بحث تخرج

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 49

‫جمهورية السودان‬

‫وزارة التعليم والبحث العلمي‬


‫جامعة إفريقيا العالمية‬
‫كلية الدراسات الإسلامية‬
‫قسم السنة وعلوم الحديث‬

‫أحاديث معاملة النبي صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين في صحيح البخاري جمعا‬
‫ودراسة‬
‫بحث مقدم لنيل درحة البكالوريوس في علوم السنة‬

‫إشراف‪ /‬د‪ .‬مرتضى الزين‬ ‫إعداد الطالب‪ /‬محمد مغفار‬

‫‪9341‬هـ ‪8192/‬م‬
‫الإستهلال‬
‫ﭧﭨﭷﭸﭹﭺﭻﭽ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ‬
‫المائدة‪٧٥ :‬‬ ‫ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﭼ‬

‫ب‬
‫إهداء‬
‫إلى أمي وأبي‬
‫إلى زوجتي وأهلي‬
‫إلى أساتذتي‬
‫إلى زملائي‬
‫إلى الشموع التي تحترق لتضئ للآخرين‬
‫إلى كل من علمني حرفا‬
‫أهدي هذا البحث المتواضع راجيا من المولى عز وجل أن يجد القبول والنجاج‬

‫ج‬
‫المقدمة‬
‫الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من سرور أنفسنا و من سيئات‬
‫أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلله فلا هادي له‪ .‬و أشهد أن لا إله إلا الله وحده‬
‫لا شريك له و أشهد أن محمد عبده و رسوله و لا نبي بعده‪ .‬أما بعد‪...‬‬
‫ففي‬
‫الوقت الذي تعيش فيه الأمم والشعوب والمذاهب والقوميات اختلافا وتناحرا‬
‫مستمرا وتعيش فتنا كقطع الليل المظلم‪ .‬يتهم ديننا الحنيف بأباطيل لا أساس لها من الصحة‬
‫في عدم قدرته على احتواء واحترام من خالفه في الدين أو المذهب أو المعتمد‪.‬‬
‫هذه التهمة التي انبرى لها منذ زمن بعيد في عصر التمكن عصر السنة الذهبي‬
‫أعلامنا العظام ومشايخنا الكرام ومنهم فريد دهره ونسيج عصره الإمام المفضال محمد بن‬
‫اسماعيل البخاري ‪ -‬رحمه الله – في كتابه الرائع "الجامع الصحيح" الذي يعد أصح‬
‫كتاب بعد كتاب الله تعالى‪ ،‬ومن احتوى بين طياته على السنة النبوية الشريفة التي بينت‬
‫أفصحه بأوضح أسلوب‪ ،‬وأجمل بيان‪ ،‬بالقول تارة‪ ،‬والفعل تارة أخرى‪ ،‬صدرها البخاري‬
‫بتراجم لطيفة تدل على فقهه‪ ،‬وطول باعه‪ ،‬وسعة ذهنه التي عدت بحق مثابة لطلبة العلم‬
‫وأهله‪ ،‬فمنهم من تعرض لها بنظرة فقهية‪ ،‬وأخرى حديثية‪ ،‬وثالثة لغوية‪ ،‬وغيرها من‬
‫النفحات الربانية مما فتحه الله على أصحابها‪ ،‬ومن هذه الإشرافات بيانه ‪ -‬رحمه الله ‪-‬‬
‫من خلال تراجمه أحاديث عن معاملة النبي صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين‬
‫لذا توجهت همتي عند إختيار موضوع بحثي في مرحلة "بكلوريوس" إلي جمع‬
‫أحاديث عن معاملة النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب صحيح البخاري وقد وجدت‬
‫ذلك في أربعة وعشرين بابا من أبوابه –رحمه الله تعالى – و ضمتها ستة عشر كتابا وفي‬
‫هذا الإلماح دحض وتنفيد لتلك المزاعم والادعات الكاذبة التي أرادت النيل من هذا الدين‬
‫العظيم‬
‫و جعلت عنوان البحث "أحاديث معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لغير المسلمين في‬
‫الجامع الصحيح جمعا ودراسة"‪ .‬و في الصفحة التالية بيان لأهمية البحث و نحو ذلك مما‬
‫له علاقة بخطة البحث‪.‬‬

‫د‬
‫ه‬
‫المبحث الأول ‪ :‬أساسيات البحث ‪ ،‬وفيه مطلبين على النحو التالي‬
‫المطلب الاول ‪ :‬أهمية الموضوع‪ ،‬أهداف البحث‪ ،‬أسباب اختيار الموضوع‪،‬‬
‫منهج البحث‪ ،‬أدوات البحث‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬أسئلة البحث ‪ ،‬فروض البحث ‪ ،‬الدراسات السابقة ‪ ،‬مشكلة‬
‫البحث ‪ ،‬هيكل البحث ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المطلب الاول‪ :‬أهمية الموضوع‪ ،‬أهداف البحث‪ ،‬أسباب اختيار الموضوع‪ ،‬منهج‬
‫البحث‪ ،‬أدوات البحث‪.‬‬
‫أهمية البحث‬
‫‪ .9‬يبين هذا البحث أهمية علاقات المسلم بالمشركين حتى لا يكون هناك إفراط ولا‬
‫تفريط بالأخص في هذا الزمان الذي يتهم فيه كثير ممن لا يدين بالإسلام بأنه دين‬
‫لا رحمة فيه إلا للمسلمين‪.‬‬
‫‪ .8‬أنه يبين لكثير من الناس العدل الذي يختص به دين الإسلام والمعاملة الحسنة من‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم لغير المسلمين ‪.‬‬
‫‪ .4‬أنه يبين لكثير من المسلمين الذين جهلوا كيف كانت معاملة النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم للمشركين ويكون خير هدى لمن أراد أن يهتدي بهدي النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم في المعاملة مع غير المسلمين‪.‬‬
‫أهداف البحث‬
‫‪ .9‬التعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم وكيف معاملته مع غير مسلمين‬
‫‪ .8‬التعريف بمن هم غير المسلمين‬
‫‪ .4‬شرح كلمة المعاملة وما تحتويه‬
‫‪ .3‬دراسة أحاديث معاملة النبي مع غير المسلمين نظرة في أبواب البخاري في صحيحه‬
‫‪ .5‬التعريف بالإمام البخاري رحمه الله ومكانة الجامع الصحيح عند أهل الإسلام‪.‬‬
‫أسباب إختياري موضوع البحث‬
‫‪ .9‬إن كثيرا من الناس يرمون الاقتداء بالنبي ﷺ ‪ ،‬ولكن بغير علم فيفسدون‪ ،‬ولا‬
‫يصحلون‪ ،‬لذا جمعت في هذا البحث الأحاديث الصحيحة في معاملة النبي مع غير‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫‪ .8‬توعية الناس بقضية الولاء مع المسلمين والبراء من الكفار في ملتهم‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ .4‬رفع الجهل عن نفس الباحث خاصة‪ ،‬ثم عن المسلمين عموما فيما يتعلق بهذا‬
‫الموضوع‪.‬‬
‫‪ .3‬أهمية الموضوع عمليا لكل مشتغل بالسنة النبوية الشريفة لإحتيا جه اتباع النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم لقبول عمله الصالح‬
‫‪ .5‬قلة معرفة الناس للأحاديث الصحيحة في معاملة النبي صلى الله عليه وسلم مع غير‬
‫المسلمين‬
‫منهج البحث‬
‫‪ -9‬استخدمت في كتابة هذا البحث المنهج الاستقرائي بنقل النصوص من بطون الكتب‬
‫والمنهج الاستنباطي عند بيان فقه البخاري في تبويبه‬
‫‪ -8‬وثقت جميع النقول بالرجوع إلى مصادر الأصلية التي وردت فيها‪ ،‬وذلك بذكر‬
‫المرجع واسم المؤلف‬
‫‪ -4‬قمت بعزو الآيات القرآنية الواردة في هذا البحث مع ذكر اسم السورة ورقم آياتها‬
‫حسب ورودها في المصحف‬
‫‪ -3‬وضعت فهارس لكل من الآيات القرآنية ولأحاديث النبوية‪.‬‬

‫أداوات البحث‬
‫يستجدم الباحث في بحثه الرسائل الآتية‪:‬‬
‫‪ ‬القرآن الكريم‪ ،‬و الجامع الصحيح لإمام البخاري وشروحه‪ ،‬و المكتبة الإلكترونية‪،‬‬
‫و المعاجم اللغوية‪ ،‬و رسائل الجامعة‪ ،‬و كل ما يتعلق بموضوع البحث‬

‫‪3‬‬
‫المطلب الثاني ‪:‬أسئلة البحث ‪ ،‬فروض البحث ‪ ،‬الدراسات السابقة ‪ ،‬مشكلة‬
‫البحث ‪ ،‬حدوج البحث ‪ ،‬هيكل البحث‬
‫أسئلة البحث‪:‬‬
‫سجِدَ ؟‬ ‫شرِكِ الْمَ ْ‬ ‫الصلَاةِ في الْبِيعَةِ ودُخُولِ الْمُ ْ‬ ‫‪ )9‬هل يجوز َّ‬
‫سلِمِينَ عِنْدَ اْل َقحْطِ؟‬ ‫ش َفعَوا بِالْمُ ْ‬
‫‪ )8‬هل يجوز الاستسقاء للمشركين إذا اسْتَ ْ‬
‫‪ )4‬هل يجوز القيام ِلجَنَازَةِ المشركين؟‬
‫ِي‬
‫حرْب ِّ‬‫ش ِركِينَ َوَأ ْهلِ اْلحَ ْربِ و ِشرَاءِّ الْمَ ْملُوكِ من الْ َ‬ ‫الشرَاءِّ وَالْبَيْعِ مع الْمُ ْ‬‫‪ )3‬هل يجوز ِّ‬
‫َوهِبَتِ ِه َوعِْتقِهِ؟‬
‫‪ )5‬هل يجوز الْ ُمزَا َرعَةِ والرهن مع الْيَهُودِ وغيرهم؟‬
‫والصلْحِ معه؟‬
‫شرِكِ وقَبُولِ ْهَدِيَّته ُّ‬ ‫‪ )6‬هل يجوز عِْتقِ الْمُ ْ‬
‫ش ِركِينَ؟‬‫ش ِركِينَ بِالْهُدَى لِيَتَأَلَّفَهُمْ‪ ،‬وفِدَاءِّ الْمُ ْ‬
‫الدعَاءِّ ِللْمُ ْ‬
‫‪ )7‬هل يجوز ُّ‬
‫جزْيَةِ وَالْمُوَادَعَةِ مع َأ ْهلِ الذمة والحرب‪ ،‬وإِثْمِ من قََتلَ ُمعَاهَدًا ِبغَْيرِ‬ ‫‪ )2‬هل يجوز اْل ِ‬
‫ُج ْرمٍ؟‬
‫‪ )1‬هل يجوز الْمُوَا َدعَةِ وَالْ ُمصَاَلحَةِ مع الْمُشْ ِركِينَ بِالْمَالِ َوغَْيرِهِ َوإِثْمِ من لم يَفِ بِالْعَهْدِ‪،‬‬
‫وإِثْمِ من عَاهَدَ ثُمَّ غَدَرَ؟‬
‫هل يجوز الكتابة للملوك والرؤساء لدعوتهم لدخول الإسلام؟‬ ‫‪)91‬‬
‫حرْبِ َوغَْي ِرهِمْ‪،‬‬ ‫هل يجوز أكل ذَبَائِحِ َأ ْهلِ الْكِتَابِ وَ ُشحُومِهَا من َأ ْهلِ اْل َ‬ ‫‪)99‬‬
‫شرِكِ‪ ،‬وصلته؟‬ ‫وعِيَادَةِ الْمُ ْ‬

‫فروض البحث‪:‬‬
‫‪ .9‬أن الدين الإسلام دين رحمة للعالمين في كل الزمان‪.‬‬
‫‪ .8‬أن النبي ﷺ قدوة حسنة للناس في حسن المعاملة بين المسلمين‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫قد جمع كثير من العلماء في مصنفاتهم أحاديث معاملة النبي صلى الله عليه وسلم مع‬
‫الناس ولكن قليل بمن يختص بجمعه في معاملته ﷺ مع غير المسلمين مثل ‪:‬‬
‫‪ .9‬كتاب التعامل مع غير المسلمين أصول معاملتهم وإستعمالهم دراسة فقهية ‪ ،‬تأليف‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبد الله بن إبراهيم الطريفي الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية‪.‬‬
‫‪ .8‬كتاب كيف عاملهم ﷺ ‪ ،‬التأليف الشيخ محمد صالح المنجد ‪ ،‬وقد تحدث فيه‬
‫معاملة النبي ﷺ مع الناس عموما وفيه جمع وبين معامته ﷺ مع غير المسلمين‬

‫مشكلة البحث‪:‬‬
‫‪ .9‬هل الدين الإسلام دين لا رحمة فيه إلا للمسلمين في هذا الزمان‪.‬‬
‫‪ .8‬هل لدين الإسلام قدوة من النبي صلى الله عليه وسلم في معاملة حسنة لغير‬
‫المسلمين ‪.‬‬
‫‪ .4‬ما هو أنواع معاملة الحسنة مع غير المسلمين التي شرعها الله ومثله النبي حتى‬
‫يكون الدين الإسلام دين رحمة للعالمين‬
‫هيكل البحث ‪:‬‬
‫قسمت بحثي على ثلاثة مباحث وخاتمة وفهارس على النحو التالي‪.‬‬
‫المبحث الأول ‪ :‬أساسيات البحث ‪ ،‬وفيه مطلبين على النحو التالي‬
‫المطلب الاول ‪ :‬أهمية الموضوع‪ ،‬أهداف البحث‪ ،‬أسباب اختيار الموضوع‪ ،‬منهج البحث‬
‫‪ ،‬أدوات البحث‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬أسئلة البحث ‪ ،‬فروض البحث ‪ ،‬الدراسات السابقة ‪ ،‬مشكلة البحث ‪،‬‬
‫حدوج البحث ‪ ،‬هيكل البحث ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬حقيقة معنى المعاملة مع غير المسلمين‬
‫المطلب الأول ‪ :‬التعريف بمعنى المعاملة‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الرسول ﷺ هو قدوة الحسنة في المعاملة بين الناس‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬التعريف بمن هم غير المسلمين‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬أحاديث معاملة النبي ﷺ مع غير المسلمين في صحيح البخاري‬

‫‪٧‬‬
‫المطلب الأول ‪ :‬تعامل النبي ﷺ في عباداتهم‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعامل النبي ﷺ مع غير المسلمين في الجهاد والسير والجزية والموادعة‬
‫والمغازي‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬علاقة النبي ﷺ في ذبائحهم وعيادة مرضاهم والأدب عليهم‪.‬‬
‫و أما الخاتمة فهي تشمل علي‪:‬‬
‫أ‪ .‬النتائج‬
‫ب‪ .‬التوصيات‬
‫ج‪ .‬الفهارس العامة‪ ،‬و هي‪:‬‬
‫‪ o‬فهرس الآيات القرآنية‬
‫‪ o‬فهرس أطراف الأحاديث‬
‫‪ o‬فهرس الأعلام‬
‫‪ o‬فهرس المصادر و المراجع‬
‫‪ o‬فهرس الموضوعات‬

‫‪6‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬حقيقة معنى المعاملة مع غير المسلمين‬
‫المطلب الأول ‪ :‬التعريف بمعنى المعاملة‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الرسول ﷺ هو القدوة الحسنة في المعاملة بين الناس‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬التعريف بمن هم غير المسلمين‬

‫‪٥‬‬
‫المطلب الأول‪ :‬التعريف بمعنى المعاملة‬
‫تعريف ومعنى تعامل‬
‫لغة تعامل (فعل) تعامل يتعامل‪ ،‬تعاملا‪ ،‬فهو متعامل ‪ ،‬والمفعول متعامل والتعامل هو عامل‬
‫كل منهما الآخر‬
‫(‪)1‬‬
‫واصطلاحا ‪ :‬قيام علاقة عمل متبادلة بينهم‬
‫فالتعامل في الإسلام مع غير المسلمين يتمثل في قول الله عز وجل ﭽ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬
‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ‬
‫ﮣ ﮤ ﮥﭼ(‪ ، )2‬فالبر والقسط مطلوبان من المسلم تجاه كل الناس‪ ،‬ما لم يقفوا‬
‫في وجهه ويضطهدوا أهل ولأهل الكتاب من بين غير المسلمين منزلة خاصة في المعاملة‬
‫‪ ،‬فالقرآن ينهى عن مجادلتهم إلا بالحسنى‪ ،‬ويبيح مؤاكلتهم والأكل من ذبائحهم‬
‫ومصاهرتهم‪ ،‬وهذا أصل التسامح قال رسول الله ﷺ (ولأهل الذمة في دار الإسلام حق‬
‫الحماية من كل عدوان خاجي ومن كل ظلم داخلي)(‪.)3‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الرسول ﷺ هو القدوة الحسنة في المعاملة بين الناس‬
‫فإن وجود القدوة الحسنة في الحياة ضرورة لا بد منها‪ ،‬ليقتدى بها الإنسان‬
‫ويكتسب منها المعالم الإيجابية لحركته في الحياة‪ ،‬سواء مع الله تعالى في أداء العبادات‬
‫والفرائض‪ ،‬أو مع النفس وتكيتها وتدريبها على الأخلاق القاضلة‪ ،‬أو مع الأهل والابناء داخل‬
‫الأسرة من أجل بناء أسرة متماسكة‪ ،‬أو مع المجتمع من حوله في أمور الدين والدنيا‪،‬‬
‫وهكذا‬

