دور الإعلان في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية للوقاية من الفساد

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 19

338 -320 ‫ ص‬،)2021( 02 :‫ الع ــدد‬/ 04‫املجلد‬ ‫مجلـة البحوث القـانونية واالقتصادية‬

‫دور اإلعالن في تعزيزمبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية للوقاية من الفساد‬


The role of the advertisement in promoting the principle of
transparency of public procurement as a mechanism to prevent corruption

‫عبد السالم نور الدين‬


‫ الجزائر‬،‫ عين تموشنت‬،‫ جامعة بلحاج بوشعيب‬،‫كلية الحقوق‬
abdesslam.noureddin46@gmail.com
2021/05/24 :‫تاريخ القبول للنشر‬ 2021/04/29 :‫تاريخ االستالم‬

*******

:‫ملخص‬
،‫ إال أن اإلعالن عنها يحتل خصوصية مهمة‬،‫رغم أهمية كافة مراحل إبرام الصفقة العمومية‬
‫ ذلك أن الخطأ‬،‫باعتباره من مراحلها األولية والتمهيدية التي لها أثر على كافة املراحل الالحقة عليه‬
‫ نظرا لتفويته الفرصة على اإلدارة من وصولها اآلمن للطلبات‬،‫فيه يصعب جبره قانونيا وقضائيا‬
‫ لذا ألزم املشرع باإلعالن‬،‫ كما يفوت الفرصة على املتعاملين املتعاقدين في الفوز بالصفقة‬،‫العمومية‬
‫ كما اعتبره من القرارات‬،‫ وحدد عناصره بنصوص قانونية تكريسا للشفافية‬،‫عن إبرام الصفقة‬
‫ مما يجعل من اإلعالن محال للطعن فيه باإللغاء استقالال أمام‬،‫اإلدارية املنفصلة عن العقد اإلداري‬
.‫ وفي ذلك حماية كبيرة لإلعالن‬،‫ والقضاء االستعجالي‬،‫القضاء اإلداري‬
.‫ الصفقات العمومية‬،‫ الفساد‬،‫ اإلعالن‬: ‫الكلمات املفتاحية‬
Abstract:
Despite the importance of all stages of concluding the public deal, the
announcement of it occupies an important specificity, as it is one of its
initial and preliminary stages that have an impact on all subsequent stages,
as the error in it is difficult to remedy legally and judicially, given that it
misses the opportunity for the administration to safely access public
requests. He also misses the opportunity for contracting dealers to win the
deal, so he obliged the legislator to announce the conclusion of the deal, and
defined its elements in legal texts in order to consecrate transparency. He
also considered it among the administrative decisions separate from the
administrative contract, which makes the declaration subject to appeal by

320
‫دور اإلعالن في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية ملكافحة الفساد‬

‫‪canceling it independently before the administrative judiciary and the urgent‬‬


‫‪judiciary. , And there is great protection for the advertisement.‬‬
‫‪key words: Advertising, corruption, public deals.‬‬
‫ّ‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫يعد الفساد من الظواهر االجتماعية الخطيرة التي هددت بل وفتكت بكيان املجتمعات على‬
‫اعت ِبر أحد أهم العوامل الرئيسية في سقوط الحضارات وأفولها‪ ،‬نتيجة للمخلفات‬ ‫مر التا يخ‪ ،‬حتى ُ‬
‫ر‬
‫الجسيمة التي تعمل على فقدان التوازن االجتماعي‪ ،‬وظهور الطبقية وما تفرزه من صراعات‬
‫اهتالكية ومنافسة شرسة بين أفراد املجتمع الواحد‪ ،‬األمر الذي يسهم في حل الذات الجماعية‬
‫وضرب الوحدة االجتماعية‪ ،‬فيرتهل بذلك املجتمع وتتصدع أركانه بالشكل الذي يجعله ال يقوى على‬
‫َ َ‬
‫مواجهة األزمات التي قد تصيبه‪ ،‬وهذا الذي أكده القرآن الكريم في قوله تعالى َ"وِإذا أ َردنا أن ُن ِهل َك‬
‫َ ً‬ ‫َ ُ ََ‬ ‫َ َ َّ َ َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ ًَ ََ ُ‬
‫دميرا" (القرآن الكريم‪ ،‬األية ‪ ،)16‬لذلك‬ ‫قرية أمرنا م َتر ِفيها ففسقوا ِفيها فحق عل َيها القول فد َّمرناها ت ِ‬
‫لم تتوان الرساالت السماوية والتشريعات الوضعية على محاربته والوقاية منه بمختلف الوسائل‪،‬‬
‫التشريعية منها واملؤسسية‪ ،‬والتربوية‪.‬‬
‫ولقد بذلت املجتمعات ‪ -‬في سائر الدول أثناء تطورها التاريخي‪ -‬جهودا مضنية في سبيل‬
‫مكافحة الفساد‪ ،‬فخلفت ترسانة تشريعية عظيمة‪ ،‬كما عملت على مد يد العون فيما بينها بهدف‬
‫الحد منه وحصاره خاصة في الوقت املعاصر نتيجة ملد العوملة االقتصادية‪.‬‬
‫ولم تكن الجزائر بمنء عن هذه الجهود املبذولة في مكافحة للفساد ‪ -‬الذي جعلها مقعدة في‬
‫التخلف رغم مقدراتها املادية ‪ -‬فأعدت لذلك آليات تشريعية ومؤسسية تسهر على متابعة ومراقبة‬
‫املال العام والتصرف فيه من قبل اإلدارات‪ ،‬حماية لنزاهتها في تسييره‪ ،‬وعلى الرغم من تلك الجهود‬
‫املبذولة في جميع القطاعات العمومية والخاصة‪ ،‬إال أن الصفقات العمومية تحتل خصوصية في‬
‫االهتمام لوقايتها من الفساد‪ ،‬بالنظر للقيمة املالية التي توفرها الدولة ملثل هذه العقود من جهة‪،‬‬
‫وباعتبارها من جهة أخرى عقودا مربحة‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أهمية كافة مراحل تدرج الصفقة العمومية في انعقادها‪ ،‬وما تتطلبه كل‬
‫مرحلة من حماية‪ ،‬إال أن اإلعالن عن الصفقة يحتل خصوصية باعتباره من مراحلها األولية‬
‫والتمهيدية التي لها أثر على كافة املراحل الالحقة عليه‪ ،‬ذلك أن الخطأ فيه مكلف ويصعب جبره‬
‫قانونيا وقضائيا‪ ،‬حيث يفوت فرصا سواء على املصلحة املتعاقدة التي تعمل ‪ -‬في سبيل حماية املال‬
‫العام – من الوصول اآلمن للطلبات العمومية‪ ،‬كما يفوت الفرصة على املتعاملين االقتصاديين في‬
‫النيل والفوز بالصفقة‪ ،‬وعلى ذلك أثيرت لدينا اإلشكالية التالية‪ :‬ما مدى خصوصية اإلعالن في‬
‫‪321‬‬
‫عبد السالم نور الدين‬

‫إضفاء شفافية إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬وما مدى فعالية حمايته القضائية كآلية للوقاية من‬
‫الفساد؟‬
‫تلكم هي اإلشكالية التي ستكون محال ملداخلتي‪ ،‬وفي سبيل اإلجابة عنها‪ ،‬اعتمدت على املنهج‬
‫التحليلي‪ ،‬الذي يعتمد على رصد املادة العلمية مجموعة وتسجيلها‪ ،‬ثم تناول جزئياتها بالتحليل‬
‫والنقد‪ ،‬كما نسجت املادة العلمية وفقا للخطة التالية‪:‬‬

‫املبحث األول‪ :‬خصوصية إعالن الصفقة العمومية‬


‫املطلب األول‪ :‬مفهوم اإلعالن وعالقته بمبادئ الصفقات العمومية‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف اإلعالن وأهميته‬
‫الفرع الثاني‪ :‬عالقة اإلعالن بمبادئ الصفقات العمومية‬
‫املطلب الثاني‪ :‬ضرورة اإلعالن ومضمونه‬
‫الفرع األول‪ :‬ضرورة إعالن الصفقة العمومية‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مضمون إعالن الصفقة العمومية‬
‫املبحث الثاني‪ :‬وسائل اإلعالن وحمايته القضائية‬
‫املطلب األول‪ :‬وسائل إعالن الصفقة العمومية‬
‫الفرع األول‪ :‬الوسائل التقليدية‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الوسائل الحديثة اإللكترونية‬
‫املطلب الثاني‪ :‬الحماية املقررة لقرارإعالن الصفقة‬
‫الفرع األول‪ :‬التكييف القانوني لقرار إعالن الصفقة‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الحماية القضائية لقرار إعالن الصفقة‬

