الترجمة والمثاقفة... بين هجرة الذات وتأصيل الآخر

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 19


‫ الجزائر‬، ‫ أحمد بن بلة‬1‫ جامعة وهران‬،‫ دريس محمد أمين‬.‫أ‬


      


acculturation
acculturation

Cultural Original Patterns          


the other
theories of translation          
  l’altérité-otherness  
 



acculturation



‫ــرة‬ -‫ الغ يــة‬-‫ النمــاذج الثقافيــة البدئيــة‬-‫ اﳌثاقفــة‬-‫ ال جمــة‬ 


.‫ تأصيــل اﻵخــر‬-‫الــذات‬

Abstract
Translation and acculturation… between self-migration and the
other’s rooting

T his research aims at sheding light upon an important dimension


in translation which governs every rendering, and which is not
less important than the other dimensions; namely acculturation. Ac-
culturation comes out of the contact of two texts belonging to two
different languages/cultures that are the source language/culture and
the target language/culture. The cultural original patterns -which cha-
racterize each ethnographic group and reflect the collective culture of

107
‫‪‬‬

‫‪its affiliated members, with its physical and sensory components, subs-‬‬
‫‪tituents, variables and properties- are subjected to influence, change‬‬
‫‪and mutation because of being in touch with the other who differs.‬‬
‫‪This is what have been established by various theories of translation‬‬
‫‪and its advocated trends from different intellectual backgrounds that‬‬
‫‪is otherness what should draw the attention of the translator, and any‬‬
‫‪translation has only a huge impact on the target audience. Thus, it‬‬
‫‪stands out the relationship of give and take within the simple realm‬‬
‫‪of the translated text. Our attempt is to simplify for the reader the‬‬
‫‪essence of acculturation and its fundamentals through the most no-‬‬
‫‪table samples taken from history full of such examples which have‬‬
‫‪managed -thanks to translation- to become worldwide models being‬‬
‫‪celebrated in every time and place.‬‬
‫‪Keywords: translation- acculturation- cultural original patterns-‬‬
‫‪otherness- self-migration- other’s rooting.‬‬

‫‪          .I‬‬


‫لقد انت ال جمة ع تار خ ال شر ة جمعاء‪ ،‬باختﻼف أجناس ا و أديا ا و ثقافا ا‪،‬‬
‫ضرورة حضار ة تحقيق ال مة ب ن اﻷمم و الشعوب‪ ،‬و تقو ة أواصر التبادﻻت العلمية‬
‫و اﻷدبية و الفنية و ال اثية بي ا من خﻼل الس ﳌعرفة اﻵخر‪ ،‬واﻻطﻼع ع مكنون ذاته‬
‫و خبايا ــا التار خيــة و الثقافيــة و اﻷيديولوجيــة‪ .‬و لعــل مــا يز ــي ــذا الطــرح ــو مــا قدمتــه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ال جمة للعديد من الثقافات أن و بت ل ا وج ا جديدا استطاعت من خﻼله ال وض‬
‫ـ مختلــف مياديــن اﳌعرفــة اﻹ ســانية‪ ،‬و مــن ثــم اﻻلتحــاق بالركــب ا ضــاري اﳌســابق‬
‫للزمــن‪ ،‬فتبــوأت بذلــك اﳌ انــة اﳌرموقــة و الــدور ا ضــاري البــارز‪ .‬و مــن نــا انــت ال جمــة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بـ ل أســئل ا اﳌ شــعبة‪ ،‬فعــﻼ معرفيــا ادفــا و شــاطا علميــا دقيقــا يدفــع بالتواصــل الثقا ـ‬
‫ً‬
‫و ا ضاري ب ن الشعوب نحو اﻷمام ذلك ﻷ ّ ا » انت و ﻻ تزال جزءا ﻻ يتجزأ من العملية‬
‫التواصليــة ب ــن الثقافــات ا يــة‪ ،‬ف ـ عكــس إ ـ حــد عيــد‪ ،‬ال شــاط العل ـ و اﻷد ــي‪ ،‬و‬
‫تكشــف عــن ار اصــات التطــور الفكــري و مــدى قــدرة الثقافــة ع ـ اسـ يعاب الرا ــن و رفــع‬
‫تحديــات اﳌســتقبل«)‪ ،(1‬موظفــة ـ ذلــك الزخــم ـ النظر ــات ال جميــة ا تلفــة‪ ،‬و عــدد‬
‫ً‬
‫رؤى اﳌنظر ــن و اﳌشــتغل ن ـ حقل ــا و تنــوع روافد ــم‪ .‬كمــا تمنــح لنــا ال جمــة أيضــا فرصــة‬
‫عميــق اﳌعرفــة بذواتنــا‪ ،‬ســواء بلغتنــا أو بثقافتنــا أو بنمــط حياتنــا الفكر ــة و اﳌع شــية ـ‬
‫ً‬
‫عصــر تطــورت فيــه وســائل اﻻتصــال والتواصــل ا ما يــة ممــا يتطلــب بالضــرورة حــدا‬
‫أد ى من اﳌعرفة بلغة اﻵخر و ثقافته وخصوصياته ا تمعية العامة‪ .‬و ؤكد ذلك ا اجة‬
‫‪108‬‬
‫‪‬‬

‫اﳌ ة للفعل ال ج بوصفه »اس اتيجية لتوليد الفوارق واقحام اﻵخر الذات‪ ،‬إ ّ ا ما‬
‫يفتــح الثقافــة‪ ،‬مــا يفتــح اللغــة ع ـ ا ــارج‪ ،‬مــا يفتــح النصــوص ع ـ آفــاق لــم تكــن لتتوقع ــا‬
‫ً‬
‫و ﻻ تتوخا ا«)‪ .(2‬وﻻ ع ذلك مطلقا ّأن ال جمة شاط عم فيه الفو و سيطر عليه‬
‫ً‬
‫العشــوائية‪ ،‬بــل ع ـ العكــس تمامــا ثمــة إواليــات أساســية تخلص ــا مــن ذلــك‪ ،‬و تضع ــا ـ‬
‫ســياق اسـ اتيجية ثقافيــة مضبوطــة إ ـ أ عــد ا ــدود‪.‬‬
‫ُ‬
‫ّإن ال جمــة فعــل إ ســا ي بالدرجــة اﻷو ـ عـ ّـرف ع ـ أ ــا قيمــة مضافــة إ ـ رصيــد‬
‫ّ‬
‫ل لغة‪/‬ثقافــة مســتقبلة‪ .‬و قــد أثب ــث ــذه الظا ــرة و ﻻزالــت ّأن اﻹ ســان الســوي ﻻ بــد‬
‫مــن أن ينفتــح ع ـ اﻵخر ــن ع ـ جســور التواصــل ليتأثــر و يؤثــر‪ ،‬و يأخــذ و عطــي‪ .‬و شـ ل‬
‫ــذا التأث ـ و التأثــر‪ ،‬اﻷخــذ و العطــاء مف ــوم اﳌثاقفــة الفاعلــة ال ـ تحــدد اﳌراكــز و اﻷدوار‬
‫ب ــن مختلــف الثقافــات بحســب شــيوع ا‪ ،‬و مــدى بلــوغ اﻹنتــاج العل ـ و اﻷد ــي عند ــا‪ .‬وﻻ‬
‫يمكــن أن تحــوز أمــة مــن اﻷمــم ع ـ ــذا الــدور الر ــادي‪ ،‬اﳌتمثــل ـ اﳌشــعل ا ضــاري‪،‬‬
‫إ ـ اﻷبــد م مــا بلــغ صي ــا اللغــوي و الثقا ـ ‪ ،‬و ســقف انتاج ــا العل ـ و اﻷد ــي‪ ،‬إذ ثمــة‬
‫ً‬
‫نظر ــة تقــول ّإن »ل ضــارة أطــوار و مراحــل و ّإن ل ـ ل طــور و مرحلــة شــعبا مــن الشــعوب‬
‫يحمــل مشــعل ا ضــارة )‪ (...‬إذ ل ــس باســتطاعة أي شــعب أن يحمــل ــذا اﳌشــعل إ ـ اﻷبــد‬
‫ً‬
‫‪ ...‬بــل ــو يأخــده مــن شــعب ســابق و ســلمه إ ـ شــعب ﻻحــق )‪ (...‬مســتفيدا مــن مجمــل‬
‫اﻻنجــازات ال ـ توصلــت إل ــا الشــعوب اﻷخــرى قبلــه«)‪ .(3‬كمــا ﻻ يمكــن ﻷي أمــة مــن اﻷمــم‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫سـ ﻷن ت ــون طرفــا فاعــﻼ ـ ــذا ا ـراك الثقا ـ و ا ضــاري‪ ،‬أن ت ـ وي ع ـ نفسـ ا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫وتتقوقــع بداخل ــا ظنــا م ــا أنــه الس ـ يل إ ـ اﻻســتمرار‪ ،‬ذلــك ّأن ــذا اﻻنــزواء ســيقود إ ـ‬
‫ً‬
‫اﳌــوت ا تــم‪ ،‬ف ـ ان لزامــا عل ــا إذن أن تمــد جســور ا ــوار و التبــادل مــع اﻷمــم اﻷخــرى‬
‫ّ‬
‫ح ـ يتــم التﻼقــح و اﻹخصــاب ﻷنــه قــدر محتــوم و ســنة ونيــة و قانــون طبي ـ و اجتما ـ‬
‫يؤطــر حيــاة الشــعوب كمــا لــو ّأن اﻷمــر يتصــل علــة دواؤ ــا طــب ا ضــارات الــذي يؤكــد ّأن‬
‫اﻻنــزواء و العزلــة ا ضار ــة ﻻ بــد أن يؤديــا إ ـ الذبــول و اﻻضمحــﻼل مثــل ا ســم الــذي‬
‫)‪(4‬‬
‫يتقــوت ع ـ ذاتــه مــن دون أي مــدد‪.‬‬
‫‪acculturation.II‬‬
‫اســتطاعت ا تمعــات ال شــر ة أن تﻼحــظ مختلــف وقا ــع و حــاﻻت اﻻحتـ اك ب ــن‬
‫العديــد مــن الثقافــات قبــل أن يظ ــر إ ـ الوجــود مف ــوم اﳌثاقفــة )‪ (acculturation‬بكث ـ ‪،‬‬
‫تفســره و‬ ‫لكــن ــذا الو ـ التــام بمثــل ــذه اﻻحت ـ ا ات لــم يخضــع لنظر ــات علميــة ّ‬
‫شرح ما يته‪ ،‬بل ات أ مجمله ع أح ام تتصل باﻵثار اﳌ تبة ع مثل ذه التقار ات‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الثقافية‪ .‬و قد اعت العديد من أولئك اﳌﻼحظ ن ّأن ذا اﳌزج الثقا عد سلبيا و مرضيا‬
‫حالــه حــال اﳌــزج البيولو ـ ‪ .‬و يمكــن التأر ــخ ل لمــة )‪ (acculturation‬بأ ّ ــا ظ ــرت العــام‬
‫‪ 1880‬ع ـ يــد جــون و س ـ بــاول ‪ ،John Wesley Powell‬إذ نجــد ّأن ا ــرف البــادئ )‪(a‬‬
‫‪109‬‬
‫‪‬‬

