Professional Documents
Culture Documents
كلسن
كلسن
،فإن هذه
األفعال اإلجبارية لها طابع العقوبات ،والسلوك اإلنساني الذي تستهدفه في كل حالة له طابع العقوبات .طبيعة السلوك
المحظور ،المخالف للقانون ،وطبيعة "الجنحة" أو "الجريمة"؛ وهو عكس هذا السلوك الذي يجب اعتباره مشروًعا،
.ومتوافًق ا مع القانون ،أي السلوك الذي يتجنب تطبيق العقوبة
وخالًف ا لما ُيطرح أحياًن ا ،فإن التأكيد على أن القانون هو أمر مقيد ال يعني أنه من جوهر الحق في "الحصول بالقوة
على سلوك منتظم قانونًيا ومن خالل النظام القانوني .وفي الحقيقة ليس صحيًح ا أن هذا السلوك يتم ")(erzwingen
الحصول عليه بالقوة من خالل أداء فعل اإلكراه؛ يجب أن يتم عقد اإلكراه على وجه التحديد عندما ال يكون السلوك
المقرر هو الذي يتم تنفيذه ،بل على العكس من ذلك السلوك المحظور ،السلوك المخالف للقانون .ومع وضع هذه الفرضية
في االعتبار بالتحديد ،فإن فعل اإلكراه الذي يمثل عقوبة أمر به ،أم أننا قصدنا أن نقول إن القانون بفرض العقوبات يلزم
الرجال بالتصرف كما يأمرهم بسبب الرغبة في تجنبها .العقوبات بمثابة الدافع ويثير هذا السلوك؟ في هذه الحالة ،سيكون
من الضروري الرد بأن هذا الدافع هو بالتأكيد وظيفة محتملة للقانون ،ولكنه ليس بأي حال من األحوال وظيفة ضرورية:
السلوك المنتظم ،أي السلوك المقرر ،يمكن أيًض ا استفزازه ،وفي كثير من األحيان ،يكون كذلك- .فعالة ناجمة عن أسباب
أخرى ،مثل التمثيالت الدينية أو التمثيالت األخالقية .القيد الموجود في التحفيز هو القيد النفسي .وهذا القيد الذي يمثله
للقانون وعلى وجه الخصوص العقوبات التي يفرضها
المواضيع المقدمة إليها من خالل أن تصبح سبًبا للتبني يتم الخلط بينها وبين مؤسسة الفعل اإلجباري .جميع األنظمة
االجتماعية التي تكون فعالة إلى حد ما تمارس قيوًد ا نفسية ،والعديد منها تفعل ذلك بدرجة أكبر بكثير من النظام القانوني
الذي ال يمثل سمة تميز األنظمة االجتماعية األخرى .يمكننا وصف القانون بأنه أمر إكراه ،ليس على اإلطالق للتعبير عن
أنه يمارس -أو بشكل أكثر دقة أن تمثيله يمارس -قيدا نفسيا ،ولكن للتعبير عن هذه الحقيقة المختلفة تماما وهي أنه يحكم
على أفعال اإلكراه -االنسحاب القسري من القانون .الحياة والحرية والسلع االقتصادية وغيرها – نتيجة للشروط التي
تحددها .هذه الشروط هي في السطر األول ،ولكن ليس حصرا (لقد الحظنا ذلك وسنعود إليه الحقا) ،سلوك إنساني معين،
من خالله .حقيقة أنه تم تأسيسه كشرط لفعل إكراه ضد الرجل الذي يالحظه (أو ضد المقربين منه) ،يتم الدفاع عنه ،بما
يتعارض مع القانون ،وبالتالي يجب منعه ،ولكن سيتم استفزاز السلوك المعاكس ،ما هو مفيد اجتماعيا ،مرغوب فيه
.اجتماعيا ،سلوك منتظم فيما يتعلق بالقانون
بالكاد يستطيع التحدث بجدية عن التهدئة ،وال حتى المحاكم التي تحدد بطريقة موضوعية ما إذا كان يعتقد أن حقوقه قد
انتهكت من قبل شخص آخر يحق له استخدام القوة كعقوبة ،أي -على سبيل المثال ،كرد فعل ضد الجريمة التي ارتكبها.
