Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 29

‫ماستر قانون ا ألعمال وآليات تسوية المنازعات‪ :‬الفوج الثالث‬

‫الفصل ا ألول‬
‫وحدة القانون الجنائي ل ألعمال‬

‫المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات في شركات المساهمة‬

‫تحت إشراف الدكتورة‬


‫كنزة الغنام‬
‫من إعداد‪:‬‬
‫بوجمعة لهديلي‬
‫مريم شاوشمزين‬
‫فاطمة الزهراء بوعطا‬
‫محمد شوقي‬

‫السنة الجامعية‪0200/0202:‬‬

‫]‪[Tapez ici‬‬
‫الئحة المختصرات‬
‫قانون شركة المساهمة‪ :‬ق‪ .‬ش‪.‬م‬
‫قانون مهنة الخبرة المحاسبية‪ :‬ق‪.‬م‪.‬خ‬
‫المسؤولية الجنائية‪ :‬م‪.‬ج‬
‫الصفحة‪ :‬ص‬
‫مرجع سابق‪ :‬م‪.‬س‬

‫]‪[Tapez ici‬‬
3
‫مقدمة‪:‬‬
‫يعتبر قانون األعمال مظهرا من مظاهر تحول السياسة االقتصادية في العالم‪ ،‬خصوصا‬
‫بعد الحرب العالمية الثانية وما خلفته من أزمات مالية واقتصادية‪ ،‬لتتجه مختلف الدول بما‬
‫فيها الرأسمالية إلى توجيه االقتصاد والتدخل بسن قوانين تنظيمية وفرض قيود على ميدان‬
‫المال واألعمال ثم التحول من الحماية القانونية لهذا األخير إلى الحماية الزجرية باعتبار المال‬
‫هو أهم أسباب الجريمة‪ ،‬ويقول عز وجال " ويحبون المال حبا جما"‪" 1‬‬
‫وهذا ما أدى إلى تدخل القانون الجنائي لألعمال متصديا لكل االنحرافات عن القواعد المنظمة‬
‫لمختلف المعامالت وقد ظهر هذا التوجه بداية من القران العشرين الذي شهد فيه العالم حروبا‬
‫تلته أزمات اقتصادية قوية‪ .‬وألن الشركات التجارية هي اللبنة األساسية للنهوض بالقطاعات‬
‫االقتصادية باعتبارها وسيلة أساسية لتنشيط الدورة االقتصادية لكل بلد بحيث تساهم بشكل‬
‫كبير في تنميتها وتبوؤها مكانة مهمة أمام اقتصاديات نظيراتها من الدول األخرى‪ ،‬ولكن مع‬
‫التقدم الحاصل في المجال التجاري الذي اتسم بالسرعة والمرونة أضحت شركات المساهمة‬
‫تغطي نسبة مهمة من المعامالت التجارية وتدير أموال طائلة وتفتح الباب على مصراعيه أمام‬
‫المستثمرين‪.‬‬
‫وعلى غرار غالبية التشريعات الحديثة عمل المشرع المغربي على التدخل في مجال‬
‫الشركات التجارية وشركات المساهمة تحديدا وذلك بالتنصيص على مجموعة من القواعد‬
‫سواء موضوعية وخاصة تهدف إلى تحقيق الحماية القانونية للشركة والشركاء المتعاملين‬
‫معها مع الحرص على أال يترتب على ذلك أي تعطيل لنشاط الشركة وروح المبادرة فيها‬
‫وتماشيا مع ذلك فإن القانون رقم ‪ 50.02‬المتعلق بشركات المساهمة جاء متضمنا في‬
‫طياته مواد متعددة تؤسس لما يمكن تسميته بالقانون الجنائي للشركات حيث أن التوجه العام‬
‫للمشرع المغربي أثناء وضعه لقانون الشركات التجارية ما هو إال دليل على أن قناعته‬
‫بخصوص الجزاء المدني من قبيل دعوى المسؤولية التقصيرية والبطالن تظل غير كافية‬
‫‪2‬‬
‫لضمان حماية فعالة لالقتصاد الوطني‬
‫لذلك كان لزاما على المشرع إحداث جهاز يتولى الرقابة ويسهر على تنظيم وتقدير‬
‫المحاسبات للمؤسسات المالية فأحدث المشرع قانون ‪ 92.51‬المتعلق بتنظيم مهنة الخبرة‬
‫المحاسبية وإنشاء هيئة الخبراء المحاسبية‪ ،‬إذ جاء هذا القانون لتحديد كيفية وأساليب ممارسة‬
‫هذه المهنة وتتبع مراقبة ومراقبة حسابات الشركات وفق الشروط واألهداف التي حددها‬
‫القانون ‪ 99.12‬المتعلق بشركات المساهمة والذي عدل وتمم بمقتضى قانون ‪ 50.02‬سنة‬
‫‪ 5005‬وقانون رقم ‪ 2.15‬المتعلق بباقي الشركات المتمم والمعدل بموجب القانون ‪59.02‬‬
‫والمالحظ أن قانون شركات المساهمة الجديد قد منح لمراقب الحسابات صالحيات‬
‫واسعة وعديدة‪ ،‬إال أنه وبالمقابل عمل على دعم هذه الصالحيات بمواد زجرية ترتب مسؤولية‬
‫مراقب الحسابات جنائيا في حالة إخالله بااللتزامات الملقاة على عاتقه خاصة تلك المتعلقة‬
‫بحسابات الشركة‪ ،‬ذلك أن المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات قد تترتب سواء عند قيامه‬
‫بأعمال تندرج تحت طائلة نصوص جنائية على اعتبار أنها من الجرائم العادية أو بسبب قيامه‬

‫‪ 1‬سورة الفجر اآلية ‪02‬‬


‫‪ 2‬طارق يختي المنظومة الزجرية لشركات المساهمة بين الصرامة والمرونة ص ‪02‬‬
‫‪4‬‬
‫بأعمال تندرج تحت طائلة نصوص جنائية على اعتبار أنها من الجرائم العادية أو بسبب قيامه‬
‫‪3‬‬
‫بأعمال منافية لألعراف التجارية‬
‫ومن خالل هذا البحث سنعمل على تحديد مكانة مراقب الحسابات في التشريع المغربي‬
‫وبعض التشريعات المقارنة وكذلك أهم الشروط الواجب توفرها في مراقب الحسابات‬
‫وصالحياته التي حددها القانون ثم بيان أساس مسؤوليته الجنائية وبعض الجرائم التي‬
‫يرتكبونها‬
‫أهمية الموضوع‪:‬‬
‫يكتسي هذا الموضوع أهمية بالغة من عدة نواحي يمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬
‫األهمية القانونية‪ ،‬تتجلى األهمية القانونية لهذا الموضوع في اهتمام المشرع المغربي بمهنة‬
‫الخبرة المحاسبية من خالل إصداره لقانون ‪ ،92.51‬وكذلك بالنسبة لشركات المساهمة من‬
‫خالل مجموعة من النصوص القانونية السالفة ذكرها حيث نستشف من خالل ذلك أهمية‬
‫مراقب الحسابات في شركات المساهمة لحماية الشركة واألغيار وأساس مسؤوليته الجنائية‬
‫وتجلياتها‬
‫األهمية االقتصادية‪ ،‬تتجلى األهمية االقتصادية لهذا الموضوع في كون مراقب الحسابات‬
‫وسيلة حماءيه للشركة الستمرار غرضها االقتصادي المتمثل في االستمرار وإنعاش وتحريك‬
‫دواليب االقتصاد الوطني وبالتالي حماية أموال الشركة وزيادة تشجيع االستثمارات وإنعاش‬
‫النمو االقتصادي‬
‫صعوبات البحث‬
‫وقد واجهتنا خالل إعدادنا لهذا البحث مجموعة من الصعوبات لعل أبرزها ارتفاع‬
‫أثمنة المراجع وصعوبة الحصول عليها‪.‬‬
‫إشكالية البحث‪:‬‬
‫لعل اهتمام المشرع بمجال المال واألعمال عموما سيما في شركات المساهمة ومهنة‬
‫مراقب الحسابات يضعنا أمام إشكال مهم هو مركز ثقل هذا البحث وهو‪ :‬أي مكانة لمراقب‬
‫الحسابات في شركات المساهمة؟ وماهو أساس المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات‬
‫وماهي تجلياتها؟‬
‫خطة البحث‪:‬‬
‫ال شك أن دراسة الموضوع في ضوء األحكام القانونية المنظمة له تتطلب االستعانة‬
‫بمجموعة من المناهج التي تتالءم مع جوهر الموضوع وتحقق الغاية من تحليله أال وهي‬
‫الوصول إلى نتائج معينة وسنوظف لتمحيص هذا البحث المنهج االستقرائي الذي يمكننا من‬
‫استقراء الوضع القانوني انطالقا من النصوص القانونية الناظمة له ثم المنهج المقارن من‬

‫‪ 3‬ادريس فائق مراقبو الحسابات في شركات المساهمة مقال منشور بالمجلة المغربية لالقتصاد والقانون‬
‫المقارن العدد ‪ 02‬السنة ‪ 2991‬ص ‪19‬‬

‫‪5‬‬
‫خالل مقارنة التشريع المغربي مع بعض التشريعات المقارنة وكذلك المنهج الوصفي لبيان‬
‫وتحليل اإلشكال الذي تعالجه هذه الدراسة‪.‬‬

‫المبحث االول‪ :‬مكانة مراقب الحسابات وأساس مسؤوليته الجنائية‬


‫ينفرد مراقب الحسابات بوضع قانوني خاص داخل الشركة‪ ،‬فهو ال يعتبر اجيرا تابعا‬
‫للشركة كما هو الشأن بالنسبة للمحاسب المكلف بمحاسبة الشركة أو المكلف بالمراجعة‬
‫الداخلية‪ ،‬و ال يعد عضوا بالشركة وال شريكا فيها‪ .‬وإنما هو جهاز مستقل من أجهزة الشركة‬
‫مكلف بمهمة معينة داخلها وال يخضع في ذلك ألية تبعية للجهاز المسير للشركة وبالتالي فهو‬
‫يتلقى اتعابا وليس اجرا نظير المهام التي يقوم بها شأنه في ذلك شأن باقي المهنين‪ ،‬و قد كفل‬
‫القانون الحالي بهذا نوعا من االستقاللية لهذا الجهاز مقارنة ما كان ينص عليه قانون ‪9559‬‬
‫الفرنسي المطبق بالمغرب بمقتضى ظهير ‪ ،9155‬والذي كان يعطي حق تعيين وعزل مراقب‬
‫الحسابات‪ ،‬مما كان يرتب عدم استقالليتهم تجاه هؤالء المتصرفين و خضوعهم لتعليماتهم‪،‬و‬
‫نظرا للمهام المتنوعة و الجسيمة التي يتحملها مراقب الحسابات داخل الشركة فسيتم التطرق‬
‫الى مكانة مراقب الحسابات داخل شركة المساهمة(المطلب االول) و اساس مسؤوليته الجنائية‬
‫‪4‬‬
‫في (المطلب الثاني)‬
‫المطلب االول‪ :‬مكانة مراقب الحسابات داخل شركة المساهمة‬
‫أضحى مراقب الحسابات بمقتضى قانون شركات المساهمة جهازا فعاال بفضل‬
‫الضمانات التي خولها له هذا القانون‪ ،‬إذ لم يعد يقتصر دوره في المهام التقنية فقط‪ ،‬والمتمثلة‬
‫في مراقبة الحسابات‪ ،‬بل إن التطورات االقتصادية والسياسية فرضت ضرورة منح مراقب‬
‫الحسابات دورا هاما بهدف مراقبة مدى مشروعية األفعال والتصرفات التي تتم داخل الشركة‪،‬‬
‫والتبليغ عنها في حالة ما إذا اكتست هذه األفعال الصبغة الجرمية‪ .‬وبهذا فإن مراقب الحسابات‬
‫يلعب دورا أساسيا في اكتشاف األفعال الجرمية المرتكبة داخل شركة المساهمة من خالل‬
‫إلزامه وفق ما جاء به المشرع المغربي في المادة ‪ 502‬من قانون ‪ 99.12‬بضرورة تبليغه‬
‫لتلك األفعال للجهاز اإلداري للشركة‪ ،‬مما يمكن اعتباره بمثابة الدركي الساهر على كل‬
‫األعمال التي تقوم بها الشركة‪ .5‬وتظهر لنا هاته األهمية أيضا‪ ،‬من خالل المهام التي يقوم بها‬
‫حيث له دور مهم في ضبط أعمال الشركة والتي تجعل منه بال شك حارسا أمينا يضمن نزاهة‬
‫التصرفات والمعامالت المنجزة داخل الشركة‪ ،‬باعتباره الخبير المطلع على أسرار وخبايا‬
‫الشركة ‪.‬وألهميته البالغة البد لنا من الوقوف عند كيفية تعيين مراقب الحسابات (الفقرة‬
‫االولى) ثم االطالع على المعايير الواجب توفرها في مراقب الحسابات (الفقرة الثانية)‬
‫الفقرة االولى‪ :‬تعيين مراقب الحسابات‬
‫نظرا ألن شركات المساهمة تضم أعدادا كبيرة من المساهمين ونظرا ألن أغلبية‬
‫المساهمين ال تؤهلهم ثقافتهم المالية واالقتصادية والقانونية للقيام بمهمة مراقب حسابات اوجب‬
‫المشرع المغربي تعيين مراقب الحسابات‪ ،‬أو مراقبي الحسابات في شركات المساهمة‪ ،‬يعهد‬

