Professional Documents
Culture Documents
الدرس 32 خبر الواحد
الدرس 32 خبر الواحد
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،اللهم علمنا ما
علما ،سبحانك ال علم لنا إال ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ،رب
ينفعنا ،وانفعنا بما علمتنا ،وزدنا ً
اشرح لي صدري ،ويسر لي أمري ،واحلل عقد ًة من لساين يفقهوا قولي.
أما بعد:
نستكمل شرح كتاب [غاية السول إلى علم األصول] للعالمة الشيخ /يوسف بن عبد الهادي الشهير بــــ
اهلل َت َع َا َلى ،-وقد كنا فرغنا من الكالم عن المتواتر ومسائله ونشرع اليوم -بإذن ِ
ابن المربد الحنبلي َ -رح َم ُه ُ
اهلل َت َع َا َلى -يف الكالم عن خرب الواحد.
اهلل َت َع َا َلى -من الكالم عن أحكام الخرب المتواتر ،شرع يف أحكام خرب اآلحاد، ِ
لما انتهى المصنف َ -رح َم ُه ُ
فخرب الواحد يقال له خرب الواحد وخرب اآلحاد.
واآلحاد :أصلها أأحاد ،هبمزتين وأبدلت الثانية أل ًفا مثل آدم ،وأحاد هي جمع أحد ،كبطل وأبطال ،وهمزة
أحد مبدلة من واو الواحد ،أصلها واحد.
إ ًذا عندنا خرب الواحد أو خرب اآلحاد ،هل المراد بخرب الواحد خرب الشخص الواحد كما هو الحقيقة ،لما
اصطالحا كل ما ليس بمتواتر
ً نقول خرب الواحد أي خرب شخص واحد ،هل هذا هو المراد؟ ال بل المراد
كما سيأيت ،هو كل ما ليس بمتواتر.
ولو كان من أكثر من واحد؛ ألن المتواتر كما هو معلوم ال بد فيه من عدد يفيد العلم ،فكل ما ليس كذلك
يقال له خرب الواحد ،فاألخبار قسمان :تواتر وآحاد.
أو يرويه عدد كثير ،يبلغ حد التواتر لكنه يف بعض الطبقات دون بعض أو أهنم لم يستندوا فيه إلى الحس
لم ُيخربوا عن المحسوس أو غير ذلك مما ُيعترب يف المتواتر.
مشهورا).
ً مستفيضا
ً سمي
َّ (وقيل إن زادت نقلته عن ثالثة
قسيم لخرب اآلحاد والمتواتر فالقسمة ثالثية على هذا المستفيض المشهور
ٌ فعلى هذا :المستفيض المشهور
قسيم لخرب اآلحاد وللمتواتر.
ٌ
ٍ
مقسم. القسيم :هو ما يدخل مع غيره تحت
ٍ
مقسم ،فلما نقول الكلمة إما اسم أو فعل أو حرف ،فالفعل قسيم القسيم أي هو ما ُيشارك غيره تحت
لالسم والحرف ،والحرف هو قسيم للفعل واالسم وهكذا.
على أية حال :نقول على هذا القول القسمة ثالثية ،وعلى المشهور عند األصوليين والمحدثين المستفيض
نوع من خرب الواحد ،خرب الواحد درجات ،هو ليس على درجة واحدة أي ليس على رتبة
المشهور هو ٌ
واحدة ،كله يسمى خرب واحد ،لكنه منه ما هو دون الثالثة وهو العزيز كما سماه بعض المحدثين ،وهو ما
رواه اثنان ،أو الغريب وهو ما رواه واحد ،وثالثة فأكثر ،وعلى ٍ
قول ما زاد عن الثالثة هو المشهور هو
المستفيض.
ثنائي.
وعلى أية حال :نقول قول الجمهور أن التقسيم ٌ
خاص بمعهد اإلمام البهوتي للتفقه الحنبلي ،وال يسمح بتداوله ونشره
قال المصنف َ -ر ِح َم ُه اهللُ َت َع َا َلى( :-وعن أحمد يف حصول العلم به قوالن).