‫املبحث األول‪ :‬خصوصية إعالن الصفقة العمومية‬


‫ال أحد ينكر أهمية اإلعالن في تيسير إبرام الصفقة العمومية‪ ،‬وتجسيد أهداف املشرع من‬
‫إبرام الصفقات العمومية وفق املبادئ التي ينشدها من عملية التعاقد‪ ،‬إضافة إلى ذلك تمكينه‬
‫املتعاملين املتعاقدين من تحصيل املعلومات املتعلقة بالصفقة العمومية‪ ،‬لذلك جعلت كل‬
‫التشريعات من اإلعالن إجراءا إلزاميا‪ ،‬مع حرصها على بيان عناصره وفقا لنصوص قانونية حتى ال‬
‫يترك املجال لتعسف اإلدارة في استعماله‪ ،‬هذا ما سيتم تفصيله بعد الوقوف على املفهوم القانوني‬
‫لإلعالن‪.‬‬

‫‪322‬‬
‫دور اإلعالن في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية ملكافحة الفساد‬

‫املطلب األول‪ :‬مفهوم اإلعالن وعالقته بمبادئ الصفقات العمومية‬


‫ترتبط كافة مراحل إبرام الصفقة العمومية باإلعالن‪ ،‬وبالتالي فإن أي خلل يصيب اإلعالن‬
‫سيؤثر على كافة هذه املراحل‪ ،‬وقبل بيان عالقة اإلعالن بمبادئ الصفقات ال بد من الوقوف على‬
‫مفهومه وبيان أهميته فيما يلي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف اإلعالن وأهميته‬
‫تحتل املعلومة أهمية كبيرة في العملية االقتصادية عموما والتعاقدية على وجه الخصوص‪،‬‬
‫لذلك أولت التشريعات أهمية بالغة لإلعالن‪ ،‬وقبل بيان ذلك يتم توضيح تعريف اإلعالن‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬تعريف اإلعالن‬
‫إذا رغبت املصلحة املتعاقدة في التعاقد‪ ،‬فإن أول خطوة تتولى القيام بها ومباشرتها‪ ،‬هي‬
‫اإلعالن عن شروط العقد ‪،‬ويعد هذا اإلعالن بمثابة توجيه الدعوة للراغبين في التعاقد (محمد أحمد‬
‫عبد املنعم‪ ،2005 ،‬صفحة ‪.)103‬‬
‫ویقصد باإلعالن في مجال الصفقات العمومية‪" ،‬إیصال املعلومة إلى جمیع الراغبين بالتعاقد‬
‫‪،‬وابالغهم عن كیفیة الحصول على شروط التعاقد‪ ،‬ونوعیة املواصفات املطلوبة ‪،‬إضافة إلى مكان‬ ‫ٕ‬
‫وزمان إجراء طلب العروض" (بحري اسماعيل‪ ،2009-2008 ،‬صفحة ‪.)36‬‬
‫وعلى الرغم من أهمية هذا التعريف‪ ،‬إال انه لم يبين صاحب االختصاص بإصدار اإلعالن‪،‬‬
‫عرف اإلعالن بأنه "إيصال املصالح املتعاقدة العلم إلى كل الراغبين‬ ‫وعلى ذلك وجد تعريف أشمل ّ‬
‫بالتعاقد‪ ،‬خاصة الذين تتوافر فيهم الشروط املالية والتقنية املحددة سلفا من طرفها‪ ،‬وإبالغهم عن‬
‫كيفية سحب دفاتر الشروط‪ ،‬ونوعية املواصفات املطلوبة‪ ،‬ومكان وزمان إجراء أي شكل من أشكال‬
‫ابرام الصفقة" (رسالة دكتوراه‪ ،‬آليات حماية املال العام في إطار الصفقات العمومية‪-2014 ،‬‬
‫‪ ،2015‬صفحة ‪)119‬‬
‫ثانيا‪:‬أهمية اإلعالن‪:‬‬
‫تكمن أهمية اإلعالن عموما فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬تحقيق نزاهة اإلدارة‪:‬‬
‫يعد اإلعالن عن الصفقة العمومية من مقتضيات املنافسة التي تتطلبها الحياة االقتصادية‪،‬‬
‫لذلك تلتزم اإلدارة قانونا باإلعالن لكافة املتدخلين قصد التعاقد معهم‪ ،‬وفي هذا اإلجراء تعبير‬
‫حقيقي لنزاهتها وحيادها وعدم تحيزها لطائفة معينة من املواطنين بحجة انفرادهم باملنافسة على‬
‫الصفقة‪ ،‬لذا كان مبدأ محل اهتمام كافة التشريعات‪.‬‬

‫‪323‬‬
‫عبد السالم نور الدين‬

‫وتعود الغاية من اإلعالن عدم قيام اإلدارة بأي تصرف ينجم عنه تفضيل شخص عن شخص‬
‫آخر‪ ،‬دون أي داعي ينص عليه القانون‪ ،‬فاألصل أن كل املتعاملين مع اإلدارة يقفون على قدم‬
‫املساواة ويحوزون فرص متكافئة يقتض ي العدل واإلنصاف عدم تفضيل أي شخص بمزية معينة‪،‬‬
‫إال طبقا للشروط التي يفترضها القانون‪ ،‬والتي على أساسها اإلدارة تختار التعامل معها‪ ،‬وينطبق هذا‬
‫في مجال الصفقات العمومية (الشريف‪ ،2013 ،‬الصفحات ‪)95-94‬‬
‫‪ -2‬خلق أجواء املنافسة‪:‬‬
‫يخلق اإلعالن نوعا من الشفافية في تصرفات اإلدارة وعقودها‪ ،‬كما يخلق نوعا من املنافسة‬
‫املشروعة بين عدد غير محدود من الراغبين في التعاقد‪ ،‬مما يؤدي إلى إحالة العقد على أنسب‬
‫العروض من حيث الزمن وأفضلها من حيث الجانب الفني‪ ،‬وهو ما يبعد عنها الشك والريبة في‬
‫تعامالتها‪.‬‬
‫فنجد املتعاملين املتعاقدين في جو من املنافسة من أجل الظفر بالصفقة‪ ،‬فتراهم يقدمون‬
‫أفضل األسعار وأفضل الشروط ‪ ،‬األمر الذي يسهل على اإلدارة عملية اختيار أحسن العروض‬
‫املقدمة‪ ،‬وبالتالي تتحاش ى منح الصفقة لشخص ال يملك القدرات املالية والفنية إلنجاز مشروع‬
‫الصفقة‪ ،‬مما يجنب اإلدارة خسارة في األموال وهدرا لوقت بسبب اختيارها ملتعهد ال يتوفر على‬
‫القدرة املالية والفنية إلبرام العقد وتنفيذه‪ ،‬والواقع أثبت أن الصفقات التي تبرم خارج إطار‬
‫الشفافية كثيرا ما نجدها تتعثر في اإلنجاز ألنها منحت على أساس غير محايد من طرف موظفي‬
‫اإلدارة القائمين على إبرام هذه الصفقة (الشريف‪ ،2013 ،‬صفحة ‪)95‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬عالقة اإلعالن باملبادئ القانونية للصفقات‬
‫لضمان فعالية ونجاعة الطلبات العمومية واالستعمال الحسن للمال العام‪ ،‬حرص املشرع‬
‫الجزائري على مراعاة بعض املبادئ األساسية التي تحكم الصفقات العمومية‪ ،‬فدعا بموجب املادة ‪3‬‬
‫من املرسوم الرئاس ي ‪ ( )236 -10‬مرسوم رئاس ي رقم ‪ )2010 ،236-10‬واملادة ‪ 5‬من املرسوم الرئاس ي‬
‫‪( 247 - 15‬مرسوم رئاس ي رقم ‪ )2015 ،247-15‬ب "‪ ..‬يجب أن تراعي الصفقات العمومية مبادئ‬
‫حرية الطلبات العمومية واملساواة في املعاملة املرشحين وشفافية اإلجراءات ‪ ،"...‬غير أن هذه املبادئ‬
‫يتوقف تجسيدها واقعيا من خالل تفعيل حق املتعاملين في اإلعالن‪ ،‬لذلك ال يمكن أن تضمن‬
‫املصلحة املتعاقدة هذه املبادئ إال من خالل اإلعالن عن طلب العروض وهم وما سيتم بيانه فيما‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪324‬‬
‫دور اإلعالن في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية ملكافحة الفساد‬

