Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 39

‫مجموع محاضرات مادة القانون العقاري‬

‫تعنى هذه المادة بدراسة الحقوق الواردة على العقار والقوانين المنظمة لذلك‪ ،‬أي حق الملكية والحقوق‬
‫العينية المتفرعة عنه‪ ،‬لذلك ال بد من الحديث عن الشيء ومفهومه من الناحية القانونية‪ ،‬ما دام أن الشيء‬
‫هو أكثر التصاقا وأشد ارتباطا بالحق العيني منه بالحق الشخصي‪.‬‬

‫فالشيء من الناحية القانونية هو كل ما يصلح ألن يكون محال للحقوق المالية(‪ ،)1‬وبذلك وجب أال‬
‫يكون خارجا عن دائرة التعامل سواء بطبيعته أو بحكم القانون‪ .‬والحقوق المالية التي يجوز التعامل بها كثيرة‬
‫ومتنوعة‪ ،‬حيث تشمل الحقوق العينية األصلية كحق الملكية‪ ،‬وحق االنتفاع‪ ،‬وحق االرتفاق‪ ،‬وغيرها مما هو‬
‫محدد على سبيل الحصر في المادة التاسعة من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬كما تشمل الحقوق العينية التبعية‬
‫كحق الرهن‪ ،‬وحق االمتياز ‪ ....‬المنصوص عليها في المادة العاشرة‪ ،‬وتشمل أيضا الحقوق الشخصية كحق‬
‫المشتري في تسلم المبيع وفي انتقال ملكيته إليه وحق البائع في تسلم الثمن‪ ،‬وحق المكتري في تسلم العين‬
‫المكتراة‪ ،‬وحق المكري في استخالص الوجيبة الكرائية‪ ،‬ومنها الحقوق التي تقع على شيء غير مادي‬
‫كالحقوق المعنوية‪.‬‬

‫واستنادا لذلك فإن األشياء تنقسم مبدئيا إلى أشياء مادية وأشياء غير مادية‪ ،‬وأهم تقسيم لألشياء‬
‫المادية هو تقسيمها إلى عقار ومنقول‪ .‬وإذا كان الفقهاء قد اتفقوا على أن العقار هو كل شيء ثابت في‬
‫مكانه‪ ،‬فإنهم اختلفوا في ذلك إلى فريقين‪:‬‬

‫‪ -‬فذهب فقهاء المالكية إلى أن العقار هو كل شيء ال يمكن نقله أبدا‪ ،‬أو ال يمكن نقله إال بتغيير‬
‫هيأته‪ ،‬فيشمل العقار استنادا لذلك‪ ،‬األرض واألشجار والبنايات وما يتصل بها مما ال يمكن نقله إال بتغيير‬
‫هيأته أو إصابته بالتلف؛‬

‫‪ -‬بينما اعتبر جمهور الفقهاء أن العقار هو كل شيء ال يمكن نقله أبدا‪ ،‬فال يشمل بذلك سوى‬
‫األرض‪ ،‬أما ما يتصل باألرض من أشجار وأغراس وبنايات‪ ،‬فال يعتبر عقا ار ما دام باإلمكان نقلها‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى القانون المغربي نجد أن المشرع لم يعرف العقار‪ ،‬وإنما اكتفى في المادة الخامسة‬
‫من مدونة الحقوق العينية بتعداد أنواع العقارات حينما نص على أن األشياء العقارية‪ ،‬إما عقارات بطبيعتها‬
‫أو عقارات بالتخصيص‪ ،‬وعرف العقار بطبيعته في ا لمادة السادسة بأنه كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه‬
‫ال يمكن نقله من دون تلف أو تغيير في هيئته‪ ،‬أما العقار بالتخصيص فهو ‪ -‬طبقا للمادة السابعة ‪ -‬ذلك‬

‫‪ ) 1‬تظهير أهمية التمييز بين الشيء و ما يرد عليه من حقوق مالية في التمييز بين الشيء والمال‪ ،‬حيث إن الشيء ليس هو المال ما دام أن هذا‬
‫األخير (أي المال) هو الحق المالي الذي يرد على الشيء‪ ،‬أما الشيء فهو محل هذا الحق المالي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المنقول الذي يضعه مالكه ف ي عقار يملكه رصدا لخدمة هذا العقار واستغالله أو يلحقه به بصفة دائمة‪،‬‬
‫وسنتحدث بشيء من التفصيل عن هذه العقارات بمناسبة الحديث في المحور الثاني عن الحقوق العينية‪.‬‬

‫ويترتب على تقسيم األشياء إلى عقار ومنقول جملة من النتائج لعل أهمها‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أن العقار وبالنظر لوضعه الثابت يمكن إخضاعه لقواعد وإجراءات التسجيل والتقييد‪ ،‬بخالف‬
‫المنقول الذي ليس له مقر ثابت‪ ،‬حيث تسري عليه قواعد الحيازة ألنه ال ينضبط التعامل بشأنه إال بالحيازة‪،‬‬
‫أما العقار فيمكن أن تسري عليه قواعد التقييد أو التسجيل؛‬

‫ثانيا‪ :‬أن دعاوى الحيازة تحمي العقار دون المنقول نظ ار لطبيعته الثابتة؛‬

‫ثالثا‪ :‬أن هناك بعض الحقوق التي ال يمكن أن تنصب سوى على العقار بفعل طبيعته الثابتة‪ ،‬كحق‬
‫الرهن الرسمي؛‬

‫رابعا‪ :‬أن حق الشفعة تفترض ممارسته وجود ال مشفوع فيه مالصقا للمشفوع به‪ ،‬وهذا ال يتحقق إال‬
‫بالنسبة للعقار بفعل طبيعته الثابتة؛‬

‫خامسا‪ :‬أن تحديد االختصاص المحلي للمحاكم يكون بالنظر للمحكمة التي يوجد العقار موضوع‬
‫الدعوى بدائرة نفوذها‪ ،‬أي أن المحكمة المختصة محليا بنظر الدعوى العقارية هي محكمة وجود العقار؛‬

‫سادسا‪ :‬على مستوى القانون الدولي الخاص يكون القانون الواجب بالنسبة للعقار واحد ال يتغير‪،‬‬
‫أي قانون موقع العقار‪.‬‬

‫إذا ثبت هذا قلنا‪ ،‬إن القوانين التي لهـ ـا ارتبـ ـاط بالعقـ ـ ـار بالمغ ـرب متعددة ومتنوعـ ـة‪ ،‬فهن ـاك ظهي ـر‬
‫‪ 1‬يوليوز ‪ 1914‬المحدد لألمالك العامة المعدل سنة ‪ 1919‬بتاريخ ‪ 17‬أبريل و ‪ 27‬نونبر‪ ،‬وهناك الظهير‬
‫المنظم لألمالك المخزنية أو أمالك الدولة الخاصة‪ ،‬وهناك الظهير المنظم لألمالك الغابوية‪ ،‬وهناك القانون‬
‫المنظم لألمالك الموقوفة أو الوقفية أو الحبسية ( مدونة األوقاف)‪ ،‬وهناك الظهير المنظم لألمالك الجماعية‪،‬‬
‫وهناك القانون المنظم لنزع الملكية من أجل المنفعة العامة‪ ،‬وهناك قانون التجزئات العقارية والمجموعات‬
‫السكنية وتقسيم العقارات رقم ‪ ،25.90‬وهناك القانون المتعلق بالتعمير رقم ‪ ، 12.90‬وهناك القانون المنظم‬
‫للملكية المشتركة للعقارات المبنية رقم ‪ 18.00‬المعدل بموجب القانون رقم ‪ ،106.12‬وهناك القانون المنظم‬
‫لبيع العقار في طور اإلنجاز القانون رقم ‪ ،44.00‬وهناك ظهير التحفيظ العقاري ظهير ‪ 12‬غشت ‪1913‬‬
‫المعدل بموجب القانون رقم ‪ 14/07‬الصادر بتنفيذه ظهير ‪ 22‬نونبر ‪ ،2011‬وهناك القانون رقم ‪39/08‬‬
‫المنظم للحقوق العينية والصادر بتاريخ ‪ 22‬نونبر ‪ ،2011‬إلى غير ذلك من القوانين التي لها صلة بالعقار‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وبذلك فإن القانون العقاري بمفهومه العام هو مجموعة من القواعد القانونية التي ترمي إلى تنظيم‬
‫العالقات بين األشخاص‪ ،‬بما يضمن حقوقهم الواردة على العقار ويحمي مراكزهم القانونية التي تخولها لهم‬
‫هذه الحقوق‪ ،‬وذلك بحسب ما إذا كانت هذه األخيرة واردة على عقار محفظ أو على عقار غير محفظ‪.‬‬

‫ويستمد نظام العقارات المحفظة جذوره من ظهير ‪ 9‬رمضان ‪ 1331‬الموافق ل‪ 12‬غشت ‪1913‬‬
‫بشأن التحفيظ العقاري الذي عدل بموجب القانون رقم ‪ ،14/07‬ومن ظهير ‪ 19‬رجب ‪ 1333‬الموافق ل‪02‬‬
‫يونيو ‪ 1915‬المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة‪ ،‬الذي ألغي بموجب مدونة الحقوق العينية أي‬
‫القانون رقم ‪.39/08‬‬

‫أما العقارات غير المحفظة فكانت تخضع ألحكام الفقه اإلسالمي المالكي ولألحكام الواردة في‬
‫قانون االلتزامات والعقود أو لبعض القوانين الخاصة‪ ،‬وذلك قبل صدور مدونة الحقوق العينية (القانون رقم‬
‫‪ )39/08‬التي نصت في فصلها األول على ما يلي‪ ≫ :‬تسري مقتضيات هذا القانون على الملكية العقارية‬
‫والحقوق العينية ما لم تتعارض مع تشريعات خاصة بالعقار‪.‬‬

‫تطبق مقتضيات الظهير الشريف الصادر في ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬بمثابة قانون االلتزامات والعقود‬
‫في ما لم يرد به نص في هذا القانون‪ ،‬فإن لم يوجد نص يرجع إلى الراجح والمشهور وما جرى به العمل‬
‫من الفقه المالكي ≪‪.‬‬

‫وبناء على ما سبق فإن دراستنا لمادة القانون العقاري ستقتصر على نظام التحفيظ العقاري المنظم‬
‫بموجب ظهير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬كما تم تعديله بموجب القانون ‪ ،14/07‬والحقوق العينية كما هي منظمة‬
‫بموجب القانون رقم ‪ ،39/08‬دون باقي القوانين األخرى التي لها صلة بالعقار‪.‬‬

‫ال شك أن غاية كل قاعدة قانونية هي ضمان استقرار المجتمع‪ ،‬ومن أجل استقرار المجتمع ال بد‬
‫من استقرار المعامالت وحماية حقوق األشخاص والحفاظ على النظام العام‪ ،‬تشجيعا لالستثمار الذي تتحقق‬
‫به التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ومن أجل تحقيق ذلك كان من الالزم التفكير في اعتماد وسيلة للتعريف‬
‫بالحقوق من أجل فرض احترامها على الكافة‪ ،‬فإذا كانت الحيازة في المنقول تعتبر سندا للملكية‪ ،‬وتلعب‬
‫دورها في إعالم الغير بالتصرفات الواقعة على هذا المنقول بالحيازة‪ ،‬فإن األمر يختلف عندما يتعلق بالعقار‬
‫نظ ار لطبيعته الثابتة‪ ،‬مما فرض ضرورة وجود آلية قانونية تمكن من إعالم الغير بالتصرفات الواردة على‬
‫العقار وكذا أصحاب الحقوق المترتبة على ذات العقار‪ ،‬لذلك اهتدى الفكر القانوني بالنسبة للحقوق العينية‬
‫العقارية أساسا إلى نظام الشهر العقاري‪ ،‬أي اتخاذ مجموعة من القواعد واإلجراءات القانونية التي تهدف‬
‫إلى بيان الوضعية المادية والقانونية للعقار‪ ،‬من خالل البيان الدقيق لمعالمه وأوصافه ومساحته وحدوده‪،‬‬

‫‪3‬‬
‫ومعرفة مالكه وطريقة انتقال العقار إليه‪ ،‬وكذا جميع ما يتحمله العقار من حقوق عينية أصلية كانت أو‬
‫تبعية (كراء طويل األمد‪ ،‬حق الحبس‪ ،‬ارتفاقات‪ ،‬رهون‪ ،).....‬أو حقوق شخصية خاضعة للشهر وأصحاب‬
‫هذه الحقوق المترتبة على العقار‪ ،‬وبصفة عامة تلك القواعد القانونية التي تنظم ≫ هوية ≪ العقار‪.‬‬

‫فمشتري العقار أو المستثمر مثال الذي يريد أن يقيم مشروعا اقتصاديا يجب قبل اإلقدام على‬
‫المعاملة أن يطمئن إلى أن البائع مالك للعقار موضوع المعاملة‪ ،‬وأن هذا العقار خال من أي عيب أو‬
‫تكليف أو حق ينقص من قيمته‪ ،‬فال ارتفاق يقيد وجها من أوجه استعماله‪ ،‬وال حق انتفاع يمكن الغير من‬
‫استغالل ثماره وغلته‪ ،‬وال حج از سابقا يخول الدائن بيعه الستيفاء دينه‪ ،‬وكذلك الشأن بالنسبة للجهة المقرضة‬
‫أي الدائن المرتهن‪ .‬فال سبيل لبعث االطمئنان لدى هذا المشتري المستثمر أو الدائن المرتهن‪ ،‬إال عن طريق‬
‫نظام الشهر العقاري‪.‬‬

‫ولقد عرفت المجتمعات منذ القدم فكرة الشهر العقاري‪ ،‬حيث كان التصرف في األرض يخضع في‬
‫كل حقبة تاريخية من الحقب منذ عهد القانون الروماني‪ ،‬إلجراءات شهر معينة ترمي إلى تثبيت الملكية‬
‫العقارية ألصحابها وحماية التعامل بها من كل تدليس أو غش‪.‬‬

‫ونميز في أنظمة الشهر العقاري بالنسبة للعصر الحديث بين نظام الشهر الشخصي ونظام الشهر‬
‫العيني ‪ ،‬حيث يعتمد نظام الشهر الشخصي على سجالت يسجل فيها كل تصرف منشئ لحق عيني استنادا‬
‫ألسماء األشخاص أصحاب هذا الحق‪ ،‬فال يعتد بمواصفات العقار موضوع التصرف بقدر ما يعتد بالهوية‬
‫الكاملة لألشخاص المالكين‪ ،‬حيث ال تعرف العقارات في ظل هذا النظام بالنظر لموقعها وإنما تعرف بأسماء‬
‫مالكيها وذوي الحقوق الناشئة عنها‪ .‬وبذلك فإن الشخص (المشتري مثال) الذي يريد أن يتأكد من الوضع‬
‫القانوني والمادي للعقار‪ ،‬ال بد له من الرجوع إلى سائر السندات التي سجلت باسم المالكين وأصحاب‬
‫الحقوق العينية المتعاقبين‪ ،‬والتأكد من أن المتصرف (البائع) قد قام هو نفسه أو بواسطة المالكين الذين‬
‫سبقوه بحيازة العقار طيلة مدة التقادم المكسب للملكية‪ .‬غير أن هذا النظام عرف العديد من االنتقادات بسبب‬
‫العيوب التي اعترته والتي حالت دون مساهمته في تأمين استقرار الملكية العقارية وبالتالي توفر شروط‬
‫االئتمان العقاري‪ ،‬مما أدى إلى ظهور نظام للشهر العيني في أستراليا على يد روبير تورانس‪ ،‬الذي اقترن‬
‫منذ ذلك الحين هذا النظام باسمه‪ ،‬فأصبح نظام الشهر العيني يعرف باسم نظام تورانس‪.‬‬

‫يقوم نظام الشهر العيني على أساس العقار نفسه وبغض النظر عن مالكه أو أصحاب الحقوق‬
‫العينية المترتبة عليه‪ ،‬حيث يكفي لصاحب المصلحة (المشتري أو الدائن المرتهن مثال) الذي يريد االطمئنان‬
‫والتأكد من الوضعية الحقيقة للعقار ومالكه قبل اإلقدام على التعاقد‪ ،‬سوى االطالع على رسم ملكية العقار‬

‫‪4‬‬
‫الذي تعتبر جميع التقييدات الواردة به ذات قوة ثبوتية مطلقة‪ ،‬بشكل يعكس صورة حقيقية عن وضعية‬
‫العقار القانونية من حيث مالكه وأصحاب الحقوق العينية المترتبة عليه‪ ،‬وكذا وضعيته المادية من حيث‬
‫معالمه وأوصافه وحدوده ومشتمالته‪.‬‬

‫وإذا ما رجعنا إلى التشريع المغربي وجدنا أنه يعرف ازدواجية في نظامه العقاري وتعددية في القوانين‬
‫ال مطبقة عليه على نحو ما ذكرنا أعاله‪ ،‬فنجد عقارات خاضعة لنظام الشهر العيني بعد خضوعها لمسطرة‬
‫التحفيظ‪ ،‬وعقارات ال تخضع لنظام الشهر العيني وإنما تستند على الحيازة وتطبق في شأنها مدونة الحقوق‬
‫العينية‪ ،‬بعدما كانت تخضع ألحكام الفقه اإلسالمي المالكي على وجه الخصوص‪ .‬لذلك ستكون محاور‬
‫مقررنا لهذه السنة مقسمة كالتالي‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬نظام التحفيظ العقاري‬

‫المبحث األول‪ :‬إجراءات التحفيظ العقاري‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آثار التحفيظ العقاري‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الحقوق العينية العقارية‬

‫المبحث األول‪ :‬الحقوق العينية العقارية األصلية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الحقوق العينية العقارية التبعية‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬نظام التحفيظ العقاري بالمغرب‬

