Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 42

‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫ﺗﺪﺑﻴﺮ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺍﺛﻴﻖ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ :‬ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬


‫ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﻣﺤﻤﺪ ﻗﺎﺳﻤﻲ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﻟﻌﻤﻴﻢ‪ ،‬ﺯﻫﻴﺮ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫ﻉ‪40‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫‪2022‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫‪Crisis management in international conventions: political‬‬
‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪ mechanisms and:‬ﻣﺎﺭﺱ‬
‫‪strategies‬‬ ‫‪159 - 198‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫‪1243525‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫وتداخال كبيرين‪ ،‬بين مختلف الوحدات السياسية‬
‫ﹰ‬ ‫يعرف املجتمع الدولي تفاعال‬
‫ﹰ‬
‫‪Arabic‬‬ ‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬‬
‫‪IslamicInfo‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫سياق دولي يتسم بالعوملة‪ ،‬والتأثيرات املتبادلة‪ ،‬مما يؤدي إلى‬ ‫له‪ ،‬خاصة في ظل‬ ‫املشكلة‬
‫ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻮﺍﺛﻴﻖ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬

‫‪http://search.mandumah.com/Record/1243525‬اإلقليمي والدولي‪ ،‬الش يء‬


‫تهديدا للسلم واألمن‬
‫ﹰ‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬سهولة انتشار األزمات‪ ،‬وتوسعها لتشكل‬

‫الذي يوجه صانع القرار إلى اتخاذ إجراءات‪ ،‬تحول دون حدوث االنفجار‪ ،‬كمرحلة ما بعد‬

‫األزمة‪ ،‬إن لم يتم تدبيرها بشكل سليم وعقالني‪ ،‬ينظم مختلف مراحل األزمة وأبعادها‪.‬‬

‫يشير مجموعة من الباحثين‪ ،‬إلى أن ما يسم الحياة الدولية املعاصرة‪ ،‬هو كونها عصرا‬
‫ﹰ‬

‫لألزمات‪ ،‬وتفترض من صناع القرارات الخارجية‪ ،‬اتخاذ إجراءات تعكس قدراتهم على‬

‫املواجهة‪ ،‬والحيلولة دون وصول الشرارة إلى مداها األقص ى‪ ،‬من خالل توظيف مجموعة‬

‫من اآلليات السياسية واالستراتيجيات ملواجهة األزمات من منطلق الوعي أن كل خلل أو‬

‫أزمة تشكل تهديدا لألمن والسلم الدوليين‪ ،‬خصوصا في ظل تنامي مجموعة من التحديات‬
‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫الجديدة التي تستدعي تعبئة وجهدا كبيرين ملواجهتها كاإلرهاب والهجرة السرية وتمدد‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬

‫‪P 151‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬

‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬
‫ﻟﻌﻤﻴﻢ‪ ،‬ﺯﻫﻴﺮ‪ .(2022) .‬ﺗﺪﺑﻴﺮ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺍﺛﻴﻖ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ :‬ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺎﺕ‪.‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ‬
‫ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ‪ ،‬ﻉ‪ .198 - 159 ،40‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1243525‬‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪MLA‬‬
‫ﻟﻌﻤﻴﻢ‪ ،‬ﺯﻫﻴﺮ‪" .‬ﺗﺪﺑﻴﺮ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺍﺛﻴﻖ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ :‬ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺎﺕ‪".‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ‬
‫ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔﻉ‪ .198 - 159 :(2022) 40‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1243525‬‬
‫‪Crisis management in international conventions: political mechanisms and‬‬
‫‪strategies‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫وتداخال كبيرين‪ ،‬بين مختلف الوحدات السياسية‬
‫ﹰ‬ ‫يعرف املجتمع الدولي تفاعال‬
‫ﹰ‬

‫املشكلة له‪ ،‬خاصة في ظل سياق دولي يتسم بالعوملة‪ ،‬والتأثيرات املتبادلة‪ ،‬مما يؤدي إلى‬

‫تهديدا للسلم واألمن اإلقليمي والدولي‪ ،‬الش يء‬


‫ﹰ‬ ‫سهولة انتشار األزمات‪ ،‬وتوسعها لتشكل‬

‫الذي يوجه صانع القرار إلى اتخاذ إجراءات‪ ،‬تحول دون حدوث االنفجار‪ ،‬كمرحلة ما بعد‬

‫األزمة‪ ،‬إن لم يتم تدبيرها بشكل سليم وعقالني‪ ،‬ينظم مختلف مراحل األزمة وأبعادها‪.‬‬

‫يشير مجموعة من الباحثين‪ ،‬إلى أن ما يسم الحياة الدولية املعاصرة‪ ،‬هو كونها عصرا‬
‫ﹰ‬

‫لألزمات‪ ،‬وتفترض من صناع القرارات الخارجية‪ ،‬اتخاذ إجراءات تعكس قدراتهم على‬

‫املواجهة‪ ،‬والحيلولة دون وصول الشرارة إلى مداها األقص ى‪ ،‬من خالل توظيف مجموعة‬

‫من اآلليات السياسية واالستراتيجيات ملواجهة األزمات من منطلق الوعي أن كل خلل أو‬

‫أزمة تشكل تهديدا لألمن والسلم الدوليين‪ ،‬خصوصا في ظل تنامي مجموعة من التحديات‬
‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫الجديدة التي تستدعي تعبئة وجهدا كبيرين ملواجهتها كاإلرهاب والهجرة السرية وتمدد‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬

‫‪P 151‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫‪Crisis management in international conventions: political mechanisms and‬‬


‫‪strategies‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫وتداخال كبيرين‪ ،‬بين مختلف الوحدات السياسية‬
‫ﹰ‬ ‫يعرف املجتمع الدولي تفاعال‬
‫ﹰ‬

‫املشكلة له‪ ،‬خاصة في ظل سياق دولي يتسم بالعوملة‪ ،‬والتأثيرات املتبادلة‪ ،‬مما يؤدي إلى‬

‫تهديدا للسلم واألمن اإلقليمي والدولي‪ ،‬الش يء‬


‫ﹰ‬ ‫سهولة انتشار األزمات‪ ،‬وتوسعها لتشكل‬

‫الذي يوجه صانع القرار إلى اتخاذ إجراءات‪ ،‬تحول دون حدوث االنفجار‪ ،‬كمرحلة ما بعد‬

‫األزمة‪ ،‬إن لم يتم تدبيرها بشكل سليم وعقالني‪ ،‬ينظم مختلف مراحل األزمة وأبعادها‪.‬‬

‫يشير مجموعة من الباحثين‪ ،‬إلى أن ما يسم الحياة الدولية املعاصرة‪ ،‬هو كونها عصرا‬
‫ﹰ‬

‫لألزمات‪ ،‬وتفترض من صناع القرارات الخارجية‪ ،‬اتخاذ إجراءات تعكس قدراتهم على‬

‫املواجهة‪ ،‬والحيلولة دون وصول الشرارة إلى مداها األقص ى‪ ،‬من خالل توظيف مجموعة‬

‫من اآلليات السياسية واالستراتيجيات ملواجهة األزمات من منطلق الوعي أن كل خلل أو‬

‫أزمة تشكل تهديدا لألمن والسلم الدوليين‪ ،‬خصوصا في ظل تنامي مجموعة من التحديات‬

‫الجديدة التي تستدعي تعبئة وجهدا كبيرين ملواجهتها كاإلرهاب والهجرة السرية وتمدد‬

‫‪P 151‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫الجماعات املتطرفة واإلجرامية‪ ،...‬فما هي األزمة؟ وما خصائص األزمة الدولية؟ ثم ما هي‬

‫اآلليات السياسية لتدبير األزمات في السياق وامليثاق الدولي؟ وما هي مختلف االستراتيجيات‬

‫املمكن توظيفها لحل األزمات؟‪.‬‬

‫الكلمات املفتاحية‪ :‬األزمة‪ -‬تدبير األزمة‪ -‬اآلليات السياسية‪-‬االستراتيجيات‪-‬املواثيق‬

‫الدولية‪.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫َّ‬
‫إن تدبير األزمة ليس باألمر الجديد في العالقات الدولية‪ ،‬بحكم أن طبيعة الحياة‬

‫الدولية مرتبطة بالتفاعل والتنافس والصراع والفوض ى حسب رواد املدرسة الواقعية‪،‬‬

‫الذين يؤكدون على أن السمة الغالبة على املجتمع الدولي‪ ،‬هي الفوض ى وسيادة استعمال‬

‫القوة في حسم العديد من الخالفات واألزمات الدولية‪ ،‬رغم وجود العديد من املؤسسات‬

‫واملنظمات التي تسعى إلى تدبير االختالف والصراع‪ ،‬في إطار قواعد القانون الدولي‪ ،‬إذ توجد‬

‫بعض القوى الدولية التي ال تلتزم بها‪ ،‬وتعتبر سيادتها تعلو على كل نظام كوني‪ ،‬وهذا ما‬

‫يخلق مجموعة من األزمات الدولية أو اإلقليمية‪.‬‬

‫من منطلق أن البحث في األزمات الدولية‪ ،‬وآليات تدبيرها يندرج ضمن أدوار‬

‫السياسة الخارجية‪ ،‬التي أضحت من املواضيع التي تثير اهتمام الباحثين في املغرب على‬

‫وجه الخصوص‪ ،‬سواء من خالل التركيز على مخرجات هذه السياسة على التنمية واألمن‬

‫الداخلي واإلقليمي‪ ،‬أو من خالل البحث في املدخالت التي توجه السياسة الخارجية ألية‬

‫‪P 161‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫دولة‪ ،‬من خالل القرارات التي تصنعها مؤسسات صنع القرار الخارجي الدولي واإلقليمي‪،‬‬

‫ﹰ لفهم الخلفية املعلوماتية‪ ،‬وتحديد أسس املوضوع‬ ‫فإن اإلطار النظري يعتبر مدخال‬
‫ﹰ أساسيا‬

‫ومتغيراته باعتباره املوجه لتقييم األدوار الخارجية وللعملية البحثية‪.‬‬

‫وللوقوف على اآلليات املؤسسية لصنع القرار الخارجي الدولي‪ ،‬وكيفية اتخاذ قرار‬

‫ﹰ لألمن‬
‫االنخراط في تدبير األزمات التي يرتبط بها املجال الجغرافي‪ ،‬والتي يشكل حدوثها تهديدا‬

‫واالستقرار والسلم الدولي‪ ،‬نخصص الفرع األول للحديث عن األسس املفهومية لتدبير‬

‫األزمات‪ ،‬على أن نتحدث في الفرع الثاني على اآلليات السياسية واالستراتيجيات املنصوص‬

‫عليها في املواثيق الدولية واملوجهة لعمل الهيئات واملؤسسات التي تعنى بحفظ األمن‬

‫واالستقرار‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم األزمة الدولية وخصائصها‬

‫َّ‬
‫إن غياب اتفاق بين الباحثين والدارسين‪ ،‬حول مفهوم جامع ومانع ملفهوم األزمة‬

‫وآليات تدبيرها يرجع في جانب منه‪ ،‬إلى افتقاد العلوم االجتماعية لنظرية تفسيرية عامة‬

‫لظاهرة األزمة الدولية‪ ،‬وغياب بناء فكري تنظيري شامل يمكن تعميمه على كل الحاالت‬

‫الواقعية‪ ،‬لذلك يلجأ كل باحث إلى تبني تعريف إجرائي يناسب موضوع البحث‪ ،‬ويتفق مع‬

‫أهداف دراسته‪ ،‬لكن هذا ال يمنع من البحث في مفهوم األزمة ومميزات األزمة الدولية‬

‫وخصائصها‪.‬‬

‫‪P 161‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫أوال‪ :‬مفهوم األزمة‪:‬‬

‫تعرف الداللة املفهومية لألزمة بعض الصعوبة في تحديدها‪ ،‬بحكم اتساع نطاقها‬

‫وتداخلها مع مجموعة من املفاهيم التي تتقاطع معها‪ ،‬مثل النزاع واملشكل والكارثة‪ ،‬لكن‬

‫ما يمكن قوله إن مفهوم األزمة‪ ،‬مفهوم ضارب بجذوره في عمق تاريخ اإلنسانية‪ ،‬بدءا من‬

‫الحديث عن أزمة الثقة بين األفراد‪ ،‬وانتهاء بأزمة العالقة بين الدول وما ينتج عنها من‬

‫مخاطر كبرى‪ .216‬وقد نشأ مصطلح األزمة في العصر اإلغريقي‪ ،‬للداللة على تلك اللحظة‬

