كتاب المواريث النهائي - ٠١٥٢٠٥

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 49

‫‪ -‬التعـ ـرف عـل ـ ـى الشـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـخ‬

‫‪ -‬الشي ـ ـ ـخ الك ـ ـامـ ـ ـ ـ ـل المـ ـج ـ ـدد‬


‫‪ -‬معـرف ـ ـة الم ـريـ ـ ـ ـد لشي ـ ـ ـخـ ـ ـه‬

‫ى‬ ‫ى‬
‫المصطف للدراسات‬ ‫سلسلة دورات قسم المقاصد يف دار‬
‫اإلسالمية المنعقدة تاريـ ــخ ‪23‬و‪24‬صفر‪1445‬ـه مع طالب الدار‬
‫المصطف ربتيم الدورة األوىل (‪)1‬‬
‫ى‬ ‫والبيئة المصطفوية بدار‬

‫ألقاها الحبيب‪:‬‬

‫عل العيدروس‬
‫محمد بن عبدهللا بن ي‬

‫ترتيب وتنظيم السيد‪:‬‬

‫رعد بن عمر بن عبدهللا الحامد‬

‫‪2‬‬
‫قال شيخنا الحبيب عمر حفظه هللا يف مجلس الروحة ‪/‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َ َ ْ َ َ ْ ُ َ َ َ ى َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫اصد الثَلثة ل ِو اجتمعتم عليها يف ه ِذ ِه الد ِائرة‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫الم‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ذ‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َّ‬
‫اهرة‬ ‫اطنة والظ ِ‬ ‫اهب الب ِ‬
‫اطرة ِبالمو ِ‬ ‫وث الم ِ‬‫لصبت عليكم الغي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِر‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َََْ َ‬
‫اإلنس‬
‫ِ‬ ‫والعناد والق ِطيعة ِمن‬ ‫جيوش الكفر والّش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولنهزمت‬
‫والجن‪.‬‬ ‫ِ‬

‫‪3‬‬
‫نرتج‬
‫ي‬ ‫الحمد هلل عىل هذا اللقاء من أجله تعاىل وبه قام ومنه‬
‫سبحانه وتعاىل أن يبلغنا المقاصد واآلمال ويجعلنا وإياكم من‬
‫المتصلي به وبنبيه سيدنا محمد صىل هللا وسلم عليه وعىل آله و‬
‫بكمل الرجال ‪.‬‬
‫جزى هللا اخواننا القائمي عىل ترتيب هذا اللقاء خي الجزاء‪ ،‬ويقصد‬
‫من ذلك كله وجه هللا تعاىل؛ فوجه هللا هو المقصود وهو المعبود‬
‫حت نؤدي حق كل ذي حق ألزمنا هللا به وأوجب علينا أن نقوم فيه؛‬ ‫ى‬
‫وال يقام الواجب عىل الوجه المطلوب إال إذا ُعرف ما هو وماذا يلزم‬
‫فيه ‪.‬‬
‫نحن أمام خطابات ربانية عظيمة كبية خاطب هللا بها األوائل‬
‫وف القيام به ﱡ ﲖﲗ‬ ‫باستماعه‬ ‫الخطاب‬ ‫هذا‬ ‫فأحسنوا ف ى‬
‫تلق‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢﲣ ﲤ‬

‫ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﱠ الذين يستمعون القول ينصتون ويفقهون‬


‫ويفهمون ويذوقون ثم يعطون هذا الخطاب حقه من حيث الفهم‬
‫والداللة والسي والذوق‪ ,‬هؤالء هم أولو األلباب الذين أشغلوا هذه‬
‫اآللة والفكر مرتبطة بالقلب والبصية فيما يقرب هم من هللا تعاىل‬
‫حت تكون لهم النهايات‬ ‫ويسيون ف هذه المسية وهذه الطريقة ى‬
‫ي‬

‫‪4‬‬
‫مشقة إال إذا كانت البدايات محرقة‪,‬‬ ‫مشقة‪ ,‬وال تكون النهايات ر‬ ‫ر‬
‫ً‬
‫فمن عادة الحق سبحانه وتعاىل إذا أراد أن يجمع أحدا من الخلق‬
‫عليه جمعه عل محبوب من محبوبيه فيهيئه بذلك الجمع إىل‬
‫أن يجتمع بالمحبوب األعظم سيدنا محمد صل هللا عليه وآله‬
‫النت صل هللا عليه وآله وسلم‬ ‫وسلم‪ ,‬فإذا تم له ذلك االجتماع عىل ًي‬
‫حصلت له الجمعية عىل هللا فصار عبدا هلل باهلل من هللا وأمره إىل‬
‫ى‬
‫هللا ‪ ,‬تخىل عن مراداته لمراد هللا ‪ .‬كان سائر فصار طائر وكان مريد‬
‫فصار مراد وكان موهوب فصار محبوب‪ ,‬ومن عادة الحق سبحانه‬
‫تعاىل أن من سلك هذا الطريق ال بد أن يصل إىل نهاياته‪ ,‬لكن ال بد‬
‫من السلوك‪,‬‬
‫قال سيدنا الفخر الشيخ أبوبكر بن سالم نفعنا هللا تعاىل وإياكم به‪:‬‬
‫وشط هذه البداية أن تكون‬ ‫من بسمل ختم‪ ,‬أي أن من بدأ وصل‪ ,‬ر‬
‫صحيحة من حيث الفهم والتصور ومن حيث العمل فتكون‬
‫النهايات عىل حسب هذه البدايات‪.‬‬
‫ومن هنا نعلم أن مراتب الصحابة وكلهم أكابر لكن يختلفون يف‬
‫ﲫ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﱠ فكما أن هللا‬ ‫مراتبهم ﱡ ﲨ ﲩ ﲪ ﲬ‬

‫ﱇ ﱠ كذلك‬‫ﱈ‬ ‫مي بي األنبياء ﱡ ﱁ ﱂﱃ ﱄﱅ ﱆ‬ ‫تعاىل ّ‬

‫مي بي األولياء‪ ,‬كما أن األنبياء منازل ودرجات ومتفاضلون‪،‬‬‫ّ‬


‫فاألولياء كذلك ‪.‬‬
‫والصحابة كانت مراتبهم عىل حسب انطوائهم يف شيخهم صىل هللا‬
‫شء‪ ,‬كلهم أكابر وأفاضل ولكنهم‬ ‫وسلم عليه وعىل آله‪ ,‬غي هذا ال ر‬
‫ي‬
‫حت‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫عىل قدر هذا االنطواء كان القرب من ذلك المنطوي أكي وأكي ى‬
‫صار مطلوب األولياء االنطواء يف هذه الذات الكريمة‪,‬‬

‫‪5‬‬
‫الحبش يف بعض صيغ‬ ‫ر‬ ‫عىل بن محمد‬
‫ي‬ ‫يقول سيدنا الحبيب ي‬
‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم‪ :‬اللهم صل عل‬ ‫الصلوات عىل ي‬
‫ر‬
‫ونيات‬
‫ي‬ ‫أعماىل‬
‫ي‬ ‫سيدنا محمد صالة ترضيك وترضيه‪ ،‬وتنطوي بها‬
‫ر‬ ‫وحر ر‬
‫وسكنات فيه‪ ،‬وعل آله وصحبه وسلم‪ ,‬هذه أوىل درجات‬ ‫ي‬ ‫كات‬
‫ي‬
‫الصلة الخاصة ولهذه الصلة الخاصة به صىل هللا عليه وآله وسلم‬
‫طريق ال يمكن أن يصل إليها أي إنسان إال بواسطة هذا الطريق‪ ,‬لو‬
‫سلك طريقا آخر ال يصل‪ ,‬كما أن من أراد أن يدخل إىل الجنة من‬
‫غي طريق سيدنا رضوان ال يدخل‪ ,‬ومن أراد أن يصل إىل حضة هللا‬
‫من غي أن يصل إليه بواسطة رسول هللا ال يكون‪ ,‬ومن أراد أن يصل‬
‫إىل حضة رسول هللا من غي أن يتصل بمحبوب وارث عن رسول‬
‫هللا صىل هللا عليه وآله وسلم ال يكون‪ ,‬كما قال ابن عطاء هللا‬
‫السكندري‪ :‬سبحان من لم يجعل الدليل عل أوليائه إال من حيث‬
‫الدليل عليه‪ ,‬ولم يوصل إليهم إال من أراد أن يوصله إليه ‪.‬‬

‫فإذا وصلك هللا تعاىل بأحد من هؤالء فاعلم أنك ستصل إىل هللا‪,‬‬
‫والوصول إىل هللا تعاىل هو الفناء عن مرادات نفسك فتسقط‬
‫التدبي ويحصل لك منه التنوير وتسقط اإلرادة لغيه فتصي أنت‬
‫مخطوب لحضته فتفت عن نفسك به فينقلك منك إليه ويأخذك‬
‫عنك إليه فتصي أنت عبد هلل‪ ,‬وال يكون ذلك إال بعد التدرج يف‬
‫السي‪ ,‬وتمام ذلك هو أن يصل هذا المريد إىل منتىه الكماالت‬
‫اإلنسانية ‪.‬‬
‫الكماالت اإلنسانية بجميع أنواعها لم تكن إال لرسول هللا محمد‬
‫صىل هللا عليه وآله وسلم ولكن لكل إنسان سالك سائر خلف هذا‬
‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم نصيب من هذه الكماالت عىل‬ ‫ي‬

‫‪6‬‬
‫حسب ما قدر هللا تعاىل له ﱡ ﲯﲰﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷ‬

‫ﲸ ﲹﲺ ﱠ ‪.‬‬
‫رى‬
‫االمتاج ثم المحاكاة‪ ,‬تكون‬ ‫فيحصل االنطواء يف أول الطريق ثم‬
‫أول هذه األشياء مع الشيخ ثم تكون مع المصطق محمد صىل هللا‬
‫ى‬
‫الت تدرج فيها الصحابة‪.‬‬
‫عليه وآله وسلم هذه ي‬
‫يعن ذلك؟ ال بد أن نعلم هذه المصطلحات‪ ,‬كل‬ ‫االنطواء ماذا ى‬
‫ي‬
‫علم ال يعلم إال بمعرفة مصطلحاته‪ ,‬فالفقيه ال يصي فقيها إال إذا‬
‫علم مصطلحات الفقه أصوال وفروعا‪ ,‬والمحدث كذلك‪ ,‬والسالك‬
‫ً‬
‫كذلك‪ ,‬ال بد أن نعرف هذه المصطلحات فال تمر عىل أذهاننا مرورا‬
‫ال نعقلها أو نعقل منها أطرافا‪ ,‬بل ال بد أن نفقهها‪ ,‬فمصطلح‬
‫يعت؟ قبل أن نتكلم عن الوراثة نتكلم عن متطلب‬ ‫االنطواء ماذا ي‬
‫الصلة بالوراثة‪ ,‬متطلب الصلة بالوراثة له ثالث درجات ى‬
‫يرتق فيها‪:‬‬
‫ي‬
‫درجة االنطواء ثم درجة ى‬
‫االمياج ثم درجة المحاكاة للذات‪.‬‬
‫حت تفت جميع أفعال‬ ‫االنطواء هو ‪ :‬مشابهة األفعال لألفعال ؛ ى‬
‫المنطوى فيه فال يخالف فعال من أفعال مقتداه‬‫هذا المنطوي ف ُ‬
‫ي‬
‫يرتق بعد ذلك إىل ى‬
‫االمياج‪.‬‬ ‫ثم ى‬
‫ي‬
‫واالمتاج هو ‪ :‬مشابهة الصفات للصفات فتصي صفاته فرعا عن‬ ‫رى‬
‫الت‬ ‫ى‬
‫صفات هذا األصل من كرم ونجدة وصي وغيها من الصفات ي‬
‫ُيدىع إليها تكون منطوية صفاته يف ذلك المقتدى هذه مرتبة أعىل‬
‫تحاك‬
‫ي‬ ‫من االنطواء ثم يثمر هذا وذاك محاكاة للذات ؛ فتصي ذاتك‬
‫واميجت به كما كان حال كثي من الصحابة‬‫ذلك الذي انطويت فيه ى‬
‫حت يدخل‬ ‫يحاكون ذات رسول هللا صىل هللا عليه وآله وسلم‪ ,‬ى‬
‫الداخل إىل مسجد رسول هللا صىل هللا عليه وآله وسلم فيقبل عىل‬

‫‪7‬‬
‫أب بكر لما يسمع من أوصاف سيدنا رسول هللا صىل هللا‬ ‫ي‬ ‫سيدنا‬
‫النت صىل‬ ‫هو‬ ‫أبابكر‬ ‫أن‬ ‫فيظن‬ ‫كذا‬ ‫ق‬ ‫عليه وآله وسلم أن وصفه الخ ْل ى‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫هللا عليه وآله وسلم فيجلس بي يديه فيقول له سيدنا أبوبكر‪ :‬ذاك‬
‫رسول هللا‪.‬‬
‫ف‬ ‫يقول صىل هللا عليه وآله وسلم لسيدنا جعفر‪ :‬أشبهت َخل ر‬
‫ي‬ ‫ُ ُ‬
‫ُ‬
‫ف‪ ,‬وكذا كان وصف سيدنا الحسن والحسي‪ ,‬وكان يظن أن‬ ‫ر‬
‫وخل ي‬
‫سيدنا عبدهللا ابن مسعود من أهل البيت قال بعض أهل السية‬
‫لكية تردده عىل بيوتات رسول هللا‪ ,‬وقال بعضهم لشدة شبهه‬ ‫ر‬
‫النت صىل هللا عليه‬ ‫ُ‬
‫يحاك وجهه وجه ي‬ ‫ُي‬ ‫برسول هللا ؛ يشابهه يف أن‬
‫وآله وسلم‪ ,‬و يف غزوة أحد لما قتل سيدنا مصعب ابن عمي أشيع‬
‫ُ‬
‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم قتل ‪ ،‬ولم ُيقتل إال‬ ‫بي الصحابة أن ي‬
‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم‪ ,‬هذا رجل‬ ‫مصعب؛ ألنه كان يشابه ي‬
‫النت‬ ‫ذات‬ ‫يحاك‬ ‫صار‬ ‫حت‬ ‫ى‬
‫واالمياج ى‬ ‫انطوت له مسافة االنطواء‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫محمد صىل هللا عليه وآله وسلم‪ ,‬هكذا يتدرج المريد ويتدرج‬
‫المجالس والمحب والسالك فيمن يجالس ‪.‬‬
‫فما يعنينا من جلسات هذه الدورة هو أن نتعرف عل الوراثة‬
‫والمواريث‪ ,‬أن نتعرف بأن نصف؛ ألنه ال يتكلم عن هذه المسائل‬
‫ُ‬
‫إال من وصل إليها‪ ,‬فمن وصل إليها يقال له عارف‪ ,‬ولكن لو ت ِرك‬
‫األمر يف تعريف العارفي لنا لهذه المراتب لما فهمنا‪ ,‬لكن ال بد أن‬
‫يكون قبل العارفي واصفي وإن لم يكونوا عارفي‪ ,‬أن يصفوا لنا‬
‫حت نتصل بالعارفي‬ ‫هذا الطريق وهذه المعاب وهذه الدالالت ى‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫وااليصال إليهم‪ ,‬فالوصف عىل من أعطاه هللا تعاىل شيئا من معرفة‬
‫حت يتصل بأهل االتصاف‪.‬‬ ‫هذه األوصاف والكالم والداللة ى‬

‫‪8‬‬
‫فالوراثة والمواريث النبوية تكون ألقوام مخصوصي كما اختص هللا‬
‫تعاىل النبوة ألقوام اختص الوراثة كذلك ألقوام قال هللا تعاىل‪:‬‬
‫ﱡ ﱬﱭﱮﱯ ﱰﱱﱲﱳﱠ وقال تعاىل ﱡ ﲭ‬

‫ﲱﱠ هذه االصطفاءات الربانية ي‬


‫ه من أهم ما يجب‬ ‫ﲲ‬ ‫ﲮﲯﲰ‬

‫ديت ال عاطفة مجردة عن دين‪ ,‬أو صورة‬‫علينا أن نعلمه وهو واجب ي‬


‫مجردة عن حقيقة‪ ,‬أو شخوص بذاتها نعظمها لذاتها بل هو دين‪,‬‬
‫تعظيمها من تعظيم الدين‪ ,‬االرتباط بها هو عي االرتباط بالدين‪,‬‬
‫ى‬
‫التلق واألخذ للدين‪ ,‬فال بد أن‬ ‫عي‬ ‫هو‬ ‫منها‬ ‫ى‬
‫والتلق‬ ‫األخذ عنها‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫نتعرف‪ ,‬من هنا عاب هللا تعاىل عىل أقوام لم يعرفوا الرسول‪ ,‬قال‪:‬‬
‫ﱡ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﱠ إنكار الرسالة سببه عدم‬

