Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 13

‫حتت إشراف الشيخ‬

‫شرح كتاب التوحيد‪:‬‬


‫مقرر األسبوع األول‪:‬‬
‫مقدمة الشارح‬
‫شرح كتاب التوحيد‬ ‫‪2‬‬

‫المقدمة‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الر ِح ِ‬ ‫ِ‬
‫الح ْمد ل َّله َرب ال َعا َلمي َن‪َ ،‬و َّ‬
‫الص ََلة‬ ‫يم‪َ ،‬‬ ‫بِ ْس ِم الل َّ‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الس ََلم َع َلى نَبِينَا م َح َّمد‪َ ،‬و َع َلى آله‪َ ،‬و َأ ْص َحابِه َأ ْج َمع َ‬
‫ين‪َ ،‬أ َّما َب ْعد‪:‬‬ ‫َو َّ‬
‫فهذا أحد مؤ َّلفات اإلمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن‬
‫عيل التميمي‪ ،‬المولود سنة ألف ومئة ومخس عشرة (‪)1115‬‬
‫سليمان بن ٍّ‬
‫للهجرة‪ ،‬ببلدة الع َي ْينَة‪ ،‬وهي تقع شمال الرياض بقرابة مخسين (‪ )50‬كيلو‬
‫مترا‪ ،‬وترعرع فيها‪.‬‬
‫وبيته بيت ِع ٍ‬
‫لم‪ ،‬فوالده كان قاضيا رمحه الل‪ ،‬وكان عىل هنْج السلف‬
‫الصالح‪.‬‬
‫ناشئ عىل الذكاء والحذاقة والنباهة وقوة الحفظ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ومنذ نشأته وهو‬
‫ٍ‬
‫سنوات؛ بل إنه َبلغ الحلم يف س ٍّن مبكرة‪،‬‬ ‫فقد َحفظ القرآن وعمره عشر‬
‫فقد َبلغ وعمره أحد عشر (‪ )11‬عاما رمحه الل‪.‬‬
‫بالعلم من والده‪ ،‬ومِن علماء أهل بلده؛ انتقل إىل‬ ‫وبعد أن َتزود ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫األحساء؛ ليتزود من العلم‪ ،‬وسافر إىل الحجاز‪ ،‬و َت َّ‬
‫وجه أيضا إىل العراق‪،‬‬
‫وصنَّف كتابه هذا يف البصرة‪.‬‬
‫وكان َنهجه رمحه الل يف دينه اقتفاء السلف الصالح‪ ،‬فلم ِ‬
‫يأت ٍ‬
‫بشيء‬ ‫ْ‬
‫‪3‬‬ ‫مقرر األسبوع األول‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من عنده من تلقاء ن ْفسه؛ بل كان حريصا عىل اتباع الكتاب ُّ‬
‫والسنَّة؛ لذلك‬
‫السنَّة‪ ،‬فمثَل يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يكثر يف مصنَّفاته من ذكْر الدليل سواء من الكتاب أو من ُّ‬
‫متن ليس بالواسع ‪ -‬فيه أكثر من مخسين دليَل‪ ،‬ومأل‬‫ثَلثة األصول ‪ -‬وهو ٌ‬
‫ِ‬
‫كتابه هذا ‪ -‬كتاب التوحيد ‪ -‬باألد َّلة من الكتاب ُّ‬
‫والسنَّة كما سيأيت؛ لهذا‬
‫كل ما َأتى به‬ ‫مل يكن ألخصامه عليه َمدخَل يف أنَّه أتى ببدْ ٍع من الدين؛ بل ُّ‬
‫ِ‬
‫سلف هذه األ َّمة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫باستنباط منهما عىل هنْج‬ ‫والسنَّة‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫من الكتاب ُّ‬
‫وعاش رمحه الل يف حياته داعيا ومصنفا وعابدا لل سبحانه‪ ،‬فكان‬
‫داعيا منذ ِصغره‪ ،‬يدعو إىل توحيد الل سبحانه وتعاىل‪ ،‬وآزره اإلمام محمد‬