أي عن اإلمام أحمد يف حصول العلم به قوالن ،هل خرب الواحد يفيد العلم أو ال يفيد العلم ،قوالن عن
اإلمام أحمد ،أي هل يفيد اليقين أو ال يفيد اليقين ،قوالن عن اإلمام أحمد.
هو الصحيح عن اإلمام أحمد أنه يفيد الظن ،كما هو قول جمهور أهل الفقه واآلثار والنظر كما قاله ابن
عبد الرب ،أنه يفيد الظن أي بمجرده.
وبعضهم يقول :ال مطل ًقا ،أنه يفيد الظن مطل ًقا ،أن قول الجمهور هو إفادته مطل ًقا ،أي سواء اقرتن به قرائن
أو لم تقرتن به قرائن ،والقرائن إنما تقوي الظن فقط ،فالحد الفاصل بين المتواتر واآلحاد هو اليقين الذي
يحصل إما بنفس الخرب أو بالقرائن المتصلة كما سبق يف المتواتر.
إ ًذا القول األول إنه يفيد الظن ،ولماذا يفيد الظن الخرب الواحد؟ احتمال السهو والغلط ونحوهما ،وهذا
اهلل َت َع َا َلى -يف رواية األثرم. ِ
نص عليه اإلمام أحمد َ -رح َم ُه ُ
هذا خرب واحد وهذا خرب واحد فتعارضا يلزم منه أن يتعارض معلومان أي أن يتعارض خربان كل
واحدمنهما يفيد اليقين وهذا محال.
القطعي ال يتعارض مع قطعي ،ال يوجد تعارض قطعيين تعارض حقيقي ،ال يوجد ،وإنما التعارض بين
الظنيات أو بين ظني وقطعي ،فيرجح القطعي ،وهكذا.
خاص بمعهد اإلمام البهوتي للتفقه الحنبلي ،وال يسمح بتداوله ونشره
اهلل َت َع َا َلى -قول أنه يفيد العلم وهو قول ِ
وهناك أوجه أخرى يف كونه يفيد الظن ،وعن اإلمام أحمد َ -رح َم ُه ُ
ِ
بعض المحدثين ،وهل هي رواية منصوصة؟ هذه رواية ُأخذت من قول اإلمام أحمد َ -رح َم ُه ُ
اهلل َت َع َا َلى-
حق نقطع على العلم به.
يف رواية حنبل أخبار الرؤية ٌ
أخبار الرؤية أي رؤية اهلل – َع َّز َو َج َّل -هبا يف اآلخرة أخبار آحاد ،من العلماء من قال إن هذا يفيد ما دام
اإلمام أحمد يقول أخبار الرؤية حق نقطع على العلم هبا إ ًذا هذا يدل على أن اإلمام أحمد يرى أن خرب
الواحد يمكن أن يفيد العلم.
ً
إجماال ،إذا أتينا إلى قضية على أيه الحال :القول الثاين عن اإلمام أحمد ،هذا اآلن الكالم يف الخرب الواحد
القرائن إلى ما يتعلق بالقرائن ،هل يفيد خرب الواحد العلم بالقرائن؟ ظاهر كالم القائلين بالقول األول وهم
الجمهور أهنم يرون أنه ال يفيد العلم مطل ًقا أي سواء كان مجر ًدا أو مع القرائن.
القضية أن القرائن تقوي الظن كما تقدم ،وذهب جماعة من العلماء وقال بعضهم أنه هو المذهب ،مذهب
اإلمام أحمد أنه يفيد العلم بالقرائن.
اهلل َت َع َا َلى -والذي عليه األصوليون من أصحاب أبي حنيفة والشافعي ِ
يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية َ -رح َم ُه ُ
وعمال بهُ ،يوجب العلم إال فرق ًة قليلة تبعوا طائفة
ً وأحمد أن خرب الواحد إذا تلقته األمة بالقبول تصدي ًقا له
من أهل الكالم أنكروا ذلك.
ومن القرائن كما تقدم :اتصال األسانيد عن األئمة الثقات وتنوع طرقها وتلقي األمة لها بالقبول ونحو
ذلك.
خاص بمعهد اإلمام البهوتي للتفقه الحنبلي ،وال يسمح بتداوله ونشره
وهذا الكالم كله يف إفادة العلم وأما العمل به سيأيت حكمه ،سيأيت أنه واجب العمل ،وقد ُحكي االتفاق
على ذلك ،العلماء اتفقوا على لزوم العمل به.