كان الضحية؛ ولكن ،بالمثل ،يحق للفرد الذي يتم توجيه القوة ضده أن يتفاعل بدوره من خالل معارضة القوة بالقوة،
وتبرير هذا السلوك كعقوبة ،أي كرد فعل على جريمة تعرض لها هو نفسه في هذه األوقات؛ الثأر مؤسسة قانونية،
والمبارزة مسموحة قانونًيا وحتى منظمة قانونًيا ،فقط قتل الرجال األحرار أعضاء المجموعة يعتبر جريمة ،وليس قتل
.عبد أو أجنبي
.لقد تمت مواجهة وضع مماثل لفترة طويلة جًد ا فيما يتعلق بالعالقات بين الدول :فالقانون الدولي ال يحظر الحرب
وأمام مواقف مماثلة ،من الصعب التأكيد على أن سيادة القانون هي بالضرورة حالة سالم ،وأن ضمان السالم وظيفة
أساسية للقانون ( .) 1كل ما يمكن التأكيد عليه ،هو اتجاه تطوره .لذلك ،حتى لو اعتبرنا السالم قيمة أخالقية مطلقة أو
قيمة مشتركة للنظام األخالقي اإليجابي -سنرى الحًق ا أن األمر ليس كذلك في الواقع -فلن يكون من العدل تقديم ضمانة
السالم والتهدئة .للمجتمع القانوني ،باعتبارها القيمة األخالقية المتأصلة بشكل أساسي في القانون ،باعتبارها "الحد األدنى
.األخالقي" المشترك بين جميع األنظمة القانونية
إن حظر أي لجوء إلى العنف يدل على االتجاه إلى توسيع دائرة الحاالت التي يعلق عليها النظام القانوني فعاًل مقيًد ا؛ وفي
سياق التطور ،يذهب هذا االتجاه إلى ما هو أبعد من هذا الحظر الوحيد؛ كما يتعلق األمر أيًض ا بأفعال أخرى غير استخدام
العنف ،واالمتناع البسيط عن التصويت في حالة ظهور أعمال اإلكراه التي يفرضها النظام القانوني
تنشأ كرد فعل على سلوك يعتبره البشر ضارا اجتماعيا ،وهو رد فعل وظيفته تجنب هذا السلوك (المنع الفردي والمنع
العام) ،فإن لهم صفة الجزاء بالمعنى المحدد والضيق لهذه الكلمة؛ وحقيقة أن سلوًك ا بشرًيا معيًن ا أصبح شرًط ا للعقوبة بهذا
المعنى يمكن ترجمتها بالتأكيد على أن هذا السلوك محظور قانوًن ا ،أي أنه يشكل عمًال غير مشروع ،وجريمة .وهناك
عالقة بين مفهوم الجزاء ومفهوم الفعل غير المشروع .العقوبة هي نتيجة االتفاق غير المشروع؛ الفعل غير المشروع (أو
الجريمة) هو شرط للعقوبة .وفقا لألوامر القانونية البدائية ،فإن العقوبة التي تتفاعل مع وقائع مخالفة للقانون تكون ال
مركزية تماماُ .يترك األمر لألفراد الذين تضررت مصالحهم بسبب األعمال غير المشروعة ،فهم يتمتعون بسلطة مالحظة
أن الفعل اإلجرامي المحدد عموًما في النظام القانوني ُيعطى في حالة ملموسة ،وتنفيذ العقوبة التي يحددها النظام القانوني.
.إن مبدأ "العدالة الذاتية" هو الذي يسود
على مدار التطور ،أصبح رد فعل العقوبة على األفعال غير المشروعة مركزًيا إلى حد متزايد :فكل من مراقبة األعمال
اإلجرامية وتنفيذ العقوبات محفوظ للهيئات المتخصصة والمحاكم والسلطات المسؤولة عن التنفيذ القسري (بمعنى
.األخيرة) .مصطلح بالمعنى الواسع) .إن مبدأ "البر الذاتي" مقيد إلى أقصى حد ممكن
ولكن ال يمكن استبعاده تماما .وحتى في الدولة الحديثة ،حيث تصل مركزية إجراءات العقوبات إلى أعلى درجة ،يظل
هناك حد أدنى من "العدالة الذاتية" :الدفاع عن النفس .لكن حتى بعض األنظمة القانونية الحديثة شديدة المركزية تتجاوز
هذا الحد األدنى وتعترف بحاالت أخرى حيث ُتترك ممارسة اإلكراه الجسدي ،بدًال من أن تكون مقتصرة على أجهزة
معينة ،لألشخاص المعنيين بشكل مباشر .وال شك أن هذه فرضيات محدودة للغاية ،ولم يعيرها المذهب أي اهتمام تقريًبا.