‫بن سعود رمحه الل(‪ ،)1‬وأ َّيده َ‬


‫ونصره ومنَع أي أحد من أن يؤذيه‪ ،‬فقامت‬
‫دعوته المباركة عىل هذا المنهج السديد‪.‬‬
‫وكان يصنف مع دعوته‪ ،‬ومل يكن هناك فن من فنون ِ‬
‫العلم إال وقد‬ ‫ٌّ‬
‫صنَّف فيه‪.‬‬
‫ففي الحديث مثَل‪ :‬أ َّلف كِتابا يف األحكام‪ ،‬وهو من أكبر الكتب‬

‫مرة بن‬
‫محمد بن مقرن بن مرخان‪ ،‬من بني مانع المنسوب إىل َّ‬
‫(‪ )1‬هو‪ :‬محمد بن سعود بن َّ‬
‫ذهل بن شيبان‪ ،‬من عدنان‪ ،‬تويف سنة (‪ 1179‬هـ)‪ .‬الدرر السنية للشيخ عبد الرمحن بن قاسم‬
‫(‪ ،)347/16‬األعَلم للزركيل (‪.)138/6‬‬
‫شرح كتاب التوحيد‬ ‫‪4‬‬

‫ف غيره‪ ،‬من عَلمات الساعة يف آخره‬ ‫المصنَّفة فيه‪ ،‬وأضاف فيه ما مل ِ‬


‫يض ْ‬
‫وغير ذلك‪ ،‬واختصر أيضا «فتح الباري»‪.‬‬
‫ويف الفقه‪ :‬اختصر الشرح الكبير البن قدامة(‪ ،)1‬واإلنصاف‪ ،‬وأ َّلف‬
‫شروط الصَلة وأركاهنا وواجباهتا‪ ،‬وآداب المشي إىل الصَلة‪.‬‬
‫ويف العقيدة‪ :‬أ َّلف ثَلثة األصول‪ ،‬وأ َّلف القواعد األربع‪ ،‬وكتابه هذا‬
‫كشف الشبهات ‪ -‬الذي هو خَلصة دعوته فيما ألقاه عليه‬ ‫العظيم‪ ،‬وأ َّلف ْ‬
‫مختصرا لكتاب التوحيد ‪.-‬‬ ‫ٍ‬
‫شبهات‪ ،‬وهو يعتبر‬ ‫أخصامه من‬
‫َ‬
‫وامتاز رمحه الل يف تصنيفه بسهولة العبارة؛ ل َيفهم المخا َطبون ما‬
‫يريد‪.‬‬
‫وامتاز أيضا رمحه الل بذكر دلي ِل ما َيذكر من المسائل؛ ليأخذ‬
‫والسنَّة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بيقين؛ ألنَّه أعطاه شيئا من الكتاب ُّ‬ ‫المستمع أو القارئ ما ذكَره له‬
‫ومما امتاز به رمحه الل أنَّه َيجمع شتات المسائل‪ ،‬فمثَل‪« :‬ثَلثة‬
‫َّ‬
‫األصول» ال تجد مصنَّفا قط يذكر فيه المسائل الثَلثة العظيمة ‪ -‬معرفة‬

‫الجماعييل‪،‬‬
‫ي‬ ‫(‪ )1‬هو‪ :‬موفق الدين أبو محمد عبد الل بن أمحد بن محمد بن قدامة المقدسي‪،‬‬
‫ولد سنة (‪541‬هـ)‪ ،‬وتويف سنة ( ‪620‬هـ) ‪ .‬ذيل طبقات الحنابلة البن رجب (‪،)281/3‬‬
‫سير أعَلم النبَلء للذهبي (‪.)165/22‬‬
‫‪5‬‬ ‫مقرر األسبوع األول‬

