــت‬
‫العيــج‪ ،‬وتقديــم التوصيــات الــى مجلــس االمــن‪.‬‬
‫●عــدم الدخــول فــي مفاوضــات فــي الوقــت الحاضــر مــع الجانــب الكويتــي مــن‬
‫اجــل ترســيم الحــدود البحريــة بعــد العالمــة ‪ ،162‬إال بعــد ألغــاء برتوكــول‬
‫| ‪379‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫المبادلــة لعــام ‪ ،2008‬فضــا عــن الغــاء منصــة فشــت العيــج وعــدم اعتمادهــا‬
‫كنقطــة فــي ترســيم الحــدود البحريــة بيــن البلديــن‪ .‬وبهــذا الصــدد نوصــي‬
‫بالتريــث بموافقــة العــراق باســتكمال االعمــال المســاحية وإنتــاج الخرائــط‬
‫للحــدود البريــة والبحريــة‪ ،‬كورقــة ضغــط لتحقيــق بعــض المكاســب فــي‬
‫المنطقــة البحريــة الواقعــة بعــد العالمــة ‪ ،162‬بمــا فيهــا الغــاء بروتكــول‬
‫المبادلــة لعــام ‪ ،2008‬فضــا عــن الغــاء منصــة فشــت العيــج‪.‬‬
‫●اعــداد دراســة شــاملة للمنطقــة البحريــة بعــد العالمــة ‪ 162‬مــن قبــل مختصيــن‬
‫قانونييــن وفنييــن‪ ،‬لغــرض الخــروج برؤيــة واضحــة تخــدم مصالــح العــراق‬
‫وتعــزز موقــف المفــاوض العراقــي مســتقبال‪ ،‬فيــل الشــروع بمرحلــة التفاوض‬
‫مــع الجانــب الكويتــي‪.‬‬

‫‪ -٣‬مشروع الربط السككي بين العراق والكويت‪ :‬احياء ميناء مبارك مقابل ميناء‬
‫الفاو‬
‫منــذ العــام ‪( ،2007‬أي منــذ المباشــرة بأعمــال بينــاء مبــارك) تقدمــت الكويــت‬
‫بمقتــرح انشــاء خــط ســكك حديديــة مــع العــراق لنقــل الســلع والبضائــع‪ ،‬وقــد أعربت‬
‫الكويــت مــرار علــى رغبتهــا الشــديدة بتنفيــذ مشــروع الربــط الســككي التجــاري بيــن‬
‫البلديــن‪ ،‬وقــد طــرح هــذا الموضــوع من قبــل الكويت فــي اجتماعــات الدورة الســابعة‬
‫للجنــة الوزاريــة العراقية‪-‬الكويتيــة المشــتركة‪ ،‬وبموجــب ذلــك اتفــق الطرفــان علــى‬
‫تشــكيل فريــق عمــل مشــترك بيــن العــراق والكويــت ألعــداد الخطــط ودراســة مــدى‬
‫جــدوة وإمكانيــة تنفيــذ هــذا المشــروع‪ .‬وقــد تــم التريــث فــي الموضــوع لحيــن حســم‬
‫الملفــات العالقــة مــع الكويــت‪.‬‬

‫التحديات‪:‬‬
‫●ان الهــدف االســتراتيجي مــن بنــاء مينــاء مبــارك الكبيــر يكمــن في جعــل الميناء‬
‫والمنطقــة المحيطــة بــه نقطــة ارتــكاز مركزيــة لمشــروع طريــق الحريــر الــذي‬
‫يمتــد مــن الصيــن وجنــوب شــرق اســيا الــى أوروبــا وافريقيــا‪ ،‬وهــي محاولــة‬
‫لخطــف هــذا المركــز االســتراتيجي مــن مينــاء الفــاو الكبيــر بوصفــه نقطــة‬
‫االرتــكاز لطريــق الحريــر المنتظــر وذلــك الن مينــاء الفــاو يتصــل بالطريــق‬
‫البــري العراقــي‪ ،‬وهــو مــا ال يتوفــر لمينــاء مبــارك الكبيــر‪ ،‬وعليــه فــإن مينــاء‬
‫‪| 380‬‬
‫يلودلاو ةيميلقإلا ةئيبلا يف بولطملا نازوتلاو ةيلعافلا ‪:‬يسامولبدلا كارحلا‬

‫مبــارك قائــم علــى مشــروع الربــط الســككي مــع العــراق حتــى يتصــل مــع‬
‫الطريــق البــري العراقــي‪.‬‬
‫●أن الربــط الســكك مــع الكويــت يضــرر موانــئ العــراق اقتصاديــا‪ ،‬ذلــك إن‬
‫مــن مصلحــة الكويــت ان ترتبــط بالعــراق ســككيا لتنشــيط موانئهــا‪ ،‬خصوصــا‬
‫الحيــاء مينــاء مبــارك الكبيــر‪ ،‬اال ان هــذا االمــر يؤثــر بشــكل كبيــر علــى مينــاء‬
‫الفــاو الكبيــر‪ ،‬الســيما اذا علمنــا ان مينــاء مبــارك يعــد مينــاء خاصــا بالكويــت‬
‫لوحدهــا دون الربــط الســككي مــع العــراق بقصــد ايصــال البضائــع الــى أوروبا‬
‫بســهولة»‪.‬‬
‫●إن اي ربــط ســككي مــع الكويــت لنقــل البضائــع ســيجهض االهــداف‬
‫المتوخــاة مــن مينــاء الفــاو الكبيــر‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬
‫‪1.‬إعــادة النظــر بعضويــة الكويــت بفريــق العمــل المشــرك المعنــي بأعــداد‬
‫الخطــط وبيــان جــدوى مشــروع الربــط الســككي‪ ،‬كــون الربــط الســككي هــو‬
‫شــأن داخلــي عراقــي‪ ،‬وليــس هنــاك دا ٍع مــن دخــول الكويــت فــي فريــق اعــداد‬
‫الخطــط ودراســة جــدوة وإمكانيــة تنفيــذ مشــروع‪ ،‬اذ ليــس مــن المتوقــع ان‬
‫يبــدي الجانــب الكويتــي عــدم الجــدوى مــن مشــروع الربــط الســككي لكونــه‬
‫يصــب فــي مصلحــة الكويــت‪.‬‬
‫‪2.‬التحفــظ علــى مشــروع الربــط الســككي بيــن العــراق والكويت‪ ،‬كــون األخيرة‬
‫تســعى مــن خاللــه الــى تفعيــل مينــاء مبــارك الكبيــر‪ .‬ذلــك بــأن موافقــة العــراق‬
‫علــى مشــروع الربــط الســككي يعطــي فرصــة للكويــت فــي بنــاء مشــروعها‬
‫الكبيــر الــذي يعــد مــن أهــم وأكبــر مشــاريع خطــة التنميــة الكويتيــة (كويــت‬
‫جديــدة ‪ ، )2035‬األمــر الــذي يجعــل مــن الكويــت نقطــة اتصــال بيــن الشــرق‬
‫والغــرب فــي حيــن أن مســتقبل العــراق يمكــن فــي بنــاء مينــاء الفــاو الكبيــر‬
‫واســتغالله لمصلحــة العــراق‪.‬‬
‫‪3.‬ان عــدم موافقــة العــراق علــى الربــط الســككي مــن شــأنه ان يــؤدي الــى إعاقــة‬
‫بنــاء مشــروع مينــاء مبــارك‪ ،‬فضــا عــن تقليلــه أهميــة اتفاقيــة خــور عبــد اهلل‬
‫لصالــح الكويــت‪ ،‬وبالتالــي يمكــن توظيــف مشــروع الربــط الســككي كورقــة‬
‫ضغــط لتحقيــق بعــض المكاســب مــن الجانــب الكويتــي مــن بينهــا تعديــل‬
‫| ‪381‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫اتفاقيــة خــور عبــد اهلل بموافقــة الطرفيــن‪ ،‬وجعــل مشــروع مينــاء مبــارك‬
‫مشــروع تكاملــي عراقــي كويتــي يخــدم المصالــح المشــتركة بيــن البلديــن‪،‬‬
‫وذلــك مقابــل الموافقــة علــى مشــروع الربــط الســككي‪.‬‬
‫ونعتقــد أن الكويــت مــن الممكــن أن تتجــاوب مــع العــراق فــي هــذا المجــال كــون‬
‫الكويــت تــدرك اإلمكانــات العظيمــة لبنــاء مينــاء مبــارك‪ ،‬فهــو يهــدف فــي المســتقبل‬
‫الــى تقليــل اعتمــاد الكويــت علــى وارادات النفــط مــن ‪ 93‬بالمائــة الــى ‪ 60‬بالمائــة‪،‬‬
‫ولكــن يجــب أن تــدرك ان ذلــك لــن يتحقــق مــن دون أخــذ مصالــح العراقييــن فــي‬
‫االعتبــار‪ ،‬الســيما أن مشــروع مينــاء مبــارك الكبيــر هــو مشــروع تنافســي مــع مشــروع‬
‫مينــاء الفــاو الكبيــر‪ ،‬وقيامــه مــن شــأنه أن يكــون لــه تبعــات اقتصاديــة ســلبية منهــا‬
‫إفشــال مينــاء الفــاو‪ ،‬وحرمــان العــراق مــن إيــرادات ماليــة كبيــرة وفقــدان عشــرات‬
‫اآلالف مــن فــرص العمــل‪.‬‬
‫ناهيــك عــن أن مرافــق مشــروع مينــاء مبــارك الكبيــر مــن شــأنها أن تضغــط علــى‬
‫الممــر العراقــي الضيــق الــى الخليــج‪ ،‬لذلــك بمــا ان العــراق هــو منفــذ الربط الســككي‬
‫فعليــه ان تكــون لــه األفضليــة فــي مشــروع مينــاء مبــارك الكبيــر‪ ،‬وان يكــون شــريكا‬
‫كامــا بــه‪ ،‬لتقليــل االضــرار الناجمــة علــى موانئــه‪.‬‬

‫‪| 382‬‬
‫العراق والبيئة الدولية‪ :‬الحراك الدبلوماسي والتوزان المطلوب‬

‫ممــا ال شــك فيــه إن األمــن فــي ظــل العولمــة واإلرهــاب يخضــع لميكانزمــات‬
‫التفاعــات اإلقليميــة والدوليــة‪ ،‬فاليــوم إشــكالية األمــن مرهونــة بقــدرة هــذا الطــرف‬
‫أو ذاك فــي اتســاع عالقاتــه وكســب األصدقــاء وتحييــد األعــداء‪ ،‬وهــذا مــا يجــب أن‬
‫نضعــه فــي الحســبان فــي الحــراك الدبلوماســي المطلــوب فــي العــام ‪ ،2020‬فــي ظــل‬
‫التطــورات والتحــركات واالصطفافــات اإلقليميــة مــع القــوى الدوليــة‪ .‬فاليــوم يتحــدد‬
‫ارتبــاط القــوى اإلقليميــة فــي الشــرق األوســط بالقــوى الدوليــة بالمحــاور األتيــة‪:‬‬
‫المحــور األول‪ :‬هــو محــور الــدول المرتبطــة بروســيا االتحاديــة‪ ،‬والمتمثلــة‬
‫بإيــران وســوريا وحــزب اهلل فضــا عــن تركيــا‪ .‬ومــن المفيــد اإلشــارة ان أبــرز اهــداف‬
‫ارتبــاط هــذه الــدول بروســيا االتحاديــة هــو موازنــة الواليــات المتحــدة االمريكيــة فــي‬
‫منطقــة الشــرق األوســط وكســب النفــوذ والتأثيــر اإلقليمــي فــي المنطقــة مــن خــال‬
‫الدعــم الروســي‪ ،‬ومــا يجمــع هــذه الــدول فــي هــذا المحــور هــو الضيــم المشــترك‬
‫فهنــاك توتــر فــي عالقــات تلــك الــدول مــع الواليــات المتحــدة االمريكيــة‪ .‬وهــو مــا‬
‫ال شــترك بــه العــراق مــع تلــك الــدول فــي عالقتــه مــع الواليــات المتحــدة االمريكيــة‪.‬‬
‫المحــور الثانــي‪ :‬هــو محــور الــدول المرتبطــة بالواليــات المتحــدة االمريكيــة‪،‬‬
‫والمتمثلــة بــدول مجلــس التعــاون الخليجــي ومصــر واألردن‪ .‬وتســعى هــذه الــدول‬
‫مــن عالقتهــا بالواليــات المتحــدة االمريكيــة والســيما دول مجلــس التعــاون الخليجي‬
‫الــى أداء دور إقليمــي فاعــل‪ ،‬فضــا عــن تحجيــم النفــوذ اإليرانــي فــي المنطقــة مــن‬
‫خــال الدعــم األمريكــي‪ ،‬وهــو مــا ال يتشــرك بــه العــراق مــع تلــك الــدول فــي قضيــة‬
‫احتــواء وعــزل إيــران فــي المنطقــة‪.‬‬
‫المحــور الثالــث‪ :‬هــو المحــور الــذي يتمثــل باالتحــاد األوربــي‪ ،‬وان كان االتحــاد‬
‫األوربــي ال يشــكل محــورا بحــد ذاتــه مقارنــة بالمحوريــن األول والثانــي‪ ،‬إال انــه‬
‫محــورا يلتقــي معــه اغلــب الفاعليــن فــي الشــرق األوســط‪ ،‬وهــو مــا يمكــن أن نطلــق‬
‫عليــه المحــور الوســط فــي السياســة الدوليــة‪ ،‬وهــو المحــور الــذي بــات وجــوده‬

