- مجزوءة الوضع البشري

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 5

‫مجزوءة الوضع البشري ‪ /‬الشخص‬

‫الهوية واإلرادة‬ ‫الهوية والشعور‬ ‫الشخص والهوية‬

‫تمثل هوية الشخص ‪ -‬في نظر جون لوك ‪ -‬في كونه كائنا‬
‫يالحظ آرثر شوبنهاور أن الفرد يكبر ويشيخ‪ ،‬لكنه يحس في أعماقه‬ ‫عاقال قادرا على التفكير والتأمل بواسطة الشعور الذي‬
‫أنه الزال هو هو كما كان في شبابه وحتى في طفولته‪ ،‬هذا‬ ‫يكون لديه عن أفعاله الخاصة‪ ،‬حيث ال يمكن الفصل بين‬
‫العنصر الثابت هو الذي يشكل هوية الشخص‪ ،‬إال أن شوبنهاور ال‬ ‫الشعور والفكر‪ ،‬ألن الكائن البشري ال يمكن أن يعرف أنه‬
‫يرجع أصل الهوية إلى الجسم‪ ،‬ألن هذا األخير يتغير عبر السنين‪،‬‬ ‫يفكر إال إذا شعر أنه يفكر‪ ،‬وكلما امتد هذا الشعور ليصل‬
‫سواء على مستوى مادته أو صورته‪ ،‬في حين أن الهوية ثابتة الشعور‬ ‫إلى األفعال واألفكار الماضية‪ ،‬اتسعت وامتدت هوية‬
‫بالذاكرة والماضي‪ ،‬ألن الكثير من األحداث الماضية للفرد يطويها‬ ‫الشخص لتشمل الذاكرة‪ ،‬ألن الفعل الماضي صدر عن‬
‫النسيان‪ ،‬كما أن إصابة في المخ قد تحرمه من الذاكرة بشكل كلي‪ ،‬ومع‬ ‫الذات نفسها التي تدركه في الحاضر‪ ،‬إن هذا الشعور‬
‫ذلك فهو ال يفقد هويته العقل والتفكير‪ ،‬ألنه ليس إال وظيفة بسيطة‬ ‫حسب لوك هو الذي يشكل الهوية الشخصية للفرد التي‬
‫‪،‬للمخ‬ ‫تجعله يشعر أنه هو هو ال يتغير‪ ،‬كما تجعله يشعر‬
‫‪.‬باختالفه عن اآلخرين‬
‫إن هوية الشخص ‪ -‬في تصور شوبنهاور ‪ -‬تتمثل في اإلرادة‪ ،‬أي في‬
‫أن نريد أو ال نريد‬

‫قيمة الشخص والجماعة‬ ‫قيمة الشخص في ذاته‬ ‫الشخص بوصفه‬


‫قيمة‬
‫إن فكرة استقالل الذات المفكرة والشخص األخالقي‪ ،‬وكما تمت‬
‫صياغتها من طرف الفالسفة )ديكارت‪ ،‬كانط‪ ،(...‬لم تتحقق في الفكر‬ ‫إن الكائنات العاقلة )األشخاص( ‪ -‬في تصور إيمانويل‬
‫اإلنساني إال في وقت متأخر في نظر جورج غوسدورف‪ ،‬لكن‬ ‫كانط ‪ -‬لها قيمة مطلقة باعتبارها غاية في حد ذاا‪ ،‬وليست‬
‫بالرجوع إلى بداية الوجود اإلنساني وكما عاشها الناس فعليا‪ ،‬فإننا نجد‬ ‫مجرد وسيلة لغايات أخرى‪ ،‬في مقابل الموضوعات غير‬
‫الفرد كان يعيش ضمن الجماعة من خالل أشكال التضامن البسيطة‬ ‫العاقلة )األشياء( التي ليست لها إال قيمة نسبية‪ ،‬قيمة‬
‫واألساسية )األسرة‪ ،‬العشيرة‪ ،‬القبيلة‪ (...‬التي سمحت لهذه الجماعة‬ ‫مشروطة بميوالت وحاجات اإلنسان لها‪ ،‬حيث لو لم تكن‬
‫بالبقاء‪ ،‬إن قيمة الشخص إذن ال تتحدد في مجال الوجود الفردي حسب‬ ‫هذه الميوالت والحاجات موجودة لكانت تلك الموضوعات‬
‫‪.‬غوسدورف‪ ،‬ولكن في مجال التعايش داخل اموعة البشرية‬ ‫بدون قيمة‪ ،‬إن لها قيمة الوسائل فقط وهذا ما يحتم على‬
‫الشخص حسب كانط‪ ،‬االلتزام بمبدأ عقلي أخالقي عملي‬
‫هو‪ :‬إن الطبيعة العاقلة )الشخص( توجد كغاية في ذاا‪.‬‬