‫الل‪ ،‬ومعرفة نبيه‪ ،‬ومعرفة دين اإلسَلم ‪ ،-‬فهو مجَع هذه الثَلث المسائل‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تفرع منها؛ بل‬‫وصنَّف يف كل مسألة ما َي َّ‬‫كل مسألة عليها أد َّلة‪َ ،‬‬
‫وجعل َّ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫مسألة الدليل عىل ما َيذكره‪.‬‬ ‫ويزيد يف كل‬
‫غيره؛ أنَّه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وكان رمحه الل من أخَلقه وصدق دعوته فيما يخاطب به َ‬
‫يدعو ألخصامه يف السجود‪ ،‬وذلك أ َّنه يف ب ْعث رسائله يكتب ألخصامه‪:‬‬
‫بأن الل يهديك»(‪.)1‬‬‫«وأنت ممن أدعو له يف سجودي ي‬
‫ممن يؤذيه أو يخالِف دعوته أو ي َؤلب‬ ‫وكان يعفو عن أخصامه َّ‬
‫عليه‪ ،‬وال َينظر إىل مِثل ذلك‪.‬‬
‫ِ‬
‫وس َّلم كثيرا؛ بل إنه َّ‬
‫سمى‬ ‫وكان مح يبا لهدي النبي َص َّلى الل َعليه َ‬
‫وس َّلم أوالده وأحفاده؛ فأوالده‪:‬‬ ‫ِ‬
‫النبي َص َّلى الل َعليه َ‬
‫أوالده بما س َّمى به ُّ‬
‫عيل والحسن والحسين وإبراهيم وعبد الل‪ ،‬فأسماء أوالده‪ :‬أسماء أوالد‬ ‫ٌّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وس َّلم‪ ،‬وليس له سوى بنت واحدة َّ‬
‫وسماها‬ ‫أو أحفاد النبي َص َّلى الل َعليه َ‬
‫وس َّلم‪ :‬فاطمة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باسم بنت النبي َص َّلى الل َعليه َ‬
‫ٍ‬
‫تسمية بأوالد النبي‬ ‫نج ٍد أكثر‬ ‫بيت مِن ْ‬
‫أهل ْ‬ ‫ولهذا يقال‪ :‬ال يوجد ٌ‬

‫(‪ )1‬مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب‪ ،‬الرسائل الشخصية‪ ،‬الجزء السادس‬
‫(ص‪.)281‬‬
‫شرح كتاب التوحيد‬ ‫‪6‬‬

‫وس َّلم وأحفاده مِن بيت الشيخ رمحه الل؛ ولهذا ال َم ْط َعن‬ ‫ِ‬
‫َص َّلى الل َعليه َ‬
‫ٍ‬
‫جاف‬ ‫النبي عليه الصَلة والسَلم‪ ،‬أو بأنه‬
‫حب َّ‬‫فيما يقال عنه يف أنَّه ال ي ُّ‬
‫مبتعدٌ عن دعوته؛ بل حتى أوالده‬ ‫ليه وس َّلم أو أنَّه ِ‬
‫للنبي ص َّلى الل َع ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سماهم بأسماء أوالد وأحفاد النبي عليه الصَلة والسَلم‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫مما َتع َّلق به أهل بلده‪ ،‬أو َّ‬
‫ممن انتَشر فيهم الشرك؛‬ ‫ومن رأفته بما رآه َّ‬
‫بالملتزم ودعا ربه بأن يظهر دعوته‬
‫َ‬ ‫للملتزم عند الكعبة‪ ،‬والتَزم‬
‫َ‬ ‫أنَّه َذهب‬
‫عز َّ‬
‫وجل له دعوته‪ ،‬فانتشرت دعوته‬ ‫وأن يكتب لها القبول؛ فاستجاب الل َّ‬
‫بتجديد ما اندَ ثر من معامل اإلسَلم يف عصره إىل اآلفاق‪.‬‬
‫مما َأتى‬
‫عصره عصرا قد َأ ْو َغل يف الشرك؛ بل َأتوا بأعظم َّ‬
‫وقد كان ْ‬
‫الز ْل َفى وحسب؛ بل‬ ‫ِ‬
‫طلب الشفاعة أو ُّ‬ ‫به أبو جهلٍ؛ فلم ِ‬
‫يصلوا إىل‬
‫الز ْل َفى‪ ،‬وإنَّما‬
‫َجعلوهم أولياء من دون الل ال َيطلبوهنم الوسيلة أو ُّ‬
‫يدعوهنم كإله من دون الل‪.‬‬
‫نج ٍد وما حولها منتشرا فيها الشرك من عبادة‬ ‫وكانت آنذاك ديار ْ‬
‫األحجار واألشجار‪ ،‬فضَل عن القبور‪ ،‬فرمح ٌة مِن الل َّ‬
‫عز َّ‬
‫وجل بأهل بلدته‬
‫و َمن بعدهم ْ‬
‫أن بعث هذا اإلمام المجدد؛ لبيان التوحيد‪ ،‬وإحَلل النور‬
‫مكان الظَلم‪ ،‬والتوحيد بدل الشرك‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫مقرر األسبوع األول‬

