Professional Documents
Culture Documents
التطور الديمغرافي للسكان الجزائريين بين سنوات - - 1900 1954 -
التطور الديمغرافي للسكان الجزائريين بين سنوات - - 1900 1954 -
التطور الديمغرافي للسكان الجزائريين بين سنوات - - 1900 1954 -
رشيد مياد
أستاذ مساعد جامعة الدكتور يحي فارس املدية
تمهيد :
منذ أن وطأت أقدام الفرنسيين ارض الجزائر سنة 1830عمل على استهداف النمو
الديمغرافي للجزائريين بهدف الحد من زيادته ,حتى ال يؤثر على مستقبله في هذه األرض,
فينخفض عدد الجزائريين مما ينعكس سلبا على املقاومات الشعبية و الثورات املختلفة
,و قبل التطرق إلى التطور الديمغرافي للسكان الجزائريين في الفترة املدروسة نعرج و لو
بإيجاز عن حالة املجتمع الجزائري مطلع القرن العشرين.
حالة املجتمع الجزائري مطلع القرن العشرين :
في مطلع القرن العشرين كان املجتمع الجزائري ينقسم إلى قسمين :
الحضر:
طبقة غنية منحدرة من أهل البالد و من مهاجري األندلس ,و كانوا سياسيا في املرتبة
الثالثة بعد األتراك و الكراغلة ,و كانوا يملكون األراض ي في سهل متيجة ,و بعض األمالك
في مدينة الجزائر نفسها ,و يمتهنون التجارة ,و كانوا غالبا راضين بوضعهم و ال يطمحون
إلى مناصب سياسية ,و لكن منهم من تقلد مناصب القضاء و اإلفتاء و الكتابة و نحوها
من املقاليد الثانوية الهامة)1(.
كان عددهم قليال وال يمثلون سوى %6.62من مجموع الجزائريين ،تزيد قليال وتقل في
بعض املدن( ،)2ففي سنة 1876م كان يسكن مدينة الجزائر العاصمة 1821أوربيا
1
-ابو القاسم سعد هللا ,حماضرات يف اتريخ اجلزائر احلديث ( بداية االحتالل ) ,ط , 3الشركة الوطنية للنشر و
التوزيع ,اجلزائر , 1982 ,ص 65
Ageron C.R, les Algériens musulmans et la France, p 816.2-
240
ISSN : 2353-0472 مجلة الحكمة للدراسات التاريخية
EISSN : 2600-6405 املجلد ،2العدد( ،4جوان)2014
1
- Paul Gaffarel, L'Algérie histoire, conquête et colonisation, édition,
Jaques Gandini,France,2004, p 644.
Pierre Bourdieu; Sociologie de l'Algérie, Ed p .u.f. Paris 1980. P. 582-
3
-IBID. PP 80-81
Ferhet Abbas. Op.cit. P.1634-
5
-محدان بن عثمان ,املرآة ,ص 46
241
ISSN : 2353-0472 مجلة الحكمة للدراسات التاريخية
EISSN : 2600-6405 املجلد ،2العدد( ،4جوان)2014
نسمة حسب تقديره لهم(،)1ويذهب البعض اآلخر من املؤرخين ،ومنهم "كزافييه ياكونو"
على أن عدد الجزائريين أقل من ثالثة ( )03ماليين،وهو رقم أقرب نوعا ما إلى الواقع،
بدليل أنه لو كان عدد السكان 10ماليين ،فإنه ال يعتقد بأن الجيش الفرنس ي سينجح
في عملية االحتالل (.)2
في أول إحصاء للسكان بالجزائر سنة 1856م بلغ عدد السكان الجزائريين أكثر
من 2307349نسمة ،وهذا دون حساب سكان بالد القبائل ومناطق الصحراء ،ألن
منطقة القبائل لم تحتل إال في سنة 1857م،وأما الصحراء فلم يتم إحصاء كل سكانها
واقتصر اإلحصاء على شريط ورقلة عين الصفراء(.)3
وإذا رجعنا إلى إحصائيات 1861م1871 -م فإنها تؤكد أن عدد السكان
الجزائريين قد انخفض إلى 2125052نسمة ( ،)4والسبب في ذلك يعود إلى الحروب
واملقاومات الشعبية ضد املستعمر ،زيادة على األمراض واألوبئة التي انتشرت
بالجزائر،مثل مرض "الكوليرا " سنة 1867م واملجاعة موسم 1868م1869/م ،حيث
عرفت فيها املناطق الشمالية للجزائر عدة أمراض وأوبئة ،إضافة إلى الكوارث الطبيعية،