‫قاطعا من‬
‫ﹰو ﹰ‬ ‫ﹰ مفاجئا‬
‫العرضية الحرجة التي ترتبط بها حياة اإلنسان‪ ،‬حيث كان يصف تغيرا‬

‫املمكن أن يقود إلى الشفاء أو املوت‪ ،217‬ليتطور املفهوم في القرن السابع عشر ليدل على‬

‫ارتفاع درجة التوتر بين السلطة السياسية والكنسية‪ ،‬ومع ظهور الديمقراطية والليبرالية‬

‫في أوروبا‪ ،‬استخدم املفهوم لإلشارة إلى لحظات التحول أو املشكالت الخطيرة في العالقات‬

‫السياسية أو االجتماعية أو االقتصادية ‪.218‬‬

‫َّ‬
‫إن األزمة هي فعل أو نشاط من صنع اإلنسان بإرادته املباشرة أو بدون قصدية‪،‬‬

‫كتمييز لها عن الكارثة الطبيعية‪ ،‬ومرحلة من مراحل الصراع‪ ،‬تعبر عن اللحظة الحرجة أو‬

‫نقطة التحول الخطرة التي تهدد العالقات بين الفاعلين أو بينهم والبيئة املحيطة بهم‪ ،‬وقد‬

‫ﹰ أو على مستوى جماعات أو مؤسسات أو أفرادا‬


‫ﹰ‪ ،‬واللحظة الحرجة‬ ‫يكون الفاعلون دوال‬

‫‪216‬ـ سامي ابراهيم الخزندار‪ :‬إدارة الصراع وفض المنازعات –إطار نظري – الدار العربية للعلو م ناشرون‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،0314 ،‬ص ‪.130‬‬
‫‪0‬ـ عبادة محمد التامر‪ ،‬سياسة الواليات المتحدة األمريكية وإدارة األزمات الدولية‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسات‬
‫السياسات‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بيروت‪ ،‬أبريل ‪ 0312‬ص ‪.06‬‬
‫‪ -218‬سامي إبراهيم الخزندار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.132‬‬

‫‪P 162‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫قد تتحدد فيها مسارات تطور العالقة إما إلى الحرب أو إلى السلم‪ .219‬وتتعدد املفاهيم‬

‫املرتبطة بتحديد مفهوم األزمة‪ ،‬بين من اعتبرها الوضع الذي يتم فيه تحديد األهداف ذات‬

‫األولوية لصناع القرار‪ ،220‬وبين من يرى أن األزمة هي مرحلة من مراحل الصراع‪ ،‬تشمل‬

‫على تصعيد مفاجئ‪ ،‬شامل ألحداث غير متوقعة‪.221‬‬

‫عموما تشير معظم مفاهيم األزمة إلى وجود أمرين أساسيين‪:‬‬

‫‪-8‬خلل في توازن العالقات بين األطراف‪.‬‬

‫‪-7‬وضع فيه تهديد جزئي ملنظومة القيم أو املؤسسات السياسية أو االجتماعية أو‬

‫األمنية‪.222‬‬

‫إليضاح أكبر ملفهوم األزمة‪ ،‬البد من تحديد بعض املفاهيم ذات الصلة بمفهوم‬

‫األزمة‪ ،‬حتى تكون النتائج والخالصات املرتبطة به‪ ،‬تسير في االتجاه الصحيح‪ ،‬فهناك‬

‫اختالف بين األزمة والكارثة‪ ،‬وبينها وبين كل من الصراع واملشكلة‪.‬‬

‫الكارثة هي ذلك الحدث الذي يسبب دمارا شامال وأضرارا كثيرة مما يجعلها حادثا‬

‫ﹰ‪ ،‬يربك الحياة بشكل بالغ‪ ،‬ويوقع العديد من الخسائر املادية والبشرية‪.‬‬
‫مفجعا ومأساويا‬

‫تتميز الكارثة بثالث صفات أساسية‪ :‬أولها الشدة والقساوة‪ ،‬بحيث يمكن قياس تلك الشدة‬

‫‪-219‬جمال أحمد المختار‪ ،‬المفاوضات وإدارة األزمات‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬مركز األهرام‪ ،‬مصر‪ ،‬العدد‪،137‬‬
‫‪1000‬ص ‪.001‬‬
‫‪220‬‬
‫‪-Hermann, Charles، "International Crisis as a Situational Variable." In International‬‬
‫‪Politics and Foreign Policy. A Reader in Research and Theory, new york : the free press‬‬
‫‪1969 p 409.‬‬
‫‪221‬‬
‫‪- Holsti, OR. "Historians, Social Scientists, and Crisis Management: An Alternative‬‬
‫‪View." Journal of Conflict Resolution ,December 1980, p 655.‬‬
‫‪-7‬سامي ابراهيم الخزندار ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.132‬‬

‫‪P 163‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫انطالقا من رصد حجم الدمار والخسائر التي ال يشترط وجودها في األزمة‪ ،‬وثانيها اتساع‬

‫النطاق‪ ،‬بحيث تشمل مخلفاتها مناطق جغرافية واسعة‪ ،‬أو مؤسسات ومنظمات‪ ،‬وثالثها‬

‫الشيوع والعلنية‪ ،‬بحيث تكون الكارثة بارزة وواضحة ال يمكن تجاهلها أو حجبها‪ ،‬كما يمكن‬

‫القول إن الفرق بين الكارثة واألزمة‪ ،‬يكمن في كون األولى يمكن أن تحدث فجأة‪ ،‬ويستحيل‬

‫التنبؤ بها التخاذ اإلجراءات الكفيلة بالحد منها‪ ،‬في حين تشكل األزمة حصيلة مجموعة من‬

‫األخطاء والتراكمات التي تتفاعل لتؤدي إلى حالة من الغليان‪.223‬‬

‫أما الصراع‪ ،‬فهو ظاهرة اجتماعية تعبر عن حالة من عدم االرتياح أو الوقوع تحت‬

‫الضغط النفس ي‪ ،‬الذي يحدث بسبب غياب التوافق بين رغبتين أو أكثر‪ ،‬أو وجود تعارض‬

‫بين إرادتين أو أكثر‪ .‬وفي املستوى الدولي يعبر الصراع عن حالة من تعارض املصالح‪ ،‬أو‬

‫اختالف القيم‪ ،‬بين مجموعة من التنظيمات أو املؤسسات‪ ،‬التي لها تمايزها أو مصالحها‬

‫املتعارضة مع بنيات أخرى‪ ،‬داخليا أو خارجيا‪ .‬ويشير سياسيا إلى الحروب أو الثورات التي‬

‫تستخدم فيها القوة‪ ،‬كما هو في الصراعات املسلحة‪ ،224‬وقد يقترب مفهوم األزمة من مفهوم‬

‫الصراع‪ ،‬إال أن هذا األخير أعم وأشمل ومنتهى األزمة‪.‬‬

‫تختلف األزمة كذلك عن مفهوم املشكلة‪ ،‬بكون األخيرة تعني تلك الحالة الصعبة‬

‫التي تتطلب حال‪ ،‬وهي كذلك حاالت تتعقد فيها عوامل متشابكة تتصف بالغموض‪ ،‬ويحتاج‬

‫‪-8‬ادريس زروقي‪ ،‬إدارة األزمات ونزاع الصحراء المغربية‪-‬دراسة تحليلية‪-‬الطبعة األولى ‪ ،0317‬مطبعة الكتاب‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪-9‬ادريس زروقي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.03‬‬

‫‪P 164‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫حلها إلى معرفة أسبابها وتحليل عناصرها وظروفها‪ ،‬ويؤدي تراكم املشكالت إلى ظهور‬

‫األزمات إذا تكرر حدوثها أو استمرت لفترة طويلة دون حل‪.225‬‬

‫ثانيا‪ :‬مفهوم األزمة الدولية‬

‫إذا كان التحديد السابق قد ساهم في الوقوف عند االختالفات وتحديد التمايزات‬

‫القائمة بين األزمة واملفاهيم األخرى املرتبطة بها‪ ،‬فإن ذلك التوصيف في البعد السياس ي‬

‫ال يرتبط أكثر إال بمفهوم األزمة‪ ،‬على اعتبار أن املجال السياس ي‪ ،‬خاصة في شقه الدولي‪،‬‬

‫ﹰ حينما‬
‫غني بالخصائص والصفات التي تؤثر على تمظهرات األزمات السياسية وتحديدا‬

‫تكون تلك التمظهرات ذات صلة وثيقة باملحيط الخارجي‪ ،‬ومتغيراته في مسمى األزمة‬

‫الدولية‪ ،‬التي تعني حسب أمين هويدي" سلسلة من التفاعالت بين دولتين أو أكثر‪ ،‬يدور‬

‫بينهما صراع شديد يمكن أن يؤدي إلى نشوب حرب بينهما‪ ،‬وفيها يكون صاحب القرار في‬

‫مواجهة ذلك املوقف املهدد للمصالح العليا للوطن‪ ،‬فيتطلب األمر وقتا وجيزا للتعامل مع‬

‫ذلك املوقف واتخاذ قرارات نوعية وحاسمة"‪ .226‬وتتسم بخصائص رئيسية‪ ،‬تحدد رؤية‬

‫السلطة العليا وتصورها لصنع القرار السياس ي وهي‪:‬‬

‫‪ -‬قيام تهديد للمصالح والقيم األساسية للمجتمع أو الدولة‪.‬‬

‫– إدراك أن هناك وقتا محددا للرد على هذا التهديد‪.‬‬

‫‪-10‬حسن عماد مكاوي‪ ،‬اإلعالم ومعالجة األزمات‪ ،‬ط‪ ،0332 ،1‬الدار المصرية اللبنانية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪-11‬أمين هويدي‪ ،‬التحوالت االستراتيجية‪ ،‬البيروسترويكا وحرب الخليج األولى‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1007 ،‬دار‬
‫الشروق مصر‪ ،‬ص ‪.101‬‬

‫‪P 165‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫– ترجيح الدخول في مواجهة عسكرية‪.227‬‬

‫لذا يمكن القول إن األزمة الدولية هي ذلك الجزء الحاسم من الصراع الدولي الذي‬

‫يتسم بتصاعد وتيرته‪ ،‬نتيجة مساسها باملصالح القومية والقيم العليا‪ ،‬بحيث يشعر صناع‬

‫القرار بتهديدها مما يتطلب سرعة الرد‪.228‬‬

‫ينطوي تعريف "األزمة الدولية" على أهمية علمية وعملية في آن واحد‪ ،‬لذلك‬

‫حظيت باهتمام الفكر السياس ي األمريكي على الخصوص‪ ،‬فإدوارد موس يعرف األزمة‬

‫الدولية‪ ،‬بأنها "حالة طارئة ومفاجئة يمكن أن تكون غير متوقعة‪ ،‬تتطلب خيارا سياسيا‬

‫ﹰ"‪ ،229‬ويقول تشارلز ماكليالند‪ " 230‬األزمة‬


‫من دولة أو أكثر خالل فترة زمنية قصيرة نسبيا‬

‫الدولية هي فترة انتقالية بين الحرب والسلم‪ ،‬لكن احتمال اللجوء إلى الحرب يتضاءل من‬

‫قبل الدول املتورطة فيها عندما يقل اللجوء إلى استخدام القوة"‪ .231‬أما تشارلز هيرمان‬

‫الذي يعد من أهم رواد مدرسة صنع القرار‪ ،‬فيعرف األزمة الدولية انطالقا من ثالث‬

‫خصائص‪:‬‬

‫‪ -10‬عبادة محمد التامر‪ ،‬سياسة الواليات المتحدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪ -10‬هيا عدنان عاشور‪ ،‬الديناميكا السياسية وإدارة األزمات الدولية‪ :‬اإلدارة األمريكية ألزمة الملف النووي‬
‫اإليراني أنموذجا‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،0316 ،‬دار الجندي للنشر والتوزيع‪ ،‬القدس‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪229‬‬
‫‪-raymond tanter and richard ulman, «theory and policy international relations-‬‬
‫‪washington,center of international studies, 1972 p 126.‬‬
‫‪ -230‬أستاذ العالقات الدولية وأول صاحب بنك للمعلومات حول وقائع التفاعل‪ /‬األحداث ‪ ،WEIS‬الذي يحلل به‬
‫وقائع التعاون و الصراع في العالم منذ األربعينات ‪ .‬من أبرز منظري المدرسة النظمية في دراسة علم السياسة‪.‬‬
‫‪ -231‬حسن بكر أحمد‪ ،‬إدارة األزمة الدولية‪ :‬نحو بناء نموذج عربي في القرن الواحد والعشرين‪ ،‬مركز الدراسات‬
‫السياسية واالستراتيجية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،0332 ،‬ص ‪.73‬‬

