Professional Documents
Culture Documents
محاضرات مادة القانون العقاري - الجزء الثاني
محاضرات مادة القانون العقاري - الجزء الثاني
بعد إحالة الملف على المحكمة ،تبدأ المرحلة القضائية للتحفيظ والتي تتميز بخصوصيات إجرائية
غير واردة في ق.م.م ،بل في ظهير 12غشت 1913كما وقع تعديله وتتميمه بموجب القانون ،14.07
لذلك سنتحدث عن إج ارءات البت في دعوى التحفيظ (الفقرة األولى ) قبل أن نتحدث عن الخصوصيات
المسطرية لهذه الدعوى (الفقرة الثانية).
تجدر اإلشارة في البداية إلى أن ظهير 12غشت 1913المتعلق بالتحفيظ العقاري ،يتضمن قواعد
الشكل أو اإلجراءات إلى جانب قواعد الموضوع ،لذلك فدعاوى التحفيظ العقاري تخضع لإلجراءات
المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري ،وال يتم الخروج عنها إال في حالة عدم التنصيص عليها في
هذا القانون.
لقد سبقت اإلشارة إلى أن المحافظ العقاري يوجه خالل الثالثة أشهر الموالية النصرام أجل التعرض،
ملف التحفيظ و الوثائق المتعلقة به إلى المحكمة االبتدائية التي يقع بدائرتها العقار ،وذلك استنادا للفقرة 4
من الفصل 32ظ.ت.ع ،حيث يشمل الملف كل الوثائق و المستندات التي أودعها طالب التحفيظ أو
المستفيد من اإليداع طبقا للفصل 84من ظ.ت.ع ،و محاضر التحديد و التصاميم الهندسية و كل
اإلعالنات المثبتة لإلشهار لدى كل من السلطة المحلية ،رئيس المحكمة االبتدائية ،رئيس الجماعة ،و كذا
التعرض أو التعرضات مع الوثائق المدلى بها لتأكيد التعرض.
بعد توصل كتابة ضبط ا لمحكمة االبتدائية المختصة بملف التحفيظ ،تحيله على رئيس المحكمة
الذي يتولى تعيين القاضي المقرر ،قصد تجهيز القضية للبت فيها من طرف هيئة الحكم الجماعية (فق I
من ف ،) 34ويترتب عن وضع محكمة التحفيظ يدها على القضية نزع االختصاص في البت في الطلبات
المقدمة بشأن العقار موضوع نزاع مسطرة التحفيظ من يد المحاكم األخرى.
ويتمتع القاضي المقرر في سبيل تجهيز القضية ،بصالحية اتخاذ جميع إجراءات التحقيق الالزمة
لدراسة الملف بما في ذلك:
-االنتقال إلى عين المكان قصد إجراء معاينة لموضوع النزاع وتطبيق الرسوم -أي عقود الملكية
أو الوثائق المثبتة لها -المدلى بها في الملف على العقار موضوع المسطرة ،لكي يتأكد من مطابقة ما ضمن
1
بهذه الرسوم مع الواقع السيما من حيث الحدود ومن حيث المساحة ،أو إجراء بحث بعين المكان مع
األطراف أو األشخاص الذين يرى فائدة في حضورهم للمعاينة؛
-طلب مساعدة مهندس مساح طبوغرافي محلف من جهاز المسح العقاري ،يتم تعيينه من طرف
المحافظ قصد مساعدته عند إجراء المعاينة وتطبيق الرسوم.
-تلقي جميع التصريحات أو الشهادات وكذا إجراء جلسة بحث واالستماع إلى الشهود الذين يرغب
األطراف في االستماع إليهم.
ومن أجل القيام بما ذكر ،يستدعي القاضي المقرر كل من طالب التحفيظ أو من ينوب عنه بصفة
قانونية ،والمستفيد من اإليداع طبقا للفصل 84من ظ.ت.ع إذا تم التعرض عليه ،وكذا المتعرض أو
المتعرضون ،لعمليات البحث أو المعاينة قصد استفسارهم عن بعض النقط المرتبطة بتعرضهم وبجميع ما
يفيد في فهم القضية وتجهيزها للحكم .ويقوم بتحرير محضر موقع من طرفه وممن يعنيهم األمر عن كل
إجراء من إجراءات التحقيق (المعاينة ،البحث ،)...ويحيل نسخة منه على األطراف إلبداء مالحظاتهم.
وعندما تصبح القضية جاهزة للبت فيها ،يخبر األطراف بتاريخ إدراج القضية بالجلسة العلنية ثمانية
أيام على األقل قبل موعدها المحدد ،ابتداء من تاريخ التوصل باالستدعاء.
تفتتح مناقشة القضية بالجلسة العلنية بتالوة القاضي المقرر لتقريره ،الذي يعرض فيه النقط القانونية
التي تتطلب حال دون إبداء رأيه ،باعتبار أن ذلك من اختصاص المحكمة التي تتولى التقرير في شأن ملف
القضية.
وتجدر اإلشارة أنه رغم أن األطراف أدلوا بجميع مستنتجاتهم أمام القاضي المقرر ،فإنه يمكن مع
ذلك االستماع إليهم في الجلسة العلنية ،وال يعتبر حضور النيابة العامة إلزاميا إال إذا تعلق األمر بالدعوى
التي تكون الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية والهبات والوصايا لفائدة المؤسسات الخيرية
واألوقاف واألراضي الجماعية ،طرفا فيها سواء كمتعرضة أو طالبة للتحفيظ ،حيث يجب تبليغ النيابة العامة
بالملف قصد تقديم مستنتجاتها طبقا لما ينص عليه الفصل 9من ق.م.م.
ويقتصر دور المحكمة على الحكم بصحة أو عدم صحة التعرض ،دون إمكانية الفصل في صحة
مطلب التحفيظ المقدم من طرف طالب التحفيظ ،باعتبار أن ذلك اختصاص حصري موكول للمحافظ على
األمالك العقارية طبقا لمقتضيات الفقرة 2من الفصل ،37التي تنص على ما يلي « :تبث المحكمة في
2
وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين وطبيعته ومشتمالته ونطاقه ،وتحيل األطراف للعمل بقرارها،
بعد اكتساب الحكم قوة الشيء المقتضى به على المحافظ على األمالك العقارية ،الذي له وحده النظر في
قبول أو رفض مطلب التحفيظ كال أو بعضا مع االحتفاظ بحق الطعن المنصوص عليه في الفصل 37
مكرر ».
وهذا ما استقر عليه عمل المحاكم ،ومن ذلك ما جاء في قرار المجلس األعلى عدد 892بتاريخ
2014/03/24في الملف رقم 2002/1/1/2886الذي اعتبر أن « :المحكمة المحال عليها مطلب
التحفيظ المسجل بشأنه تعرض ال تتوفر على صالحية مناقشة الجانب الشكلي للتعرض سواء ما يتعلق
باألجل أو غير ذلك ،وإنما ينحصر دورها وفق ما حدده الفصل 37من نفس الظهير في البث في وجود
الحق المدعى به من قبل المتعرض ونوعه ومحتواه ومداه ،وهذا كله يتعلق بجوهر النزاع الذي هو من صميم
صالحية المحكمة المعروض عليها ذلك ».
بمجرد صدور الحكم في القضية يتم تبليغ ملخص عنه قبل انصرام 8أيام إلى طالب التحفيظ
وإلى جميع المتعرضين وفق أحكام التبليغ ،ويقبل هذا الحكم االستئناف وفق أحكام الفصل 41مهما كانت
قيمة العقار المطلوب تحفيظه.
بعد استئناف الحكم وفق مقتضيات الفصل 141من ق.م.م تتم إحالة الملف إلى كتابة الضبط
لدى محكمة االستئناف ،حيث يعين الرئيس األول لها مستشا ار مقر ار يتولى تحضير القضية ،فيقوم بإنذار
المستأنف قصد اإلدالء بأسباب استئنافه داخل أجل ال يتعدى 15يوما ،كما يستدعي المستأنف عليه
لالطالع على ما أدلى به المستأنف قصد الجواب خالل أجل 15يوما كذلك (الفصل 42من ظ ت ع).
ويقتصر نظر محكمة االستئناف على ما أثير خالل المرحلة االبتدائية من طلبات ،حيث ال يجوز
التقدم بطلبات جديدة ألول مرة أمام محكمة االستئناف ،إذ ال يحق التغيير من نطاق الدعوى ،فال يجوز
للمتعرض التوسيع من نطاق تعرضه مثال أو المطالبة بحق لم تتم اإلشارة إليه في المرحلة االبتدائية.
غير أن ذلك ال يمنع المستشار المقرر أو األطراف من المطالبة باتخاذ إجراءات تكميلية للتحقيق
الذي أنجز في المرحلة االبتدائية ،على أن يقتصر ذلك على النزاعات التي أثيرت في هذه المرحلة االبتدائية
ويتم ذلك وفق مقتضيات الفصل 34المشار إليه سابقا.
بعد تبادل المذكرات الجوابية واعتبار القضية جاهزة للبت فيها من طرف هيئة الحكم الجماعية ،فإن
المستشار المقرر يخبر األطراف بتاريخ إدراجها بالجلسة العلنية خمسة عشر يوما قبل تاريخ الجلسة.
3
وتجرى الجلسة العلنية والمناقشات وفق الكيفية المشار إليها بالنسبة للمرحلة االبتدائية ،وتبت محكمة
االستئناف في القضية إما في الحين أو بعد المداولة.
وبخالف الحكم االبتدائي الذي نص المشرع على أجل تبليغ ملخصه و مسطرة التبليغ ،فإنه اقتصر
بال نسبة للقرار االستئنافي على اإلشارة فقط إلى تبليغه وفق مقتضيات ق.م.م ،كما نص على إمكانية الطعن
فيه بالنقض داخل أجل 30يوما من تاريخ تبليغ القرار كامال و ليس مجرد ملخص عنه (ف ،) 47حيث
إن أجل الطعن بالنقض في قضايا التحفيظ أصبح هو ثالثين يوما من تاريخ تبليغ القرار االستئنافي إلى
الشخص نفسه أو في موطنه الحقيقي ،بموجب القانون 14.07بخالف ما كان عليه األمر قبل التعديل
حيث كان هذا األجل محددا في ستين يوما من تاريخ التبليغ.
أما بالنسبة لمرحلة النقض ،فبخالف ما عليه األمر في المرحلتين االبتدائية واالستئنافية ،حيث
ال يكون حضور المحامي إلزاميا ،فإن عريضة النقض يجب أن تقدم بواسطة محام مقبول للترافع أمام
محكمة النقض.
ومن أجل قبول عريضة الطعن بالنقض يجب أداء الوجيبة القضائية في نفس وقت تقديم العريضة
تحت طائلة عدم القبول استنادا لمقتضيات الفصل 357ق.م.م.
وتجدر اإلشارة في األخير إلى أن األحكام الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري تعتبر دائما حضورية،
وأن طلبات التحفيظ أو التعرضات الصادرة بكيفية تعسفية أو كيدية أو سوء نية ،تعرض صاحبها لغرامة ال
يقل مبلغها عن % 10من قيمة العقار أو الحق المدعى به ،لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح
العقاري والخرائطية ،دون المساس بحق األطراف المتضررة في المطالبة بالتعويض طبقا لمقتضيات الفصل
.48إذا ثبت هذا انتقلنا للحديث عن الخصوصيات المسطرية لدعوى التحفيظ العقارية.
تتجلى خصوصيات دعوى التحفيظ العقاري على مستوى كيفية وضع المحكمة يدها على القضية
(أوال) وعلى مستوى حدود اختصاص المحكمة والتحقيق في الدعوى وسير الجلسات (ثانيا ) وكذا على
مستوى إصدار األحكام وتبليغها وتنفيذها (ثالثا).
سنتحدث من خالل هذا المطلب عن افتتاح الدعوى أمام محكمة التحفيظ (أ ) والتي ال تستلزم ضرورة
االستعانة بمحام (ب ) ،كما سنتحدث عن مدى اختصاص المحكمة في مراقبة شكليات الدعوى (ج).
4
أ) عدم وجود مقال افتتاحي للدعوى
ترفع الدعوى العادية أمام المحكمة االبتدائية بموجب مقال افتتاحي للدعوى طبقا لمقتضيات الفصل
31من ق م م ،أما دعوى التحفيظ العقاري فتفتتح أمام المحافظ العقاري ،حيث يعتبر تقديم التعرض بمثابة
مقال افتتاحي للدعوى يتلقاه هذا األخير ويستخلص عنه واجبات التقاضي ،تحت طائلة اعتبار التعرض
الغيا بسبب عدم أداء الوجيبة القضائية وحقوق المرافعة ،أو اإلدالء بما يثبت الحصول على المساعدة
القضائية ،قبل انصرام الشهر الموالي النتهاء أجل التعرض (الفصل 25و 32من ظ ت ع) ،وذلك شأنه
شأن أي مقال افتتاحي مقدم لدى كتابة ضبط المحكمة االبتدائية ،وهو ما أكده المجلس األعلى عندما اعتبر
أن «التعرض دعوى يحدد موضوعها أمام المحافظ ،ويوضح المتعرض حدود ومدى تعرضه وتبت المحكمة
فيها كما أحيلت عليها».
وإذا كان الفصل 32من ق م م نص على وجوب تضمين المقال االفتتاحي للدعوى مجموعة من
البيانات ،المتعلقة باألس ماء العائلية والشخصية وصفة أو مهنة وموطن أو ومحل إقامة المدعى عليه
والمدعي ،ووكيله عند االقتضاء وإذا كان أحد األطراف شركة بيان اسمها ونوعها ومركزها االجتماعي ،فإن
المشرع ألزم المتعرض ببيان نفس هذه المعلومات عند تقديم تعرضه -وفق ما سبقت اإلشارة إليه في
الحصص السابقة -ما دام أن هذا التعرض يعتبر كما قلنا بمثابة مقال افتتاح دعوى التحفيظ العقاري،
مثلما ألزمه بوجوب بيان الحقوق المدعى بها ضد طالب التحفيظ ،وكذا إرفاق تعرضه بجميع المستندات
المعتمد عليها وكل وسائل اإلثبات المفيدة ،وذلك وفق الشروط المحددة في الفصالن 25و 26من ظ ت
ع تحت طائلة اإللغاء.
ليس في ظهير التحفيظ العقاري ما يشير إلى إلزامية تنصيب محام في دعاوى التحفيظ العقاري،
حيث بالرجوع إلى مقتضيات الفصول 42 ،37 ،35كما وقع تغييرها وتتميمها بمقتضى القانون رقم
،14.07نجد أنها تشير إلى إخبار القاضي المقرر لألطراف ،وإلى االستماع إلى األطراف دون اإلشارة
إلى محاميهم ،باستثناء مقتضيات الفصل 45التي تضمنت اإلشارة إلى استماع المحكمة لألطراف إما
شخصيا أو بواسطة محاميهم.
وبذلك يمكن القول استنادا لما سبق ،بأنه يجوز لألطراف في دعوى التحفيظ العقاري الترافع شخصيا
أمام المحكمة خالل المرحلتين االبتدائية واالستئنافية.
5
لكن أال يتعارض هذا القول مع مقتضيات الفصل 32في فقرته األولى من القانون المنظم لمهنة
المحاماة ( القانون رقم 28.08الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.08.101المؤرخ في 20أكتوبر
2008والمنشور غي الجريدة الرسمية عدد 5680بتاريخ 06نونبر ،)2008التي تنص على أن المحامون
المسجلون بجداول هيئات المحامين بالمملكة ،هم وحدهم المؤهلون في نطاق تمثيل األطراف ومؤازرتهم
لتقديم المقاالت والمستنتجات والمذكرات الدفاعية في جميع القضايا ،باستثناء قضايا التصريحات المتعلقة
بالحالة المدنية ،وقضايا النفقة أمام المحكمة االبتدائية واالستئنافية ،والقضايا التي تخص المحكمة االبتدائية
بالنظر فيها ابتدائيا و انتهائيا ،وكذا المؤازرة في الجنح والمخالفات؟ حيث إن هذا الفصل لم يستثن قضايا
التحفيظ من وجوب تنصيب محام.