‫| ‪383‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫فاعــا ومؤثــرا فــي الشــرق األوســط بالنســبة للكثيــر مــن القــوى اإلقليميــة فــي المنطقــة‬
‫التــي ال تتماهــى مصالحهــا مــع الواليــات المتحــدة االمريكيــة او روســيا االتحاديــة‪.‬‬

‫ما العمل بالنسبة للعراق في العام ‪2020‬‬


‫علــى الرغــم مــن التعقيــد الــذي تتميــز بــه البيئــة اإلقليميــة فــي الشــرق األوســط‪،‬‬
‫إال ان ابتعــاد العــراق عــن سياســة المحــاور اتــاح لــه مرونــة أكثــر مــن بقيــة الفاعليــن‬
‫اإلقليمييــن فــي التفاعــل مــع القــوى الدوليــة‪ .‬فمقارنــة بالــدول المرتبطــة بالمحــاور‬
‫أعــاه الســيما المحــور األول والثانــي‪ ،‬يمتلــك العــراق مرونــة عاليــة فــي التعامــل‬
‫مــع جميــع القــوى الدوليــة‪ ،‬فهــو يتمتــع بعالقــات جيــدة مــع روســيا غيــر انــه اليشــترك‬
‫مــع محورهــا فــي الترتيبــات المناهضــة للواليــات المتحــدة االمريكيــة‪ ،‬وكذلــك‬
‫الحــال فــي فهــو يتمتــع بعالقــات جيــدة مــع الواليــات المتحــدة االمريكيــة غيــر انــه ال‬
‫يشــترك معهــا فــي الجهــود الراميــة لعــزل إيــران‪ .‬ومــع حيــاد العــراق اإليجابــي وســيعة‬
‫فــي االبتعــاد عــن سياســة المحــاور‪ ،‬تحــاول القــوى الدوليــة إلــى اجتذبــه الــى أحــد‬
‫المحوريــن وهنــا يكمــن التحــدي الــذي يواجهــه العــراق‪.‬‬

‫ماهو المطلوب عمله في العام ‪ :2020‬التوصيات‬

‫إن متطلبات العراق في المرحلة المقبلة تكمن‪:‬‬


‫داخليــا فــي ادامــة وتعزيــز االســتقرار األمنــي‪ ،‬فضــا عــن االعمــار والبنــاء‬
‫والنهــوض بالواقــع االقتصــادي واالســتثماري‪ ،‬وهــو مــا ال يمكــن تحقيقــه مــن دون‬
‫بنــاء الثقــة مــع المجتمــع الدولــي وكســب الدعــم مــن الشــركاء الدولييــن واالبتعــاد‬
‫عــن التجاذبــات الحاصلــة فــي المنطقــة‪.‬‬
‫أمــا خارجي ـ ًا فتكمــن فــي االبتعــاد عــن سياســة المحــاور‪ ،‬وعــدم االنجــرار وراء‬
‫الصراعــات اإلقليميــة فــي المنطقــة‪ ،‬والميــل نحــو الحيــاد االيجابــي والدعــوة الــى‬
‫الحــوار وحــل المشــاكل بالطــرق الدبلوماســية‪.‬‬
‫ان تلك المتطلبات تتحقق من خالل االتي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬علــى العــراق االســتمرار فــي العــام ‪ ،2020‬علــى سياســة االنفتــاح مــع‬
‫القــوى الدوليــة االمــر الــذي يتيــح لــه مرونــة فــي التعــاون مــع جميــع فواعــل القــوة و‬

‫‪| 384‬‬
‫بولطملا نازوتلاو يسامولبدلا كارحلا ‪:‬ةيلودلا ةئيبلاو قارعلا‬

‫االســتفادة مــن خبراتهــم فــي المجــاالت المختلفــة مــن أهمهــا التنميــة‪ ،‬االقتصــاد و‬
‫التكنولوجيــا‪ ،‬فضــا عــن التعــاون مــع الجميــع فــي مجــال مكافحــة اإلرهــاب‪.‬‬
‫ثانيــا‪ :‬تعزيــز العالقــات مــع الواليــات المتحــدة االمريكيــة فــي المجــال‬
‫األمنــي‪ ،‬الســيما وأن ثمــة رؤى تعــد محفــزة لطبيعــة التعــاون العراقــي ‪ -‬األمريكــي‬
‫وهــو تعامــل واشــنطن بمنطــق الدولــة الواحــدة مــع العــراق‪ ،‬والحفــاظ علــى وحــدة‬
‫العــراق‪ ،‬رغــم المشــاريع التــي قدمــت مــن قبــل بعــض أعضــاء الكونغــرس ومجلــس‬
‫الشــيوخ‪ ،‬لكــن يســجل اســتمرار تلــك السياســة األمريكيــة لدعــم واســناد الحكومــة‬
‫فــي بغــداد‪ .‬ومــن مقومــات تعزيــز العالقــات العراقيــة االمريكيــة اآلتــي‪:‬‬
‫‪1.‬مــن أجــل تعظيــم فرصــة ببــروز دور عراقــي فــي المنطقــة‪ ،‬يتطلــب التعامــل‬
‫بواقعيــة وعقالنيــة ببنــاء عالقــة تحالفيــة أمنيــة مــع الواليــات المتحــدة‬
‫األمريكيــة أساســها البراغماتيــة فــي التعامــل وواقعيــة فــي تحديــد األهــداف‬
‫ومحتواهــا الحيــاد الضمنــي فــي لعبــة التوازنــات بمــا يضمــن تحقيــق المصالــح‬
‫التــي تؤهــل للممارســة دور مهــم عبــر القنــوات الناعمــة بتفعيــل االتفاقيــات‬
‫اإلســتراتيجية مــن جهــة وعقــد اتفاقيــات تتالئــم مــع التطــورات فــي المنطقــة‪.‬‬
‫‪2.‬االنتقــال فــي العالقــات العراقيــة االمريكيــة مــن مرحلــة (األولويــة‬
‫للديمقراطيــة) الــى مرحلــة (األولويــة لألمــن) وهــو المعادلــة األمنيــة التــي‬
‫تنطــوي علــى تحديــد الوجــود األمريكــي فــي العــراق ألغــراض الدعــم‬
‫واألســناد للحكومــة العراقيــة ودعــم بنــاء المؤسســة العســكرية العراقيــة مــن‬
‫خــال الســواعد العراقيــة فقــط‪.‬‬
‫‪3.‬تعزيــز الشــراكة االقتصاديــة مــع الواليــات المتحــدة االمريكيــة بوصفها وســيلة‬
‫أو أداة لتنظيــم عالقــات مســتقرة بيــن البلديــن‪ ،‬قــادرة علــى مواجهــة أي تغييــر‬
‫سياســي طــارئ أو مســتقر‪ ،‬وعليــه ينبغــي فســج المجــال إمــام الشــركات‬
‫األمريكيــة الكبــرى للعمــل فــي العــراق وفــق امتيــازات خاصــة تســاعد علــى‬
‫بنــاء عالقــات ايجابيــة ممكــن تشــكل فيمــا بعــد ورقــة ضغــط للتأثيــر فــي‬
‫القــرار األمريكــي تجــاه العــراق‪.‬‬
‫‪4.‬عــاوة علــى ذلــك‪ ،‬ونحــن نبحــث فــي مقومــات العالقــة مــن الضــروري ان‬
‫نقــف علــى مــا تريــده الواليــات المتحــدة االمريكيــة مــن عالقتهــا مــع العراق‪.‬‬
‫اذ تكمــن المصالــح االمريكيــة فــي العــراق فــي الحفــاظ علــى عــراق موحــد‬
‫ومتماســك داخليــا‪ ،‬فضــا عــن زيــادة إنتــاج الطاقــة‪ ،‬وإســتمرار التعــاون‬
‫| ‪385‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫األمنــي الثنائــي فــي ظــل تحديــات اإلرهــاب‪ ،‬ناهيــك عــن دمــج العــراق فــي‬
‫بنيــة أمــن المنطقــة‪ ،‬وهــي األهــداف التــي ال يمكــن أن تتحقــق مــن وجهــة نظــر‬
‫واشــنطن فــي األعــوام المقبلــة مــن دون أن تمتلــك الحكومــة زمــام الســيطرة‬
‫السياســية والعســكرية فــي الداخــل العراقــي‪ ،‬بوصفهــا الفاعــل الوحيــد الــذي‬
‫يتحكــم بزمــام االمــور امــام االطــراف الخارجيــة‪ .‬فمــن دون ذلــك يمكــن‬
‫أن تتهــدد المصالــح االمريكيــة األمنيــة واالقتصاديــة فــي العــراق‪ .‬وهــذا مــا‬
‫لوحــظ عنــد المســؤولين األمريكييــن فــي سلســلة الهجمــات التــي اســتهدفت‬
‫المصالــح االمريكيــة فضــا عــن المســتثمرين األجانــب فــي العــراق فــي‬
‫العامــي ‪ 2018‬و ‪( 2019‬مثــا‪ :‬هجمــات علــى القنصليــة فــي البصــرة‪،‬‬
‫هجمــات بالقذائــف علــى مواقــع شــركات النفــط فــي البصــرة‪ ،‬هجــوم‬
‫بالقذائــف علــى المقاوليــن العســكريين األمريكييــن فــي بلــد‪ ،‬هجــوم علــى‬
‫مركبــات اإلمــداد التابعــة للســفارة األمريكيــة فــي صفــوان‪ ،‬الهجــوم علــى‬
‫مركبــات المســتثمرين فــي البصــرة) وعليــه هنــاك ادراك اخــذ يتشــكل مفــاده‬
‫«إن عــراق ضعيفــا ومفتتتــا أكثــر خطــر ًا علــى االمــن والســلم الدولييــن مــن‬
‫عــراق قــوي متماســك» لذلــك فــإن عراق ـ ًا قوي ـ ًا متماســك ًا ومنضبط ـ ًا داخلي ـ ًا‬
‫مــن شــأنه أن يعــزز المصالــح االمريكيــة االقتصاديــة والسياســة فــي المنطقــة‬
‫وأن ال يكــون مصــدر خطــر علــى حلفــاء الواليــات المتحــدة فــي الخليــج‪.‬‬
‫‪5.‬وربطــا بمــا ســبق فــإن مــن مقومــات تعزيــز العالقــات مــع الواليــات المتحــدة‬
‫تكمــن فــي أمريــن‪ :‬أحداهمــا؛ الحــزم فــي تمتيــن الجبهــة الداخليــة‪ ،‬واآلخــر‬
‫ضبــط مســارات التواصــل بيــن الداخــل والخــارج‪ ،‬فالمتتبــع يالحــظ أن عــدم‬
‫ضبــط مســار عالقــات األطــراف الداخليــة بالخــارج أســهم إلــى حــد بعيــد‬
‫فــي أضعــاف الدبلوماســية العراقيــة‪ ،‬ممــا أدى إلــى أضعــاف القــرار العراقــي‬
‫وتشــتيت موقفــه فــي الخــارج‪.‬‬
‫‪6.‬ان مــن مقومــات عالقــات أمنيــة فاعليــة بيــن العــراق والواليــات المتحــدة‬
‫االمريكيــة يكمــن فــي االحتــرام المتبــادل للســيادة‪ ،‬بمعنــى أال تقــوض‬
‫الشــراكة األمنيــة مــع واشــنطن مــن حــدود الســيادة العراقيــة‪ ،‬فمــن شــأن ذلــك‬
‫ان يضعــف صانــع القــرار أمــام الــرأي العــام الداخلــي ويقــوض الشــراكة مــع‬
‫الواليــات المتحــدة‪.‬‬