‫الشخص والحرية‬ ‫الشخص والضرورة‬ ‫الشخص بين‬


‫الضرورة والحرية‬
‫إن اإلنسان ‪ -‬حسب سارتر ‪ -‬يوجد أوال‪ ،‬أي ينبثق في هذا العالم ثم‬ ‫لقد أقر سيغموند فرويد لألنا بوجود مستقل كأحد مكونات‬
‫يتحدد بعد ذلك وفق ما سيصنع بنفسه‪ ،‬وكما يريد أن يكون في‬ ‫الجهاز النفسي للشخصية‪ ،‬وله نشاط شعوري يتمثل في‬
‫المستقبل‪ ،‬إن اإلنسان مشروع يعاش بكيفية ذاتية‪ ،‬هذا الكائن المادي‬ ‫اإلدراك الحسي الخارجي واإلدراك الحسي الداخلي‪،‬‬
‫يتجاوز دائما الوضعية التي يوجد فيها‪ ،‬ويحددها‪ ،‬وذلك بالتعالي عليها‬ ‫والعمليات الفكرية‪ ،‬ويضطر للخضوع لثالث ضغوطات‬
‫لكي يتموضع بواسطة الشغل أو الفعل أو الحركة في إحدى اإلمكانات‬ ‫متناقضة‪ ،‬وهي الهو الذي يتمثل في الدوافع الفطرية‬
‫المتاحة أمامه‪ ،‬وبما أن هذه الوثبة تتخذ أشكاال متنوعة بحسب األفراد‪،‬‬ ‫والغريزية‪ ،‬واألنا األعلى الذي يتجلى في الممنوعات‬
‫فإننا نسميها كذلك اختيارا وحرية‪ ،‬إن الشخص في نظر سارتر يتمثل‬ ‫الصادرة عن المثل األخالقية‪ ،‬والعقاب الذي تمارسه‬
‫‪.‬قي قدرته على الحرية في االختيار‬ ‫بواسطة تأنيب الضمير‪ ،‬إضافة إلى الحواجز التي يضعها‬
‫العالم الخارجي واالجتماعي‪ ،‬إن األنا يخضع حسب‬
‫‪.‬فرويد‪ ،‬لضرورات الهو‪ ،‬واألنا األعلى‪ ،‬والعالم الخارجي‬
‫مجزوءة الوضع البشري ‪ /‬الغير‬
‫وجود الغير ووجود الذات‬ ‫وجود الغير والصراع‬ ‫وجود الغير‬

‫إن الموجود هنا باعتباره وجودا فرديا خاصا ال يكون مطابقا لذاته ‪-‬‬ ‫يكون وعي الذات وجودا بسيطا لذاته ‪ -‬حسب فريدريك هيغل ‪-‬‬
‫في نظر مارتن هايدغر ‪ -‬عندما يوجد على نمط الوجود "مع ‪/‬‬ ‫تقوم ماهيته في كونه أنا‪ ،‬غير أن اآلخر هو أيضا وعي لذاته‪،‬‬
‫الغير"‪ ،‬فهذا الوجود المشترك يذيب كليا الموجود هنا‪ ،‬الذي هو‬ ‫باعتباره ال ‪ /‬أنا‪ ،‬هكذا تنبثق ذات أمام ذات‪ ،‬يكون كل واحد‬
‫وجودي الخاص في نمط وجود الغير‪ ،‬بحيث يجعل اآلخرين يختفون‬ ‫بالنسبة لآلخر عبارة عن موضوع‪ ،‬كل منهما متيقن من وجود‬
‫ويفقدون ما يميزهم وما ينفردون به‪ ،‬مما يسمح بسيطرة الضمير‬ ‫ذاته‪ ،‬وليس متيقنا من وجود اآلخر‪ ،‬لكن مازال لم يقدم بعد‬
‫المبني للمجهول‪ ،‬هذا اهول ليس شخصا متعينا‪ ،‬إنه ال أحد‪ ،‬كما أن‬ ‫أحدهما نفسه لآلخر‪ ،‬تتمثل عملية تقديم الذات لنفسها أمام اآلخر‬
‫بإمكان أي كان أن يمثله‪ ،‬إن وجود الغير ‪ -‬في تصور هايدغر ‪ -‬يهدد‬ ‫في إظهار أا ليست متشبثة بالحياة‪ ،‬وهي نفس العملية التي يقوم‬
‫وجود الذات من خالل إذابتها وسط اآلخرين‪ ،‬ووسط اهول‬ ‫ا اآلخر حينما يسعى إلى موت اآلخر‪ ،‬أي األنا‪ ،‬إن وجود الغير‬
‫بالنسبة لألنا ‪ -‬في تصورهيغل ‪ -‬يتم بواسطة الصراع من أجل‬
‫الحياة والموت‪ ،‬ألن على كل منهما أن يسمو بيقين وجوده إلى‬
‫‪.‬مستوى الحقيقة بالنسبة لذاته‪ ،‬وبالنسبة لآلخر‬

