‫‪5/23/24, 9:37 PM‬‬ ‫مقاالت عسكرية وأمنية | مجلد ‪ | 2‬صفحة ‪ | 1‬الجغرافيا العسكرية؛ في مقولة عربية جامعة | علوم أخرى

حة ‪ | 1‬الجغرافيا العسكرية؛ في مقولة عربية جامعة | علوم أخرى | جامع‬

‫علوم أخرى ‪ /‬مقاالت عسكرية وأمنية‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪RIS‬‬ ‫المجلد (‪ )2‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬ ‫"اجلغرافيا العسكرية" ؛ يف مقولة عربية جامعة‬

‫‪‬‬ ‫"قتلت أرض جاهلها وقتل أرضًا عاملها" ‪...‬‬

‫مقولة عظيمة تستوقف الباحث العسكري واملؤرخ‪ ،‬بل واملهتم بالرتاث احلضاري اإلسالمي‪ ،‬ومعناها جلي‬
‫وواضح؛ إذ إن من حيارب على أرض ال يعرفها حق املعرفة سيلقى اهلزمية والفشل؛ جلهله مبسالكها ومواردها‪،‬‬
‫ومواطن اخلطر فيها‪ ،‬فأصبح تائهًا يف بالد غريبة يواجه معامل األرض فيها من جهة‪ ،‬وعدوًا يتحني الفرصة‬
‫للقضاء عليه من جهة أخرى‪ ،‬ويف املقابل هناك من يدرس األرض‪ ،‬ويبث فيها العيون تستطلع وجتمع‬
‫‪‬‬ ‫املعلومات الالزمة‪ ،‬ويعد لألمر عدته؛ لتحقيق النصر يف النهاية‪.‬‬

‫ويف العلم العسكري احلديث‪ ،‬ميكن اعتبار تعريف معجم مصطلحات اجليش األمريكي للجغرافيا العسكرية‬
‫أفضل تعاريفها دقة ومشوًال‪ ،‬فهو يعرفها بأهنا‪" :‬حقل متخصص من اجلغرافيا بالتعامل مع الظواهر الطبيعية‬
‫والظواهر اليت صنعها اإلنسان‪ ،‬واليت قد تؤثر يف مسار العمليات العسكرية أو يف التخطيط هلا" ‪ ،‬وهذا يعين‬
‫دراسة األرض ( ‪ )terrain‬بسهوهلا‪ ،‬وجباهلا‪ ،‬وأوديتها‪ ،‬وتالهلا‪ ،‬وأي معامل طبيعية تربز على سطحها‪ ،‬كما‬
‫‪‬‬ ‫تشمل الدراسة اجملاري املائية‪ ،‬والطرق‪ ،‬واملراكز العمرانية‪ ،‬وغري ذلك من املعامل‪.‬‬

‫وحيفل الرتاث العسكري العريب اإلسالمي بنصوص تشري إىل أمهية دراسة األرض وكمثال على هذا كان ما‬
‫أوصى به عمر بن اخلطاب قائده سعد بن أيب وقاص رضي اهلل عنهما؛ إذ قال له‪ ... ( :‬إذا وطئت أرض العدو‬
‫‪ ...‬وتعرف األرض كلها كمعرفة أهلها‪ ،‬فتصنع بعدوك كصنعه بك ‪ ، ) ...‬فقد عرف عمر رضي اهلل عنه أن العدو‬
‫سيحسن استخدام أرضه؛ ألنه أدرى من غريه بطبيعة بالده‪ ،‬وإن عرفها قائده سعد ومن معه فإهنم سيدركون‬
‫ما يدركه عدوهم صاحب األرض منها‪ ،‬ويكون بوسعهم إعداد اخلطط املالئمة ألرض أصبحوا يعرفوهنا كمعرفة‬
‫أهلها فيها‪ ،‬وعليه لن تكون األرض لصاحل العدو‪ ،‬بل لصاحل من حيسن استخدامها‪ ،‬ويستفيد من مواردها‪.‬‬
‫‪‬‬

