Professional Documents
Culture Documents
حلول مقترحة لتطوير البدائل الشرعية للفائدة على القرض المصرفي
حلول مقترحة لتطوير البدائل الشرعية للفائدة على القرض المصرفي
إن التقدم االقتصادي الحديث وتطور سوق النقد ،شهد تنوع أدو اته وتعدد مؤسساته
و اتسع نطاق التخصص فيه ،مما أدي إلى تسهيل تحريك األموال بين المدخرين و المستثمرين
في قنوات متنوعة ،وال غنى لمن يستشرف آفاق التقدم والرخاء بأن يعرفها ويتبناها ليحقق
التنمية االقتصادية واالجتماعية التي تعد التحدي الذي يواجه الدول النامية .
لذا فإن االقتصاديون يقرون بأن عملية التنمية هذه تحتاج إلى أعباء تمويلية في مختلف
المراحل التي تمربها ،لهذا كان للجهازالبنكي دورهام وفعال لتعبئة و توجيه موارد املجتمع.
فالمؤسسات البنكية تقوم على الفائدة التي تضخم معها النشاط التمويلي ،و انكمش
النشاط اإلنتاجي ؛ والحقيقة أن الفائدة لها نتائج سلبية على التنمية و االستقرار بعد أن تشعب
كأداة ال غنى عنها في أنسجة التمويل التقليدي ،وفي ظل هذه الظروف وجدت البنوك التشاركية
كمنافس للبنوك التقليدية والتي تقوم على نبذ الفائدة ،و العمل على إيجاد بديل لها يمكن
اإلنسان من تحقيق هدفه الذي هو الخالفة باألرض ،عبر وضع حلول مقترحة لتطوير آليات
التمويل البديل عن الفائدة ،فإلى أي مدي تعتبرتلك الحلول حال جذريا لعدم التعامل بالفائدة؟،
لإلجابة على اإلشكالية سنتبع المنهج التحليلي و الوصفي ،وذلك من خالل الحديث عن الحلول
المقترحة لتطوير آليات التمويل البديل (الفرع األول) ثم تطرق لتجربة بعض الدول العربية في
P 102 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مجال المالية اإلسالمية كمثال على مدي نجاعة هذه الحلول التي يعتبرأصحابها أنها تشكل بديال
فعليات للعمليات التقليدية القائمة على الفائدة أخذا و عطاء ( الفرع الثاني).
الفرع األول :الحلول المقترحة لتطوير البدائل الشرعية للفائدة على القرض المصرفي
يقتض ي الحديث عن الحلول المقترحة لتطوير البدائل الشرعية للفائدة على القرض
المصرفي؛ الحديث عن آلية التمويل التشاركي وما تتطلبه من معالجة مشكلة املخاطراألخالقية
وتطوير استخدام المضاربة والمشاركة(الفقرة أولى)؛ واألساليب المقترحة لتجاوز المشكالت
المرتبطة بالرقابة المركزية و اقتراحات تفعيل الهندسة المالية اإلسالمية (الفقرة ثانية).
في إطار معالجة مشكلة املخاطر األخالقية سنتطرق للفرق بين الحماية والضمان ( أ) ثم
الحلول المقترحة لحماية رأس المال والتقليل من مشكلة املخاطراألخالقية(ب )
ال بد من التمييزبين مفهوم حماية رأس المال وضمانه ،فحماية رأس المال تعني السعي إلى
وقايته من النقص والخسارة ودرء املخاطرالتي يمكن أن تؤدي إلى هالكه؛ وذلك باعتماد الوسائل
التي ال تتعارض مع مبادئ الشريعة ،166والحماية بالمفهوم السابق أمر مطلوب شرعا ومبرر
مقاصديا ،ألنه يحقق مقصد حفظ المال سواء من حيث العدم أو الوجود ،وفي هذا السياق
وردت كثيرمن األحكام الشرعية التي تروم حفظ المال وحمايته من الضياع أواالعتداء عليه وأكل
مال الغيربالباطل ،يقول تعالى﴿ :يا أيها الذين آمنوا ال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إال أن تكون
تجارة عن تراض منكم﴾.167
166الدكتور حسين عبد الله آمين ـ الودائع المصرفي واستثمارها في اإلسالمي ،ص .224
-167سورة النساء اآلية .22
P 103 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فاآلية الكريمة تدل على أن التصرف في األموال منوط بالحق والنفع ،فكل عملية لتداول
المال بين الناس تتعارض مع أحكام الشرع لما تنطوي عليه من اإلضرار بالغير والظلم
واالستغالل ،وكذا التحايل للحصول على أموال الغير بغيروجه حق ،من أكل المال بالباطل.168
كما أمر الله تعالى بتوثيق العقود للحفاظ على حقوق المتعاقدين فقال ﴿ :يا أيها الذين
آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه﴾ ،169وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بلال فقال" :ما هذا يا صاحب الطعام؟
قال أصابته السماء يا رسول الله ،قال :أفال جعلته فوق الطعام كي يراه الناس من غش فليس
مني" .170فالغش بمختلف صوره منهي عنه شرعا.
أما عن الضمان في االصطالح الفقهي فينبغي أن نميز فيه بين معنيين أساسيين ومختلفين
المعنى األول يقصد به االلتزام بتعويض الغيرعما لحقه من تلف المال أوضياع المنافع أوالضرر
الجزئي أو الكلي الحادث بالنفس اإلنسانية ،فالضمان بالمعنى السابق يرتبط بتحمل الخسائر
وااللتزام بسالمة رأس المال بغض النظر عن األسباب ،وهو المفهوم الذي نقصده لتمييزه عن
الحماية ،أما المعنى الثاني للضمان فيراد به أيضا في االصطالح الفقهي" :تحمل تبع الهالك أو
التلف أو الخسارة بناء على قواعد الملك أو العقد" ،171وحكم هذا النوع من الضمان هو الجواز
،فهومقررشرعا ألن تعلق بمخاطرناشئة عن الملكية بحيث يتحمل المالك التبعية الناشئة عن
تلفها أو نقصان قيمتها ،وهي مخاطر ترتبط بالعمليات االستثمارية بحكم طبيعتها وإن كانت غير
مقصود لذاتها ،كما تشكل معيارا وشرطا للسالمة الشرعية الستحقاق العائد في عقود
المعاوضات ،وهو ما يستفاد من النصوص الشرعية التي تربط بين الربح والضمان ،فتملك
السلعة ينشأ عنها ضمانها وهذا الضمان تنشأ عنه مخاطرة وبه يستحق الربح.
