الحكامة المالية بالجماعات الترابية

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 15

‫________________________مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ -‬عدد خاص بالجماعات الترابية ‪ /‬اكتوبر‪2020‬‬

‫الحكامة املالیة بالجماعات الترابية‬


‫و اقع و افاق‬
‫سعيد سعيد باعوين‬
‫طالب باحث بسلك الدكتوراه‬
‫جامعة محمد االول بوجدة‬
‫ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ‪ :‬ﻭﺍﻗﻊ ﻭﺁﻓﺎﻕ‬ ‫ﺑﺎﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ‬
‫القانون العام‬ ‫ﺍﻟﺤﻜﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔالتخصص‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬
‫ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﺭﺓ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﻟﻌﻨﺒﻲ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﺳﻌﻴﺪ‬
‫ﺳﻌﻴﺪعدة مر‬
‫احل إحدى الركائز املحورية التي راهنت عليها الدولة‬ ‫ﺑﺎﻋﻮﻳﻦ‪،‬‬
‫باملغرب عبر‬ ‫ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫املالیة العمومية‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ شكلت‬
‫ﺧﺎﺹ‬
‫األهداف االستراتيجية املسطرة على مستوى امليادين االقتصادية‬ ‫ﻋﺪﺩوبلوغ‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫التحديات واإلكراهات‬ ‫ملواجهة‬
‫ﻧﻌﻢ‪.524‬‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫واالجتماعية بل حتى السياسية‬
‫عن املالیة‪2020‬‬
‫العمومية‪ ،‬القانون املالي والقانون الضريبي ثم مالية املؤسسات العمومية‪،‬‬ ‫ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ إذ يتفرع‬
‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪:‬الدولة‪ ،‬وكدا مالية ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬إذ تعتبر هذه األخيرة إفرازا طبيعيا ملمارسة الديموقراطية‬ ‫ومالية‬
‫املحلیة‪.‬‬ ‫القضايا‬ ‫تدبير‬ ‫في‬ ‫متقدم‬ ‫‪585‬‬
‫أسلوب‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪ :‬الالمركزية‪- 297 ،‬‬
‫باعتبارها‬ ‫واملمارسة‬
‫‪1093513‬املكانة املتميزة باعتبارها األداة السياسية لتحقيق التنمية املحلیة‪،‬‬
‫‪:MD‬من خاللها الجماعات الترابية‬
‫ﺭﻗﻢتحتل‬
‫إذ‬
‫ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬
‫وإشباع رغباتهم‪ ،‬حيث جعلها املشرع من أشخاص القانون العام‬ ‫ﺑﺤﻮﺙ‬
‫شؤونهم‪،‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫ساكنتها‪ ،‬وتدبير‬ ‫ﻧﻮﻉ‬
‫وتنظيم أمور‬
‫‪Arabic‬‬ ‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬‬
‫‪525‬‬
‫املالي ‪.‬‬ ‫واالستقالل‬
‫‪EcoLink,‬‬ ‫بالشخصية املعنوية‪،‬‬
‫‪IslamicInfo‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ املتمتعين‬
‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫الالمركزي‬ ‫ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ‪ ،‬الخيار‬
‫ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ‬ ‫االستقالل على‬ ‫األولى بعد‬
‫ﺍﻟﺤﻜﻢ‬ ‫ﺍﻟﻌﺎﻡ‪،‬‬‫السنوات‬
‫منذ ﺍﻟﻤﺎﻝ‬ ‫ويعتبر املغرب من الدول التي‬
‫ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ راهنت‬
‫ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ‪،‬‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻤﻐﺮﺏفتح املجال لوحدات ترابية ال مركزية لالضطالع‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ‪،‬من خاللها‬
‫كنمط من أنماط التنظيم اإلداري‪ ،‬يهدف‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1093513‬‬
‫املركزية ‪.526‬‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬
‫بمسؤولية تدبير الشؤون املحلیة بكل تجلياتها السياسة واالقتصادية‪ ،‬إلى جانب السطلة‬
‫وعلى هذا األساس أفرد املشرع الدستوري للجماعات الترابية بابا كامال وهو الباب التاسع‪،‬‬
‫املعنون بـ" الجهات والجماعات الترابية األخرى‪ "527‬بعد ما كان يصطلح عليها "الجماعات املحلیة " إلى جانب‬

‫‪ 524‬جواد لعسري ‪ ،‬حكامة املالیة العامة باملغرب‪ ،‬مؤلف جماعي‪ ،‬مكتبة الرشاد‪ ،‬سطات‪ ،‬الطبعة األولى ‪2019‬ص‪33‬‬
‫‪ 525‬كریم الحرش‪ ،‬الدستور الجدید للمملكة املغربیة ـ شرح وتحلیل ـ مكتبة الرشاد سطات‪ ،‬الطبعة الثانیة ‪2016‬ص‪26‬‬
‫الشأن العام الترابي‪ ،‬بحث لنيل شھادة املاستر في القانون العام‪ ،‬كلیة الحقوق فاس‪،‬‬ ‫ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ في تدبير‬
‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬ ‫دور ﺟﻤﻴﻊ‬
‫الحكامة الجیدة‬ ‫رشید كركاب‪،‬‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬ ‫‪2024526‬‬‫©‬
‫ﻋﻠﻰ‪ .2‬ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ‬ ‫‪2017-2016‬ص‬
‫الجامعيةﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ‬
‫السنة ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‬
‫ﻫﺬﻩ‬
‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ‬
‫‪ 527‬دستور اململكة املغربیة‪ ،‬الصادر بتنفیذ الظھير الشریف رقم ‪1-11-91‬بتاریخ ‪29‬یولیوز‪ , 2011‬ج رع ‪5694‬مكرر بتاریخ‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫‪30‬یولیوز‪2011‬‬
‫‪285‬‬
‫________________________مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ -‬عدد خاص بالجماعات الترابية ‪ /‬اكتوبر‪2020‬‬

‫الحكامة املالیة بالجماعات الترابية‬


‫و اقع و افاق‬
‫سعيد سعيد باعوين‬
‫طالب باحث بسلك الدكتوراه‬
‫جامعة محمد االول بوجدة‬
‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ‬
‫التخصص القانون العام‬
‫ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬

‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬
‫ﺑﺎﻋﻮﻳﻦ‪ ،‬ﺳﻌﻴﺪ ﺳﻌﻴﺪ‪ .(2020) .‬ﺍﻟﺤﻜﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ‪ :‬ﻭﺍﻗﻊ‬
‫‪.297‬الدولة‬
‫ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ‬ ‫اهنت‪ -‬عليها‬
‫التي ر‬
‫‪585‬‬ ‫ﺧﺎﺹ‪،‬‬‫املحورية‬
‫ﻋﺪﺩ‬ ‫الركائز‬ ‫احل إحدى‬
‫ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‪،‬‬ ‫ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕعدة مر‬
‫ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ‬ ‫العمومية باملغرب عبر‬ ‫ﻭﺁﻓﺎﻕ‪ .‬املالیة‬
‫ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﺭﺓ‬ ‫شكلت‬
‫‪1093513/Record/com.mandumah.search//:http‬‬
‫مستوى امليادين االقتصادية‬ ‫التحديات واإلكراهات وبلوغ األهداف االستراتيجية املسطرة على‬ ‫ملواجهة ﻣﻦ‬
‫‪MLA‬‬ ‫ﺇﺳﻠﻮﺏ‬
‫ﺳﻌﻴﺪ‪" .‬ﺍﻟﺤﻜﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ‪ :‬ﻭﺍﻗﻊ ﻭﺁﻓﺎﻕ‪".‬ﻣﺠﻠﺔ‬ ‫السياسية ‪.524‬‬
‫ﺳﻌﻴﺪ‬ ‫ﺑﺎﻋﻮﻳﻦ‪،‬حتى‬
‫واالجتماعية بل‬
‫ﻣﻦ‬ ‫ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ‬
‫العمومية‪،‬‬ ‫مالية‪.297 -‬‬
‫املؤسسات‬ ‫)‪:(2020‬ثم‪585‬‬
‫ﺧﺎﺹ الضريبي‬
‫ﻋﺪﺩوالقانون‬
‫ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔاملالي‬
‫ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ القانون‬
‫ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ العمومية‪،‬‬ ‫ﺍﻟﻤﻨﺎﺭﺓ‬
‫يتفرع عن املالیة‬ ‫إذ‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1093513‬‬
‫ومالية الدولة‪ ،‬وكدا مالية الجماعات الترابية‪ ،‬إذ تعتبر هذه األخيرة إفرازا طبيعيا ملمارسة الديموقراطية‬
‫املحلیة‪.‬‬ ‫القضايا‬ ‫تدبير‬ ‫في‬ ‫متقدم‬ ‫أسلوب‬ ‫باعتبارها‬ ‫الالمركزية‪،‬‬ ‫واملمارسة‬
‫إذ تحتل من خاللها الجماعات الترابية املكانة املتميزة باعتبارها األداة السياسية لتحقيق التنمية املحلیة‪،‬‬
‫وتنظيم أمور ساكنتها‪ ،‬وتدبير شؤونهم‪ ،‬وإشباع رغباتهم‪ ،‬حيث جعلها املشرع من أشخاص القانون العام‬

