Professional Documents
Culture Documents
دور الإعلان في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية للوقاية من الفساد
دور الإعلان في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية للوقاية من الفساد
دور الإعلان في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية للوقاية من الفساد
*******
:ملخص
، إال أن اإلعالن عنها يحتل خصوصية مهمة،رغم أهمية كافة مراحل إبرام الصفقة العمومية
ذلك أن الخطأ،باعتباره من مراحلها األولية والتمهيدية التي لها أثر على كافة املراحل الالحقة عليه
نظرا لتفويته الفرصة على اإلدارة من وصولها اآلمن للطلبات،فيه يصعب جبره قانونيا وقضائيا
لذا ألزم املشرع باإلعالن، كما يفوت الفرصة على املتعاملين املتعاقدين في الفوز بالصفقة،العمومية
كما اعتبره من القرارات، وحدد عناصره بنصوص قانونية تكريسا للشفافية،عن إبرام الصفقة
مما يجعل من اإلعالن محال للطعن فيه باإللغاء استقالال أمام،اإلدارية املنفصلة عن العقد اإلداري
. وفي ذلك حماية كبيرة لإلعالن، والقضاء االستعجالي،القضاء اإلداري
. الصفقات العمومية، الفساد، اإلعالن: الكلمات املفتاحية
Abstract:
Despite the importance of all stages of concluding the public deal, the
announcement of it occupies an important specificity, as it is one of its
initial and preliminary stages that have an impact on all subsequent stages,
as the error in it is difficult to remedy legally and judicially, given that it
misses the opportunity for the administration to safely access public
requests. He also misses the opportunity for contracting dealers to win the
deal, so he obliged the legislator to announce the conclusion of the deal, and
defined its elements in legal texts in order to consecrate transparency. He
also considered it among the administrative decisions separate from the
administrative contract, which makes the declaration subject to appeal by
320
دور اإلعالن في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية ملكافحة الفساد
إضفاء شفافية إبرام الصفقات العمومية ،وما مدى فعالية حمايته القضائية كآلية للوقاية من
الفساد؟
تلكم هي اإلشكالية التي ستكون محال ملداخلتي ،وفي سبيل اإلجابة عنها ،اعتمدت على املنهج
التحليلي ،الذي يعتمد على رصد املادة العلمية مجموعة وتسجيلها ،ثم تناول جزئياتها بالتحليل
والنقد ،كما نسجت املادة العلمية وفقا للخطة التالية:
322
دور اإلعالن في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية ملكافحة الفساد
323
عبد السالم نور الدين
وتعود الغاية من اإلعالن عدم قيام اإلدارة بأي تصرف ينجم عنه تفضيل شخص عن شخص
آخر ،دون أي داعي ينص عليه القانون ،فاألصل أن كل املتعاملين مع اإلدارة يقفون على قدم
املساواة ويحوزون فرص متكافئة يقتض ي العدل واإلنصاف عدم تفضيل أي شخص بمزية معينة،
إال طبقا للشروط التي يفترضها القانون ،والتي على أساسها اإلدارة تختار التعامل معها ،وينطبق هذا
في مجال الصفقات العمومية (الشريف ،2013 ،الصفحات )95-94
-2خلق أجواء املنافسة:
يخلق اإلعالن نوعا من الشفافية في تصرفات اإلدارة وعقودها ،كما يخلق نوعا من املنافسة
املشروعة بين عدد غير محدود من الراغبين في التعاقد ،مما يؤدي إلى إحالة العقد على أنسب
العروض من حيث الزمن وأفضلها من حيث الجانب الفني ،وهو ما يبعد عنها الشك والريبة في
تعامالتها.