‫معرفة الرسول ألنهم قالوا‪ :‬ﱡ ﲂ ﲃﲄ ﲅ ﲆﲇ‬

‫ﲈﲉﲊ ﱠ ما عرفوا الرسول فلزم أن ينكروا الرسالة فمعرفة‬


‫الرسالة قائمة عىل معرفة الرسول‪ ,‬ومن هنا قال بعض أهل العلم ‪:‬‬
‫أن أول واجب عىل اإلنسان أن يتعرف عىل الرسول فإذا تعرف عىل‬
‫الرسول عرف بعد ذلك الرسالة وعرف المرسل الحق جل وعال ‪.‬‬
‫فالمواريث النبوية أو الوراثة ال تصح إال للشيخ الكامل وهو‬
‫أخص خواص األمة يف زمانه‪ ,‬وهو موجود يف كل زمان ‪ ,‬ولوال وجود‬
‫شء‬ ‫ر‬
‫هؤالء المشايخ النطوت صحف الدين والرساالت ولم يبق ي‬
‫حت تستقيم‬ ‫لكن ال بد من وجودهم‪ ,‬هذا قانون وضعه هللا تعاىل ى‬
‫وف باطنها للعامة وللخاصة؛ ألنهم ورثوا حضة‬ ‫الحياة يف ظاهرها ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ُ‬ ‫ً‬
‫وحاال‪.‬‬ ‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم علما وعمال وخلقا‬
‫ي‬

‫‪9‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫فالوراث ي ِردون هذه‬ ‫المواريث متفرعة علما وعمال وخلقا وحاال ‪،‬‬
‫المواريث النبوية‪ ,‬ولهذا ذكر هللا سبحانه يف كتابه العزيز ﱡ ﱟ‬
‫ﱡ ﱠ‪ ,‬سيدنا داود كان عنده من األبناء تسعة ر‬
‫عش لكن‬ ‫ﱢ‬ ‫ﱠ‬

‫ﱡﱠ‬
‫ﱢ‬ ‫اختص بالوراثة واحدا هو سيدنا سليمان‪ ,‬ﱡ ﱟ ﱠ‬

‫وقال يا أيها الناس اعلموا أن المواريث عندنا‪ ,‬الوراثة عندنا‪ ,‬الوصول‬


‫إىل هللا من طريقنا ‪ ,‬فال بد يظهروا للناس‪ ,‬يحدثونهم‪ ,‬يعلمونهم‪,‬‬
‫حت ييزوا‬ ‫يأخذون بأيديهم‪ ,‬وال يكون ذلك إال بأمر قاهر وإذن رباب ى‬
‫ي‬
‫فيأب الخطاب ﱡﱤﱥ ﱦﱧﱨ ﱠ يا أيها‬ ‫ى‬
‫لهؤالء الناس‪ ,‬ي‬
‫ِّ‬
‫الناس علمنا‪ ,‬من الذي علمهم؟ ما قالوا تعلمنا‪ُ ,‬علمنا الوارث هذا‬
‫يهيئه هللا تعاىل تهيئة خاصة‪ ,‬يعلمه‪ ,‬يهذبه‪ ,‬ينوره ﱡ ﱩ ﱪ ﱫ‬

‫ﱬﱠ كل ما تحتاجون إليه يف سيكم‪ ,‬وعلمكم‪ ,‬وذوقكم‪ ,‬يف ظاهركم‬


‫ﱭ‬

‫شء ﱡ ﱮ‬‫ر‬
‫ﱬﱠ أعطانا هللا تعاىل كل ي‬
‫وباطنكم عندنا ﱡ ﱩﱪﱫ ﱭ‬

‫ﱯﱰﱱﱲﱠ قال المفشون‪ :‬أن الوراثة هنا ي‬


‫ه وراثة نبوة‬

‫ال وراثة ُملك ولهذا قال‪ :‬ﱡ ﱩ ﱪ ﱫ ﱭ‬


‫ﱬ ﱠ ألنه وارث العلم‪,‬‬

‫ﱬ ﱠ ﱡ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵﱶ ﱠ فكل ما تحتاج‬
‫ﱡ ﱩﱪﱫ ﱭ‬

‫إليه هو يف الكتاب من السي من السية من الشيرة من المعرفة من‬


‫المحبة من المقامات من األحوال من تجاوز العقبات عندهم‪ ,‬ى‬
‫حت‬
‫شء‪ ,‬أعطاهم هللا تعاىل‬ ‫ر‬
‫ال تلتفت إىل غيهم ألن ما عند غيهم ي‬
‫وحوى هذه الخيات لهم‪ ,‬كل ما تحتاج إليه ‪,‬‬

‫‪10‬‬
‫ﱡ ﱩ ﱪ ﱫﱬ ﱮ ﱯ ﱰﱱﱲ ﱠ هذه الوراثة قائمة أن‬
‫يرث األرض وأشار هذه األرض من أراد هللا تعاىل‪ ,‬قال سبحانه‬
‫وتعاىل ﱡ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ‬

‫ﱶ ﱷﱸﱹ ﱺﱻ ﱼ ﱽ ﱾﱠ‬

‫الحست يف تفسيه اإلشاري‬


‫ي‬ ‫قال اإلمام أحمد بن محمد ابن عجيبة‬
‫المسىم بالبحر المديد‪ ,‬قال عن هذه اآلية‪ :‬أن هللا تعاىل قد أورث‬
‫أرضه وبالده ألهل التوجه إليه واإلقبال عليه‪ ,‬فوراثة كل أحد عىل‬
‫قدر توجهه وإقباله عىل مواله ‪.‬‬

‫ما المقصود بالمواريث ؟ وما ى‬


‫معن الوراثة ومن هو الوارث ؟‬
‫ى‬
‫ه الترصف بالهمة ونفوذ الكلمة يف‬ ‫قال ابن عجيبة ‪ :‬الوراثة ي‬
‫ى‬
‫المخلوقي‪ ,‬هذا معت الوراثة‪ ,‬التضف‬ ‫صالح الدين وهداية‬
‫بالهمة‪ ,‬الوارث يلزم أن يكون ذا همة وأن يكون ذا صفاء‪ ,‬هذان‬
‫وصفان الزمان للوارث‪ ,‬أن يكون ذا صفاء وذا همة‪ ,‬التضف بالهمة‬
‫ونفوذ الكلمة يكون لكلمته وقع وتأثي؛ ألنه وارث من ال ينطق عن‬
‫ى‬
‫أوب جوامع الكلم صىل هللا عليه وآله وسلم‪.‬‬
‫الهوى ومن ي‬
‫كلمة الوارث نافذة لها تأثي يف عالم الغيب وعالم الشهادة‪ ,‬فإذا‬
‫ى‬
‫المتلق وإن لم ينتفع بها أحد‬ ‫أعطيت هذه الكلمة حقها انتفع بها‬
‫ي‬
‫يجعل هللا تعاىل من المالئكة أو من الروحانيي أو غيهم من‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫وف‬
‫ي‬ ‫الدين‬ ‫صالح‬ ‫ف‬‫المخلوقات أن تنتفع بهذه الكلمة‪ ,‬نفوذ الكلمة ي‬
‫ى‬
‫المخلوقي‪ ,‬من هم؟‬ ‫هداية‬

‫‪11‬‬
‫ينقسمون إىل قسمي يعطيهم هللا تعاىل القدرة عىل التضف‬
‫والتأثي‬
‫القسم األول‪ :‬يتضفون يف ظواهر الخلق بإصالح ظواهرهم وهم‬
‫العلماء األتقياء األنقياء‪ ,‬يبلغون ر‬
‫الشائع واألحكام إلصالح نظام‬
‫اإلسالم‪ ,‬كما قال ربنا جل وعال‪ :‬ﱡ ﲼﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁﳂ‬

‫ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉﳊ ﳋ ﳌ ﱠ‬

‫هؤالء العلماء يتضفون يف ظواهر الخلق‪ ,‬يعلمونهم األحكام ما‬


‫يجب‪ ,‬ما يحرم‪ ,‬ما يجوز‪ ,‬ما يندب‪ ,‬ما يكره‪ ,‬خالف األوىل ‪.‬‬
‫القسم الث ـ ى‬
‫ات‪ :‬يتضفون يف بواطن الخلق وهم العارفون باهلل عىل‬ ‫ي‬
‫اختالف مراتبهم ودوائرهم من أقطاب وأبدال وأوتاد وأفراد ونقباء‬
‫السيوط رحمه‬
‫ي‬ ‫نجباء ووراث عىل اختالف دوائرهم‪ ,‬ذكرهم اإلمام‬
‫الخت الدال عل وجود القطب واألوتاد‬ ‫ر‬ ‫هللا تعاىل يف كتابه‬
‫والنجباء واألبدال ‪ ,‬وذكرهم الحبيب عبدالرحمن بن عبدهللا‬
‫بلفقيه‪ ,‬وذكرهم اإلمام الحداد‪ ,‬هؤالء يتضفون يف البواطن‪ ,‬أذن‬
‫يسيون الخلق إليه‪,‬‬ ‫هللا تعاىل لهم أن يكونوا مؤثرين ف البواطن ّ‬
‫ي‬
‫الثاب من‬ ‫الصنف‬ ‫هذا‬ ‫اتبهم‪,‬‬
‫ر‬ ‫م‬ ‫إىل‬ ‫قون‬ ‫حت ى‬
‫يي‬ ‫ويصيونهم كماهم‪ ,‬ى‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫الوراث‪ ,‬فهم يعالجون بواطن الناس ى‬
‫باليبية بالهمة والحال والمقال‪,‬‬ ‫ّ‬
‫فقد يربيك بهمته ؛ كما أنا مأمورون بأن نغي المنكر بالقلب (فمن‬
‫لم يستطع فبقلبه)‪ ,‬كيف يغيه بقلبه؟ بصلة خاصة بحال بينه‬
‫وبي هللا تعاىل يؤثر عىل هذا المنكر فيتغي‪ ,‬هذا لعامة الناس فما‬
‫بالك بالشيوخ الراسخي الكمل كيف يؤثرون يف بواطن الناس‪ ,‬كيف‬
‫يغيون المنكر من بواطن الناس ويحولون مظاهر الشقاء إىل‬
‫سعادة‪ ,‬واإلدبار إىل إقبال‪ ,‬والظلمة إىل نور‪ ,‬والجفاء إىل صفاء‪,‬‬

‫‪12‬‬
‫حت يتطهر الناس‬ ‫والحجاب إىل والية أمكنهم هللا تعاىل من ذلك‪ ,‬ى‬
‫من الرذائل ويتحلوا بأنواع الفضائل فيتأهلوا لمجالس األنس‬
‫وحضائر القدس‪ ,‬هؤالء حازوا المواريث النبوية كلها‪ ,‬فقد يجمع هللا‬
‫والثاب يف واحد ؛ ألنهم ورثة األنبياء‪.‬‬
‫ي‬ ‫تعاىل الصنف األول‬
‫الجيالب ‪ :‬إن الشيوخ ينقسمون إىل قسمي‪:‬‬
‫ي‬ ‫يقول سيدنا عبدالقادر‬
‫شيوخ حكم وشيوخ علم ‪ :‬شيخ العلم الزم لكل سالك‪ ,‬فمن أراد‬
‫أن يسلك هذا الطريق ال بد أن يكون له شيخ يعلمه وإال ال ينال‬
‫العدب‬
‫ي‬ ‫العلم‪ ,‬لكن شيوخ الحكم هم شيوخ التسليم‪ ,‬كما قال اإلمام‬
‫يف أبيه ‪:‬‬
‫عن القلب الصـ ـ ـ ــدا للصـ ـ ـ ــادقينا‬ ‫وذكر العيـ ــدروس القطـ ــب أجل‬
‫لـ ـ ــه ت ـح ـك ـي ـم ـنـ ـ ــا وبـ ـ ــه اق ـتـ ـ ــدي ـنـ ـ ــا‬ ‫مد ال ـ ــدين حقـ ــا‬
‫عفيف الـ ــدين ي‬
‫هذا شيخ التحكيم‪:‬‬
‫ُ‬
‫أقطع‬ ‫ى‬
‫والعي‬ ‫فتعرفهـ ــا بـ ــاالسـ ـ ـ ـ ـ ــم‬ ‫وال بد من شـيخ يريك شـخوصـها‬
‫ونص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـف ـ ـ ــه إذا حـ ـ ــاولـت ـ ـ ــه يـتـمـنـ ُـع‬ ‫وإال فنصـف العلم عند حاصـل‬

‫إذا تريد شيخ التعليم فنصف العلم عندك‪ ,‬إذا ما عندك شيخ تحكيم‬
‫الثاب هذا يتمنع ‪.‬‬
‫النصف ي‬
‫قال اإلمام الحداد‪:‬‬
‫إىل هللا من أه ــل النفوس الزكي ـ ِـة‬ ‫وال بد من ش ـ ـ ـ ــيخ سـ ـ ـ ـ ــت بسـ ـ ـ ـ ــته‬
‫مطية‬
‫ِ‬ ‫فإن لم تجد فالصـد خت‬ ‫مــن ال ـع ـل ـمـ ـ ــاء ال ـع ـ ـ ــارفـ ى‬
‫ـي بــرب ـ ـهــم‬

‫‪13‬‬
‫ﲋﱠ‬
‫ﲌ‬ ‫فشيخ العلم هذا‪ ,‬ﱡ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ‬

‫ﲏﱠ هذا الذي‬ ‫وشيخ ى‬


‫اليبية هذا والتحكيم‪ ,‬ﱡ ﲋ ﲌﲍﲎ ﲐ‬
‫تتبعه‪.‬‬
‫اإلمام الحداد لما ذكر الشيخ الكامل للمريد فقال ‪ :‬هو الذي يفيده‬
‫ً‬
‫إذا ر‬
‫أكي الجهد الذي يبذل للمريد من جهة‬ ‫بهمته‪ ,‬رجعنا للهمة‪,‬‬
‫الشيخ‪ ,‬من هنا قال سيدنا اإلمام العيدروس‪ :‬الشيخ الذي ال يجاهد‬
‫لمريديه ليس بشيخ ‪ ,‬هذا الذي يجاهد ألجلهم ويكابد ألجلهم؛‬
‫ينامون فيسهر‪ ,‬يغفلون فيذكر‪ ,‬يرتاحون فيتعب‪ ,‬هذا عمل الشيخ‪,‬‬
‫النت صىل هللا عليه‬
‫فعمله من جهتنا كبي ال نتصوره‪ ,‬كما كان حال ي‬
‫وآله وسلم‪ ,‬ﱡ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ‬

‫ﲨﲩﱠ ألن هذا وارث فمقتضيات الوراثة أن يكون هذا‬


‫الشيخ وارث كامل‪ ,‬يرث الهم والهمة والتعب والفكر الكثي‬
‫والوجهة‪.‬‬

‫قال اإلمام الحداد يف شأن هذا الشيخ‪ :‬هو الذي يفيده بهمته‬
‫ً‬ ‫ى‬
‫وفعله وقوله ويحفظه يف حضوره وغيبته‪ ,‬وإن كان المريد بعيدا‬
‫عن شيخه من حيث المكان لكن يحفظه‪ ,‬قال‪ :‬واجب عل هذا‬
‫وبي شيخه عالمة فليطلب منه إشارة كلية‪,‬‬‫المريد أن يجعل بينه ى‬
‫إذا أراد أن يسافر يطلب منه إشارة كلية فيما يفعل ى‬
‫وييك‪ ,‬ثم قال ‪:‬‬
‫شء عىل‬ ‫أخطر ما يكون عل المريد تغت قلب شيخه عليه‪ ,‬فأض ر‬
‫ي‬
‫المريد تغي قلب شيخه عليه‪ ,‬ولو اجتمع عىل إصالح قلب الشيخ‬
‫المشق والمغرب لم يستطيعوا إال أن يرض عنه‬ ‫بعد ذلك مشايخ ر‬
‫شيخه‪ ,‬هذا أمر مهم يف الطريق‪ ,‬لم؟ ألن رضا هللا يف رضا رسوله‪,‬‬

‫‪14‬‬
‫ورضا رسوله ف رضا ّ‬
‫وراثه‪ ,‬إذا لم يرض هذا الو ِارث ما لك طريق إىل‬ ‫ي‬
‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم‪ ,‬فحينئذ ليس لك طريق إىل هللا‬ ‫ي‬
‫ترض هذا‪ ,‬كما أن رضا هللا يف رضا الوالدين وسخط هللا يف‬ ‫حت‬‫ى‬
‫ي‬
‫سخط الوالدين كذلك‪ ,‬الوالدان يحفظانك من نار الدنيا‪ ,‬وشيخك‬
‫يحفظك من نار اآلخرة وهذا أعظم‪ ,‬الوالدان يهتمان بصالح جسدك‬
‫شيخك يهتم بصالح قلبك وروحك وشك وهذا أعظم‪ ,‬فالرضا‬
‫األحق لهذا‪.‬‬
‫حن نتعرف عليه ؟‬‫من هو الشيخ ر‬

