Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 278

‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫دليل السالك‬
‫إلى‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪1‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫ابن‬ ‫ألفية‬
‫مالك‬
‫‪2‬‬
‫الجزء الثاني‬
‫بقلم الشيخ عبداهلل بن صاحل الفوزان‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬
‫‪alfuzan1@hotmail.com‬‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪2‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫باب حروف اجلر‬


‫َح ىَّت َخ ال َح اَش ا َعَد ا يف َعْن َعَلى‬ ‫ِم‬
‫‪َ -364‬ه اَك ُح ُر وَف اَجْلِّر َو ْه َي ْن إَىل‬
‫َو الَك اُف َو اْلَبا َو َلَعَّل َو َمىَت‬ ‫‪ُ -365‬مْذ ُم ْنُذ ُر َّب الاّّل ُم َك ْي َو اٌو َو َتا‬

‫ملا فرغ املصنف – رمحه اهلل من الكالم على املرفوعات واملنصوبات ‪ .‬شرع يف ذكر‬
‫اجملرورات وهي ثالثة ‪:‬‬
‫‪ -1‬جمرور باحلرف ‪ – 2 .‬جمرور باإلضافة وسيأيت – إن شاء اهلل – يف الباب الذي يلي‬
‫هذا ‪ – 3‬جمرور بالتبعية ملتبوع جمرور ‪.‬‬
‫وهذا موضعه التوابع ‪.‬‬
‫وبدأ باجملرور باحلرف ألنه األصل ‪.‬‬
‫وهذه احلروف العشرون اليت ذكرها الناظم كلها خمتصة باألمساء وتعمل فيها اجلر وقد‬
‫تقدم الكالم على ( خال وحاشا وعدا ) يف باب االستثناء ‪ .‬وذكرها هنا ألنه موضع‬
‫استقصاء كما قال يف شرح الكافية (‪) 1‬‬
‫واحلروف الباقية هلا تفصيل يأيت ذكره يف موضعه ‪ ،‬إال ( كي ‪ ،‬ولعل ‪ ،‬وحىت ) وقّل من‬
‫يذكرهن من حروف اجلر ‪ ،‬لغرابة اجلر هبن ‪.‬‬
‫فأما (كي ) فتكون حرف جر للتعليل ‪ ،‬يف ثالثة مواضع ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬إذا دخلت على ( ما ) االستفهامية ‪ .‬يف قوهلم يف االستفهام عن علة الشيء ‪:‬‬
‫كيمه ؟ مبعىن ‪ :‬مله ؟ فـ (كي ) حرف جر و ( ما ) استفهامية جمرورة بـ ( كي ) وحذفت‬
‫ألفها لدخول حرف اجلر عليها ‪ .‬وجيء باهلاء للسكت عوضًا عن األلف احملذوفة وحفظًا‬
‫للفتحة الدالة على األلف ‪.‬‬

‫‪. )780 /2( - 1‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪3‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫الثاين ‪ :‬إذا دخلت على ( أن ) املصدرية مع صلتها والغالب أن تكون مضمرة حنو ‪:‬‬
‫جئت كي أستفيَد ‪.‬‬
‫فـ ( أستفيد ) فعل مضارع منصوب بـ ( أن ) مضمرة بعد ( كي ) ‪ .‬و ( أن ) وما‬
‫دخلت عليه يف تأويل مصدر جمرور بكي والتقدير جئت لالستفادة (‪. )1‬‬
‫الثالث ‪ :‬إذا دخلت على ( ما ) املصدرية ‪ .‬مع صلتها ‪ .‬حنو أحسن معاملة الناس كي ما‬
‫تسلُم من أذاهم ‪ .‬فـ ( تسلم ) فعل مضارع مرفوع ‪ .‬و ( ما ) وما دخلت عليه يف تأويل‬
‫مصدر جمرور بـ ( كي ) أي ‪ :‬لسالمتك من أذاهم ‪.‬‬
‫وأما ( لعّل ) فهي حرف جر شبيه بالزائد ‪ .‬وتفيد الرتجي والتوقع ‪ .‬واجلر هبا مقصور‬
‫على بعض العرب ذكره أبو زيد األنصاري يف نوادر اللغة (‪ )2‬وحكى اجلر هبا الفراء‬
‫وغريه ‪ ،‬وهو مع جوازه وقياسيته غري خفيف على األمساع وال هو سائغ اليوم ‪ .‬حنو ‪:‬‬
‫لعل املسافِر قادٌم غدًا ‪.‬‬
‫فـ (لعل ) حرف ترج شبيه بالزائد ‪ ( .‬املسافر ) جمرور هبا لفظًا يف حمل رفع مبتدأ ( قادم‬
‫) خرب ( غدًا ) ظرف زمان منصوب على الظرفية ‪.‬‬
‫وأما ( مىت ) فحرف جر أصلي (‪ . )3‬مستعمل يف لغة ( هذيل ) ‪ .‬ومعناه ‪ :‬االبتداء –‬
‫غالبًا – ومن كالمهم ‪ :‬أخرجها مىت كّم ه ‪ .‬أي ‪ِ :‬م ْن كمه ‪ .‬حكاه الكسائي عنهم ‪.‬‬
‫قال ابن مالك يف تعداد احلروف ‪ ( :‬هاك حروف اجلر ‪ ..‬اخل ) و( هاك ) اسم فعل أمر‬
‫منيب على الفتح ‪ .‬والفاعل ضمري مسترت وجوبًا تقديره ‪ :‬أنت والكاف ‪ :‬حرف خطاب ال‬

‫‪ - 1‬هذا على أحد الوجهني ‪ .‬والثاين أن تكون ( كي ) مصدرية ناصبة للمضارع والالم مقدرة قبلها أي ‪ :‬لكي ‪.‬‬
‫‪ - 2‬النوادر يف اللغة ص ‪. 218‬‬
‫‪ - 3‬حروف اجلر من حيث األصالة وعدمها ثالثة أنواع ‪:‬‬
‫‪ -1‬حرف جر أصلي ‪ .‬وهو ما له معىن خاص ‪ .‬وحيتاج إىل متعلق ‪ .‬مذكور أو حمذوف واملتعّلق ‪ :‬هو ما يوضح اجلار واجملرور ويبينه‬
‫‪ .‬فهو نوع من االرتباط الذي يوضع املعىن ويتممه ‪ .‬فإذا قلت ‪ :‬جئت من البيت ‪ .‬فإن اجلار واجملرور متعلق بالفعل قبله ‪ .‬واملتعّلق‬
‫إما فعل أو شبهه كاسم الفعل واملشتق العامل عمل الفعل كاسم الفاعل ‪ .‬واملشتق الذي ال يعمل كاسم الزمان واملكان ‪.‬‬
‫‪ -2‬حرف جر زائد وهو ما ليس له معىن خاص ‪ .‬وإمنا يؤتى به للتوكيد وليس له متعلق حنو ‪ :‬ما جاءين من أحد ‪.‬‬
‫‪ -3‬حرف جر شبيه بالزائد ‪ .‬وهو ما له معىن خاص – كاحلرف األصلي ‪ .‬وليس له متعلق – كالزائد – مثل ّرَب ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪4‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫حمّل له ‪ .‬ألن أمساء األفعال ال تضاف ‪ .‬مث سرد احلروف بإسقاط حرف العطف يف بعضها‬
‫وإثباته يف بعضها اآلخر ‪.‬‬

‫َو اْلَك اَف َو اْلَو اَو َو ُر َّب َو الَّتا‬ ‫‪ِ -366‬بالّظاِه ِر اْخ ُصْص ُم ْنُذ ُمْذ َو َح ىَّت‬
‫ُم نَّك رًا َو الَّتاُء هلل َو َر ْب‬ ‫‪َ-367‬و اْخ ُصْص ُمِبْذ َو ُم ْنُذ َو ْقتًا َو ِبُر ْب‬
‫ِم‬
‫َنْز ٌر َك َذ ا َك َه ا َو ْحَنُو ُه َأَتى‬ ‫‪َ -368‬و َم ا َرَو ْو ا ْن ْحَنِو ُر َّبُه َفىَت‬

‫حروف اجلر قسمان ‪:‬‬


‫األول ‪ :‬مشرتك بني االسم الظاهر واملضمر وهو سبعة ( من ‪ ،‬إىل ‪ ،‬عن ‪ ،‬على ‪ ،‬يف ‪،‬‬
‫الالم ‪ ،‬الباء ) ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬خمتص باالسم الظاهر ‪ ،‬وهو سبعة أيضًا ذكرها ابن مالك وهي أربعة أقسام ‪.‬‬
‫األول ‪ :‬ما خيتص بالزمان ‪ .‬وهو ( مذ ‪ ،‬منذ ) تقول ‪ :‬ما رأيته مذ يوم اجلمعة ‪ .‬وما‬
‫رأيته منذ يوِم نا واألول مبعىن ‪ :‬من ‪ .‬والثاين مبعىن ‪ :‬يف ‪ .‬وسيأيت ذلك – إن شاء اهلل –‬
‫يف آخر الباب ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬ما ال خيتص بظاهر بعينه وهو ثالثة ‪ :‬يف ‪ ،‬الكاف ‪ ،‬الواو ‪ ،‬فأما ( يف والكاف )‬
‫فسيأيت الكالم عليهما إن شاء اهلل ‪ .‬وأما الواو فيه خمتصة بالقسم ‪ .‬لكنها ال ختتص‬
‫بظاهر معني ‪ .‬حنو واهلل ألفعلن اخلري ‪ .‬أو والرازق احمليي واملميت ألفعلن اخلري ‪ .‬وال جيوز‬
‫القسم إال بسم من أمساء اهلل تعاىل أو صفة من صفاته ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬ما خيتص جبر النكرة ‪ .‬وهو (رّب ) ‪ .‬وهو حرف جر شبيه بالزائد موضوع‬
‫للتكثري أو التقليل حسب القرينة (‪ )1‬واألول أكثر( ‪ )2‬حنو ‪ُ :‬ر َّب رجٍل عاٍمل لقيت ‪.‬‬
‫‪ - 1‬من جميء ( ُر ّب ) للتقليل قول الشاعر ‪:‬‬
‫أال رّب مولود وليس له أٌب وذي ولٍد مل يْلَد ه أبوان‬
‫والقرينة أنه ال يوجد من هذين الصنفني إال فرد واحد ‪ .‬فاألول هو عيسى والثاين هو آدم عليهما وعلى مجيع األنبياء أفضل الصالة والسالم‬
‫‪ .‬وقوله ( مل يْلَد ه ) بتسكني الالم ختفيفًا وحتريك الدال بالفتح وحقها اجلزم ‪.‬‬
‫‪ - 2‬ومنه قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬يا رب كاسيٍة يف الدنيا عارية يف اآلخر ) أخرجه البخاري ( ‪10 /3‬فتح ) ويف رواية ( فُر ِّب كاسية‬
‫) ‪ .‬فليس املراد أن ذلك قليل بل املراد أن الصنف املتصف هبذا من النساء كثري ‪ .‬وقد نص سيبويه على أن الغالب فيها التكثري يف باب (كم )‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪5‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وال بد أن يأيت بعدها نعت مفرد أو مجلة أو شبهها ‪ ,‬فاملفرد كما مثل ‪ .‬واجلملة حنو ‪:‬‬
‫رب صديٍق الزمك عرفته ‪ .‬وشبه اجلملة ‪ :‬رب صديٍق عندك عرفته ‪.‬‬
‫واإلعراب ‪( :‬رب ) حرف جر شبيه بالزائد ( رجل ٍ ) مفعول ( لقيت) منصوب بفتحة‬
‫مقدرة منع من ظهورها اشتغال احملل حبركة حرف اجلر الشبيه بالزائد عامل ) صفة ‪،‬‬
‫(لقيت) فعل وفاعل ‪.‬‬
‫وجيوز ختفيف الباء كما يف قوله تعاىل ‪ُّ( :‬ر مَب ا يوُّد الذين كفروا لو كانوا مسلمني ) (‬
‫‪ )1‬يف قراءة نافع وعاصم ‪ .‬وشدد الباقون وهي هنا مكفوفة عن العمل بـ ( ما ) الزائدة‬
‫إعرابًا املؤكدة معىن ‪ ،‬كما سيأيت إن شاء اهلل يف آخر الباب ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬ما خيتص بلفظ اجلاللة ‪ ,‬هو ( التاء ) كقوله تعاىل ‪:‬‬
‫(وتاهلل ألكيدن أصنامكم ) ‪ .‬وقد مسع من كالمهم جرها ل( َر ّب ) مضافًا إىل الكعبة‬
‫فقالوا َتَر ِّب الكعبة ‪.‬‬
‫فهذه السبعة املذكورة ‪ ،‬ال جتر إال االسم الظاهر ‪ ,‬وما ورد من جر بعضها للضمري فهو‬
‫شاذ حيفظ وال يقاس عليه ‪.‬‬
‫كقول الشاعر‪:‬‬
‫يورث اجملد دائبًا فأجابوا ( ‪)2‬‬ ‫ُرَبه فتيًة دعوت إىل ما‬
‫وقول اآلخر ‪:‬‬
‫وُأَّم أو عال كها أو أقربا (‪)3‬‬ ‫خلى الذنابات مشاًال كثبًا‬
‫حيث قال ‪ ( :‬واعلم أن ( كم ) ) يف اخلرب ال تعمل إال فيما تعمل فيه ( ُر ّب ) ألن املعىن واحد إال أن (كم ) اسم و(رب ) غري اسم )‬
‫[ الكتاب ‪. ]161 /2‬‬
‫‪ - 1‬سورة احلجر‪ ،‬اآلية ‪.2 :‬‬
‫‪ - 2‬معناه ‪ :‬كثري من الشباب دعوهتم إىل ما يكسبهم الشرف واجملد والكرام ‪ .‬وداومت على دعائهم واجتهدت فيه ‪ .‬فاستجابو ا لذلك ‪.‬‬
‫إعرابه ‪( :‬ربه ) رب ‪ :‬حرف جر شبيه بالزائد ‪ ,‬واهلاء ضمري على الضم وله حمالن ‪ :‬أحدمها جر بُر َّب ‪ .‬والثاين رفع باالبتداء (فتية ) متييز‬
‫( دعوت ) اجلملة يف حمل رفع خرب املبتدأ ( دائبًا ) حال من الضمري يف ( دعوت ) ‪.‬‬
‫‪ -3‬البيت يف وصف محار وحشي ورد املاء فرأى صيادًا ففر منه ‪ ( .‬الذنابات ) اسم موضع و ( أم أوعال ) اسم هضبة (مشاًال ) أي ناحية‬
‫الشمال ( كثبًا ) بفتح الكاف والثاء أي ‪ :‬قريبًا ( كها ) يريد مثل الذنابات يف البعد ‪ .‬فالكاف للتشبيه ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ ( :‬خلى الذنابات ) خلى ‪ :‬فعل ماض مبىن على فتح مقدر للتعذر ‪ .‬وفاعله ضمري مسترت يعود على محار الوحش املوصوف و‬
‫( الذنابات ) مفعول به منصوب (مشاًال) ‪ ،‬ظرف مكان منصوب ( كثبًا ) صفة له ‪( .‬كها ) الكاف حرف جر و( ها ) مبين على السكون يف‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪6‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫وإىل ما تقدم أشار ابن مالك بقوله ‪ ( :‬بالظاهر اخصص منذ مذ ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬اخصص‬
‫باالسم الظاهر هذه احلروف السبعة ‪ .‬واخصص بـ ( مذ ومنذ ) أمساء الزمان ‪ .‬وبـ ( رب‬
‫) النكرة ‪ .‬والتاء خمتصة بالقسم وجتر لفظ اجلاللة وكلمة (َر ّب ) على النحو املتقدم ‪.‬‬
‫وما رواه النحاة من جر (ُر َّب ) لضمري الغيبة ‪ .‬أو جر الكاف هلذا الضمري فهو ( نزر )‬
‫أي شاذ ‪ .‬وقد أشار الناظم إىل البيتني املذكورين ‪.‬‬

‫َمِبْن َو َقْد َتْأيِت ِلَبْد ِء اَألْز ِم َنْة‬ ‫‪َ -369‬بِّعْض َو َبنِّي واْبَتِدْئ يِف اَألْم ِكَنْة‬
‫ِل ِم‬ ‫ِك‬ ‫ِش ِه ِه‬
‫َن َر ًة َك َم ا َباٍغ ْن َم َف ْر‬ ‫‪َ -370‬و ِز يَد يِف َنفٍي َو ْب َفَجْر‬

‫شرع الناظم – رمحه اهلل – يف الكالم على حروف اجلر اليت يكثر استعماهلا وذكر بعض‬
‫املعاين القياسية لكل واحد منهما (‪. )1‬‬
‫فاألول ‪ِ :‬م ْن ‪ :‬وذكر هلا مخسة معاين وهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬التبعيض ‪ :‬أي الداللة على البعضية ‪ .‬وعالمتها أن يصح حذفها ووقوع كلمة‬
‫( بعض ) موقعها وأن يعم ما قبلها ما بعدها إذا حذفت حنو ‪ :‬أخذت من‬
‫الدراهم ‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬ومن الناس من يقول آمنأ باهلل ) أي ‪ :‬بعض الناس وهم‬
‫املنافقون ‪ :‬وقال تعاىل ‪ ( :‬لن تنالوا الرب حىت تنفقوا مما حتبون ) (‪)2‬‬

‫حمل جر ‪ ،‬واجلار واجملرور متعلق مبحذوف حال من ( أم أوعال ) وجيوز رفع ‪ 0‬أم ) على االبتداء وخربه ( كها ) ( أو أقربا) معطوف على‬
‫اهلاء من (كها ) ‪.‬‬
‫‪ - 1‬جرى ابن مالك – رمحه اهلل – على رأي الكوفيني وبعض املتأخرين القائلني إن حروف اجلر قد ينوب بعضها عن بعض يف تأدية معانيها‬
‫إذا كان سياق صاحلًا لذلك ‪ .‬ويرى البصريون أن حرف اجلر له معىن واحد أصلي يؤديه ‪ .‬فاحلرف (من ) لالبتداء و (يف ) للظرفية ‪ ،‬و ( على‬
‫) لالستعالء ‪....‬وهكذا ‪ ،‬وال يدل على معىن آخر إال بطريق اجملاز ‪ ،‬أو أن العامل ضمن معىن عامل آخر يتعدي بذلك احلرف ‪ .‬ألن التجوز‬
‫يف الفعل أسهل منه يف احلرف ‪ ،‬راجع ‪ :‬املغين (‪ )861‬حاشية الصبان (‪ )2/210‬مهع اهلوامع ( ‪ )4/215‬النحو الوايف ( ‪ . ) 2/537‬ويف‬
‫جملة اجملمع العلمي العراقي مج ‪ 32‬ج ‪4 ، 3‬ص ‪ . 149‬مقال حول هذا املوضوع ‪.‬‬
‫‪ - 2‬سورة األعراف ‪ ،‬آية ‪. 92 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪7‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -2‬بيان اجلنس ‪ .‬ويكثر وقوعها بعد ( ما ) و ( مهما ) إلفراط إهبامهما كقوله تعاىل‬
‫( ما يفتح اهلل للناس من رمحة فال ممسك هلا )( ‪ ، )1‬وقوله تعاىل ‪ ( :‬مهما تأتنا به‬
‫من ءاية )( ‪ )2‬وقد تقع بعد غريمها كقوله تعاىل‪ (:‬فاجتنبوا الرجس من األوثان )(‬
‫‪ )3‬وقوله تعاىل ‪ ( :‬ويلبسون ثيابًا خضرًا من سندن وإستربق) (‪. )4‬‬
‫وعالمتها ‪ :‬صحة وقوع املوصول موقعها مع ضمري يعود على ما قبلها إن بّينت معرفة‬
‫كقوله تعاىل ‪ ( :‬فاجتنبوا الرجس من األوثان ) (‪ )5‬أي الذي هو األوثان ألن الرجس عام‬
‫يشمل األوثان قال تعاىل ‪ ( :‬ويلبسون ثيابًا خضرًا من سندس وإستربق ) (‪ ) 6‬أي ‪ :‬هي‬
‫سندس وإستربق ‪.‬‬
‫‪ -3‬ابتداء الغاية ‪ .‬يف األمكنة كثريًا ‪ ،‬ويف األزمنة أحيانًا على الصحيح ‪ ،‬وهذا املعىن هو‬
‫الغالب عليها ‪ .‬وذلك إذا كان الفعل املتعدي هبا شيئًا ممتدًا كالسري واملشي وحنومها ‪.‬‬
‫ويكون اجملرور بـ ( من ) هو الشيء الذي منه ابتدأ الفعل حنو ‪ :‬سرت من مكة إىل املدينة‬
‫‪ .‬قال تعاىل ك ( سبحان الذي أسرى بعبده ليًال من املسجد احلرام إىل املسجد األقصا ) ‪.‬‬
‫وقد يكون الفعل املتعدي هبا أصًال للشيء املمتد حنو ‪ :‬خرجت من الدار ‪ .‬ألن اخلروج‬
‫ليس شيئًا ممتدًا ‪ .‬ومن جميئها البتداء الغاية الزمانية قول أنس _ رضي اهلل عنه – (فمطرنا‬
‫من اجلمعة إىل اجلمعة ) (‪. )7‬‬
‫‪ -4‬التوكيد ‪.‬‬
‫وذلك إذا كانت زائدة ‪ .‬ويشرتط لزيادهتا شرطان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أن يكون اجملرور هبا نكرة ‪.‬‬
‫‪ - 1‬سورة فاطر ‪ ،‬آية ‪. 2‬‬
‫‪ - 2‬سورة األعراف ‪ .‬آية ‪. 132 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة احلج ‪ ،‬آية ‪. 30 :‬‬
‫‪ - 4‬سورة الكهف ‪ ،‬آية ‪. 31 :‬‬
‫‪ - 5‬سورة احلج ‪ ،‬آية ‪.30‬‬
‫‪ - 6‬سورة الكهف ‪ ،‬آية ‪. 31 :‬‬
‫‪ - 7‬أخرجه البخاري ( ‪2/509‬فتح ) ومسلم رقم ‪ 897‬وانظر ‪ :‬شواهد التوضيح والتصحيح البن مالك ص ‪ . 129‬حتقيق ‪ :‬حممد فؤاد عبد‬
‫الباقي ‪,‬وهناك مقال جيد يف التنبيه على ما يف حتقيق هذا الكتاب من وهم وحتريف يف جملة اجملمع العلمي العراقي ج ‪ 3-2‬مج ‪ 33‬ص ‪. 537‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪8‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫الثاين ‪ :‬أن يسبقها نفي أو هني أو استفهام ‪ .‬حنو ‪ :‬ما حضر من أحد ‪.‬‬
‫قال تعاىل ‪ ( :‬ما تسبق من أمة أجلها ) فـ ( من ) حرف جر زائد للتوكيد (أمة ) فاعل‬
‫مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال احملل حبركة حرف اجلر الزائد (أجلها )‬
‫مفعول به ‪ .‬و( ها ) مضاف إليه ‪ .‬ومثال النهي ‪ :‬ال تضرب من طالب ‪ .‬ومثال االستفهام‬
‫‪ :‬هل حضر من أحد ؟‬
‫قال تعاىل ‪ ( :‬فارجع البصر هل ترى من فطور ) (‪ )1‬فـ ( فطور ) مفعول ( ترى )‬
‫زيدت فيه (من ) للتوكيد ‪ .‬ومعىن ( فطور ) تشقق أو تصدع ‪.‬‬
‫أن تكون مبعىن ( بدل ) ‪ :‬حبيث يصح أن حتل هذه الكلمة حملها ‪ ،‬كقوله تعاىل‬ ‫‪-5‬‬
‫‪( :‬أرضيتم باحلياة الدنيا من احلياة اآلخرة ) (‪ )2‬وقوله تعاىل ( ولو نشاء جلعلنا منكم‬
‫مالئكة يف األرض خيلفون ) ( ‪ )3‬أي ‪ :‬بدلكم ‪.‬‬
‫وإىل األربعة املعاين األول أشار بقوله ‪ ( :‬بّعض ‪ ،‬وبنّي ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن ( من ) تأيت‬
‫للتبعيض ‪ ،‬ولبيان اجلنس ‪ ،‬وابتداء الغاية يف األمكنة كثريًا ‪ ،‬ويف األزمنة قليًال ‪ .‬وزائدة‬
‫بعد نفي وشبهه – وهو النهي واالستفهام – مع جر النكرة ومثاله ‪ ( :‬ما لباغ من مفر )‬
‫فـ ( من ) زائدة ( مفر ) مبتدأ مؤخر ‪ .‬و ( لباغ ) خرب مقدم ‪ .‬وأما املعىن اخلامس‬
‫فسيذكره بعد ‪.‬‬

‫َو ِم ْن َو َباٌء ُيْف ِه َم اِن َبدَال‬ ‫‪ِ -371‬لِال ْنِتَه ا َح ىَّت َو اَل ُم َو إىَل‬
‫َتْع ِد َيٍة َأْيضًا َو َتْع ِليٍل ُقِف ي‬ ‫‪َ -372‬و اّلالُم ِلْلِم ْلِك َو ِش ْبِه ِه َو يِف‬
‫َو يَف َو َقْد ُيَبِّيَناِن الَّس َبَبا‬ ‫‪َ -373‬و ِز يَد َو الَّظْر ِفَّيَة اْس َتْنِب ِببا‬
‫ِم ْث َمْع ِم ْن َعْن َبَه ا اْنِط ِق‬ ‫‪ِ-374‬باْلَبا اْس َتِعْن َعِّد َعِّو ْض أْلِص ِق‬
‫َو َل َو َو‬ ‫َو‬

‫‪ - 1‬سورة امللك ‪ ،‬آية ‪. 3 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة التوبة ‪ ،‬آية ‪. 38 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة الزخرف ‪ ،‬آية ‪. 60 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪9‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫من حروف اجلر ‪:‬‬
‫الثاين ‪ :‬حىت ‪ ،‬وهي حرف جر أصلي ‪ .‬وهي على ضربني ‪:‬‬
‫‪ -1‬جارة للمفرد الصريح ‪ .‬وهذه معناها الداللة على انتهاء الغاية ‪ .‬وهلذا تسمى‬
‫(حىت الغائية ) ‪ .‬وهي ال جتر إال اآلِخ ر ‪ .‬أو املتصل باآلخر ‪ .‬فاملتصل باآلخر‬
‫كقوله تعاىل ‪ ( :‬سالم هي حىت مطلع الفجر ) (‪ . )1‬فـ(حىت) حرف جر ‪،‬‬
‫( مطلع ) اسم جمرور بـ ( حىت ) ‪ ( ،‬الفجر ) مضاف إليه ‪ ،‬واجلار واجملرور‬
‫متعلق بـ ( سالم ) ‪.‬‬
‫ومثال جر اآلخر ‪ :‬أكلت السمكة حىت رأِس ها ‪.‬‬
‫‪ -2‬جارة لـ ( أن ) املصدرية ومدخوهلا ‪ .‬وهذه تكون غائية – كالنوع األول –‬
‫وعالمتها صحة وقوع ( إىل أن ) موقعها من غري فساد املعىن حنو ‪ :‬أتابُع احملاضر‬
‫حىت تنتهَي حماضرته ‪ .‬فـ ( حىت ) حرف جر ‪ ( .‬تنتهي ) فعل مضارع منصوب بـ‬
‫( أن مضمرة وجوبًا بعد ( حىت ) و ( أن ) وما دخلت عليه يف تأويل مصدر‬
‫جمرور بـ ( حىت ) ‪.‬‬
‫وتكون تعليلية إذا كان ما قبلها علة ملا بعدها حنو ‪ :‬هّذ ب أوالدك حىت تستفيَد منهم ‪.‬‬
‫وتكون استثنائية – وهذا قليل – وهي مبعىن (لكن ) وذلك إن مل يصلح أحد املعنيني‬
‫السابقني حنو ‪ :‬ال ينتفع األب من أوالده حىت يربيهم ‪ ،‬مبعىن ‪ :‬إال أن يربيهم ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬الالم ‪ :‬وهو حرف جر يكون أصلّيًا وقد يكون زائدًا وله معان كثرية منها ‪.‬‬
‫‪ -1‬انتهاء الغاية ‪ :‬فتكون مثل ( إىل ) كما سيأيت إن شاء اهلل ‪ .‬وهذا املعىن قليل ومنه‬
‫قوله تعاىل ‪ ( :‬كل جيري ألجل مسمى )(‪. )2‬‬
‫‪ -2‬امللك ‪ :‬وتقع – غالبًا – بني ذاتني الثانية منهما متلك ‪ .‬وهذا هو أكثر معانيها‬
‫حنو ‪ :‬الكتاب خلالد قال تعاىل (هلل ملك السموات واألرض ) (‪. )3‬‬

‫‪ - 1‬سورة القدر ‪ ،‬آية ‪ ( . 5 :‬سالم ) ‪ :‬خرب مقدم (هي ) مبتدأ مؤخر ‪.‬‬
‫‪ - 2‬سورة الرعد ‪ ،‬آية ‪. 2 ،‬‬
‫‪ - 3‬سورة املائدة ‪ ،‬آية ‪. 120 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪10‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -3‬شبه امللك ‪ .‬ويعرب عنه باالختصاص ‪ .‬وهو أن يكون مدخول الالم ال ميلك حنو‬
‫‪ :‬الباب للدار ‪.‬‬
‫‪ -4‬التعدية إىل املفعول به ‪ :‬فيكون ما بعدها يف حكم املفعول به معًىن وإن كان‬
‫جمرورًا حنو ‪ .‬ما أحَّب طالَب العلم للطباعة اجليدة من الكتب ‪.‬‬
‫‪ -5‬التعليل ‪ :‬إذا كان ما بعدها علة ملا قبلها حنو ‪ :‬طلب العلم ضروري لرفع اجلهل‬
‫‪ .‬وهذه املعاين اخلمسة ذكرها ابن مالك – رمحه اهلل ‪. -‬‬
‫‪ -6‬التوكيد ملعىن اجلملة بتمامها ‪ :‬وتكون زائدة وتكثر زيادهتا بني الفعل ومفعوله‬
‫كقول الشاعر ‪:‬‬

‫ملكًا أجار ملسلٍم ومعاهد (‪)1‬‬ ‫وملكت ما بني العراق ويثرٍب‬

‫فزاد الالم يف (ِلمسلٍم ) جملرد التوكيد ‪ .‬وذلك ألن الفعل ( أجار ) يتعدي بنفسه ‪ .‬وقد‬
‫تقدم على معموله فليس حباجة إىل الالم ‪.‬‬
‫‪ -7‬تقوية العامل الذي َض ُعَف عن العمل بأحد سببني ‪ :‬أحدمها ‪ :‬أن يقع العامل‬
‫متأخرًا ‪ .‬كقوله تعاىل ‪ِ ( :‬إْن ُك ْنُتْم ِللُّرْؤ يا َتْع ُبُر وَن ) (‪ )2‬وقوله تعاىل ‪ ( :‬للذين‬
‫هم لرهبم يرهبون )(‪.)3‬واألصل ‪ :‬إن كنتم تعربون الرؤيا‪:‬للذين هم يرهبون‬
‫رهبم‪.‬‬

‫‪ -- 1‬املمدوح عبد الواحد بن سليمان بن عبد امللك بن مروان ‪ ( .‬يثرب ) االسم القدمي للمدينة النبوية ‪ ،‬فغريه النيب صلى اهلل عليه وسلم‬
‫فقال ‪ ( :‬يقولون يثرب وهي املدينة ) متفق عليه ( ومعاهد ) يضم امليم وفتح اهلاء اسم مفعول ‪ .‬وهو اسم لكل من يدخل بالد املسلمني بعهد‬
‫من إمامهم ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ ( :‬ملكت ) فعل فاعل ( ما ) اسم موصول يف حمل نصب مفعول به ( بني ) ظرف مكان منصوب متعلق مبحذوف صلة الصلة ( العراق‬
‫) مضاف إليه جمرور بالكسرة ( ويثرب ) معطوف على اجملرور ‪ .‬جمرور بالكسرة الظاهرة للوزن ‪ ،‬وكان حقه املنع من الصرف للعلمية‬
‫والـتأنيث املعنوي كما يف قوله تعاىل ‪ ( :‬وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب ال مقام لكم فارجعوا ) ‪ ( .‬ملكا) مفعول مطلق منصوب‬
‫( أجار ) فعل ماض وفاعله ضمري مسترت يعود على ( ملك ) واجلملة صفة مللك ( ملسلم ) مفعول أجار على زيادة الالم ‪ .‬منصوب بفتحة‬
‫مقدرة منع من ظهورها اشتغال احملل حبركة حر اجلر الزائد ‪ ( .‬ومعاهد ) معطوف على ( مسلم ) باعتبار لفظه جمرور بالكسرة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬سورة يوسف ‪ ،‬آية ‪. 43 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة األعراف ‪ :‬آية ‪. 154 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪11‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وثانيهما ‪ :‬أن يكون العامل فرعًا يف العمل ‪ .‬إما لكونه مصدرًا حنو ‪ :‬ساءين َض ْر ُب علٍّي‬
‫خلالد ‪ .‬أو اسم فاعل كقوله تعاىل ‪ ( :‬مصدقًا ملا معهم ) أو صيغة املبالغة كقوله تعاىل ‪:‬‬
‫( فعال ملا يريد) واجتمع السببان يف قوله تعاىل ‪ ( :‬وكنا حلكمهم شاهدين ) (‪)1‬‬
‫الرابع ‪ :‬إىل ‪ .‬وهو حرف أصلي ‪ .‬ومن أشهر معانيه ‪ :‬انتهاء الغاية ‪ .‬مكانية أو زمانية ‪.‬‬
‫كقوله تعاىل ‪ ( :‬من املسجد احلرام إىل املسجد األقصا )( ‪ )2‬وقوله تعلى ( مث أمتوا الصيام‬
‫إىل اليل ) (‪. )3‬‬
‫واملراد بانتهاء الغاية ‪ :‬أن املعىن قبلها ينقطع وينتهي بوصوله إىل اجملرور بعدها ‪.‬‬
‫اخلامس ‪ :‬الباء ‪ .‬وهو حرف جر يقع أصلّيًا وزائدًا ‪ .‬وله معان كثرية منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون مبعىن ( بدل ) حبيث يصح وقوع هذه الكلمة موقعها دون أن يتغري‬
‫املعىن كقوله تعاىل ‪ ( :‬وبدلنهم جبنتيهم جنتني ذواتى أكل مخط ) وكقول أحد‬
‫الصحابة رضي اهلل عنهم وهو عمرو بن تغلب ‪ ( :‬فواهلل ما أحّب أن يل بكلمة‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم محر النعم ) (‪ )4‬أي ‪ :‬بدهلا ‪.‬‬
‫‪ -2‬الظرفية ‪ :‬وعالمتها أن حيسن وقوع كلمة ( يف ) موقعها كقوله تعاىل ‪ ( :‬ولقد‬
‫نصركم اهلل ببدر ) (‪ )5‬وهذا مثال الظرف املكاين ‪ ،‬وقد قال تعاىل ( جنيناهم‬
‫بسحر ) (‪ )6‬وهذا مثال الظرف الزماين ‪ .‬وكقوله تعاىل ‪ ( :‬وباألسحار هم‬
‫يستغفرون )( ‪. )7‬‬
‫‪ -3‬السببية ‪ .‬بأن يكون ما بعدها سببًا ملا قبلها كقوله تعاىل ‪ ( :‬إنكم ظلمتم‬
‫أنفسهم باختاذكم العجل ) ( ‪. )8‬‬

‫‪ - 1‬سورة األنبياء ‪ ،‬آية ‪. 78 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 187 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة سبأ ‪ ،‬آية ‪. 16 :‬‬
‫‪ - 4‬أخرجه البخاري ‪ .‬انظر ‪ :‬فتح البارئ ( ‪. ) 403 /2‬‬
‫‪ - 5‬سورة آل عمران ‪ ،‬آية ‪. 123 :‬‬
‫‪ - 6‬سورة القمر ‪ ،‬آية ‪. 34 :‬‬
‫‪ - 7‬سورة الذاريات ‪ ،‬آية ‪. 18 :‬‬
‫‪ - 8‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 54 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪12‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -4‬االستعانة ‪ .‬وذلك بأن يكون ما بعدها هو اآللة حلصول املعىن الذي قبلها كقوله‬
‫تعاىل ‪َ ( :‬و ال َطاِئٍر َيِط ُري َجِبَناَح ْيِه ) (‪ . )1‬ومنه يف أشهر الوجهني ‪ ( :‬بسم اهلل‬
‫الرمحن الرحيم )ألن الفعل ال يتأتى على الوجه األكمل إال هبا (‪. )2‬‬
‫‪ -5‬التعدية ‪ .‬وهي اليت يستعان هبا غالبًا يف تعدية الفعل إىل مفعوله كما ُتعّد يه مهزة‬
‫النقل ‪ .‬وأكثر ما تعدي الفعل الالزم ‪ .‬كقوله تعاىل ‪ ( :‬ولو شاء اهلل لذهب‬
‫بسمعهم ) (‪ )3‬أي ‪ :‬أذهب ‪ .‬وقد تأيت مع الفعل املتعدي كقوله تعاىل ‪ ( :‬ولو ال‬
‫دفع اِهلل الناس بعضهم ببعض ) (‪ )4‬فالباء يف ( ببعض ) متعلقة باملصدر ‪ .‬وهي‬
‫لتعدية املصدر إىل مفعوله الثاين ‪ .‬ألن ( دفع ) يتعدى لواحد مث عدي إىل ثان ‪:‬‬
‫بالباء ‪.‬‬
‫‪ -6‬العوض ‪ .‬وهي الداخلة على األعواض واألمثان حّس ًا أو معىن حنو ‪ :‬اشرتيت‬
‫الكتاب بعشرة ‪ .‬وقابلت إحسانه بالشكر والدعاء ‪ .‬وتسمى ( باء املقابلة ) ‪.‬‬
‫والعوض غري البدل ‪ .‬فإن العوض دفع شيء يف مقابلة آخر ‪ .‬أما البدل فهو‬
‫اختيار أحد الشيئني وتفضيله على اآلخر من غري مقابلة بني اجلانبني ‪ .‬ومن‬
‫أمثلتها قوله تعاىل‪(:‬إن اهلل اشرتى من املؤمنني أنفسهم وأمواهلم بأن هلم اجلنة)( ‪)5‬‬
‫‪ -7‬اإللصاق ‪ :‬وهذا املعىن هو أصل معانيها ‪ .‬وهو مطلق التعلق ‪ .‬وهو نوعان ‪:‬‬
‫‪ -1‬إلصاق حسي أو حقيقي ‪ :‬إذا كان مفضيًا إىل اجملرور نفسه حنو ‪:‬‬
‫أمسكت باللّص ‪ .‬إذا قبضت على شيء من جسمه ‪ .‬أو على ما حيبسه‬
‫من يد أو ثوب وحنوه ‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬وامسحوا برؤوسكم ) (‪ )6‬فالباء‬

‫‪ - 1‬سورة األنعام ‪ ،‬آية ‪. 38 :‬‬


‫‪ - 2‬والوجه الثاين أن الباء للمصاحبة انظر تفسري اآللوسي ( ‪. ) 47 /1‬‬
‫‪ - 3‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 20 :‬‬
‫‪ - 4‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 251 :‬‬
‫‪ - 5‬سورة التوبة ‪ ،‬آية ‪. 111 :‬‬
‫‪ - 6‬سورة املائدة ‪ ،‬آية ‪. 6 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪13‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫لإللصاق ‪ .‬ألن املاسح يلصق يده باملمسوح ‪ .‬وقوله سبحانه يف التيمم‬
‫‪ ( :‬فامسحوا بوجوهكم )( ‪ ) 1‬مثله ‪.‬‬
‫‪ -2‬إلصاق معنوي أو جمازي ‪ ,‬إذا كان مفضيًا إىل ما يقرب من اجملرور حنو‬
‫‪ :‬طفت بالكعبة ‪.‬‬
‫‪ -8‬مبعىن ( مع ) وهي باء املصاحبة ‪ .‬حنو ‪ :‬بعتك املنزل بأثاثه ‪ .‬ومنه قوله تعاىل ‪( :‬‬
‫قيل يا نوح اهبط بسالم منا ) (‪ )2‬أي مع سالم ‪ .‬وقوله تعاىل ‪ ( :‬وإذا جاءوكم‬
‫قالوا ءامّنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به ) (‪ )3‬أي وقد دخلوا مع الكفر‬
‫وهم قد خرجوا معه ‪ .‬إذ ال يراد أهنم دخلوا حيملون شيئًا وخرجوا حيملونه ‪،‬‬
‫وإمنا يريد أهنم دخلوا كافرين وخرجوا كافرين ‪ .‬وقوله تعاىل ‪ ( :‬فسبح حبمد‬
‫ربك ) (‪ )4‬أي ‪ :‬مصاحبًا محد ربك ‪.‬‬
‫‪ -9‬مبعىن (من ) فتفيد التبعيض ‪ .‬كقوله تعاىل ‪ ( :‬عينًا يشرب هبا عباد اهلل ) (‪)5‬‬
‫أي ‪ :‬منها ‪ .‬وقوله تعاىل ‪ ( :‬وامسحوا برءوسكم ) (‪ )6‬أي ببعض رءوسكم ‪.‬‬
‫واألظهر ما تقدم من أهنا لإللصاق ‪ .‬وليست للتبعيض قال ابن جين ‪ ( :‬أهل اللغة‬
‫ال يعرفون هذا املعىن بل يورده الفقهاء )( ‪. )7‬‬
‫‪ -10‬مبعىن ( عن ) فتفيد اجملاوزة ‪ .‬ومنه قوله تعاىل ‪ ( :‬سأل سائل بعذاب واقع )‬
‫(‪ . )8‬أي عن عذاب واقع ‪ .‬وقال تعاىل ‪ ( :‬يسعى نورهم بني أيديهم وبأمياهنم )‬
‫(‪ . )9‬أي عن أمياهنم ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة النساء ‪ ،‬آية ‪. 43 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة هود ‪ ،‬آية ‪. 48 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة املائدة ‪ ،‬آية ‪. 61‬‬
‫‪ - 4‬سورة احلجر ‪ ،‬آية ‪. 98 ،‬‬
‫‪ - 5‬سورة اإلنسان ‪ :‬آية ‪. 6 :‬‬
‫‪ - 6‬سورة املائدة ‪ ،‬آية ‪.6 :‬‬
‫‪ - 7‬انظر حاشية الّصّبان ( ‪ )221 /2‬والتبيان للعكربي ( ‪ )422 /1‬ودراسات ألسلوب القرآن الكرمي ( ‪. ) 27 /2 /1‬‬
‫‪ - 8‬سورة املعارج ‪ ،‬آية ‪. 1 :‬‬
‫‪ - 9‬سورة احلديد ‪ ،‬آية ‪. 12 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪14‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫السادس ‪ ( :‬يف ) وأشهر معانيها ‪ :‬الظرفية حسية ‪ ،‬حنو ‪ :‬الطالب يف الفصل ‪ ،‬وكقوله‬
‫تعاىل ‪: ( :‬إن املتقني يف جنات وعيون ) (‪ ، )1‬ومعنوية حنو ‪ :‬العُّز يف طاعة اهلل ‪ ،‬وكقوله‬
‫تعاىل ‪ ( :‬ولكم يف القصاص حياة ) (‪ )2‬وتأيت للسببية كقوله تعاىل ‪ ( :‬كتب عليكم‬
‫القصاص يف القتلى ) (‪ ، )3‬وكقوله صلى اهلل عليه وسلم ( عذبت امرأة يف هرة ‪. )4 ()..‬‬
‫وإىل هذه األحرف اخلمسة أشار بقوله ( لالنتها حىت والم وإىل ‪ ..‬إخل ) أي أن ( حىت‬
‫والالم وإىل ) تدل على انتهاء الغاية ‪ .‬و (من ) و(الباء ) يشرتكان يف معىن واحد وهو‬
‫البدل ‪ .‬مث ذكر أن الالم تفيد معىن امللك وشبهه وتأيت للتعدية والتعليل ‪ .‬ومعىن ( وتعليل‬
‫ُقفي ) بضم القاف ‪ُ :‬نسب وُعرف مث ذكر أن الالم تأيت زائدة ‪ .‬مث قال ‪ ( :‬والظرفية استنب‬
‫ببا ويف ) أي اجعل الظرفية واضحة بالباء ألهنا من معانيها ومعاين ( يف ) ( وقد يبينان‬
‫السببا ) أي يشرتكان يف معىن السببية ‪ .‬واأللف لإلطالق ‪ .‬مث سرد معاين الباء وهي‬
‫االستعانة والتعدية والتعويض واإللصاق ‪ .‬ومبعىن (مع ) أي للمصاحبة ‪.‬ومبعىن (من ) أي‬
‫التبعيض ‪ .‬ومبعىن ( عن ) أي ‪ :‬اجملاوزة ‪ .‬ويأيت تعريفها قريبًا إن شاء اهلل ‪.‬‬

‫***‬

‫ِلِال ِت‬
‫َبَعْن َجَتاُو زَا َعىَن َمْن َقْد َفَطْن‬ ‫‪َ -375‬عَلى ْس ْع اَل َو َم ْع ىَن يِف َو َعْن‬
‫َك َم ا َعَلى َمْو ِض َع َعْن َقْد ُج ِعاَل‬ ‫‪َ -376‬و َقْد َجَتي َمْو ِض َع َبْع ٍد َو َعَلى‬

‫من حروف اجلر ‪:‬‬


‫السابع ‪ :‬على ‪ .‬وهو حرف جر أصلي وله معان منها ‪:‬‬

‫‪ - 1‬سورة احلجر ‪ ،‬آية ‪. 45 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 179 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 178‬‬
‫‪ - 4‬متفق عليه ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪15‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -1‬االستعالء ‪ .‬وهو أكثر معانيها ‪ .‬حسّيًا كان حنو ‪ :‬خالد على السيارة قال تعاىل ‪:‬‬
‫( وعليها وعلى الفلك حتملون ) (‪ . )1‬أو معنويًا حنو ‪ :‬عليه دين قال تعاىل ‪( :‬تلك‬
‫الرسل فضلنا بعضهم على بعض ) ( ‪)2‬‬
‫أما حنو ‪ :‬توكلت على اهلل ‪ .‬فليس من هذا املعىن ‪ ،‬ألن اهلل ال يعلو عليه شيء ال حسّيًا‬
‫وال معنويًا ‪ .‬وإمنا ذلك من باب اإلضافة واإلسناد أي أضفت توكلي واعتمادي إىل اهلل‬
‫سبحانه وتعاىل ‪ .‬وأسندهتما إليه ‪.‬‬
‫‪ -2‬معىن ( يف ) وهو الظرفية ‪ .‬وذلك إذا دخلت على الظروف غالبًا كقوله تعاىل ‪:‬‬
‫( ودخل املدينة على حني غفلة من أهلها ) (‪) 3‬‬
‫‪ -3‬معىن ( عن ) وهو اجملاورة ‪ .‬حنو ‪:‬إذا رضي علّي األبرار غضب علّي األشرار ‪ :‬أي‪:‬‬
‫رضي عين ‪ .‬قال الشاعر ‪:‬‬

‫لعمر اهلل أعجبين رضاها (‪) 4‬‬ ‫إذا رضيت علي بنو ُقَش ٍِرْي‬

‫وإمنا كانت مبعىن ( عن ) ألن األصل يف الفعل ( رضي ) أن يتعدى بـ ( عن ) ال بـ ( على‬


‫) قال تعاىل ‪ ( :‬رضي اهلل عنهم ورضوا عنه ) (‪. )5‬‬
‫الثامن ‪ :‬عن ‪ :‬وهو حرف جر أصلي ‪ :‬وله معان منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬اجملاوزة ‪ :‬وهي أشهر معانيها ‪ .‬ومعاهنا ‪ :‬ابتعاد شيء مذكور أو غري مذكور‬
‫عما بعد حرف اجلر بسبب شيء قبله ‪ .‬فاألول حنو ‪ :‬انصرفت عن قرناء السوء‬
‫‪ .‬أي جاوزهتم وتركتهم ‪ .‬والثاين حنو ‪ :‬مسعت حديثًا عن أيب هريرة رضي اهلل‬
‫عنه ‪ .‬أي جاوزته املؤاخذة بسبب الرضا ‪ .‬وهذه جماوزة حقيقية ‪ .‬وقد تكون‬

‫‪ - 1‬سورة املؤمنون ‪ ،‬آية ‪. 22 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة البقرة ‪ :‬آية ‪. 253 :‬‬
‫‪ 0 3‬سورة القصص ‪ ،‬آية ‪. 15 :‬‬
‫‪ - 4‬إعرابه ‪ ( :‬إذا ) ظرف للزمان املستقبل تضمن معىن الشرط ‪ .‬خافض لشرطه منصوب جبوابه ومجلة ( رضيت ) يف حمل جر بإضافة ( إذا )‬
‫إليها ‪ ( .‬لعمر اهلل ) الالم لالبتداء ( عمر ) مبتدأ وخربه حمذوف وجوبًا تقديره ‪ :‬قسمي ‪ .‬ومجلة ( أعجبين ) ال حمل هلا جواب ( إذا ) ‪.‬‬
‫‪ - 5‬سورة املائدة ‪ :‬آية ‪. 119 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪16‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫جمازية حنو ‪ :‬أخذت الفقه عن فالن ‪ .‬كأنه _ ملا علمُت ما يعلمه – قد جاوزه‬
‫العلم بسبب األخذ عنه ‪.‬‬
‫‪ -2‬مبعىن ( بعد ) كقوله تعاىل ‪ ( :‬قال عّم ا قليل ليصبحن نادمني ) (‪ . )1‬أي بعد‬
‫قليل ‪ ،‬وقوله تعاىل ‪ ( :‬حيرفون الكلم عن مواضعه ) (‪ . )2‬بدليل ( من بعد‬
‫مواضعه ) (‪. )3‬‬
‫‪ -3‬مبعىن ( على ) وهو االستعالء ‪ .‬كقوله تعاىل ‪ ( :‬فإمنا يبخل عن نفسه )( ‪)4‬‬
‫أي على نفسه ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬على لالستعال ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن ( على ) تكون لالستعالء‬
‫وُقصر قوله ( لالستعال) للضرورة ‪ .‬وتكون للظرفية مبعىن ( يف ) وللمجاوزة مبعىن (‬
‫عن ) اليت تؤدي هذا املعىن نفسه إذا قصده من فطن له ‪ .‬مث بني أن ( عن ) قد‬
‫تكون مبعىن ( بعد ) ومبعىن ( على ) املفيدة لالستعالء كما أن (على ) تكون مبعىن‬
‫( عن ) املفيدة للمجاوزة ‪.‬‬

‫****‬
‫ِل ٍد‬ ‫َش ِّبْه ِبَك اٍف َو َهِبا الَّتْع ِليُل َقْد‬
‫ُيْع ىَن َو َز اِئدًا َتْو ِكي َو َر ْد‬ ‫‪-377‬‬

‫التاسع من حروف اجلر ‪ :‬الكاف ‪ .‬وهو حرف يقع أصلّيًا وزائدًا ‪ .‬ومن معانيه ‪:‬‬
‫‪ -1‬التشبيه ‪ :‬وهو أكثر معانيه استعماًال ‪ ،‬والتشبيه ‪ :‬عقد مماثلة بني شيئني‬
‫الشرتاكهما يف صفة أو أكثر ‪ .‬قال تعاىل ‪( :‬وهي جتري هبم يف موج كاجلبال )‬
‫(‪ )5‬أي يف االرتفاع ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة املؤمنون ‪ :‬آية ‪. 40 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة املائدة ‪ :‬آية ‪. 13 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة املائدة ‪ ،‬آية ‪. 41‬‬
‫‪ - 4‬سورة حممد ‪ ،‬آية ‪. 38 :‬‬
‫‪ - 5‬سورة هود ‪ ،‬آية ‪. 42 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪17‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -2‬التعليل ‪ :‬كقوله تعاىل ‪( :‬واذكروه كما هداكم ) (‪ )1‬أي هلدايته إياكم ‪ .‬و(ما‬
‫) مصدرية ‪ .‬وكقولنا يف التشهد ( كما صليت على إبراهيم ) على أحد القولني‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪ -3‬التوكيد وخيتص بالزائدة ‪ :‬كقوله تعاىل ‪ ( :‬ليس كمثله شيء ) (‪ . )3‬على رأي‬
‫من يقول بأهنا زائدة ‪ .‬لتوكيد نفي املثل لئال يلزم إثبات املثل هلل تعاىل لو قيل‬
‫بعدم زيادهتا إذ يصري املعىن ‪ :‬ليس مثَل مثِله شيء ‪ .‬والقول الثاين أهنا غري زائدة‬
‫ألن العرب تطلق املثل وتريد به الذات حنو ‪ :‬مثلي ال يفعل كذا أي ‪ :‬أنا ال‬
‫أفعل كذا ‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬وشهد شاهد من بين إسرائيل على مثله ) (‪ . )4‬أي‬
‫على القرآن ‪ .‬فيكون معىن اآلية ‪ .‬ليس مثل ذات اهلل شيء وإذا انتفت املماثلة‬
‫يف الذات انتفت املماثلة يف الصفات ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬شبه بكاف ‪ ..‬إخل ) أي شبه شيئًا بشيء آخر بواسطة الكاف ‪.‬‬
‫وقد يقصد هبا التعليل ‪ .‬وقد ورد هذا احلرف زائدًا للتوكيد ‪.‬‬

‫ِم ْن َأْج ِل َذا َعَلْيِه َم ا َمْن َدَخ ال‬ ‫َو اْس ُتْع ِم َل امسًا َو َك َذ ا َعْن َو َعَلى‬ ‫‪-378‬‬

‫من حروف اجلر ما لفظه مشرتك بني احلرفية واالمسية ‪ .‬وهو مخسة ‪ ،‬ذكر هنا ثالثة‬
‫هي ‪:‬‬
‫الكاف ‪ .‬فهي حرف كما تقدم ‪ .‬وقد خترج عن احلرفية ‪ .‬وتكون امسًا مبنّيًا‬ ‫‪-1‬‬
‫مبعىن (مثل ) يف حمل رفع فاعل حنو ‪ :‬ما عاتب العاقل كنفسه ‪ .‬أ ‪:‬مثُل نفسه ‪ ،‬أو يف حمل‬
‫نصب مفعول به حنو ‪ :‬ما رأيت كطالب العلم يف حفظ الوقت ‪ .‬أي مثَل طالب العلم ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 198 :‬‬


‫‪ - 2‬ذكره احلافظ ابن حجر ‪ ،‬والقول الثاين أهنا للتشبيه لكن يرد عليه إشكال ‪ ،‬راجع فتح الباري ( ‪ ) 161 /11‬ط ‪ :‬السلفية ‪.‬‬
‫‪ - 3‬سورة الشورى ‪ ،‬آية ‪.11 :‬‬
‫‪ - 4‬سورة األحقاف ‪ ،‬آية ‪. 10 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪18‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فالكاف اسم مبين على الفتح يف حمل رفع أو نصب ‪ .‬وقد تكون يف حمل جر حنو ‪ :‬فالن‬
‫يبتسم عن كالَبَر َد أي ‪ :‬عن مثل الَبَر َد ‪.‬‬
‫عن ‪ :‬فهي حرف كما تقدم ‪ .‬وقد خترج عن احلرفية وتكون امسًا مبنّيًا مبعىن‬ ‫‪-2‬‬
‫(جانب ) ويغلب أن يكون هذا بعد وقوعها جمرورة باحلرف ( من ) ألهنا ال تدخل إال‬
‫على األمساء حنو ‪ :‬جيلس القاضي ومن عن ميينه مساعده ومن عن يساره كاتبه ‪ .‬أي ‪ :‬من‬
‫جانب ميينه ومن جانب يساره ‪.‬‬
‫‪ -3‬على ‪ :‬فهي حرف كما تقدم ‪ .‬وقد خترج عن احلرفية ‪ .‬وتكون امسًا مبنّيًا‬
‫مبعىن ( فوق ) ويكثر وقوعها جمرورة باحلرف ( من ) وهو ال يدخل إال‬
‫على األمساء ‪ .‬حنو ‪ :‬متر من على منزلنا الطائرات أي ‪ :‬من فوق منزلنا ‪.‬‬
‫‪ -4‬منذ ‪.‬‬
‫‪ -5‬مذ ‪ :‬ويأيت الكالم عليهما إن شاء اهلل ‪.‬‬
‫قال ابن مالك ‪ ( :‬واستعمل امسًا وكذا عن وعلى ) أي أن حرف ( الكاف ) استعمل‬
‫امسًا ‪ .‬وكذا (عن) و (على) ومن أجل استعماهلما امسني دخل عليهما حرف اجلر (من )‬
‫وهو ال يدخل إال على األمساء ‪.‬‬

‫*****‬

‫أْو ُأوِلَيا اْلِف ْع َل َك ِج ْئُت ُمْذ َدَعا‬ ‫‪َ - 379‬و ُمْذ َو ُم ْنُذ اَمْساِن َح ْيُث َر َفَعا‬
‫ِف‬ ‫ِف‬ ‫‪َ-380‬و ِإْن َيُج ّر ا ِفْي ُمِض ٍّي َفَك ِم ْن ُه َم ا‬
‫َو ي اْلُح ُضوِر َم ْعَنى ي اْسَتِبْن‬

‫العاشر واحلادي عشر ‪ :‬من حروف اجلر ‪ :‬مذ ومنذ وهلما استعماالن ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أن يكونا امسني ‪ .‬وذلك يف موضعني ‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا دخال على اسم مرفوع ‪ .‬حنو ‪ :‬ما رأيته مذ يومان ‪ .‬أو منذ يومان ‪ .‬فـ‬
‫( مذ ) مبتدأ مبىن على السكون يف حمل رفع ‪( .‬يومان ) خربه ‪ .‬وهذا هو‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪19‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫األحسن ‪ .‬وجيوز إعراب كل منهما ظرفًا مقدمًا متعلقًا مبحذوف خرب مقدم ‪.‬‬
‫أي بيين وبني الرؤية يومان ‪.‬‬
‫إذا دخال على اجلملة ‪ .‬فعلية كانت وهو الغالب حنو ‪ :‬أسرعت إليك مذ أو منذ‬ ‫‪-2‬‬
‫دعوتين ‪ .‬أو امسية حنو ‪ :‬ما خرجت منُذ اجلُّو ممطر ‪ .‬فـ ( منذ ) ظرف زمان مبين على‬
‫الضم يف حمل نصب ‪ .‬والعامل فيه الفعل قبله ‪ .‬وهو مضاف للجملة بعده ‪.‬‬
‫االستعمال الثاين ‪ :‬أن يكونا حرفني أصلني للجر ‪ .‬ومعنامها ابتداء الغاية إن كان الزمان‬
‫ماضيًا حنو ‪ :‬ما رأيته مذ يوِم اجلمعة ‪ .‬أي من يوم اجلمعة ‪ ،‬والظرفية إن كان الزمان‬
‫حاضرًا ‪ .‬حنو ‪ :‬ما رأيته مذ يومنا ‪ .‬أي ‪ :‬يف يومنا ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬ومذ ومنذ امسان حيث رفعا ) أي ‪ :‬أن ( مذ ومنذ ) يكونان امسني‬
‫حني يرفعان امسًا بعدمها ‪ ( .‬أو أوليا الفعل ) أي جعل الفعل املاضي واليًا هلما أي واقعًا‬
‫بعدمها ‪ .‬مث ذكر املثال ‪ .‬وإن وقع ما بعدمها جمرورًا وكان ماضيًا فهما حرفا جر مبعىن‬
‫( من ) وإن كان حاضرًا فـ ( استنب ) أي اطلب بيان معىن ( يف ) الظرفية ‪.‬‬

‫*******‬

‫َفَلْم َيُعْق َعْن َعَم ٍل َقْد ُعِلَم ا‬ ‫‪َ -381‬و َبْع َد ِم ْن َو َعْن َو َباٍء ِز يَد ما‬
‫ِل‬ ‫ِف‬
‫َو َقْد َي ْيِه َم ا َو َج ٌّر ْمَل ُيَك ْف‬ ‫‪َ -382‬و ِز ْيَد َبْع َد ُر ِّب َو اْلَك ا َفَك ْف‬
‫تزاد كلمة (ما ) بعد مخسة أحرف وهي ‪ ( :‬من ‪ ،‬وعن ‪ ،‬والباء ‪ ،‬وُر ِّب ‪ ،‬والكاف )‬
‫وهي قسمان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬غري كافة ‪ .‬فيبقى عمل احلرف وهو اجلر وتعرب (ما ) زائدة ‪ .‬وذلك مع الثالثة‬
‫اُألوىل ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪20‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فمثال (من ) قوله تعاىل ‪( :‬مما خطيئاهتم أغرقوا ) (‪ )1‬فـ ( من ) حرف جر و ( ما )‬
‫زائدة للتوكيد ‪ ( .‬وخطيئات ) اسم جمرور بالكسرة ‪ .‬واهلاء مضاف إليه وامليم عالمة‬
‫اجلمع ‪.‬‬
‫ومثال‪ ( :‬عن ) قوله تعاىل ‪ ( :‬عما قليل ليصبحن نادمني )(‪. )2‬‬
‫ومثال ‪ ( :‬الباء ) ‪ :‬قوله تعاىل ( فبما نقضهم ميثاقهم ) (‪. )3‬‬
‫الثاين ‪ ( :‬ما ) الكافة ‪ .‬وهي اليت تزاد بعد ( رب ‪ ،‬والكاف ) فتكفهما عن العمل‬
‫والغالب على (ُر ِّب ) املكفوفة أن تدخل على فعل ماض ألن معناها التكثري والتقليل –‬
‫كما تقدم – ومها إمنا يكونان فيما عرف حده ‪ .‬واملستقبل جمهول حنو ‪ :‬رمبا رأيت يف‬
‫الطريق سائًال وهو من األغنياء ‪ .‬وقد تدخل على مضارع منزل على منزلة املاضي لتحقق‬
‫وقوعه كقوله تعاىل ‪ ( :‬رمبا يود الذين كفروا لو كانوا مسلمني ) ‪. )4( .‬‬
‫ٍس‬
‫ومن العرب من يبقيها على عملها مع وجود (ما ) فيقول ‪ُ :‬ر ِّب ما جلي أضاع علّي‬
‫وقيت ‪ .‬وتكون زائدة فقط ‪ .‬وتكتب ( ما ) مفصولة ‪.‬‬
‫وأما الكاف فإذا اتصلت هبا (ما ) كفتها غالبًا ‪ .‬وأزالت اختصاصها باالسم املفرد ‪.‬‬
‫وهيأهتا للدخول على اجلمل االمسية والفعلية ‪ .‬حنو ‪ :‬اجلليس الصاحل خري النعم كما اجلليس‬
‫السوء شر املصائب ‪ .‬وحنو ‪ :‬الكذب يهدي إىل الفجور كما يزيل ثقة الناس بصاحبه ‪.‬‬
‫ومن غري الغالب بقاء عملها مع وجود (ما ) كقول الشاعر ‪:‬‬
‫وننصر موالنا ونعلم أنه كما الناِس جمروم عليه وجارم(‪)5‬‬
‫‪ - 1‬سورة نوح ‪ ،‬آية ‪. 25 :‬‬
‫‪ - 2‬سورة املؤمنون ‪ ،‬آية ‪. 40 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة النساء آية ‪. 155 :‬‬
‫‪ - 4‬سورة احلجر ‪ ،‬آية ‪.2 :‬‬
‫‪( - 5‬موالنا ) املراد به احلليف أو ابن العم ‪( .‬جمروم عليه ) معتدي عليه ( جارم ) معتد ‪.‬ظامل ‪ .‬واملعىن ‪ :‬أننا نعني حليفنا ونساعده على من‬
‫عاداه ‪ .‬مع أننا نعلم أنه كسائر الناس فهو مرة مظلوم ومرة أخرى ظامل ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ :‬ننصر ‪ :‬فعل مضارع وفاعله ضمري مسترت وجوبًا تقديره (حنن ) ( موالنا ) مفعول و( نعمل ) الواو عاطفة ‪ ،‬نعلم فعل مضارع‬
‫مرفوع وفاعله ضمري مسترت ‪( .‬أنه ) أن حرف شبيه بالفعل ينصب االسم ويرفع اخلرب‪ .‬واهلاء امسه ‪ ( .‬كما) الكاف جارة ‪ ،‬وما ‪ :‬زائدة‬
‫(الناس) اسم جمرور بالكاف واجلار واجملرور خرب ( أن ) ومجلة ( أن ) وامسها وخربها يف تأويل مصدر سد مسد مفعويل (نعلم ) ‪ ( ،‬جمروم )‬
‫خرب ثان لـ ( أن ) ‪ ( ،‬عليه ) جار وجمرور نائب فاعل السم املفعول ‪ ( ،‬وجارم ) معطوف على ما قبله ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪21‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وبعد (من ) ( وعن ) ( وباء ) زيد ( ما ) ‪...‬إخل ) أي ‪ :‬زيد لفظ‬
‫(ما ) بعد ( من وعن والباء ) فلم يعقها ومل مينعها عن عمل معلوم هلا وهو اجلر ‪ .‬وقد‬
‫زيد هذا احلرف –أيضًا – بعد (ُر َّب ) وبعد الكاف ‪ .‬فكفهما عن العمل ‪ .‬وقد يليهما‬
‫ويقع بعدمها فال يكفهما عن العمل ‪ .‬ومعىن ( مل ُيكف ) ‪ :‬مل مُي نع ‪.‬‬
‫ِذ‬
‫َو الَف ا َو َبْع د اْلَو اِو َش اَع َذا اْلَعَمْل‬ ‫‪َ -383‬و ُح َفْت ُر َّب َفَج َّر ْت َبْع َد َبْل‬
‫َح ْذ ٍف َو َبْعُضُه ُيَر ى ُمَّطِر دًا‬ ‫‪َ -384‬و َقْد َجُيُّر ِبِس َو ى ُر َّب َلَد ى‬

‫حيذف حرف اجلر ويبقى معناه وعمله كما كان مع وجوده وهو قسمان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬حذف (ُر ِّب ) ‪ .‬والثاين ‪ :‬حذف ( غري ُر َّب ) ‪ .‬فأما حذف (رب ) فهو ثالثة‬
‫أنواع وكلها قياسية ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬كثري ‪ .‬وذلك بعد ( الواو ) كقول الشاعر ‪:‬‬

‫علّى بأنواع اهلموم ليبتلي (‪)1‬‬ ‫وليٍل كموج البحر أرخى سدوله‬

‫الثاين ‪ :‬قليل ‪ .‬وذلك بعد ( الفاء ) و ( بل ) كقول الشاعر ‪:‬‬


‫فأهليتها عن ذي متائم ْحُمِو ِل (‪)2‬‬ ‫فمثِلك حبلى قد طرقت ومرضع‬

‫‪ - 1‬شبه الليل مبوج البحر يف شدة هوله وعظيم ما يناله من املخافة فيه ‪( .‬سدوله ) واحدها سدل ‪ .‬وهي األستار ‪( .‬ليبتلي ) أي ليخترب ما‬
‫عندي من الشجاعة والثبات ‪.‬‬
‫إعرابه ‪( :‬وليل ) الواو واو ُر َّب حرف مبين على الفتح ال حمل هلا من اإلعراب ‪ .‬ومسيت واو رب ألهنا تدل عليها ونائبة عنها ‪( .‬ليل ) مبتدأ‬
‫مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال احملل باحلركة اليت اقتضتها (رب ) احملذوفة ‪( .‬كموج ) صفة أرخي سدوله ) اجلملة خرب املبتدأ‬
‫(ليبتلي ) الالم للتعليل ‪ .‬ويبتلي ‪ :‬فعل مضارع منصوب بـ ( أن ) املضمرة بعد ال التعليل وعالمة نصبه فتحة مقدرة على الياء منع من ظهورها‬
‫معاملة املنصوب معاملة املرفوع ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الطروق ‪ :‬اإلتيان يف الليل ‪( .‬مرضع ) هي اليت هلا طفل ترضعه (متائم ) مجع متيمة وهي خرزات كانت العرب تعلقها على أوالدهم يتقون‬
‫هبا العني ‪ .‬فحرمها اإلسالم واعتربها شركًا ملا يقوم بقلب املعلق هلا من االعتماد على غري اهلل تعاىل ‪( :‬حمول ) اسم فاعل من أحول الصيب ‪ :‬إذا‬
‫مّر عليه من عمره حول ‪ .‬وهو كناية عن الصيب قصد بذلك أهنا تنسى بالسبب املذكور من مل جتر العادة بنسيانه وهو االبن الصغري ‪.‬‬
‫إعرابه ‪( :‬فمثلك ) الفاء ‪ :‬فاء رب ‪( .‬مثلك ) مفعول به مقدم لـ (طرقت ) منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال احملل‬
‫باحلركة اليت تقتضيها (رب ) احملذوفة املقدرة بعد الفاء والكفاف مضاف إليه ‪( .‬حبلى ) بدل من ( مثل ) ( قد طرقت ) فعل وفاعل‬
‫( ومرضع ) معطوف على ( حبلى ) ‪ ( ،‬حمول ) صفة لـ (ذي ) متائم ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪22‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وقول اآلخر ‪:‬‬

‫‪ ‬بل َم همٍه قطعُت بعَد َم ْه مِه * (‪)1‬‬

‫الثالث ‪ :‬أقل مما قبله وذلك بدون األحرف املذكورة ‪.‬كقول الشاعر ‪:‬‬

‫كدت أقضي احلياة من َج َلِلـْه (‪)2‬‬ ‫ِل‬


‫رسِم دار وقفت يف َطَل ـْه‬
‫أما حذف غري ( رَّب ) فهو نوعان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬قياسي مطرد ‪ .‬وهذا له مواضع منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬لفظ اجلاللة يف القسم بدون عوض حنو ‪ :‬اِهلل ألفعلن اخلري ‪ .‬جبر لفظ اجلاللة‬
‫حبرف القسم احملذوف ‪ .‬أي واِهلل ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون يف جواب سؤال اشتمل على حرف مثل احلرف احملذوف حنو ‪ :‬يف‬
‫أّي مدينة قضيت إجازة األسبوع ‪.‬فتقول ‪ :‬مكة ‪.‬يف مكَة ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون حرف اجلر هو ( الم التعليل ) الداخلة على (كي ) املصدرية حنو ‪:‬‬
‫جئت كي أستفيد ‪ .‬أي لكي أستفيد ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يكون االسم اجملرور باحلرف مصدرًا مؤوًال من (أّن ) مع معموليها ‪ .‬أو من‬
‫( أن ) والفعل والفاعل ‪ .‬وهذا احلذف مشروط بأمن اللبس كما تقدم يف باب‬
‫املتعدي والالزم ‪ .‬حنو ‪ :‬فرحت أنك مواظب على الصالة ‪ .‬أو ‪ :‬أن تواظب‬
‫على الصالة ‪ .‬والتقدير ‪ :‬فرحت مبواظبتك ‪.‬‬

‫‪ - 1‬مهمه ‪ :‬بفتح امليمي وسكون اهلاء ‪ .‬وهي املفارزة بعيدة األطراف ‪.‬‬
‫إعرابه ‪( :‬بل ) حرف عطف لإلضراب (مهمه ) مفعول به مقدم لـ ( قطعت ) (بعَد ) ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بالفعل (قطع ) ‪.‬‬
‫‪ ( - 2‬من جلله ) أي من عظمته يف نفسي وقيل ‪ :‬معناه من أجله ‪ .‬والرسم ‪ :‬ما لصق باألرض من آثار الديار كالرماد ‪ .‬والطلل ما عال‬
‫وارتفع كالوتد وحنوه ‪.‬‬
‫إعرابه ‪( :‬رسم ) مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال احملل باحلركة اليت تقتضيها (ُر ِّب ) احملذوفة ‪( .‬وقفت يف طلله‬
‫) صفة (كدت ) كاد فعل ماض ناقص والتاء امسه ‪( .‬أقضي احلياة ) اجلملة خرب (كاد ) واجلملة من كاد وامسه وخربه يف حمل رفع خرب املبتدأ‬
‫(رسم دار ) ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪23‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫النوع الثاين ‪ :‬حذف مساعي ‪ :‬ال جيوز حماكاته لعدم اطراده ‪ .‬ومن أمثلته قول رؤبة بن‬
‫العجاج ؛ (‪ .)3‬خٍري واحلمد هلل ‪ .‬جوابًا ملن قال له ‪ :‬كيف أصبحت ؟‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وحذفت (رب ) فجرت بعد (بل ) ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬حذفت (رب )‬
‫وبقي عملها وهو اجلر بعد األحرف الثالثة ‪ :‬الواو الفاء وبل ‪ .‬وقد شاع احلذف وكثر‬
‫بعد الواو ‪ .‬وقد حتذف حروف أخرى –سوى رب ‪ -‬ويبقى عملها ‪ .‬وبعض حاالت‬
‫احلذف واجلر قد يكون مطردًا ‪.‬‬

‫******‬

‫باب اإلضـافــة‬
‫‪ُ – 385‬نونًا َتِلي اإلْع َر اَب أو َتْنِو يَنا ّمما ُتِض يُف اْح ِذ ْف َك ُطوِر ِس يَنا‬
‫‪َ -386‬و الَّثاَيِن اْج ُر ْر َو اْنِو َأْو يِف إذا ْمَل َيْص ُلِح ااّل َذاَك َو اّلالَم ُخ َذ ا‬
‫‪ِ -387‬لَم ا ِس َو ى َذْيِنَك ‪........................................‬‬

‫ملا فرغ املصنف – رمحه اهلل – من ذكر اجملرور باحلرف ‪.‬شرع يف الكالم على اجملرور‬
‫بسبب اإلضافة ‪.‬‬
‫واإلضافة ‪ :‬نسبة تقيدية بني اثنني تقتضي جر الثاين أبدًا ‪ .‬ومعىن نسبة ‪ :‬أي إسناد ‪.‬‬
‫ومعىن تقيدية ‪ :‬أي ‪:‬جاءت إلفادة التقييد ‪ ،‬وهو نوع من أنواع احلصر والتحديد ‪.‬‬
‫فقولك ‪ :‬كتاب ‪ .‬هذا فيه إطالق فإذا قلت ‪ :‬كتاب خالد ‪ .‬حصل التقييد باإلضافة ‪.‬‬

‫‪ - 3‬هو رؤية بن عبد اهلل العجاج راجز من الفصحاء املشهورين ‪ .‬ومن يستدل بشعرهم ‪ .‬مات سنة ‪145‬هـ ‪ .‬وقد أسَّن ‪ ( .‬األعالم ( ‪/3‬‬
‫‪. ]) 62‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪24‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فإذا أريد إضافة اسم إىل آخر ‪ .‬ترتب على ذلك أحكام منها ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬وجوب حذف التنوين – إن وجد – يف آخر املضاف قبل إضافته ‪ .‬مثل ‪:‬‬
‫ركبت سيارة جديدة ‪ .‬فإذا أضيف قيل ‪ :‬ركبت سيارة خليل ‪ ،‬حبذف التنوين وكذا‬
‫حتذف نون املثىن ونون مجع املذكر السامل وملحقاهتما إن وقع أحدمها مضافًا خمتومًا‬
‫بالنون ‪ ،‬وهي النون اليت تلي حرف اإلعراب ‪ .‬حنو ‪ :‬يسري الناس على جانيب الطريق ‪.‬‬
‫حاملو (‪ )1‬العلم حمرتمون ‪.‬‬
‫فإن كانت النون ليست للتثنية وال للجمع ‪.‬وهي النون اليت ال تلي حرف اإلعراب مل‬
‫جيز حذفها ‪ .‬مثل ‪ :‬احملافظة على الصالة عنواُن االستقامة ‪.‬‬
‫احلكم الثاين ‪ :‬جر املضاف إليه ‪ :‬والعامل فيه اجلر هو املضاف – على األصح – التصال‬
‫الضمري املضاف إليه به (‪.)2‬‬
‫والضمري ال يتصل إال بعامله حنو ‪ :‬كتابك جديد ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬وجوب اشتمال اإلضافة على حرف جٍّر أصلي موضعه بني املضاف واملضاف‬
‫إليه‪.‬إليضاح العالقة املعنوية بني املضاف واملضاف إليه ‪ .‬وهو أحد األحرف الثالثة وهي ‪:‬‬
‫من ‪ ،‬يف ‪ ،‬الالم ‪.‬‬
‫فتكون اإلضافة مبعىن ( من ) البيانية إذا كان املضاف إليه جنسًا للمضاف حنو ‪ :‬هذا‬
‫خاُمت ذهٍب ‪ .‬أي خامت من ذهب ‪.‬‬
‫وتكون مبعىن ( يف ) الظرفية ‪ .‬إذا كان املضاف إليه ظرفًا واقعًا فيه املضاف‪.‬مكانّيًا حنو ‪:‬‬
‫عثمان –رضي اهلل عنه – شهيد الدار أي ‪ :‬شهيٌد يف الدار ‪ ،‬أو زمانّيًا كقوله تعاىل ‪:‬‬

‫‪ - 1‬ال تكتب األلف بعد الواو إال إذا كانت ضمريًا وهي واو اجلامعة يف فعل ماض حنو كتبوا أو مضارع حمذوف النون ‪ .‬مل يكتبوا أو أمر ‪.‬‬
‫اكتبوا ‪ .‬فخرج بذلك الواو اليت من بنية الفعل حنو ‪ :‬ندعو الشباب إىل االستقامة ‪ .‬والواو اليت هي عالمة الرفع يف مجع املذكر السامل كاملثال‬
‫املذكور ‪ .‬أو األمساء اخلمسة حنو ‪ :‬ذوو العلم حمرتمون ‪ .‬وخرج _ أيضًا ‪ -‬الواو اليت إلشباع ضمة امليم وتسمى (واو الصلة ) كما يف قول‬
‫الشاعر ‪:‬‬
‫إالم اخللف بينكمو إال ما وهذه الضجة الكربى عالما ؟‬
‫وفيم يكيد بعضكمو لبعض وتبدون العداوة واخلصاما ؟‬
‫‪ - 2‬والفرق بني هذا القول والقول اآلخر وهو أن اجلار للمضاف إليه هو اإلضافة أو عامل مقدر ‪ .‬هو أن العامل هنا لفظي مذكور وعلى‬
‫القول الثاين العامل معنوي ‪ .‬واللفظي أقوى من املعنوي ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪25‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫(بل مكُر اليل والنهار ) (‪ . )1‬أي مكر يف الليل والنهار وقوله تعاىل ‪ ( :‬للذين يؤلون من‬
‫نسائهم تربص أربعة أشهر ) (‪ )2‬أي تربٌص يف أربعة أشهر ‪.‬‬
‫وتكون اإلضافة مبعىن ( الالم ) إذا مل يصح معىن (من ) وال (يف ) حنو ‪ :‬هذا كتاب‬
‫هشام‪ .‬أي ‪ :‬كتاب هلشام ‪ .‬وتفيد امللك أو االختصاص ‪.‬‬
‫وهذا احلكم خمتص باإلضافة املعنوية دون اإلضافة اللفظية وسيأيت ذكرمها إن شاء اهلل ‪.‬‬
‫كما سيأيت ذكر بقية األحكام املرتتبة على اإلضافة ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬نونًا تلي اإلعراب أو تنوينًا ‪..‬إخل ) أي ‪ :‬احذف من االسم الذي‬
‫تريد إضافته ( نونًا تلي اإلعراب ) أي تقع بعد عالمة اإلعراب وهي األلف أو الواو أو‬
‫الياء ‪ .‬أو احذف التنوين الذي يف آخر االسم ‪ .‬مث َم ّثَل حلذف التنوين من املضاف بكلمة‬
‫‪( :‬طور ) عند إضافتهما إىل كلمة ‪( :‬سينا ) وهو مقصور من ممدود ‪ .‬وهو اسم جبل ‪.‬‬
‫مث قال ‪ :‬اجرر الثاين دائمًا وهو املضاف إليه ‪ .‬وعند جره وإمتام اإلضافة وختيل وجود‬
‫احلرف (من ) أو ( يف ) إذا مل يتحقق املعىن املراد إال على نية أحدمها ‪ .‬فإذا مل يصلح‬
‫أحدمها فخذ الالم وانوها فيما عدا املوضعني املذكورين ‪.‬‬

‫****‬

‫أْو أْع ِطِه الَّتْع ِر يَف باَّلذي َتاَل‬ ‫‪َ ... - 387‬و اْخ ُصْص أَّو ال‬
‫َو ْص فًا َفَعْن َتْنِكِري ِه ال ُيْعَز ُل‬ ‫ِبِه‬ ‫ِإ‬
‫‪َ -388‬و ْن ُيَش ا اُملَض اُف َيْف َعُل‬
‫ُمَر َّو ِع اْلَق ْلِب َقِليِل اِحْلَيِل‬ ‫‪َ -389‬ك ُر َّب َر اجيَنا َعِظ يِم اْالَم ِل‬
‫َو ِتِلَك ْحَمَض ٌة َو مْع َنوَّيْه ‪.‬‬ ‫ِظ‬ ‫ِذ‬
‫‪َ -390‬و ي اإلَض اَفُة اُمْسَه ا َلْف َّيْه‬
‫األول ‪ :‬إضافة معنوية ‪ :‬وهي ما أفادت املضاف تعريفًا أو ختصيصًا وال يكون املضاف‬
‫فيها وصفًا مضافًا إىل معموله ‪ -‬كما يف النوع الثاين – بل يغلب أن يكون املضاف‬
‫‪ - 1‬سورة سبأ ‪ ،‬آية ‪ . 33 :‬أي بل مكرهم بنا بالليل والنهار هو الذي جعلنا نكفر باهلل ‪ .‬قالوه رّدًا على قوهلم هلم (بل كنتم جمرمني )‬
‫وأصل املكر ‪ :‬صرف الغري عما يقصده حبيلة ‪ .‬فإن حترى بذلك فعًال مجيًال فهو ممدوح ‪.‬وإال فهو مذموم قاله الراغب ‪.‬‬
‫‪ - 2‬سورة البقرة ‪ :‬آية ‪.226 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪26‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فيهما امسًا من األمساء اجلامدة الباقية على مجودها كاملصادر حنو ‪ :‬بكاء الطفل ‪ ،‬صرير‬
‫القلم ‪ ،‬أو أمساء املصادر مثل ‪ :‬عطاء ‪ُ ،‬قبلة ‪ ،‬واملشتقات اليت ال عمل هلا كأمساء الزمان‬
‫واملكان واآللة حنو ‪ :‬جمرى ‪ ،‬جممع ‪َ ،‬م ْع ِر ض ‪ِ ،‬م رْب د ‪ ،‬حمراث ‪ ،‬واملشتقات الدالة على زمن‬
‫ماض حنو ‪ :‬كاتُب الدرِس أمِس موجوٌد‪ .‬وكذا أفعل التفضيل حنو ‪ :‬املروءة أعظم فضيلة ‪.‬‬
‫مثال ذلك ‪ :‬كتاُب خالٍد جديد ‪ .‬فكلمة ( كتاب ) إذا ُأخذت وحدها دلت على‬
‫كتاب غري معني ‪.‬ألنه (نكرة ) فإذا قلت ‪ :‬كتاب خالد ‪ . .‬باإلضافة فقد عينته وعرفته ‪.‬‬
‫وإذا قلت ‪ :‬أمسع بكاًء ‪ .‬من غري إضافة‪ ،‬كان لفظ البكاء عامًا يشمل بكاء الطفل‬
‫وبكاء املرأة وبكاء الرجل ‪ . .‬فإذا أضفته إىل نكرة وقلت ‪ :‬أمسع بكاَء طفٍل فقد خصصته‬
‫وضيقت عمومه (‪. )1‬‬
‫ومسيت اإلضافة يف املثالني معنوية ‪ ،‬ألهنا أفادت املضاف أمرًا معنوّيًا وهو التعريف يف‬
‫املثال األول ‪ ،‬ألن املضاف إليه معرفة ‪ .‬والتخصيص يف املثال الثاين ألن املضاف إليه نكرة‬
‫(‪ . )2‬وتسمى ( حمضة ) ألهنا خالصة من نية االنفصال ‪ .‬ملا بني طرفيها من قوة االتصال‬
‫واالرتباط ‪ .‬ولذا فهي على معىن حرف من حروف اجلر كما مضى ‪.‬‬
‫النوع الثاين ‪ :‬اإلضافة اللفظية ‪ .‬وهي أن يكون املضاف فيها وصفًا عامًال ‪ ،‬وهو كل اسم‬
‫فاعل أو مفعول مبعىن احلال أو االستقبال ‪ .‬أو صفة مشبهة وال تكون إال للدوام غالبًا ‪.‬‬

‫‪ - 1‬هناك أمساء مسموعة عن العرب مالزمة للتنكري ال تفيدها اإلضافة تعريفًا وال ختصيصًا مثل ‪ :‬غري ‪ .‬تقول ‪ :‬جاءين رجل غريك ‪ .‬فتصف‬
‫هبا النكرة مع إضافتها للضمري ‪ .‬إال إذا وقعت بني ضدين ال قسيم هلما مثل ‪ :‬العلم غري اجلهل ‪ .‬فإهنا تتعرف إن كان ما أضيفت إليه معرفة ‪.‬‬
‫ومنه قوله تعاىل ‪( :‬صراط الذين أنعمت عليهم غري املغضوب عليهم وال الضالني ) فوقعت (غري ) صفة للموصول وهو معرفة ‪ .‬وقد وقعت بني‬
‫متضادين ‪ ،‬ألن املنعم عليه ‪ ،‬واملغضوب عليه متضادان ‪ .‬أو يقال ‪ :‬إن االسم املوصول مل يقصد به قوم بأعياهنم فهو قريب من النكرة ‪.‬‬
‫ومن األلفاظ اليت ال تقبل التعريف ‪ ( :‬حسب ) حنو ‪ :‬هذا خالد َحْسَبك من رجل ‪ .‬بالنصب على أنه حال من ( خالد ) واحلال ال يكون‬
‫إال نكرة ‪ .‬ومنها ‪ ( :‬ناهيك ) مبعىن حسبك وكافيك حنو ‪ :‬ناهيك بألفية ابن مالك ‪ .‬واملعىن ‪ :‬ألفية ابن مالك ناهيك عن طلب غريها لكفايتها‬
‫يف النحو ‪ .‬فـ ( ناهيك ) خرب مقدم ( بألفية ) الباء حرف جر زائد ‪ .‬وألفية ‪ :‬جمرور لفظًا مرفوع حمًال على أنه مبتدأ مؤخر ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الفرق بني التعريف والتخصيص أن التعريف هو التعيني الذي يزيل اإلهبام عن النكرة وجيعلها يف عداد املعارف ‪ .‬ولذا قالوا ‪ :‬إن املضاف‬
‫إىل معرفة هو يف درجة املضاف إليه إال املضاف للضمري فهو يف درجة العلم وقد تقدم ذلك يف أول النكرة واملعرفة ‪ ،‬وأما التخصيص فهو تقليل‬
‫االشرتاك املعنوي يف النكرة ‪ .‬فالنكرة إذا أضيفت كقولك ‪ :‬خالد رجل علم ‪ .‬ضاق عمومها وصارت يف درجة بني املعرفة والنكرة ‪ .‬فلم ترق‬
‫يف تعيني مولوهلا ‪،‬وحتديد املراد هبا إىل درجة املعرفة اخلالصة ومل تنزل يف إهبامها وشيوعها إىل درجة النكرة احملضة ‪ .‬ويتضح ذلك بتأمل املثال‬
‫املذكور ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪27‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫مثال ذلك ‪ :‬صانع املعروف مأجور ‪ .‬فـ ( صانع ) مضاف ‪ .‬وهو اسم فاعل للحال أو‬
‫االستقبال ‪ .‬وقد أضيف إىل معموله ‪ .‬فإن املضاف إليه – هنا – مفعول به يف املعىن‬
‫للمضاف وهو (صانع ) ‪.‬‬
‫ومثال اسم املفعول ‪ :‬حممود اخلصال ممدوح ‪.‬‬
‫ومثال الصفة املشبة ‪ :‬كثري الكالم مذموم ‪.‬‬
‫وهذا النوع ال يستفيد فيه املضاف من املضاف إليه تعريفًا وال ختصيصًا ‪ .‬وإمنا فائدهتا‬
‫التخفيف حبذف التنوين أو النون كما سيأيت وهلذا مسيت اإلضافة لفظية ‪ ،‬ألن فائدهتا‬
‫ترجع إىل اللفظ ال إىل املعىن ‪ ،‬كما يف النوع األول ‪.‬‬
‫وتسمى ( غري حمضة ) ألهنا على تقدير االنفصال ‪ .‬تقول ‪ :‬هذا كاتُب الدرِس اآلن ‪.‬‬
‫على تقدير ‪ :‬هذا كاتٌب الدرَس ‪ .‬ففيه ضمري مسترت هو الفاعل ‪ .‬وهو فاصل بني املضاف‬
‫واملضاف إليه يف حال اإلضافة ‪ .‬واملعىن واحد وإمنا أضيف طلبًا للخفة ‪. .‬‬
‫والدليل على أن هذه الصفة ال تفيد تعريفًا وقوع املضاف نعتًا للنكرة يف قوله تعاىل ‪:‬‬
‫( هديًا بالغ الكعبِة (‪ ، )1‬فـ ( بالغ ) صفة لـ ( هديًا ) وهو نكرة ‪ .‬ولو كان املضاف‬
‫( بالغ ) اكتسب التعريف من املضاف إليه ما صح وقوعه نعتًا للنكرة ‪.‬‬
‫وكذا دخول ( ُر َّب ) على املضاف مع إضافته ملعرفة ‪ .‬وهي ال تدخل إىل على نكرة‬
‫كما تقدم يف حروف اجلر ‪ .‬حنو ‪ُ :‬ر َّب مبّلٍغ أوعى من السامع ‪.‬‬
‫وأما الدليل على أهنا ال تفيد املضاف ختصيصًا ‪ .‬فألن ختصيص الصنع باملعروف يف املثال‬
‫املذكور ‪ ( .‬صانع املعروف ) ‪ .‬ليس جبديد ‪ .‬حلصوله قبل اإلضافة يف حنو ‪ :‬فالن صانٌع‬
‫معروفًا ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬واخصص أوًال ‪ ..‬إخل ) مبعىن ‪ :‬أن املضاف بتخصيص أو يتعرف‬
‫باملضاف إليه ‪ .‬وهذا إذا كانت اإلضافة معنوية ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة املائدة ‪ :‬آية ‪. 95 :‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪28‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫مث ذكر أن املضاف إذا كان وصفًا يشابه ( يفعل ) يريد ‪ :‬مشبهًا الفعل املضارع يف‬
‫العمل والداللة على احلال واالستقبال ‪ .‬فإنه ال يعزل عن التنكري أي ‪ :‬ال يفارق التنكري‬
‫مطلقًا ‪ .‬سواء أضيفت ملعرفة أو نكرة ‪ .‬ألن هذه اإلضافة ال تفيده تعريفًا وال ختصيصًا ‪.‬‬
‫مث ذكر األمثلة اليت تؤيد ما يقول وهي ( رب راجينا ) فاملضاف وهو كلمة (راٍج ) اسم‬
‫فاعل مل يكتسب التعريف بإضافته إىل الضمري ‪ .‬بدليل دخول (ُر َّب ) عليه ‪ .‬وهي ال‬
‫يدخل إّال على نكرة ‪.‬‬
‫واملثال الثاين ‪ ( :‬عظيم األمل ) صفة مشبهة مل يكتسب التعريف بدليل وقوعه نعتًا‬
‫لكلمة (راج ) وهي نكرة ‪.‬‬
‫واملثال الثالث ‪ُ( :‬مَر َّو ُع القلب ) فاملضاف (مروع ) اسم مفعول مل يكتسب التعريف‬
‫بدليل وقوعه نعتًا ثانيًا لكلمة (راج ) وهي نكرة ‪.‬‬
‫واملثال الرابع ‪( :‬قليل احليل ) فاملضاف ( قليل ) صفة مشبهة مل يكتسب التعريف بدليل‬
‫وقوعه نعتًا ثالثًا لكلمة (راج ) ‪.‬‬
‫مث بني أن هذه اإلضافة تسمى (لفظية ) ملا تقدم ‪ .‬وأما النوع األول فتسمى ( حمضة ) و‬
‫( معنوية ) ‪ .‬وتقدم بيان ذلك ‪.‬‬
‫ِد‬ ‫ِب ِن‬ ‫ِف‬ ‫ِب‬
‫إْن ُو َص لْت الَّثا َك اَجْلْع الَّش َعْر‬ ‫‪َ -391‬و َو ْص ُل أْل َذ ا اُملَض ا ُمْغَتَف ْر‬
‫َك َزْيٌد الَّضاِر ُب َر ْأِس اَجْلايِن‬ ‫‪ -392‬أْو ِباَّلِذي َلُه ُأِض ْيَف الَّثايِن‬
‫ٍف‬
‫ُمَثىَّن أْو ْمَجعًا َس ِبيَلُه اَّتَبْع‬ ‫‪َ -393‬و َك ْو ُنَه ا يِف اْلَو ْص ِف َك ا إْن َو َقْع‬
‫يف هذه األبيات اإلشارة إىل احلكم الرابع من أحكام اإلضافة ‪.‬وهو وجوب حذف ( أل‬
‫) من املضاف الذي إضافته حمضة ففي مثل ‪ :‬الكتاب جديد ‪ .‬فنقول بعد اإلضافة ‪:‬‬
‫كتاب القواعد جديد ‪ ،‬حبذف أل من املضاف(‪ . )1‬وكذا إذا كانت اإلضافة غري حمضة ‪.‬‬
‫لكن ملا كانت اإلضافة على نية االنفصال – كما تقدم – اغتفر يف املسائل اآلتية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬قالوا ألن املضاف إىل معرفة يف مثل ‪ :‬كتاب خالد جديد ‪َ .‬تَعَّرَف باإلضافة فال تدخل عليه ( أل ) لئال جيتمع معرفان على معرف واحد ‪.‬‬
‫واملضاف إىل نكرة يف حنو ‪ .‬أرى آثار أقدام ‪ .‬ختَّصص باإلضافة ولو أدخلت عليه ( أل ) لزم إضافة املعرفة إىل النكرة وهي ممنوعة ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪29‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -1‬أن توجد ( أل ) يف املضاف واملضاف إليه حنو ‪ :‬املنصُف الناِس حمبوب ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون املضاف إليه مضافًا ملا فيه ( أل ) حنو ‪ :‬احملُّب فعِل اخلري سعيٌد ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون املضاف مثىن حنو ‪ :‬احلافظا دروسهما مكافآن ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يكون املضاف مجع مذكر ساملًا حنو‪ :‬املتقنو أعماهلم راحبون ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ( ووصل ( أل ) بذا املضاف مغتفر ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬اغتفر دخول (‬
‫أل ) على املضاف الذي إضافته لفظية‪.‬بشرط أن تزاد يف الثاين ( وهو املضاف إليه‬
‫) ‪ .‬أو يزاد بالذي أضيف إليه الثاين ‪ .‬مث مثل لألول بقوله ‪ ( :‬كاجلعد الشعر ) فـ ( أل‬
‫) داخلة يف املضاف واملضاف إليه ‪ .‬ومثل للثاين بقوله ( زيد الضارب رأس اجلاين )‬
‫فاملضاف إليه ( رأس ) خاٍل من ( أل) لكنه مضاف ملا فيه ( أل ) وهو قوله ( اجلاين)‬
‫وَج ْع ُد الشعر ‪ :‬إذا كان فيه التواء وتقُّبض ‪.‬‬
‫مث ذكر حالة يصح فيها وجود ( أل ) يف املضاف وال يشرتط وجودها يف املضاف‬
‫إليه ‪ .‬وهي أن يكون املضاف وصفًا مثىن أو مجعًا إذا (اتبع سبيل املثىن ) واملراد به‬
‫مجع املذكر السامل ‪ .‬ألنه يعرب حبرفني ويسلم فيه بناء الواحد ‪ .‬وخيتم بنون زائدة‬
‫حتذف عند اإلضافة ‪ .‬وهذا احرتاز من مجع التكسري ‪.‬‬

‫تأِنيثًا إْن َك اَن َحِلْذ ٍف ُموَه اَل‬ ‫‪َ -394‬و ُر َمِّبا أْك َسَب َثاٍن أّو ًال‬

‫احلكم اخلامس من أحكام اإلضافة جواز استفادة املضاف املذكر من املضاف إليه‬
‫املؤنث التأنيث ‪ .‬وذلك بشرطني ‪.‬‬
‫األول ‪ :‬أن يكون املضاف جزءًا من املضاف إليه أو كًال له أو وصفًا يف املعىن له ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬أن يكون املضاف صاحلًا للحذف وإقامة املضاف إليه مقامه دون أن يتغري املعىن ‪.‬‬
‫فإذا حتقق الشرطان كان اكتساب املضاف التأنيث قياسّيًا ‪ .‬تصح حماكاته وإن كان أقل‬
‫من عدم التأنيث ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪30‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فمثال ما هو جزء من املضاف إليه ‪ُ :‬قِط عت بعُض أصابعه ‪ .‬فصح تأنيث الفعل‬
‫مراعاة لتأنيث نائب الفاعل (بعض ) إلضافته ( إىل أصابع ) وهو مؤنث ‪.‬ويصح‬
‫االستغناء باملضاف إليه فيقال ‪ُ :‬قِط عت أصابُعه ‪.‬‬
‫ومثال املضاف الذي هو ( ُك ٌّل ) للمضاف إليه ‪ :‬قوله تعاىل ‪ ( :‬يوم جتد كل نفس ما‬
‫عملت من خري خمضرًا ) (‪ . ) 1‬فقد أنث الفعل ( جتد ) لتأنيث فاعله املضاف ( كل )‬
‫الذي اكتسب التأنيث من املضاف إليه ‪.‬‬
‫ومثال املضاف الذي هو وصف يف املعىن للمضاف إليه قول الشاعر ‪:‬‬

‫َطَو ْيَن طويل وَطَو ْيَن عرضي (‪)2‬‬ ‫طول الليايل أسرعت يف نقضي‬

‫فقد أعاد الضمري مؤنثًا يف قوله ( أسرعت ) أي ‪ :‬هي ‪ ،‬على مذكر وهو قوله ( طول )‬
‫ألنه اكتسب التأنيث من املضاف إليه ( الليايل ) ‪.‬‬
‫فإن ختلف شرط واحد من الشرطني مل جيز التأنيث ‪ ،‬فمثال ختلف األول ‪ :‬أعجبين يوم‬
‫اجلمعة ‪ .‬فال يصح أعجبتين يوم اجلمعة ‪ .‬ألن املضاف ليس كًال وال بعضًا مع أنه صاحل‬
‫للحذف فيقال ‪ :‬أعجبتين اجلمعة ‪.‬‬
‫ومثال ختلف الثاين ‪ :‬خرجت غالم هند ‪ .‬إذ ال يقال خرجت هند ‪ .‬ويفهم منه خروج‬
‫الغالم ‪.‬‬
‫وأما العكس وهو استفادة املضاف املؤنث من املضاف إليه التذكري فيه جائز بالشرطني‬
‫املذكورين ‪ .‬ولكنها قليلة يف النصوص املأثورة قلة ال تبيح القياس عليها ‪ .‬ومن أمثلة ذلك‬
‫قول الشاعر ‪:‬‬

‫‪ - 1‬سورة املائدة ‪ ،‬آية ‪. 30 :‬‬


‫‪ - 2‬إعرابه ‪ ( :‬طول ) مبتدأ ( الليايل ) مضاف إليه جمرور بكسرة مقدرة للثقل ( أسرعت ) اجلملة خرب املبتدأ ( يف نقضي ) يف ‪:‬حرف جر‬
‫‪ ( .‬نقضي ) اسم جمرور بكسرة مقدرة منع من ظهورها اشتغال احملل حبركة املناسبة أو جمرور بالكسرة الظاهرة ‪ .‬وياء املتكلم مضاف إليه ‪.‬‬
‫( طوين ) فعل وفاعل ( طويل ) مفعول به ‪ .‬والياء مضاف إليه ‪ ( .‬طوين عرضي ) مثله ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪31‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وعقل عاصي اهلوى يزداد تنويرًا (‪)3‬‬ ‫إنارة العقل مكسوف بطوع هوى‬
‫فقد أعاد الضمري مذكرًا يف قوله ( مكسوف ) على ( إنارة ) وهو مؤنث ألنه اكتسب‬
‫التذكري من املضاف إليه ‪ .‬والقياس ‪ :‬إنارة العقل مكسوفة بطوع هوى ‪ .‬ألنه خرب عنه ‪.‬‬
‫وإىل املسألة األوىل أشار بقوله ‪ ( :‬ورمبا أكسب ثان أوًال ‪ . ..‬إخل ) ‪ .‬أي ‪ :‬أن الثاين –‬
‫وهو املضاف إليه ‪ .‬قد يفيد األول – وهو املضاف التأنيث ‪ .‬إن كان األول صاحلًا‬
‫للحذف واالستغناء عنه بالثاين كما تقدم ‪ .‬ومل يذكر الشرط اآلخر ‪.‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬ورمبا ) يفيد أن ذلك قليل ‪ .‬ومراده التقليل النسيب ‪ .‬أي قليل بالنسبة للكثرة‬
‫اليت ال يكتسب فيها املضاف التأنيث من املضاف إليه ‪ .‬وخص التأنيث بالذكر ألنه‬
‫األغلب ‪.‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬موَه اَل ) ‪ :‬بفتح اهلاء مبعىن ‪ :‬مؤَّه ل ‪ .‬أي صاحل ‪ .‬والفعل ‪ :‬أوهل تقول ‪:‬‬
‫أوهلت الرجل للعمل ‪ .‬أي جعلته صاحلًا له وأهًال ملزاولته ‪.‬‬
‫مِه‬
‫َم ْع ًىن َو أِّو ْل ُمو ًا إذا َو َر ْد‬ ‫‪َ – 395‬و ال ُيَض اُف اسٌم ِلَم ا به اَحَّتْد‬

‫تقدم أن الغرض من اإلضافة هو تعريف املضاف باملضاف إليه أو ختصيصه ‪.‬‬


‫والشيء ال يتعرف بنفسه وال يتخصص ‪ ،‬فال بد أن يكون غريه يف املعىن ‪ .‬لذا منع‬
‫‪2‬‬
‫البصريون إضافة الشيء إىل نفسه ‪ .‬كإضافة املرادف إىل مرادفه ( ) ‪ .‬فال يقال ‪ :‬قمُح بٍّر‬
‫‪ ،‬وال إضافة املوصوف إىل صفته فال يقال ‪ :‬جاء رجُل فاضٍل ‪ .‬وال إضافة الصفة إىل‬
‫املوصوف فال يقال ‪ :‬جاء فاضُل رجٍل ‪.‬‬

‫‪ - 3‬معناه ‪ :‬أن مطاوعة النفس واجلري وراء الشهوات يغطي نور العقل ووضاءة البصرية وعصيان اهلوى وخمالفة النفس يزيد العقل نورًا ‪ ،‬قال‬
‫العيين ‪ ( :‬وفيه معىن رائق وموعظة حسنة ) ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ ( :‬إنارة ) مبتدأ ( العقل ) مضاف إليه ‪ ( ،‬مكسوف ) خرب املبتدأ وفيه ضمري مسترت نائب فاعل ( بطوع ) متعلق بـ ( مكسوف )‬
‫( هوى ) مضاف إليه جمرور بكسرة مقدرة على األلف احملذوفة للتخلص من التقاء الساكنني منع من ظهورها التعذر ‪ ( .‬وعقل ) مبتدأ‬
‫( عاصي اهلوى ) مضاف واهلوى مضاف إليه ) ‪ ( .‬يزداد ) اجلملة خرب املبتدأ ( تنويرًا ) منصوب على التمييز ‪ .‬قاله العيين ) ‪ ,‬وقال حممد عبد‬
‫احلميد ‪ :.‬أنه مفعول به لـ ( يزداد ) ‪.‬‬
‫‪ - 2‬املراد ما اختلف لفظه واتفق معناه ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪32‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وإذا جاء من كالم العرب ما يوهم جواز ذلك وجب تأويله مبا يساير القاعدة املذكورة‬
‫كقوهلم ‪ :‬سعيُد كرٍز (‪ ) 1‬فإن ظاهره أنه من إضافة الشيء إىل نفسه ‪ ،‬ألن املراد بسعيد‬
‫وكرز شخص واحد ‪ ,‬فيؤول األول بالذات ‪ ،‬والثاين باالسم ‪ .‬فكأنه قال‪ :‬جاءين مسمى‬
‫كرز ‪ .‬أي ‪ :‬مسمى هذا االسم ‪.‬‬
‫وأما ما ظاهره إضافة املوصوف إىل صفته‪.‬فمؤول على حذف املضاف إليه ‪ .‬كقوهلم ‪:‬‬
‫حبُة احلمقاِء ‪ .‬وصالُة األوىل‪،‬ومسجُد اجلامِع وقوهلم ‪ :‬جرُد قطيفٍة وسحُق عمامٍة (‪. )2‬‬
‫واألصل ‪ :‬حبة البقلة احلمقاء ‪ .‬وصالة الساعة األوىل ‪ :‬ومسجد املكان اجلامع ‪ .‬فاحلمقاء‬
‫صفة للبقلة ال للحبة ‪ .‬واألوىل صفة للساعة ال للصالة ‪ .‬واجلامع صفة للمكان ال‬
‫للمسجد ‪ ..‬مث حذف املضاف إليه وهو ( البقلة ‪ ،‬والساعة ‪ ،‬واملكان ) وأقيمت صفته‬
‫مقامه فلم يضف املوصوف إىل صفته بل إىل صفة غريه وهو املضاف إليه احملذوف ‪ .‬وأما‬
‫إضافة الصفة إىل املوصوف فهو مؤول على تقدير موصوف وإضافة الصفة إىل جنسها أي‬
‫‪ :‬شيء َجْر د من جنس القطيفة ‪ ،‬وشيء سحق من جنس العمامة ‪.‬‬
‫وقال الكوفيون جيوز إضافة الشيء إىل نفسه بشرط اختالف لفظي املضاف واملضاف‬
‫إليه ‪ .‬واستدلوا بالسماع والقياس ‪ .‬ووافقهم ابن مالك يف التسهيل (‪. )3‬‬
‫أما السماع فما ورد يف الكتاب والسنة كقوله تعاىل ‪ ( :‬ولدار اآلخرة ) (‪ )4‬وقوله تعاىل‬
‫‪ ( :‬إن هذا هلو حق اليقني ) (‪ )5‬وقوله تعاىل ‪ ( :‬وحنن أقرب إليه من حبل الوريد ) (‪)6‬‬
‫وقوله تعاىل ‪ ( :‬فأنبتنا به جنات وجب احلصيد )( ‪ )7‬وقوله تعاىل ‪ ( :‬فأرسلنا عليهم سيل‬

‫‪ُ - 1‬ك رز ‪ :‬كرُب ج ‪ :‬خرج الراعي ‪ .‬وكُقرّب ‪ :‬اللئيم واخلبيث احلاذق ( قاموس ) ‪.‬‬
‫‪ - 2‬جرد مبعىن جمرودة ‪ ،‬وسحق ‪ :‬مبعىن ‪ :‬بالية ي‪ :‬أي قطيفة جمرودة ‪ .‬أي ذهب ْمَخلها وَخ ِلَق ْت ‪.‬‬
‫‪ - 3‬التسهيل وشرحه البن مالك (‪ 3/225‬وما بعدها ) ‪.‬‬
‫‪ - 4‬سورة النحل ‪ ،‬آية ‪. 30 :‬‬
‫‪ - 5‬سورة الواقعة ‪ ،‬آية ‪. 95 :‬‬
‫‪ - 6‬سورة ق ‪ :‬آية ‪.16 :‬‬
‫‪ - 7‬سورة سبأ ‪ :‬آية ‪. 16 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪33‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫العرم ) (‪ )1‬وقوله تعاىل ‪ ( :‬وما كنت جبانب الغريب )( ‪ . )2‬وقوله تعاىل ‪ ( :‬أولئك هلم‬
‫سوء احلساب ) (‪. )3‬‬
‫ومن السنة قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪( :‬يا نساء املسلمات ال حَت ِق رَّن جارة جلارهتا ولو‬
‫ِفْر سَن شاة )( ‪ )4‬متفق عليه ‪ .‬وقوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬خري الصدقة ما كان عن‬
‫ظهر غىن ) أخرجه البخاري (‪. )5‬‬
‫وأما القياس فقالوا ‪ :‬إن العرب أجازت عطف الشيء على نفسه إذا اختلف اللفظان‬
‫كقول قائلهم ‪:‬‬
‫وألفى قوهلا كذبًا ومينًا‬

‫واملني هو الكذب ‪ :‬واألصل يف عطف النسق املغايرة ‪ .‬واملضاف واملضاف إليه‬


‫كاملعطوف واملطعوف عليه ‪.‬‬
‫وهذا القول هو املختار يف هذه املسألة ‪ .‬وال داعي لتلك التأويالت القائمة على احلذف‬
‫والتقدير الذي ال خيلو من تعسف مع كثرة الوارد كثرة تكفي للقياس عليه ‪ .‬مث إن هذه‬
‫اإلضافة ال ختلو من فائدة كاإليضاح والتوكيد ‪.‬‬
‫وقد ذكر ابن مالك – رمحه اهلل – مذهب البصريني فقال‪ ( :‬وال يضاف اسم ملا به احتد‬
‫معىن ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬ال يضاف اسم آلخر احتد معه يف املعىن ‪ ،‬واملراد باالحتاد يف املعىن ‪:‬‬
‫ما يشمل الرتادف والتساوي ‪ ،‬سواء كان حبسب الوضع كاإلنسان والناطق أو حبسب‬

‫‪ - 1‬سورة سبأ ‪ ،‬آية ‪. 16 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة القصص ‪ ،‬آية ‪ . 44 :‬وانظر ‪ :‬دراسات ألساليب القرآن الكرمي ( ‪. )3/3/344‬‬
‫‪ - 3‬سورة الرعد ‪ :‬آية ‪. 18 :‬‬
‫‪ِ - 4‬فْر ِس ن ك بكسر الفاء واملهملة بينهما راء ساكنة ‪ ،‬ما دون الرسغ من يدها وقيل هو عظم قليل اللحم ‪ ,‬واملقصود املبالغة يف احلث على‬
‫اإلهداء ولو يف الشيء اليسري ‪ .‬وخص النساء باخلطاب ألنه يغلب عليهن استصغار الشيء والتباهي بالكثرة ( راجع فتح البارئ ‪. ) 5/197‬‬
‫‪ - 5‬أخرجه البخاري من حديث أيب هريرة ( ‪ 294 /3‬فتح ) ومن حديث حكيم بن حزام وأخرجه مسلم من حديث حكيم بن حزام رقم‬
‫‪1034‬قال يف املصباح املنري ص ( ‪ 387‬مادة (ظهر ) و ( وأفضل الصدقة ما كان عن ظهر غين ) املراد نفس الغين ‪ ،‬ولكن أضيف لإليضاح‬
‫والبيان كما قيل ( ظهر ) الغيب ‪ (,‬وظهر ) القلب واملراد نفس الغيب ونفس القلب ومنه نسيم الصبا ‪ .‬وهي نفس الصبا الختالف اللفظني‬
‫طلبًا للتأكيد ‪ .‬قال بعضهم ‪ :‬ومن هذا الباب ‪ ( :‬حلق اليقني ) و ( ولدار اآلخرة ‪. ) ..‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪34‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫املراد كاملوصوف والصفة – على ما تقدم – وإذا ورد ما يوهم ذلك جيب تأويله على‬
‫النحو الذي سلف ‪.‬‬