لقد ذهب المجلس األعلى في هذا الصدد إلى أن دعوى التحفيظ العقاري هي دعوى تحكمها القواعد
اإلجرائية المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري ،ومما جاء في حيثيات هذا القرار (عدد 655بتاريخ
« )1982حيث إنه بمقتضى الفصل 42من ظهير 12غشت ،1913فإنه بمجرد توصل كتابة الضبط
لمحكمة االستئناف بالملف ،يعين الرئيس األول مستشا ار مقر ار ويأمر هذا األخير المستأنف باإلدالء بأسباب
استئنافه ووسائل دفاعه في ظرف أجل ال يتعدى خمسة عشر يوما يضاف إليها أجل بعد المسافة ،ثم
يستدعي األطراف المعنية باألمر لالطالع على ما أدلى به المستأنف واإلدالء بمنازعاتهم ووسائل دفاعهم
في أجل آخر مماثل ،فإن القرار المطعون فيه عندما قضى بعدم قبول االستئناف بعلة أن المستأنف لم يقم
باإلجراءات المنصوص عليها في الفصل 34من قانون المحاماة ،مع أن القضية تتعلق بالتحفيظ وأن
الفصل ا لمذكور ال يلزم المستأنف بتنصيب مدافع عنه أو طلب الترخيص بالمرافعة شخصيا ،وأن المحكمة
عندما بتت على النحو المذكور تكون قد خرقت الفصل المشار إليه أعاله وعرضت قرارها للنقض» ( .رغم
أن هذا القرار جاء قبل التعديل الذي طال ظ ت ع وقانون المحاماة إلى أنه يتناول نفس المبدأ).
وبالرغم مما سبق ،فإن صياغة الفصول 42 ،37 ،35من ظ ت ع ،وإن كانت تفيد إمكانية
الترافع الشخصي ألطراف دعوى التحفيظ العقاري ،فإنها تفيد كذلك منح هؤالء األطراف الخيار لتنصيب
محام لمتابعة إجراءات الدعوى أو تولي ذلك شخصيا .وإن كنت أعتقد بضرورة تنصيب محام في قضايا
التحفيظ العقاري ،نظ ار للدور اإليجابي الذي يمكن أن يقوم به سواء بالنسبة لألطراف بسبب طبيعة هذه
الدعاوى المعقدة وخطورة آثارها ،أو بالنسبة لجهاز القضاء من حيث المساهمة في تسريع اإلجراءات وعدم
إطالة أمد التقاضي.
6
ج) اختصاص محكمة التحفيظ في مراقبة شكليات الدعوى
لقد سبقت اإلشارة إلى أن المحافظ العقاري بعد تأكده من شروط تقديم التعرض ،يعمل على إحالة
الملف برمته على المحكمة االبتدائية المختصة ،للبت في مدى صحة التعرضات المقدمة ضد مطلب
التحفيظ .وبذلك فإن المحافظ العقاري يبقى هو المختص بالبت في التعرضات إداريا ،من حيث تلقيها
وتهيئها إلحالتها على القضاء قصد الفصل في موضوعها ،دون أن يكون بإمكان هذا األخير – أي القضاء–
من مراقبة االختالالت الشكلية التي قد تشوب التعرض ،ما دام أن قبول التعرض من طرف المحافظ العقاري
يعتبر ق ار ار إداريا خاضعا لمراقبة المشروعية من طرف القضاء اإلداري.
وهذا ما ذهب إليه قرار استئنافية وجدة رقم 413في الملف رقم 96/450بتاريخ 1997/03/04
حينما اعتبر أن « سلطة القضاء ال تمتد إلى مراقبة شكليات التعرض من حيث أداء الرسوم القضائية عليه
أو احترام آجال تقديمه ،إذ أنه حتى وإن كان هناك إخالل شكلي في تقديمه فعلى القاضي تجاهله إذا قبل
من طرف المحافظ الذي يملك وحده سلطة التصدي للعيوب الشكلية خالل المرحلة اإلدارية للتحفيظ».
غير أن هناك من الفقه من يرى بأن سلطة القضاء للبت في حدود التعرض فقط ،رهين بمناقشة
جوهر النزاع ،أما عندما يتعلق األمر بالجوانب المسطرية فإن للقاضي صالحية البت فيها بل ويثيرها من
تلقاء نفسه ،طالما أن المسائل المسطرية تعتبر من النظام العام ،وبالتالي فإن رقابة محكمة التحفيظ يمكن
أن تنصب على الجوانب الشكلية للتعرض.
وبالرغم من وجاهة هذا الرأي ،فإنني أعتقد بأن سلطة القضاء ال ينبغي أن تمتد إلى المرحلة اإلدارية
للتعرض ،ما دام أن المشرع حصر سلطة المحكمة في البت في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين
ونوعه ومحتواه ومداه ،وما دام أن المشرع سمح للمحافظ بشكل حصري بقبول التعرض المقدم خارج األجل،
وال يمكن أن يخضع في اختصاصه هذا في جميع األحوال لرقابة المحكمة التي تبت في التعرض.
ثانيا :من حيث اختصاص المحكمة وإجراءات التحقيق في الدعوى وسير الجلسات
تمتد الخصوصيات المسطرية لدعوى التحفيظ لتشمل حدود اختصاص المحكمة (أ ) وكيفية التحقيق
والبت في الدعوى (ب)
إن محكمة التحفيظ تبت فقط في حدود التعرضات بالصيغة التي أحيلت عليها من طرف المحافظ
العقاري ،فال يجوز التقدم بطلبات جديدة أمام المحكمة وال يجوز تغيير نطاق التعرض من تعرض جزئي
7
إلى تعرض كلي مثال ،أو من تعرض للمطالبة بقطعة أرضية مفرزة عند التعرض إلى المطالبة بحق ارتفاق
أو المنازعة في الحدود .نعم يجوز للمتعرض التقليص من نطاق تعرضه أمام المحكمة ،حيث يعتبر ذلك
تنازال جزئيا منه عن تعرضه.
كما ال يجوز للمحكمة البت في تعرضات المتعرضين بعضها ضد بعض ،وإنما يقتصر نظر
المحكمة على البت في هذه التعرضات في مواجهة طالب التحفيظ ،وذلك استنادا لمقتضيات الفصل 37
من ظ ت ع ،وإن كان من شأن التعديل األخير للفصل 37أن يدفع المحكمة بشكل ضمني إلى البت في
التعرضات ،عندما نص على أن المحكمة تبين في حكمها الحقوق المحكوم بها لكل متعرض.
كثي ار ما يحدث أن يتوفى أحد أطراف الدعوى أثناء متابعتها من طرف المحكمة ،فيتدخل ورثته
تلقائيا لمتابعة هذه الدعوى طبقا لمقتضيات الفصل 111من ق م م ،أو تقوم المحكمة باستدعائهم بمجرد
علمها بوفاة أحد األطراف وفق مقتضيات الفصل 115من ق م م ،لكن التساؤل المطروح هو هل تطبق
هذه المقتضيات بالنسبة لدعاوى التحفيظ العقاري في حالة وفاة طالب التحفيظ أو أحد المتعرضين؟
لقد جرى عمل المحاكم في البداية على إرجاع الملف إلى المحافظ العقاري ،للقيام باإلجراءات
الالزمة عند وفاة أحد أطراف نزاع التحفيظ العقاري (طالب التحفيظ أو المتعرض) ،الشيء الذي كان يطيل
أمد النزاع ،فعمل القضاء مؤيدا في ذلك من طرف محكمة النقض على تغيير هذا التوجه ،من خالل
االستمرار في نظر الدعوى إلى حين إصدار الحكم وإحالته على المحافظ العقاري بعد صيرورته نهائيا ليتخذ
ما يراه مالئما ،وهذا ما ذهب إليه المجلس األعلى في أحد ق ارراته عندما نص على أنه ..... « :إذا أحيل
الملف من طرف المحافظ على المحكمة ،وجب عليها أن تبت في وجود الحق المدعى به من طرف
المتعرضين ،وإذا توفي طالب التحفيظ ،وجب أن تستمر في اإلجراءات لتصدر حكمها بصحة التعرض أو
بعدم صحته ،وال يجوز لها أن تأمر بإرجاع الملف إلى المحافظ للقيام باإلجراءات الالزمة لتدخل ورثة
الهالك ،إذ في إمكان هؤالء بعد البت في التعرض ،تقديم طلب أمام المحافظ بتصحيح الحالة الناشئة عن
وفاة طالب التحفيظ».
ولعل العلة في ذلك هو استبعاد القضاء تطبيق مقتضيات ق م م وبالخصوص الفصل 115منه،
في حالة وفاة أحد أطراف النزاع المعروض على محكمة التحفيظ ،باعتبار أن األمر يتعلق بمسطرة خاصة
وأن أي تغيير في هوية األطراف وجب أن يكون أمام المحافظ العقاري بعد أن يصبح الحكم نهائيا.
8
غير أن هذا التوجه ووجه بالتساؤل حول مدى إمكانية النظر في نزاع أحد أطرافه ميت ،ألن الميت
ال يمكنه مباشرة اإلجراءات القضائية وال يمكنه الرد على دفاع ودفوع خصمه ،خصوصا وأن الصفة
والمصلحة واألهلية تعتبر من شروط التقاضي ،وهي شروط من النظام العام تطبق على جميع النزاعات بما
فيها منازعات التحفيظ العقاري .ولعل هذا ما حاول القضاء تداركه عندما اعتبرت محكمة النقض ،بأن
الفصل األول من ق م م واجب التطبيق أمام قضاء التحفيظ ،حيث جاء في قرار للمجلس األعلى ما يلـي:
«بمقتضى الفصل األول من قانون المسطرة المدنية ،يتعين على المحكمة أن تنذر الطرف بتصحيح المسطرة
داخل أجل تحدده له ،وحيث إن المحكمة ردت استئناف الورثة الذين لم يدلوا برسم اإلراثة ،دون أن تنذرهم
بذلك ،تكون قد خرقت الفصل المذكور وعرضت قرارها للنقض»
قد يوجد أشخاص لهم عالقة بالدعوى الرائجة أمام محكمة التحفيظ ،لكنهم ليسوا طالب تحفيظ وال
متعرضين ،فهل يكون لمثل هؤالء التدخل في هذه الدعوى؟ ونتحدث هنا بصفة أساسية عن حالة الشخص
الذي اكتسب حقا على عقار في طور التحفيظ ،فسلك مسطرة اإليداع المنصوص عليها في الفصل 84من
ظ ت ع وفق ما سبقت اإلشارة إليه في الحصص السابقة ،ما دام أن المودع في هذه الحالة يرتبط مصير
حقه بمصير طالب التحفيظ ،بخالف الشخص الذي يسلك مسطرة الخالصة اإلصالحية والتي يكتسب على
ضوئها صفة طالب التحفيظ بالنسبة للحق الذي اكتسبه.
لقد ذهب المجلس األعلى في أحد ق ارراته إلى استبعاد إمكانية االستفادة من التدخل في دعوى
التحفيظ العقاري ،حيث قال « :لكن حيث إن أطراف النزاع في مسطرة التحفيظ هم طالبوا التحفيظ
والمتعرضون ،وأنه بمقتضى الفصلين 83و 84مكن ظهير 12غشت 1913بشأن التحفيظ العقاري،
فإن من يدعي تملك عقار في طور التحفيظ ،عليه لكي يكون طرفا في النزاع المعروض على القضاء من
طرف المحافظ على الملكية العقارية ،إما في حالة موافقة الطالبين ،أن يتدخل بصفة قانونية في مسطرة
التحفيظ وذلك بإقامة مطلب تكون له فيه صفة طالب التحفيظ بعد إعادة المسطرة من جديد وبالتالي يحل
محل الطالبين السابقين -حيث يتم التحفيظ باسمه ، -وإما في حالة النزاع أن يعلن عن حقوقه عن طريق
إيداع رسومه ليدعم بها تعرضه ويطالب بما تكسبه إياه تلك الرسوم في دائرة التحفيظ ،وأنه يتبين من مطلب
التحفيظ ومن شهادة التعرض أن الطاعنة لم تكن من بين طالبي التحفيظ وال من بين المتعرضين ...وإنما
اقتصرت فقط على ما يخوله لها الفصل 84من ظهير التحفيظ العقاري.
وحيث كما يدل على ذلك منطوق الفصل 84فإن أثر اإليداع يتعلق بمرحلة ما بعد النزاع وإحالة
الملف على المحافظ على الملكية العقارية قصد إنشاء رسم عقاري نهائي ،فعند ذلك فقط يقيد إن اقتضى
9
الحال حق صاحب اإليداع ،الذي سبق له أن أودع الوثائق الالزمة للتقييد في الرسم العقاري بالرتبة التي
عينت له بالتقييد السابق وبشرط أن يسمح به إجراء المسطرة ،وأن الطاعنة باختيارها لطريقة اإليداع المذكورة،
ال يمكنها بالتالي أثناء جريان النزاع أمام القضاء أن تكتسب ال صفة طالب التحفيظ وال صفة متعرضة وال
متدخلة ،وأن كونها مهتمة بالنزاع بالنظر ألثره المستقبلي عليها ال يمكن أن يؤثر على مسطرة التحفيظ أمام
المحكمة حيث تبقى بعيدة عن النزاع ،ال يحكم لها وال عليها باعتبارها غير طرف فيه».
وما قيل عن التدخل اإلرادي يقال كذلك عن اإلدخال في الدعوى الذي يفرضه أحد الخصوم في
النزاع على الغير ،ويمكن تصور ذلك بالنسبة لقضايا التحفيظ العقاري سواء من طرف طالب التحفيظ أو
من طرف المتعرض ،الذي يطالب مثال بإدخال الشخص الذي باعه حقوقا في العقار موضوع مطلب
التحفيظ ،حيث ال مانع من قبول طلب اإلدخال في الدعوى ،متى كان ذلك لتدعيم ومساندة طالب اإلدخال
وليس للمطالبة بحقوق أو طلبات لفائدة المدخل في الدعوى ،وهذا ما أكده المجلس األعلى في أحد ق ارراته
الصادرة بتاريخ 1985/11/13حينما اعتبر أن « أطراف الدعوى تتحدد في مسطرة التحفيظ بدءا بالتعرض
أمام المحافظة العقارية ،حيث يتضح المدعي من المدعى عليه وأن التدخل في مسطرة التحفيظ غير مسموح
به إال إذا كان لتأييد أحد اطراف الدعوى».
خالصة القول إن طلبات التدخل أو اإلدخال ال تقبل في دعاوى التحفيظ العقاري ،متى كان الهدف
منها المطالبة بحقوق أصلية وليس فقط مساندة وتدعيم أحد أطراف هذه الدعوى ،ما دام أن دعوى التحفيظ
هي دعوى ذات خصوصية وال يسري عليها ما يسري على دعاوى االستحقاق العادية ،وما دام أن أطرافها
يتحددون خالل مرحلة التعرض.
ب) خصوصية دعوى التحفيظ العقاري من حيث التحقيق في الدعوى وسير الجلسات
)1عدم إصدار األمر بالتخلي
لقد سبقت اإلشارة إلى أنه يحق للقاضي المقرر اتخاذ كافة اإلجراءات المفيدة في فهم مالبسات
القضية ،حيث يجوز له اتخاذ كل إجراء يراه مفيدا وضروريا للوصول إلى الحقيقة التي ستمكن المحكمة من
تكوين قناعتها والبت في القضية ،لكن شريطة عدم التعسف في ممارسة هذه السلطة ،حيث ال يمكنه القيام
بإجراء معين وترك إجراء آخر أكثر فائدة وأهمية منه ،ألنه مراقب في ذلك من طرف المحكمة األعلى
درجة.
وال بأس من اإلشارة هنا إلى النقاش الذي ثار بخصوص مدى وجوب إصدار األمر بالتخلي وإعداد
القاضي المقرر لتقرير وتالوته بالجلسة؟
10
انطالقا من الفصل 35والفصل 44من ظ ت ع ،نجد أن المشرع تفادى الحديث عن إصدار
األمر بالتخلي من قبل القاضي أو المستشار المقرر ،وذلك بخالف ما نص عليه في ق م م ،وهكذا نجد
أن المجلس األعلى اعتبر في قرار له بتاريخ 2004/07/21أنه « ال مجال لالستدالل بمقتضيات الفصل
355من ق م م في النازلة ،ما دام النزاع فيها متعلق بالتحفيظ العقاري المطبقة بشأنه مسطرته الخاصة
المنصوص عليها بظهير 12غشت 1913التي ال تنص على صدور األمر بالتخلي».
أما فيما يخص إعداد التقرير من قبل القاضي المقرر وتالوته ،فبخالف ما هو منصوص عليه
بموجب الفصول 342 ،335 ،45من ق م م ،نجد أن الفصل 37من ظهير التحفيظ العقاري كما تم
تغييره وتتميمه ،ال ينص صراحة على ضرورة إعداد هذا التقرير خالل المرحلة االبتدائية ،بخالف مرحلة
االستئناف حيث نص الفصل 45على أنه « تفتتح المناقشات بتقرير المستشار المقرر الذي يعرض القضية
والمسائل المطلوب حلها » ...وذلك بصيغة تفيد الوجوب.
ومهما يكن فإن تقرير القاضي أو المستشار المقرر يعتبر األساس الذي ستبني عليه المحكمة
قناعتها ،لذلك يجب أن يكون مكتوبا متضمنا لجميع المعطيات والوقائع المفيدة في فهم القضية وكذا جميع
اإلجراءات المتخذة والنقط القانونية التي تستوجب حال ،ليضم بعد ذلك إلى ملف القضية.
