Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 53

■■■■ ■■■ ■■■■■■■ 1st Edition

■■■■■■■■ ■■■■■■■
Visit to download the full and correct content document:
https://ebookstep.com/download/ebook-47578694/
More products digital (pdf, epub, mobi) instant
download maybe you interests ...

Die Staatskonkurs Aufgaben im Jahre Die Aufgaben in den


Jahren 1885 bis 88 für die Rechstpraktikanten in der
Pfalz

https://ebookstep.com/product/die-staatskonkurs-aufgaben-im-
jahre-die-aufgaben-in-den-jahren-1885-bis-88-fur-die-
rechstpraktikanten-in-der-pfalz/

Hokhmat Sopher Melanges Offerts Au Professeur Emile


Puech En l Honneur de Son Quatre Vingtieme Anniversaire
Etudes Bibliques 88 1st Edition M Staszak Editor J S
Rey Editor
https://ebookstep.com/product/hokhmat-sopher-melanges-offerts-au-
professeur-emile-puech-en-l-honneur-de-son-quatre-vingtieme-
anniversaire-etudes-bibliques-88-1st-edition-m-staszak-editor-j-
s-rey-editor/

Bioquímica de Laguna y Piña 8a ed 8th Edition Federico


Martínez Montes Juan Pablo Pardo Vázquez Héctor Riveros
Rosas

https://ebookstep.com/product/bioquimica-de-laguna-y-
pina-8a-ed-8th-edition-federico-martinez-montes-juan-pablo-pardo-
vazquez-hector-riveros-rosas/

■■ 85 ■■■■ ■■ ■■■■ ■■ ■■■

https://ebookstep.com/download/ebook-54898122/
Le Psautier Troisieme livre Ps 73 89 1st Edition R
Meynet

https://ebookstep.com/product/le-psautier-troisieme-livre-
ps-73-89-1st-edition-r-meynet/

Eierlikörtage das geheime Tagebuch des Hendrik Groen 83


1 4 Jahre Groen

https://ebookstep.com/product/eierlikortage-das-geheime-tagebuch-
des-hendrik-groen-83-1-4-jahre-groen/

Pratique Grammaire B1 1st Edition Evelyne Sirejols

https://ebookstep.com/product/pratique-grammaire-b1-1st-edition-
evelyne-sirejols/

A medida B1 guía didáctica 1st Edition Anaya

https://ebookstep.com/product/a-medida-b1-guia-didactica-1st-
edition-anaya/

Lo straniero A2 B1 Primi Racconti 1st Edition Marco


Dominici

https://ebookstep.com/product/lo-straniero-a2-b1-primi-
racconti-1st-edition-marco-dominici/
‫فالديمير نابوكوف‬

‫دعوة إلى اإلعدام‬

‫«المكتبة الرقمية العربية»‬

‫ترجمة‪ :‬إبراهيم إستنبولي‬

‫دار سؤال‬
‫‬مقدمة المرت جم‬

‫«دعوة إلى اإلعدام» (ُكتبت عام ‪ 1934‬ونشرت في عامي ‪ )1936 1935‬هي سابع رواية‬
‫باللغة الروسية لصاحب «لوليتا» فالديمير نابوكوف‪ ،‬وتعتبر واحدة من قمم المرحلة «السيرينية»‬
‫في إبداع الكاتب [والمقصود بالمرحلة «السيرينية» هي تلك الفترة التي كتب خاللها نابوكوف‬
‫قصصه ورواياته باللغة الروسية أثناء وجوده في المهجر في أوروبا باسم مستعار «سيرين»]‪‬.‬‬

‫في بالٍد ُم تخّيلة‪ ،‬مختلقة‪ُ ،‬و ِض ع الشاب الذي يدعى سينسينات في سجن القلعة بانتظار تنفيذ حكم‬
‫اإلعدام الذي صدر في حِّقه بتهمة عدم الشفافية الذي أّدى إلى خرق االستقرار االجتماعي أو‪ ،‬كما‬
‫جاء في قرار المحكمة‪ ،‬بسبب «الدناءة المعرفية ‪‬.»gnoseological infamy‬‬

‫وإذ راحت تزوره في زنزانته «أشباح هزيلة بائسة» للحراس واألقرباء‪ ،‬راح سينسينات يدرك‬
‫بوضوح أكثر فأكثر التصّنع المسرحي والسخافة الغريبة إلى درجة مذهلة لذلك الواقع المحيط الذي‬
‫يمكن لمدير السجن فيه أن يتحّو ل إلى ناظر في السجن‪ ،‬في حين يتظاهر السفاح بأنه سجين ويقوم‬
‫بتصرفات غريبة وبحركات بهلوانية‪‬.‬‬

‫بيَد أَّن ذلك العالم الصوري‪ ،‬المزّيف‪ ،‬سرعان ما يتهاوى وينهار في لحظة تنفيذ اإلعدام‪ ،‬ما يجعل‬
‫البطل ينتقل إلى جانب «الكائنات الشبيهة به» أي إلى الواقع العلوي الحقيقي‪‬.‬‬

‫هذه الرواية التي سوف يعتبرها المؤلف فيما بعد «القصيدة الطويلة الوحيدة في كتاباته النثرية»‪،‬‬
‫تطرح تيمات هامة جًّدا من وجهة نظر نابوكوف الفلسفية ومفهومه عن الحياة اآلخرة‪ ،‬وعن عالم‬
‫ما بعد الموت‪ ،‬أي عن الجوهر الحقيقي للفن‪ ،‬وعن مغزى الحياة والكينونة البشرية‪‬.‬‬
‫مقدمة المؤلف‬
‫‬للطبعة األمريكية من الرواية((‪))1‬‬
‫‏‬‬

‫… قمت بتأليف [هذه الرواية] قبل ربع قرن بالضبط‪ ،‬بعد مرور حوالي خمسة عشر عاًم ا على‬
‫فراري من النظام البلشفي‪ ،‬وقبل أن يشرع النظام النازي [في ألمانيا المترجم] في الدعاية الصاخبة‬
‫إلى أقصى درجة لحسن الضيافة عنده‪ .‬وال ينبغي للسؤال عما إذا كان هذا الكتاب قد تأثر بحقيقة أن‬
‫كال النظامين يمّثالن بالنسبة لي نفس المهزلة الرمادية والمثيرة لالشمئزاز‪ ،‬أن يثير اهتمام القارئ‬
‫الجيد والحصيف بنفس الدرجة القليلة التي يثيرني بها هذا السؤال أنا بالذات‪‬.‬‬

‫تَّم نشر رواية «دعوة إلى اإلعدام» في عّدة أعداد من مجلة المهاجرين الروس «سوفريميّنيي‬
‫زابيسكي» التي كانت تصدر في باريس‪ ،‬ثم صدرت الرواية هناك في وقت الحق في كتاب‬
‫منفصل وذلك عام ‪ 1938‬في دار نشر «‪‬.»House of Books‬‬

‫شعر النقاد المهاجرون بالحيرة من أمرهم‪ ،‬ولكنهم أحّبوا العمل وُأعجبوا بالرواية‪ ،‬وتخّيلوا أنهم‬
‫«اكتشفوا» فيها بعض عناصر «القص الكافكاوي»‪ ،‬دون أن ينتبهوا إلى أنني ال أعرف اللغة‬
‫األلمانية وكنت أجهل األدب األلماني الحديث‪ ،‬فضًال عن أنني لم أكن في تلك الفترة أقرأ أي‬
‫ترجمات فرنسية أو إنكليزية لمؤلفات كافكا‪‬.‬‬

‫مما ال شك فيه أنه توجد روابط معينة بين هذه الرواية‪ ،‬لنفترض‪ ،‬وبين القصص التي كتبُتها في‬
‫فترة مبكرة (أو بين الرواية التي قمت بتأليفها في وقت متأخر أكثر الحًقا بعنوان «مع عالمة أبناء‬
‫غير شرعيين»)‪ ،‬إّال أنه ال توجد بأي شكل من األشكال أية صلة بين «دعوة إلى اإلعدام» وبين‬
‫كل من روايتي «المحاكمة» [أو «القضية»] و«القلعة» [لفرانز كافكا المترجم]‪‬.‬‬

‫ال يوجد في مفهومي للنقد األدبي ما ُيعرف باأللفة الروحية‪ ،‬ولكن إذا ما وجدُت نفسي مضطًر ا‪،‬‬
‫فسوف أختار ذلك المعّلم الكبير في فن النثر أورويل [جورج] وغيره من الكّتاب اآلخرين الذين‬
‫يقّدمون لنا أفكاًر ا مصّو رة ونثًر ا أدبًّيا جماهيرًّيا رائًعا‪‬.‬‬
‫وبالمناسبة‪ ،‬لم أستطع أن أفهم على اإلطالق‪ ،‬لماذا يخلق صدور أي كتاب لي رغبة محمومة عند‬
‫النقاد من أجل البحث عن أسماء مشهورة بدرجة كبيرة أو قليلة‪ ،‬لكي ينغمسوا في شغف خاص بهم‬
‫وهو المقارنة بين هذا وذاك‪ .‬وقد وجهوا إلَّي خالل العقود الثالثة األخيرة إذا ما أحصينا تلك‬
‫القذائف غير المؤذية على سبيل المثال ال الحصر قذائف من مثل غوغول‪ ،‬وتولستوي‪ ،‬وجويس‪،‬‬
‫وفولتير‪ ،‬ودي ساد‪ ،‬وستاندال‪ ،‬وبلزاك‪ ،‬وبايرون‪ ،‬وبيربوم‪ ،‬وبروست‪ ،‬وكاليست‪ ،‬وماكار‬
‫مارينسكي‪ ،‬وماري مكارثي‪ ،‬وميريديث(!)((‪ ،))2‬وسيرفانتس‪ ،‬وتشارلي شابلن‪ ،‬والبارونة‬
‫موراساكي‪ ،‬وبوشكين‪ ،‬وراسكين‪ ،‬وحتى سيباستيان نايت‪ .‬ولكن كاتًبا وحيًدا لم يسبق أن أتوا على‬
‫ذكر اسمه بهذا الخصوص وهو الوحيد الذي يجب أن أعترف مع االمتنان بتأثيره علَّي خالل‬
‫كتابتي لتلك الرواية وأقصد ذلك الكاتب الحزين والسوداوي وغريب األطوار‪ ،‬المعّلم البارع‬
‫والذكي في فن النثر‪ ،‬والساحر بكل بساطة بيير ديالالند الذي قمُت أنا باختراعه‪‬.‬‬

‫قال كاتبي المفّضل((‪ )1849 1768( ))3‬ذات يوم بشأن رواية كان النسيان قد طواها تماًم ا ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫«)‪IL A TOUT POUR TOUS. IL FAIT RIRE L’ENFANT ET FRISSONNER LA FEMME. IL DONNE A‬‬
‫‪L’HOMME DU MONDE UN VERTIGE SALUTAIRE ET FAIT REEVER CEUX QUI NE REEVENT‬‬
‫))‪‬.JAMAIS»((4‬‬

‫ال يمكن لرواية «دعوة إلى اإلعدام» أن تطمح لمثل هكذا عمل عظيم أبًدا‪ .‬فهي أشبه بكمان يعزف‬
‫في فضاء فارغ‪ .‬سوف يعتقد اإلنسان الواقعي‪ ،‬الملتصق باألرض أن هذه مجّر د حيلة وتصرف‬
‫أخرق من محتال‪ .‬أما كبار السن فسوف يسارعون إلى ترك الكتاب واالنتقال لقراءة روايات‬
‫رومانسية من حياة الريف وإلى سَير المشاهير‪ .‬كما أّن الرواية لن تنال إعجاب سيدة اعتادت أن‬
‫تتردد على نادي للسيدات‪ .‬أما األشخاص ذوو النوايا الخبيثة والشريرة فسوف يكتشفون أن مارفينكا‬
‫هي شقيقة دوللينكا [إحدى الشخصيات الرئيسة في رواية «لوليتا» للكاتب نفسه المترجم]‪ ،‬في حين‬
‫أَّن تالميذ الطبيب المتخصص في السحر األسود من فيينا فسوف يقهقهون ويسخرون من الرواية‬
‫في إطار عالمهم الصغير من ذلك الشعور العام بالذنب والتعليم التقدمي‪ .‬ولكن كما قال مؤلف‬
‫«أطروحة حول الظالل»((‪ ))5‬بخصوص مصباح آخر‪‬:‬‬
‫) من القّر اء الذين سوف يقفزون من‬JE CONNAIS( ‫) عدًدا‬QUELQUES( ‫أنا أعرف‬
‬.‫مقاعدهم وهم يشعثون شعرهم‬

‬‫ آريزونا‬،‫وادى اوك كريك‬

‬1959 ‫ يونيو‬/‫ حزيران‬25

‬.Comme un fou se croit Dieu nous nous croyons mortels((6))

‬Delalande, «Discours sur les ombres»((7))


‫‬‪I‬‬

‫وفًقا للقانون‪ ،‬تم إعالم سينسينات تس‪ .‬همًسا بشأن قرار الحكم باإلعدام الذي صدر في حّقه‪ .‬نهض‬
‫الجميع‪ ،‬تبادلوا االبتسامات‪ .‬انكَّب القاضي العجوز إلى أذنه‪ ،‬التقط أنفاسه وأعلن له قرار الحكم‪ ،‬ثم‬
‫بدأ يتراجع ببطء كما لو أنه راح ينفصل‪ .‬بعد ذلك أعادوا سينسينات إلى القلعة‪ .‬كانت الطريق‬
‫تتلوى من حول السفح الصخري للجبل لتستمر تحت البوابات‪ :‬مثلما تغيب أفعى في ُج حٍر تماًم ا‪‬.‬‬

‫كان هادًئا‪ :‬لكنهم كانوا يسندونه أثناء انتقالهم عبر الممرات الطويلة‪ ،‬ألنه لم يكن يضع قدميه بشكل‬
‫صحيح‪ ،‬كما لو أنه طفل راح للتو يتعلم المشي‪ ،‬أو كان يسقط مثل شخص كان يحلم بأنه يمشي‬
‫على سطح الماء‪ ،‬وإذا به يرتاب فجأة‪ :‬هل يمكن أن يكون ذلك؟‬‬

‫راح السّج ان روديون يعالج مطّو ًال القفل في باب الزنزانة إذ لم يعثر فوًر ا على المفتاح المناسب‬
‫نفس الجلبة يومًيا‪ .‬وأخيًر ا استسلم الباب‪ .‬كان المحامي ينتظر هناك وقد جلس على السرير‪ .‬كان‬
‫يجلس مستغرًقا في التفكير بصورة كاملة‪ ،‬من دون الرداء الخاص بالمحامي (الذي تم نسيانه على‬
‫كرسي نمساوي الصنع في قاعة المحكمة كان النهار حاًّر ا‪ ،‬مشمًسا بالكامل)‪ ،‬وقد انتفض واقًفا‬
‫ببطء حين أدخلوا السجين‪ .‬بيَد أَّن سينسينات لم يكن يرغب في أية أحاديث‪ .‬لتكن الوحدة في زنزانة‬
‫مع عين ساحرة‪ ،‬زنزانة أشبه بزورق يسمح بالتسّر ب‪ .‬بجميع األحوال أعلن أنه يريد أن يبقى‬
‫وحيًدا‪ ،‬فانحنى الجميع في التحية وانصرفوا‪‬.‬‬

