‫رأي في الحداثة ‪:‬‬

‫محمد عابد الجابري‪ :‬ص‪58 :‬‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫َ‬
‫تعتبر الحداثة من بين القضايا الفكرية ألاكثر إثارة للجدل والنقاش في أوساط املثقفين‪ ،‬وتر ُد بتسميات متنوعة ونعوت‬
‫مختلفة‪ ،‬فهي توصف بكونها عصرا تاريخيا متقدما دخلته مجتمعات ‪،‬في حين تسعى مجتمعات أخرى إلى الالتحاق به‪.‬‬
‫وتتمثل الحداثة في كونها تراكما إلنتاجات حضارية ومنافع مادية‪،‬انعكس أثرها على حياة الفرد والجماعة‪ ،‬مثلما تتحدد‬
‫َ‬
‫باعتبارها موقفا نقديا و ُج ْرأة تدعو إلى الاستخدام الحر للعقل ونقد سلطة التقليد ‪.‬‬

‫وإجماال‪ :‬الحداثة على عكس التقليد فهي رؤية عقلية جديدة للحياة‪،‬وهي ثورة اقتصادية و اجتماعية و سياسية وفكرية‬
‫وعلمية منفتحة على كل جديد‪ .‬وهي ثورة اقتصادية وعلمية مبنية على املالحظة والتجربة‪ ،‬وثورة فكرية تعتمد على العقل‪،‬‬
‫وثورة سياسية تراهن على تثبيت قيم الديمقراطية وحقوق إلانسان‪.‬‬

‫ويعتبر املفكر املغربي محمد عابد الجابري من بين أكثر املفكرين العرب اهتماما بالحداثة من حيث شروطها ومقوماتها ‪،‬‬
‫والنص الذي نحن بصدد تناوله بالدراسة والتحليل‪،‬سيوضح لنا رأي الكاتب حول مفهوم الحداثة‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مالحظة النص‪:‬‬

‫‪ -‬دراسة العنوان‪:‬‬
‫ُ‬
‫يبدو أن العنوان جملة اسمية إخبارية تقريرية تحيل إلى أن الحداثة اختلفت حولها وجهات النظر ‪،‬والكاتب يريد إلادالء‬
‫برأيه ووجهة نظره ضمن هذه آلاراء املختلفة‪.‬‬

‫‪ -‬نوعية النص‪:‬‬

‫من خالل مالحظتنا للنص يتضح أنه نص نثري فكري بالنظر إلى كون كاتبه املفكر والفيلسوف املغربي املعاصر محمد عابد‬
‫الجابري‪ ،‬وهو مقتطف من مؤلفه ’’ التراث والحداثة’’‪.‬‬

‫‪ -‬فرضية القراءة‪:‬‬

‫من خالل املؤشرات السابقة ومن خالل بداية النص ونهايته تتضح لنا إشكالية محاصرة مفهوم الحداثة معرفيا‪،‬طاملا أن‬
‫بنية التصور واملفهوم املرتبط به نسبية‪ ،‬وتثير الكثير من الجدل والنقاش في عالقتها باالختالف الذي يطبع الفكر والواقع‪،‬‬
‫ونتوقع من الكاتب إطالعنا على وجهة نظره حول املوضوع‪،‬وبعض من املواقف املختلفة حوله‪ ،‬وهو ما سنتحقق منه أثناء‬
‫تحليلنا للنص‪.‬‬
 ‫‪ -‬فهم النص‪:‬‬

‫‪ -‬املضمون العام ‪:‬‬

‫رفض الكاتب للحداثة املطلقة‪،‬وإبرازه لتصوره ورأيه حولها‪ ،‬وسعيه َّ‬
‫للرد على بعض املواقف القائلة بوجود حداثة كلية‬
‫مطلقة وعاملية أو فردية رافضة للعقالنية‪،‬مبرزا الارتباط الوثيق بين الحداثة والتراث‪ ،‬معتبرا الديمقراطية والعقالنية أساس‬
‫بناء أي مشروع حداثي‪.‬‬