‫املتمتعين بالشخصية املعنوية‪ ،‬واالستقالل املالي‪.525‬‬


‫ويعتبر املغرب من الدول التي راهنت منذ السنوات األولى بعد االستقالل على الخيار الالمركزي‬
‫كنمط من أنماط التنظيم اإلداري‪ ،‬يهدف من خاللها فتح املجال لوحدات ترابية ال مركزية لالضطالع‬
‫بمسؤولية تدبير الشؤون املحلیة بكل تجلياتها السياسة واالقتصادية‪ ،‬إلى جانب السطلة املركزية ‪.526‬‬
‫وعلى هذا األساس أفرد املشرع الدستوري للجماعات الترابية بابا كامال وهو الباب التاسع‪،‬‬
‫املعنون بـ" الجهات والجماعات الترابية األخرى‪ "527‬بعد ما كان يصطلح عليها "الجماعات املحلیة " إلى جانب‬

‫‪ 524‬جواد لعسري ‪ ،‬حكامة املالیة العامة باملغرب‪ ،‬مؤلف جماعي‪ ،‬مكتبة الرشاد‪ ،‬سطات‪ ،‬الطبعة األولى ‪2019‬ص‪33‬‬
‫‪ 525‬كریم الحرش‪ ،‬الدستور الجدید للمملكة املغربیة ـ شرح وتحلیل ـ مكتبة الرشاد سطات‪ ،‬الطبعة الثانیة ‪2016‬ص‪26‬‬
‫الشأن العام الترابي‪ ،‬بحث لنيل شھادة املاستر في القانون العام‪ ،‬كلیة الحقوق فاس‪،‬‬ ‫ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ في تدبير‬
‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬ ‫دور ﺟﻤﻴﻊ‬
‫الحكامة الجیدة‬ ‫رشید كركاب‪،‬‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬ ‫‪2024526‬‬‫©‬
‫ﻋﻠﻰ‪ .2‬ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ‬ ‫‪2017-2016‬ص‬
‫الجامعيةﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ‬
‫السنة ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‬
‫ﻫﺬﻩ‬
‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ‬
‫‪ 527‬دستور اململكة املغربیة‪ ،‬الصادر بتنفیذ الظھير الشریف رقم ‪1-11-91‬بتاریخ ‪29‬یولیوز‪ , 2011‬ج رع ‪5694‬مكرر بتاریخ‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫‪30‬یولیوز‪2011‬‬
‫‪285‬‬
‫________________________مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ -‬عدد خاص بالجماعات الترابية ‪ /‬اكتوبر‪2020‬‬

‫الحكامة املالیة بالجماعات الترابية‬


‫و اقع و افاق‬
‫سعيد سعيد باعوين‬
‫طالب باحث بسلك الدكتوراه‬
‫جامعة محمد االول بوجدة‬
‫التخصص القانون العام‬

‫شكلت املالیة العمومية باملغرب عبر عدة مراحل إحدى الركائز املحورية التي راهنت عليها الدولة‬
‫ملواجهة التحديات واإلكراهات وبلوغ األهداف االستراتيجية املسطرة على مستوى امليادين االقتصادية‬
‫واالجتماعية بل حتى السياسية ‪.524‬‬
‫إذ يتفرع عن املالیة العمومية‪ ،‬القانون املالي والقانون الضريبي ثم مالية املؤسسات العمومية‪،‬‬
‫ومالية الدولة‪ ،‬وكدا مالية الجماعات الترابية‪ ،‬إذ تعتبر هذه األخيرة إفرازا طبيعيا ملمارسة الديموقراطية‬
‫املحلیة‪.‬‬ ‫القضايا‬ ‫تدبير‬ ‫في‬ ‫متقدم‬ ‫أسلوب‬ ‫باعتبارها‬ ‫الالمركزية‪،‬‬ ‫واملمارسة‬
‫إذ تحتل من خاللها الجماعات الترابية املكانة املتميزة باعتبارها األداة السياسية لتحقيق التنمية املحلیة‪،‬‬
‫وتنظيم أمور ساكنتها‪ ،‬وتدبير شؤونهم‪ ،‬وإشباع رغباتهم‪ ،‬حيث جعلها املشرع من أشخاص القانون العام‬

‫املتمتعين بالشخصية املعنوية‪ ،‬واالستقالل املالي‪.525‬‬


‫ويعتبر املغرب من الدول التي راهنت منذ السنوات األولى بعد االستقالل على الخيار الالمركزي‬
‫كنمط من أنماط التنظيم اإلداري‪ ،‬يهدف من خاللها فتح املجال لوحدات ترابية ال مركزية لالضطالع‬
‫بمسؤولية تدبير الشؤون املحلیة بكل تجلياتها السياسة واالقتصادية‪ ،‬إلى جانب السطلة املركزية ‪.526‬‬
‫وعلى هذا األساس أفرد املشرع الدستوري للجماعات الترابية بابا كامال وهو الباب التاسع‪،‬‬
‫املعنون بـ" الجهات والجماعات الترابية األخرى‪ "527‬بعد ما كان يصطلح عليها "الجماعات املحلیة " إلى جانب‬

‫‪ 524‬جواد لعسري ‪ ،‬حكامة املالیة العامة باملغرب‪ ،‬مؤلف جماعي‪ ،‬مكتبة الرشاد‪ ،‬سطات‪ ،‬الطبعة األولى ‪2019‬ص‪33‬‬
‫‪ 525‬كریم الحرش‪ ،‬الدستور الجدید للمملكة املغربیة ـ شرح وتحلیل ـ مكتبة الرشاد سطات‪ ،‬الطبعة الثانیة ‪2016‬ص‪26‬‬
‫‪ 526‬رشید كركاب‪ ،‬دور الحكامة الجیدة في تدبير الشأن العام الترابي‪ ،‬بحث لنيل شھادة املاستر في القانون العام‪ ،‬كلیة الحقوق فاس‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪2017-2016‬ص‪.2‬‬
‫‪ 527‬دستور اململكة املغربیة‪ ،‬الصادر بتنفیذ الظھير الشریف رقم ‪1-11-91‬بتاریخ ‪29‬یولیوز‪ , 2011‬ج رع ‪5694‬مكرر بتاریخ‬
‫‪30‬یولیوز‪2011‬‬
‫‪285‬‬
‫________________________مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ -‬عدد خاص بالجماعات الترابية ‪ /‬اكتوبر‪2020‬‬

‫القوانين التنظيمية للجماعات الترابية التي تنظم عمل هذه الجهات والعماالت من واألقاليم والجماعات‪،‬‬
‫إلى جانب كذلك تخصيص املشرع املغربي الباب ‪12‬من الدستور تحت تسمية "الحكامة الجيدة‪".‬‬
‫وانطالقا مما سبق تبرز االشكالية في مدى واقع تجسيد املشرع املغرب للحكامة على مستوى‬
‫مالية الجماعات الترابية ؟‬

‫وملعالجة هذه االشكالية سنعتمد التقسيم التالي‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬واقع الحكامة املالیة بالجماعات الترابية‬