‫ومن أجل ذلك جعل الله تعالى الرسول ﷺ قدوة ونوذجا يجسد الدين الذي أرسل‬
‫به‪ ،‬حتى يعيش الناس مع هذا الدين ورسوله واقعا حقيقيا بعيدا عن الأفكار المجردة‪ ،‬فكان‬
‫هذا الرسول عليه الصلاة والسلام خير قدوة للأمة في تطبيق هذا الدين ليكون منارا لها إلى‬

‫‪ - 1‬المعاجم العربي‬
‫‪ - 2‬سورة الممتحنة ‪:‬أية ‪9-8:‬‬
‫‪ - 3‬مسند إمام أحمد‬

‫‪8‬‬
‫ﭽﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬ ‫يوم القيامة‪ ،‬يقول تبارك وتعالى‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﭼ‬

‫حيث كان عليه الصلاة والسلام على درجة رفيع من الخلق العظيم مع صحابته‬
‫رضوان الله عليهم‪ ،‬فلم يكن يستعلى على أحد منهم‪ ،‬يقابلهم بالوجه الحسن المبتسم ‪،‬‬
‫ويكلمهم بأسلوب هادئ رزين ‪ ،‬ويشاركهم في أفراحهم وأتراحم‪ ،‬وكان يعامل الصحابة‬
‫جميعا معاملة واحدة‪ ،‬حتى يظن أحدهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يعامل أحدا‬
‫بمثل ما يعامله من الرفق واللطف‪.‬‬

‫لقد أدهشت العالم معاملة رسول الله ﷺ مع أعدائه وهو متمكن منهم‪ ،‬فلم يظهر‬
‫في التاريخ أرحم منه مع أعدائه رقم ما كان يلاقيه منهم من الأذى والعذاب والتشريد‪ ،‬فما‬
‫أحوج الناس إلى هذا الخلق العظيم‪ ،‬في هذا العصر المتلاطم الأمواج‪ ،‬حيث حلت الوحشية‬
‫محل الرحمة‪ ،‬والرذيلة محل الفضيلة‪ ،‬والنفاق محل الصدق والإخلاص‪ ،‬وجميعها معاول‬
‫هدم ودمار على العالم‪ ،‬والمشاهد المأساوية التي ناينها على مدار الساعة‪ ،‬ما بين القتل‬
‫والتشريد والحرمان والفقر في العالم هي من نتائج غياب هذه الأخلاق القيم التي جاء بها‬
‫رسول هذه الأمة عليه الصلاة والسلام‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التعريف بمن هم غير المسلمين‬


‫تعريف غير المسلمين ‪:‬‬
‫هم من لم يؤمن برسالة نبينا محمد وعليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والتسليم‪،‬‬
‫أو لم يؤمن بأصل معلوم منها بالضرورة‪ ،‬ويسمون في المصطلح الشرعي (الكفار) ‪.‬‬
‫أصنافهم ‪ :‬صنفان ‪:‬‬
‫الصنف الأول ‪ :‬غير المسلمين ظاهرا وباطنا ‪ ،‬ويسمون "الكفار الصرحاء"‪ ،‬وهم نوعان‪:‬‬
‫‪ -‬النوع الأول ‪ :‬أصليون ‪ :‬وهم من لم يسبق لهم الدخول في دين الإسلام ‪ ،‬وهؤلاء‬
‫منهم أهل كتاب ‪ ،‬ومجوس ‪ ،‬وغيرهم لهم أحكام تختلف بحسب دينهم ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة األحزاب ‪ ،‬اآلية (‪)21‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ -‬النوع الثاني ‪ :‬مرتدون ‪ :‬وهم من دخل في دين الإسلام ثم خرج منه ‪ ،‬سواء أكان‬
‫بالغا حين دخل في دين الإسلام ثم ارتد ‪ ،‬أم كان صغيرا وأبواه أو أبوه مسلم ثم‬
‫وقع في الكفر بعد بلوغه وثبوت الكفر عليه بشروطه ‪.‬‬
‫الصنف الثاني ‪ :‬من أظهر الإسلام وأبطن الكفر ‪ ،‬ويسمون "لمنافقون" ‪.‬‬
‫الأحكام العقدية أولاً ‪ :‬الأحكام الأخروية ‪:‬‬
‫لا يخلو من مات على غير الإسلام من أحد أمرين ‪:‬‬
‫‪ -9‬أن يكون غير مكلف ‪ ،‬وهو المجنون أو غير البالغ ‪ :‬فحكمهم في الآخرة محل‬
‫خلاف بين أهل العلم ‪ ،‬فمنهم من قال ‪ :‬يعاملهم الله بعلمه فهو أعلم بمن‬
‫سيسلم منهم لو بلغ أو عقل ‪ ،‬وهذا قول ضعيف ؛ لأن الله لا يحاسب العباد‬
‫إلا بما عملوا حقيقة ‪ ،‬ومنهم من قال ‪ :‬هم كمجانين المسلمين وأطفالهم‬
‫يدخلون الجنة ‪ ،‬ومنهم من قال ‪ :‬إن الله يمتحنهم في الآخرة كما يمتحن أهل‬
‫الفترة الذين عاشوا في زمن لم يكن فيه نبي ولا دين صحيح ‪ ،‬وهذان القولان‬
‫أرجح من القول الأول‬
‫‪ -8‬أن يكون مكلفا ‪ ،‬أي ‪ :‬عاقلا بالغا ‪ ،‬فهؤلاء قسمان ‪:‬‬
‫‪ -‬القسم الأول ‪:‬‬
‫من بلغهم دين الإسلام الصحيح على وجه تقوم به الحج ‪ ،‬بحيث يفهمونه ويدركون‬
‫أصول عقائده وشرائعه فلم يقبلوا به وأبوا الدخول فيه فهؤلاء جزاؤهم النار خالدين‬
‫فيها أبدا‪ ،‬كما قال ـ جل وعلا ـ ‪ ( :‬إِنَّ الَّذِينَ َك َفرُوا ِمنْ أَ ْهلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْ ِركِي َن‬
‫فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الَْبرِيَّةِ)(‪ ،)1‬وقال( وَالَّذِينَ َك َفرُوا لَهُمْ نَارُ‬
‫جزِي كُلَّ‬ ‫جَهَنَّمَ لَا ُي ْقضَى َعلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا ُيخَفَّفُ عَنْهُمْ ِمنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ َن ْ‬
‫َكفُورٍ)(‪.)2‬‬
‫‪ -‬القسم الثاني ‪:‬‬
‫من لم يبلغهم دين الإسلام ولم يسمعوا به أبدا أو بلغهم على وجه لا تقوم به الحجة‬
‫عليهم كأنه يبلغهم مشوها ولم يمكنهم التعرف على الحق والبحث عنه فهؤلاء‬

‫‪ - 1‬سورة البينة‪ ،‬اآلية ‪)6( :‬‬


‫‪ - 2‬سورة فاطر‪ ،‬اآلية ‪)36( :‬‬

‫‪11‬‬
‫يسمون أهل الفترة يمتحنهم الله في الآخرة بأن يخلف ما يرون نارا وهي في‬
‫الحقيقة جنة ثم يأمرهم بدخولها ‪ ،‬فمن أطاعه كان مسلما ودخل الجنة ومن عصاه‬
‫كان كافرا ودخل النار والدليل على ذلك قول الله ـ جل وعلا ـ ‪َ ( :‬ومَا كُنَّا‬
‫ُمعَذِّبِينَ حَتَّى نَْب َعثَ رَسُولً)(‪.)1‬‬
‫ومع أن غير المسلمين في النار ـ جميعا ـ إلا أن شدة عذابهم تختلف بحسب شدة‬
‫كفرهم ومعاداتهم للحق ‪ ،‬فمن كان أشد كفرا كان أشد عذابا ‪ ،‬فالمنافقون أشدهم عذابا‬
‫؛ لشدة كفرهم وخطرهم على المسلمين ‪ ،‬يقول الله ـ جل وعلا ـ ( إِنَّ الْمُنَاِفقِينَ فِي‬
‫الدَّرْكِ الْأَ ْس َفلِ ِمنَ النَّارِ وَلَنْ َتجِدَ لَهُمْ َنصِيرًا)(‪ ،)2‬فالنار دركات ‪ ،‬أشدها عذابا أسفلها ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة اإلسراء اآلية‪)1٧( :‬‬


‫‪ - 2‬سورة النساء اآلية‪)14٧( :‬‬

‫‪11‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬أحاديث معاملة النبي ﷺ مع غير المسلمين في صحيح البخاري‬
‫المطلب الأول ‪ :‬تعامل النبي ﷺ في عباداتهم‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تعامل النبي ﷺ مع غير المسلمين في الجهاد والسير والجزية والموادعة‬
‫والمغازي‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬علاقة النبي ﷺ في ذبائحهم وعيادة مرضاهم والأدب عليهم‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫المطلب الأول ‪ :‬تعامل النبي صلى الله عليه وسلم في عبادتهم‬

‫المسألة الأولى ‪ :‬الصلاة‬


‫الصلَاةِ في الْبِيعَةِ‪.‬‬
‫الباب الأول‪ :‬بَاب َّ‬
‫وقال عُ َمرُ ‪ -‬رضى الله عنه ‪ -‬إِنَّا لَا نَدْ ُخلُ كَنَائِسَكُمْ من أَ ْجلِ التَّمَاثِيلِ التي فيها‬
‫الصُّوَرُ وكان ابن عَبَّاسٍ يُصَلِّي في الْبِيعَةِ إلا بِيعَةً فيها تَمَاثِيلُ (‪ )9‬قال العيني‪ :‬أي هذا باب‬
‫في بيان حكم الصلاة في البيعة (‪ )8‬والبيعة‪ :‬بكسر الموحدة بعدها مثناة تحتانية معبد‬
‫(‪)4‬‬
‫للنصارى(‪ )3‬وقيل‪ :‬هي صومعة الراهب وقيل كنيسة النصارى والثاني هو المعتمد‬
‫صلَوَاتٌ وَمَسَاجِد ﴾(‪.)٧‬‬ ‫والجمع‪ :‬بيع وهو قوله تعالى‪ ﴿ :‬وَبِيَعٌ وَ َ‬
‫فإن قلت إذا كان كذلك فكيف عقد الباب للصلاة في البيعة والمذكور في الحديث‬
‫(‪)6‬‬
‫هو الكنيسة قلت عقد الباب هكذا على قول من لم يفرق بينهما‬
‫والأثر رواه البخاري تعليقا عن ابن عباس ووصله البغوي في الجعديات وزاد فيه فإن كان‬
‫فيها تماثيل خرج فصلى في المطر(‪.)٥‬‬
‫ونص جمهور الفقهاء على كراهة الصلاة في معابد الكفار إذا دخلها مختارا‪ ،‬أما‬
‫إن دخلها مضطرا فلا كراهة في ذلك‪ ،‬وقال عطاء والشعبي وابن سيرين والحنابلة تجوز‬
‫الصلاة فيها من غير كراهة (‪.)8‬‬
‫ويدخل في حكم البيعة الكنيسة‪ ،‬والصومعة وبيت الصنم وبيت النار ونحو ذلك‬
‫(‪.)9‬‬

‫‪ - 1‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصالة‪ ،‬باب الصالة في البيعة تعليقا‪.‬‬


‫‪ - 2‬عمدة القاري (‪)191 :4‬‬
‫‪ - 3‬لسان العرب (‪)26 :8‬‬
‫‪ - 4‬فتح الباري ‪)٧31 :1( :‬‬
‫‪ - ٧‬سورة الحج اآلية ‪41‬‬
‫‪ - 6‬عمدة القاري‪)4:191( :‬‬
‫‪ - ٥‬مسند ابن الجعد (‪ )1:342‬رقم‪)23٧٧( :‬‬
‫‪ - 8‬بدائع الصنائع ‪ )1٥6 :4( :‬وحاشية ابن عابدين ‪ ،)2٧4 :1( :‬والمدونة ‪ ،)91 :1( :‬ومغني المحتاج ‪:‬‬
‫‪ - 9‬فتح الباري ‪)٧31 :1( :‬‬

‫‪13‬‬
‫ج َد‬
‫شرِكِ الْمَسْ ِ‬‫الباب الثانية‪ :‬بَاب دُخُولِ الْمُ ْ‬
‫قال البخاري‪( :‬حدثنا قُتَيْبَةُ قال حدثنا اللَّْيثُ عن َسعِيدِ بن أبي َسعِيدٍ أَنَّهُ سمع أَبَا ُهرَْيرَةَ‬
‫يقول َب َعثَ رسول اللَّهِ ﷺ خَْيلًا قَِبلَ َنجْدٍ َفجَاءَّتْ ِبرَ ُجلٍ من بَنِي حَنِيفَةَ ُيقَالُ له ثُمَامَةُ بن‬
‫سجِدِ)(‪. )1‬‬ ‫أُثَالٍ َفرََبطُوهُ بِسَارِيَةٍ من سَوَارِي الْمَ ْ‬
‫قال العيني‪ :‬أي هذا باب في بيان جواز دخول المشرك المسجد(‪. )2‬‬
‫وفي دخول المشرك المسجد مذاهب فعن الحنفية الجواز مطلقا وعن المالكية‬
‫والمزني المنع مطلقا وعن الشافعية التفصيل بين المسجد الحرام وغيره للآية وقيل يؤذن‬
‫للكتابي خاصة وحديث الباب يرد عليه فإن ثمامة ليس من أهل الكتاب(‪.)3‬‬
‫مما سبق يتضح ذهاب الإمام البخاري ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬إلى جواز دخول المسلم‬
‫إلى معابد غير المسلمين من اجل الصلاة بشرط أن لا يكون فيها تماثيل‪ .‬وكذلك جواز‬
‫دخول غير المسلم إلى المسجد وإن كان مشركا لأن نجاسته معنوية وليست مادية فلا‬
‫يتنجس بها المسجد كما هو مقرر في كتب الفقه الإسلامي‪ .‬والذي يبدو لي أن القياس لا‬
‫يأبى قياس معابد غير النصارى على معابد النصارى‪.‬‬

‫المسألة الثانية ‪ :‬الاستسقاء‪.‬‬


‫سلِمِينَ عِنْدَ اْل َقحْطِ‪.‬‬ ‫شفَعَ الْمُشْ ِركُونَ بِالْمُ ْ‬
‫الباب الأول ‪ :‬بَاب إذا اسْتَ ْ‬
‫قال البخاري‪( :‬حدثنا محمد بن كَثِيرٍ عن ُسفْيَانَ حدثنا مَْنصُورٌ وَالَْأعْ َمشُ عن أبي‬
‫سعُودٍ فقال إِنَّ ُقرَيْشًا أبطؤوا عن الْإِ ْسلَامِ فَ َدعَا عليهم‬ ‫سرُوقٍ قال أَتَْيتُ بن مَ ْ‬ ‫الضحَى عن َم ْ‬ ‫ُّ‬
‫النبي ﷺ فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حتى َهلَكُوا فيها َوَأ َكلُوا الْمَيْتَةَ وَاْل ِعظَامَ َفجَاءَّهُ أبو سُفْيَانَ فقال يا‬
‫صلَةِ الرَّحِمِ َوإِنَّ قَ ْومَكَ َهلَكُوا فَادْعُ اللَّهَ َف َق َرأَ فَارَْت ِقبْ يوم تَأْتِي السَّمَاءُّ‬
‫محمد جِْئتَ تَ ْأ ُمرُ بِ ِ‬
‫بِدُخَانٍ مُبِينٍ ثُمَّ عَادُوا إلى ُك ْف ِرهِمْ فَذَِلكَ قَوْلُهُ َتعَالَى يوم نَْب ِطشُ الَْبطْشَةَ الْكُْبرَى يوم بَدْرٍ قال‬
‫ت عليهم سَْبعًا‬ ‫ث فَأَ ْطَبقَ ْ‬
‫سقُوا اْلغَيْ َ‬ ‫أبو عبدالله وزاد أَسْبَاطٌ عن مَْنصُورٍ فَ َدعَا رسول اللَّ ِه ﷺ فَ ُ‬

‫‪ - 1‬صحيح البخاري ‪ ،)1:1٥9( :‬كتاب الصالة ‪ ،‬باب دخول المشرك المسجد‪ ،‬رقم (‪)4٧٥‬‬
‫‪ - 2‬عمدة القاري‪)4:248( :‬‬
‫‪ - 3‬فتح الباري ‪ ،)1:٧61( :‬واالختيار‪)3:121( :‬‬