‫‪P 166‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫أ‪-‬تهدد واحدا أو أكثر من أهداف الدولة‪ ،‬التي تحددها مجموعة من صناع القرار‬

‫املسيطرين‪.‬‬

‫ب‪-‬تسمح بفترة قليلة من الوقت التخاذ القرار‪ ،‬قبل أن يتغير املوقف جوهريا‪.‬‬

‫ج‪-‬تظهر بشكل مفاجئ لصناع القرار في وقت عصيب‪.232‬‬

‫يعكس مفهوم" األزمة الدولية" تفاعل مضمون األزمة مع البيئة املحيطة به في‬

‫النظام الدولي‪ ،‬وباعتباره مرحلة من مراحل الصراع‪ ،‬فإن مفهوم األزمة الدولية‪ ،‬يمكن‬

‫ﹰ من مفهوم الصراع الدولي‪ ،‬الذي يؤثر على العالقات الدبلوماسية‬


‫ﹰ أو جزءا‬
‫اعتباره مرادفا‬

‫بين دولتين أو أكثر‪ ،‬وقد تتطور إلى مواجهة عسكرية‪ .233‬ويمكن اعتبار األزمة الدولية‬

‫الصورة األشد كثافة للصراعات‪ ،‬والتي تجري داخل النظام الدولي‪ ،‬مما يحيل إلى تنشيط‬

‫محتمل للحرب ويعرف بأنها تدهور خطير في العالقات الدولية‪ ،‬نتيجة تغير في البيئة‬

‫الخارجية أو الداخلية لألطراف املشاركين في األزمة‪ ،‬هذا التدهور يولد لدى صناع القرار‬

‫ﹰ بوجود تهديد خارجي للقيم واألهداف الرئيسية للسياسة الخارجية‪ ،‬مما يرجح‬
‫إدراكا‬

‫احتمال املواجهة العسكرية‪.234‬‬

‫عند التمعن في مصطلح األزمة الدولية نالحظ بأن لها وجهين‪:‬‬

‫‪-17‬حسن بكر أحمد ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.71‬‬


‫‪-233‬ادريس لكريني‪ ،‬إدارة مجلس األمن لألزمات العربية في التسعينيات‪ -‬أزمة لوكيربي نموذجا‪ -‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬سنة ‪ ،0331‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪،‬‬
‫ص ‪.12‬‬
‫‪ -234‬شدود ماجد محمد‪ ،‬إدارة األزمات واإلدارة باألزمة‪ ،‬األوائل للنشر والتوزيع دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،0330 ،‬ص‬
‫‪.01‬‬

‫‪P 167‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫‪ -‬الوجه الداخلي املتمثل في األزمات الداخلية املتعلقة بتفاعالت القوى السياسية‬

‫واالجتماعية داخل الدول‪ ،‬كاألزمات االقتصادية والثقافية واالجتماعية التي تواجه‬

‫املؤسسات الحكومية وغير الحكومية‪.‬‬

‫– الوجه الخارجي املتمثل في البعد الدولي الذي يؤثر في العالقات الدولية‪ ،‬وهي من‬

‫األمور الطبيعية املسلم بها‪ ،‬فال يمكن تصور العالقات الدولية دون أزمات ناتجة عن‬

‫التحديات الخارجية‪.‬‬

‫نتيجة للتفاعالت وتعارض املصالح بين الوحدات السياسية الدولية‪ ،‬وجب على‬

‫صناع السياسات الخارجية االستعداد ملجابهة األزمات املحتملة حال حدوثها‪ ،‬وقراءتها‬

‫بشكل يمكن من تدبيرها بالشكل األمثل‪ ،‬والقيام بشكل مستمر بإعداد السيناريوهات‬

‫املستقبلية ملواجهة التحديات والتهديدات الخارجية املحتملة‪ ،‬التي يمكن أن تواجهها في‬

‫املستقبل القريب‪.235‬‬

‫يرتبط تحليل دور آليات تدبير األزمات ودراسته باستحضار كل أبعاد األزمات‬

‫الداخلية منها والخارجية‪ ،‬باعتبار أن العالم واملنطقة العربية على وجه التحديد تعاني من‬

‫طبيعة بنيتها الداخلية التي تعيق مسارات التنمية والتطور بها‪ ،‬وكذلك تأثيراتها التي تتعدى‬

‫حدودها الضيقة لتهدد كل دول الجوار‪ ،‬خصوصا في ظل الهشاشة األمنية والسياسية التي‬

‫تسم طبيعة الدولة في مجموعة من الوحدات السياسية‪ ،‬ورغم أن هذه األزمات في عالقتها‬

‫‪-235‬سوران اسماعيل عبد هللا‪ ،‬دور العقوبات الذكية في إدارة األزمات الدولية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،0310 ،‬منشورات‬
‫الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص ‪20-21‬‬

‫‪P 168‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫باملجال املغربي مثال‪ ،‬تتحدد كأزمات إقليمية‪ ،‬إال أنها كذلك بنفس دولي‪ ،‬بحكم التدخالت‬

‫الدولية املوازية للتدخالت اإلقليمية من جهة‪ ،‬وباعتبار التأثيرات املحتملة لتلك األزمات‬

‫على السياقات الدولية‪ ،‬كظاهرة اإلرهاب والهجرة غير الشرعية‪ ،‬التي تتجاوز نطاقات تأثيرها‬

‫مستوى القارة أو املجال اإلقليمي لتصير ظواهر مهددة للسلم واألمن الدوليين‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬خصائص األزمة الدولية ومراحلها‬

‫إذا كان من الصعب إيجاد تعريف جامع مانع ملفهوم األزمة الدولية‪ ،‬فإنه من‬

‫البساطة القول بأن األزمة السياسية موقف من مواقف الصراع‪ ،‬تتسم باملفاجآت وضيق‬

‫مجال التحرك‪ ،‬وكثافة األحداث وحدة املخاطر املهددة للنظام املحلي أو اإلقليمي أو الدولي‪.‬‬

‫َّ‬
‫إن األزمة الدولية تتحدد من خالل عناصر عدة‪ ،‬تعد الخصائص والسمات‬

‫الجوهرية لها‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ ‬املفاجأة‪ :‬بمعنى مباغثة أطراف النزاع في الزمان واملكان اللذين ال يتوقعهما‪ ،‬مما‬

‫يجعله في وضعية ارتباك تشل تفكيره وقدرته على التخطيط واملواجهة‪.‬‬

‫‪ ‬التهديد‪ :‬أي وجود تهديد للمصالح االستراتيجية وللقيم واألهداف الحيوية‬

‫ﹰ‪ ،‬مما يترتب عنه نتائج وتبعات سلبية على‬


‫ﹰ أم خارجيا‬
‫للدولة‪ ،‬سواء أكان داخليا‬

‫االستقرار العام‪.‬‬

‫‪P 161‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫‪ ‬ضيق الوقت‪ :‬حيث يكون لعامل الوقت أهمية بالغة قبل استفحال األزمة‬

‫وتعقدها‪ ،‬مما يجعل إمكانيات الحل أمام متخذ القرار محدودة جدا‪ ،‬وتزداد‬

‫محدودية في تناسب مع عامل الوقت‪.‬‬

‫كما يعد عنصر نقص املعلومات من العناصر األساسية في األزمات‪ ،‬حيث إن‬

‫توافرها ينفي صفة املفاجأة بالتنبؤ‪ ،‬ووضع تخطيط مسبق‪ ،‬ويمكن من تدبير عامل الوقت‬

‫باستراتيجيات وسيناريوهات بديلة ومتناسبة مع مرحلة تطور األزمة‪ ،‬بما يقلص من مخاطر‬

‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬يمكن القول إن من سمات األزمة الدولية‬ ‫املحتملة‪236.‬‬ ‫التهديدات‬

‫وخصائصها طبقا لشارل هيرمان وأنتوني واينر‪ 237‬أنها‪:‬‬

‫ـ نقطة تحول جوهرية في مسارات األحداث الجارية‪ ،‬تخالف ما سبقها من الوضع‬

‫القائم‪.‬‬

‫‪ -‬موقف يتطلب تدخال عاجال فوريا ملنع تدهور األمور‪.‬‬

‫‪ -‬موقف يهدد أولويات النظام وثوابت وجوده‪.‬‬

‫‪ -‬أولويات تأثيراتها يمكن أن تقود إلى نتائج محورية على األطراف في مجاالتها‪.‬‬

‫‪- 236‬سالم عبد هللا علوان الحبسي‪ ،‬إدارة األزمات األمنية‪ ،‬مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ ،0313‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -20‬حسن بكر احمد‪ ،‬إدارة األزمة الدولية‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.60‬‬

‫‪P 171‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫‪ -‬اإلحساس باألهمية القصوى ملا يجري‪ ،‬مما يشكل ضغطا على صناع القرارات‬

‫الخارجي‪.‬‬

‫‪ -‬قلة املعلومات املتاحة‪ ،‬وارتفاع في حدة التوتر بين أطراف األزمة‪ ،‬بما يهدد السلم‬

‫واألمن اإلقليمي والدولي‪.‬‬

‫وتنقسم األزمات الدولية من حيث تكرارها إلى أزمات دولية غير قابلة للتجدد‪ ،‬وهي‬

‫األزمات التي ترتقي إلى الحل‪ ،‬ويكون حلها نهائيا يحول دون ظهورها على الساحة الدولية‪،‬‬

‫والنوع الثاني يرتبط باألزمات الدولية املمتدة‪ ،‬والقابلة للتجدد‪ ،‬أي األزمات التي يتم‬

‫تجددها لعدم اقتناع األطراف بالحل املتفق عليه‪.‬‬

‫َّأما األزمات من حيث املدى الزمني فتنقسم إلى األزمات الدولية السريعة الظهور؛‬

‫التي يتصارع فيها الزمن مع عمل صانع القرار السياس ي‪ ،‬بحكم تمددها السريع واملفاجئ‬

‫واملتحول إلى درجة الخطورة بصورة كبيرة‪ .‬والنوع الثاني هو األزمات الدولية البطيئة التي‬

‫تنمو بصورة تدريجية‪ ،‬تستطيع الحلول املتدرجة معالجتها والحيلولة دون استفحالها‪.238‬‬

‫كما تتميز األزمة الدولية بخصائص متعددة‪ ،‬تتحدد حسب طبيعة األزمة‪ ،‬والزاوية‬
‫التالي‪239:‬‬ ‫التي ينظر إليها من خاللها‪ .‬كما هو مبين في الجدول‬

‫أنواع األزمة‬ ‫الزاوية والرؤية‬ ‫أنواع األزمة‬ ‫الزاوية والرؤية‬

‫‪ -238‬سوران إسماعيل عبد هللا بنديان‪ "،‬دور العقوبات الذكية في إدارة األزمات الدولية"‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،0310 ،‬ص‪.64‬‬
‫‪-239‬سالم عبد هللا علوان الحبسي‪" ،‬إدارة األزمة األمنية"‪ ،‬مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ 0313‬ص‪.03‬‬

‫‪P 171‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫أزمات ذات أثار‬ ‫من حيث اآلثار‬ ‫أزمات إدارية ‪/‬اجتماعية‪/‬سياسية‬ ‫من حيث النوع‬
‫بشرية‪/‬مادية‪/‬معنوية‪/‬مختلطة‬ ‫داخلية‪/‬محلية‪/‬‬ ‫أزمات‬
‫‪/‬اقتصادية‪ /‬أمنية‬ ‫من حيث أبعادهما‬
‫عمدية‬ ‫أزمات عمدية ‪ /‬غير‬ ‫من حيث القصد‬
‫إقليمية‪/‬دولية‬ ‫ومستوى حدوثهما‬
‫أزمات ذات تهديد عال الشدة‪/‬‬ ‫من حيث تهديد‬ ‫أزمات إنسانية أو طبيعية أو‬ ‫من حيث طبيعة‬
‫متوسط الشدة‪ /‬تهديد محدود‬ ‫املصالح الحيوية‬ ‫ناجمة عن سلوك غير معلوم‪.‬‬ ‫الحدث‬
‫من حيث التطور‬ ‫أزمات ثنائية ‪ /‬متعددة األطراف‪/‬‬ ‫من حيث األطراف‬
‫أزمات كامنة ‪/‬متوقعة‪/‬جديدة‬
‫التاريخي‬ ‫معقدة‬ ‫املتدخلين فيها‬
‫إرهاب الطرف اآلخر‪ /‬االبتزاز‪/‬‬ ‫من حيث الهدف‬ ‫أزمات عامة ‪/‬شاملة‪/‬خاصة‪/‬‬ ‫من حيث الشمول‬
‫تحقيق املصالح‬ ‫جزئية‬ ‫والتأثير‬
‫أزمات مصدرة ‪/‬لها جذور في بلد‬
‫أزمات قصيرة األمد ‪ /‬طويلة األمد‬ ‫من حيث املدة‬ ‫من حيث املصدر‬
‫الحادث‬