‫يقصد بالتحفيظ ا نطالقا من مقتضيات الفصل األول من ظهير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬المتعلق بالتحفيظ‬
‫العقاري « جعل العقار خاضعا لنظام خاص من غير أن يكون في اإلمكان إخراجه منه فيما بعد‪ .‬ويترتب‬
‫عنه إقامة رسم للملكية مسجل بسجل عقاري‪ ،‬وبطالن ما عداه من الرسوم‪ ،‬وتطهير الملك من جميع الحقوق‬
‫السالفة غير المضمنة بهذا السجل‪ ،‬وكذا تقييد كل التصرفات والوقائع التي ترمي إلى إنشاء أو نقل أو تغيير‬
‫أو إقرار أو إسقاط الحقوق العينية أو التحمالت المتعلقة بالملك في الرسم العقاري المؤسس له »‪ ،‬فيشمل‬
‫بذلك التحفيظ كل من مرحلة التحفيظ‪ ،‬أي تأسيس الرسم العقاري بعد سلوك مسطرة لتطهير العقار من كل‬
‫منازعة في شأنه (المبحث األول)‪ ،‬وكذا المرحلة الالحقة لتأسيس الرسم العقاري أي مرحلة التقييدات التي‬
‫تتعلق بالتصرفات أو الوقائع التي تطال العقار بعد تحفيظه (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وقبل الحديث عن مسطرة التحفيظ العقاري وإجراءاتها واآلثار المترتبة عنها‪ ،‬البد من الحديث في‬
‫مبحث تمهيدي عن المبادئ التي يقوم عليها نظام التحفيظ العقاري بالمغرب والتي ينبغي التمييز فيها بين‬
‫مرحلتين‪:‬‬

‫‪ -‬مرحلة التحفيظ والتي تقوم على المبادئ التالية‪ :‬مبدأ االختيارية‪ ،‬مبدأ التطهير‪ ،‬مبدأ اإلشهار؛‬

‫‪ -‬مرحلة التقييدات (أي ما بعد التحفيظ وتأسيس الرسم العقاري) والتي تقوم على المبادئ التالية‪:‬‬
‫مبدأ شرعية التقييد والقوة الثبوتية‪ ،‬مبدأ الترتيب واألولوية‪ ،‬مبدأ تسلسل التقييدات‪.‬‬

‫مبحث تمهيدي في مبادئ نظام التحفيظ العقاري‬

‫يقوم نظام التحفيظ العقاري على ثالثة مبادئ أساسية‪ ،‬وهي مبدأ االختيارية ( المطلب األول) مبدأ‬
‫اإلشهار ( المطلب الثاني ) ثم مبدأ التطهير ( المطلب الثالث )‪.‬‬

‫المطلب األ ول‪ :‬مبدأ االختيارية في نظام التحفيظ العقاري‬

‫رغم أن المشرع المغربي أخذ بنظام التحفيظ العقاري بموجب ظهير ‪ 12‬غشت ‪ ،1913‬فإنه لم‬
‫يجعله إلزاميا كما هو الشأن بالنسبة لبعض التشريعات المقارنة‪ ،‬حيث نص الفصل السادس على أن‬
‫« التحفيظ أمر اختياري‪ ،‬غير أنه إذا قدم مطلب التحفيظ فإنه ال يمكن سحبه مطلقا» ‪ ،‬وبذلك فإن إخضاع‬
‫العقار إلجراءات التحفيظ يكون باختيار وإرادة من يدعي ملكيته‪ ،‬فإذا قدم مطلبا قصد تحفيظ عقاره أو حقه‬
‫العيني‪ ،‬فإنه ال يستطيع سحبه والتراجع عنه بعد ذلك‪ .‬غير أن هناك حاالت استثنائية يكون فيها التحفيظ‬
‫إجباريا وليس اختياريا‪ ،‬وهذه الحاالت منها ما هو منصوص عليه في ظهير التحفيظ العقاري (الفقرة األولى)‬
‫ومنها ما هو منصوص عليه قوانين خاصة (الفقرة الثانية)‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الحاالت المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري كما عدل بالقانون رقم ‪14.07‬‬
‫أوال‪ :‬حالة التحفيظ اإلجباري في المناطق التي يحددها الوزير الوصي على الوكالة الوطنية للمحافظة‬
‫العقارية والمسح العقاري والخرائطية‪ ،‬بموجب قرار يتم نشره في الجريدة الرسمية‪ ،‬يتخذه في هذا الشأن بناء‬
‫على اقتراح من مدير الوكالة‪ ،‬وذلك طبقا للفصل السابع من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬وقد حدد المشرع‬
‫إجراءات تحفيظها في الفرع السادس الخاص بالتحفيظ اإلجباري (الفصول ‪ 1-51‬إلى ‪ ،)19-51‬وهذه‬
‫المسطرة هي من مستجدات القانون ‪ 14.07‬التي جاء بها المشرع لتعديل الفصل ‪ 51‬من ظهير ‪ 12‬غشت‬
‫‪ 1913‬في شأن التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ومن أجل تنفيذ هذا القرار تحدث لجنة تدعى « لجنة التحفيظ اإلجباري » تكون مهمتها السهر على‬
‫إعداد المعنيين باألمر لعمليات التحفيظ اإلجباري‪ ،‬وضمان حسن تنفيذ أشغال البحث التجزيئي والقانوني‬
‫ومراقبتها‪ ،‬وكذا اتخاذ كافة التدابير التي تمكن من إدراج وتحديد مطالب التحفيظ (الفصل ‪ 51‬مكرر ثالثا)‪.‬‬

‫كما تجدر اإلشارة إلى أنه ابتداء من تاريخ نشر القرار الوزيري القاضي بفتح منطقة للتحفيظ‬
‫اإلجباري‪ ،‬ال يمكن إدراج أي مطلب للتحفيظ‪ ،‬إال في إطار مقتضيات هذا القسم الخاص بالتحفيظ اإلجباري‪،‬‬
‫وذلك حسبما ينص عليه الفصل ‪ 9-51‬من ظهير التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الحالة التي تأمر فيها المحكمة المختصة بمتابعة إجراءات الحجز العقاري في مواجهة‬
‫المحجوز عليه استنادا لمقتضيات الفصل الثامن من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬بإخضاع العقار المحجوز‬
‫لمسطرة التحفيظ قبل عرضه على البيع بالمزاد العلني‪ ،‬ألن إخضاعه لمسطرة التحفيظ يزيد من قيمته‬
‫وبالتالي من ثمن البيع قصد الوفاء بأقصى ما يمكن الوفاء به لفائدة الدائنين‪ ،‬وألن التحفيظ يحدد كذلك‬
‫الحالة المادية والقانونية للعقار قبل بيعه‪ ،‬ويكتفى في هذه الحالة بتقديم مطلب لتحفيظ العقار المحجوز إذ‬
‫ليس المقصود فيما نعتقد من الفصل الثامن الوصول بهذا العقار إلى آخر مرحلة في التحفيظ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحاالت المنصوص عليها في بعض القوانين الخاصة‬

‫أوال‪ :‬حالة التحفيظ اإلجباري الناتج عن التعرض على مسطرة تحفيظ أمالك الدولة الخاصة‪ ،‬طبقا‬
‫لظهير ‪ 03‬يناير ‪ ، 1916‬حيث يجب على كل من يدعي بحق عيني على أمالك الدولة الخاصة التي‬
‫فتحت في شأنها مسطرة التحديد اإلداري‪ ،‬أن يتعرض على هذه العملية في ظرف ثالثة أشهر من تاريخ‬
‫نشر اإلعالن المتضمن إليداع محضر التحديد بمقر السلطة المحلية بالجريدة الرسمية‪ ،‬ويجب على هذا‬
‫المتعرض تقديم مطلب تحفيظ تأكيدي لتعرضه على عملية التحديد داخل أجل ثالثة أشهر من تاريخ انتهاء‬
‫أجل التعرض‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬حالة التحفيظ اإلجباري الناتج عن مسطرة ضم األراضي الفالحية‪ ،‬حيث أجاز ظهير ‪20‬‬
‫يوليوز ‪ 1969‬للسلطة المختصة اتخاذ قرار ضم األراضي الفالحية التي ال تسمح مساحتها أو موقعها‬
‫بحسن استثمارها واستغاللها‪ ،‬حيث يتم تجميع هذه القطع المتناثرة ويتم إخضاعها للتحفيظ اإلجباري ضمن‬
‫مسطرة خاصة‪ ،‬ثم يعاد توزيع ملكياتها بحيث يكون لكل مال ك قطعة أرضية واحدة أو أكثر يسهل ويحسن‬
‫استثمارها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬حالة التحفيظ اإلجباري الناتج عن التعرض على مسطرة تحفيظ أراضي الجماعات الساللية‪،‬‬
‫حيث تخضع أمالك هذه الجماعات شأنها شأن الملك الخاص للدولة لمسطرة التحديد اإلداري‪ ،‬وقد أجازت‬

‫‪7‬‬
‫المادة التاسعة من القانون رقم ‪ 63.17‬المتعلق بالتحديد اإلداري ألراضي الجماعات الساللية‪ ،‬التعرض‬
‫على مسطرة تحديد هذه األراضي الجماعية‪ ،‬داخل أجل ثالثة أشهر ابتداء من تاريخ نشر إيداع محضر‬
‫التحديد اإلداري والتصميم المؤقت بالجريدة الرسمية‪ ،‬ويكون هذا التعرض عديم األثر ما لم يودع المتعرض‬
‫على نفقته مطلب تحفيظ تأكيدي لتعرضه داخل أجل ‪ 3‬أشهر الموالية النقضاء األجل المحدد لتقديم‬
‫التعرضات‪ ،‬وذلك استنادا لمقتضيات المادة ‪ 10‬من القانون رقم ‪.63.17‬‬

‫رابعا‪ :‬حالة المعاوضة العينية مع األوقاف‪ ،‬حيث يشترط طبقا للمادة ‪ 72‬من مدونة األوقاف‬
‫« إلجراء أي معاوضة عينية لألوقاف العامة أن تكون القطعة المعاوض بها محفظة وأن تساوي أو تفوق‬
‫قيمتها التقديرية قيمة العين الموقوفة »‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬حالة التحفيظ اإلجباري المنصوص عليها في المادة الخامسة من القانون رقم ‪25.90‬‬
‫المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات‪ ،‬حيث جاء في هذه المادة أنه « ال يقبل‬
‫طلب التجزئة المنصوص عليه في المادة الرابعة أعاله إذا كانت األرض المراد تجزئتها ليست محفظة وال‬
‫بصدد التحفيظ‪ ،‬وال يكون الطلب مقبوال إذا تعلق األمر بأرض بصدد التحفيظ إال إذا كان األجل المحدد‬
‫لتقديم التعرضات على التحفيظ قد انصرم دون تقديم أي تعرض على تحفيظ العقار المراد تجزئته»‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مبدأ األثر التطهيري للتحفيظ العقاري‬

‫إن أهم مبدإ يقوم عليه نظام التحفيظ العقاري‪ ،‬بفعل ما يمنحه من ضمانة الستقرار المعامالت‪ ،‬هو‬
‫مبدأ األثر التطهيري للتحفيظ‪ ،‬أو ما يعب ر عنه كذلك بقاعدة التطهير‪ ،‬هذا المبدأ مفاده أن تأسيس الرسم‬
‫العقاري لعقار ما بعد سلوك مسطرة التحفيظ‪ ،‬يجعل هذا العقار مطه ار من جميع الحقوق التي لم يتم التعريف‬
‫بها خالل متابعة إجراءات التحفيظ عن طريق مسطرة التعرض‪ ،‬ولو تم تأسيس الرسم العقاري عن طريق‬
‫التدليس‪.‬‬

‫واستنادا لهذا المبدأ‪ ،‬فإن المالك الذي حفظ العقار باسمه يصبح مالكا لهذا العقار بموجب قرار‬
‫المحافظ العقاري‪ ،‬وليس بناء على سندات التملك التي اعتمد عليها خالل مسطرة التحفيظ‪ ،‬حيث تنقطع‬
‫بذلك الصلة بين العقار بعد التحفيظ وبين ماضيه‪ ،‬وتفقد جميع الحقوق وسندات التملك التي لم يتم اإلدالء‬
‫بها قبل التحفيظ حجيتها‪ ،‬فيصبح الرسم العقاري هو أساس التملك ونقطة االنطالق الجديدة للحقوق المترتبة‬
‫على العقار‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن قاعدة التطهير تشمل جميع الحقوق التي لم يتم التعريف بها خالل مسطرة‬
‫التحفيظ عن طريق التعرض أيا كان صاحبها وكيفما كان مصدرها‪ ،‬مع مراعاة االستثناءات الواردة على‬

‫‪8‬‬
‫ذلك والتي سنتحدث فيما سيأتي‪ ،‬كما ال يقتصر األثر التطهيري للرسم العقاري على حق الملكية العقارية‬
‫فقط‪ ،‬بل يشمل كذلك جميع الحقوق العينية والتكاليف العقارية المترتبة على العقار عند التحفيظ والمثبتة‬
‫بالسجالت العقارية‪.‬‬

‫ولعل األساس الذي ينبني عليه مبدأ األثر التطهيري للرسم العقاري‪ ،‬هو أن اتخاذ قرار تأسيس الرسم‬
‫العقاري من طرف المحافظ‪ ،‬ال يكون إال بعد سلوك العديد من إجراءات التحفيظ التي تواكبها عملية إشهار‬
‫واسعة بوسائل مختلفة‪ ،‬وبذلك يعتبر سكوت صاحب الحق وعدم تعرضه طيلة سريان هذه اإلجراءات‪ ،‬بمثابة‬
‫إقرار منه على أن طالب التحفيظ هو صاحب الحق في العقار موضوع مطلب التحفيظ‪ .‬غير أن هذا‬
‫االعتبار إذا كان مقبوال في األحوال العادية‪ ،‬فهو غير مسلم به في الحالة التي يتم فيها تأسيس الرسم‬
‫العقاري نتيجة تدليس‪ ،‬ما دام أن سكوت المدلس عليه هو سكوت ‪ -‬إقرار‪ -‬على وضعية غير الوضعية‬
‫الحقيقية بفعل ما تعرض له من تدليس‪.‬‬

‫وإذا كان لمبدأ األثر التطهيري للتحفيظ العقاري دور أساسي في استقرار المعامالت‪ ،‬بفعل ما يوفره‬
‫من اطمئنان للعموم حول مطابقة ما ضمن بالرسم العقاري مع الوضعية الحقيقية للعقار‪ ،‬فإن ما حدث في‬
‫السنوات األخيرة من اتخاذ التحفيظ كوسيلة للسطو على ممتلكات الغير عن طريق التدليس أو التزوير‪،‬‬
‫يجعلنا نطرح التساؤل حول مدى كفاية هذا النظام ‪ -‬أي التحفيظ العقاري ‪ -‬في حماية الملكية العقارية‬
‫وعدم اتخاذه كوسيلة لالستيالء على عقارات الغير؟‬

‫وتجدر اإلشارة في األخير إلى ضرورة التمييز من حيث سريان مبدأ األثر التطهيري للتحفيظ بين‬
‫مرحلتين‪:‬‬

‫‪ -‬مرحلة تأسيس الرسم العقاري التي تشملها قاعدة التطهير‪ ،‬حيث إن كل ما ضمن بالرسم العقاري‬
‫عند تأسيسه يحوز حجية مطلقة اتجاه الكافة بمن فيهم الغير حسن النية‪ ،‬وذلك استنادا لمقتضيات الفصل‬
‫األول من ظهير التحفيظ العقاري الذي نص على ما يلي‪ « :‬يرمي التحفيظ إلى جعل العقار المحفظ خاضعا‬
‫للنظام المقرر في هذا القانون من غير أن يكون في اإلمكان إخراجه منه فيما بعد ويقصد منه‪:‬‬

‫‪ -‬تحفيظ العقار بعد إجراء مسطرة للتطهير يترتب عتها تأسيس رسم عقاري وبطالن ما عداه من‬
‫الرسوم‪ ،‬وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به؛ ‪ »...‬وكذا الفصل ‪ 62‬من ظهير‬
‫التحفيظ العقاري والفصل الثاني من مدونة الحقوق العينية الذي ينص على أن‪ « :‬الرسوم العقارية وما‬
‫تتضمنه من تقييدات تابعة إلنشائها تحفظ الحق الذي تنص عليه وتكون حجة في مواجهة الغير على أن‬
‫الشخص المعين بها هو فعال صاحب الحقوق المبينة فيها»‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ -‬مرحلة التقييدات‪ ،‬أي تلك المرحلة الالحقة التخاذ قرار التحفيظ والتي ترمي إلى تقييد الحقوق‬
‫والتصرفات الناشئة بعد تأسيس الرسم العقاري بهذا األخير‪ ،‬وهذه ال تشملها قاعدة التطهير‪ ،‬حيث ال يمكن‬
‫مواجهة الغير حسن النية باألثر التطهيري لهذه التقييدات‪ ،‬وذلك طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 66‬من ظهير‬
‫التحفيظ العقاري الذي نص على ما يلي‪ « :‬كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة‬
‫للغير إال بتقييده‪ ،‬وابتداء من يوم التقييد في الرسم العقاري من طرف المحافظ على األمالك العقارية‪.‬‬

‫ال يمكن في أي حال التمسك بإبطال هذا التقييد في مواجهة الغير ذي النية الحسنة »‪ ،‬ولمقتضيات‬
‫الفصل الثاني من مدونة الحقوق العينية التي نصت على أن « ‪ ....‬ما يقع على التقييدات من إبطال أو‬
‫تغيير أو تشطيب من الرسم العقاري ال يمكن التمسك به في مواجهة الغير المقيد عن حسن نية‪ ،‬كما ال‬
‫يمكن أن يلحق به أي ضرر‪ ،‬إال إذا كان صاحب الحق قد تضرر بسبب تدليس أو زور أو استعماله‪،‬‬
‫شريطة أن يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل أجل أربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تغييره‬
‫أو التشطيب عليه»‪.‬‬

‫وإذا كان األصل كما رأينا في نظام التحفيظ العقاري بالمغرب أنه يقوم على مبدأ التطهير‪ ،‬فإن‬
‫هناك بعض األموال التي تقت ضي طبيعتها ضرورة استثنائها من هذا المبدأ‪ ،‬ومن هذه االستثناءات القليلة‬
‫الواردة على قاعدة التطهير والمنصوص عليها بموجب قوانينها الخاصة نجد‪:‬‬

