Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 44

‫المطلب الثاني‪ :‬المرحلة القضائية للتحفيظ‬

‫بعد إحالة الملف على المحكمة‪ ،‬تبدأ المرحلة القضائية للتحفيظ والتي تتميز بخصوصيات إجرائية‬
‫غير واردة في ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬بل في ظهير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬كما وقع تعديله وتتميمه بموجب القانون ‪،14.07‬‬
‫لذلك سنتحدث عن إج ارءات البت في دعوى التحفيظ (الفقرة األولى ) قبل أن نتحدث عن الخصوصيات‬
‫المسطرية لهذه الدعوى (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إجراءات البت في دعوى التحفيظ العقاري‬

‫تجدر اإلشارة في البداية إلى أن ظهير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬المتعلق بالتحفيظ العقاري‪ ،‬يتضمن قواعد‬
‫الشكل أو اإلجراءات إلى جانب قواعد الموضوع‪ ،‬لذلك فدعاوى التحفيظ العقاري تخضع لإلجراءات‬
‫المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬وال يتم الخروج عنها إال في حالة عدم التنصيص عليها في‬
‫هذا القانون‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إجراءات الدعوى خالل المرحلة االبتدائية‬

‫لقد سبقت اإلشارة إلى أن المحافظ العقاري يوجه خالل الثالثة أشهر الموالية النصرام أجل التعرض‪،‬‬
‫ملف التحفيظ و الوثائق المتعلقة به إلى المحكمة االبتدائية التي يقع بدائرتها العقار‪ ،‬وذلك استنادا للفقرة ‪4‬‬
‫من الفصل ‪ 32‬ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬حيث يشمل الملف كل الوثائق و المستندات التي أودعها طالب التحفيظ أو‬
‫المستفيد من اإليداع طبقا للفصل ‪ 84‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬و محاضر التحديد و التصاميم الهندسية و كل‬
‫اإلعالنات المثبتة لإلشهار لدى كل من السلطة المحلية‪ ،‬رئيس المحكمة االبتدائية ‪ ،‬رئيس الجماعة‪ ،‬و كذا‬
‫التعرض أو التعرضات مع الوثائق المدلى بها لتأكيد التعرض‪.‬‬

‫بعد توصل كتابة ضبط ا لمحكمة االبتدائية المختصة بملف التحفيظ‪ ،‬تحيله على رئيس المحكمة‬
‫الذي يتولى تعيين القاضي المقرر‪ ،‬قصد تجهيز القضية للبت فيها من طرف هيئة الحكم الجماعية (فق ‪I‬‬
‫من ف ‪ ،) 34‬ويترتب عن وضع محكمة التحفيظ يدها على القضية نزع االختصاص في البت في الطلبات‬
‫المقدمة بشأن العقار موضوع نزاع مسطرة التحفيظ من يد المحاكم األخرى‪.‬‬

‫ويتمتع القاضي المقرر في سبيل تجهيز القضية‪ ،‬بصالحية اتخاذ جميع إجراءات التحقيق الالزمة‬
‫لدراسة الملف بما في ذلك‪:‬‬

‫‪ -‬االنتقال إلى عين المكان قصد إجراء معاينة لموضوع النزاع وتطبيق الرسوم ‪-‬أي عقود الملكية‬
‫أو الوثائق المثبتة لها‪ -‬المدلى بها في الملف على العقار موضوع المسطرة‪ ،‬لكي يتأكد من مطابقة ما ضمن‬

‫‪1‬‬
‫بهذه الرسوم مع الواقع السيما من حيث الحدود ومن حيث المساحة‪ ،‬أو إجراء بحث بعين المكان مع‬
‫األطراف أو األشخاص الذين يرى فائدة في حضورهم للمعاينة؛‬

‫‪ -‬طلب مساعدة مهندس مساح طبوغرافي محلف من جهاز المسح العقاري‪ ،‬يتم تعيينه من طرف‬
‫المحافظ قصد مساعدته عند إجراء المعاينة وتطبيق الرسوم‪.‬‬

‫‪ -‬انتداب قاض آخر إلجراء المعاينة بعد موافقة رئيس المحكمة‪.‬‬

‫‪ -‬تلقي جميع التصريحات أو الشهادات وكذا إجراء جلسة بحث واالستماع إلى الشهود الذين يرغب‬
‫األطراف في االستماع إليهم‪.‬‬

‫ومن أجل القيام بما ذكر‪ ،‬يستدعي القاضي المقرر كل من طالب التحفيظ أو من ينوب عنه بصفة‬
‫قانونية‪ ،‬والمستفيد من اإليداع طبقا للفصل ‪ 84‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع إذا تم التعرض عليه‪ ،‬وكذا المتعرض أو‬
‫المتعرضون‪ ،‬لعمليات البحث أو المعاينة قصد استفسارهم عن بعض النقط المرتبطة بتعرضهم وبجميع ما‬
‫يفيد في فهم القضية وتجهيزها للحكم‪ .‬ويقوم بتحرير محضر موقع من طرفه وممن يعنيهم األمر عن كل‬
‫إجراء من إجراءات التحقيق (المعاينة‪ ،‬البحث ‪ ،)...‬ويحيل نسخة منه على األطراف إلبداء مالحظاتهم‪.‬‬

‫وعندما تصبح القضية جاهزة للبت فيها‪ ،‬يخبر األطراف بتاريخ إدراج القضية بالجلسة العلنية ثمانية‬
‫أيام على األقل قبل موعدها المحدد‪ ،‬ابتداء من تاريخ التوصل باالستدعاء‪.‬‬

‫تفتتح مناقشة القضية بالجلسة العلنية بتالوة القاضي المقرر لتقريره‪ ،‬الذي يعرض فيه النقط القانونية‬
‫التي تتطلب حال دون إبداء رأيه ‪ ،‬باعتبار أن ذلك من اختصاص المحكمة التي تتولى التقرير في شأن ملف‬
‫القضية‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة أنه رغم أن األطراف أدلوا بجميع مستنتجاتهم أمام القاضي المقرر‪ ،‬فإنه يمكن مع‬
‫ذلك االستماع إليهم في الجلسة العلنية‪ ،‬وال يعتبر حضور النيابة العامة إلزاميا إال إذا تعلق األمر بالدعوى‬
‫التي تكون الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية والهبات والوصايا لفائدة المؤسسات الخيرية‬
‫واألوقاف واألراضي الجماعية‪ ،‬طرفا فيها سواء كمتعرضة أو طالبة للتحفيظ‪ ،‬حيث يجب تبليغ النيابة العامة‬
‫بالملف قصد تقديم مستنتجاتها طبقا لما ينص عليه الفصل ‪ 9‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬

‫ويقتصر دور المحكمة على الحكم بصحة أو عدم صحة التعرض‪ ،‬دون إمكانية الفصل في صحة‬
‫مطلب التحفيظ المقدم من طرف طالب التحفيظ‪ ،‬باعتبار أن ذلك اختصاص حصري موكول للمحافظ على‬
‫األمالك العقارية طبقا لمقتضيات الفقرة ‪ 2‬من الفصل ‪ ،37‬التي تنص على ما يلي ‪ « :‬تبث المحكمة في‬

‫‪2‬‬
‫وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين وطبيعته ومشتمالته ونطاقه‪ ،‬وتحيل األطراف للعمل بقرارها‪،‬‬
‫بعد اكتساب الحكم قوة الشيء المقتضى به على المحافظ على األمالك العقارية‪ ،‬الذي له وحده النظر في‬
‫قبول أو رفض مطلب التحفيظ كال أو بعضا مع االحتفاظ بحق الطعن المنصوص عليه في الفصل ‪37‬‬
‫مكرر »‪.‬‬

‫وهذا ما استقر عليه عمل المحاكم‪ ،‬ومن ذلك ما جاء في قرار المجلس األعلى عدد ‪ 892‬بتاريخ‬
‫‪ 2014/03/24‬في الملف رقم ‪ 2002/1/1/2886‬الذي اعتبر أن‪ « :‬المحكمة المحال عليها مطلب‬
‫التحفيظ المسجل بشأنه تعرض ال تتوفر على صالحية مناقشة الجانب الشكلي للتعرض سواء ما يتعلق‬
‫باألجل أو غير ذلك‪ ،‬وإنما ينحصر دورها وفق ما حدده الفصل ‪ 37‬من نفس الظهير في البث في وجود‬
‫الحق المدعى به من قبل المتعرض ونوعه ومحتواه ومداه‪ ،‬وهذا كله يتعلق بجوهر النزاع الذي هو من صميم‬
‫صالحية المحكمة المعروض عليها ذلك »‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إجراءات الدعوى خالل المرحلة االستئنافية والنقض‬

‫بمجرد صدور الحكم في القضية يتم تبليغ ملخص عنه قبل انصرام ‪ 8‬أيام إلى طالب التحفيظ‬
‫وإلى جميع المتعرضين وفق أحكام التبليغ‪ ،‬ويقبل هذا الحكم االستئناف وفق أحكام الفصل ‪ 41‬مهما كانت‬
‫قيمة العقار المطلوب تحفيظه‪.‬‬

‫بعد استئناف الحكم وفق مقتضيات الفصل ‪ 141‬من ق‪.‬م‪.‬م تتم إحالة الملف إلى كتابة الضبط‬
‫لدى محكمة االستئناف‪ ،‬حيث يعين الرئيس األول لها مستشا ار مقر ار يتولى تحضير القضية‪ ،‬فيقوم بإنذار‬
‫المستأنف قصد اإلدالء بأسباب استئنافه داخل أجل ال يتعدى ‪ 15‬يوما‪ ،‬كما يستدعي المستأنف عليه‬
‫لالطالع على ما أدلى به المستأنف قصد الجواب خالل أجل ‪ 15‬يوما كذلك (الفصل ‪ 42‬من ظ ت ع)‪.‬‬

‫ويقتصر نظر محكمة االستئناف على ما أثير خالل المرحلة االبتدائية من طلبات‪ ،‬حيث ال يجوز‬
‫التقدم بطلبات جديدة ألول مرة أمام محكمة االستئناف‪ ،‬إذ ال يحق التغيير من نطاق الدعوى‪ ،‬فال يجوز‬
‫للمتعرض التوسيع من نطاق تعرضه مثال أو المطالبة بحق لم تتم اإلشارة إليه في المرحلة االبتدائية‪.‬‬

‫غير أن ذلك ال يمنع المستشار المقرر أو األطراف من المطالبة باتخاذ إجراءات تكميلية للتحقيق‬
‫الذي أنجز في المرحلة االبتدائية‪ ،‬على أن يقتصر ذلك على النزاعات التي أثيرت في هذه المرحلة االبتدائية‬
‫ويتم ذلك وفق مقتضيات الفصل ‪ 34‬المشار إليه سابقا‪.‬‬

‫بعد تبادل المذكرات الجوابية واعتبار القضية جاهزة للبت فيها من طرف هيئة الحكم الجماعية‪ ،‬فإن‬
‫المستشار المقرر يخبر األطراف بتاريخ إدراجها بالجلسة العلنية خمسة عشر يوما قبل تاريخ الجلسة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وتجرى الجلسة العلنية والمناقشات وفق الكيفية المشار إليها بالنسبة للمرحلة االبتدائية‪ ،‬وتبت محكمة‬
‫االستئناف في القضية إما في الحين أو بعد المداولة‪.‬‬

‫وبخالف الحكم االبتدائي الذي نص المشرع على أجل تبليغ ملخصه و مسطرة التبليغ‪ ،‬فإنه اقتصر‬
‫بال نسبة للقرار االستئنافي على اإلشارة فقط إلى تبليغه وفق مقتضيات ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬كما نص على إمكانية الطعن‬
‫فيه بالنقض داخل أجل ‪ 30‬يوما من تاريخ تبليغ القرار كامال و ليس مجرد ملخص عنه (ف‪ ،) 47‬حيث‬
‫إن أجل الطعن بالنقض في قضايا التحفيظ أصبح هو ثالثين يوما من تاريخ تبليغ القرار االستئنافي إلى‬
‫الشخص نفسه أو في موطنه الحقيقي‪ ،‬بموجب القانون ‪ 14.07‬بخالف ما كان عليه األمر قبل التعديل‬
‫حيث كان هذا األجل محددا في ستين يوما من تاريخ التبليغ‪.‬‬

‫أما بالنسبة لمرحلة النقض‪ ،‬فبخالف ما عليه األمر في المرحلتين االبتدائية واالستئنافية‪ ،‬حيث‬
‫ال يكون حضور المحامي إلزاميا‪ ،‬فإن عريضة النقض يجب أن تقدم بواسطة محام مقبول للترافع أمام‬
‫محكمة النقض‪.‬‬

‫ومن أجل قبول عريضة الطعن بالنقض يجب أداء الوجيبة القضائية في نفس وقت تقديم العريضة‬
‫تحت طائلة عدم القبول استنادا لمقتضيات الفصل ‪ 357‬ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في األخير إلى أن األحكام الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري تعتبر دائما حضورية‪،‬‬
‫وأن طلبات التحفيظ أو التعرضات الصادرة بكيفية تعسفية أو كيدية أو سوء نية‪ ،‬تعرض صاحبها لغرامة ال‬
‫يقل مبلغها عن ‪ % 10‬من قيمة العقار أو الحق المدعى به‪ ،‬لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح‬
‫العقاري والخرائطية‪ ،‬دون المساس بحق األطراف المتضررة في المطالبة بالتعويض طبقا لمقتضيات الفصل‬
‫‪ .48‬إذا ثبت هذا انتقلنا للحديث عن الخصوصيات المسطرية لدعوى التحفيظ العقارية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬خصوصيات دعوى التحفيظ المسطرية‬

‫تتجلى خصوصيات دعوى التحفيظ العقاري على مستوى كيفية وضع المحكمة يدها على القضية‬
‫(أوال) وعلى مستوى حدود اختصاص المحكمة والتحقيق في الدعوى وسير الجلسات (ثانيا ) وكذا على‬
‫مستوى إصدار األحكام وتبليغها وتنفيذها (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬من حيث رفع الدعوى أمام القضاء‬

‫سنتحدث من خالل هذا المطلب عن افتتاح الدعوى أمام محكمة التحفيظ (أ ) والتي ال تستلزم ضرورة‬
‫االستعانة بمحام (ب )‪ ،‬كما سنتحدث عن مدى اختصاص المحكمة في مراقبة شكليات الدعوى (ج)‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫أ) عدم وجود مقال افتتاحي للدعوى‬

‫ترفع الدعوى العادية أمام المحكمة االبتدائية بموجب مقال افتتاحي للدعوى طبقا لمقتضيات الفصل‬
‫‪ 31‬من ق م م‪ ،‬أما دعوى التحفيظ العقاري فتفتتح أمام المحافظ العقاري‪ ،‬حيث يعتبر تقديم التعرض بمثابة‬
‫مقال افتتاحي للدعوى يتلقاه هذا األخير ويستخلص عنه واجبات التقاضي‪ ،‬تحت طائلة اعتبار التعرض‬
‫الغيا بسبب عدم أداء الوجيبة القضائية وحقوق المرافعة‪ ،‬أو اإلدالء بما يثبت الحصول على المساعدة‬
‫القضائية‪ ،‬قبل انصرام الشهر الموالي النتهاء أجل التعرض (الفصل ‪ 25‬و‪ 32‬من ظ ت ع)‪ ،‬وذلك شأنه‬
‫شأن أي مقال افتتاحي مقدم لدى كتابة ضبط المحكمة االبتدائية‪ ،‬وهو ما أكده المجلس األعلى عندما اعتبر‬
‫أن «التعرض دعوى يحدد موضوعها أمام المحافظ‪ ،‬ويوضح المتعرض حدود ومدى تعرضه وتبت المحكمة‬
‫فيها كما أحيلت عليها»‪.‬‬

‫وإذا كان الفصل ‪ 32‬من ق م م نص على وجوب تضمين المقال االفتتاحي للدعوى مجموعة من‬
‫البيانات‪ ،‬المتعلقة باألس ماء العائلية والشخصية وصفة أو مهنة وموطن أو ومحل إقامة المدعى عليه‬
‫والمدعي‪ ،‬ووكيله عند االقتضاء وإذا كان أحد األطراف شركة بيان اسمها ونوعها ومركزها االجتماعي‪ ،‬فإن‬
‫المشرع ألزم المتعرض ببيان نفس هذه المعلومات عند تقديم تعرضه ‪ -‬وفق ما سبقت اإلشارة إليه في‬
‫الحصص السابقة ‪ -‬ما دام أن هذا التعرض يعتبر كما قلنا بمثابة مقال افتتاح دعوى التحفيظ العقاري‪،‬‬
‫مثلما ألزمه بوجوب بيان الحقوق المدعى بها ضد طالب التحفيظ‪ ،‬وكذا إرفاق تعرضه بجميع المستندات‬
‫المعتمد عليها وكل وسائل اإلثبات المفيدة‪ ،‬وذلك وفق الشروط المحددة في الفصالن ‪ 25‬و‪ 26‬من ظ ت‬
‫ع تحت طائلة اإللغاء‪.‬‬

‫ب) إمكانية الترافع الشخصي دون تنصيب محام في دعوى التحفيظ‬

‫ليس في ظهير التحفيظ العقاري ما يشير إلى إلزامية تنصيب محام في دعاوى التحفيظ العقاري‪،‬‬
‫حيث بالرجوع إلى مقتضيات الفصول ‪ 42 ،37 ،35‬كما وقع تغييرها وتتميمها بمقتضى القانون رقم‬
‫‪ ،14.07‬نجد أنها تشير إلى إخبار القاضي المقرر لألطراف‪ ،‬وإلى االستماع إلى األطراف دون اإلشارة‬
‫إلى محاميهم‪ ،‬باستثناء مقتضيات الفصل ‪ 45‬التي تضمنت اإلشارة إلى استماع المحكمة لألطراف إما‬
‫شخصيا أو بواسطة محاميهم‪.‬‬

‫وبذلك يمكن القول استنادا لما سبق‪ ،‬بأنه يجوز لألطراف في دعوى التحفيظ العقاري الترافع شخصيا‬
‫أمام المحكمة خالل المرحلتين االبتدائية واالستئنافية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫لكن أال يتعارض هذا القول مع مقتضيات الفصل ‪ 32‬في فقرته األولى من القانون المنظم لمهنة‬
‫المحاماة ( القانون رقم ‪ 28.08‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.08.101‬المؤرخ في ‪ 20‬أكتوبر‬
‫‪ 2008‬والمنشور غي الجريدة الرسمية عدد ‪ 5680‬بتاريخ ‪ 06‬نونبر ‪ ،)2008‬التي تنص على أن المحامون‬
‫المسجلون بجداول هيئات المحامين بالمملكة‪ ،‬هم وحدهم المؤهلون في نطاق تمثيل األطراف ومؤازرتهم‬
‫لتقديم المقاالت والمستنتجات والمذكرات الدفاعية في جميع القضايا‪ ،‬باستثناء قضايا التصريحات المتعلقة‬
‫بالحالة المدنية‪ ،‬وقضايا النفقة أمام المحكمة االبتدائية واالستئنافية‪ ،‬والقضايا التي تخص المحكمة االبتدائية‬
‫بالنظر فيها ابتدائيا و انتهائيا‪ ،‬وكذا المؤازرة في الجنح والمخالفات؟ حيث إن هذا الفصل لم يستثن قضايا‬
‫التحفيظ من وجوب تنصيب محام‪.‬‬

‫لقد ذهب المجلس األعلى في هذا الصدد إلى أن دعوى التحفيظ العقاري هي دعوى تحكمها القواعد‬
‫اإلجرائية المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬ومما جاء في حيثيات هذا القرار (عدد ‪ 655‬بتاريخ‬
‫‪ « )1982‬حيث إنه بمقتضى الفصل ‪ 42‬من ظهير ‪ 12‬غشت ‪ ،1913‬فإنه بمجرد توصل كتابة الضبط‬
‫لمحكمة االستئناف بالملف‪ ،‬يعين الرئيس األول مستشا ار مقر ار ويأمر هذا األخير المستأنف باإلدالء بأسباب‬
‫استئنافه ووسائل دفاعه في ظرف أجل ال يتعدى خمسة عشر يوما يضاف إليها أجل بعد المسافة‪ ،‬ثم‬
‫يستدعي األطراف المعنية باألمر لالطالع على ما أدلى به المستأنف واإلدالء بمنازعاتهم ووسائل دفاعهم‬
‫في أجل آخر مماثل‪ ،‬فإن القرار المطعون فيه عندما قضى بعدم قبول االستئناف بعلة أن المستأنف لم يقم‬
‫باإلجراءات المنصوص عليها في الفصل ‪ 34‬من قانون المحاماة‪ ،‬مع أن القضية تتعلق بالتحفيظ وأن‬
‫الفصل ا لمذكور ال يلزم المستأنف بتنصيب مدافع عنه أو طلب الترخيص بالمرافعة شخصيا‪ ،‬وأن المحكمة‬
‫عندما بتت على النحو المذكور تكون قد خرقت الفصل المشار إليه أعاله وعرضت قرارها للنقض» ‪( .‬رغم‬
‫أن هذا القرار جاء قبل التعديل الذي طال ظ ت ع وقانون المحاماة إلى أنه يتناول نفس المبدأ)‪.‬‬

