Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 43

‫‪Kumpulan adab-adab Islami‬‬

‫‪Adab terhadap Allah‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫األدب مع اهلل‬
‫ذات يوم كان عبد اهلل بن عمر ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬معه بعض أصحابه يسريون يف الصحراء بالقرب من املدينة‪ ،‬فجلسوا يأكلون‪ ،‬فأقبل‬
‫عليهم شاب صغري يرعى غنًم ا‪ ،‬وسَّلم عليهم‪ ،‬فدعاه ابن عمر إىل الطعام‪ ،‬وقال له‪ :‬هلَّم يا راعي‪ ،‬هلَّم فأصب من هذه السفرة‪.‬‬
‫فقال الراعي‪ :‬إين صائم‪.‬‬
‫فتعجب ابن عمر‪ ،‬وقال له‪ :‬أتصوم يف مثل هذا اليوم الشديد حره‪ ،‬وأنت يف هذه اجلبال ترعى هذه الغنم‍؟!‬
‫مث أراد ابن عمر أن خيترب أمانته وتقواه‪ ،‬فقال له‪ :‬فهل لك أن تبيعنا شاة من غنمك هذه فنعطيك مثنها‪ ،‬ونعطيك من حلمها فتفطر عليها؟‬
‫فقال الغالم‪ :‬إهنا ليست يل‪ ،‬إهنا غنم سيدي‪.‬‬
‫فقال ابن عمر‪ :‬قل له‪ :‬أكلها الذئب‪.‬‬
‫فغضب الراعي‪ ،‬وابتعد عنه وهو يرفع إصبعه إىل السماء ويقول‪ :‬فأين اهلل؟!‬
‫فظل ابن عمر يردد مقولة الراعي‪( :‬فأين اهلل؟!) ويبكي‪ ،‬وملا قدم املدينة بعث إىل موىل الراعي فاشرتى منه الغنم والراعي‪ ،‬مث أعتق الراعي‪.‬‬
‫وهكذا يكون املؤمن مراقًبا هلل على الدوام‪ ،‬فال ُيْق دم على معصية‪ ،‬وال يرتكب ذنًبا؛ ألنه يعلم أن اهلل معه يسمعه ويراه‪.‬‬
‫***‬
‫وهناك آداب يلتزم هبا املسلم مع اهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬ومنها‪:‬‬
‫عدم اإلشراك باهلل‪ :‬فاملسلم يعبد اهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬وال يشرك به أحًد ا‪ ،‬فاهلل‬
‫‪-‬سبحانه‪ -‬هو اخلالق املستحق للعبادة بال شريك‪ ،‬يقول تعاىل‪{ :‬واعبدوا اهلل وال تشركوا به شيًئا} [النساء‪.]36 :‬‬
‫إخالص العبادة هلل‪ :‬فاإلخالص شرط أساسي لقبول األعمال‪ ،‬واهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬ال يقبل من األعمال إال ما كان خالًص ا لوجهه‪ ،‬بعيًد ا عن‬
‫الرياء‪ ،‬يقول تعاىل‪{ :‬فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عمًال صاًحلا وال يشرك بعبادة ربه أحًد ا}‬
‫[الكهف‪.]110 :‬‬
‫مراقبة اهلل‪ :‬فاهلل ‪-‬سبحانه‪ُ -‬مَّطلع على مجيع خلقه‪ ،‬يرانا ويسمعنا ويعلم ما يف أنفسنا‪ ،‬ولذا حيرص املسلم على طاعة ربه يف السر‬
‫والعالنية‪ ،‬ويبتعد عَّم ا هنى عنه‪ ،‬وقد سئل النيب صلى اهلل عليه وسلم عن اإلحسان‪ ،‬فقال‪( :‬أن تعبد اهلل كأنك تراه‪ ،‬فإن مل تكن تراه فإنه‬
‫يراك) _[متفق عليه]‪.‬‬
‫االستعانة باهلل‪ :‬املسلم يستعني باهلل وحده‪ ،‬ويوقن بأن اهلل هو القادر على العطاء واملنع‪ ،‬فيسأله سبحانه ويتوجه إليه بطلب العون والنصرة‪،‬‬
‫يقول تعاىل‪{ :‬قل اللهم مالك امللك تؤيت امللك من تشاء وتنـزع امللك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك اخلري إنك على كل‬
‫شيء قدير } [آل عمران‪ ]26 :‬ويقول صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا سألَت فاسأل اهلل‪ ،‬وإذا استعنَت فاستعن باهلل) [الرتمذي]‪.‬‬
‫حمبة اهلل‪ :‬املسلم حيب ربه وال يعصيه‪ ،‬يقول تعاىل‪{ :‬والذين آمنوا أشد حًّبا هلل} [البقرة‪.]165 :‬‬
‫تعظيم شعائره‪ :‬املسلم يعظم أوامر اهلل‪ ،‬فيسارع إىل تنفيذها‪ ،‬وكذلك يعظم حرمات اهلل‪ ،‬فيجتنبها‪ ،‬وال يتكاسل أو يتهاون يف أداء‬
‫العبادات‪ ،‬وإمنا يعظم شعائر اهلل؛ ألنه يعلم أن ذلك يزيد من التقوى‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ذلك ومن يعظم شعائر اهلل فإهنا من تقوى القلوب}‬
‫[احلج‪.]32 :‬‬
‫الغضب إذا انُُتهكت حرمات اهلل‪ :‬فاملسلم إذا رأى من يفعل ذنًبا أو ُيصر على معصية‪ ،‬فإنه يغضب هلل‪ ،‬وُيغرِّي ما رأى من منكر ومعصية‪،‬‬
‫ومن أعظم الذنوب اليت هتلك اإلنسان‪ ،‬وتسبب غضب اهلل‪ ،‬هو سب دين اهلل‪ ،‬أو سب كتابه‪ ،‬أو رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬واملسلم‬
‫يغضب لذلك‪ ،‬وينهى من يفعل ذلك وحيِّذ ره من عذاب اهلل ‪-‬عز وجل‪.-‬‬
‫التوكل على اهلل‪ :‬املسلم يتوكل على اهلل يف كل أموره‪ ،‬يقول اهلل ‪-‬تعاىل‪{ :-‬وتوكل على احلي الذي ال ميوت} [الفرقان‪ ]58 :‬ويقول‬
‫تعاىل‪{ :‬ومن يتوكل على اهلل فهو حسبه إن اهلل بالغ أمره قد جعل اهلل لكل شيء قدًر ا} [الطالق‪]3:‬‬
‫ويقول النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬لو أنكم توَّك لون على اهلل حق توَّك له‪ ،‬لُر ِز ْقُتم كما ُيْر َز ق الطري تغدو َمِخاًص ا (جائعة) وتعود بطاًنا‬
‫(َش ْبَعي)) _[الرتمذي]‪.‬‬
‫الرضا بقضاء اهلل‪ :‬املسلم يرضى مبا قضاه اهلل؛ ألن ذلك من عالمات إميانه باهلل وهو يصرب على ما أصابه وال يقول كما يقول بعض الناس‪:‬‬
‫ملاذا تفعل يب ذلك يا رب؟‬
‫فهو ال يعرتض على َقَد ر اهلل‪ ،‬بل يقول ما يرضي ربه‪ ،‬يقول تعاىل‪{ :‬وليبلونكم بشيء من اخلوف واجلوع ونقص من األموال واألنفس‬
‫والثمرات وبشر‬
‫الصابرين ‪ .‬الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا هلل وإنا إليه راجعون ‪ .‬أولئك عليهم صلوات من رهبم ورمحة وأولئك هم املهتدون} [البقرة‪:‬‬
‫‪.]157-155‬‬
‫احللف باهلل‪ :‬املسلم ال حيلف بغري اهلل‪ ،‬وال حيلف باهلل إال صادًقا‪ ،‬يقول النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إن اهلل ينهاكم أن حتلفوا بآبائكم‪ ،‬من‬
‫كان حالًف ا فليحلف باهلل أو ليصمت) [متفق عليه]‪.‬‬
‫شكر اهلل‪ :‬اهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬أنعم علينا بنعم كثرية ال تعد وال حتصى؛ فيجب على املؤمن أن يداوم على شكر اهلل بقلبه وجوارحه‪ ،‬يقول‬
‫تعاىل‪{ :‬لئن شكرمت ألزيدنكم ولئن كفرمت إين عذايب لشديد} [إبراهيم‪.]7 :‬‬
‫التوبة إىل اهلل‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا توبوا إىل اهلل توبة نصوًح ا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات جتري من‬
‫حتتها األهنار }‬
‫[التحرمي‪.]8 :‬‬
‫ويقول تعاىل‪{ :‬وتوبوا إىل اهلل مجيًعا أيها املؤمنون لعلكم تفلحون} [النور‪.]13:‬‬
‫ويقول النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬يأيها الناس توبوا إىل اهلل‪ ،‬فإين أتوب يف اليوم إليه مائة مرة) [مسلم]‪.‬‬
‫وهكذا يكون أدب املسلم مع ربه؛ فيشكره على نعمه‪ ،‬ويستحي منه‬
‫سبحانه‪ ،‬ويصدق يف التوبة إليه‪ ،‬وحيسن التوكل عليه‪ ،‬ويرجو رمحته‪ ،‬وخياف عذابه‪ ،‬ويرضى بقضائه‪ ،‬ويصرب على بالئه‪ ،‬وال يدعو سواه‪،‬‬
‫وال يقف لسانه عن ذكر اهلل‪ ،‬وال حيلف إال باهلل‪ ،‬وال يستعني إال باهلل‪ ،‬ودائًم ا يراقب ربه‪ ،‬وخيلص له يف السر والعالنية‪.‬‬

‫‪Adab terhadap orang tua‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫األدب مع الوالدين‬
‫كان أبو هريرة ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬حريًص ا على أن تدخل أمه يف اإلسالم‪ ،‬وكان يدعو اهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬أن يشرح صدرها‬
‫لإلسالم‪ ،‬فدعاها يوًم ا إىل اإلسالم فغضبت‪ ،‬وقالت كالًم ا يسيء إىل الرسول صلى اهلل عليه وسلم (أي سَّبته وشتمته)‬
‫فأسرع أبو هريرة ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬إىل الرسول صلى اهلل عليه وسلم وهو يبكي‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إين كنُت أدعو‬
‫أمي إىل اإلسالم فال تستجيب يل‪ ،‬وإين دعوهُت ا اليوم فأمسعْتين فيك ما أكره‪ ،‬فادع اهلل أن يهدي أم‬
‫أيب هريرة‪ ،‬فقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬اللهم اْه ِد أم أيب هريرة)‪.‬‬
‫فخرج مستبشًر ا بدعوة الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وذهب إىل أمه‪ ،‬فوجد باب البيت مغلًق ا ومسع صوت ماء يَص ُّب ‪،‬‬
‫فقد كانت أمه تغتسل‪ ،‬فلما مسعت أمه صوت قدميه‪ ،‬قالت‪ :‬مكانك يا أبا هريرة‪ ،‬مث لبست ثياهبا‪ ،‬وفتحت الباب‬
‫وقالت‪ :‬يا أبا هريرة‪ ،‬أشهد أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وأشهد أن حممًد ا رسول اهلل‪ ،‬ففرح أبو هريرة ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬بإسالم أمه‬
‫فرًح ا كثًريا‪ ،‬وذهب إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وأخربه باألمر‪ ،‬فحمد اهلل‪ ،‬وقال خًريا‪[ .‬مسلم]‪.‬‬
‫***‬
‫الوالدان مها السبب يف وجود اإلنسان‪ ،‬ومها اللذان يتعبان من أجل تربية األبناء وراحتهم‪ ،‬وقد فرض اهلل تعاىل بَّر‬
‫الوالدين على عباده‪ ،‬فقال تعاىل‪{ :‬وقضى ربك أال تعبدوا إال إياه وبالوالدين إحساًنا } [اإلسراء‪.]23 :‬‬
‫وقال تعاىل‪{ :‬واعبدوا اهلل وال تشركوا به شيًئا وبالوالدين إحساًنا}‬
‫[النساء‪.]36 :‬‬
‫وقال تعاىل‪{ :‬ووصينا اإلنسان بوالديه محلته أمه وهًنا على وهن وفصاله يف عامني أن اشكر يل ولوالديك إىل املصري}‬
‫[لقمان‪.]14 :‬‬
‫وقال تعاىل‪{ :‬ووصينا اإلنسان بوالديه إحساًنا محلته أمه كرًه ا ووضعته كرًه ا ومحله وفصاله ثالثون شهًر ا} [األحقاف‪:‬‬
‫‪.]15‬‬
‫وحث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم على بر الوالدين‪ ،‬فقال‪( :‬من سَّر ه أن َميَّد له يف عمره (أي ُيبارك له فيه) ويزاد يف‬
‫رزقه؛ فلَيَّرب والديه‪ ،‬وليصل رمحه) [أمحد]‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬رغم أنفه (أي أصابه الذل واخلزي) مث رغم أنفه‪ ،‬مث رغم أنفه)‪.‬‬
‫قيل‪ :‬من يا رسول اهلل؟ قال‪( :‬من أدرك والديه عند الكرب؛ أحدمها أو كليهما‪ ،‬مث مل يدخل اجلنة) [مسلم]‪.‬‬
‫فالواجب على كل مسلم أن يَّرب والديه وحيسن معاملتهما‪ ،‬ومن آداب معاملة الوالدين‪:‬‬
‫حُّبهما واإلشفاق عليهما‪ :‬املسلم يدرك أن ألبويه فضال كبًريا ملا حتماله من مشقة يف سبيل راحته‪ ،‬وأنه مهما بذل من‬
‫جهد‪ ،‬فإنه ال يستطيع رد جزء من فضلهما‪.‬‬
‫جاء رجل إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم فقال له‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إين محلُت أمي على عنقي فرسخني (حوايل عشرة كيلو‬
‫مرتات) يف رمضاء شديدة‪ ،‬فهل أَّديُت شكرها؟ فقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬لعله أن يكون لطلقة واحدة (يعين طلقة‬
‫واحدة من آالم الوالدة)‪.‬‬
‫ويقول صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من أرضى والديه فقد أرضى اهلل‪ ،‬ومن أسخط والديه فقد أسخط اهلل) [البخاري يف‬
‫األدب املفرد]‪.‬‬
‫طاعتهما‪ :‬فاملسلم يطيع والديه يف كل ما يأمرانه به إال إذا أمراه مبعصية اهلل؛ ألنه ال طاعة ملخلوق يف معصية اخلالق‪.‬‬
‫التكفل هبما‪ :‬فاملسلم يتكفل بوالديه‪ ،‬وينفق عليهما‪ ،‬ويطعمهما ويكسومها ليحظى برضا اهلل‪.‬‬
‫وإن كان االبن ذا ماٍل واحتاج أبواه إىل بعض هذا املال‪ ،‬وجب عليه بذله هلما فقد جاء رجل إىل النيب صلى اهلل عليه‬
‫وسلم وقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إن يل ماال ووالًد ا‪ ،‬وإن أيب يريد أن جيتاح (يأخذ) مايل‪ .‬فقال له النيب صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫(أنت ومالك ألبيك) [ابن ماجه]‪.‬‬
‫اإلحسان إليهما‪ :‬املسلم حيرص على اإلحسان إىل الوالدين ‪-‬وإن كانا كافرين‪ -‬قالت أمساء بنت أيب بكر ‪-‬رضي اهلل‬
‫عنها‪ :-‬قدمْت على أمي وهي مشركة ‪-‬يف عهد قريش‪ -‬فقلُت ‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬قدمْت على أمي وهي راغبة ‪ ..‬أفأصُل‬
‫أمي؟ فقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬نعم‪ ،‬صلى ُأَّم ك) [مسلم]‪.‬‬
‫وعندما أسلم سعد بن أيب وقاص‪ ،‬امتنعت أمه عن الطعام والشراب‪ ،‬حىت يرجع سعد عن دينه‪ ،‬لكنه أصَّر على اإلميان‬
‫باهلل‪ ،‬ورفض أن يطيع والدته يف معصية اهلل‪ ،‬وقال هلا‪ :‬يا أَّم ه‪ ،‬تعلمني واهلل لو كان لك مائة نفس فخرجت نفًس ا نفًس ا ما‬
‫تركت ديين ‪ .‬إن شئِت فكلي أو ال تأكلي‪.‬‬
‫فأنزل اهلل ‪-‬عز وجل‪ -‬قوله تعاىل‪{ :‬وإن جاهداك على أن تشرك يب ما ليس لك به علم فال تطعهما وصاحبهما يف الدنيا‬
‫معروًفا} [لقمان‪.]15 :‬‬
‫مراعاة شعورمها‪ :‬املسلم يتجنب كل ما من شأنه اإلساءة إىل والديه‪ ،‬ولو كان شيًئا هيًنا‪ ،‬مثل كلمة (أف) قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫{فال تقل هلما أف وال تنهرمها وقل هلما قوًال كرًميا} [اإلسراء‪.]23 :‬‬
‫ِد‬
‫ال تنا والديك بامسيهما‪ :‬االبن ينادي أبويه فيقول‪ :‬يا أيب أو يا أمي‪ ،‬وال يناديهما بامسيهما‪ ،‬فقد شاهد أبو هريرة رُج لنْي‬
‫فسأل أحدمها عن صلته أو قرابته باآلخر‪ ،‬فقال‪ :‬إنه أيب‪ .‬فقال أبو هريرة‪ :‬ال تسِّم ه بامسه‪ ،‬وال متِش أمامه‪ ،‬وال جتلْس قبله‪.‬‬
‫[البخاري يف األدب املفرد]‪.‬‬
‫ال جتلس حال وقوفهما‪ ،‬وال تتقدمهما يف السري‪ :‬ليس من األدب مع الوالدين أن جيلس الولد وأبواه واقفان‪ ،‬أو أن ُميَّد‬
‫رجليه ومها جالسان أمامه‪ ،‬ومثل‬
‫ذلك ‪ ..‬إمنا جيب عليه أن يتأدب يف حضورمها‪ ،‬وأن يتواضع هلما‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬واخفض هلما جناح الذل من الرمحة وقل‬
‫رب ارمحهما كما ربياين صغًريا}‬
‫[اإلسراء‪.]24 :‬‬
‫استئذاهنما يف اخلروج إىل اجلهاد‪ :‬وذلك إن كان اجلهاُد فرَض كفاية‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم لرجل جاء يريد اجلهاد‪:‬‬
‫(هل باليمن أبواك؟)‪.‬‬
‫قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫فسأله النيب صلى اهلل عليه وسلم عما إذا كانا أِذ نا له أم ال‪.‬‬
‫فقال الرجل‪ :‬ال‪.‬‬
‫فقال له النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬فارجع فاستأذهنما؛ فإن أِذ نا لك‪ ،‬وإال فَّربمها) [أمحد]‪.‬‬
‫أما إن كان اجلهاد فرض عني‪ ،‬مثل أن يقوم عدو بغزو البالد فال يشرتط‬
‫إذهنما‪.‬‬
‫عدم تفضيل الزوجة واألوالد عليهما‪ :‬أخرب النيب صلى اهلل عليه وسلم أن ثالثة كانوا يسريون يف الصحراء‪ ،‬واضطروا إىل‬
‫أن يبيتوا يف غار‪ ،‬فلما دخلوه وقعت صخرة كبرية من أعلى اجلبل فسَّد ْت باب الغار‪ ،‬فحاولوا دفع الصخرة فلم‬
‫يستطيعوا‪ ،‬فأيقن الثالثة أهنم هالكون‪ ،‬وفَّك ر كل منهم أن يدعو اهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬بعمل صاحل‪ ،‬حىت يفِّر ج اهلل كرهبم‪ ،‬فقال‬
‫أحدهم‪ :‬اللهم إين كان يل أبوان شيخان كبريان فكنُت أخرُج فأرعى مث أجيء فأحلب‪ ،‬فأجيء باِحلالب (اللنب) فآيت به‬
‫أبوي فيشربان‪ ،‬مث أسقي الصبية وأهلي وامرأيت‪ ،‬فاحتبسُت ليلة (تأخرُت ) فجئت فإذا مها نائمان‪ ،‬فكرهت أن أوقظهما‬
‫والصبية يتضاغون (يبكون) عند رجلي حىت طلع الفجر‪ ،‬اللهم إن كنَت تعلم أين فعلُت ذلك ابتغاء وجهك ففِّر ج عنا ما‬
‫حنن فيه‪.‬‬
‫مث دعا اآلخران بصاحل أعماهلما‪ ،‬فانفرجت الصخرة وخرج الثالثة من الغار بفضل هذا االبن البار وبفضل ما كان عليه‬
‫صاحباه من األخالق احلميدة‪.‬‬
‫[متفق عليه]‪.‬‬
‫وهكذا املسلم يفضل أبويه ويقدمهما على أوالده وزوجته‪ ،‬وهو هبذا السلوك يقدم ألوالده وزوجته القدوة واملثل يف بر‬
‫الوالدين؛ حىت إذا ما كرب‪ ،‬وكربت زوجته كان أبناؤمها بارين هبما كما كانا باَّر ْين بآبائهما‪ .‬روي أن رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم قال‪( :‬بروا آباءكم َتربُك م أبناؤكم) [الطرباين]‪.‬‬
‫الدعاء هلما يف حياهتما وبعد موهتما‪ :‬املسلم يكثر من الدعاء لوالديه يف حياهتما وبعد موهتما‪ .‬وقد حكى القرآن عن نوح‬
‫‪-‬عليه السالم‪ -‬قوله‪{ :‬رب اغفر يل ولوالدي وملن دخل بييت مؤمًنا وللمؤمنني واملؤمنات} [نوح‪.]28 :‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا مات اإلنسان انقطع عمله إال من ثالثة‪ :‬إال من صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع به‪ ،‬أو ولد‬
‫صاحل يدعو له) [مسلم] واملسلم يدعو لوالديه باملغفرة ويقضي عنهما الَّدين والنذر‪ ،‬ويقرأ القرآن ويهدي ثوابه‬
‫هلما‪ ،‬ويتصدق عنهما‪ ،‬وإىل غري ذلك من أوجه اإلحسان‪.‬‬
‫اإلحسان إىل أصدقائهما بعد موهتما‪ :‬املسلم يصل أصدقاء والديه ويربهم‪ ،‬كما كان يفعل أبواه‪ ،‬قال صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪( :‬فمن أحَّب أن يِص َل أباه يف قربه فليصْل إخوان أبيه من بعده) [ابن حَّبان وأبو يعلي] وقال صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫(إن َأَبَّر الِّرِب ِص َلُة الرجل َأْه َل ُو ِّد أبيه) [مسلم]‪ .‬فليحرص كل مسلم على إرضاء والديه‪ ،‬فإن يف رضامها رضا اهلل ‪-‬عز‬
‫وجل‪.-‬‬

‫‪Adab di masjid‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫آداب املساجد‬
‫مَّر النيب صلى اهلل عليه وسلم على قرب فيه ميت ُدِفَن حديًثا‪ ،‬فسأل أصحابه عنه فقال الصحابة‪ :‬إنه قرب أم حمجن) وهي املرأة اليت كانت‬
‫تنظف املسجد‪ ،‬فعاتبهم النيب صلى اهلل عليه وسلم ألهنم مل خيربوه مبوهتا‪ ،‬فيصلى عليها صالة اجلنازة وقال‪( :‬أفال آذنتموين؟) فقالوا‪ :‬كنَت‬
‫نائًم ا فكرهنا أن نوقظك‪ ،‬فصلى عليها الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪[ .‬مسلم]‪.‬‬
‫***‬
‫كان أحد األعراب ميتلك مجال لونه أمحر‪ ،‬وكان حيبه حَّبا شديًد ا‪ ،‬وذات يوم ضاع اجلمل‪ ،‬فظل الرجل يبحث عنه طوال الليل فلم جيده‪،‬‬
‫ويف صالة الفجر وقف األعرايب يف املسجد ينادي ويسأل الناس عن مجله‪ ،‬فلما مسعه النيب صلى اهلل عليه وسلم غضب منه؛ ألنه سأل عن‬
‫مجله يف املسجد‪ ،‬وقال له‪( :‬ال َو َج َّد َت‬
‫إمنا ُبِنَيْت املساجد ملا بنيت له) [مسلم]‪.‬‬
‫وأمر صلى اهلل عليه وسلم أصحابه إذا رأوا من يسأل يف املساجد عن شيء ضاع منه‪ ،‬أن يقولوا له‪( :‬ال رَّدها اهلل عليك‪ ،‬فإن املساجد مل‬
‫ُتَنْب هلذا) [مسلم]‪.‬‬
‫***‬
‫املساجد هي بيوت العبادة للمسلمني‪ ،‬واملسلم حيرص على الذهاب إىل املسجد ألداء الصلوات به ملا يف ذلك من أجر عظيم‪ ،‬قال صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪( :‬من غدا إىل املسجد أو راح‪ ،‬أعد اهلل له ُنُز ال من اجلنة كلما غدا أو راح) [متفق عليه]‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من تطهر يف بيته مث مشي إىل بيت من بيوت اهلل ليقضي فريضـة من فرائـض اهلل كانت خطواته إحداها حتط‬
‫خطيئة‪ ،‬واألخرى ترفع درجة) [مسلم]‪ .‬ومن يداوم على عمارة املساجد والصالة فيها‪ ،‬ويتعلق قلبه هبا فهو من السبعة الذين يظلهم اهلل يف‬
‫ظله يوم القيامة‪.‬‬
‫وللمسجد آداب‪ ،‬يلتزم هبا املسلم وحيافظ عليها‪ ،‬منها‪:‬‬
‫الطهارة‪ :‬ال يدخل املسجد جنب‪ ،‬وال ُنَف ساء‪ ،‬وال حائض إال عابري سبيل وذلك لينال املسلم األجر العظيم‪.‬‬
‫التطيب ولبس أمجل الثياب‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬يا بين آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} [األعراف‪.]31 :‬‬
‫وعلى املسلم أن يتجنب تناول األطعمة اليت هلا رائحة كريهة‪ ،‬كالثوم والبصل والكراث وغريها‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من أكل ثوًم ا‬
‫أو بصال‬
‫فليعتزلنا‪ ،‬أو فليعتزل مسجدنا‪ ،‬وليقعد يف بيته) [متفق عليه]‪.‬‬
‫كثرة الذهاب إليه‪ :‬حث اإلسالم على كثرة الذهاب إىل املساجد‪ ،‬واجللوس فيها‪ ،‬فقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬أال أدلكم على ما ميحو اهلل‬
‫به اخلطايا‪ ،‬ويرفع به الدرجات؟)‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬بلى يا رسول اهلل‪.‬‬
‫قال‪ :‬إسباُغ الوضوء على املكاره‪ ،‬وكثرة اُخلَطى إىل املساجد‪ ،‬وانتظار الصالة بعد الصالة‪ ،‬فذلكم الرباط‪ ،‬فذلكم الرباط‪ ،‬فذلكم الرباط)‬
‫[مسلم]‪.‬‬
‫الدعاء عند التوجه إليه‪ :‬كان النيب صلى اهلل عليه وسلم يقول وهو يف طريقه إىل املسجد‪( :‬اللهم اجعل يف قليب نوًر ا‪ ،‬ويف مسعي نوًر ا‪ ،‬ويف‬
‫بصري نوًر ا‪ ،‬وعن مييين نوًر ا‪ ،‬وعن مشايل نوًر ا‪ ،‬وأمامي نوًر ا‪ ،‬وخلفي نوًر ا‪ ،‬وفوقي نوًر ا‪ ،‬وحتيت نوًر ا واجعل يل نوًر ا) [مسلم]‪.‬‬
‫التزام السكينة أثناء السري إليه‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا مسعتم اإلقامة فامشوا إىل الصالة وعليكم بالسكينة والوقار‪ ،‬وال تسرعوا‪،‬‬
‫فما أدركتم‬
‫فصلوا‪ ،‬وما فاتكم فأمتوا) [متفق عليه]‪.‬‬
‫الدخول بالِّر جل اليمين مع الدعاء‪ :‬املسلم يدخل املسجد برجله اليمين‪ ،‬ويقول‪ :‬بسم اهلل‪ ،‬اللهم صِّل على حممد‪ ،‬رب اغفر يل ذنويب‪،‬‬
‫وافتح يل أبواب رمحتك‪[_.‬مسلم]‪.‬‬
‫صالة ركعتني حتية املسجد‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا دخل أحدكم املسجد فلريكع ركعتني قبل أن جيلس) [مسلم]‪.‬‬
‫عدم اخلروج منه بعد األذان‪ :‬إذا كان املسلم يف املسجد‪ ،‬وُأِّذن للصالة‪ ،‬فال خيرج من املسجد إال بعد متام الصالة‪ ،‬قال صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪( :‬إذا كنتم يف املسجد فنودي بالصالة فال خيرج أحدكم حىت يصلي) [أمحد] وجيوز له اخلروج للضرورة‪.‬‬
‫مالزمة ذكر اهلل‪ :‬املسلم حيرص على ذكر اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬وتالوة القرآن الكرمي وجتنب االنشغال بأمور الدنيا وهو يف املسجد‪ .‬قال صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪:‬‬
‫(‪ ...‬إمنا ُج ِعَلت املساجد لذكر اهلل وللصالة ولقراءة القرآن) [متفق عليه]‪.‬‬
‫عدم املرور من أمام املصلي‪ :‬املسلم ال ميُّر من أمام املصلي؛ قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬لو يعلم املاُّر بني يدي املصلى ماذا عليه‪ ،‬لكان أن‬
‫يقف أربعني‪ ،‬خًريا له من أن مير بني يديه) [مسلم]‪ .‬وإذا كان املسلم يف مجاعة فاإلمام سرتة للمأمومني‪ ،‬أما إذا كان منفرًد ا يف صالة فال‬
‫جيوز ألحد أن مير من أمامه إال بعد اختاذ سرتة‪.‬‬
‫عمارة املساجد‪ :‬املسلم يعمر املساجد‪ ،‬وحيافظ على الصالة فيها‪ ،‬وقلبه ُمعَّلق باملساجد على الدوام‪ ،‬وال يهجر املساجد أبًد ا؛ فاملسجد‬
‫بيت كل تقي‪ ،‬وبيوت اهلل يف األرض املساجد‪.‬‬
‫قال اهلل ‪-‬تعاىل‪{ :-‬إمنا يعمر مساجد اهلل من آمن باهلل واليوم اآلخر وأقام الصالة وآتى الزكاة ومل خيش إال اهلل فعسى أولئك أن يكونوا‬
‫من املهتدين}‬
‫[التوبة‪ .]18 :‬وروي أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬إذا رأيتم الرجل يعتاد املساجد فاشهدوا له باإلميان) [أمحد والرتمذي وابن‬
‫ماجه]‪.‬‬
‫جتنب رفع الصوت أو التخاصم فيه‪ :‬املسلم عندما يدخل املسجد؛ فإنه حيافظ على الوقار والسكينة واهلدوء‪ .‬ذات يوم دخل عمر بن‬
‫اخلطاب ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬املسجد‪ ،‬فوجد رجلني يتخاصمان ويرفعان صوتيهما‪ ،‬فقال ألحد الصحابة‪ :‬اذهب فْأتين هبذين‪ ،‬فلما جاءه‬
‫الرجالن قال‪ :‬من أين أنتما؟‬
‫قاال‪ :‬من أهل الطائف‪.‬‬
‫فقال عمر ‪-‬رضي اهلل عنه‪ :-‬لو كنتما من أهل البلد ألوجعتكما ضرًبا‪ ،‬ترفعان أصواتكما يف مسجد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫[البخاري]‪ .‬واملسلم ال يشوش على أحد يصلي يف املسجد ولو بقراءة القرآن‪.‬‬
‫احلرص على نظافته‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬البصاق يف املسجد خطيئة‪ ،‬وكفارهتا دفنه) [متفق عليه]‪.‬‬
‫الدعاء عند اخلروج منه‪ :‬املسلم خيرج من املسجد برجله اليسرى‪ ،‬ويقول‪( :‬بسم اهلل ‪ .‬اللهم صِّل على حممد ‪ .‬اللهم إين أسألك من‬
‫فضلك) [مسلم]‪.‬‬
‫عدم انتظار اجلنب واحلائض فيه‪ :‬وجيوز مرورمها فيه لقضاء احلاجة‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا ال تقربوا الصالة وأنتم سكارى حىت‬
‫تعلموا ما تقولوا وال جنًبا إال عابري سبيل حىت تغتسلوا} [النساء‪.]43 :‬‬
‫عدم بناء املساجد على القبور‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬لعن اهلل اليهود اختذوا قبور أنبيائهم مساجد) [متفق عليه]‪.‬‬
‫االقتصاد عند بنائها وعدم زخرفتها‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ما ُأِم ْر ُت بتشييد املساجد) [أبوداود]‪ .‬والتشييد يعين‪ :‬املبالغة يف زخرفة‬
‫املساجد‪ ،‬وقد أمر عمر بن اخلطاب ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬ببناء مسجد‪ ،‬وقال للقائم على بنائه‪ :‬إياك أن حتِّم َر أو ُتَص ِّفر فتفنت الناس‪.‬‬
‫[البخاري]‪.‬‬
‫بناء املساجد ابتغاء وجه اهلل‪ :‬وذلك حىت حيصل املسلم على األجر والثواب العظيم من اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬قال الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫(من بىن مسجًد ا يبتغي به وجه اهلل؛ بىن اهلل له مثله يف اجلنة) [متفق عليه]‪.‬‬
‫عدم البيع والشراء فيها‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع يف املسجد فقولوا‪ :‬ال أربح اهلل لك ‪ .‬وإذا رأيتم‬
‫من ينشد ضالة فقولوا‪ :‬ال ردها اهلل عليك) [الرتمذي والنسائي]‪.‬‬
‫االعتكاف فيها‪ :‬وهو اجللوس يف املسجد واإلقامة فيه بقصد التقرب إىل اهلل وعمل اخلري من صالة‪ ،‬وذكر وتسبيح ودعاء‪ ،‬وميكن أن‬
‫يعتكف املسلم ألية مدة شاء‪ ،‬وله أن يقطع اعتكافه يف أي وقت‪ ،‬وكان النيب صلى اهلل عليه وسلم يعتكف يف العشر األواخر من رمضان‪،‬‬
‫فيلزم املسجد وال خيرج منه إال إىل صالة العيد‪.‬‬
‫النوم يف املسجد‪ :‬ال حرج من النوم يف املسجد‪ ،‬فقد كان النيب صلى اهلل عليه وسلم ينام يف املسجد‪ ،‬وكان الصحابة ‪-‬رضوان اهلل عليهم‪-‬‬
‫ينامون فيه‪ ،‬لكن املسلم عليه أن حيافظ على نظافة املسجد ونظامه‪.‬‬
‫ترتيب الصفوف‪ :‬كان النيب صلى اهلل عليه وسلم ينظم الصفوف للصالة‪ ،‬فكان الرجال يقفون يف الصفوف األوىل‪ ،‬مث يقف خلفهم‬
‫الصبيان واألطفال‪ ،‬مث تقف النساء يف آخر املسجد‪ ،‬وقد كان النيب صلى اهلل عليه وسلم يسوي الصفوف ويقول‪( :‬استووا‪ ،‬وال ختتلفوا‪،‬‬
‫فتختلف قلوبكم‪ِ ،‬لَيِليِن منكم أولو األحالم والُّنَه ى) [مسلم]‪.‬‬
‫وكان صلى اهلل عليه وسلم يقول‪َ( :‬س ُّو وا صفوفكم‪ ،‬فإن تسوية الصف من متام الصالة) [مسلم]‪.‬‬
‫آداب املسجد احلرام‪:‬‬
‫عندما يرى املسلم بيت اهلل احلرام خيشع قلبه‪ ،‬ويرفع يديه وينطلق لسانه‪( :‬اللهم زد هذا البيت تشريًف ا وتعظيًم ا وتكرًميا ومهابة‪ ،‬وِز ْد َمْن‬
‫َش َّرَفه وكَّر مه ممن حجه أو اعتمره تشريًف ا وتكرًميا وتعظيًم ا وبَّر ا) [الشافعي]‪.‬‬
‫مث يقصد إىل احلجر األسود فيقبله‪ ،‬فإن مل يتمكن أشار إليه بيده‪ ،‬مث يقف حبذائه ويبدأ يف الطواف حول البيت‪ ،‬وال يصلي حتية املسجد؛‬
‫فإن حتيته الطواف به‪.‬‬
‫آداب املسجد النبوي‪:‬‬
‫املسلم يلتزم السكينة والوقار عند دخوله املسجد النبوي‪ ،‬وحيسن أن يكون متطيًبا‪ ،‬يلبس حسن الثياب‪ ،‬ويدعو بدعاء دخول املسجد‪،‬‬
‫ويصلي ركعتني حتية املسجد يف الروضة الشريفة (وهي املكان الذي يقع بني بيت الرسول صلى‬
‫اهلل عليه وسلم واملنرب)‪ .‬ويزور قرب النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬مث يتحرك حنو اليمني ويسلم على أيب بكر ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬مث يتأخر قليال‬
‫ويسلم على عمر ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬وبعد ذلك يتوجه إىل القبلة ويدعو مبا شاء‪.‬‬
‫واملسلم يتجنب التمسح باحلجرة الشريفة أو تقبيلها‪ ،‬ويعلم أن ذلك حيزن الرسول صلى اهلل عليه وسلم الذي هنى أن يعظم قربه‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫(ال جتعلوا قربي عيًد ا) [أبو داود]‪.‬‬