‫املطلب الثاني‪ :‬أفاق الحكامة املالیة للجماعات الترابية‬

‫‪286‬‬
‫________________________مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ -‬عدد خاص بالجماعات الترابية ‪ /‬اكتوبر‪2020‬‬

‫املطلب األول‪ :‬و اقع الحكامة املالیة بالجماعات الترابية‬


‫إن التدبير املالي للجماعات الترابية و عقلنة املوارد‪ ،‬عرف ضعفا و اختالالت‬
‫ناتجة عن محدودية موارد الجماعات الترابية‪ ،‬نظرا لالرتباط الوثيق بالدولة‪ ،‬وإشكالية الباقي استخالصه‪،‬‬
‫و ثقل الوصاية‪ ،‬و ضعف الرقابة‪ ،‬كما أن تدبير نفقات الجماعات الترابية تعترضها عدة صعوبات‪ ،‬يمكن‬
‫ذكر ضعف التدبير املالي للجماعات الترابية (الفرع األول(‪،‬وواقع االستقالل املالي للجماعات الترابية (الفرع‬
‫الثاني‪(.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬و اقع التدبيراملالي للجماعات الترابية‬
‫تستند الجماعات الترابية‪ ،‬في تدبير شؤونها على مقومات و عناصر بشرية وقانونية‬
‫ومالية‪ ،‬تشكل اإلطار العام لتدخل هذه الهيئات في امليادين االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬فالجانب املالي‬
‫يشكل حجر الزاوية‪ ،‬في كل تنظيم ترابي‪ ،‬فمهما تعددت االختصاصات التي تعطى لجماعة ترابية معینة‪،‬‬
‫ومهما كانت صالحيتها في مجاالت تدخلها‪ ،‬فهي تحتاج للوسائل املالیة الالزمة لبلورة إرادتها و قرارتها‪ ،‬في‬
‫شكل مشاريع و برامج وخدمات‪.‬‬
‫ضعف املوارد الذاتية للجماعات الترابية‬
‫تحصل الجماعات الترابية على مواردها املالیة‪ ،‬من مصادر متعددة‪ ،‬منھا ماهو خارجي‬
‫كالقروض‪ ،‬والھبات واإلعانات‪ ،‬ومنھا ماھو ذاتي‪ ،‬كالرسوم و الضرائب الترابية‪،‬‬
‫و موارد املمتلكات‪ ،‬إلى جانب املوارد املرتبطة بالتدخالت االقتصادية للجماعات الترابية‬
‫إن وجدت‪ ،‬عن طريق املساهمة في شركات التنمية املحلیة‪ ،‬من أجل تمويل التنمية الترابية‬

‫تعتبر مسألة التدبير املالي الترابي حجر أساس ي لبلوغ الحكامة املالیة‪ ،‬إال أن املوارد‬
‫الذاتية للجماعات الترابية تبقى ضعيفة ‪،528‬ودون مستوى تحقيق شروط التنمية الترابية‪،‬‬
‫وتشكل إحدى مظاهر أزمتھا املالیة على مستوى املوارد الذاتية‪ ،‬فإن هذه الجماعات تلجأ‬
‫بشكل كبير لوسائل تمويلية استثنائية‪ ،‬من أجل النهوض بوضعيتها املالیة‪ ،‬وتتمثل املوارد‬
‫االستثنائية أو الخارجية في موارد القروض و اإلمدادات‪ ،‬وهي موارد ال يتعارض إقرارها‬

‫‪ 528‬مونعيم لحريري‪ ،‬التدبير املالي املحلي ورهان التنمية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون العام‪ ،‬تخصص‪ :‬تدبير الشأن العام‬
‫املحلي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ -‬السويس ي‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2008-2007 ،‬ص‪.13‬‬
‫‪287‬‬
‫________________________مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ -‬عدد خاص بالجماعات الترابية ‪ /‬اكتوبر‪2020‬‬

‫من حيث املبدأ مع ضرورة دعم املوارد الذاتية‪ ،‬غير أن اللجوء إليها عادة ما تعتريه عراقيل وصعوبات‪،‬‬
‫فضال إلى كونها وسيلة تفتح املجال للسلطة املركزية للتدخل في النشاط الترابي‪،529‬وهو ما يشكل ضربا‬

‫‪.530‬‬ ‫الترابية‬ ‫للجماعات‬ ‫املالي‬ ‫االستقالل‬ ‫ملبدأ‬


‫‪531‬‬
‫القروض التي تلجأ إليها الجماعات الترابية‪ ،‬هي إحدى املوارد االستثنائية لتمويل مشاريعها التنموية ‪،‬‬
‫وهي بذلك مصدر من مصادر التمويل‪ ،‬يتميز عن باقي املوارد املالیة للجماعات الترابية‪ ،‬سواء الذاتية أو‬
‫املحولة من قبل الدولة‪ ،‬بكونه موردا مؤقتا يخصص لنفقة استثمارية معینة في إطار امليزانية‪ ،‬وال يدرج في‬
‫الجزء املخصص للتسيير‪ ،‬وال يسدد دينا سابقا‪ ،‬عكس املوارد األخرى‪ ،‬والتدابير املتعلقة بها ال تخص‬
‫املنتخبين وحدهم‪ ،‬بل الولوج ا لفعلي لهذا املورد‪ ،‬يتطلب اتفاقا تعاقديا يبرم مع مانح القرض‪ ،‬واملتمثل في‬
‫صندوق تجهيز الجماعات الترابية الذي يبقى في مع مانح القرض‪ ،‬واملتمثل في صندوق تجهيز الجماعات‬
‫الترابية ظل غياب أجهزة ومؤسسات مالية تختص بميدان االقتراض الجماعي هو املؤسسة الوحيدة التي‬
‫تتولى تقديم القروض للجماعات الترابية وهيئاتها‪ ،‬قصد دعم نشاطها في مجال تمويل مشاريع التجهيز‬
‫‪532‬‬
‫األساسية‬
‫الترابية‬ ‫الوحدات‬ ‫بين‬ ‫الجبائية‬ ‫املوارد‬ ‫توزيع‬ ‫سوء‬
‫من املظاهر السلبية التي كرسها اإلصالح الجبائي املحلي‪ ،‬التفاوت الجبائي بين الجماعات الترابية‪ .‬فإذا‬
‫كان الهدف من وراء هذا اإلصالح الرفع من مردودية املوارد الجبائية للجماعات الترابية‪ ،‬فإن األمر يختلف‬
‫بالنسبة للجماعات القروية‪ ،‬من خالل الالتوازن على مستوى توزيع الرسوم الترابية بينها وبين الجماعات‬
‫الحضرية‪ ،‬حيث تعاني من العجز التمويلي الذاتي‪ ،‬خاصة أمام اإلكراهات التنموية التي تعرفها هذه‬
‫الجماعات ‪.‬ولم تكن العماالت و األقاليم أحسن حاال من الجماعات القروية‪ ،‬على ضوء اإلصالح الجبائي‬
‫املحلي‪ ،‬حيث إن ماليتها ال تتعدى بعض الرسوم القليلة و ذات املردودية الضعيفة‪ ،‬وهي نفس الرسوم التي‬
‫السابق‪.‬‬ ‫القانون‬ ‫ظل‬ ‫في‬ ‫بها‬ ‫معموال‬ ‫كان‬
‫تعاني الجهات بدورها من نفس الضعف على مستوى جبايتها‪ ،‬فمن أصل ستة رسوم‪،‬كانت تحظى‬

‫‪ 529‬فاطمة مزروع السعيدي‪ ،‬اإلدارة املحلية الالمركزية باملغرب‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪2003، ،‬ص‪.53.‬‬
‫‪530 Driss Basri , « la décentralisation au Maroc : de la commune à la région », édition Nathan, France, 1994,‬‬
‫‪p.184.‬‬
‫‪ 531‬سعيد بوفريوي‪ "،‬التنظيم املالي للجهة"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‪ ،‬وحدة التكوين والبحث‪-‬املالیة العامة‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪،2002-2001.،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ 532‬محمد فاضل الرزمة‪ ،‬التمويل الجماعي ببن محدودية املوارد ورهانات التنمية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام‬
‫املعمق‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سطات‪ ،‬السنة الجامعيةة ‪2009-2008،‬ص‪. .53‬‬
‫‪288‬‬
‫________________________مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ -‬عدد خاص بالجماعات الترابية ‪ /‬اكتوبر‪2020‬‬