‫وبالرغم مما سبق‪ ،‬فإن صياغة الفصول ‪ 42 ،37 ،35‬من ظ ت ع‪ ،‬وإن كانت تفيد إمكانية‬
‫الترافع الشخصي ألطراف دعوى التحفيظ العقاري‪ ،‬فإنها تفيد كذلك منح هؤالء األطراف الخيار لتنصيب‬
‫محام لمتابعة إجراءات الدعوى أو تولي ذلك شخصيا‪ .‬وإن كنت أعتقد بضرورة تنصيب محام في قضايا‬
‫التحفيظ العقاري‪ ،‬نظ ار للدور اإليجابي الذي يمكن أن يقوم به سواء بالنسبة لألطراف بسبب طبيعة هذه‬
‫الدعاوى المعقدة وخطورة آثارها‪ ،‬أو بالنسبة لجهاز القضاء من حيث المساهمة في تسريع اإلجراءات وعدم‬
‫إطالة أمد التقاضي‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ج) اختصاص محكمة التحفيظ في مراقبة شكليات الدعوى‬

‫لقد سبقت اإلشارة إلى أن المحافظ العقاري بعد تأكده من شروط تقديم التعرض‪ ،‬يعمل على إحالة‬
‫الملف برمته على المحكمة االبتدائية المختصة‪ ،‬للبت في مدى صحة التعرضات المقدمة ضد مطلب‬
‫التحفيظ‪ .‬وبذلك فإن المحافظ العقاري يبقى هو المختص بالبت في التعرضات إداريا‪ ،‬من حيث تلقيها‬
‫وتهيئها إلحالتها على القضاء قصد الفصل في موضوعها‪ ،‬دون أن يكون بإمكان هذا األخير – أي القضاء–‬
‫من مراقبة االختالالت الشكلية التي قد تشوب التعرض‪ ،‬ما دام أن قبول التعرض من طرف المحافظ العقاري‬
‫يعتبر ق ار ار إداريا خاضعا لمراقبة المشروعية من طرف القضاء اإلداري‪.‬‬

‫وهذا ما ذهب إليه قرار استئنافية وجدة رقم ‪ 413‬في الملف رقم ‪ 96/450‬بتاريخ ‪1997/03/04‬‬
‫حينما اعتبر أن « سلطة القضاء ال تمتد إلى مراقبة شكليات التعرض من حيث أداء الرسوم القضائية عليه‬
‫أو احترام آجال تقديمه‪ ،‬إذ أنه حتى وإن كان هناك إخالل شكلي في تقديمه فعلى القاضي تجاهله إذا قبل‬
‫من طرف المحافظ الذي يملك وحده سلطة التصدي للعيوب الشكلية خالل المرحلة اإلدارية للتحفيظ»‪.‬‬

‫غير أن هناك من الفقه من يرى بأن سلطة القضاء للبت في حدود التعرض فقط‪ ،‬رهين بمناقشة‬
‫جوهر النزاع‪ ،‬أما عندما يتعلق األمر بالجوانب المسطرية فإن للقاضي صالحية البت فيها بل ويثيرها من‬
‫تلقاء نفسه‪ ،‬طالما أن المسائل المسطرية تعتبر من النظام العام‪ ،‬وبالتالي فإن رقابة محكمة التحفيظ يمكن‬
‫أن تنصب على الجوانب الشكلية للتعرض‪.‬‬

‫وبالرغم من وجاهة هذا الرأي‪ ،‬فإنني أعتقد بأن سلطة القضاء ال ينبغي أن تمتد إلى المرحلة اإلدارية‬
‫للتعرض‪ ،‬ما دام أن المشرع حصر سلطة المحكمة في البت في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين‬
‫ونوعه ومحتواه ومداه‪ ،‬وما دام أن المشرع سمح للمحافظ بشكل حصري بقبول التعرض المقدم خارج األجل‪،‬‬
‫وال يمكن أن يخضع في اختصاصه هذا في جميع األحوال لرقابة المحكمة التي تبت في التعرض‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬من حيث اختصاص المحكمة وإجراءات التحقيق في الدعوى وسير الجلسات‬

‫تمتد الخصوصيات المسطرية لدعوى التحفيظ لتشمل حدود اختصاص المحكمة (أ ) وكيفية التحقيق‬
‫والبت في الدعوى (ب)‬

‫أ) خصوصية دعوى التحفيظ من حيث حدود اختصاص المحكمة‬


‫‪ )1‬ارتباط محكمة التحفيظ بما أحيل عليها من المحافظ‬

‫إن محكمة التحفيظ تبت فقط في حدود التعرضات بالصيغة التي أحيلت عليها من طرف المحافظ‬
‫العقاري‪ ،‬فال يجوز التقدم بطلبات جديدة أمام المحكمة وال يجوز تغيير نطاق التعرض من تعرض جزئي‬

‫‪7‬‬
‫إلى تعرض كلي مثال‪ ،‬أو من تعرض للمطالبة بقطعة أرضية مفرزة عند التعرض إلى المطالبة بحق ارتفاق‬
‫أو المنازعة في الحدود‪ .‬نعم يجوز للمتعرض التقليص من نطاق تعرضه أمام المحكمة‪ ،‬حيث يعتبر ذلك‬
‫تنازال جزئيا منه عن تعرضه‪.‬‬

‫كما ال يجوز للمحكمة البت في تعرضات المتعرضين بعضها ضد بعض‪ ،‬وإنما يقتصر نظر‬
‫المحكمة على البت في هذه التعرضات في مواجهة طالب التحفيظ‪ ،‬وذلك استنادا لمقتضيات الفصل ‪37‬‬
‫من ظ ت ع‪ ،‬وإن كان من شأن التعديل األخير للفصل ‪ 37‬أن يدفع المحكمة بشكل ضمني إلى البت في‬
‫التعرضات‪ ،‬عندما نص على أن المحكمة تبين في حكمها الحقوق المحكوم بها لكل متعرض‪.‬‬

‫‪ )2‬إشكالية تصحيح المسطرة بسبب الوفاة‬

‫كثي ار ما يحدث أن يتوفى أحد أطراف الدعوى أثناء متابعتها من طرف المحكمة‪ ،‬فيتدخل ورثته‬
‫تلقائيا لمتابعة هذه الدعوى طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 111‬من ق م م‪ ،‬أو تقوم المحكمة باستدعائهم بمجرد‬
‫علمها بوفاة أحد األطراف وفق مقتضيات الفصل ‪ 115‬من ق م م‪ ،‬لكن التساؤل المطروح هو هل تطبق‬
‫هذه المقتضيات بالنسبة لدعاوى التحفيظ العقاري في حالة وفاة طالب التحفيظ أو أحد المتعرضين؟‬

‫لقد جرى عمل المحاكم في البداية على إرجاع الملف إلى المحافظ العقاري‪ ،‬للقيام باإلجراءات‬
‫الالزمة عند وفاة أحد أطراف نزاع التحفيظ العقاري (طالب التحفيظ أو المتعرض)‪ ،‬الشيء الذي كان يطيل‬
‫أمد النزاع‪ ،‬فعمل القضاء مؤيدا في ذلك من طرف محكمة النقض على تغيير هذا التوجه‪ ،‬من خالل‬
‫االستمرار في نظر الدعوى إلى حين إصدار الحكم وإحالته على المحافظ العقاري بعد صيرورته نهائيا ليتخذ‬
‫ما يراه مالئما‪ ،‬وهذا ما ذهب إليه المجلس األعلى في أحد ق ارراته عندما نص على أنه‪ ..... « :‬إذا أحيل‬
‫الملف من طرف المحافظ على المحكمة‪ ،‬وجب عليها أن تبت في وجود الحق المدعى به من طرف‬
‫المتعرضين‪ ،‬وإذا توفي طالب التحفيظ‪ ،‬وجب أن تستمر في اإلجراءات لتصدر حكمها بصحة التعرض أو‬
‫بعدم صحته‪ ،‬وال يجوز لها أن تأمر بإرجاع الملف إلى المحافظ للقيام باإلجراءات الالزمة لتدخل ورثة‬
‫الهالك‪ ،‬إذ في إمكان هؤالء بعد البت في التعرض‪ ،‬تقديم طلب أمام المحافظ بتصحيح الحالة الناشئة عن‬
‫وفاة طالب التحفيظ»‪.‬‬

‫ولعل العلة في ذلك هو استبعاد القضاء تطبيق مقتضيات ق م م وبالخصوص الفصل ‪ 115‬منه‪،‬‬
‫في حالة وفاة أحد أطراف النزاع المعروض على محكمة التحفيظ‪ ،‬باعتبار أن األمر يتعلق بمسطرة خاصة‬
‫وأن أي تغيير في هوية األطراف وجب أن يكون أمام المحافظ العقاري بعد أن يصبح الحكم نهائيا‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫غير أن هذا التوجه ووجه بالتساؤل حول مدى إمكانية النظر في نزاع أحد أطرافه ميت‪ ،‬ألن الميت‬
‫ال يمكنه مباشرة اإلجراءات القضائية وال يمكنه الرد على دفاع ودفوع خصمه‪ ،‬خصوصا وأن الصفة‬
‫والمصلحة واألهلية تعتبر من شروط التقاضي‪ ،‬وهي شروط من النظام العام تطبق على جميع النزاعات بما‬
‫فيها منازعات التحفيظ العقاري‪ .‬ولعل هذا ما حاول القضاء تداركه عندما اعتبرت محكمة النقض‪ ،‬بأن‬
‫الفصل األول من ق م م واجب التطبيق أمام قضاء التحفيظ‪ ،‬حيث جاء في قرار للمجلس األعلى ما يلـي‪:‬‬
‫«بمقتضى الفصل األول من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬يتعين على المحكمة أن تنذر الطرف بتصحيح المسطرة‬
‫داخل أجل تحدده له‪ ،‬وحيث إن المحكمة ردت استئناف الورثة الذين لم يدلوا برسم اإلراثة‪ ،‬دون أن تنذرهم‬
‫بذلك‪ ،‬تكون قد خرقت الفصل المذكور وعرضت قرارها للنقض»‬

‫‪ )3‬التدخل في دعوى التحفيظ‬

‫قد يوجد أشخاص لهم عالقة بالدعوى الرائجة أمام محكمة التحفيظ‪ ،‬لكنهم ليسوا طالب تحفيظ وال‬
‫متعرضين‪ ،‬فهل يكون لمثل هؤالء التدخل في هذه الدعوى؟ ونتحدث هنا بصفة أساسية عن حالة الشخص‬
‫الذي اكتسب حقا على عقار في طور التحفيظ‪ ،‬فسلك مسطرة اإليداع المنصوص عليها في الفصل ‪ 84‬من‬
‫ظ ت ع وفق ما سبقت اإلشارة إليه في الحصص السابقة‪ ،‬ما دام أن المودع في هذه الحالة يرتبط مصير‬
‫حقه بمصير طالب التحفيظ‪ ،‬بخالف الشخص الذي يسلك مسطرة الخالصة اإلصالحية والتي يكتسب على‬
‫ضوئها صفة طالب التحفيظ بالنسبة للحق الذي اكتسبه‪.‬‬

‫لقد ذهب المجلس األعلى في أحد ق ارراته إلى استبعاد إمكانية االستفادة من التدخل في دعوى‬
‫التحفيظ العقاري‪ ،‬حيث قال‪ « :‬لكن حيث إن أطراف النزاع في مسطرة التحفيظ هم طالبوا التحفيظ‬
‫والمتعرضون‪ ،‬وأنه بمقتضى الفصلين ‪ 83‬و ‪ 84‬مكن ظهير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬بشأن التحفيظ العقاري‪،‬‬
‫فإن من يدعي تملك عقار في طور التحفيظ‪ ،‬عليه لكي يكون طرفا في النزاع المعروض على القضاء من‬
‫طرف المحافظ على الملكية العقارية‪ ،‬إما في حالة موافقة الطالبين‪ ،‬أن يتدخل بصفة قانونية في مسطرة‬
‫التحفيظ وذلك بإقامة مطلب تكون له فيه صفة طالب التحفيظ بعد إعادة المسطرة من جديد وبالتالي يحل‬
‫محل الطالبين السابقين ‪-‬حيث يتم التحفيظ باسمه‪ ، -‬وإما في حالة النزاع أن يعلن عن حقوقه عن طريق‬
‫إيداع رسومه ليدعم بها تعرضه ويطالب بما تكسبه إياه تلك الرسوم في دائرة التحفيظ‪ ،‬وأنه يتبين من مطلب‬
‫التحفيظ ومن شهادة التعرض أن الطاعنة لم تكن من بين طالبي التحفيظ وال من بين المتعرضين‪ ...‬وإنما‬
‫اقتصرت فقط على ما يخوله لها الفصل ‪ 84‬من ظهير التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫وحيث كما يدل على ذلك منطوق الفصل ‪ 84‬فإن أثر اإليداع يتعلق بمرحلة ما بعد النزاع وإحالة‬
‫الملف على المحافظ على الملكية العقارية قصد إنشاء رسم عقاري نهائي‪ ،‬فعند ذلك فقط يقيد إن اقتضى‬
‫‪9‬‬
‫الحال حق صاحب اإليداع‪ ،‬الذي سبق له أن أودع الوثائق الالزمة للتقييد في الرسم العقاري بالرتبة التي‬
‫عينت له بالتقييد السابق وبشرط أن يسمح به إجراء المسطرة‪ ،‬وأن الطاعنة باختيارها لطريقة اإليداع المذكورة‪،‬‬
‫ال يمكنها بالتالي أثناء جريان النزاع أمام القضاء أن تكتسب ال صفة طالب التحفيظ وال صفة متعرضة وال‬
‫متدخلة‪ ،‬وأن كونها مهتمة بالنزاع بالنظر ألثره المستقبلي عليها ال يمكن أن يؤثر على مسطرة التحفيظ أمام‬
‫المحكمة حيث تبقى بعيدة عن النزاع‪ ،‬ال يحكم لها وال عليها باعتبارها غير طرف فيه»‪.‬‬

‫وما قيل عن التدخل اإلرادي يقال كذلك عن اإلدخال في الدعوى الذي يفرضه أحد الخصوم في‬
‫النزاع على الغير‪ ،‬ويمكن تصور ذلك بالنسبة لقضايا التحفيظ العقاري سواء من طرف طالب التحفيظ أو‬
‫من طرف المتعرض‪ ،‬الذي يطالب مثال بإدخال الشخص الذي باعه حقوقا في العقار موضوع مطلب‬
‫التحفيظ‪ ،‬حيث ال مانع من قبول طلب اإلدخال في الدعوى‪ ،‬متى كان ذلك لتدعيم ومساندة طالب اإلدخال‬
‫وليس للمطالبة بحقوق أو طلبات لفائدة المدخل في الدعوى‪ ،‬وهذا ما أكده المجلس األعلى في أحد ق ارراته‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 1985/11/13‬حينما اعتبر أن « أطراف الدعوى تتحدد في مسطرة التحفيظ بدءا بالتعرض‬
‫أمام المحافظة العقارية‪ ،‬حيث يتضح المدعي من المدعى عليه وأن التدخل في مسطرة التحفيظ غير مسموح‬
‫به إال إذا كان لتأييد أحد اطراف الدعوى»‪.‬‬

‫خالصة القول إن طلبات التدخل أو اإلدخال ال تقبل في دعاوى التحفيظ العقاري‪ ،‬متى كان الهدف‬
‫منها المطالبة بحقوق أصلية وليس فقط مساندة وتدعيم أحد أطراف هذه الدعوى‪ ،‬ما دام أن دعوى التحفيظ‬
‫هي دعوى ذات خصوصية وال يسري عليها ما يسري على دعاوى االستحقاق العادية‪ ،‬وما دام أن أطرافها‬
‫يتحددون خالل مرحلة التعرض‪.‬‬

‫ب) خصوصية دعوى التحفيظ العقاري من حيث التحقيق في الدعوى وسير الجلسات‬
‫‪ )1‬عدم إصدار األمر بالتخلي‬

‫لقد سبقت اإلشارة إلى أنه يحق للقاضي المقرر اتخاذ كافة اإلجراءات المفيدة في فهم مالبسات‬
‫القضية‪ ،‬حيث يجوز له اتخاذ كل إجراء يراه مفيدا وضروريا للوصول إلى الحقيقة التي ستمكن المحكمة من‬
‫تكوين قناعتها والبت في القضية‪ ،‬لكن شريطة عدم التعسف في ممارسة هذه السلطة‪ ،‬حيث ال يمكنه القيام‬
‫بإجراء معين وترك إجراء آخر أكثر فائدة وأهمية منه‪ ،‬ألنه مراقب في ذلك من طرف المحكمة األعلى‬
‫درجة‪.‬‬

‫وال بأس من اإلشارة هنا إلى النقاش الذي ثار بخصوص مدى وجوب إصدار األمر بالتخلي وإعداد‬
‫القاضي المقرر لتقرير وتالوته بالجلسة؟‬

‫‪10‬‬
‫انطالقا من الفصل ‪ 35‬والفصل ‪ 44‬من ظ ت ع‪ ،‬نجد أن المشرع تفادى الحديث عن إصدار‬
‫األمر بالتخلي من قبل القاضي أو المستشار المقرر‪ ،‬وذلك بخالف ما نص عليه في ق م م‪ ،‬وهكذا نجد‬
‫أن المجلس األعلى اعتبر في قرار له بتاريخ ‪ 2004/07/21‬أنه « ال مجال لالستدالل بمقتضيات الفصل‬
‫‪ 355‬من ق م م في النازلة‪ ،‬ما دام النزاع فيها متعلق بالتحفيظ العقاري المطبقة بشأنه مسطرته الخاصة‬
‫المنصوص عليها بظهير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬التي ال تنص على صدور األمر بالتخلي»‪.‬‬

‫أما فيما يخص إعداد التقرير من قبل القاضي المقرر وتالوته‪ ،‬فبخالف ما هو منصوص عليه‬
‫بموجب الفصول ‪ 342 ،335 ،45‬من ق م م‪ ،‬نجد أن الفصل ‪ 37‬من ظهير التحفيظ العقاري كما تم‬
‫تغييره وتتميمه‪ ،‬ال ينص صراحة على ضرورة إعداد هذا التقرير خالل المرحلة االبتدائية‪ ،‬بخالف مرحلة‬
‫االستئناف حيث نص الفصل ‪ 45‬على أنه « تفتتح المناقشات بتقرير المستشار المقرر الذي يعرض القضية‬
‫والمسائل المطلوب حلها‪ » ...‬وذلك بصيغة تفيد الوجوب‪.‬‬

‫ومهما يكن فإن تقرير القاضي أو المستشار المقرر يعتبر األساس الذي ستبني عليه المحكمة‬
‫قناعتها‪ ،‬لذلك يجب أن يكون مكتوبا متضمنا لجميع المعطيات والوقائع المفيدة في فهم القضية وكذا جميع‬
‫اإلجراءات المتخذة والنقط القانونية التي تستوجب حال‪ ،‬ليضم بعد ذلك إلى ملف القضية‪.‬‬

‫أما بالنسبة لتالوة التقرير في الجلسة بالنسبة لقضايا التحفيظ العقاري‪ ،‬فقد ذهب المجلس األعلى‬
‫في العديد من المناسبات إلى أن تالوة التقرير من طرف القاضي أو المستشار المقرر‪ ،‬إجراء نص عليه‬
‫قانون خاص وهو ظهير التحفيظ العقاري على سبيل الوجوب ولم يترك أي خيار في شأن ذلك‪ ،‬ومن هذه‬
‫الق اررات القرار الصادر بتاريخ ‪ 1999/06/22‬في الملف المدني رقم ‪ 99/1/1/ 2006‬حينما نقض القرار‬
‫االستئنافي وأحال القضية على نفس المحكمة للبت فيها من جديد طبقا للقانون‪ ،‬بعلة أن هذا القرار أشار‬
‫إلى أن تالوة المستشار المقرر لم تقع بإعفاء من الرئيس‪ ،‬في حين أن اإلجراء المذكور ينظمه نص خاص‬
‫هو الفصل ‪ 45‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬وليس به ما يفيد إعفاء المستشار المقرر من تالوة تقريره‪ .‬وإن‬
‫كان المجلس األعلى قد اعتبر في مناسبات أخرى أن تالوة التقرير إجراء غير جوهري ال يترتب عن خرقه‬
‫البطالن إال عند ثبوت الضرر‪.‬‬