‫مشتق من الﻼتي ية )‪ (ad‬الدال ع حركة تنم عن )اﻻق اب من()‪ .(5‬و مع حلول ثﻼث نات‬
‫ً‬
‫القــرن العشــرن‪ ،‬شـ د ــذا اﳌف ــوم تطــورا ـ التفك ـ اﳌ ـ حــول ظا ــرة تﻼ ـ الثقافــات‬
‫ً‬
‫بفضــل ج ــود علمــاء اﻷن و ولوجيــا اﻷمركي ــن‪ ،‬و منــه أصبــح التــداول ــذا اﳌف ــوم مقننــا‪.‬‬
‫وقــد قــام مجلــس البحــث ـ العلــوم اﻻجتماعيــة العــام ‪ 1936‬ـ الوﻻيــات اﳌتحــدة‬
‫اﻷمر كيــة بت ليــف نــة للقيــام بأبحــاث ترتبــط بوقا ــع اﳌثاقفــة‪ .‬و قــد أصــدرت ــذه ال نة‬
‫)مذكــرة لدراســة اﳌثاقفــة( و ال ـ تمثــل ل مــا تــم جمعــه مــن مــادة علميــة ـ ــذا الشــأن‪.‬‬
‫عرفــت ذات اﳌذكــرة اﳌثاقفــة بأ ّ ــا »مجمــوع الظوا ــر الناتجــة عــن احتـ اك مســتمر‬ ‫و قــد ّ‬
‫و مباشــر ب ــن مجموعــات أف ـراد ت ت ـ إ ـ ثقافــات مختلفــة تــؤدي إ ـ غ ـ ات ـ اﻷنمــاط‬
‫)‪(6‬‬
‫الثقافيــة اﻷوليــة ل ماعــة أو ا ماعــات‪« .‬‬
‫وقــد م ّ ـ علمــاء اﻷن و ولوجيــا اﻷمركي ــن ب ــن مف ومــي اﳌثاقفــة و التغ ـ الثقا ـ‬
‫ﻷن اﳌثاقفــة ل ســت ســوى أحــد أش ـ ال التغ ـ‬ ‫الــذي تداولــه نظرا ــم ال يطانيــون‪ ،‬ذلــك ّ‬
‫ً‬
‫الثقا ـ الــذي ســتجد ﻷســباب داخليــة‪ .‬و ي ب ـ علينــا أن نم ّ ـ أيضــا ب ــن مف ــوم اﳌثاقفــة‬
‫ّ‬
‫ومف ــوم التماثــل الثقا ـ الــذي ينظــر إليــه ع ـ أنــه آخــر مرحلــة مــن مراحــل الفعــل التثاقفــي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أيــن يتــم غي ــب ثقافــة جماعــة مــا غي بــا ائيــا واســتظ ار ثقافــة ا ماعــة اﳌ يمنــة‬
‫ً ً‬
‫اســتظ ارا ليــا‪.‬‬
‫ً ً‬
‫وقــد أسـ مت مذكــرة مجلــس البحــث ـ العلــوم اﻻجتماعيــة اسـ اما كب ـ ا ـ تأصيــل‬
‫ً‬
‫مجــال البحــث حــول اﳌثاقفــة و تحكيمــه بأعمــال نظر ــة املــة‪ ،‬فنجــد مثــﻼ تص يف ــا‬
‫تلــف أنــواع اﻻحت ـ ا ات الثقافيــة واﻷســباب اﳌؤديــة إل ــا وال ـ تكمــن ـ ‪:‬‬
‫ً‬
‫‪-‬تبعــا لوقــوع اﻻحتـ ا ات ب ــن ا موعــات ل ــا‪ ،‬أو ب ــن سـ ان بأكمل ــم و مجموعــات خاصــة‬
‫من سـ ان آخر ن )البعثات الت شـ ية‪ ،‬اﳌســتعمر ن‪ ،‬اﳌ اجرن ‪.(...‬‬
‫ً‬
‫‪-‬تبعا ل ون اﻻحت ا ات ودية أو معادية‪.‬‬
‫ً‬
‫‪-‬تبعــا ل ــون ــذه اﻻحت ـ ا ات تقــع ب ــن مجموعــات ت ســاوى ـ ا ــم‪ ،‬أو ب ــن مجموعــات‬
‫مختلفــة ا ــم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪-‬تبعــا ل ــون ــذه اﻻحت ـ ا ات تقــع أوﻻ ب ــن مجموعــات ثقافيــة ذات مســتوى واحــد مــن‬
‫التعقيــد‪.‬‬
‫ً‬
‫)‪(7‬‬
‫‪-‬تبعا ل ون ذه اﻻحت ا ات ت شأ عن اﻻستعمار أو ال رة‪.‬‬
‫ّإن من ب ن اس امات اﻷن و ولوجي ن اﻷمركي ن النظر ة حقل اﳌثاقفة تحليل م‬
‫ّ‬
‫مف ــوم اﳌيــل أو اﻻتجــاه )‪ (tendance‬الــذي وظفــه ســاب ‪ Sapir‬مــن منطلــق لســا ي لتفسـ‬
‫طرحــه اﳌتمثــل ـ ّأن اﳌثاقفــة ل ســت مجــرد عمليــة تحــول ســيطة مــن ثقافــة إ ـ أخــرى‪،‬‬
‫بــل ّإن غ ّ ـ النمــاذج الثقافيــة البدئيــة يتــم عــن طر ــق اختيــار عناصــر ثقافيــة مق ضــة‪ ،‬و‬

‫‪110‬‬
‫‪‬‬
‫ً ً‬
‫الــذي يحــدث تلقائيــا تبعــا للميــل أو اﻻتجــاه العميــق للثقافــة اﳌق ضــة‪ .‬فاﳌثاقفــة بالتا ـ ﻻ‬
‫غيب الثقافة اﳌق ضة و ﻻ أصول ا الداخلية‪ .‬و قد اق ح ميلفيل س وفي س ‪Melville‬‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ J. Herskovits‬مف ومــا جديــدا ليو ـ مختلــف مســتو ات اﳌثاقفــة‪ .‬يتمثــل ــذا اﳌف ــوم‬
‫عرفــه ب ونــه »العمليــة ال ـ يتــم مــن خﻼل ــا‬ ‫ـ إعــادة التأو ــل)‪ (la réinterprétation‬الــذي ّ‬
‫سب الدﻻﻻت القديمة إ عناصر جديدة‪ ،‬أو ال من خﻼل ا تقوم القيم ا ديدة بتغي‬
‫)‪(8‬‬
‫الدﻻلــة الثقافيــة لﻸشـ ال القديمــة‪« .‬‬
‫لقــد ركــز العديــد مــن الباحث ــن ع ـ مف ــوم البقــاء الثقا ـ )‪la survivance cultu-‬‬
‫‪ (relle‬الــذي يتمثــل ـ قــدرة العناصــر الثقافيــة القديمــة ع ـ ا افظــة ع ـ نفس ـ ا كمــا‬
‫ـ و مــن دون غي ـ ـ الثقافــة ا تــواة‪ .‬و قــد يحــدث أن يــؤدي ــذا الوضــع إ ـ نــوع مــن‬
‫الطبعنــة الثقافيــة )‪ (la naturalisation culturelle‬سـ العناصــر الثقافيــة القديمــة إ ـ‬
‫إثبــات اســتمرار ا ع ـ الرغــم مــن التغ ـ ات الظا ر ــة‪ .‬و قــد ان ﻷعمــال روجيــه باس ـ يد‬
‫‪- Roger Bastide‬اﻷســتاذ و الباحــث الفر ـ ـ الثقافــة اﻷفروأمر كيــة‪ -‬الــدور الر ــادي‬
‫ـ التعر ــف باﻷن و ولوجيــا اﻷمر كيــة ـ شــق ا اﳌتعلــق باﳌثاقفــة‪ .‬كمــا ان لــه الفضــل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الكب ـ ـ اﻻع ـ اف بميــدان ــذا البحــث بوصفــه حقــﻼ أساســيا مــن حقــول الثقافــة‬
‫واﻷن و ولوجيــا الثقافيــة‪ .‬و ينطلــق روجيــه باس ـ يد‪ ،‬ـ ـ يصه لظا ــرة اﳌثاقفــة‪ ،‬مــن‬
‫ّ‬
‫مســلمة أنــه ســتحيل علينــا أن نفصــل ب ــن الدراســات الثقافيــة و الوضــع اﻻجتما ـ الــذي‬
‫تمخضــت عنــه‪ ،‬و أعــاب ع ـ اﳌدرســة الثقافو ــة اﻷمر كيــة غيي ــا للعامــل اﻻجتما ـ‬
‫اﳌؤســس ل ـ ل حركــة ثقافو ــة‪.‬‬
‫عــارض روجيــه باس ـ يد ال ـرأي القائــل بوجــود مجموعت ــن ت ــون اﻷو ـ مجموعــة‬
‫معطيــة و اﻷخــرى مجموعــة متلقيــة ـ الظا ــرة التثاقفيــة‪ ،‬بحيــث ﻻ يوجــد ـ نظــره ثقافــة‬
‫ً‬ ‫معطيــة أو ثقافــة متلقيــة ش ـ ل ثابــت و ا ـ ّ‬
‫ﻷن اﳌثاقفــة ﻻ ت ــون أبــدا أحاديــة اﻻتجــاه‬ ‫ر‬
‫ى ً‬
‫و ــو مــا دفعــه إ ـ اق ـ اح مفا يــم اصطﻼحيــة أخــر بــدﻻ مــن لمــة مثاقفــة ال ـ ﻻ ش ـ‬
‫ً‬
‫إ ـ ذلــك التأث ـ اﳌتبــادل و اﳌع ــوس‪ ،‬فنجــده مثــﻼ يتحــدث عــن التداخــل الثقا ـ اﳌتبــادل‬
‫وتقاطــع الثقافــات‪.‬‬
‫ّإن انخراط ال جمة تفعيل ذا ا وار الثقا و تث يت ر ائزه ل س وليد التار خ‬
‫اﳌعاصر‪ ،‬بل و فعل واكب تطور اﻷمم وا ضارات منذ إر اصاته اﻷو ‪ ،‬وإن ان يتخذ‬
‫ً‬
‫مفا يمــا متعــددة مــن بي ــا مف ــوم )اﳌقا ســة( الــذي نحتــه أبــو حيــان التوحيــدي )‪745‬ه(‪،‬‬
‫ً‬
‫و الــذي عت ـ اﻷبلــغ عب ـ ا عــن ــذا التفاعــل الثقا ـ ؛ لتتحــول ال جمــة و مع ــا اﳌثاقفــة إ ـ‬
‫)‪(9‬‬
‫» عب ـ مكثــف عــن ا تمــع ـ تحوﻻتــه اﻹ ســانية الشــاملة‪ ،‬ع ـ اﳌســتو ات افــة‪« .‬‬
‫ّإن ل ترجمــة ـ باﻷســاس فعــل تثاقفــي بالدرجــة اﻷو ـ ‪ .‬و قــد ي ــون ــذا التثاقــف‬
‫ّ‬
‫إمــا بنــاء ـ مضمونــه و آثــاره ـ أن يجلــب معــه مــا يدعــم ال ـ اث القومــي ـ فكــره و فنــه بــل‬
‫‪111‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬
‫ـ ما يتــه ل ــا‪ ،‬و إمــا ّدامــا يئــد اللــون الطبي ـ القومــي اﻷول شـ صفاتــه اﻷصيلــة مــن‬
‫صية و دي ية و أيديولوجية و غ ا‪ ،‬ما يجعل ذا الوسط ال شري مجرد تا ع ﻻ أك ‪.‬‬
‫و قــد عـ ّـرف م شــال دوكس ـ ‪ Michel De Coster‬ــذه اﳌثاقفــة بأ ّ ــا »مجمــوع التفاعــﻼت‬
‫ال ـ تحــدث ن يجــة ش ـ ل مــن أش ـ ال اﻻتصــال ب ــن الثقافــات ا تلفــة التأث ـ و التأثــر و‬
‫اﻻســت اد و ا ــوار و الرفــض و التمثــل و غ ـ ذلــك ممــا يــؤدي إ ـ ظ ــور عناصــر جديــدة ـ‬
‫طر قــة التفك ـ و أســلوب معا ــة القضايــا و تحليــل اﻻش ـ اليات‪ ،‬ممــا ع ـ ّأن ال كيبــة‬
‫الثقافيــة و اﳌفا يميــة ﻻ يمكــن أن تبقــى أو عــود بحــال مــن اﻷحــوال إ ـ مــا انــت عليــه قبــل‬
‫)‪(10‬‬
‫ــذه العمليــة‪« .‬‬
‫‪ .III‬‬
‫لقــد شـ دت اﻹ ســانية ع ـ تار خ ــا ا افــل بال جمــة نمــاذج عديــدة ل ــذه اﳌثاقفــة‬
‫ال ـ أس ـ مت ـ تقر ــب الــرؤى و وج ــات النظــر ب ــن اﻷمــم و الشــعوب‪ ،‬و إغنــاء تجار ــا‬
‫ا ضار ــة‪ ،‬و توســيع آفاق ــا‪ ،‬و إشــاعة ال ـ اث ال شــري‪ ،‬و إتاحــة الفرصــة ميــع اﻷجنــاس‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لﻼطــﻼع عليــه و اﳌشــاركة فيــه‪ .‬و لــم يكــن أبــدا متاحــا تلــف القوميــات أن ت ـ ز ذوا ــا‬
‫و ع ـ عمــا عتمــل بداخل ــا مــن دون ــذا التﻼقــح الثقا ـ ‪ ،‬إذ ّإن التعــدد اللغــوي ـ الكث ـ‬
‫مــن ا تمعــات و التنــوع اﻹثنوغرا ـ ف ــا يديــن شـ ل كب ـ إ ـ ارتحــال اﻷنــا نحــو اﻷنــا اﻵخــر‬
‫و العكــس‪ .‬و مــا يضفــي شــرعية أك ـ حيــال ذلــك ــو ت اثــف ا ــوذ و مشــاركة ل اﻷطـراف‬
‫ـ ــذا اﻻرتحــال مــن ضفــة إ ـ أخــرى‪» ،‬فح ـ لــو أمكــن ﻷمــة مســتقلة منفــردة أن ت تــج‬
‫وتبــدع و عطــي‪ ،‬إﻻ ّأن اﻻحتـ اك و التﻼقــح و التعــاون والتبــادل يضاعــف كميــة اﻻنتــاج‪،‬‬
‫)‪(11‬‬
‫و رفــع نوعيــة اﻻبــداع‪ ،‬و يوســع ســاحة العطــاء‪« .‬‬
‫ّإن مــن اﻷمثلــة التثاقفيــة ال ـ أصبحــت عاﳌيــة بفعــل ال جمــة تجر ــة وم ـ وس‬
‫‪ Homère‬و اﻹليــاذة )‪ .(The Iliad‬عــاش وم ـ وس ـ أواخــر القــرن التاســع قبــل اﳌيــﻼد‬
‫عــد ان ــاء حــرب طــروادة و قبــل ازد ــار الشــعر الغنا ــي بقــرون‪ ،‬فاعتمــد ـ وصفــه ﻷحــداث‬
‫ــذه ا ــرب ع ـ الروايــات ال ـ ســمع ا و اﻵثــار ال ـ شــا د ا ـ ر ــوع اليونــان ثــم عــرض‬
‫ذلــك ـ قالــب قص ـ و أســلوب روا ــي يجمــع ب ــن ا قيقــة وا يــال‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لقــد ان وم ـ وس لليونــان معلمــا ورســوﻻ جمــع شــمل م و غ ـ بتار ــخ أســﻼف م‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فبعث ض م و أوجد م م أمة قو ة‪ .‬و قد أ ب به اﻷمراء و اﳌلوك إ ابا شديدا حال‬
‫اﻹسكندر الذي انت اﻹلياذة كتابه اﳌفضل الذي ﻻ يفارقه‪ .‬كما اقتفى البطالسة أثره‬
‫تمجيد الشاعر‪ ،‬فا تم بطليموس الثا ي بجمع أشعاره‪ ،‬و أمر بطليموس الرا ع عبادته و‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تأل ه‪ .‬و ان وم وس نموذجا لشعراء الرومان أيضا‪ ،‬إذ بدؤا ب جمته إ لغ م و اعت وا‬
‫مﻼحمــه أول اﻷعمــال اﻷدبيــة ال ـ يجــب تﻼو ــا‪ .‬ولــم يبــدأ القــرن اﻷول قبــل اﳌيــﻼد ح ـ‬
‫ً‬
‫أصبــح تأث ـ وم ـ وس شــامﻼ ـ اﻷدب الﻼتي ـ و ـ جميــع اﳌؤلفــات‪ .‬وزالــت اﻹم اطور ــة‬
‫‪112‬‬
‫‪‬‬

