Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 12

‫خاص بمعهد اإلمام البهوتي للتفقه الحنبلي‪ ،‬وال يسمح بتداوله ونشره‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫المادة‪ :‬شرح غاية السول إلى علم األصول‬
‫الدرس‪ 32 :‬خبر الواحد‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬اللهم علمنا ما‬
‫علما‪ ،‬سبحانك ال علم لنا إال ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم‪ ،‬رب‬
‫ينفعنا‪ ،‬وانفعنا بما علمتنا‪ ،‬وزدنا ً‬
‫اشرح لي صدري‪ ،‬ويسر لي أمري‪ ،‬واحلل عقد ًة من لساين يفقهوا قولي‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫نستكمل شرح كتاب [غاية السول إلى علم األصول] للعالمة الشيخ‪ /‬يوسف بن عبد الهادي الشهير بــــ‬
‫اهلل َت َع َا َلى‪ ،-‬وقد كنا فرغنا من الكالم عن المتواتر ومسائله ونشرع اليوم ‪-‬بإذن‬ ‫ِ‬
‫ابن المربد الحنبلي ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫اهلل َت َع َا َلى‪ -‬يف الكالم عن خرب الواحد‪.‬‬

‫اهلل َت َع َا َلى‪ -‬من الكالم عن أحكام الخرب المتواتر‪ ،‬شرع يف أحكام خرب اآلحاد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لما انتهى المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫فخرب الواحد يقال له خرب الواحد وخرب اآلحاد‪.‬‬

‫واآلحاد‪ :‬أصلها أأحاد‪ ،‬هبمزتين وأبدلت الثانية أل ًفا مثل آدم‪ ،‬وأحاد هي جمع أحد‪ ،‬كبطل وأبطال‪ ،‬وهمزة‬
‫أحد مبدلة من واو الواحد‪ ،‬أصلها واحد‪.‬‬

‫إ ًذا عندنا خرب الواحد أو خرب اآلحاد‪ ،‬هل المراد بخرب الواحد خرب الشخص الواحد كما هو الحقيقة‪ ،‬لما‬
‫اصطالحا كل ما ليس بمتواتر‬
‫ً‬ ‫نقول خرب الواحد أي خرب شخص واحد‪ ،‬هل هذا هو المراد؟ ال بل المراد‬
‫كما سيأيت‪ ،‬هو كل ما ليس بمتواتر‪.‬‬

‫ولو كان من أكثر من واحد؛ ألن المتواتر كما هو معلوم ال بد فيه من عدد يفيد العلم‪ ،‬فكل ما ليس كذلك‬
‫يقال له خرب الواحد‪ ،‬فاألخبار قسمان‪ :‬تواتر وآحاد‪.‬‬

‫المصنف ‪َ -‬ر ِح َم ُه اهللُ َت َع َا َلى‪ -‬يقول‪( :‬وخبر الواحد ما عدا التواتر)‪.‬‬


‫خاص بمعهد اإلمام البهوتي للتفقه الحنبلي‪ ،‬وال يسمح بتداوله ونشره‬
‫إ ًذا األخبار قسمان‪ :‬تواتر وآحاد وال واسطة بينهما‪ ،‬هذا هو المشهور التقسيم الثنائي هو المشهور عند‬
‫األصوليين والمحدثين‪ ،‬فإذا قلنا خرب الواحد هو ما عدا المتواتر أي ما لم ينتهي ويصل إلى رتبة التواتر‬
‫فقد شر ًطا من شروطه‪ ،‬كأن يرويه عدد ال يحصل العلم بخربهم‪.‬‬

‫أو يرويه عدد كثير‪ ،‬يبلغ حد التواتر لكنه يف بعض الطبقات دون بعض أو أهنم لم يستندوا فيه إلى الحس‬
‫لم ُيخربوا عن المحسوس أو غير ذلك مما ُيعترب يف المتواتر‪.‬‬

‫مشهورا)‪.‬‬
‫ً‬ ‫مستفيضا‬
‫ً‬ ‫سمي‬
‫َّ‬ ‫(وقيل إن زادت نقلته عن ثالثة‬

‫مشهورا أي خرب واحد وهو ما رواه واحد‬


‫ً‬ ‫مستفيضا‬
‫ً‬ ‫هذا ٌ‬
‫قول ثاين يف التقسيم‪ ،‬إن زادت نقلته عن ثالثة سمي‬
‫مشهورا‪.‬‬
‫ً‬ ‫مستفيضا‬
‫ً‬ ‫سمي‬
‫َّ‬ ‫أو اثنان أو ثالثة‪ ،‬فإن زادوا على الثالثة ولم يبلغوا حد التواتر‬

‫قسيم لخرب اآلحاد والمتواتر فالقسمة ثالثية على هذا المستفيض المشهور‬
‫ٌ‬ ‫فعلى هذا‪ :‬المستفيض المشهور‬
‫قسيم لخرب اآلحاد وللمتواتر‪.‬‬
‫ٌ‬

