1623930969806 - 1623706995110الأصل التجاري الالكتروني

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 84

‫قائمة أهم المختصرات ‪:‬‬

‫أوال ‪:‬باللغة العربية ‪:‬‬


‫ص ‪ :‬الصفحة ‪.‬‬
‫ط ‪:‬الطبعة ‪.‬‬
‫ع ‪:‬عدد‪.‬‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع ‪:‬قانون االلتزامات و العقود ‪.‬‬
‫م‪.‬ت ‪ :‬مدونة التجارة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬باللغة األجنبية ‪:‬‬
‫‪. P :page‬‬
‫‪.N° :numéro‬‬
‫‪.Op.cit :ouvrage précité‬‬
‫‪.Cass.com :cour de cassation chambre commerciale‬‬
‫‪.Art :Article‬‬
‫‪.Wipo :world intellectual propety organization‬‬
‫‪.Cass .c.v :cour de cassation chambre civile‬‬
‫‪.Gaz .Pal :Gazette du Palais‬‬
‫‪Iccan :internet coreporation assigned names and numbers‬‬
‫‪. R .D :recueil Dalloz‬‬
‫‪.D :Date‬‬

‫مق ـ ـ ــدمـ ـ ـ ــة ‪:‬‬


‫م ــع نهاي ــة الق ــرن العش ــرين ش ــهد الع ــالم وبش ــكل لم يس ــبق ل ــه مثي ــل‪ ،‬تط ــورا ه ــائال و‬
‫متســارعا في عــالم االتصــاالت وتكنولوجيــا المعلومــات ومــا صــاحبها من تقــدم في صــناعات‬
‫الحســابات اآلليــة بــدا العــالم كقريــة صــغيرة انكســرت فيهــا الحــواجز والحــدود اإلقليميــة‪ ،‬فتــداخل‬
‫وتشارك وارتبــط سـكانه بشـبكة إنــترنيت عالميــة‪ ،‬ممــا أدى إلى حـدوث ثــورة معلوماتيــة وثقافيــة‬
‫واقتصادية ليس لها مثيل‪.1‬‬
‫وهكــذا أصــبح ممكنــا الحــديث عن معــامالت إلكترونيــة‪ ،‬حيث أصــبح من الممكن إبــرام‬
‫العق ــود داخ ــل ع ــالم افتراض ــي عن طري ــق البرمج ــة المس ــبقة لجه ــاز الكم ــبيوتر وإ ع ــداده للقي ــام‬
‫ب ــإبرام العق ــود والص ــفقات‪ ،‬وه ــو م ــا ش ــكل في نفس ال ــوقت مص ــدر اس ــتغالل من قب ــل التج ــار‬
‫الرقمــيين عــبر اســتغالل التطــور التكنولــوجي لصــالحهم وتســوق منتجــاتهم وخــدماتهم الخاصــة‬
‫داخل فضاء اإلنترنيت مما أدى إلى بروز ما يسمى بالتجارة اإللكترونية‪.2‬‬
‫لكن ه ــذا االس ــتعمال المتزاي ــد للتقني ــات الرقمي ــة وخاص ــة في النش ــاط االقتص ــادي أث ــر‬
‫بشـ ــكل واضـ ــح على القواعـ ــد الثابتـ ــة المنظمـ ــة للمجـ ــال التجـ ــاري‪ ،‬حيث أصـ ــبحت في بعضـ ــها‬
‫متجــاوزة وقاصــرة على اســتيعاب ومســايرة مــا تــأتي بــه هــذه التقنيــات من األحــداث‪ ،‬ذلــك أن‬
‫النشاط التجاري عــبر شـبكة اإلنــترنيت شـكل الشـرارة األولى النطالق محالت تجاريــة مشـابهة‬
‫ومماثلة لمحالت تجارية عادية معـدة قانونـا في إطـار األصـول التجاريـة الغايـة من كـل منهمـا‬
‫تحقيق الربح وجلب الثروة‪.‬‬
‫وهكذا ظهر مفهــوم جديــد هــو "األصــل التجـاري اإللكــتروني" هــو مفهــوم مرتبــط أساسـا‬
‫بالتج ـ ـ ــارة اإللكتروني ـ ـ ــة‪ ،3‬ال يختل ـ ـ ــف عن األص ـ ـ ــل التج ـ ـ ــاري الع ـ ـ ــادي إال من حيث عناص ـ ـ ــره‬
‫وتمركــزه‪ ،‬فمن حيث عناصــره‪ :‬فــإن إنشــاء األصــل التجــاري بمعنــاه القــانوني يتطلب مجموعــة‬
‫من العناصر المادية (البضائع والتجهيزات‪ )...‬والمعنوية (الزبنــاء والحـق في الكــراء والشـعار‬
‫والعالمة التجارية ‪ )...‬المخصصة لممارسة النشــاط التجــاري – هي عناصــر محــددة بمقتضــى‬
‫نص ــوص قانوني ــة واجته ــادات قض ــائية‪ ،‬في مقاب ــل ذل ــك هن ــاك عناص ــر رقمي ــة أخ ــرى لم تكن‬

‫‪1- ITEANAU Olivier : Le Contrat l’outil majeur du commerce électronique, Chahier Lany droit‬‬
‫‪de l’informatique et des réseaux, N° 116, Juillet 1999 , P2 .‬‬
‫‪2-Xavier Delpech : Fonds de commerce ,composition –Vente-Intermédiaires –évaluation-‬‬
‫‪Exploitation-Fiscalité ,Delmas,Dix –neuvième édition 2019,p 126.‬‬

‫‪3 - SABINE DE KIK :le fonds de commerce électronique :Des enjeux réels face aux défis‬‬
‫‪virtuels ,Article‬‬ ‫‪cité‬‬ ‫‪par‬‬ ‫‪le‬‬ ‫‪site :‬‬
‫‪www.legallaw.ul.edu.lb_reserchesViewa.qspx_opt&RullD=PRINT, P 14,Date :4:/12/2020.‬‬
‫معروفة من قبل – مرتبطة بالبيئة الرقمية – تصلح بأن تكون عناصــر جديــدة خاصــة باألصــل‬
‫التجاري اإللكتروني‪ ،4‬ويستثنى من ذلك عنصر الزبنــاء الــذي يعتــبر عنصــر جــوهري مشــترك‬
‫في كال األصلين سواء كان تقليديا أو إلكترونيا‪.5‬‬
‫ومن حيث تمرك ــزه‪ :‬ف ــإن ممارس ــة النش ــاط التج ــاري في الفض ــاء ال ــرقمي س ــيختلف ال‬
‫محال ـ ــة عن ممارس ـ ــته في الفض ـ ــاء التقلي ـ ــدي – الملم ـ ــوس‪ ،‬بحيث إذا ك ـ ــان الت ـ ــاجر في المح ـ ــل‬
‫التجــاري العــادي يعتمــد في الغــالب على محــل تجــاري تقليــدي ملمــوس ومقــر اجتمــاعي‪ ...‬فــإن‬
‫التـ ــاجر السـ ــيبراني يعتمـ ــد في ممارسـ ــة نشـ ــاطه التجـ ــاري على موقـ ــع إلكـ ــتروني عـ ــبر شـ ــبكة‬
‫اإلن ــترنيت ه ــو م ــا يط ــرح العدي ــد من اإلش ــكاالت من أبرزه ــا الق ــانون ال ــواجب التط ــبيق وجه ــة‬
‫االختصاص القضائي‪.‬‬
‫التطور التاريخي‪:‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن التنظيم القانوني لمؤسسة األصل التجاري عرف تطور هاما‪ ،‬ذلــك‬
‫أن أول تنظيم ق ــانوني له ــذه المؤسس ــة ك ــان في عه ــد الحماي ــة الفرنس ــية‪ ،‬حيث عملت س ــلطات‬
‫االحتالل إلى سـ ــن أول مدونـ ــة للتجـ ــارة بتـ ــاريخ ‪ 1‬غشـ ــت ‪ ،1913‬لكن مـ ــا يالحـ ــظ على هـ ــذه‬
‫المدونة هو أنهــا تتخللهــا العديــد من النــواقص فلم تعــرف األصــل التجـاري أو تحـدد طبيعتــه وال‬
‫العناصـر الـتي يتـألف منهـا‪ ،‬كمـا لم تنظم التصـرفات القانونيـة الـواردة عليـه‪ ،‬كمـا إنهـا لم تعـالج‬
‫اإلشكاالت المتعلقة بهذه المؤسسة من الحق في الكراء والمحل التجاري بل اكتفت بسن بعض‬
‫األحكــام المتعلقــة بهــذه المؤسســة كالقيــد في الســجل التجــاري والحــق في اســتعمال اســم تــاجر أو‬
‫عنوان تجاري مقيد في السجل التجاري‪.‬‬

‫? ‪4 -VERBIS (T) : Le fonds de commerce électronique : vers une reconnaissance juridique‬‬


‫‪communication et commerce électronique N° 4 avril 2008,p 11 .‬‬

‫‪5 -TAMARA Bootherstone : cessions de tout ou partie de E-business sécuriser les transactions‬‬
‫‪par la notion de e-fonds de commerce: www.inpi.fr/sites/default/files/3-2-extrait-pi-et-‬‬
‫‪transformation_economie_numerique_inpi.pd.f2ved=2ahHKEW-‬‬
‫‪Zg_62vqTWAhUk5uAKHVe1BvcQFjAAegQIAnAC2usg=AQvVaw2_Cilmom_MLnJ8CXE‬‬

‫‪faNx1‬‬ ‫‪.‬‬
‫و بعد ذلك بــدأ المشـرع العمــل على تنظيم التصــرفات القانونيــة الــتي تــرد على األصــل‬
‫التجاري إلى جانب بعض عناصره من خالل مجموعة من النصوص المتفرقة‪.‬‬
‫غ ــير أن ــه رغم أهمي ــة ه ــذه الترســانة القانوني ــة إال أن م ــا يؤاخــذ عنه ــا ه ــو أنه ــا جــاءت‬
‫متشتتة وغير متناسـقة بحيث ال تـدخل ضـمن نص قـانوني موحـد‪ ،‬كمـا أغفلت تنظيم العديـد من‬
‫الجوانب المهمة لهذه المؤسسة‪ ،‬فاستمر هذا الوضع إلى غاية صــدور مدونــة التجــارة بمقتضــى‬
‫القــانون رقم ‪ 95-15‬بتــاريخ ‪ 3‬أكتــوبر ‪ 1996‬والــتي اســتطاعت وضــع تصــور كامــل لألصــل‬
‫التجاري من خالل تجميع ما كان متشتتا من نصوص‪ ،‬كما وضع المشرع ألول مرة تعريفا‬
‫لألصل التجاري وحدد عناصره و التصرفات التي ترد عليه‪....‬‬
‫ولكن في ظل التطورات التي يعرفها العالم اليوم السيما التطورات التكنولوجية أضحى‬
‫هذا القانون وغيرها من القوانين قاصرة على مواكبة المستجدات التي تعرفها المؤسسات العتيدة‬
‫والتكيف مع المؤسسات الهجينة التي تأثرت بهذه الثورة التكنولوجية واألصل التجاري كمؤسسة‬
‫قانونية واقتصادية ليس بنشاز عن هذا اإليقاع المتسارع‪ ،‬لذلك ال يمكن في ظل التطور الذي‬
‫عرفته التجارة اإللكترونية والتي أصبحت تطغى على التجارة بمفهومها التقليدي تجاهل أحد‬
‫االختيارين‪ :‬إما اعتبار األصل التجاري اإللكتروني نسخة رقمية لألصل التجاري التقليدي‪،‬‬
‫وبالتالي البحث عن محاولة تطويع النص القانوني الموجود حتى يشمل ويحتوي هذا المفهوم‬
‫الجديد‪ ،‬وإما اعتباره مؤسسة مستقلة ال عالقة لها باألصل التجاري كمؤسسة منظمة في مدونة‬
‫التجارة وبالتالي البحث عن صيغة قانونية تستطيع تأطير وتنظيم هذه المؤسسة في الفضاء‬
‫الرقمي توفر لها الحماية الالزمة‪.‬‬
‫أهمية الموضوع‪:‬‬
‫تتجلى أهمية هذا الموضوع في جانبين‪:‬‬
‫جانب نظري‪ :‬تكمن األهمية النظرية في القصور التشريعي التي تعرفه الترسانة‬
‫القانونية المنظمة لألصل التجاري ‪ ،‬بحيث نجدها غير قادرة استيعاب ومواكبة وثيرة التطور‬
‫التي يعرفها عالم المال واألعمال و احتواء المفاهيم الجديدة التي ابتدعتها التجارة االلكترونية ‪،‬‬
‫وعدم قدرتها في نفس الوقت على مسايرة المعامالت والمؤسسات المشتغلة في فضاء ال مادي‪،‬‬
‫ومن تم يصعب جر القواعد المنظمة لألصل التجاري التقليدي بكل تفاصيلها – لتشمل النشاط‬
‫التجاري عبر شبكة اإلنترنيت‪.‬‬

‫جانب عملي‪ :‬تتمثل األهمية العملية في اآلثار المترتبة عن القصور التشريعي للنصوص‬ ‫‪-‬‬
‫الحالية على مستوى الممارسة العملية‪،‬إذ ينتج عن ذلك طرح مخاطر عديدة أهمها‬
‫الموثوقية‪ ،‬وأمن المعامالت على شبكة اإلنترنيت في مختلف العمليات الالمادية‬
‫المتصلة بمؤسسة األصل التجاري االلكتروني ‪،‬سواء من حيث إبرام التصرفات القانونية‬
‫أو كيفية حل النزاعات المتولدة عن هذا الفضاء من حيث جهة االختصاص‪ ،‬ومن حيث‬
‫القانون الواجب التطبيق و غيرها من المخاطر‪ ،‬السيما أن العديد من المقاوالت قامت‬
‫بتطوير أنشطتها التجارية وجعلتها تمارس عن طريق اإلنترنيت‪.‬‬

‫اإلشكالية‪:‬‬
‫إذا كان األصل التجاري كمؤسسة منظمة بقواعد وأحكام ثابتة‪ ،‬هل تستطيع التطور من‬
‫أجل مواكبة واحتواء المفاهيم الجديدة التي ابتدعتها التجارة اإللكترونية؟ أم أن فكرة األصل‬
‫التجاري اإللكتروني ستستغرق كافة هذه القواعد وتثبت عدم مالئمتها لمالحقة التطورات‬
‫االقتصادية والتقنية المتسارعة؟‬
‫بصيغة أخرى هل يعد األصل التجاري اإللكتروني امتدادا وتطورا طبيعيا لألصل‬
‫التجاري العادي يمكن استيعابه من خالل القواعد المنظمة لهذا األخير – مع تطويعها – أم أنه‬
‫كائن جديد بعناصره المنفردة والمستقلة والذي سيحتاج ال محالة إلى إطار قانوني خاص يراعي‬
‫الطبيعة الالمادية والمتجددة لهذا الكائن؟‬
‫هذه اإلشكالية تتفرع عنها مجموعة من األسئلة لعل أهمها‪:‬‬
‫‪-‬ما هو مفهوم األصل التجاري اإللكتروني؟‬
‫‪-‬ما هي الطبيعة القانونية لألصل التجاري اإللكتروني؟‬
‫‪ -‬ما هي العناصر المميزة له‪ ،‬وهل يرتبط وجوده بضرورة توفر كافة هذه العناصر‪ ،‬أم‬
‫قد يقتصر األمر على توفر البعض منها فقط؟ وهل تحظى هذه العناصر بنفس‬
‫درجة األهمية التي تحظى بها في األصل التجاري التقليدي؟‬
‫‪ -‬هل يتصور أن يكون األصل التجاري اإللكتروني موضوع التصرفات التي يعرفها‬
‫األصل التجاري التقليدي من بيع وتقديمه حصة في شركة وتسيير حر ورهن؟ وهل‬
‫تطبق نفس األحكام ونفس القواعد رغم وجود بعض االختالف ؟‬
‫‪-‬ما هي آليات تسوية منازعات األصل التجاري االلكتروني ؟‬

‫لإلجابة عن هذه اإلشكالية سوف نعتمد على تقسيم ثنائي من خالل فصلين‪ ،‬وفق المنهج التحليلي‬
‫و المقارن ‪ ،‬بحيث نخصص األول لتحديد األصل التجاري اإللكتروني على اعتبار أن االعتراف‬
‫بوجوده و نشأته يقتضي البحث في مفهومه و طبيعته القانونية و كذا العناصر المكونة له‪،‬أما‬
‫الثاني فسوف نخصصه الستغالل األصل التجاري اإللكتروني من منطلق أن فرضية وجوده‬
‫تجعله محل إبرام مختلف التصرفات القانونية ‪ ،‬و أخذا بعين االعتبار كون نشاط هذا األصل يتم‬
‫في فضاء رقمي و بالتالي فإن المنازعات التي يمكن أن تتار بمناسبته تتخذ صور جديدة من أجل‬
‫ذلك يقتضي البحث عن آليات لتسويتها ‪ ،‬وذلك على الشكل التالي ‪:‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬تحديد األصل التجاري اإللكتروني‪.‬‬


‫الفصل الثاني ‪ :‬استغالل األصل التجاري اإللكتروني‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬تحديد األصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬
‫تعد البيئة االلكترونية من أكثر المجاالت التي تأترت بالتطورات التكنولوجية ‪ ،‬بحيث‬
‫أصبحت تشكل إحدى المنعطفات المهمة التي تتم عبرها أساليب األداء االقتصادي في العالم ‪.‬‬
‫و تعد الخدمات و األنشطة التجارية المقدمة إلكترونيا للزبناء ذات أهمية كبرى حيث‬
‫أصبحت تنافس األنشطة التجارية التقليدية ‪ ،‬بل أكثر من ذلك هيمنت على بعض األسواق‬
‫والنشاطات التجارية خاصة تلك المتعلقة بطبيعة النشاط االلكتروني ‪ ،‬فخالل السنوات األخيرة‬
‫انتشرت ظاهرة التسوق االلكتروني و الشراء عبر مواقع االنترنيت خاصة في البلدان‬
‫المتقدمة‪ ،‬مما أثر بشكل ملوس على مجال التجارة و األعمال حيث أدى إلى ظهور مئات‬
‫المواقع الجديدة في كل قطاع من القطاعات االقتصادية ‪ ،‬كما أجبرت هذه الثورة العديد من‬
‫الشركات العالمية على الدخول في هذه الصناعة الجديدة ‪ ،‬و بذلك تمكنت المواقع و المحالت‬
‫التجارية االلكترونية من فرض نفسها كأساس قوي للجذب كقلب نابض للنظام الجديد‬
‫للتجارة العالمية الذي يقوم باألساس على عقود تجارية إلكترونية ‪ ،‬و خلقت بذلك لنفسها خطا‬
‫استهالكيا و سلوكا تجاريا للزبناء االلكترونيين ‪ ،‬مما قد يخلق منافسة للنشاط التجاري‬
‫التقليدي المماثل أو امتداد و تطور للنشاط القائم بحسب طبيعة النشاط نفسه ‪.‬‬
‫لذا فالمعاملة التجارية مع الزبناء اإللكترونيين عبر االنترنيت تتطلب من التاجر خبرة‬
‫في المجال المعلوماتي ‪ ،‬ذلك أن المعامالت التجارية اإللكترونية الناجحة تعد من التحديات‬
‫الكبرى في التجارة الحالية حيث تتم عبر استراتيجيات متطورة و مقاربات دقيقة ألذواق و‬
‫سلوكات و رغبات الزبناء ‪ ،‬حتى ال تقتصر زيارة الزبون على تصفح الموقع و الشراء‬
‫العرضي لبعض المنتجات و الخدمات ‪ ،‬فالتحدي أن يكسب التاجر الزبون بشكل دائم من‬
‫خالل كسب ثقته في عالم ال مادي ‪ ،‬و ذلك لن يأتي بالطبع بالتعرف على شخص التاجر ‪،‬‬
‫بل بقدرة هذا األخير على حماية الزبون من خالل العقود التي يبرمها هو نفسه لضمان حسن‬
‫سير نشاطه التجاري اإللكتروني ‪ ،‬فإذا كان قاصر بالنسبة للزبون على عقود البيع و الشراء‬
‫فإنه بالنسبة للتاجر يكون األمر أوسع نطاقا من خالل عقود اإليواء و االشتراك في قواعد‬
‫البيانات أو عقود كراء الفضاء الرقمي و عقود السمسرة و الوساطة االلكترونية و عقود تقديم‬
‫الخدمات البنكية و غيرها ‪.‬‬
‫من هنا ظهر مفهوم جديد واقعي هو األصل التجاري االلكتروني أو الرقمي غايته‬
‫األساسية تأطير عمليات التجارة اإللكترونية و وضعها في قالب مؤسساتي‪ -‬ارتبط‬
‫بالضرورة بمفاهيم جديدة ذات صلة كاسم المجال و قواعد البيانات و عقود اإليواء و الزبون‬
‫اإللكتروني‪.‬‬
‫من أجل كان ذلك يقتضي أن نعرج لماهية األصل التجاري األصل التجاري‬
‫اإللكتروني في "المبحث األول" ‪ ،‬على أن نتطرق ألهم العناصر المميزة لهذه المؤسسة‬
‫الحديثة في" المبحث الثاني" ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية األصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬
‫إذا كان المشرع المغربي وضع تعريف لألصل التجاري العادي بخالف المشرع الفرنسي‬
‫الذي سكت عن ذلك ‪ ،‬فإن السؤال المطروح يبقى حول مدى مالئمة هذا التعريف لألصل‬
‫التجاري في صورته االلكترونية ‪ ،‬فضال عن ذلك يبقى من الضروري البحث في الطبيعة‬
‫القانونية لألصل التجاري اإللكتروني ‪.‬‬
‫لذلك ارتأينا مقاربة هذا البحث من خالل تناول مفهوم األصل التجاري اإللكتروني في‬
‫المطلب األول‪ ،‬و الطبيعة القانونية في المطلب الثاني‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم األصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬

‫ف ــإذا ك ــان األص ــل التج ــاري التقلي ــدي عرف ــه المش ــرع في إط ــار الم ــادة ‪ 79‬من مدون ــة‬
‫التجـارة‪ ،‬حيث جـاء فيهـا‪" :‬األصــل التجـاري مـال منقـول معنـوي يشـمل جميـع األمـوال المنقولـة‬
‫والمخصصة لممارسة النشاط تجاري أو عدة أنشطة تجارية"‪ ،‬فإننا نتساءل عن مدى صالحية‬
‫هذا التعريف لألصل التجاري في صورته اإللكترونية؟‬
‫بــالرجوع إلى الفقــه الفرنســي نجــد أن هنــاك العديــد من الفقهــاء شــككوا في هــذا المفهــوم‬
‫الجدي ــد بط ــرحهم الس ــؤال الت ــالي‪" :‬ه ــل تع ــد مقاول ــة ت ــزاول نش ــاطها التج ــاري باس ــتعمال ش ــبكة‬
‫اإلنترنيت أصل تجاري؟"‪.6‬‬
‫غير أن الفقيه إيتيانو ‪ 7"ITEANAU‬وضع تصور حول مفهوم األصل التجاري‬
‫اإللكتروني‪ ،‬حيث اعتبر أن‪" :‬خلق أصل تجاري إلكتروني مرتبط بتكنولوجيا المعلوميات‬
‫ووسائل االتصال الحديثة"‪ ،‬فبالنسبة إليه لوجود أصل تجاري إلكتروني يكفي التحقق من أمرين‪:‬‬
‫أولهما توفر العناصر االعتيادية المكونة لألصل التجاري‪ ،‬ثانيهما وجود زبناء خاصين بهذا‬
‫األصل التجاري اإللكتروني‪.‬‬
‫كما أشار إلى مفهوم األصل التجاري اإللكتروني الفقيه "لوازو ‪ 8"LOISEAU‬بمناسبة‬
‫حديثة عن أسماء المجال حيث الحظ بأنه‪:‬‬
‫"عندما تقوم مقاولة ما بتطور نشاطها التجاري على شبكة اإلنترنيت‪ ،‬وتتخصص في‬
‫مجال التجارة اإللكترونية‪ ،‬فإن اسم المجال يؤسس ألصل تجاري افتراضي ومحل إلكتروني"‪.‬‬
‫كما اعتبر الفقيه منارا ‪ 9MANARA‬أن األسلوب التجاري الجديد والمتمثل في التجارة‬
‫اإللكترونية والقائم على الموقع اإللكتروني في خلق فضاء وبيئة جديدة لممارسة النشاط التجاري‬
‫ال ترتكز على العناصر المادية المألوفة في األصول التجارية التقليدية بل على عناصر أخرى‬
‫معنوية كفيلة بجذب الزبناء‪.‬‬
‫وبالرجوع لهذه التعريفات ومقارنتها بالتعريف الذي وضعه المشرع المغربي يمكن إبداء‬
‫بعض المالحظات‪ ،‬هي على الشكل التالي‪:‬‬
‫أن تعريف األصل التجاري كمال معنوي منقول ينسجم بشكل كبير مع األصل‬ ‫✔‬
‫التجاري اإللكتروني‪.‬‬
‫اعتبار عنصر الزبناء (عنصر معنوي) حاسم بالنسبة لألصل التجاري بنوعيه التقليدي‬ ‫✔‬
‫واإللكتروني وأن العناصر األخرى المعنوية هي عناصر خادمة ودعامة لهذا العنصر‬
‫األساسي‪.‬‬

‫‪ - 6‬طرح هذا السؤال الفقيه "‪ "DESGORCES‬الذي اعتبر أن اإلجابة عن هذا السؤال باإليجاب تتحدد في عنصرين‪ :‬أولهما‬
‫التأكد من وجود الشروط التقليدية المعهودة في األصول التجارية التقليدية‪ ،‬وثانيهم»»ا يتمث»»ل في التأك»»د من وج»ود زبن»»اء خاص»ين‬
‫بالموقع اإللكتروني‪.‬‬
‫‪Voir : R. DESGORCES : Notion de fonds de commerce et Internet, CCE, Mars 2000, N°3, p 14.‬‬
‫‪7 - Olivier ITEANAU : Le Contrat l’outil majeur du commerce électronique, op, cit, P 16 .‬‬
‫‪8 -G. LOISEAU : Nom de domaine et internet turbulence auteur d’auteur d’un nouveau signe‬‬
‫‪distinctif, Recueil, D, 1999, N° 245 , p130.‬‬
‫‪9 - MANARA : Le fonds de commerce électronique, la vie juridique, 24 août 1997, N° 2680,‬‬
‫‪p 160.‬‬
‫العناصر المادية ال تلعب دورا بارزا في األصل التجاري اإللكتروني شأنها في ذلك‬ ‫✔‬
‫شأن األصل التجاري التقليدي الذي ال تعد بالنسبة إليه من العناصر الالزمة أو‬
‫الوجوبية‪.‬‬
‫وهكذا يمكن القول بأن األصل التجاري اإللكتروني "هو كيان من العناصر المتنوعة‬
‫والمختلفة من حيث طبيعتها ومن حيث نظامها القانوني الخاص القادرة على جلب الزبناء‬
‫وتحقيق الربح"‪.‬‬
‫ومن ثم يمكن اعتبـ ــار أن التعريـ ــف الـ ــذي سـ ــاقه المشـ ــرع المغـ ــربي في المـ ــادة ‪ 79‬من‬
‫مدونــة التجـارة السـالفة الــذكر لألصــل التجـاري التقليــدي باعتبــاره مــال معنــوي منقــول يمكن أن‬
‫يصــلح بامتيــاز كتعريــف لألصــل التجــاري اإللكــتروني‪ ،‬كمــا أن العناصــر المكونــة لهــذا األصــل‬
‫الــواردة في المــادة ‪ ،80‬يمكن أن تنســحب إلى األصــل التجــاري اإللكــتروني مــع إضــافة بعض‬
‫العناصــر الخاصــة بهــذا األخــير و إن كــان ذلــك غــير ضــروري على اعتبــار أن هــذه العناصــر‬
‫تصلح حتى بالنسـبة لألصـل التجـاري التقليـدي‪ ،‬لم تـأتي على سـبيل الحصـر‪ ،‬لـذلك فـأن التغيـير‬
‫ال يجب أن ينص ــب على تعري ــف األص ــل التج ــاري ب ــل يجب أن يط ــال الطبيع ــة القانوني ــة له ــذا‬
‫األصل‪ ،‬وهو ما سنتناوله في المطلب الثاني‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية لألصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬


‫إذا كان الفقه يتأرجح في تحديد الطبيعة القانونية لألصل التجاري في صــورته التقليديــة‬
‫بين ثالث نظريـ ــات‪ ،‬مـ ــع العلم أن المشـ ــرع المغـ ــربي أخـ ــذ بنظريـ ــة المجموعـ ــة الواقعيـ ــة‪ ،‬فـ ــإن‬
‫التساؤل يطرح بخصوص النظرية المالئمة لألصل التجاري اإللكتروني‪.‬‬
‫ومن تم سنتناول في الفقرة األولى التكييف الفقهي لألصل التجــاري‪ ،‬في حين ســنتطرق‬
‫في الفقرة الثانية للنظرية المالئمة لطبيعة األصل التجاري في صيغته الرقمية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تكييف الفقه لألصل التجاري ‪:‬‬


‫أثــير نقــاش فقهي حــول تحديــد الطبيعــة القانونيــة لألصــل التجــاري‪ ،‬بحيث نتج عن هــذا‬
‫الخالف ثالث نظريـ ــات‪ :‬نظريـ ــة المجموعـ ــة القانونيـ ــة ونظريـ ــة المجموعـ ــة الواقعيـ ــة ونظريـ ــة‬
‫الملكية المعنوية‪.‬‬
‫غير أن ما يهمنا في هذا المقام نظريتي المجموعة الواقعية (أوال) والمجموعة القانونية‬
‫(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬نظرية المجموعة الواقعية لألموال ‪:‬‬
‫تجعل هذه النظرية من األصل التجاري مجموعة قانونية من األموال المادية والمعنوية‬
‫المكون ــة ل ــه‪ ،‬يتم تجميعه ــا من ط ــرف الت ــاجر به ــدف ممارس ــة نش ــاط أو ع ــدة أنش ــطة تجاري ــة‪،‬‬
‫وينبثــق عن هــذا المجمــوع الــواقعي كيــان أو وحــدة ذات قيمــة اقتصــادية مســتقلة عن العناصــر‬
‫الداخلــة في تكوينــه وفي نفس الــوقت ال تــرقى إلى درجــة الشخصــية المعنويــة والذمــة المســتقلة‬
‫عن ذمة التاجر صاحب األصل التجاري بل تعد جزء من أمواله‪.‬‬
‫ومن تم فهـذه النظريـة تمـيز بين األصـل التجـاري كوحـدة وكيـان مسـتقل يخضـع لنظامـه‬
‫وقوانينه الخاصة‪ ،‬وبين العناصر التي تدخل في تركيبه وتبقى محافظة على ذاتيتهــا االنفراديــة‬
‫ال ــتي تخض ــع لنظامه ــا وقوانينه ــا الخاص ــة‪ ،‬ألن ه ــذه العناص ــر ليس ــت ثابت ــة في ك ــل األص ــول‬
‫وليس ــت من طبيع ــة واح ــدة‪ ،‬إلى ج ــانب كونه ــا مرن ــة يص ــعب تحدي ــدها وض ــبطها مس ــبقا‪ ،‬فهي‬
‫تختل ــف ب ــاختالف أن ــواع التج ــارة وطبيعته ــا وأه ــدافها وتغييره ــا دخ ــوال وخروج ــا في تركيب ــة‬
‫األص ــل ال يغ ــير الوج ــود الم ــادي أو الق ــانوني لألص ــل التج ــاري‪ ،‬كم ــا ال ي ــؤدي اختف ــاء بعض‬
‫العناصــر أو اســتهالكها أو تجديــدها إلى اختفــاء األصــل التجــاري‪ ،‬وإ ن كــان ال محالــة يزيــد أو‬
‫يقلص من القيمة االقتصادية لألصل‪.‬‬
‫ويترتب عن هذه النظرية عدة نتائج أهمها‪:‬‬
‫✔ ليسـ ــت لألصـ ــل التجـ ــاري شخصـ ــية معنويـ ــة أو ذمـ ــة ماليـ ــة مسـ ــتقلة بالتزاماتهـ ــا (ديـ ــون)‬
‫وحقوقهــا (األصــول) بــل مجــرد مــال منقــول معنــوي من أمــوال التــاجر يعــد جــزء من‬
‫ذمتــه الخاصــة الــتي تشــكل الضــمان العــام لكــل الــدائنين بغض النظــر عن طبيعــة الــدين‬
‫مدني أو تجاري‪.‬‬
‫✔لألص ــل التج ــاري كي ــان مس ــتقل عن العناص ــر ال ــتي ي ــتركب منه ــا‪ ،‬ويخض ــع ب ــذلك لق ــانون‬
‫خــاص ينظم بيعــه وتقديمــه حصــة في شــركة والتســيير الحــر‪ ،‬وفي نفس الــوقت تحافــظ‬
‫هــذه العناصــر على اســتقالليتها ذلــك أنهــا تخضــع لقوانينهــا الخاصــة إذا وقــع التصــرف‬
‫فيها منفصلة‪.‬‬
‫✔ ال تنتقل الحقوق والديون الناشئة عن االستثمار بانتقال األصل التجاري‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نظرية المجموعة القانونية ‪:‬‬


‫هي نظرية ألمانية تجعل من األصل التجاري مجموعة قانونية من األمــوال تســتثمر في‬
‫الغرض الذي خصص له‪ ،‬وهي مؤسسة ذات ذمة مستقلة عن ذمة التاجر بعناصرها اإليجابية‬
‫(األصول) والسلبية (الخصوم)‪.‬‬
‫فيترتب عن ذلك عدة نتائج أهمها‪:‬‬
‫✔أن أصــول األصــل التجــاري تشــكل ضــمان عــام لدائنيــه‪ ،‬الــذين يملكــون حــق األســبقية أو‬
‫األولوية على باقي الدائنين الشخصيين (المدنيين) للتــاجر صــاحب األصــل ممــا يــترتب‬
‫عنــه إعطــاء الحــق لــدائني األصــل التجــاري في إقامــة الحجــز على أمــوال األصــل دون‬
‫الدائنين العاديين‪.‬‬
‫✔فضــال عن أنــه يكــون لألصــل التجــاري شخصــية معنويــة ممــا يعطيــه حــق التقاضــي باســمه‬
‫وفي موطنه أو مقره‪.‬‬
‫غير أن هذه النظرية تعرضت للعديد من االنتقادات على اعتبار أنها تتعارض مع مبــدأ‬
‫وحدة الذمة الماليـة المتعـارف عليهـا في العديـد من التشـريعات كمـا هـو الشـأن بالنسـبة للتشـريع‬
‫المغربي‪ ،‬إذ أن التاجر له ذمة مالية واحدة تشكل ضمانا لكافة ديونه التجارية وغير التجارية‪،‬‬
‫ومن تم يحــق لجميــع دائنيــه اســتيفاء حقــوقهم عن طريــق الحجــز على أموالــه بمــا فيهــا األصــل‬
‫التجــاري‪ ،‬باعتبــاره أحــد مكونــات ذمتــه الماليــة من منطلــق أن القــانون ال يعــترف لــه بشخصــية‬
‫معنوية يؤهله ألن تكون له ذمة مستقلة تشكل ضمان خاص لديونه التجارية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬النظرية المالئمة لطبيعة األصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬
‫بدايــة يجب اإلشــارة إلى أن مؤسســة األصــل التجــاري بالشــكل الــذي تناولنــاه في النقطــة‬
‫السابقة يبـدو مؤسسـة غـير محكمـة البنـاء وغـير مكتملـة التكـوين‪ ،‬فاألصـل التجـاري غـير محكم‬
‫البنـ ــاء ألنـ ــه ليس مجموعـ ــة قانونيـ ــة من األمـ ــوال ألن المشـ ــرع لم يعـ ــترف لـ ــه بالذمـ ــة الماليـ ــة‬
‫المستقلة‪ ،‬ولم يجعل منه ضمانا خاصا للديون المتعلقة به‪.‬‬
‫ويعتــبر مؤسســة غــير مكتملــة التكــوين ألنــه ال يشــتمل إال على بعض عناصــر المقاولــة‪،‬‬
‫وال يشتمل على كل األصول والخصوم‪ ،‬كما أنه ال يشمل العقود بالرغم من األهميـة القصـوى‬
‫التي أصبحت تمثلها حاليا بالنسبة للمقاوالت‪.‬‬
‫ه ــذا م ــا جع ــل مؤسس ــة األص ــل التج ــاري كم ــا هي متص ــورة اآلن في الق ــانون المغ ــربي‬
‫تفشــل في أن تمثــل المقاولــة ككيــان قــانوني مكتمــل‪ ،‬فالمشــرع لم ينظــر إليهــا في ذاتهــا بــل نظــر‬
‫إليها من خالل المقاول‪ ،‬فعلى خالف الشركة التي تطورت النظرة إليها فأصبح المشرع ينظــر‬
‫إليها ويتعامل معها كمنظومة إنتاجية تستدعي و ضع اآلليات التي تضمن استمرارها‪ ،‬فإنه‬
‫بخصوص المقاولة الفردية ظلت النظرة التقليدية المستمدة في القـانون التجـاري الفرنسـي لسـنة‬
‫‪ 1807‬هي المتحكم ــة عن ــد إح ــداث مدون ــة التج ــارة لس ــنة ‪ ،1996‬حيث بمج ــرد فتحه ــا نج ــدها‬
‫تتحــدث عن التــاجر وعن اكتســاب صــفة "التــاجر"‪ ،‬وعن التزامــات "التــاجر"‪ ،‬الشــيء قادهــا إلى‬
‫النظر إلى األصل التجاري كذلك من خالل التـاجر وتم تغـييب فكـرة المقاولـة‪ ،‬وبـذلك فهـو أقـام‬
‫نظاما قانونيا يجعل من التاجر منطلقه وهدفـه‪ ،‬وهـذا مـا جعـل نظـرة القـانون للتـاجر والمقاولـة‬
‫نظرة غير منسجمة وغير محكمة‪ ،‬وعلى الخصوم غير متطابقة مع حقائق الممارسة التجارية‬
‫المعاصــرة خاصــة في بعــدها اإللكــتروني الالمــادي‪ ،‬فالتــاجر على خالف االعتقــاد الســائد ليس‬
‫كل شيء في المقاولة حتى ننظر إليها من خالله‪ ،‬فهو أحد مكوناتها فقط‪ ،‬قـد يكـون أساسـيا بـل‬
‫محوري ــا ألن الفض ــل يرج ــع إلي ــه في تجمي ــع ب ــاقي عناص ــر اإلنت ــاج األخ ــرى‪ ،‬غ ــير أن ذل ــك ال‬
‫يجعل منه كل شـيء في المقاولـة‪ ،‬فهـو أحـد العناصـر فيهـا فقـط ينضـاف إلى العناصـر األخـرى‬
‫لتتشكل منظومة إنتاجية مركبة تتعــداه لتشـمل رأس المــال و اليــد العاملــة وغيرهــا من العناصــر‬
‫الماديــة والمعنويــة‪ ،‬وهــذا يســتوجب تعامــل القــانون مــع هــذه األخــيرة ككيــان قــانوني مســتقل عن‬
‫التاجر‪ ،‬كيان له ذاتيته تتعلق به كذلك مصــالح وحقــوق األغيــار من دائــنين وعمــال‪ ،‬وتتعلــق بــه‬
‫مصلحة عامة ككل‪ ،‬فهذا كله يستدعي تغيير النظـرة التقليديـة لألصـل التجـاري عن طريـق فـك‬
‫االرتباط المقام بينــه وبين التــاجر‪ ،‬وإ قامــة ارتبــاط بينــه وبين المقاولــة في شـموليتها‪ ،‬فهــذا وحـده‬
‫الكفي ــل بتجنب التص ــور ال ــذي تعرف ــه مؤسس ــة األص ــل التج ــاري كم ــا هي متص ــورة اآلن وكم ــا‬
‫يمكن تصــورها مســتقبال حــتى تســع لتشــمل كافــة مكونــات المقاولــة‪ ،‬وتقــوم من الناحيــة القانونيــة‬
‫كضـ ــمان خـ ــاص لـ ــديونها‪ ،‬فتتحقـ ــق بالفعـ ــل الغايـ ــة الـ ــتي كـ ــانت وراء تصـ ــور مؤسسـ ــة األصـ ــل‬
‫التجاري‪.10‬‬