‫وهكذا لنمِض إلى الخاتمة‪ .‬وإذ يبدو ذلك الجزء الصادق وغير الناقص من الرواية المكتملة الذي‬
‫نجّسه بكل لطف أثناء قراءتنا الممتعة‪ ،‬لكي نتحقق بطريقة آلية عّم ا إذا كان بقي الكثير (وكيف أَّن‬
‫تلك السماكة األكيدة والهادئة للجزء المتبقي تبعث الفرح في األصابع)‪ ،‬فجأة‪ ،‬من دون أي سبب‪،‬‬
‫هزيًال جًّدا‪ :‬يكفي بضع دقائق من القراءة السريعة‪ ،‬القريبة من النهاية و… يا له من أمر رهيب!‬
‫كومة من الكرز األحمر وقد راح يسوّد ملتصًقا أمام أعيننا‪ ،‬تتحول فجأة إلى حّبات معزولة‪ :‬فهذه‬
‫واحدة مع شٍّق ‪ ،‬فسدت‪ ،‬وهذه واحدة تجعدت وانكمشت على النواة (أّم ا آخر حّبة فال بَّد أن تكون‬
‫ناضجة وصلبة)‪ .‬يا للفظاعة!‬‬
‫نزع سينسينات قميصه الحريري من دون أكمام‪ ،‬ارتدى الرداء وراح يتمشى في أرجاء الزنزانة‬
‫وهو يخبط بقدميه لكي يتخّلص من الرجفة‪ .‬كانت ثمة ورقة نظيفة بيضاء مستقرة على الطاولة‪،‬‬
‫وعلى ذلك البياض كان يمكن تمييز وجود قلم رصاص مبرٌّي بشكل دقيق جًّدا‪ ،‬وطويل مثل حياة‬
‫أي إنسان‪ ،‬باستثناء حياة سينسينات‪ ،‬وله لمعان خشب األبنوس في كل ضلع من األضالع الستة‪.‬‬
‫السليل المتنور للسبابة‪ .‬كتب سينسينات‪« :‬ومع ذلك أنا بالمقارنة‪ .‬إذ إني سبق أن تنبأت بمثل هذا‬
‫النهاية»‪ .‬كان روديون واقًفا خلف الباب وقد راح يراقب من خالل العين السحرية بانتباه رّبان‬
‫سفينة‪ .‬أحَّس سينسينات ببرودة في الناحية القفوية‪ .‬قام بشطب ما كتبه ثم راح يظّلل المكان على‬
‫الورقة ببطء‪ ،‬وقد حصل بالمناسبة على زخرفة بدئية تطورت بالتدريج إلى ما يشبه قرن خروف‬
‫مفتول‪ .‬يا للهول! راح روديون ينظر عبر العين السحرية الزرقاء إلى األفق الذي راح يعلو ويهبط‪.‬‬
‫َم ن ذا الذي أحَّس بالغثيان؟ سينسينات‪ .‬تصّبب عرًقا‪ ،‬وأصبح كُّل شيء مظلًم ا‪ ،‬كما راح يحُّس‬
‫بجذِر كِّل شعرة عنده‪‬.‬‬

‫دّقت الساعة أربع أو خمس مرات‪ ،‬وكانت كل من إجازتها الزنزانية في سجن القلعة‪ ،‬وهمهمتها‬
‫التي تشتد تارة وتضعف تارة أخرى وانتشاؤها المستمر على أفضل ما يرام‪ .‬راح عنكبوت الضيف‬
‫الرسمي بالنسبة للسجناء يهبط من السقف معّلًقا على خيط من خيوطه وهو يعمل بأرجله‪ .‬ولكن لم‬
‫يطرق أحد على الجدار‪ ،‬ألَّن سينسينات كان السجين الوحيد حتى تلك اللحظة (في تلك القلعة الهائلة‬
‫بأكملها!)‪‬.‬‬

‫دخل السّج ان روديون بعد مرور بعض الوقت واقترح على سينسينات جولة من رقصة الفالس‪.‬‬
‫وافق سينسينات وراحا يدوران‪ .‬كانت المفاتيح تقعقع معّلقة بحزام جلدي على خصر روديون‪ ،‬كما‬
‫كانت تفوح منه رائحة الذكورة والتبغ والثوم‪ ،‬وهو يلهث عبر لحيته الشقراء‪ ،‬وكانت مفاصله‬
‫الصدئة تطقطق (تبّدلت السنون‪ ،‬لألسف‪ ،‬وثمة زيادة في الوزن وصعوبة في التنفس)‪ .‬خرجا إلى‬
‫الممر‪ .‬كان سينسينات أقصر قامة من شريكه‪ .‬كما كان سينسينات رشيًقا مثل ريشة‪ .‬راح الهواء‬
‫المنبعث من رقصة الفالس ينفخ في النهايات الشقراء لشاربيه الطويلين ولكن المبللين ويجعلهما‬
‫َو برَّيين‪ ،‬بينما راحت عيناه الكبيرتان والصافيتان تنظران شزًر ا مثلما يحدث عادة عند جميع‬
‫الراقصين الخائفين‪ .‬نعم‪ ،‬كان قصيًر ا جًّدا بالنسبة لرجل ناضج‪ .‬كانت مارفينكا تقول إن‬
‫قبقابه((‪ ))8‬ضيق على قدميها‪ .‬كان ثمة حارس آخر يقف عند منعطف الممر‪ ،‬بال اسم‪ ،‬مع سالحه‪،‬‬
‫في قناع كلب ومع فتحة من الشاش عليه‪ .‬قاما بدورة حوله ثم عادا إلى الزنزانة‪ ،‬وهنا أحَّس‬
‫سينسينات باألسف ألَّن مصافحة اإلغماء كانت قصيرة إلى هذه الدرجة‪‬.‬‬

‫من جديد دّقت الساعة بكآبة معتادة‪ .‬راح الوقت ينصرم وفق متوالية عددية‪ :‬إنها الساعة الثامنة‪.‬‬
‫تبّين أَّن النافذة الصغيرة القبيحة ُم تاحة للغروب؛ انتشر على الحائط الجانبي متوازي أضالع‬
‫مضيء وامتألت الزنزانة حتى أعالها بلون الغسق مع صبغة ساحرة‪ .‬هكذا‪ ،‬يطرح نفسه سؤال‪ :‬ما‬
‫هذا الذي يوجد على يمين الباب لوحة رسمها فنان حاذق أم نافذة أخرى مزخرفة من تلك التي لم‬
‫يعد موجوًدا أمثالها؟ (في الحقيقة كان ذلك‬‬
‫عبارة عن قطعة من الرق تتضمن بالتفصيل‪ ،‬في قائمتين‪« ،‬تعليمات للسجناء»؛ مع زاوية مثنية‪،‬‬
‫وحروف كبيرة باللون األحمر‪ ،‬باإلضافة إلى رسوم تزيينية وشعار المدينة العريق وبالتحديد‪ :‬فرن‬
‫عال مع أجنحة وهذا ما منح االنعكاس المسائي ما يلزم من عناصر)‪ .‬أما األثاث في الزنزانة فكان‬
‫عبارة عن طاولة وكرسي وسرير‪ .‬كانت وجبة الغداء التي سبق أن تَّم جلبها منذ مدة طويلة (كان‬
‫المحكومون باإلعدام يحصلون على طعام من نفس طعام مدير السجن) قد بردت على صينية‬
‫نحاسية‪ .‬حَّل الظالم‪ .‬وفجأة انتشر في الزنزانة ضوء كهربائي‪ ،‬ذهبي اللون وساطع جًّدا‪.‬‬

‫أنزل سينسينات رجليه عن السرير‪ .‬تدحرجت في رأسه‪ ،‬من الناحية القفوية باتجاه الصدغين‪ ،‬وفق‬
‫مسار ِقْط ري‪ ،‬كرة البولينج ثم عادت أدراجها‪ .‬في هذه األثناء فتح باب الزنزانة ودخل مدير‬
‫السجن‪‬.‬‬

‫كان يرتدي‪ ،‬كعادته‪ ،‬سترة رسمية‪ ،‬وكان مشدود القامة بشكل ممتاز‪ ،‬بارًز ا صدره وقد دَّس إحدى‬
‫يديه تحت طرف السترة‪ ،‬بينما احتفظ باليد األخرى خلف ظهره‪ .‬كان شعره المستعار مثالًّيا‪ ،‬حالك‬
‫السواد مع مفرق شمعي‪ ،‬يلتصق بالجمجمة بشكل محكم وأملس‪ .‬أّم ا وجهه الحليق جّيًدا والخالي من‬
‫أي محّبة‪ ،‬مع وجنَتين صفراَو ين دهنيَتين ومنظومة هرمة بعض الشيء من التجاعيد‪ ،‬فكان منتعًشا‬
‫بشكل اصطالحي بفضل زوج‪ ،‬نعم زوج واحد فقط من العيون‪ .‬مَّر بين الحائط والطاولة كما لو أنه‬
‫يجرجر حرفًّيا رجليه في بنطلون مخّطط‪ ،‬وكان على وشك أن يبلغ السرير ولكنه تالشى بكل هدوء‬
‫وذاب في الهواء‪ ،‬وذلك على الرغم من الكثافة المطهرة‪ .‬ولكن الباب ُفِتح من جديد‪ ،‬بالمناسبة‪ ،‬بعد‬
‫لحظة مع نفس ذلك الصرير المعروف وكما هي العادة دائًم ا‪ ،‬دخل هو ذاته مرتدًيا سترة وُم برًز ا‬
‫صدره‪‬.‬‬
‫عرفت من مصدر موثوق أّنه تّم البُّت في مصيرك بدأ حديثه بصوت جهير ملّطف ولذلك وجدُت‬
‫أنه من واجبي‪ ،‬يا سّيدي…‬‬

‫قال سينسينات‪‬:‬‬

‫يا له من لطف‪ .‬إنكم‪ .‬جًّدا‪( .‬ومن الضروري إعادة ترتيب الكلمات هنا)‬‬

‫إنك لطيف جًّدا‪ .‬قال سينسينات آخر إضافي بعد أن قام بتنظيف بلعومه‪‬.‬‬

‫عفًو ا صاح المدير دون أن يلحظ عدم اللباقة في الكلمة اعذرني! إنه الواجب‪ .‬أنا دوًم ا‪ .‬ولكن هل‬
‫يمكنني أن أتجرأ وأسألك لماذا لم تلمس الطعام؟‬‬

‫رفع المدير الغطاء وقّر ب إلى أنفه شديد الحساسية قصعة من وجبة طعام مؤلفة من الخضار‬
‫واللحم‪ .‬التقط بإصبعين قطعة من البطاطس وراح يمضغها‪ ،‬ثّم اختار بإشارة من حاجبه شيًئا ما‬
‫آخر من طبق الطعام‪‬.‬‬

‫ال أعرف ما هي األطعمة التي تشتهيها نطق بلهجة تنُّم عن الضيق وعدم الرضا‪ ،‬ثم جلس إلى‬
‫المائدة وهو يقرقع باألصفاد وذلك لكي يتمكن من تناول البوِدنغ((‪ ))9‬بطريقة مريحة‪‬.‬‬

‫قال سينسينات‪‬:‬‬

‫ومع ذلك كان بوّدي أن أعلم ما إذا كان األمر سيطول اآلن‪‬.‬‬

‫يا لها من زابليونية((‪ ))10‬رائعة! أنت تريد أن تعرف ما إذا كان األمر سيطول اآلن‪ .‬لألسف‪ ،‬أنا‬
‫نفسي ال أعرف‪ .‬فهم دوًم ا يحيطونني علًم ا باألمر في آخر لحظة فقط‪ ،‬ولطالما شكوُت من ذلك‪،‬‬
‫ويمكنني أن أعرض عليك كامل مراسالتي بهذا الخصوص إذا كان ذلك يحظى باهتمام لديك‪‬.‬‬

‫لعّل ذلك يحدث في أقرب صباح؟ سأل سينسينات‬‬


‫في حال كان ذلك يثير اهتمامك قال المدير نعم‪ ،‬إنها لذيذة جًّدا وتبعث على الشبع بكل بساطة‪ ،‬هذا‬
‫ما أريد أن أعترَف لك به‪ .‬وأّم ا اآلن‪ ،pour la digestion((11)) ،‬اسمح لي أن أقترح عليك‬
‫سيجارة‪ .‬ال تخف‪ ،‬فهذه ستكون ما قبل األخيرة كحٍّد أقصى أردف بطريقة فطنة‪‬.‬‬

‫أنا أسأل قال سينسينات أنا أسأل ال من باب الفضول‪ .‬علًم ا أَّن الجبناء دوًم ا فضوليون‪ .‬ولكني أؤكد‬
‫لك… ربما ال أتحّم ل القشعريرة وغير ذلك أما هذا فأمر تافه‪ .‬والفارس ال يتحّم ل المسؤولية عن‬
‫ارتجاف الحصان‪ .‬أنا أريد أن أعرف متى وهاك السبب‪ُ :‬يعَّو ض قرار اإلعدام تماًم ا عن طريق‬
‫المعرفة الدقيقة لساعة التنفيذ‪ .‬يا له من ترف كبير ولكنه يستحق‪ .‬في حين أنهم يضعونني في جهل‬
‫ال يستطيع تحّم له سوى أولئك الذين يعيشون طلقاء‪ .‬وأيًض ا‪ :‬ثمة في ذهني مجموعة من األعمال‬
‫التي كنت قد بدأتها ثَّم توقفت عن متابعتها في أوقات مختلفة… وأنا لن أعكف على االنشغال بها‬
‫بكل بساطة‪ ،‬ما لم تكن المدة المتبقية حتى ساعة تنفيذ اإلعدام كافية من أجل إنجازها بشكل الئق‪.‬‬
‫هذا هو السبب‪‬.‬‬

‫آه‪ ،‬ال داعي ألن تغمغم قال مدير السجن بنبرة عصبية فهذا‪ ،‬أوًال‪ ،‬مخالف للقواعد‪ ،‬وثانًيا لقد قلُت‬
‫لك بلغة روسية وأكّر ر‪ :‬ال أعرف‪ .‬كل ما يمكنني أن أقوله لك هو أَّننا ننتظر يوًم ا بيوم وصول‬
‫الشخص الذي سيقوم بالتنفيذ‪ .‬وهو‪ ،‬بعد أن يصل‪ ،‬سوف يرتاح بعض الوقت لكي يتأقلم مع الحالة‪،‬‬
‫كما يجب عليه أن يختبر الجهاز ويتأكد من صالحيته‪ ،‬هذا في حال لم يجلب معه جهازه الخاص‪،‬‬
‫وهذا وارد ومحتمل جًّدا‪ .‬ال أعتقد أَّن التبغ ثقيل؟‬‬

‫ال أجاب سينسينات وهو ينظر شارًدا إلى سيجارته لكن ُيخّيل لي أَّن والي المدينة ملزم‪ ،‬وفًقا‬
‫للقانون‪ ،‬ما لم تكن أنت…‬‬

‫لقد ثرثرنا وكفى قال المدير أنا‪ ،‬بالمناسبة‪ ،‬لم آِت إلى هنا لكي أسمع شكاوى‪ ،‬وإنما من أجل…‬
‫حشر يده في أحد جيوبه ثم في جيب آخر وهو يغمز؛ وأخيًر ا أخرج من عّبه ورقة مخّططة تم‬
‫انتزاعها كما هو واضح من دفتر مدرسي‪‬.‬‬

‫ال يوجد منفضة سجائر هنا الحظ وهو يشير بسيجارته حسًنا‪ ،‬هيا بنا نطفأ السيجارة في بقايا هذه‬
‫الصلصة… هكذا‪ .‬الضوء‪ ،‬بالمناسبة‪ ،‬مزعج بعض الشيء‪ .‬ربما في حال… بيَد أنه ال داعي‪ ،‬ال‬
‫بأس‪‬.‬‬
‫بَسط الورقة ثم راح يقرأ بصوت واضح من دون أن يضع نظارته وإنما اكتفى بأنه ظّل ممسًكا بها‬
‫أمام وجهه‪‬:‬‬

‫«أيها السجين! في هذه اللحظة المهيبة حيث إَّن األنظار…» أرى أنه من األفضل لنا أن ننهض‬
‫واقَفين قاطع نفسه مغموًم ا ثم قام عن الكرسي‪‬.‬‬

‫وقف سينسينات أيًض ا‪‬.‬‬

‫«أّيها السجين! في هذه الساعة المهيبة حيث إن األنظار كّلها موّج هة إليك‪ ،‬وحيث إَّن القضاة الذين‬
‫أصدروا الحكم بحّقك يبتهجون‪ ،‬وبينما تستعّد أنت لتلك التقلصات البدنية غير اإلرادية التي تلي‬
‫عملية قطع الرأس فوًر ا‪ ،‬فإني أتوّج ه إليك بكلمة وداعية‪ .‬كان من نصيبي وهذا ما لن أنساه أبًدا أن‬
‫أحيط عيشك في الزنزانة بجميع وسائل الراحة الكثيرة التي يسمح بها القانون‪ .‬لذلك سوف يسعدني‬
‫أن أعير كامل اهتمامي ألي رغبة منك من أجل التعبير عن الشكر‪ ،‬وحّبذا لو تفعل ذلك كتابًة‬
‫وعلى وجه واحد من الورقة فقط»‪‬.‬‬

‫هكذا‪ ،‬إذن قال المدير وهو يطوي نظارته هذا كل شيء‪ .‬لن أحجزك عندي أكثر من ذلك‪ .‬أرجو أن‬
‫تعلمني في حال نشأت عندك حاجة ألي شيء‪‬.‬‬