األئمة المعتربين اتفقوا على لزوم العمل بخرب الواحد سوا ًء يف أصول الدين أو يف فروعه.
أي هل يكفر من جحد ما ثبت بخرب الواحد أو ال؟ األصح أنه ال يكفر ،منكرو خرب الواحد أو ما ثبت به،
األصح أنه ال يكفر ألن خرب الواحد ظني ،وبعض العلماء قال إن الخالف يف هذه المسألة ويف تكفير من
جحد ما ثبت به خالف قال :الخالف يف هذه المسألة مبني على الخالف يف إفادة العلم ،فإن قلنا خرب
الواحد يفيد العلم واليقين يكفر منكره ،وإن قلنا ال ال يفيد اليقين فال يكفر منكره ،وال شك أن وجه عدم
تكفيره عدم إفادته العلم ،وإال لو ساوينا خرب الواحد بالمتواتر من حيث إفادة العلم ،أي القول بكفره
وجيها.
ً سيكون
لكن إن قلنا أن يفيد الظن حتى لو قلنا أنه يفيد العلم بالقرائن أصله يفيد الظن فإن هذا ال يكفر منكره.
طب ًعا هذا من حيث هو قد ينعقد اإلجماع على ثبت به ،انعقد اإلجماع ويكون شيء مما اتفقت عليه كلمة
أمر آخر.
األمة ونحو ذلك ،فالقول بتكفيره من هذه الجهة ٌ
قال( :وإذا أخبر إنسانًا بحضرته َ -ص َّلى اهللُ َع َل ْي ِه َو َس َّلم -ولم ُينكِر دل على صدقه ظنًا)؛ أي إذا أخرب إنسان
اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم- ِ
اهلل َع َل ْيه َو َس َّلم -أي صحابي ،والنبي َ -ص َّلى ُ
بخربٍ من األخبار ،بحضرة النبي َ -ص َّلى ُ
ِ
الس َالم -يدل على صدق هذا الخرب ظنًا ال يقينًا ال قط ًعا بل سكت ولم ُينكر ،فإن سكوته َ -ع َل ْيه َّ
الص َال ُة َو َّ
ظنًا.
خاص بمعهد اإلمام البهوتي للتفقه الحنبلي ،وال يسمح بتداوله ونشره
اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم -صدقه ،وال نقطع بذلك ،فسكوته يدل على صدقه
أي يغلب على الظن أن النبي َ -ص َّلى ُ
يف غالب الظن.
ِ
الس َالم -نعم كان بالحضرة ولم ولماذا نقول ظنًا وال نقول قط ًعا ،الحتمال أنه لم يسمعه َ -ع َل ْيه َّ
الص َال ُة َو َّ
اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم -أو
يسمعه أي يتكلم هبذا الخرب ،قد يكون تكلم مع الذي بجانبه ولم يسمعه النبي َ -ص َّلى ُ
اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم -سمع كال ًما لم يتبينه أي لم يتضح له أو لم يتفهمه كأنه سمع شي ًئا ولكنه أن النبي َ -ص َّلى ُ
مثال.
لم يسمع تمامه ً
صدق ح ًقا
ٌ اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم -إذا سكت فسكوته حجة ،وهذا الخرب لماذا؟ قط ًعا يقولون ألن النبي َ -ص َّلى ُ
اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم -لو كان النبي - ِ
اهلل َع َل ْيه َو َس َّلم -ال ُيقر الباطل ،لو علم النبي َ -ص َّلى ُ
ألن النبي َ -ص َّلى ُ
اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم -يرى أن هذا الخرب كذب أو أن هذا الخرب فيه خطأ أو نحو ذلك أو يحتاج إلى تقييد َص َّلى ُ
ِ
اهلل َع َل ْيه َو َس َّلم -ألن اآلن إذا كان ً
أمرا دين ًيا فالنبي أو يحتاج إلى بيان ونحو ذلك ،ال يسكت النبي َ -ص َّلى ُ
ٌ
صادق قط ًعا. اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم -ال يقر الباطل وإذا سكت عنه فهو
– َص َّلى ُ
قال بعض العلماء بل نفرق بين الخرب الديني والدنيوي ،فإن كان األمر دين ًيا دل على صدقه ،إن كام األمر
اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلمُ -ب ِعث
دين ًيا أي إن كان هذا الخرب خرب عن أمر ديني شرعي دل على صدقه ألن النبي َ -ص َّلى ُ
شار ًعا لألحكام ،فال يسكت عما يخالف الشرع ،فيدل على صدقه قط ًعا بخالف الدنيوي فإنه َ -ص َّلى ُ
اهلل
اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم -سكوته يدل على ِ
َع َل ْيه َو َس َّلم -لم ُيبعث لبيان الدنيويات حتى نقول :إن النبي َ -ص َّلى ُ
صدقه ،على أيه حال المقدم هو األول.