ومن األمثلة على ذلك حق التصحيح الذي ال تزال األنظمة القانونية الحديثة تمنحه لآلباء في تعليم أطفالهم .وهذا الحق
محدود :ويجب أال تؤدي ممارسته إلى تعريض صحة الطفل للخطر أو تشكل سوء معاملة .ولكن األمر متروك للوالدين
ليقررا أي األفعال
يمكن للطفل أن يأذن بالتصحيح الجسدي ،من وجهة نظر تعليمية ،وبالتالي من وجهة نظر اجتماعية ،مع قدرة الوالدين
.على تفويض هذا الحق إلى المعلمين المحترفين
منزل لحفر جدار يرتفع مباشرة مقابل حد صندوقه ،فتحة يتم فيها تركيب مروحة؛ ولكن قد يكون في نفس الوقت أنه ال
ُيمنع صاحب العقار المجاور من بناء منزل هناك حيث يلتصق أحد الجدران تماًما بجدار المنزل المجاور المزود بفتحة
التهوية ،بحيث يتم تركيب المروحة فيه لم يعد مفيدًا .وفي مثل هذه الحالة يجوز ألحدهما أن يمنع ما يجوز لآلخر أن
يفعله ،وهو :إدخال الهواء إلى إحدى غرف بيته باستخدام المروحة .فإذا جاز فعل معين لفرد -سلبًا -في نفس الوقت الذي
جاز فيه أيضًا فعل فرد آخر يخالف األول ،فمن الممكن أن ينشأ نزاع ال يتخذ األمر القانوني ضده أي إجراء ،إذ أنه ال
يسعى إلى منع هذا الصراع ،كما يفعل مع اآلخرين ،من خالل الدفاع عن أحد السلوكيات المتعارضة أو ،بعبارة أخرى،
تحقيق إحدى المصالح المتعارضة .ال يمكن للنظام القانوني مطلًق ا أن يحاول منع جميع النزاعات المحتملة .هناك شيء
واحد محظور تقريًبا دون استثناء بموجب األنظمة القانونية الحديثة :معارضة سلوك اآلخرين غير المحمي باستخدام القوة
البدنية .ألن استخدام القوة البدنية ،أي القيام بأعمال اإلكراه ،محظور من حيث المبدأ ،إال على األفراد الذين يجوز لهم ذلك
.بشكل إيجابي ،أي الذين هم مخولون
مثل أي نظام اجتماعي معياري ،ال يمكن للنظام القانوني إال أن يصف عدًد ا معيًن ا من اإلجراءات المحددة أو االمتناع عن
التصويت؛ ال يمكن لإلنسان أبًد ا أن يرى حريته مقيدة بالنظام القانوني طوال فترة وجوده ،أي مجمل سلوكه الخارجي
والداخلي ،وفعله ،وإرادته ،وفكره ،ومشاعره .يمكن للنظام القانوني أن يحد من حرية الفرد أو أكثر أو أقل ،من خالل
األمر بمزيد أو أقل من اإلجراءات أو االمتناع عن التصويت .لكن الفرد يبقى دائًما مؤمًن ا بالحد األدنى من الحرية ،وهذا
يعني عدم وجود إلزام بموجب القانون؛ يوجد دائًم ا مجال للوجود اإلنساني ال تظهر فيه أي وصفات أو محظورات .حتى
في ظل األنظمة القانونية األكثر شمولية ،يظل هناك ما يشبه الحرية غير القابلة للتصرف؛ إنها ليست مسألة حق طبيعي،
فطري لإلنسان ،ولكنها ببساطة نتيجة لحقيقة أن إمكانية قيام القانون بتنظيم السلوك البشري بشكل إيجابي محدودة من
الناحية الفنية
ومع ذلك ،كما سبقت اإلشارة ،ال يمكن اعتبار هذا المجال من الحرية مضموًن ا قانوًن ا إال بقدر ما يحظر النظام القانوني
التعديات التي قد يتعرض لها .وفي هذا الصدد ،تحظى "الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور" بأهمية سياسية خاصة.
