Professional Documents
Culture Documents
أثر التحولات الاقتصادية والتطورات التكنولوجية على نظرية العقد في التشريع المغربي والمقارن
أثر التحولات الاقتصادية والتطورات التكنولوجية على نظرية العقد في التشريع المغربي والمقارن
تقديم
يحتل العقد مكانة الصدارة في النظم القانونية المختلفة ،فهو المرتكز االساسي للمعامالت على الصعيدين المحلي ،والدولي ،ويلعب
دورا مهما في تنظيم العالقات بين االشخاص.
و العقد بصفة عامة ،هو توافق ارادتين ألحداث اثر قانوني معين ،يتمثل في اعطاء شيئ ،أو القيام بعمل ،أو االمتناع عن عمل ،ومن
خالله تنشا الغاية العظمى من الحقوق وااللتزامات ،وتستقر به المراكز القانونية المختلفة ،لذا تحضى نظرية العقد بمكانة بارزة
ومتطورة في التشريعات المعاصرة ،وتزداد اصداءها في جنبات القضاء والدراسة الفقهية .ويلعب العقد دورا هاما في تداول الثروات
والخدمات على صعيد الجماعة الدولية التي تشهد تطورا ملحوظا في ضل العولمة وحرية التجارة والتكتالت االقتصادية والتقدم
التقني الهائل الذي ربط أجزاء المعمورة ،من خالل االتصاالت الفضائية وشبكة االنترنيت أصبحت العقود اداة تيسير التجارة الدولية،
ووسيلة المبادالت االقتصادية والخدماتية والمعلوماتية عبر الحدود.
وعموما ،تتنوع العقود بتنوع موضوعاتها ،فالى جانب العقود الدولية التقليدية في مجال البيع والتامين والعمل ،ظهرت عقود أخرى
لمواكبة مناخ االستثمار والتنمية االقتصادية والمعامالت االلكترونية ،كعقود نقل التكنولوجيا والتعاون الصناعي والتجارة االلكترونية
وغيرها ،ولقد كان للتطورات االقتصادية والتكنولوجية الهائلة عمق األثر من العملية التعاقدية ووزنها االقتصادي والقانوني والدولي،
حيث ظهرت الكثير من العقود المركبة والمعقدة ترد على مشروعات عمالقة تقدر قيمتها بأموال طائلة نتطوي على كثير من تعقيدات
الفنية والقانونية والمالية ،ولها تأثير ها البالغ بما تحمله من فوائد ومخاطر على المجتمع]1[.
:واالشكال الذي يمكن طرحه في هدا الصدد هو
هل يمكن اعتبار تغير التحوالت االقتصادية والتكنولوجية ثورة على العقد وعلى المبادئ التقليدية المنظمة لهدا األخير ؟
:ويترتب على هدا االشكال تساؤالت فرعيه وهي كتالي
فما االطار التاريخي لهذه التحوالت االقتصادية و التطورات والتكنولوجية التي لحقت بنظرية العقد ؟
وما هي مظاهر هذه التحوالت؟
وما النتائج المترتبة عن هذه التحوالت سواء في التشريع المغربي أو المقارن؟
:والجابة عن هذه االشكاليات ارتأينا اعتماد التصميم التالي
المبحث االول اإلطار التاريخي للتحوالت االقتصادية والتطورات التكنولوجية على نظرية .العقد في التشريع المغربي والمقارن
المطلب االول :التطور االقتصادي والتكنولوجي على نظرية العقد في التشريع المغربي والمقارن.
المطلب الثاني :مظاهر التحوالت االقتصادية والتكنولوجية على نظرية العقد في التشريع المقارن المغربي
المبحث الثاني تقييم مدى تاثير التحوالت االقتصادية والتكنولوجية على نظرية العقد في التشريع المغربي والمقارن
المطلب االول :اثر التحوالت االقتصادية على نظرية العقد
المطلب الثاني :اثر التحوالت التكنولوجية على نظرية العقد
المبحث االول :اإلطار التاريخي للتحوالت االقتصادية والتطورات التكنولوجية على نظرية العقد في التشريع المغربي والمقارن
اثر التحوالت االيجابية الملموسة التي عرفتها نظرية العقد في االونة االخيرة ،مند بداية االلفية التي استهلها المشرع المغربي بطرح
جملة من النصوص القانونية الخاصة ،التي عدل بها هيكل نظرية العقد وفقا للتصور الجديد الذي اصبح يصب في اتجاه الالصالحات
الجزئية القطاعية المحدودة لمدونة االلتزامات والعقود[]2
المطلب االول :التطور االقتصادي والتكنولوجي على نظرية العقد في التشريع المغربي والمقارن
-في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر ،كان المجتمع االوروبي يتسم بالبساطة في تركيبته و محدودية تقدمه التقني و
التكنولوجي .حيث كانت الثورة الصناعية في بدايتها االولي ،وفي هذه الفترة كان مبدأ وسلطان اإلرادة هو المسيطر على المعامالت
التعاقدية أي أن االرادة كانت حرة بصفة مطلقه تستطيع تحديد أثار العقود التي تنشأ عنها في ظل مبدأ سلطان االرادة ولهذا فإن مدونة
نابليون التي صدرت في سنة "" 1804لم تكن لتثير إشكاال حينما تبتت مبادل الحرية التعاقدية والعقد شريعة المتعاقدين والقوة الملزمة
للعقد الن ذلك كان مطلبا أساسيا لرجال الثورة الفرنسية.