‫نصب نفسه يف طريق المشيخة شيخ‪ ,‬وقد يحصل‬ ‫ليس كل من ّ‬


‫الخلط من بعض المريدين والدعاة عندما يؤذن لهم يف إجازة عامة‬
‫ِّ‬
‫أو خاصة يف القيام بأمر الدعوة إىل هللا فيظن أنه شيخ ُمسلك‪ ,‬وهذا‬
‫خطأ وخطر يف الطريق تحصل به مشاكل كثية وتنكبات ‪ ,‬فيظن‬
‫ِّ‬
‫الداىع إىل هللا أنه صار اآلن شيخا مسلكا موصال لهؤالء المريدين‬ ‫ي‬
‫إىل هللا‪ ,‬إذا لم يكن متأهل فهذا خائن خيانة عظيمة يحاسب عليها‬
‫وف‬ ‫باهلل‪,‬‬ ‫والعياذ‬ ‫به‬ ‫ر‬ ‫ك‬‫م‬ ‫ف الدنيا فيؤدب إن كان له نظر‪ ,‬وإال ُ‬
‫ي‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫اآلخرة أمره أخطر من غيه‪ ,‬أمره أخطر وأكي من العصاة؛ ألنه دخل‬
‫يف هذا الطريق وتعدى الحدود وظن بنفسه المشيخة وهو غي‬
‫متأهل وهذه خيانة‪ ,‬وربما يموت عىل سوء الخاتمة‪ ,‬يقولون‪ :‬أن‬
‫مدىع األحوال‬ ‫ي‬ ‫مدع األحوال بغت حق يموت عل سوء الخاتمة‪,‬‬ ‫ي‬
‫مدىع المشيخة؟‬
‫ي‬ ‫فكيف ب‬
‫كان كثي من األكابر يقولون‪ :‬لو اعتقدت نفس ى‬
‫أت شيخ عليكم‬ ‫ي ي‬
‫المرش كان يقول‬ ‫ي‬ ‫لخشيت عليها سوء الخاتمة ؛ سيدنا أبو العباس‬
‫الرفاىع كان يقول ألصحابه هكذا‪ ,‬ما‬ ‫ي‬ ‫ألصحابه هكذا‪ ,‬سيدي أحمد‬

‫‪15‬‬
‫ّ‬
‫يعتقدون يف أنفسهم إال أنهم خدام‪ ,‬ولهذا نجد يف كالم األكابر يف‬
‫َّ‬
‫شعرهم‪ :‬ما أنا إل به‪ ,‬كثي ما نسمع من سيدي الحبيب عمر‪ :‬ما أنا‬
‫َّ‬ ‫َ َّ‬
‫إل بهم‪ ...‬ما أنا إل به‪ ,...‬هذا عي التواضع ولكن يف حقيقة هذا‬
‫الكالم تحدث بالنعمة والمكانة ‪.‬‬
‫من هنا قالوا‪ :‬إذا أردت أن تعرف علم العالم فاقرأ كتبه ‪ ,‬وإذا أردت‬
‫أن تعرف رسه فاقرأ شعره ‪ ,‬العارف يفضح نفسه يف شعره؛ ألنه‬
‫يتنفس‪ ,‬الكتب فيها أنفاس علم ولكن األشعار فيها أنفاس أحوال‬
‫وأذواق ومراتب‪ ,‬والعالم يعرف بكتبه وبتالميذه‪.‬‬
‫ً‬
‫فمن هو الشيخ إذا ؟‬
‫قال سيدنا اإلمام الحداد‪ :‬ولتكن لك أيها المريد عناية تامة بصحبة‬
‫الصالحي األبرار‪ ,‬وكن شديد الحرص عل‬ ‫ى‬ ‫األخيار ومجالسة‬
‫مرشد ناصح عارف ِ‬
‫بالّشيعة ‪ ,‬سالك للطريقة‪,‬‬ ‫ٍ‬ ‫صالح‬ ‫شيخ‬ ‫طلب‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ذائق للحقيقة ‪ ,‬كامل العقل‪ ,‬واسع الصدر‪ ,‬حسن السياسة‪,‬‬
‫بي غرائزهم وفطرهم وأحوالهم‪,‬‬ ‫ممت ى‬ ‫ى‬ ‫عارف بطبقات الناس‪,‬‬
‫هذا توصيف الشيخ ‪.‬‬
‫فمن الشيخ الكامل ؟ ألن الشيخ الكامل هذا قد يكون وارث كامل‪,‬‬
‫وقد يكون مجدد فاجتمعت فيه مواريث كثية‪ ,‬ليس كل شيخ عارف‬
‫مجدد‪ ,‬قد يكون شيخ عارف لكن ليس هو مأمور بتجديد الدين‪,‬‬
‫(إن هللا يبعث عل رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه األمة أمر‬
‫ى‬
‫البيهق واإلمام النووي‬ ‫دينها)‪ ,‬هذا حديث صحيح كما قال اإلمام‬
‫ي‬
‫والحاكم قال حديث صحيح‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫فمن هذا المجدد ؟‬
‫فية من الزمن يرقد فيها الناس‬ ‫المجدد يبعثه هللا تعاىل ف ى‬
‫ي‬
‫وينق عنها ما ليس‬
‫ي‬ ‫فيحتاجون من يجدد ارتباطهم بالكتاب والسنة‬
‫منها من بدع أو أقوال فاسدة‪ ,‬فيأخذ بهذه األمة إىل طريق النجاة‪,‬‬
‫قال اإلمام أحمد بن حنبل رحمه هللا تعاىل‪ :‬مجدد القرن الذي بعد‬
‫الصحابة هو سيدنا عمر بن عبدالعزيز ؛ ألنه بعد المائة األوىل‪,‬‬
‫الشافع هو مجدد هذا‬
‫ي‬ ‫شيج محمد بن إدريس‬
‫ي‬ ‫وأرجو أن يكون‬
‫القرن ‪ ,‬ثم ذكر اإلمام الحداد المجددين يف كل زمن يف كتابه الدعوة‬
‫عش باإلجماع كما حىك‬ ‫التامة‪ ,‬وهو اإلمام الحداد مجدد القرن الثاب ر‬
‫ي‬
‫اإلجماع بعض علماء مض وغيه ‪.‬‬
‫فإذا اجتمعت هذه الصفات وهذه الخصائص بأن يكون شيخك‬
‫عارف وارث كامل مجدد فقد تمت لك النعمة وعظمت عليك‬
‫المنة‪ ,‬فهو كييت أحمر كما قال سيدنا اإلمام العيدروس قال‪ :‬إذا‬
‫كتيت أحمر؛ أي‬ ‫الق بنفسك عليه فإنه ر‬ ‫ظفرت بشيخ عارف ف ِ‬
‫غاىل من الجواهر يقال‬ ‫ر‬
‫شء ي‬ ‫أغىل الجواهر فإذا أرادوا أن يعيوا عن ي‬
‫له كييت أحمر‪ ,‬الكييت األحمر هذا تضعه فوق الحصا يتحول إىل‬
‫ذهب‪ ,‬فهذا الشيخ ّ‬
‫يحول البليد الذي ال يعرف بأن يكون عالم‪ ,‬قال‬
‫الحبيب جعفر بن أحمد العيدروس‪:‬‬
‫ى‬
‫تكسـ ــونه أخضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر جديد‬ ‫اغت‬
‫كــل من دخــل يف حمــاكم لو كسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاه ر‬
‫ل ـ ـ ـ ــو ك ـ ـ ـ ــان حـ ـ ـ ـ رـن بـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـي ـ ـ ــد‬ ‫وقلـ ـبـ ـ ـ ــهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر‬
‫ينور‬ ‫ـل ـ ـ ـلـ ـ ـ ــه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫صـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫يح ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫والحلم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫والعلمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫ادبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫أدبر‬
‫إيه اخض جديد ذا ؟ أخض هذا اللون يستدل به عىل النقاء والصفاء‬
‫والكمال‪ ,‬كان بليد مسكي لكن لما ارتبط بالشيوخ صار عالم؛ ألنهم‬
‫أعطوه شيئا من هذا الكييت األحمر واإلكسي األذخر‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫قال سيدنا اإلمام الحداد يف هذا الشيخ‪ :‬صالح مرشد ناصح عارف‬
‫ِ‬
‫بالّشيعة‪ ,‬فهذه ر‬
‫الشائط الثالثة ذكرها اإلمام الحداد من جهة‬
‫الشيخ‪ ,‬وأما من جهة المريد للشيخ رشائط سنذكرها‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬قال‪ :‬أن يكون عارف ِ‬
‫بالّشيعة ‪:‬‬
‫مرب أو وارث نبوي جاهل‪ ,‬عالم‬ ‫شيخ‬ ‫أو‬ ‫مجدد‬ ‫يكون‬ ‫أن‬ ‫ما ى‬
‫يتأب‬
‫ي‬
‫رباب ﱡ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ‬ ‫ر‬
‫بالشيعة ي‬
‫ﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮ ﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵ‬

‫ﱶ ﱷ ﱸﱹﱺﱠ ر‬
‫الشط هذا أن يكون عالم‬
‫أب طالب‬‫عىل بن ي‬
‫اإلمام ي‬ ‫الرباب ؟ قال عنه سيدنا‬
‫ي‬ ‫رباب‪ ,‬من هو العالم‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫كرم هللا وجهه‪ :‬العلماء الربانيون هم الذين يغذون الناس بالحكمة‬
‫الرباب هو الذي يغذيك يشبعك بالحكمة‪,‬‬ ‫ي‬ ‫ويربونهم عليها‪ ,‬العالم‬
‫حت تنمو ذاتك كما أن الجسد إذا‬‫كالمه كله حكمة‪ ,‬تتغذى بالحكمة ى‬
‫غذي بالطعام ينمو ويكي‪ ,‬وقد ال يشعر اإلنسان بنمو جسده‪,‬‬
‫المجالس للشيوخ كذلك ينمو فيه العلم وتنمو فيه المعارف وتنمو‬ ‫ُ‬
‫ى‬
‫يأب يقول‪ :‬أنا يىل كذا كذا سنة عند‬
‫فيه الحقائق وقد ال يشعر‪ ,‬وقد ي‬
‫بسء‪ ,‬قل له‪ :‬أنت تنمو وأنت ال شعر‪ ,‬هل‬ ‫ِ‬
‫الشيوخ ما شعرت ي‬
‫يكت؟ ما تشعر‬
‫شعر بأن جسمك ينمو لما تأكل؟ شعر؟ جسمك ر‬
‫بهذا‪ ,‬لكن لما تضع يف الميان تعرف أن وزنك كذا كذا واآلن صار‬
‫وزنك كذا كذا‪ ,‬فإذا وضعوك بعد ذلك يف ميانهم‪ ,‬ودخلت إىل‬
‫حت عرفوك أنك كنت‬ ‫مدارجهم‪ ,‬فتحوا لك شيئا من هذه األبواب ى‬
‫تجهل هذا واآلن ضت تعرف هذا‪ ,‬هكذا ينمو‪ ,‬فالربانيون هم الذين‬

‫‪18‬‬
‫يغذون الناس بالحكمة ويربونهم عليها‪ ,‬قال سيدنا ابن عباس‪ :‬كونوا‬
‫يعت علماء حكماء ‪.‬‬ ‫ى‬
‫ربانيي‪ :‬ي‬

‫ثانيا‪ :‬أن يكون سالك للطريقة‪ ,‬ما ى‬


‫معن الطريقة؟‬
‫ى‬
‫ه المنهجية المتبعة يف سلو الطريق‪ ,‬الطريق عام‬ ‫الطريقة ي‬
‫والطريقة خاصة‪ ,‬منهجية محددة يعطيك الشيخ أذكار‪ ,‬أعمال‪,‬‬
‫أوراد‪ ,‬أفعال‪ ,‬ترو ‪ ,‬إجازات يلزمك بها؛ هذه الطريقة‪.‬‬
‫حت قيل الطرق عىل عدد أنفاس الخالئق ‪,‬‬‫ولهذا تعددت الطرق ى‬
‫النت‬ ‫ى‬
‫الت تناسبه‪ ,‬هكذا كان ي‬
‫يعت كل مريد يسلكه الشيخ بالطريقة ي‬ ‫ي‬
‫صىل هللا عليه وآله وسلم‪.‬‬
‫الت أخذها‬ ‫ى‬
‫اب يف كتابه العهود ُ ي‬ ‫ذكر سيدنا عبدالوهاب الشعر ي‬
‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم‪ ,‬قال‪ :‬وأ ِخذ علينا‬ ‫بالواسطة عن ي‬
‫العهد من رسول هللا‪ ,‬أي بوسائط‪ ,‬من أين جاءت هذه العهود؟‬
‫جاءت بواسطة الصحابة‪ ,‬كل واحد من الصحابة كان له طريقة‬
‫كيت البيعات‬ ‫حت ر‬
‫معينة يربيه بها النت صىل هللا عليه وآله وسلم‪ ,‬ى‬
‫ي‬
‫فهذا بايعه عىل الصفاء وهذا عىل النصح لكل مسلم‪ ,‬وهذا بايعه يف‬
‫ترك استخدام الناس‪ ,‬وهذا بايعه عىل عدم التفات القلب للناس‪,‬‬
‫وهذا بايعه عىل الموت‪ ,‬وهذا بايعه عىل الجد يف المنشط والمكره‪,‬‬
‫ّ‬ ‫حت ظهرت هذه ى‬ ‫أنواع‪ ,‬ى‬
‫اليبية يف أهل الصفة هذا يتكسب وهذا‬
‫ىييك الكسب‪ ,‬هذا يتجرد وهذا يتسبب‪ ,‬وهذا عمله يف الذكر وهذا‬
‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم كما قال‬ ‫ي‬ ‫عمله يف الصالة عىل‬
‫ر‬
‫صالت يا رسول‬ ‫ي‬ ‫الصحاب كعب بن عجرة قال‪ :‬كم أجعل لك من‬ ‫ي‬
‫بكية الصالة عليه‪ ,‬قال‪ :‬ما شئت‪,‬‬ ‫هللا ألنه أخذ النت عليه العهد ر‬
‫ي‬

‫‪19‬‬
‫النت بفعل الصالة عليه ما حدد له القدر‪ ,‬قال‪ :‬ما شئت‪ ,‬قال‪:‬‬
‫أمره ي‬
‫وقت؟ قال‪ :‬وإن شئت فزد‪ ,‬قال‪ :‬نصف؟ قال‪ :‬وإن شئت فزد‪,‬‬ ‫رب ع ى‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫كف همك‪ ,‬ويغفر‬ ‫إذا ُت ى‬
‫ً‬ ‫إذا أجعل كل ر‬
‫وقن صالة عليك‪ ,‬قال‪:‬‬
‫ً‬
‫قال‪:‬‬
‫ي‬
‫ذنبك‪.‬‬
‫ِّ‬
‫هذه طريقة يف التسليك‪ ,‬وكل شيخ ُيسلك مريده أو مريديه بالطريقة‬
‫الت يراها مناسبة لهم ‪ ,‬هذا يظهره وهذا يخمله‪ ,‬وهذا يقيمه وهذا‬ ‫ى‬
‫ي‬
‫يقعده‪ ,‬وهذا بطريق العلم وهذا بطريق الذكر‪ ,‬تختلف أحوال تربية‬
‫الشيوخ؛ ألنهم مؤتمني عىل مريديهم‪ ,‬فهو سالك للطريقة‪.‬‬
‫فمن هو سالك الطريقة؟ المتنسك المتمسك أي كثي العبادة‬
‫متحىل باألوصاف الكريمة واألخالق النبوية ‪.‬‬
‫ي‬ ‫ال‬

‫ثالثا ‪ :‬ذائق للحقيقة ‪ :‬أي له قوة ومكنة أعطاه هللا تعاىل إياها أن‬
‫يستخرج الحقائق من الكتاب والسنة‪ ,‬آية تقرأها أنت ألف مرة لم‬
‫ي ِرد عىل قلبك معت ما أورده هذا الشيخ‪ ,‬هذا مستنبط ‪ ,‬يذيقك‬
‫حت يذيقك‬ ‫الحقيقة من الكتاب والسنة ومن هذا الوجود وما فيه ى‬
‫حقائق من بعض الشكليات والصور تذوق منها حقائق‪ ,‬قال سيدنا‬
‫أبو ذر‪ :‬تركنا رسول هللا صىل هللا عليه وآله وسلم وما من طائر يطي‬
‫حت الطائر يطي يف السماء هذا‬ ‫ف السماء إال وعلمنا منه علم ‪ ,‬ى‬
‫ي‬
‫تعرف ماذا يقول هذا الطائر ﱡ ﲇﲈﲉ ﲊﲋ ﲌﲍﲎﲏ‬