فنجد املتعاملين املتعاقدين في جو من املنافسة من أجل الظفر بالصفقة ،فتراهم يقدمون
أفضل األسعار وأفضل الشروط ،األمر الذي يسهل على اإلدارة عملية اختيار أحسن العروض
املقدمة ،وبالتالي تتحاش ى منح الصفقة لشخص ال يملك القدرات املالية والفنية إلنجاز مشروع
الصفقة ،مما يجنب اإلدارة خسارة في األموال وهدرا لوقت بسبب اختيارها ملتعهد ال يتوفر على
القدرة املالية والفنية إلبرام العقد وتنفيذه ،والواقع أثبت أن الصفقات التي تبرم خارج إطار
الشفافية كثيرا ما نجدها تتعثر في اإلنجاز ألنها منحت على أساس غير محايد من طرف موظفي
اإلدارة القائمين على إبرام هذه الصفقة (الشريف ،2013 ،صفحة )95
الفرع الثاني :عالقة اإلعالن باملبادئ القانونية للصفقات
لضمان فعالية ونجاعة الطلبات العمومية واالستعمال الحسن للمال العام ،حرص املشرع
الجزائري على مراعاة بعض املبادئ األساسية التي تحكم الصفقات العمومية ،فدعا بموجب املادة 3
من املرسوم الرئاس ي ( )236 -10مرسوم رئاس ي رقم )2010 ،236-10واملادة 5من املرسوم الرئاس ي
( 247 - 15مرسوم رئاس ي رقم )2015 ،247-15ب " ..يجب أن تراعي الصفقات العمومية مبادئ
حرية الطلبات العمومية واملساواة في املعاملة املرشحين وشفافية اإلجراءات ،"...غير أن هذه املبادئ
يتوقف تجسيدها واقعيا من خالل تفعيل حق املتعاملين في اإلعالن ،لذلك ال يمكن أن تضمن
املصلحة املتعاقدة هذه املبادئ إال من خالل اإلعالن عن طلب العروض وهم وما سيتم بيانه فيما
يلي:
324
دور اإلعالن في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية ملكافحة الفساد
ويقتض ي مبدأ حرية الوصول إلى الطلبات معاملة جميع العارضين املحتملين من نفس فرصة
تقديم عروض مقبولة ،وهذا الذي أكده املشرع في نص املادة 8/ 10من املرسوم الرئاس ي
338/08على املصلحة املتعاقدة توفير جميع املعلومات الضرورية التي تمكن املتعهد من تقديم
تعهدات مقبولة.
-2املساواة في معاملة املرشحين:
ويعني مبدأ املساواة تجنب املفاضلة واالمتياز ألحد املتعاملين على بقية املتنافسين في إطار
املنافسة ،التي تقتض ي معاملة مماثلة لكل املعنيين بالصفقة ،فاملساواة هي أساس املنافسة ووسيلة
لخدمتها أيضا ،إذ يقتض ي هذا املبدأ قبول جميع املتدخلين الذين تتوافر فيهم الشروط القانونية
على قدم املساواة.
وملا كان يتعذر التعرف على هذه الشروط إال من خالل الرجوع إلى املعلومات ،فإن اإلعالن
يصبح شرط لتحقق مبدأ املساواة ،إذ يستوجب على املصلحة املتعاقدة احترام ما أعلنت عليه من
معلومات وشروط ،حتى تمكن املتعاملين من نفس الفرص للفوز بالصفقة ،وحتى يتحقق ذلك البد
أن يكون اإلعالن واضحا للجميع ،كما يقتض ي أيضا أن تكون املصلحة املتعاقدة مستعدة لتقديم
معلومات متساوية لكل من يطلبها ،فاالمتناع عن منح املعلومة للبعض ،أو منح معلومة خاطئة يعد
خطأ مخالفا للقانون ،كما أن تغيير الشروط قبل إيداع العروض من دون إعالم املرشحين بهذه
التعديالت يعد إخالال بمبدأ املساواة (قدوج حمامة ،2004 ،صفحة .)84
شفافية اإلجراءات: -3
يعرف بعض الفقه الشفافية بأنها " ذلك النظام الذي يمكن مقدمي العطاءات ،أو املوردين أو
325
عبد السالم نور الدين
حتى غيرهم من ذوي املصلحة ،من التأكد بأن عملية اختيار املتعاقد مع الجهة الحكومية ،قد جرت
من خالل وسائل واضحة ومجردة (عبد الرحيم محمد حسن السيد ،2009 ،صفحة )55
ومن خالل هذا التعريف يتبين أن مبدأ الشفافية يقتض ي كشف كل الغموض املحتمل في كل
مراحل عقد الصفقة ،وذلك بتمكين املتعاملين أو كل من له عالقة بالصفقة من االطالع واملتابعة
لكيفيات إجراء إبرام الصفقة ،غير أن هذه الحقوق تتوقف على ضمانة أساسية وهي اإلعالن ،الذي
يسمح للمتعامل بأن يكون على بصيرة ووعي ومعرفة بكل ما يخص الصفقة ،لذلك كان اإلعالن هو
جوهر الشفافية.