‫وأعتقد بغض النظر عن هذا التأرجح في موقف المجلس األعلى وما صاحبه من اختالف بين‬
‫العديد من الباحثين‪ ،‬أن التمسك بهذا الخلل المسطري كسبب إلبطال الحكم ال ينبغي التشدد فيه إال إذا‬
‫ترتب عنه ضرر ألحد األطراف‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ )2‬بالنسبة لحضور النيابة العامة‬

‫األصل بالنسبة لدعاوى التحفيظ العقاري كغيرها من الدعاوى المدنية‪ ،‬أن النيابة العامة تعتبر طرفا‬
‫منضما وليست طرفا أصليا في الدعوى‪ ،‬أي أنها ال تعتبر خصما في النزاع وإنما يتجلى الهدف من‬
‫التنصيص عليها بهذه الصفة‪ ،‬في الدفاع عن القانون والعدالة من خالل إبداء رأيها بما تراه مناسبا لفائدة‬
‫القانون‪ ،‬وهذه الصفة االنضمامية هي المنصوص عليها بمقتضى الفصل ‪ 37‬من ظ ت ع الذي نص على‬
‫إدالء النيابة العامة لمستنتجاتها إن اقتضى الحال‪ ،‬حيث تفيد هذه العبارة أن تقديم النيابة العامة لمستنتجاتها‬
‫هو أمر اختياري وليس إلزامي‪ .‬غير أن هناك بعض القضايا التي يعتبر تدخل النيابة العامة فيها إلزاميا‬
‫وهي كالتالي‪:‬‬

‫– القضايا التي يأمر القانون بتبليغها إليها‪ ،‬وهي القضايا التي حددها المشرع في الفصل ‪ 9‬من ق‬
‫م م‪ ،‬في القضايا المتعلقة بفاقدي األهلية أو بصفة عامة تلك التي يكون فيها ممثل قانوني نائبا أو مؤاز ار‬
‫ألحد األطراف‪ ،‬وكذا قضايا األشخاص المفترضة غيبتهم‪ ،‬والقضايا المتعلقة بالنظام العام والدولة والجماعات‬
‫المحلية والمؤسسات العمومية والهبات والوصايا لفائدة المؤسسات الخيرية وممتلكات األحباس واألراضي‬
‫الجماعية‪ ،....‬إذ في الحالة التي يكون فيها أحد هذه األطراف طرفا في دعوى التحفيظ العقاري‪ ،‬فإن‬
‫المحكمة تكون ملزمة بتبليغ الملف إلى النيابة العامة لتقديم مستنتجاتها‪ ،‬كما يكون عليها اإلشارة في حكمها‬
‫إلى إيداع النيابة العامة لمستنتجاتها أو تالوتها في الجلسة تحت طائلة اعتبار حكمها باطال‪ .‬و ال يغني‬
‫تصحيح هذا الخلل الشكلي خالل المرحلة االستئنافية‪ ،‬حيث اعتبر المجلس األعلى في ق ارره عدد ‪2838‬‬
‫بتاريخ ‪ 2004/10/06‬ما يلي‪ « :‬حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار‪ ،‬ذلك أنه اعتمد في قضائه على‬
‫أنه إذا كانت محكمة البداية قد أغفلت إحالة الملف على النيابة العامة‪ ،‬فإن المحكمة اآلن تداركت األمر إذ‬
‫أحالته على النيابة العامة فأدلت هذه األخيرة بمستنتجاتها‪ ،‬وأن النيا بة العامة وحدة ال تتجزأ‪ ،‬في حين أن‬
‫إحالة الملف على النيابة العامة في مرحلة االستئناف ال يغني عن إحالة الملف عليها في المرحلة االبتدائية‬
‫سيما وأن الدولة المغربية (الملك الخاص) طرف في النزاع‪ ،‬مما يكون معه القرار المطعون فيه قد خرق‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 9‬من ق م م فتعرض بذلك للنقض »‪.‬‬

‫– الحالة التي تتقدم فيها النيابة العامة بالتعرض وفق أحكام الفصل ‪ 26‬من ظ ت ع نيابة عن‬
‫األشخاص المحجورين والغائبين والمفقودين وغير الحاضرين‪ ،‬حيث تعتبر النيابة العامة طرفا رئيسيا في‬
‫هذه الدعوى وتتقمص شخصية هؤالء األشخاص‪ ،‬مما يجعلها كطرف مدع يقع عليه عبئ اإلثبات في نزاع‬
‫التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ثالثا‪ :‬من حيث إصدار األحكام وتبليغها وتنفيذها‬

‫سنتحدث من خالل هذا المطلب عن إصدار األحكام وكيفية تبليغها (أ) قبل أن نتحدث عن تنفيذها (ب)‬

‫أ) إصدار األحكام وتبليغها‬

‫بخالف ق م م الذي نص في الفصل ‪ 50‬على البيانات التي يتعين أن تتضمنها األحكام بصفة‬
‫عامة‪ ،‬لم ينص ظهير التحفيظ العقاري سواء قبل تعديله بموجب القانون ‪ 14.07‬أو بعد ذلك‪ ،‬على البيانات‬
‫التي ينبغي أن يتوفر عليها الحكم الصادر في قضايا التحفيظ‪ ،‬وهذا ما خلق نوعا من التضارب على مستوى‬
‫العمل القضائي‪ ،‬حيث ذهب المجلس األ على في البداية إلى نقض األحكام التي ال تحترم مقتضيات الفصل‬
‫‪ 50‬من ق م م‪ ،‬ومن ذلك القرار الصادر بتاريخ ‪ 1960/04/20‬الذي اعتبر أن « كل األحكام يجب أن‬
‫تكون معللة‪ ،‬وأن تفي بنفسها بالغرض المطلوب منها‪ ،‬وعليه فإن المحاكم المكلفة بالفصل في قضايا التحفيظ‬
‫العقاري ليست معفاة – بالرغم من سكوت ظهير ‪ 12‬غشت ‪ -1913‬من تبرير أحكامها ومن الخضوع‬
‫لمقتضيات المسطرة المفروضة والتي تعتبر من النظام العام»‪ ،‬ليقرر المجلس األعلى في مناسبة أخرى عدم‬
‫نقض األحكام التي ال تتضمن بيانات الفصل ‪ 50‬من ق م م‪ ،‬حيث اعتبر في ق ارره الصادر بتاريخ‬
‫‪ 1991/02/13‬أنه « عالوة على أن مقتضيات الفصل ‪ 50‬من ق م م المحتج به يتعلق بالبيانات الواجب‬
‫التنصيص عليها في أحكام المحاكم االبتدائية‪ ،‬فإن إغفال المحكمة لذكر وسائل دفاع األطراف وما إذا كانوا‬
‫حضروا جلسات المناقشة وأدلوا بمذكرات أو ال ليس من البيانات اإللزامية‪ ،‬فإن عدم التنصيص على باقي‬
‫أسماء الورثة لم يحصل منه أي ضرر للطاعن‪ ،‬ما دام أن مطلب التحفيظ الموجود بالملف يشتمل على‬
‫جميع أسماء الورثة‪ ،‬مما تكون معه الوسيلة في جميع فروعها غير مرتكزة على أساس »‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بتبليغ األحكام الصادرة في مادة التحفيظ‪ ،‬فإن الفصل ‪ 40‬من ظ ت ع‪ ،‬نص على‬
‫كيفية تبليغ األحكام االبتدائية عندما أوجب على المحكمة تبليغ ملخص عن الحكم االبتدائي – وليس تبليغ‬
‫نسخة كاملة منه – إلى طالب التحفيظ وإلى جميع المتعرضين خالل مدة ال تتجاوز ثمانية أيام من تاريخ‬
‫إصداره‪ ،‬وفق الشكل المقرر بقانون المسطرة المدنية‪.‬‬

‫وهكذا فاستنادا لمقتضيات الفصل ‪ 40‬من ظ ت ع‪ ،‬تبلغ األحكام الصادرة في قضايا التحفيظ‬
‫العقاري تلقائيا من طرف كتابة الضبط‪ ،‬وإن كان ذلك ال يمنع الطرف الراغب في تبليغ الحكم من تقديم‬
‫طلب في هذا الشأن لكتابة الضبط‪.‬‬

‫أما بالنسبة للق اررات االستئنافية‪ ،‬فقد نص المشرع في الفصل ‪ 47‬من ظ ت ع على تبليغها وفق‬
‫الكيفية المقررة في ق م م‪ ،‬ويمكن الطعن فيها بالنقض داخل األجل المحدد في نفس القانون‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ومما تجدر اإلشارة إليه في هذا الصدد أن المشرع نص في الفصل ‪ 136‬من ق م م على مضاعفة‬
‫أجل االستئناف لمصلحة األطراف الذين ليس لهم موطن وال محل إقامة بالمغرب‪ ،‬غير أن الفصل ‪ 26‬من‬
‫القرار الوزيري المؤرخ في ‪ 1915/06/03‬بشأن تفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري‪ ،‬يقضي بأن يكون‬
‫ألطراف الدعوى لزوما موطن مختار يقع في دائرة المحافظة العقارية للمخابرة معهم‪ ،‬إذا كان محل اإلقامة‬
‫الحقيقي يقع خارجا عن منطقة اإلدارة‪ ،‬وإال فإن اإلعالمات والتنبيهات الموجهة إليهم تعد كأنها واصلة‬
‫بمجرد تسليمها لمكتب النيابة العامة‪ ،‬مما يعني أن الحكم يبلغ في الموطن المحدد بالفصل المذكور‪ ،‬أو‬
‫للنيابة العامة في حالة عدم وجوده‪ ،‬وكذا عندما يتعلق األمر بالتبليغ عن يوم عرض القضية بالجلسة‬
‫(الفصل ‪ 44‬من ظ ت ع)‪.‬‬

‫ب) الطعن في األحكام وتنفيذها‬

‫لقد نص ظ ت ع كما تم تعديله وتتميمه بموجب القانون رقم ‪ ،14.07‬على وسيلتين فقط للطعن‬
‫في األحكام الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري‪ ،‬وهما االستئناف والنقض‪.‬‬

‫وهكذا نص الفصل ‪ 41‬من ظ ت ع على أن طلب االستئناف يقدم بدون مصاريف على الكيفية‬
‫المنصوص عليها في الفصل ‪ 141‬من ق م م‪ ،‬كما نص الفصل ‪ 42‬من نفس الظهير على تعيين المستشار‬
‫المقرر من طرف رئيس المحكمة االستئنافية المحال عليها الملف‪ ،‬والذي يعمل على أمر المستأنف باإلدالء‬
‫بأسباب استئنافه ووسائل دفاعه داخل أجل ‪ 15‬يوما‪ ،‬وهذا يعني أن المستأنف في قضايا التحفيظ العقاري‬
‫غير ملزم بتقديم مقال االستئناف وفق الشروط المنصوص عليها في الفصل ‪ 142‬من ق م م‪ ،‬وإنما يكتفي‬
‫بتقديم طلب االستئناف للمحكمة التي أصدرت الحكم المستأنف‪ ،‬ما دام أن القانون الواجب التطبيق هو‬
‫ظهير التحفيظ العقاري الذي لم يلزمه بذلك‪ ،‬وهذا ما قرره المجلس األعلى في أحد ق ارراته عندما اعتبر ما‬
‫يلي‪ ... « :‬حقا فإنه بالنسبة لألحكام التي تصدر في نطاق مسطرة التحفيظ‪ ،‬فإنه بمقتضى الفصل ‪ 42‬من‬
‫ظهير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬المتعلق بالتحفيظ الذي هو القانون الواجب التطبيق دون غيره‪ ،‬يكفي أن يقدم‬
‫التصريح باالستئناف داخل األجل القانوني‪ ،‬أما أوجه االستئناف فإن األجل يظل مفتوحا لتقديمها ولو خارج‬
‫األجل القانوني لالستئناف ما لم يوجه إلى المستأنفين إشعار بذلك وفق ما ينص عليه الفصل ‪ 42‬المذكور‪،‬‬
‫وأن المحكمة لما قضت بعدم قبول استئناف الطاعنين بعلة أنهم لم يقدموا أوجه استئنافهم‪ ،‬دون أن يكون‬
‫قد وجه إليهم إشعار بذلك‪ ،‬تكون قد أساءت تطبيق المقتضيات المذكورة وعرضت قرارها للنقض»‪.‬‬

‫ولعل العلة من وراء إعفاء المستأنف من هذه البيانات‪ ،‬تكمن في أن الحكم االبتدائي ال يبلغ كامال‬
‫للمحكوم عليه وإنما يبلغ بمجرد ملخص عنه‪ ،‬كما أن نسخة الحكم ترفق وجوبا بالملف الكامل المحال على‬
‫كتابة ضبط محكمة االستئناف وهي تتضمن سائر البيانات الضرورية‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫كما تجدر اإلشارة‪ ،‬أن المشرع لم يرتب أي جزاء على عدم استجابة المستأنف ألمر المستشار‬
‫المقرر القاضي ببيا ن أوجه استئنافه رغم إنذاره بذلك‪ ،‬وفي هذا الصدد اعتبر المجلس األعلى أنه ال يمكن‬
‫للمحكمة الحكم بعدم قبول االستئناف‪ ،‬ألنها في مادة التحفيظ تكون ملزمة بالنظر في القضية بناء على‬
‫األوراق والوثائق الموجودة بالملف‪.‬‬

‫ويتبين كذلك من خالل الفصل ‪ 42‬المذكور‪ ،‬أن المستشار المقرر غير ملزم بتبليغ مقال االستئناف‬
‫للمستأنف عليه وال بتبليغ المستأنف جواب المستأنف عليه‪ ،‬وإنما هو ملزم باستدعاء األطراف المعنية باألمر‬
‫لالطالع على ما أدلى به المستأنف‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى االستئناف‪ ،‬فقد نص المشرع على إمكانية الطعن بالنقض في الق اررات الصادرة في‬
‫قضايا التحفيظ العقاري داخل أجل ثالثين يوما من تاريخ التبليغ‪ ،‬وذلك بواسطة محام مقبول للترافع أمام‬
‫محكمة النقض ضمن الشروط المنصوص عليها في الفصل ‪ 354‬وما بعده من ق م م‪ ،‬هذا وتجدر اإلشارة‬
‫في األخير إلى أن الطعن بالنقض له أثر موقف للتنفيذ بالنسبة لقضايا التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫أما بالنسبة للتنفيذ فيتم استنادا لمقتضيات الفقرة الثانية من ظ ت ع بواسطة المحافظ على األمالك‬
‫العقارية‪ ،‬دون أن يعتبر هذا األخير جها از مكلفا بالتنفيذ‪ ،‬بالمفهوم الذي لكتابة الضبط فيما يرجع لتنفيذ‬
‫األحكام الصادرة في القضايا العادية‪ ،‬وذلك باعتباره سلطة إدارية مستقلة تتمتع بكافة الصالحيات إزاء الحكم‬
‫الصادر في نزاع التحفيظ‪ ،‬حيث يجوز له مراقبة هذه األحكام‪ ،‬إذ يتأكد من كون نسخة الحكم مشهود‬
‫بمطابقتها لألصل من طرف كتابة الضبط وحاملة لتوقيع وخاتم المحكمة‪ ،‬باإلضافة إلى وجود شهادة بعدم‬
‫الطعن التي تفيد اكتساب الحكم لقوة الشيء المقضي به التي تخوله التنفيذ‪.‬‬

‫ويترتب على تنفيذ الحكم من طرف المحافظ‪ ،‬عدم تسليم نسخة تنفيذية منه لألطراف‪ ،‬وإنما االقتصار‬
‫على تسليمهم نسخة من الحكم قصد االطالع عليه والطعن فيه إن أمكن‪.‬‬

‫وتج در اإلشارة إلى أن األحكام الصادرة في قضايا التحفيظ‪ ،‬ال تعتبر أحكام إلزام وإنما هي أحكام‬
‫تقريرية أو إثباتية‪ ،‬تقضي بوجود الحق المطالب به من قبل المتعرض أو عدم وجوده‪ ،‬دون أن تلزم المحكوم‬
‫عليه بأداء معين أو تحدث تغيي ار في الحق أو المركز المتنازع عليه‪ ،‬أي أنها تحقق الحماية القانونية دون‬
‫تنفيذ‪.‬‬

‫وبالرغم مما قيل عن األحكام التقريرية‪ ،‬بأنها ال تحتاج إلى قوة تنفيذية وال يجوز شمولها بالنفاذ‬
‫المعجل‪ ،‬فإن هناك حاالت منح من خاللها المشرع قوة تنفيذية‪ ،‬كحالة الحكم القاضي بصحة التعرض‪،‬‬
‫فرغم أن هذا الحكم تقريري ألنه ال يترتب ع نه إفراغ طالب التحفيظ من العقار المحكوم بصحة التعرض‬

‫‪15‬‬
‫عليه‪ ،‬إال أنه يترتب عليه إلغاء التحديد المؤقت بقوة القانون‪ ،‬ويلزم المحافظ طالب التحفيظ بمحو آثاره ولو‬
‫على نفقته بالقوة العمومية في حالة امتناعه عن ذلك بعد توصله بإنذار من المحافظ العقاري‪ ،‬وذلك طبق‬
‫لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل ‪ 38‬من ظ ت ع‪ ،‬سواء تعلق األمر بتعرض كلي أو بتعرض جزئي‪.‬‬

‫كما أن األحكام الصادرة في شأن التعرضات أثناء جريان الدعوى‪ ،‬يكون لها فيما بين األطراف‬
‫مفعول قوة الشيء المقضي به طبقا لمقتضيات الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 38‬من ظ ت ع‪ ،‬إذا استنفدت‬
‫جميع طرق الطعن المنصوص عليها في ظ ت ع‪ ،‬وهكذا يمكن القول بأنه يمكن رفع دعوى في مواجهة‬
‫المحكوم عليه الذي لم يلتزم بما ورد في هذه األحكام‪ ،‬إللزامه بكف االعتداء عن حقوق المحكوم له وتعويضه‬
‫عن الضرر‪ ،‬فيصدر إثر ذلك حكم قابل للتنفيذ الجبري‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬إن الحكم الصادر في دعوى التحفيظ ال يشكل سندا تنفيذيا يبرر طرد الحائز‬
‫المادي للعقار سواء كان طالبا للتحفيظ حكم بصحة التعرض ضد مطلبه‪ ،‬أو متعرضا حكم بعدم صحة‬
‫تعرضه أو أحدا من األغيار‪ ،‬بل يجب على المحكوم لصالحه في نزاع التحفيظ العقاري‪ ،‬أن يرفع دعوى‬
‫في الموضوع من جديد أم ام المحكمة من أجل اإلفراغ استنادا على األحكام الصادر لصالحه‪ .‬أما بالنسبة‬
‫لمسطرة التحفيظ فإن المحافظ العقاري بعد التأكد من قابلية الحكم أو القرار للتنفيذ يتخذ وحده ق ار ار بشأن‬
‫مطلب التحفيظ‪ ،‬إما بالتحفيظ في حالة صدور حكم بعدم صحة التعرض‪ ،‬أو نشر خالصة إصالحية وفق‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 83‬ظ‪.‬ت‪.‬ع في حالة صدور حكم بصحة التعرضات‪ ،‬ويفتح أجل شهرين للتعرض على‬
‫الحقوق المعلن عنها بموجب الخالصة اإلصالحية‪ ،‬وهذا ما سنتناوله بشيء من التفصيل في المحور‬
‫الموالي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آثار التحفيظ العقاري‬

‫بعد اكتساب الحكم الصادر في دعوى التحفيظ العقاري قوة الشيء المقضي به‪ ،‬فإن الملف يعاد‬
‫إلى المحافظ العقاري‪ ،‬الذي له وحده اختصاص البت في مطلب التحفيظ‪ ،‬حتى إذا انتهى إلى اتخاذ قرار‬
‫بالتحفيظ وتأسيس الرسم العقاري (المطلب األول)‪ ،‬نشأت عن ذلك مرحلة جديدة في حياة العقار أال وهي‬
‫مرحلة التقييدات ( المطلب الثاني)‬