-2ثم ان انتصار مبدأ سلطان االرادة يرجع الي عوامل اقتصادية باألساس وهي عوامل أدت الي انتشار روح الفردية في القرنين
الثامن عشر و التاسع عشر فهذه العوامل ذاتها بعد ان تطورت و قامت الوحدات االنتاجية و نظمت طوائف العمال ادت الي اختالل
التوازن بين القوي االقتصادية هذه العوامل كان ممن شانها ان تقلص او تنقص من قوة مبدأ سلطان االرادة فيكون هذا المبدأ قد قام
علي اساس اقتصادي و انتكس متأثرا بعوامل اقتصادية .
-3و باعتبار الواقع االقتصادي ال يتوقف عن السريان و التغير بل هو في حركة دائمة وتطور مستمر فالظروف االقتصادية التي
تمخض عنها مبدأ سلطان االرادة في مجال العقد تغيرت وتبدلت خاصة بعد الحرب العالمية االولي وما نتج عنها من ازمات اقتصادية
عالمية سنة " "1929وهذه االزمات فرضت تغيير القوانين التي تحكم الظواهر االقتصادية باعتبارها تتسم بالمرونة.
-4و التداخل او التوجيه التشريعي للعقد يرجع للتحوالت االقتصادية التي شهدها العالم فتدخل المشرع في النظام القانوني الغاية او
الهدف منه تفادي حدوث كوارث اجتماعيه و اقتصادية ناتجة عن ازمة القانون فالمشرع عند تدخله في مجال المعامالت االقتصادية
يعمل الي صالح االقتصاد الوطني و المصلحة العامة واليفهم من هذا التدخل تدمير العقد دائما جعله مسايدا للتغيرات االقتصادية التي
تحدت ذلك ان الوظيفة االساسية التي تسعي القواعد القانونية الي تحقيقها هي تعميم العدالة وسيادتها في جميع المجاالت و النواحي.
و العدالة مفهوم نسبي تتغير بتغير الزمان و المكان وما العقد باعتباره قانون النتعاقدين اال تعبير عن ظروف المجتمع ان هو المراة
التي تنعكس من خاللها مدي التطور القانوني الذي بلغه المجتمع.
-5و امام هذه الوضعية تدخل المشرع المغربي بما يتوفر لديه من وسائل التوجيه االقتصادي في كثير من النشاطات الحيوية ذلك ان
الظروف االقتصادية العامة تستلزم تعديل بعض القواعد القانونية المسايرة التغيرات[.]3
فعمل المشرع المغربي علي سن مجموعة من القوانين لمواكبة الظروف االقتصادية الحالية و مانتج عنها من اختالل التوازن العقدي
و من هذه القوانين قانون " "13:83المتعلق بالزجر و الغش في البضائع و " "24:04المتعلق بسالمة المنتجات المعيبة و ""31:03
حماية المستهلك.
وكذلك أدي التطور االقتصادي الي :
-ظهور صيغ جديدة للتعاقد.
و من اهم التقنيات و الممارسات الجديدة في التعاقد نجد الشراء عن طريق التلفزيون و االنترنت و البيع بالسلف و عقد االئتمان
التجاري و الكراء المعني الي التملك و االقمار المستندي
المطلب الثاني :مظاهرالتحوالت االقتصادية والتكنولوجية على نظرية العقد في التشريع المقارن المغربي
-قانون الشغل و قانون 24:09كنموذجين للتطورات االقتصادية .