‫‪-4‬عالل فالي‪،‬قانون الشركات التجارية الجزء االول‪،‬مطبعة المعارف الجديد‪،‬الدار البيضاء ص ‪222‬‬
‫‪-5‬انظر موقع المعلومة القانونية تم االطالع يوم ‪2212210202‬على الساعة ‪22:29‬‬

‫‪6‬‬
‫إليهم بمهمة مراقبة و تتبع حسابات الشركة وفق الشروط و األهداف المنصوص عليها في‬
‫القانون‪.‬‬
‫وهذا ما تنص عليه المادة ‪ 921‬من ش م "‪...‬غير أنه يجب على الشركات التي تدعو‬
‫الجمهور إلى اإلكتتاب أن تعين مراقبين للحسابات على األقل‪ ،‬وكذلك الشأن بالنسبة للشركات‬
‫البنكية وشركات القرض واالستثمار و التأمين و الرسملة و اإلدخار"‬

‫اوال‪ :‬الجهات المخولة لها تعيين مراقب الحسابات‬


‫‪ ‬تعيين مراقب الحسابات من طرف المؤسسين‪ :‬تقضي الفقرة األولى من المادة ‪50‬‬
‫من قانون ش م بما يلي‪ " :‬يتم تعيين المتصرفين األولين واعضاء مجلس الرقابة‬
‫األولين ومراقبي الحسابات األولين‪ ،‬إما بموجب النظام االساسي أو بموجب عقد‬
‫منفصل يشكل جزءا من النظام األساسي و موقع وفق نفس الشروط"‬
‫وغني عن البيان أن هذا النص يتحدث عن تعيين مراقب الحسابات أثناء تأسيس‬
‫الشركة ‪ ،‬و هو تعيين يقوم به المؤسسون ال الجمعية العامة العادية للمساهمين‪ .6‬على‬
‫اعتبار أنهم هم الذين يضعون النظام االساسي و يوقعونه وعلى اعتبار ان الشركة‬
‫آنذاك الزالت في طور التكوين و لم يقم بعد للجمعية العامة وجود وعلى ذلك فهذا‬
‫التعيين يتم على ما يتضح من المادة ‪ 50‬اعاله إما بموجب النظام االساسي و موقع‬
‫‪7‬‬
‫وفق نفس الشروط‬
‫إال أن تعيين مراقب الحسابات في هذه المرحلة ال يعتبر الزاميا بدليل أنها ليست من‬
‫بين البيانات االلزامية التي نص عليها المشرع في المادة ‪ 85‬و‪ 995‬من قانون ش م‪.‬‬
‫وهو مايعني أن هذا التعيين ليس إلزاميا انما تقوم الحاجة إليه‪ ،‬عندما تكون الشركة‬
‫قد باشرت أعماال في مرحلة التأسيس والتكوين‪ .‬ولتسيير امورها البد من تنصيب‬
‫جهاز اداري مؤقت والبد كذلك من تعيين مراقب حسابات اولي يراقب حساباتها في‬
‫هذه المرحلة‪.10‬غير أن مراقبي الحسابات االولين ال يشرعون في مزاولة مهامهم‬
‫فعليا اال بتقييدها في السجل التجاري‪ ،‬و هذا أمر منطقي بإعتبار أن الشركة ال تتمتع‬
‫بالشخصية المعنوية إال ابتداء من تسجيلها في السجل التجاري‪.11‬‬

‫‪-6‬جمال بورجي‪،‬باحث في صف الدكتوراه‪،‬التعيين االلزامي لمراقب الحسابات كمظهر من مظاهر حكامة شركات‬
‫المساهمة‪،‬ص ‪20‬‬
‫‪ -7‬محمد كرم اطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪،‬المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات في شركة المساهمة على ضوء‬
‫التشريع المغربي و المقارن ‪،0222/0222‬ص‪02‬‬
‫‪-8‬يحدد النظام شكل الشركة‪،‬ومدتها التي ال يمكن ان تتجاوز ‪ 99‬سنة و تسميتها ومقرها االجتماعي و غرضها و مبلغ‬
‫رأسمالها‪.‬‬
‫‪-9‬يجب ان يتضمن النظام االساسي للشركة‪،‬فضال عن البيانات المذكورة في المادة ‪ 0‬ودون اخالل بها ‪ ،‬البيانات التالية‬
‫‪:‬‬
‫_عدد االسهم التي تم اصدارها و قيمتها االسمية ‪،‬مع التمييز عند الضرورة بين مختلف فئات االسهم‬
‫_تحديد شكل االسهم ‪ :‬اما كلها اسمية‪،‬و اما اسمية في جزء ولحاملها في جزء‬
‫_الشروط الخاصة التي يخضع لها قبول المفوتة لهم االسهم في حالة وضع قيود على حرية تداول االسهم أو بيعها‬
‫_هوية اصحاب الحصص العينية و تقييم الحصة التي قدمها كل واحد منهم عدد االسهم المسجلة مقابل الحصة‬
‫_طبيعة امتيازات المستفيدين‬
‫_المقتضيات المتعلقة بالعانصر المكونة الجهزة الشركة‬
‫_المقتضيات المتعلقة بتوزيع االرباح و بتكوين االحتياطي و بتوزيع عالوة التصفية‬
‫‪-10‬محمد كرم م س انظر ص ‪02‬‬
‫‪ -11‬جمال بورجي م س ص ‪20‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ ‬تعيين مراقب الحسابات من طرف الجمعية العامة العادية‪ :‬تشكل هذه الحالة القاعدة‬
‫و المبدأ العام‪ ،‬بحيث تتولى الجمعية العامة للشركاء تعيين مراقب أو مراقبي‬
‫الحسابات‪ ،‬وذلك طبقا للمادة ‪ 951‬من ش م "يتم تعيين مراقب أو مراقبي الحسابات‬
‫لمدة ثالت سنوات مالية من قبل الجمعية العادية للمساهمين"‬
‫و يتخذ قرار التعيين وفقا لقواعد النصاب واألغلبية المتطلبة قانونا‪ ،‬حيث يتخد القرار‬
‫وفقا لما هو منصوص عليه في المادة ‪ 999‬من ق ش م التي تلزم لتكون مداوالت‬
‫الجمعية صحيحة في الدعوة االولى إلنعقادها أن يكون المساهمون الحاضرون أو‬
‫الممثلون يمتلكون ما ال يقل عن ربع االسهم المالكة لحق التصويت‪ ،‬أما في الدعوة‬
‫الثانية إلنعقادها فال يفرض بلوغ أي نصاب‪ .‬وتبث الجمعية العامة العادية للمساهمين‬
‫الحاضرون أو الممثلون‪.12‬‬
‫و لما كان االختصاص يعود مبدئيا للجمعية العامة لتعيين مراقب الحسابات فإنه ال‬
‫يمكن تفويض مجلس االدارة في ممارسة هذا االختصاص‪ ،‬و ال يمكن للجمعية العامة‬
‫غير العادية كذلك ممارسته‪ ،‬وال يجوز لمجلس اإلدارة أن يعين مراقبا لحسابات‬
‫الشركة و لو بصفة مؤقتة في حالة غياب مراقب الحسابات المعين‪ ،‬و يجب كذلك أن‬
‫تدرج مسأل ة تعيين مراقب الحسابات في جدول األعمال حتى تستطيع ج‪.‬ع التداول‬
‫فيها و صدر قرار بشأنها بحيث إن ج ع ال يمكنها مبدئيا التداول بشأن موضوع غير‬
‫‪13‬‬
‫مدرج في جدول األعمال‬
‫‪ ‬تعيين مراقب الحسابات من طرف رئيس المحكمة التجارية ‪ :‬تنص المادة ‪ 952‬من‬
‫ق ش م على " في حالة عدم تعيين الجمعية العامة لمراقبي الحسابات يعمل رئيس‬
‫المحكمة بصفته قاضي المستعجالت على تعيينهم بأمر منه و ذلك بطلب من أي‬
‫مساهم على ان تتم دعوة المتصرفين بصفة قانونية" بناء على مضامين النص‪ ،‬فإن‬
‫المشرع المغربي منح للقضاء في شخص رئيس المحكمة التجارية سلطة تعيين مراقب‬
‫الحسابات على أن ذلك مقيد باحترام مجموعة من الشروط يتمثل االول منها في عدم‬
‫قيام ج ع العادية للمساهمين بذلك التعيين علما بأن انعدام التعيين المنصوص عليه ال‬
‫يراد به بمعناه الدقيق المتمثل في عدم تعيين المراقب من طرف ج ع العادية‪ ،‬وإنما‬
‫يشمل باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬الحاالت التي يمنع فيها عائق ما مراقب الحسابات من القيام‬
‫بمهامه‪ ،‬أو رفضه ذلك أو الوفاة‪.14‬‬
‫والشرط الثاني يتمثل في أنه يمكن ألي مساهم التقدم بطلب إلى رئيس المحكمة‬
‫التجارية قصد االمر بتعيين مراقب حسابات الشركة‪ ،‬فبقاء شركة المساهمة بدون‬
‫مراقب لحساباتها سوف يتعارض مع المبادئ القانونية التي تقتضي بضرورة توفر‬
‫شركات المساهمة على مراقب حسابات واحد على االقل‪ .‬وهو ما أدى إلى عدم تقييد‬
‫‪15‬‬
‫طلب المساهم بضرورة تملك نسبة معينة من رأسمال الشركة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬حكم عدم تعيين مراقب الحسابات‬
‫فالتساؤل الذي يطرح في هذا االطار هو‪ :‬ما هو الحكم في حالة عدم تعيين ج ع‬
‫لمراقب الحسابات و لم يقدم أي مساهم بطلب تعيين مراقب الحسابات‪ ،‬مع العلم أن‬
‫المبادئ العامة تفرض تعيين مراقب او مراقبين للحسابات ؟‬

‫‪-12‬عالل فالي م س‪ ،‬ص ‪222‬‬


‫‪-13‬محمد كرام م س ص ‪02‬‬
‫‪-14‬جمال بورجي م س ‪،‬ص ‪21‬‬
‫‪-15‬محمد كرام م س ‪،‬ص ‪02‬‬
‫‪8‬‬
‫و اجتمعت مجموعة من االراء حول اقتراح تطبيق الحكم الوارد في المادة ‪ 995‬من‬
‫قانون ش م والتي تنص على "تعد باطلة كل القرارات المتخذة في غياب مراقب‬
‫حسابات معينين بصفة صحيحة أو المتخذة تبعا لتقرير مراقبي حسابات معينين او‬
‫ظلوا يزاولون مهامهم خرقا ألحكام المادتين ‪160‬و ‪.959‬‬
‫وهذا ما يفرض على مجلس االدارة العمل على استدعاء ج ع بشكل استعجالي بهدف‬
‫‪16‬‬
‫القيام بتعيين مراقب الحسابات حتى ال تتعرض القرارات المتخذة للبطالن‬
‫والشك أن المتصرفين لن يتوانوا لحظة واحدة في العمل على تعيين مراقب الحسابات‬
‫‪17‬‬
‫خصوصا اذا علمنا أن هذا االغفال يشكل جريمة جنائية‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الشروط الواجب توفرها في مراقب الحسابات‬

