Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 5

‫جامعة الجزائر ‪ ،1‬بن يوسف بن خدة‬

‫كلية الحقوق‬

‫أ‪.‬د‪ /‬بدري جمال‬

‫‪dj.badri@univ-alger.dz‬‬

‫‪badj2003@hotmail.com‬‬

‫محاضرات‬
‫في‬
‫منهجية البحث العلمي ‪2‬‬

‫محاضرات ألقيت على طلبة الطور الثاني ماستر‬


‫فرع قانون العقود والمسؤولية‬
‫السنة األولى‬
‫السداسي الثاني‬
‫عبر المنصة اإللكترونية مودل (‪)Moodle‬‬

‫السنة الجامعية ‪2024 – 2023‬‬


‫مقدمـة‪:‬‬
‫تمثل دراسة مادة المنهجية بصفة عامة أساسا في نظام تعليمي ناجح‪ ،‬وتتقدم في األولوية حتى‬
‫على حصص األعمال الموجهة في مفهومها التقليدي‪ ،‬حيث تقتصر هذه األخيرة بمادة معينة بالذات‬
‫تهدف إلى تعميق المحاضرات النظرية في تلك المواد من خالل تطبيقات وتمارين عملية تعطى للطالب‪،‬‬
‫بيمنا تهدف المنهجية إلكسابه طريقة من أجل الوصول إلى النتيجة المرغوب فيها‪.1‬‬
‫تعتبر مادة المنهجية مادة حديثة نسبيا تم اعتمادها في مختلف برامج التعليم عبر العالم‪ ،‬ألنها ال‬
‫تهدف إلى تعميق المحاضرات التي يلقيها األساتذة على الطالب‪ ،‬كما أنها ليست مختصة بمادة قانونية‬
‫بالذات‪ ،‬وإنما هي مادة مشتركة لكل المواد‪ ،‬وقد اعتمدت كوحدة منهجية في جميع أطوار الدراسة في‬
‫الجامعة الجزائرية‪.‬‬
‫ترتبط مادة المنهجية بعلوم القانون بمختلف فروعه وأشكاله‪ ،‬حيث تنشأ لدى الطالب األسلوب‬
‫والطريقة في التعامل مع شتى الميادين التي يطرحها علم القانون‪ ،‬فال يكتفي الطالب بمراجعة وحفظ‬
‫المحاضرات النظرية ثم محاولة استرداد المعلومات بطريقة آلية قد تصطدم بمشكل النسيان عند‬
‫االسترجاع‪ ،‬بل الهدف من المنهجية بصفة عامة‪ ،‬هو تمكين الطالب من منهج‪ 2‬ووسيلة تؤدي به إلى‬
‫دراسة سليمة لمختلف المواد‪ ،‬واالستعمال األمثل للمعلومات التي يستقيها من النصوص والمراجع في‬
‫مسيرته التعليمية‪ ،‬مما ينعكس إيجابا على تحصيله العلمي وعلى حياته المهنية فيما بعد‪.‬‬
‫يتماشى اعتماد مادة المنهجية في مختلف المناهج التعليمية مع خطة الوصول إلى نتائج نوعية‬
‫ترجى من تلك المناهج‪ ،‬كما يتماشى ذلك مع اعتماد مقاربات في التعليم تهدف إلى استغالل كل الطاقات‬
‫في العنصر البشري‪ ،‬وعدم االقتصار فقط على عناصر منها دون األخرى‪ ،‬كما كان الحال سابقا في‬
‫اعتماد المقاربة باألهداف التي اعتمدت بصفة أساسية على عنصر الكينونة في الطالب وما يتصل به‬
‫من أبعاد نفسية كالذاكرة واالسترجاع‪ ،‬وإهمالها أهم العناصر المكونة لتلك الشخصية والمتمثلة في عنصر‬
‫الذكاء‪.‬‬