فإذا تجرد عن هذا الضمان فال ربح ،لذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربح ما
لم يضمن ،وقال عليه الصالة والسالم : ،الخراج بالضمان" ،وبذلك يتبين أن أساس املخاطرة
المشروعة هو الربط بين نتائج العملية االستثمارية ربحا كانت أو خسارة بالمسؤولية عن
168د /سيدي محمد البارودي ــ التمويل التشاركي في المصارف اإلسالمية ،ص .422
-169سورة البقرة اآلية .284
-170الحديث أخرجه اإلمام مسلم في صحيحه :كتاب اإليمان الجزء األول :ص 22رقم الحديث .431
-171د .عدنان عبد الله عويضة ،نظرية المخاطرة في االقتصاد اإلسالمي ص .12
P 104 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الملكية ،فالحد األدنى من املخاطر الضروري للحو افز والكفاءة يتمثل في وجوب تحمل مخاطر
الملكية ،الالزمة لتحقيق الربح ونمو الثروة.172
وبالرجوع إلى مسألة املخاطر األخالقية في مجال التمويل التشاركي ،ال بد من التأكيد على
أن الضمان بالمفهوم األول والذي يفيد – وكما سبقت اإلشارة إلى ذلك – تحمل الخسائر
وضمانها دون النظرإلى األسباب أمرال يجوزشرعا ،ويختلف تماما االختالف عن أسلوب الحماية،
فالحماية بذل عناية وأما الضمان فهو االلتزام بغاية.173
إن اشتراط الضمان وإلزام المضارب بذلك ال يجوزعند فقهاء المذهب ،فاألصل في طبيعة
المضاربة أن المضارب أمين ،فإذا ما تم إلزامه بالضمان فسينقلب طبيعة العقد إلى قرض
مضمون وليس قراضا ،يقول :الدكتور عبد الستار أبو غدة :إن الضمان في المشاركات بما فيها
المضاربة والوكالة باالستثمار يلغي الفرق بين االستثمار املحرم المضمون عائدة للمقرض مع
ضمان المقترض له ،وبين االستثمارالحالل الذي يظل محتمال للربح أو الخسارة.174
وجاء في قرارملجمع الفقه اإلسالمي الدولي رقم ( : )2-1/11ال يجوزأن تشتمل نشرة اإلصدار
أو صكوك المقارضة على نص بضمان عامل المضاربة رأس المال أو ضمان ربح مقطوع أو
منسوب إلى رأس المال.
االقتراح األول :تحميل المضارب أو الوكيل عبء اإلثبات ،وذلك بتضمينه ما لم يثبت عدم
تعديه أو تقصيره :مفاد هذه االقتراح هو أن يتم نقل عبء اإلثبات من رب المال إلى المضارب
بسبب صعوبة إثبات تقصيرالمضارب.
وقد بين الدكتور أنس الزرقا المقصود بهذا األسلوب المقترح بقوله :الجديد الذي أقترحه
والذي يتطلب اجتهادا جماعيا هو اعتبارالمصرف مقصرا حكما إن وقع في خسارة كبيرة عرفا ما
لم يثبت المصرف أنها لم تنجم عن تعديه أو تقصيره ،أي أنني أقترح نقل عبء اإلثبات حينئذ من
P 105 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
رب المال إلى المضارب ،والداعي إلى هذا االقتراح هوأن أصحاب الحسابات عاجزون من الناحية
العملية عن ممارسة حقهم الشرعي في إثبات تعدي المصرف أو تقصيره".175
والمالحظ بخصوص هذا االقتراح هو أنه يستحضرمتغيرات العصر ،ويأخذ بعين االعتبار
التحديات التي تطرحها املخاطر األخالقية على مستوى التمويل التشاركي ،ودون المساس
بالقواعد التي وضعها الفقهاء في موضوع الضمان ومنها قاعدة" :المؤتمن غيرضامن مالم يفرط
أو يتعده" ،176لكن يبقى اإلشكال المطروح في هذا إلطار هو مسألة البينة بناء على القاعدة
المشهورة :البينة على المدعي واليمين على من أنكر ،ولرفع هذا اللبس أقول بأن مسألة اإلثبات
واإلتيان بالبينة على المدعي تكون في حالة ادعاء أمريخالف األصل ،وبناء عليه إذا ثبت أن األصل
أو الغالب في زمن قل فيه الوازع الديني وتراجعت فيه القيم األخالقية هو عدم أمانة العميل،
فيبدوا أنه من العدل إلزام العميل بوصفه مضاربا أو شريكا بإثبات عدم تقصيره أو تعديه،
وأعتقد أن في عملية نقل عبء اإلثبات إلى األمناء فيما يدعون من تلف األموال التي يتولون إدارتها
ليس فيه مخالفة لمنهج الشرع ،يقول الدكتور حسين حامد حسان" :وليس في هذا المنهج
مخالفة لحكم الشرع ،في أن مناط ضمان األمين هوالتعدي والتقصير ،بل إن ذلك تطبيق صحيح
لهذا الحكم باللجوء إلى قواعد اإلثبات الشرعية في إثبات الهالك والتلف ،ذلك أنه من غيرالعدل
أن يقبل من كل مضارب أووكيل أوشريك مجرد دعوى هالك المال وخسارته ،وليس الناس اليوم
أشد ورعا وتقوى من الصانع واألجيراللذين ضمنهم علي رض ي الله عنه.177
وفي السياق ذاته ،ال بأس من اإلشارة إلى أن اقتراح تحميل المضارب عبء اإلثبات كان
موضوع املحور األول للمؤتمر الفقهي الثالث للمؤسسات المالية اإلسالمية الذي نظمته شركة
شورى لالستشارة الشرعية ،سنة 0211هـ 4112/في دولة الكويت ،ومن النتائج التي خلص إليها
المؤتمر :ما يلي:178
-175د .محمد أنس الزرقا ،حماية الحسابات االستثمارية في إطار األعمال المصرفية اإلسالمية ،مجلة االقتصادي
اإلسالمي ،ع ،221ص .23
176د .أبو بكر هاشم ،التحديات العملية لتطبيق صيغ المشاركات في المصارف اإلسالمية والرد ذلك على التنمية
االقتصادية ص ، 204الجامعة األمريكية المفتوحة ،كلية الدراسات اإلسالمية ،قسم االقتصاد اإلسالمي .ص .201
-177د .حسين حامد حسان :حماية رأس المال وحده أومع هامش ربح معين ،مجلة االقتصاد اإلسالمي ،العد،221 :
ص .22
178د /سيدي محمد البارودي ــ التمويل التشاركي في المصارف اإلسالمية ،مرجع سابق ،ص .481
P 106 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
األصل قبول قول المضارب وكذا الوكيل باالستثمار ،واألخذ به في نفي الضمان عن نفسه
في حالة هالك ش يء من األموال التي يستثمرها أو خسارته بمجرد ادعائه أن ذلك إنما وقع من غير
تعد منه أو تقصير ،دون مطالبته ببينة على صدق دعواه (باعتباره مدعى عليه ،فال يطالب
بالبينة ،إذ البينة على المدعي ،واليمين على المدعى عليه) فإن أقام رب المال – وهو المدعى-
البينة على تعدي المضارب أو الوكيل باالستثمار ،صارضامنا.
غيرأن استصحاب هذا األصل إنما يسوغ األخذ به والتعويل عليه في النظرالفقهي إذا غلب
في الناس الصدق واألمانة والتورع عن أكل مال الغير بالباطل ،179فإذا تغيرت الحال ،فإن داللة
الحال -وهي األمارة الظاهرة التي تدل على صورة الحال -مقدمة على األصل عند تعارضهما،
ألنها قرائن قوية ،وشواهد قائمة تنبئ بحدوث أمر يغير حالة األصل ،فتكون بمثابة دليل على
عدم صدق يتمسك بذلك األصل ،ولهذا يترجح في الحكم جانب من شهدت له من المتداعيين -
وهو صاحب المال – على من شهد له استصحاب األصل ،ويكون القول قوله في ذلك ،ما لم يقم
أولئك األمناء ( المضارب /الوكيل باالستثمار) بالبينة على صدق ادعائهم ،إذ العلم الحاصل
اعتماد على القرائن واألمارات الظاهرة أقوى من الظن الحاصل باستصحاب األصل".