كما عرف املنتوج الفالحي تناقصا رهيبا بسبب الجراد ،وكنتيجة لذلك خلفت هذه
املجاعة أكثر من 500ألف وفاة في صفوف الجزائريين( ،)5وفي العموم عرفت نسبة
الزيادة الطبيعية بالنسبة للسكان الجزائريين تذبذبا كبيرا ،فقد وصلت هذه الزيادة إلى
% 03في الفترة املمتدة من 1872م إلى 1886م ،لتنخفض إلى % 01.4خالل الفترة من
1886م إلى 1911م ،لتستقر أخيرا في حدود % 02سنة 1953م ،وهذا بحساب عدد
1
-أندري برنيان و آخرون ,اجلزائريني املاضي و احلاضر ,ترمجة اسطنبويل رابح ومنصف عاشور ,ديوان املطبوعات
اجلامعية ,اجلزائر , 1984 ,ص 200
2
-حممد قريشي ,األوضاع االجتماعية للشعب اجلزائري منذ هناية احلرب العاملية الثانية إىل اندالع الثورة التحريرية
الكربى , 1954-1945رسالة ماجستري ,ختصص التاريخ احلديث و املعاصر ,قسم التاريخ ,جامعة اجلزائر ,السنة
اجلامعية , 2002/2001ص 35
3
-نفسه ص35
4
-أندري برنيان و آخرون ,اجلزائريني املاضي و احلاضر ,مرجع سابق ,ص 200
5
- BRIEL Jacques, Etude de démographie Quantitative , Rapport du
H.C.C, Tom 2, La population en Algérie, Document Français , 1ère edition
,ImprimerieNationale, Paris, France 1957. P. 30
242
ISSN : 2353-0472 مجلة الحكمة للدراسات التاريخية
EISSN : 2600-6405 املجلد ،2العدد( ،4جوان)2014
املهاجرين املتواجدين بفرنسا ( ،)1وهذه النسبة إذا ما قورنت بنسب الزيادة الطبيعية في
العالم فهي نسبة عالية جدا .
أخذت زيادة عدد السكان الجزائريين زخما أكبر مع بداية القرن العشرين،
والجدول التالي(رقم )01يوضح النمو الديمغرافي الذي عرفه السكان الجزائريين في هذه
الفترة(.)2
العدد (نسمة) السنة
4072089 1901
4740625 1911
4923186 1921
نالحظ أن الزيادة وصلت مابين 1901م و1911م إلى 668536نسمة ،أما مابين 1911م
و1921م وصلت إلى ،)3(182561أي انخفاض نمو عدد السكان خالل عشر سنوات ب
485975نسمة ،وهذا يعود إلى تجنيد الشباب في الحرب العاملية األولى ،وتعرض الجزائر
إلى أزمة اقتصادية حادة ،بسبب فساد املوسم الزراعي ،نتجت عنه املجاعة ،وبالتالي
موت عدد كبير من السكان .
الجدول التالي(رقم )02يمثل النمو الديمغرافي في الجزائر منذ نهاية الحرب
العاملية األولى إلى اندالع الثورة التحريرية سنة )4( 1954
IBID. P. 321-
2
-Ageron C.R, les Algériens musulmans et la France, OP. CIT .P. 815
3
- Mahfoud Kaddache, Histoire du nationalisme Algérien 1919-
1951.T 1, 2ème édition sned ,Alger 1981.P.11
4
-حممد العريب الزبريي ,اتريخ اجلزائر املعاصرة ,ج,1منشورات احتاد الكتاب العرب ,دمشق ,1999 ,ص 28
243
ISSN : 2353-0472 مجلة الحكمة للدراسات التاريخية
EISSN : 2600-6405 املجلد ،2العدد( ،4جوان)2014
من خالل الجدول نالحظ أن الزيادة بلغت حوالي 2500.000سنويا ،حيث إنه خالل قرن
من الزمن وصل عدد سكان الجزائر إلى 8449332نسمة حسب إحصاء سنة 1954م،
وهذا ما يمثل زيادة قدرها 633933نسمة خالل أقل من قرن 98( ،سنة) منذ تاريخ أول
إحصاء للسكان الجزائريين ( ،)1أي ما يعادل زيادة قدرها %266وهي نسبة مرتفعة جدا
عن تلك النسب التي كانت تعرفها فرنسا،أو بقية دول بلدان العالم،ويمكن إرجاع أسباب
هذه الزيادة إلى عدة أسباب وعوامل أهمها :
-ميل الفرد الجزائري إلى اإلكثار من نسله أو أفراد عائلته إما حبا في التباهي،أو
ملساعدة رب العائلة في العمل.