‫المطلب األول‪ :‬تأسيس الرسم العقاري‬

‫قبل الحديث عن تأسيس الرسم العقاري واآلثار المترتبة عن ذلك (الفقرة الثانية) سنتحدث في مرحلة‬
‫أولى عن الق اررات التي يتخذها المحافظ على األمالك العقاري في شأن مطالب التحفيظ المعروضة عليه‬
‫(الفقرة األولى)‬

‫‪16‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬قرارات المحافظ على األمالك العقارية في شأن مطالب التحفيظ‬

‫إن قرار المحافظ العقاري ال يخرج في شأن مطالب التحفيظ عن ق اررين إما التحفيظ (أوال) أو عدم‬
‫التحفيظ (ثانيا)‬

‫أوال‪ :‬قرار المحافظ على األمالك العقارية بالتحفيظ‬

‫قد يتخذ المحافظ العقاري ق ارره بتحفيظ العقار في حالة عدم وجود تعرضات (أ) أو في حالة البت‬
‫في التعرضات من طرف القضاء (ب)‪.‬‬

‫أ) اتخاذ قرار التحفيظ في حالة عدم التعرض على مطلب التحفيظ‬

‫بعد فوات أجل التعرض بدون تعرض‪ ،‬وبعد تأكد المحافظ العقاري من سالمة مسطرتي اإلشهار‬
‫والتحديد ومن ص حة الوثائق المدلى بها من طرف طالب التحفيظ وأداء الرسوم المتعلقة بمطلب التحفيظ‪،‬‬
‫وكذا عدم تداخل المطلب الجاهز للتحفيظ مع مطالب أخرى للتحفيظ أو مع رسم عقاري آخر‪ ،‬فإن المحافظ‬
‫العقاري يصدر ق ارره بتحفيظ الملك موضوع مطلب التحفيظ داخل أجل ثالثة أشهر الموالية النصرام أجل‬
‫التعرض (فصل ‪ 30‬ظ ت ع)‪ ،‬وهو أجل قصير جدا خصوصا في بعض الحاالت التي توجد فيها بعض‬
‫الصعوبات الواقعية‪ ،‬ولعل هذا ما يفسر العدد الكبير من مطالب التحفيظ التي تجاوزت هذا األجل دون أن‬
‫يتخذ فيها قرار بالتحفيظ‪.‬‬

‫يمكن للمحافظ العقاري كذلك اتخاذ قرار تحفيظ الجزء الذي لم يطله التعرض في حالة التعرض‬
‫الجزئي‪ ،‬وهذه اإلمكانية المتاحة للمحافظ هي من التعديالت المهمة التي جاء بها المشرع بموجب القانون‬
‫رقم ‪ 14.07‬على الفقرة الثانية من الفصل ‪ 31‬من ظ ت ع‪ ،‬وفي هذه الحالة يتعين على المحافظ إجراء‬
‫تحديد تكميلي‪ ،‬قصد فرز الوعاء العقاري الغير مشمول بالتعرض‪ ،‬وذلك قبل تأسيس رسم عقاري لهذا الجزء‬
‫غير المتعرض عليه‪.‬‬

‫كما يمكن للمحافظ العقاري أن يتخذ ق ار ار بالتحفيظ في حالة رفع التعرض سواء تلقائيا من طرف‬
‫المتعرض‪ ،‬أو بناء على اتفاق صلح بينه وبين طالب التحفيظ‪ ،‬حيث يتنازل بموجبه هذا األخير عن تعرضه‬
‫أو طالب التحفيظ عن الجزء المتعرض عليه‪ ،‬أو سواء تم الصلح بناء على تدخل من المحافظ العقاري طبقا‬
‫لمقتضيات الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 31‬من ظ ت ع‪ ،‬حيث يحرر الصلح في وثيقة كتابية مستوفية لشروط‬
‫صحتها‪ ،‬أو بموجب محضر من طرف المحافظ العقاري وموقع عليه من األطراف‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫وتجدر اإلشارة في األخير‪ ،‬أنه في حالة وجود حقوق عينية قابلة للتقييد أو حقوق مودعة طبقا‬
‫للفصل ‪ 84‬من ظ ت ع‪ ،‬فإن المحافظ العقاري ال ينبغي له أن يغفل هذه الحقوق عند تأسيس الرسم العقاري‬
‫لفائدة طالب التحفيظ‪.‬‬
‫ب) اتخاذ قرار التحفيظ في حالة البت القضائي في التعرضات‬

‫في حالة الحكم بعدم صحة التعرض وصيرورة الحكم نهائيا حائ از لقوة الشيء المقضي به‪ ،‬فإن‬
‫المحافظ العقاري كما قلنا له وحده صالحية قبول مطلب التحفيظ وبالتالي تأسيس الرسم العقاري أو رفض‬
‫هذا المطلب (الفصل ‪ 37‬فقرة ‪.)2‬‬

‫وهكذا فإن المحافظ العقاري في حالة اتخاذ قرار التحفيظ‪ ،‬يعمل على تحفيظ العقار في اسم طالب‬
‫التحفيظ‪ ،‬مع مالحظة أن المشرع لم يقيد المحافظ العقاري في هذه الحالة بأي أجل للتحفيظ‪ ،‬خالفا لما هو‬
‫منصوص عليه في الفصل ‪ 30‬من ظ ت ع المشار إليه سابقا‪.‬‬

‫أما في حالة الحكم بصحة التعرض‪ ،‬فإنه استنادا لمقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 83‬المحال‬
‫عليها بموجب الفقرة األخيرة من الفص ‪ 37‬من ظ ت ع‪ ،‬والتي تنص على ما يلي‪ " :‬يكتسب صاحب الحق‬
‫المنشأ أو المغير أو المقر به صفة طالب التحفيظ في حدود الحق المعترف به"‪ ،‬يتعين على المتعرض‬
‫تقديم طلب متاب عة إجراءات مسطرة التحفيظ من خالل نشر خالصة إصالحية وإعالن جديد عن انتهاء‬
‫التحديد‪ ،‬مع أداء وجيبات المحافظ العقارية المستحقة عن ذلك‪.‬‬

‫والعلة من ذلك هو اإلعالن عن اكتساب المتعرض لصفة طالب التحفيظ‪ ،‬استنادا إلى الحكم‬
‫القضائي النهائي القاضي بصحة تعرضه‪ ،‬وأن األمر لم يعد يتعلق بطالب التحفيظ األول الذي فقد هذه‬
‫الصفة بالنسبة للحق المحكوم به لفائدة المتعرض‪ ،‬ويترتب عن نشر اإلعالن عن انتهاء التحديد‪ ،‬فتح أجل‬
‫شهرين للتعرض‪ ،‬والذي ال يمكن أن ينصب سوى على هذا الحق أو الحقوق المعلن عنها بموجب الخالصة‬
‫اإلصالحية للمطلب المعني‪.‬‬

‫وهكذا بعد انتهاء أجل التعرض بدون تعرض‪ ،‬وبعد دراسة مدى إمكانية تطبيق الحكم القاضي‬
‫بصحة التعرض‪ ،‬فإن مسطرة التحفيظ تتابع في اسم المتعرض الذي اكتسب صفة طالب التحفيظ وفق ما‬
‫أشير إليه أعاله‪.‬‬

‫أما في الحالة التي ال يتقدم فيها هذا المتعرض بطلب متابعة إجراءات التحفيظ في اسمه‪ ،‬فيتعين‬
‫على المحافظ العقاري ‪ -‬حسب حاالت التعرض المحكوم بها – القيام بما يلي‪:‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ )1‬بالنسبة للحكم القاضي بصحة التعرض الكلي‪ :‬في هذه الحالة يتعين على المحافظ العقاري‬
‫إنذار المتعرض‪ ،‬قصد استئناف مسطرة التحفيظ في اسمه داخل أجل ‪ 3‬أشهر من يوم تبليغه باإلنذار‪،‬‬
‫وذلك تحت طائلة إلغاء مطلب التحفيظ طبقا للفصل ‪ 50‬من ظ ت ع‪.‬‬

‫‪ )2‬بالنسبة للحكم القاضي بصحة التعرض الجزئي‪ :‬يمكن للمحافظ في هذه الحالة‪ ،‬بعد التأكد من‬
‫تحديد وعاء التعرض سواء خالل المرحلة اإلدارية أو القضائية طبقا للفصل ‪ 25‬من ظ ت ع‪ ،‬تحفيظ الجزء‬
‫الذي ال يشمله التعرض طبقا لمقتضيات الفصلين ‪ 30‬و‪ 31‬من ظ ت ع‪.‬‬

‫أما التعرض الجزئي المحدد والمحكوم بصحته‪ ،‬فيتعين على المحافظ أن ينذر هذا المتعرض قصد‬
‫متابعة مسطرة التحفيظ باسمه بعدما اكتسب صفة طالب التحفيظ‪ ،‬وذلك خالل أجل ‪ 3‬أشهر من تاريخ‬
‫تبليغ اإلنذار‪ ،‬تحت طائلة إلغاء الجزء المتعرض عليه من مطلب التحفيظ طبقا للفصل ‪ 50‬من ظ ت ع‪.‬‬

‫‪ )3‬بالنسبة للحكم القاضي بصحة التعرض الجزئي بدون تحديد وعائه‪ :‬إذا قضت المحكمة بصحة‬
‫تعرض جزئي لم يتم تحديد وعائه‪ ،‬فإنه يمكن لطالب التحفيظ أو المتعرض تقديم طلب إجراء تحديد تكميلي‬
‫لوعاء التعرض المحكوم بصحته بحضور جميع األطراف المعنية‪ ،‬حيث يتم تحفيظ الجزء الذي ال يشمله‬
‫أي تعرض‪ ،‬ومتابعة إجراءات تحفيظ الجزء المحكوم به لفائدة المتعرض‪ .‬فإذا تعذر تحديد وعاء هذا التعرض‬
‫الجزئي‪ ،‬أمكن للمحافظ إحالة الملف من جديد على المحكمة قصد تحديده طبقا لمقتضيات الفقرة األخيرة‬
‫من الفصل ‪ 25‬والفصل ‪ 37‬من ظ ت ع‪.‬‬

‫‪ )4‬بالنسبة للحكم القاضي بصحة التعرض على حقوق مشاعة‪ :‬فإذا كانت هذه الحقوق محددة‪،‬‬
‫فإنه يتم التشطيب على الت عرض ويتعين استئناف مسطرة التحفيظ بطلب من المتعرض أو طالب التحفيظ‪،‬‬
‫وذلك بنشر خالصة إصالحية وإعالن عن انتهاء التحديد في اسم طالب التحفيظ والمتعرض المحكوم له‬
‫بحقوق مشاعة‪.‬‬

‫أما إذا كانت هذه الحقوق غير محددة ولم تبين المحكمة نصيب المتعرض أو نصيب كل متعرض‪،‬‬
‫فإنه ي تعين في حالة عدم االتفاق على نصيب كل واحد منهم‪ ،‬إرجاع المطلب إلى المحكمة قصد تحديد‬
‫الحقوق المشاعة المحكوم بها‪ ،‬وذلك طبقا للفقرة الثالثة من الفصل ‪ 37‬من ظ ت ع‪.‬‬

‫‪ )5‬بالنسبة للحكم القاضي بصحة تعرضين أو عدة تعرضات بخصوص نفس الوعاء العقاري‪ :‬في‬
‫هذه الحالة يتعين على المحافظ العقاري دعوة المتعرضين إلى إمكانية متابعة إجراءات التحفيظ‪ ،‬بعد اإلدالء‬
‫بما يفيد اتفاقهم على تحديد حصة كل متعرض من الوعاء العقاري‪ ،‬أو ما يفيد التسوية بينهم (الصلح) تحت‬
‫طائلة رفض مطلب التحفيظ كليا أو جزئيا طبقا للفقرة الثانية من الفصل ‪ 37‬من ظ ت ع‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫وتجدر اإلشارة أنه في حالة الصلح أثناء جريان الدعوى‪ ،‬فإن المحكمة تشهد على هذا الصلح‬
‫وتحيل الملف على المحافظ‪ ،‬الذي يقوم إذا ارتأى ذلك بالتحفيظ بناء على اتفاق األطراف‪.‬‬

‫‪ )6‬بالنسبة للحكم القاضي بصحة التعرضات المتبادلة بين مطلبين أو عدة مطالب للتحفيظ ‪ :‬نميز‬
‫في هذه الحالة بين التداخل الكلي بين مطالب التحفيظ‪ ،‬حيث يقوم المحافظ العقاري بالتشطيب على التعرض‬
‫المتبادل بمطلب التحفيظ المعني‪ ،‬ويتخذ قرار رفض مطلب التحفيظ الذي قضى الحكم بعدم صحته‪ ،‬ثم‬
‫يبت في شأن متابعة إجراءات تحفيظ المطلب الذي قضى الحكم بصحته‪.‬‬

‫وبين حالة التداخل الجزئي بين مطالب التحفيظ‪ ،‬حيث يقوم المحافظ بالرفض الجزئي للمطلب أو‬
‫المطالب التي حكم القضاء بعدم صحتها في حدود التداخل بين هذه المطالب‪ ،‬ثم يبت في المطلب أو‬
‫ال مطالب التي قضى الحكم بصحة التعرض الناتج عن التداخل الجزئي لفائدتها‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في األخير إلى أنه يتعين أداء وجيبات التحفيظ في جميع هذه الحاالت السابقة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬قرار المحافظ على األمالك العقارية بعدم التحفيظ‬

‫نميز في هذا الصدد بين قرار المحافظ العقاري بإلغاء مطلب التحفيظ (أ ) وق ارره برفض التحفيظ (ب)‪.‬‬

‫أ) قرار إلغاء مطلب التحفيظ‬

‫يتخذ المحافظ العقاري قرار إلغاء مطلب التحفيظ كلما تعلق األمر بحالة من الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪ -‬عدم حضور طالب التحفيظ لعمليات التحديد هو أو من ينوب عنه‪ ،‬أو عدم القيام بما يلزم‬
‫إلجراء عملية التحديد استنادا لمقتضيات الفقرة األولى من الفصل ‪ 23‬من ظ ت ع‪.‬‬

‫‪ -‬تعذر إنجاز عملية التحديد لمرتين متتاليتين بسبب نزاع حول الملك (الفقرة الثانية من الفصل‬
‫‪.)23‬‬

‫‪ -‬عدم قيام طالب التحفيظ بأي إجراء لمتابعة مسطرة التحفيظ طبقا للفصل ‪ 50‬من ظ ت ع‪ ،‬وذلك‬
‫مثال حسب الحاالت التي أتينا على ذكرها أعاله‪.‬‬

‫ب) قرار رفض مطلب التحفيظ‬

‫لم يتطرق المشرع المغربي من خالل ظهير التحفيظ العقاري بشكل صريح إلى أسباب رفض مطلب‬
‫التحفيظ‪ ،‬لكن بالرجوع إلى مقتضيات الفصل الثالثين منه‪ ،‬نجده ينص على أن المحافظ العقاري يقوم‬
‫بتحفيظ العقار‪ ،‬ب عد التحقق من إنجاز جميع اإلجراءات ومن شرعية الطلب وكفاية الحجج المدلى بها‪ ،‬وعدم‬
‫وقوع أي تعرض‪ .‬أي بمفهوم المخالفة تكون أسباب رفض مطلب التحفيظ راجعة إما لعدم شرعية الطلب‪،‬‬

‫‪20‬‬
‫أو لعدم كفاية الحجج المدعمة لطلب التحفيظ‪ .‬وبذلك فإن المحافظ العقاري له سلطة تقديرية واسعة في‬
‫قبول أو رفض طلب التحفيظ‪.‬‬

‫لكن المشرع رغم هذه السلطة التقديرية التي منحها للمحافظ‪ ،‬فإنه قيده في مقابل ذلك بموجب الفصل‬
‫‪ 37‬مكرر من ظ ت ع‪ ،‬بضرورة تعليل قرار الرفض وتبليغه لطالب التحفيظ‪ ،‬الذي له حق الطعن في هذا‬
‫القرار أمام المحكمة االبتدائية وكذا االستئناف والنقض‪.‬‬

‫ويترتب على اتخاذ قرار رفض التحفيظ بعض اآلثار‪ ،‬حيث يعتبر التحديد المنجز الغيا ويلزم طالب‬
‫التحفيظ بمحو آثاره‪ ،‬فإذا رفض طالب التحفيظ ذلك‪ ،‬باشر المحافظ محو هذه اآلثار على نفقة طالب‬
‫التحفيظ ولو باستخدام القوة العمومية‪ ،‬وذلك بعد توجيه إنذار إليه طبقا للفصل ‪ 38‬في فقرته الثانية‪ ،‬وتتخذ‬
‫نفس هذه اإلجراءات في حالة الرفض الجزئي الذي يتعين معه تصحيح التحديد وفقا للوضع الجديد‪ ،‬كما‬
‫يترتب على رفض مطلب التحفيظ كال أو بعضا‪ ،‬إرجاع طالب التحفيظ وجميع المعنيين بالنسبة لكل العقار‬
‫أو أجزائه إلى الوضع الذي كانوا عليه قبل الطلب (الفصل ‪.)38‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬اآلثار المترتبة عن تأسيس الرسم العقاري‬


‫يترتب عن اتخاذ قرار التحفيظ من طرف المحافظ على األمالك العقارية‪ ،‬وضع حد لمسطرة التحفيظ‬
‫وتأسيس الرسم العقاري الذي يرتب آثا ار جد مهمة لفائدة مالك العقار في مواجهة الغير (أوال) هذه اآلثار‬
‫ال تسمح لمن تضررت حقوقه من قرار المحافظ سوى المطالبة بالتعويض (ثانيا)‬

‫أوال‪ :‬آثار تأسيس الرسم العقاري بالنسبة للمالك وأصحاب الحقوق العينية‬

‫قبل الحديث عن اآلثار المترتبة عن تأسيس الرسم العقاري (أ) ال بأس من الحديث عن هذا الرسم‬
‫وبياناته (ب)‪.‬‬

‫أ) الرسم العقاري وبياناته‬

‫يقصد بالرسم العقاري من جهة رسم الملكية أو التمليك الذي يسلم لمالك العقار‪ ،‬وهو عبارة عن‬
‫نسخة من الرسم العقاري الذي يبين وضعية العقار بدقة‪ ،‬ويقصد به من جهة أخرى الشهادات العقارية‬
‫الخاصة ببعض الحقوق العينية التي تثقل العقار‪ ،‬تسلم لكل شخص ترتب له حق من الحقوق الواجبة التقييد‪،‬‬
‫لذلك سنتطرق من خالل سنتحدث عن بيانات الرسم العقاري في مرحلة أولى‪ ،‬قبل أن نتحدث عن نظير‬
‫الرسم العقاري والشهادات العقارية الخاصة‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ )1‬بيانات الرسم العقاري‬

‫يجب أن يشتمل الرسم العقاري عند تأسيسه من طرف المحافظ العقاري‪ ،‬استنادا لمقتضيات الفصل‬
‫‪ 52‬من ظ ت ع كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم ‪ 14/07‬على ما يلي‪:‬‬

‫وصفا مفصال للعقار من خالل بيان حدوده واألمالك المجاورة والمالصقة له ونوعه ومساحته‪ ،‬حيث‬
‫إن الرسم العقاري يجب أن يعكس الوضعية المادية الحقيقية للعقار‪.‬‬

‫االسم الشخصي والعائلي للمالك ومحل سكناه وحا لته المدنية وجنسيته‪ ،‬وإن اقتضى الحال اسم‬
‫الزوج والنظام المالي للزواج‪ ،‬أو كل اتفاق تم طبقا لمقتضيات المادة ‪ 49‬من مدونة األسرة‪ .‬ويتضمن في‬
‫حالة الشياع نفس البيانات المذكورة أعاله‪ ،‬بالنسبة لكل شريك مع التنصيص على نصيب كل واحد منهم‪.‬‬
‫وإذا كان المالك شخصا اعتباريا فيجب بيان تسميته وشكله القانوني ومقره االجتماعي وكذا ممثله القانوني‪.‬‬

‫وإذا تعلق األمر بقاصر أو بغيره من فاقدي األهلية وجبت اإلشارة إلى ذلك بالرسم العقاري مع بيان‬
‫سبب فقدان األهلية‪.‬‬