‫حق عليه؛ ألنه‬


‫ولهذا من أتى بعده يف تلك الديار‪ :‬للشيخ رمحه الل ٌّ‬
‫قد َأنقذ آباءه بإذن الل من الشرك‪َّ ،‬‬
‫وإال لكان آباؤه و َمن بعدهم إىل عصرنا‬
‫عز‬
‫ونحن نطوف حول األصنام واألوثان ونحو ذلك؛ إن مل يتداركنا الل َّ‬
‫َّ‬
‫وجل برمحته‪.‬‬
‫وأوذي كثيرا يف دعوته‪ ،‬وهذا هنْج األنبياء يف اإليذاء؛ كما قال‬
‫الزب ِر‬ ‫وك َف َقدْ كذب رس ٌل مِن َقبلِ َك جاءوا بِا ْلبين ِ‬
‫َات َو ُّ‬ ‫سبحانه‪َ ﴿ :‬فإِ ْن ك ََّذب َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬
‫وجل فيمن دعا إىل‬ ‫عز َّ‬ ‫َاب ا ْلمنِير﴾ [آل عمران ‪ ،]184‬فهذه سنَّة الل َّ‬ ‫َوا ْلكِت ِ‬

‫التوحيد‪ ،‬يؤ َذى؛ لرفع درجاته‪ ،‬وليتساقط أهل الباطل مع باطلهم‪ ،‬ويبقى‬
‫الحق ناصعا مخ َّلصا‪.‬‬
‫عز َّ‬
‫وجل‬ ‫ٍ‬
‫جهيد من الدعوة والتصنيف والعبادة أمدَّ الل َّ‬ ‫عم ٍر‬
‫وبعد ْ‬
‫يف عمره إىل عام ألف ومئتين وستة (‪ )1206‬للهجرة‪ ،‬ثم تويف رمحه الل يف‬
‫ذلك العام‪ ،‬وقد عمر رمحه الل؛ فقد َبلغ من العمر حين وفاته‪ :‬واحدا‬
‫وتسعين (‪ )91‬عاما رمحه الل‪.‬‬
‫هذه حياة الشيخ باختصار‪ ،‬وما َقدَّ مه لهذه األ َّمة َرمحه الل رمحة‬
‫واسعة‪.‬‬
‫لذب عنه‬
‫ونشر مصنَّفاته‪ ،‬وا ُّ‬ ‫ُّ‬
‫وأقل ما يقدمه المسلمون له‪ :‬الدعاء له‪ْ ،‬‬
‫شرح كتاب التوحيد‬ ‫‪8‬‬