-األسرة الجزائرية كانت ترى أغلب أطفالها يموتون على فراش املرض ،مباشرة بعد
ميالدهم بسبب األمراض وسوء التغذية ،و هو ما كان يدفعهم إلى إنجاب عشرة
أطفال أو أكثر إلدراكهم بأن أغلبهم سوف لن يقاوم علة املرض ،فبعض العائالت
الجزائرية كانت تحص ي في دفترها العائلي أكثر من سبعة موتى ،وهذا ما كان
يدفعهم دوما إلى اإلنجاب بكثرة.
-الدافع الديني فالدين اإلسالمي شجع على اإلكثار من النسل لقول الرسول صلى
هللا عليه وسلم ":تناكحوا تناسلوا تكاثروا ،فإن مباه بكم األمم يوم القيامة
"،2وهذا ال يعني إطالقا بأن اإلسالم يشجع على اإلنجاب بكثرة من أجل اإلنجاب
فقط ،ولكن ألهداف وأمال أسمى من ذلك .
-هذا في حين يشير الطالب قريش ي محمد في مذكرته إلى فكرة أخرى تتعلق بأسباب
اإلكثار من اإلنجاب لدى الجزائريين تحمل نوعا من الصحة ،وتتلخص أساسا في
طبيعة اإلنسان الجزائري الذي كان يخرج من طلوع الفجر إلى العمل ،وال يعود
إال مع حلول الظالم ،ليتناول عشاءه ،ثم ينام إلى جانب زوجته ليقض ي حاجته
منها ،وهكذا طوال السنة ،بسبب حرمانه من وسائل الترفيه ،فال هو مثقف
ليتصفح جريدة أو كتاب ،وال هو سياس ي ليخوض في معارك السياسة اليومية،
1
-انظر امللحق :تطور عدد السكان العرب يف اجلزائر ,وتطور عدد السكان األوربيني يف اجلزائر
2
-حديث شريف ,رواه الديلمي ,من مسند الفردوس ,اجلزء , 02ص 83
244
ISSN : 2353-0472 مجلة الحكمة للدراسات التاريخية
EISSN : 2600-6405 املجلد ،2العدد( ،4جوان)2014
وليس بمقدوره اقتناء مذياع يلهيه بعض الوقت عن زوجته وهذه العوامل بقيت
نفسها حتى بعد االستقالل(.)1
بالرجوع إلى الجدول ذي الرقم 02السابق نجد أن عدد السكان األوربيين
بالجزائر خالل نفس الفترة يختلف عن تلك التي شهدها السكان الجزائريون ،فقد انطلق
الجزائريون بنسبة أقل من نسبة املواليد لدى األوربيين ،حيث بلغت النسبة 332مولودا
حيا بالنسبة لكل عشرة أالف ساكن سنة 1936م ،لتستقر في حدود 432مولودا سنة
1954م ،وهذه النسبة تعادل ضعف نسبة املواليد األوربية ( ،)2حيث كانت الزيادة
بالنسبة لألوربيين ضعيفة وفي تناقص مستمر ،وباألخص في السنوات األخيرة التي
سبقت اندالع الثورة ،فمعدلها السنوي في سنة 1950م كان ( )1.07لينحدر إلى 0.99في
سنة 1953م وليقدر بعد ذلك في سنة 1954م بنحو %01نسمة ( ،)3وبمقارنة هذه
الزيادة بالزيادة الهائلة لعدد سكان الجزائر في نفس الفترة ندرك مدى التخوفات التي
كانت تراود األوربيين من هذه القوى العددية ،ومن هاجس أن تغمرهم في يوم ما وبين
هذا الفرق في معدل الزيادة عند املجتمعين ما هو أخطر من ذلك على الصعيد الرسمي،و
هو فشل سياسة االستيطان املعتمدة منذ بداية االحتالل وقصورها عن تحقيق
أهدافها ،ويمكن إرجاع ذلك إلى سببين رئيسيين:
-توقف هجرة العناصر األوربية أو الفرنسية إلى الجزائر في حدود سنة 1934م بعد
أن كانت هي العامل الرئيس ي في نسبة الزيادة الكبيرة للعدد فيما بين 1876م
و1911م والبالغة نحو.)4(%54.1
1
-حممد قريشي ,األوضاع االجتماعية ,مرجع سابق ,ص ص 38-37
2
- GENDARME Réne, L'Economie de l'Algérie, sous- développement
et de croissance, 1ére édition, les Capricines ,Paris, France 1960 , P. 120
3