‫‪Adab ke masjid pada hari Jum’at‬‬


‫آداب املسجد يوم اجلمعة‪:‬‬
‫وهناك آداب تتعلق بالذهاب إىل املسجد يوم اجلمعة خاصة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫الغسل والتجمل والتطيب‪ :‬قال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ال يغتسل رجل يوم اجلمعة ويتطهر مبا استطاع من الطهر‪ ،‬ويدهن من دهنه‪،‬‬
‫أو ميس من طيب‬
‫بيته‪ ،‬مث يروح إىل املسجد وال يفرق بني اثنني‪ ،‬مث يصلي ما ُك تب له‪ ،‬مث ينصت لإلمام إذا تكلم إال ُغِف َر له من اجلمعة إىل اجلمعة األخرى)‬
‫[البخاري وأمحد]‪.‬‬
‫التبكري يف الذهاب إىل املسجد‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من اغتسل يوم اجلمعة ُغسل اجلنابة مث راح (أي ذهب إىل املسجد) يف الساعة‬
‫األوىل فكأمنا َقَّر ب َبَدَنة (مجال) ومن راح يف الساعة الثانية فكأمنا قرب بقرة‪ ،‬ومن راح يف الساعة الثالثة فكأمنا قرب كبًش ا أقرن‪ ،‬ومن‬
‫راح يف الساعة الرابعة فكأمنا قرب دجاجة ومن راح يف الساعة اخلامسة فكأمنا قرب بيضة‪ ،‬فإذا خرج اإلمام حضرت املالئكة يستمعون‬
‫الِّذ كر) [متفق عليه]‪.‬‬
‫عدم ختطي الرقاب‪ :‬فقد جاء رجل ليصلي اجلمعة مع الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فتخطى رقاب الناس‪ ،‬وكان النيب صلى اهلل عليه وسلم‬
‫خيطب على املنرب فقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬اجلس فقد آذيت وآنيت (أي أبطأت وتأخرت) ) [أبو داود والنسائي وأمحد]‪.‬‬
‫اإلنصات أثناء اُخلطبة‪ :‬فاملسلم ينصت خلطبة اإلمام‪ ،‬فيستمع ما يقوله من وعظ وإرشاد‪ ،‬حىت يستفيد منه‪ ،‬وال يتكلم مع من جبواره‪ ،‬فعن‬
‫أيب هريرة ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬إذا قلت لصاحبك يوم اجلمعة‪ ،‬واإلمام خيطب أنصت فقد لغوت) [رواه‬
‫اجلماعة]‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من تكلم يوم اجلمعة واإلمام خيطب فهو كاحلمار حيمل أسفاًر ا‪ ،‬والذي يقول له أنصت ال مجعة له) [أمحد‬
‫والبزار والطرباين]‪.‬‬

‫‪Adab di jalan‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫آداب الطريق‬
‫ذات يوم قال النيب صلى اهلل عليه وسلم ألصحابه‪( :‬إياكم واجللوَس على الطرقات) فقالوا‪ :‬ما لنا بد‪ ،‬إمنا هي جمالسنا نتحدث‬
‫فيها‪ .‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬فإذا أبيتم إال اجملالس؛ فأعطوا الطريق حقها)‪ .‬قالوا‪ :‬وما حق الطريق؟‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬غض البصر‪ ،‬وكف األذى‪ ،‬ورد السالم‪ ،‬وأمر باملعروف‪ ،‬وهنى عن املنكر) [متفق عليه]‪.‬‬
‫***‬
‫الطريق مرفق عام‪ ،‬وهو ملك للناس مجيًعا‪ ،‬ولو اعترب كل إنسان الطريق جزًءا من بيته‪ ،‬حلافظنا عليه‪.‬‬
‫ومن آداب الطريق اليت جيب على كل مسلم أن يلتزم هبا‪:‬‬
‫غض البصر‪ :‬املسلم يغض بصره عن احملرمات‪ ،‬امتثاال ألمر اهلل ‪-‬تعاىل‪{ :-‬قل للمؤمنني يغضوا من أبصارهم وحيفظوا فروجهم‬
‫ذلك أزكى هلم إن اهلل خبري مبا يصنعون ‪ .‬وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن وحيفظن فروجهن}‬
‫[النور‪.]31-30 :‬‬
‫إماطة األذى‪ :‬املسلم مييط األذى كاحلجارة أو األسالك أو الزجاج أو غريها فيبعده عن الطريق‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪...( :‬‬
‫ومتيط األذى عن الطريق صدقة) [متفق عليه]‪ .‬ويتجنب قضاء احلاجة يف الطريق‪ ،‬حىت ال يؤذي‬
‫أحًد ا‪ ،‬ويتجنب اللعب‪ ،‬واملزاح غري املقبول‪ ،‬وال يسخر ممن يسري يف الطريق وال يستهزئ هبم‪.‬‬
‫وال يضيق على املارة‪ ،‬وإمنا يفسح هلم الطريق‪ .‬وإن كان حيمل عًص ا أو مظلة أو شيًئا ميكن أن يؤذي املسلمني؛ فيجب أن حيرتس‬
‫يف محله حىت ال يؤذيهم‪ ،‬وال حيرك يديه بعنف أثناء السري يف األماكن املزدمحة‪ ،‬وال يزاحم أثناء صعود الكباري أو املشي يف‬
‫األنفاق ‪-‬مثال‪.-‬‬
‫االلتزام بآداب مرور السيارات‪ :‬فسائق السيارة يلتزم بآداب املرور‪ ،‬وحيرتم شرطي املرور‪ ،‬ويلتزم باإلشارات‪ ،‬وال يستخدم آلة‬
‫التنبيه بكثرة؛ حىت ال يزعج املرضى‪ ،‬ويلتزم بالسرعة احملددة له يف الطريق‪.‬‬
‫رد السالم‪ :‬املسلم عندما يسري يف الطريق يلقي السالم على من يقابله‪ ،‬ويرد السالم بأحسن مما مسع‪.‬‬
‫األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من رأى منكم منكًر ا فليغريه بيده‪ ،‬فإن مل يستطع فبلسانه‪ ،‬فإن مل‬
‫يستطع فبقلبه‪ ،‬وذلك أضعف اإلميان) [متفق عليه]‪ .‬واملسلم يعاون من ال يستطيع عبور الطريق‬
‫أو السري؛ فيأخذ بيده‪ ،‬وإن كان له سيارة أو وسيلة يركبها فله أن حيمل معه غريه‪ ،‬ويرشد الضاَّل الذي فقد طريقه‪ ،‬ويفُّض‬
‫املشاجرات اليت يستطيع فَّضها واإلصالح بني أطرافها‪.‬‬
‫االعتدال والتواضع يف املشي‪ :‬املسلم جيعل مشيه وسًطا بني اإلسراع والبطء وال ميشي ُخبيالء أو تكرب‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬واقصد يف‬
‫مشيك} [لقمان‪ .]19 :‬وقال تعاىل‪{ :‬وال متش يف األرض مرًح ا إنك لن خترق األرض وال لن تبلغ اجلبال طوًال} [اإلسراء‪:‬‬
‫‪.]37‬‬
‫السري يف جانب الطريق‪ :‬املسلم يلتزم جانب الطريق (الرصيف) عندما ميشي على رجليه؛ حىت ال يتعرض لإلصابة حبوادث‬
‫السيارات أو الدراجات‪ ،‬وجيب التمهل عند عبور الشارع‪ ،‬والتأكد من خلو الطريق من العربات‪.‬‬
‫احلرص على نظافة الطريق‪ :‬وجتنب رمي القاذورات فيها‪ ،‬وحبذا لو تعاون اجلميع على تنظيفها‪.‬‬
‫األدب عند السري مع الكبري‪ :‬فال يتقدم عليه‪ ،‬وليستمع إليه إذا حتدث‪ ،‬كما أنه ميشي عن يساره ليكون له أولوية اخلروج‬
‫والدخول وغري ذلك‪.‬‬
‫عدم األكل أثناء السري‪ :‬فإن ذلك مناٍف للمروءة‪.‬‬
‫عدم رفع الصوت يف الطريق‪ :‬حىت ال يؤذي السائرين‪ ،‬أو تتسرب‬
‫األسرار‪ ،‬ويتجنب املزاح غري املقبول مع رفقاء الطريق‪.‬‬

‫‪Adab di majlis‬‬

‫آداب اجملالس‬
‫جلس النيب صلى اهلل عليه وسلم يف املسجد هو وأصحابه‪ ،‬فأقبل ثالثة رجال فدخل اثنان‪ ،‬وانصرف الثالث‪ ،‬واقرتب الرجالن من جملس‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فوجد أحدمها فرجة (مكاًنا خالًيا) يف احللقة‪ ،‬فجلس فيها‪ ،‬وجلس اآلخر خلف احللقة‪.‬‬
‫فلما انتهى الرسول صلى اهلل عليه وسلم من كالمه‪ ،‬أخرب الصحابة عن حال هؤالء الثالثة‪ ،‬فقال‪( :‬أما أحدهم فآوى إىل اهلل فآواه (جلأ‬
‫وجلس ليستمع إىل كالم اهلل فأنزل اهلل عليه رمحته) وأما اآلخر فاستحيا (مل يزاحم) فاستحيا اهلل منه وأما الثالث فأعرض (عن جملس‬
‫الذكر) فأعرض اهلل عنه) [البخاري]‪.‬‬
‫***‬
‫ومن اآلداب اليت جيب على املسلم أن يراعيها يف جلوسه‪ ،‬ما يلي‪:‬‬
‫جمالسة الصاحلني‪ :‬املسلم حيسن اختيار من جيلس إليهم ويصاحبهم؛ فيختارهم من أهل الصالح والتقوى‪ ،‬وممن ُيْع َر فون بطاعة اهلل وعبادته‪،‬‬
‫واملسلم ال يتخذ جلساءه ممن ال دين هلم وال أدًبا؛ ألن اجلليس والرفيق له تأثري كبري يف نفس من جيالسه‪.‬‬
‫واملسلم حيرص على عدم جمالسة العاطلني واملدمنني واملنحرفني أخالقَّيا حىت ال يؤثروا عليه‪ ،‬وجيتذبوه إىل طريقهم‪ ،‬وهو يسمع كل يوم أو‬
‫يقرأ حادثة جديدة يكون سبب االحنراف فيها هو جمالسة شاب مدمن‪ ،‬أو عاطل أو شاِّذ أو منحرف؛ لذا فهو خيتار أصدقاءه من أصحاب‬
‫األخالق احلسنة‪ ،‬ومن الناجحني يف دراستهم وأعماهلم‪ .‬يقول صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬الرجل على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من خيالل)‬
‫[أبوداود والرتمذي]‪.‬‬
‫وشبه الرسول صلى اهلل عليه وسلم اجلليس الصاحل والصديق احلسن حبامل املسك‪ ،‬أما اجلليس السوء فهو كالذي ينفخ يف النار‪ ،‬فقال صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪( :‬مثل اجلليس الصاحل واجلليس السوء كحامل املسك ونافخ الكري ‪ .‬فحامل املسك إما أن حيذيك (يعطيك من املسك) وإما‬
‫أن تبتاع منه‪ ،‬وإما أن جتد منه رًحيا طيبًة ‪ .‬ونافخ الِكري إما أن حيرق ثيابك‪ ،‬وإما أن جتد منه رًحيا خبيثة)‬
‫[متفق عليه]‪.‬‬
‫وحث النيب صلى اهلل عليه وسلم على جمالسة الصاحلني األتقياء‪ ،‬فقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ال تصاحْب إال مؤمًنا‪ ،‬وال يأكْل طعامك إال‬
‫تقي)‬
‫[أبو داود والرتمذي]‪.‬‬
‫وقد أمرنا اهلل أال جنالس الذين حيِّر فون آيات اهلل ويضعوهنا يف غري موضعها‪ ،‬فقال تعاىل‪{ :‬وإذا رأيت الذين خيوضون يف آياتنا فأعرض‬
‫عنهم حىت خيوضوا يف حديث غريه وإما ينسينك الشيطان فال تقعد بعد الذكرى مع القوم الظاملني}‬
‫[األنعام‪ .]68 :‬فاملسلم حيضر دائًم ا جمالس اخلري‪ ،‬وحيرص على االستفادة منها‪.‬‬
‫إلقاء السالم واجللوس حيث انتهى اجمللس‪ :‬املسلم يلقي السالم إذا دخل على قوم وأراد أن جيلس معهم‪ ،‬وأمرنا النيب صلى اهلل عليه وسلم‬
‫بذلك‪ ،‬فقال‪( :‬إذا انتهى أحدكم إىل جملس فليسِّلم) [الرتمذي]‪.‬‬
‫كذلك جيلس املسلم حيث ينتهي جلوس الناس‪ ،‬وال جيوز له أن يقيم أحًد ا من مكانه؛ ليجلس فيه مهما كانت مكانته؛ فالناس آلدم‪ ،‬وآدم‬
‫من تراب‪ ،‬كلهم سواسية ال فرق بينهم إال بالتقوى والعمل الصاحل‪ ،‬قال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ال يقيم الرجُل الرجَل من جملسه مث‬
‫جيلس فيه) [متفق عليه]‪.‬‬
‫وال جيلس املسلم وسط اجمللس‪ ،‬فقد روي أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم قال‪ُ( :‬لِعَن من جلس وسط احللقة) [أبو داود والرتمذي] وال‬
‫جيلس بني رجلني إال بإذهنما‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ال ْجُيَلْس بني رجلني إال بإذهنما) [أبوداود]‪.‬‬
‫اجللوس يف اعتدال‪ :‬املسلم جيلس معتدال متأدًبا‪ ،‬ال حيدق النظر يف اجلالسني حوله‪ ،‬وال يكثر من التنقل يف اجمللس‪ ،‬وال يفعل ما ينايف الذوق‬
‫السليم والطبع احلميد‪ ،‬وال يقف والقوم جالسون‪ ،‬وال جيلس والناس واقفون‪ ،‬كما أن املسلم يلتزم يف جملسه بالوقار والسكينة وحسن‬
‫املظهر‪.‬‬
‫االبتعاد عن اجللوس يف الطرقات واألسواق‪ :‬على املسلم أن يتجنب اجللوس يف الطرقات واألسواق حىت ال يؤذي املسلمني‪ ،‬قال صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪( :‬إياكم واجللوَس على الطرقات)‪.‬‬
‫فقالوا‪ :‬ما لنا بد‪ ،‬إمنا هي جمالسنا نتحدث فيها‪.‬‬
‫فقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬فإذا أبيتم إال اجملالس‪ ،‬فأعطوا الطريق حقها)‪ .‬قالوا‪ :‬وما حق الطريق؟‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬غض البصر‪ ،‬وكف األذى‪ ،‬ورد السالم‪ ،‬وأمر باملعروف‪ ،‬وهني عن املنكر) [البخاري]‪.‬‬
‫االبتعاد عن أماكن الشبهات‪ :‬فاملسلم ال جيلس على املقاهي‬
‫إال لضرورة‪ ،‬كذلك يبتعد كل البعد عن املالهي واخلمارات‪ ،‬ويعلم أن هذه من طرق الشيطان‪.‬‬
‫التأدب يف احملاورة‪ :‬املسلم جيلس جلسة املتأدب الوقور‪ ،‬ينصت إىل كالم املتحدثني‪ ،‬ما مل يتحدثوا بإمث أو معصية‪ ،‬وال يقاطع أحًد ا أثناء‬
‫حديثه‪ ،‬وإذا حتدث كان كالمه لطيًف ا‪ ،‬فُيسمع َمْن حوله من غري رفع للصوت‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬واغضض من صوتك إن أنكر األصوات‬
‫لصوت احلمري} [لقمان‪.]19 :‬‬
‫وإذا عرض املسلم رأيه عرضه هبدوء ووضوح‪ ،‬حىت يفهمه الناس؛ فإذا رأى أن يعيد كالمه ليفهم من مل يفهم أعاد‪ ،‬وقد كان النيب صلى‬
‫اهلل عليه وسلم إذا تكلم بكلمة أعادها ثالًثا حىت يفهمها املستمع‪ ،‬وقد وصفت السيدة عائشة ‪-‬رضي اهلل عنها‪ -‬كالم رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم بقوهلا‪ :‬كان كالمه فصال يفهمه كل من مسعه‪.‬‬
‫واملسلم يف حواره حيرص على عدم احلديث مبا ال يعلمه‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬وال تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك‬
‫كان عنه مسؤوًال}‬
‫[اإلسراء‪ .]36 :‬وقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬كفى باملرء كذًبا أن حيدث بكل ما مسع) [مسلم]‪ .‬كما أنه حيرص على‬
‫االستماع إىل اآلخرين واحرتام رأي جلسائه‪ ،‬وال ُيطيل الكالم حىت ال ميَّل الناس حديثه وجملسه‪.‬‬
‫عدم تناجي اثنني دون الثالث‪ :‬إذا كان اجمللس من ثالثة أفراد‪ ،‬فال يتحدث اثنان منهم يف حديث منفرد؛ ألن هذه املناجاة حُت زن اجلليس‬
‫الثالث‪ ،‬وجتعله يشعر بالضيق‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا كنتم ثالثة فال يتناجى رجالن دون اآلخر حىت ختتلطوا بالناس‪ ،‬من أجل أن‬
‫ذلك حيزنه) [البخاري]‪.‬‬
‫اإلفساح للقادم‪ :‬فإذا كانت هناك مجاعة جتلس يف جملس‪ ،‬وقدم عليهم آخرون وكان املكان َض ِّيًق ا‪ ،‬فيجب على اجلالسني أن يفسحوا‬
‫ويوسعوا للقادمني ما أمكنهم ذلك‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا يف اجملالس فافسحوا يفسح اهلل لكم} [اجملادلة‪:‬‬
‫‪ ]11‬وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬خري اجملالس أوسعها) [أبو داود وأمحد]‪.‬‬
‫عدم القيام للقادمني بقصد تعظيمهم‪ :‬فإن ذلك َحُمَّر م شرًعا‪ ،‬ويتأكد هذا التحرمي إذا كان من يقوم له الناس حيب ذلك منهم‪ ،‬قال صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪( :‬ال تقوموا كما يقوم األعاجم يعِّظم بعضهم بعًض ا) [أبو داود وأمحد]‪ .‬وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من َس َّر ه أن ْميُثَل له عباد‬
‫اهلل قياًم ا‪ ،‬فليتبوْأ بيًتا من النار) [البخاري يف األدب املفرد]‪.‬‬
‫وال مانع من القيام للوالدين‪ ،‬أو لرجل كبري‪ ،‬أو عامل جليل‪ ،‬أو لويل أمر‪ ،‬أو أستاذ له الفضل‪ ،‬أو القيام بقصد املصافحة أو املعانقة أو‬
‫التهنئة؛ فإن كل هذا من األدب اإلسالمي‪ ،‬فقد حثنا ديننا اإلسالمي على احرتام الناس وإنزاهلم منازهلم وإكرام كرميهم‪ ،‬وقد أمر النيب‬
‫صلى اهلل عليه وسلم األنصار أن يقوموا لسيدهم سعد بن معاذ ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬فقال‪( :‬قوموا لسيدكم) [البخاري]‪.‬‬
‫مراعاة األدب إذا عطس املسلم أو سعل أو بصق‪ :‬على املسلم أن يتجنب إيذاء احلاضرين‪ ،‬فقد كان النيب صلى اهلل عليه وسلم إذا عطس‬
‫وضع يده أو ثوبه على فيه (فمه) وخفض ‪-‬أو غض‪ -‬هبا صوته [أبو داود والرتمذي]‪.‬‬
‫وإذا عطس املسلم قال‪( :‬احلمد هلل)؛ فيقول له اجلالسون‪( :‬يرمحكم اهلل) ويرد عليهم قائال‪( :‬يهديكم اهلل ويصلح بالكم)‪.‬‬
‫إلقاء السالم عند االنصراف‪ :‬املسلم إذا أراد أن ينصرف استأذن من اجلالسني معه‪ ،‬وألقى عليهم السالم‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا‬
‫انتهى أحدكم إىل اجمللس فليسِّلم‪ ،‬فإذا أراد أن يقوم فليسِّلم؛ فليست األوىل بأحق من اآلخرة) [أبوداود والرتمذي]‪.‬‬
‫دعاء كَّفارة اجملالس‪ :‬املسلم يذكر ربه يف جملسه دائًم ا‪ ،‬قال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ما من قوم يقومون من جملس ال يذكرون اهلل فيه‬
‫إال قاموا عن مثل ِج يفة محار‪ ،‬وكان هلم حسرة) [أبوداود]‪.‬‬
‫وْليلتزم املسلم يف هناية جملسه بدعاء كفارة اجمللس‪ ،‬كما أرشدنا إىل ذلك النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فقال‪( :‬كَّفارة اجملالس أن يقول العبد‪:‬‬
‫سبحانك اللهم وحبمدك ‪ .‬أشهد أن ال إله إال أنت ‪ .‬أستغفرك وأتوب إليك) [أمحد]‪.‬‬
‫أمانة اجملالس‪ :‬املسلم حيفظ سر اجمللس إذا تركه‪ ،‬وال يتحدث مبا دار فيه؛ ألن احلديث أمانة‪ ،‬قال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا حَّدث‬
‫الرجل حبديٍث ‪ ،‬مث التفت‪ ،‬فهي أمانة) [أبو داود والرتمذي وأمحد]‪.‬‬
‫عدم السمر بعد العشاء‪ :‬املسلم ال جيلس يف جمالس بعد العشاء إذا كانت ال تفيده أو تفيد غريه‪ ،‬وال يكتسب منها سوى السمر والسهر‪،‬‬
‫واَألْو ىل أن ينام املسلم مبِّك ًر ا حىت يستيقظ مبِّك ًر ا‪ ،‬ويؤدي صالة الفجر‪ ،‬ويبدأ أعماله يف الصباح يف وقت البكور الذي جعله اهلل ‪-‬عز‬
‫وجل‪ -‬وقًتا طيًبا مبارًك ا‪ ،‬فقد كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ينهى عن النوم قبل العشاء‪ ،‬واحلديث بعدها‪[ .‬أبوداود]‪.‬‬