‫توزعت الشروط الالزمة الختيار مراقب الحسابات ما بين القانون المنظم لمهنة الخبراء‬
‫المحاسبية (أوال)‪ ،‬ومابين القانون المتعلق بشركة المساهمة (ثانيا)‪ .‬ويجد هذا الترابط بين‬
‫القانونين مصدره في المادة ‪ 950‬من ق ش م الذي ينص على " ال يحق ألي كان مزاولة‬
‫مهام مراقب حسابات ما لم يكن مقيدا في جدول هيئة الخبراء المحاسبين "بمعنى ادق تم منع‬
‫أي شخص من مزاولة مهام مراقب الحسابات ما لم يكن مقيدا في جدول هيئة الخبراء‬
‫المحاسبين‬
‫اوال‪ :‬الشروط المنصوص عليها بقانون مهنة الخبرة المحاسبية‬
‫طبقا للمادة ‪ 950‬من ق ش م فيتعين على مراقب الحسابات ان يكون متمتعا بصفة خبير‬
‫محاسبي و مقيدا بجدول هيئة الخبراء المحاسبين لكي يتم هذا التقييد فإنه يجب أن يكون‬
‫مستوفيا لمختلف الشروط المنصوص عليها في النصوص التشريعية المنظمة لهاته المهنة‪ ،‬و‬
‫خصوصا المذكورة في المادة ‪ 50‬من قانون ‪92.5118‬و هي‬
‫‪ .9‬شرط الجنسية‪ :‬فطبقا للمادة ‪ 50‬فقد نصت على ضرورة تمتع الشخص الراغب في‬
‫القيد بجدول هيئة الخبراء المحاسبين بالجنسية المغربية أو جنسية احدى الدول التي‬
‫ابرمت مع المغرب اتفاقية تسمح لرعايا كل دولة بمزاولة مهنة الخبرة المحاسبية في‬
‫الدولة االخرى‬
‫‪ .5‬شرط السن والتمتع بالحقوق المدنية‪ :‬اشترطت نفس المادة ايضا على ضرورة بلوغ‬
‫الشخص الراغب في القيد بجدول هيئة الخبراء المحاسبين ‪ 50‬سنة كاملة على االقل‪،‬‬
‫وأن يكون متمتعا بحقوقه المدنية‬
‫‪ .1‬شرط الوضعية القانونية ازاء الخدمة العسكرية‪ :‬لم يعد لهذا الشرط اهمية على اعتبار‬
‫ان المشرع عمد الى الغاء الخدمة المدنية بمقتضى القانون رقم ‪،15.15‬و كذا الغاء‬
‫الخدمة العسكرية بمقتضى قانون‪55.0519‬‬
‫‪ .5‬شرط السمعة ‪ :‬يتعين ان يكون مراقب الحسابات ذا سمعة وسيرة حسنة حيث ال يجب‬
‫ان يصدر في حقه حكم بعقوبة مانعة للحرية من اجل افعال مخلة بالشرف و االستقامة‬
‫واالداب العامة‪ ،‬فال يجوز ان يكون مراقب لحسابات شركات المساهمة من حكم عليه‬

‫‪-16‬جمال بورجي‪،‬م س‪،‬ص ‪20‬‬


‫‪-17‬محمد كرام‪،‬م س ‪،‬ص ‪02‬‬
‫‪-18‬ظهير شريف رقم ‪ 21901219‬صادر في ‪ 22‬من رجب ‪ 8( 2221‬يناير‪)2991‬بتنفيد القانون رقم ‪ 22189‬المتعلق‬
‫بتنظيم مهنة الخبرة المحاسبية و إنشاء هيئة الخبراء المحاسبين‬
‫‪-19‬عالل فالي ‪ ،‬م س ‪،‬ص ‪220‬‬
‫‪9‬‬
‫بعقوبة جنائية او عقوبة جنحية عن سرقة أو نصب أو خيانة امانة او تزوير او تفالس‬
‫‪20‬‬
‫وذلك قياسا على ما ورد بشأن اعضاء مجلس االدارة‬
‫‪ .2‬شرط عدم التنافي‪ :‬حيت نصت المادة ‪ 95‬على أنه تتنافى مهنة الخبرة المحاسبية مع‬
‫القيام بأي نشاط أو عمل من شأنهما أن يمسا باستقالل الخبير المحاسب و بوجه خاص‬
‫مع‪:‬‬
‫‪ -‬ممارسة اي عمل ماجور ماعدا في الجاالت المنصوص عليها في المادة ‪5‬‬
‫‪ -‬القيام بأي عمل من اعمال التجارة أو الوساطة ما عدا تلك التي ترتبط ارتباطا‬
‫مباشرا بمزاولة مهنة الخبرة المحاسبية‬
‫‪ -‬أي تفويض الدارة شركة ذات غرض تجاري‬
‫‪ -‬أي وكالة تجارية‬
‫‪.5‬شرط الكفاءة العلمية‪ :‬يشترط في الشخص الراغب في القيد بجدول هيئة الخبراء‬
‫المحاسبين أن يكون حاصال على الشهادة الوطنية في الخبرة المحاسبية او شهادة‬
‫تعترف االدارة بمعادلتها لها‪.21‬و يتبين من خالل هاته المادة أن عهد تعيين مراقب‬
‫الحسابات من عامة الناس قد ولى‪ ،‬فلم يعد المكلف بمراقبة حسابات الشركات ذلك‬
‫الشخص الذي يلبي حاجيات المسيرين و يؤكد اعمالهم‪ ،‬بل إنه أضحى شخصا‬
‫تفترض فيه الكفاءة المهنية و التقنية التي تسمح له باتخاذ موقف ناجم عن فحصه‬
‫و تدقيقه لحسابات الشركة‪،‬فما لم تتوفر شروط الكفاءة فال يمكن للشخص على‬
‫االطالق ممارسة مراقبة حسابات الشركة‪ ،‬بل االكثر من ذلك فالمشرع المغربي‬
‫كغيره من التشريعات المقارنة رتب عقوبات على الممارسة غير القانونية لمهنة‬
‫‪22‬‬
‫مراقبي الحسابات‬
‫ثانيا‪ :‬الشروط المنصوص عليها في قانون شركة المساهمة‬
‫‪.1‬عدم وقوع الخبير المحاسباتي في إحدى حاالت التنافي ‪ :‬نظم المشرع المغربي حاالت‬
‫التنافي في المادة ‪ 959‬و ذلك بتنصيصها على أنه "ال يمكن تعيين االشخاص‬
‫اآلتي ذكرهم كمراقبي حسابات ‪:‬المؤسسون و اصحاب الحصص العينية و‬
‫المستفيدون من امتيازات خاصة و كذا المتصرفون و اعضاء مجلس الرقابة أو‬
‫مجلس اإلدارة الجماعية بالشركة أو الشركات التابعة لها‪ ،‬أزواج األشخاص المشار‬
‫اليهم في البند السابق و أصولهم و فروعهم‪ 23‬إلى الدرجة الثانية بإدخال الغاية‪،‬‬
‫الذين يزاولون لفائدة األشخاص المشار اليهم في البند ‪ 9‬أعاله‪ ،‬أو لفائدة الشركة‬
‫او الشركات التابعة لها وظائف قد تمس باستقالليتهم أو يتقاضون اجرا من إحداها‬
‫عن وظائف غير تلك المنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬شركات الخبرة في‬
‫المحاسبة التي يكون أحد الشركاء فيها في وضع من األوضاع المشار اليها في‬
‫البنود السابقة‪ .‬وكذا الخبير المحاسب‪ ،‬الشريك في شركة للخبراء المحاسبين حين‬
‫تكون هذه االخيرة في وضع من هذه االوضاع‪.‬‬
‫وإذا كان يمنع إسناد مهام مراقبي الحسابات لخبير محاسبي يوجد في إحدى حاالت‬
‫التنافي أعاله‪،‬فأن المشرع نظم‪ ،‬بمقتضى الفقرة األخيرة من المادة ‪ 959‬من ق ش‬

‫‪ -20‬محمد كرم م س ‪،‬ص ‪22‬‬


‫‪-21‬المادة ‪ 02‬من قانون مهنة الخبرة المحاسبية‬
‫‪-22‬محمد كرام ‪،‬م س ص ‪22‬‬
‫‪-23‬البند يتضمن ‪...:‬و أقاربهم و أصهارهم الى الدرجة الثانية بإدخال الغاية"اال انها عدلت بمقتضى قانون ‪02122‬‬
‫بحيث حلت محلها عبارة "اصولوهم و فروعوهم"‬
‫‪10‬‬
‫م الوضعية او الوضعيات التي يصبح فيها مراقب الحسابات في إحدى حاالت‬
‫التنافي خالل مزاولته لمهامه‪ ،‬بحيث يكون ملزما بالكف فورا عن ممارسته لمهامه‪،‬‬
‫و بإخبار مجلس اإلدارة أو مجلس الرقابة بذلك داخل أجل أقصاه ‪ 92‬يوم بعد‬
‫حدوث حالة التنافي‪ ،‬و إال كان مسؤوال مسؤولية جنائية متى احتفظ عن قصد‪،‬‬
‫بمهامه رغم ذلك‪.24‬‬
‫‪.2‬عدم وقوع الخبير المحاسبي في إحدى حاالت المنع‪ :‬نظمت المادة ‪ 955‬من ق ش م‬
‫مختلف الحاالت التي يمكن أن يترتب عليها تداخل بين مهام التسيير و مهام المراقبة‬
‫من خالل منع كل مكلفين بمهمة من احدى هذه المهام من مزاولة المهام االخرى‪،25‬‬
‫بحيث نصت على أنه " ال يمكن لمراقبي الحسابات أن يعينوا كمتصرفين أو مديرين‬
‫عامين أو اعضاء في مجلس اإلدارة الجماعية في الشركات التي يراقبونها إال بعد‬
‫انصرام اجل خمس سنوات على االقل منذ انتهاء مهمتهم بها كمراقبين للحسابات‪ .‬و ال‬
‫يمكنهم خالل نفس االجال أن يمارسوا نفس المهام في الشركة التي تملك‪ 90%‬أو أكثر‬
‫من رأسمال الشركة التي يراقبون حساباتها‪.‬‬
‫ال يمكن لألشخاص اللذين كانوا متصرفين أو مديرين عامين أو أعضاء في مجلس‬
‫اإلدارة الجماعية لشركة المساهمة في أن يعينوا مراقبين لحسابات تلك الشركة خالل‬
‫الخمس سنوات على االقل التي تلي تاريخ انتهاء مهامهم‪.‬وال يمكنهم خالل نفس المدة‬
‫أن يعينوا كمراقبين لحسابات الشركات التي تملك ‪ 10%‬أو أكثر من رأسمال الشركة‬
‫التي كانوا يمارسون فيها مهامهم سالفة الذكر‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صالحيات مراقب الحسابات وأساس مسؤوليته الجنائية‬


‫لقد خول المشرع المغربي مجموعة من الصالحيات الرقابية لمراقب الحسابات وذلك‬
‫بالنظر لكفاءته وحنكته في تتبع ومراقبة الوضع المحاسباتي للشركة والحفاظ على مصالحها‬
‫وحمايتها وحماية األغيار بغية استمرار النشاط االقتصادي للشركة‪ ،‬إال أنه خالل تأديته لمهامه‬
‫يمكن أن يقع مراقب الحسابات في حاالت ممنوعة وبالتالي ارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون‬
‫الفقرة األولى‪ :‬صالحيات مراقب الحسابات‬
‫تعتبر مسألة مراقبة الحسابات داخل شركة المساهمة من األمور الجوهرية والحساسة‬
‫‪26‬‬
‫نظرا لألهمية التي يشكلها عنصر المال‬