‫‪ -1‬حرية الوصول للطلبات العمومية‪:‬‬


‫إن حماية املال العام يتوقف على مدى صرامة اإلدارة وحرصها على حرية الوصول إلى الطلبات‬
‫العمومية‪ ،‬وهو ما ال يتم إدراكه إال من خالل إيصال املعلومة للمتعاملين‪ ،‬لذلك حرص املشرع‬
‫الجزائري بموجب املادة ‪ 46‬من املرسوم الرئاس ي ‪ 236/10‬على أن يتضمن اإلعالن بيان مجموعة من‬
‫الوثائق املطلوبة من املتعاملين‪ ،‬والتي يمتنع من خاللها على املصلحة املتعاقدة أن تزيد عنها بعد‬
‫اإلعالن‪ ،‬حتى تعطي الفرصة لكل من تتوفر فيه الشروط بإبرام الصفقة‪ ،‬وإال تعد خارقة ملبدأ حرية‬
‫الوصول إلى الطلبات (قدوج حمامة‪.)2004 ،‬‬

‫ويقتض ي مبدأ حرية الوصول إلى الطلبات معاملة جميع العارضين املحتملين من نفس فرصة‬
‫تقديم عروض مقبولة‪ ،‬وهذا الذي أكده املشرع في نص املادة ‪ 8/ 10‬من املرسوم الرئاس ي‬
‫‪338/08‬على املصلحة املتعاقدة توفير جميع املعلومات الضرورية التي تمكن املتعهد من تقديم‬
‫تعهدات مقبولة‪.‬‬
‫‪ -2‬املساواة في معاملة املرشحين‪:‬‬
‫ويعني مبدأ املساواة تجنب املفاضلة واالمتياز ألحد املتعاملين على بقية املتنافسين في إطار‬
‫املنافسة‪ ،‬التي تقتض ي معاملة مماثلة لكل املعنيين بالصفقة‪ ،‬فاملساواة هي أساس املنافسة ووسيلة‬
‫لخدمتها أيضا‪ ،‬إذ يقتض ي هذا املبدأ قبول جميع املتدخلين الذين تتوافر فيهم الشروط القانونية‬
‫على قدم املساواة‪.‬‬
‫وملا كان يتعذر التعرف على هذه الشروط إال من خالل الرجوع إلى املعلومات‪ ،‬فإن اإلعالن‬
‫يصبح شرط لتحقق مبدأ املساواة‪ ،‬إذ يستوجب على املصلحة املتعاقدة احترام ما أعلنت عليه من‬
‫معلومات وشروط‪ ،‬حتى تمكن املتعاملين من نفس الفرص للفوز بالصفقة‪ ،‬وحتى يتحقق ذلك البد‬
‫أن يكون اإلعالن واضحا للجميع‪ ،‬كما يقتض ي أيضا أن تكون املصلحة املتعاقدة مستعدة لتقديم‬
‫معلومات متساوية لكل من يطلبها‪ ،‬فاالمتناع عن منح املعلومة للبعض‪ ،‬أو منح معلومة خاطئة يعد‬
‫خطأ مخالفا للقانون‪ ،‬كما أن تغيير الشروط قبل إيداع العروض من دون إعالم املرشحين بهذه‬
‫التعديالت يعد إخالال بمبدأ املساواة (قدوج حمامة‪ ،2004 ،‬صفحة ‪.)84‬‬
‫شفافية اإلجراءات‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫يعرف بعض الفقه الشفافية بأنها " ذلك النظام الذي يمكن مقدمي العطاءات‪ ،‬أو املوردين أو‬

‫‪325‬‬
‫عبد السالم نور الدين‬

‫حتى غيرهم من ذوي املصلحة‪ ،‬من التأكد بأن عملية اختيار املتعاقد مع الجهة الحكومية‪ ،‬قد جرت‬
‫من خالل وسائل واضحة ومجردة (عبد الرحيم محمد حسن السيد‪ ،2009 ،‬صفحة ‪)55‬‬

‫ومن خالل هذا التعريف يتبين أن مبدأ الشفافية يقتض ي كشف كل الغموض املحتمل في كل‬
‫مراحل عقد الصفقة‪ ،‬وذلك بتمكين املتعاملين أو كل من له عالقة بالصفقة من االطالع واملتابعة‬
‫لكيفيات إجراء إبرام الصفقة‪ ،‬غير أن هذه الحقوق تتوقف على ضمانة أساسية وهي اإلعالن‪ ،‬الذي‬
‫يسمح للمتعامل بأن يكون على بصيرة ووعي ومعرفة بكل ما يخص الصفقة‪ ،‬لذلك كان اإلعالن هو‬
‫جوهر الشفافية‪.‬‬
‫ولكي تنصب الشفافية على معايير تقييم واختيار العروض من قبل املصلحة املتعاقدة‪ ،‬البد‬
‫أن يعنى بها أثناء تحرير اإلعالن أو دفتر الشروط‪ ،‬وعليه فإنه ال سبيل لبلوغ مبدأ الشفافية‬
‫وتجسيده على أرض الواقع إال من خالل اإلعالن‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬ضرورة اإلعالن ومضمونه‬
‫نظرا ألهمية اإلعالن في تمكين املصلحة املتعاقدة من حرية الوصول إلى الطلبات العمومية‪ ،‬لم‬
‫يتهاون املشرع في االعتداد واإللزام به‪ ،‬كما سهر على تسجيل عناصره من خالل النصوص القانونية‪،‬‬
‫حتى ال يترك املصلحة املتعاقدة تتعسف فيه‪ ،‬وهذا ما سيتم توضيحه فيما يلي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬ضرورة اإلعالن‬
‫اعتمد املشرع مبدأ العلنية كإجراء شكلي وجوهري بموجب املادة ‪ 61‬من املرسوم ‪247 -15‬‬
‫التي نصت املادة على إلزامية اللجوء إلى اإلشهار الصحفي في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪-‬طلب العروض املفتوح؛‬
‫‪-‬طلب الع روض املفتوح مع اشتراط قدرات دنيا؛‬
‫‪-‬طلب العروض املحدود؛‬
‫‪-‬املسابقة؛‬
‫‪-‬التراض ي بعد االستشارة‪ ،‬عند االقتضاء‪.‬‬
‫ولقد فصل املشرع في توضيح شروط اإلعالن بموجب املادة ‪ 65‬من ذات املرسوم السابق‪،‬‬
‫فاشترط تحريره باللغة العربية وبلغة أجنبية واحدة على األقل‪ ،‬كما ينشر إجباريا في النشرة الرسمية‬
‫لصفقات املتعامل العمومي‪ ،‬وعلى األقل في جريدتين يوميتين وطنيتين موزعتين على املستوى‬
‫الوطني‪ ،‬كما أوجب في إعالن املنح املؤقت للصفقة أن يدرج في الجرائد التي نشر فيها إعالن طلب‬

‫‪326‬‬
‫دور اإلعالن في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية ملكافحة الفساد‬