‫‪ - 10‬فؤاد معالل ‪ :‬شرح القانون التجاري الجديد (الجزء األول )نظرية التاجر و النشاط التجاري ‪ ،‬دار األفاق المغربية ‪،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة –الدار البيضاء ‪،‬الطبعة الخامسة ‪ ،2016‬ص ‪ 177‬وما بعدها‪.‬‬
‫ل ــذلك ف ــإن األص ــل التج ــاري اإللك ــتروني وأن ك ــان – كم ــا س ــنرى الحق ــا – يش ــترك م ــع‬
‫نظيره العادي في بعض العناصـر المكونـة لـه وخاصـة العنصـر األساسـي "الزبنـاء" فإنـه يختلـط‬
‫في بعض العناصر األخرى‪.‬‬
‫وإ ن ك ــان ه ــذا ال يث ــير أي إش ــكال العتب ــارات متع ــددة أهمه ــا أن العناص ــر ال ــواردة في‬
‫الم ــادة ‪ 80‬من مدون ــة التج ــارة ليس ــت على س ــبيل الحص ــر مم ــا يجع ــل إمكاني ــة وج ــود عناص ــر‬
‫أخــرى مســتقبال أمــرا واردا‪ ،‬كمــا أن العناصــر المكونــة لألصــل التجــاري ليســت ثابتــة في كــل‬
‫األص ــول التجاري ــة إض ــافة إلى كونه ــا مرن ــة يص ــعب تحدي ــدها وض ــبطها مس ــبقا ألنه ــا تختل ــف‬
‫ب ــاختالف أن ــواع التج ــارة وطبيعته ــا وأه ــدافها‪ ،‬ف ــإن األص ــل التج ــاري اإللك ــتروني‪ ،‬يتم ــيز عن‬
‫نظــيره العــادي أنــه يمــارس نشــاطه أو أنشــطته التجاريــة في فضــاء رقمي ال مــادي تكــون فيــه‬
‫غالبــا هويــة (اســم‪ ،‬جنســية‪ ،‬بلــد‪ )...‬التــاجر مجهولــة‪ ،‬وبالتــالي فــإن القيمــة االقتصــادية لألصــل‬
‫التجــاري اإللكــتروني يحــددها الــرأس المــال المخصــص للنشــاط والعناصــر المســتخدمة والزبنــاء‬
‫وليس شخص التاجر الذي يعد دوره ثانويا‪ ،‬خصوصا وأن عنصر الزبناء والعناصــر األخـرى‬
‫المكونــة لألصــل التجــاري بنوعــه تكــون في النســخة اإللكترونيــة منــه أكــثر قــوة من ناحيــة الفئــة‬
‫الماديـ ــة ومن ناحيـ ــة الحمايـ ــة المتـ ــوفرة‪ ،‬الشـ ــيء الـ ــذي يـ ــؤثر إيجابـ ــا على الضـ ــمان العـ ــام لهـ ــذا‬
‫األصل‪.‬‬
‫وبالتــالي فــإن ال مجــال للحــديث عن فكــرة اتحــاد الذمــة الماليــة الواحــدة والضــمان العــام‬
‫للت ـ ــاجر ال ـ ــتي ج ـ ــاءت به ـ ــا النظري ـ ــة الواقعي ـ ــة لك ـ ــون شخص ـ ــية الت ـ ــاجر في األص ـ ــل التج ـ ــاري‬
‫اإللكــتروني – غالبــا – بــل من المفــترض – تكــون مجهولــة‪ ،‬كمــا أن الطــابع الــدولي والعــالمي‬
‫للتجارة اإللكترونية يزيد األمر صعوبة‪.‬‬
‫ومنه فإذا كان باإلمكان في األصـل التجـاري اإللكـتروني أن نأخـذ من النظريـة الواقعيـة‬
‫فكــرة كــون أن األصــل كيــان مســتقل عن العناصــر الــتي يتكــون منهــا‪ ،‬وخضــوع هــذه العناصــر‬
‫لقانون خاص ينظمها‪ ،‬فإنه من غير المستساغ تصور فكرة وحدة الذمــة الماليــة لتــاجر صــاحب‬
‫األصل التجاري لعدم إمكانية ذلك في الفضاء الرقمي‪.‬‬
‫لذلك فإن نظرية المجموعة القانونية هي األنسب بالنسـبة لألصـل التجـاري اإللكـتروني‪،‬‬
‫وذلك لالعتبارات التالية‪:‬‬
‫‪-‬ألن دور الت ــاجر في األص ــل التج ــاري اإللك ــتروني دور ب ــاهت قلي ــل األهمي ــة‪،‬‬ ‫✔‬
‫ذلـ ــك أن القيمـ ــة االقتصـ ــادية لألصـ ــل التـ ــاجر والنابعـ ــة من الزبنـ ــاء ترتبـ ــط في‬
‫الجوهر باألصل التجاري اإللكتروني ال بشخص التاجر‪.‬‬
‫ألن االع ـ ــتراف لألص ـ ــل التج ـ ــاري بالشخص ـ ــية المعنوي ـ ــة وذم ـ ــة مالي ـ ــة مس ـ ــتقلة‬ ‫✔‬
‫بخصـومها وأصـولها شـأنه في ذلـك شـأن الشـركة ذات المسـؤولية المحـدودة ذات‬
‫الشــريك الواحــد‪ ،‬يجعــل من هــذا األصــل اإللكــتروني الضــمان الحقيقي لالئتمــان‪،‬‬
‫وليس التــاجر‪ ،‬وبالتــالي فــإن المتعــاملين مــع هــذا األصــل غــير مضــطرين لتتبــع‬
‫ش ــخص الت ــاجر وتص ــرفاته في الفض ــاء ال ــرقمي ب ــل عليهم فق ــط تتب ــع أنش ــطتهم‬
‫األصـ ــل التجـ ــاري ألنـ ــه الـ ــذي يتغـ ــير هـ ــو المقـ ــاول أو التـ ــاجر وليس المقاولـ ــة أو‬
‫األصل التجاري اإللكتروني‪.‬‬
‫كون أن العناصر المكونة لألصــل التجـاري اإللكــتروني لهــا من األهميــة والقيمــة‬ ‫✔‬
‫الماديــة والمعنويــة الــتي تؤهلهــا أن تشــكل الضــمان الحقيقي للــدائنين تعــني بــذلك‬
‫أموال التاجر الشخصية لكن بشرط توفر عنصر الحماية لهذه العناصر‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬عناصر األصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬

‫إن إنشـ ــاء األصـ ــل تجـ ــاري اإللكـ ــتروني بمعنـ ــاه القـ ــانوني شـ ــأنه في ذلـ ــك شـ ــأن األصـ ــل‬
‫التقليدي‪ ،‬يقتضي توافر مجموعة من العناصر المعنويــة والماديــة المخصصــة لممارســة النشــاط‬
‫التجاري التي يهدف من خاللها التاجر أساسا تكوين رصيد من الزبناء وتنميته‪ ،‬وإ ذا كان لكل‬
‫عنصر من العناصر المكونة له كيانه القانوني الخاص بـه وقيمتـه االقتصـادية الذاتيـة‪ ،‬فإنـه من‬
‫مجموع هذه العناصر وعن طريق عملها متحدة تتكـون وحـدة مسـتقلة قائمـة بـذاتها هي األصـل‬
‫التجاري الذي له بدوره كيانه القانوني المستقل وقيمته االقتصادية الذاتية‪.11‬‬

‫‪11‬‬ ‫‪- La cession de fonds de commerce‬‬ ‫‪électronique,‬‬ ‫‪cité‬‬ ‫‪par‬‬ ‫‪le‬‬ ‫‪site :‬‬
‫‪https://www.blog.twisttagain.com, p3, le 03/06/2020.‬‬
‫غـ ــير أن التحـ ــدي القـ ــانوني المطـ ــروح في التجـ ــارة اإللكترونيـ ــة يتمثـ ــل في عـ ــدم وجـ ــود‬
‫الوس ــائل المادي ــة الملموس ــة ك ــالمحالت التجاري ــة وال ــتي تعت ــبر ص ــلة وص ــل أساس ــية للزبن ــاء‬
‫باألص ــل التج ــاري التقلي ــدي‪ ،‬ل ــذلك ف ــإن األص ــل التج ــاري اإللك ــتروني مط ــالب بتع ــويض ه ــذه‬
‫العناصر التقليدية بوسائل أخرى جديدة تتالءم مع طبيعة التجارة اإللكترونية‪.‬‬
‫لذلك فإننا نتساءل عن مدى انسجام وتطابق عناصر األصل التجاري الواردة في المادة‬
‫‪ 80‬من مدونــة التجــارة‪ ،12‬مــع مفهــوم األصــل التجــاري اإللكــتروني؟ وهــل يرتبــط وجــود هــذا‬
‫األخــير بضــرورة تــوفر كافــة هــذه العناصــر أم قــد يقتصــر األمــر على تــوفر البعض منهــا فقــط؟‬
‫وهل هناك عناصر تميز األصـل التجـاري اإللكـتروني لم تكن معروفـة في وقت تنظيم األصـل‬
‫التجاري التقليدي؟‬
‫للجواب عن هذه األسـئلة سـنتناول عنصـر الزبنـاء باعتبـاره عنصـر جـوهري في تكـوين‬
‫األصل التجـاري اإللكــتروني "المطلب األول "‪ ،‬على أن نخصــص "للمطلب الثــاني" للبحث في‬
‫م ــدى ت ــوافر عناص ــر أخ ــرى تم ــيزه عن األص ــل التقلي ــدي و ال ــتي م ــا هي إال عناص ــر جاذب ــة‬
‫لعنصــر الزبنــاء و آليــات الشــتغال األصــل التجــاري االلكــتروني تتمثــل أساســا في اســم المجــال‬
‫(العن ــوان اإللك ــتروني) وعق ــود اإلي ــواء ‪ ،‬قواع ــد البيان ــات ‪ ،‬ب ــرامج الحاس ــوب و طبوغرافي ــة‬
‫الدوائر المتاكملة ‪ –...‬باعتبارها عناصر جديدة لهذا األصل‪.-‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الزبن ـ ـ ــاء الرقم ـ ـ ــيين عنص ـ ـ ــر أساس ـ ـ ــي في األص ـ ـ ــل التج ـ ـ ــاري‬
‫اإللكتروني ‪:‬‬
‫بداي ــة تج ــدر اإلش ــارة إلى أن العناص ــر المعنوي ــة لألص ــل التج ــاري التقلي ــدي تص ــلح أن‬
‫تكــون عناصــر لألصــل التجــاري اإللكــتروني مــع بعض التعــديل‪ ،13‬إلى أننــا ارتأينــا تنــاول أهم‬
‫العناصر المميزة لألصل التجـاري اإللكــتروني بنــوع من التفصــيل بــالنظر ألهميتهــا وانسـجامها‬
‫مع طبيعة هذا األصل‪.‬‬
‫غير أن عنصر الزبناء هو عنصر أساسي في قيام األصل التجاري‪ ،‬سواء تعلق األمــر‬
‫في صيغته التقليدية أو في صيغته الرقمية‪.‬‬

‫‪ - 12‬تنص المادة ‪ 80‬من م‪ .‬ت‪ :‬على ما يلي‪.... " :‬يشتمل األصل التجاري وجوبا على زبناء وسمعة تجارية‪."...‬‬
‫‪13 -DUBOS Brano : essai sur la notion de fonds de commerce électronique, Thèse doctorat de‬‬
‫‪l’université des science sociales Toulouse I, droit privé 2008, p 30.‬‬
‫وعليه سنتطرق لمفهوم الزبنـاء الرقمـيين و أهميتهم بالنسـبة لألصـل لألصـل التجـاري‬
‫اإللكتروني (الفقرة األولى)‪ ،‬قبل تناول شروط صحة هذا العنصر من أجل االعتراف بوجــود‬
‫األصل التجاري اإللكتروني (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم الزبناء الرقميين و أهميتهم في األصل التجاري االلكتروني ‪:‬‬

‫يشكل الزبناء العنصر األساسي في قيام األصل التجاري‪ ،‬بل هناك جانب من الفقــه من‬
‫يع ــرف األص ــل التج ــاري بأن ــه "مجموع ــة من الوس ــائل تس ــتخدم لج ــذب الزبن ــاء والحف ــاظ على‬
‫وفائهم‪ ،14‬يعتمد هذا التعريف على عنصر الزبناء باعتباره القيمة االقتصــادية الحقيقيــة لألصــل‬
‫التج ــاري متخلي ــا ب ــذلك عن األدوات والمع ــدات والبض ــائع وغيره ــا من العناص ــر المادي ــة ال ــتي‬
‫اعتمد عليها التجار القدامى‪.‬‬
‫ومن المعل ــوم أن التج ــارة اإللكتروني ــة ال تختل ــف عن التج ــارة التقليدي ــة إال في الدعام ــة‬
‫المستخدمة (اإلنترنت والمحل التجاري اإللكتروني)‪ ،‬ومن جهــة أخــرى وكمــا للتجــار التقليــديين‬
‫زبن ــاء ف ــإن التج ــار الس ــبرانيين ك ــذلك زبن ــاء إلكترون ــيين‪ ،‬ذل ــك أن ــه في ال ــوقت ال ــذي ي ــزور في ــه‬
‫الزبناء التقليديون ماديا محل التاجر التقليدي يقوموا مستخدمو اإلنترنت (الزبنـاء اإللكـترونيون‬
‫) بزيارة موقع التجارة اإللكترونية التابعة للتجار السيبارنيين من خالل شبكة اإلنترنت‪.‬‬
‫غير أن السؤال الذي يمكن طرحه في هذا الصدد هو اإلشــكاليات القانونيــة الــتي تطــرح‬
‫بالنسبة للطبيعة الشخصية للزبناء اإللكترونيين في عالقتها باألصل التجاري اإللكتروني؟‬
‫قب ــل اإلجاب ــة عن ه ــذا اإلش ــكال ارتأين ــا تن ــاول مفه ــوم الزبن ــاء اإللكترون ــيين (أوال) قب ــل‬
‫الحديث عن أهميتهم بالنسبة لألصل التجاري اإللكتروني (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪:‬مفهوم الزبناء االلكترونيين ‪:‬‬

‫ينشــأ األصــل التجــاري كوحــدة قانونيــة مســتقلة بمجــرد تــوفر عنصــر الزبنــاء و الســمعة‬
‫التجاريـ ــة اللـ ــذين أساسـ ــين بحسـ ــب مـ ــا نصـ ــت عليـ ــه الفقـ ــرة األولى من المـ ــادة ‪ 80‬من مدونـ ــة‬

‫‪14 - Le fonds de commerce électronique : une reconnaissance effective, cité par le site :‬‬
‫‪https://aviby-avocat.fr le 06/05/2020.‬‬
‫التجــارة ‪ ،‬و هــو مــا يفيــد ضــمنا أنــه بتــوفر هــذين العنصــرين تكتمــل مقومــات األصــل التجــاري‬
‫‪15‬‬
‫بغض النظر عن وجود العناصر األخرى‪.‬‬

‫و على خالف م ــا ي ــذهب إلي ــه البعض ‪ ،‬ف ــان األص ــل التج ــاري ال يتك ــون بمج ــرد فتح‬
‫المؤسس ــة التجاري ــة أبوابه ــا للجمه ــور ‪،‬ب ــل باكتس ــابها لرص ــيد من الزب ــائن بفض ــل م ــا تس ــتطيع‬
‫تحقيقه من سمعة تجارية ‪ ،‬األمر الذي يتطلب مرور بعض الوقت بعد االفتتاح ‪.‬‬

‫و المش ــرع المغ ــربي اس ــتخدم مص ــطلحين للتعب ــير عن عنص ــر واح ــد و ه ــو الزبن ــاء ‪،‬‬
‫فالمــادة ‪ 80‬من مدونــة التجــارة نصــت على أنــه "يشــتمل األصــل التجــاري على زبنــاء و ســمعة‬
‫تجارية "‪,‬‬

‫و قد أجمع الفقه على أنه ال توجد من أهمية قانونية تذكر للتمييز بين الزبناء و السمعة‬
‫التجاريــة ‪ ،‬فبغض النظــر عن المعــامالت الــتي تحـدد الزبنــاء و طريقــة اسـتقطابهم إمــا باعتمــاد‬
‫على صفات شخصية أو جودة المنتج أو الموقـع الممـيز فكالهمـا يشـكل مؤشـر نجـاح التـاجر و‬
‫قيمة مقاولته ‪.16‬‬

‫يقصــد بالزبنــاء مجمــوع العالقــات الــتي تربــط الجمهــور بمحــل تجــاري مــا‪ ،‬ســواء كــانت‬
‫هذه العالقات دائمة أو عرضية ‪ ،‬و التي تجد أساسها في مجموعة من االعتبارات الشخصــية‬
‫(كســمعة التــاجر‪ ،‬وثقــة األشــخاص بــه ) و االعتبــارات الموضــوعية (كجــودة البضــائع و موقــع‬
‫المحــل التجــاري ) إذا و بمعــنى آخــر يــراد بالزبنــاء المشــترين هم األشــخاص الــذين يرتــادون‬
‫‪17‬‬
‫األصل التجاري بشكل اعتيادي أو عرضي و احتماليين كانوا أم ال ‪.‬‬

‫و بغض النظـ ــر عن مـ ــدى أهميـ ــة التفرقـ ــة بين الزبنـ ــاء القـ ــارين و الزبنـ ــاء العرضـ ــيين‬
‫(السمعة التجاريـة ) و عن مـدى انسـجام هـذا التعريـف مـع مفهـوم الزبـون االلكـتروني و الـدور‬
‫ال ــذي يلعب ــه كعنص ــر ج ــوهري في األص ــل التج ــاري ‪ ،‬ف ــإن ه ــذه التفرق ــة ال تج ــد له ــا مح ــل في‬
‫‪ -15‬هذا ما جاء في قرار المجلس األعلى عدد ‪ ,93‬الصادر بتاريخ في ‪ ,22/01/2002‬وارد عند فؤاد معالل ‪ :‬شرح القانون التجاري الجديد‪،‬‬ ‫‪15‬‬
‫المرجع السابق ‪ ,‬ص ‪.170‬‬
‫‪ -16‬عز الدين بنستي ‪ :‬دراسة في القانون التجاري المغربي‪ ،‬دراسة في قانون الملكية التجارية الصناعية‪ ،‬الجزء الثاني‪،‬‬
‫األصل التجاري‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪ .2001 ،‬ص ‪.33‬‬

‫‪ - 17‬محمد تيسير حطاب ‪-‬يوسف خصاونة ‪:‬تطيق النظام القانوني للمحل التجاري على الموقع التجاري االلكتروني ‪ ،‬مجلة‬
‫الشريعة و القانون ‪ ،‬العدد ‪ 46‬أبريل ‪ ، 2011‬ص ‪.347‬‬
‫األص ـ ــل التجـ ــاري االلكـ ــتروني ‪ ،‬على اعتبـ ــار أنـ ــه في الفضـ ــاء الـ ــرقمي رغم لجـ ــوء المواقـ ــع‬
‫التجاري ــة ع ــادة إلى تقني ــة فتح حس ــابات خاص ــة لتس ــجيل الزبن ــاء و ت ــوفر له ــؤالء امتي ــازات و‬
‫تحفــيزات خاصــة بالمشــتركين ممــا تجعــل الزبــون يلجئ لهــذه الصــفحات باســتمرار ‪ ،‬إن لم يكن‬
‫بس ــبب االمتي ــازات الممنوح ــة من قب ــل الت ــاجر و ش ــعوره باالنتم ــاء ‪ ،‬فعلى األق ــل لتف ــادي ط ــول‬
‫اإلجــراءات المتعلقــة بالتســجيل عنــد زيارتــه لموقــع آخــر ‪ ،‬الشــيء الــذي يمكن التــاجر –صــاحب‬
‫الموقــع – مســتقبال ليس فقــط من حصــر عــدد الزبنــاء القــاريين و غــير القــارين ‪ ،‬بــل أيضــا من‬
‫وض ــع خــط اســتهالكي معين يتناســب و فئ ــة الزبن ــاء المشــتركين و ال ــزوار من خالل دراســات‬
‫علمي ــة متط ــورة ترتك ــز على م ــا يت ــوفر لدي ــه من معلوم ــات ‪ .‬و إن ك ــان ال يمكن تعميم ذل ــك‬
‫كقاع ــدة ألن ــه في ح ــاالت عدي ــدة ال يمكن معرف ــة هوي ــة الزب ــون ال ــرقمي و ال التأك ــد من كون ــه‬
‫زبونا قارا أو عرضيا ‪ ،‬و حتى في الحاالت التي يتطلب فيها األمر فتح حساب خاص (يتوفر‬
‫على بيانـ ــات الزبـ ــون) ال يمكن التأكـ ــد من كونـ ــه زبونـ ــا فعليـ ــا أم مجـ ــرد متصـ ــفح للبضـ ــائع و‬
‫المنتجات المعروضة بدوافع الفضول – في حالة تسجيله و عدم زيارته للموقــع مــرة أخــرى –‬
‫كما يمكن استعمال واحد من أكثر من شخص‪.‬‬

‫غــير أنــه إذا كــان الزبنــاء أســاس نشــأة األصــل التجــاري بنوعيــه التقليــدي و االلكــتروني‬
‫فـ ــان ذلـ ــك ال يعـ ــني عـ ــدم وجـ ــود أوجـ ــه االختالف بينهم من الجـ ــانب الـ ــرقمي الممـ ــيز للتجـ ــارة‬
‫االلكترونيــة ‪ ،‬و كيفيــة إجــراء المعــامالت التجاريــة و طــرق جــذب الزبنــاء و طــرق الــبيع بمــا‬
‫فيه ــا التقني ــات المس ــتخدمة في ال ــدفع و األداء ‪ ،‬بحيث ف ــإذا ك ــان الزبن ــاء في األص ــل التج ــاري‬
‫التقليدي مرتبطون بالمحل التجاري ‪ ،‬فان هذه النظرة أصبحت متجاوزة ال تتماشى مــع طبيعــة‬
‫التطور االقتصادي الحاصل و المتمثل أساسا في ظهور نوعية جديــدة من الزبنــاء تقــوم بجميــع‬
‫أنشــطتها عــبر شــبكة االنــترنيت ‪ ،‬الشــيء الــذي جعــل من هــؤالء الزبــائن مكونــا أساســيا لألصــل‬
‫التجاري االلكتروني مرتبطون ليس بمحل تجـاري كمـا هـو الشـأن بالنسـبة لألصـل التقليـدي بـل‬
‫مرتبطون بموقع الكتروني و ما يوفره من تقنيات التجارة االلكترونية ‪.‬‬

‫و على عكس المحالت التجارية التي تحتاج إلى الوقت حتى تكتسب عنصر الزبناء ‪،‬‬
‫فمجرد إنشاء موقع الكتروني يقوم بنشاط تجاري كاف ليتحول الى أصل تجاري الكتروني إذا‬
‫كـ ــان يتـ ــوفر هـ ــذا الموقـ ــع على آليـ ــات و تقنيـ ــات قـ ــادرة على جـ ــذب الزبنـ ــاء باعتبارهـ ــا العامـ ــل‬
‫الرئيسي إلشهار النشـاط التجـاري االلكــتروني ‪ ،‬فالجـانب اللوجسـتيكي يلعب دورا فعــاال لجـذب‬
‫الزبناء عـبر االنـترنيت ألن تقنيـات المعلوميـات أو صـناعة المعلومـة في عصـر االنـترنيت هي‬
‫التي خلقت الوجود الواقعي و الحقيقي للتجارة االلكترونية ‪ ،‬كما أن نجاح التجــارة االلكترونيــة‬
‫مرتبط بمدى أهمية و تميز الموقع االلكتروني في جذب العــدد األكــبر من الزبنــاء خصوصــا و‬
‫أن ه ــؤالء ينتقل ــون من موق ــع إلى آخ ــر ح ــتى يس ــتقرون على الموق ــع األك ــثر إقناع ــا و األك ــثر‬
‫أمانا ‪ ،‬و في الجهة المقابلـة الموقـع النشـيط و الممـيز يسـتطيع االحتفـاظ بالزبنـاء و كسـب ثقتهم‬
‫و فتح حسـ ــابات خاصـ ــة بكـ ــل زبـ ــون –تفتح بقن سـ ــري –تعطي للزبـ ــون اإلحسـ ــاس بالمعاملـ ــة‬
‫الخاص ــة من ط ــرف الموق ــع ‪ ،‬و أيض ــا من خالل توف ــير و س ــائل مطمئن ــة و آمن ــة لتح ــوالتهم‬
‫المالية و إعداد خدمات ما بعد البيع ‪ .18‬بيد أن مفهــوم الزبنــاء يختلــف بعض الشــيء عنــدما يتم‬
‫الحديث عنه في مجال الشبكة العنكبوتية حيث تفتقر العالقات ما بين الزبون و التاجر للجــانب‬
‫المادي الملموس فيختلف تبعا لذلك من حيث العناصر الجاذبة للزبناء ‪.‬‬

‫و في الواق ــع العملي ‪ ،‬يالح ــظ أن انتش ــار موق ــع الك ــتروني م ــا يتب ــع حالي ــا إس ــتراتيجية‬
‫دعائية‪ ،‬إذ إن االنترنيت بات كما وصفه أحد الفقهاء الفرنسيين سوقا‪ 19‬دعائيــة هامــة ‪ ،‬و عليــه‬
‫ف ــان النج ــاح االقتص ــادي للموق ــع االلك ــتروني مره ــون بش ــكل أساس ــي ب ــإبرام الكم األك ــبر من‬
‫األعمال التجارية ‪ ،‬و غير أن كال من فرصة إبرام مثل هذه العقــود و اكتسـاب زبنــاء ‪،‬و قيمــة‬
‫عقود إيجار الحيز الدعائي على الموقع االلكتروني تعتمدان وبال أدنى شـك على مـدى الـتردد‬
‫على صفحات الموقع ‪.20‬‬

‫أضف إلى ذلك القضاء‪ 21‬يرى أن اإلغالق المؤقت للمحل التجاري التقليدي ال يــؤدي‬
‫بالضــرورة إلى انتهائــه ‪ ،‬ونحن نــرى أن هــذا الــرأي ينطبــق على الموقــع التجــاري االلكــتروني‬
‫((‪ site web‬بحيث ال يــترتب على اإلغالق الفــني للموقــع و الــذي يتم لفــترات مؤقتــة (لغايــات‬
‫تحديثــه أو تعــديل هندســة الموقــع أو تغيــير شــكله ) زوال العنصــر الجــوهري للموقــع و المتمثــل‬

‫‪18 -SABINE DE KIK :op.cit , P 17 et 18‬‬


‫‪19 -M .VIVANT : Internet support publicitaire : régulation et déontologie, GAZ .Pal 2‬‬
‫‪Edition .1997, spécial p 1503.‬‬

‫‪ - 20‬محمد تيسير – مها يوسف خصاونة ‪ :‬المرجع السابق ص ‪.351‬‬


‫‪21 -Cass .com.le26 /01/1993 RDT.com .,1994/40 n°529.‬‬
‫في الزبنـ ــاء ‪ ،‬و بالتـ ــالي عـ ــدم زوال األصـ ــل التجـ ــاري االلكـ ــتروني ‪ .‬ففي الواقـ ــع العملي ‪،‬‬
‫مســتخدمو االنــترنيت على درايــة تامــة بــأن فــترات انقطــاع االتصــال مــع الموقــع ال تســتمر إال‬
‫لساعات محدودة و أنه ال يمكن تجنبها و ذلك ألن هذه المواقع مفتوحة للجمهـور بال انقطـاع ‪.‬‬
‫إذا و من الناحية النظرية ‪ ،‬إن تـردد الزبنـاء على الموقـع االلكـتروني لن يتـأثر بهـذا االنقطـاع‬
‫المــؤقت ‪ ،‬بيــد أنــه من الناحيــة العمليــة احتماليــة أن يبحث مســتخدمو اإلنــترنيت في الحــال عن‬
‫الخدمــة المرجــوة لــدى منــافس آخــر مرتفعــة جــدا األمــر الــذي يــدل على انخفــاض الــتردد على‬
‫الموقع االلكتروني ‪.‬‬

‫في جميع األحوال تجدر اإلشارة إلى أن فترات االنقطاع هذه تهدف أساســا إلى تحســين‬
‫مضــمون الموقــع و أدائــه ‪ ،‬بمعــنى آخــر تحســين قدرتــه على اجتــذاب الزبنــاء ‪ ،‬بحيث انــه عنــد‬
‫إعادة افتتاح الموقع ‪ ،‬ستكون قدرته الجاذبة قد تزايدت مضاعفة بذلك الزيــادة في عــدد الــزوار‬
‫للموقع التجاري االلكتروني‪ ،‬و يجب التنويه إلى أن إغالق الموقع في الغالب ال يتم إال جزئيــا‬
‫بحيث يتم حجب الخدمة عن بعض الروابط محددا بذلك تحول الزبناء عن الموقع‪.‬‬

‫لــذلك يعتــبر مفهــوم الزبنــاء التقليــدي غــبر شــامل و غــير دقيــق ‪ ،‬و يجب تكييفــه بشــكل‬
‫يس ــتوعب التقني ــات الحديث ــة المس ــتخدمة في التج ــارة االلكتروني ــة ال ــتي تتخ ــذ أنماط ــا ع ــدة ك ــبيع‬
‫المنتيجات و الخدمات عبر االنترنيت و إجراء البيع بالوصف عبر شبكة االنترنيت مــع توفــير‬
‫ال ــدفع بالوس ــائل اإللكتروني ــة (النق ــود االلكتروني ــة و بطاق ــة االئتم ــان ) و ارتب ــاط ه ــذه المواق ــع‬
‫بمواقـع أخـرى تقـوم بأنشـطة التزويـد و التوزيـع أو بتوفـير الخـدمات الماليـة أو خـدمات النقـل و‬
‫الشحن و غيرها ‪.‬‬

‫و قد يحدث أحيانا أن يكون زبناء أصل تجاري تقليدي مرتبطون بعالمة تجارية معينــة‬
‫فيقومــون بــالبحث عن آخــر مســتجداتها عــبر شــبكة االنــترنيت أو التواصــل االجتمــاعي فيصــبح‬
‫هؤالء نتيجـة ذلـك زبنـاء الكترونـيين ‪ ،‬و في هـذه الحالـة تكـون هـذه الفئـة من زبنـاء الكترونـيين‬
‫مرتبطون بأصل تجاري تقليدي ‪.‬‬

‫ورغم عــدم تعريــف الفقــه و ال القــانون لعنصــر الزبنــاء االلكترونــيين و عــدم تحديــدهما‬
‫لطبيعته القانونية و ما يمتـاز بـه عن الزبـون العـادي ‪ ،‬فـان القضـاء و الفقـه اسـتقر على اعتبـار‬
‫الزبنــاء االلكترونــيين العنصــر الجــوهري لألصــل التجــاري ‪ ،‬و الــذي يتوقــف عليــه وجــود هــذا‬
‫األخير و انقضائه‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أهمية الزبناء اإللكترونيين في األصل التجاري ‪:‬‬


‫كما هـو الحـال في ميـدان التجـارة التقليديـة‪ ،‬فـإن الزبنـاء اإللكترونـيين يمثلـون في ميـدان‬
‫التجارة اإللكترونية العنصر األساسي لألصل التجاري اإللكتروني‪ ،‬هذا مــا ذهبت إليــه محكمــة‬
‫النقض الفرنسية في قـرار صـادر عنهـا بتـاريخ ‪ 31‬مـاي ‪ ،1988‬حيث أكـدت الغرفـة التجاريـة‬
‫من نفس المحكمة أنه في حال غياب أو انـدثار أو بيـع أحـد عناصـر األصـل التجـاري فإنـه هـذا‬
‫األخير يضل دائما موجودا‪.22‬‬
‫وغ ــير أن عنص ــر الزبن ــاء يمث ــل االس ــتثناء في ه ــذه القاع ــدة العام ــة‪ ،‬بحيث ال يمكن أن‬
‫نتحــدث عن أصــل تجــاري دون زبنــاء في حين أن بــاقي عناصــر األصــل التجــاري عبــارة عن‬
‫آليــات لإلقنــاع والجــذب للزبنــاء اإللكترونــيين‪ ،‬وتســاهم في ضــمان اســتمرار األصــل التجــاري‬
‫وليس في تكوينه ‪ .‬لذلك إن مسألة تــوافر الموقـع التجـاري اإللكــتروني على زبنــاء إلكترونــيين‬
‫هو العنصر الذي يحكم االعتراف للموقع من عدمــه باألصــل التجــاري اإللكــتروني‪ ،23‬وبالتــالي‬
‫فــإن أي موقــع تجــاري إلكــتروني يمــارس نشــاطا مشــروعا ويتــوفر على زبنــاء محــددين يشــكل‬
‫واضح وخاصين به يمكن له أن يدعي توفره على أصل تجاري إلكتروني‪.‬‬
‫كما أن هناك من الفقه من يعرف األصل التجــاري بأنــه "مجموعــة من الوســائل تســتخدم‬
‫لج ــذب الزبن ــاء و الحف ــاظ على وف ــائهم "‪ ،‬يعتم ــد ه ــذا التعري ــف على عنص ــر الزبن ــاء باعتب ــاره‬
‫القيم ــة االقتص ــادية الحقيقي ــة لألص ــل التج ــاري ال ــتي اهت ــدى إليه ــا الفك ــر الح ــديث ‪ ،‬متخلي ــا عن‬
‫األدوات و المعدات و البضائع و غيرها من العناصر المادية التي اعتمد عليها التجار القدامى‬
‫‪ .‬كما اعتبر ارتباط الزبناء بالعناصر المخصصـة لالسـتغالل (المقـاوالت المتوسـطة و الكـبرى‬
‫خاصـ ــة ) و ليس بشـ ــخص التـ ــاجر و لباقتـ ــه (السـ ــائد في المقـ ــاوالت الصـ ــغرى )‪ ،‬على خالف‬

‫‪22 - Arrêt de la cour de cassation 31 mai 1988 N° 86-13-486, cité par : compat-ecommerce-ne‬‬
‫‪1445 du 01 mars 2020, p 6.‬‬
‫‪23 -Edmond Picard – Léon Hennebicq – Charles van Reepinghen – Jean Dal : le Fonds de‬‬
‫‪commerce virtuel : une réalité juridique, journal des tribunaux n° 6044 du 23 Février 2002 ; p 2.‬‬
‫زبنــاء المهن الحــرة المدنيــة (الطب و الهندســة و المحامــاة )الــذين يرتبطــون بالثقــة و مهــارات‬
‫أصحاب هذه الحرف ‪.24‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الشروط الواجب توافرها في عنصر الزبناء الرقميين ‪:‬‬


‫يلــزم على التــاجر في الفضــاء الــرقمي‪ ،‬شــأنه في ذاك شــأن التــاجر التقليــدي‪ ،‬أن يحــوز‬
‫على زبناء مشروعين وشخصيين‪.25‬‬