إنها تنتج عن أحكام دستورية تحد من اختصاص الهيئة التشريعية ،إما عن طريق رفضها بكل بساطة ،أو عن طريق
منحها فقط في ظل ظروف مشددة ،سلطة وضع القواعد التي تأمر أو القواعد التي تحظر على األفراد القيام بأنواع معينة
من األفعال ،مثل كممارسة الشعائر الدينية ،والتعبير عن الرأي ،ونحو ذلك ()١
.ج) القانون كنظام معياري
إننا نرى في نفس الفعل جريمة ،ألننا نواجه فعل اإلكراه بقواعد نعتبرها المعنى الموضوعي ألفعال معينة ،أفعال نفسرها
).لهذا السبب على وجه التحديد كأفعال قانونية
ولكن لماذا إذن ننسب للفعل في حالة واحدة المعنى الموضوعي الذي يتفق مع معناه الذاتي؟ بينما ال نفعل ذلك في الحالة
فإن األفعال التي تؤسس القانون لها أيًض ا (voraussetzungslos)،األخرى؟ بالنسبة للتحليل الذي ال يستدعي فرضيات
معنى سولين فقط .لماذا إًذ ا نعترف أنه من بين الفعلين اللذين لهما المعنى الذاتي لسولين ،هناك فعل واحد فقط يخلق معياًر ا
صحيًح ا موضوعًيا ،وهو من ُيلزم؟ أو بمعنى آخر :ما هو أساس صحة القاعدة التي نعتبرها تشكل المعنى الموضوعي
.لهذا الفعل؟ هذا هو السؤال الحاسم
سيتم تقديم الجواب من خالل تحليل األحكام التي نفسر بها األفعال كأفعال قانونية ،أي كأفعال لها المعنى الموضوعي
.للمعايير؛ يكشف هذا التحليل عن الفرضية التي تجعل هذا التفسير ممكًن ا
ولنبدأ من المثال الذي سبق ذكره في الصفحات السابقة للحكم الذي به نفسر قتل رجل على يد آخر على أنه تنفيذ حكم
باإلعدام ،وليس على أنه قتل .ويستند هذا الحكم إلى أننا نعتبر فعل القتل تنفيذًا لقرار المحكمة التي أمرت بهذه العقوبة؛
وهذا يعني أننا ننسب إلى فعل المحكمة المعنى الموضوعي لمعيار فردي ،وبالتالي ننسب إلى الرجال الذين يقومون بهذا
الفعل صفة المحكمة .نحن نقبل هذه األفكار ألننا نعتبر فعل المحكمة بمثابة تنفيذ لقانون ،أي قواعد عامة تأمر بأفعال
اإلكراه ،كما أننا نعترف بأن هذه القواعد العامة هي المعنى الموضوعي -في نفس الوقت مثل المعنى الذاتي .معنى -فعل
قام به بعض األشخاص الذين ندرك لهم ،لهذا السبب على وجه التحديد ،طبيعة هيئة تشريعية .وإذا سلمنا بهذه الفكرة
.األخيرة ،فذلك ألننا نعتبر فعل التشريع بمثابة تنفيذ للدستور ،أي القواعد العامة التي لها معنى ذاتي يتيح تمكيًن ا محدًد ا
يشجع هؤالء الرجال على وضع معايير عامة تحدد أعمال اإلكراه .هذه هي الطريقة التي نعترف بها بهؤالء الرجال
كهيئات تشريعية .من خالل حقيقة أننا نعتبر المعايير التي تمكن الهيئة التشريعية باعتبارها المعنى الموضوعي -وفي
نفس الوقت ذاتًيا -لفعل يقوم به بعض األشخاص ،فإننا نفسر هذه المعايير على أنها دستور أوًال ،من الناحية التاريخية،
هذا ممكن فقط إذا افترضنا ،أي إذا اعترفنا بالفرضية ،أننا يجب أن نتصرف وفًق ا للمعنى الذاتي لهذا الفعل ،وأن أفعال
اإلكراه يجب أن تتم وفًق ا للشروط وبالطريقة المحددة .وبالقواعد التي تتمتع بنوعية الدستور؛ وهذا يعني أنه إذا افترضنا
قاعدة ونتيجة لذلك فإن الفعل الذي يجب تفسيره على أنه عمل إلنشاء دستور يجب اعتباره في الواقع عماًل يطرح قواعد
صحيحة موضوعًيا ،والرجال الذين يقومون بهذا العمل ،يعتبرون كسلطة تأسيسية .وهذا المعيار هو -وسنعود إليه الحًقا
بطريقة أكثر تطوًر ا ( - )1هو المعيار األساسي للنظام القانوني للدولة .هذه القاعدة األساسية لم يتم تأسيسها بموجب قانون
وضعي؛ يوضح تحليل أحكامنا القانونية أنه من المفترض ،إذا وعندما يتم تفسير الفعل المعني على أنه عمل تأسيسي ،أن
األفعال المتخذة على أساس هذا الدستور هي أفعال قانونية .إن إنشاء هذه الفرضية هو وظيفة أساسية لعلم القانون .في هذه