‫أما عن صاحب املقولة فقد أورد امليداين املتوىف عام ‪ ٥١٨‬هـ يف كتابه "جممع األمثال" مقولة‪" :‬قتل أرضًا‬
‫عاملها" كمثل مستقل‪ ،‬وقال‪( :‬يراد باملثل أن الرجل العامل باألرض عند سلوكها يذلل األرض ويغلبها بعلمه‪ ،‬وأن هذا‬
‫املثل يقال يف مدح العلم) ‪ ،‬واتبع ذلك مبقولة‪" :‬قتلت أرض جاهلها" كمثل آخر مستقل وكضد للمثل األول‪،‬‬
‫‪‬‬ ‫وقال‪( :‬إنه يضرب ملن يباشر أمرًا ال علم له به) ‪.‬‬

‫وقد ورد يف لسان العرب البن منظور املتويف عام ‪ ٧١١‬هـ‪ :‬أن العرب قالت يف املثل‪" :‬قتلت أرض جاهلها‬
‫‪‬‬ ‫وقّتل أرضًا عاملها" ‪ ،‬ونقل عن أحدهم قوله‪ :‬إن هذا من أمثال العرب يف املعرفة ومحدهم إياها‪.‬‬

‫ويالحظ أن األمثال توجز القول بأقل الكلمات وأبلغها‪ ،‬ومنها هذا القول فقد حدد دور األرض يف النصر‬
‫‪‬‬ ‫‪1/1‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫واهلزمية ببضع كلمات ميكن شرحها وتفسريها ال بصفحات فقط بل وبأحباث أيضًا‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫الصفحة‬

‫‪https://ketabonline.com/ar/books/106099/read?part=2&page=2&index=5597047‬‬ ‫‪1/3‬‬
‫‪5/23/24, 9:37 PM‬‬ ‫مقاالت عسكرية وأمنية | مجلد ‪ | 2‬صفحة ‪ | 1‬الجغرافيا العسكرية؛ في مقولة عربية جامعة | علوم أخرى | جامع‬

‫وقد أورد الطربي املتوىف حنو عام ‪ ٣١١‬هـ املقولة على لسان عمرو بن أيب سلمى عندما سئل بعد عودته من‬
‫رحلة استطالع كلف هبا وصاحباه طليحة بن خويلد وعمرو بن معد يكرب بتكليف من النعمان بن مقرن‪،‬‬
‫علوم أخرى ‪ /‬مقاالت عسكرية وأمنية‬
‫وبتوجيه من عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه‪ ،‬حينما ُس ئل عمرو بن أيب سلمى‪" :‬ما رجعك؟" ‪ ،‬قال‪( :‬كنت‬
‫‪RIS‬‬
‫يف أرض العجم؛ وقتلت أرض جاهلها وقتل أرضًا عاملها) ‪ .‬‬

‫وقد أخذ ابن األثري املتوىف عام ‪ ٦٣٠‬هـ صاحب "الكامل يف التاريخ" ما سبق ‪ -‬مع اختالف يف رد عمرو ‪-‬‬
‫إذ قال‪ :‬مل أكن يف أرض العجم وقتلت ‪ ...‬اخل‪ ،‬كما أورد حتت عنوان "ذكر وقعة بادقلي وفتح احلرية" عام‬
‫‪١٢‬هـ على لسان خالد بن الوليد رضي اهلل عنه قوله لعمرو بن عبد املسيح بن قيس يف سياق جمادلة أو حمادثة‬
‫أثناء حصار خالد لعمرو يف أحد قصور احلرية‪ ،‬حيث قال خالد املقولة كتعقيب على رد سؤال وجهه لعمرو‪:‬‬
‫(قتلت أرض جاهلها وقتل أرضًا عاملها‪ ،‬القوم أعلم مبا فيهم) ‪ ،‬فأجابه عمرو‪( :‬أيها األمري‪ ،‬النملة أعلم مبا يف بيتها‬
‫‪‬‬ ‫من اجلمل مبا يف بيت النملة) ‪.‬‬