‫‪| 386‬‬
‫بولطملا نازوتلاو يسامولبدلا كارحلا ‪:‬ةيلودلا ةئيبلاو قارعلا‬

‫ثالثــا‪ :‬توثيــق الشــراكة االقتصاديــة مــع االتحــاد األوربــي‪ .‬منــذ دخــول اتفاقيــة‬
‫الشــراكة والتعــاون بيــن االتحــاد االوروبــي والعــراق حيــز التنفيــذ بشــكل كامــل فــي‬
‫العــام ‪ ،2018‬بــات العــراق شــريك ًا اســتراتيجي ًا لالتحــاد األوربــي وبموجــب ذلــك‬
‫هنــاك علــى مــا يبــدو التــزام اوروبــي فــي إعــادة اعمــار العــراق وتحقيــق االســتقرار‬
‫والتنميــة المســتدامة‪ ،‬فضـ ًا عــن إيــاء األهميــة بدعــم الديمقراطيــة وحقــوق اإلنســان‬
‫وتعزيــز التعــاون فــي الشــؤون االقتصاديــة والتجاريــة والهجــرة واالمــن والطاقــة والبيئة‬
‫وغيرهــا مــن المجــاالت التــي تمثــل مصالــح مشــتركة بيــن الطرفيــن‪.‬‬
‫وفــي الواقــع ان التفاعــل السياســي واالقتصــادي مــع االتحــاد األوربــي بالنســبة‬
‫للعــراق هــو ذات أهميــة عاليــة خصوصــ ًا فــي ظــل االصطفافــات المحتدمــة فــي‬
‫الشــرق األوســط‪ ،‬فاالتحــاد األوربــي بوصفــه المحــور الوســط بيــن المحوريــن‬
‫الروســي واالمريكــي‪ ،‬يتيــح للعــراق هامــش حركــة فــي السياســة الدوليــة‪ ،‬ويجنبــه‬
‫التخنــدق اإلقليمــي والدولــي‪ ،‬وهــو مــا يعطــي لصانــع القــرار مرونــة أكبــر فــي بنــاء‬
‫عالقتــه االقتصاديــة‪ ،‬وتعزيــز الحــوار السياســي مــع االتحــاد األوربــي فــي القضايــا‬
‫الجوهريــة فــي المنطقــة التــي تتقــارب مــع وجهــات نظــر العــراق‪.‬‬
‫غيــر أن التحــدي الــذي يجــب إداركــه فــي العالقــات مــع االتحــاد األوربــي‪،‬‬
‫يكمــن فــي أنهــا عالقــات مشــروطة بمســتوى التقــدم فــي ملفــي الديمقراطيــة وحقــوق‬
‫االنســان‪ ،‬اذ يســعى االتحــاد األوربــي فــي اســتراتيجيته إزاء العــراق الــى تأكيــد التــزام‬
‫األخيــر بتعزيــز الديمقراطيــة وحقــوق االنســان مقابــل تعزيــز التعــاون فــي المجــاالت‬
‫ذات الصلــة بالشــؤون االقتصاديــة والعســكرية‪ .‬وهــو األمــر الــذي مــن شــأنه‬
‫يبطــئ التقــدم فــي العالقــات بيــن الطرفيــن الســيما إذا علمنــا أن الفهــم األوروبــي‬
‫للديمقراطيــة وحقــوق االنســان يختلــف عــن الفهــم العراقــي لهــا‪ ،‬ناهيــك عــن أن‬
‫هذيــن الملفيــن يتطلبــان المزيــد مــن الجهــد والتنميــة مــن اجــل تحقيقهمــا‪ ،‬وال يمكــن‬
‫فــي الحالــة العراقيــة فرضهمــا مــن أعلــى الــى أســفل‪ ،‬وهــو النهــج األوربــي فــي تعزيــز‬
‫الديمقراطيــة وحقــوق االنســان‪.‬‬
‫لذلــك فــإن اندفــاع العــراق بالعالقــة مــع االتحــاد األوربي يجــب ان يحــدد اقتصاديا‬
‫مــع إعطــاء األولويــة لألمــن بــدال مــن الديمقراطيــة‪ ،‬فضــا عــن تعزيــز التعــاون مجــال‬
‫التدريــب والدفاع‪ ،‬واالتصــاالت‪ ،‬ونقــل التكنولوجية‪.‬‬
‫رابعــا‪ :‬روســيا االتحاديــة‪ :‬ال شــك ان روســيا االتحاديــة هــي دولــة ذات ثقــل‬
‫عســكري وسياســي علــى مســتوى العالــم ومنطقــة الشــرق األوســط‪ ،‬ويتمتــع العــراق‬
‫| ‪387‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫بعالقــات جيــدة مــع روســيا االتحاديــة‪ ،‬وعلــى الرغــم مــن أن العــراق ال يشــترك مــع‬
‫روســيا فــي الترتيبــات المناهضــة للواليــات المتحــدة االمريكيــة‪ ،‬ألســباب تتعلــق‬
‫بحيــاده اإليجابــي‪ ،‬اال ان صنــاع القــرار فــي روســيا ينظــرون للعــراق علــى انــه حليــف‬
‫أمريكــي وال تعــول عليــه روســيا كثيــرا‪ ،‬وهــذا مــا لمســناه فــي اللقــاءات مــع رئيــس‬
‫دائــرة الشــرق األوســط فــي وزارة الخارجيــة الروســية‪ ،‬ومســؤول ملــف العــراق‪.‬‬
‫ومــع ذلــك تشــعر روســيا بــأن وجودهــا االقتصــادي فــي العــراق اليــزال ضعيفــا‪،‬‬
‫مقارنــة بغيرهــا مــن الــدول‪ .‬ولهــذا مــن أجــل لفــت انتبــاه الحكومــة االتحاديــة عملــت‬
‫روســيا بعيــدا عــن بغــداد بأبــرام عقــود نفــط مــع حكومــة إقليــم كردســتان متجاهلــة‬
‫موافقــة الحكومــة المركزيــة‪.‬‬
‫ومهمــا يكــن أمــر‪ ،‬ليــس مــن الصــواب تــرك العالقــات العراقيــة الروســية تتجــه‬
‫نحــو البــرود الســيما اذا ادركنــا ان ورســيا االتحاديــة عضــوا مؤثــرا فــي مجلــس‬
‫االمــن‪ ،‬ولكــن يجــب تعزيــز العالقــات معهــا فــي المجــاالت الطاقويــة واالبتعــاد عــن‬
‫ترتيباتهــا السياســية المناهضــة للواليــات المتحــدة االمريكيــة فــي الشــرق األوســط‪،‬‬
‫وهــو مــا ال ترغــب روســيا فــي رؤيتــه مــن العــراق‪ ،‬لذلــك فــإن أن التحــدي الــذي‬
‫يجــب إدراكــه فــي العالقــات مــع روســيا االتحاديــة يكمــن فــي ســعيها لجــذب العــراق‬
‫للمحــور الروســي‪ .‬ففــي ظــل العــدد القليــل الــذي تبقــى لروســيا مــن األصدقــاء فــي‬
‫الشــرق األوســط ترغــب القيــادة الروســية فــي تعزيــز عالقتهــا السياســية والعســكرية‬
‫بــدول الشــرق األوســط مــن أجــل إظهــار انهــا ال تــزال تمتلــك الحلفــاء‪ ،‬اذ يحــاول‬
‫فالديميــر بوتيــن اإلظهــار للمجتمــع الدولــي انــه ليــس معــزو ًال» وعليــه فــأن ســعي‬
‫روســيا لجــذب العــراق فــي ترتيباتهــا السياســية فــي المنطقــة يمثــل أحــد وســائلها‬
‫لتقويــض نفــوذ الواليــات المتحــدة االمريكيــة فــي المنطقــة علــى حســاب العــراق‪.‬‬
‫ان تخفيــف تلــك الرغبــة تكمــن فــي إعطــاء روســيا مجــا ًال أوســع فــي االســتثمار‬
‫بالقطــاع النفطــي فــي العــراق‪ ،‬فبالتزامــن مــع شــعور وروســيا بــان حضورهــا‬
‫االقتصــادي ضعيــف فــي العــراق‪ ،‬وفــي ظــل الشــعور الروســي بالعزلــة المفروضــة‬
‫عليهــا مــن قبــل الواليــات المتحــدة االمريكيــة يتطلــب مــن العــراق فــي العــام ‪2020‬‬
‫ان يطــور عالقتــه بروســيا االتحاديــة علــى مســتوى الطاقــة ويزيــد مــن حجــم التعــاون‬
‫معهــا فــي اســتثمار قطــاع النفــط فــي العــراق ويقــدم التســهيالت للشــركات الروســية‪،‬‬
‫ولكــن بشــرط احتــرام الســلطات المركزيــة فــي بغــداد‪ ،‬وعــدم تجاوزهــا خــال توقيــع‬

‫‪| 388‬‬
‫بولطملا نازوتلاو يسامولبدلا كارحلا ‪:‬ةيلودلا ةئيبلاو قارعلا‬

‫اتفاقيــات مــع األقاليــم فــي العــراق‪ ،‬وان تكــون الحكومــة االتحاديــة هــي الجهــة‬
‫المركزيــة التــي تتعامــل معهــا روســيا االتحاديــة فــي ابــرام عقــود النفــط‪.‬‬

‫| ‪389‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫المحور الثالث‬

‫العراق الحراك الدبلوماسي المطلوب على مستوى المنظمات الدولية‬

‫أو ًال نبذة عن عالقة العراق باألمم المتحدة بعد العام ‪.2003‬‬
‫حــاول العــراق ومنــذ تأســيس لبنــات دولتــه األولــى بــان يكــون لــه ثقـ ًا دبلوماســي ًا‬
‫علــى الصعيديــن اإلقليمــي والدولــي‪ ،‬فالعــراق لــم يكــن بالقــوة االقتصاديــة او‬
‫العســكرية العظمــى آنــذاك‪ ،‬لكــن مــا يملكــه مــن عمــق حضــاري وجغرافــي وزراعــي‬
‫ثــم ثرواتــه النفطيــة والمكتشــفة الحق ـ ًا قــد ســاهمت مجتمعــة فــي منحــه ســمات لــم‬
‫تكــن متوفــرة لــدى العديــد مــن الــدول المحيطــة بــه‪ ،‬وكان العــراق البلــد االول الــذي‬
‫حصــل اإلســتقالل مــن بريطانيــا وانضــم الــى عصبــة االمــم عــام ‪ ،1932‬فــي الوقــت‬
‫الــذي كانــت العديــد مــن دول العالــم تعيــش وطــأة الســيطرة االســتعمارية والتحكــم‬
‫بمفاصــل الدولــة السياســية واالداريــة واإلقتصاديــة‪ ،‬وســعى العــراق الــى ان يكــون‬
‫أحــد الــدول المؤسســة لمنظومــة األمــم المتحــدة‪ ،‬وكان احــد الــدول الواحــدة‬
‫والخمســين التــي وقعــت علــى ميثــاق األمــم المتحــدة فــي مؤتمــر ســان فرانسيســكو‬
‫عــام ‪.1945‬‬
‫عمــل العــراق وبعــد التغييــر فــي العــام ‪ 2003‬علــى الســعي للتعــاون كعنصــر هــام‬
‫وفعــال فــي المجتمــع الدولــي‪ ،‬وكانــت أحــد هــذه االولويــات العمــل مــع منظومــة‬
‫األمــم المتحــدة وعــدد مــن منظماتهــا التخصصيــة مــن اجــل رفــع اآلثــار الســلبية‬
‫المترتبــة عليــه خــال الثــاث عقــود التــي ســبقت عــام ‪ ،2003‬والعمــل علــى إعادتــه‬
‫الــى مكانتــه المعهــودة‪ ،‬إذ ســعت الحكومــة العراقيــة ومــن ضمنهــا وزارة الخارجيــة‬
‫الــى محاولــة وضــع إســتراتيجة إلزالــة العزلــة عــن العــراق والعمل علــى إنفاذ السياســة‬
‫الخارجيــة‪ ،‬وكان هنــاك تظافــر ًا بنــاء ًا لجهــود المؤسســات الوطنيــة والتــي ســاهمت‬
‫الــى إرجــاع العــراق الــى وضعــه الطبيعــي وتمكينــه مــن إســتعادة مكانتــه الطبيعيــة النــه‬
‫كان عضــو ًا فع ـ ًا فــي المجتمــع الدولــي وخاصــة ضمــن أنشــطة األمــم المتحــدة‪،‬‬
‫ســاهم الدســتور العراقــي فــي توفيــر بعــض النصــوص التــي ســاعدت علــى توفيــر‬
‫أرضيــة قانونيــة لبنــاء قاعــدة رصينــة لسياســة خارجيــة عراقيــة متينــة‪ ،‬وقــد أعطــت‬
‫الدبلوماســية العراقيــة بعــد عــام ‪ 2003‬دور ًا للعمــل علــى إعــادة العــراق الــى مســتوياته‬
‫‪| 390‬‬
‫بولطملا نازوتلاو يسامولبدلا كارحلا ‪:‬ةيلودلا ةئيبلاو قارعلا‬

