Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 32

‫المختصر فى مادة فمه الممارن‬

‫فرلمة الرابعة كلٌة الشرٌعة و المانون شعبة الشرٌعة اإلسالمٌة‬

‫‪2023 – 2024‬‬
‫اب ْاْل َ ْل ِضيَ ِة‬
‫ِكت َ ُ‬
‫‪ ‬تعريف المضاء‬
‫المضاء لغة‬
‫ٌطلك المضاء فً لؽة العرب وٌراد به معان عدة أهمها ‪:‬‬
‫‪ -‬اآلداء ‪ٌ :‬مال‪ :‬لضى فالن دٌنه‪ ،‬أي‪ :‬أداه‪.‬‬
‫ض ٌْنَا ِإلَ ٌْ ِه َذ ِل َن ْاْلَمر﴾ أي‪ :‬بلؽناء إٌاء‪.‬‬ ‫‪ -‬التبلٌػ ‪ :‬ومنه لوله تعالى ‪َ ﴿ :‬ولَ َ‬
‫ت ﴾ أي‪ :‬خلمهن‪.‬‬ ‫س َموا ِ‬ ‫س ْب َع َ‬‫ضا ُه َّن َ‬‫‪ -‬الخلك ‪ :‬ومنه لوله تعالى ‪ ﴿ :‬فَمَ َ‬
‫‪ -‬المدر ‪ٌ :‬مال ‪ :‬لضى فالن اْلمر‪ ،‬أي لدره تمدٌرا‬
‫نت لَاض ﴾ أي‪ :‬اعمل ما أنت عامل‪.‬‬ ‫ض َما أ َ َ‬ ‫‪ -‬العمل ‪ :‬ومنه لوله تعالى‪ ﴿ :‬فَا ْل ِ‬
‫المضاء اصطالحا‬
‫‪ -‬الحنفية ‪ :‬لول ملزم ٌصدر عن والٌة عامة‪.‬‬
‫‪ -‬المالكية ‪ :‬صفة حكمٌة توجب لموصوفها نفوذ حكمه الشرعً ولو بتعدٌل أو تجرٌح ال فً عموم مصالح‬
‫المسلمٌن‪.‬‬
‫‪ -‬ابن رشد و ابن فرحون ‪ :‬اإلخبار عن حكم شرعً على سبٌل اإللزام ‪.‬‬
‫‪ -‬الشافعية ‪ :‬اختلفت عبارات فمهاء الشافعٌة عند تعرٌفهم للمضاء ‪:‬‬
‫لال إمام الحرمين ‪ :‬إظهار حكم الشرع فً الوالعة من مطاع‪.‬‬
‫لال الخطيب الشربيني ‪ :‬فصل الخصومة بٌن خصمٌن فأكثر بحكم هللا تعالى‪.‬‬
‫‪ -‬الحنابلة ‪ :‬اإللزام بالحكم الشرعً وفصل الخصومات‬
‫‪ ‬حكم المضاء وأدلته‬
‫اتفك الفمهاء على مشروعٌة المضاء‬
‫واستدلوا على ذلن بأدلة كثٌرة من الكتاب والسنة واإلجماع‪ ،‬والمعمول ‪:‬‬
‫أوال‪ -‬الكتاب‬
‫اس ِبالحك ﴾‬ ‫ض فَح ُكم بٌَْنَ النَّ ِ‬ ‫لوله تعالى ‪َ ٌَ ﴿ :‬د ُاو ُد ِإنَّا َج َع ْلت َ َن َخ ِلٌفَةً ِفً ْاْل َ ْر ِ‬
‫وجه الداللة ‪ :‬أمر هللا عز وجل نبٌه داود علٌه السالم أن ٌحكم بالناس بالحك‪ ،‬وهذا دلٌل على مشروعٌة‬
‫المضاء‪.‬‬
‫وللعلماء فً الحكم الذي أخذ منه لوالن ‪:‬‬
‫اْلول ‪ -‬مأخوذ من الحكمة التً توجب وضع الشًء فً موضعه‪.‬‬
‫الثانً ‪ -‬مأخوذ من إحكام الشًء‪ ،‬ومنه حكمة اللجام‪ ،‬لما فٌه من اإللزام‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬السنة‬
‫ما روي أن النبً ﷺ حكم بٌن الناس وبعث علٌا إلى الٌمن لٌحكم بٌن الناس‬
‫وجه الداللة ‪ :‬فمد أرسى النبً فً هذا الحدٌث لاعدة هامة وأساسٌة من المواعد التً ٌموم علٌها عماد الدولة‬
‫اإلسالمٌة‪ ،‬وهً لاعدة فرضٌة المضاء‪.‬‬
‫ِّ‬
‫الحك‪َ ،‬و َر ُج ٌل آتَاهُ هللاُ‬ ‫اال فسلطه على هلكته فً‬ ‫َّللاُ َم ً‬ ‫أن النبً ﷺ لال ‪ « :‬ال حسد إال فً اثْنَتٌَ ِْن ‪َ :‬ر ُج ٌل أ َ ْع َ‬
‫طاهُ َّ‬
‫ضً ِب َها َوٌُ َع ِلّ ُم َها »‪.‬‬ ‫ْال ِح ْك َمةَ فَ ُه َو ٌَ ْم ِ‬
‫وجه الداللة ‪ :‬مدح النبً ﷺ الماضً الذي ٌمضً بالحك‪ ،‬وجعل هذه الصفة من الصفات التً ٌحسد علٌها‬
‫العبد‪.‬‬

‫ولد وردت أحاديث تدل على ذم المضاء‪ ،‬وأحاديث أخرى تدل على مدحه‬
‫فالتً تدل على ذمه كثٌرة‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫اس‪ ،‬فمد ذُبِ َح بؽٌر سكٌن »‪.‬‬‫اضٌا بٌَْنَ النَّ ِ‬
‫‪ -۱‬ما روي أن النبً ﷺ لال ‪ « :‬من ُج ِع َل لَ ِ‬
‫ففً الحدٌث ترهٌب شدٌد من تولً المضاء لما فٌه من الخطر العظٌم‪.‬‬
‫ذكر العلماء أن فً تشبٌه المضاء بلذبح بؽٌر سكٌن وجهان ‪:‬‬
‫اْلول ‪ :‬إن السكٌن ٌؤثر فً الظاهر والباطن جمٌعًا‪ ،‬والذبح بؽٌر سكٌن ٌؤثر فً الباطن بإزهاق الروح‪ ،‬ووبال‬
‫المضاء ال ٌؤثر فً الظاهر؛ إذ الظاهر أنه عظمة‪ ،‬إال أن باطنه هالن‬
‫الثانً ‪ :‬إن الذبح بالسكٌن ٌرٌح‪ ،‬وبؽٌرها كالخنك وؼٌره ٌكون اْللم فٌه أكثر‪.‬‬
‫‪ -٢‬ما روي أن النبً ﷺ لال ْلبً ذر ٌا أبا ذر ‪ « :‬إنً أران ضعٌفًا‪ ،‬وإنً أحب لن ما أحب النفسً‪ ،‬ال تولٌن‬
‫مال ٌتٌم‪ ،‬وال تأمرن على اثنٌن »‪.‬‬
‫فمد رهب النبً من الدخول فً المضاء لعظم خطره وأمانته‪.‬‬
‫وأما اْلخبار التً تدل على مدحه فً كثٌرة‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫طاً‪ ،‬فَلَهُ‬‫فاجتَ َه َد فَأ َ ْخ َ‬
‫ان‪ ،‬وإذا حكم‪ْ ،‬‬ ‫اب‪ ،‬فَلَه ُ أ َ ْج َر ِ‬ ‫ص َ‬ ‫‪ -۱‬ما روي عن النبً أنه لال ‪ « :‬إذا حكم ْال َحا ِك ُم‪ ،‬فَ ْ‬
‫اجت َ َه َد‪ ،‬فَأ َ َ‬
‫أ َ ْج ٌر »‪.‬‬
‫‪ -٢‬ما روي أن النبً ﷺ لال ‪ « :‬ال حسد إال فً اثنتٌن‪ ،‬رجل آتاه هللا ماال فسلطه على هلكته فً الحك‪ ،‬ورجل‬
‫آتاه هللا الحكمة فهو ٌمضً بها وٌعلمها »‪.‬‬
‫وللجمع بٌن اْلحادٌث التً تدل على الذم واْلحادٌث التً تدل على المدح ٌمكن المول ‪:‬‬
‫‪ -‬إن اْلخبار التً تدل على ذم المضاء محمولة على من علم من نفسه أنه ال ٌموم بالمضاء إما لجهله‪ ،‬أو‬
‫لملة أمانته‬
‫‪ -‬واْلخبار التً تدل على المدح محمولة على من علم من نفسه المٌام بالمضاء لعلمه وأمانته‪.‬‬
‫اس‬‫اض ٌَان فً النار ‪ :‬لاض ٌمضً فً النَّ ِ‬ ‫ضاة ُ ثَالثَةٌ ‪ :‬لَ ِ‬ ‫والدلٌل على صحة ذلن ما روي أن النبً ﷺ لال ‪ْ « :‬المُ َ‬
‫ضً‬ ‫اض ٌَ ْم ِ‬ ‫ار‪َ ،‬ولَ ِ‬ ‫ك‪ ،‬فَ َه َذ ِ‬
‫ان فً النَّ ِ‬ ‫ضً ِب َؽٌ ِْر ْال َح ّ ِ‬‫ع َملَهُ َو ٌَ ْم ِ‬
‫اض ٌَتْ ُرنُ َ‬ ‫ض‪َ ،‬ولَ ِ‬ ‫ِب َؽٌ ِْر ِع ْل ٍم‪َ ،‬وٌ َُو َّك ْل َب ْع َ‬
‫ض ُه ْم َما َل َب ْع ٍ‬
‫ب هللاِ تَعَالَى‪ ،‬فَ ُه َو فً ْال َجنَّ ِة »‪.‬‬ ‫بِ ِكتَا ِ‬
‫ثالثا ‪ -‬اإلجماع‬
‫حٌث أجمع المسلمون على مشروعٌة نصب المضاة والحكم بٌن الناس‪.‬‬
‫رابعا ‪ -‬المعمول‬
‫إن الظلم من شٌم النفوس وطبع العالم وبالتالً كان ال بد من وجود حاكم ٌنصؾ المظلوم من الظالم‪ ،‬وال ٌكون‬
‫ذلن إال بنضب المضاة‪.‬‬
‫‪ ‬حكم طلب المضاء‬
‫ذكر العلماء أن طلب المضاء تعترٌه اْلحكام التكلٌفٌة الخمسة‪ ،‬بعد أن ذكروا أن أصله الجواز‪ ،‬وتفصٌل‬
‫ذلن على النحو التالً ‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬الوجوب‬
‫ٌكون المضاء واجبًا على الشخص إذا كان من أهل العلم والعدالة‪ ،‬أي ٌكون مستحما للمضاء‪ ،‬وال ٌوجد‬
‫فً البلد لاض‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬المباح‬
‫ٌكون طلب المضاء مبا ًحا إذا كان الرجل من أهل االجتهاد‪ ،‬وكان فمٌرا وله عٌال‪ ،‬فٌجوز له طلبه لسد‬
‫حاجته‪ ،‬أٌضا ٌباح له طلبه إن كان رفضه ٌؤدي إلى إلحاق الضرر به‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬المستحب‬
‫ٌكون طلب المضاء مستحبا إذا كان من أهل االجتهاد والعلم إال أنه خامل الذكر ال ٌعرفه الناس‪ ،‬وال‬
‫ٌأخذون من علمه‪ ،‬وٌرٌد اإلمام أن ٌشهره بوالٌة المضاء لٌعلم الناس‪ ،‬أو كان ال ٌعرفه اإلمام‪ ،‬فأراد السعً فً‬
‫المضاء لٌعرؾ علمه‪.‬‬
‫رابعا ‪ -‬الكراهة‬
‫ٌكره للشخص الدخول فً المضاء وطلبه إذا كان الؽرض من ذلن طلب الجاه واالستعالء على الناس‪.‬‬
‫مشهورا وال ٌحتاج أن ٌشهر‬ ‫ً‬ ‫وكذلن إذا كان الشخص ؼنٌا ولٌس فً حاجة ْلخذ الرزق على المضاء‪ ،‬أو كان‬
‫نفسه وعلمه بالمضاء‪.‬‬
‫خامسا ‪ -‬الحرام‬
‫ٌكون طلب المضاء حراما اذا كان وهو جاهل ال تتوافر فٌه أهلٌة المضاء‪ ،‬أو كان من أهل العلم إال أنه‬
‫متلبس بما ٌوجب فسمه‪ ،‬أو كان لصده بالوالٌة االنتمام من أعدابه‪ ،‬أو لبول الرشوة من الخصوم‪.‬‬
‫‪ ‬أركان المضاء‬
‫اْلول ‪ -‬الماضي وهو الذى ٌعٌن من لبل ولً اْلمر ‪ -‬الدولة ‪ -‬للفصل الخصومات ْلن السلطان ال ٌستطٌع أن‬
‫ٌموم بكل شًء‪.‬‬
‫الثاني ‪ -‬الحكم وهو ما ٌصدر عن الماضً لمطع الخصومة وهو ٌكون ‪ -‬أي الحكم –‬
‫‪ -‬إما بإلزام المحكوم علٌه بكالم نطك به الماضً‪ ،‬كأن ٌمول له الماضً حكمت علٌن بكذا‪ ،‬وهذا ٌسمى‬
‫لضاء إلزام أو استحماق بالفعل‪.‬‬
‫‪ -‬وإما أن ٌكون هذا الحكم بمنع الحاكم المنازعة‪ ،‬بموله للمدعى‪ :‬لٌس لن حك لبل خصمن بعد عجزن‬
‫عن اإلثبات وحلؾ المدعى علٌه‪ ،‬وهذا ٌسمى لضاء الترن‪.‬‬
‫الثالث ‪ -‬المحكوم به وهو‬
‫‪ -‬فً لضاء اإللزام واالستحماق ما ألزم به الماضً المحكوم علٌه من إٌفاء المدعى حمه‪،‬‬
‫‪ -‬فً لضاء الترن عبارة عن ترن المدعى المنازعة‪.‬‬
‫الرابع ‪ -‬المحكوم عليه هو الشخص الذي ٌصدر ضده الحكم‬
‫الخامس ‪ -‬المحكوم له وهو المدعى بحك له خالصا‪ ،‬بأن الحك الذي ٌتعلك بالعباد إما أن ٌكون حما خالصا لهم‪،‬‬
‫وإما أن ٌكون حما ٌشترن فٌه حك العبد وحك هللا تعالى‪.‬‬
‫السادس ‪ -‬كيفية المضاء‪.‬‬

‫اب ْاْل َ َو َل‬


‫ا ْلبَ ُ‬
‫فِي َم ْع ِرفَ ِة َم ْن يَ ُج ُ‬
‫وز لَ َ‬
‫ضا ُؤهُ‬
‫‪ ‬التمييز بين الفتيا والمضاء‬
‫الفتوى لغة هً الجواب عما ٌشكل من المسابل الشرعٌة‪ٌ ،‬مال ‪ :‬أفتاه فً اْلمر‪ ،‬أبانه له والفتٌا والفتوى ما‬
‫أفتى به الفمٌه‪.‬‬
‫الفتوى اصطالحا هً تبٌٌن الحكم الشرعً للسابل عنه واإلخبار بال إلزام ‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬أوجه االتفاق بين الفتوى والمضاء‬
‫‪ٌ -۱‬تفك المضاء مع الفتوى فً الؽرض من كل منهما‪ ،‬هو تبٌٌن الحكم الشرعً‪.‬‬
‫‪ -٢‬أهمٌة كل من منصبً الفتوى والمضاء‪ ،‬حٌث أنزل العلماء الفتوي و المضاء منزلة رفٌعة‪.‬‬
‫‪ٌ -۳‬تفك المضاء واإلفتاء فً أن كال منهما فرض كفاٌة‪ ،‬مع التشدٌد على التروي والتثبت‪.‬‬
‫‪ٌ- ٤‬حرم على المفتً أن ٌتساهل فً فتواه‪ ،‬وكذلن ٌحرم على الماضً أن ٌتساهل فً حكمه ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬أوجه االختالف بين الفتوى والمضاء‬
‫‪ -۱‬صفة اإللزام‪ ،‬فحكم الماضً ملزم للمتخاصمٌن وٌملن الماضً إجبار الخصوم على تنفٌذه‪ ،‬أما الفتوى ؼٌر‬
‫ملزم‪.‬‬
‫‪ -٢‬نطاق اإلفتاء أوسع من نطاق المضاء‪ ،‬فالفتوى شرٌعة عامة تتعلك بالمستفتً وؼٌره‪ ،‬أما المضاء فهو خاص‬
‫بالخصوم فمط‪.‬‬
‫‪ٌ -۳‬عتمد الماضً فً حكمه على وسابل اإلثبات الشرعٌة من بٌنة وإلرار وما إلى ذلن‪ ،‬أما المفتً فال اعتماد‬
‫له على الحجج وإنما ٌعتمد على اْلدلة وحدها‪.‬‬
‫‪ -٤‬ال تجوز الهدٌة للماضً‪ ،‬بخالؾ المفتً‪ ،‬فالهدٌة له جابزة‪.‬‬

‫‪ ‬الشروط التي ينبغي توافرها في الماضي‬


‫‪ -‬العمل (إتفالا) ‪ -‬الحرٌة (إتفالا) ‪ -‬الذكور (فٌه خالؾ)‬ ‫‪ -‬اإلسالم (إتفالا) ‪ -‬البلوغ (إتفالا)‬
‫‪ -‬االجتهاد (فٌه خالؾ)‬ ‫‪ -‬العدالة (فٌه خالؾ)‬
‫‪ ‬اشتراط اإلسالم في الماضي‬
‫اتفك الفمهاء على أنه ٌشترط فً الماضً أن ٌكون مسلما‪.‬‬
‫‪ ‬اشتراط الحرية في الماضي‬
‫اتفك الفمهاء على أنه ٌشترط فً الماضً أن ٌكون حرٌة‪ ،‬الختفاء الرق وعدم وجوده‪.‬‬
‫‪ ‬اشتراط التكليف في الماضي‬
‫اتفك الفمهاء على أنه ٌشترط فً الماضً أن ٌكون بالؽا عالال‪.‬‬
‫وٌدل على اشتراط التكلٌؾ فً الماضً ما ٌلً ‪:‬‬
‫‪ -‬ما روي عن النبً هللا أنه لال ‪ " :‬رفع الملم عن ثالثة عن الصبً حتى ٌعمل‪ ،‬وعن النابم حتى ٌستٌمظ‪،‬‬
‫وعن المجنون حتى ٌفٌك "‬
‫‪ -‬إن الصبً والمجنون ومن فً حكمهما لولهما ؼٌر معتد به النفسٌهما‪ ،‬فال ٌعمل أن ٌنفذ لولهما على‬
‫ؼٌرهما‪.‬‬
‫وال ٌشترط أن ٌبلػ الماضً سنا معٌنة بل الشرط هو البلوغ‪ ،‬فإذا كان الشخص بالؽا وتوفرت فٌه بمٌة الشروط‬
‫اْلخرى فهو صالح لتولً هذا المنصب حتى ولو كان حدٌث السن‪.‬‬
‫‪ ‬اشتراط العدالة في الماضي‬
‫‪ ‬تعريف العدالة‬
‫العدالة لغة ‪ :‬هً االستمامة‪ ،‬ولال الجرجانً ‪ :‬العدالة عبارة عن االستمامة على طرٌك الحك باالجتناب عما هو‬
‫محظور دٌنا‪.‬‬
‫العدالة اصطالحا ‪ :‬هً محافظة دٌنٌة تحمل على مالزمة التموى والمروءة لٌس معها بدعة‪ ،‬وتتحمك باجتناب‬
‫الكبابر‪ ،‬وترن اإلصرار على الصؽابر وبعض المباح والبد أن تتوافر العدالة عند منافسة اْلؼراض‪.‬‬
‫‪ ‬حكم تولية الفاسك منصب المضاء‬
‫اختلؾ الفمهاء فً حكم تولٌة الفاسك منصب المضاء على ثالثة ألوال ‪:‬‬
‫المول اْلول ‪ :‬ذهب جمهور المالكية‪ ،‬والشافعية والحنابلة إلى عدم جواز تولٌة الفاسك منصب المضاء‬
‫واستدلوا بما ٌلً ‪:‬‬
‫صٌبُوا لَ ْو ًما بجهالة ﴾‬ ‫‪ -۱‬لوله تعالى ‪ٌ ﴿:‬اأ ٌَُّ َها الَّذٌِنَ ا َمنُوا إِن َجا َء ُك ْم فَا ِس ٌك ِبنَا فَت َ َبٌَّنُوا أَن ت ُ ِ‬
‫إن هللا أمر بالتبٌٌن عند لوله‪ ،‬وبالتالً فهو ؼٌر موثوق فً لوله‪ ،‬وال ٌجوز تولٌته المضاء‪.‬‬
‫‪ -٢‬ما روي عن أبً هرٌرة أن الرسول ﷺ لال ‪ " :‬أ َ ِذ ْاْل َ َمانَةَ ِإلَى َمن بتَ َمتَ َن‪َ ،‬و َال تَ ُخ ُن َم ْن خَان ََن "‪.‬‬
‫إن ؼٌر المادر على تحمل اْلمانة ال ٌحملها‪ ،‬والفاسك لٌس أهال لذلن‪ ،‬لعدم توفر أهلٌة المضاء فٌها‬
‫المول الثاني ‪ :‬ذهب الحنفية إلى جواز تولٌة الفاسك للمضاء بالضرورة‪ ،‬معتبرٌن العدالة شرط كمال وأفضلٌة‪،‬‬
‫وذلن كما إذا لم ٌتوفر العادل‪ ،‬فهنا إذا تولى المضاء فاسك‪ ،‬صحت والٌته‪ ،‬لتعذر وجود العدل‪.‬‬
‫واستدل أصحاب هذا المذهب بمٌاس المضاء على الشهادة‪.‬‬
‫المول الثالث ‪ :‬يرى اإلمام أحمد أن شروط المضاء تعتبر حسب اإلمكان‪ ،‬وٌجب تولٌة اْلمثل فاْلمثل‪ ،‬وبناء‬
‫على هذا ٌولى للعدم أنفع الفاسمٌن وأللهم شرا‪.‬‬
‫واستدل أصحاب هذا المذهب بما ٌلً ‪:‬‬
‫صٌبُوا لَ ْو ًما ٌجهالة ﴾‪.‬‬ ‫‪ -۱‬لوله تعالى ‪ٌَ ﴿ :‬أٌَُّ َها الَّذٌِنَ ا َمنُوا ِإن َجا َء ُك ْم فَا ِس ٌك ِبنَا فَت َ َبٌَّنُوا أَن ت ُ ِ‬
‫إن هللا أمر بالتبٌٌن عند لول الفاسك‪ ،‬وال ٌجوز أن ٌكون الحاكم ممن ال ٌمبل لوله‪ ،‬وٌجب التبٌٌن عند حكمه‬
‫‪ -٢‬إن الفاسك ؼٌر أهل للشهادة عنده‪ ،‬وبالتالً فلبال ٌكون لاضٌا أولى‪.‬‬