‫ٍ‬
‫مقسم‪.‬‬ ‫القسيم‪ :‬هو ما يدخل مع غيره تحت‬

‫والقسم‪ :‬هو الذي يدخل تحت مقسم‪.‬‬

‫ٍ‬
‫مقسم‪ ،‬فلما نقول الكلمة إما اسم أو فعل أو حرف‪ ،‬فالفعل قسيم‬ ‫القسيم أي هو ما ُيشارك غيره تحت‬
‫لالسم والحرف‪ ،‬والحرف هو قسيم للفعل واالسم وهكذا‪.‬‬

‫على أية حال‪ :‬نقول على هذا القول القسمة ثالثية‪ ،‬وعلى المشهور عند األصوليين والمحدثين المستفيض‬
‫نوع من خرب الواحد‪ ،‬خرب الواحد درجات‪ ،‬هو ليس على درجة واحدة أي ليس على رتبة‬
‫المشهور هو ٌ‬
‫واحدة‪ ،‬كله يسمى خرب واحد‪ ،‬لكنه منه ما هو دون الثالثة وهو العزيز كما سماه بعض المحدثين‪ ،‬وهو ما‬
‫رواه اثنان‪ ،‬أو الغريب وهو ما رواه واحد‪ ،‬وثالثة فأكثر‪ ،‬وعلى ٍ‬
‫قول ما زاد عن الثالثة هو المشهور هو‬
‫المستفيض‪.‬‬

‫ثنائي‪.‬‬
‫وعلى أية حال‪ :‬نقول قول الجمهور أن التقسيم ٌ‬
‫خاص بمعهد اإلمام البهوتي للتفقه الحنبلي‪ ،‬وال يسمح بتداوله ونشره‬
‫قال المصنف ‪َ -‬ر ِح َم ُه اهللُ َت َع َا َلى‪( :-‬وعن أحمد يف حصول العلم به قوالن)‪.‬‬

‫أي عن اإلمام أحمد يف حصول العلم به قوالن‪ ،‬هل خرب الواحد يفيد العلم أو ال يفيد العلم‪ ،‬قوالن عن‬
‫اإلمام أحمد‪ ،‬أي هل يفيد اليقين أو ال يفيد اليقين‪ ،‬قوالن عن اإلمام أحمد‪.‬‬

‫هو الصحيح عن اإلمام أحمد أنه يفيد الظن‪ ،‬كما هو قول جمهور أهل الفقه واآلثار والنظر كما قاله ابن‬
‫عبد الرب‪ ،‬أنه يفيد الظن أي بمجرده‪.‬‬

‫وبعضهم يقول‪ :‬ال مطل ًقا‪ ،‬أنه يفيد الظن مطل ًقا‪ ،‬أن قول الجمهور هو إفادته مطل ًقا‪ ،‬أي سواء اقرتن به قرائن‬
‫أو لم تقرتن به قرائن‪ ،‬والقرائن إنما تقوي الظن فقط‪ ،‬فالحد الفاصل بين المتواتر واآلحاد هو اليقين الذي‬
‫يحصل إما بنفس الخرب أو بالقرائن المتصلة كما سبق يف المتواتر‪.‬‬

‫وأما بقرائن منفصلة فإن هذا يبقى له اسم خرب اآلحاد‪.‬‬

‫إ ًذا القول األول إنه يفيد الظن‪ ،‬ولماذا يفيد الظن الخرب الواحد؟ احتمال السهو والغلط ونحوهما‪ ،‬وهذا‬
‫اهلل َت َع َا َلى‪ -‬يف رواية األثرم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫نص عليه اإلمام أحمد ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬

‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم‪ -‬قاله"‪ً ،‬‬


‫وأيضا ألنه لو أفاد العلم‪ ،‬لو كان خرب‬ ‫يقول‪ُ " :‬يعمل به وال يشهد أن النبي ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫الواحد يفيد العلم لتناقض معلومان عند اختبار عدلين بمتناقضين‪ ،‬أي إذا كان خرب الواحد يفيد العلم‪،‬‬
‫فرضنا أن عدلين أخربا بخربين متعارضين‪.‬‬

‫هذا خرب واحد وهذا خرب واحد فتعارضا يلزم منه أن يتعارض معلومان أي أن يتعارض خربان كل‬
‫واحدمنهما يفيد اليقين وهذا محال‪.‬‬

‫القطعي ال يتعارض مع قطعي‪ ،‬ال يوجد تعارض قطعيين تعارض حقيقي‪ ،‬ال يوجد‪ ،‬وإنما التعارض بين‬
‫الظنيات أو بين ظني وقطعي‪ ،‬فيرجح القطعي‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫خاص بمعهد اإلمام البهوتي للتفقه الحنبلي‪ ،‬وال يسمح بتداوله ونشره‬
‫اهلل َت َع َا َلى‪ -‬قول أنه يفيد العلم وهو قول‬ ‫ِ‬
‫وهناك أوجه أخرى يف كونه يفيد الظن‪ ،‬وعن اإلمام أحمد ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ِ‬
‫بعض المحدثين‪ ،‬وهل هي رواية منصوصة؟ هذه رواية ُأخذت من قول اإلمام أحمد ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫اهلل َت َع َا َلى‪-‬‬
‫حق نقطع على العلم به‪.‬‬
‫يف رواية حنبل أخبار الرؤية ٌ‬