‫َو َبْعُض َذا َقْد َيأِت َلْف ظًا ُمْف َرَد ا‬ ‫‪َ -396‬و َبْعُض األْس َم اِء ُيَض اُف أَبَد ا‬

‫الغالب على األمساء أن تكون صاحلة لإلضافة وعدم اإلضافة مثل ‪ :‬غالم ‪ ،‬كتاب ‪ ،‬قلم‬
‫‪.‬‬
‫ومن األمساء ما متتنـع إضافته ‪ ،‬ومنه أغلب األمساء املبنية ‪.‬‬
‫كالضمائر ‪ ،‬وأمساء اإلشارة واألمساء املوصولة ‪ .‬وأمساء الشرط ‪ .‬وأمساء االستفهام‬
‫‪.‬باستثناء ( أي ) من الثالثة األخرية ‪ .‬فإهنا تقع مضافة كما سيأيت إن شاء اهلل ‪.‬‬
‫ومن األمساء ما جتب إضافته إىل املفرد ‪ .‬ومنها ما جتب إضافته إىل اجلملة ‪.‬‬
‫أما النوع األول وهو ما جتب إضافته إىل املفرد – وهو املراد هبذا البيت – فهو نوعان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬ما يلزم اإلضافة لفظًا ومعىن ‪ ،‬فال يستعمل مفردًا – أي بال إضافة – مثل ‪ :‬عند‬
‫‪ ،‬لدى ‪ ،‬سوى ‪ ،‬قصارى الشيء ‪ ،‬ومحاداه مبعىن ‪ :‬غايته ‪.‬‬
‫الثاين ‪:‬ما يلزم اإلضافة معىن دون لفظ ‪ ،‬فيحذف املضاف إليه لفظًا وُينوى معناه ‪.‬‬
‫وُيستغىن عنه بالتنوين املسمى ‪ ( :‬تنوين العوض ) مثل كل( ‪ ) 1‬بعض ‪ ،‬قال تعاىل ‪:‬‬
‫( وكل يف فلك يسبحون ) (‪ )2‬وقال تعاىل ‪ ( :‬تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض )‬
‫(‪ )3‬وقوله تعاىل ‪ :‬أّيا ما تدعو فله األمساء احلسىن ) (‪ )4‬وسيأيت كل من القسمني إن شاء‬
‫اهلل ‪.‬‬

‫‪ - 1‬حذف املضاف إليه مع ( كل ) مشروط بأال تقع توكيدًا وال نعتًا فإن كانت كذلك فهي من النوع األول الذي يلزم اإلضافة لفظًا ومعىن‬
‫حنو ‪ :‬حضر الضيوف كلهم ‪ ،‬وأنت الرجل كل الرجل ‪ .‬فـ ( كل ) نعت لـ ( الرجل ) ‪.‬‬
‫‪ - 2‬سورة يس ‪ ،‬آية ‪. 40 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 253 :‬‬
‫‪ - 4‬سورة اإلسراء ‪ ،‬آية ‪.110 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪35‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وبعض األمساء يضاف أبدًا ‪ .‬إخل ) أي ‪ :‬بعض األمساء ال بد من‬
‫إضافته حتمًا ( وبعض ذا ) أي وبعض ما لزم اإلضافة حتمًا قد يستعمل ( لفظًا مفردًا )‬
‫أي مقطوعًا عن اإلضافة لفظًا ال معىن ‪.‬‬

‫****‬
‫ِه‬
‫إيالُؤ ُه امسًا َظا رًا َح ْيُث َو َقْع‬ ‫‪َ -397‬و َبْعُض َم ا ُيَض اُف َح ْتمًا اْم َتَنْع‬
‫ِل‬
‫َو َش َذ إيالُء َيَد ْى َلّبَـْى‬ ‫‪َ -398‬ك َو ْح َد َلْىَّب َو َدَو اْىَل َس ْع َد ْى‬
‫األمساء املالزمة لإلضافة إىل املفرد لفظًا ومعىن ثالثة أنواع ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬ما يضاف للظاهر والضمري مثل ‪ :‬كال وكلتا ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬ما خيتص بالظاهر مثل ‪ُ :‬أويل وُأوالت ‪ ،‬وذي وذات ‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬حنن أولوا‬
‫قوة )( ‪ )1‬وقال تعاىل ‪ ( :‬وأوالت األمحال )( ‪ )2‬وقال تعاىل ‪ ( :‬وذا النون ) (‪ )3‬وقال‬
‫تعاىل ‪ ( :‬حدائق ذات هبجة ) ( ‪. )4‬‬
‫الثالث ‪ :‬ما خيتص بالضمري – وهو املراد هنا – وهو نوعان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬ما يضاف لكل ضمري ‪ .‬وهو ( َو ْح َد ) حنو ‪ :‬ال أسافر وحدي ‪ ،‬ال تسافر‬
‫وحدك ‪ ،‬من سافر وحده مل ميتثل هني الشرع ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬ما خيتص بضمري املخاطب ‪ ،‬وهي مصادر مثناة لفظًا ومعناها التكرار الذي يزيد‬
‫على اثنني ‪ .‬مثل ‪ :‬لبيك وسعديك ودواليك قال صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬لبيك اللهم لبيك ‪،‬‬
‫لبيك ال شريك لك لبيك ‪ ،‬إن احلمد والنعمة لك وامللك ال شريك لك ) قال نافع ‪:‬‬
‫وكان عبد اهلل بن عمر يزيد فيها ‪ ( :‬لبيك لبيك وسعيدك ‪ ،‬واخلري بيديك والرغباء إليك‬
‫والعمل( ‪. )5‬‬
‫‪ - 1‬سورة النمل ‪ ،‬آية ‪.33 :‬‬
‫‪ - 2‬سورة الطالق ‪ ،‬آية ‪. 4 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة األنبياء ‪ ،‬آية ‪. 78 :‬‬
‫‪ - 4‬سورة النمل ‪ ،‬آية ‪. 60‬‬
‫‪ - 5‬أخرجه البخاري ( ‪ )3/408‬ومسلم برقم ( ‪ . )1184‬والزيادة ملسلم دون البخاري ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪36‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫و( لبيك ) معناها ‪ :‬إجابة بعد إجابة ‪ .‬من ( َلَّب ) مبعىن ‪ ( :‬ألَّب ) تقول‪ُ :‬أِلُّب لك‬
‫إلبابني ‪ :‬أي أقيم لطاعتك إلبابًا كثريًا ‪ .‬ألن التثنية للتكرير‪.‬‬
‫قال تعاىل ‪ ( :‬مث ارجع البصر كرتني ) (‪ )1‬أي ‪ :‬كرات ‪ .‬وهي مفعول مطلق منصوب‬
‫بالياء إحلاقًا هلا باملثىن مراعاة للفظها ‪ .‬وليست مثىن حقيقة من ناحية معناها وعاملها‬
‫حمذوف تقديره ‪ :‬أجيب والكاف مضاف إليه ‪.‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬وسعديك ) أي ‪َ :‬س ْع دًا بعد سعد ‪ .‬والسعد والسعود ‪ :‬الُيمن والربكة أي مينًا‬
‫وبركة يف تلبيتك ‪ .‬وهو منصوب بالياء إحلاقًا له باملثىن على أنه مفعول مطلق ‪ .‬وعامله‬
‫حمذوف يقدر مبا يناسب ‪ .‬والكاف مضاف إليه ‪.‬‬
‫وأما ( دواليك ) فنحو ‪ :‬أخذ حممد يصعد ويهبط دواليك ‪ .‬مبعىن تداوًال بعد تداول أي‬
‫‪ :‬تواليًا بعد توال ‪ .‬وإعرابه كما تقدم ‪.‬‬
‫وقد شذ إضافة إحدى هذه الكلمات وأشباهها إىل ضمري غري ضمري املخاطب إىل اسم‬
‫ظاهر ‪ .‬فاألول كقول الشاعر ‪:‬‬

‫لقلت لبيه لمن يدعوني‬

‫فأضاف ( َلْىَّب ) إىل ضمري الغائب وهو اهلاء وهذا شاذ ‪.‬‬
‫والثاين ‪ :‬كقوله ‪:‬‬

‫فلىّب فليّب يدي مسور (‪. ) 2‬‬ ‫دعوت ملا نابين ِم ْسَو را‬
‫فأضاف ( لْىّب ) إىل اسم ظاهر وهو (يدي ) وهذا شاذ ‪ .‬قال ابن مالك ‪( :‬وبعض ما‬
‫يضاف حتمًا امتنع ‪..‬إخل ) أي ‪ :‬أن بعض األمساء املالزمة لإلضافة ميتنع أن يليه االسم‬
‫الظاهر ‪ .‬حيث وقع من األسلوب ‪ ،‬وإمنا جيب أن يليه الضمري ‪ ( .‬كوحد ‪ ،‬لْىّب ‪ ،‬ودوايل‬
‫‪ - 1‬سورة امللك ‪ ،‬آية ‪.4 :‬‬
‫‪ - 2‬قيل ‪ :‬إن هذا رجل دعا آخر امسه ( مسور ) ليساعده يف مال لزمه فأجابه إىل ذلك فقال هذا البيت ‪ :‬و( لىب ) األول فعل ماض ‪ .‬وفاعله‬
‫ضمري مسترت ( فلىب ) الفاء عاطفة ‪ :‬و( لىب ) مفعول مطلق منصوب بفعل حمذوف ‪ .‬و ( يدي ) مضاف إليه جمرور بالياء ألنه مثىن وهو مضاف‬
‫و( مسور ) مضاف إليه ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪37‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ ،‬وسعَد ي ) مث حكم بالشذوذ على وقوع املضاف إليه امسًا ظاهرًا وهو (يد ) بعد كلمة‬
‫( لْىَّب ) يشري بذلك إىل البيت املذكور ‪.‬‬

‫***‬

‫َح ْيُث َو إْذ َو َإْن ُيَنَّو ْن ْحُيَتَمْل‬ ‫‪َ -399‬و أْلَزُموا إَض اَفًة إىَل اُجْلَمْل‬
‫إِض ْف َج َو ازًا ْحَنُو ِح َني َج اُنِبْذ‬ ‫‪ -400‬إْفَر اُد إْذ َو َم ا َك إْذ َم ْع ًىن َك إْذ‬

‫تقدم أن من األمساء ما جتب إضافته إىل املفرد ‪ .‬ومنها ما جتب إضافته إىل اجلملة واألول‬
‫مضى الكالم عليه ‪ .‬وأما الثاين فهو ثالثة أمساء ‪ ( :‬حيث ‪ ،‬وإذ ‪ ،‬وإذا ) ‪.‬‬
‫والكالم اآلن على ( حيث ) و ( إذا ) وأما ( إذا ) فسيأيت الكالم عليها إن شاء اهلل ‪.‬‬
‫فاألول ‪ ( :‬حيث ) وهو ظرف مكان مبىن على الضم يف حمل نصب ‪ .‬ويضاف إىل اجلملة‬
‫االمسية حنو‪ :‬جلسُت حيُث املكاُن مجيٌل ‪ .‬والفعلية حنو ‪ :‬اجلس حيث أردَت ‪ .‬أو‬
‫حيث تريد ‪ .‬واألكثرون على أن إضافتها للمفرد شاذة ‪ .‬حنو جلست حيث اهلدوء ‪.‬‬
‫ألن العرب مل تضفها يف األكثر إال إىل اجلملة ‪ .‬ويرى فريق آخر منهم الكسائي جواز‬
‫إضافتها للمفرد ‪ .‬وحجته أن األمثلة املسموعة أمثلة فصيحة ‪ ،‬وهي مع قلتها كافية‬
‫للقياس عليها ‪ ،‬ألهنا قلة نسبية أي بالنسبة ألضافتها إىل اجلملة ‪ .‬ومن ذلك قول الشاعر ‪:‬‬

‫جنمًا يضيء كالشهاب المعًا (‪. ) 1‬‬ ‫أما ترى حيُث سهيٍل طالعًا‬

‫فأضاف ( حيث ) إىل املفرد ( سهيل ) ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سهيل ‪ :‬جنم يربد الليل عند طلوعه ‪ .‬وتنضج التمور والفواكه ‪ ،‬الشهاب‪ ،‬شعلة من نار ساطعة ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ ( :‬أما ) اهلمزة لالستفهام ‪ ،‬وما ‪ :‬نافية أو الكلمة كلها أداة استفتاح ‪ ( .‬ترى ) فعل مضارع والفاعل ( أنت ) ( حيث ) مفعول به ‪.‬‬
‫مبىن على الضم يف حمل نصب (سهيل ) مضاف إليه ( طالعًا ) حال من ( حيث ) أي ترى مكان سهيل حال كونه طالعًا فيه ‪ ،‬أو حال من‬
‫(سهيل) ‪ ( .‬جنمًا ) منصوب على املدح بفعل حمذوف ‪ .‬أو يكون ( حيث ) ظرف مكان مبين على الضم يف حمل نصب و( طالعًا ) مفعول به ‪.‬‬
‫و ( جنمًا ) بدل من ( طالعًا ) ( يضيء ) اجلملة يف حمل نصب صفة لـ ( جنمًا ) ( كالشهاب ) متعلق بيضئ ( المعًا ) حال من فاعل يضيء‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪38‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وعلى هذا القول فال داعي للتأويل أو احلكم بالشذوذ ‪ ،‬ومع القول بوجاهة هذا القول‬
‫إال أن األوىل حماكاة الكثري ‪..‬‬
‫والثاين ‪ ( :‬إذ ) فهو ظرف للزمان املاضي(‪. ) 1‬املبهم ‪ .‬مبين على السكون يف حمل‬
‫نصب (‪ . )2‬ويضاف إىل اجلملة االمسية حنو ‪ :‬جئت إذ املطر هاطل ‪ ،‬قال تعاىل ‪:‬‬
‫( أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ) (‪ . )3‬والفعلية اليت فعلها ماض لفظًا ومعىن حنو‬
‫‪ :‬جئت إذ هطل املطر ‪ .‬أو معىن فقط كقوله تعاىل ‪ ( :‬وإذ يرفع إبراهيم القواعد من‬
‫البيت وإمساعيل ) (‪ )4‬وقوله تعاىل ‪ ( :‬وإذ ميكر بك الذين كفروا )( ‪ )5‬وقوله تعاىل ‪( :‬‬
‫وإذ تقول للذي أنعم اهلل عليه ) (‪ . )6‬ألن ما ذكر متقدم على نزول اآلية (‪. )7‬‬
‫ويلحق بـ (إذ ) ما أشبهها من األمساء يف كونه ظرفًا يدل على الزمان املاضي املبهم مثل‬
‫‪ :‬حني ‪ ،‬وقت‪،‬زمن ‪ ،‬حلظة ‪ ،‬وكذلك يوم وساعة – إذا أريد هبما مطلق الزمان ‪. -‬‬
‫فهذه األمساء ونظائرها تضاف إىل ما تضاف إليه ( إذ ) من اجلملة االمسية والفعلية ‪.‬‬
‫تقول ‪ :‬حضرُت حَني انصرفَت ‪ ،‬هذا يوُم ينفع اجلد ‪ ،‬نزل املطر على حِني الفالح قانط ‪.‬‬

‫‪ - 1‬وقد تكون – على األصح – ظرفًا للزمان املستقبل مبعىن ( إذا ) حني تقوم القرينة الدالة عليه كقوله تعاىل ‪ ( :‬وأنذرهم يوم احلسرة إذ‬
‫قضي األمر ) وقوله تعاىل ‪ ( :‬وأنذرهم يوم األزفة إذ القلوب لدى احلناجر كاظمني ) وقوله تعاىل ‪ ( :‬فسوف يعلمون إذ األغالل يف أعناقهم )‬
‫وكل ذلك مستقبل مل حيصل منه شيء فيما مضى من الزمان ‪ ،‬قال ابن مالك يف شواهد التوضيح والتصحيح ص ‪ : 9‬وقوله ‪ ( :‬إذ خيرجك‬
‫قومك ) استعمل فيه (إذ ) موافقة لـ ( إذا ) يف إفادة االستقبال ‪ .‬وهو استعمال صحيح غفل عن التنبيه إليه أكثر النحويني ‪ ) ..‬اجلمهور ال‬
‫يثبتون ذلك بل النصوص الواردة من باب تنزيل املستقبل احملقق الوقوع منزلة ما قد وقع وهو املاضي ‪ ،‬فتكون النكتة البالغية فيه القطع بأنه آت‬
‫ال حمالة ‪ .‬ومع أن غاية الرأيني واحدة إال أنه يؤيد األول قوله تعاىل ‪ ( :‬فسوف يعلمون ‪ ،‬إذ األغالل يف أعناقهم ) ‪ :‬فإن (يعلمون ) مستقبل‬
‫لفظًا ومعىن ‪ ،‬لدخول حرف التنفيس عليه ‪ .‬وقد عمل يف ( إذ ) فيلزم أن يكون مبنزلة ( إذا ) ‪.‬‬
‫‪ - 2‬قد تكون يف حمل جر مضافًا إليه إذا أضيفت إىل لفظ دال على الزمان مثل ‪ :‬يومئذ ‪ ،‬حينئذ ‪ ،‬ساعتئذ ‪ ،‬ليلتئذ ‪ ،‬غداتئذ ‪ ،‬عشيتئذ ‪... ،‬‬
‫ويلزمها تنوين العوض كما مر يف أول الكتاب ‪ ،‬وهو عوض عن املضاف إليه احملذوف ‪ ،‬وهو اجلملة اليت أضيفت ( إذ ) إليها وتقدير هذه‬
‫اجلملة يدل عليه سياق الكالم ‪.‬‬
‫‪ - 3‬سورة آل عمران ‪ :‬آية ‪. 80 :‬‬
‫‪ - 4‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 80 :‬‬
‫‪ - 5‬سورة األنفال ‪ :‬آية ‪.30 :‬‬
‫‪ - 6‬سورة األحزاب ‪ :‬آية ‪. 37 :‬‬
‫‪ - 7‬انظر مغين اللبيب ( ‪. ) 82 ،81 /1‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪39‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وإضافتها إىل اجلملة جائزة ال واجبة ‪ ،‬فيصح أن تضاف إىل املفرد خبالف ( إذ ) فإهنا ال‬
‫تضاف إال إىل اجلملة – كما مضى – تقول‪ :‬ساعدتين يف وقت الشدائد ‪ .‬استيقظت‬
‫وقت الفجر ‪.‬‬
‫فإن كان الظرف غري ماض – وهو املستقبل – مل جُي ر جُم رى ( إذ ) يف اإلضافة إىل‬
‫اجلملة بنوعيها ‪ ،‬بل يعامل معاملة ( إذا ) فال يضاف إىل اجلملة االمسية (‪ )1‬بل إىل الفعلية‬
‫‪ ،‬حنو ‪ :‬أجيئك حني جييء والدك من سفره ‪.‬‬
‫وإن كان غري مبهم – وهو الظرف احملدود – مل يضف إىل اجلملة ألنه مل يسمع بل‬
‫يضاف إىل املفرد ‪ .‬مثل ‪ :‬شهر ‪ ،‬حول ‪ ،‬سنة ‪ ،‬عام ‪ ،‬وحنو ذلك تقول ‪ :‬شهُر رمضاَن‬
‫مبارٌك ‪ ،‬سنَة مثاٍن فتُح مكَة ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله‪ ( :‬وألزموا إضافة إىل اجلمل ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬ألزم النحاة ( حيث ) و ( إذ‬
‫) اإلضافة إىل اجلمل مطلقًا حماكاة للكالم الفصيح ‪ ،‬وإن ينون ( إذ ) حبذف املضاف إليه‬
‫‪ .‬كان من احملتمل اجلائز إفرادها ‪ .‬أي ‪ :‬قطعها عن اإلضافة لفظًا ال معىن ‪ .‬وما كان مثل‬
‫( إذ ) يف كونه اسم زمان مبهم فهو ( كإذ ) يف إضافته إىل اجلملة بنوعيها ‪ .‬لكن إضافته‬
‫جائزة ال واجبة مث مثل ملا يشبه ( إذ ) يف قوله ( حني جانبذ ) أي ‪ :‬حني جاء اجملرم ُنبذ‬
‫شأنه ‪.‬‬

‫ُبِنَيا‬ ‫واْخ َتْر ِبَنا َمْتُلِّو ِفْع ٍل‬ ‫‪َ-401‬و اْبِن أِو اْع ِر ْب َم ا َك إْذ َقْد ُأْج ِر َيا‬
‫ُيَف َّنَد ا‬ ‫اْع ِر ْب َو َمْن َبىَن َفَلْن‬ ‫‪َ -402‬و َقْبَل ِفْع ٍل ُمْع رٍب أْو ُم ْبَتَد ا‬

‫تقدم أن ما يضاف إىل اجلملة قسمان ‪:‬‬

‫‪ - 1‬هذا قول مجهور النحاة أن ( إذا ) ال تضاف إىل مجلة امسية ‪ ،‬وكذا ما أشبهها ‪ ،‬لكن وقع يف القرآن الكرمي إضافة ما أشبهها إىل مجلة امسية‬
‫كقوله تعاىل ‪ ( :‬يوم هم بارزن ال خيفى على اهلل منهم شيء ) وقوله تعاىل ( يوم هم على النار يفتنون ) ويف كالم العرب قول الشاعر ‪:‬‬
‫فكن يل شفيعًا يوم ال ذو شفاعة مبغٍن فتيًال عن سواد بن قارب ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪40‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫األول‪ :‬ما يضاف إىل اجلملة لزومًا ‪ .‬وهو ( حيث ‪ ،‬إذ ) وحكمهما يف البناء كما تقدم‬
‫‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬ما يضاف إىل اجلملة جوازًا وهو ما أشبه ( إذ ) يف كونه اسم زمان ماض مبهم ‪.‬‬
‫فهذا جيوز فيه وجهان ‪.‬‬
‫‪ -1‬اإلعراب ‪ .‬محًال على األصل يف األمساء ‪.‬‬
‫‪ -2‬البناء محًال على ( إذ ) ألهنا مبنية ‪.‬‬
‫سواء أضيف إىل مجلة فعلية صدرت بفعل مبين بناًء أصلّيًا و عارضًا ‪ ،‬أو مجلة فعلية‬
‫صدرت مبضارع معرب أو مجلة امسية ‪ ,‬لكن املختار فيما أضيف إىل مجلة فعلية‬
‫صدرت بفعل مبين البناء حنو ‪ :‬تيقظت على حَني أذن املؤذن ‪ .‬فـ ( حَني ) اسم زمان‬
‫مبهم مبين على الفتح يف حمل جر ‪ .‬هو األحسن ‪ .‬وجيوز ( على حِني ) فهو اسم‬
‫جمرور بالكسرة الظاهرة ومنه قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬من حج فلم يرُفْث ومل‬
‫يفسق رجع من ذنوبه كيوَم ولدته أمه ) (‪ )1‬فيجوز الفتح على البناء ‪ .‬والكسر على‬
‫اإلعراب ‪.‬‬
‫وأما ما وقع قبل فعل معرب أو قبل مبتدأ فاملختار فيه اإلعراب ‪ ،‬وجيوز البناء حنو ‪ :‬هذا‬
‫أواُن يزرع القمح ‪ .‬فيجوز يف ( أوان ) الرفع على أنه خرب ‪ .‬وجيوز البناء على الفتح ‪.‬‬
‫واألول أرجح ‪ .‬وحنو ‪ :‬نزل املطر على حني الفالح قانط ‪ .‬جيوز ( على ِح ِني ) بالكسر‬
‫على اإلعراب ‪ ( .‬وعلى ِح َني ) بالفتح على البناء ‪ .‬واألول أرجح ومنه قوله تعاىل ‪:‬‬
‫( هذا يوُم ينفع الصادقني صدقهم ) (‪ )2‬فقد قرأ كل السبعة إال نافعًا املدين بالرفع على‬
‫اإلعراب ‪ ،‬على أنه خرب املبتدأ ( هذا ) ‪ .‬وقرأ نافع بالفتح على البناء فهو مبين على الفتح‬
‫يف حمل رفع خرب ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وابن أو اعرب ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬ابن أو اعرب ما أجري جمرى (إذ ) يف‬
‫كونه اسم زمان ماض مبهم ‪ .‬ولكن املختار بنا ( متلو فعل بنيا ) أي ما تاله فعل مبين‬
‫‪ - 1‬متفق عليه ‪.‬‬
‫‪ - 2‬سور املائدة ‪ ،‬آية ‪. 119 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪41‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫سواء كان ماضيًا أو مضارعًا مبنيًا وإعراب ما بعده مبتدأ أو فعل معرب وهو املضارع ‪.‬‬
‫ومن بىن يف مجيع احلاالت ( فلن يفندا ) أي ‪ :‬فلن ُيغَّلط ‪ .‬واأللف لإلطالق ‪ .‬وكذا يف‬
‫قوله ‪ ( :‬ما كإذ قد أجريا ) ‪.‬‬

‫َمُجِل األْفَعاِل كـ ( ُه ْن إذا اْع َتَلى )‬ ‫‪َ -403‬و َأْلَزُموا إذا إَض اَفًة إىَل‬

‫ذكر يف هذا البيت االسم الثالث الذي يضاف إىل اجلملة وجوبًا ‪.‬وهو (إذا ) الشرطية‬
‫(‪ . )1‬الدالة على الزمان املستقبل ‪ .‬وهو مبين على السكون يف حمل نصب ‪.‬‬
‫وهو ال يضاف إال إىل اجلملة الفعلية واألكثر أن تكون ماضية حنو ‪ :‬إذا دعوتين أجيبك أو‬
‫إذا تدعوين أجيبك ‪ .‬فـ ( إذا ) ظرف ملا يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب جبوابه‬
‫وهو مضاف ومجلة ( دعوتين ) يف حمل جر مضاف إليه ‪.‬‬
‫وال تضاف إىل اجلملة االمسية إال على رأي األخفش والكوفيني فيجوز ‪ :‬أجيبك إذا‬
‫خالد عندك ‪ .‬وهذا القول مؤيد مبا يزيد على عشرين آية من القرآن ‪ .‬كما يف سورة‬
‫االنفطار واالنشقاق والتكوير واملرسالت ‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬إذا السماء انفطرت ) (‪، )2‬‬
‫( إذا السماء انشقت ) (‪ )3‬فوَيل ( إذا ) اسم باإلضافة إىل الشواهد من كالم العرب‬
‫‪ ،‬ومن ذلك قول الشاعر ‪:‬‬

‫له ولد منها فذاك ا ذّر ع (‪)4‬‬ ‫إذا باهلٌّي حتته حنظلية‬
‫ُمل‬
‫‪ -1‬هذا هو الغالب يف (إذا ) وقد تكون للظرفية احملضة ‪ .‬وعالمتها أال يكون هلا جواب كقوله تعاىل ‪ ( :‬واليل إذا يغشى * والنهار إذا جتلى )‬
‫خبالف ‪ ( :‬إذا جاء نصر اهلل والفتح ) فهي ظرفية شرطية وجواهبا ‪ ( :‬فسبح حبمد ربك ‪. ) .. .‬‬
‫‪ - 2‬سورة االنفطار ‪ :‬آية ‪. 1 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة االنشقاق ‪ :‬آية ‪.1 :‬‬
‫‪ - 4‬باهلي منسوب إىل باهلة وهي قبيلة من قيس عيالن أكثر الشعراء من ذمها ‪ .‬حنظلية نسبة إىل حنظلة ‪ .‬وهي من أكرم قبائل متيم ‪ .‬املذرع‬
‫‪ :‬الذي أمه أشرف من أبيه ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ :‬إذا ظرف فيه معىن الشرط ( باهلي ) مبتدأ أو خرب لكان احملذوفة ( حتته ) ظرف خرب مقدم ( حنظلية ) مبتدأ مؤخر ‪ .‬واجلملة خرب‬
‫لكان احملذوفة ‪ .‬أو خرب املبتدأ ( له ولد ) خرب مقدم ومبتدأ مؤخر واجلملة صفة لباهلي أو حال ‪( .‬منها ) صفة لولد فذاك ‪ :‬الفاء واقعة يف‬
‫جواب ( إذا ) و ( ذاك ) مبتدأ ‪ ( .‬املذرع ) خرب املبتدأ ‪ .‬واجلملة ال حمل هلا جواب ( إذا ) ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪42‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫فأتى باالسم بعد ( إذا ) وجعل بعده ظرفًا ‪ ،‬واستغىن به عن الفعل وال يفعل ذلك‬
‫بأداة ختتص بالفعل ‪.‬‬
‫وهذا القول هو األظهر يف هذه املسألة ‪ ،‬وهو أن ( إذا ) تضاف إىل اجلملة الفعلية‬
‫كثريًا وإىل اجلملة االمسية قليًال ‪ .‬استنادًا ملا ورد من النصوص ‪ .‬فيكون االسم بعدها‬
‫مبتدأ وما بعده خرب ‪ .‬وال حاجة إىل التكلف يف تأويلها بتقدير فعل يلي ( إذا ) ‪.‬‬
‫وقد اختار ابن مالك هذا القول يف كتابه ( التسهيل ) حيث يقول يف باب ( الظروف‬
‫وهو باب املفعول فيه ) ‪ ( :‬ومنها ‪ :‬إذا للوقت املستقبل مضمنة معىن الشرط غالبًا ‪،‬‬
‫وتضاف أبدًا إىل مجلة مصدرة بفعل ظاهر أو مقدر قبل اسم يليه فعل ‪ ،‬وقد تغين‬
‫ابتدائية اسم بعدها عن تقدير فعل وفاقًا لألخفش (‪ .. . )1‬قال يف شرحه ‪ ( :‬وبقوله‬
‫أقول ‪ :‬ألن طلب (إذا ) للفعل ليس كطلب ( إن ) بل طلبها له كطلب ما هو بالفعل‬
‫أوىل مما ال عمل له فيه كهمزة االستفهام ‪ ،‬فكما ال يلزم فاعلية االسم بعد اهلمزة ال‬
‫يلزم بعد ( إذا ) ‪ .‬ولذلك جاز أن يقال ‪ :‬إذا الرجل يف املسجد فظن به خريًا ‪ ...‬إخل‬
‫كالمه ) (‪. )2‬‬
‫وأما يف األلفية فإنه قال ‪ ( :‬وألزموا إذا إضافة ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أوجب النحويون إضافة ( إذا‬
‫) الظرفية إىل اجلمل الفعلية خاصة نظرًا ملا تضمنته من معىن الشرط غالبًا كـ ( هن إذا‬
‫اعتلى ) أي ‪ :‬كن متواضعًا هينًا إذا تكرب غريك ‪ .‬وقوله ( إىل مجل االفعال ) بنقل حركة‬
‫اهلمزة إىل الالم ‪.‬‬

‫***‬

‫َتَفُّر ٍق ُأِض يَف َك ْلَتا َو ِكاَل‬ ‫‪ِ -404‬لُم ْف ِهِم اثَنِنْي ُمَعَّر ٍف ِبال‬
‫‪ - 1‬مل يذكر ابن مالك رأي الكوفيني وهو قريب من رأي األخفش لكن يظهر أن الكوفيني يرون أن االسم املرفوع بعد أداة الشرط فاعل‬
‫للفعل املذكور بعُد وهو رأي جيد – أيضًا – لسالمته من التقدير ‪ ،‬واألخفش يرى أنه مبتدأ وقد ذكرت هذه املسألة يف أول باب الفاعل ‪.‬‬
‫‪ - 2‬التسهيل وشرحه البن مالك ( ‪. )213 ، 2/210‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪43‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫من األمساء املالزمة لإلضافة لفظًا ومعىن ‪ ،‬كال ‪ .‬وكلتا ‪ .‬فـ ( كال ) اسم مفرد يف اللفظ ‪.‬‬
‫مثىن يف املعىن ألنه يدل على املثىن املذكر ‪ .‬و ( كلتا اسم مفرد يف اللفظ ‪ .‬مثىن يف املعىن ‪.‬‬
‫ألنه يدل على املثىن املؤنث ‪ .‬ويشرتط يف املضاف إليه بعدمها ثالثة شروط ‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن يكون مثىن لفظًا ومعىن حنو ‪ :‬جاء كال الطالبني ‪ ،‬وكلتا املرأتني أو معىن دون‬
‫لفظ حنو ‪ :‬جاءين كالمها وكلتامها ‪ .‬فـ ( كال ) فاعل مرفوع بضمة مقدرة على األلف‬
‫منع من ظهورها التعذر ‪ .‬و( الطالبني ) مضاف إليه ‪ .‬و( كالمها ) فاعل مرفوع باأللف‬
‫ألنه ملحق باملثىن ‪ ,‬واهلاء مضاف إليه ‪ ,‬وامليم للتثنية ‪.‬‬
‫قال تعاىل ‪ ( :‬كلتا اجلنتني ءاتت أكلها ) (‪ )1‬وقال تعاىل ‪ ( :‬وقضى ربك أال تعبدوا إال‬
‫إياه وبالوالدين إحسانًا إما يبلغن عندك الكرب أحدمها أو كالمها فال تقل هلما أف ) (‪. )2‬‬

‫الثاين ‪ :‬أن يكون املضاف إليه كلمة واحدة ‪ ،‬فال يصح ‪ :‬ساعدت كال األخ‬
‫والصديق ‪.‬‬
‫وقد ورد قليًال كقول الشاعر ‪.‬‬

‫يف النائبات وإملام امللمات (‪)3‬‬ ‫كال أخي وخليلي واجدي عضدًا‬

‫الثالث ‪ :‬أن يكون معرفة ‪ .‬فال جيوز ‪ :‬حضر كال رجلني ‪ .‬وهذا معىن قوله ‪( :‬ملفهم‬
‫اثنني ‪ ..‬إخل ) أي أضيفت ( كلتا وكال) ( ملفهم اثنني ) أي ملا يدل على اثنني ‪ .‬مع‬
‫تعريفه ‪ .‬وعدم تفرق أفراده ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة الكهف ‪ ،‬آية ‪. 23 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة اإلسراء ‪ ،‬آية ‪. 23 :‬‬
‫‪ - 3‬إعرابه ‪ ( :‬كال ) مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على األلف للتعذر ‪ .‬وهو مضاف وأخ من ( أخي ) مضاف إليه جمرور بالكسرة الظاهرة أو‬
‫املقدرة على املشهور وهو مضاف وياء املتكلم مضاف إليه ‪( .‬واجدي ) خرب املبتدأ والياء مضاف إليه وهي املفعول األول ( عضدا) مفعول ثان‬
‫السم الفاعل ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪44‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -405‬ال ُتِض ِل ْف ٍد َّر ِف‬
‫أّيًا َو ِإْن َكَّر ْر َتَه ا َفأِض ْف‬ ‫ْف ُم َر ُمَع‬ ‫َو‬
‫‪-406‬أْو َتْنِو اَألجَز ا َو اْخ ُصَصْن باَملْع ِر َفْه َم وُصوَلًة أّيًا َو ِباْلَعْك ِس الِّص َف ْه‬
‫َفُم ْطَلقًا َكِّم ْل َهِبا الَك الَم ا‬ ‫‪َ -407‬و إْن تُك ْن َش ْر طًا أِو اْس ِتْف َه اَم ا‬

‫من األمساء املالزمة لإلضافة (أي ) وهي مخسة أنواع ‪ ( :‬موصولة وشرطية‬
‫واستفهامية ‪ ،‬ووصفية ‪ ،‬وحالية ) وفيها حبثان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬يف نوع ما تضاف إليه ‪ .‬الثاين ‪ :‬يف حكم إضافتها ‪.‬‬
‫أما نوع ما تضاف إليه فهي ثالثة أقسام ‪:‬‬

‫‪-1‬الشرطية ‪ ،‬واالستفهامية ‪ :‬يضافان إىل النكرة واملعرفة ‪ ،‬وأما النكرة فسواء‬


‫كانت مفردة أو مثناة أو جمموعة ‪ .‬تقول يف االستفهامية ‪ :‬أي رجل جاء ؟ ومنه قوله‬
‫تعاىل ‪ ( :‬من أي شيء خلقه ) (‪. )1‬‬
‫وتقول ‪ :‬أّي رجلني جاءا ؟ وأُّي رجال جاءوا ؟‬
‫وتقول يف الشرطية ‪ :‬أّي رجل تكرم أكرم ‪ ،‬وأّي رجلني تكرم أكرم ‪ .‬وأّي رجال‬
‫تكرم أكرم‪.‬‬
‫ويضافان إىل املعرفة مثناة أو جمموعة تقول يف االستفهامية ‪ :‬أُّي احملمدين عندك ؟‬
‫قال تعاىل ‪ ( :‬أُّي الفريقني خري مقامًا وأحسُن نديًا )(‪ . )3 ()2‬فـ ( أي ) مبتدأ خربه (‬
‫خرب) ‪ ،‬وتقول ‪ :‬أيكم أكثر اجتهادًا ؟ قال تعاىل ‪ ( :‬فبأي ءاآلء ربك تتمارى ) (‪)4‬‬

‫‪- 1‬سورة عبس ‪ ،‬آية ‪. 18 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة مرمي ‪ :‬آية ‪. 73 :‬‬
‫‪ - 3‬ندّيًا ‪ :‬متييز ‪ .‬وكذا (مقامًا ) ‪ .‬ومعىن ( ندّيًا ) أي ناديًا وجمتمعًا ‪.‬‬
‫‪ - 4‬سورة النجم ‪ ،‬آية ‪.55 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪45‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫(‪ .)1‬فـ ( أي ) اسم جمرور بالباء متعلق بالفعل ‪ .‬وقال تعاىل ‪ ( :‬أيكم يأتيين بعرشها )‬
‫(‪ )2‬فـ ( أي ) مبتدأ والكاف مضاف إليه وامليم عالمة اجلمع ‪ .‬ومجلة ( يأتيين ) خرب ‪.‬‬
‫وتقول يف الشرطية ‪ :‬أّي الطالبني تكرم أكرم ‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬أميا األجلني قضيُت فال‬
‫عدوان علّي ) (‪ . )3‬فـ ( أّي ) اسم شرط جازم مفعول به مقدم منصوب و( ما )‬
‫زائدة إعرابًا مؤكدة معىن ‪.‬وتقول ‪ :‬أّي الطالب تكرم أكرم ‪.‬‬
‫وأما املفرد املعرفة فال يضافان إليه إال بأحد شرطني ‪.‬‬
‫‪ -1‬أن تتكرر ‪ .‬وذلك بأن يعطف عليها مثلها بالواو حنو ‪ :‬أُّي خالد وأُّي علي‬
‫أشجع ؟ ‪.‬‬
‫قال الشاعر ‪:‬‬

‫غداة التقينا كان خريًا وأكرامًا (‪.)4‬‬ ‫أال تسألون الناس أيي وأيكم‬

‫فأضاف( أي ) االستفهامية إىل مفرد معرفة ‪ .‬وهو ياء املتكلم ‪ .‬وتكررت ‪ .‬ومثال‬
‫الشرطية ‪ :‬أّيي وأُّيك جاء ُيكرْم (‪. )5‬‬

‫‪ - 1‬التاء رابطة جلواب شرط مقدر ‪ ،‬ومجلة ( تتمارى ) يف حمل جزم جواب الشرط املقدر وتقديره – واهلل أعلم – إن كانت قدرة اهلل متمثلة‬
‫مبا عرض عليك يف هذه السورة من مظاهر النعم والنقم فبأي آالء ربك تتمارى أي ‪ :‬تتشكك أو تكذب ‪.‬‬
‫‪ - 2‬سورة النمل ‪ ،‬آية ‪. 38 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة القصص ‪ ،‬آية ‪. 28 :‬‬
‫‪ - 4‬إعرابه ‪ ( :‬أال ) أداة استفتاح وتنبيه ( تسألون ) فعل وفاعل ‪ ( :‬الناس ) مفعول أول ( أّيي ) أي‪ :‬مبتدأ وياء املتكلم مضاف إليه ‪( .‬وأيكم‬
‫) معطوف عليه ( غداة ) ظرف زمان متعلق بـ (كان ) أو بـ ( خريًا ) ومجلة التقينا ) يف حمل جر بإضافة ( غداة ) إليها ‪( .‬كان ) فعل ماض‬
‫ناقص وامسه ضمري مسترت جوازًا يعود على اسم االستفهام (خريًا ) خرب كان ( وأكرمًا ) معطوف عليه ‪ .‬واأللف لإلطالق ‪ .‬واجلملة من (كان‬
‫) وامسه وخربه يف حمل رفع خرب املبتدأ الذي هو ( أي ) ومجلة املبتدأ وخربه يف حمل نصب مفعول ثان لـ ( تسألون ) ‪.‬‬
‫‪ - 5‬ال يشرتط إعادة (أي ) بعد واو العطف يف حالة التكرار إال إذا كان املعطوف عليه األول ‪ :‬ضمريًا للمتكلم كهذا املثال والشاهد املتقدم ‪.‬‬
‫وما عدا ذلك فال يشرتط حنو ‪ :‬أُّي شرح ابن عقيل وأوضح املسالك أسهل ؟ وقال بعض احملققني ‪ :‬ال يشرتط شيء من ذلك ‪ ،‬ورأيه حسن ‪.‬‬
‫قاله يف النحو الوايف ‪. )3/107 ( :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪46‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -2‬أن يقصد هبا األجزاء ‪ ,‬حنو ‪ :‬أُّي البيت أوسع ؟ أي ‪ :‬أُّي أجزائه من غرفة‬
‫ومطبخ وساحة وحنو ذلك ‪ .‬ومثال الشرطية ‪ :‬أُّي البيت أعجبك أعجبين ‪ :‬أي‪:‬‬
‫أُّي أجزائه ‪.‬‬
‫القسم الثاين ‪( :‬أي ) املوصولة ‪ .‬وهي ال تضاف إال للمعرفة ‪.‬سواء كانت مجعًا حنو ‪:‬‬
‫يعجبين أُّي الطالب هو أذكى ‪ .‬قال تعاىل ‪ :‬مث لنزعن من كل شيعة أيهم أشد على‬
‫الرمحن عتيًا ) ( ‪ .)1‬فـ ( أي ) اسم موصول مبين على الضم يف حمل نصب مفعول به ‪.‬‬
‫واهلاء مضاف إليه وامليم عالمة اجلميع ‪ ,‬أو مثىن حنو ‪ :‬يعجبين أُّي الطالبني هو أذكى ‪ .‬أو‬
‫مفردة بأحد الشرطني السابقني ‪ .‬حنو ‪ :‬أكرم أّّي عاصم وأَّي خالد هو قادم ‪ .‬أصلح أّي‬
‫الباب هو معيب ‪ .‬أي ‪ :‬اجلزء الذي هو معيب منه‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪ :‬الوصفية واحلالية ‪:‬‬
‫واملراد بالوصفية ‪ :‬ما كانت صفة لنكرة ‪ ،‬والغرض منها الداللة على بلوغ املنعوت‬
‫الغاية الكربى مدحًا أو ذّم ًا ‪.‬‬
‫واملراد باحلالية ‪ :‬ما كانت حاًال من معرفة ‪ .‬وهي لبيان هيئة صاحبها ‪.‬‬
‫وهذان ال يضافان إال إىل النكرة ‪ .‬مثال احلالية ‪ :‬مررت خبالٍد أَّي فارس فـ ( أَّي ) حال‬
‫من ( خالد ) منصوب بالفتحة ‪ .‬ومثال الوصفية ‪ .‬مررت بفارس أّي فارس فـ ( أِّي )‬
‫صفة لـ ( الفارس ) جمرورة بالكسرة ‪.‬‬
‫أما املبحث الثاين ‪ :‬وهو حكم إضافتها ‪ .‬فهي مالزمة لإلضافة –كما تقدم – لكنها‬
‫قسمان ‪.‬‬
‫‪ -1‬ما جيب إضافته لفظًا ومعىن ‪ .‬فال جيوز قطعه عن اإلضافة يف اللفظ وهو‬
‫الوصفية واحلالية ‪.‬‬
‫‪ -2‬ما جيب إضافته معىن ‪ .‬جيوز قطعه عن اإلضافة يف اللفظ واإلتيان بالتنوين عوضًا‬
‫عن املضاف إليه ‪ .‬وهو الشرطية واالستفهامية واملوصولة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة مرمي ‪ ،‬آية ‪. 69 :‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪47‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫مثال االستفهامية ‪ :‬أكرمت رجًال فيقال ‪ :‬أّيا يا فىت ؟‬
‫ومثال الشرطية ‪ :‬أّيا تكرم أكرم ‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬أّيا ما تدعو فله األمساء احلسىن ) (‪)1‬‬
‫أي‪ :‬أَّي اسم تدعو ‪.‬‬
‫ومثال املوصولة ‪ :‬يعجبين أٌّي عندك‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وال تضف ملفرد معرف أيا ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬ال جيوز إضافة ( أي )‬
‫للمفرد املعرفة إال إذا كررهتا أو نويت األجزاء – كما تقدم ‪ -‬واملقصود هبذا احلكم هو‬
‫( أي ) االستفهامية والشرطية واملوصولة ألهنا هي اليت تضاف للمعرفة ‪ .‬مث ذكر أن ( أي‬
‫) املوصولة ال تضاف إال للمعرفة ‪ .‬وأن ( أي ) اليت تقع وصفًا – ويريد هبا الوصفية‬
‫واحلالية – ال تضاف إال إىل النكرة – وملا خصص املوصولة باإلضافة إىل املعرفة ‪ ،‬فهم‬
‫منه أن الشرطية واالستفهامية يضافان إىل النكرة – أيضًا ‪ -‬كما يضافان إىل املعرفة ‪.‬‬
‫ويؤيد ذلك البيت األخري ‪ .‬فإنه ذكر أن الشرطية واالستفهامية يكمل هبا الكالم ( مطلقًا‬
‫) أي سواء كان املضاف إليه معرفة أو نكرة ‪ .‬وقوله ( موصولة أيا ) حال من ( أي )‬
‫قدم على صاحبه و( أيا ) مفعول به لـ ( اخصص ) والتقدير ‪ :‬واخصص باملعرفة ( أيا )‬
‫حال كوهنا موصولة ‪.‬‬

‫***‬

‫ٍة‬
‫َو َنْص ُب ُغْد َو َهبا َعْنُه ْم َنَد ْر‬ ‫‪َ -408‬و َأْلَزُموا إَض اَفًة َلُد ْن َفَجْر‬
‫ِل ٍن ِص‬ ‫ِف ِل ِق‬
‫َفْتٌح َو َك ْسٌر ُس ُك و َيَّت ْل‬ ‫‪َ-409‬و َمَع َمْع يَه ا َق يٌل َو ُن َل‬

‫من األمساء املالزمة لإلضافة ‪ :‬لدن ‪ ،‬ومع ‪.‬‬


‫أما ( لدن ) ففيهما حبثان ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة اإلسراء ‪ ،‬آية ‪.110 :‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪48‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫األول ‪ :‬يف معناها وحكمها ‪ .‬الثاين ‪ :‬فيما تضاف إليه ‪.‬‬
‫أما معناها فهي ظرف يدل على ابتداء الغاية املكانية أو الزمانية ‪ .‬حنو ‪ :‬سرت من لدن‬
‫البيت إىل املدرسة ‪ .‬جلست من لدن صالة الصبح إىل طلوع الشمس ‪.‬‬
‫أما حكمها ‪ :‬فهي مبنية على السكون يف حمل نصب على الظرفية وخترج عن الظرفية إىل‬
‫اجلر بـ ( من ) فتكون مبنية على السكون يف حمل جر وهذا كثري فيها ‪ .‬ولذلك مل ترد يف‬
‫القرآن الكرمي إال جمرورة بـ ( من ) كقوله تعاىل ‪ ( :‬ويؤت من لدنه أجرًا عظيمًا )( ‪. )1‬‬
‫وقوله تعاىل ‪ ( :‬لينذر بأسًا شديدًا من لدنه ) (‪ )2‬فـ ( لدن ) اسم مبين على السكون يف‬
‫حمل جر ‪ .‬واهلاء مضاف إليه ‪.‬‬
‫أما املضاف إليه فيصح أن يكون مفردًا ‪ .‬وحكمه اجلر كما يف األمثلة السابقة ويصح أن‬
‫يكون مجلة ‪ .‬لكن إذا أضيفت إىل اجلملة فإهنا مقصورة على ابتداء الغاية الزمانية دون‬
‫املكانية ‪ .‬ألن الظروف املكانية ال يضاف شيء منها إىل اجلملة إال ( حيث ) مثال ذلك ‪:‬‬
‫حضرت من لدن بدأت احملاضرة إىل أن انتهت ‪.‬‬
‫ويصح قطعها عن اإلضافة لفظًا ومعىن ‪ .‬وذلك إذا وقع بعدها كلمة (غدوة ) (‪ )3‬بال‬
‫فصل بينهما حنو ‪ :‬مكثت هنا لدن غدوة حىت الغروب ‪.‬‬
‫ويف االسم (غدوة ) ثالثة أوجه ‪:‬‬
‫‪ -1‬النصب ( غدوًة ) إما على التمييز وصاحبه (لدن ) املفرد ‪ ،‬وعلى هذا فال‬
‫تكون (لدن ) مضافة ‪ .‬أو خرب لكان احملذوفة مع امسها والتقدير ‪ .‬لدن كان‬
‫الساعة غدوة ‪ .‬وعلى هذا تكون ( لدن ) مضافة للجملة تقديرًا وليست مفردة‬
‫‪.‬‬
‫‪ -2‬الرفع ( غدوٌة ) على أهنا فاعل لكان التامة احملذوفة ‪ :‬والتقدير ‪ :‬لدن كانت‬
‫غدوة ‪.‬مبعىن ‪َ :‬ظَه َر أو ُو ِج َد ‪ .‬وتكون ( لدن ) مضافة للجملة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة النساء ‪ :‬آية ‪. 40 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة الكهف ‪ :‬آية ‪.2 :‬‬
‫‪ - 3‬وهي يف األصل ما بني صالة الصبح وطلوع الشمس ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪49‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -3‬اجلر ( غدوٍة ) على أن ( لدن ) مضاف و( غدوة ) مضاف إليه جمرور ‪ .‬وهذا‬
‫هو القياس ‪ .‬والغالب يف االستعمال ‪ .‬فيكون أعلى الوجوه الثالثة ‪.‬‬
‫واالسم الثاين ‪ :‬هو ( َمَع ) وهو ظرف مكان أو زمان يدل على اجتماع اثنني‬
‫واصطحاهبما (‪ . )1‬حنو ‪ :‬جلس خالد مَع زميله ‪ .‬جاء هشام مَع أخيه ‪.‬‬
‫وهو معرب ‪ .‬وفتحته فتحة إعراب فيكون منصوبًا على الظرفية ‪ .‬ومن العرب من يبنيه‬
‫على السكون ‪ .‬ففي املثال األول ‪ :‬تقول ( َمَع ) ظرف مكان منصوب بالفتحة ‪ .‬أو مبين‬
‫على السكون ‪ .‬ويف الثاين ظرف زمان ‪.‬‬
‫هذا إن وقع بعدها متحرك كما يف املثالني ‪ .‬فتفتح وهو املشهور ‪ .‬أو تسكن على لغة‬
‫بعض العرب ‪ .‬فإن وليها ساكن ‪ .‬فالذي ينصبها على الظرفية يبقى فتحها فيقول ‪ :‬جاء‬
‫حممد َمَع ابنه ‪ ،‬والذي يبنيها على السكون يكسر اللتقاء الساكنني فيقول ‪َ :‬م ِع ابنه‪ .‬أو‬
‫يفتح للخفة ‪َ ( .‬مَع ابنه ) (‪.)2‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وألزموا إضافة ( لدن ) فجر ‪...‬إخل ) ‪.‬أي ‪ :‬أن العرب ألزموا لفظ‬
‫(لدن ) اإلضافة ‪ .‬فجَّر املضاف إليه ‪ .‬وقد يتجرد عن اإلضافة وينصب كلمة (غدوة )‬
‫اإلضافية ‪.‬فجّر املضاف إليه ‪ .‬وقد يتجرد عن اإلضافة وينصب كلمة ( غداة ) وهو نادر‬
‫‪ .‬وقوله ( ونصب غدوة هبا ) يشري إيل أهنا منصوبة على التمييز والناصب هلا لفظ ( لدن‬
‫) كما تقدم ‪.‬‬
‫وألزموا – أيضًا ‪ -‬لفظ ( مع ) اإلضافة ‪ .‬وقوله (َمْع فيها قليل ) أي فيها لغة قليلة وهي‬
‫تسكني العني ‪ .‬مث ذكر أنه نقل عن العرب يف هذه الساكنة العني فتحها وكسرها إذا جاء‬
‫بعدها ساكن متصل هبا ‪.‬‬

‫َلُه ُأِض يَف َناِو يًا َم ا ُعِدَم ا‬ ‫‪َ -410‬و اْض ُمْم ِبَناًء َغرْي ًا إْن َعِدْمَت َم ا‬
‫‪ - 1‬تأيت ( مع ) امسًا مفردًا مقطوعًا عن اإلضافة مبعىن (مجيع ) فتكون معربة منصوبة منونة على أهنا حال حنو ‪ :‬جاء خالد وعمرو معًا ‪ .‬أي‬
‫مصطحبني ‪ ,‬وقد تعرب ظرفًا خمربًا به عن املبتدأ بلفظ واحد حنو ‪ :‬الطالبان معًا ‪ ،‬أو الطالب معًا ‪.‬‬
‫‪ - 2‬بعض الشراح كابن عقيل رمحه اهلل مل يذكر الفتح ولعله تركه اللتباسه ‪ .‬إذ ال يعلم هل الفتحة فتحة إعراب على لغة مجهور العرب أو‬
‫فتحة بناء على لغة بعض العرب لكن مييز بينهما بالقرائن كان يكون املتكلم هبا فردًا من أفراد القبيلة اليت تبنيها أو ممن حياكيهم ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪50‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ِجْل‬
‫َو ُدوَن َو ا َه اُت أْيضًا َو َعُل‬ ‫‪َ -411‬قْبُل َك َغْيُر َبْع ُد َح ْسُب أَّو ُل‬
‫َقْبًال َو َم ا ِم ْن َبْع ِدِه َقْد ُذِكَر ا‬ ‫‪َ -412‬و أْع َر ُبوا َنْص بًا إَذا َم ا ُنِّك َر ا‬

‫ذكر جمموعة من األمساء اليت تضاف وهي ‪ ( :‬غري ‪ ،‬وقبل ‪ ،‬وبعد ‪ ،‬وحسب ‪ ،‬وأول ‪،‬‬
‫ودون ‪ ،‬واجلهات الست وهي ‪ :‬أمامك ‪ ،‬وخلفك ‪ ،‬وفوقك ‪ ،‬وحتتك ‪ ،‬وميينك ‪،‬‬
‫ومشالك ‪ - ،‬وعُل ) ‪.‬‬
‫وقد أمجل الكالم فيها ‪ .‬فذكر أحكامًا وترك أخرى ‪ .‬وملا كانت هذه األمساء مما‬
‫حيتاج إليه ا عِر ُب ‪ .‬رأيت أن أحتدث عنها بشيء من التفصيل ‪ .‬على الرتتيب الذي ذكره‬
‫ُمل‬
‫ابن مالك ‪ .‬فهذه األمساء املذكورة نوعان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬خالص االمسية‪.‬فال يفيد معها ظرفية زمانية وال مكانية ‪ ،‬وهذا ( غري‪،‬وحسب ) ‪.‬‬
‫الثاين‪:‬ما يفيد مع االمسية ظرفية زمانية أو مكانية وهو البقية ‪ .‬وإليك تفصيل القول فيها ‪.‬‬
‫‪ -‬غري اسم حمض ال ظرفية فيه ‪ .‬يدل على خمالفة ما قبله ملا بعده ذاتًا أو عرضًا فاألول‬
‫حنو ‪ :‬التفاح غري الربتقال ‪ .‬أي ذات التفاح وحقيقته خمالفة لذات الربتقال وحقيقته ‪.‬‬
‫والثاين حنو ‪ :‬خرج الفائز بوجه غري الذي دخل به ‪ .‬مبعىن أن الوجه طرأ عليه أمر عرضي‬
‫من السرور واإلشراق ‪.‬‬
‫وهي مالزمة لإلضافة يف غالب أحواهلا (‪ )1‬إما لفظًا ومعىن ‪ .‬أو معىن فقط ‪ .‬فإن ذكر‬
‫املضاف إليه _ بأن أضيفت لفظًا ومعىن – فهي معربة على حسب حالة اجلملة وال‬
‫يدخلها التنوين ‪ .‬فتقع خربًا حنو ‪ :‬النحاس غري احلديد ‪ .‬وتقع صفة يف مثل قوله تعاىل ‪:‬‬
‫( إنه عمل غري صاحل (‪ )2‬فـ ( غري ) نعت لـ ( عمل ) وقوله تعاىل ‪ ( :‬صراط الذين أنعمت‬
‫عليهم غري املغضوب عليهم ) (‪ )3‬فـ ( غري ) صفة لالسم املوصول ( الذين ) ‪.‬‬
‫أما إذا مل يذكر املضاف إليه فسيأيت حكمها يف الكالم على ( قبل ‪ ،‬وبعد ) إن شاء اهلل ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ومع ذلك فهي متوغلة يف اإلهبام ال تفيدها اإلضافة تعريفًا وقد مضى ذكرها يف أوائل اإلضافة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬سورة هود ‪ ،‬آية ‪. 46 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة الفاحتة ‪ ،‬آية ‪. 7 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪51‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫قبل ‪ ،‬بعد ‪ :‬ظرفان متقابالن ‪ ،‬األول يدل على سبق شيء على شيء آخر‬
‫وتقدمه عليه يف الزمان أو املكان والثاين يدل على تأخر شيء عن آخر يف الزمان‬
‫أو املكان ‪ .‬سواء كان ذلك حسّيًا أو معنويًا ‪ ،‬تقول ‪ :‬جئتك بعد الظهر وقبل‬
‫العصر ‪ .‬وتقول ‪ :‬جاءك خالد قبل عاصم ‪.‬‬
‫وهلما حالتان ‪:‬‬
‫األوىل ‪ :‬اإلعراب ‪ :‬وهو النصب على الظرفية ‪ :‬أو اجلر مبن (‪)1‬‬
‫وذلك يف ثالث صور ‪:‬‬
‫أن يذكر املضاف إليه ‪ .‬حنو ‪:‬نظف أسنانك قبَل النوم وبعَد ه ‪ .‬أو من قبل النوم‬ ‫‪-1‬‬
‫ومن بعده ‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬وسبح حبمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروهبا ) (‪ )2‬فـ‬
‫( قبل) ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بـ (سبح ) وقال تعاىل ‪ ( :‬أو خيافوا أن ترد‬
‫أميان بعد أمياهنم ) (‪ . )3‬فـ ( بعد) ظرف زمان منصوب بالتفحة متعلق بـ (ترد ) أو صفة لـ‬
‫( أميان ) ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن حيذف املضاف إليه وينوي لفظه نّص ًا دون غريه من األلفاظ فيبقى اإلعراب‬
‫وحيذف التنوين كما لو كان املضاف إليه مذكورًا ‪ ،‬حنو ‪ :‬يبدأ املعتمر بالطواف بالبيت‬
‫قبَل أو من قبِل ‪ .‬أي ‪ :‬قبل السعي ‪ ،‬فاملضاف (قبل ) منصوب على الظرفية ‪ .‬أو جمرور بـ‬
‫( من ) وال ينون ألنه ال يزال مضافًا واملضاف إليه حمذوف مبنزلة املوجود ‪ .‬منوي لفظه‬
‫دون غريه من األلفاظ ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن حيذف املضاف إليه ‪ .‬وال ينوى شيء ‪ .‬فيبقى اإلعراب ويرجع التنوين لزوال‬
‫اإلضافة لفظًا وتقديرًا حنو‪ :‬عرفت قيمة الوقت وكنت قبًال مضيعًا لوقيت ‪ .‬فـ ( قبًال )‬

‫‪ - 1‬يف األشباه والنظائر للسيوطي ( ‪ ( : )75 /2‬قال األندلسي ‪ :‬الظروف اليت ال يدخل عليها من حروف اجلر سوى ( من ) مخسة ‪ :‬عند ‪،‬‬
‫ولدى ‪ ،‬ومع ‪ ،‬وقبل ‪ ،‬وبعد ) ‪.‬‬
‫‪ - 2‬سورة طه ‪ ،‬آية ‪.130 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة املائدة ‪ ،‬آية ‪.108 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪52‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ظرف زمان منصوب بـ (كان ) ‪ .‬ويكون معىن (قبل بعد ) يف هذه الصورة القبلية املطلقة‬
‫والبعدية املطلقة ‪.‬‬
‫احلالة الثانية لـ ( قبل وبعد ) البناء على الضم يف حمل نصب على الظرفية أو حمل جر إن‬
‫سبقته (من ) وذلك إذا حذف املضاف إليه ونوى معناه دون لفظه ‪ .‬حنو ‪،‬كان النجاح‬
‫حليفي فلله الشكر من قبُل ومن بعُد قال تعاىل ‪ ( :‬وقد عصيت قبل وكنت من املفسدين‬
‫) (‪ )1‬فـ (قبل ) و( بعد ) ظرفان مبنيان على الضم يف حمل جر ‪.‬‬
‫والفرق بني نية املعىن ونية اللفظ ‪ .‬أن نية اللفظ أن يالحظ اللفظ املنوي معناه يف نفس‬
‫املتكلم دون غريه من األلفاظ ‪.‬ونية املعىن أن يالحظ املعىن دون النظر إىل لفظ معني‪.‬‬
‫وهذه األحوال تنطبق على (غري ) املتقدم ذكرها إذا حذف املضاف إليه يف حنو ‪ :‬حفظت‬
‫من القرآن عشرة أجزاء ليس غري( ‪. )2‬فيجوز يف ( غري ) األوجه اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلعراب بدون تنوين باعتبار أهنا مضافة ‪ .‬واملضاف إليه حمذوف ‪ .‬قد نوي‬
‫لفظه نصًّا ‪ .‬فهي اسم ( ليس ) واخلرب حمذوف والتقدير ‪ :‬ليس غُري العشرة‬
‫حمفوظًا ‪ .‬وجيوز نصبها ( ليس غَري ) باعتبارها خرب ( ليس ) واالسم حمذوف‬
‫أي ‪ :‬ليس احملفوُظ غَري العشرة ‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلعراب بتنوين (ليس غٌري أو غريًا ) ألن املضاف إليه حمذوف ومل ينو لفظه وال‬
‫معناه ‪ .‬فهو اسم (ليس ) أي ‪ :‬ليس غٌري حمفوظًا ‪ .‬أو خرب (ليس ) والتقدير ‪:‬‬
‫ليس احملفوظ غريًا ‪.‬‬
‫‪ -3‬البناء على الضم يف حمل رفع باعتبارها اسم ليس ‪ .‬واملضاف إليه حمذوف قد‬
‫نوى معناه فقط ‪ .‬واخلرب حمذوف والتقدير ‪ :‬ليس غُري املذكور حمفوظًا ‪.‬‬
‫حسُب ‪ :‬وهو اسم حمض ال ظرفية فيه ‪ :‬وله استعماالن ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أن يكون مضافًا لفظًا ومعىن ‪ .‬فيكون مبعىن ( كاٍف ) اسم فاعل من (كفى )‬
‫ويستعمل استعمال الصفات املشتقة ‪ .‬فيقع نعتًا لنكرة حنو ‪ :‬مررت برجل حسِبك‬
‫‪- 1‬سورة يونس ‪ ،‬آية ‪. 91 :‬‬
‫‪ - 2‬إذا حذف املضاف إليه مع ( غري ) فيشرتط تقدم ( ليس ) أو ( ال ) دون غريمها من أدوات النفي ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪53‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫من رجل ‪ .‬أي ‪ :‬كاف لك عن غريه فـ ( حسِب ) صفة لـ ( رجل ) جمرور بالكسرة‬
‫والكاف مضاف إليه ‪ .‬وال يستفيد تعريفًا هبذه اإلضافة كما تقدم ويقع حاًال من‬
‫معرفة حنو ‪ :‬هذا هشام حسَبك من رجل ‪ .‬بنصب (حسَب ) ‪.‬‬
‫ويستعمل استعمال األمساء اجلامدة فيقع مبتدأ أو خربًا أو اسم ناسخ أو جمرور حبرف‬
‫زائد ‪ .‬وال يقع يف موقع إعرايب غري ذلك ‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬حسبهم جهنم ) (‪ )1‬وقال‬
‫تعاىل ( ومن يتوكل على اهلل فهو حسبه ) ‪ ،‬وقال تعاىل ‪ ( :‬فإن حسبك اهلل ) (‪)2‬‬
‫وتقول ‪ :‬حبسبك العلم فإنه أفضل من املال ‪ ،‬فالباء حبسبك حرف جر زائد‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬أن يكون (حسب ) مضافًا معىن ال لفظًا ‪ ( .‬أي حيذف املضاف إليه وينوي معناه‬
‫) فيبىن على الضم ‪ .‬ويكون مبعىن (ليس غري ) أو ( ال غري ) ويقع صفة لنكرة أو حاًال من‬
‫معرفة ‪ .‬أو مبتدأ بشرط اقرتانه بالفاء أو خربًا ‪ .‬وليس له موقع إعرايب غري ذلك ‪.‬حنو‬
‫رأيت يف املدرسة طالبًا حسُب ‪ .‬فـ ( حسُب ) صفة لطالب مبين على الضم يف حمل‬
‫نصب ‪ .‬ويف حنو ‪ :‬رأيت يف املدرسة خالدًا حسُب ‪ .‬مبين على الضم يف حمل نصب حال‬
‫‪ .‬واملعىن ‪ :‬ال غري ‪ .‬وحنو حفظت ثالثة أجزاء من القرآن فحسُب ‪ .‬فالفاء زائدة لتحسني‬
‫اللفظ ‪ .‬و ( حسب ) مبتدأ مبين على الضم يف حمل رفع حذف خربه ‪ .‬أي ‪ :‬فحسيب‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫وُذكر – هنا – وهو ليس من الظروف ‪ .‬ألنه يبىن إذا قطع عن اإلضافة لفظًا ال معىن فهو‬
‫داخل يف حكم ( قبل وبعد ) ‪.‬‬
‫أول ‪ :‬وله استعماالت أشهرها ثالثة ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون امسًا مصروفًا ال ظرفية فيه ‪ .‬يعرب حسب موقعه من اجلملة ‪ .‬ومعناه‬
‫‪ :‬إما مبدأ الشيء الذي يقابل آخره حنو ‪ :‬أول الغيث قطر مث ينهمر ‪ .‬أو مبعىن‬
‫كلمة ( سابق ) أي ‪ ( :‬متقدم ) الدالة على الوصف ‪ .‬حنو ‪ :‬تنقلت يف مصايف‬
‫اململكة عامًا أوًال ‪ .‬أي عامًا سابقًا أو متقدمًا من غري تعيني ‪.‬‬
‫‪- 1‬سورة اجملادلة ‪ ،‬آية ‪. 8 :‬‬
‫‪ - 2‬سورة األنفال ‪ ،‬آية ‪. 62 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪54‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -2‬أن يكون صفة ‪ .‬مبعىن أفعل التفضيل ‪ .‬فيأخذ حكمه يف منع الصرف وعدم‬
‫تأنيثه بالتاء ودخول ( من ) عليه ‪ .‬ويكون مبعىن ( األسبق ) حنو ‪ :‬أنت يف‬
‫اإلحسان أوُل من هذين ‪ .‬أي ‪ :‬أسبق منهما ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون ظرف زمان مبعىن ( قبل ) ‪ .‬فيعطى حكمها من اإلعراب والبناء على‬
‫ما تقدم بيانه ‪ .‬حنو‪ :‬أسرعت للمستغيث أوَل املستمعني ‪ .‬فـ ( أول ) ظرف‬
‫زمان منصوب قال تعاىل ‪( :‬وهم بدءوكم أول مرة )( ‪ )1‬وكقولك ‪ :‬أسرعت‬
‫للمستغيث أوَل ‪ .‬ألن املضاف إليه حمذوف ومنوي لفظه ‪ .‬وكقولك ‪ :‬أسرعت‬
‫للمستغيث أوًال ‪ .‬ألن املضاف إليه حمذوف ومل ينو لفظه وال معناه ‪.‬وتقول ‪:‬‬
‫أسرعت للمستغيث أوُل ‪ .‬بالبناء على الضم ‪ .‬ألن املضاف إليه حمذوف ومنوي‬
‫معناه ‪.‬‬
‫دون ‪ :‬ظرف مكان منصوب على الظرفية يف أكثر استعماالته ‪ .‬أو‬ ‫‪-‬‬
‫جمروربـ (من ) وهو مالزم لإلضافة يف أكثرها حاالته ‪ .‬ومعناه الداللة على املكان األقرب‬
‫إىل مكان املضاف إليه ‪ .‬تقول ‪ :‬جلست دون املدرس ‪ .‬أي يف أقرب مكان إليه وقد تأيت‬
‫مبعىن ( غري ) كقوله تعاىل ‪َ ( :‬أَأِخَّت ُذ ِم ْن ُدوِنِه آَهِلًة ) (‪ )2‬وهي على التفصيل املذكور يف‬
‫( قبل وبعد ) ‪.‬‬
‫الجهات الست ‪ .‬وهي ‪ :‬ميني ومشال ‪ ..‬إخل وقد تقدمت يف باب‬ ‫‪-‬‬
‫املفعول فيه‪ .‬وحكمها حكم ( قبل وبعد ) ‪ .‬فتكون منصوبة على الظرفية ‪ .‬أو جمرورة بـ (‬
‫من ) ‪ .‬أو تبىن على الضم إذا حذف املضاف إليه ونوى معناه ‪ .‬تقول ‪ :‬جلست أمام‬
‫املدرس ‪ .‬وقفت ميني اإلمام ‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬فاليوم ننجيك ببدنك لتكون ملن خلفك آية )‬
‫(‪ )3‬وقال تعاىل ‪ ( :‬له معقبات من بني يديه ومن خلفه ) (‪ )4‬وقال تعاىل ‪ ( :‬فاضربوا‬

‫‪ - 1‬سورة التوبة ‪ ،‬آية ‪. 13 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة يس ‪ ،‬آية ‪. 23 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة يونس ‪ ،‬آية ‪. 92 :‬‬
‫‪ - 4‬سورة الرعد ‪ ،‬آية ‪.11 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪55‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فوق األعناق ) (‪ ، )1‬وقال تعاىل ‪ ( :‬فخر عليهم السقف من فوقهم ) (‪ . )2‬ومثال بنائها‬
‫على الضم ‪ .‬اجلبل عاٍل والنبع خيرج من حتُت ‪ .‬أي من حتت اجلبل ‪.‬‬
‫عُل ‪ :‬ظرف مكان مبعىن (فوق) وال يستعمل إال جمرورًا بـ ( من ) وال‬ ‫‪-‬‬
‫يضاف (‪ . )3‬ومعناه الداللة على أن شيئًا أعلى من آخر‪ .‬وهو معرب منون إذا كان نكرة‬
‫( أي يدل على علو غري معني ) ‪ .‬ومل يضف ال لفظًا وال معىن ‪ .‬حنو ‪ :‬سقط احلجر من‬
‫عٍل ‪ .‬أي من مكان عاٍل ال من فوق شيء خمصوص ‪ .‬فقد يكون املراد من فوق جبل أو‬
‫بيت أو شجرة ‪...‬‬
‫ويبىن على الضم إذا كان معرفة ( أي يدل على علو معني ) وحذف املضاف إليه ونوى‬
‫معناه حنو ‪ :‬متتعت بالربيع من أسفل الوادي ومن عُل ‪ .‬فـ (عُل ) مبنية على الضم يف حمل‬
‫جر ‪ ،‬ألهنا معرفة بسبب داللتها على علو معني ‪ .‬ألن التقدير ‪ :‬ومن عل الوادي ‪ .‬وألن‬
‫املضاف إليه منوي معناه ‪.‬‬
‫وإىل األمساء املتقدمة أشار بقوله ‪ ( :‬واضمم بناًء غريًا ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬اضمم ( غريًا )‬
‫ضمة بناء ‪ .‬إن ُعِدْمَت ما أضيفت له ( غري ) أي مل جتد املضاف إليه يف الكالم ‪ .‬وقوله (‬
‫ناويًا ما عدما ) أي ناويًا معىن املضاف إليه احملذوف ‪ .‬مع أنه مل يصرح بأن الذي تنويه‬
‫هو اللفظ أو املعىن ‪ .‬لكن من املعلوم أن املراد املعىن ( قبل كغري ) أي أن لفظ ( قبل )‬
‫مثل ( غري ) يف احلكم السابق وهو البناء إذا حذف املضاف إليه ونوى معناه ‪.‬‬
‫مث ذكر األلفاظ اليت تشرتك مع ( قبل) يف هذا وعطفها بالواو املذكورة واحملذوفة ‪ .‬مث ذكر‬
‫أن النحاة أعربوا لفظ ( قبل) وما بعده من األمساء بالنصب مع التنكري ‪ .‬واملراد به حذف‬
‫املضاف إليه وعدم نية لفظه وال معناه ‪ .‬وهذا احلكم ال ينطبق على اجلميع بل خيرج منه (‬
‫حسُب وعُل ) كما تقدم ‪.‬‬
‫‪ - 1‬سورة األنفال ‪ ،‬آية ‪. 12 :‬‬
‫‪ - 2‬سورة النحل ‪ ،‬آية ‪. 26 :‬‬
‫‪ - 3‬إذا كان ال يضاف فال داعي لوضعه مع الظروف املالزمة لإلضافة يف أكثر احلاالت إال على رأي من جييز إضافته ‪ .‬قال اجلوهري يف‬
‫الصحاح ( ‪ ( )6/2435‬ويقال ‪ :‬أتيته من عِل الدار ‪ .‬بكسر الالم أي من عاِل ) أهـ ‪ .‬لكن قال ابن هشام يف شرح الشذور ص ‪ :107‬إنه‬
‫سهو ‪ .‬واهلل أعلم ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪56‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫َعْنُه يِف اإلْع َر اِب إَذا َم ا ُح ِذ َفا‬ ‫‪َ -413‬و َم ا َيِلي ا َض اَف َيأيِت َخ َلَف ا‬
‫ُمل‬
‫َقْد َك اَن َقْبَل َح ْذ ِف َم ا َتَق َّد َم ا‬ ‫‪َ -414‬و ُر َمَّبا َج ُّر وا اَّلِذي أْبَق ْو ا َك َم ا‬
‫ِل‬ ‫‪َ -415‬لِكْن ِبَش ْر ِط أْن َيُك وَن َم ا ُح ِذ ْف‬
‫َمُماِثًال َم ا َعَلْيِه َقْد ُعِط ْف‬

‫جيوز حذف املضاف بشرط أن يدل عليه دليل ‪ .‬حنو ‪ :‬حدثتين التجارب أن من يبغي‬
‫بسالح الباطل يقتل بسالح احلق ‪ .‬فقد حذف املضاف من هذا املثال واألصل ‪ :‬حدثين‬
‫أهل التجارب ‪ .‬لوجود قرينة عقلية تدل على املضاف احملذوف ‪ ،‬وهي أن التجارب ال‬
‫تتحدث ‪ .‬وإمنا الذي يتحدث أصحاهبا واملتصلون هبا‪.‬‬
‫فإن مل يدل على املضاف دليل مل جيز حذفه ‪ .‬حنو ‪ :‬ذكروا للبخل مائة علة ‪.‬‬
‫فال جيوز حذف املضاف (مائة ) إذ لو حذف مل يعلم املراد هل هو مائة أو ألف أو غري‬
‫ذلك ‪ .‬مث إذا حذف املضاف فله حالتان ‪.‬‬
‫األوىل ‪ :‬أن يقوم املضاف إليه مقامه ‪ .‬ويعرب بإعرابه ‪ .‬وهذا هو الغالب ‪ .‬كقوله تعاىل‬
‫‪ ( :‬وأشربوا يف قلوهبم العجل بكفرهم (‪ . ) 1‬أي ‪ :‬حّب العجل ‪ .‬فحذف املضاف‬
‫املفعول به وحّل حمله املضاف إليه ‪ .‬وصار مفعوًال به منصوبًا ‪ .‬والدليل عليه أن الذي‬
‫ُيْش َر بُه القلب احملبة ال العجل نفسه ‪ .‬وكقوله تعاىل ‪ ( :‬ولكن الرب من ءامن باهلل ) (‪)2‬‬
‫أي ‪ :‬بُّر من آمن باهلل ‪ .‬فحذف املضاف الواقع خربًا بـ (لكّن ) على قراءة تشديدها وحل‬
‫حمله املضاف إليه (من) وصار خربًا (‪)3‬‬

‫‪ - 1‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 93 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة البقرة ‪ ،‬أية ‪.177 :‬‬
‫‪ - 3‬اشتهر يف كتب التفسري وكتب النحو أن قوله تعاىل ‪ ( :‬وجاء ربك ) من هذا الباب ‪ .‬وأن املضاف حمذوف تقديره ‪ :‬وجاء أمر ربك ‪.‬‬
‫وهذا تقدير باطل ‪ .‬ألنه خالف ظاهر النص ‪ ،‬وإمنا يتمشى مع من ينكر صفة اجمليء واإلتيان يوم القيامة لفصل القضاء ‪ .‬والصواب إبقاء اآلية‬
‫على ظاهرها كما فهمه سلف هذه األمة ‪ .‬قال ابن جرير ‪ ( :‬يقول تعاىل ذكره ‪ :‬وإذا جاء ربك يا حممد وأمالكه صفوفًا صفًا بعد صف ) ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪57‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫احلالة الثانية ‪ :‬أن حيذف املضاف ويبقى املضاف إليه جمرورًا كما لو كان املضاف مذكورًا‬
‫‪ ،‬وهذا قليل بالنسبة للحالة األوىل ‪ .‬وشرط ذلك أن يكون املضاف احملذوف معطوفًا على‬
‫مضاف مماثل له أو مقابًال له ‪ .‬وذلك ألجل أن يكون املعطوف عليه دليًال على احملذوف ‪.‬‬
‫فمثال املماثل ‪ :‬كل رجٍل حماسب على عمله ‪ .‬وامرأٍة على عملها أي ‪ :‬وكُّل امرأٍة‬
‫فحذفت كلمة ( كل ) الثانية ‪ .‬وهي املضاف ألهنا معطوفة على مماثل هلا ‪ .‬وهي (كل )‬
‫األوىل ‪ .‬ومنه قول الشاعر ‪:‬‬

‫وناٍر توقد بالليل نارًا(‪) 1‬‬ ‫أكَّل امرئ حتسبني امرًأ ؟‬

‫ومثال املقابل ‪ :‬قوله تعاىل ‪ ( :‬تريدون عرض الدنيا واهلل يريد اآلخرة ) (‪ )2‬يف قراءة من‬
‫جَّر ( اآلخرِة ) ‪ .‬وهي قراءة شاذة ‪ .‬والتقدير‪ :‬واهلل يريد باقي اآلخرة فحذف املضاف ‪.‬‬
‫وبقي املضاف إليه جمرورًا ألن املضاف احملذوف مقابل للمذكور ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وما يلي املضاف يأيت خلفًا عنه ‪...‬إخل ) أي‪ :‬وما يايت بعد املضاف‬
‫واملراد به املضاف إليه ‪ .‬يكون خلفًا عنه يف اإلعراب فيعرب مبا كان يعرب به املضاف‬
‫احملذوف ‪ .‬مث ذكر احلالة الثانية وأن املضاف إليه قد يبقى جمرورًا كما قد كان قبل حذف‬
‫( ما تقدما ) واملراد به املضاف ‪ .‬لكن بشرط أن يكون املضاف احملذوف معطوفًا على‬
‫مذكور مماثل له يف اللفظ واملعىن ‪.‬‬

‫***‬

‫ِلِه ِبِه ِص‬ ‫‪َ -416‬و ْحُيَذ ُف الَّثايِن َفَيْبَق ى اَألَّو ُل‬
‫َك َح ا إَذا َيَّت ُل‬

‫‪ - 1‬إعرابه ‪ ( :‬أكل ) اهلمزة لالستفهام ‪ .‬و( كل ) مفعول أول مقدم (لتحسب) ( امرئ ) مضاف إليه ( حتسبني ) فعل وفاعل ‪( .‬امرًأ )‬
‫مفعول ثان ( وناٍر ) اسم جمرور بإضافة اسم يقع معطوفًا بالواو على املفعول األول أي ‪ :‬وكل نار ‪ ( ،‬توقد ) فعل مضارع وفاعله ضمري مسترت‬
‫يعود على (نار ) واجلملة يف حمل جر صفة لـ (نار ) معطوف على امرأ ‪.‬‬
‫‪ - 2‬سورة األنفال ‪ ،‬آية ‪. 67 ،‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪58‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫َم ْثَل اَّلِذي َلُه أَض ْف َت األَّو ال ‪.‬‬ ‫‪ِ-417‬بَش ْر ِط َعْطٍف َو َإَض اَفٍة إىل‬

‫جيوز حذف املضاف إليه ‪ .‬وهو ثالثة أقسام ‪:‬‬


‫األول ‪ :‬أن حيذف من املضاف ما يستحقه من إعراب وتنوين ‪ .‬ويبىن على الضم وذلك‬
‫إذا كان املضاف هو كلمة (غري ) أو ظرفًا من الظروف الدالة على الغاية مثل ‪ :‬قبل ‪ ،‬بعد‬
‫‪ .‬وهذا القسم قد تقدم شرحه قريبًا ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬أن يرجع املضاف إىل حالته اإلعرابية قبل اإلضافة ويرجع إليه التنوين وغريه مما‬
‫حذف لإلضافة ‪ .‬وهذا هو الغالب ‪ .‬كقوله تعاىل ‪ ( :‬وكًال ضربنا له االمثال وكًال تربنا‬
‫تتبريًا ) (‪ )1‬وقوله تعاىل ( وكًال وعد اهلل احلسىن ) (‪ )2‬وقوله تعاىل ‪ ( :‬أّيا ما تدعو فله‬
‫األمساء احلسىن ) (‪. )3‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن يبقى املضاف وحيذف تنوينه كما لو كان املضاف إليه موجودًا ‪ ،‬وشرط‬
‫ذلك أن يعطف على هذا املضاف اسم عامل يف لفظ مشابه للمضاف إليه احملذوف‬
‫واشرتطوا ذلك ليكون املذكور دليًال على احملذوف ‪ .‬فيكون يف قوة املنطوق به ‪ .‬حنو ‪:‬‬
‫أنفقت ربَع ونصَف املال ‪ .‬والتقدير ‪ :‬أنفقت ربَع املال ونصَف املال ‪.‬‬
‫فحذف املضاف إليه وهو كلمة ( املال ) األوىل ‪ .‬لوجود اسم معطوف عليه وهو‬
‫( نصف ) وهذا املعطوف عامل يف لفظ مشابه للمحذوف وهو كلمة ( املال ) الثانية ‪.‬‬
‫وقد بقي املضاف ( ربع ) على حاله الذي يستحقه حني اإلضافة فلم ينون ومثله قول‬
‫الشاعر ‪:‬‬
‫سقى األرضني الغيُث سهَل وحزهَن ا فنيطت َعَر ى اآلمال بالزرع والضرع (‪) 4‬‬
‫‪ - 1‬سورة الفرقان ‪ ،‬آية ‪ ، 39‬ومعىن ‪ ( :‬تربنا ) أهلكنا ‪.‬‬
‫‪ - 2‬سورة احلديد ‪ ،‬آية ‪.10 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة اإلسراء ‪ ،‬آية ك ‪.110‬‬
‫‪ - 4‬احلزن ‪ :‬بفتح احلاء وسكون املعجمة ‪ :‬ما غلظ من األرض و( السهل ) خبالفه ‪ ،‬نيطت ‪ :‬علقت عرى اآلمال ‪ :‬واملعىن ‪ :‬أن املطر عم‬
‫األرض سهلها وحزهنا فقوي رجاء الناس يف مناء الزرع وغزارة اللنب ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ :‬سقى ‪ :‬فعل ماض مبين على فتح مقدر ( األرضني ) مفعول مقدم ( الغيث ) فاعل ( سهل ) بدل من األرضني بدل بعض من كل ‪.‬‬
‫(فنيطت ) الفاء عاطفة ‪ :‬نيط ‪ :‬فعل ماض مبين للمجهول ‪ .‬والتاء للتأنيث (عرى ) نائب فاعل مرفوع بضمة مقدرة للتعذر ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪59‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫واألصل ‪ ( :‬سهلها وحزهَن ا )فحذف املضاف إليه ‪ .‬وأبقى املضاف وهو قول ( سهل )‬
‫على حاله قبل احلذف من غري تنوين لوجود العطف وكون املعطوف مضافًا إىل مثل‬
‫احملذوف ‪.‬‬
‫وقد اقتصر ابن مالك على القسم الثالث فقال ‪ ( :‬وحيذف الثاين ويبقى األول ‪ ..‬إخل )‬
‫أي ‪ :‬حيذف الثاين ( وهو املضاف إليه ) فيبقى األول (وهو املضاف ) على حاله قبل‬
‫حذف املضاف إليه ‪ .‬فال ُيَر ُّد إليه التنوين وهذا بشرط عطف وإضافة إىل لفظ مثل الذي‬
‫أضيف إليه األول الباقي بعد احلذف ‪.‬‬

‫ِج‬ ‫ٍف ِش ِه ِف‬


‫َم ْف ُعوًال أْو َظْر فًا أ ْز َو ْمَل ُيَعْب‬ ‫‪َ -418‬فْص َل ُمَض ا ْب ْع ٍل َم ا َنَصْب‬
‫ِبأْج َنٍّيِب أْو ِبَنْعٍت أْو ِنَد ا‬ ‫‪َ -419‬فْص ُل ِمَيٍني َو اْض ِط َر ارًا ُو ِج َد ا‬

‫من أحكام اإلضافة أنه ال جيوز الفصل بني املضاف واملضاف إليه ‪ .‬ألن املتضايفني مبنزلة‬
‫الكلمة الواحدة ذات اجلزأين ‪.‬‬
‫غري أن هناك مواضع أجاز النحاة الفصل فيها بني املضاف واملضاف إليه يف سعة الكالم‬
‫– استنادًا إىل ما ورد يف القرآن وكالم العرب – وجواز الفصل فيها يف الشعر أقوى ‪.‬‬
‫وهناك مواضع أخرى جيوز الفصل فيها للضرورة الشعرية ‪.‬‬
‫فيجوز الفصل يف النثر يف ثالث مسائل ‪:‬‬
‫األوىل ‪ :‬أن يكون املضاف مصدرًا واملضاف إليه فاعله ‪ .‬والفاصل إما مفعوله أو ظرفه ‪.‬‬
‫فاألول كقوله تعاىل‪ ( :‬وكذلك ّز ين لكثري من املشركني قتل أوالدهم شركاؤهم ) (‪)1‬‬
‫فقد قرأ ابن عامر – وهو من السبعة – ( ُز ين ) بضم الزاي مبين للمجهول ‪ ،‬ورفع ( قتل‬
‫) على أنه نائب فاعل وهو مضاف ‪ ،‬ونصب ( أوالدهم ) على أنه مفعول للمصدر ‪:‬‬
‫وجر ( شركائهم ) على أنه مضاف إليه ففصل بني املصدر املضاف إىل فاعله وهو (قتل )‬

‫‪ - 1‬سورة األنعام ‪ ،‬آية ‪.137 :‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪60‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وبني املضاف إليه ( شركائهم ) والفاصل هو مفعول املصدر ( أوالدهم ) (‪ )1‬والتقدير‬
‫قتل شركائهم أوالدهم ومعىن اآلية ‪ :‬أن القتل مضاف للشركاء ألهنم هم الفاعلون ‪.‬‬
‫واملقتول هم األوالد ‪ .‬واهلل أعلم ‪.‬‬
‫ومثال الثاين وهو كون الفاصل ظرفًا ما ُح ِكَي عن بعض من يوثق بعربيته ( ترُك يومًا‬
‫َنْف ِس ك وهواها سعٌي هلا يف رداها ) ‪ .‬فـ ( ترك ) مبتدأ وهو مضاف و( نفسك ) مضاف‬
‫إليه من إضافة املصدر إىل فاعله ‪ .‬والفاصل (يومًا ) وهو ظرف للمصدر ‪ .‬و( هواها )‬
‫مفعوله معه منصوب ( سعي هلا ) خرب املبتدأ ‪.‬‬
‫املسألة الثانية ‪ :‬أن يكون املضاف وصفًا واملضاف إليه مفعوله األول والفاصل إما مفعول‬
‫الثاين أو ظرفه ‪ .‬فاألول كقول الشاعر ‪:‬‬

‫وسواك مانُع فضَله احملتاِج (‪)2‬‬ ‫ما زال يوقن من يؤمك بالغىن‬

‫فقوله (مانع ) وصف ألنه اسم فاعل ‪ .‬وفعله ( منع ) يتعدى ملفعولني ‪ .‬وقد أضاف‬
‫الشاعر هذا الوصف العامل إىل مفعوله األول وهو قوله ( احملتاج ) وفصل بينهما باملفعول‬
‫الثاين وهو قوله ( فضله ) أي ‪ :‬مانُع احملتاِج فضَله ‪ .‬واألصل قبل اإلضافة ‪ .‬مانٌع احملتاَج‬
‫فضَله ‪.‬‬

‫‪ - 1‬لقد رد الزخمشري يف الكشاف (‪ )2/42‬هذه القراءة وُنسَب أليب علي الفارسي وابن عطية ردها _ أيضًا – بناًء على ما ذهب إليه‬
‫البصريون من دعم جواز الفصل بني املضاف واملضاف إليه إال بالظرف فقط أو لضرورة الشعر ‪ .‬وكأنه ظن أن القراءة اجتهادية وأن الصواب‬
‫خالفها والفصيح سواها وهذا اعرتاض فاسد ‪ .‬ومنهج مردود ‪ .‬وال ينبغي تصحيح القراءة بقواعد العربية بل ينبغي تصحيح القواعد بالقراءة ‪.‬‬
‫وقراءة ابن عامر قراءة سبعية ثابتة وابن عامر من كبار التابعني مات سنة ‪118‬هـ ‪ .‬أخذ القرآن عن الصحابة كعثمان بن عفان وأيب الدرداء‬
‫رضي اهلل عنهما ‪ .‬وهو مع ذلك عريب صريح من صميم العرب فكالمه حجة وقوله دليل ألنه كان قبل أن يوجد اللحن ويتكلم به فكيف وقد‬
‫قرأ مبا تلقى وتلقن وروى ومسع ورأى ‪ .‬وقد تصدى للرد على الزخمشري وغريه علماء أجالء منهم أبو حيان يف البحر احمليط عند اآلية املذكورة‬
‫من سورة األنعام ‪ .‬وابن املنري االسكندري يف تعليقه على تفسري الزخمشري ‪ .‬وصاحب النشر يف القراءات العشر ‪. ) 264-2/263 ( .‬‬
‫‪ - 2‬إعرابه ‪ ( :‬ما زال ) ما ‪ :‬نافية ‪ .‬و( زال ) فعل ماض ناقص يرفع االسم وينصب اخلرب (يوقن ) فعل مضارع وفاعله ضمري مسترت يعود‬
‫على االسم ( زال ) املتأخر واجلملة خرب ( زال ) ‪ ( .‬من ) اسم موصول (زال) (يؤمك ) اجلملة صلة املوصول ‪ ( .‬بالغىن ) متعلق بالفعل‬
‫( يوقن ) و( سواك ) سوى مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على األلف للتعذر ‪ .‬والكاف مضاف إليه ‪ ( .‬مانع ) خرب املبتدأ ‪ .‬وهو مضاف و‬
‫( احملتاج ) مضاف إليه (فضله ) مفعول به السم الفاعل ‪ .‬واهلاء مضاف إليه ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪61‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ومثال الفصل بالظرف قوله صلى اهلل عليه وسلم يف أيب بكر رضي اهلل عنه ‪ ( :‬هل أنتم‬
‫تاركو يل صاحيب ) (‪ . )1‬ففيه إضافة الوصف وهو اسم الفاعل (تارك ) إىل مفعوله‬
‫(صاحيب ) والدليل على اإلضافة حذف النون من املضاف ‪ .‬والفاصل هو اجلار واجملرور ‪.‬‬
‫املسألة الثالثة ‪ :‬أن يكون الفاصل َقَس مًا حنو ‪ :‬شُّر – واهلل – اجملالِس جمالُس الغيبة وقد‬
‫حكى الكسائي ‪ :‬هذا غالُم – واهلل – زيٍد ‪.‬‬
‫وأما مواضع الفصل اليت ختتص بالشعر فمنها ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون الفاصل بني املصاف واملضاف إليه أجنبّيًا من املضاف ‪ .‬واملراد باألجنيب‬
‫معمول غري املضاف كقول الشاعر ‪:‬‬

‫يهودٍّي يقارب أو يزيل (‪)2‬‬ ‫كما ُخ ط الكتاُب بكِّف يومًا‬

‫فقد فصل الشاعر بني املضاف وهو ( بكف ) واملضاف إليه وهو قوله (يهودي ) بأجنيب‬
‫من املضاف وهو قوله ( يومًا ) فإنه ظرف لقوله ( خط ) واألصل ‪ :‬كما خط الكتاب‬
‫يومًا بكف يهودّي ‪.‬‬
‫الفصل بنعت املضاف ‪ .‬كقول الشاعر ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫من ابن أيب شيخ األباطح طالب (‪)3‬‬ ‫جنوت وقد بَّل املرادي سيفه‬
‫‪ - 1‬هذا احلديث رواه البخاري يف صحيحه يف كتاب املناقب ( ‪ )18 /7‬ورواه يف كتاب التفسري بلفظ( تاركون ) وقد نقل احلافظ يف فتح‬
‫الباري ( ‪ )7/25‬عن العكربي أنه قال ‪ :‬إن حذف النون من خطأ الرواة لكن قال احلافظ إن احلذف من باب اإلضافة أو لطول الكالم ‪ .‬قلت‬
‫‪ :‬انظر إعراب ما يشكل من ألفاظ احلديث للعكربي ص ‪.170‬‬
‫‪ - 2‬الشاعر يصف رسم دار ويشبه ما بقي متناثرًا من رسومها هنا وهناك بكتابة اليهودي كتابًا جعل بعضه متقاربًا وبعضه متفرقًا وهو معىن‬
‫قوله ( أو يزيل ) وخص اليهودي ألهنم كانوا أهل الكتابة آنذاك ‪ .‬إعرابه ‪ ( :‬كما ) الكاف حرف تشبيه وجر و( ما ) مصدرية (خط ) فعل‬
‫ماض مبين للمجهول ( الكتاب ) نائب فاعل ( بكف ) متعلق بـ ( خط ) وهو مضاف و( يهودي ) مضاف إليه ‪ ( .‬يومًا ) ظرف زمان‬
‫منصوب و( ما) وما دخلت عليه يف تأويل مصدر جمرور بالكاف واجلار واجملرور يقع خربًا ملبتدأ حمذوف يفهم من الكالم السابق تقديره ‪:‬‬
‫رسم هذه الدار كخط الكتاب ‪ ( .‬يقارب ) اجلملة صفة لـ ( يهودي ) ( أو يزيل ) معطوفة عليها ‪.‬‬
‫‪ - 3‬املرادي ‪ :‬هو عبد الرمحن بن ملجم املرادي لعنه اهلل ‪ .‬وهو الذي قتل اخلليفة الراشد علي بن أيب طالب رضي اهلل عنه ‪ .‬والقائل هو معاوية‬
‫بن أيب سفيان رضي اهلل عنه ‪ ،‬و( األباطح ) مجع أبطح ‪ :‬وهو كل مكان متسع أو هو مسيل واسع فيه دقاق احلصى ‪ .‬واملراد هنا مكة ‪ .‬وشيخ‬
‫األباطح ‪ :‬هو أبو طالب والد علي رضي اهلل عنه ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪62‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫فقد فصل بني املضاف وهو قوله ( أيب ) واملضاف إليه ‪ ،‬وهو قوله ‪ ( :‬طالب ) بنعت‬
‫املضاف ‪ ،‬وهو قوله ( شيخ األباطح ) واألصل ‪ :‬من أيب طالب شيخ األباطح ‪.‬‬
‫‪-3‬الفصل بالنداء ‪ .‬كقول جبري بن أيب سلمى ألخيه كعب حيثه على اإلسالم ‪:‬‬

‫تعجيل َتْه ُلَك ٍة واخللِد يف سقر(‪)1‬‬ ‫وفاُق كعُب جبٍري منقذ لك من‬

‫فقد فصل بني املضاف وهو قوله ( وفاق ) واملضاف إليه وهو قوله ( جبري )‬
‫باملنادى وهو قوله ( كعُب ) واألصل ‪ :‬وفاُق جبٍري يا كعُب ‪...‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬فصل شبه فعل ‪ ...‬إخل ) أي ‪ :‬أجز فصل ما نصبه املضاف الذي‬
‫يشبه الفعل ‪ .‬إذا كان ذلك املنصوب مفعوًال أو ظرفًا وقوله ( فصل ) مفعول مقدم للفعل‬
‫( أجز ) ‪ .‬و( ما نصب ) اسم موصول مبين على السكون يف حمل رفع فاعل للمصدر‬
‫( فصل ) ومجلة (نصب ) صلة والعائد حمذوف أي ( ما نصبه ) ‪ .‬مث قال ‪ :‬إنه مل ُيَعْب يف‬
‫الكالم الفصل باليمني وهو القسم مث ذكر أن الفصل يف حالة الضرورة الشعرية وجد‬
‫باألجنيب ( وهو ما ليس معموًال للمضاف – كما تقدم ‪ ) -‬أو بالنعت أو بالنداء ‪.‬‬
‫والنعت والنداء داخالن يف الفصل باألجنيب ‪ .‬لكنه خصهما بالذكر لقصد اإليضاح ‪.‬‬
‫وختصيص هذه املسائل األخرية حبالة الضرورة يفيد أن ما قبلها جائز يف سعة الكالم ‪.‬‬

‫املضـاف إىَل يــاِء ا َتـَك ِّلـِم‬


‫ُمل‬
‫إعرابه ‪ ( :‬جنوت ) فعل وفاعل ‪ ( :‬وقد ) الواو للحال ‪ .‬وقد ‪ :‬حرف حتقيق ( بل املرادي سيفه ) اجلملة يف حمل نصب حال ‪ ( .‬من ابن أيب )‬
‫ابن مضاف وأيب مضاف إليه جمرور بالياء ( طالب ) مضاف إليه ‪ .‬وقد فصل بينهما بقوله (شيخ األباطح ) وهو صفة للمضاف ( أيب ) ‪.‬‬
‫‪ - 1‬املعىن ‪ :‬يا كعب موافقة أخيك جبري على اإلسالم منجية لك من اهلالك املعجل يف الدنيا واخللود يف عذاب الدار اآلخرة ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪63‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ْمَل َيُك ُمْع َتًال َك َر اٍم َو ّقَذ ا‬ ‫‪ -420‬آِخ َر َم ا ُأِض يَف ِلْلَيا اْك ِس ْر إَذا‬
‫ِمَج يُعَه ا الَيا َبْع ُد َفْتُحَه ا اْح ُتِذي‬ ‫ِد ِذ‬
‫‪َ-421‬أْو َيُك َك اْبَنِنْي َو َز ْي ْيَن َف ْي‬
‫ِس‬
‫َم ا َقْبَل َو اٍو ُضَّم َفاْك ْر ُه َيَهْن‬ ‫‪َ -422‬و ُتْدَغُم الَيا ِفْيِه َو اْلَو اُو َو إْن‬
‫ِق‬ ‫ِل‬
‫ُه َذ ْيٍل اْن اَل ُبَه ا َياًء َح َس ْن‬ ‫‪َ-423‬و أ فًا َس ِّلْم َو ْيِف اْلَم ْق ُصوِر َعْن‬

‫هذا الفصل معقود ألحكام إضافة االسم إىل ياء املتكلم ‪ .‬وأفردت يف حبث مستقل ألن‬
‫هلا أحكامًا خاصة فيما يتعلق بالياء ‪ .‬وما يتعلق بآخر املضاف ‪.‬‬
‫فالقاعدة العامة يف هذا الباب وجوب كسر آخر املضاف للياء للمناسبة‪ ،‬وبناء ياء املتكلم‬
‫على السكون أو الفتح يف جمل جر ‪ .‬ويدخل يف ذلك املفرد الصحيح كغالم وكتاب ‪.‬‬
‫حنو ‪ :‬كتايب جديد ‪ .‬واملفرد الشبيه بالصحيح ( وهو ما آخره واو أو ياء قبلها حرف‬
‫ساكن ) مثل ‪ :‬دلو ‪ ،‬صفو ‪ ،‬سقي ‪ ،‬ظيب ‪ ،‬حنو ‪ :‬سقيي املاَء من دلوي فيه ثواب عظيم ‪.‬‬
‫كما يدخل يف ذلك مجع التكسري إذا كان صحيح اآلخر ‪ :‬مثل ‪ :‬طالب ‪ ،‬كتب ‪ ،‬حنو ‪:‬‬
‫كتيب مرتبة ‪ .‬ومجع املؤنث السامل مثل ‪ :‬أخوات ‪ ،‬عمات ‪ ،‬بنات ‪ ،‬حنو أزور عمايت‬
‫وَأِص ُل أخوايت ‪.‬‬
‫والقاعدة يف إعراب ما تقدم ‪ :‬يف حالة الرفع تقول ‪ :‬إنه مرفوع بضمة مقدرة على ما‬
‫قبل ياء املتكلم منع من ظهورها اشتغال احملل حبركة املناسبة ‪ .‬ويف حالة النصب – يف غري‬
‫مجع املؤنث السامل ‪ -‬تقول ‪ :‬منصوب بفتحة مقدرة ‪ ..‬إخل ‪ .‬أما يف حالة اجلر فإما أن‬
‫تقول ‪ :‬جمرور بكسرة مقدرة ‪ ..‬إخل أو تقول ‪ :‬جمرور بالكسرة الظاهرة وهذا أنسب‬
‫وأيسر لبعده عن التكلف ‪ .‬ما دام أن الكسرة موجودة يف اللفظ(‪. )1‬‬
‫أما الياء فهي ضمري متصل مبين على السكون أو الفتح يف حمل جر مضاف‪ ،‬إليه كما‬
‫تقدم ‪.‬‬

‫‪ - 1‬اختار هذا ابن مالك يف التسهيل وشرحه ( ‪. )281 ،3/280‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪64‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ويستثىن من هذه القاعدة أربع مسائل جيب فيها تسكني آخر املضاف وبناء ياء املتكلم‬
‫على الفتح فقط يف حمل جر ‪.‬‬
‫المسألة األولى ‪ ( :‬املقصور ) حنو ‪ :‬فىت ‪ ،‬هدى ‪ ،‬وحكمه أن آخره واجب السكون‬
‫ألن آخره ألف ‪ .‬والياء واجبة الفتح للخفة والتخلص من التقاء الساكنني وتبقى األلف ‪.‬‬
‫إال عند هذيل فتقلب ياء ‪ .‬تقول ‪ :‬هداَي خري طريق لنجايت ‪ ،‬وعلى لغة هذيل ‪ُ :‬ه َد َّي ‪.‬‬
‫قال تعاىل عن موسى عليه السالم ‪ ( :‬قال هي عصاي) وقال تعاىل ( قل إن صاليت‬
‫ونسكي وحمياي وممايت هلل رب العاملني ) (‪ . )1‬فقد قرأ اجلمهور ( وحمياَي ) بفتح ياء‬
‫املتكلم ‪ .‬وقرأ نافع املدين _ من السبعة – ُخبْلِف عن ورش بإسكاهنا (‪. )2‬‬
‫فـ ( عصاي ) خرب املبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على األلف منع من ظهروها التعذر‬
‫وهو مضاف والياء ضمري متصل مبين على الفتح يف حمل جر مضاف إليه ‪ .‬وقال أبو‬
‫ذؤيب اهلذيل ‪:‬‬

‫فُتخِّر ُموا ولكل جنب مصرع (‪)3‬‬ ‫سبقوا هوَّي وأعنقوا هلواهم‬
‫فقوله ‪ ( :‬هوَّي ) أصله ( هواي ) فاأللف ألف املقصور ‪ .‬وبعدها ياء املتكلم َفَق لَب‬
‫األلف ياًء وأدغمها يف ياء املتكلم فصارت ( هوَّي )‬
‫المسألة الثانية ‪ ( :‬املنقوص ) مثل ‪ :‬اهلادي والداعي ‪ :‬وحكمه أن آخره واجب السكون‬
‫ألن ياءه مدغمة يف ياء املتكلم ‪ .‬وياء املتكلم واجبة الفتح ‪ .‬تقول ‪ :‬الشرع هادّي لطريق‬

‫‪ - 1‬سورة األنعام ‪ :‬آية ‪. 162 :‬‬


‫‪ - 2‬انظر النشر ( ‪ )267 ،179 ،2/173‬الكشف ( ‪. )1/459‬‬
‫‪ -‬البيت أليب ذؤيب اهلذيل من قصيدة يف رثاء أبنائه ‪ .‬سبقوا هوّي ‪ :‬ماتوا قبلي ‪ ،‬وأعنقوا سري العنق ‪ :‬السري السريع ‪ ،‬أي تبع بعضهم بعضًا‬
‫‪3‬‬

‫‪:‬خترموا ‪ :‬بالبناء للمجهول أي انتقصتهم املنية ‪.‬‬


‫إعرابه ‪ ( :‬سبقوا ) فعل وفاعل ( هوّي ) مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على األلف املنقلبة ياء إلدماغها يف ياء املتكلم على لغة قبيلة الشاعر‬
‫منع من ظهورها التعذر ‪ .‬وياء املتكلم مضاف إليه مبين على الفتح يف حمل جر ( وأعنقوا ) فعل وفاعل ( هلواهم ) الالم حرف جر ‪ ،‬هوى ‪:‬‬
‫اسم جمرور وعالمة جره كسره مقدرة على األلف للتعذر ‪ .‬واجلار واجملرور متعلق بالفعل قبله ‪ .‬وهوى ‪ :‬مضاف واهلاء مضاف إليه وامليم عالمة‬
‫اجلمع( فتخرموا ) فعل ماض مبين للمجهول والواو نائب فاعل ‪ ( .‬ولكل ) الواو للحال ‪ .‬لكل ‪ :‬جار وجمرور خرب مقدم ( جنب ) مضاف‬
‫إليه ( مصرع ) مبتدأ مؤخر ‪ .‬اجلملة حال ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪65‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫اخلري ‪ .‬فـ ( هادّي ) خرب املبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على الياء املدغمة يف ياء املتكلم منع‬
‫من ظهورها الثقل ‪ .‬وهو مضاف وياء املتكلم ضمري متصل مبين على الفتح يف حمل جر‬
‫مضاف إليه ‪.‬‬
‫المسألة الثالثة ‪ ( :‬املثىن وشبهه ) وحكمه أن آخره واجب السكون والياء واجبة الفتح‬
‫وحتذف النون لإلضافة وتسلم األلف يف حالة الرفع ‪ .‬ويف حاليت النصب واجلر تدغم الياء‬
‫يف ياء املتكلم كاملنقوص ‪ .‬تقول ‪ :‬لن أجازى إال مبا قدمت يداي ‪ .‬ال أعتمد يف الرزق‬
‫بعد اهلل إال على يدّي ‪ .‬فـ ( يداي ) فاعل مرفوع باأللف والياء مضاف إليه مبين على‬
‫الفتح يف حمل جر ‪ .‬واألصل‪ :‬يدان يل ‪ :‬فحذفت النون والالم لإلضافة ‪ .‬ويف املثال الثاين ‪:‬‬
‫أدغمت الياء يف الياء ‪ .‬ومنه قوله تعاىل ‪ ( :‬ما منعك أن تسجد ملا خلقت بيدي ) (‪ )1‬فـ‬
‫(يدّي ) اسم جمرور وعالمة جره الياء املدغمة يف ياء املتكلم ‪ .‬وياء املتكلم مضاف إليه ‪.‬‬
‫المسألة الرابعة ‪ ( :‬مجع املذكر السامل وشبهه ) وحكمه أن آخره واجب السكون والياء‬
‫واجبة الفتح ‪ .‬ويف حالة الرفع تقلب الواو ياء وتدغم يف ياء املتكلم وتقلب الضمة كسرة‬
‫للمناسبة ‪ .‬أما يف حاليت النصب واجلر فتدغم الياء يف الياء تقول ‪ :‬أنتم مشاركّي يف‬
‫الدعوة إىل اهلل ‪ .‬واألصل ‪ :‬مشارُك ون فحذفت النون والالم لإلضافة فصار ‪ :‬مشارُك وي‬
‫مث قلبت الواو ياء وأدغمت يف الياء وقلبت الضمة كسرة فصار ‪ .‬مشارِكَي قال تعاىل ‪( :‬‬
‫وما أنتم ُمبصرخّي ) (‪ )2‬فقد قرأ اجلمهور بفتح الياء مشددة ‪ .‬ألن ياء اجلمع أدغمت يف‬
‫ياء املتكلم وهي مفتوحة فبقيت على فتحها ‪ .‬وقرأ محزة – من السبعة – بكسر الياء‬
‫مشددة ‪ .‬وهي لغة لبعض العرب (‪)3‬‬
‫فإذا كان ما قبل الواو مفتوحًا حنو ‪ :‬مصَطَف ون ‪ .‬بقي على فتحه فتقول ‪ :‬مصَطفَّي ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬آخر ما أضيف لليا اكسر ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬اكسر آخر االسم الذي‬
‫أضيف ( لليا ) بالقصر للوزن هي ياء املتكلم ‪ .‬بدليل الرتمجة ‪ ،‬بشرط أال يكون هذا‬