ِ ِ
الس َالم- اهلل َع َل ْيه َو َس َّلم -فإقراره َ -ع َل ْيه َّ
الص َال ُة َو َّ ألهنم مهما بلغوا ألهنم لن يبلغوا إقرار النبي َ -ص َّلى ُ
مثال أن يجتمعوا
حجة ،وإقرارهم ليس حجة يف ذاته ،بل من حيث إهنم خلق كثير ونحو ذلك عد ٌد يستحيل ً
على ضاللة ونحو ذلك.
أيضا مستصحب ،طب ًعا من يقول إنه يفيد صدقه قط ًعا ألنه يستحيل على الخلق الكثير
فالخالف السابق هنا ً
أن يقروا الباطل ونحو ذلك.
عقال،
اآلن انتهينا من العلم إفادة العلم ،انتقلنا إلى العمل ،تكلم المصنف عن مسألتين :حكم العمل به ً
عقال.
عقال فيقول المصنف :يجوز العمل به ً
وحكم العمل به سم ًعا ،أما ً
خاص بمعهد اإلمام البهوتي للتفقه الحنبلي ،وال يسمح بتداوله ونشره
أي أن العقل يقضي بأن العمل بخرب واحد أو بأخبار اآلحاد ليس بممتنع ،جائز ،إذا ال يلزم من العمل به
ٌ
محال لذاته ،أي هل يرتتب على العمل بخرب آحاد محال ،هل يرتتب عليه شيء مستحيل أن اإلنسان إذا
عقال. سمع مخربًا واحدً ا يعمل بمقتضى خربه؟ ال ،ال يرتتب عليه ذلك ،إ ًذا هو ٌ
جائز ً
هل يف الشرع ما يمنع خرب الواحد؟ أورد بعضهم احتمال الكذب أو الخطأ فيه ،قال :إن الشرع يمنع بخرب
الواحد ،يمنع العمل بخرب الواحد ،لماذا؟ قالوا :ألن خرب الواحد يرد عليه احتمال الكذب والخطأ ،فلذلك
ال يجوز العمل به إذا أوردنا هذه االحتماالت ال يجوز العمل بالخرب الواحد ،ال بد أن يكون المخربون
كثيرين.
والجواب أنه غير مسلم ،أي ليس مرد كونه خرب واحد مان ًعا للعمل ،مان ًعا عن العمل ،نحن ال نقطع بثبوته،
عدل ،إذا جاءنا هذا الخرب من ٍ
عدل ثقة غلب على الظن صدقه ،والدليل على أنه ال يمنع لكننا إذا جاءنا من ٍ
أننا يف الشرع نأخذ بشهادة الشاهد وهو واحد ،شهادة الشاهد خرب.
و ُفتيا المفتي ً
أيضا ،وشهادة الشاهد أليس مما يلزم قبوله إجما ًعا؟ مع أنه يرد عليهما احتمال الخطأ
والكذب ،فلم يكن هذا االحتمال مان ًعا من قبول الخرب ،إ ًذا الشرع أقر األخذ بأخبار آحاد بل ألزم هبا مع
وجود هذه االحتماالت الكذب والخطأ ،طب ًعا إذا حصل هذا الخطأ يف شهادة الشاهد أو الكذب أو فتيا
المفتي وما يرتتب عليه من الضمان وما إلى آخره ،هذه ال تمنع أصل الحكم ،أصل الحكم هو األخذ
بشهادة الشاهد وفتيا المفتي.