‫ﲐﲑﲒﲓﱠ قال‪ :‬من هذا الطائر علمنا حقائق ‪.‬‬


‫يمش مع بعض أصحابه‪ ,‬فسمعوا‬ ‫سيدنا عىل بن أب طالب كان ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ناقوس الكنيسة‪ ,‬قال‪ :‬ما تسمعون ما يقول هذا؟ ما يقول يا أمي‬

‫‪20‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫المؤمني؟ يقول‪ :‬ال إله إال هللا حقا حقا‪ ،‬صدقا صدقا؟ فعلمنا من‬
‫هذا الصوت علم ‪.‬‬
‫يذيقك الحقيقة دائما نسمع من سيدي الحبيب عمر عن الثالثة‬
‫ى‬
‫سعي بري‪ ,‬يبيع‬ ‫الذين يمشون يف طريق فيسمعون رجال يقول‪:‬‬
‫ى‬
‫سعي بري‪ ,‬فاألول لما‬ ‫ى‬
‫سعي بري نبات من النباتات يبيعها يقول‬
‫أغىم عليه‪,‬‬
‫أغىم عليه والثالث ي‬
‫والثاب لما سمعه ي‬
‫ي‬ ‫أغىم عليه‬
‫سمعه ي‬
‫ما الذي حصل؟‬
‫والثاب كان متوسط بي السلوك والوصول والثالث‬
‫ي‬ ‫األول كان سالك‬
‫كان واصل األول قال سمعته يقول‪ :‬اسع ترى بري‪ ,‬هذا سالك‪,‬‬
‫والثاب قال سمعته يقول‪ :‬ما أوسع بري أي كأنه يسمع خطاب الحق‬
‫ي‬
‫تعاىل يف لسان هذا اإلنسان‪ ,‬والثالث الواصل هذا قال سمعته يقول‪:‬‬
‫الصوف ابن وقته يف كل وقت‬
‫ي‬ ‫الساعة ترى بري‪ ,‬الساعة اآلن؛ ألن‬
‫ويي ىف مقاما جديدا‪ ,‬فمن رشط الشيخ هذا‬‫يكتسب علما جديدا‪ ,‬ى‬
‫أن يكون ذائق للحقيقة أي مستنبط للحقائق والدقائق من‬
‫شء إال‬ ‫ر‬
‫النصوص فهو يقظ الفؤاد يف كل وقت‪ ,‬ما يمر عليه ي‬
‫الشء علما‪ ,‬هذه ثالثة رشائط ذكرها اإلمام‬
‫ي‬
‫ويستخرج من هذا ر‬
‫الحداد‪.‬‬
‫وهنا ِرسط رابع‪ :‬أن يكون مأذون له يف التسليك‪ ،‬ال المأذون له‬
‫فقط يف عامة الدعوة وال يف عامة البالغ وال يف التدريس‪ ,‬هذا شيخ‬
‫آخر هذا شيخ تعليم‪ ,‬هذا شيخ دعوة‪ ,‬شيخ توجيه‪.‬‬
‫ُ ِّ‬
‫الكالم هنا عن الشيخ المسلك شيخ الحكم هو شيخ علم لكن فاق‬
‫عىل غيه بأنه شيخ حكم بأن يكون مأذون له يف التسليك ممن كان‬
‫قبله من شيوخه يأذنون له إما إذن وإما أمر‪ ,‬سيدنا اإلمام الجنيد‬

‫‪21‬‬
‫السقط أمره‬
‫ي‬ ‫ابن محمد سيد الطائفة البغدادية لما كي خاله الشي‬
‫أن يظهر للناس وأن يسلك المريدين فسمع كالم شيخه لكنه ما‬
‫النن صل هللا عليه وآله وسلم وأمره أن‬ ‫ر‬
‫ظهر وخاف‪ ,‬حن رأا ر ي‬
‫يظهر فظهر للناس‪ ,‬ظهر للمريدين يف التسليك‪ ,‬وكان يسىم هذا‬
‫اإلمام الجنيد بشيخ الطائفة البغدادية أو شيخ أهل طوائف‬
‫السقط والشي‬ ‫ي‬ ‫التصوف هناك ؛ ألنه أخذ عن شيخه الشي‬
‫الكرخ أخذ عن سيدنا‬
‫ي‬ ‫الكرخ ومعروف‬
‫ي‬ ‫السقط أخذ عن معروف‬
‫ي‬
‫وعىل الرضا أخذ عن والده سيدنا موش الكاظم وموش‬ ‫ي‬ ‫عىل الرضا‬
‫ي‬
‫الكاظم أخذ عن والده سيدنا جعفر الصادق وجعفر الصادق أخذ‬
‫عىل زين‬‫عن والده سيدنا الباقر والباقر أخذ عن والده سيدنا ي‬
‫العابدين وزين العابدين أخذ عن والده سيدنا الحسي وعمن أدرك‬
‫النت صىل‬ ‫من الصحابة يف ذلك الزمن وهكذا‪ ,‬سلسلة متصلة إىل ي‬
‫حت‬‫هللا عليه وسلم‪ ,‬فسيد الطائفة البغدادية هذا اإلمام الجنيد ى‬
‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم‪ ,‬فقال له خاله‪ :‬يا‬‫جاءه األمر من ي‬
‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم؟ قال‪ :‬أنا‬ ‫ى‬
‫جنيد لم تظهر حت أتاك ي‬
‫لم أقل لك تظهر إال بإذن من رسول هللا‪.‬‬
‫فال بد للشيخ هذا أن يكون مأذون له‪ ,‬فإذا لم يأذن له‪ ,‬فيكون عالم‬
‫مفت معرف للناس الواجب واألحكام‪ ,‬لكن تسليك المريدين هذا ال‬ ‫ى‬
‫ي‬
‫يكون إيصالهم إىل هللا تعاىل إال من مأذون له‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ه أعمال الشيخ تجاه المريد ؟‬
‫ما ي‬
‫ُ ى‬
‫نحن نرى أن الشيخ يعلمنا‪ ,‬ينصحنا‪ ,‬يؤدبنا‪ ,‬يذكرنا‪ ,‬هذه أعمال‬
‫حت نعي هذا الشيخ‬ ‫ظاهرة لكن هناك أعمال أخرى ال بد أن نفقهها ى‬
‫الت عليه‪ ,‬ونغتنم الوقت‪,‬‬‫ى‬
‫عىل القيام بأداء هذا الواجب والمهمة ي‬
‫ويختض لنا الطريق‪ ,‬لنصل إىل هللا ونفت عن أنفسنا ‪.‬‬‫ُ‬

‫أوىل هذه المهمات قال عنها سيدي الحبيب عمر حفظه هللا‬
‫تعاىل‪( :‬الشيخ هو الذي يوصلك إىل ملك الملو من حرص المادة‬
‫والمظاهر فتتحقق بالتوبة)‪ ,‬الشيخ هو الذي يقوم عىل مريده‬
‫ه أول مقام من مقامات السالكي‪,‬‬ ‫ليتحقق بالتوبة؛ ألن التوبة ي‬
‫ومن ال توبة له ال مقام له‪ ,‬فمن مهمات الشيخ أن يخرجك من حض‬
‫شء‪ ,‬ال نفس‪ ,‬ال هوى‪ ,‬ال شيطان‪ ,‬ال‬ ‫ر‬ ‫ى‬
‫هذه المادة حت ال يأشك ي‬
‫دنيا‪ ,‬ال عادة من العادات‪ ,‬ال ثوب‪ ,‬ال دراجة‪ ,‬ال مركوب‪ ,‬ال صاحب‬
‫ً‬ ‫ال ر‬
‫ش يأشك من هذا أبدا‪ ,‬يخرجك من األش هذا كله فتكون واحد‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫شء أبدا‬‫الحبيب عمر ما يأشك ي‬ ‫لواحد كما قال سيدنا وشيخنا‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫ماش يتحكم فيك يف هذا الوجود أبدا إال هللا تصي تتبع مرادات هللا‬
‫ي‬
‫‪،‬فهذه من مهمات الشيخ يخرجك من هذا األش والحبس كله‪.‬‬
‫المهمة الثانية ‪ :‬الشيخ هو أمي اإللهام اعقلوا هذا‪ ,‬الشيخ أمي‬
‫الوخ‪ ,‬وكما أن جييل ال يخون يف‬
‫ي‬ ‫اإللهام كما كان سيدنا جييل أمي‬
‫الوخ فالشيخ ال يخون يف اإللهام يعطيك ما تحتاج إليه من معارف‬
‫ي‬
‫ً‬
‫أحيانا بعض المريدين للشيخ يأبى‬ ‫ومن علوم ومن كالم‪ ,‬فقد يأبى‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫بكالم كثي ينتظر منه كالم مقابل هذا الكالم ينتظر منه بشارات أو‬
‫ينتظر منه توجيهات يعطيه كلمة واحدة فقط‪ ,‬لماذا قال هذه‬

‫‪23‬‬
‫يأب‬‫الكلمة؟ ألنه أمي اإللهام ‪ ,‬ماذا يصلح لك أن يقال يقول لك‪ ,‬ما ى‬
‫ي‬
‫ش بزيادة هو أمي اإللهام هذه المهمة الثانية‪.‬‬ ‫ر‬
‫ب ي‬
‫المهمة الثالثة ‪ :‬الشيخ يميتك ويحييك‪ ,‬كيف يميتك ويحييك ؟‬
‫يعت يفنيك ويبقيك هذا معناه‪ ,‬من مهمات الشيخ أن يميتك؛‬ ‫ي‬
‫تبق أنت بأنت‪,‬‬ ‫حت ال ى‬
‫يميتك عنك ويحييك باهلل‪ ,‬يميتك عنك ى‬
‫يعت يفنيك ويبقيك‪,‬‬ ‫ى‬
‫تبق أنت بهو‪ ,‬هذا معت يميتك ويحييك‪ ,‬ي‬
‫يخرجك منك إليه‪ ,‬هذه من مهمات الشيخ‪ ,‬كيف يعمل؟ هذا ما هو‬
‫ِّ‬
‫لنا الكالم‪ ,‬هو له طريقة يسلك بها المريدين‪ ,‬وي هذبهم بها‪,‬‬
‫ويحييهم‪ ,‬يفنيهم‪ ,‬يبقيهم هذا شغله هو‪ ,‬كما قال سيدنا جعفر‬
‫ه الحياة‬‫ماه الحياة؟ قال‪ :‬الحياة ي‬
‫الصادق لما تكلم عن الحياة‪ ,‬ي‬
‫باهلل والمعرفة‪ ,‬وهذه ليست لكل أحد الحياة ليست لكل أحد‪,‬‬
‫ر‬
‫شء آية تقول‬‫ﲑ ﱠ لكن ي‬ ‫ﲒ‬ ‫الموت نعم لكل أحد ﱡ ﲎﲏﲐ‬

‫كل نفس ذائقة الحياة ؟ ال‪ ,‬كل نفس ذائقة الموت لكن الحياة ال‬
‫تكون إال من أحياهم الشيخ فمن يحييه الشيخ هذا يذوق الحياة‬
‫ومما يقيم الحجة لك أو عليك وجود الشيوخ ‪ ,‬كما أقام هللا تعاىل‬
‫الحجة عىل األمم‪ ,‬ﱡ ﲷﲸﲹﲺﲻ ﲼﱠ‬

‫هذه إقامة الحجة عىل األمم‪ ,‬قال بعض أهل اإلشارة‪ :‬وما كنا‬
‫حت نبعث رسوال‪ ,‬إذا‬ ‫معذبي‪ :‬أي من العذوبة‪ ,‬من ذوق الحياة‪ ,‬ى‬
‫حت‬‫حت نبعث رسوال‪ ,‬ى‬ ‫انتقل الرسول جاء الشيوخ‪ ,‬وما كنا معذبي ى‬
‫يعت من العذوبة يقال‬ ‫نوجد من ًيقوم ّبمهمة الرسول‪ ,‬معذبي‪ :‬ي‬ ‫ّ‬
‫عذبه عذابا أو عذبه عذوبة‪ ,‬من العذوبة من الذوق فيذيقك‪ ,‬أنت‬
‫حت يبعث لك سبحانه وتعاىل من يذيقك‬ ‫بنفسك تذوق ما تذوق ى‬
‫هذه العذوبة هذه من أعمال الشيخ ومن من مهماته‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫كيف يعرف المريد أن هذا شيخه أو ليس بشيخه ؟‬
‫بعالمة واحدة إذا وجدت يف القلب فاعلم أن هذا الذي اعتقدت‬
‫فيه أنه شيخك هو شيخك‪ ,‬ومهما لم تظهر هذه العالمة فلن يكون‬
‫حت تتصف بهذه‪ ,‬شيخ حاكم عليك غي شيخ التعليم‪( ,‬‬ ‫شيخك ى‬
‫هو ِ‬
‫انّشاح الصدر لهذا الشيخ ) ‪ ,‬إذا ر‬
‫انشح الصدر لهذا الشيخ فهذا‬
‫ينشح فهذا ليس بشيخك ابحث لك عن شيخ آخر‪,‬‬ ‫شيخك‪ ,‬إذا لم ر‬
‫أوامره ثقيلة عليك‪ ,‬ما تجد انبعاث عند تذكره عند رؤياه ما تجد‬
‫هذا‪ ,‬هذا اآلن ليس شيخك‪ ,‬إما أن تكون علة فيك تذهب هذه العلة‬
‫ويكون هو شيخك‪ ,‬وإما عىل الحقيقة هذا ليس بشيخك فابحث‬
‫لك عن شيح آخر‪ ,‬هذه العالمة أقوى عالمة‪.‬‬
‫فمن ظفر بهذا الشيخ ماذا يلزمه ؟‬
‫يلزمه سليم الزمام‪ ,‬ما معت تسليم الزمام؟ كيف نسلم الزمام؟‬
‫ّ‬
‫قال سيدنا الحبيب عمر حفظه هللا تعاىل‪ :‬من سلم زمامه لمفلح‬
‫ّ‬
‫ينجح ويفلح‪ ,‬ومن لم يسلم زمامه لمفلح فكيف يفلح‪ ,‬قال سيدنا‬
‫الخض لسيدنا موش‪ :‬ﱡ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦﲧ ﲨ ﲩﲪ ﲫﲬ‬
‫ﲭﲮ ﱠ هذا معت التسليم يعت ال تناقش وال ى‬
‫تعيض؛ سيأتيك‬ ‫ي‬
‫الجواب إذا لزمت هذا الطريق‪ ,‬وكل كلمة يتكلم بها الشيخ يعقلها‬
‫أهل البصية من أهل اإلرادة ‪ ,‬وربما كلمة عامة أنت تخاطب اآلن‬
‫بها يف سيك إىل هللا تعاىل إذا فقهت‪ ,‬إذا فقهت كيف يخاطب‬
‫الشيوخ المريدين تستخرج من هذا الكالم أن الشيخ يخاطبك‬
‫بشخصك يف كل كلمة يف كل التفاتة يف كل نظرة يف كل وجهة وهذه‬
‫ال يصل إليها إال الفقيه ؛ الفقيه يف مجالسة الشيوخ قال الحبيب‬