.الفرضية يكمن األساس النهائي لصالحية النظام القانوني ،وهو أساس نسبي في جوهره ،وبهذا المعنى افتراضي
في تعزيز ما ورد أعاله ،ال يدور في ذهننا سوى نظام قانوني على مستوى الدولة أو المستوى الوطني ،أي أن نطاق
صالحيتها اإلقليمية يقتصر على مساحة معينة -والتي نسميها أراضي الدولة .نترك جانًبا في الوقت الحالي أساس صحة
النظام القانوني الدولي ،الذي ال يقتصر مجال صالحيته اإلقليمي بهذه الطريقة ،وعالقة هذا النظام القانوني الدولي
.باألنظمة القانونية للدولة
لقد سبق أن ذكرنا سابًق ا فكرة صحة القواعد ،أي التأكيد على أننا يجب أن نتصرف
كما يصفون ،ال ينبغي الخلط بين فعاليتها ،أي مع حقيقة أن المرء يتصرف بالفعل بهذه الطريقة؛ ولكن يمكن أن توجد بين
هاتين البيانتين عالقة أساسية ،وهي أن األمر اإلجباري الذي يقدم نفسه كأمر قانوني ال يعتبر صالًح ا إال بشرط أن يكون
فعااًل بشكل عام .بمعنى آخر :القاعدة األساسية التي تشكل أساس صالحية النظام القانوني ال تتعلق إال بالدستور الذي
يشكل أساًس ا لنظام فعال من القيود .إن األفعال التي تتعلق بسلوك اآلخرين ال ُتعطى إال معنى موضوعًيا يتوافق مع معناها
.الذاتي ،وال يتم تفسيرها على أنها أفعال قانونية إال إذا كان السلوك الفعلي للرجال يتوافق بشكل عام مع هذا المعنى الذاتي
نحن اآلن في وضع يسمح لنا باإلجابة على سؤال لماذا ال نعلق على أمر قاطع الطريق ،المصحوب بتهديدات بالقتل،
المعنى الموضوعي لقاعدة إلزامية للمرسل إليه ،أي صالحة ،لماذا ال نفسر هذا الفعل كعمل قانوني ،ولماذا نفسر تحقيق
.التهديد على أنه جريمة ،وليس على أنه تنفيذ لعقوبة
فإذا كان مجرد فعل معزول لفرد منعزل ،فال يمكن اعتباره عمال قانونيا ،أو أن له معنى قاعدة قانونية ،ألن القانون -كما
أشرنا سابقا -ليس قاعدة واحدة .بل نظام من المعايير ،ونظام اجتماعي ،وأن قاعدة معينة ال يمكن اعتبارها قاعدة قانونية
إال طالما أنها تنتمي إلى هذا النظام .إن المقارنة مع نظام قانوني لن تكون فعالة إال إذا كان األمر يتعلق بالنشاط المنهجي
لعصابة منظمة من شأنها أن تسبب انعدام األمن في قطاع إقليمي معين من خالل تقييد الرجال الذين يعيشون هناك ،تحت
تهديد شرور معينة ،لتسليم أموالهم وبضائعهم إليه .لذا ،يجب أن نميز بين النظام الذي ينظم السلوك المتبادل ألعضاء هذه
المجموعة الموصوفة بـ "عصابة اللصوص" عن النظام الخارجي ،أي األوامر التي يوجهها أعضاء أو أجهزتها إلى
أطراف ثالثة عن طريق التهديد .لهم بشرور معينة .ألنه فقط فيما يتعلق بهذه األطراف الثالثة خارج العصابة يبدو نشاط
المجموعة مثل نشاط "عصابة من اللصوص .إذا لم يتم الدفاع عن السرقة والقتل في التقارير
العالقات المتبادلة بين اللصوص ،ال تشكل عالقة أن النظام الداخلي للعصابة يتعارض أيًض ا في كثير من النقاط مع أمر
القيد الذي يعتبر بمثابة النظام الذي يمارس من خالله نشاط عصابة اللصوص .إذا لم يتم تفسير نظام اإلكراه الذي أسس
هذا المجتمع ،والذي يتضمن كال من النظام الداخلي والنظام الخارجي ،على أنه نظام قانوني ،إذا لم يتم االعتراف بمعناه
الذاتي الذي يقضي بأنه يجب على المرء أن يتصرف وفًق ا ألحكامه كهدف له .بمعنى أيًض ا ،سيكون ذلك ألننا ال نفترض
قاعدة أساسية يجب أن نتصرف بموجبها وفًق ا لهذا النظام ،وبعبارة أخرى :يجب ممارسة القيد وفًقا للشروط وبالطريقة
التي يحددها هذا الطلب .ولكن لماذا ال نفترض مثل هذه القاعدة األساسية؟ هذا هو السؤال الحاسم الذي ال نفترضه ،ألنه،
