Download as odt, pdf, or txt
Download as odt, pdf, or txt
You are on page 1of 12

‫وبقدر ما تبدو األفعال اإلجبارية التي يفرضها النظام القانوني بمثابة رد فعل على سلوك إنساني معين يحدده‪

،‬فإن هذه‬
‫األفعال اإلجبارية لها طابع العقوبات‪ ،‬والسلوك اإلنساني الذي تستهدفه في كل حالة له طابع العقوبات‪ .‬طبيعة السلوك‬
‫المحظور‪ ،‬المخالف للقانون‪ ،‬وطبيعة "الجنحة" أو "الجريمة"؛ وهو عكس هذا السلوك الذي يجب اعتباره مشروًعا‪،‬‬
‫‪ .‬ومتوافًق ا مع القانون‪ ،‬أي السلوك الذي يتجنب تطبيق العقوبة‬
‫وخالًف ا لما ُيطرح أحياًن ا‪ ،‬فإن التأكيد على أن القانون هو أمر مقيد ال يعني أنه من جوهر الحق في "الحصول بالقوة‬
‫على سلوك منتظم قانونًيا ومن خالل النظام القانوني‪ .‬وفي الحقيقة ليس صحيًح ا أن هذا السلوك يتم ")‪(erzwingen‬‬
‫الحصول عليه بالقوة من خالل أداء فعل اإلكراه؛ يجب أن يتم عقد اإلكراه على وجه التحديد عندما ال يكون السلوك‬
‫المقرر هو الذي يتم تنفيذه‪ ،‬بل على العكس من ذلك السلوك المحظور‪ ،‬السلوك المخالف للقانون‪ .‬ومع وضع هذه الفرضية‬
‫في االعتبار بالتحديد‪ ،‬فإن فعل اإلكراه الذي يمثل عقوبة أمر به‪ ،‬أم أننا قصدنا أن نقول إن القانون بفرض العقوبات يلزم‬
‫الرجال بالتصرف كما يأمرهم بسبب الرغبة في تجنبها‪ .‬العقوبات بمثابة الدافع ويثير هذا السلوك؟ في هذه الحالة‪ ،‬سيكون‬
‫من الضروري الرد بأن هذا الدافع هو بالتأكيد وظيفة محتملة للقانون‪ ،‬ولكنه ليس بأي حال من األحوال وظيفة ضرورية‪:‬‬
‫السلوك المنتظم‪ ،‬أي السلوك المقرر‪ ،‬يمكن أيًض ا استفزازه‪ ،‬وفي كثير من األحيان‪ ،‬يكون كذلك‪- .‬فعالة ناجمة عن أسباب‬
‫أخرى‪ ،‬مثل التمثيالت الدينية أو التمثيالت األخالقية‪ .‬القيد الموجود في التحفيز هو القيد النفسي‪ .‬وهذا القيد الذي يمثله‬
‫للقانون وعلى وجه الخصوص العقوبات التي يفرضها‬
‫المواضيع المقدمة إليها من خالل أن تصبح سبًبا للتبني يتم الخلط بينها وبين مؤسسة الفعل اإلجباري‪ .‬جميع األنظمة‬
‫االجتماعية التي تكون فعالة إلى حد ما تمارس قيوًد ا نفسية‪ ،‬والعديد منها تفعل ذلك بدرجة أكبر بكثير من النظام القانوني‬
‫الذي ال يمثل سمة تميز األنظمة االجتماعية األخرى‪ .‬يمكننا وصف القانون بأنه أمر إكراه‪ ،‬ليس على اإلطالق للتعبير عن‬
‫أنه يمارس ‪ -‬أو بشكل أكثر دقة أن تمثيله يمارس ‪ -‬قيدا نفسيا‪ ،‬ولكن للتعبير عن هذه الحقيقة المختلفة تماما وهي أنه يحكم‬
‫على أفعال اإلكراه ‪ -‬االنسحاب القسري من القانون‪ .‬الحياة والحرية والسلع االقتصادية وغيرها – نتيجة للشروط التي‬
‫تحددها‪ .‬هذه الشروط هي في السطر األول‪ ،‬ولكن ليس حصرا (لقد الحظنا ذلك وسنعود إليه الحقا)‪ ،‬سلوك إنساني معين‪،‬‬
‫من خالله‪ .‬حقيقة أنه تم تأسيسه كشرط لفعل إكراه ضد الرجل الذي يالحظه (أو ضد المقربين منه)‪ ،‬يتم الدفاع عنه‪ ،‬بما‬
‫يتعارض مع القانون‪ ،‬وبالتالي يجب منعه‪ ،‬ولكن سيتم استفزاز السلوك المعاكس ‪ ،‬ما هو مفيد اجتماعيا‪ ،‬مرغوب فيه‬
‫‪.‬اجتماعيا‪ ،‬سلوك منتظم فيما يتعلق بالقانون‬

‫‪.‬احتكار قيد المجتمع القانوني )‪β‬‬


‫بشكل عام‪ ،‬يمكننا القول أن مختلف األوامر القانونية تنص جميعها على نفس أنواع أعمال اإلكراه‪ :‬فهي تنطوي دائًما على‬
‫سحب البضائع المذكورة أعاله‪ ،‬مع استخدام القوة‪ ،‬إذا لزم األمر‪ ،‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإنها تظهر أهمية االختالفات فيما‬
‫يتعلق بالشروط التي يعلقون عليها هذه األفعال القسرية‪ ،‬وال سيما تلك التي تتكون من حقائق السلوك البشري ‪ -‬هذه‬
‫الحقائق هي عكس السلوك الذي نسعى إلى تحقيقه على وجه التحديد من خالل فرض هذه العقوبات وهذه الشروط تعكس‬
‫الحالة التي يضمنها النظام القانوني المرغوب اجتماعًيا ‪ -‬وهو السلوك المنتظم وفًق ا للقانون؛ وبعبارة أخرى‪ ،‬فإنهم‬
‫التي تأسست على القواعد القانونية‪ ،‬وبالتالي فإن األنظمة القانونية المختلفة تقدم تنوًعا )‪ (Rechtswert‬يترجمون الشرعية‬
‫كبيًر ا جًد ا في المحتوى إذا نظرنا إلى التطور الذي مر به القانون من أصوله البدائية إلى المرحلة التي يمثلها قانون الدولة‬
‫الحديث‪ ،‬يمكننا أن نالحظ‪ ،‬فيما يتعلق بالقيمة القانونية المراد تحقيقها‪ ،‬اتجاه معين مشترك بين األنظمة القانونية التي بلغت‬
‫أعلى مستوياتها‪ .‬مراحل التطور‪ .‬إنه الميل إلى حظر ممارسة اإلكراه الجسدي‪ ،‬واستخدام القوة بين األفراد‪ ،‬إلى حد يتزايد‬
‫مع مسار التطور‪ .‬ويؤدي هذا الحظر إلى فرض عقوبات على استخدام العنف؛ لكن العقوبة في حد ذاتها هي فعل إكراه‪،‬‬
‫أي استخدام للعنف؛ ولذلك فإن حظر استخدام العنف ال يمكن إال أن يكون محدودا؛ يجب علينا دائًما التمييز بين االستخدام‬
‫المحظور للقوة واالستخدام المسموح به للقوة‪ ،‬واالستخدام المسموح به هو ذلك المسموح به كرد فعل على موقف غير‬
‫مرغوب فيه اجتماعًيا‪ ،‬وال سيما كرد فعل على سلوك إنساني ضار اجتماعًيا‪ ،‬أي كرد فعل على سلوك إنساني ضار‬
‫اجتماعًيا‪ .‬العقوبة‪ ،‬وبالتالي تعزى إلى المجتمع القانوني‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن هذا التمييز ال يعني أن استخدام القوة الذي ال يمثل‬
‫الخصائص التي أشرنا إليها للتو يجب أن يدافع عنه النظام القانوني‪ ،‬وبالتالي يتعارض مع القانون‪ ،‬أي أنه يجب أن يشكل‬
‫بالضرورة انتهاًك ا للقانون‪ .‬عمل غير قانوني أو جريمة‪ .‬في النظم القانونية البدائية‪ ،‬ليس صحيًح ا بعد أن أي لجوء إلى‬
‫العنف محظور إذا لم يكن له طابع رد الفعل‪ ،‬المنسوب إلى المجتمع‪ ،‬على حالة تعتبر ضارة اجتماعًيا‪ .‬وحتى القتل‬
‫محظور فقط إلى حد محدود‪ :‬فقتل رجل حر عضو في الجماعة يعتبر بالفعل غير مشروع‪ ،‬ولكن ليس قتل األجانب أو‬
‫العبيد‪ .‬وبما أن قتل هاتين الفئتين األخيرتين غير محظور‪ ،‬فهو مسموح به بشكل سلبي‪ ،‬على الرغم من أنه ال يتدخل‬
‫كعقوبة مخططة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬شيًئ ا فشيًئ ا‪ ،‬يتم قبول مبدأ حظر استخدام القوة البدنية عندما ال يكون ‪ -‬حصًر ا لمبدأ الحظر ‪-‬‬
‫مسموًح ا به على وجه التحديد كرد فعل‪ ،‬يعزى إلى المجتمع القانوني‪ ،‬على موقف يعتبر ضاًر ا اجتماعًيا ومن ثم يحدد‬
‫النظام القانوني بشكل شامل الشروط التي سيتم بموجبها ممارسة اإلكراه البدني واألفراد الذين سيمارسونه‪ .‬يمكن اعتبار‬
‫‪،‬األفراد الذين يخولهم النظام القانوني ممارسة اإلكراه بمثابة أجهزة للنظام القانوني أو‪ ،‬وهو ما يعادل نفس الشيء‬
‫في النظام القانوني‪ ،‬يمكن القول إن تنفيذ أعمال اإلكراه من قبل هؤالء األفراد‪ ،‬بهذا المعنى‪ ،‬يتم تأسيس ممارسة اإلكراه‬
‫باعتباره احتكاًر ا للقيود يكون ال مركزًيا عندما ال يتمتع األفراد الذين يشكلون النظام القانوني بطابع خاص و الهيئات‬
‫المتخصصة‪ ،‬أي بشكل إيجابي‪ ،‬عندما يمّك ن النظام القانوني األفراد الذين يعتقدون أنهم مظلومون بالقوة الجسدية ضدهم‪،‬‬
‫وبعبارة أخرى‪ :‬عندما يعترف النظام القانوني بأننا نحقق العدالة بأيدينا‬
‫‪.‬النظام القانوني واألمن الجماعي (‪)2‬‬
‫إذا كان النظام القانوني يحدد الشروط التي يمكن بموجبها ممارسة اإلكراه‪ ،‬أي القوة‪ ،‬واألفراد‪ ،‬فإنه يحمي األفراد الذين‬
‫‪.‬يخضعون له من هذا االستخدام للقوة من قبل أفراد آخرين‬
‫وعندما تصل درجة هذه الحماية إلى حد أدنى معين‪ ،‬فإننا نتحدث عن األمن الجماعي‪ - ،‬الجماعي‪ ،‬ألنه يضمنه النظام‬
‫القانوني‪ ،‬كنظام اجتماعي‪ .‬هذا الحد األدنى من الحماية ضد استخدام العنف‪ ،‬يمكننا أن نعترف بأنه موجود بالفعل عندما‬
‫ينشئ النظام القانوني احتكار القيد للمجتمع؛ حتى لو ظل هذا االحتكار ال مركزًيا‪ ،‬وبالتالي حتى لو ظل مبدأ «العدالة‬
‫‪.‬قائًم ا‪ ،‬فيمكننا اعتبار مثل هذه الحالة أدنى درجة من األمن الجماعي )»‪» («Selbsthilfe‬الخاصة» أو «العدالة الذاتية‬
‫ولكن من الممكن أيضًا أن نفهم مفهوم األمن الجماعي بطريقة أكثر صرامة‪ ،‬واالعتراف بأنه ال يوجد إال عندما يصل‬
‫احتكار القيد للجماعية القانونية إلى الحد األدنى من المركزية‪ ،‬بحيث ال تتحقق "العدالة الذاتية"‪ .‬مستبعدة‪ ،‬على األقل من‬
‫‪،‬حيث المبدأ‪ .‬وهذا هو الحال عندما تكون على األقل مهمة تحديد ما إذا كان هناك انتهاك للقانون في قضية ملموسة‬
‫‪ .‬لقد أنشأ األمن الجماعي بدقة بالمعنى الضيق‬