‫الحقوق العينية العقارية المترتبة على العقار‪.‬‬

‫اإلسم الذي تم اختياره للعقار ورقمه الترتيبي‪ ،‬وتجدر اإلشارة أنه يمكن طبقا للفصل ‪ 52‬مكرر من‬
‫ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم ‪ ، 14/07‬للمالك المقيد أن يطلب تغيير اسم‬
‫العقار المحفظ‪ ،‬غير أنه في حالة الشياع تشترط الموافقة الصريحة لكافة الشركاء المقيدين إلمكانية تغيير‬
‫هذا اإلسم‪.‬‬

‫يقيد طلب تغيير اإلسم في سجل اإليداع وينشر بالجريدة الرسمية‪ ،‬وبعد انصرام ‪ 15‬يوما من تاريخ‬
‫هذا النشر يضمن االسم الجديد بالرسم العقاري وبنظيره ويشار إليه الحقا في التقييدات والوثائق‪.‬‬

‫خريطة تعطي تفصيالت عن العقار من حيث مساحته وحدوده وشكله وترفق بالرسم العقاري حيث‬
‫يعطاه رقم ترتيبي واسم خاص به‪.‬‬

‫وبما أن الرسم العقاري يتصف بصفة الخصوصية‪ ،‬فإنه ال يشتمل إال على قطعة واحدة مملوكة‬
‫لشخص واحد أو مملوكة لعدة اشخاص على الشياع‪ .‬فصفة الخصوصية تقتضي عدم إقامة رسم عقاري‬
‫لعدة قطع‪ ،‬سواء كانت مملوكة لشخص واحد أو لعدة أشخاص‪ .‬كما ال يمكن إقامة رسم عقاري لقطعة واحدة‬
‫إذا كانت مملوكة لعدة أشخاص ملكية مفرزة غير شائعة‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ويترتب على صفة الخصوصية المالزمة لرسم الملكية عدة نتائج كما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬إذا وقع تجزيء عقار بسبب قسمة أو غيرها‪ ،‬فإنه يباشر تحديد كل قطعة من طرف مهندس‬
‫مساح طبوغرافي محلف من جهاز المسح العقاري‪ ،‬مقيد في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين‬
‫الطبوغرافيين‪ ،‬يقوم بنقل العملية إلى التصميم‪ ،‬ويؤسس رسم عقاري وتصميم مستقلين لكل جزء من العقار‪.‬‬

‫ب‪ -‬يمكن االحتفاظ بالرسم العقاري األصلي للجزء المتبقي من العقار بيد المالك‪ ،‬وفي هذه الحالة‬
‫يقيد به المحافظ على األمالك العقارية جميع البيانات المفيدة ويصحح التصميم نتيجة ذلك‪.‬‬

‫ج‪ -‬إذا طلب شخص تحفيظ عقار باسمه‪ ،‬وكان هذا العقار مجاو ار أو مالصقا لعقار آخر سبق‬
‫أن حفظ باسمه‪ ،‬بحيث يشكل العقاران وحدة عقارية (كتلة عقارية واحدة)‪ ،‬فإنه يجوز بدل أن يؤسس رسم‬
‫خاص بالعقار الجديد أن يصحح الرسم القديم على وجه يعتبر معه الرسم المصحح شامال العقاران معا‬
‫اللذان أصبحا يشكالن كتلة عقارية واحدة‪ ،‬كذلك الشأن إذا حصل أن اقتطع جزء من عقار محفظ‪ ،‬وانتقل‬
‫الجزء المقتطع إلى مالك عقار مجاور محفظ باسمه‪ ،‬فإنه يمكن بدل أن يؤسس رسم عقاري وخريطة مستقالن‬
‫بالجزء المقتطع‪ ،‬أن يضم هذا الجزء إلى العقار المجاور ويعدل الرسم والخريطة العائدان لهذا العقار بصورة‬
‫يصبحان معها شاملين للعقار القديم والجزء الجديد المضاف إليه‪.‬‬

‫د‪ -‬إذا أراد شخص دمج عدة عقارات محفظة وجعلها جميعا محال لرسم واحد‪ ،‬بدل أن يكون كل‬
‫منها محال لرسم مستقل‪ ،‬فإنه يستطيع ذلك‪ ،‬ويؤسس عندها رسم واحد وخريطة جديدة واحدة بالعقارات‬
‫جميعها ككتلة واحدة‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة أن مجموع الرسوم العقارية يشكل ما يعرف بالدفاتر العقارية أو السجالت العقارية‬
‫)‪ ،(les livres fonciers‬كما أن أصل الرسم العقاري يحتفظ به لدى المحافظة العقارية‪ ،‬ويسلم نظير منه‬
‫للمالك في حين تسلم شهادات عقارية خاصة ألصحاب الحقوق العينية‪ ،‬وهذا ما سنتحدث عنه في الفقرة‬
‫الموالية‪.‬‬

‫‪ )2‬نظير الرسم العقاري والشهادات العقارية الخاصة‬

‫نظير الرسم العقاري هو عبارة عن نسخة طبق األصل من الرسم العقاري األصل‪ ،‬فكل ما يسجله‬
‫المحافظ في السجل يعيد تقييده في نظير الرسم العقاري‪ ،‬وطبقا لمقتضيات الفصل ‪ 58‬من ظ ت ع المعدل‬
‫والمتمم بالقانون رقم ‪ ،14-07‬فإنه للمالك دون غيره حق أخذ نظير الرسم العقاري‪ ،‬ونسخة من التصميم‬
‫الملحق به‪ ،‬ويشهد المحافظ العقاري بصحتهما بإمضائه ووضع خاتم المحافظة العقارية عليه‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫وحيث إن نظير الرسم العقاري ال يسلم إال للمالك‪ ،‬وكان الجمهور (األغيار) بحاجة أحيانا للوقوف‬
‫على ما ضمن بالسجل العقاري‪ ،‬أو للحصول على نسخة أو ملخص للوثائق المودعة في المحافظة العقارية‪،‬‬
‫فإن المشرع حسب الفصل ‪ 61‬من ظ ت ع أوجب على المحافظ العقاري‪ ،‬عندما يطلب منه ذلك أن يسلم‬
‫بيانا عاما أو خاصا بما قيد بالرسم العقاري‪ ،‬ونسخا من الوثائق المودعة تنفيذا لمقتضيات هذا القانون‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة أن المشرع بعدما أوضح في ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬أن كل عقار محفظ يؤسس له‬
‫رسم عقاري واحد‪ ،‬وحصر حق أخذ نسخة عن هذا الرسم بالمالك دون سواه‪ ،‬نص في الفقرة األخيرة من‬
‫الفصل ‪ 58‬المذكور على إمكانية تأسيس شهادات خاصة بالتقييد‪ ،‬تسلم نسخة عنه لباقي أصحاب الحقوق‬
‫العينية وخاصة في حالة الشياع التي ال يسلم فيها إال نظير واحد للشريك المفوض له ذلك‪.‬‬

‫وقد جاء القرار الوزاري الصادر بتاريخ ‪ 20‬رجب ‪ 1333‬الموافق ل ‪ 3‬يونيو ‪ ،1915‬المتضمن‬
‫للتفصيالت التطبيقية لنظام التحفيظ العقاري‪ ،‬ليوضح األحكام المتعلقة بهذه الشهادات أو الرسوم العقارية‬
‫الخاصة‪ ،‬وتتلخص هذه األحكام فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬باإلضافة إلى الرسم العقاري المؤسس باسم المالك‪ ،‬يمكن بعد تحفيظ العقار تأسيس رسوم‬
‫عقارية خاصة‪ ،‬بناء على الطلب باسم المنتفع أو صاحب حق الكراء الطويل األمد أو صاحب حق السطحية‬
‫أو صاحب حق من الحقوق المتفرعة عن الملكية حسب قواعد الفقه اإلسالمي‪ ،‬وذلك كي يتاح تسجيل‬
‫الحقوق العينية والتكاليف العقارية التي يمكن أن تنشأ على حق االنتفاع أو الكراء الطويل األمد أو حق‬
‫السطحية أو الحقوق المتفرعة عن الملكية حسب قواعد الفقه اإلسالمي‪ ،‬عليها (أي على هذه الرسوم العقارية‬
‫الخاصة) طبقا للفصل ‪ 17‬من القرار الوزاري المذكور‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬كل صاحب حق من الحقوق المذكورة أعاله‪ ،‬يمكن منحه نسخة صحيحة تامة عن الرسم‬
‫العقاري الخاص الذي طلب تأسيسه‪ ،‬وتخضع نسخ الرسوم العقارية الخاصة لألحكام التي تطبق على نسخ‬
‫رسوم التمليك‪ ،‬وذلك حسب الفصل ‪ 18‬من القرار الوزاري المذكور‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬إذا جرى نقل حق من هذه الحقوق من شخص إلى آخر نتيجة نصرف قانوني‪ ،‬فإنه يذكر‬
‫على الرسم الخاص المؤسس بشأنها وعلى النسخة المطابقة له أسماء أصحاب الحق المتعاقبين (الفصل‬
‫‪ 19‬من القرار الوزاري ل ‪ 3‬يونيو ‪.)1915‬‬

‫إذا ثبت هذا انتقلنا للحديث عن آثار تأسيس الرسم العقاري‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫ب) األصل في الرسم العقاري التطهير والنهائية‬

‫يترتب عن تأسيس الرسم العقاري من حيث األصل أثران مهمان (‪ )1‬ال يسريان استثناء في مواجهة‬
‫بعض األمالك (‪.)2‬‬

‫‪ )1‬األثر التطهيري واألثر النهائي للرسم العقاري‬

‫سنتحدث عن األثر التطهيري للرسم العقاري (‪ )1.1‬قبل أن نتحدث عن أثره النهائي (‪.)2.1‬‬

‫‪ 1.1‬األثر التطهيري للرسم العقاري‬

‫يترتب على سلوك إجراءات التحفيظ وتأسيس الرسم العقاري وفق ما سبق لنا بيانه‪ ،‬تطهير العقار‬
‫من جميع الحقوق السابقة عن تأسيس الرسم العقاري‪ ،‬والتي لم يتم التعريف بها خالل مرحلة التحفيظ بواسطة‬
‫التعرض‪ ،‬حيث ال يتم االعتداد سوى بالحقوق المضمنة به‪ ،‬كما يبطل الرسم العقاري ما عداه من الرسوم‬
‫(الوثائق)‪ ،‬بما فيها الرسوم والعقود التي استند عليها طالب التحفيظ عند تقديم مطلب التحفيظ‪ ،‬حيث يعتبر‬
‫مالك العقار المحفظ مالكا بموجب قرار المحافظ العقاري‪ ،‬وليس استنادا إلى الحجج والوثائق والمستندات‬
‫التي أيد ودعم بها مطلبه للتحفيظ‪ ،‬سواء تعلق األمر بعقد شراء أو إراثة أو هبة أو وصية أو غيرها من‬
‫العقود المثبتة للملك‪.‬‬

‫وقد نصت المادة ‪ 12‬من مرسوم ‪ 14‬يوليو ‪ 2014‬في شأن إجراءات التحفيظ العقاري‪ ،‬في هذا‬
‫الشأن على ما يلي‪" :‬عند اتخاذ قرار التحفيظ‪ ،‬توضع عبارة‪ :‬وثيقة ملغاة سبق استعمالها في تحفيظ العقار‬
‫الذي أسس له الرسم العقاري عدد ‪ ،....‬على العقود والوثائق التي تم االستناد إليها في إيداع مطلب‬
‫التحفيظ‪."......‬‬

‫وهكذا‪ ،‬فإن الرسم العقاري استنادا للفقرة الثانية من الفصل األول من ظ ت ع‪ ،‬يطهر العقار من‬
‫الحقوق غير الظاهرة وقت تحفيظه ولو كانت مشروعة‪ ،‬ويعترف بالوجود القانوني للحقوق الظاهرة وقت‬
‫التحفيظ ‪-‬أي تلك الحقوق التي تم التعريف بها أثناء مسطرة التحفيظ‪ -‬ويضفي عليها صبغة المشروعية‬
‫ولو كانت في حقيقتها غير مشروعة‪.‬‬

‫فقرار تأسيس الرسم العقاري يشكل دليال قاطعا على حق الملكية والحقوق العينية والتحمالت العقارية‬
‫المعلن عنها أثناء مسطرة التحفيظ والمسجلة بالرسم العقاري‪ ،‬لذلك سمي هذا الرسم برسم الملكية أو التمليك‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫وقد اعتبر المجلس األعلى في قرار له أن "التحفيظ يطهر العقار المحفظ من جميع الشوائب التي‬
‫كانت عالقة به قبل التحفيظ‪ ،‬ويشكل نقطة االنطالق الوحيدة في حياة العقار‪ ،‬حيث يقطع صلتها نهائيا‬
‫بالماضي‪ ..... .‬وأن هذا التطهير ال يترك مجاال لتطبيق القواعد العامة لاللتزام"‪.‬‬

‫أقر بعد التحفيظ‪ ،‬بأنه تصرف في العقار قبل‬


‫لكن ماذا لو أن المالك الذي حفظ العقار باسمه ّ‬
‫تحفيظه لفائدة شخص آخر؟‬

‫للجواب عن هذا التساؤل ذهب بعض الفقه إلى أن هذا اإلقرار غير جائز ما دام أن قاعدة التطهير‬
‫هي قاعدة آمرة ال يجوز االتفاق على مخالفتها‪ ،‬بينما يرى األستاذ مأمور الكزبري أن هذا اإلقرار يعتبر‬
‫بمثابة إنشاء حق جديد الحق على التحفيظ وقابل للمطالبة به وتقييده في السجل العقاري‪ ،‬دون أن يكون‬
‫مبدإ التطهير حائال دون ذلك‪ .‬ألن هذا المبدأ إنما يتناول الحقوق السابقة على التحفيظ ال الحقوق الالحقة‬
‫له‪.‬‬

‫وال وجه للدفع بعدم وجاهة هذا الرأي الثاني‪ ،‬بعلة أن اإلقرار ال يصحح العقود الباطلة ما دام أنه‬
‫ينصب على عقد أبطله الرسم العقاري طبقا للفصل األول من ظ ت ع‪ ،‬ألن البطالن المنصوص عليه في‬
‫الفصل المذكور‪ ،‬إنما تنصرف آثاره فيما نحسب إلى إثبات الملكية بغير الرسم العقاري الذي تم تأسيسه بناء‬
‫على إجراءات التحفيظ‪ ،‬وال يقصد منه البطالن المنصوص عليه في ق ل ع الذي يترتب عليه إعدام العقد‬
‫من أساسه وفقدانه لكل حجية‪.‬‬

‫لذلك متى صدر اإلقرار عن المالك الذي حفظ العقار باسمه‪ ،‬أمكن تقييده في إطار الفصلين ‪65‬‬
‫و‪ 66‬من ظ ت ع‪ ،‬وهذا ما أكدته محكمة النقض في قرار اعتبرت فيه أن « اإلجازة الالحقة لتأسيس الرسم‬
‫العقاري لعقد بيع جرى أثناء مسطرة التحفيظ تعتبر بمثابة بيع جديد قابل للتسجيل »‪ ،‬وهذا اإلقرار لن يكون‬
‫له سوى أثر فوري وليس أث ار رجعيا‪ ،‬أي كما لو أن العقد الذي تم اإلقرار به قد أبرم من تاريخ اإلقرار‪ ،‬حيث‬
‫يبقى معرضا للطعن‪.‬‬

‫ولعل الجواب عن هذا التساؤل يحيلنا للحديث عن نطاق قاعدة التطهير‪ ،‬سواء من حيث الموضوع‬
‫أو من حيث األشخاص‪:‬‬

‫‪ -‬فبالنسبة لنطاق قاعدة التطهير من حيث الموضوع‪ ،‬نجد أن المشرع حدد الحقوق التي يطهر‬
‫منها العقار‪ ،‬في تلك الحقوق التي لم يتم االحتجاج بها في مرحلة التحفيظ‪ ،‬دون الحقوق التي نشأت بعد‬
‫إنشاء الرسم العقاري‪ ،‬والتي يمكن ألصحابها أن يطالبوا عينا‪ .‬لكن ما المقصود بالحقوق التي لم يتم االحتجاج‬
‫بها في مرحلة التحفيظ؟ والتي عبر عنها الفصل األول بعبارة « جميع الحقوق السالفة »‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫إن المقصود بجميع الحقوق هو الحقوق العينية أصلية كانت أو تبعية دون الحقوق الشخصية‪ ،‬التي‬
‫ال تسري عليها قاعدة التطهير‪ ،‬حسبما يستفاد بشكل ضمني من مقتضيات الفصل ‪ 62‬من ظ ت ع‪ ،‬التي‬
‫حصرت نطاق قاعدة التطهير في الحقوق العينية والتحمالت العقارية ال غير‪ ،‬وهذا ما أكده قضاء النقض‬
‫عندما اعتبر أن « قاعدة التطهير تظل قاعدة خاصة بالحقوق العينية القابلة للتسجيل في الرسم العقاري وال‬
‫تتعداها للحقوق الشخصية الملقاة على المالك للعقار المراد تحفيظه » ‪ ،‬ومن أمثلة ذلك عقد المغارسة الذي‬
‫يبرمه مالك األرض قبل التحفيظ مع أحد األشخاص‪ ،‬حيث إن حق المغارس قبل إطعام األشجار هو حق‬
‫شخصي‪ ،‬وال يتحول إلى حق عيني إال بعد اإلطعام طبقا للفصل ‪ 267‬من مدونة الحقوق العينية‪ .‬لذلك تم‬
‫نقض قرار استئنافي بعلة أن « قاعدة التطهير ال تنسحب على الحقوق الشخصية التي يلتزم بها المالك‬
‫للعقار المراد تحفيظه‪ ،‬وتبقى تبعا لذلك ملزمة له ولو حّفظ العقار ‪ ...‬وسواء نشأت قبل التحفيظ أو أثناءه‪،‬‬
‫والمحكمة لما اعتبرت قاعدة التطهير المذكورة سارية حتى على عقد الوعد بالبيع لم تركز قضاءها على‬
‫أساس وعللته تعليال فاسدا‪.‬‬

‫أما المقصود بكلمة السالفة في عبارة " الحقوق السالفة "‪ ،‬فقد عرفت نقاشا فقهيا بخصوص اقتصارها‬
‫على الحقوق العينية التي نشأت قبل وضع مطلب التحفيظ‪ ،‬دون الحقوق التي نشأت خالل جريان مسطرة‬
‫التحفيظ‪ ،‬التي ال يفقد صاحبها حق المطالبة بها ولو بعد تأسيس الرسم العقاري حسبما يستفاد ضمنا من‬
‫الفصل ‪ 84‬من ظ ت ع‪ .‬كما تأرجح العمل القضائي بخصوص هذه النقطة‪ ،‬فبعد أن اعتبر أنه « ليس‬
‫هناك ما يلزم المشتري من طالب التحفيظ باإلعالن عن شرائه‪ ،‬وأن الفصلين ‪ 83‬و‪ 84‬من ظ ت ع يحفظان‬
‫فقط رتبة الحق في مواجهة األغيار » اعتبر في قرار آخر أن « قاعدة التطهير قاعدة مطلقة تسري على‬
‫جميع الحقوق العينية المسكوت عنها أثناء جريان مسطرة التحفيظ دون تمييز بين تلك التي تكون قد نشأت‬
‫قبل وضع مطلب التحفيظ أو بعده » ليعود قضاء النقض في قرار له بتاريخ ‪ 05‬أبريل ‪ 2011‬إلى موقفه‬
‫األول معتب ار ما يلي‪ « :‬لكن حيث إن قاعدة التطهير المنصوص عليها بالفصل الثاني من ‪1913/08/12‬‬
‫المتعلق بالتحفيظ العقاري قاصرة على الحقوق واالتفاقات العينية المحتج بها من طرف الغير‪ ،‬حيث يتعين‬
‫أن يعلن عنها أثناء مسطرة التحفيظ حتى يتمكن من االحتجاج بها طبقا للفصل ‪ 84‬من نفس القانون‪ ،‬وال‬
‫تنصرف إلى ما ينشأ أثناء مسطرة التحفيظ من حقوق بتصرف من طالب التحفيظ الذي أصبح مالكا‪ ،‬حيث‬
‫يحق للمستفيد منها مطالبته بتنفيذها عينا‪ ،‬وليس في ذلك أي مساس أو إهدار لحجية الرسم العقاري‪ ،‬ألن‬
‫إنشاء هذا الرسم لم يزد ملكية صاحبه إال تثبيتا وتدعيما‪ ،‬وال يسوغ له أن يتحلل من تصرفاته واتفاقاته التي‬
‫أنشأنها على هذا الرسم قبل إقامته‪ »...‬ولعله الموقف األقرب إلى تحقيق العدالة‪ ،‬خصوصا في الحالة التي‬
‫ال تنشأ فيها على هذا العقار حقوقا لفائدة الغير حسن النية‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ -‬وبالنسبة لنطاق قاعدة التطهير من حيث األشخاص‪ ،‬فلقد ذهب بعض الفقه إلى أن قاعدة‬
‫التطهير تسري في مواجهة جميع األشخاص الذين لم يعلنوا عن حقوقهم خالل جريان مسطرة التحفيظ‪ ،‬دون‬
‫تمييز بين الخلف الخاص أو الغير طبقا لمقتضيات الفصلين ‪ 1‬و‪ 62‬من ظ ت ع‪ ،‬ما دام أن نظام التحفيظ‬
‫العقاري ال يرمي فقط إلى حماية حقوق الغير‪ ،‬وإنما يهدف أيضا إلى تحقيق نوع من االستقرار للملكية‬
‫العقارية‪ ،‬بإعطاء العقار رسما نهائيا يوفر له الثبات والوضوح ويجعله خاليا من من كل ادعاء ولو من‬
‫الخلف الخاص‪ .‬وهذا ما استقر عليه عمل القضاء منذ عهد الحماية‪ ،‬من ذلك القرار عدد ‪2015/1/8/849‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 21‬يوليوز ‪ 2015‬الذي اعتبر أنه « طبقا لمقتضيات الفصلين ‪ 1‬و‪ 62‬من ظ ت ع‪ ،‬فإن‬
‫تحفيظ العقار يترتب عنه تأسيس رسم عقاري وبطالن ما عداه من الرسوم وتطهير الملك من جميع الحقوق‬
‫السالفة غير المصمنة به ‪ ...‬وقاعدة التطهير هذه هي قاعدة عامة وآمرة‪ ،‬وال مجال معها إلعمال االستثناء‬
‫الذي اعتمده القرار المطعون فيه‪ ،‬وذلك لعدم وجود نص قانوني يقضي بذلك‪».‬؛‬