‫‪ -‬الملك العام وذلك بموجب ظهير فاتح يوليوز ‪ 1914‬في شأن األمالك العمومية‪ ،‬الذي منع في‬
‫فصله الرابع التصرف في هذه األمالك بأي تصرف ناقل للملكية‪ ،‬ولم يعترف بأي تقادم مكسب لها‪ .‬لذلك‬
‫فإن حيازة الغير لملك من األمالك العامة والقيام بتحفيظه واستصدار رسم عقاري له‪ ،‬ال يجعل منه مالكا‬
‫وال تنفعه قاعدة التطهير التي يقوم عليها نظام التحفيظ العقاري في ادعاء الملك‪ ،‬بل إن التحفيظ ال يمنع‬
‫الدولة من المطالبة باستحقاق ملكها بالرغم من تحفيظه‪.‬‬

‫‪ -‬المال الموقوف " األوقاف " وذلك بموجب المادة ‪ 54‬من مدونة األوقاف كما تم تغييرها وتتميمها‬
‫بموجب ظهير ‪ 23‬جمادى اآلخرة ‪ 1440‬الموافق لفاتح مارس ‪ ،2019‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 6759‬بتاريخ ‪ 11‬مارس ‪ ،2019‬والتي نصت على ما يلي‪ « :‬ال تمنع الرسوم العقارية المؤسسة لفائدة‬
‫الغير المحكمة من النظر في كل دعوى ترمي إلى إثبات صفة الوقف لعقار محفظ‪ ،‬شريطة أن ترفع الدعوى‬
‫في مواجهة جميع ذوي الحقوق المقيدين‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫وإذا ثبت أن العقار المذكور موقوف‪ ،‬بناء على الحكم القضائي الصادر بذلك والحائز لقوة الشيء‬
‫المقضي به‪ ،‬فإن المحافظ يشطب على كل تسجيل سابق‪ ،‬ويقيد العقار بالرسم العقاري المتعلق به في اسم‬
‫الوقف المعني »‪.‬‬

‫فاستنادا لهذه المادة يجوز إلدارة األوقاف أو لناظر الوقف المعقب أو أحد المستفيدين من الوقف‬
‫المعقب‪ ،‬أن يرفع دعوى للمطالبة بإثبات صفة الوقف – العام أو المعقب – للعقار المحفظ في اسم الغير‪،‬‬
‫فإذا كان األصل أن المحكمة يمتنع عليها النظر في دعوى المطالبة باستحقاق عقار محفظ‪ ،‬فإن هذا المنع‬
‫يرتفع متى تعلق األمر بالمطالبة بإثبات صفة الوقف للعقار الذي جرى تحفيظه من طرف الغير‪ ،‬وال يستفيد‬
‫هذا األخير بالتالي من قاعدة التطهير التي يقوم عليها التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫وقد اشترط المشرع أن ترفع هذه الدعوى في مواجهة جميع ذوي الحقوق المقيدين بالرسم العقاري‪،‬‬
‫قصد تمكينهم من الدفاع عن حقوقهم‪ ،‬كما اشترط إلمكانية اتخاذ المحافظ العق ـ ـاري ق ـ ـرار التشطيب عل ـى‬
‫ما ضمن بالرسم العقاري‪ ،‬وتقييد العقار في اسم الوقف المعني‪ ،‬ضرورة صدور حكم حائز لقوة الشيء‬
‫المقضي به يقضي بثبوت صفة الوقف للعقار المحفظ‪ .‬والمالحظ هنا أن المشرع لم ينص على إلغاء الرسم‬
‫العقاري‪ ،‬وإلزام األوقاف بإعادة سلوك إجراءات التحفيظ من بدايتها‪ ،‬وإنما اعتبر ما هو مضمن بالرسم‬
‫العقاري ولو استنادا للتحفيظ بمثابة تقييدات أعطى للمحافظ العقاري صالحية التشطيب عليها وتقييد العقار‬
‫باسم الوقف المعني‪.‬‬

‫المطلب ال ثالث‪ :‬مبدأ اإلشهار في نظام التحفيظ العقاري‬

‫يقوم نظام التحفيظ العقاري على مبدإ أساسي أال وهو مبدأ اإلشهار‪ ،‬وهذا المبدأ ال يرتبط فقط‬
‫بمرحلة التحفيظ وتأسيس الرسم العقاري بل يمتد ليشمل مرحلة التقييدات‪ ،‬وهي المرحلة الالحقة لعملية‬
‫التحفيظ وتأسيس الرسم العقاري‪.‬‬

‫ويجد هذا المبدأ أهميته في اعتباره األساس الذي تنبني عليه قاعدة التطهير واألثر المنشئ للرسم‬
‫العقاري وفق ما أشرنا إليه سابقا‪ ،‬حيث إن أساس مواجهة الكافة بهذه القاعدة وما يترتب عليها من آثار‪،‬‬
‫هو أن جميع إجراءات التحفيظ السابقة لتأسيس الرسم العقاري‪ ،‬تتسم بالعالنية واإلشهار أمام الجميع ليتسنى‬
‫لمن له حق من الحقوق المترتبة على العقار أو على الحق موضوع التحفيظ‪ ،‬التعريف بحقه والدفاع عنه‬
‫قبل صدور قرار التحفيظ‪ ،‬ولذلك سمي نظام التحفيظ بنظام الشهر العقاري‪.‬‬

‫من تجليات مبدأ اإلشهار في نظام التحفيظ العقاري المغربي ما يلي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إشهار مطلب التحفيظ‬

‫‪11‬‬
‫أوجب الفصل السابع عشر من ظهير التحفيظ العقاري على المحافظ العقاري نشر ملخص مطلب‬
‫التحفيظ بالجريدة الرسمية وتبليغ مضمونه إلى علم العموم بجميع الوسائل المتاحة‪ ،‬وذلك داخل أجل عشرة‬
‫أيام من إيداع مطلب التحفيظ لدى الوكالة الوطنية للمحافظة على األمالك العقارية‪.‬‬

‫كما أوجب الفصل الثامن عشر على المحافظ أن يوجه نسخا من الوثائق المشار إليها في الفصل‬
‫‪ 17‬مقابل إشعار بالتوصل إلى كل من‪ :‬رئيس المحكمة االبتدائية‪ ،‬ممثل السلطة المحلية‪ ،‬ورئيس المجلس‬
‫الجماعي الذين يقع العقار موضوع مطلب التحفيظ في دائرة نفوذهم‪ ،‬قبل التاريخ المعين التخاذ إجراءات‬
‫تحديد العقار بعشرين يوما‪ ،‬وذلك من أجل أن يعمل هؤالء على تعليق هذه الوثائق بمقرات إدارتهم إلى حين‬
‫التاريخ المعين للتحديد‪ ،‬قصد إحاطة العموم ببدء عملية وإجراءات التحفيظ للعقار المعني‪ ،‬وتمكين من له‬
‫حق من الحقوق المترتبة على هذا العقار موضوع مطلب التحفيظ من التعريف بحقه عن طريق مسطرة‬
‫التعرض‪.‬‬

‫والمالحظ أن المشرع أراد أن يحقق أكبر قدر من اإلشهار والعالنية لبدء مسطرة التحفيظ‪ ،‬خصوصا‬
‫عندما نص على تبليغ ملخص مطلب التحفيظ لفائدة العموم بجميع الوسائل المتاحة (الفصل ‪ ،)17‬وعندما‬
‫ألزم ممثل السلطة المحلية بإشهار ملخص المطلب والتاريخ المعين التخاذ إجراءات التحديد في األسواق‬
‫العمومية الواقعة في دائرة نفوذه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إشهار تاريخ ووقت التحديد‬

‫باإلضافة إلى ضرورة نشر ملخص مطلب التحفيظ خالل العشرة أيام الموالية إليداع المطلب‪،‬‬
‫أوجب المشرع بموجب الفصل ‪ 17‬المذكور على المحافظ العقاري‪ ،‬أن يحرر إعالنا عن تاريخ ووقت التحديد‬
‫داخل أجل شهرين من نشر ملخص مطلب التحفيظ‪ ،‬وأن يستدعي شخصيا لعملية التحديد هذه بكل وسائل‬
‫التبيلغ الممكنة (عون من المحافظة العقارية‪ ،‬البريد المضمون‪ ،‬السلطة المحلية‪ ،‬أي وسيلة أخرى للتبليغ)‬
‫كل من‪ :‬طالب التحفيظ‪ ،‬المجاورين المبينين في مطلب التحفيظ‪ ،‬المتدخلين وأصحاب الحقوق العينية‬
‫والتحمالت العقارية المصرح بهم بصفة قانونية‪ ،‬وذلك قصد الحضور الشخصي لعمليات التحديد التي تتم‬
‫من طرف المهندس الطبوغرافي‪ ،‬أو بواسطة نائب بموجب وكالة صحيحة في حالة تعذر الحضور الشخصي‪،‬‬
‫وذلك استنادا لمقتضيات الفصل ‪ 19‬من ظهير التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫وإذا كانت الغاية من إشهار وإعالن تاريخ ووقت التحديد هي إخبار العموم بعملية التحفيظ‪ ،‬فإن‬
‫إلزام المحافظ بتوجيه استدعاء شخصي لألشخاص المحددين في الفصل التاسع عشر المذكور‪ ،‬قصد‬
‫الحضور شخصيا أو بواسطة نائب بموجب وكالة صحيحة‪ ،‬غايته ضمان إخبار هؤالء األشخاص وإعالمهم‬

‫‪12‬‬
‫بعملية التحديد قصد تمكينهم من اإلدالء بمالحظاتهم والتعريف بحقوقهم وتقديم تعرضاتهم أثناء عملية‬
‫التحديد‪ ،‬نظ ار لآلثار المهمة والخطيرة المترتبة عن هذه العملية التي يتم من خاللها ضبط الوضعية المادية‬
‫للعقار وحدوده ومشتمالته والحقوق الواردة عليه‪ ،‬حيث يتم تضمينها بعين المكان في محضر من طرف‬
‫المهندس الطبوغرافي الذي تولى عملية التحديد‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬إشهار التعرضات‬

‫أوجب الفصل ‪ 31‬من ظهير التحفيظ العقاري على المحافظ العقاري أن يبلغ فو ار طالبا التحفيظ‬
‫بالتعرضات الواقعة على مطلبه‪ ،‬وذلك من أجل تمكينه من معرفة خصومه في التحفيظ‪ ،‬ويقرر ما يراه في‬
‫مصلحته‪ ،‬سواء من خالل اإلدالء بما يدحض ادعاءاتهم أو من خالل التصريح بقبول هذه التعرضات داخل‬
‫أجل شهر من انتهاء أجل التعرض‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬إشهار الحقوق الواردة على العقار في طور التحفيظ‬

‫حيث إن كون العقار في طور التحفيظ ال يمنع صاحبه من التصرف فيه‪ ،‬غير أن هذا التصرف‬
‫يجب أن يخضع لمبدإ اإلشهار قصد ترتيب آثاره من خالل سلوك إحدى المسطرتين المنصوص عليهما في‬
‫الفصالن ‪ 83‬و‪ 84‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬كما سيأتي بيانه‪.‬‬

‫الفقرة الخامسة‪ :‬إشهار الحقوق الواردة على العقار بعد التحفيظ‬

‫استنادا لمقتضيات الفصالن ‪ 65‬و‪ 66‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬يجب على من اكتسب حقا‬
‫على عقار محفظ‪ ،‬القيام بإشهار هذا الحق بواسطة تقييده في الرسم العقاري تقييدا نهائيا إن كان الحق‬
‫مقر ار بصفة نهائية‪ ،‬أو تقييد احتياطي إذا كان الحق منازعا فيه أو معلقا‪ ،‬وذلك من أجل الحفاظ عليه‬
‫واكتساب رتبته عند تقييده تقييدا نهائيا‪ ،‬ما دامت العلة من التحفيظ وتأسيس الرسم العقاري هي تمكين‬
‫الجميع من الوقوف على الوضعية الحقيقية للعقار‪.‬‬

‫إذا ثبت هذا انتقلنا للحديث عن كيفية وإجراءات إخضاع العقار لنظام التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬إجراءات تأسيس الرسم العقاري‬

‫استنادا لمقتضيات الفصل األول من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬فإن كل تحفيظ يقتضي من المحافظ‬
‫على األمالك العقارية إقامة رسم عقاري يتضمن كل ما يفيد الوضعية المادية والقانونية للعقار‪ ،‬حيث‬
‫يتضمن‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -‬وصفا مفصال للعقار‪ :‬اسمه‪ ،‬نوعه‪ ،‬موقعه‪ ،‬مساحته‪ ،‬مشتمالته وحدوده‪ ،‬مع بيان أسماء مالك‬
‫العقارات المالصقة أو المجاورة له؛‬

‫‪ -‬التعريف بالمالك ببيان اسمه الشخصي والعائلي ومراجع وثيقة التعريف بهويته وجنسيته وتاريخ‬
‫ازدياده ومقر سكناه‪ ،‬وعند االقتضاء اسم الزوج والنظام المالي للزواج ومحل المخابرة معه‪ .‬وفي حالة الشياع‬
‫يتضمن نفس البيانات السابقة بالنسبة لكل شريك من بيان حصته على الشياع‪ ،‬وحالتهم المدنية ومقر‬
‫سكناهم؛‬

‫‪ -‬بيان الحقوق العينية والتحمالت العقارية المترتبة على العقار مع التعريف بهوية أصحابها وحالتهم‬
‫المدنية ونطاق حقوقهم‪.‬‬

‫ويعطى للرسم العقاري بعد تأسيسه رقما ترتيبيا واسما خاصا به‪ ،‬كما يضاف إليه تصميم العقار‪.‬‬

‫وفي سبيل تحقيق ما سبق‪ ،‬يجب اتباع إجراءات التحفيظ التي نص عليها ظهير ‪ 12‬غشت ‪1913‬‬
‫كما تم تعديله وتتميمه بموجب القانون ‪ ،14.07‬وهي إجراءات ذات طبيعة إدارية ( المطلب األول ) غير‬
‫أن هذه المسطرة االدارية للتحفيظ قد تتخللها مرحلة قضائية وذلك في حالة وجود تعرض على مسطرة‬
‫التحفيظ هاته ( المطلب الثاني )‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المرحلة اإلدارية للتحفيظ‬

‫تنطلق إجراءات تأسيس الرسم العقاري بإيداع مطلب للتحفيظ ( الفقرة األولى ) وتمر بإجراءات‬
‫اإلشهار والتحديد ( الفقرة الثانية ) ثم فتح آجال التعرض (الفقرة الثالثة) لتنتهي باتخاذ قرار التحفيظ في حالة‬
‫سالمة اإلجراءات وبالتالي تأسيس الرسم العقاري‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن هذه اإلجراءات التي سنتحدث عنها تتعلق بالمسطرة العادية للتحفيظ‪ ،‬وبالتالي‬
‫لن نتطرق للمساطر الخاصة للتحفيظ وال لمسطرة التحفيظ اإلجباري المنصوص عليها في الفرع السادس‬
‫من ظهير التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إيداع مطلب التحفيظ‬

‫إن مطلب التحفيظ هو اإلجراء الذي يطلب بواسطته طالب التحفيظ ‪ -‬في شكل طلب أو تصريح‪-‬‬
‫من المحافظ على األمالك العقارية تحفيظ عقاره أرضا كان أو بناء‪ ،‬مقابل وصل بذلك بعد أداء رسوم‬
‫التحفيظ (ف ‪ 13‬ظ‪.‬ت‪.‬ع)‪ .‬فما هي البيانات الواجب توافره عليه؟ ومن هم األشخاص الذين يحق لهم‬

‫‪14‬‬
‫تقديمه؟ وما حدود سلطة المحافظ العقاري إزاء ما يقدم إليه من وثائق مؤيدة لمطلب التحفيظ؟ وما هي‬
‫اآلثار المترتبة عن تقديم مطلب التحفيظ؟‬

‫أوال‪ :‬بيانات مطلب التحفيظ‬

‫طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 13‬من ظهير ‪ 1913/08/12‬يجب أن يتضمن مطلب التحفيظ عدة‬
‫بيانات ومعلومات تفيد في تحديد الوضعية القانونية والمادية للعقار‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬التعريف بالهوية الكاملة لطالب التحفيظ وحالته المدنية وجنسيته وعند االقتضاء اسم الزوج‬
‫والنظام المالي للزوجين في حالة اتفاقهما على كيفية تدبير األموال المكتسبة بعد الزواج وفق مقتضيات‬
‫المادة ‪ 49‬من مدونة االسرة‪ ،‬سواء كان طالب التحفيظ شخصا ذاتيا أو اعتباريا‪ ،‬مع ضرورة بيان تسميته‬
‫وشكله القانوني ومقره االجتماعي واسم ممثله القانوني في حالة ما إذا كان شخصا اعتباريا‪.‬‬

‫‪ -‬وصف العقار ومشتمالته والحقوق العينية الواردة عليه واألمالك المتصلة به وأسماء وعناوين‬
‫أصحابها‪.‬‬

‫‪ -‬التعريف بحائز العقار؛‬

‫‪ -‬بيان أصل التملك‪.‬‬

‫وإذا كان طالب التحفيظ ال يستطيع التوقيع أو يجهله‪ ،‬فإن المحافظ على األمالك العقارية يشير‬
‫إلى ذلك‪ ،‬ويشهد بأن مطلب التحفيظ قدم إليه من طرف المعني باألمر بعد أن يتحقق من هويته‪.‬‬