‫الغير بنية‬ ‫الغير والحميمية‬ ‫معرفة الغير‬

‫إن الغير ليس فردا مشخصا بعينه ‪ -‬حسب جيل دولوز ‪ -‬بل هو بنية‬ ‫إن حميميتي‪ ،‬أي حياتي الخاصة هي عائق أمام كل تواصل مع‬
‫أو نظام العالقات والتفاعالت بين الذوات واألشخاص‪ ،‬يتجلى هذا‬ ‫الغير‪ ،‬يقول غاستون بيرجي‪" :‬حيث تجعلني سجين ذاتي‪،‬‬
‫النظام في اال اإلدراكي الحسي‪ ،‬مثال فأنا حين أدرك األشياء المحيطة‬ ‫فالتجربة الذاتية وحدها هي الوجود الحقيقي بالنسبة لي‪ ،‬وهي‬
‫‪،‬بي ال أدركها كلها ومن جميع جهاا وجوانبها وباستمرار‬ ‫تجربة غير قابلة للنقل إلى اآلخر‪ ،‬فأنا أعيش وحيدا وأشعر‬
‫وهذا يفترض أن يكون ثمة آخرون يدركون ماال أدركه من األشياء‪،‬‬ ‫بالعزلة‪ ،‬كما أن عالم الغير منغلق أمامي بقدر انغالق عالمي‬
‫وفي الوقت الذي ال أدركه‪ ،‬وإال بدت األشياء وكأا تنعدم حين ال‬ ‫أمامه‪ ،‬فعندما يتألم الغير يمكنني مساعدته‪ ،‬ومواساته ومحاولة‬
‫أدركها وتعود إلى الوجود حين أدركها مجددا‪ ،‬وإذا كان هذا‬ ‫تخفيف األلم الذي يمزقه‪ ،‬غير أن ألمه يبقى رغم‬
‫مستحيال‪ ،‬فإن الغير إذن يشاركني إدراك األشياء‪ ،‬ويكمل إدراكي لها‪،‬‬ ‫الغير ذلك ألما خارجيا بالنسبة لذاتي‪ ،‬فتجربة األلم تظل تجربته‬
‫وهكذا يجرد دولوز الغير من معناه الفردي المشخص‪ ،‬ويضمنه معنى‬ ‫الشخصية وليست تجربتي"‪ ،‬وهكذا تتعذر معرفة الغير ‪ -‬في‬
‫‪ .‬بنيويا‬ ‫نظر بيرجي ‪ -‬مادام اإلنسان كائنا سجينا في آالمه‪ ،‬ومنعزال في‬
‫ّلذاته‪ ،‬ووحيدا في موته‪ ،‬محكوما عليه بأن ال يشبع أبدا رغبته‬
‫‪.‬في التواصل‬