أو بشكل أكثر دقة ،عندما ال يكون لهذا النظام هذه الفعالية الدائمة ،وإال فإننا ال نفترض قاعدة أساسية تتعلق به ،وتؤسس
لصالحيته الموضوعية .من الواضح أنه ال يتمتع بهذه الفعالية عندما يتم تطبيق معايير النظام القانوني ضمن نطاق
الصالحية اإلقليمي الذي يتم فيه تنفيذ نشاط العصابة بشكل فعال على هذا النشاط الذي يتم التعامل معه على أنه سلوك
مخالف للقانون ،عندما تكون الحرية ،أو حتى األرواح ،يتم أخذها من أفراد العصابة عن طريق أعمال اإلكراه التي تفسر
على أنها حكم بالسجن أو اإلعدام ،وبالتالي يتم وضع حد لنشاط العصابة .ألن هذا يعني أن األمر اإلجباري الذي يعتبر
.أمرًا قانونيًا أكثر فعالية من األمر اإلجباري الذي يشكل أساس عصابة اللصوص كمجموعة جماعية
إذا كان أمر القيد هذا محدوًد ا في منطقة صالحيته اإلقليمية لمنطقة معينة وإذا كان سارًيا داخل هذه اإلقليم ،بطريقة يتم
فيها استبعاد صالحية أي أمر تقييدي مماثل ،فيمكن اعتباره بمثابة النظام القانوني ،والمجتمع الذي أسسه يمكن اعتباره
"دولة" ،حتى لو طورت هذه "الدولة" نشاًط ا تجاه الخارج يعتبر إجرامًيا فيما يتعلق بالقانون الدولي الوضعي .ويتجلى ذلك
من خالل الوجود السابق على الساحل الشمالي الغربي إلفريقيا (الجزائر -تونس -طرابلس) لما يسمى بدول القراصنة،
.وهي الدول التي تسببت سفنها في زعزعة األمن في البحر األبيض المتوسط
تحت األرض من القرن السادس عشر إلى بداية القرن التاسع عشر ( )1تم وصف هذه المجتمعات بـ "القراصنة" فقط
بسبب استخدامها للقوة ضد سفن الدول األخرى ،في انتهاك للقانون الدولي .وعلى العكس من ذلك ،كان نظامهم الداخلي
يحظر التطبيق المتبادل للعنف بطريقة فعالة إلى درجة يتم فيها ضمان هذا الحد األدنى من األمن الجماعي ،وهو الشرط
.للفعالية الدائمة نسبًيا لنظام يؤسس لمجتمع قانوني
فاألمن أو السالم الجماعي -كما أشرنا سابًق ا -هي وظيفة تؤديها أوامر القيد التي تسمى الحقوق بشكل فعال في مرحلة
معينة من تطورها ،وإن كانت بدرجات متفاوتة حقيقة يمكن أن نالحظها بشكل موضوعي إن علم القانون الذي يهدئ
النظام القانوني المجتمع القانوني الذي ينشئه ال يتضمن أي نوع من الحكم القيمي؛ وعلى وجه الخصوص ،فإنه ال يعني
االعتراف بقيمة العدالة ،التي من شأنها أن ترسيخها كعنصر من عناصر مفهوم القانون ،والتي يمكن أن تكون بالتالي
بمثابة معيار للتمييز بين المجتمعات القانونية وعصابات اللصوص .ال ننوي أن نعتمد في هذا الموضوع تعاليم الهوت
مسألة الفرق بين هذين الموضوعين ،ويعبر عن نفسه على النحو Cipitas Deiالقديس أغسطينوس ،الذي يطرح في كتابه
التالي“ :ما هي اإلمبراطوريات التي ال عدالة ،إن لم تكن كبيرة؟ عصابات اللصوص؟ هل هذه العصابات من اللصوص
سوى إمبراطوريات صغيرة؟ (مدينة هللا ،التاسع عشر .)22 ،بالنسبة للقديس أغسطينوس ،ال يمكن أن يوجد مجتمع
قانوني بدون عدالة .ألن "القانون ال يمكن أن يوجد حيث ال توجد عدالة حقيقية .ما يحدث بموجب القانون يحدث ،في
الواقع ،على وجه التحديد؛ وما يتم بشكل غير عادل ال يمكن أن يتم بموجب القانون” .ولكن ما هي العدالة؟ «العدالة هي
(justitia porro ea virtus est, quæ sua cuique distribuit).الفضيلة التي تمنح لكل فرد ما هو مستحق له
ولكن كيف هو الحال اآلن مع عدل اإلنسان الذي يبعد اإلنسان عن اإلله الحقيقي ويخضعه للشياطين النجسة؟ هل هذا حقًا
يعطي كل واحد خاصته؟ أم مجرد من يأخذ المال من المشتري ويحوله إلى من ال حق له فيه؟ وهل هو صالح من يبتعد
عن الرب الذي خلقه ويضع نفسه في خدمة األرواح الشريرة؟