‫كما يجب على طالب التحفيظ طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 14‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬أن يرفق‬
‫مطلبه بجميع الرسوم والعقود والوثائق التي من شأنها أن تعرف بحق الملكية وبالحقوق العينية المترتبة على‬
‫الملك‪ ،‬كما يتعين عليه أن يصرح بأصحاب العقارات المجاورة لعقاره‪ ،‬وكذا أصحاب الحقوق العينية‬
‫والتحمالت العقارية المترتبة على العقار المطلوب تحفيظه‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى هذه الوثائق المنصوص عليها في الفصل ‪ 14‬المذكور‪ ،‬فإن هناك بعض الشواهد‬
‫أو الرخص اإلدارية المنصوص عليها في بعض التشريعات الخاصة‪ ،‬والتي تطلب بحسب ما إذا كان العقار‬
‫حضريا أو قرويا أو فالحيا‪ ،‬كرخصة التقسيم أو شهادة تثبت عدم الخضوع للقانون رقم ‪ 90.25‬المتعلق‬

‫‪15‬‬
‫بالتجزئات العقارية والمجمعات السكنية وتقسيم العقارات‪ ،‬أو شهادة عدم الصبغة الفالحية فيما يتعلق‬
‫باألراضي الواقعة خارج المدار الحضري‪ ،‬والمتعلقة باألمالك الفالحية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬األشخاص ذوو الصفة لتقديم مطلب التحفيظ‬


‫إذا كان التحفيظ العقاري عمل اختياري من حيث األصل‪ ،‬فإن المشرع حدد على سبيل الحصر‬
‫األشخاص الذين يحق لهم تقديم مطلب التحفيظ‪ ،‬وذلك بناء على الفصول ‪ 12، 11 ،10‬من ظهير التحفيظ‬
‫العقاري وهم‪:‬‬

‫‪ )1‬المالك أو من ينوب عنه بموجب وكالة صحيحة‪ ،‬سواء كان مالك العقار شخصا طبيعيا أو‬
‫معنويا؛‬

‫‪ )2‬الشريك على الشيا ع مع االحتفاظ لشركائه بحق الشفعة متى توافرت فيهم الشروط الالزمة‬
‫لألخذ بها‪.‬‬

‫‪ )3‬أصحاب أحد الحقوق العينية األصلية التالية‪ :‬حق االنتفاع‪ ،‬حق السطحية‪ ،‬حق الكراء الطويل‬
‫األمد‪ ،‬حق الزينة‪ ،‬حق الهواء والتعلية ثم حق الحبس‪.‬‬

‫‪ )4‬أصحاب حقوق االرتفاق‪ ،‬وذلك بعد موافقة صاحب الملك‪ ،‬فالمتمتع بحق االرتفاق ال يستطيع‬
‫طلب تحفيظ العقار المترتب عليه حقه إال بعد الحصول على موافقة مالك هذا العقار‪.‬‬

‫والمالحظ أن المشرع في التعديل األخير بموجب القانون ‪ 14.07‬أضاف صاحب حق السطحية‬


‫لألشخاص المخول لهم قانونا تقديم مطلب التحفيظ‪ ،‬مع حذف صاحب حق االستعمال والسكنى‪ ،‬كما أضاف‬
‫بموجب الفصل الحادي عشر لهؤالء األشخاص‪ ،‬الدائن الذي لم يقبض دينه عند حلول أجل الوفاء‪ ،‬سواء‬
‫كان دينه مضمونا أو غير مضمون برهن على العقار‪ ،‬وذلك متى حصل على حكم قضائي يقضي بحجز‬
‫العقار لفائدته قصد بيعه وفاء بالدين‪ ،‬وهكذا أصبح من حق الدائن الذي استصدر حكما لفائدته بحجز عقار‬
‫مدينه‪ ،‬أن يطلب تحفيظ العقار المحجوز بموجب هذا الحكم القضائي‪ ،‬وذلك خالفا لما كان ينص عليه‬
‫الفصل ‪ 11‬قبل التعديل‪ ،‬حيث لم يكن يسمح بهذا الحق سوى للدائن المرتهن دون الدائن العادي‪.‬‬

‫وبالنسبة للمحجور والقاصر فقد أجاز المشرع في الفصل ‪ 12‬للنائب الشرعي أن يقدم مطلبا للتحفيظ‬
‫في اسم المحجور أو القاصر‪ ،‬عندما تكون لهذا األخير حقوق تسمح له بتقديم الطلب لو لم يكن محجو ار‬
‫أو قاصرا‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ثالثا‪ :‬سلطة المحافظ العقاري بالنسبة لمؤيدات مطلب التحفيظ‬

‫لقد ثار نقاش فقهي حول مدى دور وسلطة المحافظ العقاري في التحقق من صحة الوثائق‬
‫والمستندات المدلى بها تأييدا لمطلب التحفيظ‪ ،‬بين قائل بضرورة قيام المحافظ العقاري بالتثبت من صحة‬
‫ما أدلي به إليه من وثائق تحت طائلة تحمله مسؤولية تعويض الطرف المتضرر من عملية التحفيظ (أوال)‬
‫وبين قائل بعدم اختصاصه للقيام بهذه الرقابة (ثانيا)‬

‫أوال‪ :‬االتجاه المعارض لصالحية المحافظ العقاري في الرقابة على صحة مؤيدات مطلب التحفيظ‬
‫يؤسس أنصار هذا االتجاه موقفهم على ما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬عدم توفر المحافظ العقاري على األساس القانوني والوسائل العملية للقيام بهذه المهمة‪ ،‬إذ ليس‬
‫هناك أي نص قانوني يلزم أو يسمح للمحافظ العقاري بمراقبة صحة الوثائق والمستندات المقدمة إليه تأييدا‬
‫لمطلب التحفيظ‪ ،‬حيث يكتفي بقبولها ونشر ملخصها وإشهارها‪ ،‬فالفصل ‪ 14‬من ظهير التحفيظ العقاري‬
‫ال يشير إلى ما يخول للمحافظ العقاري هذه اإلمكانية‪ ،‬ال سيما وأن المحافظ العقاري ليست له الصفة‬
‫القضائية التي تمكنه من البحث والتحقق من صحة مؤيدات مطلب التحفيظ‪.‬‬

‫هذا فضال عن عدم وجود نص قانوني يحمل المحافظ العقاري مسؤولية عدم التحقق من صحة‬
‫هذه الوثائق والمؤيدات‪ ،‬بخالف ما هو عليه األمر بالنسبة لمرحلة التقييدات الالحقة لتأسيس الرسم العقاري‪،‬‬
‫حيث نص الفصل ‪ 72‬من ظ ت ع صراحة على تحمل المحافظ العقاري المسؤولية الشخصية عن عدم‬
‫تحققه من صحة الوثائق المدعمة لطلب التقييد سواء من حيث الشكل أو الجوهر‪ ،‬كما أن تكليفه بهذه‬
‫المهمة يفوق طاقته والوسائل المتوفرة لديه ال من الناحية القانون ية فقط بل من الناحية المادية كذلك‪.‬‬

‫ب ‪ -‬منح المحافظ العقاري هذه الصالحية من شأنه الزيادة في تعقيد مسطرة التحفيظ وعرقلة سياسة‬
‫تعميم التحفيظ على جميع العقارات بالمغرب‪ ،‬وذلك من خالل زيادة حاالت رفض مطالب التحفيظ‪ .‬لذلك‬
‫فالمشرع رغبة منه في تشجيع المالك على تحفيظ عقاراتهم في أفق تعميم التحفيظ‪ ،‬لم يمنح هذا االختصاص‬
‫للمحافظ بموجب الصياغة الجديدة للفصل ‪ 14‬من ظ ت ع‪.‬‬

‫ت ‪ -‬قبول مطلب التحفيظ ال ينشئ حقا عينيا‪ ،‬فمجرد تقديم مطلب التحفيظ لدى المحافظة العقارية‬
‫ال يعني خلق وضعية قانونية يصعب التراجع عنها أو تحصين الحق بشكل نهائي‪ ،‬كما أن قبول هذا‬
‫المطلب ال يعني االعتراف بالحقوق المضمنة به وال يعتبر دليال على الملكية وإنما هو مجرد قرينة عليها‪،‬‬
‫وذلك بخالف التقييدات الالحقة لتأسيس الرسم العقاري التي يتوقف عليها إنشاء الحقوق العينية الواردة على‬
‫العقار المحفظ باعتبارها الوسيلة الوحيدة لذلك‪ ،‬وهي العلة من وراء إلزام المحافظ العقاري بضرورة التحقق‬

‫‪17‬‬
‫من صحة الوثائق المقدمة إليه بمناسبة هذه التقييدات‪ ،‬سواء من حيث الشكل أو الجوهر وذلك بموجب‬
‫الفصل ‪ 72‬من ظ ت ع‪.‬‬

‫ث ‪ -‬إجراءات التحفيظ كفيلة بكشف عيوب السندات المدعمة لمطلب التحفيظ‪ ،‬حيث إن عملية‬
‫اإلشهار التي تواكب مسطرة التحفيظ وعملية التحديد‪ ،‬كفيلتان بكشف العيوب التي قد تطال المستندات‬
‫والحجج والوثائق المدلى بها تأييدا لمطلب التحفيظ ومدى مطابقتها للواقع‪ ،‬فإذا ما تم إشهار مطلب التحفيظ‬
‫وانتهت اإلجراءات دون أن يتقدم أي متعرض على هذا المطلب‪ ،‬وكشفت عملية التحديد أن هناك تطابقا‬
‫بين ما أسفرت عنه‪ ،‬وبين ما ضمن بالوثائق المدلى بها تأييدا لمطلب التحفيظ‪ ،‬فإن المحافظ العقاري يمكنه‬
‫أن يصدر ق ارره بتحفيظ العقار‪.‬‬

‫أما إذا ظهر متعرض أو كشفت عملية التحديد عن اختالف بين ما أدلي به من وثائق وبين ما‬
‫هو موجود على أرض الواقع‪ ،‬فإن المحافظ العقاري ال يمكنه اتخاذ قرار التحفيظ‪ .‬فلو مثال تم تقديم مطلب‬
‫تحفيظ عقار لحوالي خمس هكتارات‪ ،‬فكشف التحديد عن وجود ‪ 10‬هكتارات‪ ،‬فهنا المساحة الزائدة تحتاج‬
‫إلى إثبات تحت طائلة رفض المطلب نظ ار لعدم كفاية الحجج‪ .‬لذلك فالذي يقرر صحة وسالمة مؤيدات‬
‫مطلب التحفيظ ليس هو المحافظ العقاري‪ ،‬بل مسطرة التحفيظ هي الكفيلة بذلك وخصوصا عملية التحديد‬
‫التي تستطيع كشف ما ال يستطيع المحافظ العقاري كشفه من مجرد تفحص الوثائق المدلى بها إليه تأييدا‬
‫لمطلب التحفيظ‪ .‬وهذا ما يجعل المحافظ العقاري حريصا على مراقبة مدى إتمام إجراءات التحفيظ بشكل‬
‫صحيح‪ ،‬أكثر من اهتمامه بمراقبة مدى صحة السندات والوثائق المؤيدة لمطلب التحفيظ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االتجاه المؤيد لصالحية المحافظ العقاري في مراقبة السندات والوثائق المؤيدة لمطلب‬
‫التحفيظ‬

‫يعتبر أصحاب هذا االتجاه أن المحافظ العقاري ملزم ببسط رقابته على الوثائق والمستندات المؤيدة‬
‫لمطلب التحفيظ‪ ،‬قصد التحقق من صحتها شكال ومضمونا‪ ،‬مستندين في ذلك لما يلي‪:‬‬

‫أ ‪ -‬عدم اختصاص القضاء بفحص مؤيدات مطلب التحفيظ يوجب على المحافظ العقاري التحقق من‬
‫مدى صحتها‪ ،‬وذلك طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل ‪ 37‬من ظ ت ع التي تنص على أن المحكمة‬
‫« تبت في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين وطبيعته ومشتمالته ونطاقه‪ ،‬وتحيل األطراف للعمل‬
‫بقرارها‪ ،‬بعد اكتساب الحكم قوة الشيء المقضي به‪ ،‬على المحافظ على األمالك العقارية الذي له وحده‬
‫النظر في قبول أو رفض مطلب التحفيظ كال أو بعضا مع االحتفاظ بحق الطعن‪ ،»...‬حيث استنادا لهذه‬
‫المقتضيات صدرت العديد من األحكام والق اررات القضائية التي تنص على عدم اختصاص المحكمة لفحص‬
‫ومراقبة حجج طالب التحفيظ‪ ،‬ألن ذلك يدخل ضمن اختصاصات المحافظ العقاري‪ ،‬الذي له وحده دون‬

‫‪18‬‬
‫غيره سلطة النظر في قبول مطلب التحفيظ أو رفضه كال أو بعضا‪ ،‬من ذلك قرار محكمة النقض عدد ‪56‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 06‬يناير ‪ 1998‬الذي جاء فيه أنه « ليس للمحكمة أن تفحص حجج طالب التحفيظ أو‬
‫تقرر بشأنها‪.»...‬‬

‫ب ‪ -‬المحافظ على األمالك العقارية قاض إداري له سلطات واسعة في مراقبة المستندات المؤيدة‬
‫لمطلب التحفيظ‪ ،‬إذ بخالف االتجاه األول الذي يعتبر أن المحافظ العقاري مجرد موظف إداري‪ ،‬يرى أنصار‬
‫هذا االتجاه وعلى رأسهم األستاذ محمد بن الحاج السلمي‪ ،‬أن المحافظ العقاري يعتبر قاضيا من الوجهة‬
‫اإلدارية‪ ،‬ويجب تخويله سلطة واسعة لمراقبة حجج ومستندات طالب التحفيظ شكال وجوه ار وتقييمها مسبقا‪،‬‬
‫قبل قبول مطلب التحفيظ أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات المسطرة‪ ،‬ذلك أن ظهير التحفيظ العقاري منح‬
‫للمحافظ على األمالك العقارية مرك از قويا وسلطات واسعة قصد ضمان وحماية حق الملكية‪ ،‬وهو ما يبرر‬
‫منحه سلطة مراقبة مشروعية وشرعية التصرفات المتعلقة بالعقارات المحفظة‪ ،‬أو التي في طور التحفيظ‬
‫من خالل المستندات والوثائق المدلى بها تدعيما لذلك‪.‬‬

‫ت ‪ -‬نصوص القانون ومتطلبات الواقع تقتضي من المحافظ على األمالك العقارية التحقق من‬
‫صحة المستندات المؤيدة لمطلب التحفيظ‪ ،‬فمن الناحية القانونية توجد بعض المقتضيات التي تفرض على‬
‫المحافظ أن يدقق ويتحقق من صحة جميع الوثائق والمستندات المدلى بها إليه شكال ومضمونا‪ ،‬من ذلك‪:‬‬

‫‪ -‬الفصل ‪ 15‬من ظ ت ع الذي أجاز للمحافظ العقاري أن يطلب على نفقة طالب التحفيظ ترجمة‬
‫الوثائق المدلى بها بواسطة ترجما ن محلف‪ ،‬فلو لم يكن المحافظ على األمالك العقارية ملزم بالتدقيق في‬
‫هذه الوثائق للتأكد من صحتها شكال ومضمونا‪ ،‬لما أجاز له المشرع أن يطلب ترجمتها إلى اللغة العربية‬
‫بواسطة ترجمان محلف‪.‬‬

‫‪ -‬الفصل الرابع من القرار الوزيري الصادر بتاريخ ‪ 4‬يونيو ‪ 1915‬المنظم لمصالح المحافظة‬
‫العقارية‪ ،‬والذي يجعل من بين اختصاصات المحافظ على األمالك العقارية « ‪ ...‬البت في طلبات التحفيظ‬
‫والقيام باإلجراءات المسطرية على العقارات الخاضعة لهذا النظام وتقييدها بالسجالت العقارية‪ ».....‬وعبارة‬
‫البت في طلبات التحفيظ الواردة في هذا الفصل‪ ،‬تفيد مراقبة كل طلبات التحفيظ بجميع أوجه المراقبة ومن‬
‫ذلك صحة السندات والوثائق المؤيدة للمطلب‪.‬‬

‫‪ -‬الفصل ‪ 20‬من ظ ت ع الذي ينص على أن المحافظ على األمالك العقارية أو من ينتدبه لهذه‬
‫الغاية يباشر عملية التحقيق في « ‪ .....‬واقعة الحيازة ومدتها‪ .‬ويعاين حالة العقار‪ ،‬كما يباشر غير ذلك من‬
‫المعاينات وأعمال البحث المفيدة‪ ، »...‬فإذا كان المشرع قد كلف المحافظ أو من ينتدبه بالتحقق في واقعة‬

‫‪19‬‬
‫الحيازة وهي عملية دقيقة‪ ،‬يكون من األولى أن يحقق في مدى صحة وسالمة الوثائق والمستندات المدلى‬
‫بها تأييدا لمطلب التحفيظ‪.‬‬

‫أمـا مـن نـاحية الـ ـواقـع العملي‪ ،‬فـإن المسؤوليـة التـي يتحمله ـا المحـافـظ على األم ـالك العق ـاري ـة إذا‬
‫ما حفظ عقا ار بناء على وثائق غير صحيحة‪ ،‬تفرض عليه أن يتحرى دائما بأن ال يحفظ إال ما يوافق‬
‫الحقيقة والواقع‪ ،‬حيث عليه أن يراقب ويتفحص مختلف البيانات بكل دقة وعناية‪.‬‬

‫ولعل أن التحقق من السندات والوثائق تعتبر من أهم ضمانات حماية حق الملكية وتحصينه مما‬
‫قد يطاله من األشخاص الذين أصبحوا يحترفون االستيالء على عقارات الغير‪ ،‬من خالل استغالل نظام‬
‫التحفيظ العقاري وانتشار األمية‪ ،‬باال عتماد على وثائق مزورة أو ناقصة عن درجة االعتبار‪ ،‬خصوصا في‬
‫ظل ضعف وسائل اإلشهار ومحدوديتها‪ ،‬ولربما هذا ما دفع المحافظ العام إلى إصدار مجموعة من المذكرات‬
‫التي يحث من خاللها كافة المحافظين على األمالك العقارية‪ ،‬على ضرورة إجراء رقابة دقيقة على كل‬
‫الوثائق المقدمة تأييدا لمطلب التحفيظ‪ ،‬بل إن محكمة النقض اعتبرت في قرار حديث لها بتاريخ ‪ 30‬يناير‬
‫‪ 2018‬أن «‪ ...‬مسؤولية المحافظ على األمالك العقارية تقتضي ارتكابه خطأ أثناء جريان مسطرة التحفيظ‪،‬‬
‫والخطأ في التحفيظ يترتب عند اتخاذ قرار التحفيظ دون فحص المستندات وعدم تقديرها‪»...‬‬