‫‪ -‬تحليل النص‪:‬‬

‫‪ -‬املعجم‪:‬‬

‫الحقل السياس ي‬ ‫الحقل الفكري‬

‫الديمقراطية‪ -‬الاستبداد ‪ -‬أجهزة الدولة ‪ -‬سلوك القطيع ‪ -‬عص ى‬ ‫العقالنية‪-‬إلابداع‪-‬نزوع الفكر‬
‫الراعي ‪ -‬إلادارة ‪ -‬حقوق الشعب ‪ -‬الحرية‪...‬‬ ‫والسلوك‪ -‬الحداثة‪ -‬ألانوار‪ -‬الالعقالنية‪-‬التصورات‪ -‬تحديث‬
‫الذهنية‪ -‬تحديث املعايير العقلية‪...‬‬
‫‪ -‬استنتاج‪:‬‬

‫الظاهر أنه بين الحقلين عالقة ترابط وتكامل؛ذلك أن الحداثة مشروع تفكير وتخطيط متقدم‪،‬وهي مناخ سياس ي معتدل‬
‫ُي َوف ُر له ُس ُب َل النجاح‪.‬‬

‫‪ -‬أطروحة الكاتب‪:‬‬

‫يدافع محمد عابد الجابري عن حداثة تقوم على العقالنية والديمقراطية ويرفض الحداثة العاملية املستوردة والشمولية‪.‬‬

‫‪ -‬نقيض ألاطروحة‪:‬‬
‫فردي‪،‬ويتشب ُث آخرون بأحد ُ‬
‫أسس الحداثة’’ الديمقراطية’’ ويرفضون العقالنية بدعوى َّأنها‬ ‫َّ‬ ‫يقول دعاة الحداثة َّأنها موقف‬
‫َُ‬
‫تفرض النظام وتقي ُد الحرية‪.‬‬

‫‪ -‬ألاطروحة البديل‪ /‬التركيب‪:‬‬

‫الحداثة ظاهرة تاريخية مرتبطة بصيرورة التطور ومشروطة بتوفر السلوك والتفكير العقالنيين والنظام الديمقراطي‬
‫الحقيقي‪ -‬رفضه املطلق للجاهز و لفكرة استنساخ التجارب‪.‬‬
 ‫‪ -‬ألاساليب الحجاجية‪:‬‬

‫‪ -‬أسلوب التعريف‪ :‬الحداثة هي ظاهرة تاريخية مشروطة بظروفها‪ ،‬محدودة بحدود زمنية‪...‬‬

‫‪ -‬أسلوب النفي وإلاثبات‪ :‬ليست هناك حداثة مطلقة وكلية وعاملية وإنما هناك حداثات تختلف من زمن آلخر‪.‬‬

‫‪ -‬أسلوب التفسير‪ :‬أما في العالم العربي‪ :‬فالوضع مختلف‪...‬‬

‫‪ -‬أسلوب الاستنتاج‪ :‬فهي إذن موقف فردي‪...‬‬

‫‪ -‬أسلوب التأكيد‪ :‬إن الحداثة عندنا هي النهضة وألانوار‪...‬‬

‫‪ -‬أسلوب املقارنة‪ :‬مقارنة الكاتب للحداثة في العاملين الغربي والعربي‪.‬‬

‫َ‬
‫‪ -‬اللغة وألاسلوب ‪ :‬صيغ النص بأسلوب إخباري تقريري مباشر وبطريقة استنباطية من العام إلى الخاص بلغة سهلة‬
‫وواضحة ُموصلة للمعنى ولرأي الكاتب إلى املتلقي املفترض‪.‬‬

‫‪ -‬تركيب وتقويم‪:‬‬

‫سعى محمد عابد الجابري من خالل النص إلى توضيح أن الحداثة بناء مجتمعي قائم على العقالنية والديمقراطية‬
‫َ‬
‫ومشروط بشروط تاريخية يجب أن تراعي خصوصية كل مجتمع على حدة‪،‬ومن أجل ذلك رفض مصطلح الحداثة املطلقة‬
‫والعاملية‪.‬‬
‫توسل الكاتب واعتمد في دفاعه عن أطروحته أسلوبا استنباطيا ق ُ‬
‫وامه التفسير والتحليل بلغة تقريرية مباشرة غير قابلة‬
‫للتأويل تغلب عليها الجمل الخبرية الطويلة التي تستطيع استيعاب الحجج و ألادلة التي دافع بها عن فكرته والكفيلة‬
‫بتحقيق إلاقناع بها وبصوابها في مقابل املواقف و آلاراء املناقضة‪.‬‬

‫ذ‪ :‬محمد بوزياني‪.‬‬