‫تنبيه ‪:‬‬
‫‪ -‬لفظ المذهب عند المالكٌة أطلمه متأخروا المالكٌة على ما علٌه الفتوى فً المذهب‪.‬‬
‫‪ -‬لفظ الماضً إذا أطلك عند المالكٌة فالمراد به الماضً عبد الوهاب البؽدادي صاحب التألٌؾ المشهورة‪،‬‬
‫وعند الشافعٌة إذا أطلك الماضً فً كتب الخرسانٌٌن فالمراد به أبو علً حسٌن المروذي‪ ،‬وإذا أطلك‬
‫فً كتب متوسطً العرالٌٌن فالمراد به الماضً أبو حامد المروذي‪ ،‬وعند متمدمً الحنابلة فٌراد به‬
‫الماضً أبو ٌعلى دمحم بن الحسٌن بن الفراء‪ ،‬أما المتأخرون كصاحب اإللناع والمنتهى ومن بعدهما‬
‫فٌطلمون لفظ الماضً وٌرٌدون به الماضً عالء الدٌن المرداوي‪.‬‬

‫‪ ‬اشتراط االجتهاد في الماضي‬


‫‪ ‬تعريف االجتهاد‬
‫االجتهاد لغة ‪ -‬افتعال من الجهد ‪ -‬بفتح الجٌم وضمها – وهو استنفاد الجهد فً طلب الشًء المرؼوب إدراكه‪،‬‬
‫وهو بذل الوسع والمجهود‪.‬‬
‫االجتهاد اصطالحا ‪ -‬لال الؽزالً ‪ :‬هو بذل المجتهد وسعه فً طلب العلم بأحكام الشرٌعة‪.‬‬
‫‪ ‬اختلف الفمهاء في مدى اشتراط االجتهاد فيمن يتولي منصب المضاء ‪:‬‬
‫المول اْلول ‪ :‬ذهب جمهور الفمهاء من المالكية والشافعية والحنابلة‪ ،‬ودمحم من الحنفية إلى اشتراط االجتهاد‬
‫فً الماضً؛ بل أجازوا فً حالة الضرورة تولٌة المملد‪ ،‬أو مجتهد المذهب إذا لم ٌوجد ؼٌره ‪.‬‬
‫المول الثاني ‪ :‬ذهب جمهور الحنفية‪ ،‬وبعض المالكية‪ ،‬والزيدية إلى أن االجتهاد لٌس شرطا فً تولٌة‬
‫الماضً‪ ،‬بل ٌجوز تولٌة ؼٌر المجتهد‬
‫وبالتالً ٌجوز عندهم تولٌة الجاهل والمملد والممصود بالجاهل عندهم من ال ٌَ ْمد ُِر على أخذ المسابل من‬
‫كتب الفمه وضبط ألوال الفمهاء‪.‬‬
‫‪ -‬أدلة المول اْلول‬
‫أوال – الكتاب‬
‫اس ِبالحك ﴾ ‪ ،‬ولوله تعالى ‪( :‬وأن أحكم َب ٌْ َن ُهم‬ ‫اح ُكم َبٌْنَ النَّ ِ‬
‫ض فَ ْ‬ ‫لوله تعالى ‪َ ٌَ ﴿ :‬د ُاوو ُد ِإنَّا َج َع ْلن َن َخ ِلٌفَةً ِفً ْاْل َ ْر ِ‬
‫اس َما نَزَ َل إِلَ ٌْ ِه ْم َولَعَلَّ ُه ْم ٌَتَفَ َّك ُرونَ ﴾‬ ‫َّللاُ ﴾‪ ،‬ولوله تعالى ‪َ ﴿ :‬وأَنزَ ْلنَا إِلٌَ َْن الذِّكر اتبَ ٌِّنَ ِللنَّ ِ‬ ‫بِ َما أَنزَ َل َّ‬
‫وجه الداللة ‪ :‬أمر هللا فً اآلٌات السابمة الحاكم أن ٌحكم بالعدل وبالحك وبما أنزل هللا والمملد والجاهل ال‬
‫ٌمدران على النظر فً الكتاب والسنة الستنباط اْلحكام‪ ،‬وإنما المجتهد هو المادر على ذلن‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬من السنة‬
‫ض‪،‬‬ ‫ض ُه ْم َما َل بَ ْع ٍ‬ ‫اس بِ َؽٌ ِْر ِع ْل ٍم‪َ ،‬وٌ َُو َّك ُل بَ ْع َ‬ ‫ضً فً النَّ ِ‬ ‫اض ٌَ ْم ِ‬ ‫ار‪ :‬لَ ِ‬ ‫ان فً النَّ ِ‬ ‫اضٌَ ِ‬ ‫ضاة ُ ث َ َالثَةٌ ‪ :‬لَ ِ‬ ‫لول النبً ﷺ ‪ ":‬المُ َ‬
‫ضً بكتاب هللاِ ت َ َعالَى‪ ،‬فَ ُه َو ِفً ْال َجنَّ ِة "‪.‬‬ ‫اض ٌَ ْم ِ‬
‫ار‪َ ،‬ولَ ِ‬ ‫ان فً النَّ ِ‬ ‫ضً ِب َؽٌ ِْر ْال َح ّ ِ‬
‫ك‪ ،‬فَ َه َذ ِ‬ ‫اض ٌَتْ ُرنُ َع َملَهُ َوٌَ ْم ِ‬‫َولَ ِ‬
‫أوضح النبً أن الماضً الذي ٌمضً بكتاب هللا مصٌره الجنة‪ ،‬وال ٌتمكن الماضً من ذلن إال ذا كان مجتهدا‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬المياس على الفتوى‬
‫فمالوا ‪ :‬إن الحكم أكد من الفتٌا‪ْ ،‬لنه فتٌا وإلزام‪ ،‬كما أن المفتً ال ٌجوز أن ٌكون عامًٌا مملدا فالحكم أولى‪،‬‬
‫وبالتالً فمن لم ٌجز أن ٌكون مفتٌا لم ٌجز أن ٌكون لاضٌا من باب أولى‬
‫المنالشة‬
‫ٌنالش االستدالل بالمٌاس على المفتً والعامً بأن العامً مضطر والحاكم ؼٌر مضطر‪ ،‬كما أن العامً ٌلتزمه‬
‫فً حك نفسه‪ ،‬والحاكم ٌوجبه على ؼٌره ‪.‬‬
‫‪ -‬أدلة المول الثاني‬
‫اوال ‪ -‬السنة‬
‫ون َب ٌْ َن ُه ْم‬‫ٌِث السن‪ ،‬لَا َل‪ :‬لُ ْلتُ ‪ :‬ت َ ْب َعث ُ ِنً ِإلَى لَ ْو ٍم ٌَ ُك ُ‬ ‫سو ُل هللاِ ﷺ ِإلَى ْالٌَ َم ِن َوأَنَا َحد ُ‬ ‫ع ِلً‪ ،‬لَا َل ‪ :‬بَ َعث َ ِنً َر ُ‬ ‫ع ْن َ‬ ‫ما روى َ‬
‫اء َب ٌْنَ اثْ َنٌ ِْن بعد‬ ‫سان ََن‪َ ،‬وٌُثبت للبن‪َ ،‬لا َل‪ :‬فما شك ْكتُ فًِ لَ َ‬
‫ض ِ‬ ‫س ٌَ ْهدِي ِل َ‬ ‫اء؟ لَا َل‪ِ :‬إ َّن َ‬
‫هللا َ‬ ‫ض ِ‬‫أحداث‪َ ،‬وال ِع ْل َم ِلً ِب ْالمَ َ‬
‫وجه الداللة ‪ :‬دل هذا الحدٌث على أن االجتهاد لٌس بشرط حٌث إن الرسول بعث علٌا إلى الٌمن للمضاء‪،‬‬
‫ولم ٌكن علٌا آنذان مجتهدا بشهادته على نفسه‪ ،‬حٌث لال ‪ :‬وال علم لً بالمضاء‪.‬‬
‫المنالشة‬
‫ولد نالش ابن الهمام االستدالل بحدٌث بعث النبً علٌا إلى الٌمن لابال ‪ " :‬االستدالل على تملٌد المملد بتملٌد‬
‫النبً علٌا الٌمن‪ ،‬ولم ٌكن مجتهدا فلٌس بشا‪ ،‬فإنه له دعا له بأن ٌهدي هللا للبه‪ ،‬وٌثبت لسانه‪ ،‬فإنه بهذا الدعاء‬
‫رزق أهلٌة االجتهاد فال إشكال‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬المعمول‬
‫استدلوا بمولهم ‪ :‬إن الؽرض من نصب الماضً أن ٌفصل فً الخصومات‪ ،‬فإذا أمكنه ذلن بعلم ؼٌره‪ ،‬بأن‬
‫ٌرجع إلى فتوى ؼٌره من العلماء جاز لضاؤه‪ ،‬كما ٌحكم بمول الممومٌن فً اْلمور التً تحتاج إلى تموٌم‬
‫الخبراء‪.‬‬
‫المنالشة‬
‫نولش هذا الدلٌل بأن الؽرض من نضب الماضً لٌس هو المضاء على أي وجه كان‪ ،‬وإنما المضاء على وجه‬
‫الكمال‪ ،‬وهذا ال ٌتحمك إال إذا توافرت فً الماضً صفة االجتهاد ‪.‬‬
‫المول الراجح‬
‫بعد عرض ألوال الفمهاء وأدلتها فً هذه المسألة ٌتضح أن المول باشتراط االجتهاد المطلك فً الماضً ٌعد‬
‫أمرا لٌس بالٌسٌر‪ ،‬وبالتالً ٌنبؽً فً هذا الممام االلتصار على اشتراط كون من ٌرٌد منصب المضاء عالما‬ ‫ً‬
‫باْلحكام الشرعٌة‪.‬‬

‫‪ ‬متطلبات االجتهاد المشترط في الماضي‬


‫‪ -۱‬أن ٌكون عارفا من المرآن والسنة ما ٌتعلك باْلحكام‪ ،‬وال ٌشترط أن ٌكون حافظا لآلٌات الكرٌمة‪ ،‬أو‬
‫اْلحادٌث الشرٌفة عن ظهر للب‪.‬‬
‫‪ -٢‬أن ٌكون عارفا بلسان العرب لؽة ونحوا وصرفا وبالؼة‪ْ ،‬لنه ال بد منها فً فهم الكتاب والسنة‪.‬‬
‫‪ -۳‬أن ٌعرؾ ألوال العلماء من الصحابة ومن بعدهم‪ ،‬إجماعا واختالفا‪.‬‬
‫‪ -٤‬أن ٌكون عارفا بالمٌاس وشرابطه‪ ،‬وأنواعه‪ ،‬فٌعرؾ المٌاس الجلً و المٌاس المساوي و المٌاس اْلدنى‪.‬‬
‫‪ ‬اشتراط الذكورة في الماضي‬
‫اختلف الفمهاء في حكم تولية المرأة منصب المضاء ‪:‬‬
‫المول اْلول ‪ :‬ذهب الجمهور عدم جواز تولً المرأة المضاء مطلما‪.‬‬
‫المول الثاني ‪ :‬ذهب الحنفية ٌجوز أن تكون المرأة لاضٌا فً اْلموال‪.‬‬
‫المول الثالث ‪ :‬ذهب اإلمام أبو جعفر دمحم بن جرير بن يزيد الطبر ٌجوز أن تكون المرأة لاضٌا على‬
‫اإلطالق‪.‬‬

‫‪ ‬اختلف الفمهاء في تولية اْلعمى منصب المضاء‬


‫‪ -‬فالصحيح في مذهب الشافعية أنه ال ٌجوز تملٌد اْلعمى منصب المضاء‪،‬‬
‫‪ -‬وحكى الجرجاني لوال لدٌما بعٌدًا أنه ٌصح تولٌته‪ ،‬حتى لٌل ‪ :‬إن ابن أبً عصرون لاضً لضاة الشام‬
‫عمً فً آخر عمره‪ ،‬واستمر لاضٌا‪ ،‬وألؾ كتابا فً جواز لضاء اْلعمى باسم " رسالة فً نفً لضاء‬
‫اْلعمى وجوازه‪".‬‬
‫واستدلوا بما روي أن النبً ﷺ استخلؾ ابن أم مكتوم على الصالة وؼٌرها من أمور المدٌنة‪.‬‬
‫الجواب‬
‫بالنسبة الستخالؾ ابن أم مكتوم فمد أجاب المانعون لوالٌة اْلعمى باحتمال أنه استخلفه فً اْلمور العامة من‬
‫الحراسة وما ٌتعلك بها‪ ،‬ال فً خصوص الحكم‬
‫‪ -‬ويرى المالكية أنه ال ٌجوز تولٌة اْلعمى واْلصم واْلبكم‪ ،‬وإن حكم واحد منهم نفذ حكمه‪ْ ،‬لن هذه‬
‫الخصال لٌست مشترطة فً صحة والٌة المضاء‪ ،‬إال أن عدمها ٌوجب فسخ الوالٌة‪ ،‬فإن ولً المضاء‬
‫من لم تجتمع فٌه هذه الخصال‪ ،‬وجب عزله‪ ،‬ونمض كل ما مضى من أحكامه‪.‬‬
‫‪ -‬ويرى الشافعية أيضا أن فمد هذه الخصال ال ٌوجب التولٌة وال ٌجٌزها‪ ،‬أما إذا أصاب هذه الحواس‬
‫ضعؾ‪ ،‬صحت التولٌة؛ ْلن اْلصم ال ٌفرق بٌن اإللرار واإلنكار‪ ،‬واْلعمى ال ٌعرؾ الطالب من‬
‫المطلوب‪ ،‬وخرج باْلعمى اْلعور‪ ،‬فإنه ٌصح تولٌته‪ ،‬وكذا من ٌبصر بالنهار فمط دون اللٌل‪.‬‬

‫‪ ‬حكم بذل الماضي الرشوة ولبولها‬


‫أوال ‪ -‬دفع الرشوة لتولي منصب المضاء‬
‫من المتفك علٌه بٌن العمالء أن الرشوة هً الداء العضال الذي إذا أصٌب به المجتمع المتمدم الرالً صار‬
‫مجتمعا ٌحتل مكانة هابطة‬
‫‪ ‬حكم المضاء مع وجود الرشوة‬
‫بتتبع ما ورد الفمهاء فً هذه المسألة ٌتضح أن الماضً الذي ٌتم تعٌٌنه عن طرٌك الرشوة تعد تولٌته‬
‫باطلة‪ ،‬وال ٌصلح أن ٌكون لاضٌا‪.‬‬
‫ويرى الحنفية أن الماضً إذا عٌن بطرٌك الرشوة فإن والٌته ال تنعمد وتعتبر باطلة‪ ،‬ولو لضى فإن أحكامه‬
‫تعتبر ؼٌر نافذة ‪.‬‬
‫وٌرى المالكٌة أن الماضً اذا عٌن بطرٌك الرشوة فإن والٌته ال تنعمد‪ ،‬وإن ولً وحكم فإن أحكامه ترد وال‬
‫ٌجوز لبولها‪ ،‬حتى ولو جاءت موافمة للحك‪.‬‬
‫ويرى الماورد الشافعي أن من دفع رشوة لٌعٌن فً منصب المضاء‪ ،‬فإن حاله ال ٌخلو من ثالثة ألسام ‪:‬‬
‫‪ -‬المسم اْلول ‪ :‬أن ٌكون المضاء واجبًا علٌه‪ ،‬كما إذا لم ٌكن هنان من ٌصلح للمضاء ؼٌره‪ ،‬أو ٌكون مستحبا‬
‫لٌخلص الناس من ظلم لاض آخر‪ ،‬فإن دفع الرشوة فً هذه الحالة ٌجوز له‪ ،‬وٌحرم على من أخذها‪.‬‬
‫‪ -‬المسم الثانً ‪ :‬أن ٌكون طلبه محظورا أو مكروها‪ ،‬فدفعه الرشوة فً هذه الحالة لٌتولى المضاء ممنوع‬
‫ومكروه بحسب حال الطلب‪.‬‬
‫‪ -‬المسم الثالث ‪ :‬أن ٌكون طلبه للمضاء مباحا‬
‫‪ -‬فإذا كان دفع الرشوة بعد التعٌٌن فالحرمة على الذي دفعت له الرشوة لمول النبً ﷺ ‪َ " :‬ه َدا ٌَا ْاْل َ ْم َراء‬
‫ؼلُو ٌل "‪،‬‬‫ُ‬
‫‪ -‬وإن كان َد ْف ُع الرشوة لبل التعٌٌن فالحرمة على االثنٌن الدافع واْلخذ فمد ثبت أن النبً ﷺ ‪ " :‬لعن‬
‫الرا ِشً َو ْال ُم ْرت َ ِشً"‪.‬‬
‫َّ‬
‫ثانيا ‪ :‬لبول الرشوة من الخصوم‬
‫الرشوة ‪ :‬هً المال المبذول للؽٌر من محك لٌحصل على حمه‪ ،‬أو مبطل لٌحصل على حك ؼٌره مع شرط ذلن‪.‬‬
‫وبذل الرشوة وكذلن أخذها أمر حرمته الشرٌعة اإلسالمٌة‬
‫أدلة تحريم الرشوة‬
‫اض ِمن ُكم ﴾ حٌث‬ ‫ارة ٌ َ‬
‫عن ت َ َر ٍ‬ ‫لوله تعالى ‪ٌ ﴿ :‬أٌَُّ َها الَّذٌِنَ َءا َمنُوا َال تَأ ْ ُكلُوا أ َ ْم َولَ ُكم بَ ٌْنَ ُكم بِ ْالبَ ِ‬
‫اط ِل ِإ َّال أَن تَ ُكونَ ِت َج َ‬
‫ورد النهً فً اآلٌة عن أكل أموال الناس بالباطل‪ ،‬ولٌس هنان من باطل أشد من أكل اْلموال عن طرٌك‬
‫الرشوة‪.‬‬
‫ولهذه الرشوة صور‪:‬‬
‫‪ -‬أن ٌأخذها الحاكم لٌحكم بؽٌر الحك‪ ،‬وهذا هو منتهى الفساد والضالل ْلنه بذلن ٌخالؾ ممتضٌات‬
‫وظٌفته والتكالٌؾ الشرعٌة المنوطة به‬
‫‪ -‬أن ٌأخذها الحاكم لٌماطل فً الحكم‪ ،‬أو لٌمتنع عنه‪ ،‬وفً هذا أٌضا ً من الفساد ما فٌه؛ ْلنها إعانة للظالم‬
‫على توطٌد دعابم ظلمه‪.‬‬
‫‪ -‬أن ٌأخذ الحاكم الرشوة إلٌصال الحك إلى مستحمه‪ ،‬ودفع الظلم والضرر عنه‪،‬‬
‫الرا ِشً َو ْال ُم ْرت َ ِشً "‪.‬‬ ‫‪ -٢‬ما ثبت أن النبً ﷺ ‪ " :‬لَ َعنَ َّ‬

‫ولكن إذا بذل الماضي رشوة لتولي المضاء‪ ،‬فما هو مصير اْلحكام التي حكم بها؟‬
‫اختلؾ الفمهاء فً ذلن على ثالثة ألوال ‪:‬‬
‫المول اْلول ‪ٌ :‬رى أن الماضً إذا لبض رشوة أو تولى المضاء عن طرٌك الرشوة فأحكامه صحٌحة نافذة‪ ،‬وال‬
‫ٌجوز إبطالها‪ ،‬وهو لول ضعيف في مذهب الحنفية لال به البزدو ‪ ،‬والكمال بن الهمام‬
‫الدلٌل ‪ :‬أن الماضً إذا أخذ الرشوة فإنه ٌصٌر فاسما‪ ،‬ومن مذهبهم أن الفسك ال ٌوجب عزل الماضً‪،‬‬
‫وبالتالً فوالٌته لابمة ولضاؤه ٌنفذ؛ ْلنه لضاء بحك‪.‬‬
‫المول الثاني ‪ٌ :‬رى أن أحكام الماضً التً ارتشى فٌها باطلة‪ ،‬حتى ولو حكم بالحك‪ ،‬وهو لول السرخسي‬
‫وابن نجيم‪.‬‬
‫الدلٌل ‪ :‬بأن الماضً إذا ارتشى فهو عامل لنفسه‪ ،‬بمعنى أنه حكم لنفسه من حٌث المضمون‪ ،‬وحكم الحاكم‬
‫لنفسه باطل‪.‬‬
‫المول الثالث ‪ :‬إن أحكام الماضً المرتشً ؼٌر نافذة كلها‪ ،‬سواء هً التً ارتشى بسببها أم ال‪ ،‬وهو لول اإلمام‬
‫أبي حنيفة‪ ،‬حٌث نمل عنه لوله ‪ :‬لو لضى الماضً زمانا بٌن الناس‪ ،‬ثم علم أنه مرتش ٌنبؽً للماضً الذي‬
‫ٌختصمون إلٌه أن ٌبطل كل لضاٌاه‪.‬‬