‫رابعا ‪ -‬آثار تقديم مطلب التحفيظ‬


‫إن تقديم مطلب التحفيظ إلى المحافظة العقارية ال تقتصر آثاره فقط على إعطاء االنطالق للشروع‬
‫في إجراءات التحفيظ وفق مسطرتها العادية‪ ،‬بل إنه يترتب على ذلك إخضاع العقار لوضع أو نظام قانوني‬
‫متميز‪ ،‬أطلق عليه بعض الفقه اسم نظام « ما قبل التحفيظ » ‪Régime de pré-immatriculation‬‬
‫أو نظام « شبه التحفيظ »‪ ، quasi-immatriculation‬أي أن العقار ال هو محفظ وال هو غير محفظ‪،‬‬
‫فهو عقار في طور التحفيظ‪ .‬هذا النظام الذي يخضع له العقار أثناء سريان مسطرة التحفيظ‪ ،‬تترتب عليه‬
‫نتائج متعددة لعل أهمها ما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬وجوب تطبيق بعض مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬فبالرغم من استمرار خضوع العقار في‬
‫طور التحفيظ لألحكام التي تخضع لها العقارات غير المحفظة‪ ،‬ما دام أنه لم يصدر في شأنه قرار‬
‫بالتحفيظ‪ ،‬فإن هناك بعض مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري التي يجب االعتداد بها‪ ،‬ومن ذلك ما نص‬
‫عليه الفصل ‪ 37‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬الذي جعل عبئ اإلثبات يقع على عاتق المتعرض الذي‬
‫يعتبر بمثابة مدع ملزم بإثبات صحة ادعائه وإن كان هو الحائز للعقار‪ ،‬مع أن األصل بالنسبة للعقارات‬

‫‪20‬‬
‫غير المحفظة‪ ،‬أن تقوم قرينة الملكية لصالح حائز العقار وأن الخصم هو الملزم بهدم هذه القرينة وتقديم‬
‫البينة المثبتة لعكسها‪ ،‬فالحائز يكفيه قوله "حوزي وملكي"‪.‬‬

‫ب‪ -‬إمكانية التصرف في العقار موضوع مطلب التحفيظ‪ ،‬حيث إن خضوع العقار لمسطرة التحفيظ‬
‫ال يجعله جامدا خارجا عن دائرة التعامل‪ ،‬بل يجوز لطالب التحفيظ أن يتصرف في عقاره كال أو بعضا‬
‫بأحد التصرفات الناقلة للملك سواء تصرفا بعوض أو بغير عوض‪ .‬لكن يجب في هذه الحالة على المتصرف‬
‫إليه – المفوت له العقار مثال‪ -‬اتباع أحد الطريقين المنصوص عليهما في الفصلين ‪( 83‬مسطرة الخالصة‬
‫اإلصالحية) و‪( 84‬مسطرة اإليداع) من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬كي يضمن حقوقه يوم صدور قرار التحفيظ‬
‫وال يواجه باألثر التطهير للرسم العقاري‪ ،‬وحتى يتسنى له التمسك بهذه الحقوق في مواجهة طالب التحفيظ‬
‫وكذا االغيار‪.‬‬

‫فجميع الحقوق المكتسبة على العقار في طور التحفيظ‪ ،‬تكتسب حجية مطلقة عند إنشاء الرسم‬
‫العقاري‪ ،‬ومن ثم وجب إخضاعها لإلشهار قصد إعالم الغير بوجودها لئال يفاجئ بها عند تأسيس الرسم‬
‫العقاري الذي يكتسي صبغة نهائية‪ .‬لذلك ألزم المشرع المستفيد من حق من الحقوق المنشأة أو المعدلة‬
‫خالل مسطرة التحفيظ‪ ،‬أن يقوم بإشهاره لكي يتسنى له ترتيبه في التقييد والتمسك به في مواجهة الغير‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يمكن للمستفيد من كل حق عيني على عقار في طور التحفيظ من أجل ترتيبه والتمسك به‬
‫في مواجهة الغير‪ ،‬أن يعمل على إشهاره إما عن طريق مسطرة الفصل ‪ 83‬من ظ ت ع أو ما يصطلح‬
‫عليه فقها وقضاء بمسطرة الخالصة اإلصالحية (‪ )1‬وإما عن طريق مسطرة الفصل ‪ 84‬التي تعرف بمسطرة‬
‫اإليداع (‪.)2‬‬

‫‪ )1‬مسطرة الخالصة اإلصالحية‪:‬‬

‫ينص الفصل ‪ 83‬من ظهير التحفيظ العقاري على أنه « بغض النظر عن المسطرة المقررة في‬
‫الفصل ‪ 84‬من هذا القانون‪ ،‬يمكن لصاحب حق وقع إنشاؤه أو تغييره أو اإلقرار به أثناء مسطرة التحفيظ‬
‫أن يطلب نشره بالجريدة الرسمية بعد إيداع الوثائق المثبتة للحق بالمحافظة العقارية »‪.‬‬

‫وهكذا أجاز الفصل ‪ 83‬لصاحب حق وقع إنشاؤه أو تغييره أو اإلقرار به أثناء مسطرة التحفيظ أن‬
‫يطلب نشره وإشهاره بالجريدة الرسمية‪ ،‬وذلك بعد إيداع الوثائق المثبتة لهذا الحق‪ ،‬حيث يطلب بموجب هذا‬
‫اإلجراء من المحافظ العقاري إحالله محل طالب التحفيظ في حدود الحقوق المعترف له بها‪ ،‬وذلك عن‬
‫طريق نشر خالصة إصالحية لمطل ب التحفيظ بالجريدة الرسمية‪ ،‬يبين فيها الحق المنشأ أو المعدل أو‬
‫المغير أو المقر به أ ثناء جريان مسطرة التحفيظ‪ ،‬فيكتسب بذلك صفة طالب التحفيظ في حدود الحق‬

‫‪21‬‬
‫المعترف له به‪ ،‬ويصبح معنيا بمسطرة التحفيظ‪ ،‬حيث يتم تبليغه بكل إجراء تقوم به المحافظة العقارية وبأي‬
‫تعرض قدم ضده‪.‬‬

‫و تجدر اإلشارة أنه إذا تم سلوك هذه المسطرة بعد اإلعالن عن انتهاء أجل التحديد بالجريدة الرسمية‪،‬‬
‫فإنه يتم إجراء تحديد تكميلي وفتح أجل جديد للتعرض داخل أجل شهرين من نشر الخالصة اإلصالحية‬
‫بالجريدة الرسمية‪ ،‬وهذا التعرض يباشر فقط بالنسبة للحق الذي تمت مباشرة مسطرة الخالصة اإلصالحية‬
‫في شأنه‪ ،‬أي أنه ال يمكن استغالل هذا األجل الجديد للتعرض‪ ،‬قصد التعرض على حقوق فات أجل‬
‫التعرض األصلي عليها‪ ،‬وذلك بخالف ما إذا تم سلوك هذه المسطرة قبل القيام بإجراءات التحديد واإلعالن‬
‫عن انتهاء عملياتها‪ ،‬حيث يفتح أجل التعرض بالنسبة لجميع الحقوق المطلوب تحفيظها سواء تلك الواردة‬
‫بمطلب التحفيظ أو تلك المنشورة بالخالصة اإلصالحية‪.‬‬

‫كما تجدر اإلشارة في األخير إلى أن سلوك مسطرة الخالصة اإلصالحية رهين بعدم إحالة ملف‬
‫التحفيظ على القضاء‪ ،‬وإال فقدت هذه المسطرة فائدتها بالنسبة لصاحب الحق المطلوب إشهاره‪.‬‬

‫و بخالف ما كان عليه األمر قبل تعديل الفصل ‪ 83‬بموجب القانون ‪ ،14.07‬فإن الصياغة‬
‫الجديدة لهذا الفصل ال تشترط انتقال الملك بين األحياء‪ ،‬بل إنها تسمح بسلوك هذه المسطرة إلشهار الحقوق‬
‫المكتسبة بسبب الوفاة‪ ،‬إذ يحق للورثة طلب نشر خالصة إصالحية تفيد استمرار مسطرة التحفيظ باسمهم‬
‫لكي تثبت لهم الصفة الالزمة للدفاع عن حقوقهم وإنشاء الرسم العقاري باسمهم‪.‬‬

‫وإذا كان األصل هو اختيارية اللجوء لمسطرة الخالصة اإلصالحية‪ ،‬فإن هناك حاالت استثنائية‬
‫يلزم المستفيد فيها من سلوك مسطرة الخالصة اإلصالحية‪ ،‬ومن بينها‪:‬‬

‫‪ -‬حالة الحكم بصحة التعرض‪ ،‬حيث نصت الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 37‬من ظ ت ع على‬
‫ضرورة اإلعالن عن الحقوق المحكوم بها بواسطة الخالصة اإلصالحية‪.‬‬

‫‪ -‬الحقوق المكتسبة على العقار في طور التحفيظ والخاضع لمسطرة التحفيظ اإلجباري‪ ،‬حيث ينص‬
‫الفصل ‪ 51‬مكرر ‪ 17‬من ظ ت ع على أنه « يجب ن شر كل حق تم اكتسابه خالل مسطرة التحفيظ طبقا‬
‫لمقتضيات الفصل ‪ 84‬من هذا القانون »‪.‬‬

‫فهل مسطرة الخالصة اإلصالحية ناجعة فعال في حماية الحقوق الواردة على العقار في طور‬
‫التحفيظ؟‬

‫ال شك أن اإلعالن عن التصرفات الجارية على العقار في طور التحفيظ طبقا لمسطرة الخالصة‬
‫اإلصالحية وفق مقتضيات الفصل ‪ 83‬من ظ ت ع‪ ،‬يعتبر أكثر ضمانا لحماية حقوق األغيار من مسطرة‬

‫‪22‬‬
‫اإليداع‪ ،‬حيث يتحقق من خاللها إشهار هذه التصرفات على نطاق واسع يمكن األغيار من أخذ علم بها‪،‬‬
‫حيث يتم إشهار ونشر خالصة إصالحية لمطلب التحفيظ وفق نفس الطريقة التي يتم بها إشهار ملخص‬
‫مطلب التحفيظ (الجريدة الرسمية‪ ،‬التعليق بلوحات تعليق اإلعالنات في مراكز الدائرة اإلدارية والقضائية)‪،‬‬
‫لكي يتمكن كل من مست هذه التصرفات بحقوقه‪ ،‬أن يتعرض عليها داخل أجل شهرين من اإلعالن عن‬
‫انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية‪ ،‬في حالة إجراء هذه التصرفات قبل اإلعالن عن انتهاء التحديد‪ ،‬أو‬
‫داخل أجل شهرين من اإلعالن عن انتهاء التحديد التكميلي بالجريدة الرسمية‪ ،‬في الحالة التي يتم فيها إجراء‬
‫هذه التصرفات بعد اإلعالن عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية‪.‬‬

‫كما أن هذه المسطرة هي أكثر ضمانة للمستفيد منها‪ ،‬ما دام أنه يكتسب صفة طالب التحفيظ فيما‬
‫يرجع للحقوق المعلن عنها بواسطتها وتتابع مسطرة التحفيظ في اسمه بخصوصها‪ ،‬كما يكتسب صفة‬
‫المدعى عليه التي تمكنه من الدفاع عن حقوقه أوالتصالح في شأنها‪ ،‬هذا فضال على أن مسطرة الخالصة‬
‫اإلصالحية تمكن من تجزيئ المسطرة واتخاذ قرار التحفيظ في األجزاء التي لم يتم التعرض عليها‪ ،‬وبالتالي‬
‫الحصول على رسم عقاري ذو حجية مطلقة تجاه الكافة‪.‬‬

‫غير أنه بالرغم من هذه اإليجابيات‪ ،‬فإن الممارسة العملية أبانت عن بعض السلبيات التي تحد من‬
‫فعالية مسطرة الخالصة اإلصالحية‪ ،‬والتي من بينها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬نشر الخالصة اإلصالحية لمطلب التحفيظ من شأنه أن يطيل مسطرة التحفيظ‪ ،‬ذلك أنه كلما‬
‫أنشئ أو عدل حق خالل مسطرة التحفيظ إال وكنا ملزمين بفتح آجال جديدة للتعرض‪ ،‬علما أن المشرع لم‬
‫يحدد أجال معينا لنشر الخالصة اإلصالحية في الجريدة الرسمية‪ ،‬بخالف ما عليه األمر بالنسبة لنشر‬
‫ملخص مطلب التحفيظ (الفصل ‪ 17‬من ظ ت ع)‪ ،‬مما قد يزيد في تمديد عمر مسطرة التحفيظ؛‬

‫‪ -‬قد يحرم المستفيد من التصرف المعلن عنه وفق مسطرة الخالصة اإلصالحية‪ ،‬من خدمات طالب‬
‫التحفيظ األصلي بسبب اكتسابه لصفة طالب التحفيظ‪ ،‬وذلك في حالة ظهور تعرضات على هذا التصرف‪،‬‬
‫خصوصا عندما تكون بحوزة طالب التحفيظ حجج قوية في مواجهة المتعرضين‪.‬‬

‫‪ )2‬مسطرة اإليداع‬

‫لقد أجاز الفصل ‪ 84‬من ظهير التحفيظ العقاري لمن اكتسب حقا خاضعا لإلشهار على عقار في‬
‫طور التحفيظ‪ ،‬أن يودع لدى المحافظة العقارية الوثائق المثبتة لحقه من أجل الحفاظ على ترتيبه‪ ،‬حيث‬
‫يقيد هذا االيداع بسجل التعرضات ويحتفظ الحق برتبته عند تأسيس الرسم العقاري‪ ،‬حيث تقيد هذه الحقوق‬
‫بالرسم العقاري الذي سيؤسس للعقار المعني حسب ترتيب تقييدها بسجل التعرضات‪ ،‬على أساس أن مسطرة‬

‫‪23‬‬
‫التحفيظ ستتابع في اسم طالب التحفيظ وحده إلى حين تأسيس الرسم العقاري‪ ،‬فإذا لم يكن هناك نزاع حول‬
‫هذا الحق يقوم المحافظ العقاري بتقييده بالرسم العقاري بالدرجة التي كانت له عند إيداعه‪ .‬غير أن ما يثير‬
‫االنتباه هو تنصيص المشرع على « ‪ ...‬تقييد هذا اإليداع بسجل التعرضات‪ ،» ...‬علما أن األمر ال يتعلق‬
‫بتعرض لكي يقيد بسجل التعرضات‪ ،‬وإنما يتعلق األمر بإجراء اإليداع وهو مغاير إلجراء التعرض الذي هو‬
‫عبارة عن ادعاء بحق في مواجهة طالب التحفيظ‪ ،‬والذي يلزم صاحبه بضرورة إثبات صحته‪ ،‬بخالف‬
‫اإليداع الذي يهدف إلى الحفاظ على رتبة حق تم اكتسابه على العقار أثناء مسطرة التحفيظ‪ ،‬عند تأسيس‬
‫الرسم العقاري‪ ،‬إلى غير ذلك من الفروق‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن هناك حاالت استثنائية يجب فيها على المستفيد سلوك مسطرة اإليداع دون‬
‫مسطرة الخالصة اإلصالحية‪ ،‬وذلك كما هو الشأن بالنسبة لما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬األوامر القضائية الصادرة بالحجز؛‬

‫‪ -‬رهن العقار في طور التحفيظ؛‬

‫‪ -‬اكتساب جزء مشاع على عقار في طور التحفيظ‪ ،‬حسب ما يستفاد من نص الفصل ‪ 304‬من‬
‫مدونة الحقوق العينية‪ ،‬الذي استعمل عبارة التقييد في الرسم العقاري كداللة على العقار المحفظ واإليداع‬
‫كداللة على العقار في طور التحفيظ؛‬

‫‪ -‬ق اررات نزع الملكية ألجل المنفعة العامة‪ ،‬حيث يلزم الفصل ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 7.81‬السلطة‬
‫النازعة للملكية بتسجيل مشروع مقرر التخلي بالسجل الخاص بالتعرضات إلى أن يصدر الحكم القضائي‬
‫الذي تنقل بموجبه الملكية لفائدتها بعد إيداعه طبقا للفصل ‪ 84‬من ظ ت ع‪.‬‬

‫فما هي االمتيازات التي توفرها هذا المسطرة للمستفيد منها؟‬

‫تتجلى أهم امتيازات مسطرة اإليداع فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬اإلسراع في اتخاذ قرار التحفيظ‪ ،‬ال سيما في الحالة التي يكون فيها أجل التعرض قد انتهى‪،‬‬
‫فضال عن عدم إمكانية التعرض على الحق موضوع مسطرة اإليداع نظ ار لعدم إخضاع هذه األخيرة لنفس‬
‫إجراءات اإلشهار المقررة في الفصل ‪ 83‬من ظ ت ع؛‬

‫‪ -‬يكتسب المودع طبقا للفصل ‪ 84‬من ظ ت ع وضعية متميزة‪ ،‬فال هو بطالب التحفيظ وال هو‬
‫بمتعرض‪ ،‬مما يجعله في وضع مريح يخوله إمكانية االستفادة من خدمات طالب التحفيظ‪ ،‬ال سيما في‬
‫الحالة التي تكون لديه حجج قوية في مواجهة المتعرضين؛‬