‫عند من َيجهل حاله وحال دعوته فيقع فيه‪.‬‬


‫وأ َّما كِتابه ‪ -‬وهو هذا الكتاب – اسمه‪« :‬كتاب التوحيد الذي هو‬
‫حق اهلل على العبيد»؛ فهو أعظم مصن ٍ‬
‫َّف له؛ بل ال يوجد من المصنَّفات‬
‫والسنَّة عن التوحيد مثله‪ ،‬ال قبل الشيخ وال بعده‬
‫التي َجمعت الكتاب ُّ‬
‫رمحه الل‪ ،‬فهو فريدٌ يف زمانه‪ ،‬اقتَصر فيه عىل النصوص من الكِتاب‬
‫ٍ‬
‫يسيرة لبعض أعَلم األ َّمة فيه؛ لتوضيح معنى من‬ ‫ٍ‬
‫أقوال‬ ‫والسنَّة‪ِ ،‬‬
‫وذكْر‬ ‫ُّ‬
‫والذهبي(‪،)3‬‬
‫ي‬ ‫كأقوال لشيخ اإلسَلم(‪ ،)1‬وابن القيم(‪،)2‬‬
‫ٍ‬ ‫المعاين‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬أبو العباس تقي الدين أمحد بن عبد الحليم بن عبد السَلم ابن تيمية الحراين‪ ،‬ث َّم‬
‫الدمشقي‪ ،‬ولد سنة (‪661‬هـ)‪ ،‬وتويف سنة (‪728‬هـ)‪ .‬ذيل طبقات الحنابلة البن رجب‬
‫(‪.)491/4‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬أبو عبد الل شمس الدين محمد ابن أبي بكر بن أيوب الزرعي األصل ثم الدمشقي‬
‫ابن قيم الجوزية‪ ،‬ولد سنة (‪691‬هـ)‪ ،‬وتويف سنة (‪751‬هـ)‪ .‬الرد الوافر البن ناصر الدين‬
‫(‪.)68/1‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬أبو عبد الل شمس الدين محمد بن أمحد بن عثمان بن قايماز التركماين الذهبي‪ .‬ولد‬
‫سنة (‪673‬هـ)‪ ،‬وتويف سنة (‪ .)748‬طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (‪.)100/9‬‬
‫‪9‬‬ ‫مقرر األسبوع األول‬

‫حز ٍم(‪ ،)2‬أ َّما هو فلم َيذكر يف الكِتاب مِن َّأوله إىل آخره‬
‫والبغوي(‪ ،)1‬وابن ْ‬
‫أي كلمة منه؛ وإنَّما َجمع نصوصا؛ بل ومل َيجعل له مقدمة؛ ليكون‬
‫ٍ‬
‫يسيرة ِجدي ا ألئمة الدين‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫أقوال‬ ‫مقتصرا عىل النصوص فحسب‪ ،‬مع‬
‫أجمع ‪ -‬ما صنف يف هذا الباب‪.‬‬
‫أجمع ‪ -‬إن مل يكن ْ‬
‫فهو من ْ‬
‫َّ‬
‫وإن الشخص لو اقتَصر عىل مسائل توحيد األلوهية عىل هذا‬
‫الكتاب‪ ،‬واعتقد ما فيه؛ فإنَّه ‪ -‬بإذن الل ‪ -‬يغنيه عن بق يية الكتب يف توحيد‬
‫األلوهية‪ ،‬قال يف حاشية كتاب التوحيد‪« :‬هذا الكتاب ليس له نظير يف‬
‫الوجود»(‪.)3‬‬
‫واسم هذا الكتاب‪« :‬كتاب التوحيد الذي هو حق اهلل»؛ يعني‪:‬‬
‫الواجب‪« ،‬على العبيد»؛ أي‪ْ :‬‬
‫أن يحققوه و َيعملوا بما فيه‪.‬‬
‫وموضوع كتاب التوحيد عدة ٍ‬
‫أمور‪:‬‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي‪ .‬طبقات الشافعية الكبرى للسبكي‬
‫(‪.)75/7‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬أبو محمد عيل بن أمحد بن سعيد بن حزم الفارسي األصل‪ ،‬ثم األندلسي القرطبي‪،‬‬
‫ولد سنة (‪384‬هـ)‪ ،‬وتويف سنة (‪456‬هـ)‪ .‬سير أعَلم النبَلء للذهبي (‪.)184/18‬‬
‫(‪ )3‬حاشية كتاب التوحيد (‪.)7/1‬‬
‫شرح كتاب التوحيد‬ ‫‪10‬‬