‫‪ - 1‬سورة ص ‪ ،‬آية ‪. 75 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة إبراهيم ‪ :‬آية ‪.22 :‬‬
‫‪ - 3‬انظر النشر ( ‪ )299 ،2/298‬الكشف ( ‪. ) 2/26‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪66‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫االسم معتل اآلخر كاملنقوص مثل ( راٍم ) اسم فاعل من ( رمى ) وكاملقصور مثل( قذى‬
‫) [ وهي األجسام الصغرية اليت تقع يف العني فتؤملها ] وكذلك ال يكون مثىن ( كابنني )‬
‫أو مجع مذكر سامل ( كزيدين ) ( فذي ) أي‪ :‬فهذي تكون الياء بعدها مفتوحة ‪ .‬وقوله‬
‫( احُتذي ) أي ُاتبع ‪ ،‬وفهم من ختصيصه فتح الياء يف هذه املواضع أن الياء يف غريها ال‬
‫جيب فتحها ‪ ،‬بل جيوز فتحها وسكوهنا – كما تقدم –‬
‫مث ذكر أن الياء اليت يف آخر املضاف – وهي ياء املثىن ومجع املذكر وياء املنقوص –‬
‫تدغم ( فيه ) أي يف ياء املتكلم وهو املضاف إليه وكذلك تدغم الواو يف الياء بعد قلبها‬
‫ياء ‪ ،‬ألن احلرف ال يدغم إال يف مثله ‪ .‬مث إن كان ما قبل الواو مضمومًا فإنه يكسر‬
‫ليهون النطق ‪ :‬أي يسهل النطق ‪ ،‬بالكسرة قبل الياء املشددة بدًال من الضمة ‪ .‬مث قال‬
‫( وألفًا سلم ) أي أبق األلف يف املثىن املرفوع واملقصور عند إضافتهما للياء ‪ .‬إال عند‬
‫هذيل فتنقلب ألف املقصور ياًء ‪.‬‬

‫إْع ـَم ـاُل اْلَم ـْص ـَد ِر‬


‫ُمَض افًا أْو َجُمَّر دًا أْو َمَع اَل‬ ‫ِحْل يِف‬ ‫ِبِف ِلِه‬
‫‪ْ -424‬ع اْلَم ْص َد َر ا ْق اْلَعَمْل‬
‫ٍر‬ ‫َّل اِل ِم‬ ‫ِحي‬
‫َحَم ُه َو ْس َم ْص َد َعَمْل‬ ‫‪ -425‬إْن َك اَن َفْع ٌل َمَع أْن أْو َم ا ّل‬

‫يف اللغة العربية أمساء تعمل عمل أفعاهلا بشروط ‪ .‬وقد ذكر منها ابن مالك – رمحه اهلل –‬
‫املصدر واسم املصدر ‪ .‬واسم الفاعل ‪ ،‬وصيغ املبالغة واسم املفعول – وهذه ذكرها‬
‫متوالية مث ذكر الصفة املشبهة مث اسم التفضيل ‪ .‬وبعد أبواب متعددة ذكر اسم الفعل ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪67‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وهذا الباب معقود إلعمال املصدر واسم املصدر ‪ .‬وقد قدم ابن مالك إعمال املصدر‬
‫على أبنية املصادر ألن اإلعمال أمر حنوي ‪ .‬شديد الصلة باألبواب السابقة ‪ .‬واألبنية حبث‬
‫صريف‪.‬واألوىل تقدمي أبنية املصادر على اإلعمال ألن احلكم على الشيء فرع عن تصوره ‪.‬‬
‫فال بد من تقدمي األبنية ليكون احلكم على شيء مفهوم معلوم ‪.‬‬
‫واملصدر هو ‪ :‬االسم الدال على احلدث اجملرد املشتمل على حروف فعله ‪ .‬أو أكثر منها‬
‫حنو ‪ :‬بذُل املال يف اخلري نفع لصاحبه ‪ .‬فـ ( بذل ) مصدر ‪ :‬بَذَل ‪ :‬يبذل ‪ ،‬بذًال وهو يدل‬
‫على حدوث البذل من غري زمن ‪ .‬وقد اشتمل على مجيع حروف الفعل ( بَذَل ) ‪.‬‬
‫ويف حنو إكرام الضيف من آداب اإلسالم ‪ .‬اشتمل املصدر على حروف فعله ( أكرم )‬
‫زيادة األلف قبل آخره ‪.‬‬
‫واسم املصدر خيتلف عن املصدر وإن كانا يتفقان يف الداللة على احلدث لكن املصدر ال‬
‫تنقص حروفه عن حروفه فعله ‪ ،‬واسم املصدر تنقص حروفه عن حروف فعله لفظًا‬
‫وتقديرًًا دون تعويض ‪ .‬حنو عطاء فإنه مساٍو للمصدر إعطاًء يف الداللة على املعىن ‪ .‬لكنه‬
‫خالفه خبلوه من اهلمزة املوجودة يف فعله ‪ :‬أعطى وقولنا ‪ :‬لفظًا وتقديرًا ‪ .‬شرط يف اسم‬
‫املصدر ‪ :‬إلخراج ما خال من بعض ما يف فعله لفظًا ومل خيل منها تقديرًا فهو مصدر‪ :‬قتال‬
‫‪ ،‬مصدر قاتل ‪ :‬وقد خال من األلف اليت قبل التاء يف الفعل ‪ .‬لكن خال منها لفظًا ومل خيل‬
‫منها تقديرًا ‪ :‬ولذلك ُنطق هبا يف بعض املواضع حنو ‪ :‬قاتل قيتاًال ‪ .‬لكن انقلبت األلف ياء‬
‫لكسر ما قبلها ‪ .‬وأما حذفها فهو للتخفيف وكثرة االستعمال ‪ .‬وقولنا ‪ :‬دون تعويض ‪:‬‬
‫احرتاز مما فيه تعويض فهو مصدر حنو ‪ :‬عدة ‪ .‬فإنه مصدر وعد ‪ :‬وقد خال من الواو اليت‬
‫يف فعله لفظًا وتقديرًا ‪ .‬لكن عوض عنها التاء ‪.‬‬
‫واملصدر يعمل عمل فعله الذي اشتق منه ‪ .‬فريفع الفاعل ‪ .‬وينصب املفعول به بواسطة‬
‫وبغريها ‪.‬‬
‫فيعمل عمل فعله يف موضعني ‪:‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪68‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫األول ‪ :‬أن حيذف الفعل وينوب عنه املصدر يف تأدية معناه ويف التعدي واللزوم ‪ .‬مثل‬
‫إكرامًا املسكني ‪ .‬فـ ( إكرامًا ) مصدر نائب عن فعله ( أكرم ) وقد عمل عمله ‪ .‬ففيه‬
‫ضمري مسترت وجوبًا تقديره ‪ :‬أنت وهو فاعله واملسكني مفعول به منصوب للمصدر ‪.‬‬
‫وقد مضى بيان ذلك يف باب املفعول املطلق ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬إذا صح أن حيل حمله ( أْن ) والفعل ‪ .‬أو (ما ) والفعل ‪ .‬حنو‪ :‬يسرين أداؤك‬
‫الواجب ‪ .‬فـ ( أداُء ) فاعُل ( يسر) وهو مصدر َعِم َل َعَم َل فعله وقد أضيف إىل فاعله‬
‫وهو ( الكاف ) ونصب املفعول به وهو كلمة ( الواجب ) وميكن أن حيل حمله ( أن )‬
‫والفعل ‪ ،‬أو ( ما ) والفعل ‪ .‬فتقول ‪ :‬يسرين أن تؤدي الواجب ‪ .‬إن أردت الزمان املاضي‬
‫أو املستقبل ‪ .‬أو يسرين ما تؤدي الواجب ‪ .‬إن أريد احلال (‪)1‬‬
‫وهذا املصدر العامل ينقسم ثالثة أقسام ‪.‬‬
‫األول ‪ :‬املصدر املضاف ‪ .‬وإعماله أكثر من إعمال القسمني اآلخرين وتقدم مثاله ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬املصدر املنون ‪ .‬وإعماله أقرب إىل القياس من إعمال املضاف ألنه يشبه الفعل يف‬
‫التنكري ‪ .‬وهو يلي املضاف يف الكثرة ‪.‬حنو ‪ :‬واجب علينا تشجيٌع كّل جمتهد ‪ .‬تقديره ‪:‬‬
‫واجب علينا أن نشجع كل جمتهد ‪ .‬ومنه قوله تعاىل ‪ ( :‬أو إطعاٌم يف يوم ذي مسغبة *‬

‫‪ - 1‬ما ذكر يف عمل املصدر هو شرط وجودي ‪ .‬وهناك شروط عدمية وهي ‪= :‬‬
‫‪ -1‬أال يكون مصغرًا فال جيوز ‪ :‬أكيلك الطعام بسرعة مضر ‪ .‬تريد أكلك الطعام‬
‫‪ -2‬أال يكون ضمريًا فال جيوز إكرامي الصديق مطلوب ‪ .‬وهو جارًا أشد ‪ .‬تريد وإكرمي جارًا أشد‬
‫‪ -3‬أال يكون حمدودًا ‪ .‬أي ‪ :‬خمتومًا بالتاء الدالة على املرة والواحدة فال يصح ساءين ضربتك علّيًا ‪ .‬فإن كانت التاء من صيغة الكلمة‬
‫وليست للوحدة عمل حنو ‪ :‬إغاثتك امللهوف دليل مروءتك ‪.‬‬
‫‪ -4‬أال يكون املصدر متبعًا بتابع – كالنعت وغريه – قبل متام عمله ‪ .‬فال جيوز ‪ :‬أعجبين إكرامك الطيُب زيدًا ‪.‬‬
‫‪ -5‬أال يكون حمذوفًا ألنه إذا حذف مل توجد حروف الفعل الذي هو حممول عليه ‪.‬‬
‫‪ -6‬أال يكون مفصوًال من معموله بفاصل ليس معموًال هلذا املصدر حنو‪ :‬إين أقوى على إلقاء يف احلفل كملة نافعة ‪ .‬واألصل ‪ :‬إين‬
‫أقوى على إلقاء كلمة نافعة يف احلفل‬
‫‪ -7‬أال يتأخر عن معموله فال جيوز ‪ :‬ساءين زيدًا ضربك ‪ .‬إال إن كان املعمول ظرفًا أو جارًا وجمرورًا فيجوز تأخره عنه لوروده يف‬
‫القرآن وألنه يتوسع فيهما قال تعاىل ‪ ( :‬فلما بلغ معه السعي ) وقال تعاىل ‪ ( :‬ال يبغون عنها حوًال ) واألصل بلغ السعي معه ‪،‬‬
‫حوًال عنها ‪ .‬وال داعي للتكلف يف التأويل من غري داعي وال سيما يف القرآن ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪69‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫يتيمًا (‪ )2‬فـ ( إطعام ) معطوف على ما قبله وهو ( فك رقبة ) وهو مصدر منون نصب‬
‫املفعول به وهو قوله ‪ ( :‬يتيمًا ) والتقدير ‪ :‬أو أن يطعم يتيمًا ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬املعرف بـ ( أل ) وإعماله شاذ لبعده عن مشاهبة الفعل باقرتانه بـ ( أل ) ‪ .‬وهو‬
‫أقل من سابقيه استعماًال وبالغة ‪ .‬حنو ‪ :‬اجملُّد سريُع اإلجناز أعماَله ‪ .‬بنصب ( أعماله )‬
‫على أنه مفعول للمصدر احمللي بـ ( أل) ومنه قول الشاعر ‪:‬‬

‫خَي اُل الفرار يراخي األجل (‪)1‬‬ ‫ضعيف النكاية أعداءه‬

‫فاملصدر احمللى بـ ( أل ) وهو قوله‪ ( :‬النكاية ) نصب املفعول به‪:‬وهو قوله ( أعداءه )‬
‫كما ينصبه الفعل ‪.‬‬
‫وكما يعمل املصدر فإن اسم املصدر يعمل ‪ -‬أيضًا – بالشرط املذكور وهو أن حيل‬
‫حمله ( أن والفعل ) أو ( ما والفعل )‪ .‬وإعماله – مع قياسته – قليل ‪ ،‬ومنه قول الشاعر ‪:‬‬

‫عسريًا من اآلمال إال ميسرًا (‪)2‬‬ ‫إذا َص َّح عوُن اخلالِق املرَء مل جيد‬

‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬بفعله املصدر أحلق يف العمل ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أحلق املصدر بفعله يف‬
‫العمل ‪ .‬سواءكان مضافًا أو جمردًا وهو املنون أو مقرتنًا بـ ( أل ) ‪ .‬مث بني أن شرط عمله‬
‫أن ميكن إحالل الفعل مع ( أن ) أو ( ما ) املصدريتني حمله ‪ .‬مث ذكر أن اسم املصدر‬
‫يعمل ‪-‬أيضًا‪ -‬وظاهر كالمه أن كل اسم مصدر يعمل ‪ ،‬وليس كذلك ‪ ،‬بل منه ما يعمل‬
‫‪ - 2‬سورة البلد ‪ ،‬اآليتان ‪. 15 ،14 :‬‬
‫‪ - 1‬النكاية ‪ :‬مصدر نكيت العدو أي أثرت فيه ونلت منه ‪ ،‬خيال يظن ‪ ،‬يراخي ‪ :‬يؤخر ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ ( :‬ضعيف ) خرب ملبتدأ حمذوف أي ‪ :‬هو ضعيف ‪ ( .‬الفرار ) مفعول أول لـ (خيال ) ألهنا تنصب مفعولني ومجلة ( يراخي األجل )‬
‫وهي املفعول الثاين ‪.‬‬
‫‪ - 2‬عون ‪ :‬اسم مصدر فعله ‪ :‬أعان ‪ :‬ومصدره إعانة ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ ( :‬إذا ) ظرف ملا يستقبل من الزمان تضمن معىن الشرط ‪ ( .‬صح ) فعل ماض ( عون اخلالق ) فاعل ‪ .‬وهو من إضافة اسم املصدر إىل‬
‫فاعله ‪ ( .‬املرء ) مفعول به السم املصدر ‪ .‬واجلملة يف حمل جر بإضافة ( إذا ) هلا ‪ ( ،‬عسريًا ) مفعول أول لـ ( جيد ) ‪ ( ،‬ميسرًا ) مفعول ثان‬
‫واجلملة ال حمل هلا جواب شرط غري جازم ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪70‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫اتفاقًا ‪ ،‬كاألعالم ‪ ،‬حنو يسار ‪ ،‬علمًا للُيْس ر‪ ،‬وَفجار ‪،‬علمًا للفجور ‪ ،‬ومنه ما يعمل اتفاقًا‬
‫‪ ،‬وهو ما إذا كان مبدوءًا مبيم زائدة لغري املفاعلة ‪ ،‬حنو إن معرفتك النحو تعصمك من‬
‫اللحن ‪ ،‬ومنه ما يف عمله خالف ن وهو املأخوذ من حدث لغريه ‪ ،‬كالعطاء ‪ ،‬يراد به‬
‫الشيء ا عطى‪.‬‬
‫ُمل‬
‫ِذ ِض‬
‫َكِّم ْل ِبَنْص ٍب أْو ِبَر ْفٍع َعَم َلْه‬ ‫‪َ -426‬و َبْع َد َج ِّر ِه اَّل ي ُأ يَف َلْه‬
‫اِل‬
‫َر اَعى يِف ا ْتَباِع اْلَمَح َّل َفَح َس ْن‬ ‫‪َ -427‬و ُج َّر َم ا َيْتَبُع َم ا ُج َّر َو َمْن‬

‫تقدم أن املصدر العامل يأيت مضافًا ‪ .‬وهو ضربان ‪:‬‬


‫األول ‪ :‬أن يكون مضافًا إىل فاعله ‪ .‬فيؤتى بعده باملفعول به منصوبًا إن وجد ‪ ،‬فيكون‬
‫الفاعل جمرورًا يف اللفظ مرفوعًا يف احملل ‪ ،‬حنو يسرين شكرك املنعم فـ (شكر) فاعل ( يسر‬
‫) وهو مضاف والكاف مضاف إليه من إضافة املصدر إىل فاعله ‪ .‬ولفظ ( املنعم ) مفعول‬
‫به للمصدر ‪ .‬ومنه قوله تعاىل ‪ ( :‬ولو ال دفع اهلل الناَس ) (‪ )1‬فـ ( دفع ) مبتدأ حذف‬
‫خربه ‪ ،‬وهو مضاف إىل فاعله ‪ .‬و( الناس ) مفعول به للمصدر ‪.‬‬
‫فإذا جاء تابع للفاعل من نعت أو عطف أو غريمها جاز فيه اجلر مراعاة للفظ الفاعل‬
‫املتبوع ألنه جمرور ‪ .‬وجاز فيه الرفع مراعاة حملله ‪ .‬حنو ‪ :‬عجبت من إكرام خالٍد وعمرٍو‬
‫أبامها ‪ ،‬برفع ( عمٌٍر و ) وجره وِم ن االتباع على احملل قوله ‪:‬‬

‫طلَب املعِّق ِب حَّقه املظلوم (‪)2‬‬ ‫حىت هتجر يف الرواح وهاجها‬

‫‪ - 1‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 251 :‬‬


‫‪ - 2‬البيت يف وصف محار وحشي قد عجل رواحه يف املاء وقت اهلاجرة وأزعج األتان وطلبها إىل املاء مثل طلب الغرمي الذي مطله مدين بدين‬
‫له ‪ .‬فهو يلح يف طلبه املرة بعد األخرى ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ ( :‬حىت ) ابتدائية ( طلب ) مفعول مطلق منصوب لـ ( هاجها ) ألنه مرادف له يف املعىن ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪71‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فأضاف املصدر ( طلب ) إىل فاعله وهو ( املعقب ) مث أتى بالنعت وهو ( املظلوم )‬
‫مرفوعًا نظرًا للمحل ‪.‬‬
‫الضرب الثاين ‪ :‬أن يكون املصدر مضافًا إىل مفعوله ‪ .‬فيؤتى بعده بالفاعل ‪ .‬مرفوعًا إن‬
‫وجد ‪ .‬فيكون املفعول جمرورًا يف اللفظ منصوبًا يف احملل ‪ .‬حنو ‪ :‬من سوِء الرتبية عصياُن‬
‫اآلباِء بنوهم فـ ( عصيان ) مبتدأ مؤخر ‪ .‬وهو مضاف إىل مفعوله ‪ ( :‬اآلباء ) و(بنوهم )‬
‫فاعل املصدر ‪ .‬ومنه قوله ‪ :‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬بين اإلسالم على مخس ‪ ..‬وحج‬
‫البيت من استطاع إليه سبيًال ) (‪ )1‬فـ ( حج ) مصدر مضاف ملفعوله ( البيت ) و( من‬
‫استطاع ) فاعل املصدر‬
‫فإذا جاء تابع للمفعول به – من نعت أو عطف أو غريمها ‪ .‬جاز فيه اجلر مراعاة للفظ‬
‫املفعول به املتبوع ألنه جمرور ‪ .‬وجاز فيه النصب مراعاة حملله ‪ .‬حنو ‪ :‬عجبت من أكل‬
‫الطعاِم احلاَِّر زيٌد بنصب كلمة ( احلار ) وجرها ‪ ،‬ومن مراعاة احملل قوله ‪:‬‬

‫خمافة اإلفالس واللّيانا (‪. )2‬‬ ‫قد كنت داينت هبا حّس انا‬

‫فأضاف املصدر ( خمافة ) إىل مفعوله وهو (اإلفالس) مث أتى بعطف النسق وهو ( الليانا )‬
‫منصوبًا نظرًا للمحل ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وُج َّر ما يتبع ما جر ‪ ...‬إخل ) أي ‪ :‬إذا جاء تابع للمضاف إليه‬
‫اجملرور فاجرر هذا التابع مراعيًا لفظ اجملرور ‪ .‬سواء كان مرفوعًا حمًال ألنه فاعل ‪ .‬أو‬
‫منصوبًا حمًال ألنه مفعول به ‪ .‬مث بني أن اجلر ملراعاة اللفظ ليس الزمًا ‪ .‬فمن يراعي احملل‬
‫املرفوع أو املنصوب فعمله حسن ‪.‬‬

‫‪ - 1‬متفق عليه ‪.‬‬


‫‪ - 2‬املعىن ‪ :‬قد كنت أخذت هذه األمة من حسان بدًال عن دين يل عنده ‪ .‬ملخافيت أن يفلس أو مياطلين ‪ .‬و( الليان ) بفتح الالم وتشديد الياء‬
‫‪ .‬املطل والتسويف ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ :‬خمافة مفعول ألجله ‪ .‬واأللف يف قوله ( والليانا ) لإلطالق ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪72‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫إْع َم اُل اْس ِم اْلَف اِع ِل‬


‫إْن َك اَن َع ِض ِّيِه َمِب ِز ِل‬
‫ْع‬ ‫ْن ُم‬ ‫‪َ -428‬ك ِف ْع ِلِه اسُم َفاعٍل يِف اْلَعَم ِل‬
‫أْو َنْف يًا أْو َج ا َص َفًة أْو ُمْس َندَا‬ ‫‪َ-429‬و َو َيِل اْس ِتْف َه امَا أْو َحْر َف ِنَد ا‬
‫ِذ‬ ‫‪َ -430‬و َقْد َيُك وُن َنْعَت ْحَمُذ وٍف ُعِر َف‬
‫َفَيْس َتحُّق اْلَعَم َل اَّل ي ُو ِص ْف‬

‫هذا النوع الثاين من األمساء العاملة عمل الفعل ‪ .‬وهو اسم الفاعل وكذا صيغ املبالغة‬
‫‪.‬‬
‫واسم الفاعل ‪ :‬اسم مشتق للداللة على معىن جمرد حادث وعلى فاعله ‪.‬‬
‫فقولنا‪:‬اسم مشتق‪ :‬أي مأخوذ من مصدر الثالثي كـ( نادم ) أو غريه كـ( ُم ْك ِر م ) ‪.‬‬
‫وقولنا ‪ :‬على معىن جمرد ‪ :‬هو احلدث اخلايل عن الزمان كالقيام والقعود ‪.‬‬
‫وقولنا ‪ :‬حادث ‪ :‬أي عارض يتغري ويزول ‪ .‬وهذا هو الغالب يف اسم الفاعل ‪ .‬وخيرج‬
‫هبذا الصفة املشبهة واسم التفضيل ألهنما للثبوت ال للتجدد واحلدوث(‪)1‬‬

‫‪ - 1‬انظر باب ‪ :‬أبنية أمساء الفاعلني ‪ .‬وباب الصفة املشبهة ‪.‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪73‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وقولنا ‪ :‬وعلى فاعله ‪ :‬أي َمْن َح َدَث منه الفعل وصدر عنه ‪ .‬كضارب ‪ .‬وهذا خيرج‬
‫اسم املفعول كمضروب ألنه يشتق ملن وقع عليه احلدث ‪.‬‬
‫واسم الفاعل ال يخلو من حالين ‪:‬‬
‫األولى ‪ :‬أن يكون مقرتنًا بـ ( أل ) وهذا سيأيت حكمه إن شاء اهلل ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬أن يكون جمردًا منها ‪ .‬وهذا يرفع الفاعل مطلقًا بال شروط حنو ‪ :‬اهلل عاٌمل ببواطن‬
‫األمور ‪ .‬ففي ( عامل ) ضمري مسترت هو الفاعل وكقوله تعاىل ‪ ( :‬ومن الناس والدواب‬
‫واألنعام خمتلف ألوانه ) (‪ . )1‬فـ ( ألوانه ) فاعل السم الفاعل ‪.‬‬
‫وأما نصبه المفعول به فال بد من شرطين ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أن يكون للحال أو االستقبال ‪ .‬وذلك ألن اسم الفاعل – كما يقولون – إمنا‬
‫عمل جلريانه على الفعل الذي هو مبعناه ‪ .‬وهو املضارع ‪ .‬ومعىن جريانه عليه أنه موافق له‬
‫يف احلركات والسكنات مبعىن ‪ :‬أن الساكن يف أحدمها مقابل يف ترتيبه للساكن يف اآلخر‬
‫‪ .‬وكذا املتحرك ‪.‬فـ ( نادم ) موافق ملضارعه ( َيْندم ) يف كل ما ذكر ‪.‬‬
‫الشرط الثاني ‪ :‬أن يعتمد على شيء قبله ‪ .‬كاالستفهام حنو ‪ :‬أبالٌغ أنت قصدك ‪ .‬فاهلمزة‬
‫لالستفهام ‪ .‬و( بالغ ) مبتدأ ( أنت ) فاعل سد مسد اخلرب ( قصدك ) مفعول به السم‬
‫الفاعل ‪ .‬والكاف مضاف إليه ‪.‬‬
‫أو يعتمد على نفي حنو ‪ :‬ما حامد السوَق إال من ربح ‪ .‬فـ ( حامد ) مبتدأ ( السوق )‬
‫مفعول به السم الفاعل ( إال ) أداة استثناء ملغاة (من ) اسم موصول مبين على السكون‬
‫يف حمل رفع فاعل سد مسد اخلرب ( ربح ) صلة املوصول ‪.‬‬
‫أو يعتمد على نداء حنو ‪ :‬يا سائقًا سيارة متهل ‪ :‬فـ ( يا ) حرف نداء ( سائقًا ) منادى‬
‫منصوب ‪ .‬والفاعل ضمري مسترت ( سيارة ) مفعول به السم الفاعل ‪،‬‬

‫‪ - 1‬سورة فاطر ‪ ،‬آية ‪. 28 :‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪74‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫أو يقع نعتًا ملنعوت مذكور حنو ‪ :‬صحبت رجًال عارفًا آداب السفر ‪ .‬أو ملنعوت‬
‫حمذوف لوجود قرينة تدل عليه ‪ .‬حنو ‪ :‬كم معذٍب نفَس ه يف طلب الدنيا يرى أنه أسعد‬
‫الناس ‪ .‬أي ‪ :‬كم شخص معذب نفسه ‪.‬‬
‫أو يقع حاًال حنو ‪ :‬جاء خالد راكبًا فرسًا‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬فاعبد اهلل خملصًا له الدين ) (‪)1‬‬
‫أو يقع خربًا ملبتدأ حنو ‪ :‬أنت حافٌظ َغْيبَة جارك ‪.‬‬
‫أو يقع خربًا لناسخ حنو ‪ :‬إنك حافظ غيبة جارك ‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬ما كنت قاطعة أمرًا‬
‫حىت تشهدون) (‪. )2‬‬
‫فإن كان اسم الفاعل للماضي مل يعمل ‪ .‬فال يصح أن تقول ‪ :‬حممد كاتٌب واجَبه أمِس ‪.‬‬
‫بنصب واجبه ‪ .‬بل جيب فيه اإلضافة فتقول حممد كاتب واجِبه أمس ‪.‬‬
‫وخالف يف ذلك الكسائي فأجاز عمله – وإن كان ماضيًا – حمتَّجًا بقوله تعاىل ‪:‬‬
‫( وكلبهم باسٌط ذراعيه ) (‪ )3‬فـ ( باسط ) مبعىن املاضي ‪ .‬وخرجه غريه على أنه حكاية‬
‫حال ماضية ‪ .‬ومعىن ذلك ‪ :‬أن يفرض املتكلم حني كالمه أن القصة واقعة اآلن فهو‬
‫يصفها ‪ .‬وعليه ال يكون (باسط ) ماضيًا ‪ .‬وإمنا هو حاضر ‪ .‬والسر يف ذلك إحضاره يف‬
‫الذهن حىت كأنه مشاهد ‪.‬‬
‫وإن مل يعتمد اسم الفاعل مل يعمل ‪ .‬وخالف يف ذلك األخفش فأجاز عمله واحتج‬
‫بقول الشاعر ‪:‬‬

‫مقالة هليب إذا الطري مرِت (‪)4‬‬ ‫خبٌري بنو ْهِلٍب فال تك ملغيًا‬

‫‪ - 1‬سورة الزمر ‪ ،‬آية ‪.2 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة النمل ‪ ،‬آية ‪. 33 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة الكهف ‪ ،‬آية ‪. 18 :‬‬
‫‪ - 4‬املعىن أن بين هلب عاملون بزجر الطري وعيافتها – أي التكهن بأمسائها وحركاهتا وأصواهتا تفاؤًال وتشاؤمًا – فإذا أخربك هليب بشيء من‬
‫ذلك فصدقه وال تلغ كالمه ‪ ،‬ومعلوم أن التطري من أعمال اجلاهلية وهو نوع من الشرك يتناىف مع التوحيد أو ينقص كماله ‪.‬‬

‫إعرابه ‪ :‬فال تك ‪ :‬مضارع جمزوم وعالمة جزمه سكون النون احملذوفة للتخفيف ‪ .‬وامسها ضمري مسترت ‪ ( .‬ملغيًا ) خربها وفيه ضمري مسترت‬
‫( مقالة ) مفعول به السم الفاعل ‪ ( .‬ملغيًا ) ‪ ( .‬الطري ) فاعل لفعل حمذوف يفسره املذكور ‪ .‬أو فاعل مقدم أو مبتدأ على اخلالف ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪75‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫فإن قوله ‪ ( :‬خبري ) مبتدأ ‪ .‬وقوله ‪ ( :‬بنو هلب ) فاعل سد مسد اخلرب ‪ .‬ومل يعتمد اسم‬
‫الفاعل على شيء مما ذكر ‪.‬‬
‫واجلمهور على اشرتاط االعتماد – كما تقدم – وال حجة لألخفش يف هذا البيت ‪.‬‬
‫جلواز أن يكون قوله ‪ ( :‬خبري ) خرب مقدمًا ‪ .‬وقوله ‪ ( :‬بنو هلب ) مبتدأ مؤخر ‪ .‬وال‬
‫يضر اإلخبار باملفرد عن اجلمع ‪ .‬ألن صيغة ( فِعيل) على وزن املصدر كالصهيل والنعيق‬
‫‪ .‬واملصدر خيرب به عن املفرد واملثىن واجلمع ‪ .‬فكذا ما هو عل وزنه ‪ .‬وقد ورد ذلك‬
‫صرحيًا يف قوله تعاىل ‪ ( :‬واملالئكة بعد ذلك ظهري ) (‪ . )1‬فـ ( املالئكة ) مبتدأ ‪ .‬و‬
‫( ظهري ) خرب املبتدأ ‪ .‬مع أن املبتدأ مجع ‪.‬‬
‫وإىل ما تقدم من عمل من اسم الفاعل وشروطه قال ابن مالك ( كفعله اسم فاعل يف‬
‫العمل ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬اسم الفاعل كفعله يف العمل ‪ .‬متعديًا كان الفعل أو الزمًا بشرط‬
‫أن يكون مبعزل عن الزمان املاضي ‪ .‬أي ‪ :‬مبكان بعيد عنه ‪ .‬واملراد أنه ال بد أن يكون‬
‫للحال أو االستقبال ‪ .‬كما يشرتط أن يلي استفهامًا أي ‪ :‬يقع بعد استفهام أو بعد حرف‬
‫نداء أو بعد نفي ‪ .‬أو يأيت اسم الفاعل صفة ( واملراد هبا هنا النعت واحلال ) أو مسندًا ‪.‬‬
‫أي خمربًا به عن مبتدأ أو ناسخ من النواسخ ‪ .‬مث ذكر أن اسم الفاعل قد يقع نعتًا ملنعوت‬
‫حمذوف معروف فيعمل العمل املذكور ‪.‬‬

‫***‬

‫َو َغِرْي ِه إْع َم اُلُه َقْد اْر ُتِض ي‬ ‫‪َ -431‬و إْن يُك ْن ِص َلَة أْل َفِف ي اْلُم ِض ي‬

‫هذه احلالة الثانية من أحوال اسم الفاعل وهي أن يكون مقرتنًا بـ ( أل ) فيعمل‬
‫عمل فعله مطلقًا بغري َتَق ُّيٍد بزمن معني ‪ .‬ودون أن يعتمد على شيء مما ذكر حنو ‪ :‬الكامت‬

‫‪ - 1‬سورة التحرمي ‪ ،‬آية ‪. 4 :‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪76‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫سَّر إخوانه حمبوب ‪ .‬فـ ( الكامت ) مبتدأ ‪ .‬وفيه ضمري مسترت هو الفاعل ( سّر ) مفعول به‬
‫السم الفاعل ( حمبوب ) خرب املبتدأ ‪ ،‬ومنه قوله تعاىل ( والكاظمني الغيظ والعافني عن‬
‫الناس ) (‪. )1‬‬
‫فـ ( الغيظ ) مفعول به السم الفاعل احمللى بـ ( أل ) ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وإن يكن صلة أل ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬وإن يكن اسم الفاعل مبدوء بـ‬
‫( أل ) املوصولة ‪ .‬فإنه يعمل عمل فعله يف الزمان املاضي وغريه ‪.‬‬

‫ِع ِد‬ ‫ٍة‬ ‫يِف‬ ‫‪َ -432‬فَّعاٌل أْو ِم ْف َعاٌل أْو َفُعوُل‬
‫َك ْثَر َعْن َفا ٍل َب يُل‬
‫َو ْيِف َفِعيٍل َقَّل َذا َو َفِعِل‬ ‫‪َ -433‬فَيْس َتِح ُّق َم الُه ِم ْن َعَم ِل‬

‫مما يعمل عمل الفعل ( صيغ املبالغة ‪ .‬وهي كل اسم ُح ِّو َل للمبالغة والتكثري (‪ . )2‬يف‬
‫الفعل من صيغة ( فاعل ) إىل إحدى الصيغ املذكورة (‪ . )3‬وهي مخس ‪:‬‬
‫َفّعال ‪ :‬بتشديد العني ‪ .‬حنو ‪ :‬القائد الناجح ليس هبياب عند الفزع ‪ ،‬ومنه ما‬ ‫‪-1‬‬
‫حكاه سيبويه ‪ :‬أما العسَل فأنا شَّر اب ‪ .‬فـ ( شراب ) صيغة مبالغة وقد عملت عمل‬
‫الفعل ففيها ضمري مسترت هو الفاعل ‪ .‬واملفعول ( العسل ) ‪.‬‬
‫‪ -2‬مفعال ‪ :‬بكسر امليم حنو ‪ :‬الكرمي منحار إبَله لضيفه ‪.‬‬
‫‪ -3‬فعول ‪ :‬بفتح الفاء حنو ‪ :‬املؤمن شكور رَّبه على نعمه‪ .‬والتحويل إىل هذه‬
‫الثالث بكثرة ‪.‬‬
‫‪ -4‬فعيل ‪ :‬بكسر العني وبعدها ياء ‪ :‬حنو ‪ :‬املؤمن رحيم بالضعفاء‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة آل عمران ‪ ،‬آية ‪. 134 :‬‬


‫‪ - 2‬مها متغايران فاملبالغة باعتبار الكيفية ‪ .‬والتكثري باعتبار الكمية ‪.‬‬
‫‪ - 3‬وقد تأيت لغري املبالغة حنو ‪َ :‬ش ُر ف ‪ :‬فهو شريف ‪ :‬وكرم فهو كرمي ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪77‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪َ -5‬فِعل ‪ :‬بسكر العني من غري ياء حنو ‪ :‬ال تكن جزعًا عند الشدائد والتحويل إىل‬
‫هذين بقلة ‪.‬‬
‫وهذه الصيغ ال تصاغ إىل من مصدر فعل ثالثي متعٍد ‪ .‬ما عدا صيغة ( فعال )‬
‫فتصاغ من املتعدي والالزم (‪ )1‬كقوله تعاىل ‪ ( :‬وال تطع كل حالف مهني *‬
‫مهاز مشاء بنميم * مناع للخري معتد أثيم ) (‪. )2‬‬
‫وهي ال جتري على حركات مضارعها وسكناته بالرغم من اشتماهلا على‬
‫حروفه األصلية ‪ .‬وهلذا محلت على اسم الفاعل ال على الفعل بالشروط‬
‫املذكورة يف اسم الفاعل ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬فعال أو مفعال أو مفعول ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن صيغة ( فعال )‬
‫و ( مفعال ) و ( مفعول ) تغين عند إرادة الكثرة عن صيغة ( فاعل ) أي عن‬
‫اسم الفاعل ‪ .‬وأن هذه الصيغ تستحق ما يستحقه ( فاعل ) من العمل عند‬
‫استيفاء الشروط املذكورة يف اسم الفاعل ‪ ،‬مث بني أن استعمال صيغيت ( فعيل ‪،‬‬
‫وفِعل ) قليل يف املبالغة بالنسبة للثالثة األول (‪. )3‬‬

‫***‬

‫ِم‬ ‫ِط‬ ‫ِم‬ ‫يِف‬ ‫ِع‬ ‫ِد‬ ‫ِس‬


‫اُحْلْك َو الُّش ُر و َح ْيُثَم ا َع ْل‬ ‫‪َ -434‬و َم ا َو ى اْلُم ْف َر مْثَلُه َج ْل‬

‫‪ - 1‬وقد جاءت – أيضًا ‪ -‬صيغة ( َفعول ) من الالزم مثل ‪ :‬ضحوك ‪ ،‬عبوس ‪ ،‬بشوش ‪ .‬لكنها مقصورة على السماع [ أنظر النحو الوايف (‬
‫‪. ] )260 /3‬‬
‫‪ - 2‬سورة القلم ‪ ،‬اآليات ‪. 12 ، 10 :‬‬
‫‪ - 3‬هناك صيغ أخرى تفيد املبالغة ‪ ،‬منها‪ِ ( :‬فّعيل ) بكسر أوله وتشديد العني ‪ .‬واألكثرون على أهنا مساعية ‪ .‬وقد ذكر ابن قتيبة يف ( أدب‬
‫الكاتب ) ص ‪ : 330‬أنه كثري مثل ‪ :‬سكري ‪ ،‬ومخري ‪ ،‬وعشيق ‪ ،‬وسكيت ‪ . .‬و إذا ثبتت كثرهتا فلما ذا ال يصح القياس ؟! وقد قرر‬
‫اجملمع اللغوي القاهري أهنا قياسية ‪ .‬ومنها ‪ِ :‬م ْف َعل حنو ‪ :‬إنه ِم ْسَعَر حروب ‪ :‬أي ‪ :‬يكثر إشعاهلا ‪ .‬انظر ‪ :‬النحو الوايف (‪. )3/259‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪78‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫أي‪ :‬أن غري املفرد – من اسم الفاعل وأمثلة املبالغة – مثل املفرد يف العمل والشروط ‪.‬‬
‫فيدخل يف ذلك املثىن واجلمع ‪ .‬ومنه قوله تعاىل ‪ ( :‬وال آمني البيت احلرام ) (‪ . )1‬فـ‬
‫( آمني ) اسم فاعل وهو مجع مذكر سامل مفرده ( آم ) وقد َعِم َل َعَم َل املفرد فنصب‬
‫املفعول به ( البيت احلرام ) وفاعله ضمري مسترت ‪ ،‬ومنه قوله تعاىل ‪ ( :‬والذاكرين اهلل كثريًا‬
‫والذاكرات ) ( ‪ . ) 2‬فلفظ اجلاللة منصوب بـ ( الذاكرين ) وهو مجع ذاكر ‪ ،‬وفاعله‬
‫ضمري مسترت فيه ‪ .‬وقوله تعاىل ‪ ( :‬خشعا أبصارهم ) (‪ . )3‬فـ ( أبصارهم ) فاعل لـ‬
‫( خشعًا ) وهو مجع خاشع ‪ .‬ومن أمثلة مجع صيغ املبالغة قول الشاعر ‪:‬‬

‫ُغُفٌر ذْنَبُه ْم َغْيُر ُفُخ ْر (‪)4‬‬ ‫مث زادوا أهنم يف قومهم‬

‫فأعمل الشاعر مجع صيغة املبالغة ( غفر ) وهو مجع ( غفور ) عمل املفرد فنصب املفعول‬
‫به ( ذنبهم ) وفاعله ضمري مسترت فيه ‪.‬‬

‫ِض‬ ‫ِس‬ ‫ِل‬ ‫‪َ -435‬و اْنِص ْب ِبِذْي اإلْع َم اٍل ِتْلوًاَو اْخ َف ِض‬
‫َو ْه َو َنْص ب َم ا َو اُه مْق ت ْي‬

‫تقدم أن اسم الفاعل يعمل عمل الفعل بشرطني ‪ :‬ومها كونه للحال أو االستقبال مع‬
‫اعتماده على شيء مما تقدم ‪.‬‬
‫وذكر هنا أن وجود الشرطني املذكورين ال يوجب عمل اسم الفاعل ‪ .‬بل جيوز أضافته‬
‫إىل مفعوله ‪ .‬بشرط أن يقع بعده فال يفصل بينهما فاصل فتقول ‪ :‬هذا كاتٌب الدرس أو‬
‫كاتب الدرِس ‪ .‬ومنه قوله تعاىل ‪ ( :‬إن اهلل بالُغ أمِر ه ) فقد قرأ حفص باإلضافة ‪ .‬وقرأ‬

‫‪ - 1‬سورة املائدة ‪ ،‬آية ‪. 2 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة األحزاب ‪ :‬آية ‪. 35 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة القمر ‪ ،‬أية ‪.7 :‬‬
‫‪ - 4‬غري ‪ :‬خرب ثان لـ ( أن ) مرفوع ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪79‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫الباقون بالتنوين ونصب ( أمره ) على املفعولية ‪ .‬قال مكي ‪( :‬ومها لغتان يف إثبات التنوين‬
‫يف اسم الفاعل إذا كان مبعىن احلال أو االستقبال وحذفه‪،‬وقد مضى له نظائر)(‪. )1‬‬
‫فإن كان مفعوله غري تاٍل له بأن َفَص ل بينهما فاصل وجب نصبه لتعذر اإلضافة بسب‬
‫الفصل حنو‪:‬هذا كاتٌب اليوم الدرَس ‪.‬ومنه قوله تعاىل‪ (:‬إين جاعل يف األرض خليفة)( ‪. )2‬‬
‫فإن كان السم الفاعل املستويف للشروط مفعوالن أو ثالثة وأضيف إىل واحد منها ‪.‬‬
‫ٍد‬
‫وجب ترك الباقي مفعوًال به منصوبًا كما كان حنو ‪ :‬أنا ظاُّن خال مسافرًا ‪ .‬أأنت خمُرب‬
‫عصاٍم السفَر قريبًا ؟ ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وانصب بذي اإلعمال ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬وانصب بذي اإلعمال ؛ أي‬
‫صاحب اإلعمال ‪ .‬وهو اسم الفاعل املستوىف للشروط ‪ ( .‬تلو ) أي مفعوله الذي يتلوه‬
‫ويقع بعده ‪ ،‬أو ُج َّر ُه بإضافته إليه ‪.‬فإن كان اسم الفاعل يتطلب أكثر من مفعول وأضيف‬
‫إىل األول ُنِص َب ما عداه ‪.‬‬

‫***‬

‫ِغ ٍه‬ ‫ِص‬


‫َك ُم ْبَت ي َج ا َو ماًال َمْن َنَه ْض‬ ‫‪َ -436‬و اْج ُر ْر أِو اْن ْب الذي اَخْنَف ْض‬

‫تقدم أن اسم الفاعل املستويف للشروط يصح أن ينون وينصب ما بعده أو حيذف تنوينه‬
‫ويضاف إيل ما بعده ‪ ،‬فإذا جاء تابع من التوابع للمفعول به املنصوب مباشرة وجب يف‬
‫هذا التابع النصب مراعاة للفظ املتبوع املنصوب حنو‪ :‬لست مبصاحٍب العاصَي واملنافَق ‪.‬‬
‫فيتعني نصب املعطوف وهو كلمة ( املنافق ) تبعًا للمعطوف عليه ألنه منصوب باسم‬
‫الفاعل ‪.‬‬
‫أما عند جر املتبوع باإلضافة – وهو املراد هبذا البيت – فيجوز في التابع وجهان ‪:‬‬

‫‪ - 1‬الكشف ( ‪. ) 2/324‬‬
‫‪ - 2‬سورة البقرة ‪ ،‬أية ‪. 30 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪80‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫األول ‪ :‬النصب محًال على احملل (‪ )3‬ألن املضاف إليه وإن كان جمرورًا لكنه مفعول به يف‬
‫األصل قبل اإلضافة ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬اجلر مراعاة للفظ ‪ .‬حنو ‪ :‬لست مبصاحِب الفاسِق واملنافَِق ‪ ،‬جبر املعطوف عليه‬
‫وهو ( الفاسق ) إلضافة اسم الفاعل إليه وأما املعطوف وهو ( املنافق ) فيجوز فيه اجلر‬
‫والنصب على ما تقدم ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬واجرر أو انصب ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬إذا جاء تابع لالسم اجملرور بعد‬
‫اسم الفاعل جاز فيه اجلر والنصب ‪ .‬مث ذكر املثال ( مبتغي جاٍه وماًال من هنض ) ‪.‬‬
‫واألصل ‪ :‬من هنض مبتغي جاٍه وماًال ‪ .‬فـ ( من ) اسم موصول مبتدأ مؤخر ومجلة‬
‫( هنض ) صلة ‪ .‬و ( مبتغي ) خرب مقدم ‪ .‬وهو مضاف إىل ( جاٍه ) و ( ماًال ) معطوف‬
‫على ( جاٍه ) باعتبار أصله ‪.‬‬

‫***‬

‫ُيْع َطى اْس َم َم ْف ُعوٍل ِبال َتَف اُضِل‬ ‫‪َ -437‬و ُك ُّل َم ا ُقِّر َر ِال سِم َفاِعِل‬
‫َم ْع َناُه َك اْلُم ْع َطى َك َف افًا َيْك َتِف ي‬ ‫‪َ -438‬فْه َك ِف ْع ٍل ِص ْيَغ ِلْلَم ْف ُعوِل يِف‬
‫َو‬

‫تقدم مما يعمل عمل الفعل ‪ :‬املصدر وامسه ‪ ،‬واسم الفاعل وصيغ املبالغة ‪ ،‬وذكر هنا اسم‬
‫املفعول وهو ‪:‬‬
‫اسم مشتق للداللة على معىن جمرد ‪ ،‬وعلى من وقع عليه ذلك املعىن ‪.‬‬
‫ُم ِنَح الفائُز جائزًة فهو ممنوح ‪ .‬فاسم املفعول ( ممنوح ) يدل على معىن جمرد هو‬
‫( منح اجلائزة ) غري مقيد بزمان ‪ .‬ويدل على الذات اليت وقع عليها منح اجلائزة ‪.‬‬

‫‪ - 3‬هذا أيسر مما ذكر بعض النحويني من أن النصب إما على إضمار فعل أو وصف وهو رأي سيبويه ألن ماال حيتاج إىل تقدير أوىل ‪ .‬قال‬
‫ابن مالك يف شرح الكافية ( ‪ ( : )2/1047‬وال حاجة إىل تقدير ناصب غري ناصب املعطوف عليه ‪ .‬وإن كان التقدير قول سيبويه ) ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪81‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫واسم املفعول يعمل علم فعله املبين للمجهول‪ .‬فإن كان حملى بأل عمل مطلقًا بال‬
‫شرط ‪ .‬حنو املفقوُد ماُله حزين ‪ .‬فـ ( املفقود ) مبتدأ ‪ ( .‬ماله) نائب فاعل السم املفعول‬
‫‪ .‬واهلاء مضاف إليه ( حزين ) خرب املبتدأ ‪ .‬قال تعاىل ‪ :‬يف مصارف الزكاة ‪.‬‬
‫( واملؤلفة قلوهبم ) (‪ . ) 1‬فـ ( قلوهبم ) نائب فاعل السم املفعول وامليم عالمة اجلمع ‪.‬‬
‫واهلاء مضاف إليه ‪.‬‬
‫وإن كان اسم املفعول جمردًا عمل إذا توفرت له الشروط اليت اشرتطت لعمل اسم‬
‫الفاعل من كونه للحال أو االستقبال واعتماده على شيء مما تقدم ‪.‬‬
‫فريفع نائب الفاعل إذا كان فعله متعديًا لواحد فتقول ‪ :‬العلم معروفة فوائده ‪ .‬فـ‬
‫( معروفة ) خرب املبتدأ ‪ .‬وهو اسم مفعول ‪ .‬فعله ( ُعِر ف ) املتعدي لواحد ( فوائده )‬
‫نائب فاعل واهلاء مضاف إليه ‪.‬‬
‫وإن كان فعله متعديًا ألكثر ُر فع واحد بالنيابة ‪ .‬ونصب غريه ‪ .‬حنو ‪ :‬اجملد ممنوح‬
‫جائزة ‪ .‬فـ ( اجملد ) مبتدأ ( ممنوح ) خرب املبتدأ ‪ .‬وهو اسم مفعول وفيه ضمري مسترت هو‬
‫نائب الفاعل ‪ .‬وهو املفعول األول يف األصل ‪ ( .‬جائزة ) مفعول ثاٍن منصوٍب ‪ .‬واألصل‬
‫‪ :‬منحُت اجملَّد جائزًة ‪ .‬مث بين للمجهول فقيل ‪ :‬منح اجملّد جائزًة‬
‫ومن إعماله ‪ :‬قوله تعاىل ‪ ( :‬ذلك يوم جمموع له الناس )( ‪ . )2‬فـ ( الناس ) نائب‬
‫فاعل السم املفعول ‪:‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وكل ما قرر السم فاعل ‪ ...‬إخل ) أي‪ :‬كل ما تقرر السم‬
‫الفاعل من العمل والشروط – مما ذكره ابن مالك – يثبت السم املفعول ( بال تفاضل )‬
‫أي بال زيادة يف أحدمها على اآلخر ‪.‬‬
‫وهذا ال يستفاد من أول البيت ‪ ،‬فليس توكيدًا ‪ ،‬مث بني أن اسم املفعول مثل الفعل‬
‫املبين للمجهول يف املعىن ‪ .‬وهو الداللة على احلدث الواقع على الذات ‪ .‬فإن قيل ‪ :‬إن‬
‫الكالم يف العمل ال يف املعىن ‪ .‬فاجلواب ‪ :‬إما ألن عمله ُم َس َّبٌب عن كونه مبعىن فعله ‪.‬‬
‫‪ - 1‬سورة التوبة ‪ ،‬آية ‪.60 :‬‬
‫‪ - 2‬سورة هود ‪ ،‬آية ‪. 103 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪82‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فأطلق السبب وأراد املسبب ‪ .‬أو ألن العمل داخل حتت قوله ‪ ( :‬وكل ما قرر السم فاعل‬
‫‪. ) ..‬والفاء يف قوله ( فهو كفعل ) هي الفاء الفصيحة ( ‪ - )1‬على األظهر ‪ -‬أي ‪:‬‬
‫إذا أردت عمل اسم املفعول املستوىف للشروط فهو كفعل ‪ ..‬إخل ‪ .‬مث مثل بقوله ‪:‬‬
‫( املعطى كفافًا يكتفي ) فـ ( املعطى ) مبتدأ ‪ .‬و ( أل ) فيه موصولة ‪ .‬ويف ( املعطى )‬
‫ضمري مسترت يعود على ( أل ) نائب فاعل ‪ .‬وهذا الضمري هو املفعول األول يف األصل ‪.‬‬
‫( كفافًا ) مفعول ثان السم املفعول ‪ .‬ومجلة ( يكتفي ) خرب املبتدأ ‪ .‬والكفاف ‪:‬‬
‫كسحاب ‪ .‬ما يكفي من القوت ‪.‬‬

‫ِد‬ ‫ِف‬
‫َم ْع ًىن َك َم ْح ُم وُد ا َق اِص اْلَوَر ْع‬ ‫‪َ -439‬و َقْد ُيَض اُف َذا إىَل اسٍم ُمْر َت ْع‬
‫َمل‬
‫تقدم أن اسم املفعول يعمل عمل الفعل املبين للمجهول فريفع نائب الفاعل سواء‬
‫كان امسًا ظاهرًا أو ضمريًا ‪ .‬وذكر هنا أنه جيوز _ بقلة _ أن يضاف اسم املفعول إىل‬
‫نائب فاعله الظاهر فيصري نائب الفاعل جمرورًا يف اللفظ مرفوعًا يف احملل ‪ .‬مراعاة ألصله‬
‫‪ .‬حنو ‪ :‬العلم معروفٌة فوائدُه ‪ .‬فتقول ‪ :‬العلم معروُف الفوائِد ‪ .‬بإضافة اسم املفعول إىل‬
‫مرفوعه ‪. )2( .‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وقد يضاف ذا إىل اسم مرتفع ) أي ‪ :‬قد يضاف اسم‬
‫املفعول إىل االسم املرفوع به – وهو نائب الفاعل – مث ذكر املثال ‪.‬‬
‫وأصله ‪ :‬الورع حممود مقاصده ‪ .‬وقوله ( معىن ) أي من جهة املعىن لكونه نائب‬
‫فاعل قبل اإلضافة كما تقدم ‪.‬‬
‫وظاهر كالمه أن اسم املفعول ينفرد جبواز اإلضافة إىل مرفوعه دون اسم الفاعل ‪.‬‬
‫لكن يف اسم الفاعل تفصيل يأيت إن شاء اهلل يف باب الصفة املشبهة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬هي اليت تكون جوابًا لشرط مقدر مع األداة ‪ .‬انظر ‪ :‬دراسات يف أساليب القرآن الكرمي ‪) 1/2/245 ( .‬‬
‫‪ - 2‬شرط اإلضافة أن تكون صيغته أصلية ‪ .‬فإن كانت غري أصلية مل جيز ذلك كما سيأيت بياهنما يف باب أبنية أمساء الفاعلني واملفعولني ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪83‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫*****‬

‫أْبِنَيُة ا َص اِد ِر‬


‫َمل‬
‫ِم ْن ذي َثالَثٍة َك َر َّد َر َّدا‬ ‫َفْع ٌل ِقَياُس َم ْص َد ِر ا َعَّدى‬ ‫‪-440‬‬
‫ُمل‬ ‫ِع‬
‫ِز‬
‫َك َف َر ٍح َو َك َج وًى َو َك َش َلْل‬ ‫َو َف َل الال ُم َباُبُه َفَعْل‬ ‫‪-441‬‬
‫َلُه ُفُعوٌل ِباِّطراٍد َك ّغَد ا‬ ‫َو َفَعَل الالزُم ِم ْثَل َقَعَد ا‬ ‫‪-442‬‬
‫أْو َفَعاَل نًا َفاْد ِر أْو ُفَعاال‬ ‫َم ا ْمَل َيُك ْن ُمْس َتْو ِج بًا ِفَعاال‬ ‫‪-443‬‬
‫َو الَّثاِن ِلَّلِذْي اْقَتَض ى َتَق ُّلَبا‬ ‫ِلِذ ِت‬
‫َفأَّو ٌل ْي اْم َناٍع َك أىَب‬ ‫‪-444‬‬
‫ِع‬ ‫ِل ٍت‬ ‫ِل‬
‫َس رْي ًا َو َصْو تًا اْلَف يُل َك َصَه ْل‬ ‫لَّدا ُفَعاٌل أْو َص ْو َو َمَشْل‬ ‫‪-445‬‬
‫َك َس ُه َل اَألْم ُر َو َز ْيٌد َجُز ال‪.‬‬ ‫ُفُعوَلٌة َفَعاَلٌة ِلَف ُعاَل‬ ‫‪-446‬‬
‫َفَباُبُه الَّنْق ُل َك ُس ْخ ٍط َو ِر َض ا ‪.‬‬ ‫َو َم ا أَتى َخُماِلفًا ِلَم ا َم َض ى‬ ‫‪-447‬‬

‫تقدم أن املصدر (‪)1‬اسم يدل على حدث جمرد عن الزمان ‪ .‬وهو إما أن يكون‬
‫مصدرًا لفعل ثالثي أو مصدرًا لفعل غري ثالثي ‪.‬‬
‫فأما مصادر األفعال الثالثية فهي كثرية ‪ .‬وال تعرف إال بالسماع والرجوع إىل املعاجم‬
‫اللغوية وما ذكره النحويون هي ضوابط أغلبية صحيحة يستفاد منها يف الوصول إىل‬

‫‪ - 1‬املصدر نوعان ‪:‬‬


‫أ ‪ -‬مصدر صريح ‪ .‬وهو ثالثة أنواع ‪:‬‬
‫‪ -1‬مصدر أصلي وهو املذكور هنا ‪.‬‬
‫‪ -2‬مصدر ميمي ‪ .‬وهو مصدر مبدوء مبيم زائدة يف غري املفاعلة ‪ ،‬مثل ‪ :‬موعد ‪ ،‬مسألة ‪ ،‬منفعة ‪ ،‬مهانة ‪ ،‬خبالف مشاركة ومعاونة‬
‫فال تسمى مصادر ميمية ‪.‬‬
‫‪ -3‬مصدر صناعي ‪.‬وهو كل لفظ زيد يف آخره ياء مشددة بعدها تاء التأنيث املربوطة كاإلنسانية ‪ .‬واحليوانية ‪ .‬والكمية ‪ ،‬والكيفية ‪.‬‬
‫ب‪ -‬مصدر مؤول ‪ .‬وال يكون املصدر مؤوًال إال مع احلروف املصدرية مثل ‪ :‬أّن وأْن – وهي املوصوالت احلرفية ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪84‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫مصدر الفعل الذي مل يسمع له مصدر فيكتفي هبا من شاء ‪ .‬أما من أراد التوسع واملزيد‬
‫من االستفادة فال غىن له عن القراءة واالطالع على املعاجم ‪.‬‬
‫والفعل الثالثي ال بد أن يكون مفتوح األول ‪ .‬أما ثانيه فقد يكون مفتوحًا أو‬
‫مضمومًا أو مكسورًا ‪ .‬فأوزان الثالثي ثالثة وبيان مصادرها كاآلتي ‪.‬‬
‫‪ -1‬إذا كان الفعل على وزن ( َفَعَل ) فإن كان متعديًا فمصدره على وزن (َفَعل )‬
‫مثل ‪ :‬أكل أكًال ‪ .‬وفتح فتحًا ‪ .‬وأخذ أخذًا ‪ .‬وإن كان الزمًا صحيح العني‬
‫فقياس مصدره على وزن ( ُفُعول ) حنو ‪ :‬قعد قعودًا ‪ .‬وجلس جلوسًا ‪ .‬وسجد‬
‫سجودًا ‪ .‬فإن كان معتل العني ‪ .‬فالغالب يف مصدره أن يكون على وزن ( َفْع ل‬
‫) كنام نومًا وصام صومًا ‪ ،‬أو على وزن ( ِفعال ) كصام صيامًا وقام قيامًا ‪.‬‬
‫ويستثىن من ذلك يا يلي ‪.‬‬
‫‪ -1‬ما دل على إباء وامتناع ‪ .‬فمصدره على وزن (ِفعال ) حنو‪ :‬أىب إباًء ‪ .‬نفر‬
‫نفارًا ‪ ،‬وشرد شرادًا ‪.‬‬
‫‪ -2‬ما دل على تنقل وحركة متقلبة فيها اهتزاز ‪ .‬فمصدره ( َفَعالن ) حنو ‪:‬‬
‫طاف طوفانًا ‪ .‬وخفق القلب خفقانًا ‪ .‬وغلى القدر غليانًا ‪.‬‬
‫‪ -3‬ما دل على داء ومرض فمصدره على وزن ( ُفعال ) حنو ‪َ :‬سَعل ُس عاًال ‪.‬‬
‫وَر َعَف ُر عافًا ‪.‬‬
‫‪ -4‬ما دل على نوع من الصوت فمصدره ( فعيل ) ‪ .‬و( ُفعال ) حنو ‪ :‬صرخ‬
‫صراخًا ‪ .‬وبكى بكاًء ‪ .‬ونعب الغراب نعيبًا وُنعابًا ‪.‬‬
‫‪ -5‬ما دل على نوع من السري فمصدره ( فعيل ) حنو ‪ :‬رحل رحيًال ‪ .‬وَذمل‬
‫ذميًال ‪ .‬وهو السري بلني ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪85‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -2‬وإن كان الفعل على وزن ( َفِعل ) بكسر العني ‪ .‬فإن كان متعديًا فمصدره على‬
‫وزن ( َفْع ل ) مثل ‪ :‬فهم فهمًا ‪ .‬ومحد محدًا ‪ .‬وأمن أمنًا ‪ .‬إال إذا دل على صناعة‬
‫فمصدره يف الغالب على وزن ( ِفعالة ) حنو ‪ :‬صاغ صياغة ‪ .‬وخاط خياطة ‪.‬‬
‫وإن كان الزمًا فمصدره على وزن ( َفَعل ) حنو ‪ :‬فرح فرحًا وأشر أشرًا وَج ِو َي جوًى‬
‫إال إذا دل على لون فمصدره يف الغالب على وزن ( ُفْع لة ) حنو ‪ِ :‬مَس ر ْمُسرة وَخ ِض ر‬
‫ُخ ْض رة وَش ِه ب ُش ْه َبة ‪ ،‬أو دّل على معاجلة – أي حماولة حسية – فمصدره على وزن‬
‫(ُفُعول) حنو ‪ :‬قدم قدومًا ‪ .‬وصعد صعودًا ‪ .‬وإن دل على معىن ثابت فمصدره ( ُفعولة )‬
‫حنو ‪ :‬يبس يبوسة ‪.‬‬
‫‪ -3‬وإن كان الفعل على وزن ( َفُعل ) بضم العني ‪ .‬وال يكون إال الزمًا فقياس‬
‫مصدره على وزن ( ُفعولة ) حنو ‪َ :‬صُعب صعوبة ‪ .‬وسهل سهولة ‪ .‬أو على وزن‬
‫( َفعالة ) مثل ‪َ :‬فُص ح َفصاحة ‪ .‬وَبُلَغ بالغة ‪.‬‬
‫وما جاء من مصادر الفعل الثالثي على خالف هذه األوزان فهو مقصور على السماع‬
‫وال يقاس عليه حنو ‪َ :‬س ِخ ط ُس ْخ طًا ‪ .‬والقياس ‪َ :‬س َخ طًا ‪ .‬وجحد جحودًا ‪ .‬والقياس ‪:‬‬
‫جحدًا ‪ .‬وقد ورد ذلك ‪ .‬وِخَب ل خبًال ‪ .‬وَعِلم علمًا ‪ .‬والقياس ‪َ :‬خَبًال وَعَلمًا ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪َ ( :‬فْع ل قياس مصدر املعّد ى ‪ ..‬إخل ) ‪ .‬أي أن الفعل الثالثي املتعدي‬
‫يكون مصدره على ( َفْع ل ) بفتح فسكون ‪ .‬سواء كان الفعل على وزن ( َفَعل ) أو على‬
‫وزن ( َفِعل ) مث ذكر املثال ‪ .‬مث بني مصدر الفعل الالزم من هذين ‪ .‬وأن ( َفِعل )‬
‫املكسور العني مصدره على وزن ( َفَعل ) مث ذكر ثالثة أمثلة ‪ .‬للصحيح ‪ :‬فرح فرحًا ‪.‬‬
‫واملعتل ‪َ :‬ج ِو َي عمر جوًى [ وهو احلرقة من عشق أو حزن ] واملضاعف ‪َ :‬ش َّلْت يده‬
‫شلًال ‪.‬‬
‫وأما ( َفَعل ) الالزم املفتوح العني مثل ( قعد ) فمصدره على وزن ( فعول ) باطراد كـ (‬
‫غدا ) غدّو ًا [ أي ذهب أول النهار ] وهذا يكون يف احلالة اليت ال يستوجب فيها الفعل‬
‫مصدرًا آخر على وزن ( ِفعال) أو ( َفَعالن ) أو ( ُفعال ) ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪86‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فإن الوزن األول يكون مصدرًا لكل فعل دل على امتناع كأىب إباًء ‪.‬‬
‫والثاين يكون مصدرًا لكل فعل دل على حركة وتقلب ‪.‬‬
‫والثالث لكل فعل دل على داء أو صوت وقد يستعمل ( الفعيل ) –وهو الوزن الرابع –‬
‫مصدرًا للفعل الدال على الصوت كصهل صهيًال أو السري كرحل رحيًال ‪ ،‬مث ذكر الوزن‬
‫الثالث للفعل الثالثي وهو ( َفُعل ) الالزم املضموم العني وأنه له مصدرين مها ‪ُ :‬فُعولة مثل‬
‫‪ :‬سهل األمر سهولة‪.‬وَفَعالة حنو‪ :‬جُز ل جزالة [ مبعىن جاد وأعطى أو مبعىن عظم ‪. ] ...‬‬
‫مث ذكر أن ما جاء من أوزان مصادر الثالثي خمالفًا لألوزان القياسية فأمره مقصور على (‬
‫النقل ) أي السماع وال يقاس عليه ‪ .‬كـ ( ُس ْخ ط ) بضم السني ‪ .‬وقياس مصدره ‪:‬‬
‫َس ْخ طًا ‪ .‬بالفتح على وزن ( َفْع ل ) ‪ .‬و ( رضا ) بكسر الراء ‪ ،‬والقياس ‪َ :‬ر َض ًا بالفتح ‪.‬‬

‫ِد‬ ‫ِرِه‬ ‫ٍة ِق‬


‫َم ْص َد َك ُقِّد َس الَّتْق يُس‬ ‫‪َ -448‬و َغْيُر ذي َثاَل َث َم يُس‬
‫إَمْجاَل َمْن َجَتُّمًال َجَتِّم ال‬ ‫‪َ -449‬و َز َّك ِه َتْز ِكَيًة َو أِمْج ال‬
‫ِل‬ ‫ِق‬ ‫ِعِذ ِت‬
‫إَقاَم ًة َو َغا بًا َذا الَّتا َلِز ْم‬ ‫‪َ -450‬و اْس َت اْس َعاَذًة َّمُث أ ْم‬
‫َمَع َك ْس ِر ِتْلَو الَّثاِن َّمَما اْفُتِتَح ا‬ ‫‪َ-451‬و َم ا َيِلي اآلِخ ُر ُمَّد َو اْفَتَح ا‬
‫‪َ -452‬هبْم ِز َو ْص ٍل َك اْص طفى َو ُضَّم َم ا َيْر َبُع يِف أْم َثاِل َقْد َتَلْم َلما‬
‫َو اْجَعْل َم ِق يسًا َثانيًا اَل أَّو ًال ‪.‬‬ ‫‪ِ -453‬فْع الٌل أْو َفْع َلَلٌة ِلَف ْع َلال‬
‫َو َغْيُر َم ا َم َّر الَّس َم اُع َعاَدَلْه ‪.‬‬ ‫‪ِ -454‬لَف اَعَل اْلِف َعاُل َو اْلُم َف اَعَله‬

‫ذكر يف هذه األبيات مصادر األفعال غري الثالثية – من الرباعية واخلماسية والسداسية‬
‫– وهي مصادر قياسية ‪ ،‬ختتلف أوزاهنا باختالف صيغ األفعال وكل فعل غري ثالثي‬
‫فله مصدر خاص مقيس عليه وبياهنا كاآليت ‪.‬‬
‫‪ -1‬إذا كان الفعل على وزن ( َفَّعل ) فإما أن يكون صحيح الالم أو معتلها ‪ .‬فإن‬
‫كان صحيح الالم – أي صحيح اآلخر – غري مهموز الالم فمصدره القياسي ‪:‬‬
‫( تفعيل ) مثل ‪ :‬هذبت الولد هتذيبًا وأيد احلق تأييدًا ‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬وكَّلم اهلل‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪87‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫موسى تكليمًا ) وقد يكون على وزن ( ِفّعال ) كقوله تعاىل ‪ ( :‬وكذبوا‬
‫بآياتنا كذابا ) (‪ )1‬وقد يكون على وزن ( َفَعال ) بتخفيف العني ‪ .‬كقراءة‬
‫الكسائي ‪ -‬من السبعة – ( وكذبوا بآياتنا كذابًا ) بتخفيف الذال ‪.‬‬
‫وإن كان معتل الالم فمصدره على وزن (تفعيل)‪.‬لكن حتذف ياء (التفعيل) ويستغىن‬
‫عنها بتاء التأنيث يف آخر املصدر فيصري ( تفعلة ) حنو ‪ :‬زكى تزكية ‪ ,‬ومنا املال تنمية ‪.‬‬
‫وإن كان مهموز الالم – أي‪ :‬آخره مهزة – فمصدره ( التفعيل ) أو ( التفعلة ) وهذا هو‬
‫األكثر ‪ .‬حنو ‪ :‬جزأ الكتاب جتزئة وجتزيئًا ‪ .‬وهنأه بالولد هتنئة وهتنئًا ‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا كان الفعل على وزن ( أفعل ) فإن كان صحيح العني فقياس مصدره‬
‫( إفعال ) حنو ‪ :‬أقدمت على األمر إقدامًا ‪ .‬وأرشدت الناس إرشادًا ‪.‬‬
‫وإن كان معتل العني ُنِق َلْت يف املصدر حركة عينه إىل فاء الكلمة ‪ .‬وحذفت العني‬
‫وعوض عنها تاء التأنيث غالبًا يف آخره حنو ‪ :‬أقام إقامة ‪ .‬واألصل ‪ :‬إْقَو ام ‪ .‬فعني‬
‫املصدر –وهي الواو – حرف علة متحرك بالفتح وقبله حرف صحيح ساكن فنقلت‬
‫حركة حرف العلة – الواو – إىل الساكن الصحيح قبله مث حذفت الواو وهي عني‬
‫الكملة ختلصًا من التقاء الساكنني ( حرف العلة ‪ ،‬واأللف ) فصار ‪ :‬إقام ‪ ،‬مث زيدت‬
‫تاء التأنيث يف آخره عوضًا عن احملذوف ‪ .‬فصار املصدر ‪ :‬إقامة ‪ ،‬وقد حتذف التاء‬
‫كما يف قوله تعاىل ‪ ( :‬وإقام الصالة ) (‪. )2‬‬
‫‪ -3‬إذا كان الفعل على وزن ( تفَّعل ) فقياس مصدره ( َتَف ُّعل ) بضم العني حنو ‪:‬‬
‫جتّم ل جتُّمًال ‪ .‬وتعلم تعُّلمًا وتقّّد م تقُّدمًا ‪.‬‬
‫‪ -4‬إذا كان الفعل يف أوله مهزة وصل ‪ .‬كسر ثالثه ‪ .‬وزيد ألف قبل آخره فينقلب‬
‫مصدرًا سوء كان على وزن ( انفعل ) حنو‪ :‬أنطلق انطالقًا‪.‬أو على وزن ( افتعل‬
‫) حنو ‪ :‬اصطفى اصطفاء ‪ .‬أو على وزن ( استفعل ) حنو ‪ :‬استخرج استخراجًا‬

‫‪ - 1‬سورة النبأ ‪ ،‬آية ‪. 28 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة األنبياء ‪ ، :‬آية ‪. 73 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪88‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فإن كان ( استفعل ) معتل العني عمل فيه ما عمل يف مصدر ( أفعل ) املعتل العني من‬
‫نقل حركة العني إىل الفاء وقلب العني ألفًا مث حذفها للساكنني وتعويض تاء التأنيث عنها‬
‫‪ .‬حنو ‪ :‬استعاذ استعاذة ‪ .‬واستقام استقامة ‪.‬‬
‫‪ -5‬إذا كان الفعل على وزن ( تفعلل ) وما مياثله من كل فعل مبدوء بتاء زائدة‬
‫وعدد حروفه وحركاته وسكناته مياثل ( تفعلل ) فإن مصدره على وزن ( َتفعُلل‬
‫) بضم احلرف الرابع ‪ .‬حنو تدحرج احلجر تدحرجًا ‪ .‬تنافس الطالب تنافسًا ‪،‬‬
‫جَت ْو رَب جَت ْو ُر َبًا ‪ .‬تشيطن تشيطنا ً‪ .‬متسكن متسكنًا تسلقى تسلِق يًا ‪ .‬وتقلب الضمة‬
‫هنا كسرة ‪ .‬ملناسبة الياء ‪.‬‬
‫‪ -6‬إذا كان الفعل على وزن ( فعلل ) فمصدره على وزن ( فعللة ) حنو ‪ :‬دحرج‬
‫دحرجة ‪ .‬وهبرج املنافق حديثه هبرجة ‪ .‬أو على وزن ( فعالل ) وهو قليل فيه‬
‫حنو ‪ :‬دحرج دحراجًا وُز لزلت األرض زلزلًة وزلزاًال ‪.‬‬
‫‪ -7‬إذا كان الفعل على وزن ( فاعل ) فمصدره ( الِف عال ) و ( املفاعلة ) وهو‬
‫أكثر وأعم اطرادًا ‪ .‬حنو ‪ :‬قاتل ومقاتلة ‪ .‬وخاصم خصامًا وخماصمة ‪.‬‬
‫هذه أشهر املصادر القياسية لألفعال الرباعية واخلماسية والسداسية وما ورد خمالفًا‬
‫لذلك فهو مقصور على السماع فيحفظ وال يقاس عليه كقوهلم ‪ :‬اقشعر املريض قشعريرة‬
‫‪ .‬والقياس ‪ :‬اقشعرارًا ‪ .‬ومتّلق املنافق متالقًا ‪ .‬والقياس متُّلقًا ‪.. .‬‬
‫وإىل ما تقدم أشار ابن مالك بقوله ‪ ( :‬وغري ذي ثالثة مقيس ‪ ...‬إخل ) أي ال بد‬
‫لكل فعل غري ثالثي من مصدر مقيس ‪ .‬فقياس ( فَّعل ) ‪ .‬بالتشديد إذا كان صحيح الالم‬
‫( التفعيل ) كـ ( ُقِّدس التقديس ) ومعتل الالم مصدره ( تفعلة ) كـ ( زكه تزكيه ) ‪ .‬أما‬
‫( أفعل ) فمصدره ( إفعال ) حنو أمجل إمجاًال ‪ .‬وأما تفّعل فمصدره ( التفعل ) حنو ‪:‬‬
‫إمجال من جتُّمًال جتمًال ) أي ‪ :‬أمجل إمجال من جتّم ل جتُّمًال مث ذكر أن الرباعي املعتل العني‬
‫والسداسي املعتل العني على وزن ( إفعال ) مع حذف العني وتعويض التاء عنها يف‬
‫الغالب ‪ .‬مث ذكر مصدر الفعل اخلماسي والسداسي املبدوء هبمزة وصل ‪ .‬وأنه يكون بفتح‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪89‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫احلرف الذي قبل آخره ومده ‪ ،‬فينشأ من مده ألف زائدة ( مع كسر تلو الثان) أي‬
‫احلرف الذي يتلو الثاين ‪ ،‬واملراد به احلرف الثالث ‪ :‬حنو اصطفى اصطفاء ‪ .‬أما الفعل‬
‫اخلماسي الذي على وزن ( تفعلل ) مثل ‪ :‬تلملم ‪ .‬فيكون بضم ( ما يربع ) أي ما يكون‬
‫رابعًا ‪ .‬فينشأ املصدر وهو ‪َ :‬تَلْم ُلم ‪ :‬مث بني أن ( فعللة ) هي القياس للفعل ( فعلل ) وقد‬
‫يكون مصدره قليًال ( فعالل ) مث عرض ملصدر ( فاعل ) فقال ‪ :‬إنه ( الِف عال ) و( املفاعلة‬
‫) وصرح بأن ما جاء خمالفًا ملا مّر من مصادر غري الثالثي حيفظ وال يقاس عليه ‪ .‬ومعىن‬
‫قوله ( السماع عادله ) أي كان السماع له عديًال ‪.‬أي مساويًا‪.‬فال ُيْق دُم عليه إال بدليل‬
‫ونقل عن العرب‪.‬‬

‫َو ِفْع َلٌة هِل يَئٍة َك ِج ْلَس ْة‬ ‫ِل‬


‫‪َ -455‬و َفْع َلٌة َم َّر ٍة َك َج ْلَس ْه‬
‫ِخْل‬ ‫ِف‬ ‫ِث‬ ‫ِذ‬
‫وشَّذ يه َهْيَئٌة َك ا ْم َر ْه‬ ‫‪ -456‬يِف َغِرْي ي الُّثال بالَّتا اَملَّر ْه‬

‫تقدم أن املصدر ال يدل بذاته إال على املعىن اجملرد فال يدل على عدد وال هيئة وال‬
‫شيء آخر غري هذا املعىن اجملرد ‪ .‬فإذا أريد داللته على شيء زائد فال بد من بعض التغيري‬
‫اليسري والزيادة اللفظية القليلة ‪ .‬ألن زيادة املبين تدل على زيادة املعىن ‪ .‬ومن ذلك ما‬
‫يسمى باسم املرة واسم اهليئة ‪.‬‬
‫فاسم املرة ‪ :‬مصدر يدل على وقوع احلدث مرة واحدة ‪ .‬حنو ‪ُ :‬ر َّب أكلة منعت‬
‫أكالت ‪ .‬فـ ( أكلة ) مصدر يدل على وقوع احلدث وهو ( األكل ) مرة واحدة ‪.‬‬
‫و يكون على وزن ( َفعلة ) بفتح الفاء إذا كان الفعل ثالثيًا كما ُم ثل ‪ .‬فإن كان غري‬
‫ثالثي كان على وزن املصدر بزيادة تاء يف آخره ‪ .‬حنو ‪ :‬أغفى املريض إغفاءة ‪ .‬وكرب‬
‫املصلي تكبرية ‪.‬‬
‫واسم اهليئة ‪ :‬مصدر يدل على هيئة الفعل حني وقوعه ‪ .‬حنو ‪ :‬ال متش ِم شية املختال ‪ .‬فـ‬
‫( ِم شية ) مصدر يدل على هيئة الفعل وهو ( املشي ) حني وقوعه ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪90‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫و يكون على وزن ( ِفعلة ) بكسر الفاء إذا كان الفعل ثالثيًا كما مثل ‪ .‬وال يصاغ‬
‫اسم اهليئة من فعل غري ثالثي ‪ .‬وشذ قوهلم ‪ :‬هي حسنة اِخلمرة فبنوا ( ِفْع لة ) من ( اختمر‬
‫) وهو غري ثالثي ‪.‬‬
‫وإذا كان املصدر مماثًال للهيئة يف الوزن ُدَّل منه على اهليئة بالوصف حنو ‪ :‬دعوته‬
‫لزياريت دعوة واحدة ‪.‬‬
‫وإذا كان املصدر مماثًال للهيئة يف الوزن ُدَّل منه على اهليئة بالوصف أو باإلضافة حنو ‪.‬‬
‫نشد الضالة ِنشدة عظيمة ‪ .‬أو ِنشدة امللهوف ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وَفْع لة ملرة كجلسه ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬املصدر الدال على املرة يكون بـ‬
‫( َفْع لة ) واملصدر الدال على اهليئة يكون بـ ( ِفْع لة ) مث ذكر أن الداللة على ( املرة ) من‬
‫مصدر غري الثالثي ‪ .‬تكون بزيادة التاء يف آخر املصدر ‪ .‬أما اهليئة فال جتيء منه وما ورد‬
‫من ذلك فهو شاذ مث ذكر املثال ‪.‬‬

‫*****‬

‫أ ِن ُة أ اِء اْلَف اِعِل واْل ف وِل الَّص فاِت ا َش ََّبهِة‬


‫ُمل‬ ‫َني َم ُع َني َو‬ ‫ْب َي َمْس‬

‫ِم ْن ِذ ي َثاَل َثٍة َيُك وُن َك َغَذ ا‬ ‫‪َ -457‬ك َف اِعٍل ُصغ اْس َم َفاِعٍل إَذا‬
‫ِع‬ ‫ِق‬ ‫ِع‬ ‫ِل يِف‬
‫َغْيَر ُمَعَّدى َبْل َياُس ُه َف ْل‬ ‫‪َ -458‬و ُه َو َق يٌل َفُعْلُت َو َف ْل‬
‫َو ْحَن َص ْد َياَن َو ْحَن اَألْجَه ِر‬ ‫‪َ-459‬و أْفَع َفْع اَل ُن ْحَن أِش ِر‬
‫ُو‬ ‫ُو‬ ‫ُو‬ ‫ٌل‬
‫ِف‬ ‫ِم ِم‬ ‫ِع ِب‬
‫َك الَّض ْخ َو اَجْل يل َو اْل ْع ُل ُمَجْل‬ ‫‪َ -460‬و َفْع ٌل أْو ىَل َو َف يٌل َف ُعْل‬
‫ِع‬ ‫ِبِس‬ ‫ِف ِه ِل‬
‫َو َو ى اْلَف ا ِل َقْد َيْغىَن َفَعْل‬ ‫‪َ -462‬و أفَعٌل ي َق يٌل َو َفَعْل‬
‫هذا الباب عقده املصنف – رمحه اهلل – لبيان أوزان اسم الفاعل واسم املفعول والصفة‬
‫املشبهة ‪ .‬واملراد ‪ :‬أبنية أمساء الذوات الفاعلني ‪ ..‬وغلب العاقل منها على غريه فجمع مجع‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪91‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫مذكر ساملًا ‪ .‬وقوله ‪ ( :‬هبا ) أي بأمساء الفاعلني واملفعولني هذا هو املتبادر ‪ .‬لكن سيأيت‬
‫يف باب الصفة املشبهة ما يدل على أن الضمري يرجع إىل أمساء الفاعلني فقط ‪.‬‬
‫وقد تقدم أن الفعل قسمان ‪:‬‬
‫‪ -1‬ثالثي ‪ -2 .‬غري ثالثي ‪.‬‬
‫وتقدم – أيضًا – أن الفعل الثالثي له ثالثة أوزان ‪:‬‬
‫‪َ -1‬فَعل ‪ .‬بفتح العني ويكون متعديًا والزمًا ‪.‬‬
‫‪َ -2‬فِعل ‪ .‬بكسر العني ويكون متعديًا والزمًا ‪.‬‬
‫‪َ -3‬فُعل ‪ .‬بضم العني ‪ .‬وال يكون إال الزمًا ‪.‬‬
‫وإليك بيان أوزان اسم الفاعل والصفة املشبهة من هذه األوزان ‪:‬‬
‫أوًال ‪ :‬إذا كان الفعل على وزن ( َفَعل ) فاسم الفاعل منه على وزن ( فاعل ) سواء كان‬
‫متعديًا حنو ‪ :‬ضرب فهو ضارب ‪ .‬وأخذ فهو آخذ ‪ .‬أو الزمًا حنو ‪ :‬جلس فهو جالس‬
‫وخرج فهو خارج (‪. )1‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬وإن كان الفعل على وزن ( َفِعل ) فإن كان متعديًا فاسم الفاعل منه على وزن‬
‫( فاعل ) حنو ‪ :‬ركب فهو راكب وشرب فهو شارب ‪ .‬وإن كان الزمًا فمجيء اسم‬
‫الفاعل منه على وزن ( فاعل ) قليل ‪ .‬حنو ‪ :‬سلم فهو سامل ‪ .‬وعقرت املرأة فهي عاقر‬
‫[ مبعىن ‪ :‬انقطع محلها ] ‪ .‬واألكثر أن يأيت اسم الفاعل منه على ‪:‬‬
‫‪ -1‬وزن ( َفِعٌل ) الذي مؤنثه ( َفِعلة ) وذلك فيما دل على األدواء اجلسمانية أو‬
‫اخللقية أو على حزن أو فرح أو على احلسن من الصفات الباطنية املعنوية ‪ .‬حنو‬

‫‪ - 1‬اعلم أن وزن ( فاعل ) ال بد فيه من أمرين ‪:‬‬


‫األول ‪ :‬أن يكون فعله ثالثيًا متصرفًا ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬يدل على التجدد واحلدوث ‪.‬‬
‫فاألفعال اجلامدة كنعم وبئس ليس هلا مصدر وال مشتق وما دل على الثبوت والدوام فهو صفة مشبهة وليس باسم فاعل ‪ .‬وقد ذكر املفسرون‬
‫عند قوله ‪ ( :‬وضائق به صدرك ) أنه جاء اسم الفاعل ( ضائق ) دون ( ضّيق ) ألن ضيق صدر الرسول صلى هلل عليه وسلم عارض غري ثابت‬
‫ألنه صلوات اهلل وسالمه عليه كان أفسح الناس صدرًا ‪ .‬ومثل ذلك يقال ‪ :‬حاسن اآلن أو غدًا ‪ .‬وكارم وطائل ‪ ,‬إذا أريد احلدوث فإن أريد‬
‫الثبوت قيل ‪ :‬حسن وكرمي وطويل ‪ [ .‬انظر النحو الوايف ( ‪ ، )2/240‬املصباح املنري ص ‪. ]689‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪92‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ِط ِذ‬ ‫ِط‬ ‫ِط‬ ‫ِط‬
‫‪ :‬ف َن الصيب فهو َف ٌن ‪ .‬وفرح الفائز فهو فِر ٌح ‪َ .‬ب ر اجلاهل فهو َب ٌر وَح َر‬
‫الرجل فهو َح ِذ ٌر ‪ .‬وَتِعب العامل فهو تعب ‪.‬‬
‫‪ -2‬أو على وزن ( أفعل ) الذي مؤنثه ( فعالء ) وذلك فيما دل على حلية أو لون‬
‫أو عيب حنو ‪ِ :‬مَح ر فهو أمحر ‪ .‬وعرج فهو أعرج ‪ .‬وعور فهو أعور وكحل فهو‬
‫أكحل ‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬وإن كان الفعل على وزن ( َفُعل ) فمجيء اسم الفاعل منه على وزن ( فاِعل )‬
‫قليل ‪ .‬حنو‪:‬طُه ر فهو طاهر ‪ .‬وُمحَض فهو حامض واألكثر أن يأيت اسم الفاعل منه على ‪:‬‬
‫‪ -1‬وزن ( َفْع ل ) بسكون العني ‪ .‬مثل ‪ :‬ضُح م فهو ضْخ م ‪ .‬وشُه م فهو شْه م‬
‫[ مبعىن الذكي الفؤاد املتوقد اَجلْلد ] ‪ .‬وَصُعب فهو َص ْعب ‪.‬‬
‫‪ -2‬أو على وزن ( فعيل ) حنو ‪ :‬شُر ف فهو شريف ‪ .‬ونبل فهو نبيل ‪ .‬وقُبح فهو‬
‫قبيح ‪.‬‬
‫ويقل جميء اسم الفاعل منه على ‪:‬‬
‫‪ -1‬وزن ( أفعل ) حنو ‪ :‬خظب فهو أخظب (‪)1‬‬
‫‪ -2‬وزن ( َفَعل ) حنو ‪َ :‬ح ُس ن فهو َح سٌن ‪ .‬وَبُطل فهو بطٌل‬
‫وقد يستغين عن صيغة ( فاعل ) من الفعل الثالثي املفتوح العني بغريها كقوله ‪:‬‬
‫طاب فهو طيب ‪ .‬وشاخ فهو شيخ وشاب فهو أشيب (‪. )2‬‬

‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬كفاعل صغ اسم فاعل ‪ ...‬إخل ) أي ‪ :‬صغ اسم الفاعل من‬
‫الفعل الثالثي املتصرف على وزن ( فاعل ) مث مثل للثالثي بقوله كـ ( غذا ) وهذا يصلح‬
‫مثاًال للثالثي املتعدي والالزم ‪ .‬إشارة إىل اسم الفاعل ال خيتلف وزنه من الثالثي سواء‬

‫‪ -‬خظب ‪ :‬باخلاء والظاء املعجمتني ‪ .‬قال الصبان ‪ :‬مل أجد مادة ( خظب ) يف القاموس وال يف الصحاح وال يف املصباح ومعناها ‪ :‬أمحر مائًال‬
‫‪1‬‬

‫إىل الكدرة ( ‪. )2/314‬‬


‫‪ - 2‬قال يف املصباح املنري ص ‪ :328‬شاب يشيب شيبًا وشيبة فالرجل أشيب على غري قياس ‪ .‬واجلمع ‪ِ :‬ش يب بالكسر ‪ .‬ويف حاشية ابن احلاج‬
‫على شرح املكودي ( ‪ )1/228‬ال يقال ‪ :‬شائب كما يف ألسنة الناس ألنه مل يسمع ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪93‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫كان متعديًا أو الزمًا ‪ .‬فـ ( غذا ) حيتمل أن يكون متعديًا ‪ .‬من غذوت الصيب باللنب أي‬
‫ربيته ‪ .‬وحيتمل أن يكون مبعىن ‪ :‬غذا املاء أي ‪ :‬سال ‪ .‬فيكون الزمًا ‪.‬‬
‫مث ذكر أن وزن ( فاعل ) قليل يف اسم الفاعل من ( َفُعل ) املضموم العني و‬
‫( َفِعل ) املكسور العني الالزم ‪ .‬وفهم منه أنه كثري فيما عدا هذين الوزنني من الثالثي ‪ .‬مث‬
‫بني أن اسم الفاعل منهما يأيت على وزن ( َفِعل ) و( أْفَعل ) و( َفْع الن ) وضرب لذلك‬
‫ِد‬ ‫ِط‬ ‫ِش‬ ‫ِش‬ ‫ِش‬
‫أمثلة ‪ .‬هي ‪ :‬أ َر الغين فهو أ ٌر ‪ [ .‬واأل ر والَب ر من ال حيمد النعمة ] ‪ .‬وَص َي‬
‫الضال يف الصحراء فهو صديان ( كعِط ش فهو عطشان ‪ .‬وزنًا ومعىن وحكمًا ) ‪ .‬وَج ِه ر‬
‫الرجل فهو أجهر ( أي ال يبصر يف الشمس ) ‪.‬‬
‫مث ذكر أن الفعل الثالثي إذا كان على وزن ( َفُعل ) بضم العني ‪ .‬فاألوىل ‪ :‬أن‬
‫يكون اسم فاعله على وزن ( َفْع ل ) أو ( فعيل ) مثل ‪َ :‬ض ُخ م الفيل فهو ضخم ‪ .‬وُمَجل‬
‫الغزال فهو مجيل ‪ .‬وقوله ‪ ( :‬والفعل ُمجل ) استئناف لبيان الواقع ألنه معلوم أن الفعل هو‬
‫( ُمَجل ) ‪ .‬وذلك من قوله ‪ِِ ( :‬بَف ُعل ) ‪ .‬وقيل ‪ :‬احرتاز من ‪َ :‬مَجلت الشحم – بالفتح –‬
‫أي ‪ :‬أذبته فهو مجيل أي جممول ‪.‬‬
‫مث بني يف البيت األخري أن جميء اسم الفاعل من مصدر الفعل الثالثي املضموم‬
‫العني على وزن ( أفعل ) أو ( َفَعل ) قليل ‪ .‬وأن ( َفَعل ) املفتوح العني قد يأيت اسم فاعله‬
‫على غري وزن ( فاعل ) ومل يذكر الوزن الذي يأيت عليه ففهم منه أنه غري خمصوص بوزن‬
‫واحد وتقدم له أمثلةوقوله ‪ ( :‬قد َيْغيِن ) بفتح الياء والنون مبنيًا للمعلوم مضارع ( غين )‬
‫كفرح يفرح ‪ .‬مبعىن ‪ :‬يستغين ‪.‬‬

‫وظاهر كالم ابن مالك – رمحه اهلل – أن مجيع ما ذكر من األوزان اسم فاعل‬
‫وهذا االصطالح شائع عند املتقدمني قبل ابن مالك وليس كذلك بل ما كان على وزن (‬
‫فاعل ) فهو اسم فاعل ‪ .‬وأما بقية األوزان فهي صفات مشبهة ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪94‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫****‬

‫ِم ْن َغِرْي ِذ ي الَّثالِث َك ا َو اِص ِل ‪462-‬‬ ‫َو ِز َنُة ا َض اِر ِع اْس ُم َفاِعِل‬
‫ُمل‬ ‫ُمل‬
‫َو َض ِّم ِم يٍم َز ائٍد َقْد َس َبَق ا‪463-‬‬ ‫َمْع َك ْس ِر َمْتُلِّو األِخ ِري ُمْطَلَق ا‬
‫َص اَر اْس َم َم ْف ُعوٍل َك ِم ْثل ا ْنَتَظْر ‪464-‬‬ ‫َو إْن َفَتْحَت َم ْنُه َم ا َك اَن اْنَك َس ْر‬
‫ُمل‬
‫إذا أريد صياغة اسم الفاعل من مصدر غري الثالثي فهو على وزن مضارعه مع إبدال‬
‫حرف املضارعة ميمًا مضمونة وكسر ما قبل اآلخر ‪ .‬حنو ‪ :‬قاتل ُيقاتل فهو ُمقاتل ‪.‬‬
‫‪ .‬وجالس جُي الس فهو جُم الس وتعلم يتعلم فهو متعّلم‬
‫فإذا أريد صياغة اسم املفعول من غري الثالثي أتيت به على وزن اسم الفاعل ‪ ،‬ولكن‬
‫‪ .‬تفتح منه ما كان مكسورًا وهو ما قبل اآلخر ‪ .‬حنو ‪ُ :‬مقاَتل وجماَلس ‪ .‬ومتعَّلم منه‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وزنة املضارع اسم فاعل ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬اسم الفاعل من غري الفعل‬
‫الثالثي ‪ ,‬هي زنة مضارعه ‪ ،‬بشرط كسر احلرف الذي يتلوه احلرف األخري وجييء بعده ‪.‬‬
‫وضم حرف امليم الزائد الذي يسبق بقية حروف املضارع ‪ .‬حنو ‪ :‬املواصل ‪ .‬وفعله ‪:‬‬
‫واصل الرباعي ‪ .‬ومضارعه يواصل ‪ .‬مث بني أن صيغة اسم املفعول من مصدر الفعل غري‬
‫الثالثي هي صيغة اسم الفاعل ‪ .‬ولكن بعد أن يفتح احلرف الذي قبل اآلخر فال فرق‬
‫بينهما إال يف احلرف الذي قبل اآلخر فإنه مكسور يف اسم الفاعل مفتوح يف اسم املفعول‬
‫‪ .‬حنو ‪ :‬انتظر ينتظر فهو منتِظ ر ومنتَظر ‪.‬‬

‫زَنُة َم ْف ُعوٍل َك آٍت ِم ْن َقَص ْد‬ ‫‪َ -465‬و يِف اْس ِم َم ْف ُعوِل الُّثالِثِّي اَّطَر ْد‬
‫ْحَنُو َفَتاٍة أْو َفىَت َك ِح يِل‬ ‫‪َ -466‬و َناَب َنْقًال َعْنُه ُذو َفِعيِل‬

‫يصاغ اسم املفعول من مصدر الفعل الثالثي على وزن ( مفعول ) حنو ‪ُ :‬ضرب فهو‬
‫مضروب ‪ .‬وُقصد حممٌد فهو مقصود ‪ .‬وهذه هي الصيغة األصلية من الثالثي ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪95‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وقد ورد عن العرب صيغ مساعية تؤدي معىن اسم املفعول املصوغ من مصدر الفعل‬
‫الثالثي ‪ .‬ومنها ‪ ( :‬فعيل ) مبعىن ‪ ( :‬مفعول) حنو ‪ :‬كحيل مبعىن ‪ :‬مكحول ‪ .‬وجريح ‪.‬‬
‫مبعىن ‪ :‬جمروح (‪. )1‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬ويف اسم مفعول الثالثي اطرد ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن اسم املفعول من‬
‫الثالثي يأيت على وزن ( مفعول ) باطراد ‪.‬كاسم املفعول اآليت من ( قصد ) وهو‬
‫مقصود‪.‬‬
‫مث ذكر أن فعيًال ينوب عن ( مفعول ) يف صحة االستغناء عنه مع إفادة معناه ‪ .‬وقوله ‪:‬‬
‫( نقًال ) أي مساعًا عن العرب فال يقاس عليه ‪ .‬وقد مثل له ‪ .‬بفتاة كحيل ‪ .‬مبعىن‬
‫مكحولة العينني ‪ .‬وفىت كحيل ‪ ،‬مبعىن ‪ :‬مكحوهلما أيضًا ‪.‬‬
‫وفهم من متثيله بفتاة وفىت أن ( فعيًال )املذكور يستوي فيه املذكر واملؤنث بلفظ واحد‬
‫(‪)2‬‬

‫الِّص َفُة ا َش َّبَه ُة ِباْس ِم اْلَف اِعِل‬


‫ُمل‬

‫‪ - 1‬لكن هل يعمل ( فعيل ) عمل اسم املفعول كما يؤدي معناه ؟ قال ابن عصفور ‪ :‬إنه يعمل عمل اسم املفعول ‪ .‬فقد قال يف كتابه‬
‫( املَق ّر ب ) ص ‪ ( :87‬واسم املفعول وما كان من الصفات مبعناه حكمه بالنظر إىل ما يطلبه من املعموالت حكم الفعل املبين للمجهول )‬
‫فعلى هذا يصح أن تقول ‪ :‬مررت برجل كحيل عينه ‪ .‬وبرجل ذبيح كبشه ‪.‬وقال آخرون ‪ :‬إنه ال يعمل ‪ .‬وقد نص على ذلك ابن مالك يف‬
‫التسهيل‪ .‬قال ابن عقيل يف شرحه له ‪ ( :‬وحيتاج إىل مساع ) أهـ التسهيل ( ‪. )2/209‬‬
‫‪ - 2‬وشرط ذلك معرفة املوصوف هبذا الوصف حنو ‪ :‬فىت جريح وامرأة جريح ‪ .‬فتحذف التاء يف الغالب كما نص على ذلك الصبان لعدم‬
‫اللبس فإن مل يعرف املوصوف وجب ذكر التاء ملنع اللبس حنو ‪:‬حزنت لقتيلة احلادث ‪ .‬إذ لو قيل ‪ :‬لقتيل مل يفهم املؤنث الذي يريده املتكلم ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪96‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ِع (‪)1‬‬
‫َم ْع َهِبا ا ْش ِبَه ُة اْس َم اْلَف ا ِل‬ ‫‪ِ -467‬ص َفٌة اْس ًتْح ِس َن َج ُّر َفاِعِل‬
‫ُمل‬ ‫ًىن‬

‫هذا الباب الرابع مما يعمل عمل الفعل ‪ .‬وهو الصفة املشبهة بعد أن مضى الكالم على‬
‫املصدر ومعه اسم املصدر واسم الفاعل ومعه صيغ املبالغة واسم املفعول ‪.‬‬
‫والصفة املشبهة ‪ :‬هي املصوغة من مصدر الفعل الثالثي الالزم للداللة على معىن قائم يف‬
‫املوصوف على وجه الثبوت ‪.‬‬
‫حنو ‪ :‬الصيب َفِط ٌن ‪ .‬فـ ( فطٌن ) صفة مشبهة مأخوذة من مصدر الفعل الثالثي الالزم‬
‫( َفِط َن ) للداللة ‪ .‬على معىن – وهو الفطانة – قائم يف املوصوف وهو ( الصيب ) على‬
‫وجه الثبوت والدوام يف سائر األوقات ال التجدد واحلدوث يف وقت دون آخر ‪.‬‬
‫وهذا خبالف اسم الفاعل حنو ‪ :‬خالد قائم ‪ .‬فهو وصف دال على صفة عارضة ‪ .‬ألن‬
‫هذا القائم قد جيلس ‪ .‬فهذا الوصف ال يفيد الثبوت ‪ .‬وإمنا يفيد التجدد واحلدوث ‪ .‬وهذا‬
‫شأن اسم الفاعل ‪.‬‬
‫وقد ذكر املصنف – رمحه اهلل – أن عالمة الصفة املشبهة استحسان إضافتها إىل فاعلها‬
‫يف املعىن ‪ .‬وجره باإلضافة ‪ .‬حنو ‪ :‬احلسُن اخللِِق حمبوب ‪ .‬وأصله احلسُن خلُقُه حمبوٌب ‪.‬‬
‫برفع ( خلقه ) على الفاعلية (‪. )1‬‬

‫(‪ )1‬الصفة تشبه اسم الفعل يف أمور و أمهها ‪:‬‬


‫‪ -1‬الداللة على املعىن وصاحبه كما يف األمثلة ‪.‬‬
‫‪ -2‬عملت النصب ‪-‬كما سيأيت‪ -‬وكان األصل أهنا ال تنصب ‪ ،‬ألهنا مأخوذة من الفعل الالزم‪.‬‬
‫‪ -3‬أنه تثىن وجتمع وتذكر وتؤنث ‪ ،‬مثل ‪ :‬مجيل ومجيلة ‪ .‬ومجيالن ومجيلتان ومجيلون ومجيالت ‪.‬‬
‫وهي تشبه اسم الفعل املتعدي لواحد ألهنا ال تنصب إال امسًا واحدًا ‪.‬‬
‫‪ - 1‬يقول النحاة ‪ :‬إن الصفة ال تضاف لفاعلها إال بعد حتويل اإلسناد عنه إىل ضمري موصوفها ‪ .‬إذ لو مل يتحول اإلسناد لزم إضافة الشيء إىل‬
‫نفسه ألن الصفة هي مرفوعها يف املعىن ‪ .‬ومما يدل على ذلك أهنم يقولون ‪ :‬هند حسنة الوجه ‪ .‬فيؤنثون الصفة مما يدل على أهنا مسندة للضمري‬
‫املسترت وهو الفاعل ‪ .‬ولو كانت مسندة إىل ما بعدها لزم التذكري كما تذكر مع فاعلها املرفوع ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪97‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫أما اسم الفاعل فإضافته إىل مرفوعه ممنوعة حنو ‪ :‬خالٌد ضارُب األب عمرًا ‪ .‬تريد‬
‫ضارٌب أبوه عمرًا ‪ .‬فال تصح اإلضافة لئال يوهم اإلضافة إىل املفعول ‪ .‬وأن األصل ‪:‬‬
‫خالد ضارٌب أباه ‪ .‬فيقتضى أن األب مضروب مع أنه ضارب ‪ .‬فتوقع اإلضافة يف لبس ‪.‬‬
‫لكن إن كان اسم الفاعل مأخوذًا من الفعل الالزم ‪ .‬ودل على الثبوت والدوام صحت‬
‫إضافته إىل مرفوعه ألنه حينئذ صفة مشبهة حنو ‪ :‬طاهُر القلِب مسرتيح ‪.‬‬
‫فإن كان مأخوذًا من املتعدي لواحد صحت إضافته إىل مرفوعه إن وجد قرينة متنع من‬
‫اللبس [ أي التباس اإلضافة للفاعل باإلضافة إىل املفعول ] ‪ .‬حنو ‪ :‬حممد راحُم األبناِء ‪.‬‬
‫فتضيف اسم الفاعل إىل فاعله ‪.‬‬
‫تريد ‪ :‬كأن أبناءه رامحون الناس ‪ .‬تقوله يف مقام مدحهم والثناء عليهم هبذه الصفة ‪،‬‬
‫والرد على من يدعي اتصافهم بضدها ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬صفة استحسن جر فاعل معىن هبا ‪ ...‬إخل ) أي ‪ :‬أن الصفة اليت‬
‫يستحسن أن جير هبا فاعلها يف املعىن هي ( الصفة املشبهة باسم الفاعل ) ‪ .‬وهي جتره‬
‫باعتبارها مضافًا ‪ ..‬وفاعلها املعنوي هو املضاف إليه (‪)1‬‬
‫وإمنا قيل ‪ :‬إنه فاعلها يف املعىن لوقوعه بعدها ‪ .‬وإال ففاعلها احلقيقي الضمري املسترت ‪،‬‬
‫ألن الصفة ال تضاف ملرفوعها حىت ُيقَّدر حتويل إسنادها عنه إىل ضمري موصوفها ‪.‬‬

‫*****‬

‫َك َطاِه ِر اْلَق ْلِب ِمَج يِل الَّظاِه ِر‬ ‫‪َ -468‬و َصْو ُغَه ا ِم ْن اَل ِر ٍم َحِلاِض ِر‬

‫‪ - 1‬إمنا استحسن جر فاعلها ألجل التخفيف أو لغرض بالغي كاملبالغة عند ما يسند احلسن – مثًال – إىل ضمري عائد على املوصوف بدًال من‬
‫إسناده إىل جزء منه – كالوجه – واحلق أن العلة هي استعمال العرب ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪98‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫َهَلا َعَلى اَحْلِّد اَّلِذْي َقد ُح َّدا‬ ‫‪َ -469‬و َعَم ُل اْس ِم َفاِعِل اْلُم َعَّدى‬
‫ٍة‬ ‫ِف‬
‫َو َك ْو نُه ذا َس ِبِبَّي َو َجْب‬ ‫‪َ -470‬و َسَبٌق َم ا َتْع َم ُل ْيَه ْجُمَتَنْب‬

‫الصفة املشبهة تعمل الرفع والنصب ‪ .‬أما الرفع فعلى أن معموهلا فاعل ‪ .‬وأما النصب‬
‫فعلى أنه شبيه باملفعول به ‪.‬‬
‫وال تعمل إال بشرط االعتماد الذي تقدم شرحه يف عمل اسم الفاعل ‪ .‬وسيأيت بيان ذلك‬
‫باألمثلة إن شاء اهلل ‪.‬‬
‫وللصفة املشبهة أحكام ختالف فيها اسم الفاعل أمهها ‪:‬‬
‫‪ -1‬أهنا ال تصاغ إال من الفعل الالزم حنو ‪ :‬هذا القارئ حسُن الصوت ‪ ،‬وفعله ‪،‬‬
‫َح ُس ن ‪ .‬وهو فعل الزم ‪ .‬خبالف اسم الفاعل فإنه يصاغ من الالزم حنو ‪ :‬الباطل منهزم ‪،‬‬
‫واملتعدي حنو ‪ :‬لست باملنكر معروفك ‪.‬‬
‫‪ -2‬أهنا للزمن احلاضر الدائم ‪ .‬ألهنا تفيد الثبوت والدوام ‪ .‬فال تكون للماضي وحده ‪ .‬أو‬
‫املستقبل وحده ‪ .‬واسم الفاعل يكون ألحد األزمنة الثالثة ‪.‬‬
‫‪ -3‬عدم لزوم جريها على املضارع ‪ .‬بل هي نوعان إن كانت من الفعل الثالثي ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬ما وازن املضارع يف احلركات والسكنات ‪ .‬كطاِه ر القلب وَض اِم ر البطن ‪ .‬فهما‬
‫يوازنان املضارع ‪َ :‬يْطهر وَيْض ُم ر ‪ .‬وهذا قليل ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬ما مل يوازن املضارع يف احلركات والسكنات ‪ .‬كـ ‪َ :‬ح َس ن وظريف ‪ .‬فهما غري‬
‫موازنني للمضارع ‪ْ :‬حَيُس ن ‪ .‬وَيْظفر ‪ .‬وهذا هو الكثري فيها ‪.‬‬
‫فإن كانت من غري الثالثي وجبت موازنتها للمضارع حنو ‪ :‬منطلق اللسان ‪ .‬ألهنا من‬
‫غري الثالثي اسم فاعل أو اسم مفعول أريد هبما الثبوت والدوام ‪ .‬وإال فهي أصالة ال‬
‫تصاغ إال من الثالثي كما تقدم يف التعريف ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪99‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ويراد باملوازنة تساوي عدد احلروف املتحركة والساكنة يف كل من الفعل والصفة ‪ .‬وأن‬
‫يكون ترتيب املتحرك والساكن فيهما متماثًال ‪ .‬وال يلزم اتفاق نوع احلركة ‪ .‬فلو كان‬
‫الثاين مفتوحًا يف أحدمها مضمومًا يف اآلخر حصلت املوازنة ‪.‬‬
‫وهذا خبالف اسم الفاعل فإنه ال بد أن جياري مضارعه مثل ‪ :‬كاتب ويكتب ‪ ،‬مرتفع ‪،‬‬
‫ويرتفع ‪.‬‬
‫‪ -4‬أنه ال يتقدم معموهلا املنصوب عليها ‪ .‬فنحو ‪ :‬أخوك حسُن رأَيه‪.‬بالنصب ال تقول ‪:‬‬
‫أخوك رأيه حسن ‪ .‬خبالف اسم الفاعل فيجوز تقدمي منصوبه عليه حنو ‪ :‬خالد كاتٌب‬
‫الدرَس ‪ .‬فتقول ‪ :‬خالد الدرَس كاتٌٌب ‪.‬‬
‫‪ -5‬أن معموهلا ال يكون أجنبّيًا بل ال بد أن يكون سببّيًا ‪ ،‬واملراد به االسم الظاهر املتصل‬
‫بضمري يعود على صاحبها (‪ . )1‬حنو ‪ :‬العاصي مظلٌم وجُه ه ‪ .‬خبالف اسم الفاعل ‪ .‬فإنه‬
‫يكون معموله أجنبّيًا كما يف املثال املتقدم ‪ .‬ويكون سببّيًا حنو ‪ :‬مررت برجٍل قائٍد بعَريه ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وصوغها من الزم حلاضر ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن الصفة املشبهة باسم‬
‫الفاعل ال تصاغ إال من الفعل الالزم وال تكون إال للحال ‪ .‬وفهم من متثيله بـ ( طاهر ) و‬
‫( مجيل ) أهنا قد تكون جارية على املضارع يف احلركات والسكنات وغري جارية ‪.‬‬
‫مث بني أن الصفة املشبهة تعمل عمل اسم الفاعل املتعدي ملفعول واحد ‪.‬فرتفع وتنصب ‪.‬‬
‫وفهم من قوله ( على احلد الذي قد حدا ) أهنا تعمل بالشروط املتقدمة يف اسم الفاعل ‪.‬‬
‫وال يدخل يف ذلك شرط احلال واالستقبال ‪.‬ألنه نّص على أهنا ال تكو إال للحال كما‬
‫تقدم مث ذكر أن معموهلا ال يتقدم عليها ‪ .‬وأنه ال يكون إال سببيًا ‪.‬‬

‫*****‬

‫‪ - 1‬قد يكون الضمري ملفوظًا به كما يف املثال ‪ .‬وقد يكون مقدرًا حنو ‪ :‬هذا الرجل سهل اخلليقة ‪ ،‬أي منه ‪ .‬وقال الكوفيون ‪ :‬ال حذف يف‬
‫الكالم و( أل ) الداخلة على السبيب تغين عن الضمري ‪ .‬وهو رأي جيد خللوه من التقدير ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪100‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫َو ُدوُن أْل َم ْص ُح وَب أْل َو َم ااَّتَص ْل‬ ‫‪َ -471‬فاْر َفْع َهِبا َو اْنِص ْب َو ُج َّر َمَع َأْل‬
‫ْجَتُر ْر َهِبا َمَع أْل مُس ًا ِم ْن أْل َخ اَل‬ ‫‪َ-472‬هِبا ُمَض افًا أْو َجُمَّر دًا َو ال‬
‫ْمَل ْخَيُل َفْه ُو ِباَجلَو اِز ُو َمِسا‬ ‫‪َ-473‬و ِم ْن إَض اَفٍة ِلَتاِليَه ا َو َم ا‬