‫أزمات متوقعة ‪ /‬أزمات مفاجئة‬ ‫من حيث درجة‬ ‫أزمات داخلية ‪ /‬خارجية‬ ‫من حيث نوع الجمهور‬
‫توقعها‬ ‫املتأثر بها‬
‫أزمات دورية مكررة ‪ /‬عشوائية غير‬ ‫من حيث معدل‬ ‫من حيث الفوائد‬
‫أزمات تنموية ‪ /‬عرضية‬
‫مكررة‬ ‫تكرار حدوثها‬ ‫واألضرار‬
‫أزمات سطحية ‪ /‬هامشية‪/‬‬
‫أزمات عنيفة‪/‬خفيفة‬ ‫من حيث شدتها‬ ‫من حيث عمق األزمة‬
‫عميقة‪ /‬هيكلية ‪ /‬جوهرية‬

‫أما بخصوص مراحل األزمة فقد انبرى الباحثون والدارسون‪ ،‬إلى الحديث عن‬

‫مراحل متعددة تمر منها األزمة‪ ،‬وهذا التعدد يعود باألساس إلى طبيعة األزمة وحدتها‬

‫ومؤشرات وقوعها‪ ،‬في إطار ما يطلق عليه دورة حياة األزمة‪ ،‬التي تشبه دورة حياة الكائن‬

‫البشري‪ ،‬الذي يمر من مرحلة النشوء‪ ،‬وامليالد‪ ،‬ثم مرحلة النمو‪ ،‬والنضج وصوال إلى‬

‫االنحدار واملوت‪ .‬وترتبط قدرات الفاعل في استطاعته إدراك مراحل تطور األزمة‬

‫و"إجهاضها" قبل وصولها إلى مرحلة الذروة‪ ،‬ويحصرها " محمد الشافعي" في ثالث مراحل‬

‫أساسية‪:‬‬

‫‪P 172‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫‪ -‬مرحلة ما قبل وقوع األزمة‪ :‬وهو ما يعرف باستشعار األزمة واتخاذ اإلجراءات‬

‫الوقائية حتى يمكن تالفيها‪ ،‬وهذا ال يتوفر إال للمنظمات والدول التي تتوفر لديها‬

‫أنظمة متطورة للتحليل والتقص ي وأبناك للمعلومات ومراكز بحث الستشعار‬

‫األزمات‪.‬‬

‫‪ -‬مرحلة مواجهة األزمة حال وقوعها‪ :‬من خالل اتخاذ اإلجراءات التي تحد من أثارها‬

‫والعمل على تضييق نطاق تأثيرها‪.‬‬

‫‪ -‬مرحلة إجراءات ما بعد األزمة‪ :‬من خالل دراسة وتقييم للرهانات واألثر ‪impact‬‬

‫والتساؤل عما حدث؟ وملاذا حدث؟ وكيف حدث؟ وماهي البدائل والسبل الكفيلة‬
‫؟‪240.‬‬ ‫بعدم الحدوث‬

‫إن أهمية معرفة دورة األزمة ومراحلها يفيد في تحديد املرحلة التي تعيشها‬

‫للتعامل معها‪ ،‬وإدارتها بشكل جيد رغم الصعوبة العملية‪ ،‬واملنهجية الشاقة التي تعتري‬

‫هاته القدرة على املعرفة لطغيان األحكام واآلراء الذاتية في مقاربة املرحلة التي وصلت إليها‬

‫األزمة لندرة املعلومة وضيق الوقت وكثافة األحداث في أحايين كثيرة‪.‬‬

‫‪ -25‬حسن عماد مكاوي‪ ،‬اإلعالم ومعالجة األزمات‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار المصرية اللبنانية‪ ،0332 ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬

‫‪P 173‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫ومما تجدر اإلشارة إليه في هذا الصدد‪ ،‬أنه في جميع مراحل نشأة األزمة الدولية‪،‬‬

‫هناك ضرورة أن يكون صانع القرار ُملما ومدركا بشكل كاف بأدوات التعامل ومواجهة‬
‫ملصالحه‪241.‬‬ ‫مخلفات األزمات املهددة‬

‫كما تتحدد أهمية تحديد مراحل األزمة في الوقوف على العوامل املسببة لها‪،‬‬

‫واتخاذ القرارات الالزمة ملواجهتها‪ ،‬أما بعد انحسار األزمة أو اختفائها فيجب على األجهزة‬

‫املسؤولة عن تدبير األزمة‪ ،‬القيام بتقييم وبحث موضوعيين لألدوار والرهانات‪ ،‬بغية‬

‫تطويقها وتوفير حلول ملواجهتها ثانية‪ ،‬بما يحقق األهداف والرهانات التي يود تحقيقها‬

‫صانع القرار الخارجي من انخراطه في تدبير األزمة موضوع النقاش‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬آليات تدبير األزمات وفق املواثيق الدولية‬

‫إن إدارة األزمة وتدبيرها أو التدبير باألزمة‪ ،‬ليست مسالة مرتبطة فقط بالظواهر‬

‫السياسية بل تتعداها لتشمل كل مناحي الحياة البشرية‪ ،‬رغم أن دراستنا سوف تقتصر‬

‫فقط على دراسة األزمات السياسية‪ ،‬والتركيز على اإلقليمية منها‪ ،‬رغم أن الوصف سيميل‬

‫إلى اعتبارها أزمات دولية‪ .‬ومما ال شك فيه أن مسألة تدبير األزمات تتحدد بالقدرة على‬

‫صناعة القرار واتخاذ اإلجراءات الالزمة في وقت مناسب‪ ،‬مما يفرض توفر مهارات‪،‬‬

‫واستحضار مجموعة من الرهانات‪ ،‬وقراءة جيدة للسيناريوهات املحتملة‪ ،‬حتى ال يصير‬

‫‪ -26‬سالم عبد هللا علوان الحبسي‪ ،‬إدارة األزمات األمنية ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.10‬‬

‫‪P 174‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫التدبير الس يء لألزمة عائقا أمام صانع القرار‪ ،‬يؤدي به إلى تسديد فاتورة باهظة على‬

‫حساب املصالح والرهانات املوضوعة سلفا‪ ،‬قبل انخراطه في تدبير األزمة‪.‬‬

‫هذه اإلكراهات تجعل من تدبير األزمة فنا لتدبير املخاطر‪ ،‬وعلما يقتض ي منهجية‬

‫علمية ومقاربات نظرية‪ ،‬تنهل من املرجعيات األكاديمية‪ ،‬بما يحيل على تدبير عقالني وموجه‬

‫يستحضر مجموعة من اآلليات واالستراتيجيات التي توظف من أجل تحقيق مخرجات‬

‫تتماش ى مع الثوابت والرهانات املحددة سلفا‪ ،‬قبل اتخاذ القرار السياس ي باالنخراط في‬

‫تدبير أزمة إقليمية أو دولية معينة‪ .‬لذلك تظهر أوال أهمية تحديد مفهوم تدبير األزمات‬

‫ومختلف املقاربات التي عملت على ربطه بمنهجية علمية وعملية محددة‪ ،‬وقبل استحضار‬

‫اآلليات املعتمدة في تدبير األزمات ثانيا‪ ،‬وثالثا االستراتيجيات التي يوظفها مدبر األزمة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم تدبير األزمات الدولية‬

‫تعرف العالقات الدولية في طبيعتها مجموعة من األزمات‪ ،‬بل إن مجالها األساس ي‬

‫يرتبط بتدبير حالتي السلم والحرب‪ ،‬أو ما بينهما بمسمى األزمة‪ ،‬حتى ال تتحول إلى حرب‪،‬‬

‫مما يقتض ي القيام بإجراءات وتدابير تحول دون ذلك‪ ،‬وهو ما يطلق على تسميته "بتدبير‬

‫األزمة"‪ ،‬التي تعني بشكل مبسط " فن إدارة السيطرة على األحداث وعدم السماح لها‬

‫بالخروج عن نطاق التحكم"‪ 242‬في محاولة للتغلب على األزمة الواقعة بين دولتين أو أكثر‪،‬‬

‫أو بين فاعلين في مجال معين‪ ،‬من أجل منع تفاقمها ووصولها إلى مرحلة تهدد األمن اإلقليمي‬

‫‪ -242‬ادريس لكريني‪ ،‬إدارة األزمات في عالم متغير‪ :‬المفهوم والمقومات والوسائل والتحديات‪ ،‬المركز العلمي‬
‫للدراسات السياسية‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،‬المغرب‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،0314 ،‬ص ‪.00‬‬

‫‪P 175‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫والدولي‪ ،‬وتنذر بتبعات أمنية أو اقتصادية أو اجتماعية‪ ،‬تؤثر في املجال املحيط بها‪ ،‬الذي‬

‫قد يكون محدودا كما قد يكون ممتدا في حدود كبيرة جدا‪ .‬لذلك ارتبط تدبير األزمة‬

‫بالتوظيف األمثل للمعلومات املتوفرة‪ ،‬ورصد حركة املتغيرات واألطراف‪ ،‬واتجاهات القوة‬
‫وخارجيا‪243.‬‬ ‫ومحاولة التكيف السريع مع املتغيرات واملؤثرات املحيطة باألزمة داخليا‬

‫يمكن القول بأن تعريفات مفهوم " تدبير األزمات " متعددة ومتنوعة أيضا‪،‬‬

‫بحسب االتجاهات واملقاربات واملنطلقات الفكرية للباحثين في املجال‪ ،‬لكن ذلك ال يمنع‬

‫من تقديم بعض التعريفات التي حاولت الخوض في ذلك‪.‬‬

‫يعرف العماري تدبير األزمات وإدارتها بأنها "العمل على تجنب تحول النزاع إلى‬

‫صراع شامل بتكلفة مقبولة‪ ،‬ال تتضمن التضحية بمصلحة أو قيمة جوهرية "‪ 244‬وبالتالي‬

‫فإنها نشاط عملي يستحضر فيه مدبر األزمة املصالح القومية‪ ،‬ومدى تأثر مجاله باستفحال‬

‫األزمة‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار منطق الربح والخسارة في حالة اتخاذ القرار باالنخراط في‬

‫تدبير األزمة من عدمه‪.‬‬

‫كما يرى محمد الشافعي بأن تدبير األزمة وإدارتها هي " كيفية التعامل والتغلب‬

‫على األزمة باألدوات العلمية املختلفة وتجنب سلبياتها واالستفادة منها مستقبال"‪ ،‬وهنا‬

‫تتداخل املعرفة العلمية وتوظيف املنهج العلمي في مقاربة الظواهر السياسية‪ ،‬إلى جانب‬

‫املهارة وفن التعامل مع مختلف األزمات‪.‬‬

‫‪-243‬هيا عدنان عاشور‪ ،‬الديناميكا السياسية‪ ،‬وإدارة األزمات الدولية‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.70‬‬
‫‪ -244‬عباس رشدي العماري‪ ،‬إدارة األزمات في عالم متغير‪ ،‬مركز األهرام للترجمة والنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪،1000 ،‬‬
‫ص ‪.40‬‬

‫‪P 176‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫ويشير الباحثون واملمارسون‪ ،‬إلى أن إدارة األزمات وحسن تدبيرها هي علم‪ ،‬بمعنى‬

‫وجود منهج له أصوله وقواعده‪ ،‬وقد بدأ هذا العلم يتبلور في العقود األخيرة رغم أن‬

‫ممارسته قديمة جدا في السلوك اإلنساني الذي كان دائما يتفاعل مع أزماته بإيجاد حلول‬

‫فضلى لها‪ ،‬لكن في مجال العلوم السياسية أصبح املفهوم حاضرا بقوة‪ ،‬منذ بدايات القرن‬

‫العشرين حين تفاعلت الكثير من املتغيرات االقتصادية واالجتماعية والسياسية‬

‫والعسكرية والعلمية‪ ،‬فشاع استخدام كلمة " األزمة " فعرفت األزمة االقتصادية ل‪8373‬‬