‫ثم جلس إلى الطاولة وراح يكتب بسرعة معلًنا بذلك عن انتهاء المقابلة‪ .‬خرج سينسينات‪‬.‬‬

‫كان ظّل روديون النائم ينعكس على جدار الممر‪ ،‬وقد انكمش منحنًيا على نفسه فوق كرسي بال‬
‫مسند وبحيث إَّن بضع شعيرات شقراء فقط لمعت خلسة‪ ،‬من جانب واحد‪ .‬ومن ثَّم ‪ ،‬عند المنعطف‬
‫التالي للجدار‪ ،‬كان ثمة حارس آخر وقد نزع ِس دارته وراح يمسح وجهه بكّم ه‪ .‬هبط سينسينات‬
‫الدرج‪ .‬كانت الدرجات زِلقة وضّيقة‪ ،‬مع درابزين ُم تخيل على شكل حلزون غير مجسوس‪ .‬عندما‬
‫بلغ أسفل السّلم‪ ،‬سار من جديد عبر الممرات‪ .‬كان ثمة باب مع كتابة مقلوبة كما لو في مرآة‪:‬‬
‫«الديوان» وكان الباب مفتوًح ا؛ كان القمر ينعكس ساطًعا على دواة‪ ،‬وكانت ثمة سّلة مهمالت تحت‬
‫الطاولة وقد راحت تخشخش وتقرقر بشكل محموم‪ :‬يفتَر ض أن فأًر ا سقط فيها‪‬.‬‬
‫اجتاز سينسينات الكثير من األبواب‪ ،‬وإذا به يتعّثر فجأة فقفز وإذا به يجد نفسه في باحة صغيرة‬
‫مليئة بأجزاء مختلفة من قمر متنوع‪ .‬في تلك الليلة كانت كلمة السر‪ :‬الصمت فيرُّد الجندي عند‬
‫البوابة على صمت سينسينات بالصمت‪ ،‬ثم يسمح له بالعبور‪ ،‬وهذا ما كان يتكرر عند جميع‬
‫البوابات األخرى‪ .‬بعد أن ترك خلفه القلعة الهائلة المظلمة‪ ،‬انزلق نحو األسفل عبر درب معشوشبة‬
‫ندّية وحادة‪ ،‬فوصل إلى ممر رمادي يمتد بين الصخور‪ ،‬فاجتاز مرتين‪ ،‬أو ثالث مرات المنعطفات‬
‫الرئيسية للطريق التي نفضت أخيًر ا عن نفسها آخر ظٍّل للقلعة‪ ،‬فأصبحت أكثر استقامة وأكثر حّر ية‬
‫ومن ثم َعَبَر سينسينات جسًر ا مزخرًفا فوق نهر بات جاًّفا‪ ،‬ودخل إلى المدينة‪ .‬صعد إلى أعلى تٍّل‬
‫ثم استدار نحو اليسار باتجاه الطريق الدائرية‪ ،‬سار بمحاذاة سياج من الشجيرات المزهرة الرقشاء‪.‬‬
‫الحت في مكان ما نافذة مضيئة؛ كما قعقع كلب مربوط إلى سلسلة في مكان ما ولكن دون أن ينبح‪.‬‬
‫بَذَل النسيُم أقصى طاقته لكي ينعش الرقبة العارية للسجين الفار‪ .‬من حين آلخر كان يتدفق تياٌر‬
‫ألريج يشي باالقتراب من حدائق تامارا((‪ .))12‬كم كان يهوى زيارة تلك الحدائق! هناك حين‬
‫كانت مارفينكا خطيبته وكانت تخاف الضفادع والجعالن… هناك‪ ،‬حيث كان يحدث أن يصبح كل‬
‫شيء ال ُيحَتَم ل‪ ،‬وحيث كان يمكن ألحٍد ما‪ ،‬مع عصيدة في الفم من زهرة الليلك الممضوغ‪ ،‬ومع‬
‫الدموع… ذلك «الهناك» األخضر والذي تغطيه بثور سوداء‪ ،‬تلك التالل هناك وبرك الماء‬
‫الواهنة‪ ،‬وذلك الصوت الرتيب ألوركسترا بعيدة… انعطف باتجاه زقاق ماتوخينسكي بالقرب من‬
‫أطالل معمل قديم‪ ،‬فخر المدينة‪ ،‬بمحاذاة أشجار الزيزفون المتهامسة‪ ،‬ومن أمام البيوت الفاخرة‬
‫للعاملين في مؤسسة البرق والهاتف‪ ،‬تلك الفيالت البيضاء والمضبوطة على أجواء الفرح‬
‫واالحتفال والمنشغلة دوًم ا باحتفاالت أعياد الميالد ألشخاص ما‪ ،‬ومن ثم خرج بعد ذلك إلى شارع‬
‫تلغرافنايا‪ .‬من هناك كان ثمة شارع ضّيق يصعد نحو الجبل‪ ،‬حيث راحت أشجار الليلك تضج من‬
‫جديد‪ .‬كان ثمة رجالن يتحّدثان بصوت منخفض في الظالم على مقعد مزعوم في حديقة صغيرة‪.‬‬
‫«للعلم‪ ،‬إنه يرتكب خطأ» قال أحدهما‪ .‬فأجابه الثاني بكالم غير واضح‪ ،‬ومن ثم كما لو أنهما تنّه دا‬
‫واندمجا بشكل طبيعي مع خشخشة الورق‪ .‬خرج سينسينات راكًض ا إلى الساحة الدائرية حيث كان‬
‫القمر يحرس تمثاًال معروًفا للشاعر شبيًه ا بالمرأة الثلجية برأس مكعب الشكل وبِر جلين متالصقتين‬
‫وبعد أن تابع جرَيه لبضع خطوات أخرى وجد نفسه في الشارع الذي يقطن فيه‪ .‬من جهة اليمين‪،‬‬
‫كانت الظالل القمرية لألغصان تتراقص بأشكال مختلفة على جدران البيوت المتشابهة‪ ،‬بحيث إّن‬
‫سينسينات استطاع أن يتعّر ف على بيته ال من خالل شكل الظل وحسب‪ ،‬بل ومن خالل الثنيات‬
‫الموجودة على الفواصل بين النوافذ‪ .‬كانت النافذة‬‬
‫في غرفة مارفينكا في العلية مظلمة ولكنها مفتوحة‪ .‬كان األطفال‪ ،‬كما ُيفَترض‪ ،‬نائمين على‬
‫البلكون المحّدب‪ :‬كان ثمة شيء أبيض يلوح من هناك‪ .‬دخل سينسينات راكًض ا إلى المدخل‪ ،‬دفع‬
‫الباب وولج إلى زنزانته المضاءة‪ .‬استدار ولكنه اكتشف أن الباب أغلق خلفه‪ .‬يا للهول! كان ثمة‬
‫قلم رصاص يلمع على الطاولة‪ .‬وكان العنكبوت يتصّدر الجدار األصفر‪.‬‬

‫أطفئوا الضوء صاح سينسينات‬‬

‫أطفأ الحارس الذي كان يراقبه من خالل العين السحرية الضوء‪ .‬بدأ الظالم يّتحد مع الصمت؛‬
‫ولكن ساعة الحائط تدخلت ودّقت مشيرة إلى الحادية عشرة‪ ،‬ثم فّكرت للحظة ودّقت مرة أخرى‪،‬‬
‫فاستلقى سينسينات على ظهره وراح يحّدق في الظلمة‪ ،‬حيث راحت نقاط متأللئة تتناثر لتعود‬
‫وتتالشى بالتدريج‪ .‬حصل اندماج كامل بين الظلمة والصمت‪ .‬وعندئذ‪ ،‬عندئذ فقط (أي عندما كان‬
‫سينسينات مستلقًيا على ظهره على سرير السجن‪ ،‬كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل‪ ،‬بعد يوم‬
‫رهيب ومرعب‪ ،‬وبحيث إنه ال يمكنني أن أشرح كم كان يوًم ا رهيًبا) أدرك سينسينات وضعه‬
‫بشكل كامل تماًم ا‪‬.‬‬

‫ظهر في البداية وجُه مارفينكا‪ ،‬مثل ميدالية‪ ،‬على مخمل ناعم أسود أشبه بذاك الذي تكون األجفان‬
‫مطّو قة به من األسفل في الليالي‪ :‬خّدان حمراوان كما عند دمية وجبين المع مع بروز طفلي‪،‬‬
‫حاجبان علويان غير كثيفين يتوضعان عالًيا فوق عينين دائريتين عسليَتين‪ .‬راحت تغمز بعينيها‬
‫وهي تدير رأسها‪ ،‬وقد الح على رقبتها اللّينة الُم دِه نة مخمل ناعم أسود‪ ،‬بينما راح الصمت‬
‫المخملي للفستان يزداد اتساًعا في األسفل ويّتحد مع الظالم‪ .‬هكذا رآها اآلن وهي وسط الجمهور‪،‬‬
‫حين قادوه إلى مقعد للمحكومين تَّم طالؤه حديًثا وقد ترّدد في الجلوس عليه‪ ،‬فظَّل واقًفا إلى جانبه‪،‬‬
‫لكنه مع ذلك لّطخ يديه باللون األخضر الزمّر دي‪ ،‬ما جعل الصحفيين يتعطشون لتصوير بصمات‬
‫أصابعه التي بقيت على ظهر المقعد‪ .‬رأى جباههم المتوترة‪ ،‬كما رأى السراويل ذات األلوان‬
‫الفاقعة للرجال المتأنقين‪ ،‬ورأى المرايا اليدوية وشاالت بهيجة بألوان قوس قزح لدى السّيدات‬
‫المتأنقات بيَد أَّن الوجوه لم تكن واضحة وحدها مارفينكا بعينيها الدائريتين بقيت في ذاكرته من بين‬
‫جميع الحاضرين‪ .‬كان المحامي والقاضي اللذان تَّم طالء وجهيهما بالمساحيق لكي يكونا متشابهين‬
‫جًّدا مع بعضهما (كان القانون يطلب بأن يكونا َأخَو ين غير شقيقين‪ ،‬لكن ذلك لم يكن متاًح ا تأمينه‬
‫بصورة دائمة‪ ،‬ولهذا السبب كانوا يضطرون لطالء وجهيهما بحيث يصبحان متشابهين)‪ ،‬ينطقان‬
‫بسرعة بارعة تلك الخمسة آالف كلمة التي كانت تحق لكِّل واحد منهما‪ .‬كانا يتحدثان بالتناوب‪،‬‬
‫وبحيث إَّن القاضي وهو يتتبع ردود األفعال السريعة‪ ،‬راح يهّز رأسه يميًنا وشماًال‪ ،‬ومعه كانت‬
‫تهتز رؤوس جميع الحاضرين بطريقة متناغمة وحدها مارفينكا كانت تجلس بال حراك وقد‬
‫انحرفت بعض الشيء إلى جانب مثل طفل أصيب بالدهشة‪ ،‬وهي تحِّدق في سينسينات الذي كان‬
‫واقًفا إلى جانب المقعد المطلي باللون األخضر فأصبح أشبه بمقعد في الحديقة‪ .‬أما المحامي الذي‬
‫كان من أنصار الطريقة التقليدية في قطع الرأس‪ ،‬فقد ربح بسهولة كبيرة ضد المّدعي العام المرح‬
‫والمتآمر‪ ،‬ما دفع بالقاضي إلى تدبير توليفة للقضية‪‬.‬‬

‫راحت مقتطفات من تلك الخطابات التي كانت بعض المفردات فيها مثل «شفافية» و«عدم النفاذ»‬
‫أشبه بفقاعات ماء وهي تتدحرج وتنفجر‪ ،‬تتردد في ُأُذني سينسينات‪ ،‬وقد تحّو ل ضجيج الدم إلى‬
‫تصفيق حار‪ ،‬في حين أَّن وجه مارفينكا الشبيه بالميدالية ظَّل ماثًال في حقل نظره ولم يبهت إّال‬
‫عندما قام القاضي‪ ،‬وقد اقترب منه إلى درجة كبيرة جًّدا بحيث إنه بات بمقدوره رؤية المسامات‬
‫المتوسعة على أنفه الضخم‪ ،‬وحيث أطلق أحد تلك المسامات الموجود في مقدمة األنف شعرة وحيدة‬
‫ولكنها طويلة باإلعالن بهمس خام‪« :‬من بعد إذنكم اللطيف أيها الجمهور‪ ،‬سوف يتم إلباسه قبعة‬
‫عالية أسطوانية حمراء» هذه عبارة صورية مستنبطة بقوة القانون كان يعرف المعنى الحقيقي لها‬
‫كل تلميذ في المدرسة‪‬.‬‬

‫«أّم ا أنا فإني ُم صَّم ٌم بشكل رائع ودقيق راح سينسينات يقول في نفسه وهو ينتحب في الظالم‬
‫انحناءة عمودي الفقري مدروسة بشكل حاذق وملغز‪ .‬كما أّني أحُّس في ربلتَّي بعدد هائل من‬
‫الفراسخ المضغوطة بقّو ة والتي كان يمكنني أن أجتازها جرًيا أثناء حياتي‪ .‬رأسي مناسب إلى أبعد‬
‫حد…»‬‬

‫دّقت الساعة معلنة عن توقيت النصف من دون معرفة نصف أي ساعة من الوقت‪‬.‬‬
‫‬‪II‬‬

‫كانت الجرائد الصباحية التي أحضرها له روديون مع فنجان من الشوكوالتة الساخنة الصحيفة‬
‫المحلية «صباح الخير» والجريدة األكثر رصانة وجّدية «صوت الجمهور» تعُّج بالصور الملّو نة‪،‬‬
‫كما هي العادة‪ .‬وقد وجد في األولى صورة لواجهة بيته‪ :‬كان األطفال ينظرون من شرفة البلكون‪،‬‬
‫بينما حموه ينظر من نافذة المطبخ‪ ،‬كما كان المصِّو ر ينظر من نافذة مارفينكا؛ أما الجريدة الثانية‬
‫فقد عثر فيها على‪ :‬صورة لمنظر معروف له من تلك النافذة يطل على بستان التفاح‪ ،‬والبوابة‬
‫مفتوحة وهيئة المصِّو ر حين كان يصِّو ر واجهة البيت‪ .‬فضًال عن ذلك‪ ،‬عثر على صورتين له‬
‫نفسه ترسمانه في مرحلة يفاعته‪‬.‬‬

‫ُو ِلد سينسينات من رجل عابر غير معروف وأمضى طفولته في نْز ل صغير خلف حي ستروب‬
‫(وفي عقده الثالث فقط تعّر ف وعن طريق الصدفة إلى تسي‪ .‬سيسيليا الثرثارة والنحيلة التي كانت‬
‫تبدو أصغر من عمرها‪ ،‬والتي حملت به ليًال في منطقة البحيرات حين كانت ما تزال بنّية فتّية)‪.‬‬
‫وإذ فطن سينسينات منذ نعومة أظفاره بطريقة عجيبة إلى وجود خطر كامن‪ ،‬فقد راح يتفنن لكي‬
‫ُيخفي بعًض ا من خصوصيته‪ .‬لم يكن يسمح ألية أشعة غريبة باختراقه‪ ،‬ولذلك كان يبدو في حالة‬
‫سكون تارًكا انطباًعا متوحًشا بأنه عائق وحيد مظلم وقاتم في ذلك العالم من األرواح الشفافة‬
‫بالنسبة لبعضها البعض‪ ،‬ومع ذلك اكتسب مهارة التظاهر بأنه منفتح لشتى أنواع الرياح‪ ،‬ولهذا‬
‫الغرض لجأ إلى اعتماد منظومة معقدة من الخدع البصرية كما كانت تبدو‪ ،‬ولكن كان يكفي أن‬
‫يسهو للحظة وأن يغفل ولو بعض الشيء عن حذره وعن مراقبته لنفسه‪ ،‬والنعطافات المستويات‬
‫التي جرت إنارتها بطريقة حاذقة من الروح‪ ،‬لكي يطّل القلق برأسه لديه على الفور‪ .‬كان أقرانه في‬
‫حمى األلعاب المشتركة ينفّضون عنه بشكل مباغت‪ ،‬كما لو أنهم أحّسوا حرفًّيا بأن غموض نظرته‬
‫عالوة عن زرقة الصدغين عنده عبارة عن اعتراض أو شذوذ ماكر وأَّن سينسينات في حقيقة‬
‫األمر غير قابل لالختراق نهائًّيا‪ .‬حدث أَّن المدّر س وسَط الصمت السائد‪ ،‬وقد جمع وجّعد كامل‬
‫مخزون الجلد حول عينيه للتعبير عن ذهوله المثير للحنق واألسى‪ ،‬راح يحّدق إليه مطّو ًال ليسأله‬
‫في نهاية المطاف‪‬:‬‬