‫‪14‬‬
‫سقُوا‬
‫السحَابَةُ عن َرأْسِهِ فَ ُ‬
‫وَشَكَا الناس كَْثرَةَ الْ َم َطرِ قال اللهم حَوَالَيْنَا ولا َعلَيْنَا فَاْنحَدَرَتْ َّ‬
‫الناس حَوْلَهُمْ)(‪. )1‬‬
‫قال العيني‪ :‬أي هذا باب ترجمته إذا استشفع إلى آخره ولم يذكر جواب إذا اكتفاء‬
‫بما وقع في الحديث لأن فيه أن أبا سفيان استشفع بالنبي ﷺ وسأله أن يدعو الله ليرفع‬
‫عنهم ما ابتلاهم به من القحط وأبو سفيان إذ ذاك كان كافرًا (‪.)2‬‬
‫واستشكل بعض العلماء مطابقة حديث بن مسعود للترجمة لأن الاستشفاع إنما‬
‫وقع عقب دعاء ﷺ عليهم بالقحط ثم سئل أن يدعو برفع ذلك ففعل فنظيره أن يكون إمام‬
‫المسلمين هو الذي دعا على الكفار بالجدب فأجيب فجاءه الكفار يسألونه الدعاء‬
‫بالسقيا(‪. )3‬‬
‫ومحصل الترجمة أعم من حديث ابن مسعود ويمكن أن يقال هي مطابقة لما‬
‫وردت فيه ويلحق بها بقية الصور إذ لا يظهر الفرق بين ما إذا استشفعوا بسبب دعائه أو‬
‫بابتلاء الله لهم بذلك فإن الجامع بينهما ظهور الخضوع منهم والذلة للمؤمنين في التماسهم‬
‫منهم الدعاء لهم وذلك من مطالب الشرع(‪. )4‬‬
‫وذهب فريق من العلماء ان لا دلالة فيما وقع من النبي ﷺ في هذه القضية على‬
‫مشروعية ذلك لغيره ﷺ إذ الظاهر أن ذلك من خصائص النبي ﷺ لاطلاعه على المصلحة‬
‫في ذلك بخلاف من بعده من الأئمة‪.‬‬
‫قال العيني‪ :‬لا دليل هنا على الخصوصية وهي لا تثبت بالاحتمال على أن ابن بطال‬
‫قال استشفاع المشركين بالمسلمين جائز إذا رجى رجوعهم إلى الحق وكانت هذه القضية‬
‫بمكة قبل الهجرة(‪. )٧‬‬
‫يتبين من العنوان الذي بوب به البخاري رحمة الله ومن الحديث الذي ذكره ان‬
‫الاستسقاء هو لإحياء الأنفس والأموال وان كانت نفوسا مشركة وأموالا للمشركين حيث‬
‫دعا النبي ﷺ ربه بإحيائها بصرف النظر عن ديانتهم ومعتقدهم وفي هذا من معاني الرأفة‬

‫‪ - 1‬صحيح البخاري ‪ ،) 346 :1( :‬كتاب االستسقاء باب إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط رقم‪)9٥49( :‬‬
‫‪ - 2‬عمدة القاري ‪)4٧ :٥( :‬‬
‫‪ - 3‬فتح الباري ‪)٧11 :2( :‬‬
‫‪ - 4‬فتح الباري ‪)٧11 :2( :‬‬
‫‪ - ٧‬عمد القاري (‪)4٧ :٥‬‬

‫‪1٧‬‬
‫والرحمة بالمشركين منه ﷺ وهذا مصداق قول الله ‪ -‬عز وجل ‪ -‬في حقه ‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ :-‬ﭿ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﭾ(‪.)1‬‬

‫المسألة الثالثة ‪ :‬الجنائز‪:‬‬


‫الباب الأول ‪ :‬بَاب من قام ِلجَنَازَ ِة يَهُودِيٍّ‪:‬‬
‫قال البخاري‪( :‬حدثنا ُمعَاذُ بن َفضَالَةَ حدثنا هِشَامٌ عن يحيى عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن مِقْسَ ٍم‬
‫عن جَاِبرِ بن عبدالله رضي الله عنهما قال مرت بِنَا جَنَازَةٌ َفقَامَ لها النبي ﷺ وَقُمْنَا له َف ُقلْنَا‬
‫يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ قال إذا َرأَيْتُمْ اْلجِنَازَةَ َفقُومُوا)(‪.)2‬‬
‫وقال‪( :‬حدثنا آ َدمُ حدثنا ُشعْبَةُ حدثنا عَ ْمرُو بن مُرَّةَ قال سمعت عَبْدَ الرحمن بن‬
‫أبي لَْيلَى قال كان سَ ْهلُ بن حُنَيْفٍ َوقَْيسُ بن َسعْدٍ قَاعِدَْينِ بِاْلقَادِسِيَّةِ فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا ِبجَنَازَ ٍة‬
‫َفقَامَا َفقِيلَ لَهُمَا إِنَّهَا من َأ ْهلِ الأرض أَيْ من أَ ْهلِ الذِّمَّةِ َفقَالَا إِنَّ النبي ﷺ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ‬
‫ستْ َنفْسًا وقال أبو حَ ْمزَةَ عن الَْأعْ َمشِ عن عَ ْمرٍو‬ ‫َفقَامَ َفقِيلَ له إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ فقال أَلَيْ َ‬
‫عن بن أبي لَْيلَى قال كنت مع قَْيسٍ وَسَ ْهلٍ رضي الله عنهما َفقَالَا كنا مع النبي ﷺ وقال‬
‫سعُودٍ َوقَْيسٌ َيقُومَانِ لِ ْلجَنَازَةِ)(‪.)3‬‬ ‫الشعْبِيِّ عن بن أبي لَْيلَى كان أبو مَ ْ‬ ‫َز َكرِيَّاءُّ عن َّ‬
‫قال ابن حجر‪ :‬مطابقة الحديث لترجمة الباب ظاهرة وذلك لأنه ﷺ أمر بالقيام عند‬
‫رؤية الجنازة ولو كانت جنازة غير مسلم(‪ )4‬أو نحوه من أهل الذمة(‪ .)٧‬ومقتضى التعليل‬
‫بقوله‪( :‬أليست نفسا) أن ذلك يستحب لكل جنازة وإنما اقتصر في الترجمة على اليهودي‬
‫وقوفا مع لفظ الحديث(‪. )6‬‬
‫وتعليل القيام منه ﷺ ورد بعدة صيغ منها قوله‪( :‬أن للموت فزعا) في رواية ابن‬
‫ماجه‪ ،‬وقال‪( :‬فقال إنما قمنا للملائكة)‪ ،‬وقال‪( :‬إنما تقومون إعظاما للذي يقبض النفوس)‬
‫احمد والحاكم‪ ،‬وقال‪( :‬إعظاما لله الذي يقبض الأرواح) في رواية ابن حبان وقيل غير‬
‫ذلك بأسانيد فيها مقال‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة األنبياء‪ ،‬اآلية ‪)11٥( :‬‬


‫‪ - 2‬صحيح البخاري (‪ ،)441: 1‬كتاب الجنائز ‪ ،‬باب من قام لجنازة يهودي‪ ،‬رقم‪)1249( :‬‬
‫‪ - 3‬صحيح البخاري (‪ ،)441: 1‬كتاب الجنائز ‪ ،‬باب من قام لجنازة يهودي‪ ،‬رقم‪)12٧1( :‬‬
‫‪ - 4‬عمدة القاري‪)111 :8( :‬‬
‫‪ - ٧‬فتح الباري‪)181: 3( :‬‬
‫‪ - 6‬المصدر نفسه‬

‫‪16‬‬
‫وجمع بقوله‪( :‬قوله أليست نفسًا هذا لا يعارض التعليل المتقدم؛ حيث إنما تقومون‬
‫إعظامًا للذي يقبض النفوس ولفظ بن حبان إعظاما لله الذي يقبض الأرواح فإن ذلك أيضا‬
‫لا ينافي التعليل السابق لأن القيام للفزع من الموت فيه تعظيم لأمر الله وتعظيم للقائمين‬
‫بأمره في ذلك وهم الملائكة)(‪.)1‬‬
‫واختلف العلماء في حكم القيام للجنازة على أقوال‪ :‬فذهب الحنفية وأحمد إلى‬
‫عدم القيام للجنازة إذا مرت به إلا أن يريد أن يشهدها‪ ،‬وكذا إذا كان القوم في المصلى‪،‬‬
‫وجيء بجنازة‪ ،‬قال بعضهم‪ :‬لا يقومون إذا رأوها قبل أن توضع الجنازة عن الأعناق وهو‬
‫الصحيح‪ ،‬وما رواه البخاري من عامر بن ربيعة منسوخ بما روي من طرق عن علي ‪-‬‬
‫رضى الله عنه ‪ -‬قال‪( :‬قام رسول الله ﷺ ثم قعد)(‪.)2‬‬
‫قال الحازمي‪ :‬قال أكثر أهل العلم‪ :‬ليس على أحد القيام لجنازة‪ ،‬وبه قال مالك‬
‫وأهل الحجاز والشافعي وأصحابه‪ ،‬وذهبوا إلى أن الأمر بالقيام منسوخ‪ ،‬وكذا قال القاضي‬
‫عياض‪ .‬وقال الحنابلة‪ :‬كره قيام لها ‪ -‬أي للجنازة ‪ -‬لو جاءت أو مرت به وهو جالس‪،‬‬
‫وقالوا‪ :‬والأخذ بآخر الأمرين أولى(‪.)3‬‬
‫قال النووي‪ :‬المشهور في مذهبنا أن القيام ليس مستحبًّا‪ .‬وقالوا‪ :‬هو منسوخ‬
‫بحديث علي ثم قال النووي‪ :‬اختار المتولي من أصحابنا أن القيام مستحبٌّ وهذا هو‬
‫المختار‪ ،‬فيكون الأمر به للندب‪ ،‬والقعود لبيان الجواز‪ ،‬ولا يصح دعوى النسخ في مثل‬
‫هذا‪ ،‬لأن النسخ إنما يكون إذا تعذر الجمع ولم يتعذر(‪.)4‬‬
‫وحكى القاضي عياض عن أحمد‪ ،‬وإسحاق‪ ،‬وابن حبيب وابن الماجشون المالكيين‬
‫أنهم قالوا‪ :‬هو مخير(‪.)٧‬‬
‫يتضح مما تقدم ان النبي ﷺ في قيامه لجنازة اليهودي نظر إلى آدمية النفس البشرية‬
‫للمتوفى فقام إجلالا لذلك بغض النظر عن عقيدة وديانة صاحبها‪.‬‬

‫‪ - 1‬فتح الباري‪ ،)191: 3( :‬عمدة القاري‪)111 :8( :‬‬


‫‪ - 2‬صحيح مسلم ‪ :‬باب نسخ القيام للجنائز‪)661: 2( :‬‬
‫‪ - 3‬الفتاوى الهندية‪)161 :1( :‬‬
‫‪ - 4‬شرح النووي على مسلم‪)311 :1( :‬‬
‫‪ - ٧‬مختصر خليل ‪)139 :2( :‬‬

‫‪1٥‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين في صحيح البخاري‬

‫وفيه خمسة مسائل‪:‬‬


‫المسألة الأولى‪ :‬البيوع‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬المزارعة‪.‬‬
‫المسألة الثالثة ‪ :‬الرهن‪.‬‬
‫المسألة الرابعة ‪ :‬العتق‪.‬‬
‫المسألة الخامسة ‪ :‬الهبة‪.‬‬

‫المسألة الأولى‪ :‬البيوع‪.‬‬


‫حرْبِ‪.‬‬
‫ش ِركِينَ َوَأهْ ِل اْل َ‬ ‫َاء وَالْبَيْعِ مع الْمُ ْ‬
‫الشر ِّ‬
‫الباب الأول‪ :‬بَاب ِّ‬
‫قال البخاري‪( :‬حدثنا أبو ُّالنعْمَانِ حدثنا ُمعْتَ ِمرُ بن ُسلَيْمَانَ عن أبيه عن أبي عُثْمَانَ‬
‫شرِ ٌك‬
‫عن عبد الرحمن بن أبي بَ ْكرٍ رضي الله عنهما قال كنا مع النبي ﷺ ثُمَّ جاء رَ ُجلٌ مُ ْ‬
‫شعَانٌّ طَوِيلٌ ِبغَنَمٍ يَسُوقُهَا فقال النبي ﷺ بَْيعًا َأمْ َعطِيَّةً أو قال َأمْ هِبَةً قال لَا َبلْ بَيْعٌ فَاشَْترَى‬
‫مُ ْ‬
‫منه شَاةً)(‪. )1‬‬
‫قال العيني‪ :‬أي هذا باب في بيان حكم الشراء والبيع مع المشركين(‪.)2‬‬
‫قول البخاري‪ :‬وأهل الحرب من عطف الخاص على العام وفي بعض النسخ أهل‬
‫الحرب بدون الواو فعلى هذا يكون أهل الحرب صفة للمشركين(‪.)3‬‬
‫قال بن بطال‪ :‬معاملة الكفار جائزة إلا بيع ما يستعين به أهل الحرب على‬
‫المسلمين(‪.)4‬‬
‫وفي الحديث جواز بيع الكافر وإثبات ملكه على ما في يده وقال الخطابي في‬
‫قوله‪( :‬أم هبة) دليل على قبول الهدية من المشرك لو وهب فإن قلت قد قال ﷺ لعياض بن‬
‫حمار حين أهدى له في شركه إنا لا نقبل زبد المشركين يريد عطاهم قلت قال أبو سليمان‬

‫‪ - 1‬صحيح البخاري ‪ )٥٥2 :2( :‬كتاب البيوع باب الشراء والبيع مع المشركين وأهل الحرب‪ ،‬رقم ‪)2113( :‬‬
‫‪ - 2‬عمدة القاري ‪)26: 12( :‬‬
‫‪ - 3‬المصدر نفسه‬
‫‪ - 4‬فتح الباري‪)411: 4( :‬‬

‫‪18‬‬
‫يشبه أن يكون ذلك منسوخا لأنه قبل هديه غير واحد من أهل الشرك أهدى له المقوقس‬
‫وأكيدر دومة قال إلاَّ أن يزعم زاعم أن بين هدايا أهل الشرك وهدايا أهل الكتاب فرقا(‪.)1‬‬
‫حرْبِيِّ َوهِبَتِهِ َوعِْتقِهِ‪:‬‬‫الباب الثاني‪ :‬بَاب ِشرَاءِّ الْمَ ْملُوكِ من اْل َ‬
‫سلْمَانَ كَاِتبْ وكان حُرًّا َف َظلَمُوهُ وَبَاعُوهُ وَسُبِيَ عَمَّارٌ‬ ‫قال البخاري‪( :‬وقال النبي ﷺ لِ َ‬
‫ُضلُوا‬
‫َضلَ َب ْعضَكُمْ َعلَى َب ْعضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ ف ِّ‬ ‫وَصُهَيْبٌ وَِبلَالٌ وقال الله تعالى ﴿ وَاللَّهُ ف َّ‬
‫جحَ ُدونَ ﴾ (‪.)3() )2‬‬ ‫ِبرَادِّي رِ ْزقِهِمْ َعلَى مَا َملَ َكتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌّ َأفَبِِنعْمَةِ اللَّهِ َي ْ‬
‫قال ابن بطال‪ :‬غرض البخاري بهذه الترجمة إثبات ملك الحربي وجواز تصرفه في‬
‫ملكه بالبيع والهبة والعتق وغيرها إذ أقر النبي ﷺ سلمان عند مالكه من الكفار وأمره أن‬
‫يكاتب(‪.)4‬‬
‫و أما صهيب وبلال فباعهما المشركون فدخلا في قوله في الترجمة شراء المملوك‬
‫(‪)٧‬‬
‫من الحربي‪ ،‬ومطابقة هذه الآية الكريمة للترجمة في قوله‪َ ﴿ :‬علَى مَا َملَ َكتْ أَيْمَانُهُمْ ﴾‬
‫والخطاب فيه للمشركين فأثبت لهم ملك اليمين مع كون ملكهم غالبا على غير الأوضاع‬
‫الشرعية وقيل‪ :‬مقصوده صحة ملك الحربي وملك المسلم عنه قلت إذا صح ملكهم يصح‬
‫تصرفهم فيه بالبيع والشراء والهبة والعتق ونحوها(‪.)6‬‬
‫ووصل هذا التعليق ‪ -‬لسمان الفارسي ‪ -‬أحمد والطبراني(‪.)٥‬‬
‫أما قصة سبي عمار إن أم عمار كانت من موالي بني مخزوم وكانوا يعاملون عمارا‬
‫معاملة السبي فهذا هو السبي فهذا هو الوجه هنا لأن عمارا ما سبي(‪.)8‬‬
‫وأما صهيب فذكر بن سعد أن أباه من النمر بن قاسط وكان عاملا لكسرى فسبت‬
‫الروم صهيبًا لما غزت أهل فارس فابتاعه منهم عبدالله بن جدعان‪ ،‬وقيل‪ :‬بل هرب من‬
‫الروم إلى مكة فحالف بن جدعان وأما بلال‪ ،‬فقال مسدد في مسنده‪ :‬حدثنا معتمر عن أبيه‬

‫‪ - 1‬فتح الباري ‪ ،)311 :4( :‬عمدة القاري ‪)26 :12( :‬‬


‫‪ - 2‬سورة النحل ‪ :‬آية ‪1٥:‬‬
‫‪ - 3‬صحيح البخاري‪ )٥٥2 :2( :‬كتاب البيوع‪ ،‬باب شراء المملوك من الحربي وهبته وعتقه تعليقا‪.‬‬
‫‪ - 4‬فتح الباري ‪)411 :4( :‬‬
‫‪ - ٧‬سورة النحل ‪ :‬آية ‪٥1:‬‬
‫‪ - 6‬عمدة القاري‪)29 :12( :‬‬
‫‪ - ٥‬مسند أحمد بن حنبل‪ )441 :٧( :‬حديث سلمان الفارسي – رضي الله عنه – رقم‪ ،)23٥88( :‬والمعجم الكبير للطراني‪:6( :‬‬
‫‪ )222‬ماروى بن عباس سلمان رقم ‪)616٧( :‬‬
‫‪ - 8‬عمدة القاري‪)29 :12( :‬‬