‫وما تالها من أزمات سياسية وعسكرية‪ ،‬أدت إلى نشوب الحرب العاملية الثانية‪ ،‬وبعد انتهاء‬

‫الحرب وظهور أزمات الحرب الباردة بين املعسكرين الشرقي والغربي‪ ،‬برزت أزمات جديدة‬

‫هددت السلم واألمن الدوليين‪ ،‬فكانت األزمة الصينية (‪ )8342-8342‬وأزمة برلين (‪-8341‬‬

‫‪ )8343‬وغيرها كثير‪.‬‬

‫ويمكن القول إن موضوع تدبير األزمات‪ ،‬أصبح على رأس املوضوعات الحيوية في‬

‫العالم‪ ،‬منذ أزمة الصواريخ الكوبية ‪ ،2458377‬وتكمن أهمية هذا الحدث في تصريح وزير‬

‫الدفاع األمريكي في ذلك الوقت ماكنمارا‪ ،‬بقول مفاده أن الحديث عن اإلدارة االستراتيجية‬

‫ألحداث العالم قد انتهى‪ ،‬ليصبح الحديث عن إدارة لألزمات‪ .‬فأصبح للمفهوم أهمية كبيرة‬
‫َّ‬
‫كونه جنب البشرية ويالت حرب نووية بين االتحاد السوفياتي والواليات املتحدة األمريكية‪،‬‬

‫‪ -245‬خالل سنة ‪ 1060‬اكتشفت الواليات المتحدة األمريكية وجود خطة سوفييتية ترمي إلى نصب صواريخ متطورة‬
‫على األراضي الكوبية موجهة ضد أهداف أمريكية؛ وهو ماحذا بها إلى فرض حصار بحري حول كوبا للحيلولة‬
‫دون نصب هاته الصواريخ م ّما أدى إلى تأزيم العالقة بين موسكو وواشنطن؛ لتنتهي األزمة بعد اإلتصاالت بين‬
‫خروتشوف وكينيدي بعد تفكيك الصواريخ السوفييتية مقابل التزام امريكا بعدم التعرض للشؤون الداخلية الكوبية و‬
‫سحبها الصواريخ النووية من األراضي التركية المتاخمة لالتحاد السوفياتي؛ للتوسع في الموضوع ينظر‪ ،‬علي صبح‪:‬‬
‫الصراع الدولي في نصف قرن ‪،1002-1042‬دار المنهل اللبنانية ‪ ،‬الطبعة التانية ‪ 0336‬ص ‪ 161-163‬و ما يليها‪.‬‬

‫‪P 177‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫ونظرا لتكلفة آلياته املتواضعة أمام التكاليف الباهظة التي تؤدي إليها الحروب‬

‫التقليدية‪ .246‬كما أن تدبير األزمات فن أيضا‪ ،‬بمعنى أن ممارستها تعتمد على أشخاص‬

‫يتحلون بقدرات ومهارات خاصة‪ ،‬منها القدرة على التحليل والتخيل واإلبداع‪ ،‬والتقدير‬
‫ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ومتخذ القرار السياس ي‪ ،‬إضافة‬ ‫دبر‬
‫السليم وغيرها من الصفات التي يفترض توفرها في م ِ‬
‫إلى ِاتصافه بالكاريزما واملقبولية لدى أطراف النزاع‪.‬‬

‫إذا كان من الطبيعي القول بأن وجود األزمات داخل بنية املجتمع الدولي‪ ،‬بحكم‬

‫تضارب املصالح وتعقد الرهانات أمر طبيعي‪ ،‬فإن املالحظ أن األزمات ازدادت استفحاال‪،‬‬

‫وأضحت أكثر تعقيدا‪ ،‬خصوصا بعد انهيار الثنائية القطبية‪ ،‬وما تمخض عنها من متغيرات‬

‫على البيئة الخارجية وظهور قوى وظواهر مؤثرة في البيئة الدولية مثل العوملة والجماعات‬

‫اإلرهابية وتشابك املصالح املالية‪ ،‬بتنامي دور الشركات الدولية أو العابرة للقارات؛ وغيرها‬

‫من الظواهر التي تشكل مصادر لألزمات ومسسبباتها‪ ،‬خصوصا في مجاالت محددة‪ ،‬حيث‬

‫تالزمت األزمات في إفريقيا والشرق األوسط بشكل كبير ومهول‪ ،‬تجاوز في قدراته إمكانية‬

‫حلها باالعتماد على املنظمات الدولية‪ ،‬التي أضحت عاجزة عن ذلك بحكم أزمتها البنيوية‪،‬‬

‫وخروجها في كثير من األحايين عن املصداقية والحياد الالزمين‪ ،‬مما أثر في شرعيتها لدى‬

‫أطراف النزاع‪ ،‬الش يء الذي فرض القيام بمبادرات فردية أو متعددة األطراف‪ ،‬من أجل‬

‫إيجاد حلول تجنب الدخول في متاهات الحروب التي ستؤثر على مجاالت حيوية مباشرة‪،‬‬

‫وتهدد مصالح الدول واستقرارها‪.‬‬

‫‪-246‬ادريس لكريني‪ ،‬إدارة األزمات في عالم متغير ‪ ،...‬مرجع سابق ص ‪.10‬‬

‫‪P 178‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫ثانيا‪ :‬آليات تدبير األزمات وتوظيفها في املواثيق الدولية‬

‫دأب املجتمع الدولي منذ البدايات األولى لنشأة الدولة‪ ،‬على ابتداع مجموعة من‬

‫الوسائل واآلليات السلمية الحتواء األزمات وتطويقها‪ ،‬والحيلولة دون وصولها إلى لحظة‬

‫االنفجار‪ ،‬من منطلق إدراك للواقع الدولي‪ ،‬وما يرتبط به من صراع للمصالح وتضاربها‪،‬‬

‫مما يفرض اللجوء إلى الوسائل السلمية‪ ،‬بغاية تأمين السلم واألمن الدوليين‪ ،247‬فقد جاء‬

‫في املادة الثانية من ميثاق األمم املتحدة ما يلي‪ " :‬يفض جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم‬

‫الدولية بالوسائل السلمية على وجه ال يجعل السلم واألمن والعدل الدولي عرضة للخطر"‪.‬‬

‫ومهما يكن فإن حظر اللجوء إلى القوة والتسوية السلمية للنزاعات الدولية‪،‬‬

‫يشكالن اليوم قواعد أساسية للقانون الدولي املنصوص عليها في الوثائق التأسيسية‬

‫للمنظمات الدولية واإلقليمية (ميثاق األمم املتحدة‪ ،248‬اتفاقية حلف الشمال األطلس ي‪،249‬‬

‫ميثاق الجامعة العربية‪ ،250‬ميثاق االتحاد اإلفريقي‪ .)251‬وكذلك اإلعالن الخاص بمبادئ‬

‫القانون الدولي‪ ،‬التي تخص العالقات الودية والتعاون بين الدول‪ ،‬الذي صوت عليه من‬
‫ُ‬
‫ؤكد‬
‫قبل الجمعية العامة لهيئة األمم املتحدة في ‪ 84‬أكتوبر ‪( 8320‬القرار رقم ‪ )7772‬وامل ِ‬
‫على أهمية مبدإ التسوية السلمية للنزاعات‪ ،‬وذلك بنصه على َّ‬
‫أن "الدول يجب عليها تسوية‬

‫‪ -247‬ادريس لكريني " إدارة األزمات في عالم متغير‪ ،"...‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ -248‬المادة ‪ 30‬من ميثاق هيئة األمم المتحدة‪.‬‬
‫‪ -249‬المادة ‪ 31‬من اتفاقية حلف األطلسي‪.‬‬
‫‪ -250‬المادة ‪ 32‬من ميثاق الجامعة العربية‪.‬‬
‫‪ -251‬المادة ‪ 30‬من ميثاق منظمة االتحاد اإلفريقي‪.‬‬

‫‪P 171‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫نزاعاتها مع الدول األخرى بطرق سلمية‪ ،‬بطريقة ال تضع السلم واألمن الدوليين‪ ،‬وال حتى‬
‫خطر"‪252.‬‬ ‫العدالة في‬

‫وقد جاءت املادة الثالثة والثالثون من ميثاق األمم املتحدة بمجموعة من‬

‫الوسائل التي يجب التماسها من أجل حل الصراعات؛ عبر سلك درب املفاوضات والتحقيق‬

‫والتحكيم والتسوية القضائية؛ أو االلتجاء إلى الوكاالت أو املنظمات اإلقليمية أو غيرها من‬

‫وسائل تدبير الصراعات بالطرق السلمية كالوساطة واملساعي الحميدة والتوفيق بين‬

‫أطراف النزاع‪.‬‬

‫َّ‬
‫إن الوسائل الدولية إلدارة األزمات متعددة ومتباينة‪ ،‬وتتنوع بين وسائل‬

‫دبلوماسية (املفاوضات‪ ،‬املساعي الحميدة‪ ،‬الوساطة‪ ،‬التوفيق‪ ،‬التحقيق‪ ،‬عرض املنازعات‬

‫على املنظمات‪ )...‬وقانونية (القضاء الدولي والتحكيم الدولي)‪ ،‬وزجرية(الضغوطات‬

‫االقتصادية والحصار وتجميد األموال أو اللجوء للقوة العسكرية)‪ ،253‬وبحكم أن موضوع‬

‫الورقة يقارب أهم آليات تدبير األزمات املنصوص عليها دوليا‪ ،‬فإن انخراط الدول في هذا‬

‫األمر يرتبط بتداعيات األزمات على األمن اإلقليمي‪ ،‬وما يشكله ذلك من تمدد للجماعات‬

‫اإلرهابية وحشود الهجرة غير الشرعية‪ ،‬ومن انعكاسات سلبية على التنمية والسلم في‬

‫الدوائر الجيو‪-‬استراتيجية العاملية؛ وعلى هذا األساس فإن مساهمة املؤسسات الدولية‬

‫‪ -252‬هناك مجموعة من النصوص القانونية األخرى التي تتضمن بعض األحكام الخاصة بالتسوية السلمية للنزاعات‬
‫كالعقد الختامي للملتقى حول األمن والتعاون في أوربا المبرم في هلسنكي في ‪ 31‬غشت ‪.1072‬‬
‫‪ -253‬ادريس لكريني " إدارة األزمات الدولية في عالم متحول‪ :‬مقاربة الدور األمريكي في المنطقة العربية"‪ ،‬مقالة‬
‫منشورة بموقع ديوان العرب‪ ،‬بتاريخ‪ 7 ،‬أكتوبر ‪ ،0336‬على الرابط‪https://bit.ly/2OPiVOt :‬‬

‫‪P 181‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫والقارية وحتى الدول في تدبير األزمات ترتكز باألساس على توظيف اآلليات الدبلوماسية‬

‫واستحضار أبعاد التنمية والحكامة والدعم االقتصادي لحل األزمات‪.‬‬

‫عندما تستفحل أزمة ما‪ ،‬فإن الدبلوماسية التقليدية تستمر في أداء وظيفتها‪،‬‬

‫ولكن تظهر الحاجة إلى التوازن مع التدخل وسرعة تطور األزمة‪ ،‬وتتمثل هذه الجهود من‬

‫خالل فتح قنوات ومسالك‪ ،‬بممارسة الضغط على األطراف أو تقديم الوساطة بينهم‪ ،‬أو‬

‫بمساع حميدة‪ ،‬وذلك لتشجيعهم على الحوار وحل األزمة‪ ،‬بانتهاج السبل‬
‫ٍ‬ ‫السعي بينهم‬

‫السلمية وتنويعها‪ ،‬ألن إدارة أية دولة لألزمات‪ ،‬ال تستخدم أسلوبا واحدا‪ ،‬بل يمكن اعتماد‬

‫أساليب متعددة في نفس الوقت‪ ،‬ومراعاة حسن التوقيت في استخدام األسلوب واستثمار‬

‫عوامل النجاح واالستراتيجيات‪.254‬‬

‫نتطرق في ورقتنا لتدبير األزمات الدولية إلى طرق وكيفيات الحل الدبلوماس ي‬

‫والسياس ي التي تعتمدها املواثيق الدولية وتفعلها املؤسسات والوحدات السياسية‪ ،‬وذلك‬

‫من خالل استحضار املفاهيم التالية‪:‬‬

‫‪8‬ـ الوساطة‪ :‬تتمثل في تلك األعمال التي يقوم بها الغير‪( ،‬الدولة‪ ،‬املنظمات الدولية‬