‫األول‪ :‬بيان التوحيد‪.‬‬


‫األمر َّ‬
‫واألمر الثاين‪ :‬بيان ما ينايف التوحيد بالكلية‪.‬‬
‫األمر الثالث‪ :‬بيان ما ينايف كمال التوحيد الواجب‪.‬‬
‫األمر الرابع‪ :‬بيان ما ينايف كمال التوحيد المستحب‪.‬‬
‫ِ‬
‫الموصلة إىل الشرك سواء‬ ‫األمر الخامس‪ :‬سدُّ الوسائل والذرائع‬
‫كانت قول َّية أو فعل َّية‪.‬‬
‫يعني إذا قيل‪ :‬ما الذي َيتك َّلم عنه كتاب التوحيد؟‬
‫الخمسة‪.‬‬
‫ْ‬ ‫تقول‪َ :‬يتك َّلم عن هذه األمور‬
‫والمعاصي تنقسم إلى قِسمين‪:‬‬
‫ٍ‬
‫شبهة‪ :‬كالشرك بالل‪.‬‬ ‫سم ناشئ ٌعن‬‫ِ‬
‫‪ .1‬ق ٌ‬

‫وشرب الخمر‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫ناشئ عن شهوة‪ :‬كالزنا ْ‬
‫ٌ‬ ‫سم‬
‫‪ .2‬وق ٌ‬

‫والمعصية الناشئة عن الشبهة أشدُّ من الناشئة عن الشهوة؛ لذلك‬


‫بدعة»؛ ألنه ناشئ عن ش ٍ‬
‫بهة‪ ،‬أ َّما التي‬ ‫ٍ‬ ‫قال السلف‪َ « :‬ق َّل أن يتوب صاحب‬
‫ٌ‬
‫كثير من العباد منها مثل‪ :‬اإلسبال‪ ،‬أو‬
‫عن الشهوات؛ فبإذن الل يتوب ٌ‬
‫ح ْلق اللحية‪ ،‬أو التدخين ونحو ذلك‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫مقرر األسبوع األول‬

‫ولكون المعصية الناشئة عن شبهة أشدي ؛ َجعل الشيخ محمد بن عبد‬


‫ْ‬
‫يتعرض للزنا‪ ،‬وال لشرب الخمر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الوهاب كتابه يف هذا القسم فقط‪ ،‬فلم َّ‬
‫وال ألكل الميتة‪ ،‬وال لق ْطع الطريق‪ ،‬وال للسرقة ونحو ذلك‪.‬‬
‫وأج ُّل ٍ‬
‫علم يتعلمه اإلنسان هو علم التوحيد؛ بل هو أوجب واجب‬ ‫ي‬
‫‪ -‬كما سيأيت(‪ - )1‬يف أبواب التوحيد األوىل‪.‬‬

‫و َذكر أيضا توحيد األسماء والصفات َ‬


‫وجعلها يف آخر كتابه‪.‬‬
‫و َأك َث َر من توحيد األلوهية يف هذا الكتاب ألمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬ألنه هو الذي دعت إليه الرسل‪.‬‬
‫األمر َّ‬
‫عصره فيما يناقض توحيد‬
‫واألمر الثاين‪ :‬لكثرة وقوع الناس يف ْ‬
‫األلوهية‪.‬‬
‫المختصر َحفظتْه األجيال مِن بعد‬
‫َ‬ ‫وهذا الكتاب العظيم المفيد‬
‫الشيخ رمحه الل إىل يومنا هذا؛ لعظيم فائدته‪.‬‬