‫الرومانية وظ رت اﳌسيحية و تبع ا ال ضة اﻷورو ية و بقي شعره يحتل أس م لة ح‬


‫ـ العصــور اﳌظلمــة ال ـ اندثــرت ف ــا اللغــة اليونانيــة‪ .‬أمــا النقــاد اﻻنجل ـ مــن أمثــال جــون‬
‫در دن ‪John Dryden‬و ألكســندر بوب ‪ Alexander Pope‬ف انوا من عشــاق وم وس و‬
‫قضــوا ل حيا ــم ـ نقــد أشــعاره و ترجم ــا ترجمــة را عــة جديــرة باﻷصــل اليونا ــي‪ .‬و نفــس‬
‫ً‬
‫ال ـ ء حــدث ـ فر ســا و أﳌانيــا)‪ .(12‬و لــم مــل العــرب ذلــك أيضــا‪ ،‬بحيــث احتفــوا ب جمــة‬
‫ســليمان ال ســتا ي ﻹليــاذة وم ـ وس ا الــدة‪ ،‬فقــد انــت تلــك اﳌــرة اﻷو ـ ال ـ يقــوم ف ــا‬
‫ً‬
‫ــا مــن ج ــد‬ ‫عر ــي بتقديــم ترجمــة املــة‪ ،‬نظمــا‪ ،‬ﻹحــدى أ ــم اﳌﻼمــح اﻷورو يــة‪ ،‬ومــا‬
‫ج يــد ـ تطو ــع اللغــة العر يــة لتأديــة اﳌعتقــدات اﻷســطور ة وا ــازات اليونانيــة‪.‬‬
‫عــد ا احــظ أديــب العر يــة ـ العصــر العبا ـ ‪ ،‬الــذي تمثــل ثقافــات عصــره‪،‬‬
‫ً‬ ‫ﱠ‬
‫ومثل ا خ تمثيل كتبه الكث ة اﳌتنوعة‪ .‬و ان ا احظ مطلعا ع ما ترجم إ العر ية‬
‫مــن الثقافــات الفارســية و ال نديــة‪ ،‬و مــن آثــار اليونــان ـ العلــم و الفلســفة‪ ،‬وم ــا كتــاب‬
‫ا يــوان ﻷرســطو الــذي ـ عه ع ـ تأليــف كتــاب ا يــوان‪ .‬و قــد قـرأ ا احــظ للكث ـ مــن‬
‫العلمــاء اﻷجانــب‪ ،‬باﻹضافــة إ ـ معلمــه أرســطو‪ ،‬مثــل أبقـراط و بطليمــوس و الينــوس حيــث‬
‫ورد ذكر ــم ـ مواضيــع عديــدة مــن كتــاب ا يــوان‪.‬‬
‫ان لب ــت ا كمــة الــدور البــارز ـ ترجمــة ش ـ حقــول العلــم و عر ــف ا م ــور‬
‫العر ي ا‪ ،‬فقد لت صفحات التار خ للرشيد حرصه ع ا فاظ ع مكتبات اﳌدن‬
‫ال ـ وصــل عمالــه إل ــا مثــل عمور ــة و أنقــرة‪ ،‬و عي نــه جماعــة تجيــد اللغت ــن اليونانيــة‬
‫و اﻵراميــة للنظــر ـ محتو ا ــا و اختيــار النــادر م ــا ليودعــه ب ــت ا كمــة‪ .‬بــل ّإن اﳌأمــون‬
‫ً‬
‫قــد أغــدق أمــواﻻ طائلــة ع ـ اﳌ جم ــن الذيــن نقلــوا علــوم اﻷمــم اﻷخــرى‪ .‬و قــد دار حــوار‬
‫ا ضــارات تحــت ســقف مكتبــة ب ــت ا كمــة‪ ،‬حيــث ّإن غالبيــة الذيــن تولــوا أمــر إدار ــا و‬
‫أشــرفوا ع حركة ال جمة ف ا انوا علماء من مختلف الثقافات و اﻷديان‪ :‬من الســر ان‬
‫و ا وس و ال ود و النصارى والعرب و اﳌسلم ن و غ م‪ .‬و بذلك ت ّسر للعرب وقت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قص ‪ ،‬عد ع د اﳌأمون القرن العاشر اﳌيﻼدي‪ ،‬أن ستوعبوا تراثا فكر ا أنتجته ثﻼث‬
‫حضــارات راقيــة‪ :‬اليونانيــة و الفارســية و ال نديــة عــد أن اقت ســوه وتمثلــوه و أ شــأوا مــن‬
‫)‪(13‬‬
‫خﻼصتــه و ثمــار ج ود ــم ضــة علميــة ائلــة‪.‬‬
‫قذفــت اﻷمثــال ال ـ شــأت ـ الشــرق ‪-‬موطــن ا كــم اﳌطلــق و اﻻسـ بداد العنيــف‪-‬‬
‫ً‬
‫ـ نفــوس الضعفــاء اﳌســتعبدين صــدى خافتــا ﻻحتجــاج مكظــوم صامــت لــم يجــدوا لــه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫متنفســا و ﻻ طر قا إ آذان الطغاة إﻻ ذه الكنايات و الرموز سـ ون وراء ا ما ير دون‬
‫من ن و عظة‪ .‬و قد بدأ ظ ور ذا النوع ال ند ثم انتقل م ا إ الص ن ثم إ فارس‬
‫فبــﻼد العــرب فبــﻼد اﻹغر ــق‪ .‬و أقــدم مــا عــرف منــه أمثــال لقمــان ا كيــم‪ ،‬و إيــزوب الرومــي‪،‬‬
‫و بيدبا ال ندي‪ .‬و أش ر من كتب فيه من أدباء العر ية ابن اﳌقفع م جم ليلة و دمنة‪ .‬و‬
‫‪113‬‬
‫‪‬‬