‫عالقة الغرابة‬ ‫عالقة الصداقة‬ ‫العالقة مع‬


‫الغير‬
‫لقد رفضت جوليا كريستيفا المعنى اليوناني القديم لمفهوم الغريب‬ ‫إن الصداقة باعتبارها مثاال هي اتحاد شخصين يتبادالن نفس‬
‫المرتبط باآلخر‪ ،‬الذي نكن له مشاعر الحقد باعتباره ذلك الدخيل‬ ‫مشاعر الحب واالحترام‪ ،‬في نظر إيمانويل كانط وغاية هذا‬
‫المسؤول عن شرور المدينة‪ ،‬أو ذلك العدو الذي يتعين القضاء عليه‬ ‫المثال هو تحقيق الخير للصديقين الذين جمعت بينهما إرادة‬
‫إلعادة السلم إلى اتمع‪ ،‬إن الغريب في نظرها يسكننا على نحو‬ ‫طيبة‪ ،‬يتولد عن مشاعر الحب تجاذب بين الصديقين‪ ،‬في حين‬
‫‪،‬غريب‬ ‫يتولد عن مشاعر االحترام تباعد بينهما‪ ،‬إذا تناولنا الصداقة من‬
‫ونحن إذ نتعرف على الغريب فينا نستبعد أن نبغضه في ذاته‪ ،‬إن‬ ‫جانبها األخالقي فواجب الصديق تنبيه صديقه إلى أخطائه متى‬
‫الغريب يبدأ عندما ينشأ لدي ‪ -‬تقول كريستيفا ‪ -‬الوعي باختالفي‪،‬‬ ‫ارتكاا‪ ،‬ألن األول يقوم ذا التنبيه‬
‫وينتهي عندما نتعرف على أنفسنا جميعا وندرك أننا غرباء متمردون‬ ‫ألجل خير الثاني‪ ،‬وهذا واجب حب األول للثان‪ ،‬بينما تشكل‬
‫على الروابط والجماعات‪ ،‬كما انتقدت كريستيفا الداللة الحقوقية‬ ‫أخطاء الثاني تجاه الصديق األول إخالال بمبدأ االحترام بينهما‪،‬‬
‫المعاصرة للغريب التي تطلق على من ال يتمتع بمواطنة البلد الذي‬ ‫ال يجب إذن أن تقوم الصداقة ‪ -‬حسب كانط ‪ -‬على منافع‬
‫يقطنه‪ ،‬ألا تسكت عن وضعية المختلف التي يتخذها اإلنسان داخل‬ ‫‪.‬مباشرة ومتبادلة‪ ،‬بل يجب أن تقوم على أساس أخالقي خالص‬
‫‪.‬جماعة بشرية تنغلق على نفسها مقصية المخالفين لها‬
‫مجزوءة السياسة ‪ /‬مفهوم الدولة‬
‫الدولة تحقق للروح المطلقة‬ ‫مشروعية الدولة وغاياتها‬ ‫مشروعية‬
‫الدولة‬
‫إن الدولة في – نظر فريديريك هيغل – هي التحقق الفعلي للروح‬ ‫إن الغاية القصوى من تأسيس الدولة ليست السيادة في – نظر باروخ‬ ‫وغاياتها‬
‫المطلقة‪ ،‬وهي فكرة عقالنية موضوعية وكونية ذات طابع أخالقي‪،‬‬ ‫اسبينوزا بل – إتاحة الفرصة ألجسام األفراد وعقولهم بأن تقوم‬
‫كما أا تمثل إرادة جوهرية متجلية‪ ،‬وبينة لذاا‪ ،‬تعرف ذاا وتفكر فيها‪،‬‬ ‫بوظائفها كاملة في أمان تام ودون خوف‪ ،‬بحيث يتسنى أن لهم‬
‫إن الدولة بوصفها تحققا لإلرادة الجوهرية‪ ،‬هي في غاية ذاا‪ ،‬ال‬ ‫يستخدموا عقولهم استخداما حرا‪ ،‬ألن الحق الوحيد الذي تخلى عنه‬
‫يتوقف دورها ووظيفتها على الحماية واألمن‪ ،‬وال يختزل في فرض‬ ‫الفرد هو أن في حقه يفعل ما يشاء‪ ،‬وليس في حقه التفكير والتعبير‪،‬‬
‫السيادة واإلخضاع‪ ،‬بل في – يمتد نظر هيغل إلى – نشر القيم‬ ‫أن أي يحتفظ قدر المستطاع بحقه الطبيعي في الحياة‪ ،‬وفي العمل‬
‫الروحية واألخالقية‪ ،‬والمبادئ العقلية الكونية‪ ،‬وهي قيم ومبادئ‬ ‫دون إلحاق الضرر بالغير ‪.‬‬
‫أساسية بالنسبة للمجتمع حتى يتمكن اإلنسان من االعتراف بإنسانيته‬ ‫إذن فالغاية الحقيقية من قيام الدولة – حسب اسبينوزا – هي حرية‬
‫‪.‬‬ ‫التفكير‪ ،‬وضمان األمن لألفراد‪ ،‬ومن يسلك ضد مشيئة السلطة العليا‬
‫يلحق الضرر بالدولة‪.‬‬