‫الطبيعيــة والمعهــودة مــع مراعــاة إســتغالل وضــع العــراق كونــه عضــو مؤســس‬
‫لألمــم المتحــدة‪ ،‬وقــد عملــت الخارجيــة وبجهــد كبيــر علــى إعــادة جدولــة الديــون‬
‫الماليــة للعــراق نتيجــة لعــدم دفعــه لمســهاماته الماليــة الســنوية للعديــد مــن األجهــزة‬
‫والمنظمــات التخصصيــة التابعــة لألمــم المتحــدة‪ ،‬وقــد أدت وزارة الخارجيــة دور ًا‬
‫محوري ـ ًا فــي إطفــاء العديــد مــن هــذه الديــون ولكــون أن أغلبهــا كان محســوب ًا علــى‬
‫حكومــة النظــام الســابق‪ ،‬وحرصــت علــى دفــع إشــتراكات العــراق ضمــن ميزاينــة‬
‫األمــم المتحــدة اإلعتياديــة‪ .‬كمــا أســهمت وزارة الخارجيــة ومنــذ عــام ‪ 2003‬الــى‬
‫وضــع مجموعــة مــن الخطــط التــي تســعى الــى تعزيــز دور العــراق فــي األمــم المتحــدة‬
‫وتفعيــل عضويتــه ووضعــه القانونــي ضمــن العديــد مــن الهيئــات الفرعيــة والمنظمــات‬
‫المتخصصــة التابعــة لألمــم المتحــدة ومنهــا (عبــر تســديد اإلشــتراكات‪ ،‬والترشــيح‬
‫لعــدد مــن المناصــب المتاحــة‪ ،‬والعمــل علــى مراجعــة العديــد مــن القــرارات وعلــى‬
‫رأســها قــرارات مجلــس األمــن) ‪ ،‬كان يتعيــن علــى العــراق العمــل وبجــد علــى إعــادة‬
‫الثقــة الــى المجتمــع الدولــي واألمــم المتحــدة وذلــك علــى إعتبــاره عامــل مســاعد‬
‫ضمــن عمليــة صــون األمــن والســلم الدولييــن وليــس مصــدر تهديــد لهمــا‪ ،‬وقــد‬
‫جــاءت الخطــوات اإلســتراتيجية التــي إنتهجتهــا حكومــة العــراق بصــورة عامــة والتــي‬
‫نفذتهــا وزارة الخارجيــة بصــورة خاصــة عبــر محــاور متعــددة ســوف نأتــي علــى‬
‫ذكرهــا بشــكل مفصــل‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬االستراتيجات واآلليات المقترحة لرفع مستوى فاعلية العراق في األمم‬


‫المتحدة للمدة من ‪:2024-2020‬‬

‫الهــدف اإلســتراتيجي االول‪ :‬رفــع مســتوى فعاليــة مشــاركة العــراق فــي األمــم‬
‫المتحــدة ومنظماتهــا ووكالتهــا المتخصصــة والمنظمــات الدوليــة اآلخــرى ويتــم‬
‫مــن خــال‪:‬‬
‫‪ -١‬متابعــة وحصــر االلتزامــات المترتبــة علــى العــراق ضمــن اإلتفاقيــات الدوليــة‬
‫كافــة‪ ،‬إلعــادة جدولتهــا ووضــع آليــات محــددة لتنفيذههــا ومراجعتهــا‪ ،‬ويتــم ذلــك‬
‫عبــر‪:‬‬
‫‪ .‬أالتنســيق بيــن كل مــن وزارة الخارجيــة والــوزارات العراقيــة المختصــة عبــر‬
‫إبــاغ األخيــرة بالمســاهمات الماليــة المســتحقة وكل حســب إختصــاص كل‬
‫| ‪391‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫وزارة مــع المنظمــة الدوليــة المعنيــة‪ ،‬وعــادة مــا تدفــع الــوزارات إشــتراكاتها‬
‫الــى المنظمــات الدوليــة مــن موازنتهــا الســنوية اإلعتياديــة‪.‬‬
‫‪.‬بتتولــى وزارة الخارجيــة دفــع المســاهمة الماليــة اإلعتياديــة للعــراق ســنوي ًا‬
‫والبالغــة ‪ ٪129 .0‬مــن ميزانيــة األمــم المتحــدة الكليــة‪ ،‬كمــا تســدد وزارة‬
‫الخارجيــة مســاهمات العــراق كل ســتة أشــهر ضمــن الميزانيــة المخصصــة‬
‫لعمليــات حفــظ الســام‪.‬‬
‫‪.‬تمواصلــة وزارة الخارجيــة حــث الــوزارات المعنيــة والمديريــات التابعــة لهــا‬
‫علــى ضــرورة تســليم تقاريرهــا الوطنيــة والتــي تعكــس مــدى التــزام العــراق‬
‫لعــدد مــن اإلتفاقيــات والمعاهــدات الدوليــة حــول جملــة مــن االمــور مثــل‬
‫(التقاريــر الوطنيــة الخاصــة باالســلحة الكيميائيــة‪ ،‬الجــرد المــادي بالمــواد‬
‫النوويــة الــى الوكالــة الدوليــة للطاقــة الذريــة تنفيــذ ًا للبروتكــول االضافــي‬
‫الملحــق باتفاقيــة الضمانــات‪ ،‬والمتابعــة مــع الجهــات الوطنيــة بشــان‬
‫االنضمــام الــى كل مــن معاهــدة تجــارة االســلحة التقليديــة ونظــام الســيطرة‬
‫علــى تكنلوجيــا الصواريــخ‪ ،‬ومتابعــة التــزام العــراق وفــق اطــار اتفاقيــة حظــر‬
‫االلغــام‪ ،‬ومتابعــة العــراق اجرائــه لالســتعراض الــدوري الشــامل بمــا ينســجم‬
‫وفصــول اتفاقيــة االمــم المتحــدة لمكافحــة الفســاد‪ . . .‬الــخ)‪.‬‬
‫‪ -٢‬اإلهتمــام بنوعيــة مرشــحي العــراق لشــغل مختلــف المناصــب فــي مختلــف‬
‫المســتويات فــي الــوكاالت والمنظمــات التابعــة لالمــم المتحــدة‪ ،‬مــع التركيــز علــى‬
‫اختيــار المرشــحين وفــق معاييــر الكفــاءة لضمــان التمثيــل االفضــل للعــراق‪ ،‬وذلــك‬
‫عــن طريــق تفعيــل مــا يعــرف ببنــك المرشــحين الــذي يركــز علــى انشــاء قاعــدة بيانــات‬
‫متكاملــة عــن المرشــحين المحتمليــن لمختلــف المناصــب واإلهتمــام بمســتوى‬
‫تأهيلهــم‪ ،‬ويتــم ذلــك عبــر‪:‬‬
‫‪ .‬أمتابعــة اإلعالنــات الصــادرة عــن األمــم المتحــدة وجميــع المنظمــات‬
‫المتخصصــة التابعــة لهــا والمنظمــات الدوليــة اآلخــرى‪.‬‬
‫‪.‬بتوضيــح آليــة التقديــم وهــي عــاد ًة مــا تتــم مــن قبــل المرشــح بصفتــه الشــخصية‬
‫وضمــان التقديــم قبــل مواعيــد الغلــق المحــددة إزاء كل وظيفة‪.‬‬
‫‪.‬تتشــكيل لجنــة وطنيــة برئاســة وزارة الخارجيــة لضمــان متابعة وشــرح وتســهيل‬
‫عمليــة التقديــم للمرشــحين‪ ،‬ومتابعــة تطــورات االلكترونيــة الخاصــة بــكل‬
‫متقــدم النهــا عــادة مــا تســتغرق مــن ‪ 6‬اشــهر الــى ســنة‪.‬‬
‫‪| 392‬‬
‫بولطملا نازوتلاو يسامولبدلا كارحلا ‪:‬ةيلودلا ةئيبلاو قارعلا‬

‫‪.‬ثحصــر المرشــحين المتخطيــن لمراحــل الفــرز االلكترونيــة وامكانيــة تقديــم‬


‫الدعــم الوطنــي اليهــم مــن قبــل ممثلينــا الدائمييــن وهــذا خــال المرحــل‬
‫االخيــرة للتقديــم الــى هــذه الوظائــف‪ ،‬وتوظيــف عمليــة الضغــط عبــر حشــد‬
‫الدعــم مــن قبــل المجاميــع الجغرافيــة لصالــح المرشــحين لــزادة فرصهــم أو‬
‫حظوظهــم لــدى المنظمــات الدوليــة‪.‬‬
‫‪ -٣‬التركيــز علــى إمكانيــة طلــب العــراق ترشــيحه للحصــول علــى منصــب رئيــس‬
‫او كنائــب رئيــس للمؤتمــرات والمجالــس التنفيذيــة واالفرقــة العاملــة والمجاميــع‬
‫االقليميــة كالمجموعــة االســيوية والمجموعــة العربيــة ومجموعــة دول ال ‪-77‬‬
‫الصيــن‪ ،‬ويتــم ذلــك عبــر‪:‬‬
‫‪ .‬أالطلــب بشــغل العــراق لرئاســة المؤتمــرات كل حســب تخصــص المنظمــة‬
‫وذلــك عــن طريــق متابعــة الترشــيحات والتــي تعمــم علــى البعثــات مــن قبــل‬
‫رؤســاء المجاميــع االقيلميــة وكل حســب اختصــاص ســاحة عمــل البعثــات‬
‫المعتمــدة ضمــن ســاحة عمــل المنظمــات الدوليــة‪.‬‬
‫‪.‬بالتركيــز علــى ضــرورة طلــب العــراق شــغل منصــب نائــب الرئيــس او المقــرر‬
‫او رئيــس الحــد الفــرق العاملــة والمشــكلة كل حســب االتفاقيات التــي تتابعها‬
‫ســكرتارية المنظمــات وذلــك عبــر الترشــيحات الــواردة مــن قبــل المجاميــع‬
‫الجغرافيــة المعتمــدة ضمــن ســاحة عمــل البعثــات لــدى المنظمــات الدوليــة‪.‬‬
‫‪ -٤‬التأكيــد فــي المحافــل الدوليــة علــى توجهــات العــراق الســلمية فــي تعزيــز بنــاء‬
‫الســلم واالمــن الدولييــن مــن خــال التاكيــد علــى االرادة السياســية الجــادة بتنفيــذ‬
‫العــراق اللتزامتــه ازاء المجتمــع الدولــي‪.‬‬

‫الهدف االستراتيجي الثاني‪ :‬رفع مستوى فاعلية مشاركة العراق في منظمة‬


‫التعاون االسالمي‪:‬‬
‫‪ -١‬التنســيق مــع الــدول االعضــاء فــي منظمــة التعــاون االســامي عبــر الزيــارات‬
‫المتبادلــة وتوجيــه الدعــوات لهــم لزيــارة العــراق للوقــوف علــى آخــر التطــورات‬
‫فيــه‪ ،‬مــع ضــرورة التركيــز علــى دول وســط اســيا والــدول االفريقيــة االعضــاء فــي‬
‫المنظمــة‪ ،‬وذلــك عبــر‪:‬‬
‫‪ .‬أمشــاركة العــراق وبفاعليــة ضمــن اإلجتماعــات الوزاريــة ومؤتمــرات القمــة‬
‫االســامية كافــة‪.‬‬
‫| ‪393‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪.‬بالســعي لترشــيح موظفيــن عراقييــن للعمــل فــي االمانــة العامــة وأجهزتهــا‬


‫الفرعيــةمــنذويالكفــاءةوالخبــرةوبمــايضمــنحصــةالعــراقفــيالمنظمــة‪.‬‬
‫‪ -٢‬التركيــز علــى طــرح مســالة تعزيــز التعــاون عبــر ممثليتنــا الدائمــة هنــاك‬
‫وامكانيــة تبنــي العــراق لــدور محــوري فــي مســائل الوســاطة والتنســيق فــي تقريــب‬
‫وجهــات النظــر بيــن الــدول االعضــاء حــول الوضــع فــي العــراق والمنطقــة ككل وكل‬
‫مــا يواجههــا مــن تحديــات‪.‬‬

‫الهدف الثالث‪ :‬تعزيز دول العراق ضمن حركة عدم االنحايز ومجموعة دول ال‬
‫‪ + 77‬الصين‪:‬‬
‫‪1.‬التنســيق مــع الــدول األعضــاء فــي دول حركــة عــدم االنحيــاز ومجموعــة دول‬
‫أل‪ +77‬الصيــن‪ ،‬عبــر تكثيــف عقــد االجتماعات لهــذه المجموعتيــن الهامتين‬
‫ودعــوة أعضائهــا وممثليهــا لزيــارة العــراق‪ ،‬مــع امكانيــة عقــد اجتماعــات‬
‫لــدول المجموعتيــن فــي بغــداد‪ ،‬والتقــرب مــن المجموعتيــن االســيوية‬
‫واالفريقيــة داخــل هاتيــن المجموعتيــن لطلــب دعمهــم للترشــيحات التــي‬
‫ينــوي العــراق شــغلها ضمــن األمــم المتحــدة والمنظمــات االقليميــة الدوليــة‪.‬‬
‫‪2.‬ادامــة التحــرك الدبلوماســي عبــر دول فاعلــة ضمــن المجموعتيــن آنفـ ًا لحشــد‬
‫االصــوات لصالــح العــراق خاصــة اثنــاء اإلعــان عــن نيتــه الترشــيح او‬
‫اعــادة انتخابــه لعضويــة مجالــس ولجــان أمميــة هامــة (المجلــس االقتصــادي‬
‫واالجتماعــي‪ ،‬ومجلــس حقــوق االنســان‪ ،‬والمجالــس التنفيذيــة واللجــان‬
‫المنبثقــة عــن األمــم المتحــدة ووكاالتهــا التخصصيــة)‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬أبرز المشاكل والمعوقات التي تواجه العراق في مجال الدبلوماسية متعددة‬
‫االطراف‪:‬‬
‫‪ -١‬المعوقات السياسية‪:‬‬