‫وقد أخذ الكاتب العسكري بسام العسلي هبذا النص نقًال عن الطربي دون (القوم أعلم مبا فيهم) ‪ ،‬غري أن‬
‫العسلي أورد يف نفس اجمللد ويف معرض شرحه ملعركة هناوند (فتح الفتوح) عام ‪٢١‬هـ‪ ،‬أورد قوله‪ ... :‬وتقع حماور‬
‫االقرتاب إىل هناوند داخل مناطق جبلية وهلذا دفع النعمان بن مقرن عناصر االستطالع قائًال‪ :‬قتلت أرض‬
‫جاهلها وقتل أرضًا عاملها‪ ،‬أي أن النعمان هو القائل وليست عناصر االستطالع كما ورد سابقًا‪ ،‬ويف ذلك‬
‫احتمال ألن يكون النعمان قائد املسلمني وشهيدهم يف معركة هناوند قد أخذ مبقولة خالد كنصيحة وتوجيه‬
‫لعناصر االستطالع والكشف‪ ،‬أو أن عناصر االستطالع أخذت باملقولة كرد على ما رأت يف عملها‬
‫‪‬‬ ‫االستطالعي فاستخدمت يف تقريرها االستخباري مثًال عربيًا فيه احلكمة واإلجياز‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫وخالصة القول‪:‬‬

‫إما أن تكون املقولة مثًال يستشهد به من يشاء وهو األرجح‪ ،‬أو أن خالدًا هو القائل األول‪ ،‬وأن اآلخرين‬
‫استشهدوا مبقولته‪ ،‬واعتربت فيما بعد مثًال يعتد ويستشهد به‪ .‬‬

‫وأيًا كان القائل فاملقولة حكمة عربية رائعة جتمع بني احلقيقة العلمية واإلجياز من حض على معرفة األرض من‬
‫خالل دراستها‪ ،‬بكل ما تعنيه الدراسة من مجع وحتليل للظاهرات الطبيعية والبشرية سعيًا ملعرفة آثارها اإلجيابية‬
‫والسلبية على جمريات ونتائج املعركة‪ ،‬ورمبا احلرب برمتها؛ مما يؤدي إىل حتقيق النصر‪ ،‬أو زيادة فرصه‪ ،‬أو على‬
‫‪‬‬ ‫األقل تقليل احتمال اهلزمية‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫[بقلم؛ هاين عبدالرحيم العزيزي ‪ /‬مقدم باحث جغرايف > عن جملة اجلندي املسلم]‬

‫‪‬‬ ‫املصادر واملراجع‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ - ١‬ابن األثري‪ :‬الكامل يف التاريخ‪ ،‬اجمللدان الثاين والثالث‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت ‪١٩٨٧‬م‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ - ٢‬الطربي‪ :‬تاريخ الرسل وامللوك‪ ،‬اجلزء الرابع‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة ‪١٩٧٨‬م‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ - ٣‬امليداين‪ :‬جممع األمثال‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت ‪١٩٨٨‬م‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ - ٤‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بريوت (دون تاريخ) ‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪1/1‬‬ ‫‪‬‬ ‫الصفحة‬

‫‪https://ketabonline.com/ar/books/106099/read?part=2&page=2&index=5597047‬‬ ‫‪2/3‬‬
‫‪5/23/24, 9:37 PM‬‬ ‫مقاالت عسكرية وأمنية | مجلد ‪ | 2‬صفحة ‪ | 1‬الجغرافيا العسكرية؛ في مقولة عربية جامعة | علوم أخرى | جامع‬

‫‪‬‬ ‫‪ - ٥‬ابن عبد ربه‪ :‬العقد الفريد‪ ،‬دار الكتاب العريب‪ ،‬بريوت ‪١٩٨٣‬م‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫بسام العسلي‪ :‬فن احلرب اإلسالمي‪ ،‬اجمللد األول‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت ‪١٩٨٨‬م‪.‬‬ ‫عسكرية‪-‬‬
‫وأمنية‬ ‫‪٦‬‬ ‫مقاالت‬ ‫علوم أخرى ‪/‬‬

‫‪RIS‬‬

‫‪‬‬ ‫‪1/1‬‬ ‫‪‬‬ ‫الصفحة‬

‫‪https://ketabonline.com/ar/books/106099/read?part=2&page=2&index=5597047‬‬ ‫‪3/3‬‬