‫السياسة اعتدال‬ ‫السياسة صراع‬ ‫طبيعة السلطة‬


‫السياسية‬
‫إن حسن ال ُملك لدى السلطان في – نظر عبد الرحمن بن خلدون –‬ ‫نبغي على األمير – حسب نيقوالي ماكيافيلي أن – يستخدم كل‬
‫الوسائل المتاحة للحفاظ على السلطة‪ ،‬وذلك باالعتماد على القوانين إن يعود إلى االعتدال‪ ،‬فإن كان السلطان قاهرا باطشا بالعقوبات‬
‫شمل الرعية الخوف والذل‪ ،‬والتجئوا إلى الكذب والمكر والخديعة‪،‬‬ ‫كانت كافية‪ ،‬وعلى القوة إن اضطر إلى ذلك‪ ،‬أن يكون مستقيما في‬
‫وإن كان رفيقا م متجاوزا عن سيئام استناموا إليه والذوا إن به‪،‬‬ ‫سلوكه‪ ،‬حافظا لعهده‪ ،‬أمينا في أعماله‪ ،‬إن حافظ ذلك‬
‫على ملكه‪ ،‬ال وأن يفي بوعد سيضيع مصلحته‪ ،‬وأن يلتجئ إلى المكر الذكاء عيب في صاحب السياسة‪ ،‬ألنه إفراط في الفكر‪ ،‬يكلف‬
‫الرعية فوق طاقتهم لنفوذ نظره‪ ،‬أن كما البالدة إفراط في الجمود‪،‬‬ ‫والخداع والتمويه للبقاء على سلطته‪ ،‬مع القدرة على إخفاء هذه‬
‫الصفات على الناس البسطاء‪ ،‬ألن من يمارس الخداع سيجد دائما بين والطرفان مذمومان من كل صفة إنسانية‪ ،‬والمحمود – حسب ابن‬
‫خلدون هو – التوسط‪ ،‬في كما الكرم مع التبذير والبخل‬ ‫الناس من يقبل إن ينخدع بسهولة‪ ،‬ويجب على األمير في –‬
‫نظرماكيافيلي أن – يستخدم كل الوسائل الممكنة للحفاظ على السلطة‪،‬‬
‫‪.‬سواء كانت مشروعة أم غير مشروعة‬