‫بينما ذهب جانب آخر من الفقه إلى عدم التمسك بحرفية الفصلين ‪ 1‬و‪ 62‬من ظ ت ع‪ ،‬والقول‬
‫بضرورة حصر نطاق قاعدة التطهير على الغير فقط‪ ،‬دون الخلف الخاص لطالب التحفيظ استنادا لمبادئ‬
‫العدالة واإلنصاف والمنطق القانوني السليم‪ ،‬ذلك أن من يطالب بتقييد حق اكتسبه من طالب التحفيظ قبل‬
‫إتمام عملية التحفيظ‪ ،‬والذي لم يبرزه أثناء هذه العملية‪ ،‬ال ينازع في حقيقة األمر في ملكية سلفه بل على‬
‫العكس يؤيدها من خالل المطالبة بحقه الذي استمده من هذا المالك‪ ،‬خاصة إذا كان هذا األخير لم يرتب‬
‫بعد التحفيظ حقوقا للغير تتأثر بإقرار حق الخلف الخاص ‪ .‬ولعل هذا ما أقره قضاء النقض حينما اعتبر أن‬
‫« قاعدة التطهير المنصوص عليها في الفصل ‪ 62‬من ظهير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬قاصرة على الحقوق‬
‫واالتفاقات المحتج بها من لدن الغير الذي يتعين عليه أن يعلن عنها أثناء مسطرة التحفيظ طبقا لمقتضيات‬
‫الفصل ‪ 84‬من نفس القانون‪ ،‬وال يحتج بها على الخلف الخاص الذي انتقل إليه العقار من طالب التحفيظ‬
‫الذي أصبح مالكا للرسم العقاري الذي لم يزده هذا الرسم إال تثبيتا لملكيته و ال يسوغ له أن يتحلل من‬
‫تصرفاته والتزاماته التي أبرمها بشأنه قبل إنشاء الرسم العقاري » و تم تأكيده مؤخ ار بجميع غرف محكمة‬
‫النقض بتاريخ ‪ 2020/06/30‬بموجب القرار عدد ‪.2/189‬‬

‫‪ 2.1‬األثر النهائي للرسم العقاري‬

‫باإلضافة إلى األثر التطهيري يترتب على تأسيس الرسم العقاري أثر بالغ األهمية ويتجلى في نهائية‬
‫الرسم العقاري‪ ،‬أي أنه طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 62‬من ظ ت ع يكون قرار المحافظ العقاري بتأسيس الرسم‬
‫العقاري‪ ،‬ق ار ار نهائيا ال يقبل أي وجه من أوجه الطعن‪ ،‬فال يمكن إطالقا إلغاؤه أو تغييره سواء من طرف‬

‫‪28‬‬
‫المحافظ العقاري نفسه أو من طرف القضاء‪ ،‬وبالرغم من أن ق اررات المحافظ العقاري هي ق اررات إدارية‬
‫واجبة التعليل‪ ،‬فإن المشرع لم يلزم المحافظ العقاري بضرورة تعليل ق ارره في هذا الصدد‪.‬‬

‫وهذا األثر النهائي للرسم العقاري ال يشمل فقط حق الملكية العقارية لطالب التحفيظ‪ ،‬بل يشمل‬
‫كذلك جميع الحقوق العينية واالرتفاقات العقارية‪ ،‬المؤسسة على العقار والتي تم التعريف بها خالل مرحلة‬
‫التحفيظ‪ ،‬وتم قبولها من طرف المحافظ أو تم الحكم بصحتها من طرف القضاء‪ ،‬وهذه المقتضيات بطبيعة‬
‫الحال هي مقتضيات آمرة ال يجوز االتفاق على مخالفتها‪.‬‬

‫وتترتب على نهائية الرسم العقاري نتائج أهمها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬أن الرسم العقاري يعتبر نقطة االنطالق الوحيدة للحقوق العينية والتحمالت العقارية المترتبة على‬
‫العقار وقت تحفيظه (الفصل ‪ 62‬من ظ ت ع)؛‬

‫‪ -‬عدم إمكانية اكتساب أي حق عيني على العقار المحفظ عن طريق التقادم‪ ،‬طبقا للفصل ‪63‬‬
‫من ظ ت ع سواء تعلق األمر بالتقادم المسقط أو التقادم المكسب‪ ،‬فهذا التقادم ال يفيد في مواجهة ما ضمن‬
‫بالرسم العقاري‪ .‬وبذلك فإن التحفيظ هو وسيلة يستطيع بمقتضاها مالك الرسم العقاري أن يحمي حقه ولو‬
‫لم يستعمله لمدة طويلة‪ ،‬حيث ال تنفع الحائز حيازته للعقار المحفظ في اكتساب ملكيته مهما طال أمد هذه‬
‫الحيازة‪ ،‬وذلك بخالف بحيازة العقار غير المحفظ‪.‬‬

‫وقد اعتبر المجلس األعلى في قرار له‪ ،‬أن "إقامة الرسم العقاري له صفة نهائية ال تقبل الطعن‬
‫ويحسم كل نزاع يتعلق بالعقار‪ ،‬وال يمكن االحتجاج بأي حق عيني سابق على التحفيظ لم يسجل على الرسم‬
‫العقاري ‪ .....‬والشراء الذي أبرم قبل التحفيظ ولم يقع اإلدالء به أثناء مسطرة التحفيظ ال يمكن االحتجاج‬
‫به فيما بعد ما لم يقر به البائع "‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن اكتساب الرسم العقاري للصفة النهائية‪ ،‬هو قول ينسحب على الرسم العقاري‬
‫الذي يتم تأسيسه نتيجة اتخاذ إجراءات التحفيظ‪ ،‬دون الرسم العقاري المستخرج عن طريق التجزئة‪ ،‬الذي‬
‫يتم تأسيسه نتيجة بعض التصرفات الالحقة لقرار التحفيظ‪ ،‬كالقسمة أو البيوعات الجزئية للعقار المحفظ‪،‬‬
‫ففي هذه الحاالت ال يعتبر هذا الرسم العقاري نهائيا بل يبقى قابال للتغيير‪ ،‬وخاضعا لمقتضيات الفصل ‪91‬‬
‫من ظ ت ع كسائر التقييدات الالحقة على إنشاء الرسم العقاري‪.‬‬

‫‪ )2‬االستثناءات الواردة على قاعدتي النهائية والتطهير‬


‫نظ ار للطبيعة الخاصة لبعض األمالك‪ ،‬فإن المشرع استثناها من إمكانية مواجهتها باألثر النهائي‬
‫والتطهيري للرسم العقاري‪ ،‬ومن هذه األمالك نجد األمالك العامة واألمالك الموقوفة‪( .‬تفاديا للتكرار يرجى‬
‫‪29‬‬
‫الرجوع إلى ما سبق الحديث عنه بخصوص هذه النقطة بمناسبة الحديث عن مبدإ التطهير ضمن المحور‬
‫الخاص بمبادئ التحفيظ العقاري)‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعويض المتضرر من قرار التحفيظ‬

‫لقد سبقت اإلشارة إلى أن الحقوق التي ال يشملها قرار التحفيظ وال تندرج ضمن مضمنات السجل‬
‫العقاري‪ ،‬ال يمكن ألصحابها المطالبة بها نتيجة األثر التطهيري والنهائي للرسم العقاري‪ ،‬وذلك مهما كانت‬
‫األسباب التي منعت صاحبها من التصريح بها خالل مسطرة التحفيظ‪ ،‬بل ولو تم اتخاذ قرار التحفيظ نتيجة‬
‫تدليس‪ ،‬حيث ال يبقى لصاحبها في نطاق ظهير التحفيظ العقاري سوى رفع دعوى للمطالبة بالتعويض (أ)‬
‫مع إمكانية المطالبة باسترداد الثمن طبقا لمقتضيات قانون االلتزامات والعقود (ب)‪.‬‬

‫أ) دعوى التعويض عن الضرر‬

‫ينص الفصل ‪ 64‬م ظ ت ع على أنه " ال يمكن إقامة أي دعوى في العقار بسبب حق وقع اإلضرار‬
‫به من جراء التحفيظ‪ .‬يمكن للمتضررين في حالة التدليس فقط أن يقيموا على مرتكب التدليس دعوى‬
‫شخصية بأداء تعويضات‪ ،".....‬فاستنادا لهذه المقتضيات ال يحق لمن تضررت حقوقه من قرار المحافظ‬
‫بالتحفيظ‪ ،‬سوى رفع دعوى للمطالبة بالتعويض عما أصابه من ضرر‪ ،‬وهذه الدعوى ال يمكن رفعها إال إذا‬
‫تم اتخاذ قرار التحفيظ بفعل التدليس‪ ،‬حيث يتعين في هذه الحالة رفع دعوى شخصية في مواجهة المدلس‬
‫سواء كان طالب التحفيظ أو غيره من مستخدمي الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري‬
‫والخرائطية‪ ،‬وذلك للمطالبة كما قلنا بالتعويض فقط‪.‬‬

‫وإذا كان التدليس عموما هو استعمال الطرق االحتيالية قصد إيقاع المتعاقد في غلط يدفعه إلى‬
‫التعاقد‪ ،‬فإن واقعة التدليس في مجال التحفيظ العقاري‪ ،‬تتحقق بمجرد تقديم مطلب تحفيظ عقار يعلم مقدمه‬
‫(أي طالب التحفيظ) بأن العقار موضوع المطلب غير مملوك له أو لم يعد مملوكا له‪ ،‬بحيث يعطى للتدليس‬
‫مفهوما واسعا ال يشترط معه لقيامه استعمال الطرق االحتيالية‪ ،‬بل يتحقق التدليس بكل تصرف صادر عن‬
‫سوء نية بقصد اإلضرار بالغير أو الحصول على منفعة شخصية‪.‬‬

‫وهكذا يدخل في أعمال التدليس في مجال التحفيظ العقاري إخفاء الحقيقة‪ ،‬فالبائع الذي يقدم مطلب‬
‫تحفيظ عقار بعد بيعه ويستصدر رسما عقاريا باسمه‪ ،‬يعتبر مرتكبا للتدليس ويكون ملزما بدفع التعويض‬
‫لفائدة المشتري الذي ضاع عليه حقه بسبب هذا التحفيظ‪ .‬وهذا ما استقر عليه عمل القضاء‪ ،‬حيث اعتبر‬
‫المجلس األعلى أن "تحفيظ العقار في اسم البائع بعد بيعه يعد تدليسا ضد المشتري موجبا للتعويض"‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫وطبقا لمقتضيات الفصل ‪ 64‬المشار إليه أعاله‪ ،‬فإن دعوى التعويض ترفع في مواجهة مرتكب‬
‫التدليس‪ ،‬سواء كان طالب التحفيظ أو المحافظ العقاري أو غيرهما‪ ،‬وتعتبر مسؤولية المدلس في هذه الحالة‬
‫مسؤولية شخصي ة‪ ،‬حيث تستخلص التعويضات المحكوم بها من ذمته المالية‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في هذا الصدد‪ ،‬أنه في حالة إعسار المدلس نص المشرع بموجب الفقرة األخيرة‬
‫من الفصل ‪ ،64‬على حلول صندوق التأمينات المحدث بموجب الفصل ‪ 100‬من ظ ت ع محل المدلس‬
‫في أداء التعويض‪ .‬غير أنه بالرجوع إلى الفصل ‪ 100‬المذكور‪ ،‬نجده ينص على أن هذا الصندوق يضمن‬
‫فقط المحافظ العام أو المحافظين على األمالك العقارية ويحل محلهم في أداء التعويض للمتضرر حالة‬
‫إعسارهم‪ ،‬مما يطرح التساؤل حول مدى إمكانية حلول هذا الصندوق محل غير المحافظ على األمالك‬
‫العقارية متى كان هو المدلس (طالب التحفيظ أو أحد المستخدمين)؟‬

‫ب) دعوى استرداد الثمن‬

‫لقد سبقت اإلشارة إلى عدم إمكانية رفع أي دعوى في نطاق ظهير التحفيظ العقاري لمن تضرر‬
‫من قرار التحفيظ‪ ،‬سوى للمطالبة بالتعويض في حالة وجود التدليس فقط‪ ،‬لكن يمكن مع ذلك االستناد إلى‬
‫القواعد العامة في إطا ر ظهير االلتزامات والعقود للمطالبة باسترداد الثمن‪ ،‬في حالة تحفيظ عقار بعد بيعه‪.‬‬

‫فإذا اشترى شخص عقا ار أو حقا عينيا عقاريا‪ ،‬ولم يسلك مسطرة اإليداع وال مسطرة الخالصة‬
‫اإلصالحية المنصوص عليهما في الفصالن ‪ 83‬و‪ 84‬من ظ ت ع‪ ،‬فحفظ العقار في اسم طالب التحفيظ‬
‫البائع‪ ،‬وفقد نتيجة لذلك المشتري حقه بفعل األثر التطهيري للرسم العقاري‪ ،‬فإن هذا األخير يحق له رفع‬
‫دعوى للمطالبة باسترداد الثمن الذي دفعه للبائع الذي حفظ العقار باسمه‪ ،‬وال تمنعه هذه الدعوى من إمكانية‬
‫المطالبة بالتعويض طبقا للفصل ‪ 64‬المشار إليه أعاله‪.‬‬

‫وتجد دعوى المطالبة باسترداد الثمن أساسها القانوني في الفصل ‪ 70‬من ق ل ع‪ ،‬الذي نص على‬
‫أنه "يجوز استرداد ما دفع لسبب مستقبل لم يتحقق‪ ،‬أو لسبب كان موجودا ولكنه زال"‪ ،‬فسبب حصول البائع‬
‫على الثمن هو نقل ملكية العقار المبيع للمشتري وهو سبب زال بسبب تحفيظ العقار المبيع باسمه‪ ،‬كما تجد‬
‫أساسها القانوني في الفصل ‪ 66‬من ق ل ع‪ ،‬حيث يكون البائع في مثل هذه الحالة قد أثرى على حساب‬
‫المشتري‪ ،‬ومعلوم أن كل من أثرى على حساب الغير دون سبب قانوني‪ ،‬يكون ملزما بأن يرد لهذا الغير‬
‫قدر ما أثرى به في حدود ما لحقه من خسارة‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫وتجدر اإلشارة في األخير إلى أن الفرق بين هذه الدعوى ودعوى التعويض بسبب التدليس‪ ،‬يتجلى‬
‫في عدم إمكانية رفعها في مواجهة المحافظ العقاري‪ ،‬وكذا عدم إمكانية حلول صندوق التأمينات محل المثري‬
‫على حساب الغير في األداء عند ثبوت إعساره‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التقييــدات الواردة على الرسم العقاري‬


‫لقد سبقت اإلشارة أن الرسم العقاري يعتبر نقطة االنطالق الوحيدة للحقوق العينية والتحمالت العقارية‬
‫المترتبة على العقار المحفظ‪ ،‬كما أن كل تغيير يط أر على العقار المحفظ سواء من حيث المراكز القانونية‬
‫لذوي الحقوق المقيدة بالرسم العقاري‪ ،‬أو من حيث وضعية العقار المادية‪ ،‬يجب أن تقيد بالرسم العقاري‪،‬‬
‫استنادا لمبدأ األثر المنشئ للتقييد‪ ،‬فكل حق لم يتم تقييده بالرسم العقاري يعتبر غير موجود بالنسبة للغير‪،‬‬
‫إال بتقييده بالرسم العقاري وابتداء من تاريخ هذا التقييد‪.‬‬

‫ونقصد بعملية التقييد هذه‪ ،‬تلك العملية الكتابية التي يقوم بها المحافظ العقاري بالسجالت العقارية‬
‫والتي لها آثار قانونية‪ ،‬أي أنها تهدف إلى إشهار إنشاء حق عيني عقاري متعلق بعقار محفظ أو نقله أو‬
‫تغييره أو إنهائه (التشطيب عليه)‪ ،‬كما قد توجد حقوق عينية مترتبة على عقار محفظ‪ ،‬غير أنها غير مكتملة‬
‫الوجود أو أنها احتمالية‪ ،‬حيث ال يمكن تقييدها بالرسم العقاري بشكل نهائي‪ ،‬لذلك سمح المشرع بإمكانية‬
‫تقييدها احتياطيا‪ ،‬كإجراء احترازي لفائدة أصحابها‪.‬‬

‫لذلك سنتحدث في فقرة أولى عن التقييدات التي تهدف إلى إثبات وجود حق عيني عقاري أو نقله‬
‫أو تعديله‪ ،‬ثم سنتحدث في فقرة ثانية عن التقييد االحتياطي‪ ،‬قبل أن نتحدث في فقرة ثالثة عن التشطيب‪،‬‬
‫باعتباره تقييد سلبي يهدف إلى إثبات انقضاء أو سقوط حق مقيد بالرسم العقاري تقييدا نهائيا أو احتياطيا‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التقييدات الهادفة إلى إثبات وجود حق عيني عقاري أو نقله أو تعديله‬

‫لقد سبقت اإلشارة في الحصص السابقة‪ ،‬أن الرسم العقاري يجب أن يعكس الوضعية القانونية‬
‫والمادية الحقيقية للعقار‪ ،‬لذلك نص المشرع في الفصل ‪ 65‬من ظ ت ع‪ ،‬على أنه يجب أن تشهر بواسطة‬
‫تقييد في الرسم العقاري جميع ما يرد على العقار المحفظ من الوقائع والتصرفات واالتفاقات‪ ،‬لذلك سنتحدث‬
‫عن هذه الحقوق والوقائع الواجبة التقييد أوال‪ ،‬قبل أن نتحدث عن إجراءات ذلك ثانيا‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الحقوق والوقائع الواجبة التقييد‬

‫األصل في الحقوق الخاضعة للتقييد أن تكون حقوقا عينية متعلقة بالعقار المحفظ‪ ،‬وهي الحقوق‬
‫المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬كما تم تغييره وتتميمه بموجب القانون رقم ‪ 14.07‬وفي‬

‫‪32‬‬
‫مدونة الحقوق العينية وبعض القوانين الخاصة‪ ،‬غير أن المشرع نص استثناء على تقييد بعض الحقوق‬
‫الشخصية‪.‬‬

‫وهكذا حدد المشرع بموجب الفصل ‪ 65‬من ظ ت ع‪ ،‬الحقوق القابلة للتقييد وذلك كالتالي‪:‬‬