‫‪-24‬عالل فالي م س‪ ،‬ص ‪222‬‬


‫‪-25‬عالل فالي م س‪ ،‬ص ‪222‬‬
‫‪ 26‬تقوم شركات المساهمة على االعتبار المالي واستيعابها ألعداد كبيرة من المساهمين يحول دون تمكن هؤالء من‬
‫تتبع ومراقبة مسيري ومديري الشركة وإذا أضفنا إلى ذلك انتشار المساهمين في أماكن متباعدة جغرافيا واهتمام الكثير‬
‫منهم بقيمة السهم في سوق األوراق المالية فإن أمر تعيين شخص يكلف بمراقبة أعمال المجلس اإلدارة ويتخذ من‬
‫الشركة مقرا لعملها ضحى من األمور الضرورية للوقوف ضد كل تعسف أو إساءة استعمال السلطات من كرف هؤالء‬
‫تحقيقا لمصالحهم الشخصية‪ ،‬فال معنى لسلطة دون رقابة كما يقول مونتسكيو ألن اإلنسان عادة يتجه إلى إساءة‬
‫التصرف في كل ما يقع بين يديه وإذا كان األصل أن المراقبة يعهد بها الشركاء باعتبارهم أصحاب المصلحة المباشرة‬
‫في المحافظة على انتظام سير الشركة فإن المشرع يعمد دائما إلى تنظيم رقابة خارجية على الشركة يكلف بها شخصا‬
‫ذو خبرة وتكوين كفاءة عالية يسمى مراقب الحسابات‪ ،‬إذ نشأ نظام مراقبة الحسابات في ظل شركات المساهمة‬
‫واعتبارا ألهميته تم تعميمه ليسمل جميع الشركات والمجموعات ذات النفع االقتصادي والتعاونيات ‪..‬فمراقب الحسابات‬
‫‪11‬‬
‫ألن عملية الرقابة البد للقيام بها على أحسن وجه نظرا الرتباطها الوثيق باستمرارية الشركة‬
‫من عدمها‪.‬‬
‫ولتنزيل حقيقي لعمل الرقابة على المشرع المغربي على إنشاء جهاز مكلف بالرقابة المالية‬
‫لشركات المساهمة والعمل على تدقيق الحسابات حماية للشركة واألغيار نظرا لعدم إمكانية‬
‫هؤالء على القيام بهذا التدقيق لقلة خبرتهم وانشغاالتهم‪.‬‬
‫ويعتبر مراقب الحسابات داخل شركات المساهمة آلية للرقابة المالية والتدقيق في‬
‫حسابات الشركة األمر الذي يؤدي بشكل غير مباشر إلى تكريس مبدأ الفصل بين السلط داخل‬
‫شركات المساهمة ومراقبة شفافية الحسابات وإعالم المساهمين بالجوانب المحاسبية والمالية‬
‫داخل الشركة عن طريق مراقبة المعلومات المقدمة إليهم في هذه الجوانب بل األكثر من ذلك‬
‫أن مهام مراقب الحسابات داخل شركات المساهمة لم تعد تقتصر فقط على الجانب المحاسباتي‬
‫وإنما أخذت تشمل جوانب قانونية أخرى‪.‬‬
‫ولقد أسند المشرع المغربي لمراقب الحسابات مجموعة من الصالحيات حسب المادة‬
‫‪ 955‬من قانون شركات المساهمة " يقوم مراقبو الحسابات بصفة دائمة أو باستثناء التدخل‬
‫في تسيير الشركة بمهمة التحقيق والمراقبة واإلعالم هذا باإلضافة إلى االختصاصات‬
‫الموكولة لمراقب الحسابات خالل اجتياز المقاولة لمجموعة من الصعوبات حسب ما جاء به‬
‫قانون ‪91.99‬‬
‫يقوم مراقب الحسابات او مراقبو الحسابات من التحقيق من القيم والدفاتر والوثائق المحاسبية‬
‫للشركة ومراقبة مطابقة محاسبتها للقواعد المعمول بها‪.‬‬
‫كما يقوم مراقب الحسابات بالتحقق من صحة المعلومات الواردة في تقرير التسيير لمجلس‬
‫اإلدارة أو اإلدارة الجماعية‬
‫وفي الوثائق الموجهة للمساهمين والمتعلق بذمة وضعية الشركة المالية بنتائجها ومن تطابقها‬
‫‪27‬‬
‫مع القواعد التركيبية‬
‫كما يلزم مراقب الحسابات أو مراقبو الحسابات من التحقق مم احترام قاعدة المساواة بين‬
‫‪28‬‬
‫المساهمين‬
‫إن إنجاز المراقبة الدائمة التي تقوم بها مراقبو الحسابات تخولهم القيام بمهامهم المتعلقة‬
‫بالمراقبة والتحقق من العمليات في أي وقت من السنة واالطالع على ما يشاؤون من الوثائق‬
‫‪29‬‬
‫التي يرون أنها تسهل مهمتهم‬

‫هو الرقيب األخالقي والقانوني ألعمال الشركة فهو الذي يسهر على صحة ودقة حسابات هذه األخيرة تحقيقا لمصلحة‬
‫الشركة والمساهمين والمصلحة العامة‪ .‬وإذا كان األمر كذلك فإنه من الضروري تمتيع هذا المراقب بكثير من السلطات‬
‫تخول له ممارسة مهامه في جو من االستقاللية والحياد بعيدا عن أي تأثير من أي جهة كانت للمزيد من التفصيل انظر‬

‫محمد كرام " المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات في ضوء القانون المغربي والمقارن م س ص ‪ 1‬وما بعدها _‬
‫‪ 27‬الفقرة األولى من المادة ‪ 222‬من قانون شركات المساهمة‬
‫‪ 28‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 222‬من قانون شركات المساهمة‬
‫‪ 29‬الفقرة األولى من المادة ‪ 222‬من قانون شركات المساهمة‬
‫‪12‬‬
‫يعمل مراقب الحسابات من خالل عملية إعالم المساهمين إحاطتهم بالوضعية المالية‬
‫واالقتصادية للشركة كما أن المشرع من خالل المادة ‪ 951‬من قانون شركات المساهمة أناطه‬
‫بضرورة إعالم أجهزة اإلدارة والتسيير بكل األخطاء واالختالالت والغاية من هذا هو خلق‬
‫التعاون والتحاور بين مختلف األجهزة المكونة للشركة من أجل التصدي إلى كل ما قد يعترض‬
‫الشركة أثناء عملها فمراقب الحسابات ملزم بتقديم التقرير العام إلى الجمعية العادية التي تنعقد‬
‫مرة في السنة على األقل‬
‫كما أن مراقب الحسابات ملزم بتحضير التراخيص كما حددت لذلك المادة ‪ 25‬و‪19‬‬
‫من قانون شركات المساهمة والتي تبدأ بإعالم مجلس اإلدارة أو مجلس الرقابة ولكن من‬
‫الناحية العملية فمراقب الحسابات يقوم بإرسال رسائل دورية إلى المسيرين ليذكرهم فيها‬
‫بالتزاماتهم باإلعالم بوجود اتفاقيات خاضعة للترخيص كما قد يكون هذا اإلعالم كتابة بشكل‬
‫شفوي خالل إحدى الجلسات‪.‬‬
‫وبهذا فإن مراقب الحسابات يلعب دورا أساسيا في اكتشاف األفعال الجرمية المرتكبة‬
‫داخل شركات المساهمة من خالل إلزامه وفق ما جاء به المشرع المغربي في المادة ‪502‬‬
‫من قانون ‪ 99.12‬بضرورة تبليغه لتلك األفعال للجهاز اإلداري للشركة مما يمكن اعتباره‬
‫بمثابة الدركي الساهر على كل األعمال التي تقوم بها الشركة غير أن هذا الدور قد ال يتحقق‬
‫في ظل المعيقات التي تطرحها المادة السالفة الذكر‬
‫ولتعميق دور مراقب الحسابات فإن المشرع المغربي أضاف إلى اختصاص المراقبة‬
‫واإلعالم مهمة التأكد من المطابقة والصدق فيما يتعلق بالقوائم التركيبية مع المعلومات الواردة‬
‫في تقرير التسيير للسنة المالية وفي الوثائق الموجهة إلى المساهمين التي تتناول الوضعية‬
‫المالية للشركة‬
‫إن مراقب الحسابات ال يقوم بإعادة إنتاج محاسبة مالية الشركة والتي سبق لجهاز التسيير أن‬
‫وضعها بل يكمن دوره في مراقبة صحتها وصدقيتها في إطار مهمة التدقيق المسماة باإلشهاد‬
‫‪30‬‬
‫حيث نميز بين اإلشهاد اإليجابي واإلشهاد السلبي وبينهما اإلشهاد المشفوع بتحفظات‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أساس المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات‬
‫تعد المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات إحدى تطبيقات جرائم األعمال أو الجرائم‬
‫االقتصادية على وجه العموم ومن ثم فأهمية هذه المسؤولية تنبع اساسا من أهمية الجرائم‬
‫‪31‬‬
‫المشكلة لها‬
‫وبذلك تقوم المسؤولية الجنائية على اساس الفعل المادي سواء كان ايجابيا أو سلبيا‬
‫المرتكب من قبل مراقب الحسابات إذ أصبح هذا االخير من بين أهم األشخاص المساءلين في‬

‫عبد الرحيم شميعة الشركات التجارية في ضوء اخر التعديالت القانونية الطبعة ‪ 0202‬مطبعة سجلماسة مكناس ص‬
‫‪ 30 30 219‬الفقرة األولى من المادة ‪ 222‬من قانون شركات المساهمة‬
‫الفقرة الثانية من المادة ‪ 222‬من قانون شركات المساهمة ‪30‬‬
‫‪ 30‬الفقرة األولى من المادة ‪ 222‬من قانون شركات المساهمة‬
‫عبد‬
‫‪ 31‬فاطمة الديب القانون الجنائي لألعمال‪ :‬خصوصيات وتطبيقاته‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص وحدة‬
‫العدالة الجنائية والعلوم الجنائية جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫‪ 022810222‬ص ‪ 22‬و ‪22‬‬
‫‪13‬‬
‫ظل القانون الجنائي للشركات‪ ،‬زيادة على ذلك يمكن مساءلة مراقب الحسابات تأديبيا إذا أخل‬
‫بالتزاماته المهنية أو بمبادئ الشرف واالستقامة‪ ،‬أو عدم احترامه للقوانين المنظمة للمهنة أمام‬
‫هيئة الخبراء المحاسبين طبقا للمادة ‪ 55‬من القانون المتعلق بتنظيم مهنة الخبرة المحاسبية‬
‫‪32‬‬
‫وإنشاء هيئة الخبراء المحاسبين‬
‫يسأل مراقبو الحسابات عن األخطاء التي يرتكبونها ويجازون مدنيا ببطالن القرارات التي‬
‫يتخذها في حالة خرق مقتضيات تعيينه‪ ،‬لكنهم ال يسألون عن المخالفات التي يرتكبها‬
‫المتصرفون أو أعضاء مجلس الرقابة إال إذا علموا بها ولم يتقدموا بالكشف عنها في تقريرهم‬
‫‪33‬‬
‫الى الجمعية‬
‫فإذا كان المسيرون وأعضاء أجهزة التدبير والمراقبة داخل شركات المساهمة تتم‬
‫مساءلتهم مدنيا عن األخطاء الضارة بالشركة التي يشرفون على إدارتها وتسييرها فإنهم كذلك‬
‫يسألون جنائيا عن األفعال ذات الطابع اإلجرامي التي قد يقترفونها أثناء قيامهم بمهاهم‪ ،‬هذه‬
‫األفعال تشكل إحدى الجرائم المنصوص عليها وعلى عقوبتها في القانون الجنائي أو إحدى‬
‫الجرائم الخاصة الواردة في قانون شركات المساهمة كما هو الحال بالنسبة للمادة ‪ 155‬من‬
‫‪34‬‬
‫هذا القانون التي تعاقب على جريمة اساءة استعمال أموال الشركة‬
‫حماية للشركة واستقرارها وحفاظا على استمراريتها في ممارسة أنشطتها رتب المشرع‬
‫المغربي ال مسؤولية الجنائية على مراقبي الحسابات وللقوال بتحقق المسؤولية الجنائية في‬
‫إطار قانون شركات المساهمة سواء بالنسبة للمسير أو لمراقب الحسابات فإنه يتوافر عدة‬
‫أركان ألن بانتفائها تنتفي المسؤولية الجنائية فطالما أن االعتداء على أموال الشركة وحقوق‬
‫‪35‬‬
‫األغيار فيها يعد فعال جنائيا‬
‫يعتبر الركن القانوني عنصرا أساسيا للمساءلة الجنائية إذ ال يمكن معاقبة أي عضو‬
‫في شركة المساهمة إال في حالة وجود نصوص قانونية تجرم الفعل المرتكب عمال بقاعدة ال‬
‫جريمة وال عقوبة إال بنص وعمال بذلك فإن المشرع المغربي قد حدد الركن القانوني لجرائم‬
‫شركات المساهمة من خالل المواد ‪ 191‬إلى ‪ 555‬من قانون شركات المساهمة رقم ‪50.02‬‬
‫المعدل والمتمم للقانون رقم ‪ 99.12‬والتي نجدها تعاقب المخالفات المتعلقة بالتسيير أو‬
‫‪36‬‬
‫التأسيس والشهر وغيرها‬
‫فمراقب الحسابات يعد بمثابة الرقيب األخالقي والقانوني ألعمال الشركة فهو الذي يسهر على‬
‫‪37‬‬
‫صحة ودقة حسابات هذه األخيرة تحقيقا لمصلحة الشركة والمساهمين والمصلحة العامة‬
‫ذلك أن طبيعة شركة المساهمة اقتضت انشاء جهاز لرقابة األعمال والحسابات وحماية الشركة‬
‫والمساهمين نظرا لنقصان الخبرة‪ ،‬فقد كان إلحداث جهاز مراقبي الحسابات أهمية كبيرة‬
‫داخ ل شركة المساهمة الذي هو في حقيقته امتداد لحق الرقابة المقرر لمساهمي الشركة وما‬

‫‪ 32‬الحسن العيوض مسؤولية مراقب الحسابات في ضوء قانون رقم ‪ 22192‬المتعلق بشركات المساهمة ص ‪21‬‬
‫المادة ‪ 282‬من قانون شركات المساهمة‬
‫‪33‬‬