‫‪25‬‬
‫إىل الشيخ أبو بكر بن سالم نظرة‬‫عبدالرحمن بن شيخ عيديد‪ :‬نظر ّ‬
‫ي‬
‫ى‬
‫أربعي سنة‪.‬‬ ‫فقهت هذه النظرة بعد‬
‫تسليم الزمام إنما يكون باالتباع ؛ واالتباع هذا يكون يف ظاهر وباطن‬
‫ً‬
‫وهو أن يفت التابع يف متبوعه بالتسليم المطلق الكامل ظاهرا‬
‫ً‬
‫وباطنا‪ ,‬الظاهر باالقتداء بالشيخ واالهتداء به‪ ,‬والباطن بأن ال تغيب‬
‫شء ما تغيب ‪ ،‬معك حاض يف السلوك‪,‬‬ ‫ر‬
‫صورة الشيخ عنك يف كل ي‬
‫أيتموت أصل)‪ ,‬معك حاض ف العلم (خذوا ى‬ ‫ى‬
‫عن‬‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫(صلوا كما ر‬
‫عن ولو آية)‪ ,‬حاض‬ ‫ى‬
‫مناسككم)‪ ,‬معك حاض يف الدعوة (بلغوا ي‬
‫معك الشيخ قال سيدنا إبراهيم الخليل‪ :‬ﱡ ﱨﱩﱪﱫﱬﱠ ي‬
‫يعت ال‬
‫شء‪ ,‬من هنا قال سيدنا موش للخض‪:‬‬ ‫يغيب عت أكون معه ف كل ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ﱡ ﱼﱽ ﱾﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﱠ‬
‫ً‬
‫أفت مرادي يف مرادك‪ ,‬أكون دائما معك‪ ,‬لماذا‬‫هل أتبعك؟ خالص ي‬
‫تعلمت‪ ,‬عىل أن تأخذ بيدي إىل الرشد إىل الكماالت‪,‬‬
‫ي‬ ‫أتبعك؟ عىل أن‬
‫هذه مهمة من مهماته ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫الحمد هلل الذي يقذف يف قلوب من يشاء من عباده لوعة‬
‫ه اإليمان‬ ‫ى‬
‫الت ي‬
‫اإلرادة‪ ,‬فيعجهم إىل سلوك سبيل السعادة ي‬
‫والعبادة‪ ,‬فإذا قذف هللا تعاىل بأحد منا يف هذا الميدان الوسيع صار‬
‫ونصىل‬
‫ي‬ ‫يف زيادة وزيادة وزيادة ‪ ,‬ﱡ ﳢ ﳣﳤ ﳥ ﱠ وال نهاية ‪,‬‬
‫ونسلم عىل رأشف خلقه الذي أراده هللا تعاىل لحضته‪ّ ,‬‬
‫وهيأه للنظر‬
‫إىل وجهه‪ ,‬وجعله باب المواهب والطريق إىل تحصيل الرغائب‪,‬‬
‫والمرافقة له غاية من أعىل الغايات صىل هللا وسلم عليه وعىل آله‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫وأدب من ّأدب ‪.‬‬‫ّ‬
‫وبه علم من علم‬
‫وه‬ ‫الوراثة والمشيخة‪ ,‬ي‬ ‫الماض الكالم عن‬
‫ي‬ ‫تقدم معنا يف المجلس‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫من منة هللا الوسيع‪ ,‬إذا أراد أن يربط أحدا من خلقه به ربطه‬
‫بمحبوب وبمقرب وهو داللة وعالمة عل أن هللا تعاىل يريد هذا‬
‫ً‬ ‫ى‬
‫لحرصته وليكون من خاصته‪ ,‬وإذا قطع هللا تعاىل أحدا‬ ‫اإلنسان‬
‫ّ‬
‫والوراث فهذه عالمة وداللة عىل‬ ‫من الخلق عن هذه المواريث‬
‫الشقاء إن لم يتداركه الحق سبحانه وتعاىل باالصطفاء‪ ,‬فيكون‬
‫الكالم معنا اليوم عن اإلسناد واالرتباط ‪.‬‬
‫المعاىل ‪ ,‬وأهل هذا اإلسناد لهم‬
‫ي‬ ‫اإلسناد‪ :‬هو الطريق والمسلك إىل‬
‫مرادات فيمن استند إليهم‪ ,‬واعتمد عليهم‪ ,‬وارتبط بهم‪ ,‬فمما يقال‬
‫يف هذا الشأن ‪ :‬أن من أعىل ما يطلبه الشيخ لمريده مطالب ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫ماذا يريد الشيخ لمريده ؟‬
‫وف اآلخرة‬‫يريد له أشياء كثية ومن أهمها يف هذه الدنيا أمرين‪ ,‬ي‬
‫كذلك ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫أمرا بارزا ظاهرا يظهر يف خطابات الشيخ‪ ,‬الذي يفقه هذه الخطابات‬
‫ً‬
‫يستخلص منها شيئا من مرادات الشيخ ويظهر ذلك يف بشارة أو يف‬
‫إشارة‪ ,‬أو ف تنبيه ألمر ر‬
‫يكي الشيخ من ذكره‪.‬‬ ‫ي‬
‫فمن أهم ما يريد الشيخ لمريده ‪:‬‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬أن يكون من رجال األقاليم‪ ,‬من رجال الزمان واألوان ‪ ,‬فإذا‬
‫رجع إىل جهته وإقليمه كان من أبرز رجاالت ذلك اإلقليم‪ ,‬وهذه‬
‫الشافع ونقلها عنه اإلمام‬
‫ي‬ ‫الرجولة ال تتم إال بأمور ذكرها اإلمام‬
‫النووي يف مقدمة المجموع ‪ :‬أن الرجولة ال تكمل إال بأربعة أشياء‪:‬‬
‫بـ ـديـ ـانـ ـ ـة وأمـ ـ ـان ـ ـ ـة وصـ ـي ـ ـ ـان ـ ـ ـة ورزان ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة‪.‬‬
‫األمر األول ‪ :‬أي يكون كامال يف ديانته‪ ,‬مستقيما يف معاملته؛ ألن‬
‫السقيا تحصل من هناك‪ :‬ﱡ ﱓﱔﱕﱖﱗﱠ‬

‫ﱡ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊﳋ ﱠ فهذا األمر األول ألجل أن يحصل‬


‫عىل هذه المكانة أن يكون من رجال األقاليم‪ ,‬وهذا سمعناه قديما‬
‫من كالم سيدي الحبيب عمر لما اجتمع بالطالب قال ‪ :‬ال تظنون‬
‫ى‬
‫أنكم عندنا هنا لطلب العلم فقط ‪ ,‬طلب العلم يف كل مكان ‪ ,‬إنما‬
‫أنتم هنا عندنا لتكونوا رجاال ى يف أقاليمكم ‪ ,‬اعقلوا هذه الكلمة ‪:‬‬
‫لتكونوا رجاال يف أقاليمكم ‪ ,‬فال بد من تصحيح الديانة وديانتنا يف‬
‫استقامتنا ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫ى‬
‫الثات ‪ :‬األمانة ى‬
‫الت ستحملونها عجزت عن حملها جبال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫األمر‬
‫وسماوات وأراض ‪ ,‬هذه األمانة العامة ‪ ,‬لكن هناك أمانة خاصة ال‬
‫وحملها فال يستطيع بعد ذلك أن‬ ‫فوه بذكرها إنما يعرفها من نالها ُ‬ ‫ُي ّ‬
‫يتكلم عنها بل يتكلم بها‪ ,‬يتكلم عن هذه األمانة بلسانها‪ ,‬وال يتكلم‬
‫الت ُحملها؛ ألنه ال يجوز أن يكشف هذه‬ ‫ى‬
‫ه هذه األشار ي‬ ‫عنها ما ي‬
‫األشار‪ُ ,‬يباح دم الذي بالش قد باح‪ ,‬الذي يبوح بالش دمه ُيباح؛‬
‫ألنه ما صان هذه األمانة‪.‬‬
‫األمر الثالث ‪ :‬الرزانة أي الثبات يف المنشط والمكره ‪ ,‬الثبات يف‬
‫الشاء والضاء‪ ,‬وخصوصا عند االنبساط ؛ ألنه يمر بأحوال بسط‬
‫وأحوال قبض‪ ,‬أخطر ما يكون عىل المريد االنبساط‪ ,‬عندما ينبسط‬
‫فقد يبوح بأشياء ال يجوز له أن يبوح بها‪ ,‬وقد ينبسط مع شيخه و‬
‫قد يفقد يف هذه الحالة األدب وقد ُيسلب‪ ,‬أما القبض فليس للنفس‬
‫منه حظ فال ُيخاف عليه‪ ,‬االنبساط تأخذ النفس حظها منه فيحتاج‬
‫عند االنبساط مع شيخه أن يتحىل بأقوى حلة يف اآلداب‪ ,‬إذا ورد‬
‫عىل لسان الشيخ بشارة أو عالمة وأمارة‪ ,‬أو ذكر وإشارة إليه فال بد‬
‫هنا أن ينتبه من األدب ‪.‬‬
‫تبع السالمة تأدب‪ ،‬تأدب‪ ،‬تأدب‬
‫إذا شئت ي‬
‫ْ‬
‫والـ ـ ـ ـ ـ ــزم ل ـ ـ ـ ـ ــه حسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن األدب‬ ‫أعـ ـ ـ ــط الـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــة حـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــا‬
‫ْ‬ ‫ى‬ ‫ُ ُ‬
‫ـال وهـ ـ ـ ـ ـ ــو رب‬ ‫ٍ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ح‬ ‫ـل‬‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫واعـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ــم بـ ـ ـ ـ ــأنـ ـ ـ ـ ــك ع ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ــده‬

‫تأب الرزانة‬‫وأكي األدب يحتاج إليه المريد عند االنبساط‪ ,‬وهنا ى‬


‫ر‬
‫ي‬
‫الثبات‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫األمر الرابع ‪ :‬الصيانة بأن يصون نفسه عما يشينها يف دينها وكل ما‬
‫اتصل بالدين من عرف وغيه‪ ,‬وهذا ما يسىم عند المزكي بالمرؤة‬
‫والفتوة‪.‬‬
‫فهذا األمر األول الذي يريده لنا الشيوخ بأن نعقل هذا ثم نسي‬
‫حت نصل إليه بأن نكون رجاال يف أقاليمنا ‪.‬‬ ‫ى‬
‫ً‬
‫ثان ـي ـ ـ ـ ـ ـا ‪ :‬من مرادات الشيوخ ‪ :‬أن ييلوا مريديهم يف مجالس األنس‬
‫اش يف الحضات‪ ,‬يذكر‬ ‫وحضات القدس؛ أن يجلسوهم عىل كر ي‬
‫عن سيدنا وشيخنا الحبيب عبدالقادر بن أحمد السقاف أنه قد‬
‫ّ‬
‫مريدي‬ ‫عّشة من‬ ‫حت قال‪ :‬أن ِ‬ ‫أجلس كثيا ف هذه الكراش ى‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ى‬
‫سأجلسهم قبل أن أخرج من هذه الدنيا يف خاصة حضائر القدس‬
‫‪ ,‬ويذكر عن اإلمام الحداد أن ممن أجلسهم يف هذه الحضائر وفتح‬
‫هللا تعاىل قلوب هم عىل يده ممن اسمه عمر فقط أربعي ‪ ,‬عنده‬
‫الحبش‪ ,‬عنده عبدالرحمن بن‬ ‫ر‬ ‫تالميذ أخر عنده أحمد بن زين‬
‫ي‬
‫عبدهللا بلفقيه‪ ,‬عنده محمد بن زين بن سميط‪ ,‬فم ّمن فتح هللا عىل‬
‫يده م ّمن اسمه عمر فقط أربعي‪ ,‬وهكذا كل شيخ يف زمانه يجعل‬
‫اش والحضائر عىل يده‪ ,‬هذا األمر‬ ‫هللا تعاىل تييل أهل هذه الكر ي‬
‫الثاب ‪.‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ثالث ـ ـ ـ ـ ـ ـا ‪ :‬وهو أخروي مراد الشيخ يف مريديه أن يكونوا من أهل الصف‬
‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم وهذا ما تسمعونه كثيا يف‬ ‫األول مع ي‬
‫حت‬ ‫توجيهات وكالم سيدي الحبيب عمر وف آماله ؛ ألن لهم آمال ى‬
‫ي‬
‫قال اإلمام الحداد يف آخر أيامه‪:‬‬
‫وجوها عليهـا نور علم وخش ـ ـ ـ ـ ـيـة‬ ‫ـف إن مـت من قبـل أرا‬‫فوا أسـ ـ ـ ـ ـ ـ ى‬
‫ي‬
‫وآثـ ــار كشـ ـ ـ ـ ــف الغيـ ــب عن ذو‬ ‫وجلوة إخالص وص ـ ـ ـ ـ ــد وقربــة‬
‫خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ رـتة‬

‫‪30‬‬
‫وف اآلخرة‪,‬‬ ‫هذا مرادي يف تالميذي أن أرى أنوارهم ساطعة يف الدنيا ي‬
‫وأن يكونوا من أهل الصف األول؛ ألن الصف األول هذا ال يزال‪,‬‬
‫«ف ُك رل َق ْرن ِم ْن ُأ َّمنر‬‫ى‬
‫يِ‬ ‫ٍ‬ ‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم ِ ي‬
‫يقول َ ي‬
‫أي يسبقون غيهم مثل األوائل‪ ,‬والسابقون الصحابة‬ ‫َساب ُقون» ؛ ّ‬
‫ِ‬
‫الذين ذكرهم هللا تعاىل يف كتابه‪ :‬ﱡ ﱁ ﱂ ﱃ‬
‫ى‬
‫يف‬ ‫ﱄﱅﱠبعدين ي‬
‫يأب المتبعونﱡ ﱆﱇﱈﱠ‬

‫النت الكريم صىل هللا عليه وآله وسلم ألنها أمة‬


‫كل قرن من أمة هذا ي‬
‫أمن كمثل الغيث ال‬ ‫ر‬
‫خيية ال يعلم أولها خي أم آخرها خي { مثل ي‬
‫وف آخرها خي‪ ,‬ﱡ‬
‫يعت يف أولها خي ي‬
‫يدري أوله خت أو آخره }‪ ,‬ي‬
‫ُ‬
‫ﱎﱏ ﱐﱑ ﱒﱠ فهذا من مرادات الشيخ أن يكون ك ري‬
‫من مريديه من أهل الصف األول صف األنبياء والرسل والصحابة ‪,‬‬
‫صف الصديقي ‪.‬‬
‫المعاىل‪ ,‬والحمد هلل تعاىل الطريق اختضه‬
‫ي‬ ‫فاإلسناد هو الطريق إىل‬
‫لنا الشيوخ ‪.‬‬
‫َََ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َّ ْ‬ ‫ْ‬
‫ف َص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َار ِف ْيـ ـ ِه الخ ِت َص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُار ُمل ر ىت ْم‬ ‫لـكـن ِمـن الـتـطـ ِوي ـ ـ ـ ِـل كـل ـ ـ ـ ِت الـ ِهـ َمـ ْم‬

‫حت يف طريق أهل هللا يختضون هذا الطريق ؛ ويختض الطريق‬ ‫ى‬
‫هذا بقوة الرابطة‪ ,‬كما قال شيخنا حفظه هللا تعاىل ‪ :‬المربوط‬
‫ى‬
‫المربوطي وما دام مربوط فهو‬ ‫القليل منه يفو الكثت من غت‬
‫ى ُ‬ ‫ى‬
‫مضبوط فال تخاف عليه ضعه يف أي مكان‪ ,‬حت ذكر لشيخنا‬
‫حفظه هللا بعض الذين ارتبطوا به قديما أنه ذهب إىل مكان آخر‪,‬‬
‫قال‪ :‬ال تخافون عليه ثم قال‪ :‬فر يا طت خيطك بيدي‪ ,‬وهذه مقولة‬
‫اإلمام الحداد‪" :‬من عرفناه ما سيبناه‪ ،‬وال نسمح به ال للعار وال‬

‫‪31‬‬
‫نأب به‪ ,‬ال بد‪,‬‬ ‫للنار‪ ،‬وإن سيبنا" أينما ذهب ولو ف صي الصي ى‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫رشط ذلك االرتباط إذا صح االرتباط هنا ال خوف علينا ال يف دنيا‬
‫وال يف آخرة‪ ,‬كنا يف جلسة قديما مع سيدي الحبيب عمر مع أحباب‬
‫ى‬
‫يعتدون باألصابع‪ ,‬قال بعضهم ‪ :‬ياسيدي نحن يف خوف‪ ,‬قال ‪ :‬إن‬
‫كان خوفكم من هللا زادكم هللا خوفا منه‪ ,‬هذا خوف محمود؛‬
‫ألنه يسوقك إىل هللا‪ ,‬أما خوفكم من غت هللا تعاىل فال تخافون ال‬
‫جن‪ ,‬قديم هذا الكالم أذكر الموقف هذا أمام‬ ‫ى‬
‫إنس وال من ي‬‫ي‬ ‫من‬
‫عيوب‪ ,‬هؤالء معهم أشياء كبية أعطاهم هللا تعاىل إياها لكن يعطونا‬
‫ي‬
‫إياها قطرة قطرة مثل الطفل الصغي الذي ال يهضم الطعام يعطونه‬
‫ﳀﱠ ال‬‫ﳁ‬ ‫حت يكي‪ ,‬ﱡ ﲺﲻﲼﲽ ﲾ ﲿ‬ ‫إياه قليل قليل ى‬

‫زلنا أطفال مع الشيوخ‪ ,‬ومهما حصل لنا من فتح وغي ذلك ال زلنا‬
‫المي يب خاطر‬ ‫أطفال ىنيب عندهم‪ ,‬أخطر ما يكون عىل هذا ى‬
‫داىع‪,‬‬
‫مستغت‪ ,‬ألنه صار عالم‪ ,‬صار ي‬
‫ي‬ ‫االستغناء‪ ,‬إن خطر يف قلبه أنه‬
‫صار مشهور‪ ,‬صار مذكور‪ ,‬أي ميلة من منازل الوالية صار فيها إذا‬
‫خطر يف قلبه مشهد االستغناء خيف عليه من السلب وأخطر ما‬
‫النت صىل‬‫يكون عىل المريد السلب بعد العطاء هذا الذي تعوذ منه ي‬
‫هللا عليه وآله وسلم‪ :‬أعوذ بك من الحور بعد الكور‪ ,‬أعوذ‬
‫ينبع أن يخطر يف قلوبنا أبدا‬ ‫بعظمتك أن أغتال من ر‬
‫تحن‪ ,‬فهذا ال ي‬ ‫ي‬
‫مهما بلغنا يف أي مرتبة من الوالية‪ ,‬أو يف ظهور يف دعوة‪ ,‬أو يف مكنة‬
‫يف علم أو غي ذلك ال يخطر يف بالنا‪.‬‬
‫نحن محتاجون إىل الشيخ كاحتياجنا إىل الهواء الذي نتنفس‪,‬‬
‫كاحتياج السمكة والحوت إىل الماء الذي فيه‪ ,‬وإال يحصل بعد ذلك‬
‫ً‬
‫سلب وهذا أخطر ما يكون عىل المريد‪ ,‬فإذا حاجتنا لهذا الشيخ يف‬
‫النت صىل هللا عليه وآله‬ ‫ر‬
‫شء‪ ,‬وانظروا إىل حال الصحابة مع ي‬ ‫كل ي‬