‫‪24‬‬
‫‪ -‬أجاز المشرع بموجب التعديل األخير للفصل ‪ 37‬من ظ ت ع في فقرته األخيرة بموجب القانون‬
‫‪ ، 14.07‬للمودع أن يتدخل أمام القضاء للدفاع عن مصالحه وحقوقه‪ ،‬وذلك بخالف ما كان عليه األمر‬
‫قبل التعديل‪ ،‬حيث كان قضاء النقض مستقر على اعتبار أن المودع في إطار الفصل ‪ 84‬ليس طرفا في‬
‫النزاع على غرار طالب التحفيظ والمتعرض‪ ،‬وليست له بالتالي الصفة للتدخل في دعوى التعرض‪ ،‬ومن بين‬
‫هذه الق اررات قرار المجلس األعلى عدد ‪ 1395‬الصادر بتاريخ ‪ 16‬يونيو ‪ 1987‬الذي جاء فيه ما يلي‪:‬‬
‫« أطراف النزاع في مسطرة التحفيظ هم طالب التحفيظ والمتعرضون‪ ،‬والطاعنة باختيارها طريقة إيداع عقد‬
‫توثيقي لدى المحافظ ال صفة لها‪ ،‬وإنما هي مهتمة بالنزاع بالنظر ألثره المستقبلي بعد إنشاء رسم عقاري‬
‫نهائي‪ . »...‬وبغض النظر عن الفهم الذي قد يعطى للفصل ‪ 37‬في صيغته المعدلة‪ ،‬فإن السماح للمودع‬
‫بالتدخل أمام القضاء للدفاع عن حقوقه في مواجهة المتعرضين يثير العديد من اإلشكاالت العملية‪ ،‬فالمودع‬
‫ال يكتسب صفة طالب التحفيظ بل يبقى تابعا له‪ ،‬الشيء الذي قد يضر بمصالحه في الحالة التي يرفض‬
‫فيها طالب التحفيظ متابعة إجراءات التحفيظ‪ ،‬ال سيما في حالة التفويت الكلي للعقار‪ ،‬خصوصا وأن المشرع‬
‫استلزم في الفصل ‪ 19‬من ظ ت ع الحضور الشخصي لطالب التحفيظ عند إجراء عملية التحديد‪ ،‬واعتبر‬
‫في الفصل ‪ 50‬من نفس القانون أن مطلب التحفيظ يعتبر الغيا وكأن لم يكن إذا لم يقم طالب التحفيظ‬
‫بأي إجراء لمتابعة المسطرة بعد إنذاره بذلك‪ ،‬ليبقى بذلك مصير المودع بيد طالب التحفيظ‪ ،‬وتظل حقوقه‬
‫مجرد تقييدات مؤقتة ليست لها أي حجية ما لم تقيد بالرسم العقاري‪.‬‬

‫ومن المآخذ التي تحد من فعالية هذه المسطرة كذلك‪ ،‬أن سلوك مسطرة اإليداع من شأنه اإلبقاء‬
‫على الحقوق المكتسبة على العقار في طور التحفيظ طي الكتمان‪ ،‬على عكس ما يهدف إليه نظام التحفيظ‬
‫العقاري من إشهار للحقوق ليكون الغير على علم بها‪ ،‬الشيء الذي قد يضر بحقوق األغيار المعنيين بهذه‬
‫التعديالت الواردة على مطلب التحفيظ‪ ،‬نظ ار لعدم تمكنهم من التعرض عليها بسبب عدم علمهم بها إال عند‬
‫تأسيس الرسم العقاري‪ ،‬ما دام أن األغيار ليس لديهم من وسيلة ‪-‬بخالف مسطرة الخالصة اإلصالحية‪-‬‬
‫لالطالع على التصرفات الجارية على العقار الخاضع لمسطرة التحفيظ‪ ،‬إال باالطالع المباشر على ملف‬
‫مطلب التحفيظ وما يتضمنه من تعرضات وإيداعات‪ ،‬وهو أمر وإن كان فيه نوع من اإلشهار من حيث‬
‫الظاهر‪ ،‬إال أنه مرهق و ذو فعالية محدودة من الناحية الواقعية‪.‬‬

‫قد يثير البعض أن التعرض ما دام يقام على الحق في حد ذاته وبغض النظر عن صاحبه هل هو‬
‫طالب التحفيظ نفسه أم أي شخص آخر يحل محله؟ وما دام أن التعرض قد فات أجله‪ ،‬فإنه سواء تم‬
‫تأسيس الرسم العقاري في اسم طالب التحفيظ مباشرة أو في اسم من انتقل إليه الحق وقام بإيداعه طبقا‬
‫للفصل ‪ 84‬من ظ ت ع‪ ،‬فإن ذلك ال يغير من األمر شيء‪ ،‬وهو ما قد يبدو صحيحا من الناحية القانونية‪،‬‬

‫‪25‬‬
‫غير أن األمر ليس دائما على هذه الصورة‪ ،‬إذ هناك بعض الحقوق التي ال يمكن المطالبة بها إال بعد العلم‬
‫بانتقالها للغير‪ ،‬ومن ذلك على سبيل المثال‪:‬‬

‫‪ -‬حق الشفعة‪ ،‬ذلك أن الشريك الذي يريد ممارسة حق الشفعة في مواجهة مشتري الحصة الشائعة‬
‫الذي اختار سلوك مسطرة اإليداع لتثبيت حقه‪ ،‬ل ن يتمكن من العلم بتاريخ الشراء قصد ممارسة هذا الحق‬
‫داخل األجل القانوني إال من خالل اإلطالع على ملف التحفيظ‪ ،‬وهو األمر الذي يتعذر في معظم الحاالت‪،‬‬
‫نظ ار لعدم وجود عملية إشهار لهذا الشراء‪ ،‬وبذلك لن يعلم بهذا التفويت إال عند إنشاء الرسم العقاري حيث‬
‫يكون األوان قد فات‪ ،‬ينضاف إلى ذلك أن المشرع في المادة ‪ 304‬من م ح ع‪ ،‬نص على احتساب أجل‬
‫السنة لممارسة حق الشفعة ابتداء من تاريخ إيداع عقد الشراء‪ ،‬على الرغم من أن مسطرة اإليداع ال تخضع‬
‫لعملية إشهار كافية لكي يرتب عليها هذا األثر‪ ،‬ويجعلها نقطة انطالق احتساب أجل السنة لممارسة حق‬
‫الشفعة‪.‬‬

‫‪ -‬بالنسبة لعقود التبرع فقد اعتبر المشرع في مدونة الحقوق العينية الفصل ‪ 274‬أن مجرد اإليداع‬
‫في السجل العقاري بمثابة حوز فعلي ومادي للملك الموهوب‪ ،‬عندما نص على ما يلي‪ ...« :‬يغني التقييد‬
‫بالسجالت العقارية عن الحيازة الفعلية للملك الموهوب وعن إخالئه من طرف الواهب إذا كان محفظا أو في‬
‫طور التحفيظ‪ ، »...‬وبذلك يكون المشرع قد منح لمسطرة اإليداع قوة استثنائية بالنسبة للتبرعات‪ ،‬بشكل‬
‫يضر بحقوق األغيار ويخرج عن الغاية التي توخاها الفقه اإلسالمي من وراء اشتراط الحوز بالنسبة‬
‫للتبرعات‪ ،‬والتي ترمي بصفة أساسية إلى حماية الورثة والدائنين‪ ،‬وبذلك تكون العلة من اشتراط الحوز عند‬
‫التبرع في نطاق الفقه اإلسالمي‪ ،‬هي إشهار إخراجه من ذمة المتبرع قبل حدوث المانع إلى ذمة المتبرع‬
‫له‪ ،‬وهي العلة التي تنتفي وال تتحقق بمسطرة اإليداع التي ال تخضع لإلشهار الكافي ‪ .‬وعليه‪ ،‬إذا كان الحوز‬
‫في الفقه اإلسالمي يعتبر شرط صحة في عقود التبرع‪ ،‬يترتب على تخلفه القابلية لإلبطال‪ ،‬فإن اإليداع في‬
‫السجالت العقارية ينتقل من مجرد إجراء لحفظ رتبة التصرفات التي يفترض فيها الصحة والتمام‪ ،‬إلى إجراء‬
‫منشئ للحق‪.‬‬

‫ينضاف إلى ما سبق التساؤل حول أثر إلغاء مطلب التحفيظ على الحوز المنصوص عليه في‬
‫الفصل ‪ 274‬من م ح ع الذي سبقت اإلشارة إليه؟ فهل يجب على الموهوب له بعد إلغاء مطلب التحفيظ‬
‫لسبب من األسباب‪ ،‬أن يحوز العقار الموهوب من جديد حيازة مادية بعد أن عاد إلى زمرة العقارات غير‬
‫المحفظة‪ ،‬وبالتالي إلغاء أثر الحوز القانوني الذي تم باإليداع؟ ثم ماذا لو توفي الواهب بعد حصول الحوز‬
‫القانوني وقبل إلغاء مطلب التحفيظ؟‬

‫‪26‬‬
‫ت‪ -‬إمكانية رهن العقار في طور التحفيظ رهنا رسميا‪ ،‬حيث أجاز المشرع في المادة ‪ 165‬من‬
‫مدونة الحقوق العينية إمكانية رهن العقار في طور التحفيظ رهنا رسميا‪ ،‬بخالف ما عليه األمر بالنسبة‬
‫للعقار غير المحفظ الذي ال يجوز رهنه رهنا رسميا‪ ،‬ولعل العلة في ذلك هي وجود عالنية أصبحت تواكب‬
‫العقار في طور التحفيظ‪ ،‬وبالتالي هناك إمكانية جعل الرهن الرسمي الواقع على هذا العقار ساريا في حق‬
‫الغير‪ ،‬رغم عدم تخلي الراهن عن حيازته للعقار المرهون‪ ،‬لكن يجب على الدائن المرتهن من أجل الحفاظ‬
‫على رتبته وكل حقوقه عند اتخاذ قرار التحفيظ وتأسيس الرسم العقاري‪ ،‬إيداع عقد الرهن بسجل التعرضات‬
‫طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 84‬المذكور‪ .‬غير أنه تجدر اإلشارة إلى أن التقييد النهائي للرهن الرسمي يبقى‬
‫مرهونا بمآل مطلب التحفيظ‪ ،‬كما أنه ليس للمحافظ العقاري الحق في تسليم شهادة خصوصية بالرهن‪.‬‬

‫ث‪ -‬ضرورة مراعاة مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري لممارسة حق الشفعة‪ ،‬فإذا تقدم أحد الشركاء‬
‫بمطلب تحفيظ عقار مملوك على الشياع‪ ،‬وقام أحد الشركاء المشتاعين ببيع حصته أثناء جريان مسطرة‬
‫التحفيظ‪ ،‬فرغب البعض في ممارسة حق الشفعة‪ ،‬فان الشريك الشفيع في هذه الحالة ال يكفيه التقيد فقط‬
‫بأحكام الشفعة المنصوص عليها في مدونة الحقوق العينية أي المادة ‪ 292‬والمادة ‪ 306‬وما بعدها‪ ،‬بل‬
‫يجب عليه مراعاة المقتضيات المنصوص عليها في قانون التحفيظ العقاري‪ ،‬ما دام أن العقار المبيع هو‬
‫عقار في طور التحفيظ‪.‬‬

‫وهكذا نجد أن المادة ‪ 305‬مدونة الحقوق العينية تنص على أنه « إذا كان العقار في طور التحفيظ‬
‫فال يعتد بطلب الشفعة إال إذا ضمن الشفيع تعرضه بمطلب التحفيظ المتعلق به »‪.‬‬

‫فإذا تم تفويت الحصة الشائعة بعد فوات أجل التعرض‪ ،‬فإننا نميز بين حالتين بحسب ما إذا اختار‬
‫المشفوع منه (أي المشتري) إشهار عقد شرائه للحصة الشائعة بسلوك إجراءات الفصل ‪ 83‬أو الفصل ‪84‬‬
‫من ظهير التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫فإذا سلك المشفوع منه مسطرة الخالصة اإلصالحية المنصوص عليها في الفصل ‪ ،83‬فإن تعرض‬
‫الشفيع سينصب على مطلب التحفيظ‪ ،‬وهكذ ا إذا تم نشر اإلعالن عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية ثم‬
‫وقع البيع بعد ذلك‪ ،‬فان أجل تعرض الشفيع هو شهرين ابتداء من تاريخ نشر الخالصة اإلصالحية بالجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬أما إذا وقع البيع قبل االعالن عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية فإن أجل التعرض هو سنة‬
‫ابتداء من تاريخ نشر الخالصة االصالحية في الجريدة الرسمية ‪ ،‬وتنقضي لزوما بانصرام أجل التعرض‬
‫الوارد في الفصل ‪ 24‬من ظهير التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫أما إذا سلك المشفوع منه مسطرة اإليداع المنصوص عليها في الفصل ‪ ،84‬فإن تعرض الشفيع‬
‫سينصب على اإليداع وليس على مطلب التحفيظ‪ ،‬وفي ه ذه الحالة فإن التعرض يجب أن يتم داخل أجل‬
‫سنة من تاريخ إيداع المشفوع منه لعقد شرائه طبقا لمقتضيات المادة ‪ 304‬من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬وقبل‬
‫اتخاذ قرار التحفيظ‪ ،‬أي أن التعرض يجب أن يتم داخل أجل السنة من تاريخ اإليداع ما لم يصدر قرار‬
‫التحفيظ‪ ،‬حيث يسقط أجل التعرض لزوما بصدور قرار التحفيظ بالرغم من عدم انقضاء أجل السنة‪.‬‬

‫غير أنه في حالة قيام المشفوع منه (المشتري) بعد إيداع عقد الشراء في سجل التعرضات بتبليغ‬
‫نسخة من عقد شرائه للحصة الشائعة لفائدة من له الحق في الشفعة شخصيا‪ ،‬فإن هذا األخير يسقط حقه‬
‫في الشفعة إذا لم يمارسه داخل أجل ‪ 30‬يوما من تاريخ التوصل‪ ،‬حسب ما تنص عليه مقتضيات الفقرة‬
‫األولى من المادة ‪ 304‬من مدونة الحقوق العينية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلشهار والتحديد »‪«Le Bornage‬‬

‫حماية للملكية العقارية وحقوق األغيار من استغالل نظام التحفيظ العقاري كوسيلة لالستيالء على‬
‫الحقوق‪ ،‬فإن المشرع أولى عناية كبيرة لعملية اإلشهار وجعل منها مبدءا مواكبا لجميع إجراءات التحفيظ‪،‬‬
‫بما فيها المرحلة الالحقة التخاذ قرار التحفيظ وتأسيس الرسم العقاري‪ ،‬ومن بين أهم وسائل اإلشهار المعتمدة‬
‫نجد مرحلة التحديد‪ ،‬التي اشترط المشرع أن يتم خاللها االستدعاء الشخصي لطالب التحفيظ والمالك‬
‫المجاورون وجميع أصحاب الحقوق المصرح بهم‪ ،‬وذلك قصد الحضور إلى موقع العقار موضوع مطلب‬
‫التحفيظ‪ ،‬من أجل التأكد من ادعاءات طالب التحفيظ و إثبات الحالة المادية والقانونية للعقار وتوضيح‬
‫معالمه بدقة ويقين‪ ،‬وإتاحة الفرصة لكل من له منازعة لطالب التحفيظ في حق من الحقوق قصد تسجيل‬
‫تعرضه‪ ،‬قبل ربط العقار هندسيا وفق التصميم الهندسي المؤقت الذي يتم إعداده تبعا لعملية التحديد‪،‬‬
‫بالخريطة العامة للمنطقة ومتابعة إجراءات تأسيس الرسم العقاري‪.‬‬

‫وتعتبر عملية التحديد هذه من أنجع وسائل اإلشهار المنصوص عليها في التشريع المغربي‪ ،‬وأكثرها‬
‫حماية للملكية العقارية ولحقوق األغيار‪ ،‬نظ ار العتمادها على وسائل إشهار متالئمة مع درجة وعي جميع‬
‫الفئات المعنية بعملية التحفيظ‪ ،‬ما دام أن متابعة الجريدة الرسمية واالطالع على سبورة اإلعالنات لدى‬
‫مختلف الجهات اإلدارية‪ ،‬غير متاح وال متالئم مع درجة وعي فئات كبيرة داخل المجتمع بفعل انتشار األمية‬
‫وال سيما القانونية‪ ،‬حيث يقوم التحديد على إخطار جميع األشخاص المصرح بهم من طرف طالب التحفيظ‬
‫شخصيا بعملية التحديد‪ ،‬وما يرتبط بذلك يوم التحديد من تجمهر حول العقار المعني‪ ،‬بشكل يثير فضول‬
‫الجميع فينتشر الخبر بين أبناء المنطقة ال سيما بالقرى والبوادي‪ ،‬ويتحقق بذلك اإلشهار بطريقة تالءم درجة‬
‫وعي وثقافة الجميع‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫لذلك تعتبر عملية التحديد من أهم المراحل التي تمر منها مسطرة التحفيظ‪ ،‬باعتبارها األساس في‬
‫تحديد الوضعية القانونية والمادية الحقيقية للعقار‪ ،‬نظ ار لطبيعتها المركبة التي تشمل جانبين‪ ،‬أحدهما قانوني‬
‫واآلخر تقني طبوغرافي‪.‬‬

‫أوال‪:‬الجانب التقني الطبوغرافي لعملية التحديد‬

‫بعد نشر ملخص مطلب التحفيظ يتم اإلعالن عن تاريخ ووقت إجراء عملية التحديد داخل أجل‬
‫شهرين من تاريخ نشر الملخص المذكور‪ ،‬ويقوم المحافظ بتوجيه نسخة من ملخص مطلب التحفيظ وتصميم‬
‫التموقع والمعلومات المتعلقة بطالب التحفيظ ونسخة من الوكالة في حالة حضور نائب عن طالب التحفيظ‪،‬‬
‫إلى مصلحة الهندسة قصد القيام بعملية التحديد في الوقت والساعة المحددين من طرف المحافظ‪.‬‬

‫وتمكن عملية التحديد من‪:‬‬

‫‪ -‬وضع خريطة هندسية توضح معالم العقار ومساحته وحدوده وجميع مشتمالته (مع اإلشارة الى‬
‫خصوصيات العقار ال سيما اإلشارة إلى الطرقات‪ ،‬الضايات‪ ،‬السواقي‪ ،‬المقابر ‪)...‬؛‬