‫العروض‪ ،‬إن أمكن ذلك مع تحديد السعر‪ ،‬وآجال اإلنجاز وكل العناصر التي سمحت باختيار الفائز‬
‫بالصفقة العمومية‪.‬‬
‫هذا ولقد منح املشرع الجزائري بموجب الفقرة الثالثة من املادة ‪ 65‬تسهيالت في مجال إعالن‬
‫مناقصات الواليات والبلديات واملؤسسات العمومية املوضوعة تحت وصايتها والتي تتضمن صفقات‬
‫أشغال أو لوازم أو دراسات أو خدمات يساوي مبلغها تبعا لتقدير إداري على التوالي (‪)100.000.000‬‬
‫دج مائة مليون دينار جزائري أو يقل عنها‪،‬و (‪ )50.000.000‬خمسون مليون دينار جزائري أو يقل‬
‫عنها‪ ،‬حيث يمكن أن تكون محل إشهار محلي ‪،‬حسب الكيفية التالية‪:‬‬
‫‪-‬نشر إعالن طلب العروض في يوميتين محليتين أو جهويتين‬
‫‪-‬إلصاق إعالن طلب العروض باملقرات املعنية ( الوالية ‪،‬كافة بلديات الوالية ‪،‬غرف التجارة و‬
‫الصناعة والحرف والفالحة ‪،‬املديرية التقنية املعنية في الوالية)‪.‬‬
‫وبالتأمل في هذا االستثناء من خالل نص املادة ‪ 65‬يظهر أن املشرع الجزائري أراد تسهيل‬
‫وتسريع إجراءات منح الصفقة العمومية‪ ،‬غير أنه اعترف ضمنيا بطول اإلجراءات العادية لإلعالن‬
‫املنصوص عليها في املادة ‪ 61‬السابقة الذكر‪.‬‬
‫وعلى ذلك فإن اإلدارة ملزمة بالشروط التي يتطلبها املشرع في اإلعالن‪ ،‬فيتعين عليها احترام‬
‫أوضاع اإلعالن من حيث املدة وكيفية إجرائه‪ ،‬وعدده ٕواال كان اإلعالن محل إلغاء‪.‬‬
‫ً‬
‫ومما يجدر التنبيه إليه َّأن املشرع الجزائري كان حريصا في إلزام املصلحة املتعاقدة بإجراء‬
‫اإلشهار حتى في الحاالت التي ال تفوق فيها قيمة الطلبات العمومية العتبة املالية املنصوص عليها في‬
‫املادة ‪ 13‬من املرسوم الرئاس ي رقم ‪ ،247-15‬وهذا ما يتضح لنا بالرجوع إلى املادة ‪ 14‬من نفس‬
‫املرسوم التي نصت بأنه " يجب أن تكون الحاجات املذكورة أعاله محل إشهار مالئم واستشارة‬
‫فإن املصلحة املتعاقدة ال يمكن لها أن تتذرع بالعتبة املالية‬ ‫متعاملين اقتصاديين مؤهلين‪ ،"...‬وبالتالي َّ‬
‫كحجة لتنصلها من إجراء اإلشهار بل تكون ملزمة به كإجراء‪ ،‬لكن في نفس الوقت منح املشرع‬
‫الجزائري املصلحة املتعاقدة كامل الحرية في أن تختار طريقة اإلشهار املالئمة لقيمة تلك الحاجات‬
‫التي لم تتجاوز قيمتها العتبة املالية‪ ،‬وهذا ما يستنتج من عبارة " محل إشهار مالئم ) (أحمد عميري‪،‬‬
‫‪ ،2017‬صفحة ‪.)228‬‬
‫يبدو واضحا مما سبق ذكره أن اإلعالن عن الصفقة ذو طابع شكلي جوهري‪ ،‬وأن املشرع أراد‬
‫توسيع دائرة العلم بأشكال الصفقة املزمع إبرامها من أجل الحصول على أكبر عدد ممكن من‬
‫املتقدمين واملتنافسين‪ ،‬وبذلك تتحصل املصلحة املتعاقدة على عدة فرص الختيار أفضل العروض‪.‬‬

‫‪327‬‬
‫عبد السالم نور الدين‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مضمون اإلعالن‬


‫ُيقصد بمضمون اإلعالن مجمل املعلومات األساسية التي يجب أن تبلغها اإلدارة لعلم‬
‫املتعهدين‪ ،‬غير أن هذه املعلومات ال تشمل كل ما يتعلق بالعقد املراد إبرامه‪ ،‬بل تشكل الحد األدنى‬
‫لتكوين فكرة عامة عن العقد‪ ،‬كاإلشارة إلى تسمية اإلدارة املتعاقدة‪ ،‬ومحل العقد‪ ،‬ومواعيد تسليم‬
‫العروض‪ ،‬مع ترك سلطة تقديرية لإلدارة في إضافة ما تشاء في حدود مراعاة املصلحة العامة (منهد‬
‫مختار نوج‪ ،2013 ،‬صفحة ‪.)599‬‬
‫وملا كان اإلعالن يرتبط ارتباطا وثيقا باالستعمال الحسن للمال العام ونجاعة الطلبات‬
‫العمومية‪ ،‬استوجب حمايته من االستغالل الس يء لإلدارة بمنحها من خالله امتيازات غير مبررة‬
‫لبعض املتعهدين‪ ،‬لذلك حرص املشرع على بيان مضمون اإلعالن قانونا بموجب املادة ‪ 62‬من‬
‫املرسوم الرئاس ي ‪ ،247 -15‬حيث اشترطت أن یحتوي إعالن طلب العروض على البیانات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تسمیة املصلحة املتعاقدة وعنوانها ورقم تعریفها الجبائي ‪.‬‬
‫‪ -‬كیفیة طلب العروض ‪.‬‬
‫‪ -‬شروط التأهیل و االنتقاء األولي ‪.‬‬
‫‪ -‬موضوع العملیة ‪.‬‬
‫‪ -‬قائمة موجزة باملستندات املطلوبة مع إحالة القائمة املفصلة إلى أحكام دفتر الشروط ذات‬
‫الصلة‪.‬‬
‫‪ -‬مدة تحضير العروض ومكان إیداع العروض ‪.‬‬
‫‪ -‬مدة صالحیة العروض ‪.‬‬
‫‪ -‬إلزامیة كفالة التعهد إذا اقتض ى األمر ‪.‬‬
‫‪ -‬تقدیم العروض في ظرف مغلق بإحكام تكتتب عبارة" ال یفتح "إال من طرف لجنة فتح‬
‫األظرف وتقیم العروض و مراجع طلب العروض‪.‬‬
‫‪ -‬ثمن الوثائق عند االقتضاء‬
‫هذا ولم يكتف املشرع الجزائري ببيان مضمون اإلعالن على طلب العروض‪ ،‬بل تطرق أيضا إلى‬
‫بيان مضمون اإلعالن املتعلق باستشارة املؤسسات‪ ،‬الذي يوضع تحت تصرف املتعهدين لتمكينهم‬
‫من جمیع املعلومات الضروریة لتقدیم تعهدات مقبولة وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪328‬‬
‫دور اإلعالن في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية ملكافحة الفساد‬

‫‪ -‬الوصف الدقیق ملوضوع الخدمات املطلوبة أو كل املتطلبات بما في ذلك املواصفات التقنیة‬
‫ٕواثبات املطابقة‪ ،‬و املقاییس التي یجب أن تتوفر في املنتجات أو الخدمات‪ ،‬و كذلك التنظیم‬
‫والرسوم‬
‫و التعلیمات الضروریة إذا اقتض ى األمر‪،‬‬
‫‪ -‬الشروط ذات الطابع االقتصادي و التقني و الضمانات املالیة حسب الحالة ‪.‬‬
‫‪ -‬املعلومات أو الوثائق التكمیلیة املطلوبة من املتعهدین ‪.‬‬
‫‪ -‬اللغة أو اللغات الواجب استعمالها في تقدیم التعهدات والوثائق التي تصاحبها ‪.‬‬
‫‪ -‬كیفیة التسدید وعملیة العرض‪ ،‬إذا اقتض ى األمر ‪.‬‬
‫‪ -‬كل الكیفیات األخرى والشروط التي تحددها املصلحة والتي یجب أن تخضع لها الصفقة ‪.‬‬
‫‪ -‬األجل املمنوح لتحضير العروض ‪.‬‬
‫‪ -‬أجل صالحیة العروض أو األسعار ‪.‬‬
‫‪ -‬تاریخ و آخر ساعة إلیداع العروض والشكلیة والحجیة املعتمدة فیه‬
‫‪ -‬تاریخ و ساعة فتح األظرف‬
‫‪ -‬العنوان الدقیق حیث یجب أن تودع التعهدات‬
‫ومن خالل هذه البيانات املفروضة في إعالن الصفقة يظهر جليا مدى كفالة املشرع للمعنيين‬
‫باملنافسة على الصفقة‪ ،‬فرصة املشاركة من خالل إطالعهم على الجهة املعنية وموضوع الصفقة‬
‫ونوع املناقصة ومجال املشاركة وآجالها والوثائق املطلوبة والكفالة‪ ،‬وهو ما يعزز مبدأ الشفافية‬
‫واملساواة بين املتنافسين‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬وسائل اإلعالن وحمايته القضائية‬