‫‪ 34‬طارق يختي م س ص ‪002‬‬


‫‪ 35‬ثريا بوتشيش " المسؤولية المدنية والجنائية للمسير في شركة المساهمة ص ‪11‬‬
‫‪36‬المنظومة الزجرية لشركات المساهمة بين الصرامة والمرونة طارق البختي ص ‪021‬‬
‫‪ 37‬محمد كرام‪ ،‬المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات في ضوء القانون المغربي والمقارن ص ‪2‬‬
‫‪14‬‬
‫إحداثه إال لوجود صعوبة أمام المساهمين للتمتع بشكل فعلي بهذا الحق في نطاق شركات من‬
‫حجم شركات المساهمة‪.‬‬
‫لقد أقر المشرع بالمسؤولية الجنائية إلى جانب المسؤولية المدنية كجزاء عن اخالل‬
‫مراقب الحسابات في شركات المساهمة بالمهام الموكولة إليها بهدف حماية المصلحة العامة‬
‫ومصلحة المساهمين واألغيار وقرر رزمة من العقوبات بهذا الخصوص‬
‫وإن كان األصل أن تدخل المشرع المغربي في النشاط االقتصادي يعد ثانويا بيد أن تزايد‬
‫وثيرة اإلجرام في هذا المجال وتعدد أشكاله وصوره أدت بالمشرع للتدخل جنائيا أسوة‬
‫‪38‬‬
‫بالتشريعات المقارنة قصد تنظيم هذا المجال وتجريمه‬
‫حيث أن المشرع جاء برزمة من القوانين التي تصب في اتجاه المسؤولية الجنائية بمقتضى‬
‫الع ديد من المواد المنصوص في القوانين الجنائية الخاصة والقانون الجنائي العام وفق ما‬
‫يصطلح عليه بالقانون الجنائي لألعمال‪.‬‬
‫فالحديث إذن عن أساس المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات وتحققها ذات أهمية قصوى‬
‫وذلك بالنظر لمجموعة من القيم والمصالح التي يسعى المشرع إلى حمايتها من وراء إقراره‬
‫‪39‬‬
‫المسؤولية الجنائية من الثوابت فقها وقضاء وتشريعا في ظل القانون الجنائي‪.‬‬
‫واعتبارا لكون مراقب الحسابات يعد بمثابة صمام األمان فيما يتعلق بالمعلومات‬
‫والمعطيات المقدمة من طرفه سواء بالنسبة للشركة والشركاء من جهة أو بالنسبة لألغيار فقد‬
‫تع امل المشرع المغربي بنوع من التشدد مع بعض الجرائم التي ترتكب من طرفه وخاصة‬
‫تلك التي تتعلق بمصداقية المعلومات الخاصة بالوضعية الحقيقية للشركة أو عدم اإلعالم‬
‫باألعمال اإلجرامية التي يكتشفها بمناسبة أدائه لمهامه بحيث تكون العقوية هي الحبس من‬
‫ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة من ‪ 90.000‬إلى ‪ 900.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين‬
‫فقط‪. 40‬‬
‫كما قرر عقوبة حبسية من ثالثة أشهر إلى خمس سنوات وبغرامة من ‪ 9000‬درهم إلى‬
‫‪ 50.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من مارس مهام مراقب الحسابات دون‬
‫أن يكون مقيدا بجدول هيئة الخبراء المحاسبين أو زوال هذه المهنة بصورة غير قانونية‬
‫وفقا للمادتين ‪ 909‬و‪ 905‬من قانون ‪ 92.51‬المتعلق بتنظيم مهنة الخبرة المحاسبية وإنشاء‬
‫هيئة الخبراء المحاسبين‪.‬‬
‫باإلضافة إلى هذه العقوبات األصلية نصت المادة ‪ 555‬من ق ش م على أنه يمكن‬
‫للمحكمة أن تأمر إما بنشر قرارها كامال أو بنشر مستخرج منه على نفقة مراقب الحسابات‬
‫‪.‬‬
‫المحكوم عليه في الصحف التي تحددها أو بإعالنها في األماكن التي تعينها‬

‫‪ 38‬خدوج فالح المسؤولية الجنائية للمسير في شركات المساهمة أطروحة دكتوراه في القانون الخاص جامعة الحسن الثاني كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية عين الشق الدار البيضاء السنة الجامعية ‪ 0222-0221‬ص ‪02‬‬
‫‪ 39‬طارق يختي م س ص ‪092‬‬
‫‪ 40‬المادة ‪ 222‬من قانون شركات المساهمة‬
‫‪15‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات‬
‫لقد خصص قانون ‪ 12-99‬المتعلق بشركات المساهمة للمقتضيات الجنائية حوالي‬
‫‪ 22‬مادة‪ 41‬ونص في هذه المواد على جرائم تتعلق بالتأسيس و اإلدارة و التسيير و بجمعيات‬
‫المساهمين‪ ،‬كما تضمنت التنصيص على جرائم تتعلق باألسهم‪ ،‬و بحصص المؤسسيين و‬
‫جرائم حول سندات القرض ثم جرائم عن اإلشهار ة ما يتعلق بالتصفية ‪،‬تضم كذلك عقوبات‬
‫زجرية خاصة لمراقب الحسابات‪.‬‬
‫ومما يزيد االمر صعوبة و تعقيدا أن المجرم في ميدان األعمال و التجارة هر رئيس المقاولة‬
‫أو الشركة أو المسير االجتماعي‪ ،‬والذي بفضل اختصاصاته قار الواسعة و القوية‪،‬يسعى‬
‫بجرائمه إلى إفقارا لشركة باختالس أموالها أو إساءة استعمالها‪.‬‬
‫وتنعقد المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات سواء عند قيامه بأعمال تندرج تحت طائلة‬
‫النصوص جنائية على اعتبار أنها من الجرائم العامة العادية أو بسبب قيامه بأعمال منافية‬
‫لألعراف التجارية‪.‬‬
‫وخالفا لما يجري في المسؤولية المدنية و المسؤولية التأديبية‪ ،‬فال تقوم مسؤولية مراقب‬
‫الحسابات الجنائية إال إذا كانت تصرفاته مجرمة طبقا لمبدأ لشرعية أي ال جريمة و ال عقوبة‬
‫إال لنص قانوني‪.42‬‬
‫فالجرائم الذي يقترفها مراقب الحسابات نوعان‪:‬‬
‫جرائم تقع بالمخالفة للقواعد المنظمة ألداء مراقب الحسابات لوظيفته الرقابية (المطلب االول)‬
‫وأخرى تتعلق بالمخالفة للقواعد التي تضمن كفاءاته و استقالليته في (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الجرائم المتعلقة بمخالفة مراقب الحسابات لوظيفته الرقابية‬
‫إدراكا لخطورة الدور الذي يقوم به مراقب الحسابات في الشركات والهيئات‪ ،‬فقد جرم‬
‫القانون التشريعي التصرفات التي يرتكبها مراقب الحسابات إخالال بواجباته الرقابية‬
‫وتتجسد هذه الجرائم أساسا في إعطاء معلومات كاذبة عن وضع الشركة أو عدم إعالمه‬
‫ألجهزة اإلدارة باألفعال الجرمية ‪ ،‬وسوف نتناول هذه الجرائم على النهج التالي‪:‬‬
‫جريمة تقديم أو تأكيد معلومات كاذبة حول وضع الشركة (الفقرة األولى) و جريمة عدم‬
‫اإلعالم باألفعال الجرمية ( الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تقديم أو تأكيد معلومات كاذبة حول وضعية الشركة‬
‫تناول المشرع المغربي جنحة تقديم أو تأكيد معلومات كاذبة حول وضع الشركة في‬
‫الباب السادس من القسم الرابع المخصص للعقوبات الزجرية والمتعلق بمخالفات مراقبة‬
‫الشركة في القانون رقم ‪ 99-12‬المتعلق بشركات المساهمة وخصص لها المادة ‪50243‬‬

‫‪41‬المواد من ‪ 122‬إلى ‪ 202‬ومن ‪ 212‬إلى ‪ 222‬من القانون المتعلق بشركات المساهمة‬


‫‪ 42‬أحمد شكري السباعي م س ص ‪122‬‬
‫‪ -43‬كما تنص المادة ‪ 02‬من ظهير ‪ 02‬شتنبر ‪ 2991‬المتعلق بالهيئات المكلفة بالتوظيف الجماعي للقيم المنقولة على‬
‫ما يلي " يحكم بالحبس من ‪ 2‬أشهر إلى سنتين و بغرامة من ‪ 222‬إلى ‪ 22222‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط‬
‫‪16‬‬
‫ونحن في ضوء نص هذه المادة سوف نتعرض ألركان هذه الجريمة (أوال) وعقوبتها (ثانيا)‬
‫على النحو التالي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬عناصر الجريمة‬
‫من خالل المادة ‪ 502‬السابقة الذكر‪ ،‬يتضح أم هذه الجريمة ال تتحقق إال إذا استجمعت الواقعة‬
‫اإلجرامية ركن مادي (‪ )9‬وعنصر معنوي (‪)5‬‬
‫‪ -1‬العنصر المادي‬
‫يقوم الركن المادي على شرطين أساسين هما‪ :‬وجوب قيام مراقب الحسابات بتقديم أو تأكيد‬
‫معلومات كاذبة (أ) يجب أن ترد هذه المعلومات حول وضع الشركة (ب‬
‫أ‪-‬وجوب قيام مراقب الحسابات بتقديم أو تأكيد معلومات كاذبة‬
‫إ ن تقديم معلومات يستوجب من مراقب الحسابات القيام بعمل أو فعل ايجابي حيث‬
‫يجب أن يتم نقل هذه المعلومات الكاذبة من طرف مراقب الحسابات‪ ،‬ويتم هذا النقل المادي‬
‫في التقرير العام أو الخاص‪ ،‬مما يعني أن األمر يتطلب الكتابة‪ ،‬وتقع هذه الجريمة أيا كان‬
‫الشخص أو الجهة التي قدمت إليها فيستوي أن تقدم إلى الشركة كشخص معنوي أو إلى‬
‫المساهمين أو الغير (المقترضين‪ ،‬المستثمرين‪ ،‬المزودين‪)....،‬‬
‫كما يسأل مراقب الحسابات عن المعلومات التي يقدمها األشخاص الذين يعملون تحت‬
‫‪44‬‬
‫مسؤوليته‬
‫وإزاء التعبير العام الذي استعمله المشرع المغربي في المادة ‪ 502‬من القانون شركات‬
‫المساهمة‪ ،‬نرى أن الجريمة تقع أيا كان الشكل الذي اتخذه النشاط اإلجرامي‪ .‬فقد تعطي‬
‫المعلومات الكاذبة كتابة أو شفاهة أو عن طريق إعالن منشور في حالة إصدار سندات دين‪.‬‬
‫ولكن من الناحية العملية يجب أن يتم إعطاء المعلومات عن طريق الكتابة‪ ،‬حيث أن مراقب‬
‫الحسابات ملزمين بتقديم تقارير مكتوبة للجمعية‪ ،‬وهنا تكون الفرصة مواتية إلثبات تقديم أو‬
‫تأكيد المعلومات التي قد تكون كاذبة‪.‬‬
‫أما تأكيد المعلومات‪ ،‬فقد يكون عندما يشهد مراقب الحسابات في تقريره على صدق الحسابات‪،‬‬
‫ولكنها ليست كذلك‪ ،‬إذن فالمراقب أكد معلومات كاذبة صادرة عن أجهزة اإلدارة‬
‫ويقصد بالمعلومات الكاذبة‪ ،‬كل الحسابات المتعلقة بسير عمل الشركة والتي تعطي للغير‬
‫صورة غير حقيقية عن واقعها الحال‪ ،‬ومركزها التجاري في السوق‪ ،‬وهو ما يضر بالشركاء‬

‫كل مراقب الحسابات إذا قدم أو أكد عمدا باسمه الخاص أو بوصفه عضوا في شركة لمراقبي الحسابات معلومات كاذبة‬
‫عن وضعية إحدى الهيئات المكلفة بالتوظيف الجماعي للقيم‬
‫ويالحظ أن عناصر جريمة المعلومات الكاذبة هي نفسها و ال تختلف إال في استعمال بعض العبارات الخاصة بالهيئات‬
‫المكلفة بالتوظيف الجماعي القيم المنقولة و هي شركات االستثمار ذات رأس المال المتغير و صندوق التوظيف‬
‫المشترك‪.‬‬

‫‪44‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 222‬من القانون رقم ‪ 22-92‬ش م‪.‬‬