‫بمستحقاتها خالل القانون السابق‪ ،‬منحها املشرع بمقتض ى القانون رقم ‪ 47.06‬ثالثة رسوم فقط‪ ،‬كما أن‬
‫مردودية هذه الرسوم املمنوحة للجهات‪ ،‬باستثناء الرسم املفروض على الخدمات املقدمة باملوانئ تتميز‬
‫بضعف أوعيتها ومردودها‪ .533‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن هناك من الرسوم بحكم طبيعة أوعيتها‪ ،‬ال يمكن‬
‫فرضها بجميع جهات اململكة‪ ،‬كما أن بعض الضرائب املمنوحة للجهات‪ ،‬كالضريبة على الشركات و‬
‫الضريبة على الدخل‪ ،‬ترتبط بالحصة التي تمنحها الدولة‪ ،‬و بالتالي تكون تابعة مليزانية الدولة ارتفاعا‬
‫وانخفاضا مما يؤثر على ميزانية برامجها االقتصادية خاصة املتوسطة و الطويلة األمد‪.‬‬

‫اإلصالح الجبائي املحلي لم يأخذ بعين االعتبار معطيات الظرفية الراهنة‪ ،‬وما يصاحبها من نقاش‬
‫حول مقترح الحكم الذاتي والجهوية املتقدمة‪ ،‬وكذا الحديث عن فضاء التنمية املجالية في إطار‬
‫ترابي واسع هو الجهة‪ ،‬حيث كان يفترض بها النهوض بالجهة من خالل دعمها باملوارد الجبائية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬واقع االستقالل املالي للجماعات الترابية‬
‫أمام عدم قدرة الالمركزية من مواجهة تكاليف تدخالتها وممارستها اختصاصاتها‪ ،‬فإن التمويل املركزي‬
‫يتم وفق تخصيص نسب معینة من موارد امليزانية العامة لتغطية العجز املالي في امليزانيات الترابية‪ ،‬أو‬
‫إلعانتها على مواجهة أعبائها املتزايدة باملوازنة مع تطور اختصاصاتها واتساع مجاالت تدخالتها التنموية‪،‬‬
‫وهذا التمويل املركزي يسعى في واقع األمر إلى إيجاد نوع من التعادل أو املوازنة النسبية أو التناسبية بين‬
‫والواقع أن استقالل الجماعة بميزانية عن ميزانية الدولة هو‬ ‫‪534‬‬ ‫تدبير الشؤون ومتطلبات تحقيق التنمية‬
‫استقالل شكلي‪ ،‬ألن عالقة الترابط قائمة بامليزانية بينهما‪ ،‬وكثيرا ما تتغذى الجماعات من ميزانية الدولة‪،‬‬
‫‪. 535‬‬ ‫ومن ثم فإن الطريقة التي تمد بها املوارد هي التي قد تضر باستقالل الجماعة‬
‫إن عدم قدرة الجماعات الترابية على تمويل تكاليفها‪ ،‬يؤدي بالضرورة إلى إضعاف قدرتها‬
‫التدبيرية‪ ،‬و إذا كان االعتماد على التمويل املركزي ملوازنة التكاليف مع املوارد فإن هذه التبعية عادة ما‬
‫يصاحبها نوع من التدخل أو التوجيه‪ ،‬املؤثر في ا لنشاط املالي للجماعات الترابية‪ ،‬وبرمجة مضامين‬
‫امليزانية‪.‬‬

‫‪ 533‬سعيد امليري‪ ،‬التدبير االقتصادي للجماعات املحلية باملغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬وحدة القانون العام الداخلي‪،‬‬
‫تخصص تسيير السلطات العمومية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ -‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪2007-2006،‬ص‪511 .‬‬
‫‪ 534‬كوثر بكور‪ ،‬مبدأ التدبير الحرو رهان االستقالل املالي الترابي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق فاس‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ 2018-2017‬ص‪.32‬‬
‫‪ 535‬محمد العزوزي‪ ،‬حكامة التدبير املالي للجماعات الترابية ـ الجماعة الحضرية لفاس نموذجا‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاستر‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق فاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪2015-2014،‬ص‪..4‬‬
‫‪289‬‬
‫________________________مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ -‬عدد خاص بالجماعات الترابية ‪ /‬اكتوبر‪2020‬‬

‫على هذا األساس یعتبر الحفاظ على استقاللية القرار املالي للجماعات الترابية‪ ،‬أهم الرهانات‬
‫التي تقوم عليها األسس املالیة للتنمية الترابية‪ ،‬فاستقاللية التدبير التنموي تفيد حرية اتخاذ القرار‬
‫وتنفيذه‪ ،‬بشكل يجعل من تدخل السلطة املركزية يقتصر على رقابة صحة وسالمة العمليات املالیة‪ ،‬وأال‬
‫استثنائي‬ ‫بشكل‬ ‫إال‬ ‫املشاريع‬ ‫مالءمة‬ ‫ملراقبة‬ ‫يتعداها‬
‫إن استقاللية القرار املالي‪ ،‬تعتبر من أهم الضمانات للتدبير التنموي‪ ،‬الش يء الذي يتطلباعتماد‬
‫منظومة متوازنة للتمويل‪ ،‬تقوم على تطوير الجباية املحلیة‪ ،‬ومأسسة التمويل املركزي بشكل يضمن‬
‫استقاللية القرار الترابي‪ ،‬و حرية الجماعات الترابية و استقالليتها على مستوى إعداد امليزانية‪ ،‬وبرمجة‬
‫املشاريع التنموية وتنفيذها‪ ،‬كما يتطلب تحديد مجال تدخل السلطات املركزية‪ ،‬في الرقابة‬
‫النظامية وعدم ربط اآللية الرقابية بالتمويل‪.536‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬أفاق الحكامة املالیة للجماعات الترابية‬


‫شهدت مالية الجماعات الترابية مجموعة من االصالحات واملستجدات ملواكبة التحدياتالتي تواجهها‬
‫الوحدات الترابية في أفق إرساء متطلبات الحكامة املالیة الترابية لذلك يمكن الحديث في هذا االطار عن‬
‫دور الجهوية املتقدمة في إصالح مالية الجماعات الترابية(الفرع االول) وكذلك عن حكامة مالية الجماعات‬
‫الترابية عن طريق تجاوز االختالالت القانونية (الفرع الثاني(‬
‫الفرع األول‪ :‬دورالجهوية املتقدمة في إصالح مالية الجماعات الترابية‬
‫إن دور الجهوية في تعزيز الالمركزية وإتمام البناء املؤسساتي يظهر بشكل واضح من خالل هياكلها‬
‫ووظائفها وسبل العمل في التسيير اليومي للشؤن الجهوية‪ ،‬وهو ما يمكن‬
‫توضيحه من خالل الحديث عن تمويل الجهوية املوسعة في دستور‪ ) 2011‬أوال) وكذلك أليات تنمية‬
‫املوارد املالیة للجماعات الترابية في إطارالجهوية املتقدمة (ثانیا(‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تمويل الجهوية املوسعة من خالل دستور‪2011‬‬

‫لقد حرص دستور ‪ 2011 ،‬من خالل الباب التاسع‪ ،‬على دسترة العديد من مقتضيات التنظيم‬
‫الالمركزي‪ ،‬خاصة الشق املرتبط بالتمويل‪ .‬حيث نص في الفصل ‪141 ،‬على أن الجهات والجماعات‬
‫الترابية األخرى‪ ،‬تتوفر على موارد مالية ذاتية‪ ،‬وموارد مالية مرصودة من قبل الدولة‪ ،‬كما أن كل‬
‫اختصاص تنقلها الدولة إلى الجهات والجماعات الترابية األخرى یكون مقترنا بتحويل املوارد املطابقة لها‪.‬‬