كما أن العمل بهذا األصل مقيد بأن ال يكون مخالفا للعرف ،فإذا جرى عرف الناس بعدم
قبول قوله (المضارب /الوكيل باالستثمار) حتى يقيم البينة على صدق ادعائه عدم التعدي
أوالتقصير ،فإن وصفه وحكمه الشرعي ينقلب من مدعى عليه إلى مدع أمر آخر خالف األصل،
فال يقبل قوله إال إذا أقام البينة على صدقه ،ألن داللة العرف أقوى وأظهرمن استصحاب أصل
براءة ذمة األمين (المضاربة /الوكيل باالستثمار) عند تعارضهما.180
كما أن العمل بهذا األصل مقيد بانتفاء التهمة عن األمين – والمراد بالتهمة رجحان الظن
بعدم صدق األمين (المضارب /الوكيل باالستثمار) في ادعائه عدم التعدي أو التقصير – إذا
التهمة موجب شرعي لنقل اإلثبات من أرباب المال إلى األمين الحائز إذا الدعي أن ذلك إنما وقع
بغير فعله أو تسببه ،وهي متحققة في هذه القضية ،إذ أن من المفترض في المضارب والوكيل
179نور الدين زعتير ،المعامالت المصرفية و الربوية وعالجها في اإلسالم ،مؤسسة الرسالة بيروت ،الطبعة الرابعة ،0901ص
.000
180د /حسين حامد حسان ،حماية راس المال وحده أو مع هامش ربح معين ـ مجلة االقتصاد اإلسالمي ،العدد
، 221ص .22
P 107 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
باالستثمار والمتوقع منه بحسب المعهود والدالالت العرفية الظاهرة حفظ رؤوس األموال
المستثمرين من الخسارة ،وتحقيق األرباح والمكاسب لهم ،و"قول المتهم ليس بحجة" كما هو
مقررفي القواعد الفقهية.181
و أيضا فإن المصلحة موجب شرعي لنقل عبء اإلثبات إلى هؤالء األمناء ،وذلك لحماية
أموال المستثمرين من الخسارة عند ادعاء المضارب أو الوكيل باالستثمار هالك أموال
المستثمرين أو خسارتها إذا علموا أنهم مصدقون في نفي الضمان عن أنفسهم بمجرد ادعائهم
ذلك ،من غيرتكليفهم إقامة البينة على صدق ادعائهم.182
االقتراح الثاني :من األساليب المقترحة على ضوء االجتهادات الفقهية المعاصرة لحماية
أموال المودعين في إطارالتمويل التشاركي ،وتحفيزهم على استثمارالتأمين على االستثمار تأمينا
تعاونيا وذلك من خالل إنشاء صندوق بتأمين التكافلي تديره شركة تأمين تعاوني مستقلة تتحدد
مواردها من خالل اقتطاعات محددة من رؤوس أموال المستثمرين ،وينطلق هذا األسلوب من
مبدأ التبرع ،ويهدف إلى تحقيق نوع من التكافل والتعاون من خالل توزيع املخاطربين المستثمرين
وضمان نوع من الحماية لألموال.183
ومن العلماء الذين دعو إلى هذا األسلوب الدكتورحسن عبد الله األمين والدكتورمحمد
شبير والدكتور محمد أنس الزرقا ،كما تم اعتماده عمليا من قبل بعض المؤسسات المالية
اإلسالمية مثل البنك اإلسالمي األردني ،وعلى المستوى التشريعي نجد أن المعياررقم 002بشأن
االحتياطات واملخصصات الصادرة عن هيأة املحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية
تضمن تنظيم احتياطي مخاطراالستثماروالقائم على أساس اقتطاع جزء من أرباح المستثمرين
فقط.184
وعلى الرغم من أهمية الصيغة المقترحة لحماية األموال وتوزيع املخاطربين المستثمرين،
وكونها مقبولة من الناحية الشرعية كما ذهب إلى ذلك كثيرمن العلماء ،إال أن ثمة بعض القضايا
الفقهية والعملية التي تطرح على مستوى التطبيق على رأسها ،عدم استمرار نفس المودعين،
181د /محمد أنس الزرقا ،حماية الحسابات االستثمارية في اطار األعمال المصرفية اإلسالمية ـ مجلة االقتصاد
اإلسالمي ـ العدد ، 221ص .23
182د /سيدي محمد البارودي ــ التمويل التشاركي في المصارف اإلسالمية ،مرجع سابق ،ــ ص .481
183د /محمد أنس الزرقا ،حماية الحسابات االستثمارية في اطار األعمال المصرفية ،ص .28
184د /سيدي محمد البارودي ــ التمويل التشاركي في المصارف اإلسالمية ،مرجع سابق ،ــ ص .488
P 108 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
حيث ينسحب بعضهم ويدخل البعض اآلخر ،في ظل استمرارية العمليات االستثمارية التي تشرف
عليها أو تقوم بها المصارف اإلسالمية ،185باإلضافة إلى إشكالية التي تملك هذه املخصصات ،
وأخيرا التفاوت الحاصل في االستفادة منها ارتباطا لفترات االستثماروالحصيلة المتوفرة فيها.
االقتراح الثالث :اعتماد إجراءات مصرفية فنية للتخفيف من مخاطر التمويل التشاركي،
ثمة إجراءات فنية مصرفية تهدف إلى تقليل مخاطر المضاربة والمشاركة ،وتساعد على توفير
األمان وتعزيزقيم التواصل الثقة بين أطراف التعاقد ،وبالتالي تحقيق معدالت أعلى على مستوى
نتائج االستثمار ،وفيما يلي عرض ألهم اإلجراءات:
الدراسة الجيدة للجدوى االقتصادية للمشاريع المزمع إنجازها قبل اتخاذ القرار
االستثماري النهائي ،ويتوقف ذلك بطبيعة الحال على مدى جدية الدراسات العملية ،وفعالية
التدابيرالفنية ،واإلجراءات املحاسبية المعتمدة لتقييم حجم وطبيعة املخاطرالمتوقعة.
اختيار العمالء وفق معايير دقيقة تستجيب لطبيعة وخصوصيات التمويل التشاركي،
وذلك بالتركيز على قيم الثقة واألمانة والكفاءة األزمة إداريا وتنظيما ،ويمكن للمؤسسة
المصرفية التحقق من هذه الشروط ،والمواصفات من خالل اعتماد المعاييرالتالية عند انتقاء
العمالء:186
تقييد المضاربة بالشروط والقيود التي يراها المصرف اإلسالمي – باعتباره رب المال –
والتي تروم التقليل من املخاطرالمرتبطة بالعمليات االستثمارية ،وهوأمرال مانع منه من الناحية
الشرعية لكونه يخدم مصلحة األطراف التعاقدية ،ويروم حماية رأس المال من بعض املخاطر
املحتملة ،ويكفي أن نستدل في هذا السياق بما روي عن ابن عباس رض ي الله عنهما ،أنه قال:
185د .عبد الستار أبو غدة :التمويل بالمشاركة ،اآلليات العملية لتطويره.