-عبد احلميد زوزو ,حمطات يف اتريخ اجلزائر ,دراسات يف احلركة الوطنية و الثورة التحريرية (على ضوء واثئق
جديدة) ,دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع , 2004 ,ص 311
4
-ميكن ربط ذلك بسياسة االستيطان الرمسي الذي مل يعد يف الواقع بعد سنة 1935م حيظى ابالهتمام ,فقبل سنة
1924م كانت ختصص للمهاجرين من فرنسا ثالث قطع أرضية من بني أربعة عند توزيع األراضي ,فقطعتان من بني
األربعة خالل الفرتة من 1924م إىل 1934م ,فواحدة فقط من بني األربعة بعد هذا التاريخ ,أنظر عبد احلميد
زوزو ,حمطات يف اتريخ اجلزائر ,مرجع سابق ,ص 311
245
ISSN : 2353-0472 مجلة الحكمة للدراسات التاريخية
EISSN : 2600-6405 املجلد ،2العدد( ،4جوان)2014
-ضعف اإلنجاب لدى فرنسيي الجزائر لطبيعة املجتمعات املطورة آنذاك ،حيث
كانت مقتنعة أن قلة عدد أفراد العائلة يمنح الراحة واألمن ويجعل املستوى
املعيش ي راقيا( ،العائلة يتراوح أفرادها مابين 1إلى )3
أما عن نسبة الوفيات فقد كانت مرتفعة في بداية األمر ،ولكن سرعان ما بدأت
تشهد انخفاضا محسوسا بسبب تطور أجهزة الطب الحديث والرعاية الصحية ،ما عدا
فترة الحرب العاملية الثانية التي شهدت ارتفاعا كبيرا في نسب الوفيات ،بسبب الحرب،
والهجرة الخارجية خاصة نحوفرنسا ،ناهيك عن األمراض الخطيرة وسوء التغذية،
والجدول التالي يمثل تطور معدل الوالدات والوفيات وكذا معدل النمو الديمغرافي
بالجزائر من سنة 1900م1955-م()1
1
-مراحل التحول الدميغرايف يف اجلزائر و العوامل املتحكمة فيه ,جملة الباحث ,املدرسة العليا لالساتذة بوزريعة ,
العدد , 00ديسمرب , 2007ص 188
246
ISSN : 2353-0472 مجلة الحكمة للدراسات التاريخية
EISSN : 2600-6405 املجلد ،2العدد( ،4جوان)2014
ارتفاع عدد النساء املتزوجات حيث بلغ عددهن سنة 1954م حوالي 462587امرأة(،)1
أما فيما يخص معدل الوفيات فقد بلغ ذروته مابين 1941م1945-م بسبب الخسائر
البشرية في الحرب العاملية الثانية ،حيث قضت هذه الحرب على الكثير من الجزائريين
الذين جندوا في هذه الحرب ،باإلضافة إلى مجازر 08ماي 1945م التي ذهب ضحيتها
حوالي 45ألف شهيد ،من جهة أخرى نجد استمرار سوء األوضاع املعيشية للمواطنين،
والتي انعكست على صحتهم ،فارتفعت معدالت الوفيات،أما عن معدل النمو الطبيعي،
فقد ظل هو اآلخر منخفضا حتى سنة 1925م ،ليشرع بعدها في االرتفاع ،حيث قدر سنة
1935م بـ %18.1وباستثناء فترة الحرب العاملية الثانية التي شهدت نسبة سالبة()0.2-
نجد املعدل يرتفع من جديد ،حيث قدر سنة 1955م بـ .%26.8
وكنتيجة ملا سبق فقد جعلت كثرة املواليد من الجزائريين بلدا شابا أكثر من
نصف سكانه % 53 ،منهم أقل من 20سنة و % 05فقط كانوا أكثر من 60سنة ،وعليه
فإن 100طفل يقابله حوالي 94شخص فاق العشرين سنة (.)2والجدول التالي (رقم )03
يوضح التركيب العمري للجزائريين مطلع القرن العشرين (:)3
النسبة املئوية العمر
48.9 من الوالدة إلى 19سنة
45.7 من 20إلى 59سنة
5.4 أكثر من 60سنة
من خالل الجدول نالحظ أن سكان الجزائر املسلمين في مطلع القرن العشرين
كان يغلب عليهم فئة الشباب الذين ولدوا بعد انتفاضة املقراني 1871م1872-م،حيث
أن أغلبهم ولدوا في حالة السلم والفقر والجهل باستثناء منطقة بوعمامة ،فهذه الفئة