‫‪ 536‬سناء حمر الراس‪ ،‬التدبير املالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة‬
‫محمد الخامس‪ ،‬كلية الحقوق الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪2017-2016‬ص‪.250‬‬
‫‪290‬‬
‫________________________مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ -‬عدد خاص بالجماعات الترابية ‪ /‬اكتوبر‪2020‬‬

‫ونظرا لالختالالت التي طبعت مسار الجهوية ببالدنا‪ ،‬واملتمثلة أساسا في بروز التفاوتات في‬
‫جديدة‪.‬‬ ‫تمويل‬ ‫مصادر‬ ‫عن‬ ‫البحث‬ ‫من‬ ‫بد‬ ‫ال‬ ‫كان‬ ‫واملوارد‪،‬‬ ‫املؤهالت‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬نص الفصل ‪142‬من دستور ‪2011،‬على أنه سيحدث لفترة معینة‪ ،‬لفائدة الجهات‪،‬‬
‫صندوق للتأهيل االجتماعي‪ ،‬يهدف إلى سد العجز في مجاالت التنمية البشرية‪ ،‬والبنيات التحتية األساسية‬
‫والتجهيزات‪ ،‬كما سيتم أيضا إحداث صندوق للتضامن بين الجهات‪ ،‬يهدف إلى التوزيع املتكافئ للموارد‪.‬‬
‫وتعزيزا ملنطق التضامن‪ ،‬الذي يعد أحد مرتكزات مشروع الجهوية املتقدمة‪ ،‬نص الفصل‬
‫‪144‬على إمكانية تأسيس الجماعات الترابية‪ ،‬ملجموعات فيما بينها‪ ،‬من أجل التعاضد‪ ،‬في البرامج‬
‫والوسائل‪ ،‬وهي الية ذات فائدة مهمة‪ ،‬من أجل تمويل املشاريع ذات األهداف املشتركة‪.‬‬
‫وبذلك ستصبح النصوص املتعلقة بخيار الالمركزية مؤطرة بقوانين تنظيمية‪ ،‬حسب الفصل ‪142‬من‬
‫دستور ‪2011‬كما أشار الفصل ‪138‬من الدستور‪ ،‬بأن يقوم رؤساء مجالس الجهات‪ ،‬ورؤساء مجالس‬
‫الجماعات الترابية األخرى‪ ،‬بتنفيذ مداوالت هذه املجالس ومقرراتها‪ ،‬في حين حصر الفصل ‪145 ،‬من‬
‫الدستور في الفقرة الثانية والثالثة‪ ،‬دور الوالة و العمال في املراقبة اإلدارية ومساعدة رؤساء الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬خاصة رؤساء املجالس الجهوية‪ ،‬على تنفيذ املخططات والبرامج التنموية ‪.‬وفي إطار دستور‬
‫‪2011،‬نجد التنصيص على مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية‪ ،‬والذي تمت اإلشارة إليها‪ ،‬في مجموعة‬
‫من فصول الدستور‪ ،‬بعضها يؤسس للمبدأ بشكل مباشر‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للفصل ‪ ، 136‬الذي‬
‫ينص على ما يلي ‪ :‬يرتكز التنظيم الجهوي والترابي‪ ،‬على مبادئ التدبير الحر وعلى التعاون والتضامن"‪،....‬‬
‫حيث يجعل هذا الفصل‪ ،‬مبدأ التدبير الحر أحد املرتكزات الجوهرية التي يقوم عليها التنظيم الترابي‪.‬‬

‫كما أن الفصل ‪146 ،‬ينص على مبدأ التدبير الحر‪ ،‬بشكل صريح‪ ،‬في الفقرة األخيرة منها‪ ،‬حيث‬
‫يحيل على قانون تنظيمي للتحديد مبادئ وقواعد وشروط تنظيم وتدبير الجماعات الترابية‪ ،‬بما في ذلك‬
‫قواعد الحكامة املتعلقة بحسن تطبيق مبدأ التدبير الحر ‪.‬إضافة على ذلك‪ ،‬فإن فصوال أخرى من‬
‫الدستور‪ ،‬ال تشير إلى املبدأ مباشرة‪ ،‬لكنها تهم ب عض تطبيقاتها أو احدى مقوماتها األساسية ‪ ،537‬وهكذا‬
‫فإن الفصل ‪ 141‬يتضمن مقتضيات ترتبط بإحدى تطبيقات مبدأ التدبير الحر‪ ،‬ويتعلق األمر باالستقالل‬
‫املالي للجماعات الترابية‪ ،‬حيث ينص الفصل املذكور على أنها ‪ ":‬تتوفر الجهات والجماعات الترابية األخرى‬

‫‪537‬‬
‫‪Mohammed Boujida, quelues éléments d’analyse du principe constitutionnel de libre administration des‬‬
‫‪collectivités territoriales marocaines , Actes des Xémes journées Maghrébines de droit ( 17- 18 avril 2015), organisées par‬‬
‫‪le réseau des juristes maghrébins ( REJMA), p.167.‬‬
‫‪291‬‬
‫________________________مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ -‬عدد خاص بالجماعات الترابية ‪ /‬اكتوبر‪2020‬‬

‫على موارد مالية ذاتية‪ ،‬وموارد مالية مرصودة من قبل الدولة‪ ،‬كل اختصاص تنقلها الدولة إلى الجهات‬
‫والجماعات الترابية األخرى یكون مقترنا بتخويل املوارد املطابقة لها"‪.‬‬
‫كما أن الفصل ‪ 135‬يهم في جزء من أحكامها‪ ،‬قواعد تكوين وتسيير الجماعات الترابية‪ ،‬التي‬
‫يحكمها االنتخاب والتسيير الديمقراطي‪ ،‬حيث نصت الفقرتان الثانية والثالثة منها‪ ،‬على ما يلي‪" :‬‬
‫الجماعات الترابية أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام تسيير شؤونها بكيفية ديمقراطية ‪".‬وينص‬
‫الفصل ‪140 ،‬على اختصاصات الجماعات الترابية وصالحياتها‪ ،‬وهو ما يشكل تجسيدا ملبدأ التدبير الحر‪،‬‬
‫حيث تنص الفقرة األولى‪ ،‬على أن الجماعات الترابية‪ ،‬تتوفر على اختصاصات ذاتية‪ ،‬واختصاصات‬
‫مشتركة مع الدولة‪ ،‬واختصاصات منقولة إليها‪ .‬في حين تنص الفقرة الثانية‪ ،‬بتوفر الجماعات الترابية على‬
‫سلطة تنظيمية ملمارسة صالحياتها‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬آليات تنمية املوارد املالیة للجماعات الترابية في إطار الجهوية املتقدمة‬
‫يتميز تدبير الشأن العام الترابي‪ ،‬بمستجدات غاية في األهمية‪ ،‬على رأسها القوانين املنظمة‬
‫للجماعات الترابية‪ .‬فعلى غرار التغييرات التي أدخلها املشرع‪ ،‬على مختلف النصوص القانونية تعززت هذه‬
‫الترسانة‪ ،‬بالقوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪.‬‬
‫واعتمادا على مبدأ التشاركية‪ ،‬فقد انطلقت مشاورات‪ ،‬حول الترسانة التشريعية املنظمة لهذا الورش‪ .‬في‬
‫هذا اإلطار طرحت الوزرة الوصية قانون التنظيمي رقم ‪111.14‬املتعلق بالجهة‪ .‬والقانون التنظيمي رقم‬
‫‪112.14‬املتعلق بالعمالت واألقاليم والقانون التنظيمي رقم‬