‫أخبار الرؤية أي رؤية اهلل – َع َّز َو َج َّل‪ -‬هبا يف اآلخرة أخبار آحاد‪ ،‬من العلماء من قال إن هذا يفيد ما دام‬
‫اإلمام أحمد يقول أخبار الرؤية حق نقطع على العلم هبا إ ًذا هذا يدل على أن اإلمام أحمد يرى أن خرب‬
‫الواحد يمكن أن يفيد العلم‪.‬‬

‫تواترا معنو ًيا فهذا قول اإلمام أحمد باعتبار أهنا‬


‫وقال بعض العلماء ال هو هذا ألن أخبار الرؤية متواترة ً‬
‫متواترا معنو ًيا‪ ،‬وبعضهم حمله على أشياء أخرى الذي هو خرب الواحد الذي اقرتنت به القرائن‪،‬‬
‫ً‬ ‫متواترة‬
‫وما هي القرائن يف أخبار الرؤية؟ أنه جاء بأسانيد متعددة صحاح سالمة من الضعف وتلقت األمة بالقبول‪،‬‬
‫ونحو ذلك‪.‬‬

‫ً‬
‫إجماال‪ ،‬إذا أتينا إلى قضية‬ ‫على أيه الحال‪ :‬القول الثاين عن اإلمام أحمد‪ ،‬هذا اآلن الكالم يف الخرب الواحد‬
‫القرائن إلى ما يتعلق بالقرائن‪ ،‬هل يفيد خرب الواحد العلم بالقرائن؟ ظاهر كالم القائلين بالقول األول وهم‬
‫الجمهور أهنم يرون أنه ال يفيد العلم مطل ًقا أي سواء كان مجر ًدا أو مع القرائن‪.‬‬

‫القضية أن القرائن تقوي الظن كما تقدم‪ ،‬وذهب جماعة من العلماء وقال بعضهم أنه هو المذهب‪ ،‬مذهب‬
‫اإلمام أحمد أنه يفيد العلم بالقرائن‪.‬‬

‫اهلل َت َع َا َلى‪ -‬والذي عليه األصوليون من أصحاب أبي حنيفة والشافعي‬ ‫ِ‬
‫يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وعمال به‪ُ ،‬يوجب العلم إال فرق ًة قليلة تبعوا طائفة‬
‫ً‬ ‫وأحمد أن خرب الواحد إذا تلقته األمة بالقبول تصدي ًقا له‬
‫من أهل الكالم أنكروا ذلك‪.‬‬

‫ومن القرائن كما تقدم‪ :‬اتصال األسانيد عن األئمة الثقات وتنوع طرقها وتلقي األمة لها بالقبول ونحو‬
‫ذلك‪.‬‬
‫خاص بمعهد اإلمام البهوتي للتفقه الحنبلي‪ ،‬وال يسمح بتداوله ونشره‬
‫وهذا الكالم كله يف إفادة العلم وأما العمل به سيأيت حكمه‪ ،‬سيأيت أنه واجب العمل‪ ،‬وقد ُحكي االتفاق‬
‫على ذلك‪ ،‬العلماء اتفقوا على لزوم العمل به‪.‬‬

‫األئمة المعتربين اتفقوا على لزوم العمل بخرب الواحد سوا ًء يف أصول الدين أو يف فروعه‪.‬‬

‫اهلل َت َع َا َلى‪( :-‬ويف تكفير من جحد من ثبت به خالف)‪.‬‬ ‫ِ‬


‫قال المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬

‫أي هل يكفر من جحد ما ثبت بخرب الواحد أو ال؟ األصح أنه ال يكفر‪ ،‬منكرو خرب الواحد أو ما ثبت به‪،‬‬
‫األصح أنه ال يكفر ألن خرب الواحد ظني‪ ،‬وبعض العلماء قال إن الخالف يف هذه المسألة ويف تكفير من‬
‫جحد ما ثبت به خالف قال‪ :‬الخالف يف هذه المسألة مبني على الخالف يف إفادة العلم‪ ،‬فإن قلنا خرب‬
‫الواحد يفيد العلم واليقين يكفر منكره‪ ،‬وإن قلنا ال ال يفيد اليقين فال يكفر منكره‪ ،‬وال شك أن وجه عدم‬
‫تكفيره عدم إفادته العلم‪ ،‬وإال لو ساوينا خرب الواحد بالمتواتر من حيث إفادة العلم‪ ،‬أي القول بكفره‬
‫وجيها‪.‬‬
‫ً‬ ‫سيكون‬

‫لكن إن قلنا أن يفيد الظن حتى لو قلنا أنه يفيد العلم بالقرائن أصله يفيد الظن فإن هذا ال يكفر منكره‪.‬‬