‫أوال ‪:‬الطبيعة المشروعة للزبناء الرقميين‪:‬‬


‫كما هو معلــوم أنــه ال يمكن في العــالم المــادي أن نتحـدث عن أصــل تجـاري معــترف بــه‬
‫قانونا إال إذا تعلق هذا األصل التجاري بنشاط مشروع‪.‬‬
‫و من المنطقي جدا أن تطبق هذه القاعدة كذلك في الفضــاء الــرقمي عنــدما يتعلــق األمــر‬
‫بأصــل تجــاري إلكــتروني‪ ،‬هــذا يعــني أن الموقــع التجــاري اإللكــتروني ال يمكن أن يحــوز على‬
‫أصل تجاري إلكتروني إذا ما كان النشاط الذي يقوم به غير مشروع‪.‬‬
‫ذلك أن بعض األنشطة إما أنها تكون ممنوعة بصـفة عامـة أو ممنوعـة فقـط على شـبكة‬
‫اإلنترنت أو أنها تخضع للترخيص وغير ذلك‪.‬‬
‫ف ــإذا خ ــالف الت ــاجر الس ــيبراني ه ــذه الش ــروط فال يمكن ــه أن ي ــدعي أن ــه ص ــاحب أص ــل‬
‫تجاري إلكتروني‪ ،‬وبالتالي يتوجب على التاجر اإللكتروني احترام القـوانين الـتي تـدعم النشـاط‬
‫الذي يقوم به ويحترم النظام العام واألخالق الحميدة‪...‬‬

‫ثانيا ‪:‬التوفر على زبناء شخصيين تابعين للموقع التجاري اإللكتروني ‪:‬‬
‫من أجــل منح التــاجر الســيبراني حيــازة أصــل تجــاري إلكــتروني من الضــروري كــذلك‬
‫التثبت من توفره على زبناء شخصيين تابعين له‪.‬‬

‫‪- 24‬أحمد شكري السباعي ‪ :‬الوسيط في النظرية العامة في قانون التجارة و المقاوالت التجارية و المدنية ‪ ،‬دراسة معمقة في قانون التجارة المغربي‬
‫الجديد و القانون المقارن ‪ ،‬الجزء الثاني دار نشر المعرفة ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2001‬ص ‪.83‬‬
‫‪- 25‬فؤاد بنصغير‪ ،‬إشكالية الطبيعة الشخصية للزبناء في األصل التجاري اإللكتروني‪ ،‬مقال منشور في مجل»»ة مغ»»رب الق»»انون‪،‬‬
‫عدد ‪ ،1‬بتاريخ ‪ 31‬يناير ‪ ،2019‬ص ‪.3‬‬
‫ويرجـع ذلـك إلى غيـاب العالقـة المباشـرة بين التـاجر السـيبراني وزبنائـه بسـبب الطبيعـة‬
‫التقنيــة للفضــاء الــذي يمــارس فيــه نشــاطه‪ .‬هــذا مــا يثــير تســاؤل كبــير‪ :‬هــل يمكن اعتبــار التــاجر‬
‫السيبراني كحائز للزبناء لكي يستفيد من األصل التجاري؟‬
‫هـذا السـؤال يجـد مـبرره في كـون العالقـات التعاقديـة في الفضـاء الـرقمي ال تتم مباشـرة‬
‫بين التـ ــاجر السـ ــيبراني والزبـ ــون‪ ،‬ذلـ ــك أن مجموعـ ــة من الوسـ ــطاء يتـ ــدخلون مـ ــا بين التـ ــاجر‬
‫السيبراني وزبنائه في هذا الفضاء‪ ،‬ويتعلق األمر بمقدمي خدمة اإليواء ومقدمي خدمة الولــوج‬
‫إلى اإلنترنت‪.‬‬

‫أ‪-‬مقدمي خدمة اإليواء ‪:‬‬


‫من المعلـوم أن التـاجر السـيبراني يلجـأ بالضـرورة إلى مقـدم خـدمات اإلنـترنت من أجـل‬
‫إي ــواء موقع ــه اإللك ــتروني على ش ــبكة اإلن ــترنت‪ ،‬ه ــذا األم ــر ال ــذي يفس ــر أن الموق ــع التج ــاري‬
‫اإللكتروني الذي تتم زيارته من قبل الزبناء السيبرانيين يتواجـد لـدى مقـدم خدمـة اإليـواء‪ ،‬ذلـك‬
‫أن البيانات الرقميـة الـتي تشـكل موقـع التـاجر السـيبراني (الموقـع اإللكـتروني عبـارة عن قاعـدة‬
‫بيانات رقمية) تتم استضافتها في الواقع على الخادم المعلومياتي التابع لمقدم خدمة اإليواء‪.‬‬
‫بالرغم من ذلك‪ ،‬فإن الزبون اإللكتروني ال يتعاقد مع مقدم خدمة اإليواء وليست له أية‬
‫عالقــة بــه ألنــه ببســاطة ال يشــعر حــتى بوجــوده‪ ،‬ومن تم ال يمكن إذا لمقــدم خدمــة اإليــواء أن‬
‫يجـوز األصـل التجـاري الـذي تم إنشـاؤه بفضـل الموقـع التـابع للتـاجر السـيبراتي حـتى وإ ن كـان‬
‫هو من يستضيفه على الخادم (‪ )serveur‬التابع له‪.26‬‬

‫ب ‪-‬مقدمو خدمة الولوج إلى اإلنترنت ‪:‬‬


‫كما هو معلــوم أن المشـترين السـيبرانيين ال يمكنهم الوصــول إلى موقـع اإلنــترنت التــابع‬
‫للتاجر اإللكتروني إال إذا قاموا مقدما باالرتباط بشبكة اإلنترنت بمســاعدة مقــدم خدمــة الولــوج‬
‫إلى اإلنــترنت‪ ،‬وفي هــذه الحالــة أال يمكن اعتبــار المشــترون الســيبرانيون كزبنــاء لمقــدم خدمــة‬
‫الولوج إلى اإلنترنت أكثر منه للتاجر السيبراني؟‬
‫صحيح أنه في هذه الحالة يعرف مستخدم اإلنترنت الجهة التي قـدمت لــه خدمــة الولــوج‬
‫إلى اإلنترنت‪ ،‬حيث كان قد أبرم معها عقد ولوج إلى اإلنترنت‪.‬‬

‫‪- 26‬فؤاد بنصغير ‪:‬إشكالية الطبيعة الشخصية للزبناء في األصل التجاري اإللكتروني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫غــير أنــه عنــدما يقــوم بزيــارة الموقــع التجــاري اإللكــتروني‪ ،‬فإنــه مســتخدم اإلنــترنت ال‬
‫يفعــل ذلــك بــأي حــال من األحــوال اعتبــارا لمقــدم خدمــة الولــوج إلى اإلنــترنت‪ ،‬ذلــك أن موقــع‬
‫اإلنـ ــترنت التـ ــابع للتـ ــاجر اإللكـ ــتروني يمكن الولـ ــوج إليـ ــه من أي مكـ ــان وفي أي زمـ ــان ال يهم‬
‫الوسيط التقني الذي قدم لمستخدم اإلنترنت وسائل االتصال باإلنترنت‪.‬‬

‫ومن تم نخلص إلى أن كــون مقــدم خدمــة الوصــول إلى اإلنــترنت‪ ،‬شــأنه في ذلــك شــأن‬
‫مقدم خدمــة اإليــواء يلعب دور الوسـيط بين التــاجر السـيبراني وزبنائــه ال ينقص في شـيء مــرة‬
‫أخرى من توافر هذا األخير على زبناء يبررون حيازته ألصل تجاري إلكتروني‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬حقيقة وجود زبناء لألصل التجاري االلكتروني ‪:‬‬

‫فيم ــا يتعل ــق بحقيق ــة وج ــود زبن ــاء للموق ــع التج ــاري االلك ــتروني فان ــه أم ــر غ ــير مث ــير‬
‫للشك‪،‬بل إن إثبات وجـود زبنـاء لألصـل التجـاري يتم بشـكل أيسـر و أكـثر دقـة من الحالـة الـتي‬
‫يك ــون فيه ــا المح ــل التج ــاري تقلي ــديا ‪،‬ذل ــك أن ــه ومن الناحي ــة العملي ــة يتمت ــع ك ــل موق ــع تج ــاري‬
‫الكــتروني بموقــع إحصــائي خــاص بــه مهمتــه إحصــاء مجمــوع الزبنــاء المحتملين الــذين زاروا‬
‫الموقــع ‪ ،‬كمــا يتمتــع بموقــع إدارة يســمح و بشــكل دقيــق بتحديــد عــدد الزبنــاء الفعلــيين الــذين‬
‫ربطتهم عالقات عمالة معه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬العناصر المميزة لألصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬


‫نظـ ــرا لألهميـ ــة الـ ــتي يحظى بهـ ــا عنصـ ــر الزبنـ ــاء في األصـ ــل التجـ ــاري بصـ ــفة عامـ ــة‬
‫واإللكتروني بصـفة خاصـة‪ ،‬كـان البـد من إيجـاد آليـات اقتصـادية وقانونيـة لجـذب هـذا العنصـر‬
‫الالزم والجــوهري ليس فقــط لنشــأة وتأســيس األصــل التجــاري بــل أيضــا الســتمراره وضــمانه‬
‫وقوته المعنوية‪.‬‬
‫وإ ذا كنا قد حسـمنا في الفقــرة السـابقة في اعتبــار الزبنــاء عنصــرا جوهريــا حـتى بالنسـبة‬
‫لألصل التجاري اإللكتروني وأن باقي العناصر األخرى مخصصة الستغالل هذا األصل‪.‬‬
‫فإننــا في هــذه المطلب نؤكــد فكــرة وجــود عناصــر أخــرى لألصــل التجــاري اإللكــتروني‬
‫تكتس ــي باألس ــاس ص ــبغة خاص ــة نابع ــة من طبيع ــة األص ــل التج ــاري اإللك ــتروني‪ ،‬تلعب دورا‬
‫أساسيا في الجذب واإلقناع‪ ،‬ومن تم تساهم في ضمان استمرارية األصل التجاري اإللكتروني‬
‫والزيادة في األرباح‪ ،‬بحيث يعتمد األصل التجاري اإللكتروني في نشاطه واشتغاله على نظم‬
‫المعلومات والتكنولوجيا القائمة على الحاسوب والبرامج التشغيلية والتطبيقية و قواعد بيانات و‬
‫أسماء المجال(عناوين إلكترونية) التي أتيحت لالستعمال بين األفراد العاديين والمؤسسات على‬
‫مستوى معظم الدول خاصة الدول المتقدمة‪ ،‬ألداء الخدمات المتطلبة إلنجاز العمليات التجارية‬
‫بمختلف أنواعها والتي تعرف بمصنفات رقمية(الفقرة األولى) متطورة كوسائل رئيسية ومميزة‬
‫لألصل التجاري اإللكتروني‪.‬‬
‫غير أنه البد من اإلشارة في هذا اإلطار أن العناصر المادية التي يتشكل منها األصل‬
‫التجاري التقليدي( المعدات واألدوات والبضائع‪ ،)...‬يمكن أن تصلح الشتغال األصل التجاري‬
‫في الفض»اء ال»رقمي‪ ،27‬لكن ه»ذا ال يع»ني أنه»ا تماث»ل وتط»ابق ال»دور ال»ذي تلعب»ه في األص»ل التج»اري‬
‫التقليدي‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪:‬المصنفات الرقمية ‪:‬‬


‫إن انعكاسـ ــات الثـ ــورة التقنيـ ــة للمعلوماتيـ ــة الـ ــتي فجرهـ ــا الحاسـ ــب اآللي قـ ــد امتـ ــدت إلى‬
‫المصنفات حيث أثرت على مفهومهـا و طبيعتهـا فظهـرت مصـنفات ال تختلـف في مـدلولها عن‬
‫المصنفات التقليدية فحسب بل أنتجت تلك الثورة مصــنفات لم تكن مألوفــة في ظــل قــوانين حــق‬
‫المؤلف و هي المصنفات الرقمية و التي تشمل باألساس أسماء المجال(اوال) قواعد البيانات‬
‫وبرامج الحاسوب وطبوغرافية الدوائر المندمجة (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اسم المجال (العنوان اإللكتروني) ‪:‬‬


‫صــحيح أن اســم المجــال غــير وارد ضــمن العناصــر المعنويــة األصــل التجــاري الــواردة‬
‫في المــادة ‪ 80‬من مدونــة التجــارة‪ ،‬لكن هــذه العناصــر ليســت واردة على ســبيل الحصــر‪ ،‬وهي‬
‫تختلف باختالف أنواع التجارة وطبيعتها ومتطلباتها‪ ،‬قد توجد في البعض وتختلف في البعض‬

‫‪ - 27‬ألن الفقرة الثانية من المادة ‪ 80‬من مدونة التجارة نصت على أن األصل التجاري يشتمل باإلض»»افة إلى عنص»»ري الزبن»»اء‬
‫والسمعة التجارية كل األموال األخرى الضرورية الستغالل هذا األصل ومنها البضائع والمعدات واألدوات‪.‬‬
‫اآلخــر‪ ،‬بــل قــد تبقى هي ذاتهــا لكن بشــكل آخــر عنــدما تتجســد في الفضــاء الــرقمي‪ ،‬ومن هــذه‬
‫العناصر اسم المجال أو العنوان اإللكتروني‪.‬‬
‫كمــا أن الفقــه الفرنســي اعتــبر أن اســم المجــال يعــد عنصــر مهم ممــيز لألصــل التجــاري‬
‫اإللكتروني ويلعب دورا أساسيا في اشتغاله‪.28‬لــذلك ارتأينــا تنــاول مفهمــوم العنــوان االلكــتروني‬
‫و أهميته بالنسـبة لألصــل التجـاري االلكــتروني‪ 1-‬و البحث عن آليــات حمايتــه من خالل نظــام‬
‫التسجيل ‪.2-‬‬
‫‪ 1-‬مفهوم اسم المجال و أهميته بالنسبة لألصل التجاري االلكتروني ‪:‬‬
‫ومن المعــروف في مجــال المعلوميــات أن كــل جهــاز حاســوب مرتبــط بشــبكة اإلنــترنيت‬
‫يتعين تحدي ــد هويت ــه وموقع ــه في الع ــالم وع ــادة م ــا يتم ذل ــك عن طري ــق إعط ــاء رقم معين لك ــل‬
‫حاسوب اتصـل بـاإلنترنيت‪ ،‬ثم يتم في مـا بعـد تحويـل هـذا الـرقم إلى كلمـات أو عبـارات معينـة‬
‫هي مـ ــا يعـ ــرف بـ ــالعنوان اإللكـ ــتروني‪،29‬ولقـ ــد أثـ ــار تعريـ ــف العنـ ــوان اإللكـ ــتروني ‪Nom de‬‬
‫‪ Domaine‬جــدال كبــيرا ســواء على مســتوى الفقــه أو القضــاء بــالنظر للزاويــة الــتي ينظــر إليهــا‬
‫كـ ــل اتجـ ــاه‪ ،‬فاسـ ــتندت بعض التعريفـ ــات إلى الطبيعـ ــة الفنيـ ــة للعنـ ــوان االلكـ ــتروني و ارتكـ ــزت‬
‫‪30‬‬
‫بعضها على مكوناته عبر االنترنيت و البعض اآلخر على الوظيفة التي يؤديها هــذا العنــوان‬
‫‪.‬‬
‫فبالنسبة لالتجاه الذي يسـتند إلى الطبيعـة الفنيـة ‪ ،‬يعـرف العنـوان اإللكـتروني أنـه مجـرد‬
‫تحويـ ــل أو نقـ ــل مجموعـ ــة من األرقـ ــام في صـ ــورة حـ ــروف تشـ ــكل مصـ ــطلح يتماشـ ــى و اسـ ــم‬
‫المشـ ــروع و بعبـ ــارة أخـ ــرى هـ ــو ترجمـ ــة األرقـ ــام عن طريـ ــق حـ ــروف معينـ ــة تسـ ــمح بـ ــدوران‬
‫المعلومات عبر شبكة االنترنيت ‪.‬‬
‫و بالنسبة لالتجاه الذي يسـتند في تعريفـه للعنـوان اإللكـتروني على مكوناتـه ‪ ،‬فيقـول أن‬
‫الموقـع عـبر اإلنـترنيت يتكـون من جـزئين‪ ،‬جـزء تـابت و جـزء متغـير‪ ،‬و يتمثـل الجـزء الثـابت‬

‫‪28 - FREDERIC PICARD, SYBILLE FLLEBOODE – MERLIR et Camill MERLIER : La‬‬


‫‪cassation de fonds de commerce électronique: Naovel enjeu de ntére site : https://www.haas-‬‬
‫‪avocats.com (20-05-2020).‬‬
‫‪29 - Valérie SEDALLIAN : «Droit de l’internet : Règle – mentation, responsabilité et contrats »,‬‬
‫‪collection association des uilisateurs d’internet, Paris 2002, p 31.‬‬
‫‪30 - Loiseau (G) : Nome de domaine et internet turbulence autour d’autour d’un nouveau signe‬‬
‫‪distinctif, Recueil D, 1999, N° 23, p45 .‬‬
‫في المقطـ ــع ( ‪ ( //www http:‬ويشـ ــير هـ ــذا الجـ ــزء إلى الـ ــبروتوكول المسـ ــتخدم و يحـ ــدد أن‬
‫الموق ــع يوج ــد على ش ــبكة االتص ــاالت العالمي ــة ‪ web wid world‬و يثبت ه ــذا الج ــزء على‬
‫جمي ــع المش ــروعات و الش ــركات و األش ــخاص ال ــذين يمتلك ــون مواق ــع على الش ــبكة أم ــا الج ــزء‬
‫المتغير فهو الذي يميز المشروع (األصـل ) عن المشـروعات و هـو الـذي يطلـق عليـه العنـوان‬
‫‪ Nom de Domaine‬وينقسـ ــم هـ ــذا الجـ ــزء إلى نـ ــوعين ‪ :‬األول هـ ــو‬ ‫االلكـ ــتروني‬
‫العن ــوان االلك ــتروني بالدرج ــة األولى و يتمث ــل المقط ــع ‪ com‬أو ‪ org‬أو ‪net‬او العن ــاوين‬
‫االلكترونية التي تنتهي بحرفين من حروف الـدول الـتي تسـمى العنـاوين الوطنيـة االلكترونيـة ‪،‬‬
‫و الثاني هو العنوان االلكـتروني من الدرجـة الثانيـة يمثـل الحـروف األولى من اسـم المشـروع‬
‫أو المنظمة أو األصل التجاري أو حروف كل اسم ‪.‬‬
‫و بالنسبة لالتجاه الذي يعرف العنوان اإللكتروني باعتماد على وظيفته‪ ،‬فقد عرفه بأنــه‬
‫"بدائل العنوان البريدي المحدد للتعرف على شخص بعينه عبر شبكة اإلنترنيت"‪.‬‬
‫ومن ض ــمن كاف ــة ه ــذه التعريف ــات نمي ــل إلى التعري ــف الفقهي ال ــذي يعت ــبر أن العن ــوان‬
‫اإللكــتروني ‪":‬اســم يــدخل المســتخدم عن طريقــه إلى شــبكة اإلنــترنيت لغــرض مــا و غي نطــاق‬
‫التجارة اإللكترونية يستخدم لغرض تجاري يتعلق بشركة أو مجموعـة اقتصـادية و هـو عنـوان‬
‫افتراضـ ــي ألن ــه ال يح ــدد مواق ــع المش ــروعات على أرض الواق ــع و لكنـ ــه يح ــددها على ش ــبكة‬
‫اإلنترنيت "‪.‬‬
‫ومن ثم تكون له أهمية كبيرة بالنسبة لألصل التجاري اإللكتروني في ثالثة أوجه‪:‬‬
‫الوجــه األول‪ :‬يتمثــل في اعتبــار العنــوان اإللكــتروني وســيلة فعالــة لإلعالن عن‬ ‫✔‬
‫المشـ ــروعات والشـ ــركات حيث تق ـ ــوم ه ـ ــذه األخـ ــيرة بتعري ـ ــف نفسـ ــها للجمه ـ ــور‬
‫وتعـ ــرض من خاللهـ ــا منتجاتهـ ــا وخـ ــدماتها‪ ،‬وفي الواقـ ــع أصـ ــبح من الممكن أن‬
‫يــزور الموقــع مســتهلكون من كــل دول العــالم وعلى مــدار الســاعة ليتعرفــوا على‬
‫نش ـ ــاط األص ـ ــل وم ـ ــا يقدم ـ ــه من منتج ـ ــات وخ ـ ــدمات ويمكن أن يتح ـ ــول ه ـ ــؤالء‬
‫المستهلكين إلى زبناء قارين‪.31‬‬
‫الوجــه الثــاني‪ :‬إنشــاء عنــوان إلكــتروني يســاعد األص ــول التجاريــة على عــرض‬ ‫✔‬
‫منتجاتهــا وخــدماتها عــبر عنوانهــا اإللكــتروني‪ ،‬حيث يمكن للمســتهلكين االطالع‬
‫‪31- SABINE DE KIK : op, cit, p 10.‬‬
‫عليها واقتنائهـا بسـهولة‪ ،‬وهـذه الناحيـة يتشـابه العنـوان اإللكـتروني بالمكـان الـذي‬
‫يمــارس فيــه التــاجر أعمالــه التجاريــة أو المكــان المخصــص الســتغالل تجــارة أو‬
‫صناعة معينة‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬للوظيفة االقتصادية للعنوان اإللكـتروني بـأن يحـدد هويـة األصـول‬ ‫✔‬
‫التجاري ــة اإللكتروني ــة على ش ــبكة اإلن ــترنيت حيث يس ــتطيع المس ــتهلك من خالل‬
‫هذا العنوان أن يتصل بصفة ‪ Web‬بهذا المشروع وما يقدمه من منتجات و‬
‫خدمات‪.32‬‬
‫وتسهيال لحفظ موقع تلك األصول في ذاكرة الزبناء وتحديد هويتها‪ ،‬تقوم األصول‬
‫التجارية باختيار عنوانها اإللكتروني من حروف سهلة وبسيطة ترتبط بعالمتها األصلية‬
‫المعروفة بها‪ ،‬حتى تضمن ارتباط الزبناء بعنوانها اإللكتروني‪ ،‬فهذا االرتباط بين العالمة‬
‫التجارية والعنوان اإللكتروني يترك أثره في نفس المستهلك وسلوكه ويربطه جيدا بعنوان‬
‫األصل‪.33‬‬
‫فإذا صح ما سبق أي أن للعنوان اإللكتروني أهمية كبيرة بالنسبة لألصل التجاري‬
‫اإللكــتروني‪ ،‬فإنــه بالضــرورة يحتــاج الحمايــة القانونيــة الالزمــة حــتى يضــطلع بــأدواره‪ ،‬ومن ثم‬
‫نتساءل عن مدى توفير هذه الحماية؟‬

‫‪-2‬تسجيل اسم المجال ‪:‬‬


‫من المعل ـ ـ ــوم أن حماي ـ ـ ــة العن ـ ـ ــوان اإللك ـ ـ ــتروني تتم من خالل تس ـ ـ ــجيله ل ـ ـ ــدى الهيئ ـ ـ ــات‬
‫المختصة‪ ،‬يمنع هذه العناوين على شبكة اإلنترنيت‪ ،‬وتحيل عملية التسجيل البــد أن تتــوافر في‬
‫العنوان اإللكتروني عدة شروط ومبادئ‪:‬‬

‫أ‪ :‬شروط صحة العنوان اإللكتروني ‪:‬‬

‫ال تختلف شروط صحة العنوان اإللكتروني عن تلك المتطلبة لصحة العالمة التجاريـة‪،‬‬
‫بحيث لكي يتمت ــع العن ــوان اإللك ــتروني بالحماي ــة القانوني ــة يجب أن يكمن ه ــذا العن ــوان مم ــيزا‬

‫‪ - 32‬شريف محمد غنام‪ :‬حماية العالمات التجارية عبر اإلنترنيت في عالقتها بالعنوان اإللكتروني‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،2007 ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪33 - Loiseau (G) : Nome de domaine et internet turbulence autour d’autour d’un nouveau signe‬‬
‫‪distinctif . Op.cit, p 9.‬‬
‫وغ ــير ش ــائع‪ ،‬وال يمس بحق ــوق الغ ــير‪ ،‬باإلض ــافة إلى أن ــه غ ــير مخ ــالف للنظ ــام الع ــام واآلداب‬
‫العامة‪.34‬‬

‫‪ -‬أن يكون العنوان اإللكتروني مميزا وغير شائع‪.‬‬


‫مفــاد هــذا الشــرط أن يكــون للعنــوان اإللكــتروني ذاتيتــه الخاصــة الــتي تمــيزه عن غــيره‪،‬‬
‫شــأنه في ذلــك شــأن العالمــة التجاريــة‪ ،‬بحيث يجب أن يكــون قــادرا على إعطــاء المنتجــات أو‬
‫الخــدمات الــتي يعينهــا هويــة خاصــة بهــا تمنــع من اختالطهــا بغيرهــا من المنتجــات والخــدمات‬
‫المنافسة لها‪.35‬‬

‫‪ -‬أن ال يمس العنوان اإللكتروني حقوق الغير‪.‬‬


‫ال يجوز أن يشكل العنـوان اإللكـتروني اعتـداء على عالمـة تجاريـة مسـجلة أو مشـهورة‬
‫وإ ن تم ذلك يعد منافسة غير مشروعة ودليل على سوء نية مســجل العنــوان اإللكــتروني بقصــد‬
‫اإلضـ ــرار بمالـ ــك العالمـ ــة‪ ،‬وللشـ ــركة أو مالـ ــك العنـ ــوان اإللكـ ــتروني اتخـ ــاذ جميـ ــع اإلجـ ــراءات‬
‫الالزمة التقنية والقانونية لصد هذا االعتداء‪.36‬‬

‫‪ -‬أن يكون العنوان اإللكتروني غير مخالف للنظام العام واآلداب العامة ‪.‬‬
‫لكي يتمتع العنوان اإللكـتروني بالحمايـة القانونيـة يجب أن ال يتضـمن عبـارات تحقيريـة‬
‫أو مس ــيئة ومخل ــة للنظ ــام واآلداب العام ــة‪ ،37‬ل ــذا تح ــاول معظم الش ــركات التجاري ــة ال ــتي تمل ــك‬
‫عنــاوين إلكترونيــة لتميــيز منتجاتهــا وخــدماتها عن غيرهــا من الشــركات األخــرى المناقشــة أن‬
‫تمنع هذه االعتداءات التي تقع في الفضاء اإللكتروني ما أمكن‪.‬‬

‫ب ‪-‬المبادئ المعتمدة لتسجيل العناوين اإللكترونية ‪:‬‬

‫‪ - 34‬عطاء هللا سميحة‪ :‬حماية العالمة التجارية في عالقتها بالعنوان اإللكتروني‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماس»»تر في الحق»»وق‪ ،‬كلي»»ة‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم واإلدارة‪ ،‬جامعة المسيلة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2014-2013‬ص ‪.36‬‬
‫‪ - 35‬فؤاد معالل‪ :‬الملكية الصناعية‪ ،‬دراسة في الق»انون المغ»»ربي واالتفاقي»»ات الدولي»»ة‪ ،‬الج»زء الث»»اني‪ ،‬الحق»وق ال»تي ت»»رد على‬
‫الشارات المميزة (الطبعة الثانية‪ ،2019 ،‬دار اآلفاق المغربية للنشر والتوزيع‪ ،‬ص ‪ 65‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 36‬عطاء هللا سميحة ‪:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.51‬‬
‫‪ - 37‬شريف محمد غنام ‪:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪28‬‬
‫إن عملية تسجيل العناوين اإللكترونية على شبكة اإلنترنيت تحكمها عدة مبادئ تختلــف‬
‫حسب االمتــداد الجغــرافي‪ ،‬كمــا أن كــل هيئــة وطنيــة تختص بتسـجيل قواعــدها الخاصــة في منح‬
‫العناوين‪ ،‬وتتمثل في األساس‪:‬‬

‫‪ -‬مبدأ األسبقية في التسجيل‪:‬‬


‫مب ــدأ األس ــبقية في التس ــجيل المب ــدأ األساس ــي ال ــذي يق ــوم علي ــه نظ ــام تس ــجيل العن ــاوين‬
‫اإللكترونيــة‪ ،‬حيث يســمح بتســجيل أي عنــوان لموقــع إلكــتروني بنــاء على أول طلب مــا دام لم‬
‫يســبق تســجيله قبــل ذلــك‪ ،‬وعليــه يقصــد بمبــدأ األســبقية أنــه يجــوز لكــل شــخص أن يحصــل على‬
‫عنوان إلكتروني‪ ،‬متى قدم طلبه قبل غيره من الشركات أو األشخاص الـذاتيين دون اعـتراض‬
‫أح ــد‪ ،‬فال يش ــترط أي ش ــرط للحص ــول على العن ــوان اإللك ــتروني م ــا لم يتم تس ــجيله من ج ــانب‬
‫ش ـ ــخص آخ ـ ــر ألن الع ـ ــبرة بالحص ـ ــول على عن ـ ــوان إلك ـ ــتروني معين هي بس ـ ــبق تق ـ ــديم طلب‬
‫التسجيل‪.38‬‬
‫وتجب اإلشـ ــارة إلى أن مبـ ــدأ األسـ ــبقية في تسـ ــجيل العنـ ــاوين اإللكترونيـ ــة قـ ــد ينتج عنـ ــه‬
‫العديد من المنازعـات بين مسـجلي العنـاوين اإللكترونيـة ومـالكي العالمـات التجاريـة‪ ،‬فـإذا كـان‬
‫هن ــاك أص ــلين تج ــاريين يمتل ــك ك ــل منهم ــا نفس العالم ــة التجاري ــة مطابق ــة تم ــيز منتجات ــه غ ــير‬
‫مشابهة أو مماثلة لألخرى‪ ،‬في هذه الحالة يحق لكــل أصــل تجــاري أن يمتلــك عنوانــا إلكترونيــا‬
‫يطابق عالمة ويمثلها على شبكة اإلنترنيت‪ ،‬ومع ذلك ونظرا لوجود مبدأ األسبقية إذا قــام أحــد‬
‫األصـلين بتسـجيل عنوانـه اإللكـتروني أوال فسـيترتب على هـذا التسـجيل منح األصـل اآلخـر أن‬
‫يســجل نفس العنــوان الــذي يمثــل عالمــة‪ ،‬الشــيء الــذي يعتــبر أحــد ســلبيات هــذا المبــدأ حيث ال‬
‫يــوفر األمــان القــانوني ألصــحاب العالمــات التجاريــة الــذين قــد يحرمــون في أحــوال عديــدة من‬
‫تسجيل عناوين إلكترونيـة تمثـل عالمتهم على شـبكة اإلنـترنيت‪ ،39‬بـل إن األمـر قـد يتعـدى ذلـك‬
‫ويصح أكثر خطورة عندما يتعلق باالعتــداء على الحقــوق المشــروعة ألصــحاب هــذه العالمــات‬
‫من جانب من ال يملك حقوقا مشتركة عليها‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ التخصص على شبكة اإلنترنيت‪:‬‬

‫‪ - 38‬ضياء أحمد نعمان‪ :‬المصادقة اإللكترونية على ضوء قانون التبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية‪ ،‬مق»»ال منش»»ور بالمجل»»ة‬
‫المغربية للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬عدد ‪ 1‬أكتوبر ‪ ،2009‬ص ‪.85‬‬
‫‪ - 39‬شريف محمد غنام‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫إذا ك ــانت العالم ــة التجاري ــة تخض ــع في تس ــجيلها واس ــتخدامها لمب ــدأ التخص ــص‪ ،‬بحيث‬
‫يحدد هذا المبدأ نطاق الحماية القانونية لهذه العالمة في حــدود المنتجــات الــتي تمثلهــا‪ ،‬فــإن هــذا‬
‫المب ــدأ يص ــعب إعمال ــه على العن ــاوين اإللكتروني ــة‪ ،‬بحيث أن ــه من الناحي ــة الفني ــة ال يمكن منح‬
‫العنــوان اإللكــتروني ســوى مــرة واحــدة لمن قــدم طلب تســجيله حــتى وإ ن لم يكن هــو صــاحب‬
‫العالمــة التجاريــة‪ ،‬ويــترتب على ذلــك أنــه ال يجــوز تســجيل أكــثر من عنــوان إلكــتروني واحــد‬
‫على شـ ـ ــبكة اإلنـ ـ ــترنيت ألكـ ـ ــثر من عالمـ ـ ــة تجاريـ ـ ــة بالنسـ ـ ــبة للمجـ ـ ــال الواحـ ـ ــد من المجـ ـ ــاالت‬
‫اإللكترونية‪.40‬‬

‫ج‪:‬الهيئات المختصة في تسجيل العنوان اإللكتروني ‪:‬‬


‫تختلــف الهيئــة المختصــة بتسـجيل عنــاوين المواقـع اإللكترونيــة وإ جراءاتــه بحسـب مــا إذا‬
‫كـان عنـوان الموقـع اإللكـتروني دوليـا أو وطنيـا‪ ،‬بـالرغم من أنهمـا يقومـان على مبـدأ واحـد في‬
‫التسجيل هو مبدأ األسبقية في التسجيل‪.‬‬
‫تسجيل العنوان اإللكتروني على المستوى الدولي ‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫تجــدر اإلشــارة بدايــة أن نظــام تســجيل العنــاوين اإللكترونيــة العامــة وإ دارتهــا كــان حكــرا‬
‫على مؤسسة (‪ ،41)TANA‬وهي مؤسسة حكومية أمريكية‪ ،42‬ولكن في منتصف شهر أكتوبر‬
‫‪ 1998‬انتقلت سلطة منح هذه العناوين اإللكترونية إلى اإليكان (‪ )ICANN‬وهي منظمة غير‬
‫حكومية وقد أصبحت أعلى سلطة إلدارة عناوين المواقع اإللكترونية في العالم‪ ،‬ومقرها في لوس‬
‫أنجلس‪ ،43‬وفي سنة ‪ 1999‬فوضت اختصاصاتها بالتسجيل إلى مجموعة من الشركات المعتمدة‬
‫لديها‪ ،‬وهي شركات خاصة تدخل في اتفاقية اعتماد المسجل ( ‪Regitrar Accreditation‬‬
‫‪ )Agrmue‬مع منظمة اإليكان‪ ،‬والتي تدخل بدورها في اتفاقية مع جهات أخرى تسمى الجهات‬
‫المسؤولة عن التسجيل حيث تقوم هذه األخيرة باإلشراف على التسجيل واألمور الفنية بالنسبة‬
‫للمسجل‪ ، 44‬فبالنسبة لدول أوروبا أصبحت الشركة المسؤولة عن تسجيل هذه العناوين ( ‪RIPENC‬‬

‫‪ - 40‬أنظر في هذا الصدد‪:‬‬


‫‪ -‬ضياء أحمد نعمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪ -‬عطاء هللا سميحة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 58‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ - 41‬إختصارا باإلنجليزية ‪Internet corporation for Assigned And Nubmers‬‬
‫‪ - 42‬وقبلها كانت تتولى هذه المهمة مؤسسة (‪ )NSI‬اختصارا باإلنجليزية ‪Network Solution INC‬‬
‫‪43 -P. GILLIERON : Les noms de domaine : Possibilités de protection et de résolution des‬‬
‫‪conflits, aufsAtze, Article N° 2, 2000, p 72.‬‬
‫‪ - 44‬حفيظة بوترفاس‪ :‬حماية العالمة التجارية في المج»ال اإللك»تروني‪ ،‬أطروح»ة لني»ل ش»هادة ال»دكتوراه في الق»انون الخ»اص‪،‬‬
‫جامعة أبو بكر بلقايد – تلمسان ‪ -‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2017-2016‬ص ‪ 78‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ ، 45)C‬أما بالنسبة للواليات المتحدة األمريكية فقد أسندت مهمة تسجيل العناوين اإللكترونية‬
‫لشركة (‪.46)NIC‬‬
‫‪ -‬تسجيل العنوان اإللكتروني على المستوى الوطني أو المحلي‪:‬‬
‫الهيئة المسؤولة عن تسجيل هذا النوع من العناوين هي منظمة (‪ ،)TANA‬وهي إحدى‬
‫الهيئات التابعة لمنظمة اإليكان (‪ ،)ICANN‬حيث تخوض اختصاصاتها في التسجيل داخل الدولة‬
‫لجهات وطنية والتي تتولى وضع قواعد وشرط التسجيل بنفسها‪ ،‬فالدولة هي صاحبة الشأن في‬
‫اختيار الجهة المسجلة لهذه العناوين والتي قد تكون جهة حكومية أو غير حكومية‪ ،‬كما أنها هي‬
‫المسؤولة عن إدارة المنظمة أو المجال الخاص بها‪.47‬‬
‫فمثال في المغرب تعتبر الوكالة الوطنية لتقنين المواصالت‪ ،48‬هي المتصرف في مجال‬
‫اإلنترنيت ‪ ma‬ويمكنها عند االقتضاء تعيين هيئة تعنى بتأمين التدبير اإلداري والتقني ألسماء‬
‫المواقع على أساس دفتر التحمالت (كاتصاالت المغرب)‪ ،‬كما أنها تمثل أصحاب العناوين‬
‫اإللكترونية المطابقة للتراب الوطني المغرب لدى الهيئات الدولية المكلفة بالتدبير الدولي ألسماء‬
‫مجال اإلنترنيت سواء كانت حكومية أو غير حكومية‪.‬‬
‫أما في فرنسا الهيئة المسؤولة عن إدارة وتسيير هذه العناوين " ‪ "Fr‬هي شركة (‪)AFNIC‬‬
‫فتمنع هذه األخيرة العناوين عن طريق طلب يقدم إلى أحد الموردين المعتمدين الذين يطلق عليهم‬
‫(‪ ،)FAT‬وهم موردون اعتمدتهما هذه الشركة وحددت قائمة بأسمائهم في الموقع الخاص بها‪،‬‬
‫وأسندت لهم مهمة تلقي طلبات التسجيل وفحصها والتأكد من أن العنوان المطلوب تسجيله يطابق‬
‫القواعد الخاصة بالتسجيل‪.49‬‬