ولكي تنصب الشفافية على معايير تقييم واختيار العروض من قبل املصلحة املتعاقدة ،البد
أن يعنى بها أثناء تحرير اإلعالن أو دفتر الشروط ،وعليه فإنه ال سبيل لبلوغ مبدأ الشفافية
وتجسيده على أرض الواقع إال من خالل اإلعالن.
املطلب الثاني :ضرورة اإلعالن ومضمونه
نظرا ألهمية اإلعالن في تمكين املصلحة املتعاقدة من حرية الوصول إلى الطلبات العمومية ،لم
يتهاون املشرع في االعتداد واإللزام به ،كما سهر على تسجيل عناصره من خالل النصوص القانونية،
حتى ال يترك املصلحة املتعاقدة تتعسف فيه ،وهذا ما سيتم توضيحه فيما يلي:
الفرع األول :ضرورة اإلعالن
اعتمد املشرع مبدأ العلنية كإجراء شكلي وجوهري بموجب املادة 61من املرسوم 247 -15
التي نصت املادة على إلزامية اللجوء إلى اإلشهار الصحفي في الحاالت التالية:
-طلب العروض املفتوح؛
-طلب الع روض املفتوح مع اشتراط قدرات دنيا؛
-طلب العروض املحدود؛
-املسابقة؛
-التراض ي بعد االستشارة ،عند االقتضاء.
ولقد فصل املشرع في توضيح شروط اإلعالن بموجب املادة 65من ذات املرسوم السابق،
فاشترط تحريره باللغة العربية وبلغة أجنبية واحدة على األقل ،كما ينشر إجباريا في النشرة الرسمية
لصفقات املتعامل العمومي ،وعلى األقل في جريدتين يوميتين وطنيتين موزعتين على املستوى
الوطني ،كما أوجب في إعالن املنح املؤقت للصفقة أن يدرج في الجرائد التي نشر فيها إعالن طلب
326
دور اإلعالن في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية ملكافحة الفساد
العروض ،إن أمكن ذلك مع تحديد السعر ،وآجال اإلنجاز وكل العناصر التي سمحت باختيار الفائز
بالصفقة العمومية.
هذا ولقد منح املشرع الجزائري بموجب الفقرة الثالثة من املادة 65تسهيالت في مجال إعالن
مناقصات الواليات والبلديات واملؤسسات العمومية املوضوعة تحت وصايتها والتي تتضمن صفقات
أشغال أو لوازم أو دراسات أو خدمات يساوي مبلغها تبعا لتقدير إداري على التوالي ()100.000.000
دج مائة مليون دينار جزائري أو يقل عنها،و ( )50.000.000خمسون مليون دينار جزائري أو يقل
عنها ،حيث يمكن أن تكون محل إشهار محلي ،حسب الكيفية التالية:
-نشر إعالن طلب العروض في يوميتين محليتين أو جهويتين
-إلصاق إعالن طلب العروض باملقرات املعنية ( الوالية ،كافة بلديات الوالية ،غرف التجارة و
الصناعة والحرف والفالحة ،املديرية التقنية املعنية في الوالية).
وبالتأمل في هذا االستثناء من خالل نص املادة 65يظهر أن املشرع الجزائري أراد تسهيل
وتسريع إجراءات منح الصفقة العمومية ،غير أنه اعترف ضمنيا بطول اإلجراءات العادية لإلعالن
املنصوص عليها في املادة 61السابقة الذكر.
وعلى ذلك فإن اإلدارة ملزمة بالشروط التي يتطلبها املشرع في اإلعالن ،فيتعين عليها احترام
أوضاع اإلعالن من حيث املدة وكيفية إجرائه ،وعدده ٕواال كان اإلعالن محل إلغاء.