‫املتعلق الجماعات والذي عرفا تنوع في مصادر التمويل‪ ،‬كصندوق التأهيل االجتماعي وصندوق‬
‫التضامن بين الجهات‪ ،‬ووكالة تنفيذ املشاريع‪ ،‬تحت مراقبة املجلس الجهوي‪ ،‬ومجموعة الجهات‪ ،‬وغيرها‬
‫من اإلجراءات‪ ،‬التي تحاول إخراج مالية الجهة من األزمة التمويلية التي تعاني منھا على سبيل املثال ال‬
‫الحصر‪:‬‬
‫‪:1‬صندوق التأهيل االجتماعي للجماعات الترابية‬
‫يهدف هذا الصندوق‪ ،‬الذي تندرج فيها البرامج املعتمدة من قبل القطاعات الوزارية‪ ،‬إلى‬
‫اإلسراع بتجاوز مظاهر العجز الكبرى‪ ،‬في الجوانب املرتبطة مباشرة بالتنمية البشرية‪ ،‬والتي تتقاطع‬
‫مباشرة بشكل واسع مع مجاالت اختصاص الجهات‪.‬‬
‫‪:2‬تبويب ميزانيات الدولة بحسب الجماعات الترابية‬
‫تم تبويب قانون املالیة‪ ،‬والبرامج املتعددة السنوات ملختلف الوزارات بحسب الجهات‪،‬إلبراز‬

‫‪292‬‬
‫________________________مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ -‬عدد خاص بالجماعات الترابية ‪ /‬اكتوبر‪2020‬‬

‫ما يرصد لكل جهة‪ ،‬من االعتمادات العمومية جملة وتفصيال‪ ،‬سوآءا في شكل حصص من العائدات‬
‫الجبائية للجماعات الترابية‪ ،‬أو في شكل منح أو في شكل تحمالت‬
‫تتكفل بها إدارة الدولة في مجالي االستثمار واملرافق العمومية‪ .‬ويتم تبويب ميزانيات‪ ،‬املؤسسات العمومية‬
‫الوطنية والجهوية‪ ،‬على نفس الشاكلة‪ ،‬وتحاط املجالس الجهوية علما بها‪.‬‬
‫‪:3‬إحداث صندوق عمومي للتضامن بين الجماعات الترابية‬
‫يستوجب مشروع الجهوية املتقدمة‪ ،‬ترسيخ مبدأ التضامن بين الجهات‪ ،‬للحد من التفاوتات‬
‫الناجمة عن تركيز الثروات‪ ،‬وعن النمو غير املتكافئ‪ ،‬ملجاالتها الترابية‪ ،‬وعن الفوارق الجغرافية‬
‫والديمغرافية بينها ‪.‬ولهذه الغاية‪ ،‬يحتفظ بالنظام الحالي لنقل موارد الدولة‪ ،‬للجماعات الجهوية والترابية‪،‬‬
‫مع تعزيز نظام التوزيع العادل بينها‪ .‬ألجل ذلك‪ ،‬يحدث‬
‫صندوق للتضامن بين الجهات‪ ،‬تضخ فيها ‪10 %‬من املوارد الجديدة املرصودة من طرف الدولة‪ ،‬وتوزع‬
‫مداخيل هذا الصندوق‪ ،‬بالنظر إلى حاجيات الجهات املحدودة اإلمكانات‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حكامة مالية الجماعات الترابية عن طريق تجاوزاالختالالت القانونية‬
‫تعتبر مختلف النصوص املنظمة ملالية الجماعات الترابية‪ ،‬القاعدة والركيزة التي يستند عليها‬
‫التدبير‪ ،‬إال أن هذه النصوص والقواعد تتصف بالتشتت وعدم االنسجام‪ ،‬نظرا لتعدد النصوص‬
‫القانونية من جهة ومن كثرة النصوص التنظيمية من جهة ثانية ‪.‬هذا الوضع يشكل مصدر شتات‬
‫‪538‬‬
‫للممارسين في مجال التدبير املالي الترابي‪ ،‬وصعوبة الفھم بالنسبة لألكاديميين‬

‫أوال‪ :‬العمل بمدونة الالمركزية‬


‫إن مختلف اإلصالحات‪ ،‬التي مست الجانب املالي للجماعات الترابية‪ ،‬عرفت عدة نواقص واختالالت‬
‫على رأسها‪ ،‬عدم شمولها‪ ،‬سواء من زاوية املحاسبة الترابية أو من جهة الصفقات املحلیة والرقابة املالیة‪،‬‬
‫وثقل الوصاية وتعدد النصوص التنظيمية ‪.‬اختالالت تؤدي إلى تشتت النصوص القانونية‪ ،‬مما يعيق‬
‫التكامل واالنسجام على مستوى النصوص القانونية‪ ،‬لذلك فإصدار مدونة الالمركزية والتعجيل بها‪ ،‬يعد‬
‫ضرورة إلضفاء نوع من التناغم واالنسجام في النصوص‪ .‬إضافة إلى أنها تعد آلية للحد من كثرة النصوص‬
‫التنظيمية في مجال التدبير املالي للجماعات الترابية‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى املدونة العامة للجماعات الترابية بفرنسا‪ ،‬نجد أنها تنطوي على مختلف‬

‫‪ 538‬مكاوي نصير‪ ،‬تدبير مالية الجماعات املحلية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة دار أبي رقراق للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط ‪2011،‬ص‪.137.‬‬
‫‪293‬‬
‫________________________مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ -‬عدد خاص بالجماعات الترابية ‪ /‬اكتوبر‪2020‬‬

‫األنشطة‪ ،‬وتفصل مختلف مجاالت تدخل الجماعات الترابية‪ ،‬باإلضافة إلى أنها تحتوي على مختلف‬
‫اآلليات لتحقيق تلك األنشطة‪ ،‬منھا اآلليات املالیة‪ ،‬فقد كرست االستقالل املالي‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫املقتضيات والتدابير املالیة والحسابية‪ ،‬املتعلقة بالجماعات الترابية‪ ،‬انطالقا من املبادئ العامة‪، 539‬‬
‫ومرورا بتنفيذ امليزانيات الترابية‪ ،‬زيادة على التدابير املتعلقة بمحاسبة الجماعات الترابية‪ ،‬وهي مقتضيات‬
‫تتعلق بكل أصناف الجماعات الترابية‪ ،‬ليتم بعد‬
‫ذلك تقديم املقتضيات املالیة واملحاسبية‪ ،‬لكل صنف من أصناف الجماعات الترابية‪ ،‬على حدة‪ ،‬هذا‬
‫بخالف املقتضيات القانونية املنظمة للجماعات الترابية ببالدنا‬
‫ثانيا‪ :‬تفعيل نظام امليزانية التشاركية‬
‫يعد نظام "امليزانية التشاركية"‪ ،‬في التجربة البرازيلية املعمول بها في مدينة "بورطو اليغري‪،" 540‬نموذجا‬
‫فريدا من نوعه في العالم‪ ،‬حيث يقوم على مبدأ املشاركة‪ ،‬لكل املواطنين في صنع السياسة العامة‪ ،‬التي‬
‫يتحدد بموجبها النفقات العامة للمدينة ‪ .‬ويقوم هذا النظام‪ ،‬على أساس التمييز اإليجابي للمناطق‪ ،‬األكثر‬
‫فقرا وتهميشا من سكان املدينة‪ ،‬وذلك من خالل العمل على إعادة توزيع‪ ،‬املوارد والخدمات العامة‬
‫لصالحهم فنظام امليزانية‬
‫التشاركية ‪ ،541‬يستند في عمله ا على تقسيم املدينة‪ ،‬إلى ستة عشرة منطقة مختلفة‪ ،‬يراعي فيها املعايير‬
‫الجغرافية واالجتماعية‪ ،‬لألحياء املوجودة بهذه املناطق‪ ،‬ويتم سير عمل هذا النظام‪ ،‬في عقد اجتماعات‬
‫تحضيرية‪ ،‬في كل املناطق الستة عشر املحددة‪ ،‬وذلك من خالل الشهور األولى من العام‪ .‬وتهدف هذه‬
‫االجتماعات إلى تمكين املواطنين‪ ،‬من التعبير عن‬
‫آرائهم واهتماماتهم املتعلقة بمنطقتهم‪ ،‬بحيث يتمكن كل سكان املنطقة‪ ،‬من التعبير عن املشاكل املوجودة‬
‫بها‪ ،‬من حيث نقص الخدمات العامة‪ ،‬وعمل قائمة باألولويات‪ ،‬للحلول التي يجب توفيرها لحل املشاكل‪،‬‬
‫األكثر أهمية من وجهة نظرهم‪ .‬وتتم هذه االجتماعات التحضيرية‪ ،‬دون تدخل من البلديات أو السلطات‬
‫املحلیة للمدينة ‪.‬وفي أعقاب تلك االجتماعات التحضيرية‪ ،‬والتي تنتهي بحلول شهر أبريل‪ ،‬من كل عام‪،‬‬
‫تبدأ املرحلة الثانية من نظام امليزانية التشاركية‪ ،‬وهي الخطوة التي تتمثل في الجولة األولى من اجتماع‬
‫املجالس اإلقليمية‪ ،‬ومثلها في ذلك مثل االجتماعات التحضيرية‪ ،‬حيث تكون بدورها مفتوحة أمام‬