‫جميع الوقائع أو األ عمال التي يمكن أن تط أر على العقار المحفظ‪ ،‬أو تلك األعمال المادية التي‬
‫من شأنها تغيير طبيعة العقار أو مساحته أو معالمه وشكله كأعمال البناء أو الهدم‪ ،‬وهكذا فمن يقوم ببناء‬
‫عمارة فوق أرضه المحفظة كأرض عارية‪ ،‬يجب عليه أن يقيد هذه الواقعة (أي واقعة بناء العمارة) لكيال‬
‫يبقى الرسم العقاري مشتال فقط على أرض عارية‪.‬‬

‫التصرفات اإلرادية التي تتم بين األحياء سواء كانت هذه التصرفات مجانية (عقود التبرع)‪ ،‬كتقييد‬
‫الوصية أو عقد الوقف أو الهبة‪ ،‬أو كانت بعوض (عقود المعاوضة ومن أهمها عقد البيع) عندما تهدف‬
‫هذه التصرفات إلى إنشاء حق عيني عقاري أو نقله أو إق ارره أو تغييره أو إسقاطه‪ ،‬ألن كل تغيير في المراكز‬
‫القانونية ألصحاب الحقوق المقيدة بالرسم العقاري يجب أن يشار إليه ويضمن بهذا الرسم العقاري إلمكانية‬
‫االحتجاج به في مواجهة األغيار‪.‬‬

‫األحكام القضائية المكتسبة لقوة الشيء المقضي به وكذا المحاضر واألوامر القضائية المتعلقة‬
‫بالحجز العقاري‪ ،‬الرامية إلى إنشاء حق عيني عقاري أو نقله أو إق ارره أو تغييره او إسقاطه‪ ،‬أي تلك األحكام‬
‫والمحاضر التي تقوم مقام اتفاقات األطراف الرامية إلى تحقيق نفس الغايات من حيث إنشاء حق عيني‬
‫عقاري أو نقله أو إق ارره أو تغييره او إسقاطه‪ ،‬ومن ذلك حاالت بيع العقار بالمزاد العلني في حالة عدم وفاء‬
‫المحجوز عليه بدينه‪ ،‬إذ عندما يصبح محضر إرساء المزايدة نهائيا‪ ،‬يتم تقييده بالرسم العقاري باسم المزاود‬
‫األخير‪ ،‬ومثل هذا التقييد يطهر العقار من جميع االمتيازات والرهون‪ ،‬وال يبقى للدائنين من حق إال على‬
‫الثمن‪ ،‬وذلك استنادا لمقتضيات المادة ‪ 220‬من مدونة الحقوق العينية‪.‬‬

‫انتقال الحقوق العقارية عن طريق اإلرث استنادا لمقتضيات الفصل ‪ 82‬من ظ ت ع‪ ،‬حيث يتعين‬
‫على الورثة اإلسراع في تقييد الحقوق المترتبة لهم عن اإلرث‪ ،‬ما دام أنهم ال يستطيعون التصرف بالعقار‬
‫وال إنشاء حقوق عينية عليه‪ ،‬وال إقامة الدعاوى بشأنه‪ ،‬إال إذا تم ذلك التقييد‪.‬‬

‫كل حجز أو إنذار بحجز أو التشطيب عليهما (ف‪)87‬‬

‫التقييدات اإلحتياطية استنادا لمقتضيات الفصل ‪ 85‬من ظ ت ع‪ ،‬وهذا ما سنفصل الحديث فيه‬
‫عندما سنتحدث عن التقييد االحتياطي‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫وباإلضافة إلى هذه الحقوق الواردة في ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬هناك حقوق أخرى منصوص عليها في قوانين‬
‫أخرى ومن أهمها‪:‬‬

‫حقوق االرتفاق المقررة بموجب المادة ‪ 38‬من م‪.‬ح‪.‬ع؛‬

‫الرهون اإلجبارية التي تكون بدون رضى المدين طبقا للمادة ‪ 171‬من م‪.‬ح‪.‬ع؛‬

‫الحقوق المكتسبة على المياه العامة المنصوص عليها في الفصول ‪ 6‬إلى ‪ 11‬و‪ 48‬من القانون‬
‫رقم ‪ 10.95‬المتعلق بالماء؛‬

‫تصنيف بناء ضمن األبنية األثرية المنصوص عليه في الفصل ‪ 19‬من القانون رقم ‪22-80‬‬
‫المتعلق بالمحافظة على اآلثار التاريخية والمناظر الطبيعية والكتابات المنقوشة والتحف الفنية؛‬

‫محضر إلحاق الطرق والشبكات بالتجزئة العقارية والمجموعات السكنية باألمالك العامة‪ ،‬استنادا‬
‫لمقتضيات الفصل ‪ 19‬من القانون رقم ‪ 90-25‬المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم‬
‫العقارات‪.‬‬

‫أما بالنسبة للحقوق الشخصية الخاضعة للتقييد‪ ،‬فقد نص المشرع على تقييد عقود كراء العقارات‬
‫التي تفوق مدة كرائها ‪ 3‬سنوات‪ ،‬وكذا كل إبراء من دين أو حوالة لقدر مالي يوازي كراء عقار غير مستحقة‬
‫األداء لمدة تزيد عن السنة‪.‬‬

‫وبالرغم مما سبقت اإلشارة إليه‪ ،‬فإن هناك استثناءات من التقييد اعتبر فيها المشرع الحق موجودا‬
‫بالرغم من عدم تقييده بالرسم العقاري‪ ،‬أو اعتبره موجودا قبل عملية التقييد‪.‬‬

‫فبالنسبة للحقوق التي اعتبرها المشرع موجودة بالرغم من عدم تقييدها‪ ،‬نجد مثال االرتفاقات الطبيعية‬
‫أو القانونية‪ ،‬واالرتفاق كما عرفته المادة ‪ 37‬من مدونة الحقوق العينية " هو حق عيني قوامه تحمل مقرر‬
‫على عقار من أجل استعمال أو منفعة عقار يملكه شخص آخر"‪ ،‬وهذا االرتفاق إما أن ينشأ بحكم الطبيعة‬
‫أو القانون أو اتفاق األطراف‪ ،‬ومن هذه الحقوق المستثناة من التقييد نجد االستثناءات المتعلقة باالمتيازات‬
‫العقارية‪ ،‬وقد حدد المشرع هذه االمتيازات في المصاريف القضائية المنفقة لبيع العقار وتوزيع ثمنه‪ ،‬وكذا‬
‫حقوق الخزينة‪ ،‬وهذا ما نص عليه المشرع في الفصل ‪ 143‬من م ح ع‪.‬‬

‫أما بالنسبة للحاالت التي تعتبر فيها الحقوق موجودة قبل تقييدها بالرسم العقاري‪ ،‬فنجد انتقال الملكية‬
‫بسبب الوفاة‪ ،‬حيث إن إجراءات تقييد الحقوق اإلرثية قد تستغرق مدة من الزمن‪ ،‬وحيث إن األموال الموروثة‬

‫‪34‬‬
‫ال يمكن أن تعتبر خالل الفترة السابقة للتقييد بدون مالك‪ ،‬لذلك اعتبر المشرع أن هذه مملوكة للورثة بقوة‬
‫القانون وذلك منذ الوفاة قبل تقييد اإلراثة‪.‬‬

‫ومن هذه الحاالت كذلك‪ ،‬الرهن االتفاقي بقرض قصير األجل‪ ،‬حيث يمكن تأجيل تقييد هذا الرهن‬
‫بالرسم العقاري لمدة ال تتعدى ‪ 90‬يوما‪ ،‬وال يترتب عن هذا التأخير في التقييد فقدان الدائن المرتهن لرتبته‪،‬‬
‫على أن يودع هذا األخير أصل العقد أو نسخة منه مع نظير الرسم العقاري بالمحافظة العقارية‪ ،‬مع طلب‬
‫إجراء تقييد احتياطي واالمتناع عن القيام بأي تقييد آخر برضى المالك طيلة التسعين يوما ابتداء من تاريخ‬
‫التقييد االحتياطي‪.‬‬

‫إذا ثبت هذا‪ ،‬قلنا إن التقييد بالسجالت العقارية يتم بناء على طلب يتم تقديمه للمحافظ العقاري‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إجراءات التقييد‬

‫سنتحدث من خالل هذا المطلب عن بيانات طلب التقييد ومبدإ مشروعية التقييد (أ) لنتحدث بعد‬
‫ذلك عن آجال التقييد (ب) ثم عن آثار التقييد في (ج)‪.‬‬

‫أ) بيانات طلب التقييد ومبدإ مشروعية التقييد‬

‫إن التقييد استنادا لمقتضيات الفصل ‪ 69‬من ظ ت ع‪ ،‬يتم بناء على طلب يقدم للمحافظ العقاري‬
‫والذي يجب أن يتضمن ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تعيين العقار الذي يجب أن يقع عليه التقييد ببيان رقم رسمه العقاري بما له وما عليه من حقوق‬
‫وتكاليف؛‬

‫‪ -‬بيان نوع الحق الذي يطلب تقييده‪ ،‬هل يتعلق بانتقال الملك‪ ،‬أو حق انتفاع‪ ،‬أو الرهن‪ ،‬أو الحبس‬
‫(الوقف)‪ ،‬أو غيره من الحقوق العينية؛‬

‫‪ -‬بيان المعاملة التي انتقل بها هذا الحق إلى المستفيد‪ ،‬هل يتعلق األمر بالشراء من المالك مثال‪،‬‬
‫أو يتعلق األمر بالهبة أو الوصية أو الكراء الطويل األمد‪ ،‬أو الكراء لمدة ثالث سنوات‪ ،‬مع بيان تاريخ‬
‫المعاملة؛‬

‫‪ -‬اإلسم العائلي والشخصي لصاحب الحق المطلوب تقييده؛‬

‫‪ -‬صفة طالب التقييد هل تقدم بهذا الطلب أصالة عن نفسه أم نيابة عن الغير‪ ،‬وفي هذه الحالة‬
‫األخيرة يتعين بيان طبيعة هذه النيابة‪ ،‬مع إرفاق الطلب بما يثبت ذلك؛‬

‫‪35‬‬
‫‪ -‬محل سكن طالب التقييد متى كان واقعا خارج حدود اختصاص المحافظة العقارية‪ ،‬حيث يتعين‬
‫على صاحب الطلب تعيين موطن مختار داخل النفوذ الترابي للمحافظة العقارية الموجود بها العقار موضوع‬
‫طلب التقييد؛‬

‫‪ -‬الحالة المدنية لطالب التقييد‪ ،‬لكي يتأكد المحافظ العقاري من توافر األهلية ومن الحالة العائلية؛‬

‫‪ -‬بيان جنسية طالب التقييد‪ ،‬ليتأكد المحافظ العقاري من وجود التراخيص الالزمة للتملك عندما‬
‫يتعلق األمر بأجنبي‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة أنه يجب اإلشارة إلى هذه البيانات بالنسبة لكل شخص في حالة تعدد األشخاص‬
‫المستفيدين من الحق موضوع طلب التقييد (شركاء مثال في شراء العقار)‪.‬‬

‫واألصل في طلبات التقييد أن تقدم وتتابع في تنفيذها من طرف المفوت‪ ،‬ألنه هو الملتزم بموجب‬
‫العقد بنقل ملكية أو إنشاء الحق العيني المتعاقد بشأنه‪ ،‬فإذا أبى أو تماطل حق للمفوت إليه أن يطالبه‬
‫قضاء بالقيام بعملية التقييد‪ ،‬الذي تنتقل بموجبه الملكية أو الحق العيني العقاري‪ ،‬مع ما يترتب على ذلك‬
‫من آثار سواء من حيث التمتع بالسلطات التي يخولها هذا الحق‪ ،‬أو من حيث تحمل تبعة الهالك‪.‬‬

‫ولقد أوجب المشرع على المحافظ العقاري أن يثبت في سجل خاص يسمى سجل اإليداع‪ ،‬طلبات‬
‫التقييد والوثائق المسلمة إليه بأرقام ترتيبية‪ ،‬حسب ورودها عليها دون ترك أي بياض بين السطور (فق ‪1‬‬
‫ف ‪.)76‬‬

‫وال تخفى أهمية هذا السجل بالنسبة للحقوق المقيدة‪ ،‬حيث إن ترتيب األولوية بين الحقوق المتعلقة‬
‫بالعقار الواحد تحدد حسب ترتيب تقييدها‪ ،‬فلو تقدم مثال الشخص ‪ -‬أ – بطلب تقييد ارتفاق على عقار‬
‫محفظ‪ ،‬وتقدم الشخص ‪ -‬ب – بطلب تقييد رهن رسمي‪ ،‬فإنه بعد تقييد الطلبين بالرسم العقاري‪ ،‬يعتبر‬
‫العقار المرهون مثقال بحق ارتفاق‪ ،‬وكذلك الشأن لو قيد زيد رهنا رسميا في سجل اإليداع‪ ،‬فإن عمرو الذي‬
‫قيد رهنه بعد ذلك يأتي بعده في مرتبة هذا الرهن‪ ،‬لذلك يجب على المحافظ العقاري أن يثبت طلبات التقييد‬
‫في سجل اإليداع حسب تسلسل ورودها الزمني‪ ،‬ويعطي لكل منها رقمه الترتيبي‪ ،‬مع ذكر الوثائق المرفقة‬
‫بالطلب‪.‬‬

‫فإذا قدمت في آن واحد عدة مطالب للتقييد بخصوص نفس العقار‪ ،‬فإن المحافظ ينص على ذلك‬
‫في سجل اإليداع ويقيدها بنفس الرتبة‪ ،‬ما لم يتناف بعضها مع بعض حيث يرفض المحافظ العقاري طلب‬
‫التقييد في مثل هذه الحاالت استنادا لمقتضيات الفصل ‪ 76‬من ظ ت ع‪ ،‬كما لو تقدم زيد وعمرو في نفس‬

‫‪36‬‬
‫الوقت بطلب تقييد عقد شراء كل منهما لكامل العقار‪ ،‬في الحالة التي يبيع فيها المالك نفس العقار لشخصين‬
‫مختلفين‪.‬‬

‫وقرار المحافظ العقاري برفض طلب التقييد ألي سبب كان‪ ،‬يجب أن يكون معلال كما يجب تبليغه‬
‫طبقا للفصل ‪ 96‬من ظ ت ع للمعني باألمر‪ ،‬الذي له حق الطعن فيه أمام المحكمة االبتدائية خالل أجل‬
‫شهر من تاريخ التبليغ‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة أن التقييدات تخضع لمبدإ أساسي يعرف بمبدإ استمرار التقييد أو تسلسل التقييدات‪،‬‬
‫حيث إن كل حق يطلب تقييده‪ ،‬يجب تلقيه مباشرة ممن يكون العقار أو الحق مقيدا باسمه‪ ،‬فال يمكن أن‬
‫يكون هناك انقطاع في التقييدات المتتابعة‪.‬‬

‫وبخالف مرحلة التحفيظ فإن المشرع أوجب بمقتضى الفصل ‪ 72‬من ظ‪ .‬ت‪ .‬ع‪ ،‬على المحافظ‬
‫العقاري التأكد من أهلية وهوية المفوت وكذا من صحة الوثائق المدلى بها تأييدا لطلب التقييد‪ ،‬سواء من‬
‫حيث شكلها أو من حيث مضمونها‪ ،‬كما أوجب عليه أن يتأكد من مراجع العقار الذي سيقع عليه التحفيظ‬
‫من حيث اسمه ورقم رسمه العقاري ومساحته‪ ،‬ومن أن التقييد ال يتعارض مع البيانات المضمنة بالرسم‬
‫العقاري أو مع مقتضيات قانون التحفيظ العقاري وذلك تحت طائلة مسؤوليته الشخصية‪ ،‬ولعل هذا ما يعرف‬
‫بمبدإ مشروعية التقييد‪ ،‬ذلك أن التقييدات المضمنة بالسجالت العقارية ال تحظى بالقوة المطلقة التي تميزها‬
‫إال بسبب وجود مراقبة تضمن صحتها وقوتها‪ ،‬لذلك أوجب المشرع على المحافظ أن يفحص العقود والسندات‬
‫المرفقة بطلبات التقييد‪ ،‬قصد التأكد من صحتها وعدم بطالنها وقابليتها للتقييد سواء من حيث الشكل أو‬
‫المضمون‪ ،‬تحقيقا لمبدإ مشروعية التقييد الذي ال يسمح سوى بتقييد الحقوق الثابتة المستندة على سبب‬
‫صحيح‪ ،‬وفي هذا السياق فإن المشرع وإن تحدث في الفصل ‪ 72‬عن التأكد من أهلية وهوية المفوت فقط‪،‬‬
‫إال أن المحافظ رغم ذلك يتعين عليه التأكد من أهلية وهوية المفوت إليه كذلك (هل يتعلق األمر بمغربي أو‬
‫أجنبي؟ وهل يتعلق األمر بفوت إليه عديم األهلية؟)‪ ،‬ليضمن صحة التقييدات واستمرارها‪.‬‬

‫ب) آجال التقييد بالرسم العقاري‬

‫حدد المشرع في الفصل ‪ 65‬مكرر من ظ ت ع‪ ،‬أجل تقييد الحقوق العينية العقارية في ثالثة أشهر‬
‫يختلف أجل احتسابها باختالف الحاالت‪:‬‬

‫‪ -‬فبالنسبة للعقود الرسمية تحتسب ابتداء من تاريخ تحريرها؛‬

‫‪ -‬وبالنسبة لألحكام القضائية تحتسب ابتداء من تاريخ حيازتها لقوة الشيء المقضي به؛‬

‫‪37‬‬
‫‪ -‬أما بالنسبة للمحررات العرفية فتحتسب ابتداء من تاريخ آخر تصحيح إمضاء عليها‪ ،‬هذا مع‬
‫مراعاة االستثناءات المنصوص عليها في الفقرتين األخيرتين من هذا الفصل‪ ،‬المتعلقين بالتقييد االحتياطي‬
‫وبالحقوق الشخصية الخاضعة للتقييد التي سبقت اإلشارة إليها‪.‬‬

‫وبالرغم من أن المشرع المغربي نص على أجل طلب التقييد بالرسم العقاري‪ ،‬إال أن هذا األجل ليس‬
‫أجل سقوط‪ ،‬يترتب على عدم احترامه سقوط الحق في التقييد‪ ،‬حيث لم يرتب المشرع على عدم احترام أجل‬
‫الثالثة أشهر المذكورة أي جزاء‪ ،‬باستثناء فرض غرامة تصاعدية ‪% 05‬بالنسبة للشهر األول و‪ 0,5%‬عن‬
‫الشهر أو الجزء من الشهر الثاني‪.‬‬

‫فمن اكتسب حقا خاضعا للتقييد‪ ،‬ال يكون ملزما بتقييده في تاريخ معين وإنما يبقى له الحق في‬
‫تقييده متى شاء حسب ظروفه‪ ،‬وإن كان من شأن اإلسراع بطلب تقييد الحق توفير حماية له ولصاحبه‪ ،‬ما‬
‫دام أن كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إال بتقييده وابتداء من تاريخ‬
‫التقييد بالرسم العقاري‪ .‬فالعبرة لالستفادة من الحق المتعلق بالعقار المحفظ واالحتجاج به في مواجهة األغيار‬
‫هي بالتقييد في الرسم العقاري‪ ،‬مثلما أن العبرة لالستفادة من حق األولوية الذي يترتب عن التقييد‪ ،‬ليست‬
‫لتاريخ العقد وإنما لتاريخ التقييد بالرسم العقاري‪.‬‬

‫لكن هل يسقط حق التقييد بالتقادم؟‬

‫للجواب على هذا السؤال اختلف الفقهاء إلى ثالث اتجاهات‪:‬‬

‫االتجاه األول‪ :‬تمسك بمقتضيات الفصل ‪ 387‬من ق ل ع الذي ينص على أن الدعاوى الناشئة‬
‫عن االلتزام تتقادم بمرور خمسة عشر سنة‪ ،‬وبذلك فإن الحق في التقييد يتقادم بمرور ‪ 15‬سنة على العقد‬
‫المنشئ لهذا الحق‪ ،‬ويجب على المحافظ في هذه الحالة أن يرفض طلب التقييد المقدم إليه بمرور هذا‬
‫األجل‪.‬‬

‫االتجاه ال ثاني‪ :‬تمسك بمقتضيات الضمان استنادا للفصل ‪ 380‬من ق ل ع‪ ،‬الذي يقضي بأن‬
‫التقادم ال يسري بالنسبة لدعوى الضمان إال من وقت حصول االستحقاق أو تحقق الفعل الموجب للضمان‪،‬‬
‫وبذلك فإن حق المشتري في تقييد العقار المبيع باسمه ال يتقادم‪ ،‬ما دام البائع ملزم بالضمان‪.‬‬