أما بالنسبة لتالوة التقرير في الجلسة بالنسبة لقضايا التحفيظ العقاري ،فقد ذهب المجلس األعلى
في العديد من المناسبات إلى أن تالوة التقرير من طرف القاضي أو المستشار المقرر ،إجراء نص عليه
قانون خاص وهو ظهير التحفيظ العقاري على سبيل الوجوب ولم يترك أي خيار في شأن ذلك ،ومن هذه
الق اررات القرار الصادر بتاريخ 1999/06/22في الملف المدني رقم 99/1/1/ 2006حينما نقض القرار
االستئنافي وأحال القضية على نفس المحكمة للبت فيها من جديد طبقا للقانون ،بعلة أن هذا القرار أشار
إلى أن تالوة المستشار المقرر لم تقع بإعفاء من الرئيس ،في حين أن اإلجراء المذكور ينظمه نص خاص
هو الفصل 45من ظهير التحفيظ العقاري ،وليس به ما يفيد إعفاء المستشار المقرر من تالوة تقريره .وإن
كان المجلس األعلى قد اعتبر في مناسبات أخرى أن تالوة التقرير إجراء غير جوهري ال يترتب عن خرقه
البطالن إال عند ثبوت الضرر.
وأعتقد بغض النظر عن هذا التأرجح في موقف المجلس األعلى وما صاحبه من اختالف بين
العديد من الباحثين ،أن التمسك بهذا الخلل المسطري كسبب إلبطال الحكم ال ينبغي التشدد فيه إال إذا
ترتب عنه ضرر ألحد األطراف.
11
)2بالنسبة لحضور النيابة العامة
األصل بالنسبة لدعاوى التحفيظ العقاري كغيرها من الدعاوى المدنية ،أن النيابة العامة تعتبر طرفا
منضما وليست طرفا أصليا في الدعوى ،أي أنها ال تعتبر خصما في النزاع وإنما يتجلى الهدف من
التنصيص عليها بهذه الصفة ،في الدفاع عن القانون والعدالة من خالل إبداء رأيها بما تراه مناسبا لفائدة
القانون ،وهذه الصفة االنضمامية هي المنصوص عليها بمقتضى الفصل 37من ظ ت ع الذي نص على
إدالء النيابة العامة لمستنتجاتها إن اقتضى الحال ،حيث تفيد هذه العبارة أن تقديم النيابة العامة لمستنتجاتها
هو أمر اختياري وليس إلزامي .غير أن هناك بعض القضايا التي يعتبر تدخل النيابة العامة فيها إلزاميا
وهي كالتالي:
– القضايا التي يأمر القانون بتبليغها إليها ،وهي القضايا التي حددها المشرع في الفصل 9من ق
م م ،في القضايا المتعلقة بفاقدي األهلية أو بصفة عامة تلك التي يكون فيها ممثل قانوني نائبا أو مؤاز ار
ألحد األطراف ،وكذا قضايا األشخاص المفترضة غيبتهم ،والقضايا المتعلقة بالنظام العام والدولة والجماعات
المحلية والمؤسسات العمومية والهبات والوصايا لفائدة المؤسسات الخيرية وممتلكات األحباس واألراضي
الجماعية ،....إذ في الحالة التي يكون فيها أحد هذه األطراف طرفا في دعوى التحفيظ العقاري ،فإن
المحكمة تكون ملزمة بتبليغ الملف إلى النيابة العامة لتقديم مستنتجاتها ،كما يكون عليها اإلشارة في حكمها
إلى إيداع النيابة العامة لمستنتجاتها أو تالوتها في الجلسة تحت طائلة اعتبار حكمها باطال .و ال يغني
تصحيح هذا الخلل الشكلي خالل المرحلة االستئنافية ،حيث اعتبر المجلس األعلى في ق ارره عدد 2838
بتاريخ 2004/10/06ما يلي « :حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار ،ذلك أنه اعتمد في قضائه على
أنه إذا كانت محكمة البداية قد أغفلت إحالة الملف على النيابة العامة ،فإن المحكمة اآلن تداركت األمر إذ
أحالته على النيابة العامة فأدلت هذه األخيرة بمستنتجاتها ،وأن النيا بة العامة وحدة ال تتجزأ ،في حين أن
إحالة الملف على النيابة العامة في مرحلة االستئناف ال يغني عن إحالة الملف عليها في المرحلة االبتدائية
سيما وأن الدولة المغربية (الملك الخاص) طرف في النزاع ،مما يكون معه القرار المطعون فيه قد خرق
مقتضيات الفصل 9من ق م م فتعرض بذلك للنقض ».
– الحالة التي تتقدم فيها النيابة العامة بالتعرض وفق أحكام الفصل 26من ظ ت ع نيابة عن
األشخاص المحجورين والغائبين والمفقودين وغير الحاضرين ،حيث تعتبر النيابة العامة طرفا رئيسيا في
هذه الدعوى وتتقمص شخصية هؤالء األشخاص ،مما يجعلها كطرف مدع يقع عليه عبئ اإلثبات في نزاع
التحفيظ العقاري.
12
ثالثا :من حيث إصدار األحكام وتبليغها وتنفيذها
سنتحدث من خالل هذا المطلب عن إصدار األحكام وكيفية تبليغها (أ) قبل أن نتحدث عن تنفيذها (ب)
بخالف ق م م الذي نص في الفصل 50على البيانات التي يتعين أن تتضمنها األحكام بصفة
عامة ،لم ينص ظهير التحفيظ العقاري سواء قبل تعديله بموجب القانون 14.07أو بعد ذلك ،على البيانات
التي ينبغي أن يتوفر عليها الحكم الصادر في قضايا التحفيظ ،وهذا ما خلق نوعا من التضارب على مستوى
العمل القضائي ،حيث ذهب المجلس األ على في البداية إلى نقض األحكام التي ال تحترم مقتضيات الفصل
50من ق م م ،ومن ذلك القرار الصادر بتاريخ 1960/04/20الذي اعتبر أن « كل األحكام يجب أن
تكون معللة ،وأن تفي بنفسها بالغرض المطلوب منها ،وعليه فإن المحاكم المكلفة بالفصل في قضايا التحفيظ
العقاري ليست معفاة – بالرغم من سكوت ظهير 12غشت -1913من تبرير أحكامها ومن الخضوع
لمقتضيات المسطرة المفروضة والتي تعتبر من النظام العام» ،ليقرر المجلس األعلى في مناسبة أخرى عدم
نقض األحكام التي ال تتضمن بيانات الفصل 50من ق م م ،حيث اعتبر في ق ارره الصادر بتاريخ
1991/02/13أنه « عالوة على أن مقتضيات الفصل 50من ق م م المحتج به يتعلق بالبيانات الواجب
التنصيص عليها في أحكام المحاكم االبتدائية ،فإن إغفال المحكمة لذكر وسائل دفاع األطراف وما إذا كانوا
حضروا جلسات المناقشة وأدلوا بمذكرات أو ال ليس من البيانات اإللزامية ،فإن عدم التنصيص على باقي
أسماء الورثة لم يحصل منه أي ضرر للطاعن ،ما دام أن مطلب التحفيظ الموجود بالملف يشتمل على
جميع أسماء الورثة ،مما تكون معه الوسيلة في جميع فروعها غير مرتكزة على أساس ».
أما فيما يتعلق بتبليغ األحكام الصادرة في مادة التحفيظ ،فإن الفصل 40من ظ ت ع ،نص على
كيفية تبليغ األحكام االبتدائية عندما أوجب على المحكمة تبليغ ملخص عن الحكم االبتدائي – وليس تبليغ
نسخة كاملة منه – إلى طالب التحفيظ وإلى جميع المتعرضين خالل مدة ال تتجاوز ثمانية أيام من تاريخ
إصداره ،وفق الشكل المقرر بقانون المسطرة المدنية.
وهكذا فاستنادا لمقتضيات الفصل 40من ظ ت ع ،تبلغ األحكام الصادرة في قضايا التحفيظ
العقاري تلقائيا من طرف كتابة الضبط ،وإن كان ذلك ال يمنع الطرف الراغب في تبليغ الحكم من تقديم
طلب في هذا الشأن لكتابة الضبط.
أما بالنسبة للق اررات االستئنافية ،فقد نص المشرع في الفصل 47من ظ ت ع على تبليغها وفق
الكيفية المقررة في ق م م ،ويمكن الطعن فيها بالنقض داخل األجل المحدد في نفس القانون.
13
ومما تجدر اإلشارة إليه في هذا الصدد أن المشرع نص في الفصل 136من ق م م على مضاعفة
أجل االستئناف لمصلحة األطراف الذين ليس لهم موطن وال محل إقامة بالمغرب ،غير أن الفصل 26من
القرار الوزيري المؤرخ في 1915/06/03بشأن تفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري ،يقضي بأن يكون
ألطراف الدعوى لزوما موطن مختار يقع في دائرة المحافظة العقارية للمخابرة معهم ،إذا كان محل اإلقامة
الحقيقي يقع خارجا عن منطقة اإلدارة ،وإال فإن اإلعالمات والتنبيهات الموجهة إليهم تعد كأنها واصلة
بمجرد تسليمها لمكتب النيابة العامة ،مما يعني أن الحكم يبلغ في الموطن المحدد بالفصل المذكور ،أو
للنيابة العامة في حالة عدم وجوده ،وكذا عندما يتعلق األمر بالتبليغ عن يوم عرض القضية بالجلسة
(الفصل 44من ظ ت ع).
لقد نص ظ ت ع كما تم تعديله وتتميمه بموجب القانون رقم ،14.07على وسيلتين فقط للطعن
في األحكام الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري ،وهما االستئناف والنقض.
وهكذا نص الفصل 41من ظ ت ع على أن طلب االستئناف يقدم بدون مصاريف على الكيفية
المنصوص عليها في الفصل 141من ق م م ،كما نص الفصل 42من نفس الظهير على تعيين المستشار
المقرر من طرف رئيس المحكمة االستئنافية المحال عليها الملف ،والذي يعمل على أمر المستأنف باإلدالء
بأسباب استئنافه ووسائل دفاعه داخل أجل 15يوما ،وهذا يعني أن المستأنف في قضايا التحفيظ العقاري
غير ملزم بتقديم مقال االستئناف وفق الشروط المنصوص عليها في الفصل 142من ق م م ،وإنما يكتفي
بتقديم طلب االستئناف للمحكمة التي أصدرت الحكم المستأنف ،ما دام أن القانون الواجب التطبيق هو
ظهير التحفيظ العقاري الذي لم يلزمه بذلك ،وهذا ما قرره المجلس األعلى في أحد ق ارراته عندما اعتبر ما
يلي ... « :حقا فإنه بالنسبة لألحكام التي تصدر في نطاق مسطرة التحفيظ ،فإنه بمقتضى الفصل 42من
ظهير 12غشت 1913المتعلق بالتحفيظ الذي هو القانون الواجب التطبيق دون غيره ،يكفي أن يقدم
التصريح باالستئناف داخل األجل القانوني ،أما أوجه االستئناف فإن األجل يظل مفتوحا لتقديمها ولو خارج
األجل القانوني لالستئناف ما لم يوجه إلى المستأنفين إشعار بذلك وفق ما ينص عليه الفصل 42المذكور،
وأن المحكمة لما قضت بعدم قبول استئناف الطاعنين بعلة أنهم لم يقدموا أوجه استئنافهم ،دون أن يكون
قد وجه إليهم إشعار بذلك ،تكون قد أساءت تطبيق المقتضيات المذكورة وعرضت قرارها للنقض».
ولعل العلة من وراء إعفاء المستأنف من هذه البيانات ،تكمن في أن الحكم االبتدائي ال يبلغ كامال
للمحكوم عليه وإنما يبلغ بمجرد ملخص عنه ،كما أن نسخة الحكم ترفق وجوبا بالملف الكامل المحال على
كتابة ضبط محكمة االستئناف وهي تتضمن سائر البيانات الضرورية.
14
كما تجدر اإلشارة ،أن المشرع لم يرتب أي جزاء على عدم استجابة المستأنف ألمر المستشار
المقرر القاضي ببيا ن أوجه استئنافه رغم إنذاره بذلك ،وفي هذا الصدد اعتبر المجلس األعلى أنه ال يمكن
للمحكمة الحكم بعدم قبول االستئناف ،ألنها في مادة التحفيظ تكون ملزمة بالنظر في القضية بناء على
األوراق والوثائق الموجودة بالملف.
ويتبين كذلك من خالل الفصل 42المذكور ،أن المستشار المقرر غير ملزم بتبليغ مقال االستئناف
للمستأنف عليه وال بتبليغ المستأنف جواب المستأنف عليه ،وإنما هو ملزم باستدعاء األطراف المعنية باألمر
لالطالع على ما أدلى به المستأنف.
وباإلضافة إلى االستئناف ،فقد نص المشرع على إمكانية الطعن بالنقض في الق اررات الصادرة في
قضايا التحفيظ العقاري داخل أجل ثالثين يوما من تاريخ التبليغ ،وذلك بواسطة محام مقبول للترافع أمام
محكمة النقض ضمن الشروط المنصوص عليها في الفصل 354وما بعده من ق م م ،هذا وتجدر اإلشارة
في األخير إلى أن الطعن بالنقض له أثر موقف للتنفيذ بالنسبة لقضايا التحفيظ العقاري.
أما بالنسبة للتنفيذ فيتم استنادا لمقتضيات الفقرة الثانية من ظ ت ع بواسطة المحافظ على األمالك
العقارية ،دون أن يعتبر هذا األخير جها از مكلفا بالتنفيذ ،بالمفهوم الذي لكتابة الضبط فيما يرجع لتنفيذ
األحكام الصادرة في القضايا العادية ،وذلك باعتباره سلطة إدارية مستقلة تتمتع بكافة الصالحيات إزاء الحكم
الصادر في نزاع التحفيظ ،حيث يجوز له مراقبة هذه األحكام ،إذ يتأكد من كون نسخة الحكم مشهود
بمطابقتها لألصل من طرف كتابة الضبط وحاملة لتوقيع وخاتم المحكمة ،باإلضافة إلى وجود شهادة بعدم
الطعن التي تفيد اكتساب الحكم لقوة الشيء المقضي به التي تخوله التنفيذ.
ويترتب على تنفيذ الحكم من طرف المحافظ ،عدم تسليم نسخة تنفيذية منه لألطراف ،وإنما االقتصار
على تسليمهم نسخة من الحكم قصد االطالع عليه والطعن فيه إن أمكن.
وتج در اإلشارة إلى أن األحكام الصادرة في قضايا التحفيظ ،ال تعتبر أحكام إلزام وإنما هي أحكام
تقريرية أو إثباتية ،تقضي بوجود الحق المطالب به من قبل المتعرض أو عدم وجوده ،دون أن تلزم المحكوم
عليه بأداء معين أو تحدث تغيي ار في الحق أو المركز المتنازع عليه ،أي أنها تحقق الحماية القانونية دون
تنفيذ.
وبالرغم مما قيل عن األحكام التقريرية ،بأنها ال تحتاج إلى قوة تنفيذية وال يجوز شمولها بالنفاذ
المعجل ،فإن هناك حاالت منح من خاللها المشرع قوة تنفيذية ،كحالة الحكم القاضي بصحة التعرض،
فرغم أن هذا الحكم تقريري ألنه ال يترتب ع نه إفراغ طالب التحفيظ من العقار المحكوم بصحة التعرض
15
عليه ،إال أنه يترتب عليه إلغاء التحديد المؤقت بقوة القانون ،ويلزم المحافظ طالب التحفيظ بمحو آثاره ولو
على نفقته بالقوة العمومية في حالة امتناعه عن ذلك بعد توصله بإنذار من المحافظ العقاري ،وذلك طبق
لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 38من ظ ت ع ،سواء تعلق األمر بتعرض كلي أو بتعرض جزئي.
كما أن األحكام الصادرة في شأن التعرضات أثناء جريان الدعوى ،يكون لها فيما بين األطراف
مفعول قوة الشيء المقضي به طبقا لمقتضيات الفقرة الرابعة من الفصل 38من ظ ت ع ،إذا استنفدت
جميع طرق الطعن المنصوص عليها في ظ ت ع ،وهكذا يمكن القول بأنه يمكن رفع دعوى في مواجهة
المحكوم عليه الذي لم يلتزم بما ورد في هذه األحكام ،إللزامه بكف االعتداء عن حقوق المحكوم له وتعويضه
عن الضرر ،فيصدر إثر ذلك حكم قابل للتنفيذ الجبري.