‫‪19‬‬
‫عن نعيم بن أبي هند قال كان بلال لأيتام أبي جهل فعذبه فبعث أبو بكر رجلا فقال اشتر‬
‫لي بلالا فأعتقه أبو بكر(‪.)1‬‬

‫الباب الثالث ‪ :‬باب أمر النبي ﷺ اليهود ببيع أرضيهم(‪.)2‬‬


‫وأصل الحديث في البخاري قال‪( :‬حدثنا عبدالله بن يُوسُفَ حدثنا اللَّْيثُ قال حدثني َسعِيدٌ‬
‫حنُ في الْمَسْجِدِ َخ َرجَ النبي‬ ‫الْ َمقُْبرِيُّ عن أبيه عن أبي ُهرَْيرَةَ ‪ -‬رضى الله عنه ‪ -‬قال بَيْنَمَا َن ْ‬
‫خرَجْنَا حتى جِئْنَا بَْيتَ المدارس فقال أَ ْسلِمُوا تَسَْلمُوا وَا ْعلَمُوا‬ ‫ﷺ فقال اْن َطِلقُوا إلى يَهُودَ َف َ‬
‫أَنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ َوإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُ ْجلِيَكُمْ من هذه الأرض فَ َمنْ َيجِدْ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شيئا‬
‫َفلْيَِبعْهُ َوإِلَّا فَا ْعلَمُوا أَنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ)(‪.)3‬‬
‫قال العيني‪ :‬أي هذا باب في بيان أمر النبي ﷺ اليهود في بيع أرضيهم(‪.)4‬وهذه‬
‫القصة وقعت لبني النضير كما هو معروف(‪ ،)٧‬وكأن البخاري أخذ بيع الأرض من عموم‬
‫بيع المال(‪ ،)6‬واكتفى البخاري بالإشارة إليه بقوله‪( :‬فيه المقبري عن ابي هريرة) ولم يذكره‬
‫كاملا (أي حديث الباب لاتحاد) مخرجه عنده ففر من تكرار الحديث على صورته بغير‬
‫فائدة زائدة كما هو الغالب من عادته(‪.)٥‬‬
‫يتبين مما سبق اقرار النبي ﷺ لملكية المشركين للأموال حتى لو كان المملوك‬
‫صحابيا وجواز الشراء منهم والبيع لهم لان المعاملات المالية تتعلق بالمال لا الديانة‪.‬‬

‫‪ - 1‬عمدة القاري‪)29 :12( :‬‬


‫‪ - 2‬صحيح البخاري‪ ،)٥٥6 :2( :‬كتاب البيوع‪ ،‬باب أمر النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬اليهود ببيع أرضيهم فيه المقبري عن أبي‬
‫هريرة تعليقا‬
‫‪ - 3‬صحيح البخاري‪ ،)11٧٧ :3( :‬كتاب البيوع‪ ،‬باب أمر النبي –صلى الله عليه وسلم – أفقركم ما أقركم الله به‪ ،‬رقم‪)2996( :‬‬
‫‪ - 4‬عمد القاري‪.)43 :12( :‬‬
‫‪ - ٧‬فتح الباري ‪)418 :4( :‬‬
‫‪ - 6‬فتح الباري‪)418 :4( :‬‬
‫‪ - ٥‬فتح الباري‪ ،)418 :4( :‬وعمدة القاري‪)43 :12( :‬‬

‫‪21‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬المزارعة‪.‬‬
‫بَاب الْ ُمزَا َرعَةِ مع الْيَهُودِ‬
‫قال البخاري‪( :‬حدثنا ابن ُمقَاِتلٍ أخبرنا عبدالله أخبرنا عُبَيْدُ اللَّهِ عن نَافِعٍ عن بن عُ َمرَ رضي‬
‫الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ َأ ْعطَى خَيَْبرَ الْيَهُودَ على أَنْ َيعْ َملُوهَا وََيزْ َرعُوهَا وَلَهُمْ َش ْطرُ ما‬
‫َخ َرجَ منها)(‪. )1‬‬
‫قال العيني‪ :‬أي هذا باب في بيان حكم المزارعة مع اليهود وأراد بهذه الترجمة أنه‬
‫لا فرق في جواز المزارعة بين المسلمين وأهل الذمة وإنما خصص اليهود بالذكر وإن كان‬
‫الحكم يشمل أهل الذمة كلهم لأن المشهور في حديث الباب اليهود فإذا جازت المزارعة‬
‫مع اليهود جازت مع غيرهم من أهل الذمة كذلك(‪.)2‬‬
‫يسلط البخاري ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬الضوء على جواز الشركة مع غير المسلمين حيث‬
‫يعد كثير من الفقهاء المساقاة من الشركات‪ ،‬ومعلوم أن الدخول في الشركة يقتضي التعامل‬
‫بشكل دوري كما تتضمن الشركة ائتمان كل من الشريكين بالأمر لا سيما ائتمان المالك‬
‫بالعامل في الأرض كما هو معلوم في كتب الفقه الاسلامي‪.‬‬

‫المسألة الثالثة ‪ :‬الرهن‪:‬‬


‫الر ْهنِ عِنْدَ الْيَهُو ِد َوغَْي ِرهِمْ‪:‬‬
‫بَاب َّ‬
‫قال البخاري‪( :‬حدثنا قُتَيْبَةُ حدثنا َجرِيرٌ عن الَْأعْ َمشِ عن إبراهيم عن الْأَسْ َودِ عن عَائِشَةَ‬
‫رضي الله عنها قالت اشْتَرَى رسول اللَّهِ ﷺ من يَهُودِيٍّ طَعَامًا وَ َرهَنَهُ دِ ْرعَهُ)(‪.)3‬‬
‫قال العيني‪ :‬أي هذا باب في بيان حكم الرهن عند اليهود وغيرهم مثل النصارى‬
‫والحربي المستأمن (‪ ،)4‬وغرضه جواز معاملة غير المسلمين(‪. )٧‬‬
‫هذا الباب الذي ذكره البخاري ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬يوضح فيه جواز التعامل مع غير‬
‫المسلمين ولو كان غير يهودي علما أن النص جاء في اليهود ولكن البخاري وسع دائرة‬

‫‪ - 1‬صحيح البخاري‪ ،)821 :2( :‬كتاب المزارعة ‪ ،‬باب المزارعة مع اليهود‪ ،‬رقم (‪)2216‬‬
‫‪ - 2‬عمدة القاري‪)1٥1 :12( :‬‬
‫‪ - 3‬صحيح البخاري‪ ،)888 :2( :‬كتاب الرهن ‪ ،‬باب الرهن عند اليهود وغيرهم‪ ،‬رقم‪)23٥8( :‬‬
‫‪ - 4‬عمدة القاري‪)٥4 :13( :‬‬
‫‪ - ٧‬فتح الباري‪.)14٧ :٧( :‬‬

‫‪21‬‬
‫التعامل لتشمل غيرهم من الديانات الأخرى وهذا من فقهه ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬والدال على‬
‫ذلك قوله‪( :‬غيرهم)‪.‬‬

‫المسألة الرابعة‪ :‬العتق‪.‬‬


‫شرِكِ‪.‬‬‫بَاب عِْتقِ الْمُ ْ‬
‫قال البخاري‪( :‬حدثنا عُبَيْدُ بن إِسْمَاعِيلَ حدثنا أبو أُسَامَةَ عن ِهشَامٍ أخبرني أبي أَنَّ حَكِيمَ‬
‫بن ِحزَامٍ ‪ -‬رضى الله عنه ‪َ -‬أعَْتقَ في اْلجَا ِهلِيَّةِ مِائَةَ َرقَبَةٍ وَحَ َملَ على مِائَةِ َبعِيرٍ فلما أَ ْسلَمَ‬
‫حَ َملَ على مِائَةِ َبعِيرٍ َوَأعَْتقَ مِائَةَ َرقَبَةٍ قال فَسَأَْلتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فقلت يا رَسُولَ اللَّهِ أَ َرأَيْتَ‬
‫أَشْيَاءَّ كنت أَصَْنعُهَا في اْلجَا ِهلِيَّةِ كنت أََتحََّنثُ بها يَعْنِي أَتَبَرَّرُ بها قال فقال رسول اللَّهِ ﷺ‬
‫أَ ْسلَ ْمتَ على ما َسلَفَ لك من خَْيرٍ)(‪.)1‬‬
‫قال العيني‪ :‬أي هذا باب في بيان حكم عتق المشرك والمصدر مضاف إلى فاعله‬
‫والمفعول متروك وقال بعضهم يحتمل أن يكون مضافًا إلى الفاعل أو إلى المفعول وعلى‬
‫الثاني جرى ابن بطال فقال لا خلاف في جواز عتق المشرك تطوعًا وإنما اختلفوا في عتقه‬
‫عن الكفارة(‪.)2‬‬
‫قال ابن المنير‪ :‬الذي يظهر أن مراد البخاري أن المشرك إذا أعتق مسلما نفذ عتقه‬
‫وكذا إذا أعتق كافرا فأسلم العبد(‪.)3‬‬
‫ومما يستفاد من الحديث‪ :‬أن عتق المشرك على وجه التطوع جائز لهذا الحديث‬
‫حيث جعل عتق المائة رقبة في الجاهلية من أفعال الخير المجازى بها عند الله المتقرب‬
‫بها إليه بعد الإسلام‪...‬وليس المراد به صحة التقرب في حال الكفر بل إذا أسلم ينتفع بذلك‬
‫الخير الذي فعله في الكفر ودل ذلك على أن مسلمًا لو أعتق كافرًا لكان مأجورًا على عتقه‬
‫لأن حكيمًا لما جعل له الأجر على ما فعل في الجاهلية بالإسلام الذي صار إليه فلم يكن‬
‫المسلم الذي فعل مثل فعله في الإسلام بدون حال حكيم بل هو أولى بالأجر(‪.)4‬‬

‫‪ - 1‬صحيح البخاري‪ ،)896 :2( :‬كتاب العتق‪ ،‬باب عتق المشرك‪ ،‬رقم‪)2٧38( :‬‬
‫‪ - 2‬عمدة القاري‪)99 :13( :‬‬
‫‪ - 3‬فتح الباري‪)169 :٧( :‬‬
‫‪ - 4‬عمدة القاري‪)99 :13( :‬‬

‫‪22‬‬
‫المسألة الخامسة ‪ :‬الهبة‪.‬‬
‫ش ِركِينَ‪.‬‬‫الباب الأول ‪ :‬بَاب قَبُولِ الْهَدِيَّةِ من الْمُ ْ‬
‫السلَام بِسَارَةَ فَدَ َخلَ َقرْيَةً‬
‫قال البخاري‪( :‬وقال أبو ُهرَْيرَةَ عن النبي ﷺ هَاجَرَ إِْبرَاهِيمُ عليه َّ‬
‫فيها َملِكٌ أو جَبَّارٌ فقال أَ ْعطُوهَا آ َجرَ َوُأهْدَِيتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ شَاةٌ فيها سُمٌّ وقال أبو حُمَيْدٍ َأهْدَى‬
‫ح ِرهِمْ)(‪.)1‬‬
‫َملِكُ أَْيلَةَ لِلنَّبِيِّ ﷺ َب ْغلَةً بَيْضَاءَّ َوكَسَاهُ ُب ْردًا َوكََتبَ له بَِب ْ‬
‫وقال‪( :‬حدثنا عبدالله بن ُمحَمَّدٍ حدثنا يُوُنسُ بن ُمحَمَّدٍ حدثنا شَيْبَانُ عن قَتَادَةَ‬
‫حرِيرِ‬
‫حدثنا أََنسٌ ‪ -‬رضى الله عنه ‪ -‬قال ُأهْدِيَ لِلنَّبِيِّ ﷺ جُبَّةُ سُنْدُسٍ وكان يَنْهَى عن اْل َ‬
‫سنُ‬
‫جبَ الناس منها فقال وَالَّذِي َن ْفسُ ُمحَمَّدٍ بيده لَمَنَادِيلُ َسعْدِ بن ُمعَاذٍ في اْلجَنَّةِ أَحْ َ‬ ‫َف َع ِ‬
‫من هذا وقال َسعِيدٌ عن قَتَادَةَ عن أََنسٍ إِنَّ ُأكَيْدِرَ دُومَةَ َأهْدَى إلى النبي ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم)(‪.)2‬‬
‫قال ابن حجر والعيني‪ :‬أي هذا باب في بيان جواز قبول الهدية من المشركين‬
‫وكأنه أشار بهذا إلى ضعف الحديث الوارد في رد هدية المشرك(‪.)3‬‬
‫وقال الخطابي يشبه أن يكون هذا الحديث منسوخًا لأنه قبل هدية غير واحد من‬
‫المشركين أهدى له المقوقس مارية والبغلة(‪ )4‬وأهدى له أكيدر دومة(‪ )٧‬فقبل منهما وقيل‬
‫إنما رد هديته ليغيظه بردها فيحمله ذلك على الإسلام وقيل ردها لأن للهدية موضعًا من‬
‫القلب ولا يجوز أن يميل بقلبه إلى مشرك فردها قطعًا لسبب الميل وليس ذلك مناقضًا‬
‫لقبول هدية النجاشي والمقوقس وأكيدر لأنهم أهل كتاب(‪.)6‬‬

‫ش ِركِينَ‪.‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬بَاب الْهَدِيَّةِ لِلْمُ ْ‬
‫خلَدٍ حدثنا ُسلَيْمَانُ بن ِبلَالٍ قال حدثني عبدالله بن دِينَارٍ‬ ‫قال البخاري‪( :‬حدثنا خَالِدُ بن َم ْ‬
‫عن بن عُ َمرَ رضي الله عنهما قال َرأَى عُ َمرُ حُلَّةً على رَجُلٍ تُبَاعُ فقال لِلنَّبِيِّ ﷺ ابْتَعْ هذه‬
‫اْلحُلَّةَ َتلْبَسْهَا يوم اْلجُ ُمعَةِ وإذا جَاءَّكَ الْ َوفْدُ فقال إنما َيلَْبسُ هذا من لَا َخلَاقَ له في الْآ ِخرَةِ‬

‫‪ - 1‬صحيح البخاري‪ ،) 922 :2( :‬كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها‪ ،‬باب قبول الهدية من المشركينن تعليقا‪.‬‬
‫‪ - 2‬صحيح البخاري‪ ،)922 :2( :‬كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها ‪ ،‬باب قبول الهدية من المشركين‪ ،‬رقم (‪)24٥3‬‬
‫‪ - 3‬عمدة القاري‪)16٥ :13( :‬‬
‫‪ - 4‬المستدرك على الصحيحين‪)41 :4( :‬‬
‫‪ - ٧‬صحيح البخاري‪ ،)922 :2( :‬وصحيح مسلم‪)164٧ :3( :‬‬
‫‪ - 6‬عمدة القاري‪)16٥: 13( :‬‬

‫‪23‬‬
‫حَللٍ فَأَرْ َسلَ إلى عُ َمرَ منها بِحُلَّةٍ فقال عُ َمرُ كَيْفَ أَلْبَسُهَا وقد‬ ‫فَأُتِيَ رسول اللَّهِ ﷺ منها ِب ُ‬
‫خ‬
‫ُق ْلتَ فيها ما ُق ْلتَ قال إني لم َأكْسُكَهَا لَِتلْبَسَهَا تَبِيعُهَا أو تَكْسُوهَا فَأَرْ َسلَ بها عُ َمرُ إلى أَ ٍ‬
‫سلِمَ)(‪.)1‬‬
‫له من َأهْلِ مَكَّةَ قبل أَنْ يُ ْ‬
‫وقال‪( :‬حدثنا عُبَيْدُ بن إِسْمَاعِيلَ حدثنا أبو أُسَامَةَ عن هِشَامٍ عن أبيه عن أَسْمَاءَّ بِنْتِ‬
‫ش ِركَةٌ في عَهْدِ رسول اللَّهِ ﷺ‬ ‫أبي بَ ْكرٍ رضي الله عنهما قالت قَ ِد َمتْ َعلَيَّ أُمِّي َوهِيَ مُ ْ‬
‫صلِي‬‫صلُ أُمِّي قال نعم ِ‬ ‫فَاسَْتفْتَْيتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قلت إن أمي قدمت َوهِيَ رَاغِبَةٌ َأفَأَ ِ‬
‫أُمَّكِ)(‪.)2‬‬
‫قال العيني‪ :‬أي هذا باب في بيان حكم الهدية الواقعة للمشركين وحكمها أنها‬
‫تجوز للرحم منهم(‪ ،)3‬والمراد بيان من يجوز بره منهم وأن الهدية للمشرك اثباتا ونفيا‬
‫شرِكَ بِي مَا لَيْسَ‬ ‫ليست على الإطلاق ومن هذه المادة قوله تعالى ﴿ َوإِنْ جَاهَدَاكَ َعلَى أَنْ تُ ْ‬
‫لَكَ بِهِ ِعلْمٌ َفلَا ُت ِطعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا َم ْعرُوفًا ﴾(‪ )4‬ثم البر والصلة والإحسان لا‬
‫يستلزم التحابب والتوادد المنهي عنه في قوله تعالى ﴿ لَا َتجِدُ قَ ْومًا يُ ْؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ‬
‫اْلآَّ ِخرِ يُوَادُّونَ َمنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾(‪ )٧‬فإنها عامة في حق من قاتل ومن لم يقاتل والله‬
‫أعلم(‪.)6‬‬
‫من المعلوم ان أساليب الدعوة إلى الإسلام كثيرة وأحدها البر والصلة لذا أهدى‬
‫عمر الحلة للمشرك كسبيل من سبل الدعوة إلى الله مع غير المسلمين كما أجاز النبي ﷺ‬
‫صلة الأم المشركة لان اختلاف الدين ليس مانعا من التهادي بين الناس‪.‬‬