‫ــو مــن أحســن الكتــب ـ تقو ــم اﻷخــﻼق بالعظــة و ر اضــة العقــول با كمــة‪ .‬كتبــه باللغــة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الس ســكر ية بيدبــا ال نــدي لد شــليم اﳌلــك منــذ عشــر ن قرنــا و نيفــا ع ـ ألســنة ال ائــم‬
‫ً‬
‫و الطيــور‪ ،‬و عقــده ع ـ اث ـ عشــر بابــا ثــم ترجــم إ ـ الف لو ــة‪ ،‬و نقلــه ابــن اﳌقفــع ع ــا إ ـ‬
‫العر ية‪ .‬و قد تنافست اﻷمم ا ادة ادخار ذا الكتاب منذ أن كتب‪ ،‬و حرصت ع أن‬
‫تنقلــه إ ـ لغ ــا‪.‬‬
‫ا ســمت ترجمــة ابــن اﳌقفــع للكتــاب بخصوصيــة ظرف ــا الزما ــي و اﳌ ا ــي‪ ،‬حيــث‬
‫ً‬
‫أضــاف عــض القصــص مــن ـ تأليفــه و عـ ّـدل ـ عض ــا‪ ،‬و أكســب اﳌ جــم م ــا روحــا‬
‫)‪(14‬‬
‫جديــدة أضاف ــا أســلو ه اﳌشــوق و عرضــه الرا ــع‪.‬‬
‫وﳌــا انــت حاجــة اﻹ ســان إ ـ الرحيــل و ال حــال ب ــن ر ــوع اﻷرض ل ــا ألــف‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ع شــا جديــدا‪ ،‬وأحــب أدبــا بد عــا‪ ،‬ول ــس ثو ــا يجــا‪ ،‬فب جمــة ألــف ليلــة و ليلــة تخلــص‬
‫الفر ســيون مــن قبضــة العقــل التنو ر ــة لفولت ـ ‪ voltaire‬و أتباعــه و صرام ــم و يمن ــم‬
‫ً‬ ‫ع مجتمع بال امل؛ و ّ‬
‫عرف م بأدب جديد ما انوا ليعرفوه أبدا لوﻻ ال جمة‪ .‬فاك شفوا‬
‫ً‬
‫بفضل ــا ـ ر الليا ـ الــذي ﻻ ي ت ـ بفعــل العاطفــة و ا مــال و ا رافــة بــدﻻ مــن العقــل‬
‫و أغﻼلــه‪ ،‬و ﻻمســوا ذلــك ا انــب ا فــي يــاة ال شــر افــة‪ :‬ال شــوة و ا ــس ) ـ قصــة‬
‫ً‬
‫ا ّمــال و البنــات الثــﻼث مثــﻼ(‪ ،‬و اختــﻼط العبيــد باﻷســياد‪ ،‬و ارتقــاء النفــس اﻹ ســانية إ ـ‬
‫قمــم الفظاعــة وال ـ وات‪.‬‬
‫ول ــس ــذا فحســب‪ ،‬بــل عكــف اﻷور يــون ع ـ جمــع آدا ــم الشــعبية و تص يف ــا‬
‫ـ مجموعــات‪ ،‬ففــي فر ســا شــرت ح ايــات شــعبية و خرافيــة كث ـ ة مســتمدة مــن اﻷدب‬
‫اﳌــروي ـ اﻷر ــاف‪ :‬أعيــد طبــع مجموعــة شــارل ب ـ و ‪ ((Charles Perraut‬الشـ ة‪ ،‬و شــرت‬
‫مجموعــة ل ســن ‪ ،((De Lusin‬و مجموعــة اﻵ ســة دولي ـ ت ‪ ،((De Lubert‬و مجموعــة‬
‫املتــون ‪ ،((Hamilton‬و ل ــا مستق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاة مــن مصــادر شــفو ة ر فيــة أعيــدت صياغ ــا‬
‫ق )‪(15‬‬
‫بأســلوب جميــل مشــر ‪.‬‬
‫وقطعــت ح ـ الليا ـ التخــوم الفر ســية‪ ،‬ففــي أﳌانيــا شــر اﻷخــوان جر ــم ) عقــوب‬
‫و فل لــم( ســنة ‪ 1812‬مجموعــة مــن القصــص الشــع سـ )ح ايــات اﻷطفــال و الب ــت(‪،‬‬
‫واعتمــدا ـ عمليــة ا مــع ع ـ مصــادر شــفو ة شــعبية‪ .‬و لقــد اع فــا ـ عليق مــا ع ـ ــذه‬
‫ا موعة أ ما استمدا من ألف ليلة و ليلة أصول ثمان من ذه ا ايات الصياد و‬
‫زوجته‪ ،‬اﳌاكر و ســيده‪ ،‬ســتة يدرعون الدنيا‪ ،‬جبل الذ ب‪ ،‬الطيور الثﻼثة‪ ،‬ع ن ا ياة‪،‬‬
‫الــروح ـ الزجاجــة‪ ،‬حبــل)‪ .(16‬و انــت ــذه ا ركيــة اﻷدبيــة بمثابــة ا طــوة اﻷو ـ ـ ظ ــور‬
‫مذ ب الرومان يكية ع أور ا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مــن نــا أخــذت قصــص ألــف ليلــة و ليلــة طا عــا عاﳌيــا‪ ،‬إذ ذاع ص ــت عــﻼء الديــن‬

‫‪114‬‬
‫‪‬‬

‫واﳌصباح ال ري‪ ،‬و السندباد و رحلته ال يبة‪ ،‬و مغامرات ا ن و الغيﻼن‪ .‬و انتقلت‬
‫شـ رزاد‪ ،‬اﳌـرأة الشــرقية ا ميلــة و الذكيــة‪ ،‬إ ـ بــﻼط ملــوك أورو ــا و قصور ــم اﳌتعاليــة‬
‫فغ ت نظرة مجتمعات بأكمل ا إ الذات ال شر ة‪ .‬و لقد »حملت ش رزاد ألف ليلة وليلة‬
‫الكث ـ مــن أحﻼم ــا وحركيا ــا و شـ و ا اﳌكبوتــة و غ ـ اﳌكبوتــة ال ـ شـ ل ـ مجموع ــا‬
‫ً‬
‫تمــردا ع ـ الســلطة و النظــام و القانــون غيــة التخلــص م ــا‪ .‬و ركبــت ا اطــر لتتحــرر ولــم‬
‫ً‬
‫)‪(17‬‬
‫يكــن ذلــك ممكنــا لــوﻻ جــذور الرفــض ال ـ ـ أعماق ــا‪« .‬‬
‫وقد أس م أنطوان جاﻻن ‪ Antoine Galland‬و معاونيه أن تتعزز م انة ش رزاد‬
‫بليال ــا ـ ا تمعــات اﻷورو يــة‪ ،‬و ــو مــا جعــل ــذا القــرن عــرف بقــرن ش ـ رزاد مصــدر‬
‫ً‬
‫اﻹل ــام و الو ـ ‪ .‬و قــد مكنــت ــذه ال جمــة أيضــا مــن التعــرف أك ـ ع ـ العالــم الشــر ‪،‬‬
‫ف ـزاد اﻻ تمــام بالدراســات الشــرقية‪ ،‬و شــأت مدرســة املــة ع ـ بدراســته و اســتقصاء‬
‫أخبــاره‪ .‬و ع ـ الرغــم مــن ّأن قصــص ألــف ليلــة و ليلــة تضمنــت العديــد مــن جوانــب ا يــاة‬
‫شــق ا الثقا ـ و اﻻجتما ـ الســائدة لــدى الشــرقي ن ـ ا قبــة الزمنيــة ال ـ كت ــت ف ــا‪،‬‬
‫ً‬
‫إﻻ ّأن ذلــك ﻻ ير ـ أبــدا إ ـ مســتوى التعميــم و اﳌطابقــة ال ـ تف ـ ع ــا رؤ ــة الكث ـ مــن‬
‫كتــاب أورو ــا ـ توظيفا ــم ا تلفــة)‪ .(18‬و ــذا اﻻعتيــاص ع ـ اﻷدبــاء الغر ي ــن ـ تمثيــل‬
‫نفــس اﳌــادة ا ائيــة الغز ــرة ال ـ حــوت غرائــب اﻷخبــار و ائــب اﻷمصــار مــن عفار ــت‬
‫و ـ رة و إباحيــة قابلــه ولــوج سـ ل لشـ رزاد اﳌـرأة الرمــز إ ـ ثقافــة بأكمل ــا‪ ،‬مــن دون أن‬
‫تحمــل أي ســﻼح‪ ،‬أو أن ع ـ ض طر ق ــا أي مقاومــة أو كفــاح‪ ،‬لتن ـ ش ـ رزاد خــﻼل مــدة‬
‫قص ـ ة » ـ تحقيــق مــا فشــلت بــه ا يــوش خــﻼل ا ــروب الصلي يــة‪ .‬لقــد غــزت العالــم‬
‫اﳌســي معتمــدة ـ ذلــك ع ـ القــوة الوحيــدة ال ـ تملك ــا‪ ،‬أي قــوة ال لمــات‪ ،‬فانقــاد‬
‫اذبي ــا الز ــاد ال اثوليكيــون و ال و ســتان يون واﻹغر ــق واﻷرثوذكســيون تباعــا ‪.(19)«...‬‬
‫لي ــون بذلــك كتــاب ألــف ليلــة و ليلــة‪ ،‬ع ـ حــد عب ـ أنــدري جيــد ‪ André Jide‬أحــد أم ــات‬
‫الكتــب العاﳌيــة‪ ،‬ال ـ حصر ــا ـ ثــﻼث‪ ،‬إ ـ جانــب الكتــاب اﳌقــدس وأشــعار وم ـ وس‪.‬‬
‫و انت بداية تأث ش رزاد ع من حول ا تأث ا ع اﳌلك ش ر ار نفسه‪ ،‬إذ تحول‬
‫من قاتل شره إ سامع م شوق‪ ،‬واستطاعت بفضل حنك ا و ذ ا ا أن عيد للمرأة عنده‪،‬‬
‫و لــو لبعــض الوقــت‪ ،‬اﳌ انــة الطبيعيــة ال ـ ســتحق ا‪ ،‬و خلص ــا مــن وصــف اﳌـرأة القر ــان‬
‫كمــا ـ الطقــوس الدي يــة القديمــة؛ و أصبــح الشــغف لــه‪ ،‬عنــد الكث يــن عــد أن تذوقــوا‬
‫مع ا يال و ال ر و تخلصوا من مظا ر ال آبة و السأم‪ ،‬معرفة ما ي تظر ا من مص‬
‫عــد ان ــاء الليا ـ ‪ .‬و نــا راح اﻷدبــاء اﻷورو يــون ي ـ ون ايــة عالــم شـ رزاد الســاحر بمــا‬
‫ً‬
‫يتوافق و قناعا م الذاتية أوﻻ‪ ،‬ثم مع رؤى ا تمعات الســائدة ذلك العصر و روح ا‪.‬‬
‫ً‬
‫و قــد ان تجــاوب اﳌـرأة اﻷورو يــة مــع شـ رزاد كب ـ ا للغايــة‪ ،‬كيــف ﻻ و ـ صاحبــة الفضــل‬
‫ـ أن عرف ــا أك ـ بأنوث ــا‪ ،‬و لقن ــا كيــف تخطــو نحــو اﻷمــام و ل ــا ثقــة بالنفــس‪ .‬يــرى جــون‬