‫طب ًعا هذا من حيث هو قد ينعقد اإلجماع على ثبت به‪ ،‬انعقد اإلجماع ويكون شيء مما اتفقت عليه كلمة‬
‫أمر آخر‪.‬‬
‫األمة ونحو ذلك‪ ،‬فالقول بتكفيره من هذه الجهة ٌ‬

‫الس َالم‪ -‬ولم ُينكِر دل على صدقه ظنًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫قال المصنف ‪َ -‬رح َم ُه اهللُ َت َع َا َلى‪( :-‬وإذا أخبر إنسان بحضرته – َع َل ْيه َّ‬
‫وقيل قط ًعا وكذا الخالف لو أخبر بحضرة خلق كثير ولم يكذبوه)‪.‬‬

‫قال‪( :‬وإذا أخبر إنسانًا بحضرته ‪َ -‬ص َّلى اهللُ َع َل ْي ِه َو َس َّلم‪ -‬ولم ُينكِر دل على صدقه ظنًا)؛ أي إذا أخرب إنسان‬
‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم‪-‬‬ ‫ِ‬
‫اهلل َع َل ْيه َو َس َّلم‪ -‬أي صحابي‪ ،‬والنبي ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫بخربٍ من األخبار‪ ،‬بحضرة النبي ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫ِ‬
‫الس َالم‪ -‬يدل على صدق هذا الخرب ظنًا ال يقينًا ال قط ًعا بل‬ ‫سكت ولم ُينكر‪ ،‬فإن سكوته ‪َ -‬ع َل ْيه َّ‬
‫الص َال ُة َو َّ‬
‫ظنًا‪.‬‬
‫خاص بمعهد اإلمام البهوتي للتفقه الحنبلي‪ ،‬وال يسمح بتداوله ونشره‬
‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم‪ -‬صدقه‪ ،‬وال نقطع بذلك‪ ،‬فسكوته يدل على صدقه‬
‫أي يغلب على الظن أن النبي ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫يف غالب الظن‪.‬‬

‫ِ‬
‫الس َالم‪ -‬نعم كان بالحضرة ولم‬ ‫ولماذا نقول ظنًا وال نقول قط ًعا‪ ،‬الحتمال أنه لم يسمعه ‪َ -‬ع َل ْيه َّ‬
‫الص َال ُة َو َّ‬
‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم‪ -‬أو‬
‫يسمعه أي يتكلم هبذا الخرب‪ ،‬قد يكون تكلم مع الذي بجانبه ولم يسمعه النبي ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم‪ -‬سمع كال ًما لم يتبينه أي لم يتضح له أو لم يتفهمه كأنه سمع شي ًئا ولكنه‬ ‫أن النبي ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫مثال‪.‬‬
‫لم يسمع تمامه ً‬

‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم‪ -‬أخره ٍ‬


‫ألمر يعلمه‪ ،‬أخر الكالم يف هذا الخرب ونحو ذلك‪ ،‬أو أن النبي ‪-‬‬ ‫أو أن النبي ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫ٍ‬
‫مجلس آخر‪ ،‬فاكتفى بذلك القول أو غير ذلك‪ ،‬طب ًعا هذه‬ ‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم‪ -‬قد بينه وخصصه وقيده يف‬
‫َص َّلى ُ‬
‫االحتماالت فيها مناقشات حولها وليس هذا محل ذكرها‪.‬‬

‫قال المصنف‪( :‬وقيل قط ًعا)؛ يدل على صدقه قط ًعا‪.‬‬

‫صدق ح ًقا‬
‫ٌ‬ ‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم‪ -‬إذا سكت فسكوته حجة‪ ،‬وهذا الخرب‬ ‫لماذا؟ قط ًعا يقولون ألن النبي ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم‪ -‬لو كان النبي ‪-‬‬ ‫ِ‬
‫اهلل َع َل ْيه َو َس َّلم‪ -‬ال ُيقر الباطل‪ ،‬لو علم النبي ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫ألن النبي ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم‪ -‬يرى أن هذا الخرب كذب أو أن هذا الخرب فيه خطأ أو نحو ذلك أو يحتاج إلى تقييد‬ ‫َص َّلى ُ‬
‫ِ‬
‫اهلل َع َل ْيه َو َس َّلم‪ -‬ألن اآلن إذا كان ً‬
‫أمرا دين ًيا فالنبي‬ ‫أو يحتاج إلى بيان ونحو ذلك‪ ،‬ال يسكت النبي ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫ٌ‬
‫صادق قط ًعا‪.‬‬ ‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم‪ -‬ال يقر الباطل وإذا سكت عنه فهو‬
‫– َص َّلى ُ‬

‫قال بعض العلماء بل نفرق بين الخرب الديني والدنيوي‪ ،‬فإن كان األمر دين ًيا دل على صدقه‪ ،‬إن كام األمر‬
‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم‪ُ -‬ب ِعث‬
‫دين ًيا أي إن كان هذا الخرب خرب عن أمر ديني شرعي دل على صدقه ألن النبي ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫شار ًعا لألحكام‪ ،‬فال يسكت عما يخالف الشرع‪ ،‬فيدل على صدقه قط ًعا بخالف الدنيوي فإنه ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫اهلل‬
‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم‪ -‬سكوته يدل على‬ ‫ِ‬
‫َع َل ْيه َو َس َّلم‪ -‬لم ُيبعث لبيان الدنيويات حتى نقول‪ :‬إن النبي ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫صدقه‪ ،‬على أيه حال المقدم هو األول‪.‬‬