‫ثانيا‪ :‬قواعد البيانات وبرامج الحاسوب و طبوغرافية الدوائر المندمجة ‪:‬‬


‫‪- 1‬قواعد البيانات ‪:‬‬
‫يشكل االستثمار في إنتاج قواعد البيانات من أهم مراحل إنشاء المواقع االلكترونية على‬
‫اإلنترنت ‪،‬و لبناء أنظمة المعلومات داخل المقاوالت العمومية و الخاصة ‪ ،‬المتعلقة بالتدبير اآللي‬
‫للموارد البشرية ‪،‬أو بالمعالجة اآللية ألنشطتها األساسية ‪ ،‬على اعتبار أن ال أهمية لموقع‬
‫الكتروني أو لنظام معلومات ما دون وجود بيانات تمت معالجتها من خالل ترتيبها و تصنيفها و‬

‫‪ - 45‬اختصار اإلنجليزية‪Réseaux IP- Européens – Network coordination entre :‬‬


‫‪ - 46‬اختصار باإلنجليزية (‪)internet national informa‬‬
‫‪ - 47‬شريف محمد غنام‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.198‬‬
‫‪ - 48‬تعتبر الوكالة الوطنية لتقنين المواصالت‪ ،‬مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل الم»»الي أح»»دثت بمقتض»»ى‬
‫القانون رقم ‪ 24.96‬وقد صدر المرسوم رقم ‪ 2097-813‬بتاريخ ‪ 25‬فبراير ‪ 1998‬بتطبيق هذا القانون كم»»ا ص»»در الق»»انون رقم‬
‫‪ 29-06‬في أبريل ‪ 2007‬المتمم والمعدل لقانون ‪ 24-96‬والذي أسند مهمتين جديدتين للوكالة تتمثل األولى في تدبير اسم المجال‬
‫اإلنترنيت والثانية خاصة بالمصادقة اإللكترونية‪.‬‬
‫أنظر هذا الصدد‪ :‬ضياء علي أحمد نعمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 117‬وما يليها‪.‬‬
‫‪49 - N. DREYENS : marques et internet : protection valorisation défense, Lamy, Paris, 2011,‬‬
‫‪p 32.‬‬
‫تسهيل الوصول إليها بكل الوسائل اإللكترونية ‪ ،‬وما دام أن األصل التجاري االلكتروني يتم عبر‬
‫موقع الكتروني فإنه يحتاج إلى آليات فنية من أجل االشتغال من قبيل قواعد البيانات ‪.‬‬
‫و النظر ألهميتها بالنسبة لألصل التجاري االلكتروني سنعمل على البحث في مفهومها و‬
‫مدى توفير لها الحماية القانونية ‪.‬‬
‫أ‪-‬مفهوم قواعد البيانات ‪:‬‬
‫عرف المشرع المغربي قواعد البيانات في إطار الفقرة ‪ 14‬من المادة ‪ 1‬من القانون رقم‬
‫‪ 2-00‬المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة أنها مجموعة اإلنتاجات والمعطيات أو‬
‫عناصر أخرى مستقلة مرتبطة بطريقة ممنهجة ومصنفة ويسهل الوصول إليها ذاتيا بواسطة‬
‫الوسائل اإللكترونية أو كل الوسائل األخرى"‪.‬‬
‫وبقراءة هذه المادة يتضح أن المشرع المغربي ساير التطور الحاصل في مجال‬
‫المعلومات الناتجة عن مختلف نواحي ومجاالت العمل المختلفة ومنها األصل التجاري‬
‫اإللكتروني الذي يحتاج بدوره الستخدام قواعد البيانات في ممارسة نشاطه واشتغاله‪ ،‬ذلك أن ال‬
‫أهمية إلنشاء موقع إلكتروني على اإلنترنيت وبناء أنظمة معلوماتية دون وجود بيانات تمت‬
‫معالجتها من خالل ترتيبها وتصنيفها وتسهيل الوصول إليها بكل الوسائل اإللكترونية‪.‬‬
‫والتعريف الذي أعطاه المشرع المغربي لقواعد البيانات يشبه إلى حد كبير التعريف الذي‬
‫أورده المشرع الفرنسي في نس المادة ( ‪ ) L122‬من القانون رقم ( ‪ ) 536-98‬المتعلق بالحماية‬
‫القانونية لقواعد البيانات والمعدل لقانون الملكية الفكرية الفرنسي‪ ،50‬حيث عرفها بكونها‬
‫"مجموع مصنفات المعطيات أو عناصر أخرى مستقلة مرتبة بطريقة منظمة أو ممنهجة ويسهل‬
‫الوصول إليها ذاتيا بواسطة الوسائل اإللكترونية أو كل الوسائل األخرى"‪.‬‬
‫وهو نفس التعريف تقريبا الذي اقترحته اتفاقية المنظمة العالمية للملكية الفكرية بشأن‬
‫قواعد البيانات لسنة ‪ ،1996‬حيث جاء في مادته الثانية ‪" :‬يقصد بـ "قواعد البيانات" مجموعة‬
‫من مصنفات المعطيات المستقلة أو أي عناصر أخرى مرتبة على نحو منظم ومنهجي يمكن‬
‫االطالع عليها ذاتيا بالوسائل اإللكترونية أو كل الوسائل األخرى‪.51‬‬
‫ومن جهة أخرى هناك من التشريعات التي عرفت قواعد البيانات كما هو الشأن بالنسبة‬
‫لقانون حق المؤلف األمريكي‪ ،‬من خالل المادة ‪ 101‬التي جاء في مضمونها أن قواعد البيانات‬
‫عبارة عن مصنف ناتج عن تجميع وتصنيف لمواد أو بيانات موجودة مسبقا‪ ،‬تم اختيارها‬
‫وتنظيمها أو ترتيبها على نحو يجعل من العمل الناتج ككل يشكل مصنفا أصيال‪.52‬‬
‫‪50 - Legiframce.gouv.fr, date : 20-08-2020.‬‬
‫‪51 - Art 2 : « For the proposes of this trearty (i) » “Dat-abas” means a collectiol of independent‬‬
‫‪works, data or other material in a systematic or methodical woy and capable of being‬‬
‫‪individually accessed by, electronic, or other means (…)” Diplomatic comferenc on certain‬‬
‫‪copyright and Neighbouing Rights questions Geneva, December 2 to 20, 1996, Basic propostal‬‬
‫‪for the substantive provisions of the treaty on intellectual property in respect of DATABBASES‬‬
‫‪TO BE BON SIDERED BY the DIPLOMATIC CONVERENCE, www.wipo.int. date: 20-08-‬‬
‫‪2020.‬‬
‫‪52 - « … A Compilation is a work formed by the collection and assembling of prcexisting‬‬
‫‪materiels or of data that are selected coordinated or arranged insush away that the resulting as a‬‬
‫ب‪ :‬الحماية القانونية لقواعد البيانات ‪:‬‬
‫تتخذ الحماية القانونية لقواعد البيانات عدة أشكال منها ما هو مقرر على المستوى الدولي‪،‬‬
‫ومنها ما هو على مستوى التشريعات الداخلية‪.‬‬
‫فعلى المستوى الداخلي نجد معظم التشريعات الوطنية أضفت صفة المصنف األدبي على‬
‫قواعد البيانات‪ ،‬ومن تم يكون محال للحماية بموجب حق المؤلف وتطبق عليها كافة األحكام التي‬
‫يخضع لها غيرها من المصنفات الرقمية والتقليدية‪ ،53‬هكذا تتمتع قواعد البيانات بحماية قانونية‬
‫على أساس حق المؤلف عند توفر مجموعة من الشروط‪ ،54‬منصوص عليها في التشريعات‬
‫الوطنية واالتفاقيات الدولية‪ ،‬عبر آليات عقابية وجزائية بهدف ضمان سالمة المصنفات المحمية‬
‫من التحريف والتشويه‪ ،‬وكل ما من شأنه اإلضرار بها‪ ،‬وبالتالي ضمان حقوق المؤلف على هذه‬
‫المصنفات – قواعد البيانات‪ ،‬إما من خالل تدابير وفق االعتداد والتعويض عن الضرر في حالة‬
‫إقامة دعوى مدنية أو توقيع عقوبة جنائية في حالة إقامة دعوى جنائية‪.55‬‬
‫أما على المستوى الدولي نجد مختلف المنظمات واالتفاقيات المتصلة بحقوق المؤلف‬
‫والحقوق المجاورة كرس الحماية القانونية لقواعد البيانات باعتبارها مصنفات أدبية‪ ،‬هكذا عملت‬
‫"اتفاقية برن" على تضمين أحكام خاصة بالمصنفات األدبية والفنية المشمولة بالحماية في مادتها‬
‫الثانية‪ ،‬وكذا معايير الحماية في المادة الثالثة منها‪ ،‬والشروط الواجب توافرها لالستفادة من‬
‫الحماية ومدة الحماية‪ ،...‬كما أن اتفاقية" تريبس" كرست حماية خاصة لقواعد البيانات في القسم‬
‫األول من الجزء الثاني من هذه االتفاقية (المواد من ‪ 9‬إلى ‪ ،)11‬حيث تضمنت أحكام خاصة‬
‫بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة‪ ،‬والتي تتعلق بحماية برامج الكمبيوتر‪ ،‬وتجميع البيانات‬
‫وحماية المؤدين ومنتجي التسجيالت الصوتية وهيئات المحادثة‪ ،‬وتحديد مدة الحماية والقيود و‬
‫االستثناءات من الحقوق المطلقة للمؤلفين في حاالت خاصة‪ ،...‬باإلضافة إلى أن معاهدة "الويبو"‬
‫سنة ‪ 1996‬عززت حق المؤلف‪ ،‬بحيث أنها تعاملت مع مجموعة من األمور األساسية‪ ،‬وأهمها‬
‫األعمال التي يتم تداولها عبر شبكة اإلنترنت‪ ،‬بما فيها قواعد البيانات‪ ،‬أهمها تلك الحقوق‬
‫المتصلة بتخزين وبث األعمال‪ ،‬وكذلك االستثناءات الواردة على تلك الحقوق‪.‬‬

‫‪ :2‬برامج الحاسوب وطبوغرافية الدوائر المندمجة ‪:‬‬

‫‪whole constitutes an original work of authorship (…)”.‬‬


‫‪https://www.oreilly.com/andogo/professionalcollection-law.html. data: 22/08/2020.‬‬
‫‪ - 53‬نسيمة عباسن ‪ :‬الحماي»»ة القانوني»»ة لقواع»»د البيان»»ات (دراس»ات مقارن»»ة)‪ ،‬م»»ذكرة لني»»ل ش»هادة ماس»تر في الق»انون الخ»اص‪،‬‬
‫تخصص عقود ومسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة العقيد أكلى محمد أولحاج البويرة ‪ ،‬الس»»نة الجامعي»»ة‪-03-07 :‬‬
‫‪ ،2015‬ص ‪.98‬‬
‫‪ - 54‬تتوقف حماية قواعد البيانات باعتبارها من المص»»نفات األدبي»»ة ال»»تي نص»»ت عليه»»ا أغلب التش»»ريعات الوطني»»ة واالتفاقي»»ات‬
‫الدولية ذات الصلة بتوفر ثلث شروط هما‪ :‬شرط اإلبداع (األصالة) وشرط الشكل وشرط اإليداع القانوني‪ ،‬أنظر في هذا الصدد‪:‬‬
‫‪Dominique TRISTAN : La notion d’originalité et sa preuve en droit d’auteur , mémoire de‬‬
‫‪master en droit de la communication, universite, Paris II, panthéan Assas, 2009-2010, p 6-7.‬‬
‫‪ - 55‬نسيمة عباسن ‪:‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫تعد برامج الحاسوب وطبوغرافية الدوائر المندمجة بين عناصر اشتغال و عمل األصل‬
‫التجاري اإللكتروني‪ ،‬وعليه ارتأينا معالجتها بنوع من التفصيل وفق الشكل التالي‪:‬‬
‫أ برامج الحاسوب ‪:‬‬
‫من خالل التطور التي عرفته التكنولوجيا قليلة هي الميادين التي ال تستعمل بطريقة أو‬
‫بأخرى برامج الحاسوب‪ ،‬وتعد من أهم المصنفات الرقمية التي حظيت باهتمام كبير من حيث‬
‫وجوب توفير الحماية القانونية لها‪.56‬‬
‫فيقصد بها مجموعة من التعليمات المتتالية المعبر عنها بكلمات أو برموز أو رسوم أو‬
‫بأي طريقة إلكترونية قادرة على معالجة المعلومات‪.57‬‬
‫ويرجع االهتمام الكبير لبرامج الحاسوب من حيث االعتراف بها وتوفير الحماية القانونية‬
‫لعدة أسباب نذكر منها‪ ،‬تنوع أشكال القرصنة والتقليد بشكل كبير خاصة مع تطور تكنولوجيا‬
‫الحواسيب‪ ،‬باإلضافة إلى أن صياغة برامج الحاسوب تتطلب رؤوس أموال ضخمة وأيادي‬
‫عاملة تمتلك الخبرة في المجال المعلوماتي مما يعني أنها استثمار صناعي بالدرجة األولى ‪،58‬‬
‫ولقد كانت الواليات المتحدة األمريكية السباقة إلى إدراج برامج الحاسوب ضمن االبتكارات‬
‫القابلة للحماية على أساس حقوق المؤلف وذلك بعد التعديل الذي أجرته على وثيقة حقوق النشر‬
‫والتأليف لسنة ‪ ،1980‬وفي فرنسا كان قانون ‪ 3‬يوليو لسنة ‪ ،1985‬وهو التشريع الذي أدخل‬
‫البرامج اإلعالمية في نطاق الحماية القانونية الرتباطها بالحقوق المخولة للمؤلف‪ ،‬هذا القانون‬
‫الذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ ‪ 1‬يناير ‪ 1986‬وجعلها ضمن الئحة اإلنتاجات الفكرية‪.59‬‬
‫وهو ما سار عليه المشرع المغربي بحيث نصت المادة ‪ 3‬من قانون حقوق المؤلف‬
‫والحقوق المجاورة في باب "المصنفات" على أنه‪" :‬يسري هذا القانون على المصنفات األدبية‬
‫والفنية المسماة فيما بعد – بالمصنفات – التي هي إبداعات فكرية أصلية في مجال األدب والفن‬
‫مثل ‪ :‬ب) برامج الحاسوب"‪.‬‬
‫ومن تم تخضع برامج الحاسوب للحماية القانونية بواسطة حق المؤلف‪ ،‬عندما تتحقق‬
‫مجموعة من الشروط والمتمثلة أساسا في شرط االبتكار‪.60‬‬
‫فبرامج الحاسوب مجموعة من التعليمات المتتالية يطلق عليها في اإلصالح المعلوماتي‬
‫"بالخوارزميات"‪ ،‬موجهة من اإلنسان إلى اآللة وينقلها على دعامة مادية مقروءة من اآللة‪،‬‬
‫يؤدي إلى تحقيق نتيجة معينة والحصول على وظيفة محددة عن طريق آلة تستطيع معالجة‬
‫المعلومات‪ ،‬وبالتالي يمكن القول أن برامج الحاسوب تساهم في بلورة مؤسسة األصل التجاري‬
‫اإللكتروني من خالل ما توفره من إمكانية وضع استراتيجيات تجارية متطورة لجذب الزبناء‬
‫وتخفيض التكلفة وأرقام تمكن من معرفة بنوع البضاعة األكثر إقباال من طرف الزبناء وشريحة‬
‫‪ - 56‬فؤاد بنصغير‪ ،‬برامج الحاسوب‪ ،‬مقال منشور على صفحته الرسمية الفيسبوك‪ ،‬القانون اإللكتروني المغربي‪ ،‬الع»»دد األول‪،‬‬
‫تاريخ االطالع‪.02-07-2020 ،‬‬
‫‪ - 57‬المادة ‪ /13‬الفقرة األولى من القانون رقم ‪ 2-00‬المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة كما تم تعديله وتتميمه بمقتضى‬
‫قانون ‪ 34-05‬الصادر في ‪ 15‬محرم ‪ 14( 14274‬فبراير ‪.)2006‬‬
‫‪ - 58‬بش»»»»رى الني»»»»ة‪ :‬ب»»»»رامج الحاس»»»»وب وقواع»»»»د الملكي»»»»ة الص»»»»ناعية‪،‬مق»»»»ال منش»»»»ور على الموق»»»»ع اإللك»»»»تروني‪:‬‬
‫‪.https://www.droitentreprise.com 06-07-2020‬‬
‫‪ - 59‬حسن الورياغلي وخالد سليكي‪ ،‬حقوق الملكية الفكرية والحقوق المجاورة‪ ،‬المركز المتوس»»ط للدراس»»ات واألبح»»اث‪ ،‬طبع»»ة‬
‫‪ ،2006‬ص ‪.47‬‬
‫‪ - 60‬فؤاد بنصغير‪ :‬برامج الحاسوب‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫الزبناء المستهدفة وغيرها من المعلومات التي تمكن وضع خط استهالكي معين وابتداع طرق‬
‫تجارية أكثر جاذبية – وبالتالي ضمان استمرارية نشاط األصل التجاري وازدهاره‪.‬‬
‫ب‪-‬طبوغرافية الدوائر المتكاملة ‪:‬‬
‫تعرف باالنجليزية بكلمة أو اسم ‪ INTERATED CIRUIT‬تختصر إلى (‪ ) IC‬أو الشركة‬
‫االلكترونية (‪ )CHIP‬و هي عبارة عن دائرة الكترونية مصغرة و قد ثم إنتاجها ألول مرة‬
‫بالواليات المتحدة سنة ‪ 1958‬و الشرائح التي تستخدم في الوقت الحاضر تحتوي على عشرات‬
‫اآلالف من المكونات المختلفة التي تحصر في مساحة تبلغ حوالي ‪ 40-30‬مللتر مربع و يمكنها‬
‫أن تخزن ‪ 64‬ألف وحدة من المعلومات ( ‪ ) BIT‬و يمكن للشرائح الحديثة المتطورة أن تقوم‬
‫بمعظم العمليات التي يؤديها الحاسوب و يطلق عليها (الميكروبروسيسور )أو المعالج الصغير‪.‬‬
‫و لقد حدد المشرع المغربي المقصود بتصاميم تشكل الدوائر المندمجة في المادة ‪ 90‬من‬
‫القانون رقم ‪ 97-17‬المتعلق بحماية الملكية الصناعية حيث جاء فيها ‪":‬يراد في هذا‬
‫القانون ‪:‬بمصطلح "التصميم " (طبوغرافية ) ‪ .... " :‬أي ترتيب ثالثي األبعاد للعناصر ‪ ،‬على‬
‫أن يكون أحد العناصر على األقل عنصرا نشطا و لبعض الوصالت أو كلها لدائرة مندمجة ‪ ،‬أو‬
‫ذلك الترتيب ثالثي األبعاد المعد لدائرة مندمجة بغرض التصنيع " ‪.‬‬
‫و و عرف المشرع "الدائرة المندمجة " بأنها "كل منتج تكون فيه العناصر ‪ ،‬على أن‬
‫يكون أحد العناصر على األقل عنصرا نشطا ‪ ,‬و بعض الوصالت أو كلها جزءا ال يتجزأ من‬
‫قطعة من المادة و ‪/‬أو عليها ‪ ,‬في شكله النهائي أو شكله الوسط ‪ ,‬و يكون الغرض منه أداء‬
‫وظيفة الكترونية " ‪.‬‬
‫و على العكس من ذلك لم يعرف المشرع الفرنسي في القانون رقم ‪ 597-92‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪1‬يوليوز ‪ 1992‬المتعلق بالملكية الفكرية تصاميم الدوائر المندمجة و ذلك خير ما فعل‬
‫بالنظر الطابع التقني و العلمي للموضوع و اتصاله بالصناعة االلكترونية ‪.‬‬
‫و رغم ذلك حاول بعض الفقه وضع تعاريف لها نذكر منها تعريف األستاذ فؤاد معالل‬
‫الذي جاء فيه "التصاميم (الطبوغرافية ) هي اختراعات كذلك إال أنها تتعلق بالميدان االلكتروني‪،‬‬
‫حيث تأتي إما في شكل دائرة مندمجة (‪ ،circuits intégrés‬و تسمى كذلك ‪:‬رقاقة إلكترونية‬
‫‪، ) puce‬أو في شكل منتج وسيط سيدخل في تشكيل أي منتج نصف موصل ‪produit semi-‬‬
‫‪.61" conducteur‬‬
‫و الدائرة المندمجة هي منج تتكون من عناصر أحد على األقل نشط ‪ ،‬ومن وصالت كلها‬
‫أو بعضها يشكل كل جزء ال يتجزأ من المادة يكون الغرض منه أداء وظيفة الكترونية ‪.‬‬

‫‪-61‬فؤاد معالل ‪:‬الملكية الصناعية ‪ ،‬دراسة في القانون المغربي و االتفاقيات الدولية ‪ ،‬الجزء األول الحقوق التي ترد على‬
‫المبتكرات ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ، 2019‬دار األفاق المغربية للنشر و التوزيع ‪ ،‬مطبعة األمنية الرباط ‪ ،‬ص ‪.403‬‬
‫كما عرفها البعض آخر‪ 62‬أنها "طبوغرافية المواد شبه وصالت أو المساحة الصغيرة‬
‫المخصصة لشبه الموصل المتضمنة للمجال النشيط للدوائر المندمجة هي عبارة عن مجموعة‬
‫من الدوائر مرتبة بطريقة معينة ‪ ،‬تحتوي على طبقات مختلفة للمواد شبه الموصل‪ ،‬أهميتها‬
‫األساسية تتجلى في الهندسة و تركيب األجهزة المعينة كالحاسوب و الهاتف المحمول و البطاقات‬
‫البنكية و البطاقات الهاتفية ‪.....‬‬
‫و مهما كانت صعوبة تعريف المقصود بتصاميم تشكل (طبوغرافية )الدوائر المندمجة‬
‫المرتبطة بطبيعة الصناعة االلكترونية ‪ ،‬فإننا نستطيع أن ندرك الدور الذي تلعبه في وضع‬
‫طريقة عمل و اشتغال أجهزة الحاسوب و ضمان تجاوب عالي الجودة بين كافة مكونات األجهزة‬
‫التي تؤمن عمل و معامالت الفضاء الرقمي بدأ بجهاز الحاسوب و مرورا بآالت تحديد األسعار‬
‫و أجهزة الربط الهواتف النقالة ‪........‬انتهاء بآالت الصرف اإللكتروني‪ ،‬كل ذلك يخلق صورة‬
‫رقمية أو الكترونية متطورة للوظائف و مؤسسات معروفة سلفا كاألصل التجاري اإللكتروني ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬عقود اإليواء ‪:‬‬
‫إن أي موقع تجاري إلكتروني ال بدا أن يتم إيواؤه أو استضافته على شبكة االنترنيت‬
‫بموجب عقد إيواء ‪.‬إن مصطلح إيواء (‪ )hébergement‬بمعناه اإللكتروني الواسع يشمل وضع‬
‫وسائل التقنية و المعلوماتية بمقابل أو بالمجان تحت تصرف العمالء ليتمكنوا من الدخول إلى‬
‫شبكة اإلنترنت في أية لحظة بغية بث مضمون معلوماتي معين (نصوص‪,‬‬
‫صورة ‪،‬أصوات‪)..‬للجمهور ‪.‬ويتولى هذه المهمة متعهد لإليواء يعمل على تخزين البيانات و‬
‫المعلومات التي يبثها أصحاب المواقع اإللكترونية على حساباته اآللية المرتبطة على الدوام‬
‫بشبكة اإلنترنت ‪،‬بحيث يتمكن أصحاب هذه المواقع من اطالع الجمهور على مضمونها‬
‫المعلوماتي على مدار الساعة‪.63‬‬
‫و يعد عقد اإليواء من أهم العقود اإللكترونية التي ظهرت حديثا بسبب كثرة التعامل بشبكة‬
‫اإلنترنيت‪ ،‬ولحداثة العقد لم ينظمه المشرع المغربي بأحكام خاصة ولم يرد له تعريفا معين‪،‬‬
‫ونجد بعض الفقه الفرنسي يعتبره ذلك العقد الذي يتعهد بموجبه مقدم الخدمة بوضع إمكانية‬
‫أجهزته المعلوماتية تحت تصرف مستخدم الشبكة حيث يتيح له انتفاع بحيز القرص الصلب‬
‫كجهاز الكمبيوتر المتصل بالشبكة على نحو معينا‪.64‬‬
‫وبذلك يمكن تعريف عقد اإليواء هو العقد الذي يبرم بين طرفين أحدهما متعهد إيواء الذي‬
‫يمارس عمله على سبيل االحتراف واآلخر هو مستخدم شبكة اإلنترنت الذي يلتزم بموجبه أن‬
‫‪62 -VINCENT BLANC ET ASMAA BACH :La propriété intellectuelle ,T I Inverstmark 1997, p 155 .‬‬
‫‪« La Topographie des produit semi-conducteurs ou puce est l’ensembles des circuits‬‬
‫‪qui ,matérielles ou codés d’une quelconce manière ,composent les diverses couches d’un‬‬
‫‪produit semi –conducteur , leur importance est fondamentale dans l’architecture et‬‬
‫‪conjonction des ordinateurs ,et de tous les appareils au instruments programmables ,‬‬
‫» ‪téléphones portables , carte bancaires , carte téléphoniques , systémes d’armes , etc .‬‬
‫‪63 -- SABINE DE KIK :Op .cit ,p 13.‬‬
‫‪64-ITEANAU‬‬ ‫‪Olivier : les‬‬ ‫‪contrats‬‬ ‫‪du‬‬ ‫‪commerce‬‬ ‫‪électronique,‬‬ ‫‪droit‬‬ ‫‪et‬‬
‫‪patrimoine,décembre .1997,n°55 ,p52.‬‬
‫يخصص جزءا من أجهزته بحيث يتيح له الوصول إلى المضمون المعلوماتي من خالل‬
‫تخصيص مساحة من القرص الصلب لحساباته بشكل مباشر ودائم مقابل مبلغ مالي يلتزم به‬
‫الطرف الثاني‪.‬‬

‫من خالل هذا التعريف يتبين أن عقد اإليواء يقترب من عقد الكراء المنصوص عليه في‬
‫الفصل ‪ 627‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ، 65‬على اعتبار أن مقدم الخدمة يوفر للتاجر (طالب اإليواء) مساحة‬
‫معينة بالقرص الصلب تمكنه من برمجة وتصميم موقعه ليكون واجهة ومحل افتراضيا لنشاطه‬
‫التجاري‪.‬‬
‫وهو ما ذهب إليه القضاء المغربي في حكم صادر عن المحكمة التجارية بالرباط بتاريخ‬
‫‪ ،2007-05-3‬تحت عدد ‪ 1537‬في قضية تتعلق بإنشاء موقع على شبكة اإلنترنيت يسهل‬
‫الولوج إلى خدمات الشركة العارضة ويسهل عليها تسويق وبيع منتجاتها عبر دول العالم‪ ،‬حيث‬
‫فوجئت الشركة المالكة للموقع بأنه غير مشغل ولم يعود معروضا على اإلنترنيت‪ ،66‬حيث‬
‫اعتبرت المحكمة أن عقد االستضافة المبرم بين الطرفين هو بمثابة عقد كراء يخضع للقواعد‬
‫العامة المنظمة بمقتضى ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬مبررة رأيها في أن االلتزامات المترتبة على عاتق المكري‬
‫بالشكل الذي يكون معه قابل لالستعمال‪ ،‬وهو ما أعد له أو المتفق عليه‪ ،‬وتصير تبعا لذلك‬
‫المدعى عليها الملزمة بتخصيص موقع للمدعية مكترية‪.‬‬
‫كما اعتبر القضاء الفرنسي في هذا اإلطار أن مساحة القرص الصادرة على استقبال‬
‫الزبناء تستفيد من الحماية المقررة لألكرية التجارية‪ ،67‬باإلضافة إلى ذلك نجد بعض أحكام‬
‫القضاء الفرنسي تصف العنوان اإللكتروني بأنه موطن افتراضي لألشخاص على شبكة‬
‫اإلنترنيت‪ ،68‬فالشخص عندما يقوم بتسجيل عنوانه اإللكتروني باسمه أو باسم مؤسسة أو‬
‫مشروعة يكون قد اختار مقرا قانونيا ترتبط به مصالحه‪.‬‬
‫غير أنه إذا كان الحق في الكراء – الحق الذي يتمتع به التاجر على العقار الذي يمارس‬
‫فيه تجارته – يعتبر من بين عناصر األصل التجاري الواردة في المادة ‪ 80‬من م‪.‬ت‪ ،‬والمنظم‬
‫بمقتضى القانون رقم ‪ 16-49‬المتعلق بالكراء التجاري والذي يكتسب المكتري التاجر الحق في‬
‫الكراء بعد استيفاء المدة المحددة قانونا باعتباره عنصرا معنويا الزما الستغالل األصل‬
‫التجاري‪ ،‬ومن المسائل األساسية في تطوير عنصر الزبناء‪.‬‬
‫فإن السؤال يثار حول مدى إمكانية اكتساب هذا الحق بالنسبة لعقود إيواء الفضاء الرقمي‬
‫التي تكون محددة من حيث المساحة (‪ )méga‬ومن حيث المدة‪ ،‬فبعد مرور مدة معينة يكتسب‬

‫‪ -65‬ينص الفصل ‪ 627‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي‪" :‬الكراء عقد بمقتضاه يمنح أحد طرفيه لآلخر منفعة منقول أو عقار‪ ،‬خالل مدة‬
‫معينة في مقابل أجرة محددة‪ ،‬يلتزم الطرف اآلخر بدفعها له"‪.‬‬
‫‪ - 66‬ملف تجاري عدد ‪ :4510/08/2006‬وارد عند بشرى النية‪ :‬العقد المبرم بطريقة إلكترونية‪ ،‬أطروح»»ة لني»»ل ال»»دكتوراه في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أكدال – الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪-2011‬‬
‫‪ ،2012‬ص ‪.95‬‬
‫‪67 -« Seul un espace clos et couvert, susceptible de recevoir des clients peut bénéficier du statut‬‬
‫‪protecteur des baux commerciaux … » cours cass. C.V 3ème 23 Juin 2016, N° 14-26.003 publié‬‬
‫‪par légifrance le : 01-08-2020.‬‬
‫‪68 - Cour d’appel de Paris 14 Août 1996, les petites affiches 28/7/1997, N° 90, p 17.‬‬
‫الموقع التجاري في الفضاء الرقمي شعبية وزبناء خاصين مرتبطين باألصل اإللكتروني‪ ،‬أال‬
‫يمكن اعتبار في هذه الحالة الحديث عن الحق في الكراء في الفضاء الرقمي؟‬
‫وأال يشكل إعادة استعمال نفس العنوان اإللكتروني (‪ )Nom de domaine‬من طرف‬
‫مستغل آخر أو مكري آخر للفضاء الرقمي اعتداءا يترتب عليه نفس اآلثار الذي يرتبها فقدان‬
‫الحق في الكراء؟‬
‫بداية تجدر اإلشارة أنه إليواء موقع معين‪ ،‬يتخذ إحدى الصورتان‪ :‬فإما أن يقوم التاجر‬
‫بإيواء موقع معين على دعامة (‪ )seveur‬موجودة في مكان معين وتكون هذه الدعامة في ملكه‪،‬‬
‫وإما أن يقوم التاجر بإيواء موقعه على دعامة مملوكة تتغير موجودة في مكان أيضا مملوك‬
‫للغير‪.69‬‬
‫في الحالة األولى ال نكون فيها أمام عقود إيواء ألن هذه الحالة تقترب بشكل كبير من‬
‫الحالة التي يمارس فيها التاجر نشاطه التجاري في محل مملوك له‪ ،‬إذ في هذه الحالة المستثمر‬
‫في األصل التجاري اإللكتروني ال يبرم عقود إيواء بل يقتصر على إبرامه عقود الدخول أو‬
‫الولوج إلى شبكة اإلنترنيت وهي عقود ال تطرح إشكاالت من الناحية العملية‪.‬‬
‫على عكس الحالة الثانية التي يجد فيها التاجر نفسه مضطرا إلى إبرام عقود إيواء مع‬
‫ممون الخدمة ليسمح له باستغالل فضاء معين على سبيل اإليجار‪ ،‬حيث يقترب فيه هذه الصورة‬
‫من عقود الكراء التجاري التي وضع لها المشرع أحكام خاصة بهدف حماية التاجر وضمان‬
‫استمرارية نشاطه التجاري‪.‬‬
‫لكن مع ذلك ال يمكن أن يخضع عقد اإليواء لهذه المقتضيات بشكل مطلق‪ ،‬ويرجع ذلك‬
‫لعدة اعتبارات أهمها وجود العديد من مقدمي الخدمة الذين يقدمون مواقع للتجار في اإلنترنيت‪،‬‬
‫مما يعني أن اإلنهاء المحتمل لعقد اإليواء مع أحدهم لن يمنع التاجر من إبرام عقد جديد بسرعة‬
‫مع مزود خدمة آخر دون أن يؤثر ذلك على عنصر الزبناء كما هو الشأن بالنسبة لتغيير المكري‬
‫أو العين المكتراة في األصل التجاري التقليدي ألن صلة الزبناء بالعقار في الفضاء الرقمي تكون‬
‫منعدمة‪.‬‬
‫ونتيجة لذلك‪ ،‬أن التعويض الذي خوله المشرع في إطار القانون رقم ‪ 16-49‬للمكتري في‬
‫حالة رفض تجديد عقد الكراء من طرف المكري لن يستفيد منه التاجر في فضاء اإلنترنيت‬
‫عند إبرام عقد اإليواء‪ ،‬هذا ما ذهب إليه الفقه الفرنسي – بحيث اعتبر أن تغيير إنتاج لمقدم‬
‫الخدمة ال يؤثر على الزبناء‪ ،‬وبالتالي فالمادة ‪ 445L-14‬من مدونة التجارة‪ -‬التي تنص على منح‬
‫تعويض في حالة رفض تجديد عقد الكراء لصالح المستأجر الذي تم إفراغه‪ -‬غير مناسبة لعقد‬
‫اإليواء‪.70‬‬
‫كما أن الحق في الكراء ليس عنصر الزما في األصول التجارية التقليدية‪ ،‬هذا ما أكدته‬
‫محكمة النقض الفرنسية في قرار ‪ 27‬أبريل ‪.711993‬‬
‫‪69 - Edmond Picard – Hennebicq- Charles van Reepinghen – Jean Dal : Le fonds de commerce‬‬
‫‪virtuel: op, cit, p: 147.‬‬
‫‪70 - Fréderic PICARD – Sybille ELLEBOODE – MERIER- Camille MERLIER : La Cession de‬‬
‫‪Fonds de commerce électronique …, op, cit, p 7.‬‬
‫‪71 - Arrêt de la cour de cassation 27 avril 1993, N° 91-10.819, cité par, Avity société d’avocats,‬‬
‫‪516- 5 mars 2020, p 9.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك هناك جانب من الفقه الفرنسي‪ 72‬اعتبر أن عقود اإليواء ضرورية‬
‫إلنشاء موقع أو محل تجاري على صفحات الويب لكنها ليست ضرورية لولوجه إلى شبكة‬
‫اإلنترنيت‪ ،‬ألن دور عقود اإليواء يقتصر على توفير مساحة معينة بالقرص الصلب‪ ،‬في حين أن‬
‫األمر يحتاج أكثر من ذلك من خالل رصد إمكانيات مادية وفنية لتصميم موقع قادر على الصمود‬
‫أمام المنافسة الشرسة التي تعرفها شبكة اإلنترنيت‪.‬‬
‫وبالتالي يمكن القول بأن عقود اإليواء ال يمكن إخضاعها بشكل مطلق للمقتضيات‬
‫المتعلقة بالمحالت التجارية‪ ،‬وبالتالي استبعاد تطبيق نظام الكراء التجاري ما دام التاجر في‬
‫الفضاء الرقمي ال يحتاج للحماية المقررة في هذه المقتضيات‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪72 - Eric Dubuisson : La personne virtuelle : propositions pour définir l’être juridique dans un‬‬
‫‪échange télématique, Droit de l’informatique et des télécoms, Nes 1995, p 3.‬‬
‫‪-SILVA Fernando : Vers la reconnaissance du fonds de commerce et du bail commercial‬‬
‫‪électronique ?: http://www.droit-tic.com .‬‬
‫استغالل األصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬
‫إذا كنا حسمنا في الفصل السابق أن تطور المعامالت التجارية (التجارة الكترونية) أدى بشكل‬
‫مباشر إلى ظهور مؤسسة جديدة –األصل التجاري اإللكتروني –كمفهوم و كيان قانوني‬
‫اقتصادي فرض نفسه واقعيا قبل أن ينتظم قانونا ‪ ،‬فانه باعتبار األصل التجاري االلكتروني مال‬
‫معنوي يمكن نقله و تداوله ‪،‬يفترض أن يخضع لكل التصرفات الواردة على األموال بصفة عامة‬
‫من بيع و رهن و كراء ‪ ،‬لكن السؤال الذي يطرح في هذا الصدد هل يمكن تصور التصرفات‬
‫الواردة في المادة ‪ 81‬من م‪.‬ت ‪73‬في الفضاء الرقمي ؟‬
‫فإذا كان االعتراف باألصل التجاري االلكتروني ككيان قانوني –مسألة ال تخلو من أهمية ‪ ،‬فإن‬
‫ضمان أمن المعامالت المتصلة به و استمرار نشاطه التجاري رهين بوجود آليات لفض‬
‫النزاعات المترتبة عنه ‪ ،‬تتالءم مع طبيعته التجارية الرقمية و المتمثلة أساسا في في السرعة و‬
‫النجاعة‪.‬‬