هل يف الشرع ما يمنعه؟ ليس هناك ما يمنعه الشرع ،هل هناك ما يدل على منعه؟ إذا قلنا ليس هناك يف الشرع
ما يمنعه.
هل هناك يف الشرع ما يوجبه أو ليس هناك ما يوجبه؟ سيأيت إن شاء اهلل هل يف الشرع ما يوجب قبوله.
طب ًعا لماذا ذكر هذا الخالف هنا ،هل يف الشرع ما يمنعه أو ليس فيه ما يوجبه ،أي هل جهة الجواز العقلي
عقال لكن شر ًعا فيه ما
هل هناك تعارض ،هل هناك يف جهة الجواز العقلي ما يعارضها يجوز العمل به ً
مثال إذا قلنا ذلك.
يمنعهً ،
أيضا شر ًعا ،ألنه ليس فيه ما يوجبه ،فقضية الجواز العقلي منفك ٌة عن
عقال ويجوز ً
أو نقول يجوز العمل به ً
الجواز والوجوب الشرعي.
يقول :أما يف العقلي هو جائز ،ما زاد على ذلك ننظر هل هناك ما يمنع من جهة الشرع؟ قلنا ال يوجد ما
يمنعه ،هل يف الشرع ليس فيه ما يوجبه؟ سيأيت أن هناك أدلة تدل على وجوب العمل به يف الشرع.
عقال).
قال( :ويجب العمل به سم ًعا وقيل ً
العمل بالخرب الواحد من جهة الشرع أي ويجب العمل به سم ًعا أي من حيث األدلة النقلية واجب العمل
عقال.
به واجب ،وقيل ً
أما وجوب العمل به سم ًعا فقد جاء يف ذلك أدلة كثيرة متضافرة ،وهو قول جماهير العلماء من السلف
والخلف وأهم األدلة يف إجماع الصحابة يف وقائع كثيرة وعمل الخلفاء الراشدين يف وقائع كثيرة عن الخرب
الواحد يطول سردها.
عقال).
قال( :وقيل ً
خاص بمعهد اإلمام البهوتي للتفقه الحنبلي ،وال يسمح بتداوله ونشره
أي وقيل العمل به واجب من جهة العقل مفرتض أن هذه المسألة ُتذكر يف المسألة السابقة تب ًعا للمسألة
السابقة.
فبعض العلماء قالوا :العمل به واجب ليس باألدلة النقلية ،بل قبل ذلك هو واجب باألدلة العقلية ،لماذا؟
قالوا :ألنه إذا نظرنا إلى الشرع فإن األدلة القطعية يف الشرع نادرة ،فلو منعنا العمل باألخبار اآلحاد لتعطلت
كثير من األحكام.
وإذا كانت األدلة القطعية يف الشرع قليلة ومنعنا العمل بأخبار اآلحاد إ ًذا سيلزم من ذلك تعطل العمل بكثير
من األحكام التي إنما ثبتت بأخبار اآلحاد ،سنبقى على مسائل قليلة يجب العمل هبا والباقي ال يلزم
المكلف منها شيء.
ٌ
مبعوث إلى الكافة إلى الثقلين، اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم-
وأيضا ألن الرسول َ -ص َّلى ُ
إ ًذا العمل بخرب اآلحاد واجبً ،
أليس كذلك؟ ومشافهة كافة الناس وإبالغهم بعدد التواتر مستحيل متعذر ،إ ًذا يجب العمل بأخبار اآلحاد
وهذه جهة عقلية أخرى.
عقال ،طب ًعا هذه األدلة نحن نقول إنما ُذكِرت هذه األدلة التي ُذكرت يف
إ ًذا يجب العمل به سم ًعا وقيل ً
الوجوب العقلي هي يف الواقع تفيد من جهة العقل الجواز ،وتقوي الوجوب فقط وال تفيد الوجوب ،أي
هي هذه األدلة تقابل القول باالمتناع أي يصلح الرد هبا على القائل باالمتناع ،أي من يقول بامتناع العمل
بخرب الواحد نرد عليه هبذه األدلة ،نقول :إذا منعت العمل بالخرب الواحد الزم تعطيل كثير من األحكام.