ً
ومما يجدر التنبيه إليه َّأن املشرع الجزائري كان حريصا في إلزام املصلحة املتعاقدة بإجراء
اإلشهار حتى في الحاالت التي ال تفوق فيها قيمة الطلبات العمومية العتبة املالية املنصوص عليها في
املادة 13من املرسوم الرئاس ي رقم ،247-15وهذا ما يتضح لنا بالرجوع إلى املادة 14من نفس
املرسوم التي نصت بأنه " يجب أن تكون الحاجات املذكورة أعاله محل إشهار مالئم واستشارة
فإن املصلحة املتعاقدة ال يمكن لها أن تتذرع بالعتبة املالية متعاملين اقتصاديين مؤهلين ،"...وبالتالي َّ
كحجة لتنصلها من إجراء اإلشهار بل تكون ملزمة به كإجراء ،لكن في نفس الوقت منح املشرع
الجزائري املصلحة املتعاقدة كامل الحرية في أن تختار طريقة اإلشهار املالئمة لقيمة تلك الحاجات
التي لم تتجاوز قيمتها العتبة املالية ،وهذا ما يستنتج من عبارة " محل إشهار مالئم ) (أحمد عميري،
،2017صفحة .)228
يبدو واضحا مما سبق ذكره أن اإلعالن عن الصفقة ذو طابع شكلي جوهري ،وأن املشرع أراد
توسيع دائرة العلم بأشكال الصفقة املزمع إبرامها من أجل الحصول على أكبر عدد ممكن من
املتقدمين واملتنافسين ،وبذلك تتحصل املصلحة املتعاقدة على عدة فرص الختيار أفضل العروض.
327
عبد السالم نور الدين
328
دور اإلعالن في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية ملكافحة الفساد
-الوصف الدقیق ملوضوع الخدمات املطلوبة أو كل املتطلبات بما في ذلك املواصفات التقنیة
ٕواثبات املطابقة ،و املقاییس التي یجب أن تتوفر في املنتجات أو الخدمات ،و كذلك التنظیم
والرسوم
و التعلیمات الضروریة إذا اقتض ى األمر،
-الشروط ذات الطابع االقتصادي و التقني و الضمانات املالیة حسب الحالة .
-املعلومات أو الوثائق التكمیلیة املطلوبة من املتعهدین .
-اللغة أو اللغات الواجب استعمالها في تقدیم التعهدات والوثائق التي تصاحبها .
-كیفیة التسدید وعملیة العرض ،إذا اقتض ى األمر .
-كل الكیفیات األخرى والشروط التي تحددها املصلحة والتي یجب أن تخضع لها الصفقة .
-األجل املمنوح لتحضير العروض .
-أجل صالحیة العروض أو األسعار .
-تاریخ و آخر ساعة إلیداع العروض والشكلیة والحجیة املعتمدة فیه
-تاریخ و ساعة فتح األظرف
-العنوان الدقیق حیث یجب أن تودع التعهدات
ومن خالل هذه البيانات املفروضة في إعالن الصفقة يظهر جليا مدى كفالة املشرع للمعنيين
باملنافسة على الصفقة ،فرصة املشاركة من خالل إطالعهم على الجهة املعنية وموضوع الصفقة
ونوع املناقصة ومجال املشاركة وآجالها والوثائق املطلوبة والكفالة ،وهو ما يعزز مبدأ الشفافية
واملساواة بين املتنافسين.
329
عبد السالم نور الدين
أوال :الجرائد
لقد ألزم املشرع املصلحة املتعاقدة بمراعاة اإلعالن في الجرائد في كل أشكال طلب العروض
املبينة ،بموجب املادة 42م ر 15 - 247والتي تنص على أنه " :يمكن أن يكون طلب العروض وطنيا و/
أو دوليا ويمكن أن يتم حسب األشكال التالية - :طلب العروض املفتوح - ،طلب العروض املفتوح مع
اشتراط قدرات دنيا - ،طلب العروض املحدود - ،املسابقة.
اما النشرة الثانية في نشرة الصفقات العمومية لقطاع الطاقة واملناجم َّ .B.A.O.S.E.M
تم
إنشاءها سنة 2001لتوسيع دائرة اإلشهار بخصوص الصفقات العمومية املتعلقة بقطاع الطاقة
واملناجم.
ثالثا :اإلعالن املحلي
وسع املشرع الجزائري من عملية استخدام وساءل اإلعالن عن الصفقة العمومية لضمان
ّ
حرية ونجاعة الطلبات العمومية ،لذلك مك َن للمصلحة املتعاقدة من إعالن طلب العروض على
املستوى املحلي معتمدا في ذلك على معيارين ،أولهما املعيار العضوي حيث اشترط أني تعلق األمر
بطلبات عروض الواليات والبلديات واملؤسسات العمومية املوضوعة تحت وصايتها.