يرتكز هذا االستدالل على فكرة أن القانون هو نظام إكراه عادل ،وأنه بالتالي يتميز بهذه الطبيعة العادلة لمحتواه عن نظام
.اإلكراه لعصابة من اللصوص
ال يمكن قبول هذه األفكار .إن العدالة ال يمكن أن تكون المعيار الذي يميز القانون عن غيره من أنظمة اإلكراه ،وهذا ينتج
عن الطابع النسبي لحكم القيمة الذي يؤكد عدالة النظام االجتماعي[ ]1نظًر ا ألن القديس أوغسطين ال يريد االعتراف بذلك
على أنه عادل النظام الذي يمنح كل فرد ما هو مستحق له ،وأن هذه الصيغة بالنسبة له ،والتي هي في حد ذاتها جوفاء
تماًم ا ،تتضمن حقيقة منح اإلله الحقيقي – أي إله اليهود والمسيحيين ،ولكن ليس اإلله الحقيقي .آلهة الرومان -ما له وله
وحده ،أي العبادة المطلوبة ،التي يعبر عنها بالعبادة ،وهو أمر ال يستجيب لهذا ،وال يمكن أن تكون هذه المسلمة حقا ،وال
يمكن للمجتمع الذي تقيمه أن يكون دولة ولكن فقط عصابة من اللصوص ،وبالتالي ُينكر القانون الروماني صفة القانون.
إذا جعلنا العدالة معياًر ا للقانون ،للنظام القانوني ،من بين األنظمة المعيارية ،فإن أنظمة اإلكراه الرأسمالية في العالم
الغربي لن تكون أنظمة قانونية من وجهة نظر المثل األعلى للعدالة الشيوعية ،تماًما كما هو الحال مع نظام القمع
الرأسمالي في العالم الغربي .إن اإلكراه الشيوعي على االتحاد السوفييتي لن يكون حقًا من وجهة نظر العدالة الرأسمالية.
ال يمكن لعلم القانون الوضعي أن يقبل فكرة القانون التي تؤدي إلى عواقب مماثلة .يمكننا أن نحكم على نظام قانوني بأنه
.غير عادل من وجهة نظر معيار معين من العدالة
لكن حقيقة أن محتوى أمر القيد الفعال يمكن الحكم عليه بأنه غير عادل ال يعد بأي حال من األحوال سبًبا لرفض اعتبار
هذا األمر القيد أمًر ا قانونًيا .بعد انتصار الثورة الفرنسية في نهاية القرن التاسع عشر ،وكذلك بعد انتصار الثورة الروسية
في بداية القرن العشرين ،ظهر االتجاه نحو عدم االعتراف بأوامر اإلكراه التي خلقتها هذه الثورات طابع القانون القانوني.
األوامر ،وال على تصرفات الحكومات التي وصلت إلى السلطة من خالل هذه الثورات طبيعة األفعال القانونية -بالنسبة
"للثورة الفرنسية ،ألنها انتهكت مبدأ الشرعية الملكية ،بالنسبة للثورة الروسية ،ألنها "تخالف
تسهيل الملكية الخاصة لوسائل اإلنتاج .حتى أن محاكم الواليات المتحدة األمريكية شوهدت ترفض االعتراف بأفعال
الحكومة الثورية الروسية باعتبارها أفعااًل قانونية ،على أساس أنها ليست أفعال دولة ،بل أفعال عصابة من رجال
العصابات بمجرد صدور أوامر لقد أثبتت القيود التي فرضتها الوسائل الثورية فعاليتها الدائمة ،وتم االعتراف بها كأنظمه
قانونية ،وحكومات المجتمعات التي أسستها كحكومات لدولة ،وأفعالها كأفعال دولة ،أي كأفعال قانونية
د) االلتزامات القانونية دون عقوبات؟
إذا تصورنا القانون باعتباره نظاًما إكراهًيا ،فإن الصيغة التي تحدد القاعدة األساسية لنظام قانوني للدولة ستقدم صياغة من
هذا النوع :يجب أن يمارس اإلكراه من قبل الرجال ضد اآلخرين ،بالطريقة وفي ظل الظروف التي محدد في الدستور
األول تاريخيا .تفوض القاعدة األساسية الدستور األساسي تاريخًيا إلى تحديد اإلجراء الذي سيتم بموجبه فرض القواعد
التي تحكم األفعال اإلجبارية ،لكي يتم فهمها بشكل موضوعي كقاعدة قانونية ،يجب أن تكون القاعدة إما المعنى الذاتي
للفعل الذي يتم تنفيذه باتباع هذا اإلجراء -بما يتوافق مع القاعدة األساسية -ويجب أن ينشئ فعاًل إكراهًيا ،أو أن يكون له
صلة جوهرية بقاعدة مماثلة .ومن ثم فإننا نفترض مع القاعدة األساسية تعريف القانون بأنه نظام إكراه ،وهو ما يتضمنه(
)١.