وإن كنا نقول هذا وجوب عقلي ما نستطيع أن نقول ال مدخل للشرع فيه ،هذا وجوب عقلي.
على أية حال :األظهر –واهلل أعلم -أن هذه األدلة إنما تقابل القول بامتناعه ،أشبه باالعرتاض والرد على
القائل باالمتناع ،أما الوجوب فإنه ُيستفاد من األدلة السمعية ،وال نقول إن العقل أوجب ،ألننا نستطيع أن
نأخذ هذه األدلة ونقولك إن قضية ما فيها هو جواز األخذ بخرب اآلحاد ،أي جواز العمل بخرب اآلحاد ،فإذا
كانت قواطع الشرع نادرة إ ًذا يجوز العمل بأخبار اآلحاد.
الرسول مبعوث إلى الكافة إ ًذا يجوز أن يبعث الرسل آحا ًدا وهكذا.
قال( :واشترط الجبائي لقبول خبر الواحد أن يروي اثنان يف جميع طبقاته أو يعضده دليل آخر).
اشرتط الجبائي وهو من أئمة المعتزلة أبو علي الجبائي وابنه أبو هاشم.
قال( :واشترط الجبائي لقبول خبر الواحد أن يروي اثنان يف جميع طبقاته أو يعضده دليل آخر).
اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّلم-
أي يقول الجبائي ال ُيقبل خرب الواحد إال بأحد شرطين :إما أن يرويه عن النبي َ -ص َّلى ُ
اثنان ثم عنهما اثنان ،ثم عنهما اثنان وهلم جر ،حتى يصل إلينا.
أو ال ُيروى كذلك لكن ال يروى مجر ًدا بل ال بد أن يكون عضده دليل آخر إما نص أو عمل صحابة أو
قياس ،لماذا يا أيها الجبائي تقول بذلك؟
خاص بمعهد اإلمام البهوتي للتفقه الحنبلي ،وال يسمح بتداوله ونشره
قال :يقولون ألن الشهادة هي من حيث األثر واألهمية دون الرواية ألن الشهادة تتعلق بمعين والرواية
تتعلق بشرع دائم ،ومع ذلك الشهادة ال بد فيها من اثنين :يزكي كل واحد من االثنين اثنان إذا لم يكن مزكى
عند القاضي أو لم ُيعرف عدالته أو نحو لك ،إ ًذا قاس الجبائي الرواية على الشهادة.
والجواب عنه أن الدليل على قبول خرب الواحد مطلق ما فيه تقيد األدلة إجماع الصحابة على األخذ بخرب
الواحد ولم يقيدوا عن اثنين ،برويه عن اثنان لو كل واحد يروي عنه اثنان وهكذا هذا ما فيه تقيد ،فالتقيد
يحتاج إلى دليل.
ثم إننا نرد بالفرق بين الرواية والشهادة ،نعم الرواية والشهادة كالهما خرب ،ويشرتط فيهما العدالة وإلى
آخره ولكن هناك فروق بين الرواية والشهادة ،ومن أهم الفروق بينهما أن الشهادة فيها شوب تعبد ،ولذلك
مثال الشهادة يف األموال رجالن ويف بعض الصور
الشهادة نجد أهنا قيدت يف بعض الصور بأعداد خاصة ً
ثالث ،و ُيقبل فيه رجل وامرأتان ،وكذلك ال تقبل رواية النساء ليس معهن رجل ويف الزنا أربعة ،هناك قيود
أعداد محددة هذه تعبدية ،ويلتمس فيها حكمة أن بعض األحكام أشد من بعضها وهكذا ،لكن هذه األمور
كلها غير معتربة يف الرواية ولذلك ُتقبل رواية رجل واحد واألصل أن الخرب بل حتى لو أخرب اثنان ،أو
أخربت امرأتان هذا مقبول ،أخرب امرأة واحدة أخرب ثالثة نساء يف أي خرب من األحاديث حتى لو كان
الحديث متعلق بالحدود أو الزنا أو كان مما يتعلق باألموال إلى غير ذلك.
نجد أن الرواية ال ُيشرتط فيها هذه الشروط التي قيدت يف الشهادة ،فلذلك كان هناك فرق.