أما الثاني فهو معيار مالي حيث اشترط أن يكون التقدير اإلداري بالنسبة لصفقات األشغال أو
اللوازم يساوي مبلغ مائة مليون دينار ) 100.000.000دج (أو يقل عنه ،وبالنسبة لصفقات
الدراسات والخدمات إذا كان التقدير اإلداري يساوي مبلغ خمسين مليون دينار ) 50.000.000دج (
أو يقل عنه ،وذلك طبقا للفقرة الثالثة من املادة 65م ر ( 247 -15مرسوم رئاس ي رقم ،247-15
.)2015
ويعود سبب اعتماد املشرع لإلشهار املحلي -بالنظر إلى املعيارين السابقين -إلى االختصاص
اإلقليمي وعدم ارتفاع املبلغ املالي التقديري للطلب العمومي ،لكن في حالة إخاللها بالشروط
القانونية تلزم املصلحة املتعاقدة باإلشهار الوطني.
رابعا :الوكالة الوطنية للنشر واإلشهار
تعد الوكالة الوطنية للنشر واإلشهار مؤسسة عمومية ذات طابع تجاري وصناعي ،تتمتع
يحدد رأس مالها -وفقا بالشخصية املعنوية واالستقالل املالي،تخضع لوصاية وزير األنباء سابقاَّ ،
للمادة السابعة من قانونها األساس ي -عن طريق وزير األنباء ووزير املالية والتخطيط آنذاك ،ولقد
ُ
أنشأت الوكالة الوطنية للنشر واإلشهار سنة ،1967وجاء ذلك مواكبة لصدور قانون الصفقات
العمومية لسنة .1967وتهدف الوكالة دراسة وتطوير اإلشهار بكل الوسائل وبجميع الطرق البصرية
والسمعية كاإلعالنات والنشر .أنظر األمر رقم ، 67 - 279مؤرخ في 20ديسمبر ، 1967املتضمن
إحداث شركة وطنية تسمى ب" الوكالة الوطنية للنشر واإلشهار" ،ج ر عدد 2الصادرة بتاريخ 5يناير
.1968
وتختص الوكالة في التعامل مع الهيئات الصحفية واملنظمات الصناعية والتجارية بهدف
ُ
إشهار املنتجات أو الخدمات ،كذلك تبرم العقود واالتفاقيات مع مؤسسات أخرى من أجل تنظيم
331
عبد السالم نور الدين
متبادل ومشترك للنشر واإلشهار ،وفي هذا اإلطار أجاز املشرع الجزائري للمصلحة املتعاقدة أن تقوم
بإشهار الطلب العمومي عبر هذه الوكالة.
كما أجاز املشرع اإلشهار عن طريق هذه الوكالة بموجب املادة 14من املرسوم الرئاس ي بمنحه
املصلحة املتعاقدة السلطة التقديرية في إعمال إشهار مالئم ،إذا تجاوز مبلغ الطلبات العمومية
العتبة املالية املنصوص عليها في املادة 13من نفس املرسوم الرئاس ي ،وذلك بهدف إضفاء شفافية
أكثر على إجراءات الوصول الطلب العمومي .
الفرع الثاني :الوسائل الحديثة اإللكترونية
نتيجة للتطور التكنولوجي وهيمنة العوملة االقتصادية ،وما تتطلبه من سرعة في املعامالت
التجارية واالقتصادية كان لزاما على اإلدارة أن تتماش ى وتساير هذا التطور العالمي املأهول،
فتحولت اإلدارة عن األساليب التقليدية الورقية واملكتبية إلى إدارة إلكترونية تحوي مواقع إدارية
كبيرة ومتباعدة في شبكة اتصال إلكترونية ،األمر الذي عمل على الحد من البيروقراطية والتقليل
من تكلفة اإلنفاق الحكومي وتكريس ملبدأ الشفافية في تعامل اإلدارة مع املتعاملين االقتصاديين ،ولم
تكن الجزائر بمنأى عن هذا التطور التكنولوجي ،الذي فرض عليها أن تستجيب لذلك عن طريق
تبنيها لإلدارة اإللكترونية.