‫الصفة املشبهة إما أن تكون مقرتنة بـ ( أل ) حنو ‪:‬احلَس ن ‪ .‬أو جمردة عنها حنو ‪ :‬حسن ‪،‬‬
‫وعلى كال التقديرين ال خيلو املعمول من أحوال ستة ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أن يكون بـ ( أل ) حنو ‪ :‬احلسن الوجه ‪ ،‬حسن الوجه ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬أن يكون مضافًا ملا فيه ( أل ) حنو ‪ :‬احلسن وجه األب ‪ ،‬وحسن وجه األب ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن يكون مضافًا إىل ضمري املوصوف حنو ‪ :‬مررت بالرجل احلَس ِن وجُهُه ‪،‬‬
‫وبرجٍل حسٍن وجُهُه ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬أن يكون مضافًا إىل مضاف إىل ضمري املوصوف حنو ‪ :‬مررت بالرجِل الكرِمي‬
‫خلُق غالِم ه ‪ .‬وبرجٍل كرٍمي خلُق غالِم ه ‪.‬‬
‫اخلامس ‪ :‬أن يكون جمردًا من ( أل ) دون اإلضافة حنو ‪ :‬احلسن وجُه أٍب ‪ ،‬وحسٌن وجُه‬
‫أٍب ‪.‬‬
‫السادس ‪ :‬أن يكون جمردًا من أل واإلضافة حنو ‪ :‬احلسُن وجهًا وحسٌن وجهًا ‪.‬‬
‫واملعمول يف كل واحدة من هذا املسائل املذكور جيوز فيه ثالثة أوجه ميتنع اجلر يف‬
‫بعضها ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬الرفع على الفاعلية ‪ .‬وهذا باتفاق ‪ .‬وحينئذ فالصفة خالية من الضمري ألنه ال‬
‫يكون للشيء فاعالن‪ .‬أو على اإلبدال من ضمري مسترت يف الصفة عند أيب علي الفارسي ‪.‬‬
‫مثال ذلك ‪ :‬اخلطيب طلق لسانه فـ ( طلق ) خرب املبتدأ ( لسانه ) فاعل للصفة املشبهة‬
‫على قول اجلمهور ‪ .‬أو الفاعل ضمري مسترت و ( لسان ) بدل من هذا الضمري واهلاء‬
‫مضاف إليه ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬النصب على شبه املفعولية إن كان معرفة ‪ .‬وعليه أو على التمييز إن كان نكرة ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪101‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫مثال املعرفة ‪ :‬أخوك حسٌن رأَيه ‪ .‬فـ ( رأيه ) منصوب على التشبيه باملفعولية به ‪.‬‬
‫ومثال النكرة العدو شديٌد بأسًا ‪ :‬فـ ( بأسًا ) متييز – وهو األرجح – أو منصوب على‬
‫التشبيه باملفعول به ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬اجلر باإلضافة حنو ‪ :‬جارنا كرُمي الطبِع ‪.‬‬
‫واجلر ال جيوز يف مجيع املسائل املذكورة بل يستثىن أربع مسائل – إذا كانت الصفة بـ‬
‫( أل ) واملعمول جمردًا منها – ال جيوز فيها اجلر وهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا كان املعمول مضافًا إىل ضمري املوصوف حنو ‪ :‬جاء خالد احلسُن خلقه (‪. )1‬‬
‫‪ -2‬إذا كان املعمول مضافًا إىل مضاف إىل ضمري املوصوف ‪ .‬حنو ‪ :‬جاء خالد‬
‫الكرُمي خلُق والِد ه ‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا كان املعمول مضافًا إىل اخلايل من ( أل ) واإلضافة ‪ .‬حنو ‪ :‬جاء خالد‬
‫الكرُمي خلُق والٍد ‪.‬‬
‫‪ -4‬إذا كان املعمول جمردًا من ( أل ) واإلضافة ‪ .‬حنو ‪ :‬جاء خالد الكرمي خلٍق ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬فارفع هبا وانصب وجر ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬فارفع ( هبا ) أي‬
‫الصفة املشبهة ‪ .‬أو انصب أو جر ‪ ( .‬مع أل ) أي كل هذه األوجه الثالثة جائزة مع‬
‫وجود ( أل ) ودون ( أل ) (مصحوب أل ) أي املعمول املقرتن بـ ( أل ) ( وما‬
‫اتصل هبا مضافًا أو جمردًا ) أي ‪ :‬واملعمول املتصل ( هبا ) أي بالصفة ‪ .‬إذا كان‬
‫املعمول مضافًا أو جمردًا من ( أل ) واإلضافة ويدخل حتت قوله ( مضافًا ) احلالة‬
‫الثانية والثالثة والرابعة واخلامسة اليت ذكرنا وأشار بقوله ( وال جترر هبا مع ( أل ) إخل‬
‫) إىل احلاالت اليت ال جيوز فيها اجلر ‪ .‬فقوله ‪ ( :‬وال جترر هبا ) أي بالصفة املشبهة (‬
‫مع أل ) أي إذا كانت مقرتنة بأل ( مُس ا ) أي ‪ :‬امسًا خال من ( أل ) أو خال من‬
‫اإلضافة إىل تايل ( أل ) واملراد به املضاف إىل ما فيه ( أل ) ( وما مل خيل ) أي‬

‫‪ - 1‬هذا وما بعده مقيد مبا إذا كان املوصوف غري حملي بـ ( أل ) كما يف املثال ‪ .‬فإن كان حملى بـ ( أل ) حنو ‪ :‬مررت بالرجل احلسن وجهه‬
‫فال امتناع ألن الصفة حينئٍذ مضافة ملضاف لضمري ما فيه ( أل ) ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪102‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫والذي مل خيل من ( أل ) فهو موسوم باجلواز وذلك حالتان كما تقدم ‪ :‬احلسن‬
‫الوجه ‪ ،‬واحلسن وجه األب ‪.‬‬

‫****‬

‫الَّتَعُّج ُب‬
‫أْو ِج ْئ ِبأْفِعْل َقْبَل ْجَمُر وٍر بَبا‬ ‫‪ِ -474‬بأْفَعَل اْنِط ْق َبْع َد َم ا َتَعُّج َبا‬
‫أْو ىَف َخ ِليَلْيَنا َو أْص ِد ْق ِهِبَم ا‬ ‫‪َ -475‬و ِتْلَو أْفَعَل اْنِص َبَّنُه كما‬
‫التعجب ‪ :‬انفعال حيدث يف النفس عند الشعور بأمر جيهل سببه (‪.)1‬‬

‫واملراد باالنفعال ‪ :‬تأثر النفس عند الشعور باألمر املذكور وهو نوعان ‪:‬‬

‫‪ - 1‬يقول النحاة ‪ :‬إن التعجب مستحيل يف حق اهلل تعاىل ‪ :‬ألنه ال خيفى عليه شيء ‪ ،‬وإنه ينبغي صرف التعجب يف نصوص القرآن أو السنة‬
‫للمخاطب ‪ .‬وهذا فيه نظر ‪ .‬والصواب إثبات التعجب هلل تعاىل على ما يليق جبالله ‪ .‬فإن التعجب نوعان ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون صادرًا عن خفاء األسباب على املتعجب فيدهش له ويستعظمه ويتعجب منه وهذا مستحيل على اهلل تعاىل ‪ .‬ألن اهلل ال‬
‫خيفى عليه شيء ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون سببه خروج الشيء عن نظائره أو عما ينبغي أن يكون عليه مع علم املتعجب ‪ .‬وهذا الثابت يف حق اهلل تعاىل ‪ :‬وقد‬
‫دلت النصوص على ثبوته ‪ .‬قال تعاىل ‪ :‬بل عجبت ويسخرون بضم التاء للفاعل وهي قراءة محزة والكسائي من السبعة ‪ ...‬وعلى‬
‫هذه القراءة فاآلية من آيات الصفات ‪ .‬وقال تعاىل ‪ ( :‬قتل اإلنسان ما أكفره ) ( فما أصربهم على النار ) وقال تعاىل ( أمسع‬
‫هبم وأبصر ) ‪ .‬قال ابن أيب عاصم يف كتابه ( السنة ‪ ( : )1/249‬باب يف تعجب ربنا من بعض ما يصنع عباده مما يتقرب به إليه‬
‫) وذكر حديث ( عجب ربنا تبارك وتعاىل من رجلني ‪ :‬رجل قام من فراشه وحلافه ‪ . ..‬احلديث ) وهو حديث حسن ‪.‬‬
‫وحديث ( عجب ربك من راعي الغنم يف رأس الشظية من اجلبل يؤذن ويقيم ) ‪ .‬وإسناده جيد ‪.‬‬
‫وعلى هذا فتعريف النحاة للتعجب خاص بالنوع األول املتعلق باآلدميني كما نص على هذا الزجاج يف معاين القرآن وإعرابه ( ‪/4‬‬
‫‪ )299‬وأما اعتبار القاعدة النحوية هي املنطق واألساس مث تؤول النصوص مبا يتمشى معها من أن التعجب مصروف للمخاطبني فغري‬
‫صحيح انظر جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ( ‪ )6/123‬وأضواء البيان للشنقيطي ( ‪ )680 /6‬وانظر شرح ملعة االعتقاد البن عثيمني ص‬
‫‪. 35 ، 34‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪103‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫نوع ال ضابط له وإمنا يعرف بالقرينة ‪ ،‬كقوله تعاىل ( كيف تكفرون باهلل وكنتم أمواتًا‬
‫فأحياكم )( ‪ ، )1‬فـ ( كيف ) اسم استفهام مبين على الفتح يف حمل نصب حال ‪ .‬وهي‬
‫تفيد التعجب ‪.‬‬
‫وقوله صلى اهلل عليه وسلم أليب هريرة رضي اهلل عنه ‪ ( :‬سبحان اهلل إن املؤمن ال‬
‫ينجس ) فـ (سبحان ) اسم مصدر منصوب بفعل حمذوف وهو تعجب من اعتقاد أيب‬
‫هريرة رضي اهلل عنه التنجس باجلنابة ( ‪. )2‬‬
‫وقوهلم ‪ :‬هلل دره فارسًا ‪ .‬فـ ( فارسًا ) متييز منصوب ‪ .‬قصد به التعجب ‪.‬‬
‫‪ -2‬نوع قياسي ‪ .‬وله صيغتان وضعتا إلنشائه ‪ .‬إحدامها ‪ :‬ما أفعله والثانية ‪ :‬أفعل به ‪.‬‬
‫فاألويل حنو ‪ :‬ما أوسع احلديقة ! ‪ .‬فـ (ما ) تعجبية ‪ .‬اسم مبين على السكون يف حمل‬
‫رفع مبتدأ ‪ .‬وهي نكرة تامة ‪ .‬ومعىن ( نكرة ) أهنا مبعىن ( شيء ) أّي شيء ‪ ،‬ومعىن‬
‫( تامة ) أهنا ال حتتاج إال للخرب ‪ ،‬فال حتتاج لنعت أو غريه من القيود ‪.‬‬
‫وسوغ االبتداء هبا تضمنها معىن التعجب ‪ .‬فصارت مبعىن ( شيء عظيم ) و ( أوسع )‬
‫فعل ماض مبين على الفتح ‪ .‬بدليل لزومه مع ياء املتكلم نون الوقاية حنو ‪ :‬ما أفقرين إىل‬
‫عفو اهلل والفاعل ضمري مسترت وجوبًا تقديره ( هو ) يعود على ( ما ) و ( احلديقة )‬
‫مفعول به منصوب واجلملة خرب املبتدأ ( ما ) ‪.‬‬
‫والصيغة الثانية حنو ‪ :‬أقبح بالبخل ! وهي مبعىن ‪ :‬ما أقبحه فمدلول الصيغتني من حيث‬
‫التعجب واحد ‪ .‬فـ ( أقبح ) فعل ماض جاء على صورة األمر مبين على فتح مقدر جمليئه‬
‫على هذه الصورة ‪ .‬وأصله أْفَعَل بصيغة املاضي ‪ .‬ومهزته للصريورة ‪ .‬أي ‪ :‬أقبح البخل ‪.‬‬
‫أي ‪ :‬صار ذا قبح ‪ .‬كقوهلم‪:‬أبقلت األرض ‪ .‬أي ‪ :‬صارت ذات بقل وهو النبات ‪.‬‬
‫وأمثرت الشجرة أي ‪ :‬صارت ذات مثرة ‪َ .‬فُغرّي اللفظ من صورة املاضي إىل األمر لقصد‬
‫التعجب ‪ .‬فقبح إسناد صيغة األمر إىل االسم الظاهر ‪ .‬فزيدت الباء يف الفاعل ‪ .‬فـ ( الباء‬

‫‪ - 1‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 28 :‬‬


‫‪ - 2‬فتح الباري ( ‪. )391 /1‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪104‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫) زائدة و ( البخل ) فاعل مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال احملل حبركة‬
‫حرف اجلر الزائد (‪)1‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬بأفعل انطق بعد ( ما ) ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬انطق بصيغة ( أْفَعَل ) ألجل‬
‫التعجب ‪ .‬بشرط أن تكون بعد كلمة ( ما ) وإن شئت فجيء بصيغة أخرى هي ( أفعل‬
‫) ‪ .‬وبعدها املتعجب منه جمرورًا بالباء ‪.‬‬
‫مث ذكر أن املتعجب منه بعد الصيغة األوىل يكون منصوبًا على أنه مفعول به ‪ ،‬مث مثل‬
‫للصيغتني ‪.‬‬

‫****‬

‫ِض‬ ‫ِف‬ ‫ِع‬ ‫ِم‬


‫إْن َك اَن ْنَد اَحْلْذ َم ْع َناُه َي ْح‬ ‫‪َ -476‬وَح ْذ َف َم ا ْنُه َتَعَّج ْبَت اْس َتِبْح‬

‫حيوز حذف املتعجب منه إذا دّل عليه دليل ‪ .‬واملراد به ‪ :‬االسم املنصوب بعد ( أْفَعَل )‬
‫واجملرور بالباء بعد ( أْفِعل ) ‪.‬‬
‫فمثال األول قول الشاعر ‪:‬‬

‫‪ - 1‬هذا اإلعراب للصيغة الثانية هو املشهور ‪ .‬وذهب مجاعة من النحاة إىل اإلعراب اآليت ‪ ( :‬أقبح ) فعل أمر مبين على السكون ‪ .‬والفاعل‬
‫ضمري مسترت وجوبًا تقديره ( أنت ) يعود على مصدر الفعل املذكور وهو ( القبح ) ( بالبخل ) جار وجمرور متعلقان بالفعل ‪ .‬ويكون املعىن‬
‫امللحوظ ‪ :‬يا قبح أقبح البخل أي ‪ :‬الزمه وال تفارقه ‪ .‬وهذا اإلعراب أيسر من األول فاألخذ به حسن ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪105‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫بكاًء على عمرو وما كان أصربا (‪)1‬‬ ‫أرى ُأَّم عمرو دمُعها قد حتَّدرا‬

‫فحذف الشاعر املتعجب منه والتقدير ‪ :‬وما كان أصربها ‪.‬‬


‫ومثال الثاين قوله تعاىل ‪ ( :‬أمسع هبم وأبصر ) (‪ ، )2‬والتقدير– واهلل أعلم – وأبصر هبم‪.‬‬
‫فحذف ( هبم ) لداللة ما قبله عليه ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وحذف ما منه تعجبت استبح ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬استبح حذف‬
‫املتعجب منه ‪ .‬بشرط أن يكون معناه واضحًا بعد احلذف وقوله ‪ ( :‬يضح ) بكسر‬
‫املعجمة مضارع َو َض َح َيِض ُح ‪ :‬مبعىن ‪ :‬يتضح‬

‫َم ْنُع َتَص ُّر ٍف ُحِبْك ٍم ُح ِتَم ا‬ ‫‪َ - 477‬و يِف ِكاَل الِف ْع َلِني ِقْد مًا َلِز َم ا‬

‫يعين أن فعلي التعجب ومها ( ما أفعله ) و ( أفعل به ) غري متصرفني فال يستعمل منهما‬
‫مضارع وال غريه ‪ .‬بل يلزم ( ما أفعل ) لفظ املاضي ويلزم ( أْفِعل ) لفظ األمر ‪.‬‬
‫وكال الصيغتني فعلهما متصرف يف األصل ‪ .‬ولكن بسبب استعماهلما يف التعجب فقدا‬
‫التصرف ‪ .‬ومعىن قوله ‪ ( :‬قدمًا ) أي لزامًا منع التصرف يف قدمي الزمان إشارة إىل أن‬
‫ذلك مما ال خالف فيه ‪.‬‬

‫****‬

‫َقاِبِل َفْض ٍل َّمَت َغِرْي ِذ ْي اْنِتَف ا‬ ‫‪َ -478‬و ُصْغُه ما ِم ْن َثاَل ٍث ُصِّرَفا‬
‫َو َغِرْي َس اِلٍك َس ِبيَل ُفِعاَل‬ ‫‪َ -479‬و َغِرْي ِذ ي َو ْص ٍف ُيَض اِه ي أْش َه اَل‬
‫‪ - 1‬أم عمرو ‪ :‬املراد به عمرو بن قميئة اليشكري ‪ .‬صاحب امرئ القيس – الشاعر – يف سفره إىل قيصر الروم ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ :‬أم عمرو ‪ :‬مفعول أرى البصرية ‪ .‬ومجلة ( دمعها قد حتدرا ) من املبتدأ واخلرب يف حمل نصب حال ‪ .‬بكاًء ‪ :‬مفعول ألجله ‪ .‬و ( كان‬
‫) زائدة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬سورة مرمي ‪ ،‬آية ‪. 38 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪106‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫يشرتط يف الفعل الذي يصاغ منه فعال التعجب سبعة شروط ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أن يكون ثالثّيًا ‪ .‬فال يبنيان مما زاد على ثالثة أحرف مثل دحرج وانطلق‬
‫واستخرج ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬أن يكون متصرفًا فال يبنيان من فعل جامد غري متصرف مثل ‪ :‬نعم وبئس وعسى‬
‫وغريها ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن يكون معناه قابًال للتفاوت أي التفاضل والزيادة ليتحقق معىن التعجب فال‬
‫يصاغان من فعل ال يقبل املفاضلة ‪ :‬حنو ‪ :‬فين ‪ ،‬ومات ‪ ،‬إال أن أريد وصف زائد عليه ‪.‬‬
‫فيقال يف حنو ‪ :‬مات عصام ‪ :‬ما أفجع موته ‪ :‬وأفجع مبوته ‪.‬‬
‫الربع ‪ :‬أن يكون الفعل تاّم ًا ( أي ليس ناقصًا ) فال يبنيان من ( كان وكاد ) وأخواهتما‬
‫‪.‬‬
‫اخلامس ‪ :‬أن يكون مثبتًا فال يصاغان من فعل منفي ‪ .‬سواء كان النفي مالزمًا له ‪ .‬حنو ‪:‬‬
‫ما عاج (‪ )1‬الدواء ‪ .‬أي ‪ :‬ما نفع ‪ .‬أو كان غري مالزم حنو ‪ :‬ما حضر الغائب ‪.‬‬
‫السادس ‪ :‬أال يكون الوصف من هذا الفعل على وزن ( أفعل ) وموضع ذلك كل ما دل‬
‫على عيب أو لون أو حلية أو شيء فطري ‪ .‬حنو ‪ :‬عرج فهو أعرج وخضر فهو أخضر ‪،‬‬
‫وحور فهو أحور ‪.‬‬
‫وعللوا لذلك خبشية التباس أفعل التفضيل بالوصف منه ‪ .‬فإن كًال منهما على وزن‬
‫( أفعل ) فمنعوا التفضيل والتعجب الشرتاكهما يف أمور كثرية ‪ .‬وألن هذه املعاين تشبه‬
‫اخللقة الثابتة اليت ال تفاوت فيها ‪.‬‬
‫والصواب األخذ برأي بعض الكوفيني القائلني باجلواز ‪:‬‬

‫‪ - 1‬مضارعه ‪ :‬يعيج ‪ .‬أما عاج يعوج ‪ .‬فمعناه ‪ :‬مال مييل ‪ .‬وهو يأيت يف النفي واإلثبات ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪107‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -1‬لورود السماع يف باب أفعل التفضيل (‪ )1‬كقوهلم أسود من حلك الغراب ‪،‬‬
‫وأبيض من اللنب ‪ .‬فلماذا حيكم بالشذوذ ؟‬
‫‪ -2‬شدة احلاجة يف عصرنا إىل التعجب من هذه األشياء بسبب ما كشفه العلم‬
‫احلديث من التفاوت يف باب األلوان والعاهات ‪.‬‬

‫الشرط السابع ‪ : :‬أن يكون مبنّيًا للمعلوم ‪ .‬فال يصاغان من فعل مبين للمجهول مثل ‪:‬‬
‫ُعرَف ‪ُ ،‬علم ‪ ،‬لئال يلتبس باملبين للمعلوم ‪ .‬فال تقول ‪ :‬ما أضرب زيدًا ‪ .‬من ‪ُ :‬ضرب ‪.‬‬
‫لئال يلتبس بالتعجب من ضرب أوقعه ‪.‬‬
‫فإن أمن اللبس بأن كان الفعل مالزمًا للبناء للمجهول ‪ .‬جاز ذلك وقد مسع من كالمهم‬
‫‪ :‬ما أشغله ! وما أعناه حباجتك ! فيصح ‪ :‬ما أزهى الطاؤوس ! وما أهزل املريض !‬
‫من ُش غل ‪ ،‬وُعين ‪ ،‬و ُز هي ‪ ،‬وُه زل ‪.‬‬
‫وإىل هذه الشروط أشار بقوله ( وصغهما من ذي ثالث ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬صغهما من‬
‫صاحب احلروف الثالثة ‪ ( .‬وهو املاضي الثالثي ) املتصرف – القابل للمفاَض لة ‪ .‬التام ‪،‬‬
‫غري املنفي ‪ .‬والذي صفته املشبهة ليست مثل ( أشهل ) أي على وزن ( أفعل ) وغري مبين‬
‫على صيغة ( ُفِعل ) وهو املبين للمجهول ‪ .‬و ( أشهل ) وصف من ‪َ :‬ش ِه ل الرجل فهو‬
‫أشهل ‪ .‬واملرأة شهالء والُّشهلة ‪ :‬بضم الشني‪ :‬قلة سواد احلدقة حىت تكون كأهنا محراء ‪.‬‬

‫*****‬

‫ْخَيُلُف َم ا َبْعَض الُّشروِط َعِدَم ا‬ ‫‪َ -480‬و أْش ِدَد أْو أَش َّد أْو ِش ْبُهُه َم ا‬
‫ِب ِجَي‬ ‫ِص‬ ‫ِدِم‬
‫َو َبْع َد أْفَعْل َج ُّر ُه الَبا ْب‬ ‫‪َ -481‬و َم ْص َد ُر اْلَعا َبْع ُد َيْنَت ْب‬
‫‪ - 1‬انظر باب افعل التفضيل ‪ . .‬وقد ورد يف حديث عبد اهلل بن عمرو عند البخاري عن النيب صلى اهلل عليه وسلم يف صفة احلوض ( أبيض‬
‫من اللنب ‪ ،‬وأحلى من العسل ) ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪108‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫تقدم أنه ال يتعجب من الفعل مباشرة إال إذا حتققت فيه سبعة شروط فإن ختلف شرط‬
‫منها فإنه يتوصل إىل التعجب بأشد وحنوها أو باشدد وحنوها ‪ .‬على التفصيل اآليت ‪:‬‬

‫‪ -1‬إذا كان الفعل غري ثالثي أو ناقصًا أو كان الوصف منه على ( أفعل ) فإننا‬
‫نتوصل إىل التعجب منه بواسطة ( ما أشد أو أشدد ) وحنومها ونأيت بعد ذلك‬
‫مبصدر ذلك الفعل صرحيًا أو مؤوًال ‪ .‬ويكون منصوبًا على املفعولية ‪ .‬بعد ( أشد‬
‫) وحنوه ‪ .‬وجمرورًا بعد ( أشدد ) وحنوه ‪ .‬حنو ‪ :‬ما أشد انطالق خالد! وأشدد‬
‫بانطالقه ! ما أصعب كون الدواء مرًا ! ما أشد خضرة الزرع ! فـ ( ما ) مبتدأ‬
‫و ( أشد ) فعل ماض والفاعل ضمري مسترت يعود على ( ما ) كما تقدم ‪.‬‬
‫( انطالق ) مفعول به و ( خالد ) مضاف إليه ‪ .‬واجلملة خرب املبتدأ و ( أشدد )‬
‫فعل ماض جاء على صورة األمر ‪ .‬أو فعل أمر ‪ ( .‬بانطالقه ) الباء حرف جر‬
‫زائد و ( انطالق ) فاعل ‪ .‬أو الفاعل ضمري مسترت على ما تقدم يف إعراب‬
‫الصيغة ‪.‬‬
‫‪ -2‬إن كان الفعل مبنّيًا للمجهول أو منفّيًا يتوصل إىل التعجب منه بالواسطة‬
‫املذكورة ‪ .‬ويؤتى مبصدر الفعل مؤوًال حنو ‪ :‬ما أحسن أن يبذل املال يف اخلري !‬
‫ما أضّر أال يصدق البائع ! فـ ( أن يبذل ) يف تأويل مصدر مفعول لـ (أحسن) و (‬
‫أال يصدق ) يف تأويل مصدر منفي بـ ( ال ) مفعول ( أضر ) والتقدير ‪ :‬ما أضر‬
‫عدم صدق البائع ‪.‬‬
‫‪ -3‬ال يتعجب من الفعل اجلامد وال من الذي ال يتفاوت معناه مطلقًا ال بواسطة وال‬
‫مباشرة ‪ .‬ألن اجلامد ال مصدر له ‪ .‬والذي ال يتفاوت معناه ليس قابًال للتفاضل ‪.‬‬
‫فال يتحقق معىن التعجب ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وأشدد أو اشد أو شبههما ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن صيغة ( أشدد‬
‫) وصيغة ( أشَّد ) أو شبههما مثل ‪ :‬أكرب وأكثر وأعظم ‪ ،‬ختلف الصيغة اليت ال‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪109‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ميكن صوغها مباشرة من الفعل الذي عدم بعض الشروط مث بني أن مصدر الفعل‬
‫العادم للشروط ينصب بعد الصيغة اجلديدة على أنه مفعول به بعد ما كان على‬
‫وزن ( أْفَعَل ) ‪ .‬وجير بالياء بعد ما كان على وزن ( أْفِعل ) ‪.‬‬
‫وقوله ( أَو اشد ) حذفت مهزهتا ونقلت حركتها للواو الساكنة قبلها حمافظة على‬
‫وزن الشعر ‪ .‬وقوله ( بعُد ) ظرف مبين على الضم أي بعد الصيغة اجلديدة اليت‬
‫جئنا هبا ‪.‬‬

‫****‬

‫ِذ ِم ِث‬ ‫ِق‬ ‫ِك‬ ‫ِل‬


‫َو ال َت ْس َعَلى اّل ْي ْنُه ُأ ْر‬ ‫‪َ -482‬و ِبالُّنُد وِر اْح ُك م َغِرْي َم ا ُذ ْر‬

‫أي ‪ :‬إذا جاء بناء صيغيت التعجب من الفعل العادم لبعض الشروط فهو حمكوم‬
‫عليه بالندور أي ‪ ( :‬القلة القليلة جّدًا ) وال يقاس على ما نقل عن العرب‬
‫كقوهلم ‪ :‬ما أخصره ! من ( اختصر ) فبنوا أفعل مباشرة من فعل زائد على‬
‫ثالثة أحرف ‪ .‬وهو – أيضًا ‪ -‬مبين للمجهول ‪ .‬وكقوهلم ‪ :‬ما أمحقه ! فنبوه‬
‫من فعل الوصف منه على أفعل ‪ .‬حنو ‪ِ :‬مح ق فهو أمحق ‪.‬‬

‫****‬

‫َم ْع ُم وُلُه َو َو ْص َلُه ِبِه اْلَزَم ا‬ ‫‪َ -483‬و ِفْع ُل هَذ ا اْلَباِب َلْن ُيَق َّد َم ا‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪110‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫يِف‬ ‫ِف‬ ‫ِبِظ ٍف‬
‫ُمْس َتْع مٌل َو اُخْلْلُف َذاَك اْس َتَق َر‬ ‫‪َ-484‬و َفْص ُلُه ْر أْو َحِبْر َج ّر‬

‫تقدم أن فعلي التعجب جامدان ‪ .‬وقد ترتب على ذلك حكمان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أن املعمول يف هذا الباب ال جيوز أن يتقدم على الفعل‪ ،‬واملراد باملعمول‪:‬‬
‫املتعجب منه ‪ .‬وهو املنصوب بعد ( أْفَعل ) ‪ .‬واجملرور بعد ( أْفِعل ) ‪ .‬فال تقول‬
‫‪ :‬الربيَع ما أمجل تريد ‪ :‬ما أمجل الربيَع ! وال بالربيع أِمْج ل ‪ .‬تريد ‪ :‬أمجل بالربيع‬
‫!‬
‫الثاين ‪ :‬أنه ال جيوز الفصل بني فعل التعجب ومعموله بفاصل ‪ .‬فال تقول ‪ :‬ما‬
‫أحسن الكتاب معطيك ‪ .‬تريد ‪ :‬ما أحسن معطيك الكَتاَب ! ألن هذا الفاصل‬
‫أجنيب من فعل التعجب ألنه ليس معموًال له بل هو معمول ملفعوله ‪.‬‬
‫وجيوز الفصل بالظرف واجلار واجملرور – على القول الراجح – بشرط أن‬
‫يكون متعلقًا بفعل التعجب ‪ .‬لوروده عن العرب وألنه يتوسع فيهما ‪ .‬فمن‬
‫شواهده مع ( أْفَعل ) قول عمرو بن معدي كرب ‪ :‬هلل در بين سليم ما أحسن‬
‫يف اهليجاء لقاَءها وأكثر يف الَّلْز بَات (‪ )1‬عطاَءها ! وأثبت يف املكرومات بقاَءها ‪.‬‬
‫فوقع الفصل باجلار واجملرور يف ثالثة مواضع ‪ .‬وهو متعلق بفعل التعجب ‪.‬‬
‫ومن شواهده مع ( أفعل به ) قول الشاعر ‪:‬‬

‫وأحبب إلينا أن تكون املقدما‬ ‫وقال نيب املسلمني تقدموا‬

‫فقد فصل الشاعر باجلار واجملرور ( إلينا ) بني فعل التعجب الذي هو ( أحبب )‬
‫وفاعله الذي هو املصدر املنسبك من احلرف املصدري ومعموله وأصل الكالم ‪:‬‬
‫وأحبب إلينا بكونك املقدَم ا ‪ .‬واأللف لإلطالق ‪.‬‬

‫‪ -‬اللزبات ‪ :‬بفتح الالم وسكون املعجمية مجع َلْز بة وهي الشدة والقحط ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪111‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فإن كان الظرف واجلار واجملرور متعلقًا مبعمول فعل التعجب مل يصح الفصل به ‪.‬‬
‫فال تقول ‪ :‬ما أحسن عند الغضب احللم ‪ .‬تريد ‪ :‬ما أحسن احللم عند الغضب ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وفعل هذا الباب لن يقدما معموله ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن‬
‫معمول الفعل يف هذا الباب ال يتقدم على فعله ‪ .‬والزم وصل املعمول بفعله ‪.‬‬
‫حبيث ال يفصل بينهما فاصل ‪.‬‬
‫مث أشار إىل أن الفصل بالظرف أو باجلار واجملرور مستعمل يف كالم العرب نثرًا‬
‫وشعرًا ‪ .‬مما يدل على جوازه ‪ .‬واخلالف بني النحاة يف حكم القياس عليه ثابت ‪.‬‬
‫والصحيح جواز القياس عليه كما تقدم ‪.‬‬

‫***‬

‫ِنْع َم َو ِبْئَس َو َم ا َج َر ى ْجَمَر اَمُها‬


‫اِفَعان اَمْسِنْي‬ ‫ِن‬ ‫‪ِ -485‬فْع الِن ُغْي ُم َتَص ِّر َفِنْي‬
‫ْع َم َو ِبْئَس َر‬ ‫ُر‬
‫َقاَر َنَه ا َك ِنِعَم ُعْق ْىَب اْلكَر َم ا‬ ‫ِل‬
‫‪ُ -486‬مَق اِر ْىَن أْل أْو َم َض ا َفِني َم ا‬
‫َمُمِّيٌز َك ِنْع َم َقْو مًا َم ْع َش ُر ُه ‪.‬‬ ‫ِن‬
‫‪َ -487‬و َيْر َفَعا ُمْض َم رًا ُيَفِّس ُر ُه‬

‫نعم وبئس من األفعال الدالة على املدح العام والذم العام الذي ال َيْق َص ُر على شيء معني‬
‫‪ .‬وكل منهما فعل ماض جامد مالزم للماضي ال بد له من فاعل ‪ .‬ولكنهما جتردا من‬
‫الداللة على الزمن بعد أن تكونت منهما ومن فاعلهما مجلة إنشائية غري طلبية ‪.‬‬
‫وفاعلهما أربعة أنواع ‪:‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪112‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫األول ‪ :‬أن يكون مقرتنًا بـ ( أل ) اجلنسية أو العهدية (‪ . )1‬حنو ‪ :‬نعم اخللُق الصدُق ‪.‬‬
‫وبئس اخللُق الكذُب ‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬نعم املوىل ونعم النصري ) (‪ . )2‬فـ ( نعم ) فعل ماض‬
‫جامد إلنشاء املدح ‪ ( .‬املوىل ) فاعل ( نعم ) مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها‬
‫التعذر ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬أن يكون مضافًا ملا فيه أل ‪ .‬حنو ‪ :‬نعم قائد املسلمني خالد ‪ .‬وبئس رجل القوم‬
‫أبو جهل‪ .‬قال تعاىل‪ (:‬ولنعم دار املتقني ) (‪. )3‬وقال تعاىل‪ (:‬وبئس مثوى الظاملني ) (‪.)4‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن يكون مضافًا إىل املضاف ملا فيه ( أل ) حنو ‪ :‬نعم حافُظ كتاب اهلل ‪ .‬وبئس‬
‫مهمُل أوامر القرآن ‪ .‬وهذا مل يذكره ابن مالك ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬أن يكون الفاعل ضمريًا مسترتًا ‪ .‬وبعده نكرة تفسر ما يف هذا الضمري من‬
‫اإلهبام حنو ‪ :‬نعم صديقًا الكتاب ‪ .‬بئس خلقًا خلف الوعد‪.‬قال تعاىل‪ (:‬بئس للظاملني بدًال‬
‫)(‪ . )5‬فـ ( بئس ) فعل ماض جامد إلنشاء الذم ‪ .‬والفاعل ضمري مسترت وجوبًا تقديره ‪:‬‬
‫( هو ) و ( بدًال ) متييز ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬فعالن غري متصرفني ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن ( نعم ) و( بئس ) فعالن‬
‫جامدان ال يتصرفان فليس هلما مضارع وال أمر وال بقية املشتقات ‪.‬‬
‫ومها يرفعان امسني على الفاعلية ‪ .‬مقرتنني بـ ( أل ) أو مضافني للمقرتن هبا أو ضمريًا‬
‫يفسره ( ممّيزًا ) أي متييز ‪ .‬وقد مثل للمضاف ملا فيه أل ‪ .‬والضمري املسترت ‪.‬‬

‫ِد‬ ‫ِف ِه ِخ‬ ‫ِع‬ ‫ِي‬


‫ي الٌف َعْنُه م َق اْش َتَه ْر‬ ‫‪َ -488‬و ْمَجُع ْمَت يٍز َو َفا ٍل َظَه ْر‬

‫‪ ( - 1‬أل ) اجلنسية هي اليت تفيد االستغراق والشمول – كما تقدم يف باب املعّر ف بـ ( أل ) فإذا كانت ( أل ) هنا للجنس فمعىن هذا أنك‬
‫مدحت اجلنس كله مث خصصت الصدق – كما يف املثال – بالذكر فتكون قد مدحته مرتني ‪ .‬وقيل ‪ :‬هي للجنس جمازًا فكأنك جعلت‬
‫املمدوح مبنزلة اجلنس كله للمبالغة يف املدح أما إذا كانت للعهد فاملراد العهد الذهين ألن مدخوهلا فرد مبهم مث فسر هذا الفرد – بالصدق –‬
‫تفخيمًا لقصد املدح ‪.‬‬
‫‪ - 2‬سورة األنفال ‪ ،‬آية ‪. 40 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة النحل ‪ ،‬آية ‪. 30 :‬‬
‫‪ - 4‬سورة آل عمران ‪ ،‬آية ‪. 151 :‬‬
‫‪ - 5‬سورة الكهف ‪ ،‬آية ‪. 50 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪113‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫تقدم أن فاعل ( نعم ) قد يكون ضمريًا مسترتًا مفَّس رًا بتمييز ‪ .‬حنو ‪ :‬نعم خلقًا الصدُق‬
‫‪ ،‬وعلى هذا فيجوز اجلمع بني التمييز والفاعل املضمر وهذا ال خالف فيه ‪.‬‬
‫وإمنا اخلالف يف اجلمع بني التمييز والفاعل الظاهر حنو ‪ :‬نعم الصديُق صديقًا الكتاُب ‪.‬‬
‫ويف املسألة ثالثة أقوال ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أنه ال جيوز ‪ .‬ألن التمييز لرفع اإلهبام وال إهبام مع ظهور الفاعل ‪ .‬قالوا وما ورد‬
‫من ذلك فهو حال مؤكدة ‪ .‬أو ضرورة ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬أنه جيوز اجلمع بني الفاعل الظاهر والتمييز ‪ .‬وهذا هو الصحيح لوروده عن العرب‬
‫نثرًا وشعرًا فمن النثر قول احلارث بن عباد ملا بلغه قتل ابنه يف حرب البسوس ‪ ( :‬نعم‬
‫القتيل قتيًال أصلح بني بكر وتغلب ) ‪ .‬فجمع بني الفاعل الظاهر ( القتيل ) والتمييز‬
‫( قتيًال ) ومن ذلك قول الشاعر ‪:‬‬

‫فنعم الزاُد زاُد أبيك زادًا (‪)1‬‬ ‫تزود مثل زاد أبيك فينا‬

‫فجمع بني الفاعل الظاهر وهو قوله ( الزاد ) والتمييز وهو قوله ‪ (:‬زادًا ) ‪.‬‬
‫وال يلزم أن يكون التمييز لرفع اإلهبام ‪ .‬فقد يكون للتوكيد كقوله تعاىل ‪ ( :‬إّن عدة‬
‫الشهور عند اهلل اثنا عشر شهرًا ) (‪ )2‬فـ ( شهر ) متييز مؤكد لقوله سبحانه ‪ ( :‬إن عدة‬
‫الشهور ) كقولك ‪ :‬عندي من الرجال عشرون رجًال ‪ .‬وقول أيب طالب ‪:‬‬

‫من خري أديان الربية دينا‬ ‫ولقد علمت بأن دين حممد‬

‫فـ ( دينًا ) متييز مؤكد ملا سبقه ‪ .‬ولو حذف لفهم معناه مما بقي من الكالم ‪.‬‬
‫‪ - 1‬القائل هو جرير ميدح عمر بن عبد العزيز – رمحه اهلل – واملراد بالزاد هنا ‪ :‬العيشة الطيبة والسرية احلميدة ‪ .‬وهو يف األصل الطعام الذي‬
‫يعد للسفر ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ :‬مثل ‪ :‬مفعول به منصوب ‪ ( .‬فينا ) متعلق بالفعل قبله ‪ .‬والباقي واضح ‪.‬‬
‫‪ - 2‬سورة التوبة ‪ ،‬آية ‪. 36 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪114‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وإذا كانت الشواهد على اجلواز كثرية فال حاجة إىل التأويل الذي جلأ إليه املانعون ‪.‬‬
‫القول الثالث ‪ :‬إن أفاد التمييز فائدة زائدة على الفاعل جاز اجلمع بينهما حنو ‪ :‬نعم الرجل‬
‫فارسًا خالد ‪ .‬وإال فال ‪ .‬حنو ‪ :‬نعم الصديق صديقًا الكتاب ‪.‬‬

‫****‬

‫ِض‬ ‫يِف ِو ِن‬ ‫ِع‬


‫ْحَن ْع َم َم ا َيُقوُل اْلَف ا ُل‬ ‫‪َ -489‬و َم ا َمُمّيز َو َقيَل َفا ُل‬

‫تقع ( ما ) بعد ( نعم ) و ( بئس ) فتقول ‪ ( :‬نعم ما ) أو ( نعما ) باإلدغام وعدمه ‪.‬‬
‫وهي إما أن يقع بعدها مجلة حنو‪:‬نعم ما تسعى إليه الكسب احلالل‪.‬قال تعاىل ‪ ( :‬بئسما‬
‫اشرتوا به أنفسهم أن يكفروا ) (‪ . )1‬أو يقع بعدها مفرد كقوله تعاىل ‪ ( :‬إن تبدوا‬
‫الصداقات فنعما هي ) (‪. )2‬‬
‫وقد اختلف يف إعراب ( ما ) على أقوال عديدة ‪ .‬فقال قوم ‪ :‬هي نكرة منصوبة على‬
‫التمييز ‪ .‬وما بعدها صفة ‪ .‬والفاعل ضمري مسترت ‪ .‬وقيل هي الفاعل ‪ .‬وهي اسم موصول‬
‫‪ .‬إن كان بعدها مجلة وتكون هي الصلة واملخصوص حمذوف ‪ .‬وإن كان بعدها مفرد‬
‫فهي معرفة تامة وهي الفاعل ‪ .‬وما بعدها هو املخصص ‪ ،‬وهذا هو الذي أميل إليه ألنه‬
‫أقرب إىل املعىن وأبعد عن التأويل ‪.‬‬
‫وإعراب اآلية األوىل ‪ ( :‬بئسما ) بئس ‪ :‬فعل ماض إلنشاء الذم و ( ما ) اسم موصول‬
‫فاعل ‪ .‬ومجلة ( اشرتوا ) صلة املوصول ‪ ( .‬أن يكفروا ) هو املخصوص بالذم ‪ ،‬يف تأويل‬
‫مصدر مبتدأ مؤخر ‪ ،‬واجلملة قبلة خربه ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 90 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 271 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪115‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وإعراب اآلية الثانية ‪ ( :‬نعما ) نعم ‪ :‬فعل ماض إلنشاء املدح ‪ .‬و (ما ) املدغمة يف‬
‫( ميم نعم ) فاعل ‪ .‬وهي معرفة تامة مبعىن ( الشيء ) و ( هي ) ضمري منفصل مبين على‬
‫الفتح يف حمل رفع مبتدأ مؤخر – وهو املخصوص باملدح – واجلملة قبله خربه ‪.‬‬
‫***‬

‫أْو َخ َبَر َلْيَس َيْبُد و أَبَد ا‬ ‫‪َ -490‬و َيْذ َك ُر اْلَم ْخ ُصوُص َبْع ُد ُم ْبَتَد ا‬
‫َك اْلِعْلِم ِنْع َم اْلُم ْق َتىَن واْلُم ْق َتَف ى ‪.‬‬ ‫‪َ-491‬و ِإْن ُيَق َّد ْم ُم ْش ِعٌر ِبِه َك َف ى‬

‫يذكر بعد ( نعم ) و ( بئس ) وفاعلهما اسم مرفوع ‪ .‬وهو املخصوص باملدح أو الذم ‪.‬‬
‫وعالمته أمران ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أنه أخص من الفاعل ‪ .‬ال مساٍو له وال أعم ليحصل التفصيل بعد اإلمجال ‪.‬‬
‫فيكون أوقع يف النفس ولذا وجب تأخريه ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬أن يصلح جلعله مبتدأ وجعل الفعل والفاعل خربًا عنه ‪.‬‬
‫مثاله ‪ :‬نعم اخللُق الصدُق ‪ ،‬وبئس اخللُق الكذُب ‪ .‬ويف إعرابه أوجه ‪.‬‬
‫األول ‪ :‬أنه مبتدأ واجلملة قبله خرب عنه ‪ .‬وهذا اإلعراب أيسر األعاريب لسالمته من‬
‫احلذف ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬أنه خرب ملبتدأ حمذوف والتقدير ‪ :‬هو الصدق ‪ .‬وهو الكذب ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أنه بدل من الفاعل‪.‬بدل كل من كل‪.‬وهذا ذكره األمشوين عن ابن كيسان‬
‫(‪ .) 1‬وهو وجيه جّدًا ال يقوم على حذف وال على تقدمي وال تأخري كما يف الوجهني قبله‬
‫‪.‬‬

‫‪ - 1‬شرح األمشوين ومعه حاشية الصبان ( ‪. ) 3/37‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪116‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وجيوز حذف املخصوص إذا تقدم يف الكالم ما يدل عليه بعد حذفه ويغين عن ذكره‬
‫متأخرًا ‪ .‬كقوله تعاىل ‪ ( :‬إنا وجدناه صابرًا نعم العبد ) (‪ . )1‬أي ‪ :‬نعم العبد أيوب ‪.‬‬
‫فحذف املخصوص باملدح – وهو أيوب لداللة ما قبله عليه ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬ويذكر املخصوص بعُد مبتدأ ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬يذكر املخصوص باملدح‬
‫أو الذم بعد الفاعل – ويعرب مبتدأ ‪ .‬أو خربًا ملبتدأ حمذوف واجب احلذف ‪.‬‬
‫مث ذكر أنه إن تقدم يف الكالم ما يشعر باملخصوص ويدل عليه ‪ .‬كفى عن ذكره مث‬
‫ذكر املثال ‪ :‬العلم نعم املقتىن واملقتفى ‪ .‬فاملخصوص قد تقدم فصار يف الظاهر هو املشعر‬
‫‪ .‬واألصل ‪ :‬نعم املقتفى العلم ‪ .‬فأغىن عن ذكر املخصوص مرة أخرى منعًا للتكرار الذي‬
‫ال فائدة منه هنا و ( املقتىن ) أي ‪ :‬املكتسب الذي حيرص الناس على ادخاره واالحتفاظ‬
‫به و ( املقتفى ) أي ‪ :‬املتبع الذي تراعى أحكامه ‪.‬‬

‫****‬

‫ِم ْن ِذ ي َثالَثٍة َك ِنْع َم ُمْسَج اَل‬ ‫‪َ -492‬و اْجَعْل َك ِبئس َس اء َو اْجَعْل َفُعال‬

‫ملا فرغ ابن مالك – رمحه اهلل – من أحكام ( نعم – بئس ) شرع يف بيان ما جرى‬
‫جمرامها ‪.‬‬
‫فيستعمل يف الذم ( ساء ) استعمال ( بئس ) وتأخذ أحكامها حنو ‪ :‬ساء الرجل أبو‬
‫جهل ‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬ساء مثًال القوم الذين كذبوا بآياتنا ) (‪ . )2‬فـ ( ساء ) فعل ماض‬
‫جامد إلنشاء الذم ‪ .‬والفاعل ضمري مسترت وجوبًا تقديره ( هو ) ( مثًال ) متييز منصوب‬
‫وهو مفسر لفاعل ( ساء ) ( القوم ) مبتدأ مؤخر وهو املخصوص بالذم واجلملة قبله خرب‬
‫مقدم ‪ ( .‬الذين ) نعت لـ ( القوم ) ‪ ,‬ومما جيري جمرى ( نعم وبئس ) يف الداللة على‬

‫‪ - 1‬سورة ‪ ،‬ص ‪ ،‬آية ‪.44 :‬‬


‫‪ - 2‬سور األعراف ‪ ،‬آية ‪. 177 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪117‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫املدح والذم كل فعل ثالثي صاحل للتعجب منه ‪ .‬فيجوز استعماله على وزن ( َفُعَل )‬
‫بضم العني إما باألصالة مثل ‪ :‬شُر ف وُك رم وَح ُس ن ‪ .‬أو بالتحويل كفِه م وَج ِه ل َو َبَر َع‬
‫فيصري ‪َ :‬فُه م َو َجُه ل وَبُر ع ( ‪. ) 1‬‬
‫تقول ‪َ :‬ش ُر ف الرجُل خالٌد ‪ .‬وَلُؤ م رجًال عصاٌم ‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬كربت كلمة خترج‬
‫من أفواههم ) ( ‪ . ) 2‬فـ ( كرُب ) فعل ماض إلنشاء الذم ‪ .‬و( التاء ) للتأنيث ‪ .‬والفاعل‬
‫ضمري مسترت وجوبًا تقديره ( هي ) يفسره التمييز ( كلمة ) متييز منصوب ‪.‬‬
‫وهو هبذه الصياغة يأخذ أحكام ( نعم ‪ ،‬وبئس ) من اجلمود فال مضارع له وال أمر‬
‫وال غريها من املشتقات ‪ .‬كما يأخذ األحكام املتقدمة للفاعل واملخصوص ‪ .‬مع االنفراد‬
‫يف بعض األحكام ومنها ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن هذا النوع من األفعال يفيد املدح اخلاص به ‪ .‬والذم اخلاص مع املعىن األصلي‬
‫للفعل ‪ .‬واإلشعار بالتعجب ‪ .‬ففي مثل ‪َ :‬عَد ل احلاكم ‪ .‬تقول ‪َ :‬عُد ل احلاكم ‪.‬‬
‫فيفيد هذا الرتكيب اجلديد املعىن اللغوي للفعل ومدح احلاكم بالعدل فقط ‪ .‬مع‬
‫التعجب ‪ .‬وإعرابه ‪َ ( :‬عُد ل ) ‪ :‬فعل جامد إلنشاء املدح اخلاص ‪ ( .‬احلاكم )‬
‫فاعل مرفوع بالضمة ‪.‬‬
‫‪ -2‬صحة وقوع فاعل هذا الفعل خاليًا من ( أل ) ومما يشرتط يف فاعل ( نعم )‬
‫فتقول ‪َ :‬عُد ل عمر ‪َ .‬ش ُر ف خالد ‪ .‬قال تعاىل ( َو َح ُسَن أولئك رفيقًا )( ‪ . ) 3‬فـ‬
‫( حسن ) فعل ماض جامد إلنشاء املدح ( أولئك )أوالء ‪ :‬اسم إشارة مبين‬
‫على الكسر يف حمل رفع فاعل ‪ .‬والكاف حرف خطاب (رفيقًا ) متييز منصوب ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬واجعل كبئس ساء ‪ ...‬إخل ) ‪ .‬أي ‪ :‬اجعل ( ساء ) مثل‬
‫( بئس ) يف معناها وأحكامها ‪ .‬واجعل ( َفُعل ) من كل فعل ثالثي ‪ .‬مثل ( نعم )‬
‫‪ - 1‬يرى بعض النحاة أنه ال جيوز حتويل هذه األفعال وما شاهبها إىل ( َفُعل ) بضم العني ألن هذا التحويل غري مسموح ‪ .‬واحلق اجلواز لوروده‬
‫عن بعض القبائل العربية على ما نقله اخلضريي يف حاشيته ( ‪ )2/45‬عن السيوطي ‪ .‬وقد مثل ابن مالك هبذه األفعال يف شرحه على الكافية (‬
‫‪)2/1115‬وابنه يف شرحه على األلفية ص (‪. )474‬‬
‫‪ - 2‬سورة الكهف ‪ ،‬آية ‪. 5 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة النساء ‪ ،‬آية ‪. 69 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪118‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫يف معناها وأحكامها من غري تقييد حبكم دون آخر ‪ .‬وليس غرضه ( نعم ) وحدها‬
‫وإمنا مثلها ( بئس ) واحلق أن بينهما فروقًا أشرنا إىل بعضها واأللف يف قوله (َفُعًال )‬
‫للوزن ‪ .‬ومعىن ( مسجًال ) أي مطلقًا عن التقييد ‪.‬‬

‫َو ِإْن ُتِر ْد َذّم ًا َفُقْل ال َح َّبَذ ا‬ ‫‪َ -493‬و ِم ْثُل ِنْع َم َح ِّبَذ ا اْلَف اِعُل َذا‬
‫َتْع ِد ْل ِبَذ ا َفْه َو ُيَض اِه ي اْلَم َثاَل‬ ‫‪َ -494‬و أْو ِل َذا اْلَم ْخ ُصوَص أّيًا َك اَن اَل‬
‫ِباْلَبا َو ُدوَن َذا اْنِض َم اُم اَحْلا َك ُثْر ‪.‬‬ ‫ِس‬
‫‪َ-495‬و َم ا َو ى َذا اْر َفْع َحِبَّب أْو َفُجْر‬

‫مما جيري جمرى ( نعم ) و ( بئس ) يف إفادة املدح والذم ( حبذا ) وهي للمدح‬
‫العام مع اإلشعار باحلب والقرب من القلب ‪ .‬و( ال حبذا ) وهي للذم العام ‪ .‬تقول ‪:‬‬
‫حبذا احملدث البخاري ‪ .‬ال حبذا الرجل أبو هلب ‪.‬‬
‫وإعرابه ‪َ :‬حّب ‪ .‬فعل ماض جامد إلنشاء املدح ‪ ( .‬ذا ) اسم إشارة مبين على‬
‫السكون يف حمل رفع فاعل ‪ ( .‬احملدث ) هو املخصوص باملدح ‪ ،‬ويعرب مبتدأ‬
‫واجلملة قبله خرب ‪ .‬أو خرب ملبتدأ حمذوف ‪ .‬على ما تقدم يف إعراب املخصوص ‪ .‬إال‬
‫البدل فال يصح هنا ‪ .‬ومثل هذا يقال يف إعراب الصيغة الثانية ‪ .‬مع إعراب ( ال )‬
‫نافية ‪.‬‬
‫وهذا املخصوص له حكمان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أنه ال يصح تقدمه على الفاعل ( ذا ) فال تقول ‪َ :‬ح َّب خالد ذا ‪ .‬تريد ‪:‬‬
‫حبذا خالد ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬أن الفاعل ( ذا ) يلزم اإلفراد والتذكري مهما كان أمر املخصوص من‬
‫اإلفراد والتثنية أو اجلمع أو التذكري أو التأنيث ‪ .‬تقول ‪ :‬حبذا الطبيب حممد ‪ .‬وحبذا‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪119‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫الطبيبة فاطمة ‪ .‬حبذا الطبيبان احملمدان ‪ .‬حبذا الطبيبتان الفاطمتان ‪ .‬حبذا الطبيبون‬
‫أو األطباء احملمدون‪ .‬حبذا الطبيبات الفاطمات ‪.‬‬

‫وذلك ألن هذه الصيغة أشبهت املثل يف كثرة االستعمال ‪ .‬واألمثال ال تغري مطلقًا‬
‫وال ختالف اللفظ الذي ورد عن العرب مهما تعددت مواطن استعماله ‪ .‬فكذا ما‬
‫أشبهها ‪.‬‬
‫واعلم أن ( حّب ) هلا حالتان ‪:‬‬
‫األوىل ‪ :‬أن يكون الفاعل هو كلمة ( ذا ) وهذا هو الغالب ‪ .‬فيجب أمران ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬فتح احلاء يف ( َح َّب )‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬أن يبقى الفاعل ( ذا ) على صورة اإلفراد والتذكري كما تقدم ‪.‬‬
‫احلالة الثانية ‪ :‬أن يكون الفاعل امسًا آخر غري كلمة ( ذا ) ‪ .‬فيجوز رفعه على‬
‫الفاعلية بكلمة ( َح َّب ) وجيوز جره بالباء الزائدة ‪ .‬تقول ‪َ :‬ح َّب الطربي مفسرًا ‪.‬‬
‫أو ُحّب بالطربي مفّس رًا ‪.‬‬
‫وأصل ( َحّب ) َحُبَب ‪ .‬مث أدغمت الباء يف الباء فصارت ( َح ِّب ) فهي من باب‬
‫( َفُعل ) املتقدم ‪.‬‬
‫وأما حركة احلاء يف هذه احلالة فيجوز ضمها وفتحها فتقول ‪َ :‬ح ِّب أهل الصدق ‪.‬‬
‫وُح َّب أهل الصدق ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬ومثل نعم حبذا ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬مثل ( نعم ) مع فاعلها يف‬
‫إنشاء املدح مجلة ( حبذا ) وهي مجلة فعلية الفاعل ( ذا ) وعند إرادة الذم تزيد ( ال‬
‫) الثانية فتقول ‪ ( :‬ال حبذا ) ‪.‬‬
‫مث ذكر أن املخصوص له حكمان فقال ‪ ( :‬وَأْو ِل ذا املخصوص ‪ ) ..‬أي ‪ :‬أوقع‬
‫املخصوص بعد كلمة ( ذا ) ( أيا كان ) يعين مذكرًا كان أو مؤنثًا مفردًا أو مثىن أو‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪120‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫جمموعًا ‪ ( ..‬ال تعدل بذا ) ال متل بلفظ ( ذا ) إىل غريه بل الزم إفراده وتذكريه‬
‫( فهو يضاهي املثال ) تعليل للحكمني املذكورين ‪.‬‬

‫مث ذكر أن الفاعل إذا كان غري كلمة ( ذا ) فإنه جيوز رفعه وجره ‪ .‬وأما حركة‬
‫احلاء من ( َح َّب ) فقد كثر ضمها ‪ .‬ويفهم منه أنه إذا كان الفاعل ( ذا ) امتنع الضم‬
‫ووجب الفتح ‪ .‬وقوله ( فجر ) الفاء زائدة أو يف جواب شرط مقدر ‪ ،‬أي ‪ :‬إن‬
‫شئت فجر ‪ .‬ألن حرف العطف ال يدخل على مثله ‪ .‬واهلل أعلم ‪.‬‬

‫*****‬

‫أْفَعُل الَّتْف ِض ْيِل‬


‫اْفَعَل ِللَّتْف ِض يِل َو ْأَب اَّللْذ ُأيِب‬ ‫‪ُ -496‬صْغ ِم ْن َمُصوٍغ ِم ْنُه ِللَّتَعُّج ِب‬
‫ِض ِص‬ ‫ِل ِن ِبِه‬ ‫ٍب ِص‬ ‫ِبِه‬
‫َم ا ٍع إىَل الَّتْف يِل ْل‬ ‫‪َ -497‬و َم ا إىَل َتَعُّج ُو ْل‬

‫أفعل التفضيل من األمساء العاملة عمل الفعل ‪.‬وهو‪ :‬اسم مشتق على وزن ( افعل‬
‫)‪ 1‬يدل يف األغلب على أن شيئني اشرتكا يف صفة زاد احدمها على اآلخر فيها‪.‬‬

‫‪ - 1‬قد ورد حذف اهلمزة يف هذا الباب من كلميت ( خري وشر ) حنو الصالة خري من النوم ‪ .‬وحنو البطالة شر من املرض ‪ .‬وعللوا لذلك بكثرة‬
‫االستعمال ‪.‬‬
‫وقد ورد إثباهتا يف هذا احلديث الصحيح ( إن من شر الناس عند اهلل منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إىل امرأته وتفضي إليه مث ينشر سرها )‬
‫أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫وقوهلم إن اهلمزة حذفت لكثرة االستعمال ‪ ،‬دعوى ال دليل عليها‪.‬فإن اللفظني يفيدان التفضيل مبادهتما بدون اهلمزة ‪ .‬فال يكونا على‬
‫وزن(أفعل) ‪.‬‬
‫وقد أشار ابن مالك إىل هذا يف شرح الكافية ( ‪ ) 2/1127‬حيث قال ‪ ( :‬وال يكادون يستعملون األصل ) ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪121‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫حنو العلم أفل من املال ‪ .‬والذي زاد يسمى ( املفّض ل ) واآلخر يسمى ( املفّض ل عليه‬
‫) أو ( املفضول ) ويدل أفعل التفضيل يف أغلب صوره على االستمرار والدوام ‪.‬‬
‫ويصاغ أفعل التفضيل على وزن ( أفعل ) من مصدر الفعل الذي يراد التفضيل يف‬
‫معناه ‪ .‬بشرط أن يكون هذا الفعل من األفعال اليت جيوز التعجب منها مباشرة ‪.‬‬
‫وهي األفعال اجلامعُة الشروط املذكورة يف باب التعجب ‪ .‬وهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون ثالثّيًا ‪.‬‬
‫‪ -2‬متصرفًا ‪.‬‬
‫‪ -3‬قابًال للمفاضلة ‪.‬‬
‫‪ -4‬تاّم ًا ‪.‬‬
‫‪ -5‬مثبتًا ‪.‬‬
‫‪ -6‬ليس الوصف منه على أفعل ‪.‬‬
‫‪ -7‬مبنّيًا للمعلوم ‪ ،‬وتقدم بياهنا ‪.‬‬
‫وما امتنع بناء فعل التعجب منه امتنع بناء أفعل التفضيل منه على ما تقدم يف باب‬
‫التعجب‪.‬‬
‫وإذا ختلف شرط من الشروط فإنه يتوصل إىل التفضيل منه بالواسطة وهي ( أشد )‬
‫وحنوها ‪ .‬تقول ‪ْ :‬حَبُث خالد أشُّد اختصارًا من حبث حممد ‪ .‬واالسم املنصوب بعد‬
‫الواسطة يعرب متييزًا ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬صغ من مصوغ منه للتعجب ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬صغ ( أفعل ) للداللة‬
‫على التفضيل من مصدر الفعل الذي يصاغ منه التعجب وامنع هنا الصياغة من مصدر‬
‫الفعل الذي منع الصوغ منه هناك ولذا قال ‪ ( :‬وأَب الَّلْذ ُأيب ) أي‪ :‬امنع هنا الذي منع‬
‫هناك ‪.‬‬
‫مث ذكر أن ما يتوصل به إىل التعجب من فعل فاقد للشروط يتوصل به إىل التفضيل‬
‫عند وجود مانع مينع من التفضيل مباشرة ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪122‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫َتْق ِد يرًا أْو َلْف ظًا َمِبْن إْن ُج َّر َدا‬ ‫‪ -498‬وأْفَعَل الَّتْف ِض ْيل ِص ْلُه أَبَد ا‬
‫ُأْلِز َم َتْذ ِكريًا َو أْن ُيَو َّح َد ا ‪.‬‬ ‫‪َ -499‬و إْن ِلَم ْنُك وٍر ُيَضْف أْو ُج ِّر َدا‬
‫ِذ‬ ‫ِض‬ ‫ِل‬ ‫ِط‬ ‫ِت‬
‫أ يَف ُذو َو ْجَه ِنْي َعْن ْي َم ْع ِر َفْه‬ ‫‪َ -500‬و ْلُو أْل ْبٌق َو َم ا َم ْع ِر َفْه‬
‫ْمَل َتْنِو َفْه َو ِط ْبُق َم ا ِبه ُقِر ْن‬ ‫‪ -501‬هَذ ا إَذا َنَو ْيَت َم ْع ىَن ِم ْن َو إْن‬

‫أفعل التفضيل له ثالث حاالت ‪:‬‬


‫األوىل ‪ :‬أن يكون جمردًا من ( أل ) واإلضافة ‪ .‬وله حكمان ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يؤتى بعده باملفضل عليه جمرورًا بـ ( من ) لفظًا أو تقديرًا ‪ .‬حنو ‪ :‬املنافق أخطر من‬
‫العدو الظاهر قال تعاىل ‪ ( :‬والفتنة أكرب من القتل )وجيوز الفصل بني ( أفعل ) وبني ( من‬
‫) مبعمول أفعل كقوله تعاىل ‪ ( :‬ولآلخرة خري لك من األوىل ) (‪ ، ) 1‬وجيوز الفصل بغري‬
‫ذلك ن كما يف شرح األلفية ‪.‬‬
‫وقد حتذف ( من ) مع املفضل عليه بشرط وجود دليل يدل عليهما ‪ .‬وأكثر مواضع‬
‫حذفهما حني يكون أفعل التفضيل خربًا كقوله تعاىل ‪ ( :‬واآلخرة خري وأبقى ) (‪ . )2‬أي‬
‫من احلياة الدنيا ‪ .‬وقد اجتمع احلذف واإلثبات يف قوله تعاىل ‪ ( :‬أنا أكثر منك ماًال وأعز‬
‫نفرًا ) ( ‪ . ) 3‬أي ‪ :‬أعز نفرًا منك ‪.‬‬
‫ويقل احلذف إذا كان غري خرب ‪ .‬كقول الشاعر ‪:‬‬

‫فظل فؤادي يف هواك ُمَض َّلال (‪. )4‬‬ ‫دنوِت وقد ِخ لناِك كالبدر أمجال‬

‫‪ - 1‬سورة الضحى ‪ ،‬آية ‪. 4 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة األعلى ‪ ،‬آية ‪. 17 ،‬‬
‫‪ - 3‬سورة الكهف ‪ ،‬آية ‪. 34 ،‬‬
‫‪ - 4‬إعرابه ‪ :‬دونت ‪ :‬فعل وفاعل ‪ ( .‬وقد ) الواو للحال ‪ .‬وقد ‪ :‬حرف حتقيق ( خلناك ) فعل ماض وفاعله ‪ .‬والكاف مفعول أول ( كالبدر )‬
‫مفعول ثان واجلملة يف حمل نصب حال من التاء دنوت ‪ ( .‬أمجال) حال ثانية ‪ ( .‬فظل ) الفاء عاطفة ‪ .‬وظل ‪ :‬فعل ماض ناقص ‪ ( .‬فؤادي )‬
‫امسها والياء مضاف إليه ( مضلًال ) خربها واجلار واجملرور ( يف هواك ) متعلق به ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪123‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫فحذف ( من ) اجلارة للمفضل عليه مع جمرورها ‪ .‬وأصل الكالم ‪ :‬دنوت أمجل من‬
‫البدر واحلال أنا قد خلناك أي ‪ :‬ظنناك كالبدر ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن أفعل اجملرد يلزم اإلفراد والتذكري ‪ .‬كقولك ‪ :‬حممد أشجع من خالد ‪.‬‬
‫واحملمدان أشجع من خالد ‪ .‬واحملمدون أشجع من خالد وهند أشجع من خالد ‪،‬‬
‫واهلندان أشجع من خالد ‪ .‬واهلندات أشجع من خالد ‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬إذ قالوا‬
‫ليوسف وأخوه أحب إىل أبينا منا ) (‪.)1‬فجاء اسم التفضيل ( أحّب ) مفردًا مع‬
‫االثنني وقال تعاىل ‪ ( :‬قل إن كان ءاباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم‬
‫وعشريتكم وأموال اقرتفتموها وجتارة ختشون كسادها ومساكن ترضوهنا أحب‬
‫إليكم من اهلل ورسوله وجهاد يف سبيله فرتبصوا )‪ . )2(.‬فجاء اسم التفضيل‬
‫مفردًا مع اجلماعة ‪.‬‬
‫احلالة الثانية من أحوال اسم التفضيل‪ :‬أن يكون مضافًا ‪ .‬وله صورتان ‪:‬‬
‫األوىل ‪ :‬أن يكن مضافًا لنكرة ‪ .‬فيجب له حكمان ‪:‬‬
‫‪ -1‬إفراده وتذكريه كاجملرد ‪.‬‬
‫‪ -2‬وجوب مطابقة املضاف إليه النكرة للموصوف بأفعل التفضيل ‪ .‬تقول ‪ :‬املصلح‬
‫أفضل رجل ‪ ،‬املصلحان أفضل رجلني ‪ ،‬املصحلون أفضل رجال ‪ ،‬املصلحة‬
‫أفضل امرأة ‪ ،‬املصلحتان أفضل امرأتني ‪ .‬واملصلحات أفضل نساء ‪.‬‬
‫الصورة الثانية ‪ :‬أن يكون مضافًا ملعرفة ‪ .‬وهو نوعان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أن يكون الغرض من أفعل التفضيل باقيًا ‪ .‬فتجوز فيه من ناحية التذكري واإلفراد‬
‫وفروعهما ‪ :‬املطابقة وعدمها ‪ .‬تقول ‪ :‬عمر أعدل األمراء ‪ .‬العمران أعدال األمراء ‪.‬‬
‫اخللفاء الراشدون أعدلو األمراء ‪ .‬فاطمة فضلى النساء ‪ ،‬الفاطمتان فضليا النساء ‪.‬‬
‫الفاطمات فضليات النساء ‪. .‬‬

‫‪ - 1‬سورة يوسف ‪ :‬آية ‪. 8 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة التوبة ‪ :‬آية ‪. 24 ،‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪124‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وقد وردت املطابقة وعدمها يف القرآن الكرمي قال تعاىل ‪ ( :‬ولتجدهنم أحرص الناس‬
‫على حياة ) (‪ . )1‬فجاء أفعل التفضيل غري مطابق ملوصوفه (هم ) ولو طابق لقال ‪:‬‬
‫( أحرصي ) جبمع املذكر السامل و( هم ) مفعول أول لـ ( جتد ) و ( أحرص ) مفعول ثان‬
‫‪.‬‬
‫وجاء مطابقًا يف قوله تعاىل ‪ ( :‬وكذالك جعلنا يف كل قرية أكابر جمرميها ) (‪ . )2‬فـ‬
‫( أكابر ) مضاف إىل ( جمرميها ) وهو مفعول أول لـ ( جعل ) اليت مبعىن ( صرّي )‬
‫واملفعول الثاين هو اجلار واجملرور ( يف كل قرية ) – على أحد األعاريب – وقد جاء‬
‫أفعل التفضيل املضاف إىل معرفة مطابقًا ملوصوفه املقدر‪.‬أي‪:‬قومًا أكابر‪.‬ولو مل يطابق لقيل‬
‫‪ :‬أكرب جمرميها ‪.‬‬
‫النوع الثاين من أنواع املضاف ملعرفة أال يقصد التفضيل ( أي ال يريد املتكلم املفاضلة‬
‫بني شيئني وزيادة أحدمها على اآلخر‪ ،‬بل يكون أفعل مبعىن اسم الفاعل أو الصفة املشبهة‬
‫) (‪ . )3‬ويف هذا النوع جتب مطابقة ( أفعل ) ملوصوفه يف اإلفراد والتذكري وفروعهما ‪.‬‬
‫مثال ذلك أن يقول شخص ‪ :‬هذا أفضل القضاة عندنا يقوله يف مكان ال يوجد فيه‬
‫قاض آخر ‪ .‬ويف غري املفرد يقول ‪ :‬هذان أفضال القضاة وهؤالء أفضلو القضاة ‪.‬‬
‫احلالة الثانية من أحوال أفعل التفضيل ‪ :‬أن يكون مقرتنًا بأل ‪ .‬وله حكمان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬لزوم مطابقته ملوصوفه يف اإلفراد والتذكري وفروعهما ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 96 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة األنعام ‪ ،‬آية ‪. 123 :‬‬
‫‪ - 3‬خيرج أفعل التفضيل عن بابه ويكون مبعىن الوصف وقد ورد لذلك أمثلة كقوله تعاىل ‪ ( :‬وألمة مؤمنة خري من مشركة ) وقوله تعاىل ‪:‬‬
‫(ذلك خري وأحسن تأويًال ) راجع دراسات ألساليب القرآن الكرمي ‪.2/4/187‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪125‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫الثاين‪ :‬عدم جميء ( من ) اجلارة للمفضل عليه ‪ .‬ألن املفضل عليه غري مذكور يف هذه‬
‫احلالة‪.‬تقول‪ :‬الولد األكرب ذكي ‪.‬الدار الكربى مجيلة‪.‬قال تعاىل‪ (:‬وهلل املثل األعلى )(‪.)1‬‬
‫وقال تعاىل‪ :‬فأولئك هلم الدرجات العلى) (‪.)2‬وقال تعاىل ‪ ( :‬والسابقون األولون ) (‪. )3‬‬
‫وما ورد من جميء ( من ) جارة للمفضول عليه فهو إما لغة لبعض العرب أو حمكوم‬
‫عليه بالشذوذ ‪ .‬وال داعي للتكلف يف خترجيه ‪ .‬وذلك مثل قول األعشى ‪:‬‬

‫وإمنا العزة للكاثر (‪. )4‬‬ ‫ولسَت باألكثر منهم حصًى‬

‫فأتى الشاعر بـ (من ) اجلارة للمفضل عليه ‪ .‬مع ( أل ) الداخلة على اسم التفضيل ‪.‬‬
‫وإىل هذا األحوال الثالث أشار بقوله ‪ ( :‬وأفعل التفضيل صله أبدًا ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬إذا‬
‫كان افعل التفضيل جمردًا من أل واإلضافة فال بد من اقرتانه بـ ( من ) لفظًا أو تقديرًا ‪.‬‬
‫وهذا هو احلكم األول للمجرد وظاهر قوله ( صله أبدًا‪ ..‬مبن ) انه ال ُيفصل بني " أفعل "‬
‫وبني " من " وليس على إطالقه ‪ ،‬بل جيوز كما تقدم ‪.‬‬
‫ويف البيت الثاين ذكر حكم املضاف إىل نكرة واحلكم الثاين للمجرد وهو لزوم تذكريه‬
‫وتوحيده أي ‪ :‬إفراده ‪ .‬ويف البيت الثالث ذكر حكم املقرتن بـ ( أل ) وأنه يطابق موصوفه‬
‫‪ .‬مث ذكر أن ما أضيف ملعرفة فيه وجهان منقوالن عن صاحب رأي ومعرفة بلغة العرب ‪،‬‬
‫مث بني يف البيت األخري أن جواز الوجهني مشروط بأن تكون اإلضافة فيه مبعىن ( من )‬
‫وذلك إذا كان أفعل مقصودًا به التفضيل ‪ .‬واملراد ‪ .‬املعىن احلاصل معها ‪ ،‬وهو التفضيل ‪،‬‬
‫ألن التفضيل ليس معناها وإمنا هو مستفاد من ( أفعل ) ‪ .‬وأما إذا مل يقصد به التفضيل ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة النحل ‪ ،‬آية ‪. 60 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة طه ‪ ،‬آية ‪. 75 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة التوبة ‪ ،‬آية ‪.100 :‬‬
‫‪ - 4‬األكثر حصى ‪ :‬كناية عن كثرة األعوان واألنصار ‪ ( .‬العزة ) القوة والغلبة ( باألكثر ) الغالب يف الكثرة ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ ( :‬لسَت ) ليس ‪ :‬فعل ماض ‪ .‬وتاء املخاطب امسه ‪ ( .‬باألكثر ) الباء حرف جر زائد ‪ .‬واألكثر ‪ :‬خرب ليس جمرورًا لفظًا منصوب‬
‫حمًّال (منهم ) متعلق باألكثر ‪ ( .‬حصى ) متييز ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪126‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫( فهو ) أي اسم التفضيل ( طبق ما به قرن ) أي ال بد من مطابقته ملا هو له ‪ .‬أي‬
‫ملوصوفه ‪.‬‬

‫َفَلُه َم ا ُك ْن أَبدًا ُمَق ِّد َم ا‬ ‫‪َ -502‬و إْن تُك ْن ِبِتْلِو ِم ْن ُمْس َتْف ِه َم ا‬
‫إْخ َباٍر الَّتْق ِدُمي َنْز رًا َو َر َدا‬ ‫‪َ -503‬ك ِم ْثِل َّمَمْن أْنَت َخ ْيٌر َو َلَد ى‬

‫تقدم أن ( أفعل ) التفضل إذا كان جمردًا جئء بعده بـ ( من ) جارة للمفضل عليه ‪ .‬حنو‬
‫‪ :‬الوحدة أفضل من جليس السوء ‪ ،‬واألصل أنه ال جيوز تقدمي (من ) وجمرورها على‬
‫( أفعل ) ‪ .‬إال إذا كان اجملرور هبا اسم استفهام أو مضافًا إىل اسم استفهام ‪ .‬فيجب تقدمي‬
‫( من ) وجمرورها على عاملها وهو ( أفعل ) التفضيل دون تقدميها على اجلملة كلها تقول‬
‫‪ :‬أنت ممن أفضل ؟ واألصل ‪ :‬أنت أفضل ممن ؟ وتقول ‪ :‬أنت من غالم أيهم أفضل ؟‬
‫واألصل ‪ :‬أنت أفضل من غالم أّيهم ؟ ‪.‬‬
‫وال جيوز التقدمي يف غري حاليت االستفهام املذكورتني إال للضرورة الشعرية كقول الشاعر‬
‫‪:‬‬

‫جىن النحل بل ما زودت منه أطيب (‪)1‬‬ ‫فقالت لنا أهًال وسهًال وزودت‬

‫فقدم اجلار واجملرور املتعلقني بـ ( أفعل ) التفضيل عليه ‪ .‬وليس اجملرور اسم استفهام وال‬
‫مضافًا إىل اسم استفهام ‪ .‬وهذا خاص بضرورة الشعر ‪ ،‬واألصل ‪ :‬بل ما زودت أطيب‬
‫منه ‪.‬‬

‫‪ - 1‬جىن النحل ‪ :‬ما جيىن منه وهو العسل ‪ .‬وكىن بذلك عن حسن اللقاء وطيب االستقبال ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ ( :‬أهًال وسهًال ) منصوبان بفعل حمذوف ‪ .‬واألصل فيهما أهنما وصفان ملوصوفني حمذوفني ‪ .‬أي ‪ :‬أتيتم قومًا أهًال ونزلتم موضعًا‬
‫سهًال ‪ ( .‬بل ) حرف لإلضراب اإلبطايل ‪ ( .‬ما ) اسم موصول مبتدأ ومجلة ( زودت ) صلة ( أطيب ) خرب املبتدأ ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪127‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وإن تكن بتلو َمْن مستفهما ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬وإن تكن مستفهمًا‬
‫باالسم التايل لـ ( َمْن ) وهو جمرورها فقدمهما وجوبًا يف كل احلاالت ‪ .‬مث ذكر املثال ‪( :‬‬
‫ممن أنت خري ) وقد اعِرُت َض عليه فيه ألنه قدم ( من وجمرورها ) على اجلملة كلها وهذا‬
‫غري صحيح ألن االستفهام له الصدارة بالنسبة للعامل فيه‪.‬وهو ( أفعل ) هنا ‪ .‬ال مطلقًا ‪.‬‬
‫مث أنه يلزم على ذلك الفصل بني العامل ( خري ) واملعمول ( ممن ) بأجنيب ( أنت ) ألنه‬
‫مبتدأ وهو ليس ممن معموالت اخلرب ‪ .‬فالصواب أن يقول ‪ :‬أنت ممن خري ؟ مث ذكر أن‬
‫التقدمي نادر يف حالة اإلخبار ‪ .‬أي يف حالة الكالم اخلربي ال اإلنشائي ‪ .‬ألن االستفهام‬
‫من قبيل اإلنشاء فما عداه نادر ‪.‬‬

‫*****‬

‫َعاقَب ِفْع ًال َفَك ِثريًا َثَبَتا‬ ‫‪َ -504‬و َر ْفُعُه الَّظاهَر َنْز ٌر َو َمىَت‬
‫أْو ىَل ِبِه اْلَفْض ِم الِّص ديِق‬ ‫‪َ -505‬ك َلْن َت ى يِف الَّناِس ِم ْن ِفيِق‬
‫ُل َن‬ ‫َر‬ ‫َر‬

‫اسم التفضيل أحد املشتقات العاملة عمل الفعل ‪ .‬فيصح أن يتعلق به الظرف واجلار‬
‫واجملرور ‪ .‬حنو ‪ :‬هذا اخلطيب أفصح يف القول ‪ .‬فاجلار واجملرور ( يف القول ) متعلق بأفعل‬
‫التفضيل ( أفصح ) ‪.‬‬
‫وأما عمله ‪:‬‬
‫‪ -1‬فهو ال ينصب املفعول به مطلقًا سواء كان امسًا ظاهرًا أو ضمريًا بل يصل إىل‬
‫مفعوله بالالم حنو ‪ :‬خالد أبذل للمعروف ‪ .‬وأسرع للنجدة ‪ .‬أو بالباء حنو ‪:‬‬
‫علي أعرف بالنحو وأجهل بالفقه ‪.‬‬
‫‪ -2‬وأما اجلر فإن اسم التفضيل جير املفضول إذا كان مضافًا إليه نكرة كان أم‬
‫معرفة – كما تقدم يف حاالت اسم التفضيل ‪. -‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪128‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -3‬وأما عمله الرفع فإنه يرفع الضمري املسترت باتفاق حنو ‪ :‬العفة أكرم من االبتذال ‪.‬‬
‫فـ ( العفة ) مبتدأ ( أكرم ) خرب املبتدأ والفاعل ضمري مسترت تقديره هي( من‬
‫االبتذال ) جار وجمرور متعلق بـ ( أكرم ) ‪.‬‬
‫وال يرفع االسم الظاهر قياسًا إال إذا صح أن يقع يف موضعه فعل مبعناه ‪ .‬وهذا مطرد يف‬
‫كل موضع يقع فيه اسم التفضيل بعد نفي أو شبهه ويكون مرفوعه أجنبّيًا مفضًال على‬
‫نفسه باعتبارين ‪.‬‬
‫مثال تقدم النفي ‪ :‬ما رأيت رجًال أحسَن يف عينه الكحُل منه يف عني زيد ‪ .‬وهذا املثال‬
‫يرتدد يف كتب النحو‪ .‬وبه عرفت مسألة رفع اسم التفضيل االسم الظاهر مبسألة الكحل ‪.‬‬
‫ففي املثال يصح وقوع الفعل موقع اسم التفضيل فيقال ‪ :‬ما رأيت رجًال حيسن يف عينه‬
‫الكحل كحسنه يف عني زيد ‪ .‬وقد تقدم يف املثال نفي بـ ( ما ) ومرفوع اسم التفضيل‬
‫وهو ( الكحل ) أجنيب مل يتصل بضمري يعود على املوصوف ‪.‬‬
‫وقولنا ‪ :‬مفضًال على نفسه باعتبارين ‪ :‬أي ‪ :‬أن هذا املرفوع األجنيب مفضل على نفسه‬
‫باعتبارين خمتلفني‪،‬فاحلكل يف عني زيد أحسن من الكحل نفسه يف عني غريه من الرجال ‪.‬‬
‫فـ ( أحسن ) نعت لـ ( رجل ) و ( الكحل ) فاعل السم التفضيل مرفوع ‪.‬‬
‫ومثال النهي ‪ :‬ال يكن أقرَب إليه اخلُري منه إليك ‪ .‬فـ ( أقرب ) خرب ( يكن ) منصوب‬
‫( اخلري ) فاعل السم التفضيل ‪.‬‬
‫ومثل ذلك ما ورد يف مسند اإلمام أمحد وغريه من حديث عبد اهلل بن عمرو رضي‬
‫اهلل عنه أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال ‪ ( :‬ما من أيام أحَّب إىل اهلل عز وجل العمُل‬
‫فيهن من هذه األيام ‪ .‬قيل ‪ :‬وال اجلهاد يف سبيل اهلل ‪ .‬قال وال اجلهاد يف سبيل اهلل إال من‬
‫خرج بنفسه وماله مث مل يرجع حىت هتراق مهجة دمه ‪. )1() ..‬‬
‫فـ ( أحَّب ) أفعل التفضيل ‪ .‬وهو خرب ( ما ) و ( العمل ) فاعل مرفوع بالضمة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬انظر املسند ( ‪ ) 162 ، 2/161‬وأما احلديث املشهور يف كتب النحو ( ما من أيام أحَّب إىل اهلل فيها الصوم منه يف عشر ذي احلجة )‬
‫فلم أقف عليه ومل يثبت عنه صلى اهلل عليه وسلم يف فضل صيام العشر حديث ‪ .‬اهلل أعلم ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪129‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬ورفعه الظاهر نزر ‪. .‬إخل ) أي ‪ :‬أن رفع ( أفعل ) التفضيل لالسم‬
‫الظاهر ( نزر ) أي قليل يصح القياس عليه ‪.‬لكن مىت ( عاقب فعًال ) أي ‪ :‬عاقب أفعل‬
‫التفضيل فعًال‪ ،‬بأن جاء مبعناه وصَّح أن حيل حمَّله ‪ .‬فإن رفعه الظاهر يف هذه الصورة ثبت‬
‫نقله كثريًا عن العرب مث ذكر املثال ‪ .‬لن ترى يف الناس من رفيق أوىل به الفضل من‬
‫الصديق ‪ .‬فـ ( الفضل ) فاعل ألفعل التفضيل ‪.‬‬

‫***‬

‫التـوابـع‬
‫َنْعٌت َو تْو ِكيٌد َو َعْطٌف َو َبَد ْل‬ ‫‪َ -506‬يْتَبُع يِف اإلْع َر اِب األَمْساء األَو ْل‬

‫التوابع ‪ :‬مجع تابع وهو االسم املشارك ملا قبله يف إعرابه مطلقًا ‪.‬‬
‫واملراد بقولنا ‪ :‬ما قبله ‪ .‬املتبوع ‪ .‬واملراد بقولنا ‪ ( :‬مطلقًا ) أي يف مجيع حاالت‬
‫اإلعراب ‪ .‬الرفع والنصب واجلر ‪ .‬حنو ‪ :‬جاء الرجُل املهذُب ‪ .‬رأيت الرجَل املهذَب ‪.‬‬
‫سلمت على الرجِل املهذِب ‪ .‬فلفظ ( املهذب ) تابع لكلمة ( الرجل ) يف األوجه الثالثة ‪.‬‬
‫وخيرج بقولنا ‪ :‬مطلقًا ‪ .‬خرب املبتدأ ‪ .‬وحال االسم املنصوب ‪ .‬حنو ‪ :‬الدنيا متاع ‪ .‬ال‬
‫تشرب املاء كدرًا ‪ .‬ألهنما ال يشاركان ما قبلهما يف إعرابه مطلقًا بل يف بعض أحواله ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬يتبع يف اإلعراب األمساء األول إخل ) ‪ .‬أي ‪ :‬أن هذه األربعة تتبع‬
‫يف إعراهبا ( األمساء األول ) أي ‪ :‬األمساء اليت سبقتها وتقدمت عليها ‪ .‬والتوابع هي ‪:‬‬
‫النعت والتوكيد والعطف بنوعيه – عطف البيان والنسق – والبدل ‪ ،‬وخَّص األمساء‬
‫بالذكر ألهنا األصل ‪ ،‬ويتصور فيها مجيع التوابع كما سيأيت إن شاء اهلل ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪130‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ودَّل قوله ( اُألول ) على أن املتبوع ال جيوز أن يتأخر عن تابعه حبيث يتقدم التابع ‪.‬‬
‫وهذا هوا املشهور ‪. )1( .‬‬

‫ِه‬ ‫ِمْسِه‬ ‫ِت‬


‫ِبَو أْو َو ْس ِم َم ا ِب اْع َتَلْق‬ ‫‪َ -507‬فالَّنْعُت َتابٌع ُم ٌّم َم ا َسَبْق‬

‫النعت ‪ :‬هو التابع املكمل متبوعه ببيان صفة من صفاته أو من صفات ما تعلق به ‪.‬‬
‫فـ ( التابع ) جنس يشمل التوابع كلها ‪ .‬وقولنا ‪ ( :‬املكمل ‪ ) ..‬قيد اإلخراج بقية التوابع‬
‫ألنه ليس شيء منها يدل على صفة املتبوع أو صفة ما تعلق به ‪ .‬وهلذا وجب يف النعت‬
‫أن يكون مشتقًا ليدل على املعىن وعلى صاحبه ‪.‬‬
‫وقد دل التعريف على أن النعت نوعان ‪:‬‬
‫‪ -1‬حقيقي ‪ .‬وهو ما دل على صفة يف اسم قبله حنو ‪ :‬أقمت يف املنزل الفسيح ‪ .‬فـ‬
‫( الفسيح ) نعت حقيقي ألنه دل على صفة يف االسم الذي قبله وهو ( املنزل )‬
‫ألن املتصف بالفساحة حقيقة هو املنزل ‪ ،‬وعالمته أن يشمل النعت على ضمري‬
‫مسترت يعود على ذلك املنعوت ‪.‬‬
‫‪ -2‬نعت نسيب ‪ :‬وهو ما دل على صفة يف اسم له ارتباط باملتبوع حنو ‪ :‬أقمت يف‬
‫املنزل الفسيح فناؤه ‪ .‬فـ ( الفسيح ) نعت ‪ .‬ولكنه ليس نعتًا للمتبوع ( املنزل )‬
‫إذ الفساحة – هنا – ليست صفة للمنزل ‪ .‬وإمنا صفة السم له تعلق باملتبوع‬
‫وهو ( فناؤه ) ‪ .‬فـ ( الفسيح ) نعت جمرور بالكسرة ( فناؤه ) فاعل للوصف‬
‫مرفوع بالضمة واهلاء مضاف إليه وعالمته أن يأيت بعد النعت اسم ظاهر مرفوع‬
‫بالنعت مشتمل على ضمري يعود على املنعوت ‪.‬‬
‫والنعت يأيت ألغراض أشهرها ‪:‬‬
‫‪ -1‬اإليضاح إن كان املتبوع معرفة ‪ .‬واملراد به ‪ :‬إزالة االشرتاك اللفظي فيها ‪.‬‬
‫ورفع االحتمال الذي يتجه إىل معناها ‪ .‬حنو ‪ :‬حضر خالد التاجر ‪.‬‬
‫‪ -1‬انظر شرح األمشوين ( ‪) . 3/57‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪131‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -2‬التخصيص ‪ :‬إن كان املتبوع نكرة ‪ .‬واملراد به ‪ :‬تقليل االشرتاك املعنوي يف‬
‫النكرة ‪ :‬وتضييق عدد ما تشمله ‪ ،‬حنو ‪ :‬جاء رجل واعظ ‪.‬‬
‫‪ -3‬جمرد املدح حنو ‪ :‬رضي اهلل عن عمَر بِن اخلطاِب الشامِل عدُله الرحيِم قلُبه ‪.‬‬
‫‪ -4‬جمرد الذم حنو ‪ :‬أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم ‪.‬‬
‫‪ -5‬الرتحم – أي ‪ :‬إظهار الرمحة واحلنان – حنو ‪ :‬اللهم ارحم عبدك املسكني ‪.‬‬
‫‪ -6‬التوكيد ‪ :‬كقوله تعاىل ‪ ( :‬فإذا نفخ يف الصور نفخة واحدة ) ( ‪ ) 1‬فـ‬
‫( واحدة ) نعت لـ ( نفخة ) وهو للتأكيد ‪ .‬ألن الواحدة تفهم من كلمة‬
‫( نفخة ألهنا اسم مرة ‪ ،‬وقال تعاىل ‪ ( :‬فاسلك فيها من كل زوجني اثنني )‬
‫(‪ . ) 2‬فقد قرأ حفص بتنوين ( كل ) فـ ( اثنني ) نعت مؤَّك د وقرأ الباقون‬
‫بإضافة (كل ) وال شاهد فيها على ذلك ‪.‬‬
‫قال ابن مالك يف تعريف النعت ‪ ( :‬فالنعت تابع متم ما سبق ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن النعت‬
‫تابع مكمل ما سبق‪ .‬أي ‪ :‬مفيٌد معىن يف املتبوع ‪ .‬وقوله ‪ ( :‬بومسه ) الباء سببية‪ ،‬والوسم‬
‫مبعىن العالمة ‪ .‬أي بيان عالمته وهي وصفية ‪ .‬وقوله ( أو وسم ما به اعتلق ) أي ‪ :‬اتصل‬
‫به بعالقته ‪ .‬والذي يتصل بالنعت بعالقة هو ‪ :‬سببيه ‪ .‬فاملراد أن النعت يتمم املنعوت‬
‫الذي سبقه أو يتمم ما اتصل باملنعوت ‪.‬‬

‫****‬

‫َتال َك اْم ُر ْر ِبَق ْو ٍم ُك َر َم ا‬ ‫‪َ -508‬فْلُيْعَط يِف الَّتْع ِر يِف َو الَّتْنِكِري َم ا‬


‫ِس َو اَمُها َك اْلِف ْع ِل َفاْقُف َم ا َقَف وا‬ ‫ِك‬ ‫ِح ِد‬
‫‪َ-509‬و ْه َو َلَد ى الَّتْو ي َو الَّتْذ ِري أْو‬

‫‪ 1‬سورة احلاقة ‪ ،‬آية ‪: 13 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة املؤمنون ‪ ،‬آية ‪. 27 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪132‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫النعت – بنوعيه – احلقيقي والسيب ( ‪ - )1‬يتبع منعوته يف رفعه ونصبه وجره ويف‬
‫تعريفه وتنكريه ‪.‬‬
‫أما ما يتعلق باإلفراد والتثنية واجلمع والتذكري والتأنيث ‪ .‬فإن كان النعت حقيقّيًا تبع‬
‫منعوته فيها ‪ .‬تقول ‪ :‬هذا منزٌل واسٌع ‪ .‬سقيت كلبًا الهثًا ‪ .‬اقبْل النصح من أٍخ خملٍص ‪.‬‬
‫أكرمت الطالَب املهذَب ‪ .‬دخلت مكتبًة واسعًة ‪ .‬هاتان فتانان عاقلتان ‪ .‬عاشرت إخوانًا‬
‫مستقيمني ‪.‬‬
‫وإن كان النعت سببّيًا فهو مبنزلة الفعل الذي يصح أن حيل حمله ويكون مبعناه ‪ ..‬فيلزم‬
‫اإلفراد ‪ .‬ويراعى يف تذكريه وتأنيثه االسم الذي بعده ‪ .‬تقول ‪ :‬هذا منزل واسٌع فناؤه ‪.‬‬
‫أكرمت الطالَب املهذبَة أخالُقه ‪ .‬عاشرت إخوانًا مستقيمًة أخالُقهم ‪ .‬مررت بالرجل‬
‫اجلديدِة سيارُته ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وليعط يف التعريف والتنكري ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬وليعط النعت يف التعريف‬
‫والتنكري ما ثبت للذي تاله النعت ‪ .‬والذي تاله النعت هو املنعوت ‪ .‬فاملراد أنه يطابق‬
‫منعوته يف تعريفه وتنكريه وأما ألقاب اإلعراب الثالثة فتفهم من البيت األول ‪ .‬مث مثل‬
‫بقوله ( امرر بقوم كرما ) فـ (كرما ) صفة لقوم ‪ .‬وقد قصره للضرورة وأصله(كرماَء )‪.‬‬
‫وقد جاء النعت نكرة ألن املنعوت نكرة ‪.‬‬
‫مث بني يف البيت الذي يليه أن النعت ( لدى التوحيد ) أي عند اإلفراد والتذكري ( أو‬
‫سوامها ) من فروعهما ‪ .‬حكمه حكم الفعل ( فاقف ما قفوا ) أي ‪ :‬ما اتبعه العرب يف‬
‫ذلك ‪. .‬‬

‫‪ - 1‬وهناك تقسيم آخر باعتبار إفادته وهو ثالثة أقسام ‪:‬‬


‫‪ -1‬نعت مؤسس وهو الذي يدل على معىن جديد ال يفهم بغري وجوده حنو ‪ :‬هذا طالب مهذب ‪ .‬فكلمة ( مهذب ) نعت أفاد معىن جديدًا‬
‫ال يستفاد إال من ذكره ‪.‬‬
‫‪ -2‬نعت مؤكد ‪ ..‬وهو الذي يدل على معىن يفهم بدون ذكره حنو ‪ :‬أمس املاضي ال يعود ‪ .‬وتقدم يف أغراض النعت له أمثلة ‪.‬‬
‫‪ -3‬نعت موطئ ‪ .‬وهو أن يكون النعت امسًا جامدًا غري مقصود لذاته واملقصود ما بعده وإمنا ذكر ليكون متهيدًا لنعت مشتق بعده يتجه القصد‬
‫له ‪ .‬حنو ‪ :‬مررت برجل رجٍل صاحل ‪ ،‬فكلمة ( رجل ) الثانية نعت غري مقصود لذاته ‪ .‬وإمنا املقصود هو املشتق الذي بعده ومثله ‪ .‬أال ماء‬
‫باردًا ‪ .‬وتقدم يف باب ( ال ) النافية للجنس ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪133‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫***‬

‫ِس‬ ‫ِذ‬ ‫ِش ِه‬


‫َو ْبِه َك َذ ا َو ي َو اُملْنَت ْب‬ ‫‪َ -510‬و اْنَعْت مَب ْش َتّق َك َصْعٍب َو َذِر ْب‬
‫َفُأْع ِط َيْت َم ا ُأْع ِط َيْتُه َخ َبَر ا‬ ‫‪َ-511‬و َنَعُتوا ُجِبْم َلٍة ُم نَّك َر ا‬
‫إْن أَتْت فاْلَق ْو َل أْض ِم ُتِص ِب‬ ‫‪ -512‬اْم َنْع ُه َنا إيَق اَع َذاِت الَّطَلِب‬
‫ْر‬ ‫َو‬ ‫َو‬
‫َفاْلَتَزُموا اإْل ْفَر اَد َو الَّتْذ ِكَريا‬ ‫‪َ -513‬و َنَعُتوا مِب ْص َد ٍر َك ِثريًا‬

‫األشياء اليت ينعت هبا أربعة (‪: )1‬‬


‫‪ -1‬االسم املشتق ‪ .‬وهو ما دل على معىن وصاحبه ‪ .‬كاسم الفاعل واسم املفعول‬
‫وغريمها من املشتقات العاملة ‪ .‬كـ ( قائم وكاتب ومهذب وحسن وأفضل )‬
‫وغريها ‪.‬‬
‫‪ -2‬املؤول باملشتق ‪ :‬وهو االسم اجلامد املشبه للمشتق يف املعىن كاسم اإلشارة حنو ‪:‬‬
‫مررت خبالد هذا‪.‬أي احلاضر‪.‬قال تعاىل‪ (:‬فذوقوا مبا نسيتم لقاء يومكم هذا )‬
‫(‪.)2‬فـ ( هذا ) اسم إشارة مبين على السكون يف حمل جر نعت لـ ( يوم ) ‪.‬‬
‫وكذا النعت بـ ( ذي ) مبعىن ‪ :‬صاحب ‪ .‬حنو ‪ :‬مررت برجل ذي مال ‪ .‬أي ‪:‬‬
‫صاحب مال ‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو األوتاد )(‪. )3‬‬
‫فـ ( ذو ) نعت لـ ( فرعون ) مرفوع بالواو ألنه من األمساء اخلمسة ‪.‬‬
‫وكذا االسم اجلامد الدال على النسب حنو ‪ :‬مررت برجل متيمي ‪ .‬أي منسوب‬
‫إىل متيم ‪.‬‬
‫‪ -3‬اجلملة االمسية أو الفعلية ‪ .‬ويشرتط لوقوعها نعتًا ثالثة شروط ‪:‬‬

‫‪ - 1‬هذا ما ذكره ابن مالك – رمحه اهلل – وإال فاألشياء اليت ينعت هبا أكثر من أربعة ‪ .‬وما ذكر هو األكثر ‪.‬‬
‫‪ - 2‬سورة السجدة ‪ ،‬آية ‪. 14 :‬‬
‫‪- 3‬سورة ص ‪ ،‬آية ‪. 10 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪134‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -1‬أن يكون املنعوت هبا نكرة حمضة ‪ [ :‬وهي اخلالية من قيد يفيد التخصيص كـ‬
‫( أل ) اجلنسية ‪ ،‬واإلضافة ‪ ] ...‬حنو ‪ :‬أقبل طالب يبتسم فجملة ( يبتسم ) يف‬
‫حمل رفع نعت لـ ( طالب ) قال تعاىل ‪ ( :‬واتقوا يومًا ترجعون فيه إىل اهلل ) (‪) 1‬‬
‫فجملة ( ترجعون ) يف حمل نصب صفة لـ ( يومًا )‪.‬‬
‫فإن كانت النكرة غري حمضة ‪ ،‬وهي اليت وجد فيها قيد يفيد التخصيص كاشتماهلا‬
‫على ( أل ) اجلنسية جاز إعراب اجلملة بعدها نعتًا وجاز حاًال كقوله تعاىل ‪ ( :‬وءاية‬
‫هلم اليل نسلخ منه النهار )(‪ )2‬فجملة ( نسلخ ) يصح إعراهبا نعتًا يف حمل رفع ‪.‬‬
‫مراعاة للناحية املعنوية ‪ .‬واملنعوت هو كلمة ( الليل ) ‪ ،‬ويصح إعراهبا حاًال يف حمل‬
‫نصب مراعاة لوجود ( أل ) اجلنسية ‪ .‬اليت جتعل مدخوهلا معرفة يف اللفظ ‪ ،‬ونكرة يف‬
‫املعىن ‪.‬‬
‫‪ -2‬الشرط الثاين أن تشتمل اجلملة على ضمري يربطها باملنعوت ‪ .‬واألغلب أن‬
‫يكون مذكورًا كما تقدم ‪ .‬وقد حيذف للداللة عليه كقوله تعاىل ‪ ( :‬واتقوا يومًا‬
‫ال جتزي نفٌس عن نفس شيئًا ) (‪ . )3‬أي ال جتزي فيه ‪.‬‬
‫‪ -3‬الشرط الثالث أن تكون اجلملة خربية ‪ .‬كما تقدم ‪ .‬فال يصح وقوع اإلنشائية‬
‫بنوعيها ( الطليب وغري الطليب ) نعتًا ‪ .‬فال تقول ‪ :‬جاء مسكني ساِعْد ُه ‪ ،‬وال‬
‫تقول ‪ :‬هذا كتاب ِبْع ُتكه ‪ [ .‬إذا كنت تريد إنشاء البيع وقت النطق فإن أردت‬
‫اإلخبار عن بيع وقع ومضى صح ] ‪ .‬وذلك ألن النعت لإليضاح أو التخصيص‬
‫– كما مضى – فال بد أن يكون حاصًال من قبل ‪ .‬ليكون معلومًا ‪ .‬خبالف‬
‫اجلملة اإلنشائية فإن مضموهنا ال يقع إال بعد النطق هبا ‪ .‬فال يتم هبا إيضاح وال‬
‫ختصيص وال غريمها من األغراض املتقدمة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 281 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة يس ‪. 37 ،‬‬
‫‪ - 3‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 48 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪135‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فإن جاء من كالم العرب مجل إنشائية وقعت نعتًا ‪ .‬مل يصح حماكاهتا وال القياس عليها‬
‫لندرهتا وخمالفتها الغرض من النعت وخُي َّر ج ما ورد منها على إضمار قول ‪ .‬يكون هو‬
‫النعت ‪ .‬واجلملة اإلنشائية معمول القول املضمر ‪ .‬يف حمل نصب مقول القول ‪ .‬كقول‬
‫الشاعر ‪.‬‬

‫جاءوا مبذق هل رأيت الذئب قط ؟ (‪. )1‬‬ ‫حىت إذا جن الظالم واختلط‬

‫فإن ظاهر هذا البيت أن اجلملة اإلنشائية ( هل رأيت الذئب قط ) وقعت نعتًا للنكرة ‪.‬‬
‫وليس كذلك بل هذه اجلملة يف حمل نصب مفعول به لقول حمذوف يقع صفة لـ (مذٍق )‬
‫والتقدير ‪ :‬مبذٍق مقوٍل فيه هل رأيت الذئب قط ؟‬
‫‪ -4‬الرابع مما يقع نعتًا ‪ .‬املصدر ‪ .‬وقد كثر وقوعه نعتًا ‪ .‬ويلزم اإلفراد والتذكري فال‬
‫يثىن وال جيمع وال يؤنث ‪ .‬تقول ‪ :‬رأيت يف احملكمة قاضيًا عدًال وشهودًا صدقًا ‪.‬‬
‫وهو مؤول عندهم باسم مشتق أي ‪ :‬رأيت قاضيًا عادًال وشهودًا صادقني ‪ .‬أو‬
‫على حذف مضاف هو النعت ‪ .‬مث حذف وحَّل املصدر حمله وأعرب نعتًا مكانه‬
‫والتقدير ‪ :‬قاضيًا صاحب عدل ‪ .‬وشهودًا أصحاب صدق ‪ .‬أو يبقى املصدر على‬
‫حاله من باب املبالغة جبعل الذات نفس املعىن ‪ .‬وهبذا يتضح أن النعت باملصدر‬
‫مباشرة من غري تقدير شيء حمذوف أبلغ وألطف ‪ .‬ملا فيه من جعل املنعوت هو‬
‫النعت مبالغة ‪.‬‬
‫وأكثر النحويني يرون أن النعت باملصدر – مع كثرته – مقصور على السماع ‪ .‬فال‬
‫يقاس عليه ‪ .‬ألنه على خالف األصل ‪ .‬ألنه يدل على املعىن ال على صاحبه ‪ .‬والصحيح‬
‫أنه جيوز القياس عليه ‪ .‬لكثرة وروده يف الكالم الفصيح ال سيما القرآن الكرمي ‪ .‬وألنه‬
‫‪ - 1‬جّن الظالم ‪ :‬أقبل ‪ .‬واختلط ‪ :‬كناية عن انتشاره واتساعه ‪ ( .‬مذق ) هو اللنب املمزوج باملاء شبهه بالذئب ال تفاق لوهنما ألن فيه غربة‬
‫وكدرة ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ ( :‬حىت ) ابتدائية ( إذا ) ظرفية شرطية ( جن الظالم ) فعل وفاعل واجلملة يف حمل جر بإضافة ( إذا ) إليها ( جاءوا ) فعل وفاعل‬
‫واجلملة ال حمل هلا جواب ( إذا ) ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪136‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫أبلغ يف أداء الغرض من املشتق – كما مضى – ومن ذلك قوله تعاىل‪ (:‬وكانوا قومًا بورًا‬
‫)( ‪ )1‬فـ ( بورًا ) (‪ . )2‬نعت ‪ .‬وهو مصدر كالبوار مبعىن اهلالك ‪ .‬يستوي فيه املفرد واملثىن‬
‫واجلمع واملذكر واملؤنث ‪ .‬فاملعىن ‪ :‬وكانوا قومًا هالكني ‪ .‬ألن املصدر يؤول باسم الفاعل‬
‫‪ .‬وهذا على أحد الوجهني (‪ ) 3‬وقال تعاىل ‪ ( :‬إنا مسعنا قرءانًا عجبًا ) (‪ )4‬فـ ( عجبًا )‬
‫مصدر وقع نعتًا ‪ ،‬وقال تعاىل ‪ ( :‬ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابًا صعدًا )( ‪ )5‬فـ (‬
‫صعدا) مصدر الفعل الثالثي ( َص ِعَد ) من باب ( فرح ) وقد وقع نعتًا ‪ .‬وقال تعاىل ‪:‬‬
‫( وجاءوا على قميصه بدم كذب ) (‪ . )6‬فـ ( كذب ) مصدر وقع نعتًا ‪.‬‬
‫وإىل ما تقدم أشار ابن مالك بقوله ‪ ( :‬وانعت مبشتق ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬انعت باالسم‬
‫املشتق ‪ ( .‬كصعب وذرب ) ومها من الصفة املشبهة ‪ .‬والذرب ‪ :‬بالذال املعجمة ‪ .‬حاد‬
‫اللسان ‪ .‬أو احلاذق يف كل شيء ( وشبهه ) أي شبه املشتق كاسم اإلشارة ‪ ( :‬ذا ) أو‬
‫( ذي ) مبعىن صاحب ( واملنتسب ) أي ‪ :‬املنسوب الذي يفيد النسبة إىل غريه ‪.‬‬
‫مث ذكر أن العرب تنعت باجلملة إذا كان املنعوت ( منكرًا ) أي نكرة وأفاد قوله ‪:‬‬
‫( فأعطيت ما أعطيته خربًا ) الشرط الثاين وهو أنه ال بد من رابط ‪ .‬وملا كان ذلك يوهم‬
‫أن كل مجلة وقعت خربًا جيوز أن تقع صفة ولو كانت مجلة إنشائية ‪ .‬أزال هذا اإليهام‬
‫بقوله ‪ ( :‬وامنع هنا إيقاع ذات الطلب ) ‪ .‬واملقصود اجلملة اإلنشائية بنوعيها وإال فظاهره‬
‫أن اإلنشائية غري الطلبية تقع نعتًا ‪ .‬وهو غري مراد ‪.‬‬
‫مث بني أنه إن جاء ما ظاهره وقوع اإلنشائية نعتًا فهو خمرج على إضمار قول يقع نعتًا‬
‫كما تقدم ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة الفرقان ‪ ،‬أية ‪. 18 :‬‬


‫‪ - 2‬وقيل ‪ :‬إنه مجع بائر أي هالك ‪ .‬اسم فاعل من الثالثي ‪ .‬وعلى هذا فهو مشتق ال مصدر مؤول باملشتق ‪.‬‬
‫‪ - 3‬والوجه الثاين ‪ :‬أنه مشتق ال مصدر وتقدم ذكره ‪.‬‬
‫‪ - 4‬سورة اجلن ‪ ،‬آية ‪. 1 :‬‬
‫‪ - 5‬سورة اجلن ‪ ،‬آية ‪.17 :‬‬
‫‪ - 6‬سورة يوسف ‪ ،‬آية ‪. 18 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪137‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ويف البيت األخري ذكر أن العرب نعتوا باملصدر نعتًا كثريًا يف كالمهم ‪ .‬ومل خيرجوه عن‬
‫صيغته ‪ .‬فالتزموا إفراده وتذكريه ‪.‬‬

‫****‬

‫َفَعاِط فًا َفِّر ْقُه اَل إَذا اْئَتَلْف‬ ‫‪َ -514‬و َنْعُت َغِرْي َو اِح ٍد إَذا اْخ َتَلف‬
‫َو َعَم ٍل اْتِبْع ِبَغِرْي اْس ِتْثنا‬ ‫ِح‬
‫‪َ-515‬و َنَعَت َم ْع ُم وىَل َو يَد ْى َم ْع ىَن‬
‫ِق ِلِذ ِه‬
‫ُمْف َت رًا ْك ِر َّن أْتِبَعْت‬ ‫‪َ-516‬و إْن ُنُعوٌت َك ُثَر ْت َو َقْد َتَلْت‬
‫بُد وَهِنا أْو َبَعضَه ا اْقَطْع ُمْع ِلَنا‬ ‫‪َ -517‬و اْقَطْع أَو اْتبْع إْن َيُك ْن ُمَعَّينا‬