‫‪17‬‬
‫بل حتى المتعاملين مع الشركة في حالة ما إذا اتضح معها فيما بعد أن المعلومة المقدمة كاذبة‪،‬‬
‫في حين أن المراهنة التجارية تقوم أساسا بناء على هذه المعلومات‪.‬‬
‫ب‪-‬يجب أن ترد هذه المعلومات حول وضع الشركة‬
‫لقد أورد المشرع المغربي كلمة "معلومات "في نص المادة ‪ 502‬من ق ش م بصورة عامة‬
‫ومطلقة‪ ،‬ولم يحدد نوعية المعلومات الكاذبة خصوصا أن مهمة مراقب الحسابات ال تنحصر‬
‫طبقا للقانون الجديد في مراقبة الحسابات الشركة بل تتجاوزها إلى مهام أخرى ‪,‬حيث يلتزم‬
‫بإعطاء تقارير خاصة عنها ‪,‬و اتخاذ اإلجراءات الوقائية الالزمة للحيلولة دون توقف الشركة‬
‫عن إستمرارية نشاطها‪.‬‬
‫‪ - 2‬العنصر المعنوي للجريمة‬
‫اشترط المشرع المغربي صراحة‪ ،‬لتحقق جريمة تقديم أو تأكيد معلومات كاذبة‪ ،‬توفر العنصر‬
‫المعنوي المتجسد في القصد الجنائي‪ ،‬وذلك باستعمال عبارة " قدم أو كد مراقب عن قصد "‬
‫مما يعين أن هذه الجريمة عمدية و بالتالي ال بد من تحقق العنصر المعنوي بشقيه سواء بعلم‬
‫األفعال التي تشكل هذه الجريمة أو باتجاه إرادة مراقب الحسابات إلى تقديم أو تأكيد هذه‬
‫المعلومات‪.‬‬
‫ويكفي لتحقق العنصر المعنوي أن يتوفر القصد الجنائي‪ ،‬بمعنى أنه يكفي أن يقدم مراقب‬
‫الحسابات أو يؤكد المعلومات الكاذبة التي أحيط بها علما عند قيامه بوظيفته داخل الشركة‪،‬‬
‫دون اشتراط القصد الجنائي الخاص كاتجاه نيته إلى إلحاق الضرر بالمساهمين أو الشركة أو‬
‫األغيار‪ .‬وبذلك يتميز الركن المعنوي للجريمة بالطابع الكاذب للمعلومات التي يقدمها ويؤكد‬
‫عليها مراقب الحسابات مهما كان الباعث الذي يدفعه لذلك‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عقوبة جريمة تقديم أو تأكيد معلومات كاذبة حول وضع الشركة وتقادمها‬
‫باالستناد إلى المادة ‪ 502‬من ق ش م يعاقب مراقب الحسابات الذي يرتكب جريمة تقديم أو‬
‫تأكيد معلومات كاذبة حول وضع الشركة بعقوبة حبسية من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة‬
‫مالية من ‪ 90000‬إلى ‪ 90.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬جريمة عدم اإلعالم مراقب الحسابات باألفعال الجرمية‬
‫ألزم المشرع المغربي مراقب الحسابات بإشعار مجلس اإلدارة و مجلس الرقابة بكل األفعال‬
‫التي تبدو له أنها تكتسي صبغة جرمية‪ 45‬وعندئذ يكيف فعله هذا على أنه جريمة كاملة األركان‬
‫(أوال) و يستحق عقوبات رادعة (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬عناصر الجريمة‪.‬‬
‫تتجسد أركان الجريمة في نص المادة ‪ 502‬من ق ش م التي تنص على تجريم فعل االمتناع‬
‫و عدم اإلشعار عن األعمال اإلجرامية‪ ،‬و هو الفعل الذي يجسد الركن المادي للجريمة (‪)9‬‬
‫باإلضافة إلى توفر الركن المعنوي الذي يتحقق بتوفر القصد الجنائي (‪.)5‬‬

‫‪45‬نص المادة ‪ 229‬من قانون رقم ‪ 22192‬يحيط مراقب الحسابات مجلس اإلدارة أو مجلس اإلدارة الجماعية و مجلس‬
‫الرقابة علماء ‪ .2,‬كل األفعال التي بلغت إلى علمه أثناء مزاولة مهامه و بدا له أنها نكتسي صبغة جرمية‬
‫‪18‬‬
‫‪-9‬العنصر المادي‪.‬‬
‫يتحقق هذا الركن بإتيان الفعل الجرمي من طرف مراقب الحسابات و المتمثل في امتناعه‬
‫عن إبالغ أجهزة اإلدارة أو التدبير أو التسيير باألفعال الجرمية التي علم بها‪.‬‬
‫إذن فهذا الركن يقوم على عنصرين أساسيين هما‪:‬‬
‫‪ -‬يجب أن يكون مراقب الحسابات عالما باألفعال الجرمية أثناء ممارسة مهامه‪.‬‬
‫‪ -‬ان يمتنع مراقب الحسابات عن االعالم باألفعال االجرامية ‪.‬‬

‫‪ ‬يجب أن يكون مراقب الحسابات عالما باألفعال الجرمية أثناء ممارسة مهامه‪:‬‬
‫لقد نص المشرع المغربي على هذه الجريمة في الفقرة األخيرة من المادة ‪ 502‬من ق ش م‬
‫إال أن تعبيره جاء عاما و غامضا في تحديد الوقائع التي تجسد عناصر هذه الجريمة مما أثار‬
‫عدة إشكاليات في هذا الشأن‪ .‬حيث اثار تساؤل حول تحديد طبيعة األفعال الجرمية بحيث إن‬
‫المشرع ل م يستلزم تحديد الطبيعة الجرمية لألفعال التي يجب على مراقب الحسابات أن يعلم‬
‫بها أجهزة اإلدارة و التدبير و التسيير‪ ،‬إذ يكفي أن تكتسي هذه األفعال صبغة جرمية‪.‬‬
‫قبل اإلجابة على هذه التساؤل يتعين اإلشارة إلى األفعال اإلجرامية بمفهومها العام و‬
‫المنصوص عليها في الفصل ‪ 999‬من ق ج م‪ .46‬تنقسم إلى جنايات و جنح و مخالفات‪ .‬فهل‬
‫يلزم مراقب الحسابات بالتبليغ عن جميع هذه الجرائم التي علم بها إلى الجهاز اإلداري أم‬
‫يجب التبليغ عن بعضها فقط و ذلك حسب تفاوت خطورتها؟‬

‫قبل اإلجابة على هذه التساؤل يتعين اإلشارة إلى األفعال اإلجرامية بمفهومها العام و‬
‫المنصوص عليها في الفصل ‪ 999‬من ق ج م‪ ،‬و التي تنقسم إلى جنايات و جنح و مخالفات‪.‬‬
‫فهل يلزم مراقب الحسابات بالتبليغ عن جميع هذه الجرائم التي علم بها إلى الجهاز اإلداري‬
‫أم يجب التبليغ عن بعضها فقط و ذلك حسب تفاوت خطورتها؟‬
‫وفي هذا الصدد جاءت مقتضيات المادة ‪ 951‬و المادة ‪ 502‬من ق ش م عامة و مطلقة بحيث‬
‫لم تميز بين الجنايات و الجنح و المخالفات و بالتالي فإن مراقب الحسابات ملزم باإلعالم عن‬
‫جميع األفعال حتى ولو بدت له أنها تكتسي صبغة جرمية ‪.‬‬
‫و باإلضافة إلى ما تم ذكره ‪ ،‬تنص المادة ‪ 951‬من ق ش م م‪ ،‬يتعين على مراقب الحسابات‬
‫اإلعالم باألفعال الجرمية التي وصلت إلى علمه بسبب ممارسة مهامه‪ ،‬أما إذا أشعر بها خارج‬
‫نطاق ممارسة مهامه فال يلتزم بإعالمها لكون العلم في هذه الجريمة ال يقترن و ال يتصل‬
‫بممارسة المهام التي تعد شرطا القيامها‪.47‬‬
‫‪ ‬أن يمتنع مراقب الحسابات عن اإلعالم باألفعال الجرمية‪:‬‬
‫تتحقق هذه الجريمة بفعل امتناع مراقب الحسابات عن إعالم أجهزة اإلدارة و التدبير والتسيير‬
‫باألفعال اإلجرامية التي بلغت إلى علمه‪.‬‬
‫‪ - 2‬العنصر المعنوي‬
‫يتحقق الركن المعنوي بتوفر القصد الجنائي و ذلك بمجرد علم مراقب الحسابات بالفعل‬
‫‪46‬راجع في هذا الصدد الفصل ‪ 222‬من ق‪.‬ج‬
‫‪47‬محمد کرام م س ‪ ،‬ص ‪ 018‬و‪019‬‬
‫‪19‬‬
‫الجرمي و عدم إبالغه إلى الجهات المتخصصة عن قصد‪.‬‬
‫فالقصد الجنائي يتجسد في االمتناع اإلرادي من طرف مراقب الحسابات عن اإلبالغ رغم‬
‫علمه بالواقعة الجرمية إال أنه يجب إثبات هذا العلم لدى مراقب الحسابات و قيام سوء نيته‪.‬‬
‫ويقع عبء اإلثبات على النيابة العامة أو المطالب بالحق المدني وهذا ما استقرت عليه محكمة‬
‫النقض الفرنسية في حكمها بأنه يجب اإلدانة مراقب الحسابات إثبات علمه الدقيق و األكيد‬
‫باألعمال الجرمية‪ ،‬و إذا ما استكملت الجريمة عناصرها توبع بها مراقب الحسابات و استحق‬
‫العقوبة التي أدرجت لها‪.48‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الجرائم المتعلقة بالحياد واستقالل مراقب الحسابات‬
‫خالل هذا المطلب سنتطرق الى جريمة افشاء السر المهني (الفقرة األولى)‪ ،‬بعد‬
‫ذلك سنتناول جريمة انتحال صفة مراقب الحسابات (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬جريمة افشاء السر المهني‬
‫لقد مكنت التشريعات الحديثة مراقب الحسابات من التمتع بسلطات واسعة أثناء‬
‫مباشرته لمهامه‪ ،‬ففي التشريع المغربي تتجسد هذه السلطات في إمكانية القيام في أي فترة من‬
‫السنة بعمليات التحقق والمراقبة ‪ ،‬واإلطالع في عين المكان على كل الوثائق التي يرى فيها‬
‫فائدة وخاصة العقود والدفاتر والوثائق المحاسبية وسجالت المحاضر الخاصة بالشركة‬
‫وبالشركات األم أو الشركات التابعة‪ ،‬وبإمكانه اإلستعانة في أداء مهامه بمساعدين أو ممثلين‬
‫عنه بصفة خبراء أو مساعدين‪ .‬والنجاح مهمته فهو يلتجأ الى جمع كل المعلومات من األغيار‬
‫الذين أنجزوا عمليات لحساب الشركة التي يراقبها‪ ،‬بل يحق له بترخيص من رئيس المحكمة‬
‫بصفته قاضي المستعجالت اإلطالع على الوثائق والعقود والسندات التي يحوزها هؤالء‬
‫األغيار‪ ،‬واألكثر من ذلك أنه اليمكن ألحد اإلحتجاج بالسر المهني ضد مراقب الحسابات‬
‫باستثناء مساعدي القضاء‪.49‬‬
‫والشك أن هذه السلطات الواسعة ستمكن مراقب الحسابات من اإلطالع على كافة أسرار‬
‫الشركة التي يراقبها بما فيها من نقط ضعفها وقوتها ‪ ،‬وقد أحال المشرع بخصوص جريمة‬
‫إفشاء السر المهني‪ -‬بمقتضى الفقرة األخيرة من المادة ‪ 502‬من القانون رقم ‪ -99.12‬على‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 555‬من القانون الجنائي ‪ ،‬إذ الزم مراقب الحسابات بالحفاظ على السر‬
‫المهني‪. 50‬‬
‫‪ ‬عناصر جنحة إفشاء السر المهني‬
‫باإلضافة إلى العنصر القانوني السالف الذكر‪ ،‬تقوم جنحة إفشاء السر المهني على العنصر‬
‫المادي والمعنوي والذين بانعدامهما تنعدم الجريمة‪.‬‬

‫‪48‬عبد الصمد الزعنوني‪" :‬اإلجرام المالي" المجلة المغربية للتدقيق و التنمية‪ ،‬العدد ‪ 20‬مطبعة المعارف الجديدة‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬نجنير ‪ 0222‬ص ‪00‬‬
‫‪49‬محمد كرام‪.‬أطروحة لنيل الدكتوراة في الحقوق تحت عنوان المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات في شركة‬
‫المساهمة على ضوء القانون المغربي والمقارن‪.‬جامعة الحسن الثاني‪ -‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪-‬‬
‫الدارالبيضاء – الموسم الجامعي ‪2221/2222‬‬
‫‪50‬ادولف رييولط ‪:‬القانون الجنائي في شروح‪ .‬منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية‪– 1991-‬‬
‫ص‪161‬‬
‫‪20‬‬
‫أوال‪ :‬العنصر المادي‬
‫ينهض العنصر المادي لجنحة إفشاء السر المهني لمراقب الحسابات على ثالثة عناصر‬
‫أساسية هي‪:‬‬
‫‪ ‬يجب أن يكون هناك سر‬
‫‪ ‬أن يطلع عليه مراقب الحسابات‬
‫‪ ‬يجب أن يتم إفشاء السر‬