‫أ‪ -‬بعثة األمم المتحدة لمساعدة العراق (‪: )UNAMI‬‬


‫أنشــأت بعثــة االمــم المتحــدة فــي العــراق (يونامــي) بموجــب قــرار مجلــس‬
‫األمــن ‪ 1500‬بتاريــخ ‪ ،2003/8/14‬وتقــوم بواليتهــا بنــاء ًا علــى موافقــة الحكومــة‬
‫العراقيــة وعلــى أســاس تقديــم الدعــم والمســاندة والمشــورة فــي ضــوء قــرار مجلــس‬
‫‪| 394‬‬
‫بولطملا نازوتلاو يسامولبدلا كارحلا ‪:‬ةيلودلا ةئيبلاو قارعلا‬

‫االمــن المرقــم ‪ 1770‬لســنة ‪ 2007‬فــي مجــاالت (االنتخابــات والمصالحــة وحــل‬


‫المشــاكل الحدوديــة وحقــوق اإلنســان والمســاعدات اإلنســانية وإعــادة اإلعمــار‬
‫والتنميــة) ويجــري تمديــد واليــة البعثــة بموجــب قــرار مــن مجلــس األمــن ســنوي ًا بنــاء‬
‫علــى طلــب الحكومــة العراقيــة‪ ،‬ولألمــم المتحــدة دور فعــال فــي العــراق‪ ،‬وتقــوم‬
‫بتنفيــذ المشــاريع والبرامــج المختلفــة مــن خــال التعــاون والشــراكة مــع الحكومــة‬
‫العراقيــة‪ ،‬وتغطــي هــذه المشــاريع قطاعــات مختلفــة‪ ،‬باالضافــة الــى اجنــدة البعثــة‬
‫فــي تقديــم الدعــم السياســي واالداري والمصالحــة يعمــل مــع البعثــة برنامــج‬
‫اســتجابة قطــري مكــون مــن (‪ )16‬منظم ـ ًة وبرنامج ـ ًا ووكال ـ ًة وصندوق ـ ًا تابعــة لألمــم‬
‫المتحــدة تعمــل فــي العــراق فــي المجــاالت األنســانية والبيئيــة والصحيــة والتنمويــة‪.‬‬
‫كمــا تضطلــع البعثــة بواجــب التنســيق واالشــراف علــى تنفيــذ قــرار مجلــس االمــن‬
‫‪ )2013( 2107‬والمعنــي بالمفقوديــن الكويتييــن والممتلــكات الكويتيــة‪ ،‬ان تقديــم‬
‫رئيــس البعثــة وممثــل األميــن العــام لألمــم المتحــدة الــى العــراق تقريــره عــن الحالــة‬
‫فــي العــراق الــى مجلــس االمــن حــول التقــدم المحــرز لعمــل البعثــة لــكل ثالثــة‬
‫اشــهر عم ـ ًا بالفقــرة (‪ )6‬مــن القــرار ‪ )2007( 1770‬يتطلــب المزيــد مــن الجهــود‬
‫الوطنيــة‪ ،‬خاصــة وان التقريــر يغطــي عــدد مــن الجوانــب المتعــددة فــي العــراق‬
‫منهــا (االمنيــة‪ ،‬السياســية‪ ،‬االقتصاديــة‪ ،‬االنســانية‪ ،‬االعمــار‪ ،‬حقــوق االنســان‪،‬‬
‫االرهــاب‪ ،‬النازحيــن‪ ،‬الحــدود االداريــة المتنــازع عليهــا‪ ، ) . . .‬لــذا يتعيــن علــى‬
‫الحكومــة العراقيــة التنبــه ومتابعــة كل مــا يــورده هــذا التقريــر مــن شــاردة وواردة‪ ،‬وأن‬
‫تقديــم التقريــر دون إطــاع الحكومــة العراقيــة علــى فحــواه او علــى االقــل االطــار‬
‫العــام المكــون لــه قــد يــؤدي الــى تداعيــات ســلبية للجانــب العراقــي خاصــة وزارة‬
‫الخارجيــة وممثليتنــا الدائمــة فــي نيويــورك‪ ،‬اذ باالمــكان ان تســتغل الــدول االعضــاء‬
‫الدائمييــن وغيــر الدائمييــن فــي مجلــس االمــن التقريــر كحجــة للــزج بلغــة غيــر مقبولــة‬
‫علــى مســودة القــرار الخــاص بتجديــد عمــل البعثــة‪ ،‬والــذي يتــم عبــر طلــب تتقــدم بــه‬
‫الحكومــة العراقيــة الــى مجلــس األمــن مــن كل عــام‪ ،‬خاصــة تلــك المتعلقــة بحقــوق‬
‫المــراة والطفــل وحقــوق االنســان‪.‬‬

‫ب‪ -‬مراجعة قرارات مجلس االمن المتخذة ضد العراق بموجب الفصل السابع‪:‬‬
‫كمــا ذكرنــا فــي جــزء ســابق مــن هــذه الورقــة بــان مراجعــة العــراق لقــرارات‬
‫مجلــس األمــن والمتخــذة ضــده بموجــب الفصــل الســابع مــن الميثــاق قــد تمخضــت‬
‫| ‪395‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫عــن إصــدار مجلــس االمــن القــرار رقــم ‪ 2107‬لعــام ‪ 2013‬والــذي اخــرج العــراق‬
‫مــن بعــض أحــكام الفصــل الســابع‪ ،‬وليــس الفصــل الســابع ككل‪ ،‬اذ ذكــرت بعــض‬
‫ـوال فــي وصــف الوضــع القائــم فــي العــراق بالتالــي‪:‬‬‫بنــود هــذا القــرار بــان هنــاك تحـ ً‬
‫«سـ ّلم بــأن الحالــة القائمــة حاليـ ًا فــي العــراق تختلــف كثيــر ًا عــن الحالــة التــي كانــت‬
‫قائمــة وقــت اتخــاذ القــرار ‪ ،»١٩٩٠ /٦٦١‬وأكــد كذلــك علــى أهمية اســتعادة العراق‬
‫للمكانــة الدوليــة التــي كان يتبوأهــا قبــل اتخــاذ القــرار ‪ ١٩٩٠ /٦٦١‬أي منــذ إحتــال‬
‫الكويــت‪ ،‬وترحيبــه بمــا أظهــره العــراق مــن التــزام وبالتنفيــذ الكامــل لاللتزامــات‬
‫المتبقيــة فــي إطــار قــرارات الفصــل الســابع ذات الصلــة‪ ،‬لكــن يبقــى العــراق حبيــس‬
‫للفصــل الســابع والــذي لــم يخــرج العــراق منــه بصفــة نهائيــة‪ ،‬ويقــف قــراري مجلــس‬
‫األمــن المرقميــن ‪ 1815‬و ‪ 1483‬للعــام ‪ 2003‬خيــر مثــال علــى ذلــك‪.‬‬

‫‪ -٢‬المعوقات اللوجستية‪:‬‬

‫أ‪ -‬اإلشتراكات والمساهمات والمنح المالية‪:‬‬


‫تنظــر وزارة الخارجيــة بأهميــة بالغــة الى موضوع المســاهمات وإشــتراكات والمنح‬
‫المقدمــة مــن قبــل العــراق الــى المنظمــات والــوكاالت التخصصيــة والمنظمــات‬
‫الدوليــة‪ ،‬الن إســتدامة دفــع هــذه المنــح وفــق االجــال الزمنيــة المرســومة ســيعزز مــن‬
‫ســامة موقــف العــراق السياســي والمالــي واالداري والقانونــي ضمــن المنظمــات‬
‫الدوليــة‪ ،‬وعليــه يتوجــب اإلنتبــاه أثنــاء اقــرار الموازنــة الماليــة الــى تغطيــة جميــع‬
‫التزامــات العــراق الماليــة ازاء هــذه المنظمــات‪ ،‬وبمــا ينســجم وتطلعــات العــراق‬
‫للعــودة لالنفتــاح علــى المجتمــع الدولــي واالمــم المتحــدة بهــدف ااســتعادة مكانتــه‬
‫المعهــودة‪ ،‬خاصــة وانــه قــد عانــى ولعقــود طويلــة مــن العزلــة‪ ،‬وان احــد اســباب هــذه‬
‫العزلــة هــو عــدم تمكــن النظــام الســابق مــن دفــع مســتحقاته الماليــة بســبب العقوبــات‬
‫االقتصاديــة التــي فرضــت علــى العــراق‪ ،‬لــذا يتعيــن علينــا االلتــزام بهــذا الجانــب‬
‫لمــا لــه مــن إنعــكاس ايجابــي علــى إيفــاء العــراق بااللتزمــات الماليــة تجــاه األمــم‬
‫المتحــدة ومنظماتــه التخصصيــة والمجتمــع الدولــي ككل‪ ،‬لــذا فــان محافظــة العــراق‬
‫علــى وضعــه المالــي ســوف ينعكــس بااليجــاب علــى وضعــه كدولــة عضــو ولــن‬
‫ينتقــص حقــه فــي التصويــت او التفــاوض علــى الهيــكل المالــي واالداري المكــون‬

‫‪| 396‬‬
‫بولطملا نازوتلاو يسامولبدلا كارحلا ‪:‬ةيلودلا ةئيبلاو قارعلا‬

‫لهــذه المنظمــات‪ ،‬وســوف لــن يحرمــه ايض ـ ًا مــن البرامــج المقدمــة مــن قبــل االمــم‬
‫المتحــدة ووكاالتهــا التخصصيــة‪.‬‬

‫ب‪ -‬التخصص في عمل المنظمات الدولية‪:‬‬


‫إن العمــل ضمــن الدبلوماســية المتعــددة األطــراف والمنظمــات الدوليــة يتطلــب‬
‫االســتثمار فــي تدريــب كادر مهنــي ومتمــرس ليتــم تســميتهم كخبــراء فــي هــذا الحقــل‬
‫الحيــوي والهــام‪ ،‬ونتمنــى أن تلتفــت وزارة الخارجية والــوزارات القطاعية ذات الصلة‬
‫إلــى إنشــاء لجنــة وطنيــة عليــا تعنــى باالشــراف علــى الكــوادر التــي يتعيــن انتقاؤهــا‬
‫بعنايــة للتدريــب وتأهيلهــم للعمــل فــي هــذا المجــال‪ ،‬وان وزارة الخارجيــة العراقيــة‬
‫والــوزارات االخــرى تفتقــر الــى تســمية خبــراء فــي مجــال المنظمــات الدوليــة‪ ،‬لــذا‬
‫يتعيــن ان تقــوم وزارة الخارجيــة وباالعتمــاد علــى معهــد الخدمــة الخارجيــة ودائــرة‬
‫المنظمــات والمؤتمــرات الدوليــة وحقــوق االنســان والدائــرة االداريــة علــى ضــرورة‬
‫التعــاون فــي خلــق هيئــة تدريبيــة تشــرف علــى االختيــار والتدريــب واالعــداد‪،‬‬
‫يصاحــب هــذه الخطــوة ارســال مــن تــم اختيارهــم للمشــاركة بشــكل فعلــي ضمــن‬
‫ورش عمــل ومؤتمــرات واجتماعــات ذات عالقــة بالدبلوماســية متعــددة االطــراف‪،‬‬
‫اذ نالحــظ بــان دائــرة المنظمــات تســتقبل موظفيــن قــد قدمــوا مــن جهــات او بعثــات‬
‫التمــت لعمــل دائــرة المنظمــات بصلــة (كالشــؤون االداريــة والقنصليــة) ‪ ،‬وفــي ذات‬
‫الوقــت تقــوم هــذه الهيئــة باالشــراف علــى حركــة تنقــات موظفيهــا المتخصصيــن‬
‫بعمــل الدبلوماســية االطــراف والحيلولــة دون نقلهــم الــى بلــدان ذات طبيعــة عمــل‬
‫دبلوماســي ثنائــي او قنصلــي‪ ،‬لــذا يتعيــن البــدء بوضــع خطــة لهيكلــة مؤسســة خاصــة‬
‫بالتدريــب المتعلــق بالدبلوماســية متعــددة االطــراف وارتبــاط جهــة التدريــب باقســام‬
‫المــوارد البشــرية لتحديــد الموظفيــن الذيــت ســيتم تدريبهــم والحــرص علــى متابعــة‬
‫وجهتهــم للعمــل فــي الخــارج او اثنــاء عودتهــم الــى مركــز الــوزارة‪ ،‬ليكــون هــذا‬
‫االجــراء لبنــة العــداد خبــراء نســتيطع التعويــل عليهــم االســتفادة منهــم فــي ســاحات‬
‫عمــل المنظمــات الدوليــة‪.‬‬

‫| ‪397‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫ج‪ -‬ضعف التنسيق ما بين وزارة الخارجية والوزارات القطاعية والممثليات‬