‫‪32‬‬
‫وسلم‪ ,‬من يحل مشاكلهم؟ رسول هللا‪ ,‬من يعالج أمراضهم؟ رسول‬
‫النت صىل‬ ‫هللا‪ ,‬من يعلمهم؟ رسول هللا‪ ,‬كل ما يحتاجون إليه عند ي‬
‫يأب‬ ‫حت أمراضهم الخطية ى‬ ‫هللا عليه وآله وسلم ما هناك التفات‪ ,‬ى‬
‫ي‬
‫عيت خرجت‪ ,‬أيش يعمل لكم‬ ‫هذا وتخرج عينه يا رسول هللا هذه ي‬
‫النت‪ ,‬وما‬ ‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم؟ هذا يعرف خصائص ي‬ ‫ي‬
‫النن صل هللا عليه وآله وسلم بيده‬ ‫أعطاه هللا تعاىل‪ ,‬فتدها ر ي‬
‫العي أفضل من األخرا‪ ,‬وهذا تقطع يده يا رسول هللا‬ ‫ى‬ ‫فتعود هذه‬
‫الّشيف ويردها‬ ‫النن شيئا من ريقه ِ‬
‫يدي قطعت فيضع عليها ر ي‬
‫عىل بالرمد فيقال إنه‬ ‫فتكون أقوا من تلك اليد‪ ,‬ويصاب سيدنا ي‬
‫فيؤب به يهادىء بي الرجلي فيبصق صل هللا‬ ‫ى‬ ‫رمد يا رسول هللا‬
‫عل فال ترمد هاتان العينان بعد‬ ‫سيدنا‬ ‫عين‬‫عليه وآله وسلم ىف ى‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ذلك‪ ,‬ما عندهم التفات إىل أحد من الخلق إال إىل معلمهم عليه‬
‫الصالة والسالم‪ ,‬فحصلت لهم معه الجمعية المبينة فحينئذ تيل‬
‫عىل قلوب هم السكينة ‪.‬‬
‫الن يحتاج إليها‬ ‫قال سيدنا اإلمام الحداد‪ :‬ما ربف من األمور ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫السالكون وضعناها ى يف كتبنا فال يحتاجون إىل غتها‪.‬‬
‫ى‬
‫يقول شيخنا الحبيب عمر حفظه هللا ‪ :‬كل ما تحتاجون إليه يف‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫حياتكم يف مقاصدكم يف آخرتكم تكلمنا عليه مرات كثتة ‪ ،‬ولكن‬
‫البعض ال يقرأ والبعض ال يسمع والبعض ال يفقه‪ ,‬كل ما أنتم‬
‫محتاجون إليه تكلمنا عليه ليس مرة واحدة بل مرات كثتة ‪.‬‬
‫المتلق هذا ى‬
‫ى‬ ‫ُ‬
‫يلق زمام نفسه لشيخه‪ ,‬فكل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫ابطة‬‫ر‬ ‫ال‬ ‫ف‬‫عر‬ ‫ت‬ ‫من هنا‬
‫ما يحتاج إليه عند الشيخ‪ ,‬تحتاج إىل عافية قلب موجودة عنده‪,‬‬
‫تحتاج إىل عافية روح موجودة عنده‪ ,‬تحتاج إىل عافية ش موجودة‬

‫‪33‬‬
‫عنده‪ ,‬تحتاج إىل عافية بدن موجودة عنده‪ ,‬فليستعرض كل واحد‬
‫العواف‬
‫ي‬ ‫حاله مع شيخه‪ ,‬وليسأل من كان قبله كم حصلت لك‬
‫يأب أحدنا عنده مشاكل‬ ‫الجسدية بيكة هذا الشيخ‪ ,‬مرات كثية‪ ,‬ى‬
‫ي‬
‫مثل الجبال أكي من الجبال‪ ,‬مشكلة يف الدعوة واحد واثني وثالثة‬
‫يبق يفكر أيام طويلة ألجل أن يتجاوز هذه المشاكل ويعجز عن‬ ‫ى‬
‫يأب عند سيدي الحبيب عمر ويدخل ملفاته العريضة الطويلة‬ ‫ذلك‪ ,‬ى‬
‫ي‬
‫ى‬
‫المليئة بالمشاكل يف لحظات تتحول هذه الغصص إىل فرص‪,‬‬
‫ى‬
‫وتتحول هذه التحديات إىل عطاءات يف لحظة يفتفتها لك‪ ,‬هذا‬
‫مما أعطاهم هللا تعاىل‪ ,‬ﱡ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ‬

‫ﱵﱶﱠ من القدر المعلوم أن يتفوه الشيخ يكون كذا كذا كذا‪,‬‬


‫ه يف الخزينة تخرج اآلن‪ ,‬عندما يتفوه الشيخ ويتكلم تنفتح الخزينة‬ ‫ي‬
‫ويخرج مراد هللا تعاىل يف هذا اإلنسان بلسان الشيخ‪.‬‬
‫إذا نطق الشيخ بكلمة واحدة أو حىك معت واحدا أو قص قصة‬
‫معاب مختلفة تناسب‬‫ي‬ ‫واحدة انطوت هذه الكلمة وهذه القصة عىل‬
‫أحوال السالكي هذه الكلمة الواحدة تناسب فالن وفالن وفالن؛‬
‫ألنها مثل الشمس؛ الشمس واحدة لكن الماليي ينتفعون بها‪ ,‬ما هو‬
‫واحد ينتفع بها هذا ينتفع بها وهذا ينتفع بها وهذا ينتفع بها‪,‬‬
‫معاب مختلفة تناسب أحوال‬‫ي‬ ‫والكلمة من الشيخ كذلك تنطوي عىل‬
‫المتلقي عنه‪ ,‬كل واحد عىل حدة فيما ينقذه أو فيما يرشده‪ ,‬أو‬
‫ً‬
‫يكشف له عن وضعه وعن حاله يف معاملته‪ ,‬أو يبي له مبهما لم‬
‫يتضح له بان اآلن بكلمة واحدة‪ ,‬هذه الكلمة أرشدت فالن‪ ,‬وقومت‬
‫ً‬
‫حال فالن‪ ,‬وفتحت معت لفالن‪ ,‬وأوضحت مبهما كان عند فالن‪,‬‬
‫وقومت فالن ف السي‪ ,‬و ّ‬
‫صيت فالن إىل الطي إىل أن طار‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ي‬

‫‪34‬‬
‫ه كلمة واحدة هذا بها يسي وهذا بها يطي‪ ,‬هذا يذوق منها وهذا‬ ‫ي‬
‫ه كلمة واحدة‪ ,‬لكن ليست لكل أحد؛ مر علينا كالم‬ ‫يستقيم بها ي‬
‫كثي لم نفقهه‪ ,‬ولم ننتبه له‪ ,‬بل فينا من ينعس بعينيه ومن ينعس‬
‫بعقله وقلبه يظن أن كالم الشيخ هذا كالم بسيط ويقول يف نفسه‬
‫سأسمع مثله ما يدري أن هذه درر غالية (سألقيها درر يأخوان) درر‬
‫غالية إذا فاتتك ربما ال تعود‪ ,‬يأخذها غيك؛ ألنك لم تكن من رجال‬
‫الصوف ابن وقته يغتنم اللحظة‪.‬‬
‫ي‬ ‫األوان ممن يغنموا الزمان ‪ ,‬ف‬
‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم إذا أشار‬
‫الصحابة كانوا يغتنمون مع ي‬
‫بأمر ابتدروه؛ ابتدروا التنفيذ ابتدروا ى‬
‫التلق ‪.‬‬
‫ي‬
‫ى‬
‫سبعي‬ ‫النن صل هللا عليه وآله وسلم الصحابة عن‬ ‫أخت ر ي‬‫عندما ر‬
‫ألفا يدخلون الجنة بغت حساب فقهها عكاشة ابن محصن هذا‬
‫يجعلن‬ ‫ى‬ ‫رجل من أهل الغنيمة قال‪ :‬ادع هللا يىل يا رسول هللا أن‬
‫ي‬
‫منهم‪ ,‬فقال‪ :‬أنت منهم‪ ,‬جاء رجل آخر تأخر قليل‪ ,‬وربما وجهة‬
‫يجعلن منهم‪ ,‬قال‪ :‬سبقك بها‬ ‫ى‬ ‫عكاشة أفضل ‪ ,‬قال‪ :‬ادع هللا أن‬
‫ي‬
‫عكاشة‪ ,‬هكذا نكون مع الشيوخ ال يسبقنا أحد‪ ,‬وربما السبق يكون‬
‫لمجموعة ما هو لواحد‪ ,‬يكون لجماعة‪ ,‬عىل حسب صدقهم يف‬
‫الثاب‬ ‫األمر‬ ‫إىل‬ ‫جع‬‫ير‬ ‫هذا‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫الشيخ‬ ‫يلقيه‬ ‫لما‬ ‫تنبههم‬ ‫وحسن‬ ‫ى‬
‫التلق‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫وهو الرابطة‪.‬‬
‫يعن ؟ االرتباط هذا يحتاج إليه الجميع‪,‬‬‫واالرتباط بالشيخ ماذا ى‬
‫ي‬
‫يباىل ‪ ,‬يظن‬
‫واإلدراك لهذا المعت يحتاج إليه الجميع ألن البعض ال ي‬
‫أنه مشغول بعلم وبمقاصد وبأذكار وغيه وهو أمر مطلوب‪ ,‬لكن‬
‫هذه صورة روحها االرتباط العلم صورة روحه االرتباط بالشيخ‪,‬‬
‫السي إىل هللا تعاىل صورة روحه ومعناه االرتباط بالشيخ‪ ,‬والدعوة‬

‫‪35‬‬
‫إىل هللا تعاىل صورة روحها وحقيقتها االرتباط بالشيخ‪ ,‬ذكرنا لكم يف‬
‫يوم أمس أن العلم ال يكون إال باالرتباط بالذات النبوية‪ ,‬الذات‬
‫النبوية لها من ينوب عنها نائب فاعل عن رسول هللا ولنائب الفاعل‬
‫حكم الفاعل‪ ,‬كما أن الفاعل ال يكون إال مرفوع فنائب الفاعل يكون‬
‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم‪:‬‬ ‫االرتباط بالعلم قول ي‬ ‫مرفوع‪ ,‬ش‬
‫ُ ُ َ ىر َ َ َ ُ‬
‫النت صىل هللا‬
‫ي‬ ‫قول‬ ‫بالسلوك‬ ‫االرتباط‬ ‫ش‬ ‫و‬ ‫م)‪,‬‬ ‫ـ‬‫ك‬ ‫اسكـ‬
‫(خذوا ع ين من ِ‬
‫َ َ َ َ ْ ُ ُ ى َُ‬ ‫عليه وآله وسلم‪َ :‬‬
‫وت أص يل)‪ ,‬وش االرتباط بالدعوة‬ ‫ِي‬ ‫م‬ ‫ت‬‫ي‬‫أ‬‫ر‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫وا‬ ‫ل‬‫(ص‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ ىر َ َ‬
‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم‪( :‬بلغوا ع ين ولو آية) ‪.‬‬ ‫إىل هللا قول ي‬
‫ماش انفصال‪ ,‬قال‬ ‫إذن‪( :‬كما رأيتموب)‪ (,‬خذوا عت)‪( ,‬بلغوا عت)‪ ,‬ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫شيخنا حفظه هللا‪ ( :‬ما المقصود ذات األعمال وال مظاهر وال‬
‫أشكال‪ ,‬وال قيل وال قال‪ ,‬لكن تدركون قربكم من ذي اإلفضال‬
‫‪ ِ :‬ى‬
‫مناح فكركم غالب عليكم‬
‫ي‬ ‫ف‬‫وجزيل النوال )‪ ,‬فحينئذ قال ينتّش ي‬
‫مسيطر عل فكركم مسيطر عل مشاهدكم؛ ألن الست إىل هللا‬
‫أكته مشاهد‪ ,‬ثم ىييتب عىل هذه المشاهد بعد ذلك أعمال‪,‬‬ ‫تعاىل ر‬
‫فرق بي أهل الصديقية وأهل الزنديقية‪ ,‬ماذا قال‬ ‫وهذا الذي ّ‬

‫أبوجهل وعتبة وغيه ﱡ ﲂ ﲃﲄﲅﲆﲇﲈ‬

‫ﲉ ﲊﲋ ﲌﲍ ﲎ ﲏﲐ ﲑﲒ ﲓ ﲔ ﲕﲖ‬

‫ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ‬
‫ر‬
‫وتمش يف األسواق‪ ,‬هذا‬
‫ي‬ ‫ﲤﱠ يا محمد أنت مثلنا تأكل الطعام‬
‫مشهد أهل الزنديقية الكيى‪ ,‬وأما مشهد أهل الصديقية الكيى لما‬
‫أب بكر‪ :‬ما تنظر ما يقول صاحبك يزعم أنه‬
‫قال أبو جهل لسيدنا ي‬

‫‪36‬‬
‫أشي به الليلة إىل بيت المقدس؟ قال‪ :‬وقد قال ذلك؟ قالوا‪ :‬نعم‪،‬‬
‫لي قال ذلك فقد صد ‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ى‬
‫شء فرق بي هذا وبي هذا؟ ما الفرق بي الصديق األكي وبي‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫الزنديق األكي؟ مشاهد‪ ,‬إن كان قال فقد صدق‪ ,‬كيف؟ قال‪ :‬نعم‬
‫إب ألصدقه فيما هو أبعد من ذلك‪ ،‬أصدقه يف خي السماء يف غدوة‬ ‫ي‬
‫وروحة ‪ ,‬وهذا من فحوى الخطاب كما يقولون‪ ,‬هذا من باب أوىل‪,‬‬
‫يأتينا بخي األرض‪.‬‬
‫ى‬ ‫ِ ى‬ ‫ى‬
‫معن‬ ‫مناح فكركم‬
‫ي‬ ‫ف‬ ‫وعىل هذا ماذا ييتب؟ قال ‪ ( :‬ينتّش ي‬
‫االتصال ويغلب عل مطلبكم ذو الوصال ) ‪ ,‬ال وصال إال باتصال‬
‫مشوط بهذا‪ ( ,‬وينفك عنكم الزهو واالختيال ) ﱡ ﳐﳑﳒﳓ‬ ‫هذا ر‬
‫ى‬ ‫ﳔ ﳕ ﳖﱠ ( ى ى‬
‫وتتع عنكم مقالع وجذور الغرور‪ ,‬ويسطع يف‬
‫قلوبكم النور)‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ى‬
‫علم وخش ـ ـ ـ ـ ـي ـ ــة‬
‫وجوه ـ ــا عليه ـ ــا نور ٍ‬ ‫ـف إن م ــت من قب ــل أن أرا‬
‫فوا أسـ ـ ـ ـ ـ ـ ي‬

‫حرصة بدر‬‫فما النتائج وما الثمرات؟ قال‪ ( :‬فتدنو حينئذ من ى‬


‫حت‬‫البدور) ‪ ,‬هذه وظيفة الشيخ‪ ,‬ال يطمي الشيخ عىل مريده ى‬
‫النت محمد صىل هللا عليه وآله وسلم‪ ,‬ولو اجتمع‬ ‫يدخله إىل حضة ي‬
‫حت‬ ‫هذا المريد يقظة بأوىل العزم من الرسل لم يطمي عليه الشيخ ى‬
‫ي‬
‫يدخله إىل حضة المصطق صىل هللا عليه وآله وسلم‪ ( ,‬فتدنوا‬
‫حينئذ من حضة بدر البدور‪ ,‬و تتهيأ للجمعية يف يوم النشور)‪ ,‬تلك‬
‫ى‬
‫الت قال عنها اإلمام الحداد‪:‬‬
‫المجالس ي‬
‫ى‬
‫يف دار الفردوس أطيب موضــع‬ ‫فيـ ـ ــارب واجمعنـ ـ ــا وأحبـ ـ ــابـ ـ ــا لنـ ـ ــا‬

