Professional Documents
Culture Documents
التجربة الماليزية
التجربة الماليزية
من بدايات التاريخ ،كانت ماليزيا ملتقى للثقافات المختلفة لقد كان يسكنها الماليو والذين يعرفون باسم البوميبتراBumiputera
والتي تعني األبناء ) ( sonsأو أمراء األرض .منذ أكثر من خمسة عشر قرنا ،رحب الماليو ،أصحاب األرض األصليون بالتجار
القادمين
من الصين والهند ومع قدومهم جاءوا بالحرير والذهب كما جاءوا بالديانتين البوذية والهندوسية إضافة إلى ثقافة الشعبين الصيني
والهندي وبعد ألف عام من ذلك التاريخ وصل التجار العرب إلى مدينة ماالكا الساحلية )وهي العاصمة التاريخية لماليزيا( ودخلت معهم
القيم والمبادئ اإلسامية واألعراف والتقاليد العربية ،تال ذلك بثالثمائة عام قدوم األوربيون واحتاللهم لماليزيا وادخالهم لثقافة جديدة ،فيها
الكثير من الحداثة ،مما أسهم في إضفاء المزيد من التنوع واالنفتاح ...يتألف الشعب الماليزي من الماليو ) ...( 58 %والصينيين )%
...( 26والهنود ) ...(7 %وقوميات أخرى متفرقة ) ...(9 %ويعتبر اإلسام الدين الرسمي للدولة حيث يدين به أكثر من ) ( 60 %من
السكان البالغ عددهم حوالي خمٍس وعشرين مليون نسمة فيما يتوزع الباقون بين الديانات البوذية والهندوسية والمسيحية وديانات أخرى.
كثيرًا ما يستشهد الكتاب والمثقفون والمفكرون بالتعايش العرقي والديني والثقافي في ماليزيا وبالتجربة التنموية الماليزية على
أساس أنها نموذج حي على التغيرات التي تحدث لألمم متى ما توفرت اإلرادة ..واإلدارة المناسبة ..وخطط لها تخطيطًا جيدًا ..وتوفرت
اإلمكانات الالزمة البشرية والمادية...
ولكن كيف حصل كل ذلك؟
استقلت ماليزيا عام 1957وعانت ماليزيا من األلغام السياسية الموقوتة التي خلفها االستعمار البريطاني وكانت النتيجة أن انفصلت
عنها سنغافورة ذات األغلبية الصينية عام 1965وشهدت اضطرابات عرقية عنيفة عام 1969وحدثت ما يشبه الحرب األهلية بين
الماالويين والصينيين بعد تململ البوميبوترا من السيطرة االقتصادية للصينيين وتمددها إلى سيطرة سياسية على إثر انتخابات أجريت في
الدولة .لقد كانت هذه األحداث بمثابة النذير الذي نبه السياسيين الماليزيين إلى خطورة استمرار التفاوت االقتصادي واستحالة التطور
واالزدهار بدون استقرار سياسي وعرقي ...كما أظهرت األزمة صعوبة إدارة مجتمع متعدد األعراق ما لم يكن هناك توزيع عادل
للثروة ...لذلك كان البد من اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة في مواجهة الواقع الجديد فأعلنت الحكومة األحكام العرفية وعطلت
الدستور والبرلمان حتى عام 1971والشروع في وحدة وهوية وطنية تشمل الجميع.
إن الهدف األساسي للحكومة الماليزية في حينه ،يتمثل في إخراج البالد من دائرة الفقر وإيجاد مجتمع تسوده العدالة واالزدهار لكل
المجموعات العرقية وذلك من خالل:
-1تأمين االستقرار السياسي.
- 2وضع االستراتيجيات والخطط والبرامج المناسبة إلنجاح عملية التنمية المستدامة.
-3التعايش السلمي والمبادرات المجتمعية.
المنظومة المجتمعية في ماليزيا:
ماليزيا دولة متعددة الديانات واألعراق والتي تضم بين طياتها فسيفساءا متنوعة عرف كيف يتعايش فيما بينه بروح من المحبة
والتسامح وقبول اآلخر متناغمين ومتجانسين بشكل إنساني جميل ...يحافظ فيه الجميع على خصوصياتهم ...ويحترم فيه الجميع
أعراف
وتقاليد وطبائع اآلخر مادام ال ينتهك حرية اآلخر...
ويصب الكل ثقافاتهم ونتاجهم الحضاري في الوطن الواحد الذي يسعى الجميع إلى بنائه وتقدمه ورخائه ورفاهيته والتي بالضرورة
تنعكس إيجابيا على جميع أفراد المجتمع الماليزي .منذ بدء تشكيل الدولة الماليزية الفدرالية الحديثة أدركت أن تقدمها ونهضتها مرتبط
بشكل أساسي في انسجام األعراق الماليزية المختلفة واإلنفتاح على اآلخر وضمان حرية الدين والمعتقد ...فعندما تذهب الى ماليزيا
تجد الحجاب بأشكاله الحديثة والكالسيكية (إن جاز التعبير( ...كما تجد الجامع والكنيسة والمعبد جنبا إلى جنب دون أن يثير أي منهم
حفيظة االخر
في ماليزيا يحتفلون باألعياد الدينية كلها والمناسبات الثقافية كلها فقد أقرت الدولة الفدرالية عطلة لعيدي الفطر واألضحى وعطلة
لعيد الميالد وعطلة في األعياد المرتبطة بالديانات األخرى ...كما أن هناك عطلة لرأس السنة الهجرية وعطلة لرأس السنة الميالدية
وعطلة لرأس السنة الصينية.
يقول ممثل ماليزيا لدى األمم المتحدة في كلمته أمام الجمعية العامة بتاريخ 20 / 10 / 2006
حول الحوار بين الحضارات في الجلسة المخصصة لثقافة السام“ :نحن في ماليزيا نعيش وحدة مبنية على األديان المختلفة
واألعراق المتعددة والثقافات المتنوعة ...اإلسالم هو الدين الرسمي للدولة فيما تعيش بقية األديان والمعتقدات في بيئة
منفتحة تقبل باآلخر ...إن
الحكومة الماليزية اعتمدت برنامجا يرتكز على تقدير الديانة اإلسامية كقوة للخير والتقدم تعمل من أجل التنمية وإعالء
القيم اإلنسانية لمواطني ماليزيا ورفع مستواهم المعيشي