‫إذا تعدد النعت فال خيلو من قسمني ‪:‬‬


‫‪ -1‬إما أن يتعدد املنعوت ‪.‬‬
‫‪ -2‬أو ال يتعدد ‪.‬‬
‫فإن تعدد النعت واملنعوت فله حالتان ‪:‬‬
‫األوىل ‪ :‬أن يتحد العامل ‪ .‬فإن اختلف النعت وجب التفريق بني النعوت بالواو حنو ‪:‬‬
‫مررت بطالبني خطيب وشاعر ‪ .‬ومررت برجال شاعر وكاتب وفقيه ‪ .‬وإن اتفق معىن‬
‫النعت جيء به مثىن أو جمموعًا حنو ‪ :‬جاءين رجالن فاضالن ‪ .‬ورجال فضالء ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬أن يتعدد العامل ‪ .‬فإن احتد معىن العامل وعمله أتبع النعت املنعوت يف إعرابه‬
‫مطلقًا ‪ :‬رفعًا ونصبًا وجّر ا ‪ .‬حنو ‪ :‬حضر خالد وقدم بكر العاقالن ‪ .‬وحدثت صاحلًا‬
‫وكلمت علّيًا الكرميني ‪ .‬ومررت بعاصًٍم وجزت على حممد الصاحلني ‪ .‬وجيوز القطع ‪.‬‬
‫وإن اختلف املعىن أو العمل وجب القطع وامتنع اإلتباع ‪ ،‬فتقول ‪ :‬جاء خالد ومضى‬
‫بكر العاقلني أو العاقالن ‪ .‬فـ ( العاقلني ) مفعول به لفعل حمذوف أي ‪ :‬أعين العاقلني ‪ ،‬و(‬
‫العاقالن ) خرب ملبتدأ حمذوف أي ‪ :‬مها العاقالن ‪ .‬وتقول ‪ :‬انطلق حممد وكلمت عليًا‬
‫الكاتبني ‪ .‬أو الكاتبان ‪ ،‬وتقول ‪ :‬مررت بصاٍحل وجاوزت خالدًا الشاعرين أو الشاعران ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪138‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫القسم الثاين ‪ :‬أن يتعدد النعت وال يتعدد املنعوت ‪ .‬فإن كان املنعوت ال يتضح إال هبا‬
‫مجيعًا وجب اتباعها كلها حنو ‪ :‬مررت مبحمد املفِّس ر احملدث الفقيه ‪ ،‬إذا كان هذا‬
‫املوصوف – وهو حممد – يشاركه يف امسه ثالثة ‪ :‬أحدهم مفسر حمدث ‪ .‬والثاين ‪:‬‬
‫حمدث فقيه ‪ .‬والثالث ‪ :‬مفسر فقيه ‪.‬‬
‫فـ ( حممد ) املقصود ال يتعني إال بالنعوت الثالثة جمتمعة ‪ .‬فيجب حينئذ اتباعها كلها ‪.‬‬
‫لتنزيلها منه منزلة الشيء الواحد ‪.‬‬
‫وإن كان املنعوت متضحًا بدوهنا كلها جاز فيها مجيعها اإلتباع والقطع حنو ‪ :‬حضر‬
‫بكر اخلطيَُب الشاعَُر ‪ ،‬الكاتَُب إذا مل يكن املوصوف يشاركه أحد يف هذه األوصاف ‪.‬‬
‫وإن كان املنعوت معينًا ببعضها دون بعض وجب فيما ال يتعني إال به اإلتباع ‪ ،‬وجاز‬
‫فيما يتعني بدونه اإلتباع والقطع ‪.‬‬
‫ويستثىن من ذلك ما إذا كان املنعوت نكرة فإنه جيب إتباع النعت األول هلا لشدة‬
‫احتياج النكرة إىل التخصيص ‪ ،‬وهو ال يتطلب أكثر من نعت واحد ‪ .‬سواء كان املنعوت‬
‫قد تعني مسماه أو مل يتعني ألن الغرض من نعت النكرة هو ختصيصها ال تعيينها ‪ .‬حنو ‪:‬‬
‫جاء طالب خطيب شاعر كاتب ‪ .‬فيجب رفع كلمة ( خطيب ) إتباعا للمنعوت ‪:‬‬
‫( طالب ) ألنه نكرة ‪ .‬وجيوز يف كلميت ( شاعر وكاتب ) الرفع إتباعا للمنعوت أو‬
‫النصب بتقدير فعل على ما تقدم ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬ونعت غري واحد ‪ ...‬إخل ) أي ‪ :‬أن النعت املتعدد إذا اختلف يف‬
‫لفظه ومعناه فيجب تفريقه بالعطف إذا كان املنعوت متعددًا ‪ ،‬أما إذا ( ائتلف ) أي ‪:‬‬
‫اتفق لفظه ومعناه فال تفرقه ‪ .‬وقوله ( فعاطفًا ) حال ‪ .‬أي فرقه حالة كونك عاطفًا ‪ .‬أي‬
‫‪ :‬مستعمًال يف التفريق حرف العطف ‪.‬‬

‫مث ذكر أن نعت معمويل العاملني املتحدين يف املعىن والعمل ُيتبع للمنعوت يف إعرابه ‪.‬‬
‫ومعىن قوله ( أتبع ) أجز اإلتباع ال أن اإلتباع واجب ألنه جيوز فيه القطع كما تقدم ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪139‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وفهم منه أهنما إذا اختلفا مل جيز اإلتباع ‪ .‬وقوله ‪ ( :‬أو اتبع ) رباعي مفتوح اهلمزة لكنها‬
‫نقلت إىل الواو ‪.‬‬
‫مث بني أن النعوت إذا كثرت وتعددت ملنعوت احتاج إليهن يف تعيني مسماه ( أتبعت )‬
‫أي ‪ :‬وجب إتباعها ملنعوهتا يف حركته اإلعرابية ‪ .‬وإن كان املنعوت معينًا بدوهنا كلها‬
‫فاقطع أو اتبع النعوت كلها ‪.‬‬
‫وكذلك إن كان معينًا ببعضها فأتبع أو اقطع هذا اجلزء فقط وأتبع ما عداه ‪.‬‬

‫****‬

‫ُم ْبَتَد أ أْو َناِص بًا َلْن َيْظَه َر ا‬ ‫‪َ -518‬و اْر َفْع أِو اْنِص ْب إْن َقَطْعَت ُمْض ِم َر ا‬

‫األصل أن النعت يتبع منعوته يف إعرابه ‪ ،‬وجيوز – لسبب بالغي (‪ )1‬أن يقطع النعت‬
‫عن منعوته ‪ .‬فينصب باعتباره مفعوًال به لفعل حمذوف ‪ .‬بشرط أن يكون املنعوت مرفوعًا‬
‫أو جمرورًا ‪ .‬أو يرفع على أنه خرب ملبتدأ حمذوف إذا كان املنعوت منصوبًا أو جمرورًا ‪.‬‬
‫فإن كان املنعوت املقطوع جملرد مدح أو ذم أو ترحم ‪ .‬وجب حذف املبتدأ يف حالة‬
‫القطع إىل الرفع ‪ .‬وحذف الفعل يف حالة القطع إىل النصب ؛ ليكون وجوب احلذف‬
‫دليًال على قصد إنشاء املدح أو الذم أو الرتحم ‪ ،‬كقوله تعاىل ‪ ( :‬وامرأته محالة احلطب )(‬
‫‪ . )2‬بنصب ( محالة ) على القطع ‪ .‬على قراءة عاصم ‪ .‬وقرأ الباقون بالرفع على اإلتباع‬
‫‪ .‬فـ ( امرأته ) اسم معطوف على الضمري املسترت يف قوله تعاىل ‪ ( :‬سيصلى ) و ( محالة )‬
‫بالنصب مفعول به لفعل حمذوف وجوبًا تقديره ‪ :‬أذم ‪ .‬وأما الرفع فـ ( محالة ) صفة‬
‫مرفوعة بالضمة ‪ ،،‬ومن القطع للرفع قوله تعاىل ‪ ( :‬سبحان اهلل عما يصفون * عامل الغيب‬

‫‪ - 1‬وهو التشويق وتوجيه الذهن إىل هذا النعت املقطوع ‪ .‬وأنه ذو أمهية بالغة تستدعي مزيدًا من االنتباه ‪ .‬وهلذا جعل يف مجلة جديدة الغرض‬
‫منها إنشاء املدح أو الذم أو الرتحم ‪ ..‬إخل وهلذا ال يستعمل القطع مع من جيهله لئال حيكم على املتكلم بأنه أخطأ حركة الكلمة ‪.‬‬
‫‪- 2‬سورة املسد ‪ ،‬آية ‪. 4 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪140‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫والشهادة ) (‪ . )1‬فقد قرأ نافع ومحزة و الكسائي وأبو بكر عن عاصم ( عاُمل ) بالرفع‬
‫على أنه خرب ملبتدأ حمذوف وجوبًا كما تقدم ‪ .‬وقرأ الباقون باجلر على اإلتباع ‪.‬‬
‫أما إذا كان النعت مسوقًا لغرض أخر غري ما ذكر فإن عامله – الرافع والناصب – جيوز‬
‫حذفه وذكره حنو ‪ :‬مررت خبالٍد التاجَُر بالرفع والنصب ‪ .‬وإن شئت أظهرت فتقول ‪ :‬هو‬
‫التاجُر ‪ ،‬أو أعين التاجَر ‪.‬‬
‫وإذا قطع النعت خرج عن كونه نعتًا وتكون مجلته مستأنفة ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪( :‬وارفع أو انصب إن قطعت ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن النعت املقطوع يرفع‬
‫أو ينصب ‪ .‬فالرفع على إضمار مبتدأ خربه النعت املقطوع ‪ .‬والنصب على تقدير عامل‬
‫حمذوف ‪ .‬وقوله ‪ ( :‬أو انصب ) بكسر الواو للتخلص من التقاء الساكنني ‪ .‬وقوله ‪ ( :‬لن‬
‫يظهرا ) إشارة إىل أن حذفهما واجب وتقدم بيان ذلك ‪.‬‬

‫***‬

‫يِف ِت ِق‬ ‫ِت ِق‬ ‫ِت‬ ‫ِم‬


‫ُجَيوُز َح ْذ ُفُه َو الَّنْع َي ُل‬ ‫‪َ -519‬و َم ا َن اَملْنُعو َو الَّنْع ُع ْل‬

‫جيوز حذف املنعوت وإقامة النعت مقامه ‪ .‬إذا دل عليه دليل كقوله تعاىل ‪ ( :‬ومن‬
‫ءاياته اجلوار يف البحر كاألعالم ) (‪ . )2‬فـ ( اجلوار ) نعت ملنعوت حمذوف تقديره ‪:‬‬
‫السفن اجلواري ‪ .‬وحّس ن حذفه قوله تعاىل ‪ ( :‬يف البحر ) ‪ .‬وكذلك جيوز حذف النعت‬
‫إذا دل عليه دليل ‪ .‬لكنه قليل ‪ .‬قال السيوطي ‪ ( :‬ويقل حذف النعت مع العلم به ‪ ،‬ألنه‬
‫جيء به يف األصل لفائدة إزالة االشرتاك أو العموم فحذفه عكس املقصود ‪. )3( ). .‬‬
‫ومن شواهد حذفه قوله تعاىل ‪ ( :‬وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبًا )(‪ . )4‬أي‬

‫‪ - 1‬سورة املؤمنون ‪ ،‬آية ‪. 91 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة الشورى ‪ ،‬آية ‪. 32 :‬‬
‫‪- 3‬مهع اهلوامع ( ‪. ) 120 /2‬‬
‫‪ - 4‬سورة الكهف ‪ ،‬آية ‪. 79 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪141‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ :‬كل سفينة صاحلة ‪ .‬ويدل على حذفه قوله تعاىل ‪ ( :‬فأردت أن أعيبها ) (‪ . )1‬فإنه يفيد‬
‫أهنا قبل هذا خالية من العيب ‪ .‬أي ‪ :‬صاحلة لالنتفاع هبا ‪ .‬وألن امللك الغاصب ال‬
‫يغتصب ما ال نفع فيه ‪ .‬واهلل أعلم ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وما من املنعوت والنعت عقل ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬ما ( عقل ) مبعىن ‪:‬‬
‫علم بدليل من النعت أو املنعوت جيوز حذفه ‪ .‬وليست درجة حذفهما متساوية يف الكثرة‬
‫‪ .‬فإن حذف املنعوت أكثر من حذف النعت ‪.‬‬

‫التوكيد‬
‫َمَع َض ِم ٍري َطاَبَق ا ؤَّك َد ا‬ ‫‪ِ -520‬بالَّنْف ِس أْو ِبالَعِنْي االْس ُم ُأِّك َد ا‬
‫ُمل‬
‫َم ا َلْيَس َو اِح دًا تُك ُم ًا‬
‫ع‬ ‫ِب‬‫َّت‬ ‫ن‬ ‫‪َ -521‬و اَمْجْع ُه َم ا ِبأْفُعٍل إْن َتِبَعا‬
‫ِكْلَتا ِمَج يعًا ِبالَّض ِم ِري ُموَص اَل‬ ‫‪َ -522‬و ُكًال اْذُك ْر يِف الُّش ُم وِل َو ِكال‬
‫ِف‬ ‫ِك ِد ِم‬ ‫ِم‬ ‫ِع‬
‫ْن َعَّم يِف الَّتو ي ْثَل الَّنا َلْه‬ ‫‪َ -523‬و اْس َتْع َم ُلوا أْيضًا َك ُك ٍّل َفا َلْه‬

‫هذا النوع الثاين من التوابع ‪ .‬وهو التأكيد ‪ .‬واملراد به ‪ :‬املؤِّك د ‪ .‬بكسر الكاف من‬
‫إطالق املصدر مرادًا به اسم الفاعل ‪.‬‬
‫والتوكيد نوعان ‪:‬‬
‫‪ -1‬معنوي ‪ :‬وهو املراد هنا ‪.‬‬
‫‪ -2‬لفظي ‪ :‬وسيأيت إن شاء اهلل ‪.‬‬
‫فالتوكيد املعنوي ‪ :‬تابع يذكر لرفع احتمال تقدير مضاف إىل املتبوع أو إرادة‬
‫اخلصوص مبا ظاهره العموم ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة الكهف ‪ ،‬آية ‪. 79 :‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪142‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فاألول ‪ :‬يكون بـ ( النفس والعني ) (‪ . )1‬حنو ‪ :‬حادثين األمري نفسه ‪ .‬فلو اقتصرت‬
‫على املؤَّك د – بفتح الكاف ‪ -‬الحتمل أن يكون هناك مضاف حمذوف وأن الذي‬
‫حادثك وكيله أو أمني سره أو رجل آخر من مساعديه ‪ .‬فإذا ذكر التوكيد ارتفع‬
‫ذلك االحتمال ‪ .‬فـ ( نفسه ) توكيد معنوي مرفوع ‪ .‬واهلاء مضاف إليه ‪.‬‬
‫ويشرتط اتصاهلما بضمري عائد على املؤَّك د مطابق له يف اإلفراد والتذكري وفروعهما‬
‫‪ .‬ليحصل الربط بني التابع واملتبوع ‪.‬‬
‫وجيب إفرادمها مع املفرد – كما يف املثال – وأما مع التثنبة واجلمع فيجمعان مجع‬
‫تكسري للقلة على وزن ( أْفُعل ) ‪ .‬وهذا اجلمع مع اجلماعة واجب ‪ .‬ومع االثنني‬
‫أرجح من اإلفراد ‪ .‬تقول ‪ :‬جاء احملمدان أنفُس هما وأعيُنهما (‪ . )2‬وجاء احملمدون‬
‫أنفُس هم وأعيُنهم ‪ .‬وجاءت الفاطمات أنفُس هن أو أعيُنهن ‪.‬‬
‫أما النوع الثاين من التوكيد املعنوي ‪ :‬فهو ما يراد به رفع احتمال إرادة اخلصوص‬
‫بلفظ العموم ‪ .‬وله األلفاظ اآلتية ‪:‬‬
‫أوًال ‪ :‬كل ‪ .‬ومجيع ‪ .‬حنو ‪ :‬قرأت القرآن كَّله أو مجيَعُه فلو مل يؤت بكلمِة ( كل‬
‫) أو ( مجيع ) لكان من احملتمل أن املراد من املقروء هو األكثر أو األقل أو النصف ‪.‬‬
‫فإذا أردنا رفع هذا االحتمال‪.‬زدنا كلمة ( كّله ) ‪ .‬وال يؤكد هبما إال بثالثة شروط ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أن يكون املؤّك د هبما غري مثىن ‪ .‬وهو املفرد واجلمع ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬أن يكون املؤّك د هبما مجعًا له أفراد ‪ .‬أو مفردًا يتجزأ بنفسه أو بعامله ‪.‬‬
‫فاألول حنو ‪ :‬حضر الضيوف كُّلهم ‪ .‬والثاين حنو ‪ :‬قرأت الكتاب كَّله ‪ .‬والثالث حنو‬
‫‪ :‬اشرتيت احلصان كله ‪ .‬ألن احلصان يتجزأ باعتبار الشراء ‪ .‬وال جيوز جاء الضيف‬
‫كله ‪ .‬لعدم الفائدة من التوكيد إذ يستحيل نسبة اجمليء إىل جزء منه دون اآلخر ‪.‬‬
‫الشرط الثالث ‪ :‬أن يتصل ضمري عائد على املؤَّك د كما يف األمثلة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ذكر األستاذ حممد عضيمة رمحه اهلل يف درساته ألساليب القرآن أنه مل يقع التوكيد هبما يف القرآن ( ‪. )3/4/7‬‬
‫‪ - 2‬هذا أفصح من قولك ( نفسهما ) ألن العرب تكره اجلمع بني تثنيتني يف لفظ واحد قال تعاىل ‪ ( :‬إن تتوبا إىل اهلل فقد صغت قلوبكما ) ‪.‬‬
‫فجمع ومل يثن مع أهنما قلبان ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪143‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ثانيًا ‪ :‬كال وكلتا (‪ . )3‬ومها لتوكيد املثىن ‪ .‬فـ ( كال ) للمثىن املذكر ‪ .‬و ( وكلتا )‬
‫للمؤنث حنو ‪ ،‬جنح األخوان كالمها ‪ .‬وفازت البنتان كلتامها ‪ .‬فلوال التوكيد لكان‬
‫من احملتمل اعتبار التثنية غري حقيقية وأن الذي جنح هو أحدمها ‪.‬‬
‫ويؤكد هبما بشروط ثالثة ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يصح حلول املفرد حملهما ‪ .‬ليمكن توهم إرادة البعض بالكل كما يف املثالني‬
‫‪ .‬خبالف ‪ :‬اختصم احملمدان كالمها ‪ .‬فال يصح لعدم صحة حلول املفرد حملهما‬
‫ألن االختصام ال يكون إال بني اثنني ‪ .‬ومن النحاة من جييز ذلك حمتّج ًا بأن‬
‫التوكيد قد يأيت للتقوية ال لرفع االحتمال ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يتحد معىن املسند إىل املؤَّك د ‪ .‬فإن اختلف املسند مل يصح حنو ‪ :‬مات‬
‫هشام وعاش بكر كالمها ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يتصل هبما ضمري عائد على املؤَّك د هبما ‪ .‬كما يف املثالني ‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬لفظ عامة ‪ .‬وهي مثل ( كل ومجيع ) يف إفادة العموم ‪ .‬والتاء يف آخرها زائدة‬
‫الزمة ال تفارقها ‪ ،‬فتكون مع املؤنث واملذكر ‪ .‬ألهنا للمبالغة ‪ .‬وليست للتأنيث حنو ‪:‬‬
‫حضر اجليش عامته ‪ .‬وحضرا لطالب عامتهم ‪ .‬وحضرت الفرقة عامتها ‪ .‬وحضرت‬
‫الفرق عامتهن ‪ .‬وحضر اجليشان عامتهما ‪ .‬وحضرت الفرقتان عامتهما ‪.‬‬
‫وإىل ما تقدم أشار ابن مالك بقوله ‪ ( :‬بالنفس أو بالعني االسم أكدا ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أكد‬
‫االسم بلفظ ‪ :‬النفس أو العني ‪ .‬بشرط اتصاهلما بضمري يطابق املؤكد ‪ .‬مث ذكر أن هذين‬
‫اللفظني إن كانا تابعني ‪ :‬أي مؤكدين لغري الواحد – وهو املثىن واجلمع – فجيء هبما‬
‫جمموعني على وزن ( أْفُعل ) تكن متبعًا املنهج الصحيح ‪ .‬قوله ( بأفعل ) أي ‪ :‬على‬
‫أْفُعل‪.‬‬
‫مث بني أنه عند إرادة الشمول تستعمل لفظ التوكيد الدال على ذلك وهو ( كل ) و‬
‫( كال ) و ( كلتا ) و ( مجيع ) وال بد من وصل لفظ التوكيد بضمري مطابق للمؤَّك د ‪.‬‬

‫‪ - 3‬مل يقع التوكيد هبما يف القرآن ‪ ،‬انظر املرجع السابق ‪.‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪144‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫مث ذكر أن العرب استعملت يف الداللة على الشمول لفظًا آخر يفيد ما يفيده ( كل )‬
‫وهو لفٌظ على وزن ( فاعله ) من الفعل ( َعَّم ) وهو ( عامة ) ‪ .‬وأصله ‪ :‬عاممة ‪ .‬فاجتمع‬
‫مثالن فادغم األول يف الثاين وأراد بقوله ( مثل النافلة ) أي يف الوزن ‪ .‬ولزوم التاء مع‬
‫املذكر واملؤنث ‪.‬‬

‫ْمَجَعاء أَمْجِعَني َّمُث َمُجَعا‬ ‫‪َ -524‬و َبْع َد ُك ٍّل أَّك ُد وا ِبأَمْجَعا‬
‫ِجَي‬
‫ْمَجَعاُء أَمْجُعوَن َّمُث َمُجُع‬ ‫‪َ -525‬و ُدوَن ُك ٍّل َقْد يُء أَمْجُع‬

‫جياء بعد ( كل ) بأمجع وما بعدها لتقوية قصد الشمول ‪ .‬فيؤتى بـ ( أمجع ) بعد ( كله )‬
‫حنو ‪ :‬جاء الركب كُّله أمجُع ‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬فسجد املالئكة كلهم أمجعون ) ( ‪ . ) 1‬فـ‬
‫( كُّلهم ) توكيد معنوي لـ ( املالئكة ) مرفوع مثله ‪ .‬واهلاء مضاف إليه ‪ .‬وامليم عالمة‬
‫اجلمع ‪ ( .‬أمجعون ) توكيد معنوي ثان مرفوع بالواو ‪ ،‬ويؤتى بـ ( مجع ) بعد (كلهن )‬
‫حنو ‪ :‬جاءت الفتيات كُّلهن مُج ُع ‪.‬‬
‫وجيوز استعمال ( أمجع ) وما بعده ‪ .‬يف التوكيد غري مسبوقة بكلمة ( كل ) حنو ‪ :‬جاء‬
‫اجليش أمجع ‪ .‬وجاءت القبيلة مجعاء ‪.‬وجاء القوم أمجعون‪.‬وجاء النساء مجع ‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬
‫( فكبكبوا فيها هم والغاوون * وجنود إبليس أمجعون ) (‪ . )2‬وقال تعاىل ‪ ( :‬فلو شاء‬
‫هلداكم أمجعني ) (‪. )3‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وبعد كل أكدوا بأمجعا ‪ ) ..‬أي ‪ :‬بعد لفظة ( كل ) اليت للتوكيد‬
‫استعمل العرب األلفاظ اليت جتيء بعدها لتقوية التوكيد وقوله ( بأمجعا ) ممنوع من‬
‫الصرف للعلمية والوزن ‪ .‬واأللف لإلطالق ‪ ( .‬مجعاء ) ممنوع من الصرف أللف التأنيث‬

‫‪- 1‬سورة احلجر ‪ ،‬آية ‪. 30 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة الشعراء ‪ ،‬اآليتان ‪. 95 ،94 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة األنعام ‪ ،‬آية ‪. 149 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪145‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫املمدودة ‪ ( .‬مث مجعا ) ممنوع من الصرف للعلمية والعدل ألهنا مجع ( مجعاء ) وحقها‬
‫( ْمُجع ) كـ ( محراء ) و ( ْمُحر ) واأللف لإلطالق ‪.‬‬
‫مث بني أن هذه األلفاظ قد تستعمل وحدها فال جتيء بعد لفظة ( كل ) ‪ ،‬وفهم من‬
‫قوله ‪ ( :‬قد جييء ‪ ) ...‬أن ذلك قليل ‪ .‬ولكنها قلة نسبية ال قلة ذاتية متنع القياس ‪ .‬فهي‬
‫قلة بالنسبة إلتياهنا مع ( كل ) ‪ .‬ألنه جاء يف القرآن التوكيد به دون ( كل ) كثريًا ‪.‬‬

‫ِمَش‬ ‫ِة‬ ‫ٍر ِب‬ ‫ِف ِك‬


‫َو َعْن حُن ا اْلَبْص َر ة اَملْنُع ْل‬ ‫‪َ -226‬و إْن ُي ْد َتْو يُد َم ْنُك و ُق ْل‬

‫اختلف النحويون يف جواز توكيد النكرة ‪ .‬فقال البصريون ‪ :‬ال جيوز توكيدها مطلقًا ‪.‬‬
‫سواء كانت حمدودة ‪ .‬وهي اليت تدل على زمن حمدود بابتداء وانتهاء معينني أو على‬
‫شيء معلوم املقدار كـ ( شهر وحول وأسبوع ويوم ودرهم ودينار ) ‪ .‬أو كانت غري‬
‫حمدودة كـ ( وقت وزمن وحني ) ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬ألن ألفاظ التوكيد معارف فيلزم التخالف بني املؤِّك د واملؤَّك د ‪.‬‬
‫وقال الكوفيون ‪ :‬جيوز توكيد النكرة ‪ .‬إذا اجتمع فيها أمران ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أن تكون النكرة حمدودة كما تقدم ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬أن يكون لفظ التوكيد من ألفاظ اإلحاطة والشمول ‪.‬‬
‫وذلك لورود السماع عن العرب ‪ .‬وحلصول الفائدة ‪ .‬ألن التوكيد يفيد النكرة شيئًا من‬
‫التحديد والتخصيص يقرهبا من التعريف فتقول ‪ :‬خرجت إىل الريف يومًا كَّله ‪ .‬سافرت‬
‫إىل مكة أسبوعًا مجيَعه ‪ .‬تصدقت بدينار كِّله خبالف‪:‬عملت زمنًا كَّله ‪ .‬أنفقت ماًال كَّله‪.‬‬
‫لتخلف األمر األول‪:‬وخبالف عملت يومًا نفسه ‪ .‬لتخلف األمر الثاين ‪ .‬فال ُيتكلم بذلك ‪.‬‬

‫ومما ورد عن العرب قول الشاعر ‪:‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪146‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫يا ليت عدة حول كِّله رجب (‪. )1‬‬ ‫لكنه شاقه أن قيل ذا َرَج ُب‬

‫فأكد الشاعر النكرة ويف قوله ‪ ( :‬حول ) بـ ( كل ) ‪.‬‬


‫وهذا القول الصحيح ‪ ،‬وهو اختيار ابن مالك يف األلفية ‪ .‬وقال يف شرح الكافية‬
‫( وإجازته أوىل بالصواب لصحة السماع بذلك ) (‪. )2‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وإن يفد توكيد منكور قبل ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬إن كان توكيد النكرة‬
‫يفيد فهو مقبول وجائز ‪ .‬وتقدم أن اإلفادة حتصل بالنكرة احملدودة ‪ .‬إذا كان لفظ التوكيد‬
‫من ألفاظ الشمول ‪ .‬والبصريون مينعون توكيدها مطلقًا أخذًا من قوله ‪ ( :‬مشل ) ‪.‬‬
‫***‬

‫َعْن َو ْز ِن َفْع الَء َو َو ْز ِن أَفَعال‬ ‫‪َ -527‬و اْغ َن بِكْلَتا يِف ُمَثىَّن َو ِكال‬
‫يعين أن العرب استغنت بـ (كلتا ) يف املثىن املؤنث عن وزن ( فعالء ) وهو ( مجعاء )‬
‫‪ .‬وبـ ( كال ) يف املثىن املذكر عن وزن ( أفعل ) وهو ( أمجع ) فتقول ‪ :‬قامت البنتان‬
‫كلتامها ‪ .‬وقام الرجالن كالمها ‪،‬وال تقول ‪ :‬قامت البنتان مجعاوان ‪ .‬وقام الرجالن أمجعان‬
‫‪.‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬واغن ) فعل أمر من ( غين ) كفرح أي ‪ :‬استغىن ‪ .‬واملعىن ‪ :‬استغن يف‬
‫توكيد املثىن بـ (كلتا ) و ( كال ) عن تثنية وزن ( فعالء ) وهو ( مجعاء ) ووزن ( أفعالء‬

‫‪ - 1‬شاقه ‪ :‬أعجبه وهيجه ‪ .‬والشوق ‪ :‬نزوع النفس إىل الشيء ‪ .‬واملعىن ‪ :‬أنه أعجبه وبعث الشوق إىل نفسه حني قيل له ‪ :‬هذا الشهر هو‬
‫رجب ‪ .‬ومتىن أن السنة كلها ( رجب ) ملا فيه من األنس والسرور ‪.‬‬
‫إعرابه ‪( :‬لكنه ) لكن ‪ :‬حرف مشبه بالفعل ينصب االسم ويرفع اخلرب واهلاء ‪ :‬امسه ( شاقه ) فعل ماض ‪ .‬واهلاء مفعول به ( أن قيل ) أن ‪:‬‬
‫مصدرية ‪ :‬وقيل ‪ :‬فعل ماض مبين للمجهول ( ذا رجب ) مبتدأ وخرب يف حمل رفع نائب فاعل ‪ .‬وأن وما دخلت عليه يف تأويل مصدر فاعل‬
‫( شاق ) ومجلة ( شاقه ) خرب (لكن ) ( يا ) للتنبيه ‪ .‬أو للنداء واملنادى حمذوف ‪ ( .‬عدة ) اسم ليت ( حول ) مضاف إليه ( كله ) كل ‪:‬‬
‫توكيد لـ ( حول ) واهلاء مضاف إليه ‪( .‬رجب ) خرب ليت ‪ .‬وقد ذكر حممد حميي الدين عبد احلميد أن الصواب ( رجبًا ) بدليل األبيات اليت‬
‫قبل هذا البيت ‪ .‬ويكون الشاعر قد نصب بـ (ليت ) اجلزأين معًا ( املبتدأ واخلرب ) ‪.‬‬
‫‪ - 2‬شرح الكافية ( ‪. )3/1177‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪147‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫) وهو ( أمجع ) وحق هذا البيت أن يكون قبل قوله ‪ ( :‬وإن يفد توكيد منكور ُقِبل ‪) ...‬‬
‫ألنه متعلق بـ ( أمجع ) و( مجعاء ) املذكورين قبل ‪.‬‬

‫****‬

‫ِص‬ ‫ِنْي‬ ‫ِب‬ ‫ِد ِم ِص‬ ‫ِإ‬


‫الَّنْف ِس َو اْلَع َفَبْع َد اُملْنَف ْل‬ ‫‪َ -528‬و ْن ُتَؤ ِّك الَّض َري اُملَّت ْل‬
‫ِس َو اَمُها َو اْلَق ْيُد َلْن ُيْلَتَزَم ا ‪.‬‬ ‫‪َ -529‬عَنْيُت َذا الَّر ْفِع َو أَّك ُد وا َمِبا‬

‫إذا أريد توكيد الضمري املتصل املرفوع ( املسترت أو البارز ) بالنفس أو بالعني ‪ .‬جيء‬
‫بفاصل بني لفظ التوكيد واملؤَّك د ‪ .‬وهو الضمري املنفصل املرفوع ‪ .‬تقول ‪ :‬أديَت أنَت‬
‫نفُس ك الواجب ‪ .‬فـ ( التاء ) فاعل و ( أنت ) توكيد لفظي للضمري قبله ( نفسك ) نفس‬
‫‪ :‬توكيد معنوي للتاء ‪ .‬والكاف مضاف إليه ‪ .‬وتقول يف توكيد الضمري املسترت ‪ .‬تصدق‬
‫أنت نفُس ك مبا ينفعك ‪ .‬فـ ( أنت ) توكيد لفظي للضمري املسترت الذي هو فاعل ( تصدق‬
‫) و ( نفسك ) توكيد معنوي للضمري املسترت ‪.‬‬
‫أما الضمري املرفوع املنفصل فال حيتاج إىل فاصل بل حكمه حكم االسم الظاهر تقول ‪:‬‬
‫أنت نفُس ك املسؤوُل عن أسرتك ‪.‬‬
‫وإذا كان الضمري متصًال غري مرفوع جاز الفصل وعدمه ‪ .‬تقول ‪ :‬املدرسون أكرمُتهم‬
‫هم أنفَس هم ‪ .‬أو ‪ :‬أكرمتهم أنفَس هم ‪ .‬بغري توكيد بالضمري ‪.‬‬

‫وكذا لو كان لفظ التوكيد غري ( النفس والعني ) حنو ‪ :‬احملمدون قاموا كُّلهم ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وإن تؤكد الضمري املتصل ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬إن أردت توكيد الضمري‬
‫املتصل بالنفس والعني فأكده هبما بعد اإلتيان بالضمري املنفصل ‪ .‬وملا كان قوله‪ ( :‬الضمري‬
‫املتصل ) ال يبني نوع الضمري أهو املرفوع أم غري املرفوع؟ تدارك األمر فقال ‪ ( :‬عنيت‬
‫ذا الرفع ) أي ‪ :‬قصدت بالضمري املتصل صاحب الرفع ‪ .‬أي الضمري املتصل املرفوع ‪ .‬مث‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪148‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫صرح باملفهوم فقال ‪ ( :‬وأكدوا مبا سوامها والقيد لن يلتزما ) واملعىن ‪ :‬انه إذا أكد‬
‫الضمري املتصل املرفوع بغري ( النفس والعني ) فإن القيد وهو التوكيد بالضمري املنفصل ال‬
‫يلزم وأفاد قوله ( لن يلتزما ) أن توكيده بالضمري جائز ‪.‬‬

‫ُم َك َّر رًا َك َق ْو ِلَك اْد ُر ِج ي اْد ُر ِج ي‬ ‫‪َ -530‬و َم ا ِم َن الَّتوِكيِد َلْف ِظ ٌّي ِجَي ي‬

‫هذا النوع الثاين من نوعي التوكيد ‪ :‬وهو التأكيد اللفظي ‪ .‬ويكون بإعادة اللفظ ‪ .‬امسًا‬
‫حنو ‪ :‬إياك إياك والنميمة ‪ .‬فـ ( إياك ) ضمري منفصل مبين على الفتح يف حمل نصب‬
‫مفعول به لفعل حمذوف تقديره ‪:‬أحِّذ ر ‪ ( .‬إياَك ) توكيد لفظي ‪ ،‬أو فعًال حنو ‪ :‬غربت‬
‫غربت الشمس ‪ .‬أو مجلة حنو ‪ :‬أنت امللوم أنت امللوم ‪ .‬ويكثر اقرتان اجلملة بالعطف‬
‫كقوله تعاىل ‪ ( :‬كال سوف تعلمون * مث كال سوف تعلمون ) (‪ . )1‬وجيب ترك العطف‬
‫عند إيهام التعدد حنو ‪ :‬أكرمت علّيًا أكرمت علّيًا ‪ .‬وأما توكيد الضمري أو احلرف فسيأيت‬
‫إن شاء اهلل ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وما من التوكيد لفظي جيي مكررًا ‪ ) ..‬أي ‪ :‬والذي هو لفظي من‬
‫التوكيد جييء مكررًا ‪ .‬مث ذكر املثال ‪ .‬وهو من توكيد اجلملة ‪.‬‬

‫َّل َّلِذ ِبِه‬ ‫ِم ٍري ِص‬ ‫ِع‬


‫إال َمَع ال ْف َظ ا ي ُو صْل‬ ‫‪َ -531‬و ال ُت ْد َلْف َظ َض ُم َّت ْل‬
‫ِبِه َج َو اٌب كَنعْم َو َك َبَلى ‪.‬‬ ‫‪َ -532‬ك َذ ا اُحْلروُف َغْيُر َم ا َحَتَّص ال‬

‫إذا أريد توكيد الضمري املتصل توكيد لفظّيًا بضمري مياثله يف اللفظ واملعىن ‪ ،‬فال بد من‬
‫اتصال املؤِّك د مبا اتصل باملؤَّك د فتقول ‪ :‬أنت قمت قمت بواجبك ‪ .‬أكرمك أكرمك‬
‫خالد ‪ .‬كتاُبك كتاُبك على الدرج ‪ .‬فرحت بك بك ‪ .‬وهذا الكتاب رغبت فيه فيه ‪.‬‬
‫‪ - 1‬سورة التكاثر ‪ ،‬اآليات ‪. 4-3 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪149‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وأما توكيد احلرف فإن كان حرفًا غري جوايب فإنه يعاد مع احلرف املؤِّك د ما اتصل‬
‫باملوَّك د حنو ‪ :‬إن الصدق إن الصدق لفضيلة ‪ .‬يف املسجد يف املسجد خالد ‪.‬‬
‫وإن كان احلرف حرف جواب فتوكيده اللفظي يكون بإعادته وحده حنو ‪ :‬هل كتبت‬
‫احملاضرة ؟ فتقول ‪ :‬نعم ‪ ،‬نعم ‪ .‬وحنو ‪ :‬أمل تكتب احملاضرة ؟ فتقول ‪ :‬بلى ‪ ،‬بلى ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وال تعد لفظ ضمري متصل ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬إذا أعدت لفظ الضمري‬
‫املتصل لغرض التوكيد اللفظي فيجب أن تأيت معه باللفظ الذي اتصل به ‪.‬‬
‫وكذا حكم التوكيد اللفظي يف احلروف اليت ال يطلب هبا اجلواب ‪ :‬أما حروف اجلواب‬
‫كنعم وكبلى فتعاد وحدها ‪.‬‬

‫ِم ٍري‬ ‫ِبِه‬ ‫ِذ ِد‬


‫أِّك ْد ُك َّل َض اَّتَص ْل‬ ‫‪َ -533‬و مْض َمَر الَّر ْفِع اّل ي َق اْنَف َص ْل‬

‫جيوز أن يؤكد بضمري الرفع املنفصل كل ضمري متصل ‪ .‬سواء كان بارزًا أو مسترتًا ‪.‬‬
‫وسواء كان مرفوعًا أو منصوبًا أو جمرورًا ‪ .‬حنو قمَت أنت بواجبك ‪ .‬ومنه قوله تعاىل ‪( :‬‬
‫لقد وعدنا حنن وءاباؤنا هذا من قبل ) (‪ . )1‬فـ ( نا ) نائب فاعل ‪ .‬و ( حنن ) توكيد‬
‫للضمري فبله مبين على الضم ال حمل له ‪ ،‬ومثال املنصوب ‪ :‬أعطيتك أنت الكتاب ‪ .‬ومنه‬
‫قوله تعاىل ‪ ( :‬ال ختف إنك أنت األعلى ) (‪ . ) 2‬فـ ( الكاف ) اسم ( إن ) و ( أنت )‬
‫توكيد لفظي مبين على الفتح ال حمل له ‪ .‬ومثال اجملرور ‪ :‬هذه املسألة تعلمتها منك أنت ‪.‬‬
‫فـ ( أنت ) توكيد لفظي للكاف ‪.‬‬
‫ومثال املسترت ‪ :‬اجتهد أنت يف صلة األرحام ‪ .‬ومنه قوله تعاىل ‪ ( :‬ال خنلفه حنن وال أنت‬
‫مكانًا سوى ) (‪ . ) 3‬فـ ( حنن ) توكيد للضمري املسترت يف ( خنلفه ) وقوله ‪ :‬تعاىل ( ما‬
‫كنت تعلمها أنت وال قومك ) (‪ . )4‬فـ ( أنت ) توكيد للضمري املسترت يف ( تعلمها ) ‪.‬‬
‫‪ - 1‬سورة املؤمنون ‪ ،‬آية ‪. 83 :‬‬
‫‪ - 2‬سورة طه ‪ ،‬آية ‪. 68 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة طه ‪ ،‬آية ‪. 58 :‬‬
‫‪ - 4‬سورة هود ‪ ،‬آية ‪. 49 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪150‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫*****‬

‫العطف‬
‫‪ -1‬عطف البيان‬
‫ِن‬
‫َو اْلَغَر ُض اآلن َبياُن َسَبْق‬ ‫‪ -534‬اْلَعْطُف ِإَّم ا ُذو ِبيا أْو َنَس ْق‬
‫ِد ِه ِش‬ ‫ِق‬ ‫ِش‬ ‫ِن‬
‫َح يَقُة اْلَق ْص ِب ُم ْنَك َف ْه‬ ‫‪َ -535‬فُذ و اْلَبَيا َتابٌع ْبُه الِّص َف ْه‬

‫هذا النوع الثالث من التوابع ‪ .‬وهو ‪ :‬العطف ‪ .‬وهو نوعان ‪:‬‬


‫‪ -1‬عطف بيان ‪ .‬وهو املراد هنا ‪.‬‬
‫‪ -2‬عطف نسق ويأيت إن شاء اهلل يف باب مستقبل ‪.‬‬
‫وعطف البيان هو ‪ :‬تابع موِّض ح أو خمِّص ص ‪ .‬جامد غري مؤول ‪.‬‬
‫فقولنا ‪ :‬تابع ‪ :‬هذا جنس يف التعريف يشمل التوابع كلها ‪.‬‬
‫وقولنا ‪ :‬موضح أو خمصص (‪ . )1‬أي موضح ملتبوعه إن كان معرفة بإزالة ما قد يصيبها‬
‫من الشيوع بسبب تعدد مدلوهلا ‪ .‬أو خمصص له إن كان نكرة بتحديد مدلوها وتقليله ‪.‬‬
‫مثال توضيح املتبوع ‪ :‬أكرمت حممدًا أخاك ‪ .‬فكلمة ( أخاك ) جاءت لتوضيح املراد بـ (‬
‫حممد ) إذ لوال هذا التابع لبقيت كلمة ( حممد ) – برغم أهنا معرفة – حباجة إىل مزيد‬
‫من اإليضاح والتبيني ‪.‬‬
‫ومثال ختصيص النكرة ‪ :‬مسعت كلمة خطبًة كثرية املعاين قليلة األلفاظ‪.‬فكلمة (خطبة)‬
‫عطف بيان ‪ .‬جاءت لتخصيص النكرة وهي ( كلمة ) ألن مدلوالهتا متعددة من شعر‬

‫‪ - 1‬هذا هو األصل يف عطف البيان ‪ .‬و إال فقد يأيت للمدح كقوله تعاىل ‪ ( :‬جعل اهلل الكعبة البيت احلرام قيامًا للناس ) فـ ( البيت احلرام )‬
‫عطف بيان ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪151‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ونثر ‪ . .‬ومن خطبة ومقالة ولوال هذا التابع لبقيت هذه الكلمة على شيوعها وتعدد‬
‫مدلوهلا ‪.‬‬
‫وهذا القيد – أعين التوضيح والتخصيص – خيرج التوكيد حنو ‪ :‬جاء األمري نفسه ‪،‬‬
‫وعطف النسق حنو ‪ :‬قرأت التفسري واحلديث ‪ ،‬والبدل حنو ‪ :‬قضيت الدين نصفه ‪ ،‬ألهنا‬
‫ال توضح متبوعها ‪.‬‬
‫أما النعت فال خيرج هبذا القيد ‪ .‬وإمنا خيرج بالقيد األخري ‪ .‬ألن النعت وعطف البيان‬
‫يشرتكان يف اإليضاح ‪ .‬إال أن عطف البيان يوضح ذات املتبوع ‪ .‬وذلك ببيان حقيقته‬
‫األصلية – كما تقدم – أما النعت فإنه ال يوضح الذات األصلية ملنعوته بلفظ يدل عليه‬
‫مباشرة بل بصفة من صفاته حنو ‪ :‬هذا خالد الكاتب ‪ .‬فـ ( الكاتب ) نعت ألن فيه‬
‫توضيح االسم السابق بذكر صفة من صفاته ‪ .‬وحنو ‪ :‬هذا التاجر خليل ‪ .‬من عطف‬
‫البيان ألن فيه توضيح االسم السابق ( التاجر ) باسم أوضح منه ‪.‬‬
‫وقولنا ‪ :‬جامد ‪ :‬أي يف الغالب ‪ .‬وهذا خيرج النعت فإنه يوافق عطف البيان يف التوضيح‬
‫والتخصيص – كما تقدم – لكنه مشتق ‪.‬‬
‫وقولنا ‪ :‬غري مؤول ‪ :‬أي غري مؤول باملشتق ‪ .‬وهذا خيرج النعت اجلامد املؤول باملشتق‬
‫كاسم اإلشارة حنو ‪ :‬مررت بعلي هذا ‪ .‬أي احلاضر إىل املشار إليه ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬العطف إما ذو بيان أو نسق ) أي أن العطف إما عطف بيان أو‬
‫عطف نسق ‪ .‬والغرض يف هذا الباب بيان ( ما سبق ) والذي سبق يف التقسيم ‪ .‬هو‬
‫( ذو البيان ) أي صاحب البيان ‪ .‬فهو تابع شبه الصفة يف اإليضاح والتخصيص ‪ .‬لكن‬
‫بينهما فرق ‪ .‬فعطف البيان يبني حقيقة متبوعه ويكشف ذاته املقصودة ‪ .‬بلفظ أوضح‬
‫وأشهر من املتبوع ‪ .‬أما النعت فيبني معىن عارضًا ووصفًا طارئَا يف متبوعه كما تقدم ‪.‬‬

‫***‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪152‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫َم ا ِم ْن َو َفاِق األَّو ِل الَّنْعُت َو يل‬ ‫‪َ -536‬فَأ ِل ْن ِم ِو َفاِق اَألوِل‬
‫ْو َي ُه ْن‬

‫عطف البيان تابع يوافق متبوعه يف إعرابه ‪ ،‬وتعريفه أو تنكريه ‪ ،‬وتذكريه أو تأنيثه ‪،‬‬
‫وإفراده أو تثنيته أو مجعه ‪.‬‬
‫واملعىن ‪ :‬أعط عطف البيان من موافقة األول وهو املتبوع ‪ .‬مثل ما ويل وأخذ النعت من‬
‫موافقة املنعوت ‪ .‬وذلك ألن عطف البيان يشبه الصفة يف اإليضاح والتخصيص ‪.‬‬
‫***‬

‫َك ا َيُك وَناِن ُمَعَّر َفِنْي‬ ‫ِن َّك‬


‫َم‬ ‫‪َ -537‬فَقْد َيُك وَنا ُم ن َر ْيَن‬

‫ال خالف بني النحويني يف جميء عطف البيان معرفة تابعًا ملعرفة ‪.‬‬
‫وأما جميئه ومتبوعه نكرتني فمنعه قوم حمتجني بأن البيان كامسه ‪ .‬والنكرة جمهولة ‪.‬‬
‫واجملهول ال يبني اجملهول ‪ ،‬وأوجبوا البدلية فيما استند إليه اجمليز ‪.‬‬
‫وقال آخرون جبواز جميء عطف البيان نكرة ومتبوعه نكرة‪.‬حنو ‪ :‬لبست ثوبًا صوفًا ‪.‬‬
‫وهذا هو الصحيح لورود آيات من القرآن واضح عطف البيان فيها كقوله تعاىل ‪:‬‬
‫( من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد ) (‪ . ) 1‬فـ ( صديد ) عطف بيان – وهو‬
‫نكرة – لقوله ( ماء ) وذلك أنه ملا أهبم املاء بينه بقوله ( صديد ) ‪ .‬وهو ما خيرج من‬
‫أجواف أهل النار من قيح ودم وعرق ‪ .‬وكقوله تعاىل ‪ ( :‬يوقد من شجرة مباركة زيتونة‬
‫) (‪ . )2‬فـ ( زيتونة ) عطف بيان لـ ( شجرة مباركة ) ‪.‬‬
‫وقال تعاىل ‪ ( :‬أو كّف ارة طعام مساكني ) (‪ . )3‬يف قراءة من نَّو ن ( كفارة ) وهم من‬
‫عدا نافعًا وابن عامر من السبعة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة إبراهيم ‪ ،‬آية ‪. 16 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة النور ‪ :‬آية ‪. 35 ،‬‬
‫‪ - 3‬سورة املائدة ‪ ،‬آية ‪. 95 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪153‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وما احتج به املانعون مردود بأن بعض النكرات قد يكون أخص من بعض ‪ .‬واألخص‬
‫يعني غريه ويبينه ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬فقد يكونا منكرين ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن عطف البيان ومتبوعه يتماثالن‬
‫تعريفًا وتنكريًا‪.‬فقد يكونان نكرتني كما يكونان معرفتني‪.‬وهذا واضح يف اختياره اجلواز‪.‬‬
‫***‬
‫يِف َغِرْي ْحَنِو َيا ُغالُم َيْع ُمَر ا‬ ‫‪َ -538‬و َص احَل ًا ِلَبَد ِلَّيٍة ُيَر ى‬
‫ِض‬
‫َو َلْيَس أْن ُيْبَد َل ِباَملْر ِّي‬ ‫‪َ -539‬و ْحَنِو ِبْش ٍر َتابِع اْلَبْك ِر ِّي‬

‫القاعدة أن كل ما جاز أن يكون عطف بيان جاز أن يكون بدًال حنو ‪ :‬أصغيت إىل‬
‫اخلطيب علٍّي ‪ ،‬إال ما استثىن ابن مالك ‪ .‬وضابطه‪ :‬أن يكون التابع غري صاحل ألن يوضع‬
‫يف مكان املتبوع ‪ .‬وذلك يف مسألتني ‪:‬‬
‫األوىل ‪ :‬أن يكون التابع مفردًا معرفة ‪ .‬واملتبوع منادى ‪ .‬كقول الشاعر ‪:‬‬

‫أعيذكما باهلل أن حتدثا حربا (‪. )1‬‬ ‫أيا أخوينا عبَد مشٍس ونوفال‬

‫فقوله ‪ ( :‬عبد مشس ) عطف بيان ‪ .‬على قوله ( أخوينا ) وال جيوز أن يكون بدًال منه‬
‫‪ .‬إذ لو كان بدًال منه لكان على تقدير حرف النداء ‪ .‬فيلزم ضم ( نوفل ) ألنه مفرد‬
‫معرفة ‪ .‬والتقدير ( يا عبَد مشٍس ونوفُل ) والرواية وردت بنصبه ‪ .‬فدل على أنه ال يكون‬
‫بدًال ‪ .‬ألن الشاعر عطف عليه امسًا آخر بالنصب مع كون املعطوف علمًا مفردًا ‪.‬‬
‫الثانية‪:‬أن يكون التابع خاليًا من ( أل ) واملتبوع بـ ( أل ) وقد أضيفت إليه صفة بـ ( أل‬
‫) كقول الشاعر ‪:‬‬

‫‪ - 1‬عبد مشس ونوفل من أوالد عبد مناف ‪.‬‬


‫إعرابه ‪ ( :‬أيا ) حرف نداء ( أخوينا )منادى منصوب بالياء ألنه مثىن و( نا ) مضاف إليه ( عبد مشس ) عطف بيان منصوب ( ونوفال )‬
‫معطوف عليه منصوب ( أن حتدثا حربا ) يف تأويل مصدر جمرور حبرف جر حمذوف متعلق بالفعل ( أعيذ ) والتقدير ‪ :‬أعيذكما باهلل من‬
‫إحداثكما حربا‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪154‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫عليه الطُري ترقبه وقوعًا (‪. )1‬‬ ‫أنا ابُن التاِر ك البكرِّي بشٍر‬

‫فـ ( بشر ) عطف بيان على قوله ‪ ( :‬البكري ) وال جيوز أن يكون بدًال منه ألن البدل‬
‫على نية تكرار العامل ‪ .‬فتقول ‪ :‬التارِك بشٍر ‪ .‬فيلزم على هذا إضافة الوصف املفرد‬
‫املقرتن بـ ( أل ) إىل اخلايل عنها ‪ .‬وهذا ال جيوز كما تقدم يف باب اإلضافة ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وصاحلًا لبدلية يرى ‪ ) ...‬أي ‪ :‬أن عطف البيان يصلح للبدلية وذلك‬
‫مطرد إال يف موضعني نبه على األول منهما بقوله ‪ ( :‬يف غري حنو يا غالُم يعمرا ) فـ‬
‫( غالُم ) منادي مبين على الضم و ( يعمَر ) عطف بيان منصوب ملراعاة حمل املنادى ‪.‬‬
‫ألنه يف حمل نصب ‪ .‬واأللف زائدة للوزن ‪ .‬ولو أعربت بدًال لكان التقدير ‪ :‬يا غالُم يا‬
‫يعمَر ‪ .‬بالنصب وهو ال يصح لوجوب بنائه على الضم ‪ .‬ونبه على الثاين بقوله ‪ ( :‬وحنو‬
‫نشٍر ) وهو يشري إىل البيت املتقدم ‪ .‬وقوله ‪ ( :‬وليس أن يبدل باملرضي ) أي ‪ :‬أن إعرابه‬
‫بدًال يف قوله ‪ ( :‬أنا ابن التارك البكري بشر ) ليس مبرضي ‪ .‬وكأنه يرد على الفراء القائل‬
‫جبواز إعرابه بدًال ‪.‬ألنه جييز إضافة املقرون بـ ( أل ) إىل اجملرد منها ‪ .‬حنو ‪ :‬جاء الضارُب‬
‫زيٍد ‪.‬‬
‫واألظهر اجلواز ‪ :‬وقوهلم ‪ :‬إن البدل على نية تكرار العامل ‪ .‬ال داعي له هنا فإن املعىن‬
‫واضح على البدلية كوضوحه على عطف البيان ‪ .‬وهذا يتمشى مع ما ذكره ابن هشام يف‬
‫املغىن (‪ – . )2‬وذكره غريه ‪ -‬من أنه يغتفر يف الثواين ما ال يغتفر يف األوائل (‪ . )3‬أي ‪:‬‬
‫يغتفر يف التابع ما ال يغتفر يف املتبوع ‪ .‬وكون العامل ( وهو املضاف وحرف النداء كما‬

‫‪ - 1‬البكري ‪ :‬املنسوب إىل بكر بن وائل ‪ :‬وهو بشر بن عمرو البكري ‪ :‬واملعىن ‪ :‬أن الشاعر يصف نفسه بالشجاعة ‪ .‬وأنه ابن الذي قتل‬
‫البكري ‪ .‬وتركه جمندًال يف العراء تنتظر الطري خروج روحه لتنقض عليه فتأكله ‪ .‬فهو شجاع من نسل شجعان ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ ( :‬أنا ) مبتدأ ( ابن التارك ) خرب ومضاف إليه ‪ ( .‬البكري ) مضاف إليه من إضافة الوصف إىل مفعوله (بشر ) عطف بيان ( عليه‬
‫الطري ) خرب مقدم ومبتدأ مؤخر ( ترقبه ) اجلملة يف حمل نصب حال من ( الطري ) أو من ضمريه املسترت يف اخلرب ( وقوعًا ) مفعول ألجله أو‬
‫حال ‪.‬‬
‫‪ - 2‬مغين اللبيب ص (‪. ) 908‬‬
‫‪ - 3‬بل إن الصبان يصرح بأن هذا االغتفار كثري ‪ .‬انظر حاشيته على األمشوين ( ‪ )2/261‬وانظر شرح الفاكهي على القطر ‪. ) 232 /2 ( .‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪155‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫يف البيتني ) ‪ .‬ال يصح وقوعه قبل التابع ال يؤثر إمنا الضرر يف عدم صحة وقوعه قبل‬
‫املتبوع ‪.‬‬
‫وقوهلم ‪ :‬إن البدل على نية تكرار العامل ‪ .‬ال يلزم ‪ .‬فإن العرب أصحاب اللغة ال تدري‬
‫من أمر هذه القاعدة شيئًا ولن يرتتب على إمهاهلا وعدم التمسك هبا فساد يف املعىن وال‬
‫يف الرتكيب ‪ .‬وقد قال احملقق الرضي يف شرحه على ( الكافية ) ‪ ( :‬وأنا إىل اآلن مل يظهر‬
‫يل فرق جلي بني بدل الكل من الكل ‪ .‬وبني عطف البيان ‪ ،‬بل ال أرى عطف البيان إال‬
‫البدل كما هو ظاهر كالم سيبويه ‪)1( ) ..‬‬

‫َعْطُف الَّنسِق‬
‫َك اخُصْص بُو ٍّد َو َثَناٍء َمْن َص َد ْق‬ ‫ٍف‬
‫‪َ -540‬تاٍل َحبْر ُم ْتبٍع َعْطُف الَّنَس ْق‬
‫َح ىَّت أَم أْو َك يفَك ِص ْد ٌق َو َو َفا‬ ‫‪َ -541‬فاْلَعْطُف ُمْطَلقًا ِبَو اٍو َّمُث َفا‬
‫َلِكْن َك َلْم َيْبُد اْم ُر ٌؤ َلِكْن َطاَل‬ ‫‪َ -542‬و أْتَبَعت َلْف ظًا َفَح ْسُب َبْل َو ال‬

‫عطف النسق ‪ :‬هو التابع الذي يتوسط بينه وبني متبوعه أحد احلروف اآليت ذكرها ‪.‬‬
‫والنسق ‪ :‬بفتح السني اسم مصدر نسقت الكالم أنسقه ‪ :‬أي ‪ :‬عطفت بعضه على بعض‬
‫وواليت أجزاءه ‪ .‬واملعىن ‪ :‬العطف الواقع يف الكالم املعطوف بعضه على بعض ‪.‬‬
‫وحروف العطف تسعة ‪ :‬وهي قسمان ‪:‬‬

‫‪ - 1‬شرح الكافية للرضي ( ‪ ) 379 /2‬ونقله الصبان يف حاشيته ( ‪ ) .88/ 3‬وانظر النحو الوايف ( ‪. ) 546 /3‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪156‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫األول ‪ :‬ما يقتضي التشريك يف اللفظ واملعىن ‪ :‬واملراد باللفظ ‪ :‬احلكم اإلعرايب ‪ ،‬واملراد‬
‫باملعىن ‪ :‬أن يثبت للمعطوف ما ثبت للمعطوف عليه ‪ ،‬وهذا يف عطف املفرد على مثله ‪.‬‬
‫أما يف عطف اجلمل فقد ال يفيد التشريك ‪ ،‬وهذا القسم ستة أحرف ‪ ( :‬الواو ) و ( مث )‬
‫و ( الفاء ) و ( حىت ) و ( أم ) و ( أو ) تقول ‪ :‬جاء خلد وعلي ‪ .‬وحضر الطالب ومل‬
‫حيضر املدرس ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬ما يقتضي التشريك يف اللفظ ال يف املعىن ‪ .‬فال يثبت للمعطوف حكم املعطوف‬
‫عليه وهو ثالثة ‪( :‬بل) ‪( ،‬ال) ‪( ،‬لكن) ‪ ،‬حنو ‪ :‬ما جاء الضيف بل ولده ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬تاٍل حبرف متبع ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬عطف النسف هو ‪ :‬التايل حلرف‬
‫متبع ما بعده ملا قبله ومعىن ( متبع ) أي‪ُ :‬م َشِّر ٍك للثاين مع األول مث ذكر املثال وقوله‬
‫( تاٍل ) خرب مقدم مرفوع بضمة مقدرة على الياء احملذوفة اللتقاء الساكنني وقوله‬
‫(عطف النسق) مبتدأ مؤخر ‪.‬‬

‫مث ذكر يف البيت الثاين حروف القسم األول وهو املراد بقوله ( فالعطف مطلقًا ) أي ‪:‬‬
‫لفظًا ومعىن ‪ ،‬ويف البيت الثالث ذكر حروف القسم الثاين وهو املراد بقوله ( وأتبعت‬
‫لفظًا فحسب ) و ( حسب ) اسم مبين على الضم يف حمل رفع مبتدأ وخربه حمذوف أي‬
‫‪ :‬فحسبك ذلك ‪ .‬والفاء زائدة لتزيني اللفظ مث ذكر املثال ‪ ،‬والطال ‪ ،‬بفتح الطاء مقصورًا‬
‫بزنة عصا ‪ ،‬ابن الظبية أول ما يولد ‪ ،‬وقيل ‪ ،‬ولد بقر الوحش ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ولد ذات الظلف‬
‫مطلقًا ‪ .‬وجيمع على أطالء كسبب أو أسباب ‪.‬‬
‫****‬
‫يِف اُحْلْك ِم أْو ُمَص اِح بًا ُمَو اِفقًا‬ ‫‪َ -543‬فاْع ِط ْف ِبَو اٍو َس اِبقًا أْو الِح قًا‬

‫شرع املصنف – رمحه اهلل – يف الكالم على حروف العطف وبيان أحكامها‬
‫وخصائصها ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪157‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فاألول ‪ :‬الواو ‪ .‬وهي ملطلق اجلمع واالشرتاك يف احلكم (‪ )1‬وال تفيد ترتيبًا وال معية‬
‫إال بقرينة ‪،‬فتعطف متأخرًا يف احلكم كقوله تعاىل ‪ ( :‬ولقد أرسلنا نوحًا وإبراهيم ) (‪. )2‬‬
‫والقرينة هي التاريخ ‪ ،‬ومتقدمًا كقوله تعاىل ‪ ( :‬كذلك يوحي إليك وإىل الذين من قبلك‬
‫اهلل العزيز احلكيم ) (‪ . )3‬فقوله ( من قبلك ) قرينة ‪ ،‬ومصاحبًا كقوله تعاىل ‪ ( :‬فأجنيناه‬
‫وأصحاب السفينة ) (‪ . )4‬والقرينة على ذلك نصوص أخرى من القرآن ‪.‬‬
‫ومما يدل على أن الواو ملطلق اجلمع قوله تعاىل‪ ( :‬واسجدي واركعي مع الراكعني ) (‪.)5‬‬
‫والسجود بعد الركوع إذا كانت صالهتم كصالتنا‪.‬وقوله تعاىل‪ (:‬وادخلوا الباب سجدًا‬
‫وقولوا حطة ) (‪ )6‬وقوله ‪ ( :‬وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدًا ) (‪. )7‬والقصة واحدة ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬فاعطف بواو سابقًا ‪ ....‬إخل ) أي ‪ :‬اعطف بالواو ( سابقًا ) أي ‪:‬‬
‫متقدمًا ( أو ال حقًا ) أي ‪ :‬متأخرًا ‪ ( .‬يف احلكم ) تنازعه ما قبله‪ ( ،‬أو مصاحبا )وهو ما‬
‫اشرتك فيه املعطوف و املعطوف عليه يف الزمن واملعىن معًا‪(.‬موافقًا) نعت لقوله‪(:‬مصاحبًا)‪.‬‬

‫******‬

‫‪َ -544‬و اْخ ًصْص َهِبا َعْطَف اَّلِذْي ال ُيْغيِن‬


‫َم ْتُبوُعُه َك اْص َطَّف َه َذ ا واْبْيِن‬

‫للواو خصائص منها ‪:‬‬


‫أهنا تعطف امسًا على اسم ال يكتفي الكالم به ‪ ،‬وذلك إذا كان العامل ال يقوم إال‬
‫مبتعدد كاملشاركة واالختصام واملنازعة وحنو ذلك من املعاين النسبية اليت ال تتحقق إال‬

‫‪ - 1‬املراد به املعىن الذي يفيده العامل قبل املعطوف عليه ‪.‬‬


‫‪ - 2‬سورة احلديد ‪ ،‬آية ‪. 26 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة الشورى ‪ ،‬آية ‪. 3 :‬‬
‫‪ - 4‬سورة العنكبوت ‪ ،‬آية ‪. 15 :‬‬
‫‪ - 5‬سورة مرمي ‪ ،‬آية ‪. 43 ،‬‬
‫‪ - 6‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 58 :‬‬
‫‪ - 7‬سورة األعراف ‪ :‬أية ‪. 161‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪158‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫بنسبتها الثنني فأكثر حنو ‪ :‬تشارك صاحل وهشام ‪ ،‬وتنازع حممد وخالد ‪ ،‬وإمنا اختصت‬
‫الواو بذلك لرتجح املعية فيها ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬واخصص هبا عطف الذي ال يغين متبوعه ) أي ‪ :‬اخصص بالواو‬
‫من بني حروف العطف أن ُيعطف هبا حيث ال ُيكتفى باملعطوف عليه يف حتقيق معىن‬
‫العامل كاملثال الذي َذَك َر ألن االصطفاف ال يتحقق إال من اثنني فأكثر ‪.‬‬
‫***‬
‫َّمُث ِللَّت ِتيِب ِباْنِف اِل‬ ‫‪ -545‬اْلَف ا ِللَّت ِتيِب باِّت اِل‬
‫َص‬ ‫ْر‬ ‫َو‬ ‫َص‬ ‫َو ُء ْر‬

‫الثاين من حروف العطف ‪ :‬الفاء ‪ .‬وتفيد مع التشريك ‪ .‬الرتتيب (‪ )1‬مع التعقيب ‪.‬‬
‫والرتتيب نوعان ‪:‬‬
‫‪ -1‬ترتيب معنوي ‪ :‬وهو أن يكون زمن حتقق املعىن يف املعطوف متأخرًا عن زمن‬
‫حتققه يف املعطوف عليه حنو ‪ :‬دخل املدرس فبدأ الشرح ‪ ،‬فزمن البدء بالشرح‬
‫متأخر يف زمنه عن زمن الدخول ‪ .‬قال تعاىل‪ (:‬فوكزه موسى فقضى عليه ) (‪.)2‬‬
‫‪ -2‬ترتيب ذكري ‪ :‬وهو وقوع املعطوف بعد املعطوف عليه حبسب التحدث عنهما‬
‫ال حبسب زماهنما (‪ . )3‬حنو ‪ :‬حدثنا احملاضر عن علي فعثمان رضي اهلل عنهما‬
‫‪ .‬ومنه قوله تعاىل ‪ ( :‬يسئلك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابًا من السماء فقد‬
‫سألوا موسى أكرب من ذلك فقالوا أرنا اهلل جهرة ) (‪. )4‬‬

‫‪ - 1‬يرى الفراء أن الفاء ال تفيد الرتتيب حمتَّجًا بقوله تعاىل ‪ ( :‬وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتًا أو هم قائلون ) وذلك ألن البأس يف‬
‫الوجود قبل اهلالك انظر معاين القرآن للفراء ( ‪ . )371 /1‬وأجاب غريه بأن املعىن ‪ :‬أردنا إهالكها ‪ .‬أو أهنا للرتتيب الذكري ‪ .‬وقد رد‬
‫الزركشي يف كتابه الربهان ( ‪ ) 4/294‬على الفراء بعشرة أوجه سقط منها واحد فراجعها إن شئت ‪.‬‬
‫‪ . 2‬سورة القصص ‪ ،‬آية ‪. 15 :‬‬
‫‪ - 3‬انظر شرح الرضي ( ‪ ) 4/385‬واملغين ( ‪. )1/161‬‬
‫‪ - 4‬سورة النساء ‪ ،‬آية ‪ . 153 :‬و ( جهرة ) مفعول مطلق أو حال ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪159‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وأما التعقيب فهو ‪ :‬االتصال الزمين احلاصل بني املعطوف و املعطوف عليه بأن‬
‫حيصل املعطوف عقب املعطوف عليه من غري تراخ يف الزمن حنو ‪ :‬دخل اإلمام‬
‫فأقيمت الصالة ‪ .‬ومنه قوله تعاىل ‪ (:‬مث أماته فأقربه ) (‪. )1‬‬
‫والتعقيب يف كل شيء حبسبه أال ترى أنه يقال ‪ :‬تزوج فالن فولد له ‪ .‬إذا مل‬
‫يكن بينهما إال مدة احلمل وإن طالت ‪ .‬وتقول ‪ :‬دخلت املدينة فمكة ‪ ،‬إذا مل‬
‫ُتِق ْم يف املدينة وال بني البلدين ‪.‬‬
‫وتفيد الفاء مع الرتتيب والتعقيب ‪ :‬السببية وذلك غالب يف عطف اجلمل‬
‫والصفات فاألول كقوله تعاىل ‪ ( :‬فوكزه موسى فقضى عليه ) (‪ . )2‬والثاين ‪:‬‬
‫قوله تعاىل ‪ ( :‬آلكلون من شجر من زقوم * فمالئون منها البطون * فشاربون‬
‫عليه من احلميم * فشاربون شرب اهليم ) (‪. )3‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬والفاء للرتتيب باتصال ) واملراد به التعقيب وهو عدم املهلة‬
‫والباء مبعىن ( مع ) ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬من حروف العطف ‪ :‬مث ‪ .‬وتفيد مع التشريك ‪ .‬الرتتيب مع الرتاخي وهو‬
‫انقضاء مدة زمنية طويلة بني وقوع املعىن على املعطوف عليه ووقوعه على املعطوف حنو ‪:‬‬
‫زرعنا القمح مث حصدناه ‪ .‬قال تعاىل ‪ ( :‬واهلل خلقكم من تراب مث من نطفة ) (‪. )5( )4‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬ومث للرتتيب بانفصال ) واملراد ‪ :‬الرتاخي ‪ :‬أي ‪ :‬االنفصال مبهلة‬
‫زمنية ‪.‬‬

‫ِذ‬ ‫ٍء‬
‫َعَلى اّل ي اْس َتَقَّر أَنُه الِّصَلْه‬ ‫‪َ -546‬و اَخُصْص ِبَف ا عْطَف َم ا َلْيَس َص َلْه‬

‫‪ - 1‬سورة عبس ‪ ،‬آية ‪. 21 :‬‬


‫‪ - 2‬سورة القصص ‪ ،‬آية ‪. 15 :‬‬
‫‪ - 3‬سورة الواقعة ‪ ،‬اآليات ‪. 55 -52 :‬‬
‫‪ - 4‬سورة فاطر ‪ ،‬آية ‪. 11 :‬‬
‫‪ - 5‬تأيت ( مث ) للرتتيب الذكري – مثل الفاء – كقوله تعاىل ( مث لرتوهنا عني اليقني * مث لتسألن يومئذ عن النعيم ) ألن السؤال قبل رؤية‬
‫اجلحيم [ راجع دراسات ألسلوب القرآن الكرمي ‪. ]1/2/116‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪160‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫للفاء خصائص منها ‪:‬‬
‫أهنا تعطف ما ال يصلح أن يكون صلة – خللوه عن ضمري املوصول – على ما يصلح أن‬
‫يكون صلة ؛ الشتماله على الضمري حنو ‪ :‬الذي ساعدته ففرح الوالُد مسكٌني ‪.‬‬
‫فـ ( الذي ) مبتدأ ومجلة ( ساعدته ) صلة وعائد ‪ ( .‬ففرح الوالد ) معطوفه على مجلة‬
‫الصلة بالفاء ‪ .‬وقد خلت من ضمري يعود على املوصول (مسكني ) خرب املبتدأ ‪.‬‬
‫وليس احلكم خاّص ًا بالصلة بل اخلرب والنعت واحلال كذلك ‪ .‬والضابط لذلك كله هو‬
‫خلو اجلملة من الرابط ووجوده يف اجلملة الصاحلة ‪.‬‬
‫فمثال اخلرب ‪ :‬النخل يرعاه الفالح فيكثر التمر ‪.‬‬
‫ومثال النعت ‪ :‬هذا رجل قام على تربية أوالده فاستفاد األوالد ‪.‬‬
‫ومثال احلال ‪ :‬أقبل الفائز يتهلل فتنشرح الصدور ‪.‬‬
‫ومن أمثلة ذلك قوله تعاىل ‪ ( :‬فعسى اهلل أن يأيت بالفتح أو أمٍر من عنده فيصبحوا على‬
‫ما أسروا يف أنفسهم نادمني ) (‪ . )1‬فقوله ‪ ( :‬فيصبحوا ) معطوف على قوله ‪ ( :‬أن يأيت‬
‫) الذي هو خرب لـ ( عسى ) وهو خرب عن اهلل تعاىل ‪ :‬ومجلة ( فيصبحوا ) ليس فيها رابط‬
‫مع أهنا معطوفة على مجلة اخلرب ‪.‬‬
‫وإمنا اختصت الفاء بذلك ألهنا تدل على السببية فاسُتْغَيِن هبا عن الرابط وهذا معىن قوله‬
‫‪ ( :‬واخصص بفاء عطف ما ليس صله ‪ ) ..‬أي ‪ :‬اخصص بالفاء عطف اجلملة اليت ال‬
‫تصلح أن تكون صلة املوصول على الذي يصلح أن يكون صلة الشتماله على العائد ‪.‬‬
‫واملقصود أن الفاء انفردت من بني سائر حروف العطف بتسويغ االكتفاء بضمري‬
‫واحد(‪.)2‬‬
‫****‬
‫‪ - 1‬سورة املائدة ‪ ،‬آية ‪. 52 :‬‬
‫‪ - 2‬تنبيه ‪ :‬إذا تعدد املعطوف حنو ‪ :‬اشرتيت قلمًا وكتابًا وحقيبة ومسطرة ‪ .‬وحنو ‪ :‬أقبل خالد وهشام وعصام فمحمد مث إبراهيم ‪.‬‬
‫فإن كان حرف العطف لغري الرتتيب كالواو فالعطف على األول دائمًا وإن كان حرف العطف يفيد الرتتيب مثل ‪ :‬الفاء ومث ‪ :‬فاملعطوف‬
‫عليه هو الذي قبل العاطف مباشرة ‪ :‬فـ ( هشام ) و ( عاصم ) معطوفان على األول ( خالد ) أما ( حممد ) فمعطوف على ما قبله وهو‬
‫( عاصم ) و ( إبراهيم ) معطوف على ( حممد ) ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪161‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫َيُك وُن إال َغاَيَة اَّلِذي َتال‬ ‫‪َ -547‬بَعضًا َحِبىَّت اْع ِط ْف َعَلى ُك ٍّل َو ال‬

‫الرابع من حروف العطف ‪ :‬حىت ‪.‬‬


‫ومعناها الداللة على أن املعطوف بلغ الغاية يف الزيادة أو النقص بالنسبة للمعطوف عليه‬
‫حبيث نتخيل املطعوف عليه يستمر يف زيادته أو نقصه حىت يصل يف درجته للمعطوف ‪،‬‬
‫فاألول ‪َ :‬فَّر اجلنوُد حىت القائُد ‪ .‬والثاين ‪ :‬قدم احلجاج حىت املشاة فـ ( حىت ) حرف‬
‫عطف ‪ .‬وما بعدها معطوف على ما قبلها وشرط العطف هبا أن يكون املعطوف بعضًا‬
‫من املعطوف عليه ‪ .‬سواء كان جزءًا حنو ‪ :‬أكلت السمكَة حىت رأَس ها ‪ .‬أو فردًا من مجع‬
‫كاملثال السابق ‪ ،‬أو نوعًا من جنس حنو ‪ :‬أعجبتين الفاكهُة حىت التفاُح ‪.‬‬
‫والعطف هبا قليل ‪ :‬ومل ترد يف القرآن عاطفة ‪ .‬ومن األمثلة قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪( :‬‬
‫ما يصيب املسلم من نصب وال وصب وال هم وال حزن وال أذى وال غم حىت الشوكُِة‬
‫َيَش اُك ها إال كَّفر اهلل هبا من خطاياه ) متفق عليه ‪.‬‬
‫فـ ( الشوكة ) باجلر على أن ( حىت ) عاطفة ومجلة ( يشاكها ) حال وبالرفع على أهنا‬
‫ابتدائية ‪ ( .‬والشوكة ) مبتدأ ومجلة ( يشاكها ) خرب ‪..‬‬
‫قال ابن مالك ‪ ( :‬بعضًا حبىت اعطف ‪ ..‬إخل ) أي اعطف حبىت بعضًا على كل ‪ ..‬وال‬
‫يكون املعطوف إال غاية للذي تاله ‪،‬والذي تاله أي‪ :‬جاء بعده ‪ :‬هو املعطوف عليه يريد‬
‫أن املعطوف ال بد أن يكون غاية للمعطوف عليه ‪.‬‬
‫***‬

‫ِن‬ ‫ِظ‬ ‫ِط‬


‫أْو ْمَهَز ٍة َعْن َلْف أٍّي ُمْغ َيْه‬ ‫‪َ -548‬و أْم َهِبا اْع ْف إْثَر ْمَهِز الَّتْس ِو َيْه‬
‫ِف ِم‬ ‫‪َ -549‬و َر َمَّبا ُأْس ِق َطِت اَهْلْمَز ُة إن‬
‫َك ان َخ َف ا اَملْع ىَن َحِبْذ َه ا ُأ ْن‬
‫فإن جاء بعد العاطف املرتب ومعطوفه عاطف آخر ال يفيد الرتتيب – كالواو – فهو معطوف على ما قبله حنو ‪ :‬أقبل خالد وهشام مث حممد‬
‫وإبراهيم ‪ ..‬فإنه يتعني أن يكون ( إبراهيم ) معطوفًا على ما قبله ( حممد ) وال يصح عطفه على غريه ‪ .‬أما ( حممد ) فمعطوف على ( هشام‬
‫) حتمًا ‪ .‬وأما ما قبله فهو معطوف على األول ‪ [ :‬أنظر النحو الوايف ‪. ]3/555‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪162‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ِه‬ ‫ِق‬
‫إْن َتُك َّمَما ُقِّيَدْت ِب َخ َلْت‬ ‫‪َ -550‬و ِباْن َطاٍع َو َمِبْع ىَن َبْل َو َفْت‬

‫اخلامس من حروف العطف ‪ :‬أم ‪ .‬وهي نوعان ‪:‬‬


‫‪ -1‬متصلة ‪ .‬وهي اليت تصل ما قبلها مبا بعدها ‪ .‬حبيث ال يستغين أحدمها عن اآلخر ‪.‬‬
‫وتقع بعد ‪:‬‬
‫أ – مهزة التسوية الداخلة على مجلة مؤولة مبصدر ‪ .‬والغالب أن تكون مسبوقة بكلمة‬
‫( سواء ) كقوله تعاىل ‪ ( :‬سواء عليهم ءأنذرهتم أم مل تنذرهم ال يؤمنون ) (‪.)1‬فـ (سواء‬
‫) خرب مقدم ‪ .‬واملصدر املؤول من مهزة التسوية وما بعدها مبتدأ مؤخر ‪ .‬والتقدير‬
‫‪: :‬إنذارك وعدمه سواء ‪.‬‬
‫ب – مهزة استفهام يطلب هبا وبـ ( أم ) التعيني حنو ‪ :‬أخالد عندك أم خليل ‪ .‬فيكون‬
‫اجلواب ‪ :‬خالد ‪ .‬مثًال ‪.‬‬
‫وتعرب ( أم ) املتصلة حرف عطف مبين على السكون ال حمل هلا من اإلعراب ‪،‬‬
‫وجيوز حذف هذه اهلمزة بنوعيها إذا مل يوقع حذفها يف لبس ‪ .‬فمثال حذف مهزة التسوية‬
‫‪ :‬سواء على املخلص يف عمله راقبه الناس أم مل يراقبوه فلن يقصر يف أدائه ‪ .‬واألصل‬
‫أراقبه ‪.‬‬
‫ومثال حذف األخرى قول الشاعر ‪:‬‬

‫بسبع رمني اجلمر أم بثمان (‪. )2‬‬ ‫لعمرك ما أدري وإن كنت داريًا‬

‫‪ - 1‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 60 :‬‬


‫‪ - 2‬إعرابه ‪ ( :‬لعمرك ) الالم للقسم ‪ .‬عمر ‪ :‬مبتدأ وخربه حمذوف وجوبًا تقديره ‪ :‬لعمرك قسمي ‪ ( :‬ما ) نافية ( أدري ) فعل مضارع ينصب‬
‫مفعولني وقد علق عنهما باهلمزة املقدرة يف قوله ‪ ( :‬بسبع ) ( وإن كنت داريًا ) الواو للحال ‪ .‬و( إن ) زائدة ومجلة كان مع امسها وخربها يف‬
‫حمل نصب حال ‪ ( .‬بسبع ) متعلق بقوله ( رمني ) وهو فعل ماض ونون اإلناث فاعل ‪ ( .‬اجلمر ) مفعول به ( أم ) عاطفة ( بثمان ) معطوف‬
‫على ( بسبع ) ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪163‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫واألصل ‪ :‬أبسبع أو بثمان ؟ فحذف اهلمزة اليت يطلب هبا التعيني اعتمادًا على انسياق‬
‫املعىن وعدم خفائه ‪.‬‬
‫النوع الثاين ‪ :‬من أنواع ( أم ) ‪ :‬أم املنقطعة ‪ .‬وهي اليت ال تتقدم عليها مهزة التسوية وال‬
‫مهزة يطلب هبا وبأم التعيني ‪ .‬ومسيت منقطعة ألهنا تقع غالبًا بني مجلتني مستقلتني ‪ .‬لكل‬
‫منهم معىن خيالف معىن األخرى ويكون معناها يف الغالب اإلضراب اإلبطايل ( وهو إبطال‬
‫احلكم السابق ونفي مضمونه واالنتقال عنه إىل ما بعده )كقوله تعاىل‪ (:‬وإذا تتلى عليهم‬
‫ءايتنا بينات قال الذين كفروا للحق ملا جاءهم هذا ساحر مبني * أم يقولن افرتاه )(‪. )1‬‬
‫أي ‪ :‬بل يقولون افرتاه فقد وقعت ( أم ) بني مجلتني مها‪ (:‬هذا سحر مبني ) و ( يقولون‬
‫افرتاه ) وكل واحدة منهما مستقلة مبعناها عن األخرى ‪.‬‬
‫والراجح أن ( أم ) املنقطعة ليست من حروف العطف ‪ .‬وإمنا هي حرف ابتداء منيب على‬
‫السكون ‪ .‬يفيد اإلضراب ‪ .‬وال تدخل إال على اجلمل ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وأم هبا اعطف إثر مهز التسوية ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬اعطف بـ ( أم ) بعد‬
‫مهزة التسوية ‪ .‬أو اهلمزة املغنية عن لفظ ( أّي ) وهي اهلمزة اليت يقصد هبا وبـ ( أم )‬
‫التعيني ‪ .‬كما مضى ‪.‬‬
‫مث ذكر أن اهلمزة قد حتذف بشرط أال يؤدي حذفها خلفاء املعىن والوقوع يف اللبس ‪.‬‬
‫ويف البيت األخري ذكر أن ( أم ) تكون منقطعة إذا خلت مما قيدت به يف النوع األول ‪:‬‬
‫وأهنا تفي باالنقطاع ‪ .‬مبعىن ‪ :‬تكون كافية فيه مفيدة له ‪ .‬وإذا أفادت االنقطاع كانت‬
‫مبعىن ( بل ) ‪.‬‬

‫****‬

‫َو اْش ُك ْك َو إْض َر اٌب َهِبا أْيضًا ِمُني‬ ‫‪َ -551‬خ ِّيْر أِبْح َقِّس ْم ِبأْو وَأِهْبِم‬
‫ْمَل ُيْلِف ُذو الُّنْطِق ِلَلْبٍس َم ْنَف َذ ا ‪.‬‬ ‫‪َ -552‬و ُر َمَّبا َعاَقَبِت اْلَو اَو إذا‬
‫‪ - 1‬سورة األحقاف ‪ ،‬اآليتان ‪. 8-7 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪164‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫السادس من حروف العطف ‪ :‬أو ‪ .‬وله عدة معان حيددها السياق ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬التخيري واإلباحة ‪ .‬وذلك إذا سبقت بصيغة دالة على األمر ‪ .‬فمثال التخيري ‪ :‬تزوج‬
‫حفصة أو أختها ‪ .‬ومثال اإلباحية ‪ :‬اقرأ النحو أو البالغة ‪ ،‬والفرق بينهما ‪ :‬جواز‬
‫اجلمع بني املتعاطفني يف اإلباحة دون التخيري ‪.‬‬
‫‪ -2‬التقسيم وبيان األنواع حنو ‪ :‬الكلمة ‪ :‬اسم أو فعل أو حرف ‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلهبام من املتكلم على املخاطب ‪ .‬بشرط أن يسبق ( أو ) مجلة خربية تقول ‪ :‬حضر‬
‫صاحل أو علي ‪ .‬إذا كنت تعلم احلاضر منهما ‪ .‬ولكن قصدت اإلهبام على السامع ‪.‬‬
‫ومنه قوله تعاىل ‪ ( :‬وإنا أو إياكم لعلى هدى أو يف ضالل مبني ) (‪. )1‬‬
‫‪ -4‬الشك ‪ ،‬من املتكلم يف احلكم ‪ .‬بشرط أن يسبق ( أو ) مجلة خربية – أيضًا ‪-‬‬
‫كاملثال السابق إذا كنت ال تعلم من حضر منهما ‪ .‬ومنه قوله تعاىل ‪ ( :‬لبثت يومًا‬
‫أو بعض يوم )( ‪. )2‬‬
‫‪ -5‬اإلضراب ‪ .‬واملراد به ‪ :‬اإلضراب اإلبطايل ( وهو إبطال احلكم السابق ونفي‬
‫مضمونه واالنتقال عنه إىل ما بعده ) ‪ .‬حنو ‪ :‬عندي عشرة ضيوف أو زادوا ثالثة ‪.‬‬
‫أي ‪ :‬بل زادوا ثالثة ‪.‬‬
‫‪ -6‬الداللة على االشرتاك ومطلق اجلمع بني املتعاطفني فتكون مبعىن ( الواو ) ومثال ذلك‬
‫قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬اثبت ُأُح ُد فما عليك إال نيب أو صديق أو شهيدان )‬
‫وقد ورد احلديث برواية أخرى بالواو (‪ . )3‬وكقول الشاعر ‪:‬‬

‫كما أتى رَّبه موسى على قدر (‪)4‬‬ ‫جاء اخلالفة أو كانت له قدرًا‬

‫‪ - 1‬سورة سبأ ‪ ،‬آية ‪ . 24 :‬وانظر البحر احمليط ( ‪. ) 267 /7‬‬


‫‪ - 2‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪. 259 :‬‬
‫‪ - 3‬هذا احلديث أخرجه البخاري يف كتاب ( فضائل الصحابة ) باب ‪ :‬مناقب عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه ‪ .‬وراية ( الواو ) يف باب ‪:‬‬
‫قول النيب صلى اهلل عليه وسلم ‪ :‬لو كنت متخذًا خليًال ) ‪ .‬وقوله ( أحد ) بالضم منادى حبرف نداء حمذوف ‪.‬‬
‫‪ - 4‬املمدوح عمر بن عبد العزيز – رمحه اهلل – وقوله ( قدرًا ) بالفتح ‪ .‬أي ‪ :‬موافقة له ‪ .‬أو مقدرة ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪165‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫فاستعمل الشاعر ( أو ) مبعىن ( الواو ) أي ‪ :‬وكانت له قدرًا ‪ .‬لوضوح املعىن وعدم‬


‫اللبس ألن اخلالفة ال تتحقق إال مع قضاء اهلل وقدره ‪.‬‬
‫وإىل هذه املعاين أشار بقوله ‪ ( :‬خري أبح ‪ ...‬إخل ) فتضمن البيت األول ستة معاٍن ‪.‬‬
‫وقوله ( وإضراب هبا أيضًا مُن ي ) أي ‪ُ :‬نسب إليها مبعين أهنا تؤديه ‪ ،‬ويف البيت الذي يليه‬
‫ذكر املعين السابع ‪ .‬ومعىن ( عاقبت الواو ) أي جاءت مبعناها وصح أن حتل حملها ‪.‬‬
‫وقوله ( مل ُيلف ) أي جيد ( ذو النطق ) أي املتكلم ( للبس منفذًا ) أي بشرط أال جيد‬
‫املتكلم يف استعماهلا مبعىن الواو منفذًا للبس ‪ .‬أي ‪ :‬طريقًا إليه ‪ .‬بسبب خفاء معناها املراد‬
‫وعدم إدراك السامع أهنا مبعىن الواو ‪.‬‬

‫يِف ْحَنِو إَّم ا ِذ ي َو إَّم ا الَّناِئَيه ‪.‬‬ ‫ِن‬ ‫ِد‬ ‫ِم‬


‫‪َ -553‬و ْثُل أْو يِف اْلَق ْص إَّم ا الَّثا َيْه‬

‫تأيت( إما ) مسبوقة مبثلها حنو ‪ :‬أعطين إما كتاب التفسري وإما كتاب الفقه ‪ ،‬وال خالف‬
‫بني النحاة يف أن األوىل ليست عاطفة ‪ .‬بل حرف يفصل بني عامل قبله ومعمول يليه ‪.‬‬
‫ألنه ال يسبقها معطوف ‪.‬‬
‫وما بعدها يعرب على حسب حاجة العامل قبلها فقد يكون فاعًال حنو ‪ :‬سافر إما حممد‬
‫وإما علي ‪ ،‬وقد يكون مفعوًال كاملثال املتقدم وقد يكون حاًال كقوله تعاىل ‪ ( :‬إنا هديناه‬
‫السبيل إما شاكرًا وإما كفورًا ) (‪ )1‬وقد يكون بدًال كقوله تعاىل ‪ ( :‬حىت إذا رأوا ما‬
‫يوعدون إما العذاب وإما الساعة ) (‪ )2‬فـ ( العذاب ) بدل من ( ما ) ‪.‬‬

‫إعرابه ‪ ( :‬جاء ) فعل ماض ‪ .‬وفاعله ضمري مسترت يعود على املمدوح ‪ ( .‬اخلالفة ) مفعول به ( أو ) عاطفة مبعىن الواو ‪ ( .‬كما ) الكاف‬
‫حرف جر وما ‪ :‬مصدرية ‪ ( .‬أتى ) فعل ماض وهو هنا فعل متعد ألن معناه ‪ :‬وصل ( ربه ) منصوب على التعظيم واهلاء مضاف إليه ( موسى‬
‫) فاعل مؤخر و ( ما ) وما دخلت عليه يف تأويل مصدر جمرور بالكاف واجلار واجملرور صفة ملصدر حمذوف أي جاء اخلالفة جميئًا كإتيان ‪..‬‬
‫إخل‬
‫‪ - 1‬سورة اإلنسان ‪ ،‬آية ‪. 3 :‬‬
‫‪ - 2‬سورة مرمي ‪ ،‬آية ‪. 75 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪166‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وأما الثانية فالصحيح أهنا تشبه ( أو ) يف تأدية معىن من املعاين اخلمسة املتقدمة ‪ :‬وهي ‪:‬‬
‫التخيري حنو ‪ :‬خذ إما ثوبًا وإما درمهًا ‪ .‬واإلباحة حنو ‪ :‬جالس الفقهاء وإما النحاة ‪.‬‬
‫والتقسيم حنو ‪ :‬االسم إما جامد وإما مشتق ‪ .‬واإلهبام والشك حنو ‪ :‬سافر إما خالد وإما‬
‫عصام وال تأيت لإلضراب ‪ ،‬وال مبعىن الواو‪ .‬وليست عاطفة‪ ،‬ألهنا تقع دائمًا بعد الواو‬
‫العاطفة بال فاصل ‪ .‬وحرف العطف ال يدخل على حرف العطف بل هي حرف تفصيل‬
‫‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬ومثل أو يف القصد إما الثانية ) أي ‪ :‬إن ( ما ) الثانية يف املثال‬
‫املذكور مثل ( أو ) يف القصد ‪ :‬أي يف املعىن ‪ .‬وهذا فيه إشارة إىل أهنا غري عاطفة ‪ .‬ولذا‬
‫مل يذكرها يف تعداد حروف العطف أول الباب ولكنها ذكرت مع حروف العطف إما‬
‫ملشاركتها لـ ( أو ) يف غالب معانيها أو للرد على من قال ‪ :‬إهنا عاطفة ‪ .‬أو لغري ذلك ‪.‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬إما ذي وإما النائية ) التقدير – مثًال – خذ إما هذه الشاة القريبة وإما النائية ‪.‬‬
‫أي البعيدة ‪.‬‬

‫****‬

‫ِنَد اًء أْو أْم رًا أْو إْثَباتًا َتاَل‬ ‫‪َ -554‬و أْو ِل َلِكْن َنْف يًا أْو هَن يًا َو اَل‬

‫السابع من حروف العطف ‪ :‬لكن ‪ .‬ومعناها االستدراك ‪ .‬وهذا املعىن ال يفارقها أبدًا‬
‫حىت ولو مل تكن عاطفة ‪ .‬وتكون عاطفة بثالثة شروط ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أن يقع بعدها مفرد ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬أن يسبقها نفي أو هني ‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أال تقرتن هبا الواو ‪ .‬حنو ‪ :‬ما جاء الضيف لكن ابنه ‪ .‬ال تكرم خالدًا لكن علّيًا ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪167‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فإن كان بعدها مجلة حنو ‪ :‬ما قرأت احلديث لكن قرأت التفسري ‪ .‬أو مل يتقدمها نفي‬
‫أو هني حنو ‪ :‬الكتاب صغري لكن نفعه عظيم ‪ .‬فهي حرف ابتداء واستدراك ال عاطفة‬
‫وما بعدها كالم مستأنف ‪.‬‬
‫وإن اقرتنت هبا الواو فهي حرف ابتداء – أيضًا – والواو هي العاطفة كقوله تعاىل ‪:‬‬
‫( ما كان حممد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول اهلل وخامت النبيني ) (‪ . )1‬فالواو عاطفة‬
‫و ( لكن ) حرف ابتداء ‪ .‬و ( رسول ) خرب لكان احملذوفة مع امسها ‪.‬‬
‫الثامن ‪ :‬من حروف العطف ‪ :‬ال ‪ .‬وهي تفيد نفي احلكم عن املعطوف ‪ .‬وقصره على‬
‫املعطوف عليه ‪ .‬وشرط كوهنا عاطفة أن يكون املطعوف مفردًا ‪ .‬وأن تسبق بنداء أو أمر‬
‫أو إثبات حنو ‪ :‬يا خالد ال عمرو ‪ .‬أعطين الكتاب ال القلم ‪ .‬املستقيم مطمئن ال العاصي ‪.‬‬
‫فإن كان ما بعدها مجلة حنو ‪ :‬تصان املمالك باجليوش واألعمال ال تصان باخلطب‬
‫واآلمال ‪ .‬فهي ليست عاطفة ‪ .‬وإمنا هي حرف نفي واجلملة بعدها مستأنفة ‪.‬‬
‫وإىل هذين احلرفني أشار بقوله ‪ ( :‬وأول لكن نفيًا ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬اجعل ( لكن ) والية‬
‫نفيًا أو هنيًا ‪ .‬أي ‪ :‬واقعة بعدمها ‪ .‬وقوله ‪ ( :‬وال نداء أو أمرًا أو إثباتًا تال ) ‪ .‬ال ‪ :‬مبتدأ‬
‫قصد لفظه ‪ ،‬خربه قوله ( تال ) والتقدير ‪ :‬وال العاطف تال نداء أو أمرًا أو إثباتًا‪ ،‬أي ال‬
‫يكون عاطفًا إال إذا وقع بعد واحد من هذه الثالثة ‪.‬‬

‫***‬

‫َك َلْم أُك ْن يِف َمْر َبع َبْل َتْيَه ا‬ ‫‪َ -555‬و َبْل َك لِكْن َبْع َد َم ْص ُح وَبْيَه ا‬
‫يِف اَخْلِرَب ا ْثَبِت واألْم ِر اَجْلِلي‬ ‫‪ -556‬ا ُق ا ِللَّثاِن ْك األَّو ِل‬
‫ُح َم‬ ‫َو ْن ْل َهِب‬
‫ُمل‬
‫التاسع من حروف العطف ‪ :‬بل ‪ .‬ويشرتط دخوهلا على مفرد ‪ ،‬وأما معناها فيختلف‬
‫باختالف ما قبلها ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة األحزاب ‪ ،‬آية ‪. 40 :‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪168‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫أ‪ -‬فإن تقدم عليها نفي أو هني ‪ .‬أفادت إقرار احلكم السابق ‪ .‬وإثبات نقيضه ملا بعدها‬
‫‪ ،‬حنو ‪ :‬ما جاء الضيف بل ابنه ‪ .‬فقد اثبت (بل ) نفي اجمليء للضيف وجعلت ضد‬
‫هذا النفي – وهو اجمليء – ثابتًا البنه ‪.‬‬
‫ب‪ -‬وإن تقدم عليها كالم مثبت أو أمر صريح أفادت اإلضراب عن احلكم السابق‬
‫وتركه ‪ ،‬وصرف احلكم إىل ما بعدها ‪ .‬حنو ‪ :‬اشرتيت كتابًا بل قلمًا ‪ ،‬أكرم خالدًا‬
‫بل علّيًا ‪.‬‬
‫فإن وقع بعدها مجلة فليست عاطفة بل هي لإلضراب ‪ .‬وتكون حرف ابتداء وما بعدها‬
‫مستأنف ‪ .‬وهذا اإلضراب إما إبطايل ‪ .‬أي الداللة على أن ما قبلها كالم باطل كقوله‬
‫تعاىل ‪ََ ( : .‬قاُلوا اَخَّتَذ الَّر َمْحُن َو َلدًا ُس ْبَح اَنُه َبْل ِعَباٌد ُّم ْك َر ُموَن ) [ األنبياء ‪. ] 26 :‬‬
‫أو انتقايل ‪ .‬أي جملرد الداللة على االنتقال من غرض إىل غرض كقوله تعاىل ‪َ ( :‬قْد َأْفَلَح‬
‫َم ن َتَز َّك ى * َو َذَك َر اْس َم َر ِّبِه َفَص َّلى * َبْل ُتْؤ ِثُر وَن اَحْلَياَة الُّد ْنَيا ) [ األعلى ‪. )16 -14 :‬‬
‫وعن العطف بـ ( بل ) قال ابن مالك ‪ ( :‬وبل كلكن ‪ ...‬إخل ) أي ‪ :‬أن ( بل ) مثل‬
‫( لكن ) يف تقرير حكم ما قبلها وجعل ضده ملا بعدها ( بعد مصحوبيها ) أي النفي‬
‫والنهي ‪ :‬مث ذكر املثال ‪ .‬واملْر َبع ‪ :‬منزل الربيع ‪ ،‬والتيها ‪ :‬مقصور للضرورة وأصله ‪:‬‬
‫تيهاُء ‪ .‬وهي األرض اليت ال ُيهتدي هبا ‪.‬‬
‫مث بني أن ( بل ) يعطف هبا يف اخلرب املثبت واألمر اجللي فتفيد اإلضراب عن األول ونقل‬
‫احلكم إىل الثاين ‪ ،‬وقوله ‪ ( :‬واألمر اجللي ) أي ‪ :‬الصريح كفعل األمر واملضارع املقرون‬
‫بالم األمر ‪ ،‬وهذا قيد إلخراج األمر غري اجللي كالعرض والتحضيض وغريمها ‪ ،‬وهذا عند‬
‫ابن مالك ومن وافقه ‪ ،‬ويرى آخرون إحلاق األمر غري الصريح باألمر الصريح ‪ ،‬فتقول ‪:‬‬
‫أال تكرم خالدًا بل بكرًا ‪.‬‬
‫****‬

‫ِِص ِب ِم ِرْي ِص‬ ‫ِص‬ ‫ِم ِري‬ ‫ِإ‬


‫َعَطْف َت َفاْف ْل الَّض اُملْنَف ْل‬ ‫‪َ -557‬و ْن َعَلى َض َر ْفٍع ُم َّت ْل‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪169‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫يِف الَّنْظِم َفاِش يًا َو َض ْع َف ُه اْعَتِق ْد‬ ‫‪ -558‬أْو َفاِص ٍل َم ا َو ِباَل َفْص ٍل َيِر ْد‬

‫القاعدة يف هذا الباب أنه جيوز عطف االسم الظاهر على مثله أو على الضمري وجيوز‬
‫عطف الضمري على مثله أو على االسم الظاهر ‪ ،‬لكن يستحسن الفصل بني املتعاطفني يف‬
‫حالتني ‪:‬‬
‫األوىل ‪ :‬إذا كان املعطوف عليه ضمريًا مرفوعًا متصًال ‪ ،‬بارزًا كان أو مسترتًا فيفصل‬
‫بينه وبني املعطوف بفاصل ‪ ،‬ويقع الفصل كثريًا بضمري مرفوع منفصل مناسب حنو ‪ :‬لقد‬
‫كنَت أنت وإخواُنك من الدعاة إىل اهلل ‪ ،‬قال تعاىل ‪َ { :‬لَقْد ُك نُتْم َأنُتْم َو آَباُؤ ُك ْم يِف‬
‫َض اَل ٍل ُّم ِبٍني } ( األنبياء ‪ . )54 :‬فقوله ‪ ( :‬وآباءكم ) معطوف الضمري املرفوع املتصل‬
‫يف ( كنتم ) وقد فصل بـ ( أنتم ) فهو توكيد ملا قبله ‪.‬‬
‫وقد يقع الفصل بغري الضمري املنفصل ‪ ،‬وذلك كاملفعول به حنو ‪ :‬أكرمتك وأخوك ‪ .‬قال‬
‫تعاىل ‪َ { :‬ج َّناُت َعْد ٍن َيْد ُخ ُلوَنَه ا َو َمْن َص َلَح ِم ْن آَباِئِه ْم َو َأْز َو اِج ِه ْم َو ُذِّر َّياِهِتْم َو ا َالِئَك ُة‬
‫َمل‬
‫َيْد ُخ ُلوَن َعَلْيِه م ِّم ن ُك ِّل َباٍب }( الرعد‪.)23:‬فـ (من) معطوف على الواو يف (يدخلوهنا)‬
‫وقد وقع الفصل باملفعول به ‪ ،‬وهو ( اهلاء ) ِم ْن ( يدخلوهنا )‪ ،‬ومثله الفصل بـ ( ال )‬
‫النافية كقوله تعاىل ‪َ { :‬س َيُقوُل اَّلِذ يَن َأْش َر ُك وْا َلْو َش اء الّلُه َم ا َأْش َر ْك َنا َو َال آَباُؤ َنا}‬
‫( األنعام ‪.)148 :‬فـ ( آباؤنا ) معطوف على ( نا ) وجاز ذلك للفصل بـ ( ال ) النافية‪.‬‬
‫ومثال املسترت ‪ :‬اجتهد أنت وزمالؤك يف الدعوة إىل اهلل باحلكمة ‪ .‬قال تعاىل ‪{ :‬‬
‫اْس ُك ْن َأنَت َو َز ْو ُج َك اَجْلَّنَة } ( البقرة ‪ . )35 :‬فـ ( زوجك ) معطوف على الضمري‬
‫املسترت يف ( اسكن وقد وقع الفصل بالضمري املنفصل وهو ( أنت ) ‪.‬‬
‫وقد ورد العطف على الضمري املتصل املرفوع بال فاصل ‪ ،‬قليًال يف‬
‫النثر وكثريًا يف الشعر ‪ ،‬فمن النثر ما حكاه سيبويه – رمحه اهلل ‪ : -‬مررت برجل سواٍء‬
‫والعدُم‪ .‬برفع ( العدم ) عطفًا على الضمري املسترت يف ( سواء ) ألنه اسم مبعىن املشتق‬
‫( متساٍو ) فهو متحمل للضمري ‪ ،‬وقد وقع العطف بال فاصل ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪170‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ومن الشعر قول جرير ‪:‬‬
‫ما مل يكن وَأٌب له ليناال(‪. )1‬‬ ‫ورجا اُألخيطُل من سفاهة رأيه‬
‫َفَعَطَف االسم الظاهر املرفوع – وهو قوله ‪( :‬أب ) – على الضمري املسترت يف (يكن )‬
‫الذي هو امسها ‪ .‬من غري أن يؤكد ذلك بالضمري املنفصل ‪ ،‬أو يفصل بفاصل آخر ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وإن على ضمري رفع متصل عطفت ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬إذا عطفت على‬
‫ضمري الرفع املتصل فافصل بني املتعاطفني بالضمري املرفوع املنفصل أو أي فاصل آخر ‪ .‬مث‬
‫بني أن عدم الفصل َيِر ُد يف الشعر ( فاشيًا ) أي كثريًا ‪ ،‬وأنه مع كثرته ضعيف ال يقاس‬
‫عليه ‪ .‬وهذا فيه نظر ‪ .‬والصواب صحة القياس عليه يف الشعر بال ضعف ما دام أنه كثري‬
‫(‪ . )2‬ويفهم منه أنه غري فاٍش يف النثر وأنه قليل ‪.‬‬

‫*****‬

‫َض ِم ِري َخ ْف ٍض الِز مًا َقْد ُج ِعاَل‬ ‫‪َ -559‬و َعْو ُد َخ اِفٍض َلَد ِعْطٍف َعَلى‬
‫ْيِف الَّنْظِم والَّنْثِر الَّص ِح يِح ُم ْثَبَتا‬ ‫‪ِ -560‬و َلْيَس ِعْنِدْي اَل ِز مًا إْذ َقْد أَتى‬

‫هذه احلالة الثانية اليت يستحسن فيها الفصل بني املتعاطفني وهي أن يكون املعطوف‬
‫عليه ضمريًا جمرورًا ‪ ،‬حبرف أو بإضافة ‪ ،‬فيفصل بني املتعاطفني بإعادة عامل اجلر – من‬
‫حرف أو مضاف – مع املعطوف ‪ ،‬تقول ‪ :‬ما عليك وعلى زمالئك إذا قمتم بالواجب‬
‫‪ .‬قال تعاىل ‪َُّ {:‬م اْس َتَو ى ِإىَل الَّس َم اء َو ِه َي ُدَخ اٌن َفَق اَل َهَلا َو ِلَأْلْر ِض ِاْئِتَيا َطْو عًا َأْو َك ْر هًا‬

‫‪ - 1‬املعىن ‪ :‬أن األخطل يتمىن أن يصل إىل شيء من اآلمال واألحالم ال ميكن أن يناهلا هو وأبوه ‪ .‬وهذا من فساد رأيه وضعف تفكريه ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ ( :‬ورجا األخيطل ) فعل وفاعل ‪ ( .‬ما ) نكرة مبعىن ( شيء ) أو اسم موصول مبعىن ( الذي ) مفعول به لـ ( رجا ) ( ليناال ) الالم الم‬
‫اجلحود و( يناال ) فعل مضارع منصوب بـ ( أن ) املضمرة وجوبًا بعد الم اجلحود ‪ ،‬وعالمة نصبه حذف النون ‪ ،‬واأللف فاعل ‪ .‬واجلملة يف‬
‫حمل نصب خرب ( يكن ) ومجلة ( يكن ) صفة لـ ( ما ) إن كانت نكرة ‪ ،‬أو صلة إن كانت موصولة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬قال أبو العباس املربد يف كتابه ( الكامل ) ‪ ( :‬والشاعر إذا احتاج أجراه بال توكيد الحتمال الشعر ما ال حيسن يف الكالم ن مث ساق‬
‫الشاهد املذكور وشاهدًا آخر ‪ .‬مث قال ‪ ،‬وهذا كثري ) ‪. )1/418‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪171‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫َقاَلَتا َأَتْيَنا َطاِئِعَني } ( فصلت ‪ ، )11 :‬فـ ( األرض ) معطوف على الضمري املتصل اجملرور‬
‫وهو ( اهلاء ) وقد أعيد حرف اجلر وهو الالم مع املعطوف فوقع فاصًال بني املتعاطفني ‪.‬‬
‫وتقول ‪ :‬يف إعادة عامل اجلر وهو مضاف ‪ ،‬كتابك وكتاب أخيك متشاهبان‪،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫{ َقاُلوْا َنْع ُبُد ِإَلـَه َك َو ِإَلـَه آَباِئَك } ( البقرة ‪ . )133 :‬فـ ( آبائك ) معطوف على الضمري‬
‫املضاف إليه وهو الكاف األوىل ‪ ،‬وقد أعيد املضاف وهو عامل اجلر ( إله ) مع املعطوف‬
‫‪ ،‬فوقع فاصًال بني املتعاطفني ‪.‬‬
‫وهذا هو رأي اجلمهور ‪ ،‬وقال الكوفيون ‪ :‬واختاره ابن مالك – إن ذلك ال يلزم لورود‬
‫السماع بالعطف دون إعادة اجلار ‪ ،‬فمنه قوله تعاىل ‪ٌّ { :‬د ن ِبيِل الّلِه ُكْف ِبِه‬
‫َو ٌر‬ ‫َو َص َع َس‬
‫َو اْلَمْس ِج ِد اَحْلَر اِم } ( البقرة ‪ . )217 :‬فـ ( املسجد ) معطوف على الضمري اجملرور بالباء‬
‫يف قوله (به ) – على أحد األعاريب(‪ . )1‬بدون إعادة اجلار ‪.‬‬
‫وقوله تعاىل ‪َ{ :‬و اَّتُقوْا الّلَه اَّلِذي َتَس اءُلوَن ِبِه َو اَألْر َح اَم } ( النساء ‪ . )1 :‬فقد قرأ محزة‬
‫– وهو من السبعة – جبر ( األرحام ) عطفًا على اهلاء اجملرورة بالباء ‪ ،‬واملعين ‪ :‬واتقوا اهلل‬
‫الذي تساءلون به وباألرحام ألهنم كانوا يقولون أنشدك باهلل وبالرحم ‪ ،‬ومن النظم قول‬
‫الشاعر ‪:‬‬
‫فاذهب فما بك واألياِم من َعَج ِب (‪. )2‬‬ ‫فاليوم قَّر بت هتجونا وتشتمنا‬

‫فعطف قوله ‪ ( :‬واأليام ) على الضمري اجملرور بالباء – وهو الكاف – من غري إعادة‬
‫اجلار ‪.‬‬

‫‪ - 1‬وهذا اإلعراب رجحه أبو حيان يف تفسريه ( ‪ )157-2/155‬وذكر شواهده من كالم العرب ‪ ،‬وقيل ‪ :‬إن قوله ‪ ( :‬واملسجد احلرام )‬
‫معطوف على ( سبيل اهلل ) أي ‪ :‬صد عن سبيل اهلل وعن املسجد احلرام ‪ ،‬وسوغ العطف أن مضمون معىن ( صد عن سبيل اهلل وكفر به )‬
‫واحد ‪ ،‬وقيل غري ذلك ‪ ،‬وقوله ( وصد ) مبتدأ مرفوع خربه ( أكرب ) ‪.‬‬
‫‪ - 2‬قربت ‪ :‬أخذت وشرعت ‪ :‬هتجونا ‪ :‬تسبنا ‪.‬‬
‫إعرابه ‪( :‬قربت ) قرب ‪ :‬فعل ‪ ،‬ماض ‪ ،‬ناسخ من أفعال الشروع ‪ ،‬والتاء ‪ ،‬امسه ( هتجونا ) هتجو ‪ :‬فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على‬
‫الواو للثقل ‪ ،‬والفاعل ضمري مسترت وجوبًا تقديره ‪ :‬أنت ‪ ،‬و(نا) مفعول به ‪ ،‬واجلملة يف حمل نصب خرب ( قربت ) ‪ ( ،‬فاذهب ) الفاء واقعة يف‬
‫جواب شرط مقدر أي ‪ :‬إن تفعل ذلك فاذهب ‪ ،‬أو أهنا مستأنفة ( فمابك ) الفاء ‪ :‬تعليلية و( ما ) نافية ‪ :‬و(بك ) خرب مقدم (من ) زائدة‬
‫( عجب ) مبتدأ مؤخر ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪172‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وعود خافض لدى عطف ‪ ..‬إخل ) أي ُج ِعَل عود اخلافض على‬
‫املعطوف عند العطف على الضمري املخفوض أمرًا الزمًا عند النحاة ‪ ،‬ولكنه ليس الزمًا‬
‫عندي ألن عدم إعادته مع املعطوف أمر ثابت حتقق يف النثر والنظم الواردين عن العرب ‪.‬‬
‫أي هو أمر يؤيده السماع ‪.‬‬