‫‪Adab tahiyat‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫آداب التحية‬
‫جاء رجل إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم فقال‪ :‬السالم عليكم‪ ،‬فرَّد عليه السالم مث جلس‪ ،‬فقال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬عشرة) (أي‬
‫عشر حسنات) مث جاء رجل آخر‪ ،‬فقال‪ :‬السالم عليكم ورمحة اهلل‪ ،‬فرد عليه‪ ،‬فجلس‪ ،‬فقال‪( :‬عشرون) (أي عشرون حسنة) مث جاء‬
‫آخر‪ ،‬فقال‪ :‬السالم عليكم ورمحة اهلل وبركاته فرَّد عليه‪ ،‬فجلس‪ ،‬فقال‪( :‬ثالثون) (أي ثالثون حسنة)‪[ .‬أبو داود والرتمذي]‪.‬‬
‫***‬
‫ذهب النيب صلى اهلل عليه وسلم ليزور سعد بن عبادة ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬يف منزله فوقف ( أمام باب املنزل‪ ،‬وقال‪( :‬السالم عليكم ورمحة‬
‫اهلل) وكان سعد بالداخل‪ ،‬فرد سعد بصوت غري مسموع‪ ،‬فلم يسمعه الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فأعاد صلى اهلل عليه وسلم التحية‪،‬‬
‫فرد سعد بصوت منخفض‪ ،‬فأعاد صلى اهلل عليه وسلم التحية للمرة الثالثة‪ ،‬فرد سعد بصوت منخفض‪ ،‬فانصرف صلى اهلل عليه وسلم‪،‬‬
‫فأسرع سعد وراءه‪ ،‬وقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬كنت أمسع تسليمك وأرد عليك رَّدا خفَّيا لتكثر علينا السالم‪[ .‬أمحد]‪.‬‬
‫***‬
‫أمرنا اهلل ‪-‬عز وجل‪ -‬بإفشاء السالم‪ ،‬فقال‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا ال تدخلوا بيوًتا غري بيوتكم حىت تستأنسوا وتسلموا على أهلها} [النور‪:‬‬
‫‪ .]27‬وقال تعاىل‪{ :‬فإذا دخلتم بيوًتا فسلموا على أنفسكم حتية من عند اهلل مباركة طيبة }‬
‫[النور‪ .]61 :‬وقال تعاىل‪{ :‬وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها}‬
‫[النساء‪.]86 :‬‬
‫كما حثنا الرسول صلى اهلل عليه وسلم على إلقاء السالم بقوله‪:‬‬
‫(أيها الناس‪ ،‬أفشوا السالم‪ ،‬وأطعموا الطعام‪ ،‬وِص ُلوا األرحام‪ ،‬وَص ُّلوا بالليل والناس نيام‪ ،‬تدخلوا اجلنة بسالم) [ابن ماجه] فالتحية جتعل‬
‫اجملتمع ميتلئ باحلب والوئام‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ال تدخلون اجلنة حىت تؤمنوا‪ ،‬وال تؤمنوا حىت حتاُّبوا‪ ،‬أو ال أدلكم على شيء إذا‬
‫فعلتموه حتاببتم؟ أفشوا السالم بينكم) [مسلم]‪.‬‬
‫وللتحية آداب يلتزم هبا كل مسلم‪ ،‬منها‪:‬‬
‫االلتزام بتحية اإلسالم‪ :‬فالسالم حتية املسلمني‪ ،‬وال يصح أن نبدهلا بغريها من األلفاظ‪ ،‬مثل‪( :‬صباح اخلري) أو (هنارك سعيد) قال صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪( :‬خلق اهلل آدم على صورته‪ ،‬طوله ستون ذراًعا‪ ،‬فلما خلقه قال‪ :‬اذهب فسلم على أولئك ‪-‬نفر من املالئكة جلوس‪ -‬فاستمع‬
‫ما َحييونك‪ ،‬فإهنا حتيتك وحتية ذريتك فقال‪ :‬السالم عليكم‪ .‬فقالوا‪ :‬السالم عليكم ورمحة اهلل) [متفق عليه]‪.‬‬
‫حتية كل املسلمني‪ :‬السالم حق للمسلم على أخيه املسلم‪ ،‬وإلقاء السالم سنة والرُّد فرض‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬حق املسلم على‬
‫املسلم مخس‪ :‬رد السالم‪ ،‬وعيادة املريض‪ ،‬واتباع اجلنائز‪ ،‬وإجابة الدعوة‪ ،‬وتشميت العاطس) [متفق عليه]‪ .‬وسئل صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫أي اإلسالم خري؟ قال‪( :‬تطعم الطعام وتقرأ السالم على من عرفت ومن مل تعرف) [متفق عليه]‪.‬‬
‫رفع الصوت بالسالم‪ :‬على املسلم أن يرفع صوته بالسالم‪ ،‬ويتلفظ بكلماته ويشري بيده إن كان من يسلم عليه بعيًد ا عنه‪ ،‬وال يسمع‬
‫صوته‪.‬‬
‫املبادرة بالتحية‪ :‬يبدأ املسلم إخوانه بالسالم قبل أن يتكلم؛ ألن من يبدأ بالسالم هو األفضل عند اهلل‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪...( :‬‬
‫وخريمها الذي يبدأ بالسالم) [مسلم]‪ .‬وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬يسلم الصغري على الكبري‪ ،‬واملار على القاعد‪ ،‬والقليل على الكثري)‬
‫[البخاري]‪.‬‬
‫رد التحية‪ :‬إلقاء السالم سنة مستحبة‪ ،‬أما الرد عليه فواجب‪ ،‬فيجب رد التحية مىت ُألقيت عليه شفاهة كانت أو كتابة‪ ،‬وسواء رأينا من‬
‫يْلقيها أو مل نره‪ ،‬فعن عائشة ‪-‬رضي اهلل عنها‪ -‬قالت‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم يوًم ا‪( :‬يا عائُش ‪ ،‬هذا جربيل يقرُئك السالم) فقالت‬
‫(وهي مل تره)‪ :‬وعليه السالم ورمحة اهلل وبركاته‪[ .‬متفق عليه]‪.‬‬
‫تكرار التحية‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا لقى أحدكم أخاه فليسلم عليه فإن حالت بينهما شجرة أو حائط أو حجر مث لقيه‪ ،‬فْلُيسلم‬
‫عليه) [أبوداود]‪.‬‬
‫املصافحة عند التحية‪ :‬ومن متام التحية أن يصافح املسلم أخاه‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ما من مسلَم نْي يلتقيان فيتصافحان إال غفر هلما‬
‫قبل أن يفرتقا)‬
‫[أبو داود] وإذا أمكن ابتسم يف وجهه‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬تبسمك يف وجه أخيك لك صدقة) [الرتمذي]‪.‬‬
‫حتية النساء‪ :‬للمسلم أن يلقي السالم على النساء‪ ،‬فإن كانت واحدة ويأمن على نفسه الفتنة سلم عليها‪ ،‬لكن بدون مصافحة‪ ،‬وإال‬
‫فاألوىل تركه‪ ،‬واألمر كذلك بالنسبة للمرأة‪ ،‬فعن أمساء بنت يزيد ‪-‬رضي اهلل عنها‪ -‬أن النيب صلى اهلل عليه وسلم َم َّر علينا يف نسوة‪،‬‬
‫فسلم علينا‪[ .‬أبو داود]‪.‬‬
‫حتية الصبيان‪ :‬املسلم الكبري يلقي السالم على الصبيان إلشعارهم بالود واحلب فعن أنس ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬قال‪ :‬إن رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم مَّر على غلمان فسلم عليهم‪[ .‬مسلم]‪.‬‬
‫عدم التحية يف بعض املواقف‪ :‬كما هو يف اخلالء (دورات املياه) وعند األذان واإلقامة ويف الصالة‪ ،‬وأثناء خطبة اجلمعة وعند االستغراق يف‬
‫الدعاء‪ ،‬وأثناء التلبية باحلج والعمرة‪.‬‬
‫حتية اجلماعة‪ :‬املسلم يلقي السالم على اجلماعة ما دامت يف مكان واحد‪ ،‬وال خيص واحًد ا منهم بالسالم دون اآلخرين‪ ،‬بل يكون السالم‬
‫عليهم مجيًعا‪ ،‬وميكن متييز بعض منهم؛ كأن يسلم التلميذ على أستاذه سالًم ا خاَّص ا بعد السالم على اجلميع‪.‬‬
‫حتية البيت اخلايل‪ :‬إذا دخل املسلم بيًتا‪ ،‬ومل جيد فيه أحًد ا‪ ،‬فإنه يلقي السالم قائال‪ :‬السالم علينا وعلى عباد اهلل الصاحلني‪.‬‬
‫حتية املغادرة والعودة‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا انتهى أحدكم إىل جملس فليسلم؛ فإن بدا له أن جيلس فليجلس‪ ،‬مث إذا قام فْليسلم؛‬
‫فليست األوىل أحق من اآلخرة) [أمحد والرتمذي وأبو داود]‪.‬‬

‫‪Adab dzikr‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫آداب الذكر‬
‫مَّر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ذات يوم على جمموعة من أصحابه‪ ،‬فقال هلم‪( :‬ما أجلسكم؟) قالوا‪ :‬جلسنا نذكر اهلل وحنمده على ما‬
‫هدانا لإلسالم‪ ،‬وَم َّن به علينا فقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬آهلل ما أجلسكم إال ذلك؟) قالوا‪ :‬واهلل ما أجلسنا إال ذاك‪ .‬قال صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪( :‬أما إين مل أستحلفكم هتمة‬
‫لكم‪ ،‬ولكنه أتاين جربيل فأخربين أن اهلل‪ -‬عز وجل‪ -‬يباهي بكم املالئكة) [مسلم]‪.‬‬
‫***‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إن هلل ‪-‬تبارك وتعاىل‪ -‬مالئكة سَّيارة ُفُضًال‬
‫(أي‪ :‬خمصصون جملالس الذكر) َيَّتبعون جمالس الذكر (أي يبحثون عنها) فإذا وجدوا جملًس ا فيه ِذ ْك ٌر قعدوا معهم‪ ،‬وحَّف بعضهم بعًض ا‬
‫بأجنحتهم حىت ميلئوا ما بينهم وبني السماء الدنيا‪ ،‬فإذا تفَّر قوا عرجوا وصعدوا إىل السماء‪ ،‬فيسأهلم اهلل ‪-‬عز وجل‪ -‬وهو أعلم هبم‪ :‬من‬
‫أين جئتم؟ فيقولون‪ :‬جئنا من عند عباد لك يف األرض‪ ،‬يسِّبحونك‪ ،‬ويكرِّب ونك‪ ،‬ويهللونك‪ ،‬وحيمدونك‪ ،‬ويسألونك‪ ،‬قال‪ :‬وماذا‬
‫يسألوين؟ قالوا‪ :‬يسألونك جنتك‪ .‬قال‪ :‬وهل َر َأْو ا جنيت؟ قالوا‪ :‬ال‪ ،‬أي رب‪ .‬قال‪ :‬فكيف لو رأوا جنيت؟‬
‫قالوا‪ :‬ويستجريونك‪ ،‬قال‪ :‬ومم يستجريوين؟ قالوا‪ :‬من نارك يا رب‪ .‬قال‪ :‬وهل رأوا ناري؟ قالوا‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬فكيف لو رأوا ناري؟‬
‫قالوا‪ :‬ويستغفرونك‪ .‬فيقول‪ :‬قد غفرُت هلم فأعطيُتهم ما سألوا وأجْر هُت م مما استجاروا‪ .‬فيقولون‪ :‬رب‪ ،‬فيهم فالٌن عبٌد خَّطاء‪ ،‬إمنا َم َّر‬
‫فجلس معهم! فيقول‪ :‬وله غفرُت ‪ .‬هم القوم ال يشقى هبم جليسهم) [مسلم]‪.‬‬
‫***‬
‫الذكر هو ما جيري على اللسان والقلب من تسبيح اهلل تعاىل وحده والثناء‬
‫عليه‪ ،‬ووصفه بصفات الكمال واجلمال‪ ،‬وبنَّي اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬أن الذكر له فضائل كثرية‪ ،‬فبه تنشرح النفوس وتطمئن القلوب‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫{الذين آمنوا وتطمئن قلوهبم بذكر اهلل إال بذكر اهلل تطمئن القلوب} [الرعد‪ ]28 :‬وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬يقول اهلل ‪-‬عز وجل‪:-‬‬
‫أنا عند ظن عبدي يب‪ ،‬وأنا معه حني يذكرين ‪ ..‬إن ذكرين يف نفسه ذكرته يف نفسي‪ ،‬وإن ذكرين يف مأل ذكرُته يف مأل خري منهم)‬
‫[مسلم]‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬سبق املفِّر دون)‪ .‬قالوا‪ :‬وما املفِّر دون يا رسول اهلل؟ قال‪( :‬الذاكرون اهلل كثًريا) [مسلم]‪ .‬واملسلم يذكر ربه‬
‫على الدوام؛ قائًم ا وقاعًد ا وعلى جنبه‪ ،‬ويطمع أن يكافئه اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬على ذكره إياه‪ ،‬ويذكره سبحانه يف املأل األعلى‪ ،‬يقول تعاىل‪:‬‬
‫{فاذكروين أذكركم} [البقرة‪.]152 :‬‬
‫واملسلم يلتزم عند ذكر اهلل بآداب‪ ،‬منها‪:‬‬
‫الِّذ ْك ر يف بيت اهلل‪ :‬جمالس الذكر هلا فضل عظيم وثواب جزيل؛ فاهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬يباهي هبا مالئكته وينزل عليها الرمحة والسكينة‪ ،‬قال‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫(‪ ...‬وما اجتمع قوم يف بيت من بيوت اهلل‪ ،‬يتلون كتاب اهلل ويتدارسونه‬
‫بينهم‪ ،‬إال نزلت عليهم السكينة‪ ،‬وغشيتهم الرمحة وحَّفتهم املالئكة‪ ،‬وذكرهم اهلل فيمن عنده) [مسلم]‪.‬‬
‫االلتزام بأفضل الذكر‪ :‬أفضل الِّذ كر قراءة القرآن الكرمي وتالوته‪ ،‬مث التسبيح (سبحان اهلل) والتحميد (احلمد اهلل) والتكبري (اهلل أكرب)‬
‫والتهليل (ال إله إال اهلل) واحلوقلة (ال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم) وهكذا يداوم املسلم على ذكر اهلل بالكالم الطيب النافع‪.‬‬
‫الطهارة‪ :‬يفضل أن يكون املسلم نظيف البدن‪ ،‬طاهر القلب عند ذكر اهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬وإن جاز الذكر على آية حال وبغري طهارة‪ ،‬إال أن‬
‫ذكره على طهارة له عظيم األجر والثواب‪.‬‬
‫السكينة واخلشوع‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬إمنا املؤمنون الذين إذا ذكر اهلل وجلت قلوهبم وإذا تليت عليهم آياته زادهتم إمياًنا وعلى رهبم يتوكلون}‬
‫[األنفال‪]2 :‬‬
‫فاهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬يريد من عباده يف أوقات الذكر أن تكون قلوهبم خاشعة‪ ،‬وأعينهم دامعة‪ ،‬وليس كما يفعل البعض من ترديد عبارات الذكر‬
‫على اللسان دون أن ترتك أثًر ا يف القلب‪.‬‬
‫استقبال القبلة‪ :‬وذلك أدعى وأرجى لقبول اهلل للذكر‪ ،‬وال مانع من ذكر اهلل على أية حال‪.‬‬
‫ذكر اهلل يف كل وقت‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬واذكر ربك كثًريا وسبح بالعشي واإلبكار} [آل عمران‪ ]41 :‬وقال تعاىل‪{ :‬واذكر اسم ربك بكرة‬
‫وأصيًال}‬
‫[اإلنسان‪ ]25 :‬وكان نيب اهلل إدريس ‪-‬عليه السالم‪ -‬يعمل خياًطا‪ ،‬فكان ال يغرز إبرة وال يرفعها إال قال‪( :‬سبحان اهلل)‪.‬‬
‫ذكر اهلل يف السَّر اء والضَّر اء‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬عجًبا ألمر املؤمن‪ ،‬إن أمره كله خري وليس ذاك ألحد إال للمؤمن‪ ،‬إن أصابته‬
‫سَّر اء شكر فكان خًريا له وإن أصابته َض َّر اُء صرب فكان خًريا له) [مسلم]‪.‬‬
‫وقد مكث سيدنا يونس ‪-‬عليه السالم‪ -‬يف جوف احلوت املظلم فرتة طويلة كان خالهلا مالزًم ا لذكر اهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬فكان يقول‪{ :‬أن ال‬
‫إله إال أنت سبحانك إين كنت من الظاملني} [األنبياء‪.]87 :‬‬
‫جتنب ذكر اهلل يف األماكن النجسة‪ :‬فاملسلم ال يذكر ربه يف اخلالء؛ حيث إن هذه األماكن تكون مأوى للشياطني وموطًنا للنجاسات‪.‬‬
‫اِّتباع األذكار الواردة واختيار جوامع الذكر‪ :‬املسلم يقتدي برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف كل أحواله‪ ،‬ويلتزم مبا ورد عنه صلى اهلل‬
‫عليه وسلم من أذكار وأدعية‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ما أمرُتكم به فخذوه‪ ،‬وما هنيُتكم عنه فانتهوا) [ابن ماجه]‪ .‬ويبتعد عن كل ما‬
‫يفعله الناس من بدع ومنكرات ال تتفق مع ذكر اهلل‪ ،‬ومن األذكار اليت جيب أن حيرص عليها املسلم‪:‬‬
‫عند دخول السوق‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من دخل السوق‪ ،‬فقال‪ :‬ال إله إال اهلل ‪ .‬وحده ال شريك له‪ .‬له امللك وله احلمد‪ .‬حييي‬
‫ومييت‪ ،‬وهو حي ال ميوت‪ .‬بيده اخلري‪ ،‬وهو على كل شيء قدير‪ .‬كتب اهلل له ألف ألف حسنة‪ ،‬وحما عنه ألف ألف سيئة‪ ،‬وُر فع له ألف‬
‫ألف درجة) [الرتمذي]‪.‬‬
‫عند النوم‪( :‬بامسك اللهم أحيا وأموت) [البخاري]‪.‬‬
‫عند االستيقاظ‪ :‬يقول‪( :‬احلمد اهلل الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه‬
‫النشور) [البخاري]‪.‬‬
‫عند دخول اخلالء‪ :‬يدخل برجله اليسرى بعد أن يقول‪( :‬باسم اهلل‪ ،‬اللهم إين أعوذ بك من اُخلبث واخلبائث) [البخاري]‪.‬‬
‫عند اخلروج من اخلالء‪ :‬خيرج برجله اليمىن‪ ،‬مث يقول‪( :‬غفرانك)‪[_.‬مسلم]‪.‬‬
‫وعند الوضوء يقول‪( :‬باسم اهلل)‪.‬‬
‫وبعد الوضوء‪( :‬أشهد أال إله إال اهلل‪ .‬وحده ال شريك له‪ .‬وأشهد أن حممًد ا عبده ورسوله) [مسلم]‪.‬‬
‫وعند لبس الثوب اجلديد‪( :‬اللهم لك احلمد‪ ،‬أنت كسوَتنيه‪ ،‬أسألَك خريه وخري ما ُصنع له‪ ،‬وأعوذ بك من شره وشر ما ُصنع له) [أبو‬
‫داود والرتمذي]‪.‬‬
‫عند الذهاب إىل املسجد‪( :‬بسم اهلل‪ ،‬اللهم اجعل يف قليب نوًر ا‪ ،‬ويف لساين نوًر ا واجعل يف مسعي نوًر ا‪ ،‬واجعل يف بصري نوًر ا‪ ،‬واجعل من‬
‫َخ ْلفي نوًر ا‪ ،‬ومن أمامي نوًر ا‪ ،‬واجعل من فوقي نوًر ا‪ ،‬ومن حتيت نوًر ا‪ .‬اللهم أعطين نوًر ا) [مسلم]‪.‬‬
‫عند الدخول إىل املسجد واخلروج منه‪ :‬يدخل املسلم برجله اليمين‪ ،‬ويصلي على النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬مث يقول‪( :‬اللهم افتح يل‬
‫أبواب رمحتك) وإذا خرج فليصِّل على النيب صلى اهلل عليه وسلم مث يقول‪( :‬اللهم إين أسألك من فضلك) [مسلم وأبو داود]‪.‬‬
‫عند تناول الطعام‪( :‬اللهم بارك لنا فيما رزقتنا‪ ،‬وقنا عذاب النار‪ .‬باسم اهلل)‬
‫[ابن السين]‪ .‬وعلى املسلم أال ينسى أذكار الصباح واملساء؛ اقتداًء برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وهبذا يكون املسلم ذاكًر ا لربه‪،‬‬
‫متصًال معه بقلبه طوال يومه وليلته‪ ،‬واهلل يذكر عبده الذي يداوم على ذكره‪ ،‬فمن ذكر اهلل يف مأل‪ ،‬ذكره اهلل يف مأل خري منه‪ ،‬فيغفر له‬
‫ذنوبه‪ ،‬وينقيه من خطاياه‪.‬‬