أن الدوله في الوقت الحاضر لم يعد يقتصر دورها علي حفظ العدل و االمن داخل المجتمع بل اصبح في بعض االحيان دورًا ايجابيا
موجها للحياة االقتصادية و ذلك عن طريق تنظيم القواعد و سن التشريعات التي
تحكم االنشطة االقتصادية و ما تشهده من معامالت و عالقات و أشهر مثال لذلك هو "عقد الشغل" الذي عملت مدونة الشغل علي
تنظيمه وذلك من خالل تنظيم العالقة بين االجراء و المؤاجرين من عدة وجوه أهمها تنظيم فترة االختبار ابرام عقد الشغل التزامات
االجير و المؤجر و قواعد الصحة و السالمة ,وتسوية نزاعات الشغل وقواعد توقف عقد الشغل و انهاؤه و الحد االدنى لالجر.
فعقد الشغل أخد يزدحم بالقواعد و األحكام القانونية التي تهدف الى حماية العمال و اعطائهم من الحقوق ما لم يكن لهم من قبل كحرية
االجتماع وحق تكوين النقابات وحق االضراب .
فتوجه المشرع من خالل مدونة الشغل اثر في نظرية العقد تاثيرًا واضحا كون ان هذه العالقة التعاقدية أصبحت ال تتحكم الى العقد
باعتباره شريعة المتعاقدين او بمتابة القانون الذي يحكم االطراف بل الي حماية الطرف الضعيف ضد تعسفات الشغل والتي اساسها
عالقة التبعية للمشغل[]4
* قانون 09-24المتعلق بالمسؤولية المدنية عن مخاطر المنتجات المعبئة .
امام تزايد حجم مخاطر االشياء والمنتجات المعبئة بتعبئة التقدم
األساليب التقنية التكنولوجيا الحديثة وانتشار المعدات و المواد التي اصبحت تشكل خطرا علي صحة وسالمة مستعمليها و مستهلكيها
وامام قدم النصوص التشريعيه المنظمة لهذه المسؤليه
فان التشريعات المعاصرة وجدت نفسها امام ضرورة ملحة لوضع انظمة خاصة لهذه المسؤولية.
وفي المغرب يعتبر القانون 09-24المؤرخ في ( )2011-8-17واحد من أبرز القوانين التي إستجاب فيها المشرع المغربي
لضغوطات العولمة التشريعيه وهذا القانون نظم المسؤولية المدنية عن مخاطر المنتوجات المعبئة التي خصص له المشرع بابا رابعًا
مستقال اتمم به مقتضيات القسم االول من الكتاب االول من (ق.ل.ع).
و بالرجوع لمواقف التشريعات المقارنه نالحظ بانه كان للتجربه االمريكية في مجال المسؤولية عن محاطر المنتوجات المعبئة تاتير
جد واضح علي مسار القوانين االوروبية في هذا الشأن وكما هو معروف ان القانون االمريكي يتدرج ضمن منظومة القانون العرفي
ونظرا للمرونة الي الممزوج بقواعد قانونية مكتوبة ونتيجة للمرونة التي يمتاز بها القانون العرفي في امريكا فان الضاء تمكن من
تطوير نظام المسؤولية المدنية عن مخاطر المنتوجات المعبئة مراعيا في ذلك مختلف التطورات االقتصادية و االجتماعية لبلد
متحرك وباالضافة لما سبق فإن القضاء االمريكي توصل الي ابتداع مايسمى (بالدعوي المباشرة) التي تعد من اهم االنجازات التي
تحققت منذ بداية القرن العشرين عندما اعترفت المحكمة العليا بمدينة نيويورك سنة " "1916بأحقية الطرف المضرور في الرجوع
علي علي الصانع بالتعويض ولو لم يكن مرتبطا به بمقتضي رابط عقدي.
وقد كان لهذا المستوي المتقدم تشريع الواليات المتحدة االمريكية في مجال المسؤولية المدنية عن مخاطر المنتجات المعبئة اثره
االيجابي علي تشريعات الدول االوروبية الوطنية وتعتبر اتفاقية "ستراسبورغ" الموقع عليها بتاريخ (-27يناير_ )1977بمثابة
مصدر تاريخي ومرجع للقانون الحالي الصادر عن مفوضية االتحاد االوروبي بتاريخ (_25يوليوز_ )1985وتعتبر فرنسا اخر
دولة توافق علي تبني هذه التوجيهية وقد استجابة بمقتضي القانون المؤرخ في (_19ماي_ )1998ونتيجة للمواخدات التي وجهها
مجلس االتحاد االوروبي علي هذا القانون فان المشرع الفرنسي اضطر لتدارك هذا النقص بمقتضي القانونيين الصادرين على التوالي
بتاريخ (]5[)2006-4-5()2004-12-9
المبحث الثاني :تقييم تاثير التحوالت القتصادية والتكنولوجية على نظرية العقد في التشريع المغربي والمقارن
يعتبر ق ،ل ،ع من أكثر القوانين المدنية اخالصا لمبدأ سلطان االرادة ،الذي يشكل أساس النظرية التقليدية للعقد،اذ أعطى وبالنظر
الى الظرفية التي وضع فيها لالرادة الحرية في أن تنشئ ما تشاء من العقود واالتفاقات دون تقييد بتلك التي نظمها ،ما تشاء من
البنود والشروط بشرط عدم التعارض مع النظام العام.اال أن هدذا المبدأ عرف عدة تاثيرات.