وخالصة القول ،إن الحكم الصادر في دعوى التحفيظ ال يشكل سندا تنفيذيا يبرر طرد الحائز
المادي للعقار سواء كان طالبا للتحفيظ حكم بصحة التعرض ضد مطلبه ،أو متعرضا حكم بعدم صحة
تعرضه أو أحدا من األغيار ،بل يجب على المحكوم لصالحه في نزاع التحفيظ العقاري ،أن يرفع دعوى
في الموضوع من جديد أم ام المحكمة من أجل اإلفراغ استنادا على األحكام الصادر لصالحه .أما بالنسبة
لمسطرة التحفيظ فإن المحافظ العقاري بعد التأكد من قابلية الحكم أو القرار للتنفيذ يتخذ وحده ق ار ار بشأن
مطلب التحفيظ ،إما بالتحفيظ في حالة صدور حكم بعدم صحة التعرض ،أو نشر خالصة إصالحية وفق
مقتضيات الفصل 83ظ.ت.ع في حالة صدور حكم بصحة التعرضات ،ويفتح أجل شهرين للتعرض على
الحقوق المعلن عنها بموجب الخالصة اإلصالحية ،وهذا ما سنتناوله بشيء من التفصيل في المحور
الموالي.
بعد اكتساب الحكم الصادر في دعوى التحفيظ العقاري قوة الشيء المقضي به ،فإن الملف يعاد
إلى المحافظ العقاري ،الذي له وحده اختصاص البت في مطلب التحفيظ ،حتى إذا انتهى إلى اتخاذ قرار
بالتحفيظ وتأسيس الرسم العقاري (المطلب األول) ،نشأت عن ذلك مرحلة جديدة في حياة العقار أال وهي
مرحلة التقييدات ( المطلب الثاني)
قبل الحديث عن تأسيس الرسم العقاري واآلثار المترتبة عن ذلك (الفقرة الثانية) سنتحدث في مرحلة
أولى عن الق اررات التي يتخذها المحافظ على األمالك العقاري في شأن مطالب التحفيظ المعروضة عليه
(الفقرة األولى)
16
الفقرة األولى :قرارات المحافظ على األمالك العقارية في شأن مطالب التحفيظ
إن قرار المحافظ العقاري ال يخرج في شأن مطالب التحفيظ عن ق اررين إما التحفيظ (أوال) أو عدم
التحفيظ (ثانيا)
قد يتخذ المحافظ العقاري ق ارره بتحفيظ العقار في حالة عدم وجود تعرضات (أ) أو في حالة البت
في التعرضات من طرف القضاء (ب).
أ) اتخاذ قرار التحفيظ في حالة عدم التعرض على مطلب التحفيظ
بعد فوات أجل التعرض بدون تعرض ،وبعد تأكد المحافظ العقاري من سالمة مسطرتي اإلشهار
والتحديد ومن ص حة الوثائق المدلى بها من طرف طالب التحفيظ وأداء الرسوم المتعلقة بمطلب التحفيظ،
وكذا عدم تداخل المطلب الجاهز للتحفيظ مع مطالب أخرى للتحفيظ أو مع رسم عقاري آخر ،فإن المحافظ
العقاري يصدر ق ارره بتحفيظ الملك موضوع مطلب التحفيظ داخل أجل ثالثة أشهر الموالية النصرام أجل
التعرض (فصل 30ظ ت ع) ،وهو أجل قصير جدا خصوصا في بعض الحاالت التي توجد فيها بعض
الصعوبات الواقعية ،ولعل هذا ما يفسر العدد الكبير من مطالب التحفيظ التي تجاوزت هذا األجل دون أن
يتخذ فيها قرار بالتحفيظ.
يمكن للمحافظ العقاري كذلك اتخاذ قرار تحفيظ الجزء الذي لم يطله التعرض في حالة التعرض
الجزئي ،وهذه اإلمكانية المتاحة للمحافظ هي من التعديالت المهمة التي جاء بها المشرع بموجب القانون
رقم 14.07على الفقرة الثانية من الفصل 31من ظ ت ع ،وفي هذه الحالة يتعين على المحافظ إجراء
تحديد تكميلي ،قصد فرز الوعاء العقاري الغير مشمول بالتعرض ،وذلك قبل تأسيس رسم عقاري لهذا الجزء
غير المتعرض عليه.
كما يمكن للمحافظ العقاري أن يتخذ ق ار ار بالتحفيظ في حالة رفع التعرض سواء تلقائيا من طرف
المتعرض ،أو بناء على اتفاق صلح بينه وبين طالب التحفيظ ،حيث يتنازل بموجبه هذا األخير عن تعرضه
أو طالب التحفيظ عن الجزء المتعرض عليه ،أو سواء تم الصلح بناء على تدخل من المحافظ العقاري طبقا
لمقتضيات الفقرة الرابعة من الفصل 31من ظ ت ع ،حيث يحرر الصلح في وثيقة كتابية مستوفية لشروط
صحتها ،أو بموجب محضر من طرف المحافظ العقاري وموقع عليه من األطراف.
17
وتجدر اإلشارة في األخير ،أنه في حالة وجود حقوق عينية قابلة للتقييد أو حقوق مودعة طبقا
للفصل 84من ظ ت ع ،فإن المحافظ العقاري ال ينبغي له أن يغفل هذه الحقوق عند تأسيس الرسم العقاري
لفائدة طالب التحفيظ.
ب) اتخاذ قرار التحفيظ في حالة البت القضائي في التعرضات
في حالة الحكم بعدم صحة التعرض وصيرورة الحكم نهائيا حائ از لقوة الشيء المقضي به ،فإن
المحافظ العقاري كما قلنا له وحده صالحية قبول مطلب التحفيظ وبالتالي تأسيس الرسم العقاري أو رفض
هذا المطلب (الفصل 37فقرة .)2
وهكذا فإن المحافظ العقاري في حالة اتخاذ قرار التحفيظ ،يعمل على تحفيظ العقار في اسم طالب
التحفيظ ،مع مالحظة أن المشرع لم يقيد المحافظ العقاري في هذه الحالة بأي أجل للتحفيظ ،خالفا لما هو
منصوص عليه في الفصل 30من ظ ت ع المشار إليه سابقا.
أما في حالة الحكم بصحة التعرض ،فإنه استنادا لمقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل 83المحال
عليها بموجب الفقرة األخيرة من الفص 37من ظ ت ع ،والتي تنص على ما يلي " :يكتسب صاحب الحق
المنشأ أو المغير أو المقر به صفة طالب التحفيظ في حدود الحق المعترف به" ،يتعين على المتعرض
تقديم طلب متاب عة إجراءات مسطرة التحفيظ من خالل نشر خالصة إصالحية وإعالن جديد عن انتهاء
التحديد ،مع أداء وجيبات المحافظ العقارية المستحقة عن ذلك.
والعلة من ذلك هو اإلعالن عن اكتساب المتعرض لصفة طالب التحفيظ ،استنادا إلى الحكم
القضائي النهائي القاضي بصحة تعرضه ،وأن األمر لم يعد يتعلق بطالب التحفيظ األول الذي فقد هذه
الصفة بالنسبة للحق المحكوم به لفائدة المتعرض ،ويترتب عن نشر اإلعالن عن انتهاء التحديد ،فتح أجل
شهرين للتعرض ،والذي ال يمكن أن ينصب سوى على هذا الحق أو الحقوق المعلن عنها بموجب الخالصة
اإلصالحية للمطلب المعني.
وهكذا بعد انتهاء أجل التعرض بدون تعرض ،وبعد دراسة مدى إمكانية تطبيق الحكم القاضي
بصحة التعرض ،فإن مسطرة التحفيظ تتابع في اسم المتعرض الذي اكتسب صفة طالب التحفيظ وفق ما
أشير إليه أعاله.
أما في الحالة التي ال يتقدم فيها هذا المتعرض بطلب متابعة إجراءات التحفيظ في اسمه ،فيتعين
على المحافظ العقاري -حسب حاالت التعرض المحكوم بها – القيام بما يلي:
18
)1بالنسبة للحكم القاضي بصحة التعرض الكلي :في هذه الحالة يتعين على المحافظ العقاري
إنذار المتعرض ،قصد استئناف مسطرة التحفيظ في اسمه داخل أجل 3أشهر من يوم تبليغه باإلنذار،
وذلك تحت طائلة إلغاء مطلب التحفيظ طبقا للفصل 50من ظ ت ع.
)2بالنسبة للحكم القاضي بصحة التعرض الجزئي :يمكن للمحافظ في هذه الحالة ،بعد التأكد من
تحديد وعاء التعرض سواء خالل المرحلة اإلدارية أو القضائية طبقا للفصل 25من ظ ت ع ،تحفيظ الجزء
الذي ال يشمله التعرض طبقا لمقتضيات الفصلين 30و 31من ظ ت ع.
أما التعرض الجزئي المحدد والمحكوم بصحته ،فيتعين على المحافظ أن ينذر هذا المتعرض قصد
متابعة مسطرة التحفيظ باسمه بعدما اكتسب صفة طالب التحفيظ ،وذلك خالل أجل 3أشهر من تاريخ
تبليغ اإلنذار ،تحت طائلة إلغاء الجزء المتعرض عليه من مطلب التحفيظ طبقا للفصل 50من ظ ت ع.
)3بالنسبة للحكم القاضي بصحة التعرض الجزئي بدون تحديد وعائه :إذا قضت المحكمة بصحة
تعرض جزئي لم يتم تحديد وعائه ،فإنه يمكن لطالب التحفيظ أو المتعرض تقديم طلب إجراء تحديد تكميلي
لوعاء التعرض المحكوم بصحته بحضور جميع األطراف المعنية ،حيث يتم تحفيظ الجزء الذي ال يشمله
أي تعرض ،ومتابعة إجراءات تحفيظ الجزء المحكوم به لفائدة المتعرض .فإذا تعذر تحديد وعاء هذا التعرض
الجزئي ،أمكن للمحافظ إحالة الملف من جديد على المحكمة قصد تحديده طبقا لمقتضيات الفقرة األخيرة
من الفصل 25والفصل 37من ظ ت ع.
)4بالنسبة للحكم القاضي بصحة التعرض على حقوق مشاعة :فإذا كانت هذه الحقوق محددة،
فإنه يتم التشطيب على الت عرض ويتعين استئناف مسطرة التحفيظ بطلب من المتعرض أو طالب التحفيظ،
وذلك بنشر خالصة إصالحية وإعالن عن انتهاء التحديد في اسم طالب التحفيظ والمتعرض المحكوم له
بحقوق مشاعة.
أما إذا كانت هذه الحقوق غير محددة ولم تبين المحكمة نصيب المتعرض أو نصيب كل متعرض،
فإنه ي تعين في حالة عدم االتفاق على نصيب كل واحد منهم ،إرجاع المطلب إلى المحكمة قصد تحديد
الحقوق المشاعة المحكوم بها ،وذلك طبقا للفقرة الثالثة من الفصل 37من ظ ت ع.
)5بالنسبة للحكم القاضي بصحة تعرضين أو عدة تعرضات بخصوص نفس الوعاء العقاري :في
هذه الحالة يتعين على المحافظ العقاري دعوة المتعرضين إلى إمكانية متابعة إجراءات التحفيظ ،بعد اإلدالء
بما يفيد اتفاقهم على تحديد حصة كل متعرض من الوعاء العقاري ،أو ما يفيد التسوية بينهم (الصلح) تحت
طائلة رفض مطلب التحفيظ كليا أو جزئيا طبقا للفقرة الثانية من الفصل 37من ظ ت ع.
19
وتجدر اإلشارة أنه في حالة الصلح أثناء جريان الدعوى ،فإن المحكمة تشهد على هذا الصلح
وتحيل الملف على المحافظ ،الذي يقوم إذا ارتأى ذلك بالتحفيظ بناء على اتفاق األطراف.
)6بالنسبة للحكم القاضي بصحة التعرضات المتبادلة بين مطلبين أو عدة مطالب للتحفيظ :نميز
في هذه الحالة بين التداخل الكلي بين مطالب التحفيظ ،حيث يقوم المحافظ العقاري بالتشطيب على التعرض
المتبادل بمطلب التحفيظ المعني ،ويتخذ قرار رفض مطلب التحفيظ الذي قضى الحكم بعدم صحته ،ثم
يبت في شأن متابعة إجراءات تحفيظ المطلب الذي قضى الحكم بصحته.
وبين حالة التداخل الجزئي بين مطالب التحفيظ ،حيث يقوم المحافظ بالرفض الجزئي للمطلب أو
المطالب التي حكم القضاء بعدم صحتها في حدود التداخل بين هذه المطالب ،ثم يبت في المطلب أو
ال مطالب التي قضى الحكم بصحة التعرض الناتج عن التداخل الجزئي لفائدتها.
وتجدر اإلشارة في األخير إلى أنه يتعين أداء وجيبات التحفيظ في جميع هذه الحاالت السابقة.
نميز في هذا الصدد بين قرار المحافظ العقاري بإلغاء مطلب التحفيظ (أ ) وق ارره برفض التحفيظ (ب).
يتخذ المحافظ العقاري قرار إلغاء مطلب التحفيظ كلما تعلق األمر بحالة من الحاالت التالية:
-عدم حضور طالب التحفيظ لعمليات التحديد هو أو من ينوب عنه ،أو عدم القيام بما يلزم
إلجراء عملية التحديد استنادا لمقتضيات الفقرة األولى من الفصل 23من ظ ت ع.
-تعذر إنجاز عملية التحديد لمرتين متتاليتين بسبب نزاع حول الملك (الفقرة الثانية من الفصل
.)23
-عدم قيام طالب التحفيظ بأي إجراء لمتابعة مسطرة التحفيظ طبقا للفصل 50من ظ ت ع ،وذلك
مثال حسب الحاالت التي أتينا على ذكرها أعاله.
لم يتطرق المشرع المغربي من خالل ظهير التحفيظ العقاري بشكل صريح إلى أسباب رفض مطلب
التحفيظ ،لكن بالرجوع إلى مقتضيات الفصل الثالثين منه ،نجده ينص على أن المحافظ العقاري يقوم
بتحفيظ العقار ،ب عد التحقق من إنجاز جميع اإلجراءات ومن شرعية الطلب وكفاية الحجج المدلى بها ،وعدم
وقوع أي تعرض .أي بمفهوم المخالفة تكون أسباب رفض مطلب التحفيظ راجعة إما لعدم شرعية الطلب،
20
أو لعدم كفاية الحجج المدعمة لطلب التحفيظ .وبذلك فإن المحافظ العقاري له سلطة تقديرية واسعة في
قبول أو رفض طلب التحفيظ.
لكن المشرع رغم هذه السلطة التقديرية التي منحها للمحافظ ،فإنه قيده في مقابل ذلك بموجب الفصل
37مكرر من ظ ت ع ،بضرورة تعليل قرار الرفض وتبليغه لطالب التحفيظ ،الذي له حق الطعن في هذا
القرار أمام المحكمة االبتدائية وكذا االستئناف والنقض.
ويترتب على اتخاذ قرار رفض التحفيظ بعض اآلثار ،حيث يعتبر التحديد المنجز الغيا ويلزم طالب
التحفيظ بمحو آثاره ،فإذا رفض طالب التحفيظ ذلك ،باشر المحافظ محو هذه اآلثار على نفقة طالب
التحفيظ ولو باستخدام القوة العمومية ،وذلك بعد توجيه إنذار إليه طبقا للفصل 38في فقرته الثانية ،وتتخذ
نفس هذه اإلجراءات في حالة الرفض الجزئي الذي يتعين معه تصحيح التحديد وفقا للوضع الجديد ،كما
يترتب على رفض مطلب التحفيظ كال أو بعضا ،إرجاع طالب التحفيظ وجميع المعنيين بالنسبة لكل العقار
أو أجزائه إلى الوضع الذي كانوا عليه قبل الطلب (الفصل .)38
أوال :آثار تأسيس الرسم العقاري بالنسبة للمالك وأصحاب الحقوق العينية
قبل الحديث عن اآلثار المترتبة عن تأسيس الرسم العقاري (أ) ال بأس من الحديث عن هذا الرسم
وبياناته (ب).
يقصد بالرسم العقاري من جهة رسم الملكية أو التمليك الذي يسلم لمالك العقار ،وهو عبارة عن
نسخة من الرسم العقاري الذي يبين وضعية العقار بدقة ،ويقصد به من جهة أخرى الشهادات العقارية
الخاصة ببعض الحقوق العينية التي تثقل العقار ،تسلم لكل شخص ترتب له حق من الحقوق الواجبة التقييد،
لذلك سنتطرق من خالل سنتحدث عن بيانات الرسم العقاري في مرحلة أولى ،قبل أن نتحدث عن نظير
الرسم العقاري والشهادات العقارية الخاصة.