-186د .أحمد محيي الدين ،تطبيق المضاربة والمشاركة الثابتة والمتناقضة في التمويالت المصرفية ،ورقة عمل
مقدمة إلى المؤتمر الرابع للهيئات الشرعية للمؤسسات المالية اإلسالمية ،ص ،24 :السنة 2001البحرين.
P 109 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
كان العباس بن عبد المطلب إذا دفع مال مضاربة اشترط على صاحبه أال يسلك به بحرا ،وال ينزل
به واديا ،وال يشتري به دابة ذات كبد رطبة ،فإن فعل ذلك ضمن ،فبلغ شرطه رسول الله صلى
الله عليه وسلم فأجازه.187
لقد تبين من خالل دارسة موقف الفقهاء مسألة خلط األموال ،وكيفية توزيع األرباح أن
ثمة بعض التحديات التي أفرزها و اقع العمل المصرفي المعاصر في ارتباطه مع المتغيرات
القائمة ،لذلك نتساءل في هذا اإلطار عن أهم الحلول التي يمكن اعتمادها لتطوير نظام
المضاربة المشتركة لكي يتواءم مع المستجدات المعاصرة ويراعي في نفس الوقت أحكام
الشريعة.189
فبخصوص خلط أموال المضاربة قد تبين على ضوء التحليل الفقهي السابق أن الموقف
الذي خلص إليه الفقهاء هو منع عملية خلط مال المضاربة بغيره بعد البدء في العمل ،وذلك
بحجة أن الخلط في هذه الحالة ينطوي على الغرر والجهالة ،وبالتالي يؤدي إلى أكل أموال الناس
بالباطل ،الش يء الذي يطرح مشكلة عدم مالئمة هذه االجتهاد لطبيعة العمل المتبع في املجال
المصرفي.190
P 110 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فمن خصوصيات االستثمار المصرفي ،مسألة الخلط المتالحق ألموال المودعين بصفة
مستمرة ومتتابعة ،والمصارف تتلقى أمواال كثيرة من عمالء متعددين في أوقات مختلفة فتقوم
بدفع هذه األموال إلى قنوات االستثمارمع العلم أن العمل جارقبل ذلك بأموال أخرى سابقة.191
ومن الحلول التي تم اقتراح بخصوص هذه المسألة ،النظر في العلة التي من أجلها منع
الفقهاء خلط أموال المضاربة ،بعد البدء في العمل ،فكما هو معلوم العلة تكمن في كون هذه
األسلوب ينطوي على الغرر ألنه يمكن أن يؤدي إلى إيصال ربح أحد األطراف المضاربة إلى طرف
آخردون وجه حق ،أو تحمل أحدهما نصيبا من خسارة ال تخصه ،من أجل ذلك قامت التصورات
الجديدة على تفادي هذه السلبيات ،فكان البديل المقترح هو أن يتم تنظيم العمل في المضاربة
المصرفية على أساس تقسيمه إلى دورات مصرفية مستقلة ،تمثل كل دورة منهما مضاربة
منفصلة تستقل بحسابات أرباحها وخسائرها عن الدورات األخرى الالحقة ...فإذا تم ذلك ،كان
اإلسالمية أن يلتحق بدوره من هذه الدروات في بداية مدتها
لكل راغب في االستثمارلدى المصارف ٍ
المقررة ،وقبل الشروع في أعمالها ،فإذا فاته في هذا الوقت ،فبوسعه أن ينضم إلى دورة أخرى
الحقة ،وله أن يحتفظ بأمواله في فترة االنتظار ،أوأن يودعها لدى المصرف حسابا جاريا أووديعة
محضة ال صلة لها بأعمال االستثمار.192
أما فيما يتعلق بعملية التنضيض ومدى مالءمتها لطبيعة العمل المصرفي ،بالنظر إلى
طبيعة العمل المصرفي اإلسالمي الذي يقوم على استمرارية المضاربة في ظل االستثمارات ذات
الطابع الجماعي حيث األطراف متعددة والعالقات متشابكة ،فإنه من الصعب إجراء تصفية
كلية ملختلف المشاريع االستثمارية في نهاية كل فترة من أجل تنضيض رأس المال ،وبالتالي توزيع
الربح على أطراف المضاربة ،كما أنه من شبه المستحيل أيضا تصور إمكانية انتظار أصحاب
األموال لعدة سنوات خصوصا بالنسبة للمشروعات متوسطة أو طويلة األجل حتى تتم تصفية
المشروع ،بالتالي توزيع األرباح عليهم.193
وبناء على ذلك يمكن القول بأن فكرة تنضيض رأس المال التي وضعها الفقهاء بالنسبة
لعقد المضاربة بغية تحديد الربح بصورة دقيقة بعيدة عن الضرر أو الجهالة ،تطرح صعوبات
191دظم محمد صالح الصاوي ــ مشكلة االستثمار في البنوك اإلسالمية وكيف عالجها اإلسالم ـ مرجع سابق ـ
ص 302ـ .302
-192د .محمد صالح الصاوي :مشكلة االستثمار في البنوك اإلسالمية وكيف عالجها اإلسالم ،مرجع سابق ،ص .301
193د /سيدي محمد البارودي ــ التمويل التشاركي في المصارف اإلسالمية ،مرجع سابق ،ــ ص .422
P 111 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يمكن حصر أهم االقتراحات لتجاوز مشكلة عدم التناسب بين أدوات الرقابة المركزية
وخصوصيات المصارف اإلسالمية فيما يلي:
بالنسبة لألسلوب االحتياطي النقدي ،فهو يعتبر من الوسائل الحديثة التي تلجأ إليها
البنوك المركزية للتحكم في حجم االئتمان الذي تستطيع أن تمنحه البنوك التجارية ،وبالتالي
التأثيرفي قدرتها على إنشاء النقود ،ذلك ألن إمكانية خلق االئتمان يزداد أو ينقص نتيجة ازدياد أو
نقص الودائع النقدية التي يحصل عليها البنك التجاري .194باإلضافة إلى ذلك يتم اللجوء إلى هذا
النوع من األساليب الرقابية يغرض الحفاظ على أموال المودعين.
وكما سبقت اإلشارة إلى ذلك فإن تطبيق أسلوب االحتياطي النقدي على المصارف
اإلسالمية يطرح إشكاالت وتحديات تعيق نمو العمل المصرفي اإلسالمي ،خاصة ما يرجع إلى
الودائع االستثمارية التي تعتمد بحكم طبيعتها على التمويالت العينية في إطار أنشطة حقيقية
وبناء على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة ،وال توجد في االقتراض النقدي كما هو الحال في
المصارف التقليدية ،الش يء الذي يترتب عنه حجب نسبة مهمة من األرصدة النقدية ،والحيلولة
دون توظيفها في عمليات تجارية واستثمارية ،فتضعف بذلك القدرة التنافسية للمصارف
اإلسالمية ويتراجع دورها التنموي بشكل عام.