‫‪37‬‬
‫فاالرتباط يحتاج إليه الجميع لكن ال يدركه الجميع الكل يحتاج‬
‫يأب من منة الوسيع من بركة‬‫إليه‪ ,‬إدراك هذا االرتباط معت االرتباط ى‬
‫ي‬
‫ﲱﱠ‬
‫ﲲ‬ ‫ه اختيارات‪ ,‬ﱡ ﲭ ﲮﲯﲰ‬
‫الشفيع ي‬
‫وعىل وفاطمة وخديجة وفالن وفالن‬‫ي‬ ‫اختار أبابكر وعمر وعثمان‬
‫نت واختار هؤالء أن يكونوا آل‬
‫وفالن‪ ,‬اختارهم أن يكونوا صحابة ي‬
‫نت‪ ,‬وهو الذي يختاركذلك أصحاب كل شيخ ﱡ ﱦ ﱧﱨ‬
‫بيت ي‬
‫ﱠ‪.‬‬
‫بعض من رافق سيدي الحبيب عمر يف الرحلة األوىل إىل إندونيسيا‬
‫لما أمره شيخه سيدنا الحبيب عبدالقادر بن أحمد السقاف أن‬
‫عىل بن‬
‫يذهب إىل إندونيسيا لما جاءه الحبيب أنيس بن علوي بن ي‬
‫لليدي‬‫الحبش إىل سيؤن وقابل الحبيب عبدالقادر وبىك ى‬ ‫ر‬ ‫محمد‬
‫ي‬
‫الذي حصل يف إندونيسيا من انقطاع الصغار عن الكبار من السلف‪,‬‬
‫يحن هذه‬ ‫اطمي سأرسل لك رجل‬ ‫ى‬ ‫قال له الحبيب عبدالقادر‪:‬‬
‫ي‬
‫البالد ‪ ,‬أرسل سيدي الحبيب عمر حفظه هللا تعاىل ‪.‬‬
‫الشاهد هنا لما دخل إىل المعاهد أخذ أفراد الدفعة األوىل كما يذكر‬
‫بعض مرافقيه اختارهم بنفسه‪ ,‬وبعض المعاهد فيها أعداد كبية‬
‫حت صاروا من الدفعة األوىل من‬ ‫اختار منهم فالن وفالن وفالن ى‬
‫تالميذه‪ ,‬وال يظن أحدنا أنه يف هذا المكان من غي اختيار‪ ,‬ما أحد‬
‫عت أهل الخصوصية؛ ألنه ربما يكون فينا من أهل‬ ‫جاء بنفسه أ ي‬
‫األغراض ومن أهل األمراض موجودين بيننا ف ُهم ف كل زمان ى‬
‫حت يف‬ ‫ي‬
‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم موجودين بي أهل الخصوصية‬ ‫زمن ي‬
‫يف المسجد يف الصف األول بينهم من منافقي‪ ,‬منافقوا هذا الزمان‬
‫جواسيس موجودين ربما يكونون متصلي بالشيوخ يف الظاهر لكن‬

‫‪38‬‬
‫مقطوعي‪ ,‬جاسوس لمنظمة أو جاسوس لحزب أو جاسوس‬
‫لحكومة أو لغي ذلك ‪ ,‬هذا إذا لم يتدارك نفسه سيحصل عليه‬
‫المقت‪ ,‬إذا جاء لغرض أو جاء لمرض والتحق بصفوف مريدي‬
‫الشيخ ولم يتأدب ولم يعد ككثي من المنافقي الذين كانوا يف مسجد‬
‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم منهم من تاب ورجع‪ ,‬وإال ستكون‬ ‫ي‬
‫خاتمته شنيعة‪ ,‬ولن يض بأحد ألن الفأس فوق الرأس‪ ,‬وللحىم من‬
‫ر‬
‫ويتالش‪ ,‬لكن لرحمتهم ينادونا‬ ‫سينتىه‬ ‫يحميه‪ ,‬وهذا لن يعدو قدره‬
‫ي‬
‫وف المجالس يافالن انتبه وارجع وإن كان لك غرض‬ ‫يف الموالد ي‬
‫جئت إىل غت هذا‪ ،‬لكن نحن عندنا بضائع محمد نحن عندنا‬
‫شء نخبيه‪ ,‬ما نظهره هذا‬ ‫كتا‪ ,‬ما عندنا ِ‬‫نورانية عندنا سعادة ر‬
‫ي‬
‫هو ما نحن عليه ‪ ,‬إن أردت أن تبلغ ممن هو وراء بلغه‪ ,‬ما عندنا‬
‫شء نخبيه‪ ,‬ما عندنا إال مواريث محمد صل هللا عليه وآله‬ ‫ِ‬
‫ي‬
‫وسلم ‪.‬‬
‫هذا االرتباط ال بد منه‪ ,‬سالسل االرتباط باتصال الظاهر باالقتداء‬
‫والباطن بالمحبة‪ ,‬فالمريد إذن ال يعدو هذين األمرين‪ :‬اقتداء‬
‫ومحبة‪ ,‬قال عنهما سيدي الحبيب عمر‪ ( :‬هما ركنا المست ) وهذه‬
‫المحبة رزق من أرزاق الحق تعاىل يقذفها يف قلوب من يشاء‪ ,‬إما أن‬
‫تأتيك وهب وإما أن تتكلفها‪ ,‬إما أن تكون وهب وإما أن تكون كسب‪,‬‬
‫فإذا لم يغلب يف مشهدك محبة الشيخ لشهوتك ولمرادك ولذاتك‬
‫حت تكون محبة الشيخ غالبة عليك ‪ ,‬يكون هو يف هذا‬ ‫فأنت قاض ى‬
‫شء وراثة لرسول هللا صىل هللا‬ ‫الوجود اآلن أحب إليك من كل ر‬
‫ي‬
‫نفس يا رسول هللا‪,‬‬
‫ي‬ ‫عليه وآله وسلم الذي قال له سيدنا عمر‪ :‬إال‬
‫حن أكون أحب إليك من نفسك‪ ,‬سيدنا‬ ‫قال‪ :‬ليس بعد ياعمر ‪ ,‬ر‬
‫عمر ألنه صادق؛ ألن بعض المريدين يكذبون مع الشيوخ يقولون‪:‬‬

‫‪39‬‬
‫نفش‪ ,‬إذا جينا إىل الدالالت وجدناه يلعب‬ ‫ي‬ ‫إىل من‬
‫شيج أحب ي‬
‫ي‬ ‫نعم‪,‬‬
‫بالجوال يف الغرفة‪ ,‬وربما يجمع بعض الموجودين اللذين معه يف‬
‫الغرفة يأخذ الجوال يشوف فيلم وإال يلعب بالجوال وإال غيه‪ ,‬وهذا‬
‫ّ‬
‫يدىع أن شيخه أحب إليه من نفسه‪ ,‬أنت كذاب‪ ,‬أما قال لك‪ :‬ال‬ ‫ي‬
‫تستعمل الجوال‪ ,‬كيف أحب إليك من نفسك؟ أمره ما قدمته‪ ,‬نهيه‬
‫ما تركته فأين المحبة هذه؟ المحبة لو قال لك الشيخ‪ :‬اذبح نفسك‬
‫تذبح نفسك‪ ,‬وال بيقول لك الشيخ تذبح نفسك‪ ,‬يقول لك‪ :‬اذبح‬
‫غاىل ما تتصورونه‪ ,‬يقول‬ ‫ر‬
‫شء ي‬ ‫هواك‪ ,‬اترك مرادات نفسك؛ ألن معنا ي‬
‫عنه شيخنا الحبيب عمر حفظه هللا تعاىل‪ :‬لو علمتم ما يراد بكم‬
‫بشك ببشارة وإال‬ ‫لما طاب لكم طعام وال منام من الفرح‪ ,‬لو أحد ر‬
‫غاىل عىل نفسك معد با يجيك النوم طول‬ ‫ر‬
‫شء ي‬ ‫بكرة با يعطيك ي‬
‫غاىل‪.‬‬ ‫ر‬
‫شء ي‬ ‫الليل وأنت تتفكر فيه وتتخيله‪ ,‬هذا معه ي‬
‫ُ‬ ‫ى‬
‫يأب بعض القض يف الفهم واإلدراك عن المشيخة والطريقة‬ ‫وقد ي‬
‫ويقول‪ :‬يا سيدي نحن رأينا يف بعض الطرق األخرى إذا ارتبط أحد‬
‫المريدين بالمشايخ نراه يطي يف الهواء نراه يسمع هواتف أويصي‬
‫شء أغىل من هذا‪ ,‬قال‪ :‬أنا أريد كشف‪,‬‬ ‫مكاشف‪ ,‬قال نحن معنا ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫شء أكي من هذا‪ ,‬إيش أكي‬ ‫قال‪ :‬الكشف هذا لألطفال‪ ,‬نحن معنا ي‬
‫من هذا؟ إذا ضت كبي ستعرفه‪ ,‬أما ما دمت صغي عادك ما بتعرف‬
‫الكبي‪ ,‬ضب مثال سيدي الحبيب عمر قال‪ :‬لو كان ولد صغي‬
‫غت كبي‪ ,‬يقول له الوالد‪ :‬يا ولدي اطلب فأبوك من أغت‬ ‫ووالده ي‬
‫أهل البالد اطلب‪ ,‬أيش با يطلب هذا الولد الصغي؟ عقليته تقول‬
‫له‪ :‬بغيت سيكل وإال بغيت بسكت وإال غايته با يقول ألبوه بغيت‬
‫سيارة ‪ ,‬وهذه المطالب كلها يف حق خزائن هذا الوالد قليلة‪ ,‬قال‪:‬‬
‫جميع مطالبكم مقابل ما يطلبه الشيخ لكم مثل طلب هذا الولد من‬

‫‪40‬‬
‫الغت ؛ ألن معه ما ال عي رأت وال أذن سمعت وال خطر عىل‬ ‫ي‬ ‫أبيه‬
‫غاىل لكن‬ ‫هو‬ ‫غاىل‬ ‫هذا‬ ‫أن‬ ‫ء‬ ‫ش‬ ‫بش‪ ,‬مهما تفكرت وتخيل لك ر‬ ‫قلب ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫يف ما هو أغىل منه يعرفه الشيخ ويطلبه لك‪.‬‬
‫واجبك أنت أن ترتبط بهذا الشيخ؛ ألن كل ما نزل عىل قلب هذا‬
‫الشيخ سيأتيك لكن حقق االرتباط هذا هو األمر المهم‪ ,‬ومن غي‬
‫النن صل هللا عليه وآله وسلم نفعه‬ ‫أي شك أن أي فرد من أيام ر ي‬
‫عل قدر ارتباطه هذه قاعدة مطردة ال تتخلف قط‪ ,‬نفعه ال عىل‬
‫قدر سعة علمه وقلة ارتباطه‪ ,‬نفعه ال عىل قدر اجتهاده مع قلة‬
‫ارتباطه‪ ,‬نفعه ال عىل قوة بالغه ولسانه وتأثيه مع قلة ارتباطه ‪.‬‬
‫النفع عىل قدر االرتباط؛ وانظر إىل أحوال الصحابة ‪ ،‬من أفضل‬
‫النساء؟ فاطمة بنت محمد‪ ,‬لماذا؟ ألنها جزء من محمد‪ ,‬عائشة‬
‫أب بكر ألنها أقوا ارتباط برسول هللا ‪ ,‬خديجة بنت خويلد‬ ‫بنت ي‬
‫ى‬
‫سبقتها يف ذلك ألنها فانية يف رسول هللا‪ ,‬فانية‪ ,‬ليست متفانية‪,‬‬
‫فانية‪ ,‬التفاب ى‬
‫يأب بعد الفناء‪ ,‬م ىت تتفاب مع شيخك؟ إذا فنيت فيه‪.‬‬
‫ي ي‬
‫ى‬
‫ما هو الفناء يف الشيخ؟‬
‫ذكرناها لكم أمس‪ ,‬ثالث مراتب‪ :‬انطواء بمشابهة األفعال لألفعال‬
‫حت تفت األفعال يف األفعال‬ ‫وامتاج بمشابهة الصفات للصفات ى‬ ‫رى‬
‫وه نتيجة لالنطواء‬ ‫والصفات يف الصفات ثم محاكاة الذات ي‬
‫واالمياج ‪ ,‬ال تكون محاكاة للذات بحيث تصي أنت تشبه شيخك‬ ‫ى‬
‫حت يف رسمك ‪ ,‬فقد ترتسم صورة‬ ‫ف لفظك ف حالك ف ذوقك ى‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫يأب من‬ ‫ى‬
‫الشيخ فيك وأنت لست من قبيلته وال من جماعته‪ ,‬هذا ي‬
‫أب بكر‬‫االرتباط‪ ,‬فلما فنوا فيه تفانوا يف خدمته‪ ,‬وانظر بعد ذلك إىل ي‬
‫أكي علم‪ ,‬هذا ر‬
‫أكي اجتهاد‪ ,‬هذا‬ ‫الصديق إىل عىل بن أب طالب هذا ر‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫‪41‬‬
‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم‪ :‬ما‬ ‫يقول‬ ‫هنا‬ ‫من‬ ‫ارتباط‪,‬‬ ‫ر‬
‫أكي‬
‫ي‬
‫ر‬
‫بكتة صالة وال صيام‪- ,‬ربما بعض الصحابة أكي من‬ ‫فضلكم أبوبكر ر‬
‫أب بكر من الصالة والصيام واالجتهاد والقيام وغي ذلك‪ -‬ولكن‬ ‫ي‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ِ‬
‫الىل وقر يف صدره؟ رس‬ ‫بسء وقر يف صدره أو وقر يف قلبه‪ ,‬إيش ي‬ ‫ي‬
‫رسول هللا‪ ,‬من أين جاء هذا؟ من قوة المحبة واالرتباط‪ ,‬وانظر‬
‫النت وتارة يتأخر وتارة عن‬ ‫أب بكر يف هجرته كيف يتقدم ي‬ ‫إىل سية ي‬
‫للنت انتظر‬
‫يمينه‪ ,‬ليه؟ كيف دخل إىل الغار؟ قدم يده ورجله‪ ,‬وقال ي‬
‫يا رسول هللا أنا فداك‪ ,‬أنا أفديك يا رسول هللا‪ ,‬ليه؟ ألنه منطوي‬
‫أب طالب لما يعلم من انطوائه فيه قال أنت‬ ‫عىل بن ي‬ ‫فيه‪ ,‬وسيدنا ي‬
‫عىل يف‬
‫من يصلح أن تفدينا وأن ترد هذه األمانات ألربابها‪ ,‬سيدنا ي‬
‫فداب يف‬ ‫وعشين سنة شاب لكن أول‬ ‫ر‬ ‫ذلك الزمان سنه ثالثة‬
‫ي‬
‫اإلسالم‪ ,‬بات عىل فراش رسول هللا ألن هذا منطوي فيه‪ ,‬هكذا‬
‫كانوا‪.‬‬
‫أكيهم تأثيا ر‬
‫أبدا ر‬‫ً‬
‫المعاىل‬
‫ي‬ ‫إىل‬ ‫وصول‬ ‫هم‬ ‫وأكي‬ ‫هذه قاعدة ال تتخلف‬
‫والحضات أقواهم ارتباط وانطواء يف الشيخ غي هذا ما يمكن‪ ,‬كما‬
‫قال شيخنا‪ :‬هذه الصور واألشكال ما لها داللة‪ ,‬ألن ضعيف الصلة‬
‫شيج فالن‪ ,‬يقول‬ ‫ي‬ ‫يباه ويفتخر بالصور‪ ,‬يقول أنا‬ ‫ي‬ ‫هذا يفرح بماذا؟‬
‫أنا تلقيت عن فالن‪,‬‬
‫ى‬
‫قال سيدنا اإلمام الحداد‪ :‬األخذ عن الشيخ ليس يف الكتب‪ ,‬األخذ‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫وف الحال‪ ,‬هذا يصح‬ ‫ي‬ ‫المقال‬ ‫ف‬‫عن الشيخ هو المحبة واالتباع له ي‬
‫أن يقال أنه أخذ عن الشيخ‪ ,‬أما قرأ كتب فما ر‬
‫أكتها‪.‬‬
‫نحن يا أحباب يا إخوان نريد أن نقرأ شيخنا‪ ,‬نقرأ الكتب ال بد من‬
‫هذا‪ ,‬هذه مفاتيح‪ ,‬كتب إن كانت يف العلم‪ ,‬وإن كانت يف السلوك‪,‬‬