وتماشيا مع هدف املشرع في تيسير حرية الوصول إلى الطلبات العمومية وتكريس مبدأ
شفافية واملساواة بين املتعاملين املتعاقدين ،أوجب املشرع النشر اإللكتروني في إبرام الصفقات
ولقد كان املرسوم الرئاس ي رقم 10 - 236أول مرسوم تضمن تنظيم النشر االلكتروني بموجب املادة
( 174مرسوم رئاس ي رقم ،)2015 ،247-15غير أنه على الرغم من إيجابية هذه املبادرة إال أنها جاءت
متأخرة نوع ما بالنظر إلى اعتماد املشرع الجزائري أسلوب التعاقد االلكتروني في القانون املدني منذ
سنة . 2005
وإذا كان مرسوم 236 – 10فتح الباب أمام التعاقد اإللكتروني ،فإن املشرع الجزائري قد
وسع املجال لالستخدام اإللكتروني لإلدارة العمومية من خالل إصداره للمرسوم الرئاس ي رقم -15
247املتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات املرفق العام ،إذ جاء الفصل السادس من
الباب األول تحت عنوان" االتصال وتبادل املعلومات بالطريقة االلكترونية" ،وقدأشار فيه بموجب
املادة 203إلى االتصال وتبادل املعلومات بالطریقة اإللكترونیة " كما خصصت املادة 205إمكانیة
اختیار املتعامل املتعاقد عن طریق آلیة املزاد االلكتروني (مرسوم رئاس ي رقم .)2015 ،247-15
أما بالنسبة لإلعالن اإللكتروني املتعلق بالصفقات العمومیة فقد خصته املادة ( 204مرسوم
رئاس ي رقم )2015 ،247-15من خالل شرح تقنیات البرمجة ،وكیفیة تداول املعلومات وانتقال
332
دور اإلعالن في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية ملكافحة الفساد
الوثائق ،لكن وعلى الرغم من أن املشرع الجزائري قد جاء بالجديد بتقرير آلية االتصال وتبادل
املعلومات بالطريقة االلكترونية في مجال الصفقات العمومية ،إال أن الواقع أثبت صعوبة تطبيق
هذه اآللية على املستوى العملي ،بالنظر إلى التخلف الذي تشهده الجزائر في مجال استعمال
االنترنت في اإلدارة.
املطلب الثاني :الحماية املقررة لقراراإلعالن عن الصفقة
ترتبط الحماية املقررة لإلعالن عن الصفقة بتحديد الطبيعة القانونية لقرار اإلعالن وتكييفه
القانوني ،حيث يثير اإلعالن عن الصفقة العمومية إشكاال في تكييفه القانوني فهل يعد من جملة
إجراءات األعمال التعاقدية أو من جملة األعمال اإلدارية؟ هذا ما سيتم توضيحه ،ليتم اإلشارة إلى
حمايته القضائية.
الفرع األول :الطبيعة القانونية إلعالن الصفقة العمومية
يعتبر الفقه والقضاء أن قرار اإلعالن يصدق على مفهوم القرار اإلداري ،حيث يعرف هذا
األخير بحسب املعيار العضوي على أنه القرار التنظيمي أو الفردي الصادر عن السلطة اإلدارية
(محيو ،دون سنة نشر ،صفحة ،)160ولقد تبنى املشرع الجزائري املعيار العضوي بموجب املادتين
800و 801ق إ م إ فيكون القرار إداريا كلما صدر عن الدولة أو الوالية أو البلدية أو املؤسسات
العمومية ذات الطابع اإلداري ،وملا كان قرار اإلعالن صادر عن شخص من أشخاص القانون العام
فإنه طبقا للمعيار العضوي يعد قرارا إداريا(عمار بوضياف ،2014 ،صفحة .)334
غير أنه ملا كان قرار اإلعالن مرتبط بعقد إداري فإنه يندرج ضمن القرارات اإلدارية املنفصلة
في مجال الصفقات العمومية ،باعتبار أن القرار اإلداري املنفصل يدخل في تكوين العقد اإلداري
ويستهدف إتمامه إال أنه ينفصل عنه.