ومن الحلول المقترحة في هذا اإلطار االقتصار في تطبيق أسلوب االحتياطي النقدي على
الحسابات الجارية وإعفاء الودائع االستثمارية بناء على االعتبارات السابقة الذكر ،وال شك أن
هذا االقتراح رغم أهميته فإن فاعليته تتوقف باألساس على مدى تفهم البنك المركزي له
وقبوله ،ويمكن االستدالل في هذا السياق بما حدث بالفعل في السودان ،حيث أصدر البنك
المركزي (قبل األسلمة) قرارا بإدخال ودائع االستثمار مع مصادر األموال التي يحسب عليها
P 112 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
االحتياطي القانوني ،فأصدرت هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل اإلسالمي السوداني فتوى
بعدم صحة ذلك ،وطالبت بإلغاء اإلجراء فاستجاب البنك المركزي لرغبة هذه الهيئة ،وإلى آلن
ال تخضع ودائع االستثمار لالحتياطي القانوني سواء بالعملة املحلية أو األجنبية.195
كذلك في إطار الحفاظ على أموال المودعين ،ال بأس من اإلشارة في هذا اإلطار إلى أهمية
إنشاء صندوق لتأمين مخاطر االستثمار تساهم فيه مختلف المصارف اإلسالمية ،ويكون تحت
إشراف البنك المركزي.
وبخصوص نسبة السيولة النقدية ،فإن أساس المشكلة المطروحة بالنسبة للمصارف
اإلسالمية بخصوص هذه المسألة يكمن في كيفية التوفيق بين السيولة والربحية ،ذلك أن
تطبيق نسبة السيولة يلزم المصارف اإلسالمية بأن توفرمعظمها على شكل نقدي ،الش يء الذي
يترتب عنه حرمان عدد من المودعين من العوائد أو األرباح المستحقة لهم ،بينما نجد على
مستوى المصارف التقليدية توفرعناصرقابلة للتسييل كالسندات الحكومية واألوراق التجارية
املخصومة ،ومن هذا المنطلق فإن المصارف اإلسالمية مدعوة إلى إيجاد قنوات أخرى لتحقيق
السيولة لديها ،مثل االتفاق مع المودعين على اقتطاع نسبة من كل حساب استثماري ال تدخل
في حساب األرباح والخسائر كاحتياطي سيولة ،أو القيام بعملية إصدار شهادات إيداع واستثمار
إسالمية تشارك في النشاط االستثماري العام للمصرف.196
أما عن وظيفة البنك المركزي باعتباره المسعف األخير ،فمن أجل االستفادة من هذا
األسلوب وبعيدا عن أي تعامل ربوي ،يقترح الدكتوركمال توفيق حطاب أن يقدم البنك المركزي
للبنك اإلسالمي قرضا حسنا ،أو يقوم البنك المركزي نفسه بوضع أمواله بصيغة المضاربة مع
البك على أن يأخذ هامشا من الربح يختلف عن هامش بقية العمالء حتى يبقى هامشا للبنك
اإلسالمي .197ويبدوا أن هذا االقتراح يصعب تطبيقه من الناحية الو اقعية ،ألنه ليس من السهل
أو اليسير إقناع البنك المركزي الذي يتخذ من التعامل بالفائدة أساس ملختلف معامالته،
-195سليمان ناصر ،عالقة البنوك اإلسالمية بالبنوك المركزية ،ص ،420بحث مقدم لنيل درجة الدكتوراه في العلوم
االقتصادية ،جامعة الجزائر ،كلية العلوم االقتصادية .2001/2001
-196د .أحمد محمد السعد :العالقة بين البنوك اإلسالمية والبنوك اإلسالمية والبنك المركزي ،مجلة التجديد العدد
الثالث السنة الثانية 4 :ص .32
اإلسالمي العدد 238 :الصفحة .48 : -197د .كمال توفيق خطاب ،مجلة االقتصاد ٍ
P 113 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وقاعدة ثابتة في فلسفته التشريعية والقانونية بأن يتخلى عنها ويتعامل بصيغة المضاربة
والقائمة على مبدأ الربح والخسارة.198
وخالصة لما سبق يمكن القول إن الحاجة أصبحت ملحة بشكل أكبرللعمل على توفيرلغة
مشتركة للتعامل بين نظام الرقابة المصرفية المركزية والطبيعة المتميزة للمصارف اإلسالمية،
وذلك من خالل إيجاد سبل عمل مشتركة بين النموذجين كخطوة أولى ،ثم محاولة تذليل
العقبات فيما بعد بشكل تدريجي ،وصوال إلى الهدف األسمى والمنشود وهو إقناع المسئولين على
المصارف المركزية والتقليدية بأهمية البديل اإلسالمي ،وهو ما نأمل أن يتحقق األمرفي مختلف
البلدان اإلسالمي مستقبال؛ أسوة بالبلدان التي تمكنت من "أسلمة" نظامها المصرفي ككل،
ويتعلق األمربالسودان و إيران وباكستان.
من اآلليات العملية والضوابط األساسية التي يمكن اعتمادها لتحقيق نتائج أفضل على
مستوى الهندسة المالية اإلسالمية على ما يلي :تحديد الشروط المناسبة لتحقيق المصداقية
الشرعية في إطارالهندسة المالية ،ثم التركيزعلى اآلليات العملية لتحقيق الكفاءة االقتصادية.
:0تحديد الشروط المناسبة لتحقيق المصداقية الشرعية للهندسة المالية :وذلك من
خالل:
-االهتمام بالبحث عن حلول شرعية تراعي الثوابت وتستحضر المقاصد بعيدا عن
الصورية والحيل الفقهية والفهم الشكلي للنصوص الذي ال يعير اهتماما لمقاصد
الشريعة ومآالت األفعال ،لهذا فاألحكام الشرعية التي تنسجم مع األصول والثوابت،
تحقق مقصود الشرع دون إضرار بالمكلف أو تحقق مصلحة المكلف دون إخالل
بمقصود الشرع ،مثال األول الشفعة الثابتة بقوله صلى الله عليه وسلم " :من كان له
شريك في ربع أو نخل فليس له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن رض ي أخذ وإن كره ترك.199
فأوجب الشفعة ولكن بالسعر ،فال يظلم الشريك البائع وال الشريك المشتري ،فهي
تحقق قصد الشرع دون إضراربالمكلف ،ومثال الثاني حديث بالل المازني رض ي الله عنه
198د /سيدي محمد البارودي ــ التمويل التشاركي في المصارف اإلسالمية ،مرجع سابق ،ــ ص .421
-199أخرجه اإلمام مسلم في تصحيحه :كتاب المساقات ،باب الشفعة رقم الحديث .2021
P 114 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
في شراء الجنيب بالجمع ،فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشده إلى ما يحقق مصلحته
ومطلوبه دون إخالل بأحكام ربا الفضل.200
-ضبط منهج الفتوى وذلك من خالل توضيح المبادئ واألسس المعتمدة إلصدارالفتاوى
،وتحديد وسائل التنسيق في المسائل الخالفية وعدم التوسع في تبريرالو اقع أوالمبالغة
في فقه التيسيرأو االقتصارفي النظرإلى مصلحة العمالء فقط.
-الحرص على إيجاد حلول ناجعة ملختلف المشاكل المطروحة على أجهزة الرقابة
الشرعية ،وتوفيرالشروط المناسبة لتحقيق الحكامة في المؤسسات المالية اإلسالمية،
وذلك بالفصل مثال بين الفتوى والتدقيق وتوحيد المرجعية ،وتنظيم مهنة التدقيق
الشرعي ،واعتماد مبدأ اإللزامية القانونية لضمان التفعيل الصحيح ملختلف
الضوابط املحددة وتفادي السلبيات المترتبة عن كثرة االختالفات القائمة.201
-اجتناب التلفيق بين المذاهب الفقهية دون منهجية علمية دقيقة تحكم الفروع لما
يترتب عن ذلك من تتبع الرخص والتحايل على األحكام الشرعية و إتباع األهواء.