‫وعليه ارتأينا معالجة التصرفات الواردة على األصل التجاري االلكتروني (المبحث األول )و‬
‫آليات فض المنازعات المتصلة به(المبحث الثاني )‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التصرفات الواردة على األصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬


‫من المعلوم أن األصل التجاري التقليدي مال معنوي منقول يمكن إخضاعه لمجموعة من‬
‫التصرفات القانونية و هي البيع و تقديمه حصة في شركة و رهنه و كذا إخضاعه للتسيير الحر ‪.‬‬
‫وإذا كانت هذه التصرفات مألوفة في األصل التجاري التقليدي منظمة بمقتضي مدونة التجارة و‬
‫ق ل ع وغيرها من النصوص ‪.‬فان التساؤل يطرح بخصوص مالئمة هذه المقتضيات وانسجامها‬
‫مع األصل التجاري في صيغته االلكترونية ؟‬
‫وعليه سنناقش في هذا المبحث مدى تفويت األصل التجاري االلكتروني (مطلب أول ) و رهنه و‬
‫إخضاعه للتسيير الحر(مطلب ثاني) ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تفويت األصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬


‫‪- 73‬تنص المادة ‪ 81‬من م‪.‬ت على أنه "يتم بيع األصل التجاري أو تفويته و كذا تقديمه حصة في شركة أو تخصيصه بالقسمة أو‬
‫بالمزاد بعقد رسمي أو عرفي‪"....‬‬
‫يتم تفويت األصل التجاري بصفة عامة في أحد الصورتين‪ ،‬إما بيع لهذا األصل (الفقرة‬
‫األولى) وإما عن طريق تقديمه حصة في شركة (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬بيع األصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬
‫يعتبر بيع األصل التجاري من بين التصرفات القانونية األكثر انتشارا‪ ،‬ويخضع هذا‬
‫النوع من البيوع إلى األحكام العامة للبيع الواردة في ق‪.‬ل‪.‬ع (الفصول ‪ 478‬إلى ‪ )658‬باإلضافة‬
‫إلى األحكام الخاصة الواردة في مدونة التجارة (المواد ‪ 21‬إلى ‪ )103‬والتي يهدف من خاللها‬
‫المشرع إلى حماية البائع وضمان استيفائه لثمن البيع‪ ،‬ضمان حقوق المشتري باإلضافة إلى‬
‫ضمان حقوق دائني البائع ‪.‬‬
‫‪74‬‬

‫فإذا كان هذا يتعلق باألصل التجاري التقليدي‪ ،‬فإنه يمكن التساؤل عن وضعية األصل‬
‫التجاري اإللكتروني هل يخضع لنفس األحكام المذكورة سابقا؟‬
‫يمكن القول بأن عقد بيع األصل التجاري اإللكتروني يخضع مبدئيا لنفس المبادئ العامة‬
‫لعقد البيع في قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬على اعتبار أن هذا األخير يعد الشريعة العامة لباقي‬
‫القوانين والتي يتعين تطبيق مقتضياتها في حالة عدم وجود نص خاص يتعارض معها‪ ،‬إضافة‬
‫إلى القواعد المنصوص عليها في مدونة التجارة في المواد من ‪ 21‬إلى ‪ 103‬واألحكام المشتركة‬
‫بين بيع األصل التجار ي ورهنه الوارد في المواد من ‪ 111‬إلى ‪ 151‬من نفس المدونة‪.‬‬
‫إضافة إلى ما سبق نجد التعريف الذي أورده المشرع المغربي في الفصل ‪ 478‬ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫يتماشى مع مفهوم األصل التجاري باعتباره مآل معنوي ال شيء مادي‪ ،‬حيث جاء في الفصل‬
‫المذكور‪" ،‬البيع عقد بمقتضاه ينقل أحد المتعاقدين لآلخر ملكية الشيء أو حق مقابل ثمن يلزم هذا‬
‫األخير بدفعه له" ‪ ،‬ومن تم فإن المشرع لم يقتصر البيع على األشياء المادية فقط‪ ،‬وهذا ما يتماشى‬
‫مع كون األصل التجاري مال معنوي ال شيئا ماديا‪.‬‬
‫فإذا صح ما سبق ‪ -‬أي أن بيع األصل التجاري اإللكتروني يخضع لنفس المقتضيات التي‬
‫يخضع لها األصل التجاري بمفهومها التقليدي‪ -‬فإنه يجب أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط‬
‫الموضوعية والشكلية (أوال)‪ ،‬لينتج مجموعة من اآلثار القانونية لمختلف األطراف المرتبطة به‬
‫(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬شرط بيع األصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬
‫خلصنا سابقا أن ‪ -‬بيع األصل التجاري اإللكتروني ‪ -‬يخضع لنفس المقتضيات بيع األصل‬
‫التجاري التقليدي‪ ،‬ومن تم يجب أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط الموضوعية والشكلية على‬
‫الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬الشروط العامة لبيع األصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬
‫ينعقد بيع األصل التجاري اإللكتروني بتوفر األركان العامة للتعاقد‪ ،‬مع مراعاة الشروط‬
‫المرتبطة بإبرام العقود اإللكترونية‪ ،‬حيث يجب لصحة هذا العقد توافر األركان المنصوص عليها‬
‫في الفصل الثاني من قانون االلتزامات والعقود من أهلية االلتزام وبتعبير صحيح عن اإلرادة يقع‬
‫‪74- Mustapha Bentahar : La Protection des créanciers d’un fonds de commerce, thèse pour‬‬
‫‪l’obtention du doctorat d’état, Faculté de droit de Fès,2002 ,p 106.‬‬
‫على العناصر األساسية لاللتزام خاليا من أي عيب من العيوب التي يمكن أن تشوبها‪ ،‬إضافة إلى‬
‫محل االلتزام وسبب مشروع‪.75‬‬
‫فبالنسبة لشرط األهلية ‪ ،‬إذا كان يطرح إشكاال بالنسبة لألشخاص الطبيعية المتعاملة بشكل‬
‫يومي في الفضاء الرقمي على اعتبار وجود صعوبة في التأكد من هوية المسير الفعلي للموقع‪،‬‬
‫فإنه بالنسبة لعملية بيع األصل التجاري اإللكتروني ال تطرح أي إشكال على اعتبار أن هذا‬
‫األخير يتوفر على سجل تجاري يتضمن على كافة البيانات الالزمة‪ ،‬والتي يمكن من خاللها‬
‫التأكد من هوية المالكين أو المسيرين لهذا األصل‪ ،‬كما يمكن اللجوء إلى طرف ثالث أو ما يسمى‬
‫بسلطات اإلشهار أو "مزودي خدمات التصديق اإللكتروني" والتي هي عبارة عن طرف محايد‬
‫يقوم بتحديد هوية الطرفين وأهليتهما القانونية عن طريق إصدار شهادات توثيق حقائق متعلقة‬
‫بالتعاقد‪.‬‬
‫نفس األمر فيما يتعلق بالنسبة للرضا‪ ،‬بحيث أن مسألة التوثيق من سالمة اإلرادة وخلوها‬
‫من العيوب‪ ،‬ال تثار بشدة في عقد بيع األصل التجاري اإللكتروني‪ ،‬ألنه يقوم على اعتبار‬
‫جوهريا في إبرام العقد‪ ،‬خصوصا وإذا اعتمدنا على الطرح الذي يعتبر األصل التجاري‬
‫اإللكتروني مجموعة قانونية ذو شخصية معنوية مستقلة عن شخص التاجر المستثمر‪.‬‬
‫هكذا يلزم لصحة عقد بيع األصل التجاري اإللكتروني خلو رضا الطرفين‪ ،‬من كل عيب‬
‫من عيوب اإلرادة التي هي الغلط‪ ،‬والتدليس و االنحراف‪.‬‬
‫بخصوص التدليس فإن مجرد التحايل بخصوص رقم أعمال أو أرباح األصل التجاري‬
‫اإللكتروني وقيمة وعدد الحقوق المعنوية التي تتوفر عليها هذا األصل تشكل تدليسا تخول تجنب‬
‫إبطال العقد‪.‬‬
‫ولما كان األصل التجاري اإللكتروني مال معنوي يتكون من مجموعة من العناصر منها‬
‫ما هو غير ملموس يصعب التحقق منه‪ ،‬مثل عنصر الزبناء الرقميين أو السمعة‪ ،‬فإن من‬
‫المحتمل أن يقع المشتري في الغلط بحيث يتصور تصورا غير مطابق للواقع‪ ،‬سواء في حجم‬
‫الزبائن أو رقم المعامالت أو أرباح األصل التجاري وغيرها من أجل ذلك فإن المشرع أعطى‬
‫للمشتري الحق في أن يطلب إبطال البيع أو إنقاص الثمن خالل سنة من تاريخ العقد‪ ،‬إذا كانت‬
‫البيانات المذكورة في هذا األخير‪ ،‬غير صحيحة البيانات المذكورة في هذا األخير‪ ،‬غير صحيحة‬
‫شريطة إثبات تضرره من ذلك (المادة ‪ 82‬من مدونة التجارة)‪.76‬‬
‫بالرجوع إلى المقتضيات الفصل ‪ 57‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬نجده ينص على أن‬
‫"األشياء واألفعال والحقوق المعنوية الداخلة في دائرة التعامل تصلح وحدها ألن تكون محال‬
‫لاللتزام ‪ ،‬ويدخل في دائرة التعامل جميع األشياء التي ال يحرم القانون صراحة التعامل شأنها"‪.‬‬

‫‪ -75‬أحمد شكري الس»باعي‪ ،‬الوس»يط في األص»ل التج»اري‪ ،‬دراس»ة في ق»»انون التج»ارة المغ»»ربي و في الق»انون المق»ارن والفق»ه‬
‫والقضاء‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2013‬دار نشر المعرفة‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص ‪.59‬‬
‫‪ -76‬تنص المواد ‪ 82‬من م‪.‬ت على ما يلي‪ ..." :‬إذا كانت البيان»»ات الم»»ذكورة في العق»»د غ»»ير ص»»حيحة ج»»از للمش»»تري أن يطلب‬
‫التصريح بإبطال العقد أو بتخفيض الثمن في حالة تضرره من جراء ذلك‪.‬‬
‫يجب في كلتا الحالتين إقامة الدعوى في أجل ال يتعدى سنة من تاريخ عقد البيع‪.".....‬‬
‫يتبين من خالل الفصل ‪ 57‬أن األصل التجاري‪ ،‬باعتباره ماال منقوال معنويا (المادة ‪79‬‬
‫من مدونة التجارة)‪ ،‬يصلح ألن يكون محل االلتزام إذا كان غرضه مشروعا وداخل في دائرة‬
‫التعامل‪.‬‬
‫لذلك فإنه يجب أن يعين محل االلتزام في عقد بيع األصل التجاري بصفة عامة‪ ،‬وال يمكن‬
‫بيع األصل التجاري إال إذا تعلق األمر بالبيع الكلي لألصل التجاري أو يشمل على األقل‬
‫عنصرين معنويين أساسيين منه‪ ،77‬وإذا كان هذين العنصرين في األصل التجاري التقليدي‬
‫يتجسدان في الزبناء والسمعة التجارية والحق في الكراء‪ ،‬فإنهما في األصل التجاري اإللكتروني‬
‫يتمثالن في الزبناء الرقميين واسم المجال أو العنوان اإللكتروني‪ ،‬وإذا انصب البيع عل أحد هذه‬
‫العناصر أو غيرها‪ ،‬بشكل مستقل فإننا لن نكون أمام بيع لألصل التجاري‪ ،‬بل بيع لهذا العنصر‬
‫بشكل مستقل عن األصل‪ ،‬وهي إمكانية غير متاحة بالنسبة لجميع عناصر األصل التجاري‬
‫اإللكتروني‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك يجب تحديد ثمن البيع‪.‬‬
‫مبدئيا يتم تحديد ثمن بيع األصل التجاري اإللكتروني باتفاق الطرفين باالستعانة بخبير أو‬
‫بدونه‪ ،‬وليس من الضروري أن يكون الثمن فوريا‪ ،‬بل يجوز أن يكون مؤجال أو على دفعات‪،‬‬
‫غير أن المشرع المغربي لم يكتفي بذكر ثمن إجمالي للبيع‪ ،‬وإنما تطلب باإلضافة إلى ذلك تعيين‬
‫ثمن كل عنصر يشمله البيع على حدة‪ ،‬وبهدف ضمان امتياز البائع (المادة ‪.)81‬‬
‫‪ -2‬الشروط الخاصة لبيع األصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬
‫يشترط لصحة بيع األصل التجاري شرطين أساسيين‪ :‬الكتابة والشهر‪ ،‬بالنسبة لشرط‬
‫الكتابة نجد المشرع المغربي من خالل المادة ‪ 81‬من مدونة التجارة‪ 78‬يشترط بيع األصل‬
‫التجاري بعقد رسمي أو عرفي مما يفيد أن شرط الكتابة هذا ليس شرط انعقاد وإنما شرط إثبات‬
‫فقط‪ ،‬على اعتبار أن المشرع لم يرتب جزاء البطالن عند تخلفهم‪ ،‬ويمكن تحرير بيع األصل‬
‫التجاري إلكترونيا عمال بمقتضيات القانون رقم ‪ 53-05‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات‬
‫القانونية‪.79‬‬
‫غير أن المادة ‪ 82‬من نفس المدونة تجيز للمشتري أن يطلب التصريح بإبطال العقد في‬
‫حالة إغفال تضمين أحد البيانات الواردة في المادة السابقة‪ ،‬الشيء الذي يخلق نوعا من التناقض‬
‫بين مبدأ الرضائية في بيع األصل التجاري ولزومية البيانات الواجب توافرها في عقد البيع‬
‫الرسمي أو العرفي‪ ،‬غير أنه فيما يتعلق ببيع األصل التجاري اإللكتروني يبدو أن الشكلية شرطا‬
‫الزما إلبرام هذا العقد‪ ،‬العتبارات عدة‪ ،1‬منها على الخصوص حماية مصالح األطراف‬

‫‪ - 77‬شكري السباعي ‪ :‬الوسيط في األصل التجاري‪ ،‬دراسة في قانون التجارة المغربي و في القانون المقارن والفق»»ه والقض»»اء‪،‬‬
‫الجزء الثالث‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪ -78‬تنص الم»»ادة ‪ 81‬من م‪.‬ت على م»»ا يلي "يتم بي»»ع األص»ل التج»اري أو تفويت»»ه وك»»ذا تقديم»»ه حص»ة في ش»ركة أو تخصيص»ه‬
‫بالقسمة أو بالمزاج بعقد رسمي أو عرفي‪ ،‬ويودع ثمن البيع لدى جهة مؤهلة قانونا لالحتفاظ بالودائع‪.‬‬
‫ينص العقد على‪:‬‬
‫‪ -1‬اسم البائع وتاريخ عقد التفويت ونوعيته وثمنه مع تمييز العناصر المعنوية والبضائع والمعدات‪.‬‬
‫‪ -2‬حالة تقييد االمتيازات والرهون المقامة على األصل‪.‬‬
‫‪ -3‬وعند االقتضاء‪ ،‬الكراء ومدته ومبلغ الكراء الحالي واسم وعنوان المكري‪.‬‬
‫‪-4‬مصدر ملكية األصل التجاري‪.‬‬
‫‪ -79‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5584‬بتاريخ ‪ 6‬ديسمبر ‪.2007‬‬
‫المتعاقدة وكذلك األغيار‪ ،‬وكذلك لتشعب اإلطار القانوني المنظم‪ ،‬ومراعاة السرعة التي تميز‬
‫البيئة التجارية عامة والتجارة اإللكترونية خاصة‪ ،‬فالشكلية ضرورية للشهر والنشر‪ ،‬كما أنها‬
‫ضرورية لتقييد امتياز البائع وغيرها من االعتبارات‪.80‬‬
‫أما بخصوص إجراء الشهر‪ :‬أوجب المشرع على البائع أن يقوم بمسطرة بيع األصل‬
‫التجاري‪ ،‬يهدف إحاطة دائني المشتري علما بالحقوق التي بقيت للبائع في ذمة مدينهم‪ ،‬وكذا‬
‫إحاطتهم علما بالبيع‪ ،‬بحيث يجب شهر العقد عن طريق إيداع نسخة أو نظير من العقد الرسمي أو‬
‫العرفي لدى كتابة الضبط المحكمة المختصة بمسك السجل التجاري التي يوجد دائرتها الرئيسي‬
‫لألصل التجاري‪.‬‬
‫لكن هذا ال يتوافق مع خصوصية األصل التجاري اإللكتروني‪ ،‬لذلك بادر المشرع‬
‫المغربي بإحداث السجل الوطني االلكتروني اإللكتروني للضمانات المنقولة بموجب المادة‬
‫‪12‬من القانون رقم ‪ 18-21‬المتعلق بالضمانات المنقولة رغبة منه تسهيل و تبسيط إجراءات‬
‫التقييد ونزع عنها الطابع المادي اختصارا للوقت و الجهد ‪ ،‬بحيث أصبح تقييد البائع المتيازه‬
‫بطريقة سهلة غير معقدة و ذلك بكيفية الكترونية انسجاما مع عصر التكنولوجيا ‪،‬إذ يكفي أن يقوم‬
‫البائع بفتح حساب يسمى " حساب الزبون " للقيام بأي عملية من العمليات المتاحة من قبل السجل‬
‫‪,‬و هذه العملية سوف تمكنه منها اإلدارة المكلفة بتدبير هذا السجل ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬آثار بيع األصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬


‫يترتب عن بيع األصل التجاري مجموعة من اآلثار سواء بين أطرافه‪ ،‬أو بين مواجهة‬
‫الغير‪.‬‬
‫‪ -1‬حقوق دائني البائع ‪:‬‬
‫قد يشكل األصل التجاري ضمانة مهمة لدائني البائع‪ ،‬من أجل ذلك عمل المشرع على‬
‫إعطائهم الحق في ممارسة حقين‪ :‬هما حق التعرض على دفع ثمن البيع إلى البائع وحق كسر ثمن‬
‫البيع وإجراء المزايدة العلنية‪.81‬‬
‫فيما يخص حق التعرض‪ :‬نجد المشرع المغربي قرر لكل دائن للبائع الحق في أن‬
‫يتعرض على ثمن البيع له‪ ،‬سواء كان الدين مستحق األداء أم ال‪ ،‬داخل أجل أقصاه خمسة عشر‬
‫يوما بعد النشر الثاني‪ ،‬على أداء ثمن البيع برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل يتم توجيهها‬
‫إلى كتابة الضبط المحكمة التي تم إيداع العقد بها‪ ،‬او بإيداع التعرض لدى تلك المحكمة مقابل‬
‫وصل‪ ،‬هذا ويجب أي يشار في الطلب إلى مبلغ الدين وأسبابه مع تعيين محل المخابرة في دائرة‬
‫نفوذ نفس المحكمة تحت طائلة بطالن التعرض (المادة ‪ ،)84‬غير أن هذا الشرط األخير (تعيين‬
‫محل المخابرة) قد يطرح إشكاال بالنسبة لدائني األصول التجارية اإللكترونية إلى اعتبار السمة‬
‫الدولية التي تتميز بها العقود المبرمة معه‪ ،‬بذلك في اعتقادنا يمكن تجاوز األمر من خالل إيجاد‬
‫بعض الحلول لعل أبرزها ‪ -‬اختيار محل مخابرة لدى محام يعين من طرف الدائن‪.‬‬
‫‪ -80‬أحمد شكري الس»»باعي ‪:‬الوس»»يط في األص»ل التج»»اري‪ ،‬دراس»»ة في ق»»انون التج»»ارة المغ»»ربي و في الق»»انون المق»»ارن والفق»ه‬
‫والقضاء‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.117‬‬
‫‪ - 81‬عز الدين بنستي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 152‬وما بعدها‪.‬‬
‫أما فيما يخص حق الزيادة بالسدس‪ :‬يحق لدائني البائع المتعرضين‪ ،‬إذا تبين لهم أن الدين‬
‫المعلن عنه يقل عن القيمة الحقيقية لألصل التجاري أن يزيد في ثمن البيع السدس على الثمن‬
‫الرئيسي لألصل التجاري دون أن يشمل البضائع والمعدات (المادة ‪ 94‬من مدونة التجارة)‪،‬‬
‫وذلك لحماية هؤالء من حاالت إضفاء الثمن الحقيقي‪.‬‬
‫ولو كانت ممارسة هذا الحق قليلة الوقوع في الحياة العملية بالنسبة لألصول التقليدية‬
‫بالنظر لكون الدائن يتخوف من االحتفاظ باألصل‪ ،‬كمل يعرضه كمزايد لحظر التواجد كحائز‬
‫لألصل‪ ،‬فإن األمر يزيد تعقيدا بالنسبة لألصول التجارية اإللكترونية لكون أن الدائن يصعب عليه‬
‫تقدير القيمة الحقيقية لهذا األصل على اعتبار أن رقم األعمال وحجم المعامالت ال يكون ظاهرا‬
‫ومكشوفا كما هو الشأن بالنسبة لألصول التقليدية‪.‬‬
‫‪ -2‬التزامات البائع و حقوقه ‪:‬‬
‫أ‪ -‬إلتزامات البائع ‪:‬‬
‫يلتزم البائع بمجموعة من االلتزامات لعل أبرزها‪ :‬االلتزام بالتسليم وااللتزام بالضمان‪.‬‬
‫‪-‬االلتزام بالتسليم‪ :‬بمجرد تمام عقد البيع يتحمل البائع بناء على ذلك تمكين المشتري من‬
‫الحيازة الفعلية التي تخول له وحدها الحق في التصرف في األصل التجاري دون عائق‬
‫(المادة ‪ 498‬من ق‪.‬ل‪.‬ع)‪ ،‬وبعبارة الفصل ‪ 499‬يتم التسليم‪ ،‬حيث يتخلى البائع أو نائبه‬
‫عن الشيء المبيع ووضعه تحت تصرف المشتري حتى يتمكن من االستفادة منه‪ ،‬ويتم‬
‫ذلك في األصل التجاري اإللكتروني عن طريق تمكين البائع المشتري من األرقام‬
‫السرية للولوج إلى الموقع وتمكينه من طريقة عمل قواعد البيانات‪ ،‬إضافة إلى تمكينه‬
‫من قوائم الزبناء وأرقام وحساباتهم على الموقع‪ ،‬وكل ما يساعد المشتري على معرفة‬
‫طريقة اشتغال الموقع‪.‬‬
‫‪-‬االلتزام بالضمان‪ :‬باإلضافة إلى االلتزام بالتسليم يقع على عاتق البائع التزام بضمان‬
‫العيوب الخفية وضمان االستحقاق اللذين يجدان سندهما القانوني في الفصل ‪ 532‬من‬
‫و‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬باإلضافة إلى االلتزام بعدم المنافسة التشويشية‪ ،‬كما يلتزم بضمان أفعاله‬
‫الشخصية التي تخلق ضررا بحق المشتري في االستغالل الهادئ لألصل (المادة ‪533‬‬
‫من ق‪.‬ل‪.‬ع)‪ ،‬وااللتزام بضمان البيانات التي تم التصريح بوجودها في عقد بيع األصل‬
‫التجاري (المادة ‪ ،)81‬بحيث يتحمل البائع تجاه المشتري عند تخلف هذه البيانات‬
‫بالضمان تحت طائلة التصريح باإلبطال في حالة تضرر المشتري (المادة ‪ 82‬ف‪ 1‬من‬
‫م‪ .‬ت)‪.‬‬
‫ب‪ -‬حقوق البائع ‪:‬‬
‫يحظى البائع بمجموعة من الضمانات لعل أبرزها‪ :‬ضمان خاص يوفر له الحصول على‬
‫ثمن األصل التجاري المبيع أو الباقي من أقساطه إن كان الثمن أو القسط مؤجال ما يسمى بامتياز‬
‫البائع بمقتضى هذا الحق يتقدم البائع على جميع دائني المشتري لتحصيل ثمن البيع أو ما تبقى‬
‫منه من ثمن األصل التجاري المبيع ‪ ،‬ويخضع هذا االمتياز للتقييد في السجل الوطني االلكتروني‬
‫للضمانات المنقولة طبقا للمادة ‪ 131‬و بعده وال يخضع للنشر في الجرائد‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك يتمتع البائع بحق طلب فسخ البيع‪ ،‬ومقتضى ذلك يحق للبائع وفقا‬
‫للقواعد العامة طلب فسخ عقد البيع لعدم تنفيذ المشتري التزامه بدفع الثمن وفق الشروط التي‬
‫حددها القانون ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تقديم األصل التجاري اإللكتروني حصة في شركة ‪:‬‬
‫‪82‬‬
‫فإذا كان يمكن بيع األصل التجاري‪ ،‬فإنه يمكن تقديمه حصة في شركة ‪.‬‬
‫فتقديم األصل التجاري‪ 83‬بنوعيه حصة في شركة ‪ ،‬سواء كان تقليدا أو إلكتروني يندرج‬
‫ضمن الحصص العينية‪ ،‬ومن تم يخضع للقواعد العامة المتعلقة بتقديم الحصص العينية‪.84‬‬
‫غير أنه إذا كانت واقعة تقديم األصل التجاري اإللكتروني‪ ،‬ال تختلف في أحكامها عن‬
‫واقعة تقديم األصل التجاري العادي‪ ،‬السيما أن تحديد قيمة هذا األصل في الغالب تعهد إلى خبير‬
‫محاسبي يعمل على تحديدها بدقة وموازنتها بما يمكن أن يقابلها من أنصبة أو أسهم في الشركة‪،‬‬
‫فإن االختالف في األصل التجاري اإللكتروني يتمثل في فقدان شخصيته المعنوية المستقلة‬
‫لحساب الشركة المقتنية‪ ،‬هذا بخالف األصل التجاري التقليدي الذي ال يتمتع أصال بهذا االمتياز‪،‬‬
‫وهذا ال يعني أن تقديم األصل التجاري اإللكتروني حصة في شركة يؤدي إلى اختفائه بالمرة كما‬
‫هو الشأن بالنسبة لألصل التجاري العادي‪ ،‬على اعتبار أن الهدف األساسي من اقتناء األصل‬
‫التجاري اإللكتروني هو خلق فرع إلكتروني في فضاء رقمي لشركة ذات وجود مادي أو خلق‬
‫فرع إلكتروني جديد لشركة إلكترونية موجودة ‪.‬‬
‫وفي جميع األحوال يفقد األصل التجاري اإللكتروني شخصيته المعنوية واستقالله المالي‬
‫وينصهر في الشركة المضيفة فيصبح جزءا ال يتجزأ منها‪.‬‬
‫غير أن تقديم األصل التجاري اإللكتروني حصة في شركة يتطلب توافر مجموعة من‬
‫الشروط (أوال)‪ ،‬ومن ثم تترتب عن ذلك مجموعة من الحقوق للشريك (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬شروط تقديم األصل التجاري اإللكتروني حصة في شركة ‪:‬‬
‫يلزم لتقديم األصل التجاري اإللكتروني حصة في شركة‪ ،‬مجموعة من الشروط‬
‫الموضوعية والشكلية‪ ،‬وهذه الشروط ال تختلف عن تلك المتطلبة النعقاد عقد البيع التي تناولتها‬
‫في الفقرة السابقة‪ ،‬بحيث تتمثل الشروط الموضوعية في أهلية االلتزام والتعبير الصحيح عن‬
‫اإلرادة يقع على العناصر األساسية لاللتزام‪ ،‬وشيء محقق يصلح ألن يكون محال لاللتزام وسبب‬

‫‪82 - CH. REYNAND, et Puyraneau : les problèmes posés par les apports en nature et‬‬
‫‪spécialement l’apport d’un fond de commerce ou d’une entreprise commerciale et les clauses‬‬
‫‪de rétroactivité- Mélanges – D. Bastian- T- 1994, p 241.‬‬
‫‪ - 83‬يقصد بتقديم األصل التجاري صفة في شركة سواء كان تقليديا إلكترونيا‪ ،‬قيام شخص مال»»ك األص»»ل التج»»اري بنق»»ل ملكي»»ة‬
‫هذا األخير إلى شركة بغية االشتراك فيها مقابل أسهم أو سندات استثمار التي تصدرها الشركة سواء كان ذل»»ك عن»»د التأس»»يس أو‬
‫بعد التأسيس‪ ،‬زيادة في رأس المال‪ ،‬أحمد شكري السباعي ‪ :‬الوسيط في األصل التجاري‪ ،‬دراسة في ق»انون التج»ارة المغ»ربي و‬
‫في القانون المقارن والفقه والقضاء ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.445‬‬
‫‪- 84‬عبد الرحيم شمعة ‪ :‬تقديم األصل التجاري‪ ،‬حصة في شركة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمق‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس أكدال الرباط ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 1991-1990‬ص ‪.23‬‬
‫مشروع لاللتزام (الفصل ‪ 2‬من ق‪.‬ل‪.‬ع) تحت طائلة البطالن (الفصل ‪ 306‬إلى ‪ 310‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪،‬‬
‫وأن تكون اإلرادة خالية من العيوب التي قد تشوبها‪.85‬‬
‫و كل ذلك إلى جانب الشروط الموضوعية المتطلبة في بيع األصل التجاري السابق‬
‫ذكرها‪ ،‬وكذلك الشروط األساسية الذاتية المتطلبة في تقديم األصل التجاري حصة في شركة‪.‬‬
‫أما الشروط الشكلية هي كذلك ال تخرج عن الشروط التي تطلبها عقد البيع لألصل‬
‫التجاري التي تناولتها في الفقرة السابقة‪ ،‬والتي يتمثل في الكتابة‪ ،86‬والشهر‪.87‬‬
‫ثانيا‪ :‬حقوق دائني مقدم األصل التجاري اإللكتروني وحقوق شركائه ‪:‬‬
‫يترتب عن تقديم األصل التجاري اإللكتروني حصة في شركة مجموعة من الحقوق سواء‬
‫لدائني مقدم األصل التجاري‪ ،‬أو شركائه‪.‬‬
‫فيحق للدائنين العاديين للشريك مقدم األصل التجاري أن يصرحوا أمام كتابة الضبط‬
‫للمحكمة التي تم إيداع العقد فيها بديونهم‪ ،‬وذلك في أجل ‪ 15‬يوما الموالية للنشر الثاني الذي تقوم‬
‫به الشركة‪ ،‬مقابل وصل مسلم من طرف كاتب الضبط (المادة ‪.)104‬‬
‫فيكون الهدف من هذا التصريح هو حماية هؤالء الدائنين العاديين‪ ،‬الذين ال يملكون حق‬
‫التتبع والحق األسبقية في التوزيع‪ ،‬ومن تم يكونون أكثر عرضة للمظاهر عند تقديم األصل‬
‫التجاري حصة على وجه التمليك‪.‬‬
‫هذا وإذا لم يقدم الشركاء أو أحدهم داخل الثالثين يوما الموالية للنشر الثاني ‪ -‬دعوى‬
‫إبطال الشركة أو الحصة‪ ،‬أو إذا لم يقع التصريح باإلبطال تبقى الشركة ملزمة على وجه‬
‫التضامن مع المدين الرئيسي أو األصلي بأداء الدين الثابت المصرح به في األجل المذكور‬
‫(المادة ‪ 105‬ف ‪.)1‬‬
‫أما بالنسبة للشركاء في الشركة فيسوغ لهم أو ألحدهم أن يقبلوا الدين المصرح به األجل‬
‫القانوني من طرف الدائنين غير المقيد‪ ،‬متى قدروا أنه دينا معتدال وغير مبالغ فيه‪ ،‬أو أن قيمة‬
‫األصل التجاري المقدم حصة والفائدة العائدة من استثماره عالية تنفع الشركة وتبرر التضحية‬
‫بتحمل أداء الدين الثابت المصرح به على وجه التضامن مع المدين الرئيسي أو األصلي‪ ،‬ومن‬
‫حقهم كذلك أن يرفضوا هذه المعادلة إذا كان ذلك يشكل بالنسبة إليه ضررا لهم وللشركة‪.88‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬رهن األصل التجاري اإللكتروني وإخضاعه للتسيير الحر ‪:‬‬
‫من المعلوم أن األصل التجاري التقليدي يمكن إخضاعه للرهن والتسيير الحر وفق أحكام‬
‫مدونة التجارة‪ ،‬لكن هل ينطبق ذلك على األصل التجاري في صيغته اإللكترونية؟‬

‫‪ -85‬كالغلط والتدليس واإلكراه (الفصل ‪ 39‬وما يليه ق‪.‬ل‪.‬ع ) تحت طائلة اإلبطال (الفصل ‪ 311‬من ق‪ .‬ل ‪.‬ع وما يليه)‪.‬‬
‫‪ -86‬يتم تقديم األصل التجاري حصة في شركة‪ ،‬كبيعه أو تفويت»»ه‪ ،‬بعق»»د رس»»مي أو ع»»رفي (الم»»ادة ‪ 81‬ف‪ 1‬م‪.‬ت) أو بمح»»رر أو‬
‫عقد إلكتروني عمال بمقتضيات القانون رقم ‪ 53-05‬لسنة ‪ 2007‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية‪.‬‬
‫راجع‪ ،‬أحمد شكري السباعي الوسيط في األص»»ل التج»»اري‪ ،‬دراس»»ة في ق»»انون التج»»ارة المغ»»ربي و في الق»»انون المق»»ارن والفق»ه‬
‫والقضاء ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 447‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ - 87‬يختلف الشهر ما إذا تعلق األمر بشركة في طور التأسيس أو شركة مؤسسة وموجودة‪ ،‬ففي الحالة وفقا لقوانين الشركة‪ ،‬أما‬
‫في الحالة الثاني‪ ،‬فيتم الشهر وفق المادة ‪ 83‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪ - 88‬أحمد شكري السباعي ‪:‬الوس»يط في األص»ل التج»اري‪ ،‬دراس»ة في ق»»انون التج»ارة المغ»»ربي و في الق»انون المق»ارن والفق»ه‬
‫والقضاء ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.461‬‬
‫لذلك سنحاول البحث في مدى رهن األصل التجاري اإللكتروني (الفقرة األولى)‪،‬‬
‫ومعالجة إخضاعه للتسيير الحر (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مدى رهن األصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬
‫إذا كان األصل التجاري العادي يشكل أداة مهمة لالئتمان بالنسبة للتاجر نظرا لقيمته‬
‫االقتصادية الكبيرة‪ ،‬بحيث يمكنه من الحصول على قروض من البنك‪ ،‬عن طريق رهنه لدى‬
‫دائنيه ضمانا للوفاء بديونهم‪ ،‬فيبقى للدائن‪ ،‬بعد تسجيل رهنه بالسجل التجاري – حق التتبع‬
‫واألفضلية في حالة تفويت هذا األصل للغير‪.89‬‬
‫ويستمد قيمته االقتصادية من العناصر المكونة له السيما عنصر الزبناء الذي يعد أهم‬
‫الستمرار األصل التجاري والقدرة على األداء‪.‬‬
‫فإن األصل التجاري اإللكتروني بطبيعته يتوفر على زبناء وآليات جذب واستقطاب تفوق‬
‫أحيانا ما يتوفر عليه األصل التجاري العادي‪ ،‬سواء من حيث طريقة االشتغال أو من حيث العدد‪،‬‬
‫هذا ناهيك أن قيمة العناصر المعنوية األخرى كالعالمات واألسماء التجارية وأسماء المجال‪...‬‬
‫يتوفر على ضمانات أكبر من حيث الحماية المزدوجة‪ ،‬ومن حيث قيمة هذه العناصر بالنظر‬
‫للشهرة التي تتميز بها في الفضاء الرقمي‪.‬‬
‫لذلك يمكن القول أنه ال يوجد ما يمنع من إخضاع األصل التجاري اإللكتروني للرهن‪،‬‬
‫بحيث يمكن للمؤسسات االئتمانية منح قروض لفائدة األصول التجارية اإللكترونية بالنظر‬
‫لالعتبارات الواردة أعاله‪.‬‬
‫أما بخصوص الشروط واإلجراءات التي يتم بها رهن األصل التجاري اإللكتروني فإنه‬
‫يمكن تطبيق القواعد العامة الواردة في الفصلين ‪ 90117‬و‪ 911174‬من قانون االلتزامات والعقود‬
‫المغربي‪ ،‬إضافة إلى القواعد الواردة في مدونة التجارة‪ ،92‬وعلى وجه الخصوص الفصول من‬
‫‪ 106‬إلى ‪.110‬‬
‫غير أنه يثار إشكال بخصوص المادة ‪ 108‬من مدونة التجارة نصت على أنه إذا لم يبين‬
‫العقد محتوى الرهن بصفة صريحة ودقيقة فإن الرهن ال يشمل إال االسم التجاري والشعار‬
‫والحق في الكراء والزبناء والسمعة التجارية‪ ،‬أي العناصر األساسية التي يقوم األصل التجاري‬

‫‪ - 89‬عز الدين بنستي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.188‬‬