‫نظرا ألهمية اإلعالن في تيسير الوصول إلى الطلبات العمومية وإضفاء الشفافية واملساواة في‬
‫عملية إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬فقد اعتنى املشرع باإلعالن عناية كبيرة‪ ،‬وسهل كل ما من شأنه أن‬
‫يبلغ املعلومة لصالح املتعهدين‪ ،‬لذلك اتسمت الوسائل اإلعالمية بالتنوع والسهولة‪ ،‬ولم يكتف‬
‫املشرع بذلك بل حرص على حمايته قضائيا من خالل جعله محال لدعوى اإللغاء والدعوى‬
‫االسعجالية‪ ،‬وهو ما سيتم اإلشارة إليه فيما يلي‪:‬‬

‫‪329‬‬
‫عبد السالم نور الدين‬

‫املطلب األول‪ :‬وسائل اإلعالن‬


‫بالرجوع إلى التشريع الجزائري نجد أن وسائل اإلشهار متنوعة ومتعددة وذلك ُبغية من املشرع‬
‫في تكريس مبدأ حرية الوصول إلى الطلبات العمومية والشفافية واملنافسة الحرة‪ ،‬وتتمثل وسائل‬
‫اإلشهار وفقا للتشريع املنظم للصفقات العمومية فيما يلي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الوسائل التقليدية‬

‫أوال‪ :‬الجرائد‬
‫لقد ألزم املشرع املصلحة املتعاقدة بمراعاة اإلعالن في الجرائد في كل أشكال طلب العروض‬
‫املبينة‪ ،‬بموجب املادة ‪ 42‬م ر ‪ 15 - 247‬والتي تنص على أنه‪ " :‬يمكن أن يكون طلب العروض وطنيا و‪/‬‬
‫أو دوليا ويمكن أن يتم حسب األشكال التالية‪ - :‬طلب العروض املفتوح‪ - ،‬طلب العروض املفتوح مع‬
‫اشتراط قدرات دنيا‪ - ،‬طلب العروض املحدود‪ - ،‬املسابقة‪.‬‬

‫ولقد فصلت املادة ‪ 1 / 65‬م ر ‪ 15 - 247‬مواصفات الجريدة املختصة بإعالن الصفقة‪،‬‬


‫فاشترطت أن تكون الجريدة يومية على وجه الحصر‪ ،‬ومن الجرائد الوطنية‪ ،‬فال يعتد باألجنبية مهما‬
‫كان وزنها‪ ،‬وأن تكون من الجرائد املرخص بتوزيعها على املستوى الوطني‪ ،‬كما بينت املادة الحد األدنى‬
‫للجرائد املخصصة لنشر اإلعالن‪ ،‬كما اشترط املشرع بموجب الفقرة الثانية من املادة ‪ 65‬السابقة‬
‫ُ‬
‫الذكر‪ ،‬أن يتم إعالن املنح املؤقت للصفقة في نفس الجرائد التي نشر فيها إعالن طلب العروض‪ ،‬غير‬
‫أنه قيد ذلك بحدود اإلمكان‪.‬‬
‫ومن خالل هذه الشروط املبينة بخصوص النشر في الجرائد‪ ،‬يظهر مدى حرص املشرع على‬
‫حماية الطلب العمومي لكي يحقق املصلحة العامة في حماية املال العام من الفساد اإلداري‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬نشرة الصفقات العمومية ‪"B.O.M.O.P":‬‬
‫إضافة إلى الجرائد أوجب املشرع الجزائري إجراء اإلعالن على مستوى نشرات متعلقة‬
‫بالصفقات ‪،‬وقد أنشأ املشرع لذلك نشرتين أولهما النشرة الرسمية لصفقات املتعامل العمومي‪،‬‬
‫حيث خصصها لنشر كل إعالنات املتعامل العمومي املتعلقة بالصفقات وكذا املعلومات االقتصادية‬
‫أو التقنية املتعلقة بها‪ ،‬ولقد أخضع املشرع مهمة تحديد أسعار اإلشهار في النشرة الرسمية املتعلقة‬
‫بالصفقات‪ ،‬لقرار من وزير التجارة بعد استطالع رأي اللجنة الوطنية لألسعار‪ ،‬كما ألزم من خالل‬
‫املادة ‪ 65‬من املرسوم الرئاس ي رقم‪ 15 – 247‬املصلحة املتعاقدة‪ ،‬بكيفية التحرير‪ ،‬حيث نصت على‬
‫ً‬
‫يحرر إعالن طلب العروض باللغة العربية وبلغة أجنبية واحدة على األقل‪ ،‬كما ُينشر إجباريا‪ ،‬في‬
‫أن" َّ‬
‫النشرة الرسمية لصفقات املتعامل العمومي‪ )،‬ن‪.‬ر‪.‬ص‪.‬م‪.‬ع‪(...".‬‬
‫‪330‬‬
‫دور اإلعالن في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية ملكافحة الفساد‬

‫اما النشرة الثانية في نشرة الصفقات العمومية لقطاع الطاقة واملناجم ‪َّ .B.A.O.S.E.M‬‬
‫تم‬
‫إنشاءها سنة ‪ 2001‬لتوسيع دائرة اإلشهار بخصوص الصفقات العمومية املتعلقة بقطاع الطاقة‬
‫واملناجم‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اإلعالن املحلي‬
‫وسع املشرع الجزائري من عملية استخدام وساءل اإلعالن عن الصفقة العمومية لضمان‬
‫ّ‬
‫حرية ونجاعة الطلبات العمومية‪ ،‬لذلك مك َن للمصلحة املتعاقدة من إعالن طلب العروض على‬
‫املستوى املحلي معتمدا في ذلك على معيارين‪ ،‬أولهما املعيار العضوي حيث اشترط أني تعلق األمر‬
‫بطلبات عروض الواليات والبلديات واملؤسسات العمومية املوضوعة تحت وصايتها‪.‬‬
‫أما الثاني فهو معيار مالي حيث اشترط أن يكون التقدير اإلداري بالنسبة لصفقات األشغال أو‬
‫اللوازم يساوي مبلغ مائة مليون دينار ‪ ) 100.000.000‬دج (أو يقل عنه‪ ،‬وبالنسبة لصفقات‬
‫الدراسات والخدمات إذا كان التقدير اإلداري يساوي مبلغ خمسين مليون دينار ‪ ) 50.000.000‬دج (‬
‫أو يقل عنه‪ ،‬وذلك طبقا للفقرة الثالثة من املادة ‪ 65‬م ر ‪( 247 -15‬مرسوم رئاس ي رقم ‪،247-15‬‬
‫‪.)2015‬‬
‫ويعود سبب اعتماد املشرع لإلشهار املحلي ‪ -‬بالنظر إلى املعيارين السابقين‪ -‬إلى االختصاص‬
‫اإلقليمي وعدم ارتفاع املبلغ املالي التقديري للطلب العمومي‪ ،‬لكن في حالة إخاللها بالشروط‬
‫القانونية تلزم املصلحة املتعاقدة باإلشهار الوطني‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الوكالة الوطنية للنشر واإلشهار‬
‫تعد الوكالة الوطنية للنشر واإلشهار مؤسسة عمومية ذات طابع تجاري وصناعي‪ ،‬تتمتع‬
‫يحدد رأس مالها ‪ -‬وفقا‬ ‫بالشخصية املعنوية واالستقالل املالي‪،‬تخضع لوصاية وزير األنباء سابقا‪َّ ،‬‬
‫للمادة السابعة من قانونها األساس ي ‪ -‬عن طريق وزير األنباء ووزير املالية والتخطيط آنذاك‪ ،‬ولقد‬
‫ُ‬
‫أنشأت الوكالة الوطنية للنشر واإلشهار سنة ‪ ،1967‬وجاء ذلك مواكبة لصدور قانون الصفقات‬
‫العمومية لسنة ‪.1967‬وتهدف الوكالة دراسة وتطوير اإلشهار بكل الوسائل وبجميع الطرق البصرية‬
‫والسمعية كاإلعالنات والنشر‪ .‬أنظر األمر رقم ‪ ، 67 - 279‬مؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ ، 1967‬املتضمن‬
‫إحداث شركة وطنية تسمى ب" الوكالة الوطنية للنشر واإلشهار"‪ ،‬ج ر عدد ‪ 2‬الصادرة بتاريخ ‪ 5‬يناير‬
‫‪.1968‬‬
‫وتختص الوكالة في التعامل مع الهيئات الصحفية واملنظمات الصناعية والتجارية بهدف‬
‫ُ‬
‫إشهار املنتجات أو الخدمات‪ ،‬كذلك تبرم العقود واالتفاقيات مع مؤسسات أخرى من أجل تنظيم‬