‫ما الذي حصل لك‪ ،‬يا سينسينات؟‬‬


‫عندئذ كان سينسينات يلُّم أذياله ويضغطها إلى صدره ليحملها إلى مكان آمن‪‬.‬‬

‫راحت األماكن اآلمنة تصبح مع مرور الوقت قليلة أكثر فأكثر‪ ،‬إذ راحت الشمس اللطيفة‬
‫لالهتمامات الحاشدة تسود وتهيمن في كِّل مكان‪ ،‬وقد كانت ثمة نافذة صغيرة في الباب بحيث لم‬
‫تبَق نقطة واحدة في الزنزانة بأكملها إّال وكان المراقب من خلف الباب قادًر ا على الوصول إليها‪.‬‬
‫لذلك لم يقم سينسينات بتجميع الجرائد الملونة في كرة ولم يرِم ها بعيًدا كما كان يفعل ظُّله (ذلك‬
‫الظُّل الذي يرافق كَّل واحٍد منا يرافقك ويرافقني ويرافقه هو أيًض ا والذي يقوم في لحظة محددة‬
‫بفعل ما كان واحدنا يتمنى أن يفعله ولكن ال يجوز فعله…)‪ .‬قام سينسينات بتنحية الجرائد جانًبا‬
‫بهدوء ثم أكمل شرب الشوكوالتة الساخنة‪ .‬تحّو لت الرغوة التي كانت تغّطي سطح الشوكوالتة إلى‬
‫سقط متاع متغضن على الشفة‪ .‬ثم قام سينسينات بارتداء المعطف األسود الذي كان طويًال جًّدا‬
‫بالنسبة له‪ ،‬وارتدى حذاًء أسَو َد مع كرات صوفية وقلنسوة سوداء ثم راح يتمشى في الزنزانة كما‬
‫كان يفعل كَّل صباح منذ اليوم األول لدخوله السجن‪‬.‬‬

‫أمضى طفولته في المروج الخضراء في ضواحي المدينة‪ .‬حيث كان يلعب الكرة‪ ،‬وألعاب‬
‫«الخنزير»‪ ،‬ولعبة البعوض‪ ،‬ولعبة القفز‪ ،‬وأيًض ا لعبة اللصوص وفي لعبة الدفع… كان سريًعا‬
‫وحاذًقا‪ ،‬ولكن أقرانه لم يكونوا يحّبون اللعب معه‪ .‬وفي الشتاء كان الثلج يغطي منحدرات المدينة‬
‫فتصبح ملساء‪ ،‬لذلك كان األوالد يشعرون بالبهجة وهم ينزلقون نحو األسفل على زالجات‬
‫«زجاجية» من ماركة صابوروف… كم كان الظالم يحُّل بسرعة حين كانوا يعودون من التزلج‬
‫إلى البيوت… وأّي نجوم كانت ففي األعلى كان ثمة معنى وحزن‪ ،‬دون أن تعرف شيًئا عما في‬
‫األسفل‪ .‬كانت النوافذ الصالحة لألكل تشتعل بالضوء األصفر واألحمر في العتمة المعدنية الجليدية؛‬
‫كانت النساء في معاطف من فراء الثعلب فوق فساتين من الحرير يْج تْز َن الشارع راكضات من‬
‫بيٍت إلى بيت؛ كما كانت القطارات الكهربائية الصغيرة تجري مسرعة على السكك الحديدية‬
‫المغطاة بطبقة رقيقة من الثلج وهي تثير للحظٍة زوبعًة ثلجية متألقة‪‬.‬‬

‫دّو ى صوت‪« :‬أركادي إيلييتش‪ ،‬انتبه إلى سينسينات…»‬‬

‫لم يكن يحنق على الوشاة‪ ،‬ولكن أعداد هؤالء بدأت تتضاعف وراحوا يصبحون مخيفين بعد أن‬
‫قويت شوكتهم‪ .‬كان سينسينات في حقيقة األمر يبدو قاتًم ا بالنسبة لهم أشبه بقطعة من ساِج ن((‪))13‬‬
‫مكعب من الليل‪ ،‬وحيث إنه كان يلّف ويدور هنا وهناك محاوًال التقاط األشعة‪ ،‬وهو يسعى على‬
‫عجل لكي يبدو ناقًال للضوء‪ .‬كان المحيطون يفهمون بعضهم من اإلشارة ألنه لم تكن توجد لديهم‬
‫مثل تلك الكلمات التي كان يمكن لها أن تنتهي بطريقة مفاجئة‪ ،‬كعقوبة((‪ ،))14‬ربما‪ ،‬تتحول إلى‬
‫سوط أو إلى طير‪ ،‬مع عواقب مذهلة‪ .‬وفي متحف صغير مليء بالغبار‪ ،‬يقع في البولفار الثاني‪،‬‬
‫حيث قادوه ذات يوم في طفولته وحيث راح يقود أبناءه فيما بعد‪ ،‬كان قد تَّم جمع أشياء نادرة‬
‫وبديعة بيَد أَّن كّل شيء‬‬
‫كان بالنسبة لجميع سكان المدينة‪ ،‬باستثنائه هو‪ ،‬محدوًدا وشفاًفا أيًض ا مثلما كانوا هم أنفسهم بالنسبة‬
‫لبعضهم البعض‪ .‬فكل ما ليس له اسم ال وجود له‪ .‬ولكن كَّل شيٍء ‪ ،‬لألسف‪ ،‬كان يحمل اسًم ا‪.‬‬

‫«الوجود بال اسم‪ ،‬والجوهر غير مادي…» قرأ سينسينات على الحائط حيث كان الباب يحجب‬
‫الجدار عندما ُيفَتح‪‬.‬‬

‫«أيها السعداء دائًم ا‪ ،‬كنت سأرسلكم…» كان مكتوًبا في مكان آخر‪‬.‬‬

‫وإلى اليسار قليًال‪ ،‬كان مكتوًبا بخٍّط متسّر ع وأنيق‪ ،‬من دون أّي سطر إضافي‪« :‬الحظوا‪ ،‬أنهم‬
‫عندما يتحدثون معكم…» بعد ذلك كان الكالم ممحًّو ا‪ ،‬لألسف‪‬.‬‬

‫وبجانب تلك الكتابة بحروف طفلية عوجاء‪« :‬سوف يقومون بتغريم الكّتاب» والتوقيع‪ :‬مدير‬
‫السجن‪‬.‬‬

‫كما كان من الممكن تمييز وقراءة سطر واحد آخر قديم وملّغز‪« :‬موتوا قبل الموت وإّال فسوف‬
‫يكون الوقت متأخًر ا فيما بعد»‪‬.‬‬

‫أّم ا أنا فقد قاموا بقياسي‪ ،‬على أية حال قال سينسينات وانطلق في مسيره وهو ينقر بأصابع يده على‬
‫الجدران بقوة خفيفة ولكني‪ ،‬بالمناسبة‪ ،‬كم أتمنى أال أموت! لقد دفنت الروح نفسها في الوسادة‪ .‬آه‪،‬‬
‫كم ال أريد! سوف تشعر الروح بالبرد وهي تخرج من الجسد الدافئ‪ .‬ال أريد‪ ،‬ترّيثوا‪ ،‬دعوني أغفو‬
‫لبعض الوقت‪‬.‬‬
‫كان عمر سينسينات اثنتي عشرة سنة‪ ،‬ثالث عشرة‪ ،‬أربع عشرة سنة عندما بدأ يعمل في ورشة‬
‫لصناعة الدمى‪ ،‬حيث تم قبوله للعمل بسبب قصر قامته‪ .‬أما في األماسي َفكان يستمتع بالكتب‬
‫القديمة على وقع طبطبة كسولة آسرة لموجة صغيرة في المكتبة العائمة التي تحمل اسم الدكتور‬
‫سينيوكوف الذي كان قد غرق في ذلك المكان من نهر المدينة‪ .‬دمدمة السالسل ودفق الموج‪،‬‬
‫وأغطية المصابيح الصفراء في البهو‪ ،‬ثم رذاذ الماء‪ ،‬وسطح الماء الذي يبدو لزًج ا في ضوء القمر‬
‫وتلك األضواء المتأللئة هناك في البعيد‪ ،‬في شبكة العنكبوت السوداء للجسر العالي‪ .‬بيَد أَّن تلك‬
‫المجلدات الثمينة راحت تفسد بسبب الرطوبة‪ ،‬بحيث إنهم اضطروا فيما بعد إلى تجفيف النهر‪ ،‬عن‬
‫طريق تحويل كامل مياه النهر إلى منطقة ستروب بواسطة قناة تَّم شّقها خصيًص ا من أجل ذلك‪‬.‬‬

‫حين كان يعمل في ورشة لصناعة الدمى‪ ،‬كان يمضي وقًتا طويًال في العمل مع أشياء سخيفة‬
‫معّقدة‪ ،‬كما كان يقوم بتصنيع دمى لّينة من أجل تلميذات المدارس وكان من بين هذه الدمى دمية‬
‫بوشكين ضئيل الحجم والمشعر في البقيش((‪ ،))15‬وأيًض ا غوغول الذي يشبه الجرذ في صدريته‬
‫الالمعة المزخرفة‪ ،‬والعجوز تولستوي ذو األنف الغليظ‪ ،‬في قفطانه‪ ،‬والعديد غيرهم‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫دوبرولوبوف وقد زَّر جميع األزرار وفي نظارات من دون عدسات‪ .‬وإذ ُشِغ ف سينسينات بطريقة‬
‫مصطنعة بذلك القرن التاسع عشر األسطوري‪ ،‬فقد كان مستعًّدا ألن يتعّم ق إلى حٍّد بعيد في سديم‬
‫ما هو قديم وأن يجد فيه مأواه المزّيف‪ ،‬بيَد أَّن أمًر ا آخر لفَت انتباهه‪‬.‬‬

‫وهناك أيًض ا‪ ،‬في نفس ذلك المصنع‪ ،‬كانت تعمل مارفينكا كانت تسِّدد بطرف الخيط إلى ثقب اإلبرة‬
‫مبقية شفتيها نصف مفتوحتين‪« :‬مرحبا‪ ،‬سينسيناتيك((‪ »!))16‬وهكذا انطلقت التسكعات الُم سِك رة‬
‫في رحابات حدائق تامارا الواسعة جًّدا جًّدا (لدرجة أنه حدث أّن التالل البعيدة كانت تصبح ُم دَّخ نة‬
‫بفعل الهناءة من بعدها)‪ ،‬حيث كانت أشجار الصفصاف تنتحب في ثالثة جداول من دون سبب‪،‬‬
‫وحيث كانت ثالثة شالالت ومع قوس قزح فوق كِّل واحد منها‪ ،‬تتساقط في البحيرة التي تسبح فيها‬
‫البجعة يًدا بيد مع انعكاسها‪ .‬مروج مستوية‪ ،‬أجمة من الردندرة((‪ ،))17‬أدغال من أشجار البلوط‪،‬‬
‫جنائنيون مرحون في جزمات خضراء وهم يلعبون طوال النهار في لعبة االستخباء؛ وربما خلٌد‬
‫ما‪ ،‬ومقعد شاعري((‪ ))18‬كان قد ترك عليه ثالثة أشخاص مهّر جين ثالث كومات منتظمة (خدعة‬
‫شيء مزّيف مصنوع من القصدير البني المطلي) وربما خشٌف ما خرج راكًض ا إلى الممشى وإذا‬
‫به يتحول أمام عينيك إلى بقع راجفة ألشعة الشمس هذا ما كانت تبدو عليه تلك الحدائق! هناك‪،‬‬
‫بالضبط هناك ثرثرة مارفينكا‪ ،‬وساقاها في جوَر َبين أبيَض ين وفي حذاء قصير من المخمل‪ ،‬صدرها‬
‫البارد وقبالت وردية بطعم التوت البّر ي‪ .‬كم كان لطيًفا لو أنه كان بإمكاننا أن نرى من هنا قمم‬
‫األشجار على األقل‪ ،‬أو حتى سلسة الهضاب البعيدة…‬‬

‫حَز َم سينسينات المعطف بقّو ة‪ ،‬ثم دفع الطاولة وشّدها وهو يصرخ من الحنق‪ :‬كم إنه ال يريد‪ ،‬كم‬
‫كانت تشنجات الطاولة قوية وهي تنزلق على األرضية الحجرية‪ ،‬لتنتقل تشنجاتها إلى أصابع‬
‫سينسينات‪ ،‬وإلى حنك سينسينات الذي تراجع نحو النافذة (أي نحو ذلك الجدار حيث كان يوجد‬
‫عالًيا‪ ،‬عالًيا جًّدا تجويف النافذة خلف شبكة)‪ .‬سقطت ملعقة بصخب‪ ،‬وبدأ يتراقص فنجان‪ ،‬كما‬
‫تدحرج قلم الرصاص‪ ،‬وانزلق كتاب فوق كتاب‪ .‬قام سينسينات برفع الكرسي ووضعه على‬
‫الطاولة‪ .‬ثم تسّلق هو نفسه‪ .‬ولكن لم يكن ممكًنا أن يرى أي شيٍء بكل تأكيد سماء حارقة فقط في‬
‫مناطق مسّر حة بشكل أنيق ودقيق خالية من السحب التي لم تستطع أن تتحّم ل الزرقَة‪ .‬استطاع‬
‫سينسينات بصعوبة أن يطال الشبك الذي كان يمتد خلفه صاعًدا بطريقة منحرفة نفق النافذة مع‬
‫شبكة أخرى في نهايته ومع انعكاس ضوئي لها على الجدار المتقشر للوسادة الحجرية‪ .‬هناك‪ ،‬على‬
‫أحد الجوانب‪ ،‬وبنفس الخط الجميل والمليء باالزدراء‪ ،‬كتبت عبارة من تلك العبارات شبه الممحوة‬
‫والتي سبق أن قرأها قبل‬‬
‫لحظات وحسب‪« :‬ال يمكن رؤية أي شيء‪ ،‬وقد حاولُت أنا أيًض ا»‪ .‬كان سينسينات واقًفا على‬
‫رؤوس أصابعه وهو يمسك بيديه الصغيرتين اللتين أصبحتا بيضاوين تماًم ا بسبب التوتر‪ ،‬بقضبان‬
‫الحديد السوداء للنافذة‪ ،‬وقد أصبح نصف وجهه في الشبكة المشمسة للنافذة‪ ،‬ما جعل شاربه األيسر‬
‫يلمع بلون الذهب‪ ،‬وبحيث إنه كان ثمة خلية واحدة ذهبية في كل حدقة من عينيه العاكستين‪ ،‬بينما‬
‫في األسفل‪ ،‬في حين أَّن عقَبي قدميه في األسفل ومن الخلف كانا قد خرجا من الحذاء الواسع جًّدا‬
‫بالنسبة له‪.‬‬

‫انتبه وإّال فقد تسقط قال روديون الذي كان قد مضى على وقوفه خلف سينسينات حوالي دقيقة وهو‬
‫يقبض بقّو ة على قائمة الكرسي التي راحت يهتز ولكن ال بأس‪ ،‬ال بأس‪ ،‬فأنا أمسك بالكرسي‪.‬‬
‫يمكنك أن تنزل‪‬.‬‬

‫كانت عينا روديون زرقاوين بلون زهرة القرنفل‪ ،‬كما كانت لحيته شقراء فاتنة كالعادة‪ .‬كان ذلك‬
‫الوجه الروسي الجميل متجًه ا إلى األعلى‪ ،‬نحو سينسينات الذي داس عليه بقدم عارية‪ ،‬أي أن طيفه‬
‫هو الذي داس عليه؛ أّم ا سينسينات بالذات فكان قد نزل عن الكرسي إلى الطاولة‪ .‬قام روديون‬
‫باحتضانه مثل طفل وأنزله بكل تأٍّن ثم دفع الطاولة بعد ذلك إلى مكانها السابق مع صوت شبيه‬
‫بصوت الكمان‪ ،‬ومن ثم جلس على حافتها وراح يؤرجح قدَم ه التي كانت مرتفعة في الهواء‪ ،‬بينما‬
‫استند بالقدم الثانية على األرض أي اتخذ وضعية زائفة متحررة لهواة األوبرا في مشهد‬
‫القبو((‪ ،))19‬في حين راح سينسينات يلعب بحزام الرداء وقد أخفض عينيه محاوًال أال يبكي‪‬.‬‬

