‫قانون المسطرة المدنية يستحق العناية بالمراجع ة‪ ،‬من منطل ق ال وعي بأهمي ة العدال ة اإلجرائي ة والقواع د المس طرية

في‬

‫تحسين جودة الخدمة القضائية‪ ،‬وكفالة المحاكمة العادلة‪ ،‬وترجمة الخيارات الدستورية‪ ،‬والسيما تلك المتعلقة بقواعد حس ن‬

‫سير العدالة وحقوق المتقاضين‪ ،‬لذلك فإن تحبين نصوصها سيجعلها مالئم ة للمعطي ات االجتماعي ة واالقتص ادية الجدي دة‪،‬‬

‫ومستجيبة للحاجيات التي يعبر عنها المتقاضون وباقي الفاعلين المرتبطين بالمحيط القض ائي‪ ،‬وس عيا إلى معالج ة مظ اهر‬

‫الخلل التي ساهمت في الهدر المسطري المتمثل في تعقيد اإلجراءات والبطء في المساطر وفي تنفيذ األحكام‪.‬‬

‫يسمح عرف قانون المسطرة المدنية بعدة تعريفات جلها ليست جامعة وال مانعة وتعتريها جملة من النقائص والعيوب ومما‬

‫عرفت به المسطرة المدنية كونها ‪ :‬مجموعة القواعد التي تمكن من تنظيم العدالة‪ ،‬وضمان سيرها بشكل يحافظ على حقوق‬

‫األشخاص‪ .‬وهذا يعني أن هذه المسطرة هي الوس يلة القانوني ة ال تي تمكن األش خاص من اللج وء إلى المح اكم المختص ة‪.‬‬

‫وهكذا فإن المسطرة المدنية ال تتحرك قواعدها اإلجرائية إال بعد أن ترف ع إلى المحكم ة دع وى من ال دعاوى‪ ،‬مم ا لن ا أن‬

‫نقول إن المسطرة المدنية ‪ .‬هي المسطرة التي تصاحب الدعوى منذ تسجيلها بالمحكمة إلى صدور حكم بات بها وتنفيذها‪.‬‬

‫وعرفناه ا بتعري ف ن رى أن ه يتالفى كث يرا من عي وب التعريف ات الس ابقة‪ ،‬بقولن ا‪ :‬المس طرة المدني ة هي ‪ :‬مجموع ة من‬

‫اإلجراءات واألشكال القانونية التي تطبق أمام القضاء أو من خالله بشأن ال دعاوى والطلب ات المرفوع ة إلي ه وال تي يجب‬

‫اللجوء إليها بأولوية محددة‪ ،‬ويترتب عن تنفيذها آث ار إجرائي ة تع ود على تل ك ال دعاوى والطلب ات ‪ ».‬فه ذا التعري ف بين‬

‫شخصية هذه المسطرة وبين طبيعتها وما تتميز به‪ ،‬فهي ليست إجراءات كلها‪ ،‬وإنما فيها الج انب اإلج رائي وفيه ا الج انب‬

‫الشكلي‪ ،‬وهي كذلك ال تتعلق كلها بالدعاوى بالمعنى التقليدي لل دعوى‪ ،‬وإنم ا تتعل ق بال دعاوى وبالطلب ات ال تي ال ينطب ق‬

‫عليها من حيث الطبيعة وصف الدعوى‪ ،‬كما أن هذه المسطرة تطبق أمام المح اكم أو من خالله ا بواس طة أوام ر قض ائية‪،‬‬

‫ويجري تنفيذها خارج المحاكم‪ ،‬كما أن تنفيذ ه ذه القواع د اإلجرائي ة ي ترتب عن ه آث ار إجرائي ة أخ رى‪ ،‬ت ؤدي إلى تحق ق‬

‫الغرض القضائي في النهاية‬

‫من خالل تعريفنا سنتطرق الى السؤال المطروح ماهي اقسام الدعوى ؟‬

‫من خالل طرح االشكالية سنقسم موضوعنا الى التقسيم التالي ‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اقسام الدعوى‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الدعوى المختلطة‬