‫*****‬

‫َو الَو اُو إْذ ال َلْبَس َو ْه َي اْنَف َر َدْت‬ ‫‪َ -561‬و الَف اُء َقْد ْحَتَذ ُف َمْع َم ا َعَطَف ْت‬
‫َم ْع ُم وُلـه دَفعًا ِلَو ْه ٍم اُّتِق ي‬ ‫‪ِ -562‬بَعْطِف َعاِم ٍل ُمَز اٍل َقْد َبقي‬

‫من أحكام الفاء العاطفة ‪ ،‬جواز حذفها مع معطوفها إذا أمن اللبس وذلك إذا وجد ما‬
‫يدل على ذلك كقوله تعاىل ‪َ{ :‬فُق ْلَنا اْض ِر ب ِّبَعَص اَك اَحْلَج َر َفانَف َج َر ْت ِم ْنُه اْثَنَتا َعْش َر َة‬
‫َعْينًا}( البقرة ‪ . )60 :‬والتقدير ‪ :‬فضرب فانفجرت‪.‬ألن االنفجار مل حيصل مبجرد األمر‬
‫ِب‬
‫بالضرب‪،‬بل بالضرب نفسه‪،‬وتشاركها ( الواو )‪،‬يف هذا احلكم كقوله تعاىل‪َ {:‬س َر ا يَل‬
‫َتِق يُك ُم اَحْلَّر } ( النحل ‪ . )81 :‬أي والربد ‪ ،‬فحذفت الواو مع معطوفها ‪ ،‬والدليل على‬
‫املعطوف بالواو احملذوف أن كل ما يقي احلر يقي الربد ‪ ،‬ومنه قوهلم ‪ :‬راكب الناقة‬
‫طليحان ‪ ،‬أي ‪ :‬راكب الناقة والناقة طليحان (‪.)1‬والدليل على احملذوف جميء اخلرب مثىن‪.‬‬
‫واختصت الواو من بني حروف العطف بأهنا تعطف عامًال حمذوفًا بقي معموله ‪ ،‬ومثاله ‪:‬‬
‫قوله تعاىل ‪َ{:‬و ُقْلَنا َيا آَدُم اْس ُك ْن َأنَت َو َز ْو ُج َك اَجْلَّنَة } ( البقرة ‪ . )35 :‬فـ ( زوجك )‬
‫فاعل لفعل حمذوف ‪ ،‬والتقدير ‪ :‬ولتسكن زوجك ‪ .‬واجلملة معطوفة على اجلملة اليت‬
‫قبلها ‪ ،‬إذ لو عطف على الضمري لزم عليه أن فعل األمر يرفع االسم الظاهر ‪ ،‬وأجازه‬
‫فريق من النحاة حبجة أنه يغتفر يف التابع ما ال يغتفر يف املتبوع ‪ ،‬وهو رأي جيد وال داعي‬
‫للتقدير ‪ ،‬واختاره أبو حيان يف تفسريه ‪ ،‬وتقدم أن التمثيل هبذه على اإلعراب يف العطف‬

‫‪ - 1‬بفتح الطاء املهملة أي ‪ :‬ضعيفان ‪.‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪173‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫على الضمري املتصل املرفوع ‪ .‬هذا ما ذكره ابن مالك وغريه من النحاة والصحيح أن الفاء‬
‫تشارك الواو يف هذا احلكم ‪ ،‬حنو ‪ :‬تصدق بدينار فصاعدًا ‪ ،‬والتقدير ‪ :‬فذهب الدينار‬
‫صاعدًا ‪ .‬فـ ( صاعدًا ) حال حذف عاملها املعطوف بالفاء وهو ( فذهب ) ‪.‬‬
‫ويف أحكام الواو والفاء قال ابن مالك ‪ ( :‬والفاء قد حتذف مع ما عطفت ‪ ..‬إخل ) أي ‪:‬‬
‫أن الفاء قد حتذف مع معطوفها ‪ ،‬وتشاركها الواو يف هذا احلكم وقوله ‪ ( :‬إذ ال لبس )‬
‫قيد فيهما ‪ ،‬و( إذ ) ظرفية ‪ ،‬أي ‪ :‬وقت عدم اللبس ‪ ،‬مث ذكر أن الواو انفردت من بني‬
‫حروف العطف بعطف عامل ( مزال ) أي ‪ :‬حمذوف وقد بقي معموله ‪ ،‬وقوله ( دفعًا‬
‫لوهم اُّتِق ي ) أي ‪ :‬أن محل مثل هذا على حذف العامل إمنا هو لرفع ما يتقي من كونه‬
‫معطوفًا على املوجود ‪ ،‬وهذان البيتان حقهما التقدمي قبل ذكر أحكام املعطوف ‪.‬‬

‫****‬

‫ِف ِص‬ ‫ِف‬


‫َو َعْطَف ُك اْل ْع َل َعَلى اْل ْع ِل َي ْح‬ ‫‪َ -563‬و َح ْذ َف َم ْتُبوٍع َبَد َا ُه َنا اسَتِبْح‬

‫هنا مسالتان ‪:‬‬


‫األوىل ‪ :‬جيوز حذف املعطوف عليه إذا أمن اللبس كقوله تعاىل ‪َ { :‬أَفَلْم َيَر ْو ا ِإىَل َم ا َبَنْي‬
‫َأْيِد يِه ْم َو َم ا َخ ْلَف ُه م } ( سبأ ‪ . )9 :‬قالوا ‪ :‬التقدير ‪ :‬أعموا فلم يروا ‪ ،‬وقوله تعاىل ‪:‬‬
‫{َأَو ْمَل َيَتَف َّك ُر وْا} ( األعراف ‪ . )184 :‬أي ‪ :‬انسوا ومل يتفكروا( ‪. )1‬‬

‫‪ - 1‬هذا رأي الزخمشري يف كتابه ( املفصل ) ص ‪ ،319‬ومن وافقه قالوا ‪ :‬إذا دخلت = مهزة االستفهام على الواو أو الفاء ‪ ،‬فإن اجلملة بعد‬
‫العاطف ‪ ،‬معطوفة على مجلة حمذوفة ‪ ،‬موقعها بني اهلمزة والعاطف ‪ ،‬والقول الثاين للجمهور ‪ :‬وهو أن اهلمزة تركت مكاهنا بعد حرف‬
‫العطف وتقدمت عليه تنبيهًا على أصالتها يف التقدير ‪ :‬وأن اجلملة بعد العاطف معطوفة على اجلملة اليت قبله وقبل اهلمزة واألصل ‪ ،‬فأمل يروا‬
‫مث تقدمت اهلمزة فصار ‪ :‬أفلم يروا ‪ ،‬وقد وافقهم الزخمشري يف بعض اآليات من تفسريه انظر دراسات ألساليب القرآن (‪ . )1/2/610‬و‬
‫( حنو الزخمشري ) ص ‪.215‬‬
‫وكال الرأيني – كما يقول صاحب النحو الوايف – معيب قائم على احلذف والتقدير أو التقدمي والتأخري ن واألحسن أن تكون الواو والفاء‬
‫حروف استئناف وما بعدها مجلة مستأنفة ‪ ،‬فإهنم قد نصوا على جميء الواو والفاء لالستئناف وال مانع من دخول اهلمزة على حرف العطف‬
‫لكثرة الوارد يف القرآن ‪ .‬وهذا رأي جيد فيه إبقاء اآليات القرآنية الكثرية على ظاهرها دون اللجوء إىل تقدير حمذوف أو قول بتقدمي وتأخري‬
‫واهلل أعلم ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪174‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫املسألة الثانية ‪ :‬أن العطف ليس خمتصًا باألمساء ‪ ،‬بل يكون فيها ويف األفعال ويشرتط‬
‫لعطف الفعل على الفعل احتادمها يف الزمان بأن يكون زمنهما معًا ماضيًا أو حاًال أو‬
‫مستقبًال ‪ ،‬فال يعطف ما يفيد املاضي على ما يفيد املستقبل وال العكس ‪.‬‬
‫قال تعاىل ‪َ {:‬يْق ُد ُم َقْو َمُه َيْو َم اْلِق َياَم ِة َفَأْو َر َدُه ُم الَّناَر َو ِبْئَس اْلِو ْر ُد اْلَمْو ُر وُد } ( هود ) ‪.‬‬
‫فالفعل ( أورد ) ماض معطوف على املضارع ( يقدم ) ومها خمتلفان نوعًا ‪ ،‬لكن زماهنما‬
‫متحد ‪ ،‬ألن مدلوهلما مستقبل وهو يوم القيامة ‪ ،‬وقال تعاىل ‪َ { :‬تَباَر َك اَّلِذي ِإن َش اء‬
‫َجَعَل َلَك َخرْي ًا ِّم ن َذِلَك َج َّناٍت ْجَتِر ي ِم ن ْحَتِتَه ا اَأْلْنَه اُر َو ْجَيَعل َّلَك ُقُصورًا } ( الفرقان ‪:‬‬
‫‪ . )10‬فالفعل ( جيعل ) مضارع جمزوم ألنه معطوف على املاضي ( جعل ) املبين على‬
‫الفتح يف حمل جزم ‪.‬‬
‫وصح العطف الحتاد زماهنما وهو املستقبل ‪.‬‬
‫والدليل على العطف يف األفعال نصب املضارعني معًا أو جزمهما معًا بغري تكرار‬
‫الناصب واجلازم قبل الفعل املعطوف ‪ ،‬تقول ‪ :‬يعجبين أن تكتَب وتفَه َم ‪ .‬قال تعاىل ‪{ :‬‬
‫َو َأنَز ْلَنا ِم َن الَّس َم اِء َم اًء َطُه ورًا * ِلُنْح ِيَي ِبِه َبْلَد ًة َّم ْيتًا َو ُنْس ِق َيُه َّمِما َخ َلْق َنا َأْنَعامًا َو َأَناِس َّي َك ِثريًا‬
‫} ( الفرقان ك ‪ . )49‬فـ ( نسقيه ) فعل مضارع منصوب ‪ ..‬ألنه معطوف على الفعل‬
‫قبله ( لنحيي ) ‪.‬‬
‫ِت‬ ‫ِإ ِم‬
‫ومثال اجلزم ‪ :‬أنت مل حتضْر وتكتْب ‪ .‬قال تعاىل ‪َ {:‬و ن ُتْؤ ُنوا َو َتَّتُقوا ُيْؤ ُك ْم‬
‫ُأُج وَر ُك ْم } ( حممد ‪ . )36 :‬فالفعل ( تتقوا ) جمزوم حبذف النون ومل يتقدمه جازم فهو‬
‫معطوف على فعل الشرط ( تؤمنوا ) ‪.‬‬
‫أما عطف املاضي على املاضي أو املضارع املرفوع على مثله فهو حمتمل ألن يكون من‬
‫عطف الفعل على الفعل أو عطف اجلملة على اجلملة إذا مل يوجد قرينة تعني نوع العطف‬
‫‪ ،‬حنو ‪ :‬يشتد احلر فيكثر الُر َطُب ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪175‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫أما يف مثل قوله تعاىل ‪َ {:‬و َك َّذ ُبوا َو اَّتَبُعوا َأْه َو اءُه ْم َو ُك ُّل َأْم ٍر ُّم ْس َتِق ٌّر } ( القمر ‪) 3 :‬‬
‫فهو عطف مجلة ماضوية على مثلها لوجود فاعل غري مستقل وهو الضمري املتصل لكل‬
‫فعل ماض منهما ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وحذف متبوٍع ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن حذف املتبوع وهو املعطوف عليه‬
‫إذا بدا وظهر يف الكالم (هنا ) أي يف هذا الباب أو هذا املوضع وهو العطف بالواو والفاء‬
‫ألن الكالم فيهما ( استبح ) أي ‪ :‬اجعله مباحًا مث ذكر عطف الفعل على الفعل يصح‬
‫وذلك بشرط احتاد زماهنما كما تقدم وقوله ‪ ( :‬يصح ) أصلها ‪ :‬يصّح بالتشديد مع‬
‫التسكني وخففت احلاء الساكنة للوزن ‪.‬‬

‫******‬

‫َو َعْكسًا اْس َتْع ِم ْل ِجَت ْد ُه َس ْه ال‬ ‫‪ -564‬واْع ِط ْف َعَلى اْس ٍم ِش ْبِه ِفْع ٍل ِفْع ال‬

‫جيوز أن يعطف الفعل على االسم املشبه للفعل كاسم الفاعل واسم املفعول وغريمها ‪،‬‬
‫وجيوز عكس هذا وهو أن يعطف االسم املشبه للفعل على الفعل ‪.‬‬
‫فمثال عطف الفعل على ما يشبهه ‪ ،‬أنت مشاركنا يف الدعوة إىل اهلل وتستجيب لطلبنا ‪،‬‬
‫قال تعاىل ‪َ { :‬فاْلُم ِغَرياِت ُصْبحًا* َفَأَثْر َن ِبِه َنْق عًا} ( العاديات ‪. )4-3 :‬‬
‫فقد عطف ( أثرن ) وهو فعل ماض على ( املغريات ) وهو اسم فاعل يشبه الفعل يف‬
‫املعىن ألن التقدير ‪ :‬والاليت أغرن فأثرن ‪ ،‬والنقع ‪ :‬الغبار ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪176‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ومثال عطف ما يشبه الفعل على الفعل ‪ :‬أنت حتضر معنا ومشارُك نا (‪ )1‬يف الدعوة إىل‬
‫ِت ِم‬ ‫ِت‬ ‫ِم‬ ‫ِل‬ ‫ِإ‬
‫اهلل ‪ .‬قال تعاىل ‪َّ { :‬ن الّلَه َفا ُق اَحْلِّب َو الَّنَو ى ْخُيِر ُج اَحْلَّي َن اْلَم ِّي َو ْخُمِر ُج اْلَم ِّي َن‬
‫اَحْلِّي َذِلُك ُم الّلُه َفَأىَّن ُتْؤ َفُك وَن } ( ‪)95‬‬
‫فقد عطف ( خمرج ) وهو اسم فاعل على ( خيرج ) وهو فعل مضارع ألنه يف معناه ‪ ،‬أو‬
‫يكون معطوفًا على اسم الفاعل ( فالق ) فيكون من عطف اسم الفاعل على مثله ‪ ،‬وال‬
‫شاهد يف اآلية حينئذ ‪ ،‬وكقول الشاعر ‪:‬‬

‫يقصد يف أسوقها وجائر (‪. )2‬‬ ‫بات ُيَعِّشيها ِبَعْض ٍب باتر‬

‫قد عطف (جائر ) وهو اسم فاعل على ( يقصد ) وهو فعل مضارع ألنه يف معناه ‪ .‬ألن‬
‫جائر مبعىن ( جيور) ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬واعطف على اسم شبه فعل فعال ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬اعطف الفعل على‬
‫االسم املشبه للفعل ‪ ،‬واعطف االسم املشبه للفعل على الفعل ‪.‬‬

‫*****‬

‫‪ - 1‬إذا عطف االسم املشبه للفعل على الفعل وافقه يف إعرابه ‪ ،‬فهنا ( حتضر ) مضارع مرفوع‪ :‬فريفع املعطوف وهو ( مشاركنا‬
‫)‪.‬‬
‫ِه‬‫ِب‬ ‫ِت‬ ‫ِغ‬
‫أما العكس وهو عطف الفعل على االسم كقوله تعاىل ‪َ { :‬فاْلُم َريا ُصْبحًا* َفَأَثْر َن َنْق عًا} فلو قلنا بالتشريك يف اإلعراب‬
‫ألدى ذلك إىل القول جبر الفعل ألن املعطوف عليه جمرور وهو ( فاملغريات ) وهلذا قال الفخر الرازي يف تفسريه (‪ )32/66‬إن‬
‫الفعل هنا معطوف على فعل حمذوف حل حمله االسم املشتق ( فاملغريات ) ‪.‬‬
‫واألصل ‪ :‬فأغرن صبحًا فأثرن نقعًا ‪ ..‬أو يقال إن املعطوف غري تابع للمعطوف عليه يف اإلعراب ‪ ،‬بل فائدة العطف مقصورة‬
‫على الربط املعنوي ‪ ،‬واهلل أعلم ‪.‬‬
‫‪ - 2‬يعشيها ‪ :‬بالعني املهملة أي ‪ :‬يطعمها العشاء بضرهبا بالَعْض ِب وهو ‪ :‬السيف البتار يوجهها إىل سيقاهنا لينحرها لضيوفه بدًال من أن‬
‫يعشيها بالعلف‪ ،‬فهو يقصد أسوق اليت تستحق الذبح وجيور إىل أخرى ال تستحقه ويروي بالغني مأخوذ من الغشاء وهو كالغطاء وزنًا ومعىن ‪.‬‬
‫( انظر ‪ :‬النحو الوايف ‪. )3/649‬‬
‫إعرابه ‪( :‬بات ) فعل ماض ناقص ‪ ،‬وامسه ضمري مسترت ( يعشيها ) اجلملة يف حمل نصب خرب (بات ) (بعضب ) متعلق بالفعل قبله (باتر )‬
‫صفة ومجلة (يقصد ) صفة ثانية ‪ :‬و( جائر ) معطوف على يقصد ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪177‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫اْلَبـ ـَد ُل‬

‫َو اِس َطٍة ُه َو ا َس َّم ى َبَد ال‬ ‫‪ -565‬الَّتابُع ا ْق ُصوُد باُحْلْك ِم بال‬
‫ُمل‬ ‫َمل‬
‫هذا النوع اخلامس من التوابع ‪ :‬وهو البدل ‪ ،‬وتعريفه ‪ :‬تابع مقصود باحلكم بال واسطة‬
‫بينه وبني املبدل منه ‪ ،‬حنو ‪َ :‬عَّم الرخاء يف زمن اخلليفة عمر بن عبد العزيز – رمحه اهلل –‬
‫فـ ( عمر ) بدل من ( اخلليفة ) وهو املقصود باحلكم املذكور ‪ ،‬ولو ذكرت كلمة‬
‫( اخلليفة ) وحدها ملا عرف املراد ألن اخللفاء كثريون ‪ ،‬وكلمة ( اخلليفة ) مل يكن‬
‫ذكرها مقصودًا لذاته (‪. )1‬‬
‫وإمنا ذكرت متهيدًا ملا بعدها ‪ ،‬وليكون الكالم أقوى يف نفس السامع (‪)2‬‬
‫وقولنا ‪( :‬تابع ) جنس يشمل مجيع التوابع ‪:‬‬
‫قولنا ‪ ( :‬مقصود باحلكم ) قيد أول خيرج النعت وعطف البيان ‪ ،‬والتوكيد ألهنا مكملة‬
‫للمتبوع املقصود باحلكم – كما تقدم يف أبواهبا – ال أهنا هي املقصودة باحلكم ‪ ،‬وكذا‬
‫خيرج عطف النسق بالواو وحنوها ‪ .‬مثل ‪ :‬جاء صاحل وعاصم ‪ ،‬فإن املعطوف مقصود‬
‫باحلكم وليس هو املقصود وحده ‪ ،‬كما خيرج املعطوف بـ ( ال ) حنو ‪ :‬جاء عاصم ال‬
‫صاحل ‪ ،‬فإن ما بعد ( ال ) ليس مقصودًا باحلكم ‪ ،‬وكذا املعطوف بـ ( بل) بعد النفي حنو‬
‫‪ :‬ما جاء صاحل بل عاصم ‪ ،‬ألن املقصود نفي اجمليء عن األول ‪:‬‬
‫وقولنا ‪ ( :‬بال واسطة ) قيد ثان خيرج املعطوف بـ (بل ) بعد اإلثبات حنو ‪ :‬جاء صاحل بل‬
‫عاصم ‪ ،‬فإن الثاين مقصود باحلكم ‪ ،‬لكن بواسطة وهي ( بل ) فال يكون بدًال ‪.‬‬
‫‪ - 1‬قوهلم ‪ :‬إن املبدل منه ليس مقصودًا إمنا يظهر ذلك يف بدل الغلط ‪ -‬اآليت – ال يف غريه كما قال احملقق الرضي ( ‪ )2/380‬فإنه ال يصح‬
‫حذف ‪ ( :‬زيدًا ) من ‪ :‬قطعت زيدًا يده ‪ ،‬لعدم وجود مرجع للضمري ‪ ،‬لكن يفَّس ر قوهلم ‪ :‬إن املبدل منه يف نية الطرح أنه مل يقصد حبكم‬
‫العامل ومعناه ‪ ،‬فال ينايف قصده يف اللفظ لشيء آخر ‪.‬‬
‫‪ - 2‬وهلذا فالبدل يفيد تقرير احلكم السابق وتقويته فإنك إذا قلت ‪ :‬حضر أخوك خالد ‪ ،‬فقد نسبت احلضور إىل خالد مرتني مرة باعتبار أنه‬
‫( أخ ) ومرة بذكر امسه وهلذا قالوا البدل على نية تكرار العامل ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪178‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬التابع املقصود باحلكم ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬املسمى عند النحاة بدًال هو‬
‫التابع املقصود باحلكم املنسوب ملتبوعه بال واسطة بينه وبني متبوعه كما ُم ثل ‪ ،‬واملراد‬
‫بالواسطة حرف العطف ‪.‬‬
‫*****‬

‫ٍف ِب‬ ‫ِه‬ ‫ِم‬


‫َعَلْي ُيْلفى أْو َك َم ْع ُطو َبْل‬ ‫‪ُ -566‬مَطاَبقًا أْو َبَعضًا أْو َم ا َيْش َت ْل‬
‫ِبِه ِل‬ ‫ٍد‬ ‫ِح‬ ‫ِب‬ ‫ِل‬
‫َو ُدوَن َقْص َغَلٌط ُس ْب‬ ‫‪َ -567‬و َذا الْض َر ا اْع ُز إْن َقْص دًا َص ْب‬
‫واْع ِر ْفُه َح َّق ُه َو ُخ ْذ َنْبًال ُمَد ى‬ ‫‪َ -568‬ك ُزْر ُه َخ اِلدًا َو َقِّبْلُه اْلَيَد ا‬

‫البدل أربعة أقسام ‪- :‬‬


‫األول ‪ :‬بدل كل من كل ‪ :‬ومساه ابن مالك – رمحه اهلل – ‪ :‬البدل املطابق (‪ )1‬وهو أن‬
‫يكون الثاين مساويًا لألول يف املعىن ‪ .‬حنو ‪ :‬عاملت التاجر خليًال ‪ ،‬ومنه قوله تعاىل ‪{ :‬‬
‫ِإَّن ِلْلُم َّتِق َني َم َف ازًا * َح َد اِئَق َو َأْعَنابًا } ( النبأ ‪ . ) 32 -31 :‬فـ ( حدائق ) بدل من‬
‫( مفازًا ) وهو بدل كل من كل ‪.‬‬
‫وهذا القسم ال حيتاج إىل رابط يربطه باملتبوع ‪ ،‬ألن البدل نفس املبدل منه يف املعىن ‪،‬‬
‫كما أن اجلملة اليت هي نفس املبتدأ يف املعىن ال حتتاج إىل رابط ‪.‬‬
‫الثاين ‪:‬بدل بعض من كل ‪ :‬وهو أن يكون الثاين بعضًا من األول حنو ‪ :‬قضيت الديَن ثلَثه‪.‬‬
‫فـ ( ثلَثه ) بدل بعض من ( الدين ) واهلاء مضاف إليه ‪.‬‬
‫وال بد فيه من ضمري يعود على املبدل منه ‪ ،‬سوء كان مذكورًا كاملثال املتقدم وكقوله‬
‫تعاىل ‪َّ { : :‬مُث َعُم وْا َو َص ُّم وْا َك ِثٌري ِّم ْنُه ْم } ( املائدة ‪ . ) 71 :‬فـ ( كثري ) بدل بعض من‬
‫الواو يف قوله ‪ ( :‬عموا ) ‪ ،‬أو مقدرًا كقوله تعاىل ‪َ{ :‬م ِن اْس َتَطاَع ِإَلْيِه َس ِبيًال } ( آل‬
‫‪ - 1‬وذلك لوقوعه يف اسم اهلل تعاىل يف قوله ‪ ( :‬إىل صراط العزيز احلميد * اهلل ) فقد قرأ السبعة ( عدا نافعًا وابن عامر ) باجلر على أنه بدل‬
‫من ( العزيز ) ‪ .‬وقرأ نافع وابن عامر بالرفع على أنه مبتدأ وخربه ( الذي ) وصلته ‪ .‬قال ابن مالك يف شرح الكافية (‪ ( : )3/1276‬وذكر‬
‫املطابقة أوىل ألهنا عبارة صاحلة لكل بدل يساوي املبدل منه يف املعىن خبالف ‪( :‬بدل الكل من الكل ) فإهنا ال تصدق إال على ذي أجزاء ( أي‬
‫وذلك ممتنع هنا ) أ‪ .‬هـ ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪179‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫عمران ‪ . )97 :‬فـ ( من استطاع ) بدل من الناس ‪ .‬وهو بدل بعض من كل ‪ ،‬ألن‬
‫املستطيع بعض الناس ال كُّلهم والضمري العائد على املبدل منه مقدر أي ‪ :‬منهم ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬بدل االشتمال ‪ :‬وهو أن يكون املبدل منه مشتمًال على البدل بأن يكون داًّال‬
‫عليه ‪ ،‬حبيث إذا ذكر املبدل منه تشوفت النفس إىل ذكر البدل ‪ ،‬حنو نفعين خالٌد علُم ه ‪.‬‬
‫– ( علمه ) بدل اشتمال من ( خالد ) وهو منطٍو حتته ‪ ،‬وليس جزءا منه ‪ ،‬ولو قلت ‪:‬‬
‫نفعين خالد ‪ ..‬مل يتضح املراد ‪ ،‬وهل نفعك علمه أو ماله أو جاهه ؟ فإذا ذكر البدل‬
‫اتضح املراد ‪ ،‬ومنه قوله تعاىل ‪َ { :‬يْس َأُلوَنَك َعِن الَّش ْه ِر اَحْلَر اِم ِقَتاٍل ِفيِه } ( البقرة ‪:‬‬
‫‪ . )217‬فـ ( قتاٍل فيه ) بدل اشتمال من ( الشهر احلرام ) وبينهما تعلق وارتباط بوقوع‬
‫القتال فيه ‪. )1( .‬‬
‫وبدل االشتمال – كبدل البعض – ال بد فيه من ضمري يعود على املبدل منه كما يف‬
‫املثال واآلية ‪.‬‬
‫وقد يكون الضمري يف بدل االشتمال مقدرًا كقوله تعاىل ‪ُ {:‬قِتَل َأْص َح اُب اُأْلْخ ُد وِد *‬
‫الَّناِر َذاِت اْلَو ُقوِد } ( الربوج ‪ . )5-4 :‬فـ ( النار ) بدل اشتمال من ( األخدود )‬
‫والضمري مقدر أي ‪ :‬النار فيه ‪ .‬ألن األخدود مشتمل على النار ‪.‬‬
‫والرابع البدل املباين وهو ثالثة أقسام ‪:‬‬
‫أ‪ -‬بدل إضراب ‪ :‬وهو ما يذكر فيه املبدل منه قصدًا ‪ ،‬ولكن يضرب عنه املتكلم‬
‫ويرتكه دون أن يتعرض له بنفي أو إثبات ‪ ،‬ويتجه إىل البدل ‪.‬‬
‫ب‪ -‬بدل غلط ‪ :‬وهو ما يذكر فيه املبدل منه غلطًا مث يذكر البدل إلزالة ذلك الغلط‬
‫‪ ،‬فهو بدل من اللفظ الذي ذكر غلطًا ‪ ،‬ال أنه هو الغلط ‪.‬‬

‫‪ - 1‬قد يلتبس على الطالب بدل البعض ببدل االشتمال جبامع البعضية أو اجلزئية يف كل منهما والفرق بينهما أن التابع يف بدل البعض جزء‬
‫حقيقي من املبدل منه وهو املتبوع حنو ‪ :‬أكلت الرغيف ثلثه ‪ ،‬أما بدل االشتمال فإن التابع فيه ليس جزءًا أصيًال من املتبوع بل هو أمر عرضي‬
‫اشتمل عليه املبدل منه حنو ‪ :‬أعجبين خالد علمه أو كالمه أو فهمه ‪ ،‬وحنو ذلك مما قد يكون يف أمر مكتسب كالعلم أو غري مكتسب وهو‬
‫مالزم لصاحبه زمنًا كاحلسن ‪ ،‬أو غري مالزم كالكالم وقد يكون االشتمال تارة اشتمال الظرف على املظروف كالثوب وتارة ال يكون‬
‫كالفرس ‪ ( ،‬انظر ‪ :‬شرح الرضي ‪ )385 ،2/383‬وانظر ( النحو الوايف ‪. )669 ،3/667‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪180‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ج‪ -‬بدل نسيان ‪ :‬وهو ما يذكر فيه املبدل منه قصدًا مث يتبني للمتكلم فساد قصده ‪،‬‬
‫فيذكر البدل الذي هو الصواب ‪ ،‬فهو بدل من اللفظ الذي ذكر نسيانًا ‪ ،‬ال أن البدل‬
‫ذكر نسيانًا ‪.‬‬
‫والفرق بني هذا والذي قبله أن الغلط متعلق باللسان ‪ ،‬والنسيان متعلق باجلنان ‪ ،‬فاملبدل‬
‫منه يف األول ذكر غلطًا ‪ ،‬ويف الثاين ذكر نسيانًا ‪.‬‬
‫وهذه األنواع الثالثة ال حتتاج إىل ضمري يربط البدل باملبدل منه ومثاهلا ‪ :‬تصدقت بدرهم‬
‫ديناٍر ‪ ،‬فإن كان املتكلم قصد اإلخبار بالتصدق بالدرهم مث أضرب عنه وتركه إىل‬
‫اإلخبار بالتصدق بالدينار وجعل األول يف حكم املرتوك فهو بدل إضراب ‪.‬‬
‫وإن كان املتكلم أراد اإلخبار بالتصدق بالدينار فسبق لسانه إىل الدرهم فهو بدل غلط ‪.‬‬
‫وإن كان قصد اإلخبار بالتصدق بالدرهم فلما نطق به تبني له أن الصواب اإلخبار‬
‫بالتصدق بالدينار لظهور اخلطأ يف القصد األول فهو بدل نسيان ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬مطابقًا أو بعضًا ‪ ..‬إخل ) أي ‪ُ :‬يْلَف ى البدل – مبعىن يوجد – مطابقًا‬
‫أو بعضًا أو شيئًا يشتمل على البدل اشتماًال معنوّيًا ‪ ،‬أو كمعطوف باحلرف (بل ) وهذا‬
‫هو البدل املباين ألنه بأنواعه الثالثة ال خيلو من اإلضراب االنتقايل – واملراد به االنتقال‬
‫من غرض إىل آخر – وقوله ‪ ( :‬وذا لالضراب اْع ُز ) أي هذا الذي يشبه (بل ) انسبه إىل‬
‫اإلضراب إن قصد متبوعه كما يقصد هو ‪.‬‬
‫فإن مل يقصد متبوعه وُقصد البدل فقط ‪ ،‬وإمنا غلط املتكلم َفَذ َك َر املبدل منه فهذا بدل‬
‫الغلط وقد بني بقوله ( غلط به ُس ِلْب ) أن البدل نفسه ليس مبوضع غلط وإمنا جاء‬
‫ليسلب الغلط ويزيله ‪ ،‬والتقدير ‪ :‬وغلط دون قصد ُس لب بالبدل ‪ ،‬وقد ترك الثالث وهو‬
‫بدل النسيان لكنه قد يؤخذ من املثال األخري يف قوله ‪( :‬كزره خالدًا ‪ ..‬إخل ) وهذا مثال‬
‫البدل املطابق ‪ ،‬و( قبله اليدا) مثال لبدل البعض ‪ ،‬و( اعرفه حقه ) مثال لبدل‬
‫االشتمال‪،‬و( خذ نبًال ُم دى ) للبدل املباين بأنواعه الثالثة على الشرح املتقدم ‪ ،‬و( الَّنْبُل )‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪181‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫هي السهام العربية وهو مؤنثة وال واحد هلا من لفظها بل الواحد سهم ‪ .‬واملدى ‪ :‬مجع‬
‫ُم دية وهي السكني ‪.‬‬
‫****‬

‫ُتْبِد ْلُه إاّل َم ا إَح اَطًة َج ال‬ ‫‪َ -569‬و ِم ْن َض ِم ِري اَحْلاِض ِر الَّظاِه َر ال‬
‫َك إَّنك اْبِتَه اَج َك اْس َتَم ال‬ ‫‪ -570‬أو اْقَتَض ى َبْع ضًا أِو اْش ِتَم ااَل‬

‫‪ -1‬ال يبدل الظاهر من ضمري احلاضر – وهو ضمري املتكلم واملخاطب – إال إن كان‬
‫البدل بدل كل من كل ‪ ،‬وأفاد اإلحاطة والشمول ‪ ،‬أو كان بدل اشتمال ‪ .‬أو‬
‫بدل بعض من كل ‪ ،‬مثال األول‪ :‬قوله تعاىل ‪َ { :‬تُك وُن َلَنا ِعيدًا َأِّلَّو ِلَنا َو آِخ ِر َنا }‬
‫( املائدة ‪ . )114 :‬فـ (أولنا وآخرنا ) بدل كل من الضمري اجملرور بالالم وهو (نا‬
‫) ‪ ،‬وهو مفيد لإلحاطة والشمول ألن املراد بـ ( أولنا وآخرنا ) مجيعنا على عادة‬
‫العرب من ذكر طريف الشيء وإرادة مجيعه ‪.‬‬
‫فإن مل يفد اإلحاطة امتنع لعدم الفائدة حنو ‪ :‬رأيتك خالدًا ‪.‬‬
‫ومثال بدل االشتمال ‪ :‬أعجبَتين كالُمك ‪ .‬فـ ( كالمك ) بدل اشتمال من ( تاء )‬
‫املخاطب املفتوحة ‪ ،‬ومنه قول الشاعر ‪:‬‬
‫وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرًا (‪. )1‬‬ ‫بلغنا السماء جمُد نا وسناؤنا‬

‫فـ جمدنا وسناؤنا)بدل اشتمال من ضمري املتكلم البارز الواقع فاعًال يف قوله ‪ ( :‬بلغنا )‪.‬‬
‫ومثال بدل البعض ‪ :‬قوله تعاىل ‪َ{ :‬لَقْد َك اَن َلُك ْم يِف َرُس وِل الَّلِه ُأْس َو ٌة َح َس َنٌة ِّلَم ن َك اَن‬
‫َيْر ُج و الَّلَه َو اْلَيْو َم اآْل ِخ َر َو َذَك َر الَّلَه َك ِثريًا } ( األحزاب ‪ . )21 :‬فـ ( من ) اسم موصول‬
‫جمرور بالالم بدل بعض من ضمري ( لكم ) ‪.‬‬

‫‪ - 1‬اجملد ‪ :‬كرم اآلباء ‪ :‬سناؤنا ‪ :‬السناء هو الشرف والرفعة وقوله ‪( :‬مظهرًا ) مفعول به ‪ ،‬و ( فوق ) ظرف مكان متعلق مبحذوف حال من‬
‫( مظهرًا ) وهو نكرة و املسوغ تقدم احلال عليه كما مضى يف باب احلال ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪182‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -2‬وفهم من كالم الناظم أنه يبدل الظاهر من الظاهر يف مجيع أقسام البدل كما تقدم‬
‫‪ ،‬وأن ضمري الغائب يبدل منه الظاهر مطلقًا كما تقدم يف مثال الناظم ( زره خالدًا‬
‫) ومنه قوله تعاىل ‪َ {:‬و َأَس ُّر وْا الَّنْج َو ى اَّلِذ يَن َظَلُم وْا } ( األنبياء ‪ . )3 :‬على‬
‫إعراب ( الذين ) بدل من الواو يف ( أسروا ) بدل كل من كل (‪. )1‬‬
‫‪ -3‬وال جيوز إبدال الضمري من الضمري لعدم وروده عن العرب أما حنو ‪ :‬قمَت أنَت ‪،‬‬
‫فهو توكيد لفظي كما مضى يف باب التوكيد (‪. )2‬‬
‫‪ -4‬وال يبدل ضمري من ظاهر ‪ ،‬فال يصح عندهم ‪ :‬رأيت زيدًا إياه‪.‬وهذا معىن قوله ‪:‬‬
‫( ومن ضمِري احلاضِر الظاهَِر ال تبدله ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬ال تبدل االسم الظاهر من‬
‫ضمري احلاضر ‪ ،‬إال إذا أظهر البدل إحاطة أي ‪ :‬دل عليها ‪ ،‬بكونه بدل كل من‬
‫كل ‪ ،‬أو اقتضى بعضًا – بأن دل على البعضية – أو دل على اشتمال كقولك‬
‫( إنك ابتهاَج ك استماال ) ‪ .‬أي ‪ :‬فرحك استمال القلوب إليك ‪.‬فـ ( ابتهاج ) بدل‬
‫اشتمال من ضمري املخاطب وهو الكاف الواقع امسًا لـ ( إن ) ومجلة (استماال) خرب‬
‫( إن ) واأللف لإلطالق ‪.‬‬

‫****‬

‫ْمَهزًا َك َمْن َذا أَس ِعيٌد أْم َعِلي ‪.‬‬ ‫‪َ -571‬و َبَد ُل ا َض َّم ِن اَهْلْمَز َيِلي‬
‫ُمل‬
‫إذا أبدل من اسم االستفهام وجب دخول مهزة االستفهام على البدل ‪ ،‬ليوافق املبدل منه‬
‫يف تأدية املعىن ‪ ،‬حنو ‪ :‬كم كتبك ؟ أعشرون أم ثالثون ؟ ومن رأيت ؟ أخالدًا أم علّيًا ؟‬
‫وما كتبت ؟ أتفسريًا أم حديثًا ؟ فـ ( عشرون ) وما عطف عليه بدل من ( كم ) ‪ ،‬و‬
‫( خالدًا ) وما عطف عليه بدل من ( َمْن ) ‪ ،‬و( تفسريًا ) وما عطف عليه بدل من ( ما) ‪.‬‬
‫‪ - 1‬تقدم إعراب اآلية ومعناها يف أوائل باب الفاعل ‪.‬‬
‫‪ - 2‬وجيوز إعرابه بدًال عند البصريني ‪ ،‬انظر ‪ :‬املقتضب (‪ )4/296‬وشرح الرضي (‪. )3/389‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪183‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وبدل املضمن اهلمز يلي مهزًا ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن البدل من املبدِل منه‬
‫املضمِن معىن اهلمز ‪ ،‬ال بد أن تسبقه اهلمزة ‪ ،‬كاملثال الذي ذكره ‪.‬‬

‫*****‬

‫ِع ِب‬ ‫ِص‬ ‫ِف ِم‬


‫َي ْل إَلْيَنا َيْس َت ْن َنا ُيَعْن‬ ‫‪َ -572‬و ُيْبَد ُل اْل ْع ُل َن اْلفْع ِل َك َمْن‬

‫تقدم أن االسم يبدل من االسم‪،‬وذكر هنا أن الفعل يبدل من الفعل كقوله تعاىل‪َ{:‬و َم ن‬
‫َيْف َعْل َذِلَك َيْلَق َأَثامًا * ُيَض اَعْف َلُه اْلَعَذ اُب } ( الفرقان ‪. )69-68 :‬‬
‫فـ ( يضاعف ) مضارع جمزوم وهو بدل كل ( ‪ )1‬من الفعل ( يلق ) ألنه جواب الشرط‬
‫‪ ،‬وألن لقاء اآلثام هو تضعيف العذاب واخللود ‪ ،‬فالفعل ( يضاعف ) زاد معىن الفعل‬
‫( يلق) وضوحًا وكشف املراد منه (‪ . )2‬والدليل على أنه بدل جميئه جمزومًا ‪ ،‬ومنه قوله يف‬
‫املثال ‪ :‬من يصل إلينا يستعن بنا يعن ‪ ،‬فـ ( يستعن ) يستعن بدل اشتمال ‪.‬‬
‫وظاهر كالمه أن إبدال الفعل جائز يف مجيع أقسام البدل ‪.‬‬
‫واملسموع من ذلك الكل من الكل وهذا ال خالف فيه ‪ ،‬وأما بدل االشتمال فهو موضع‬
‫خالف ‪ ،‬فمنهم من أجازه ومنهم من منعه ألنه ال بد فيه من ضمري ‪.‬‬
‫أما بدل البعض من الكل فال ميكن يف الفعل ألن الفعل ال يتبعض ‪ ،‬وأما بدل الغلط‬
‫فالقياس يقتضيه ومثاله ‪ ،‬قام قعد املعلم ‪ ،‬أردت أن تقول ‪ :‬قعد ‪ ،‬فغلطت فقلت ‪ :‬قام مث‬
‫أبدلت ‪ :‬قعد منه ‪.‬‬

‫‪ - 1‬هذا هو ظاهر كالم سيبويه (‪ )87 /3‬وقاله الشاطيب وتبعه األزهري ‪ ،‬واستظهر ابن احلاج يف حاشيته على شرح املكودي أنه بدل‬
‫اشتمال كما قاله املكودي (‪ )2/32‬ألن لقي اآلثام حيصل بأول جزء من العذاب ‪ ،‬وحيصل باملضاعفة فهو نوع مما اشتمل عليه العامل ‪.‬‬
‫‪ - 2‬قال الرضي يف شرحه على الكافية (‪ ( : )2/393‬وقد يبدل الفعل من الفعل إذا كان الثاين راجح البيان على األول ‪ ..‬ولو كان الثاين‬
‫مبعىن األول سواء لكان تأكيدًا ال بدًال ‪. ). ..‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪184‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫واعلم أن إبدال الفعل من الفعل هو إبدال مفرد من مفرد ال إبدال مجل بدليل مشاركة‬
‫الفعل الواقع بدًال ملتبوعه يف نصبه أو جزمه (‪. )1‬‬

‫*****‬

‫الّنـِـَد ُءا‬
‫َو أْي َو آ َك ذا أَيا َّمُث َه َيا‬ ‫‪َ -573‬و ِلْلُم َناَدى الَّناِء أْو َك الَّناِء َيا‬
‫ِن‬ ‫ِل ِد‬ ‫ِل‬
‫أْو َيا َو َغْيُر َو ا َلَد ى الَّلْبِس اْج ُت ْب‬ ‫‪َ -574‬و اَهلْمُز لَّد ايِن َو َو ا َمْن ُن ْب‬

‫النداء ‪ :‬طلب اإلقبال حبرف ناب مناب ( أدعو) لفظًا أو تقديرًا ‪.‬‬
‫فاألول ‪ :‬حنو ‪ :‬يا صاحَب السيارة متهل ‪.‬‬
‫والثاين ‪ :‬صاحَب السيارة متهل ‪ :‬حبذف حرف النداء وسيأيت ذلك إن شاء اهلل ‪.‬‬
‫واألحرف اليت ُينادى هبا مثانية ‪:‬‬
‫‪ -1‬اهلمزة املفتوحة املقصورة ‪ ،‬وهي للمنادى القريب(‪ . )2‬حنو ‪ :‬أخالد أجب ‪.‬‬

‫‪ - 1‬انظر مهع اهلوامع (‪ )2/128‬شرح املكودي حباشية ابن احلاج (‪ )2/32‬البحر احمليط أليب حيان (‪. )2/377‬‬
‫‪ - 2‬حتديد قرب املنادى أو بعده مرجعه للعرف الشائع ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪185‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -2‬ستة أخرى وهي ( آ‪ ،‬يا (‪ ، )1‬أيا ‪ ،‬هيا ‪ ،‬أي – بسكون الياء مع فتح اهلمزة‬
‫مقصورة وممدودة ‪ ) -‬وهذه للمنادي البعيد حنو ‪ :‬يا صاعد اجلبل متهل ‪ ،‬وما يف‬
‫حكمه كالنائم والغافل ‪ ،‬حنو ‪ :‬أيا غافًال واملوت يطلبه ‪.‬‬
‫‪ -3‬وا ‪ .‬ويستعمل لنداء املندوب ( وهو املفجع عليه أو املتوجع منه } حنو ‪:‬‬
‫واظهراه ‪.‬‬
‫وجيوز استعمال (يا ) يف الندبة إذا وجد قرينة تدل على ذلك كقول جرير يرثي عمر‬
‫بن عبد العزيز – رمحه اهلل ‪: -‬‬

‫وقمت فيه بأمر اهلل يا عمرا (‪)2‬‬ ‫محلت أمرًا عظيمًا فاصطربت له‬

‫فقوله‪ (:‬يا عمرا) أسلوب ندبة ‪ ،‬وليس نداء ألنه قال ذلك بعد موته ‪ ،‬وهذا معىن قوله ‪:‬‬
‫( وللمنادى الناِء أو كالناء يا ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن املنادى البعيد وما يف حكمه يستعمل فيه‬
‫(يا ) وما بعدها ‪ ،‬وأما اهلمزة فهي للمنادي القريب ‪ ،‬و( وا) للمندوب وكذا الياء ( وغري‬
‫" وا" ) وهو (يا ) عند اللبس ال تستعمل بل يقتصر على ( وا) ‪.‬‬

‫‪ - 1‬حرف النداء ( يا ) هو أكثر أحرف النداء استعماًال ‪ ،‬ومع كثرة النداء يف القرآن الكرمي فإنه مل يأت فيه نداء بغري (يا ) ‪ ،‬ويتعني تقديره‬
‫دون غريه عند احلذف كما سيأيت إن شاء اهلل تعاىل ‪.‬‬
‫وهنا قد يرد سؤال وهو ‪ :‬أنه إذا كانت (يا ) لنداء البعيد فكيف استعملت يف نداء ( اهلل ) تعاىل ‪ .‬وهو أقرب إىل عبده من حبل الوريد ؟‬
‫وهنا جوابان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬ذكره البالغيون وهو أنه قد ينزل القريب منزلة البعيد فينادى بأدوات البعيد لغرض اإلشعار بأن املنادى رفيع القدر ‪ .‬عظيم الشأن ‪،‬‬
‫فينزل بعد املنزلة بعد املكان ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬أن ( يا ) للقريب والبعيد ‪ .‬ودعوى اجملاز يف أحدمها والتأويل خالف األصل ( انظر املغين ص ‪ ،488‬عدة السالك حاشية أوضح‬
‫املسالك ‪ . )4/6‬واجلمهور على أن ( يا ) قد تكون للتنبيه وال تكون للنداء ‪ ،‬ففي قوله تعاىل عن الكافر ‪ ( :‬يا ليتنا نرد وال نكذب بآيات ربنا‬
‫) للتنبيه ال للنداء واملنادى حمذوف ‪ ،‬ألن يف هذا حذف مجلة النداء وحذف متعلقه وذلك إجحاف كثري ‪ ،‬قاله يف البحر احمليط ‪ ،‬وانظر التسهيل‬
‫البن مالك وشرحه له (‪ )3/385‬ومثل ذلك قوله تعاىل (أال يا اسجدوا ) على قراءة الكسائي – من السبعة – بتخفيف (أال ) و (يا )‬
‫للتنبيه على أحد القولني ‪ ،‬وقيل للنداء ‪ ،‬انظر ( الكشف ) ملكي (‪ )2/156‬و ( دراسات ألسلوب القرآن الكرمي ‪1/3‬ص ‪.)637‬واملغين ص (‬
‫‪. )488‬‬
‫‪ - 2‬أراد باألمر العظيم مشاق اخلالفة وإقامة العدل بني الناس ‪ ،‬وقوله (أمرًا ) مفعول ثان والتاء يف قوله ( محلت ) نائب فاعل وهو املفعول‬
‫األول وقوله (يا عمرا) منادى مندوب مبين على ضم مقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال احملل حبركة املناسبة املأيت هبا ملناسبة ألف الندبة ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪186‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫َج ا ُمْس َتَغاثًا َقْد ُيَعَّر ى َفاْع َلَم ا‬ ‫‪َ -575‬و َغْيُر َم ْنُد وٍب َو ُمْض َم ٍر َو َم ا‬
‫ِذ‬ ‫ِجْل‬
‫َقَّل َو َمْن ْمَيَنْعُه َفاْنُصْر َعا َلْه‬ ‫‪َ-576‬و َذاَك يِف اْس ِم ا ْنِس َو اُملَش اِر َلْه‬

‫املنادى بالنسبة حلذف حرف النداء قسمان ‪:‬‬


‫‪ -1‬قسم ميتنع معه احلذف ‪.‬‬
‫‪ -2‬وقسم جيوز ‪ ،‬وهو نوعان ‪ :‬كثري وقليل ‪ .‬فيمتنع حذف حرف النداء يف مسائل‬
‫منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬املنادى املندوب كما تقدم ‪.‬‬
‫‪ -2‬املنادى إذا كان ضمري املخاطب عند من جييز نداءه حنو ‪ :‬يا إياك قد كفيتك ‪،‬‬
‫تقوله ‪( :‬ملن أراد أن يفعل أمرًا ‪ ،‬وقد فعلته أنت ) (‪. )1‬‬
‫أما ضمري غري املخاطب فال ينادي مطلقًا ‪.‬‬
‫‪ -3‬املنادى املستغاث حنو ‪ :‬يا للقاضي لشاهد الزور ‪.‬‬
‫وحيوز حذف النداء بقلة يف مسائل منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا كان املنادى اسم جنس ملعني كقوهلم ‪ :‬أصبح ليل (‪ . )2‬أي ‪ :‬يا ليل ‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا كان املنادى اسم إشارة غري متصل بكاف اخلطاب كقوله تعاىل ‪َّ {:‬مُث‬
‫َأنُتْم َه ـُؤ الء َتْق ُتُلوَن َأنُف َس ُك ْم } ( البقرة ‪ . )85 :‬فـ (هؤالء)منادى حبرف نداء‬
‫مقدر أي ‪ :‬يا هؤالء ‪ ،‬على أحد األعاريب (‪. )3‬‬
‫ويكثر حذف حرف النداء فيما عدا ذلك كقوله تعاىل ‪ُ {:‬يوُس ُف َأْع ِر ْض َعْن َه ـَذ ا‬
‫َو اْس َتْغِف ِر ي ِلَذ نِبِك ِإَّنِك ُك نِت ِم َن اَخْلاِطِئَني } (يوسف ‪ . )29 :‬وقوله صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ‪ " :‬أثبت أحُد ‪ . )4( ) ...‬أي ‪ :‬يا أحد ‪.‬‬

‫‪ - 1‬انظر التسهيل وشرحه البن مالك (‪. )3/387‬‬


‫‪ - 2‬يضرب مثًال ملن يظهر الكراهة للشيء أي ‪ :‬صر صبحًا أو ائت بالصبح ‪.‬‬
‫‪ - 3‬انظر التبيان للعكربي (‪. )1/86‬‬
‫‪ - 4‬انظر فتح الباري ي(‪ . )7/42‬وتقدم احلديث يف باب عطف النسق ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪187‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وغري مندوب ومضمر ‪....‬إخل ) أي قد " ُيَعَّر ى " حيذف وجيرد من‬
‫حرف النداء غري املندوب واملضمر واملستغاث ‪ ،‬وهذا احلذف يف اسم اجلنس ولفظ املشار‬
‫إليه قليل ( ومن مينعه فانصر عاذله ) أي ‪ :‬انصر من يعذله على منعه أي يلومه لورود‬
‫السماع الكايف يف القياس عليه ‪.‬‬

‫َعَلى اَّلِذي يِف َر ْفِعِه َقْد ُعِه َد ا‬ ‫‪َ -577‬و اْبِن ا َعَّرَف ا َناَدى ا ْف َر َدا‬
‫ُمل‬ ‫ُمل‬ ‫ُمل‬
‫ْو ْلُيْج َر ْجُمَر ى ِذ ْي ِبَناٍء ُج ِّد َد ا‬ ‫‪َ -578‬و اْنِو انِض َم اَم َم ا َبَنوا َقْبَل الَّنَد ا‬

‫املنادى من حيث اإلعراب أربعة أقسام ‪:‬‬


‫األول ‪ :‬ما يبىن على ما يرفع به لو كان معربًا وهو ما اجتمع فيه أمران ‪:‬‬
‫‪ -1‬التعريف سواء كان سابقًا على النداء وهو العلم حنو ‪ :‬يا خالُد أطع والديك‬
‫‪ ،‬أو عارضًا بسبب قصده واإلقبال عليه وهو النكرة املقصودة وهي اليت زال‬
‫إهبامها وشيوعها بسبب النداء ألنه َقْص ُد فرٍد من أفرادها ‪ ،‬حنو ‪ :‬يا طالب‬
‫أجب " تريد معينًا " ‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلفراد وهو أن يكون املنادى غري مضاف وال شبيه باملضاف فيدخل فيه‬
‫املفرد واملثىن واجلمع ‪.‬‬
‫واملنادى يف هذا القسم يبىن على ما كان يرفع به قبل النداء حالة اإلعراب ‪ ،‬فإن كان‬
‫يرفع بالضمة بين على الضم من غري تنوين كما ُم ِّثل وإن كان يرفع باأللف بين على‬
‫األلف ‪ ،‬حنو ‪ :‬يا عليان قوما بالواجب‪ ،‬يا فتيان ال تعبثا باألزهار ‪ ،‬وإن كان يرفع بالواو‬
‫بين على الواو حنو ‪ :‬يا حممدون ِص لوا أراحامكم ‪ ،‬وحنو ‪ :‬خذوا جوائزكم يا فائزون ‪ .‬فـ‬
‫( خالد ) يف املثال األول منادي مبين على الضم يف حمل نصب ألن املنادى أصله مفعول‬
‫به‪.‬قال تعاىل ‪َ {:‬قاَل َيا ُنوُح ِإَّنُه َلْيَس ِم ْن َأْه ِلَك } ( هود ‪. )46 :‬‬
‫وقال تعاىل ‪َ { :‬يا ُموَس ى ِإيِّن َأَنا الَّلُه } ( القصص ‪ ،‬آية ‪. )30 :‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪188‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فإن كان االسم املنادى مبنّيًا قبل النداء ُقِّد َر بعد النداء بناؤه على الضم حنو‪ :‬يا هذا (‪.)1‬‬
‫وجيري جمرى ما يتجدد بناؤه بسبب النداء مثل ( خالد ) يف أنه يكون يف حمل نصب وأنه‬
‫ُيتبع بالرفع مراعاة للضم املقدر فيه ‪ ،‬وبالنصب مراعاة للمحل ‪ ،‬فتقول يا هذا العاقُل‬
‫والعاقَل بالرفع والنصب ‪ ،‬كما تقول يا خالد العاقُل والعاقَل فـ ( هذا ) مبين على الضم‬
‫املقدر يف آخره منع من ظهوره اشتغال احملل بسكون األصل وهو األلف ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وابن املعرف املنادى املفردا ‪ )..‬أي ‪ :‬ابن املنادى املعرف املفرد على‬
‫العالمة املعهودة فيه يف حالة رفعه قبل النداء وقوله ( املعرف ) يشمل ما تعرف قبل النداء‬
‫وما تعرف بسبب النداء ‪.‬‬
‫مث بني أن املنادى الذي يستحق البناء ‪ ،‬إذا كان مبنّيًا قبل مناداته ُقِّدر بناؤه اجلديد‬
‫ولوحظ ذلك يف توابعه ‪.‬‬
‫******‬

‫َو ِش ْبَهُه اْنِص ْب َعاِدمًا َخ الَفا‬ ‫‪َ -579‬و ا ْف َر َد ا ْنُك وَر َو اْلُم َض اَفا‬
‫ُمل َمل‬
‫هذا القسم الثاين من أقسام املنادى‪،‬وهو ما جيب نصبه لفظًا‪،‬وذلك يف ثالث مسائل ‪:‬‬
‫األوىل ‪ :‬أن يكون مضافًا (‪ . )2‬حنو ‪ :‬يا طالب العلم احفظ وقتك ‪ .‬قال تعاىل ‪َ { :‬يا‬
‫َأْه َل اْلِكَتاِب َمِل َتْلِبُس وَن اَحْلَّق ِباْلَباِط ِل } ( آل عمران ‪ . )71 :‬فـ ( يا ) حرف نداء‬
‫و( أهل ) منادي منصوب بالفتحة ‪ ،‬وهو مضاف و( الكتاب ) مضاف إليه ‪.‬‬

‫الثانية ‪ :‬أن يكون شبيهًا باملضاف ‪ ،‬وهو ما اتصل به شيء من متام معناه كما يتصل‬
‫املضاف باملضاف إليه ‪ ،‬حنو ‪ :‬يا مسافرًا إىل مكة تذكر شرف املكان ‪ ،‬فـ ( مسافرًا )‬
‫منادي منصوب ‪ ،‬وقد اتصل به شيء من متام معناه ‪ ،‬ألننا لو قلنا ‪ ( :‬يا مسافرًا ) مل يتبني‬
‫‪ - 1‬يدخل يف ذلك كل ما ينادي من املعارف املبنية أصالة قبل النداء كأمساء اإلشارة وأمساء املوصوالت غري املبدوءة بـ ( أل ) مثل ‪ :‬من ‪،‬‬
‫وضمري املخاطب مثل ‪ :‬أنت ‪ ،‬إياك ‪.‬‬
‫‪ - 2‬ونداء املضاف هو أكثر أنواع املنادى يف القرآن الكرمي [ الدراسات ‪ 1/3‬ص ‪. ]630‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪189‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫للسامع املراد كامًال ‪ .‬ألن السفر يكون إىل بقاع شىت ‪ ،‬فإذا قلنا ‪ ( :‬إىل مكة ) أمتمنا‬
‫املعىن ‪ .‬وخصصناه كما َخُيَّص املضاُف باملضاف إليه ‪.‬‬
‫وهذا الذي به التمام قد يكون مرفوعًا باملنادى حنو‪:‬يا ضائعًا كتابه‪،‬ال تيأس‪.‬فـ (ضائعًا)‬
‫منادي منصوب و( كتابه ) فاعل السم الفاعل ‪ ،‬واهلاء مضاف إليه ‪ ،‬وقد يكون منصوبًا‬
‫حنو ‪ :‬يا طالعًا جبًال متهل ‪ ،‬فـ ( طالعًا ) منادي منصوب ‪ ،‬وفيه ضمري مسترت هو فاعله ‪،‬‬
‫ألنه اسم فاعل ‪ .‬و ( جبًال ) مفعول به منصوب السم الفاعل ‪ ،‬وقد يكون جمرورًا كما‬
‫يف املثال األول ‪.‬‬
‫املسألة الثالثة ‪ :‬أن يكون املنادى نكرة غري مقصودة وهي اليت بقيت على إهبامها وشيوعها‬
‫كما كانت قبل النداء ‪ ،‬ألنه مل يقصد هبا فرد معني ‪ ،‬كقول األعمى ‪ ،‬يا رجًال خذ بيدي‬
‫فـ ( رجًال ) منادي منصوب ‪ ،‬ألنه نكرة غري مقصودة ‪ ،‬أما إنه نكرة فألنه ال يدل على‬
‫معني ‪.‬‬
‫وأما إهنا غري مقصودة فألن األعمى حني يقول ‪ :‬يا رجًال ‪ ،‬ال يوجه اخلطاب إىل معني ‪،‬‬
‫وال يقصد شخصًا دون آخر ‪ ,‬وهذا معىن قوله ‪ ( :‬واملفرد املنكور ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬انصب‬
‫املفرد ( املنكور ) وهو النكرة الباقية على تنكريها ‪ ،‬وانصب كذلك املضاف ‪ ،‬وشبه‬
‫املضاف بغري خالف يف نصب الثالثة ‪ ،‬وقوله ‪( :‬واملضافا) أي لغري ضمري املخاطب ‪ ،‬أما‬
‫املضاف إليه فال ُينادى ‪ .‬فال تقول ‪ :‬يا خادمك ؛ ألن النداء خطاب للمضاف ‪،‬‬
‫واملضاف إليه ضمري ملخاطب آخر وال جيتمع يف مجلة النداء خطابان لشخصني خمتلفني ‪.‬‬

‫****‬

‫ِع ٍد ِهَت‬ ‫ِم‬ ‫ٍد‬


‫ْحَنِو أَز ْيَُد ْبَن َس ي ال ْن‬ ‫‪َ -580‬و ْحَنَو َز ْي ُضَّم َو اْفَتَح َّن ْن‬
‫أوَيِل االْبَن َعَلٌم َقْد ُح ِتَم ا‬ ‫‪َ-581‬و الَّض ُّم إْن ْمَل َيِل االْبُن َعَلَم ا‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪190‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫هذا القسم الثالث من أقسام املنادى وهو ما جيوز فيه الضم والفتح ‪ ،‬وهو نوعان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬املنادى املنعوت بـ ( ابن ) أو ( ابنة ) وهو ما اجتمع فيه ثالثة شروط ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون املنادى علمًا مفردًا ‪ ،‬أي غري مثىن وال جمموع ‪.‬‬
‫‪ -2‬أال يفصل بني كلمة ( ابن ) واملنعوت ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن تكون كلمة (ابن ) مضافة إىل علم ‪.‬‬
‫مثال ذلك ‪ :‬يا خالَُد بَن (‪ )1‬سعيٍد ‪ .‬فيجوز يف املنادى (خالد ) البناء على الضم على‬
‫األصل ألنه مفرد علم و(ابن ) صفة منصوبة باعتبار حمل املوصوف ال لفظه ‪ ،‬وجيوز البناء‬
‫على الفتح ( يا خالد بَن سعيٍد ) مراعاة للمأثور من فصيح الكالم (‪ )2‬وهو على‬
‫الوجهني يف حمل نصب ‪.‬‬
‫ومنه قول الشاعر ‪:‬‬

‫سرادق اجملد عليك ممدود (‪. )3‬‬ ‫يا حكَُم بن املنذر بِن اجلارود‬

‫فـ (حكم)منادي مبين على الفتح وهو اختيار البصريني واستشهد به سيبويه يف كتابه(‪.)4‬‬
‫فإن اختل شرط من الشروط املذكورة تعني الضم ‪ ،‬حنو ‪ :‬يا رجُل ابن حممد ‪ .‬ألنه غري‬
‫علم ‪ .‬ويا زيُد الفاضل ‪ ،‬ألنه وصف بغري (ابن ) ‪ .‬ويا خالُد الفاضل ابن عمرو ‪ ،‬ألنه مل‬
‫يتصل به ‪ ،‬ويا صاُحل بن أخينا ‪ ،‬ألن (ابن ) مل يضف إىل علم ‪.‬‬

‫‪ - 1‬اعلم أنه إذا اجتمعت هذه الشروط الثالثة وجب حذف ألف (ابن ) كتابًة ونطقًا سواء كان ذلك يف النداء أو غريه إال إذا وقعت يف أول‬
‫السطر فتثبت األلف كتابة ‪ ،‬وكذا جيب حذف التنوين من االسم املوصوف بـ ( بن ) ‪.‬‬
‫سواء كان منادي كما مثل ‪ .‬أو غري منادي حنو ‪ :‬هذا حممُد بُن صاحل ‪ [ .‬راجع املطالع النصرية ص ‪ ]171‬لنصر اهلوريين و( ظاهرة التنوين‬
‫يف العربية ) للدكتور عبد الرمحن إمساعيل ص ‪. )108‬‬
‫‪ - 2‬ما ذكرناه هو أوضح األعاريب وأيسرها وأبعدها عن التكلف ويف املثال أعاريب أخرى انظر النحو الوايف (‪. )4/20‬‬
‫‪ - 3‬هو احلكم بن املنذر العبدي أمري البصرة على عهد هشام بن عبد امللك ‪ ،‬والسرادق ‪ :‬أصله اخلباء الذي ميد فوق صحن الدار ‪ ،‬وقوله (بن‬
‫املنذر ) نعت للحكم ‪ ،‬ومضاف إليه ( بن اجلارود ) نعت للمنذر جمرور ‪ .‬ومضاف إليه ‪.‬‬
‫‪ - 4‬كتاب سيبويه (‪. )2/203‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪191‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وإىل هذا النوع األول أشار بقوله ‪( :‬وحنو (زيد ) ُضَّم ‪..‬إخل ) أي ‪ :‬أن املنادى العلم‬
‫املفرد املوصوف بكلمة (ابن ) جيوز ضمه وفتحه ‪ ،‬ومل يذكر الشروط وإمنا اكتفى باملثال‬
‫املستكمل هلا ‪ ،‬مث بني أن الصفة وهي كلمة (ابن ) إذا مل تقع بعد علم أو مل يقع بعدها‬
‫علم فإنه يتحتم الضم وميتنع البناء على الفتح ‪.‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬ال هتن ) بفتح التاء مضارع ( وهن ) أي ‪ :‬ضعف ‪ ،‬وبضمها مضارع أهان ‪،‬‬
‫واهلاء مكسورة فيهما ‪ ،‬أي ‪ :‬أهان غريه مبعىن ‪ :‬أذله ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬من املنادى الذي جيوز ضمه وفتحه أن يكون املنادى مكررًا ‪ ،‬وهذا يأيت يف‬
‫( تابع املنادى ) إن شاء اهلل تعاىل ‪.‬‬

‫****‬

‫َّمَما َلُه اْس ِتحَق اُق َض ٍّم ُبِّينا‬ ‫‪َ -582‬و اْض ُمْم أِو اْنِص ْب َم ا اْض ِط َر ارًا ُنَّوَنا‬

‫هذا القسم الرابع من املنادى وهو ما جيوز ضمه ونصبه وهو املنادى املستحق للضم إذا‬
‫اضطر الشاعر إىل تنوينه وهو مضموم ‪ ،‬وله نصبه أيضًا ‪ ،‬وقد ورد السماع هبما‪ ،‬فمن‬
‫األول قوله ‪:‬‬
‫وليس عليك يا مطُر السالُم (‪. )1‬‬ ‫سالم اهلل يا مطٌر عليها‬

‫فقد نون الشاعر املنادى األول للضرورة وأبقى الضم اكتفاء مبا تدعو إليه الضرورة ‪.‬‬
‫ومن الثاين قوله ‪:‬‬
‫ألؤمًا ال أبا لك واغرتابًا (‪) 2‬‬ ‫أعبدًا حَّل يف ُش َعيب غريبًا‬
‫‪ - 1‬هذا البيت لألحوص ‪ .‬وكان قد هوى امرأة ‪ ،‬مث زوجها أهلها رجًال امسه مطر ‪ ،‬فقال ‪ :‬قصيدة ومنها هذا البيت ‪.‬‬
‫إعرابه ‪( :‬سالم ) مبتدأ ولفظ اجلاللة مضاف إليه (عليها ) خرب املبتدأ ‪ ( .‬عليك ) خرب ( ليس ) مقدم (السالم ) امسها مؤخر ‪.‬‬
‫‪ - 2‬البيت جلرير يهجو فيها خالد بن يزيد الكندي ‪ ،‬و( شعيب ) بضم الشني وفتح العني مقصورًا اسم مكان ‪.‬‬
‫إعرابه ‪( :‬غريبًا ) حال ( ألؤمًا ) اهلمزة لالستفهام و( لؤمًا ) مفعول مطلق لفعل حمذوف وجوبًا وتقديره (أتلؤم لؤمًا) (ال ) للجنس (أبا ) اسم‬
‫( ال ) مبين على األلف [ على لغة من يلزم األمساء الستة األلف يف مجيع أحواهلا وهي لغة القصر ] (لك ) خرب (ال ) ‪ [ .‬انظر حاشية اخلضري‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪192‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫فقد نصب الشاعر املنادى (عبدًا ) ونونه للضرورة مع أنه مفرد معرفة ألنه نكرة‬
‫مقصودة ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬واضمم أو انصب ‪..‬إخل ) أي ‪ :‬اضمم أو انصب ما ُنِّوَن اضطرارًا‬
‫من كل ماله استحقاق ضم ُبنِّي فيما تقدم والذي يستحق الضم فيما تقدم هو املفرد العلم‬
‫والنكرة املقصودة وإذا نون املبين على الضم بقي على بنائه ‪ ،‬أما يف حالة تنوينه منصوبًا‬
‫فاألحسن أنه معرب منصوب للضرورة ‪.‬‬
‫****‬
‫ِهلل ِك‬ ‫‪َ-583‬و ِبْاْض ِط َر اٍر ُخ َّص ْمَجُع َيا َو أْل‬
‫إال َمَع ا وْحَم ِّي اُجْلَمْل‬
‫َو شَّذ يا اَّللُه َم يِف َقِر ْيـ ـِض‬ ‫‪َ -584‬و اْألْك َثُر الَّلُه َّم ِبالَتْع ِو يِض‬

‫ال جيوز اجلمع بني حرف النداء وأل ملا فيه من اجتماع معرفني ظاهرين ( النداء وأل )‬
‫وهذا مل يعهد يف الكالم العريب الفصيح ‪ ،‬وال يعرتض بدخول النداء على العلم ألن العلمية‬
‫ليست بأداة ظاهرة ‪ ،‬واستثىن من ذلك احلاالت اآلتية ‪:‬‬
‫األوىل ‪ :‬لفظ اهلل فتقول ‪ :‬يا اهلل اغفر يل ‪ ،‬واألكثر يف األساليب العالية عند نداء لفظ‬
‫اجلاللة أن يقال " اللهم " مبيم مشددة ُمَعَّو َض ٍة من حرف النداء كقوله تعاىل ‪ُ{ :‬قِل الَّلُه َّم‬
‫َفاِط َر الَّس َم اَو اِت َو اَأْلْر ِض } ( الزمر ‪. )46 :‬‬
‫فـ ( اللهم ) منادى مبين على الضم يف حمل نصب ‪ ،‬وامليم املشددة املفتوحة عوض عن‬
‫حرف النداء ‪ ،‬و( فاطر ) نعت للفظ اهلل منصوب ألنه مضاف ‪ ،‬أو منادي ثان حذف منه‬
‫حرف النداء منصوب ألنه مضاف أيضًا ‪ ،‬وشذ اجلمع بني امليم وحرف النداء كقول‬
‫الشاعر ‪:‬‬

‫( ‪. )1/142‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪193‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫أقول يا اللهم يا اللهما (‪. )1‬‬ ‫إين إذا ما حدث أ ا‬
‫ّمل‬
‫الثانية ‪ :‬ما مسي به من اجلمل احملكية ‪ :‬وهو العلم املنقول من مجلة امسية مبدوءة بـ (أل )‬
‫فتقول فيمن امسه ‪ :‬الرجل منطلق ‪ .‬يا الرجل منطلق ‪ ،‬فـ ( يا ) حرف نداء و ( الرجل‬
‫منطلق ) منادى مبين على ضم مقدر للحكاية يف حمل نصب ‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬يف ضرورة الشعر (‪ )2‬كقول الشاعر ‪:‬‬

‫إياكما أن تعقبانا شّر ًا( ‪. )3‬‬ ‫فيا الغالمان اللذان فَّر ا‬


‫فجمع الشاعر بني حرف النداء و( أل ) ‪ ،‬وهذا من ضرورة الشعر يف مثل هذا املوضع ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وباضطرار ُخ َّص مجع ( يا ) و ( أل )‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن اجلمع بني أداة‬
‫النداء مثل ( يا ) و ( أل ) خمصوص بضرورة الشعر إال لفظ ( اهلل ) ‪ .‬واجلمل احملكية ‪.‬‬
‫واألكثر يف نداء لفظ ( اهلل ) أن يقال ‪ ( :‬اللهم ) حبذف حرف النداء وتعويض امليم وشذ‬
‫اجلمع بينهما ( يف قريض ) أي ‪ :‬يف شعر ‪ ،‬تقول ‪ :‬قرضت الشعر ‪ :‬نظمته ‪ ،‬فهو قريض‬
‫‪ .‬ألنه اقتطاع من الكالم ‪ ،‬وابن مالك يشري بذلك إىل البيت املذكور‪.‬‬

‫‪ - 1‬حدث ‪ :‬أي أمر حادث وطارئ حيتاج إىل معونة ‪( .‬أًّمل نزل) ‪.‬‬
‫إعرابه ‪( :‬إذا ما ) إذ ظرف ملا يستقبل من الزمان و(ما ) زائدة ‪( ،‬حدث ) فاعل لفعل حمذوف يفسره املذكور ‪ ,‬واجلملة يف حمل جر بإضافة‬
‫(إذا ) إليها ( أملا ) أَّمل ‪ :‬فعل ماض ‪ .‬واأللف لإلطالق ‪ ،‬والفاعل ضمري مسترت واجلملة مفسرة ال حمل هلا ‪( .‬أقول ) اجلملة من الفعل والفاعل‬
‫املسترت ال حمل هلا جواب (إذا ) ومجلة الشرط وجوابه يف حمل رفع خرب ( إن ) ‪.‬‬
‫‪ - 2‬يقول أبو حيان األندلسي يف الضرورة الشعرية ( يعنون بالضرورة أن ذلك من تراكيبهم الواقعة يف الشعر املختصة به ‪ ،‬وال يقع يف‬
‫كالمهم النثري ‪ ،‬وإمنا يستعملون ذلك يف الشعر خاصة دون الكالم ‪ ،‬وال يعين النحويون بالضرورة أنه ال مندوحة عن النطق هبذا اللفظ وإمنا‬
‫يعنون ما ذكرناه ‪ ،‬وإال كان ال توجد ضرورة ألنه ما من لفظ إال وميكن للشاعر أن يغريه ) ‪ .‬انظر ‪ ( :‬األشباه والنظائر ) للسيوطي (‪)1/268‬‬
‫‪ .‬والضرائر اللغوية يف الشعر اجلاهلي ‪ .‬للدكتور ‪ :‬عبد العال شاهني ‪.‬‬
‫‪ - 3‬إعرابه ( يا ) حرف نداء ( الغالمان ) منادى منيب على األلف ألنه مثىن يف حمل نصب (اللذان ) صفة لقوله ‪ ( :‬الغالمان ) باعتبار اللفظ‬
‫ومجلة ( فرا ) صلة ( إياكما ) منصوب على التحذير بفعل حمذوف وجوبًا تقديره ‪ :‬أحذركما ( أن ) مصدرية ( تعقبانا) فعل مضارع منصوب‬
‫حبذف النون واأللف فاعل ‪ .‬و( نا) مفعول أول ‪ .‬وأن وما دخلت عليه يف تأويل مصدر جمرور مبن مقدرة (شّر ًا ) مفعول ثان ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪194‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫" فْص ـٌل "‬


‫ِحْل‬
‫أْل ُمُه َنْص بًا َك َأَز ْيُد َذا ا َيْل‬
‫ِز‬ ‫‪َ -585‬تابَع ِذ ْي الَّض ِّم ا َض اَف ُدوَن أْل‬
‫ُمل‬
‫َك ُمْس َتِق ٍّل َنَس ق ـًا َو َبـَد ال‬ ‫‪َ -586‬و َم ا ِس َو اُه اْر َفْع أِو اْنَصْب َو اْجَعاَل‬
‫فِف يِه َو ْجَه اِن َو َر ْفٌع ُيْنَتَق ى‬ ‫‪َ -587‬و إْن َيُك ْن َم ْص ُح وَب أْل َم ا ُنِس َق ا‬

‫هذا الفصل معقود حلكم تابع املنادى من نعت أو غريه ‪ ،‬واملنادى ال خيلو من حالتني –‬
‫كما تقدم ‪: -‬‬
‫األول ‪ :‬أن يكون مبنّيًا ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬أن يكون منصوبًا ‪.‬‬
‫أما احلالة األوىل ففيها التفصيل اآليت ‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا كان املنادى مبنًّيا وجاء تابعه مضافًا جمردًا من أل وهو نعت أو توكيد أو‬
‫عطف بيان وجب نصبه مراعاة حململ املنادى ‪ ،‬وال جيوز بناؤه مراعاة للفظه حنو‬
‫‪ :‬يا خالُد صاحَب حممٍد ‪ ،‬يا صاُحل أبا عبد اهلل ‪ ،‬يا متيُم كَّلُه م أو كَّلكم (‪. )1‬‬
‫‪ -2‬إذا كان املنادى مبنًّيا وجاء تابعه مضافًا مقرتنًا بأل أو كان مفردًا أي غري‬
‫مضاف ‪ ،‬وجاز فيه الرفع مراعاة للفظ املنادى ‪ ،‬والنصب مراعاة حملله حنو ‪ :‬يا‬
‫خالُد الكاتَُب الدرِس ‪ ،‬برفع ( الكاتب ) ونصبه ‪ ،‬ويا خالُد ‪ ،‬الظريَُف ‪ ،‬برفع‬
‫الظريف ونصبه ‪.‬‬
‫وتقول يف عطف البيان ‪ :‬يا رجُل زيٌد وزيدًا ‪.‬‬
‫وتقول يف التوكيد ‪ :‬يا متيم أمجعون وأمجعني ‪.‬‬

‫‪ - 1‬القاعدة أنه إذا جيء مع تابع املنادى بضمري جاز أن يكون للغائب نظرًا لألصل وجاز أن يكون للمخاطب لكون املنادى خماطبًا يف املعىن‬
‫‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪195‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ويدخل يف هذا احلكم عطف النسق املقرتن بأل حنو ‪ :‬يا خالُد والطالَُب ‪ .‬بالرفع‬
‫والنصب ‪ ،‬واملختار عند اخلليل وسيبويه الرفع تبعًا للفظ ملا فيه من املشاكلة ‪.‬‬
‫وقد ورد النصب يف قوله تعاىل ‪َ {:‬يا ِج َباُل َأِّو يِب َمَعُه َو الَّطْيَر } (‪ . )1‬فقد قرأ السبعة‬
‫بالنصب عطفًا على حمل " اجلبال " (‪. )2‬‬
‫‪ -3‬إذا كان التابع عطف نسق غري مقرتن بأل أو كان بدًال أعطي ما يستحقه لو‬
‫كان منادى مستقًال فيبىن على الضم بال تنوين إذا كان مفردًا حنو ‪ :‬يا خالُد‬
‫وحممُد ‪ ،‬وحنو ‪ :‬يا رجُل خالُد كما لو قلت ‪ :‬يا حممُد ويا خالُد ‪ .‬وينصب يف‬
‫مثل ‪ :‬يا خالد وصاحَب الدار‪ ،‬يا شباَب اإلسالم ‪.‬‬
‫وإىل ما تقدم أشار بقوله ( تابع ذي الضم املضاف ‪..‬إخل ) أي ‪ :‬ألزم تابع املنادى‬
‫املبين على الضم وما ينوب عنها إذا كان التابع مضافًا دون ( أل ) ألزمه نصبًا مث مثل‬
‫مبثال ‪ ( :‬أزيُد ذا احليل ) فاهلمزة للنداء ‪ ،‬وزيد منادى مبين على الضم و( ذا احليل )‬
‫نعت منصوب باأللف ومضاف إليه ‪.‬‬
‫مث ذكر يف البيت الثاين أن ما سوى املضاف املذكور جيوز رفعه ونصبه وهو شيئان‬
‫كما تقدم ‪:‬‬
‫‪ -1‬املضاف املصاحب لـ ( أل ) ‪:‬‬
‫‪ -2‬املفرد ‪ ،‬أما عطف النسق والبدل فحكمهما حكم املنادى املستقل إال إن كان‬
‫عطف النسق بأل فيجوز فيه وجهان ‪ :‬الرفع والنصب واملختار الرفع ‪.‬‬

‫****‬

‫‪ - 1‬ومعىن ‪ ( :‬أويّب معه ) أي ‪ :‬رِّج عي معه بالتسبيح ‪.‬‬


‫‪ -‬الذين خيتارون الرفع كسيبويه واخلليل يقدرون النصب يف اآلية بالعطف على قوله ‪( :‬فضًال ) من قوله تعاىل ‪َ ( :‬و َلَقْد آَتْيَنا َد اُو وَد ِم َّنا َفْضًال‬
‫‪2‬‬

‫) وقرئ بالرفع عطفًا على لفظ " اجلبال " لكنها قراءة شاذة كما قال ابن هشام يف شرح القطر ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪196‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ِذ‬ ‫ِص‬
‫َيْلَزُم ِبالَّر ْفِع َلَد ى ْي اَملْع ِر َفْه‬ ‫‪َ -588‬و َأُّيَه ا َم ْص ُح وَب أْل َبعُد َف ْه‬
‫ِذ‬
‫َو َو ْصُف أٍّي ِبِس َو ى هَذ ا ُيَر ْد‬ ‫‪َ -589‬و أُّي هَذ ا أُّيَه ا اَّل ْي َو َر ْد‬
‫ِف‬ ‫‪َ -590‬و ُذو إَش اَر ٍة كأٍّي يف الِّصَف ه‬
‫إْن َك اَن َتْر ُك َه ا ُي ْيُت اَملْع ِر َفْه‬

‫‪ -4‬إذا كان املنادى مبنّيًا وهو ( أي ) يف التذكري و( أية ) يف التأنيث وجاء بعده‬
‫نعت ‪ .‬وجب رفعه مراعاة للفظ املنادى‪.‬حنو‪ :‬يا أيها العاقل تدبر حالك ‪ .‬قال تعاىل ‪:‬‬
‫{َيا َأُّيَه ا الَّناُس اَّتُقوْا َر َّبُك ُم } ( النساء ‪ . )1 :‬وقال تعاىل ‪َ { :‬يا َأَّيُتَه ا الَّنْف ُس‬
‫اْلُم ْطَم ِئَّنُة} ( الفجر ‪ . )27 :‬فـ ( أي ‪ ،‬وأية ) مبنيان على الضم يف حمل نصب ‪ ،‬ألن‬
‫كال منهما منادى ‪ ،‬نكرة مقصودة ‪ .‬و( ها ) حرف تنبيه ‪ .‬و( الناس ) نعت مرفوع‬
‫بالضمة كحركة املنادى ‪ ،‬ومثله كلمة ( النفس ) ‪ .‬وال توصف (أي وأية ) يف هذا الباب‬
‫إال باسم حملي بـ ( أل ) اجلنسية كما مثل ‪ ،‬أو باسم اإلشارة ‪ ،‬وال يوصف اسم اإلشارة‬
‫إال مبا فيه ( أل ) حنو ‪ :‬يا أيهذا الطالب أحسن القصد ‪ ،‬أو مبوصل حملي بـ ( أل ) حنو ‪:‬‬
‫ياذا الذي عصى ربه اعرف من عصيت‪.‬فـ ( أي ) منادي و(ها) للتنبيه و(ذا) اسم إشارة‬
‫صفة يف حمل رفع‪(.‬الطالب) صفة السم اإلشارة أو عطف بيان‪.‬أو توصف (أي ) مبوصول‬
‫حملى بـ (أل)كقوله تعاىل‪َ{:‬يا َأُّيَه ا اَّلِذي ُنِّز َل َعَلْيِه الِّذ ْك ُر ِإَّنَك َلَم ْج ُنوٌن }( احلجر ‪. )6 :‬‬
‫فـ ( الذي ) نعت (أي ) ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪( :‬وأيها مصحوب أل بعد صفة ‪..‬إخل ) فـ ( أيها ) مبتدأ (ومصحوب أل‬
‫) مفعول به تقدم على عامله (يلزم ) واملعىن ‪ :‬وأيها يلزم مصحوب (أل ) يف حال كونه‬
‫صفة ‪ ،‬مرفوعًا واقعًا بعده ‪ ،‬وقد أطلقه يف قوله ( مصحوب أل ) وال بد من تقييده بـ‬
‫( أل) اجلنسية ‪: ،‬ما تقدم ‪.‬‬
‫مث ذكر أن وصف (أي ) باسم اإلشارة أو مبوصول حملى بـ ( أل ) ورد عن العرب ‪.‬‬
‫ونعت (أي ) بغريها (يرد ) أي يرفض ويستبعد ‪ ،‬ويف هذا البيت – الثاين – حذف‬
‫العاطف وهو جائز ‪ ،‬وقوله ‪( :‬ورد ) خرب املبتدأ وهو قوله ‪ ( :‬وأيهذا ) والقياس التثنية ‪،‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪197‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫لكنه على حذف مضاف أي ‪ :‬ورد لفظ أيهذا أو لتأويلهما باملذكور أي ‪ :‬ورد املذكور‬
‫‪.‬‬
‫وذكر يف البيت الثالث أن اسم اإلشارة إذا كان منادى فإنه جيري جمرى (أي ) يف لزوم‬
‫الصفة ورفعها وكوهنا بـ ( أل ) ‪ .‬أو مبوصول حملى بـ ( أل ) ‪ .‬وقوله ( إن كان تركها‬
‫يفيت املعرفة ) مصدر (أفات ) الرباعي ‪ ،‬ومفعوله األول حمذوف ‪ .‬أي ‪ :‬يفيت املخاطب‬
‫معرفة املشار إليه ‪ ،‬واملراد ‪ :‬يفوت علم املخاطب ‪ ،‬ومعرفته باملنادى لو تركت الصفة ‪.‬‬
‫ومثاله ‪ :‬يا هذا القائم تكلم تقوله ‪ .‬لقائم بني جلوس ‪ ،‬فلو قيل ‪ :‬يا هذا تكلم ‪ .‬مل يعلم‬
‫املخاطب َم ن املنادى ؟ وعلى هذا فاملقصود بالنداء هو الصفة ‪ ،‬واسم اإلشارة وصلة‬
‫لندائها ‪ ،‬إذ ال يصح ‪ :‬يا القائم أما إذا كان اسم اإلشارة هو املقصود بالنداء مل جيب رفع‬
‫الصفة ‪ ،‬بل جيوز الرفع والنصب ‪ .‬ألنه صفة أو عطف بيان وكالمها مفرد جيوز فيه‬
‫الوجهان ‪ ،‬وهذا إذا عرفه املخاطب بدون صفته ‪ ،‬كما لو وضع املتكلم يده عليه ‪.‬‬
‫هذا حكم تابع املنادى إذا كان مبنًّيا ‪ .‬وهو الذي اقتصر عليه ابن مالك – رمحه اهلل –‬
‫فإن كان املنادى منصوبًا ‪ ،‬وتابعه نعت أو عطف بيان أو توكيد وجب نصب التابع‬
‫مراعاة للفظ املتبوع ‪ ،‬حنو ‪ :‬يا عبد اهلل صاحَب خالد ‪ ،‬ويا عبد اهلل أبا صاحل ‪ ،‬ويا علماء‬
‫اإلسالم كَّلكم قوموا بواجبكم ‪.‬‬
‫وكذا إن كان التابع عطف نسق جمردًا من ( أل ) أو بدًال ‪ ،‬وجب نصبه على أرجح‬
‫اآلراء (‪ . )1‬حنو ‪ :‬يا عبد اهلل وسعيدًا ‪ ،‬يا أبا صاحل خالدًا ‪ .‬فـ ( سعيدًا ) معطوف على‬
‫املنادى املنصوب و املعطوف على املنصوب منصوب مثله ‪ ،‬وكذا البدل ( خالدًا ) ‪.‬‬
‫***‬

‫‪ - 1‬الرأي الثاين وهو لألكثرين ويفهم من كالم ابن مالك اعتبار كل من العطف والبدل مبنزلة املنادى املستقل فتقول ‪ :‬يا عبد اهلل وسعيُد ‪،‬‬
‫بالرفع ألنك لو جعلته منادى لقلت ‪ :‬يا سعيُد بالضم وهذا مرجوح إذ ال مسوغ العتباره منادى مستقًال وقد جاء تابعًا ‪ .‬وحجتهم أن البدل‬
‫يف نية تكرار العامل ‪ ،‬والعاطف كالنائب عن العامل ‪ ،‬وهذه حجة ضعيفة ‪ ،‬فإن كلمة (سعيد ) يف املثال املذكور كيف تكون مبنية على الضم‬
‫لتبعيتها املنادى مع أن التبعية إما أن تكون ملراعاة اللفظ أو احملل ‪ ،‬واملنادى هنا منصوب مباشرة وليس له حمل ‪ .‬فمن أين تأيت رفع التابع ؟؟ انظر‬
‫حاشية ياسني على شرح التوضيح (‪ )2/176‬النحو الوايف (‪. )4/41‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪198‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ِص‬ ‫ٍن‬ ‫ِص‬
‫َثا َو ُضَّم وافتح أَّو ًال ُت ْب‬ ‫‪ -591‬يِف ْحَنَو َس ْع َد َس ْع َُد األْو ِس َيْنَت ْب‬

‫إذا تكرر املنادى املفرد ‪ ،‬وكان اللفظ الثاين مضافًا حنو ‪ :‬يا طالَُب طالَب العلم احرض‬
‫على الفائدة ( تقوله ملعني ) جاز يف األول وجهان ‪:‬‬
‫‪ -1‬البناء على الضم ألنه مفرد معرفة (بالقصد ) وهو يف حمل نصب ‪ ،‬ويكون الثاين‬
‫توكيدًا لفظّيًا أو بدًال أو عطف بيان مراعًى يف الثالثة حمل املتبوع ‪ ،‬أو يكون‬
‫منادى سقط منه حرف النداء ‪ ،‬أو مفعوًال به لفعل حمذوف ‪.‬‬
‫‪ -2‬النصب على اعتبار أن هذا املنادى (األول ) مضافًا للمضاف إليه املذكور يف‬
‫الكالم ‪ ،‬واالسم الثاين املكرر مقحمًا بني املتضايفني ( ويعرب توكيدًا لفظّيًا‬
‫لألول( ‪ ) )1‬أو يعترب املنادى مضافًا إىل حمذوف مياثل املذكور ‪ ،‬وأصل الكالم ‪،‬‬
‫يا طالَب العلم طالَب العلم ‪ .‬بإضافتني يف األسلوب الواحد ‪ ،‬ويكون االسم‬
‫الثاين منصوبًا على أنه توكيد لفظي أو بدل أو عطف بيان ‪ .‬أو مفعوًال به لفعل‬
‫حمذوف ‪ ،‬أو منادى حبرف نداء حمذوف ‪ ،‬وحيسن اختيار األنسب للسياق من‬
‫هذا األوجه اخلمسة واألوضح يف أداء الغرض ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬يف حنو سعد سعد األوس ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬ويف مثل يا سعد سعد‬
‫األوس ‪ ،‬جيب نصب الثاين منهما ‪ ،‬أما األول فأنت مطالب بضمه أو فتحه ‪ ،‬لتوافق‬
‫الصواب يف ذلك ‪ ،‬وابن مالك ‪ -‬رمحه اهلل – يشري بذلك إىل بيت من الشعر وهو‬
‫قوله ‪:‬‬
‫ويا سعُد سعَد اخلزرجني الغطاِر ِف‬ ‫أيا سعُد سعَد األوس كن أنت مانعًا‬
‫وسعد األوس هو ‪ :‬سعد بن معاذ ‪ ،‬وسعد اخلزرجني هو سعد بن عبادة رضي اهلل‬
‫عنهما (‪ .)2‬والغطارف‪:‬مفرده ِغطريف‪ :‬وهو السيد الشريف والسخي الَّس ري (‪. )3‬‬
‫‪ - 1‬وعلى هذا فيصح الفصل بني املضاف واملضاف إليه بالتوكيد اللفظي واغتفر ذلك الحتاده باألول لفظًا ومعىن ‪ ،‬وقد أشار إىل ذلك الشيخ‬
‫يس يف حاشية على شرح الفاكهي على القطر (‪. )2/107‬‬
‫‪ - 2‬انظر ‪ :‬سري أعالم النبالء (‪. )1/279‬‬
‫‪ - 3‬ترتيب القاموس (‪. )3/402‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪199‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫ا َناَدى ا َض اُف إىَل َياء ا َتَك ِّلِم‬


‫ُمل‬ ‫ُمل‬ ‫ُمل‬
‫َك َعْبِد َعْبِدي َعْبَد ا َعْبِد َيا‬ ‫‪َ -592‬و اْجَعْل ُم َناًدى َص َّح إْن ُيِض ْف ِلَيا‬

‫إذا أضيف املنادى إىل ياء املتكلم ‪ ،‬فإما أن يكون صحيحًا أو معتًال ‪.‬‬
‫فإن كن معتًال فحكمه كحكمه غري منادى – كما تقدم يف بابه – فتثبت الياء‬
‫مفتوحة حنو ‪ :‬يا فتاَي ‪ ،‬يا قاضَّي ‪.‬‬
‫وإن كان صحيحًا كـ ( غالمي ) جاز فيه مخسة أوجه ‪- :‬‬
‫األول ‪ :‬حذف ياء املتكلم ‪ ،‬وإبقاء الكسرة دليًال عليها ‪ .‬وهذا هو األكثر ‪ ،‬فتقول ‪ :‬يا‬
‫غالِم قال تعاىل ‪َ { :‬يا ِعَباِد َفاَّتُقوِن } ( الزمر ‪ . )16 :‬فـ (عباد) منادى مضاف ‪،‬‬
‫منصوب وعالمة نصبه الفتحة املقدرة على ما قبل ياء املتكلم احملذوفة للتخفيف منع من‬
‫ظهورها اشتغال احملل حبركة املناسبة ‪ ،‬والياء احملذوفة ضمري مبين على السكون يف حمل جر‬
‫مضاف إليه ‪.‬‬
‫ِع ِد‬
‫الثاين ‪ :‬إثبات الياء ساكنة فتقول ‪ :‬يا غالمي ‪ ،‬قال تعاىل ‪َ { :‬يا َبا اَل َخ ْو ٌف َعَلْيُك ُم‬
‫اْلَيْو َم َو اَل َأنُتْم ْحَتَز ُنوَن } ( الزخرف ‪ ،‬آية ‪ . )68‬يف قراءة من أثبت الياء ساكنة وهم‬
‫نافع وأبو عمرو وابن عامر – من السبعة – (‪ . )1‬فـ (عبادي ) منادى منصوب وعالمة‬
‫نصبه الفتحة املقدرة على ما قبل ياء املتكلم ‪.‬وهو مضاف وياء املتكلم ضمري مبين على‬
‫السكون يف حمل جر مضاف إليه ‪ ،‬وهذا دون األول يف الكثرة ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬قلب الياء ألفًا ‪ .‬وحذفها ‪ ،‬وإبقاء الفتحة دليًال عليها فتقول ‪ :‬يا غالَم ‪ ،‬فـ‬
‫( غالَم ) منادى مضاف منصوب وعالمة نصبه الفتحة الظاهرة ‪ .‬وياء املتكلم املنقلبة ألفًا‬
‫– احملذوفة – مضاف إليه ‪.‬‬

‫‪ - 1‬انظر الكشف (‪. )2/263‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪200‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫والرابع ‪ :‬قلب الباء ألفًا وإبقاؤها ‪ .‬فتقول ‪ :‬يا غالَم ا ‪ .‬قال تعاىل عن يعقوب عليه‬
‫الصالة والسالم ‪َ { :‬يا َأَس َف ى َعَلى ُيوُس َف } ( يوسف ‪ . )84 :‬فـ ( أسفا ) منادى‬
‫منصوب وعالمة نصبه الفتحة الظاهرة (‪ . )2‬وياء املتكلم املنقلبة ألفًا ضمري مبين على‬
‫السكون يف جمل جر مضاف إليه ‪.‬‬
‫ِع ِد َّلِذ‬ ‫ِم‬
‫اخلامس ‪ :‬إثبات الياء مفتوحة ‪ .‬فتقول ‪ :‬يا غال َي قال تعاىل ‪ُ ( :‬قْل َيا َبا َي ا يَن‬
‫َأْس َر ُفوا َعَلى َأنُف ِس ِه ْم ) { الزمر ‪ }53 :‬فـ ( عبادي) منادى منصوب بفتحة مقدرة –‬
‫كما تقدم – وياء املتكلم ضمري مبين على الفتح يف حمل جر مضاف إليه ‪.‬‬
‫وهذه األوجه اخلمسة متفاوتة ‪ ،‬بعضها أقوى وأكثر استعماًال من بعض ‪ ،‬فأكثرها‬
‫استعماًال حذف الياء اكتفاء بالكسرة ‪ ،‬مث إثبات الياء ساكنة ومفتوحة ‪ ،‬مث قلبها ألفًا ‪ ،‬مث‬
‫حذف األلف اكتفاء بالفتحة ‪.‬‬
‫قال ابن مالك – رمحه اهلل – يف هذه األوجه ‪ ( :‬واجعل منادى صح ‪..‬إخل ) أي ‪ :‬إذا‬
‫أضيف املنادى صحيح اآلخر لياء املتكلم فاجعله ‪ :‬كـ ( عبد ) حبذف الياء ‪ ..‬إخل األوجه‬
‫‪ ،‬وقوله ( عبديا ) أصله عبدَي ‪ ،‬واأللف للوزن ‪.‬‬

‫****‬

‫ْيِف َيا اْبَن أَّم َيا اْبَن َعَّم ال َم َف ْر‬ ‫‪َ-593‬و َفْتٌح أْو َك ْسٌر َو َح ْذ ُف اْلَيا اْس َتَمْر‬

‫إذا كان املنادى مضافًا إىل مضاف إىل ياء املتكلم فإنه جيب إثبات الياء مفتوحة أو‬
‫ساكنة حنو ‪ :‬يا ابن أخي ‪ ،‬يا ابن خايل إال إذا كان املنادى (ابن أم ) و( ابن عم ) فإنه‬
‫جيوز فيه وجهان ‪:‬‬

‫‪ - 2‬أو يقال ‪ :‬وعالمة نصبه الفتحة املقدرة منع من ظهورها الكسرة املنقلبة فتحة ملناسبة الياء املنقلبة ألفًا ‪ ،‬فتكون الفتحة يف ( غالَم وغالَم ا )‬
‫ليست فتحة إعراب وإمنا هي ألجل األلف املنقلبة عن ياء املتكلم ‪ ،‬واألول فيه تيسري وبعد عن التكلف الذي ال داعي له ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪201‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫األول ‪ :‬حذف ياء املتكلم وإبقاء الكسرة قبلها دليًال عليها وهذا هو األكثر فتقول ‪ :‬يا‬
‫ابن أِّم ‪ ،‬يا ابن عِّم ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬حذف ياء املتكلم بعد قلبها ألفًا وقلب الكسرة قبلها فتحة فتقول ‪ :‬يا ابن أَّم يا‬
‫ابن عَّم ‪ ،‬ومنه قوله تعاىل ‪َ {:‬قاَل اْبَن ُأَّم ِإَّن اْلَق ْو َم اْس َتْض َعُفويِن } ( األعراف ‪. )150 :‬‬
‫وقال تعاىل ‪َ { :‬قاَل َيا اْبَن ُأَّم اَل َتْأُخ ْذ ِبِلْح َييِت َو اَل ِبَر ْأِس ي } ( طه ‪. )94 :‬‬
‫فقد قرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم ومحزة و الكسائي بكسر امليم على الوجه األول‬
‫وقرأ الباقون بفتحها على الثاين ‪.‬‬
‫وإعرابه ‪ ( :‬ابن أَّم ) ابن ‪ :‬منادى حبرف نداء مقدار منصوب وعالمة نصبه الفتحة‬
‫الظاهرة وهو مضاف و( أَّم ) بالفتح مضاف إليه جمرور بكسرة مقدرة منع من ظهورها‬
‫الفتحة اليت جاءت لقلب الياء ألفًا وحذفت هذه األلف للتخفيف و( أَّم ) مضاف والياء‬
‫احملذوفة املنقلبة ألفًا يف حمل جر مضاف إليه ‪.‬‬
‫و(ابن أِّم ) على قراءة كسرة امليم – ( ابن ) كما تقدم و( أِّم ) مضاف إليه جمرور‬
‫بكسرة مقدرة (‪ . )1‬منع من ظهورها اشتغال احملل حبركة املناسبة و(أِّم) مضاف والياء‬
‫احملذوفة للتخفيف يف حمل جر مضاف إليه ‪.‬‬
‫وهذا معىن قول ابن مالك ‪ ( :‬وفتٌح أو كسٌر ‪ ...‬إخل ) أي ‪ :‬أن حذف ياء املتكلم‬
‫وحتريك احلرف الذي قبلها بالفتح أو الكسر مستمر يف ( يا ابن أم ‪ ،‬يا بن عم )ومل يقل ‪:‬‬
‫يف حنو ابن أم ‪ ،‬ألنه ال ثالث هلما أما ( يا ابنة أَّم ) و ( يا ابنة عَّم ) فداخالن ألن ( ابنة )‬
‫هي ( ابن ) بزيادة التاء ‪.‬‬
‫*****‬

‫ِع‬ ‫ِم‬ ‫ِس‬ ‫ِت ِت‬


‫َو اْك ْر أِو اْفَتْح َو َن الَيا الَّتا َو ْض‬ ‫‪َ -594‬و يِف الِّنَد ا أَب أَّم َعَر ْض‬

‫إذا كان املنادى املضاف إىل الياء هو كلمة " أب " أو " أم " جاز فيه وجهان ‪:‬‬
‫‪ - 1‬واألحسن أنه جمرور بالكسرة الظاهرة ما دامت موجودة على قراءة الكسر ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪202‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫األول ‪ :‬حذف ياء املتكلم واإلتيان بتاء التأنيث عوضًا عنها مع بنائها على الكسر وهذا‬
‫هو األكثر حنو‪:‬يا أَبِت ‪ ،‬يا أَّم ِت ‪ ،‬ومنه قوله تعاىل‪ِ { :‬إْذ َقاَل َأِلِبيِه َيا َأَبِت }(مرمي‪.)42 :‬‬
‫فقد قرأ السبعة – عدا ابن عامر – بالكسر ‪ ،‬لتدل الكسرة على الياء احملذوفة يف النداء‬
‫وأصله ‪ :‬يا أبيت ‪.‬‬
‫وإعرابه ‪( :‬يا) حرف نداء ( أبِت ) منادى منصوب وعالمة نصبه الفتحة الظاهرة على‬
‫آخره (‪ . )1‬وهو مضاف وياء املتكلم احملذوفة ضمري مبين على السكون يف حمل جر‬
‫مضاف إليه ‪ ،‬والتاء حرف دال على التأنيث اللفظي مبين على الكسر ال حمل له ‪.‬‬
‫الوجه الثاين ‪ :‬حذف الياء واإلتيان بتاء التأنيث مفتوحة حنو ‪ :‬يا أبَت ويا أمَت ‪ ،‬ومنه‬
‫قراءة ابن عامر ‪ ( :‬يا أبَت ) وهو كثري ‪ ،‬وإعرابه كما سبق غري أن التاء مبنية على الفتح‬
‫‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ( ويف النداء أبِت ‪ ،‬أَّم ِت عرض ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬عرض يف النداء أسلوب‬
‫خاص هو ‪ :‬يا بِت ‪ ،‬يا أمِت بكسر التاء أو فتحها مث ذكر أن التاء عوض من ياء املتكلم‬
‫املضاف إليه ‪ ،‬وقوله ‪ ( :‬عرض ) أي ‪ :‬شيء عارض غري الزم فتجوز األوجه اخلمسة‬
‫السابقة ‪.‬‬
‫****‬

‫أمساء الَز َم ِت الِّنَد َءا‬


‫ُلْؤ َم اُن َنْو َم اُن َك َذ ا واَّطَر َدا‬ ‫‪َ -595‬و ُفُل َبْعَض َم ا َخُيُّص بالَّنَد ا‬
‫َو اَألْم ُر َه َكَذ ا َم َن الُّثاَل ِثي‬ ‫‪ -596‬يِف ِّب األ َثى ْز ُن ا اِث‬
‫ْن َو َي َخ َب‬ ‫َس‬
‫ِر‬ ‫يِف‬ ‫ِق‬ ‫ُّذ ِر‬ ‫يِف‬
‫َو ال َت ْس َو ُج َّر الِّش ْع ُفُل‬ ‫‪َ -597‬و َش اَع َس ِّب ال ُك و ُفَعُل‬

‫‪ - 1‬هذا هو األيسر وهو أن تكون الفتحة اليت على الباء فتحة إعراب ظهرت كما تظهر فتحة املنقوص ‪ ،‬والرأي الثاين أنه منصوب بفتحة‬
‫مقدرة على ما قبل التاء منع من ظهورها اشتغال احملل بالفتحة ألجل التاء وفيه تكلف ال داعي له ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪203‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫من األمساء ما ال يستعمل إال منادى وهو ثالثة أقسام ‪:‬‬


‫األول ‪ :‬مساعي باتفاق ‪ ،‬وهو أربعة ألفاظ ‪:‬‬
‫‪ُ -1‬فُل مبعىن رجل ‪.‬‬
‫‪ُ -2‬فلة مبعىن امرأة ‪.‬‬
‫‪ُ -3‬لؤمان مبعىن كثري اللؤم والدناءة ‪.‬‬
‫‪َ -4‬نومان مبعىن كثري النوم ‪.‬‬
‫القسم الثاين ‪ :‬قياسي باتفاق ‪ ،‬وهو الوصف الذي على وزن ( َفَعاِل ) مبعىن ‪ :‬فاعلة‬
‫أو فعيلة لسِّب األنثى وذمها ويصاغ من كل فعل ثالثي تام جمرد متصرف تصرفًا‬
‫كامًال حنو‪:‬يا خباِث ويا غداِر ‪ ،‬ويا سراق ‪ .‬مبعىن ‪ :‬خبيثة وغادرة وسارقة فـ ( اِث‬
‫َخ َب‬
‫) منادى َم بىن على ضم مقدر منع من ظهوره كسرة البناء األصلي يف حمل نصب ‪.‬‬
‫وكذلك يقاس استعمال [ فعال] مبنّيًا على الكسر بالشروط السابقة للداللة على‬
‫األمر حنو ‪ :‬نزال مبعىن ‪ :‬انزل ‪ ،‬وشراِب مبعىن ‪ :‬اشرب ‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪ :‬خمتلف فيه وهو الوصف الذي على وزن ( ُفَعل) لسّب الذكور حنو ‪:‬‬
‫ُغَد ر مبعىن ‪ :‬غادر ‪ ،‬وُفسق مبعىن ‪ :‬فاسق ‪ ،‬واألرجح يف هذه الصيغة أهنا قياسية‬
‫بشرط داللة أصلها على السب ‪ .‬ألن ذلك شائع يف كالم العرب‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وفل بعض ما خيص بالندا ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن لفظة ( ُفُل ) من‬
‫األمساء اخلاصة بالنداء ‪ ،‬وكذا ( لؤمان ونومان ) ‪ ،‬واطرد يف سب األنثى ( يا خباث‬
‫) وما كان على وزهنا ‪ ،‬وملا قال ‪ ( :‬واطردا ) دل على أن ذلك قياسي وما قبله‬
‫مساعي ‪ ،‬مث ذكر أن هذا الوزن وهو ( فعال ) مطرد يف األمر ‪ ،‬واملراد اسم فعل األمر‬
‫‪ ،‬مث قرر أن نداء ما كان على وزن ( ُفَعل) خاّص ًا بسب املذكر أنه أمر شائع ‪ ،‬ومع‬
‫هذا هنى عن القياس عليه ‪ .‬وهذا فيه نظر فإن الشيوع يف كالم العرب الفصيح يبيح‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪204‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫القياس كما تقدم ‪ ،‬مث بني أن لفظة ( ُفُل ) املالزمة للنداء جيوز جرها يف الشعر‬
‫للضرورة ‪ .‬وهو يشري بذلك إىل قول الراجز ‪:‬‬

‫يف جلٍة أمسك فالنًا عن ُفِل (‪)1‬‬

‫فإن الشاعر استعمل (ُفُل ) يف غري النداء وجره باحلرف وذلك ضرورة ‪ ،‬وهذا قول ابن‬
‫مالك ‪ .‬وقال ابن هشام ‪ ( :‬الصواب أن أصل هذا ( فالن ) وأنه حذف منه األلف‬
‫والنون للضرورة ) أ‪ .‬هـ ‪ .‬وهذا احلذف للرتخيم كما سيأيت إن شاء اهلل ‪.‬‬
‫****‬

‫باب اِال ْس ِتَغا ُةَث‬


‫ِبالاَّل ِم َم ْف ُتوحًا َك َيا َلْلُمْر َتَض ى‬ ‫‪ -598‬إَذا اْس ُتِغيَث اْس ٌم ُم َناَدى ُخ ِف َض ا‬
‫َو يِف ِس َو ى َذِلَك ِباْلَك ْس ِر اْئِتَيا‬ ‫‪َ -599‬و اْفَتْح َمَع ا ْع ُطوِف إْن َكَّر ْر َت َيا‬
‫َمل‬
‫االستغاثة من أنواع النداء وهي نداء من خيلص من شدة واقعة أو يعني على دفعها‬
‫قبل وقوعها( ‪ ، )2‬وأداهتا (يا ) ‪.‬‬

‫‪ - 1‬جلة ‪ :‬بفتح الالم وتشديد الالم ‪ .‬هي اجللبة واختالط األصوات يف احلرب ‪ .‬والشاعر يصف إبًال تتزاحم ويدفع بعضها بعضًا ‪ .‬ويشبهها‬
‫بقوم شيوخ يدفع بعضهم بعضًا فيقال ‪ :‬أمسك فالنًا عن فالن أي ‪ :‬احجز بينهم ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ ( :‬يف جلة ) جار وجمرور متعلق بقوله ‪:‬‬
‫تدافع الِّشيب ومل َتَق َّتل‬
‫ومجلة ( أمسك فالنًا عن فالن ) يف حمل نصب مفعول به لقول حمذوف يقع نعتًا للجة والتقدير ‪ :‬يف جلة مقول فيها أمسك فالنًا عن فالن‪.‬‬
‫‪ - 2‬هذا له شرطان ‪:‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪205‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فاألول ‪ :‬حنو ‪ :‬يا َللَّناس ِللغريق ‪.‬‬
‫والثاين حنو ‪ :‬يا َللحراس ِلألعداء ‪.‬‬
‫وأسلوب االستغاثة ال يتحقق الغرض منه – وهو طلب النصرة والعون – إال بثالثة‬
‫أركان ‪:‬‬
‫‪ -1‬حرف النداء (يا ) دون غريه من حروف النداء وهو مذكور دائمًا ‪.‬‬
‫‪ -2‬املستغاث به (وهو من يطلب منه العون واملساعدة ) وهو جمرور بالم مفتوحًا‬
‫دائمًا كما تقدم إال إذا عطف عليه مستغاث آخر ومل تكرر (يا ) فتكسر حنو ‪:‬‬
‫يا َللعلماء وِللمصلحني ِللشباب ‪ ،‬فكلمة ( املصلحني ) ليست مستغاثًا أصيًال‬
‫لعدم وجود حرف النداء ( يا ) ولكنها ملا عطفت على ما قبلها اكتسبت معىن‬
‫االستغاثة ‪.‬‬
‫فإن تكررت (يا ) لزم الفتح ‪ .‬حنو ‪ :‬يا َللوعاظ ويا َللخطباء ِلظاهرة الَّس َه ِر ‪.‬‬
‫‪ -3‬املستغاث له ( وهو الذي يطلب بسببه العون ملعاونته أو مقاومته ) وهو جمرور‬
‫بالم مكسورة (‪. )1‬كما تقدم أو بـ ( من) حنو ‪ :‬يا َللقاضي من شاهد الزور ‪.‬‬
‫وللنحويني آراء يف الم املستغاث به وأحسنها أهنا حرف جر فتحت للتفريق بينها‬
‫وبني الم املستغاث له وهي وجمرورها متعلقان حبرف النداء (يا) لنيابته عن الفعل‬
‫( ألتجئ ) وحنوه ‪.‬‬