‫راح روديون يغّني بصوت جهوري خفيض وهو يلعب بعينيه ويلِّو ح بالكأس الفارغة‪ .‬وهذه األغنية‬
‫بالتحديد كانت ترّددها مارفينكا فيما مضى‪ .‬نفرت الدموع من عيَني سينسينات‪ .‬وعند بلوغه نغمة‬
‫معينة عالية جًّدا قام روديون برمي الكأس إلى األرض بقّو ة وقفز عن الطاولة‪ .‬بعد ذلك راح يغّني‬
‫كما لو أنه جوقة بالرغم من كونه وحيًدا‪ .‬فجأة رفع إلى األعلى كلتا يديه وخرج من الزنزانة‪‬.‬‬

‫أما سينسينات فقد جلس على األرض وراح ينظر من خالل الدموع نحو األعلى حيث كان انعكاس‬
‫الشبكة قد غّير مكانه‪ .‬جّر ب أن يحّر ك الطاولة للمرة المائة ولكن قوائمها كانت‪ ،‬لألسف‪ ،‬مثبتة منذ‬
‫زمن طويل‪ .‬التَه َم ثمرة عنب ومن ثم راح يتمشى في الزنزانة من جديد‪‬.‬‬

‫تسع عشرة سنة‪ ،‬عشرون‪ ،‬واحدة وعشرون‪ .‬في عمر اثنتين وعشرين سنة تَّم نقله إلى روضة‬
‫لألطفال كمعّلم من الدرجة ‪ ،F‬وعندئذ تزوج من مارفينكا‪ .‬وفي نفس اليوم تقريًبا الذي باشر فيه‬
‫مهامه الجديدة (التي كانت تتلّخ ص بأن يهتَّم بالمصابين بالعرج وبمن يعانون من حدبة في الظهر‬
‫وحَو ل في العينين) قامت شخصية بارزة بتقديم وشاية ضده من الدرجة الثانية‪ .‬إذ طرحت فكرة‬
‫بصورة حذرة‪ ،‬في صيغة افتراضية‪ ،‬تتعلق بالسمة غير العلنية لسينسينات‪ .‬وبالتوازي مع تلك‬
‫المذّكرة‪ ،‬قام المسؤولون في المدينة بمراجعة شكاوى قديمة سبق أن أرسلها لهم في أوقات متقطعة‬
‫رفاقه األكثر فطنة وحصافة ممن كانوا يعملون معه في مصنع الدمى‪ .‬راح رئيس المجلس التربوي‬
‫وبعض المسؤولين اآلخرين يجتمعون به بالتناوب‪ ،‬حيث قاموا بإخضاعه لبعض االختبارات‬
‫المقررة وفًقا للقانون‪ .‬لم يسمحوا له بالنوم على مدى بضعة أيام‪ ،‬وأرغموه على القيام بثرثرة‬
‫سريعة ال تحمل أي معنى كادت تبلغ ذروة الهذيان‪ ،‬كما أجبروه على كتابة خطابات موجهة إلى‬
‫مختلف المواد والظواهر الطبيعية‪ ،‬وأن يقوم بتمثيل مختلف المشاهد واألدوار الحياتية اليومية‪ ،‬وأن‬
‫يقِّلد مختلف الحيوانات ويحاكي ِح رًفا وأصحاب عاهات مختلفة‪ .‬وقد قام بتنفيذ ما طلب منه واجتاز‬
‫كل ذلك بنجاح ألنه كان فتًّيا وحاذًقا‪ ،‬كما كان مرًنا ومتعطًشا للحياة وأن يعيش بعض الوقت مع‬
‫مارفينكا‪ .‬أطلقوا سراحه على مضض منهم‪ ،‬وسمحوا له بمتابعة العمل مع األطفال من الدفعة‬
‫األخيرة الذين لم يكونوا يشعرون باألسف تجاههم لكي يروا ما الذي يمكن أن ينتج من ذلك‪ .‬كان‬
‫يقود األطفال للتنّز ه أزواًج ا‪ ،‬وهو يعزف لهم على صندوق موسيقي صغير محمول أشبه بمطحنة‬
‫القهوة وفي أيام االحتفاالت كان يتأرجح معهم في األراجيح‪ :‬كانت المجموعة بأكملها تتجمد من‬
‫الدهشة وهي تطير عالًيا ومن ثم تصّفر في أثناء هبوطها‪ .‬كما قام بتعليم بعضهم القراءة‪‬.‬‬

‫وللعلم‪ ،‬بدأت مارفينكا خياناتها منذ السنة األولى لزواجهما‪ :‬مع أي شخص كان وفي أي مكان كان‪.‬‬
‫كانت في العادة‪ ،‬عندما يعود سينسينات إلى المنزل‪ ،‬تقول له بصوت خفيض أقرب إلى هديل‬
‫الحمام‪ ،‬مع ابتسامة تتسم بالشبع تعلو وجهها وهي تضغط ذقنها السمين إلى عنقها‪ ،‬كما لو أنها توّبخ‬
‫نفسها‪« :‬لقد فعلْت مارفينكا ذلك مرة أخرى»‪ .‬كان ينظر إليها لبضع ثواٍن وهو يضع راحة يده‬
‫على خِّده مثلما تفعل النساء‪ ،‬ومن ثم يغادر بال أي صوت عابًر ا جميع الغرف ليحبس نفسه في‬
‫غرفة الحّم ام حيث كان يضرب األرض بقدميه ويضُّج بالماء‪ ،‬يسعل ويتظاهر بأنه ينتحب‪ .‬وفي‬
‫بعض األحيان كانت تشرح له كنوع من التبرير‪« :‬ولكنك تعرف كم أنا طّيبة‪ :‬هذا أمر تافه‪ ،‬بينما‬
‫يشعر الرجل بالراحة»‪‬.‬‬

‫سرعان ما حبلت وليس منه‪ .‬ولدت صبًّيا‪ ،‬ولكنها حبلت على الفور مرة أخرى ومن جديد ليس منه‬
‫وولدت ابنة‪ .‬كان الصبي مصاًبا بالعرج وشريًر ا؛ أما االبنة السمينة والبلهاء فكانت عمياء تقريًبا‪.‬‬
‫وقد وجد الطفالن نفسيهما عنده في الروضة بسبب عيوبهما‪ ،‬فكان مثيًر ا للدهشة أن يرى المرء‬
‫مارفينكا الحاذقة والحسناء نوًعا ما ومع وجنتين متوردتين‬‬
‫وهي تقود إلى البيت ذلك الطفل المعاق‪ ،‬وتلك الطفلة األشبه بخزنة مكتب صغيرة‪ .‬راح سينسينات‬
‫بالتدريج يمتنع عن االهتمام بنفسه بصورة نهائية وفي أحد األيام‪ ،‬خالل اجتماع مفتوح في حديقة‬
‫المدينة‪ ،‬أحس فجأة بقلق مباغت‪ ،‬وصاح أحدهم بصوت عاٍل ‪« :‬أيها المواطنون‪ ،‬يوجد بيننا…»‬
‫ودّو ت كلمة رهيبة كانت قد أصبحت شبه منسية وهّبت رياح على أشجار األكاسيا ولم يجد‬
‫سينسينات شيًئا أفضل من أن يقوم ويغادر‪ ،‬حيث راح يقطف بطريقة ساهية األوراق عن‬
‫الشجيرات على جانب الطريق‪ .‬وبعد مرور عشرة أيام تم إلقاء القبض عليه‪.‬‬

‫«ربما‪ ،‬غًدا» قال سينسينات وهو يتحرك في الزنزانة بخطوات بطيئة‪« .‬على األرجح‪ ،‬غًدا» قال‬
‫سينسينات وجلس على السرير وبدأ يفرك جبينه بيده‪ .‬راح شعاع الغروب يكِّر ر مفاعيله المألوفة‪.‬‬
‫«غالًبا‪ ،‬في يوم غد قال سينسينات مع زفرة كان الهدوء سّيد الموقف في هذا اليوم‪ ،‬وغًدا سوف‬
‫يجري كُّل شيء في وقت مبكر…»‬‬

‫ظَّل الجميع صامتين لبعض الوقت‪ :‬إبريق الماء المصنوع من الفّخ ار مع قليل من الماء في أسفله‬
‫والذي قام بسقاية جميع سجناء العالم؛ الجدران وقد ألقت بأيديها على أكتاف بعضها البعض مثل‬
‫أربعة أشخاص راحوا يناقشون سًّر ا مرّبع الشكل بصوت خافت؛ والعنكبوت المخملي الذي يشبه‬
‫مارفينكا في شيء ما؛ والكتب الكبيرة والسوداء على الطاولة…‬‬

‫«يا له من سوء تفاهم!» قال سينسينات ثم بدأ يقهقه فجأة‪ .‬نهض ونزع الرداء والقبعة األسطوانية‬
‫والحذاء‪ .‬نزع بنطلونه الكتاني وقميصه‪ .‬نزع رأسه مثلما ُينزع الشعر المستعار‪ ،‬ونزع عظمي‬
‫الترقوة مثلما ُينزع حزام‪ ،‬ثم نزع القفص الصدري كما لو أنه درع‪ .‬نزع الفخذين والساقين‪ ،‬نزع‬
‫يديه ورماهما كما لو أنهما ُكّم ان‪ ،‬في زاوية مهملة‪ .‬راح ما تبقى منه يتالشى بالتدريج‪ُ ،‬م ضفًيا على‬
‫الهواء بعض التلّو ن الطفيف‪ .‬راح سينسينات يستمتع في البداية بالرطوبة المنعشة؛ ثم راح يشعر‬
‫بالمرح وبالحّر ية بعد أن غِر ق في محيطه الغامض بالكامل‪‬.‬‬

‫وإذ بالمزالج الحديدي يقعقع بصوت قوي‪ ،‬فقام سينسينات على الفور‪ ،‬بسرعة البرق بارتداء كل ما‬
‫كان قد نزعه بما في ذلك القبعة األسطوانية‪ .‬أحضر السّج ان روديون دزينة من الخوخ بلون القش‬
‫في سّلة مستديرة مفروشة بأوراق العنب عبارة عن هدية من زوجة مدير السجن‪‬.‬‬

‫يا سينسينات‪ ،‬لقد أنعشك التمرين اإلجرامي الذي قمَت به‪‬.‬‬


‫‬‪III‬‬

‫استيقظ سينسينات بسبب دوٍّي مرعب ألصوات راح يتصاعد في الممر‪‬.‬‬

‫وعلى الرغم من أنه كان قد جّه ز نفسه عشية ذلك اليوم لمثل هذا االستيقاظ‪ ،‬فإَّن األمر لم يكن على‬
‫ما يرام مع قلبه ومع تنفسه‪ .‬قام بتغطية القلب بطرف الرداء لكيال يرى هكذا سيكون أكثر هدوًء ا‪،‬‬
‫وال بأس (هذا ما يقولونه للطفل في لحظة وقوع مصيبة غير معقولة) وإذ غّطى القلب ونهض‬
‫قليًال‪ ،‬بدأ سينسينات يصيخ السمع‪ .‬كان ثمة صوُت جرجرٍة ألقدام كثيرة‪ ،‬وبمستويات مختلفة من‬
‫القابلية للسمع؛ كما كانت هناك أصوات من درجات متعددة من الِح ّدة؛ وقد انهمر أحدها متسائًال‪،‬‬
‫بينما كان صوت آخر‪ ،‬أكثر قرًبا‪ ،‬يجيب بمسؤولية؛ ركض أحد األشخاص قادًم ا من عمق الممر‬
‫وراح ينزلق على األرضية الحجرية كما لو أنها من الجليد‪ .‬سمع صوت مدير السجن الجهوري‬
‫وهو يقول بضع كلمات وسط الضجيج لم تكن مفهومة‪ ،‬لكنها كانت ذات نبرة آمرة من دون أدنى‬
‫شك‪ .‬واألكثر رعًبا هو أَّن صوًتا طفولًّيا اخترق ذلك الصخب كانت ثمة ابنة لمدير السجن‪ .‬كما‬
‫استطاع سينسينات أن يمّيز الصوت الصادح لمحاميه وغمغمة روديون… ومن جديد‪ ،‬طرح أحدهم‬
‫سؤاًال بصوت مرتفع جًّدا على عجل‪ ،‬وأعطى آخر إجابة مدّو ية أيًض ا‪ .‬كان هناك تأّو ه وفرقعة‬
‫وضجيج ناتج عن طْر ٍق متواصل كما لو أن أحًدا راح يبحث عن شيء ما تحت أريكة طويلة‬
‫بواسطة عصا‪ .‬سأل مدير السجن بنبرة واضحة‪« :‬ألم تعثروا؟»‪ .‬انطلقت خطوات وراحت تعدو‪.‬‬
‫ركضت‪ ،‬ثم عادت أدراجها‪ .‬أنزل سينسينات رجليه على األرض وهو يشعر بالوهن وبانهيار قواه‪:‬‬
‫وهكذا لم يسمحوا بلقاء مع مارفينكا… هل يجب علَّي أن أبدأ بارتداء اللباس المناسب‪ ،‬أم أنهم‬
‫سوف يأتون ويقومون بإلباسي بأنفسهم؟ آه‪ ،‬كفى‪ ،‬هيا ادخلوا…‬‬

‫بيَد أنهم استمروا في تعذيبه لدقيقَتين اضافيتين‪ .‬فجأة ُفِتح الباب‪ ،‬وإذا بالمحامي يدخل بسرعة كبيرة‪‬.‬‬

‫كان أشعث الشعر ويتصبب عرًقا‪ .‬راح يعبث بالكِّم األيسر لقميصه‪ ،‬كما كانت عيناه تدوران…‬‬

‫لقد أضعُت زَّر الكّم صاح على عجل وهو يلهث مثل كلب يبدو أني عِلقُت بشيٍء ما… على‬
‫األرجح بالستائر… عندما كنت مع إّم وتشكا((‪ ))20‬الرقيقة… فهي فتاة لعوٌب وعابثة كعادتها…‬
‫ففي كِّل مّر ٍة أزورها… سمعُت ‪ ،‬وهذا هو المهم‪ ،‬كيف أَّن شيًئا ما… ولكني لم أكترث… انظر‪،‬‬
‫السلسلة على ما يبدو… لطالما كان الزُّر عزيًز ا علَّي … ولكن ليس باليد حيلة… ربما‪ ،‬يمكن فيما‬
‫بعد… لقد قطعُت وعًدا لجميع الحّر اس… ولكن لألسف…‬‬

‫خطأ غبي ومثير للنعاس قال سينسينات بصوت خافت لقد أسأُت تفسير الجلبة غير المبررة‪ .‬وهذا‬
‫أمر يضُّر بالقلب‪‬.‬‬

‫شكًر ا‪ ،‬إنها أشياء تافهة غمغم المحامي مشتت الذهن‪ .‬وفي الوقت نفسه كان يجوب بعينيه زوايا‬
‫الزنزانة‪ .‬كان واضًح ا أنه يشعر باألسى لفقدانه شيئًا عزيًز ا عليه‪ .‬كان واضًح ا ذلك‪ .‬لقد كّدره فقدان‬
‫ذلك الشيء‪ .‬إذ كان الزّر ثميًنا‪ .‬كان محبًطا بسبب فقدانه هذا الشيء‪ .‬قام سينسينات باالستلقاء من‬
‫جديد في السرير وهو يئّن بصوت ضعيف‪ .‬أما المحامي فجلس على حافة السرير عند قدميه‪‬.‬‬

‫لقد قصدُتك قال المحامي وأنا بحالة نشطة ومرحة… أما اآلن فقد كّدرني ذلك األمر التافه إذ إّن‬
‫هذا األمر تافه في نهاية المطاف‪ ،‬وال بد أن توافقني الرأي وهناك أشياء أكثر أهمية‪ .‬بالمناسبة‪،‬‬
‫كيف حالك‪ ،‬كيف تشعر بنفسك؟‬‬

