يعتمد املستقبل على أشكال جديدة من التواصل .ألن الطرق القدمية تتماوت أو متوت ابلكلية .وألن الناس ذوو فرتات اهتمام قصرية ُمغرقة ف املعلومات الصغرية .املستقبل الذي أحتدث عنه غري مباشر متاما ،وأدعو هاهنا إىل اسرتاتيجية واعية .لكل شيء عالمة ،وليس ما تقوله فحسب ،ولكن كيف تقول ذلك وكيف تقود الناس إىل استنتاجات وأفكار معينة تريدها؟ .إذا كان هذا املفهوم يراوغك أو يرتكك جافا، فعندئذ جيب عليك التوقف عن القراءة .إنه جوهر كل شيء أكتب عنه .إنه مكيافيلي القرن احلادي والعشرين. املقابالت أحد األمثلة املبتذلة و الكاشفة .أعن هبذا :الربامج احلوارية التلفزيونية أو اإلذاعية ،واملقابالت الصحفية، واملقابالت الوظيفية ،إخل .وبعبارة أخرى ،فأي منتدى أو وسيط يكون لديه الوقت الكاف لتوجيه أسئلتهم حنو هدف واسرتاتيجي. أوال ،بدأان نفقد الثقة ف السلطة .لقد أصبحنا دميقراطيي مرتبطي أكثر مما ينبغي .مراجعة سيئة واحدة ،أو مقال سليب، أو شائعات مروعة ،ميكن أن تدمر مسعة ومصداقية عمل أو شخصية ما .أكثر من ذلك ،اإلنرتنت جعل املعلومات متاحة بشكل أكرب بكثري حبيث ال يتعي علينا االعتماد على كلمة الشركات أو املؤسسات الكربى أو احلكومة حىت :لدينا الكثري من سبل الوصول إىل احلقائق .اثنيا ،أصبح مدى انتباهنا أصغر بكثري .يشتتنا أي شيء يلمع .نتعرض للقصف ابستمرار ،قصف ابلفيديوهات ،امليمز ،التعليقات، املدوانت ،املشاركات ،وحتديثات احلالة ،والصور وما إىل ذلك ،واآلن مع هذه البياانت الضخمة ،ميكن للشركات أن تعرف رغباتنا وتعطينا اخلياالت اليت حنلم هبا .وأخريا ،املشهد املهن والتجاري يصبح أكثر قدرة على املنافسة .اليوم ،أنت لست فقط التنافس مع الناس ف جمال عملك ؛ تتنافس معه اآلالف واآلالف من الرسائل. معظم الناس يرفعوهنا إليك ،أو يلطخونك بكراهتم التكتيكية الصغرية اليت صمموها ليستفزوك .يعتقدون أهنم اسرتاتيجيون من خالل حماولة السؤال عن نوع التضارب احملتمل ف عملك أو اهتامك بشيء ما .هو تكتيك براءات االخرتاع ورد الفعل. عندما يُشار إليك ابلبنان أنك حتاول االستفزاز بشيء ما ف أسئلتك ،فإنك جتعل الشخص اآلخر مدافعا ،وعلى أهبة االستعداد .عندما ينغلق الشخص الذي تقابله ،فإنك ترى حوارا اثبتا .فن إجراء املقابالت يكمن ف تقليل الدفاعات، وأن جتعل الناس منفتحي ،وإذا كنت ذا حاجة إىل اهلجوم، اهلجوم من االجتاه الذي ال ميكنهم توقعه ،فإنن أحيلك للفصل 30ف كتاب 33اسرتاتيجية للحرب وإىل سقراط حتديدا ،فهو أعظم سيد ف هذا الفن .سيبدأ ابلسماح للشخص اآلخر ابلتعبري عن رغباته ،ويبدو أنه يوافق على االعرتاف بذكاء ما يقوله .مث يبدأ بطرح األسئلة اليت تبدو وكأهنا تتجنب املوضوع الرئيسي ف حديثه ،لكنه يبدأ ف إدخال الثقوب ف حديثه ببطء .ف النهاية يدمر نقطتك األصلية ،لكنه جيعلها خترج من فمك .اي هلا من عبقرية اندرة. إذا أجريت حوارا مع شخص ما ،على سبيل املثال حول حرب العراق ،دعنا نقول أن شخصا ف البداية عنيف بشكل كبري ،سأبدأ ابسرتاتيجية .أود احلصول عليها منهم حنو النقطة (د) .