‫‪ 539‬مكاوي نصير‪ ،‬تدبير مالية الجماعات املحلية ‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.13‬‬


‫‪ 540‬محمد أمين الحمدوني‪ ،‬تدبير املدن في ضوء امليثاق الجماعي‪ ،‬دو ذكر الطبعة والطبعة والسنة‪ . ،‬ص ‪10‬‬
‫‪541‬‬
‫ھي تجربة تبنتها هيأة األمم املتحدة كنموذج رائد في إشراك السكان في تدبير شؤون مدنهم‪ .‬فقد تميزت هذه التجربة ‪-‬بخلق "مجالس‬
‫األحياء" وهي عبارة عن مجلس شعبي موازي للمجلس املنتخب‪ ،‬تنحصر مهمتها في مراقبتها وتتبع تنفيذ املشاريع االجتماعية‪ ،‬واالقتصادية‬
‫وعملية صرف املال الجماعي‪ ،‬أنظر محمد أمين الحمدوني ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪101‬‬
‫‪294‬‬
‫________________________مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ -‬عدد خاص بالجماعات الترابية ‪ /‬اكتوبر‪2020‬‬

‫املواطنين جميعا‪ ،‬غير أن حق التصويت‪ ،‬في هذه االجتماعات تبقى فقط للمواطنين املسجلين في كل‬
‫منطقة من املناطق الستة عشرة‪ .‬وعلى العكس من الخطوة األولى‪ ،‬تتم‬
‫هذه االجتماعات‪ ،‬بحضور ممثلين من البلدية أو الحكومة املحلیة‪ .‬وتهدف هذه املجالس اإلقليمية‪ ،‬إلى‬
‫مراجعة ميزانية السنة املاضية من جانب‪ ،‬ومن جانب آخر إلى التخطيط‪ ،‬لكيفية تنفيذ العمل‪ ،‬وفقا‬
‫للميزانية التي تمت صياغتها‪ ،‬وإقرارها من خالل نظام "امليزانية التشاركية‪".‬‬
‫أما املرحلة الثالثة‪ ،‬التي تستمر في الفترة ما بين أبريل ويونيو من كل سنة‪ ،‬فتكون مرحلة‬
‫شديدة األهمية بالنسبة لسكان املدينة‪ .‬فخالل هذه الفترة‪ ،‬يعود سكان كل من املناطق الستة عشرة‬
‫لالجتماع مرة أخرى‪ ،‬من أجل صياغة قائمة نهائية لألولويات كل منطقة‪ ،‬ومن ثم التصويت عليها من‬
‫جانب سكان هذه املنطقة‪ .‬وترجع أهمية هذه الخطوة إلى أن ما يتخذه اجتماع املناطق من قرارات‪ ،‬سيتم‬
‫استخدامها الحقا‪ ،‬من جانب سكان كل املناطق‪ ،‬لوضع‬

‫الترتي ـ ـ ـ ـ ــب النه ـ ـ ـ ـ ــائي لقائم ـ ـ ـ ـ ــة املش ـ ـ ـ ـ ــروعات‪ ،‬أو األعم ـ ـ ـ ـ ــال الت ـ ـ ـ ـ ــي س ـ ـ ـ ـ ــيتم تمويله ـ ـ ـ ـ ــا م ـ ـ ـ ـ ــن امليزاني ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫العامة للعام القادم ‪.‬‬

‫ويل ـ ـ ـ ـي هـ ـ ـ ــذه املرحلـ ـ ـ ــة خطـ ـ ـ ــوة رابعـ ـ ـ ــة‪ ،‬فـ ـ ـ ــي الفتـ ـ ـ ــرة بـ ـ ـ ــين يونيـ ـ ـ ــو ويوليـ ـ ـ ــوز مـ ـ ـ ــن كـ ـ ـ ــل عـ ـ ـ ــام‪ ،‬والتـ ـ ـ ــي‬
‫تجـ ـ ـ ـ ــري فيه ـ ـ ـ ـ ــا الجولـ ـ ـ ـ ــة الثاني ـ ـ ـ ـ ــة‪ ،‬مـ ـ ـ ـ ــن " املج ـ ـ ـ ـ ــالس اإلقليميـ ـ ـ ـ ــة "‪ ،‬وته ـ ـ ـ ـ ــدف هـ ـ ـ ـ ــذه الجول ـ ـ ـ ـ ــة‪ ،‬فـ ـ ـ ـ ــي واق ـ ـ ـ ـ ــع‬
‫األم ـ ـ ـ ـ ــر إلـ ـ ـ ـ ـ ــى انتخـ ـ ـ ـ ـ ــاب ممثلـ ـ ـ ـ ـ ــين أساسـ ـ ـ ـ ـ ــيين‪ ،‬وممثلـ ـ ـ ـ ـ ــين آخ ـ ـ ـ ـ ــرين بـ ـ ـ ـ ـ ــديلين‪ ،‬عـ ـ ـ ـ ـ ــن كـ ـ ـ ـ ـ ــل منطقـ ـ ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ــن‬
‫املنـ ـ ـ ــاطق الس ـ ـ ـ ــت عش ـ ـ ـ ــرة للمدين ـ ـ ـ ــة‪ ،‬وذل ـ ـ ـ ــك م ـ ـ ـ ــن أج ـ ـ ـ ـل املجل ـ ـ ـ ــس املحل ـ ـ ـ ــي للميزاني ـ ـ ـ ــة‪ ،‬كم ـ ـ ـ ــا ي ـ ـ ـ ــتم أبض ـ ـ ـ ــا‬
‫انتخ ـ ـ ـ ـ ــاب ممثل ـ ـ ـ ـ ــين م ـ ـ ـ ـ ــن ك ـ ـ ـ ـ ــل منطق ـ ـ ـ ـ ــة م ـ ـ ـ ـ ــن أج ـ ـ ـ ـ ــل "منت ـ ـ ـ ـ ــدى األحي ـ ـ ـ ـ ــاء للميزاني ـ ـ ـ ـ ــة‪ ".‬وخ ـ ـ ـ ـ ــالل األش ـ ـ ـ ـ ــهر‬
‫التالي ـ ـ ـ ـ ــة‪ ،‬تب ـ ـ ـ ـ ــدأ الخط ـ ـ ـ ـ ــوة الخامس ـ ـ ـ ـ ــة م ـ ـ ـ ـ ــن نظ ـ ـ ـ ـ ــام "امليزاني ـ ـ ـ ـ ــة التش ـ ـ ـ ـ ــاركية"‪ ،‬وه ـ ـ ـ ـ ــي اجتم ـ ـ ـ ـ ــاع املجل ـ ـ ـ ـ ــس‬
‫املحلي للميزانية "‪.‬‬

‫ويقوم املجلس بإعطاء قيم محددة ملا يطلق عليها "املعايير العامة"‪ ،‬وهذه املعايير هي التي سيتم‬
‫استخدامها الحقا في تحديد كيفية تخصيص املوارد العامة ‪.‬‬

‫أو بعب ــارة أخ ــرى‪ ،‬تق ــع عل ــى ع ــاتق ه ــذا املجل ــس مس ــؤولية تحلي ــل واقـ ـرار امليزاني ــة العام ــة‪ ،‬قب ــل أن‬
‫يرس ــلها عمـ ــدة املدينـ ــة إلـ ــى الس ــلطة التشـ ــريعية‪ ،‬مـ ــن خـ ــالل توزيـ ــع امل ــوارد العام ـ ـة علـ ــى املنـ ــاطق املختلفـ ــة‪،‬‬
‫باإلض ــافة إل ــى تص ــميم واقـ ـرار خط ــة االس ــتثمار‪ ،‬بن ــاء عل ــى األولوي ــات الت ــي تم ــت ص ــياغتها خ ــالل الخط ــوات‬
‫السـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــابقة‪ ،‬كم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا يراقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب أبض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا تنفيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذه الخط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪.‬‬
‫‪295‬‬
‫________________________مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ -‬عدد خاص بالجماعات الترابية ‪ /‬اكتوبر‪2020‬‬