‫‪115‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جوﳌب ـ ‪ّ John Jeanlambert‬أن » ـ صية ش ـ رزاد أثــرت تأث ـ ا حاســما ـ تار ــخ اﳌ ـرأة‬
‫اﻷورو يــة‪ .‬و جعلــت القــرن الثامــن عشــر أعظــم القــرون ـ حيا ــا‪ ،‬و ان مال ــا و ثق ــا‬
‫بنفسـ ا و تصد ــا و تحد ــا لشـ ر ار الــذي قــد ــز ل الرجــال أن يوقظــوه و اســتخدام ا‬
‫ً‬
‫)‪(20‬‬
‫لسﻼح اﻷنوثة و اﳌعرفة معا‪ .‬ان ل ذا له أثر كب ت و ن صية اﳌرأة اﻷورو ية‪« .‬‬
‫و انــت ســاء الطبقــة الراقيــة مــن مرك ـ ات و ونت ســات و أم ـ ات أول مــن عرفــن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫شـ رزاد عنــد ارتحال ــا إ ـ فر ســا‪ .‬و قــد شـ ل ذلــك منعرجــا حاســما ـ تار ــخ ا يــاة اﻷدبيــة‬
‫ﻷن موضــة الصالونــات اﻷدبيــة ـ تلــك الف ـ ة انــت مقتصــرة ع ـ‬ ‫و الفكر ــة بفر ســا‪ ،‬ذلــك ّ‬
‫أولئــك ال ســوة دون ســوا ن‪ ،‬بــل انــت ســيدات الطبقــة الراقيــة تملك ــا ل ــا‪ .‬و انــت ــذه‬
‫الصالونــات اﻷدبيــة فضــاء للتعــارف و ا ديــث عــن مســتجدات الســاحة اﻷدبيــة و الفكر ــة‬
‫و الفنيــة‪ ،‬و مــن ثــم نقــد أ شــط ا و تقييم ــا‪ ،‬و تقليــد أوســمة الش ـ رة ﻷ ا ــا‪ ،‬بــل أك ـ‬
‫ق )‪(21‬‬
‫مــن ذلــك لــه‪ ،‬انــت عمــل ع ـ شــر الفكــر ا ديــد متحكمــة ـ معاي ـ التــذو ‪.‬‬
‫لقــد أسـ مت الكث ـ مــن ســيدات فر ســا‪ ،‬عــد أن اســتفدن مــن تجر ــة شـ رزاد‪ ،‬ـ‬
‫الدفع با ركة اﻷدبية نحو اﻷمام‪ ،‬إذ م ن من كن شــاعرات ينظمن الشــعر و يقرأنه ع‬
‫الوافديــن عل ــن‪ ،‬و م ــن مــن كــن م جمــات كمــدام داســيه ‪ Madame Dacier‬م جمــة‬
‫وم ـ وس‪ ،‬و م ــن مــن كــن ذوات ميــول إ ـ الكتابــة‪ ،‬و ــو حــال الروائ ت ــن دوجوم ـ و‬
‫ّ‬
‫ودوفيليــدو اللتــان ضر تــا ـ كتابا مــا با يــاء و اﻻح شــام عــرض ا ائــط عنــد حدي مــا‬
‫عــن ا ــب و ا ــس‪ ،‬و ال ونت ســا دولنــوا ‪ D’enoloy‬ال ـ برعــت ـ مجــال كتــب اﻷطفــال‬
‫ً‬
‫وأدب اﳌراســﻼت الذي اق ب من نمط ن أدبي ن ســي ون ل ما ﻻحقا شــأن كب ما السـ ة‬
‫)‪(22‬‬
‫الذاتيــة والروايــة‪.‬‬
‫ــذا عــن اﻻســتقبال الفكــري الباط ـ لش ـ رزاد و ح ايا ــا‪ ،‬أمــا عــن اﻻســتقبال‬
‫الشــك الظا ــري فقــد اقتصــر ا تمــام عــض الســيدات الفر ســيات ع ـ أش ـ ال الز نــة‬
‫اﳌبالــغ ف ــا حســب مــا عــودن عليــه‪ ،‬أي بتلــك ا وانــب ا ســية و الشـ لية اﳌغر ــة‪ .‬و نــا‬
‫ً‬
‫فقــدت ش ـ رزاد خصال ــا الفكر ــة و النظــرة الثاقبــة‪ ،‬فعاشــت غر ــة و اســتﻼبا حقيقي ــن‪،‬‬
‫ولــم تختلــف عــن أولئــك ال ســوة ب ســر حات شــعر ن اﳌث ـ ة‪ ،‬و أل سـ ن و حل ــن الزا يــة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وقــد شـ ل ذلــك واقعــا مز فــا لشـ رزاد و ت لفــا لــم ع د مــا مــا أدى إ ـ تجر د ــا مــن و ــا‪.‬‬
‫و»الواقــع ّأن الفر ســي ن لــم يأ ــوا إﻻ بمشــا دة اﳌغامــرة و الغـرام ـ ألــف ليلــة و ليلــة الــذي‬
‫)‪(23‬‬
‫انحصــر ــو اﻵخــر ـ الز نــة و لغــة ا ســد شـ ل يبعــث ع ـ اﻻســتغراب‪« .‬‬
‫ولــم يقتصــر تأث ـ ش ـ رزاد ع ـ اﳌ ـرأة الفر ســية فحســب‪ ،‬بــل عــداه إ ـ الرجــل‬
‫ً‬
‫الفر أيضا بوصفه اﻷديب و الفنان و الرسام والفيلسوف و اﳌوسيقي‪ .‬و قد تأثر أدباء‬
‫القرن الثامن عشر بالعالم ال ائ و اﻷسطوري ا ارق الذي جلبته ش رزاد مع ا عند‬
‫ارتحال ــا مــن الشــرق إ ـ الغــرب‪ ،‬بــل حــاول الكث ـ م ــم تقليــده و توظيــف رمــوزه ا تلفــة‪ .‬و‬
‫‪116‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬
‫ما ساعد ع ذلك و ّأن الساحة الفر سية انت ش د العديد من اﻷحداث بدءا » ش‬
‫ألــوان الص ـراع ضــد اﳌلكيــة و الثــورة ع ـ مفاســد ا‪ ،‬و ع ـ ذلــك انــت الفرصــة مواتيــة‬
‫النيل من اﳌلوك و ال ر ة م م‪،‬‬ ‫ﻻستخدام ش رزاد و ايحاءا ا ا صبة ال ﻻ ت ت‬
‫و ــو مــا تحــددت بــه م مــة الســيدة العر يــة الغامضــة اﳌث ـ ة ـ ل آداب القــرن الروما ـ ‪.‬‬
‫)‪(24‬‬
‫«‬
‫كمــا أتاحــت ليا ـ الشــرق لﻸدبــاء الفر ســي ن فرصــة ال ــروب إ ـ عالــم جديــد ملــؤه‬
‫ال ـ ر و ا يــال موظف ــن ذلــك ـ كتابا ــم ومحاول ــن بالتا ـ رســم مســتقبل جديــد‬
‫للمجتمع الفر ـ ‪ .‬و قد قام ديدرو ‪ Diderot‬مؤلفيه الطائر اﻷبيض )‪(l’oiseau blanc‬‬
‫و ا وا ر اشفة السر )‪ (les bijoux indiscrets‬بالنقل من ش رزاد ل ل ما يخدم أف اره‬
‫ً‬
‫السياســية و اﻻجتماعيــة و الدي يــة‪ .‬و تأثــر فولت ـ ‪ Voltaire‬بح ايــا الشــرق أيضــا‪ ،‬إذ حظــي‬
‫ّ‬
‫ــذا اﻷخ ـ بم انــة مم ـ ة ـ كتاباتــه‪ ،‬بــل إنــه قــد عمــد ـ الكث ـ مــن اﻷحيــان إ ـ اﳌقارنــة‬
‫ً‬
‫ب ــن ا ضــارة الشــرقية و ا ضــارة الغر يــة مس شـ دا ـ ذلــك باﻷجــواء الشــرقية و اﻷ عــاد‬
‫ً‬
‫اﻻجتماعيــة و الثقافيــة القا عــة مــن ورا ــا‪ .‬وقــد تمكــن فولت ـ ‪ ،‬انطﻼقــا مــن ذلــك لــه‪ ،‬مــن‬
‫إشــاعة أف ـ اره ال بو ــة و الفلســفية واﻻجتماعيــة خاصــة ـ مؤلفــه صدي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق أو القــدر‬
‫)‪ (Zadig ou la destinée‬حيــث قــارن ب ــن عاﳌ ــن مختلف ــن ـ اﳌا يــة مــا عالــم الشــرق‬
‫اﳌفعــم با كمــة‪ ،‬وعالــم الكن ســة اﳌمت ـ بالكتــب؛ و ــو الكتــاب نفســه الــذي أ ــداه فولت ـ‬
‫إ ـ الســيدة الشــرقية‪.‬‬
‫لقــد انــت لقصائــد حافــظ الش ـ ازي‪ ،‬أك ـ شــعراء الفارســية‪ ،‬تأث ــا القــوي ـ‬
‫التقر ب ب ن اﳌسلم ن و ال ا مة ال ند ع ما بي م من صراع‪ ،‬حيث يمن شعره ع‬
‫ً‬
‫العراق و فارس باسطا سلطانه ما ب ن غداد و البنغال‪ .‬و برزت شعره الروح اﻹ سانية‬
‫ال ـ تجــاوزت اﳌظ ــر العنصــري القومــي الضيــق اﳌوجــود عنــد عــض شــعراء الفارســية‪ ،‬بــل‬
‫يظ ر بوضوح تقديره للغة العر ية و آدا ا ال ل م ا و تأثر ا‪ ،‬ودراسته للشعر العر ي‬
‫ا ا ـ و اﻷمــوي و العبا ـ ‪ ،‬و حفظــه القـرآن الكر ــم مــع التجو ــد بقـراءات متعــددة‪ .‬ثــم‬
‫امتــد ســلطان حافــظ مــن ال نــد إ ـ إنجل ـ ا مــع ســيطرة اﻻســتعمار ال يطا ــي ع ـ ال نــد ـ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫القــرن الثامــن عشــر‪ .‬و ترجمــت غزلياتــه إ ـ اﻹنجل يــة شــعرا و ن ـ ا و تبع ــا ترجمــات إ ـ‬
‫ً‬
‫اﻷﳌانية‪ .‬و قد قام الشاعر اﻷﳌا ي غوته ‪ Goethe‬بإ دائه ديوانه الغر ي الشر عب ا عن‬
‫شدة تأثره به‪ .‬و ع ّ الفيلسوف ني شه ‪ Nietzsche‬عن إ ابه بالش ازي بتوجيه خطابه‬
‫قائﻼ‪» :‬أنت ذاتك‪ :‬ﻻ ء و ل ء‪ ،‬غاية الفقر أنت‪ ،‬أغ من الوجود‪ ،‬و تح ق‬ ‫ً‬
‫له‬
‫)‪(25‬‬
‫نار كمالك فتخرج من النار ل مرة وأنت أكمل‪« .‬‬
‫بلغــت ش ـ رة العالــم اﻹســﻼمي الفرا ــي )‪339‬ه( ـ إجــادة عــدد كب ـ مــن اللغــات‬
‫ّ‬
‫اﻷجن يــة درجــة منقطعــة النظ ـ ‪ ،‬ح ـ ّأن الكث ـ مــن اﳌؤرخ ــن قــد ذكــروا أنــه ان عــرف‬
‫‪117‬‬
‫‪‬‬

‫ســبع ن لغــة‪ .‬و ــذا الرقــم يــدل ع ـ مبلــغ ش ـ رته ب ــن معاصر ــه بتمكنــه مــن معظــم لغــات‬
‫الكتابــة و ا ديــث الســائدة ـ عصــره‪ ،‬و خاصــة ال كيــة‪ ،‬و ـ لغتــه اﻷصليــة‪ ،‬و الفارســية‬
‫و اليونانيــة ال ـ يتحــدث ع ــا ـ كتبــه حديــث العالــم ا ب ـ ‪ .‬و قــد وصــل ـ إحاطتــه باللغــة‬
‫ّ‬
‫العر ية‪ ،‬و ل ســت لغته اﻷصلية‪ ،‬أنه ان ينظم ا الشــعر‪ .‬و عت الفرا ي ا قيقة‬
‫اﳌؤســس الفع ـ للدراســات الفلســفية ـ التار ــخ اﻹســﻼمي‪ ،‬واﳌ ـ اﻷول ﳌــا ســميه اﻵن‬
‫الفلســفة العر ية‪ ،‬فقد شـ ّـيد ب يا ا و وضع اﻷســاس ميع فروع ا‪ ،‬و و أعرف فﻼســفة‬
‫اﻹســﻼم بتار ــخ الفلســفة و نظر ــات الفﻼســفة‪ ،‬إذ يتحــدث ـ مؤلفاتــه حديــث العــارف‬
‫ً‬
‫)‪(26‬‬
‫باﳌــدارس اليونانيــة و يب ّ ــن الفــوارق بي ــا محــاوﻻ التوفيــق ب ــن أفﻼطــون وأرســطو‪.‬‬
‫كمــا ان أبــو حيــان اﻷندل ـ )‪745‬ه(‪ ،‬صاحــب البحــر ا يــط ـ تفس ـ الق ـرآن‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الكر ــم‪ ،‬ملمــا ببعــض اللغــات اﻷجن يــة ا شــية‪ ،‬و الفارســية‪ ،‬و ال كيــة‪ .‬و قــد ألــف ـ‬
‫قواعــد ــذه اللغــات‪ ،‬فكتــب ـ ال كيــة )اﻹدراك ـ لســان اﻷتـراك(‪ ،‬و )ز ــو اﳌلــك ـ نحــو‬
‫ال ـ ك(‪ ،‬و )اﻷفعــال ـ لســان اﻷتـراك(‪ .‬و ـ الفارســية )منطــق ا ــرس ـ لســان الفــرس(‪،‬‬
‫و ـ ا شــية )جــﻼء الغ ــش عــن لســان ا ــش(‪.‬‬
‫أما عن ابن رشــد )‪595‬ه( فكتب ثﻼثة شــروحات ﳌؤلفات أرســطو‪ ،‬و أدخلت كتبه‬
‫ـ م ــاج جامعــة بار ــس و ا امعــات اﻷخــرى ح ـ م ـ ء العلــوم التجر يــة ا ديثــة‪ .‬عــد‬
‫)ا امــع( اﻷقصــر مــن بي ــا‪ ،‬و يمثــل خﻼصــة للموضــوع و اس ـ ند إليــه ـ عليــم الطلبــة‬
‫ً‬
‫اﳌبتدئ ــن‪ .‬ثــم كتــاب )الت يــص( أوســط ا مــا‪ ،‬و تــم اعتمــاده ـ تدر ــس الطلبــة الذيــن‬
‫خصــص لتدر ــس طلبــة الدراســات‬ ‫لد ــم إﳌــام باﳌوضــوع‪ ،‬فكتــاب )التفس ـ ( ثال ــا الــذي ّ‬
‫العليــا و طالــت فيــه شــروحه مــع إسـ ام أصيــل سـ ب اعتمــاده إ ـ درجــة كب ـ ة ع ـ تحليــل‬
‫ابــن رشــد مــع تفسـ اته للمفا يــم القرآنيــة‪.‬‬
‫أس م ابن رشد بكتاباته حقول الفلسفة و اﳌنطق و الطب و اﳌوسيقى والفقه‪،‬‬
‫ولــه كتــاب ــام عنــوان )كتــاب ال ليــات ـ الطــب( أتمــه قبــل عــام ‪ ،1162‬و اشـ رت ترجمتــه‬
‫الﻼتي يــة عنــوان )‪ (Colliget‬أي ال ليــة أو ا موعــة‪ ،‬و فيــه ألقــى ابــن رشــد الضــوء ع ـ‬
‫مختلــف جوانــب الطــب بمــا ـ ذلــك ال ـ يص و عــﻼج اﻷمـراض و الوقايــة م ــا‪ .‬و وصلــت‬
‫مؤلفاته الطب إ عشر ن كتاب‪ .‬عد ابن رشد أحد أعاظم اﳌفكر ن و العلماء القرن‬
‫الثا ــي عشــر‪ ،‬حيــث ترجمــت مؤلفاتــه إ ـ لغــات ش ـ م ــا الﻼتي يــة و اﻹنجل يــة واﻷﳌانيــة‬
‫ّ‬
‫و الع يــة‪ .‬وقــد أثــر ابــن رشــد ـ الفكــر الغر ــي مــن القــرن الثا ــي عشــر ح ـ القــرن الســادس‬
‫ً‬
‫عشــر‪ ،‬وحظــي بتقبــل عظيــم ـ الغــرب‪ ،‬و مــا يـزال يوجــد مــن مؤلفاتــه ســبعة وثمانــون كتابــا‪.‬‬
‫وعــن تأث ـ قصــة ـ بــن يقظــان ﻻبــن طفيــل ـ أورو ــا فيمكــن القــول أ ّ ــا انــت أوفــر‬
‫ً‬
‫الكتــب العر يــة حظــا مــن التقديــر والعنايــة ـ العصــر ا ديــث‪ ،‬إذ نــاك شــابه يلفــت‬
‫اﻻن بــاه ب ــن كتــاب اﻷب ال ســو بال ـ ار جرثيــان ‪ Baltazar Gracian‬الــذي شــر ـ ســنة‬
‫‪118‬‬
‫‪‬‬