‫‪" - 1‬يعتبر المنهج تلك الطريقة التي يستخدمها الباحث من أجل الوصول إلى النتيجة المرغوب فيها"‪ ،‬راجع‪ :‬اسماعيل شعباني‪ ،‬منهجية‬
‫البحث في العلوم االجتماعية‪ ،‬المعهد الوطني للتجارة‪ ،‬بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪ ،2005 ،‬ص ‪،39‬‬
‫‪ - 2‬يعني منهج‪" :‬طريقة‪ ،‬أسلوب ونظام‪ ،‬ومنها تأتي المنهجية كعلم المنهج التي تختص بدراسة الطرق واألساليب العلمية التقنية لعلم من‬
‫العلوم‪ ،‬على أن تكون هذه الدراسة انتقادية تهدف إلى تحديد المصدر المنطقي واألهمية واألبعاد"‪ .‬راجع‪ :‬عكاشة محمد عبد العال‪ ،‬سامي‬
‫بديع منصور‪ ،‬المنهجية القانونية‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2003 ،‬ص ‪.06‬‬
‫إن االعتماد على المنهجية في هذا السياق‪ ،‬يخلق حتما بيئة مناسبة للتكيف واإلبداع في الحلول‬
‫والنتائج‪ ،‬وهو األمر الذي جعل من االعتماد على مقاربة في التدريس ال تقتصر فقط على عنصر‬
‫الذاكرة‪ ،‬بل تتعداه إلى عناصر أخرى مهمة كالذكاء والمخيلة وما يمثله ذلك من أهمية في حقل التعليم‬
‫تكيف حقيقي مع أي بيئة وما تفرزه من مشاكل ومنها‬
‫الفعال‪ ،‬حيث يؤدي تفاعل تلك العناصر معا إلى ّ‬
‫إبداع الحلول والنتائج وخلق كفاءات‪ 3‬منتجة وهو المرجو من أي عملية تعليمية‪.‬‬
‫تمثل المقاربة بالكفاءات‪ 4‬مجاال خصبا لتفاعل تلك العناصر السابقة ذكرها في معادلة تؤدي إلى‬
‫التكيف الحقيقي مع الواقع‪ ،‬ومن خالل هذا التكيف يتم ابتكار الحلول الناجعة لمختلف المسائل‬
‫المطروحة‪ ،‬وهو ما استدعاه النقص المالحظ في المقاربات السابقة وإهمالها ألهم عناصر الشخصية‬
‫وأبعادها‪.5‬‬
‫بالنسبة لدراسة القانون‪ ،‬فإن للمنهجية دور فعال في إكساب الطالب األسلوب والطريقة العلمية‬
‫والمنطقية في التعامل مع مختلف المسائل والمواضيع القانونية المطروحة‪ ،‬بحيث يتمكن باستعمالها من‬
‫البحث فيها بأسلوب علمي محاوال استخراج المسائل القانونية‪ 6‬وعرضها بطريقة تسمح بتكييفها ومناقشتها‬
‫وإيجاد الحلول المناسبة لها‪.‬‬
‫تساهم المنهجية في تكوين الشخصية القانونية لدى الطالب‪ ،‬فمن خاللها يكتسب أسلوب البحث‬
‫وبفضلها يكتسب طريقته الخاصة في البحث والتحليل والوصول إلى النتائج المرجوة‪.‬‬