‫مّياًال للحديث المفتوح أجاب سينسينات وهو يغّطي عينيه أريد أن أشاطرك بعض استنتاجاتي‬
‫العقلية‪ .‬أنا محاط بأشباح بائسة وليس بالبشر‪ .‬وهي تعّذبني بنفس الدرجة التي يمكن أن تعّذب بها‬
‫الرؤى الحمقاء فقط‪ ،‬أو األحالم المزعجة وقاذورات الهذيان‪ ،‬وأبشع الكوابيس وكل ما يحدث معنا‬
‫في الحياة‪ .‬من الناحية النظرية كنت أتمنى أن أصحو‪ .‬ولكني ال أستطيع أن أصحو من دون‬
‫مساعدة من قبل أحد ما آخر‪ ،‬وأنا أخاف من تلك المساعدة إلى أبعد حٍّد ممكن‪ ،‬ثَّم إَّن روحي‬
‫أصبحت كسولة وقد اعتادت على أقمطتها الضّيقة‪ .‬ومن بين جميع األشباح التي تحيط بي‪ ،‬تبقى‬
‫أنت‪ ،‬يا رومان فيساريونوفيتش‪ ،‬األكثر وضاعة وبؤًسا‪ ،‬ولكن من ناحية أخرى حسب حالتك‬
‫المنطقية في واقعنا المتخَّيل ُتعتَبر بطريقة ما مستشاًر ا ومنافًح ا…‬‬

‫أنا في خدمتك قال المحامي مبتهًج ا ألَّن سينسينات أصبح طليق اللسان في نهاية األمر‪‬.‬‬

‫وأنا أريد أن أسألك‪ :‬على أي أساس يقوم الرفض بإعالمي بشكل دقيق عن يوم تنفيذ حكم اإلعدام؟‬
‫انتظر‪ ،‬فأنا لم ُأنِه كالمي بعد‪ .‬إّن الشخص الذي ُيدعى مديًر ا يتقاعس عن إعطاء جواب صريح‪،‬‬
‫منطلًقا من أنه… هيا انتظر… أريد أن أعرف‪ ،‬أوًال‪ :‬بمن يرتبط تحديد يوم التنفيذ‪ .‬أريد أن‬
‫أعرف‪ ،‬ثانًيا‪ :‬كيف يمكنني أن أحصل على أي فائدة من هذه المؤسسة أو المسؤول أو مجموعة‬
‫مسؤولين…‬‬

‫لكن المحامي الذي كان متحمًسا للكالم قبل لحظة‪ ،‬ظَّل صامًتا‪ .‬لم يكن وجهه المزَّين بحاجبين‬
‫أزرَقين وشفة مشقوقة طويلة يعِّبر عن أي حركة للفكر‪‬.‬‬

‫دِع الُكَّم قال سينسينات وحاِو ل أن ترِّك ز‪‬.‬‬

‫قام رومان فيساريونوفيتش بتغيير وضعية جسمه بطريقة انفعالية حادة وشبك أصابع يديه‬
‫المضطربَتين‪ .‬ثم قال بصوت حزين‪‬:‬‬

‫بسبب هذه النبرة تحديًدا…‬‬

‫قّر روا إعدامي قال سينسينات أعرف‪ .‬أكِم ل!‬‬

‫هيا بنا نغِّير موضوع الحديث‪ ،‬أرجوك صاح رومان فيساريونوفيتش لماذا ال يمكنك أن تبقى حتى‬
‫ولو حالًّيا ضمن حدود المسموح والمتاح؟ حًّقا‪ ،‬إَّن هذا ألمر رهيب‪ ،‬وهو يفوق طاقتي‪ .‬لقد عّر جت‬
‫عليك ببساطة كي أسألك عّم ا إذا كانت لديك أية أمنيات قانونية… على سبيل المثال (وهنا انتعش‬
‫وجهه) أال تريد أن تحصل على المرافعات التي تّم ت تالوتها أثناء المحاكمة في شكل مطبوع؟ ففي‬
‫حال كانت توجد لديك مثل هذه الرغبة‪ ،‬كان يجب عليك أن تتقّدم بطلب مناسب بالسرعة القصوى‬
‫والذي يمكننا أن نصيغه اآلن أنا وإياك مع إشارة معللة بالتفصيل إلى عدد النسخ التي أنت بحاجة‬
‫إليها بالتحديد من الخطابات وألي غاية‪ .‬عندي اآلن بعض الوقت الحر‪ ،‬فهيا بنا‪ ،‬هيا نقوم بذلك‪،‬‬
‫أرجوك! حتى أنني أحضرُت ألجل هذا الهدف مغّلًفا خاًّص ا‪‬.‬‬

‫كرمى اإلثارة… نطق سينسينات ولكن قبل ذلك… هل يعَقل أنه ال يمكن الحصول على جواب؟‬‬

‫مغّلف خاص كّر ر المحامي بقصد اإلغراء‪‬.‬‬


‫حسًنا‪ ،‬ناولني إياه قال سينسينات ثم قام بتمزيق المغّلف السميك مع ما فيه من حشوة إلى ِم زق‬
‫متطايرة‪‬.‬‬

‫عبًثا فعلت ذلك صرخ المحامي وهو يكاد يبكي هذا سدى تماًم ا‪ .‬حتى أّنك ال تعي ما الذي اقترفته‪.‬‬
‫لعّل أمًر ا ملكًّيا بالعفو عنك كان موجوًدا في المغلف‪ .‬ومن المستحيل الحصول على عفو ثاٍن !‬‬

‫راح سينسينات يلتقط الِم زق ويحاول تجميعها مع بعضها على أمل أن يشِّك ل ولو جملة كاملة‬
‫واحدة‪ ،‬لكن كان كّل شيء مختلًطا ومشّو ًها وغير مترابط‪‬.‬‬

‫أنت دوًم ا هكذا راح يعوي المحامي وهو يضغط على صدغيه وانطلق يتمشى في الزنزانة ربما‪،‬‬
‫كانت فرصة نجاتك بين يديك‪ ،‬ولكنك… يا للهول! ماذا يمكنني أن أفعل بك؟ فلتكتب اآلن أنه‬
‫ُفِقد… وأما أنا فأشعر بالرضا… هكذا قمُت بتهيئتك…‬‬

‫ممكن؟ سأل مدير السجن بصوت ممدود عريض وهو يفتح الباب ألن أشِّو ش عليكما؟‬‬

‫تفّضل‪ ،‬يا رودريغ ايفانوفيتش ‪ ،‬تفّضل قال المحامي تفّضل‪ ،‬يا رودريغ إيفانوفيتش العزيز‪ .‬بيَد أّن‬
‫الحالة عندنا ليست مرحة كثيًر ا…‬‬

‫حسًنا‪ ،‬كيف هي اآلن حال صاحبنا اللطيف المحكوم عليه باإلعدام راح مدير السجن األنيق والجليل‬
‫يمزح وهو يقبض بيديه الغليظتين الضاربتين إلى اللون البنفسجي على اليد الصغيرة الباردة‬
‫لسينسينات هل كّل شيٍء على ما يرام؟ هل تشكو من أي ألم كان؟ أَم ا زلَت تثرثر مع عزيزنا‬
‫رومان فيساريونوفيتش الذي ال يكّل وال يمّل ؟ بالمناسبة‪ ،‬أيها العزيز رومان فيساريونوفيتش…‬
‫سوف أجعلك تبتهج لقد عثرت زوجتي المستهترة على السّلم على الزّر الذي يعود لك‪.‬‬
‫))‪ Voilà((21‬إنه ذهب فرنسي‪ ،‬أليس كذلك؟ يا له من زّر بديع جًّدا‪ .‬أنا عادة ال أحب المجامالت‪،‬‬
‫ولكن يجب علَّي أن أقول…‬‬

‫تنّح ى االثنان نحو الزاوية متظاهَر ين بأنهما يتفحصان ذلك الزَّر البديع‪ ،‬وأنهما يناقشان قصته وثمنه‬
‫وهما بحالة إثارة واندهاش‪ .‬استغّل سينسينات ذلك لكي يلتقط شيًئا من تحت السرير ومن ثم قال‬
‫بصوت دقيق كذلك الذي يصدر عن الخرز‪ ،‬ومع زالت في نهايته…‬‬
‫نعم‪ ،‬إنه ذوق رفيع‪ ،‬ذوق رفيع راح المدير يكرر وهو يعود من الزاوية متأبًطا ذراع المحامي‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬أنت بخير وبصحة جيدة‪ ،‬أيها الشاب قال من دون أي مغزى متوجًه ا إلى سينسينات الذي عاد‬
‫ليستلقي بسرعة في السرير بيَد أنه ال يجب عليك أن تتشاقى‪ .‬الجمهور وجميعنا‪ ،‬باعتبارنا نمّثل‬
‫الجمهور‪ ،‬يريد الخير لك‪ ،‬وهذا واضح كما أعتقد‪ .‬حتى أننا مستعدون لمالقاتك لناحية تخفيف‬
‫وحدتك‪ .‬ففي األيام القليلة القادمة سوف ينزل سجين جديد في واحدة من الزنازين المميزة عندنا‪.‬‬
‫تعّر ف عليه‪ ،‬فهذا سوف يواسيك بعض الشيء‪‬.‬‬

‫خالل أيام؟ كرر سينسينات السؤال هذا يعني أنه ثمة بضعة أيام أخرى؟‬‬

‫ال‪ ،‬باهّلل انظروا إليه قال مدير السجن ضاحًكا يريد أن يعرف كَّل شيء‪ .‬أرأيت يا رومان‬
‫فيساريونوفيتش؟‬‬

‫أوه‪ ،‬يا صديقي‪ ،‬ال داعي لتذكيري قال المحامي وهو يتنّه د‪‬.‬‬

‫نعم قال روديون وهو يهز بالمفاتيح يجب عليك أن تكون أكثر مرونًة‪ ،‬يا سّيد‪ .‬وإّال دوًم ا‪ :‬كبرياء‬
‫وغضب وازدراء‪ .‬يوم أمس حملت له القشدة وماذا فعل برأيك؟ رفض تناول الطعام‪ ،‬راح يتعفف‬
‫ويعّبر عن اشمئزازه‪ .‬نعم‪ .‬كنت قد بدأت الحديث معك عن السجين الجديد‪ .‬حاِو ْل أن تتواصل معه‪،‬‬
‫فما ِم ن داٍع ألن تظَّل شامًخ ا أنفك‪ .‬هل ثمة عيب فيما أقوله‪ ،‬يا رومان فيساريونوفيتش؟‬‬

‫بل هو كذلك‪ ،‬يا روديون‪ ،‬نعم األمر كذلك وافق المحامي مصّدًقا مع ابتسامة‪‬.‬‬

‫مسح روديون لحيته وتابع‪‬:‬‬

‫لقد شعرت بشفقة قوية تجاهه دخلُت ونظرُت ‪ ،‬وإذ بي أرى الكرسي موضوًعا على‬‬
‫الطاولة‪ ،‬بينما كان هو يمّد يديه الصغيرتين ويرفع ِر جَليه ممسًكا بشبك النافذة‪ ،‬كما لو أنه قرد‬
‫ضعيف مثير للشفقة تماًم ا‪ .‬كانت السماء زرقاء‪ ،‬وطيور السنونو تحّلق‪ ،‬ومن جديد تظهر غيمة أمر‬
‫مجيد‪ ،‬فرح حقيقي‪ .‬قمُت بانتزاعه عن الطاولة مثل طفل صغير ثم رحت أبكي بقوة هذه هي الكلمة‬
‫المناسبة بالضبط أشهق… أريد أْن أقول إَّن تلك الشفقة نالت مني بحق‪.‬‬
‫أنرفعه‪ ،‬يا ُترى‪ ،‬إلى األعلى هناك؟ اقترح المحامي بنبرة مترددة‪‬.‬‬

‫هذا ممكن‪ ،‬حًّقا أجاب روديون بتثاقل موافًقا بطيبة خاطر رصينة هذا دائًم ا ممكن‪‬.‬‬

‫َألِبْسه الرداء صاح رومان فيساريونوفيتش‪‬.‬‬

‫قال سينسينات‪‬:‬‬

‫أنا أطيعكم‪ ،‬أيها األشباح‪ ،‬والمستئذبون والهزليون‪ .‬ولكني برغم ذلك أطالب هل تسمعون‪ ،‬إني‬
‫أطالب (وقد راح سينسينات آخر يضرب األرض بطريقة هستيرية لدرجة أنه أضاع حذاءه) بأن‬
‫تقولوا لي كم من الوقت بقي لي ألن أبقى حًّيا… وهل سيسمحون لي بلقاء زوجتي‪‬.‬‬

‫على األرجح‪ ،‬سوف يسمحون لك أجاب رومان فيساريونوفيتش وراح يتبادل النظرات مع روديون‬
‫فقط كَّف عن الثرثرة الزائدة‪ .‬حسًنا‪ ،‬هيا بنا‪‬.‬‬

‫تفضلوا قال روديون ودفع الباب المفتوح بكتفه‪‬.‬‬

‫خرج الثالثة‪ :‬روديون في المقدمة‪ ،‬كسيح وأعرج‪ ،‬في سروال واسع قديم بهت لونه وقد انزلق من‬
‫الخلف؛ يتبعه المحامي في فراك رسمي مع ظٍّل غير نظيف على ياقته البالستيكية وشريط من‬
‫الكتان وردي اللون في الناحية القفوية هناك حيث ينتهي الشعر المستعار األسود؛ وخلفهما أخيًر ا‪،‬‬
‫سينسينات الذي أضاع حذاءه وهو يلف طرفي الرداء‪‬.‬‬

‫عند منعطف الممر قّدم حارٌس آخر‪ ،‬مجهول االسم‪ ،‬التحية لهم بطريقة وّدية‪ .‬راح الضوء الشاحب‬
‫الحجري يتناوب مع مقطع من الظالم‪ .‬ساروا وساروا منعطًفا بعد منعطف وبحيث إنهم عبروا عّدة‬
‫مرات بمحاذاة نفس النقش الناتج عن الرطوبة على الحائط والذي يشبه فرًسا مرعبًة وغير‬
‫متناسقة‪ .‬تطَّلب األمر إشعال ضوء الكهرباء في بعض األماكن‪ .‬اشتعلت لمبة مغبّر ة بضوء أصفر‪،‬‬
‫مرير‪ ،‬من األعلى أو من أحد الجوانب‪ .‬وحدث‪ ،‬بالمناسبة‪ ،‬أَّن اللمبة كانت معّطلة‪ ،‬ما اضطرهم‬
‫ألن يخوضوا في ظلمات قاتمة‪ .‬وفي أحد األمكنة‪ ،‬حيث كان يسقط بغتة ومن دون توّقع شعاع‬
Another random document with
no related content on Scribd:
father scolded me for giving the bear hide away. My little bear hide
was of good size. My father had it tanned for me, and the hide was
also decorated with paint. The bear hide also had a soft, feathery
appearance about its head. I wore it in dances, and kept it by my
pillow in our lodge. Only a few years ago I was visiting the Sioux,
and while I was gone some white man came to our village. He saw
the bear robe in our lodge. He asked how much they wanted for the
hide, and my bear was sold to some white man. When I came back
home I missed my bear, and asked where it was. My folks said, “We
sold it to a white man.” I was sorry, but it was all right, for we do not
have any more Bear dances.

FOOTNOTES:
[84] Told by White-Bear.
ABSTRACTS.
1. THE WOLF AND LUCKY-MAN CREATE LAND.
Wolf and Lucky-Man meet on shore of big lake, where two ducks
are swimming. Wolf challenges Lucky-Man to see who can endure
rain longest. Lucky-Man wins. Wolf sends Duck down to fetch dirt
from bottom of lake. Duck brings up mud, which Wolf throws in north
and forms into prairie. Lucky-Man sends Duck for more mud, which
he throws on south side of Wolf’s land. Hills and mountains are
formed and buffalo are on land. There is channel between two
countries created, occupied by Missouri River.

2. THE SPIDERS GIVE BIRTH TO PEOPLE.


Wolf and friend change Spider-Man and Woman by rubbing them
with wild sage dipped in water and teach them how to lie together.
Their progeny are human beings.