هذا ويتحدد مفهوم القرار اإلداري املنفصل بالنظر إلى مدى جوهرية القرار اإلداري في تكوين
العملية اإلدارية املركبة ،فإن كان القرار اإلداري شديد االرتباط بالعملية اإلدارية املركبة ،املتمثلة في
الصفقة العمومية ،فإنه يصبح جزءا ال يتجزأ عنها ،وبالتالي يكون غير قابل لالنفصال عنها ،أما إذا
كان القرار اإلداري غير جوهري بل مجرد عنصر مساعد ال يؤثر الطعن فيه في مجريات العملية
التعاقدية ،فإنه يعتبر قرارا إداريا منفصال(حشيش ,عبد الحميد ،دون تاريخ نشر ،صفحة .)95
وعلى ذلك يعرف القرار اإلداري املنفصل على أنه ذلك "القرار الذي يكون جزءا من بنيان
عملية قانونية تدخل في اختصاص القضاء العادي أو اإلداري ولكن القضاء يكون بفصل هذه
القرارات عن تلك العملية ويقبل الطعن فيها بدعوى اإللغاء استقالال عن ذات العقد" (تياب،
،2016صفحة .)53
333
عبد السالم نور الدين
334
دور اإلعالن في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية ملكافحة الفساد
خاتمة:
بعد التعرف على خصوصية اإلعالن في تعزيز شفافية الصفقات العمومية من بيان أهميته
وإلزاميته وعناصره وحمايته القضائية توصلنا إلى مجموعه من النتائج والتوصيات أهمها فيما يلي:
-إيصال املصالح املتعاقدة العلم إلى كل الراغبين بالتعاقد ،خاصة الذين تتوافر فيهم
الشروط املالية والتقنية املحددة سلفا من طرفها ،وإبالغهم عن كيفية سحب دفاتر الشروط،
ونوعية املواصفات املطلوبة ،ومكان وزمان إجراء أي شكل من أشكال ابرام الصفقة
-تعود الغاية من اإلعالن عدم قيام اإلدارة بأي تصرف ينجم عنه تفضيل شخص عن شخص
آخر ،دون أي داعي ينص عليه القانون
335
عبد السالم نور الدين
-يخلق اإلعالن نوعا من املنافسة املشروعة بين املتعهدين املتنافسين ،مما يؤدي إلى إحالة
العقد على أنسب العروض من حيث الزمن والجانب الفني ،وهو ما يبعد الشك والريبة في تعامالت
املصلحة املتعاقدة.
-ترتكز الصفقات العمومية على مبادئ مهمة وهي حرية الوصول إلى الطلبات واملساواة
والشفافية اإلجرائية غير أنه يتوقف تجسيدها واقعيا من خالل تفعيل حق املتعاملين في اإلعالن
-اعتمد املشرع مبدأ العلنية كإجراء شكلي وجوهري في عملية إبرام الصفقات مما يجعل من
اإلعالن إجراءا إلزاميا في كافة أشكال الصفقة ،مما يتعين على املصلحة املتعاقدة احترام أوضاع
اإلعالن من حيث املدة وكيفية إجرائه ،وعدده ٕواال كان اإلعالن محل إلغاء.
-ملا كان اإلعالن يرتبط ارتباطا وثيقا باالستعمال الحسن للمال العام ونجاعة الطلبات
العمومية ،استوجب حمايته من االستغالل الس يء لإلدارة بمنحها من خالله امتيازات غير مبررة
لبعض املتعهدين ،لذلك حرص املشرع على بيان مضمون اإلعالن وفقا لنصوص قانونية
-تجسيدا لشفافية إجراءات إبرام الصفقة العمومية ،وسع املشرع من عملية إيصال املعلومة
للم تعاملين املتعاقدين ،بمختلف الوسائل التقليدية والحديثة واملتمثلة في الجرائد ،نشرة الصفقات
العمومية ،اإلعالن املحلي ،الوكالة الوطنية لإلشهار ،اإلعالن اإللكتروني.
-تبنى املشرع الجزائري املعيار العضوي فيكون القرار إداريا كلما صدر عن الدولة أو الوالية أو
البلدية أو املؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري ،وملا كان قرار اإلعالن صادر عن شخص من
أشخاص القانون العام فإنه طبقا للمعيار العضوي يعد قرارا إداريا
-قرار اإلعالن يرتبط بعقد إداري لذا فإنه يندرج ضمن القرارات اإلدارية املنفصلة في مجال
الصفقات العمومية ،باعتبار أن القرار اإلداري املنفصل يدخل في تكوين العقد اإلداري ويستهدف
إتمامه إال أنه ينفصل عنه.