‫‪331‬‬
‫عبد السالم نور الدين‬

‫متبادل ومشترك للنشر واإلشهار‪ ،‬وفي هذا اإلطار أجاز املشرع الجزائري للمصلحة املتعاقدة أن تقوم‬
‫بإشهار الطلب العمومي عبر هذه الوكالة‪.‬‬
‫كما أجاز املشرع اإلشهار عن طريق هذه الوكالة بموجب املادة ‪ 14‬من املرسوم الرئاس ي بمنحه‬
‫املصلحة املتعاقدة السلطة التقديرية في إعمال إشهار مالئم‪ ،‬إذا تجاوز مبلغ الطلبات العمومية‬
‫العتبة املالية املنصوص عليها في املادة ‪ 13‬من نفس املرسوم الرئاس ي‪ ،‬وذلك بهدف إضفاء شفافية‬
‫أكثر على إجراءات الوصول الطلب العمومي ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الوسائل الحديثة اإللكترونية‬
‫نتيجة للتطور التكنولوجي وهيمنة العوملة االقتصادية‪ ،‬وما تتطلبه من سرعة في املعامالت‬
‫التجارية واالقتصادية كان لزاما على اإلدارة أن تتماش ى وتساير هذا التطور العالمي املأهول‪،‬‬
‫فتحولت اإلدارة عن األساليب التقليدية الورقية واملكتبية إلى إدارة إلكترونية تحوي مواقع إدارية‬
‫كبيرة ومتباعدة في شبكة اتصال إلكترونية‪ ،‬األمر الذي عمل على الحد من البيروقراطية والتقليل‬
‫من تكلفة اإلنفاق الحكومي وتكريس ملبدأ الشفافية في تعامل اإلدارة مع املتعاملين االقتصاديين‪ ،‬ولم‬
‫تكن الجزائر بمنأى عن هذا التطور التكنولوجي‪ ،‬الذي فرض عليها أن تستجيب لذلك عن طريق‬
‫تبنيها لإلدارة اإللكترونية‪.‬‬
‫وتماشيا مع هدف املشرع في تيسير حرية الوصول إلى الطلبات العمومية وتكريس مبدأ‬
‫شفافية واملساواة بين املتعاملين املتعاقدين‪ ،‬أوجب املشرع النشر اإللكتروني في إبرام الصفقات‬
‫ولقد كان املرسوم الرئاس ي رقم ‪ 10 - 236‬أول مرسوم تضمن تنظيم النشر االلكتروني بموجب املادة‬
‫‪( 174‬مرسوم رئاس ي رقم ‪ ،)2015 ،247-15‬غير أنه على الرغم من إيجابية هذه املبادرة إال أنها جاءت‬
‫متأخرة نوع ما بالنظر إلى اعتماد املشرع الجزائري أسلوب التعاقد االلكتروني في القانون املدني منذ‬
‫سنة ‪. 2005‬‬
‫وإذا كان مرسوم ‪ 236 – 10‬فتح الباب أمام التعاقد اإللكتروني ‪ ،‬فإن املشرع الجزائري قد‬
‫وسع املجال لالستخدام اإللكتروني لإلدارة العمومية من خالل إصداره للمرسوم الرئاس ي رقم ‪-15‬‬
‫‪247‬املتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات املرفق العام‪ ،‬إذ جاء الفصل السادس من‬
‫الباب األول تحت عنوان" االتصال وتبادل املعلومات بالطريقة االلكترونية"‪ ،‬وقدأشار فيه بموجب‬
‫املادة ‪203‬إلى االتصال وتبادل املعلومات بالطریقة اإللكترونیة " كما خصصت املادة ‪ 205‬إمكانیة‬
‫اختیار املتعامل املتعاقد عن طریق آلیة املزاد االلكتروني (مرسوم رئاس ي رقم ‪.)2015 ،247-15‬‬
‫أما بالنسبة لإلعالن اإللكتروني املتعلق بالصفقات العمومیة فقد خصته املادة ‪( 204‬مرسوم‬
‫رئاس ي رقم ‪)2015 ،247-15‬من خالل شرح تقنیات البرمجة‪ ،‬وكیفیة تداول املعلومات وانتقال‬
‫‪332‬‬
‫دور اإلعالن في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية ملكافحة الفساد‬

‫الوثائق‪ ،‬لكن وعلى الرغم من أن املشرع الجزائري قد جاء بالجديد بتقرير آلية االتصال وتبادل‬
‫املعلومات بالطريقة االلكترونية في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬إال أن الواقع أثبت صعوبة تطبيق‬
‫هذه اآللية على املستوى العملي‪ ،‬بالنظر إلى التخلف الذي تشهده الجزائر في مجال استعمال‬
‫االنترنت في اإلدارة‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬الحماية املقررة لقراراإلعالن عن الصفقة‬
‫ترتبط الحماية املقررة لإلعالن عن الصفقة بتحديد الطبيعة القانونية لقرار اإلعالن وتكييفه‬
‫القانوني‪ ،‬حيث يثير اإلعالن عن الصفقة العمومية إشكاال في تكييفه القانوني فهل يعد من جملة‬
‫إجراءات األعمال التعاقدية أو من جملة األعمال اإلدارية؟ هذا ما سيتم توضيحه‪ ،‬ليتم اإلشارة إلى‬
‫حمايته القضائية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الطبيعة القانونية إلعالن الصفقة العمومية‬
‫يعتبر الفقه والقضاء أن قرار اإلعالن يصدق على مفهوم القرار اإلداري‪ ،‬حيث يعرف هذا‬
‫األخير بحسب املعيار العضوي على أنه القرار التنظيمي أو الفردي الصادر عن السلطة اإلدارية‬
‫(محيو‪ ،‬دون سنة نشر‪ ،‬صفحة ‪ ،)160‬ولقد تبنى املشرع الجزائري املعيار العضوي بموجب املادتين‬
‫‪800‬و‪ 801‬ق إ م إ فيكون القرار إداريا كلما صدر عن الدولة أو الوالية أو البلدية أو املؤسسات‬
‫العمومية ذات الطابع اإلداري‪ ،‬وملا كان قرار اإلعالن صادر عن شخص من أشخاص القانون العام‬
‫فإنه طبقا للمعيار العضوي يعد قرارا إداريا(عمار بوضياف‪ ،2014 ،‬صفحة ‪.)334‬‬
‫غير أنه ملا كان قرار اإلعالن مرتبط بعقد إداري فإنه يندرج ضمن القرارات اإلدارية املنفصلة‬
‫في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬باعتبار أن القرار اإلداري املنفصل يدخل في تكوين العقد اإلداري‬
‫ويستهدف إتمامه إال أنه ينفصل عنه‪.‬‬
‫هذا ويتحدد مفهوم القرار اإلداري املنفصل بالنظر إلى مدى جوهرية القرار اإلداري في تكوين‬
‫العملية اإلدارية املركبة‪ ،‬فإن كان القرار اإلداري شديد االرتباط بالعملية اإلدارية املركبة ‪،‬املتمثلة في‬
‫الصفقة العمومية‪ ،‬فإنه يصبح جزءا ال يتجزأ عنها ‪،‬وبالتالي يكون غير قابل لالنفصال عنها‪ ،‬أما إذا‬
‫كان القرار اإلداري غير جوهري بل مجرد عنصر مساعد ال يؤثر الطعن فيه في مجريات العملية‬
‫التعاقدية‪ ،‬فإنه يعتبر قرارا إداريا منفصال(حشيش‪ ,‬عبد الحميد‪ ،‬دون تاريخ نشر‪ ،‬صفحة ‪.)95‬‬
‫وعلى ذلك يعرف القرار اإلداري املنفصل على أنه ذلك "القرار الذي يكون جزءا من بنيان‬
‫عملية قانونية تدخل في اختصاص القضاء العادي أو اإلداري ولكن القضاء يكون بفصل هذه‬
‫القرارات عن تلك العملية ويقبل الطعن فيها بدعوى اإللغاء استقالال عن ذات العقد" (تياب‪،‬‬
‫‪ ،2016‬صفحة ‪.)53‬‬
‫‪333‬‬
‫عبد السالم نور الدين‬