‫‪42‬‬
‫وإن كانت يف الفكر والدعوة وغي ذلك ال بد من قراءة هذه الكتب‪,‬‬
‫لكن أعظم كتاب تقرأه ماذا؟ شيخك‪ ,‬قال بعض الصالحي لبعض‬
‫مريدي الشيخ ‪ :‬كم يا ولدي قرأت من كتاب؟ ماذا قرأت من الكتب؟‬
‫قال‪ :‬قرأت كذا كذا كذا‪ ,‬قال‪ :‬اقرأ شيخك يكفيك ‪.‬‬
‫وسيدي الحبيب عمر يقول عن شيخه الحبيب محمد بن علوي‬
‫ى‬
‫اىل يف‬‫بن شهاب من كبار أهل عضه ( رأيت فيه ما ذكر اإلمام الغز ي‬
‫اإلحياء وأشياء لم يذكرها ) ‪ ,‬والحبيب عبدهللا بن عمر بن يحت‬
‫لما سافر إىل الحجاز سأله أهل الحجاز عن خاله الحبيب طاهر بن‬
‫خاىل‬
‫ي‬ ‫حسي بن طاهر‪ ,‬وعبدهللا بن حسي بن طاهر‪ ,‬قال‪ :‬أما‬
‫حسي فقد اجتمعت فيه ِرسوط الخالفة العظىم‪ ,‬وأما‬ ‫ى‬ ‫طاهر بن‬
‫حسي بن طاهر فقد تخل عن المهلكات‪,‬‬ ‫ى‬ ‫خاىل عبدهللا بن‬
‫ي‬
‫وتحل بالمنجيات‪ ,‬ووصفه اإلحياء وزيادة‪.‬‬
‫وهذا الوصف يف شيخكم وزيادة لكن من يقرأ الشيخ؟ ُيقرأ الشيخ‬
‫بأحد شيئي‪ :‬ببصتة منتة‪ ,‬أو بمشاهد حسنة‪ ,‬لما ُسئل سيدي‬
‫أكي استفادة ؟ قال نفعنا هللا‬ ‫الحبيب عمر عمن يستفيد من تريم ر‬
‫به ‪ :‬بثالثة أشياء ‪ ,‬وهذه كلها راجعة إىل االرتباط ‪ ,‬قال‪ :‬بحسن‬
‫النية‪ ,‬وصفاء المشهد‪ ,‬وكريم الخدمة ‪.‬‬
‫األول حسن النية‪ :‬ما نياتك؟ كل يوم تدخل المصىل‪ ,‬وتصافح‬
‫اب‪ :‬كل مقابلة‬ ‫شيخك‪ ,‬وتقابله‪ ,‬وتقرأ العلم‪ ,‬قال سيدنا الشعر ي‬
‫للشيخ تجديد عهد‪ ,‬كل مصافحة للشيخ عهد جديد‪ ,‬المقابلة‬
‫تجديد عهود‪ ,‬المصافحة عهد جديد بيعة جديدة‪ ,‬وما يليق بمريد‬
‫صادق وراغب يف االرتباط بالشيخ أن تمر عليه سنة بل أيام ال يأخذ‬
‫العهد الخاص والبيعة مع الشيخ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫ُ‬
‫يف حالة من الحاالت لما ذكر لسيدي الحبيب عمر أنه يف مجموعة‬
‫من الطالب يريدون أن يأخذوا البيعة‪ ,‬قال سيدي‪ :‬كم لهم عندنا؟‬
‫قال بعضهم أرب ع وحد خمس سنوات‪ ,‬قال‪ :‬كيف مضت عليهم‬
‫سنة ما أخذوا العهد ما عندهم تعطش؟ ما عندهم رغبة؟ ما‬
‫يعرفون ى‬
‫معن االتصال بالمشيخة ؟‬

‫ى‬
‫الثات صفاء المشهد‪ :‬تكون مشاهدك صافية‪ ,‬إيش المشاهد‬ ‫ي‬
‫الصافية هذه؟ ذكرنا لكم أمس أن أول مشهد يف الشيخ أنه أمي‬
‫ً‬
‫الوخ‪ ,‬تأكد أنه لن يقول لك إال شيئا‬
‫ي‬ ‫اإللهام‪ ,‬مثل سيدنا جييل أمي‬
‫ً‬
‫مفيدا لك تحتاج إليه‪ ,‬بعد ذلك ى‬
‫ترف المشهد قليل أن هللا يخاطبك‬
‫من ذات الشيخ‪ ,‬كما خاطب هللا تعاىل سيدنا موش من الشجرة‬
‫يخاطبك هللا تعاىل من هذا الشيخ‪ ,‬كلما يلقيه الشيخ هذا مراد الحق‬
‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم‪ ,‬هذا معت أن هللا‬ ‫‪ ,‬هذا مراد ي‬
‫يخاطبك من ذات الشيخ ‪ ,‬مراد الحق فيك تعاىل كيف يجريه‬
‫تعاىل؟ عىل لسان الشيخ يجريه‪ ,‬وبعد ذلك مشاهد أكي وأكي‪.‬‬

‫الثالث كريم الخدمة‪ :‬هناك من يشغل قلبه ما يريد من الشيخ‪ ,‬ومن‬


‫يشغل قلبه ما يريد الشيخ منه‪ ,‬من هو األكمل؟ يقول البعض أنا‬
‫عند الشيخ أريد أن أكون من أهل الصديقية‪ ,‬أريد أن أكون من أهل‬
‫ى‬ ‫ً‬ ‫الوالية‪ ,‬أريد أن ر‬
‫طلباب‬
‫ي‬ ‫دائما‬ ‫ينش هللا النور عىل يدي يف العالم‪,‬‬
‫للشيخ هكذا‪ ,‬التلمح لهذه المقاصد أمر حسن‪ ,‬لكن هناك مشهد‬
‫مت؟ كل ما أريده أنا إذا حققت مرادات‬
‫منه‪ ,‬ماذا يريد الشيخ ي‬ ‫أعىل‬
‫ََ‬
‫الشيخ أناله وزيادة‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫يذكر بعض األحباب أنه ذهب إىل العمرة يف سنة من السنوات‪ ,‬و يف‬
‫الشيفة‪,‬‬‫ليلة من لياىل رمضان حصل له رشء من الصفاء ف الروضة ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫حت الجنود ما انتبهوا منه‪ ,‬قعد أخذ القلم والمذكرة يكتب‪ :‬أنوي‬‫ى‬
‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم كان مقابل‬
‫كذا وأنوي كذا‪ ,‬يف حضة ي‬
‫ويكتب يكتب يكتب‪ ,‬كانت ساعة صفاء عجيبة‪ ,‬قال جيت بعد إىل‬
‫عند سيدي الحبيب عمر يف شوال‪ ,‬وقلت له يا سيدي‪ :‬هذه النيات‬
‫الّشيفة وكانت ساعة‬ ‫نويناها عند الحجرة النبوية ىف الروضة ِ‬
‫ي‬ ‫ّ‬
‫صفاء‪ ,‬قال‪ :‬قلبها سيدي الحبيب عمر فقال‪ :‬تنالها وزيادة تنالها‬
‫وزيادة تنالها وزيادة‪ ,‬طيب هذا أنت ما قدرت عليه ‪ ،‬الزيادة من‬
‫عنده ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وصفاء منا هو الذي يتفقد مرادات الشيخ‪ ,‬أما‬ ‫فاألكمل ارتباطا‬
‫مراداتك من الشيخ هم ال يحيفون وال يظلمون‪ ,‬يعطونك زيادة لكن‬
‫أنت حقق مرادات الشيخ‪.‬‬

‫ماذا يريد منا الشيخ ؟‬


‫وه طريقنا إىل هللا‬
‫يريد منا الشيخ أن نحقق هذه المقاصد النبوية‪ ,‬ي‬
‫المختض بال تطويل‪ ,‬وربما تقطع المسافة لك يف أربعة أيام‪ ,‬وهذا‬
‫سمعناه من سيدي الحبيب عمر أول ما فتح دار المصطق قال‪:‬‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫وسيأت من‬ ‫ي‬ ‫سنوات‪,‬‬ ‫ـع‬‫ـ‬‫ب‬‫أر‬ ‫تكفيهم‬ ‫المكان‬ ‫هذا‬ ‫إىل‬ ‫أناس‬ ‫سيأت‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫وسيأت من‬
‫ي‬ ‫وسيأت من تكفية أربعة أسابيع‪,‬‬
‫ي‬ ‫تكفيه أربعة أشهر‪,‬‬
‫يأت من تكفيه لحظة‪.‬‬ ‫تكفيه أربعة أيام‪ ,‬وس ر‬
‫ي‬
‫يعت هذا يأخذه يف لحظة وأنت تأخذه يف أرب ع سنوات؟‬
‫ما الفرق؟ ي‬
‫الط هذا يرجع عىل‬ ‫ي‬ ‫الط‪ ,‬يطوون لك المسافة‪,‬‬‫ي‬ ‫هذا يسمونه‬

‫‪45‬‬
‫حسب قوة االتصال واالرتباط والمشهد والمحبة والمتابعة القوية‬
‫ى‬
‫حت يكون ليس له مراد وال غاية وال تفكي وال التفات وال شغل‪ ,‬أنا‬
‫عندي هذه المقاصد سنوات قليلة سأقضيها ما أخرج من هذا‬
‫المكان إال وأنا عىل حسب مراد الشيخ يريدنا أكون من رجال األقاليم‬
‫سأكون كذلك‪ ,‬يريد أن أكون من أهل حضات القدس سأكون‬
‫كذلك‪ ,‬يريدنا أكون من أهل الصف األول يوم القيامة سأكون‬
‫شغىل فقط ‪.‬‬
‫ي‬ ‫كذلك‪ ,‬هذا‬
‫اتركوا يا إخوان غي هذه األشياء وسيكون يف القيامة من الكثي شور‬
‫وأفراح وزهو‪ ,‬يفرحون عندما يصدقون هذا الكالم‪ ,‬يصدقون كالم‬
‫الشيخ‪ ,‬يقول سيدنا اإلمام الجنيد‪ :‬التصديق بكالمنا والية‪ ,‬ومن ال‬
‫ى‬
‫يصد هذا الكالم هذا ما هو مكانك‪ ,‬مكانك يف مكان آخر‪ ،‬هذا‬
‫مكان من سينالون الصديقية‪ ,‬هذا مكان من سينالون الوالية‬
‫الخاصة‪ ,‬هذا مكان من سينالون المعرفة الخاصة‪ ,‬هذا مكان من‬
‫سينالون المحبة الخالصة‪ ,‬هذا مكان المخطوبي‪ ,‬هذا مكان‬
‫المحبوبي‪ ,‬هذا مكان األكابر‪ ,‬تمت أن يدركوا هذا العض أكابر يف‬
‫هذا المكان ‪.‬‬
‫قـ ـ ــد ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ريـ ـ ـ ـ ــح ال ـ ـ ـم ـ ـ ـح ـ ـ ـبـ ـ ــة‬ ‫يـ ـ ــا مـ ـ ــن نـ ـ ـظـ ـ ــر عـ ـ ــرض قـ ـ ـتـ ـ ـبـ ـ ــة‬

‫أكابر تمنوا أن يكونوا هكذا‪ ,‬أعطاكم هللا تعاىل إياها باردة صافية بال‬
‫تعب‪ ,‬فال نضيعها ؛ ال نضيعها بكالم بغي العربية‪ ,‬ال نضيعها بضياع‬
‫أوقات يف غي المقاصد الثالثة‪ ,‬ال نضيعها باستثقال بعضنا البعض‬
‫أو بكالم بعضنا عىل بعض أو بضياع أوقات يف جواالت أو يف تاب‬
‫بعضهم عادهم يجيبونه بحجة أنهم بايطالعون الكتب فيه ألنه‬

‫‪46‬‬
‫وف وقت يضيع‬
‫يختض عليه الكتب‪ ,‬يف وقت يأخذ منه الكتاب ي‬
‫بسببه اآلداب ‪ ،‬انتبهوا‪.‬‬
‫قلنا لكم يف السنة الماضية يف المصىل إذا أردتم فتوى مكتوبة عىل‬
‫أن استعمال الجوال يف هذا المكان للطالب من غي إذن ال يجوز‬
‫سنحرر لكم هذه الفتوى؛ ألنكم تخالفون أمر الشيخ‪ ,‬مخالفة أمر‬
‫النت‬
‫النت صىل هللا عليه وآله وسلم ومخالفة ي‬ ‫الشيخ من مخالفة ي‬
‫النت عليه الصالة والسالم يقول‪ ( :‬من أطاع‬ ‫من مخالفة هللا؛ ألن ي‬
‫أطاعت‪,‬‬ ‫أطاعن ) أليس الشيخ أمي؟ من أطاع األمي فقد‬‫ى‬ ‫األمت فقد‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫عصاب‪ .‬وليست معصية الشيخ كمعصية أحد‬ ‫ي‬ ‫ومن عص األمي فقد‬
‫من الخلق؛ ألن الذي يسارع باالنتقام هللا‪ ,‬لكن هم أهل رحمة‬
‫وثاب مرة وثالث مرة‪ ,‬فإذا رأوا اإلضار رفعوا‬
‫يتشفعون فيك أول مرة ي‬
‫األمر إىل األقدار فيتضف الحق تعاىل بما شاء إما أن تفاجئك سوابق‬
‫قديمة فتسلك ف الطريق‪ ،‬وإال يسلط عليك خاطر ( أنا مرت ّ‬
‫عل‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫والل يتعذر بأمه وإال بأبيه‬
‫ي‬ ‫سنوات كثتة ويكفينا من هذا المكان‬
‫بغاه يرجع ) بعض األشياء هذه والعياذ باهلل سلب ويعرفها أهل‬
‫البصية‪.‬‬
‫الغاىل بسبب الرخيص‪ ,‬ألن من ترك‬‫ي‬ ‫انتبهوا يا إخوان ال تضيعون‬
‫الغاىل وأخذ الرخيص من شأنه أن يهبط‪ ,‬كما قال بنو إشائيل لسيدنا‬
‫ي‬
‫موش‪ :‬ﱡ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ‬

‫ﲚﲛﲜﲝ ﲞ ﲟﲠﱠ‬

‫‪47‬‬
‫ﲩ ﲫ ﱠ وكل من‬
‫ﲪ‬ ‫قال‪ :‬ﱡ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ‬

‫استبدل الذي هو أدب بالذي هو خي يقال له‪ :‬اهبط‪ ,‬رح مع مرادك‬


‫إذا ما تولتك العناية الربانية شفك با تروح مع مراد نفسك ‪،‬‬

‫لكن من تأدب كما قال اإلمام الحداد‪- :‬احفظوا هذه العبارة‪ ( -‬إذا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫رأيت المريد ممتلئا بشيخه أي بتعظيم شيخه وإجالله مجتمعا‬
‫عليه بظاهره وباطنه عل اعتقاده وامتثاله والتأدب بآدابه فال بد‬
‫شء منه)‪ ,‬إما أن يرث الش كامال من الشيخ‬ ‫ِ‬
‫أن يرث رس شيخه أو ي‬
‫شء منه‪ ,‬شف هذه قاعدة ذكرها اإلمام الحداد؛ ألنه هو الذي‬ ‫ر‬
‫أو ي‬
‫يعط الش لمن كان معه‪ ,‬هذه‬ ‫ي‬ ‫أخذ الش عمن كان قبله وهو الذي‬
‫قاعدة مهمة ذكرها سيدنا اإلمام الحداد يف كتابه آداب سلو‬
‫المريد‪ ,‬فمن لم يقرأ هذا الكتاب فليقرأه؛ ألن هذا من بدايات‬
‫الطريق‪ ,‬قبل أيام سألت سيدي الحبيب عمر قلنا له‪ :‬بعض الناس‬
‫يطلبون إذا خرجنا بعض األماكن أن يتصلوا بهذه الطريقة‬
‫ويأخذوا العهد؟ قال‪ :‬قولوا لهم يقرأون كتاب آداب سلو المريد‬
‫بنية العمل به‪ ,‬ويقرأون ما استطاعوا من كتاب الخالصة ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫نسأل هللا تعاىل أن يربطنا وإياكم بهؤالء الرجال الكمل‪ ,‬وأن يغنمنا‬
‫وإياكم األوقات واألنفاس واللحظات‪ ,‬وأن يغنمنا كل ما ييل عىل‬
‫ومعاب وال يخرجنا وإياكم من‬
‫ي‬ ‫قلوب هم من أحوال وأذواق ومعارف‬
‫هذه الدار إال بالدار وبرجاالت الدار‪ ,‬ويجعلنا وإياكم ممن يحاكون‬
‫ذوات هؤالء الشيوخ وممن ينطوون فيهم ى‬
‫ويميجون بهم‪ ,‬وينور لنا‬
‫حت نغنم كل لحظة‬ ‫ولكم البض والبصية ويصق الش والشيرة ى‬
‫ي‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫وكل ساعة وكل نفس من أنفاسهم فنيف ى‬
‫حت يفخروا بنا نسأل هللا‬
‫تعاىل أن يقر بنا وبكم أعينهم وأن نكون منهم عىل بال يف كل حي‬
‫وف حضائر القدس‪,‬‬ ‫وف كل حال‪ ,‬مجتمعي منهم يف مجالس األنس ي‬ ‫ي‬
‫وال يحرمنا خي ما عنده ر‬
‫لش ما عندنا‪.‬‬

‫وصل هللا عل سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم‬


‫ى‬
‫العالمي ‪.‬‬ ‫وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب‬

‫‪49‬‬

You might also like