‫‪Adab berdoa‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫آداب الدعاء‬
‫يف عهد عمر بن اخلطاب ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬مل ينزل املطر سنة‪ ،‬وكاد الناس أن يهلكوا‪ ،‬فجمع عمر الناس‪ ،‬وخرجوا إىل الصحراء‪ ،‬وطلب‬
‫عمر من العباس عم النيب صلى اهلل عليه وسلم أن يدعو للمسلمني‪ ،‬فرفع العباس يديه إىل السماء وقال‪ :‬اللهم هذه أيدينا إليك بالذنوب‪،‬‬
‫ونواصينا إليك بالتوبة‪ ،‬فاسقنا‬
‫الغيث‪ .‬فأنزل اهلل ‪-‬عز وجل‪ -‬املطر‪.‬‬
‫***‬
‫جاءت أم أنس بن مالك إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وهي متسك يد ابنها أنس ليخدم النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وطلبت منه أن‬
‫خيصه بدعائه‪ ،‬فدعا له النيب صلى اهلل عليه وسلم وقال‪( :‬اللهم أكثر ماله وولده) [متفق عليه] فعاش أنس حىت كثر ماله وولده‪ ،‬ورأى مائة‬
‫من أوالده وأحفاده‪.‬‬
‫الدعاء هو طلب العفو والرمحة واملغفرة وقضاء احلاجات من اهلل‪ ،‬وهو من العبادات اليت ُتْر ضي اهلل ‪-‬عز وجل‪ -‬فقد قال النيب صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪( :‬الدعاء هو العبادة) _[الرتمذي] مث قرأ قوله تعاىل‪{ :‬وقال ربكم ادعوين أستجب لكم إن الذين يستكربون عن عباديت‬
‫سيدخلون جهنم داخرين} [غافر‪ .]60 :‬وقال تعاىل‪{ :‬أمن جييب املضطر إذا دعاه ويكشف السوء} [النمل‪.]62 :‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ليس شـيء أكرم على اهلل تعاىل من الـدعاء) [الرتمذي وأمحد]‪.‬‬
‫وللدعاء آداب على كل مسلم أن يلتزم هبا‪ ،‬منها‪:‬‬
‫اختيار وقت الدعاء‪ :‬فهناك أوقات يستجاب فيها الدعاء‪ ،‬كشهر رمضان‪ ،‬ويوم عرفة‪ ،‬ويوم اجلمعة‪ ،‬ووقت الَّس َح ر ‪-‬آخر الليل‪ -‬واأليام‬
‫العشر األوائل من شهر ذي احلجة‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ما من أيام العمل الصاحل فيها أحب إىل اهلل من هذه األيام العشر)‪ .‬قالوا‪ :‬يا‬
‫رسول اهلل وال اجلهاد يف سبيل اهلل؟ قال‪( :‬وال اجلهاد يف سبيل اهلل إال رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) [البخاري]‪.‬‬
‫وروي أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ملا حضر شهر رمضان‪ ،‬قال‪( :‬إن هذا الشهر قد حضركم‪ ،‬وفيه ليلة خري من ألف شهر‪ .‬من‬
‫ُح رمها فقد ُح ِر َم اخلري كله وال حيرم خريه إال حمروم) [ابن ماجه]‪ .‬وقال صلى اهلل عليه وسلم عن يوم اجلمعة‪( :‬فيه ساعة ال يوافقها عبد‬
‫مسلم وهو قائم يصلى يسأل اهلل تعاىل شيًئا إال أعطاه إياه) [متفق عليه]‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ينزل اهلل إىل السماء الدنيا كل ليلة حني ميضي ثلث الليل األول‪ ،‬فيقول‪ :‬أنا امللك‪ ..‬أنا امللك‪ ..‬من ذا الذي‬
‫يدعوين فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألين فأعطيه؟ من ذا الذي يستغفرين فأغفرله؟ فال يزال كذلك حىت يضيء الفجر) [مسلم]‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬الدعاء ال يرد بني األذان واإلقامة)‬
‫[أبوداود والرتمذي والنسائي وأمحد] وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬الدعاء بني األذان واإلقامة مستجاب فادعوا) [ابن عدي]‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ فأكثروا من الدعاء) [مسلم]‪ .‬ومن أوقات إجابة الدعاء ‪-‬أيًض ا‪-‬‬
‫عند مواجهة العدو‪ ،‬وعند نزول الغيث‪ ،‬وعند صياح الِّديكة‪ ،‬وبعد الصلوات املكتوبات‪ ،‬ويف السجود‪.‬‬
‫استقبال القبلة‪ :‬خرج رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يوًم ا يصلي بالناس صالة االستسقاء‪ ،‬فجعل ظهره إىل الناس واستقبل القبلة‪ ،‬وظل‬
‫يدعو اهلل‪.‬‬
‫[متفق عليه]‪.‬‬
‫رفع اليدين‪ :‬عن عمر ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬قال‪ :‬كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إذا دعا رفع يديه‪[ .‬احلاكم]‪ .‬وقال صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪( :‬إن ربكم َح يي كرمي‪ ،‬يستحي أن يبسط العبد يديه إليه فريدمها ِص ْف ًر ا) [أبوداود والرتمذي وابن ماجه]‪.‬‬
‫الثناء على اهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬والصالة على النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬قال‬
‫سلمة بن األكوع‪ :‬ما مسعُت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يستفتح الدعاء إال استفتحه (بسبحان ريب األعلى العلي الوهاب) [أمحد]‪.‬‬
‫وذات يوم مسع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم رجًال يقول‪ :‬اللهم إين أسألك بأين أشهد أنك أنت اهلل ال إله إال أنت األحد الصمد‪ ،‬الذي‬
‫مل يلد ومل يولد‪ ،‬ومل يكن له ُك ُف ًو ا أحد‪ .‬فقال‪( :‬لقد سألَت اهلل باالسم األعظم الذي إذا سئل به أعطي‪ ،‬وإذا دعي به أجاب) [أبوداود]‪.‬‬
‫وعن فضالة بن عبيد قال‪ :‬بينا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قاعد‪ ،‬إذ دخل رجل فصلى‪ ،‬فقال‪ :‬اللهم اغفر يل وارمحين‪ ،‬فقال رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪َ( :‬عِج لَت (تسرعَت ) أيها املصلي‪ ،‬إذا صليَت فقعدَت فامحد اهلل مبا هو أهله‪ ،‬وصِّل علي‪ ،‬مث ادعه) مث صلى رجل آخر‬
‫بعد ذلك؛ فحمد اهلل‪ ،‬وصلى على النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فقال له صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬أيها املصلي! ادع جتب) [أبوداود والرتمذي‬
‫والنسائي]‪.‬‬
‫اإلحلاح يف الدعاء وتكراره ثالًثا‪ :‬قال عبد اهلل بن مسعود ‪-‬رضي اهلل عنه‪ :-‬كان صلى اهلل عليه وسلم إذا دعا دعا ثالًثا‪ ،‬وإذا سأل سأل‬
‫ثالًثا‪ ،‬وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬يستجاب ألحدكم ما مل يْع َج ل‪ .‬يقول‪ :‬قد دعوُت ريب فلم يستجب يل) [متفق عليه]‪ .‬وقال صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪( :‬ال يقولن أحدكم‪ :‬اللهم اغفر يل إن شئَت ‪ ،‬اللهم ارمحين إن شئَت ‪ .‬ليعزم املسألة فإنه ال مستكِر ه له (أي يدعو اهلل وهو موقن‬
‫أن اهلل سيقبل دعاءه‪ .‬فاهلل هو القادر على كل شيء)‬
‫[متفق عليه]‪.‬‬
‫وقال سفيان بن عيينة ‪-‬رمحه اهلل‪ :-‬ال مينعَّن أحدكم من الدعاء ما يعلم من نفسه‪ ،‬فإن اهلل أجاب دعاء شر اخللق إبليس ‪-‬لعنه اهلل‪ -‬إذ‬
‫قال‪{ :‬رب فأنظرين إىل يوم يبعثون ‪ .‬قال فإنك من املنظرين‪ .‬إىل يوم الوقت املعلوم }‬
‫[اِحلْج ر‪.]38-36 :‬‬
‫خفض الصوت بالدعاء‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ادعوا ربكم تضرًعا وخفية }‬
‫[األعراف‪ .]55 :‬وقال صلى اهلل عليه وسلم للصحابة حينما رفعوا أصواهتم بالدعاء‪( :‬إنكم ليس تدعون أصم وال غائًبا‪ ،‬إنكم تدعون‬
‫مسيًعا قريًبا‪ ،‬وهو معكم) [مسلم]‪.‬‬
‫الدعاء مبا جاء يف القرآن والسنة‪ :‬فاألفضل للمسلم أن يدعو مبا ورد يف القرآن الكرمي من أدعية كثرية‪ ،‬مثل‪{ :‬ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا‬
‫يف أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين} [آل عمران‪{ ]147 :‬ربنا آتنا يف الدنيا حسنة ويف اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار}‬
‫[البقرة‪.]201 :‬‬
‫ويدعو مبا ثبت عن النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬مثل‪( :‬اللهم أنت ريب‪ ،‬ال إله إال أنت‪ ،‬خلقتين وأنا عبدك‪ ،‬وأنا على عهدك ووعدك ما‬
‫استطعت‪ ،‬أعوذ بك من شر ما صنعت‪ ،‬أبوء لك بنعمتك‪ ،‬وأبوء لك بذنيب‪ ،‬فاغفر يل فإنه ال يغفر الذنوب إال أنت) [البخاري]‪ .‬وقوله‪:‬‬
‫(اللهم إين أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء األخالق) [النسائي]‪.‬‬
‫عدم تكلف السجع يف الدعاء‪ :‬املسلم ال يتكلف السجع يف الدعاء؛ ألن هذا مقام تضرع وخضوع‪ ،‬والتكُّلف ال يناسبه‪ .‬قال ابن عباس ‪-‬‬
‫رضي اهلل عنه‪ :-‬انظر السجع من الدعاء فاجتنبه؛ فإين عهدُت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وأصحابه ال يفعلون إال ذلك االجتناب‪.‬‬
‫[البخاري]‪.‬‬
‫وقال بعض الصاحلني‪ :‬ادع بلسان الذلة واالفتقار ال بلسان الفصاحة واالنطالق‪.‬‬
‫الدعاء للنفس مث الدعاء للغري‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ربنا اغفر لنا وإلخواننا الذين سبقونا باإلميان وال جتعل يف قلوبنا غًال للذين آمنوا ربنا إنك‬
‫رءوف رحيم}‬
‫[احلشر‪ ]10 :‬وكان صلى اهلل عليه وسلم إذا ذكر أحًد ا فدعا له بدأ‬
‫بنفسه‪[ .‬الرتمذي]‪.‬‬
‫عدم الدعاء على النفس أو األهل أو املال أو الولد‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ال تدعوا على أنفسكم‪ ،‬وال تدعوا على أوالدكم‪ ،‬وال‬
‫تدعوا على‬
‫أموالكم) [مسلم]‪.‬‬
‫الدعاء ألخيك بظهر الغيب‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬دعوة املرء املسلم ألخيه بظهر الغيب مستجابة‪ ،‬عند رأسه ملك‬
‫موَّك ل‪ ،‬كلما دعا ألخيه خبري قال امللك املوكل به‪ :‬آمني‪ ،‬ولك مبثل) [مسلم]‪.‬‬
‫الدعاء ملن أحسن إليك‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من ُصنع إليه معروٌف فقال لفاعله‪ :‬جزاك اهلل خًريا؛ فقد أبلغ يف الثناء) [الرتمذي‬
‫والنسائي]‪ .‬وقال‪( :‬ومن أتى إليكم معروًفا فكافئوه (أعطوه مكافأة) فإن مل جتدوا فادعوا له حىت تعلموا أن قد كافأمتوه) [أبوداود‬
‫والنسائي]‪.‬‬
‫طلب الدعاء من الصاحلني‪ :‬املسلم يسأل إخوانه الدعاء‪ ،‬وال سيما‬
‫الصاحلون‪ ،‬فعن عمر بن اخلطاب ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬قال‪ :‬استأذنُت النيب صلى اهلل عليه وسلم يف العمرة‪ ،‬فأذن وقال‪( :‬أي أخي‪ ،‬أشركنا يف‬
‫دعائك وال تنَس نا) فقال كلمة ما يسرين أن يل هبا الدنيا‪[ .‬الرتمذي وابن ماجه]‪.‬‬
‫عدم الدعاء بإمث أو قطيعة رحم‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ال يزال يستجاب للعبد ما مل يْد ُع بإمث أو قطيعة رحم) [مسلم]‪.‬‬
‫ذكر اهلل وطاعته والعمل الصاحل‪ :‬فالتقوى واحلرص على الطاعات‪ ،‬وهجر املعاصي واملنكرات‪ ،‬واإلسراع بالتوبة كل ذلك جيعل الدعاء‬
‫أقرب إىل‬
‫القبول‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬إمنا يتقبل اهلل من املتقني} [املائدة‪.]27 :‬‬
‫ويروى عن رب العزة سبحانه أنه قال يف احلديث القدسي‪( :‬من شغله القرآن وذكري عن مسأليت أعطيته أفضل ما أعطي السائلني)‬
‫[الرتمذي]‪.‬‬
‫احلرص على الرزق احلالل‪ :‬فقد قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬أيها الناس‪ ،‬إن اهلل طيب ال يقبل إال طيًبا‪ ،‬وإن اهلل أمر املؤمنني مبا أمر به‬
‫املرسلني‪ ،‬فقال‪{ :‬يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صاًحلا إين مبا تعملون عليم} [املؤمنون‪.]51 :‬‬
‫وقال تعاىل‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} [البقرة‪ .]172 :‬مث ذكر الرجَل يطيل السفر؛ أشعث أغرب (طويل الشعر‪،‬‬
‫غري نظيف الوجه) ميد يديه إىل السماء‪ :‬يا رب‪..‬يا رب‪ ،‬ومطعمه حرام‪ ،‬ومشربه حرام‪ ،‬وملبسه حرام وُغِّذ ي باحلرام‪ ،‬فأين (فكيف)‬
‫يستجاب لذلك) [مسلم]‪.‬‬
‫وُس ِئَل إبراهيم بن أدهم ‪-‬رمحه اهلل‪ :-‬ما بالنا ندعو فال يستجاب لنا؟‬
‫فقال‪ :‬ألن قلوبكم ماتت بعشرة أشياء‪ :‬عرفتم اهلل فلم تطيعوه‪ ،‬وعرفتم الرسول ومل تتبعوا سنته‪ ،‬وعرفتم القرآن ومل تعملوا به‪ ،‬وأكلتم ِنَعم‬
‫اهلل ومل تؤدوا شكرها‪ ،‬وعرفتم اجلنة فلم تطلبوها‪ ،‬وعرفتم النار ومل هتربوا منها‪ ،‬وعرفتم الشيطان ومل حتاربوه‪ ،‬وعرفتم املوت فلم تستعدوا‬
‫له‪ ،‬ودفنتم األموات ومل تعتربوا هبا‪ ،‬وانتبهتم من نومكم فاشتغلتم بعيوب الناس وتركتم عيوبكم‪.‬‬
‫‪Adab safar‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫آداب السفر‬
‫كان سعيد بن يسار مع عبد اهلل بن عمر ‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬يف سفر إىل مكة وكانا يسريان بالليل‪ .‬فلما اقرتب الفجر‪ ،‬نزل سعيد من‬
‫على راحلته وصلى الوتر‪ ،‬مث ركب وأدرك ابن عمر يف الطريق‪ .‬فسأله ابن عمر‪ :‬أين كنت؟ قال‪ :‬خشيت الفجر‪ ،‬فنزلت فأوترت‪ .‬فقال‬
‫ابن عمر‪ :‬أليس لك يف رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أسوة؟ فقال سعيد‪ :‬بلى‪ ،‬واهلل‪ .‬فقال ابن عمر‪ :‬إن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫كان يوتر على البعري‪[ .‬مسلم]‪.‬‬
‫***‬
‫أمر اهلل ‪-‬عز وجل‪ -‬بالسياحة يف األرض‪ ،‬والنظر واالعتبار يف آالئه ودقة صنعه وَتَد ُّبِر آثار األمم السابقة‪ .‬فقال تعاىل‪{ :‬قل سريوا يف‬
‫األرض فانظروا كيف بدأ اخللق } [العنكبوت‪ .]20 :‬وقال‪{ :‬قل سريوا يف األرض مث انظروا كيف كان عاقبة املكذبني} [األنعام‪:‬‬
‫‪ .]11‬وقال‪{ :‬هو الذي جعل لكم األرض ذلوًال فامشوا يف مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} [امللك‪ .]15 :‬وروي أن النيب صلى‬
‫اهلل عليه وسلم قال‪( :‬سافروا تصحوا‪ ،‬واغزوا تستغنوا) [أمحد]‪.‬‬
‫ويف السفر فوائد كثرية مجعها الشافعي يف قوله‪:‬‬
‫َتَغَّر ْب عن األوطان يف طلب العـال‬
‫وسافر ففي األسفار مخـس فـوائــد‬
‫تفُّر ج هِّم ‪ ،‬واكتس ــاب معيشــة‬
‫وعـلم‪ ،‬وآداب‪ ،‬وصـحـ ـبــة ماجــد‬
‫وتتعدد أسباب سفر املسلم؛ فهو يسافر للحج والعمرة‪ ،‬أو لطلب العلم‪ ،‬أو للسعي وراء الرزق‪ ،‬أو لزيارة قريب أو صديق‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫ومن آداب املسلم يف السفر‪:‬‬
‫النية الصاحلة‪ :‬املسلم جيعل من سفره قربة إىل اهلل باستحضار النية الصاحلة‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إمنا األعمال بالنيات‪ ،‬وإمنا لكل‬
‫امرئ ما نوى‪ ،‬فمن كانت هجرته إىل اهلل ورسوله‪ ،‬فهجرته إىل اهلل ورسوله‪ ،‬ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأٍة ينكحها فهجرته‬
‫إىل ما هاجر إليه) [متفق عليه]‪.‬‬
‫أن يكون السفر ملا حيبه اهلل ويرضاه‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ما من خارج من بيته إال ببابه رايتان؛ راية بيد ملك‪ ،‬وراية بيد شيطان‪،‬‬
‫فإن خرج ملا حيب اهلل اتبعه امللك برايته‪ ،‬فلم يزل حتت راية امللك حىت يرجع إىل بيته‪ .‬وإن خرج ملا يسخط اهلل اتبعه الشيطان برايته‪ ،‬فلم‬
‫يزل حتت راية الشيطان حىت يرجع إىل بيته) [أمحد والطرباين]‪.‬‬
‫االستشارة واالستخارة قبل اخلروج للسفر‪ :‬املسلم يشاور إخوانه فيما ينوي عمله من أمور؛ قال تعاىل‪{ :‬وأمرهم شورى بينهم}‬
‫[الشورى‪ ]38 :‬كما أنه يستخري ربه‪ ،‬ويعمل مبا ترتاح إليه نفسه بعدها؛ روي أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬من سعادة ابن آدم‬
‫استخارته اهلل‪ .‬ومن سعادة ابن آدم رضاه مبا قضى اهلل له‪ .‬ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة اهلل‪ .‬ومن شقاوة ابن آدم سخطه مبا قضى‬
‫اهلل له) [الرتمذي واحلاكم]‪.‬‬
‫قـضاء الديون ورد الودائع‪ :‬املسلم يؤدي ما عليه من ديون وودائع‪ ،‬وغريها من األمانات قبل سفره‪ ،‬فإن مل يقدر على سداد الَّدين‪،‬‬
‫فليستأذن املدين يف اخلروج‪ ،‬فإن أذن له خرج وإال قعد‪ .‬فعندما هاجر الرسول صلى اهلل عليه وسلم إىل املدينة ترك علي بن أيب طالب يف‬
‫مكة؛ حىت يؤدي الودائع إىل أهلها‪.‬‬
‫وصية األهل‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ما حُّق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه‪ ،‬يبيت ليلتني إال ووصيته مكتوبة عنده) [متفق‬
‫عليه]‪.‬‬
‫اخـتيار رفيق السفر‪ :‬املسلم خيتار رفيقه يف السفر من أهل الدين والتقوى ليعينه على الطاعة‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬الرجل على دين‬
‫خليله فلينظر أحدكم من خيالل) [أبوداود والرتمذي]‪ .‬وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬لو يعلم الناس ما يف الوحدة ما أعلم ما سار راكب‬
‫بليل وحده) [البخاري]‪ .‬وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬الراكب شيطان‪ ،‬والراكبان شيطانان‪ ،‬والثالثة َر ْك ٌب )‬
‫[أبو داود والرتمذي وأمحد] وقيل‪ :‬اخرت الرفيق قبل الطريق‪.‬‬
‫إعداد الزاد‪ :‬حيرص املسلم على إعداد الزاد والنفقات اليت توصله إىل غايته بسالمة اهلل‪.‬‬
‫يفضل السفر يوم اخلميس‪ :‬كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قلما خيرج يف سفر إال يوم اخلميس‪[ .‬أبو داود]‪.‬‬
‫السفر أول النهار‪ :‬دعا الرسول صلى اهلل عليه وسلم بالربكة ملن يبكرون يف أعماهلم‪ ،‬فقال‪( :‬اللهم بارك ألميت يف بكورها) [أبو داود‬
‫والرتمذي والنسائي وابن ماجه] وكان صلى اهلل عليه وسلم إذا بعث سرية أو جيًش ا بعثهم يف أول النهار‪[ .‬أبو داود]‪.‬‬
‫الصالة قبل السفر‪ :‬املسلم حيرص على صالة ركعتني قبل سفره‪ ،‬روي أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬ما خلف عبد على أهله أفضل‬
‫من ركعتني يركعهما عندهم حني يريد سفًر ا) [ابن أيب شيبة]‪.‬‬
‫توديع األهل واألصدقاء‪ :‬املسلم يودع أهله عند سفره‪ ،‬ويوصيهم خبري‪ ،‬وقد كان ابن عمر ‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬يقول للرجل إذا أراد‬
‫السفر‪ :‬هلم أوِّدعك كما ودعين رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬أستودع اهلل دينك‪ ،‬وأمانتك‪ ،‬وخواتيم عملك) [أبوداود]‪.‬‬
‫دعاء األهل واألصدقاء للمسافر‪ :‬املسلم يتمىن للمسافر التوفيق والسالمة‪ ،‬فقد ذهب رجل إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسول‬
‫اهلل‪ ،‬إين أريد السفر فزودين‪ ،‬فقال‪( :‬زودك اهلل التقوى)‪ .‬قال‪ :‬زدين‪ ،‬قال‪( :‬وغفر ذنبك)‪ .‬قال‪ :‬زدين ‪-‬بأيب أنت وأمي‪ .-‬قال‪( :‬وَيَّس ر اهلل‬
‫لك اخلَري حيثما كنت) [الرتمذي واحلاكم]‪ .‬طلب الدعاء من املسافر‪ :‬قال عمر ‪-‬رضي اهلل عنه‪ :-‬استأذنُت النيب صلى اهلل عليه وسلم يف‬
‫العمرة فأذن يل‪ ،‬وقال‪( :‬أي أخي‪ ،‬أشركنا يف دعائك وال َتْنَس َنا) [الرتمذي وابن ماجه وأمحد]‪.‬‬
‫الدعاء عند الرحيل‪ :‬ويقول عند اخلروج من البيت‪( :‬باسم اهلل‪ ،‬توكلُت على اهلل‪ .‬ال حول وال قوة إال باهلل‪ .‬رب أعوذ بك أن أضل أو‬
‫ُأََض َّل‪ ،‬أو أزل أو ُأَز ل أو أظلم أو ُأظلم‪ ،‬أو أجهل أو جيهل علي) [أبو داود]‪ .‬فإذا مشي قال‪( :‬اللهم بك انتشرُت ‪ ،‬وعليك توكلُت ‪ ،‬وبك‬
‫اعتصمُت ‪ ،‬وإليك توجهت‪ .‬اللهم أنت ثقيت‪ ،‬وأنت رجائي‪ ،‬فاكفين ما أمهين وما ال أهتم به‪ ،‬وما أنت أعلم‬
‫به مين‪ ،‬اللهم زودين التقوى‪ ،‬واغفر يل ذنيب‪ ،‬ووجهين للخري حيثما توجهت) [أبو يعلي]‪.‬‬
‫اختاذ املسافرين قائًد ا هلم من بينهم‪ :‬اجلماعة املسافرة ختتار واحًد ا منهم ليكون قائًد ا هلم‪ .‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا خرج ثالثة يف سفر‬
‫فليؤِّم روا أحدهم) [أبوداود والرتمذي]‪.‬‬
‫الدعاء عند ركوب وسيلة السفر‪ :‬كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إذا ركب اجلمل‪ ،‬وخرج يف سفر‪ ،‬كرب ثالًثا‪ ،‬مث قال‪( :‬سبحان‬
‫الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنني وإنا إىل ربنا ملنقلبون‪ .‬اللهم إنا نسألك يف سفرنا هذا الَّرِب والتقوى ومن العمل ما ترضى‪ .‬اللهم‬
‫هِّو ن علينا سفرنا هذا‪ ،‬واطِو عَّنا ُبْع َد ه‪ .‬اللهم أنت الصاحب يف السفر‪ ،‬واخلليفة يف األهل‪ .‬اللهم إين أعوذ بك من َو ْعَثاء السفر‪ ،‬وكآبة‬
‫املنظر‪ ،‬وسوء املنقلب يف املال واألهل) [مسلم]‪.‬‬
‫مراعاة مشاعر الضعاف من املسافرين‪ :‬وخاصة إذا كان السفر على األقدام فيجب مراعاة الضعيف وعدم التقدم عليه؛ حىت ال يشعر‬
‫بالعجز‪ .‬وقد قيل‪ :‬الضعيف أمري الركب‪.‬‬
‫حسن التعامل مع وسيلة السفر‪ :‬فإذا كان السفر على دابة‪ ،‬فيجب عدم إرهاقها أو ضرهبا لتسرع يف السري‪ ،‬فإن ذلك مناٍف للرمحة والرفق‬
‫باحليوان‪ ،‬كما أن العجلة من الشيطان‪ ،‬وكما قيل‪( :‬إن املنبَّت ال أرًض ا قطع‪ ،‬وال ظهًر ا أبقى)‪.‬‬
‫مراعاة آداب اجللوس أثناء الركوب‪ :‬املسلم يلتزم عند ركوب املواصالت مبجموعة من اآلداب‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -‬عدم فتح النافذة أو الباب إال بعد استئذان اجملاورين له‪.‬‬
‫‪-‬إذا تناول أحد املسافرين غذاًء أثناء السفر‪ ،‬دعا إليه اجملاورين‪.‬‬
‫‪-‬عدم رفع الصوت حبديث خاص‪.‬‬
‫‪-‬جيب على الشاب أن جيعل خري األمكنة للشيخ الكبري واملرضى والنساء‪.‬‬
‫‪-‬يراعي آداب الذوق العام‪ ،‬فال يدخن وال يبصق وال يرمي بفضالت‬
‫طعامه؛ حفاًظا على مشاعر من معه‪ ،‬وحفاًظا على نظافة املركبات‪.‬‬
‫اإلكثار من الدعاء والِّذ كر‪ :‬املسلم يكثر من الدعاء يف سفره لنفسه‬
‫وإلخوانه؛ ألن املسافر مستجاب الدعوة‪ ،‬ويكثر من الذكر‪:‬‬
‫‪-‬فإذا نزل وادًيا قال‪( :‬سبحان اهلل) وإذا صعد مكاًنا مرتفًعا قال‪( :‬اهلل أكرب)‬
‫[أبو داود]‪.‬‬
‫‪-‬وإذا أدركه الليل قال‪( :‬يا أرض‪ ،‬ريب وربك اهلل‪ ،‬أعوذ باهلل من شِّر ك‪ ،‬وشر ما فيك‪ ،‬وشر ما خلق فيك‪ ،‬وشر ما يدب عليك‪ ،‬أعوذ‬
‫باهلل من َأَس ٍد وَأْس َو د‪ ،‬ومن احلية والعقرب‪ ،‬ومن ساكن البلد‪ ،‬ومن والٍد وما ولد) [أبو داود وأمحد]‪.‬‬
‫‪-‬وإذا نزل منزال دعا اهلل بقوله‪( :‬أعوذ بكلمات اهلل التامات من شر ما خلق) [الرتمذي وابن ماجه]‪.‬‬
‫‪-‬وإذا كان على مشارف قرية أو مكان وأراد أن يدخله قال‪( :‬اللهم رب السماوات السبع وما أظللن‪ ،‬ورب األراضني السبع وما أقلْلن‪،‬‬
‫ورب الشياطني وما أضللن‪ ،‬ورب الرياح وما ذرين! أسألك خري هذه القرية‪ ،‬وخري أهلها‪ ،‬وخري ما فيها‪ ،‬ونعوذ بك من شرها‪ ،‬وشر‬
‫أهلها‪ ،‬وشر ما فيها) [النسائي]‪.‬‬
‫‪-‬وإذا أتى عليه وقت السحر (آخر الليل) أثناء السفر قال‪( :‬مسَع سامٌع حبمد اهلل وحسِن َبالئه علينا‪ ،‬ربنا َص اِح ْبنا وَأْفِض ل علينا‪ ،‬عائًذ ا باهلل‬
‫من النار) [مسلم]‪.‬‬
‫التفكر واالعتبار‪ :‬املسلم يتفكر فيما يشاهده يف سفره‪ ،‬ويتدبر يف خلق‬
‫اهلل؛ وذلك مما يزيد اإلميان‪.‬‬
‫مراعاة عادات أهل البلد‪ :‬إذا وصل املسافر إىل بلد ما‪ ،‬فعليه أن يراعي عادات أهلها وتقاليدهم؛ فال يفعل ما خيالفها‪ ،‬ما دامت ال ختالف‬
‫الشرع‪.‬‬
‫استعمال الرخصة أثناء السفر‪ :‬شرعت الرخصة للتيسري على الناس‪ ،‬وللمسافر أن يأخذ هبا ملا يف السفر من مشقة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪-‬قصر الصالة الرباعية‪ :‬فيصليها ركعتني‪ ،‬عمًال بقول اهلل ‪-‬عز جل‪{ :-‬وإذا ضربتم يف األرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصالة‬
‫إن خفتم إن يفتنكم الذين كفروا} [النساء‪.]101 :‬‬
‫‪-‬اجلمع بني الظهر والعصر (تقدًميا أو تأخًريا) وكذلك بني املغرب والعشاء‪.‬‬
‫‪-‬ويباح له الفطر يف رمضان وجيب عليه القضاء‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬فمن كان منكم مريًض ا أو على سفر فعدة من أيام أخر} [البقرة‪.]184 :‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ليس من الرب الصيام يف السفر) [متفق عليه]‪.‬‬
‫‪-‬ترك صالة اجلمعة ويصِّليها ظهًر ا‪ ،‬فال ْمُجَعة على املسافر‪.‬‬
‫اإلسراع يف العودة‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬السفر قطعة من العذاب؛ مينع أحدكم نومه وطعامه وشرابه‪ ،‬فإذا قضى أحدكم هنمته من‬
‫وجهة (أي قضى حاجته من املكان الذي كان فيه) فليعِّج ل إىل أهله) [مسلم] وعلى املسلم أال ينسى عدة أشياء عند عودته‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪-‬محل بعض اهلدايا عند العودة على قدر إمكاناته‪.‬‬
‫‪-‬دعاء العودة وهو نفسه دعاء السفر‪ ،‬غري أنه يزيد يف آخره‪( :‬آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون) [مسلم]‪.‬‬
‫‪-‬الدعاء عند االقرتاب من بلده‪ ،‬فيقول‪( :‬اللهم اجعل لنا به قراًر ا ورزًقا حسًنا) [النسائي والطرباين]‪.‬‬
‫‪-‬إرسال القادم من السفر إىل أهله من خيربهم مبقدمه حىت يستعدوا للقائه؛ فال يرى منهم ما يكره‪.‬‬
‫‪-‬أن يبدأ باملسجد‪ ،‬يصلي فيه ركعتني‪ ،‬فقد كان الرسول صلى اهلل عليه وسلم إذا قدم من سفر بدأ باملسجد‪ ،‬فركع فيه ركعتني‪[ .‬متفق‬
‫عليه]‪.‬‬
‫استقبال من يزورونه وإكرامهم‪ :‬املسلم يستقبل الذين جاءوا يهنئونه على سالمة العودة بالبشر والسرور‪ ،‬ويكرمهم قدر املستطاع‪.‬‬

‫‪Adab bekerja‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫آداب العمل‬
‫ذات يوم ذهب رجل إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وسأله أن يعطيه شيًئا من املال أو الطعام‪ ،‬فقال له النيب صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫(أما يف بيتك شيء؟)‪.‬‬
‫قال الرجل‪ :‬بلى‪ ،‬حلس (كساء) نلبس بعضه ونبسط بعضه‪ ،‬وقعب (إناء) نشرب فيه من املاء؛ فقال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ائتين‬
‫هبما)‪ .‬فأتاه الرجل هبما فأخذمها رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بيده‪ ،‬وقال‪( :‬من يشرتي هذين؟) قال رجل‪ :‬أنا آخذمها بدرهم‪ .‬قال‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من يزيد على درهم؟) قاهلا مرتني أو ثالًثا‪ ،‬فقال رجل‪ :‬أنا آخذمها بدرمهني‪ ،‬فأعطامها إياه‪ ،‬وأخذ الدرمهني‬
‫وأعطامها األنصاري‪ ،‬وقال له‪( :‬اْش ِرَت بأحدمها طعاًم ا فانبْذ ه إىل أهلك‪ ،‬واشِرت باآلخر قدوًم ا فْأتين به)‪ .‬فأتاه به‪َ ،‬فَش َّد فيه رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم عوًد ا بيده‪ ،‬مث قال للرجل‪( :‬اذهب فاحتطب ِو بْع ‪ ،‬وال َأَر يَّنك مخسة عشر يوًم ا)‪.‬‬
‫فذهب الرجل حيتطب ويبيع‪ ،‬فجاء وقد أصاب عشرة دراهم‪ ،‬فاشرتى ببعضها ثوًبا وببعضها طعاًم ا‪ ،‬فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫(هذا خري لك من أن جتيء املسألة ُنْكتًة (عالمة) يف وجهك يوم القيامة‪ .‬إن املسألة ال تصلح إال‬
‫لثالثة‪ :‬لذي فقر مدقع (شديد) أو لذي غرم مفظع (َد ين شديد) أو لذي دم موجع) [أبوداود]‪.‬‬
‫***‬
‫جلس الصحابة مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف صباح أحد األيام‪ ،‬فرأوا رجال قوَّيا‪ ،‬يسرع يف السري‪ ،‬ساعًيا إىل عمله‪ ،‬فتعجب‬
‫الصحابة من قوته ونشاطه‪ ،‬وقالوا‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬لو كان هذا يف سبيل اهلل (أي‪ :‬لكان هذا خًريا له) فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫موضًح ا هلم أنواع العمل الطيب‪( :‬إن كان خرج يسعى على ولده صغاًر ا‪ ،‬فهو يف سبيل اهلل‪ ،‬وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخني‬
‫كبريين فهو يف سبيل اهلل‪ ،‬وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو يف سبيل الشيطان) [الطرباين]‪.‬‬
‫فاإلسالم دين العمل‪ ،‬وهو عمل للدنيا‪ ،‬وعمل لآلخرة‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬وابتغ فيما آتاك اهلل الدار اآلخرة وال تنس نصيبك من الدنيا}‬
‫[القصص‪ .]77 :‬وقد أمر اهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬بالعمل والسعي يف األرض واألكل من رزق اهلل‪ ،‬فقال تعاىل‪{ :‬هو الذي جعل لكم األرض‬
‫ذلوًال فامشوا يف مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} [امللك‪.]15 :‬‬
‫وحَّث الرسول صلى اهلل عليه وسلم على العمل‪ ،‬فقال‪( :‬اعملوا فكٌّل ُميَّس ٌر ملا ُخ ِلَق له) [متفق عليه]‪ .‬وكان األنبياء مجيًعا ‪-‬عليهم الصالة‬
‫والسالم‪ -‬خري قدوة لنا يف العمل والسعي‪ ،‬فما من نيب إال ورعى الغنم‪ ،‬وكان لكل نيب حرفة وعمل يقوم به‪ ،‬وقد شارك النيب صلى اهلل‬
‫عليه وسلم أصحابه يف األعمال املختلفة‪ ،‬ومل يتميز عليهم كما حدث يف بناء املسجد أو حفر اخلندق‪ ،‬فكان حيمل الرتاب واألحجار‪.‬‬
‫وللعمل والسعي على الرزق آداب جيب على كل مسلم أن يتحلى هبا‪ ،‬منها‪:‬‬
‫استحضار النية‪ :‬املسلم يبتغي من عمله إشباع البدن من احلالل وكفه عن احلرام‪ ،‬والتقِّو ي على العبادة‪ ،‬وعمارة األرض‪.‬‬
‫عدم تأخري العمل عن وقته‪ :‬املسلم يقوم بأعماله يف أوقاهتا دون تأخري‪ ،‬وقيل يف احلكمة‪ :‬ال تؤخر عمل اليوم إىل الغد‪.‬‬
‫التبكري‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬اللهم بارك ألميت يف بكورها)‬
‫[الرتمذي وابن ماجه وأمحد]‪.‬‬
‫اجلد يف العمل‪ :‬املسلم يذهب إىل عمله جبد ونشاط‪ ،‬دون تباطؤ أو كسل‪ ،‬فمن َج َّد وجد‪ ،‬ومن زرع حصد‪ .‬قال الشاعر‪:‬‬
‫بقـدر الَك ِّد ُتْك َتســب املع ــايل‬
‫ومـن طـلب العـُـال سـهر الليالــي‬
‫ومـن طـلب العــال مـن غيـر َك ـد‬
‫أضاع العمر فــي طل ــب املـ اِل‬
‫ُـَح‬
‫إتقان العمل‪ :‬املسلم يتقن عمله وحيسنه قدر املستطاع‪ .‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إن اهلل حيب إذا عمل أحدكم عمال أن يتقنه) [البيهقي]‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إن اهلل كتب اإلحسان على كل شيء‪ ،‬فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة‪ ،‬وإذا ذحبتم فأحسنوا الذبح‪ ،‬وْلَيُح َّد أحُد كم‬
‫شفرته؛ فْلِرُي ح ذبيحته) [مسلم]‪.‬‬
‫التواضع‪ :‬الكرب يف األمور كلها مذموم‪ ،‬وقد حذر منه النيب صلى اهلل عليه وسلم فقال‪( :‬ال يدخل اجلنة من كان يف قلبه مثقال حبة من‬
‫خردل من كرب)‬
‫[أبو داود والرتمذي وأمحد]‪ .‬فْليتواضع كل رئيس ملرءوسيه‪ ،‬وْليتعاون كل مرءوس مع رئيسه‪ ،‬ولنا يف رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫القدوة احلـسنة؛ فقد كان يعاون أصحابه فيما يقومون به من عمل‪ ،‬ويساعد أهله يف تواضع عظيم‪.‬‬
‫عدم االنشغال بعمل الدنيا عن العبادة والطاعة‪ :‬املسلم يعمل لكي حيصل على الكسب الطيب له وألسرته‪ ،‬وهو عندما يعمل يكون واثًق ا‬
‫من حتقيق أمر اهلل؛ إذ يقول‪{ :‬فامشوا يف مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} [امللك‪.]15 :‬‬
‫وإذا كان العمل الكتساب الرزق وإعفاف النفس عن املسألة عبادة يف‬
‫حد ذاته‪ ،‬فإن ذلك ال يشغلنا عن طاعة اهلل فيما أمرنا به من سائر العبادات‪.‬‬
‫البعد عن العمل احلرام‪ :‬املسلم خيتار عمال ال يتعارض مع أصل شرعي‪ ،‬فال يعمل يف بيع اخلمور أو فيما شابه ذلك‪.‬‬
‫األمانة‪ :‬املسلم أمني يف عمله؛ ال يغش وال خيون‪ ،‬وال يتقاضى رشوة من عمله وهو حافظ ألسرار العمل‪ ،‬ويؤديه على أكمل وجه‪،‬‬
‫وكذلك صاحب العمل عليه أن حيفظ للعاملني حقوقهم؛ فيدفع هلم األجر املناسب دون ظلم‪ ،‬وال يكلفهم ما ال يطيقون من العمل‪ ،‬كما‬
‫أنه يوفر هلم ما حيتاجون إليه من رعاية صحية واجتماعية‪.‬‬