 ‫المبحث األول‪ :‬اقسام الدعوى‬

‫تنقسم الدعوى قسمين رئيسيين ‪ :‬دعاوى عمومية‪ ،‬وهي التي تباشرها النياب ة العام ة لطلب توقي ع العق اب على من ي رتكب‬
‫جريمة ما‪ ،‬وهذا النوع من الدعاوى قد تكفل ببيان طبيعته وكيفية مباشرته قانون المسطرة الجنائية‪ .‬ودع اوى مدني ة‪ ،‬وهي‬
‫التي تتعلق بأموال الشخص وحالته‪ ،‬وقد تنشأ هذه الدعاوى عن ارتكاب جريمة‪ ،‬ويكون موضوعها المطالبة بالتعويض‪ ،‬أو‬
‫رد الشيء المسلوب‪ ،‬وعندئذ تنقسم إلى دعوى مدنية ترفع للمحاكم الجنائية‪ ،‬بطريق التبعية للدعاوى العامة‪ ،‬وه ذه ال ش أن‬
‫لقانون المسطرة المدنية بتنظيمها‪ ،‬ودعاوى مدنية ترف ع بطري ق أص لية أم ام القض اء الم دني‪ ،‬وتخض ع لقواع د المس طرة‬
‫المدنية وإجراءاتها وهي التي تهمنا‪ ،‬ونعتني بدراس تها هن ا‪ .‬وإذا نظرن ا إلى ال دعاوى من جه ة الكيفي ة ال تي تق دم به ا إلى‬
‫القضاء المدني أمكن تقسيمها إلى دعاوى مفتتحة للخصومة‪ ،‬ودعاوى متفرعة عنها‪.‬‬

‫فاألولى ‪ :‬تشمل تلك التي تبدأ بها الخصومة أمام المحكمة‪.‬‬

‫والثانية ‪ :‬تشمل تلك التي توجب ‪ -‬أوجه الدفاع في الخصومة‪ ،‬أو تطوراتها أو اتساع نطاقها‪ ،‬أو مساسها بمصالح أش خاص‬
‫آخرين ‪ -‬االلتجاء إليها كالطلبات العارضة‪ ،‬والدعوى الفرعي ة‪ ،‬ودع وى الت دخل‪ ،‬ودع وى ال زور الف رعي وغيره ا‪ .‬وإذا‬
‫نظرنا إلى الدعاوى من جهة طبيعة الحق موضوع النزاع‪ ،‬قسمناها إلى دعاوى شخصية‪ ،‬ودعاوى عينية‪ ،‬وإذا نظرنا إليها‬
‫من وجهة طبيعة موضوعها‪ ،‬قسمناها إلى دعاوى عقارية‪ ،‬ودعاوى منقولة‪ .‬وإذا نظرن ا إليه ا من الوجه تين مع ا قس مناها‬
‫إلى ‪ :‬دعوى شخصية عقارية‪ ،‬ودعاوى شخصية منقولة‪ ،‬وعينية عقارية‪ ،‬وعينية منقولة‪ .‬وإذا نظرنا إليه ا من وجه ة ن وع‬
‫االتفاق أو العمل الذي نشأت عنه‪ ،‬أمكن تقسيمها إلى دعاوى مدنية‪ ،‬ودعوى تجارية‪.‬‬

‫والدعاوى العينية العقارية إذا نظرنا إليها من وجهة تناولها أساس الحق‪ ،‬أو اقتصارها على إثارة النزاع في الحي ازة‪ ،‬أمكن‬
‫تقسيمها إلى دعاوى مطالبة بالحق‪ ،‬ودعاوى الحيازة‪.‬‬

‫ولكن جرى الفقه التقليدي ‪ -‬وسايره في ذلك التشريع المغربي ‪ -‬على تقسي الدعاوى على النحو التالي ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬إلى دعاوى شخصية ودعاوى عينية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬إلى دعاوى منقولة ودعاوى عقارية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬إلى دعوى ملكية‪ ،‬ودعاوى حيازة‪ .‬وأما الفقه الحديث‪ ،‬فإن ه ي رى أن التقس يم المفي د في دراس ة ال دعوى‪ ،‬ه و تقس يم‬
‫الدعاوى‪ ،‬إلى دعاوى إلزام‪ ،‬ودعاوى تقريرية‪ ،‬ودعاوى منشئة‪ ،‬وذلك بالنظر إلى الحماية القضائية التي ته دف إليه ا ه ذه‬
‫الدعاوى‪ ،‬وهو ما يتجه إليه خاصة الفقه األلماني واإليطالي‪ .‬وبما أن هذا التقسيم مبناه الحكم الصادر في الدعوى‪ ،‬أي يتخذ‬
‫الغاية التي يهدف المدعي إلى تحقيقها من رفع دعواه معيارا لتقسيم ال دعاوى عام ة‪ ،‬وه و م ا يتص ل ‪ -‬منهجي ا ‪ -‬بدراس ة‬
‫نظرية األحكام‪ ،‬ولذلك سنرجي الحديث عن هذا التقسيم إلى حين الحديث عن نظرية األحكام‪ .‬وتبقى اإلشارة إلى أن تقس يم‬
‫الدعاوى ذو أهمية بالغة‪ ،‬نظرا النعكاساته حول اختصاص المحاكم بشأنها‪ ،‬واإلجراءات المسطرية الواجبة اتباعها في ك ل‬
‫قسم‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الدعوى المختلطة‬