‫أو شخصيات معينة‪ )...‬وذلك بهدف تقريب الرؤى بين األطراف املتنازعة‪ ،‬بواسطة‬
‫ًّ‬
‫اقتراحات فعلية‪ ،‬تتضمن قواعد تسوية أو حال نهائيا للخالف بينها‪ .‬وعليه فإن الطرف‬

‫الوسيط يمتاز بنشاط وحركية‪ ،‬وال يكتفي فقط بتقريب وجهات النظر‪ ،‬والدعوة إلى‬
‫املفاوضات‪ ،‬بل يقترح قواعد للتفاوض‪ ،‬ومداخل لحل األزمة‪ ،‬وقد َّ‬
‫عرفها الكونت برندوت‬

‫‪-254‬إسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي" إدارة الصراعات واألزمات الدولية"‪ ،‬مطبعة كتب عربية‪ ،0336 ،‬ص‪.06‬‬

‫‪P 181‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫‪ Le Conte Bernadotte‬الوسيط األممي في فلسطين في تقريره بتاريخ ‪ 8341/04/87‬املوجه‬

‫إلى األمم املتحدة‪ " :‬إن الوساطة تنتج عن عرض املساعي الحميدة‪ ،‬وإن املهمة األولى‬

‫للوسيط هي املبادرة باقتراحات موجهة إلى تنشيط املصالح وتقريبها‪ ،‬وتوحيد اآلراء‬

‫املتضاربة"‪.255‬‬

‫وتهدف الوساطة إلى وضع حدود ألزمة بين دولتين أو أكثر‪ ،‬كبديل للتقاض ي‪،‬‬

‫ومساعدة األطراف املعنية دون اتخاذ قرارات عنهم‪ ،‬كما يحدث في التحكيم القضائي‪ ،‬ولكن‬

‫مساعدة األطراف عن طريق تسهيل عملية االتصال بينهم وإيجاد الحلول‪ ،‬واالتفاق على‬

‫مجموعة من الخطوات لحل املشاكل‪ ،256‬ونذكر هنا الوساطة األمريكية سنة ‪ 8302‬بغية‬

‫وضع حد للحرب الروسية اليابانية (‪ )8304/8302‬والتي انتهت بتوقيع معاهدة صلح‬

‫(بورتسموت‪ )Portsmouth‬في ‪ ،2578302/03/02‬وكذا جهود الوساطة املغربية في أزمة‬

‫بلدان نهر املانو‪.258‬‬

‫‪7‬ـ املساعي الحميدة‪ :‬نعني بها تلك األعمال الودية التي تقوم بها الدول أو املنظمات‬

‫وجرها إلى محاولة إقامة محادثات‪ ،‬أو إلى‬


‫من أجل تحقيق التقارب بين أطراف نزاع ما‪ِ ،‬‬

‫‪ -255‬بسكاك مختار "حل النزاعات الدولية على ضوء القانون الدولي"‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة ماجستير‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،0310/0311‬ص ‪.70‬‬
‫‪ -256‬كارل سيليكيو‪" ،‬عندما يحتدم الصراع‪ :‬دليل عملي الستخدام الوساطة في حل النزاعات"‪ ،‬الدار الدولية للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1000 ،‬ص ‪.04‬‬
‫‪CHRONIQUE‬‬ ‫‪DE‬‬ ‫‪L’HUMANITE-larousse-édition‬‬ ‫‪JAQUES‬‬ ‫‪LE -257‬‬
‫‪p978. GRAND.S.A.PARIS 1986,‬‬
‫‪ -258‬منذ منتصف التسعينات وب داية األلفية الجديدة‪ ،‬اندلعت سلسلة من الحروب األهلية الوحشية في منطقة حوض‬
‫نهر مانو في غرب إفريقيا‪ ،‬و بدأت هذه الحروب في ليبيريا وسرعان ما امتدت إلى سيراليون وكوت ديفوار‪ ،‬م َما‬
‫أدَى إلى تفتت المجتمعات بسبب الصراعات والخالفات العنيفة و الوحشية‪ ،‬كما أدَت هذه الصراعات إلى حل سلطة‬
‫الدولة‪ ،‬وانهيار مؤسسات الحكم‪ ،‬وفرار الماليين من السكان و تهديد منطقة غرب إفريقيا كاملة وزعزعة االستقرار‬
‫فيها‪ ،‬للتفاصيل أكثر حول أزمة دول نهر المانو ‪ .‬ينظر " الصراعات العرقية والسياسية في إفريقيا" لحمدي عبد‬
‫الرحمان حسن‪ ،‬مجلة قراءات إفريقية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬أكتوبر ‪ ،0334‬ص ‪.40‬‬

‫‪P 182‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫استئنافها إذا كانت متوقفة‪ ،‬أو اللجوء إلى أي نوع آخر لتسوية النزاع القائم بينها‪ ،‬ويتقاطع‬

‫مع مفهوم الوساطة‪ ،‬إلى أن هناك اختالفا بينهما من خالل مجال التطبيق املحدود‬

‫للمساعي الحميدة وكون هذه األخيرة ال تشارك بمقترحات أو شروط‪ ،‬بل هدفها تنقية‬

‫األجواء بين األطراف ودعوتهم إلى الجلوس على طاولة التفاوض‪ ،‬وال يخرج دورها عن كونه‬

‫عمال تحضيريا وتمهيديا‪ ،‬أما الطرف الثالث في الوساطة‪ ،‬فإن نشاطه يساهم في تحقيق‬

‫النتيجة واملساهمة املباشرة في التفاوض وفي وضع األسس الرئيسية لالتفاق‪.259‬‬

‫‪9‬ـ التوفيق‪ :‬يعتبر من الوسائل السلمية إلدارة األزمات‪ ،‬شكال مستحدثا من الوساطة‪،‬‬

‫وسبيال يتموقع بينها وبين وسيلتي التحكيم والقضاء‪ ،260‬حيث تقوم لجنة يعينها أطراف‬

‫النزاع أو إحدى املنظمات الدولية لدراسة أسباب النزاع ورفع تقرير تقترح فيه تسوية معينة‬

‫للنزاع ويتضمن مقترحات لتجاوز األزمة القائمة‪.‬‬

‫وقد تزايدت شعبية التوفيق في الحقب األخيرة‪ ،‬بفعل تعدد املعاهدات الدولية‬

‫التي تنص على نظام التوفيق‪ ،‬كوسيلة لحل الخالفات السلمية‪ ،‬حيث نجدها في أهم‬

‫االتفاقيات العامة‪ ،‬ذات الطابع التشريعي‪ ،‬ومن بينها اتفاقية " فيينا" حول العالقات‬

‫الدبلوماسية لعام ‪ ،8378‬والعالقات القنصلية لعام ‪ ،8379‬واتفاقية قانون املعاهدات‬

‫لعام ‪.2618373‬‬

‫‪ -259‬صالح يحيى الشاعري‪" ،‬تسوية النزاعات الدولية سلميا"‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،0336،‬ص‬
‫‪.20‬‬
‫‪ -‬ادريس لكريني‪ "،‬إدارة األزمات في عالم متغير‪ :‬المفهوم والمقومات والوسائل والتحديات"‪ ،‬المركز العلمي‬ ‫‪260‬‬

‫للدراسات السياسية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،0314،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪ -261‬حفناوي مدلل‪ "،‬الدبلوماسية الوقائية كآلية لحفظ السلم واألمن الدوليين"‪ ،‬مذكرة مكملة لنيل شهادة الماجستير‬
‫في الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر ببسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.60‬‬

‫‪P 183‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫فالتوفيق إذن‪ ،‬إجراء شبه قضائي‪ ،‬يتوسط التحقيق والتحكيم ويتميز بمرونة‬

‫أكبر‪ ،‬وال يشكل أي مس بسيادة أطراف النزاع‪ ،‬وقد شجعت هذه امليزة معهد القانون الدولي‬

‫على اقتراح نموذج لتسهيل إنشاء لجان التوفيق‪ ،‬وتوضيح كيفية عملها‪ ،‬العتقاده بأن‬

‫الحلول التي تقترحها هيئة حيادية‪ ،‬حول كيفية تسوية النزاع‪ ،‬دون إلزام األطراف بذلك‪،‬‬

‫يمكنها من إقناع أطراف النزاع‪.‬‬

‫‪4‬ـ التحقيق‪ :‬يعتبر من األعمال التي بواسطتها‪ ،‬تجتهد مؤسسة دولية في وضع وتوضيح‬

‫وقائع تكون أصل نزاع أو مرتبطة به ارتباطا وثيقا‪ ،‬ويكون التحقيق ثنائيا إذا كان مقررا‬

‫من قبل الدول األطراف في النزاع‪ ،‬ويكون جماعيا إذا كان مقررا من قبل مؤسسة دولية‪.262‬‬
‫َّ‬
‫فالتحقيق ال يتولى منع التوتر‪ ،‬بقدر ما تتأتى فائدته العملية في التحري املوضوعي عن‬

‫تفصيالت الوقائع املادية‪ ،‬وبصفة إجمالية فإن مهمة لجان التحقيق تقتصر على سرد‬

‫الوقائع دون إبداء رأي في املسؤوليات بأي شكل من األشكال‪ ،‬وعادة ما تستخلص‬

‫املسؤوليات من التقرير املوضوعي لسرد الوقائع‪ ،‬ويبقى األطراف أحرارا في األخذ بما جاء‬

‫في التقرير أو رفضه‪.263‬‬

‫‪2‬ـ الصلح‪ :‬يعرف الصلح بأنه ذلك التدخل لتسوية خالف من طرف جهاز مشكل‬
‫َّ‬
‫مسبقا وفقا التفاقية‪ ،‬ويحظى بثقة أطراف النزاع‪ ،‬ويكلف الجهاز بدراسة كل العوامل‬

‫املحيطة بهذا النزاع مع اقتراح حلول غير ِ‬


‫ملزمة لألطراف بل لالستئناس بها‪ .‬ويختلف الصلح‬

‫‪ -262‬بسكاك مختار‪ "،‬حل النزاعات الدولية على ضوء القانون الدولي"‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة ماجستير‪ ،‬مرجع‬
‫سابق ص ‪.62‬‬
‫‪ -263‬محمد الوحيشي‪ "،‬مكانة الموظف الدولي في حل النزاعات "‪ ،‬منشورات المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،0336 ،‬ص‪.114‬‬

‫‪P 184‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫بصفة عامة عن اإلجراءات ذات الطابع القضائي‪ ،‬من حيث كونه اختياريا وال ُين ِتج قرارا‬

‫ملزما كما هو الشأن بالنسبة للحكم أو القرار‪ ،‬والهدف من املصالحة دراسة القضية‬

‫وتحليلها في مجملها‪ ،‬من إعداد أرضية توافق من قبل األطراف واعتماد إجراءات لينة‬
‫ُ‬
‫لتسوية النزاعات‪ ،‬تم ِك ُن األطراف من املحافظة على كامل سيادتها بكل حرية‪.‬‬

‫ويذهب بعض كتاب القانون الدولي إلى أن الصلح تعامل وإثبات حسن النية في‬

‫حل األزمة‪ ،‬وال ُتؤخذ بعين الجد لكونها بداية ومقدمة إلجراءات حقيقية قد تنتهي بقبول‬

‫التحكيم أو التقاض ي الدولي‪.264‬‬

‫‪7‬ـ املفاوضات‪ :‬تشكل املفاوضات الطريقة العادية لحل النزاعات والصراعات واألزمات‬

‫التي قد تنشب بين الدول وتعني" تبادل الرأي بين دولتين متنازعتين قصد الوصول إلى‬

‫تسوية النزاع القائم بينهما"‪ ،265‬ويتم اللجوء عادة إلى هذه اآللية في الخالفات الجسيمة‬

‫التي قد تؤثر على مصالح الجماعة الدولية‪ ،266‬لذلك تعتبر تلك العملية التي تستهدف‬

‫الوصول إلى حلول مقبولة‪ ،‬أو اتفاق يسهم في تحقيق مصالح األطراف املتنازعة من أجل‬

‫التوصل إلى تسوية سياسية مقبولة من طرف الكل‪.‬‬

‫وال يتصور التفاوض دون وجود عناصر أساسية‪ ،‬ترتبط بها أهمية املفاوض وقدرة‬

‫املفاوضات على حل األزمة وهي القدرات املادية‪ ،‬وتوفير الخيارات والبدائل املمكنة‪ ،‬إضافة‬