‫دولة الحق والقانون‪:‬‬ ‫العنف المادي المشروع‪:‬‬ ‫الدولة بين‬


‫الحق والعنف‬
‫إن دولة الحق والقانون تؤدي إلى ممارسة معقلنة للسلطة في – نظر‬ ‫تقوم كل دولة – حسب ماكس – فيبر على العنف المادي باعتباره‬
‫‪:‬جاكلين روس – وهي دولة تتخذ ثالث مالمح وهي‬ ‫الوسيلة الناجعة لممارسة السلطة‪ ،‬وهكذا فالدولة المعاصرة هي‬
‫الحق‪ :‬الذي يتمثل في احترام الحريات الفردية والجماعية التي ‪-‬‬ ‫تجمع بشري يطالب في حدود مجال ترابي معين في بحقه احتكار‬
‫استخدام العنف المادي المشروع‪ ،‬وذلك لفائدته‪ ،‬ما إن يميز عصرنا ال ‪.‬تتمسك بالكرامة اإلنسانية ضد كل أنواع العنف والقوة والتخويف‬
‫أنه هو توجد جماعة سياسية‪ ،‬وال يوجد فرد يكون من حقهما استخدام القانون‪ :‬أن أي الكل يخضع لقانون وضعي تابع للمبدأ األخالقي‪،‬‬
‫العنف‪ ،‬إال شريطة موافقة الدولة على ذلك‪ ،‬وهكذا تعتبر الدولة في – ‪.‬مع إمكانية حمايته من لدن قاض‬
‫‪.‬نظر– فيبر هي المصدر الوحيد « للحق في» ممارسة العنف المادي فصل السلط‪( :‬السلطة التنفيذية‪ ،‬التشريعية‪ ،‬القضائية ‪ )،‬وهي اآللية‬
‫‪.‬التي تحمي الدولة من السقوط يد في االستبداد‬
‫إن دولة الحق والقانون ليست صيغة جامدة‪ ،‬وإنما – هي‬
‫‪.‬حسب روس – عملية بناء وإبداع دائم للحرية‬
‫مجزوءة األخالق ‪ /‬الحرية‬
‫الحرية النسبية‬ ‫التوازن بين الحرية والحتمية‬ ‫الحرية‬
‫والحتمية‬
‫إذا كان التفكير الموضوعي الذي ينطلق من الوجود الموضوعي للكائن‬ ‫إن الحرية في – نظر أبو الوليد بن رشد ال – يمكن فصلها عن الحتمية‪،‬‬
‫يذهب أن إلى أفعالنا ينبغي أن تأتي بالضرورة من الخارج‪ ،‬وبالتالي فال‬ ‫فاإلنسان له قدرة وإرادة يستطيع ما فعل الخير والشر وباقي األضداد‬
‫وجود للحرية إطالقا‪ ،‬وإذا كان التفكير التأملي عند دراسته للوعي‪ ،‬يقر‬ ‫األخرى‪ ،‬ولكنه في نفس الوقت محكوم بضرورات مثل قوانين الطبيعة‪،‬‬
‫بأن أفعالنا إنما تنبع من الداخل‪ ،‬وهكذا فحريتنا حرية مطلقة‪ ،‬فإن‬ ‫وقوى الجسد المخلوقان من طرف اهللا‪ ،‬وهكذا ال يمكن تصور الفعل‬
‫موريس ميرلوبونتي يعتبر أن الحرية عند اإلنسان هي حرية نسبية‪ ،‬ألن‬ ‫اإلنساني – حسب ابن رشد – حرا بشكل مطلق‪ ،‬وال مقيدا بشكل مطلق‪،‬‬
‫التعرف على نظام الظواهر يبين لنا أننا مندمجون مع العالم والغير‬ ‫إنه فعل يتركب من حرية االختيار والقدرة واإلرادة‪ ،‬أنه إال محدود‬
‫اندماجا وثيقا ال ينفصل‪ ،‬وبناء عليه‪ ،‬فإن الوضعية التي نكون فيها‪ ،‬تلغي‬ ‫بقدرات البدن ومشروط بقوانين الطبيعة التي خلقها اهللا‬
‫الحرية المطلقة عند بداية الفعل وعند ايته‪ ،‬وفي هذا الوضع يستطيع‬
‫اإلنسان أن يدخل تعديالت إرادية واعية على وضعه المعطى‬