‫الدبلوماسية في الخارج‪:‬‬
‫‪1.‬ضعــف مســتوى التنســيق بيــن وزارة الخارجيــة والــوزارات االخــرى‪ :‬تشــهد‬
‫عمليــة التنســيق بيــن وزارة الخارجيــة والــوزارات ذات الصلــة بعمــل عــدد مــن‬
‫منظمــات االمــم المتحــدة التخصصيــة وعــدد مــن المنظمــات الدوليــة ضعفـ ًا‬
‫كبيــر ًا‪ ،‬فعــادة مــا يكــون الموقــف الفنــي فــي جانــب والمواقــف السياســية‬
‫واالداريــة والدبلوماســية فــي جانــب آخــر‪ ،‬إذ يوجــد هنــاك تلكــوء واضــح‬
‫فــي تبنــي موقــف موحــد إزاء جملــة مــن القضايــا‪ ،‬وســينعكس ذلــك ســلب ًا‬
‫علــى أداء الوفــود العراقيــة المشــاركة فــي مؤتمــرات دوليــة هامــة وحساســة‪،‬‬
‫اذ ان انعــدام رؤيــا وطنيــة خالصــة تقــف عائقـ ًا حقيقيـ ًا أمــام تطلعــات العــراق‬
‫الدوليــة‪.‬‬
‫‪2.‬ضعــف مســتوى التنســيق مــا بيــن مركــز وزارة الخارجيــة والممثليــات الدائمــة‬
‫فــي ســاحات عمــل المنظمــات الدوليــة‪ :‬اذ يتســم عمــل ســاحة بعثاتنــا فــي‬
‫الخــارج بالزخــم لكثــرة إنعقــاد المؤتمــرات واالجتماعــات وورش العمــل‬
‫واللجــان الفنيــة‪ ،‬ويكــون حضــور بعــض ممثلياتنــا ضعيفــ ًا بعــض الشــيء‬
‫بالنظــر النعــدام أو غيــاب التحضيــر الجيد لهــذه المؤتمــرات أو االجتماعات‪،‬‬
‫أو وجــدود كادر متمــرس‪ ،‬فاحيانــ ًا يكــون موقــف الــوزارة جيــد لكــن‬
‫موقــف الممثليــة ضعيــف او العكــس‪ ،‬وان ذلــك يعــود الــى ســوء التنســيق‬
‫مابيــن البعثــات والمركــز والعكــس‪ ،‬وان ســوء التنســيق ســوف ينعكــس‬
‫بالســلب علــى تمثيــل العــراق وادواره التفاوضيــة ضمــن هــذه المؤتمــرات‬
‫واإلجتماعــات‪.‬‬

‫د‪ -‬كوادر ممثلياتنا الدائمة في الخارج‪:‬‬


‫إن بعــض موظفــي الممثليــات الدائمــة فــي كل مــن نيويــورك‪ ،‬وجنيــف‪ ،‬وفيينــا‪،‬‬
‫ونيروبــي‪ ،‬ورومــا‪ ،‬وباريــس‪ ،‬ومونتريــال‪ ،‬وطوكيــو‪ ،‬ولنــدن‪ ،‬وبروكســل‪ ،‬وجدة‪،‬‬
‫والقاهــرة قــد اليرتقــي أدائهــم الــى المســتوى المطلــوب‪ ،‬فبعــض رؤســاء البعثــات‬
‫او نائبيهــم أو الدبلوماســيين مســؤولي الملفــات اليتــوازى مــع عملهــم الــى طبيعــة‬
‫عمــل العديــد مــن منظمــات األمــم المتحــدة ومنظماتهــا ووكاالتهــا المتخصصــة‬
‫والمنظمــات الدوليــة‪ ،‬وان ارســال كادر متمــرس بعمــل المنظمــات الدوليــة ســوف‬
‫‪| 398‬‬
‫بولطملا نازوتلاو يسامولبدلا كارحلا ‪:‬ةيلودلا ةئيبلاو قارعلا‬

‫يعــزز مــن كفــاءة البعثــة وتفــادي الضغــط وحصــول االخطــاء التــي قــد تقــع فيهــا البعثــة‬
‫او كوادرهــا‪ ،‬خاصــة اذا مــا واصــل هــؤالء الموظفيــن عملهــم علــى نفــس الملــف‬
‫بعــد رجوعهــم مــن البعثــات او اثنــاء نقلهــم مــن المركــز‪.‬‬

‫هـ‪ -‬الوظائف ضمن المنظمات الدولية‪:‬‬


‫العــراق غيــر ممثــل او دون مســتوى التمثيــل فــي العديــد مــن وظائــف األمــم‬
‫المتحــدة ومنظماتهــا المتخصصــة والمنظمــات الدوليــة‪ .‬إذ يوجــد هنــاك قصــور‬
‫كبيــر فــي فهــم اآلليــة الخاصــة بالتوظيــف التابعــة لألمــم المتحــدة فاإلعــان عــن‬
‫وظيفــة اليعنــي بالضــرورة الفــوز بهــا لمجــرد التقديــم عليهــا‪ ،‬كمــا أن اإلعــان‬
‫عــن أي وظيفــة يحــدد بتاريــخ محــدد للغلــق‪ ،‬واليوجــد وقــت للتعميــم وإنتظــار‬
‫األجوبــة‪ ،‬كمــا أنــه يتعيــن علــى المرشــحين المطابقــة خبرتهــم للوصــف الوظيفــي‬
‫التقديــم بصفتهــم الشــخصية عبــر البوابــة االلكترونيــة التــي التخلــو مــن التعقيــد‪ ،‬وأن‬
‫عمليــة الفــرز االلكترونــي الذاتــي يتطلــب مــن ‪ 6‬أشــهر إلــى ســنة إلعــام المتقــدم‬
‫فيمــا إذا تــم قبــول ترشــيحه االلكترونــي المســتوفي للشــروط‪ ،‬والــذي ســوف يبلــغ‬
‫صاحبــه بإجــراء امتحــان تحريــري (‪ ، )Online‬ومــن يجتــاز االمتحــان ســوف يؤخــذ‬
‫الــى قائمــة اجــراء مقابــات مصغــرة‪ ،‬فقــط حينهــا بامــكان وزارة الخارجيــة وعبــر‬
‫ممثليهــا الدائمييــن التدخــل للمارســة الضغــط علــى المنظمــة ويفضــل عبــر المجاميــع‬
‫الجغرافيــة االقليميــة لزيــادة حظــوظ المرشــحين بالقبــول‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬التوصيات‪ :‬الحلول الواجب اتابعها خالل المرحلة المقبلة‬


‫‪1.‬العمــل وبجديــة علــى إعــادة مراجعــة قــرارات مجلــس االمــن خاصــة تلــك‬
‫المتخــذة بموجــب الفصــل الســابع مــن ميثــاق االمــم المتحــدة‪ ،‬اذ لــم يخــرج‬
‫العــراق بعــد مــن الفصــل الســابع وان اعــان خروجــه كان غيــر مــدروس‬
‫ودقيــق‪ ،‬إلن قــرار خــروج العــراق مــن الفصــل الســابع وبشــكل كامــل يمثــل‬
‫منعطف ـ ًا حقيقي ـ ًا ســوف يؤســس الــى عــودة العــراق إلــى مكانتــه الطبيعيــة فــي‬
‫المجتمــع الدولــي ومحيطــه االقليمــي‪ ،‬وسيســهم فــي تعزيــز ودعــم العالقات‬
‫الثنائيــة والمتعــددة‪ ،‬والمضــي قدمـ ًا فــي ســبيل زيــادة تفعيــل دور العــراق فــي‬
‫المنظمــات الدوليــة والمتخصصــة مــن أجــل تحقيــق أهدافــه وطموحاتــه‬
‫المشــروعة‪.‬‬
‫| ‪399‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪2.‬ضــرورة االنتبــاه الــى طبيعــة عمــل بعثــة االمــم المتحــدة لمســاعدة العــراق‬
‫(‪ )UNAMI‬فالعــراق اشــبه مــا يكــون تحــت الوصايــة الدوليــة‪ ،‬الن عمــل‬
‫البعثــة يجــدد كل عــام بموجــب قــرارات مجلــس االمــن‪ ،‬ومــن خــال قــراءة‬
‫ســريعة لهــذه القــرارات ســوف نجــد بــان هنــاك توســع فــي الواليــة المنوطــة‬
‫بعمــل هــذه البعثــة‪ ،‬فقــد توســعت صالحياتهــا بشــكل يدعــو الــى القلــق‪،‬‬
‫لقــد مــر العــراق بمرحلــة اســتثنائية لكنــه اســتعاد اســتقراره وســيادته بشــكل‬
‫تدريجــي‪ ،‬قــد اليخلــو وضعــه الداخلــي مــن المشــاكل وهــذا حــال اغلــب‬
‫الــدول‪ ،‬لكــن اســتمرار عمــل البعثــة كل عــام يفتــح لهــا المجــال للتدخــل‬
‫بمســائل ذات طابــع خالفــي منهــا (حقــوق االنســان باالخــص حقــوق المــراة‬
‫والطفــل‪ ،‬المناطــق الداخليــة والمتنــازع عليهــا بموجــب الفقــرة (‪ )140‬مــن‬
‫الدســتور‪ ،‬عالقــة العــراق مــع محيطــه االقليمــي وقضيــة الكويــت‪. . .‬‬
‫الــخ) ‪ ،‬لــذا يتعيــن علــى الحكومــة العراقيــة االنتبــاه الــى اللغــة المســتخدمة‬
‫ضمــن قــرارات مجلــس األمــن المتخــذة لتجديــد واليــة عمــل البعثــة فــي‬
‫العــراق‪ ،‬كمــا يتعيــن التحــرك وبشــكل متــوازي علــى تمكيــن المنظمــات‬
‫المتخصصــة مــن العــودة الخــذ دورهــا الطبيعــي فــي العــراق دون االســتناد‬
‫الــى بعثــة (يونامــي) كغطــاء‪ ،‬هــذا اذ علمنــا ان المبالــغ المرصــودة وبحســب‬
‫فريــق التقييــم المســتقل قــد بلغــت ‪ ٪80‬لصالــح امــور لوجســتية وتشــغيلية‬
‫بينمــا يصــرف اقــل مــن ‪ ٪20‬منهــا علــى االســتجابات االنســانية الطارئــة فــي‬
‫العــراق‪ .‬كمــا ان اســتمرار عمــل البعثــة يحــرم العــراق مــن ممارســة حقــه‬
‫الســيادي ولعــل مــن أبرزهــا إعــادة طلــب الترشــيح لعضويــة مجلــس االمــن‪.‬‬
‫‪3.‬حــث مجلــس النــواب والجهــات الماليــة كــوزارة الماليــة والبنــك المركــزي‬
‫علــى ضــرورة ضمــان التمويــل الكافــي لســداد حصــة العــراق ضمــن‬
‫المســاهمات واالشــتراكات والمنــح الماليــة كبــدل لعضويتــه ضمــن االمــم‬
‫المتحــدة ووكاالتهــا المتخصصــة والمنظمــات الدوليــة‪.‬‬
‫‪4.‬اعــداد وزارة الخارجيــة لورشــة عمــل تبــدا بمقــر وزارة الخارجيــة وتتنقــل‬
‫ً‬
‫نــزوال الــى وزارات الدولــة وهيئاتهــا‬ ‫مــن االمانــة العامــة لمجلــس الــوزراء‬
‫المختلفــة‪ ،‬الغــرض منهــا شــرح اليــة التقديــم الــى وظائــف األمــم المتحــدة‬
‫عبــر عــرض ‪ ،Power Point‬الهــدف منــه بيــان كافــة الخطــوات الواجــب‬

‫‪| 400‬‬
‫بولطملا نازوتلاو يسامولبدلا كارحلا ‪:‬ةيلودلا ةئيبلاو قارعلا‬

‫اتباعهــا عنــد التقديــم ومــا هــي ابــرز المعوقــات‪ ،‬وكيــف يمكــن للعــراق أن‬
‫يتدخــل ومتــى فــي زيــادة حصصــه مــن هــذه الوظائــف‪.‬‬
‫‪5.‬تحســين التنســيق فيمــا بيــن وزارة الخارجيــة والــوزارات القطاعيــة وبما يضمن‬
‫إيجــاد مواقــف وطنيــة متكاملــة الركائــز مــن النواحــي السياســية والفنيــة‪،‬‬
‫ليتســنى عرضهــا والدفــاع عنهــا والتفــاوض بشــانها ضمــن المؤتمــرات‬
‫واالجتماعــات الدوليــة وبمــا يلبــي حجــم الطموحــات والتحديــات التــي‬
‫يواجههــا العــراق‪.‬‬
‫‪6.‬العمــل علــى تشــكيل هيئــة أو لجنــة تســعى الــى تعزيــز بنــاء القــدرات وخلــق‬
‫كــدر متخصــص علــى مســتوى خبــراء فــي مجــال المنظمــات الدوليــة‪ ،‬مــع‬
‫متابعــة اماكــن عملهــم مســتقب ًال وبمــا يخــدم مصلحــة العمــل الوظيفــي ومكانة‬
‫العــراق كعضــو فــي األمــم المتحــدة والمنظمــات المتخصصــة والدوليــة‪.‬‬
‫‪7.‬العمــل علــى خلــق نقــاط اتصــال وطنيــة قــادرة وفاعلــة لالســتجابة الــى‬
‫المتطلبــات والدراســات واالســتبيانات ذات الصلــة بعمــل كل منظمــة‬
‫دوليــة وبمــا يتوائــم مــع التحديــات الفعليــة والتــي تواجــه كل قطــاع حســب‬
‫االختصــاص‪ ،‬وان يتــم اختيــار وســائل اتصــال مســتدامة عبــر تخصيــص‬
‫هواتــف وبريــد الكترونــي تابــع الــى مؤسســة وليــس الــى أشــخاص‪.‬‬