21
)1بيانات الرسم العقاري
يجب أن يشتمل الرسم العقاري عند تأسيسه من طرف المحافظ العقاري ،استنادا لمقتضيات الفصل
52من ظ ت ع كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم 14/07على ما يلي:
وصفا مفصال للعقار من خالل بيان حدوده واألمالك المجاورة والمالصقة له ونوعه ومساحته ،حيث
إن الرسم العقاري يجب أن يعكس الوضعية المادية الحقيقية للعقار.
االسم الشخصي والعائلي للمالك ومحل سكناه وحا لته المدنية وجنسيته ،وإن اقتضى الحال اسم
الزوج والنظام المالي للزواج ،أو كل اتفاق تم طبقا لمقتضيات المادة 49من مدونة األسرة .ويتضمن في
حالة الشياع نفس البيانات المذكورة أعاله ،بالنسبة لكل شريك مع التنصيص على نصيب كل واحد منهم.
وإذا كان المالك شخصا اعتباريا فيجب بيان تسميته وشكله القانوني ومقره االجتماعي وكذا ممثله القانوني.
وإذا تعلق األمر بقاصر أو بغيره من فاقدي األهلية وجبت اإلشارة إلى ذلك بالرسم العقاري مع بيان
سبب فقدان األهلية.
اإلسم الذي تم اختياره للعقار ورقمه الترتيبي ،وتجدر اإلشارة أنه يمكن طبقا للفصل 52مكرر من
ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم ، 14/07للمالك المقيد أن يطلب تغيير اسم
العقار المحفظ ،غير أنه في حالة الشياع تشترط الموافقة الصريحة لكافة الشركاء المقيدين إلمكانية تغيير
هذا اإلسم.
يقيد طلب تغيير اإلسم في سجل اإليداع وينشر بالجريدة الرسمية ،وبعد انصرام 15يوما من تاريخ
هذا النشر يضمن االسم الجديد بالرسم العقاري وبنظيره ويشار إليه الحقا في التقييدات والوثائق.
خريطة تعطي تفصيالت عن العقار من حيث مساحته وحدوده وشكله وترفق بالرسم العقاري حيث
يعطاه رقم ترتيبي واسم خاص به.
وبما أن الرسم العقاري يتصف بصفة الخصوصية ،فإنه ال يشتمل إال على قطعة واحدة مملوكة
لشخص واحد أو مملوكة لعدة اشخاص على الشياع .فصفة الخصوصية تقتضي عدم إقامة رسم عقاري
لعدة قطع ،سواء كانت مملوكة لشخص واحد أو لعدة أشخاص .كما ال يمكن إقامة رسم عقاري لقطعة واحدة
إذا كانت مملوكة لعدة أشخاص ملكية مفرزة غير شائعة.
22
ويترتب على صفة الخصوصية المالزمة لرسم الملكية عدة نتائج كما يلي:
أ -إذا وقع تجزيء عقار بسبب قسمة أو غيرها ،فإنه يباشر تحديد كل قطعة من طرف مهندس
مساح طبوغرافي محلف من جهاز المسح العقاري ،مقيد في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين
الطبوغرافيين ،يقوم بنقل العملية إلى التصميم ،ويؤسس رسم عقاري وتصميم مستقلين لكل جزء من العقار.
ب -يمكن االحتفاظ بالرسم العقاري األصلي للجزء المتبقي من العقار بيد المالك ،وفي هذه الحالة
يقيد به المحافظ على األمالك العقارية جميع البيانات المفيدة ويصحح التصميم نتيجة ذلك.
ج -إذا طلب شخص تحفيظ عقار باسمه ،وكان هذا العقار مجاو ار أو مالصقا لعقار آخر سبق
أن حفظ باسمه ،بحيث يشكل العقاران وحدة عقارية (كتلة عقارية واحدة) ،فإنه يجوز بدل أن يؤسس رسم
خاص بالعقار الجديد أن يصحح الرسم القديم على وجه يعتبر معه الرسم المصحح شامال العقاران معا
اللذان أصبحا يشكالن كتلة عقارية واحدة ،كذلك الشأن إذا حصل أن اقتطع جزء من عقار محفظ ،وانتقل
الجزء المقتطع إلى مالك عقار مجاور محفظ باسمه ،فإنه يمكن بدل أن يؤسس رسم عقاري وخريطة مستقالن
بالجزء المقتطع ،أن يضم هذا الجزء إلى العقار المجاور ويعدل الرسم والخريطة العائدان لهذا العقار بصورة
يصبحان معها شاملين للعقار القديم والجزء الجديد المضاف إليه.
د -إذا أراد شخص دمج عدة عقارات محفظة وجعلها جميعا محال لرسم واحد ،بدل أن يكون كل
منها محال لرسم مستقل ،فإنه يستطيع ذلك ،ويؤسس عندها رسم واحد وخريطة جديدة واحدة بالعقارات
جميعها ككتلة واحدة.
وتجدر اإلشارة أن مجموع الرسوم العقارية يشكل ما يعرف بالدفاتر العقارية أو السجالت العقارية
) ،(les livres fonciersكما أن أصل الرسم العقاري يحتفظ به لدى المحافظة العقارية ،ويسلم نظير منه
للمالك في حين تسلم شهادات عقارية خاصة ألصحاب الحقوق العينية ،وهذا ما سنتحدث عنه في الفقرة
الموالية.
نظير الرسم العقاري هو عبارة عن نسخة طبق األصل من الرسم العقاري األصل ،فكل ما يسجله
المحافظ في السجل يعيد تقييده في نظير الرسم العقاري ،وطبقا لمقتضيات الفصل 58من ظ ت ع المعدل
والمتمم بالقانون رقم ،14-07فإنه للمالك دون غيره حق أخذ نظير الرسم العقاري ،ونسخة من التصميم
الملحق به ،ويشهد المحافظ العقاري بصحتهما بإمضائه ووضع خاتم المحافظة العقارية عليه.
23
وحيث إن نظير الرسم العقاري ال يسلم إال للمالك ،وكان الجمهور (األغيار) بحاجة أحيانا للوقوف
على ما ضمن بالسجل العقاري ،أو للحصول على نسخة أو ملخص للوثائق المودعة في المحافظة العقارية،
فإن المشرع حسب الفصل 61من ظ ت ع أوجب على المحافظ العقاري ،عندما يطلب منه ذلك أن يسلم
بيانا عاما أو خاصا بما قيد بالرسم العقاري ،ونسخا من الوثائق المودعة تنفيذا لمقتضيات هذا القانون.
وتجدر اإلشارة أن المشرع بعدما أوضح في ظهير التحفيظ العقاري ،أن كل عقار محفظ يؤسس له
رسم عقاري واحد ،وحصر حق أخذ نسخة عن هذا الرسم بالمالك دون سواه ،نص في الفقرة األخيرة من
الفصل 58المذكور على إمكانية تأسيس شهادات خاصة بالتقييد ،تسلم نسخة عنه لباقي أصحاب الحقوق
العينية وخاصة في حالة الشياع التي ال يسلم فيها إال نظير واحد للشريك المفوض له ذلك.
وقد جاء القرار الوزاري الصادر بتاريخ 20رجب 1333الموافق ل 3يونيو ،1915المتضمن
للتفصيالت التطبيقية لنظام التحفيظ العقاري ،ليوضح األحكام المتعلقة بهذه الشهادات أو الرسوم العقارية
الخاصة ،وتتلخص هذه األحكام فيما يلي:
أوال :باإلضافة إلى الرسم العقاري المؤسس باسم المالك ،يمكن بعد تحفيظ العقار تأسيس رسوم
عقارية خاصة ،بناء على الطلب باسم المنتفع أو صاحب حق الكراء الطويل األمد أو صاحب حق السطحية
أو صاحب حق من الحقوق المتفرعة عن الملكية حسب قواعد الفقه اإلسالمي ،وذلك كي يتاح تسجيل
الحقوق العينية والتكاليف العقارية التي يمكن أن تنشأ على حق االنتفاع أو الكراء الطويل األمد أو حق
السطحية أو الحقوق المتفرعة عن الملكية حسب قواعد الفقه اإلسالمي ،عليها (أي على هذه الرسوم العقارية
الخاصة) طبقا للفصل 17من القرار الوزاري المذكور.
ثانيا :كل صاحب حق من الحقوق المذكورة أعاله ،يمكن منحه نسخة صحيحة تامة عن الرسم
العقاري الخاص الذي طلب تأسيسه ،وتخضع نسخ الرسوم العقارية الخاصة لألحكام التي تطبق على نسخ
رسوم التمليك ،وذلك حسب الفصل 18من القرار الوزاري المذكور.
ثالثا :إذا جرى نقل حق من هذه الحقوق من شخص إلى آخر نتيجة نصرف قانوني ،فإنه يذكر
على الرسم الخاص المؤسس بشأنها وعلى النسخة المطابقة له أسماء أصحاب الحق المتعاقبين (الفصل
19من القرار الوزاري ل 3يونيو .)1915
24
ب) األصل في الرسم العقاري التطهير والنهائية
يترتب عن تأسيس الرسم العقاري من حيث األصل أثران مهمان ( )1ال يسريان استثناء في مواجهة
بعض األمالك (.)2
سنتحدث عن األثر التطهيري للرسم العقاري ( )1.1قبل أن نتحدث عن أثره النهائي (.)2.1
يترتب على سلوك إجراءات التحفيظ وتأسيس الرسم العقاري وفق ما سبق لنا بيانه ،تطهير العقار
من جميع الحقوق السابقة عن تأسيس الرسم العقاري ،والتي لم يتم التعريف بها خالل مرحلة التحفيظ بواسطة
التعرض ،حيث ال يتم االعتداد سوى بالحقوق المضمنة به ،كما يبطل الرسم العقاري ما عداه من الرسوم
(الوثائق) ،بما فيها الرسوم والعقود التي استند عليها طالب التحفيظ عند تقديم مطلب التحفيظ ،حيث يعتبر
مالك العقار المحفظ مالكا بموجب قرار المحافظ العقاري ،وليس استنادا إلى الحجج والوثائق والمستندات
التي أيد ودعم بها مطلبه للتحفيظ ،سواء تعلق األمر بعقد شراء أو إراثة أو هبة أو وصية أو غيرها من
العقود المثبتة للملك.
وقد نصت المادة 12من مرسوم 14يوليو 2014في شأن إجراءات التحفيظ العقاري ،في هذا
الشأن على ما يلي" :عند اتخاذ قرار التحفيظ ،توضع عبارة :وثيقة ملغاة سبق استعمالها في تحفيظ العقار
الذي أسس له الرسم العقاري عدد ،....على العقود والوثائق التي تم االستناد إليها في إيداع مطلب
التحفيظ."......
وهكذا ،فإن الرسم العقاري استنادا للفقرة الثانية من الفصل األول من ظ ت ع ،يطهر العقار من
الحقوق غير الظاهرة وقت تحفيظه ولو كانت مشروعة ،ويعترف بالوجود القانوني للحقوق الظاهرة وقت
التحفيظ -أي تلك الحقوق التي تم التعريف بها أثناء مسطرة التحفيظ -ويضفي عليها صبغة المشروعية
ولو كانت في حقيقتها غير مشروعة.
فقرار تأسيس الرسم العقاري يشكل دليال قاطعا على حق الملكية والحقوق العينية والتحمالت العقارية
المعلن عنها أثناء مسطرة التحفيظ والمسجلة بالرسم العقاري ،لذلك سمي هذا الرسم برسم الملكية أو التمليك.
25
وقد اعتبر المجلس األعلى في قرار له أن "التحفيظ يطهر العقار المحفظ من جميع الشوائب التي
كانت عالقة به قبل التحفيظ ،ويشكل نقطة االنطالق الوحيدة في حياة العقار ،حيث يقطع صلتها نهائيا
بالماضي ..... .وأن هذا التطهير ال يترك مجاال لتطبيق القواعد العامة لاللتزام".
للجواب عن هذا التساؤل ذهب بعض الفقه إلى أن هذا اإلقرار غير جائز ما دام أن قاعدة التطهير
هي قاعدة آمرة ال يجوز االتفاق على مخالفتها ،بينما يرى األستاذ مأمور الكزبري أن هذا اإلقرار يعتبر
بمثابة إنشاء حق جديد الحق على التحفيظ وقابل للمطالبة به وتقييده في السجل العقاري ،دون أن يكون
مبدإ التطهير حائال دون ذلك .ألن هذا المبدأ إنما يتناول الحقوق السابقة على التحفيظ ال الحقوق الالحقة
له.
وال وجه للدفع بعدم وجاهة هذا الرأي الثاني ،بعلة أن اإلقرار ال يصحح العقود الباطلة ما دام أنه
ينصب على عقد أبطله الرسم العقاري طبقا للفصل األول من ظ ت ع ،ألن البطالن المنصوص عليه في
الفصل المذكور ،إنما تنصرف آثاره فيما نحسب إلى إثبات الملكية بغير الرسم العقاري الذي تم تأسيسه بناء
على إجراءات التحفيظ ،وال يقصد منه البطالن المنصوص عليه في ق ل ع الذي يترتب عليه إعدام العقد
من أساسه وفقدانه لكل حجية.
لذلك متى صدر اإلقرار عن المالك الذي حفظ العقار باسمه ،أمكن تقييده في إطار الفصلين 65
و 66من ظ ت ع ،وهذا ما أكدته محكمة النقض في قرار اعتبرت فيه أن « اإلجازة الالحقة لتأسيس الرسم
العقاري لعقد بيع جرى أثناء مسطرة التحفيظ تعتبر بمثابة بيع جديد قابل للتسجيل » ،وهذا اإلقرار لن يكون
له سوى أثر فوري وليس أث ار رجعيا ،أي كما لو أن العقد الذي تم اإلقرار به قد أبرم من تاريخ اإلقرار ،حيث
يبقى معرضا للطعن.
ولعل الجواب عن هذا التساؤل يحيلنا للحديث عن نطاق قاعدة التطهير ،سواء من حيث الموضوع
أو من حيث األشخاص:
-فبالنسبة لنطاق قاعدة التطهير من حيث الموضوع ،نجد أن المشرع حدد الحقوق التي يطهر
منها العقار ،في تلك الحقوق التي لم يتم االحتجاج بها في مرحلة التحفيظ ،دون الحقوق التي نشأت بعد
إنشاء الرسم العقاري ،والتي يمكن ألصحابها أن يطالبوا عينا .لكن ما المقصود بالحقوق التي لم يتم االحتجاج
بها في مرحلة التحفيظ؟ والتي عبر عنها الفصل األول بعبارة « جميع الحقوق السالفة ».
26
إن المقصود بجميع الحقوق هو الحقوق العينية أصلية كانت أو تبعية دون الحقوق الشخصية ،التي
ال تسري عليها قاعدة التطهير ،حسبما يستفاد بشكل ضمني من مقتضيات الفصل 62من ظ ت ع ،التي
حصرت نطاق قاعدة التطهير في الحقوق العينية والتحمالت العقارية ال غير ،وهذا ما أكده قضاء النقض
عندما اعتبر أن « قاعدة التطهير تظل قاعدة خاصة بالحقوق العينية القابلة للتسجيل في الرسم العقاري وال
تتعداها للحقوق الشخصية الملقاة على المالك للعقار المراد تحفيظه » ،ومن أمثلة ذلك عقد المغارسة الذي
يبرمه مالك األرض قبل التحفيظ مع أحد األشخاص ،حيث إن حق المغارس قبل إطعام األشجار هو حق
شخصي ،وال يتحول إلى حق عيني إال بعد اإلطعام طبقا للفصل 267من مدونة الحقوق العينية .لذلك تم
نقض قرار استئنافي بعلة أن « قاعدة التطهير ال تنسحب على الحقوق الشخصية التي يلتزم بها المالك
للعقار المراد تحفيظه ،وتبقى تبعا لذلك ملزمة له ولو حّفظ العقار ...وسواء نشأت قبل التحفيظ أو أثناءه،
والمحكمة لما اعتبرت قاعدة التطهير المذكورة سارية حتى على عقد الوعد بالبيع لم تركز قضاءها على
أساس وعللته تعليال فاسدا.