‫بالكاد يستطيع التحدث بجدية عن التهدئة‪ ،‬وال حتى المحاكم التي تحدد بطريقة موضوعية ما إذا كان يعتقد أن حقوقه قد‬
‫انتهكت من قبل شخص آخر يحق له استخدام القوة كعقوبة‪ ،‬أي ‪ -‬على سبيل المثال‪ ،‬كرد فعل ضد الجريمة التي ارتكبها‪.‬‬
‫كان الضحية؛ ولكن‪ ،‬بالمثل‪ ،‬يحق للفرد الذي يتم توجيه القوة ضده أن يتفاعل بدوره من خالل معارضة القوة بالقوة‪،‬‬
‫وتبرير هذا السلوك كعقوبة‪ ،‬أي كرد فعل على جريمة تعرض لها هو نفسه في هذه األوقات؛ الثأر مؤسسة قانونية‪،‬‬
‫والمبارزة مسموحة قانونًيا وحتى منظمة قانونًيا‪ ،‬فقط قتل الرجال األحرار أعضاء المجموعة يعتبر جريمة‪ ،‬وليس قتل‬
‫‪ .‬عبد أو أجنبي‬

‫‪.‬لقد تمت مواجهة وضع مماثل لفترة طويلة جًد ا فيما يتعلق بالعالقات بين الدول‪ :‬فالقانون الدولي ال يحظر الحرب‬
‫وأمام مواقف مماثلة‪ ،‬من الصعب التأكيد على أن سيادة القانون هي بالضرورة حالة سالم‪ ،‬وأن ضمان السالم وظيفة‬
‫أساسية للقانون (‪ .) 1‬كل ما يمكن التأكيد عليه‪ ،‬هو اتجاه تطوره ‪ .‬لذلك‪ ،‬حتى لو اعتبرنا السالم قيمة أخالقية مطلقة أو‬
‫قيمة مشتركة للنظام األخالقي اإليجابي ‪ -‬سنرى الحًق ا أن األمر ليس كذلك في الواقع ‪ -‬فلن يكون من العدل تقديم ضمانة‬
‫السالم والتهدئة‪ .‬للمجتمع القانوني‪ ،‬باعتبارها القيمة األخالقية المتأصلة بشكل أساسي في القانون‪ ،‬باعتبارها "الحد األدنى‬
‫‪.‬األخالقي" المشترك بين جميع األنظمة القانونية‬
‫إن حظر أي لجوء إلى العنف يدل على االتجاه إلى توسيع دائرة الحاالت التي يعلق عليها النظام القانوني فعاًل مقيًد ا؛ وفي‬
‫سياق التطور‪ ،‬يذهب هذا االتجاه إلى ما هو أبعد من هذا الحظر الوحيد؛ كما يتعلق األمر أيًض ا بأفعال أخرى غير استخدام‬
‫العنف‪ ،‬واالمتناع البسيط عن التصويت في حالة ظهور أعمال اإلكراه التي يفرضها النظام القانوني‬
‫تنشأ كرد فعل على سلوك يعتبره البشر ضارا اجتماعيا‪ ،‬وهو رد فعل وظيفته تجنب هذا السلوك (المنع الفردي والمنع‬
‫العام)‪ ،‬فإن لهم صفة الجزاء بالمعنى المحدد والضيق لهذه الكلمة؛ وحقيقة أن سلوًك ا بشرًيا معيًن ا أصبح شرًط ا للعقوبة بهذا‬
‫المعنى يمكن ترجمتها بالتأكيد على أن هذا السلوك محظور قانوًن ا‪ ،‬أي أنه يشكل عمًال غير مشروع‪ ،‬وجريمة‪ .‬وهناك‬
‫عالقة بين مفهوم الجزاء ومفهوم الفعل غير المشروع‪ .‬العقوبة هي نتيجة االتفاق غير المشروع؛ الفعل غير المشروع (أو‬
‫الجريمة) هو شرط للعقوبة‪ .‬وفقا لألوامر القانونية البدائية‪ ،‬فإن العقوبة التي تتفاعل مع وقائع مخالفة للقانون تكون ال‬
‫مركزية تماما‪ُ .‬يترك األمر لألفراد الذين تضررت مصالحهم بسبب األعمال غير المشروعة‪ ،‬فهم يتمتعون بسلطة مالحظة‬
‫أن الفعل اإلجرامي المحدد عموًما في النظام القانوني ُيعطى في حالة ملموسة‪ ،‬وتنفيذ العقوبة التي يحددها النظام القانوني‪.‬‬
‫‪ .‬إن مبدأ "العدالة الذاتية" هو الذي يسود‬
‫على مدار التطور‪ ،‬أصبح رد فعل العقوبة على األفعال غير المشروعة مركزًيا إلى حد متزايد‪ :‬فكل من مراقبة األعمال‬
‫اإلجرامية وتنفيذ العقوبات محفوظ للهيئات المتخصصة والمحاكم والسلطات المسؤولة عن التنفيذ القسري (بمعنى‬
‫‪.‬األخيرة)‪ .‬مصطلح بالمعنى الواسع)‪ .‬إن مبدأ "البر الذاتي" مقيد إلى أقصى حد ممكن‬
‫ولكن ال يمكن استبعاده تماما‪ .‬وحتى في الدولة الحديثة‪ ،‬حيث تصل مركزية إجراءات العقوبات إلى أعلى درجة‪ ،‬يظل‬
‫هناك حد أدنى من "العدالة الذاتية"‪ :‬الدفاع عن النفس‪ .‬لكن حتى بعض األنظمة القانونية الحديثة شديدة المركزية تتجاوز‬
‫هذا الحد األدنى وتعترف بحاالت أخرى حيث ُتترك ممارسة اإلكراه الجسدي‪ ،‬بدًال من أن تكون مقتصرة على أجهزة‬
‫معينة‪ ،‬لألشخاص المعنيين بشكل مباشر‪ .‬وال شك أن هذه فرضيات محدودة للغاية‪ ،‬ولم يعيرها المذهب أي اهتمام تقريًبا‪.‬‬
‫ومن األمثلة على ذلك حق التصحيح الذي ال تزال األنظمة القانونية الحديثة تمنحه لآلباء في تعليم أطفالهم‪ .‬وهذا الحق‬
‫محدود‪ :‬ويجب أال تؤدي ممارسته إلى تعريض صحة الطفل للخطر أو تشكل سوء معاملة‪ .‬ولكن األمر متروك للوالدين‬
‫ليقررا أي األفعال‬
‫يمكن للطفل أن يأذن بالتصحيح الجسدي‪ ،‬من وجهة نظر تعليمية‪ ،‬وبالتالي من وجهة نظر اجتماعية‪ ،‬مع قدرة الوالدين‬
‫‪.‬على تفويض هذا الحق إلى المعلمين المحترفين‬