المطلب االول :اثر التحوالت االقتصادية على نظرية العقد
[ 230]6ادا كان كل التزام عقدي يقوم مقام القانون بالنسبة لطرفيه ،شريطة أن يكون صحيحا ،حسب المادة ق ،ل ،ع والتي جاء
التنصيص عليها كذالك من طرف المشرع الفرنسي ،حيث كرسه في المادة 1134من القانون المدني الفرنسي[]7
والتي يقصد بها ،أن ما أنشاته ارادتين ،ال يموت وال يعدل االبارادتين ،وهو ما يصطلح عليه بمبدأ سلطان االرادة .هذا األخير الذي
ينطوي تحت لوائه مجموعة من المبادئ األخرى المعبرة عن سيادة وسمو االرادة.
ولعل من امثلة هذه المبادئ ،مبدا القد شريعة المتعاقدين باالضافة الى مبدا القوة الملزمة للعقد ونسبية اثار العقد[]8
أوال تأثير قانون 08-31على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين
إذا كان العقد هو توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني ،فهذا يعني أن أطرافه قد تفاوضت ،حول مضامينه مسبقا قبل تضمينها فيه،
وهو ما يعني وجود نوع من التوازن العقدي بين أطرف العقد ،و هو ما نجد القضاء يسعى إلى تكريسه كلما أتيحت له الفرصة فقد
قررت محكمة االستئناف التجارية بفاس[ ] 9في قرار لها مايلي "العقد شريعة المتعاقدين و منه فإن كال منهم ملزم ما تم االتفاق عليه
في حدود التزام كال منهم تحت طائلة شروط العقد الجزائية" ،لكن التطورات االقتصادية و التكنولوجية أبت إال أن تفرز لنا أطراف
عالقة متفاوتة في المراكز القانونية ،طرف المستهلك ،غالبا ما يكون تحت رحمة الطرف القوي ،الذي يملك السلطة و القدرة على
تطويع مفاصيل العقود ،الشيء الذي يجعل الطرف الضعيف المقبل على التعاقد مغلوب على أمره ،وهو ما يجعل من الحديث عن
سموا مبدأ العقد شريعة المتعاقدين ،مجرد كلمات منقوشة على أوراق ال تجد لها مكانا في الواقع العملي ،هذا كله جعل من ضرورة
تدخل المشرع و لو على حساب مبدأ العقد شريعة المتعاقدين.
هذا التدخل جاء عبر عدة مقتضيات من خالل قانون حماية المستهلك حيث فرض مجموعة من البيانات التي يجب أن يتضمنها العقد
الشيء الذي جعل المبدأ األخير يتأثر.
ثانيا :تأثير قانون 08-31على مبدأ القوة الملزمة للعقد
إذا كان عموما مبدأ القوة الملزمة للعقد يعني العقد الذي أبرم بين طرفين يعتبر بمثابة قانون ينظم عالقتهما ،و بما أنه ال يجوز التحلل
من التزام يفرضه القانون فكذلك ال يجوز تحلل من التزام أنشأته إرادة حرة[]10
و هذه القوة الملزمة للعقد تمنع أي تدخل خارجي من أي شخص أخر غير األطراف ،بمن فيهم تدخل المشرع إلضافة التزام أو
إنقاصه ،واستنادا إلى ذلك فإن المستهلك متى أبرم عقدا للحصول على السلعة أو خدمة استهالكية معينة ،إنما يلتزم بذلك العقد و
بتنفيذه أيا كانت الظروف ،حتى ولو كانت السلعة أو الخدمة ال تفي بالغرض الذي يسعى إليه أو ال تفيده أصال.