أما المقصود بكلمة السالفة في عبارة " الحقوق السالفة " ،فقد عرفت نقاشا فقهيا بخصوص اقتصارها
على الحقوق العينية التي نشأت قبل وضع مطلب التحفيظ ،دون الحقوق التي نشأت خالل جريان مسطرة
التحفيظ ،التي ال يفقد صاحبها حق المطالبة بها ولو بعد تأسيس الرسم العقاري حسبما يستفاد ضمنا من
الفصل 84من ظ ت ع .كما تأرجح العمل القضائي بخصوص هذه النقطة ،فبعد أن اعتبر أنه « ليس
هناك ما يلزم المشتري من طالب التحفيظ باإلعالن عن شرائه ،وأن الفصلين 83و 84من ظ ت ع يحفظان
فقط رتبة الحق في مواجهة األغيار » اعتبر في قرار آخر أن « قاعدة التطهير قاعدة مطلقة تسري على
جميع الحقوق العينية المسكوت عنها أثناء جريان مسطرة التحفيظ دون تمييز بين تلك التي تكون قد نشأت
قبل وضع مطلب التحفيظ أو بعده » ليعود قضاء النقض في قرار له بتاريخ 05أبريل 2011إلى موقفه
األول معتب ار ما يلي « :لكن حيث إن قاعدة التطهير المنصوص عليها بالفصل الثاني من 1913/08/12
المتعلق بالتحفيظ العقاري قاصرة على الحقوق واالتفاقات العينية المحتج بها من طرف الغير ،حيث يتعين
أن يعلن عنها أثناء مسطرة التحفيظ حتى يتمكن من االحتجاج بها طبقا للفصل 84من نفس القانون ،وال
تنصرف إلى ما ينشأ أثناء مسطرة التحفيظ من حقوق بتصرف من طالب التحفيظ الذي أصبح مالكا ،حيث
يحق للمستفيد منها مطالبته بتنفيذها عينا ،وليس في ذلك أي مساس أو إهدار لحجية الرسم العقاري ،ألن
إنشاء هذا الرسم لم يزد ملكية صاحبه إال تثبيتا وتدعيما ،وال يسوغ له أن يتحلل من تصرفاته واتفاقاته التي
أنشأنها على هذا الرسم قبل إقامته »...ولعله الموقف األقرب إلى تحقيق العدالة ،خصوصا في الحالة التي
ال تنشأ فيها على هذا العقار حقوقا لفائدة الغير حسن النية.
27
-وبالنسبة لنطاق قاعدة التطهير من حيث األشخاص ،فلقد ذهب بعض الفقه إلى أن قاعدة
التطهير تسري في مواجهة جميع األشخاص الذين لم يعلنوا عن حقوقهم خالل جريان مسطرة التحفيظ ،دون
تمييز بين الخلف الخاص أو الغير طبقا لمقتضيات الفصلين 1و 62من ظ ت ع ،ما دام أن نظام التحفيظ
العقاري ال يرمي فقط إلى حماية حقوق الغير ،وإنما يهدف أيضا إلى تحقيق نوع من االستقرار للملكية
العقارية ،بإعطاء العقار رسما نهائيا يوفر له الثبات والوضوح ويجعله خاليا من من كل ادعاء ولو من
الخلف الخاص .وهذا ما استقر عليه عمل القضاء منذ عهد الحماية ،من ذلك القرار عدد 2015/1/8/849
الصادر بتاريخ 21يوليوز 2015الذي اعتبر أنه « طبقا لمقتضيات الفصلين 1و 62من ظ ت ع ،فإن
تحفيظ العقار يترتب عنه تأسيس رسم عقاري وبطالن ما عداه من الرسوم وتطهير الملك من جميع الحقوق
السالفة غير المصمنة به ...وقاعدة التطهير هذه هي قاعدة عامة وآمرة ،وال مجال معها إلعمال االستثناء
الذي اعتمده القرار المطعون فيه ،وذلك لعدم وجود نص قانوني يقضي بذلك».؛
بينما ذهب جانب آخر من الفقه إلى عدم التمسك بحرفية الفصلين 1و 62من ظ ت ع ،والقول
بضرورة حصر نطاق قاعدة التطهير على الغير فقط ،دون الخلف الخاص لطالب التحفيظ استنادا لمبادئ
العدالة واإلنصاف والمنطق القانوني السليم ،ذلك أن من يطالب بتقييد حق اكتسبه من طالب التحفيظ قبل
إتمام عملية التحفيظ ،والذي لم يبرزه أثناء هذه العملية ،ال ينازع في حقيقة األمر في ملكية سلفه بل على
العكس يؤيدها من خالل المطالبة بحقه الذي استمده من هذا المالك ،خاصة إذا كان هذا األخير لم يرتب
بعد التحفيظ حقوقا للغير تتأثر بإقرار حق الخلف الخاص .ولعل هذا ما أقره قضاء النقض حينما اعتبر أن
« قاعدة التطهير المنصوص عليها في الفصل 62من ظهير 12غشت 1913قاصرة على الحقوق
واالتفاقات المحتج بها من لدن الغير الذي يتعين عليه أن يعلن عنها أثناء مسطرة التحفيظ طبقا لمقتضيات
الفصل 84من نفس القانون ،وال يحتج بها على الخلف الخاص الذي انتقل إليه العقار من طالب التحفيظ
الذي أصبح مالكا للرسم العقاري الذي لم يزده هذا الرسم إال تثبيتا لملكيته و ال يسوغ له أن يتحلل من
تصرفاته والتزاماته التي أبرمها بشأنه قبل إنشاء الرسم العقاري » و تم تأكيده مؤخ ار بجميع غرف محكمة
النقض بتاريخ 2020/06/30بموجب القرار عدد .2/189
باإلضافة إلى األثر التطهيري يترتب على تأسيس الرسم العقاري أثر بالغ األهمية ويتجلى في نهائية
الرسم العقاري ،أي أنه طبقا لمقتضيات الفصل 62من ظ ت ع يكون قرار المحافظ العقاري بتأسيس الرسم
العقاري ،ق ار ار نهائيا ال يقبل أي وجه من أوجه الطعن ،فال يمكن إطالقا إلغاؤه أو تغييره سواء من طرف
28
المحافظ العقاري نفسه أو من طرف القضاء ،وبالرغم من أن ق اررات المحافظ العقاري هي ق اررات إدارية
واجبة التعليل ،فإن المشرع لم يلزم المحافظ العقاري بضرورة تعليل ق ارره في هذا الصدد.
وهذا األثر النهائي للرسم العقاري ال يشمل فقط حق الملكية العقارية لطالب التحفيظ ،بل يشمل
كذلك جميع الحقوق العينية واالرتفاقات العقارية ،المؤسسة على العقار والتي تم التعريف بها خالل مرحلة
التحفيظ ،وتم قبولها من طرف المحافظ أو تم الحكم بصحتها من طرف القضاء ،وهذه المقتضيات بطبيعة
الحال هي مقتضيات آمرة ال يجوز االتفاق على مخالفتها.
-أن الرسم العقاري يعتبر نقطة االنطالق الوحيدة للحقوق العينية والتحمالت العقارية المترتبة على
العقار وقت تحفيظه (الفصل 62من ظ ت ع)؛
-عدم إمكانية اكتساب أي حق عيني على العقار المحفظ عن طريق التقادم ،طبقا للفصل 63
من ظ ت ع سواء تعلق األمر بالتقادم المسقط أو التقادم المكسب ،فهذا التقادم ال يفيد في مواجهة ما ضمن
بالرسم العقاري .وبذلك فإن التحفيظ هو وسيلة يستطيع بمقتضاها مالك الرسم العقاري أن يحمي حقه ولو
لم يستعمله لمدة طويلة ،حيث ال تنفع الحائز حيازته للعقار المحفظ في اكتساب ملكيته مهما طال أمد هذه
الحيازة ،وذلك بخالف بحيازة العقار غير المحفظ.
وقد اعتبر المجلس األعلى في قرار له ،أن "إقامة الرسم العقاري له صفة نهائية ال تقبل الطعن
ويحسم كل نزاع يتعلق بالعقار ،وال يمكن االحتجاج بأي حق عيني سابق على التحفيظ لم يسجل على الرسم
العقاري .....والشراء الذي أبرم قبل التحفيظ ولم يقع اإلدالء به أثناء مسطرة التحفيظ ال يمكن االحتجاج
به فيما بعد ما لم يقر به البائع ".
وتجدر اإلشارة إلى أن اكتساب الرسم العقاري للصفة النهائية ،هو قول ينسحب على الرسم العقاري
الذي يتم تأسيسه نتيجة اتخاذ إجراءات التحفيظ ،دون الرسم العقاري المستخرج عن طريق التجزئة ،الذي
يتم تأسيسه نتيجة بعض التصرفات الالحقة لقرار التحفيظ ،كالقسمة أو البيوعات الجزئية للعقار المحفظ،
ففي هذه الحاالت ال يعتبر هذا الرسم العقاري نهائيا بل يبقى قابال للتغيير ،وخاضعا لمقتضيات الفصل 91
من ظ ت ع كسائر التقييدات الالحقة على إنشاء الرسم العقاري.
لقد سبقت اإلشارة إلى أن الحقوق التي ال يشملها قرار التحفيظ وال تندرج ضمن مضمنات السجل
العقاري ،ال يمكن ألصحابها المطالبة بها نتيجة األثر التطهيري والنهائي للرسم العقاري ،وذلك مهما كانت
األسباب التي منعت صاحبها من التصريح بها خالل مسطرة التحفيظ ،بل ولو تم اتخاذ قرار التحفيظ نتيجة
تدليس ،حيث ال يبقى لصاحبها في نطاق ظهير التحفيظ العقاري سوى رفع دعوى للمطالبة بالتعويض (أ)
مع إمكانية المطالبة باسترداد الثمن طبقا لمقتضيات قانون االلتزامات والعقود (ب).
ينص الفصل 64م ظ ت ع على أنه " ال يمكن إقامة أي دعوى في العقار بسبب حق وقع اإلضرار
به من جراء التحفيظ .يمكن للمتضررين في حالة التدليس فقط أن يقيموا على مرتكب التدليس دعوى
شخصية بأداء تعويضات ،".....فاستنادا لهذه المقتضيات ال يحق لمن تضررت حقوقه من قرار المحافظ
بالتحفيظ ،سوى رفع دعوى للمطالبة بالتعويض عما أصابه من ضرر ،وهذه الدعوى ال يمكن رفعها إال إذا
تم اتخاذ قرار التحفيظ بفعل التدليس ،حيث يتعين في هذه الحالة رفع دعوى شخصية في مواجهة المدلس
سواء كان طالب التحفيظ أو غيره من مستخدمي الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري
والخرائطية ،وذلك للمطالبة كما قلنا بالتعويض فقط.
وإذا كان التدليس عموما هو استعمال الطرق االحتيالية قصد إيقاع المتعاقد في غلط يدفعه إلى
التعاقد ،فإن واقعة التدليس في مجال التحفيظ العقاري ،تتحقق بمجرد تقديم مطلب تحفيظ عقار يعلم مقدمه
(أي طالب التحفيظ) بأن العقار موضوع المطلب غير مملوك له أو لم يعد مملوكا له ،بحيث يعطى للتدليس
مفهوما واسعا ال يشترط معه لقيامه استعمال الطرق االحتيالية ،بل يتحقق التدليس بكل تصرف صادر عن
سوء نية بقصد اإلضرار بالغير أو الحصول على منفعة شخصية.
وهكذا يدخل في أعمال التدليس في مجال التحفيظ العقاري إخفاء الحقيقة ،فالبائع الذي يقدم مطلب
تحفيظ عقار بعد بيعه ويستصدر رسما عقاريا باسمه ،يعتبر مرتكبا للتدليس ويكون ملزما بدفع التعويض
لفائدة المشتري الذي ضاع عليه حقه بسبب هذا التحفيظ .وهذا ما استقر عليه عمل القضاء ،حيث اعتبر
المجلس األعلى أن "تحفيظ العقار في اسم البائع بعد بيعه يعد تدليسا ضد المشتري موجبا للتعويض".
30
وطبقا لمقتضيات الفصل 64المشار إليه أعاله ،فإن دعوى التعويض ترفع في مواجهة مرتكب
التدليس ،سواء كان طالب التحفيظ أو المحافظ العقاري أو غيرهما ،وتعتبر مسؤولية المدلس في هذه الحالة
مسؤولية شخصي ة ،حيث تستخلص التعويضات المحكوم بها من ذمته المالية.
وتجدر اإلشارة في هذا الصدد ،أنه في حالة إعسار المدلس نص المشرع بموجب الفقرة األخيرة
من الفصل ،64على حلول صندوق التأمينات المحدث بموجب الفصل 100من ظ ت ع محل المدلس
في أداء التعويض .غير أنه بالرجوع إلى الفصل 100المذكور ،نجده ينص على أن هذا الصندوق يضمن
فقط المحافظ العام أو المحافظين على األمالك العقارية ويحل محلهم في أداء التعويض للمتضرر حالة
إعسارهم ،مما يطرح التساؤل حول مدى إمكانية حلول هذا الصندوق محل غير المحافظ على األمالك
العقارية متى كان هو المدلس (طالب التحفيظ أو أحد المستخدمين)؟
لقد سبقت اإلشارة إلى عدم إمكانية رفع أي دعوى في نطاق ظهير التحفيظ العقاري لمن تضرر
من قرار التحفيظ ،سوى للمطالبة بالتعويض في حالة وجود التدليس فقط ،لكن يمكن مع ذلك االستناد إلى
القواعد العامة في إطا ر ظهير االلتزامات والعقود للمطالبة باسترداد الثمن ،في حالة تحفيظ عقار بعد بيعه.
فإذا اشترى شخص عقا ار أو حقا عينيا عقاريا ،ولم يسلك مسطرة اإليداع وال مسطرة الخالصة
اإلصالحية المنصوص عليهما في الفصالن 83و 84من ظ ت ع ،فحفظ العقار في اسم طالب التحفيظ
البائع ،وفقد نتيجة لذلك المشتري حقه بفعل األثر التطهيري للرسم العقاري ،فإن هذا األخير يحق له رفع
دعوى للمطالبة باسترداد الثمن الذي دفعه للبائع الذي حفظ العقار باسمه ،وال تمنعه هذه الدعوى من إمكانية
المطالبة بالتعويض طبقا للفصل 64المشار إليه أعاله.
وتجد دعوى المطالبة باسترداد الثمن أساسها القانوني في الفصل 70من ق ل ع ،الذي نص على
أنه "يجوز استرداد ما دفع لسبب مستقبل لم يتحقق ،أو لسبب كان موجودا ولكنه زال" ،فسبب حصول البائع
على الثمن هو نقل ملكية العقار المبيع للمشتري وهو سبب زال بسبب تحفيظ العقار المبيع باسمه ،كما تجد
أساسها القانوني في الفصل 66من ق ل ع ،حيث يكون البائع في مثل هذه الحالة قد أثرى على حساب
المشتري ،ومعلوم أن كل من أثرى على حساب الغير دون سبب قانوني ،يكون ملزما بأن يرد لهذا الغير
قدر ما أثرى به في حدود ما لحقه من خسارة.
31
وتجدر اإلشارة في األخير إلى أن الفرق بين هذه الدعوى ودعوى التعويض بسبب التدليس ،يتجلى
في عدم إمكانية رفعها في مواجهة المحافظ العقاري ،وكذا عدم إمكانية حلول صندوق التأمينات محل المثري
على حساب الغير في األداء عند ثبوت إعساره.
ونقصد بعملية التقييد هذه ،تلك العملية الكتابية التي يقوم بها المحافظ العقاري بالسجالت العقارية
والتي لها آثار قانونية ،أي أنها تهدف إلى إشهار إنشاء حق عيني عقاري متعلق بعقار محفظ أو نقله أو
تغييره أو إنهائه (التشطيب عليه) ،كما قد توجد حقوق عينية مترتبة على عقار محفظ ،غير أنها غير مكتملة
الوجود أو أنها احتمالية ،حيث ال يمكن تقييدها بالرسم العقاري بشكل نهائي ،لذلك سمح المشرع بإمكانية
تقييدها احتياطيا ،كإجراء احترازي لفائدة أصحابها.
لذلك سنتحدث في فقرة أولى عن التقييدات التي تهدف إلى إثبات وجود حق عيني عقاري أو نقله
أو تعديله ،ثم سنتحدث في فقرة ثانية عن التقييد االحتياطي ،قبل أن نتحدث في فقرة ثالثة عن التشطيب،
باعتباره تقييد سلبي يهدف إلى إثبات انقضاء أو سقوط حق مقيد بالرسم العقاري تقييدا نهائيا أو احتياطيا.
الفقرة األولى :التقييدات الهادفة إلى إثبات وجود حق عيني عقاري أو نقله أو تعديله
لقد سبقت اإلشارة في الحصص السابقة ،أن الرسم العقاري يجب أن يعكس الوضعية القانونية
والمادية الحقيقية للعقار ،لذلك نص المشرع في الفصل 65من ظ ت ع ،على أنه يجب أن تشهر بواسطة
تقييد في الرسم العقاري جميع ما يرد على العقار المحفظ من الوقائع والتصرفات واالتفاقات ،لذلك سنتحدث
عن هذه الحقوق والوقائع الواجبة التقييد أوال ،قبل أن نتحدث عن إجراءات ذلك ثانيا.
األصل في الحقوق الخاضعة للتقييد أن تكون حقوقا عينية متعلقة بالعقار المحفظ ،وهي الحقوق
المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري ،كما تم تغييره وتتميمه بموجب القانون رقم 14.07وفي
32
مدونة الحقوق العينية وبعض القوانين الخاصة ،غير أن المشرع نص استثناء على تقييد بعض الحقوق
الشخصية.