‫| ‪401‬‬
‫أزمة المياه في حوض الرافدين‬

‫إعادة توظيف الفرص والممكنات اإلستراتيجية‬

‫تمثــل قضيــة الميــاه المشــكلة األكبــر بالنســبة للعــراق لصعوبــة التفاهــم مــع تركيــا‬
‫بشــأن حقــوق العــراق فــي حــوض مياه نهــري دجلــة والفــرات‪ ،‬إذ أن صعوبــة الوصول‬
‫إلــى حلــول بشــأن الحصــص المائيــة بالنســبة للعــراق فضـ ًا عــن تبايــن تحديــد مــاإذا‬
‫كانــت ميــاه نهــري دجلــة والفــرات عابــرة للحــدود أم أنهــار دوليــة؟ جعــل القضيــة‬
‫تــزداد تأزمـ ًا بيــن العــراق وتركيــا‪.‬‬
‫تكمــن المشــكلة المائيــة فــي العــراق بوجــود إختــال فــي التــوازن بيــن المــوارد‬
‫المائيــة المتاحــة والطلــب المتزايــد عليهــا‪ ،‬وهــذا العجــز يبيــن أن الكميــات المتاحــة‬
‫مــن الميــاه التتناســب مــع حجــم االحتياجــات المائيــة الفعليــة‪ .‬ووفقــا لذلــك فــان‬
‫المشــكلة المائيــة فــي العــراق يمكــن تصنيفهــا فــي إطــار مجموعتيــن‪:‬‬
‫األولــى‪ :‬وترتبــط هــذه المشــكلة بجانــب العــرض إذ أن تراجــع حصــة العــراق‬
‫مــن ميــاه نهــري دجلــة والفــرات كنتيجــة لسياســات الــدول المتشــاطئة مــع العــراق‬
‫فــي النهريــن‪ ،‬فض ـ ًا عــن ضعــف التعــاون مــع البلــدان المتشــاطئة مــع العــراق فــي‬
‫حوضــي دجلــة والفــرات‪ .‬ولــم تســهم اإلتفاقيــات أو المفاوضــات بوضــع حلــول‬
‫نهائيــة لهــذه المشــكلة‪.‬‬
‫الثانيــة‪ :‬تتعلــق بجانــب االحتياجــات والطلــب‪ ،‬إذ أن تزايــد اإلحتياجــات مقابــل‬
‫عــدم تطويــر أســس إســتخدام الميــاه ضاعــف مــن أزمــة الميــاه وجعلهــا تكــون ذات‬
‫تأثيــر كبيــر علــى العــراق‪ .‬فتزايــد اإلحتياجــات نتيجــة لزيــادة عــدد الســكان وضعــف‬
‫التقنيــات المســتخدمة فــي الزراعــة والــري ضاعــف مــن الطلــب مقابــل تراجــع فــي‬
‫كميــة المــوارد المائيــة‪.‬‬
‫وكمقدمــة لبجــث أســس التعــاون بيــن العــراق وتركيــا تحديــد ًا فــي مجــال‬
‫السياســات المائيــة‪ ،‬تبــدو الخيــارات القانونيــة واألخالقيــة فــي التعامــل مــع تركيــا‬

‫‪| 402‬‬
‫نيدفارلا ضوح يف هايملا ةمزأ‬

‫بشــكل خــاص ضعيفــة‪ ،‬إذ أن معظــم األوراق القانونيــة هــي فــي صالــح تركيــا بســبب‬
‫ضعــف قواعــد القانــون الدولــي التــي تجبــر موافقــة الطرفيــن فــي حــال اإلحتــكام إلــى‬
‫قواعــد القانــون الدولــي أو القضــاء الدولــي‪ .‬ولكــن بالرغــم مــن كونهــا إستشــارية غير‬
‫ملزمــة إال أن فيهــا ســلبيات أخــرى تتعلــق بــأن اإلتجــاه إلــى التحكيــم ســيضعف عنصر‬
‫المســاومة ألنــه ســيبرز قــوة الجمهوريــة التركيــة مــن جهــة وســيفقد العــراق مواقــف‬
‫تســاومية شــخصية قــد يتمكــن مــن اللجــوء إليهــا بعيــد ًا عــن الخيــارات القانونيــة غيــر‬
‫الملزمــة كالحالــة مــع تنســيق المصالــح والتــي سنشــير إليهــا فــي ثنايــا هــذه الورقــة‪.‬‬

‫النوايا التركية في توظيف المياه‬


‫تــدرك تركيــا جيــد ًا أهميتهــا الجيوبولتيكيــة كونهــا المتحكــم فــي مصــادر الميــاه‪،‬‬
‫وتعمــل علــى توظيــف هــذا المتغيــر بكونــه قــوة تركيــة حقيقيــة فــي التعامــل والتعاطــي‬
‫مــع العــراق وفــق منظــور اســتراتيجي قوامــه (تنســيق المصالــح) مــع العــراق تحديــدا‪.‬‬
‫وتــرى تركيــا فــي العــراق ســوق ًا مســتقبلي ًا محتمــ ًا لتجــارة الميــاه‪ ،‬فمــن خــال‬
‫ضغطهــا المســتمر يمكــن ان يتحــول العــراق (مســتورد ًا مهمــا للميــاه عــن طريــق‬
‫مشــروع (اليســو) ‪ ،‬الــذي ممكــن أن تطــرح تركيــا احــدى بحيراتــه لإلســتئجار مــن‬
‫قبــل العــراق لتخزيــن الميــاه)‪.‬‬
‫إلــى جانــب ذلــك تــدرك تركيــا أن العــراق لــم يتمكــن مــن تأميــن حصــص مائيــة‬
‫مناســبة مــن خــال الجمهوريــة اإليرانيــة التــي عملــت علــى بنــاء ســدود ومشــاريع‬
‫مائيــة أســهمت فــي تحويــل ونهــر الــكارون وســيوان والونــد إلــى داخــل إيــران فضـ ًا‬
‫عــن أن أي حصــة مائيــة ممكــن الحصــول عليهــا لــن تعــزز مــن الموقــف التفاوضــي‬
‫العراقــي مــادام عنصــر التوافــق مؤقت ـ ًا مــع إيــران وغيــر قــادر علــى تغطيــة إحتياجــات‬
‫العــراق الحقيقــة مــن الميــاه‪( .‬ينظــر الخارطــة)‬

‫| ‪403‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫الخارطة توضح السدود المقامة من قبل الجمهورية التركية واإليرانية بجوار العراق‬

‫ورغــم التفاهمــات المســتمرة بيــن العــراق وتركيــا فــي مجــال الميــاه إال أن علــى‬
‫صانــع القــرار العراقــي أن ينتبــه أن أي تدهــور فــي العالقــات الثنائيــة قــد يســهم فــي‬
‫تراجــع المخــزون اإلحتياطــي للميــاه بشــكل ســريع كالحالــة مــع مــا حــدث فــي‬
‫حزيــران ‪ 2018‬عندمــا تراجــع المخــزون اإلحتياطــي عشــر مليــارات لتــر‪ .‬فالمصالــح‬
‫التركيــة قــد تســتدعي الضغــط علــى العــراق إلجبــاره علــى التفــاوض أو التراجــع عــن‬
‫سياســات معينــة الســيما وأن السياســات األمنيــة للجــوار اإلقليمــي متشــابكة ومتداخلة‬
‫بحيــث مــن الصعــب فصــل السياســات عــن بعضهــا فــي هــذا اإلطــار‪.‬‬

‫االدراك العقالني العراقي‬


‫مــن المهــم ادراك حقيقــة مفادهــا ان تركيــا دولــة ربحيــة‪ /‬اســتثمارية‪ ،‬تســعى الــى‬
‫تأطيــر اهدافهــا االســتراتيجية مــن خــال إســتراتيجيات اســتثمارية يمكــن للعــراق‬
‫التعامــل والتعاطــي معهــا وفــق منظــور اســتراتيجي عراقــي‪ ،‬قائــم علــى اســاس‬
‫التوظيــف االمثــل للجيوبولتيــك العراقــي ‪ -‬التركــي‪.‬‬
‫وعليــه ضــرورة ان يكــون تعاطــي عراقــي اســتراتيجي مــع هــدف تركيــا فــي‬
‫توظيــف الميــاه‪ ،‬وان يهــئ مســتلزمات التعامــل معــه وقــت الطــرح‪ ،‬او ان يقــوم‬
‫‪| 404‬‬
‫نيدفارلا ضوح يف هايملا ةمزأ‬

‫بعمليــة تفاوضيــة اســتباقية تجهــض الهــدف مــن خــال تبنــي مجموعــة برامــج قوامهــا‬
‫باالســاس (تنســيق المصالــح) ايضــا علــى غــرار االســتراتيجية التركيــة‪ .‬وربــط تركيــا‬
‫بمشــاريع اســتراتيجية مهمــة مــع العــراق تدفعهــا اليجــاد تســوية لقضيــة الميــاه بشــكل‬
‫جــدي تحــت مســمى حمايــة المصالــح التركيــة ‪ -‬العراقيــة المتبادلــة‪.‬‬
‫إن مــن بيــن الخيــارات المهمــة فــي هــذا الجانــب يمكــن أن تتــم مــن خــال قــراءة‬
‫لواقــع المفاوضــات العراقيــة التركيــة والتــي تســهم فــي تكويــن تقنيــات للخيــارات‬
‫العراقيــة للتفــاوض هــي‪:‬‬

‫‪ -١‬منفذ فيشخابور‬
‫ويعــد معبــر حيــوي مهــم وإســتراتيجي مــع تركيــا تمــر منــه شــبكة خطــوط النقــل‬
‫العراقيــة المتجهــة إلــى جيهــان وبــدأ يســتخدم مــن قبــل بعــض العناصــر الكرديــة فــي‬
‫اإلقليــم فــي تصديــر النفــط إلــى مجموعــة شــبكات مرتبطــة بشــركات‪ ،‬هــذا المنفــذ‬
‫الحــدودي ســوف يقلــص نفــوذ كردســتان فهــو يبعــد عــن الموصــل ‪ 110‬كــم وعــن‬
‫دهــوك ‪ 70‬كــم وبدخــول هــذا المنفــذ إلــى خــط الخدمــة بيــن العــراق وتركيــا ســوف‬
‫تتقلــص ســيطرة اإلقليــم عليــه وســوف يجعلــه تحــت إرادة عراقيــة‪.‬‬
‫مــن مصلحــة تركيــا تقليــص النفــوذ الكــردي فــي العــراق ولذلــك فهــي تبحــث بيــن‬
‫الحيــن واآلخــر إمكانيــة دعــم العــراق فــي إعــادة هــذا المنفــذ إلــى خــط الخدمــة بيــن‬
‫العــراق وتركيــا وســوف تتقلــص ســيطرة اإلقليــم عليــه ويجعلــه تحــت إرادة عراقيــة‬
‫حســب تقديــر مخططــي اإلســتراتيجية القوميــة فــي تركيــا‪.‬‬
‫ويــرى البعــض مــن المختصيــن فــي الجامعــات التركيــة فــي مجــاالت الجيوبولتيك‬
‫أن منفــذ فيشــخابور ســوف يعالــج الكثيــر مــن األزمــات العالقــة بيــن تركيــا والعــراق‬
‫فضـ ًا عــن أنــه ســوف يعمــل علــى تقليــص تمــدد النفــوذ الكــردي فــي العــراق ولذلــك‬
‫فهــي تبحــث بيــن الحيــن واآلخــر إمكانيــة دعــم العــراق فــي هــذا المنفــذ الــذي أغلــق‬
‫لمــدة طويلــة‪ .‬عــاو ًة علــى أنــه ســوف يحصــر منطقــة تمــدد مجموعــة ‪ PKK‬والتــي‬
‫تصنــف كمجموعــة إرهابيــة مــن قبــل تركيــا‪.‬‬
‫إن التنســيق مــع تركيــا بشــكل جــدي فــي هــذا المجــال ســوف يعمــل علــى مضاعفة‬
‫فــرص العــراق فــي المفاوضــات مــع تركيــا بشــأن قضيــة الميــاه ألنــه سيرســل رســالة‬
‫مفادهــا أن العــراق يهتــم بقضايــا األمــن اإلســتراتيجي لتركيــا وعلــى تركيــا كذلــك أن‬

‫| ‪405‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫تعيــد حســاباتها بشــأن هواجســها األمنيــة مــن سياســة العــراق تجــاه المنطقــة بعــد عــام‬
‫‪.2014‬‬