و هو ما يجعنا نتساءل والوضعية هاته عن :كيف للمستهلك كفرد عادي غالبا ما ال يتوفر على القدرة الفنية والقانونية والوقت الكافي
للتفكير في جميع ما يبرمه من عقود وصفقات لالستهالك؟ أم يكن من االرحم به منحه حق العدول عن تنفيذ العقد في حاالت معينة؟
هكذا ومن باب محاولة إعادة التوازن ألطراف العالقة العقدية تدخل المشرع عبر قانون حماية المستهلك مؤثرا على مبدأ القوة
الملزمة للعقد و أقر له الحق في الرجوع كلما قدر أن الخدمة أو السلعة التي تعاقد من أجلها ال تفي بالغرض المطلوب[.]11
بالرجوع إلى الفصل 228من ق ل ع نجده يقرر أن أثار العقد ال تنسحب إال على أطرافه بمعنى أن األطراف هم من ينتفعون أو
يضرون بآثار العقد و أن هذه اآلثار ال تضر وال تنفع الغير بشيء إال في الحاالت المذكورة في القانون ،وهو ما يجعل من العقد يكون
نسبي في تطبيق أثاره وال يمكن مواجهة األغيار بمقتضياته ،بيد أن طبيعة العملية االستهالكية عادة ما تحتمل وجود أكثر من طرف
مما يحول دون إمكانية تمديد أثر العقد إلى طرف أجنبي تطبيقا لمبدأ نسبية أثار العقد ،هذا القول أبان عن خطورته وعجزه عن حماية
بعض المتدخلين الذين لم يكونوا أطرافا في العقد المبرم .
فمثال لو اشترى زيد جهاز حاسوب من بائع (عمر) فقام أخ زيد باستعمال ذلك الحاسوب فتعرض هذا األخير لالنفجار بسبب عيب
فيه مما تسبب في أذى ألخ زيد و بالتالي لن يكون بمقدوره الرجوع على البائع على اعتبار أنه أجنبي عن العقد ،تطبيقا للقواعد العامة
.
كل هذا جعل المشرع يتدخل بمقتضيات أكثر حماية تجعلنا نقول أنها أثرت بالفعل على القواعد العامة ،لتجاوز عجزها هكذا نجد
المشرع عبر قانون 08-31يعرف في مادته الثانية المستهلك هو " كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل "...أي أن
المشرع وسع من نطاق حماية المستهلك سواء أكان طرفا في العقد أو أجنبيا عنه تمردا على مبدأ نسبية أثار العقود[.]12
و بناء عليه يعد هاجس توفير الحماية الضرورية للمستهلك هو ما دفع المشرع إلى سن مقتضيات تتكفل بتحقيق المبتغى ،إال أنها
أثرت بالملموس على المبادئ المقررة في القواعد العامة.
وإذا كان القانون ( ) 31.08قد اعتبر الصعوبات االقتصادية واالجتماعية غير المتوقعة سببا يبرر إمهال المقترض المدين قضائيا فإنه
كان يتعين تعميق كل مظاهر الحماية التي تصب في هذا االتجاه لتشمل كل الحاالت الطارئة التي تجعل تنفيذ االلتزام مرهقا للطرف
المدين خصوصا في الحاالت التي يكون فيها هذا األخير مستهلكا ولو تبنى القانون الجديد هذا النهج التشريعي لقدم بذلك خدمة جليلة
لجهاز القضاء الذي تحمل من المشقة على مدار عقود من الزمن في البحث عن الحلول المالئمة إلعادة التوازن للعالقات العقدية التي
يعاني فيها الطرف المدين من تبعات هذا اإلرهاق وذلك نتيجة لوجود فراغ تشريعي واضح في قانون االلتزامات والعقود بخصوص
هذه المسألة ،وقد كان بودنا أن يأخذ هذا القانون زمام المبادرة لسد هذا الفراغ الذي عانى منه ق،ل،ع لما يناهز 100عام]13[.
www.cacfes.maتاريخ اإلطالع يوم 26/5/2015قرار محكمة فاس التجارية ،عدد 26بتاريخ 6يناير 2005ملف عدد
04-548منشور في
مقال للباحثين محمد اشهيهب وأيوب العثماني قانون 31.08والقواعد العامة :أي تأثير موقع العلوم القانونية
رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة بوجدة .أثر التحوالت االقتصادية على العقد للطالب البشير 2003_2004الدحوتي السن
حدي اللة أحمد ،سلطة القاضي في تعديل االلتزام التعاقدي وتطويع العقد ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير ،فرع قانون -62مسؤولية
المهنيين جامعة أبو بكر بلقايد ،تلمسان ، 2062 ،ص 62