‫‪ - 1‬صحيح الخاري‪ ،)924 :2( :‬كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها‪ ،‬باب الهدية للمشركين وقول الله تعالى (ال ينهاكم الله عن‬
‫الذين لم يقاتلوككم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم)‪ ،‬رقم‪)24٥6( :‬‬
‫‪ - 2‬صحيح البخاري‪ ،)924 :2( :‬كتاب الهبة وفضلها‬
‫‪ - 3‬عمدة القاري‪)1٥2 :13( :‬‬
‫‪ - 4‬سورة لقمان ‪ :‬آية ‪1٧ :‬‬
‫‪ - ٧‬سورة المجادلة ‪ :‬آية ‪22 :‬‬
‫‪ - 6‬فتح الباري‪)233 :٧( :‬‬

‫‪24‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الصلح والجهاد والسير والجزية والموادعة والمغازي‬
‫المسألة الأولى‪ :‬الصلح‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬الجهاد والسير‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬الجزية‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬الموادعة‪.‬‬
‫المسألة الخامسة‪ :‬المغازي‪.‬‬

‫المسألة الأولى‪ :‬الصلح‪.‬‬


‫ش ِركِينَ‪.‬‬‫لصلْحِ مع الْمُ ْ‬ ‫بَاب ا ُّ‬
‫قال البخاري‪( :‬فيه عن أبي ُسفْيَانَ وقال عَوْفُ بن مَالِكٍ عن النبي ﷺ ثُمَّ تَكُونُ‬
‫هُدْنَةٌ بَيْنَكُمْ وَبَْي َن بَنِي الْأَصْ َفرِ َوفِيهِ سَ ْهلُ بن حُنَيْفٍ وَأَسْمَاءُّ وَالْمِسْوَرُ عن النبي ﷺ )(‪.)1‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬أي هذا باب في بيان حكم الصلح مع المشركين(‪)2‬في الدِّيَة حكمة‬
‫أو كيفيته أو جوازه (‪.)3‬‬
‫والتعليق عن أبي سفيان وصله البخاري في كتابه والغرض منه قوله في أوله أن‬
‫هرقل أرسل إليه في ركب من قريش في المدة التي هادن فيها رسول الله ﷺ كفار قريش‪،‬‬
‫وكذا تعليق عوف بن مالك و سهل بن حنيف وصلهما المؤلف بتمامه في الجزية‪ ،‬وكذا‬
‫تعليق أسماء والمسور وصلهما المؤلف في الهبة والشروط(‪.)4‬‬
‫الملاحظ أن الإمام البخاري ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬أجاز الصلح مع المشركين وهذا نص‬
‫في جواز التعامل مع غير المسلمين ما لم يتعد المشركون على الحرمات وللفقهاء تفصيل‬
‫كثير في ذلك‪.‬‬

‫‪ - 1‬صحيح البخاري ‪ ، )961 :2( :‬كتاب الصلح باب الصلح مع المشركين‪ .‬تعليقا‬
‫‪ - 2‬فتح الباري‪)233 :٧( :‬‬
‫‪ - 3‬فتح الباري‪)31٧ :٧( :‬‬
‫‪ - 4‬فتح الباري‪)31٧ :٧( :‬‬

‫‪2٧‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬الجهاد والسير‪:‬‬
‫الشرُو ِ‬
‫ط‬ ‫الشرُوطِ في اْلجِهَادِ وَالْ ُمصَاَلحَةِ مع َأ ْهلِ اْلحَ ْربِ َوكِتَابَةِ ُّ‬ ‫الباب الأول ‪ :‬بَاب ُّ‬
‫قال البخاري‪( :‬حدثني عبدالله بن ُمحَمَّدٍ حدثنا عبد الرَّزَّاقِ أخبرنا َمعْ َمرٌ قال أخبرني‬
‫خ َرمَةَ َو َمرْوَانَ ُيصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا‬
‫الز ْهرِيُّ قال أخبرني ُعرْوَةُ بن الزُّبَيْرِ عن الْمِسْوَرِ بن َم ْ‬ ‫ُّ‬
‫الطرِيقِ قال النبي ﷺ‬ ‫ج رسول ﷺ َز َمنَ اْلحُدَيْبِيَةِ حتى كَانُوا بَِب ْعضِ َّ‬ ‫حَدِيثَ صَاحِبِهِ قالا َخ َر َ‬
‫إِنَّ خَالِدَ بن الْوَلِيدِ بِاْلغَمِيمِ في خَْيلٍ ِل ُقرَيْشٍ َطلِيعَةٌ َفخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ فَوَاللَّهِ ما َش َعرَ بِهِمْ‬
‫خَالِدٌ حتى إذا هُمْ ِبقََترَةِ الْجَْيشِ فَاْن َطَلقَ َي ْر ُكضُ نَذِيرًا ِل ُقرَْيشٍ وَسَارَ النبي ﷺ حتى إذا كان‬
‫َحتْ َفقَالُوا َخلَأَتْ‬ ‫بِالثَّنِيَّةِ التي يُهْبَطُ عليهم منها َب َر َكتْ بِهِ رَا ِحلَتُهُ فقال الناس َحلْ َحلْ فَأَل َّ‬
‫خُلقٍ وَلَ ِكنْ حَبَسَهَا حَابِسُ‬ ‫اْل َقصْوَاءُّ َخلَأَتْ اْل َقصْوَاءُّ فقال ﷺ ما َخلَأَتْ اْل َقصْوَاءُّ وما ذَاكَ لها ِب ُ‬
‫اْلفِيلِ ثُمَّ قال وَالَّذِي نَفْسِّي بيده لَا يسألونني خُطَّةً ُيعَظِّمُونَ فيها ُح ُرمَاتِ اللَّهِ إلا َأ ْعطَيْتُهُمْ‬
‫َاء‬‫إِيَّاهَا ثُمَّ زَ َج َرهَا فَوَثََبتْ قال َفعَ َدلَ عَنْهُمْ حتى َن َزلَ بَِأ ْقصَى اْلحُدَيْبِيَةِ على ثَمَدٍ َقلِيلِ الْم ِّ‬
‫يَتَبَرَّضُهُ الناس تَبَرُّضًا فلم ُيلَبِّثْهُ الناس حتى َنزَحُوهُ وَشُكِيَ إلى رسول اللَّهِ ﷺ الْعَ َطشُ فَانْتَزَعَ‬
‫ج َعلُوهُ فيه فَوَاللَّهِ ما زَالَ َيجِيشُ لهم بِالرِّيِّ حتى صَدَرُوا عنه‬ ‫سَهْمًا من كِنَانَتِهِ ثُمَّ َأ َم َرهُمْ أَنْ َي ْ‬
‫خزَاعِيُّ في َن َفرٍ من قَ ْومِهِ من ُخزَاعَةَ َوكَانُوا عَيْبَةَ‬ ‫فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ ِإذْ جاء بُدَْيلُ بن وَ ْرقَاءَّ اْل ُ‬
‫ُنصْحِ رسول اللَّهِ ﷺ من َأ ْهلِ تِهَامَةَ فقال إني َترَ ْكتُ َك ْعبَ بن لُؤَيٍّ َوعَا ِمرَ بن لُؤَيٍّ َنزَلُوا‬
‫َأعْدَادَ مِيَاهِ اْلحُدَيْبِيَةِ)(‪.)1‬‬
‫قال العيني‪ :‬أي هذا باب في بيان حكم الشروط في الجهاد وفي بيان المصالحة‬
‫مع أهل الحرب وفي بيان كتابة الشروط هكذا هو في رواية الأكثرين وفي رواية المستملي‬
‫زيادة وهي قوله بعد كتابة الشروط مع الناس بالقول مطابقته للترجمة من حيث أن فيه‬
‫المصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط وذلك أن النبي ﷺ صالح مع أهل مكة في هذه‬
‫السفرة وهم أهل الحرب لأن مكة كانت دار الحرب حينئذ وكتب بينه وبينهم شروطًا(‪.)2‬‬
‫قال ابن بطال وغيره في الحديث جواز الاستتار عن طلائع المشركين ومفاجأتهم‬
‫بالجيش طلبا لغرتهم وجواز السفر وحده للحاجة وجواز التنكيب عن الطريق السهلة إلى‬
‫الوعرة للمصلحة وجواز الحكم على الشيء بما عرف من عادته وإن جاز أن يطرأ عليه‬

‫‪ - 1‬صحيح البخاري‪ ،)9٥4 :2( :‬كتاب الشروط باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط رقم‪)2٧81( :‬‬
‫‪ - 2‬عمدة القاري‪)٧-6 :14( :‬‬

‫‪26‬‬
‫غيره فإذا وقع من شخص هفوة لا يعهد منه مثلها لا ينسب إليها ويرد على من نسبه إليها‬
‫ومعذرة من نسبه إليها ممن لا يعرف صورة حاله لأن خلاء القصواء لولا خارق العادة لكان‬
‫ما ظنه الصحابة صحيحا ولم يعاتبهم(‪.)1‬‬
‫ش ِركِينَ بِالْهُدَى لِيَتَأََّلفَهُ ْم‬
‫الدعَاءِّ ِللْمُ ْ‬
‫الباب الثاني‪ :‬بَاب ُّ‬
‫قال البخاري‪( :‬حدثنا أبو الْيَمَانِ أخبرنا ُشعَْيبٌ حدثنا أبو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرحمن قال قال‬
‫صحَابُهُ على النبي ﷺ َفقَالُوا‬ ‫أبو ُهرَْيرَةَ ‪ -‬رضى الله عنه ‪ -‬قَ ِدمَ ُطفَْيلُ بن عَ ْمرٍو الدَّوْسِيُّ َوأَ ْ‬
‫صتْ َوأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عليها َفقِيلَ َهلَ َكتْ دَوْسٌ قال اللهم اهْدِ‬ ‫يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ دَوْسًا َع َ‬
‫دَوْسًا َوأْتِ بِهِمْ)(‪.)2‬‬
‫قال العيني‪ :‬أي هذا باب في بيان دعاء النبي ﷺ للمشركين بأن الله يهديهم إلى‬
‫دين الإسلام(‪ ،)3‬وقوله‪( :‬ليتألفهم) تعليل لدعائه بالهداية لهم وذلك أنه يدعو لهم إذا رجا‬
‫منهم الإلفة والرجوع إلى دين الإسلام وقد ذكرنا أن دعاء النبي ﷺ على حالتين إحداهما‬
‫أنه يدعو لهم إذا أمن غائلتهم ورجا هدايتهم والأخرى أنه يدعو عليهم إذا اشتدت شوكتهم‬
‫(‪)4‬‬
‫وكثر أذاهم ولم يأمن من شرهم على المسلمين‬
‫ش ِركِينَ‪.‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬بَاب فِدَاءِّ الْمُ ْ‬
‫قال البخاري‪( :‬حدثنا إِسْمَاعِيلُ بن أبي أُوَيْسٍ حدثنا إِسْمَاعِيلُ بن إبراهيم بن ُعقْبَةَ عن‬
‫مُوسَى بن ُعقْبَةَ عن بن شِهَابٍ قال حدثني أََنسُ بن مَالِكٍ ‪ -‬رضى الله عنه ‪ -‬أَنَّ رِجَالًا من‬
‫الْأَْنصَارِ اسْتَ ْأذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ َفقَالُوا يا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ َفلْنَْترُكْ لابن أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَّهُ‬
‫فقال لَا تَ َدعُونَ منها دِ ْرهَمًا )(‪.)٧‬‬

‫أي هذا باب فداء المشركين أي بمال يؤخذ منهم(‪.)6‬ومطابقته للترجمة تؤخذ من‬
‫قوله‪( :‬إيذن لنا) إلى آخر الحديث(‪.)٥‬‬

‫‪ - 1‬فتح الباري‪)33٧ :٧( :‬‬


‫‪ - 2‬كتاب الحهاد والسير‪ ،‬باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم‪ ،‬رقم‪)2٥٥9( :‬‬
‫‪ - 3‬عمد القاري‪)21٥ :14( :‬‬
‫‪ - 4‬فتح الباري‪ ،)118 :6( :‬وعمدة القاري‪)21٥ :14( :‬‬
‫‪ - ٧‬صحيح البخاري‪ ،)1111 :3( :‬كتاب الجهاد ‪ ،‬باب فداء المشركين‪ ،‬رقم‪)2883( :‬‬
‫‪ - 6‬فتح الباري‪)168 :6( :‬‬
‫‪ - ٥‬عمدة القاري‪)29٧ :14( :‬‬

‫‪2٥‬‬
‫واستدل به ابن بطال على جواز إعطاء بعض الأصناف من الزكاة ولا دلالة فيه لأن‬
‫المال لم يكن من الزكاة وعلى تقدير كونه منها فالعباس ليس من أهل الزكاة فإن قيل إنما‬
‫أعطاه من سهم الغارمين كما أشار إليه الكرماني فقد تعقب ولكن الحق أن المال المذكور‬
‫كان من الخراج أو الجزية وهما من مال المصالح(‪.)1‬‬
‫يتضح مما عنون به الإمام البخاري ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬مسائل هذا الباب ميله إلى القول‬
‫بجواز المصالحة مع غير المسلمين وفدائهم إذا اقتضته الحاجة ذلك بل لقد ذهب إلى أبعد‬
‫من ذلك وهو الدعاء لهم بالهداية من أجل تأليف قلوبهم وهذا دليل واضح على أن الإسلام‬
‫لم يأت من أجل سفك الدماء وإزهاق الأرواح‪.‬‬

‫المسألة الثالثة الجزية‪:‬‬


‫جزْيَةِ وَالْمُوَا َدعَةِ مع َأ ْهلِ الذمة والحرب‪:‬‬ ‫الباب الأول‪ :‬بَاب اْل ِ‬
‫َرمُونَ‬ ‫قال البخاري‪َ ( :‬وقَ ْولِ اللَّه َتعَالَى قَاِتلُوا الَّذِينَ لَا يُ ْؤمِنُونَ بِاللَّهِ ولا بِالْيَ ْومِ الْآ ِخرِ ولا يُح ِّ‬
‫جزْيَةَ عن‬ ‫َرمَ الله وَرَسُولُهُ ولا يَدِينُونَ دِينَ اْلحَقِّ من الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حتى ُي ْعطُوا اْل ِ‬ ‫ما ح َّ‬
‫يَدٍ َوهُمْ صَا ِغرُونَ َأذِلَّاءُّ وَالْمَسْكَنَةُ َمصْدَرُ الْمِسْكِينِ يقال ُفلَانٌ أَسْ َكنُ من ُفلَا ٍن أَحْ َوجُ منه‬
‫َالنصَارَى وَالْ َمجُوسِ وَاْل َعجَمِ‬ ‫جزْيَةِ من الْيَهُو ِد و َّ‬ ‫ولم يَ ْذ َهبْ إلى السُّكُونِ وما جاء في أَخْذِ اْل ِ‬
‫وقال بن عُيَيْنَةَ عن بن أبي َنجِيحٍ قلت لِ ُمجَاهِدٍ ما شَأْنُ َأ ْهلِ الشام عليهم أَرَْبعَةُ دَنَانِيرَ َوَأ ْهلُ‬
‫الْيَ َمنِ عليهم دِينَارٌ قال ُج ِعلَ ذلك من قَِبلِ الْيَسَارِ)(‪.)2‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬أي هذا كتاب في بيان أحكام الجزية إلى آخره(‪ ،)3‬أي وفي بيان‬
‫ما جاء في أخذ الجزية إلى آخره‪ .‬فيه لف ونشر مرتب لأن الجزية مع أهل الذمة والموادعة‬
‫مع أهل الحرب(‪.)4‬‬
‫والجزية من الجزاء لأنها مال يؤخذ من أهل الكتاب جزاء الإسكان في دار الإسلام‬
‫وقيل من جزأت الشيء إذا قسمته ثم سهلت الهمزة وهي عبارة عن المال الذي يعقد‬
‫للكتابي عليه الذمة وهي فعيلة من الجزاء كأنها جزت عن قتله والموادعة المتاركة والمراد‬

‫‪ - 1‬فتح الباري‪)168 :6( :‬‬


‫‪ - 2‬صحيح البخاري‪ ،)11٧1 :3( :‬كتاب الجزية والموادعة ‪ ،‬باب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب تعليقا‪.‬‬
‫‪ - 3‬عمدة القاري‪)٥٥ :1٧( :‬‬
‫‪ - 4‬فتح البار‪)2٧9 :6( :‬‬