الشبابية أكثرها ريفية عاشت وضعية الجمود الفكري ،وانعدام تجربتها في املقاومات
الشعبية ضد االحتالل الفرنس ي ،أما الفئة الثانية من 20سنة حتى 59سنة فالذين
1
-مراحل التحول الدميغرايف يف اجلزائر و العوامل املتحكمة فيه ,جملة الباحث ,املدرسة العليا لألساتذة بوزريعة ,
العدد , 00ديسمرب , 2007ص 189
2
- JEANSON, Colette et Francis, L'Algérie hors la loi,2éme édition du
seuil, Paris, France 1955, P. 156
3
-Ageron C.R, OP. CIT .P. 816
247
ISSN : 2353-0472 مجلة الحكمة للدراسات التاريخية
EISSN : 2600-6405 املجلد ،2العدد( ،4جوان)2014
تجاوزوا 40سنة أنهكتهم سنوات الفقر والقهر واملرض ،والذين تجاوزوا 60سنة كان
عددهم قليال بسبب املوت املبكر ،نتيجة الفقر واملرض،كما أن نسبة الذكورة في األعمار
أكثر من األنوثة في املرحلة األولى ،ومتساوية معها في املرحلة الثانية ،وأقل منها في املرحلة
الثالثة ،وهذا ما يؤكد بأن النساء أكثر تعميرا من الرجال ،يقودنا هذا األمر إلى تحديد
أمل الحياة وفرص العيش املتاحة ،فأمل الحياة بالنسبة للجزائري يبلغ 46سنة ،بينما
يبلغ لدى األوربي 64سنة للفرد الواحد ( ،)1لألسباب نفسها التي ذكرناها .
والجدول التالي(رقم 04أ وب) للمجموعتين الجزائرية واألوربية يسهل املقارنة
وهذا حسب إحصاء سنة 1954م 2
1
--شريف سيسبان ,الطاقة البشرية يف اجلزائر واقعها و مشاكلها ,جملة الرائد العريب ,العدد , 18نيسان /ابريل
1962
2
-نفسه
248
ISSN : 2353-0472 مجلة الحكمة للدراسات التاريخية
EISSN : 2600-6405 املجلد ،2العدد( ،4جوان)2014
من خالل الجدول رقم – 4ب -يتبين لنا أن هرم األعمار بالنسبة للسكان الجزائريين
واسع من القاعدة وضيق من األعلى ،وكلما ارتفعت األعمار كلما ضاق الهرم ،بخالف هرم
أعمار األوربيين – الجدول رقم – 4أ – فهو متسع أكثر ش يء في الوسط أي في مرحلة
الرجولة والنضج ،ولهذه الناحية أهميتها ،فلئن كان عدد الشيوخ بالنسبة للسكان
الجزائريين قليال مما يخفف عبء املجتمع ،إال أن كثرة النشء الصغير أقل من عشرين
سنة ،يرهق ميزانية البالد ويبرز مشكلة التعليم ،في الوقت الذي نجد فيه القادرين على
العمل أو الذين يعملون فعال عددهم قليل جدا .
رغم أن كتاب اإلدارة الفرنسية كانوا يرون في هذه الظاهرة (كثرة فئة الشباب)
نتيجة إيجابية لسياسة فرنسا الديمغرافية بالجزائر ،إال أن الواقع يثبت أن هذه
الظاهرة مرتبطة إلى حد كبير بالبؤس وسوء التغذية،كما يذكر "الفريد سوفي " في جريدة
اإلكسبرس في عددها ليوم 1955/02/26م حيث يقول..." :مهما اختلفت نظرة علماء
الديمغرافيا ،فإنهم يتفقون حتما بأن عائلة ما ،لن تحدد عدد أفرادها ،إال إذا خرجت
من البؤس ،ووصلت إلى مستوى ثقافي محترم ،وأدركت وسائل النظافة الصحية
والوقائية ....يجب أن يشهد الوضع االقتصادي ،تطورا أسرع من التطور الديمغرافي
....يجب إبعاد شبح املوت عن الشعب الجزائري ...فالحلول الوسطى ال تنجح إطالقا في
الحد من الظاهرة ،وإنما تعمل على زيادة عدد البؤساء ...يجب التحرك قبل فوات األوان
"()1
1
-حممد قريشي ,األوضاع االجتماعية ,مرجع سابق ,ص 40
249
ISSN : 2353-0472 مجلة الحكمة للدراسات التاريخية
EISSN : 2600-6405 )2014 (جوان،4 العدد،2املجلد
250