-البحث عن االحتياجات الفعلية للعمالء والعمل على تصميم المنتجات المناسبة لها،
شرط أن تكون متو افقة ومبادئ الشرع اإلسالمي ،وهذا المنهج يتطلب دراسة مستمرة
الحتياجات العمالء والعمل على تطوير األساليب التقنية والفنية الالزمة لها ،وذلك
لضمان الكفاءة االقتصادية للمنتجات المالية ،كما يتطلب وضع أسس واضحة
لصناعة هندسة مالية مستلقة عن الهندسة المالية التقليدية.202
-تحديد الرؤية االستراتيجية لتطوير المنتجات ،وذلك من خالل إحداث تفاعل بين
معطيات البيئة الخارجية التي تعمل فيها المؤسسة (التنظيمية والتشريع ،والسوقية)
-200د .سامي السويلم صناعة الهندسة اإلسالمية ص 41 – 41 :مركز البحوث شركة ألراجحي المصرفية
لالستثمار.
اإلسالمية ،ص.1 – 2 :
-201ينظر بحث الدكتور عبد الباري مشعل ،تحديات ومعوقات حوكمة المؤسسات المالية ٍ
- 202د .عبد الكريم قندور :الهندسة المالية اإلسالمية مجلة جامعة الملك عبد العزيز االقتصاد اإلسالمي م، 20 :
ص ، 1السنة .4128/2001
P 115 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مع معطيات البيئة الداخلية ،والحرص على توضيح الرؤية المستقبلية ،ألي منتج
وتحقيق التوازن بين المنتجات املختلفة للمؤسسات.203
-االهتمام بالموارد البشرية والحرص على تأهيلها شرعيا ومصرفيا وإكسابها مهارات
وخبرات فنية وإدارية عن طريق تنظيم برامج ودورات تدريبية تمس مختلف مجاالت
الصناعة المصرفية باإلضافة إلى التركيز على غرس المفاهيم العقدية التي تمثل إحدى
األسس التي تقوم عليها الصيرفة اإلسالمية ،بحيث ينبغي أن يكون العامل بالمصرف
اإلسالمي مقتنعا بأهمية البديل اإلسالمي ،وأولويته على المستوى العملي وفي ذلك يقول
الدكتور يوسف القرضاوي " :البنك اإلسالمي في حاجة إلى عنصر بشري يعرف عمله
المصرفي جيدا ،ويعرف واجبه الشرعي جيدا أيضا بأن يكون على قدرمعقول من الفقه
في الدين ..وأن يكون مؤمنا بفكرة البنك اإلسالمي ،متحمسا لها بحيث يعمل في البنك
بروح صاحب الرسالة ال بروح الموظف املحترف ،وأن يعتبر عمله في البنك عبادة وقربة
لله وجهادا في سبيله".204
-203د .عز الدين خوجة :تطوير المنتجات المالية اإلسالمية ،المنهجية واآللية ص.13 :
-204د .يوسف القرضاوي تعقيب على محاضرة الرقابة الشرعية المصرفية للدكتور سامي حمود ،مجلة اقتصادنا
العدد 14 :الصفحة .21:
205طارق عبد العال حماد ،التطورات العالمية وانعكاسها على أعمال البنوك ،الجزء األول ،سلسلة البنوك التجارية
،قضايا معاصرة ،الدار الجامعية ،السكندرية ، 4222ص.441
206د /سيدي محمد البارودي ــ التمويل التشاركي في المصارف اإلسالمية ،مرجع سابق ،ــ ص .422
P 116 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الفرع الثاني :تجربة بعض الدول العربية مع البدائل الشرعية للفائدة 207على القرض
المصرفي
شهد الربع األخيرمن القرن الماض ي انطالقة مسيرة المصارف االسالمية و انتشارها في
مختلف أنحاء العالم ،وقد عملت المصاريف المذكورة على بناء مؤسساتها و تثبيت دعائمها و
ارتياد مختلف العمل المصرفي المتو افق مع أحكام الشريعة اإلسالمية ،و حققت نجاحا
ملموسا في مجال عملها من خالل العمل المصرفي اإلسالمي ؛ بصيغة بعيدة عن قاعدة الديون
والربا التي تمارسها البنوك التقليدية ،وقد جاءت ردود السلطات املختصة في تنظيم العمل
المصرفي مختلفة ،إيجابية أحيانا و سلبية أحيانا أخري ،تبعا لتوجهاتها و نظرياتها االقتصادية
و االجتماعية و السياسية ،متمثلة في اتجاهين:
اتجاه يضم الدول التي دافعت عن البنوك االسالمية وفرضتها على الساحة المالية و
االقتصادية بتحويل نظامها البنكي كله إلى النمط اإلسالمي مثل باكستان و ايران و السودان.
و اتجاه يضم الدول التي لم تتحمس لهذه البنوك وفي نفس الوقت لم تحاربها وسمحت
بتعايش النمطين اإلسالمي و التقليدي ،فظهرت فيها إلى جانب البنوك التقليدية بنوك إسالمية
أو فروع لها أو قامت البنوك التقليدية فيها بتخصيص وحدات أو فروع للتعامالت اإلسالمية،
كمصر ودول الخليج العربي و األردن و ماليزيا و موريتانيا ،باإلضافة إلى دول غربية منها على
الخصوص بلدان أوربية عرفت الصيرفة اإلسالمية ؛ إما عن طريق إنشاء بنوك إسالمية بها أو
تخصيص بنوكها لفروع و شبابيك للمعامالت اإلسالمية ،كما هو الحال في السويد و الدانمارك
و اكليترا و هولندا.
207البدائع عبر الصيرفة اإلسالمية التي هي نتاج جهد جماعي من المصرفيين واالقتصاديين وعلماء الشريعة
اإلسالمية على مدى العقود العديدة الماضية لتطوير الحلول المالية التي تلبي االحتياجات الدينية للمسلمين بطريقة
أخالقية؛ تستمد مبادئها من الشريعة اإلسالمية.
و ال تزال تتطور وتوسيع ماليا وجغرافيا؛ حيث تقف اليوم في أكثر من تريليون دوالر ،وتتكون من أكثر من 100
مؤسسة مالية داخل وخارج العالم اإلسالمي .وتقدم خدماتها للمسلمين في المجتمعات ذات الغالبية اإلسالمية وكذلك
لألقليات المسلمة من البلدان غير اإلسالمية.
وقد تم إنشاء أول مصرف إسالمي في دبي أوائل سبعينات القرن الماضي ,ثم أنشئ العديد من المصارف اإلسالمية
بعد ذلك التي بلغت حوالي 400مصرف في جميع أنحاء العالم ومن أشهرها مصرف فيصل اإلسالمي ومصرف دبي
اإلسالمي.
P 117 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
سنتناول في هذا الفرع تجربة المغرب مع البدائل الشرعية للفائدة (الفقرة األولى ) و تجربة
موريتانيا ( الفقرة ثانية ) .