‫وبعـ ــد ذل ـ ــك‪ ،‬تنعق ـ ــد اجتماع ـ ــات " منت ـ ــدى األحيـ ــاء للميزاني ـ ــة "‪ ،‬وخالله ـ ــا ي ـ ــتم مناقش ـ ــة ق ـ ــوائم‬
‫األولويـات‪ ،‬املوضــوعة مـن األحيــاء واملنـاطق املختلفــة‪ ،‬وترتيبهـا فــي قائمـة نهائيــة رسـمية‪ ،‬يــتم اعتمادهـا رســميا‬
‫أثنــاء إعــداد املوازنــة العامــة للمدينــة‪ ،‬ويطلــق عليهــا " معــايير االحتيــاج‪ ".‬كمــا يــتم أبضــا وضــع مكــون آخــر مــن‬
‫مكونــات املوازن ــة العامــة‪ ،‬وه ــو " املعــايير التقني ــة"‪ ،‬وتتمثــل ه ــذه األخيــرة ف ــي مجملهــا م ــن بيانــات كمي ــة‪ ،‬مث ــل‬
‫‪542‬‬
‫تع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداد الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــكان ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل املن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاطق‬
‫وتجــدر اإلشــارة إلــى أن مشــاركة املــواطنين‪ ،‬ال تنتهــي بانتهــاء تخصــيص املــوارد‪ ،‬فخــالل الســتة أشــهر املتبقيــة‬
‫م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن الع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام‪ ،‬قب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدء ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدورة م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن جدي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد‪ ،‬بواص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل املنت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدى واملجل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــس املحل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬
‫للميزانيــة اجتماعاتهم ــا‪ ،‬كمــا يعم ــالن أبضــا م ــع املجــالس اإلقليمي ــة‪ ،‬مــن أج ــل إعالمهــا بس ــير عمليــة ص ــياغة‬
‫املوازنــة‪ ،‬وللــدعم تــتم مشــاركة املــواطنين وحشــدهم‪ ،‬مــن أجــل االســتمرار فيهــا فــي العــام القــادم؛ وفــي اإلطــار‬
‫ذات ـ ــه يواص ـ ــل س ـ ــكان ك ـ ــل منطق ـ ــة اجتماع ـ ــاتهم‪ ،‬م ـ ــن أج ـ ــل تحس ـ ــين مش ـ ــارتكم ف ـ ــي النظ ـ ــام للع ـ ــام الق ـ ــادم‪.‬‬
‫ويـ ـ ـ ـ ــرى الكثيـ ـ ـ ـ ــر مـ ـ ـ ـ ــن املحللـ ـ ـ ـ ــين أن نظـ ـ ـ ـ ــام امليزانيـ ـ ـ ـ ــة التشـ ـ ـ ـ ــاركية‪ ،‬خاضـ ـ ـ ـ ــع فـ ـ ـ ـ ــي مجملـ ـ ـ ـ ــه إلدارة الشـ ـ ـ ـ ــعب‬
‫ومش ــاركته ب ــه‪ ،‬باس ــتثناء م ــا ي ــدور ف ــي املجل ــس املحل ــي للميزاني ــة‪ ،‬باعتب ــار أن هن ــاك ممثل ــين فق ــط ع ــن كـ ــل‬
‫منطقـ ـ ـ ـ ــة‪ ،‬ولكـ ـ ـ ـ ــن مـ ـ ـ ـ ــن املهـ ـ ـ ـ ــم اإلشـ ـ ـ ـ ــارة‪ ،‬أبضـ ـ ـ ـ ــا إلـ ـ ـ ـ ــى أن النظـ ـ ـ ـ ــام بـ ـ ـ ـ ــه اليـ ـ ـ ـ ــة فعالـ ـ ـ ـ ــة ملحاسـ ـ ـ ـ ــبة هـ ـ ـ ـ ــؤالء‬
‫املمثلين‪ ،‬فقد مكن منتدى األحيـاء للميزانيـة الـذي يتكـون مـن عـدد أكبـر مـن املمثلـين املنتخبـين‪ ،‬مـن عـزل أي‬
‫مــن ممثلــي املجلــس املحل ــي للميزانيــة‪ ،‬مــن خ ــالل التصــويت بأغلبيــة الثلث ــين علــى ذلــك‪ ،‬مم ــا يفســر مــا س ــبق‬
‫ذكــره‪ ،‬عــن كــون نظــام " امليزانيــة التشــاركية" تعمــل بمــزيج مــن آليــات الديمقراطيــة املباشــرة‪ ،‬والديمقراطيــة‬
‫التمثيلية‪ .‬فهو نظام خلق مناخا من التفاعالت الصحية بين الحكومة املحلیة‪ ،‬واملواطنين في املدينة‪.‬‬

‫فمشاركة املواطنين في مثل هذه اآللية‪ ،‬تؤدي إلى ضمان توجيه املوارد العامة للمدينة إلى‬
‫املشروعات والقنوات التي يحتاجها املواطنون بالفعل‪ ،‬كما یعمل على أن يراقب املواطنون أنفسهم التقدم‬
‫في تنفيذ تلك املشروعات‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬إنشاء مراكزمحلية للتنمية‬
‫إذا كانت بعض النظم املقارنة‪ ،‬قد اقتصرت على التأكيد على البعد الترابي أو الجهوي للتنمية‪،‬‬
‫كأساس وظيفي لالمركزية‪ ،‬فإن نظما أخرى‪ ،‬أولت عناية خاصة لهذا األساس‪ .‬وبهذا الخصوص‪ ،‬أحدثت‬
‫كندا‪ ،‬مراكز محلية للتنمية(‪ )CLD‬وهي هيئات متخصصة مرتبطة بالجماعات الترابية أو مؤسسات تابعة‬

‫‪ 542‬منير الحجاجي‪ ،‬التنمية املحلية التشاركية مقاربة لدور املشاركة في إحداث التنمية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون‬
‫العام‪ ،‬وحدة‪ :‬تدبير اإلدارة املحلية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سطات‪ ،‬السنة الجامعية‪2007/2006 ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪296‬‬
‫________________________مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ -‬عدد خاص بالجماعات الترابية ‪ /‬اكتوبر‪2020‬‬

‫لها‪ ،‬وتختص بالتنسيق بين الجماعات الترابية ومختلف الهيئات واملؤسسات املتدخلة‪ ،‬في مجال التنمية‬
‫الترابية أو املعنية بها‪ .‬وهذه اآللية من شأنها أن تؤدي إلى تحديث الدور التنموي للجماعات الترابية‪،‬‬
‫وتنظيم تدخلها‪ ،‬وعقلنة املوارد واإلمكانات املتاحة أو املستعملة‪ .‬فهذه الهيئات من شأنها املساعدة‪ ،‬على‬
‫وضع االستراتيجية التنموية للجماعات الترابية‪ ،‬لتجاوز اإلكراهات املالیة والتدبيرية‪.543‬‬

‫خ ـ ـ ـ ـ ـاتـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـة‬

‫نخلص إلى أن حكامة مالية بالجماعات الترابية ينبغي أن تشكل فرصة سانحة التحديث وتقوية‬
‫التدبير املالي املحلي ‪ ،‬بغية تعزيز نجاعة وفعالية التدبير املحلي‪ ،‬وترسيخ ثقافة التقييم والراقية على‬
‫مختلف أوجه صرف املال العام‪.‬‬

‫‪ 543‬عبد اللطيف بروحو‪ ،‬مالية الجماعات املحلية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية‪ ،‬منشورات املجلة املغربية لإلدارة املحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪، 2011،‬ص‪.70‬‬
‫‪297‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like