‫‪ ‬تعدد المضاة‬
‫ذهب المالكية إلى أنه ال ٌجوز أن ٌولى المضاء لاضٌا فأكثر على وجه االشتران‪ ،‬أما إذا تعدد المضاة على أن‬
‫ٌنفرد كل واحد منهم بالنظر فٌما ٌرفع إلٌه فجابز‪.‬‬
‫دلٌل ‪ :‬إجماع اْلمة‪ ،‬إذ لم ٌختلؾ فً ذلن أحد من زمن رسول هللا إلى ٌومنا هذا‪ ،‬وال نعلم أنه أشرن بٌن‬
‫لاضٌٌن فً زمن من اْلزمان‪.‬‬
‫ذهب الشافعية إلى أنه ٌجوز أن ٌجعل لضاء بلد إلى اثنٌن أو أكثر على أن ٌحكم كل واحد منهما فً موضع‪،‬‬
‫أو على أن ٌحكم أحدهما فً حك واآلخر فً ؼٌره؛ ْلنهما ٌملكان الحكم بإذنه‪.‬‬
‫وفً هذه الحالة ال ٌكون حكم أحدهما متولفا على حكم اآلخر‪ ،‬أما إذا اشترط اإلمام اجتماعهما على الحكم‬
‫فال ٌجوز‪.‬‬
‫وصرح ابن فرحون بعدم صحة عمد الوالٌة للحاكمٌن معا على أن ٌجتمعا وٌتفما على الحكم فً كل لضٌة إذا‬
‫كان ذلن لد شرط فً عمد والٌتهما‪.‬‬
‫وعند الحنابلة وجهان‬
‫اْلول ‪ :‬ال ٌجوز؛ ْلن ذلن ٌؤدي إلى إٌماؾ الحكم والفصل فً الخصومات؛ ْلنهما لد ٌختلفان فً االجتهاد‪.‬‬
‫الثانً ‪ :‬الجواز‪ ،‬إذا كانا ال ٌشتركان فً لضٌة واحدة‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة التحكيم‬
‫‪ ‬تعريف التحكيم‬
‫التحكيم لغة ‪ -‬التفوٌض‪ٌ ،‬مال ‪ :‬حاكمه إلى حاكم‪ ،‬أي‪ :‬دعاء وحكمت الرجل َف َّو ْ‬
‫ضتُ إلٌه‪.‬‬
‫ومن اختاره الطرفان للتحاكم إلٌه ٌسمى حكما‪ ،‬أو محكما‪ ،‬كما ٌسمى حاك ًما‪ ،‬وٌسمى كال من أطراؾ النزاع‬
‫المحكم فٌه محتكما‪.‬‬
‫التحكيم اصطالحا ‪ -‬هو أن ٌحتكم طرفان إلى ثالث ٌختاراه برضاهما لٌكون حاكما بٌنهما فً دعواهما بدال من‬
‫الماضً‪.‬‬
‫والتحكٌم جابز‪ ،‬ولٌل ‪ :‬ال ٌجوز‪ ،‬ولٌل ‪ :‬جوازه ممٌد بعدم وجود لاض فً البلد‪.‬‬
‫‪ ‬الفرق بين المضاء و التحكيم‬
‫أن المضاء من الوالٌات العامة‪ ،‬والتحكٌم تولٌة خاصة من الخصمٌن فهو من المضاء إال أنه ألل منه فً‬
‫الدرجة‪.‬‬
‫إذا كان التحكٌم ٌدخل فً نطاق الجواز‪ ،‬فإن الفمهاء لد وضعوا شروطا للمحكم‪ ،‬ال ٌصح تحكٌمه إال بها‪،‬‬
‫وهذه الشروط هً ‪:‬‬
‫ذهب الشافعية ٌشترط فً المحكم أن ٌكون ممن توافرت فٌه شروط الماضً‪ ،‬أما إذا كان ؼٌر أهل لوالٌة‬
‫المضاء‪ ،‬فال تصح والٌته للتحكٌم‪ ،‬وال ٌنفذ حكمه‪ ،‬إال أنهم استثنوا من ذلن التحكٌم فً النكاح فال ٌشترط توافر‬
‫أهلٌة المضاء‬
‫ذهب الحنفية أنه ال ٌشترط فً المحكم سوى أن ٌكون ما حكم فٌه من اْلمور تمبل فٌها شهادته‪ ،‬ولذلن صح‬
‫عندهم تحكٌم المرأة بخالؾ اْلعمى والمحدود فً لذؾ إذ إنهم ال ٌصلحون‪.‬‬
‫فالمعتبر عند الحنفٌة فً أهلٌة الشهادة بالنسبة للحكم فً حالتٌن ‪ :‬حالة التحكٌم‪ ،‬وولت الحكم‪ ،‬حتى إذا لم‬
‫ٌكن من أهل الشهادة ولت التحكٌم‪ ،‬ثم صار من أهلها ولت الحكم ال ٌصٌر حكما‪ ،‬وال ٌنفذ حكمه‪.‬‬
‫ذهب المالكية أن الشخص إذا كان من أهل المضاء جاز تحكٌمه وكان أهال له‪ ،‬وٌعد حكمه نافذا إن جاء موافما‬
‫لشرع هللا‪ ،‬وال ٌجوز نمض حكمه ما دام الطرفان لد رضٌا به‪.‬‬
‫‪ ‬نطاق حكم المحكم‪ ،‬وما يجوز له أن يحكم فيه‬
‫ولد اتفك فمهاء الحنيفة والمالكية والشافعية على أنه ال ٌجوز التحكٌم فً الحدود التً وجبت حما هلل‪،‬‬
‫ويرى بعض فمهاء الحنابلة جواز التحكٌم فً الحدود وؼٌرها‪.‬‬
‫أما التحكٌم فً المصاص فٌرى بعض الحنفٌة جواز التحكٌم فٌه ومنعه المالكٌة والبعض اآلخر من الحنٌفة‪،‬‬
‫وللشافعٌة لوالن ألواهما‪ :‬عدم الجواز‬
‫وعرض الماوردي الشافعً لهذه المسألة‪ ،‬وذكر أن اْلحكام فً التحكٌم ثالثة ألسام ‪:‬‬
‫‪ -۱‬لسم ٌجوز فٌه التحكٌم‪ ،‬وهو حموق اْلموال‪ ،‬وعمود المعاوضات وما ٌصح فٌه العفو واإلبراء‪.‬‬
‫‪ -٢‬لسم ال ٌجوز فٌه التحكٌم‪ ،‬وهو ما اختص المضاة باإلخبار عنه من حموق هللا تعالى والوالٌات على اْلٌتام‪،‬‬
‫وارتفاع الحجر على مستحمٌه‪.‬‬
‫‪ -۳‬لسم مختلؾ فٌه‪ ،‬وهً اْلنواع اْلربعة التً ذكرها‪.‬‬
‫‪ ‬المضاء في المسجد‬
‫اختلؾ الفمهاء فً حكم المضاء فً المسجد‪ ،‬وجاء خالفهم على لولٌن ‪:‬‬
‫المول اْلول ‪ :‬يرى الحنفية والمالكية والحنابلة‪ ،‬والزيدية جواز المضاء فً المسجد‪.‬‬
‫المول الثاني ‪ :‬يرى الشافعية‪ ،‬واإلمامية ٌكره المضاء فً المسجد‪.‬‬
‫وٌرى الماوردي أن المضاء فً المسجد ال ٌكره فً حالتٌن ‪:‬‬
‫اْلولى ‪ :‬فً تؽلٌظ اْلٌمان إذا لزم تؽلٌظها بالمكان والزمان‪ ،‬فإن رسول هللا ؼلظ لعان العجالنً فً مسجده‪.‬‬
‫الثانٌة ‪ :‬أن ٌحضر الماضً للصالة‪ ،‬فٌتفك حضوره حضور خصمٌن إلٌه‪ ،‬فمد لضى رسول هللا فً المسجد‬
‫على هذا الوجه‪ْ ،‬لن حضورهم فً المسجد لم ٌكن ممصودا على المضاء فٌه‪.‬‬
‫‪ -‬أدلة المول اْلول‬
‫أوال ‪ -‬الكتاب‬
‫س َّو ُروا ْال ِم ْح َر َ‬
‫اب ﴾‬ ‫لوله تعالى ‪َ ﴿ :‬وه َْل أَت َ َ‬
‫نن نَبؤا الخصم ِإ ْذ ت َ َ‬
‫وجه الداللة ‪ :‬دلت هذه اآلٌة صراحة على جواز المضاء فً المسجد‪ ،‬حٌث إن داود علٌه السالم كان فً‬
‫محرابه‪ ،‬فلم ٌشعر إال بخصمٌن لد تسوروا المحراب لٌسأل عن شأنهما‪ ،‬ولصا علٌه لصتهما‪ ،‬وطلبا منه الحكم‬
‫بٌنهما ففعل‪.‬‬
‫ولٌل ‪ :‬إن داود جزأ الدهر إلى أربعة أٌام ٌوم لنسابه‪ ،‬وٌوم لمضابه‪ ،‬وٌوم ٌخلوا فٌه لعبادة ربه‪ ،‬وٌوم لبنً‬
‫إسرابٌل ٌسألونه‬
‫ثانيا ‪ -‬السنة‬
‫ما روي أن النبً ﷺ ‪ :‬لضى بالرجم على رجل اعترؾ أمامه ثالث مرات بالزنا‪ ،‬وكان ذلن فً المسجد‪.‬‬
‫فهذا دلٌل واضح على جواز المضاء فً المسجد‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬اإلجماع‬
‫لالوا‪ :‬إن المضاء فً المسجد ولع من الصحابة رضً هللا عنهم‪ ،‬فمد كان الخلفاء اْلربعة ٌمضون فً المسجد‪،‬‬
‫ولم ٌخالفهم أحد من الصحابة‪ ،‬وكذلن كان شرٌح‪ ،‬والحسن البصري والشعبً ٌمضون فً المسجد‪.‬‬
‫لال اإلمام مالن ‪ " :‬المضاء فً المسجد من أمر الناس المدٌم‪ ،‬وهو الحك الصواب‪ ،‬وهو ألرب على الناس فً‬
‫شهودهم‪ ،‬وٌصل إلٌه الضعٌؾ والمرأة‬
‫رابعا ‪ -‬فعل الصحابة فٌما ورد عنهم من ولابع‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫ما روي أن علً بن أبً طالب كان ٌمضً فً المسجد‬
‫المنالشة‬
‫ضا على سبٌل الصدفة‪ ،‬ولم ٌكن لصدا‪.‬‬ ‫نولش لضاء النبً فً المسجد وكذلن لضاء أصحابه بأن ذلن كان عر ً‬
‫وٌجاب عن ذلن‬
‫بأن ما ولع من النبً هللا وأصحابه من المضاء فً المسجد لم ٌكن من باب الصدفة؛ إذ لو كان صدلة لبٌن النبً‬
‫أن هذا أمر عارض واْلصل خالفه‪.‬‬
‫خامسا ‪ -‬المياس‬
‫حٌث لاسوا المضاء فً المسجد على لراءة المرآن على اعتبار أن المضاء لربة إذا كان بالحك‪ ،‬فأشبه لراءة‬
‫المرآن والمسجد من أفضل اْلماكن التً تؤدى فٌها المربات‪.‬‬
‫‪ -‬أدلة المول الثاني‬
‫صو َما ِت ُك ْم‪َ ،‬و ُحدُو َد ُك ْم‪َ ،‬و ِش َرا َء ُك ْم َو َب ٌْعَ ُك ْم‪،‬‬ ‫ص ْبٌَانَ ُك ْم َو ُخ ُ‬‫اج َد ُك ْم ِ‬
‫س ِ‬‫أ‪ -‬ما روي عن معاذ أن النبً ﷺ لَا َل ‪َ " :‬جنَّبُوا َم َ‬
‫طا ِه َر ُك ْم "‪.‬‬ ‫اج َعلُوا علَى أَب َْوا ِب َها َم َ‬‫َو َج َم ُروهَا ٌَ ْو َم َج ْم ِع ُك ْم‪َ ،‬و ْ‬
‫حٌث نهى النبً عن فصل الخصومات فً المساجد‪ ،‬فكان المضاء فً المسجد ممنوع شرعا‪.‬‬
‫المنالشة‬
‫ٌنالش هذا المول بأن ؼاٌة ما فٌه أنه ٌزجر من رفع صوت الخصوم فً المسجد‪ ،‬فإن الماضً إذا فعل ذلن‬
‫تجنب الخصوم ما ٌشوش على المصلٌن من أصوات وؼٌرها‬
‫ْت إِ َّن‬‫ضالَّةً فًِ ْال َمس ِْج ِد فَمَا َل ‪َ :‬ال َو َجد َ‬ ‫ش ُد َ‬ ‫َّللاِ ﷺ َر ُج ًال ٌَ ْن ُ‬ ‫سو ُل َّ‬ ‫س ِم َع َر ُ‬ ‫ع ْن أ َ ِبً ُه َرٌ َْرة َ هللا لَا َل ‪َ :‬‬ ‫ب ‪ -‬ما روي َ‬
‫اج َد لَ ْم تُبْنَ ِل َه َذا‬
‫س ِ‬‫ْال َم َ‬
‫نهى الرسول عن نشد الضالة فً المسجد‪ ،‬لما ٌحدثه من تشوٌش وال شن أن المضاء فً المسجد فٌه تشوٌش‬
‫ٌزٌد على ما فً نشد الضالة‪.‬‬
‫ج ‪ -‬إنه لد ٌكون فً الخصوم من ال ٌمكنه اللبث فً المسجد‪ ،‬كالجنب والحابض‪.‬‬
‫المول الراجح‬
‫أن المول بجواز المضاء فً المسجد هو اْلولى بالمبول‪.‬‬

‫الباب الثالث‬
‫فِي َما يَكُو ُن ِب ِه ا ْلمَ َ‬
‫ضا ُء‬
‫ض ُل ْاْل َ َّو ُل في الشهادة‬ ‫ا ْلفَ ْ‬
‫‪ ‬تعريف الشهادة‬
‫الشهادة لغة ‪ -‬تطلك الشهادة فً اللؽة على معان متعددة ‪:‬‬
‫‪ -‬العلم والبٌان ‪ :‬كمول المؤذن أشهد أن ال إله إال هللا" أي‪ :‬أعلم أن ال إله إال هللا‪ ،‬وأبٌن أن ال إله إال هللا‪.‬‬
‫ش ِه َد ِمن ُك ُم‬ ‫‪ -‬الحضور ‪ :‬لال شهده شهود أي حضروه فهو شاهد‪ ،‬ولوم شهود أي حضور‪ ،‬لال تعالى ﴿ َف َمن َ‬
‫ش ْه َر فلٌصمه ﴾‬ ‫ال َّ‬
‫ب أَن ت َ ْش َه َد أ َ ْر َب َع‬
‫‪ -‬الحلؾ ‪ :‬ومنه لولن ‪ :‬أشهد بكذا‪ ،‬أي ‪ :‬أحلؾ بكذا‪ ،‬ومنه لوله تعالى ‪ ﴿ :‬وٌدرا عنها ال َعذا َ‬
‫ت ِب َّ ِ‬
‫اَّلل ﴾‪.‬‬ ‫ش َه َدا ٍ‬
‫َ‬
‫‪ -‬اإلخبار ‪ٌ :‬مال ‪ :‬شهد بكذا‪ ،‬أي أخبر به‪.‬‬
‫الشهادة في االصطالح الفمهي‬
‫اختلؾ الفمهاء فً تعرٌؾ الشهادة ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬عرف الحنفية هً إخبار صدق إلثبات حك بلفظ الشهادة فً مجلس المضاء ولو بال دعوى‬
‫ثانيا ‪ :‬عرف المالكية هً إخبار حاكم عن علم لٌمضى بممتضاه‬
‫ثالثا ‪ :‬عرف الشافعية هً إخبار عن شًء بلفظ خاص‬
‫رابعا ‪ :‬عرف الحنابلة هً اإلخبار بما علمه بلفظ خاص‬
‫‪ ‬حكم الشهادة‬
‫ٌختلؾ حكم الشهادة باختالؾ ما إذا كان الممصود من الحكم هو اْلثر المترتب علٌها‪ ،‬أو كان الممصود‬
‫حكمها من حٌث التحمل واْلداء‬
‫‪ ‬فمن ناحية اْلثر المترتب عليها‬
‫فب مجرد ثبوت الشهادة وآدابها من الشاهد الذي توافرت فٌه شروطها‪ ،‬وجب على الماضً الحكم بموجبها‪،‬‬
‫وال ٌجوز له التأخٌر‪ ،‬فلو امتنع الماضً من الحكم بعد ذلن أثم لتركه الفرض‪ ،‬واستحك العزل ْلنه ارتكب ما‬
‫ٌفسك به وٌعزر ْلنه ارتكب ما ال ٌجوز له ارتكابه شرعا‪.‬‬
‫ومع ذلن فإنه ٌجوز للماضً تأخٌر الحكم ْلحد اْلسباب اآلتٌة ‪:‬‬
‫‪ -۱‬أن تكون الدعوى بٌن اْللرباء‪ ،‬فٌأمل الماضً حصول الصلح بٌنهما‪ ،‬وكذلن إذا رجى الصلح بٌن الخصوم‬
‫من ؼٌر اْللارب‪.‬‬
‫‪ -٢‬أن ٌدعً المدعى علٌه أن لدٌه دفعا للدعوى‪ ،‬وٌطلب اإلمهال إلحضار بٌنته على الدفع‪ ،‬أو ٌطلب المدعً‬
‫اإلمهال إلحضار بٌنته على الدعوى‪.‬‬
‫‪ -۳‬أن ٌكون لدى الماضً رٌب وشبهة فً الشهود‪.‬‬
‫‪ -٤‬أن ٌكون الماضً بحاجة للبحث عن الحكم فً الكتب أو سؤال العلماء‬
‫‪ ‬أما من ناحية التحمل واْلداء‬
‫فمد اتفك جمهور الفمهاء على أن تحمل الشهادة وأدابها فرض من فروض الكفاٌات‪ ،‬حٌث إن الشهادة فً‬
‫هذه الحالة تصبح متعٌنة فً حمهم‪ ،‬كما أن أداء الشهادة ٌعتبر من لبٌل اْلمانة للمشهود له فً ذمة الشاهد‬
‫واْلمانة تمتضى اْلداء‪.‬‬
‫وٌلزم الشاهد آداء الشهادة هلل تعالى فٌما عدا أسباب الحدود‪ ،‬لموله تعالى ﴿ وألٌموا الشهادة هلل﴾‬
‫أما فً أداء الشهادة المتعلمة بحموق العباد‪ ،‬فال بد لوجوب اْلداء أن ٌطلب المشهود له الشهادة‪ ،‬فإذا طلبها وجب‬
‫على الشاهد أن ٌموم بأدابها‪.‬‬
‫أما فً حموق هللا تعالى وفٌما عدا الحدود فٌلزمه أن ٌؤدٌها حسبة هللا من ؼٌر طلب من أحد‪ ،‬وفً مسابل‬
‫الحدود فهو مخٌر بٌن أن ٌشهد حسبة‪ ،‬وبٌن أن ٌستر‪ْ ،‬لن كل واحد منهما أمر مندوب إلٌه لموله تعالى ‪:‬‬
‫﴿ وألٌموا الشهادة هللا ﴾ ولوله ‪ " :‬من ستر على مسلم ستره هللا فً الدنٌا واآلخرة "‪.‬‬
‫والستر فً هذه الحالة أحب بداللة لوله ﷺ للذي شهد عنده على ماعز‪ :‬هال سترته بثوبن‪ ،‬حٌث إن‬
‫المخاطب بالمول فً هذا الحدٌث هو هزال‪ ،‬إذ إن ماعزا ألر بالزنا ولم ٌشهد علٌه أحد‪.‬‬
‫التنبيه ‪ -‬إلى أن الممتنع عن أداء الشهادة ال ٌلحمه اإلثم إال إذا كانت شهادته مفٌدة ونافعة للمشهود له‪ ،‬وٌصٌبه‬
‫ضرر فً حالة عدم آدابها‪ ،‬أما إذا أصاب الشاهد ضرر من جراء شهادته فإنها تعتبر ؼٌر الزمة له‪.‬‬
‫‪ ‬اْلدلة على تحمل الشهادة وأدائها‬
‫عوا ﴾‬‫ش َه َداء ِإ َذا َما ُد ُ‬
‫ب ال ُّ‬‫لوله تعالى ‪َ ﴿ :‬و َال ٌَأ ْ َ‬
‫وجه الداللة ‪ -‬فً هذه اآلٌة نهى هللا تعالى الشهود عن االمتناع عن أدء الشهادة‬
‫ولد تباٌنت ألوال المفسرٌن فً هذه اآلٌة على النحو التالً ‪:‬‬
‫أوال ‪ٌ -‬رى ابن عباس ولتادة والربٌع بن أنس أن معنى اآلٌة أن الشهداء ال ٌجوز لهم االمتناع عن تحمل‬
‫الشهادة وأدابها وإثباتها فً الكتاب‪ ،‬فإذا دعوا للتحمل وجبت علٌهم اإلجابة‪.‬‬
‫ثانٌا ‪ٌ -‬ری مجاهد وسعٌد بن جبٌر والسدي أن معنى اآلٌة‪ :‬ال ٌأب الشهداء عن آداء الشهادة إذا كانت لد‬
‫حصلت عندهم بالتحمل ودعوا آلدابها‪.‬‬
‫منالشة ‪ :‬وهذا المول ؼٌر مسلم؛ ْلن هللا سماهما شاهدٌن وأمر باستشهادهما لبل أن ٌستشهدا‪ ،‬حٌث لال تعالى ‪:‬‬
‫ش ِهٌ َدٌ ِْن ِمن ِ ّر َجا ِل ُكم ﴾‪.‬‬ ‫﴿ َوا ْست َ ْش ِه ُدوا َ‬
‫ثالثا ‪ٌ -‬رى الحسن البصري وابن عباس فً المول اآلخر أن معنى اآلٌة ‪ :‬ال ٌأب الشهداء عن تحمل الشهادة إذا‬
‫حملوها‪ ،‬وال ٌأبوا عن إلامتها إذا تحملوها‬
‫‪ -٢‬ما روي عن زٌد بن خالد الجهنً أن النبً ﷺ لال‪ " :‬أال أخبركم بخٌر الشهداء‪ ،‬الذي ٌأتً بشهادته لبل أن‬
‫ٌسألها "‬
‫وجه الداللة ‪ :‬ذكر النووي أن المراد بهذا الحدٌث تأوٌالن ‪:‬‬
‫اْلول ‪ -‬وهو أصحها وأشهرها‪ ،‬وهو ما ذهب إلٌه مالن وأصحاب الشافعً‪ ،‬أنه محمول على من عنده شهادة‬
‫إلنسان بحك وال ٌعلم ذلن اإلنسان أنه شاهد فٌأتً إلٌه فٌخبره بأنه شاهد له‪.‬‬
‫الثانً ‪ -‬أنه محمول على شهادة الحسبة‪ ،‬وذلن فً ؼٌر حموق اْلدمٌٌن المختصة‪.‬‬