‫‪.‬أعمال اإلكراه التي ليس لها صفة العقوبات )‪8‬‬


‫وفي سياق التطور ‪ -‬وخاصة ذلك الذي يؤدي من "قاضي الدولة" ‪ -‬أو "شرطي الدولة" ‪ -‬إلى مدير الدولة" (‪ ،)1‬تتسع‬
‫أيًض ا دائرة الحقائق التي يرتبط بها الفعل بالقيود لتشمل إلى الحد الذي لم تعد تشمل فقط األفعال اإلنسانية غير المرغوب‬
‫فيها اجتماعًيا أو االمتناع عن التصويت‪ ،‬بل أيًض ا حقائق أخرى ال تمثل سلوًك ا غير مشروع‪ ،‬وبعبارة أخرى جريمة‪.‬‬
‫سنفكر أوًال في القواعد التي تمنح أجهزة معينة في المجتمع‪ ،‬تسمى الشرطة‪ ،‬سلطة حرمان األفراد المشتبه في ارتكابهم‬
‫جريمة من حريتهم‪ ،‬من أجل ضمان اإلجراءات القضائية الموجهة ضدهم‪ ،‬والتي وحدها ستحدد ما إذا كان لقد ارتكبوا‬
‫بالفعل هذه الجريمة التي يشتبه في ارتكابهم لها‪ .‬ومن ثم فإن الحرمان من الحرية يمكن أن يفرض على األفراد‪ ،‬ليس ألنهم‬
‫ارتكبوا هذا الفعل أو ذاك‪ ،‬ولكن لمجرد االشتباه في أنهم ارتكبوه‪ .‬قد تظل هيئات الشرطة مخولة بموجب النظام القانوني‬
‫أي حرمانهم من حريتهم لحمايتهم من الهجمات اإلجرامية ‪ (Schutzhaft)،‬بوضع األفراد قيد االعتقال من أجل الحماية‬
‫التي يتعرضون للتهديد بها‪ .‬وبالمثل‪ ،‬تنص بعض األنظمة القانونية الحديثة على االحتجاز القسري في مصحة للمجنون‬
‫الذي يشكل خطرًا عامًا‪ ،‬أو االعتقال في مستشفى لألشخاص الذين يعانون من بعض األمراض المعدية‪ .‬ويجب أن نذكر‬
‫أيًض ا مصادرة السلطة عندما تقتضي المصلحة العامة ذلك‪ ،‬وتدمير سلطة الحيوانات األليفة التي تعاني من بعض‬
‫األمراض المعدية‪ ،‬والتدمير التلقائي للمباني التي تهدد بالخراب أو لتجنب امتداد الحريق‪ .‬وأخيًر ا‪ ،‬فإن قانون بعض الدول‬
‫الشمولية يجيز للحكومة أن تحبس في معسكرات االعتقال األشخاص الذين تعارضها عقليتهم وميولهم أو دينهم أو عرقهم‪،‬‬
‫و‬
‫إلجبارهم على القيام بأي عمل يريده‪ ،‬أو حتى قتلهم‪ .‬ومهما كانت إدانتنا الشديدة لهذه التدابير من وجهة نظر أخالقية‪ ،‬فإننا‬
‫‪.‬ال نستطيع مع ذلك أن نعتبرها غريبة عن النظام القانوني لهذه الدول‬
‫وتمثل هذه األفعال‪ ،‬في جانبها الخارجي‪ ،‬انتقاًص ا‪ ،‬عن طريق اإلكراه‪ ،‬للحياة أو الحرية أو الملكية‪ ،‬مثل العقوبات التي‬
‫تسمى عقوبة اإلعدام أو أحكام السجن أو اإلعدام المدني‪ .‬وال تتميز عن هذه العقوبات إال‪ ،‬كما سبقت اإلشارة‪ ،‬بأن القانون‬
‫ال يربطها بهذا الفعل أو ذاك أو امتناع الرجل‪ ،‬الذي ثبتت حقيقته قانونا والذي يعتبر غير مرغوب فيه اجتماعيا‪ .‬وبعبارة‬
‫أخرى‪ :‬من خالل حقيقة أنهم ال يملكون في حالتهم عمًال غير مشروع أو جريمة كان من الممكن أن يرتكبها فرد ويكون‬
‫منصوًص ا عليها قانوًن ا‪ .‬الفعل أو الجريمة غير المشروعة هي عمل بشري معين أو امتناع عن التصويت‪ ،‬والذي يعتبر‬
‫غير مرغوب فيه اجتماعيا‪ ،‬محظور من خالل حقيقة أن القانون يعلق عليه‪ ،‬أو بشكل أكثر دقة‪ ،‬يقترن بإنشائه من خالل‬
‫إجراء مخطط ومنظمة‪ ،‬عمال من اإلكراه‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ :‬من خالل الحقيقة‪ .‬أن القانون ينص على هذا اإلجراء أو هذا‬
‫االمتناع كشرط لفعل اإلكراه‪ .‬فقط حقيقة ارتباطه بجريمة هي التي تجعل من الممكن اعتبار فعل اإلكراه بمثابة عقوبة‬
‫(بمعنى نتيجة فعل غير قانوني)؛ وبهذا وحده يتم تمييزه عن أعمال اإلكراه األخرى التي يفرضها النظام القانوني‪ ،‬والتي‬
‫تكون نتيجة وقائع أخرى غير السلوك البشري‪ ،‬وبالتالي ال يمكن وصفها بأنها عقوبات (‪ .)1‬ومع ذلك‪ ،‬يمكننا إجراء تعديل‬
‫على اآلراء التي تم تقديمها للتو‪ :‬من الممكن اعتبار بعض األفعال الجبرية من النوع الثاني بمثابة عقوبات‪ ،‬إذا اعتمدنا‬
‫فكرة أوسع للجزاءات‪ ،‬والتي تشمل‪ ،‬باإلضافة إلى األفعال رد الفعل على مثل هذه الجريمة التي ثبت وجودها قانوًن ا‪ ،‬أوًال‬
‫أعمال اإلكراه التي يقصد منها بال شك أن تكون ردود فعل على جريمة‪ ،‬ولكنها يمكن أن تحدث عندما ال يثبت قانوًن ا بعد‬
‫أن الفرد موضوع الجريمة قد ارتكب بالفعل جريمة؛ ومن ثم فإن اعتقال الشرطة لألشخاص المشتبه في ارتكابهم جريمة ‪-‬‬
‫وثانًيا أعمال اإلكراه التي تشكل رد فعل‪ ،‬وليس‬
‫إلجبارهم على القيام بأي عمل يريده‪ ،‬أو حتى قتلهم‪ .‬ومهما كانت إدانتنا الشديدة لهذه التدابير من وجهة نظر أخالقية‪ ،‬فإننا‬
‫‪.‬ال نستطيع مع ذلك أن نعتبرها غريبة عن النظام القانوني لهذه الدول‬
‫أخيًر ا ‪ ،‬يمكن توسيع مفهوم العقوبة ليشمل جميع أفعال اإلكراه التي ينص عليها النظام القانوني‪ ،‬إذا أردنا من خالل هذا‬
‫المفهوم أن نعبر بكل بساطة عن أنه من خالل هذه األفعال‪ ،‬يتفاعل النظام القانوني مع حقيقة أو موقف غير مرغوب فيه‬
‫اجتماعًيا ويؤكد هذا عدم الرغبة من خالل رد الفعل هذا‪ .‬وهذا بالفعل هو الطابع المشترك لجميع أعمال اإلكراه التي‬
‫يحكمها النظام القانوني‪ .‬إذا أخذنا فكرة العقوبة بهذا المعنى الواسع للغاية ‪ -‬حيث تشمل (سنكون حذرين) أي رد فعل على‬
‫أي حقيقة أو موقف غير مرغوب فيه اجتماعيا‪ ،‬ولم تعد مجرد ردود فعل على جريمة ‪ ،-‬يمكننا وصف نظام احتكار قيد‬
‫‪.‬للمجتمع من خالل ذكر هذا البديل‪ :‬اإلكراه الذي يمارسه رجل ضد رجل آخر هو إما جريمة أو عقوبة‬
‫‪.‬الحد األدنى من الحرية‬
‫باعتباره نظاًما اجتماعًيا يفرض العقوبات‪ ،‬فإن القانون ال ينظم السلوك البشري إال بالمعنى اإليجابي‪ ،‬أي من خالل وصف‬
‫هذا السلوك من خالل حقيقة أنه يربط السلوك المخالف بالعقوبة على فعل إكراه‪ ،‬وبالتالي يدافع عن هذا السلوك المخالف‪.‬‬
‫السلوك الذي ال يزال ينظمه بطريقة سلبية من خالل عدم ربط فعل مقيد بمثل هذا السلوك الذي ال يدافع عنه‪ ،‬مما يعني أنه‬
‫ال يصف السلوك المخالف‪ .‬السلوك غير المحظور قانوًن ا يعتبر قانونًيا؛‬
‫مسموح به شرعًا‪ ،‬بهذا المعنى السلبي‪ .‬وبما أن سلوًك ا إنسانًيا معيًن ا إما محظور أو غير محظور بموجب النظام القانوني‪،‬‬
‫وأنه إذا لم يكن محظوًر ا فيجب اعتباره مباًح ا‪ ،‬فيمكننا اعتبار أن أي سلوك مهما كان ألفراد يعيشون في ظل نظام قانوني‬
‫معين ينظمه نظام قانوني معين‪ .‬هذا النظام القانوني – سواء بالمعنى اإليجابي أو بالمعنى السلبي‪ .‬وبما أن مثل هذا السلوك‬
‫مسموح به ‪ -‬بالمعنى السلبي ‪ -‬بموجب النظام القانوني‪ ،‬أي بما أنه ال يدافع عنه‪ ،‬فإن موضوع هذا النظام أحرار من‬
‫‪.‬الناحية القانونية‬
‫إن الحرية التي يتركها النظام القانوني لألفراد بطريقة سلبية‪ ،‬ببساطة من خالل حقيقة أنه ال يمنعهم من سلوك معين‪ ،‬يجب‬
‫التمييز بينها وبين الحرية التي يضمنها لهم النظام القانوني بشكل إيجابي‪ .‬إن حرية اإلنسان‪ ،‬والتي تتمثل في أن سلوكا ما‬
‫مباح له ألنه غير محظور‪ ،‬ال يضمنها النظام القانوني إال بقدر ما يفرض على األفراد اآلخرين احترام هذه الحرية‪،‬‬
‫فيمنعهم منها‪ .‬من التدخل في هذا المجال من الحرية‪ ،‬بمعنى آخر‪ :‬بقدر ما يدافع عن األفعال التي من شأنها أن تمنع‬
‫الشخص من اتخاذ السلوك المباح له‪ ،‬بمعنى أنه ال يدافع عنه‪ .‬فقط على هذا الشرط يمكننا أن نعتبر أن السلوك غير‬
‫المحظور‪ ،‬وبالتالي المسموح به بشكل سلبي‪ ،‬هو موضوع حق للذات‪ ،‬وهو حق هو الصورة المنعكسة لاللتزام المقابل (‬
‫‪ .) 1‬فقط كل السلوك المباح ‪ -‬بالمعنى السلبي‪ :‬غير محظور ‪ -‬ال يضمنه تحريم أفعال اآلخرين الذين يمنعونهم‪،‬‬
‫ويعارضونهم؛ وال نجد‪ ،‬فيما يتعلق بأي سلوك مسموح به بهذه الطريقة‪ ،‬التزاًما مرتبًط ا بأطراف ثالثة‪ .‬وقد يكون مثل هذا‬
‫السلوك للفرد غير محظور‪ ،‬وبالتالي فهو بهذا المعنى يسمح به النظام القانوني‪ ،‬دون أن تحظر األفعال المعارضة من‬
‫جانب أفراد آخرين‪ ،‬فيكون هذا السلوك المعارض مسموًح ا به أيًض ا ال يحرم سلوك معين من فرد ما‪ ،‬ألنه ال يعني أو يؤثر‬
‫‪.‬على اآلخرين بأي شكل من األشكال‪ ،‬أو على األقل ألنه ليس له آثار ضارة على اآلخرين‬
‫ولكن ليست كل األفعال التي لها تأثير ضار على طرف ثالث محظورة‪ .‬وهكذا ال يجوز أن يحرم على صاحب أ‬

‫منزل لحفر جدار يرتفع مباشرة مقابل حد صندوقه‪ ،‬فتحة يتم فيها تركيب مروحة؛ ولكن قد يكون في نفس الوقت أنه ال‬
‫ُيمنع صاحب العقار المجاور من بناء منزل هناك حيث يلتصق أحد الجدران تماًما بجدار المنزل المجاور المزود بفتحة‬
‫التهوية‪ ،‬بحيث يتم تركيب المروحة فيه لم يعد مفيدًا‪ .‬وفي مثل هذه الحالة يجوز ألحدهما أن يمنع ما يجوز لآلخر أن‬
‫يفعله‪ ،‬وهو‪ :‬إدخال الهواء إلى إحدى غرف بيته باستخدام المروحة‪ .‬فإذا جاز فعل معين لفرد ‪ -‬سلبًا ‪ -‬في نفس الوقت الذي‬
‫جاز فيه أيضًا فعل فرد آخر يخالف األول‪ ،‬فمن الممكن أن ينشأ نزاع ال يتخذ األمر القانوني ضده أي إجراء‪ ،‬إذ أنه ال‬
‫يسعى إلى منع هذا الصراع‪ ،‬كما يفعل مع اآلخرين‪ ،‬من خالل الدفاع عن أحد السلوكيات المتعارضة أو‪ ،‬بعبارة أخرى‪،‬‬
‫تحقيق إحدى المصالح المتعارضة‪ .‬ال يمكن للنظام القانوني مطلًق ا أن يحاول منع جميع النزاعات المحتملة‪ .‬هناك شيء‬
‫واحد محظور تقريًبا دون استثناء بموجب األنظمة القانونية الحديثة‪ :‬معارضة سلوك اآلخرين غير المحمي باستخدام القوة‬
‫البدنية‪ .‬ألن استخدام القوة البدنية‪ ،‬أي القيام بأعمال اإلكراه‪ ،‬محظور من حيث المبدأ‪ ،‬إال على األفراد الذين يجوز لهم ذلك‬
‫‪.‬بشكل إيجابي‪ ،‬أي الذين هم مخولون‬
‫مثل أي نظام اجتماعي معياري‪ ،‬ال يمكن للنظام القانوني إال أن يصف عدًد ا معيًن ا من اإلجراءات المحددة أو االمتناع عن‬
‫التصويت؛ ال يمكن لإلنسان أبًد ا أن يرى حريته مقيدة بالنظام القانوني طوال فترة وجوده‪ ،‬أي مجمل سلوكه الخارجي‬
‫والداخلي‪ ،‬وفعله‪ ،‬وإرادته‪ ،‬وفكره‪ ،‬ومشاعره‪ .‬يمكن للنظام القانوني أن يحد من حرية الفرد أو أكثر أو أقل‪ ،‬من خالل‬
‫األمر بمزيد أو أقل من اإلجراءات أو االمتناع عن التصويت‪ .‬لكن الفرد يبقى دائًما مؤمًن ا بالحد األدنى من الحرية‪ ،‬وهذا‬
‫يعني عدم وجود إلزام بموجب القانون؛ يوجد دائًم ا مجال للوجود اإلنساني ال تظهر فيه أي وصفات أو محظورات‪ .‬حتى‬
‫في ظل األنظمة القانونية األكثر شمولية‪ ،‬يظل هناك ما يشبه الحرية غير القابلة للتصرف؛ إنها ليست مسألة حق طبيعي‪،‬‬
‫فطري لإلنسان‪ ،‬ولكنها ببساطة نتيجة لحقيقة أن إمكانية قيام القانون بتنظيم السلوك البشري بشكل إيجابي محدودة من‬
‫الناحية الفنية‬
‫ومع ذلك‪ ،‬كما سبقت اإلشارة‪ ،‬ال يمكن اعتبار هذا المجال من الحرية مضموًن ا قانوًن ا إال بقدر ما يحظر النظام القانوني‬
‫التعديات التي قد يتعرض لها‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬تحظى "الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور" بأهمية سياسية خاصة‪.‬‬
‫إنها تنتج عن أحكام دستورية تحد من اختصاص الهيئة التشريعية‪ ،‬إما عن طريق رفضها بكل بساطة‪ ،‬أو عن طريق‬
‫منحها فقط في ظل ظروف مشددة‪ ،‬سلطة وضع القواعد التي تأمر أو القواعد التي تحظر على األفراد القيام بأنواع معينة‬
‫من األفعال‪ ،‬مثل كممارسة الشعائر الدينية‪ ،‬والتعبير عن الرأي‪ ،‬ونحو ذلك (‪)١‬‬
‫‪.‬ج) القانون كنظام معياري‬