يرجع مشروع انشاء المصارف اإلسالمية في المغرب إلى حوالي ثالثة عقود من الزمن ؛
عندما تبنته الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في االقتصاد اإلسالمي منذ إنشائها سنة
0222م ،و عندما تبنت مبادرة المشاركة بخبرتها في مشروع انطالق أول تجربة في المعامالت
المالية اإلسالمية مع بنك الوفاء سنة 0282حيث انطلقت ثالثة خدمات بنكية ( المرابحة،
المشاركة ،اإلجارة ) ،قبل أن يوقفها بنك المغرب طالبا مهلة لمراجعتها ؛ إال أن تلك المهلة دامت
02عاما ،أقر بعدها أن لهذه المعامالت سوق يطلبها ؛ وبالتالي فال بأس أن تتبناها البنوك
المغربية إن شاءت ذلك؛ و بالتالي ظهرت العمليات اإلسالمية من جديد سنة ، 4112بعد أن
أعطيت الرخصة تحت مسمي المنتجات البديلة وهي :المرابحة و المشاركة و اإلجارة. 208
وبمجرد االنطالقة الرسمية لهذه التمويالت البديلة ،كان االمل معقودا على أنها ستلبي
مطالب شريحة من المتعاملين ( المستهلكين و المستوردين ) من خالل االستجابة لحاجياتهم
المرتبطة بالجوانب االقتصادية و االجتماعية ؛ ورفع الحرج عنهم ،وذلك بفتح املجال للتعامل
وفق صيغ شرعية تتالئم مع مقتضيات العقيدة ووفق أحكام الشريعة اإلسالمية ، 209كما ساد
االعتقاد آنذاك على أن هذه التمويالت ستعطي دفعة قوية القتصاد البالد وتعبئة الموارد
المالية وتشجيع االستثمارات ،والمساهمة في تحسين جودة الخدمات البنكية ،غير أنه لوحظ
على مستوي التطبيق ،وبعد مرور أزيد من خمس سنوات من التجربة العملية فشل هذه
التمويالت في تلبية حاجيات المواطنين واالستجابة لتطلعاتهم ،كما فشلت أيضا في تشجيع
االستثمارو الرفع من نسبة اإلنتاج ،كما تبين على مستوي الترتيب العملي لهذه الصيغ التمويلية
بطئ شديد وتغيب تام لصيغة المشاركة رغم أهميتها العملية ودورها االقتصادي والتنموي ،
ومما يؤكد جليا فشل هذه التمويالت هو تدني حجم معامالتها ،فحسب بنك المغرب فإن قيمة
208د /عبد الرحمن الحلو ،البنك اإلسالمي في المغرب المسار التاريخي و االنتظارات االقتصادية و المجتمعية ،
شركة النشر والتوزيع المدارس ،الطبعة األولى ، 3010 ،ص .02
209فشل المنتجات اإلسالمية يحرم المغرب من حوالي 20مليار درهم ،جريدة الصباح ،العدد ، 3701الثالثاء
، 3002/03/32ص .4
P 118 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المعامالت أو المنتجات المالية البديلة وصلت إلى حدود شهرمارس 4101ما قيمته 211مليون
درهم ؛ وهو ما يعادل %1,0من حجم المعامالت البنكية التقليدية. 210
وبعد فشل تسويق المنتجات البنكية البديلة لدي البنوك التقليدية ،صادق المشرع
المغربي على قانون رقم 04.011المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها،211
والذي من اهم مستجداته التنصيص على إحداث البنوك اإلسالمية تحتى مسمي "البنوك
التشاركية" ،عوض المنتجات البديلة ،فخصص لها المشرع الباب الثالث في المواد من 22إلى
، 21تقوم بعرض منتجات إسالمية على زبنائها ( المرابحة ،اإلجارة ،المشاركة ،المضاربة ،
السلم ،االستصناع ) ،كما تقوم بخدمات بنكية و مالية وتجارية و استثمارية ما عدي الخدمات
ذات ذات الطابع الربوي. 212
وحسب مسودة المشروع ،فإن وضع اطارقانوني يحكم نشاط البنوك التشاركية يأتي وعيا
من السلطات العمومية بما يمكن أن تقدمه المنتوجات و الخدمات المالية التشاركية ،فيما
يخص تعبئة االدخاروالتمويل اإلضافي لالقتصاد الوطني ،فإنه أصبح من الضروري وضع قانوني
يحكم المالية التشاركية ،ومن أبرز العناصر التي تم أخذها بعين االعتبار من أجل ادخال
مقتضيات تهم البنوك التشاركية نذكرعلى وجه الخصوص: 213
آفاق االستثماروالتمويل
إحداث قطب مالي يتميز بإشعاع على المستوي الجهوي و العالمي ،والذي يستوجب
تو افرهذه الفئة من المالية العالمية
210د /سيدي محمد الوردي ،التمويل التشاركي في المصارف السالمية بين المقصد التنموي والمنشود وواقع
التحديات المشهود ،مرجع سابق ،ص .201
211قانون رقم 42.402يتعلق " بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها " كما وافق عليه مجلس النواب
في 21نوفمبر 2041ونشر في الجريدة الرسمية عدد ، 3228يناير .2041
212سكينة الوات ،عقد المرابحة العقارية ،قراءة استشرافية في البنوك التشاركية ،منشورات مجلة المنارة
للدراسات القانونية و اإلدارية ،العدد ، 4سنة . 2043ص .84
213ذة /فاطمة آيت الغازي ،التمويل اإلسالمي بالمغرب من المنتجات البديلة إلى البنوك التشاركية ،مجلة األبحاث
والدراسات القانونية ،العدد األول ،سنة ، 2041ص .30
P 119 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ضرورة توفير منتجات وخدمات مالية لفائدة المواطنين المقيمين وكذلك الجالية
المغربية المقيمة في الخارج التي يوفر لها القطاع المالي لبلد إقامتها منتوجات منبثقة
عن المالية التشاركية .
الفقرة الثانية :تجربة موريتانيا مع البدائل الشرعية للفائدة على القرض المصرفي
في موريتانيا كما في دول المغرب العربي عموما تعتبر التجربة في المالية اإلسالمية(
بإعتبارها البديل عن نظام الفائدة) قصيرة نسبيا ،فقد كانت البالد خاضعة في نظامها المالي
للبنك المركزي لدول غرب افريقيا الغربية BIAOالذي أنش ئ سنة ، 0224وباشر العمل سنة
، 0224وكان أول مصرف ينشأ على األراض ي الموريتانية بعد االستقالل هو البنك الموريتاني
للتنمية ،BMDوكان ذلك في ينايرمن ، 0221حين انسحبت البالد من النظام النقدي لدول غرب
افريقيا ،و اتخذت لها عملة خاصة بها تسمي األوقية ،ثم تتابعت بعد ذلك المؤسسات
المالية.214
أما في مجال الخدمات المالية اإلسالمية فقد كان بنك البركة الموريتاني والذي جاء
كمبادرة من مجموعة البركة في السعودية ( والذي يعرف حاليا ببنك الوفاء) هو أول مصرف
إسالمي ينشأ في موريتانيا ،وكان ذلك في 40سبتمبر ،0282وكان يقدم خدمات مالية على أساس
غير الفائدة الربوية ، 215وقد شهدت تلك الخدمات اقباال من العمالء ؛ ولم تلبث المصاريف
األخرى أن فتحت فروعا وشبابيك لتقديم تلك الخدمات لعمالئها ،مثل البنك الوطني الموريتاني
والصناديق الشعبية لالدخار ،والبنك الموريتاني للتجارة الدولية ،و قد انضم إلى المشهد
المصرفي مؤخرا مجموعة من المصارف اإلسالمية في حدود ( 01مصرف موريتانيا الجديد ،
مصرف المعامالت الصحيحة ،البنك الشعبي الموريتاني ،البنك اإلسالمي الموريتاني وهو من
تمويل تركي ،)....مما جعل بعض املختصين في المالية يتساءلون عن قدرة السوق الموريتانية
على استيعاب هذا الكم الهائل من المصارف.