‫والنظر في الشهود في ثالثة أشياء في الصفة‪ ،‬والجنس‪ ،‬والعَ َد ِد‪.‬‬


‫اإلس َْال ُم َو ْال ُح ِ ّرٌَّةُ َونَ ْف ُّ‬
‫ً الت َّ ْه َم ِة‪،‬‬ ‫سةٌ‪ْ :‬ال َع َدالَةُ َو ْالبُلُوغ َو ْ ِ‬ ‫ً خ َْم َ‬ ‫شا ِه ِد ِب ْال ُج ْملَ ِة فَ ِه َ‬
‫ت ْال ُم ْعت َ َب َرةِ فًِ لَبُول ال َّ‬ ‫صفَا ِ‬ ‫ع َد ُد ال َّ‬ ‫فَأ َ َّما َ‬
‫ؾ فٌِ َها‪.‬‬ ‫ا‪،‬و ِم ْن َها ُم ْختَلَ ُ‬
‫ع َل ٌْ َه َ‬
‫َو َه ِذ ِه ِم ْن َها ُمتَّفَ ٌك َ‬
‫ع ْد ٍل ِمن ُكم ﴾‬ ‫ش َها َدةِ الشاهد؛ ِلمَ ْو ِل ِه تَعَالَى ‪َ ﴿ :‬وأ َ ْش ِهدُوا َذ َوى َ‬ ‫اط َها فًِ لَبُول َ‬ ‫أ َ َّما ْالعَ َدالَةُ فَإِنَّهم اتَّفَمُوا َعلَى ا ْشتِ َر ِ‬
‫ط ْال َع َدالَةُ‬ ‫ْث ت ُ ْشت َ َر ُ‬‫ط َحٌ ُ‬ ‫علَى أَنَّهُ ٌُ ْشتَ َر ُ‬ ‫َوأ َ َّما ْالبُلُوغُ فَإِنَّ ُه ُم اتَّفَمُوا َ‬
‫ط فًِ ْالمَبُول‬ ‫علَى أَنَّهُ ش َْر ُ‬ ‫اإلس َْال ُم فَاتَّفَمُوا َ‬ ‫َوأ َ َّما ْ ِ‬
‫اط َها ِفً لَبُو َل ال َّ‬
‫ش َها َدةِ‪،‬‬ ‫علَى ا ْش ِت َر ِ‬ ‫ار َ‬ ‫ص ِ‬ ‫اء ْاْل َ ْم َ‬ ‫ور فُمَ َه ِ‬ ‫َوأ َ َّما ْال ُح ِ ّرٌَّةُ فَإ ِ َّن ُج ْم ُه َ‬
‫ش َها َدة ُ ْالعَ ْب ِد‬
‫ور َ‬ ‫َولَا َل أهل الظاهر ‪ :‬تَ ُج ُ‬
‫‪ ‬معرفة البلوغ بأحد اْلشياء اآلتية‬
‫أوال‪ -‬االحتالم‬
‫وهو ما ٌعبر عنه بخروج المنً‪ٌ ،‬ستوى فً ذلن أن ٌكون نزول المنً فً النوم أو فً الٌمظة‪ ،‬وهذا اْلمر‬
‫محل اتفاق بٌن العلماء‪ ،‬وحجتهم فً ذلن لول هللا تعالى ‪ ﴿ :‬وإذا بلػ اْلطفال ِمن ُك ُم ْالحل َم فَ ْلٌَ ْست َب ِذنُوا﴾‬
‫ثانيا‪ :‬اإلنبات أ إنبات شعر العانة حول ذكر الرجل‪ ،‬ولبل المرأة‬
‫لما روى عن عطٌة المرظً لال ‪ :‬كنت من سبى بنى لرٌظة‪ ،‬فكانوا ٌنظرون فمن أنبت الشعر لتل ومن لم‬
‫ٌنبت لم ٌمتل فكنت فٌمن لم ٌنبت‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬السن وهو أمر مختلؾ فٌه ‪:‬‬
‫‪ -‬لال الشافعي والصاحبان من الحنفية‪ ،‬وأحمد بن حنبل أن سن البلوغ للجارٌة والؽالم إذا لم ٌحدث‬
‫احتالم هو خمس عشرة سنة‪.‬‬
‫بما روى عن ابن عمر أن النبً ﷺ عرضه ٌوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة‪ ،‬فلم ٌجزه‪ ،‬وعرضه ٌوم الخندق‬
‫وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه‬
‫‪ -‬ولال ابن عبد البر سن البلوغ هو خمس عشرة سنة لمن عرؾ موعد والدته‪ ،‬أما من جهل ولت والدته‬
‫فهو إنما ٌحكم ببلوؼه بإنبات شعر عانته‪،‬‬
‫لما روى أن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء اْلجناد أال تضربوا الجزٌة إال على من جرت علٌه المواسً‬
‫‪ -‬ولال اإلمام مالن ال حد للبلوغ من السن‪،‬‬
‫واستدل بحدٌث النبً ﷺ " وعن الصبً حتى ٌحتلم "‬
‫‪ -‬ويرى أبو حنيفة أن الؽالم ٌبلػ بتسع عشرة سنة‪ ،‬والجارٌة تبلػ لسبع عشرة سنة‪.‬‬
‫‪ ‬أمران يختص بهما النساء في البلوغ وهذان اْلمران هما‪:‬‬
‫‪ -۱‬الحٌض‪ ،‬لما روى أن النبً ﷺ لال ‪ ":‬ال ٌمبل هللا صالة حابض إال بخمار"‬
‫‪ -٢‬الحمل‪ ،‬حٌث عده الفمهاء دلٌالً على بلوغ الجارٌة‪ ،‬إذ أن الولد ٌخلك من ماء الرجل وماء المرأة‪.‬‬

‫ي ا ْل َعدَالَةُ‬‫اختَلَفُوا ِفي َما ِه َ‬ ‫‪ْ ‬‬


‫ت ال َّ‬
‫ش ْرعِ َو ُم ْستَ ِحبَاتِ ِه‪ُ ،‬م ْجت َ ِنبًا‬ ‫اإلس َْال ِم‪ُ ،‬ه َو أ َ ْن ٌَ ُكونَ ُم ْلت َ ِز ًما ِل َو ِ‬
‫اح َبا ِ‬ ‫علَى ْ ِ‬ ‫ص َفةٌ زَ ابِ َدة ً َ‬ ‫ً ِ‬ ‫ور ‪ِ :‬ه َ‬ ‫فَمَا َل ا ْل ُج ْم ُه ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ت َو ْال َم ْك ُروهَا ِ‬ ‫ِل ْل ُم َح ِ ّر َما ِ‬
‫لال بعض اْلحناف ‪ :‬إن العدل هو الذي لم ٌطعن فً بطن وال فرج‪.‬‬
‫ليل ‪ :‬هو من اجتنب الكبابر‪ ،‬وأدى الفرابض‪ ،‬وؼلبت حسناته سٌباته‬
‫ش َها َدة َ ْالفَا ِس ِ‬
‫ك َال ت ُ ْمبَ ُل‬ ‫علَى أ َ ْن َ‬ ‫‪َ -‬و َذ ِل َن أَنَّ ُه ُم اتَّفَمُوا َ‬
‫ْف‪ ،‬فَ ِإن أَبَا َحنِيفَة‬ ‫سمُهُ ِم ْن لِبَ ِل ا ْلمَد ِ‬ ‫ت ت َ ْو َبتُهُ‪ِ ،‬إ َّال ِإ ْن ك َ‬
‫َان فِ ْ‬ ‫ع ِرفَ ْ‬ ‫ش َها َدتُهُ ِإ َذا ُ‬‫‪َ -‬ولَ ْم ٌَ ْخت َ ِلفُوا أ َ َّن ْالفَا ِسكَ ت ُ ْم َب ُل َ‬
‫ب‪َ ،‬وا ْل ُج ْم ُهور ٌَمُولُونَ ‪ :‬ت ُ ْم َب ُل‬ ‫ش َها َدتُهُ َو ِإ ْن تَا ِ‬ ‫ٌَمُو ُل ‪َ :‬ال ت ُ ْم َب ُل َ‬
‫‪ ‬اختلف الفمهاء في حد العدالة المشترطة في الشاهد‪ ،‬هل هي العدالة الباطنة‪ ،‬أم يكتفى بالعدالة‬
‫الظاهرة ‪:‬‬
‫المول اْلول ‪ :‬يرى الحنفية أن عدالة الشهود هو العدالة الظاهرة فمط‪ ،‬وهذه العدالة ٌكتفى فٌها ٌكون الشاهد‬
‫مسل ًما‪ ،‬وال ٌجوز للماضً أن ٌسأل عن الشهود إال فً جرابم الحدود والمصاص‪ ،‬بشرط أن ٌطعن الخصم فٌه‪.‬‬
‫المول الثاني ‪ :‬يرى المالكية والشافعية والحنابلة أن الماضً ملزم بالسؤال عن الشاهد وتزكٌته‪ ،‬سواء طعن‬
‫فٌه الخصم أو لم ٌطعن‪.‬‬
‫‪ -‬أدلة المول اْلول‬
‫أوال ‪ -‬الكتاب‬
‫علَى‬ ‫س ً‬
‫طا ِلتَ ُكونُوا ُ‬
‫ش َه َدا َء َ‬ ‫ش ِهٌ َدٌ ِْن ِمن ِر َجا ِل ُك ْم ﴾‪ ،‬ولوله تعالى ‪َ ﴿:‬و َك َذ ِل َن َج َع ْلن ُك ْم أ ُ َّمةً َو َ‬
‫لوله تعالى‪َ ﴿ :‬وا ْست َ ْش ِه ُدوا َ‬
‫النَّ ِ‬
‫اس ﴾‬
‫وجه الداللة ‪ :‬فً هاتٌن اآلٌتٌن دلٌل على االكتفاء بالعدالة الظاهرة فمط‪ ،‬إذ فً اآلٌة اْلولى لم ٌشترط أكثر من‬
‫كون الشاهدٌن من رجالنا أي مسلمٌن‪ ،‬ولو كانت هنان شروط زابدة على ذلن لبٌنها‪.‬‬
‫وفً اآلٌة الثانٌة وصؾ هللا سبحانه وتعالى مؤمنٌن هذه اْلمة بالوساطة‪ ،‬وهً العدالة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬السنة‬
‫ما روى أن أعرابٌا جاء إلى رسول هللا ﷺ فمال ‪ :‬إنً رأٌت الهالل‪ ،‬فمال ﷺ ‪ :‬أتشهد أن ال إله إال هللا؟ لال ‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬لال ‪ :‬أتشهد أن دمحما ً رسول هللا؟ لال‪ :‬نعم ‪ ،‬لال‪ٌ :‬ا بالل أذن فً الناس فلٌصوموا "‬
‫وجه الداللة ‪ :‬إن النبً لبل شهادة اْلعرابً من ؼٌر أن ٌسأل عن عدالته‪ ،‬بل كل ما سأل عنه النبً هللا هو‬
‫إسالم اْلعرابً فمط‪.‬‬
‫المنالشة‬
‫نالش ابن حزم االستدالل بهذا الحدٌث بأن الحدٌث فٌه سمان بن حرب‪ ،‬ورواٌة سمان ال نحتج بها وال نمبلها‬
‫منهم‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬المعمول‬
‫إن العدالة الحمٌمٌة ال ٌمكن الوصول إلٌها‪ْ ،‬لنها أمر خفى سببه الخوؾ من هللا تعالى‪ ،‬ولذلن كان السلؾ‬
‫الصالح ٌكتفون بظاهر العدالة‪ ،‬وأول من سأل عن عدالة الشهود هو ابن شبرمة‪.‬‬
‫‪ -‬أدلة المول الثاني‬
‫أوال – الكتاب‬
‫ض ْونَ ِمنَ ال ُّ‬
‫ش َه َدا ﴾‬ ‫لوله تعالى ‪ِ ﴿ :‬م َّمن ت َ ْر َ‬
‫وجه الداللة ‪ :‬دلت اآلٌة على عدم االكتفاء بالعدالة الظاهرة‪ ،‬حٌث إن فٌها تمٌٌد من هللا للحكام عن االسترسال‬
‫عن كل شاهد‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬السنة‬
‫ما روي عن عمر بن الخطاب له أنه شهد عنده رجل‪ ،‬فمال له عمر‪ :‬لست أعرفن وال ٌضرن أال أعرفن انت‬
‫بمن ٌعرفن‪ ،‬فمال رجل من الموم أنا أعرفه‪ ،‬لال‪ :‬بأي شًء تعرفه؟ لال‪ :‬بالعدالة والفضل‪ ،‬فمال‪ :‬هو جارن‬
‫اْلدنى الذي تعرؾ لٌله ونهاره ومدخله ومخرجه؟ لال‪ :‬ال‪ ،‬لال‪ :‬فعاملن بالدٌنار والدرهم اللذٌن ٌستدل بهما‬
‫على الورع؟ لال‪ :‬ال‪ ،‬لال فرفٌمن فً السفر الذي ٌستدل به على مكارم اْلخالق؟ لال‪ :‬ال‪ ،‬لال‪ :‬لست تعرفه‪ ،‬ثم‬
‫لال للرجل‪ :‬انت بمن ٌعرفه‬
‫وجه الداللة ‪ :‬إن عمر بن الخطاب لم ٌكتؾ بالعدالة الظاهرة فً الشاهد؛ بل طلب المزٌد لكً ٌتضح حال‬
‫الشاهد‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬المعمول‬
‫إن المضاء ٌبنى على الحجة ‪ ،‬وهً شهادة العدول ‪ ،‬والعدالة لبل السؤال ثابتة بالظاهر وهو ال ٌصلح حجة‬
‫لالستحماق فوجب التعرؾ علٌها بسؤال الماضً عنها صٌانة لمضابه عن البطالن‪.‬‬
‫الرأ الراجح‬
‫هو المول بعدم االكتفاء بالعدالة الظاهرة‪ْ ،‬لن شهادته هذه ٌترتب علٌها إثبات الحموق وإسماطها‪ ،‬وبالتالً وجب‬
‫االحتٌاط فً ذلن‪.‬‬
‫‪ ‬شهادة المحدود في لذف‬
‫اتفك الفمهاء على عدم لبول شهادة الماذؾ بعد الحد ولم ٌتب ِلمَ ْو ِل ِه تَ َعالَى ‪ٌَ ﴿ :‬ا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُوا ِإ ْن َجا َء ُك ْم‬
‫فاسك بنبإ فتبٌنوا ﴾‬
‫ولكنهم اختلفوا فٌما إذا تاب الماذؾ بعد إلامة الحد علٌه ‪ ،‬هل تمبل شهادته أم ال؟‬
‫المذهب اْلول ‪ :‬يرى جمهور الفمهاء من المالكية والشافعية والحنابلة واإلمامية واإلباضية إلى لبول شهادة‬
‫المحدود فً المذؾ إذا تاب‪.‬‬
‫المذهب الثاني ‪ :‬يرى الحنفية أن المحدود فً لذؾ ال تمبل شهادته حتى ولو تاب‪.‬‬
‫‪ -‬أدلة المذهب اْلول‬
‫أوال ‪ -‬الكتاب‬
‫ش َه َدة أ َ َبدا ً‬ ‫اج ِلدُو ُه ْم ث َ َمنٌِنَ َج ْل َدة ً َو َال ت َ ْم َبلُوا لَ ُه ْم َ‬
‫ش َه َداء فَ ْ‬‫ت ث ُ َّم لَ ْو ٌَأْتُوا ِبأ َ ْر َب َع ِة ُ‬
‫صنَ ِ‬‫لوله تعالى ‪َ ﴿ :‬والَّذٌِنَ ٌَ ْر ُمونَ ْال ُم ْح َ‬
‫ور رحٌم ﴾‬ ‫ؼف ُ ٌ‬ ‫صلَ ُحوا فَإ ِ َّن َّ َ‬
‫َّللا َ‬ ‫َوأُولَبِ َن ُه ُم الفَا ِسمُونَ إِ َّال الَّذٌِنَ تَابُوا ِم ْن بَ ْع ِد َذ ِل َن وأ َ ْ‬
‫وجه الداللة ‪ :‬إن اآلٌة صرٌحة فً لبول التوبة منه‪ ،‬وبما أن عدم لبول شهادته كان عمابا ً على جرٌمته‪ ،‬فالتوبة‬
‫تسمط العموبة وترفعها‪ ،‬وبالتالً جاز لبول شهادته بعدها‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬السنة‬
‫لول الرسول التابب من الذنب كمن ال ذنب‬
‫وجه الداللة ‪ :‬ألر اعتبار التوبة مسمطة للذنوب‪ ،‬وإذا سمط الذنب وجب أن ٌسمط ما ترتب علٌه من عموبة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬المياس على من حد فً ؼٌر المذؾ‪ ،‬فكما تمبل شهادته فكذلن المحدود فً المذؾ‬
‫المنالشة‬
‫إن هذا المٌاس لٌاس مع الفارق‬
‫‪ -‬أدلة المذهب الثاني‬
‫أوال ‪ -‬الكتاب‬
‫ش َه َدة ً أَبَدا‬ ‫اج ِلدُو ُه ْم ث َ َمنٌِنَ َج ْل َدة ً َو َال ت َ ْمبَلُوا لَ ُه ْم َ‬
‫ش َه َداة فَ ْ‬‫ت ث ُ َّم أ َ ْو ٌَأْتُوا بِأ َ ْربَعَ ِة ُ‬‫صنَا ِ‬‫لوله تعالى‪َ ﴿ :‬والَّذٌِنَ ٌَ ْر ُمونَ ْال ُم ْح َ‬
‫ور َّر ِحٌ ٌم ﴾‬ ‫ؼفُ ٌ‬ ‫صلَ ُحوا فَإ ِ َّن َّ َ‬
‫َّللا َ‬ ‫َوأُولَتِ َن ُه َو الفَا ِسمُونَ ِإ َّال الَّذٌِنَ تَابُوا ِم ْن َب ْع ِد َذ ِل َن وأ َ ْ‬
‫وجه الداللة ‪ :‬إن هللا نهى عن لبول شهادة الماذؾ على التأبٌد بموله " وال تمبلوا لهم شهادة أبدا ً " فصار‬
‫التخصٌص دلٌال على أنه ٌتناول زمان ما بعد التوبة‪.‬‬
‫المنالشة‪:‬‬
‫االستدالل بهذه اآلٌة بأنه ؼٌر مسلم؛ ْلن معنى أبدا ما دام لاذفا‪ ،‬كما أن هللا تعالى لم ٌذكر فً كتابه أال تمبل‬
‫شهادة الماذؾ أبدا بعد الحد فً رمٌه‪ ،‬بل نهى عن لبول شهادته فً الحال التً وجبت علٌه الحد فٌها‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬السنة‬
‫لول النبً فً حدٌث عابشة ‪ " :‬ال تجوز شهادة خابن وال خابنة‪ ،‬وال مجلود حدا "‬
‫ثالثا – المعمول‬
‫إن المذؾ متضمن للجناٌة على حك هللا تعالى وحك اآلدمً‪ ،‬وهو من أوفى الجرابم‪ ،‬فناسب تؽلٌظ الزجر ورد‬
‫الشهادة أبدا من ألوى أسباب الزجر‪.‬‬
‫المنالشة‬
‫ٌنالش هذا الدلٌل بما ٌلً ‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬تؽلٌظ الزجر ال ضابط له‪ ،‬ولد حصلت مصلحة الزجر بالحد‪.‬‬
‫ثانٌا ‪ -‬إن تؽلٌظ الزجر من اْلوصاؾ المنتشرة التً ال تنضبط‪ ،‬ولد حصل إٌالم الملب والبدن والنكاٌة فً‬
‫النفس بالضرب الذي أخذ من ظهره‪.‬‬
‫الرأ الراجح‬
‫ما ذهب إلٌه جمهور الفمهاء من لبول شهادة المحدود فً لذؾ بعد توبته‪.‬‬

‫اط الشهادة‪.‬‬ ‫علَى أَنَّ َها ُمؤثِ َرةٌ فِي إِ ْ‬


‫سمَ ِ‬ ‫سبَبُ َها ا ْل َم َحبَّةُ فَ ِإ َّن ا ْلعُ َل َما َء أَجْ َمعُوا َ‬
‫َوأ َ َّما الت َّ ْه َمةُ الَّتِي َ‬
‫س َال ُم – أَنَّه لَا َل ‪َ :‬ال ت ُ ْم َب ُل َ‬
‫ش َها َدة ُ َخ ْ‬
‫ص ٍم‬ ‫علَ ٌْ ِه ال َّ‬
‫ص َالة ُ َوال َّ‬ ‫ع ْنهُ ‪َ -‬‬
‫ي َ‬‫ش َها َدةِ بِالت َّ ْه َم ِة َما ُر ِو َ‬ ‫ور فًِ رد ال َّ‬ ‫فَعُ ْم َدة ُ ْال ُج ْم ُه ِ‬
‫ظ ِنٌن‪.‬‬ ‫َو َال َ‬
‫‪ ‬شهادة الوالد لولده‬
‫اختلؾ الفمهاء فً حكم لبول شهادة الوالد لولده والعكس على مذهبٌن ‪:‬‬
‫المذهب اْلول ‪ :‬جمهور الفمهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى عدم لبول شهادة الوالد لولده‬
‫والعكس‪.‬‬
‫المذهب الثاني ‪ :‬ابن حزم الظاهري وابن المٌم والرواٌة الثانٌة عند الحنابلة جواز شهادة الوالد لولده والعكس‪.‬‬
‫‪ -‬أدلة المذهب اْلول‬
‫أ ‪ -‬ما روي عن هشام بن عروة عن أبً عن عابشة رضً هللا عنهما أن النبً لال ‪ " :‬ال تمبل شهادة خابن وال‬
‫خابنة‪ ،‬وال ذي ؼمرة على أخٌه المسلم‪ ،‬وال شهادة الولد لوالده‪ ،‬وال شهادة الولد لوالده "‬
‫وجه الداللة ‪ :‬دل هذا الحدٌث على أنه كان ظاهرا ً فٌما بٌنهم أن شهادة الولد لوالده ال تمبل‬
‫المنالشة‬
‫نولش الحدٌث بأن فٌه ممال؛ ْلنه مروي عن ٌزٌد وهو مجهول‪ ،‬فإن كان المراد هو ٌزٌد بن سنان فهو كذاب‪.‬‬
‫الجواب‬
‫ٌجاب عن ذلن بأنه لد جاء نص صرٌح عن رسول هللا ﷺ بعدم لبول شهادة الوالد لولده‪ ،‬وهو حدٌث عابشة أن‬
‫النبً ﷺ لال ‪ ﴿ :‬ال تمبل شهادة الولد لوالده وال شهادة الوالد لولده‪ ،‬وال المرأة لزوجها‪ ،‬وال الزوج المرأته‪ ،‬وال‬
‫العبد لسٌده وال المولى لعبده‪ ،‬وال اْلجٌر لمن استأجره ﴾‬
‫ب ‪ -‬استدلوا بمول النبً أنت ومالن ْلبٌن‬
‫وجه الداللة ‪ :‬إن النبً لجعل االبن وما فً ملكه ملن ْلبٌه‪ ،‬وبالتالً ال تجوز شهادته له‪.‬‬
‫المنالشة‬
‫نالش ابن حزم االستدالل بهذا الحدٌث بموله ‪ :‬لٌس فٌه منع من لبول شهادة االبن ْلبوٌه‪ ،‬وال من لبول اْلبوٌن‬
‫له‪ ،‬وإن كان هو وماله لهما فكان ماذا؟‬
‫‪ -‬أدلة المذهب الثاني‬
‫أ ‪ -‬لوله تعالى ‪ ﴿ :‬أن أشكر لً ولوالدٌن إلى المصٌر ﴾ لَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى ‪ٌَ ﴿ :‬أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آمنُوا ُكونُوا لَ َّو ِامٌنَ ِب ْال ِمس ِ‬
‫ْط‬
‫علَى أَنفُ ِس ُك ْم أ َ ِو ْال َوا ِل َدٌ ِْن َو ْاْل َ ْل َر ِبٌنَ ﴾‬
‫َّلل َولَ ْو َ‬ ‫ُ‬
‫ش َه َدا ُء ِ َّ ِ‬
‫وجه الداللة ‪ :‬أمر هللا عز وجل بشكر الوالدٌن‪ ،‬ومن أعظم الشكر لهما الشهادة لهما بالحك‪.‬‬
‫ب ‪ -‬استدلوا من اْلثر‬
‫لال عمر بن الخطاب ‪ :‬تجوز شهادة الوالد لولده‪ ،‬والولد لوالده واْلخ ْلخٌه‪.‬‬
‫الرأ الراجح‬
‫ٌترجح عندي المول بعدم لبول شهادة الوالد لولده والعكس‪ ،‬نظرا لما تؤدى إلٌه من تهمة‪.‬‬