‫‪".‬المجتمع القانوني و"عصابة اللصوص‬


‫إن خاصية القانون باعتباره أمًر ا إكراهًيا ُت عطى في كثير من األحيان على أنها حقيقة أنه يأمر السلوك تحت "التهديد‬
‫بأفعال اإلكراه‪ ،‬أي شرور معينة مثل‪ :‬الحرمان من الحياة‪ ،‬والحرية‪ ،‬والملكية‪ ،‬وما إلى ذلك‪ .‬ترتكب ")‪(Androhung‬‬
‫هذه الصيغة خطأ إهمال المعنى المعياري الذي يتم بموجبه فرض اإلجراءات التقييدية بشكل عام والعقوبات بشكل خاص‬
‫من خالل النظام القانوني‪ .‬ومعنى التهديد‪ ،‬في الواقع‪ ،‬هو إلحاق ضرر معين في ظل ظروف معينة‪ .‬لكن معنى النظام‬
‫القانوني هو أنه‪ ،‬في ظل ظروف معينة‪ ،‬يجب ارتكاب شرور معينة‪ ،‬أو‪ ،‬الستخدام صيغة أكثر عمومية‪ ،‬أنه في ظل هذه‬
‫الظروف أو تلك‪ ،‬يجب تنفيذ أعمال جبرية معينة‪ .‬وليس هذا هو المعنى الذاتي لألفعال التي يثبت بها الحق فحسب‪ ،‬بل هو‬
‫معناها الموضوعي أيًض ا‪ .‬ولهذا السبب على وجه التحديد‪ ،‬فإننا ندرك هذه األهمية الموضوعية التي تظهر كأفعال قانونية‬
‫‪.‬إبداعية‪ ،‬أو صانعة للمعايير أو منفذة لها‪ .‬وهنا يكمن الفرق بين القواعد القانونية والقواعد القانونية‬
‫وصايا ليس لها طابع األعراف‪ ،‬كما سبق أن قلنا‪ ،‬فإن الفعل الذي يأمر به قاطع الطريق المارة بإعطائه ماله‪ ،‬عن طريق‬
‫تهديده بأي ضرر‪ ،‬هو أمر ذاتي (أي في العقل)‪ .‬الوكيل معنى أ‬
‫أمر قضائي مقبول بالقول إن الفرد يعبر عن إرادة تتعلق بسلوك فرد آخر‪ ،‬أو حقيقي‪ ،‬والذي يحدث بالفعل على مستوى‬
‫الوقائع‪ ،‬لكن فعل اآلخر غير فعل إرادة األول يميل إلى التسبب ال يمكن أن يكون ووصفها بأنها عملية حقيقية‪ ،‬ألن األخير‬
‫لم يتصرف بعد‪ ،‬وربما لن يتصرف فيما بعد بالطريقة التي أرادها األول‪ ،‬وال يسعنا إال أن نقول إنه بحسب نية األول‪،‬‬
‫يجب أن يتصرف بهذه الطريقة‪ .‬ال يمكن تقديم سلوكه على أنه سلوك موجود‪ ،‬وهو في الواقع؛ إذا أردنا التعبير عن المعنى‬
‫الذاتي لألمر الزجري‪ ،‬فال يمكننا إال أن نقدم السلوك المعني على أنه يجب أن يكون‪ .‬يجب علينا أن نحلل بهذه الطريقة أي‬
‫موقف يعبر فيه الفرد عن إرادته التي تؤثر على سلوك فرد آخر‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬أي ما دمنا ننظر فقط إلى المعنى الذاتي‬
‫لألفعال‪ ،‬فال يوجد فرق بين تحليل األمر الزجري لقاطع الطريق وتحليل أمر هيئة قانونية‪ .‬ويظهر االختالف فقط منذ‬
‫اللحظة التي لم نعد نحلل فيها المعنى الذاتي لألمر الذي يوجهه فرد إلى فرد آخر‪ ،‬بل معناه الموضوعي‪ .‬ومن ثم فإننا‬
‫ننسب إلى نظام هيئة القانون المعنى الموضوعي للقاعدة التي تربط الشخص الموجه إليه‪ ،‬بينما نرفض هذا المعنى إلى أمر‬
‫اللص‪ ،‬وإال فإننا نفسر أمر فاألولى قاعدة صحيحة موضوعيًا‪ ،‬بينما نرفض تفسير ترتيب الثانية على هذا النحو‪ .‬ومن ثم‬
‫نرى في العالقة القائمة بين عدم تنفيذ األمر وفعل اإلكراه‪ ،‬في الحالة الثانية‪ ،‬مجرد "تهديد"‪ ،‬أي التأكيد على إلحاق‬
‫الضرر‪ ،‬بينما في في الحالة األولى‪ ،‬نفسر هذا االرتباط على أنه يعني وجوب إلحاق الضرر‪ ،‬وبالتالي نفسر اإليقاع الفعلي‬
‫للشر في الحالة األولى على أنه تطبيق أو تحقيق لمعيار صالح موضوعًيا ينشئ ميثاق اإلكراه‪ ،‬بينما في الحالة الثانية ‪-‬‬
‫على افتراض أننا نطبق عليه تفسيرا معياريا ‪ -‬نحن‬

‫إننا نرى في نفس الفعل جريمة‪ ،‬ألننا نواجه فعل اإلكراه بقواعد نعتبرها المعنى الموضوعي ألفعال معينة‪ ،‬أفعال نفسرها‬
‫)‪.‬لهذا السبب على وجه التحديد كأفعال قانونية‬
‫ولكن لماذا إذن ننسب للفعل في حالة واحدة المعنى الموضوعي الذي يتفق مع معناه الذاتي؟ بينما ال نفعل ذلك في الحالة‬
‫فإن األفعال التي تؤسس القانون لها أيًض ا ‪ (voraussetzungslos)،‬األخرى؟ بالنسبة للتحليل الذي ال يستدعي فرضيات‬
‫معنى سولين فقط‪ .‬لماذا إًذ ا نعترف أنه من بين الفعلين اللذين لهما المعنى الذاتي لسولين‪ ،‬هناك فعل واحد فقط يخلق معياًر ا‬
‫صحيًح ا موضوعًيا‪ ،‬وهو من ُيلزم؟ أو بمعنى آخر‪ :‬ما هو أساس صحة القاعدة التي نعتبرها تشكل المعنى الموضوعي‬
‫‪.‬لهذا الفعل؟ هذا هو السؤال الحاسم‬
‫سيتم تقديم الجواب من خالل تحليل األحكام التي نفسر بها األفعال كأفعال قانونية‪ ،‬أي كأفعال لها المعنى الموضوعي‬
‫‪.‬للمعايير؛ يكشف هذا التحليل عن الفرضية التي تجعل هذا التفسير ممكًن ا‬
‫ولنبدأ من المثال الذي سبق ذكره في الصفحات السابقة للحكم الذي به نفسر قتل رجل على يد آخر على أنه تنفيذ حكم‬
‫باإلعدام‪ ،‬وليس على أنه قتل‪ .‬ويستند هذا الحكم إلى أننا نعتبر فعل القتل تنفيذًا لقرار المحكمة التي أمرت بهذه العقوبة؛‬
‫وهذا يعني أننا ننسب إلى فعل المحكمة المعنى الموضوعي لمعيار فردي‪ ،‬وبالتالي ننسب إلى الرجال الذين يقومون بهذا‬
‫الفعل صفة المحكمة‪ .‬نحن نقبل هذه األفكار ألننا نعتبر فعل المحكمة بمثابة تنفيذ لقانون‪ ،‬أي قواعد عامة تأمر بأفعال‬
‫اإلكراه‪ ،‬كما أننا نعترف بأن هذه القواعد العامة هي المعنى الموضوعي ‪ -‬في نفس الوقت مثل المعنى الذاتي‪ .‬معنى ‪ -‬فعل‬
‫قام به بعض األشخاص الذين ندرك لهم‪ ،‬لهذا السبب على وجه التحديد‪ ،‬طبيعة هيئة تشريعية‪ .‬وإذا سلمنا بهذه الفكرة‬
‫‪.‬األخيرة‪ ،‬فذلك ألننا نعتبر فعل التشريع بمثابة تنفيذ للدستور‪ ،‬أي القواعد العامة التي لها معنى ذاتي يتيح تمكيًن ا محدًد ا‬
‫يشجع هؤالء الرجال على وضع معايير عامة تحدد أعمال اإلكراه‪ .‬هذه هي الطريقة التي نعترف بها بهؤالء الرجال‬
‫كهيئات تشريعية‪ .‬من خالل حقيقة أننا نعتبر المعايير التي تمكن الهيئة التشريعية باعتبارها المعنى الموضوعي ‪ -‬وفي‬
‫نفس الوقت ذاتًيا ‪ -‬لفعل يقوم به بعض األشخاص‪ ،‬فإننا نفسر هذه المعايير على أنها دستور أوًال‪ ،‬من الناحية التاريخية‪،‬‬
‫هذا ممكن فقط إذا افترضنا‪ ،‬أي إذا اعترفنا بالفرضية‪ ،‬أننا يجب أن نتصرف وفًق ا للمعنى الذاتي لهذا الفعل‪ ،‬وأن أفعال‬
‫اإلكراه يجب أن تتم وفًق ا للشروط وبالطريقة المحددة‪ .‬وبالقواعد التي تتمتع بنوعية الدستور؛ وهذا يعني أنه إذا افترضنا‬
‫قاعدة ونتيجة لذلك فإن الفعل الذي يجب تفسيره على أنه عمل إلنشاء دستور يجب اعتباره في الواقع عماًل يطرح قواعد‬
‫صحيحة موضوعًيا‪ ،‬والرجال الذين يقومون بهذا العمل‪ ،‬يعتبرون كسلطة تأسيسية‪ .‬وهذا المعيار هو ‪ -‬وسنعود إليه الحًقا‬
‫بطريقة أكثر تطوًر ا (‪ - )1‬هو المعيار األساسي للنظام القانوني للدولة‪ .‬هذه القاعدة األساسية لم يتم تأسيسها بموجب قانون‬
‫وضعي؛ يوضح تحليل أحكامنا القانونية أنه من المفترض‪ ،‬إذا وعندما يتم تفسير الفعل المعني على أنه عمل تأسيسي‪ ،‬أن‬
‫األفعال المتخذة على أساس هذا الدستور هي أفعال قانونية‪ .‬إن إنشاء هذه الفرضية هو وظيفة أساسية لعلم القانون‪ .‬في هذه‬
‫‪.‬الفرضية يكمن األساس النهائي لصالحية النظام القانوني‪ ،‬وهو أساس نسبي في جوهره‪ ،‬وبهذا المعنى افتراضي‬
‫في تعزيز ما ورد أعاله‪ ،‬ال يدور في ذهننا سوى نظام قانوني على مستوى الدولة أو المستوى الوطني‪ ،‬أي أن نطاق‬
‫صالحيتها اإلقليمية يقتصر على مساحة معينة ‪ -‬والتي نسميها أراضي الدولة‪ .‬نترك جانًبا في الوقت الحالي أساس صحة‬
‫النظام القانوني الدولي‪ ،‬الذي ال يقتصر مجال صالحيته اإلقليمي بهذه الطريقة‪ ،‬وعالقة هذا النظام القانوني الدولي‬
‫‪.‬باألنظمة القانونية للدولة‬
‫لقد سبق أن ذكرنا سابًق ا فكرة صحة القواعد‪ ،‬أي التأكيد على أننا يجب أن نتصرف‬