‫قال‪( :‬وكذا الخالف لو أخبر بحضرة خلق كثير ولم يكذبوه)‪.‬‬


‫خاص بمعهد اإلمام البهوتي للتفقه الحنبلي‪ ،‬وال يسمح بتداوله ونشره‬
‫مثال هل يدل على‬
‫أي الخالف السابق هل إذا أخرب ُمخربٌ بأمر ما بحضرة كثير من الناس المسلمين العلماء ً‬
‫صدق الخرب؟ فإن دل على صدقه هل يدل على صدقه ظنًا أو قط ًعا؟ الخالف سابق‪ ،‬قيل يدل على صدقه‬
‫ظنًا وقيل قط ًعا‪.‬‬

‫واألصح‪ :‬أنه ال يفيد إال الظن‪.‬‬

‫المخبِر‪،‬‬ ‫إذا خرب واحد بحضرة ٍ‬


‫خلق كثير‪ ،‬لماذا ال يفيد إال الظن ألنه ربما خفي عليهم حال هذا الخرب أو ُ‬
‫قد ُيخبِر بخرب لم يسمع به‪ ،‬فال يتبينونه إال بعد فرتة ً‬
‫مثال‪ ،‬وقد يخفى عليهم حال المخرب‪ ،‬فال يكون ً‬
‫عدال‬
‫المخبِر ‪.‬‬

‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم‪ -‬يف اإلقرار ال يقال إهنم جمع‬


‫ثم إن الجمع العظيم مهما بلغوا ال يكونون كالنبي ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫ِ‬
‫اهلل َع َل ْيه َو َس َّلم‪ -‬يدل على صدق ُ‬
‫المخرب‬ ‫كثير فإقرارهم حجة‪ ،‬نقول‪ :‬إذا كان اإلخبار بحضرة النبي ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫ظنًا فكونه يدل على صدقه بحضرة خلق كثير ظنًا من باب أولى‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َالم‪-‬‬ ‫اهلل َع َل ْيه َو َس َّلم‪ -‬فإقراره ‪َ -‬ع َل ْيه َّ‬
‫الص َال ُة َو َّ‬ ‫ألهنم مهما بلغوا ألهنم لن يبلغوا إقرار النبي ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫مثال أن يجتمعوا‬
‫حجة‪ ،‬وإقرارهم ليس حجة يف ذاته‪ ،‬بل من حيث إهنم خلق كثير ونحو ذلك عد ٌد يستحيل ً‬
‫على ضاللة ونحو ذلك‪.‬‬

‫أيضا مستصحب‪ ،‬طب ًعا من يقول إنه يفيد صدقه قط ًعا ألنه يستحيل على الخلق الكثير‬
‫فالخالف السابق هنا ً‬
‫أن يقروا الباطل ونحو ذلك‪.‬‬

‫اهلل َت َع َا َلى‪( :-‬ويجوز العمل به ً‬


‫عقال)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قال المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬

‫عقال‪،‬‬
‫اآلن انتهينا من العلم إفادة العلم‪ ،‬انتقلنا إلى العمل‪ ،‬تكلم المصنف عن مسألتين‪ :‬حكم العمل به ً‬
‫عقال‪.‬‬
‫عقال فيقول المصنف‪ :‬يجوز العمل به ً‬
‫وحكم العمل به سم ًعا‪ ،‬أما ً‬
‫خاص بمعهد اإلمام البهوتي للتفقه الحنبلي‪ ،‬وال يسمح بتداوله ونشره‬
‫أي أن العقل يقضي بأن العمل بخرب واحد أو بأخبار اآلحاد ليس بممتنع‪ ،‬جائز‪ ،‬إذا ال يلزم من العمل به‬
‫ٌ‬
‫محال لذاته‪ ،‬أي هل يرتتب على العمل بخرب آحاد محال‪ ،‬هل يرتتب عليه شيء مستحيل أن اإلنسان إذا‬
‫عقال‪.‬‬ ‫سمع مخربًا واحدً ا يعمل بمقتضى خربه؟ ال‪ ،‬ال يرتتب عليه ذلك‪ ،‬إ ًذا هو ٌ‬
‫جائز ً‬

‫قال المصنف‪( :‬وهل يف الشرع ما يمنعه أو ليس فيه ما يوجبه خالف)‪.‬‬

‫هل يف الشرع ما يمنع خرب الواحد؟ أورد بعضهم احتمال الكذب أو الخطأ فيه‪ ،‬قال‪ :‬إن الشرع يمنع بخرب‬
‫الواحد‪ ،‬يمنع العمل بخرب الواحد‪ ،‬لماذا؟ قالوا‪ :‬ألن خرب الواحد يرد عليه احتمال الكذب والخطأ‪ ،‬فلذلك‬
‫ال يجوز العمل به إذا أوردنا هذه االحتماالت ال يجوز العمل بالخرب الواحد‪ ،‬ال بد أن يكون المخربون‬
‫كثيرين‪.‬‬