هذه النقطة هي االعرتاف أبهنا كانت اسرتاتيجية فاشلة من البداية ،ل يكن لديها فرصة حقيقية للنجاح و كان الدعم األول هلا كان خاطئا ببساطة .هذا صعب ولكن تستحق اجلهد. سوف أحتدث عن هذا بشكل غري مباشر دون اإلفصاح عن نواايي .أود أن أطرح أسئلة ،مثل سقراط ،عليهم أن جييبوا عليها بطريقة أو أبخرى .اعتمادا على املسار الذي سلكوه، ميكنن أن أحجزهم ببطء ف تناقضاهتم .دعنا نقول أن نقطتهم الرئيسية كانت أن صدام حسي كان هو هتلر ،وأن جلب الدميقراطية إىل الشرق األوسط يستحق اخلسارة املؤسفة ف األرواح ،إخل .ومن شأنه أن خيلق االستقرار (الدميقراطيات ال تشجع الثورات ،كما يريدون أن يقولوا) ،وهذا االستقرار سينتشر ،وابملناسبة ،هذا هو الشيء الصحيح أخالقيا لفعله. ل تكن املشكلة ف احلرب ،ولكن ف طريقة شنها (كذا يقولون). اجعلهم يعرتفون هبذا ،ويلتزمون مبوقف اثبت .ومن هناك تعمل ف طريقك .هل تعتقد أن التاريخ مهم ،وأن األمثلة املاضية ميكن أن توجهنا ف الوقت احلاضر؟ إذا اعرتفوا بذلك، فإنك تسأهلم (بطريقة ملتوية أكثر مما أفعله هنا ،هذا اختزال): هل هناك أمثلة ف العال من الدميقراطيات اليت أصبحت راسخة ف أماكن ليس فيها مثل هذه التقاليد ،ولديها تقاليد على العكس؟ اجلواب هنا بوضوح ال .إذا قالوا إن التاريخ ال يهم ،فقد جعلت من املستحيل عليهم الرجوع إليه أبي طريقة ليدعموا حجتهم. ميكنك بناء هذا أن تثبت بيقي .ستقودهم إىل النقطتي B و Cاليت تتضمن انعدام السيطرة على أي جيش ذو تغريات ف الوضع .كيف ميكنك أتمي احلدود؟ كيف كنت ستتعامل مع إيران وسوراي بشكل خمتلف؟ طريقتك املختلفة لشن هذه احلرب ستجلب املشاكل اجلديدة ف أعقاهبا ال حمالة .املزيد من القوات؟ فُعل ذلك العمل ف فيتنام أو أفغانستان من أجل الروس؟ نعم ،هذه حجة جمردة ومن املمكن ف اخلالصة أن نتخيل دائما خامتة انجحة ،ولكن بناء العديد من نقاط الضعف ف ً االسرتاتيجية األصلية جيعل ذلك أكثر فاعليه ،فال ميكن الدفاع عنه .ف النهاية ،هل من األخالقي شن حرب ال ميكن أن تؤدي بشكل واقعي إىل النجاح؟ ال يتم ذلك كوسيلة خلداع الشخص اآلخر أو اجلمهور لتصديق شيء ما .تعتقد بنفسك أن احلرب كانت معيبة ف مفهومها .ما يهم هو كيفية إيصال هذا إىل الشخص اآلخر وفتحه أمام احتمال أنه أو أهنا خمطئة .ال ميكنك القيام بذلك بطريقة مباشرة ،مما جيعل الناس متفاعلي وعاطفيي .ليس هدفك إبعاد مشاعرك عن صدرك (اترك ذلك ألغبياء هذا العال) ،ولكن لتغيري آراء الناس فعليا ،افتح أعينهم. لقد وصلن يب األمر لدرجة أنن عندما أمسع أي مقابلة على التلفزيون أو الراديو درجة الصراخ والعويل .ال أحد يطرح األسئلة املهمة ،اليت ميكن أن تثري ثقواب ف اجلدل .يتولد الكثري من الوقت الضائع .استمع اآلن وسوف تسمع التالية مرارا وتكرارا" :حتدث معي عن االنتخاابت ،ماذا؟ لقد فعل الدميقراطيون الصواب" .حتدث معي عن هذا ،حتدث معي عن ذاك .ملاذا ال تطرح سؤاال يوجه الشخص حنو شيء مضيء ومثري لالهتمام ،وخيبئ لكمة خفية؟ كما قال املاركيز دي ساد" ،حاول جبد أكثر (اجذب جهد األمم املتحدة)، إذا كنت تريد ثورة".