-القرار اإلداري املنفصل هو ذلك القرار الذي يكون جزءا من بنيان عملية قانونية تدخل في
اختصاص القضاء العادي أو اإلداري ولكن القضاء يكون بفصل هذه القرارات عن تلك العملية
ويقبل الطعن فيها بدعوى اإللغاء استقالال عن ذات العقد
336
دور اإلعالن في تعزيز مبدأ شفافية الصفقات العمومية كآلية ملكافحة الفساد
-يعتبر الفقه والقضاء قرار اإلعالن عن الصفقة العمومية من قبيل القرارات اإلدارية
املنفصلة املمهدة إلبرام الصفقة العمومية ،وعلى ذلك فإنه يخول لكل من تأثرت مصلحته جراء عدم
مشروعيته أن يطعن فيه باإللغاء استقالال أمام القضاء اإلداري ،كما يمكن الطعن فيها أمام
القضاء االستعجالي ،وفي ذلك مصلحة للمتعامل املتعاقد حتى يتسنى له الوفاء بالتزاماته كما يحقق
مصلحة للغير حتى يتحدد مصيره في شأن الصفقة في أقرب اآلجال.
قائمة املراجع:
مرسوم رئاس ي رقم . (2010, 236-10أكتوبر ). 28يتضمن الصفقات العمومية .مؤرخ في 28شوال
1431املوافق ل 7أكتوبر , 58.الجزائر ,الجزائر ,الجزائر :الجريدة الرسمية.
أحمد عميري . (2017,جوان ).دور اإلشهار ( اإلعالن ) في إضفاء الشفافية على إجراءات إبرام
العقود اإلدارية في الجزائر ،طبقا للمرسوم الرئاس ي قم . 247 – 15املجلة األكاديمية للدراسات
االجتماعية واالنسانية, 18, 228.
أحمد محيو( .دون سنة نشر) .املنازعات اإلدارية( .خالد بيوض وفائز أنجق ،املترجمون) الجزائر:
ديوان املطبوعات الجامعية.
القرآن الكريم( .األية ). 16آية اإلسراء .القرآن الكريم :القرآن الكريم.
بحري اسماعيل .)2008-2009( .الضمانات في مجال الصفقات العمومية في الجزائر .36 .جامعة
الجزائر :كلية الحقوق.
تياب ,ن . (2016).محاضرات في الصفقات العمومية . 53.بجاية ,الجزائر :كلية الحقزق والعلوم
السياسية.
تياب ,ن . (n.d.).آليات مواجهة الفساد في مجال الصفقات العمومية .رسالة دكتوراه , 254.
جامعة تيزي وزو ,الجزائر :كلية الحقوق.
حشيش ,عبد الحميد( .دون تاريخ نشر) .عبد الحميد حشيش :القرارات القابلة لالنفصال وعقود
اإلدارة دراسة مقارنة في القانون املصري والقانون الفرنس ي ، ،القاهرة ،ص .495القاهرة ،مصر :دار
النهضة العربية.
خضري حمزة .)2014-2015( .رسالة دكتوراه ،آليات حماية املال العام في إطار الصفقات
العمومية .جامعة الجزائر :1كلية الحقوق.
شريفي الشريف .)2013( .مبدأ الشفافية في العقود اإلدارية كآلية للحد من الفساد اإلداري .مجلة
االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية.95-94 ،3 ،
عبد الرحيم محمد حسن السيد . (2009).الشفافية في قواعد وإجراءات التعاقد الحكومي في
دولة قطر .مجلة الشريعة والقانون, 39, 50.
337
عبد السالم نور الدين
عمار بوضياف . (2014).شرح تنظيم الصفقات العمومية ،الجزائر (Vol. 4).الجزائر :دار جسور
للنشر والتوزيع.
قدوج حمامة .)2004( .عملية إبرام الصفقات العمومية في القانون الجزائري .الجزائر :ديوان
املطبوعات الجامعية.
محمد أحمد عبد املنعم . (2005).األسس العامة للعقود اإلدارية .القاهرة ،مصر :دار الكتب
القانونية.
مرسوم رئاس ي رقم . (2015, 247-15سبتمبر ). 16يتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات
املرفق العام . 50.الجزائر ,الجزائر ,الجزائر :الجريدة الرسمية.
منهد مختار نوج .)2013( .اإليجاب والقبول في العقد اإلداري )دراسة مقارنة( (املجلد .)2بيروت،
لبنان :منشورات الحلبي الحقوقية.
338