‫والجواب أنه غير مسلم‪ ،‬أي ليس مرد كونه خرب واحد مان ًعا للعمل‪ ،‬مان ًعا عن العمل‪ ،‬نحن ال نقطع بثبوته‪،‬‬
‫عدل‪ ،‬إذا جاءنا هذا الخرب من ٍ‬
‫عدل ثقة غلب على الظن صدقه‪ ،‬والدليل على أنه ال يمنع‬ ‫لكننا إذا جاءنا من ٍ‬

‫أننا يف الشرع نأخذ بشهادة الشاهد وهو واحد‪ ،‬شهادة الشاهد خرب‪.‬‬

‫و ُفتيا المفتي ً‬
‫أيضا‪ ،‬وشهادة الشاهد أليس مما يلزم قبوله إجما ًعا؟ مع أنه يرد عليهما احتمال الخطأ‬
‫والكذب‪ ،‬فلم يكن هذا االحتمال مان ًعا من قبول الخرب‪ ،‬إ ًذا الشرع أقر األخذ بأخبار آحاد بل ألزم هبا مع‬
‫وجود هذه االحتماالت الكذب والخطأ‪ ،‬طب ًعا إذا حصل هذا الخطأ يف شهادة الشاهد أو الكذب أو فتيا‬
‫المفتي وما يرتتب عليه من الضمان وما إلى آخره‪ ،‬هذه ال تمنع أصل الحكم‪ ،‬أصل الحكم هو األخذ‬
‫بشهادة الشاهد وفتيا المفتي‪.‬‬

‫هل يف الشرع ما يمنعه؟ ليس هناك ما يمنعه الشرع‪ ،‬هل هناك ما يدل على منعه؟ إذا قلنا ليس هناك يف الشرع‬
‫ما يمنعه‪.‬‬

‫قال‪( :‬أو ليس فيه ما يوجبه؟)‪.‬‬


‫خاص بمعهد اإلمام البهوتي للتفقه الحنبلي‪ ،‬وال يسمح بتداوله ونشره‬
‫عقال الجواز‪ ،‬هل يف الشرع ما يمنعه؟ ال يوجد يف الشرع ما يمنعه‪ ،‬إذا قلنا يجوز‬
‫اآلن قلنا إنه يجوز العمل به ً‬
‫ٍ‬
‫وارد‪.‬‬ ‫عقال ممتنع شر ًعا؟ قلنا االمتناع غير‬
‫عقال ممتنع شر ًعا هل نقول يجوز ً‬
‫ً‬

‫قال‪( :‬أو ليس فيه ما يوجبه؟)‪.‬‬

‫هل هناك يف الشرع ما يوجبه أو ليس هناك ما يوجبه؟ سيأيت إن شاء اهلل هل يف الشرع ما يوجب قبوله‪.‬‬

‫طب ًعا لماذا ذكر هذا الخالف هنا‪ ،‬هل يف الشرع ما يمنعه أو ليس فيه ما يوجبه‪ ،‬أي هل جهة الجواز العقلي‬
‫عقال لكن شر ًعا فيه ما‬
‫هل هناك تعارض‪ ،‬هل هناك يف جهة الجواز العقلي ما يعارضها يجوز العمل به ً‬
‫مثال إذا قلنا ذلك‪.‬‬
‫يمنعه‪ً ،‬‬

‫أيضا شر ًعا‪ ،‬ألنه ليس فيه ما يوجبه‪ ،‬فقضية الجواز العقلي منفك ٌة عن‬
‫عقال ويجوز ً‬
‫أو نقول يجوز العمل به ً‬
‫الجواز والوجوب الشرعي‪.‬‬

‫يقول‪ :‬أما يف العقلي هو جائز‪ ،‬ما زاد على ذلك ننظر هل هناك ما يمنع من جهة الشرع؟ قلنا ال يوجد ما‬
‫يمنعه‪ ،‬هل يف الشرع ليس فيه ما يوجبه؟ سيأيت أن هناك أدلة تدل على وجوب العمل به يف الشرع‪.‬‬

‫عقال)‪.‬‬
‫قال‪( :‬ويجب العمل به سم ًعا وقيل ً‬

‫العمل بالخرب الواحد من جهة الشرع أي ويجب العمل به سم ًعا أي من حيث األدلة النقلية واجب العمل‬
‫عقال‪.‬‬
‫به واجب‪ ،‬وقيل ً‬

‫أما وجوب العمل به سم ًعا فقد جاء يف ذلك أدلة كثيرة متضافرة‪ ،‬وهو قول جماهير العلماء من السلف‬
‫والخلف وأهم األدلة يف إجماع الصحابة يف وقائع كثيرة وعمل الخلفاء الراشدين يف وقائع كثيرة عن الخرب‬
‫الواحد يطول سردها‪.‬‬