‫‪ -‬يجب أن يكون هناك سر‪:‬‬


‫إن السر المهني هو كل أمر ال ينبغي أن يصل إلى علم الغير وال أن يكشف له عنه‪ ،‬عرفه‬
‫الفاعل‬
‫إما بعد أن اعترف له به أو بعد أن عاينه هو شخصيا ألن نشاطه المهني الذي قام به لفائدة‬
‫صاحب السر مكنه من اإلطالع عليه‪. 51‬‬

‫ولما كانت مهمة مراقب الحسابات مهمة دائمة وواسعة تسمح له باإلطالع على خبايا‬
‫الشركة فإن مفهوم السر المهني لمراقب الحسابات الينحصر في تلك المعلومات التي يعهد‬
‫بها إليه صراحة من طرف الشركة‪ ،‬بل إنها تشمل كل األعمال واألفعال التي يطلع عليها‬
‫بحكم مهنته حتى ولو لم يتم النص عليها صراحة في عقد تعيينه‪ .‬واليؤثر على صفة السرية‬
‫أن تكون المعلومات قد علم بها بعض األشخاص سابقا أو قام البعض اآلخر بتخمينها أو‬
‫تقديرها‪. 52‬‬
‫‪ -‬يجب أن يطلع مراقب الحسابات على السر أثناء ممارسة مهامه‪:‬‬
‫يجب أن تكون للسر صلة بمهمة مراقب الحسابات‪ ،‬بمعنى أن يعلم به ويتعرف عليه‬
‫بمناسبة قيامه‬
‫بوظيفته لدى الشركة التي يراقبها‪ ،‬وخالل أدائه لهذه الوظيفة فهو يطلع على أمور تهم الشركة‬
‫اليمكن لغيره أن يعلم بها‪ .‬وإذا تعرف المراقب على معلومات تهم الشركة بواسطة شخص‬
‫اخر غير مقيد بالسر في مواجهة الشركة كصديق له أو حديث الناس‪ ،‬فإن الجريمة التقع ألن‬
‫المعلومات التي أفشاها ليست لها طبيعة السر المهني ألن تعرفه عليها ليس بمناسبة مهنته‪.‬‬
‫كما أن الحماية الجنائية التقتصر على سرية الوقائع التي يكون ممثلو الشركة قد اطلعوا عليها‬
‫مراقب الحسابات صراحة أو ضمنيا وإنما تمتد إلى كل الوقائع التي يمكنه أن يعلم بها بحكم‬
‫خبرته العلمية والفنية والعملية‪ ،‬أو وفقا لما جاء في قرار لمحكمة النقض الفرنسية"إيداع‬
‫الواقعة وائتمان المودع لديه عليها ليس شرطا إلضفاء صفة السر عليها‪ ،‬وإنما يكفي أن تكون‬
‫هذه الواقعة من طبيعة سرية ولو لم يصرح صاحب المصلحة بذلك كي يشملها اإللتزام‬

‫‪51‬ادولف رييولط ‪:‬م‪.‬س ص‪226:‬‬


‫‪(52 Alain VIANDIER : Droit comptable.DALLOZ.1984 P :197‬أشار إليه محمد كرام م‪.‬س‬
‫ص‪)149:‬‬
‫‪21‬‬
‫بالكتمان"‪ ، .53‬فاإللتزام بالكتمان يشمل كل ما يمكن لمراقب الحسابات أن يراه أويسمعه أو‬
‫يفهمه أو يستنبطه ويستنتجه أثناء ممارسة مهمته‪. 54‬‬
‫‪ -‬يجب أن يتم إفشاء السر‪:‬‬
‫إن الفعل األساسي الذي تقوم عليه جريمة إفشاء السر المهني هو فعل اإلفشاء‪ ،‬وهو فعل‬
‫إيجابي إذ ال يتصور قيام اإلفشاء دون البوح ألحد بأحد األسرار‪ ،‬واإلفضاء هو كشف السر‬
‫وإطالع الغير عليه بأية طريقة‪ ،‬إذ أن المشرع لم يحدد طريقة معينة تفشى بها األسرار‪،‬‬
‫فالجريمة تتحقق سواء اإلفشاء كتابة أو شفاهيا أو بواسطة الهاتف أو النشر أو عن طريق‬
‫تدوينه في رسالة خاصة أو مكتوبة أو عبر وسائل التواصل اإلجتماعي أو تسجيله على شريط‬
‫على محطات اإلذاعة أو التلفزيون‪ ،‬وغير ذلك من الوسائل لكون المشرع لم يشترط وسيلة‬
‫معينة‪ ،‬وإنما قصد تجريم كل ما من شأنه توصيل السر كله أو جزء منه‪.‬‬
‫إن األسرار التي يطلع عليها مراقب الحسابات تعتبر خاصة بالشركة التي يراقبها‪،‬‬
‫ولما كانت هذه األخيرة تمثل بواسطة مجلسها اإلداري فإن اإلفشاء بهذه األسرار إلى مجلس‬
‫اإلدارة التقع به الجريمة ألنه صاحب السر نفسه‪ ،‬ومن البديهي أن يكون عالما به بل إنه هو‬
‫الذي يأتمن مراقب الحسابات عليه‪ ،‬وباعتباره ليس من األغيار الذين يحظر تمكينهم من‬
‫اإلطالع على أسرارالشركة‪. 55‬‬
‫وواضح من مقتضيات القانون المغربي أن مراقب الحسابات يتحلل من اإللتزام بالسر المهني‬
‫بشأن الوقائع التي من شانها اإلخالل باستمرارية المقاولة أمام ثالث جهات أساسية هي‪:‬‬
‫الجهاز اإلداري للشركة سواء تعلق األمر برئيس المقاولة أو مجلس اإلدارة أو مجلس الرقابة‪،‬‬
‫ثم أخيرا رئيس المحكمة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬العنصر المعنوي‬
‫إن جنحة إفشاء السر المهني لمراقب الحسابات تعتبر جريمة عمدية يتعين لقيامها توافر‬
‫القصد الجنائي لدى الفاعل‪ ،‬فال تتحقق الجريمة إال إذا علم مراقب الحسابات بأن الوقائع أو‬
‫المعلومات التي أفشاها تعتبر من أسرار الشركة التي أؤتمن عليها بحكم مهنته‪ ،‬فال يكفي أن‬
‫يكون السر منتشرا بين الكافة بل يتعين أن يكون هذا اإلفشاء عمديا‪.‬‬
‫غير أنه لقيام العمد في جريمة إفشاء السر المهني ليس من الضروري أن يكون مراقب‬
‫الحسابات ينوي إلحاق أضرار بالشركة‪ ،‬فنية اإلضرار التعتبر من العناصر الضرورية لقيام‬
‫جنحة إفشاء السر المهني‪ ،‬وهو ما قضت به محكمة النقض الفرنسية حينما قالت "بأن‬
‫مقتضيات المادة‪ 195‬من القانون الجنائي عامة ومطلقة وتعاقب على كل إفشاء للسر المهني‬
‫دون ضرورة إثبات قيام نية األضرار لدى المتهم‪ ،‬إذ أن الجريمة تقوم من الوقت الذي يتم‬
‫فيه اإلفشاء عن علم وإرادة بغض النظر عن كل نية خاصة لألضرار"‪ .56‬وال يهم الباعث‬

‫‪53‬نقض جنائي فرنسي بتاريخ ‪ 21‬مارس ‪ 1911‬أشار إليه علي سيد قاسم مراقب الحسابات‪ :‬دراسة قانونية لدور مراقب الحسابات في شركة‬
‫المساهمة دار الفكر العربي‪.‬القاهرة‪.1991.‬ص‪112:‬‬
‫‪(54 Alain VIANDIER OP.CIT P :197‬أشار إليه محمد كرام م‪.‬س ص‪)112:‬‬
‫‪55‬‬
‫‪SAYAG(A) :Le commissariat aux comptes : Renforcement ou dérive ?.Droit des affaires.‬‬
‫‪(étude de centre recherche sur le droit des affaires, librairie technique 1989‬أشار إليه محمد كرام م‪.‬س‬
‫ص‪)111:‬‬
‫‪56‬أحمد كامل سالمة‪ :‬الحماية الجنائية ألسرار المهنة‪.‬دار النهضة العربية‪ .1911.‬ص‪421:‬‬
‫‪22‬‬
‫الذي دفع مراقب الحسابات إلى إفشاء أسرار الشركة‪ ،‬فسواء كان هذا الباعث طيبا أو خبيثا‬
‫فإنه اليؤثر على قيام القصد وقيام الجريمة‪. 57‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬جريمة انتحال صفة مراقب الحسابات‬
‫أوال‪ :‬جريمة انتحال لقب مراقب الحسابات‬
‫تنص المادة ‪ 900‬من ظهير ‪ 5‬يناير‪9111‬على أنه‪":‬يتعرض للعقوبات المنصوص‬
‫عليها في الفصل ‪ 159‬من القانون الجنائي كل من حمل لقب خبير محاسب خالفا ألحكام هذا‬
‫القانون"‪ .‬أما الفصل ‪ 159‬ق‪.‬ج فيقضي بما يلي‪":‬من استعمل أو ادعى لقبا متعلقا بمهنة نظمها‬
‫القانون أو شهادة رسمية أو صفة حددت السلطة العامة شروط اكتسابها دون ان يستوفي‬
‫الشروط الالزمة لحمل ذلك اللقب أو تلك الشهادة أو تلك الصفة يعاقب بالحبس من ثالثة أشهر‬
‫إلى سنتين وغرامة من ‪ 950‬إلى ‪ 2000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ما لم يوجد‬
‫نص خاص يقرر عقوبة أشد"‬
‫ونستخلص من المادتين أعاله مالحظتين أساسيتين‪:58‬‬
‫أوال‪ :‬إن المادة‪ 900‬من ظهير ‪ 5‬يناير‪ 9111‬ليست إال تخصيصا للفصل ‪ 159‬ق‪.‬ج ‪.‬‬
‫بحيث إن هذا األخير نظم جريمة انتحال لقب المهنة بصفة عامة‪ ،‬بشرط أن تكون هذه المهنة‬
‫منظمة قانونا‪ ،‬ومن ثم فحتى لو فرضنا أن ظهير ‪ 5‬يناير‪ 9111‬لم يتعرض لهذه الجريمة‬
‫فإن الفصل ‪ 159‬يصلح للتطبيق على انتحال لقب خبير محاسب أو مراقب حسابات‪ ،‬ذلك‬
‫ألن مهنة الخبرة المحاسبية تعد مهنة منظمة تنظيما قانونيا‪ .‬وإذا كانت المادة‪ 900‬تعتبر نصا‬
‫خاصا فإنها مع ذلك لم تأت بعقوبات أشد بل اقتصرت فقط على اإلحالة على على عقوبات‬
‫الفصل ‪ 159‬ق‪.‬ج‪ ،‬وعلى ذلك فإن النص على جريمة انتحال لقب مراقب حسابات ليس إال‬
‫تكرارا أو تأكيدا لجريمة الفصل ‪ 159‬ق‪.‬ج‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬يتضح من الفصل ‪ 159‬ق‪.‬ج أن جريمة انتحال لقب مراقب حسابات اعتبرها المشرع‬
‫المغربي من الجنح حيث أفرد لها عقوبات تتراوح ما بين الحبس من ثالثة أشهر إلى سنتين‬
‫وغرامة من ‪ 950‬إلى ‪9.000‬درهم أو إحداهما فقط‪ ،‬وذلك على خالف التشريع الفرنسي‬
‫الذي اقتصر على عقوبات المخالفة‪ ،‬وهو ما يوحي بأن التشريع المغربي حرص على حماية‬
‫مهنة مراقبي الحسابات حماية فعالة تحول دون محاولة التطاول عليها وعلى الصفات واأللقاب‬
‫المتعلقة بها‪.‬‬
‫وسنتطرق للعناصر التكوينية لجنحة انتحال لقب مراقب الحسابات‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬العناصر التكوينية لجنحة انتحال لقب مراقب الحسابات‬
‫تنص المادة ‪ 900‬من ظهير ‪ 5‬يناير‪ 9111‬على أنه يعاقب بعقوبات الفصل ‪159‬‬
‫من حمل لقب خبير محاسب خالفا ألحكام هذا القانون‪ .‬وقد حدد هذا األخير بالفعل شروط‬
‫حمل لقب خبير محاسب‪ ،‬ففي خرق هذه الشروط يكمن العنصر المادي لهذه الجنحة والتي‬
‫تقوم دون ضرورة قيام قصد جنائي لدى المخالف‪.‬‬