‫‪- 90‬ينص الفصل ‪ 117‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي ‪....":‬إذا علق التزام على شرط حصول أمر في وقت محدد ‪،‬اعت»بر ه»ذا الش»رط‬
‫متخلفا إذا انقضى الوقت دون أن يقع األمر ‪.‬‬
‫و في هذه الحالة ‪ ،‬ال يجوز للمحكمة أن تمدد األجل‪.‬‬
‫و إذا لم يحدد أي أجل ‪ ،‬أمكن أن يتحقق الشرط في أي وقت ‪ ،‬و ال يعتبر متخلفا إال إذا أصبح مؤكدا أن األمر لن يقع‪."....‬‬
‫‪- 91‬ينص الفصل ‪1174‬من ق‪.‬ل‪.‬ع بعد تغييرها و تتميمها بمقتضى القانون رقم ‪ 21-18‬المتعلق بالضمانات المنقولة الصادر‬
‫بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.19.76‬بتاريخ ‪ 11‬شعبان ‪17(1440‬أبريل ‪ ,)2019‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6771‬بتاريخ ‪16‬‬
‫شعبان ‪ 22(1440‬أبريل ‪ .)2019‬ص‪ .2058‬على ما يلي ‪ ...":‬كل ما يجوز بيعه صحيحا يجوز رهنه رهنا حيازيا أو رهنا‬
‫بدون حيازة ‪.‬‬
‫يجوز إنشاء الرهن الحيازي أو الرهن بدون حيازة على الشيء المستقبل أو غير المحقق أو الذي لم تقع حيازته بعد ‪ .‬و إذا تعلق‬
‫األمر برهن حيازي ال يخول الدائن إال الحق في أن يطلب تسلم األشياء محل العقد حينما يصبح تسليمها ممكنا ‪.‬‬
‫يستمر الرهن بون حيازة على المال المنقول المادي إذا صار عقارا بالتخصيص ‪.‬وفي هذه الحالة ال تطبق بشأنه أحكام القانون‬
‫رقم ‪ 39-08‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية في مجال الرهن العقاري‪."...‬‬
‫‪ - 92‬القانون رقم ‪ 95.15‬المتعلق بمدونة التجارة ‪،‬كما تم تغيرها و تتميمها بموجب القانون رقم ‪ 21-18‬السالف الذكر ‪.‬‬
‫عليها‪ ،‬فيمكن التساؤل عن مآل العناصر المعنوية الجديدة لألصل التجاري السيما أسماء المجال‬
‫والعناوين اإللكترونية وقواعد البيانات‪.‬‬
‫بالرجوع لمقتضيات المادة ‪ 80‬من م‪.‬ت نجدها لم تأتي على سبيل الحصر‪ ،‬مما يتيح‬
‫إمكانية استيعاب العناصر الجديدة المعنوية لألصل التجاري اإللكتروني‪ ،‬السيما أسماء المجال‬
‫والعناوين اإللكترونية وقواعد البيانات‪ ،‬ومن تم يجب تضمين هذه العناصر األخيرة ضمن‬
‫العناصر الواردة في الفقرة األخيرة من المادة ‪ 108‬من م‪.‬ت‪.‬‬
‫فإذا صح ما سبق أي – إمكانية براهن األصل التجاري اإللكتروني‪ ،‬فإننا نتساءل عن‬
‫اآلثار المترتبة عن ذلك؟‬
‫إن الطبيعة الخاصة التي يتميز بها رهن األصل التجاري باعتباره منقوال معنويا‪ ،‬جعل‬
‫منه المشرع رهنا رسميا أكثر من رهنا للمنقول‪.93‬‬
‫ما دام أن المدين ال يتخلى عن حيازة الشيء المرهون‪ ،‬وفي نفي الوقت أحاط المشرع‬
‫عملية رهن األصل التجاري بمجموعة من الضمانات سواء بالنسبة للمتعاقدين أو الغير‪.‬‬
‫‪-‬بخصوص المتعاقدين‪ :‬يترتب على رهن األصل التجاري مجموعة من الحقوق‬
‫والواجبات بالنسبة لطرفي العقد‪ ،‬فمنها ما يتعلق بالمدين الراهن الذي يجب عليه الحفاظ على‬
‫المال المرهون‪ ،‬وذلك باالستمرار العادي في ممارسة نشاطه ودون أن يجري أي فعل من شأنه‬
‫أن ينقص من قيمة الشيء المرهون‪.94‬‬
‫وينصرف نفس القول على الحالة التي يتم فيها تغيير نشاط األصل التجاري أو تغيير أحد‬
‫الحقوق المرتبطة باستغالل أسماء المجال أو قواعد البيانات‪ ،‬بالنسبة لألصول التجارية‬
‫اإللكترونية‪ ،‬فإنه من كأن لهذا التغيير دور في اتفاق قيمة األصل التجاري فإن الديون المترتبة‬
‫على هذا األصل ستصبح مستحقة األداء‪.‬‬
‫ومنها ما يتعلق بالدائن المرتهن ‪:‬بحيث يكتسب الدائن المرتهن بمقتضى الرهن حق‬
‫االمتياز على األصل التجاري و ذلك من تاريخ تقييده في السجل الوطني اإللكتروني للضمانات‬
‫المنقولة المحدث بموجب التشريع الجاري به العمل(المادة ‪ 011‬م‪.‬ت)‪،‬و هو حق يخوله تتبع‬
‫األصل التجاري بين يدي أي كان ‪ ،‬وحق أعالمه بكل تغيير يطرأ على وضعيته القانونية )الفقرة‬
‫األخيرة من المادة ‪ 111‬م‪.‬ت) ‪ ،‬و حق استيفاء دينه من ثمنه باألولوية على باقي دائني المدين‬
‫الراهن عن طريق الحجز عبيه و بيعه وفق االجراءات التي حددها القانون‪.‬‬
‫‪-‬بخصوص الدائنين العاديين ‪:‬مراعاة لحقوق الدائنين العاديين فإن المشرع رتب على‬
‫رهن األصل التجاري إعطائهم الحق متى كانت ديونهم مترتبة عن استغالل ذلك األصل أن‬
‫يطلبوا إسقاط أجل تلك الديون (المادة ‪ 111‬من م‪.‬ت)‪ ،‬بحيث تصبح مستحقة األداء فورا‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إخضاع األصل التجاري اإللكتروني للتسيير الحر ‪:‬‬
‫قد يكون األصل التجاري اإللكتروني محل عقد التسيير حر لعدة اعتبارات لعل أبرزها أن‬
‫طبيعة األصل التجاري اإللكتروني تحتاج في تسييره ألكثر من تخصص‪ ،‬تخصص في المجال‬

‫‪ - 93‬أحمد شكري السباعي ‪ :‬الوسيط في األصل التجاري ‪ :‬المرجع السابق ‪،‬ص‪.230‬‬


‫‪ - 94‬ينص الفصل ‪ 1179‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي‪..." :‬من أنشأ رهن»»ا ال يح»»ق ل»»ه أن يج»»ري أي فع»»ل من ش»»أنه أن ينقص قيم»»ة‬
‫المرهون عما كانت عليه عند إبرام الرهن وال أن يمنع من مباشرة الحقوق الناشئة من الرهن لصالح الدائن‪."...‬‬
‫المعلوماتي والتقني‪ ،‬وتخصص في مجال علم المحاسبة والتسيير المالي‪ ،‬إضافة إلى دراية جيدة‬
‫بتقنية التسويق وتدبير قواعد البيانات وغيرها من التخصصات‪ ،‬إضافة إلى أن اعتبار األصل‬
‫التجاري اإللكتروني مجموعة قانونية يتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة عن شخص التاجر‪،‬‬
‫تجعل من عقد التسيير الحر األمثل لمثل هذه الفرضيات‪ ،‬السيما أنه غالبا ما ال يلعب شخص‬
‫التاجر أي اعتبار في البيئة الرقمية‪ ،‬ومن ثم فإن ممارسة الحق في التقاضي والتمثيل القانوني‬
‫للمطالبة بالحقوق والتمتع بكافة االمتيازات القانونية لن يتأتى إال من خالل مسير حر‪.‬‬
‫ويخضع األصل التجاري اإللكتروني لنفس األحكام التي يخضع لها األصل التجاري‬
‫التقليدي‪ ،‬أي األحكام العامة لإليجار الواردة في ق‪.‬ل‪.‬ع (الفصول من ‪ 627‬إلى ‪ )699‬باإلضافة‬
‫لألحكام الخاصة بهذا العقد والواردة في مدونة التجارة (المواد من ‪ 152‬إلى ‪ )158‬على اعتبار‬
‫أن ألصل التجاري التقليدي ال يختلف كثيرا عن األصل التجاري اإللكتروني‪ ،‬من أجل ذلك‬
‫سنتوقف عن شروط عقد التسيير الحر لألصل التجاري اإللكتروني (أوال)‪ ،‬ثم اآلثار المترتبة‬
‫عنه (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬شروط صحة عقد التسيير الحر لألصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬
‫يشترط لقيام عقد تسيير الحر لألصل التجار اإللكتروني توفر األركان العامة للتعاقد‪،‬‬
‫باإلضافة إلى شروط خاصة واردة في مدونة التجارة‪ ،‬مع مراعاة الشروط المنصوص عليها في‬
‫القانون رقم ‪ 05.53‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية عند إبرام العقد بشكل‬
‫إلكتروني‪.‬‬
‫و إذا كانت األركان العامة لصحة عقد التسيير الحر ال تطرح أي إشكال‪ ،‬فإن الشروط‬
‫الشكلية الخاصة تطرح إشكاال كبير السيما فيما يتعلق بالكتابة سواء تعلق األمر بأصل تجاري‬
‫تقليدي أو إلكتروني‪ ،‬هل تعد شرط انعقاد أم شرط إثبات؟ أم هي ال هذا وال ذاك؟‬
‫بالرجوع إلى مدونة التجارة (المواد من ‪ 152‬إلى ‪ )158‬لم تشر إلى كتابة عقد التسيير‬
‫الحر وال محتوى وبيانات هذا العقد‪ ،‬كما أن المادة ‪ 81‬من نفس المدونة نصت صراحة على أن‬
‫بيع األصل التجاري أو تفويته‪ ،‬وكذا تقديمه حصة في شركة أو تخصيصه بالقسمة أو بالمزاد يتم‬
‫بعقد رسمي أو عرفي وحددت البيانات التي يتعين أن ينص عليها في العقد‪ ،‬ولم تذكر نهائيا‬
‫التسيير الحر وكأنه ليس من التصرفات التي ترد على األصل التجاري‪.‬‬
‫فأمام سكوت المشرع حول ما إذا كانت الكتابة ركن أو شرط انعقاد اتفاق التسيير الحر‬
‫تحت طائلة البطالن أم أنها مجرد كتابة لإلثبات أم هي ال هذا وال ذاك‪ ،‬ذهب الفقه‪ 95‬إلى أن‬
‫الكتابة ال هي ركن انعقاد اتفاق التسيير الحر وال حتى لإلثبات‪ ،‬أي يسوغ أن يكون اتفاق التسيير‬
‫اتفاقا شفويا يمكن إثباته بكافة وسائل اإلثبات عمال بالمادة ‪ 334‬من مدونة التجارة إن كان االتفاق‬
‫تجاريا من الجانبين والتي نصت على أنه "تخضع المادة التجارية لحرية اإلثبات‪ ،‬غير أنه يتعين‬
‫اإلثبات بكتابة إذا نص القانون أو االتفاق على ذلك"‪.‬‬
‫أما إذا كان اتفاق التسيير تجاريا من جانب أحد األطراف ومدنيا من جانب الطرف اآلخر‬
‫طبقت المادة ‪ 4‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪ - 95‬شكري السباعي ‪ :‬الوسيط في األصل التجاري‪ ،‬دراسة في قانون التجارة المغربي و في القانون المقارن والفق»»ه والقض»»اء‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.501‬‬
‫وبناء عليه فاالتفاق على التسيير الحر الشفوي يعد اتفاق صحيحا‪ ،‬وينجم آثاره بين‬
‫أطرافه‪ ،‬حتى وإن تعذر القيام بإجراءات الشهر‪ ،‬التي هي إجراءات مستقلة وتخضع آلثار مستقلة‬
‫وجزاءات مستقلة (المواد ‪ 153‬و‪ 154‬و‪ 155‬من مدونة التجارة)‪ ،‬وال يوجد أي تناقض بين هذه‬
‫المبادئ‪ ،‬والفقرة الثانية من المادة ‪ 153‬من مدونة التاجرة والتي تفرض نشر عقد التسيير الحر‪،‬‬
‫ألن هذا النشر مقرر لحماية الغير وليس المتعاقدين‪.‬‬
‫غير أن بعض المحاكم ذهبت بخالف ذلك – أي – ببطالن عقد التسيير الحر الذي يفتقد‬
‫إلى الكتابة‪ 96‬استنادا إلى ما تقرره المادة ‪ 158‬من مدونة التجارة التي تنص على أنه‪" :‬يعد باطال‬
‫كل عقد تسيير حر مبرم مع المالك أو المستغل لألصل التجاري ال يتوفر على الشروط‬
‫المنصوص عليها في المواد أعاله‪ ،‬غير أن المتعاقدين ال يحق لهم التمسك بهذا البطالن تجاه‬
‫الغير"‪.‬‬
‫ونحن نميل إلى االتجاه األول‪ ،‬على اعتبار أن بطالن عقد التسيير الحر بسبب افتقاده‬
‫للكتابة يعد مخالفة للقانون بالنظر لغياب أي إثارة من طرف المشرع توجب شرط الكتابة‪ ،‬وأن ما‬
‫قصدته المادة ‪ 158‬يتعلق بالشهر‪ ،‬ومن ثم االتفاق على التسيير الحر الشفوي لألصل التجاري‬
‫اإللكتروني يعد اتفاق صحيح‪ ،‬وينتج آثاره بين أطرافه‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬آثار التسيير الحر لألصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬
‫بعد قيام األصل التجاري اإللكتروني مستوفيا لكافية الشروط السالفة الذكر‪ ،‬يترتب عن‬
‫جملة من اآلثار لكافة الشروط السالفة الذكر‪ ،‬يترتب عنه جملة من اآلثار سواء بين أطرافه أو في‬
‫مواجهة الغير‪.‬‬
‫‪ .1‬فبالنسبة لطرفيه تتمثل هذه اآلثار في االلتزامات التي تلقى على عاتق مالك األصل التجاري‬
‫(المؤجر) والمسير الحر لهذا األصل (المستأجر) ‪:‬‬
‫بالنسبة للمؤجر (مالك األصل التجاري) فمن منطلق أن عقد التسيير الحر هو عقد إيجار‪،‬‬
‫فإن المؤجر يظل مالكا لألصل التجاري ومن ثم يمكنه التصرف فيه تصرف المالك‪ ،‬لكن في‬
‫مقابل ذلك تقع عليه مجموعة من االلتزامات لعل أبرزها االلتزام بالتخلي عن حق االنتفاع لفائدة‬
‫المستأجر وتسليمه األصل التجاري اإللكتروني (المادة ‪ 635‬من ق‪.‬ل‪.‬ع) وحظر استعمال قواعد‬
‫البيانات الخاصة بحسابات زبناء‪ ،‬باإلضافة لاللتزام بعدم ممارسة التصرفات التي من شأنها‬
‫التشويش على استغالل هذا األصل بالشكل الطبيعي كالقيام باستعمال اسم مجال قريب جدا من‬

‫‪ - 96‬حكم المحكمة التجاري»»ة بال»»دار البيض»»اء ع»»دد ‪ 612‬بت»»اريخ ‪ 2010/01/19‬في المل»»ف رقم ‪ 2009/6/797‬وق»»د ذهبت في»»ه‬
‫المحكمة إلى أنه بالرجوع إلى مقتضيات الم»»ادة ‪ 153‬من مدون»»ة التج»»ارة يت»»بين أن المش»»رع‪ ،‬وإن لم يش»»ر ص»»راحة إلى وج»»وب‬
‫إفراغ عقد التسيير في قالب كتابي‪ ،‬فإنه أوجب نشره في شكل مستخرج بالجريدة الرسمية وفي جريدة مخول لها نشر اإلعالنات‬
‫القانونية‪ ،‬كما أوجب على المكري أو مالك األصل التجاري أن يطلب شطب إسمه من السجل التجاري أو يغير تقييده الشخص»»ي‬
‫بالتنص»يص ص»راحة على وض»ع األص»ل التج»اري ال يت»»وفر على الش»روط المنص»وص عليه»»ا في الم»»واد أعاله‪ ،‬ومن ض»منها‬
‫الشرطين المذكورين‪ ،‬يعد باطال في مواجهة المتعاقدين دون إمكانية التمسك بهذا البطالن في مواجهة الغير‪...‬‬
‫‪ -‬وارد عن فؤاد معالل‪ :‬شرح القانون التجاري الجديد (الجزء األول )نظرية التاجر و النشاط التج»»اري ‪ :‬المرج»»ع الس»»ابق‪ ،‬ص‬
‫‪ 224‬وما يليها‪.‬‬
‫االسم المستعمل لألصل موضوع التسيير الحر‪ ،‬وضمان استحقاقه واستحقاق أي عنصر من‬
‫‪97‬‬
‫عناصره‪ ،‬وضمان العيوب الخفية التي قد تعتريه أو تعتري أحد عناصره‪...‬‬
‫وبالنسبة للمسير الحر فباعتبار أن عقد التسيير الحر هو عقد إيجار‪ ،‬فإنه المسير الحر‬
‫يحق له استغالل األصل التجاري واالستفادة من كافة الحقوق واالمتيازات التي يمنحها له حق‬
‫االستغالل لحسابه وعلى مسؤوليته‪ ،‬غير أن ملكية األصل التجاري في مجموعة نظام للمؤجر‪،‬‬
‫ويمنع عليه من ثم أن يمارس أي سلطات المالك من بيع‪ ،‬أو رهن‪ ...‬وإال اعتبر في حكم‬
‫المتصرف في ملك الغير‪ ،‬وفي مقابل ذلك يتحمل المكتري باإلضافة إلى الوجيبة الكرائية‪،‬‬
‫االلتزام بضرورة استغالل األصل التجاري اإللكتروني بما يكفل الحفاظ عليه والحيلولة دون‬
‫اندثار أحد عناصره األساسية (المادة ‪ 636‬من ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬
‫‪.2‬آثار التسيير الحر بالنسبة للغير ‪:‬‬
‫ال ينتج اتفاق التسيير الحر لألصل التجاري أثره فقط بين أطرافه – بل حتى بالنسبة‬
‫لألغيار‪ ،‬فيقصد باألغيار هم دائني المؤجر ودائني المسير الحر ومشتري األصل التجاري‪.‬‬
‫بالنسبة لدائني المؤجر باعتبار أن األصل التجاري اإللكتروني يتمتع بالشخصية المعنوية‬
‫المستقلة من التاجر‪ ،‬فإن دائني المؤجر يرتبط بذمة مالك األصل التجاري اإللكتروني‪ ،‬بل‬
‫يرتبطون باألصل التجاري اإللكتروني ذاته ومن ثم فإن إخضاع األصل التجاري اإللكتروني‬
‫للتسيير الحر ال يشكل إضعافا لضمان الدائنين ما دام أن هذا األصل مرتبط باألصل التجاري‬
‫وليس بذمة التاجر‪ ،‬وإن كان ال يمكن األخذ بهذه القاعدة على إطالقها‪ ،‬ألنه قد يكون لشخص‬
‫المسير اعتبار بالنسبة للدائنين ألن من شان سوء التسيير أن يؤدي إلى اندثار األصل اإللكتروني‪،‬‬
‫واندثار العناصر المكونة له خصوصا عنصر الزبناء‪ ،‬ومن تم تكون هناك خطورة في أن ينفذوا‬
‫على أصل فقد قيمته التجارية‪ ،‬من هنا فإن المشرع خول لدائني مؤجر األصل التجاري الحق في‬
‫أن يتقدموا بطلب إلى المحكمة التي يوجد بها السجل التجاري المتعلق باألصل التجاري‬
‫اإللكتروني لتصرح بحلول آجال ديونهم المتعلقة باستغالل ذلك األصل إذا ما قدروا أن تأجيره‬
‫يعرض ديونهم للضياع‪.98‬‬
‫أما بالنسبة للمسير الحر بالنظر إلى أن األصل التجاري اإللكتروني ال يدخل في ملكيته‪،‬‬
‫فإنه ال يدخل في ضمان ديونه‪ ،‬وهذا من شأنه أن يضعف من ائتمانه التجاري‪.‬‬
‫ومن تم يكون األصل التجاري اإللكتروني ضمانا لديون المسير الحر‪ ،99‬ما دامت الديون‬
‫العادية‪ 100‬مرتبطة باستغالل األصل التجاري اإللكتروني وتؤدي إلى نماء وتضخم هذا األصل أو‬
‫‪ - 97‬فؤاد معالل ‪ :‬شرح القانون التجاري الجديد (الجزء األول )نظرية التاجر و النشاط التجاري ‪ :‬المرجع سابق‪ ،‬ص ‪.231‬‬
‫‪ - 98‬جاء في المادة ‪ 152‬من مدونة التجارة‪ ..." :‬إذا كان من شأن عق»»د التس»»يير الح»»ر أن يلح»»ق ض»»ررا ب»»دائني المك»»ري‪ ،‬ج»»از‬
‫للمحكمة التي يوجد األصل التجاري في دائرة نفوذها أن تصرح بحلول آجال الديون التي كان المكري قد التزم بش»»أنها من أج»»ل‬
‫استغالل األصل المراد كراؤه‪."...‬‬
‫‪ - 99‬هذا بخالف األصل التجاري التقلي»دي‪ ،‬حيث جع»ل المش»رع المك»ري مس»ؤوال على وج»ه التض»امن م»ع المس»ير الح»ر عن‬
‫الديون المقترضة من قبل هذا األخير بمناسبة استغالله لهذا األصل‪ ،‬وذلك من أجل ض»»مان حص»»ول المس»»ير على ائتم»»ان دائني»»ه‬
‫بسرعة‪.‬‬
‫‪ -‬أنظر في هذا الصدد‪ ،‬المادة ‪ 155‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪ - 100‬يقصد بـ "الديون العادية" الديون ذات المصدر التعاقدي‪ ،‬فهذه الديون هي المشمولة بضمان األصل دون تلك ال»»تي يك»»ون‬
‫مصدرها الفعل غير المشروع أو القانون (الضرائب والرسوم الجمركي»ة‪ ،‬واالش»تراكات المس»تحقة للص»ندوق الوط»ني للض»مان‬
‫االجتماعي‪ )...‬شريطة أن تكون الزمة الستغالل األصل التجاري سواء كانت سابقة أم الحقة لعقد تسيير األصل التجاري‪.‬‬
‫على األقل الحفاظ عليه‪ ،‬باإلضافة إلى أن المؤجر ال يسأل على وجه التضامن عن ديون األصل‬
‫التجاري اإللكتروني‪ ،‬فمن ثم ال يتصور أن يسأل عن ديون مسيرة‪.‬‬
‫‪-‬أما بالنسبة لمشتري األصل التجاري اإللكتروني‪ :‬فإذا تم بيع األصل التجاري اإللكتروني‬
‫الواقع عليه التسيير الحر سواء اختياريا من قبل مالكه أو من قبل دائنيه‪ ،‬في إطار التنفيذ‬
‫على هذا األصل‪ ،‬فإنه يطرح إشكال يتعلق بمدى إمكانية االحتجاج بعقد االستغالل األصل‬
‫التجاري في مواجهة المشتري الذي قبل أن تؤول إليه ملكية األصل مشغوال بعقد كراء‬
‫منصب عليه؟‬
‫في غياب مقتضيات خاصة بعقد التسيير الحر‪ ،‬فإن يمكن الرجوع إلى المقتضيات العامة‬
‫المنصوص عليها في ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬بحيث يقضي في هذه الحالة بحلول المالك الجديد محل المالك‬
‫السابق في كل حقوقه والتزاماته الناتجة عن الكراء بشرط أن يكون هذا األخير قد أنجز بدون‬
‫غش وأن يكون له تاريخ سابق على التفويت‪ ،101‬لذلك ما لم يثبت سوء نية مالك األصل التجاري‬
‫اإللكتروني من خالل تعمده وضع أصله التجاري في إطار التسيير الحر بعد علمه بأنه سيتم‬
‫التنفيذ عليه من قبل دائنيه‪ ،‬فإن عقد التسيير الحر يلزم المالك الجديد‪ ،‬ويضل المسير الحر متمتعا‬
‫قبله بكافة الحقوق الناتجة عن العقد‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آليات تسوية منازعات األصل التجاري ‪:‬‬


‫ال يكفي االعتراف باألصل التجاري االلكتروني بوجوده القانوني من حيث المفهوم و الطبيعة‬
‫القانونية و كذا عناصره األساسية لضمان استمرارية نشاطه التجاري و توفير له الحماية‬
‫القانونية الالزمة ‪ ،‬بل من خالل إيجاد آليات قانونية و قضائية تتالءم مع الطبيعة الرقمية التي‬
‫يتميز به عن األصل التجاري التقليدي ‪ ،‬لفض و تسوية مختلف النزاعات الناتجة عن اشتغاله ‪.‬‬
‫من هذا المنطلق ارتأينا تناول القضاء كآلية لتسوية منازعات األصل التجاري االلكتروني في‬
‫"المطلب األول" ‪ ،‬و لما كانت القواعد التقليدية ال تنسجم بشكل كبير مع طبيعة نزاعات األصل‬
‫التجاري االلكتروني العتبارات عدة كما سنرى ال حقا ‪ ،‬فإنه كان من الالزم إيجاد آلية مناسبة‬
‫تكفل السرعة و النجاعة –وهي التحكيم االلكتروني "المطلب الثاني "‬
‫المطلب األول‪ :‬القضاء كآلية لتسوية منازعات األصل التجاري اإللكتروني‬

‫‪ -‬أنظر في هذا الصدد – فؤاد معالل ‪ :‬شرح القانون التجاري الجديد (الجزء األول )نظرية الت»»اجر و النش»»اط التج»»اري المرج»»ع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪ 233‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ - 101‬ينص الفصل ‪ 694‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي‪" :‬ال يفسخ عقد الكراء بالتفويت االختياري أو الجبري للعين المك»»تراة‪ ،‬ويح»»ل‬
‫المالك الجديد محل من تلقى الملك عنه في كل حقوقه والتزاماته الناتجة عن الكراء القائم‪ ،‬بشرط أن يكون هذا الكراء ق»»د أج»»ري‬
‫بدون غش‪ ،‬وأن يكون له تاريخ سابق على التفويت‪.‬‬
‫لما كانت منازعات األصل التجاري اإللكتروني في مجملها تنشأ عن عقود دولية كان البد‬
‫أن تثار بشأنها مسألة تنازع االختصاص القضائي بين محاكم الدول المرتبطة بالعقد والذي يرتبط‬
‫بشأنه التساؤل عن القانون الواجب التطبيق‪.‬‬
‫الشيء الذي استلزم منا تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين نتطرق في األولى لالختصاص‬
‫القضائي بشأن منازعات األصل التجاري اإللكتروني‪ ،‬و نخصص للثانية القانون الواجب‬
‫التطبيق‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬االختصاص القضائي بشأن منازعات األصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬
‫مما ال شك فيه أن المنازعات الخاصة بالمعامالت الدولية في المجال اإللكتروني بما فيها‬
‫تلك المتعلقة باألصل التجاري اإللكتروني تخضع للمبادئ والقواعد العامة لكل دولة بحسب‬
‫المعايير أو الضوابط التي تستند إليها على أن يقتصر ذلك التحديد على الحاالت التي تكون فيها‬
‫محاكمها مختصة للنظر في نزاع يشتمل على عنصر أجنبي‪ ،‬ألنه ليس لدولة معينة السلطة‬
‫لتحديد حاالت اختصاص محاكم دولة أخرى‪.‬‬
‫وبعد تحديد الدولة المختصة في النزاع يتم تحديد المحكمة المختصة حسب طبيعة العقد‪،‬‬
‫وبالنظر إلى التنظيم القضائي الذي تتبعه كل دولة‪ ،‬ومن ثم سنتناول مسألة االختصاص المحلي‬
‫(أوال)‪ ،‬ثم االختصاص النوعي (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬االختصاص المحلي ‪:‬‬
‫مما ال شك فيه أن كل دولة تقوم بتحديد اختصاص محاكمها للنظر في النزاعات ذات‬
‫الطابع الدولي استنادا إلى مجموعة من الضوابط العامة المعمول بها في مختلف النظم القانونية‪،‬‬
‫نجد أهم تلك الضوابط وأكثرها شيوعا والتي يمكن اللجوء إليها بخصوص منازعات األصل‬
‫التجاري اإللكتروني‪ ،‬ضابط موطن أو محل إقامة المدعى عليه‪.‬‬
‫فبالرجوع للقانون الدولي الخاص المغربي نجده سكت عن تنظيم تنازع االختصاص‬
‫الدولي‪ ،‬إال أنه من المتفق عليه فقها هو إمكانية تمديد قواعد االختصاص القضائي الداخلي‬
‫المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية إلى المعامالت ذات الطبيعة الدولية مع األخذ بعين‬
‫االعتبار خصوصيات هذه األخيرة‪ ،102‬بحيث بموجب الفصل ‪ 27‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬يمكن رفع الدعوى‬
‫أمام محكمة موطن أو محل إقامة المدعى عليه بشأن نزعات األصل التجاري اإللكتروني‪ ،‬غير‬
‫أن اتفاقية بروكسل‪ 103‬أوردت عدة استثناءات على هذه القاعدة فيما يتعلق بعقود المستهلكين‪،‬‬
‫حيث نصت المادة ‪ 14‬من اتفاقية "لوجانو" أنه‪" :‬في حالة عدم وجود اتفاق صريح في شأن‬
‫االختصاص بين طرفي العقد أمام محاكم الدولة التي يقع فيها موطن محل إقامة المستهلك"‪.104‬‬
‫فالمشرع المغربي عندما حدد محكمة المدعى عليه كمحكمة ينعقد لها االختصاص‬
‫المكاني فإنه قصد بذلك تنظيم العالقات الداخلية‪ ،‬الشيء الذي لم يفعله بالنسبة لالختصاص‬

‫‪ - 102‬طارق البختي ‪ :‬التجارة اإللكترونية وآليات تسوية النزاعات المرتكبة به»»ا‪ ،‬مجل»»ة الحق»»وق الع»»دد ‪ ،21‬دار نش»»ر المعرف»»ة‬
‫‪ ،2019‬ص ‪.139‬‬
‫‪ - 103‬فيصل محمد كمال ‪ :‬الحماية القانونية لعقود التجارة اإللكترونية‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة‪ ،2008 ،‬ص ‪.710‬‬
‫‪ -‬اتفاقية بروكسيل‪ 27 ،‬شتنبر ‪.1968‬‬
‫‪ - 104‬طارق البختي ‪:‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.141‬‬
‫الدولي‪ ،‬ويعتقد البعض أن في ذلك أن المشرع قد ترك لألفراد حرية االختيار تحت مبدأ سلطان‬
‫اإلدارة ما دامت أن المعامالت الدولية في مجال اإللكتروني في أغلبها تتم بين شخصين مختلفين‬
‫الجنسية فضال عن أن التعاقد عن بعد صفة الصقة بالتجارة اإللكترونية وأيضا تسهيل للمعاملة‬
‫التجارية التي تقتضي السرعة والثقة‪ ،‬فكل تعقيد للمساطر يؤدي باإلفراد إلى اإلحجام عن‬
‫المغامرة في إبرام العقود التجارية عبر اإلنترنيت‪ ،‬فهذا العالم ال يعترف بالحدود الجغرافية وال‬
‫يهتم بأماكن تواجد المتعاقدين‪ ،‬الشيء الذي يصعب تحديد مكان إقامة المدعى عليه‪ ،‬الشيء الذي‬
‫يضعف القواعد التقليدية‪ :‬ومن تم تبقى قاصرة في المجال الدولي خاصة بالنسبة للمسؤولية‬
‫العقدية ولإلشارة فإن االختصاص بدعوى المسؤولية التقصيرية اإللكترونية تخضع المنازعات‬
‫بشأنها للضابط العام لالختصاص الذي يتجلى في موطن أو محل إقامة المدعى عليه‪ ،‬فضال عن‬
‫أن تقدير االختصاص يرجع أيضا لمحكمة محل وقوع الفعل المنشئ لاللتزام بالتعويض أي‬
‫المحكمة التي وقع في إقليمها الخطأ أو الضرر‪.105‬‬
‫وقد يتفق األطراف خروجا عن القاعدة العامة في تحديد مكان االختصاص لمحكمة أخرى‬
‫غير محكمة أي منهما‪ ،‬وهذا ما نسميه الخضوع اإلرادي تحت شرط توفر حسن النية في هذا‬
‫االتفاق واالختيار‪ ،‬بعيدة عن كل غش أو تحايل قصد عن القوانين الوطنية‪ ،106‬وهذا االتفاق يجب‬
‫أن يشار إليه في طلب وثيقة العقد وقد يكون مستقال عنه وأال يعترض عليه الطرف اآلخر‪.107‬‬
‫وفي حالة عدم توفر هذين الضابطين يتم اللجوء إلى ضابط احتياطي وهو مكان العقد أو‬
‫تنفيذه ويتحدد اإلبرام بمكان قبول اإليجاب ما لم يوجد نص قانوني يخالف ذلك ومحل التنفيذ‬
‫تحديده يبقى من عمل القاضي واستنباطه من خالل طبيعة العقد والصرف والعادات‬
‫التجاريين‪.108‬‬
‫إن مكـ ــان تنفيـ ــذ العقـ ــد واعتبـ ــاره في تحديـ ــد االختصـ ــاص قـ ــد يكـ ــون أفضـ ــل للمسـ ــتهلك‬
‫اإللك ــتروني‪ ،‬وه ــو م ــا س ــارت علي ــه مجموع ــة من التش ــريعات حماي ــة للمس ــتهلك ومص ــالح ه ــذا‬
‫األخــير لســهولة االختيــار بين محكمــة مــوطن أو محــل إقامتــه أو محكمــة مــوطن محــل إبــرام أو‬
‫تنفيــذ العقــد‪ ،‬وال يجــوز االتفــاق مســبقا على عــدم اختصــاص محكمــة مــوطن المســتفيد أو محــل‬
‫إقامته‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االختصاص النوعي ‪:‬‬

‫‪ - 105‬طارق البختي ‪:‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.142‬‬


‫‪ - 106‬إدريس النوازلي ‪ :‬حماية عقود التج»»ارة اإللكتروني»»ة في الق»»انون المغ»»ربي‪ ،‬دراس»»ة مقارن»»ة‪ ،‬دار اآلف»»اق المغ»»ربي للنش»»ر‬
‫والتوزيع‪ ، 2010 ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة ‪ ،3‬ص ‪.101‬‬
‫‪ - 107‬أحمد عبد الكريم سالمة ‪ :‬القانون الدولي الخ»اص اإللك»تروني البي»ئي والس»ياحي‪ ،‬دار النهض»ة العربي»ة الق»اهرة‪ ،‬الطبع»ة‬
‫األولى‪ ،2000 ،‬ص ‪.73‬‬
‫‪ - 108‬أنظر في هذا الصدد‪:‬‬
‫‪-‬إدريس النوازلي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.103‬‬
‫‪-Stéphane Chatillon : droit des affaires internationales, 4ème édition, Paris, Vuibert, 2005, p : 296.‬‬
‫االختصــاص النــوعي هــو الــذي يمنح المحكمــة حــق النظــر في الــنزاع اســتنادا إلى نوعــه‬
‫حسـ ــب مـ ــا يقضـ ــي بـ ــه النظـ ــام القضـ ــائي للدولـ ــة‪ ،‬ففي المغـ ــرب نجـ ــد المشـ ــرع المغـ ــربي حـ ــدد‬
‫اختصــاص المحــاكم التجاريــة من خالل المــادة ‪ 5‬من القــانون المحــدث للمحــاكم التجاريــة‪ ،‬غــير‬
‫أن التساؤل الذي يطرح هو ‪ :‬هل منازعات األصل التجاري من اختصاص المحــاكم التجاريــة‬
‫علما أن المادة ‪ 5‬السالفة الذكر‪ ،‬لم تنص على ذلك صراحة؟‬
‫يمكن القــول بــأن جميــع العمليــات الــتي يقــوم بهــا األصــل التجــاري اإللكــتروني تجاريــة ‪،‬‬
‫كما أن هذا األخير ال يختلف عن األصل التجاري التقليدي إال في عناصره و تمركزه (فضــاء‬
‫اإلنترنت ) لذلك يمكن أن يخضع لنطاق المادة ‪ 5‬السالفة الذكر ‪ ،‬لكن مع ذلك هــل تكفي هــذه‬
‫المبررات إلسناد االختصاص للمحاكم التجارية؟‬
‫كما هـو معلـوم في هـذا الصـدد أن غـير التـاجر مخـيرا بين إقامـة الـدعوى أمـام المحكمـة‬
‫االبتدائية أو المحكمة التجارية عنــدما يكــون مــدعيا‪ ،‬أمــا التــاجر فال يمكنــه مقاضــاة غــير التــاجر‬
‫إال أم ـ ــام المحكم ـ ــة االبتدائي ـ ــة‪ ،‬إال إذا وج ـ ــد اتف ـ ــاق بين الط ـ ــرفين يس ـ ــند االختص ـ ــاص للمح ـ ــاكم‬
‫التجاريــة‪ ،‬وهــو مــا يمكن استخالصــه من الفقــرة الســابعة من المــادة الخامســة المــذكورة أعاله‪،‬‬
‫والتي نصت على أنه "يمكن االتفاق بين التاجر وغير التاجر على إسناد االختصاص للمحكمة‬
‫التجارية فيما قد ينشأ بينهما من نزاع بسبب عمل من أعمال التاجر"‪.‬‬
‫ومن تم نستنتج أنه ال يكفي توفر صفة تاجر في أحد أطراف العقد إلسناد االختصــاص‬
‫للمحكم ــة التجاري ــة‪ ،‬ب ــل يجب األخ ــذ بعين االعتب ــار ص ــفة الط ــرف اآلخ ــر‪ ،‬وإ ذا ك ــان الط ــرف‬
‫اآلخر غير تاجر فإن القاعدة هي إسـناد االختصـاص للمحكمـة االبتدائيـة والسـتثناء هـو إمكانيـة‬
‫االتفاق على إسناد هذا االختصاص للمحكمة التجارية‪.109‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬القانون الواجب التطبيق بشأن منازعات األصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬

‫تعـ ــد قاعـ ــدة أو مبـ ــدأ سـ ــلطان اإلرادة من أهم و أشـ ــهر قواعـ ــد القـ ــانون الـ ــدولي الخـ ــاص‬
‫المكرسة من طرف معظم التشـريعات و منهـا المغـرب في المـادة ‪ 13‬من القـانون‬
‫الــدولي الخــاص و الــتي بموجبهــا يتم تحديــد القــانون الــواجب التطــبيق (أوال) ‪ ،‬و‬
‫ب ــالنظر لبعض اإلش ــكاالت ال ــتي ق ــد يثيره ــا تط ــبيق ه ــذا المب ــدأ في ح ــل منازع ــات‬

‫‪ - 109‬أحمد عبد الكريم سالمة ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬


‫األص ـ ـ ـ ــل التج ـ ـ ـ ــاري اإللك ـ ـ ـ ــتروني أص ـ ـ ـ ــبح من الض ـ ـ ـ ــروري البحث في القواع ـ ـ ـ ــد‬
‫الموضوعية التي تتالءم مع الطبيعة الرقميـة للنزاعـات الناتجـة عن هـذه المؤسسـة‬
‫(ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬دور مب ــدأ س ــلطان اإلرادة في تحدي ــد الق ــانون ال ــواجب التط ــبيق وم ــدى مالءمته ــا‬
‫للتطبيق على منازعات األصل التجاري اإللكتروني ‪:‬‬
‫يع ــد ض ــابط س ــلطان اإلرادة من أهم الوس ــائل الفني ــة ال ــتي يتم بموجبه ــا تحدي ــد الق ــانون‬
‫الــواجب التطــبيق على المنازعــات ذات العنصــر األجنــبي والــتي تم تكريســها من طــرف أغلب‬
‫النظم التشريعية ومنها التشريع المغربي في المادة ‪ 13‬من القانون الدولي الخاص‪.110‬‬
‫ولما كانت منازعات األصل التجاري اإللكتروني تنشــأ في الغــالب عن عقــود إلكترونيــة‬
‫دولية عـبر اإلنـترنيت فإنـه يمكن أن ينطبـق عليهـا مـا ينطبـق على العقـود الدوليـة بصـفة عامـة‪،‬‬
‫أي إخضاعها لضابط سلطان اإلرادة في تحديد القانون الواجب التطبيق‪.‬‬
‫و معنى ذلك يتم ترك األطراف كامل الحرية في اختيـار القـانون الـواجب التطـبيق على‬
‫عقودهم سواء كان هذا االختيار صريحا أو ضمنيا‪.‬‬
‫وفي حالـ ــة غيـ ــاب اإلرادة الصـ ــريحة للطـ ــرفين للمتعاقـ ــدين بخصـ ــوص تحديـ ــد واختيـ ــار‬
‫القانون الواجب التطبيق يرى غالبية فقهاء القانون الدولي الخاص أنه في هذه الحالة التي يتم‬
‫االسـتناد في تحديـد ذلـك على ضـوابط ذات صـلة وثيقـة بالعقـد‪ ،‬أهمهـا قـانون دولـة إبـرام العقـد‬
‫أو ق ــانون دول ــة تنفي ــذه‪ ،‬أو ق ــانون جنس ــية المتعاق ــدين أو ق ــانون موطنه ــا المش ــترك باعتباره ــا‬
‫معايير موضوعية معلومة مسبقا من قبل المتعاقدين‪ ،‬مما قد ال يفــاجئ توقعــاتهم ويخــل بأمــانهم‬
‫القانوني المنشود‪.111‬‬
‫وفي حالة انعدام اإلرادة الصريحة للمتعاقدين حول القانون الواجب التطــبيق يــرى الفقــه‬
‫أنـه في هـذه الحالـة يبحث القاضـي عن اإلرادة الضـمنية وفقـا للمعـايير الـتي حـددها الفصـل ‪13‬‬
‫السالف الذكر بالترتيب ‪.‬‬

‫‪ - 110‬تنص المادة ‪ 13‬على أنه "‪...‬تعين الشروط الجوهرية للعقود وآثارها بمقتضى القانون ال»ذي قص»د األط»راف ص»راحة أو‬
‫ضمنا الخضوع له‪ ،‬وفي حالة سكوت الطرفين إذا لم يبين القانون الواجب تطبيق»»ه ال من طبيع»»ة العق»»د وال من الوض»»عية النس»»بية‬
‫للمتعاقدين وال من موقع األموال تمسك القاضي بقانون موطنها المشترك‪ ،‬فبقانونها الوطني المش»»ترك‪ ،‬وإن لم يكن لهم»»ا م»»وطن‬
‫مشترك وال قانون مشترك فبقانون مكان إبرام العقد‪."..‬‬
‫‪ - 111‬يوسف مسعودي‪ :‬القانوني الواجب التطبيق على العقد اإللكتروني‪ ،‬مقال منشور على الموقع اإللكتروني‪.‬‬
‫‪https://www.asip.cerist.dz/en/aericle/51475. (01-02-2021), p: 151.‬‬
‫غير أن تطبيق مبدأ سلطان اإلرادة في تحديد القانون الواجب التطــبيق يطــرح أكــثر من‬
‫إشــكال لعــل أهمهــا ‪ ،‬خطــورة االعتمــاد على اإلرادة تجــاه المســتهلك ‪ ،‬بحيث إن عقــود التجــارة‬
‫الــتي تتم عــبر شــبكة اإلنــترنت هي عقــود تــبرم بين مــوردين و مســتهلكين ‪ ،‬ومن تم قــد يــؤدي‬
‫تطــبيق قاعــدة القــانون المختــار إلى اإلضــرار بــالطرف الضــعيف ألن الطــرف القــوي قــد يختــار‬
‫القــانون الــذي يمنح لــه امتيــازات أكــثر –األمــر الــذي دفــع التوجيهــات األوروبيــة على حرصــها‬
‫على حماية هؤالء المستهلكين فنجـد عـل سـبيل المثـال التوجيـه األوروبي رقم ‪"EC"93 /13‬‬
‫الخــاص بالشــروط التعســفية في عقــود االســتهالك جــاء في ديباجتــه أن دول األعضــاء لالتحــاد‬
‫األوروبي عليها بسط رقابتها مع عـدم تضـمين العقـود لبنـود غـير عاديـة و أيضـا التوجيـه رقم‬
‫‪ "EC" 97/07‬الخ ـ ــاص بحماي ـ ــة المس ـ ــتهلكين فيم ـ ــا يتعل ـ ــق ب ـ ــالعقود المبرم ـ ــة عن بع ـ ــد (ع ـ ــبر‬
‫االن ــترنيت) ج ــاء في مقدمت ــه "‪...‬أن المس ــتهلك في الواق ــع غ ــير ق ــادر على رؤي ــة المنتج وال‬
‫يعـرف هويـة الشـخص الـذي يـرغب في التعاقـد معـه أو التأكـد من طبيعـة الخدمـة المقدمـة قبـل‬
‫توقيــع العقــد و ال عن الدولــة الــتي ينتم إليهــا خاصــة إذا كــانت العنــاوين االلكترونيــة الــتي يشــار‬
‫في مقطعها األخير ب( ) (‪com .(org.‬‬
‫كما أن العديد من التشـريعات حرصـت على توفـير حمايـة للمسـتهلك في هـذا المجـال ‪،‬‬
‫اســتبعد‬ ‫‪112‬‬
‫لعل أبرزها القانون الدولي الخاص السويسري لسنة ‪ 1973‬من خالل المادة ‪20/1‬‬
‫ســلطان اإلرادة في بعض الحــاالت واســتبدله بضــابط مــوطن أو محــل إقامــة المســتهلك‪ ،‬كمــا أن‬
‫القانون التجاري األمريكي الموحد (‪ )UCC‬اعتمد في اختيار القانون الواجب التطبيق على عقود‬
‫االستهالك على قانون مكان إقامة المستهلك أو المكان الذي يتم فيه التعاقد‪.113‬‬
‫ونحن نعتقد بأن االستبعاد الكلي لمبدأ السلطان اإلرادة في تحديد القانون الواجب التطبيق‬
‫قد يتجاوز الهدف المنشود منه ويؤدي إلى اإلضرار بمصالح المستهلك في حالة ما إذا كان قانون‬
‫محل إقامة أو موطن المستهلك أو المكان الذي يتم فيه التعاقد ال يوفرون الحماية التي يمكن أن‬
‫يوفرها القانون المختار‪ ،‬ومن ثم نرى أنه يجب تقييد هذه اإلرادة بقواعد قانونية آمرة بدل‬
‫االستبعاد الكلي‪.‬‬

‫‪ - 112‬تنص المادة ‪ 20/1‬من القانون الدولي الخاص السويسري على العقود التي يبرمها‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كان المورد تلقى الطلب في تلك الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان إبرام العقد قد سبقه عرض أو دعاية وقام المستهلك فيها باألعمال الضرورية إلبرام اعقد"‪.‬‬
‫‪ - 113‬فهيمة آيت عبد الوهاب – خرفاوي سهيلة‪ :‬القانون ال»واجب التط»بيق على منازع»ات عق»ود التج»ارة اإللكتروني»ة‪ ،‬م»ذكرة‬
‫تخرج لنيل شهادة الماستر في الحقوق‪ ،‬القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامع»»ة عب»»د الرحم»»ان م»»يرة – بجاي»»ة –‬
‫الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪، 2017-2016‬ص ‪ 58‬وما يليها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬القانون الموضوعي اإللكتروني الدولي ومدى نجاعته في حل منازعات األصل‬
‫التجاري اإللكتروني ‪:‬‬
‫نظرا لإلشكاليات التي يثيرها تحديد القانون الواجب التطبيق في المعامالت التي تتم عبر‬
‫اإلنترنيت‪ ،‬ذهب البعض أن قواعد القانون الدولي الخاص التقليدية قد أضحت متخلفة عن مجاراة‬
‫المعامالت التي تتم عبر اإلنترنيت‪ ،‬فهذه البيئة تتميز بخصائص ذاتية تجعلها متنافرة مع هذه‬
‫القواعد على اعتبار أن هذه األخيرة تقوم على ضوابط ومرتكزات مكانية وجغرافية ال تتالءم مع‬
‫طبيعة المعامالت التي تتم عبر اإلنترنيت‪ ،‬فهذه الشبكة خلفت مجتمعا‬
‫افتراضيا عالميا له أشخاصه وأدواته وال يعترف بأي حدود جغرافية‪.114‬‬
‫نجد لعل أبرز هذه القواعد الموضوعية في قانون األنسترال النموذجي لألمم المتحدة حول‬
‫التجارة اإللكترونية الصادر في سنة ‪ ،1996‬الذي عالج مختلف المسائل المرتبطة بالتجارة‬
‫اإللكترونية مثل التوقيعات اإللكترونية والحماية الالزمة للبيانات الشخصية وتحديد‬
‫المصطلحات‪ ...‬وغيرها من الجوانب القانونية للمعامالت اإللكترونية‪.115‬‬
‫‪116‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك هناك العديد من االتفاقيات الدولية مثل اتفاقية فيينا لسنة ‪1980‬‬
‫و‪ ،1181986‬حيث عـ ــالجت االتفاقيـ ــة األولى (فيينـ ــا) الجـ ــانب‬ ‫‪117‬‬
‫واتفاقيـ ــة الهـ ــاي لسـ ــنة ‪1964‬‬
‫المتعلــق بعقــود الــبيع الدوليــة للبضــائع‪ ،‬في حين كرســت االتفاقيــة الثانيــة (الهــاي) مجموعــة من‬
‫القواعد الموحدة بشأن عقود البيع الدولي للمنقوالت المادية‪.‬‬
‫ومن ثم يمكن تطبيق قواعد قانون األنســترال النمــوذجي وأحكــام االتفاقيــات المــذكورة –‬
‫على منازعات عقود التجارة اإللكترونية‪ ،‬وهذا القــول يمكن أن ينطبــق على منازعــات األصــل‬
‫التجاري في الفضــاء الــرقمي على اعتبــار أن هــذه المنازعــات ال تختلــف عن المنازعــات الــتي‬
‫تنشأ عن عقود التجارة اإللكترونية‪ ،‬فاألصل التجاري اإللكتروني جل المعامالت المرتبطــة بــه‬
‫تتم ع ــبر اإلن ــترنيت ومن ثم يمكن تط ــبيق القواع ــد الموض ــوعية الس ــالفة ال ــذكر على منازع ــات‬
‫األصل التجاري اإللكتروني‪.‬‬

‫المطلب الثـ ـ ـ ــاني‪ :‬التحكيم اإللكـ ـ ـ ــتروني كآليـ ـ ـ ــة تسـ ـ ـ ــوية منازعـ ـ ـ ــات األصـ ـ ـ ــل التجـ ـ ـ ــاري‬
‫اإللكتروني ‪:‬‬

‫‪ - 114‬عيسى طوني ميشال‪ :‬التنظيم القانوني لشبكة اإلنترنيت‪ ،‬دار النهضة العربية الق»»اهرة‪ ،‬الطبع»»ة األولى‪ ،‬س»»نة ‪ ،2000‬ص‬
‫‪ 471‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ - 115‬فهيمة آيت عبد الوهاب – خرفاوي سهيلة ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 70‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ - 116‬اتفاقية فيينا ‪ 27‬يناير ‪1980‬‬
‫‪ https://hilibrary.umin.edu/arabic/viennaLawtrea-tyconv.html.2020-0912‬تاريخ االطالع ‪.2020-09-12‬‬
‫‪- 117‬اتفاقية الهاي ‪ 2‬ديسمبر ‪.1986‬‬
‫‪ http://www.hech.net/en/instruments/conventions/full-text/?cid=61‬تاريخ االطالع ‪.2020-09-18‬‬
‫‪ - 118‬اتفاقية الهاي ‪.1964‬‬
‫يعتــبر التحكيم اإللكــتروني وســيلة متطــورة لحســم المنازعــات عمومــا والــتي تــبرم عــبر‬
‫اإلنترنيت خصوصا لعدة اعتبارات لعل أهمها السرعة والسرية في حسم المنازعــات من جهــة‬
‫ومن جهـ ــة أخـ ــرى العتبـ ــاره وسـ ــيلة تتم بمقتضـ ــاها تجنب اإلشـ ــكاالت المتعلقـ ــة باالختصـ ــاص‬
‫وتنازع القوانين في المعامالت اإللكترونية‪.‬‬
‫فــالتحكيم اإللكــتروني يعــد الوســيلة األمثــل لفض منازعــات األصــل التجــاري اإللكــتروني‬
‫ألنه يتناسب والبيئة اإللكترونية باإلضافة إلى أنه يدعم السرعة المتطلبة في الميدان التجاري‪،‬‬
‫بحيث يجنب األطراف متاهة التعقيدات المسطرية للقضاء العادي الذي يعاني من البطء النــاتج‬
‫عن تــراكم الملفــات وكــثرة اإلجــراءات‪ ،‬ممــا ال يتناســب مــع طبيعــة منازعــات األصــل التجــاري‬
‫اإللكتروني‪.‬‬
‫لــذلك ارتأينــا في الصــدد تنــاول خصوصــية إجــراءات التحكيم االلكترونيــة لمعرفــة مــدى‬
‫نجاعة هذه اآللية في فض النزاعات المرتبطة باألصل التجاري االلكتروني ‪.‬‬
‫وتمــر عمليــة التحكيم بمجموعــة من اإلجــراءات بــدءا باتفــاق التحكيم – كمرحلــة ســابقة‬
‫عن خصومة التحكيم اإللكتروني – (فقرة أولى)‪ ،‬إلى حين إقامة الــدعوى وصــدور الحكم فيهــا‬
‫وتنفيذه – كمرحلة تبدأ فيها الخصومة التحكيمية اإللكترونية (فقرة ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المرحلة السابقة عن خصومة التحكيم اإللكتروني ‪:‬‬


‫يهيمن على هــذه المرحلــة اتفــاق األطــراف على اللجــوء إلى التحكيم والــذي يعتــبر نقطــة‬
‫البداي ـ ــة في إعم ـ ــال ه ـ ــذه اآللي ـ ــة‪ ،‬فيقص ـ ــد ب ـ ــه االتف ـ ــاق بين األط ـ ــراف على أن يتم الفص ـ ــل في‬
‫المنازعات الناشئة بينهم أو المحتمل نشوئها من خالل التحكيم‪.119‬‬
‫إن أهم مــا يتم االتفــاق عليــه هــو االتفــاق على القــانون الــواجب التطــبيق أو االتفــاق على‬
‫مركز التحكيم المختص – ففي هذه الحالة يتم الخضوع لقانونه وإ جراءاته التي يحـددها نظامـه‬
‫األساسي‪ ،‬من ثم يكون تحديد القانون الواجب التطبيق يختلف باختالف نوع التحكيم‪ ،‬فإذا كــان‬
‫فرديـ ــا بـ ــرز سـ ــلطان اإلرادة على الـ ــنزاع الـ ــذي نشـ ــأ أو قـ ــد ينشـ ــأ بينهم‪ ،‬أمـ ــا إذا كـ ــان التحكيم‬
‫مؤسســاتيا فــإن األطــراف يختــارون فقــط مركــز للتحكيم يخضــعون من تم للقــانون واإلجــراءات‬
‫المحددة في نظامه األساسي‪ ،‬وبالتالي يتقلص هامش سلطان اإلرادة‪.‬‬

‫‪ - 119‬جعفر بوجمعة‪ :‬الوسائل اإللكترونية لحل منازعات عق»»ود التج»»ارة اإللكتروني»»ة‪ ،‬م»»ذكرة تخ»»رج لني»»ل ش»»هادة الماس»»تر في‬
‫العلوم القانونية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أكلي محند اولحاج‪ ،‬البويرة‪ ،‬السنة الجامعية‪،‬ص‪،67‬‬
‫وفي جميــع األحــوال يبقى اتفــاق التحكيم تصــرفا قانونيــا‪ ،‬ال يخــرج عن كونــه عقــدا من‬
‫العقود – وإ ن كان يرتبط ارتباطــا واقعيــا بعقــد يســبقه أو يعاصــره – يتطلب النعقــاده مــا تتطلب‬
‫العقـود بصـفة عامـة (رضـا ومحـل وسـبب) ال يتسـم بخصوصـية إال في وسـيلة إبرامـه والتعبـير‬
‫عن اإلرادة الذي يكون إلكترونيا‪.120‬‬
‫اآلتية‪:‬‬ ‫‪121‬‬
‫وعموما ما يأخذ اتفاق التحكيم إحدى الصور الثالثة‬

‫أوال‪ :‬شرط التحكيم ‪:‬‬


‫في هذه الصورة يكون اتفاق التحكيم سابقا على قيام النزاع‪ ،‬فال ينتظر أطراف العالقــة‬
‫القانونية نشوب النزاع بينهما لتحديد الوسيلة التي يعتمدانها فيتفقون على إخضاع الــنزاع الــذي‬
‫قد ينشأ بينهما مستقبال بسبب تلك العالقة إلى التحكيم‪ ،‬وال يشـترط أن يـدرج ضـمن بنـود العقـد‬
‫األصلي مصدر العالقة التعاقدية‪ ،‬بل قد يأتي في شكل عقد مستقل‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مشارطة التحكيم ‪:‬‬


‫يتخــذ اتف ــاق التحكيم ص ــورة مشــارطة التحكيم إذا تم االتف ــاق بين الط ــرفين على اللجــوء‬
‫إلى التحكيم لفض نزاع نشأ بينهما‪ ،‬فعال‪ ،‬فاتفاق التحكيم في هذه الحالة يكون تاليا لقيام النزاع‬
‫– أي اتفــاق األطــراف على عــرض الــنزاع على القضــاء وقبــل الفصــل فيــه إخضــاعه للتحكيم‪،‬‬
‫بمعـ ــنى أنـ ــه يتم في عقـ ــد مسـ ــتقل عن العقـ ــد األصـ ــلي‪ ،‬ومثـ ــل هـ ــذا االتفـ ــاق يـ ــدون في محضـ ــر‬
‫المحكمة‪ ،‬وتدوينه هذا يقوم مقام وثيقة التأمين‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬التحكيم باإلحالة ‪:‬‬


‫بموجب هـذه الصـورة من اتفـاق التحكيم يحيـل أطـراف العقـد األصـلي إلى وثيقـة أخـرى‬
‫تتض ــمن ش ــرط التحكيم يقص ــد بتط ــبيق أحك ــام ه ــذه الوثيق ــة على العالق ــة بين األط ــراف وذل ــك‬
‫باعتباره ــا ج ــزءا من العق ــد وغالب ــا م ــا يك ــون هن ــاك ارتب ــاط بين العق ــد ال ــذي يتض ــمن اإلحال ــة‬

‫‪- 120‬للمزيد من التفاصيل أنظر في هذا الصد‪:‬‬


‫‪ -‬رجاء حاف»ظ ب»ني شمس»ه‪ :‬اإلط»ار الق»انوني للتحكيم اإللك»تروني – دراس»ة مقارن»ة – رس»الة لني»ل ش»هادة الماس»تر في الق»انون‬
‫الخاص‪ ،‬كلية الدراسات العليا جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس فلسطين‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2009‬ص ‪ 66‬و‪ 67‬و‪.68‬‬
‫‪ - 121‬أنظر في هذا الصدد‪:‬‬
‫‪ -‬محمد أمين الرومي‪ :‬النظام القانوني للتحكيم اإللكتروني‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2006 ،‬ص ‪.160‬‬
‫‪-‬جعفر بوجمعة‪:‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.57‬‬
‫والوثيقة التي تتضمن شـرط التحكيم وتتم اإلحالــة إليهــا كــأن تكــون هــذه الوثيقــة عبــارة عن عقــد‬
‫نموذجي فيسير األطراف إلى اإلحالة إليه عند إبرامهم للعقد‪.‬‬
‫غ ــير أن ه ــذه الص ــور الثالث يمكن أن يتخ ــذها التحكيم التقلي ــدي‪ ،‬ل ــذلك إذا ك ــان اتف ــاق‬
‫التحكيم إلكتروني ــا ف ــإن ك ــل الوث ــائق المش ــار إليه ــا فيم ــا س ــبق س ــتكون حينه ــا وث ــائق إلكتروني ــة‪،‬‬
‫فالتحكيم يتم ابتداء وانتهاء عبر اإلنترنيت‪.122‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مرحلة خصومة التحكيم اإللكتروني ‪:‬‬


‫يتميز التحكيم اإللكتروني بمجموعة من اإلجــراءات الــتي تتم عــبر الوســائط اإللكترونيــة‬
‫والتي تنطلق بإجراء اتفاق التحكيم إلى حين صدور حكم التحكيم اإللكتروني وتنفيذه‪.‬‬
‫وتختلــف هــذه اإلجــراءات بحســب مــا إذا تم االتفــاق بين األطــراف على كــل اإلجــراءات‬
‫المتبعــة في عمليــة التحكيم‪ ،‬منهــا‪ :‬كيفيــة التواصــل بين المتخاصــمين والمحكمين عن بعــد عــبر‬
‫شـبكة اإلنــترنيت‪ ،‬وكيفيــة تقــديم المسـتندات إلكترونيــا مــع إلزامــه الحفــاظ على سـرية المعلومــات‬
‫التجارية والصناعية موضوع النزاع‪ ،...‬وما إذا تم االتفاق على مركز التحكيم مختص للنظر‬
‫في النزاع الذي نشأ أو قد ينشأ بينهم‪ ،‬ففي هذه الحالة تخضع إجراءات التحكيم لهذا المركز‬
‫التحكيمي المعني من قبل األطراف‪.‬‬
‫ومن تم يكمن للقواع ــد اإلجرائي ــة المتبع ــة ال ــتي تس ــنها المراك ــز المقدم ــة لخدم ــة التحكيم‬
‫اإللكتروني لتنظيم عملية التحكيم دورا جوهريا لضمان نجاح العملية‪ ،‬مما أدى بهــا إلى جعلهــا‬
‫قواعـ ـ ــد ملزمـ ـ ــة في حالـ ـ ــة اتفـ ـ ــاق األطـ ـ ــراف على إتباعهـ ـ ــا‪ ،‬من خالل تبيـ ـ ــان دعـ ـ ــوى التحكيم‬
‫اإللكـ ــتروني ثم تحديـ ــد سـ ــير دعـ ــوى التحكيم اإللكـ ــتروني مـ ــع تبيـ ــان دعم التحكيم اإللكـ ــتروني‬
‫وتنفيذه ومقدار رسوم التحكيم عبر اإلنترنيت‪.123‬‬

‫أوال‪ :‬دعوى التحكيم اإللكتروني ‪:‬‬


‫تكون بدايـة إجـراءات التحكيم اإللكـتروني الفعليـة والـتي تنشـأ منهـا الخصـومة من خالل‬
‫رفع دعوى التحكيم اإللكتروني للفصل في الــنزاع أو الخالف الناشــئ بين األطــراف والــتي تتم‬
‫عبر اإلنترنيت‪.‬‬

‫‪ - 122‬جعفر بوجمعة‪ :‬المرجع السابق‪،‬ص‪.68‬‬


‫‪ - 123‬ليلى بن حليمي – عشور سليم‪ :‬خصوص»ية التحكيم اإللك»تروني في ح»ل منازع»ات التج»ارة اإللكتروني»ة‪ ،‬مجل»ة األس»تاذ‬
‫الباحث للدراسات القانونية والسياسية – المجلد ‪ -4‬العدد ‪ -01‬السنة ‪ ،2019‬ص ‪.194‬‬
‫ويتم رفــع هــذه الــدعوى عن طريــق تقــديم طلب يوجهــه أحــد طــرفي الــنزاع إلى مركــز‬
‫التحكيم المتفــق عليــه‪ ،‬يــبين فيــه رغبتــه في رفــع الــنزاع إل التحكيم واتخــاذ اإلجــراءات الالزمــة‬
‫لتحريكه واستكماله‪.‬‬
‫ه ــذا الطلب يتم توجيه ــه من خالل ملء نم ــوذج التحكيم المع ــد على الموق ــع اإللك ــتروني‬
‫التابع لمؤسسة التحكيم‪.‬‬
‫وبعــد تحريــك الــدعوى وتشــكيل هيــأة التحكيم للبت فيهــا تبــدأ جلســة التحكيم اإللكــتروني‪،‬‬
‫بحيث تتم جميع إجراءاتها عبر الخط‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لتبــادل المــذكرات والــدالئل‪ ،‬وكــذا‬
‫تبادل الصوت والصورة والنصوص بشكل متزامن بين األطراف‪.‬‬
‫فـ ــاإلجراءات الـ ــواجب إتباعهـ ــا تختلـ ــف حسـ ــب نظـ ــام و قواعـ ــد المراكـ ــز المختلفـ ــة فمثال‬
‫الخطوات التي يمكن من خاللها رفع النزاع أمام مركز التحكيم لدى المنظمة العالمية للملكيــة‬
‫الفكرية (‪ )wipo‬تتم وفق ما يلي ‪:‬‬
‫‪-‬يتم ملء نمــوذج من قبــل مركــز الويبــو للتحكيم إذا تعلــق الــنزاع بأســماء المواقــع ‪ ،‬أو‬
‫إرس ــال طلب خطي ع ــبر البري ــد االلك ــتروني للموق ــع إذا تعل ــق ال ــنزاع بغ ــير ذل ــك ‪ ,‬و يتض ــمن‬
‫النمــوذج معلومــات تــبين خضــوع الطلب لقواعــد التحكيم الخاصــة بالمنظمــة ‪,‬مــع إرفاقــه بنســخة‬
‫من اتف ـ ــاق التحكيم للمرك ـ ــز ‪,‬و يتض ـ ــمن أس ـ ــماء الممثلين في نظ ـ ــر ال ـ ــنزاع و تحدي ـ ــد وس ـ ــيلة‬
‫االتصــال بهم (هــاتف ‪,‬بريــد الكــتروني ‪ )...‬مــع وصــف مــوجز لطبيعــة و ظــروف الــنزاع ‪ ،‬و‬
‫الحلول التي يراها ‪.‬‬
‫‪-‬و يقــوم بعــد ذلــك إرســال طلب التحكيم للمركــز و للمحتكم ضــده ‪ ،‬و على المحتكم أن‬
‫يخطره خالل مدة أقصاها ‪ 20‬يوما من وصول االدعاء للمركز و إال اعتــبر المحتكم راجعــا‬
‫عن طلب ــه في إحال ــة ال ــنزاع للتحكيم ‪ ،‬كم ــا يمكن للمرك ــز ك ــذلك القي ــام بإخط ــار المحتكم ض ــده‬
‫بطلب التحكيم ‪-‬أي تمنح لهذا األخير مدة عشرين يوما إلرسال الجواب للمركز ‪.‬‬
‫يتضمن الجواب دفوع و اعتراضات المجاوب على االدعاء و ذكــر طلباتــه ‪ ،‬مــع قائمــة‬
‫البيانــات المؤديــة لدفاعــه و إرســاله مــع الجــواب أو تقــديمها للهيئــة مباشــرة أثنــاء نظــر الــنزاع ‪,‬‬
‫تحديــد عــدد أعضــاء هيئــة التحكيم و إرســال قائمــة بأســمائهم ليعين المركــز واحــدا منهم ‪ ,‬و في‬
‫حالة إغفال ذلك يقوم المركز باالختيار ‪.‬‬
‫إذا اختار المحتكم محكما وحيدا لنظــر الــنزاع ‪ ،‬فينتقــل الخيــار للمحتكم ضــده في القبــول‬
‫أو الــرفض ‪ ،‬و إن أيــد المحتكم ضــده ذلــك مــع موافقتــه على نفس شــخص المحكم فعليــه إخبــار‬
‫المرك ــز ب ــذلك خالل ‪ 15‬يوم ــا كح ــد أقص ــى من ب ــدء التحكيم ‪ ,‬و إال أص ــبح المرك ــز ص ــاحب‬
‫االختص ــاص في اختي ــار المحكم الف ــرد ‪ .‬أعطى مرك ــز التحكيم و الوس ــاطة ل ــل(‪ ( wipo‬ح ــق‬
‫تنحية المحكم الذي اختاره أحد األطــراف أو الــذي اختــاره المركــز بســبب عــدم حيــدة المحكم أو‬
‫نزاهتــه بواســطة إخطــار يرســل الكترونيــا عــبر االنــترنيت خالل عشــرة أيــام من تــاريخ تعــيين‬
‫المحكم‪.‬‬
‫يوجد نوع آخر من التحكيم االلكتروني استدعته الرغبة في فض النزاع بصورة أسرع‬
‫و أك ــثر فعالي ــة ه ــو نظ ــام التحكيم المعج ــل ‪ ،‬فتل ــزم الم ــادة ‪ 6‬من قواع ــد التحكيم المعج ــل ل ــدى‬
‫مركــز المنظمــة العالميــة للملكيــة الفكريــة (‪ )WIPO‬طــالب التحكيم تقــديم طلبــه إلى المركــز و‬
‫نسـ ــخة التحكيم و تـ ــاريخ تسـ ــلمه ‪ ،‬و يـ ــزود باسـ ــم مـ ــرور ''‪ '' password‬بعـ ــد إعـ ــداد صـ ــفحة‬
‫لل ــنزاع على موق ــع المرك ــز ليتمكن من دخ ــول ال ــنزاع و تق ــديم الج ــواب في م ــدة ‪ 20‬يوم ــا من‬
‫تلقي اإلخطار ‪ ،‬و يتضمن الجواب البيانات المذكورة سابقا‪ ،‬على أن توضــع كــل المســتندات و‬
‫الوثائق و التقارير و الدفوع المقدمة من الطرفين على موقع الدعوى االلكتروني‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬سير دعوى التحكيم االلكتروني ‪:‬‬
‫تجمع غالبية األنظمة القائمة في مجال حــل المنازعــات بطــرق الكترونيــة على ضــرورة‬
‫إنش ــاء موق ــع خ ــاص بك ــل قض ــية ‪ ،‬ل ــه أرق ــام س ــرية حيث ال يمكن ال ــدخول إلي ــه إال أط ــراف‬
‫التحكيم االلكتروني و هيئة عن طريـق تلـك األرقـام ‪ ،‬و في هـذا الموقـع تتجمـع كـل المعلومـات‬
‫و المذكرات و الدالئل و اإلعالنات الخاصة المتبادلة بين األطـراف ‪ ،‬و هـو يعـد النطـاق الـذي‬
‫تدور فيه جلسة دعوى التحكيم االلكتروني‪.‬‬
‫‪-1‬جلسة التحكيم ‪:‬‬
‫بالنســبة للتحكيم االلكــتروني و الــذي تتم جميــع إجراءاتــه عــبر الخــط ‪ ،‬فشــبكة االنــترنيت تــتيح‬
‫تبادل المذكرات و الدالئل عـبر الخـط ‪ ،‬و كـذا تبـادل الصـوت و النصـوص بشـكل مـتزامن بين‬
‫األطراف و ذلك من خالل ‪:‬‬
‫‪-‬تبادل المـذكرات و األدلـة عـبر الخـط ‪ ،‬حيث أنـه يقـع على المـدعي عبء إثبـات الوقـائع الـتي‬
‫بستند إليها في تأييد دعواه أو دفاعـه عن طريـق تقـديم كـل البيانـات و المسـتندات الـتي يعتبرهـا‬
‫ذات صلة بالموضوع و يتم ذلك إما بإنشاء موقع الكتروني للقضية ‪.‬‬
‫‪-‬غرفة المحادثة في التحكيم االلكتروني ‪ ،‬ال تعرف التنظيمــات الذاتيــة للتحكيم االلكــتروني أيــة‬
‫مشكلة في إقرار جلسة السـماع عـبر شـبكة االنـترنيت ألن هـذه األخـيرة تعـد البيئـة الـتي تجـري‬
‫فيها جل اجراءات التحكيم ‪.‬‬
‫أمـ ـ ــا فيمـ ـ ــا يتعلـ ـ ــق بالمبـ ـ ــادئ األساسـ ـ ــية للتحكيم تخضـ ـ ــع جلسـ ـ ــات التحكيم لمبـ ـ ــدأ الوجاهيـ ـ ــة و‬
‫االستمرارية و المساواة بين الخصوم‪.‬‬
‫‪-2‬التدابير التحفظية و المؤقتة أثناء جلسة التحكيم ‪:‬‬
‫تقتض ــي طبيع ــة و ظ ــروف ال ــنزاع المط ــروح على هيئ ــة التحكيم س ــرعة اتخ ــاذ بعض الت ــدابير‬
‫المؤقت ــة أو التحفظي ــة أو إص ــدار بعض األحك ــام المؤقت ــة تجنب ــا لألض ــرار ال ــتي ق ــد تلح ــق بأح ــد‬
‫الخصوم ‪،‬‬
‫و إصدار التدابير المؤقتة و التحفظية ال يخرج عن فرضيتين ‪:‬‬
‫‪ -‬أن تصــدر هــذه التــدابير من المحــاكم الوطنيــة طبقــا لمــا ينص عليــه اتفــاق التحكيم أو الئحــة‬
‫هيئــة التحكيم ‪ ،‬من منح المحــاكم الوطنيــة إصــدار هــذه التــدابير الــتي تأخــذ شــكل حكم قضــائي‬
‫يتمتع بالصيغة التنفيذية ‪.‬‬
‫‪-‬أن تصــدر هــذه التــدابير من هيئــة التحكيم ‪ ،‬في هــذه الحالــة ال تتمتــع بــالقوة اإللزاميــة ألنهــا ال‬
‫تــرقى إال مرتبــة الحكم القضــائي الــواجب النفــاذ ‪ ،‬طبقــا لمــا تقتضــي بــه اتفاقيــة نيويــورك لســنة‬
‫‪.1958‬‬

‫ثالثا ‪ :‬حكم التحكيم اإللكتروني ‪:‬‬


‫تنتهي الخصومة بإصدار هيئة التحكيم حكما فاصال في المنازعة القائمة‪ ،‬ويترتب على‬
‫إصدار الحكم آثار تتمثل في قابلية التنفيذ‪.124‬‬

‫‪-1‬صدور الحكم التحكيمي ‪:‬‬

‫‪ - 124‬محمد أمين الرومي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.268‬‬