‫الفرع الثاني‪ : :‬الحماية القضائية لقراراإلعالن أمام القضاء اإلداري‬


‫لم تجسد الحماية القضائية لقرار اإلعالن عن الصفقة في كون صالحيته أن يكون محال‬
‫لدعوى اإللغاء والدعوى االستعجالية‪ ،‬وهو ما سيتم توضيحه فيما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬قابلية قراراإلعالن لدعوى اإللغاء‬
‫يعتبر الفقه والقضاء قرار اإلعالن عن الصفقة العمومية من قبيل القرارات اإلدارية املنفصلة‬
‫املمهدة إلبرام‪ ،‬الصفقة العمومية والتي يمكن الطعن فيها باإللغاء أمام القضاء اإلداري‪ ،‬ولقد استقر‬
‫قضاء مجلس الدولة الفرنس ي على اعتباره قرارا إداريا منفصال فرتب بطالن قرارات اإلعالن إذا‬
‫وقعت مخالفة للشروط والشكليات الجوهرية املقررة قانونا‪ ،‬وعلى ذلك فإنه يخول لكل من تأثرت‬
‫مصلحته جراء عدم مشروعيته أن يطعن فيه باإللغاء استقالال(تياب‪ ،2016 ،‬صفحة ‪.)54‬‬
‫ولقد خول املشرع الجزائري من خالل قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية إمكانية اللجوء إلى‬
‫القضاء اإلداري أثناء املراحل التمهيدية إلبرام الصفقة العمومية‪ ،‬ملخالفة األشكال واإلجراءات‬
‫املقررة قانونا في هذه املراحل‪.‬‬
‫ومن شروط قابلية الطعن في القرار اإلداري توافر املصلحة واملتمثلة في إلحاق الضرر‪،‬‬
‫ويستخلص الضرر في اإلعالن عن الصفقة من خالل الرجوع إلى االلتزامات امللقاة على املصلحة‬
‫املتعاقدة عند اختيارها للمتعاقد املحتمل معها‪ ،‬وملا كانت الصفقة تحكمها مجموعة من املبادئ‬
‫والقواعد القانونية‪ ،‬السيما مبدأ املساواة والعلنية واإلشهار‪ ،‬فإن مخالفة هذه املبادئ ينبئ عن‬
‫توافر شرط إلحاق األذى‪.‬‬
‫وانطالقا من هذا التوضيح اعتبر القضاء اإلداري قرار اإلعالن عن الصفقة قرارا إداريا‬
‫منفصال عن الصفقة لتوافره على جميع خصائص القرار اإلداري‪ ،‬لذا يجوز لذوي الشأن الطعن‬
‫فيهباإللغاء في حال وجود وجه من وجوه عدم املشروعية(عمار بوضياف‪ ،2014 ،‬صفحة ‪.)334‬‬
‫غير أنه وعلى الرغم من أهمية دعوى اإللغاء في حماية الصفقة من عدم املشروعية‪ ،‬تبقى‬
‫هذه الدعوى غير كافية‪ ،‬حيث اعتبرها بعض الفقه طعن عقيم‪ ،‬الستغراقها وقت طويل من الزمن‪،‬‬
‫األمر الذي يمكن اإلدارة من تسريع عملية إبرام العقد قبل بث القاض ي في دعواه بحكم نهائي‪ ،‬كما أن‬
‫إلغاء القرار املعيب ال يؤثر على نفاذ الصفقة حتى يطلب أحد األطراف إلغاءها أمام قاض ي العقد‪،‬‬
‫وهو ما جعل من املفوض "روميو" يصرح في قضية "مارتين" بحد قوله‪ ":‬إننا ال ننكر أن قيمة اإللغاء‬
‫في هذه الحالة نظرية" (تياب‪ ،2016 ،‬صفحة ‪.)54‬‬

‫‪334‬‬
‫دور اإلعالن في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية ملكافحة الفساد‬

‫ثانيا‪ :‬قابلية قراراإلعالن لدعوى االستعجال‬


‫بعد ما تبين عدم كفاية قضاء اإللغاء في تحقيق الحماية للصفقة جراء عدم مشروعية‬
‫اإلعالن عمل املشرع على إدراج نوعا معينا من منازعات الصفقات العمومية ضمن قضاء‬
‫االستعجال(تياب‪ ،‬آليات مواجهة الفساد في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬صفحة ‪ )255‬وقد خص‬
‫بالذكر اإلخالل باإلعالن وهذا الذي أكدته املادة ‪ 946‬ق إ م إ حيث نصت على أنه " يجوز إخطار‬
‫املحكمة اإلدارية بعريضة وذلك في حالة اإلخالل بالتزامات اإلشهار أو املنافسة التي تخضع لها‬
‫عمليات إبرام العود اإلدارية والصفقات العمومية"‬
‫ومن خالل هذه املادة فإن تصرفات املصلحة املتعاقدة من خالل إصداره للقرارات اإلدارية‬
‫ومنها قرار اإلعالن تعد قرارات إدارية منفصلة يمكن الطعن فيها أمام القضاء االستعجالي حتى يتم‬
‫الفصل فيها بسرعة‪ ،‬لغرض حماية املال العام من الفساد فقد أثبت الواقع أنه كثيرا ما فقدت‬
‫املشاريع الكبرى أهميتها االقتصادية بسبب توقف املشروع إلى غاية الفصل النهائي في منازعة‬
‫املوضوع املتعلقة بالطعن باإللغاء‪.‬‬
‫إزاء ذلك استدرك املشرع فخص منازعات الصفقة بإجراءات القضاء االستعجالي‪ ،‬حتى يتم‬
‫إنجاز مشروع الصفقة في اآلجال املحددة له وفي ذلك مصلحة للمتعامل املتعاقد حتى يتسنى له‬
‫الوفاء بالتزاماته كما يحقق مصلحة للغير حتى يتحدد مصيره في شأن الصفقة في أقرب اآلجال(تياب‪،‬‬
‫آليات مواجهة الفساد في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬صفحة ‪.)263‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫بعد التعرف على خصوصية اإلعالن في تعزيز شفافية الصفقات العمومية من بيان أهميته‬
‫وإلزاميته وعناصره وحمايته القضائية توصلنا إلى مجموعه من النتائج والتوصيات أهمها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬إيصال املصالح املتعاقدة العلم إلى كل الراغبين بالتعاقد‪ ،‬خاصة الذين تتوافر فيهم‬
‫الشروط املالية والتقنية املحددة سلفا من طرفها‪ ،‬وإبالغهم عن كيفية سحب دفاتر الشروط‪،‬‬
‫ونوعية املواصفات املطلوبة‪ ،‬ومكان وزمان إجراء أي شكل من أشكال ابرام الصفقة‬
‫‪ -‬تعود الغاية من اإلعالن عدم قيام اإلدارة بأي تصرف ينجم عنه تفضيل شخص عن شخص‬
‫آخر‪ ،‬دون أي داعي ينص عليه القانون‬