‫‪28‬‬
‫بها متاركة أهل الحرب مدة معينة لمصلحة قيل فيه لف ونشر مرتب لأن الجزية مع أهل‬
‫الذمة والموادعة مع أهل الحرب(‪.)1‬‬
‫قال العلماء الحكمة في وضع الجزية ان الذل الذي يلحقهم يحملهم على الدخول‬
‫في الإسلام مع ما في مخالطة المسلمين من الاطلاع على محاسن الإسلام(‪.)2‬‬

‫الباب الثاني‪ :‬بَاب إِثْمِ من قََتلَ ُمعَاهَدًا ِبغَْيرِ ُجرْ ٍم‬


‫سنُ بن عَ ْمرٍو حدثنا‬ ‫قال البخاري‪( :‬حدثنا قَيْسُ بن َحفْصٍ حدثنا عبد الْوَاحِدِ حدثنا اْلحَ َ‬
‫ُمجَاهِدٌ عن عبدالله بن عَ ْمرٍو رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال من قََتلَ مُعَاهَدًا لم يَ ِرحْ‬
‫رَاِئحَةَ اْلجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ من مَسِّيرَةِ أَرَْبعِينَ عَامًا)(‪.)3‬‬
‫ترجم البخاري بإثم من قتل معاهدا بغير جرم وان لم يذكر ذلك في الخبر مطابقته‬
‫للترجمة في قوله‪( :‬من قتل معاهدًا)‪ ،‬وقوله‪( :‬لم يرح) إلى آخره يوضح ما أبهمه في‬
‫الترجمة‪ ،‬وهو مستفاد من قواعد الشرع(‪.)4‬‬
‫قوله‪( :‬معاهدًا)‪ :‬بكسر الهاء وفتحها وأراد به الذمي لأنه من أهل العهد أي الأمان‬
‫والعهد حيث وقع هو الميثاق قوله لم يرح بفتح الياء والراء وأصله يراح قال الجوهري راح‬
‫فلان الشيء يراحه ويريحه إذا وجد ريحه وأما في هذا الحديث فقد جعله أبو عبيد من‬
‫راحه يراحه وكان أبو عمرو يقول إنه من راحه يريحه والكسائي يقول من راحه يريحه‬
‫ومعنى الثلاث واحد(‪.)٧‬‬
‫في هذا الباب يبين الإمام البخاري (رحمه الله) إقرار أهل الكتاب في السكنى في‬
‫ديار المسلمين على أن لا يعتدوا على النظام العام ولهم حق الحماية من المسلمين إذا دفعوا‬
‫الجزية‪ ،‬كما يبين الإثم العظيم والحرمان الكبير لمن يتعدى على المعاهد بعد إعطاءه الأمان‪.‬‬

‫‪ - 1‬فتح الباري‪ ،)2٧9 :6( :‬وعمدة القاري‪)٥٥ :1٧( :‬‬


‫‪ - 2‬فتح الباري‪)2٧9 :6( :‬‬
‫‪ - 3‬صحيح البخاري‪ ،)11٧٧ :3( :‬كتاب الجزية والموادعة ‪ ،‬باب إثم من قتل معاهدا بغير جرم‪ ،‬رقم‪)299٧( :‬‬
‫‪ - 4‬فتح الباري‪ ،)2٥1 :6( :‬وعمدة القاري‪)88 :1٧( :‬‬
‫‪ - ٧‬عمدة القاري‪)88 :1٧( :‬‬

‫‪29‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬الموادعة‪:‬‬
‫ش ِركِينَ بِالْمَالِ َوغَْيرِ ِه َوإِثْمِ من لم يَفِ‬
‫الباب الأول‪ :‬بَاب الْمُوَا َدعَةِ وَالْ ُمصَاَلحَةِ مع الْمُ ْ‬
‫بِاْلعَهْدِ َوقَوْلِهِ‪َ :‬وإِنْ جََنحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لها الْآيَةَ(‪.)1‬‬
‫َضلِ حدثنا يحيى عن بُشَْيرِ بن‬ ‫شرٌ هو بن الْمُف َّ‬ ‫َددٌ حدثنا بِ ْ‬‫قال البخاري‪( :‬حدثنا مُس َّ‬
‫سعُو ِد بن زَيْدٍ إلى‬ ‫يَسَارٍ عن سَ ْهلِ بن أبي حَثْمَةَ قال اْن َطَلقَ عبدالله بن سَ ْهلٍ َو ُمحَِّيصَةُ بن مَ ْ‬
‫َرقَا فَأَتَى ُمحَِّيصَةُ إلى عبدالله بن سَ ْهلٍ وهو يتشحط في َدمِهِ قَتِيلًا‬ ‫صلْحٌ فَتَف َّ‬
‫خَيَْبرَ َوهِيَ يَ ْومَئِذٍ ُ‬
‫فَ َدفَنَهُ ثُمَّ قَ ِدمَ الْمَدِينَةَ فَاْن َطَلقَ عبد الرحمن بن سَ ْهلٍ وَ ُمحَِّيصَةُ وَحُوَِّيصَةُ ابْنَا مَسْ ُعودٍ إلى النبي‬
‫ﷺ فَ َذ َهبَ عبد الرحمن يَتَكَلَّمُ فقال كَِّبرْ كَِّبرْ وهو أَحْدَثُ اْلقَ ْومِ فَسَ َكتَ فَتَكَلَّمَا فقال‬
‫حلِفُ ولم نَشْهَدْ ولم َنرَ قال فتبرئكم‬ ‫حِلفُونَ وَتَسَْتحِقُّونَ قَاِتلَكُمْ أو صَاحِبَكُمْ قالوا َوكَيْفَ َن ْ‬ ‫َت ْ‬
‫يَهُودُ ِبخَمْسِّينَ َفقَالُوا كَيْفَ نَأْخُذُ أَيْمَانَ قَ ْومٍ كُفَّارٍ َفعَ َقلَهُ النبي ﷺ من عِنْدِه)ِّ(‪.)2‬‬
‫قال العيني‪ :‬أي هذا باب في بيان جواز الموادعة وهي المسالمة على ترك الحرب‬
‫والأذى(‪ ،)3‬و قوله‪(( :‬وإن جنحوا للسلم جنحوا طلبوا السلم فاجنح لها)) أي أن هذه الآية‬
‫دالة على مشروعية المصالحة مع المشركين(‪.)4‬‬
‫وتفسير جنحوا‪ :‬طلبوا هو للمصنف وقال غيره‪ :‬معنى جنحوا مالوا‪ ،‬وقال أبو عبيدة‬
‫السلم والسلم واحد وهو الصلح‪ ،‬والسلم بالفتح الصلح والسلم بالكسر الإسلام(‪.)٧‬وحقيقة‬
‫الموادعة المتارعة؛ أي‪ :‬أن يدع كل واحد من الفريقين ما هو فيه‪ .‬وقوله‪( :‬وغيره) أي‬
‫وغير المال نحو الأسرى(‪)6‬؟‬
‫وأما قول البخاري وإثم من لم يَفِ بالعهد فليس في حديث الباب ما يشعر به(‪،)٥‬‬
‫وهو من فقه البخاري ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬واستنباطه‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة األنفال‪ :‬من اآلية‪61 :‬‬


‫‪ - 2‬صحيح البخاري‪ ،) 11٧8 :3( :‬كتاب الجزية والوادعة‪ ،‬باب الموادعة والمصالحة مع المشركين بالمال واغيره وإصم من لم يف‬
‫بالعهد‪ ،‬رقم‪)3112( :‬‬
‫‪ - 3‬فمدة القاري‪)9٧ :1٧( :‬‬
‫‪ - 4‬فتح الباري‪)2٥٧ :6( :‬‬
‫‪ - ٧‬فتح الباري‪ ،)2٥٧ :6( :‬وعمدة القاري‪)9٧ :1٧( :‬‬
‫‪ - 6‬عمدة القاري‪)2٥٧ :1٧( :‬‬
‫‪ - ٥‬فتح الباري‪)2٥٧ :6( :‬‬

‫‪31‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬بَاب إِثْمِ من عَاهَدَ ثُمَّ غَدَرَ وقوله‪) :‬الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَن ُقضُونَ عَهْ َدهُمْ‬
‫فِي كُلِّ مَرَّةٍ َوهُمْ لاَ يََّتقُونَ)(‪.)1‬‬
‫قال البخاري‪( :‬حدثنا قُتَيْبَةُ بن َسعِيدٍ حدثنا َجرِيرٌ عن الَْأعْ َمشِ عن عبدالله بن مُرَّةَ‬
‫سرُوقٍ عن عبداللَّهِ بن عَ ْمرٍو رضي الله عنهما قال‪ :‬قال رسول اللَّهِ ﷺ أَرْبَعُ ِخلَالٍ من‬ ‫عن مَ ْ‬
‫ب وإذا َوعَدَ أَ ْخلَفَ وإذا عَاهَدَ غَدَرَ وإذا‬ ‫كُنَّ فيه كان مُنَاِفقًا خَالِصًا من إذا حَدَّثَ كَذَ َ‬
‫صلَةٌ من ِّالنفَاقِ حتى يَ َدعَهَا)(‪.)2‬‬ ‫صلَةٌ مِنْهُنَّ كانت فيه َخ ْ‬ ‫جرَ َو َمنْ كانت فيه َخ ْ‬ ‫خَاصَمَ َف َ‬
‫قال العيني‪ :‬مطابقته للترجمة للحديث في قوله‪( :‬وإذا عاهد غدر)(‪ ،)3‬والغدر حرام‬
‫باتفاق سواء كان في حق المسلم أو الذمي(‪.)4‬‬
‫يتضح مما عنون به البخاري ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬مسائل هذا الباب يتبين حث الله ‪-‬‬
‫عز وجل ‪ -‬المسلمين على قبول الدعوة إلى السلم وترك القتال بل ذهب إلى أبعد من ذلك‬
‫حيث حرم الغدر بعد إعطاء العهد وإن كان لكافر أو مشرك وفي ذلك إعطاء غاية الأمن‬
‫والأمان لمن اخذ العهد من المسلمين‪.‬‬

‫المسألة الخامسة‪ :‬المغازي‪:‬‬


‫صرَ‪:‬‬
‫سرَى َوقَْي َ‬ ‫بَاب كِتَابِ النبي ﷺ إلى كِ ْ‬
‫قال البخاري‪( :‬حدثنا إِسْحَاقُ حدثنا َي ْعقُوبُ بن إبراهيم حدثنا أبي عن صَالِحٍ عن بن شِهَابٍ‬
‫قال أخبرني عُبَيْدُ اللَّهِ بن عبدالله أَنَّ بن عَبَّاسٍ أخبره أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ َب َعثَ بِكِتَابِهِ إلى‬
‫سرَى مع عبدالله بن حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ فََأ َمرَهُ أَنْ يَ ْدَفعَهُ إلى َعظِيمِ الَْبحْرَيْنِ فَ َدَفعَهُ َعظِي ُم‬ ‫كِ ْ‬
‫َزقَهُ َفحَسِّْبتُ أَنَّ بن الْمُسََّيبِ قال فَ َدعَا عليهم رسول اللَّهِ‬ ‫سرَى فلما َق َرأَهُ م َّ‬ ‫حرَْينِ إلى كِ ْ‬ ‫الَْب ْ‬
‫َزقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ)(‪.)٧‬‬
‫ﷺ أَنْ يُم َّ‬
‫أي هذا باب في بيان كتاب النبي ﷺ إلى كسرى وقيصر(‪.)6‬وفي هذا الحديث‬
‫جواز مخاطبة الملوك والرؤساء وان كانوا على الشرك ودعوتهم للإسلام‪.‬‬

‫‪ - 1‬سورة األنفال ‪ :‬اآلية ‪٧6‬‬


‫‪ - 2‬صحيح البخاري‪ ،)1161 :3( :‬كتاب الجزية والموادعة‪ ،‬باب إصم من عاهد صم غدر‪ ،‬رقم (‪)311٥‬‬
‫‪ - 3‬عمدة القاري‪)111 :1٧( :‬‬
‫‪ - 4‬فتح الباري‪)281 :6( :‬‬
‫‪ - ٧‬صحيح البخاري‪ ،)1611 :4( :‬كتاب المغازي‪ ،‬باب كتاب النبي –صلى الله عليه وسلم‪ -‬إلى كسرى وقيصر‪ ،‬رقم‪)4162 :‬‬
‫‪ - 6‬فتح الباري‪ ، )128 :8( :‬وعمدة القاري‪)٧٥ :18( :‬‬

‫‪31‬‬
‫في هذا الباب يتبين أمر مهم؛ حيث إن عالمية الإسلام لا تتنافى مع التعامل مع‬
‫الديانات الأخرى ولا مع الدعوة إلى الإسلام حيث اتبع النبي ﷺ الأسلوب السلمي الأمثل‬
‫في الدعوة إلى الإسلام والتي تتمثل بدعوة رؤساء وقادة العالم للدخول في هذا الدين‬
‫العظيم‪.‬‬

‫المسألة السادسة ‪ :‬الذبائح‪.‬‬


‫حرْبِ َوغَْي ِرهِمْ‪:‬‬
‫بَاب ذَبَائِحِ َأ ْهلِ الْكِتَابِ وَ ُشحُومِهَا من َأ ْهلِ اْل َ‬
‫قال البخاري‪َ ( :‬وقَوْلِهِ َتعَالَى‪ ﴿ :‬الْيَ ْومَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَ َطعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ‬
‫الز ْهرِيُّ لَا بَأْسَ بِذَبِيحَةِ َنصَارَى اْل َعرَبِ َوإِنْ سَ ِمعْتَهُ يُسَمِّي‬
‫لَكُمْ وَ َطعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ﴾‪ ،‬وقال ُّ‬
‫ِلغَْيرِ اللَّهِ فلا تَأْ ُكلْ َوإِنْ لم تَسْ َمعْهُ َفقَدْ أَحَلَّهُ الله لك َو َعلِمَ ُكفْ َرهُمْ وَيُ ْذ َكرُ عن على َنحْوُهُ‬
‫سنُ َوإِْبرَاهِيمُ لَا بَأْسَ بِذَبِيحَةِ الَْأ ْقلَفِ وقال بن عَبَّاسٍ َطعَامُهُمْ ذَبَاِئحُهُمْ)(‪.)1‬‬ ‫وقال اْلحَ َ‬
‫أي‪ :‬هذا باب جواز أكل ذَبَائِحِ َأ ْهلِ الْكِتَابِ وَ ُشحُومِهَا من َأ ْهلِ اْلحَ ْربِ وغيرهم‬
‫وهو قول الجمهور(‪.)2‬‬

‫وقولهك (حل لهم) وبهذه الزيادة يتبين مراده من الاستدلال على الحل لأنه لم‬
‫يخص ذميا من حربي ولا خص لحما من شحم وكون الشحوم محرمة على أهل الكتاب‬
‫لا يضر لأنها محرمة عليهم لا علينا وغايته بعد أن يتقرر أن ذبائحهم لنا حلال أن الذي حرم‬
‫عليهم منها مسكوت في شرعنا عن تحريمه علينا فيكون على أصل الإباحة(‪.)3‬‬
‫يتبين من الترجمة والآية القرآنية التي استشهد بها البخاري (رحمه الله) جواز أكل‬
‫ذبائح أهل الكتاب مع ما هو معروف من اهتمام الإسلام بالأكل الحلال وهذا يعني جواز‬
‫أن يأكل المسلم من يد الكتابي أو بيته‪.‬‬

‫‪ - 1‬صحيح البخاري‪ ، )219٥ :٧( :‬كتاب الذبائح والصيد والتسمية على الصيد باب ذبائج أهل الكتاب وشحومها من أهل الحرب‬
‫وغيرهم‪.‬‬
‫‪ - 2‬فتح الباري‪.)636 :9( :‬‬
‫‪ - 3‬فتح الباري (‪)639 :9‬‬

‫‪32‬‬
‫المسألة السابعة‪ :‬المرضى‪.‬‬
‫شرِكِ‪:‬‬‫بَاب عِيَادَةِ الْمُ ْ‬
‫قال البخاري‪( :‬حدثنا ُسلَيْمَانُ بن َحرْبٍ حدثنا حَمَّادُ بن زَيْدٍ عن ثَاِبتٍ عن أََنسٍ ‪ -‬رضى‬
‫الله عنه ‪ -‬أَنَّ ُغلَامًا لِيَهُودَ كان َيخْ ُدمُ النبي ﷺ فَ َمرِضَ فَأَتَاهُ النبي ﷺ َيعُودُهُ فقال أَ ْسلِمْ‬
‫ب جَاءَّهُ النبي ﷺ)(‪.)1‬‬ ‫ضرَ أبو طَاِل ٍ‬‫فَأَ ْسلَمَ وقال َسعِيدُ بن الْمُسََّيبِ عن أبيه لَمَّا ُح ِ‬
‫قال العيني‪ :‬أي هذا باب في بيان عيادة المشرك(‪.)2‬‬
‫قال ابن بطال إنما تشرع عيادته إذا رجى أن يجيب إلى الدخول في الإسلام فأما‬
‫إذا لم يطمع في ذلك فلا واجاب ابن حجر والعيني‪ :‬والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف‬
‫المقاصد فقد يقع بعيادته مصلحة أخرى قال الماوردي عيادة الذمي جائزة والقربة موقوفة‬
‫على نوع حرمة تقترن بها من جوار أو قرابة(‪.)3‬‬
‫لم يحصر البخاري ‪-‬رحمه الله‪ -‬في هذا الباب عيادة المريض بأن يكون من أهل‬
‫الكتاب بل صدر هذا الباب بقوله (عيادة المشرك) وهذا يشير إلى أنه يجيز عيادة المريض‬
‫وإن لم يكن من أتباع الديانات السماوية‪.‬‬