3. THE ORIGIN OF THE ARIKARA.


Large people on earth long ago destroyed by flood, by Nesaru.
People turn into corn and are put into cave with animals. Nesaru
turns ear of corn into woman and sends her to bring people from
earth. People and animals know her. Badger, Mole, and long-nosed
Mouse offer to help her to take people out. They dig in turns.
Thunder opens earth. People go out upon earth, journey west,
leaving behind Badgers, long-nosed Mice, Moles, and some people
who turn back into earth and become animals. People come to great
basin, which Kingfisher fills up by striking bill into banks. Journey is
continued until people stopped by timber, which is removed by Owl.
They come to big lake. Loon parts waters. Mother-Corn returns to
heavens. People here make games, first shinny and then javelins, to
catch ring with. Winners kill those of other side. Mother-Corn returns
to give people rules to go by. Man is selected as chief. He instructs
people as to scalping. Mother-Corn makes bundle, songs, ritual, and
ceremonies. Man instructs medicine-man, teaches them sleight-of-
hand, and tells them to make village. Mother-Corn leads people to
Republican River, Kansas. Awaho people come last and receive
ceremonies from Mother-Corn. They offer smoke to gods. Dog
comes to village and complains that Mother-Corn has left out Dog
and Whirlwind. Dog has come from Sun, who has given it curative
power. Whirlwind is disease, and if dog meat first offered as sacrifice
gods will send storm to drive away disease. Whirlwind comes and
Dog appeases gods and says he will be people’s guardian. Mother-
Corn says gods in heavens are four world-quarters. They will send
storm if smoke not given to them first. Mother-Corn is Cedar-Tree in
front of lodge and Stone at right of her is man who established office
of chief. Nesaru watches over them and gives them long life.

4. ORIGIN OF THE ARIKARA.


Mother-Corn is assisted by Badger, Gopher, long-nosed Mouse,
and Mole to get people out of ground, as in No. 3. People see where
other people helped out of ground by Buffalo. They start on journey
and are stopped by obstacles, as in No. 3, and are helped by
Kingfisher, Owl, and Loon. Some people stay behind as Worms,
Birds, Fish, and Loons. [Mother-Corn offers smoke and sends
animals for offerings to gods.] Prairie-Chicken kills wild-cat, which
represents heavens, and brings it to Mother-Corn for offering. Three
Stars in East bring Mother-Corn stone for pipe to form smoke. Pipe
is made and filled with native tobacco. Prairie-Chicken takes pipe in
succession to gods in Southeast, Southwest, Northwest, and
Northeast, and to Nesaru, all of whom smoke the pipe. Prairie-
Chicken says sand blown by wind made white spots on its feathers.
Smoking by Nesaru is to show consent to Mother-Corn having
people on earth and that gods are to protect them. Dog comes and
tells Mother-Corn that Whirlwind is angry for being slighted in smoke
ceremony. Mother-Corn appeals to Nesaru and the gods for
assistance. Woman says she will protect the people, and turns into
Cedar-Tree. Big-Meteoric-Star falls from heavens by Cedar-Tree to
assist. Whirlwind comes and people all run in all directions, and
when Whirlwind strikes them it changes their language. People who
stand on Cedar-Tree and Rock are Arikara. Wind strikes Mother-
Corn and she vomits four times, water and ears of corn of different
color. Whirlwind tells Mother-Corn it has left behind diseases, but
says when they offer smoke to the gods they are to give it smoke
last, that it may not come very often. Cedar-Tree asks Mother-Corn
that it may be known as “Wonderful Grandmother” and be placed in
front of the medicine-lodge. Big-Meteoric-Star asks to be known as
“Wonderful Grandfather” and sit by Wonderful Grandmother in front
of medicine-lodge. Dog asks, as he brought the news, to guard
camps and villages and to be offered in ceremonies, and his fat to be
used by medicine-men. Mother-Corn gives corn for seeds that corn
may be offered to gods. People who scattered to be their enemies—
to the southwest, “Sahe;” to northeast, “Pechea;” to the east,
“Wooden-Faces;” to south, “Witchcraft-People.” Mother-Corn stays
with people until she has taught them bundle ceremonies. She tells
them to tie all children’s moccasins together on her back. Then they
are to take her to river and throw her in. People do not understand
and keep up singing in night. At daylight they find Mother-Corn has
turned to ear of corn, with buffalo robe tied to it. People place
children’s moccasins with corn and throw them with Mother-Corn
and robe into river. Many years afterwards Mother-Corn returns and
teaches more bundle ceremony songs and finally disappears.

5. THE ORIGIN OF THE ARIKARA.


Many people in cave under ground with Corn, Mother of tribe.
Mother-Corn sends four birds to find better world, but they are
unsuccessful. Long-nosed Mouse, or Mole, Skunk, and Badger work,
and at last Badger goes through hole, but falls asleep. Returns in
morning and Mother-Corn forces her way through hole followed by
all people. They march westward. They come to wide water, thick
forest, deep ravine in succession, which Fish, Owl, and Kingfisher
help them to cross. They see Buffalo on open prairie and are afraid,
but Mole, Skunk, and Badger make holes all around animal. His
blood sinks into ground and becomes stone, from which pipes were
made. Buffalo butchered and flesh divided among different sacred
bundles, with animal’s joints. People again go on westward and
fowls, fishes, and animals separate from them and give Mother-Corn
power. Mother-Corn separates from animals.

6. THE ORIGIN OF THE ARIKARA.


[Man Bear’s-Tail relates killing of buffalo cow by father, who calls
old woman and keeper of bundle, and describes ceremony of
untying bundle. Old man tells origin of bundle and of people.] Nesaru
makes giants, but being displeased with them turns them into
stones. Nesaru again makes people, small and wonderful. They
displease Nesaru, who tells animals to hide. He is going to make
water rise from earth. Animals give power to Bear to take people
under ground, with assistance of Badger, Mole, and long-nosed
Mouse. Fox acts as runner and errand man. People live under
ground many years. Animals decide to dig upward for land. Bears,
Badgers, Moles, and long-nosed Mice dig and Mole first to get his
head through. Badger enlarges hole. Fox goes through and reports
what he sees outside. Bear makes hole larger and animals go
through, followed by people. Woman, who says she is grain of corn,
tells man they are on island. People taken under ground by Mice
were grains of corn and now turned to people. Mouse leader. They
cross water by aid of woman, who becomes gar-pike. Some fall into
water and become fish. People pick up stones to cut with. Mouse
leads people through thick timber. Some turn to owls. Earthquake
forms deep chasm, which Bear enables people to cross. Whirlwind
makes pathway through thick timber. People come to muddy water in
“Pawnee” country. They find things to wear and eat. First bow made.
Long-nosed Mouse, Bear, Mole, Badger, and Fox die, and their skins
with skulls are wrapped in bundles. They receive ceremony from
Pawnee. Each bundle receives different ritual. Arikara dress ear of
corn as woman and throw it into river. Many years afterwards
strange woman comes into lodge where bundle ceremony. People
take no notice of her and she goes to other bundle lodges. In last old
man recognizes her and Muddy-River-Country ceremony performed.
Woman says that four world-quarters are her father, and that she will
come to them in dreams and tell them about things in bundle. They
are to tie her on bundle and clothe ear of corn. She turns into ear of
corn. They send for other old man and tie ears of corn upon the
bundles.

7. THE ORIGIN OF THE ARIKARA.


Arikara live under ground. Long-nosed Mouse, Mole, Badger, and
Fox agree to take people to top of earth. Mole digs first. Arikara
come out, Fox leading. Earthquake, and other people held fast.
People journey west and come to chasm caused by earth shaking,
but Badger makes pathway. Mother-Corn in heavens asking gods to
let people live. Obstructions arranged by being known as Sickness.
People come to deep river and Loon sent by gods. Loon flies across
river and back and dives. River is open and people cross over.
Waters come together again and some people left on other side.
Mother-Corn stops and says Black-Wind is angry, but Black-
Meteoric-Star will help them. Tells people to get under cedar tree.
Black-Wind comes and takes many people. They go on and come to
steep mountain bank. Bear digs steps on both sides and people go
across. Dog comes up and says his meat shall be offered to gods.
His father is Sun, who has given him power.

8. THE ORIGIN OF THE AWAHO-BUNDLE


PEOPLE.
People come out of ground, but some are cut off by earthquake.
Heavens hear crying and send Mother-Corn to them. Badger digs
through earth. People come out and walk westward until they come
to thick timber. Screech-Owl flies through and makes pathway. Owl
and Whirlwind are enemies. People followed by “Cut-Nose,” an
animal with long horns. People run until they come to chasm, which
Badger enables them to cross. They then come to thick ice and deep
water, which Loon enables them to cross. Mother-Corn teaches
people ceremonies and rituals and gives them things to put in
bundles. Mother-Corn disappears by ear of corn wrapped in her robe
under bundle. Awaho last people to come out of ground, and where
other bands have camped they find bits of meat offered to gods,
which they use for food. They know all ceremonies and teach them
to others. Nearly all are killed by enemies, but bundle hid under
bank. Women go for bundle and contents are purified. Sacrifices of
meat made the next day. Nesaru made animals to take kernels of
corn under ground. They were people turned to corn by Nesaru. This
is why animals brought them out of ground and why Mother-Corn
was sent by gods in heavens, who had field of corn.

9. MOTHER-CORN’S VISIT TO THE ARIKARA.


Mother-Corn tells Arikara when journeying west to dress her up
and put her in river. When Arikara make permanent village upon
Missouri River old men think it time to send Mother-Corn down
stream. She is taken from bundle, painted, and dressed. After
reciting rituals, Mother-Corn, with children’s moccasins tied about
her waist, is thrown by priests into river, her head up stream. Many
years afterwards woman comes to village and is recognized by man
as Mother-Corn. She teaches them ceremonies and songs and that
night disappears.

10. MOTHER-CORN’S VISIT TO THE ARIKARA.


In olden times, old man made offerings to gods and Mother-Corn.
Mother-Corn is pleased to have smoke with people and starts from
east to visit them. She goes into medicine-lodge. She stays many
days and teaches them many lessons, but people are hungry for
meat. Mother-Corn asks woman to make moccasins for her. She
puts on moccasins and they wear out when she walks slowly twenty
steps. This takes place four times, but fourth pair brings her back to
altar. Her walk means that she has walked long way off in west, and
way very hard. She tells people she has seen buffalo and that they
will be seen in four days. In morning of fourth day they kill many
buffalo, but while they are away, enemies attack village and Mother-
Corn is killed. They bury her and from place where she is laid, grass,
etc., springs up.

11. HOW THE PEOPLE ESCAPED THE BUFFALO.


When people came out through ground they were led by woman,
“Mother.” Among them were all kinds of animals except buffalo.
Monster with horns like buffalo comes out of lake. They call him
“Cut-Nose.” As it comes along, buffalo come from under him. Buffalo
catch up with people and kill some of them. People make canyons
behind, which buffalo can not cross. Whirlwind comes. Mother tells
people to give presents and smoke to it. Whirlwind scatters some of
people. Buffalo with Cut-Nose come behind and people come to big
timber. Owl and Badger try to make path through timber, but fail.
Coyote and Dog come and open way through. Buffalo and Cut-Nose
come again and kill people. They come to deep water. Dogs fail to
make pathway, but Loons make opening through waters. They come
to canyon and Badger makes banks fall, after Kingfisher and Mole
have failed. They cross and make village near canyon. Mother holds
ceremonies for different bundles. Awaho-bundle people come last,
and they receive all ceremonies. Awaho had been left behind when
people came out of ground, and they pick up meat offerings to gods
left behind.

12. WHY THE BUFFALO NO LONGER EAT


PEOPLE.
Young man goes to village at night and finds people are Buffalo.
They are talking about killing people. He finds human head and
meat. Hears people are to be got out of ground and killed. Near by
sees hole cut in side of hill where bulls circle around and drive
people into cut. He sees people running to cut from out of ground.
He goes among hills. Strange man gives him bow and arrows and
tells him to take young man with bows and arrows to kill and scatter
Buffalo. They go to place and attack Buffalo and kill and scatter
them, so that they become buffalo and never eat people any more.

13. WHY THE BUFFALO NO LONGER EAT


PEOPLE.
People hungry and chief priest opens bundle and offers gifts to
gods for them to send buffalo. Buffalo come three days after
ceremony and old priest tells story. Buffalo are human, but have
horns. When they want meat they recite ritual. When hollow tree is
struck with pole four times people led by Cut-Nose come out and are
killed, except Cut-Nose, who re-enters tree. Boy chased by Buffalo
cow. He sees fine-looking woman wearing white buffalo robe. She
goes west and boy follows. He finds woman at tipi. Woman says she
has selected him to turn her people into real buffalo, so as not to eat
his people. They go through four circles of Buffalo bulls stationed as
sentinels and enter tipi, where woman’s father lives. She covers
young man with her robe. Buffalo are human, but have horns and
tails. They cook and eat human meat. Girl shows him arbors with
human bodies, and hollow cottonwood tree, with long stick, and tells
him its use. Takes him to timber, where during three days he makes
bows and arrows. Next morning they place bows and arrows at foot
of tree. Woman tells young man what to do and they hide. When
Buffalo come towards tree, young man jumps out. Cut-Nose comes
out, and then people. Young man gives men bows and arrows and
tells them to shoot and kill Buffalo. Buffalo run towards village,
chased by people, and they finally become buffalo. Young man and
Buffalo woman take bundle from tipi. They marry and teach people
songs and ceremony of bundle. People become part of Arikara.
14. THE GIRL WHO MARRIED A STAR.
Girl says she likes Red-Star and would marry him if on earth. In
morning girl sees Porcupine and climbs after it in cottonwood tree.
Tree grows higher and girl reaches another world. Porcupine turns
into man and says he is Star. She stays with him, but cries every
night. She gives birth to male child, who has star on forehead. Son
wants wild turnips and man tells her not to dig for them in valleys.
She digs in valley and stick runs through earth. She looks down and
sees she is far away from her people. Woman tells her to get from
husband sinews of whole buffalo and she will make sinew string to
reach ground below. Girl gets sinew from husband, who forgets two
sinews in shoulder. Old woman makes string and girl also makes
long sinew string. They go to valley and girl takes child on back
under robe, slips down string fastened to stick across hole. She
reaches height of highest tree from ground. Husband sees her
hanging and kills her with stone. Boy slips out of robe and falls on
ground, but is not hurt. Boy nurses at dead mother’s breast. He goes
to cornfield. Old woman catches him and takes him home as
grandson. Grandmother scatters corn in lodge for blackbirds and
places mush behind curtain. Boy calls blackbirds and kills them all
with club. Grandmother brings them to life again and tells them to fly
all over the world. She tells boy to throw wood into pond and next
morning finds black bow and four black arrows. Boy sees big serpent
behind curtain and kills it with bow and arrow and serpent slips into
pond. Serpent is grandmother’s husband. Next day old woman tells
boy not to go to dangerous place. He goes and sees mountain-lion,
which obeys him. He leads lion to old woman’s lodge. The same
occurs with a cinnamon bear. Boy sees four wonderful men killing
buffalo. They frighten him with fœtus of calf. He climbs tree and they
place fœtus in fork. They offer to take calf down if he will give
grandmother to them. He returns and tells her he is satisfied, but
says they would have to give him something in return. They promise
him bow and arrows and old woman tells him to take middle bow of
five leaning against wall of lodge. Men go to grandmother’s lodge
and stay with her. Old woman sends boy with flute to play around
men’s lodge. Men all scared and close up lodge with earth. They die
of hunger. Boy goes to den of snakes. Snakes give him long gut to
eat, but it is snake, and he twists its head off. Snakes go into ground
and try to get into boy’s rectum, but hit rock on which he sits. They
tell stories. Snakes all go to sleep on long circular stick around den.
Boy with flint knife cuts heads on stick, but last one wakes up and
disappears in hole. When boy sleeps he places arrows so that they
can fall on him when Snake approaches him. Boy is very sleepy and
arrows cannot awaken him. Snake goes into his mouth and nestles
in his skull, where it remains until boy becomes skeleton. Boy’s
father sends storm and skull is filled with water, but this does not
drive out Snake. Father gets Sun to move nearer earth and heats
skull until water boils, and Snake crawls out. Boy catches Snake by
neck, hits its snout with stone, and rubs its teeth upon rock. He lets it
go on promise not to bother people after. Boy returns to grandmother
and tells her country is free from wild animals. She disappears, and
boy goes to village and tells his story. He dies after clearing country
of all wild animals.

15. THE GIRL WHO MARRIED A STAR.


Girl taken up to heavens by star digs turnip and sees people on
earth. Old woman makes sinew rope and lets her and child down
through hole, but rope too short. Husband kills her with stone, but
boy safe. He goes to cornfield and is caught by old woman, who
takes him home. He shoots huge serpent behind curtain, who was
woman’s husband. She plans for bear to kill him, but he captures
bear. Boy finds tipi with four strong men playing dice game. He
shoots through hole and cleans man’s nose with arrow. He goes with
them to hunt and they annoy him with elk’s fœtus. He climbs tree
and men remove fœtus from tree only on his promising them his
grandmother. She goes with him to men’s tipi and they teach boy
ceremony of catching eagles and of hunting. Boy meets camp of
Snakes, all of whom but one he kills, as in No. 14. Surviving Snake
enters anus while he sleeps and gets into head, from which it is
driven by water boiling. Boy seizes it and knocks its head on flat
rock. Boy afraid of fœtus because cluster of stars to which boy’s
father belonged did not come up at that time with rest; so father not
present to help him.