‫‪ - 3‬تعرف الكفاءة على أنها قدرة المتعلم على تجنيد موارده بشكل مدمج لحل وضعية مركبة تمثل المشكل أو العائق الذي يعترضه‬
‫ويتطلب منه استخدام كل أشكال المعارف لبلوغ الحل‪ ،‬بمعنى أن يتمكن المتعلم بأن يتصرف إزاء المواقف وخاصة الجديدة منها بفعالية‬
‫وعن رغبة وميل وبدافع‪ ،‬وتسخيره لمكتسباته المعرفية ومهاراته لمواجهة المواقف والتصرف إزاءها بعقالنية"‪ ،‬راجع‪ :‬محمد الطاهر وعلي‪،‬‬
‫بيداغوجيا الكفاءات‪ ،‬الورسم للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2011 ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪" - 4‬لقد شاع بين الكثيرين من القائمين على شؤون التربية مصطلح التدريس بالكفاءات‪ ،‬ونعتقد أن ذلك مجانب للصواب‪ ،‬ألننا في الواقع‬
‫ندرس أو باألحرى نبتكر وضعيات نضع المتعلم في إطارها لينمي كفاءاته‪ .‬وعليه فالمقاربة بالكفاءات هي طريقة إلعداد الدروس والبرامج‬
‫التكوينية اعتمادا على التحليل الدقيق لوضعيات التعلم التي يتواجد فيها المتعلمون أو التي سوف يتواجدون فيها‪ ،‬واعتمادا كذلك على‬
‫تحديد الكفاءات المطلوبة ألداء المهام وتحمل المسؤوليات الناتجة عنها‪ ،‬وأخيرا‪ ،‬ترجمة هذه الكفاءات إلى أهداف وأنشطة تعليمية"‪ .‬راجع‪:‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.18 ،17‬‬
‫‪ - 5‬تساعد المقاربة بالكفاءات على تبني الطرق البي داغوجية النشطة واالبتكارية‪ ،‬كما يتم من خاللها تحفيز المتعلمين على العمل‪ ،‬وفيها‬
‫يكون االهتمام التام بالمحتويات والموارد‪ ،‬وهي في األخير‪ ،‬معيار للنجاح المدرسي"‪ ،‬راجع‪ :‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪237‬‬
‫‪" - 6‬المسألة القانونية هي عبراة عن وقائع تعرض على الطالب بغية تحليلها وتحديد النقاط التي تتضمنها والمسائل القانونية التي تثيرها"‪،‬‬
‫راجع‪ :‬مصطفى العوجي‪ ،‬القانون المدني‪ ،‬التمارين العلمية‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2006 ،‬ص ‪.11‬‬
‫يختلف مضمون مادة المنهجية بين أن يكون المطلوب هو التعليق على حكم أو قرار قضائي أو‬
‫تحليل نص قانوني‪ ،‬أو استشارة قانونية أو حتى وضع دراسة قانونية مجردة وحل مسائل من الواقع‪،‬‬
‫وعلى الرغم من اختالف المضامين‪ ،‬فإنه توجد قواعد مشتركة بينها يمكن حصرها أوال في تحضير‬
‫المادة األولية التي تتطلبها المعالجة من خالل تعيين المراجع التي ستعتمد عليها المعالجة وكيفية‬
‫االقتباس منها‪ ، 7‬وثانيا من خالل الكتابة التي تتناول اللغة التي يكتب بها وعرض المراجع التي يتم‬
‫االقتباس منها‪.8‬‬
‫أهم ما يمكن أن ينمي ملكات طالب الحقوق وتكوين شخصيته القانونية هو اعتماده على المنهجية‬
‫القانونية واعتبارها المخبر الحقيقي الذي يتحقق فيه من النتائج المتوصل إليها‪ ،‬ولن يكون ذلك إلى عبر‬
‫تحليله للنصوص القانونية بمعناها الواسع سواء كانت من عمل المشرع أو من عمل الفقهاء‪ ،‬ومن خالل‬
‫التعليق على األحكام والق اررات القضائية التي تصدرها المحاكم والمجالس القضائية المختلفة أو من‬
‫خالل اجتهادات المحكمة العليا ومجلس الدولة‪ ،‬كما يكون ذلك من خالل المساهمة في إعطاء‬
‫االستشارات القانونية بما تمثله من مجال خصب إليجاد حلول مميزة لمسائل واقعية يستشار فيها من‬
‫قبل الكثيرين‪.‬‬
‫من خالل التقديم الذي سبق‪ ،‬سيتم اعتماد تقسيم ثالثي يتكون من ثالثة محاور رئيسية كاآلتي‪:‬‬

‫‪ - 7‬عكاشة محمد عبد العال‪ ،‬سامي بديع منصور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ -‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪8.34‬‬
‫التقسيـــم‬

‫المحور األول‪ :‬منهجية التعليق على حكم أو قرار قضائي؛‬

‫المحور الثاني‪ :‬منهجية تحليل النصوص القانونية؛‬

‫المحور الثالث‪ :‬منهجية االستشارة القانونية؛‬

You might also like