‫ِه‬ ‫ِذ ِم‬ ‫ِذ ِم ِش ِتِه‬


‫األول ‪ :‬أن يكون املنادى قادرًا على إزالة الشدة أو دفعها قبل وقوعها قال تعاىل ‪َ { :‬فاْس َتَغاَثُه اَّل ي ن يَع َعَلى اَّل ي ْن َعُدِّو َفَو َك َز ُه‬
‫ُموَس ى َفَقَض ى َعَلْيِه } ( القصص ‪ . )10 :‬أما االستغاثة باألحياء غري احلاضرين أو باألموات فهذا من الشرك ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬أن تعتقد أن هذا ا ملنادى جمرد سبب وأنه ال تأثري له مباشر يف إزالة الشدة ‪ .‬فإن ذلك من كمال التوحيد ‪ [ .‬انظر القول املفيد البن‬
‫عثيمني ‪. ]1/261‬‬
‫قال يف فتح اجمليد ص (‪ )170‬نقًال عن بعض علماء احلنفية ( واالستغاثة جتوز يف األسباب الظاهرة العادية من األمور احلسية يف قتال أو إدراك‬
‫عدو أو سبع أو حنوه ‪ ،‬كقوهلم ‪ :‬يا لزيد ‪ ،‬يا للمسلمني ‪ ،‬حبسب األفعال الظاهرة ‪ ،‬وأما االستغاثة بالقوة والتأثري ‪ ،‬أو يف األمور املعنوية من‬
‫الشدائد ‪ ،‬كاملرض وخوف الغرق ‪ ،‬والضيق ‪ ،‬والفقر وطلب الرزق وحنوه ‪ ،‬فمن خصائص اهلل ال يطلب فيها غريه ) ‪.‬‬
‫‪ - 1‬إال إذا كان ضمريًا غري ياء املتكلم فتفتح تقول ‪ ( :‬يا خَل الد َلك ) وتقول ‪ ( :‬يا لبكر له ) فإن كان املستغاث له ياء املتكلم كسرت الالم‬
‫حنو ‪ ( :‬يا لبكر يل ) ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪206‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فمثًال ‪ :‬يا َللعلماِء ِللجهال ‪ ،‬نقول ‪( :‬يا ) حرف نداء واستغاثة ( َللعلماِء ) الالم‬
‫حرف جر واستغاثة ( والعلماء ) اسم جمرور بالالم واجلار واجملرور متعلقان بـ ( يا )‬
‫للجهال ‪ :‬جار وجمرور متعلقان بـ (يا ) ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ( إذا استغيث اسم ‪ ...‬إخل ) أي إذا نودي اسم مستغاث به وجب‬
‫خفضه أي جره بالم مبنية على الفتح حنو ‪ :‬يا للمرتضى ‪ ،‬مث ذكر أن ( يا ) إذا‬
‫ذكرت مع املعطوف وجب فتح الم اجلر الداخلة عليه ويف غري هذه الصورة جيب‬
‫كسر الالم ويدخل يف ذلك املستغاث به املعطوف الذي مل تذكر معه (يا ) كما‬
‫يدخل املستغاث له ‪.‬‬

‫****‬

‫ِل‬ ‫ِل‬
‫َو ِم ْثُلُه اْس ٌم ُذْو َتَعُّج ٍب ُأ ْف‬ ‫‪َ -600‬و اَل ُم َم ا اْس ُتِغيَث َعاَقَبْت أ ْف‬

‫الكثري يف االستغاثة أن جير املستغاث به بالم مفتوحة – كما تقدم – وجيوز أن حتذف‬
‫الالم ويزداد يف آخر املستغاث به ألف تكون عوضًا عن الالم احملذوفة حنو ‪ :‬يا عاملا‬
‫للجاهل ‪ ،‬فـ ( عاملا) منادى مبين على ضم مقدر منع من ظهوره الفتحة اليت جاءت‬
‫ملناسبة األلف يف حمل نصب ‪ ،‬واأللف عوض عن الم االستغاثة ‪.‬‬
‫وجيوز نداء املتعجب منه فيعامل معاملة املستغاث فيجر بالالم املفتوحة حنو ‪ :‬يا‬
‫للماء ‪ ،‬وقد حتذف الالم ويؤتى باأللف عوضًا عنها حنو ‪ :‬يا عجَبا للعاق ‪ ،‬والداعي‬
‫إىل نداء املتعجب منه أحد أمرين ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يرى اإلنسان أمرًا يعُّده عظيمًا لسبب قام عنده فينادي جنس ما ر آه حنو ‪:‬‬
‫يا للماء ‪ ،‬يا جلمال املكان ‪ ،‬يا للعشب ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن ينادي من له نسبة إليه ومعرفة به تقديرًا له حنو ‪ :‬يا للعلماء ‪ ،‬يا للعباقرة ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪207‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وهذا معىن قوله ( والم ما استغيث عاقبت ألف ‪ ..‬إخل ) أي أن الم االستغاثة عاقبتها‬
‫األلف مبعىن ‪ :‬جاءت عقبها وحلت حملها بعد حذفها مث ينب أن االسم منه يف أسلوب‬
‫التعجب مثل املستغاث كما تقدم ‪.‬‬
‫وإمنا ذكر أسلوب املتعجب منه – هنا – لشبهه بأسلوب االستغاثة الشتماله على‬
‫حرف النداء ‪ ،‬ومنادى جمرور بالم مفتوحة ‪.‬‬

‫****‬

‫الُّنـ ـْد َبُة‬


‫ُنِّك َر ْمَل ُيْنَد ْب َو ال َم ا ُأهْب َم ا‬ ‫‪َ -601‬م ا ِلْلُم َناَدى اْجَعْل ِلَم ْنُد وٍب َو َم ا‬
‫ٍم ِل‬ ‫ِذ‬
‫َك بْئر َز ْمَز َي ي َو ا مْن َح َف ْر‬ ‫‪َ -602‬و ُيْنَد ُب اَملْو ُصوُل باَّل ْي اْش َتَه ْر‬
‫الندبة نداء املتفجع عليه لفقده ‪ ،‬أو املتوجع منه ؛ لكونه حمل أمل فاألول كقول‬
‫جرير يرثي عمر بن عبد العزيز ‪-‬رمحه اهلل ‪: -‬‬

‫وقمت فيه بأمر اهلل يا عمرا (‪. )1‬‬ ‫ِّمُحْلَت أمرًا عظيمًا فاصطربت له‬

‫‪ - 1‬تقدم هذا البيت يف أول باب النداء ‪.‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪208‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫فقوله ‪ ( :‬يا عمرا ) أسلوب ندبة وليس نداء ألن املقام مقام رثاء ‪.‬‬
‫والثاين حنو ‪ :‬واظهراه ‪ ،‬ومنه قوله صلى اهلل عليه وسلم " وارأساه " (‪ . )1‬أي ‪:‬‬
‫أندب رأسي ملا يصيبه من وجع ‪.‬‬
‫والغرض من الندبة اإلعالم بعظمة املندوب وإظهار أمهيته أو شدته أو العجز عن‬
‫احتمال ما به ؛ وفيها إظهار احلزن وقلة الصرب غالبًا ‪.‬‬
‫وال يندب من األمساء إال املعرفة ‪ ،‬ألن الغرض من الندبة اإلعالم بعظمة املندوب‬
‫وإظهار أمهيته أو شدته وذلك يستدعي أن يكون معروفًا معينًا ‪ ،‬فال تندب النكرة حنو‬
‫‪ :‬وارُج اله ‪ ،‬وال املبهم كاسم اإلشارة حنو ‪ :‬واهذاه ‪ ،‬وال املوصول إال إن كان خاليًا‬
‫من ( أل ) وصلته مشهورة كقوهلم ‪ :‬وامن حفر بئر زمزماه ‪ ،‬فإنه مبنزلة ‪ :‬واعبد‬
‫املطلباه ‪.‬‬
‫وحكم املندوب حكم املنادى من حيث اإلعراب فيبىن على الضم إذا كان مفردًا‬
‫معرفة حنو ‪ :‬واعمُر ‪ ،‬فـ ( وا ) حرف نداء وندبة ‪ ،‬و( عمُر ) منادى مندوب مبين‬
‫على الضم يف حمل نصب ‪ ،‬وينصب إذا كان مضافًا حنو ‪ :‬وا أمَري املؤمنني ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬ما للمنادى اجعل ملندوب ‪ . ..‬إخل ) أي ‪ :‬اجعل لالسم‬
‫املندوب ما جعل للمنادى من األحكام ومن ذلك أنه يبىن على الضم أو ينصب ‪ ،‬مث‬
‫ذكر أن النكرة واألمساء املبهمة ال تندب ‪ ،‬وأن املوصول يصح أن يكون مندوبًا إذا‬
‫اشتهر بصلته ‪ ،‬مث ذكر املثال ‪ .‬وقوله ‪ ( :‬يلي وامن حفر ) أي يقع بعد قولك ‪:‬‬
‫وامن حفر ‪ :‬أي ‪ :‬وامن حفر بئر زمزم ‪.‬‬

‫َمْتُلُّو َه ا إْن َك اَن ِم ْثَلَه ا ُح ِذ ْف‬ ‫ِل‬


‫‪َ -603‬و ُم ْنَتَه ى ا ْنُد وِب ِص ْلُه ِباَأل ْف‬
‫ِم ِص ٍة ِرْي ِن‬ ‫ِه‬ ‫ِذ‬ ‫َمل‬
‫ِب‬ ‫َّل‬
‫ْن َل أْو َغ َه ا ْلَت اَألَم ْل‬ ‫‪َ -604‬ك َذ اَك َتْنِو يُن ْي َك َمْل‬
‫ا‬

‫‪ - 1‬انظر فتح الباري (‪. )10/123‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪209‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫لالسم املندوب ثالثة استعماالت ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أن يعطي حكم املنادى كما تقدم ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬أن يزاد يف آخره ألف طلبًا ملد الصوت ‪ .‬وهي أكثر أحوال املندوب ‪ .‬فتقول ‪:‬‬
‫واعمرا ‪ ،‬فـ ( عمرا) منادى مندوب مبين على الضم املقدر بسبب الفتح املناسب أللف‬
‫الندبة ‪ .‬واأللف للندبة ‪.‬‬
‫وحيذف هلذه األلف ما قبلها من ألف ‪ .‬فتقول يف ( موسى ) ‪ :‬واموساه ‪ ،‬أو تنوين يف‬
‫صلة حنو ‪ :‬وامن حفر بئر زمزماه ‪ ،‬أو يف مضاف إليه حنو ‪ :‬واغالم حممداه ‪ .‬فـ ( موساه)‬
‫منادى مبين على الضم املقدر للتعذر على األلف احملذوفة اللتقاء الساكنني ‪ ،‬واأللف‬
‫للندبة ‪ ،‬واهلاء للسكت ‪.‬‬
‫االستعمال الثالث ‪ :‬أن تزاد هاء السكت بعد األلف وسيأيت ذلك إن شاء اهلل ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬ومنتهى املندوب صله باأللف ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬آخر املندوب صله‬
‫جوازًا بألف الندبة ‪ ،‬وهذا هو االستعمال الثاين ‪ ،‬أما االستعمال األول فيستفاد من قوله‬
‫فيما تقدم ‪ ( :‬ما للمنادى جعل ملندوب )‪.‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬متلوها إن كان مثلها حذف ) أي ‪ :‬متلو ألف الندبة ‪ ،‬واملراد به‪ :‬احلرف‬
‫الذي تليه ألف الندبة وتقع بعده ( إن كان مثلها ) أي ‪ :‬إن كان حرف مثيًال هلا ( حذف‬
‫) أي ‪ :‬هذا املثيل اللتقاء الساكنني ‪ ،‬دون ألف الندبة ألنه جيء هبا لغرض كما تقدم ‪.‬‬
‫وكذلك حيذف التنوين من الشيء الذي أكمل املندوب وجاء ليتمه مثل الصلة بعد االسم‬
‫املوصول ‪ ،‬واملضاف إليه بعد املضاف ‪ ،‬وقوله ‪ ( :‬نلت األمل ) مجلة دعائية للمخاطب‬
‫لتكميل البيت ‪.‬‬
‫****‬

‫إْن َيُك ْن اْلَفْتُح ِبَو ْه ٍم الِبَس ا‬ ‫‪َ -605‬و الَّشْك َل َح ْتمًا أْو ِلِه َجُماِنَس ا‬

‫تقدم أن األلف تزاد يف آخر املندوب وإذا زيدت وجب هلا أمران ‪:‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪210‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫األول ‪ :‬حذف األلف قبلها إن وجدت يف آخر االسم وحذف التنوين وهذا تقدم أيضًا‬
‫‪.‬‬
‫والثاين ‪ :‬حتريك ما قبلها بالفتح ‪ ،‬ألن الفتحة هي اليت تناسب األلف ‪ ،‬وذلك حبذف‬
‫الضمة من آخر االسم حنو ‪ :‬وازيَد اه ‪ ،‬أو الكسرة حنو ‪ :‬واعبَد امللكاه ‪ .‬وأصلها ‪ :‬وازيُد‬
‫‪ ،‬واعبَد امللِك ‪،‬إال إن أوقع حذف الكسرة أو الضمة يف لبس وجب بقاؤمها مع زيادة‬
‫حرف يناسبهما ‪.‬‬
‫فتبقى الكسرة وجتيء بعدها ياء ‪ ،‬وتبقى الضمة وجتيء بعدها واو ‪.‬‬
‫فاألول حنو ‪ :‬واغالمكيه – بإبقاء الكسرة وبعدها ياء – وأصله ‪ :‬واغالِم ك – بكسر‬
‫الكاف خطاب ملؤنثة – إذ لو قيل ‪ :‬واغالمكاه – بقلب الكسرة فتحة والياء ألفًا ‪ .‬مل‬
‫يتبني هل هو خطاب ملذكر أو ملؤنث ؟‬
‫والثاين حنو ‪ :‬واغالمهوه – بإبقاء الضمة وبعدها واو – وأصله ‪ :‬واغالمُه بضم اهلاء‬
‫للغائب إذ لو قيل ‪ :‬واغالمهاه – بقلب الضمة فتحة والواو ألفًا مل يتبني هل هو للغائب‬
‫أو الغائبة؟‬
‫واحلاصل ‪ :‬أنه إن كان آخر املندوب فتحة حلقته األلف بال تغيري حنو ‪ :‬واغالم يوسَف اه ‪،‬‬
‫وإن كان غري ذلك وجب فتحه حنو‪ :‬واعمَر اه ‪ .‬إال إن أوقع فتحه يف لبس ‪ .‬بقيت الضمة‬
‫والكسرة على ما تقدم ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬والشكل حتمًا أوله جمانسًا ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬إذا كان فتح ما قبل ألف‬
‫الندبة حيدث لبسًا يف الكالم بسبب َو ْه ِم – وهو ذهاب الظن لغري املراد – فالواجب‬
‫العدول عن الفتحة وعن األلف ‪ ،‬واجمليء حبرف جمانس للشكل املوجود ‪ ،‬فإن كان‬
‫املوجود هو الكسرة أيت بالياء وإن كان الضمة ُأيت بالواو ‪.‬‬

‫*****‬

‫ِق‬
‫َو ِإْن َتَش ْأ َفا َّد َو اَهلا ال َتِز ْد‬ ‫‪َ -606‬و َو ا فًا ِز ْد َه اَء َس ْك ٍت إْن ُتِر ْد‬
‫َمل‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪211‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫هذا هو االستعمال الثالث للمندوب – كما تقدم – وهو زيادة هاء السكت بعد ألف‬
‫الندبة ‪ ،‬وذلك خاص حبالة الوقف حنو ‪ :‬واعمراه ‪ .‬وارأساه ‪ .‬وال تثبت يف الوصل إال يف‬
‫ضرورة الشعر ‪ .‬كقوله ‪:‬‬

‫وَعْم ُر و بن الُّز برياه ( ‪. )1‬‬ ‫أال يا َعمُر و َعْم راه‬


‫فزاد الشاعر هاء السكت يف حالة الوصل يف قوله ( عمراه ) وذلك ضرورة وهذا معىن‬
‫قوله ‪ ( :‬ووقفًا زد هاء سكت ‪ ..‬إخل ) أي زد هاء السكت إن شئت – عند الوقف –‬
‫على املندوب ‪ ،‬وإن شئت أال تزيدها وتقتصر على األلف فلك ذلك ‪ ،‬وإن شئت‬
‫االستغناء عنهما فكذلك ‪ ،‬وعلى هذا فـ ( املَّد ) بالنصب مفعول ( ال تزد )و(اهلا)‬
‫بالقصر معطوف عليه فإن فع فهو مبتدأ حذف خربه ‪ .‬والتقدير ‪ :‬وإن تشأ فاملُّد كاٍف‬
‫ُر‬
‫يف الوقف واهلاَء ال تزد ‪.‬‬

‫َمْن يِف الِّندا الَيا َذا ُس ُك وٍن أْبَد ى‬ ‫‪َ -607‬و قاِئٌل َو اَعْبِد َيا َو اَعْبَد ا‬

‫تقدم أن املضاف إىل ياء املتكلم إذا نودي جاز فيه مخس لغات وهي حذف الياء ‪،‬‬
‫وإثباهتا ساكنة أو مفتوحة ‪ ،‬وقلب الكسرة فتحة ‪ ،‬والياء ألفًا باقية أو حمذوفة ‪.‬‬
‫وذكر هنا أنه إذا ندب املضاف إىل ياء املتكلم على لغة من سكن الياء جاز فيه وجهان ‪:‬‬
‫‪ -1‬فتح ياء املتكلم ملناسبة ألف الندبة ‪ ،‬فتقول ‪ :‬واعبديا ‪ .‬فـ ( وا) حرف نداء وندبة (‬
‫عبديا ) منادى مندوب منصوب وعالمة نصبه الفتحة الظاهرة ألنه مضاف لياء املتكلم ‪،‬‬
‫واأللف للندبة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬إعرابه ‪ ( :‬أال ) أداة استفتاح للتوكيد ( يا عمرو ) منادى مبين على الضم يف حمل نصب ( عمراه ) توكيد لفظي للمنادى املندوب ‪ ،‬وجيوز‬
‫أن يتبع لفظه أو حمله ‪ ،‬فهو مرفوع بضمة أو منصوب بفتحة منع من ظهورها اشتغال احملل باحلركة املأيت هبا ألجل مناسبة ألف الندبة ‪،‬‬
‫واأللف زائدة للندبة واهلاء للسكت ‪ ( .‬وعمرو ) معطوف على عمرو األول ( ابن ) صفة وهو مضاف و( الزبري ) مضاف إليه جمرور بكسرة‬
‫مقدرة ‪ ..‬إخل ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪212‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -2‬حذف ياء املتكلم اللتقاء الساكنني – الياء واأللف – فتقول ‪ :‬واعبدا ‪ ،‬فـ ( وا )‬
‫حرف نداء وندبة ( عبدا) منادى مندوب منصوب بالفتحة املقدرة(‪ . ) 1‬منع من ظهورها‬
‫الفتحة ألجل ألف الندبة ‪.‬‬
‫وإذا ندب على لغة من يبقي ياء املتكلم ويفتحها يقال ‪ :‬واعبديا وإذا ندب على بقية‬
‫اللغات املذكورة يقال ‪ :‬واعبدا ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وقائل واعبديا واعبدا ‪ ...‬إخل ) أي ‪ :‬أن الذي أظهر الياء ساكنة‬
‫يف النداء يقول يف الندبة ‪ .‬واعبديا ‪ ،‬واعبدا ‪ ،‬فيفتح الياء أو حيذفها ويلحق هبا ألف الندية‬
‫‪.‬‬
‫وملا ذكر الوجهني يف حالة إسكان الياء دل على أن بقية اللغات ليس فيها إال وجه واحد‬
‫كما تقدم ‪.‬‬

‫ي‬ ‫باب الَّتـ ِخ‬


‫ْر ُم‬
‫َك َياُسَعا ِفيَمْن َدَعا ُسَعادا‬ ‫‪َ -608‬تْر ِخ يمًا احِذ ْف آِخ َر ا َناَدى‬
‫ُمل‬
‫ُأِّنَث ِباَهلا َو اَّلِذي َقْد ُر َمِّخا‬ ‫‪َ -609‬و َج ِّو َز ْنُه ُمْطَلقًا يِف ُك ِّل َم ا‬
‫َتْر ِخ يَم َم ا ِم ْن هِذِه اَهْلا َقْد َخ ال‬ ‫‪َ -610‬حبْذ فَه ا َو ِّفْر ُه َبْع ُد َو اْح ُظاَل‬
‫ٍد‬ ‫ٍة‬ ‫ِع‬
‫ُدوَن إَض اَف َو إْس نا ُم َتْم‬ ‫‪ -611‬إاّل الُّر َبا َّي َفَم ا َفوُق اْلَعَلْم‬

‫الرتخيم يف اللغة ‪ :‬ترقيق الصوت وتليينه يقال ‪ :‬صوت رخيم أي رقيق لني ‪.‬‬
‫ويف االصطالح ‪ :‬حذف أواخر الكلم يف النداء بطريقة خمصوصة للتخفيف غالبًا (‪. )2‬‬

‫‪ - 1‬أو يقال منصوب بالفتحة الظاهرة كما تقدم يف نظائره ‪.‬‬


‫‪- 2‬الرتخيم خاص باملعرفة واملراد هبا العلم كما سيأيت يف األمثلة أو النكرة املقصودة اليت صارت معرفة بالقصد كقول الشاعر ‪:‬‬
‫يا ناَُق سريي َعَنَق ا فسيحًا إىل سليمان فنسرتحيا‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪213‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫والرتخيم أنواع ‪:‬‬
‫‪ -1‬ترخيم املنادى ‪.‬‬
‫‪ -2‬ترخيم الضرورة وهذان مذكوران يف هذا الباب ‪.‬‬
‫‪ -3‬ترخيم التصغري ويذكر يف باب التصغري ‪.‬‬
‫والذي يرخم قسمان ‪:‬‬
‫‪ -1‬خمتوم باهلاء ‪.‬‬
‫‪ -2‬غري خمتوم باهلاء ‪.‬‬
‫فإن كان االسم خمتومًا باهلاء جاز ترخيمه مطلقًا سواء كان علمًا كفاطمة ومحزة ‪ ،‬أو غري‬
‫علم كجارية ‪ ،‬زائدًا على ثالثة أحرف كما مثل ‪ ،‬أو غري زائد كـ ( شاة ) فتقول ‪( :‬يا‬
‫فاطَم يا محَز يا جارَي وياشا ) ومنه قول العرب ‪ :‬ياشا إدجين أي أقيمي ‪ ،‬حبذف تاء‬
‫التأنيث للرتخيم ‪.‬‬
‫وأما ما ليس مؤنثًا باهلاء فال يرخم إال بثالثة شروط ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون رباعّيًا فأكثر ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون علمًا ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن ال يكون مركبًا تركيب إضافة وال إسناد ‪.‬‬
‫وذلك كـ ( عثمان وجعفر ) فتقول ‪ :‬يا عثما ويا جعَف ‪.‬‬
‫وخرج بالشرط األول ‪ :‬ما كان على ثالثة أحرف كـ ( زيد وعمر ) وخرج بالشرط‬
‫الثاين ‪ :‬ما كان على أربعة أحرف لكنه غري علم ‪ ( :‬قائم وقاعد ) وخرج بالشرط الثالث‬
‫‪ :‬ما ركب تركيب إضافة كـ ( عبد العزيز ) وما ركب تركيب إسناد حنو ‪ :‬شاب قرناها‬
‫‪ ،‬وسيأيت بعد قليل أن املركب اإلسنادي يرخم على قلة ‪.‬‬

‫قالوا ‪ :‬وإمنا اختصت املعرفة بالرتخيم ألن املعارف يكثر نداؤها ‪ ،‬والشيء إذا كثر استعماله طلبوا فيه التخفيف ‪ ،‬والرتخيم ضرب من‬
‫التخفيف ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪214‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬ترخيمًا احذف آخر املنادى ‪ ...‬إخل ) أي احذف آخر املنادى حذف‬
‫ترخيم كمن يقول ‪ :‬يا سعا ‪ ،‬ينادي فتاة امسها ‪ :‬سعاد ‪ ،‬مث ذكر أن الرتخيم جيوز مطلقًا‬
‫يف املنادى املؤنث باهلاء ( وهي تاء التأنيث اليت تصري هاء يف الوقف ) ‪.‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬والذي قد ُر مِّخ ا حبذفها وِّفره بعد ) أي ‪ :‬أن املنادى املرخم حبذف هذه اهلاء‬
‫يوفر بعد ذلك فال حيذف منه شيء ‪ ،‬مث بني أن املنادى اخلايل من التاء ( حيظل ) أي مينع‬
‫ترخيمه إال إذا كان رباعّيًا فما فوق ‪ ،‬وكان علمًا ‪ ،‬وغري مضاف ‪ .‬وغري مركب تركيب‬
‫( إسناد متم ) بوزن اسم املفعول من ( أمتمت ) أي تركيب إسناد تام واملراد املركب‬
‫اإلسنادي ‪.‬‬
‫وقد سكت عن املركب املزجي فيفهم منه أنه يرخم ألنه مل يستثنه كما استثىن اإلضايف و‬
‫االسنادي ‪ ،‬وسيأيت كيفية ترخيمه ‪.‬‬

‫******‬

‫إْن ِز يَد َلْينًا َس اِكنًا ُم ِكِّم اَل‬ ‫‪َ -612‬و َمَع اآلِخ ِر احِذِف اَّلِذْي َتال‬
‫َو اْو ِو َياٍء ِهِبَم ا َفْتٌح ُقِف ي‬ ‫‪ -613‬أْر َبَعًة َفَص اِعدًا َو اُخْلْلُف يِف‬

‫حيذف للرتخيم احلرف األخري من الكلمة بال شرط كما تقدم يف األمثلة وجيوز أن حيذف‬
‫حرفان – اآلخر وما قبله – بالشروط اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون احلرف الذي قبل اآلخر زائدًا ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون حرف لني (‪)1‬‬

‫‪ - 1‬أحرف اللني هي أحرف املد ‪ :‬األلف والواو والياء إذا كانت ساكنة وقبلها حركة تناسبها ( وهي الفتحة قبل األلف والضمة قبل الواو‬
‫والكسرة قبل الياء ) حنو ‪ :‬قام ‪ ،‬يقوم ‪ ،‬مقيم ‪ ،‬وهي حروف علة ومد ولني ‪ ،‬فإن كان ساكنًا وقبله حركة ال تناسبه مسي حرف علة ولني ‪،‬‬
‫وهذا يف الواو والياء حنو‪َ :‬بيت وَخ وف أما األلف فال يكون ما قبلها إال مفتوحًا فإن كان متحركًا فهو حرف علة فقط حنو‪َ :‬حَو ر وَهَيف وقد‬
‫ذكر الصبان يف حاشيته عن بعض احملققني أن أحرف اللني هي أحرف العلة بشرط سكوهنا ‪ ،‬فيكون قول ابن مالك (ساكنًا ) وصفًا كاشفًا‬
‫لقوله ( لينًا ) لكن يقال ‪ :‬إن ابن مالك جعل اللني هنا شامًال للمحرك فلذا أخرجه بقوله ساكنًا ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪215‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -3‬أن يكون ساكنًا ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يكون رابعًا فصاعدًا ‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يكون قبله حركة من جنسه لفظًا أو تقديرًا وهذا فيه خالف ‪.‬‬
‫ِع‬
‫مثال ذلك ‪ :‬عثَم ان ‪ ،‬ومنُصور ‪ ،‬إمسا يل ‪ ،‬فتقول ‪ :‬يا عثَُم ‪ ،‬يا منُص ‪ ،‬يا إمساُع‬
‫وهذه األمساء فيها حركة جمانسة لفظًا وهي الفتحة والضمة والكسرة اليت قبل اللني ‪ ،‬وأما‬
‫تقديرًا فنحو ‪ :‬مصطَف ون ومصطَف ني ( علمني ) ألن أصلهما ‪ :‬مصطفُيون ‪ ،‬ومطفِيني ‪،‬‬
‫فيقال ‪ :‬يا مصطُف ‪.‬‬
‫فإن كان ما قبل اآلخر غري زائد كـ ( خمتار ) – علمًا – أو غري لني‪ :‬مشأل ( علمًا ) فإن‬
‫زائده – وهو اهلمزة – غري لني ‪.‬‬
‫أو غري ساكن كـ ( قنّو ر ) (‪ . )1‬أو غري رابع كـ ( جميد ) [ علمني ] مل جيز حذف ما قبل‬
‫اآلخر بل يقتصر على حذف اآلخر فيقال ما خمتا ويا مشأ ‪ ،‬ويا قنَّو ‪ ،‬ويا جمي ‪.‬‬
‫وأما ما ليس فيه حركة جمانسة كأن يكون قبل واوه فتحة كـ ( فرَعون ) أو قبل يائه‬
‫فتحة كـ ( ُغْر َنيق ) (‪ . )2‬فمن النحويني من جييز حذف اآلخر وما قبله فتقول يا فرَع ‪،‬‬
‫ويا ُغْر َن ‪.‬‬
‫واألكثرون على عدم جواز حذف ما قبل اآلخر فتقول يا فرعو يا غرين‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله‪ ( :‬ومع اآلخر احذف الذي تال ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬احذف مع احلرف اآلخر‬
‫احلرف الذي تاله اآلخر وقوله ‪ ( :‬إن زيد ) هذا هو الشرط األول أي ‪ :‬أن يكون زائدًا (‬
‫لينًا ) هذا الشرط الثاين (ساكنًا ) هذا الشرط الثالث ( مكمًال أربعة فصاعدًا) هذا‬
‫الشرط الرابع ‪ ،‬مث ذكر أن اخلالف ثابت يف جواز حذف األخري وما قبله إذا كان قبل‬
‫الواو والياء فتحة ‪ ،‬وقوله ( واخللف ) مبتدأ ( يف واو ) خرب املبتدأ (هبما ) خري مقدم ‪،‬‬
‫والباء مبعىن ( مع ) و( فتح ) مبتدأ مؤخر واجلملة نعت لواو أو ياء ‪ ،‬ومجلة ( ُقفي )‬

‫‪َ - 1‬قَنّو ر ‪ :‬بفتح القاف والنون وتشديد الواو وآخره راء ‪ ،‬الصعب اليبوس من كل شيء ‪.‬‬
‫‪ - 2‬بضم الغني طري من طيور املاء طويل العنق ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪216‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫بالبناء للمجهول مبعىن ‪ُ :‬تبع ‪ ،‬نعت لفتح ‪ ،‬والتقدير ‪ :‬واخللف ثابت مع واو وياء‬
‫مصاحبني لفتوح متبوع هلما ‪.‬‬

‫****‬

‫ٍة‬ ‫ِخ‬ ‫ِذ ِم‬


‫َتْر يُم ْمُجَل َو َذا َعْمٌر و َنَق ْل‬ ‫‪َ -614‬و اْلَعُجَز اْح ْف ْن ُمَر َّك ب َو َقْل‬

‫تقدم أن الرتخيم يكون حبذف حرف أو حرفني وذكر هنا أن الرتخيم يكون حبذف‬
‫كلمة وذلك يف املركب املزجي ‪ ،‬فيحذف عجزه فتقول يف ( معدي كرب) يا معدي ‪.‬‬
‫وقد تقدم أن املركب اإلسنادي ال يرخم وذكر هنا أنه يرخم قليًال وأن عمرًا – يعين‬
‫سيبويه – نقل ذلك عن العرب ‪ ،‬وقد فهم ابن مالك هذا من كالم سيبويه يف بعض‬
‫أبواب النسب حيث قال ‪ ( :‬وذلك قولك يف تأبط شرا تأبطي ويدلك على ذلك أن من‬
‫العرب من يفرد فيقول ‪ :‬يا تأبُط أقبل ) ‪. )1( .‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬والعجز احذف من مركب ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬احذف العجز من‬
‫املركب املزجي عند الرتخيم ‪ ،‬وقَّل يف كالم العرب ترخيم ما ركب من اجلملة ( وهو‬
‫املركب اإلسنادي ) وقد نقله عن العرب عمرو املشهور باسم سيبويه ‪.‬‬

‫****‬

‫ِف ِل‬ ‫ِق‬ ‫‪َ -615‬و إْن َنَو ْيَت َبْع َد َح ْذ ِف َم ا ُح ِذ ْف‬
‫َفاْلَبا َي اْس َتْع ِم ْل َمِبا يِه ُأ ْف‬
‫َلْو َك اَن باآلِخ ِر َو ْض عًا ِّمُتَم ا‬ ‫‪َ -616‬و اْجَعْلُه إْن ْمَل َتْنِو ْحَمُذ وفًا َك َم ا‬

‫‪ - 1‬كتاب سيبويه (‪. )3/377‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪217‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ُمَثو َو َيا ِمَثي َعَلى الَّثايِن ِبَيا‬ ‫‪َ -617‬فُقْل َعَلى اَألَّو ِل يِف ُمَثوَد َيا‬

‫جيوز يف ضبط املنادى املرخم وجهان ‪:‬‬


‫األول ‪ :‬مالحظة احملذوف وكأنه باٍق ‪ ،‬فيبقى ما قبله على حركته أو سكونه قبل احلذف‬
‫‪ ،‬ويكون البناء على الضم وفروعه واقعًا على احلرف احملذوف ‪ ،‬ويسمى ذلك ‪ :‬لغة من‬
‫ينتظر ‪ .‬فتقول ‪ :‬يف جعَف ر يا جعَف ‪ ،‬بالفتح‪ ،‬وتقول يف حارث ‪ :‬يا حاِر بالكسر ‪ ،‬ويف‬
‫منُص ور ‪ :‬يا منُص بالضم ‪ ،‬ويف هرْقل ‪ :‬يا هرْق بالسكون ‪ ،‬وتقول يف مثود ‪ :‬يا ُمثو ‪ .‬فـ‬
‫(جعَف )‪ :‬منادى مرخم مبين على ضم احلرف احملذوف ‪ .‬وهكذا يقال يف األمثلة الباقية ‪.‬‬
‫والوجه الثاين ‪ :‬مراعاة املوجود ‪ :‬فيجعل احلرف الباقي كأنه آخر االسم يف أصل الوضع‬
‫‪ ،‬وال ينظر للمحذوف ‪ ،‬ويسمى ذلك لغة من ال ينتظر ‪ ،‬فتقول ‪ :‬يا جعُف ‪ ،‬يا حاُر ‪ ،‬يا‬
‫منُص ‪ .‬يا هرُق ‪ .‬بالضم فيهن ‪.‬‬
‫وتقول يف مثود ‪ :‬يا مثي ‪ .‬فتقلب الواو ياء والضمة كسرة ‪ ،‬ألنك تعامله معاملة االسم‬
‫التام وال يوجد اسم معرب آخره واو وقبلها ضمة إال وجيب قلب الواو ياء والضمة‬
‫كسرة مثل ‪ :‬دلو ‪ ،‬مجعها أديل ‪ .‬واألصل أدلو ‪ .‬فقلبت الواو ياء والضمة كسرة ‪ ،‬لعدم‬
‫النظري يف اللغة العربية ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وإن نويت بعد حذف ما حذف ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬وإن نويت ثبوت ما‬
‫حذف بعد حذفه ‪ ،‬فاترك الباقي على حاله املألوف قبل احلذف ‪ ،‬وهذه اللغة األوىل ‪ ،‬أو‬
‫اجعل الباقي من املرخم بعد حذف ما حذف ‪ ،‬اجعله كما لو كان قد ِّمُتَم باآلخر يف‬
‫الوضع ‪ ،‬أي كان اآلخر احلايل هو اآلخر يف الوضع ‪ .‬وقوله ‪ ( :‬وضعًا ) منصوب على‬
‫نزع اخلافض وهذه اللغة الثانية ‪ ،‬فعلى الوجه األول يقال يف مثود ‪ :‬يا مثو‪ ،‬حبذف الدال‬
‫وترك الباقي على حاله ‪ ،‬وعلى الثاين يقال ‪ :‬يا مثي ‪ .‬بالياء للسبب املبني فيما مضى ‪.‬‬

‫****‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪218‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫َو َج َّو ِز اْلَو ْجَه ِنْي يِف َك َمْس َلَم ْه‬ ‫‪َ -618‬و اْلتِز ِم اْألَّو َل يِف َك ُمْس ِلَم ه‬

‫إذا رخم ما فيه تاء التأنيث – للفرق بني املذكر واملؤنث – مثل ‪ُ :‬م سلمة وحارثة‬
‫وحفصة ‪ ،‬وجب ترخيمه على لغة من ينتظر فتقول ‪ :‬يا مسلَم ويا حارَث ويا حفَص ‪.‬‬
‫وال جيوز ترخيمه على لغة من ال ينتظر ألنك لو قلت ‪ :‬يا مسلُم يا حارُث يا حفُص ‪،‬‬
‫اللتبس بنداء املذكر الذي ال ترخيم فيه ‪.‬‬
‫وأما ما كانت التاء فيه ال للفرق فريخم على اللغتني فتقول ‪ :‬يف َم سلمة ومحزة وطلحة ‪.‬‬
‫يا َم سلَُم يا محَُز ‪ ،‬يا طلَُح ‪ ،‬بالضم والفتح ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬والتزم األول ‪ ...‬إخل ) أي ‪ :‬التزم الوجه األول وهو نية احلرف‬
‫احملذوف يف مثل ( ُم سلمة ) من كل اسم ختم بتاء التأنيث للفرق بني املذكر واملؤنث‬
‫وجوز الوجهني يف كل اسم ختم بتاء ليست للفرق ‪.‬‬

‫****‬
‫َم ا ِللَّنَد ا َيْص ُلُح ْحَنُو أَمْحَد ا‬ ‫‪َ -619‬و ِال ْض ِط َر اٍر َر ُمَّخوا ُدون ِنَد ا‬

‫هذا النوع الثالث من أنواع الرتخيم ‪ .‬وهو ترخيم الضرورة ‪ ،‬وهذا النوع يف غري‬
‫املنادى ‪ .‬وله ثالثة شروط ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون يف شعر ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون االسم املرخم صاحلًا للنداء ‪ .‬فال يصح ترخيم لفظ ‪ :‬الغالم ألنه ال‬
‫يصلح للنداء لوجود ( أل ) ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون إما زائدًا على الثالثة أو خمتومًا بتاء التأنيث ‪.‬‬
‫فاألول كقول الشاعر ‪:‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪219‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫طريُف بُن ماٍل ليلة اجلوع واَخلْص ِر (‪. )1‬‬ ‫لنعم الفىت تعشو إىل ضوء ناره‬
‫فرخم (ابن مال ) يف غري النداء للضرورة ‪ ،‬وأصله ‪ :‬ابن مالك ‪ ،‬ونونه على لغة من ال‬
‫ينتظر ‪.‬‬
‫والثاين كقول اآلخر ‪:‬‬
‫إّن ابن حارَث إن اشتاق لرؤيته أو امتدحه فإن الناس قد علموا (‪. )2‬‬
‫فرخم ( ابن حارث ) يف غري النداء للضرورة ‪ ،‬حبذف التاء من اللفظ الثاين ‪ ،‬وأصله ‪:‬‬
‫ابن حارثة ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وال ضطرار رمخوا دون ندا ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬رمخت العرب بعض‬
‫األلفاظ للضرورة يف غري النداء إذا كان يصلح للنداء حنو ‪ :‬أمحد ‪ ،‬فذكر الناظم الشرطني‬
‫األولني وترك الثالث ‪.‬‬

‫‪ - 1‬تعشو ‪ :‬تنظر إىل ناره من بعيد ونقصد إليها ‪ ،‬اخلصر ‪ :‬بفتح اخلاء شدة الربد ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ ( :‬لنعم الفىت ) الالم موطئة للقسم ‪ ،‬ونعم ‪ :‬فعل ماض جامد إلنشاء املدح ‪ .‬والفىت ‪ :‬فاعل مرفوع بضمة مقدرة للتعذر ‪ ،‬واجلملة خرب‬
‫مقدم ( طريف ) مبتدأ مؤخر [ على أحد أعاريب املخصوص ] (ابن ) صفة لطريف وهو مضاف و(ماٍل ) مضاف إليه ‪( .‬ليلة ) ظرف زمان‬
‫متعلق بتعشو ‪.‬‬
‫‪ - 2‬اشتق ‪ :‬من االشتقاق ‪ :‬وهو ميل النفس للنفس ‪ ،‬وأصله ‪ :‬اشتاق فلما جزم حذفت األلف اللتقاء الساكنني ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ :‬إن ‪ :‬حرف مشبه بالفعل ينصب االسم ويرفع اخلرب (ابن حارث ) امسها ‪ ،‬وحارَث ‪ :‬مضاف إليه وقد جاء على لغة من ينتظر حيث‬
‫بقي اللفظ مفتوحًا كما كان من قبل الرتخيم ( إن ) حرف شرط جاز ( اشتق ) فعل الشرط جمزوم والفاعل ضمري مسترت وجوبًا تقديره (أنا )‬
‫( لرؤيته ) متعلق بالفعل قبله ( أو امتدحه ) معطوف على فعل الشرط ( فإن الناس قد علموا ) مفعول علموا حمذوف تقديره ‪ :‬علموا ذلك مين‬
‫‪ .‬ومجلة (فإن الناس ) يف حمل جزم جواب الشرط ‪ ،‬ومجلة الشرط خرب ( إن ) يف حمل رفع ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪220‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫االختصاُص‬
‫َك َأُّيَه ا اْلَف ىَت بإْثر أْر ُج وِنَيا‬ ‫‪ -620‬اْالْخ ِتَص اُص َك ِنَد اٍء ُدوَن َيا‬
‫َك ِم ْثِل ْحَنُن اْلُعْر َب أْسَخ ى َمْن َبَذ ْل‬ ‫‪َ -621‬و َقْد ُيَر ى َذا ُدوَن أّي ِتْلَو أْل‬

‫االختصاص لغة ‪ :‬مصدر " اختص فالن فالنًا بكذا " أي ‪َ :‬قصره عليه ‪.‬‬
‫واصطالحًا ‪ :‬ختصيص حكم بضمري لغري الغائب بعده اسم ظاهر معرفة ‪ ،‬معناه معىن‬
‫ذلك الضمري ‪.‬‬
‫حنو ‪ :‬حنن – املسلمني – خري أمة أخرجت للناس ‪ ،‬أنا – طالب العلم – ال تفرت رغبيت‬
‫‪ ،‬حنن – املوقعني على هذا – نشهد بكذا وكذا ‪.‬‬
‫فقولنا ‪" :‬ختصيص حكم بضمري" ‪ :‬أي قصره عليه ‪.‬‬
‫وقولنا ‪ :‬لغري الغائب ‪ ،‬أي املتكلم وهو الكثري أو املخاطب وهو قليل حنو ‪ :‬أنت –‬
‫اخلطيَب – أفصح الناس قوًال ‪.‬‬
‫وقولنا ‪ :‬بعده اسم ظاهر معرفة ‪ :‬أي معرفة باإلضافة أو بأل كما يف األمثلة ‪.‬‬
‫والغرض من إيراد االسم الظاهر بعد الضمري هو ختصيص الضمري وتوضيحه وإزالة ما فيه‬
‫من إهبام ‪ .‬ويسمى هذا االسم الظاهر ( املنصوب على االختصاص ) ويكون نصبه بفعل‬
‫واجب احلذف مع فاعله تقديره ‪ :‬أخص وحنوه ‪.‬‬
‫ومن ذلك قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ " :‬إنا معشر األنبياء – ال نورث " (‪ . )1‬وقوله‬
‫عليه الصالة والسالم ‪ ( :‬إنا – آَل حممد – ال حتل لنا الصدقة " (‪ . )2‬فـ ( معشر األنبياء )‬

‫‪ - 1‬أخرجه أمحد يف املسند ‪ 16/47‬حتقيق األرنوط ومن معه ) وإسناده صحيح على شرط الشيخني ‪ .‬وقد اشتهر يف كتب النحو بلفظ (حنن )‬
‫وقد أنكره مجاعة من األئمة كما ذكر ذلك احلافظ ابن حجر يف أول الفرائض من فتح الباري (‪ )12/8‬وانظر حاشية الصبان (‪. )3/187‬‬
‫‪ - 2‬أخرجه أمحد يف املسند (‪ )3/250‬وإسناده صحيح ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪221‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫منصوب على االختصاص بفعل حمذوف وجوبًا ‪ .‬و اجلملة معرتضة بني اسم ( إّن ) وهو‬
‫(نا) ومجلة ( ال نورث ) أو حال من الضمري (‪. )1‬‬
‫وقد يقع االختصاص بـ ( أّي ) للمذكر و( أّية) للمؤنث ‪ .‬وجيب بناؤمها على الضم يف‬
‫حمل نصب ‪ .‬وتتصل هبما (ها) التنبيه ‪ .‬ومها مالزمان هلذه الصيغة إفرادًا وتثنية ومجعًا –‬
‫وال بد أن يذكر بعدمها اسم مرفوع على أنه نعت لـ ( أّي ) ‪ .‬إين – أيها املسلم –‬
‫نظيف اليد واللسان ‪ ،‬إنين – أيتها املسلمة – ُأحسُن احلحاب‬
‫والغرض األصلي من االختصاص هو التخصيص والقصر كما تقدم وقد يكون الغرض‬
‫منه الفخر كما يف بعض األمثلة السابقة ‪ .‬وقد يكون الغرض التواضع حنو ‪ :‬أنا – أيها‬
‫العبد – حمتاج إىل عفو اهلل ‪.‬‬
‫يقول ابن مالك يف االختصاص ( االختصاص كنداء ) أي ‪ :‬أن االختصاص يشبه النداء‬
‫حيث جاء على صورته غالبًا ‪ ،‬منذلك أنه يوجد معه االسم تارة مبنيًا على الضم ن وتارة‬
‫منصوبًا و أن كًال منهما يفيد االختصاص ‪ ،‬وهو هنا خاص باملتكلم أو املخاطب ‪ .‬ويف‬
‫النداء خاص باملخاطب ‪ ،‬وأن كال منهما ال يكون للغائب بل للحاضر ( دون يا ) أي ‪:‬‬
‫أن االختصاص يفارق النداء يف أن االسم املختص ال يذكر معه حرف النداء ال لفظًا وال‬
‫تقديرًا ‪.‬‬
‫وهو الفارق األول ‪ ،‬وقوله ( كأيها الفىت بإثر ارجونيا ) إشارة إىل الفارق الثاين ‪.‬وهو ‪:‬‬
‫أن االسم املختص ال يكون يف صدر اجلملة بل يف أثنائها ‪ .‬وتقدير املثال‪ :‬ارجوين أيها‬
‫الفىت ‪ .‬بوقوع (أيها الفىت ) إثر ( أرجوين ) أي ‪ :‬على أثرها وبعدها ‪ .‬وقوله ( وقد يرى‬
‫ذا دون أي تلو " أل " ) أشار به إىل الفارق الثالث وهو أن االسم املختص يكثر تصديره‬
‫بـ ( أل ) خبالف املنادى ‪ .‬فال جيوز اقرتانه بـ ( أل ) إال يف مواضع مستثناة تقدمت يف باب‬
‫( النداء ) ‪ .‬وقد أفاد بذلك أن االختصاص له استعماالن ‪:‬‬

‫‪ - 1‬املشهور عند النحاة أهنا معرتضة ومل يعربوها حاًال بناًء على أن احلال ال تأيت من املبتدأ وال ما أصله املبتدأ ‪ ،‬وقد أعربوها حاًال يف مثل ‪:‬‬
‫ربنا اغفر لنا أيتها العصابة ‪ .‬واحلق جواز جميء احلال من املبتدأ كما ذكرت ذلك يف باب احلال ‪ .‬وعليه فال مانع من إعراب مجلة االختصاص‬
‫حاًال ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪222‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -1‬أن يكون بـ ( أيها ) و ( أيتها ) ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون امسًا مشتمًال على ( أل ) كاملثال الذي ذكرة ( حنن الُعْر ب أسخى من‬
‫بذل ) ‪ .‬ومل يذكر بقية األحكام ‪.‬‬

‫الَّتْح ِذ ْيُر َو اِإل ْغ َر ُءا‬


‫ِت‬
‫َحُمَذ ٌر َمِبا اْس َتاُر ُه َو َجْب‬ ‫‪ -622‬إَّياَك َو الَّش َّر َو ْحَنَو ُه َنَص ـْب‬
‫ِس َو اُه َس ْتُر ِفْع ِلِه َلْن َيْلَزَم ا‬ ‫‪َ -623‬و ُدوَن َعْطٍف َذا إلَّيا اْنُس ْب َو َم ا‬
‫َك الَّض ْيَغَم َيا َذا الَّس اِر ْي‬ ‫‪-624‬إاَّل َمَع اْلَعْطِف أِو الَّتْك اِر‬
‫َر‬

‫التحذير ‪ :‬تنبيه املخاطب على أمر مكروه ليتجنبه حنو ‪ :‬إياك والغيبَة ‪.‬‬
‫والتحذير نوعان ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون بـ ( إياك ) وأخواته وهي ‪ :‬إياِك وإياكما وإياكم وإياكن ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون بغري ( إياك ) ‪.‬‬
‫فإن كان التحذير بـ ( إياك ) وجب حذف الناصب مطلقًا سواء وجد عطف أم ال‬
‫وسواء تكرر العامل أم ال؟‬
‫فمثاله مع العطف ‪ :‬إياك والتهاوَن بالصالة ‪ ،‬فـ ( إياك ) ضمري منفصل مبين على الفتح‬
‫يف حمل نصب مفعول به لفعل حمذوف وجوبًا ‪ .‬والتقدير ‪ :‬إياك أحذر ‪ .‬واألصل ‪:‬‬
‫أحذرك ‪ .‬مث قدمت الكاف إلفادة احلصر ‪ ،‬وهي ضمري متصل فال تستقل ‪ .‬فأتى بالضمري‬
‫املنفصل الذي يفيد معناه ‪ .‬وهو ( إياك ) فصار ‪ :‬إياك أحذر ‪ ،‬مث حذف الفعل والفاعل‬
‫معًا جماراة للمأثور من الكالم الفصيح الذي يطرد فيه هذا احلذف الواجب ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪223‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وقولنا ‪ ( :‬والتهاون ) الواو حرف عطف (‪ . )1‬و( التهاون ) مفعول به لفعل حمذوف‬
‫وجوبًا تقديره ‪ :‬احذْر ‪ .‬واجلملة معطوفة على ما قبلها ال حمل هلا ‪ .‬ومن أمثلته قوله صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪ ":‬إياك وإسبال اإلزار "(‪.)2‬وقوله ‪ " :‬إياكم والدخول على النساء " (‪. )3‬‬
‫فـ ( إياكم ) ضمري منفصل مبين على الضم يف حمل نصب مفعول به لفعل حمذوف ‪ .‬وامليم‬
‫عالمة اجلمع ‪.‬‬
‫ومثال التحذير بدون عطف ‪ :‬إياك أن تتهاون بالصالة ‪ .‬وإعراب (إياك ) كما تقدم ‪.‬‬
‫و( أن تتهاون ) يف تأويل مصدر جمرور بـ ( من ) املقدرة واجلار واجملرور متعلقان بالفعل‬
‫احملذوف وجوبًا وهو ( احذْر ) ‪.‬‬
‫وأما إذا كان التحذير يغري ( إياك ) وأخواته فإنه ال جيب إضمار الناصب إال مع العطف‬
‫أو التكرار ‪ .‬فمثال العطف ‪ .‬الكذَب واخلداَع فـ ( الكذب ) مفعول به لفعل حمذوف‬
‫وجوبًا تقديره ‪ :‬احذْر ( واخلداع) معطوف عليه ‪.‬‬
‫ومثال التكرار ‪ :‬النميمَة النميمَة ‪ .‬فـ ( النميمة ) مفعول به لفعل حمذوف وجوبًا تقديره ‪:‬‬
‫احذْر ‪ .‬و( النميمة ) توكيد لفظي ‪.‬‬
‫فإن مل يكن عطف وال تكرار جاز إضمار الناصب وإظهاره حنو ‪:‬‬
‫الرياء أي ‪ :‬احذر الرياء ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬إياك والشَّر وحنوه َنَص َب ‪ ...‬إخل ) أي ‪ :‬أن احملِّذ ر – وهو املتكلم –‬
‫َنَص ب أسلوب (إياك والشر ) وحنوه ‪ :‬نصبه مبا وجب استتاره ( أي بعامل حمذوف وجوبًا‬
‫) ‪ .‬وقوله ‪ ( :‬ودون عطف ذا إليا انسب ) أي ‪ :‬انسب هذا احلكم وهو النصب بعامل‬
‫حمذوف (‪. )4‬‬

‫‪ 1‬جيوز أن تكون الواو يف هذا الباب للمعية إذا استقام املعىن ففي مثل ‪:‬ثيابك واملطر ‪ .‬ال مانع من أن يكون التقدير مثًال راقب ثيابك مع املطر ‪.‬‬
‫‪ - 2‬أخرجه أبو داود رقم (‪ )4084‬عن جابر بن سليم رضي اهلل عنه وإسناده صحيح ‪.‬‬
‫‪ - 3‬أخرجه البخاري رقم (‪ )5232‬ومسلم (‪ )2172‬عن عقبة بن عامر رضي اهلل عنه وانظر فهارس جامع األصول (‪. )1/468‬‬
‫‪ - 4‬وهذا العامل احملذوف يقدر حسب السياق وما يؤدي الغرض مثل ‪ :‬احذر ‪ ،‬باعد ‪ ،‬اجتنب وحنو ذلك ‪ .‬راجع حاشية الصبان (‬
‫‪. )3/189‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪224‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وجوبًا انسبه لـ (إيا) عند عدم العطف عليها ‪ ,‬فاملقصود أنه إذا وجد (إيا) وجب حذف‬
‫العامل مطلقًا ‪ ,‬وقوله ‪ ( :‬وما سواه ‪ ..‬إخل ) هذا يف النوع الثاين ‪ ,‬وهو التحذير بدون‬
‫(إياك)وبني أن حذف فعله غري الزم إال مع العطف –واملراد بالواو‪-‬أو التكرار فيلزم‬
‫احلذف ‪ .‬مث ذكر املثال ‪ :‬الضيغَم الضيغَم ياذا الساري ‪ .‬والضيغم هو األسد‬
‫***‬

‫َو َعْن َس ِبِيِل اْلَق ْص ِد َمْن َقاَس اْنَتَبْذ‬ ‫‪َ -625‬و َش َّذ إياَي َو إَّياُه أَش ْذ‬

‫حق التحذير أن يكون للمخاطب ‪ .‬وشذ جميئه للمتكلم فال يقال ‪ :‬وإياي ومعاونة الظامل‪.‬‬
‫وأشذ منه جميئه للغائب فال يقال ‪ :‬إياه ومعاونة الظامل ‪ .‬ألن اإلنسان ال حيذر نفسه ‪ ,‬لعدم‬
‫الفائدة ‪ ,‬لعلمه مبا حيذر ‪ .‬ومع ذلك فهو إذا حذر نفسه فإنه يسمع كاملخاطب ‪ ,‬لكن‬
‫الغائب أشذ‪ ,‬ألن اإلنسان ال ينهى وال يأمر إال من مسعه ‪ ,‬والغائب ال يسمع فيحتاج من‬
‫يبلغه ‪ ,‬فزاد يف شذوذه عن املتكلم وقد وردت أمثله نادرة من هذا النوع ‪ ,‬وال يصح‬
‫القياس عليها ويستثىن من ذلك ما إذا كان احملَّذ ر منه ضمريًا غائبا معطوفًا على احملَّذ ر‬
‫فيصح حنو ‪ :‬ال تصاحب األمحق وإياك وإياه ‪ .‬فإن الضمري (إياه) يف حكم املعطوف‬
‫الظاهر حنو إياك والغيبة‪.‬‬
‫قال ابن مالك ‪ ( :‬وشذ إياي ‪..‬إخل) أي ‪ :‬شذ جميء التحذير للمتكلم وجميئه للغائب أشذ‬
‫‪ ,‬ملا تقدم ‪ ,‬ومن قاس على ذلك فقد ( اْنَتبذ) أي ‪ :‬حاد عن طريق الصواب ‪.‬‬

‫***‬

‫ُمْغرًى ِبِه يِف كل َم ا َقْد ُفَّص َال‬ ‫‪َ -626‬و َك ُمَح َّذٍر ِبَال إَّيا اْجَعال‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪225‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫اإلغراء ‪ :‬حث املخاطب على أمر حممود ليفعله حنو التدبَري واإلقتصاَد‪.‬‬
‫وجيب حذف الناصب يف اإلغراء إذا كان االسم مكررًا أو معطوفًا عليه ‪ .‬فمثال املكرر ‪:‬‬
‫اإلخالَص اإلخالَص ‪ .‬فـ( اإلخالَص ) مفعول به لفعل حمذوف وجوبًا تقديره الزم ‪.‬‬
‫ومثال العطف اجلَّد واملواظبة( ‪.) 1‬‬
‫فإن مل يكن االسم مكررًا وال معطوفًا عليه مثله مل جيب إضمار الناصب حنو ‪ :‬املروءة َ‬
‫فـ( املروءة) مفعول به لفعل حمذوف جوازًا تقديره ‪ :‬الزم ‪.‬‬
‫ومن أمثلة ذلك ‪ :‬حديث عائشة رضي اهلل عنها ( أن الشمس خسفت على عهد الرسول‬
‫‪ ‬فبعث مناديًا ‪ :‬الصالَة جامعة ً ‪ )....‬احلديث(‪ . ) 1‬فـ(الصالة) منصوب بفعل حمذوف‬
‫جوازا تقديره ‪ :‬احضروا ‪ ,‬و(جامعة) حال ‪( .‬وكمحذر بال إيا ‪..‬إخل) أي اجعل االسم‬
‫املغرى به كحكم احملَّذ ر الذي بغري (إياك) يف كل ما فصل من األحكام فيما تقدم ‪.‬‬

‫***‬

‫( ‪ ) 1‬يصح أن تكون الواو عاطفة وأن تكون للمعية ‪ ،‬كما يف التحذير ‪ .‬واملعول على وضوح املعىن ‪.‬‬
‫(‪ ) 1‬أخرجه البخاري رقم ( ‪ )1066‬ومسلم ( ‪ )901‬واللفظ له ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪226‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫أ ا اْألْف اِل واألْص اِت‬


‫َو‬ ‫ْس َم ُء َع‬
‫ِف‬ ‫ِف‬
‫ُه َو اْس ُم ْع ٍل َو َك َذ ا أَّو ْه َو َم ْه‬ ‫‪َ 627‬م ا َناَب َعْن ْع ٍل َك َش َّتاَن َو َص ْه‬
‫ِم‬
‫َو َغْيُر ُه َك َو ْي َو َه ْيَه اَت َنُزْر‬ ‫‪َ 628‬و َم ا َمِبْع ىَن اَفَعْل َك آ َني َك ُثْر‬

‫اسم الفعل ‪ :‬ما ناب عن الفعل يف املعىن( ‪ ) 1‬والعمل ‪ ,‬ومل يتأثر بالعوامل ‪ .‬حنو ‪َ ( :‬ص ْه )‬
‫إذا تكلم غريك ‪ .‬فـ(صه) اسم فعل متضمن معىن فعل األمر (اسكت) ويعمل عمله ‪.‬‬
‫فالفاعل ضمري مسترت وجوبًا تقديره ‪ :‬أنت ‪ .‬وال يتأثر بالعوامل فال يكون مبتدأ وال خربًا‬
‫وال فاعًال وال غري ذلك‪ .‬وهذا القيد خيرج املصدر النائب عن فعله حنو ‪ :‬إكرامًا املسكني‬
‫‪ .‬فإنه نائب عن فعله يف املعىن والعمل ‪ ،‬وهو ( َأكرْم ) لكنه يتأثر بالعوامل فيقع فاعًال حنو‬
‫‪ :‬سرين إكراُمك املسكني ‪ .‬أو مبتدأ حنو ‪ :‬إكراُمك املسكني تثاب عليه ‪ .‬أو غري ذلك ‪.‬‬
‫واسم الفعل من حيث زمنه ثالثة أقسام ‪:‬‬
‫‪ -1‬اسم فعل أمر _وهو الكثري فيها( ‪ _) 2‬حنو‪ :‬عليك نفَس ك فهذهبا ‪ .‬فـ( عليك) اسم‬
‫فعل أمر مبعىن ( الزم) مبين على الفتح والفاعل ضمري مسترت وجوبًا تقديره أنت‬
‫(نفسك) مفعول به السم الفعل منصوب بالفتحة ‪ ,‬والكاف مضاف إليه ‪.‬‬
‫ومن هذا القسم نوع قياسي مطرد على وزن (َفَعاِل ) مبنَّيا على الكسر من كل فعل ثالثي‬
‫تام متصرف حنو ‪ :‬مساِع النصح ‪ .‬وقد تقدم ذكره يف باب ( أمساٌء الزمت النداء )‪.‬‬
‫‪ -2‬اسم فعل ماض ‪ .‬وهو مساعي وقليل حنو‪ :‬شتان الشجاعُة واجلنب‬
‫فـ(شتان)اسم فعل ماض مبعىن ( افرتق) مبين على الفتح (الشجاعُة) فاعل ‪.‬‬

‫( ‪ ) 1‬فأمساء األفعال تؤدي معىن األفعال‪ .‬لكن اسم الفعل أقوى يف أداء املعىن من الفعل الذي مبعناه ‪ .‬مع ما فيه من اإلجياز واالختصار‪ [.‬انظر‬
‫قول الرضي على الكافية ‪.] 3/89‬‬
‫( ‪ ) 2‬انظر املصدر السابق باجلزء والصفة ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪227‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -3‬اسم فعل مضارع ‪ .‬وهو مساعي وقليل ‪ ,‬كالذي قبله حنو‪َ :‬و ْي لشباب ال‬
‫يعمل ‪ .‬فـ(وي) اسم فعل مضارع مبعىن (أعجب) مبين على السكون ال حمل له ‪,‬‬
‫والفاعل ضمري مسترت وجوبًا تقديره ‪ :‬أنا‪ .‬ومنه قوله تعاىل ( ويكأنه ال يفلح‬
‫الكافرون)( ‪. ) 2 () 1‬‬
‫وهذا معىن قوله ( ما ناب عن فعل كشتان وصه ‪..‬إخل) أي أن اسم الفعل هو ما ناب‬
‫عن الفعل ‪ .‬وبقية التعريف يستفاد من األمثله كـ(شتان) اسم فعل ماض مبعىن ‪ :‬افرتق‬
‫‪ .‬و(صه) اسم فعل أمر مبعىن اسكت و(أوه) اسم فعل مضارع مبعىن ‪ :‬أتوجع و(مه)‬
‫اسم فعل أمر مبعىن‪ :‬اكفف ‪ .‬مث ذكر أن اسم فعل األمر الذي مبعىن (افعل) كثري يف‬
‫كالم العرب ‪ .‬وكفى بكثرته أن منه نوعًا مقيسًا ‪ ,‬أما الذي مبعىن غري (افعل)كالذي‬
‫مبعىن املاضي أو املضارع فهو قليل ‪.‬وهو مساعي ليس منه شيء مقيس ‪.‬‬

‫***‬

‫َو هَكَذ ا ُدوَنَك َمْع إَلْيَك ا‬ ‫‪َ -629‬و اْلِف ْع ُل ِم ْن أَمْساِئِه َعَلْيَك ا‬
‫َو َيْع َم َالِن اَخْلْف َض َم ْص َد َر ْيِن‬ ‫‪َ -630‬ك َذ ا ْيَد َبْله َناِص َبِنْي‬
‫ُرَو‬

‫اسم الفعل من حيث الوضع واألصالة يف الداللة على الفعل نوعان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬مرجتل ‪.‬وهو ما وضع من أول األمر اسم فعل ومل يستعمل يف غريه من قبل‬
‫‪ .‬مثل هيهات ‪ ,‬شتان ‪ ,‬وي ‪ ,‬صه ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬منقول وهو ما وضع أول األمر ملعىن ‪ ,‬مث نقل إىل اسم الفعل وهو أقسام ‪:‬‬

‫( ‪ ) 1‬سورة القصص ‪ ،‬آية ‪. 82 :‬‬


‫( ‪ ) 2‬يف إعراب هذه اآلية وما ماثلها عدة آراء منها‪ :‬أن ( وي ) اسم فعل مضارع ( كأنه ) الكاف للتعليل ‪ .‬و ( أن ) وما يف حيزها جمرورة هبا‬
‫‪.‬أي ‪ :‬أعجب لعدم فالح الكافرين‪ .‬وقيل ‪ :‬كأن حرف مشبه بالفعل إال أنه ذهب منه معناه وصار للخرب واليقني ‪ ،‬وقيل ‪ :‬غري ذلك ‪ [ .‬انظر‬
‫الدراسات ‪.] 199 /4 /3‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪228‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -1‬منقول من اجلار واجملرور مثل‪:‬عليك( ‪ . ) 1‬مبعىن الزم ‪ ,‬إليك مبعىن ‪ :‬ابتعد‬
‫وَتَنَّح ‪ .‬تقول عليك نفسك ‪ ,‬إليك عىن أيها الكذاب ‪ ,‬فـ (عليك وإليك) اسم فعل‬
‫أمر مبين على الفتح ال حمل له ‪ .‬والفاعل ضمري مسترت وجوبًا تقديره ‪ :‬أنت ‪.‬‬
‫‪ -2‬منقول من ظرف املكان ‪ .‬مثل ‪ :‬أمامك مبعىن ‪ :‬تقدم ‪,‬ودونك مبعىن ‪ :‬خذ ‪،‬‬
‫تقول دونك الكتاب ‪ .‬فـ (دونك) اسم فعل أمر مبعىن ‪ :‬خذ ‪ .‬والفاعل ضمري‬
‫مسترت وجوبًا تقديره ‪ :‬أنت ‪ .‬و(الكتاب) مفعول به ‪.‬‬
‫‪ -3‬منقول من مصدر وهو نوعان ‪:‬‬
‫منقول من مصدر له فعل مستعمل ‪ .‬مثل (رويد) _ بال تنوين_ يف قولك‬ ‫‪-1‬‬
‫رويد خالدًا ‪ ,‬أي أمهله ‪ .‬فـ(رويد) اسم فعل أمر مبين على الفتح ‪.‬‬
‫والفاعل ضمري مسترت وجوبًا تقديره ‪ :‬أنت و( وخالدًا) مفعول به السم‬
‫الفعل ‪ .‬وأصل هذا املصدر ( إرواد) مصدر الفعل الرباعي (أرود) مبعىن ‪:‬‬
‫أمهل مث صغر تصغري ترخيم حبذف حروفه الزوائد فصار ( رويد) ‪.‬‬
‫منقول من مصدر ليس له فعل من لفظه ‪ ,‬لكن له فعل من معناه‬ ‫‪-2‬‬
‫‪.‬مثل (َبْله) _بال تنوين_ مبعىن ‪ :‬اترك أو ‪ :‬دع ‪ .‬مثل َبْله اإلمهال ‪ .‬فـ(بله) اسم فعل‬
‫أمر مبين على الفتح ‪ .‬والفاعل ضمري مسترت وجوبًا تقديره ‪:‬أنت‪( .‬اإلمهال) مفعول‬
‫به ‪ .‬وجيوز استعمال (رويد) مصدرًا باقيًا على مصدريته ‪ ,‬إما مضافًا إىل مفعوله‬
‫حنو ‪ :‬رويد خالٍد ‪ .‬أو منونًا ناصبًا له حنو ‪ :‬رويدًا خالدًا فـ(رويدًا) فيهما مصدر‬
‫نائب عن فعل األمر احملذوف ‪ .‬والفاعل ضمري مسترت وجوبًا تقديره ‪ :‬أنت ‪,‬‬
‫و(خالد) باجلر مضاف إليه من إضافة املصدر إىل مفعوله ‪ .‬وبالنصب مفعول به‬
‫للمصدر ‪ .‬وقد يستعمل منونًا غري ناصٍب مفعوله ‪ .‬حنو ‪ :‬رويدًا يا سائق ‪ ,‬وإعراب‬
‫املصدر كالذي قبله ‪ .‬وجيوز استعمال(َبله) مصدرًا منصوبًا على املصدرية نائبًا عن‬
‫فعل األمر ‪ ,‬مضافًا إىل ما بعده ‪ ,‬حنو ‪َ:‬بْله الغيبِة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 1‬تلحق الكاف أمساء األفعال ‪ .‬وتنصرف على حسب حال املخاطب إفرادًا وتثنية ومجعًا وتذكريًا وتأنيثًا ‪ .‬وهي حرف خطاب ال حمل له من‬
‫اإلعراب ‪ .‬وتكون مضافًا إليه ‪ ،‬ألن أمساء األفعال ال تضاف‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪229‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وهذا معىن قوله ( والفعل من أمسائه عليكا ‪..‬إخل ) أي ‪ :‬أن أمساء األفعال منها ما‬
‫هو منقول من جار وجمرور ‪ ,‬مثل ‪( :‬عليك) و(إليك) أو ضرف مثل ‪( :‬دونك) أو‬
‫مصدر مثل ‪( :‬رويد) و(وبله) ومها يكونان امسي فعل إذا نصب ما بعدمها ‪,‬‬
‫ويعمالن اخلفض إذا بقيا على أصلهما مصدرين مضافني ملا بعدمها ‪.‬‬

‫ِلِذ ِف ِه‬ ‫ِم‬ ‫ِل‬


‫َهَلا َو أِّخ ْر َم ا ي ي الَعَمْل‬ ‫‪َ -631‬و َم ا َم ا َتُنوُب َعْنُه ْن َعَمْل‬

‫أمساء األفعال تعمل عمل الفعل الذي تنوب عنه وتدل عليه ‪,‬فرتفع الفاعل مثله ‪ ,‬وتسايره‬
‫يف التعدي واللزوم ‪ .‬فإن كان ذلك الفعل يرفع فقط كان اسم الفعل كذلك ‪ ,‬مثل صه‬
‫إذا تلي القرآن ‪ .‬مبعىن اسكت ‪ ,‬ومْه عن كل ماال يليق ‪ .‬مبعىن اكفف ‪.‬ففي (صه) و(مه)‬
‫ضمريان مسترتان كما يف ( اسكت) و (اكفف) ‪.‬‬
‫ومنه قوله تعاىل ‪( :‬هيهات هيهات ملا توعدون)( ‪ ) 1‬فـ( هيهات ) اسم فعل ماض ‪,‬‬
‫(هيهات) توكيد لفضي ‪( ,‬ملا) الالم صلة للتوكيد ‪ .‬و(ما) فاعل السم الفعل( ‪. ) 2‬‬
‫وإن كان ذلك الفعل يرفع فاعًال وينصب مفعوًال كان اسم الفعل كذلك يف الغالب حنو ‪:‬‬
‫دونك الكتاب ‪ .‬فـ(دونك) اسم فعل أمر مبين على الفتح ‪,‬مبعىن (خذ) ‪ ,‬والفاعل ضمري‬
‫مسترت وجوبًا تقديره ‪ :‬أنت ‪( .‬الكتاب) مفعول به السم الفعل ‪ .‬ومنه قوله تعاىل ( عليكم‬
‫أنفسكم)( ‪ . ) 3‬فـ(عليكم) اسم فعل أمر مبعىن (ألزموا) مبين على الضم ‪ ,‬وامليم عالمة‬
‫اجلمع ‪ .‬والفاعل ضمري مسترت وجوبًا تقديره ‪ :‬أنتم (أنفسكم ) مفعول به ‪ ,‬والكاف‬
‫مضاف إليه ‪ ,‬وامليم عالمة اجلمع ‪.‬‬
‫ومن أحكام معمول اسم الفعل أنه ال جيوز تقدميه عليه ‪,‬بل يلزم تأخريه ‪ ,‬فال جيوز أن‬
‫تقول ‪ :‬نفسك عليك ‪.‬‬
‫( ‪ ) 1‬سورة املؤمنون ‪ ،‬آية ‪. 36 :‬‬
‫( ‪ ) 2‬هذا على أهنا موصولة ‪ .‬وقيل ‪ :‬مصدرية ‪ .‬وقيل ‪ :‬إن الفاعل مضمر تقديره ‪َ :‬بُعَد التصديق أو الوقوع ملا تدعون‪ .‬وعليه فليست الالم صلة‬
‫بل هي للبيان ‪ .‬واجلار واجملرور متعلق بالفاعل املقدر ‪ [ .‬انظر ‪ :‬املغين ص ‪ [ ، ] 293‬واحملتسب ( ‪. ] )93 ،2/92‬‬
‫( ‪ ) 3‬سورة املائدة آية‪.105 :‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪230‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وما ملا تنوب عنه من عمل ‪..‬إخل ) فـ(ما) مبتدأ ( وهلا) خرب املبتدأ ‪.‬‬
‫أي ‪ :‬العمل الذي استقر لألفعال اليت نابت عنها هذه األمساء مستقر ( هلا) أي ‪ :‬هلذه‬
‫األمساء ‪ .‬مث قال ‪ :‬وأَّخ ْر املعمول الذي عملت فيه هذه األمساء ‪.‬‬

‫***‬

‫ِس‬ ‫‪َ -632‬و اْح ُك ْم ِبَتْنِكِري اَّلذي ُيَنَّوُن‬


‫َم ْنَه ا َو َتْع ِر يُف َو اُه َبُنَّي‬

‫من أمساء األفعال ماال ينون ‪ ,‬مثل ‪ :‬هيهات ‪ ,‬آمني ‪ .‬وكل ما كان منها على وزن‬
‫(فعاِل ) القياسي ‪ .‬ومنها ما ال يتجرد من التنوين مثل ‪ :‬واهًا ‪ .‬مبعىن أتعجب ‪ .‬ومنها ما‬
‫يلحقه التنوين حينًا لغرض معني وقد خيلو لغرض آخر ‪ ,‬مثل صه‪ ,‬فيلحقه التنوين للداللة‬
‫على التنوين ‪ .‬فإذا قلت صٍه ‪ ,‬فمعناه ‪ :‬اسكت عن كل كالم ‪ .‬وإذا قلت صْه فمعناه‬
‫اسكت عن هذا احلديث املعني ‪ ,‬وال مانع من غريه ‪.‬‬
‫ومنه قوله تعاىل ( فال تقل هلما أٍف وال تنهرمها )( ‪ ) 1‬فـ(أٍف ) بالتنوين اسم فعل مضارع‬
‫مبين على الكسر مبعىن ‪ :‬أتضجر ‪ .‬والفاعل ضمري مسترت وجوبًا تقديره ‪ :‬أنا وهذه قراءة‬
‫نافع وحفص ‪ ,‬وقرأ ابن كثري وابن عامر بفتح الفاء من غري تنوين ‪ ,‬وقرأ الباقون بكسر‬
‫الفاء من غري تنوين ‪ .‬ومعىن اآلية ال يقع منك هلما تكُّر ه وال تضجر( ‪. ) 2‬‬
‫وهذا معىن قوله ( واحكم بتنوين الذي ينون منها ‪..‬إخل) أي احكم بتنكري ما نون من‬
‫أمساء األفعال ‪ .‬و ما مل ينون فتعريفه ( بنّي ) أي واضح لتجرده من التنوين ‪ ,‬الذي يدل‬
‫وجوده على التنكري ‪.‬‬
‫***‬

‫ِبِه ِم ِف‬ ‫ِم‬ ‫ِق‬ ‫ِبِه ِط‬


‫ْن ُم ْش اْس اْل ْع ِل َصْو تًا ْجُيَعُل‬ ‫‪َ_633‬و َم ا ُخ و َب َم اَال َيْع ـ ُل‬
‫( ‪ ) 1‬سورة اإلسراء ‪ ،‬آية ‪.23 :‬‬
‫( ‪ ) 2‬انظر الكشف ( ‪ )44 /2‬وقد جاء يف البحر احمليط أليب حيان ( ‪ ) 22 ، 21 / 6‬أن يف ( أف ) لغات تقارب األربعني مث سردها ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪231‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ِب‬ ‫ِح‬
‫َو اْلَزْم َنا الَّنْو َعِنْي َفْه َو َقْد َو َجْب‬ ‫‪َ_634‬ك َذ ا اَّلذي َأْج دى َك اَيًة َك َق ْب‬

‫أمساء األصوات ‪ :‬هي ما وضع خلطاب ما ال يعقل ‪ ,‬أو ما هو يف حكم ماال يعقل من‬
‫صغار اآلدميني أو حلكاية األصوات ‪.‬‬
‫فالدال على خطاب ماال يعقل ‪ :‬ألفاظ توجهها العرب إىل احليوان لطلب االمتناع أو‬
‫لطلب األداء ‪ .‬وال يكون ذلك إال بالتدريب والتمرين ‪.‬فاألول كقوهلم يف زجرهم اإلبل‬
‫عن التأخر (( َج ْه )) ويف زجر الغنم ‪ِ ( :‬إَّس ‪َ ,‬ه ْج ) والثاين كقوهلم لإلبل (ِِنْخ ) إذا طلبوا‬
‫منها اإلناخة ‪.‬‬
‫والذي يف حكمه ‪ :‬كاخلطاب الذي يوجه لألطفال ‪,‬مثل (َِكْخ ) _ بفتح الكاف وكسرها‬
‫وسكون اخلاء ‪ ,‬وجيوز كسرها مع التنوين – وهي كلمة زجز لألطفال عن املستقذرات‬
‫‪,‬فيقال له‪ :‬كخ ‪ .‬أي اتركه وارم به ‪ .‬وقد قاهلا النيب ‪ ‬للحسن بن علي _رضي اهلل‬
‫عنهما_ ملا أخذ مترة من متر الصدقة وجعلها يف فيه( ‪. ) 1‬‬
‫وأما حكاية صوت من األصوات فإما ألفاظ صادرة من احليوان أو مما يشبهه كاجلماد‬
‫وحنوه ‪ .‬فريددها اإلنسان ويعيدها كما مسعها تقليدًا وحماكاة ألصحاهبا ‪ .‬فقد كان العريب‬
‫يسمع صوت الغراب فيقلده قائًال ( غاْق ) أو صوت وقوع احلجارة فيحاكيه ‪( :‬طق) ‪,‬‬
‫أو صوت ضربة السيف فريدده ‪َ( :‬قْب ) إىل غري ذلك وأمساء األصوات كلها مبنية على ما‬
‫مسعت عليه عن العرب فمثًال ‪:‬‬
‫(( َقْب )) ‪ .‬اسم صوت مبين على السكون ال حمل له من اإلعراب (إَّس ) مبين على الفتح‬
‫‪ ...‬وهكذا ‪..‬‬
‫وهذا معىن قوله (وما به خوطب وماال يعقل ‪..‬إخل )أي ‪ :‬ما خوطب به ماال يعقل جيعل‬
‫صوتًا أي ‪ :‬اسم صوت‪.‬وهو يشبه الفعل يف أنه ال حيتاج يف أداء املراد منه إىل لفظ آخر ‪.‬‬

‫( ‪ ) 1‬أخرجه البخاري ( ‪– 354 /3‬فتح ) ومسلم رقم ( ‪ ) 1069‬وقد ذكر فيها احلافظ يف فتح الباري ست لغات‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪232‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫مث ذكر النوع الثاين بقوله ‪( :‬كذا الذي أجدى حكاية) أي أفاد حكاية صوت من‬
‫األصوات ‪.‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬من مشبه اسم الفعل ) ليس على إطالقه ‪ ,‬فأمساء األصوات ال تشبه أمساء‬
‫األفعال من كل وجه ‪ ,‬فإن أمساء األفعال ترفع وتنصب وفيها ضمري ‪ ,‬وأمساء األصوات‬
‫ليست كذلك ‪.‬‬
‫وقوله ‪( :‬والزم بنا النوعني) حيتمل أن يريد بالنوعني أمساء األفعال وأمساء األصوات ‪ ,‬وهذا‬
‫ما ذكره يف شرح الكافية( ‪ , ) 1‬وحيتمل أن يريد نوعي األصوات ‪ ,‬ألنه تقدم الكالم على‬
‫أمساء األفعال يف أول الكتاب وقوله ‪(:‬فهو قد وجب )إما تتميم ‪ ,‬لصحة االستغناء عنه‬
‫بقوله ‪( :‬والزم) أو لبيان الوجوب ‪ ،‬ألن مالزمة البناء ال تستلزم وجوبه( ‪. ) 2‬‬

‫ُنونا الَّت ِكيِد‬


‫ْو‬
‫َك ُنوِيَن اْذَه َّنَب َو اْقِص َد ْنُه َم ا‬ ‫‪ِ -635‬لْلْف عِل َتْو ِكيٌد ِبُنوَننْي َمُها‬ ‫مايؤكد من االفعال وشروط‬

‫َذا َطَلًب أْو َش ْر طًا أَّم ا َتاِلَيا‬ ‫‪ُ -636‬يؤِّك َد اِن اْفَعْل َو يْف َعل آِتَيا‬ ‫التوكيد ‪.‬‬

‫َو َقَّل َبْع َد َم ا َو ْمَل َو َبْع َد َال‬ ‫‪ -637‬أْو ُم ْثبتًا يِف َقَس ٍم ُمْس َتْق َبَال‬
‫َو آِخ َر اْلُم ؤِّك ِد اْفَتْح َك اْبُر َز ا‬ ‫‪َ -635‬و َغِرْي إَّم ا ِم ْن َطواِلِب اَجْلَز ا‬

‫( ‪ ) 1‬شرح الكافية ( ‪. ) 1397 /3‬‬


‫( ‪ ) 2‬انظر حاشية الصبان ( ‪.) 211 /3‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪233‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫لتوكيد الفعل نونان ‪:‬‬
‫‪ -1‬ثقيلة مشددة ‪ .‬مبنية على الفتح ‪.‬‬
‫‪ -2‬خفيفة ساكنة ‪ .‬مبنية على السكون ‪.‬‬
‫ويؤكد هبما األمر مطلقًا من غري شرط ‪ .‬وال يؤكد هبما املاضي( ‪ . ) 1‬وأما‬
‫أثر النون‬
‫املضارع ‪ ,‬ففيه تفصيل ‪,‬كما سيأيت إن شاء اهلل ‪.‬‬ ‫على العمل‬
‫وهلما على الفعل أثران ‪ :‬لفضي ومعنوي ‪.‬‬
‫‪ -1‬أما املعنوي فهو ختليص املضارع للمستقبل ‪.‬وتقوية االستقبال يف فعل األمر ‪.‬‬
‫إضافة إىل إفادة التوكيد ‪ .‬واملشددة أبلغ يف التوكيد ‪ ,‬ألن زيادة املبىن تدل‬
‫على زيادة املعىن غالبًا ‪.‬‬
‫‪ -2‬أما اللفظي فهو أن األمر واملضارع يبنيان على الفتح ‪ ,‬بشرط أن تتصل هبما‬
‫اتصاًال مباشرًا ‪ ,‬كما تقدم يف أول الكتاب (باب املعرب واملبين)‪ .‬فمثال املضارع ‪:‬‬
‫ألنصَر َّن املظلوم ‪,‬ال ترغنب فيمن زهد عنك ‪ .‬فـ(الالم) واقعة يف جواب قسم مقدر‪,‬‬
‫و(أنصر) فعل مضارع مبين على الفتح ‪,‬والنون للتوكيد ‪ ,‬والفاعل ضمري مسترت‬
‫تقديره ‪( :‬أنا) ‪ ,‬و(ال) ناهية ‪(,‬ترغب) فعل مضارع مبين على الفتح يف حمل جزم‬
‫‪.‬ومثال األمر ‪ :‬اشكَر َّن من أحسن إليك ‪ .‬فـ(أشكر) فعل أمر مبين على الفتح ‪,‬‬
‫والنون للتوكيد‪,‬والفاعل ضمري مسترت ‪.‬‬
‫وتوكيد املضارع قد يكون واجبًا ‪ ,‬وقد يكون ممتنعًا ‪ ،‬وقد يكون جائزًا بكثرة أو‬
‫بقلة ‪.‬‬
‫فالحالة األولى ‪ :‬أن يكون توكيده واجبًا‪,‬وذلك إذا وقع جوابًا لقسم واستوىف‬

‫( ‪ ) 1‬قالوا ‪ :‬ألهنما خيلصان مدخلومها لالستقبال ‪ ،‬وذلك ينايف املضي ‪ .‬وقد ورد يف صحيح مسلم رقم [ ‪ ] 2934 /105‬حديث حذيفة‬
‫رضي اهلل عنه عن النيب صلى اهلل عليه وسلم يف ذكر الدجال وفيه ( فإما أدركَّن أحد فليأت النهر الذي يراه نارًا ‪ ..‬احلديث ) قال القرطيب يف‬
‫املفهم ( ‪ ( : ) 7/274‬كذا الرواية عند مجيع الشيوخ ‪ ،‬والصواب ‪ :‬إسقاط النون ‪ ،‬ألنه فعل ماض ‪ ،‬وإمنا تدخل هذه النون على افعل املستقل‬
‫‪ ) ..‬وقال النووي ( ‪ ( : ) 276 / 17‬هكذا هو يف أكثر النسخ ويف بعضها ‪ " :‬أدركه " وهذا الثاين ظاهر ‪ ،‬وأما األول فغريب من حيث‬
‫اللغة ‪ ..‬قال القاضي ‪ :‬ولعله يدركَّن ‪ .‬يعين فعربه بعض الرواة ) اهـ‪.‬قلت ‪ :‬وقد يكون الذي سهل توكيد املاضي هنا أنه مستقبل معىن ‪ ،‬ألنه‬
‫صلى اهلل عليه وسلم خيرب عن أمر سيأيت ‪ ،‬وهو من أشراط الساعة‪ ،‬واهلل أعلم ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪234‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ثالثة شروط ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون متصًال بـ(الم) القسم ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون مستقبًال ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون مثبتًا ‪.‬‬
‫حنو ‪ :‬واهلل ألبذلَّن النصيحة ‪ .‬قال اهلل تعاىل ‪( :‬وتاهلل ألكيدَّن أصنامكم ) [ سورة‬ ‫‪-2‬التوكيد‬
‫األنبياء ‪ ،‬آية ‪. ] 75 :‬‬ ‫املمتنع‬
‫الحالة الثانية ‪ :‬أن يكون توكيدًا ممتنعًا ‪ ,‬وذلك يف موضعني ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬إذا كان جوابًا لقسم ‪ ,‬ومل يستوف شروط وجوب التوكيد ‪ .‬فيمتنع‬
‫توكيده إذا َفَص َل بني الفعل والم القسم فاصل‪ ,‬حنو ‪ :‬واهلل لسوف أبذل النصيحة ‪ ,‬قال‬
‫تعاىل ( ولسوف يعطيك ربك فرتضى) [سورة الضحى ‪ ،‬آية ‪ ] 5 :‬أو كان الفعل للحال‬
‫وليس لالستقبال‪ ،‬حنو ‪ :‬وريب ألقوُم بواجيب اآلن ‪ .‬أو كان الفعل منفيًا‪ ,‬حنو‪ :‬ورِّب الكعبة‬
‫ال أنصرك إن اعتديت ‪ .‬قال تعاىل ( َقاُلوا َتالَّلِه َتْف َتُأ َتْذ ُك ُر ُيوُس َف )(يوسف‪ ) 85:‬ألن‬
‫التقدير ‪ :‬ال تفتأ ‪ .‬فحذف حرف النفي ‪.‬‬
‫املوضع الثاين ‪ :‬الذي ميتنع فيه توكيده ‪ :‬إذا مل ُيسبق مبا جيعل توكيده جائزًا ‪ ،‬حنو كثرة‬
‫العتاب تورث ُ البغضاء ‪.‬‬
‫الحالة الثالثة ‪ :‬أن يكون توكيده جائزًا بكثرة ‪ .‬وذلك إذا كان مسبوقًا بـ(إن)‬ ‫‪-3‬التوكيد‬
‫اجلائز بكثرة الشرطية املدغمة بـ(ما) الزائدة للتوكيد ‪ ,‬أو مسبوقًا بأداة طلب تفيد األمر أو النهي أو‬
‫االستفهام أو غريها ‪.‬‬
‫فمثال املضارع املسبوق بـ (إما ) ‪ :‬إما تفَعَلَّن اخلري تنل جزاءه ‪.‬‬
‫واألصل ‪ :‬إن تفعل ‪ .‬زيدت (ما) على (إْن ) الشرطية وأدغمت فيها ‪ .‬قال تعاىل ( وإما‬
‫ختافَّن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء )( ‪ [ ) 1‬سورة األنفال‪ ،‬آية ‪ ] 58 :‬فـ (الواو)‬
‫استئنافية و( إما ) إن ‪ :‬حرف شرط جازم و(ما)صلة للتوكيد ( ختافن)فعل مضارع مبين‬
‫( ‪ ) 1‬اجلار واجملرور ( على سواء ) متعلق مبحذوف حال من النابذين واملنبوذ إليهم أي ‪ :‬فانبذ إليهم العهد وأخربهم أنك مقاتلهم حىت يستوي‬
‫علمك وعلمهم ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪235‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫(‪)2‬‬
‫على الفتح يف حمل جزم فعل الشرط ‪ ,‬والنون للتوكيد ‪ ,‬والفاعل ضمري مسترت وجوبًا‬
‫تقديره ‪ (:‬أنت ) ‪,‬ومجلة ‪ :‬فـ (فانبذ إليهم ) جواب الشرط يف حمل جزم ‪.‬‬
‫ومثال املسبوق بأداة تفيد األمر‪ِ :‬لرَت َمَحَّن املسكني ‪ .‬أو ‪ِ:‬لرتحْم والنهي حنو‪ :‬ال تؤخَر َّن فعل‬
‫اخلري إىل غد ‪ ,‬أو ‪ :‬ال تؤخر ‪ .‬قال تعاىل ( وال حتسَّنب اهلل غافًال عما يعمل الظاملون )‬
‫[ سورة إبراهيم ‪ ،‬آية ‪ ] 42 :‬فـ(ال) ناهية ‪,‬و( حتسنب) فعل مضارع مبين على الفتح يف‬
‫حمل جزم ‪ ,‬والنون للتوكيد‪ ،‬والفاعل ضمري مسترت ‪ ,‬واالستفهام ‪ ,‬حنو ‪ :‬هل تصلَّن رمحك‬
‫‪ ,‬أو ‪ :‬هل تصل ‪...‬‬
‫والحالة الرابعة ‪ :‬أن يكون توكيده جائزًا بقلة ‪ ,‬وذلك إذا وقع املضارع بعد (ما)‬
‫الزائدة اليت مل تدغم يف (إن) الشرطية ‪ ،‬كقول العرب ‪ ( :‬بعٍني ما أَر َيَّنك )( ‪ ) 3‬فـ(ما)‬
‫زائدة للتوكيد ‪ .‬و( أريَّن ) مضارع مبين على الفتح ‪ .‬والنون للتوكيد ‪ ،‬والكاف مفعول‬
‫به ‪ .‬وكذا يقل التوكيد إذا وقع املضارع بعد (مل)( ‪ . ) 1‬حنو ‪ :‬من مرت به مواسم الطاعة‬
‫ومل يستغَّلَّنها فهو حمروم ‪ .‬أو بعد (ال) النافية حنو ‪ :‬بادر بالعمل زمن الشباب ال يفوتَّنك ‪.‬‬
‫ومنه قوله تعاىل ( الحيطمَّنكم سليمان وجنوده ) [ سورة النمل ‪ ،‬آية ‪ . ] 18 :‬أو بعد‬
‫أداة شرط غري (إن) املدغمة يف (ما) حنو ‪ :‬من يصَلَّن رمحه يسعد ‪.‬‬
‫إىل ما تقدم أشار بقوله ‪ ( :‬للفعل توكيد بنونني ‪ ..‬إخل )أي ‪ :‬أن الفعل يؤكد بأحد‬
‫النونني ‪ .‬أحدمها ‪ :‬مشددة ‪ .‬حنو ( اذهَّنب ) ‪ ,‬والثانية ‪ :‬خمففة حنو ‪ ( :‬اقصدهنما ) ‪ ,‬وأفاد‬
‫بقوله ‪( :‬للفعل) أنه ال يؤكد هبما غريه ‪ .‬مث قال ‪( :‬يؤكدان افعل ) أي فعل األمر مطلقًا‬

‫( ‪ ) 2‬ذكر ابن مالك يف شرح الكافية ( ‪ ) 1409 / 3‬أنه مل يأت املضارع بعد ( إما ) يف القرآن إال مؤكدًا بالنون ‪ .‬وقد ذكر األستاذ حممد‬
‫عظيمة رمحه اهلل يف دراساته ( ‪ ) 447 / 4 / 3‬سبع عشرة آية ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬هذا مثل من أمثال العرب ومعناه ‪ :‬اعمل كأين انظر إليك ‪ .‬ويضرب يف احلث على ترك التواين ‪ .‬انظر‪ :‬كتاب سيبويه ( ‪) 517 /3‬‬
‫و( جممع األمثال للميداين ) ( ‪. ) 175 / 1‬‬
‫( ‪ ) 1‬يرى بعض النحاة – ومنهم ابن الناظم يف شرحه على األلفية ص ‪ – 623‬أن التوكيد املضارع بعد ( مل ) نادر ‪ .‬أي أنه قليل ذاتية ال قلة‬
‫نسبية ‪ .‬وذلك ألن ( مل ) حرف يقلب املضارع للمضي ‪ .‬ونون التوكيد حرف خيلص زمنه للمستقبل كما ذكرنا ‪ .‬فيتعارضان ‪ .‬وهذا رأي‬
‫سديد وانظر حاشية الصبان ( ‪ ) 218 / 3‬و ( النحو الوايف ) ( ‪.) 4/177‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪236‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫بال شرط ‪ ( ,‬ويفعل ) أي ‪ :‬املضارع ‪ ,‬وفهم منه أن املاضي ال يؤكد ‪ ,‬وقوله ‪ ( :‬آتيًا )‬
‫حال من ضمري (يفعل ) ‪.‬‬
‫وقد يستفاد من شرط االستقبال ‪ ,‬فإن أريد به احلال مل يؤكد ( ذا طلب) وهذا يشمل‬
‫املضارع املقرون بالم األمر والم الناهية وغريمها ‪ ( .‬أو شرطًا ((إما)) تاليًا ) أي ‪ :‬أو آتيًا‬
‫شرطًا تاليًا ( إما) ‪( ,‬أو) آتيًا ( مثبتًا يف ) جواب (قسم مستقبًال ) ومل يذكر شرط‬
‫االتصال بالالم ( وَقَّل) التوكيد ( بعد ((ما)) و ((مل)) وبعد ((ال)) ) وبعد (( غري إما ))‬
‫الشرطية ( من طوالب اجلزا ) أي ‪َ :‬قَّل التوكيد بعد باقي األدوات الشرطية اليت تطلب‬
‫جزاء ‪ ,‬مث بني أن آخر الفعل املؤكد يبىن على الفتح (كابرزا) وأصله ‪ ( :‬ابَر َز ْن ) بنون‬
‫التوكيد اخلفيفة املنقلبة ألفًا ألجل الوقف ‪ ,‬كما سيأيت إن شاء اهلل ‪.‬‬

‫***‬
‫َحَتُّر ٍك َقْد ُعِلَم ا‬ ‫ِم‬
‫َج اَنَس ْن‬ ‫‪َ -639‬و اْش ُكْلُه َقْبَل ُمْض َم ٍر َلٍنْي َمِبا‬
‫ِف ِل‬ ‫ِل‬ ‫ِذ‬
‫يِف آِخ ِر اْل ْع ِل أ ْف‬ ‫وإْن َيُك ْن‬ ‫‪ -640‬واْلُم ْض َمَر اْح َفَّنُه إَّال األ ْف‬
‫َو اْلَو اِو َياًء َك اْسَعَّنَي َس ْع َيــا‬ ‫‪َ -641‬فاْجَعْلُه َم ْنُه َر اِفعًا َغْيَر اْليَـا‬
‫َو اٍو َو َيا شْك ٌل َجُماِنٌس ُقفـي‬ ‫‪َ -642‬و اْح ِذ ْفُه ِم ْن َر اِفِع َه اَتِنْي َو يف‬
‫َقْو ُم اْخ َش ُو ْن َو اْض ُمْم َو ِقْس ُم َس ِّو َيا‬ ‫‪ْ -643‬حَنُو اْخَشْنِي َيا ِه ْنُد ِباْلكْس ِر َو َيا‬

‫إذا أريد توكيد الفعل فال يخلو مما يأتي ‪:‬‬


‫‪ -1‬أن يكون مسندّا للواحد ‪ .‬فإن كان صحيحًا بين آخره على الفتح فتقول يف ‪ :‬أنت‬
‫تصُرب ‪ :‬لتصَربّن ‪ .‬وإن كان معتًال بالواو أو الياء فكذلك تقول يف ‪ :‬أنت تدعوا لتدعَو َّن ‪.‬‬
‫ويف ‪ :‬أنت تقضي ‪ :‬لتقِض َّنَي ‪ .‬وإن كان معتًال باأللف قلبت ياء ‪ ,‬لتقبل الفتحة ‪ ,‬فتقول‬
‫يف ‪ :‬أنت ترضى لرتَض َّنَي ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون الفعل مسندًا إىل ألف االثنني ‪ .‬فإن كان صحيحًا حــذفت نــون الرفــع ‪ ,‬وُأيت‬
‫بنون التوكيد الثقيلة مكسورة ‪ ,‬وحرك ما قبل األلف بالفتح ‪ .‬فتقــول يف ‪ :‬أنتمـا تصــرباِن ‪:‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪237‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫لتصـَرباِّن ‪ ,‬وإن كان معتًّال بــالواو أو اليــاء بقيــا وحتركا بالفتحــة ملناســبة األلــف‪ .‬فتقــول يف‪:‬‬
‫أنتمـا تدعوان وتقضــياِن ‪ :‬لتـدعَو اِّن ولتقضـَياِّن ‪ .‬وإن كان معتًال بـاأللف قلبت يـاء مفتوحـة‬
‫فتقول يف ‪ :‬أنت ترضى ‪ :‬أنتما ترضَياِن ‪ .‬وبعد توكيده ‪ :‬لرتَض َياِّن ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون مسندًا إىل واو اجلماعة أو ياء املخاطبة‪ .‬فإن كان صحيحًا حذفت نون‬
‫الرفع وواو اجلماعة‪ ،‬وحرك ما قبلها بالضم‪ .‬وحذفت ياء املخاطبة‪ ،‬وحرك ما قبلها‬
‫بالكسر‪ ،‬فتقول يف ‪ :‬أنتم تصربون ‪ :‬لت َّن ‪ .‬واألصل ‪ :‬تصربوَنَّن ‪ .‬وتقول يف ‪ :‬أنِت‬
‫ْص ُرِب‬
‫تصربين ‪ :‬لتصِرب َّن ‪ ،‬واألصل ‪ :‬تصربيَنَّن ‪.‬‬
‫وإن كان معتًال باأللف حذفت األلف وأبقيت الفتحة اليت كانت قبلها‪،‬و أبقيت واو‬
‫اجلماعة مضمومة‪ ،‬وياء املخاطبة مكسورة‪ .‬فتقول يف ‪ :‬أنتم ترَض ْو َن ‪ :‬لرَت َض ُو َّن ‪ .‬ويف ‪:‬‬
‫أنِت ترضَنْي ‪ :‬لْرتَض َّنِي ‪.‬‬
‫وإن كان معتًال بالواو أو الياء حذفا مع نون الرفع وواو اجلماعة وياء املخاطبة‪ ،‬وحرك ما‬
‫قبل الواو بالضم وما قبل الياء بالكسر‪ .‬فتقول يف ‪ :‬أنتم تدعوَن ‪ :‬لَتْد ُعَّن ‪ .‬واألصل ‪:‬‬
‫تدُعووَنَّن ‪ .‬وتقول يف ‪ :‬أنِت تدعَني ‪ :‬لَتْد ِعَّن ‪ .‬واألصل ‪ :‬تدُعوِو يَنَّن ‪ .‬وتقول يف ‪ :‬أنتم‬
‫تقضوَن ‪ :‬لتقُضَّن ‪ .‬واألصل ‪ :‬تقِض ـيوَنَّن ‪ .‬وتقول يف ‪ :‬أنت تقضَني ‪ :‬لتْق ِض ـَّن واألصل ‪:‬‬
‫تقضييَنَّن ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يكون مسندًا لنون اإلناث‪ ،‬فيبىن آخر الفعل على السكون‪ .‬ويؤتى بنون التوكيد‬
‫الثقيلة مكسورة‪ ،‬ويزاد ألف فارقة بني نون األناث ونون التوكيد‪ ،‬سواء كان الفعل‬
‫صحيحًا‪ ،‬حنو ‪ :‬لَتَـصرْب َناِّن ‪ .‬أو معتًّال بالواو أو الياء‪ ،‬حنو ‪ :‬لتدعْو َناِّن ‪ .‬ولتقِض ـيَناَّن ‪ ،‬فإن‬
‫كان معتًال باأللف قلبت ياء‪ ،‬حنو ‪ :‬لْرتَض ـيْـَناِّن ‪.‬‬
‫ويف طريقة توكيد الفعل يقول ابن مالك يف آخر البيت السابق ‪( :‬وآخر املؤكد افتح‬
‫كابرزا)‪ .‬وهذه قاعدة عامه وهي أن آخر الفعل املؤكد يبىن على الفتح ‪ ،‬ويدخل يف ذلك‬
‫الفعل املسند للواحد‪ ،‬كما تقدم‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪238‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫مث ذكر ما يستثىن من هذه القاعدة وهو املسند إىل ألف االثنني‪ ،‬أو واو اجلماعة‪ ،‬أو ياء‬
‫املخاطبة‪ ،‬فقال (واشكله) أي ‪ :‬واشكل آخر الفعل املؤكد حالة كون اآلخر (قبل مضمٍر‬
‫َلٍنْي ) أي ‪ :‬ضمري ذي لني‪ ،‬واملراد األلف والواو والياء (مبا جانس) أي ‪ :‬ذلك املضمر (من‬
‫حترك قد علما) أي ‪ :‬من حترك قد علم‪ ،‬فتجانس األلف الفتحة‪ ،‬والواو الضمة‪ ،‬والياء‬
‫الكسرة‪( .‬واملضمَر ) أي ‪ :‬الضمري املسند إليه الفعل‪ ،‬وهو واو اجلماعة وياء املخاطبة‬
‫وألف االثنني (احذفنه) اللتقاء الساكنني (إال األلف) أي ‪ :‬ألف االثنني أبقها‪ ،‬فال حتذفها‪،‬‬
‫خلفتها‪ ،‬أو لئال يلتبس املفرد باملثىن‪ .‬وهذا كله يف الفعل إذا كان صحيح اآلخر‪ ،‬ويدخل‬
‫فيه املعتل بالواو والياء‪ .‬فإن كان الفعل معتًال باأللف فقد بينه بقوله ‪( :‬وإن يكن يف آخر‬
‫الفعل ألف) كريضى (فاجعله منه) أي ‪ :‬اجعل األلف من الفعل (رافعًا) حال من الفعل‪،‬‬
‫أي ‪ :‬حال كون الفعل رافعًا (غري الياء والواو) أي ‪ :‬رافعًا غري ياء املخاطبة وواو اجلماعة‪.‬‬
‫بأن رفع االسم الظاهر‪ ،‬أو الضمري املسترت‪ ،‬أو ألف االثنني‪ ،‬أو نون اإلناث‪ ،‬حنو ‪ :‬هل‬
‫يرضَيـَّن الصديق‪ ،‬أترضَيـَّن يا أخي؛ أترَض ياِّن يا أخوَّي ‪ ،‬هل َتْر َض ْيـَناِّن يا أخوايت؟ وقوله ‪:‬‬
‫(ياء) مفعول ثان لــ(اجعل) واملعىن ‪ :‬اجعل األلف الذي يف آخر الفعل ياء إذا كان الفعل‬
‫رافعًا غري واو اجلماعة وياء املخاطبة‪ ،‬مما تقدم ذكره‪ .‬وقوله ‪( :‬كاْسَعَّني سعيًا) مثال لألمر‬
‫املسند للمخاطب الواحد‪.‬‬
‫فإن كان الفعل رافعًا واو اجلماعة أو ياء املخاطبة فقد بينه بقوله ‪( :‬واحذفه) أي ‪ :‬األلف‬
‫(من رافع هاتني) أي ‪ :‬من الفعل رافع (هاتني ) ومها واو اجلماعة وياء املخاطبة‪ .‬وتبقى‬
‫الفتحة قبلهما دليًال على األلف (ويف واٍو وياٍء َش ـْكـٌل جمانس ُقـفي) معىن ‪ :‬جمانس‪ ،‬أي ‪:‬‬
‫مناسب للضمري‪ ،‬ومعىن (ُقفي) أي ‪ُ :‬تبع فيه كالم العرب‪ .‬واملعىن ‪ :‬أن الواو بعد حذف‬
‫األلف تضم‪ ،‬والياء تكسر‪ .‬وإمنا حركا ومل حيذفا ألن قبلهما حركة غري جمانسة‪ ،‬وهي‬
‫فتحة األلف احملذوفة‪ .‬وقوله ‪( :‬حنو اخَشْني يا هند بالكسر) مثال للمعتل باأللف املسند‬
‫لياء املخاطبة‪ .‬فتكسر ياء املخاطبة بعد حذف األلف‪ ،‬و(يا قوم اخَش ـُو َّن ) حبذف األلف‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪239‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫(واضمم) أي ‪ :‬واو اجلماعة‪ ،‬وقس على ذلك (مسويًا) أي ‪ :‬مامل يذكر مبا ُذكر‪ .‬ألن‬
‫القاعدة واحدة‪.‬‬
‫وأما ما يتعلق بنون اإلناث وهو الرابع فيما تقدم فسيذكره يف أحكام نون التوكيد‬
‫اخلفيفة‪.‬‬

‫ِل‬ ‫ِد‬ ‫َق ْع َخ ِف يَفٌة ْع َد اَأللِف‬


‫َلِكْن َش ْيَد ٌة َو َك ْسُر َه ا أ ْف‬ ‫َب‬ ‫‪َ -644‬و ْمَل َت‬
‫ِفْع ًال إىَل ُنوِن اإلَناِث ُأْس ِنَد ا‬ ‫‪َ -645‬و أِلفًا ِز ْد َقْبَلَه ا ُمؤِّك َد ا‬
‫ِق‬ ‫‪َ-646‬و اْح ِذْف َخ ِف يَفًة ِلَس اِكٍن َر ِد َف‬
‫َو َبْع َد َغِرْي َفْتَح ٍة إَذا َت ْف‬
‫ِم ْن أْج ِلَه ا يِف اْلَو ْص ِل َك اَن ُعِد َم ا‬ ‫‪َ-647‬و اْر ُدْد إَذا َح َذ ْفَتَه ا يِف اْلَو ْقِف َم ا‬
‫َو ْقفًا َك َم ا َتُقوُل ْيِف ِقفًا ِقَف ا‬ ‫‪َ-648‬و أْبِد َلْنَه ا َبْع َد َفْتٍح أِلَف ا‬

‫تنفرد نون التوكيد اخلفيفة بأربعة أحكام ‪:‬‬


‫األول ‪ :‬أهنا ال تقع بعد األلف ‪ ،‬فال تقول ‪ :‬اصرباْن يا حممدان ‪ ،‬بنون خمففة ‪ ،‬بل جيب‬
‫التشديد فتقول ‪ :‬اصرباِّن ‪ :‬بنون التوكيد مشددة مكسورة ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬أهنا ال تؤكد الفعل املسند إىل نون اإلناث ‪ ،‬ألن الفعل املسند إىل هذه النون جيب‬
‫أن يؤتى بعد فاعله بألف فاصلة بني النونني – كما تقدم – فتقول ‪ :‬اصْرب َناِّن يا هنديات‬
‫‪ .‬بنون ثقيلة مكسورة ‪ .‬وال تأيت اخلفيفة ألهنا ال تقع بعد األلف كما مضى ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬وجوب وحذفها لفظًا ال خطًا إذا وقع بعدها ساكن ‪ .‬ومل يوقف عليها ‪ .‬وسبب‬
‫حذفها التقاء الساكنني حنو ‪ :‬حنو ‪ :‬ال تتعوَدْن الكذب‪.‬فتحذف النون اخلفيفة عند النطق ‪.‬‬
‫وتبقى الفتحة اليت قبلها دليًال عليها (‪ . )1‬ومنه قول الشاعر ‪:‬‬

‫‪ - 1‬يرى فريق من النحاة أن النون ال حتذف إذا وليها ساكن وإمنا حترك بالكسر على القاعدة وهي ‪ :‬أن األصل يف التخلص من التقاء الساكنني‬
‫هو الكسر ‪ ،‬مث إن الكسر أخف وأبعد من اللبس إضافة إىل أن القائلني حبذفها مل يذكروا تعليًال مقبوًال خلروجها عن األصل العام ‪ .‬انظر حاشية‬
‫ياسني على التصريح (‪ )2/208‬والنحو الوايف (‪. )4/181‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪240‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫كع يومًا والدهر قد رفعه (‪)2‬‬ ‫ال هُت َني الفقَري َعَّلَك أن تر‬