‫‪Adab di hari raya‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫آداب األعياد‬
‫يف يوم عيد دخل أبو بكر الصديق ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬على ابنته السيدة‬
‫عائشة ‪-‬رضي اهلل عنها‪ -‬وكانت عندها جاريتان من جواري األنصار‪ُ ،‬تغِّنيان مبا قالته األنصار من شعر عن حرب يوم ُبعاث (هي حرب‬
‫كانت بني األوس واخلزرج قبل اإلسالم) فقال أبو بكر‪ :‬أمزامري الشيطان يف بيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم؟ فقال صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪( :‬يا أبا بكر‪ ،‬إن لكل قوم عيًد ا‪ ،‬وهذا عيدنا) [البخاري]‪.‬‬
‫***‬
‫جعل اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬للمسلمني عيدين‪ ،‬مها عيد الفطر‪ ،‬وعيد األضحى‪ ،‬يأتيان بعد أداء فريضتني من فرائض اإلسالم‪ ،‬فيأيت عيد الفطر بعد‬
‫فريضة صوم رمضان‪ ،‬ويأيت عيد األضحى بعد أداء فريضة احلج‪ ،‬وأعياد املسلمني تعرب عن فرحتهم وسعادهتم مبا أكرمهم اهلل به من توفيق‬
‫وإعانة هلم على الطاعة‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫{قل بفضل اهلل وبرمحته فبذلك فليفرحوا هو خري مما جيمعون} [يونس‪.]58 :‬‬
‫ومن اآلداب اليت نراعيها يف أعيادنا‪:‬‬
‫إحياء ليلة العيد بالقيام والذكر‪ :‬فليلة العيد من الليإىل املباركة اليت يكثر فيها اخلري واألجر والثواب؛ لذا جيب على املسلم أن حيرص يف ليلة‬
‫العيد على ذكر اهلل والقيام والصالة حىت يفوز برضا اهلل ‪-‬سبحانه‪.-‬‬
‫الُغسل والتطيب ولبس أمجل الثياب‪ :‬فقد كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يلبس عند اخلروج إىل صالة العيد أمجل ثيابه‪ ،‬فعن احلسن‬
‫بن علي ‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬قال‪ :‬أمرنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف العيدين أن نلبس أجود ما جند‪ ،‬وكان رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم يلبس للعيدين أمجل ثيابه‪.‬‬
‫[احلاكم]‪.‬‬
‫األكل قبل اخلروج إىل صالة عيد الفطر‪ :‬فمن السنة أن يأكل املسلم مترات وتًر ا قبل الذهاب إىل صالة عيد الفطر‪ ،‬ويؤخر األكل حىت‬
‫يرجع من الصالة يف عيد األضحى؛ فيأكل من أضحيته إن كان قد ضَّح ى‪ ،‬فعن بريدة ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬قال‪ :‬كان النيب صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ال خيرج يوم الفطر حىت َيطعم‪ ،‬وال يطعم يوم األضحى حىت يصلي [الرتمذي]‪.‬‬
‫وعن أنس بن مالك ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬أن النيب صلى اهلل عليه وسلم كان يفطر على مترات يوم الفطر قبل أن خيرج إىل املصلى‪[ .‬الرتمذي]‬
‫التبكري يف الذهاب إىل املصَّلى‪ :‬املسلم يستيقظ يف يومي العيد مبكًر ا‪ ،‬فيصلي الفجر‪ ،‬مث خيرج إىل مكان الصالة‪ ،‬ففي يوم عيد األضحى‪،‬‬
‫قال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إن أول ما نبدأ به يف يومنا هذا أن نصلي‪ ،‬مث نرجع فننحر (أي نذبح األضحية) [البخاري]‪.‬‬
‫الصالة يف اخلالء‪ :‬من السنة أداء صالة العيد يف اخلالء واألماكن الفسيحة‪ ،‬ما مل يكن هناك عذر كمطر أو حنوه‪ ،‬وقد كان النيب صلى اهلل‬
‫عليه وسلم خيرج يف صالة العيد إىل اخلالء (املصَّلى)‪ .‬ومل يصِّل النيب صلى اهلل عليه وسلم العيد مبسجده إال مرة واحدة لنزول املطر‪ ،‬فعن‬
‫أيب هريرة ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬أنه قال‪ :‬أصاب الناَس مطٌر يف يوم عيد على عهد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فصلى هبم يف املسجد‪[ .‬ابن‬
‫ماجه]‪.‬‬
‫خروج النساء والصبيان‪ :‬يستحب خروج النساء والصبيان يف العيدين للمصلى؛ فعن أم عطية األنصارية ‪-‬رضي اهلل عنها‪ -‬قالت‪ُ( :‬أِم ْر نا‬
‫أن ْخُنرج العواتق (البنات األبكار) وذوات اخلدور‪ ،‬ويعتزل اُحليُض ا َص َّلى [البخاري]‪.‬‬
‫ُمل‬
‫تأخري صالة عيد الفطر وتعجيل صالة عيد األضحى‪ :‬وذلك حىت تصل الزكاة للفقري قبل عيد الفطر‪ ،‬فيسعد هبا هو وأبناؤه‪ ،‬وُيَعَّج ل‬
‫بصالة عيد األضحى‪ ،‬حىت يتمكن الناس من ذبح ُأضحياهتم‪.‬‬
‫وكان النيب صلى اهلل عليه وسلم يصلي عيد الفطر بعد الشروق بنحو عشرين دقيقة‪ ،‬ويصلي األضحى بعد الشروق بنحو عشر دقائق‬
‫تقريًبا‪.‬‬
‫عدم األذان أو اإلقامة لصالة العيدين‪ :‬فعن جابر بن ُمَسَر ة ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬قال‪ :‬صليت مع النيب صلى اهلل عليه وسلم العيدين غري مرة وال‬
‫مرتني بغري أذان وال إقامة‪[ .‬الرتمذي]‪.‬‬
‫عدم الصالة قبل صالة العيد أو بعدها‪ :‬صالة العيد ليس هلا سنة قبلها أو بعدها‪ ،‬ومل يكن النيب صلى اهلل عليه وسلم وأصحابه يصلون إذا‬
‫ذهبوا إىل املصلى شيًئا قبل صالة العيد وال َبعدها‪ .‬قال ابن عباس ‪-‬رضي اهلل عنه‪( :-‬خرج رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يوم عيد‪،‬‬
‫فصلى ركعتني مل يصِّل قبلهما وال بعدمها [متفق عليه]‪.‬‬
‫اجللوس الستماع اُخلطبة بعد الصالة‪ :‬فقد كان صلى اهلل عليه وسلم خيرج يوم الفطر واألضحى إىل املصلى‪ ،‬وأول شيء يبدأ به هو‬
‫الصالة‪ ،‬مث ينصرف فيقوم مقابل الناس‪ ،‬والناس جلوس على صفوفهم‪ ،‬فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم‪ ،‬فعن ابن عمر ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬قال‪:‬‬
‫كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وأبو بكر وعمر ‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬يصلون العيدين قبل اخلطبة‪[ .‬البخاري]‪.‬‬
‫وعن ابن عباس ‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬قال‪ :‬خرجُت مع النيب صلى اهلل عليه وسلم يوم فطر أو أضحى‪ ،‬فصلى‪ ،‬مث خطب‪ ،‬مث أتى النساء‬
‫فوعظهن وذَّك رهن‪ ،‬وأمرهـن بالصدقة‪[ .‬البخاري]‪.‬‬
‫املصافحة والتهنئة‪ :‬إذا انتهى املسلمون من أداء صالة العيد‪ ،‬فعليهم أن يبادروا بالتصافح والتسليم وتبادل التهنئة‪ ،‬فقد كان أصحاب النيب‬
‫صلى اهلل عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد‪ ،‬يقول بعضهم لبعض‪ :‬تقبل اهلل منا ومنك‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ما من مسلَم ني يلتقيان فيتصافحان إال ُغِف ر هلما قبل أن يفرتقا [أبوداود والرتمذي وأمحد]‪.‬‬
‫الرجوع من طريق آخر‪ :‬املسلم يرجع إىل بيته ‪-‬بعد أداء صالة العيد‪ -‬من طريق خمالف لطريق الذهاب‪ ،‬وذلك لتشهد له املالئكة‪ ،‬ويأخذ‬
‫األجر باتباع سنة النيب صلى اهلل عليه وسلم؛ فإنه إذا كان يوم عيد خالف الطريق‪[ .‬البخاري] وجيوز الرجوع من نفس الطريق‪ ،‬وإن‬
‫كانت خمالفته أفضل‪.‬‬
‫صلة األرحام‪ :‬فذلك من سنة النيب صلى اهلل عليه وسلم الذي أمرنا بصلة األرحام واألقارب وزيارهتم وهتنئتهم بالعيد‪ ،‬وقد قال صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪( :‬من سَّر ه أن يبسط له يف رزقه‪ ،‬ويْنَس َأ له يف أثره‪ ،‬فليصل رمحه [متفق عليه]‪ .‬وإن كانت صلة األرحام واجبة يف غري أيام‬
‫العيد‪ ،‬فهي يف العيد أوىل‪.‬‬
‫العطف على الفقراء واليتامى‪ :‬املسلم يكثر من الصدقة واإلنفاق على الفقراء واملساكني‪ ،‬وميسح دموع اليتامى‪ ،‬وحيسن إليهم‪ ،‬وقد أمر‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم بإخراج زكاة الفطر إىل الفقراء واملستحقني قبل خروج الناس إىل صالة العيد‪ ،‬فقال‪( :‬أغنوهم يف هذا اليوم‬
‫[البيهقي والدارقطين]‪.‬‬
‫اللعب واللهو املباح‪ :‬ال مينعنا ديننا السمح من الرتويح عن النفس‪ ،‬ومنحها البهجة والسرور‪ ،‬قال أنس ‪-‬رضي اهلل عنه‪ :-‬قدم النيب صلى‬
‫اهلل عليه وسلم املدينة‪ ،‬وهلم يومان يلعبون فيهما‪ ،‬فقال‪( :‬قد أبدلكم اهلل هبما خًريا منهما‪ :‬يوم الفطر‪ ،‬ويوم األضحى [النسائي]‪.‬‬
‫عدم الصوم‪ :‬هنى النيب صلى اهلل عليه وسلم عن صيام يومي العيد سواء أكان الصوم فرًض ا أم تطوًعا‪ ،‬قال عمر بن اخلطاب ‪-‬رضي اهلل‬
‫عنه‪ :-‬إن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم هنى عن صيام هذين اليومني‪( :‬أما يوم الفطر ففطركم من صومكم‪ ،‬وأما يوم األضحى فكلوا‬
‫من ُنُس ككم [أمحد]‪ .‬كما يكره صيام أيام التشريق ‪-‬وهي األيام الثالثة اليت تلي عيد األضحى‪.-‬‬
‫التكبري يف أيام العيدين‪ :‬من هدي النيب صلى اهلل عليه وسلم أنه كان يكثر من التكبري يف يومي العيدين ويف األيام الثالثة اليت تلي عيد‬
‫األضحى‪ ،‬وهي تسمى‪ :‬أيام التشريق‪ ،‬حىت عصر اليوم الثالث‪.‬‬
‫ومن صيغ التكبري‪( :‬اهلل أكرب اهلل أكرب‪ ،‬ال إله إال اهلل‪ ،‬واهلل أكرب اهلل أكرب‪ ،‬وهلل احلمد [الدارقطين]‪.‬‬
‫فما أمجل اإلسالم الذي حرص على أن يدخل الفرحة والبهجة على املسلمني من حني آلخر! فجعل هلم عيدين‪ ،‬يسعدون هبما ويفرحون‪،‬‬
‫ويف هذين اليومني يتصاىف املسلمون مجيًعا‪ ،‬فال مكان للتخاصم بينهم‪.‬‬

‫‪Adab makan dan minum‬‬

‫اآلداب االسالمية‬
‫آداب الطعام والشراب‬
‫كان عمر بن أيب سلمة ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬غالًم ا صغًريا ترىب عند النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وذات يوم جلس يأكل مع النيب صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬فكان ال يأكل من أمامه‪ ،‬وال يتأدب بآداب الطعام‪ ،‬فقال له النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬يا غالم َس ِّم اهلل‪ ،‬وُك ْل بيمينك‪ ،‬وُك ْل مما‬
‫يليك [متفق عليه]‪.‬‬
‫***‬
‫جلس رجل مع النيب صلى اهلل عليه وسلم على طعام‪ ،‬فأكل الرجل بشماله‪ ،‬فنهاه النيب صلى اهلل عليه وسلم عن ذلك‪ ،‬وقال له‪( :‬كل‬
‫بيمينك)‪ .‬فتكرب الرجل وقال‪ :‬ال أستطيع ‪-‬مع أنه يستطيع أن يأكل بيمينه‪ -‬فقال له النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ال استطعت) ما منعه إال‬
‫الكرب‪ُ .‬فُش َّلْت يد الرجل‪ ،‬ومل يقدر على رفعها إىل فمه بسبب كربه وخمالفته ألمر النيب صلى اهلل عليه وسلم‪[ .‬مسلم]‪.‬‬
‫***‬
‫اإلنسان ال يستغىن يف حياته عن الطعام والشراب‪ ،‬لكن املسلم ال ينظر إىل الطعام والشراب على أهنما هدف وغاية ينبغي أن يسعى إليها‪،‬‬
‫وإمنا جيعل طعامه وشرابه وسيلة يتوصل هبا إىل احلفاظ على حياته ومرضاة ربه سبحانه‪.‬‬
‫وهناك آداب جيدر بكل مسلم أن يتحلى هبا يف طعامه وشرابه‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫األكل من احلالل‪ :‬على املسلم أن حيرص على األكل من احلالل واجتناب احلرام‪ ،‬يقول تعاىل‪{:‬يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما‬
‫رزقناكم واشكروا هلل إن كنتم إياه تعبدون} [_البقرة‪ .]172 :‬وروي أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬طلب احلالل واجب على كل‬
‫مسلم‪[ .‬الطرباين]‪ .‬لذلك فاملسلم يبتعد عن الطعام والشراب احملرم‪ ،‬مثل حلم اخلنزير‪ ،‬والدم‪ ،‬وامليتة‪ ،‬واخلمر‪ ...،‬ويستمتع مبا خلقه اهلل من‬
‫طيبات‪.‬‬
‫االعتدال‪ :‬فاملسلم يعتدل يف األخذ بأسباب الدنيا وملذاهتا‪ ،‬وقد أمر‬
‫اهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬بالتوسط يف الطعام والشراب‪ ،‬فقال‪{ :‬وكلوا واشربوا وال تسرفوا إنه ال حيب املسرفني} [األعراف‪ .]31 :‬وقال صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪( :‬ما مأل آدمي وعاًء شَّر ا من بطنه‪ ،‬حبسب ابن آدم أكالت يِق ْمَن صلبه‪ ،‬فإن كان ال حمالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث‬
‫لَنَف ِس ه [الرتمذي]‪.‬‬
‫غسل اليدين قبل الطعام‪ :‬املسلم حيرص على النظافة‪ ،‬وغسل اليدين قبل األكل وبعده؛ ألن دينه دين النظافة والطهارة‪.‬‬
‫التسمية يف أول الطعام‪ :‬يقول النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا أكل أحدكم فليذكر اسم اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬فإن نسي أن يذكر اسم اهلل تعاىل يف‬
‫أوله‪ ،‬فليقل‪ :‬بسم اهلل أوله وآخره [أبو داود والرتمذي]‪ .‬وروي أن النيب صلى اهلل عليه وسلم رأى رجال يأكل‪ ،‬ومل يَس ِّم اهلل حىت مل يْبَق‬
‫من طعامه إال لقمة‪ ،‬فلما رفعها إىل فيه (فمه) قال‪ :‬باسم اهلل أوله وآخره‪ .‬فضحك النيب صلى اهلل عليه وسلم مث قال‪( :‬ما زال الشيطان‬
‫يأكل معه‪ ،‬فلما ذكر اسم اهلل استقاء ما يف بطنه‪.‬‬
‫[أبو داود والنسائي]‪.‬‬
‫عدم عيب الطعام‪ :‬املسلم ال يعيب طعاًم ا اقتداًء برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فقد كان ال يعيب طعاًم ا أبًد ا‪ ،‬إن أحبه أكله‪ ،‬وإن كرهه‬
‫تركه‪.‬‬
‫النية يف الطعام‪ :‬املسلم حيول مجيع أعماله إىل طاعة وعبادة باستحضار النية الصاحلة‪ ،‬فهو يأكل امتثاال ألمر اهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬ومن أجل تقوية‬
‫جسمه واحملافظة على حياته؛ حىت يؤدي دوره يف احلياة ويقوم بعبادة اهلل‪.‬‬
‫التفكر يف آالء اهلل املنعم الرازق‪ :‬فعلى املسلم أن ينظر فيما أمامه من ألوان الطعام وروائحه املختلفة وأصنافه املتعددة‪ ،‬وقد خرجت كلها‬
‫من األرض‪ ،‬فسبحان اهلل الذي أنبتها وهيأها لإلنسان‪.‬‬
‫األكل من جانب الطعام‪ :‬املسلم يأكل من جانب الطعام مما يليه وال يأكل من وسطه‪ ،‬وقد أمر صلى اهلل عليه وسلم عمر بن أيب سلمة أن‬
‫يأكل مما أمامه‪ .‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا أكل أحدكم طعاًم ا فال يأكل من أعلى الصحفة‪ ،‬ولكن ليأكل من أسفلها‪ ،‬فإن الربكة تنزل‬
‫من أعالها [أبو داود والرتمذي]‪.‬‬
‫االجتماع على الطعام‪ :‬يستحب االجتماع على الطعام لتنزل الربكة على احلاضرين‪ ،‬يقول النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬طعام الواحد يكفي‬
‫االثنني‪ ،‬وطعام االثنني يكفي األربعة‪ ،‬وطعام األربعة يكفي الثمانية [مسلم]‪.‬‬
‫وقد جاء مجاعة من أصحاب النيب صلى اهلل عليه وسلم يشكون إليه أهنم يأكلون وال يشبعون‪ ،‬فقال هلم النيب صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫(فاجتمعوا على طعامكم‪ ،‬واذكروا اسم اهلل يبارك لكم فيه [أبو داود]‪.‬‬
‫عدم استعمال أواين الذهب والفضة‪ :‬ال جيوز للمسلم أن يستعمل األواين املصنوعة من الذهب والفضة يف طعامه أو شرابه‪ .‬قال النيب صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪( :‬إن الذي يأكل أو يشرب يف آنية الذهب والفضة إمنا َجيْر ِج ُر يف بطنه نار جهنم‪[ .‬مسلم]‪ .‬واملسلم يأكل بيده‪ ،‬أو ما تيسر‬
‫له من أدوات املائدة‪.‬‬
‫جلسة الطعام‪ :‬يستحب للمسلم إذا كان يأكل على األرض أن جيلس على إحدى قدميه ويرفع األخرى‪ ،‬وال مانع من أن يتناول طعامه‬
‫على مائدة‪ ،‬ويكره أن جيلس املسلم متكًئا‪ ،‬وقد قال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ال آكل متكًئا)‪[ .‬البخاري]‪.‬‬
‫عدم األكل يف الشارع‪ :‬املسلم يتجنب األكل والشرب وهو ميشي يف الشوارع؛ ألن ذلك ال يتناسب مع آداب األكل‪ ،‬وينايف آداب‬
‫الطريق‪.‬‬
‫كيفية الشرب‪ :‬إذا أراد املسلم أن يشرب ماًء أو غريه ‪-‬مما أحل اهلل من املشروبات‪ -‬فعليه أن يشرب على ثالث مرات وأن يتنفس خارج‬
‫اإلناء‪ ،‬وأن يسمي اهلل إذا شرب وحيمد اهلل إذا انتهى‪ ،‬وال ينفخ يف الشراب‪ ،‬فقد كان النيب صلى اهلل عليه وسلم ال ينفخ يف شراب‪[ .‬ابن‬
‫ماجه] وروي أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬ال تشربوا واحًد ا كشرب البعري‪ ،‬ولكن اشربوا مثىن‬
‫وثالث‪ ،‬وُّمسوا إذا شربتم‪ ،‬وامحدوا إذا أنتم رفعتم [الرتمذي]‪.‬‬
‫محد اهلل عقب األكل‪ :‬إذا انتهى املسلم من طعامه فإنه حيمد اهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬ويشكره‪ ،‬يقول النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من أكل طعاًم ا‬
‫فقال‪ :‬احلمد هلل الذي أطعمين هذا ورزقنيه من غري حول مين وال قوة‪ .‬غفر له ما تقدم من ذنبه [أبو داود والرتمذي والنسائي وأمحد]‪.‬‬
‫وكان النيب صلى اهلل عليه وسلم إذا رفع مائدته قال‪( :‬احلمد هلل محًد ا كثًريا طيًبا مبارًك ا فيه غري َم ْك ِف ي وال ُمستغين عنه ربنا [البخاري]‪.‬‬
‫ويقول صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إن اهلل لريضى عن العبد أن يأكل األكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها [مسلم والنسائي‬
‫والرتمذي]‪.‬‬
‫االقتصاد يف الطعام‪ :‬املسلم يقتصد يف طعامه وشرابه‪ ،‬فهو يشرتي كمية الطعام اليت تكفيه‪ ،‬حىت ال يضطر إىل إلقاء كميات كبرية من‬
‫طعامه يف سلة القمامة‪ ،‬فهو يعلم أن هناك من املسلمني يف أحناء العامل من ال جيد لقمة خبز وال‬
‫شربة ماء‪.‬‬
‫بقايا الطعام‪ :‬اإلسالم دين النظافة‪ ،‬واملسلم نظيف‪ ،‬ال يلقي القمامة يف الشارع‪ ،‬ولكنه حيرص على وضعها يف صندوق خاص‪ ،‬فإلقاء‬
‫القمامة يف الشوارع تؤدي إىل كثرة احلشرات‪ ،‬مما يؤدي إىل انتشار األوبئة واألمراض‪ ،‬وليحرص املسلم على أن يكون طعامه على قدر‬
‫حاجته‪ ،‬فإن اشرتى طعاًم ا يعلم أنه زائد عن حاجته؛ أهدى جلريانه منه‪.‬‬
‫أكل طعام غري املسلمني‪ :‬أحَّل اهلل للمسلم أن يأكل من أطعمة أهل الكتاب (وهم اليهود والنصارى) قال تعاىل‪{ :‬اليوم أحل لكم الطيبات‬
‫وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل هلم} [املائدة‪ ]5 :‬وذلك بشرط أال يكون الطعام والشراب حراًم ا مثل حلم اخلنزير أو‬
‫اخلمر‪ ،‬فعندئذ ال حيل أكله أو‬
‫شربه‪.‬‬

‫‪Adab buang air‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫آداب قضاء احلاجة‬


‫عن أيب هريرة ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬نزلْت يف أهل ُقَباء‪{ :‬فيه رجال حيبون أن يتطهروا واهلل حيب‬
‫املطهرين} [التوبة‪ .]108:‬كانوا يستنجون باملاء‪ ،‬فنزلت فيهم اآلية [أبو داود والرتمذي‬
‫وابن ماجه]‪.‬‬
‫***‬
‫قيل لسلمان الفارسي ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬قد علمكم نبيكم كل شيء حىت اخلراءة (قضاء احلاجة) [مسلم]‪ .‬فما أعظم هذا الدين! ما ترك‬
‫شيًئا ‪-‬ولو صغًريا‪ -‬إال دَّل املسلمني عليه‪ ،‬ومن اآلداب اليت حيرص عليها املسلم يف قضاء حاجته‪:‬‬
‫قـضاء احلاجة يف املكان املخصص‪ :‬املسلم جيتنب قضاء احلاجة والتبول يف موارد املاء‪ ،‬أو يف مكان جتمع الناس أو يف ظلهم‪ ،‬أو يف الطرقات‬
‫أو الشوارع على مرأى من الناس‪.‬‬
‫قال الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬اتقوا الَّلَّعانني)‪ .‬قالوا‪ :‬وما اللعانان يا رسول اهلل؟ قال‪( :‬الذي يتخَّلى (يقضي حاجته) يف طريق الناس‬
‫أو يف ظلهم [مسلم]‪.‬‬
‫الدخول بالِّر جل اليسرى واخلروج بالِّر جل اليمىن‪ :‬اخلالء أو دورة املياه مكان توجد فيه النجاسات‪ ،‬لذلك فاملسلم يدخل إليه برجله‬
‫اليسرى‪ ،‬وخيرج برجله اليمىن‪.‬‬
‫الدعاء قبل الدخول‪ :‬يقول‪( :‬بسم اهلل‪ .‬اللهم إين أعوذ بك من اُخلْبث واخلبائث [النسائي]‪ .‬أي أحتصن وأعتصم باهلل من ذكور الشياطني‬
‫وإناثهم‪.‬‬
‫عدم اصطحاب شيء فيه ذكر اهلل‪ :‬املسلم ال يدخل اخلالء ومعه مصحف أو شيء فيه ذكر اسم اهلل‪ ،‬إال إذا كان ال يأمن عليه عند تركه‬
‫باخلارج؛ وقد كان للنيب صلى اهلل عليه وسلم خامت منقوش فيه‪ :‬حممد رسول اهلل‪ ..‬وكان إذا دخل اخلالء وضع خامته‪[ .‬أبوداود]‪.‬‬
‫عدم التحدث أثناء قضاء احلاجة‪ :‬فقد مر رجل على الرسول صلى اهلل عليه وسلم وهو يبول‪ ،‬فَس َّلم عليه فلم يرد عليه‪[ .‬مسلم]‪ .‬ويكره‬
‫أن جيتمع اثنان على قضاء احلاجة ويتحدثان‪ ،‬فقد أخرب النيب صلى اهلل عليه وسلم أن اهلل يكره‬
‫ذلك‪.‬‬
‫التعجل يف اخلروج بعد قضاء احلاجة‪ :‬فإن أمت املسلم قضاء حاجته‪ ،‬فعليه أال يطيل املقام يف اخلالء‪ ،‬وخيرج سريًعا‪.‬‬
‫عدم اإلسراف يف املياه‪ :‬فاإلسراف يف كل شيٍء مذموم‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬وال تسرفوا إنه ال حيب املسرفني} [األعراف‪.]31 :‬‬
‫استخدام اليد اليسرى‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا بال أحدكم فال يأخذَّن ذكره بيمينه‪ ،‬وال يستنجى بيمينه [متفق عليه]‪.‬‬
‫عدم استقبال القبلة أو استدبارها‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا أتيتم الغائط فال تستقبلوا القبلة وال تستدبروها ببول وال غائط لكن‬
‫شرقوا أو غربوا [مسلم]‪.‬‬
‫أما إذا كان يف البناء كدورات املياه احلالية‪ ،‬فقد أجاز بعض األئمة له ذلك‪.‬‬
‫التسرت‪ :‬إذا كان املسلم على سفر أو كان يف أرض ليس هبا مكاٌن خمصٌص لقضاء احلاجة‪ ،‬فله أن يقضيها بعيًد ا عن أعني الناس‪ ،‬مع مراعاة‬
‫التسرت‪ ،‬وال يكشف من عورته إال ما حيتاج إليه لقضاء حاجته‪ ،‬فعن جابر ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬قال‪ :‬خرجنا مع النيب صلى اهلل عليه وسلم يف‬
‫سفر‪ ،‬وكان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ال يأيت الَبَر اَز (مكان قضاء احلاجة) حىت يتغيب (خيتفي) فال يَر ى‪[ .‬ابن ماجه]‪.‬‬
‫وَم َّر صلى اهلل عليه وسلم على قربين فقال‪( :‬إهنما ليعذبان‪ ،‬وما يعذبان يف كبري‪ :‬أما أحدمها فكان ال يسترت من بوله‪ ،‬وأما اآلخر فكان‬
‫ميشي بالنميمة‪.‬‬
‫[متفق عليه]‪.‬‬
‫االستنجاء‪ :‬وهو تنظيف حمل البول أو الرباز باملاء أو احلجارة‪ ،‬وقد مدح‬
‫اهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬الصحابة ‪-‬رضوان اهلل عليهم‪ -‬الستنجائهم باملاء‪ ،‬فقال تعاىل‪{ :‬فيه رجال حيبون أن يتطهروا واهلل حيب املطهرين} [التوبة‪:‬‬
‫‪.]108‬‬
‫االستجمار‪ :‬وهو استخدام ثالثة أحجار يف إزالة النجاسة‪ ،‬وذلك عند عدم وجود املاء‪ ،‬وميكن استخدام املناديل الورقية‪ ،‬أو ما حيل حملها‪.‬‬
‫عدم التبول يف مهب الريح‪ :‬لئال ترتد إليه النجاسة‪.‬‬
‫عدم التبول يف املاء الراكد‪ :‬فقد هنى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن البول يف املاء الراكد‪[ .‬النسائي]‪.‬‬
‫عدم التبول يف جحر‪ :‬خشية أن تصيبه حشرة أو أذى‪.‬‬
‫اجللوس عند التبول‪ :‬اجللوس أثناء التبول أفضل من الوقوف حىت ال يعود رذاذ البول عليه‪ ،‬فتصيبه النجاسة‪ ،‬فإن تأكد من عدم رجوعه‬
‫عليه ميكن له أن يبول واقًف ا‪.‬‬
‫غسل األيدي وتنظيفها‪ :‬املسلم حيرص على غسل يديه باملاء والصابون بعد قضاء حاجته‪.‬‬
‫الدعاء عند اخلروج‪ :‬فقد كان النيب صلى اهلل عليه وسلم إذا خرج من الغائط قال‪( :‬غفرانك) [أبوداود]‪ .‬وكان يقول‪( :‬احلمد هلل الذي‬
‫أذهب عين األذى وعافاين) [ابن ماجه]‪.‬‬
‫الوضوء‪ :‬كان بالل بن رباح ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬يتوضأ بعد أن يقضي حاجته ويصلي‪ ،‬فقال له النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬يا بالل‪ ،‬حدثين‬
‫بأرجى عمل عملَته يف اإلسالم‪ ،‬فإين مسعت َدَّف نعليك بني يدي يف اجلنة (أي‪ :‬اذكر يل أفضل عمل عملتَه؛ ألنين مسعت صوت أقدامك‬
‫يف اجلنة يف رؤيا رأيتها باألمس)‪ .‬قال بالل‪ :‬ما عملت عمال أرجى عندي من أين مل أتطهر طهوًر ا يف ساعة من ليل أو هنار إال صليُت‬
‫بذلك الطهور ما ُك ِتَب يل أن أصلي‪[ .‬متفق عليه]‪.‬‬