وهكذا حدد المشرع بموجب الفصل 65من ظ ت ع ،الحقوق القابلة للتقييد وذلك كالتالي:
جميع الوقائع أو األ عمال التي يمكن أن تط أر على العقار المحفظ ،أو تلك األعمال المادية التي
من شأنها تغيير طبيعة العقار أو مساحته أو معالمه وشكله كأعمال البناء أو الهدم ،وهكذا فمن يقوم ببناء
عمارة فوق أرضه المحفظة كأرض عارية ،يجب عليه أن يقيد هذه الواقعة (أي واقعة بناء العمارة) لكيال
يبقى الرسم العقاري مشتال فقط على أرض عارية.
التصرفات اإلرادية التي تتم بين األحياء سواء كانت هذه التصرفات مجانية (عقود التبرع) ،كتقييد
الوصية أو عقد الوقف أو الهبة ،أو كانت بعوض (عقود المعاوضة ومن أهمها عقد البيع) عندما تهدف
هذه التصرفات إلى إنشاء حق عيني عقاري أو نقله أو إق ارره أو تغييره أو إسقاطه ،ألن كل تغيير في المراكز
القانونية ألصحاب الحقوق المقيدة بالرسم العقاري يجب أن يشار إليه ويضمن بهذا الرسم العقاري إلمكانية
االحتجاج به في مواجهة األغيار.
األحكام القضائية المكتسبة لقوة الشيء المقضي به وكذا المحاضر واألوامر القضائية المتعلقة
بالحجز العقاري ،الرامية إلى إنشاء حق عيني عقاري أو نقله أو إق ارره أو تغييره او إسقاطه ،أي تلك األحكام
والمحاضر التي تقوم مقام اتفاقات األطراف الرامية إلى تحقيق نفس الغايات من حيث إنشاء حق عيني
عقاري أو نقله أو إق ارره أو تغييره او إسقاطه ،ومن ذلك حاالت بيع العقار بالمزاد العلني في حالة عدم وفاء
المحجوز عليه بدينه ،إذ عندما يصبح محضر إرساء المزايدة نهائيا ،يتم تقييده بالرسم العقاري باسم المزاود
األخير ،ومثل هذا التقييد يطهر العقار من جميع االمتيازات والرهون ،وال يبقى للدائنين من حق إال على
الثمن ،وذلك استنادا لمقتضيات المادة 220من مدونة الحقوق العينية.
انتقال الحقوق العقارية عن طريق اإلرث استنادا لمقتضيات الفصل 82من ظ ت ع ،حيث يتعين
على الورثة اإلسراع في تقييد الحقوق المترتبة لهم عن اإلرث ،ما دام أنهم ال يستطيعون التصرف بالعقار
وال إنشاء حقوق عينية عليه ،وال إقامة الدعاوى بشأنه ،إال إذا تم ذلك التقييد.
التقييدات اإلحتياطية استنادا لمقتضيات الفصل 85من ظ ت ع ،وهذا ما سنفصل الحديث فيه
عندما سنتحدث عن التقييد االحتياطي.
33
وباإلضافة إلى هذه الحقوق الواردة في ظ.ت.ع ،هناك حقوق أخرى منصوص عليها في قوانين
أخرى ومن أهمها:
الرهون اإلجبارية التي تكون بدون رضى المدين طبقا للمادة 171من م.ح.ع؛
الحقوق المكتسبة على المياه العامة المنصوص عليها في الفصول 6إلى 11و 48من القانون
رقم 10.95المتعلق بالماء؛
تصنيف بناء ضمن األبنية األثرية المنصوص عليه في الفصل 19من القانون رقم 22-80
المتعلق بالمحافظة على اآلثار التاريخية والمناظر الطبيعية والكتابات المنقوشة والتحف الفنية؛
محضر إلحاق الطرق والشبكات بالتجزئة العقارية والمجموعات السكنية باألمالك العامة ،استنادا
لمقتضيات الفصل 19من القانون رقم 90-25المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم
العقارات.
أما بالنسبة للحقوق الشخصية الخاضعة للتقييد ،فقد نص المشرع على تقييد عقود كراء العقارات
التي تفوق مدة كرائها 3سنوات ،وكذا كل إبراء من دين أو حوالة لقدر مالي يوازي كراء عقار غير مستحقة
األداء لمدة تزيد عن السنة.
وبالرغم مما سبقت اإلشارة إليه ،فإن هناك استثناءات من التقييد اعتبر فيها المشرع الحق موجودا
بالرغم من عدم تقييده بالرسم العقاري ،أو اعتبره موجودا قبل عملية التقييد.
فبالنسبة للحقوق التي اعتبرها المشرع موجودة بالرغم من عدم تقييدها ،نجد مثال االرتفاقات الطبيعية
أو القانونية ،واالرتفاق كما عرفته المادة 37من مدونة الحقوق العينية " هو حق عيني قوامه تحمل مقرر
على عقار من أجل استعمال أو منفعة عقار يملكه شخص آخر" ،وهذا االرتفاق إما أن ينشأ بحكم الطبيعة
أو القانون أو اتفاق األطراف ،ومن هذه الحقوق المستثناة من التقييد نجد االستثناءات المتعلقة باالمتيازات
العقارية ،وقد حدد المشرع هذه االمتيازات في المصاريف القضائية المنفقة لبيع العقار وتوزيع ثمنه ،وكذا
حقوق الخزينة ،وهذا ما نص عليه المشرع في الفصل 143من م ح ع.
أما بالنسبة للحاالت التي تعتبر فيها الحقوق موجودة قبل تقييدها بالرسم العقاري ،فنجد انتقال الملكية
بسبب الوفاة ،حيث إن إجراءات تقييد الحقوق اإلرثية قد تستغرق مدة من الزمن ،وحيث إن األموال الموروثة
34
ال يمكن أن تعتبر خالل الفترة السابقة للتقييد بدون مالك ،لذلك اعتبر المشرع أن هذه مملوكة للورثة بقوة
القانون وذلك منذ الوفاة قبل تقييد اإلراثة.
ومن هذه الحاالت كذلك ،الرهن االتفاقي بقرض قصير األجل ،حيث يمكن تأجيل تقييد هذا الرهن
بالرسم العقاري لمدة ال تتعدى 90يوما ،وال يترتب عن هذا التأخير في التقييد فقدان الدائن المرتهن لرتبته،
على أن يودع هذا األخير أصل العقد أو نسخة منه مع نظير الرسم العقاري بالمحافظة العقارية ،مع طلب
إجراء تقييد احتياطي واالمتناع عن القيام بأي تقييد آخر برضى المالك طيلة التسعين يوما ابتداء من تاريخ
التقييد االحتياطي.
إذا ثبت هذا ،قلنا إن التقييد بالسجالت العقارية يتم بناء على طلب يتم تقديمه للمحافظ العقاري.
سنتحدث من خالل هذا المطلب عن بيانات طلب التقييد ومبدإ مشروعية التقييد (أ) لنتحدث بعد
ذلك عن آجال التقييد (ب) ثم عن آثار التقييد في (ج).
إن التقييد استنادا لمقتضيات الفصل 69من ظ ت ع ،يتم بناء على طلب يقدم للمحافظ العقاري
والذي يجب أن يتضمن ما يلي:
-تعيين العقار الذي يجب أن يقع عليه التقييد ببيان رقم رسمه العقاري بما له وما عليه من حقوق
وتكاليف؛
-بيان نوع الحق الذي يطلب تقييده ،هل يتعلق بانتقال الملك ،أو حق انتفاع ،أو الرهن ،أو الحبس
(الوقف) ،أو غيره من الحقوق العينية؛
-بيان المعاملة التي انتقل بها هذا الحق إلى المستفيد ،هل يتعلق األمر بالشراء من المالك مثال،
أو يتعلق األمر بالهبة أو الوصية أو الكراء الطويل األمد ،أو الكراء لمدة ثالث سنوات ،مع بيان تاريخ
المعاملة؛
-صفة طالب التقييد هل تقدم بهذا الطلب أصالة عن نفسه أم نيابة عن الغير ،وفي هذه الحالة
األخيرة يتعين بيان طبيعة هذه النيابة ،مع إرفاق الطلب بما يثبت ذلك؛
35
-محل سكن طالب التقييد متى كان واقعا خارج حدود اختصاص المحافظة العقارية ،حيث يتعين
على صاحب الطلب تعيين موطن مختار داخل النفوذ الترابي للمحافظة العقارية الموجود بها العقار موضوع
طلب التقييد؛
-الحالة المدنية لطالب التقييد ،لكي يتأكد المحافظ العقاري من توافر األهلية ومن الحالة العائلية؛
-بيان جنسية طالب التقييد ،ليتأكد المحافظ العقاري من وجود التراخيص الالزمة للتملك عندما
يتعلق األمر بأجنبي.
وتجدر اإلشارة أنه يجب اإلشارة إلى هذه البيانات بالنسبة لكل شخص في حالة تعدد األشخاص
المستفيدين من الحق موضوع طلب التقييد (شركاء مثال في شراء العقار).
واألصل في طلبات التقييد أن تقدم وتتابع في تنفيذها من طرف المفوت ،ألنه هو الملتزم بموجب
العقد بنقل ملكية أو إنشاء الحق العيني المتعاقد بشأنه ،فإذا أبى أو تماطل حق للمفوت إليه أن يطالبه
قضاء بالقيام بعملية التقييد ،الذي تنتقل بموجبه الملكية أو الحق العيني العقاري ،مع ما يترتب على ذلك
من آثار سواء من حيث التمتع بالسلطات التي يخولها هذا الحق ،أو من حيث تحمل تبعة الهالك.
ولقد أوجب المشرع على المحافظ العقاري أن يثبت في سجل خاص يسمى سجل اإليداع ،طلبات
التقييد والوثائق المسلمة إليه بأرقام ترتيبية ،حسب ورودها عليها دون ترك أي بياض بين السطور (فق 1
ف .)76
وال تخفى أهمية هذا السجل بالنسبة للحقوق المقيدة ،حيث إن ترتيب األولوية بين الحقوق المتعلقة
بالعقار الواحد تحدد حسب ترتيب تقييدها ،فلو تقدم مثال الشخص -أ – بطلب تقييد ارتفاق على عقار
محفظ ،وتقدم الشخص -ب – بطلب تقييد رهن رسمي ،فإنه بعد تقييد الطلبين بالرسم العقاري ،يعتبر
العقار المرهون مثقال بحق ارتفاق ،وكذلك الشأن لو قيد زيد رهنا رسميا في سجل اإليداع ،فإن عمرو الذي
قيد رهنه بعد ذلك يأتي بعده في مرتبة هذا الرهن ،لذلك يجب على المحافظ العقاري أن يثبت طلبات التقييد
في سجل اإليداع حسب تسلسل ورودها الزمني ،ويعطي لكل منها رقمه الترتيبي ،مع ذكر الوثائق المرفقة
بالطلب.
فإذا قدمت في آن واحد عدة مطالب للتقييد بخصوص نفس العقار ،فإن المحافظ ينص على ذلك
في سجل اإليداع ويقيدها بنفس الرتبة ،ما لم يتناف بعضها مع بعض حيث يرفض المحافظ العقاري طلب
التقييد في مثل هذه الحاالت استنادا لمقتضيات الفصل 76من ظ ت ع ،كما لو تقدم زيد وعمرو في نفس
36
الوقت بطلب تقييد عقد شراء كل منهما لكامل العقار ،في الحالة التي يبيع فيها المالك نفس العقار لشخصين
مختلفين.
وقرار المحافظ العقاري برفض طلب التقييد ألي سبب كان ،يجب أن يكون معلال كما يجب تبليغه
طبقا للفصل 96من ظ ت ع للمعني باألمر ،الذي له حق الطعن فيه أمام المحكمة االبتدائية خالل أجل
شهر من تاريخ التبليغ.
وتجدر اإلشارة أن التقييدات تخضع لمبدإ أساسي يعرف بمبدإ استمرار التقييد أو تسلسل التقييدات،
حيث إن كل حق يطلب تقييده ،يجب تلقيه مباشرة ممن يكون العقار أو الحق مقيدا باسمه ،فال يمكن أن
يكون هناك انقطاع في التقييدات المتتابعة.
وبخالف مرحلة التحفيظ فإن المشرع أوجب بمقتضى الفصل 72من ظ .ت .ع ،على المحافظ
العقاري التأكد من أهلية وهوية المفوت وكذا من صحة الوثائق المدلى بها تأييدا لطلب التقييد ،سواء من
حيث شكلها أو من حيث مضمونها ،كما أوجب عليه أن يتأكد من مراجع العقار الذي سيقع عليه التحفيظ
من حيث اسمه ورقم رسمه العقاري ومساحته ،ومن أن التقييد ال يتعارض مع البيانات المضمنة بالرسم
العقاري أو مع مقتضيات قانون التحفيظ العقاري وذلك تحت طائلة مسؤوليته الشخصية ،ولعل هذا ما يعرف
بمبدإ مشروعية التقييد ،ذلك أن التقييدات المضمنة بالسجالت العقارية ال تحظى بالقوة المطلقة التي تميزها
إال بسبب وجود مراقبة تضمن صحتها وقوتها ،لذلك أوجب المشرع على المحافظ أن يفحص العقود والسندات
المرفقة بطلبات التقييد ،قصد التأكد من صحتها وعدم بطالنها وقابليتها للتقييد سواء من حيث الشكل أو
المضمون ،تحقيقا لمبدإ مشروعية التقييد الذي ال يسمح سوى بتقييد الحقوق الثابتة المستندة على سبب
صحيح ،وفي هذا السياق فإن المشرع وإن تحدث في الفصل 72عن التأكد من أهلية وهوية المفوت فقط،
إال أن المحافظ رغم ذلك يتعين عليه التأكد من أهلية وهوية المفوت إليه كذلك (هل يتعلق األمر بمغربي أو
أجنبي؟ وهل يتعلق األمر بفوت إليه عديم األهلية؟) ،ليضمن صحة التقييدات واستمرارها.
حدد المشرع في الفصل 65مكرر من ظ ت ع ،أجل تقييد الحقوق العينية العقارية في ثالثة أشهر
يختلف أجل احتسابها باختالف الحاالت:
-وبالنسبة لألحكام القضائية تحتسب ابتداء من تاريخ حيازتها لقوة الشيء المقضي به؛
37
-أما بالنسبة للمحررات العرفية فتحتسب ابتداء من تاريخ آخر تصحيح إمضاء عليها ،هذا مع
مراعاة االستثناءات المنصوص عليها في الفقرتين األخيرتين من هذا الفصل ،المتعلقين بالتقييد االحتياطي
وبالحقوق الشخصية الخاضعة للتقييد التي سبقت اإلشارة إليها.
وبالرغم من أن المشرع المغربي نص على أجل طلب التقييد بالرسم العقاري ،إال أن هذا األجل ليس
أجل سقوط ،يترتب على عدم احترامه سقوط الحق في التقييد ،حيث لم يرتب المشرع على عدم احترام أجل
الثالثة أشهر المذكورة أي جزاء ،باستثناء فرض غرامة تصاعدية % 05بالنسبة للشهر األول و 0,5%عن
الشهر أو الجزء من الشهر الثاني.
فمن اكتسب حقا خاضعا للتقييد ،ال يكون ملزما بتقييده في تاريخ معين وإنما يبقى له الحق في
تقييده متى شاء حسب ظروفه ،وإن كان من شأن اإلسراع بطلب تقييد الحق توفير حماية له ولصاحبه ،ما
دام أن كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إال بتقييده وابتداء من تاريخ
التقييد بالرسم العقاري .فالعبرة لالستفادة من الحق المتعلق بالعقار المحفظ واالحتجاج به في مواجهة األغيار
هي بالتقييد في الرسم العقاري ،مثلما أن العبرة لالستفادة من حق األولوية الذي يترتب عن التقييد ،ليست
لتاريخ العقد وإنما لتاريخ التقييد بالرسم العقاري.
االتجاه األول :تمسك بمقتضيات الفصل 387من ق ل ع الذي ينص على أن الدعاوى الناشئة
عن االلتزام تتقادم بمرور خمسة عشر سنة ،وبذلك فإن الحق في التقييد يتقادم بمرور 15سنة على العقد
المنشئ لهذا الحق ،ويجب على المحافظ في هذه الحالة أن يرفض طلب التقييد المقدم إليه بمرور هذا
األجل.
االتجاه ال ثاني :تمسك بمقتضيات الضمان استنادا للفصل 380من ق ل ع ،الذي يقضي بأن
التقادم ال يسري بالنسبة لدعوى الضمان إال من وقت حصول االستحقاق أو تحقق الفعل الموجب للضمان،
وبذلك فإن حق المشتري في تقييد العقار المبيع باسمه ال يتقادم ،ما دام البائع ملزم بالضمان.