‫عقال)‪.‬‬
‫قال‪( :‬وقيل ً‬
‫خاص بمعهد اإلمام البهوتي للتفقه الحنبلي‪ ،‬وال يسمح بتداوله ونشره‬
‫أي وقيل العمل به واجب من جهة العقل مفرتض أن هذه المسألة ُتذكر يف المسألة السابقة تب ًعا للمسألة‬
‫السابقة‪.‬‬

‫فبعض العلماء قالوا‪ :‬العمل به واجب ليس باألدلة النقلية‪ ،‬بل قبل ذلك هو واجب باألدلة العقلية‪ ،‬لماذا؟‬
‫قالوا‪ :‬ألنه إذا نظرنا إلى الشرع فإن األدلة القطعية يف الشرع نادرة‪ ،‬فلو منعنا العمل باألخبار اآلحاد لتعطلت‬
‫كثير من األحكام‪.‬‬

‫عقال‪ ،‬كأهنم يقولون قول قاطع الشرع‪ ،‬األدلة‬


‫فيلزم من ذلك وجوب العمل بأخبار اآلحاد‪ ،‬فيلزم ذلك ً‬
‫القطعية يف الشرع قليلة‪.‬‬

‫وإذا كانت األدلة القطعية يف الشرع قليلة ومنعنا العمل بأخبار اآلحاد إ ًذا سيلزم من ذلك تعطل العمل بكثير‬
‫من األحكام التي إنما ثبتت بأخبار اآلحاد‪ ،‬سنبقى على مسائل قليلة يجب العمل هبا والباقي ال يلزم‬
‫المكلف منها شيء‪.‬‬

‫ٌ‬
‫مبعوث إلى الكافة إلى الثقلين‪،‬‬ ‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم‪-‬‬
‫وأيضا ألن الرسول ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫إ ًذا العمل بخرب اآلحاد واجب‪ً ،‬‬
‫أليس كذلك؟ ومشافهة كافة الناس وإبالغهم بعدد التواتر مستحيل متعذر‪ ،‬إ ًذا يجب العمل بأخبار اآلحاد‬
‫وهذه جهة عقلية أخرى‪.‬‬

‫عقال‪ ،‬طب ًعا هذه األدلة نحن نقول إنما ُذكِرت هذه األدلة التي ُذكرت يف‬
‫إ ًذا يجب العمل به سم ًعا وقيل ً‬
‫الوجوب العقلي هي يف الواقع تفيد من جهة العقل الجواز‪ ،‬وتقوي الوجوب فقط وال تفيد الوجوب‪ ،‬أي‬
‫هي هذه األدلة تقابل القول باالمتناع أي يصلح الرد هبا على القائل باالمتناع‪ ،‬أي من يقول بامتناع العمل‬
‫بخرب الواحد نرد عليه هبذه األدلة‪ ،‬نقول‪ :‬إذا منعت العمل بالخرب الواحد الزم تعطيل كثير من األحكام‪.‬‬

‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم‪ً -‬‬


‫مثال لم ُيبلِغ الدين بالبالغة التامة ألنه إنما‬ ‫إن منع خرب الواحد يلزم منه أن النبي ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫مثال فأنت ترد به على من يمنع‪ ،‬لكن‬
‫بعث آحاد الرسل إلى الملوك ليبلغهم الدين مع أنه يحتاج إلى تواتر ً‬
‫عقال الوجوب‪.‬‬
‫ال يقتضي ً‬
‫خاص بمعهد اإلمام البهوتي للتفقه الحنبلي‪ ،‬وال يسمح بتداوله ونشره‬
‫فقدر‬
‫هو يقابل القول باالمتناع فيصل إلى الجواز وأما الوجوب فقد ُيستفاد باألدلة السمعية‪ ،‬أما الوجوب ٌ‬
‫زائد ُيستفاد باألدلة السمعية ألن الوجوب الشرعي ال مدخل للعقل فيه‪.‬‬

‫وإن كنا نقول هذا وجوب عقلي ما نستطيع أن نقول ال مدخل للشرع فيه‪ ،‬هذا وجوب عقلي‪.‬‬

‫على أية حال‪ :‬األظهر –واهلل أعلم‪ -‬أن هذه األدلة إنما تقابل القول بامتناعه‪ ،‬أشبه باالعرتاض والرد على‬
‫القائل باالمتناع‪ ،‬أما الوجوب فإنه ُيستفاد من األدلة السمعية‪ ،‬وال نقول إن العقل أوجب‪ ،‬ألننا نستطيع أن‬
‫نأخذ هذه األدلة ونقولك إن قضية ما فيها هو جواز األخذ بخرب اآلحاد‪ ،‬أي جواز العمل بخرب اآلحاد‪ ،‬فإذا‬
‫كانت قواطع الشرع نادرة إ ًذا يجوز العمل بأخبار اآلحاد‪.‬‬