‫‪57‬أحمد كامل سالمة‪ :‬م‪.‬س ‪ .‬ص‪422:‬‬


‫‪58‬محمد كرام‪ .‬م‪.‬س ص‪111:‬‬
‫‪23‬‬
‫‪ .9‬العنصر المادي‬
‫يقوم العنصر المادي لجنحة انتحال لقب مراقب الحسابات على عنصرين أساسيين يتمثالن‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬حمل لقب مراقب الحسابات‬
‫‪ -‬استعمال اللقب دون حق‬
‫‪ ‬حمل لقب مراقب الحسابات‪:‬‬
‫إن حمل لقب مراقب الحسابات يعني استعماله أو ادعاءه‪ ،‬ويستوي أن يكون اإلستعمال‬
‫‪59‬‬
‫عاما أم ال‬
‫وإذا كان االستعمال عاما فإن اإلثبات يكون سهال‪ ،‬ويتحقق عن طريقة الكتابة كإدراج اللقب‬
‫في األوراق والوثائق وبطاقات الزيارة وفي نشرة اإلعالنات‪ ،‬وعن طريق وضع لوحة‬
‫خارجية تتضمن لقب مراقب حسابات في مقر أو مكتب المخالف‪ ،‬وعن طريق التأكيدات‬
‫الشفوية نفسها‪.60‬‬
‫وإذا كان القانون المغربي اقتصر فقط على تجريم حمل لقب مراقب حسابات خالفا ألحكام‬
‫القانون‪ ،‬فإن القانون الفرنسي جرم عالوة على ذلك استخدام صفة معينة شبيهة بصفة مراقب‬
‫الحسابات والتي من شأنها إثارة الخلط في أذهان الناس‪ ،‬ولعل باعث القانون الفرنسي هو‬
‫كفالة حماية خاصة لمهنة مراقب الحسابات تضمن عدم االعتداء عليها بأية صورة من الصور‬
‫وتضمن الثقة في شاغيلها‪. 61‬‬
‫‪ ‬استعمال لقب مراقب حسابات دون حق‪:‬‬
‫من المعلوم أن مهنة مراقب حسابات الشركات اصبحت تمارس من طرف فئات معينة من‬
‫األشخاص‬
‫و الذين تتوفر فيهم الشروط الالزمة لممارسة مهنة الخبرة المحاسبية‪ ،‬أي أن يكونوا مسجلين‬
‫في جدول هيئة الخبراء المحاسبين‪ .‬وتبعا لذلك فالشخص الذي يحمل لقب مراقب حسابات‬
‫دون كونه خبيرا محاسبيا‪ ،‬يعتبر منتحال للقب مراقب حسابات‪ ،‬وبالتالي قيام جنحة انتحال‬
‫لقب مراقب حسابات‪.‬‬
‫إن مراقب الحسابات اليقتصر على األشخاص الذاتيين فقط بل يشمل كذلك االشخاص‬
‫المعنويين الذين بإمكانهم مزاولة مهام مراقبة حسابات الشركات ‪ ،‬وتبعا لذلك فإن لقب مراقب‬
‫حسابات اليشمل األشخاص الطبيعيين بل كذلك الشركات التي تزاول هذه المهنة‪ ،‬وبالتالي‬
‫فقيام هذه األخيرة بحمل لقب مراقب حسابات دون توفر الشروط الالزمة ‪ ،‬يعرضها إلى‬
‫العقوبات الجنائية الواردة في الفصل ‪ 159‬ق‪.‬ج ‪،‬وتأكيدا للمبدأ الوارد في الفصل ‪ 959‬ق‪.‬ج‬
‫الذي يقضي بمساءلة األشخاص المعنوية جنائيا‪.62‬‬

‫‪59‬محمد كرام‪ .‬م‪.‬س ص‪111:‬‬


‫‪60‬محمد كرام‪ .‬م‪.‬س ص‪114:‬‬
‫‪61‬محمود كبش – المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات في شركات المساهمة‪:‬دراسة مقارنة في القانون الفرنسي‬
‫والمصري‪.‬دار النهضة العربية ‪ 1992‬م‪.‬س ‪ -‬ص‪11:‬‬
‫‪62‬محمد كرام ‪ -‬م‪.‬س – ص‪111:‬‬
‫‪24‬‬
‫‪ .5‬العنصر المعنوي‬
‫بالرجوع إلى نص المادة ‪ 900‬من ظهير ‪ 05‬يناير ‪ 9111‬الذي ينص على‬
‫أنه"يتعرض للعقوبات‬
‫المنصوص عليها في الفصل ‪ 159‬ق‪.‬ج كل من حمل لقب خبير محاسب خالفا ألحكام هذا‬
‫القانون"‬
‫يتبين أن المشرع المغربي لم يستلزم أي قصد جنائي لقيام جنحة انتحال لقب مراقب حسابات‪،‬‬
‫وذلك لكون النص خاليا من أية إشارة واضحة تقتضي ضرورة تصرف المخالف عن سوء‬
‫نية‪ ،‬وهي داللة واضحة على على أن المشرع المغربي يصنف هذه الجنحة في نطاق الجرائم‬
‫المادية التي تقع بمجرد إتيان السلوك اإلجرامي‪.‬‬
‫ويتبين أن النية الجرمية التي تستنتج من علم الفاعل بأنه لم يكن له أي حق في حمل لقب‬
‫مراقب حسابات تكون مفترضة في حقه مادام اليحمل أي دبلوم أو شهادة تخول له ممارسة‬
‫مهنة مراقب حسابات الشركات‪.‬‬

‫خاتمة‬
‫من خالل هذا العمل تم تبيان أن مهنة مراقب الحسابات هي مهنة فنية محاسبية معقدة‬
‫ال يقوم بها إال االشخاص الذين تتوافر فيهم جملة من الشروط العملية والفنية وحتى االخالقية‬
‫و االجتماعية التي ذكرها المشرع على سبيل الحصر و التحديد‪ ،‬ومنها ما نص عليها قانون‬
‫مهنة الخبرة المحاسبية ‪ 98.51‬وقانون شركة المساهمة ‪ 18.99‬التي نضم المشرع هاته‬
‫الشروط من خالل الفصلين ‪ 961‬و ‪ 969‬و كل هاته الشروط تظل معايير من الالزم توفرها‬
‫في مراقب الحسابات و هذا راجع إلى العمل الجبار والمهم الذي يضطلعون به داخل شركة‬
‫المساهمة‪ ،‬وبصفة عامة فقد الزم القانون تعيين مراقب الحسابات وذلك بتكليفه بمجموعة من‬
‫الصالحيات والمهام التي يستوجب القيام بها والتي نص عليها القانون بموجب الفصل ‪966‬‬
‫من قانون ش م و التي يستفاد منها ان صالحيات مراقب الحسابات يمكن اجمالها في مهام‬
‫التحقيق والمراقبة و االعالم باالضافة اال بعض االختصاصات الموكولة له خالل اجتياز‬
‫المقاولة لمجموعة من الصعوبات حسب ما جاء به قانون ‪ 91.99‬و هذا ان دل على شئ دل‬
‫على على االهمية الكبيرة و الحاسمة التي يحتلها هذا الجهاز في حياة هذه الشركة اما عند‬
‫تأسيسها او في مسار حياتها و مدة نشاطها‪.‬‬
‫و نظرا ألهمية مراقب الحسابات داخل الشركة فإنه لم يسلم من بعض الجزاءات التي‬
‫اقرها له القانون و نخص بالذكر الجزاءات الجنائية التي تدخل في نطاق المسؤولية الجنائية‬
‫التي تعد احدى تطبيقات جرائم االعمال االقتصادية على وجه العموم والتي تقوم اساسا على‬
‫الفعل المادي سواء كان ايجابيا او سلبيا‪ ،‬وتتعدد الجرائم التي يقوم بها مراقب الحسابات في‬
‫حالة خرق المهام الموكولة له لكن تطرقنا للبعض منها فقط؛ و نخص بالذكر الجرائم المتعلقة‬

‫‪25‬‬
‫بوظيفة مراقب الحسابات‪ ،‬كتقديم معلومات كاذبة او المصادقة عليها‪ ،‬وجريمة عدم االعالم‬
‫التي تنص عليه المادة ‪ 961‬من ق ش م ‪ .‬ثم الجرائم المتعلقة بالحياد واستقالل مراقب‬
‫الحسابات و يدخل ضمنها جرائم افشاء السر المهني‪ ،‬و جرائم انتحال شخصية مراقب‬
‫الحسابات و قد نضم القانون هاته الجرائم بموجب ‪ 518‬و‪ 516‬من قانون ‪18.99‬ونضرا‬
‫ألهمية مراقب الحسابات و دوره الفعال في حماية أموال الشركات التي تعتبر مساهما حيويا‬
‫في النسيج االقتصادي فإننا نقترح أنه يجب على الدولة العمل على انزال مراكز و مؤسسات‬
‫لتكوين مراقبي الحسابات ثم الرفع من سقف العقوبات المقرر في حقهم وذلك حماية ألموال‬
‫الشركات كعنصر مهم في النسيج االقتصادي‪.‬‬

‫الئحة المراجع‬
‫الكتب‬
‫‪ ‬القران الكريم‬
‫‪ ‬احمد شكري السباعي ‪،‬الوسيط في شركات ذات النفع االقتصادي‪،‬مطبعة دار النشر‬
‫المعرفة‪،‬الرباط‬
‫‪ ‬عالل فالي‪،‬قانون الشركات التجارية‪،‬الجزء االول‪،‬مطبعة المعارف الجديد‪،‬الدار‬
‫البيضاء‬
‫‪ ‬عبد الرحيم شميعة الشركات التجارية في ضوء اخر التعديالت‬
‫‪‬‬
‫ثريا بوتشيش المسؤولية المدنية والجنائية للمسير في شركات المساهمة‬
‫‪ ‬طارق يختي المنظومة الزجرية لشركات المساهمة بين الصرامة والمرونة‬
‫‪ ‬محمود كبيش المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات في شركات المساهمة دراسة‬
‫مقارنة بين القانون المصري والفرنسي‬
‫االطروحات و الرسائل‬
‫‪ ‬جمال بورجي‪،‬باحث في صف الدكتوراه‪،‬التعيين االلزامي لمراقب الحسابات كمظهر‬
‫من مظاهر حكامة شركات المساهمة‬

‫‪26‬‬
‫‪ ‬محمد كرام اطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪،‬المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات‬
‫في شركة المساهمة على ضوء التشريع المغربي و المقارن ‪0119/0111‬‬
‫‪ ‬فاطمة الديب القانون الجنائي لألعمال خصوصياته وتطبيقاته‬
‫‪ ‬خدوج فالح مسؤولية مراقب الحسابات في شركات المساهمة‬
‫المواقع االلكترونية والمقاالت‬
‫الحسن العيوض مسؤولية مراقب الحسابات في ضوء قانون رقم ‪ 99.12‬المتعلق‬ ‫‪‬‬
‫بشركات المساهمة‬
‫عبد الصمد الزعنوني االجرام المالي المجلة المغربية للتدقيق والتنمية‬ ‫‪‬‬
‫أدولف ريبوط القانون الجنائي في شروح‬ ‫‪‬‬
‫موقع المعلومة االلكترونية‬ ‫‪‬‬
‫القوانين المؤطرة‬
‫‪ ‬قانون شركة المساهمة ‪12.99‬‬
‫‪ ‬قانون مهنة الخبرة المحاسبية‪92.51‬‬
‫‪ ‬قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪27‬‬
‫الفهرس‬
‫الئحة فك الرموز‪11...................................................................‬‬
‫مقدمة‪15................................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مكانة مراقب الحسابات وأساس مسؤوليته الجنائية‪18..............‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مكانة مراقب الحسابات داخل شركات المساهمة‪16................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعيين مراقب الحسابات‪16............................................‬‬
‫الفقرة الثانية الشروط الواجب توفرها في مراقب الحسابات‪11.....................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬صالحيات مراقب الحسابات وأساس مسؤوليته الجنائية ‪99.......‬‬
‫الفقرة األولى صالحيات مراقب الحسابات ‪99.......................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أساس المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات‪91......................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات‪98............................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الجرائم المرتبطة بمخالفة مراقب الحسابات لوظيفته الرقابية‪96...‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تقديم أو تأكيد معلومات كاذبة حول وضعية الشركة‪96.............‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬جريمة عدم إعمال مراقب الحسابات باألفعال الجرمية‪95...........‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الجرائم المرتبطة بالحياد واستقالل مراقب الحسابات‪91...........‬‬

‫‪28‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬جريمة افشاء السر المهني‪01.........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬جريمة انتحال صفة مراقب الحسابات‪00............................‬‬
‫خاتمة‪08..............................................................................‬‬
‫الئحة المراجع‪06....................................................................‬‬

‫‪.‬‬

‫‪29‬‬

You might also like