‫‪335‬‬
‫عبد السالم نور الدين‬

‫‪ -‬يخلق اإلعالن نوعا من املنافسة املشروعة بين املتعهدين املتنافسين‪ ،‬مما يؤدي إلى إحالة‬
‫العقد على أنسب العروض من حيث الزمن والجانب الفني‪ ،‬وهو ما يبعد الشك والريبة في تعامالت‬
‫املصلحة املتعاقدة‪.‬‬
‫‪ -‬ترتكز الصفقات العمومية على مبادئ مهمة وهي حرية الوصول إلى الطلبات واملساواة‬
‫والشفافية اإلجرائية غير أنه يتوقف تجسيدها واقعيا من خالل تفعيل حق املتعاملين في اإلعالن‬
‫‪ -‬اعتمد املشرع مبدأ العلنية كإجراء شكلي وجوهري في عملية إبرام الصفقات مما يجعل من‬
‫اإلعالن إجراءا إلزاميا في كافة أشكال الصفقة‪ ،‬مما يتعين على املصلحة املتعاقدة احترام أوضاع‬
‫اإلعالن من حيث املدة وكيفية إجرائه‪ ،‬وعدده ٕواال كان اإلعالن محل إلغاء‪.‬‬
‫‪ -‬ملا كان اإلعالن يرتبط ارتباطا وثيقا باالستعمال الحسن للمال العام ونجاعة الطلبات‬
‫العمومية‪ ،‬استوجب حمايته من االستغالل الس يء لإلدارة بمنحها من خالله امتيازات غير مبررة‬
‫لبعض املتعهدين‪ ،‬لذلك حرص املشرع على بيان مضمون اإلعالن وفقا لنصوص قانونية‬
‫‪ -‬تجسيدا لشفافية إجراءات إبرام الصفقة العمومية‪ ،‬وسع املشرع من عملية إيصال املعلومة‬
‫للم تعاملين املتعاقدين‪ ،‬بمختلف الوسائل التقليدية والحديثة واملتمثلة في الجرائد‪ ،‬نشرة الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬اإلعالن املحلي‪ ،‬الوكالة الوطنية لإلشهار‪ ،‬اإلعالن اإللكتروني‪.‬‬
‫‪ -‬تبنى املشرع الجزائري املعيار العضوي فيكون القرار إداريا كلما صدر عن الدولة أو الوالية أو‬
‫البلدية أو املؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري‪ ،‬وملا كان قرار اإلعالن صادر عن شخص من‬
‫أشخاص القانون العام فإنه طبقا للمعيار العضوي يعد قرارا إداريا‬
‫‪ -‬قرار اإلعالن يرتبط بعقد إداري لذا فإنه يندرج ضمن القرارات اإلدارية املنفصلة في مجال‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬باعتبار أن القرار اإلداري املنفصل يدخل في تكوين العقد اإلداري ويستهدف‬
‫إتمامه إال أنه ينفصل عنه‪.‬‬
‫‪ -‬القرار اإلداري املنفصل هو ذلك القرار الذي يكون جزءا من بنيان عملية قانونية تدخل في‬
‫اختصاص القضاء العادي أو اإلداري ولكن القضاء يكون بفصل هذه القرارات عن تلك العملية‬
‫ويقبل الطعن فيها بدعوى اإللغاء استقالال عن ذات العقد‬

‫‪336‬‬
‫دور اإلعالن في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية ملكافحة الفساد‬

‫‪ -‬يعتبر الفقه والقضاء قرار اإلعالن عن الصفقة العمومية من قبيل القرارات اإلدارية‬
‫املنفصلة املمهدة إلبرام الصفقة العمومية‪ ،‬وعلى ذلك فإنه يخول لكل من تأثرت مصلحته جراء عدم‬
‫مشروعيته أن يطعن فيه باإللغاء استقالال أمام القضاء اإلداري‪ ،‬كما يمكن الطعن فيها أمام‬
‫القضاء االستعجالي‪ ،‬وفي ذلك مصلحة للمتعامل املتعاقد حتى يتسنى له الوفاء بالتزاماته كما يحقق‬
‫مصلحة للغير حتى يتحدد مصيره في شأن الصفقة في أقرب اآلجال‪.‬‬

‫قائمة املراجع‪:‬‬
‫مرسوم رئاس ي رقم ‪. (2010, 236-10‬أكتوبر ‪). 28‬يتضمن الصفقات العمومية ‪.‬مؤرخ في ‪ 28‬شوال‬
‫‪ 1431‬املوافق ل ‪ 7‬أكتوبر ‪, 58.‬الجزائر‪ ,‬الجزائر‪ ,‬الجزائر‪ :‬الجريدة الرسمية‪.‬‬
‫أحمد عميري ‪. (2017,‬جوان ‪).‬دور اإلشهار ( اإلعالن ) في إضفاء الشفافية على إجراءات إبرام‬
‫العقود اإلدارية في الجزائر‪ ،‬طبقا للمرسوم الرئاس ي قم ‪. 247 – 15‬املجلة األكاديمية للدراسات‬
‫االجتماعية واالنسانية‪, 18, 228.‬‬
‫أحمد محيو‪( .‬دون سنة نشر)‪ .‬املنازعات اإلدارية‪( .‬خالد بيوض وفائز أنجق‪ ،‬املترجمون) الجزائر‪:‬‬
‫ديوان املطبوعات الجامعية‪.‬‬
‫القرآن الكريم( ‪.‬األية ‪). 16‬آية اإلسراء ‪.‬القرآن الكريم‪ :‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫بحري اسماعيل‪ .)2008-2009( .‬الضمانات في مجال الصفقات العمومية في الجزائر‪ .36 .‬جامعة‬
‫الجزائر‪ :‬كلية الحقوق‪.‬‬
‫تياب‪ ,‬ن ‪. (2016).‬محاضرات في الصفقات العمومية ‪. 53.‬بجاية‪ ,‬الجزائر‪ :‬كلية الحقزق والعلوم‬
‫السياسية‪.‬‬
‫تياب‪ ,‬ن ‪. (n.d.).‬آليات مواجهة الفساد في مجال الصفقات العمومية ‪.‬رسالة دكتوراه ‪, 254.‬‬
‫جامعة تيزي وزو‪ ,‬الجزائر‪ :‬كلية الحقوق‪.‬‬
‫حشيش‪ ,‬عبد الحميد‪( .‬دون تاريخ نشر)‪ .‬عبد الحميد حشيش‪ :‬القرارات القابلة لالنفصال وعقود‬
‫اإلدارة دراسة مقارنة في القانون املصري والقانون الفرنس ي‪ ، ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪ .495‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬دار‬
‫النهضة العربية‪.‬‬
‫خضري حمزة‪ .)2014-2015( .‬رسالة دكتوراه‪ ،‬آليات حماية املال العام في إطار الصفقات‬
‫العمومية‪ .‬جامعة الجزائر ‪ :1‬كلية الحقوق‪.‬‬
‫شريفي الشريف‪ .)2013( .‬مبدأ الشفافية في العقود اإلدارية كآلية للحد من الفساد اإلداري‪ .‬مجلة‬
‫االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية‪.95-94 ،3 ،‬‬
‫عبد الرحيم محمد حسن السيد ‪. (2009).‬الشفافية في قواعد وإجراءات التعاقد الحكومي في‬
‫دولة قطر ‪.‬مجلة الشريعة والقانون‪, 39, 50.‬‬

‫‪337‬‬
‫عبد السالم نور الدين‬

‫عمار بوضياف ‪. (2014).‬شرح تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬الجزائر ‪(Vol. 4).‬الجزائر‪ :‬دار جسور‬
‫للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫قدوج حمامة‪ .)2004( .‬عملية إبرام الصفقات العمومية في القانون الجزائري‪ .‬الجزائر‪ :‬ديوان‬
‫املطبوعات الجامعية‪.‬‬
‫محمد أحمد عبد املنعم ‪. (2005).‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪.‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬دار الكتب‬
‫القانونية‪.‬‬
‫مرسوم رئاس ي رقم ‪. (2015, 247-15‬سبتمبر ‪). 16‬يتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات‬
‫املرفق العام ‪. 50.‬الجزائر‪ ,‬الجزائر‪ ,‬الجزائر‪ :‬الجريدة الرسمية‪.‬‬
‫منهد مختار نوج‪ .)2013( .‬اإليجاب والقبول في العقد اإلداري )دراسة مقارنة( (املجلد ‪ .)2‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ :‬منشورات الحلبي الحقوقية‪.‬‬

‫‪338‬‬

You might also like