‫الرسول مبعوث إلى الكافة إ ًذا يجوز أن يبعث الرسل آحا ًدا وهكذا‪.‬‬

‫مثال‪ ،‬هذا الذي يظهر أن هذه األدلة هي تقابل القول‬


‫ال نقولك إنه يجب على الرسول أن ُيبعث الرسل آحا ًدا ً‬
‫باالمتناع‪.‬‬

‫قال‪( :‬واشترط الجبائي لقبول خبر الواحد أن يروي اثنان يف جميع طبقاته أو يعضده دليل آخر)‪.‬‬

‫اشرتط الجبائي وهو من أئمة المعتزلة أبو علي الجبائي وابنه أبو هاشم‪.‬‬

‫قال‪( :‬واشترط الجبائي لقبول خبر الواحد أن يروي اثنان يف جميع طبقاته أو يعضده دليل آخر)‪.‬‬

‫اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم‪-‬‬
‫أي يقول الجبائي ال ُيقبل خرب الواحد إال بأحد شرطين‪ :‬إما أن يرويه عن النبي ‪َ -‬ص َّلى ُ‬
‫اثنان ثم عنهما اثنان‪ ،‬ثم عنهما اثنان وهلم جر‪ ،‬حتى يصل إلينا‪.‬‬

‫أو ال ُيروى كذلك لكن ال يروى مجر ًدا بل ال بد أن يكون عضده دليل آخر إما نص أو عمل صحابة أو‬
‫قياس‪ ،‬لماذا يا أيها الجبائي تقول بذلك؟‬
‫خاص بمعهد اإلمام البهوتي للتفقه الحنبلي‪ ،‬وال يسمح بتداوله ونشره‬
‫قال‪ :‬يقولون ألن الشهادة هي من حيث األثر واألهمية دون الرواية ألن الشهادة تتعلق بمعين والرواية‬
‫تتعلق بشرع دائم‪ ،‬ومع ذلك الشهادة ال بد فيها من اثنين‪ :‬يزكي كل واحد من االثنين اثنان إذا لم يكن مزكى‬
‫عند القاضي أو لم ُيعرف عدالته أو نحو لك‪ ،‬إ ًذا قاس الجبائي الرواية على الشهادة‪.‬‬

‫والجواب عنه أن الدليل على قبول خرب الواحد مطلق ما فيه تقيد األدلة إجماع الصحابة على األخذ بخرب‬
‫الواحد ولم يقيدوا عن اثنين‪ ،‬برويه عن اثنان لو كل واحد يروي عنه اثنان وهكذا هذا ما فيه تقيد‪ ،‬فالتقيد‬
‫يحتاج إلى دليل‪.‬‬

‫ثم إننا نرد بالفرق بين الرواية والشهادة‪ ،‬نعم الرواية والشهادة كالهما خرب‪ ،‬ويشرتط فيهما العدالة وإلى‬
‫آخره ولكن هناك فروق بين الرواية والشهادة‪ ،‬ومن أهم الفروق بينهما أن الشهادة فيها شوب تعبد‪ ،‬ولذلك‬
‫مثال الشهادة يف األموال رجالن ويف بعض الصور‬
‫الشهادة نجد أهنا قيدت يف بعض الصور بأعداد خاصة ً‬
‫ثالث‪ ،‬و ُيقبل فيه رجل وامرأتان‪ ،‬وكذلك ال تقبل رواية النساء ليس معهن رجل ويف الزنا أربعة‪ ،‬هناك قيود‬
‫أعداد محددة هذه تعبدية‪ ،‬ويلتمس فيها حكمة أن بعض األحكام أشد من بعضها وهكذا‪ ،‬لكن هذه األمور‬
‫كلها غير معتربة يف الرواية ولذلك ُتقبل رواية رجل واحد واألصل أن الخرب بل حتى لو أخرب اثنان‪ ،‬أو‬
‫أخربت امرأتان هذا مقبول‪ ،‬أخرب امرأة واحدة أخرب ثالثة نساء يف أي خرب من األحاديث حتى لو كان‬
‫الحديث متعلق بالحدود أو الزنا أو كان مما يتعلق باألموال إلى غير ذلك‪.‬‬

‫نجد أن الرواية ال ُيشرتط فيها هذه الشروط التي قيدت يف الشهادة‪ ،‬فلذلك كان هناك فرق‪.‬‬

‫أيضا ولكن ال نشرتط على‬


‫نعم إننا ال نقول إن األحاديث يرويها العدول وغير العدول بل نشرتط العدالة ً‬
‫الكيفية الموجودة يف الشهادة‪ ،‬أي الشهادة فيها تقيدات‪ً ،‬‬
‫أوال هي شهادة على معين فيحتاط هبا ببعض‬
‫االحتياطات‪ ،‬لما كان الشهادة على معين ُيحتاط لها أما الرواية فإهنا يف جملة أحكام الناس وينبني عليها‬
‫قواعد كلية‪ ،‬فالمسلم العاقل ال يتجرأ يف مثلها على الكذب ولو كان الراوي كذا ًبا أو ُعرف عنه الكذب‬
‫سقطت روايته مباشرة‪.‬‬

You might also like