16. NO-TONGUE AND THE SUN AND THE MOON.


Young man goes upon high hill to mourn. Little bird takes him to
another place. Man, painted red, comes and says he is going to be
his son and asks for his tongue. Young man cuts off his tongue and
gives it to man and then falls dead. Moon sees him and goes and
touches his feet. Young man sits up and Moon tells him man to
whom he had given tongue is Sun. Moon makes him his own son
and warns him that when Sun offers him choice of weapons he is to
take old ones. Sun takes him to sky in morning and cries because
No-Tongue takes best things, as these give boy life. Sun asks No-
Tongue to send him white buffalo robe. Moon tells him to get dark-
brown robe for Sun and powder it with white clay. Sun hangs up robe
and wind shakes all white clay out of it. Sun tells Moon his Little-Sun
is going to kill No-Tongue. Moon warns No-Tongue and advises him
what to do. No-Tongue goes with party on war-path and Sun plans
for Little-Sun to kill him. Little-Sun with enemy and in morning asks
No-Tongue to shake hands with him. No-Tongue goes and kills Little-
Sun and his people defeat enemy. Sun sends son Big-Sun to kill No-
Tongue, but is killed himself. Sun becomes Buffalo to kill No-Tongue,
but falls into mud hole. No-Tongue makes fire on his back and
Buffalo burns up. Sun tells Moon he will scalp No-Tongue. Moon tells
No-Tongue to put false scalp over head with dog’s blood inside. Sun
comes and takes scalp. Seeing that No-Tongue is not really scalped,
Sun leaves him alone. When old and blind No-Tongue goes to top of
hill and makes circle of red sticks for Sun and circle of white sticks
for Moon. Sun and Moon come and Sun takes old man to his home.

17. HOW BURNT-HANDS BECAME A CHIEF.


Poor boy, Burnt-Hands, lives with grandmother outside of village.
Last-Child, daughter of chief, brings them food. Burnt-Hands follows
trail of wounded elk and finds it dead. Chiefs Red-Bear and Black-
Bear come. Red-Bear shoots boy and drops him into air-hole in ice.
White-Bear’s cub takes boy to father. Father pities and adopts him
as son and teaches him Bear ceremony. Burnt-Hands receives
bundle of medicine and goes home. Notice given for buffalo hunt and
that Red-Bear wants hide of white buffalo. Burnt-Hands goes with
young men to chase. He gets white buffalo robe, as Red-Bear afraid
of him. When he reaches camp he eats meat prepared for Red-Bear.
Burnt-Hands takes white buffalo hide to grandmother, who gives it to
Last-Child. Elk chase is made to get teeth for Red-Bear. Burnt-
Hands promises grandmother elk-tooth dress and tells her in case of
trouble to flee to timber. Burnt-Hands goes to chase and collects-
many elk teeth and so does Red-Bear. They meet at last elk. Burnt-
Hands strikes Red-Bear on head with war-club and drags him to air-
hole. Burnt-Hands finds grandmother and they perform Bear
ceremony. They turn into Bears and attack warriors, killing many.
Others send peace-pipe by Last-Child and it is accepted. Burnt-
Hands makes grandmother thirty-eight years old and himself twenty-
two, and marries Last-Child. Burnt-Hands becomes chief and has
Black-Bear as slave.

18. HOW BURNT-HANDS BECAME A CHIEF.


Poor boy goes on war-path with warriors. Grandmother says he is
not to tell coyote stories and gives him round burnt clay ball that has
handle. When hungry he is to put kernels of corn on ball and roast
them. Boy asked to tell coyote stories, but refuses. He roasts corn
upon clay ball and then tells stories. Enemy comes and men are
scared. When boy has finished eating corn he attacks enemy with
clay ball, which is war-club, and kills many. Enemy run away. Burnt-
Hands made chief and given good tipi and wife.

19. HOW BURNT-HANDS BECAME A CHIEF.


Poor boy tells grandmother to make him bow and arrows that he
may join buffalo hunt. He says he will bring back some tongues and
hearts. Boy sings about being selected to stand in front and make
motions to direct hunters, and he is selected. He kills buffalo and
turning back pulls out buffalo beards and bunch of hair from
shoulder. His robe is taken and he sings about snowstorm coming.
He goes to grandmother and throws hairs on ground and several
tongues and hearts appear. Blizzard kills many men who had made
fun of young man. On next buffalo chase he again stands in front
and is first to kill buffalo. He takes hair as before and it becomes
tongues and hearts. People find out boy is wonderful, and give him
pony. He marries chief’s daughter, and becomes great warrior and
chief.

20. THE TWO BOYS AND THE WATER-SERPENT.


Two boys are accused of eating up pots of corn. They watch at
night near inclosure surrounding village and see long serpent come
and stick its head into smokehole of lodges. Next day they make
many arrows and at night when serpent has its head in lodge they
shoot at it. Serpent goes to river, water of which roars and rises, and
serpent is found dead when river goes down.

21. THE BOY WHO BEFRIENDED THE


THUNDERBIRDS, AND THE SERPENT.
Boy gifted with powers by four-world-quarter gods kills so many
antelope he is called Antelope-Carrier. Wood-Rats have given him
bow and four differently colored arrows. He wanders from home, and
while asleep two Thunderbirds carry him up high mountain. He finds
nest with four young Thunderbirds. Mother Thunderbird comes and
tells him of serpent with two heads that lives in lake and eats her
young. She promises him lightning and control of all birds if he will
help to kill monster. He promises and Thunderbird, after telling him
when serpent would come out of lake, flies away. Fog rises from lake
one day and boy sees monster with two heads crawling out of lake.
Storm comes from west and Thunderbirds return, making lightning,
which strikes serpent. Lightning throws it back, but it again crawls
up. Monster opens its mouth to swallow boy. He shoots black arrow
into its mouth. Monster falls and bursts open. Other head comes and
boy shoots red arrow into its mouth and head broken in pieces.
Thunderbirds come with all kinds of birds, which feast upon serpent.
They give boy power as objects which he swallows. Boy chief of all
birds and kills all bad animals. Two boys, joined together with
rawhide, go to shoot birds. One shoots at white object, like
mushroom, moving up and down and strong wind carries them far
away to an island. They go west and come to lodge of old woman.
She makes cakes, four for the great serpent, who will carry them
across by water. Serpent comes and carries them across, stopping
each day when hungry. They give it cake and soft-shell turtle (lice)
from its head. Wild boy jumps before they come to land and is
swallowed by serpent. Other boy asks serpent to open its mouth
wide and he drags swallowed boy out. Boys travel to Missouri River
bottom. They put log of wood on fire and it is serpent. Foolish boy
eats chunk of meat and he gradually turns to serpent. Other boy
takes him to Missouri River and turns him loose there. Antelope-
Carrier hears of serpent and hunts him with all his birds. Serpent
uses his power and carries him into his den. Antelope-Carrier is
made to vomit up all his power, except lightning in his eyes. Serpent
remains in river and gives its powers to people, and songs and
medicine-men’s ceremony.

22. THE BOY WHO TURNED INTO A SNAKE.


Idiot boy and son of chief go on war-path. They have to return
through want of food, and come to water-serpent. It is so big they
can not get around it, and idiot proposes to burn it. Serpent burns in
two. Idiot eats of serpent meat and his body gradually becomes
colored red and blue. By fourth day his legs are grown together and
become snake’s tail. Other boy carries him to lake, where fishes
object to him, and finally they come to the Missouri River. He rests in
middle of river and people by giving him presents cross over without
danger of drowning.
23. THE BOY WHO RECEIVED THE MOUSE
POWER.
Young man stays behind when people go hunting. He goes
through village and hears crying. He goes to lodge and sees woman
wrapped in buffalo robe, who tells him people have taken her
children. She says they are in sacred bundle robe, and asks him to
go and bring her children back. He does so and gives nest with
children to woman. She tells him to return at night and then becomes
mouse. Young man goes to lodge at night and finds woman there.
Rats come in human form and priest gives him war-club and power
to become mouse at any time, and little box of medicine. Woman
tells him he is now her son and says they are not to kill mice as they
are his relatives. Young man becomes great warrior. In enemy’s
camp he turns into mouse and drives ponies out of camp after
cutting ropes. He becomes so bold that people become afraid of him,
but finally he and young man who has power of Bear fight and kill
one another.

24. THE BOY AND THE YOUNG HAWKS.


Small boy discovers hawk’s nest with four eggs. Eggs are hatched
and boy feeds birds with insects. Boy goes to take birds home when
he sees man who calls birds his sons and says he will be rewarded
for taking care of them. Boy takes feathers from young birds to put
on his arrows. He becomes good hunter and on war-path fights
where the arrows are thickest. He becomes known as brave, but
finally does wrong among his people. Many try to kill him, but always
forget, until one man capable of killing him does so.

25. THE END OF THE ELK POWER.


Four strong young men, of whom only oldest is married, go to trap
eagles, leaving woman and child at home. On their return woman is
missing. Eldest unmarried brother is filled with pity for child and goes
to cry near timber, where is old skull of buck elk. On second night
voice tells him woman and three others captured by Bear and that he
has received Elk power. He is to go again and receive instructions.
Pretty-Voice goes again and learns ceremony of Elks. He is to blow
whistle and all females will come to him. He goes near Bear’s home
and whistles four times. Women run out of den and they go away
with Pretty-Voice. Bear follows and he orders party to stop. Pretty-
Voice shoots arrows at Bear without effect. He then throws himself
on ground and becomes Elk. Elk and Bear fight, and Bear admits his
defeat. Elk again becomes man and Pretty-Voice wins great honor
by capture of women. He causes ill-feeling by using his magic
whistle to attract girls and then married women. Men shoot at him,
but nothing can harm him. Sioux attack village, but they can do
nothing while Pretty-Voice is living. Men come on friendly visit and
Pretty-Voice secures Sioux girl by his ceremony. She gets to know
secret of his power and then runs away. She obtains necessary
things and then starts at head of war-party to kill Pretty-Voice.
Inhabitants of village are defeated and Pretty-Voice finally falls. His
mother wishes to collect his flesh, as he had told her, but men will
not let her. They make big fire and destroy his body. White fog seen
to arise from place for many days after.

26. THE ELK RESCUES A WOMAN FROM THE


BEAR.
Poor young man and chief’s daughter run away together. They live
alone and man kills deer and elk. He goes to catch eagles and while
away Bear comes and takes wife away. Elk tells man and teaches
him how to transform himself into Elk. Gives him whistle to attract
female elk. Bear leaves den and man blows whistle. Wife and other
women rush out to him. Bear comes and attacks Elk, which puts its
head down and sticks horns into body. Man shoots and kills Bear.
Man takes his wife and Elk other women, who become Elk.

27. THE BOY AND THE ELK.


Young man goes to place where animal skull near lake to cry
because no girl will marry him. He hears flute and Elk comes. Elk
tells boy to take teeth from skull and gives him flute which will attract
girls to him. He goes home, tries flute, and girls come. After he is
married, women also come and men kill him. One of his relatives
takes teeth and flute. Boy is left unburied and several days
afterwards he goes to mother’s tipi. He sends mother to society of
Young-Dogs for tobacco. Men afraid of him. Boy goes away followed
by relatives. They go into river and all turn into animals. Young man
who had flute and elk teeth does not go and is the only one who
lives.

28. THE COYOTE, THE GIRL, AND THE MAGIC


WINDPIPE.
Beautiful girl lives alone in timber. Has plenty of buffalo meat and
some wonderful bundles. Coyote becomes her errand man. When
out of meat girl tells Coyote to cover his head up as her brothers are
coming. Girl waves buffalo windpipe over smoke and dust in it turns
to her seven brothers. They take bows and arrows and girl goes on
to lodge, yells and waves towards west and south. Buffalo come and
brothers kill them. They return to lodge and girl puts them again into
windpipe as dust. Coyote sees performance and decides to steal
windpipe. Coyote goes away with windpipe, and while he sleeps girl
has brothers bring him back again. This occurs three times. Fourth
time girl lets Coyote carry thing off. He goes up hill near village and
howls for people to come and kick with him. Several young men go
and Coyote turns windpipe upside down, but, instead of dust and
boys, swarm of bumblebees come out. Young men run into timber,
bees go into hollow tree, and Coyote goes away as coyote.

29. THE BUFFALO-WIFE AND THE JAVELIN


GAME.
Young man out hunting dreams of two buffalo bulls turning into
sticks and of buffalo cow turning into ring. In morning he sees cow
and lies with her. Finds ring in grass and wears it on his wrist. He
makes sticks and plays game with young men, winning many things.
Goes hunting and sees old woman, who induces him to carry her
across river on his back. He can not throw her off and he goes home
with her fast to his back. Medicine-men are sent for, but they can do
nothing. Poor boy puts on old robe and goes to young man’s lodge
with bow and four arrows of different colors. He shoots black arrow
and splits woman in two. With red arrow he takes her off boy. The
other arrows he places on boy’s back to remove sore place. Old
woman is then burned. Next day crying and voice are heard near
where woman burned. Young man finds ring has gone. White tipi
with woman and child inside appears where others were. Young man
goes to see it and woman with new buffalo robe passes by him,
having child. Young man makes bundle of eagle feathers and follows
them. They become buffalo. Calf communicates with father, and
woman finally becomes reconciled to him. They come to hill on
which Buffalo bull, boy’s grandfather, is waiting for them. Man puts
two eagle feathers on his horns. He sends them on to next hill and at
last they come to hill with four Buffalo bulls, chiefs of Buffalo camp.
Man puts feathers on their heads. They are sent into village and
Buffalo become mad because man has not feathers enough to go
around. Man made to sit on hill until they decide what to do with him.
He sticks flint knife into ground and asks gods to form stone around
where he sits. Buffalo devise various ways for killing him, but do not
succeed in doing so. They decide to send man with Buffalo cow and
calf to Indian village for presents. Buffalo bull turns man into Buffalo.
Buffalo follow them. Man finds village and tells errand. People bring
eagle feathers and native tobacco, which man takes to Buffalo.
Buffalo willing to be slaughtered and man tells chiefs. Four times
people go and kill Buffalo. Leader of Buffalo gives man sticks to play
with. Sticks and ring different kinds of people. Man lives long life.
Buffalo calf starts Buffalo ceremony among people.

30. THE ORIGIN OF THE WOLF DANCE.


Young man, son of chief, refuses to marry and seven girls plan to
put him into hole. They spread weeds over hole and young man falls
in. Girls promise to take him out if he does certain things, but finally
they leave him. He cries and gray Wolf hears. Wolf says he will help
him, and while he is gone Bear comes. Wolf returns and they quarrel
about boy, but finally agree that whoever digs through to boy first
shall claim him. Wolf gets to boy first, but Bear says he shall be his
son. Wolf takes boy among Wolves and he comes to act like wolf.
Afterward Buffalo hunters see him, but they cannot catch him. They
make trap and place buffalo meat inside inclosure. Wolves are run
into trap and four strong men with rawhide leggings are put in. Other
Wolves are let out, but Wolf man caught. They tie him, put him into
sweat-lodge, and make him vomit. Wolf man recovers and has tipi
made. Seven girls who had put boy into hole are invited. Man goes
and calls for Wolves and Bears. They come, and he places them
about tipi. He tells girls, who try to escape, but Wolves eat them.
Father tells people boy’s story and girls’ relatives do not offer to save
them. Young man finally becomes chief. He starts Wolf dance.

31. MEDICINE DANCE OF THE BEAVER, TURTLE,


AND WITCH-WOMAN.
Animals meet for sleight-of-hand performances. Only Beaver, soft-
shell Turtle, and Witch-Woman are to perform. Beaver gnaws nearly
through three of lodge posts and people ask him to stop, as they
think lodge will fall. Turtle sticks knife near left collar-bone and water
pours out all over lodge. People are afraid and Turtle takes all water
back again. Witch-Woman plays with gun, but calls for help and
gives birth to child, who is to be great medicine-man.

32. THE VILLAGE-BOY AND THE WOLF POWER.


Four girls are made fun of for dancing with their brother. “Village-
Boy” has never gone on war-path. Boy goes to graveyard to mourn.
Wolf comes and asks why he is crying. Wolf tells boy to join next
war-party and he will lead him to enemy’s camp. War-party starts

You might also like