‫االتجا ه الثالث‪ :‬اعتبر أن الحق في التقييد يتقادم وفقا للقواعد العامة‪ ،‬إذا لم يكن البائع ممتنعا عن‬
‫التقييد‪ ،‬وذلك من تاريخ انتقال العقار إلى ورثة المتصرف وتقييده باسمهم في الرسم العقاري‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫بينما ميز األستاذ محمد خيري عن صواب فيما نعتقد‪ ،‬بين الحق في التقييد باعتباره إجراء من‬
‫اإلجراءات اإلدارية التي ال يطالها التقادم‪ ،‬وبين دعوى صحة التصرف الموجب للتقييد التي تخضع للتقادم‪،‬‬
‫فمتى كان التصرف صحيحا إال وكان لصاحبه الحق في تقييده متى شاء دون أن يطاله التقادم‪ ،‬وإن كان‬
‫التأخر في تقييد حقه قد يعرضه لمخاطر ضياع حقه في حالة وجود تقييد آخر‪ .‬وقد استند األستاذ خيري‬
‫فيما ذهب إليه على قرار المجلس األعلى الذي اعتبر أن " دعوى صحة البيع هي التي تتقادم‪ ،‬أما إجراء‬
‫تقييد البيع على الرسم العقاري فال يتقادم "‪.‬‬

‫ج) آثار التقييد وحجيته‬

‫إذا كان كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إال بتقييده وابتداء من‬
‫تاريخ التقييد‪ ،‬فإن ذلك يدعونا للتمييز بالنسبة آلثار التقييد وحجيته بين ما إذا تعلق األمر باألطراف أو‬
‫األغيار‪.‬‬

‫فبالنسبة لألطراف‪ :‬إذا كان تقييد الحق العيني بالرسم العقاري يضمن لصاحبه الوجود والثبات‬
‫واالستقرار‪ ،‬فإن ذلك مشروط بعدم اإلضرار بحقوق األطراف بعضهم ضد بعض‪ ،‬وكذا إمكانية رفع دعاوى‬
‫ضد بعضهم بسبب عدم تنفيذ اتفاقاتهم (الفصل ‪ ،)67‬حيث إذا استند التقييد إلى سند أو عقد معيب قانونا‪،‬‬
‫فإن صاحب الحق المقيد لن يكون في منئ عن الطعن فيه‪ ،‬إذ ال يمكن التذرع بأن الحق قد أصبح مقيدا‬
‫بالرسم العقاري وأن هذا التقييد يطهره من العيوب التي لحقته‪ ،‬وذلك بخالف الحقوق الموجودة والمقيدة بالرسم‬
‫العقاري عند إنشائه‪.‬‬

‫فالتقييد وإن كان يحفظ الحقوق المقيدة ويضمنها ويعتبر حجة على صحتها بين األطراف‪ ،‬فإن ذلك‬
‫مشروط بأن يكون التصرف صحيحا‪ ،‬وعليه فإن ضمان الحق العيني فيما بين األطراف عن طريق تقييده‬
‫بالرسم العقاري‪ ،‬يستوجب أن يتم هذا التقييد بطريقة قانونية‪ ،‬وبعبارة أخرى فإن للتقييد حجية نسبية فيما بين‬
‫األطراف وليست له حجية مطلقة‪.‬‬

‫أما بالنسبة للغير‪ :‬وطبقا للفصل ‪ 66‬الذي سبقت اإلشارة إليه‪ ،‬فإن كل حق عيني متعلق بعقار‬
‫محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة له‪ ،‬ما لم يتم تقييده بالرسم العقاري وابتداء من تاريخ تقييده‪ ،‬كما أن هذا‬
‫الغير الذي استند على ما ضمن بالرسم العقاري من تقييدات‪ ،‬ال يمكن التمسك في مواجهته بإبطال هذه‬
‫التقييدات التي اطمئن إليها ما دام حسن النية‪.‬‬

‫ويترتب على ما سبق أن التقييدات المضمنة بالسجالت العقارية‪ ،‬لها قوة ثبوتية مطلقة في مواجهة‬
‫الغير حسن النية‪ ،‬أي أنه تفترض صحة جميع ما ضمن بالرسم العقاري بالنسبة للغير حسن النية‪ ،‬وهو‬

‫‪39‬‬
‫افتراض ذو طبيعة مطلقة‪ ،‬بحيث ال يمكن التمسك بأي حال من األحوال باإلبطال أو التغيير الالحق للتقييد‪،‬‬
‫في مواجهة الغير المقيد عن حسن نية‪ ،‬طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل ‪ 66‬من ظ ت ع‪ ،‬إذ‬
‫ال يمكن أن يلحق به هذا اإلبطال أو التغيير أي ضرر‪ ،‬باستثناء ما إذا كان صاحب الحق قد تضرر أو‬
‫فقد حقه بسبب تدليس أو زور‪ ،‬حيث يجب عليه في هذه الحالة أن يرفع دعوى للمطالبة بحقه داخل أجل‬
‫أربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تغييره أو التشطيب عليه‪ ،‬وذلك طبقا لما تنص عليه الفقرة‬
‫الثانية من المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬فيسري تبعا لذلك اإلبطال أو التغيير أو التشطيب على‬
‫التقييد المحكوم به‪ ،‬في مواجهة الكافة بمن فيهم الغير حسن النية‪.‬‬

‫والمقصود بالغير حسن النية‪ ،‬ذلك الذي يجهل العيوب أو الشوائب التي تعيب أو تشوب سند أو‬
‫عقد من كان قد تلقى الحق عنه‪ ،‬يوم تلقي هذا الحق وتقييده باسمه في الرسم العقاري‪ .‬أما الغير سيء النية‬
‫فيعامل بنقيض قصده‪ ،‬ويحرم من كل حق آل إليه‪ ،‬وال يمكنه التذرع بحجية التقييد‪ ،‬متى ثبت أنه كان يعلم‬
‫بوجود العيب الذي يشوب العقد‪ ،‬أو أن الحق المقيد بالسجل العقاري قيد بدون وجه حق‪.‬‬

‫إذا ثبت هذا انتقلنا للحديث عن تقييد آخر وعن اإلمكانية التي خولها المشرع لفائدة بعض ذوي‬
‫الحقوق العيينة غير الثابتة‪ ،‬من أجل ضمان وحماية هذه الحقوق‪ ،‬أال وهي التقييد االحتياطي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التقييد االحتياطي‬

‫التقييد االحتياطي هو تقييد مؤقت‪ ،‬يضمن حقوقا في طور التأسيس أو حقوقا لم تكتمل بعد شروطها‬
‫القانونية أو دعاوى عقارية‪ ،‬والهدف من التقييد هو االحتفاظ المؤقت بحق موجود‪ ،‬لكنه معلق إما على‬
‫انتظار صدور حكم نهائي في الموضوع‪ ،‬أو انتظار إتمام بعض اإلجراءات المرتبطة بتقييده‪ ،‬هذا فضال‬
‫عن إخبار وإشعار األغيار بطبيعة ونوعية هذه الحقوق‪ ،‬التي ترتب آثارها في حالة تقييدها تقييدا نهائيا‬
‫ابتداء من تاريخ هذا التقييد االحتياطي (وليس من تاريخ التقييد النهائي)‪.‬‬

‫واألصل في التقييد االحتياطي أنه أمر اختياري‪ ،‬غير أن هناك حاالت اشترط فيها المشرع ضرورة‬
‫تقييدها تقييدا احتياطيا‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للتقييد االحتياطي لدعوى القسمة المتعلقة بالعقار المحفظ‪،‬‬
‫حيث نصت المادة ‪ 316‬من مدونة الحقوق العينية على عدم قبول دعوى القسمة إال إذا وجهت ضد جميع‬
‫الشركاء‪ ،‬وتم تقييدها تقييدا احتياطيا‪.‬‬

‫وقد تعرض المشرع للتقييد االحتياطي في الفصل ‪ 85‬من ظ ت ع الذي نص على ما يلي‪ " :‬يمكن‬
‫لكل من يدعي حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا لالحتفاظ به مؤقتا‪"....‬‬

‫‪40‬‬
‫والتقييد االحتياطي يكون بناء على أحد األسباب التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬التقييد االحتياطي بناء على سند غير مكتمل‬

‫لقد خول المشرع لمن يتوفر على سند يثبت حقا على عقار محفظ‪ ،‬لكن يتعذر على المحافظ العقاري‬
‫تقييده على حالته تقييدا نهائيا‪ ،‬لوجود عيب في هذا السند وجب تصحيحه إلمكانية تقييده‪ ،‬أن يطلب من‬
‫المحافظ العقاري تقييده احتياطيا بالرسم العقاري‪.‬‬

‫ومدة صالحية هذا النوع من التقييد هي عشرة أيام‪ ،‬حيث يمكن للمحافظ أن يشطب عليه تلقائيا‬
‫بعد انصرام هذه المدة‪ ،‬وذلك طبقا لمقتضيات الفقرة األولى من الفصل ‪ 86‬من ظ ت ع‪ ،‬وال يقبل المحافظ‬
‫خالل هذه المدة أي تقييد لحق آخر يقتضي إنشاؤه موافقة األطراف‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬التقييد االحتياطي بناء على أمر صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية‬

‫لقد خول المشرع لصاحب حق خاضع للتقييد بالرسم العقاري‪ ،‬والذي ال يستطيع تقييده نهائيا‪ ،‬أن‬
‫يستصدر من رئيس المحكمة االبتدائية التي يقع العقار في دائرة نفوذها‪ ،‬أم ار قصد تقييد هذا الحق تقييدا‬
‫احتياطيا‪ ،‬بعد أن يبين في مقاله األسباب التي حالت دون التقييد النهائي لهذا الحق‪.‬‬

‫ومدة صالحية هذا التقييد ثالثة أشهر من تاريخ صدور األمر االستعجالي بالتقييد‪ ،‬ويجوز تمديد‬
‫هذه المدة بأمر من رئيس المحكمة االبتدائية بعد رفع دعوى أمام قضاء الموضوع‪ ،‬حيث يستمر مفعوله بعد‬
‫ذلك إلى حين صدور حكم نهائي يفصل في مآل الحق موضوع التقييد االحتياطي‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬التقييد االحتياطي بناء على مقال دعوى مرفوعة أمام قضاء الموضوع‬

‫خول المشرع كذلك لكل من رفع دعوى أمام قضاء الموضوع للمطالبة بحق عيني خاضع للتقييد‪،‬‬
‫أن يتقدم بطلب التقييد االحتياطي لهذا الحق إلى المحافظ العقاري‪ ،‬مع ضرورة إرفاق طلبه بنسخة من مقال‬
‫الدعوى االفتتاحي المؤشر عليه من طرف كتابة ضبط المحكمة‪.‬‬

‫ومدة صالحية هذا التقييد هي شهر قابل للتمديد بأمر من رئيس المحكمة االبتدائية ‪ ،‬الذي يتأكد من‬
‫جدية النزاع‪ ،‬من خالل االطالع على األشواط التي قطعتها الدعوى أمام محكمة الموضوع‪ ،‬فإذا تمت‬
‫االستجابة للطلب استمر مفعول التمديد إلى حين الفصل في الموضوع‪ ،‬أما إذا تم رفض طلب التمديد فإن‬
‫المحافظ العقاري يشطب على التقييد االحتياطي تلقائيا‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫وفي جميع هذه الحاالت السابقة‪ ،‬يجب على طالب التقييد االحتياطي أن يقدم للمحافظ العقاري طلبا‬
‫مؤرخا وموقعا من طرفه أو من طرف المحافظ العقاري في حالة جهله أو عجزه عن التوقيع‪ .‬ويجب أن‬
‫يتضمن هذا الطلب‪:‬‬

‫‪ -‬العقار الذي يعنيه التقييد ببيان رقم رسمه العقاري؛‬

‫‪ -‬نوع الحق المطلوب تقييده؛‬

‫‪ -‬أصل التملك وكذا نوع وتاريخ العقد الذي يثبته؛‬

‫‪ -‬الحالة المدنية للمستفيد من التقييد المطلوب إنجازه؛‬

‫‪ -‬بيان عند االقتضاء ما يطلب تقييده عند تقييد الحق األصلي (أسباب الفسخ أو قيد على حق‬
‫التصرف أو تقييد آخر خالص‪ ،‬مع بيان الحالة المدنية للمستفيد من التقييد المذكور ‪-‬الفصل ‪.)-69‬‬

‫وتكمن أهمية التقييد االحتياطي في أنه يخول االستفادة من حق األولوية في الترتيب إزاء كافة‬
‫الحقوق المقيدة بعده‪ ،‬وذلك في حالة التقييد النهائي لهذا الحق‪ ،‬أي أن أثر الحق المقيد احتياطيا يسري‬
‫ابتداء من تاريخ تقييده احتياطيا وليس من تاريخ تقييده بشكل نهائي‪ ،‬وبذلك يمكن للذي قيد حقه احتياطيا‬
‫أن يستوفي حقه ولو انتقل العقار إلى شخص آخر‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في األخير‪ ،‬أن طالب التقييد االحتياطي ال يمكنه أن يقدم طلبا جديدا بناء على‬
‫نفس األسباب‪ ،‬كما أن طلبات التقييد االحتياطية أو التعسفية تعرض صاحبها لغرامة قدرها ‪ %10‬من قيمة‬
‫العقار أو الحق المدعى به‪ ،‬لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية فضال عن أداء تعويض لألطراف في‬
‫حالة المطالبة به‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬التشطيب‬

‫التشطيب هو تقييد من التقييدات التي يقوم بها المحافظ العقاري بالرسم العقاري‪ ،‬لكنه تقييد سلبي‬
‫غايته إثبات انقضاء أو إبطال حق مقيد أو أي تقييد آخر بالرسم العقاري‪ ،‬فالعلة من إق ارره هي محو آثار‬
‫التقييد الذي تعلق به هذا التشطيب‪ ،‬وذلك بواسطة تضمين بيان بالرسم العقاري من طرف المحافظ يفيد‬
‫ذلك‪.‬‬

‫وال بأس من التذكير بضرورة التمييز بين نوعين من الحقوق فيما يرجع لطلبات التشطيب‪ ،‬حيث‬
‫إن الحقوق الناشئة إثر تأسيس الرسم العقاري‪ ،‬ال يمكن أن تكون من حيث األصل موضوع طلب تشطيب‪،‬‬
‫وذلك استنادا لألثر النهائي والتطهيري للرسم العقاري (الفصل ‪ 62‬من ظ ت ع)‪ ،‬أما الحقوق التي يجوز‬

‫‪42‬‬
‫طلب التشطيب عليها طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 91‬وما يليه من ظ ت ع‪ ،‬فهي الحقوق التي ّ‬
‫قيدت بالرسم‬
‫العقاري بعد تأسيسه‪.‬‬

‫وطلبات التشطيب يجب أن يحترم الشكليات المحددة في الفصل ‪ 93‬من ظ ت ع‪ ،‬بحيث يجب أن‬
‫يكون الطلب مؤرخا وموقعا من طرف صاحب الطلب أو المحافظ العقاري في حالة جهل أو عجز صاحب‬
‫الطلب عن التوقيع‪ ،‬كما يتعين أن يتضمن ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬العقار الذي يعنيه التشطيب ببيان رقم رسمه العقاري؛‬

‫‪ -‬التقييد أو البيان أو التقييد االحتياطي المطلوب التشطيب عليه؛‬

‫‪ -‬سبب التشطيب ونوع وتاريخ السند المثبت لذلك السبب‪.‬‬

‫ويطبق المحافظ العقاري على طلبات التشطيب المقتضيات المطبقة على التقييد (ف ‪،)73-70‬‬
‫حيث يتعين على المحافظ العقاري تحت طائلة مسؤوليته الشخصية‪ ،‬أن يتحقق من أن التشطيب ال يتعارض‬
‫مع بيانات الرسم العقاري ومقتضيات قانون التحفيظ العقاري وأن الوثائق المدلى بها تجيز التشطيب‪ ،‬وذلك‬
‫حسبما نصت عليه مقتضيات الفصل ‪ 93‬من ظ ت ع‪ ،‬ما دام أن التشطيب كما قلنا هو تقييد من التقييدات‬
‫التي يقوم بها المحافظ العقاري‪ ،‬والتي يجب أن تخضع لمبدإ مشروعية التقييد‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة أنه في حالة االستجابة لطلب التشطيب على حق من الحقوق المقيدة بالرسم العقاري‪،‬‬
‫فإن هذا التشطيب ال يمكن أن يمس بحقوق الغير المقيد عن حسن نية‪ ،‬وذلك استنادا لمقتضيات الفصل‬
‫الثاني من م ح ع والفصل ‪ 66‬من ظ ت ع‪.‬‬

‫إذا ثبت هذا‪ ،‬قلنا إن عملية التشطيب على ما ضمن بالرسم العقاري تتم‪:‬‬

‫‪ -‬إما تلقائيا من طرف المحافظ العقاري‪ ،‬حيث أعطى المشرع للمحافظ العقاري في حاالت محددة‪،‬‬
‫صالحية التشطيب التلقائي على بعض ما ضمن بالرسم العقاري‪ ،‬حيث بتحقق واقعة معينة أو انصرام أجل‬
‫معين يكون للمحافظ العقاري صالحية التشطيب التلقائي على ما ضمن بالرسم العقاري‪ ،‬ومن ذلك حاالت‬
‫التشطيب التلقائي على التقييدات االحتياطية‪.‬‬

‫‪ -‬إما بناء على طلب‪ ،‬حيث أجاز المشرع بموجب الفصل ‪ 91‬من ظ ت ع‪ ،‬لكل من له الصفة‬
‫والمصلحة أن يطلب من المحافظ العقاري‪ ،‬التشطيب على ما ضمن بالرسم العقاري من تقييد أو بيان أو‬
‫تقييد احتياطي‪ ،‬وذلك بعد اإلدالء بما يفيد اتفاق األطراف على التشطيب في حالة التشطيب االتفاقي‪ ،‬ومثاله‬
‫اتفاق المحجوز عليه مع الحاجز على التنازل عن الحجز‪ ،‬أو عقد رفع اليد من طرف المؤسسة المقرضة‬

‫‪43‬‬
‫باعتبارها دائنا مرتهنا في حالة وجود رهن‪ .‬أو اإلدالء بحكم قضائي نهائي يثبت انعدام أو انقضاء الحق‬
‫موضوع التضمين‪ ،‬وفي هذه الحالة يجب أن يكون الحكم حائ از لقوة الشيء المقضي به وأن يشير في‬
‫منطوقه إلى التشطيب على ما ضمن بالرسم العقاري‪ ،‬بعد البت في انعدام أو انقضاء الحق موضوع‬
‫التشطيب‪.‬‬

‫وفي األخير تجدر اإلشارة‪ ،‬أنه ال يثار إشكال كبير عندما يتعلق األمر بالمقيد الذي يتلقى الحق‬
‫مباشرة من طالب التشطيب‪ ،‬حيث يشطب على الشخص المقيد بمجرد ثبوت عيب في السند الذي تم على‬
‫أساسه التقييد (كالمطالبة با لتشطيب على التقييد بسبب بطالن عقد الشراء)‪ ،‬لكن اإلشكال يثار عندما تنشأ‬
‫عن هذه العالقة األولى مراكز قانونية أخرى يتعلق بها حق الغير‪ ،‬إذ في هذه الحالة نحتكم إلى القواعد‬
‫المتعلقة بحماية الغير حسن النية طبقا للمادة الثانية من مدونة الحقوق العينية والفصل ‪ 66‬من ظ ت ع‪،‬‬
‫وهي حماية تجد أساسها في نظرية الوضع الظاهر‪ ،‬أي أنه يفترض في كل مقيد بالرسم العقاري أن تقييده‬
‫تقييد صحيح وغير منازع فيه‪ ،‬ومن ثم فكل من اطمئن لهذه التقييدات وهذا الوضع الظاهر‪ ،‬واعتمده للتعاقد‬
‫بشأن عقار معين فإنه يكون في وضع سليم ومن ثم وجبت حمايته‪ ،‬وإن كان المشرع بموجب التعديل األخير‬
‫الذي طال مدونة الحقوق العينية‪ ،‬أجاز استثناء إمكانية التشطيب على الغير ولو كان حسن النية‪ ،‬عندما‬
‫يتعلق األمر بتدليس أو تزوير مورس في حق المالك األصلي‪ ،‬وفي هذه الحالة يتعين على هذا األخير أن‬
‫يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل أجل أربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تغييره أو التشطيب‬
‫عليه‪.‬‬

‫‪44‬‬

You might also like