‫كما يصفون‪ ،‬ال ينبغي الخلط بين فعاليتها‪ ،‬أي مع حقيقة أن المرء يتصرف بالفعل بهذه الطريقة؛ ولكن يمكن أن توجد بين‬
‫هاتين البيانتين عالقة أساسية‪ ،‬وهي أن األمر اإلجباري الذي يقدم نفسه كأمر قانوني ال يعتبر صالًح ا إال بشرط أن يكون‬
‫فعااًل بشكل عام‪ .‬بمعنى آخر‪ :‬القاعدة األساسية التي تشكل أساس صالحية النظام القانوني ال تتعلق إال بالدستور الذي‬
‫يشكل أساًس ا لنظام فعال من القيود‪ .‬إن األفعال التي تتعلق بسلوك اآلخرين ال ُتعطى إال معنى موضوعًيا يتوافق مع معناها‬
‫‪.‬الذاتي‪ ،‬وال يتم تفسيرها على أنها أفعال قانونية إال إذا كان السلوك الفعلي للرجال يتوافق بشكل عام مع هذا المعنى الذاتي‬
‫نحن اآلن في وضع يسمح لنا باإلجابة على سؤال لماذا ال نعلق على أمر قاطع الطريق‪ ،‬المصحوب بتهديدات بالقتل‪،‬‬
‫المعنى الموضوعي لقاعدة إلزامية للمرسل إليه‪ ،‬أي صالحة‪ ،‬لماذا ال نفسر هذا الفعل كعمل قانوني‪ ،‬ولماذا نفسر تحقيق‬
‫‪.‬التهديد على أنه جريمة‪ ،‬وليس على أنه تنفيذ لعقوبة‬
‫فإذا كان مجرد فعل معزول لفرد منعزل‪ ،‬فال يمكن اعتباره عمال قانونيا‪ ،‬أو أن له معنى قاعدة قانونية‪ ،‬ألن القانون ‪ -‬كما‬
‫أشرنا سابقا ‪ -‬ليس قاعدة واحدة‪ .‬بل نظام من المعايير‪ ،‬ونظام اجتماعي‪ ،‬وأن قاعدة معينة ال يمكن اعتبارها قاعدة قانونية‬
‫إال طالما أنها تنتمي إلى هذا النظام‪ .‬إن المقارنة مع نظام قانوني لن تكون فعالة إال إذا كان األمر يتعلق بالنشاط المنهجي‬
‫لعصابة منظمة من شأنها أن تسبب انعدام األمن في قطاع إقليمي معين من خالل تقييد الرجال الذين يعيشون هناك‪ ،‬تحت‬
‫تهديد شرور معينة‪ ،‬لتسليم أموالهم وبضائعهم إليه‪ .‬لذا‪ ،‬يجب أن نميز بين النظام الذي ينظم السلوك المتبادل ألعضاء هذه‬
‫المجموعة الموصوفة بـ "عصابة اللصوص" عن النظام الخارجي‪ ،‬أي األوامر التي يوجهها أعضاء أو أجهزتها إلى‬
‫أطراف ثالثة عن طريق التهديد‪ .‬لهم بشرور معينة‪ .‬ألنه فقط فيما يتعلق بهذه األطراف الثالثة خارج العصابة يبدو نشاط‬
‫المجموعة مثل نشاط "عصابة من اللصوص ‪ .‬إذا لم يتم الدفاع عن السرقة والقتل في التقارير‬
‫العالقات المتبادلة بين اللصوص‪ ،‬ال تشكل عالقة أن النظام الداخلي للعصابة يتعارض أيًض ا في كثير من النقاط مع أمر‬
‫القيد الذي يعتبر بمثابة النظام الذي يمارس من خالله نشاط عصابة اللصوص‪ .‬إذا لم يتم تفسير نظام اإلكراه الذي أسس‬
‫هذا المجتمع‪ ،‬والذي يتضمن كال من النظام الداخلي والنظام الخارجي‪ ،‬على أنه نظام قانوني‪ ،‬إذا لم يتم االعتراف بمعناه‬
‫الذاتي الذي يقضي بأنه يجب على المرء أن يتصرف وفًق ا ألحكامه كهدف له‪ .‬بمعنى أيًض ا‪ ،‬سيكون ذلك ألننا ال نفترض‬
‫قاعدة أساسية يجب أن نتصرف بموجبها وفًق ا لهذا النظام‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ :‬يجب ممارسة القيد وفًقا للشروط وبالطريقة‬
‫التي يحددها هذا الطلب‪ .‬ولكن لماذا ال نفترض مثل هذه القاعدة األساسية؟ هذا هو السؤال الحاسم الذي ال نفترضه‪ ،‬ألنه‪،‬‬
‫أو بشكل أكثر دقة‪ ،‬عندما ال يكون لهذا النظام هذه الفعالية الدائمة‪ ،‬وإال فإننا ال نفترض قاعدة أساسية تتعلق به‪ ،‬وتؤسس‬
‫لصالحيته الموضوعية‪ .‬من الواضح أنه ال يتمتع بهذه الفعالية عندما يتم تطبيق معايير النظام القانوني ضمن نطاق‬
‫الصالحية اإلقليمي الذي يتم فيه تنفيذ نشاط العصابة بشكل فعال على هذا النشاط الذي يتم التعامل معه على أنه سلوك‬
‫مخالف للقانون‪ ،‬عندما تكون الحرية‪ ،‬أو حتى األرواح‪ ،‬يتم أخذها من أفراد العصابة عن طريق أعمال اإلكراه التي تفسر‬
‫على أنها حكم بالسجن أو اإلعدام‪ ،‬وبالتالي يتم وضع حد لنشاط العصابة‪ .‬ألن هذا يعني أن األمر اإلجباري الذي يعتبر‬
‫‪.‬أمرًا قانونيًا أكثر فعالية من األمر اإلجباري الذي يشكل أساس عصابة اللصوص كمجموعة جماعية‬
‫إذا كان أمر القيد هذا محدوًد ا في منطقة صالحيته اإلقليمية لمنطقة معينة وإذا كان سارًيا داخل هذه اإلقليم‪ ،‬بطريقة يتم‬
‫فيها استبعاد صالحية أي أمر تقييدي مماثل‪ ،‬فيمكن اعتباره بمثابة النظام القانوني‪ ،‬والمجتمع الذي أسسه يمكن اعتباره‬
‫"دولة"‪ ،‬حتى لو طورت هذه "الدولة" نشاًط ا تجاه الخارج يعتبر إجرامًيا فيما يتعلق بالقانون الدولي الوضعي‪ .‬ويتجلى ذلك‬
‫من خالل الوجود السابق على الساحل الشمالي الغربي إلفريقيا (الجزائر ‪ -‬تونس ‪ -‬طرابلس) لما يسمى بدول القراصنة‪،‬‬
‫‪.‬وهي الدول التي تسببت سفنها في زعزعة األمن في البحر األبيض المتوسط‬
‫تحت األرض من القرن السادس عشر إلى بداية القرن التاسع عشر (‪ )1‬تم وصف هذه المجتمعات بـ "القراصنة" فقط‬
‫بسبب استخدامها للقوة ضد سفن الدول األخرى‪ ،‬في انتهاك للقانون الدولي‪ .‬وعلى العكس من ذلك‪ ،‬كان نظامهم الداخلي‬
‫يحظر التطبيق المتبادل للعنف بطريقة فعالة إلى درجة يتم فيها ضمان هذا الحد األدنى من األمن الجماعي‪ ،‬وهو الشرط‬
‫‪ .‬للفعالية الدائمة نسبًيا لنظام يؤسس لمجتمع قانوني‬
‫فاألمن أو السالم الجماعي ‪ -‬كما أشرنا سابًق ا ‪ -‬هي وظيفة تؤديها أوامر القيد التي تسمى الحقوق بشكل فعال في مرحلة‬
‫معينة من تطورها‪ ،‬وإن كانت بدرجات متفاوتة حقيقة يمكن أن نالحظها بشكل موضوعي إن علم القانون الذي يهدئ‬
‫النظام القانوني المجتمع القانوني الذي ينشئه ال يتضمن أي نوع من الحكم القيمي؛ وعلى وجه الخصوص‪ ،‬فإنه ال يعني‬
‫االعتراف بقيمة العدالة‪ ،‬التي من شأنها أن ترسيخها كعنصر من عناصر مفهوم القانون‪ ،‬والتي يمكن أن تكون بالتالي‬
‫بمثابة معيار للتمييز بين المجتمعات القانونية وعصابات اللصوص‪ .‬ال ننوي أن نعتمد في هذا الموضوع تعاليم الهوت‬
‫مسألة الفرق بين هذين الموضوعين‪ ،‬ويعبر عن نفسه على النحو ‪ Cipitas Dei‬القديس أغسطينوس‪ ،‬الذي يطرح في كتابه‬
‫التالي‪“ :‬ما هي اإلمبراطوريات التي ال عدالة‪ ،‬إن لم تكن كبيرة؟ عصابات اللصوص؟ هل هذه العصابات من اللصوص‬
‫سوى إمبراطوريات صغيرة؟ (مدينة هللا‪ ،‬التاسع عشر‪ .)22 ،‬بالنسبة للقديس أغسطينوس‪ ،‬ال يمكن أن يوجد مجتمع‬
‫قانوني بدون عدالة‪ .‬ألن "القانون ال يمكن أن يوجد حيث ال توجد عدالة حقيقية‪ .‬ما يحدث بموجب القانون يحدث‪ ،‬في‬
‫الواقع‪ ،‬على وجه التحديد؛ وما يتم بشكل غير عادل ال يمكن أن يتم بموجب القانون”‪ .‬ولكن ما هي العدالة؟ «العدالة هي‬
‫‪ (justitia porro ea virtus est, quæ sua cuique distribuit).‬الفضيلة التي تمنح لكل فرد ما هو مستحق له‬
‫ولكن كيف هو الحال اآلن مع عدل اإلنسان الذي يبعد اإلنسان عن اإلله الحقيقي ويخضعه للشياطين النجسة؟ هل هذا حقًا‬
‫يعطي كل واحد خاصته؟ أم مجرد من يأخذ المال من المشتري ويحوله إلى من ال حق له فيه؟ وهل هو صالح من يبتعد‬
‫عن الرب الذي خلقه ويضع نفسه في خدمة األرواح الشريرة؟‬
‫يرتكز هذا االستدالل على فكرة أن القانون هو نظام إكراه عادل‪ ،‬وأنه بالتالي يتميز بهذه الطبيعة العادلة لمحتواه عن نظام‬
‫‪.‬اإلكراه لعصابة من اللصوص‬
‫ال يمكن قبول هذه األفكار‪ .‬إن العدالة ال يمكن أن تكون المعيار الذي يميز القانون عن غيره من أنظمة اإلكراه‪ ،‬وهذا ينتج‬
‫عن الطابع النسبي لحكم القيمة الذي يؤكد عدالة النظام االجتماعي[‪ ]1‬نظًر ا ألن القديس أوغسطين ال يريد االعتراف بذلك‬
‫على أنه عادل النظام الذي يمنح كل فرد ما هو مستحق له‪ ،‬وأن هذه الصيغة بالنسبة له‪ ،‬والتي هي في حد ذاتها جوفاء‬
‫تماًم ا‪ ،‬تتضمن حقيقة منح اإلله الحقيقي – أي إله اليهود والمسيحيين‪ ،‬ولكن ليس اإلله الحقيقي‪ .‬آلهة الرومان ‪ -‬ما له وله‬
‫وحده‪ ،‬أي العبادة المطلوبة‪ ،‬التي يعبر عنها بالعبادة‪ ،‬وهو أمر ال يستجيب لهذا‪ ،‬وال يمكن أن تكون هذه المسلمة حقا‪ ،‬وال‬
‫يمكن للمجتمع الذي تقيمه أن يكون دولة ولكن فقط عصابة من اللصوص‪ ،‬وبالتالي ُينكر القانون الروماني صفة القانون‪.‬‬
‫إذا جعلنا العدالة معياًر ا للقانون‪ ،‬للنظام القانوني‪ ،‬من بين األنظمة المعيارية‪ ،‬فإن أنظمة اإلكراه الرأسمالية في العالم‬
‫الغربي لن تكون أنظمة قانونية من وجهة نظر المثل األعلى للعدالة الشيوعية‪ ،‬تماًما كما هو الحال مع نظام القمع‬
‫الرأسمالي في العالم الغربي‪ .‬إن اإلكراه الشيوعي على االتحاد السوفييتي لن يكون حقًا من وجهة نظر العدالة الرأسمالية‪.‬‬
‫ال يمكن لعلم القانون الوضعي أن يقبل فكرة القانون التي تؤدي إلى عواقب مماثلة‪ .‬يمكننا أن نحكم على نظام قانوني بأنه‬
‫‪.‬غير عادل من وجهة نظر معيار معين من العدالة‬
‫لكن حقيقة أن محتوى أمر القيد الفعال يمكن الحكم عليه بأنه غير عادل ال يعد بأي حال من األحوال سبًبا لرفض اعتبار‬
‫هذا األمر القيد أمًر ا قانونًيا‪ .‬بعد انتصار الثورة الفرنسية في نهاية القرن التاسع عشر‪ ،‬وكذلك بعد انتصار الثورة الروسية‬
‫في بداية القرن العشرين‪ ،‬ظهر االتجاه نحو عدم االعتراف بأوامر اإلكراه التي خلقتها هذه الثورات طابع القانون القانوني‪.‬‬
‫األوامر‪ ،‬وال على تصرفات الحكومات التي وصلت إلى السلطة من خالل هذه الثورات طبيعة األفعال القانونية ‪ -‬بالنسبة‬
‫"للثورة الفرنسية‪ ،‬ألنها انتهكت مبدأ الشرعية الملكية‪ ،‬بالنسبة للثورة الروسية‪ ،‬ألنها "تخالف‬