‫الز ْو َجي ِْن أ َ َح ِد ِه َما ِل ْْل َخ ِر‬


‫ش َها َدةُ َّ‬ ‫اختَلَفُوا فِي تأثير الت َّ ْه َم ِة فِي َ‬
‫ش َها َدتِ ِه ْم َ‬ ‫‪‬‬
‫س ُن أ َ َجازَ هَا‬ ‫‪ -‬الشَّافِ ِعي وأبو ثور‪َ ،‬وا ْل َح َ‬ ‫فَ ِإن َما ِلكا َوأَبَا َح ِنيفَةَ َردهَا‬ ‫‪-‬‬
‫ش َها َدت ُ َها لَهُ‪َ ،‬و ِب ِه لَا َل النَّ َخ ِع ُّ‬
‫ً‪.‬‬ ‫الز ْوجِ ِلزَ ْو ِج ِه‪َ ،‬و َال ت ُ ْمبَ ُل َ‬ ‫ش َها َدة ُ َّ‬ ‫َولَا َل ا ْب ُن أ َ ِبي َل ْيلَى ‪ :‬ت ُ ْم َب ُل َ‬ ‫‪-‬‬
‫علَى َما لَا َل َما ِلنَ ‪،‬‬ ‫ع ْن نَ ْف ِس ِه ً‬
‫عارا َ‬ ‫ش َها َدة ُ ْاْلَحْ ِْل َ ِخٌ ِه َما لَ ْم ٌَ ْدفَ ْع ِب َذ ِل َن َ‬ ‫اط النَّ ْه َم ِة ِفٌ ِه َ‬ ‫علَى ِإ ْسمَ ِ‬‫‪َ -‬و ِم َّما اتَّفَمُوا َ‬
‫وز‪.‬‬‫عدَا ْاْل َ ْو َزا ِعي فَإِنَّهُ لَا َل ‪َ :‬ال ت َ ُج ُ‬ ‫َما َ‬
‫ع ُد ّ ِو ِه‬ ‫علَى َ‬ ‫ش َها َد ِة ا ْلعَد ّ ُِو َ‬‫اختِ َالفُ ُه ْم فِي لَبُول َ‬ ‫ْ‬ ‫‪‬‬
‫‪َ -‬ولَا َل أَبُو َحنِي َفةَ ‪ :‬ت ُ ْم َب ُل‪.‬‬ ‫فَمَا َل َما ِلنَ َوالشَّافِ ِعي ‪َ :‬ال ت ُ ْم َبلُ‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫ص ُل الثاني‬ ‫ا ْلفَ ِ ّ‬
‫فِي ْاْل َ ْي َم ِ‬
‫ان‬
‫علَ ٌْ ِه ِإ َذا لَ ْم ت َ ُك ْن ِل ْل ُم ْد ِعً َب ٌِّنَةً‪.‬‬ ‫ع ِن ْال ُم ْد َ‬
‫عى َ‬ ‫علَى أَنَّ َها تَ ْب ُ‬
‫ط ُل ِب َها ال َّدع َْوى َ‬ ‫َوأ َ َّما ْاْل َ ٌْ َم ُ‬
‫ان فَإِنَّ ُه ُم اتَّفَمُوا َ‬
‫اختَلَفُوا فٌِ ِه حكم المضاء بالشاهد والٌمٌن‬ ‫شا ِه ِد فَإِنَّ ُه ُم ْ‬
‫ٌن َم َع ال َّ‬‫ضا ُء بِ ْالٌَ ِم ِ‬
‫َوأ َ َّما ْالمَ َ‬
‫‪ ‬مسألة حكم المضاء بالشاهد واليمين‬
‫اختلؾ الفمهاء فً مسألة حكم المضاء بالشاهد والٌمٌن‬
‫‪ -‬المول اْلول ‪ :‬جواز المضاء بٌمٌن صاحب الحك مع الشاهد‪ ،‬وإن ولع بٌنهم الخالؾ فً الدعاوى محل‬
‫المضاء بالشاهد والٌمٌن ‪:‬‬
‫المالكية لالوا ‪ :‬كل ما جازت فٌه شهادة النساء جاز فٌه الشاهد والٌمٌن‪.‬‬
‫الشافعية لالوا ‪ٌ :‬مضً بالٌمٌن مع الشاهد فً الدعاوى المالٌة‪ ،‬والدعاوى المتعلمة بالعمود المالٌة‪ ،‬وال ٌمضً به‬
‫فً الحدود والجناٌة على النفس وما دونها‪.‬‬
‫الحنابلة لالوا ‪ٌ :‬مضً بالٌمٌن مع الشاهد فً الدعاوى المالٌة‪ ،‬وفً كل ما ٌمصد به المال‪ ،‬وال ٌمضً به فً‬
‫الحدود‪ ،‬و النكاح و الطالق والعتاق و المصاص و الوالء‪.‬‬
‫الظاهرية لالو ‪ٌ :‬مضً بالٌمٌن مع الشاهد فً الدماء والمصاص والنكاح والطالق‪ ،‬والرجعة‪ ،‬وال ٌمضً بهما‬
‫فً الحدود‪.‬‬
‫‪ -‬المول الثاني ‪ :‬ال ٌجوز المضاء بالٌمٌن مع الشاهد فً أي نوع من أنواع الدعاوى‪.‬‬
‫‪ -‬أدلة المول اْلول‬
‫أ ‪ -‬ما روي عن ربٌعة عن سهٌل بن أبً صالح عن أبً هرٌرة أن النبً ﷺ لضى بالٌمٌن مع الشاهد‬
‫وجه الداللة ‪ :‬دل الحدٌث على أن رسول هللا له لضً بالٌمٌن مع الشاهد‪.‬‬
‫منالشة‬
‫‪ -۱‬نولش هذا الحدٌث بأن حدٌث ربٌعة عن سهٌل ال ٌحتج به‪.‬‬
‫وأجاب ابن حجر فً الفتح بأن رجال الحدٌث ثمات‪ْ ،‬لنه كان بعد ذلن ٌروٌه عن ربٌعه عن نفسه عن أبٌه‬
‫‪ -٢‬جاء فً البدابع ما نصه ‪ :‬طعن ٌحٌى بن معٌن فً الحدٌث‪ ،‬ولال‪ :‬لم ٌصح عن رسول هللا ﷺ المضاء بشاهد‬
‫وٌمٌن‬
‫أجاب ابن حجر عن هذا االعتراض فمال‪ :‬لال الشافعً فً حدٌث ابن عباس‪ :‬هذا الحدٌث ثابت ال ٌرده أحد من‬
‫أهل العلم ‪.‬‬
‫نولش الحدٌث أٌضا ً بأن المراد بشاهد وٌمٌن‪ ،‬هو المضاء بٌمٌن المنكر مع شاهد الطالب‪ ،‬والمراد أن الشاهد‬
‫الواحد ال ٌكفً فً ثبوت الحك فتجب الٌمٌن على المدعً علٌه‪.‬‬
‫أجاب ابن العربً عن هذه المنالشة بمول ه‪ :‬إن هذا جهل باللؽة‪ ،‬فإن المعٌة تمتضً أن تكون من شٌبٌن فً جهة‬
‫واحدة ال فً المتضادٌن‬
‫ب ‪ -‬استدلوا من اْلثر بما ٌلً ‪:‬‬
‫‪ -‬روي عن علً بن أبً طالب أن أبا بكر وعمر وعثمان رضً هللا عنهم كانوا ٌمضون بشهادة الشاهد اْلول‬
‫وٌمٌن المدعً‬
‫‪ -‬أدلة المول الثاني‬
‫ش ِهٌ َدٌ ِْن ِمن ِر َجا ِل ُك ْم فَإِن لَّ ْم ٌَ ُكونَ َر ُجلٌَ ِْن َف َر ُج ٌل َوأ َ ْم َرأَت َ ِ‬
‫ان ﴾‬ ‫أ ‪ -‬لوله تعالى ‪َ ﴿ :‬وا ْستَ ْش ِهدُوا َ‬
‫وجه الداللة ‪ :‬إن هذه اآلٌة جاءت فً ممام بٌان كٌفٌة الشهادة‪ ،‬فالحاصل أن هللا تبارن وتعالى التصر فً ممام‬
‫البٌان على شهادة الرجلٌن والرجل والمرأتٌن‪ ،‬وااللتصار فً ممام البٌان ٌفٌد الحصر‪.‬‬
‫منالشة‬
‫بأن هذا لٌس من لسم الشهادة‪ ،‬وإنما الحكم هنالن بالٌمٌن‪ ،‬وحظ الشاهد ترجٌح جنبة المدعً‪.‬‬
‫ب ‪ -‬لوله ﷺ فً حدٌث ابن عباس البٌنة على المدعً والٌمٌن على من أنكر‬
‫وجه الداللة ‪ :‬أفاد الحدٌث أن رسول هللا ﷺ حصر الٌمٌن فً جانب المدعً علٌه‪ ،‬فلوكان للمدعً ٌمٌن لما كان‬
‫الحصر صحٌحا‪.‬‬
‫منالشة‬
‫ب ‪ -‬اعترض البعض على حدٌث البٌبة على المدعً‪ ،‬بأنه ضعٌؾ‪ ،‬وإن سلم صحته‪ ،‬فإنه ال ٌفٌد الحصر‪.‬‬
‫الرأ الراجح‬
‫ٌتبٌن رجحان الرأي المابل بصحة المضاء بالشاهد وٌمٌن المدعً فً اْلموال‪.‬‬