‫‪ 1650‬عنــوان )‪ .(El Criticor‬لكــن ثمــة ســؤال يطــرح نفســه بإ ــاح‪ :‬كيــف عــرف جرثيــان‬
‫بقصــة ـ بــن يقظــان و ترجمــة ادوارد بو ــوك ‪ Edward Pocoke‬لــم تظ ــر إﻻ ســنة‪،1681‬‬
‫و لم ي شــر النص العر ي إﻻ ســنة ‪ ،1681‬أضف إ ّأن جرثيان لم يكن عرف العر ية؟‬
‫و ظ ــر كذلــك ال شــابه ب ــن ـ بــن يقظــان و قصــة رو ســون كــروزو ‪Robinson‬‬
‫‪ Crusoe‬لصاح ــا ‪Daniel de Foe‬ال ـ شــرت ســنة ‪ 1719‬أي عــد ظ ــور ترجمــة بو ــوك‪.‬‬
‫ً‬
‫و يبــدو التأثــر ــا ـ الفكــرة العامــة وا ــا‪ .‬و ــا ـ تتوا ـ الدراســات حول ــا ـ أورو ــا منــذ‬
‫منتصــف القــرن التاســع عشــر ح ـ اليــوم و بمختلــف اللغــات‪.‬‬
‫لقــد اق ـ ن ا ديــث عــن مار ــو بولــو ‪ Marco Polo‬البند ـ با ديــث عــن بــن‬
‫بطوطــة الطن ـ لــدى ل الذيــن ا تمــوا بالرحالــة‪ ،‬و خاصــة عنــد علمــاء الغــرب‪ .‬لقــد ان‬
‫مــن حق ــم أن يفعلــوا‪ ،‬إذ ّأن اﻷول ــو الــذي قصــد ‪-‬قبــل نحــو ســت ن ســنة مــن تحــرك بــن‬
‫بطوطــة‪ -‬بــﻼد الشــرق اﻷق ـ و ـ لت مذكراتــه ال ـ انــت محــل عليــق واســع‪ .‬لكــن‬
‫اﳌﻼحــظ ّأن رحلــة بــن بطوطــة ا ســع فضاؤ ــا أك ـ ممــا ان اﻷمــر بال ســبة لرحلــة مار ــو‬
‫بولــو عــﻼوة ع ـ ا صيلــة العلميــة ال ـ انــت تختلــف مــن الواحــد إ ـ اﻵخــر‪ .‬ومــن اﳌﻼحــظ‬
‫ً‬
‫أيضــا ّأن بــن بطوطــة ان يتأقلــم ســرعة زائــدة‪ ،‬ف ــو يتعلــم اللغــة ال ـ يت لــم ــا القــوم‬
‫ﻷن الفارســية‬ ‫الذيــن ي ـ ل ســاح م‪ .‬و قــد بــدأ يف ــم اللغــة ســية قبــل أن يتعلــم ال كيــة ّ‬
‫الفار‬
‫انــت من شــرة ـ اﳌنطقــة ل ــا ح ـ ـ بــﻼد الص ــن‪ ،‬و يكتــب اللغت ــن بحــروف عر يــة ع ـ‬
‫ّ‬
‫مــا ان عليــه ا ــال‪ ...‬و ـ ســائر ا ــاﻻت فإنــه لــم يكــن شــعر بمركــب نقــص و ــو ســتع ن‬
‫ب جمــان ينقــل عنــه مــا ير ــد أن يقــول‪ ،‬و ســاق ـ ــذا الصــدد عــض النكــت ال ـ وقعــت لــه‬
‫)‪(27‬‬
‫مــع عــض ال اجمــة مــن الذيــن ّيدعــون أ ّ ــم يحســنون اللغــة !‬
‫وقــد ان اﳌس شــرق اﻷﳌا ــي يو ــان لودفيــج بورك ــارت‪Johann Ludwig Buc-‬‬
‫ّ‬
‫‪ khardt‬أول مــن أثــار ان بــاه أورو ــا حــول رحلــة بــن بطوطــة ـ أعقــاب اﳌ مــة ال ـ لــف ــا‬
‫ّ‬
‫ـ إفر قيــا العــام ‪ .1809‬وأنصــف بورك ــارت الرحالــة اﳌغر ــي بــن بطوطــة عندمــا وصفــه‬
‫بأعظــم رحالــة يقــوم ب ـ يل مذكراتــه ـ العصــر الوســيط‪ .‬و ـ الش ـ ادة ال ـ ز ا ــا‬
‫ال وف ســور أنــدري ميكيــل ‪ André Miquel‬عــد قــرن و ثﻼثــة أر ــاع القــرن ع ـ نحــو مــا‬
‫ان مــن ال اتــب اﻹنجل ـ ي تومــاس ج‪ .‬أب كروم ـ ‪ Thomas J.Abercrombie‬واﻷ ادي ـ‬
‫الفر ـ جــان دورميصــون )‪.Jean D’ormesson (28‬‬
‫القيم )تار خ اﻷدب ا غرا‬ ‫ذكر اﳌس شرق الرو أ‪.‬يو‪.‬كرا ش وفس ي كتابه ّ‬
‫ّ‬
‫العر ــي( الــذي ترجمــه صــﻼح الديــن عثمــان اشــم الرحالــة بــن بطوطــة بقولــه إنــه منافــس‬
‫ً‬
‫خط ـ ﳌعاصــره اﻷقــدم منــه تار خــا مار ــو بولــو‪ .‬و مــن الطبي ـ ّأن بــن بطوطــة الطن ـ ان‬
‫لــه إحســاس فطــري ذا ــي بظــروف حضــارة العالــم الــذي يصفــه أك ـ ممــا ان لــدى مار ــو‬
‫بولــو البند ـ ‪ ،‬و ّإن وصــف الرحالــة اﳌســلم ــط سـ رحلتــه ان أد ـ إ ـ الثقــة ممــا عليــه‬
‫‪119‬‬
‫‪‬‬

‫ا ــال مــع معاصــره اﳌســي ‪.‬‬


‫وقــد افتــت ج ــات كث ـ ة‪ ،‬ممــن ت ت ـ للعالــم الناطــق باللغــة اﻹنجل يــة‪ ،‬ع ـ‬
‫اﻻســتفادة مــن الرحلــة عــد ظ ــور ال جمــة اﻹنجل يــة منــذ أواخــر العشــر نات ع ـ يــد‬
‫اﻷســتاذ اميلتــون أليكســاندر روســك ن كيــب ‪Alexander Hamilton Rosskeen Gibb‬‬
‫الــذي لــم يكتــف بال جمــة ا رفيــة لكنــه حــاول أن يصــل إ ـ أس ـرار اﳌع ـ ‪ ،‬بــل و قــام‬
‫بتحديــد طائفــة مــن اﻷعــﻼم ا غرافيــة و مواقع ــا مــا أمكنــه ذلــك‪ .‬كمــا قــام بالعمــل ع ـ‬
‫ً‬
‫التعر ــف عــدد مــن ال ـ صيات ال ـ وردت ـ صلــب الكتــاب ذاك ـرا ـ أغلــب اﻷحيــان‬
‫مصــادره و مراجعــه‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ق ـرأ النــاس ترجمــة الرحلــة كﻼ أو عضــا عــدد مــن اللغــات اﻷخــرى غ ـ الفر ســية‬
‫و اﻹنجل يــة‪ ،‬مثــل اﻷﳌانيــة و ال شــيكية و اﻹيطاليــة و ال كيــة و الفارســية و الســو دية‬
‫و ال نديــة و اﻷرمنيــة و اليابانيــة و اﻹســبانية و الروســية و الص نيــة‪ .‬و ا ديــر بالذكــر ّأن‬
‫ّ‬
‫معظــم ــذه ال جمــات ‪-‬إن لــم يكــن ل ــا‪ -‬ت ــب بتعليقــات ﻻ غ ـ ع ــا للقــارئ‪ ،‬بــل أك ـ‬
‫مــن ــذا فائــدة ّأن عــض اﻷســاتذة اﳌ جم ــن قامــوا بوضــع مقدمــات لـ ل جــزء مــن اﻷجـزاء‬
‫ح ـ يجعلــوا القــارئ اﻷجن ـ عــن العر يــة ـ الصــورة ال امل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة لف ــم العالــم اﻹســﻼمي‬
‫وتقاليــده و تار ــخ الدولــة ـ ذلــك الع ــد‪ .‬و ـ عــام ‪ 1991‬قــام اﻷســتاذ تومــاس ج‪ .‬اي كروم ـ‬
‫برحلــة فر ــدة مــن نوع ــا ســار ف ــا ع ـ خطــى بــن بطوطــة بت ليــف مــن ا لــة اﻷمر كيــة‬
‫الذا عــة الص ــت )ناشــيونال جيوغرافيــك(‪ ،‬و وصلــت ت اليــف الرحلــة إ ـ مئــة ألــف دوﻻر‬
‫)‪(29‬‬
‫ع ـ اﻷقــل!‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫يقــول عبــد ال ــادي التــازي فخــورا أنــه لــم ســمع ـ الدنيــا عــن رحلــة نقلــت مــن‬
‫لغ ــا اﻷصليــة إ ـ لســان ثــان ثــم ترجمــت مــن ذلــك اللســان الثا ــي لتعــود إ ـ لغ ــا اﻷو ـ‬
‫بصياغــة حديثــة‪ ،‬فقــد تحقــق ذلــك مــع رحلــة بــن بطوطــة ال ـ ترجم ــا غ مــو غوســتافينو‬
‫ّ‬
‫)‪(30‬‬
‫عــن اﻹســبانية بأســلو ه العر ــي الــذي ان يــرى أنــه أك ـ إثــارة و أو ـ إشــارة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لقــد قــام العديــد مــن اﻷدبــاء اﻷورو ي ــن بمحــا اة رحلــة بــن بطوطــة شــكﻼ ومضمونــا‪.‬‬
‫فنجــد مثـ ًـﻼ جيوفا ــي بو اكشــيو ‪ Giovanni Boccaccio‬ـ اﻷدب اﻻيطا ـ ‪ ،‬و جيوفــري‬
‫شوســر ‪Geoffrey Chaucer‬و جــون ب يــان ‪ John Bunyan‬ـ اﻷدب اﻻنجل ـ ي‪ ،‬و غوتــه‬
‫‪ Goethe‬ـ اﻷدب اﻷﳌا ــي‪ ،‬و ميغــال دي ســرفان س ‪ Miguel de Servantes‬ـ اﻷدب‬
‫اﻹســبا ي؛ بــل تؤكــد عــض الدراســات ّأن الروايــة اﻹســبانية الش ـ ة دون ك شــوت )‪Don‬‬
‫‪ (Quichotte‬لســرفان س عــود ـ أصل ــا إ ـ مخطــوط عر ــي وجــد ـ إحــدى اﳌكتبــات‬
‫العر ية اﻷندلس عد سقوطه‪ .‬و ما عزز فكرة توا اﻻقتباس اﳌوضوعا ي من الثقافة‬
‫العر يــة مــا ذ بــت إليــه العديــد مــن الدراســات ـ ّأن دان ـ أليغي ـ ي ‪Dante Alighieri‬قــد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تأثــر تأث ـرا بالغــا برســالة الغف ـران للمعــري‪ ،‬و حادثــة اﳌع ـراج ذات البعــد الدي ـ اﻹســﻼمي‬
‫‪120‬‬
‫‪‬‬