‫‪Adab tidur‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫آداب النوم‬
‫نام الرسول صلى اهلل عليه وسلم عند أم املؤمنني السيدة ميمونة ‪-‬رضي اهلل عنها‪ -‬حىت منتصف الليل‪ ،‬مث استيقظ‪ ،‬فأخذ ميسح وجهه بيده‬
‫ليذهب أثر النوم‪ ،‬وقرأ آخر عشر آيات من خواتيم سورة آل عمران‪ ،‬مث قام فتوضأ فأحسن الوضوء‪ ،‬مث قام فصلى‪[ .‬البخاري]‪.‬‬
‫***‬
‫النوم نعمة من نعم اهلل تعاىل‪ ،‬وآية من آياته سبحانه‪ ،‬يقول اهلل ‪-‬تعاىل‪{ :-‬ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن يف‬
‫ذلك آليات لقوم يسمعون} [الروم‪.]23 :‬‬
‫وحىت يستفيد املسلم من نومه‪ ،‬وجيعله طاعة هلل رب العاملني؛ فهناك عدة آداب ينبغي على املسلم أن يراعيها وأن حيرص عليها عند نومه‪،‬‬
‫وهي‪:‬‬
‫النوم مبكًر ا‪ :‬فاملسلم ينام مبكًر ا‪ ،‬وال يكثر من السهر بعد العشاء إال لضرورة كمذاكرة علم؛ وذلك ليستيقظ مبكًر ا‪ ،‬ويبدأ يومه نشيًطا‪.‬‬
‫النوم على وضوء‪ :‬يقول الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا أتيَت مضجعَك فتوضأ وضوءك للصالة) [متفق عليه]‪.‬‬
‫النوم يف مكان نظيف‪ :‬فاملسلم حيرص على نظافة املكان الذي ينام فيه‪ ،‬فال يأكل وال يشرب يف مكان نومه‪.‬‬
‫النوم يف مكان آمن‪ :‬املسلم حيرص على أن ينام يف مكان آمن‪ ،‬ال يتعرض فيه ألية أخطار‪ ،‬فال ينام ‪-‬مثًال‪ -‬على سطح ليس له سور‪ .‬قال‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من نام على سطح بيت ليس له ِح َج ار (سور) فقد َبِر َئْت منه الذمة (أي ال ذنب ألحد فيما حيدث له) [أبو داود]‪.‬‬
‫الدعاء عند النوم‪ :‬فهناك أدعية وأذكار مأثورة عن النيب صلى اهلل عليه وسلم وعلى املسلم أن حيافظ عليها عند نومه ومنها‪:‬‬
‫‪(-‬بامسك اللهم أموت وأحيا) [البخاري]‪.‬‬
‫‪(-‬بامسك ريب وضعت جنيب وبك أرفعه‪ ،‬إن أمسكت نفسي فارمحها‪ ،‬وإن أرسلتها فاحفظها مبا حتفظ به عبادك الصاحلني) [البخاري]‪.‬‬
‫‪(-‬اللهم أسلمُت نفسي إليك‪ ،‬ووجهُت وجهي إليك وفوضُت أمري إليك‪ ،‬وأجلأُت ظهري إليك‪ ،‬رغبًة ورهبًة إليك‪ ،‬ال ملجَأ وال منجى‬
‫منك إال إليك‪ ،‬آمنُت بكتابك الذي أنزلَت ‪ ،‬وبنبيَك الذي أرسلَت ) [البخاري]‪.‬‬
‫‪-‬سبحان اهلل (‪ )33‬مرة‪ ،‬احلمد هلل (‪ )33‬مرة‪ ،‬اهلل أكرب (‪ )43‬مرة‪[ .‬البخاري]‪.‬‬
‫‪-‬قراءة آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة‪.‬‬
‫النوم على اجلنب األمين‪ :‬فاملسلم يبدأ بالنوم على شقه األمين‪ ،‬وال بأس من التحول إىل الشق األيسر فيما بعد ذلك‪.‬‬
‫حماسبة النفس‪ :‬فاملسلم يعلم أن النوم موتة صغرى قد ال يقوم منها‪ ،‬لذا فهو حياسب نفسه على ما فعل يف يومه‪ ،‬فإن كان خًريا محد اهلل‪،‬‬
‫وعزم على املزيد‪ ،‬وإن كان شَّر ا طلب من اهلل املغفرة والتوبة‪.‬‬
‫قال عمر بن اخلطاب ‪-‬رضي اهلل عنه‪ :-‬حاسبوا أنفسكم قبل أن حتاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توَز نوا‪.‬‬
‫االلتزام بآداب الرؤيا‪ :‬فإن كانت الرؤيا خًريا فليستبشر هبا ويذكرها إلخوانه‪ ،‬وإن كانت الرؤيا حمزنة فال يذكرها ألحد وليستعذ باهلل من‬
‫شرها‪.‬‬
‫قيام الليل‪ :‬املسلم حيرص على صالة القيام والتهجد يف الليل‪ .‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬أفضل الصالة بعد الفريضة صالة الليل) [مسلم]‪.‬‬
‫احلرص على صالة الفجر‪ :‬فيجب على املسلم أن يستيقظ مبكًر ا ويصلي الفجر‪ ،‬وال يظل نائًم ا حىت شروق الشمس‪.‬‬
‫الدعاء عند االستيقاظ من النوم‪ :‬إذا استيقظ املسلم من نومه فإنه يقول‪ :‬احلمد هلل الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور‪ .‬مث يغسل يديه‬
‫ويتوضأ‪.‬‬
‫تقليل ساعات النوم‪ :‬االعتدال يف كل شيء هو مسة من مسات املسلم‪ ،‬فهو ال يسرف يف النوم؛ ألن كثرة النوم تؤدي إىل الكسل واخلمول‪.‬‬
‫‪Adab berpakaian‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫آداب اللباس‬
‫دخل أحد الصحابة على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وكان يلبس خاًمتا من ذهب‪ ،‬فأمسك النيب صلى اهلل عليه وسلم بيده‪ ،‬وخلع‬
‫اخلامت من إصبعه‪ ،‬وألقى به على األرض‪ ،‬وقال‪( :‬يعمد أحدكم إىل مجرة من نار فيجعلها يف يده) مث انصرف النيب صلى اهلل عليه وسلم‪،‬‬
‫فقال بعض الناس للرجل‪ :‬خذ خامتك انتفع به‪ .‬قال‪ :‬ال‪ .‬واهلل ال آخذه أبًد ا وقد ألقاه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫***‬
‫كان العرب قبل اإلسالم يطوفون حول الكعبة وهم عراة‪ ،‬يقصدون بذلك أن يتجردوا من كل الثياب اليت عصوا اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬فيها‪ ،‬فأتى‬
‫اإلسالم وأكد أن العربة بطهارة اجلوهر مع التحلي بالزينة املناسبة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬يا بين آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} [األعراف‪:‬‬
‫‪.]31‬‬
‫كان النيب صلى اهلل عليه وسلم جيلس مع صحابته فقال هلم‪( :‬ال يدخل اجلنة من كان يف قلبه مثقال ذرة من كرب)‪ .‬فقال رجل‪ :‬إن الرجل‬
‫حيب أن يكون ثوبه حسًنا ونعله حسنة‪ .‬فبني له النيب صلى اهلل عليه وسلم أن ُح سن املظهر ومجال امللبس أمر حسن حيبه اإلسالم وليس من‬
‫الكرب‪ ،‬قائال‪( :‬إن اهلل مجيل حيب اجلمال‪ .‬الِكْبُر بطر احلق (إي إنكاره) وغمط الناس (أي احتقارهم)‬
‫[مسلم]‪.‬‬
‫واملسلم يعلم أن املالبس نعمة من اهلل تعاىل لعباده؛ فبها يسرتون عوراهتم‪ ،‬ويتقون احلر والربد‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬وجعل لكم سرابيل تقيكم‬
‫احلر}‬
‫[النحل‪.]81 :‬‬
‫وقال تعاىل‪{ :‬يا بين آدم قد أنزلنا عليكم لباًس ا يواري سوءاتكم وريًش ا ولباس التقوى ذلك خري ذلك من آيات اهلل لعلهم يذكرون}‬
‫[األعراف‪ .]26 :‬وهكذا ترشد اآليات إىل أمهية املالبس اليت تسرت النفس‪ ،‬كما ترشد إىل أن خري ما يسرت اإلنسان به نفسه التقوى؛ ألهنا‬
‫تقي صاحبها من عذاب اهلل وغضبه‪ ،‬كما تقي الثياب اجلسد من احلر والربد‪.‬‬
‫ويقول الشاعر‪:‬‬
‫إذا املرُء مل يلبْس ثياًبا من الُّتقـى‬
‫تقلب ُعرياًنا وإن كـأن كـاسـيـا‬
‫وخري لـباس املـرِء طاعة ربـه‬
‫وال خيـر فيمن كان هلل عـاصــيا‬
‫وهناك آداب حيرص املسلم على االلتزام هبا يف زيه ولباسه‪ ،‬منها‪:‬‬
‫عدم التباهي هبا‪ :‬فعلى املسلم أال يتخذ من مالبسه وسيلة للمباهاة والتفاخر‪.‬‬
‫وليس من التباهي حب املرء أن يكون ثوبه حسًنا وملبسه حسًنا‪ ،‬فقد ظن بعض الصحابة أن ذلك من التباهي والكربياء فحزن لذلك‪،‬‬
‫فطمأنه الرسول صلى اهلل عليه وسلم وقال‪( :‬إن اهلل مجيل حيب اجلمال) [مسلم]‪.‬‬
‫التوسط‪ :‬فال تكون باهظة الثمن؛ ألن ذلك من قبيل اإلسراف‪ ،‬وال تكون رخيصة‪ ،‬بل تكون متوسطة‪ .‬فالتوسط يف األمور كلها مطلوب‬
‫وحممود‪.‬‬
‫مناسبتها للمرء‪ :‬فال تلبس النساء مالبس الرجال‪ ،‬وال يلبس الرجال مالبس النساء‪ .‬ويف احلديث‪( :‬لعن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫الرجل يلبس ِلبسة املرأة‪ ،‬واملرأة تلبس ِلبسة الرجل) [أبو داود]‪.‬‬
‫أال يلبس الرجال احلرير والذهب‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪ُ( :‬ح ِّر م لباس احلرير والذهب على ذكور أميت‪ ،‬وأحل إلناثهم) [أمحد‬
‫والرتمذي]‪.‬‬
‫اجلمال والتناسق‪ :‬حبيث تكون مناسبة للحجم‪ ،‬فال يرتدي الصغري مالبس الكبري‪ ،‬وال يرتدي الكبري مالبس الصغري حىت ال تبعث على‬
‫السخرية‪ ،‬وحيسن أن تكون ألواهنا متناسقة‪.‬‬
‫التصدق باملالبس‪ :‬فيقوم املسلم بإعطائها من يستحق تقرًبا إىل اهلل ‪-‬تعاىل‪ .-‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ما من مسلم كسا مسلًم ا ثوًبا إال‬
‫كان يف حفٍظ من اهلل ما دام منه عليه) [الرتمذي]‪.‬‬
‫ارتداء الثياب البيضاء‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬البسوا من ثيابكم البياض؛ فإهنا أطهر وأطيب‪ ،‬وَك ِّفنوا فيها موتاكم) [النسائي]‪ .‬وهذا‬
‫األمر على سبيل االستحباب‪ ،‬وليس اإللزام‪ ،‬فال مانع أن يلبس اإلنسان من األلوان األخرى ما يناسبه‪.‬‬
‫شكر اهلل على الثوب اجلديد‪ :‬فقد كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إذا لبس ثوًبا جديًد ا مساه بامسه ‪-‬قميًص ا أو رداًء أو عمامة‪ -‬مث‬
‫يقول‪( :‬اللهم لك احلمد‪ .‬أنت كسوَتنيه أسألك من خريه وخري ما ُصنع له‪ ،‬وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له) [أبوداود والرتمذي]‪.‬‬
‫واملسلم حيمد ربه على نعمة الثياب واملالبس‪ ،‬فيقول‪( :‬احلمد هلل الذي كساين ما أواري به عوريت وأجتمل به يف الناس) [الرتمذي]‪ .‬وكان‬
‫أصحاب النيب صلى اهلل عليه وسلم إذا لبس أحدهم ثوًبا قيل له‪ :‬تْبلى وخيلف اهلل تعاىل‪ .‬وقد رأى النيب صلى اهلل عليه وسلم عمر بن‬
‫اخلطاب ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬وقد لبس ثوًبا‪ ،‬فقال له‪( :‬البس جديًد ا‪ ،‬وعش محيًد ا‪ ،‬ومت شهيًد ا) [ابن ماجه وأمحد وابن السين]‪.‬‬
‫البدء باليمني عند اللبس‪ :‬على املسلم أن يراعي عند ارتداء الثياب أن يبدأ باليمني؛ ملا يف ذلك من خري وبركة‪ ،‬وكان الرسول صلى اهلل‬
‫عليه وسلم يعجبه التيمن يف شأنه كله‪[ .‬متفق عليه] وإذا أراد أن خيلعها فْليبدأ باجلانب األيسر‪.‬‬
‫ذكر اهلل عند خلع الثياب‪ :‬فإذا خلع املسلم ثيابه قال‪ :‬باسم اهلل الذي ال إله إال هو‪ .‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪َ( :‬س ْتُر ما بني أعني اجلن‬
‫وَعْو رات بين آدم إذا وضع أحدهم ثوبه أن يقول‪ :‬باسم اهلل) [الطرباين]‪.‬‬
‫نظافة امللبس‪ :‬املسلم حيرص على أن يكون ثوبه حسًنا نظيًف ا‪ ،‬كما حيرص على كي مالبسه‪ ،‬فإن نظافة امللبس تعطي اإلنسان احرتاًم ا‬
‫ووقاًر ا بني الناس‪.‬‬
‫تعطريه‪ :‬كان صلى اهلل عليه وسلم إذا أعطاه أحد عطًر ا أو طيًبا ال يرفضه‪ ،‬وكان حيب الروائح احلسنة‪ ،‬ويقول‪( :‬حبب إيل من الدنيا‬
‫النساء والطيب) [النسائي]‪.‬‬
‫ثياب املرأة‪ :‬املسلمة تلتزم بالزي اإلسالمي‪ ،‬وتلبس ما يسرت عورهتا‪ ،‬ويغطي بدهنا‪ ،‬وهي ال تلبس املالبس القصرية أو الشفافة أو الضيقة أو‬
‫ما إىل ذلك مما يؤدي إىل الفتنة‪ ،‬وإشعال نار الشهوة‪.‬‬
‫لبس أمجل الثياب يوم اجلمعة ويف العيدين‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من اغتسل يوم اجلمعة فأحسن طهوره‪ ،‬ولِبس من أحسن ثيابه‪،‬‬
‫ومَّس ما كتب اهلل له من طيب أهله‪ ،‬مث أتى اجلمعة‪ ،‬ومل يْلُغ (مل خيطئ ومل يقل قوال باطال) ومل يفِّر ق بني اثنني‪ُ :‬غِف َر له ما بينه وبني‬
‫اجلمعة األخرى) [أبوداود وابن ماجه وأمحد]‪.‬‬
‫ويقول احلسن ‪-‬رضي اهلل عنه‪ :-‬أمرنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف العيدين أن نلبس أجود ما جند‪ ،‬وأن نتطيب بأجود ما جند‪ ،‬وأن‬
‫نضِّح ي بأمثن ما جند‪[ .‬احلاكم]‪.‬‬

‫‪Adab bercanda‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫آداب املزاح‬
‫مَّر النيب صلى اهلل عليه وسلم ذات يوم على مجاعة من أصحابه يتسابقون يف الرمي بالنبال‪ ،‬فقال هلم‪( :‬ارموا بين إمساعيل فإن أباكم كان‬
‫رامًيا‪ ،‬ارموا وأنا مع بين فالن)‪ .‬فتوقف أحد الفريقني عن الرمي‪ ،‬فقال هلم الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ما لكم ال ترمون؟)‪ .‬فقالوا‪:‬‬
‫كيف نرمي وأنت معهم؟ فقال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ارموا‪ ،‬فأنا معكم كلكم) [البخاري]‪.‬‬
‫***‬
‫كان بعض األحباش يلعبون عند النيب صلى اهلل عليه وسلم وهو يف املسجد‪ ،‬ويلهون حبراهبم‪ ،‬فلما دخل عمر ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬املسجد‬
‫أمسك قبضة من احلصى‪ ،‬ورماهم هبا‪ ،‬فقال له النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬دعهم يا عمر) [البخاري]‪.‬‬
‫ذات يوم‪ ،‬جاء رجل إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم وقال له‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬امحلين (أي أنه يريد ناقة يركبها) فقال النيب صلى اهلل عليه‬
‫وسلم مازًح ا‪( :‬إنا حاملوك على ولد ناقة)‪ .‬فظن الرجل أن ولد الناقة سيكون صغًريا ضعيًف ا‪ ،‬وال يقدر على محله‪ ،‬فقال للرسول صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ :‬وما أصنع بولد الناقة؟ فقال له النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬وهل تلد اإلبل إال النوق) [أبو داود والرتمذي]‪.‬‬
‫اإلسالم ال يرفض اللعب واللهو املباح‪ ،‬وكان النيب صلى اهلل عليه وسلم ميزح مع أصحابه وال يقول إال حَّقا‪.‬‬
‫وهناك آداب جيب على املسلم أن يراعيها يف لعبه ومزاحه منها‪:‬‬
‫الصدق يف املزاح‪ :‬فاملسلم يبتعد عن الكذب يف املزاح‪ ،‬وقد حَّذ ر النيب صلى اهلل عليه وسلم من الكذب يف املزاح‪ ،‬فقال‪( :‬ال يؤمن العبد‬
‫اإلميان كله حىت يرتك الكذب يف املزاحة واملراء) [أمحد والطرباين]‪.‬‬
‫االعتدال يف املزاح‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ال تكثر الضحك‪ ،‬فإن كثرة الضحك متيت القلب) [الرتمذي]‪ .‬كما جيب على املسلم أن‬
‫يدرك أمهية الوقت فال يقضي وقًتا طويال يف املزاح واللعب يرتتب عليه تقصري يف الواجبات واحلقوق‪.‬‬
‫البعد عن السخرية‪ :‬جيب على املسلم أن يبتعد يف مزاحه وهلوه عن السخرية واالستهزاء باآلخرين‪ ،‬أو حتقريهم‪ ،‬أو إظهار بعض عيوهبم‬
‫بصورة تدعو للضحك والسخرية‪ .‬يقول تعاىل‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا ال يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خًريا منهم وال نساء من نساء‬
‫عسى أن يكن خًريا منهن وال تلمزوا أنفسكم وال تنابزوا باأللقاب بئس االسم الفسوق بعد اإلميان ومن مل يتب فأولئك هم الظاملون}‬
‫[احلجرات‪.]11 :‬‬
‫النية الطيبة يف املزاح‪ :‬مثل مؤانسة األصحاب والتودد إليهم‪ ،‬والتخفيف عن النفس وإبعاد السأم وامللل عنها‪.‬‬
‫اختيار الوقت واملكان املناسبنْي ‪ :‬هناك أوقات وأماكن ال جيوز فيها الضحك واملزاح واللهو‪ ،‬مثل‪ :‬أوقات الصالة‪ ،‬وعند زيارة املقابر‪،‬‬
‫وعند ذكر املوت‪ ،‬وعند قراءة القرآن‪ ،‬وعند لقاء األعداء‪ ،‬ويف أماكن العلم‪.‬‬
‫عدم املزاح يف الزواج والطالق واملراجعة‪ :‬فقد هنى النيب صلى اهلل عليه وسلم عن املزاح يف هذه األشياء الثالثة وبنَّي أن املزاح واجلد فيها‬
‫جد‪ ،‬فلو مزح إنسان وطلق زوجته أصبح الطالق واقًعا‪.‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ثالث جدهن جد وَهْز ُهُلن جد‪ :‬النكاح والطالق والرجعة (أي أن يراجع الرجل امرأته بعد أن يطلقها)‬
‫[أبوداود]‪.‬‬
‫عدم املزاح بالسالح‪ :‬املسلم ال ُيرعب أخاه‪ ،‬وال حيمل عليه السالح‪ ،‬حىت ولو كان ميزح معه‪ ،‬فرمبا يوسوس له الشيطان‪ ،‬وجيعله يقدم‬
‫على إيذاء أخيه املسلم‪ ،‬قال الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من محل علينا السالح فليس منا) [مسلم]‪.‬‬
‫وكذلك املسلم ال يتطاول على أخيه‪ ،‬فيمزح معه مستخدًم ا يده؛ ألن ذلك يقلل االحرتام بينهما‪ ،‬ورمبا يؤدي إىل العداوة‪.‬‬
‫عدم املزاح يف أمور الدين‪ :‬املسلم حيرتم دينه‪ ،‬ويقدس شعائره‪ ،‬لذلك فهو يبتعد عن الدعابة اليت ميكن أن يكون فيها استهزاء باهلل ‪-‬عز‬
‫وجل‪ -‬ومالئكته وأنبيائه‪ ،‬وشعائر اإلسالم كلها‪.‬‬

‫‪Adab berolahraga‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫آداب الرياضة‬
‫يف غزوة ُأُح د تقدم (ُمَسَر ة بن ُج ْنُد ب) و(رافع بن َخ ِد يج) إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم كي يسمح هلما باالشرتاك يف املعركة ضمن‬
‫صفوف املسلمني‪ ،‬وكانا صغريين مل يتجاوزا اخلامسة عشرة‪ ،‬فرفض الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ومل يقبل اشرتاكهما يف املعركة‪ ،‬فقيل‬
‫للرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬إن رافًعا جييد الرمي بالسهم‪ .‬فوافق النيب صلى اهلل عليه وسلم على اشرتاكه بعد اختباره‪ ،‬وعندها شعر‬
‫(مسرة) بالغرية والرغبة يف اجلهاد مثل (رافع) فذهب إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم وسأله أن يضمه إىل صفوف اجليش كما ضم رافًعا‪،‬‬
‫وقال له‪ :‬إين أْص َر ع رافًعا ‪-‬أي أغلبه يف املصارعة‪ -‬فتصارعا فغلب ُمسرة رافًعا‪ ،‬فقبل الرسول صلى اهلل عليه وسلم االثنني ليكونا يف‬
‫صفوف املسلمني يف قتال املشركني يوم ُأحد‪.‬‬
‫حيرص املسلم أن يكون متني البنيان قوي اجلسم‪ ،‬ولكي يصل إىل ذلك البد من ممارسة الرياضة البدنية؛ فهي ضرورية لإلنسان‪ .‬قال صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪( :‬املؤمن القوي خري وأحب إىل اهلل من املؤمن الضعيف‪ ،‬ويف كٍّل خٌري)‬
‫[مسلم وابن ماجه]‪ .‬وقال عمر بن اخلطاب ‪-‬رضي اهلل عنه‪ :-‬عِّلموا أوالدكم السباحة والرماية وركوب اخليل‪.‬‬
‫وللرياضة البدنية فوائد كثرية؛ فهي تزيد سرعة الدم‪ ،‬فتزيد نسبة األكسجني الذي يصل إىل اجلسم‪ ،‬وهي توِّس ع الصدر‪ ،‬وتقي اإلنسان من‬
‫أمراض الرئتني‪ ،‬وهبا ينمو اجلسم ويقوى‪ .‬هذا خبالف الفوائد اخللقية والعقلية؛ فهي تغرس يف اإلنسان العادات احلميدة‪ ،‬وتبعث على اهلمة‬
‫العالية‪ ،‬وتنمي العقل‪ ،‬وقد قيل‪ :‬العقل السليم يف اجلسم السليم‪.‬‬
‫ومن آداب الرياضة البدنية ما يلي‪:‬‬
‫استحضار النية‪ :‬فاملسلم يستحضر النية‪ ،‬وميارس الرياضة اليت تقويه على طاعة اهلل‪ ،‬ومتكنه من القيام حبقوق الناس على الوجه األكمل‪ ،‬وال‬
‫يتخذ من الرياضة مظهًر ا يتباهى به أمام الناس‪ .‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إمنا األعمال بالنيات) [متفق عليه]‪.‬‬
‫مراعاة السن‪ :‬فلكل سن رياضة تناسبه‪ ،‬فال يصلح لألطفال أن ميارسوا الرياضة الشاقة والعنيفة‪.‬‬
‫جتنب احلرام‪ :‬املسلم ميارس من الرياضة ما يفيده بدنيا وذهنيا‪ ،‬وأفضلها ما جاءت به السنة‪ ،‬وما يقاس عليها؛ كالرماية‪ ،‬والفروسية‪،‬‬
‫والسباحة‪ ،‬واجلري‪ ،‬وألعاب القوى‪ .‬أما إذا كانت الرياضة حمَّر مًة؛ كسباقات املراهنة‪ ،‬فعلى املسلم أن يبتعد عنها‪ ،‬وعلى املسلم أن يتجنب‬
‫ما قامت حوله الشبهة كالطاولة وأمثاهلا‪ ،‬مما يضيع الوقت وال فائدة تعود منها‪.‬‬
‫تنظيم الوقت‪ :‬املسلم ينظم وقته؛ فيخُّص عمله ومذاكرته بوقٍت ‪ ،‬وممارسته للرياضة بوقت آخر‪ ،‬ونومه بوقت ثالث؛ حبيث ال يطغى وقت‬
‫على آخر‪ .‬فالرياضة املعتدلة املنظمة هي اليت تقوي اجلسم‪ ،‬بعكس اإلفراط الذي يؤدي إىل التعب واإلجهاد‪.‬‬
‫اختيار املكان املناسب‪ :‬من األفضل ممارسة الرياضة يف األماكن الواسعة النظيفة كالنوادي‪ ،‬وأفنية املدارس‪ ،‬واحلدائق الواسعة؛ حيث يتوفر‬
‫اهلواء النقي‪.‬‬
‫عدم االختالط‪ :‬فال ميارس البنون الرياضة مع البنات ألن هذا خيالف الشرع‪ ،‬فيجب على املسلم أن يبتعد منذ صغره عن كل ما يثري الفتنة‬
‫وحيرك الشهوات‪.‬‬
‫احلرص على الزمالء‪ :‬فال نفعل ما يضُّر هم أو يصيبهم بأذى؛ ألن الرياضة ُتعِّلم ممارسيها األدب واألخالق‪ ،‬وحب الزمالء‪.‬‬
‫عدم العصبية‪ :‬فاهلدف من الرياضة هو تقوية جسم اإلنسان‪ ،‬ونشر احملبة واملودة بني سائر الناس‪ ،‬أما إذا كانت الرياضة ستشعل بينهم‬
‫العصبية‪ ،‬وتؤدي هبم إىل املشاجرة واخلصام‪ ،‬فهنا جيب على املسلم أال يشارك يف هذا النوع‬
‫من الرياضة‪.‬‬
‫سرت العورة‪ :‬جيب على املسلم أال يلبس يف ممارسته الرياضة شيًئا خيالف الشرع والدين؛ فيلتزم بالزي الساتر لبدنه وعورته‪ ،‬كما حيرم على‬
‫املرأة أن تكشف شيًئا من جسمها أثناء ممارسة الرياضة‪.‬‬
‫عدم االنشغال هبا عن العبادة‪ :‬كذلك ال تكون الرياضة يف وقت‬
‫العبادة ‪-‬كالصالة‪ -‬حىت ال يتأخر عن أدائها‪ .‬كذلك فاملسلم ال يفطر يف رمضان من أجل الرياضة‪.‬‬
‫عدم إعاقة التعلم‪ :‬املسلم يهتم بطلب العلم‪ ،‬وحيرص على التعليم‪ ،‬لذلك فهو حيرص على أال تشغله الرياضة عن دراسته وتعليمه‪ ،‬بل جيعل‬
‫من الرياضة وسيلة لتفوقه‪.‬‬
‫املواظبة‪ :‬فخري األعمال أدومها وإن قلت‪ ،‬ويف ممارسة الرياضة بانتظام‪ :‬ابتعاد عن الشعور بامللل والسأم‪ ،‬وتقوية للجسم حىت ال يصاب‬
‫مبكروه‪.‬‬
‫حسن اخللق‪ :‬املسلم يتمسك بأخالقه الطيبة عند اللعب‪ ،‬ويبتعد عن السباب والشتم‪ ،‬ويتعود الصرب والتحمل‪ ،‬وحيرتم من يلعب معه‪.‬‬
‫مراعاة اجلنس (النوع)‪ :‬فاملسلمة ال متارس األلعاب العنيفة؛ كحمل األثقال أو الكاراتيه أو املالكمة وغريها مما يتناىف مع أنوثتها‪ ،‬وال متارس‬
‫الرياضة يف حضور الرجال؛ صوًنا هلا؛ ووقاية من إثارة الغرائز‪ ،‬كما حث على ذلك ديننا احلنيف‪.‬‬
‫واإلسالم حيرص على أن يكون أفراده أقوياء البدن‪ ،‬كما حيرص على أن يكونوا أقوياء اإلميان‪ ،‬وذلك حىت يكون اإلنسان لبنة صاحلة يف‬
‫اجملتمع املسلم‪ ،‬فمن صفات املؤمنني أهنم‪{ :‬أشداء على الكفار رمحاء بينهم} [الفتح‪.]29 :‬‬

‫‪Adab ziarah‬‬
‫اآلداب االسالمية‬

‫آداب الزيارة‬
‫حكى النيب صلى اهلل عليه وسلم لصحابته أن رجال خرج مسافًر ا من قريته‪ ،‬ليزور أًخ ا له يف قرية أخرى؛ فأرسل اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬إليه على‬
‫الطريق مَلًك ا‪ ،‬فلما مَّر عليه قال له امللك‪ :‬أين تريد؟ قال‪ :‬أريد أًخ ا يل يف هذه القرية‪ .‬قال امللك‪ :‬هل لك عليه من نعمة ترهُّب ا (أي تقوم هبا‬
‫وتسعى يف صالحها)؟ قال‪ :‬ال‪ .‬غري أين أحببُته يف اهلل ‪-‬عز وجل‪ .-‬قال‪ :‬فإين رسول اهلل إليك بأن اهلل قد أحبك كما أحببته فيه‪[ .‬مسلم]‪.‬‬
‫***‬
‫زيارة املسلم ألخيه املسلم من الواجبات اليت جيب أن حيرص عليها‪ ،‬خاصة يف مناسبات الفرح واحلزن‪ ،‬ويف ذلك يقول النيب صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪( :‬مثل املؤمنني يف تواِّدهم وترامحهم وتعاطفهم مثل اجلسد؛ إذا اشتكى منه عضٌو تداعى له سائر اجلسد باحلمى والسهر) [متفق‬
‫عليه]‪ .‬ولكل مناسبة من مناسبات الزيارة آداب ختصها‪ ،‬وحيرص عليها املسلم‪ ،‬وذلك كما يلي‪:‬‬
‫زيارة التهنئة‪ :‬تقبل اهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬توبة الصحايب اجلليل كعب بن مالك ورفيقيه‪ :‬هالل بن أمية ومرارة بن الربيع الذين ختلفوا عن اخلروج‬
‫مع املسلمني لقتال الروم يف موقعة (تبوك) من غري عذر مقبول‪ ،‬ونزل القرآن الكرمي بتوبتهم‪ ،‬فأسرع رجل إىل كعب يبشره‪ ،‬فناداه‪ ،‬يا‬
‫كعب بن مالك‪َ ،‬أْبِش ْر ‪.‬‬
‫فخرج كعب مسرًعا‪ ،‬واجته إىل املسجد حيث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فقام إليه طلحة بن عبيد اهلل ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬يهرول حىت‬
‫صافحه وهَّنأه‪ ،‬بتوبة اهلل عليه وملا وصل كعب إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم هَّنأه‪ ،‬وبَّشره بقوله‪( :‬أبشر خبري يوم َم َّر عليك منذ‬
‫ولدتك أمك) [البخاري]‪.‬‬
‫***‬
‫فاملسلم يهنئ أخاه إذا نال خًريا؛ كزواج‪ ،‬أو مولود‪ ،‬أو جناح‪ ،‬أو ربح‪ ،‬أو فوز‪ ،‬أو جناة من ضر‪ ،‬أو عودة غائب له‪ ،‬أو غري ذلك‪،‬‬
‫ويزوره‪ .‬ويف زيارة التهنئة يتحلى املسلم باآلداب التالية‪:‬‬
‫إظهار السرور والفرح‪ :‬حىت لو كان الزائر به ما حيزن‪ ،‬فيجب أن يظهر الِبْش ر والسرور؛ مشاركة منه ألخيه‪.‬‬
‫املصافحة واملعانقة‪ :‬يقول صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬تصافحوا يذهب الِغُّل) [مالك]‪.‬‬
‫إحضار هدية ما أمكن ذلك‪ :‬فإن ذلك أبلغ يف إظهار مشاعر احلب والفرح‪ .‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬هتادوا حتاُّبوا) [مالك]‪ .‬وقال‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬هتادوا فإن اهلدية تذهب َو ْح َر الصدر (احلقد والغيظ والغضب والعداوة)‬
‫[الرتمذي وأمحد]‪.‬‬
‫ذكر عبارات التهنئة‪ :‬فإن كانت التهنئة مبولود‪ ،‬تقول له‪( :‬أنبته اهلل نباًتا‬
‫حسًنا)‪ .‬أو تقول له‪ُ( :‬بوِر َك لك يف املوهوب‪ ،‬وشكرَت الواهب‪ ،‬وُر زقت ِبَّر ه‪ ،‬وَبَلَغ أشده)‪.‬‬
‫وإن كانت التهنئة بزواج تقول‪( :‬بارك اهلل لك‪ ،‬وبارك عليك‪ ،‬ومجع بينكما يف خري) [الرتمذي]‪.‬‬
‫وإن كانت التهنئة بارتداء ثوب جديد‪ ،‬تقول‪ُ( :‬تْبِلى وْخيُلُف اهلل‪ .‬والبْس جديًد ا‪ ،‬وِعْش محيًد ا‪ ،‬ومت شهيًد ا)‪.‬‬
‫وإن كانت التهنئة يف األعياد تقول‪( :‬تقبل اهلل منا ومنك)‪..‬‬
‫زيارة التعزية واملواساة‪:‬‬
‫استشهد جعفر بن أيب طالب ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬وعلم النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فذهب إىل بيت جعفر‪ ،‬وأحضر أوالده الصغار وقَّبلهم‪،‬‬
‫فسألته أمساء زوجة جعفر‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬أبلغك عن جعفر شيء؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قتل اليوم‪ .‬فقامت تبكي‪ ،‬فخفف الرسول صلى اهلل عليه‬
‫وسلم عنها‪ ،‬ورجع إىل بيته‪ ،‬وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬اصنعوا ألهل جعفر طعاًم ا‪ ،‬فإنه قد جاءهم ما يشغلهم) [الرتمذي]‪.‬‬
‫***‬
‫التعزية ختفف أمل املصاب‪ ،‬وهتِّدئ من َرْو ِعه وفزعه‪ ،‬وتسِّك ُن حزنه وجزعه‪ .‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من َعَّز ى مصاًبا فله مثل أجره)‬
‫[الرتمذي وابن ماجه]‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم ألصحابه يوًم ا‪( :‬ما تعدون الَّرُقوب فيكم؟)‪ .‬قالوا‪ :‬الذي ال يولد له‪ .‬فقال‪( :‬ليس ذلك بالرقوب‪ ،‬ولكنه الرجل‬
‫الذي مل يقدم من ولده شيًئا (أي مل ميت أحد أبنائه) [مسلم]‪ .‬وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من قدم ثالثة من الولد مل يبلغوا احلنث (أي‪:‬مل‬
‫يبلغوا احللم) كانوا له حصًنا حصيًنا من النار) فقال أبو ذر ‪-‬رضي اهلل عنه‪ :-‬قدمُت اثنني‪ .‬فقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬واثنني)‪ .‬فقال ُأيَب‬
‫بن كعب ‪-‬سيد القراء‪ :-‬قدمُت واحًد ا‪ .‬قال‪( :‬وواحًد ا) [ابن ماجه]‪.‬‬
‫وللتعزية واملواساة آداب جيدر بكل مسلم اتباعها‪ ،‬منها‪:‬‬
‫املسارعة‪ :‬إذا علم املسلم بوفاة أحد من أقاربه أو جريانه أو أصدقائه وجب عليه زيارة أهله لتعزيتهم يف مصاهبم‪ ،‬واالشرتاك معهم يف‬
‫تشييع جنازته؛ عمال بقول النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬حق املسلم على املسلم مخس‪ :‬رد السالم‪ ،‬وعيادة املريض‪ ،‬واتباع اجلنائز‪ ،‬وإجابة‬
‫الدعوة‪ ،‬وتشميت العاطس) [متفق عليه]‪.‬‬
‫عدم التأخر عن ثالثة أيام‪ :‬فإن طرأ عليه طارئ أَّخ ره عن املسارعة‪ ،‬فينبغي أن تكون الزيارة قبل مضي ثالثة أيام‪ ،‬وجيب أن يتوجه املسلم‬
‫بنفسه‪ ،‬وال يكتفي بربقية التعزية إال يف حاالت الضرورة فقط‪.‬‬
‫صنع الطعام‪ :‬يستحب لألقارب واألصحاب أن يصنعوا ألهل امليت طعاًم ا؛ ألهنم يكونون يف ُشْغل مبصاهبم مينعهم من إعداده‪ .‬قال صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪( :‬اصنعوا ألهل جعفر طعاًم ا فإنه قد جاءهم ما يشغُلهم) [الرتمذي]‪.‬‬
‫تعزية النساء‪ :‬خترج النساء حمتشمات غري متربجات بزينة‪ ،‬وال يصدر عنهن ما خيالف الشرع؛ كشق املالبس ولطم اخلدود‪ ،‬والصراخ‬
‫والعويل؛ فكل هذا مما يغضب اهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬ويكون سبًبا يف تعذيب امليت يف قربه إن كان قد أوصى بذلك‪.‬‬
‫عدم اجللوس للعزاء‪ :‬فعلى أهل امليت أال يستقبلوا من يعزوهنم يف السرادقات من أجل العزاء؛ ألن هذا من قبيل البدع اليت مل يقرها‬
‫اإلسالم‪ ،‬وقد كان‬
‫الصحابة ‪-‬رضوان اهلل عليهم‪ -‬يؤدون العزاء أثناء تشييع اجلنازة يف املقابر‪ ،‬أو عند مقابلة أهل امليت يف الطريق أو يف املسجد‪.‬‬
‫وال مانع من الذهاب إىل أهل امليت يف ديارهم لتعزيتهم مع ختفيف الزيارة‪ ،‬وااللتزام فيها باآلداب السابقة‪ ،‬واجتناب ما يفعله الناس من‬
‫التدخني واحلديث فيما ال ينفع‪ ،‬وإمنا يقتصر احلديث على كالم الصرب والسلوان وحنو ذلك‪.‬‬
‫ما يقال يف العزاء‪ :‬يقتصر احلديث على كالم الصرب والسلوان؛ كأن يقول املعِّز ي للمصاب‪( :‬البقاء هلل)‪ ،‬أو (إنا هلل وإنا إليه راجعون)‪ ،‬أو‬
‫(هلل ما أعطى وهلل ما أخذ‪ ،‬وكل شيء عنده مبقدار‪ ،‬فْلتصرب وْلتحتسب)‪.‬‬
‫أما املصاب فيؤِّم ن (أي يقول‪ :‬آمني) ويقول للمعِّز ي‪ :‬آجرك اهلل (أي‪ :‬كتب اهلل لك األجر على صنيعك)‪.‬‬
‫عدم اإلسراف يف إجراءات تشييع اجلنازة‪ :‬فاملسلم يبتعد عن كل البدع يف هذا األمر‪ ،‬مثل‪ :‬إقامة السرادقات‪ ،‬وعمل األربعني‪ ،‬والذكرى‬
‫السنوية‪ ،‬وغري ذلك من البدع اليت انتشرت يف بعض جمتمعاتنا اإلسالمية‪.‬‬
‫عيادة املريض‪:‬‬
‫مرض سعد بن أيب وقاص ‪-‬رضي اهلل عنه‪ ،-‬فزاره النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وقد اشتد عليه املرض‪ ،‬وأحس سعد باقرتاب أجله‪ ،‬وكانت‬
‫له بنت واحدة‪ ،‬فأحب أن يوصي بثلثي ماله‪ ،‬لكن النيب صلى اهلل عليه وسلم مل يوافقه‪ ،‬فقال سعد‪ :‬أوصي بالنصف‪ .‬فقال النيب صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ :‬ال‪ .‬فقال سعد‪ :‬أوصي بالثلث‪ .‬فقال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬الثلث‪ .‬والثلث كثري) مث وضع النيب صلى اهلل عليه وسلم يده‬
‫على وجهه وبطنه‪ ،‬وقال‪( :‬اللهم اشف سعًد ا)‪.‬‬
‫[متفق عليه]‪.‬‬
‫***‬
‫زيارة املريض حق من حقوقه على إخوانه‪ ،‬وللزائر ثواب عظيم عند‬
‫اهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬يقول صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من عاد مريًض ا نادى مناٍد من السماء‪ِ :‬ط ْبَت وطاب ممشاك‪ ،‬وتبوْأَت من اجلنة منزال)‬
‫[الرتمذي وابن ماجه]‪ .‬ولزيارة املريض آداب جيب أن يراعيها املسلم‪ ،‬منها‪:‬‬
‫إخالص النية‪ :‬املسلم خيلص النية هلل رب العاملني حىت ُيْؤ جر على زيارته‪.‬‬
‫اختيار الوقت املناسب‪ :‬وهو يبادر بزيارة أخيه إذا عرف أنه مريض‪ ،‬ويزوره يف وقت مناسب‪ ،‬ويف احلالة اليت يسمح فيها للمريض‬
‫باستقبال زائريه‪.‬‬
‫الدعاء بالشفاء‪ :‬املسلم عندما يزور مريًض ا يدعو اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬أن يشفيه‪ ،‬وحيمد اهلل على معافاته من املرض‪ ،‬ويبشر املريض بالشفاء ومينحه‬
‫األمل والتفاؤل‪ ،‬مث يدعو للمريض بدعاء النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬أذهب البأس‪ ،‬رَّب الناس‪ ،‬اشف وأنت الشايف‪ ،‬ال شفاَء إال شفاؤك‪،‬‬
‫شفاًء ال يغادر َس َق ًم ا) [متفق عليه]‪.‬‬
‫ختفيف الزيارة‪ :‬جيب أن تكون الزيارة خفيفة‪ ،‬مع االلتزام باهلدوء‪ ،‬وعدم اإلكثار من الكالم‪.‬‬
‫‪Adab ziarah‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫آداب زيارة املقابر‬