‫و َتواىل عليه العلماء بالشرح‪َّ ،‬‬


‫وأول َمن َشرحه حفيده رمحه الل‬
‫الشيخ سليمان بن عبد الل بن محمد بن عبد الوهاب(‪ )2‬يف كتابه‪ :‬تيسير‬

‫(‪( )1‬ص) عند قوله (لذلك أوجب الواجبات التوحيد)‪.‬‬


‫(‪ )2‬هو‪ :‬سليمان بن عبد الل بن محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬من آل الشيخ‪ .‬ولد سنة (‪1200‬هـ)‪،‬‬
‫شرح كتاب التوحيد‬ ‫‪12‬‬

‫ووصل فيه إىل آخر باب ما جاء يف منكري القدر‪ ،‬ومل‬ ‫العزيز الحميد‪َ ،‬‬
‫ي ِ‬
‫كم ْله؛ ألنه قتل شهيدا صغيرا وعمره ثَلثة وثَلثون (‪ )33‬عاما فقط‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك أتى حفيده اآلخر وهو الشيخ عبد الرمحن بن حسن بن‬
‫محمد بن عبد الوهاب رمحه الل(‪َّ )1‬‬
‫فهذب و َأكمل ما مل يكمله ابن عمه‬
‫سليمان المحدث إىل هناية كتاب التوحيد‪.‬‬
‫ِ‬
‫شرح‬
‫شرح هذا الكتاب العظيم؛ مثل‪ْ :‬‬ ‫ثم بعد ذلك َتتابع العلماء يف ْ‬
‫قرة عيون الموحدين(‪ ،)3‬ومِثل كِتاب‪:‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ابن عتيق رمحه الل ‪ ،‬ومثل‪ :‬شرح ي‬

‫وتويف سنة (‪ 1233‬هـ)‪ .‬الدرر السنية للشيخ عبد الرمحن بن قاسم (‪ ،)384/16‬األعَلم‬
‫للزركيل (‪.)129/3‬‬
‫(‪ )1‬هو‪ :‬عبد الرمحن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب‪ .‬ولد سنة (‪1193‬هـ)‪ ،‬وتويف سنة‬
‫(‪ .)1285‬الدرر السنية للشيخ عبد الرمحن بن قاسم (‪ ،)404/16‬األعَلم للزركيل‬
‫(‪.)304/3‬‬
‫(‪ )2‬اسم كتابه‪ :‬إبطال التننديد يف مختصر شرح كتاب التوحيد‪ .‬وابن عتيق هو‪ :‬محد بن عيل‬
‫بن محمد بن عتيق بن راشد بن محيضة‪ ،‬ولد سنة (‪1227‬هـ)‪ ،‬وتويف سنة ( ‪1301‬هـ)‪ .‬الدرر‬
‫السنية للشيخ عبد الرمحن بن قاسم (‪ ،)430/16‬األعَلم للزركيل (‪.)272/2‬‬
‫(‪ )3‬قرة عيون الموحدين‪ ،‬للشيخ عبد الرمحن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب رمحه الل‪.‬‬
‫الدرر السنية للشيخ عبد الرمحن بن قاسم (‪ ،)409/16‬األعَلم للزركيل ( ‪.)304/3‬‬
‫‪13‬‬ ‫مقرر األسبوع األول‬

‫حاشية كتاب التوحيد لعبد الرمحن ابن قاسم(‪.)1‬‬


‫وهذا الكِتاب نَصح وال يزال َينصح به العلماء؛ بح ْفظه وم ْعرفة ما‬
‫ٍ‬
‫كثيرة‪.‬‬ ‫فيه؛ الشتماله عىل مسائل‬
‫***‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬أبو عبد الل عبد الرمحن بن محمد ابن قاسم العاصمي القحطاين‪ ،‬ولد سنة‬
‫(‪1319‬هـ)‪ ،‬وتويف سنة (‪1392‬هـ)‪ .‬األعَلم للزركيل (‪.)336/3‬‬

You might also like