‫‪ -‬ربط العقار موضوع مسطرة التحفيظ بعمليات التثليت العامة للمنطقة وربطها بالشبكة الجيوديزية‬
‫التي تتضمن جميع المعطيات المفيدة في تحديد موقع العقار بدقة‪ ،‬حيث يصبح العقار بعد التحفيظ ومن‬
‫خالل ربطه بهذه الشبكة‪ ،‬معينا ومشخصا بشكل دقيق حيث يسهل التعرف عليه وعلى حدوده‪ ،‬بالرغم من‬
‫إزالة أو إتالف األنصاب " ‪ "les bornes‬التي وضعت أثناء عملية التحديد‪ ،‬وفي ذلك حماية للعقار من‬
‫كل ترام عليه أو اعتداء على حدوده‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد مساحة العقار‪ ،‬حيث يضع المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب للقيام بعملية التحديد‬
‫األنصاب »‪ «Bornes‬لتحديد المساحة التي حددها طالب التحفيظ‪ ،‬أو لضبط األجزاء المتعرض على‬
‫تحفيظها من القطعة موضوع مطل ب التحفيظ‪ ،‬ثم يضع تصميما موج از يسمى «التصميم المؤقت للتحديد»‬
‫وذلك حسب مقتضيات الفقرة من الفصل ‪ 20‬من ظهير التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الجانب القانوني لعملية التحديد‬

‫يعتبر محضر التحديد الذي ينجزه المساح الطبوغرافي محض ار رسميا ال يطعن فيه إال بالزور‪،‬‬
‫ومن هنا تأتي أهميته وأهمية مضمونه من الناحية القانونية‪ ،‬حيث يتحقق المهندس الطبوغرافي من صفات‬
‫الحاضرين وهويتهم وصحة الوكالة في حالة وجودها‪ .‬كما يتحقق من واقعة الحيازة ومدى توافر شروطها‬
‫من هدوء وعالنية واستمرار‪ ،‬ويتأكد من الحقوق العينية العقارية المترتبة على العقار أو الحقوق المترتبة‬
‫لصالحه‪ ،‬حيث يقوم المهندس بمطابقة الوثائق المدلى بها سواء من طرف طالب التحفيظ أو من طرف‬

‫‪29‬‬
‫أصحاب الحقوق المترتبة على العقار موضوع التحفيظ عند عملية التحديد واجراءات المسح العقاري للتأكد‬
‫من مطابقتها للعقار‪.‬‬

‫ومن الجوانب القانونية التي تتضمنها عملية التحديد‪ ،‬تسجيل التعرضات والوثائق المدلى بها من‬
‫طرف المتعرضين‪ ،‬ومحاولة اجراء الصلح والتوفيق بين األطراف المتنازعين أثناء عملية التحديد‪ ،‬مع تسجيل‬
‫هذه االتفاقات والمصالحات في محضر التحديد‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن المحافظ العقاري هو من يسير عمليات التحديد‪ ،‬فهو الذي ينتدب لهذه الغاية‬
‫مهندسا مساحا طوبوغرافيا عن جهاز المسح العقاري‪ ،‬حيث يقوم هذا األخير بعمليات التحديد بنفسه أو‬
‫يكلف أحد العاملين المؤهلين التابعين له إلنجازها ( طبقا لمقتضيات المادة األولى من المرسوم رقم‬
‫‪ 173.14.2‬الصادر بتاريخ ‪ 11‬جمادى الثانية ‪ 1435‬الموافق ل ‪ 11‬ابريل ‪ )2014‬أو ينتدب مهندسا‬
‫مساحا طبوغرافيا ينتمي إلى القطاع الخاص‪ ،‬على أن يكون مسجال بجدول الهيئة الوطنية للمهندسين‬
‫المساحين الطبوغرافيين ( طبقا للمادة الفريدة من القانون رقم ‪ 57.12‬الصادر بتنقيده الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 1.13.116‬بتاريخ ‪ 26‬صفر ‪ 1435‬الموافق ل ‪ 30‬دجنبر ‪.)2013‬‬

‫وطبقا لمقتضيات الفقرة ‪ 2‬من الفصل ‪ 19‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬فإن المهندس المساح‬
‫الطبوغرافي ينجز عمليات التحديد تحت مسؤوليته وبحضور طالب التحفيظ شخصيا‪ ،‬حيث يجب كما أشرنا‬
‫إلى ذلك سابقا على المحافظ العقاري أن يستدعي لعمليات التحديد كل من طالب التحفيظ والمجاورين‬
‫المبينين في مطلب التحفيظ‪ ،‬وكذا المتدخلين وأصحاب الحقوق العينية والتحمالت العقارية المصرح بهم‬
‫بصفة قانونية‪ ،‬وذلك بواسطة عون من المحافظة العقارية أو بالبريد المضمون أو عن طريق السلطة المحلية‬
‫أو بأي وسيلة أخرى للتبليغ‪ ،‬قصد الحضور شخصيا لعمليات التحديد أو بواسطة نائب بموجب وكالة‬
‫صحيحة‪.‬‬

‫وال يتوقف األمر عند ذلك‪ ،‬بل يمكن لطالب التحفيظ أن يدعو كل من يرى فائدة في حضوره لعملية‬
‫التحديد‪ ،‬قصد اال ستعانة به في دعم ادعاءاته ومزاعمه وخصوصا عندما يتعلق األمر بالتأكد من واقعة‬
‫الحيازة‪ ،‬كما يمكن لكل من يهمه أمر هذا التحديد أن يحضر للدفاع عن حقوقه أو اإلدالء بأقواله وشهادته‪،‬‬
‫ولو لم يتوجه له أي استدعاء شخصي للحضور‪ ،‬حيث يتعين تضمين جميع أقوله وادعاءاته بمحضر‬
‫التحديد‪.‬‬

‫وال تخفى أهمية الحضور الشخصي للمعنيين بأمر طلب التحفيظ لعمليات التحديد‪ ،‬وذلك كي يتمكنوا‬
‫من التأكد من مطابقة مطلب التحفيظ للواقع وعدم المساس بحقوقهم عند تأسيس الرسم العقاري‪ ،‬وكذا من‬

‫‪30‬‬
‫أجل التعريف بحقوقهم واإلدالء بتعرضاتهم للمهندس المكلف بالتحديد‪ ،‬قصد تضمينها بمحضر التحديد‪ ،‬أو‬
‫تسوية الخالفات بخصوص هذه التعرضات أو تلك التي تنشأ بين طالب التحفيظ والمالك المجاورين في‬
‫شأن حدود العقار موضوع مسطرة التحفيظ‪.‬‬

‫غير أن ما تجدر اإلشارة إليه في هذا الصدد هو أن التطبيق العملي لفكرة االستدعاء الشخصي‬
‫لألغيار‪ ،‬يصطدم ببعض النقائص التي تحد من فعاليته في حماية حقوق هؤالء األغيار‪ ،‬من ذلك مثال أن‬
‫نطاق هذا االستدعاء يبقى منحص ار في حدود أولئك المنصوص عليهم في الفصل ‪ 19‬من ظ ت ع أي‬
‫طالب التحفيظ‪ ،‬والمجاورين المبينين في مطلب التحفيظ‪ ،‬والمتدخلين وأصحاب الحقوق العينية والتحمالت‬
‫ال عقارية المصرح بهم‪ ،‬كما يبقى خاضعا إلرادة طالب التحفيظ الذي قد يصرح بالبعض ويسكت عن البعض‬
‫اآلخر‪ ،‬ممن له معهم عداوة أو مشاحنة أو قد ينازعونه في العقار موضوع التحفيظ‪ ،‬وبذلك فإن المحافظ‬
‫العقاري ليست لديه الوسيلة للتعرف على هؤالء قصد استدعائهم لحضور عملية التحديد‪ ،‬الشيء الذي يؤدي‬
‫حتما إلى ضياع حقوقهم فيما إذا لم يتمكنو من من العلم بعملية التحفيظ‪.‬‬

‫ومن األمثلة كذلك نجد تأخر وصول االستدعاء لحضور عملية التحديد إلى حين تمام هذه العملية‪،‬‬
‫أو تعذر وصول االستدعاء من أساسه‪ ،‬وذلك بسبب تغيير المعنيين باألمر لعناوينهم أو بسبب إدالء طالب‬
‫التحفيظ بعناوين خاطئة أو مغلوطة‪ ،‬أو بسبب المشاكل المرتبطة بالطريقة اإلدارية للتبليغ‪ ،‬حيث ال يعير‬
‫بعض أعوان السلطة أهمية لتبليغ هذه االستدعاءات خصوصا في البوادي‪ ،‬بسبب عدم إدراكهم ألهمية‬
‫وخطورة عملية التحديد على حقوق المعنيين بها‪ ،‬ينضاف إلى ذلك عدم إدراك غالبية المعنيين بالتحفيظ في‬
‫البادية ألهمية االستدعاء وخطورة ما يترتب عن عملية التحديد وعن تأسيس الرسم العقاري من آثار‪.‬‬

‫ينضاف إلى ما سبق أن المشرع لم يرتب أي أثر عن عدم حضور هؤالء األغيار لعمليات التحديد‪،‬‬
‫مما قد يشجع طالب التحفيظ على اإلدالء بعناوين مغلوطة للمالك المجاورين أو أصحاب الحقوق الذين‬
‫يخشى منازعتهم له بخصوص عملية التحفيظ‪ ،‬وذلك بنية استبعادهم من حضور عملية التحديد نتيجة عدم‬
‫توصلهم باالستدعاء‪.‬‬

‫لذا يرى بعض الباحثين عن صواب ضرورة تبليغ هذه االستدعاءات وكل الق اررات الصادرة عن‬
‫المحافظ على األمالك العقارية‪ ،‬وكذا اإلعالنات المتعلقة بعمليات التحفيظ العقاري‪ ،‬بواسطة عون من‬
‫المحافظة العقارية توفر له الوسائل المادية واللوجيستيكية الالزمة للقيام بعملية التبليغ‪ ،‬على أساس توضيح‬
‫الغاية من كل استدعاء للمعنيين باألمر‪ ،‬تحت طائلة مسؤوليته عن كل تقصير في ذلك‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫فإذا تعذر على طالب التحفيظ أو نائبه الحضور في المكان والتاريخ والوقت المعينين إلنجاز‬
‫عمليات التحديد‪ ،‬فإن المهندس المساح الطبوغرافي يمتنع عن إجرائها ويقتصر على إثبات هذا التغيب في‬
‫المحضر وذلك طبقا للفصل ‪ 22‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬ويجب في هذه الحالة ‪-‬أي حالة التحديد‬
‫السلبي‪ -‬على المحافظ العقاري توجيه إنذار لطالب التحفيظ قصد اإلدالء بعذر مقبول عن سبب تغيبه داخل‬
‫أجل شهر من توصله باإلنذار‪ ،‬تحت طائلة اعتبار مطلب تحفيظه الغيا‪.‬‬

‫أما إذا تعذر إنجاز عملية التحديد بسبب عرقلة أحد األشخاص األجنبيين‪ ،‬فإنه يجوز للمحافظ‬
‫العقاري أو من له المصلحة في إتمام إجراءات التحفيظ (طالب التحفيظ‪ ،‬المتعرض تعرضا جزئيا‪).....‬‬
‫تقديم طلب تسخير القوة العمومية لوكيل الملك‪ ،‬الذي يكون ملزما طبقا للفقرة األولى من الفصل ‪ 20‬من‬
‫ظهير التحفيظ العقاري باالستجابة للطلب‪ ،‬وذلك قصد تهيئ الظروف المالئمة إلج ارء عملية التحديد‪.‬‬

‫وإذا تعذر إنجاز عملية التحديد لمرتين متتاليتين بسبب نزاع حول الملك‪ ،‬فإن مطلب التحفيظ يعتبر‬
‫الغيا حسب مقتضيات الفصل ‪ 23‬من ظهير التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في األخير إلى أن المهندس المساح الطبوغرافي يجب عليه أن يحرر محض ار للتحديد‬
‫عند االنتهاء من عملية التحديد‪ ،‬موقعا من طرفه ومن طرف طالب التحفيظ‪ ،‬وكذا األشخاص الذين حضروا‬
‫عملية التحديد إن كانوا يعرفون التوقيع أو يشير إلى أنهم ال يستطيعون التوقيع أو أنهم امتنعوا عن ذلك‪،‬‬
‫وذلك بعد أن يتضمن هذا المحضر مجموعة من البيانات المنصوص عليها في الفصل ‪ 21‬من ظهير ‪12‬‬
‫غشت ‪.1913‬‬

‫بعد توصل المحافظ العقاري بمحضر التحديد وتأكده من تنفيذ العمليات المقررة في الفصل ‪21‬‬
‫من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬يجب عليه أن ينشر إعالنا عن انتهاء التحديد وفتح أجل التعرض‪ ،‬وذلك داخل‬
‫أجل أقصاه أربعة أشهر الموالية للتحديد النهائي للعقار‪.‬‬

‫ويتم نشر وتعليق اإلعالن عن انتهاء التحديد بنفس طرق نشر مطلب التحفيظ المنصوص عليها‬
‫في الفصل ‪ 18‬من ظهير التحفيظ العقاري (رئيس المحكمة‪ ،‬رئيس الجماعة‪ ،‬السلطة المحلية‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية)‪.‬‬

‫وتتجلى أهمية هذا اإلعالن عن انتهاء التحديد في اعتباره نقطة انطالق احتساب أجل التعرض‪ ،‬أي‬
‫أنه في حالة وجود تعرض لم يتم اإلدالء به من قبل‪ ،‬يكون للمتعرض أجل شهرين فقط من تاريخ نشر‬
‫اإلعالن عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية‪ ،‬لإلدالء بتعرضه تحت طائلة عدم القبول‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه في حالة القيام بتحديد تكميلي الحق ترتب عنه تغيير حدود العقار‪ ،‬كما في‬
‫حالة سلوك مسطرة الخالصة اإلصالحية وفق مقتضيات الفصل ‪ ، 83‬فإنه يتم إعادة نشر إعالن جديد‬
‫بانتهاء إجراءات التحديد التكميلي‪ ،‬ويتم كذلك فتح أجل جديد للتعرض مدته شهران على الحقوق المترتبة‬
‫عن عملية التحديد التكميلي وفق ما سبق لنا بيانه‪.‬‬

‫وبذلك ي تضح أن عملية التحديد تعتبر من أهم وسائل إشهار مطلب التحفيظ‪ ،‬وأكثرها نجاعة ومالءمة‬
‫لواقعنا االجتماعي ودرجة وعي وثقافة أفراده‪ ،‬بل إن التحديد يعتبر الوسيلة الوحيدة للتأكد من حالة العقار‬
‫القانونية ( الحيازة ) والمادية‪ ،‬ومدى مطابقة مستندات طالب التحفيظ لواقع العقار وبالتالي التأكد من صحة‬
‫ادعاءات طالب التحفيظ‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬التعرض‬

‫التعرض هو الوسيلة اإلجرائية التي يستطيع بواسطتها كل من له حق عيني على العقار موضوع‬
‫مطلب التحفيظ‪ ،‬منازعة طالب التحفيظ بخصوص مطلب تحفيظه‪ ،‬أو حول حق وقع اإلعالن عنه طبقا‬
‫للفصل ‪ 84‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬فيترتب عن ذلك إيقاف إجراءات التحفيظ‪ ،‬حيث ال يستطيع المحافظ‬
‫العقاري متابعة مسطرة التحفيظ إال في حالة رفع هذا التعرض أو صدور حكم قضائي حائز لقوة الشيء‬
‫المقضي به يقضي بصحته أو بعدم صحته‪.‬‬

‫فما هو إذن نطاق التعرض؟ وما هي إجراءاته؟‬


‫أوال‪ :‬نطاق التعرض‬
‫حددت المادة ‪ 24‬من ظهير التحفيظ العقاري الحاالت التي يجوز االستناد إليها لقبول التعرض‬
‫على مطلب التحفيظ فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬حالة المنازعة في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ أو مدى هذا الحق أو في حدود العقار‪،‬‬
‫حيث قد ينصب التعرض على حق ملكية طالب التحفيظ للعقار موضوع التحفيظ‪ ،‬فيدعي المتعرض استحقاق‬
‫هذا العقار استحقاقا كليا فيكون التعرض على مطلب التحفيظ تعرضا كليا‪ ،‬أو يدعي استحقاق جزء منه‬
‫فقط فيكون التعرض تعرضا جزئيا‪.‬‬

‫كما قد ينصب التعرض على مدى حق ملكية طا لب التحفيظ‪ ،‬أي نسبة وحدود ملكيته‪ ،‬كحالة‬
‫المطالبة بتحفيظ عقار مملوك على الشياع وادعاء طالب التحفيظ لنسبة تملك مختلف بشأنها‪ ،‬حيث ينازعه‬
‫فيها أحد أو باقي المالك على الشياع‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫وقد ينصب التعرض على حدود العقار المصرح بها من طرف طالب التحفيظ‪ ،‬حيث ينازعه في‬
‫ذلك أحد أو باقي المالك المجاورين‪ ،‬الذين يتبين لهم من خالل عمليات التحديد مثال أن الحدود التي أسفرت‬
‫عنها عمليات التحديد بناء على رسم ملكية أو أصل تملك طالب التحفيظ غير حقيقية‪ ،‬فيتعرضون على‬
‫ذلك‪.‬‬

‫ب‪ -‬حالة االدعاء بحق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري عند تأسيسه‪ ،‬حيث يجوز لمن اكتسب‬
‫حقا عينيا على العقار موضوع مطلب التحفيظ أن يتعرض على مسطرة التحفيظ وذلك قصد ضمان تقييد‬
‫حقه بالرسم العقاري عند نهاية إجراءات التحفيظ واتخاذ المحافظ العقاري ق ارره بالتحفيظ‪ ،‬وذلك كما هو‬
‫الشأن بالنسبة لمن له حق ارتفاق أو انتفاع أو عقد مغارسة أو رهن حيازي أو غيرها من الحقوق العينية‬
‫أصلية كانت أو تبعية‪.‬‬