‫باﻹضافــة إ ـ العديــد مــن اﳌفا يــم الفلســفية للغزا ـ قبــل أن يكتــب ال وميديــا اﻻل يــة‪.‬‬
‫ــذا عــن أدب الرحلــة‪ ،‬أمــا فيمــا يخــص قصــص ا يــوان فقــد ان ل جمــة ليلــة‬
‫ودمنــة أثر ــا البالــغ ـ اﻵداب اﻷورو يــة الــذي يبــدو وا ـ اﳌعالــم ـ أك ـ مــن أدب أورو ــي‪.‬‬
‫ومن أبرز ما كتب ذا الصدد خرافات ﻻفونت ن القرن السا ع عشر‪ ،‬و القصص‬
‫ال ـ أمتعــت و ﻻ زالــت القـراء الفر ســي ن و اﻷورو ي ــن ع ـ حــد ســواء‪.‬‬
‫و ـ العصــر ا ديــث ســطر أديــب اﳌ ــر ج ـ ان خليــل ج ـ ان را عتــه )الن ـ (‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫باللغــة اﻹنجل يــة‪ ،‬و نالــت إقبــاﻻ ائــﻼ مــن خــﻼل ترجم ــا إ ـ مــا يز ــد عــن ‪ 20‬لغــة‪ .‬وأبــدع‬
‫ف ا ج ان من خﻼل ‪ 26‬قصيدة شعر ة وردت ع لسان ن سماه اﳌصطفى‪ .‬و تضمنت‬
‫رســالة اﳌتصــوف اﳌؤمــن بوحــدة الوجــود‪ ،‬و تنــاول مــن خﻼل ــا العﻼقــات اﻹ ســانية وأفـ اره‬
‫حــول ا ــب وا ر ــة والرحمــة و العقــاب و الديــن و ا يــاة و اﳌــوت‪.‬‬
‫تقــول ســوزان باســن ت ‪ ،Susan Bassnett‬أحــد أ ــم منظــري ال جمــة‪ ،‬أنّ‬
‫ماي ـ ل كرون ــن ‪ Michael Cronin‬قــد ســلط الضــوء ـ أحــد كتبــه الرا عــة ع ـ عﻼقــة‬
‫ـأن ل مــن الرحالــة و اﳌ جــم ـ حــوار متأصــل مــع‬ ‫أدب الرحــﻼت بال جمــة‪ ،‬و ــو يذكرنــا بـ ّ‬
‫الثقافــات و اللغــات اﻷخــرى‪ .‬و قــد اســتخدم مايـ ل كرون ــن مصط ـ البــداوة )‪(nomadism‬‬
‫ﳌناقشــة أوجــه ال شــابه ب ــن ال اتــب الرحالــة و اﳌ جــم‪ ،‬إذ يقــوم كﻼ مــا بنقــل الغ يــة‬
‫)‪ (l’altérité-otherness‬غيــة أن تصبــح مقبولــة و متداولــة مــن قبــل الق ـراء ـ الثقافــة‬
‫ّ‬
‫اﳌســتقبلة‪ .‬عت ـ اﳌ جــم و ال جمــان ‪-‬اللــذان ي تقــﻼن مــن تخصــص إ ـ آخــر‪ ،‬و مــن لغــة‬
‫ت ت ـ إ ـ الثقافــة العامــة إ ـ لغــة منغلقــة ت ت ـ إ ـ الثقافــة اﳌتخصصــة‪ -‬ممارسـ ن باﳌع ـ‬
‫الثقا ـ و اﳌوســو للســفر‪ ،‬لثقافــة ثالثــة شــاملة ـ ل ســت فقــط مــن أقطــاب العلــوم‬
‫اﻹ ســانية الكﻼســيكية‪ ،‬و لكــن ت ت ـ إ ـ العديــد مــن ا ــاﻻت اﻷخــرى ال ـ تبحــث عــن‬
‫)‪(31‬‬
‫ما يــة اﻹ ســان‪ ،‬و ــذا مــا يــؤدي مــا إ ـ جلــب اﳌعلومــات مــن م ـ ان ق ـ آخــر‪.‬‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫عت ـ ل مــن ال اتــب الرحالــة و اﳌ جــم عنصـرا رئ ســا ـ ش ـ ل الثقافــة‪ ،‬و ــذا‬
‫مــا ان ي ب ـ أن شـ إليــه العديــد مــن اﻷبحــاث ال ـ أجر ــت ح ـ اﻵن شــأن العﻼقــة ب ــن‬
‫ً‬
‫ال حــال و ال جمــة‪ .‬و ي ب ـ ل ــذه الدراســات‪ ،‬ال ـ بــدأت باﻻزد ــار‪ ،‬أن ت ــون مؤشـرا ع ـ‬
‫ً‬
‫الكيفيــة ال ـ اتخــذت مــن خﻼل ــا الدراســات ال جميــة من ـ ثقافيــا )‪.(a cultural turn‬‬
‫ً‬
‫ولنــا ـ الثقافــة العر يــة مثــاﻻ عــن ذلــك لــه‪ .‬رســالة أحمــد بــن فضــﻼن عــن رحلتــه إ ـ‬
‫ً ً‬
‫بــﻼد الصقالبــة‪ .‬و ع ـ الرغــم مــن ّأن أحمــد بــن فضــﻼن لــم يكــن اتبــا أديبــا‪ ،‬بــل رســول أم ـ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اﳌؤمن ــن اﳌقتــدر إ ـ ــذه البــﻼد‪ ،‬إﻻ أنــه تمتــع بمســتوى عل ـ كب ـ مكنــه مــن تطو ــع اللغــة‬
‫العر يــة لوصــف ل مــا ان يجــري حولــه مــن أحــداث‪ .‬و قــد جــاءت رســالته بليغــة ـ اﳌع ـ ‪،‬‬

‫‪121‬‬
‫‪‬‬

‫ســديدة ـ الرؤ ــة‪ ،‬تكشــف اﻷسـرار‪ ،‬وتنقــل اﻷخبــار بن ـ ة ف ــا الكث ـ مــن ال ائ يــة حــول‬
‫أناس آخر ن و مجتمع آخر‪ ،‬و عادا م اﳌأ ل و اﳌشرب واﳌل س وغ ا‪ .‬و عت العديد‬
‫من النقاد و اﳌفكر ن ّأن ذه الرسالة م مة بال سبة للعرب افة أ ّ ا تحمل اﻵخر إلينا‬
‫)‪(32‬‬
‫بـ ل ألوانــه وأطيافــه‪.‬‬
‫‪          .IV‬‬
‫ّ‬
‫يت ـ لنــا مــن خــﻼل ــذه النمــاذج ‪-‬و غ ــا كث ـ ‪ -‬أن ال جمــة ســﻼح حضــاري بالــغ‬
‫ً‬
‫ا طــورة قــد يوظــف لسـ أغــوار اﻵخــر‪ ،‬و اﻹبانــة عــن ا وانــب الغامضــة فيــه‪ .‬و عيــدا‬
‫عــن مســألة اﻷمانــة )‪ (fidelity‬ب ــن النــص اﳌصــدر )‪ (source text‬و النــص ال ــدف )‪tar-‬‬
‫ً‬
‫‪ ،(get text‬أصبــح ال ك ـ ـ علــم ال جمــة اليــوم منصبــا ع ـ مــا ســتقدمه ال جمــات للغــة‬
‫والثقافــة‪ ،‬و م ــور الق ـراء اﳌســتقبل ن ل ــا‪ ،‬و كيــف بإم ا ــا زعزعــة مختلــف النظــم ـ‬
‫ا تمعــات مــن فكر ــة و عرفانيــة و تارخيــة و غ ــا‪ .‬و قــد ا تــم اﳌنظــرون ـ الســياق ذاتــه‬
‫باﻻسـ اتيجيات ال ـ ع ـ بالتوصيــل الثقا ـ )‪ ،(cultural conveyance‬فشــرحوا ما ي ــا‬
‫و ب نــوا طــرق توظيف ــا ع ـ مســتوى نــص ال جمــة‪ ،‬مــن دون أن ملــوا اﻻس ـ اتيجيات‬
‫اللغو ــة ال ـ عت ـ ا امــل ل ـ ل عــد ثقا ـ و الناقــل لــه‪ .‬وعليــه ت ــون اﳌثاقفــة )‪accultu-‬‬
‫‪ (ration‬أ ــم مظا ــر ال جمــة ال ـ ت ـ ز إ ـ الوجــود عنــد ل اشــتغال ترج ـ ب ــن نص ــن‬
‫ي تميــان إ ـ لغت ــن مختلفت ــن‪ ،‬و ا ــدث البــارز ـ ل عبــور مــن ضفــة إ ـ أخــرى مــا يلزمنــا‬
‫الوقــوف عنــد ــذه الظا ــرة‪ ،‬و تمحيــص نتائج ــا ع ـ اﳌســتو ن النظــري و اﻹجرا ــي؛‬
‫ال ـ ء الــذي لــن يتحقــق إﻻ مــن خــﻼل دراســة مف ــوم الثقافــة )‪ (culture‬و أنماط ــا وكــذا‬
‫تجليا ــا لــدى ل مجموعــة شــر ة‪ ،‬و مــن ثــم نــة بي ــا قبــل النقــل و عــده خاصــة ّ‬
‫وأن‬ ‫اﳌقار‬
‫الــدرس ال ج ـ العر ــي ‪-‬الــذي سـ الباحثــون ـ القطــر العر ــي إ ـ التأسـ س لــه‪ -‬بأمــس‬
‫ا اجــة إ ـ ذلــك لــه‪.‬‬
‫وقد أف البحث ذا اﳌوضوع إ جملة من التوصيات نورد ا فيما ي ‪:‬‬
‫‪ .1‬وجــوب العنايــة بال جمــة كتخصــص عل ـ يكفــل ال ــوض با تمعــات ع ـ اﻷصعــدة‬
‫افــة‪ ،‬و قــرب بي ــا مــن خــﻼل رأب الصــدع الثقا ـ ورتــق الفتــق ا ضــاري‪.‬‬
‫‪ .2‬حــث جميــع الباحث ــن مــن مختلــف التخصصــات اﳌعرفيــة لﻼس ـ ام ـ حقــل ال جميــة‬
‫ً‬
‫بوصف ــا مجــاﻻ تتقاطــع فيــه ل العلــوم )‪.(multi-disciplinary‬‬
‫‪ .3‬دفــع طــﻼب ال جمــة إ ـ العنايــة بالنصــوص بمختلــف صنافا ــا )‪ (typologies‬العلميــة‬
‫واﻷدبية والتقنوعلمية‪ ،‬وتطو ر مل ا م اللغو ة )‪ (linguistic‬واﳌيتالغو ة )‪metalinguis-‬‬
‫‪ ،(tic‬وكــذا تفعيــل دور اللســانيات )‪ (linguistics‬ش ـ فروع ــا )التقابليــة‪ ،‬التطبيقيــة‪،‬‬
‫النصيــة‪.(...‬‬