‫َم َّر النيب صلى اهلل عليه وسلم ذات يوم على القبور‪ ،‬فوجد امرأة تبكي عند قرب‪ ،‬فقال هلا‪( :‬اتقي اهلل واصربي)‪ .‬ومل تكن تلك املرأة تعرف‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فقالت له‪ :‬إليك عين (ابتعد عين)‪ ،‬فإنك مل ُتَصْب مبصيبيت‪.‬‬
‫فانصرف النيب صلى اهلل عليه وسلم وتركها‪ ،‬فقيل هلا‪ :‬إنه النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فجاءت إليه وقالت‪ :‬مل أعرفك‪ .‬فقال هلا رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إمنا الصرب عند الصدمة األوىل) [متفق عليه]‪.‬‬
‫***‬
‫املصيبة حتتاج إىل الصرب‪ ،‬واملسلم يتحلى بالصرب إذا أصابه شيء يكرهه‪ ،‬وقد زار النيب صلى اهلل عليه وسلم قرب أمه‪ ،‬وقال‪( :‬استأذنُت ريب‬
‫يف أن أستغفر هلا فلم يْؤ ذن يل‪ ،‬واستأذنته يف أن أزور قربها فُأذن يل‪ .‬فزوروا القبور فإهنا تذكر باملوت) [مسلم وأبوداود]‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬هنيتكم عن زيارة القبور فزوروها) [مسلم]‪.‬‬
‫وقال أحد الصاحلني‪ :‬إذا ضاقت بك األمور فعليك بزيارة القبور‪ ،‬فزيارة القبور ترقق القلوب وتذكر اآلخرة‪ ،‬وكان عثمان ‪-‬رضي اهلل‬
‫عنه‪ -‬إذا ُذِكرت له اجلنة أو النار مل َيْبِك ‪ ،‬وإذا ُذِكر القرب بكى‪ .‬فسألوه عن ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬مسعُت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫(القرب أول منازل اآلخرة‪ ،‬فإن َيْنُج منه فما بعده أيسر منه‪ ،‬وإن مل يْنُج منه فما بعده أشد منه) [أمحد]‪.‬‬
‫ولزيارة القبور آداب يتأدب هبا املسلم‪ ،‬منها‪:‬‬
‫استحضار النية‪ :‬فاملسلم يقصد بزيارته وجه اهلل تعاىل‪ ،‬وإصالح فساد قلبه؛ والسالم على املوتى والدعاء هلم وغري ذلك‪.‬‬
‫البدء بالسالم عند دخول املقابر‪ :‬كان النيب صلى اهلل عليه وسلم إذا خرج إىل املقابر يأمر أصحابه أن يقولوا‪( :‬السالم عليكم أهل الديار‬
‫من املؤمنني واملسلمني‪ ،‬ويرحم اهلل املستقدمني منا واملستأخرين‪ ،‬وإنا إن شاء اهلل بكم الحقون)‪[ .‬مسلم]‪.‬‬
‫عدم اجللوس أو املشي على املقابر‪ :‬فعلى املسلم أن حيرص على عدم اجللوس أو االتكاء أو املشي فوق املقابر؛ لقول النيب صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪( :‬ألن جيلس أحدكم على مجرة فتحرق ثيابه فتخلص إىل جلده‪ ،‬خٌري له من أن جيلس على قرب) [مسلم]‪.‬‬
‫قراءة القرآن وإهداء ثوابه لألموات والدعاء هلم‪ :‬فال بأس أن يقرأ اإلنسان ما تيسر له من القرآن الكرمي‪ ،‬مث يدعو اهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬أن يتقبل‬
‫منه ما قرأ‪ ،‬وُيَبِّلَغ ثواب هذه القراءة للميت‪.‬‬
‫عدم التربك هبا‪ :‬فال جيوز التُّربك بالقبور‪ ،‬كما ال جيوز تقبيلها كما يفعل اُجلَّه ال من العامة‪ ،‬وليكن رائده قول النيب صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫(إذا سألَت فاسأل اهلل‪ ،‬وإذا استعنت فاستعن باهلل) [الرتمذي]‪.‬‬
‫عدم الضحك واللعب فيها‪ :‬فالضحك واللهو يف املقابر داللة على قسوة القلب‪ ،‬وللمقابر حرمة جتعل املسلم يبتعد عن اللهو والعبث فيها؛‬
‫ألن القبور تذِّك ر باملوت‪ ،‬وفيها العظة والعربة‪.‬‬
‫الثناء على املوتى وذكر حماسنهم‪ :‬فال جيوز سُّب األموات أو ذكر مساوئهم‪ ،‬طاملا أهنم ماتوا على اإلسالم‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ال‬
‫تسُّبوا األموات‪ ،‬فإهنم قد أْفضوا إىل ما قَّدموا (انتهوا من أعماهلم يف الدنيا) [البخاري]‪ .‬وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ال تذكروا َه ْلكاكم‬
‫(أمواتكم) إال خبري) [النسائي]‪.‬‬
‫عدم الصالة يف املقابر أو اختاذها قبلة‪ :‬فقد هنى النيب صلى اهلل عليه وسلم عن الصالة يف املقابر أو التوجه إليها أثناء الصالة؛ روي عن ابن‬
‫عمر ‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬أنه قال‪ :‬هنى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن يصلي يف سبع مواطن‪ :‬يف املزبلة‪ ،‬واجملزرة‪ ،‬واملقربة‪ ،‬وقارعة‬
‫الطريق‪ ،‬واحلَّم ام‪ ،‬ومعاطن اإلبل‪ ،‬وفوق الكعبة) [ابن ماجه]‪.‬‬
‫إلقاء السالم عند مغادرهتا وأخذ العظة والعربة‪ :‬املسلم يعود من زيارته للقبور وقد امتأل قلبه بالرقة واإلميان‪ ،‬فيعمل صاًحلا‪ ،‬ويطيع اهلل ‪-‬‬
‫سبحانه‪ -‬ويلتزم أوامره وجيتنب نواهيه‪ .‬وهكذا فإن زيارة املسلم للقبور‪ ،‬جتعل املسلم يتخفف من حياته الدنيا‪ ،‬فيقف يف القبور وقفة نظر‬
‫واعتبار‪ ،‬يتدبر أحوال أهل القبور حينما كانوا يف الدنيا يتحركون ويعملون‪ ،‬أما اآلن فهم ال يقدرون على شيء من ذلك‪ ،‬وإمنا حياسبون‬
‫على ما قدموا‪ ..‬مث ينتبه املسلم ويتفكر يف ذاته‪ ،‬فهو عما قريب سيصبح من أهلها‪ ،‬ولذلك فهو يعاهد نفسه على فعل الصاحلات يف الدنيا‪،‬‬
‫ليدخرها ليوم احلساب‪ ،‬مث يودع القبور‪ ،‬وقد حظي بقدر من الشفافية يعينه على التزود من األعمال الصاحلة‪.‬‬

‫‪Adab jenazah‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫آداب اجلنائز‬
‫مرت جنازة على الرسول صلى اهلل عليه وسلم فأثىن عليـها الصحابة باخلري‪ ،‬فقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬وجبْت )‪ .‬مث مرت جنازة أخرى‪،‬‬
‫فذكرها الصحابة بالشر‪ ،‬فقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬وجبْت )‪ .‬فسأل عمر بن اخلطاب ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬النيب صلى اهلل عليه وسلم عما‬
‫يريده بقوله هذا‪ ،‬فقال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬هذا أثنيتم عليه خًريا فوجبت له اجلنة‪ ،‬وهذا أثنيتم عليه شًّر ا فوجبت له النار‪ ،‬أنتم‬
‫شهداء اهلل يف األرض) [متفق عليه]‪.‬‬
‫***‬
‫حث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم على اتباع اجلنائز‪ ،‬وبنَّي فضل ذلك‪ ،‬فقال‪( :‬من شهد اجلنازة حىت يصلي فله قرياط‪ ،‬ومن شهد حىت‬
‫ُتدفن كان له قرياطان) قيل‪ :‬وما القرياطان؟‬
‫قال‪( :‬مثل اجلبلني العظيمني) [متفق عليه]‪.‬‬

‫وللجنازة آداب جيب على كل مسلم أن يتبعها مع امليت‪ ،‬ومن أهم هذه اآلداب‪:‬‬
‫تلقينه الشهادتني عند االحتضار‪ :‬من حضر مسلًم ا حيتضر يقول له‪ :‬قل‪ :‬ال إله إال اهلل‪ ،‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬لِّقنوا موتاكم ال إله إال‬
‫اهلل) [مسلم]‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من كان آخر قوله‪ :‬ال إله إال اهلل‪ ،‬دخل اجلنة) [الرتمذي واحلاكم]‪.‬‬
‫تغطيته وتغميض عينيه‪ :‬أول ما جيب على املسلم فعله إذا حضر ميًتا أن يغمض عينيه ويغطي وجهه‪( ،‬فإن الروح إذا قبض تبعه البصر)‬
‫[مسلم]‪.‬‬
‫الصرب واحلمد واالسرتجاع‪ :‬املسلم يتحلى بالصرب عندما ميوت له أحد‪ ،‬ويكثر من االسرتجاع بأن يقول‪( :‬إنا هلل وإنا إليه راجعون‪ ،‬اللهم‬
‫أجرين يف مصيبيت واخلف يل خًريا منها) [مسلم]‪.‬‬
‫ويقول‪( :‬ال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم)‪ .‬مث يدعو له‪ ،‬فقد دخل النيب صلى اهلل عليه وسلم على (أيب سلمة) وهو حيتضر‪ ،‬فأغمض‬
‫عينيه‪ ،‬مث قال‪( :‬إن الروح إذا قبض تبعه البصر)‪ .‬فضج ناس من أهله فقال‪( :‬ال تدعوا على أنفسكم إال خبري؛ فإن املالئكة يؤِّم نون على ما‬
‫تقولون)‪ .‬مث قال‪( :‬اللهم اغفر أليب سلمة‪ ،‬وارفع درجته يف املهديني‪ ،‬وأخلفه يف عقبه يف الغابرين‪ ،‬واغفر لنا وله يا رب العاملني‪ ،‬وأفسح له‬
‫يف قربه‪ ،‬ونِّو ر له فيه) [مسلم]‪.‬‬
‫والبكاء يف هذا املوطن ال يتناىف مع الصرب والتسليم ألمر اهلل‪ ،‬فقد بكى الرسول صلى اهلل عليه وسلم حينما مات ولده إبراهيم‪ ،‬وقال‪( :‬إن‬
‫العني تدمع‪ ،‬والقلب حيزن‪ ،‬وال نقول إال ما يرضي ربنا‪ ،‬وإنا بفراقك يا إبراهيم حملزونون)‬
‫[البخاري وأبو داود]‪.‬‬
‫وإمنا املنهي عنه‪ ،‬هو ما يصحب البكاء من أمور ال أصل هلا يف الشرع كلطم اخلدود‪ ،‬وشق اجليوب‪ ،‬وما يقال من كالم اجلاهلية‪.‬‬
‫سرعة جتهيز امليت‪ :‬جيب أن نسرع بتغسيل امليت وتطييبه وتكفينه‪ ،‬ويستثىن من ذلك الشهيد ‪-‬الذي قتله الكفار يف املعركة‪ -‬فال يغسل‬
‫وال يكفن‪ ،‬وإمنا يدفن يف مالبسه اليت استشهد فيها‪ ،‬فإن اهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬يبعثه يوم القيامة ورائحة املسك تفوح منه‪.‬‬
‫الصالة على امليت‪ :‬من حق امليت على من حضره من املسلمني أن يصلي عليه‪.‬‬
‫املشي باجلنائز واإلسراع هبا‪ :‬كان النيب صلى اهلل عليه وسلم يسري يف اجلنائز ويوصي باتباعها‪ ،‬وعدم اجللوس إال بعد أن يدفن امليت‪ ،‬فقال‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا رأيتم اجلنازة فقوموا‪ ،‬فمن تبعها فال يقعد حىت توضع) [البخاري]‪.‬‬
‫عدم النواح ولطم اخلدود‪ :‬هنى النيب صلى اهلل عليه وسلم عن ذلك هنًيا شديًد ا‪ ،‬فقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ليس منا من لطم اخلدود‪،‬‬
‫وشق اجليوب‪ ،‬ودعا بدعوى اجلاهلية) [متفق عليه]‪.‬‬
‫إنفاذ وصيته‪ :‬على أهل امليت إنفاذ وصيته ما مل يوِص بإمث‪ ،‬فقد أوصى عمرو بن العاص ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬عند موته فقال‪ :‬إذا أنا مت فال‬
‫تصحبين نائحة وال نار‪ ،‬فإذا دفنتموين فشنوا على الرتاب شًّنا‪ ،‬مث أقيموا حول قربي قدر ما ينحر جزور ويقسم حلمها‪ ،‬أستأنس بكم‬
‫وأنظر ماذا أراجع به رسل ريب‪[ .‬مسلم]‪.‬‬
‫الدعاء له‪ :‬يستحب أن ينتظر املسلمون عند قرب امليت بعد دفنه ويدعوا له بإخالص ويسألوا اهلل ‪-‬سبحانه‪ -‬أن يثبته ويغفر له ويرمحه‪ .‬ومن‬
‫دعاء النيب صلى اهلل عليه وسلم للميت‪( :‬اللهم اغفر له وارمحه‪ ،‬وعافه واعف عنه‪ ،‬وأكرم نزله‪ ،‬ووسع ُمْد خله‪ ،‬واغسله باملاء والثلج‬
‫والربد‪ ،‬ونقه من اخلطايا كما ينقى الثوب األبيض من الدنس‪ ،‬وأبدله داًر ا خًريا من داره‪ ،‬وأهال خًريا من أهله‪ ،‬وزوًج ا خًريا من زوجه‪،‬‬
‫وأدخله اجلنة‪ ،‬وأعذه من عذاب القرب (أو من عذاب النار)‪.‬‬
‫[مسلم والرتمذي والنسائي]‪.‬‬
‫الصالة على الغائب‪ :‬لو مات أحد املسلمني يف مكان بعيد حبيث مل يتمكن أحد من املسلمني أن يصلي عليه‪ ،‬قام املسلمون بالصالة عليه‬
‫وهم يف أماكنهم وتسمى هذه الصالة صالة الغائب‪ ،‬وقد صلى الرسول صلى اهلل عليه وسلم على النجاشي ‪-‬ملك احلبشة‪ -‬صالة الغائب‬
‫عندما بلغه خرب موته‪.‬‬
‫إرسال الطعام ألهل امليت‪ :‬وذلك من باب املودة والتعاون لتخفيف معاناة أهله‪ ،‬فعندما مات جعفر بن أيب طالب قال رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪( :‬اصنعوا ألهل جعفر طعاًم ا‪ ،‬فإنه قد جاءهم ما يشغلهم) [الرتمذي وابن ماجه]‪.‬‬
‫أداء الدين عن امليت‪ :‬فإن أداء الدين من األمور الواجبة‪ .‬وقد كان النيب صلى اهلل عليه وسلم يأمر بسداد الدين عن امليت الذي عليه دين‬
‫قبل أن يصلي‬
‫عليه‪[ .‬الرتمذي]‪.‬‬
‫العزاء‪ :‬املسلم يعزي األحياء يف مصاهبم‪ ،‬ويرغبهم يف الصرب والرضا بقضاء اهلل وَقَد ِر ه‪ ،‬ويكره اجللوس للتعزية‪ ،‬وإقامة السرادقات‪،‬‬
‫واستئجار القراء‪ ،‬كما يكره العزاء بعد اليوم الثالث إال لغائب‪ ،‬وذلك فيما يسمونه باخلميس واألربعني وغري ذلك؛ فهذا كله من البدع‬
‫اليت ال تنفع امليت يف شيء ويبوء بوزرها األحياء‪.‬‬
‫االبتعاد عن نعي اجلاهلية‪ :‬ال بأس بإعالم الناس مبوت إنسان للصالة عليه‪ ،‬فقد نعي الرسول صلى اهلل عليه وسلم ألصحابه النجاشي‪ ،‬كما‬
‫نعى جعفر بن أيب طالب وزيد بن حارثة‪ ،‬وعبد اهلل بن رواحة ‪-‬رضي اهلل عنهم‪ -‬ويكره نعي اجلاهلية‪ ،‬كما يفعله كثري من الناس من ذكر‬
‫نسب امليت وأقاربه ومناصبهم على سبيل التفاخر والرياء‪.‬‬
‫أخذ العظة والعربة‪ :‬املسلم يعترب ويتعظ عند حضور اجلنائز‪ ،‬ويتوب إىل اهلل‪ ،‬ويكثر من الطاعات‪ ،‬ويبتعد عن املعاصي؛ ألنه يعلم أنه سيلقى‬
‫هذا املصري‪ ،‬وسوف تشيع جنازته وحيمل جثمانه ويدفن يف قربه ويرتك وحيًد ا‪ ،‬فمن أراد واعًظا فاملوت يكفيه‪.‬‬

‫‪Adab bermu’amalah dengan hewan‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫آداب معاملة احليوان‬