إن تعريف القانون المفترض مع القاعدة األساسية يترتب عليه أن السلوك ال يمكن اعتباره إال أمرًا قانونيًا أو ،الذي يرقى
إلى نفس الشيء ،كمحتوى التزام قانوني ،إذا كان السلوك المخالف متوقعًا كشرط لفعل ما .اإلكراه الموجه ضد الشخص
الذي تبناه (أو بالقرب منه) .ومع ذلك يجب الحذر من أنه ليس من الضروري (كما سبق أن أشرنا) أن يكون فعل اإلكراه
)1(.ولكن القاعدة األساسية ليست مطابقة للتعريف الوارد فيه .وكقاعدة عامة ،فهي ليست فكرة
.نفسها توصف بهذا المعنى؛ من الممكن أن القانون يمّك نك ببساطة من اتخاذ القرار وتنفيذه
ضد تعريف القانون باعتباره أمًر ا إكراهًيا ،أي ضد إدراج عنصر اإلكراه في مفهوم القانون ،يقال أنه يمكن للمرء أن
يالحظ أن األنظمة القانونية التاريخية تحتوي على :أوًال ،قواعد ال تنشئ أفعااًل والقيود ،والمعايير التي تسمح بالسلوك أو
التي تمنح السلطة؛ ثانًيا ،القواعد التي تفرض السلوك بال شك ،تلزم السلوك ،ولكن دون أن تربط بالسلوك المخالف نتيجة
فعل اإلكراه؛ وعلى وجه الخصوص ،فإن عدم تطبيق القواعد التي تحدد األفعال الجبرية ال يكون في كثير من األحيان
.شرًط ا لألفعال الجبرية التي تلعب دور العقوبات
آخر هذه االعتراضات ليس له صلة بالموضوع :يمكن الحفاظ على تعريف القانون باعتباره أمًر ا إكراهًيا حتى لو لم تكن
القاعدة التي تنشئ فعاًل إكراهًيا هي نفسها مرتبطة بدورها في عالقة جوهرية بقاعدة تربط جزاًءا بالجريمة .حقيقة عدم
األمر أو عدم تنفيذ فعل اإلكراه في هذه الحالة الملموسة أو تلك ،أي إذا كان توقع فعل اإلكراه في القاعدة ال يمثل أمًر ا
قانونًيا وموضوعًيا ،بل مجرد إذن إيجابي أو إسناد السلطة ،أو التفويض (حتى لو كان الفعل الذي ينشئ فعل اإلكراه
.بطريقة عامة ،في فكر مؤلفه ،يمثل أمًر ا)
يمكن أيًض ا الحفاظ على تعريف القانون باعتباره أمًر ا إكراهًيا فيما يتعلق بالقواعد التي تمنح القدرة على القيام بأفعال ليس
لها طابع األفعال اإلجبارية ،أو التي تسمح بشكل إيجابي بمثل هذه األفعال ألن هذه القواعد هي قواعد غير مستقلة ،نظًر ا
الرتباطها ارتباًط ا أساسًيا بالقواعد التي تحدد األفعال اإلجبارية .تقدم قواعد القانون الدستوري مثاال نموذجيا لهذه الفئة من
القواعد التي يتم االستناد إليها كحجة ضد إدراج عنصر القيد في مفهوم القانون .ويقال إن قواعد الدستور التي تنظم
إجراءات التشريع ال تنص على أي عقوبات في حالة عدم االلتزام بها؛ لكن التحليل الدقيق يبين أن هذه معايير غير
.مستقلة ،وهي تحدد ببساطة أحد الشروط التي يتم بموجبها تنفيذ األفعال القسرية