‫ت‪ -‬حالة المنازعة في حق وقع اإلعالن عنه طبقا لمسطرة اإليداع المنصوص عليها في الفصل‬
‫‪ 84‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬فمن التعديالت المهمة التي جاء بها المشرع بموجب التعديل األخير للقانون‬
‫‪ ،14.07‬أنه يتعين ع لى من اكسب حقا عينيا على عقار في طور التحفيظ أن يسلك مسطرة الخالصة‬
‫اإلصالحية أو مسطرة اإليداع‪ ،‬قصد ضمان حقه عند تأسيس الرسم العقاري وعدم مواجهته باألثر التطهيري‪،‬‬
‫وأنه يجوز التعرض على هذا الحق المعلن عنه بمقتضى مسطرة اإليداع‪ ،‬من طرف أي شخص له المصلحة‬
‫في ذلك ‪.‬‬

‫ورغم األهمية الكبرى لهذا التعديل الذي جاء به المشرع‪ ،‬ليسمح بالتعرض على الحقوق المعلن عنها‬
‫بموجب مسطرة اإليداع‪ ،‬فإن هناك بعض اإلشكاالت القانونية التي أثارها التعرض على اإليداع ال سيما ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ -‬أن المشرع نص على تبليغ طالب التحفيظ بكل ما يط أر على مطلب التحفيظ من تعرضات أو‬
‫غيرها‪ ،‬ليكون على علم بها وليتخذ في شأنها ما يراه مناسبا‪ ،‬وذلك بموجب الفصل ‪ 31‬من ظ ت ع الذي‬
‫جاء فيه « إذا وقعت تعرضات فإن المحافظ على األمالك العقارية يبلغ فو ار نسخة من مضمونها إلى طالب‬
‫التحفيظ الذي يمكنه‪ ،‬قبل انصرام الشهر الموالي النتهاء أجل التعرض‪ ،‬أن يدلي بما يثبت رفعها أو يصرح‬
‫بقبولها‪ ، »...‬وكذا الفصل ‪ 37‬مكرر الذي نص على أنه‪ « :‬يجب على المحافظ على األمالك العقارية في‬
‫جميع الحاالت التي يرفض فيها طلبا للتحفيظ أن يعلل ق ارره ويبلغه لطالب التحفيظ‪ ، »...‬ففي هذه الحاالت‬
‫نجد أن المشرع في الوقت ال ذي نص فيه ضرورة تبليغ طالب التحفيظ‪ ،‬فإنه لم ينص على تبليغ المودع‬

‫‪34‬‬
‫أيضا على غرار طالب التحفيظ‪ ،‬بالرغم من أن المودع يصبح هو المالك الحقيقي لكل الحقوق التي تنصب‬
‫عليها مسطرة التحفيظ أو على األقل مالك لجزء منها‪.‬‬

‫‪ -‬أن المشرع سمح بإمكانية التعرض على اإليداع‪ ،‬لكن ربط ممارسة التعرض بآجال التعرض‬
‫العادي‪ ،‬أي شهرين من اإلعالن عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية‪ ،‬يفقد هذه المكنة القانونية كل أهميتها‬
‫عند فوات هذا األجل‪ ،‬حيث يطرح التساؤل عن اإلجراء القانوني الواجب سلوكه لحماية األغيار من اإليداع‬
‫الذي يتم بعد فوات أجل التعرض سواء بحسن أو سوء نية‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في األخير إلى أن الدعاوى العينية العقارية يمكن أن تكون موجبا للتعرض‪ ،‬كحالة‬
‫الدعوى الرامية إلى فسخ أو إبطال عقد البيع الذي يستند عليه طالب التحفيظ لتحفيظ العقار‪ ،‬أو حالة‬
‫الدعوى الرامية إلى استحقاق العقار موضوع مطلب التحف يظ استنادا لعقد هبة أو وقف العقار المذكور‪ .‬إذ‬
‫ال يجوز االكتفاء في مثل هذه الحاالت برفع الدعوى في الموضوع واالنتظار إلى أن يصبح الحكم نهائيا‬
‫قصد العمل على تنفيذه بعد تأسيس الرسم العقاري‪ ،‬بل يجب على المدعي لضمان حقوقه سلوك مسطرة‬
‫التعرض‪ ،‬فهي الوسيلة اإلجرائية الوحيدة التي تمكن صاحب الحق من ضمان حقه العيني في مواجهة طالب‬
‫التحفيظ‪ ،‬وإال تمت مواجهته باألثر التطهيري للرسم العقاري عند انتهاء إجراءات التحفيظ‪.‬‬

‫وهكذا فإن التعرض يقتصر فقط على االدعاء بحقوق عينية على العقار المطلوب تحفيظه أو‬
‫دعاوى عينية عقارية مرتبطة به‪ ،‬أما االدعاء بحق شخصي فال يمكن أن يعتبر أساسا للتعرض‪ ،‬حيث ال‬
‫يمكن المطالبة مثال عن طريق التعرض بأداء باقي الثمن الناتج عن عملية بيع العقار‪.‬‬

‫فما هي إذن اإلجراءات التي يتعين القيام بها ليكون التعرض مقبوال؟‬

‫ثانيا‪ :‬إجراءات التعرض‬


‫لقد حدد المشرع كيفية تقديم التعرض واآلجال التي يتعين التقيد بها لقبول هذا التعرض‪.‬‬

‫أ‪ -‬كيفية تقديم التعرض‬


‫يقدم التعرض طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 25‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع بواسطة تصريح كتابي أو شفاهي إلى‬
‫المحافظ العقاري أو المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب للقيام بعمليات التحديد‪ ،‬وذلك بمناسبة قيامه بتلك‬
‫العمليات‪ ،‬حيث يحرر محض ار بذلك في نسختين تسلم نسخة منه للمتعرض‪.‬‬

‫وكما يجوز تقديم التعرض من الشخص نفسه‪ ،‬يجوز كذلك تقديمه طبقا لمقتضيات الفصل ‪26‬‬
‫بواسطة الغير في حالة وجود نيابة قانونية أو اتفاقية‪ ،‬حيث يجوز تقديم التعرض نيابة عن المحجورين‬

‫‪35‬‬
‫والغائبين وال مفقودين وغير الحاضرين‪ ،‬وذلك من طرف األوصياء والممثلين الشرعيين ووكيل الملك والقاضي‬
‫المكلف بشؤون القاصرين‪ ،‬والقيم على أموال الغائبين والمفقودين‪.‬‬

‫وبذلك يمكن القول بأن المشرع فتح باب التعرض على مصراعيه في وجه طالب التحفيظ‪ ،‬حيث لم‬
‫يضع أي قيد في مواجهة األشخاص الذين يريدون التعرض على مطلب التحفيظ‪ ،‬لكنه عمل في المقابل‬
‫بموجب الفصل ‪ 48‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬على فرض غرامات مالية وتعويضات على المتعرضين كيديا على مطلب‬
‫التحفيظ‪ ،‬متى ثبت للمحكمة أن هؤالء المتعرضين لم تكن غايتهم سوى تعطيل أو تأخير مسطرة التحفيظ‪.‬‬

‫ويتعين أن يتضمن التصري ح بالتعرض سواء كان كتابيا أو شفاهيا‪ ،‬البيانات األساسية التالية‪:‬‬

‫‪ -‬اإلسم الشخصي والعائلي للمتعرض وحالته المدنية وعنوانه الحقيقي أو المختار‪ ،‬قصد ضمان‬
‫وصول المراسالت إليه‪ ،‬خصوصا وأن ملف التحفيظ (أي مطلب التحفيظ بمؤيداته ‪ +‬ملف التعرض بوثائقه)‬
‫قد يحال برمته عل ى المحكمة للبت في مدى صحة التعرض‪ ،‬ويتعين على المتعرض التوصل باستدعاءات‬
‫المحكمة قصد يتمكن من الدفاع عن حقوقه؛‬

‫‪ -‬اسم الملك ورقم مطلب التحفيظ في حالة التعرض على مطلب التحفيظ‪ ،‬أو ذكر رقم اإليداع‬
‫وتاريخه والسجل المضمن به‪ ،‬في حالة ما إذا تعلق األمر بتعرض على إيداع تم وفق مقتضيات الفصل‬
‫‪ 84‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع؛‬

‫‪ -‬طبيعة الحق المدعى به ومداه‪ ،‬كما إذا تعلق األمر بتعرض كلي أو جزئي‪ ،‬أو بتعرض على‬
‫حقوق مشاعة مع ذكر نسبة ومقدار هذه الحقوق؛‬

‫‪ -‬اإلدالء بما يثبت الصفة والهوية عند التعرض بصفته نائبا أو وصيا ‪....‬‬

‫وباإلضافة إلى هذه البيانات‪ ،‬يجب أن يرفق التصريح بالتعرض بجميع الوثائق والمستندات المثبتة‬
‫للحق المدعى به‪ ،‬وذلك حسب الفقرة الثانية من الفصل ‪ 25‬ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬أي جميع العقود المثبتة للملكية رسمية‬
‫كانت أو عرفية‪ ،‬وكذا كل رسم وعقد يثبت وجه مدخل المتعرض إذا كان ناقال للملكية‪ ،‬كرسوم األشرية‬
‫واإلراث ة ومختلف الرسوم العدلية المتعلقة بالمخارجات أو المناقالت‪ ،....‬ويجب ليعتد بهذه الوثائق والرسوم‬
‫أن تكون مستوفية ألركانها وشروط صحتها‪ ،‬لذلك يجب على المحافظ العقاري التحري والضبط ومراقبة‬
‫مدى صحة هذه الوثائق والعقود عند قبول التعرض‪ ،‬وذلك نظ ار ألهمية وخطورة اآلثار المترتبة عن التعرض‬
‫على مسطرة التحفيظ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫وال يعتبر التعرض مقبوال إال بعد أداء المصاريف القضائية وحقوق المرافعة‪ ،‬أو اإلدالء بما يفيد‬
‫حصول المتعرض على المساعدة القضائية‪ ،‬وذلك قبل انصرام الشهر الموالي النتهاء أجل التعرض‪ ،‬تحت‬
‫طائلة إلغائه (فق ‪ 1‬من ف ‪ ،)32‬وفي حالة وجود عدة تعرضات على مطلب تحفيظ واحد‪ ،‬فإنه يتعين أداء‬
‫هذه المصاريف وحقوق المرافعة عن كل تعرض على حدة وذلك حسب الفقرة الثانية من الفصل ‪ ،32‬غير‬
‫أنه في حالة وجود تعرض متبادل نتيجة تداخل مطلبين للتحفيظ‪ ،‬فإن المشرع أعفى الطرفين من أداء الرسوم‬
‫القضائية وحقوق المرافعة (فق ‪ 3‬ف ‪ 32‬ظ‪.‬ت‪.‬ع)‪ ،‬ما دام أن الطرفان أديا عند تقديم مطلب التحفيظ رسوم‬
‫التحفيظ‪ .‬وإن كان ال يوجد من الناحية القانونية ما سمي بالتعرض المتبادل‪ ،‬إذ بعد إحالة الملف على‬
‫المحكمة يأخذ صاحب مطلب التحفيظ األقدم تاريخا حكم طالب التحفيظ وصاحب المطلب الالحق حكم‬
‫المتعرض‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في األخير إلى أنه يتعين القيام بتحديد تكميلي في حالة وجود تعرض جزئي بعد‬
‫القيام بعملية التحديد‪ ،‬وذلك من أجل تحديد وعاء وحدود الجزء المشمول بالتعرض‪ .‬غير أنه في حالة عدم‬
‫التمكن من القيام بهذا اإلجراء‪ ،‬فإنه تتم إحالة مطلب التحفيظ على القضاء ليتولى القاضي المقرر القيام‬
‫بإنجاز هذا التحديد طبقا للفصل ‪ 34‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪.‬‬

‫فإذا رأى المحافظ العقاري بأن التعرض قد استوفى شروطه الجوهرية والشكلية‪ ،‬فال يبقى أمامه سوى‬
‫قبوله وتسجيله بسجل التعرضات مع تبليغ نسخة من محتوياته فو ار لطالب التحفيظ‪ ،‬الذي له أجل شهر‬
‫ابتداء من انتهاء أجل التعرض قصد رفع هذا التعرض أو التصريح بقبوله ( فق ‪ 1‬من ف ‪.)31‬‬

‫ب‪ -‬آجال التعرض‬


‫األصل في التعرض أن يقدم خالل أجله العادي (‪ )1‬لكن قد يحدث للمتعرض مانع يمنعه من تقديم‬
‫تعرضه خالل األجل األصلي‪ ،‬لذلك ونظ ار لآلثار الخطيرة المترتبة عن فوات هذا األجل بمتابعة إجراءات‬
‫التحفيظ وتأسيس الرسم العقاري‪ ،‬فإن المشرع سمح استثناء للمحافظ العقاري بإمكانية قبول التعرض خارج‬
‫أجله األصلي (‪.)2‬‬

‫‪ -1‬أجل التعرض األصلي أو العادي‪:‬‬

‫انطالقا من مقتضيات الفصل ‪ 24‬من ظهير التحفيظ العقاري في فقرته األولى‪ ،‬فإنه يحق لكل‬
‫شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل في مسطرة التحفيظ بواسطة التعرض‪ ،‬وذلك‬
‫ابتداء من تاريخ تقديم مطلب التحفيظ دون التقيد بأي أجل‪ ،‬لكن بعد االنتهاء من عمليات التحديد وإشهار‬
‫اإلعالن عن اختتام هذه العمليات بالجريدة الرسمية‪ ،‬فإن المتعرض يكون ملزما باإلدالء بتعرضه داخل أجل‬

‫‪37‬‬
‫شهرين من تاريخ اإلعالن عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية‪ ،‬وذلك تحت طائلة عدم القبول‪ ،‬حيث‬
‫ال يجوز بصريح عبارة الفصل ‪ 27‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع قبول أي تعرض إال استثناء في نطاق الفصل ‪.29‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أنه يمكن للمتعرض تعديل تعرضه قبل فوات أجل التعرض العادي‪ ،‬أي شهرين‬
‫من اإلعالن عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية‪.‬‬

‫‪ -2‬التعرض االستثنائي‬

‫انطالقا من مقتضيات الفصل ‪ 29‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬فإنه يجوز للمحافظ العقاري وحده وبصفة استثنائية‬
‫قبول التعرض المقدم خارج األجل األصلي‪ ،‬ولو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق في شأنه‪،‬‬
‫وذلك شريطة‪:‬‬

‫‪ -‬عدم إحالة الملف على المحكمة االبتدائية المختصة‪ ،‬حيث يفقد المحافظ في هذه الحالة واليته‬
‫على الملف‪ ،‬وال يستطيع قبول التعرض المقدم خارج األجل‪.‬‬

‫‪ -‬التأكد من وجود أسباب جدية منعت المتعرض من تقديم تعرضه داخل األجل‪ ،‬فبخالف ما كان‬
‫عليه األمر قبل التعديل األخير بموجب القانون رقم ‪ ،14.07‬فإن المشرع قيد من سلطة المحافظ العقاري‬
‫بخصوص قبول التعرض االستثنائي‪ ،‬عندما ألزمه بضرورة التأكد من جدية األسباب التي منعت المتعرض‬
‫من تقديم تعرضه خالل األجل‪ ،‬وذلك من خالل الوثائق والمستندات التي يجب عليه أي يدلي بها لتبرير‬
‫تقاعسه عن تقديم التعرض خالل األجل األصلي‪ ،‬كما يجب على هذا األخير لقبول تعرضه استثناء خارج‬
‫األجل‪ ،‬أن يؤدي الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو اإلدالء بما يفيد حصوله على المساعدة القضائية‪،‬‬
‫وذلك تحت طائلة اعتبار قرار المحافظ بقبول التعرض خارج األجل بدون أداء هذه المصاريف‪ ،‬أو بدون‬
‫التأكد من جدية السبب المانع من احترام األجل األصلي ق ار ار تعسفيا‪ ،‬لما فيه من إضرار بطالب التحفيظ‬
‫أو المستفيد من اإليداع طبقا للفصل ‪.84‬‬

‫لكن إذا كان المشرع قد قيد من سلطة المحافظ بخصوص قبول التعرضات المقدمة إليه خارج‬
‫األجل‪ ،‬لما في ذلك من ضمانة لحقوق المتعرض وطالب التحفيظ على السواء‪ ،‬فإن اعتبار قرار المحافظ‬
‫برفض هذا التعرض االستثنائي محصنا وغير قابل ألي طعن‪ ،‬فيه إضرار بحقوق المتعرض وضرب بمبدأ‬
‫أساسي لدولة الحق والقانون أال وهو وجوب تعليل الق اررات اإلدارية وخضوعها لمراقبة الشرعية من طرف‬
‫القضاء اإلداري‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫وتجدر اإلشارة في ختام الحديث عن التعرض‪ ،‬أن المحافظ العقاري يمكنه أن يلعب دو ار أساسيا‬
‫في رفع التعرض أو التعرضات الواردة على مطلب التحفيظ‪ ،‬وذلك من خالل محاولة الصلح بين جميع‬
‫األطراف‪ ،‬حيث أجاز له المشرع إمكانية التوفيق بين المتعرض أو المتعرضين وطالب التحفيظ وتسجيل‬
‫ذلك في محضر الصلح الذي ينتهي به النزاع وتتابع بعده إجراءات التحفيظ‪ ،‬وإن لم يمنح المشرع لهذا‬
‫المحضر سوى قيمة االتفاق العرفي‪ ،‬فال تخلو أهميت ه خصوصا بالنسبة للمنازعات البسيطة كتلك المتعلقة‬
‫بالحدود أساسا‪ .‬حتى إذا فشل المحافظ العقاري في محاولة الصلح‪ ،‬فإنه يحيل الملف برمته على المحكمة‬
‫االبتدائية المختصة‪ ،‬لتدخل بذلك مسطرة التحفيظ مرحلة جديدة تسمى المرحلة القضائية للتحفيظ‪ ،‬وهي التي‬
‫ستكون موضوع دراستنا في المحور الموالي‪.‬‬

‫‪39‬‬

You might also like