‫تسهيل الملكية الخاصة لوسائل اإلنتاج‪ .‬حتى أن محاكم الواليات المتحدة األمريكية شوهدت ترفض االعتراف بأفعال‬
‫الحكومة الثورية الروسية باعتبارها أفعااًل قانونية‪ ،‬على أساس أنها ليست أفعال دولة‪ ،‬بل أفعال عصابة من رجال‬
‫العصابات بمجرد صدور أوامر لقد أثبتت القيود التي فرضتها الوسائل الثورية فعاليتها الدائمة‪ ،‬وتم االعتراف بها كأنظمه‬
‫قانونية‪ ،‬وحكومات المجتمعات التي أسستها كحكومات لدولة‪ ،‬وأفعالها كأفعال دولة‪ ،‬أي كأفعال قانونية‬
‫د) االلتزامات القانونية دون عقوبات؟‬
‫إذا تصورنا القانون باعتباره نظاًما إكراهًيا‪ ،‬فإن الصيغة التي تحدد القاعدة األساسية لنظام قانوني للدولة ستقدم صياغة من‬
‫هذا النوع‪ :‬يجب أن يمارس اإلكراه من قبل الرجال ضد اآلخرين‪ ،‬بالطريقة وفي ظل الظروف التي محدد في الدستور‬
‫األول تاريخيا‪ .‬تفوض القاعدة األساسية الدستور األساسي تاريخًيا إلى تحديد اإلجراء الذي سيتم بموجبه فرض القواعد‬
‫التي تحكم األفعال اإلجبارية‪ ،‬لكي يتم فهمها بشكل موضوعي كقاعدة قانونية‪ ،‬يجب أن تكون القاعدة إما المعنى الذاتي‬
‫للفعل الذي يتم تنفيذه باتباع هذا اإلجراء ‪ -‬بما يتوافق مع القاعدة األساسية ‪ -‬ويجب أن ينشئ فعاًل إكراهًيا‪ ،‬أو أن يكون له‬
‫صلة جوهرية بقاعدة مماثلة‪ .‬ومن ثم فإننا نفترض مع القاعدة األساسية تعريف القانون بأنه نظام إكراه‪ ،‬وهو ما يتضمنه(‬
‫‪)١.‬‬
‫إن تعريف القانون المفترض مع القاعدة األساسية يترتب عليه أن السلوك ال يمكن اعتباره إال أمرًا قانونيًا أو‪ ،‬الذي يرقى‬
‫إلى نفس الشيء‪ ،‬كمحتوى التزام قانوني‪ ،‬إذا كان السلوك المخالف متوقعًا كشرط لفعل ما‪ .‬اإلكراه الموجه ضد الشخص‬
‫الذي تبناه (أو بالقرب منه)‪ .‬ومع ذلك يجب الحذر من أنه ليس من الضروري (كما سبق أن أشرنا) أن يكون فعل اإلكراه‬
‫‪ )1(.‬ولكن القاعدة األساسية ليست مطابقة للتعريف الوارد فيه‪ .‬وكقاعدة عامة‪ ،‬فهي ليست فكرة‬

‫‪.‬نفسها توصف بهذا المعنى؛ من الممكن أن القانون يمّك نك ببساطة من اتخاذ القرار وتنفيذه‬
‫ضد تعريف القانون باعتباره أمًر ا إكراهًيا‪ ،‬أي ضد إدراج عنصر اإلكراه في مفهوم القانون‪ ،‬يقال أنه يمكن للمرء أن‬
‫يالحظ أن األنظمة القانونية التاريخية تحتوي على‪ :‬أوًال‪ ،‬قواعد ال تنشئ أفعااًل والقيود‪ ،‬والمعايير التي تسمح بالسلوك أو‬
‫التي تمنح السلطة؛ ثانًيا‪ ،‬القواعد التي تفرض السلوك بال شك‪ ،‬تلزم السلوك‪ ،‬ولكن دون أن تربط بالسلوك المخالف نتيجة‬
‫فعل اإلكراه؛ وعلى وجه الخصوص‪ ،‬فإن عدم تطبيق القواعد التي تحدد األفعال الجبرية ال يكون في كثير من األحيان‬
‫‪.‬شرًط ا لألفعال الجبرية التي تلعب دور العقوبات‬
‫آخر هذه االعتراضات ليس له صلة بالموضوع‪ :‬يمكن الحفاظ على تعريف القانون باعتباره أمًر ا إكراهًيا حتى لو لم تكن‬
‫القاعدة التي تنشئ فعاًل إكراهًيا هي نفسها مرتبطة بدورها في عالقة جوهرية بقاعدة تربط جزاًءا بالجريمة‪ .‬حقيقة عدم‬
‫األمر أو عدم تنفيذ فعل اإلكراه في هذه الحالة الملموسة أو تلك‪ ،‬أي إذا كان توقع فعل اإلكراه في القاعدة ال يمثل أمًر ا‬
‫قانونًيا وموضوعًيا‪ ،‬بل مجرد إذن إيجابي أو إسناد السلطة‪ ،‬أو التفويض (حتى لو كان الفعل الذي ينشئ فعل اإلكراه‬
‫‪.‬بطريقة عامة‪ ،‬في فكر مؤلفه‪ ،‬يمثل أمًر ا)‬
‫يمكن أيًض ا الحفاظ على تعريف القانون باعتباره أمًر ا إكراهًيا فيما يتعلق بالقواعد التي تمنح القدرة على القيام بأفعال ليس‬
‫لها طابع األفعال اإلجبارية‪ ،‬أو التي تسمح بشكل إيجابي بمثل هذه األفعال ألن هذه القواعد هي قواعد غير مستقلة‪ ،‬نظًر ا‬
‫الرتباطها ارتباًط ا أساسًيا بالقواعد التي تحدد األفعال اإلجبارية‪ .‬تقدم قواعد القانون الدستوري مثاال نموذجيا لهذه الفئة من‬
‫القواعد التي يتم االستناد إليها كحجة ضد إدراج عنصر القيد في مفهوم القانون‪ .‬ويقال إن قواعد الدستور التي تنظم‬
‫إجراءات التشريع ال تنص على أي عقوبات في حالة عدم االلتزام بها؛ لكن التحليل الدقيق يبين أن هذه معايير غير‬
‫‪.‬مستقلة‪ ،‬وهي تحدد ببساطة أحد الشروط التي يتم بموجبها تنفيذ األفعال القسرية‬

‫‪.‬ويجب أن تأمر به قواعد أخرى وتنفذ (‪)١‬‬


‫هذه هي القواعد التي تمنح إلى مجموعة التشريعات القدرة على خلق القواعد‪ ،‬ولكنها ال تأمر بإنشاء القواعد؛ وإلى هذا‬
‫الحد‪ ،‬فإن العقوبات ليست ذات صلة على اإلطالق هنا‪ .‬لنفترض أن أحكام الدستور لم يتم االلتزام بها؛ ويترتب على ذلك‬
‫عدم ظهور أي قواعد قانونية صحيحة؛ القواعد القانونية التي تم إنشاؤها على هذا النحو باطلة أو قابلة لإلبطال‪ ،‬وهذا‬
‫يعني أن المعنى الذاتي لألفعال التي تتم بطريقة غير دستورية‪ ،‬وبالتالي ال تتوافق مع القاعدة األساسية‪ ،‬ال ُيعترف به أيًض ا‬
‫‪.‬على أنه معناها الموضوعي‪ ،‬أو‪ ،‬فإذا تم االعتراف بها مؤقتا‪ ،‬تم إلغاؤها (‪)٢‬‬
‫ومن الناحية العملية‪ ،‬فإن الحالة األكثر أهمية من تلك التي تعترف فيها العقيدة التقليدية بوجود قاعدة خالية من العقوبات‬
‫ومع ذلك تخلق التزاًما قانونًيا‪ ،‬هي في القانون الحديث حالة ما نسميه االلتزامات الطبيعية‪ .‬ويوصف االلتزام الطبيعي بأنه‬
‫االلتزام بتقديم خدمة ال يمكن المطالبة بتنفيذها بإجراء قانوني‪ ،‬وعدم تنفيذها ال يسمح بالتنفيذ المدني‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬إذا اعترفنا‬
‫بوجود التزام قانوني بتقديم الخدمة في هذه الحالة‪ ،‬فذلك ألنه إذا تم أداء الخدمة طوًع ا‪ ،‬لم يعد من الممكن المطالبة‬
‫باستردادها بسبب اإلثراء غير العادل للمستفيد ‪ .‬لكن هذا تفسير مشكوك فيه تماًما‪ :‬ماذا تعني هذه البيانات األخيرة حًقا؟ إنه‬
‫يعني ببساطة أن قاعدة القانون تنص على أنه من حيث المبدأ‪ ،‬عندما ال يقوم المستفيد من الخدمة التي لم يكن مقدم الخدمة‬
‫ملزًما بها قانوًن ا بإرجاع العنصر المقدم‪ ،‬يجب أن يتم ذلك بناًء على طلب مقدم الخدمة للتنفيذ المدني أصول هذا المستفيد‪،‬‬
‫ولكن بشكل استثنائي‪ ،‬ال تنطبق قاعدة القيد هذه على حاالت معينة ينص عليها النظام القانوني‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يمكن تحليل‬
‫الوضع المعني دون قبول فكرة أننا سنكون هناك في وجود قاعدة تنشئ التزاًما باألداء‪ ،‬على الرغم من خلوها من العقوبة‪:‬‬
‫‪.‬حيث يتم تحليلها باعتبارها قيًد ا على صالحية القاعدة التي تنشئ جزاء‬
‫وال يمكن بطبيعة الحال إنكار أن المشرع يستطيع أن يقوم ‪ -‬وفق إجراء يتوافق مع القاعدة األساسية ‪ -‬بفعل يكون معناه‬
‫الذاتي قاعدة تقتضي سلوكًا إنسانيًا معينًا‪ ،‬وأنه يستطيع أن يفعله دون أن ينشئ فعًال إكراهًا كإجراء‪ .‬عقوبة في حالة‬
‫السلوك المخالف‪ ،‬ولكن دون أن تكون قادرة‪ ،‬كما في حالة االلتزام الطبيعي‪ ،‬على عرض الوقائع على أنها تتكون من تقييد‬
‫صالحية قاعدة ترسيخ فعل اإلكراه‪ .‬في هذه الحالة‪ ،‬إذا تمت صياغة القاعدة األساسية المفترضة كقاعدة تؤسس ألعمال‬
‫اإلكراه‪ ،‬فمن المستحيل أن ندرك في الفعل المعني المعنى الموضوعي المطابق لمعناه الذاتي الذي ال يمكن أن يكون معناه‬
‫‪.‬الذاتي؛ يتم تفسيرها على أنها قاعدة قانونية‪ ،‬ولكن يجب اعتبارها غير ذات صلة من الناحية القانونية‬
‫ولكن ال تزال هناك أسباب أخرى قد تجعل األهمية الذاتية لفعل تم تنفيذه بعد إجراء يتوافق مع القاعدة األساسية تعتبر غير‬
‫ذات صلة من الناحية القانونية‪ .‬وقد يكون في الواقع شيًئ ا ال يحمل على اإلطالق طابع القاعدة التي تأمر أو يأذن أو يمّك ن‬
‫السلوك البشري‪ ،‬وقد يكون للقانون الذي تم اعتماده بطريقة دستورية تماًما محتوى ال يمثل قاعدة من أي نوع‪ .‬ولكنها‪،‬‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬تعبر عن نظرية دينية أو سياسية‪ ،‬مثل افتراض أن القانون منبثق من هللا أو أن القانون عادل‪ ،‬أو أنه‬
‫يحقق مصلحة الشعب بأكمله‪ .‬من الممكن‪ ،‬في شكل قانون يتم إقراره بعد اإلجراءات الدستورية‪ ،‬التعبير عن رغبات األمة‬
‫لرئيس الدولة في يوبيله الحكومي‪ ،‬وذلك ببساطة بهدف إعطاء هذه الرغبات شكًال رسمًيا خاًص ا‪ .‬كما يتم التعبير عنها‬
‫ًال‬
‫بالكلمات‪ ،‬يمكن لألفعال التي يتم القيام بها من الناحية التأسيسية أن تحتوي على أي معنى؛ وبالتالي يمكن أن تمثل شك ال‬
‫‪.‬يحتوي بالضرورة على معايير كموضوعه الحصري‬
‫بمجرد تعريفنا للقانون كنظام من القواعد‪ ،‬يجب علينا أن ندرك أن علم القانون ال يمكنه االستغناء عن فكرة المحتوى غير‬
‫‪.‬ذي الصلة من الناحية القانونية‬
‫القانون الذي ينظم اإلجراء الذي يتم بموجبه إنشاء نفسه‪ ،‬فمن الطبيعي التمييز بين هذا اإلجراء الذي ينظمه القانون‪،‬‬
‫والمحتوى الذي تم إنشاؤه وفًق ا لهذا اإلجراء‪ ،‬والشكل القانوني والمحتوى القانوني‪ - ،‬والحديث عن محتوى قانوني غير‬
‫‪ ,‬ذي صلة قانونًيا‬
‫وهذا يعني قول شيء في شكل قانون دون أن يشكل قاعدة قانونية‪ .‬في العقيدة التقليدية‪ ،‬يتم التعبير عن هذه الفكرة إلى حد‬
‫‪.‬ما في التمييز بين القانون بالمعنى الرسمي والقانون بالمعنى المادي‬
‫يأخذ هذا التمييز في االعتبار حقيقة أنه في شكل قانون يمكن وضع ليس فقط القواعد العامة التي تنظم السلوك البشري‪،‬‬
‫ولكن أيًض ا التدابير اإلدارية مثل منح الجنسية لشخص معين أو الموافقة على ميزانية الدولة‪ ،‬أو حتى إدانة جنائية‪ ،‬إذا‬
‫كانت الهيئة التشريعية في بعض الحاالت تلعب دور المحكمة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬بدًال من القانون بالمعنى الرسمي والقانون‬
‫بالمعنى المادي‪ ،‬سيكون من األدق الحديث عن شكل القانون ومضمون القانون‪ ،‬إال أن المصطلح الذي يتكون من معارضة‬
‫الشكل القانوني والمضمون القانوني غير دقيق وحتى مضللة إلى حد ما‪ :‬ألنه لكي نتمكن من تفسيره بشكل موضوعي على‬
‫أنه عمل قانوني‪ ،‬ال يكفي أن يتم تنفيذ الفعل باتباع إجراء معين‪ ،‬فمن الضروري أيًض ا أن يكون له معنى ذاتي معين؛‬
‫ويعتمد المعنى على تعريف القانون الذي يفترضه المرء عند تحديد محتوى القاعدة األساسية‪ .‬إذا لم نعّر ف القانون على أنه‬
‫نظام إكراهي‪ ،‬بل ببساطة باعتباره نظاًما يتم وضعه وفًق ا للقاعدة األساسية‪ ،‬وإذا قمنا بالتالي بصياغة القاعدة األساسية‬
‫بالطريقة التالية‪ :‬يجب علينا‪ ،‬في ظل الشروط التي يحددها أول دستور تاريخًيا‪ ،‬لكي يتصرف بالطريقة التي يحددها‪،‬‬
‫يمكن أن تكون هناك قواعد قانونية خالية من العقوبات‪ ،‬أي القواعد القانونية التي من شأنها أن تأمر في ظروف معينة‬
‫بسلوك إنساني معين دون وجود قاعدة أخرى تفرض عقوبة في حالة عدم‪ -‬طاعة األول‪ .‬ومن ثم فإن المعنى الذاتي‬
‫لألفعال التي تنشأ وفقا للقاعدة األساسية التي ال يمكن أن تكون قواعد والتي ال يمكن أن تكون مرتبطة بالقواعد‪ ،‬سيكون‬
‫غير ذي صلة من الناحية القانونية‪ .‬ومن ثم فإن القواعد التي وضعها المشرع والتي وضعها الدستور والتي من شأنها أن‬
‫تفرض سلوًك ا معيًن ا دون ربط السلوك المخالف بالعقوبة على الفعل اإلجباري‪ ،‬ال يمكن تمييزها عن القواعد األخالقية إال‬
‫من خالل أصلها؛ وال يمكن مطلًق ا التمييز بين القواعد القانونية التي تنشأ عن العرف وبين القواعد األخالقية التي تنشأ‬
‫‪.‬أيًضا عن العرف‬