‫فحذفت نون التوكيد يف قوله ( ال هتَني ) وأصله ‪ ( :‬ال هُت يَنْن ) فالتقى ساكنان – نون‬
‫التوكيد والالم يف ( الفقري ) – فحذفت النون وبقيت الفتحة اليت قبلها دليًال على النون‬
‫احملذوفة ‪ .‬وثبوت الياء مع وجود اجلازم دليل على أن الفعل مؤَّك د ‪ .‬وإال لقيل ‪ :‬ال ِهُتِن‬
‫الفقري ‪. . .‬‬
‫الرابع ‪ :‬وجوب قلبها ألفًا عند الوقف عليها ‪ .‬بشرط أن تكون بعد فتحة حنو ‪ :‬ابتعدْن‬
‫عن جمالسة املغتاب ‪ ،‬فتقول يف الوقف ‪ :‬ابتعدا ‪.‬‬
‫وإعرابه ‪ :‬فعل أمر مبين على الفتح التصاله بنون التوكيد اخلفيفة املنقلبة ألفًا للوقف ‪،‬‬
‫والفاعل ( أنت ) ‪.‬‬
‫فإن وقعت بعد ضمة أو كسرة حذفت نطقًا ال كتابة ‪ .‬وُر َّد ما كان حذف ألجلها ‪،‬‬
‫لزوال علة احلذف وهي التقاء الساكنني ‪ ،‬تقول يف الوصل ‪ :‬ال ختاُفْن إال ذنوبكم ‪ ،‬ال‬
‫ختاِفْن إال ذنبِك ‪ ،‬وتقول يف الوقف ‪ ،‬ال ختافوا ‪ ،‬ال ختايف ‪ ،‬حبذف نون التوكيد اخلفيفة‬
‫للوقف ‪ ،‬وترد واو اجلماعة وياء املخاطبة اللتان حذفتا ألجل نون التوكيد ‪ .‬للتخلص من‬
‫التقاء الساكنني ‪.‬‬
‫وإىل هذه األحكام أشار بقوله ‪ ( :‬ومل تقع خفيفة بعد األلف ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬ال تقع‬
‫نون التوكيد اخلفيفة بعد األلف ‪ ،‬بل جيب أن تكون شديدة – أي النون الثقيلة – وتكون‬
‫مبنية على الكسر ‪ ،‬وهذا األول ‪ .‬وأشار إىل الثاين بقوله ‪ ( :‬وألفًا زد قبلها إخل ) أي زد‬
‫قبلها مباشرة ألفًا حني يكون الفعل املؤكد مسندًا إىل نون اإلناث ‪ ،‬وأشار إىل الثالث‬
‫والرابع بقوله‪ ( :‬واحذف خفيفة ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬احذف نون التوكيد اخلفيفة إذا ردفها‬
‫ساكن أي ‪ :‬وليها ووقع بعدها ‪ ،‬وكذا احذفها إذا وقعت عند الوقف عليها بعد غري‬
‫‪ - 2‬معناه ‪ :‬ال حتتقر الفقري وال هتنه ‪ ،‬فرمبا يتبدل احلال ‪ .‬فتخضع أنت ‪ ،‬ويرتفع هو ‪ .‬ألن األيام دول ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ ( :‬ال هتني ) ال ‪ :‬ناهية وهتني ‪ ،‬فعل مضارع مبين على الفتح التصاله بنون التوكيد احملذوفة اللتقاء الساكنني يف حمل جزم ‪ ،‬والفتحة‬
‫دليل عليها ( علك ) عَّل ‪ :‬حرف مشبه بالفعل ينصب ويرفع اخلرب ‪ ،‬والكاف امسه ( أن تركع ) يف تأويل مصدر خرب ( َعَّل ) ( والدهر قد‬
‫رفعه ) اجلملة حال ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪241‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫الفتحة – واملراد الضمة والكسرة – مث بني أنك إذا وقفت وجب أن ترد إىل الفعل ما‬
‫ُعِدَم منه أي ما حذف منه يف حالة الوصل بسببها ‪ ،‬مث بني أهنا إذا ُو ِقَف عليها بعد‬
‫حرف مفتوح وجب قلبها ألفًا ‪ ،‬وساق لذلك مثاًال وهو ِقَف ْن ) حيث وقعت النون بعد‬
‫فتحة فعند الوقف يقال ‪ِ :‬قَف ا ‪. . .‬‬
‫*******‬

‫َم ا ال َيْنَص ِر ف‬
‫َم ْع ىَن ِبِه َيُك وُن االْس ُم أْم َك َنا‬ ‫‪ -649‬الَّص ْر ُف َتْنِو ْيٌن أَتى ُمَبِّينا‬

‫تقدم يف أول الكتاب أن االسم قسمان ‪:‬‬


‫‪ -1‬معرب ‪ -2 .‬ومبين ‪.‬‬
‫واملبين يسمى ( غري متمكن ) أي ‪ :‬لعدم متكنه يف باب االمسية بسبب عدم قبوله‬
‫احلركات ‪ ،‬وال حبث لنا فيه ‪.‬‬
‫واملعرب يسمى ( متمكنًا ) أي ‪ :‬يف باب االمسية لقبوله عالمات اإلعراب ‪ ،‬وهو‬
‫قسمان ‪:‬‬
‫‪ -1‬متمكن أمكن‪،‬وهو الذي يدخله التنوين‪،‬ويسمى " تنوين التمكن" و" األمكنية "‬
‫و " الصرف " (‪. )1‬‬
‫وهو ‪ :‬التنوين الدال على معىن يكون االسم به أمكن ‪.‬‬
‫وهذا املعىن هو ‪ :‬عدم شبهه باحلرف والفعل ‪ ،‬فلم يشبه احلرف فيبىن ‪ ،‬ومل يشبه‬
‫الفعل فيمنع من التنوين ‪.‬‬
‫‪ - 1‬الصرف يف اللغة من التصريف وهو الصوت ألن التنوين صوت ‪ ،‬وقيل من االنصراف مبعىن الرجوع فكأن االسم بسبب التنوين رجع عن‬
‫شبه الفعل وجيري يف تعبريات بعض القدماء استعمال كلمة ( اإلجراء ) مبعىن ( الصرف ) و( عدم اإلجراء ) مبعىن ( منع الصرف ) انظر على‬
‫سبيل املثال معاين القرآن للفراء (‪. )3/189‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪242‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وقولنا ‪ :‬يكون االسم به أمكن ‪ ،‬أي شديد التمكن يف باب االمسية الشتماله على‬
‫عالمتني ‪ :‬اإلعراب ‪ ،‬والتنوين ‪ ،‬فهو " متمكن " لقبوله ‪ :‬عالمات اإلعراب ‪ ،‬و"‬
‫أمكن " ألنه منون‪.‬فلم يشبه الفعل فيفوت التنوين ومل يشبه احلرف فيفوت اإلعراب ‪.‬‬
‫وخرج بقولنا ‪ :‬الدال على معىن ‪ :‬تنوين املقابلة يف مجع املؤنث السامل وتنوين العوض‬
‫‪ ،‬ألن األول تنوين ملقابلة النون يف مجع املذكر السامل وألنه قد يوجد يف االسم‬
‫املنصرف حنو‪ :‬هؤالء بناٌت فامهاٌت ‪ ،‬ويوجد يف االسم الذي ال ينصرف مثل ‪:‬‬
‫سعادات ( علمًا ) فإنه جيوز تنوينه ‪ ،‬مراعاة ألصله وهو اجلمع ‪ ،‬فيكون تنوينه تنوين‬
‫أصله للمقابلة ال لألمكنية ‪ ،‬وجيوز عدم تنوينه مراعاة حلالته اآلن ‪ ،‬وهو أنه علم على‬
‫مؤنث ‪.‬‬
‫وأما الثاين ‪ :‬وهو تنوين العوض فألنه يدخل األمساء املنصرفة مثل ‪ :‬كٍّل وبعٍّض ‪،‬‬
‫وغري املنصرفة مثل ‪ :‬دواٍع ‪ ،‬ولياٍل ‪ ،‬كما سيأيت إن شاء اهلل ‪.‬‬
‫‪ -2‬القسم الثاين من أقسام املعرب ‪ :‬متمكن غري أمكن ‪ ،‬وهو الذي ال يدخله هذا‬
‫النوع من التنوين وهو االسم الذي ال ينصرف ‪ ،‬أي ‪ :‬ال ينون ‪ ،‬وهو متمكن لقبوله‬
‫عالمات اإلعراب ‪ ،‬وغري أمكن ألنه غري منون ‪ ،‬فأشبه الفعل ‪.‬‬
‫وقد تقدم يف أول الكتاب أن االسم الذي ال ينصرف جير بالفتحة ‪ ،‬كقوله تعاىل ‪[ :‬‬
‫وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها ] ( النساء ‪ . )86 :‬إال إن أضيف أو دخلت‬
‫عليه " أل " ‪،‬فإنه جير بالكسرة كقوله تعاىل ‪ ( :‬لقد خلقنا اإلنسان يف أحسن تقومي )‬
‫( سورة التني ‪، )4 :‬وقوله تعاىل ‪ ( :‬إذا قيل لكم تفسحوا يف اجملالس فافسحوا يفسح‬
‫اهلل لكم ) ( اجملادلة ‪. )11 ،‬‬
‫وقد وضع النحويون عالمات متيز االسم املمنوع من الصرف ‪.‬وهي عالمات وجودية‬
‫‪ ،‬مىت وجد فيها اسم معرب كانت دليًال على أنه ال ينصرف ‪ ،‬ومىت خال منها فقد‬
‫كان دليًال على أنه منصرف ‪.‬وسيأيت إن شاء اهلل تفصيل هذه العالمات( ‪. ) 1‬‬
‫( ‪ ) 1‬يعرب النحويون عن هذه العالمات بـ( العلل ) ويقولون ‪ :‬إن االسم مينع من الصرف لوجود علتني أو علة واحدة تقوم مقام علتني ‪.‬ويذكرون‬
‫يف ذلك كالمًا طويًال يبدو عليه التكلف ‪ ،‬والعريب املتكلم اللغة ال يعرف شيئًا عن ذلك ‪ ،‬إضافة إىل ما يرد عليه من اعرتاضات ‪ ،‬والسبب‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪243‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫يقول ابن مالك رمحه اهلل ‪ ( :‬الصرف تنوين أتى مبينًا ‪ ...‬إخل ) فاملصنف ملا أراد أن‬
‫يتكلم عن األمساء اليت ال تنصرف عالف الصفة املختصة هبا وهي الصرف‪ .‬أي ‪ :‬أن‬
‫الصرف تنويٌن يبني أن االسم الذي يتصل به يسمى ( أمكن ) مبعىن أنه بقي على‬
‫أصله ‪ ،‬فلم يشبه حرفًا وال فعًال ‪ .‬وقوله ‪ ( :‬أمكنا ) اسم تفضيل من ( مُك ن مكانة )‬
‫إذا بلغ الغاية يف التمكن ‪.‬‬

‫ِذ‬ ‫‪َ-650‬فَأِلُف الَّتاِنْيِث ُمْطَلقًا َم َنعْ‬


‫َص ْر َف اَّل ْي َح َو اُه َك ْيَف َم ا َو َقْع‬

‫االسم املمنوع من الصرف قسمان ‪:‬‬


‫‪ -1‬ما مينع صرفه لعالمة واحدة ‪ .‬وهو ما فيه ألف التأنيث وصيغة منتهى اجلموع ‪.‬‬
‫ما مينع صرفه لوجود عالمتني ‪ ،‬وهو قسمان ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫األول ‪ :‬ما مينع صرفه للوصفية مع زيادة األلف والنون أو وزن الفعل أو العدل ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬ما مينع صرفه للعلمية مع الرتكيب أو زيادة األلف والنون أو التأنيث أو العجمة‬
‫أو وزن الفعل أو زيادة ألف اإلحلاق أو العدل‪.‬‬
‫فاألول ‪ :‬مما مينع من الصرف لعالمة واحدة ما كان خمتومًا بألف التأنيث املقصورة أو‬
‫املمدودة ‪ ،‬واأللف املقصورة هي ألف تأيت يف هناية االسم املعرب لتدل على تأنيثه ‪،‬‬
‫ومثلها املمدودة إال أن املمدودة ال بد أن يسبقها – مباشرة – ألف زائدة للمد ‪ ،‬فتنقلب‬
‫ألف التأنيث مهزة ‪ ،‬فيمنع ما فيه األلف من التنوين سواء كان نكرة ‪(:‬ذكرى) و(صحراء)‬
‫أم معرفة كـ (هدى) ‪ ( ,‬جنالء )أم صفة ‪( :‬حبلى) و (محراء) وسواء كان مفردًا كما مثل‬
‫‪ ،‬أم مجعًا ‪( :‬جرحى) و ( أصدقاء ) قال تعاىل ‪َ ( :‬و َم ا َجَعَلُه الَّلُه ِإال ُبْش َر ى ) (آل‬
‫احلقيقي هو كالم العرب األوائل ‪ ،‬وأهنم نطقوا ببعض األمساء منونة وبغريها من دون تنوين ‪ ،‬وال بأس باالقتصار على العالمات اليت نذكرها‬
‫بعد قليل لتقريب املعلومات وضبطها وإحلاق ما شاهبها دون التعرض ملا وراء ذلك من تعليالت متكلفة ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪244‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫عمران‪ :‬من اآلية‪ ، )126‬فـ ( بشرى ) مفعول به ثاٍن مصوب بفتحة مقدرة على األلف‬
‫( ‪ )1‬وقال تعاىل ‪ُ ( :‬يَطاُف َعَلْيِه ْم ِبَك ْأٍس ِم ْن َم ِعٍني * َبْيَض اَء َلَّذ ٍة ِللَّشاِرِبَني ) (الصافات‪:‬‬
‫‪ )46 ،45‬فـ ( بيضاء ) صفة لـ ( كأس ) جمرورة بالفتحة ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬فألف التأنيث مطلقًا منع ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬ألف التأنيث املقصورة‬
‫واملمدودة مينع صرف االسم ‪ :‬أي ‪ :‬مينع تنوين االسم الذي حوى األلف ( كيفما وقع )‬
‫مفردًا أو مجعًا معرفة أم نكرة أم صفة ‪ ،‬وقوله ( كيفما وقع ) اسم شرط على مذهب‬
‫الكوفيني ‪ ،‬وما بعده فعل الشرط وجوابه حمذوف لداللة ما تقدم أي‪ :‬كيفما وقع الذي‬
‫حوى األلف َم َنَع األلُف صرفه ‪.‬‬

‫ِب ٍء ِن ٍث ِت‬ ‫ِم‬ ‫ٍف ِل‬


‫ْن أْن ُيَس رى َتا تْأ ْي ُخ ْم‬ ‫‪َ -651‬و ِز ْيَد َفْع اَل َن ْيِف َو ْص َس ْم‬

‫هذا النوع األول من أسباب (‪ . )2‬املنع من الصرف مع الوصفية ‪ ،‬وهو الوصفية مع زيادة‬
‫األلف والنون إذا كان االسم على وزن ( فْع الن ) و املراد بالصفة – هنا – بعض األمساء‬
‫املشتقة اليت ليست أعالمًا وليس املراد النعت ‪ ،‬فإذا كان على هذا الوزن منع بشرطني ‪:‬‬

‫‪ - 1‬واهلاء يف ( جعله ) هي املفعول األول ‪ ،‬وجيوز أن يكون ( بشرى ) مفعوًال ألجله ويكون ( جعل ) متعديًا لواحد‪.‬‬
‫‪ - 2‬رأينا أن التعبري باألسباب املانعة أو بالعالمات أدق من التعبري بالعلل ‪ .‬مث رأيت أن الزخمشري عرب بذلك ‪ ،‬وتبعه الشارح ابن يعيش انظر‬
‫املفصل وشرحه (‪ )1/58‬وانظر النحو الوايف (‪. )4/204‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪245‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -1‬أن يكون تأنيثه بغري التاء (‪ )1‬إما ألنه ال مؤنث له الختصاصه بالذكور كـ ( حليان )‬
‫لكبري اللحية ‪ ،‬أو ألن مؤنثه على وزن ( فعلى ) كـ ( عطشان ) و ( عضبان ) و ( ظمآن‬
‫) فإن أشهر مؤنثاهتا ‪ ،‬عطشى ‪ ،‬وغضىب ‪ ،‬وظمأى ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكون وصفيته أصيلة أي غري طارئة ‪ ،‬كما يف األمثلة السابقة تقول ‪ :‬ال تبخل‬
‫على عطشاَن وال عطشى‪،‬قال تعاىل‪َ (،‬فَر َجَع ُموَس ى ِإىَل َقْو ِمِه َغْض َباَن َأِس فًا )(طـه‪)86 :‬‬
‫فـ ( غضبان ) ممنوع من الصرف وهو ( حال ) من الفاعل ‪ ،‬ومن أمثال العرب ‪ُ :‬ر َّب‬
‫شبعاَن من النعم َغْر َثاُن (‪ )2‬من الكرم ‪.‬‬
‫فإن كان تأنيثه بالتاء هو الغالب أو كانت وصفيته طارئة فإنه ال مينع من الصرف ‪،‬‬
‫فاألول حنو ‪ ( :‬سفيان _ للرجل الطويل ‪ ) -‬فإنه مؤنثه الشائع ‪ :‬سفيانٌة ‪ ،‬والثاين حنو ‪:‬‬
‫صفوان ‪ ،‬يف قوهلم ‪ :‬هذا رجل صفواٌن قلبه‪.‬أي ‪ :‬قاٍس وأصل الصفوان ‪ :‬احلجر األملس ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وزائدا فعالن ‪ ..‬إخل ) فـ ( زائدا ) مرفوع باأللف عطفًا على الضمري‬
‫االسم – أيضًا – ( زائدا فعالن‬ ‫ِ‬ ‫صرف‬
‫َ‬ ‫املسترت يف ( منع ) يف البيت السابق ‪ ،‬أي ‪ :‬ومنع‬
‫) ومها ‪ :‬األلف والنون ‪ :‬بشرط أن يكون وصفًا ‪ .‬سلم آخره من اهلاء عند التأنيث ‪ ،‬أي‬
‫‪ :‬ال يكون مؤنثه خمتومًا بالتاء ‪ ،‬وسكت عن الشرط الثاين ‪ ،‬وميكن أن يستفاد من قوله‬

‫‪ - 1‬هذا الشرط يذكره النحاة مث ميثلون للمستوىف الشروط ( عطشان ‪ ،‬وغضبان ‪ ،‬وسكران ) مع أن كتب اللغة كاللسان والصحاح‬
‫والقاموس يف مادة ( غضب وسكر وعطش ) تذكر للكلمات الثالث مؤنثًا خمتومًا بالتاء وغري خمتوم ‪ ،‬فال مناص من محل الشرط النحوي على‬
‫األغلب و األكثر كما يقول ابن جين يف ( احملتسب ‪ ( : )2/72‬ويقال ‪ :‬رجل سكران وامرأة سكرى ‪ ،‬كغضبان وغضىب وقد قال بعضهم ‪،‬‬
‫سكرانة كما قال بعضهم ‪ :‬غضبانة واألول أقوى وأفصح ‪.‬‬
‫وجاء يف ( شرح املفصل ) البن يعيش (‪ ( : )1/67‬ال تقول ‪ " :‬سكرانة " وال " عطشانة " وال غرثانة " يف اللغة الفصحى …‬
‫وقولنا ‪ ( :‬يف اللغة الفصحى ) احرتاز عما روي عن بعض بين أسد ‪ ( :‬غضبانة وعطشانة ) فأحلق النون تاء التأنيث ‪ ،‬وفّر ق بني املذكر‬
‫واملؤنث بالعالمة ال بالصيغة ‪.‬‬
‫وقد ذكر علماء اللغة أن تأنيث ( فعالن ) بالتاء لغة بين أسد ( كما يف املخصص ‪ )2/145‬أو لغة يف بين أسد ( كما يف الصحاح ) ‪2/687‬‬
‫‪ .‬وعليه فيجوز إحلاق تاء التأنيث جوازًا بكلمة " عطشان " ونظائرها ‪ ،‬وقد ذكر ابن جين يف ( اخلصائص ) ‪ ( : )2/12‬أن الناطق على قياس‬
‫لغة من لغات العرب مصيب غري خمطئ ‪ ،‬وإن كان غري ما جاء به خريًا " ‪ .‬وقد أخذ بذلك جممع اللغة العربية يف القاهرة ‪ ،‬وانظر نص القرار يف‬
‫( النحو الوايف ‪. )4/217‬‬
‫‪ - 2‬جممع األمثال (‪ )2/65‬قال يف القاموس ‪َ ( :‬غِر َث " كفرح ‪ :‬جاع فهو غرثان وهي غرثى ‪) ..‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪246‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫اآليت ‪ ( :‬وألغَّني عارض الوصفية ‪ ) ..‬وال ينايف ذلك أنه راجع إىل وزن ( أفعل ) ألن‬
‫تفريع بعض األمثلة واألوزان اخلاصة ال يقتضي التخصيص ‪.‬‬

‫ْمَمُنوَع َتْأِنْيٍث ِبَتا َك أْش َه اَل‬ ‫‪َ -652‬و َو ْصُف أْص ِلٌي َو َو ْز ُن أْفَعاَل‬
‫َك أْر َبٍع َو َعاِر َض اإلمسَّيه‬ ‫‪َ -653‬و أْلِغَّني َعاِر َض اْلَو ْص ِف ِّيه‬
‫ِن‬ ‫ِص‬ ‫ِل ِن ِض‬
‫ْيِف اَألْص ِل َو ْص فًا اْن َر اُفُه ُم َع‬ ‫‪َ -654‬فاألْد َه ُم اْلَق ْيُد َك و ه َو ْع‬
‫َم ْص ُر وَفٌة َو َقْد َيَنْلَن اْلَم ْنَعا‬ ‫‪َ-655‬و أْج َد ٌل َو أْخ َيٌل َو أْفَعى‬

‫النوع الثاين من أسباب املنع من الصرف مع الوصفية ‪ :‬الوصفية ووزن ( أفعل ) ‪ .‬وذلك‬
‫بالشرطني املتقدمني ومها ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون تأنيثه بغري التاء ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكون وصفيته أصيلة أي غري طارئة ‪ ،‬حنو ‪ :‬أحسن ‪ ،‬وأمجل ‪ ،‬وأبيض ‪ ،‬حنو ‪:‬‬
‫ال فرق بني أسوَد وأبيَض إال بالتقوى‪ ،‬قال تعاىل ‪َ( :‬و ِإَذا ُح ِّييُتْم ِبَتِح َّيٍة َفَح ُّيوا ِبَأْح َسَن ِم ْنَه ا‬
‫َأْو ُر ُّدوَه ا) (النساء‪ . )86 :‬فـ ( أحسن ) اسم جمرور بالفتحة ‪ ،‬ألنه ممنوع من الصرف‬
‫للوصفية ووزن الفعل ‪.‬‬
‫فإن كان الوصف مؤنثه بالتاء مل مينع من الصرف حنو ‪ " :‬أرمل " يف قولك ‪ :‬عطفت‬
‫على رجل أرمٍل ( بالكسر مع التنوين ) ‪ .‬أي ‪ :‬فقري ‪ ،‬ألن مؤنثه ‪ :‬أرملة ‪.‬‬
‫وكذلك ينصرف الوصف إذا كانت وصفيته طارئة أي ‪ :‬غري أصيلة حنو ‪ " :‬أرنب " يف‬
‫قولك ‪ :‬مررت برجل أرنٍب ( بالكسر والتنوين ) مبعىن جبان ‪ ،‬ألن الوصفية طارئة فـ‬
‫( أرنب ) اسم لدابة معروفة ‪ ،‬فاالمسية هي األصل ‪.‬‬
‫ومما فقد الشرطني معًا كلمة ( أربع ) يف حنو ‪ :‬قضيت يف املكتبة ساعاٍت أربعًا –‬
‫بالتنوين _ ألنه مصروف ؛ ألن مؤنثه بالتاء ‪ ،‬فتقول ‪ :‬سافرت أيامًا أربعًة ‪ ،‬وألن وصفيته‬
‫طارئة ‪ ،‬فإنه ليس صفة يف األصل بل اسم عدد ‪ ،‬مث استعمل صفة ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪247‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ومن أمثلة الوصفية الطارئة اليت ال تؤثر يف منع االسم من الصرف كلمات أخرى مثل ‪:‬‬
‫" أجدل " للصقر ‪ ،‬و " أخيل " لطائر فيه نقط ختالف يف لوهنا لون اجلسم ‪ ،‬و " أفعى "‬
‫للحية ‪ ،‬فهذه ليست بصفات ‪ ،‬بل أمساء يف األصل واحلال ‪ ،‬فلهذا صرفت يف لغة األكثر‬
‫وهو األرجح ‪.‬‬
‫وقد يلحظ فيها الوصفية ‪ ،‬فيلحظ يف ( أجدل ) القوة ألنه مشتق من ( اجلْد ل ) –‬
‫بسكون الدال _ هبذا املعىن ‪ ، -‬ويف ( أخيل ) التلون ألنه من اَخلَيالِن هبذا املعىن ويف‬
‫( أفعى ) معىن اإليذاء ‪ ،‬ألهنا من ( فوعة السم ) أي اشتداده وحرارته ‪ ،‬وعلى هذا فتمنع‬
‫من الصرف للوصفية املتخيلة ووزن ( أفعل ) ‪ .‬و الكثري فيها الصرف ‪ ،‬إذا ال وصفية فيها‬
‫حمققة ‪.‬‬
‫وكما أنه ال يعتد بالوصيفة العارضة فيما هو اسم يف األصل ‪ ،‬كذلك ال يعتد باالمسية‬
‫العارضة فيها هو صفة يف األصل كـ ( أدهم ) للقيد املصنوع من احلديد ‪ ،‬فإنه يف أصل‬
‫وضعه وصف للشيء فيه سواد مث انتقل منه فصار امسًا جمردًا لكل قيد ‪ .‬فيمنع من الصرف‬
‫نظرًا إىل األصل وهو األرجح ‪ ،‬وجيوز صرفه على اعتبار أن وصفيته األصلية قد زالت‬
‫بسبب االمسية الطارئة ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬ووصف أصلي … إخل ) فـ ( وصف ) معطوف على ( زائدا فعالن‬
‫ووزن‬
‫ُ‬ ‫االسم _ أيضًا – ( وصفٌ أصلي‬ ‫ِ‬ ‫صرف‬
‫َ‬ ‫) يف البيت السابق ‪ ،‬والتقدير ‪ :‬ومََنَع‬
‫أفعال ) أي ‪ :‬أن االسم مينع من الصرف للوصف األصلي مع وزن ( أفعل ) وهذا الشرط‬
‫األول ‪ ،‬وقوله ‪ ( :‬ممنوع تأنيث بتا ) ‪ :‬أي ‪ :‬حال كونه ممنوع تأنيث بالتاء ‪ ،‬وهذا‬
‫الشرط الثاين ‪ ،‬مث مثل للمستويف الشرطني بقوله ( كأشهال ) فنقول ‪ :‬مررت بطفل أشهَل‬
‫والشَهُل‪ :‬حمركة أن يشوب بياض العني محرة أو زرقة ‪.‬‬ ‫شهالء ‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫وطفلة‬
‫مث انتقل لبيان حكم الوصفية الطارئة واالمسية الطارئة والتمثيل هلما فقال ‪ ( :‬وألغَّني‬
‫عارض الوصفية ) وهذا من إضافة الصفة للموصوف وفيه تصريح مبفهوم قوله ( ووصف‬
‫أصلي ) واملعىن ‪ :‬ألغ الوصفية العارضة كاليت يف ( أربع ) وال تعتد هبا يف منع الصرف ‪،‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪248‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫و( عارض االمسية ) أي ‪ :‬ألغ االمسية العارضة ‪ ( .‬فاألدهم ) مبتدأ أول خربه ( انصرافه‬
‫منع ) وقوله ( القيُد ) عطف بيان من توضيح األخفى باألجلى ( لكونه وضع يف األصل‬
‫وصفًا ) أي ‪ :‬أن وصفيته أصلية وامسيته طارئة فهو ممنوع من الصرف ‪.‬‬
‫مث ذكر أمثلة أللفاظ يف أصلها أمساء خالية من الوصفية فصرفت وجيوز منعها على اعتبار‬
‫ختيل الوصف فيها ‪ ،‬وقوله ‪ ( :‬وقد ينلن املنعا ) أي ‪ :‬يأخذن املنع ‪ ،‬واأللف لإلطالق ‪.‬‬

‫****‬

‫ٍظ‬ ‫ٍف‬ ‫ٍل‬


‫يِف َلْف َم ْثىَن َو ُثاَل َث َو أَخ ْر‬ ‫‪َ -656‬و َم ْنُع َعْد َمَع َو ْص ُمْع َتَبْر‬
‫ِم ْن َو اِح ٍد ألْر َبٍع َفْلُيْع َلَم ا‬ ‫‪َ-657‬و َو ْز ُن َم ْثىَن َو ُثاَل َث َك ُه َم ا‬

‫هذا النوع الثالث مما حيذف تنوينه للوصفية ‪ ،‬وهو الوصفية والعدل(‪ )1‬وذلك يف‬
‫موضعني ‪:‬‬

‫‪ - 1‬العدل‪ :‬حتويل االسم من حالة لفظية إىل أخرى مع بقاء املعىن األصلي بشرط أال يكون التحويل لقلب حنو ‪ " :‬أيس " مقلوب " يئس " وال‬
‫لتخفيف حنو ‪ " :‬فُخ ْذ " بسكون اخلاء ‪ ،‬ختفيف " َفِخ َذ " بكسرها ‪ ،‬وال إلحلاق حنو ‪ ( :‬كوثر ) بزيادة الواو إلحلاقهما ‪ ،‬بكلمة ( جعفر ) وال‬
‫لزيادة معىن حنو ‪ " :‬رجيل " بالتصغري ‪ .‬إلفادة معىن التحقري [ انظر شرح الرضي على الكافية ] (‪. ]1/113‬‬
‫ومن فوائد العدل ‪ :‬التخفيف باالختصار ‪ ،‬حنو ‪ :‬مثىن معدول عن اثنني اثنني ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪249‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫األول ‪ :‬األعداد اليت على وزن ( ُفَعال ) وَم ْف َعل ) من واحد إىل أربعة (‪ . )1‬كُثالث‬
‫ومثىن ‪ ،‬فـ ( ُثالث ) معدول عن العدد األصلي املكرر مرتني للتوكيد ‪ ،‬فإذا قلت ‪ :‬حضر‬
‫الطالب ُأَح اَد ‪ ،‬فهو معدول عن قولك ‪ :‬حضر الطالب واحدًا واحدًا (‪ )2‬وال تستعمل‬
‫األعداد املعدولة – يف الغالب‪ -‬إال نعوتًا كقوله تعاىل ‪َ ( :‬ج اِعِل اْلَم الِئَك ِة ُرُس ًال ُأويِل‬
‫َأْج ِنَح ٍة َم ْثىَن َو ُثالَث َو ُرَباَع)(فاطر‪ :‬من اآلية‪ )1‬فـ ( مثىن ) صفة لـ ( أجنحة ) جمرورة‬
‫بالفتحة املقدرة على األلف للتعذر ( وثالث ) معطوف على ( مثىن ) و ( رباع )‬
‫ِء‬ ‫ِم‬ ‫ِك‬
‫معطوف على ما قبله ‪ ،‬أو أحواًال كقوله تعاىل ‪َ ( :‬فاْن ُح وا َم ا َطاَب َلُك ْم َن الِّنَس ا َم ْثىَن‬
‫َو ُثالَث َو ُرَباع)(النساء‪ :‬من اآلية‪ )3‬فـ ( مثىن ) حال من النساء و أخبارًا كقوله صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪ " :‬صالة الليل مثىن مثىن " (‪ )3‬فـ ( مثىن ) األوىل خرب لـ ( صالة ) والثانية‬
‫توكيد ‪.‬‬
‫املوضع الثاين‪:‬لفظ ( ُأَخ ر ) وهي مجع ( ُأخرى ) مؤنث ( آخر ) مبعىن ‪ :‬مغاير حنو ‪:‬‬
‫َس َّج َل التاريخ لعائشَة أِّم املؤمنني رضي اهلل عنها ولنساٍء ُأَخ ر أثرهن يف حفظ السنة‪،‬وكان‬
‫اًألصل أن يقال ‪ :‬ولنساء آخر – مبد اهلمزة وفتح اخلاء – ألن أفعل التفضيل اجملرد من‬
‫( أل ) واإلضافة يلزم اإلفراد والتذكري ‪ ،‬ولكنهم عدلوا عنه وقالوا ‪ :‬نساء ُأَخ ر –بضم‬
‫اهلمزة وفتح اخلاء – فمنع من الصرف للوصفية والعدل (‪ . )4‬ومنه قوله تعاىل ‪َ { :‬فَم ن‬
‫َك اَن ِم نُك م َّم ِر يضًا َأْو َعَلى َس َف ٍر َفِعَّد ٌة ِّم ْن َأَّياٍم ُأَخ َر } ( البقرة ‪ . )184 :‬فـ ( ُأَخ َر ) صفة‬
‫لـ ( أيام ) جمرورة بالفتحة نيابة عن الكسرة للوصفية ووزن ( ُفَعل ) ‪.‬‬

‫‪ - 1‬هذا موضع اتفاق وهو أنه من واحد إىل أربعة ‪ ،‬والقول الثاين أنه إىل العشرة انظر ‪ :‬مهع اهلوامع (‪ )1/26‬و ( شرح التصريح على‬
‫التوضيح (‪ ( , )2/214‬شرح الرضي على الكافية ‪. )1/114‬‬
‫‪ - 2‬العدل يف األعداد يسمى عندهم بالعدل ( التحقيقي ) ألن هذه األلفاظ وردت عن العرب بصيغة ختالف الصيغة املمنوعة من الصرف بعض‬
‫املخالفة مع احتاد املعىن ‪ ،‬واحلق أن مسألة العدل ال ختلو من تكلف ‪ ،‬واألحسن أن يقال إن سبب املنع الوصفية وصيغة ( ُفَعال) أو ( َم ْف عل )‬
‫أو ( ُفَعل ) كما سيأيت ‪.‬‬
‫‪ - 3‬أخرجه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫‪ - 4‬فإن قيل ‪َ :‬مِل مل حيكم النحاة على ( أخرى ) املمنوعة من الصرف بالعدل ؟ فاجلواب ‪ :‬أنه وإن وجد فيها العدل ‪ ،‬لكنها ملا اشتملت على‬
‫ألف التأنيث املقصورة ‪ ،‬وهي أقوى مل يلتفتوا للعدل ‪ ،‬وأما ( آخران ‪ ،‬وآخرون ) فمعربان باحلروف فال دخل هلما يف هذا الباب ‪ ،‬فصار‬
‫البحث خاّص ًا بلفظ ( أخر ) مع أن العدل يف أربعة ألفاظ ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪250‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬ومنع عدل مع وصفية معترب ‪ ....‬إخل ) فـ ( َم ْنُع ) مبتدأ و( عدل )‬
‫مضاف إليه من إضافة املصدر إىل فاعله ‪ .‬واملفعول حمذوف تقديره‪ :‬ومنع عدٍل مع‬
‫وصٍف الصرَف معترب ‪ ،‬أي ‪ :‬مما مينع الصرف اجتماع الوصف والعدل يف األلفاظ‬
‫املذكورة ‪ ،‬مث بني أن ( مثىن وثالث ) يشبههما ما جاء على وزهنما من ألفاظ األعداد‬
‫األربعة األوىل ‪ ،‬ومل يذكر ما زاد على األربعة ‪ ،‬ويف قوله ‪ ( :‬كهما ) دخول الكاف على‬
‫الضمري املتصل ‪ ،‬وهو خاص بالضرورة كما ذكر ابن هشام يف حروف اجلر من ( أوضح‬
‫املسالك ) ‪.‬‬

‫***‬

‫أو ا َف اِعيَل َمِبْنٍع َك اِفاَل‬ ‫‪َ -658‬و ُك ْن َجِلْم ٍع ُم ْش ِبٍه َم فاِعال‬


‫َمل‬ ‫ِت ٍل ِم‬
‫َر ْفعًا َو َج ّر ًا َك َس اِر ي‬ ‫ِر‬
‫‪َ-659‬و َذا اَع اَل ْنُه َك اَجلَو ا َي‬

‫ذكر – هنا – النوع الثاين – ما مينع من الصرف لعالمة واحة ‪ .‬وهو صيغة منتهى‬
‫اجلموع(‪.)1‬وضابطه ‪ :‬كل مجع تكسري بعد ألف تكسريه حرفان أو ثالثة أوسطها ساكن‪.‬‬
‫وقولنا ‪ ( :‬حرفان ) أي ‪ :‬سواء كان أحد احلرفني مدغمًا يف اآلخر أم ال‪،‬فاألول حنو ‪:‬‬
‫حواّص ‪ ،‬وعواّم ‪ ،‬ودواّب ‪ ،‬والثاين حنو ‪ :‬مساجد ‪ ،‬معاهد ‪ ،‬أقارب ‪ ،‬وقولنا ‪ ( :‬أو‬
‫‪ - 1‬هذا تعبري كثري من النحاة فيقولون ‪ :‬صيغة منتهى اجلموع أو اجلمع املتناهي مسيت بذلك النتهاء اجلمع إليها فال جيوز أن جيمع بعدها مرة‬
‫أخرى ‪ .‬خبالف غريها من اجلموع فإهنا قد جتمع مثل ‪ :‬كلب أو أكلب وأكالب ‪ ،‬ونعم وأنعام وأناعم ‪ ،‬أما مثل ‪ :‬مساجد ومصابيح فال مجع‬
‫هلما بعد ذلك ‪ ،‬لكن سيأيت أن هناك أمساء أحلقت هبذا اجلمع املتناهي فمنعت من الصرف جمليئها على هذا الوزن مع داللتها على مفرد ‪ ،‬فلو‬
‫قيل يف النوع الثاين الذي مينع من الصرف لعالمة واحدة ‪ " :‬ما كان على مثال مفاعل أو مفاعيل أو شبههما ) لكان أوىل وسيأيت مزيد توضيح‬
‫لذلك إن شاء اهلل تعاىل ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪251‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ثالثة أوسطها ساكن ) حنو ‪ :‬أحاديث ‪ ،‬مصابيح ‪ ،‬عصافري ‪ ،‬فإن كان أوسطها حمركًا‬
‫ُصِر َف ‪ ،‬حنو ‪ :‬صياقلة (‪. )1‬‬
‫وال فرق يف صيغة منتهى اجلموع بني أن تكون على وزن ( مفاعل أو مفاعيل ) أو على‬
‫وزن غريمها مما ينطبق عليه الضابط املذكور كما يف األمثلة ‪.‬‬
‫وصيغة منتهى اجلموع نوعان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬اسم صحيح ‪ ،‬وهو ما كان آخره حرفًا صحيحًا كاألمثلة السابقة وهذا حكمه‬
‫حكم غريه يف هذا الباب يف أنه جيرد من التنوين ويرفع بالضمة وينصب بالفتحة ‪ ،‬وجير‬
‫بالفتحة – أيضًا – نيابة عن الكسرة تقول ‪ :‬ال تذهب إىل جمالَس سيئٍة فتسمع أحاديَث‬
‫(‬ ‫ال خري فيها ‪ ،‬ومنه قوله تعاىل ‪َ( :‬فاْذُك ُر وا اْس َم الَّلِه َعَلْيَه ا َص َو اَّف )(احلج‪ .)36:‬فـ‬
‫َص َو اَّف ) حال منصوبة من اهلاء ( عليها ) وهو غري منون ‪ ،‬ألنه على وزن ( فواعل )‬
‫وقوله تعاىل ‪َ{:‬حُيَّلْو َن ِفيَه ا ِم ْن َأَس اِو َر ِم ن َذَه ٍب } ( فاطر ‪ . )33 :‬فـ ( أساور ) جمرور‬
‫بالفتحة ألنه على وزن ( أفاعل ) ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬اسم معتل ‪ ،‬وهو ما كان آخره (ياء ) الزمة غري مشددة قبلها كسرة مثل ‪:‬‬
‫دواٍع ‪ ،‬مجع داعية وثوان ‪ ،‬مجع ثانية ‪ ،‬فهذا إذا كان جمردًا من " أل " واإلضافة يعامل‬
‫معاملة االسم املنقوص يف األغلب ( ‪ ) 2‬يف شيئني ‪:‬‬
‫حذف يائه رفعًا وجّر ًا ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ثبوت تنوينه ‪ ،‬وهو تنوين العوض ‪ ،‬ال تنوين التمكني ‪ ،‬ألنه ممنوع من الصرف‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ ،‬فهو فاقد له – كما تقدم – ويقدر فيه الرفع واجلر للثقل ‪ ،‬فمثال الرفع ‪ ،‬لألسفار دواٍع‬
‫حتتمها ‪ .‬فـ ( دواٍع ) مبتدأ مؤخر مرفوع بضمة مقدرة على الياء احملذوفة ‪ ،‬ختفيفًا أو‬

‫‪ - 1‬الصيقل ‪ :‬شحاذ السيوف وجاّل ؤها ‪.‬‬


‫‪ - 2‬بعض العرب يقلب الكسرة قبل ياء املنقوص فتحة ‪ ،‬فتنقلب الياء ألفًا بشرط أن يكون مفرده امسًا ‪ ،‬حمضًا على وزن ( فعالء ) الدالة على‬
‫مؤنث وليس له يف الغالب مذكر ‪ ،‬مثل صحراء ‪ ،‬وصحار ‪ ،‬فيقول ‪ :‬صحاَر ى بغري تنوين يف حاالت اإلعراب الثالث ‪.‬‬
‫حنو ‪ :‬يف بالدنا صحاَر ى واسعة ‪ ،‬فإن يف بالدنا صحاَر ى واسعة ‪ ،‬صار جزء من صحارى واسعة أماكن زراعية ‪ ،‬فاألول مرفوع ألنه مبتدأ‬
‫مؤخر ‪ ،‬والثاين منصوب ألنه اسم ( إن) مؤخر ‪ ،‬والثالث جمرور ‪ .‬فهو اسم مقصور ممنوع من الصرف يف كل حاالته ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪252‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ختلصًا من التقاء الساكنني ‪ .‬ومنه قوله تعاىل ‪َ {:‬و ِم ن َفْو ِقِه ْم َغَو اٍش }( األعراف ‪:‬‬
‫‪. )41‬‬
‫ومثال اجلر ‪ :‬الساعات واأليام من ثوان ‪ ،‬فـ ( ثواٍن اسم جمرور بالفتحة املقدرة على الياء‬
‫احملذوفة ‪ ،‬ألنه ممنوع من الصرف ‪ ،‬لصيغة منتهى اجلموع ومنه قوله تعاىل‪َ{:‬و اْلَف ْج ِر *‬
‫َو َلَياٍل َعْش ٍر } ( الفجر ‪. )2-1 :‬‬
‫وأصل هذه الكلمات ‪ ( :‬دواعي ‪ ،‬وغواشي ‪ ،‬وثواين ‪ ،‬وليايل ) فالتنوين عوض عن الياء‬
‫احملذوفة اليت كانت العرب حتذفها من ( فواعل وأشباهها ) يف حاليت الرفع واجلر ‪.‬‬
‫أما يف حالة النصب فتثبت الياء ‪ ،‬وينصب بفتحة ظاهرة دون تنوين حنو ‪ :‬إن دواعَي‬
‫اخلري كثرية ‪ ،‬ومنه قوله تعاىل ‪ِ { :‬س ُريوا ِفيَه ا َلَياَيِل } ( سبأ ‪ . )18 :‬فـ (ليايل ) ظرف‬
‫زمان منصوب بالفتحة الظاهرة ‪ ،‬متعلق بـ ( سريوا ) (‪. )1‬‬
‫فإن كان االسم املعتل الذي على وزن صيغة منتهى اجلموع مقرتنًا بـ ( أل ) أو مضافًا‬
‫بقيت الياء ساكنة يف حاليت الرفع واجلر وتقدر عليها الضمة الكسرة ‪ ،‬ومتحركة بالفتحة‬
‫الظاهرة يف حالة النصب تقول يف املقرتن بـ ( أل ) ‪ :‬الليايل ُح باىل َيِلْدَن كَّل عجائب ‪ ،‬إّن‬
‫الليايل حباىل ‪ ،‬من الليايل لياٍل فاضلة ‪ ،‬وتقول يف املضاف ‪ :‬لياَيل العشر األواخر من‬
‫رمضان لياٍل فاضلة ‪ ،‬واملوفق من اغتنم لياَيل العشر بالعمل الصاحل ‪ ،‬واستدرك يف بقية‬
‫شهره ما فاته من أيامه ولياليه ‪.‬‬
‫وفيما تقدم يقول ابن ملك ‪ ( :‬وكن جلمع مشبه مفاعًال ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬كن كافًال –‬
‫قائمًا ومنفذًا – مبنع الصرف للجمع املشبه ( مفاعل أو مفاعيل ) وقوله ‪ ( :‬جلمع ) ليس‬

‫‪ - 1‬اتضح أن اجلمع املنقوص ( غواٍش ) واملفرد املنقوص ( قاٍض ) يتفقان يف وجوب حذف الياء رفعًا وجرًا ‪ ،‬وبقاء الياء مع الفتحة ‪،‬‬
‫ووجوب التنوين رفعًا وجرًا ‪ ،‬وخيتلفان يف ‪:‬‬
‫‪ -1‬حذف الياء يف صيغة منتهى اجلموع للخفة أو للتخلص ‪ ،‬ويف املفرد للتخلص ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تنوين املفرد تنوين متكني ‪ ،‬وتنوين اجلمع تنوين عوض ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن املفرد جير بكسرة مقدرة واجلمع بفتحة مقدرة ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن املفرد ينون يف حالة النصب ‪ ،‬واجلمع ال ينون ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪253‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫بقيد ‪ ،‬وإمنا خصه لغلبته ‪ .‬وإال فاملفرد الذي على هذا الوزن مثله يف املنع – كما سيأيت‬
‫إن شاء اهلل ‪.‬‬
‫واملراد باملشاهبة ‪ :‬كل كلمة مخاسية أو سداسية فتح احلرف األول منها ‪ :‬سواء كان‬
‫أوهلا ميمًا أو غري ميم مثل ‪ :‬مصاحف ‪ ،‬جواهر ‪ ،‬دراهم ‪ ،‬أساليب ‪ ،‬وغري ذلك ‪.‬‬
‫مث بني أن املعتل من اجلمع املشبه ملفاعل أو مفاعيل مثل ‪ :‬جواٍر ( مجع جارية ) يعامل‬
‫معاملة املنقوص مثل ‪ :‬ساٍر ‪ ،‬وأصله ‪ :‬سارٌي (اسم فاعل منقوص من سرى ‪ ،‬إذا سافر‬
‫ليًال ) يف حذف يائه رفعًا وجّر ًا مع تنويه فقط ال من كل وجه فإن ( جواٍر ) جير بفتحة‬
‫مقدرة وتنوينه للعوض ‪ ،‬خبالف ( ساٍر ) فإنه جير بالكسرة وتنوينه للتمكني ‪.‬‬
‫وسكت عن حالة النصب ففهم منه أهنا على األصل كالصحيح كما تقدم ‪.‬‬

‫***‬

‫َش ِبٌه اْقَتضى ُعُم وَم اْلَم ْنِع‬ ‫‪َ -660‬و ِلَسَر اِو يَل هِب َذ ا اَجْلْم ِع‬
‫ِحَي‬ ‫ِه ِص‬ ‫ِحَل‬ ‫ِه‬
‫ِب َفاْالْن َر اُف َم ْنُعُه ْق‬ ‫‪َ -661‬و إْن ِب ِّمُسَي أْو َمِبا ْق‬

‫الغرض من هذاين البيتني بيان أن احلكم السابق ليس خاّص ًا بصيغة منتهى اجلموع‬
‫األصلية – وهي نوع من مجع التكسري كما سبق – وإمنا يدخل فيها مجيع ما أحلق هبا ‪،‬‬
‫وهو كل اسم جاء وزنه مماثًال لوزن صيغة منتهى اجلموع مع داللته على مفرد ‪ ،‬سواء‬
‫كان هذا االسم عربّيًا أصيًال أم غري أصيل ‪ ،‬علمًا كان أو غري علم مرجتًال أم منقوًال ‪.‬‬
‫فمثال العلم العريب املرجتل األصيل‪(:‬هوازن)اسم قبيلة عربية‪(،‬جالجل) اسم بلدة معروفة ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪254‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ومثال العلم ا ّعرب‪ ( : 1‬شراحيل ) علم على عدة أشخاص من الصحابة رضي اهلل عنهم‬
‫َمل‬
‫واحملدثني وغريهم كما يف القاموس ‪.‬‬
‫ومن األعجمي املّعرب الذي ليس علمًا (سراويل) – بصورة اجلمع – قال يف القاموس ‪:‬‬
‫( السراويل ‪ :‬فارسية معّر بة ‪ ،‬وقد تذّك ر ) اهـ ‪ .‬وعليه فهي مؤنثة ‪ ،‬اسم لإلزار الواحد‬
‫تقول ‪ :‬هذه سراويل قصرية ‪.‬‬
‫فكل اسم من هذه األمساء وما شاهبها يعترب ملحقًا بصيغة منتهى اجلموع ‪ ،‬بشرط أن‬
‫يكون داًال على مفرد ‪ ،‬ويقال يف إعرابه ‪ :‬إنه ممنوع من الصرف ألنه مفرد جاء على‬
‫صيغة منتهى اجلموع ‪.‬‬
‫وإمنا كانت هذه األلفاظ – ومنها سراويل – ملحقات ألهنا تدل على مفرد مع أن‬
‫صيغتها صيغة منتهى اجلموع ‪ ،‬وليس يف املفردات العربية ما هو على زنتها ألن ( مفاعل‬
‫أو مفاعيل ) ال تكون يف كالم العرب إال للجمع أو منقول من مجع ‪.‬‬
‫فما جاء على وزهنا من األمساء املفردة منع من الصرف للمشاهبة ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬ولسراويل هبذا اجلمع شبه ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن شبه ( سراويل ) بصيغة‬
‫منتهى اجلموع اقتضى منعها من الصرف منعًا عامًا يشمل كل حاالهتا اليت تكون فيها دالة‬
‫على املفرد ‪ ،‬مث بني أن صيغة منتهى اجلموع إذا مسي هبا وصارت علمًا فإنه حيق منع هذا‬
‫املسمى من االنصراف ‪ ،‬أي ‪ :‬من الصرف ‪ ،‬كما تقدم يف األمثلة ‪ ،‬ومنه – أيضًا –‬
‫( أذاخر ) اسم موضع يف مكة و ( َّمجاعيل ) قرية بالقدس (‪)2‬‬

‫****‬

‫َتْر ِكيَب َم ْز ٍج ْحَنُو َم ْع ِدي َك ِر َبا‬ ‫‪َ -662‬و اْلَعَلَم اْم َنْع َص ْر َفُه ُمَر َّك َبا‬

‫‪ - 1‬املعرب ‪ :‬هو ما استعمله العرب من األلفاظ املوضوعة ملعاٍن يف غري لغتها ‪ ،‬انظر حبثًا مطوًال يف املوضوع يف كتاب ( املزهر ) للسيوطي (‬
‫‪. )1/268‬‬
‫‪ - 2‬ضبطها ياقوت يف ( معجم البلدان ) بالفتح وتشديد امليم وألف وعني مهملة مكسورة وياء ساكنة والم ( ‪. )2/159‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪255‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫اعلم أن ما ال ينصرف نوعان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬ال ينصرف يف تعريف وال تنكري وهو ما إحدى عالمتيه الوصفية وهو ثالثة ‪.‬‬
‫وما منع لعالمة واحدة وهو اثنان ‪ :‬وتقدم ذلك ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬ال ينصرف يف التعريف وينصرف يف التنكري ‪ .‬وهو ما إحدى عالمتيه العلمية ‪ ،‬مع‬
‫الرتكيب أو زيادة األلف والنون ‪ ،‬إخل ‪ .‬وقد شرع ابن مالك يف بياهنا ‪:‬‬
‫فاألول ‪ :‬العلمية والرتكيب املزجي ‪ ( :‬واملركب املزجي ‪ :‬كل كلمتني امتزجتا حىت‬
‫صارتا كالكلمة الواحدة ) ‪ .‬وشرطه هنا ‪ :‬أن يكون غري خمتوم بـ (ويه) (‪ . )1‬حنو ‪ :‬هذه‬
‫حضرموُت ‪ .‬رأيت حضرموَت مررت حبضر موَت ‪.‬‬
‫واألفصح فيه أن يعرب ثاين جزئيه إعراب ما ال ينصرف ‪ ،‬فريفع بالضمة وينصب‬
‫بالفتحة ‪ ،‬وجير بالفتحة نيابة عن الكسرة ‪ ،‬مع امتناع التنوين يف احلاالت الثالث ‪ ،‬ويبقى‬
‫اجلزء األول على حاله من فتح كـ ( حضَر موت ) أو سكون حنو ‪ :‬هذه قاْيل قال ( اسم‬
‫مدينة ) رأيت قاْيل قال ‪ ،‬قرأت عن قاْيل قال ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬والعلم امنع صرفه ‪ ...‬إخل ) ‪ :‬امنع صرف العلم حال كونه مركبًا‬
‫تركيب مزج مثل ‪ :‬معدي كرَب ‪ ،‬واأللف فيه لإلطالق ‪.‬‬
‫واحرتز بقوله ‪ ( :‬تركيب مزج ) من املركب اإلضايف و اإلسنادي فاإلضايف يعرب صدره‬
‫باحلركات أو احلروف ‪ ،‬وعجزه يكون جمرورًا دائمًا فإن وجد سبب يقتضي منعه من‬
‫الصرف منع ‪ :‬حنو ‪ :‬أبو قحافَة والد أيب بكر رضي اهلل عنه ‪ .‬وأما اإلسنادي ‪ :‬فهو‬
‫معرب حبركات مقدرة للحكاية كما تقدم ذلك يف باب "العلم" ‪.‬‬

‫****‬

‫َك َغَطَف اَن َو َك أْص َبَه اَنا‬ ‫‪َ -663‬ك َذ اَك َح اِو ْي َز اِئَد ْى َفْع الَنا‬

‫‪ - 1‬أما املختوم بويه فهو مبين على الكسر ألنه اسم صوت وأمساء األصوات من باب أمساء األفعال وهي مبنية كما تقدم ‪ ،‬وعللوا بناءه على‬
‫الكسر اللتقاء الساكنني ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪256‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬

‫الثاين من أسباب منع االسم من الصرف ‪:‬العلمية وزيادة األلف والنون (‪ )1‬حنو ‪:‬‬
‫ِل‬
‫مجعت املصاحف يف عهد عثماَن رضي اهلل عنه ‪ .‬ومنه قوله تعاىل ‪َ{ :‬و ُس َلْيَم اَن الِّر يَح‬
‫َعاِص َفًة ْجَتِر ي ِبَأْم ِرِه } (األنبياء ‪ . )2( )81 :‬وقوله تعاىل ‪َ{ :‬ش ْه ُر َرَم َض اَن اَّلِذَي ُأنِز َل‬
‫ِفيِه اْلُقْر آُن } ( البقرة ‪. )185 :‬‬
‫فإن كانت األلف والنون أصليتني حنو ‪ ( :‬خان ) مبعىن دكان أو فندق ‪ ،‬أو كانت النون‬
‫أصلية مثل ‪ :‬أمان ‪ .‬مل مينع االسم من الصرف ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪( :‬كذاك حاوي زائدى فعالنا) أي ‪ :‬كذلك مينع االسم من الصرف إذا‬
‫كان علمًا حاويًا ( زائدي فعالنا ) واملراد احلرفان الزائدان يف ( فعالن ) ومها ‪ :‬األلف‬
‫والنون ‪ ،‬واأللف يف ( فعالن ) لإلطالق ‪ .‬مث مثل مبثالني ‪ ( :‬غطفان وأصبهان ) ويف‬
‫التمثيل هبما إشارة إىل أنه ال يلزم أن يكون االسم على وزن (فعالن ) وإمنا املقصود‬
‫احتواؤه على احلرفني الزائدين حنو ِعمران ‪ ،‬وُس فيان ‪ ( ،‬وغطفان ) علم على قبيلة‬
‫و( أصبهان ) اسم مدينة يف فارس ‪ ،‬وفيها لغات كثرية منها فتح اهلمزة وكسرها ‪ ،‬ومنها‬
‫‪ :‬إبدال بائها فاًء ‪ .‬والتمثيل مبين على أن أصل الكلمة عريب ‪ ،‬أما على الرأي اآلخر وهو‬
‫أهنا أعجمية – كما يف القاموس – وهو الصواب ‪ ،‬فاملانع من الصرف العلمية والعجمة ‪.‬‬

‫َو َش ْر ُط َم ْنع الَعاِر َك ْو ُنُه اْر َتَق ى‬ ‫‪َ -664‬ك َذ ا ُمَؤ َّنُث َهِباٍء ُمْطَلقًا‬
‫‪ - 1‬عالمة زيادة األلف والنون سقوطهما يف بعض التصاريف كما يف ( محدان ) و ( فرحان ) حيث ميكن ردمها إىل ‪ْ :‬مَحد وَفَر ح ‪ ،‬بشرط‬
‫أن يكون قبلهما أكثر من حرفني أصليني بغري تضعيف الثاين حنو ‪ :‬عثمان ‪ ،‬مروان فإن كان قبلهما حرفان ثانيهما مضعف فلك اعتباران ‪ :‬إن‬
‫قدرت أصالة التضعيف فاأللف والنون زائدتان لوقوعهما بعد ثالثة أحرف أصلية ‪ ،‬وإن قدرت زيادة التضعيف فالنون أصلية ‪ ،‬مثال ذلك‬
‫حسان ‪ .‬وعفان ‪ ،‬وحيان ‪ ،‬فإن جعلت من ‪ :‬احلّس مبعىن اإلحسان – مثًال _ ومن العفة ‪ ،‬ومن احلياة فوزهنا ‪َ( :‬فْعالن ) وهي ممنوعة من‬
‫الصرف ‪ ،‬وإن جعلت من ‪ :‬احلسن والعفن واَحلنْي ( مبعىن اهلالك ) فوزهنا ( َفَّعال ) ألن نوهنا أصلية وتكون مصروفة ومثلها (شيطان ) من‬
‫شاط يشيط إذا احرتق فيمتنع صرفه ‪ ،‬أو من شطن مبعىن بعد ‪ ،‬فيصرف ‪ .‬واملسموع عن العرب يف ( حسان ) منعه من الصرف فاألوىل اتباع‬
‫املسموع ‪.‬‬
‫‪ ( - 2‬ولسليمان ) الواو عاطفة ‪ ،‬واجلار واجملرور متعلق بفعل حمذوف دل عليه ما تقدم أي ‪ ( :‬وسخرنا ‪ ..‬الريح ) مفعول به للفعل احملذوف‬
‫( عاصفة ) حال من ( الريح ) ومجلة ( جتري ) يف حمل نصب حال ثانية ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪257‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ٍة‬ ‫ٍد‬ ‫ِث‬
‫أو َز ْي اْس َم اْم َر أ ال اْس َم َذَك ْر‬ ‫‪َ -665‬فْو َق الَّثال أْو َك ُج وَر أْو َس َق ْر‬
‫ِك‬ ‫ِن‬
‫َو ُعْج َم ًة كِه ْنَد َو اَملْنُع أَح ْق‬ ‫‪َ -666‬و ْجَه ا يِف اْلَعاِم َتْذ ريًا َسَبْق‬

‫الثالث من أساب منع االسم من الصرف ‪ :‬العلمية والتأنيث ‪.‬‬


‫فإن كان العلم مؤنثًا باهلاء منع من الصرف مطلقًا ‪ ،‬أي سواء كان علمًا ملذكر مثل ‪:‬‬
‫عبادة وطلحة ‪ ،‬أم ملؤنث مثل ‪ :‬فاطمة ‪ ،‬ميمونة ‪ ،‬زائدًا على ثالثة أحرف كما مثل ‪ :‬أم‬
‫ِد‬ ‫ِذ‬
‫مل يكن زائدًا مثل ‪ :‬هبة ‪ ،‬عظة [ علمني ] قال تعاىل ‪َ{ :‬و ُه َو اَّل ي َك َّف َأْي َيُه ْم َعنُك ْم‬
‫َو َأْيِد َيُك ْم َعْنُه م ِبَبْطِن َم َّك َة ِم ن َبْع ِد َأْن َأْظَف َر ُك ْم َعَلْيِه ْم } ( الفتح ‪. )24 :‬‬
‫فـ ( مكة ) مضاف إليه جمرور بالفتحة للعلمية والتأنيث ‪.‬‬
‫وإن كان مؤنثًا باملعىن – أي بكونه علمًا ملؤنث – فإما أن يكون ثالثّيًا أو زائدًا على‬
‫ثالثة أحرف ‪ ،‬فإن كان زائدًا على ثالثة أحرف منع من الصرف مثل ‪ :‬زينب ‪ ،‬مرمي ‪،‬‬
‫هاجر ‪ ،‬وإن كان على ثالثة أحرف فإن كان حمرك الوسط منع من الصرف مثل ‪ :‬أَم ل ‪،‬‬
‫َش َر ف ‪ ،‬قال تعاىل ‪َ{ :‬م ا َس َلَكُك ْم يِف َس َق َر } ( املدثر ‪. )42 :‬‬
‫فـ (سقر) اسم جلهنم _ أعاذنا اهلل منها – جمرور بالفتحة للعلمية والتأنيث‪،‬وقال تعاىل ‪:‬‬
‫{َأْمَل َتَر َك ْيَف َفَعَل َر ُّبَك ِبَعاٍد * ِإَر َم َذاِت اْلِعَم اد}(الفجر ‪ )7-6 :‬فـ (إرم) بدل أو عطف‬
‫بيان من االسم اجملرور قبله‪،‬جمرور بالفتحة للعلمية والتأنيث ‪ ،‬ألنه علم على قبيلة ‪.‬‬
‫وإن كان ساكن الوسط فإن كان أعجمّيًا أو منقوًال من أصله املذكر اشتهر به إىل مؤنث‬
‫منع ‪ ،‬فاألول مثل ‪ :‬بْلح وْمحص ‪ ،‬من أمساء األمكنة ‪ ،‬والثاين مثل ‪َ :‬س ْع د ( علم امرأة ) ‪.‬‬
‫فإن كان علم املؤنث الثالثي ساكن الوسط غري أعجمي وال منقول من مذكر جاز فيه‬
‫وجهان ‪ :‬املنع والصرف ‪ ،‬واملنع مذهب اجلمهور لوجود العلمية والتأنيث مثل ‪َ :‬نوَف ‪،‬‬
‫هْند ‪َ ،‬دْع د ‪ ،‬تقول ‪ :‬جاءت نوُف أو نوٌف ‪ ،‬سلمت على َنوَف أو نوٍف (‪. )1‬‬

‫‪ - 1‬يف جملة اجملمع العلمي العراقي ( اجلزء األول جملد ‪ )35‬مقال واف عن األعالم املؤنثة الثالثية الساكنة الوسط ‪ ،‬رجح الباحث فيه الصرف‬
‫على املنع وأن الظاهرة السائدة يف لغة العرب هي الصرف ‪ ،‬مع أن املنع قد ورد يف بعض النصوص العربية الصحيحة ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪258‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وهذا معىن قوله ‪ (:‬كذا مؤنث هباٍء مطلقًا ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن االسم املؤنث مينع من‬
‫الصرف إذا كان علمًا مؤنثًا باهلاء ( ومسيت هاء نظرًا ألنه يوقف عليها باهلاء وإال فهي‬
‫التاء الزائدة يف آخر االسم للداللة على التأنيث خبالف تاء بنت وأخت فليست للتأنيث‬
‫وإمنا هي أصول الكلمة ) وقوله ( مطلقًا ) تقدم بيانه ‪ :‬مث بني حكم اخلايل من هذه اهلاء‬
‫فقال ‪ ( :‬وشرط منع العاِر ) أي اخلايل من اهلاء ( كونه ارتقى إخل ) أي شرط منعه أن‬
‫يزيد على ثالثة أحرف أو يكون ثالثيًا أعجمّيًا حنو ُج ور ‪ ،‬أو حمرك الوسط ‪ ،‬حنو َس َق ر ‪،‬‬
‫أو يكون علمًا منقوًال كما تقدم ‪ ،‬مث بني أن ساكن الوسط غري األعجمي جيوز فيه‬
‫وجهان فقال ‪ ( :‬وجهان ) أي الصرف وعدمه ‪ ( ،‬يف العادم تذكريًا سبق ) أي يف العلم‬
‫الذي عدم وفقد التذكري الذي سبق وصفه ‪ ،‬و( عجمة ) معطوف على( تذكريًا ) أي ‪:‬‬
‫وفقد العجمة ‪ ،‬مث ذكر املثال وهو ‪ِ :‬ه ْند وقال ‪ ( :‬واملنع أحق ) أي ‪ :‬منعه من الصرف‬
‫أوىل ألنه علم مؤنث ‪.‬‬

‫***‬

‫ِث‬ ‫ٍد‬ ‫ِم‬


‫َز ْي َعلى الَّثاَل َص ْر ُفُه اْم َتَنْع‬ ‫‪ -667‬واْلَعَج ُي اْلَو ْض ِع َو الَتعريِف َمْع‬

‫الرابع من أسباب املنع ‪ :‬العلمية و العجمة‪،‬واملراد بالعجمة أن يكون اللفظ غري عريب‬
‫(‪ .)1‬ويشرتط لذلك شرطان ‪.‬‬

‫‪ - 1‬تعرف عجمة االسم بأمور غالبية وليست مطردة منها ‪:‬‬


‫أ‪ -‬خروجه عن أبنية العرب حنو إمساعيل ‪ ،‬فإن مثل هذا الوزن مفقود يف أبينة األمساء يف اللسان العريب ‪.‬‬
‫ب‪ -‬نقل األئمة ‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن جيتمع فيه ما ال جيتمع يف كالم العرب مثل ‪ :‬اجليم والصاد ‪ ،‬كصوجلان (وهو احملجن ) أو اجليم والقاف حنو ‪ :‬منجنيق ‪ ،‬أو يف آخره‬
‫زاي قبلها دال حنو ‪ :‬مهندز ‪ .‬وهلذا أبدلوا الزاي سينًا فقالوا مهندس ‪. .‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪259‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫األول ‪ :‬أن تكون الكلمة علمًا يف لغة العجم (‪ ، . )1‬كإبراهيم وإمساعيل قال تعاىل ‪:‬‬
‫(وبشرناه بإسحاق نبيًا من الصاحلني ) ( الصافات ‪ . )112 :‬فـ ( إسحاق ) اسم جمرور‬
‫بالفتحة للعلمية و العجمة ‪ ،‬وقال تعاىل ‪ ( :‬وعهدنا إىل إبراهيم وإمساعيل أن طهرا بييت )‬
‫( البقرة ‪. )122 :‬‬
‫فإن كان عندهم غري علم حنو‪ :‬ديباج ‪ .‬مث جعلناه علمًا وجب صرفه ‪.‬‬
‫الشرط الثاين ‪ :‬أن يكون زائدًا على ثالثة أحرف كما ُم ثل ‪ .‬فإن كان ثالثَّيًا مل مينع من‬
‫الصرف سواء كان حمرك الوسط كـ ( َش ) اسم قلعة ‪ .‬أو ساكنه كـ (نوٍح ) و ( لوٍط‬
‫رَت‬
‫) (‪ )2‬قال تعاىل ‪ ( :‬إن اهلل اصطفى آدام ونوحًا وآل إبراهيم وآل عمران على العاملني ) [‬
‫آل عمران ‪ ]33 :‬وقال تعاىل ‪ ( :‬وإمساعيل واليسع ويونس ولوطًا وكًال فضلنا على‬
‫العاملني ) ( األنعام ‪ )86 :‬فـ ( الواو ) عاطفة ‪.‬و (إمساعيل) معطوف على اسم منصوب‬
‫قبله ‪ ،‬و املعطوف على املنصوب منصوب وعالمة نصبه الفتحة ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬والعجمي الوضع والتعريف ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن االسم األعجمي يف‬
‫وضعه وتعريفه ( مع زيد على الثالث )أي ‪ :‬مع زيادة على ثالثة أحرف ‪ ،‬وقوله ‪ ( :‬زيد‬
‫) مصدر زاد ‪ :‬يقال ‪ :‬زاد يزيد زيدًا ( صرفه امتنع ) مبتدأ وخرب ‪ ،‬واجلملة خرب املبتدأ‬
‫األول ( والعجمي ) (‪. )3‬‬

‫***‬

‫‪ - 1‬من النحاة من ال يشرتط علميته يف لغة األعاجم ‪ ،‬وهذا رأي جيد ‪ ،‬وفيه تيسري ألن الوقوف على علمية غري العريب مع كثرة اللغات ‪ ،‬فيه‬
‫عسر ‪ ،‬وقد نسبه يف ( مهع اهلوامع ) (‪ )1/32‬إىل اجلمهور ‪ ،‬وعليه فيمنع من الصرف ‪ :‬مثل ‪ :‬قالون ‪ ،‬وبندار ‪ ،‬ويصرف على القول األول‬
‫ألنه مل يكن علمًا يف لغة العجم ‪.‬‬
‫‪ - 2‬مجيع أمساء األنبياء عليهم الصالة والسالم ممنوعة من الصرف إال سبعة مجعت يف قوله ‪:‬‬
‫وهودًا ولوطًا مث شيثًا حممدًا‬ ‫تذكر شعيبًا مث نوحًا وصاحلًا‬
‫( وشيث ) هو ابن آلدم عليهما الصالة والسالم [ انظر البداية والنهاية ‪ ] )1/98‬وأمساء املالئكة عليهم السالم ممنوعة من الصرف للعلمية‬
‫والعجمة ‪ ،‬إال مالكًا ومنكرًا ونكريًا ‪ ،‬فهذه الثالثة مصروفة و( رضوان ) ممنوع من الصرف للعلمية والزيادة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬األظهر الذي يفهم من كالم سيبويه يف كتابه ( ‪ )3/234‬أن علة املنع يف األعالم األعجمية هو ثقلها يف اللفظ ‪ ،‬فهي غريبة على اللسان‬
‫العريب ‪ ،‬وهلذا مل تنوهنا العرب ‪ ،‬لئال تزيد يف ثقلها ومل يدخلوا الكسرة عليها ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪260‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫أْو َغاِلٍب َك أَمْحٍد َو َيَعَلى‬ ‫‪َ -668‬ك َذ اَك ُذو َو ْز ٍن ُخَيُّص اْلِف ْع ال‬

‫اخلامس من أسباب املنع مع التعريف ‪ :‬العلمية ووزن الفعل ‪ ،‬واملراد بوزن الفعل أن يكون‬
‫االسم على وزن خمتص بالفعل أو غالب فيه ‪.‬‬
‫فاألول ‪:‬كوزن ‪َ :‬فَّعل‪،‬وُفِعل ‪ ،‬فهما خمتصان بالفعل ال يوجدان يف غريه إال ندورًا ‪ .‬فما‬
‫جاء من األمساء على هذا الوزن منع من الصرف مثل ‪ّ :‬مشر (علم فرس) وُدئل(علم قبيلة)‬
‫َو (َخ َّضم) اسم موضع (‪. )1‬‬
‫والثاين ‪ :‬أن يكون الوزن يوجد يف الفعل كثريًا ‪ .‬أو يكون فيه زيادة تدل على معىن يف‬
‫الفعل وال تدل على معىن يف االسم ‪ ،‬فمثال األول ‪ :‬صيغة ( ِاْفِعْل ) حنو ‪ :‬إمثد ( وهو‬
‫الكحل ) ( ِاْفَعل ) حنو ‪ ( :‬إصَبع ) فإذا مسي بعلم منقول من هذه الصيغ وجب منعه من‬
‫الصرف للعلمية ووزن الفعل‪.‬ألن هذه الصيغ تكثر يف فعل األمر املأخوذ من فعل ثالثي ‪.‬‬
‫وأما الثاين ‪ :‬وهو ما فيه زيادة تدل على معىن يف الفعل وال تدل على معىن يف االسم‬
‫فمثل ‪ :‬أمحد ‪ ،‬ويزيد ‪ .‬فإن كًاّل من اهلمزة والياء يدل على معىن يف الفعل وهو التكلم‬
‫حنو ‪َ :‬أْفَه ُم ‪ ،‬والغيبة حنو ‪ :‬يبيع ‪ .‬وال يدل على معىن يف االسم ‪ :‬فيكون هذا الوزن أليق‬
‫بالفعل ‪ .‬فما جاء من األمساء على هذا الوزن كان أقرب إىل الفعل فيمنع من الصرف‬
‫للعلمية ووزن الفعل ‪ .‬قال تعاىل ‪َ { :‬و ُمَبِّشرًا ِبَر ُس وٍل َيْأيِت ِم ن َبْع ِدي اُمْسُه َأَمْحُد } ( الصف‬
‫‪ . )6 :‬فـ ( أمحد ) خرب املبتدأ ‪ ،‬ممنوع من الصرف للعلمية ووزن الفعل ‪ ،‬وقال تعاىل‪:‬‬
‫{َو َقاُلوا اَل َتَذ ُر َّن آَهِلَتُك ْم َو اَل َتَذ ُر َّن َو ّدًا َو اَل ُس َو اعًا َو اَل َيُغوَث َو َيُعوَق َو َنْس رًا}( نوح‪:‬‬
‫‪.) 23‬فقد قرأ اجلمهور ( وال يغوث ويعوق ) بغري تنوين ‪ ،‬فإن كانا عربيني َفَم ْنُع‬
‫الصرف للعلمية ووزن الفعل ‪ ،‬وإن كانا أعجميني فللعجمة والعلمية ‪.‬‬
‫فإن كان العلم على وزن غري خمتص بالفعل وال غالب فيه بل هو مشرتك بني األمساء‬
‫واألفعال على السواء مل مينع من الصرف ‪ ،‬فتقول فيمن امسه ‪َ :‬ض َر ب هذا ضرٌب ‪،‬‬

‫‪ - 1‬انظر معجم البلدان (‪. )2/377‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪261‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ورأيت ضربًا ‪ ،‬ومررت بضرٍب ‪ ،‬ألن هذا الوزن يوجد يف االسم كـ ( َش َج ر ) ويف الفعل‬
‫كـ ( َك تَب ) ‪.‬‬
‫ويف هذا يقول ابن مالك ( كذلك ذو وزن خيص الفعال ‪ ..‬إخل ) أي كذلك مينع االسم‬
‫من الصرف إن كان علمًا على وزن خيتص بالفعل أو يغلب يف الفعل ‪ ،‬فاملختص كـ‬
‫( يعلى ) – علمًا – والغالب كـ ( أمحد ) وهو علم منقول من الفعل املضارع للمتكلم ‪،‬‬
‫أو من أفعل التفضيل ‪.‬‬

‫*****‬

‫ِذ ِل‬
‫ِز يَدْت إلحْل اٍق َفَلْيَس َيْنَص ِر ْف‬ ‫‪َ -669‬و َم ا َيِص ُري َعَلمًا ِم ْن ْي أ ْف‬

‫السادس من أسباب املنع ‪ ،‬العلمية وألف اإلحلاق املقصورة ‪ ،‬واإلحلاق ‪ ،‬زيادة حرف على‬
‫أصول الكلمة ال لغرض معنوي ‪ ،‬بل لتوزن هبا كلمة أخرى ‪ ،‬لتخضع لبعض األحكام‬
‫اللغوية اليت خيضع هلا ذلك االسم اآلخر ‪.‬‬
‫ومن هذه األحكام ‪ :‬الصرف ‪ ،‬وعدمه ‪ ،‬ومن أمثلتها ‪ ( :‬علقى ) علم لنبت و( أرطى )‬
‫علم لشجر ‪ .‬ومها ملحقان جبعفر ‪ .‬فيمنعان من الصرف للعلمية وألف اإلحلاق املقصورة ‪،‬‬
‫فتقول فيهما – علمني ‪ : -‬هذا علقى ‪ .‬ورأيت علقى ومررت بعلقى ‪ . .‬فإن مل جيعل‬
‫علمًا صرف‪ .‬وهم يعللون املنع بأن ألف اإلحلاق جتعل االسم على وزن ( َفْع لى ) فتشبه‬
‫ألف اإلحلاق يف زيادهتا ألف التأنيث املقصورة واليت هي من أسباب املنع من الصرف ‪،‬‬
‫ومل تستقل ألف اإلحلاق باملنع كألف التأنيث ألن احمللق بغريه أحط رتبة منه ‪ ،‬واحلق أن‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪262‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫العلة يف ذلك السماع عن العرب ‪ ،‬وال يبعد أن تكون هذه األمساء جزءًا مما حلقته ألف‬
‫التأنيث املقصور(‪. )1‬‬
‫يقول ابن مالك ‪ ( :‬وما يصري علمًا من ذي ألف ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬ال ينصرف االسم إذا‬
‫صار علمًا فيه ألف زائدة مقصورة لإلحلاق ‪.‬‬

‫****‬

‫َك ُفَعِل الَّتْو ِكيِد أْو َك ُثَعال‬ ‫‪َ -670‬و اْلَعَلَم اْم َنْع َص ْر َفُه إْن ُعِد ال‬
‫ِبِه ِي‬ ‫ِن‬
‫إَذا الَّتْع ُني َقْص دًا ُيْع َتَبْر‬ ‫‪َ -671‬و اْلَعْد ُل َو الَّتْع ِر يُف َم ا عًا َسَحْر‬

‫السابع من أسباب املنع ‪ :‬العلمية والعدل (‪ . )2‬وذلك يف أربع مواضع ‪:‬‬


‫األول‪:‬ما كان على وزن ( ُفَعل ) من ألفاظ التوكيد املعنوي ‪ ،‬وهي أربعة ألفاظ (َمُجع ‪،‬‬
‫وُك َتع ‪ ،‬وُبَص ع ‪ ،‬وُبَتع ‪ . )3( ) ،‬حنو ‪ :‬احتفيت باألخوات كّلهن مُج َع ‪ ..‬فـ ( مُج َع )‬
‫توكيد لكلمة ( األخوات ) جمرور بالفتحة نيابة عن الكسرة ألنه ممنوع من الصرف‬
‫للعلمية ووزن ( ُفَعل ) (‪. )4‬‬

‫‪ - 1‬من النحاة من مل يذكر ألف اإلحلاق ‪ ،‬فابن يعيش يف كتابه ( شرح املفصل ) يذكر مع العلمية ستة أسباب ويسقط السابع وهو ألف‬
‫اإلحلاق ‪ ،‬وإن كان قد أشار إليها بعد كالمه على ألف التأنيث ‪ .‬انظره (‪ )69 ،1/60‬وكذا ابن هشام يف الشذور وشرحه ص (‪. )451‬‬
‫‪ - 2‬هذا التعبري هو املشهور يف كتب النحو وسنعدل عنه إىل غري ه ‪.‬‬
‫‪ُ - 3‬ك َتع ‪ :‬من َكْتع اجللد مبعىن ‪ :‬جتمعه ‪ ،‬وُبَص ع ‪ :‬من َبْص ع العرق مبعىن ‪ :‬جتمعه ‪ ،‬وُبَتع ‪ :‬من الَبْتع ‪ .‬وهو طول العنق مع قوة متاسك أجزائه ‪.‬‬
‫‪ - 4‬هذا هو التعبري الدقيق ‪ ،‬وأما قوهلم ‪ :‬العلمية والعدل ‪ .‬فإن ( العدل ) متكلف ذلك أهنم يقولون ‪ :‬إن أصل ( مجع ) يف املثال املذكور ‪،‬‬
‫مجعاوات ألن مفرده مجعاء ‪ .‬كصحراء وصحراوات ‪ .‬فعدل عن مجعاوات إىل مجع وهذا تكلف ظاهر ال يعرفه العرب ‪ .‬فالصواب أن يقال ‪:‬‬
‫العلمية ووزن ( َفَعل ) والعلمية يف هذه الكلمات األربع جاءت من كوهنا علم جنس يدل على اإلحاطة والشمول ‪ ،‬وهذا يفهم من كالم ابن‬
‫مالك هنا فإنه مثل للعلم املعدول بُف عل التوكيد ‪ ،‬لكنه رَّد ذلك وأبطله يف شرحه للكافية فانظر حاشية الصبان مع األمشوين (‪ )3/264‬و‬
‫( شرح الكافية ‪. )3/1475‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪263‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫الثاين ‪ :‬ما كان على وزن ( ُفَعل ) – أيضًا ‪ -‬علمًا ملذكور إذا مسع ممنوع الصرف مثل ‪:‬‬
‫ُعمر ‪ُ ،‬مَض ر ‪ُ ،‬ه َذ ل ‪ ،‬حنو ‪ :‬فتحت مصر يف عهد عمَر رضي اهلل عنه فـ ( عمَر ) مضاف‬
‫إليه جمرور وعالمة جره الفتحة ألنه ممنوع من الصرف للعلمية ووزن (ُفَعل)(‪. )1‬‬
‫الثالث ‪ :‬لفظ ( َسَح ر) ‪-‬وهو بفتحتني الوقت قبيل الصبح – فيمنع من الصرف بثالثة‬
‫شروط ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون ظرف زمان‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يراد به سحر يوم معني ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يتجرد من ( أل ) واإلضافة ‪.‬‬
‫مثال ذلك ‪ :‬قدمت يوم اجلمعة سحَر ‪ .‬فـ ( سحر ) ظرف زمان منصوب على الظرفية‪.‬‬
‫ممنوع من التنوين للعلمية والعدل مساعًا يف هذه الكلمة املنصوبة (‪. )2‬‬
‫فإن مل يكن ظرف زمان بأن كان امسًا داًاّل على الوقت بال ظرفية شيء وقع فيه وجب‬
‫تعريفه بـ ( أل ) أو اإلضافة إذا ُقصد التعيني حنو‪ :‬السحر من األوقات الفاضلة ‪ ،‬فال‬
‫ُترخصه بالغفلة وتقضي سحَر ك نائمًا ‪.‬‬
‫وإن كان ظرفًا لكنه ال يدل على سحر يوم معني وجب صرفه كقوله تعاىل ‪ِ { :‬إاَّل آَل‬
‫ُلوٍط َّجَّنْيَناُه م ِبَس َح ٍر } (القمر ‪ )34 :‬فـ ( سحر ) اسم جمرور بالكسرة مع التنوين ‪ :‬وإمنا‬
‫صرف ألنه نكرة ال يدل على سحر معني ‪.‬‬
‫وإن كان ظرفًا معينًا لكنه غري جمرد من ( أل ) أو اإلضافة وجب صرفه كذلك حنو ‪:‬‬
‫سأذاكر التفسَري يوم السبت من السحِر إىل العصر ‪ ،‬والفقَه يوم األحد يف سحِر ه ‪.‬‬
‫ويف هذه املواضع الثالثة يقول ابن مالك ( والعلم امنع صرفه إن ُعِد ال ‪ ..‬إخل ) أي ‪:‬‬
‫امنع صرف العلم إذا كان معدوًال عن كلمة أخرى ‪.‬‬
‫‪ - 1‬أما قوهلم ‪ :‬إن هذه األعالم معدولة ‪ :‬عن عامر وماضر وهاذل ‪ ،‬فهو تكلف ‪ :‬ألهنم مل جيدوا يف هذه األعالم وما شاهبها إال العلمية وهي‬
‫ال تستقل باملنع ن وقد اعرتف ابن هشام بذلك فقال يف ( شرح الشذور ) ص (‪ ( : )452‬وليس فيه مع العلمية علة ظاهرة ‪ ،‬فيحتاج حينئٍذ‬
‫إىل تكلف دعوى العدل فيه ) ولو قالوا ‪ :‬العلمية ووزن ( ُفَعل ) السرتاحوا من هذا التكلف الذي ال مربر له ‪ .‬لوجود ما هو أوضح منه ‪.‬‬
‫‪ - 2‬أما العلمية فألنه علم على هذا الوقت احملدد ذكر ذلك ابن مالك يف التسهيل وأما العدل مساعًا فمعناه ‪ :‬أن سبب املنع هو السماع احملض‬
‫الوارد برتك التنوين والعدول عنه ‪ .‬راجع النحو الوايف (‪ )4/258‬وحاشية الصبان ( ‪. )265 /3‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪264‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫مث ذكر األول وهو ( ُفَعل ) يف التوكيد ‪ ،‬والثاين ‪ُ :‬ثَعل ) ( علم رجل ) واأللف زائدة‬
‫للشعر ‪ ،‬مث ذكر أن العدل والتعريف مينعان – معًا – كلمة ( سحر ) من الصرف إذا‬
‫قصد به سحر يوم بعينه ‪ ،‬وهذا املوضع الثالث ‪ .‬وترك بقية الشروط ‪.‬‬

‫****‬

‫ُمؤَّنثًا َو ْه َو َنِظ ُري ُج َش َم ا‬ ‫‪َ -672‬و ْاْبِن َعَلى اْلَك ْس ِر َفَعاِل عَلَم ا‬
‫ِم ْن ُك ِّل َم ا الَّتْع ِر ْيُف ِفيِه َأَّثَر ا‬ ‫‪ِ -673‬عْنَد ِمَتيٍم َو اْص ِر َفْن َم ا ُنِّك َر ا‬

‫املوضع الرابع مما مينع فيه االسم من الصرف للعلمية والعدل ‪ :‬أن يكون علمًا ملؤنث‬
‫على وزن ( َفَعاِل ) مثل ‪:‬حذاَم ‪ ،‬قطاِم ‪ ،‬رقاِش ‪َ ،‬نواِر ‪ ،‬وغريها ‪ ،‬حنو ‪ :‬هذه حذاَُم‬
‫ورأيت حذاَم ومرتت حبذاَم ‪ ،‬فهو ممنوع من الصرف ‪ ،‬وهذا على لغة متيم ‪ .‬بشرط أال‬
‫يكون خمتومًا بالراء كما ُم ثل ‪.‬‬
‫وعلة منعه من الصرف العلمية والعدل ‪ ،‬وهذا تعليل سيبويه والناظم ‪ ،‬ألن األصل ‪:‬‬
‫حاذمة ‪.‬‬
‫وقال املربد ‪ :‬إن علة منعه العلمية والـتأنيث املعنوي ‪ :‬مثل زينب وسعاد ‪ ،‬وهذا أرجح‬
‫لتحققه خبالف العدل فهو تقديري ال يلجأ إليه إذا أمكن ما هو أوضح منه (‪. )1‬‬
‫فإن كانت صيغة ( َفَعاِل ) خمتومة بالراء مثل ‪" :‬ظفار" علم على بلد ميين – و" سفاِر "‬
‫– علم على ماء – فأكثر بين متيم يبنيه على الكسر حنو ‪ :‬ظفاِر مدينة قدمية ‪ ،‬إّن ظفاِر‬
‫مدينة قدمية ‪ ،‬كان مسكن ملوك محري يف ظفاِر ‪ ،‬فـ ( ظفار ) مبنية على الكسر يف حمل‬
‫رفع أو نصب أو جر ‪ ،‬وبعضهم يعربه إعراب ما ال ينصرف‪.‬‬
‫‪ - 1‬انظر شرح األمشوين وحاشية الصبان (‪. )3/269‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪265‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫ومنه لغة أخرى يف االسم املؤنث الذي على وزن ( فعال ) وهي بناؤه على الكسر مطلقًا‬
‫أي ‪ :‬سوء كان خمتومًا بالراء أم ال ‪ ،‬وهذه لغة احلجازيني ‪.‬‬
‫ويف هذا املوضع يقول ابن مالك ( وابن على الكسر ( فعال ) علمًا ‪ ...‬إخل ) أي ابن‬
‫على الكسر العلم املؤنث الذي على وزن ( َفَعال ) يف كل أحواله عند غري متيم ‪ ،‬أما عند‬
‫متيم فهو نظري ( ُج َش م ) يف أنه عَلم ممنوع من الصرف للعلمية والعدل ‪ ،‬وقد أطلقه يف‬
‫قوله ‪ ( :‬عند متيم ) و إمنا هو عند بعضهم ن كما تقدم‪.‬‬

‫ِم ْن ُك ِّل َم ا الَّتْع ِر ْيُف ِفيِه َأَّثَر ا‬ ‫‪َ ...‬و اْص ِر َفْن َم ا ُنِّك َر ا‬

‫ملا ذكر ابن مالك – رمحه اهلل – أسباب منع االسم من الصرف ذكر شيئًا من األحكام‬
‫العامة ‪ .‬ومنها ‪:‬‬
‫‪ -1‬صرف االسم املمنوع من الصرف ‪.‬‬
‫‪ -2‬منع االسم املصروف ‪.‬‬
‫وقد ذكر هنا سببًا واحدًا من أسباب ثالثة تقتضي صرف االسم املمنوع من الصرف ‪،‬‬
‫وهو أن ما كان منعه من الصرف للعلمية وسبب آخر إذا زالت عنه العلمية بتنكريه‬
‫صرف ‪ ،‬لزوال إحدى العالمتني ‪ ،‬وبقاؤه بعالمة واحدة ال يقتضي منع الصرف ‪.‬‬
‫وقد تقدم أن املمنوع من الصرف للعلمية مع شيء آخر سبعة أنواع ‪ ،‬فما دام االسم‬
‫مشتمًال على العالمتني منع من الصرف ‪ ،‬فإذا زالت إحدامها أو كلتامها دخله التنوين ‪،‬‬
‫فتقول مثًال ‪ُ .‬ر َّب عمٍر وأمحٍد لقيت ‪ ،‬باجلر بالكسرة مع التنوين لزوال إحدى العالمتني‬
‫وهي العلمية ‪ ،‬ألن ( ُر َّب ) ال تدخل إال على النكرات ‪ ،‬فصار مدخوهلا ال يدل على‬
‫شخص بعينه ‪.‬‬
‫وأما اخلمسة الباقية وهي ما امتنع أللف التأنيث أو للوصف مع الزيادة أو وزن الفعل أو‬
‫العدل ‪ ،‬أو للجمع املشبه مفاعيل أو مفاعيل فإهنا ال تنصرف مطلقًا ألن الوصفية مع‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪266‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫شريكتها مالزمة لالسم ال تفارقه إال إذا دخلت حملها العلمية ‪ ،‬أما ما فيه ألف التأنيث‬
‫فألهنا كافية يف منع الصرف ‪ ،‬وأما صيغة منتهى اجلموع إذا كانت علمًا مث زالت هذه‬
‫العلمية فإنه يبقى ممنوعًا من الصرف – على األرجح – لبقاء صورة اجلمعية ‪ .‬فتكون‬
‫صيغة منتهى اجلموع ممنوعة من الصرف دائمًا (‪. )1‬‬
‫وأما السبب الثاين والثالث لصرف املمنوع فسيأيت ذكرمها إن شاء اهلل بعد قليل يف آخر‬
‫بيت من هذا الباب ‪.‬‬
‫ويف هذا السبب يقول ابن مالك ‪ ( :‬واصرفن ما نكرا ‪ ...‬إخل ) أي ‪ :‬جيب صرف كل‬
‫اسم نِّك ر بعد أن كان ُمَعَّر فًا وكان للتعريف أثر يف منعه من الصرف واملراد بالتعريف هنا‬
‫‪ :‬تعريف العلمية ‪ .‬واملراد بالصرف التنوين وهو تنوين األمكنية كما تقدم أول الباب ‪.‬‬

‫*****‬

‫إْع َر اِبِه َنْه َج َج َو اٍر َيْق َتِف ي‬ ‫‪َ -674‬و َم ا َيُك وُن ِم ْنُه َم ْنُقوصًا َفِف ي‬

‫إذا كان االسم املمنوع من الصرف منقوصًا – وهو ما آخره ياء أصلية غري مشددة‬
‫مكسورة ما قبلها – فإنه يعامل كاالسم املنقوص ‪ ،‬يف أن ياءه حتذف رفعًا وجّر ًا ‪ .‬وينون‬
‫تنوين العوض ‪ ،‬وتبقى يف حالة النصب مفتوحة بغري تنوين ‪ ،‬وذلك مثل ‪ ( :‬راٍع ) –‬
‫علم على أنثى – فتقول ‪ :‬جاءت راٍع ‪ ،‬ومررت براٍع ‪ ،‬فـ ( راع ) يف املثال األول فاعل‬
‫مرفوع بضمة مقدرة على الياء احملذوفة اللتقاء الساكنني ‪ .‬ممنوع من الصرف للعلمية‬
‫والـتأنيث‪.‬و( راع ) الثانية اسم جمرور وعالمة جره فتحة مقدرة على الياء احملذوفة‪.‬ممنوع‬
‫من الصرف ‪ ،‬وتقول يف النصب ‪ :‬رأيت راعَي فـ ( راعي ) مفعول به منصوب بالفتحة‬
‫بال تنوين ألنه ممنوع من الصرف ‪.‬‬

‫‪ - 1‬انظر شرح األمشوين حباشية الصبان (‪. )3/249‬‬


‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪267‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫هذا إذا كان املنقوص جمردًا من ( أل ) واإلضافة ‪ ،‬فإن كان مقرتنًا بـ ( أل ) او مضافًا‬
‫فحكمه تقدم يف الكالم على صيغة منتهى اجلموع ‪.‬‬
‫وهذا معىن قوله ‪ ( :‬وما يكون منه منقوصًا ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬وما يكون من املمنوع من‬
‫الصرف منقوصًا فإنه ( يقتفي ) أي ‪ :‬يتبع يف إعرابه ( هنج جواٍر ) أي ‪ :‬طريقها فيجري‬
‫جمراها يف حذف يائه رفعًا وجّر ًا مع التنوين ‪ .‬وإثبات الياء مفتوحة بال تنوين ‪ ،‬و( جواٍر )‬
‫مجع تكسري مفرده ( جارية ) ‪.‬‬

‫***‬

‫ذو ا ْنِع َو ا ْص ُر وِف َقْد ال َيْنَص ِر ْف‬ ‫‪َ-675‬و ِال ْض ِط َر اٍر أْو َتَناُس ٍب ُصِر ْف‬
‫َمل َمل‬
‫تقدم أن االسم املمنوع من الصرف قد يصرف فينون ألحد أسباب ثالثة ‪ ،‬وقد تقدم‬
‫السب األول وهو أن يكون أحد سببيه العلمية مث ينّك ر ‪.‬‬
‫وذكر هنا البقية فالسبب الثاين هو الضرورة الشعرية بان يضطر الشاعر إىل تنوين اسم‬
‫حقه أن مينع من الصرف كقول الشاعر ‪:‬‬

‫سوالَك نقبًا بني َح ْز َم ْي َش َعْبَعِب (‪)1‬‬ ‫تبّص ر خليلي هل ترى من ظعائٍن‬

‫‪ ( - 1‬تبصر ) ‪ :‬تأمل ‪ ( :‬ظعائن ) مجع ظعينة من الظعن وهو السفر وأصله اهلودج تكون فيه املرأة مث نقل إىل املرأة يف اهلودج ‪ ،‬مث توسعوا‬
‫فيه فأطلقوه على املرأة مطلقًا ‪.‬‬
‫سوالك ‪ :‬مجع سالكة أي سائرة ( نقبًا ) هو الطريق يف اجلبل ( حزمي ) مثىن حزم وهو ما غلظ من األرض ‪ ( ،‬شعبعب ) بزنة ( سفرجل )‬
‫اسم موضع ‪.‬‬
‫إعرابه ‪ ( :‬تبصر ) فعل أمر وفاعله ضمري مسترت ( خليلي ) منادي حبرف نداء حمذوف منصوب بفتحة مقدرة ‪ ،‬وياء املتكلم مضاف إليه ( من‬
‫ظعائن ) من حرف جر زائد و( ظعائن ) مفعول به لرتى منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال احملل حبركة حرف اجلر الزائد‬
‫( سوالك ) صفة لظعائن وقيل ‪ :‬مفعول ثان لرتى على أهنا علمية ال بصرية ‪ ( .‬بني ) ظرف مكان متعلق مبحذوف صفة لـ ( نقبًا ) وهو‬
‫مضاف و ( حزمي ) مضاف إليه جمرور بالياء ألنه مثىن ‪ ،‬وهو مضاف ( وشعبعب ) مضاف إليه ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪268‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فقد صرف الشاعر كلمة ( ظعائن ) فجرها بالكسرة ‪ ،‬ونوهنا ‪ .‬مع أهنا على صيغة‬
‫منتهى اجلموع ‪ ،‬والذي دعاه إىل ذلك الضرورة ‪.‬‬
‫والسبب الثالث ‪ :‬مراعاة التناسب إما لكلمات منصرفة انضم إليها غري منصرف كقوله‬
‫تعاىل ‪ِ { :‬إَّنا َأْعَتْدَنا ِلْلَك اِفِر يَن َس اَل ِس اَل َو َأْغاَل ًال َو َس ِعريًا } ( اإلنسان ‪. ) 4 :‬فقد قرأ نافع‬
‫والكسائي وعاصم برواية أيب بكر بن عياش ‪ -‬من السبعة – سالسًال – بالتنوين ملناسبة‬
‫ما بعده ‪ ،‬وقرأ الباقون بغري تنوين على األصل يف مثل هذه اجلموع ‪ ،‬أو يكون لرؤوس‬
‫اآلي كقوله تعاىل ‪ُ { :‬م َّتِكِئَني ِفيَه ا َعَلى اَأْلَر اِئِك اَل َيَر ْو َن ِفيَه ا ْمَشسًا َو اَل َز ْمَه ِر يرًا *‬
‫َد اِن ًة َعَلْيِه ِظ اَل َهُلا ُذِّلَلْت ُقُطو ا َتْذ ِليًال * َطاُف َعَلْيِه م ِبآِن ٍة ِّم ن ِفَّض ٍة َأْك اٍب‬
‫َو َو‬ ‫َي‬ ‫َو ُي‬ ‫ُفَه‬ ‫َو‬ ‫ْم‬ ‫َو َي‬
‫َك اَنْت َقَو اِر يَر ا * َقَو اِر يَر ِم ن ِفَّض ٍة َقَّد ُر وَه ا َتْق ِد يرًا } ( اإلنسان ‪.) 16-13 :‬فقد قرأ نافع‬
‫وأبو بكر عن عاصم و الكسائي وابن كثري بتنوين ( قواريرا ) األوىل مراعاة للتنوين الذي‬
‫يف آخر اآلية السابقة هلا مباشرة وآخر اآلية التالية هلا ‪ .‬كما قرأ نافع وأبو بكر والكسائي‬
‫( قواريرا ) الثانية بالتنوين مراعاة لتنوين ( قواريرا ) اليت يف اآلية السابقة ‪ ،‬وقرأ الباقون‬
‫بغري تنوين فيهما على األصل يف مثل هذه اجلموع (‪. ) 1‬‬
‫وأما احلكم الثاين وهو منع االسم املنصرف من الصرف فإنه جيوز للشاعر يف ضرورة‬
‫الشعر أن مينع االسم املنصرف من التنوين ‪ .‬كقول الشاعر ‪:‬‬

‫بشبيَب غائلُة النفوس غدور (‪)2‬‬ ‫َطَلَب األزارَق بالكتائب إذ هوْت‬

‫‪ - 1‬انظر الكشف عن وجوه القراءات السبع ملكي (‪. )354 ،2/352‬‬


‫‪ - 2‬هذا البيت لألخطل النصراين ميدح سفيان بن األبريد نائب احلجاج ‪ .‬األزارق مجع أزرقي فئة من اخلوارج تنسب إىل نافع بن األزرق ‪،‬‬
‫بالكتائب ‪ :‬مجع كتيبة وهي القطعة من اجليش ( هوت ) من هوى به األمر ‪ ،‬أطمعه وغره ‪ ( ،‬غائلة النفوس ) املنية ‪ ( ،‬شبيب ) هو شبيب بن‬
‫يزيد بن نعيم الشيباين من رؤوس اخلوارج يف عهد عبد امللك بن مروان ‪.‬‬
‫واملعىن ‪ :‬أن سفيان تعقب األزارقة اخلوارج بكتائب من اجليش حىت هزمهم وقتل رئيسهم شبيب بن يزيد ‪.‬‬
‫إعربه ‪ " :‬طلب " فعل ماض وفاعله ضمري مسترت يعود على املمدوح ( األزارق ) مفعول به وأصله ‪ :‬األزارقة كأشعري وأشاعرة ألهنم يزيدون‬
‫التاء يف اجلمع عوضًا عن ياء النسب ‪ ،‬ولكنه حذفها إلقامة الوزن ( بالكتائب ) متعلق بـ ( طلب ) (إذا ) ظرف زمان مبين على السكون يف‬
‫حمل نصب بطلب ‪ ( ،‬بشبيب ) الباء حرف جر ‪ .‬وشبيب ‪ :‬جمرور بالفتحة ‪ ( ،‬غائلة ) فاعل ( هوت ) ( غدور) صفة لغائلة النفوس ‪ :‬ومجلة‬
‫( هوت ) يف حمل جر بإضافة إذ إليها ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪269‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫فقد منع من التنوين كلمة ( شبيب ) للضرورة ‪ .‬ألنه ليس فيه سبب غري العلمية ‪.‬‬
‫وفيما تقدم يقول ابن مالك ‪ ( :‬والضطرار أو تناسب صرف ‪ ..‬إخل ) أي ‪ :‬أن املمنوع‬
‫من الصرف قد يصرف لضرورة الشعر أو إلرادة التناسب يف الكالم ‪ ،‬واالسم املصروف‬
‫( قد ال ينصرف ) أي ‪ :‬ال ينون ‪.‬‬

‫فهـ ـ ـ ــرس املوضوع ـ ـ ــات‬


‫املوضوع ‪:‬‬
‫باب حروف اجلر ‪.‬‬
‫عدد حروف اجلر ‪.‬‬
‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪270‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬
‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫كي اجلارة ‪.‬‬
‫" لعل " حرف جر عند بعض العرب ‪.‬‬
‫" مىت " حرف جر عند بعض العرب ‪.‬‬
‫تقسيم حروف اجلر ‪.‬‬
‫معاين (من ) ‪.‬‬
‫معاين ( حىت ) ‪.‬‬
‫معاين ( إىل ) ‪.‬‬
‫معاين (الباء ) ‪.‬‬
‫معاين (على ) ‪.‬‬
‫معاين ( عن ) ‪.‬‬
‫معاين ( الكاف ) ‪.‬‬
‫استعمال بعض احلروف أمساء ‪.‬‬
‫زيادة (ما ) بعد بعض احلروف ‪.‬‬
‫حذف حرف اجلر ‪.‬‬
‫باب اإلضافة ‪.‬‬
‫تعريف اإلضافة ‪.‬‬
‫حكم دخول أل على املضاف ‪.‬‬
‫مواضع دخول أل على املضاف ‪.‬‬
‫استفادة املضاف من املضاف إليه ‪.‬‬
‫حكم إضافة االسم إىل ما احتد به ‪.‬‬
‫أقسام االسم من حيث اإلضافة ‪.‬‬
‫إضافة ( إذا ) إىل اجلملة الفعلية ‪.‬‬
‫ما تضاف إليه ( كال وكلتا ) ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪271‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫وجوب إضافة ( أي ) ‪.‬‬
‫إضافة " قبل " و " بعد " و " غري " ‪.‬‬
‫حذف املضاف املضاف إليه ‪.‬‬
‫الفصل بني املضاف واملضاف إليه ‪.‬‬
‫املضاف إىل ياء املتكلم ‪.‬‬
‫القاعدة العامة يف هذا الباب ‪.‬‬
‫إعمال املصدر ‪.‬‬
‫أقسام املصدر العامل ومواضعه ‪.‬‬
‫تعريف املصدر ‪.‬‬
‫عمل املصدر ‪.‬‬
‫أقسام املصدر العامل ‪.‬‬
‫إذا أضيف املصدر إىل فاعله ومفعوله ‪.‬‬
‫إعمال اسم الفاعل ‪.‬‬
‫تعريف اسم الفاعل ‪.‬‬
‫أحوال اسم الفاعل ‪.‬‬
‫عمل اسم الفاعل احمللى بـ ( أل ) ز‬
‫عمل صيغ املبالغة ‪.‬‬
‫جواز إضافة اسم الفاعل إىل مفعوله أو نصبه له ‪.‬‬
‫عمل اسم املفعول ‪.‬‬
‫تعريف اسم املفعول ‪.‬‬
‫إضافة اسم املفعول إىل مرفوعه ‪.‬‬
‫أبنية املصادر ‪.‬‬
‫مصادر األفعال الثالثية ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪272‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫مصادر األفعال غري الثالثية ‪.‬‬
‫اسم املرة واسم اهليئة ‪.‬‬
‫أبنية أمساء الفاعلني واملفعولني والصفات املشبهة هبا ‪.‬‬
‫صياغة اسم الفاعل والصفة املشبهة من الثالثي ‪.‬‬
‫صياغة اسم الفاعل واسم املفعول من الثالثي ‪.‬‬
‫الصفة املشبهة باسم الفاعل ‪.‬‬
‫عالمة الصفة املشبهة ‪.‬‬
‫تعريفها ‪.‬‬
‫أحكام الصفة املشبهة ‪.‬‬
‫معمول الصفة املشبهة ‪.‬‬
‫التعجب ‪.‬‬
‫صيغتا التعجب وتعريف التعجب ‪.‬‬
‫إعراب صيغ التعجب ‪.‬‬
‫حذف املتعجب منه ‪.‬‬
‫مجود صيغيت التعجب ‪.‬‬
‫تأخري معمول فعل التعجب ‪.‬‬
‫َنعم وِبئس وما جرى جمرامها ‪.‬‬
‫نعم وبئس جامدان‪.‬‬
‫أنواع فاعل " نعم وبئس " ‪.‬‬
‫اجتماع التمييز والفاعل الظاهر ‪.‬‬
‫إعراب (ما) الواقعة بعد نعم ‪.‬‬
‫إعراب املخصوص وحذفه ‪.‬‬
‫ما جيري جمرى " نعم وبئس " ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪273‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫استعمال " حبذا وال حبذا " وأحكامهما ‪.‬‬
‫أفعل التفضيل ‪.‬‬
‫أحوال اسم التفضيل ‪.‬‬
‫حكم تقدمي املفضل عليه على ( أفعل ) ‪.‬‬
‫رفع اسم التفضيل ‪.‬‬
‫التوابع ‪.‬‬
‫تعريف التابع ‪.‬‬
‫تعريف النعت ‪.‬‬
‫أغراض النعت ‪.‬‬
‫أحكام النعت ‪.‬‬
‫األشياء اليت ينعت هبا ‪.‬‬
‫حكم النعت إذا تعدد ‪.‬‬
‫النعت املقطوع ‪.‬‬
‫حذف النعت أو املنعوت ‪.‬‬
‫التوكيد ‪.‬‬
‫التوكيد املعنوي ‪.‬‬
‫تعريف التوكيد املعنوي ‪.‬‬
‫تقوية التوكيد ‪.‬‬
‫حكم توكيد النكرة ‪.‬‬
‫توكيد الضمري املتصل ‪.‬‬
‫التوكيد اللفظي ‪.‬‬
‫توكيد الضمري املتصل بضمري الرفع ‪.‬‬
‫العطف ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪274‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -1‬عطف البيان ‪.‬‬
‫تعريف عطف البيان ‪.‬‬
‫حكم عطف البيان ‪.‬‬
‫جميء عطف البيان معرفة أو نكرة ‪.‬‬
‫‪ -2‬عطف النسق ‪.‬‬
‫حروفه ‪.‬‬
‫العطف على ضمري الرفع املتصل ‪.‬‬
‫العطف على الضمري اجملرور ‪.‬‬
‫حذف املعطوف عليه وعطف الفعل على الفعل ‪.‬‬
‫عطف الفعل على االسم والعكس ‪.‬‬
‫البدل ‪:‬‬
‫تعريف البدل ‪.‬‬
‫أقسام البدل ‪.‬‬
‫إبدال االسم الظاهر من ضمري احلاضر ‪.‬‬
‫اإلبدال من اسم االستفهام ‪.‬‬
‫إبدال الفعل من الفعل ‪.‬‬
‫النداء‬
‫أحرف النداء ‪.‬‬
‫حذف حرف النداء ‪.‬‬
‫حكم املنادى من حيث اإلعراب ‪.‬‬
‫حكم اجتماع حرف النداء مع ( أل ) ‪.‬‬
‫فصٌل ‪.‬‬
‫أحكام تابع للمنادى ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪275‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫املنادى املضاف إىل ياء املتكلم ‪.‬‬
‫األوجه اجلائزة يف املنادى املضاف للياء‪.‬‬
‫أمساء الزمت النداء ‪.‬‬
‫تقسيم األمساء املالزمة للنداء ‪.‬‬
‫باب االستغاثة‬
‫حكم أسلوب االستغاثة ‪.‬‬
‫الندبة ‪.‬‬
‫حكم االسم املندوب ‪.‬‬
‫استعماالت االسم املندوب ‪.‬‬
‫فتح ما قبل ألف الندبة ‪.‬‬
‫زيادة هاء السكت بعد ألف الندبة ‪.‬‬
‫االسم املندوب املضاف للياء ‪.‬‬
‫باب الرتخيم ‪.‬‬
‫تعريف الرتخيم وأقسام االسم املرخم ‪.‬‬
‫ما حيذف للرتخيم ‪.‬‬
‫ترخيم املركب املزجي و اإلسنادي ‪.‬‬
‫كيفية ضبط املنادى املرخم ‪.‬‬
‫ترخيم الضرورة ‪.‬‬
‫االختصاص ‪.‬‬
‫تعريف االختصاص والفرق بينه وبني النداء ‪.‬‬
‫التحذير وحكم كل نوع ‪.‬‬
‫اإلغراء وأحكامه ‪.‬‬
‫أمساء األفعال واألصوات ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪276‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫تعريف اسم الفعل وأقسامه ‪.‬‬
‫أمساء األفعال املنقولة ‪.‬‬
‫عمل أمساء األفعال ‪.‬‬
‫دخول التنوين على أمساء األفعال ‪.‬‬
‫أمساء األصوات ‪.‬‬
‫نونا التوكيد‪.‬‬
‫‪ -1‬التوكيد الواجب ‪.‬‬
‫‪ -2‬التوكيد املمتنع ‪.‬‬
‫‪ -3‬التوكيد اجلائز بكثرة ‪.‬‬
‫‪ -4‬التوكيد اجلائز بقلة ‪.‬‬
‫طريقة توكيد األفعال بالنون ‪.‬‬
‫األحكام اخلاصة بنون التوكيد اخلفيفة ‪.‬‬
‫ما ال ينصرف ‪.‬‬
‫تعريف الصرف ‪.‬‬
‫االسم املختوم بألف التأنيث ‪.‬‬
‫‪ -1‬الوصفية وزيادة األلف والنون ‪.‬‬
‫‪ -2‬الوصفية ووزن أفعل وشرط ذلك ‪.‬‬
‫‪ -3‬الوصفية والعدل ‪.‬‬
‫صيغة منتهى اجلموع ‪.‬‬
‫ما يلحق صيغة منتهى اجلموع ‪.‬‬
‫‪ -1‬العلمية والرتكيب املزجي ‪.‬‬
‫‪ -2‬العلمية وزيادة األلف والنون ‪.‬‬
‫‪ -3‬العلمية والتأنيث ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪277‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬


‫دليل السالك إىل ألفية ابن مالك ===============================‬
‫‪ -4‬العلمية والعجمة ‪.‬‬
‫‪ -5‬العلمية ووزن الفعل ‪.‬‬
‫‪ -6‬العلمية وألف اإلحلاق املقصورة ‪.‬‬
‫العلمية والعدل ‪.‬‬
‫حكم العلم املؤنث على وزن ( َفَعاِل ) ‪.‬‬
‫االسم املنقوص املمنوع من الصرف ‪.‬‬
‫صرف املمنوع ومنع املصروف ‪.‬‬
‫انتهى اجلزء الثاين ويليه اجلزء الثالث إن شاء اهلل وأّو له ( إعراب الفعل ) ‪.‬‬

‫‪http://alfuzan.islamlight.net‬‬ ‫‪278‬‬ ‫موقع الشيخ عبد اهلل بن صاحل الفوزان‬

You might also like