‫المسألة السابعة‪ :‬الأدب‪:‬‬


‫شرِكِ‪:‬‬ ‫صلَةِ الَْأخِ الْمُ ْ‬
‫بَاب ِ‬
‫سلِمٍ حدثنا عبدالله بن‬ ‫قال البخاري‪( :‬حدثنا مُوسَى بن إِسْمَاعِيلَ حدثنا عبد اْل َعزِيزِ بن ُم ْ‬
‫دِينَارٍ قال سمعت بن عُمَرَ رضي الله عنهما يقول َرأَى عُ َمرُ حُلَّةَ سَِيرَاءَّ تُبَاعُ فقال يا رَسُولَ‬
‫اللَّهِ ابْتَعْ هذه وَالْبَسْهَا يوم اْلجُ ُمعَةِ وإذا جَاءَّكَ الْ ُوفُودُ قال إنما َيلَْبسُ هذه من لَا َخلَاقَ له‬
‫ت‬‫حَللٍ فَأَرْ َسلَ إلى عُ َمرَ بِحُلَّةٍ فقال كَيْفَ أَلْبَسُهَا وقد قُ ْلتَ فيها ما ُقلْ َ‬‫فأتى النبي ﷺ منها ِب ُ‬
‫قال إني لم ُأ ْعطِكَهَا لَِتلْبَسَهَا وَلَ ِكنْ تَبِيعُهَا أو تَكْسُوهَا فَأَرْ َسلَ بها عُ َمرُ إلى أَخٍ له من َأ ْهلِ‬
‫ش ِركِينَ‪.‬‬
‫سلِمَ)(‪.)4‬سبق الكلام على هذه الرواية في باب الْهَدِيَّةِ ِللْمُ ْ‬ ‫مَكَّةَ قبل أَنْ يُ ْ‬

‫‪ - 1‬صحيح البخاري‪ ،)2142 :٧( :‬كتاب المرضى باب عيادة المشرك‪ ،‬رقم‪)٧333( :‬‬
‫‪ - 2‬عمدة القاري‪)218 :21( :‬‬
‫‪ - 3‬فتح الباري‪ ،)119 :11( :‬وعمدة القاري‪)218 :21( :‬‬
‫‪ - 4‬صحيح البخاري‪ ،)2231 :٧( :‬كتاب األدب باب صلة األخ المشرك‪ ،‬رقم ‪)٧63٧( :‬‬

‫‪33‬‬
‫نظر البخاري ‪-‬رحمه الله‪ -‬إلى المعاني الإنسانية في فعل سيدنا عمر فجعلها سببا‬
‫للتآخي في هذا الباب فصدره بقوله (صلة الأخ المشرك) هذا يدل على أن الإسلام يقر إخوة‬
‫الإنسانية ويجعلها من أسباب الصلة والله أعلم‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫النتائج‬
‫بعد هذه الرحلة العلمية المتواضعة التي عايشنا فيها فقه التعامل عند الإمام البخاري مع غير‬
‫المسلمين في تراجمه وبعد دراسة مستوعبة لهذه التراجم لا بد من كلمات موجزات في‬
‫الختام توقفنا على أهم النتائج والثمرات التي من أجلها كانت هذه الدراسة‪.‬‬
‫فلقد تنوعت تراجم البخاري في الميادين الآتية‪-:‬‬
‫سجِدَ‪.‬‬ ‫شرِكِ الْمَ ْ‬ ‫الصلَاةِ في الْبِيعَةِ ودُخُولِ الْمُ ْ‬ ‫‪ )9‬جواز َّ‬
‫سلِمِينَ عِنْدَ اْل َقحْطِ‪.‬‬ ‫ش َفعَوا بِالْمُ ْ‬
‫‪ )8‬وجواز الاستسقاء للمشركين إذا اسْتَ ْ‬
‫‪ )4‬وجواز القيام ِلجَنَازَةِ المشركين‪.‬‬
‫حرْبِيِّ َوهِبَتِهِ‬
‫حرْبِ و ِشرَاءِّ الْمَ ْملُوكِ من اْل َ‬ ‫ش ِركِينَ َوَأ ْهلِ اْل َ‬‫الشرَاءِّ وَالْبَيْعِ مع الْمُ ْ‬
‫‪ )3‬وجواز ِّ‬
‫َوعِْتقِهِ‪.‬‬
‫‪ )5‬وجواز الْ ُمزَا َرعَةِ والرهن مع الْيَهُو ِد وغيرهم‪.‬‬
‫والصلْحِ معه‪.‬‬
‫شرِكِ وقَبُولِ ْهَدِيَّته ُّ‬ ‫‪ )6‬وجواز عِْتقِ الْمُ ْ‬
‫ش ِركِينَ‪.‬‬‫ش ِركِينَ بِالْهُدَى لِيَتَأََّلفَهُمْ‪ ،‬وفِدَاءِّ الْمُ ْ‬
‫الدعَاءِّ ِللْمُ ْ‬
‫‪ )7‬وجواز ُّ‬
‫جزْيَةِ وَالْمُوَا َدعَةِ مع َأ ْهلِ الذمة والحرب‪ ،‬وإِثْمِ من قََتلَ ُمعَاهَدًا ِبغَْيرِ ُج ْرمٍ‪.‬‬ ‫‪ )2‬وجواز الْ ِ‬
‫ش ِركِينَ بِالْمَالِ َوغَْيرِهِ َوإِثْمِ من لم يَفِ بِالْعَهْدِ‪،‬‬ ‫‪ )1‬جواز الْمُوَا َدعَةِ وَالْ ُمصَاَلحَةِ مع الْمُ ْ‬
‫وإِثْمِ من عَاهَدَ ثُمَّ غَدَرَ‪.‬‬
‫وجواز الكتابة للملوك والرؤساء لدعوتهم لدخول الإسلام‪.‬‬ ‫‪)91‬‬
‫حرْبِ َوغَْي ِرهِمْ‪ ،‬وعِيَادَةِ‬ ‫وجواز أكل ذَبَائِحِ َأ ْهلِ الْكِتَابِ وَ ُشحُومِهَا من َأ ْهلِ الْ َ‬ ‫‪)99‬‬
‫شرِكِ‪ ،‬وصلته‪.‬‬ ‫الْمُ ْ‬

‫وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‬

‫الفهارس الآية القرآنية‬


‫الصفحة‬ ‫السورة‬ ‫الآية‬

‫‪3٧‬‬
‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ الممتحنة ‪2 -2 :‬‬
‫ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ‪1‬‬

‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬
‫ﮥﭼ‬
‫الأحزاب ‪2 89 :‬‬ ‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﭼ‬
‫‪91‬‬ ‫‪6:‬‬ ‫ش ِركِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا النبأ‬
‫( إِنَّ الَّذِينَ َك َفرُوا ِمنْ َأ ْهلِ الْكِتَابِ وَالْمُ ْ‬
‫أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الَْبرِيَّةِ‬
‫‪91 46 :‬‬ ‫وَالَّذِينَ َك َفرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا ُي ْقضَى َعلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا ُيخَفَّفُ عَنْهُمْ ِمنْ فاطر‬
‫جزِي كُلَّ َكفُورٍ‬ ‫عَذَابِهَا كَذَلِكَ َن ْ‬
‫الإسراء ‪99 95 :‬‬ ‫َومَا كُنَّا ُمعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولً)()‪.‬‬
‫النساء ‪99 935 :‬‬ ‫إِنَّ الْمُنَاِفقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَ ْس َفلِ ِمنَ النَّارِ وََلنْ َتجِدَ لَهُمْ َنصِيرًا‬
‫‪94 31 :‬‬ ‫الحج‬ ‫صلَوَاتٌ َومَسَاجِد‬
‫وَبِيَ ٌع وَ َ‬
‫الأنبياء ‪96 917 :‬‬ ‫ﮐﮑﮒ ﮓﮔ‬
‫‪91 97 :‬‬ ‫ُضلُوا ِبرَادِّي رِ ْزقِهِمْ النحل‬
‫َضلَ َب ْعضَكُمْ َعلَى َب ْعضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ ف ِّ‬ ‫وَاللَّهُ ف َّ‬
‫جحَ ُدونَ‬‫َعلَى مَا َملَ َكتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌّ َأفَبِِنعْمَةِ اللَّهِ َي ْ‬
‫‪91 79 :‬‬ ‫النحل‬ ‫َعلَى مَا َملَ َكتْ أَيْمَانُهُمْ‬
‫‪83 95 :‬‬ ‫َوإِنْ جَاهَدَاكَ َعلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَْيسَ لَكَ بِهِ ِعلْمٌ َفلَا ُت ِطعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا لقمان‬
‫فِي الدُّنْيَا َم ْعرُوفًا‬
‫‪83 :‬‬ ‫المجادلة‬ ‫لَا َتجِدُ قَ ْومًا يُ ْؤمِنُونَ بِاللَّ ِه وَالْيَ ْومِ اْلآَّ ِخرِ يُوَادُّونَ َمنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ‬
‫‪88‬‬
‫الأنفال ‪41 69 :‬‬ ‫َوإِنْ جََنحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَ ْح لها الْآيَةَ‬
‫َرةٍ َوهُمْ لاَ يََّتقُونَ)()‪ .‬الأنفال ‪49 56 :‬‬
‫)الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَن ُقضُونَ عَهْ َدهُمْ فِي كُلِّ م َّ‬
‫‪48 5 :‬‬ ‫الْيَ ْومَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَ َطعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ َطعَامُكُمْ المائدة‬
‫الزهْرِيُّ لَا بَأْسَ بِذَبِيحَةِ َنصَارَى اْل َعرَبِ َوإِنْ سَ ِمعْتَهُ‬ ‫حِلٌّ لَهُمْ ﴾‪ ،‬وقال ُّ‬
‫يُسَمِّي ِلغَْيرِ اللَّهِ فلا تَ ْأ ُكلْ َوإِنْ لم تَسْ َمعْهُ َفقَدْ أَحَلَّهُ الله لك َو َعلِمَ كُ ْف َرهُمْ‬
‫‪36‬‬
‫سنُ َوإِْبرَاهِيمُ لَا بَأْسَ بِذَبِيحَةِ الَْأ ْقلَفِ وقال‬
‫حَ‬‫وَيُ ْذ َكرُ عن على َنحْوُهُ وقال الْ َ‬
‫بن عَبَّاسٍ َطعَامُهُمْ ذَبَاِئحُهُمْ‬

‫الفهارس أطارف الحديث‬


‫الصفحة‬ ‫الكتاب‬ ‫راوي الحديث‬ ‫أطراف الحديث‬
‫‪94‬‬ ‫إوقال عُمَرُ ‪ -‬رضى الله عنه ‪ -‬إِنَّا لَا َن ْدخُلُ كَنَائِسَكُمْ من عمر بن الخطاب البخاري‬
‫أَ ْجلِ التَّمَاثِيلِ التي فيها الصُّوَرُ وكان ابن عَبَّاسٍ ُيصَلِّي‬
‫في الْبِيعَةِ إلا بِيعَةً فيها تَمَاثِيلُ‬
‫‪93‬‬ ‫البخاري ‪368 :‬‬ ‫ث رسول اللَّهِ ﷺ خَْيلًا قَِبلَ َنجْدٍ أبو هريرة‬ ‫أَبَا ُهرَْيرَةَ يقول بَعَ َ‬
‫َفجَاءَّتْ ِبرَ ُجلٍ من بَنِي حَنِيفَةَ ُيقَالُ له ثُمَامَةُ بن أُثَالٍ‬
‫سجِ ِد‬
‫َفرََبطُوهُ بِسَارِيَةٍ من سَوَارِي الْمَ ْ‬
‫‪93‬‬ ‫البخاري ‪9181 :‬‬ ‫ْسعودٍ ابن مسعود‬
‫الضحَى عن َمسْرُوقٍ قال أَتَْيتُ بن َم ع‬
‫عن أبي ُّ‬
‫فقال إِنَّ ُقرَيْشًا أبطؤوا عن الْإِ ْسلَامِ فَ َدعَا عليهم النبي‬
‫ﷺ فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حتى َهلَكُوا فيها َوَأ َكلُوا الْمَيْتَةَ‬
‫وَاْل ِعظَامَ‬
‫‪96‬‬ ‫البخاري ‪9499 :‬‬ ‫عن جَاِبرِ بن عبدالله رضي الله عنهما قال مرت بِنَا جابر بن عبد الله‬
‫جَنَازَةٌ َفقَامَ لها النبي ﷺ وَقُمْنَا له َف ُقلْنَا يا رَسُولَ اللَّهِ‬
‫إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ قال إذا َرأَيْتُمْ اْلجِنَازَةَ َفقُومُوا‬
‫‪96‬‬ ‫البخاري ‪9494 :‬‬ ‫سعْدٍ قَاعِدَْينِ سهل بن حنيف‬ ‫قال كان سَ ْهلُ بن حُنَيْفٍ َوقَيْسُ بن َ‬
‫بِاْلقَادِسِيَّةِ فَمَرُّوا َعلَيْهِمَا بِجَنَازَةٍ َفقَامَا َفقِيلَ لَهُمَا إِنَّهَا قيس بن سعد‬

‫من أَ ْهلِ الأرض أَيْ من َأ ْهلِ الذِّمَّةِ َفقَالَا إِنَّ النبي ﷺ‬


‫مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ َفقَامَ َفقِيلَ له إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ فقال‬
‫ستْ َنفْسًا‬ ‫أَلَيْ َ‬
‫عبد الرحمن بن أبي بكر‬
‫البخاري ‪92 8896 :‬‬ ‫بَْيعًا َأمْ َعطِيَّةً أو قال َأمْ هِبَةً قال لَا َبلْ بَيْعٌ فَاشَْترَى‬
‫منه شَاةً‬

‫‪3٥‬‬
‫البخاري ‪81 4967 :‬‬ ‫عن أبي ُهرَْيرَةَ ‪ -‬رضى الله عنه ‪ -‬قال بَيْنَمَا نَحْنُ أبو هريرة‬
‫سجِدِ َخ َرجَ النبي ﷺ فقال اْن َطِلقُوا إلى يَهُودَ‬
‫في الْمَ ْ‬
‫خرَجْنَا حتى جِئْنَا بَْيتَ المدارس فقال أَ ْسلِمُوا‬ ‫َف َ‬
‫سلَمُوا‬
‫تَ ْ‬
‫‪89‬‬ ‫عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت اشَْترَى رسول اللَّهِ عائشة بنت أبي بكر البخاري ‪8594 :‬‬
‫ﷺ من يَهُودِيٍّ طَعَامًا وَ َرهَنَهُ دِ ْرعَهُ‪...‬‬
‫‪88‬‬ ‫حكيم بن حزام البخاري ‪8542 :‬‬ ‫ك ِمنْ خَْيرٍ ‪...‬‬
‫أَ ْسلَ ْمتَ َعلَى مَا َسلَفَ لَ َ‬
‫‪84‬‬ ‫البخاري ‪8695:‬‬ ‫ي أنس بن مالك‬ ‫عن قَتَادَةَ حدثنا أََنسٌ ‪ -‬رضى الله عنه ‪ -‬قال ُأهْدِ َ‬
‫ب‬‫حرِيرِ َف َعجِ َ‬
‫لِلنَّبِيِّ ﷺ جُبَّةُ سُنْدُسٍ وكان يَنْهَى عن اْل َ‬
‫الناس منها فقال وَالَّذِي نَ ْفسُ ُمحَمَّدٍ بيده لَمَنَادِيلُ‬
‫سنُ من هذا وقال َسعِيدٌ‬ ‫َسعْدِ بن ُمعَاذٍ في اْلجَنَّةِ أَحْ َ‬
‫عن قَتَادَةَ عن أََنسٍ إِنَّ ُأكَْيدِرَ دُومَةَ َأهْدَى إلى النبي‬
‫‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪...‬‬
‫‪84‬‬ ‫عن بن عُ َمرَ رضي الله عنهما قال َرأَى عُ َمرُ حُلَّةً عبد الله ابن البخاري ‪8691 :‬‬
‫على رَ ُجلٍ تُبَاعُ فقال لِلنَّبِيِّ ﷺ ابْتَعْ هذه اْلحُلَّةَ َتلْبَسْهَا عمر‬
‫يوم اْلجُ ُمعَةِ وإذا جَاءَّكَ الْ َوفْدُ فقال إنما َيلَْبسُ هذا‬
‫من لَا َخلَاقَ له في الْآ ِخرَةِ فَأُتِيَ رسول اللَّهِ ﷺ منها‬
‫حَللٍ فَأَرْ َسلَ إلى عُ َمرَ منها بِحُلَّةٍ فقال عُ َمرُ كَيْفَ‬ ‫ِب ُ‬
‫أَلْبَسُهَا وقد ُق ْلتَ فيها ما ُق ْلتَ قال إني لم َأكْسُكَهَا‬
‫لَِتلْبَسَهَا تَبِيعُهَا أو تَكْسُوهَا فَأَرْ َسلَ بها عُ َمرُ إلى أَخٍ‬
‫سلِ َم‬
‫له من َأهْلِ مَكَّةَ قبل أَنْ يُ ْ‬
‫‪86‬‬ ‫بن البخاري ‪8744 :‬‬ ‫خ َرمَةَ َو َمرْوَانَ ُيصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مروان‬
‫عن الْمِسْوَرِ بن َم ْ‬
‫مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ قالا َخ َرجَ رسول ﷺ زَ َمنَ الحكم‬
‫الطرِيقِ قال النبي ﷺ إِنَّ‬ ‫اْلحُدَيْبِيَةِ حتى كَانُوا بِبَعْضِ َّ‬
‫خَالِدَ بن الْوَلِيدِ بِاْلغَمِيمِ في خَْيلٍ ِل ُقرَيْشٍ َطلِيعَةٌ‬