‫ض ُل الثَّا ِلث‬
‫ا ْلفَ ْ‬
‫النكول‬
‫‪ ‬تعريف النكول‬
‫النكول لغة ‪ : -‬هو الجبن والتأخر‬
‫النكول اصطالحا ‪ : -‬هو الرجوع فً الٌمٌن بعد إٌجابها‪.‬‬
‫وهذا االمتناع من حٌث ثبوته نوعان ‪:‬‬
‫‪ -۱‬بالمول ‪ :‬كأن ٌمول المدعى علٌه‪ :‬ال أحلؾ‪.‬‬
‫‪ -٢‬السكوت إذا كان ناطما‪ ،‬فهذا السكوت ٌكون داللة على النكول‪.‬‬
‫ونكول المدعى علٌه لد ٌكون اعترافا منه‪ْ ،‬لنه سكت وامتنع عما ٌدفع به الضرر عن نفسه‪ ،‬وهو الٌمٌن‪،‬‬
‫ولد ٌكون النكول بدال منه‪.‬‬
‫‪ ‬حكم الماضي بعد النكول‬
‫يرى الحنفية ‪ :‬وإذا نكل المدعى علٌه فإن حكم الماضً بعد النكول مباشرة جاز؛‬ ‫‪-‬‬
‫ْلن النكول إلرار‪ ،‬فٌكون الحكم هنا حكما بعد إلرار المدعى علٌه لكن هذا اإللرار فٌه شبهة‪.‬‬
‫واْلولى عند اْلحناؾ أن ٌخبر الماضً المدعى علٌه أن مذهبه المضاء بالنكول‪ ،‬إذ ربما جهل مذهب‬
‫الماضً‪ ،‬وٌعرض علٌه الٌمٌن ثالث مرات‪ ،‬إذ ربما ٌرجع عن نكوله‪ ،‬وإذا رجع عن النكول لبل الحكم جاز‬
‫تحلٌفه ولبول بٌنته‪ ،‬وإن ظل ممتنعا إلى الحكم‪ ،‬حكم الماضً‪ ،‬وال ٌمبل بعد ذلن رجوعه عن النكول‪.‬‬
‫وٌرى اْلحناؾ كذلن أن الٌمٌن ال ترد على المدعى بعد نكول المدعى علٌه؛ ْلن الرسول هللا لال ‪:‬‬
‫الٌمٌن على المدعى علٌه‪ ،‬والمدعً هنا مذكورباْللؾ والالم‪ ،‬وذلن ٌنفً ردها على المدعً‪.‬‬
‫ويرى الشافعية ‪ :‬أنه ال ٌحكم بمجرد النكول‪ ،‬بل إذا نكل المدعى علٌه ردت الٌمٌن على المدعً‪ ،‬وال‬ ‫‪-‬‬
‫ٌحكم بمجرد النكول إال فً صور منها ‪:‬‬
‫‪ -۱‬إذا طلب الساعً على الزكاة من المال‪ ،‬فادعى أنه بادر فً أثناء الحول واتهمه الساعً‪ٌ ،‬حلفه ندبا‪ ،‬ولٌل ‪:‬‬
‫ٌحلفه وجوبا‪ ،‬فعلى هذا إذا نكل والمستحك ؼٌر محصور أخذت منه الزكاة‪.‬‬
‫‪ -٢‬إذا مات من ال وارث له‪ ،‬فادعى الحاكم على إنسان بدٌن للمٌت وجد فً تذكرته فأنكر‪.‬‬
‫‪ -۳‬إذا ادعى لٌم المسجد أو الولؾ دعوى ونكل المدعى علٌه‪.‬‬
‫‪ ‬أنواع اليمين‬
‫تنمسم الٌمٌن المعتبرة وسٌلة من وسابل اإلثبات إلى لسمٌن ‪:‬‬
‫‪ -۱‬يمين المدعي وظٌفة الٌمٌن فً هذه الحالة هً إتمام البٌنة‪ ،‬وتستعمل فً حالة ما إذا كانت بٌنة المدعً ؼٌر‬
‫كافٌة‪ ،‬وتكون فً اْلمور التً ٌجوز فٌها المضاء بالشاهد والٌمٌن وٌسمٌها الفمهاء الٌمٌن المتممة‪.‬‬
‫‪ -٢‬يمين المدعى عليه وتستعمل هذه الٌمٌن لدفع الدعوى الموجهة إلٌه من المدعً‪ ،‬وهذه الٌمٌن تسمى الٌمٌن‬
‫الحاسمة‪ ،‬وٌجوز ردها على الخصم اآلخر‪ ،‬لمول النبً ﷺ ‪ " :‬البٌنة على المدعً والٌمٌن على من أنكر"‬
‫‪ ‬شروط وجوب اليمين على المدعى عليه‬
‫‪ -۱‬إنكار المدعى علٌه للحك المدعى به فلو ألر به ال ٌحلؾ النتهاء الخصومة باإللرار بالحك المدعى به‪.‬‬
‫‪ -٢‬أن ٌطلب المدعً توجٌه الٌمٌن إلى المدعى علٌه‪ ،‬وٌموم الماضً بتوجٌهها للمدعى علٌه‪.‬‬
‫‪ -۳‬أن تكون الٌمٌن شخصٌة‪.‬‬
‫‪ -٤‬أال ٌكون الحك المدعى به حما خالصا ً هلل تعالى‪ ،‬إذ الحموق الخالصة هلل ال توجه فٌها الٌمٌن باتفاق‪.‬‬
‫ه ‪ -‬أن ٌكون الحك المدعى به مما ٌحتمل اإللرار به شرعا‪.‬‬
‫‪ ‬المضاء بكتاب الماضي إلى الماضي‬
‫من المتفك علٌه أن صحة حكم الماضً مشروط بولوعه فً دابرة االختصاص المعٌنة له من لبل اإلمام‪.‬‬
‫ولد أجمع الفمهاء على جواز لبول الكتابة من لاض إلى آخر‪ ،‬وأجاز الحنابلة الكتابة إلى ؼٌر المعٌن‪ ،‬كأن‬
‫ٌكتب وٌمول إلى كل من ٌصله كتابً من لضاة المسلمٌن‪.‬‬
‫وذهب الحنفية إلى جواز لبول كتاب الماضً إلى الماضً فً الحموق بخالؾ الحدود والمصاص‪ْ ،‬لن كتاب‬
‫الماضً إلى الماضً بمنزلة الشهادة على الشهادة والشهادة على الشهادة ال تجوز فً الحدود والمصاص‪.‬‬
‫وعن أبي يوسف أنه ٌمبل فً العبد دون اْلمة‪ .‬وعن دمحم أنه ٌمبل فً كل ما ٌنمل وٌتحول‪.‬‬
‫وليل ‪ :‬إنه ٌمبل فً العمار‪ ،‬وال ٌمبل فً اْلعٌان المنمولة‪.‬‬
‫‪ -‬والدلٌل على جواز كتاب الماضً إلى الماضً‬
‫ُ‬
‫ب َك ِرٌ ٌم ﴾‬‫ً ِإلَى ِكت َ ٌ‬‫‪ -۱‬لول هللا تعالى ‪ ﴿ :‬لالت ٌاٌها الملؤا إنى أ ْل ِم َ‬
‫‪ -٢‬ما روي أن النبً جهز جٌشا‪ ،‬فأمر علٌه عبد هللا بن رواحه‪ ،‬ودفع إلٌه كتابا مختوما‪ ،‬ولال‪ :‬ال تفكه إال بعد‬
‫ثالث فإذا مضت ثالث فمصه‪ ،‬واعمل بما فٌه‬
‫‪ ‬المدة بين الماضي الكاتب والماضي المكتوب إليه‬
‫‪ -‬الحنفية لٌد الكتاب بمسافة المصر‬
‫‪ -‬المالكية فال اعتبار للمسافة عندهم‪ ،‬فٌجوز الكتابة بٌن المضاة بعدت المسافة أم لربت‬
‫‪ -‬الحنابلة إلى أنه ال تشترط المسافة البعٌدة‪ ،‬حٌث لالوا‪ٌ :‬مبل الكتاب وإن كان الماضٌان فً بلد واحد‪،‬‬
‫وإال إذا بعث إلٌه لٌحكم بما ثبت عنده‪ ،‬فهنا البد من وجود مسافة المصر‪.‬‬
‫‪ -‬الشافعية نظر إلى الؽرض من الكتاب‪ ،‬وأسسوا رأٌهم على ذلن فمالوا ‪ :‬إذا كان الؽرض من الكتاب نمل‬
‫شهادة‪ ،‬أو ثبوت حك‪ ،‬فال خالؾ بٌنهم فً اشتراط مسافة المصر فً نمل الشهادة‪ ،‬وفً الكتاب المتضمن‬
‫ثبوت الحك وجهان أصحهما‪ :‬أنه البد من مسافة المصر ‪.‬‬
‫‪ ‬الشهادة على كتاب الماضي‬
‫اتفك فمهاء الحنفٌة والشافعٌة والحنابلة ‪ -‬عدا أبً ثور من الشافعٌة – على أن الماضً ال ٌمبل كتاب لاض‬
‫آخر إال إذا شهد شاهدان عدالن أنه لرئ علٌهما‪ ،‬أو بحضرتهما‪.‬‬
‫ولال دمحم وأبو حنيفة ‪ :‬البد أن ٌشهد الشهود بختم الماضً‪.‬‬
‫وذهب المالكية ‪ :‬إلى أن كتاب الماضً إذا جاء مجردًا عن الشهادة‪ ،‬فال لٌمة له‪ ،‬وال ٌترتب علٌه أثر‪ ،‬إال أنهم‬
‫لم ٌمٌدوا ذلن بمراءة الكتاب على الشهود‪.‬‬
‫وهذا الكالم فٌما إذا سار بالكتاب ؼٌر الخصم‪ ،‬أما إذا سار به الخصم‪ ،‬فالبد من أن ٌأتً بشاهدٌن ٌشهدان‬
‫أن هذا هو كتاب الماضً‪.‬‬
‫ولرر الفمهاء أنه ال ٌمبل فً تحمل كتب المضاة وأدابها شهادة النساء‪ ،‬حتى ولو كانت الحموق التً تضمنها‬
‫هذا الكتاب مما تمبل فٌه شهادة المرأة‬
‫‪ ‬شروط تحمل الشهود للشهادة على الكتاب‬
‫اشترط الفمهاء شروطا لتحمل الشهود الشهادة على الكتاب وآدابها وهً‪:‬‬
‫‪ -۱‬أن ٌعلما ما فٌه‪ ،‬وعلمهما بما فٌه ٌكون بأحد ثالثة أوجه‪ :‬إما أن ٌمرأه الماضً علٌهما‪ ،‬وإما أن ٌأمر من‬
‫ٌمرأه بحضرته علٌهما‪ ،‬وإما أن ٌمرأه الشاهدان علٌه‪ ،‬فإن لم ٌعلما ما فٌه‪ ،‬ودفعه الماضً إلٌهما مختوما‬
‫لٌشهدوا به‪ ،‬لم ٌجز‪.‬‬
‫‪ -٢‬أن ٌمول الماضً لهما ‪ :‬هذا كتابً إلى الماضً فالن‪ ،‬فاشهدا على بما فٌه‪ ،‬فإن لم ٌمل ذلن‪ ،‬والتصر بهما‬
‫على عنوانه‪ ،‬لم ٌجز‪ ،‬وإن لال لهما‪ :‬هذا كتابً إلى فالن‪ ،‬وال لال ‪ :‬اشهدا على بما فٌه‪ ،‬ففً صحة التحمل‬
‫واْلداء بهذا المول وحده وجهان بناء على الخالؾ فً جواز الشهادة على الممر بالسماع من ؼٌر استدعاء‬
‫الممر للشهود‪.‬‬
‫‪ -۳‬أال ٌؽٌب الكتاب عنهما بعد تحمل ما فٌه إال أن ٌكونا لد كتبا فٌه شهادتهما لٌتذكرا به صحة الكتاب‬
‫ومعرفته‪ ،‬فإن ؼاب الكتاب عنهما لبل إثبات خطهما فٌه‪ ،‬أو ارتابا بعد الخط‪ ،‬لم ٌصح التحمل‪ ،‬إال أن ٌعٌد‬
‫الماضً لراءته علٌهما‪ ،‬وٌمول لهما ‪ :‬هذا هو كتابً الذي أشهدتكما على بما فٌه إلى الماضً فالن‪ْ ،‬لنه لد‬
‫ٌحتمل أن ٌبدل فً الؽٌبة بؽٌره‪.‬‬
‫‪ ‬بيانات كتاب الماضي‬
‫إن مذهب الشافعً أن العنوان لٌس شرطا فً لبول الكتاب‪ ،‬وال فرق عند الشافعً بٌن عنوانه من داخله‬
‫وخارجه‪ ،‬وٌجوز أن ٌمبله حتى ولو لم ٌكن معنونا؛ ْلن الحكم به متعلك بما ٌؤدٌه الشهود من مضمونة‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة لضاء الماضي بعلمه مطلما‬
‫‪ -‬ال خالؾ بٌن العلماء فً أن الماضً ٌجوز أن ٌمضً بعلمه فً التعدٌل والتجرٌح (أي فً شأن الشهود)‬
‫‪ -‬وأجمع العلماء كذلن على أن الماضً ال ٌمضً بضد علمه إذا شهد الشهود بضده‪ ،‬وأنه ٌمضً بعلمه فً‬
‫إلرار الخصم وإنكاره‪ .‬إال مالكا فإنه رأى أن ٌحضر الماضً شاهدٌن فً إلرار الخصم وإنكاره‪.‬‬
‫هل ٌعتبر علم الماضً وسٌلة من وسابل اإلثبات أي هل ٌجوز للماضً أن ٌمضً بعلمه من ؼٌر بٌنة وال‬
‫إلرار؟ وكان الخالؾ بٌنهم على ثالثة ألوال ‪:‬‬
‫المول اْلول ‪ :‬ما ذهب المالكية‪ ،‬ولول عند الشافعية‪ ،‬وظاهر مذهب الحنابلة‪ ،‬واإلباضية‪ ،‬وهو لول الشعبي‪،‬‬
‫وشريح أنه ال ٌجوز للماضً أن ٌمضً بعلمه فً أي شًء ال فً حد وال فً مال‪ ،‬وال فً ؼٌرهما‪ ،‬سواء علمه‬
‫لبل والٌته أم بعدها‪.‬‬
‫المول الثاني ‪ :‬فرق بٌن حموق هللا وحموق العباد‬
‫فمالوا ‪ :‬ال ٌجوز للحاكم أن ٌحكم بعلمه فً حموق هللا‪ ،‬و ٌجوز للحاكم أن ٌحكم بعلمه فً حموق العباد شرٌطه‬
‫أن ٌكون علمه فً والٌته‪ ،‬أما ما علمه لبل والٌته‪ ،‬فال ٌجوز له المضاء فٌه‪ ،‬وهو لول أبي حنيفة‪ ،‬والشافعي‬
‫في اْلصح‪ ،‬ورواية عن أحمد‪ ،‬والزيدية‪.‬‬
‫المول الثالث ‪ :‬يرى أبي يوسف ودمحم من الحنفية والراجح لدى الشافعية‪ ،‬ورواية عن أحمد‪ ،‬والظاهرية‬
‫أنه ٌجوز للماضً أن ٌمضً بعلمه فً كل شًء؛ ْلن علمه ألوى من العلم الذي ٌحصل له بشهادة الشهود‪.‬‬
‫‪ -‬أدلة المول اْلول‬
‫أوال ‪ -‬الكتاب‬
‫ت ث ُ َو لَ ْو ٌَأْتُوا ِبأ َ ْر َب َع ِة ُ‬
‫ش َه َداة َ فَأ َ ْه ِلدُو ُه ْم تمنٌِنَ َج ْل َدة ﴾‬ ‫لوله تعالى ‪َ ﴿ :‬والَّذٌِنَ ٌَ ْر ُمونَ ْال ُم ْح َ‬
‫صنَ ِ‬
‫طا بوجود الشهود اْلربعة ولو جاز للماضً أن ٌمضً‬ ‫وجه الداللة ‪ :‬جعل هللا تعالى إلامة حد المذؾ مشرو ً‬
‫بعلمه لما لرنه بالشهادة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬السنة‬
‫ض ُك ْم ْال َح ُن ِب ُح َّجتِ ِه‬ ‫ً‪َ ،‬ولَ َع َّل َب ْع َ‬ ‫ص ُمونَ ِإلَ َّ‬ ‫سو َل هللاِ ﷺ لَا َل‪ِ :‬إنَّ ُك ْم تَ ْختَ ِ‬ ‫ً هللاُ َع ْن َها‪ :‬أ َ َّن َر ُ‬ ‫ض َ‬ ‫سلَ َمةَ َر ِ‬ ‫ع ْن أ َ ْم َ‬
‫ما روي َ‬
‫ار‪ ،‬فَ َال ٌَأ ْ ُخ ْذهَا‬ ‫ط َعةً ِمنَ النَّ ِ‬‫ط ُع لَهُ لِ ْ‬ ‫ك أ َ ِخٌ ِه ش ٌْبًا ِبمَ ْو ِل ِه‪ ،‬فَإِنَّ َما أ َ ْل َ‬
‫ضٌْتُ َلهُ ِب َح ّ ِ‬ ‫ض‪ ،‬فَ َم ْن لَ َ‬ ‫ِم ْن َب ْع ٍ‬
‫وجه الداللة ‪ :‬أفاد الحدٌث أن الرسول ٌمضً بما ٌسمع ال بما ٌعلم‪.‬‬
‫منالشة‬
‫نولش هذا االستدالل بأن النص على السماع ال ٌنفً كون ؼٌره طرٌما للحكم؛ ْلنه ٌمكن بطالن ما سمعه‬
‫اإلنسان‪ ،‬وال ٌمكن بطالن ما علمه‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬المعمول‬
‫ال ٌجوز للماضً أن ٌمضً بعلمه؛ ْلن تجوٌز المضاء بعلمه ٌؤدي إلى التهمة‪ ،‬ولد ٌحكم بما ٌشتهً‪ ،‬فوجب أن‬
‫ٌمنع من ذلن‪.‬‬
‫‪ -‬أدلة المول الثاني‬
‫ط ْعت ُ ْم‪ ،‬فَإ ِ َذا َو َج ْدت ُ ْم ِل ْل ُم ْس ِل ِم‬‫ع ِن ْال ُم ْس ِل ِمٌنَ َما ا ْست َ َ‬ ‫‪ -۱‬ما روي عن عابشة أن رسول هللا ﷺ لال‪ :‬اد َْر ُءوا ْال ُحدُو َد َ‬
‫ا فًِ ْالعُمُو َب ِة‬ ‫ا َحا ِك ٌم َم ْن حكام ْال ُم ْس ِل ِمٌنَ فًِ ْال َعفُو َخٌ ٌْر ِم ْن أ َ ْن ٌ ُْخ ِط َ‬ ‫َم ْخ َر ًجا‪ ،‬فَاد َْر ُءوا َع ْنهُ؛ فَإِنَّهُ أ َ ْن ٌ ُْخ ِط َ‬
‫وجه الداللة ‪ :‬أمر النبً ﷺ بدرء الحدود عن المسلمٌن لدر اإلمكان‪ ،‬وما ذان إال لحرص اإلسالم على الستر‪،‬‬
‫لذلن ال ٌجوز الحكم فٌها بعلم الماضً‪.‬‬
‫‪ -٢‬ذكر الحنفٌة تعلٌال أورده صاحب االختٌار‪ ،‬حٌث لال‪ " :‬أما جواز لضابه بما علمه من حموق اآلدمٌٌن فً‬
‫زمن والٌته ومحلها‪ ،‬فألن علمه كشهادة الشاهدٌن‪ ،‬بل هو أولى‪ْ ،‬لن الٌمٌن حاصل بما علمه بالمعاٌنة والسماع‬
‫والحاصل بالشهادة لٌس إال ؼلبة الظن‪ ،‬وأما عدم جواز لضابه بما علمه لبل والٌته‪ ،‬أو فً ؼٌر محل والٌته‪،‬‬
‫فألنه لبل والٌته‪ ،‬وفً ؼٌر محل والٌته شاهد ال حاكم‪ ،‬وشهادة الفرد ال تمبل‪ ،‬وأما حموق هللا عز وجل فال‬
‫ٌمضً فٌها بعلمه؛ ْلنه خصم فٌها‪ ،‬فالحاكم نابب عن هللا عز وجل فً تنفٌذ حموله تعالى‪.‬‬
‫‪ -‬أدلة المول الثالث‬
‫ع َلى أَنفُ ِس ُك ْم أ َ ِو ْال َوا ِل َدٌ ِْن َو ْاْل َ ْل َربٌِنَ‬ ‫َّللا َولَ ْو َ‬
‫ش َه َدا َء َّ ِ‬ ‫ْط ُ‬ ‫‪ -۱‬لوله تعالى‪ٌَ :‬ا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُوا ُكونُوا لَ َّو ِامٌنَ بِ ْال ِمس ِ‬
‫س ْفٌَانَ َر ُج ٌل ش َِحٌح‪ ،‬فال‬ ‫َّللا ِإ َّن أ َبَا ُ‬
‫سو َل َّ ِ‬ ‫ت‪ٌَ :‬ا َر ُ‬ ‫ت ِهند إلى النبً ﷺ فَمَالَ ْ‬ ‫ت ‪َ :‬جا َء ْ‬ ‫شةَ‪ ،‬لَالَ ْ‬ ‫عابِ َ‬ ‫ع ْن َ‬‫‪ -٢‬ما روي َ‬
‫كفٌن َو َولَ َد َن ِب ْال َم ْع ُر ِ‬
‫وؾ‪.‬‬ ‫ٌُؽطٌنً ما ٌكفٌنً َو َولَدِي ِإ َّال َما أ َ َخ ْذتُ ِم ْن َما ِل ِه َو ُه َو َال ٌَ ْعلَ ُم‪ ،‬فَمَا َل‪ُ :‬خذِي َما ٌَ َ‬
‫وجه الداللة ‪ :‬إن النبً حكم لهند بالتصرؾ فً مال زوجها‪ ،‬بأن تأخذ من ماله بالمعروؾ والنبً هنا إنما حكم‬
‫بعلمه‪ ،‬فدل على أن حكم الحاكم بعلمه جابز‪.‬‬
‫المنالشة‬
‫بأن الحدٌث ال ٌدل على جواز المضاء بعلم الماضً؛ ْلنه فتوى ولٌس حكم‬
‫‪ -۳‬استدلوا بالمٌاس فمالوا‪ :‬إن الماضً ٌحكم بالشاهدٌن ْلن شهادتهما تعطٌانه ظنا ؼالبا بصحة ما شهدا به‬
‫فٌكون ما علمه الماضً‪ ،‬وتحمك منه أولى‬
‫المنالشة‬
‫بأن المضاء بالشاهدٌن ال ٌؤدي إلى تهمة على خالؾ الحكم بالعلم‪ ،‬فإنه ٌؤدي إلى تهمة ولو كان تمٌا‪ ،‬فٌحكم‬
‫على من ٌشاء من ؼٌر حجة ‪.‬‬
‫المول الراجح‬
‫ٌظهر رجحان الرأي الثانً الذي ٌفرق بٌن حموق هللا وحموق العباد؛ ْلنه الموافك للمعمول‪ ،‬واْلولى بالمبول‪،‬‬
‫ْلن شهادة الشاهدٌن ال تبلػ مرتبة العلم‪.‬‬
‫وهذا المول هو الذي رجحه اإلمام الشوكانً فً نٌل اْلوطار‪ ،‬وكذلن رجحه اإلمام ابن المٌم فً إعالم‬
‫المولعٌن‪.‬‬
‫وٌرى البعض من المعاصرٌن بعد موافمته لرأي الشوكانً أنه من االحتٌاط فً هذه المسألة‪ ،‬إذ البد أن‬
‫ٌكون الماضً عدالً‪ ،‬حتى ٌصح له أن ٌحكم بعلمه‪.‬‬
‫ومع ذلن فمد استثنى الفمهاء المابلٌن بعدم الجواز صورا ٌجوز فٌها المضاء بالعلم وهً ‪:‬‬
‫‪ -‬اإلساءة إلى الماضً فً مجلسه‪.‬‬
‫‪ -‬اإلساءة من الخصم إلى الخصم أمامه‪.‬‬
‫‪ -‬اإلساءة إلى الشهود‬
‫‪ -‬اإلساءة إلى هٌبة مجلسه‪ ،‬كمستشارٌه ومفتٌه وأعوانه‪.‬‬
‫‪ -‬الجرح والتعدٌل‪ ،‬فٌجوز للماضً أن ٌستند لعلمه فً تزكٌة الشهود‪.‬‬
‫لو ألر الماضً بشًء فً مجلس لضابه‪ ،‬فله أن ٌمضً به‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫لو علم اإلمام استحماق من طلب الزكاة‪ ،‬جاز الدفع له‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫لو عاٌن الماضً اللوث كان له اعتماده‪ ،‬وال ٌخرج على الخالؾ فً المضاء بالعلم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أن ٌمر عنده بالطالق الثالث ثم ٌدعى زوجٌتها‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ا ْلفَ ْ‬
‫ص ُل الرابع‬
‫في اإللرار‬
‫‪ ‬تعريف اإللرار‬
‫اإللرار لغة ‪ :‬هو اإلذعان للحك واالعتراؾ به‪.‬‬
‫اإللرار وفي اصطالح الفمهاء ‪:‬‬
‫‪ -‬الحنفية ‪ :‬إخبار عن ثبوت حك للؽٌر على نفسه‬
‫‪ -‬المالكية ‪ :‬االعتراؾ بما ٌوجب حما ً على لابله بشرط‪.‬‬
‫‪ -‬الشافعية ‪ :‬إخبار عن حك سابك‪.‬‬
‫‪ -‬الحنابلة ‪ :‬إظهار مكلؾ مختار ما علٌه لفظا أو كتابة أو إشارة من أخرس أو على موكله أو مولٌه أو‬
‫موروثه بما ٌمكن صدله‪.‬‬
‫واإللرار فً اصطالح الشرع مرادؾ لالعتراؾ‪ ،‬وٌمصد به ‪ :‬أن ٌمر شخص آلخر أو هللا تعالى بحك فً‬
‫مال أو دم‪ ،‬أو هو إظهار مطلك مختار ما علٌه أو ما ٌثبت ارتكابه لفعل ٌستوجب عموبة شرعا‬
‫‪ ‬مشروعية اإللرار‬
‫أوال ‪ -‬الكتاب‬
‫علَى أنفُ ِس ُك ْم ﴾‬
‫َّلل َولَ ْو َ‬ ‫لوله تعالى ‪ٌ ﴿ :‬ا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُوا ُكونُوا لَ َّو ِامٌنَ ِب ْال ِمس ِ‬
‫ْط ُ‬
‫ش َه َدا َء ِ َّ ِ‬
‫وجه الداللة ‪ :‬فً هذه اآلٌة أمر من هللا تعالى للمؤمنٌن بإلامة العدل ولول الحك ولو على النفس‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬من السنة‬
‫ما رواه مسلم أن رجال من اْلعراب أتى رسول هللا ﷺ فمال‪ٌ :‬ا رسول هللا‪ ،‬أنشدن هللا أال لضٌت لً بكتاب هللا‪،‬‬
‫فمال رسول هللا ﷺ‪ :‬لل‪ ،‬لال‪ :‬إن ابنً كان عسٌفا عند هذا‪ ،‬فزنً بامرأته وإنً أخبرت أن على ابنى الرجم‪،‬‬
‫فالتدٌت منه بمابة شاة وولٌدة‪ ،‬فسألت أهل العلم‪ ،‬فأخبرونً أن على ابنً جلد مابة وتؽرٌب عام‪ ،‬وأن على‬
‫امرأة هذا الرجم‪ ،‬فمال رسول هللا له والذي نفسً بٌده ْللضٌن بٌنكما بكتاب هللا الولٌدة والؽنم رد‪ ،‬وعلى ابنن‬
‫جلد مابة وتؽرٌب عام‪ ،‬واؼد ٌا أنٌس إلى امرأة هذا‪ ،‬فإن اعترفت فارجمها‪ ،‬فؽدا إلٌها فاعترفت‪ ،‬فأمر بها‬
‫رسول هللا فرجمت‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬اإلجماع‬
‫فمد أجمعت اْلمة من لدن رسول هللا إلى ٌومنا هذا على أن اإللرار جابز وٌعمل به كدلٌل‪.‬‬

‫اب الرابع‬ ‫ا ْلبَ ُ‬


‫ع َل ْي ِه أ َ ْو لَهُ‬
‫ضى َ‬ ‫في َم ْع ِرفَ ِة َم ْن يُ ْم َ‬
‫ع َل ٌْ ِه‪،‬‬ ‫ضً ِل َم ْن لٌَ َ‬
‫ْس ٌُت َ َه ُم َ‬ ‫ضً؟ فَإ ِ َّن ْالفُمَ َها َء اتَّفَمُوا َ‬
‫علَى أَنَّهُ ٌَ ْم ِ‬ ‫‪َ -‬و ِل َم ْن ٌَ ْم ِ‬
‫اض ِر‪.‬‬‫علَى ْال ُم ْس ِل ِم ْال َح ِ‬ ‫ضً َ‬ ‫علَى أَنَّهُ ٌَ ْم ِ‬‫ضً؟ فَإِنَّ ُه ُم اتَّفَمُوا َ‬ ‫علَى َم ْن ٌَ ْم ِ‬ ‫‪َ -‬وأ َ َّما َ‬
‫علَى أ َ ْه ِل ْال ِكتَا ِ‬
‫ب‬ ‫اء َ‬ ‫ض ِ‬‫ب َوفًِ ْالمَ َ‬ ‫اختَلَفُوا فًِ ْالؽَابِ ِ‬ ‫َو ْ‬
‫‪ ‬المضاء على الغائب‬
‫وجاء خالفهم على لولٌن ‪:‬‬
‫المول اْلول ‪ :‬ذهب جمهور الفمهاء من المالكية والشافعية والحنابلة في لول والظاهرية والزيدية إلى جواز‬
‫المضاء على الؽابب‬
‫المول الثاني ‪ :‬ذهب الحنفية والشافعية في المديم وأحمد في رواية وابن الماجشون من المالكية إلى عدم‬
‫جواز المضاء على الؽابب‬
‫‪ -‬أدلة المول اْلول‬
‫أوال ‪ -‬الكتاب‬
‫ْط شهداء هللا ﴾ ولوله تعالى‪َ ﴿ :‬وأَلٌِ ُموا ال َّ‬
‫ش َها َدة َ َّ‬
‫َّللا ﴾‬ ‫لوله تعالى ‪ٌ ﴿ :‬ا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُوا ُكونُوا لَ َّو ِامٌنَ بِ ْال ِمس ِ‬
‫وجه الداللة ‪ :‬أمر هللا عز وجل بإلامة الشهادة‪ ،‬من ؼٌر تفرٌك بٌن حاضر وؼابب‪ ،‬مما ٌدل على عموم اآلٌات‬
‫وشمولها للمضاء على الؽابب‪.‬‬
‫المنالشة‬
‫ٌنالش االستدالل باآلٌتٌن بأنهما خارجان عن محل النزاع؛ فهو استدالل بعموم اآلٌة‪ ،‬ولٌس فٌهما نص على‬
‫جواز المضاء على الؽابب‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬السنة‬
‫س ْف ٌَانَ َر ُج ٌل ش َِحٌ ٌح‪ ،‬فَال‬‫َّللاِ‪ِ ،‬إ َّن أ َ َبا ُ‬
‫سو َل َّ‬‫ت ‪ٌَ " :‬ا َر ُ‬ ‫ت هند إلى النبً ﷺ فَمَالَ ْ‬ ‫ت ‪َ :‬جا َء ْ‬ ‫شةَ‪َ ،‬لالَ ْ‬ ‫عا ِب َ‬ ‫أ‪ -‬ما روي ْ‬
‫عن َ‬
‫وؾ "‬ ‫ٌن َو َولَ َد َن بِا ْل َم ْع ُر ِ‬‫ٌُعطٌنً ما ٌكفٌنً َو َولَدِي إِ َّال َما أ َ َخ ْذتُ ِم ْن َما ِل ِه َو ُه َو َال ٌَ ْعلَ ُم‪ ،‬فَمَا َل‪ُ :‬خذِي َما ٌَ ْك ِف َ‬
‫وجه الداللة ‪ :‬دل الحدٌث على جواز المضاء على الؽابب؛ حٌث لضى على أبً سفٌان بالنفمة وهو ؼابب‪.‬‬
‫ونولش االستدالل بهذا الحدٌث بمنالشات ثالث‪:‬‬
‫المنالشة اْلولى ‪ -‬إن هند زوج أبً سفٌان لم تطلب من النبً للمضاء‪ ،‬وإنما طلبت منه فتوى فما صدر عن‬
‫النبً لها لٌس حكما‪.‬‬
‫ٌجاب عن ذلن بوجود الفرق بٌن الفتوى والحكم من حٌث الجزم فالفتوى ال ٌكون بها جزم‪ ،‬بخالؾ الحكم‪،‬‬
‫فإنه ٌكون على سبٌل الجزم كما فً الحدٌث‬
‫المنالشة الثانٌة ‪ -‬على فرض التسلٌم بأن ما لاله النبً الهند حكم ولٌس بفتوى‪ ،‬فهو حكم على حاضر ولٌس‬
‫على ؼابب؛ ْلن هذه المضٌة كانت فً مكة‪ ،‬وكان أبو سفٌان حاضرا فً هذا المكان‪.‬‬
‫وٌجاب عن ذلن بأن أبا سفٌان وإن لم ٌكن ؼاببا إال أن ذلن ٌحتمل تعدد المصة‬
‫المنالشة الثالثة ‪ -‬إن النبً الحكم على أبً سفٌان لعلمه بصحة ما ذكرت له هند‪ ،‬أي أنه كان مستندا لعلمه فً‬
‫الحكم‪.‬‬
‫ٌجاب عن ذلن بأن علم الحاكم لٌس بألل من البٌنة مع االختالؾ بٌن العلماء فً حكم المضاء بعلم الماضً‪،‬‬
‫واتفالهم على المضاء بالبٌنة‪ ،‬فإذا جاز المضاء على الؽابب بعلم الماضً‪ ،‬فمن باب أولى ٌجوز الحكم علٌه‬
‫بالبٌنة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬من اْلثر‬
‫استدلوا بما ثبت عن صحابة رسول هللا ﷺ أنهم أجازوا المضاء على الؽابب سواء كانت هذه اإلجازة بالمول أم‬
‫بالفعل‪ ،‬ومن ذلن ‪:‬‬
‫‪ -‬حكم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان فً المفمود أن امرأته تتربص أربع سنٌن وأربعة أشهر وعشرا ثم‬
‫تتزوج‪.‬‬
‫رابعا ‪ -‬المعمول‬
‫اْلول ‪ :‬إن منع الماضً من المضاء على الؽابب ٌؤدي إلى فساد أكبر بكثٌر من المنفعة التً ترجى من هذا‬
‫المنع‪.‬‬
‫الثانً ‪ :‬فمد أفتى متأخروا الحنفٌة بصحة حكم الحنبلً بطالق امرأة ؼاب عنها زوجها‪.‬‬