‫‪122‬‬
‫‪‬‬

‫‪ .4‬ال ــل مــن الــدرس الثقا ـ الغر ــي وتكييــف نزعاتــه بمــا يتما ـ ومقتضيــات ا ــال ـ‬
‫ا تمعات العر ية‪ ،‬واﻻ تمام باﻷن و ولوجيا الثقافية ال ستلزم ع الدارس ن الت به‬
‫بأ ّ ــا عــد يصاحــب ل عمليــة نقــل‪.‬‬
‫‪ .5‬مراعــاة تدر ــس اﳌقار ــات النصيــة ـ عليميــة ال جمــة )‪ (translation didactics‬ال ـ‬
‫مــن شــأ ا إماطــة اللثــام عــن مكنونــات النصــوص اللغو ــة وخبايا ــا العﻼماتيــة‪ ،‬وتلق ــن‬
‫الطــﻼب الســبل الكفيلــة بالكشــف عــن أوجــه اﻹئتــﻼف واﻻختــﻼف ب ــن النصــوص اﻷصليــة‬
‫وترجما ــا‪ ،‬و مــن ثــم اﳌقارنــة ب ــن النمــاذج الثقافيــة البدئيــة )‪(cultural original patterns‬‬
‫وكيــف تبدلــت عنــد نقل ــا إ ـ لغة‪/‬ثقافــة مغايــرة‪ ،‬ومــاذا قدمتــه أو ســتقدمه ال جمــات‬
‫للمجتمعــات اﳌســتقبلة‪ ،‬وكيــف أثــرت ف ــا ع ـ اﳌنا ـ افــة‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .6‬ضــرورة السـ بالبحــث ال ج ـ قدمــا با ــروج مــن دائــرة اﳌواضيــع اﳌسـ لكة‪ ،‬والتطــرق‬
‫إ ـ ل جديــد فيــه ومســتحدث‪ .‬لكــن ذلــك لــن ي س ـ إﻻ مــن خــﻼل تأصيــل مــا يكتــب عــن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ال جمــة نظر ــا وعمليــا‪ ،‬و إعــادة النظــر ليــا ـ مقومــات اﻻشــتغال ال ج ـ قشــره ولبابــه‪.‬‬

‫‪‬‬
‫)‪(1‬الطيب بوتبقالت‪ ،‬ضمن أسئلة ال جمـ ـ ـ ـ ــة‪ ،‬مجلة الوحدة‪ ،‬ا لس القومي للثقافة العر ية‪،‬‬
‫الر اط‪ ،‬اﳌملكة اﳌغر ية‪ ،1989 ،‬السنة ‪ 6‬عدد ‪ ،989 /61-62‬ص‪.80-81‬‬
‫)‪(2‬عبد السﻼم بنعبد العا ‪ ،‬ال جمة و اﳌثاقفة‪ ،‬مجلة الوح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدة‪ ،‬ا لس القومي للثقافة‬
‫العر ية‪ ،‬الر اط‪ ،‬اﳌملكة اﳌغر ية‪ ،1989 ،‬السنة ‪ 6‬عدد ‪ ،989 /61-62‬ص‪.08‬‬
‫)‪(3‬عبد الكر م ناصيف‪ ،‬ال جمـ ـ ـ ـ ـ ــة‪ :‬أ مي ا و دور ا تطو ر اﻷجناس اﻷدبية‪ ،‬مجلة الوحدة‪،‬‬
‫ا لس القومي للثقافة العر ية‪ ،‬الر اط‪ ،‬اﳌملكة اﳌغر ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪ ،1989 ،‬السنة ‪ ،6‬عدد ‪61-‬‬
‫‪ ،629/989‬ص‪.57‬‬
‫)‪(4‬ينظر محمد عمارة‪ ،‬العطاء ا ضاري لﻺسﻼم‪ ،‬سلسل ــة اقرأ‪ ،‬دار اﳌعارف‪ ،‬القا رة‪،1997 ،‬‬
‫رقم ‪ ،626‬ص‪.129‬‬
‫)‪ (5‬دو ي وش‪ ،‬مف وم الثقافة العلوم اﻻجتماعية‪ ،‬تر‪ .‬قاسم اﳌقداد‪ ،‬م ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــورات اتحاد‬
‫الكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪ ،2002 ،‬ص‪.66‬‬
‫)‪(6‬اﳌرجع نفسه‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫)‪(7‬نفس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‪ ،‬ص‪.67‬‬
‫)‪(8‬نفس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‪ ،‬ص‪.68‬‬
‫)‪(9‬مسعود ظا ر‪ ،‬اﻻتجا ات اﻷساسية ركة ال جمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة لبنان و الوطن العر ي‪ ،‬مجلة‬
‫الوحدة‪ ،2005 ،‬العدد ‪ ،12‬ص‪.47‬‬
‫‪(10) Michel de coster, L’acculturation, diogène (Revue), N° 73 (Janvier-Mars), 1971,‬‬
‫‪p. 28 et suite.‬‬

‫‪123‬‬
‫‪‬‬

‫)‪(11‬أحمــد لواســا ي‪ ،‬العﻼقــات التار خيــة ب ــن العــرب و اﻹيراني ــن‪ ،‬بحــوث و مناقشــات النــدوة‬
‫الفكر ــة ال ـ نظم ــا مركــز دراســات الوحــدة العر يــة حــول العﻼقــات العر يــة اﻹيرانيــة اﻻتجا ــات‬
‫الرا نــة و آفــاق اﳌســتقبل‪ ،‬مركــز دراســات الوحــدة العر يــة‪ ،‬ب ـ وت‪ ،‬تموز‪-‬يوليــو ‪ ،1996‬ط‪،1‬‬
‫ص‪.74‬‬
‫)‪ (12‬ينظر محمد صقر خفاجة‪ ،‬اﻹلياذة ل وم وس‪ ،‬موسوع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة تراث اﻹ سانية‪ ،‬القا رة‪،‬‬
‫‪ ،1992‬مجلد‪ ،1‬ص‪.322‬‬
‫)‪ (13‬ينظر كمال الياز ‪ ،‬معالم الفكر العر ي العصر الوسيط‪ ،‬دار العلم للمﻼي ن‪ ،‬ب وت‪،‬‬
‫‪ ،1966‬ط ‪ ،4‬ص‪.68-69‬‬
‫)‪ (14‬ينظر عبد الو اب عزام‪ ،‬ابن اﳌقفع ح ايات ليلة و دمن ـ ــة‪ ،‬قراءة جديدة كتاب قديم‪،‬‬
‫مجلة وج ات نظر‪ ،‬القا رة‪ ،‬إبر ل ‪ ،2003‬العدد ‪ ،51‬ص‪.36‬‬
‫)‪ (15‬ينظر شر في عبد الواحد‪ ،‬ألف ليلة وليل ـ ـ ـ ــة وأثر ـ ـ ـ ـ ــا الرواية الفر سية القرن التاسع‬
‫عشر‪ ،‬دار الغرب لل شر و التوز ع‪ ،2001 ،‬ص‪.76‬‬
‫)‪(16‬اﳌرجع نفسه‪ ،‬ص‪.76-77‬‬
‫)‪(17‬خديجة صبار‪ ،‬اﳌرأة ب ن اﳌثلوجيا و ا داثة‪ ،‬أفر قيا الشرق‪ ،‬اﳌغرب‪ ،1999 ،‬ص‪.75‬‬
‫)‪(18‬ينظر سعد الباز ‪ ،‬مقار ة اﻵخر‪ ،‬مقار ات أدبية‪ ،‬دار الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروق‪ ،1999 ،‬ص‪.96‬‬
‫)‪ (19‬فاطمة اﳌرن ‪ ،‬العابرة اﳌكسورة ا ناح »ش رزاد ترحل إ الغرب«‪ ،‬تر‪.‬فاطمة الز راء‬
‫أزرو يل‪ ،‬ط‪ ،1‬اﳌركز الثقا العر ي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2002 ،‬ص‪.79‬‬
‫)‪(20‬نظ ـ ة الك ـ ‪ ،‬ش ـ رزاد ـ فر ســا مــن اﻻن ــار إ ـ اﻻســتﻼب اﻷنــا و اﻵخــر ـ مواج ــة‪ ،‬مجلــة‬
‫اﻵداب اﻷجن يــة‪ ،‬مجلــة فصليــة تصــدر عــن اتحــاد الكتــاب العــرب‪ ،‬دمشــق‪ ،‬العــدد ‪،124‬‬
‫خر ــف‪،2005‬ص‪.06‬‬
‫)‪ (21‬ينظر يام أبو ا س ن‪ ،‬ش ـ ـ ـ ـ ــرزاد و تطور الرواية الفر سية من الكﻼسيكية إ الرمز ة‪،‬‬
‫فصول‪.‬ج‪.3‬م‪.13‬ع‪ ،2‬صيف ‪ ،1994‬ص‪(22) .267‬اﳌرجع نفسه‪ ،‬ص‪.267‬‬
‫)‪(23‬فاطمة اﳌرن ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.80-81‬‬
‫)‪(24‬مصطفى عبد الغ ‪ ،‬ش رزاد الفكر العر ي ا ديث‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الشرق‪ ،1985 ،‬ص‪.26‬‬
‫)‪ (25‬حافــظ الش ـ ازي‪ ،‬ديــوان العشــق‪ ،‬نقلــه إ ـ العر يــة صــﻼح الصــاوي‪ ،‬مركــز ال شــر الثقا ـ‬
‫)رجاء(‪ ،‬مقدمة الدكتور محمد حس ن مشايخ فر د ي‪ ،‬ص‪) 15‬عن مقال للشاعر و الناقد محمد‬
‫ع ـ شــمس الديــن‪ ،‬جر ــدة ا يــاة‪ ،‬السـ ت ‪ ،1994 /19/11‬ص‪.(15‬‬
‫)‪(26‬ينظر ع عبد الواحد وا ‪ ،‬دراسة حول آراء أ ل اﳌدينة الفاضلة للفرا ي‪ ،‬موسوع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫تراث اﻹ سانية‪ ،‬القا رة‪ ،1986 ،‬ج‪ ،3.‬ص‪.572‬‬
‫)‪ (27‬ينظر عبد ال ادي التازي‪ ،‬تحقيق رحلة ابن بطوط ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪ ،‬أ اديمية اﳌملكة اﳌغر ية‪ ،‬الر اط‪،‬‬
‫‪ ،1997‬ص‪.91‬‬
‫)‪(28‬اﳌرجع نفسه‪ ،‬ص‪.98‬‬
‫)‪(29‬نفسه‪ ،‬ص‪.101-104‬‬

‫‪124‬‬

،‫ تطوان‬،‫ دار ال شر اﳌغر ية‬،‫ الرحالة الكدود بن بطوطـ ــة‬،‫( ينظر غ مو غوستافينوغيانت‬30)
.153‫ ص‬،1950
(31) See: Piotr Kuhiwczak and Karin Littau, A Companion to Translation Studies,
Library of Congress Cataloging in Publication Data, 2007 ( Chapter 1 Culture
and Translation SUSAN BASSNETT, p22-23).
.1960 ،‫ دمشق‬،‫ مطبوعات ا مع العل العر ي‬،‫ رحلة بن فضﻼن‬،‫( سامي الد ان‬32)

125

You might also like