‫‪ -٢‬دراسة امكانية انشاء معابر حدودية جديدة مع تركيا‬


‫البحــث عــن امكانيــة بنــاء معابــر ومناطــق حدوديــة جديــدة مــع تركيــا والســيما‬
‫فــي المناطــق ذات االغلبيــة العربيــة‪ ،‬وطرحهــا لالســتثمار مــع تركيــا وتحويلهــا الــى‬
‫مراكــز تجاريــة وصناعيــة‪ .‬وفيهــا اهــداف امنيــة‪ ،‬سياســية‪ ،‬اجتماعيــة متاحــة للعراق‪.‬‬
‫ولعــل مــن أهــم الخيــارات التــي تــرد فــي هــذا الجانــب هــو مايتعلــق بمعبــر أووفاكــوي‬
‫القريــب مــن فيشــخابور والــذي ســعت حكومــة الدكتــور العبــادي بالتنســيق مــع‬
‫الجانــب التركــي أن يجعــاه طريق ـ ًا للتجــارة المشــتركة والبوابــة البديلــة عــن معبــر‬
‫إبراهيــم الخليــل وســيمكن التنســيق فــي هــذا المعبــر جملــة مــن المظاهــر الجديــدة‬
‫للتعــاون أهمهــا التنســيق والتعــاون بيــن القــوات العســكرية والتركيــة والــذي يعــد‬
‫متطلــب ضــروري للحفــاظ علــى اإلنتصــارات العراقيــة ودعــم مكافحــة التطــرف‬
‫العنيــف وتســلل الجماعــات اإلرهابيــة‪.‬‬

‫‪ -٣‬إستثمار األراضي الزراعية من قبل شركات تركيا‬


‫تعمــل تركيــا بشــكل متزايــد علــى توســيع نفوذهــا اإلســتثماري فــي المنطقــة مــن‬
‫خــال دخــول مجموعــة الشــركات التركيــة فــي مشــاريع إســتثمارية فــي مناطــق تهــم‬
‫تركيــا مــن الناحيــة االقتصاديــة أو األمنيــة‪ .‬والســبب فــي ذلــك يكمــن فــي أن تركيــا‬
‫تــرى أن مجــال التمــدد فــي مناطــق العمــق اإلســتراتيجي مــن الصعــب أن يتبلــور دون‬
‫وجــود قــوة ناعمــة تعمــل علــى اإلنجــذاب باإلنمــوذج التركــي االقتصــادي والثقافــي‪،‬‬
‫األمــر الــذي يبــرر سياســة تركيــا فــي مجــال اإلنتــاج الســينمائي مــن جهــة وفــي المجــال‬
‫االقتصــادي مــن جهــة أخــرى‪.‬‬
‫ومــع هــذا التوجــه فــإن األراضــي التــي تملكهــا الدولــة فــي مناطــق الفــرات‬
‫األوســط والجنــوب العراقــي ســوف تكــون ورقــة جــذب لشــركات تركيــا الزراعيــة مــن‬
‫أجــل اإلســتثمار وإعــادة التأهيــل وهــذه مــن شــأنها تتطلــب زيــادة الحصــص المائيــة‬
‫للعــراق مــن أجــل نجــاح هــذه المشــروعات وهــو يتماشــى أيض ـ ًا مــع خيــار وتركيــا‬
‫القائــم علــى اإلســتخدام األمثــل للميــاه‪.‬‬

‫‪| 406‬‬
‫نيدفارلا ضوح يف هايملا ةمزأ‬

‫إن التلويــح بهــذه الورقــة مــن الناحيــة التفاوضيــة يعــد مكســب ًا بالنســبة إلــى العــراق‬
‫دون الدخــول فــي التفاصيــل ألن مــن المنطقــي أن تركيــا لــن تضحــي بشــركاتها‬
‫اإلســتثمارية الداعمــة إلقتصادهــا الوطنــي‪ .‬وعلــى العــراق أن يعمــل بشــكل جــدي‬
‫علــى إســتثمار هــذه الورقــة التفاضيــة علــى أن يكــون هنالــك تشــخيص نوعــي‬
‫للشــركات المؤثــرة فــي تركيــا خصوصــ ًا الشــركات التابعــة إلــى حــزب العدالــة‬
‫والتنميــة والتــي ستســهم بالضغــط علــى سياســات تركيــا تجــاه العــراق الســيما فــي‬
‫مايتعلــق بالحصــص المائيــة‪.‬‬
‫‪ .3‬طــرح مشــاريع اســتراتيجية لالســتثمار ‪ -‬مــع اعطــاء لتركيا االفضلية واســتثنائها‬
‫مــن بعــض الشــروط ‪ -‬فالضــرورة الجيوبولتكيــة تدفــع بذلــك االســتثناء‪ ،‬مثل مشــاريع‬
‫بنــاء ســكك الحديــد التــي تربــط جنــوب العــراق مــع وســطه وشــماله مــرور ًا بتركيــا‬
‫وصــوال الــى اوربــا علــى ســبيل المثــال‪ ،‬مشــروع اســتثمار االهــوار فــي مجــال‬ ‫ً‬
‫الســياحة وتركيــا تعــد مــن الــدول الرائــدة فــي هــذا المجــال‪.‬‬
‫‪ .3‬رفــع مســتويات التفــاوض مــن المســتويات الفنيــة الــى المســتويات السياســية‬
‫واالمنيــة‪ ،‬بشــأنه ان يتــرك انطبــاع لــدى تركيــا بجديــة الحكومــة العراقيــة بالتعاطــي مــع‬
‫مشــكلة قضيــة الميــاه وكونهــا قضيــة امــن وطنــي‪ .‬وان تتشــكل الوفــود التفاوضيــة مــن‬
‫عــدة جهــات رســمية (سياســية‪ ،‬امنيــة‪ ،‬فنيــة)‪.‬‬

‫تحليل حالة التفاوض بين العراق وتركيا في مجال المياه‬


‫اليمكــن عــزل قضيــة التفــاوض علــى الميــاه عــن غيرهــا مــن الملفــات السياســية‬
‫التــي يشــترك بهــا البلديــن‪ ،‬فتنســيق البدائــل ســيعزز المصالــح المشــتركة ويمكــن أن‬
‫يعمــل فــي تعديــل الســلوك التركــي تجــاه العــراق فــي هــذا الجانــب‪ ،‬وهــذا األمــر‬
‫بحاجــة إلــى تشــخيص للبيئــة التفاوضيــة ومايرتبــط بهــا مــن معطيــات يمكــن أن تعــزز‬
‫عنــد التعامــل معهــا مــن موقــف العــراق التفاوضــي‪.‬‬

‫نقاط الضعف في الموقف التفاوضي العراقي‬


‫‪1.‬مــن الناحيــة الواقعيــة لــم تعــد المفاوضــات التركيــة العراقيــة بشــأن الميــاه‬
‫مســألة فنيــة بقــدر ماهــي محــور سياســي والســبب تمســك تركيــا بإعتبــار دجلــة‬
‫والفــرات نهريــن داخلييــن‪.‬‬

‫| ‪407‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي ‪٢٠٢٠‬‬

‫‪2.‬مــن ناحيــة القانــون الدولــي اليوجــد أي قــرار يلــزم تركيــا بمقــدار الحصــة‬
‫المائيــة للعــراق‪ .‬وأي مبــادرة عراقيــة بهــذا الشــأن ســتنعكس ســلب ًا علــى‬
‫العــراق‪.‬‬
‫‪3.‬فــي الوقــت الراهــن وبســبب ضعــف قــوة العــراق مــن الصعــب اإلحتــكام إلــى‬
‫خيــار تركيــا (اإلســتخدام األمثــل للميــاه) ألنــه ســيؤثر علــى قبــول الشــعب‬
‫بالنظــام السياســي ويضعــف ثقــة المواطــن بالدولــة وســيادتها‪ .‬فض ـ ًا عــن‬
‫أنــه ســيقيد العــراق مســتقب ًال بحصــص مائيــة وسياســات تفرضهــا تركيــا علــى‬
‫العــراق‪.‬‬
‫‪4.‬لحــد اآلن تركيــا تلــوح بإســتخدام ورقــة الميــاه والمخــاوف العراقيــة المتناميــة‬
‫تحفــز تركيــا علــى التلويــح بهــذا اإلجــراء‪ ،‬خصوصـ ًا وأن هنالــك ضعــف فــي‬
‫الموقــف العراقــي يتعلــق بالمــوارد التــي يمكــن الحصــول عليهــا مــع إيــران‪.‬‬

‫نقاط الضعف في الموقف التفاوضي التركي‬


‫‪1.‬تراجــع شــعبية رجــب طيــب أردوغــان ســتجعل تركيــا تقلــل مــن ضغطهــا‬
‫السياســي فــي المفاوضــات العراقيــة‪ .‬إذا مــا أحســن العــراق توظيــف فــرص‬
‫مناســبة تتعلــق بالتبــادل التجــاري واإلســتثمارات المبادلــة وفــق مبــدأ التعامــل‬
‫بالمثــل‪.‬‬
‫‪2.‬نجــاح العــراق فــي إدارة موقــف إســتفتاء إقليــم كردســتان جعــل األتــراك‬
‫يدركــون إمكانيــة العــراق فــي تحريــك هــذا الملــف ضدهــم‪.‬‬
‫‪3.‬تراجــع قــوة تركيــا اإلقليميــة بعــد بــروز الــدور الســعودي ومخــاوف تركيــا مــن‬
‫تأثيــر اإلنفتــاح الســعودي علــى العــراق علــى صادراتهــا االقتصاديــة وتبادلهــا‬
‫التجــاري مــع العــراق‪.‬‬

‫اإلدارة التفاوضية‬
‫‪1.‬إعتمــاد مبــدأ منــح الفــرص بالمثــل‪ /‬أي تحــرك إيجابــي تركــي تجــاه العــراق‬
‫ســيقابله منافــع عراقيــة لتركيــا‪ . .‬ونقتــرح هنــا التركيــز علــى التبــادل‬
‫التجــاري‪ .‬كخطــوة مناســبة بهــذا الشــأن خصوصــ ًا وأن هنالــك مخــاوف‬
‫تركيــة مــن أن سياســة اإلنفتــاح الســعودي علــى العــراق قــد تؤثــر علــى نســب‬
‫التبــادل التجــاري معهــا‪.‬‬
‫‪| 408‬‬
‫نيدفارلا ضوح يف هايملا ةمزأ‬

‫‪2.‬مــن الممكــن منــح الشــركات الزراعيــة التركيــة بعــض األراضــي لإلســتثمار‬


‫الزراعــي ســيما األراضــي الواقعــة علــى ضفــاف نهــري دجلــة والفــرات‬
‫وبميــزة تنافســية‪ .‬وهنــا علــى علــى الحكومــة العراقيــة تكليــف وزارة الزراعــة‬
‫بحصــر األراضــي القابلــة لإلســتثمار مــن قبــل الجانــب التركــي فــي مناطــق‬
‫جنــوب العــراق بشــكل أكبــر وعلــى األراضــي التــي تجــري فيهــا ميــاه دجلــة‬
‫والفــرات‪.‬‬
‫‪3.‬يمكــن للعــراق التلويــح ببنــاء ســد علــى نهــر دجلــة (حتــى وإن كان مــن الناحية‬
‫اإلعالميــة فقــط) وفقـ ًا للخارطــة الفنيــة المقدمــة مــن وزارة المــوارد الماليــة‪،‬‬
‫حتــى التســتمر تركيــا بفكــرة تأجــر الســدود للعــراق‪.‬‬
‫‪4.‬يمكــن للعــراق التلويــح بتنفيــذ بعــض الخيــارات التركيــة كالحالــة مــع منفــذ‬
‫فيشــخابور علــى ســبيل المثــال مــن أجــل طمأنــة تركيــا بــأن العــراق يبحــث‬
‫عــن تعزيــز فــرص تركيــا فــي العــراق‪ ،‬وإدراجهــا ضمــن ملــف اإلتفاقيــات‬
‫اإلســتراتيجية الموقعــه‪.‬‬
‫‪5.‬علــى العــراق أن يعمــل علــى صياغــة إســتراتيجية للميــاه تــوازي إســتراتيجية‬
‫مكافحــة اإلرهــاب تســهم فــي تأميــن الحاجــة الفعليــة مــن الســدود وتحقيــق‬
‫متطلبــات اإلســتخدام األمثــل للميــاه برؤيــة وطنيــة عراقيــة فضـ ًا عــن مايتعلق‬
‫بالميــاه الجوفيــة‪ ،‬فالحاجــة الفعليــة مــن الســدود واإلســتخدام األمثــل تتطلب‬
‫خطــة واقعيــة تعمــل علــى المحافظــة علــى نســبة التقــل عــن ‪ ٪60‬إن لــم يكــن‬
‫أكثــر مــن الميــاه المهــدورة‪.‬‬
‫‪6.‬علــى الحكومــة العراقيــة العمــل بجديــة لتنشــيط دبلوماســية المســار الثانــي‬
‫فــي سياســتها تجــاه تركيــا وأن تعمــل علــى فهــم الحــركات السياســية الرســمية‬
‫وغيــر الرســمية المؤثــرة فــي تركيــا وتعتمــد إســتراتيجيات للتنســيق معهــا كونها‬
‫تعمــل علــى التأثيــر بشــكل كبيــر علــى القــرارات اإلســتراتيجية التركيــة‪.‬‬

‫| ‪409‬‬

You might also like