‫‪ -‬أدلة المول الثاني‬


‫أوال ‪ -‬الكتاب‬
‫ضون ﴾‬ ‫سو ِل ِه ِلٌَ ْح ُك َم َب ٌْ َن ُه ْم إِ َذا فَ ِر ٌ‬
‫ٌك ِم ْن ُه ْم ُم ْع ِر ُ‬ ‫عوا إِلَى هللاِ َو َر ُ‬
‫لوله تعالى ‪َ ﴿ :‬وإِذا ُد ُ‬
‫وجه الداللة ‪ :‬دل هذ ا الذم على وجوب الحضور للحكم‪ ،‬ولو نفذ الحكم مع الؽٌبة لم ٌجب الحضور‪ ،‬ولم ٌستحك‬
‫الذم‪.‬‬
‫المنالشة‬
‫أنه ال منافاة بٌن ذمهم على عدم الحضور وبٌن نفوذ الحكم علٌهم‪ْ ،‬لنه واجب علٌهم عند الؽٌبة‪ ،‬فٌمكن أن‬
‫ٌجتمع اْلمران‪ :‬الذم على عدم الحضور‪ ،‬ونفوذ الحكم علٌهم مع الؽٌبة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬السنة‬
‫سنَ ‪ ،‬لَا َل‪ :‬لُ ْلتُ ‪ :‬تَبعَثَنًِ إِلَى لَ ْو ٍم ٌَ ُك ُ‬
‫ون‬ ‫سو ُل هللاِ ﷺ إِلَى ْالٌَ َم ِن َوأَنَا َحد ُ‬
‫ٌِث ال َ‬ ‫ما روي عن علً ‪ ،‬لَا َل ‪َ " :‬بعَثَنًِ َر ُ‬
‫بَ ٌْنَ ُه ْم أَ ْح َداتُ ‪َ ،‬وال ِع ْل َم لً بالمضاء؟ لال‪ :‬إن هللا سٌهدي لسانن‪ ،‬وٌُثبت للبن‪ ،‬لال‪ :‬فما شككت فً لضاء بٌَْنَ‬
‫اثْنٌَ ِْن َب ْع ُد فال تمضٌن حتى تسمع كالم اآلخر "‬
‫وجه الداللة ‪ :‬إن لوله " فال تمضٌن حتى تسمع كالم اآلخر" ْلنه ٌدل على أن الخصمٌن حاضرٌن مجلس‬
‫الحكم‪ ،‬ولٌس للماضً أن ٌحكم أحدهما دون سماع من اآلخر‪.‬‬
‫ونولش االستدالل بهذا الحدٌث ‪:‬‬
‫إن هذا الحدٌث فً سنده ممال ٌمنع االستدالل به‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬اْلثر‬
‫ما روي عن عمرو بن عثمان بن عفان لال‪ :‬أتى عمر بن الخطاب رجل لد فمبت عٌنه فمال له عمر تحضر‬
‫خصمن‪ ،‬فمال له‪ٌ :‬ا أمٌر المؤمنٌن أما بن من الؽضب إال ما أرى فمال له عمر‪ :‬فلعلن لد فمأت عٌنً خصمن‬
‫معا‪ ،‬فمال عمر‪ :‬إذا سمعت حجة اآلخر بان لن المضاء‬
‫نولش االستدالل بهذا اْلثر بما ٌلً ‪:‬‬
‫إن فً سند هذا اْلثر راوٌان مجهوالن و أن هذا اْلثر مروي عن عمرو بن عثمان بن عفان وعمرو لم ٌدرن‬
‫عمر بن الخطاب‪ ،‬إذ إنه ولد فً اللٌلة التً توفً فٌها عمر‪ ،‬فاْلثر على هذا منمطع‬
‫رابعا ‪ -‬المعمول‬
‫إن العملٌة المضابٌة تتم إما باإللرار وإما بالبٌنة والبٌنة ٌحتاج إلٌها لمطع المنازعة وال توجد المنازعة إال فً‬
‫حالة اإلنكار‪ ،‬وعندها تطلب البٌبة‪ ،‬فإذا أجزنا المضاء على الؽابب نكون أن اإلنكار لم ٌوجد حتى ٌجوز سماع‬
‫البٌبة‪.‬‬
‫المنالشة‬
‫أن الؽابب ال ٌحكم علٌه إال بشروط وضمانات تحمً حمه‪ ،‬ولبال ٌتخذ الؽٌاب ذرٌعة لتعطٌل اْلحكام وضٌاع‬
‫الحموق تسمع الدعوى على الؽابب‪.‬‬
‫المول الراجح‬
‫أن اْلولى بالمبول هو المول بجواز المضاء على الؽابب‪ ،‬إال أن هذا الجواز لٌس على إطالله؛ بل هو ممٌد‬
‫بالشروط اآلتٌة‪:‬‬
‫‪ -۱‬تعسر إحضار المدعً‪.‬‬
‫‪ -٢‬أن ٌكون المدعى به حما آلدمً‪ ،‬فإن كان حما خالصا هللا تعالى فال ٌصح المضاء به على الؽابب‪ ،‬كحد‬
‫شرب الخمر والزنا‬
‫‪ -۳‬أن ٌصرح المدعً بالدعوى وٌعٌن المدعى به من ناحٌة المدر والجنس‬
‫‪ -٤‬أن ٌمٌم المدعً البٌنة‬
‫‪ -٥‬أن ٌكون للمدعى علٌه مال أو وكٌل أو كفٌل فً بلد الحكم‪ ،‬وهذا عند المالكٌة فمط‪.‬‬
‫‪ -٦‬أن ٌحلؾ المحكوم له ٌمٌن االستظهار‪ ،‬وتسمى عند المالكٌة بٌمٌن المضاء‪ ،‬وٌمٌن االستبراء‪ ،‬وٌحلؾ‬
‫المدعً هذه الٌمٌن على سبٌل الوجوب فً حالة كون المدعى علٌه ؼاببا‪ ،‬أو ٌتٌما‪ ،‬أو ولفا‪ ،‬أو صبٌا‪ ،‬أو‬
‫مجنونا أو على مٌت‬

‫س‬
‫ام ُ‬ ‫اب ا ْل َخ ِ‬ ‫ا ْلبَ ُ‬
‫اء‬
‫ض ِ‬‫ِفي َك ْي ِفيَّ ِة ا ْلمَ َ‬
‫ص َمٌ ِْن فًِ ْال َم ْج ِلس‬ ‫ي بٌَْنَ ْال َخ ْ‬ ‫علَ ٌْ ِه أ َ ْن ٌُ َ‬
‫س ّ ِو َ‬ ‫ب َ‬ ‫علَى أَنَّهُ َو ِ‬
‫اح ٌ‬ ‫أ َ ْج َمعُوا َ‬
‫ٌنبؽً للماضً أن ٌكون مع الخصوم بكٌفٌة ال ٌشعر فٌها أحدهم بمٌله‪ ،‬وعماد ذلن أن ٌسوي الماضً بٌن‬
‫الخصوم‪ ،‬وهذه التسوٌة لها جوانب متعددة على النحو التالً ‪:‬‬
‫‪ -‬أوال ‪ٌ :‬جب على الماضً أن ٌسوى بٌن الخصوم فً الدخول علٌه‪ ،‬فال ٌأذن ْلحدهما وٌمنع اآلخر‪ ،‬وإذا‬
‫ألبل على أحدهما وجب علٌه أن ٌمبل على الطرؾ اآلخر‪ ،‬وإذا سمع من أحدهما فعلٌه أن ٌسمع من اآلخر‪ ،‬وال‬
‫ٌجوز له أن ٌجلس أحدهما وٌولؾ الطرؾ اآلخر‪.‬‬
‫‪ -‬ثانٌا ‪ٌ :‬جب على الماضً أن ٌسوى بٌن الخصمٌن فً لٌامه لهما عند دخولهما مجلس المضاء‬
‫ولد كره البعض المٌام لهما جمٌعًا‪ ،‬حرضا على هٌبة الماضً وْلن أحدهما لد ٌكون شرٌفا‪ ،‬واآلخر وضٌعًا‪،‬‬
‫فٌظن الشرٌؾ أن المٌام له‪ ،‬فٌزداد حجة فً الخصومة‪ ،‬بٌنما ٌنكسر للب اآلخر‪ ،‬فترن المٌام ألرب إلى العدل‬
‫وأنفى للتهمة‪.‬‬
‫وإذا دخل الخصمان عند الماضً وألمٌا علٌه السالم‪ ،‬رد علٌهما جملة واحدة‪ ،‬وإن سلم أحدهما انتظر حتى‬
‫ٌسلم اآلخر حتى ٌرد علٌهما معا‪ ،‬أما إن طال الفصل بٌن دخول أحد الخصمٌن واآلخر فإنه ٌرد على واحد‬
‫منهما منفردا‪.‬‬
‫كتاب الذبائح‬
‫الباب اْلول‬
‫في معرفة محل الذبح والنحر‬
‫والحٌوان فً اشتراط الذكاة فً أكله على لسمٌن ‪ :‬حٌوان ال ٌحل إال بذكاة‪ ،‬وحٌوان ٌحل بؽٌر ذكاة‪.‬‬
‫‪ -‬اتفموا على أن الحٌوان الذي ٌعمل فٌه الذبح هو الحٌوان البري ذو الدم الذي لٌس بمحرم وال منفوذ‬
‫المماتل وال مٌبوس منه بولذ أو نطح أو ترد أو افتراس سبع أو مرض‪ ،‬وأن الحٌوان البحري لٌس‬
‫ٌحتاج إلى ذكاة‪.‬‬
‫ففً هذا الباب إذا ست مسابل أصول ‪:‬‬
‫المسألة اْلولى ‪ :‬فً تأثٌر الذكاة فً اْلصناؾ الخمسة التً نص علٌها فً اآلٌة إذا أدركت حٌة‪.‬‬
‫المسألة الثانٌة ‪ :‬فً تأثٌر الذكاة فً الحٌوان المحرم اْلكل‪.‬‬
‫المسألة الثالثة ‪ :‬فً تأثٌر الذكاة فً المرٌضة‪.‬‬
‫المسألة الرابعة ‪ :‬فً هل ذكاة الجنٌن ذكاة أمه أم ال؟‬
‫المسألة الخامسة ‪ :‬هل للجراد ذكاة أم ال؟‬
‫المسألة السادسة ‪ :‬هل للحٌوان الذي ٌأوي فً البر تارة وفً البحر تارة ذكاة أم ال؟‬
‫‪ ‬المسألة اْلولى ‪ -‬أما المنخنمة والمولوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع‬
‫فإنهم اتفموا فٌما أعلم أنه إذا لم ٌبلػ الخنك منها إلى حالة ال ٌرجى فٌه أن الذكاة عاملة فٌها أعنً أنه إذا‬
‫ؼلب الظن أنها تعٌش‪ ،‬وذلن بأن ال ٌصاب لها ممتل‪.‬‬
‫واختلفوا إذا ؼلب على الظن أنها تهلن من ذلن بإصابة ممتل أو ؼٌره ‪:‬‬
‫فمال أبي حنيفة والمشهور من لول الشافعي لول الزهر وابن عباس ‪ :‬تعمل الذكاة فٌها‪،‬‬
‫ولال لوم ‪ :‬ال تعمل الذكاة فٌها‪ .‬وعن مالن فً ذلن الوجهان‪ ،‬ولكن اْلشهر أنها ال تعمل فً المٌبوس منها‪.‬‬
‫وبعضهم تأول فً المذهب أن المٌبوس منها على ضربٌن ‪:‬مٌبوسة مشكون فٌها‪ ،‬ومٌبوسة ممطوع بموتها‬
‫وهً المنفوذة المماتل لال ‪:‬‬
‫‪ -‬أما المٌبوسة المشكون فٌها ففً المذهب فٌها رواٌتان مشهورتان‪.‬‬
‫‪ -‬وأما المنفوذة المماتل فال خالؾ فً المذهب المنمول أن الذكاة ال تعمل فٌها‪.‬‬
‫وسبب اختالفهم اختالفهم فً مفهوم لوله تعالى ‪ ﴿ :‬إال ما ذكٌتم ﴾‪ .‬هل هو استثناء متصل‪ ،‬أم هو استثناء‬
‫منمطع ال تأثٌر له فً الجملة المتمدمة‪.‬‬
‫‪ -‬ولد احتج من لال ‪ :‬إن االستثناء متصل (الذكاة تعمل فً هذه اْلصناؾ الخمسة) بإجماعهم على أن‬
‫الذكاة تعمل فً المرجو منها‪.‬‬
‫‪ -‬ولد احتج من رأى أنه منمطع (الذكاة ال تعمل فً هذه اْلصناؾ الخمسة) بأن التحرٌم لم ٌتعلك بأعٌان‬
‫هذه اْلصناؾ الخمسة وهً حٌة‪ ،‬وإنما ٌتعلك بها بعد الموت‪.‬‬
‫لكن الحك فً ذلن أن كٌفما كان اْلمر فً االستثناء فواجب أن تكون الذكاة تعمل فٌها‪.‬‬
‫‪ ‬المسألة الثانية ‪ -‬هل تعمل الذكاة في الحيوانات المحرمات اْلكل حتى تطهر بذلن جلودهم؟‬
‫اختلفوا فً ذلن ‪:‬‬
‫فمال مالن و أبو حنيفة ‪ :‬الذكاة تعمل فً السباع وؼٌرها ما عدا الخنزٌر‪.‬‬
‫ولال الشافعي ‪ :‬الذكاة تعمل فً كل حٌوان محرم اْلكل (هذا وهم لكن الصحٌح فً المذهب الشافعً أن الدباغ‬
‫ال ٌطهر اللكلب والخنزٌر)‪ ،‬فٌجوز بٌع جمٌع أجزابه واالنتفاع بها ما عدا اللحم‪.‬‬
‫سبب الخالؾ هل جمٌع أجزاء الحٌوان تابعة للحم فً الحلٌة والحرمة‪ ،‬أم لٌست بتابعة للحم؟‬
‫‪ -‬فمن لال إنها تابعة للحم لال ‪ :‬إذا لم تعمل الذكاة فً اللحم لم تعمل فٌما سواه‪.‬‬
‫‪ -‬ومن رأى أنها لٌست بتابعة للحم لال ‪ :‬اذا لم تعمل الذكاة فً اللحم فإنها تعمل فً سابر أجزاء الحٌوان‪،‬‬
‫ْلن اْلصل أنها تعمل فً جمٌع اْلجزاء‪.‬‬
‫‪ ‬المسألة الثالثة ‪ -‬واختلفوا في تأثير الذكاة في البهيمة التي أشرفت على الموت من شدة المرض بعد‬
‫اتفالهم على عمل الذكاة في التي تشرف على الموت‪.‬‬
‫فالجمهور على أن الذكاة تعمل فٌها‪ ،‬وهو المشهورعن مالن‪ ،‬ورو عنه أن الذكاة ال تعمل فٌها‪.‬‬
‫وسبب الخالؾ معارضة المٌاس لألثر‪ .‬فأما اْلثر فهو ما روي ‪ " :‬أن أمة لكعب بن مالن كانت ترعى ؼنما‬
‫بسلع فأصٌبت شاة منها‪ ،‬فأدركتها فذكتها بحجر‪ ،‬فسبل رسول هللا ﷺ فمال ‪ :‬كلوها "‪.‬‬
‫وأما المٌاس ‪ :‬فألن المعلوم من الذكاة أنها إنما تفعل فً الحً وهذه فً حكم المٌت‪ ،‬فإنهم اتفموا على أنه ال‬
‫تعمل الذكاة فٌها إال إذا كان فٌها دلٌل على الحٌاة‪.‬‬
‫واختلفوا فيما هو الدليل المعتبر في ذلن (حياة)‬
‫مذهب زيد بن ثابت لم ٌعتبرها‬ ‫مذهب أبي هريرة اعتبر الحركة‬
‫مذهب سعيد بن المسيب‪ ،‬وزيد بن أسلم‪ ،‬وهو الذ اختاره دمحم بن المواز اعتبر فٌها ثالث حركات ‪:‬طرؾ‬
‫مذهب ابن حبيب شرط مع هذه التنفس‪.‬‬ ‫العٌن وتحرٌن الذنب والركض بالرجل‬
‫‪ ‬المسألة الرابعة ‪ -‬واختلفوا هل تعمل ذكاة اْلم في جنينها أم ليس تعمل فيه‪ ،‬وإنما هو ميتة أعني ‪ :‬إذا‬
‫خرج منها بعد ذبح اْلم‬
‫فذهب جمهور العلماء وبه لال مالن‪ ،‬والشافعي إلى أن ذكاة اْلم ذكاة لجنٌنها‬
‫ولال أبو حنيفة إن خرج حٌا ذبح وأكل‪ ،‬وإن خرج مٌتا فهو مٌتة‪.‬‬
‫والذٌن لالوا إن ذكاة اْلم ذكاة له‪ ،‬بعضهم وبه لال مالن اشترط فً ذلن تمام خلمته ونبات شعره‪.‬‬
‫وبعضهم وبه لال الشافعي لم ٌشترط ذلن‪.‬‬
‫وسبب اختالفهم اختالفهم فً صحة اْلثر المروي فً ذلن من حدٌث أبً سعٌد الخدري مع مخالفته لألصول ‪:‬‬
‫أما حدٌث أبً سعٌد هو ‪ :‬لال ‪ :‬سألنا رسول هللا ﷺ عن البمرة أو النالة أو الشاة ٌنحرها أحدنا فنجد فً بطنها‬
‫جنٌنا أنأكله أو نلمٌه؟ فمال ‪ " :‬كلوه إن شبتم فإن ذكاته ذكاة أمه "‬
‫وأما مخالفة اْلصل فً هذا الباب لألثر‪ ،‬فهو أن الجنٌن إذا كان حٌا ثم مات بموت أمه فإنما ٌموت خنما‪ ،‬فهو‬
‫من المنخنمة التً ورد النص بتحرٌمها‪ ،‬وإلى تحرٌمه ذهب أبو دمحم بن حزم‪.‬‬
‫وأما اختالؾ المابلٌن بحلٌته فً اشتراطهم نبات الشعر فٌه أو ال اشتراطه فالسبب فٌه معارضة العموم‬
‫للمٌاس‪ ،‬وذلن أن عموم لوله ﷺ ‪ :‬ذكاة الجنٌن ذكاة أمه " ٌمتضً أن ال ٌمع هنالن تفصٌل‪ ،‬وكونه محال للذكاة‬
‫ٌمتضً أن ٌشترط فٌه الحٌاة لٌاسا على اْلشٌاء التً تعمل فٌها التذكٌة‪ ،‬والحٌاة ال توجد فٌه إال إذا نبت شعره‬
‫وتم خلمه‪.‬‬
‫‪ ‬المسألة الخامسة ‪ -‬واختلفوا في الجراد‬
‫فمال مالن ‪ :‬ال ٌؤكل من ؼٌر ذكاة‪ ،‬وذكاته عنده هو أن ٌمتل إما بمطع رأسه أو بؽٌر ذلن‪.‬‬
‫ولال عامة الفمهاء ‪ٌ :‬جوز أكل مٌتته‪.‬‬
‫( وذكاة ما لٌس بذي دم عند مالن كذكاة الجراد )‬
‫وسبب اختالفهم فً مٌتة الجراد هو ‪ :‬هل ٌتناوله اسم المٌتة أم ال فً لوله تعالى ‪ ﴿ :‬حرمت علٌكم المٌتة‬
‫﴾‪ ،‬وللخالؾ سبب آخر وهو‪ :‬هل هو نثرة حوت أو حٌوان بري‪.‬‬
‫المسألة السادسة ‪ -‬واختلفوا فً الذي ٌتصرؾ فً البر والبحر هل ٌحتاج إلى ذكاة أم ال؟‬
‫وغلب آخرون هو المالكية فً رواٌة حكم البحر‬ ‫فغلب لوم هو الحنابلة فٌه حكم البر‬
‫واعتبر آخرون هو بعض المالكية حٌث ٌكون عٌشه ومتصرفه منهما ؼالبا‪.‬‬