‫‪-‬إذا كانت السلبيات‬


‫فالدستور ينشئ العرف كمصدر للقانون‪ ،‬واألخالق ككل‪ ،‬بقدر ما يتم إنشاء قواعدها فعلًيا عن طريق العرف‪ ،‬جزء أساسي‬
‫‪.‬من النظام القانوني‬
‫ويترتب على ذلك أننا يجب أن نرفض أي تعريف للقانون ال يصفه بأنه نظام إكراهي‪ .‬والسبب الرئيسي هو أن عنصر‬
‫القيد هذا وحده هو الذي يجعل من الممكن التمييز بوضوح بين القانون وأي نظام اجتماعي آخر‪ ،‬وهذا معه‪ .‬إنه عامل بالغ‬
‫األهمية لمعرفة العالقات االجتماعية‪ ،‬وهو عامل مميز للغاية لألنظمة االجتماعية التي توصف بأنها "حقوق"‪ ،‬والتي تم‬
‫وضعها كمعيار؛ وعلى وجه الخصوص‪ ،‬فإننا نأخذ في االعتبار العالقة الموجودة‪ ،‬في أهم حالة لمعرفة القانون‪ ،‬وهي‬
‫حالة قانون الدولة الحديثة‪ ،‬بين القانون والدولة‪ ،‬هذه الدولة التي هي في األساس نظام من اإلكراه‪ ،‬وبشكل أكثر دقة‪ ،‬نظام‬
‫‪.‬القيد مركزي ومحدود في مجال صالحيته اإلقليمي‬
‫في النظم القانونية الحديثة‪ ،‬نادًر ا ما نواجه قواعد ذات معنى ذاتي لألفعال التشريعية والتي تفرض سلوًك ا معيًن ا دون جعل‬
‫السلوك المخالف شرًط ا لعقوبة تتكون من فعل إكراه‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬يجب االعتراف بأنه في الحالة المعاكسة‪ ،‬أي إذا‬
‫كانت األنظمة االجتماعية التي نسميها حقوًق ا تحتوي بالفعل على نسبة كبيرة من الضرورات التي لن تكون ذات عالقة‬
‫جوهرية بالمعايير التي تحدد األفعال القسرية كعقوبة‪ ،‬فإن هذا من شأنه أن يشكك في مقبولية تعريف القانون كأمر إكراه‪،‬‬
‫‪ -‬ولكن هذه الفرضية ال يتم التحقق منها بالواقع؛ وإذا أدى قمع الملكية الخاصة لوسائل اإلنتاج‪ ،‬وفقا لنبوءة االشتراكية‬
‫الماركسية‪ ،‬إلى اختفاء العنصر المقيد من األنظمة االجتماعية اإليجابية التي تسمى "الحقوق"‪ ،‬فإن ذلك سيمثل تغييرا‬
‫أساسيا في طابعها‪ .‬من هذه األوامر االجتماعية‪ .‬وأما تعريف القانون الذي قبلناه هنا‪ ،‬فإنه يفقد طابع الحقوق‪ ،‬وتفقد‬
‫المجتمعات التي أسسها طابع الدول؛ وباستخدام المصطلحات الماركسية‪ ،‬فإن الدولة "سوف تهلك" ‪ -‬ولكن معها "يهلك"‬
‫‪.‬القانون أيًضا‬

‫‪.‬هـ) معايير قانونية غير مستقلة‬


‫وقد سبق أن الحظنا في فقرة سابقة أنه إذا كانت قاعدة واحدة تقتضي سلوكًا معينًا‪ ،‬وإذا كانت قاعدة ثانية تنص على‬
‫‪.‬عقوبة في حالة عدم مراعاة األولى‪ ،‬فإن القاعدتين مرتبطتان أساسًا ببعضهما البعض‬
‫هذا هو الحال بشكل خاص عندما ‪ -‬كما يفعل النظام القانوني ‪ -‬يأمر أمر معياري بسلوك معين على وجه التحديد من خالل‬
‫حقيقة أنه يفرض على السلوك المخالف عقوبة فعل إكراه‪ ،‬بحيث ال يمكن اعتبار السلوك على أنه منصوص عليه في إطار‬
‫القانون‪ .‬معنى هذا األمر‪ - ،‬وبالتالي‪ ،‬إذا استندنا إلى األمر القانوني‪ ،‬فال يمكن اعتباره منصوًص ا عليه قانوًن ا ‪ -‬فقط إذا‬
‫وألن السلوك بخالف ذلك يجب أن يؤدي إلى عقوبة‪ .‬إذا كان النظام القانوني يحتوي‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬في قانون أقره‬
‫البرلمان‪ ،‬على قاعدة تنص على سلوك معين وقاعدة أخرى تفرض عقوبة على عدم مراعاة القاعدة األولى‪ ،‬فإن القاعدة‬
‫األولى ليست قاعدة مستقلة‪ ،‬بل هي على أما العكس المرتبط أساًس ا بالثاني‪ ،‬فهو يحدد فقط ‪ -‬بطريقة سلبية ‪ -‬الشرط الذي‬
‫يعلق عليه الثاني العقوبة؛ وعندما يحدد الثاني بشكل إيجابي الشرط الذي يعلق عليه العقوبة‪ ،‬من وجهة نظر التقنية‬
‫التشريعية‪ ،‬فإن األول ال لزوم له‪ .‬لنفترض أن القانون المدني يحتوي على مادة أولى تنص على أنه يجب على المدين أن‬
‫يسدد للدائن‪ ،‬بموجب شروط عقده‪ ،‬القرض الذي حصل عليه‪ ،‬والمادة الثانية التي تنص على أنه إذا كان‪ ،‬خالفا ألحكام هذا‬
‫العقد‪ ،‬إذا لم يقم المدين بسداد المبلغ الذي حصل عليه كقرض للدائن‪ ،‬فيجب تنفيذ التنفيذ اإلجباري على أصول المدين‪ ،‬بناًء‬
‫على طلب الدائن‪ :‬في هذه الحالة‪ ،‬يتم العثور على جميع محتويات القاعدة األولى للعقد بشكل سلبي في الثاني كشرط‪.‬‬
‫القوانين الجنائية الحديثة ال تفعل ذلك‪ .‬وفي أغلب األحيان ال تحتوي حتى على معايير‪ ،‬مثل الوصايا العشر‪ ،‬تحظر القتل‬
‫أو الزنا أو غيرها من الجرائم؛ فهي تقتصر على ربط العقوبات الجنائية بوقائع محددة‪ . .‬وهذا يكشف بوضوح شديد أن‬
‫قاعدة "ال تقتل" ال لزوم لها عندما تكون قاعدة "من يرتكب جريمة قتل يجب أن يعاقب" سارية المفعول‪ :‬فالنظام القانوني‬
‫‪.‬يدافع بدقة عن سلوك معين من خالل حقيقة أنه يمنح هذا السلوك قدسية‬