‫‪38‬‬
‫‪87‬‬ ‫البخاري ‪8547 :‬‬ ‫َن أنس بن مالك‬
‫قال حدثني أََنسُ بن مَالِكٍ ‪ -‬رضى الله عنه ‪ -‬أ َّ‬
‫رِجَالًا من الْأَْنصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ َفقَالُوا يا‬
‫رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ َفلْنَْترُكْ لابن أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَّهُ فقال‬
‫لَا تَ َدعُونَ منها دِ ْرهَمًا‬
‫‪81‬‬ ‫عن عبدالله بن عَ ْمرٍو رضي الله عنهما عن النبي ﷺ عبد الله بن البخاري ‪386 :‬‬
‫قال من قََتلَ ُمعَاهَدًا لم يَ ِرحْ رَاِئحَةَ اْلجَنَّةِ َوإِنَّ رِيحَهَا عمرو‬
‫تُوجَدُ من مَسِّيرَةِ أَرَْبعِينَ عَامًا‬
‫‪41‬‬ ‫سهل بن أبي حثمة البخاري ‪4974‬‬ ‫فتبريكم يهود بخمسين ‪...‬‬
‫‪49‬‬ ‫عن عبداللَّهِ بن عَ ْمرٍو رضي الله عنهما قال‪ :‬قال عبد الله بن البخاري ‪4972‬‬
‫خلَالٍ من كُنَّ فيه كان مُنَاِفقًا عمرو‬
‫رسول اللَّهِ ﷺ أَرْبَعُ ِ‬
‫خَاِلصًا من إذا حَدَّثَ كَذَبَ وإذا َوعَدَ أَ ْخلَفَ وإذا‬
‫صلَةٌ‬
‫جرَ َو َمنْ كانت فيه َخ ْ‬ ‫عَاهَدَ غَدَرَ وإذا خَاصَمَ َف َ‬
‫صلَةٌ من ِّالنفَاقِ حتى يَ َدعَهَا‬‫مِنْهُنَّ كانت فيه َخ ْ‬
‫‪44‬‬ ‫قال سمعت بن عُمَرَ رضي الله عنهما يقول َرأَى عبد الله بن عمر البخاري ‪8698‬‬
‫عُ َمرُ حُلَّةَ سَِيرَاءَّ تُبَاعُ فقال يا رَسُولَ اللَّهِ ابْتَعْ هذه‬
‫وَالْبَسْهَا يوم اْلجُ ُمعَةِ وإذا جَاءَّكَ الْ ُوفُودُ قال إنما َيلْبَسُ‬
‫هذه من لَا َخلَاقَ له فأتى النبي ﷺ‬

‫‪39‬‬
‫الفهارس المصادر‬

‫المصادر‬ ‫الرقم‬
‫بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪ :‬لعلاء الدين بن مسعود الكاساني‪ ،‬ابي بكر‬ ‫‪9‬‬
‫(ت‪527/‬هـ)‪ ،‬دار المعرفة ‪ -‬بيروت‪ -‬لبنان‪ .‬تحقيق‪ :‬محمد خضر طعمه حلبي‪.‬‬
‫حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ :‬لمحمد بن عرفة الدسوقي (ت‪9841‬هـ)‪ ،‬دار‬ ‫‪8‬‬
‫الفكر‪ -‬بيروت‪ .‬تحقيق‪ :‬محمد عليش‪.‬‬
‫حاشية رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار‪ ،‬المشهورة بـ(حاشية ابن‬ ‫‪4‬‬
‫عابدين)‪ :‬لمحمد امين الشهير بابن عابدين (ت‪9858/‬هـ)‪ ،‬دار الفكر للطباعة‬
‫والنشر‪ -.‬بيروت‪9389( ،‬هـ ‪8111 -‬م)‪.‬‬
‫الروضة الندية‪ :‬لصديق حسن خان‪ ،‬دارابن عفان ‪ -‬القاهرة ‪9111 -‬م‪ ،‬الطبعة‪:‬‬ ‫‪3‬‬
‫الأولى‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي حسين الحلبي‪.‬‬
‫صحيح البخاري‪ :‬لمحمد بن إسماعيل البخاري الجعفي‪ ،‬أبي عبدالله‪-913( ،‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪856‬هـ)‪ ،‬ضبط وترقيم وفهرسة‪ :‬الدكتور مصطفى ديب البغا‪ ،‬دار ابن كثير‪ ،‬بيروت‬
‫‪.9127 -9317‬‬
‫شرح النووي على صحيح مسلم‪ :‬لأبي زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي‪ ،‬دار‬ ‫‪6‬‬
‫النشر‪ :‬دار إحياء التراث العربي ‪ -‬بيروت ‪ ،9418 -‬الطبعة‪ :‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫صحيح مسلم‪ :‬لمسلم بن الحجاج أبي الحسين القشيري النيسابوري‪-816( ،‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪869‬هـ)‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪.‬‬
‫عمدة القاري شرح صحيح البخاري‪ :‬لبدر الدين محمود بن أحمد العيني‪ ،‬دار إحياء‬ ‫‪2‬‬
‫التراث العربي ‪ -‬بيروت‪.‬‬
‫فتح البـاري شـرح صحيـح البخـاري‪ :‬لأحمـد بن علي بن حجر العسقلاني‬ ‫‪1‬‬
‫(ت‪258‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬محب الدين الخطيب‪ ،‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار المعرفة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪9417 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ 91‬كشاف القناع عن متن الإقناع‪ :‬لمنصور بن يونس بن صلاح الدين بن حسن بن احمد‬
‫بن علي بن إدريس البهوتي الحنبلي(ت‪9159/‬هـ)‪ ،‬دار الفكر‪ -‬بيروت‪ -‬لبنان‪.‬‬
‫تحقيق‪ :‬هلال مصيلحي مصطفى هلال‪.‬‬
‫‪ 99‬لسان العرب‪ :‬لمحمد بن كرم أبن منظور الإفريقي‪( ،‬ت‪ ،)799‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ 98‬المجموع شرح المهذب‪ :‬ليحيى بن شرف بن مري النووي‪ ،‬أبي زكريا‪-649( ،‬‬
‫‪676‬هـ)‪ ،‬مطبعة الإمام‪ ،‬مصر‪ ،‬تحقيق‪ :‬زكريا علي يوسف‪.‬‬
‫‪ 94‬مختصر خليل‪ :‬لخليل ابن اسحاق بن موسى المالكي‪( ،‬ت‪776/‬هـ)‪ ،‬دار الفكر‪-‬‬
‫بيروت‪-‬لبنان‪.‬تحقيق‪ :‬احمد علي حركات‪.‬‬
‫‪ 93‬المدونة الكبرى‪ :‬لمالك بن انس الاصبحي الحميري‪ ،‬ابي عبدالله (ت‪971/‬هـ)‪،‬‬
‫دار صادر‪ -‬بيروت‪ -‬لبنان‪.‬‬
‫‪ 95‬مسند ابن الجعد‪ :‬لعلي بن الجعد بن عبيد أبو الحسن الجوهري البغدادي‪ ،‬مؤسسة‬
‫نادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬الأولى‪ ،‬تحـ عامر أحمد حيدر‪.‬‬
‫‪ 96‬مسند الإمام أحمد بن حنبل‪ :‬لأحمد بن حنبل أبي عبدالله الشيباني‪839-963( ،‬هـ)‬
‫مؤسسة قرطبة‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ 97‬المعجم الكبير‪ :‬لسليمان بن أحمد بن أيوب أبي القاسم الطبراني‪( ،‬ت‪ 461‬هـ)‪،‬‬
‫مكتبة العلوم والحكم‪ ،‬الموصل‪ ،‬الثانية‪ ،‬تحقيق‪ :‬حمدي بن عبد المجيد السلفي‪.‬‬
‫‪ 92‬مغني المحتاج إلى معرفة الفاظ المنهاج‪ :‬لمحمد الشربيني الخطيب من علماء القرن‬
‫العاشر الهجري‪ -‬دار الذخائر للمطبوعات‪ -‬ايران‪.‬‬
‫‪ 91‬لمغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني‪ :‬لعبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي‪،‬‬
‫أبي محمد (ت‪ 681‬هـ)‪ ،‬الطبعة الأولى‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان‪9315 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪9125‬م‪.‬‬
‫‪ 81‬نيل الاوطار شرح منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار‪ :‬لمحمد بن علي بن محمد‬
‫الشوكاني (ت‪9855/‬هـ)‪ ،‬دار الجيل‪ -‬بيروت‪ -‬لبنان‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫الفهرس المداضع‬
‫الإستهلال ‪ .............................................................................................‬ب‬
‫إهداء ‪ .................................................................................................‬ج‬
‫المقدمة ‪................................................................................................‬د‬
‫المطلب الاول‪ :‬أهمية الموضوع‪ ،‬أهداف البحث‪ ،‬أسباب اختيار الموضوع‪ ،‬منهج البحث‪ ،‬أدوات البحث‪8 .... .‬‬
‫أهمية البحث ‪8 .......................................................................................‬‬
‫أهداف البحث ‪8 ......................................................................................‬‬
‫أسباب إختياري موضوع البحث ‪8 .....................................................................‬‬
‫منهج البحث ‪4 ........................................................................................‬‬
‫أداوات البحث ‪4 ......................................................................................‬‬
‫‪:‬أسئلة البحث ‪ ،‬فروض‬ ‫المطلب الثاني‬
‫‪3‬‬ ‫البحث ‪ ،‬الدراسات السابقة ‪ ،‬مشكلة البحث ‪ ،‬حدوج البحث ‪ ،‬هيكل البحث‬
‫أسئلة البحث‪3 ....................................................................................... :‬‬
‫فروض البحث‪3 ..................................................................................... :‬‬
‫الدراسات السابقة‪5 .................................................................................. :‬‬
‫مشكلة البحث‪5 ..................................................................................... :‬‬
‫هيكل البحث ‪5 ..................................................................................... :‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬حقيقة معنى المعاملة مع غير المسلمين ‪7 ...................................................‬‬
‫المطلب الأول‪ :‬التعريف بمعنى المعاملة ‪2 ...............................................................‬‬
‫تعريف ومعنى تعامل ‪2 ..............................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الرسول ﷺ هو القدوة الحسنة في المعاملة بين الناس ‪2 ....................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التعريف بمن هم غير المسلمين ‪1 ........................................................‬‬
‫تعريف غير المسلمين ‪1 ........................................................................... :‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬أحاديث معاملة النبي ﷺ مع غير المسلمين في صحيح البخاري ‪98 .........................‬‬
‫المطلب الأول ‪ :‬تعامل النبي صلى الله عليه وسلم في عبادتهم ‪94 ........................................‬‬
‫المسألة الأولى ‪ :‬الصلاة ‪94 .........................................................................‬‬
‫الباب الأول‪ :‬بَاب الصَّلَاةِ في الْبِيعَةِ‪94 .............................................................. .‬‬

‫‪42‬‬
‫الباب الثانية‪ :‬بَاب ُدخُولِ اْلمُشْرِكِ اْلمَسْجِدَ ‪93 .......................................................‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬الاستسقاء‪93 ...................................................................... .‬‬
‫الباب الأول ‪ :‬بَاب إذا اسْتَشْ َفعَ الْمُشْرِكُونَ بِاْلمُسِْلمِينَ عِنْدَ الْقَحْطِ‪93 ................................. .‬‬
‫المسألة الثالثة ‪ :‬الجنائز‪96 .........................................................................:‬‬
‫الباب الأول ‪ :‬بَاب من قام لِجَنَازَةِ َيهُودِيٍّ‪96 ........................................................ :‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين في صحيح البخاري ‪92 ................‬‬
‫المسألة الأولى‪ :‬البيوع‪92 ......................................................................... .‬‬
‫الباب الأول‪ :‬بَاب الشِّرَاءِّ وَالْبَْيعِ مع اْلمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْحَرْبِ‪92 ....................................... .‬‬
‫الباب الثالث ‪ :‬باب أمر النبي ﷺ اليهود ببيع أرضيهم()‪81 ............................................ .‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬المزارعة‪89 ........................................................................ .‬‬
‫بَاب اْلمُزَارَعَ ِة مع الَْيهُودِ ‪89 .........................................................................‬‬
‫المسألة الثالثة ‪ :‬الرهن‪89 .......................................................................... :‬‬
‫الرهْنِ عِنْدَ الَْيهُودِ وَغَيْ ِرهِمْ‪89 .................................................................. :‬‬
‫بَاب َّ‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬العتق‪88 .......................................................................... .‬‬
‫بَاب عِتْقِ اْلمُشْ ِركِ‪88 ............................................................................. .‬‬
‫المسألة الخامسة ‪ :‬الهبة‪84 ........................................................................ .‬‬
‫الباب الأول ‪ :‬بَاب قَبُولِ اْل َهدِيَّةِ من اْلمُشْرِكِينَ‪84 .................................................... .‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬بَاب اْل َهدِيَّةِ لِ ْلمُشْرِكِينَ‪84 ............................................................. .‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الصلح والجهاد والسير والجزية والموادعة والمغازي ‪85 ..................................‬‬
‫المسألة الأولى‪ :‬الصلح‪85 ......................................................................... .‬‬
‫بَاب الصُّلْحِ مع اْلمُشْرِكِينَ‪85 ...................................................................... .‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬الجهاد والسير‪86 ................................................................... :‬‬
‫جهَادِ وَاْلمُصَالَحَةِ مع َأهْلِ الْحَرْبِ وَكِتَابَةِ الشُّرُوطِ ‪86 ..................‬‬
‫الباب الأول ‪ :‬بَاب الشُّرُوطِ في الْ ِ‬
‫الدعَاءِّ لِ ْلمُشْرِكِينَ بِاْل ُهدَى لِيَتَأَلَّ َفهُمْ ‪87 ..............................................‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬بَاب ُّ‬
‫المسألة الثالثة الجزية‪82 ........................................................................... :‬‬
‫الباب الأول‪ :‬بَاب الْجِزْيَةِ وَاْل ُموَادَعَةِ مع أَهْلِ الذمة والحرب‪82 ........................................:‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬بَاب إِثْمِ من قَتَلَ مُعَا َهدًا بِغَيْرِ جُرْمٍ‪81 ....................................................‬‬

‫‪43‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬الموادعة‪41 ....................................................................... :‬‬
‫الباب الأول‪ :‬بَاب اْل ُموَا َدعَةِ وَالْمُصَالَحَةِ مع اْلمُشْرِكِينَ بِاْلمَالِ َوغَيْ ِرهِ وَإِْثمِ من لم َيفِ بِالْ َع ْهدِ وَقَوْلِهِ‪ :‬وَإِنْ‬
‫جَنَحُوا لِلسَّ ْلمِ فَاجَْنحْ لها الْآيَةَ()‪41 .................................................................. .‬‬
‫َرةٍ َو ُه ْم‬
‫الباب الثاني‪ :‬بَاب إِثْمِ من عَا َهدَ ثُمَّ َغدَرَ وقوله‪َّ ) :‬الذِينَ عَاهَدتَّ مِنْ ُهمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ َع ْه َد ُهمْ فِي كُلِّ م َّ‬
‫لاَ يَتَّقُونَ)()‪49 .................................................................................... .‬‬
‫المسألة الخامسة‪ :‬المغازي‪49 ..................................................................... :‬‬
‫بَاب كِتَابِ النبي ﷺ إلى كِسْرَى وَقَيْصَرَ‪49 ......................................................... :‬‬
‫المسألة السادسة ‪ :‬الذبائح‪48 ...................................................................... .‬‬
‫بَاب ذَبَاِئحِ أَهْلِ اْلكِتَابِ وَشُحُومِهَا من أَهْلِ الْحَرْبِ وَغَيْ ِر ِهمْ‪48 ....................................... :‬‬
‫المسألة السابعة‪ :‬المرضى‪44 ........................................................................‬‬
‫بَاب عِيَادَةِ اْلمُشْ ِركِ‪44 ............................................................................ :‬‬
‫المسألة السابعة‪ :‬الأدب‪44 ........................................................................ :‬‬
‫بَاب صِلَةِ الْأَخِ اْلمُشْ ِركِ‪44 ......................................................................... :‬‬
‫النتائج‪45 ...............................................................................................‬‬
‫الفهارس الآية القرآنية ‪45 .................................................................................‬‬
‫الفهارس أطارف الحديث ‪47 .............................................................................‬‬
‫الفهارس المصادر ‪31 ....................................................................................‬‬
‫االفهارس المواضع‪45 .....................................................................................‬‬

‫‪44‬‬

You might also like