هذا وقد يبدو من المفارقة أن يحذو المشرع في الجمهورية اإلسالمية الموريتانية حذو
مقاربة التروي ،ومحل المفارقة في هذا الصدد أن الصيرفة اإلسالمية دخلت البالد ،وحظيت
214د .محمد فال الحسن ولد أمين ،االطار القانوني للخدمات المالية اإلسالمية في موريتانيا ،ندوة لمركز الدراسات القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد الخامس ،ــ اسويسي ــ الرباط .2042
215ابراهيم ولد اعل ،الصيرفة اإلسالمية في موريتانيا بين فرص النجاح و عوامل اإلخفاق ،بحث لنيل شهادة الماستر في
المالية اإلسالمية ،جامعة انواكشوط العصرية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية ،سنة ، 2041 /2043ص .82
P 120 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
بترحيب واسع من قبل الجماهير ومن الفاعلين االقتصاديين ،في فترة كانت فيه النصوص
القانونية تخضع لعملية أسلمة شاملة ؛ إال أن المشرع بقي مترددا وخجوال في التعامل مع تلك
الصيرفة ،حيث لم يترجم ذلك الترحيب على الصعيد التشريعي ،وبقيت المادة مؤطر بنصوص
ال تتالءم مع طبيعتها ،ألن أغلبها مستقي من القانون الفرنس ي ،ولم يضف إليها المشرع ما من
شأنه أن يالئم بينها وبين منطق الصيرفة اإلسالمية ،األمر الذي يجيز التساؤل عن مدي قبول
الخدمات المالية اإلسالمية في التشريعات الموريتانية ؟.
الخاتمة:
حاولت من خالل هذا المقال المعنون بي " حلول مقترحة لتطوير البدائل الشرعية
للفائدة على القرض المصرفي" تسليط الضوء عن آلية التمويل التشاركي وما يتطلبه من معالجة
مشكلة املخاطر األخالقية وتطوير استخدام المضاربة والمشاركة؛ واألساليب المقترحة لتجاوز
المشكالت المرتبطة بالرقابة المركزية ،و اقتراحات تفعيل الهندسة المالية اإلسالمية ،كما تم
التطرق لتجربة بعد الدول العربية مع البدائل الشرعية للفائدة وذلك من خالل استعراض تجربة
المغرب مع البدائل الشرعية للفائدة و التجربة الموريتانية.
ومن خالل هذه الدراسة توصلنا إلى أهمية هذه البدائل المقترحة عن الفائدة في القرض
المصرفي و التي من أهمها المقترحات لتطوير أليات التمويل التشاركي لما يقوم به من دور في
التمويل و التي من أهمها:
الئحة المراجع:
الحديث أخرجه اإلمام مسلم في صحيحه :كتاب اإليمان الجزء األول :ص 22رقم الحديث
.022
P 121 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يوسف بن عبد الله الشبيلي :تطبيقات الحماية البديلة عن عقود التحوط والضمان.
عبد الستار أبو غدة :التمويل بالمشاركة ،اآلليات العملية لتطويره ،ص ،2الدورة الفقهية
الثالثة ،مصرف أبو ظبي اإلسالمي.
محمد أنس الزرقا ،حماية الحسابات االستثمارية في إطار األعمال المصرفية اإلسالمية،
مجلة االقتصادي اإلسالمي ،ع .112
أبو بكر هاشم ،التحديات العملية لتطبيق صيغ المشاركات في المصارف اإلسالمية والرد
ذلك على التنمية االقتصادية ص ، 410الجامعة األمريكية المفتوحة ،كلية الدراسات
اإلسالمية ،قسم االقتصاد اإلسالمي.
حسين حامد حسان :حماية رأس المال وحده أومع هامش ربح معين ،مجلة االقتصاد
اإلسالمي ،العد.112 :
نور الدين زعتير ،المعامالت المصرفية و الربوية وعالجها في اإلسالم ،مؤسسة الرسالة
بيروت ،الطبعة الرابعة .0281
حسين حامد حسان ،حماية راس المال وحده أو مع هامش ربح معين ـ مجلة االقتصاد
اإلسالمي ،العدد .112
محمد أنس الزرقا ،حماية الحسابات االستثمارية في اطار األعمال المصرفية اإلسالمية ـ
مجلة االقتصاد اإلسالمي ـ العدد .112
العياش ي فداد :مخاطر الثقة في تطبيقات المضاربة وعالجها ،ورقة معلومات أساسية ص
،422بحوث ندوة البركة الحادية والثالثون لالقتصا د اإلسالمي0210 ،هـ 4101/م.
العياش ي فداد :مخاطرالثقة في تطبيقات المضاربة وعالجها ،ورقة معلومات أساسية م م.
سليمان ناصر ،عالقة البنوك اإلسالمية بالبنوك المركزية ،ص ،021بحث مقدم لنيل
درجة الدكتوراه في العلوم االقتصادية ،جامعة الجزائر ،كلية العلوم االقتصادية .4112/4112
P 122 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 36من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر فرباير 2024
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أحمد محمد السعد :العالقة بين البنوك اإلسالمية والبنوك اإلسالمية والبنك المركزي،
مجلة التجديد العدد الثالث السنة الثانية.
عبد الكريم قندور :الهندسة المالية اإلسالمية مجلة جامعة الملك عبد العزيز االقتصاد
اإلسالمي م ، 41 :ص ، 2السنة .0248/4112
سيدي محمد الوردي ،التمويل التشاركي في المصارف السالمية بين المقصد التنموي
والمنشود وو اقع التحديات المشهود.
قانون رقم 04.011يتعلق " بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها " كما و افق
عليه مجلس النواب في 42نوفمبر 4102ونشرفي الجريدة الرسمية عدد ، 2148يناير.4102
سكينة الوات ،عقد المرابحة العقارية ،قراءة استشر افية في البنوك التشاركية،
منشورات مجلة المنارة للدراسات القانونية و اإلدارية ،العدد ، 0سنة .4102
فاطمة آيت الغازي ،التمويل اإلسالمي بالمغرب من المنتجات البديلة إلى البنوك
التشاركية ،مجلة األبحاث والدراسات القانونية ،العدد األول ،سنة .4102
محمد فال الحسن ولد أمين ،االطارالقانوني للخدمات المالية اإلسالمية في موريتانيا ،ندوة
لمركز الدراسات القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد الخامس ،ـ اسويس ي ـ
الرباط .4104
ابراهيم ولد اعل ،الصيرفة اإلسالمية في موريتانيا بين فرص النجاح و عوامل اإلخفاق،
بحث لنيل شهادة الماستر في المالية اإلسالمية ،جامعة انواكشوط العصرية ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية ،سنة .4102 /4102
P 123 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م