‫‪HERMAN Gérald, » La conciliation, nouvelle méthode de règlement » revue -264‬‬


‫‪Arbitrage n°3 ,1985,p 343.‬‬
‫‪ -265‬أحمد محمد وهبان‪ "،‬تحليل إدارة الصراع الدولي‪ ،‬دراسة مسحية لألدبيات المعاصرة "‪ ،‬مجلة عالم الفكر‪،‬‬
‫الصادرة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪ ،‬العدد ‪ 4‬المجلد ‪ ،06‬أبريل ‪ /‬يونيو ‪ ،0331‬ص ‪.77‬‬
‫‪ -266‬ادريس لكريني‪ " ،‬إدارة مجلس األمن لألزمات العربية في فترة التسعينيات‪ :‬أزمة لوكيربي نموذجا"‪ ،‬أطروحة‬
‫لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.04‬‬

‫‪P 185‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫إلى القدرة التفاوضية‪ ،‬واستثمار التوقيت املناسب‪ ،‬لذلك تقتض ي من املفاوض التمتع‬

‫بخصائص مهنية‪ ،‬ومزايا وخبرات ومهارات وااللتزام باملبادئ العامة التي تتعلق بعملية‬

‫التفاوض ومراحلها‪ ،‬من مكان وتوقيت‪ ،‬وهدف واستراتيجية‪ ،‬وخطة مدروسة‪ ،‬وبدائل‬

‫ملواجهة املشاكل واملعيقات‪.‬‬

‫وتأتي أهمية املفاوضات في تسوية النزاعات الدولية‪ ،‬من كون جوهر التسوية دائما‬

‫هو نقل النزاع من مستوى القتال إلى مستوى النقاش والحوار‪ ،‬ومن عملية املواجهة إلى‬

‫عملية حل املشكلة‪ ،‬عبر تبادل االقتراحات واملشاورات واملكاتبات والتقارير والدراسات‬

‫الفنية واالستشارات القانونية‪ ،‬التي تتبادلها أطراف التفاوض من خالل االتصال‬

‫والتواصل الفعال الذي ينتج تسوية مقبولة تحقق املصلحة الجماعية‪.‬‬

‫وباستقراء الواقع الدولي‪ ،‬نجد أن للمفاوضات دورا هاما في حل العديد من الخالفات‬

‫الحادة نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -‬حل أزمة الصواريخ بكوبا سنة ‪ 8377‬عن طريق املفاوضات بين الرئيسين األمريكي‬

‫جون كندي والسوفياتي خروتشوف‪.‬‬

‫‪-‬وقف التدخل األمريكي في الفيتنام بعد املصادقة على اتفاقية باريس سنة‪.8329‬‬

‫‪-‬املفاوضات التي جمعت الرئيس األمريكي نيكسون والسوفياتي بريجنيف من ‪ 77‬إلى‬

‫‪90‬ماي ‪ ،8327‬والوصول إلى أولى االتفاقيات حول الحد من التسلح االستراتيجي في‬

‫‪(8327/02/77‬سالت‪.)8‬‬

‫‪P 186‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫ثالثا‪ :‬استراتيجيات تدبير األزمات‬

‫إن مفهوم االستراتيجية يحيل على عملية الجمع بين الهدف والوسيلة‪ ،‬من خالل‬

‫التخطيط الجيد‪ ،‬الذي يفترض عنصرا ال محيد عنه عند الشروع في الفعل االستراتيجي‪،‬‬

‫وهو عنصر القدرة‪ ،‬أي القدرة على استخدام الوسائل إلنجاز أهداف معلومة‪ ،‬فاألهداف‬

‫تبقى معلقة والوسائل غير ذات قيمة ما لم تتوفر القدرة على توظيف الوسائل لبلوغ‬

‫األهداف‪.267‬‬

‫إن عملية صنع استراتيجية ما‪ ،‬تقتض ي البحث عن أفضل األساليب واألدوات‬

‫لتحقيق األهداف واملصالح املحددة سلفا‪ ،‬ولهذا عند وضع استراتيجية لتدبير أزمة ما‪،‬‬

‫يجب التوفر على عناصر أساسية‪ ،‬تحيل على وضوح الرؤية‪ ،‬وتحديد الكلفة والخطط‬

‫البديلة ملواجهة كل السيناريوهات واملخاطر‪ ،‬ومن أبرز هذه العناصر‪:‬‬

‫أ‪ /‬وضوح األهداف وتكاملها‪ :‬إذا كانت االستراتيجية هي عملية توظيف ألفضل‬

‫الخيارات والوسائل لتحقيق األهداف‪ ،‬فيفترض في هذه األخيرة أن تكون واضحة وسليمة‬

‫ومتسمة باالتساق املنطقي وعدم التناقض وتنسجم مع املصالح املراد تحقيقها‪.‬‬

‫ب‪ /‬واقعية الهدف ونفعيته‪ :‬إن اختيار الوسائل الناجحة للوصول إلى األهداف‪،‬‬

‫يفترض وجود أهداف واقعية وقابلة للتحقيق‪ ،‬ومن ثم أهمية تحقيق التوازن بين املوارد‬

‫‪ -267‬عبد القادر محمد فهمي‪ ،‬المدخل إلى دراسة االستراتيجية‪ ،‬دار مجدالوي‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،0336 ،1‬ص‬
‫‪.04‬‬

‫‪P 187‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫والقدرات مع األهداف‪ ،‬وتحديد الحاجيات‪ ،‬ووضع فرضيات واحتماالت تحقيق األهداف‬

‫باإلمكانيات املتاحة‪.‬‬

‫ج‪ /‬العقالنية‪ :‬تفترض عملية تدبير األزمات وضع استراتيجية‪ ،‬تتضمن اختيارات‬

‫عقالنية هادفة‪ ،‬بين وسائل ومقاربات متعددة ومحسوبة مدى فعاليتها في تحقيق األهداف‪،‬‬

‫وبالتالي فالعقالنية تتصل بعملية اختيار الوسائل التي تؤدي إلى تحقيق األهداف عبر‬

‫التعاطي العلمي مع الواقع‪.268‬‬

‫د‪ /‬االستمرارية واملرونة‪ :‬االستراتيجية تتصف بالدوام واالستمرار‪ ،‬ووجود مخطط‬

‫قصير ومتوسط وطويل املدى‪ ،‬طاملا أن األهداف التي يسعى إليها الطرف الواضع‬

‫لالستراتيجية هي ال نهائية ومستمرة‪ ،‬وهذا ما يتطلب وضوح املراحل في ذهن املفكر‬

‫االستراتيجي من ناحية‪ ،‬وضرورة االستمرار من ناحية أخرى‪ ،‬كما يجب أن تتضمن‬

‫االستراتيجيات درجة من املرونة التي تسمح بتدبير التحوالت غير املتوقعة وغير املحتملة‪.269‬‬

‫وتعتبر أعمال ألكسندر جورج ‪ ALEXANDER .G‬من أهم املراجع التي أثرت‬
‫ُ‬
‫موضوع استراتيجيات إدارة األزمات‪ ،‬التي تعتمد كمصادر مهمة لفهم االستراتيجيات التي‬

‫تمكننا من ربطها بأزمات واقعية مختلفة‪ ،‬كما تمكن األطراف املتدخلة لتدبير األزمات من‬

‫اتباع االستراتيجية املناسبة‪ ،‬انطالقا من املعلومات والقدرات املتوفرة‪ ،‬وكان ميشيل الجوا‬

‫‪ -268‬عبد القادر محمد فهمي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.03‬‬


‫‪ -269‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.03‬‬

‫‪P 188‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫‪ MICHEL LIEGOIS‬من املعتمدين على دراسة ‪ ALEXANDER .G‬في تصنيفه الستراتيجيات‬

‫إدارة األزمات‪.‬‬

‫ويمكن اعتماد مجموعة من تصنيفات الستراتيجيات إدارة األزمات‪:‬‬

‫‪ -‬تصنيفات ‪ ORAN.R.YONG‬التي ركزت على دور الطرف الثالث في إدارة األزمات‬

‫الدولية‪.‬‬

‫‪ -‬تصنيف ‪ ALEXANDER.G‬التي تركز على آليات الردع والدبلوماسية القسرية‪.270‬‬

‫‪ -‬تصنيف محمد أحمد عبد الغفار التي تبحث عن التكامل بين وقف التصعيد‬

‫ومعالجة جذرية ألسباب األزمة‪.‬‬

‫أ‪ /‬تصنيف ألكسندر جورج ‪:ALEXANDER.G‬‬

‫َّ‬
‫قدم ألكسندر جورج إثنتا عشرة استراتيجية يمكن اعتمادها إلدارة األزمات‪ ،‬وقام‬

‫بتقسيمها إلى مجموعتين‪:‬‬

‫‪ -‬االستراتيجيات الهجومية)‪ (offensive strategies‬التي تضع في اعتباراتها اإلمكانيات‬

‫واملوارد املتوفرة لدى الخصم‪ ،‬من خالل استراتيجيات االبتزاز التمهيدي‪ /‬جس النبض‬

‫املحدود‪/‬الضغط املحكوم‪ /‬األمر الواقع‪/‬االحتكاكات البطيئة‪.‬‬

‫‪Michel liegeois « strategies de maintien de la paix de l’ otan » juin, 1997,pour -270‬‬


‫‪l'Organisation du Traité de l'Atlantique Nord in :‬‬ ‫‪https://bit.ly/38odaPt‬‬

‫‪P 181‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫‪-‬االستراتيجيات الدفاعية إلدارة األزمات ‪(Defensive crise Management‬‬

‫)‪ stratégies‬التي يحاول من خاللها الطرف املدافع عرقلة الخصم وإجباره على عدم‬

‫االستمرار في تطبيق استراتيجيته الهادفة إلى تغيير الوضع القائم من خالل‪ :‬دبلوماسية‬

‫القسر واإلجبار‪ /‬استراتيجية التصعيد املحدود وإعاقة التصعيد املضاد‪ /‬استراتيجية‬

‫الخطوة خطوة ‪/‬استراتيجية اختبار القدرات‪ /‬استراتيجية رسم الخط‪ /‬استراتيجية شراء‬

‫الوقت الستكشاف تسوية تفاوضية‪.271‬‬

‫ويعتمد ألكسندر جورج على مفهوم املكاسب النسبية‪ ،‬بمعنى أن اإلدارة الناجحة‬

‫ليست التي تحقق كل األهداف‪ ،‬بل التي تعمل على تعظيم املكاسب وتقليل الخسائر‪.‬‬

‫ب‪ /‬تصنيف أحمد محمد عبد الغفار‪:‬‬

‫قسم أحمد محمد عبد الغفار استراتيجيات إدارة األزمات إلى قسمين‪:‬‬

‫‪ ‬استراتيجية التدخل الخفيف ودرء األزمة املبتدئة‪ :‬التي تستهدف وقف التصعيد‬

‫في بداية األزمة قبل أن تتطور وتتحول إلى نزاع مسلح‪ ،‬وذلك عبر توظيف‬

‫الوسائل الدبلوماسية املنصوص عليها في املواثيق الدولية‪ ،‬والتي تسعى إلى صنع‬

‫السالم‪ ،‬عبر مجموعة من اآلليات‪ ،‬كإقامة التواصل وتسهيله بين أطراف النزاع‬

‫‪op,cit, p 378.-271‬‬

‫‪P 111‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫والدعوة إلى عقد مفاوضات وحوارات حول سبل تعزيز األمن من أجل زرع الثقة‬

‫بين األطراف‪.272‬‬

‫‪ ‬استراتيجية التدخل العميق‪ :‬التي تبحث عن األسباب الجذرية لألزمات‬

‫ومعالجتها بعد حدوث األزمة‪ ،‬وال تعني التسوية أو الحل اللذين يعتمدان على‬

‫توقيع االتفاقات‪ ،‬وإنما القصد هو وضع الضمانات التي تجعل األطراف ال‬

‫يرتدون عن عملية السالم التي تلت عملية التسوية‪ ،‬وبالتالي خلق الظروف‬

‫املواتية التي تمكن من تجاوز أسباب املشكلة في األصل‪ ،‬وترتبط الضمانات‬

‫بوجود‪:‬‬

‫‪-‬العب قيادي‪ ،‬قد يكون منظمة أو دولة راعية للسالم‪ ،‬وتحظى باملصداقية والقبول‬