‫ال يخ ــرج ص ــدور حكم التحكيم اإللك ــتروني كم ــا ه ــو علي ــه في ش ــكله التقلي ــدي إال فيم ــا‬
‫يخص الوسيلة التي سيصدر بها‪.125‬‬
‫هذا ويجب أن يصدر حكم التحكيم اإللكتروني في اآلجال المحددة‪ ،‬ووفق مجموعــة من‬
‫الشروط والشكليات‪ ،‬كالبيانات اإللزامية والشكلية التي يصدر بها والتوقيع‪.126‬‬
‫ميعـ ــاد صـ ــدور حكم التحكيم االلكـ ــتروني ‪:‬فبعـ ــد أن تنتهي هيئـ ــة التحكيم من سـ ــماع‬ ‫‪-1‬‬
‫االدع ــاء و ال ــدفوع و فحص وس ــائل اإلثب ــات المقدم ــة من األط ــراف ‪ ،‬فإنه ــا تق ــوم‬
‫بإغالق باب الجلسات و ذلك تمهيدا إلصدار الحكم الــذي توصــلت إليــه بعــد التشـاور‬
‫بين أعضــائها ‪ ،‬حيث يعــد تــاريخ إصــدار حكم التحكيم االلكــتروني من أهم البيانــات‬
‫الشـكلية الـتي يجب توافرهـا في هـذا الحكم ‪ ،‬و على الـرغم من هـذه األهميـة إال أن‬
‫هــذا التــاريخ يثــير كثــيرا من الجــدل و يرجــع ذلــك إلى حكم التحكيم يصــدر بطريقــة‬
‫الكترونية عبر شبكة االنــترنيت دون أن يكــون هنــاك حضــور مــادي لهيئــة التحكيم ‪،‬‬
‫األمر الذي يؤدي إلى صعوبة تحديد الوقت الذي تم فيه إصدار حكم التحكيم ‪.‬‬
‫إجراءات المداولة عبر الخط ‪ :‬حيث يتم إقفـال بـاب المرافعـة بانتهـاء طـرق الـنزاع‬ ‫‪-2‬‬
‫من تقديم المــذكرات و الوثــائق و األدلــة الشـفهية و الخطيــة و اسـتنفاذ كافـة الفــرص‬
‫من قبلهم ـ ــا إلب ـ ــداء الطلب ـ ــات و ال ـ ــدفوع ‪ ،‬و ب ـ ــذلك تجس ـ ــد أول خط ـ ــوة نح ـ ــو بداي ـ ــة‬
‫الم ــداوالت و ال ــتي تكمن في قي ــام المحكمين بتفحص و دراس ــة المس ــتندات و األدل ــة‬
‫الثبوتية المقدمـة من األطـراف ‪ ،‬و مناقشـة كـل مـا قدمـه األطـراف أثنـاء سـير عمليـة‬
‫التحكيم ‪.‬‬
‫و بالنسـ ــبة للمـ ــداوالت في إطـ ــار التحكيم االلكـ ــتروني فإنهـ ــا ال تظهـ ــر أيـ ــة إشـ ــكالية في‬
‫التداول عن بعد ‪ ،‬خاصة و أن الوسط الطبيعي الذي تجري فيه كافة إجــراءات التحكيم‬
‫في شـ ــبكة االنـ ــترنيت ‪ ،‬و الـ ــتي تمكن من إجـ ــراء المداولـ ــة عـ ــبر غـ ــرف المحادثـ ــة دون‬
‫حضور مادي ‪.‬‬

‫‪ - 125‬خالد ممدوح إبراهيم‪ :‬التحكيم اإللكتروني في عقود التجارة الدولية‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مص»»ر‪ ،2008 ،‬ص‬
‫‪.316‬‬
‫‪ - 126‬ليلى بن حليمة – عشور سليم‪ :‬المرجع سابق‪ ،‬ص ‪.198‬‬
‫‪-‬ش ــرط أغلبي ــة األص ــوات ‪:‬لم تخ ــرج التنظيم ــات الذاتي ــة للتحكيم االلك ــتروني كم ــا ه ــو‬
‫معم ـ ــول ب ـ ــه في إط ـ ــار التحكيم التقلي ـ ــدي إذ نج ـ ــد مثال الم ـ ــادة ‪ 24‬من الئح ـ ــة المحكم ـ ــة‬
‫االفتراضية تكرس قاعدة أغلبية األصوات من أجل إصدار حكم التحكيم االلكتروني‪.‬‬
‫‪-2‬المتطلبات الشكلية لحكم التحكيم االلكتروني ‪:‬‬
‫يهــدف أطــراف اتفــاق التحكيم االلكــتروني إلى مــا نشــب بينهم من منازعــات وذلــك عن‬
‫طريق المحكمين‪ ،‬وعليه فال يجوز للمحكم أن يصدر حكمه متجــاهال للقــانون اإلجــرائي‬
‫والق ـ ــانون الموض ـ ــوعي الل ـ ــذان اختارهم ـ ــا األط ـ ــراف للتط ـ ــبيق على خص ـ ــومة التحكيم‬
‫اإللكتروني‪ ،‬لذالك وجب أن يضمن حكم التحكيم وفق شروط وضوابط معينة أهمها ‪:‬‬
‫‪-‬اقتضاء الشكل ‪:‬الكتابة شرط بديهي لتنفيذ الحكم التحكيمي ‪ ،‬مــادام التنفيــذ يحتــاج لعــدة‬
‫إجراءات ‪ ،‬فال يتصور اتخاذها على قرار غير مكتوب فالسؤال الذي يطــرح نفســه هنــا‬
‫يتعلق بمدى توافر الشكل في أحكام التحكيم االلكتروني ‪.‬‬
‫لعــل صــدور اتفاقيــة األمم المتحــدة المتعلقــة باســتخدام الخطابــات االلكترونيــة في العقــود‬
‫الدوليــة ‪ 2005‬قــد قضــت جــذريا على إشــكالية مــدى االعتــداد بالشــكلية االلكترونيــة في‬
‫العقود الدولية وذالك حسب المادة ‪ 09‬منها‪.‬‬
‫إال ان ــه يش ــترط أن تك ــون الكتاب ــة االلكتروني ــة قابل ــة للتخ ــزين والحف ــظ وض ــمان إمكاني ــة‬
‫الوصول إليه في أي وقت‪ ،‬أضف إلى ذلك معرفة مصدر الكتابة االلكترونية‪.‬‬
‫‪-‬الحكم التحكيمي ه ــو وثيق ــة موقع ــة ‪ :‬لم تخ ــرج التنظيم ــات الذاتي ــة للتحكيم االلك ــتروني‬
‫هي األخـ ــرى عمـ ــل هـ ــو معمـ ــول بعـ ــه في إطـ ــار التحكيم التقليـ ــدي ‪ ،‬و أقـ ــرت ضـ ــرورة‬
‫تضمين حكم التحكيم االلكتروني بتوقيع المحكمين ‪ ،‬أي التوقيع االلكتروني‪.‬‬
‫‪-‬البيان ـ ــات اإللزامي ـ ــة ‪ :‬اتفقت ج ـ ــل التش ـ ــريعات المنظم ـ ــة للتحكيم بنوعي ـ ــه التقلي ـ ــدي و‬
‫االلكــتروني على ضــرورة أن يتضــمن حكم التحكيم بيانــات إلزاميــة من أجــل إقــراره في‬
‫دولــة تنفيــذ الحكم ‪ ،‬و من أهم البيانــات أســماء المحكمين و صــفاتهم و تــوقيعهم ‪ ،‬تــاريخ‬
‫و مكـان صـدور الحكم التحكيمي ‪ ،‬أسـماء و مـوطن أطـراف المنازعـة ‪ ،‬االستشـارة إلى‬
‫إدعاءات األطراف و أوجه الدفاع ‪ ،‬تسبيب حكم التحكيم ‪.‬‬
‫‪-‬تبليــغ حكم التحكيم ‪:‬يتســاءل البعض عن مــدى إمكانيــة اســتخدام مصــطلحات المجســدة‬
‫في إطـ ـ ــار التحكيم االلكـ ـ ــتروني مثـ ـ ــل(نص موقـ ـ ــع ) (نسـ ـ ــخة طبـ ـ ــق األصـ ـ ــل) "إبالغ"‬
‫"التسليم "في إطار التحكيم االلكتروني ‪.‬‬
‫يمكن اإلشــارة في هــذا الصــدد إلى أن بعض مراكــز التحكيم و فيمــا يخص المراســالت‬
‫الكتابي ــة و اإلخط ــارات ‪ ،‬تق ــر ب ــأن ه ــذه األخ ــيرة يمكن أن تتم ب ــأي وس ــيلة من وس ــائل‬
‫االتصــال عن بعــد ‪ ،‬تســمح بإقامــة الــدليل على اإلرســال ‪ ،‬األمــر الــذي يــوحي أن تبليــغ‬
‫الحكم االلكتروني عن طريق اإللكتروني يفي بالغرض ‪.‬‬
‫إن استخراج نسخة من حكم التحكيم ‪ ،‬فإنها ستتم على تحــو الكــتروني إذ يمكن طباعــة‬
‫الحكم االلكتروني بعدد النسخ المراد الحصـول عليهـا ‪ ،‬لكن يتعين في هـذا أألمـر توفـير‬
‫آليــات تحـول دون العبث بــالحكم التحكيمي أو تحريــف محتــواه أثنــاء نقلــه الكترونيــا من‬
‫هيئــة التحكيم إلى األطــراف المعنيــة ‪ ،‬كمــا يتعين العمــل أيضــا على توفــير وســائل فنيــة‬
‫تمنع االطالع على الحكم ممن ليس له الحق في ذلـك من أجـل إضـفاء السـرية و حمايـة‬
‫سمعة المحكمين ‪.‬‬
‫رابعا ‪:‬تنفيذ حكم التحكيم االلكتروني ‪:‬‬
‫وبع ــد ذل ــك ت ــأتي آخ ــر مرحل ــة – والمتمثل ــة في تنفي ــذ حكم التحكيم اإللك ــتروني – فه ــذه‬
‫المرحل ــة تط ــرح كث ــير من اإلش ــكاالت ب ــالنظر لك ــل دول ــة تح ــرص على الحف ــاظ على س ــيادتها‪،‬‬
‫وتجنب ــا له ــذه المعيق ــات لج ــأت بعض ال ــدول‪ ،‬ومنه ــا المغ ــرب إلى إب ــرام معاه ــدات دولي ــة‪ ،‬ومن‬
‫أهمهـ ــا في هـ ــذا المجـ ــال اتفاقيـ ــة نيويـ ــورك لسـ ــنة ‪ 1958‬الخاصـ ــة بـ ــاالعتراف بأحكـ ــام التحكيم‬
‫األجنبيـ ــة وتنفيـ ــذها على المسـ ــتوى الـ ــدولي من خالل سـ ــن قواعـ ــد تلـ ــزم الـ ــدول المتعاقـ ــدة بهـ ــذه‬
‫األحكام وتنفيذها‪.127‬‬

‫خ ـ ـ ـ ـ ــاتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـة ‪:‬‬

‫‪ - 127‬جعفر بوجمعة‪:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 79‬وما يليها‪.‬‬


‫من خالل ما سبق يمكن القول أن األصل التجاري اإللكتروني يماثل و يشابه األصل‬
‫العادي في العديد من الجوانب إلى درجة التطابق باستثناء الطبيعة الرقمية للدعامة‬
‫اإللكترونية التي تعتمد عليها التجارة اإللكترونية باعتبارها أساس نشأة األصل التجاري و‬
‫ظهوره و التي قد تشكل ميزة تعكس التطور الطبيعي الذي يعرفه الميدان التجاري اليوم ‪ ،‬و‬
‫من تم يمكن تطويع القواعد العامة المنظمة لألصل التجاري العادي لتشمل و تنظم األصل‬
‫التجاري اإللكتروني في العديد من النقط ‪ ،‬لكن رغم ذلك فإن األصل التجاري االلكتروني له‬
‫خصوصية تجعل من النصوص الحالية المنظمة لألصل العادي غير قادرة على إستيعابه بكل‬
‫تفاصله ‪ ،‬و ذلك لإلعتبارات التالية ‪:‬‬
‫أوال ‪:‬على مستوى المفهوم ‪:‬بالرغم من أن المفهوم الذي جاءت به المادة ‪ 79‬من م‪.‬ت يصلح‬
‫ليشمل حتى األصل التجاري في صورته اإللكترونية ‪ ،‬إلى أنه تفاديا لكل لبس أو غموض و‬
‫ما قد يترتب عن ذلك من نقاشات فقهية و قضائية لذلك ندعو المشرع المغربي إلى تعديل‬
‫المادة ‪ 79‬يسن من خاللها تعريف شامل لألصلين العادي و اإللكتروني ‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬على مستوى الطبيعة القانونية ‪:‬إن نظرية المجموعة الواقعية التي ال تعترف لألصل‬
‫التجاري االلكتروني بالشخصية المعنوية و االستقالل المالي –و التي أخد بها المشرع عند‬
‫تنظيم مؤسسة األصل التجاري العادي‪ -‬غير منسجمة مع األصل التجاري االلكتروني على‬
‫اعتبار أن التاجر ليس كل شيء في المقاولة فهو أحد عناصرها فقط بالرغم من كونه قد‬
‫يكون أساسيا ألن الفضل يرجع إليه في تجميع عناصر اإلنتاج األخرى –بل أكثر من ذلك‬
‫فاألصل التجاري االلكتروني يمارس نشاطه في قضاء ال مادي تكون فيه هوية التاجر‬
‫مجهولة و بالتالي فإن القيمة االقتصادية لألصل التجاري يحددها الرأس المال المخصص‬
‫للنشاط و العناصر المستخدمة و الزبناء و ليس التاجر الذي يعد دوره ثانويا – من أجل كل‬
‫ما سبق ندعو المشرع المغربي إلى األخذ بنظرية المجموعة القانونية التي تعتبر األصل‬
‫التجاري كيان مستقل عن التاجر‪ ،‬و كيان له ذاتيته تتعلق به كذلك مصالح و حقوق األغيار‬
‫من دائنين و عمال‪ ،‬و تتعلق به مصلحة عامة ككل ‪.‬‬
‫ثالثا ‪:‬من حيث العناصر ‪:‬بالرغم من أن العناصر المكونة لألصل التجاري العادي جاءت‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬و بالتالي يمكن أن تنضاف عناصر جديدة لتكوين األصل التجاري العادي‬
‫‪ ،‬فإن األصل التجاري اإللكتروني يتميز بعناصر جديدة غير مألوفة عند تنظيم األصل‬
‫التجاري التقليدي ‪ -‬هذا مع العلم أن العناصر التقليدية المكونة لهذا األخير تصلح أن تكون‬
‫عناصر لألصل التجاري االلكتروني مع بعض التعديل و االختالف ‪ ،‬من أجل ذلك نقترح‬
‫وضع إطار قانوني ألهم العناصر المستجدة –كاسم المجال – و عقود اإليواء –قواعد‬
‫البيانات و برامج الحاسوب ‪.....‬و ذلك من أجل توفير الحماية القانونية لهذه العناصر و‬
‫بالتالي ضمان استمرارية نشاط األصل التجاري خاصة أنها تشكل وسائل و آليات إقناع و‬
‫جذب للزبناء باعتباره أهم عنصر في هذه المؤسسة ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬فيما يتعلق بعنصر اسم المجال (العنوان اإللكتروني) ‪ :‬نجد بعض الجهات الدولية و‬
‫المحلية بادرت بإحداث هيئات من أجل التسجيل تهدف أساسا توفير الحماية القانونية ‪ ،‬لكن‬
‫ما يؤاخذ عن هذه الجهات أنها ال تتحقق عند التسجيل من مدى توفر الشروط المتطلبة قانونا‬
‫‪ ،‬هو ما ينتج عنه العديد من المنازعات على مستوى الممارسة العملية ‪ ،‬لذلك نقترح وضع‬
‫نص قانوني يلزم الجهات المختصة باإلشراف على التسجيل سواء على المستوى الوطني أو‬
‫الدولي فرض رقابة مشددة أثناء عملية التسجيل للتأكد من هوية طالب التسجيل و كافة‬
‫الشروط المحددة قانونا ‪.‬‬
‫خامسا ‪:‬بالنسبة لعقود اإليواء ‪:‬يعد عقد االيواء عنصر جديد في األصل التجاري االلكتروني‬
‫و يشبه عنصر الكراء التجاري بالنسبة المحالت التجارية التقليدية في بعض من الجوانب ‪،‬‬
‫غير أنه ال يخضع بشكل مطلق لنطاق مقتضيات الكراء التجاري المنصوص عليه في‬
‫القانون رقم ‪ 16-49‬المتعلق بكراء المحالت المعدة للتجارة ‪،‬لذلك على الرغم من أن هذه‬
‫عقود ال تطرح الكثير من اإلشكاالت على مستوى نطاق الحماية في الممارسة العملية إال‬
‫أنه مع ذلك نقترح تدخل المشرع من أجل وضع تنظيم قانوني يضع تعريف لهذا المستجد و‬
‫تحديد طبيعته القانونية بدقة تفاديا لطرح إشكاالت في المستقبل ‪.‬‬
‫سادسا‪:‬على مستوى آليات تسوية منازعات األصل التجاري اإللكتروني ‪:‬صحيح أن القضاء‬
‫يمكن اعتماده كآلية لفض هذه المنازعات ‪ ،‬غير أن هذه اآللية تتخللها العديد من إلشكاالت‬
‫تجعلها قاصرة على توفير الحماية القضائية الالزمة من أهمها القواعد التي يخضع لها‬
‫االختصاص المحلي ‪ ،‬بحيث في ظل سكوت المشرع المغربي عن تنظيم تنازع االختصاص‬
‫الدولي تطبق مقتضيات قانون المسطرة المدنية ‪ ،‬و لما كانت المعامالت الدولية في المجال‬
‫االلكتروني جلها تتم بين شخصين مختلفي الجنسية من خالل إبرام عقود إلكترونية عبر‬
‫اإلنترنت ‪ ،‬فإنه يصعب في هذه الحالة تحديد مكان إقامة المدعى عليه ‪ ،‬الشيء الذي يضعف‬
‫القواعد التقليدية و من تم تبقى قاصرة في تنظيم تنازع االختصاص القضائي المحلي ‪،‬‬
‫لذلك ندعو المشرع المغربي إلى وضع إطار قانوني خاص يتالءم مع طبيعة المنازعات‬
‫الدولية في المجال االلكتروني ‪.‬‬
‫سابعا ‪:‬بالنسبة القانون الواجب التطبيق ‪:‬لقد ظلت قواعد تنازع القوانين باعتبارها المنهج‬
‫الغالب و األصيل في القانون الدولي الخاص تطبق قواعد قانونية وطنية لحل مشكالت تنازع‬
‫القوانين في العقود الدولية ‪ ،‬لكنها أضحت غير قادرة على معالجة عقود التجارة الدولية في‬
‫المجال االلكتروني بالنظر لإلشكاالت التي يطرحها مبدأ سلطان اإلرادة في تحديد القانون‬
‫الواجب التطبيق من أهمها حماية المستهلك ‪ ،‬و هذا ما يؤدي بنا القول أن منهج تنازع‬
‫القوانين غير مالئم مع حل نزاعات األصل التجاري اإللكتروني ‪ ،‬من أجل ذلك يجب العمل‬
‫على إيجاد قواعد قانونية جديدة غير وطنية تتالءم و تتماشى مع طبيعة منازعات األصل‬
‫التجاري اإللكتروني تجد أساسها في العقود النموذجية و األعراف ‪ ،‬ومن جهة أخرى يالحظ‬
‫أن حتى القائمون على عقود التجارة الدولية المعقدة و المركبة أدركوا أنها في حاجة إلى‬
‫أداة فنية متخصصة تقوم مقام قضاء الدولة في الفصل في منازعات التجارة الدولية بعيدا‬
‫عن قيود الدولة و قيودها اإلجرائية ‪.‬‬
‫ثامنا ‪:‬على مستوى آلية التحكيم اإللكتروني ‪ :‬بالرغم من األهمية القصوى التي يلعبها التحكيم‬
‫باعتباره آلية لحل النزاعات اإللكترونية نظرا لما يتسم به من مزايا عدة لعل أبزها سرعة‬
‫الفصل في النزاع بما يتوافق مع عالم التجارة بصفة عامة و األصل التجاري على وجه‬
‫الخصوص ‪ ،‬فضال عن أن الفصل في النزاع يتم من طرف أشخاص مؤهلين في ذلك بما‬
‫يعني توفر الخبرة لديهم ‪ ،‬إال ما يعاب عليه هو كثرة التكاليف التي تتقل كاهل األطراف إذ‬
‫تشكل عائقا أمامهم‪ ،‬ناهيك عن ذلك عدم حيازة الحكم التحكيمي على الصيغة‬
‫التنفيذية ‪،‬األمر الذي يفرغها من محتواها ‪ ،‬لذلك نقترح ضرورة فرض رقابة على أتعاب‬
‫المحكمين من خالل تعديل النصوص التي تؤطر المراكز التحكيمية(‪ ).....، wipo‬بحيث‬
‫تنظم من خاللها تكاليف مناسبة ألتعاب المحكمين‪.‬‬
‫الئح ــة المراج ـ ــع‪:‬‬
‫أوال ‪:‬باللغة العربية ‪:‬‬
‫مراجع عامة‪:‬‬
‫أحمد شكري السباعي ‪ :‬الوسيط في النظرية العامة في قانون التجارة و المقاوالت‬ ‫●‬
‫التجارية و المدنية ‪ ،‬دراسة معمقة في قانون التجارة المغربي الجديد و القانون المقارن ‪،‬‬
‫الجزء الثاني دار نشر المعرفة ‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2001‬‬
‫إدريس النوازلي ‪ :‬حماية عقود التجارة اإللكترونية في القانون المغربي‪ ،‬دراسة مقارنة‪،‬‬ ‫●‬
‫دار اآلفاق المغربية للنشر والتوزيع‪،‬الدار البيضاء ‪.2010 ،‬‬
‫جمعان ناصر محمد‪ :‬شرط التحكيم في العقود التجارية دراسة مقارنة‪ ، ،‬القاهرة‪ ،‬دار‬ ‫●‬
‫الفتح‪.2008 ،‬‬
‫حسن الورياغلي وخالد سليكي ‪ :‬حقوق الملكية الفكرية والحقوق المجاورة‪ ،‬المركز‬ ‫●‬
‫المتوسط للدراسات واألبحاث ‪.2006 ،‬‬
‫حمودي محمد الناصر‪ :‬العقد الدولي اإللكتروني المبرم عبر اإلنترنيت‪ ،‬دار الثقافة للنشر‬ ‫●‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2012 ،‬‬
‫خالد ممدوح إبراهيم‪ :‬التحكيم اإللكتروني في عقود التجارة الدولية ‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬ ‫●‬
‫مصر‪.2008 ،‬‬
‫شريف محمد غنام‪ :‬حماية العالمات التجارية عبر اإلنترنيت في عالقتها بالعنوان‬ ‫●‬
‫اإللكتروني‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪.2007 ،‬‬
‫أحمد عبد الكريم سالمة ‪ :‬القانون الدولي الخاص اإللكتروني البيئي والسياحي‪ ،‬دار‬ ‫●‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪.2000 ،‬‬
‫عيسى طوني ميشال‪ :‬التنظيم القانوني لشبكة اإلنترنيت‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة‪،‬‬ ‫●‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2000‬‬
‫فؤاد معالل‪ :‬الملكية الصناعية‪ ،‬دراسة في القانون المغربي واالتفاقيات الدولية‪ ،‬الجزء‬ ‫●‬
‫الثاني‪ ،‬الحقوق التي ترد على الشارات المميزة‪ ، ،‬دار اآلفاق المغربية للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫مطبعة األمنية الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية‪.2019 ،‬‬
‫فؤاد معالل ‪:‬الملكية الصناعية ‪،‬دراسة في القانون المغربي و االتفاقيات الدولية ‪،‬الجزء‬ ‫●‬
‫األول ‪ ،‬الحقوق التي ترد على المبتكرات ‪،‬دار األفاق المغربية للنشر و التوزيع ‪ ،‬مطبعة‬
‫األمنية –الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.2019‬‬
‫ف»ؤاد معالل ‪ :‬ش»رح الق»انون التج»اري الجدي»»د (الج»زء األول )نظري»»ة الت»»اجر و النش»اط‬ ‫●‬
‫التجاري ‪ ،‬دار األفاق المغربية ‪،‬مطبعة النجاح الجديدة –الدار البيضاء ‪،‬الطبع»»ة الخامس»»ة‬
‫‪.2016‬‬
‫محمد أمين الرومي‪ :‬النظام القانوني للتحكيم اإللكتروني‪ ،‬دار الفكر الجامعي اإلسكندرية ‪،‬‬ ‫●‬
‫‪.2006‬‬
‫مراجع خاصة‪:‬‬
‫أحمد شكري السباعي ‪ :‬الوسيط في األصل التجاري‪ ،‬دراسة في قانون التجارة المغربي و‬ ‫●‬
‫القانون المقارن والفقه والقضاء‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2013‬دار نشر المعرفة‪،‬‬
‫الرباط‪.‬‬
‫عز الدين بنستي ‪ :‬دراسة في القانون التجاري المغربي‪ ،‬دراسة في قانون الملكية التجارية‬ ‫●‬
‫الصناعية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬األصل التجاري‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪.2001‬‬
‫رسائل واألطروحات‪:‬‬
‫بشرى النية‪ :‬العقد المبرم بطريقة إلكترونية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪،‬‬ ‫●‬
‫جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أكدال – الرباط‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪.2012-2011‬‬
‫جعفر بوجمعة‪ :‬الوسائل اإللكترونية لحل منازعات عقود التجارة اإللكترونية‪ ،‬مذكرة‬ ‫●‬
‫تخرج لنيل الماستر في العلوم القانونية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أعلي محند‬
‫أولحاج‪ ،‬البويرة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2015‬‬
‫حفيظة بوترفاس‪ :‬حماية العالمة التجارية في المجال اإللكتروني‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة‬ ‫●‬
‫الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد – تلمسان – كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2017-2016‬‬
‫رجاء حافظ بني شمسة‪ :‬اإلطار القانوني للتحكيم اإللكتروني – دراسة مقارنة – رسالة‬ ‫●‬
‫لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية الدراسات العليا جامعة النجاح الوطنية‪،‬‬
‫نابلس‪ ،‬فلسطين‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2009‬‬
‫عبد الرحيم شميعة ‪ :‬تقديم األصل التجاري‪ ،‬حصة في شركة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬ ‫●‬
‫العليا المعمق‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال الرباط ‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1991-1990‬‬
‫عطاء هللا سميحة‪ :‬حماية العالمة التجارية في عالقتها بالعنوان اإللكتروني‪ ،‬مذكرة لنيل‬ ‫●‬
‫شهادة الماستر في الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم واإلدارة‪ ،‬جامعة‬
‫تلمسان‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2013‬‬
‫فهيمة آيت عبد الوهاب – خرفاوي سهيلة‪ :‬القانون الواجب التطبيق على منازعات عقود‬ ‫●‬
‫التجارة اإللكترونية‪ ،‬مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر في الحقوق‪ ،‬القانون الخاص‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة – بجاية ‪ ،‬السنة الجامعية ‪-2016‬‬
‫‪.2017‬‬
‫محمد أحمد علي المحاسنة‪ :‬تنازع القوانين في العقود اإللكترونية نحو إيجاد منظومة‬ ‫●‬
‫للقواعد الموضوعية الموحدة‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون‪ ،‬كلية الدراسات‬
‫العليا‪ ،‬الجامعة األردنية‪.2006 ،‬‬
‫نسيمة عباسن ‪ :‬الحماية القانونية لقواعد البيانات (دراسات مقارنة)‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬ ‫●‬
‫الماستر في القانون الخاص‪ ،‬تخصص عقود ومسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة العقيد أكلى محمد أولحاج البويرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية‪.2015 :‬‬
‫مجالت ومقاالت‪:‬‬
‫بشرى النية ‪ :‬برامج الحاسوب و قواعد الملكية الصناعية ‪،‬مقال منشور على الموقع‬ ‫●‬
‫االلكتروني ‪.https://www.droitentreprise.com.‬‬
‫ضياء أحمد نعمان‪ :‬المصادقة اإللكترونية على ضوء قانون التبادل اإللكتروني للمعطيات‬ ‫●‬
‫القانونية‪ ،‬مقال منشور بالمجلة المغربية للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬عدد ‪ 1‬أكتوبر‬
‫‪.2009‬‬
‫محمد تيسير حطاب ‪-‬يوسف خصاونة ‪:‬تطيق النظام القانوني للمحل التجاري على‬ ‫●‬
‫الموقع التجاري االلكتروني ‪ ،‬مجلة الشريعة و القانون ‪ ،‬العدد ‪ 46‬أبريل ‪.2011‬‬
‫طارق البختي ‪ :‬التجارة اإللكترونية وآليات تسوية النزاعات المرتبطة بها‪ ،‬مجلة الحقوق‬ ‫●‬
‫العدد ‪ ،21‬دار نشر المعرفة ‪.2019‬‬
‫فؤاد بنصغير‪ :‬إشكالية الطبيعة الشخصية للزبناء في األصل التجاري اإللكتروني‪ ،‬مقال‬ ‫●‬
‫منشور في مجلة مغرب القانون عدد ‪ ،1‬بتاريخ ‪ 31‬يناير ‪.2019‬‬
‫ليلى بن حليمي – عشور سليم‪ :‬خصوصية التحكيم اإللكتروني في حل منازعات التجارة‬ ‫●‬
‫اإللكترونية‪ ،‬مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية – المجلد ‪ -4‬العدد ‪-01‬‬
‫السنة ‪.2009‬‬
‫بشرى النية‪ :‬برامج الحاسوب وقواعد الملكي»»ة الص»»ناعية تن»»اغم أو تن»»افر‪ ،‬مق»»ال منش»»ور‬ ‫●‬
‫على الموقع اإللكتروني‪. https://www.droitentreprise.com :‬‬
‫فؤاد بنصغير ‪ :‬برامج الحاسوب‪ ،‬مقال منشور على صفحته الرسمية الفيسبوك‪( ،‬الق»»انون‬ ‫●‬
‫اإللكتروني المغربي)‪ ،‬العدد األول‪.‬‬
‫يوسف مسعودي‪ :‬الق»انوني ال»واجب التط»بيق على العق»د اإللك»تروني‪ ،‬مق»ال منش»ور على‬ ‫●‬
‫الموقع اإللكتروني‪:2021/02/01 :‬د ‪.82‬‬

‫ثانيا‪:‬باللغة الفرنسية ‪:‬‬

‫‪Ouvrages Généraux :‬‬


‫‪● Stéphane Chatillon : droit des affaires internationales, 4ème édition,‬‬
‫‪Paris, Vuibert, 2005.‬‬
● VINCENT BLANC ET ASMAA BACH :La propriété intellectuelle ,T I
Inverstmark 1997, p 155

Ouvrages spécieux:
● REYNAND. CH, et Puyraneau : les problèmes posés par les
apports en nature et spécialement l’apport d’un fond de commerce
ou d’une entreprise commerciale et les clauses de Réhoactivité
mélanges .
● Valérie SEDALLIAN : «Droit de l’internet : Règle – mentation,
responsabilité et contrats », collection association des utilisateurs
d’internet, Paris 2002.
● Xavier Delpech :Fonds de commerce,composition –Vente-
Intermédiaires –évaluaton-Exploitation-Fiscalité ,Delmas,Dix –
neuviéme édition 2019.

Thèses et mémoires :
Thèses :

● DUBOS Brano : Essai sur la notion de fonds de commerce

électronique, Thèse doctorat de l’université des sciences sociales.


Toulouse I, droit privé 2008.

● Mustapha Bentaher : La Protection des créanciers d’un fonds de

commerce, thèse pour l’obtention du doctorat d’état, Faculté de


droit de Fès.
Mémoire :
● Dominique TRISTAN : La notion d’originalité et sa preuve en

droit d’auteur, mémoire de master en droit de la communication,


université, Paris II, panthéan Assas, 2009.
Articles Français :

● Eric Dubuisson : La personne virtuelle : propositions pour définir

l’être juridique dans un échange télématique, Droit de


l’informatique et des télécoms, N°5. 1995.

● ITEANAU Olivier : Le Contrat l’outil majeur du commerce

électronique, chollier Lany droit de l’informatique et des réseaux,


N° 116, Juillet 1999.

● ITEANAU Olivier : les contrats du commerce électronique, droit

et patrimoine,déc .1997,n°55 .

● Edmond Picard – Léon Hennebicq – Charles van Reepinghen –

Jean Dal : le Fonds de commerce virtuel : une réalité juridique,


journal des tribunaux n° 6044 du 23 Février 2002

● Loiseau (G) : Nome de domaine et internet turbulence autour

d’autour d’un nouveau signe distinctif, Recueil D, 1999, N° 23.

● Loiseau (G) : Nome de domaine et internet turbulence autour

d’autour d’un nouveau signe distinctif, Recueil D, 1999, N° 245.


● MANARA : Le fonds de commerce électronique, la vie judiciaire,

24 août 1997, N° 2680.

● R. DESGORCES : notion de fonds de commerce et Internet, CCE,

Mars 2000, N°3.

● Fonds de commerce électronique : une reconnaissance effective :

http://arrity-avocats.fr/le-fonds-decommerce-elec-chtronique-une-
reconnaissance-affect-ive.

● Fréderic PICARD – Sybill ELLEBOODE – MERIER et Camille

MERLIER : La Cession de Fonds de commerce électronique :


Nouvel Enjeu de notre ERE : https://www.haas-avocats.com .

● SILVA Fernando : Vers la reconnaissance du fonds de commerce et

du bail commercial électronique ?: http://www.droit-tic.com

● TAMARA Bootherstone : cessions de tout ou partie de E-business

sécuriser les transactions par la notion de e-fonds de commerce:


www.inpi.fr/sites/default/files/3-2-extrait-pi-et-
transformation_economie_numerique_inpi.pd.f2ved=2ahHKEW-
Zg_62vqTWAhUk5uAKHVe1BvcQFjAAegQIAnAC2usg=AQvV
aw2_Cilmom_MLnJ8CXEfaNx1

● VERBIS (T) : Le fonds de commerce électronique : vers une

reconnaissance juridique ? communication et commerce


électronique Ne 4 avril 2008.
‫الفـ ـ ــهرس ‪:‬‬
‫مقدمة‪..........................................................................‬ص‪2‬‬
‫الفصل األول ‪:‬تحديد األصل التجاري اإللكــتروني‪.................................‬ص‬
‫‪8‬‬
‫المبحث األول ‪:‬ماهي ــة األص ــل التج ــاري اإللك ــتروني‪..............................‬ص‬
‫‪10‬‬
‫المطلب األول ‪:‬مفه ــوم األص ــل التج ــاري اإللك ــتروني‪..............................‬ص‬
‫‪10‬‬
‫المطلب الثــاني ‪:‬الطبيعــة القانونيــة لألصــل التجــاري االلكــتروني‪...................‬ص‬
‫‪12‬‬
‫الفقرة األولى ‪:‬تكــييف الفقــه لألصــل التجــاري اإللكــتروني‪..........................‬ص‬
‫‪12‬‬
‫الفقرة الثانية ‪:‬النظرية المالئمة لطبيعــة األصــل التجـاري اإللكــتروني‪...............‬ص‬
‫‪15‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬عناصر األصل التجاري اإللكتروني‪...........................‬ص‪15‬‬
‫المطلب األول‪:‬الزبنــاء الرقمــيين عنصــر أساســي في األصــل التجــاري اإللكــتروني‪..‬ص‬
‫‪19‬‬
‫الفقرة األولى‪:‬مفهوم الزبناء اإللكترونيين و أهميتهم في األصل التجاري اإللكتروني‬
‫‪...................................................................‬ص‪19‬‬
‫الفقرة الثانية ‪:‬الشروط الواجب توافرها في عنصر الزبناء‬
‫الرقميين‪................‬ص‪27‬‬
‫المطلب الثاني ‪:‬العناصر المميزة لألصل التجاري اإللكتروني ‪..................‬ص‬
‫‪29‬‬
‫الفقرة األولى ‪:‬المصنفات الرقمية ‪.............................................‬ص‬
‫‪30‬‬
‫الفقرة الثانية ‪:‬عقود اإليواء ‪..................................................‬ص‪45‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬استغالل األصل التجاري اإللكتروني ‪...........................‬ص‬
‫‪51‬‬
‫المبحث األول ‪:‬التصرفات التي ترد على األصل التجاري اإللكتروني ‪...........‬ص‬
‫‪51‬‬
‫المطلب األول ‪:‬تفويت األصل التجاري اإللكتروني‪,,,,,,,,,...........,,,,,,,,,,‬ص‪52‬‬
‫الفقرة األولى ‪:‬بيع األصل التجاري اإللكتروني ‪.................................‬ص‬
‫‪52‬‬
‫الفقرة الثانية ‪:‬تقديم األصل التجاري اإللكتروني حصة في شركة‪...............‬ص‬
‫‪60‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬رهن األصل التجاري اإللكتروني و إخضاعه للتسيير الحر ‪....‬ص‬
‫‪63‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬رهن األصل التجاري اإللكتروني‪...............,,,,,,,,,,.......‬ص‬
‫‪63‬‬
‫الفقرة الثانية ‪:‬إخضاع األصل التجاري للنسيير الحر ‪.....,,,,,,,,,,,,.........‬ص‪66‬‬
‫المبحث الثاني ‪:‬آليات تسوية منازعات األصل التجاري اإللكتروني‪..............‬ص‬
‫‪72‬‬
‫المطلب األول ‪:‬الفضاء كآلية لتسوية منازعات األصل التجاري اإللكتروني‪,ً,,,,,‬ص‪72‬‬
‫الفقرة الثانية ‪:‬اإلختصاص القضائي بشأن منازعات األصل التجاري اإللكتروني‪.‬ص‬
‫‪72‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬القانون الواجب التطبيق بشأن منازعات األصل التجاري اإللكتروني ص‬
‫‪77‬‬
‫المطلب الثاني ‪:‬التجكيم اإللكتروني كآلية لتسوية منازعات األصل التجاري‬
‫اإللكتروني‪.....‬ص‪75‬‬
‫الفقرة األـولى ‪:‬المرحلة السابقة عن خصومة التحكيم اإللكتروني‪.................‬ص‬
‫‪81‬‬
‫الفقرة الثانية ‪:‬مرحلة الخصومة التحكيم اإللكتروني‪..............................‬ص‬
‫‪83‬‬
‫خاتمة‪.......................................................................:‬ص‪91‬‬
‫الئحة المراجع ‪..............................................................:‬ص‬
‫‪94‬‬
‫الفهرس ‪...................................................................:‬ص‬
‫‪101‬‬

You might also like