االتجا ه الثالث :اعتبر أن الحق في التقييد يتقادم وفقا للقواعد العامة ،إذا لم يكن البائع ممتنعا عن
التقييد ،وذلك من تاريخ انتقال العقار إلى ورثة المتصرف وتقييده باسمهم في الرسم العقاري.
38
بينما ميز األستاذ محمد خيري عن صواب فيما نعتقد ،بين الحق في التقييد باعتباره إجراء من
اإلجراءات اإلدارية التي ال يطالها التقادم ،وبين دعوى صحة التصرف الموجب للتقييد التي تخضع للتقادم،
فمتى كان التصرف صحيحا إال وكان لصاحبه الحق في تقييده متى شاء دون أن يطاله التقادم ،وإن كان
التأخر في تقييد حقه قد يعرضه لمخاطر ضياع حقه في حالة وجود تقييد آخر .وقد استند األستاذ خيري
فيما ذهب إليه على قرار المجلس األعلى الذي اعتبر أن " دعوى صحة البيع هي التي تتقادم ،أما إجراء
تقييد البيع على الرسم العقاري فال يتقادم ".
إذا كان كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إال بتقييده وابتداء من
تاريخ التقييد ،فإن ذلك يدعونا للتمييز بالنسبة آلثار التقييد وحجيته بين ما إذا تعلق األمر باألطراف أو
األغيار.
فبالنسبة لألطراف :إذا كان تقييد الحق العيني بالرسم العقاري يضمن لصاحبه الوجود والثبات
واالستقرار ،فإن ذلك مشروط بعدم اإلضرار بحقوق األطراف بعضهم ضد بعض ،وكذا إمكانية رفع دعاوى
ضد بعضهم بسبب عدم تنفيذ اتفاقاتهم (الفصل ،)67حيث إذا استند التقييد إلى سند أو عقد معيب قانونا،
فإن صاحب الحق المقيد لن يكون في منئ عن الطعن فيه ،إذ ال يمكن التذرع بأن الحق قد أصبح مقيدا
بالرسم العقاري وأن هذا التقييد يطهره من العيوب التي لحقته ،وذلك بخالف الحقوق الموجودة والمقيدة بالرسم
العقاري عند إنشائه.
فالتقييد وإن كان يحفظ الحقوق المقيدة ويضمنها ويعتبر حجة على صحتها بين األطراف ،فإن ذلك
مشروط بأن يكون التصرف صحيحا ،وعليه فإن ضمان الحق العيني فيما بين األطراف عن طريق تقييده
بالرسم العقاري ،يستوجب أن يتم هذا التقييد بطريقة قانونية ،وبعبارة أخرى فإن للتقييد حجية نسبية فيما بين
األطراف وليست له حجية مطلقة.
أما بالنسبة للغير :وطبقا للفصل 66الذي سبقت اإلشارة إليه ،فإن كل حق عيني متعلق بعقار
محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة له ،ما لم يتم تقييده بالرسم العقاري وابتداء من تاريخ تقييده ،كما أن هذا
الغير الذي استند على ما ضمن بالرسم العقاري من تقييدات ،ال يمكن التمسك في مواجهته بإبطال هذه
التقييدات التي اطمئن إليها ما دام حسن النية.
ويترتب على ما سبق أن التقييدات المضمنة بالسجالت العقارية ،لها قوة ثبوتية مطلقة في مواجهة
الغير حسن النية ،أي أنه تفترض صحة جميع ما ضمن بالرسم العقاري بالنسبة للغير حسن النية ،وهو
39
افتراض ذو طبيعة مطلقة ،بحيث ال يمكن التمسك بأي حال من األحوال باإلبطال أو التغيير الالحق للتقييد،
في مواجهة الغير المقيد عن حسن نية ،طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 66من ظ ت ع ،إذ
ال يمكن أن يلحق به هذا اإلبطال أو التغيير أي ضرر ،باستثناء ما إذا كان صاحب الحق قد تضرر أو
فقد حقه بسبب تدليس أو زور ،حيث يجب عليه في هذه الحالة أن يرفع دعوى للمطالبة بحقه داخل أجل
أربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تغييره أو التشطيب عليه ،وذلك طبقا لما تنص عليه الفقرة
الثانية من المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية ،فيسري تبعا لذلك اإلبطال أو التغيير أو التشطيب على
التقييد المحكوم به ،في مواجهة الكافة بمن فيهم الغير حسن النية.
والمقصود بالغير حسن النية ،ذلك الذي يجهل العيوب أو الشوائب التي تعيب أو تشوب سند أو
عقد من كان قد تلقى الحق عنه ،يوم تلقي هذا الحق وتقييده باسمه في الرسم العقاري .أما الغير سيء النية
فيعامل بنقيض قصده ،ويحرم من كل حق آل إليه ،وال يمكنه التذرع بحجية التقييد ،متى ثبت أنه كان يعلم
بوجود العيب الذي يشوب العقد ،أو أن الحق المقيد بالسجل العقاري قيد بدون وجه حق.
إذا ثبت هذا انتقلنا للحديث عن تقييد آخر وعن اإلمكانية التي خولها المشرع لفائدة بعض ذوي
الحقوق العيينة غير الثابتة ،من أجل ضمان وحماية هذه الحقوق ،أال وهي التقييد االحتياطي.
التقييد االحتياطي هو تقييد مؤقت ،يضمن حقوقا في طور التأسيس أو حقوقا لم تكتمل بعد شروطها
القانونية أو دعاوى عقارية ،والهدف من التقييد هو االحتفاظ المؤقت بحق موجود ،لكنه معلق إما على
انتظار صدور حكم نهائي في الموضوع ،أو انتظار إتمام بعض اإلجراءات المرتبطة بتقييده ،هذا فضال
عن إخبار وإشعار األغيار بطبيعة ونوعية هذه الحقوق ،التي ترتب آثارها في حالة تقييدها تقييدا نهائيا
ابتداء من تاريخ هذا التقييد االحتياطي (وليس من تاريخ التقييد النهائي).
واألصل في التقييد االحتياطي أنه أمر اختياري ،غير أن هناك حاالت اشترط فيها المشرع ضرورة
تقييدها تقييدا احتياطيا ،كما هو الحال بالنسبة للتقييد االحتياطي لدعوى القسمة المتعلقة بالعقار المحفظ،
حيث نصت المادة 316من مدونة الحقوق العينية على عدم قبول دعوى القسمة إال إذا وجهت ضد جميع
الشركاء ،وتم تقييدها تقييدا احتياطيا.
وقد تعرض المشرع للتقييد االحتياطي في الفصل 85من ظ ت ع الذي نص على ما يلي " :يمكن
لكل من يدعي حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا لالحتفاظ به مؤقتا"....
40
والتقييد االحتياطي يكون بناء على أحد األسباب التالية:
لقد خول المشرع لمن يتوفر على سند يثبت حقا على عقار محفظ ،لكن يتعذر على المحافظ العقاري
تقييده على حالته تقييدا نهائيا ،لوجود عيب في هذا السند وجب تصحيحه إلمكانية تقييده ،أن يطلب من
المحافظ العقاري تقييده احتياطيا بالرسم العقاري.
ومدة صالحية هذا النوع من التقييد هي عشرة أيام ،حيث يمكن للمحافظ أن يشطب عليه تلقائيا
بعد انصرام هذه المدة ،وذلك طبقا لمقتضيات الفقرة األولى من الفصل 86من ظ ت ع ،وال يقبل المحافظ
خالل هذه المدة أي تقييد لحق آخر يقتضي إنشاؤه موافقة األطراف.
ثانيا :التقييد االحتياطي بناء على أمر صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية
لقد خول المشرع لصاحب حق خاضع للتقييد بالرسم العقاري ،والذي ال يستطيع تقييده نهائيا ،أن
يستصدر من رئيس المحكمة االبتدائية التي يقع العقار في دائرة نفوذها ،أم ار قصد تقييد هذا الحق تقييدا
احتياطيا ،بعد أن يبين في مقاله األسباب التي حالت دون التقييد النهائي لهذا الحق.
ومدة صالحية هذا التقييد ثالثة أشهر من تاريخ صدور األمر االستعجالي بالتقييد ،ويجوز تمديد
هذه المدة بأمر من رئيس المحكمة االبتدائية بعد رفع دعوى أمام قضاء الموضوع ،حيث يستمر مفعوله بعد
ذلك إلى حين صدور حكم نهائي يفصل في مآل الحق موضوع التقييد االحتياطي.
ثالثا :التقييد االحتياطي بناء على مقال دعوى مرفوعة أمام قضاء الموضوع
خول المشرع كذلك لكل من رفع دعوى أمام قضاء الموضوع للمطالبة بحق عيني خاضع للتقييد،
أن يتقدم بطلب التقييد االحتياطي لهذا الحق إلى المحافظ العقاري ،مع ضرورة إرفاق طلبه بنسخة من مقال
الدعوى االفتتاحي المؤشر عليه من طرف كتابة ضبط المحكمة.
ومدة صالحية هذا التقييد هي شهر قابل للتمديد بأمر من رئيس المحكمة االبتدائية ،الذي يتأكد من
جدية النزاع ،من خالل االطالع على األشواط التي قطعتها الدعوى أمام محكمة الموضوع ،فإذا تمت
االستجابة للطلب استمر مفعول التمديد إلى حين الفصل في الموضوع ،أما إذا تم رفض طلب التمديد فإن
المحافظ العقاري يشطب على التقييد االحتياطي تلقائيا.
41
وفي جميع هذه الحاالت السابقة ،يجب على طالب التقييد االحتياطي أن يقدم للمحافظ العقاري طلبا
مؤرخا وموقعا من طرفه أو من طرف المحافظ العقاري في حالة جهله أو عجزه عن التوقيع .ويجب أن
يتضمن هذا الطلب:
-بيان عند االقتضاء ما يطلب تقييده عند تقييد الحق األصلي (أسباب الفسخ أو قيد على حق
التصرف أو تقييد آخر خالص ،مع بيان الحالة المدنية للمستفيد من التقييد المذكور -الفصل .)-69
وتكمن أهمية التقييد االحتياطي في أنه يخول االستفادة من حق األولوية في الترتيب إزاء كافة
الحقوق المقيدة بعده ،وذلك في حالة التقييد النهائي لهذا الحق ،أي أن أثر الحق المقيد احتياطيا يسري
ابتداء من تاريخ تقييده احتياطيا وليس من تاريخ تقييده بشكل نهائي ،وبذلك يمكن للذي قيد حقه احتياطيا
أن يستوفي حقه ولو انتقل العقار إلى شخص آخر.
وتجدر اإلشارة في األخير ،أن طالب التقييد االحتياطي ال يمكنه أن يقدم طلبا جديدا بناء على
نفس األسباب ،كما أن طلبات التقييد االحتياطية أو التعسفية تعرض صاحبها لغرامة قدرها %10من قيمة
العقار أو الحق المدعى به ،لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية فضال عن أداء تعويض لألطراف في
حالة المطالبة به.
التشطيب هو تقييد من التقييدات التي يقوم بها المحافظ العقاري بالرسم العقاري ،لكنه تقييد سلبي
غايته إثبات انقضاء أو إبطال حق مقيد أو أي تقييد آخر بالرسم العقاري ،فالعلة من إق ارره هي محو آثار
التقييد الذي تعلق به هذا التشطيب ،وذلك بواسطة تضمين بيان بالرسم العقاري من طرف المحافظ يفيد
ذلك.
وال بأس من التذكير بضرورة التمييز بين نوعين من الحقوق فيما يرجع لطلبات التشطيب ،حيث
إن الحقوق الناشئة إثر تأسيس الرسم العقاري ،ال يمكن أن تكون من حيث األصل موضوع طلب تشطيب،
وذلك استنادا لألثر النهائي والتطهيري للرسم العقاري (الفصل 62من ظ ت ع) ،أما الحقوق التي يجوز
42
طلب التشطيب عليها طبقا لمقتضيات الفصل 91وما يليه من ظ ت ع ،فهي الحقوق التي ّ
قيدت بالرسم
العقاري بعد تأسيسه.
وطلبات التشطيب يجب أن يحترم الشكليات المحددة في الفصل 93من ظ ت ع ،بحيث يجب أن
يكون الطلب مؤرخا وموقعا من طرف صاحب الطلب أو المحافظ العقاري في حالة جهل أو عجز صاحب
الطلب عن التوقيع ،كما يتعين أن يتضمن ما يلي:
ويطبق المحافظ العقاري على طلبات التشطيب المقتضيات المطبقة على التقييد (ف ،)73-70
حيث يتعين على المحافظ العقاري تحت طائلة مسؤوليته الشخصية ،أن يتحقق من أن التشطيب ال يتعارض
مع بيانات الرسم العقاري ومقتضيات قانون التحفيظ العقاري وأن الوثائق المدلى بها تجيز التشطيب ،وذلك
حسبما نصت عليه مقتضيات الفصل 93من ظ ت ع ،ما دام أن التشطيب كما قلنا هو تقييد من التقييدات
التي يقوم بها المحافظ العقاري ،والتي يجب أن تخضع لمبدإ مشروعية التقييد.
وتجدر اإلشارة أنه في حالة االستجابة لطلب التشطيب على حق من الحقوق المقيدة بالرسم العقاري،
فإن هذا التشطيب ال يمكن أن يمس بحقوق الغير المقيد عن حسن نية ،وذلك استنادا لمقتضيات الفصل
الثاني من م ح ع والفصل 66من ظ ت ع.
إذا ثبت هذا ،قلنا إن عملية التشطيب على ما ضمن بالرسم العقاري تتم:
-إما تلقائيا من طرف المحافظ العقاري ،حيث أعطى المشرع للمحافظ العقاري في حاالت محددة،
صالحية التشطيب التلقائي على بعض ما ضمن بالرسم العقاري ،حيث بتحقق واقعة معينة أو انصرام أجل
معين يكون للمحافظ العقاري صالحية التشطيب التلقائي على ما ضمن بالرسم العقاري ،ومن ذلك حاالت
التشطيب التلقائي على التقييدات االحتياطية.
-إما بناء على طلب ،حيث أجاز المشرع بموجب الفصل 91من ظ ت ع ،لكل من له الصفة
والمصلحة أن يطلب من المحافظ العقاري ،التشطيب على ما ضمن بالرسم العقاري من تقييد أو بيان أو
تقييد احتياطي ،وذلك بعد اإلدالء بما يفيد اتفاق األطراف على التشطيب في حالة التشطيب االتفاقي ،ومثاله
اتفاق المحجوز عليه مع الحاجز على التنازل عن الحجز ،أو عقد رفع اليد من طرف المؤسسة المقرضة
43
باعتبارها دائنا مرتهنا في حالة وجود رهن .أو اإلدالء بحكم قضائي نهائي يثبت انعدام أو انقضاء الحق
موضوع التضمين ،وفي هذه الحالة يجب أن يكون الحكم حائ از لقوة الشيء المقضي به وأن يشير في
منطوقه إلى التشطيب على ما ضمن بالرسم العقاري ،بعد البت في انعدام أو انقضاء الحق موضوع
التشطيب.
وفي األخير تجدر اإلشارة ،أنه ال يثار إشكال كبير عندما يتعلق األمر بالمقيد الذي يتلقى الحق
مباشرة من طالب التشطيب ،حيث يشطب على الشخص المقيد بمجرد ثبوت عيب في السند الذي تم على
أساسه التقييد (كالمطالبة با لتشطيب على التقييد بسبب بطالن عقد الشراء) ،لكن اإلشكال يثار عندما تنشأ
عن هذه العالقة األولى مراكز قانونية أخرى يتعلق بها حق الغير ،إذ في هذه الحالة نحتكم إلى القواعد
المتعلقة بحماية الغير حسن النية طبقا للمادة الثانية من مدونة الحقوق العينية والفصل 66من ظ ت ع،
وهي حماية تجد أساسها في نظرية الوضع الظاهر ،أي أنه يفترض في كل مقيد بالرسم العقاري أن تقييده
تقييد صحيح وغير منازع فيه ،ومن ثم فكل من اطمئن لهذه التقييدات وهذا الوضع الظاهر ،واعتمده للتعاقد
بشأن عقار معين فإنه يكون في وضع سليم ومن ثم وجبت حمايته ،وإن كان المشرع بموجب التعديل األخير
الذي طال مدونة الحقوق العينية ،أجاز استثناء إمكانية التشطيب على الغير ولو كان حسن النية ،عندما
يتعلق األمر بتدليس أو تزوير مورس في حق المالك األصلي ،وفي هذه الحالة يتعين على هذا األخير أن
يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل أجل أربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تغييره أو التشطيب
عليه.
44