‫من طرف أطراف النزاع‪.‬‬

‫‪-‬وجود طرق سياسية وعسكرية منظمة‪ ،‬تهدف إلى وقف العنف‪ ،‬وتلبية االحتياجات‬

‫اإلنسانية التي تنتج األزمة ودعم املشاكل بتقوية القدرات‪.‬‬

‫‪-‬توفير املوارد الكافية لتغطية التزام الدولة الراعية لصنع السالم‪.‬‬

‫‪-‬وجود تخطيط واضح وبدائل لرسم معالم الدولة أو املجال بعد التسوية‪.273‬‬

‫‪ -272‬أحمد محمد عبد الغفار" فض النزاعات في الفكر والممارسة الغربية‪ :‬دراسة نقدية وتحليلية"‪ ،‬الجزء األول‬
‫تحت عنوان‪ :‬الدبلوماسية الوقائية وصنع السالم‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،0330 ،‬ص ‪.062‬‬
‫‪-273‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.076‬‬

‫‪P 111‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫وبالتالي فإن حدوث أزمة ما‪ ،‬يدفع الدول إلى اعتماد استراتيجيات ووسائل تحول‬

‫دون امتدادها إلى مجالها‪ ،‬عبر الدبلوماسية الوقائية أو السياسية أو االقتصادية وتسهيل‬

‫حلول سلمية لألزمات‪ ،‬من خالل استثمار أمثل إلمكاناتها وقدراتها الجغرافية والتاريخية‬

‫واالقتصادية‪.‬‬

‫‪P 112‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫لقد وضعت املؤسسات الدولية وهيئة األمم املتحدة باعتبارها أعلى مؤسسة أممية‬

‫تعنى بحفظ األمن والسلم الدوليين‪ ،‬مجموعة من الوسائل واآلليات السلمية للحفاظ على‬

‫أسس االستقرار والتعايش على مستوى العالم‪ ،‬والحد من النزاعات والصراعات‪ ،‬منها ما‬

‫جاء في امليثاق األممي‪ ،‬ومنها ما تفرق في نصوص مؤسسات وهيئات قارية وإقليمية‪ ،‬غير ان‬

‫الخيط الناظم بينها مرتبط بالهدف العام منها؛ فهي وسائل سياسية ودبلوماسية هدفها‬

‫حفظ األمن والسلم الدوليين‪ ،‬وذلك بالحد من كل ما من شأنه خلق التوترات بين الحدود‬

‫والدول في إطار استباقي ووقائي يحول دون الوصول إلى مرحلة املواجهة املسلحة‪ .‬وعليه‬

‫فـإن تقييم قدرة الهيئات واملؤسسات واملواثيق الدولية على حفظ االستقرار الدولي يرتبط‬

‫بمستوى قدرتها الفعلية على فرض القانون واإلكراه على الخضوع له‪ ،‬ويسائل نجاعة‬

‫اآلليات السياسية في مواجهة عنصر القوة في حل النزاعات‪.‬‬

‫وختاما‪ ،‬يمكن إسقاط هذه اآلليات والوسائل الدبلوماسية حتى على عالقات األفراد‬

‫فيما بينهم املؤطرة بقواعد أخالقية وقيمية‪ ،‬ومنظمة كذلك في قواعد قانونية ملزمة‬

‫للجميع‪ ،‬تسعى لتحقيق التعايش واألمن الروحي‪ ،‬وتحقق تدبير عقالنيا وسلميا لالختالف‬

‫والصراع واألزمات‪.‬‬

‫‪P 113‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫الئحة املراجع‬

‫الكتب بالعربية‪:‬‬

‫‪-‬أحمد محمد عبد الغفار" فض النزاعات في الفكر واملمارسة الغربية‪ :‬دراسة نقدية‬

‫وتحليلية"‪ ،‬الجزء األول تحت عنوان‪ :‬الدبلوماسية الوقائية وصنع السالم‪ ،‬دار هومة‬

‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.7009،‬‬

‫‪-‬ادريس زروقي‪ ،‬إدارة األزمات ونزاع الصحراء املغربية‪-‬دراسة تحليلية‪-‬الطبعة األولى‪،‬‬

‫مطبعة الكتاب‪ ،‬الدار البيضاء‪.7082 ،‬‬

‫‪-‬ادريس لكريني‪ "،‬إدارة األزمات في عالم متغير‪ :‬املفهوم واملقومات والوسائل‬

‫والتحديات"‪ ،‬املركز العلمي للدراسات السياسية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬املطبعة والوراقة‬

‫الوطنية‪ ،‬مراكش‪.7084 ،‬‬

‫‪-‬ادريس لكريني‪ ،‬إدارة األزمات في عالم متغير‪ :‬املفهوم واملقومات والوسائل‬

‫والتحديات‪ ،‬املركز العلمي للدراسات السياسية‪ ،‬املطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪،‬‬

‫املغرب‪ ،‬الطبعة الثانية‪.7084 ،‬‬

‫‪-‬إسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي" إدارة الصراعات واألزمات الدولية"‪ ،‬مطبعة كتب‬

‫عربية‪.7007 ،‬‬

‫‪-‬أمين هويدي‪ ،‬التحوالت االستراتيجية‪ ،‬البيروسترويكا وحرب الخليج األولى‪ ،‬الطبعة‬

‫األولى‪ ،‬دار الشروق مصر‪.8332 ،‬‬

‫‪P 114‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫‪-‬جمال أحمد املختار‪ ،‬املفاوضات وإدارة األزمات‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬مركز‬

‫األهرام‪ ،‬مصر‪ ،‬العدد‪.8337 ،802‬‬

‫‪-‬حسن بكر أحمد‪ ،‬إدارة األزمة الدولية‪ :‬نحو بناء نموذج عربي في القرن الواحد‬

‫والعشرين‪ ،‬مركز الدراسات السياسية واالستراتيجية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.7002 ،‬‬

‫‪-‬حسن عماد مكاوي‪ ،‬اإلعالم ومعالجة األزمات‪ ،‬ط‪ ،8‬الدار املصرية اللبنانية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬

‫مصر‪.7002،‬‬

‫‪-‬حسن عماد مكاوي‪ ،‬اإلعالم ومعالجة األزمات‪ ،‬ط‪ ،8‬الدار املصرية اللبنانية‪.7002 ،‬‬

‫‪-‬سالم عبد هللا علوان الحبس ي‪ ،‬إدارة األزمات األمنية‪ ،‬مركز اإلمارات للدراسات‬

‫والبحوث االستراتيجية‪ ،‬الطبعة األولى ‪.7080‬‬

‫‪-‬سالم عبد هللا علوان الحبس ي‪"،‬إدارة األزمة األمنية"‪ ،‬مركز اإلمارات للدراسات‬

‫والبحوث االستراتيجية‪ ،‬الطبعة األولى ‪.7080‬‬

‫‪-‬سامي ابراهيم الخزندار‪ :‬إدارة الصراع وفض املنازعات –إطار نظري – الدار العربية‬

‫للعلو م ناشرون‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪.7084 ،‬‬

‫‪-‬سوران إسماعيل عبد هللا بنديان‪ "،‬دور العقوبات الذكية في إدارة األزمات الدولية"‪،‬‬

‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪.7089 ،‬‬

‫‪-‬سوران اسماعيل عبد هللا‪ ،‬دور العقوبات الذكية في إدارة األزمات الدولية‪ ،‬الطبعة‬

‫األولى‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪.7089،‬‬

‫‪P 115‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫‪-‬شدود ماجد محمد‪ ،‬إدارة األزمات واإلدارة باألزمة‪ ،‬األوائل للنشر والتوزيع دمشق‪،‬‬

‫سوريا‪.7007 ،‬‬

‫‪-‬صالح يحيى الشاعري‪" ،‬تسوية النزاعات الدولية سلميا"‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬

‫الطبعة األولى‪.7007،‬‬

‫‪-‬عبادة محمد التامر‪ ،‬سياسة الواليات املتحدة األمريكية وإدارة األزمات الدولية‪،‬‬

‫املركز العربي لألبحاث ودراسات السياسات‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بيروت‪ ،‬أبريل ‪.7082‬‬

‫‪-‬عباس رشدي العماري‪ ،‬إدارة األزمات في عالم متغير‪ ،‬مركز األهرام للترجمة والنشر‪،‬‬

‫القاهرة‪ ،‬مصر‪.8339 ،‬‬

‫‪-‬عبد القادر محمد فهمي‪ ،‬املدخل إلى دراسة االستراتيجية‪ ،‬دار مجدالوي‪ ،‬عمان‪،‬‬

‫األردن‪ ،‬ط‪.7007 ،8‬‬

‫‪-‬علي صبح‪ :‬الصراع الدولي في نصف قرن ‪ ،8332-8342‬دار املنهل اللبنانية‪ ،‬الطبعة‬

‫الثانية ‪.7007‬‬

‫‪-‬كارل سيليكيو‪" ،‬عندما يحتدم الصراع‪ :‬دليل عملي الستخدام الوساطة في حل‬

‫النزاعات"‪ ،‬الدار الدولية للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪.8333 ،‬‬

‫‪-‬محمد الوحيش ي‪ "،‬مكانة املوظف الدولي في حل النزاعات "‪ ،‬منشورات املنظمة‬

‫العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة األولى‪.7007 ،‬‬

‫‪P 116‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 40‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس ‪ 2022‬م‬

‫‪-‬هيا عدنان عاشور‪ ،‬الديناميكا السياسية وإدارة األزمات الدولية‪ :‬اإلدارة األمريكية‬

‫ألزمة امللف النووي اإليراني أنموذجا‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الجندي للنشر والتوزيع‪ ،‬القدس‪،‬‬

‫سنة‪.7087‬‬

‫أطروحات جامعية‬

‫‪-‬ادريس لكريني‪ ،‬إدارة مجلس األمن لألزمات العربية في التسعينيات‪ -‬أزمة لوكيربي‬

‫نموذجا‪ -‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم‬

‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬سنة ‪.7008‬‬

‫‪-‬بسكاك مختار "حل النزاعات الدولية على ضوء القانون الدولي"‪ ،‬مذكرة مقدمة‬

‫لنيل شهادة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬السنة الجامعية‬

‫‪.7087/7088‬‬

‫‪-‬حفناوي مدلل‪ "،‬الدبلوماسية الوقائية كآلية لحفظ السلم واألمن الدوليين"‪ ،‬مذكرة‬

‫مكملة لنيل شهادة املاجستير في الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد‬

‫خيضر ببسكرة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫مقاالت ودراسات‬

‫‪-‬أحمد محمد وهبان‪ "،‬تحليل إدارة الصراع الدولي‪ ،‬دراسة مسحية لألدبيات‬

‫املعاصرة "‪ ،‬مجلة عالم الفكر‪ ،‬الصادرة عن املجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪،‬‬

‫الكويت‪ ،‬العدد ‪ 4‬املجلد ‪ ،97‬أبريل ‪ /‬يونيو ‪.7001‬‬

‫‪P 117‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2022 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مــــارس‬40 ‫العدد‬

‫ مقاربة الدور األمريكي في‬:‫ادريس لكريني " إدارة األزمات الدولية في عالم متحول‬-

‫ على‬،7007 ‫ أكتوبر‬2 ،‫ بتاريخ‬،‫ مقالة منشورة بموقع ديوان العرب‬،"‫املنطقة العربية‬

https://bit.ly/2OPiVOt:‫الرابط‬

‫ مجلة‬،"‫حمدي عبد الرحمان حسن" الصراعات العرقية والسياسية في إفريقيا‬-

.7004 ‫ أكتوبر‬،‫ العدد األول‬،‫قراءات إفريقية‬

‫مراجع أجنبية‬

- -CHRONIQUE DE L’HUMANITE-larousse-édition JAQUES LE


GRAND.S.A.PARIS 1986.

- HERMAN Gérald, » La conciliation, nouvelle méthode de règlement »


revue Arbitrage n°3 ,1985.

- Holsti, OR. "Historians, Social Scientists, and Crisis Management: An


Alternative View." Journal of Conflict Resolution ,December 1980.

- Raymond Tanter and Richard Ulman, «Theory and Policy International


Relations- Washington,Center of International Studies, 1972.

--Hermann, Charles F.. "International Crisis as a Situational Variable." In


International Politics and Foreign Policy. A Reader in Research and Theory,new
york : the free press 1969.
--Michel Liegeois « Strategies de Maintien de la Paix de l’OTAN » juin,
1997,pour l'Organisation du Traité de l'Atlantique Nord in :
https://bit.ly/38odaPt

P 118 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


Powered by TCPDF (www.tcpdf.org)

You might also like