‫‪.‬يعلق عقوبة على السلوك المخالف‬


‫كما أن القواعد القانونية غير المستقلة هي تلك التي تسمح بشكل إيجابي بسلوك معين‪ ،‬ألنها ال تفعل شيًئ ا سوى الحد من‬
‫نطاق صالحية القاعدة القانونية التي تحظر هذا السلوك من خالل ربط عقوبة بنقيضه‪ .‬لقد قدمنا بالفعل مثاًال على القاعدة‬
‫‪.‬التي تسمح بالدفاع عن النفس‬
‫يظهر هذا االرتباط بين المعيارين المذكورين هنا بشكل واضح بشكل خاص في ميثاق األمم المتحدة‪ :‬في الفقرة ‪ 4‬من‬
‫المادة ‪ ، 2‬يحظر الميثاق على جميع األعضاء استخدام القوة من خالل إلحاق هذا االستخدام للقوة بالعقوبات المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪39‬؛ ففي المادة ‪ ، 51‬يسمح باستخدام القوة كدفاع فردي أو جماعي عن النفس‪ ،‬مما يحد من الحظر العام‬
‫المنصوص عليه في الفقرة ‪ 4‬من المادة ‪ . 2‬وتشكل المادتان المذكورتان وحدة واحدة‪ .‬وكان من الممكن أن يقتصر الميثاق‬
‫على سن مادة واحدة التي من شأنها أن تدافع عن استخدام القوة التي ال تبدو كدفاع فردي أو جماعي عن النفس‪ ،‬من خالل‬
‫إلحاق عقوبة باستخدام القوة‪- .‬مثال آخر‪ :‬هناك قاعدة تدافع عن بيع المشروبات الكحولية‪ ،‬أي أنها تلحق عقوبة عليه؛ لكن‬
‫هذا الحظر مقيد بقاعدة أخرى ال يحظر بموجبها بيع المشروبات الكحولية‪ ،‬أي ال يعاقب عليه‪ ،‬عندما يحدث بعد الحصول‬
‫على ترخيص إداري وبموجبه‪ .‬أما المعيار الثاني الذي يحد من نطاق صالحية األول فهو معيار غير مستقل‪ .‬إنها تأخذ‬
‫فقط معناها الكامل فيما يتعلق بها‪ .‬كالهما يشكالن وحدة‪ .‬ويمكن التعبير عن محتوياتها بمعيار واحد‪ :‬إذا قام شخص ما‬
‫ببيع المشروبات الكحولية دون ترخيص إداري‪ ،‬فيجب معاقبته‪ .‬وهنا‪ ،‬لم يعد دور اإلذن السلبي ببساطة‪ ،‬والذي يتمثل في‬
‫‪.‬أن النظام القانوني ال يحظر سلوًك ا معيًن ا‪ ،‬محل شك‪ ،‬ألن اإلذن ال يحدث هنا بقاعدة إيجابية‬
‫وكما أن بعض القواعد القانونية تحد من نطاق صحة قاعدة أخرى‪ ،‬فإن بعض القواعد األخرى تدمر تماًما صالحية قاعدة‬
‫أخرى‪ ،‬وهي قواعد ملغاة من هذا النوع هي أيًض ا قواعد غير مستقلة‪ :‬ال يمكن فهمها إال في ضوء القواعد األخرى التي‬
‫‪.‬نصت على أفعال‪ .‬من اإلكراه‬
‫ومع ذلك‪ ،‬هناك فئة أخرى من القواعد القانونية غير المستقلة تتشكل من تلك التي تسمح للشخص بالتصرف بطريقة‬
‫أنها تمنح الفرد سلطة قانونية محددة‪ ،‬أي سلطة إنشاء القواعد ")‪ (ermächtigen‬معينة؛ إذا كنا نفهم من عبارة "التمكين‬
‫القانونية‪ .‬تحدد هذه المعايير التمكينية فقط أحد الشروط التي يرتبط بها فعل اإلكراه ‪ -‬في المعايير المستقلة‪ .‬هذه هي‬
‫القواعد التي تمنح سلطة إنشاء قواعد قانونية عامة‪ ،‬قواعد الدستور التي تنظم التشريع أو التي تحدد العرف كحقيقة تخلق‬
‫القانون؛ والقواعد التي تنظم اإلجراءات القضائية أو اإلجراءات اإلدارية‪ ،‬والتي من خاللها سيتم تطبيق القواعد العامة‬
‫التي أنشأها القانون أو العرف على القواعد الفردية من قبل السلطات القضائية واإلدارية المخولة لهذا الغرض‪ .‬مثال سوف‬
‫يوضح هذا االقتراح؛ دعونا نفكر في الموقف الذي ينشأ عندما يكون الدفاع عن السرقة قانونًيا بموجب عقوبة السجن ‪ .‬إن‬
‫شرط العقوبة المقررة على هذا النحو ليس بأي حال من األحوال الحقيقة الوحيدة المتمثلة في أن الفرد قد ارتكب جريمة‪.‬‬
‫يجب إثبات واقعة الجريمة‪ ،‬وفًق ا إلجراء تحدده قواعد النظام القانوني‪ ،‬من قبل المحكمة التي تتولى السلطة لهذا الغرض؛‬
‫وبعد هذه النتيجة‪ ،‬يجب على هذه المحكمة أن تأمر بعقوبة يحددها القانون أو القانون العرفي‪ ،‬وفي النهاية يجب على هيئة‬
‫أخرى تنفيذ هذا الحكم‪ .‬تتمتع المحكمة بسلطة فرض عقوبة على اللص باتباع إجراء معين فقط عندما يتم إنشاء قاعدة‬
‫عامة تربط عقوبة معينة بالسرقة باتباع إجراء يتوافق مع الدستور‪ .‬تحدد قاعدة الدستور التي تجيز إنشاء هذه القاعدة‬
‫العامة أحد الشروط التي ترتبط بها العقوبة‪ .‬لوصف هذا الوضع بشكل كامل‪ ،‬من الضروري ذكر افتراض قانوني مثل‬
‫هذا‪ :‬إذا كان األفراد الذين حصلوا على سلطة التشريع قد وضعوا قاعدة بموجبها يجب أن يخضع اللصوص لمثل هذه‬
‫العقوبة‪ ،‬وإذا كانت المحكمة التي تتمتع بهذه السلطة قد ثبت من قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬وفقا لإلجراءات التي يحددها‬
‫هذا القانون‪ ،‬أن هذا الشخص قد ارتكب السرقة‪ ،‬وإذا حكمت هذه المحكمة بالعقوبة المقررة قانونا ‪ -‬فيجب على هذه الجهة‬
‫تنفيذ هذه العقوبة‪ .‬تكشف مثل هذه الصياغة طبيعة القواعد غير المستقلة‪ ،‬وفي المقام األول قواعد الدستور التي تعطي‬
‫القدرة على إنشاء قواعد عامة من خالل تنظيم تنظيم وإجراءات التشريع‪ ،‬وكذلك قواعد قانون اإلجراءات الجنائية التي‬
‫تسمح بإنشاء هذه القواعد الفردية التي هي قرارات االختصاص الجنائي من خالل تنظيم تنظيم وإجراءات المحاكم الجنائية‬
‫; تحدد هاتان المجموعتان من القواعد فقط الشروط التي يجب بموجبها تنفيذ العقوبات الجنائية‪ .‬إن تنفيذ جميع أعمال‬
‫اإلكراه التي يفرضها أمر قانوني يكون مشروًط ا بهذه الطريقة‪ ،‬حتى تلك األفعال التي لم يتم األمر بها بعد إجراء قضائي‪،‬‬
‫ولكن بعد إجراء إداري‪ ،‬وتلك التي ليس لها طابع العقوبة‪ .‬إن إنشاء المعايير العامة التي يجب تطبيقها من قبل هيئات إنفاذ‬
‫القانون‪ ،‬وفًق ا للدستور‪ ،‬وإنشاء المعايير الفردية وفًق ا للقانون حيث يتعين على هذه الهيئات تطبيق المعايير العامة‪ ،‬هي‬
‫شروط ألداء أعمال اإلكراه‪ ،‬بنفس ترتيب إثبات حقيقة الجريمة أو مالحظة الظروف األخرى التي تجعل القواعد القانونية‬
‫حالة أعمال اإلكراه التي ليس لها طابع العقوبات‪ .‬لكن القواعد العامة التي تنشئ‪ ،‬في ظل كل هذه الظروف‪ ،‬أفعااًل جبرية‪،‬‬
‫هي في حد ذاتها قواعد قانونية مستقلة‪ ،‬حتى لو لم يكن ميثاق اإلجبار أمًر ا أو مقرًر ا‪ ،‬ما لم يقترن به فعل إكراه آخر‪ .‬إذا‬
‫تستخدم بالمعنى األوسع‪ .‬ومن ثم فهو ال يحدد فقط إسناد ")‪ (ermächtigt‬قلنا أن فعل اإلكراه "ممكن"‪ ،‬فإن كلمة "ممكن‬
‫السلطة القانونية‪ ،‬أي القدرة على إنشاء القواعد القانونية‪ ،‬ولكن أيًض ا إسناد القدرة على تنفيذ أعمال اإلكراه التي تنص‬
‫فيمكن تعيين هذه القوة أيًض ا كقوة قانونية بهذا ‪ (Macht)"،‬عليها القواعد القانونية‪ .‬وإذا اعتبرنا هذه القوة أيًض ا "قوة‬
‫‪.‬المعنى األوسع للكلمة‬
‫وأخيرا‪ ،‬تنتمي أيضا إلى مجموعة المعايير‬
‫غير المستقلة هي تلك التي تحدد معنى المعايير األخرى‪ ،‬على سبيل المثال من خالل تعريف فكرة مستخدمة في صياغة‬
‫قاعدة أخرى‪ ،‬وتلك التي تفسر بطريقة أخرى القاعدة بشكل أصيل‪ .‬ومن ثم يجوز أن يتضمن قانون العقوبات مادة تنص‬
‫على ما يلي‪"" :‬هل القتل هو أي سلوك يتسبب به رجل عمدًا في قتل إنسان آخر؟" هذه المقالة تعريف لجريمة القتل؛ ليس‬
‫لها طابع معياري‬
‫وذلك فيما يتعلق بمادة أخرى تنص على‪" :‬إذا ارتكب رجل جريمة قتل‪ ،‬وجب على المحكمة المختصة لهذا الغرض أن‬
‫تحكم عليه باإلعدام"؛ وترتبط هذه المادة مرة أخرى ارتباًط ا وثيًق ا بالمادة الثالثة التي تنص على‪" :‬يجب تنفيذ عقوبة‬
‫‪.‬اإلعدام شنًقا‬
‫مما قلناه للتو‪ ،‬يترتب على ذلك أنه من الصحيح وصف النظام القانوني بأنه أمر جبري على الرغم من أن كل قاعدة من‬
‫قواعده ال تنشئ أعمااًل جبرًيا؛ ما يبرر أو يسمح بالحفاظ على هذه الخاصية على الرغم من ذلك هو حقيقة أن جميع‬
‫معاييرها التي ال تفرض في حد ذاتها فعاًل قسرًيا‪ ،‬والتي‪ ،‬بالتالي‪ ،‬ال تأمر بإنشاء المعايير‪ ،‬ولكنها ببساطة تمكنها‪ ،‬أو التي‬
‫بشكل إيجابي تمكينه‪ ،‬هي قواعد غير مستقلة‪ ،‬ألنها صالحة فقط باالشتراك مع القواعد األخرى التي تنشئ فعاًل إكراهًيا‪.‬‬
‫لكن حتى جميع القواعد التي تؤسس لفعل إكراه ال تأمر جميعها بسلوك معين‪ ،‬أو باألحرى بالسلوك المعاكس؛ فقط أولئك‬
‫الذين يأمرون بفعل اإلكراه كرد فعل ضد سلوك إنساني معين‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ :‬كعقوبة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ولهذا السبب أيًض ا (‪،)1‬‬
‫ليس للقانون صفة األمر أو األمر على وجه الحصر‪ .‬إن النظام القانوني هو أمر قسري‪ ،‬بالمعنى الذي حددناه سابًقا‪،‬‬
‫ويمكن وصفه في مقترحات تعلن أنه في ظل ظروف معينة‪ ،‬أي في ظل الشروط التي يحددها النظام القانوني‪ ،‬فإن بعض‬
‫األفعال اإللزامية التي يحددها إن مجموع المواد األولية الواردة في القواعد القانونية لنظام قانوني يتناسب مع هذا المخطط‬
‫لالفتراض القانوني الذي صاغه علم القانون ‪ -‬هذا االقتراح القانوني الذي يجب تمييزه بوضوح عن مجموعة القواعد‬
‫‪.‬القانونية‪ .‬من قبل الجهة القانونية‬

You might also like