‫إرادة الحياة‬ ‫األخالق واإلرادة الحرة‬ ‫حرية‬


‫اإلرادة‬
‫لقد اعتبر إيمانويل كانط مجال األخالق هو مجال ممارسة اإلرادة الحرة عندما وجد الحيوان ‪ -‬اإلنسان كإرادة حياة في هذا الكون‪ ،‬لم يكن لوجوده‬
‫أي هدف أو غاية حسب فريدريك نيتشه‪ ،‬لذلك أبدع المثل ال ّزهدي‬ ‫لفعلنا‪ ،‬فاإلنسان بوصفه كائنا عاقال يستطيع اعتمادا على إرادته الحرة‬
‫وضع القوانين العقلية للفعل اإلنساني‪ ،‬والخضوع لهذه القواعد‪ ،‬فكل كائن باعتباره أخالقا كاملة‪ ،‬لكي يعطي لحياته معنى‪ ،‬وفي رغبته للوصول‬
‫عاقل هو كائن يتمتع بحرية اإلرادة والقدرة على القيام بالفعل األخالقي‪ ،‬إلى الكمال األخالقي‪ ،‬عمل على نفي الحياة ذاا من خالل إقصاء هو ما‬
‫كل مادي‪ ،‬غريزي ‪ -‬حسي في اإلنسان ‪ ،‬لذلك ين دعا تشه إلى مقاومة‬ ‫وال معنى للفعل األخالقي في غياب الحرية ‪ -‬حسب كانط ‪ -‬هكذا تشتق‬
‫المثل ال ّزهدي بإرادة حرة‪ ،‬تطلب الحياة وتدافع هو عما إنساني في‬ ‫األخالق من حرية اإلرادة‪.‬‬
‫الحر يةب إرادة الحياة عندما وجد الحيوان ‪ -‬اإلنسان كإرادة حياة في هذا ‪ .‬التجربة اإلنسانية‪ ،‬أي إرادة الحياة‬
‫الكون‪ ،‬لم يكن لوجوده أي هدف أو غاية حسب فريدريك نيتشه‪ ،‬لذلك‬
‫أبدع المثل ال ّزهدي باعتباره أخالقا كاملة‪ ،‬لكي يعطي لحياته معنى‪ ،‬وفي‬
‫رغبته للوصول إلى الكمال األخالقي‪ ،‬عمل على نفي الحياة ذاا من خالل‬
‫إقصاء هو ما كل مادي‪ ،‬غريزي ‪ -‬حسي في اإلنسان ‪ ،‬لذلك ين دعا تشه‬
‫إلى مقاومة المثل ال ّزهدي بإرادة حرة‪ ،‬تطلب الحياة وتدافع هو عما‬
‫‪ .‬إنساني في التجربة اإلنسانية‪ ،‬أي إرادة الحياة‬

‫السياسة كمجال لممارسة الحرية‬ ‫الدستور كضامن للحرية‬ ‫الحرية‬


‫والقانون‪:‬‬
‫إن اال الذي عرفت فيه الحرية باعتبارها ممارسة فعلية في الحياة اليومية‬ ‫إن الحرية في األنظمة الديمقراطية ‪ -‬حسب مونتسكيو ‪ -‬هي الحق في‬
‫هو مجال السياسة ‪ -‬حسب حنا أرندت‪ ،‬من المؤكد أن الحرية بمكن أن‬ ‫القيام بكل ما تسمح به القوانين‪ ،‬فإذا كان كل مواطنأ ا‬
‫تسكن أفئدة الناس باعتبارها رغبة‪ ،‬أو إرادة‪ ،‬أو أمنية‪ ،‬أو طموح ‪ ، ...‬أن‬ ‫يستطيع القيام بفعل تمنعه القوانين‪ ،‬فلن تكون في له المستقبل حرية ما‬
‫غير قلوب الناس مكان غامض‪ ،‬ال يمكن معرفة ما يجري في ظلمته‬ ‫دام اآلخرون لهم أيضا نفس القدرة على فعل ما يشاءون‪ ،‬إن الحرية‬
‫السياسية ال توجد في إال الحكومات المعتدلة‪ ،‬أن وبما كل سلطة إلى تميل الداخلية ‪ ،‬ال إننا ندرك الحرية أو نقيضها إال عندما ندخل في عالقة مع‬
‫التعسف‪ ،‬ينبغي أن تنظم األشياء بحيث تجد السلطة نفسها محدودة بسلطة غيرنا‪ ،‬باعتبارها وضعا لإلنسان الحر الذي يسمح فيه له بالتنقل‬
‫وبالخروج من مترله وبالتجول في العالم وااللتقاء بغيره‪ ،‬فال يكون‬ ‫أخرى‪ ،‬ويمكن في هذا السياق أن يصاغ الدستور بحيث ال يلزم أحدا‬
‫بفعل مناف للقانون‪ ،‬وبأن يسمح لكل مواطن بحق عدم القيام بفعل يخوله للحرية تحقق فعلي في العالم الذي يسمح بممارسة الفعل والكالم‪ ،‬مثل‬
‫اتمعات االستبدادية التي تعتقل رعاياها داخل بيوم الضيقة‪ ،‬وتمنع بذلك‬ ‫‪ .‬له القانون‬
‫ميالد حياة عمومية‪ ،‬فبدون حياة عمومية‬
‫مضمونة سياسيا‪ ،‬ال يمكن للحرية أن تتجلى‪ ،‬إذ ينقصها الشرط الالزم‬
‫‪.‬لظهورها وهو اال العام‬

You might also like