‫حكى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم لصحابته أن رجال كان ميشي بطريق‪ ،‬فاشتد عليه العطش فبحث عن ماء ليشرب‪ ،‬فوجد بئًر ا فنزل‬
‫فيها وشرب‪ ،‬مث خرج‪ ،‬فرأى كلًبا يلهث ويأكل الرتاب املبلل من شدة العطش‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي‬
‫بلغ مين‪ .‬فنزل البئر فمأل حذاءه باملاء‪ ،‬مث أمسكه بفمه‪ ،‬وصعد إىل أعلى البئر‪ ،‬وسقى الكلب‪ ،‬فشكر اهلل له‪ ،‬فغفر له‪ .‬فقال الصحابة‪ :‬يا‬
‫رسول اهلل‪ ،‬وإن لنا يف البهائم أجًر ا؟ فقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬يف كل ذات َك ِبد َر ْطَبة أجر) [متفق عليه]‪.‬‬
‫***‬
‫خلق اهلل اإلنسان وكرمه‪ ،‬وسخر له احليوانات لتخدمه يف قضاء حوائجه؛ فيستفيد من حلومها وألباهنا‪ ،‬ويرتدي املالبس من صوفها‬
‫وجلودها‪ ،‬ويتخذ من بعضها زينة وطيًبا‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬واألنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون‪ .‬ولكم فيها مجال حني ترحيون‬
‫وحني تسرحون‪ .‬وحتمل أثقالكم إىل بلد مل تكونوا بالغيه إال بشق األنفس إن ربكم لرءوف رحيم‪ .‬واخليل والبغال واحلمري لرتكبوها وزينة‬
‫وخيلق ما ال تعلمون} [_النحل‪.]8-5 :‬‬
‫ومن اآلداب اليت يلتزم هبا املسلم عند تعامله مع احليوان‪:‬‬
‫شكر اهلل على هذه النعمة‪ :‬وذلك حبسن استخدامها واالستفادة منها‪ ،‬وأداء حق اهلل فيها من الزكاة والصدقات‪.‬‬
‫الرمحة باحليوانات‪ :‬املسلم يوفر للحيوانات الطعام والشراب واملكان املناسب‪ ،‬وقد كانت العرب هتتم باخليول‪ ،‬وحترص على تربيتها‪،‬‬
‫وانتقاء سالالهتا اجليدة‪ ،‬وقد كان النيب صلى اهلل عليه وسلم ميسح وجه فرسه بردائه‪ .‬ورأى الصحايب اجلليل أبو قتادة قطة تبحث عن ماء‬
‫لتشرب‪ ،‬فأمال هلا اإلناء حىت شربت وانصرفت‪.‬‬
‫وأخربنا النيب صلى اهلل عليه وسلم أن امرأة دخلت النار؛ ألهنا حبست قطة ومنعتها من الطعام والشراب‪ ،‬فقال‪( :‬دخلت امرأة النار يف ِه َّر ة‬
‫ربطتها‪ ،‬فلم تطعمها‪ ،‬ومل تْد عها تأكل من خشاش (حشرات) األرض) [متفق عليه]‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ما من مسلم يغرس غرًس ا أو يزرع زرًعا؛ فيأكل منه طري أو إنسان أو هبيمة إال كان له به صدقة) [مسلم]‪.‬‬
‫عدم حتميلها ما ال ُتطيق‪ :‬املسلم ال يشق على احليوان بتحميله ما ال يطيق‪ ،‬فقد دخل النيب صلى اهلل عليه وسلم بستاًنا لرجل من األنصار‪،‬‬
‫فوجد مجال‪ ،‬فلما رأى اجلمُل النيب صلى اهلل عليه وسلم حَّن ‪ ،‬واهنمرت الدموع من عينيه‪ ،‬فذهب النيب صلى اهلل عليه وسلم إىل اجلمل‪،‬‬
‫ومسح خلف أذنيه فسكت‪ ،‬مث سأل عن صاحبه‪ ،‬فجاء فىت من األنصار‪ ،‬فقال‪ :‬أنا صاحبه يا رسول اهلل‪ .‬فقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬أفال‬
‫تتقي اهلل يف هذه البهيمة اليت مَّلكك اهلل إياها؛ فإنه شكا إىل أنك جُت يعه وُتدئبه (تتعبه وترهقه) [أبو داود]‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إن اهلل تبارك وتعاىل رفيق حيب الرفق‪ ،‬ويرضى به‪ ،‬ويعني عليه ما ال يعني على العنف‪ ،‬فإذا ركبتم هذه‬
‫الدواب العجم (اليت ال تتكلم) فأنزلوها منازهلا (أرحيوها يف املواضع اليت اعتدمت االسرتاحة فيها أثناء السفر) [مالك]‪.‬‬
‫عدم تعذيب احليوانات أو إيذائها‪ :‬حث اإلسالم على الرمحة والشفقة‪ ،‬لذلك فإن املسلم ال يعذب حيواًنا أو طائًر ا‪ ،‬خاصة إذا كان هذا‬
‫التعذيب بالنار‪ ،‬فقد رأى الرسول صلى اهلل عليه وسلم قرية منل حرقها الصحابة‪ ،‬فقال‪( :‬من َح َّر ق هذه؟) فقالوا‪ :‬حنن‪ .‬قال‪( :‬إنه ال ينبغي‬
‫أن يعِّذ ب بالنار إال رب النار) [أبوداود]‪ .‬وقد مر النيب صلى اهلل عليه وسلم على محار قد ُو سم يف وجهه (ُك وي بالنار)‪ ،‬فقال‪( :‬لعن اهلل‬
‫الذي ومسه) [مسلم]‪ .‬وخرجت أم املؤمنني عائشة ‪-‬رضي اهلل عنها‪ -‬يف سفر مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فركبت بعًريا‪ ،‬فكانت‬
‫ترجعه بشدة‪ ،‬فقال هلا الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬عليك بالرفق) [مسلم]‪.‬‬
‫عدم اختاذها غرًض ا للرمي‪ :‬املسلم ال جيعل من الطيور أو احليوانات هدًفا للرمي‪ ،‬فقد مر عبد اهلل بن عمر بفتيان من قريش ربطوا طًريا على‬
‫مكان مرتفع‪ ،‬وهم يرمونه‪ ،‬فلما رأوا ابن عمر هربوا‪ ،‬فقال ابن عمر‪ :‬من فعل هذا؟ لعن اهلل من فعل هذا‪ .‬إن رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم لعن من اختذ شيًئا فيه الروح غرًض ا‪[ .‬مسلم]‪.‬‬
‫ورأى أنس غلماًنا ربطوا دجاجة‪ ،‬وأخذوا يرموهنا بنباهلم‪ ،‬فقال‪ :‬هنى النيب صلى اهلل عليه وسلم أن ُتَص رَّب البهائم (أي ُتتخذ هدًفا)‪.‬‬
‫[البخاري]‪.‬‬
‫عدم التفريق بني الطيور الصغـرية وأمهاهتا‪ :‬كان النيب صلى اهلل عليه وسلم يف سفر مع الصحابة‪ ،‬ووجد الصحابة َّمُحرة (طائًر ا كالعصفور)‬
‫ومعها فرخان صغريان‪ ،‬فأخذوا فرخيها‪ ،‬فجاءت اُحلمرة إىل مكان الصحابة وأخذت ترفرف جبناحيها بشدة‪ ،‬وكأهنا تشتكي إليه‪ ..‬ففهم‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم ما تقصد إليه احلمرة‪ ،‬فقال‪( :‬من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها) [أبوداود]‪.‬‬
‫الرفق باحليوان عند ذحبه‪ :‬املسلم ال يذبح احليوانات وال يصطادها إال بسبب شرعي؛ وعليه حينئذ أن يلتزم جتاه هذه احليوانات الرفق‬
‫واإلحسان‪ .‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إن اهلل كتب اإلحسان على كل شيء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة‪ ،‬وإذا ذحبتم فأحسنوا الذبح‪،‬‬
‫وْلُيِح َّد أحدكم شفرته وْلِرُي ح ذبيحته) [مسلم]‪ .‬وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من رحم ولو ذبيحة عصفور رمحه اهلل يوم القيامة)‬
‫[الطرباين]‪.‬‬
‫عدم التمثيل باحليوان‪ :‬املسلم ال يؤذي احليوان بقطع آذانه أو عضو من أعضائه وهو حي‪ ،‬فقد روي أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪:‬‬
‫(من َم َّثل حبيوان فعليه لعنة اهلل واملالئكة والناس أمجعني) [الطرباين]‪.‬‬
‫عدم قتلها إال لضرورة‪ :‬قد يؤدي سوء تعامل اإلنسان مع بعض األنواع من احليوانات إىل اإلخالل بالتوازن البيئي‪ ،‬فمثال‪ :‬يف بعض املناطق‬
‫جلأ اإلنسان إىل قتل القطط‪ ،‬فازداد عدد الفئران‪ ،‬وأصبحت متثل خطًر ا على احملاصيل‪ ،‬مما كلف اإلنسان أمواال طائلة‪ ،‬لصنع مسوم‬
‫ومبيدات للتخلص من الفئران‪.‬‬
‫عالج احليوان إذا مرض‪ :‬املسلم حيرص على مداواة احليوان الذي ميلكه‪ ،‬ويتعامل معه برفق‪.‬‬
‫‪Adab berilmu‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫آداب العلم‬
‫جاء أبو رفاعة ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم وهو خيطب‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬رجل غريب جاء يسأل عن دينه‪ ،‬ال‬
‫يدري ما دينه‪ .‬فنظر إليه الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬مث توقف عن خطبته‪ ،‬وتوجه إىل أيب رفاعة يعلمه أمور دينه‪ ،‬حىت عرف الرجل‬
‫وفهم‪ ،‬مث عاد النيب صلى اهلل عليه وسلم إىل خطبته‪.‬‬
‫***‬
‫بعد أن ُتويف رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬اهتم ابن عباس ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬بسؤال الصحابة عن أقوال الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪،‬‬
‫وكلما علم أن رجال يعرف حديًثا للرسول صلى اهلل عليه وسلم ذهب إليه‪ ،‬فإذا وجده نائًم ا وقت الظهرية جلس على بابه‪ ،‬وانتظره حىت‬
‫يستيقظ‪ ،‬فتكسوه ريح‬
‫الصحراء بالرتاب‪.‬‬
‫وعندما خيرج الصحايب إىل ابن عباس‪ ،‬يقول له‪ :‬يابن عم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ما جاء بك؟ هال أرسلَت إيل فآتيك‪ .‬فيقول‪:‬‬
‫ال‪ ،‬أنا أحق أن آتيك‪ ،‬فأسألك عن احلديث‪[ .‬احلاكم]‪.‬‬
‫***‬
‫للعلم منزلة عظيمة يف اإلسالم‪ ،‬فأول آية نزلت يف القرآن الكرمي كانت دعوة إىل التعلم‪{ :‬اقرأ باسم ربك الذي خلق} [العلق‪.]1 :‬‬
‫وأقسم اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬بأداة الكتابة وهي القلم‪ ،‬فقال‪{ :‬ن والقلم وما يسطرون} [_القلم‪.]1:‬‬
‫وتؤكد السنة النبوية املشَّر فة مكانة العلم السامية؛ لذلك جعلت السعي يف طلب العلم موصال إىل اجلنة‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من‬
‫سلك طريًق ا يلتمس فيه علًم ا سهل اهلل له به طريًق ا إىل اجلنة) [البخاري وأبوداود والرتمذي]‪.‬‬
‫وما يزال ثواب العلم يصل إىل صاحبه حىت بعد وفاته من غري انقطاع‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا مات اإلنسان انقطع عمله إال من‬
‫ثالثة‪ .‬إال من صدقة جارية‪ ،‬أو علٍم ينتفع به‪ ،‬أو ولٍد صاحل يدعو له) [مسلم]‪.‬‬
‫واملالئكة حتُّف طالب العلم بأجنحتها‪ ،‬قال صفوان بن عسال املرادي ‪-‬رضي اهلل عنه‪ :-‬أتيت النيب صلى اهلل عليه وسلم وهو يف املسجد‬
‫متكئ على ُبْر ٍد له أمحر‪ ،‬فقلت له‪ :‬إين جئُت أطلب العلم‪ ،‬فقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬مرحًبا بطالب العلم‪ ،‬إن طالب العلم حتفه املالئكة‬
‫بأجنحتها)‪[ .‬أمحد والطرباين]‪.‬‬
‫والعلم ينقسم إىل فرض عني وفرض كفاية؛ فهناك ما ال يسع املسلم جهله‪ ،‬وهو ما جيب على املسلم أن يعلمه عن ربه ودينه ونبيه صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪ ،‬مث هناك فروض الكفاية اليت جيب على املسلمني سدها يف التخصص العلمي كالصناعة والزراعة والطب‪...‬وغريها من‬
‫فروع احلياة‪.‬‬
‫والعلم طريق املسلم إىل معرفة اهلل حق املعرفة‪ ،‬لذلك فأهل العلم أشد الناس خشية هلل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬إمنا خيشى اهلل من عباده العلماء}‬
‫[فاطر‪.]28 :‬‬
‫ولطلب العلم آداٌب ينبغي على املتعلم أن يراعيها‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫اإلخالص‪ :‬على املتعلم أن خُي لص النية هلل يف طلب العلم‪ ،‬وال يتعلم بقصد حب الظهور والسيطرة‪ ،‬ومماراة السفهاء‪ ،‬قال صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪( :‬إمنا األعمال بالنيات‪ ،‬وإمنا لكل امرئ ما نوى) [متفق عليه]‪.‬‬
‫وأخرب النيب صلى اهلل عليه وسلم أن أول من ُتَس َّعر هبم النار يوم القيامة‪( :‬رجل تعَّلم العلم وعَّلمه وقرأ القرآن‪ ،‬فُأيت به فعَّر فه (اهلل) نعمه‬
‫فعرفها‪ ،‬قال‪ :‬فما عملَت فيها؟ قال‪ :‬تعلمُت العلم وعلمته‪ ،‬وقرأُت فيك القرآن‪ .‬قال اهلل له‪ :‬كذبت‪ ،‬ولكنك تعَّلمَت ليقال‪ :‬عامل‪ .‬وقرأت‬
‫القرآن ليقال‪ :‬هو قارئ‪ .‬فقد قيل‪ .‬مث أمر به فُس ِح َب على وجهه حىت ُأْلقي يف النار) [مسلم]‪.‬‬
‫طلب العلم النافع‪ :‬كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول يف دعائه‪( :‬اللهم إين أعوذ بك من علم ال ينفع‪ ،‬وعمل ال يرفع‪ ،‬ودعاء ال‬
‫يسمع)‪.‬‬
‫[أمحد وابن حبان واحلاكم]‪.‬‬
‫وقال الشاعر‪:‬‬
‫ما أكثـر العلـم ومــا أوسعــه‬
‫من ذا الـذي يقــدر أن جيمعـه‬
‫إن كنـَت ال بـد لـه طـال ـًبا‬
‫حماوال‪ ،‬فالتم ـْس َأْنَف َعـ ـ ـ ــه‬
‫التفرغ واملداومة على طلب العلم‪ :‬فقد قيل‪ :‬العلم ال يعطيك بعضه حىت تعطيه ُك َّلك‪ .‬وكان السلف يقِّدرون العلم ويتفرغون له‪ .‬وطالب‬
‫العلم يداوم عليه؛ ألن العلم كثري والعمر قصري‪.‬‬
‫وقد قيل‪ :‬اطلبوا العلم من املهد إىل اللحد (املوت)‪ .‬وقال الشاعر‪:‬‬
‫ُك َّلَم ا أَّدَبنــي ال ــَّد ْه ُر َأَر انــي َنْق ـ ـَص َعقْـل ــي‬
‫َو َك َّلَم ــا ازددُت ِعْلمًــا َز اَديِن ِعلـًم ــا ب ـَج ْه لــي‬
‫تطهري النفس من األخالق السيئة‪ :‬العلم النافع نور من اهلل يقذفه يف قلوب عباده األتقياء‪ ،‬وال يقذفه يف قلوب أصحاب الطباع السيئة‬
‫واألخالق الفاسدة؛ لذا ينبغي على املسلم الذي يطلب العلم أن يبتعد عن احلسد والرياء والُعجب وسائر األخالق الذميمة‪.‬‬
‫طلب العلم يف الصغر‪ :‬روي أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬أميا ناشئ نشأ يف طلب العلم والعبادة حىت يكرب أعطاه اهلل تعاىل يوم‬
‫القيامة ثواب اثنني وسبعني صِّديًق ا)‪[ .‬الطرباين]‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬طلب العلم يف الصغر كالنقش على احلجر‪ .‬وال يستحيي الكبري من طلب العلم‪ ،‬فقد روي أن قبيصة بن املخارق ‪-‬رضي اهلل عنه‪-‬‬
‫أتى إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فقال له النيب صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ما جاء بك؟)‪ .‬قال‪ :‬كربت سين ورَّق عظمي‪ ،‬فأتيُتك لتعِّلمين ما‬
‫ينفعين اهلل به‪ ،‬قال‪( :‬ما مررَت حبجر وال شجر وال َم َد ٍر إال استغفَر لك يا قبيصة‪ ،‬إذا صليت الصبح‪ ،‬فقل ثالًثا‪ :‬سبحان اهلل العظيم‬
‫وحبمده‪ُ ،‬تَعايَف من العمي واجلذام والفاجل (نوع من الشلل)‪ .‬يا قبيصة‪ ،‬قل‪ :‬اللهم إين أسالك مما عندك‪ ،‬وَأِفْض على من فضلك‪ ،‬وانشر‬
‫على من رمحتك‪ ،‬وَأْنزْل على من بركتك) [أمحد]‪.‬‬
‫العمل ال مينع العلم‪ :‬كان كثري من الصحابة يعملون‪ ،‬فإذا ما رجعوا من أعماهلم سعوا يف طلب العلم بقية يومهم‪ ،‬وسهروا على طلب‬
‫العلم من القرآن واحلديث‪.‬‬
‫فعن أيب سعيد ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬قال‪ :‬كنا نغزو وَنَد ع الرجل والرجلني حلديث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فنجيء من غزاتنا فيحدثونا‬
‫مبا حدث به رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فنحدث به فنقول‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪[ .‬ابن عساكر]‪ .‬فال بأس من أن‬
‫جيمع املسلم بني طلب العلم والعمل وابتغاء الرزق من فضل اهلل‪.‬‬
‫الصرب والتحمل‪ :‬املسلم يتحلى بالصرب على مشقة طلب العلم‪ ،‬فالصُرب زاد املؤمنني‪ ،‬وهو الذي يعينهم على كل ما يالقونه من متاعَب‬
‫وآالم‪ .‬وقيل‪ :‬من مل يتحَّم ل ُذَّل التعلم ساعة بقي يف ذل اجلهل إىل قيام الساعة‪.‬‬
‫التدرج يف طلب العلم‪ :‬واملتعلم يبدأ باألوليات ومقدمات العلوم قبل أن يغوص فيها‪ ،‬ومعرفة ذلك ترجع إىل توجيهات املعِّلمني‪ .‬وكذلك‬
‫حيرص على أن يتعرف على سائر العلوم‪ ،‬وأال يرتك نوًعا منها‪.‬‬
‫قال حييي بن خالد البنه‪ :‬عليك بكل نوع من العلم فخْذ منه‪ ،‬فإن املرء عدو ما جهل‪ ،‬وأنا أكره أن تكون عدَّو شيء من العلم‪.‬‬
‫التخصص‪ :‬إذا رغب املسلم يف التخصص يف علم واحد؛ فيجب عليه أن يتخري من العلم أشرفه‪ ،‬وأنفعه‪ ،‬وما يوافق ميوله وقدراته‪ .‬وقد‬
‫قيل‪ :‬إذا أردَت أن تكون عالـًم ا فاعرف كل شيء عن شيء‪ ،‬وإذا أردَت أن تكون مثقًف ا فاعرف شيًئا عن كل شيء‪.‬‬
‫احلفظ مع الفهم والتدبر‪ :‬يقول صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬نَّضر اهلل امرًءا مسع مَّنا حديًثا فحفظه حىت يبِّلغه غريه‪ ،‬فرَّب حامِل فقٍه إىل من هو‬
‫أفقه منه‪ ،‬وُر َّب حامِل فقٍه ليس بفقيه) [الرتمذي]‪.‬‬
‫ويف ذلك إشارة إىل أمهية احلفظ‪ ،‬ولذلك قال اإلمام الشافعي‪:‬‬
‫ِعْلِم ـي َم ِـعـي َح يُثَم ا َّميْم ُت َيْتَبُعن ــي‬
‫ْلِبـي ِو ـا َلـه ال ْط ـ ْنُد وِق‬
‫َب َن ُص‬ ‫َق َع ٌء‬
‫ِإْن ُكْنُت يِف الَبيِت َك ان الِعلُم ِفيِه َم ِع ــي‬
‫أو كن يف الُّس وق َك ان الِعْل يف الُّس وِق‬
‫ُم‬ ‫ُت‬
‫التدوين‪ :‬قيل‪ :‬قيدوا العلم بالكتابة‪ .‬وقيل‪ :‬العلم صيد والكتابة قيد‪ ،‬فيجب أن نقِّيد العلم لئال ننساه‪ ،‬وأن نتخري ما نكتب‪ .‬وقيل‪ :‬جيلس‬
‫إىل العامل ثالثة‪ :‬رجل يأخذ كل ما مسع‪ ،‬ورجل ال يكتب ويسمع‪ ،‬ورجل ينتقي؛ وهو خريهم‪.‬‬
‫املذاكرة واملراجعة‪ :‬قال معاذ بن جبل ‪-‬رضي اهلل عنه‪ :-‬تعلموا العلم‪ ،‬فإن تعُّلمه هلل خشية‪ ،‬وطلبه عبادة‪ ،‬ومذاكرته تسبيح‪ ،‬والبحث عنه‬
‫جهاد‪ ،‬وتعليمه ملن ال يعلمه صدقة‪ ،‬وبذله ألهله قربة‪.‬‬
‫تنظيم ساعات التعلم‪ :‬املسلم دائًم ا منظم يف كل شئونه‪ ،‬حيرص على تنظيم وقته‪ ،‬فيبذله يف حتصيل العلوم واملعارف‪.‬‬
‫عدم احلياء يف العلم‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ال تعلمون} [النحل‪.]43 :‬‬
‫وتقول السيدة عائشة ‪-‬رضي اهلل عنها‪ :-‬نعم النساء نساء األنصار‪ ،‬مل مينعهن احلياء أن يتفقهن يف الدين‪ .‬فاملسلم يسأل عما يريد معرفته‪،‬‬
‫وال مينعه احلياء من السؤال‪ ،‬فالعلم خزائن ومفاتيحها السؤال‪.‬‬
‫السعي يف طلب العلم‪ :‬قال جابر بن عبد اهلل ‪-‬رضي اهلل عنهما‪ :-‬بلغين عن رجل حديٌث مسعه عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪،‬‬
‫فاشرتيُت بعًريا ألسافر إليه‪ ،‬فسرُت إليه شهًر ا حىت قدمُت الشام‪ ،‬فوجدته عبد اهلل بن أنيس ‪-‬رضي اهلل عنه‪ ،-‬فقلت للبواب‪ :‬قل له‪ :‬جابر‬
‫على الباب‪ .‬فقال‪ :‬ابن عبد اهلل؟‬
‫قلت‪ :‬نعم‪ .‬فخرج يطأ ثوبه (مسرًعا) فاعتنقين واعتنقُته‪ ،‬فقلُت ‪ :‬حديٌث بلغين عنك أنك مسعَته من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف‬
‫القصاص؛ فخشيت أن متوت أو أموت قبل أن أمسعه‪ ،‬فذكر له عبد اهلل بن أنيس احلديث‪_.‬‬
‫[أمحد والطرباين]‪.‬‬
‫وعن عبيد اهلل بن عدي‪ ،‬قال‪ :‬بلغين حديث عند علي فخفت إن مات أال أجده عند غريه فرحلُت حىت قدمت عليه العراق‪[ .‬اخلطيب]‪.‬‬
‫وقال ابن مسعود‪ :‬لو أعلم أحًد ا ُتَبِّلُغِنيه اإلبل هو أعلم مبا نزل على حممد صلى اهلل عليه وسلم لقصدُته حىت أزداد علًم ا إىل علمي‪[ .‬ابن‬
‫عساكر]‪.‬‬
‫وقال الشعيب‪ :‬لو أن رجال سافر من أقصى الشام إىل أقصى اليمن؛ ليسمع كلمة حكمة‪ ،‬ما رأيت أن سفره ضاع‪.‬‬
‫العمل بالعلم‪ :‬فقد ذم اهلل‪ -‬سبحانه‪ -‬أناًس ا ال يعملون بعلمهم‪ ،‬وشبههم باحلمري اليت حتمل الكتب‪ ،‬وال تفهم ما فيها‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬مثل‬
‫الذين محلوا التوراة مث مل حيملوها كمثل احلمار حيمل أسفاًر ا} [اجلمعة‪.]5 :‬‬
‫وقال تعاىل‪{ :‬أتأمرون الناس بالرب وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفال تعقلون} [البقرة‪ .]44 :‬فاملسلم يعلم يقيًنا أنه مسئول عما‬
‫قدم يف حياته‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ال تزوُل قدما عبد يوم القيامة حىت يسأل عن عمره فيم أفناه‪ ،‬وعن علمه فيم فعل‪ ،‬وعن ماله‬
‫من أين اكتسبه وفيم أنفقه‪ ،‬وعن جسمه فيم أباله)‪[ .‬الرتمذي]‪.‬‬
‫احرتام املعلم‪ :‬املعلم له فضل كبري على تالمذته‪ ،‬قال أمحد شوقي‪:‬‬
‫ُقـْم للُم َعلِّــم َو ِّفــه الَّتْبِج ي ـ ــال‬
‫َك ــاَد املَعلِّــُم َأْن يُك ــوَن َرُس ــوال‬
‫َأَر َأيـَت َأفَض ـَل َأْو َأَج َّل م ـِـَن الـَّذ ي‬
‫يبنـي ويْنِش ـُئ أنُف ًس ــا وُعق ـُـــوال‬
‫اإلنصات‪ :‬قال احلسن بن علي البنه‪ :‬يا بين‪ ،‬إذا جالسَت العلماء‪ ،‬فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول‪ ،‬وتعَّلم حسن االستماع‬
‫كما تتعلم حسن الصمت‪ .‬وجيب أن يكون السؤال بقصد الفهم واإلدراك‪ ،‬ال بقصد اجلدل أو التعجيز‪.‬‬
‫التأدب يف جملس العلم‪ :‬املسلم جيلس إىل معلمه يف أدب ووقار‪ ،‬وال يكثر من التلُّفت واإلشارة والضحك‪ ،‬و يراعي حسن املظهر والنظافة‪،‬‬
‫وعدم التحدث أو السؤال إال بعد االستئذان‪ ،‬وعدم حتقري الزمالء أو السخرية منهم‪ ،‬بل يعلم أهنم إخوته يف العلم؛ فريمحهم وحيرتمهم‪.‬‬
‫ومن األسباب اليت تساعد على حتصيل العلم واملذاكرة‪ :‬أن يكون مكان التعلم واملذاكرة وافر اإلضاءة‪ ،‬هادًئا خاليا من الضوضاء‪ ،‬وجيب‬
‫جتنب املذاكرة يف الفراش؛ ألن ذلك جيلب النعاس‪ ،‬وجيب ترتيب الكتب وتنظيمها‪ ،‬وإعطاء النفس حقها من الراحة‪ ،‬وجيب ختري الوقت‬
‫املناسب للمذاكرة‪ ،‬وتوزيع وقت املذاكرة على مجيع العلوم‪.‬‬

‫‪Adab memberei nasehat‬‬

‫اآلداب االسالمية‬
‫آداب النصيحة‬
‫حُي كى أن احلسن واحلسني مَّر ا على شيخ يتوضأ وال حيسن الوضوء‪ .‬فاتفقا على أن ينصحا الرجل ويعلماه كيف يتوضأ‪ ،‬ووقفا جبواره‪،‬‬
‫وقاال له‪ :‬يا عم‪ ،‬انظر َأُّينا حسن وضوًءا‪ .‬مث توضأ كل منهما فإذا بالرجل يرى أهنما حيسنان الوضوء‪ ،‬فعلم أنه هو الذي ال حيسنه‪،‬‬
‫فشكرمها على ما قدماه له من ُنصح دون جتريح‪.‬‬
‫***‬
‫النصيحة دعامة من دعامات اإلسالم‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬والعصر‪ .‬إن اإلنسان لفي خسر‪ .‬إال الذين آمنوا وعملوا الصاحلات وتواصوا باحلق‬
‫وتواصوا بالصرب} [العصر]‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬الدين النصيحة)‪ .‬قالوا‪ :‬ملن يا رسول اهلل؟ قال‪( :‬هلل ولكتابه ولرسوله وألئمة املسلمني وعامتهم) [متفق عليه]‪.‬‬
‫وعن جرير بن عبد اهلل ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬قال‪ :‬بايعُت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم على إقام الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬والنصح لكل‬
‫مسلم‪[ .‬متفق عليه]‪.‬‬
‫وللنصيحة مجلة من اآلداب‪ ،‬منها ما يتعلق بالناصح‪ ،‬ومنها ما يتعلق باملنصوح‪.‬‬
‫آداب الناصح‪:‬‬
‫اإلخالص‪ :‬فال يبغي الناصح من نصحه إظهار رجاحة عقله‪ ،‬أو فضح املنصوح والتشهري به‪ ،‬وإمنا يكون غرضه من النصح اإلصالح‪،‬‬
‫وابتغاء مرضاة اهلل‪.‬‬
‫احلكمة واملوعظة احلسنة واللني‪ :‬فالكلمة الطيبة مفتاح القلوب‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ادع إىل سبيل ربك باحلكمة واملوعظة احلسنة وجادهلم باليت‬
‫هي أحسن} [_النحل‪.]125 :‬‬
‫عدم كتمان النصيحة‪ :‬املسلم يعلم أن النصيحة هي أحد احلقوق اليت جيب أن يؤديها إلخوانه املسلمني‪ ،‬فاملؤمن مرآة أخيه‪ ،‬يقدم له‬
‫النصيحة‪ ،‬وخيربه بعيوبه‪ ،‬وال يكتم عنه ذلك‪ .‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬حق املسلم على املسلم ست)‪.‬‬
‫قيل‪ :‬ما هن يا رسول اهلل؟ قال‪( :‬إذا لقيَته فسِّلم عليه‪ ،‬وإذا دعاك فأجْبه‪ ،‬وإذا استنصحك فانصْح له‪ ،‬وإذا عطس فحمد فشِّم ته‪ ،‬وإذا‬
‫مرض َفُعْد ه (فُزْر ه) وإذا مات فاتبعه (أي ِس ْر يف جنازته) [مسلم]‪.‬‬
‫أن تكون النصيحة يف السر‪ :‬املسلم ال يفضح املنصوح وال جيرح مشاعره‪ ،‬وقد قيل‪ :‬النصيحة يف املأل (العلن) فضيحة‪.‬‬
‫وما أمجل قول اإلمام الشافعي‪:‬‬
‫َتَغَّم َد ين بُنْص ِح ـَك فــي انف ـِـراِدي‬
‫وَج ِّنْبِنــي النصيح ـَة ِفــي اَجلَم اعْة‬
‫فـإَّن الُّنْص ـَح َبيْــن النــاِس ن ــوٌع‬
‫مــن التَّـْو بيخ ال َأْر َض ى اس ـِتَم ـاَعه‬
‫وكان صلى اهلل عليه وسلم إذا أراد أن ينصح أحد احلاضرين يقول‪ :‬ما بال أقوام يفعلون كذا‪ ،‬ما بال أحدكم يفعل كذا‪ .‬وقيل‪ :‬النصح‬
‫ثقيل فال جتعلوه جبال‪ ،‬وال ترسلوه جدال‪ ،‬واحلقائق مرة فاستعينوا عليها خبفة البيان‪.‬‬
‫األمانة يف النصح‪ :‬فال خيدع املنصوح وال يستهني بأمره‪ ،‬بل يبذل اجلهد‪ ،‬ويعمل الفكر‪ ،‬قبل أن ينصح‪ ،‬وعليه بيان ما يراه من املفاسد إن‬
‫وجد يف سرت وأمانة‪.‬‬

‫آداب املنصوح‪:‬‬
‫أن يتقبل النصيحة بصدر رحب‪ :‬وذلك دون ضجر أو ضيق أو تكرب‪ ،‬وقد قيل‪ :‬تقبل النصيحة بأي وجه‪ ،‬وأِّدها على أحسن وجه‪.‬‬
‫عدم اإلصرار على الباطل‪ :‬فالرجوع إىل احلق فضيلة والتمسك بالباطل رذيلة‪ ،‬واملسلم حيذر أن يكون ممن قال اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬فيهم‪{ :‬وإذا‬
‫قيل له اتق اهلل أخذته العزة باإلمث فحسبه جهنم ولبئس املهاد} [_البقرة‪.]206 :‬‬
‫أخذ النصح من املسلم العاقل‪ :‬ألنه يفيده بعقله وحكمته‪ ،‬كما أن املسلم يتجنب نصح اجلاهل أو الفاسق؛ ألنه يضره من حيث ال‬
‫حيتسب‪ .‬روي أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬من أراد أمًر ا فشاور فيه امرًءا مسلًم ا‪َ ،‬و َّفَق ُه اهلل ألرشد أموره) [الطرباين]‪.‬‬
‫شكر الناصح‪ :‬جيب على املنصوح أن يقدم الشكر ملن نصحه‪ ،‬فمن ال يشكر الناس ال يشكر اهلل‪.‬‬
‫‪Adab mengundang‬‬

‫اآلداب االسالمية‬

‫آداب النصيحة‬
‫حُي كى أن احلسن واحلسني مَّر ا على شيخ يتوضأ وال حيسن الوضوء‪ .‬فاتفقا على أن ينصحا الرجل ويعلماه كيف يتوضأ‪ ،‬ووقفا جبواره‪،‬‬
‫وقاال له‪ :‬يا عم‪ ،‬انظر َأُّينا حسن وضوًءا‪ .‬مث توضأ كل منهما فإذا بالرجل يرى أهنما حيسنان الوضوء‪ ،‬فعلم أنه هو الذي ال حيسنه‪،‬‬
‫فشكرمها على ما قدماه له من ُنصح دون جتريح‪.‬‬
‫***‬
‫النصيحة دعامة من دعامات اإلسالم‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬والعصر‪ .‬إن اإلنسان لفي خسر‪ .‬إال الذين آمنوا وعملوا الصاحلات وتواصوا باحلق‬
‫وتواصوا بالصرب} [العصر]‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬الدين النصيحة)‪ .‬قالوا‪ :‬ملن يا رسول اهلل؟ قال‪( :‬هلل ولكتابه ولرسوله وألئمة املسلمني وعامتهم) [متفق عليه]‪.‬‬
‫وعن جرير بن عبد اهلل ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬قال‪ :‬بايعُت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم على إقام الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬والنصح لكل‬
‫مسلم‪[ .‬متفق عليه]‪.‬‬
‫وللنصيحة مجلة من اآلداب‪ ،‬منها ما يتعلق بالناصح‪ ،‬ومنها ما يتعلق باملنصوح‪.‬‬
‫آداب الناصح‪:‬‬
‫اإلخالص‪ :‬فال يبغي الناصح من نصحه إظهار رجاحة عقله‪ ،‬أو فضح املنصوح والتشهري به‪ ،‬وإمنا يكون غرضه من النصح اإلصالح‪،‬‬
‫وابتغاء مرضاة اهلل‪.‬‬
‫احلكمة واملوعظة احلسنة واللني‪ :‬فالكلمة الطيبة مفتاح القلوب‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ادع إىل سبيل ربك باحلكمة واملوعظة احلسنة وجادهلم باليت‬
‫هي أحسن} [_النحل‪.]125 :‬‬
‫عدم كتمان النصيحة‪ :‬املسلم يعلم أن النصيحة هي أحد احلقوق اليت جيب أن يؤديها إلخوانه املسلمني‪ ،‬فاملؤمن مرآة أخيه‪ ،‬يقدم له‬
‫النصيحة‪ ،‬وخيربه بعيوبه‪ ،‬وال يكتم عنه ذلك‪ .‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬حق املسلم على املسلم ست)‪.‬‬
‫قيل‪ :‬ما هن يا رسول اهلل؟ قال‪( :‬إذا لقيَته فسِّلم عليه‪ ،‬وإذا دعاك فأجْبه‪ ،‬وإذا استنصحك فانصْح له‪ ،‬وإذا عطس فحمد فشِّم ته‪ ،‬وإذا‬
‫مرض َفُعْد ه (فُزْر ه) وإذا مات فاتبعه (أي ِس ْر يف جنازته) [مسلم]‪.‬‬
‫أن تكون النصيحة يف السر‪ :‬املسلم ال يفضح املنصوح وال جيرح مشاعره‪ ،‬وقد قيل‪ :‬النصيحة يف املأل (العلن) فضيحة‪.‬‬
‫وما أمجل قول اإلمام الشافعي‪:‬‬
‫َتَغَّم َد ين بُنْص ِح ـَك فــي انف ـِـراِدي‬
‫وَج ِّنْبِنــي النصيح ـَة ِفــي اَجلَم اعْة‬
‫فـإَّن الُّنْص ـَح َبيْــن النــاِس ن ــوٌع‬
‫مــن التَّـْو بيخ ال َأْر َض ى اس ـِتَم ـاَعه‬
‫وكان صلى اهلل عليه وسلم إذا أراد أن ينصح أحد احلاضرين يقول‪ :‬ما بال أقوام يفعلون كذا‪ ،‬ما بال أحدكم يفعل كذا‪ .‬وقيل‪ :‬النصح‬
‫ثقيل فال جتعلوه جبال‪ ،‬وال ترسلوه جدال‪ ،‬واحلقائق مرة فاستعينوا عليها خبفة البيان‪.‬‬
‫األمانة يف النصح‪ :‬فال خيدع املنصوح وال يستهني بأمره‪ ،‬بل يبذل اجلهد‪ ،‬ويعمل الفكر‪ ،‬قبل أن ينصح‪ ،‬وعليه بيان ما يراه من املفاسد إن‬
‫وجد يف سرت وأمانة‪.‬‬

‫آداب املنصوح‪:‬‬
‫أن يتقبل النصيحة بصدر رحب‪ :‬وذلك دون ضجر أو ضيق أو تكرب‪ ،‬وقد قيل‪ :‬تقبل النصيحة بأي وجه‪ ،‬وأِّدها على أحسن وجه‪.‬‬
‫عدم اإلصرار على الباطل‪ :‬فالرجوع إىل احلق فضيلة والتمسك بالباطل رذيلة‪ ،‬واملسلم حيذر أن يكون ممن قال اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬فيهم‪{ :‬وإذا‬
‫قيل له اتق اهلل أخذته العزة باإلمث فحسبه جهنم ولبئس املهاد} [_البقرة‪.]206 :‬‬
‫أخذ النصح من املسلم العاقل‪ :‬ألنه يفيده بعقله وحكمته‪ ،‬كما أن املسلم يتجنب نصح اجلاهل أو الفاسق؛ ألنه يضره من حيث ال‬
‫حيتسب‪ .‬روي أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬من أراد أمًر ا فشاور فيه امرًءا مسلًم ا‪َ ،‬و َّفَق ُه اهلل ألرشد أموره) [الطرباين]‪.‬‬
‫شكر الناصح‪ :‬جيب على املنصوح أن يقدم الشكر ملن نصحه‪ ،‬فمن ال يشكر الناس ال يشكر اهلل‪.‬‬
Dari http://islam.aljayyash.net

You might also like