‫الباب الثاني‬
‫في الذكاة‬
‫وفً لواعد هذا الباب مسألتان ‪:‬‬
‫المسألة اْلولى ‪ :‬فً أنواع الذكاة المختصة بصنؾ صنؾ من بهٌمة اْلنعام‪.‬‬
‫المسألة الثانٌة ‪ :‬فً صفة الذكاة‪.‬‬
‫‪ ‬المسألة اْلولى ‪ -‬في أنواع الذكاة المختصة بصنف صنف من بهيمة اْلنعام‪.‬‬
‫‪ -‬اتفموا على أن الذكاة فً بهٌمة اْلنعام نحر وذبح‪ ،‬وأن من سنة الؽنم والطٌر الذبح‪ ،‬وأن من سنة اإلبل‬
‫النحر‪ ،‬وأن البمر ٌجوز فٌها الذبح والنحر‪.‬‬
‫‪ -‬وإنما اتفموا على جواز ذبح البمر لموله تعالى ‪ ﴿ :‬إن هللا ٌأمركم أن تذبحوا بمرة ﴾ وعلى ذبح الؽنم بموله‬
‫تعالى ‪ ﴿ :‬وفدٌناه بذبح عظٌم ﴾‬
‫واختلفوا هل ٌجوز النحر فً الؽنم والطٌر‪ ،‬والذبح فً اإلبل؟‬
‫فذهب مالن ‪ :‬إلى أنه ال ٌجوز النحر فً الؽنم والطٌر‪ ،‬وال الذبح فً اإلبل‪ ،‬وذلن فً ؼٌر موضع الضرورة‪.‬‬
‫ولال لال الشافعي‪ ،‬وأبو حنيفة‪ ،‬والثور ‪ ،‬وجماعة من العلماء ‪ٌ :‬جوز جمٌع ذلن من ؼٌر كراهة‪.‬‬
‫ولال أشهب ‪ :‬إن نحر ما ٌذبح أو ذبح ما ٌنحر أكل ولكنه ٌكره‪.‬‬
‫ابن بكير فرق بٌن الؽنم واإلبل‪ ،‬فمال ‪ٌ :‬ؤكل البعٌر بالذبح وال تؤكل الشاة بالنحر‪ ،‬ولم ٌختلفوا فً جواز ذلن‬
‫فً موضع الضرورة‪.‬‬
‫وسبب اختالفهم معارضة الفعل للعموم ‪:‬‬
‫فأما العموم ‪ :‬فموله ﷺ ‪ " :‬ما أنهر الدم وذكر اسم هللا علٌه فكلوا "‪ .‬وأما الفعل ‪ :‬فإنه ثبت أن رسول هللا ﷺ نحر‬
‫اإلبل والبمر وذبح الؽنم‪.‬‬
‫‪ ‬المسألة الثانية ‪ -‬وأما صفة الذكاة‬
‫‪ -‬فإنهم اتفموا على أن الذبح الذي ٌمطع فٌه الودجان والمريء والحلموم مبٌح لألكل‪.‬‬
‫واختلفوا من ذلن فً مواضع‪:‬‬
‫‪ -‬هل الواجب لطع اْلربعة كلها أو بعضها؟‬
‫‪ -‬هل الواجب فً الممطوع منها لطع الكل أو اْلكثر؟‬
‫‪ -‬هل من شرط المطع أن ال تمع الجوزة إلى جهة البدن بل إلى جهة الرأس؟‬
‫‪ -‬هل إن لطعها من جهة العنك جاز أكلها أم ال؟‬
‫‪ -‬هل إن تمادى فً لطع هذه حتى لطع النخاع جاز ذلن أم ال؟‬
‫‪ -‬هل من شرط الذكاة أن ال ٌرفع ٌده حتى ٌتم الذكاة أم ال؟‬
‫‪ ‬أما المسألة اْلولى والثانية‬
‫فإن المشهور عن مالن فً ذلن هو لطع الودجٌن والحلموم‪ ،‬وأنه ال ٌجزئ ألل من ذلن وليل عنه ‪ :‬بل اْلربعة‬
‫وليل بل الودجان فمط‪.‬‬
‫ولم ٌختلؾ المذهب فً أن الشرط فً لطع الودجٌن هو استٌفاؤهما‪ ،‬واختلؾ فً لطع الحلموم على المول‬
‫بوجوبه‪ ،‬فمٌل ‪ :‬كله‪ ،‬ولٌل ‪ :‬أكثره‪.‬‬
‫لال أبو حنيفة ‪ :‬الواجب فً التذكٌة هو لطع ثالثة ؼٌر معٌنة من اْلربعة‪ ،‬إما الحلموم والودجان‪ ،‬وإما المريء‬
‫والحلموم وأحد الودجٌن‪ ،‬أو المريء والودجان‪.‬‬
‫لال الشافعي ‪ :‬الواجب لطع المريء والحلموم فمط ‪.‬‬
‫لال دمحم بن الحسن ‪ :‬الواجب لطع أكثر كل واحد من اْلربعة‪.‬‬
‫وسبب اختالفهم أنه لم ٌأت فً ذلن شرط منمول‪ ،‬وإنما جاء فً ذلن أثران ‪:‬أحدهما‪ٌ :‬متضً إنهار الدم فمط‪،‬‬
‫واآلخر ٌمتضً لطع اْلوداج مع إنهار الدم‪.‬‬
‫ففً حدٌث رافع بن خدٌج أنه لال ﷺ ‪ " :‬ما أنهر الدم وذكر اسم هللا علٌه فكل"‪ .‬وهو حدٌث متفك على صحته‪.‬‬
‫وروي عن أبً أمامة عن النبً ﷺ أنه لال ‪ " :‬ما فرى اْلوداج فكلوا "‪.‬‬
‫فظاهر الحدٌث اْلول ٌمتضً لطع بعض اْلوداج‪ ،‬فمط‪ ،‬وفً الثانً لطع جمٌع اْلوداج‪ ،‬فالحدٌثان وهللا أعلم‬
‫متفمان على لطع الودجٌن‪.‬‬
‫وأما من اشترط لطع الحلموم والمريء فلٌس له حجة من السماع‪.‬‬
‫‪ ‬وأما المسألة الثالثة ‪ -‬في موضع المطع‬
‫وهً إن لم ٌمطع الجوزة فً نصفها وخرجت إلى جهة البدن فاختلؾ فٌه فً المذهب ‪:‬‬
‫فمال مالن وابن الماسم ‪ :‬ال تؤكل ولال أشهب وابن عبد الحكم وابن وهب ‪ :‬تؤكل‪.‬‬
‫وسبب الخالؾ هل لطع الحلموم شرط فً الذكاة أو لٌس بشرط؟ فمن لال إنه شرط لال ‪ :‬ال بد أن تمطع‬
‫الجوزة‪ ،‬ومن لال إنه لٌس بشرط لال ‪ :‬إن لطع فوق الجوزة جاز‪.‬‬
‫‪ ‬وأما المسألة الرابعة ‪ -‬وهي إن لطع أعضاء الذكاة من ناحية العنك‪،‬‬
‫فإن المذهب وبه مذهب سعيد بن المسيب‪ ،‬وابن شهاب وغيرهم ال ٌختلؾ أنه ال ٌجوز‪.‬‬
‫الشافعي وأبو حنيفة‪ ،‬وإسحاق‪ ،‬وأبو ثور‪ ،‬ورو ذلن عن ابن عمر وعلي وعمران بن الحصين أجاز ذلن‪.‬‬
‫وسبب اختالفهم هل تعمل الذكاة فً المنفوذة المماتل أم ال تعمل‪ ،‬وذلن أن الماطع ْلعضاء الذكاة من المفا ال‬
‫ٌصل إلٌها بالمطع إال بعد لطع النخاع‪ ،‬وهو ممتل من المماتل‪ ،‬فترد الذكاة على حٌوان لد أصٌب ممتله‪.‬‬
‫‪ ‬وأما المسألة الخامسة – (وهي أن يتمادى الذابح بالذبح حتى يمطع النخاع)‬
‫فإن مالكا كره ذلن إذا تمادى فً المطع ولم ٌنو لطع النخاع من أول اْلمر‪ْ ،‬لنه إن نوى ذلن فكأنه نوى التذكٌة‬
‫على ؼٌر الصفة الجابزة‪.‬‬
‫ولال مطرف‪ ،‬وابن الماجشون ‪ :‬ال تؤكل إن لطعها متعمدا دون جهل‪ ،‬وتؤكل إن لطعها ساهٌا أو جاهال‪.‬‬
‫‪ ‬وأما المسألة السادسة ‪ -‬وهي هل من شرط الذكاة أن تكون في فور واحد؟‬
‫فإن المذهب ال ٌختلؾ أن ذلن من شرط الذكاة‪ ،‬وأنه إذا رفع ٌده لبل تمام الذبح ثم أعادها ولد تباعد ذلن‪ ،‬أن‬
‫تلن الذكاة ال تجوز‪.‬‬
‫واختلفوا إذا أعاد ٌده بفور ذلن وبالمرب ‪:‬‬
‫لال سحنون ‪ :‬ال تؤكل وليل ‪ :‬إن رفعها لمكان االختبار‬ ‫فمال ابن حبيب ‪ :‬إن أعاد ٌده بالفور أكلت‬
‫هل تمت الذكاة أم ال فأعادها على الفور إن تبٌن له أنها لم تتم أكلت‪ ،‬وهو أحد ما تؤول على سحنون‪ ،‬ولد‬
‫تؤول لوله على الكراهة‪.‬‬
‫لال أبو الحسن اللخمي ‪ :‬ولو لٌل عكس هذا لكان أجود أعنً أنه إذا رفع ٌده وهو ٌظن أنه لد أتم الذكاة فتبٌن‬
‫له ؼٌر ذلن فأعادها أنها تؤكل‪.‬‬

‫الباب الثالث‬
‫فيما تكون به الذكاة‬
‫‪ -‬أجمع العلماء على أن كل ما أنهر الدم وفرى اْلوداج من حدٌد أو صخر أو عود أو لضٌب أن التذكٌة‬
‫به جابزة‪.‬‬
‫واختلفوا فً ثالثة ‪ :‬فً السن‪ ،‬والظفر‪ ،‬والعظم‪.‬‬
‫وال خالؾ فً المذهب أن الذكاة بالعظم جابزة إذا أنهر الدم‪ ،‬الشافعي ال ٌجوز التذكٌة بالعظم‬
‫واختلؾ فً السن والظفر فٌه على اْللاوٌل الثالثة أعنً ‪:‬‬
‫‪ -‬بالمنع مطلما‪ ،‬مستدال بأنهما لٌس من طبعهما الذبح‬
‫‪ -‬والفرق فٌهما بٌن االنفصال واالتصال‪ ،‬فأجاز التذكٌة بهما إذا كانا منزوعٌن‪ ،‬ولم ٌجزها إذا كانا متصلٌن‬
‫ْلن هذا أمكن فً إنهار الدم‬
‫‪ -‬وبالكراهٌة ال بالمنع‪.‬‬
‫وال ٌختلؾ المذهب أنه ٌكره ؼٌر الحدٌد من المحدودات مع وجود الحدٌد لموله ﷺ ‪ " :‬إن هللا كتب اإلحسان‬
‫على كل شًء فإذا لتلتم فأحسنوا المتلة‪ ،‬وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ولٌحد أحدكم شفرته‪ ،‬ولٌرح ذبٌحته "‪.‬‬
‫الباب الرابع‬
‫في شروط الذكاة‬
‫وفً هذا الباب ثالث مسابل ‪:‬‬
‫المسألة اْلولى ‪ :‬فً اشتراط التسمٌة‪.‬‬
‫المسألة الثانٌة ‪:‬فً اشتراط استمبال المبلة‪.‬‬
‫المسألة الثالثة ‪:‬فً اشتراط النٌة‪.‬‬
‫‪ ‬المسألة اْلولى ‪ -‬في اشتراط التسمية‬
‫واختلفوا فً حكم التسمٌة على الذبٌحة على ثالثة ألوال ‪:‬‬
‫لال أهل الظاهر‪ ،‬وابن عمر والشعبي‪ ،‬وابن سيرين ‪ :‬هً فرض على اإلطالق‬
‫لال مالن‪ ،‬وأبو حنيفة‪ ،‬والثور ‪ :‬بل هً فرض مع الذكر سالطة مع النسٌان‬
‫لال الشافعي وأصحابه‪ ،‬وهو مرو عن ابن عباس وأبً هريرة ‪ :‬بل هً سنة مؤكدة‪.‬‬
‫وسبب اختالفهم معارضة ظاهر الكتاب فً ذلن لألثر‪.‬‬
‫فأما الكتاب ‪ :‬فموله تعالى ‪ ﴿ :‬وال تأكلوا مما لم ٌذكر اسم هللا علٌه وإنه لفسك ﴾‬
‫وأما السنة المعارضة لهذه اآلٌة فما رواه مالن عن هشام عن أبٌه أنه لال ‪ :‬سبل رسول هللا ﷺ فمٌل ‪ٌ :‬ا رسول‬
‫هللا إن ناسا من البادٌة ٌأتوننا بلحمان وال ندري أسموا هللا علٌها أم ال؟ فمال رسول هللا ﷺ ‪ :‬سموا هللا علٌها ثم‬
‫كلوها‪.‬‬
‫فذهب مالن إلى أن اآلٌة ناسخة لهذا الحدٌث‪ ،‬فذهب الشافعً لمكان هذا مذهب الجمع بأن حمل اْلمر‬
‫بالتسمٌة على الندب‪.‬‬
‫وأما من اشترط الذكر فً الوجوب فمصٌرا إلى لوله ﷺ ‪ :‬رفع عن أمتً الخطأ والنسٌان وما استكرهوا علٌه‬
‫‪ ‬المسألة الثانية ‪ -‬في اشتراط استمبال المبلة‬
‫وأما استمبال المبلة بالذبٌحة فإن لوما استحبوا ذلن‪ ،‬ولوما أجازوا ذلن‪ ،‬ولوما أوجبوه‪ ،‬ولوما كرهوا أن ال‬
‫ٌستمبل بها المبلة‪.‬‬
‫والكراهٌة والمنع موجودان فً المذهب‪ ،‬وهً مسألة مسكوت عنها‪ ،‬واْلصل فٌها اإلباحة إال أن ٌدل الدلٌل‬
‫على اشتراط ذلن‬
‫‪ ‬المسألة الثالثة ‪ -‬في اشتراط النية‬
‫وأما اشتراط النٌة فٌها فمٌل فً المذهب بوجوب ذلن‪ ،‬وٌشبه أن ٌكون فً ذلن لوالن ‪:‬لول بالوجوب‪ ،‬ولول‬
‫بترن الوجوب‪.‬‬
‫فمن أوجب لال ‪ :‬عبادة‪ ،‬الشتراط الصفة فٌها والعدد‪ ،‬فوجب أن ٌكون من شرطها النٌة‪.‬‬
‫ومن لم ٌوجبها لال ‪ :‬فعل معمول‪ٌ ،‬حصل عنه فوات النفس الذي هو الممصود منه‪ ،‬فوجب أن ال تشترط فٌها‬
‫النٌة كما ٌحصل من ؼسل النجاسة إزالة عٌنها‪.‬‬

‫الباب الخامس‬
‫فيمن تجوز تذكيته ومن ال تجوز‬
‫فأما الصنف الذ اتفك على ذكاته ‪ :‬فمن جمع خمسة شروط ‪ :‬اإلسالم والذكورٌة والبلوغ والعمل وترن‬
‫تضٌٌع الصالة‪.‬‬
‫وأما الذ اتفك على منع تذكيته ‪ :‬فالمشركون عبدة اْلصنام لموله تعالى ‪ ﴿ :‬وما ذبح على النصب ﴾ ولموله ‪:‬‬
‫﴿ وما أهل لؽٌر هللا به ﴾‬
‫وأما الذين اختلف فيهم فأصناف كثيرة‪ ،‬لكن المشهور منها عشرة ‪ :‬أهل الكتاب‪ ،‬والمجوس‪ ،‬والصاببون‪،‬‬
‫والمرأة‪ ،‬والصبً‪ ،‬والمجنون‪ ،‬والسكران‪ ،‬والذي ٌضٌع الصالة‪ ،‬والسارق‪ ،‬والؽاصب‪.‬‬
‫‪ ‬أهل الكتاب‬
‫اجمع العلماء على جواز ذبابحهم لموله تعالى ‪ ﴿ :‬وطعام الذٌن أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ﴾‬
‫ومختلفون فً التفصٌل‪.‬‬
‫هذه شروط وضعها الفمهاء لصحة ذبابح أهل الكتاب‪ ،‬وحل اْلكل منها‪ ،‬وهً كما ورد بالنص ‪:‬‬
‫ب‪.‬‬‫ارى بَنًِ ت َ ْؽ ِل َ‬ ‫ص َ‬ ‫‪ -۱‬أال ٌكون الذابح ِم ْن َن َ‬
‫‪ -٢‬أال ٌكون الذابح مسلم لد ارتد عن اإلسالم‬
‫‪ -۳‬أال ٌكون الذابح من أهل الكتاب لد ذبح الذبٌحة لنفسه‬
‫‪ -٤‬أن ٌعلم المسلم أنهم سموا هللا تعالى على ذبٌحتهم عند الذبح‬
‫علَى أنفسهم‪.‬‬
‫علَ ٌْ ِه ْم فًِ الت َّ ْو َراةِ َو َال َح َّر ُموهَا ُه ْم َ‬
‫ه‪ -‬أال تكون الذبٌحة ِم َّما لَ ْم ت ُ َح َّر َم َ‬
‫واختلفوا إذا ذبحوا لمسلم باستنابته‪ ،‬أو كانوا من نصارى بنً تؽلب أو مرتدٌن‪ ،‬وإذا لم ٌعلم أنهم سموا هللا‪،‬‬
‫أو جهل ممصود ذبحهم‪ ،‬أو علم أنهم سموا ؼٌر هللا مما ٌذبحونه لكنابسهم وأعٌادهم‪ ،‬أو كانت الذبٌحة مما‬
‫حرمت علٌهم بالتوراة كموله تعالى ‪ ﴿ :‬كل ذي ظفر ﴾ أو كانت مما حرموها على أنفسهم مثل الذبابح التً تكون‬
‫عند الٌهود فاسدة من لبل خلمة إلهٌة‪ .‬وكذلن اختلفوا فً الشحوم‪.‬‬
‫‪ ‬المسألة اْلولى ‪ -‬إذا ذبحوا باستنابة مسلم‬
‫وليل ‪ :‬ال ٌجوز‪.‬‬ ‫إذا ذبحوا باستنابة مسلم فميل في المذهب عن مالن ‪ٌ :‬جوز‬
‫وسبب الخالؾ ‪ :‬هل من شرط ذبح المسلم اعتماد تحلٌل الذبٌحة على الشروط اإلسالمٌة فً ذلن أم ال؟‬
‫‪ -‬فمن رأى أن النٌة شرط فً الذبٌحة لال ‪:‬ال تحل ذبٌحة الكتابً لمسلم‪ْ ،‬لنه ال ٌصح منه وجود هذه النٌة‪.‬‬
‫‪ -‬ومن رأى أن ذلن لٌس بشرط وؼلب عموم الكتاب أعنً لوله تعالى ‪ ﴿ :‬وطعام الذٌن أوتوا الكتاب حل‬
‫لكم ﴾ لال‪ٌ :‬جوز‪.‬‬
‫‪ ‬المسألة الثانية ‪ -‬وهي ذبائح نصارى بني تغلب والمرتدين‬
‫‪ -‬أما ذبائح نصارى بني تغلب‬
‫فإن الجمهور على أن ذبابح النصارى من العرب حكمها حكم ذبابح أهل الكتاب‪ ،‬وهو لول ابن عباس‪.‬‬
‫و أحد لولي الشافعي‪ ،‬وهو مرو عن علي ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬لم ٌجز ذبابحهم‪،‬‬
‫وسبب الخالؾ ‪ :‬هل ٌتناول العرب المتنصرٌن اسم الذٌن أوتوا الكتاب‪ ،‬كما ٌتناول ذلن اْلمم المختصة‬
‫بالكتاب‪ ،‬وهم بنو إسرابٌل والروم‪.‬‬
‫‪ -‬من رأى أن ذبابح نصارى أهل تؽلب من العرب‪ ،‬كذبابح أهل الكتاب‪ ،‬لال ‪ :‬بالجواز‪ ،‬وحل اْلكل من الذبٌحة‬
‫‪ -‬ومن رأى أن ذبابح نصارى أهل تؽلب من العرب‪ ،‬لٌست كذبابح أهل الكتاب لال ‪ :‬بعدم الجواز‪ ،‬وعدم حل‬
‫اْلكل من الذبٌحة‪.‬‬
‫‪ -‬أما المرتد‬
‫ولال الثور ‪ :‬مكروهة‪.‬‬ ‫ولال إسحاق ‪ :‬ذبٌحته جابزة‬ ‫فإن الجمهور على أن ذبٌحته ال تؤكل‬
‫وسبب الخالؾ ‪ :‬هل المرتد ال ٌتناوله اسم أهل الكتاب إذ كان لٌس له حرمة أهل الكتاب أو ٌتناوله ؟‬
‫ناولُهُ‪ ،‬لال أ َ َّن َذ ِبٌ َحتَهُ َال تُؤْ َك ُل‬ ‫‪ -‬من لال إن اسم أهل ْال ِكتَا ِ‬
‫ب َال ٌَت َ َ‬
‫‪ -‬ومن لال إن اسم أهل الكتاب ٌتناوله لال بجواز اْلكل من ذبابحهم‪.‬‬
‫‪ ‬وأما المسألة الثالثة ‪ -‬وهي إذا لم يعلم أن أهل الكتاب سموا هللا على الذبيحة‬
‫فمال الجمهور‪ :‬تؤكل‪ ،‬وهو مروي عن علً‪ ،‬وال ٌعلم فً هذا خالؾ‪.‬‬
‫وأما إذا علم أنهم ذبحوا ذلن ْلعيادهم وكنائسهم ‪:‬‬
‫ومنهم من أباحه‪ ،‬وهو لول أشهب‬ ‫فإن من العلماء من كرهه‪ ،‬وهو لول مالن‬
‫ومنهم من حرمه‪ ،‬وهو الشافعي‪.‬‬
‫وسبب الخالؾ تعارض عمومً الكتاب فً هذا الباب‬
‫وذلن أن لوله تعالى ‪ ﴿ :‬وطعام الذٌن أوتوا الكتاب حل لكم ﴾ ٌحتمل أن ٌكون مخصصا لموله تعالى ‪ ﴿ :‬وما‬
‫أهل لؽٌر هللا به ﴾‪ .‬وٌحتمل أن ٌكون لوله تعالى‪ ﴿ :‬وما أهل لؽٌر هللا به ﴾ مخصصا لموله تعالى ‪ ﴿:‬وطعام‬
‫الذٌن أوتوا الكتاب حل لكم ﴾‬
‫فمن جعل لوله تعالى‪ ﴿ :‬وما أهل لؽٌر هللا به ﴾ مخصصا لموله تعالى ‪ ﴿ :‬وطعام الذٌن أوتوا الكتاب حل لكم ﴾‬
‫لال‪ :‬ال ٌجوز ما أهل به للكنابس واْلعٌاد ‪.‬ومن عكس اْلمر لال ‪ٌ:‬جوز‪.‬‬
‫‪ ‬وأما المسألة الرابعة ‪ -‬إذا كانت الذبيحة مما حرمت عليهم‬
‫فميل ‪ٌ :‬جوز‪ ،‬وليل ‪ :‬ال ٌجوز‪ ،‬وليل ‪ٌ :‬كره وال ٌمنع‪ ،‬وليل ‪ :‬بالفرق بٌن أن تكون محرمة علٌهم بالتوراة‪ ،‬أو‬
‫من لبل أنفسهم‪.‬‬
‫واْللاوٌل اْلربعة موجودة فً المذهب ‪ :‬المنع عن ابن الماسم‪ ،‬واإلباحة عن ابن وهب وابن عبد الحكم‪،‬‬
‫والتفرلة عن أشهب‪.‬‬
‫وأصل االختالؾ معارضة عموم اآلٌة الشتراط نٌة الذكاة أعنً اعتماد تحلٌل الذبٌحة بالتذكٌة‬
‫‪ -‬فمن لال ‪ :‬ذلن شرط فً التذكٌة لال‪ :‬ال تجوز هذه الذبابح‬
‫‪ -‬ومن لال ‪ :‬لٌس بشرط فٌها وتمسن بعموم اآلٌة المحللة لال‪ :‬تجوز هذه الذبابح‬
‫وهذا بعٌنه هو سبب اختالفهم فً أكل الشحوم من ذبابحهم‪.‬‬
‫‪ ‬المسألة الخامسة ‪ -‬الشحوم‬
‫ولم ٌخالؾ فً ذلن أحد ؼٌر مالن وأصحابه‬
‫ومنهم من لال ‪ :‬مكروهة‪ ،‬والموالن عن مالن‬ ‫فمنهم من لال ‪ :‬إن الشحوم محرمة وهو لول أشهب‬
‫ومنهم من لال ‪ :‬مباحة‪.‬‬
‫وٌدخل فً الشحوم سبب آخر وهو هل تتبعض التذكٌة أو ال تتبعض؟‬
‫‪ -‬ومن لال ‪ :‬ال تتبعض لال ‪ٌ :‬ؤكل الشحم‪.‬‬ ‫‪ -‬فمن لال ‪ :‬تتبعض لال ‪ :‬ال تؤكل الشحوم‬
‫وٌدل على تحلٌل شحوم ذبابحهم حدٌث عبد هللا بن مؽفل ‪ " :‬إذ أصاب جراب الشحم ٌوم خٌبر "‪.‬‬
‫‪ ‬المجوس‬
‫فإن الجمهور على أنه ال تجوز ذبابحهم ْلنهم مشركون‪ ،‬وتمسن لوم فً إجازتها بعموم لوله ﷺ ‪ " :‬سنوا‬
‫بهم سنة أهل الكتاب "‪.‬‬
‫‪ ‬الصابئون‬
‫وأما الصاببون فاالختالؾ فٌهم من لبل اختالفهم فً‪ :‬هل هم من أهل الكتاب أم لٌسوا من أهل الكتاب؟‬
‫‪ ‬المرأة والصبي‬
‫وأما المرأة والصبً فإن الجمهور على أن ذبابحهم جابزة ؼٌر مكروهة‪ ،‬وهو مذهب مالن‪ ،‬وكره ذلن أبو‬
‫المصعب‪.‬‬
‫والسبب الخالؾ نمصان المرأة والصبً‬
‫وإنما لم ٌختلؾ الجمهور فً المرأة لحدٌث معاذ بن سعٌد ‪ :‬أن جارٌة لكعب بن مالن كانت ترعى بسلع‬
‫فأصٌبت شاة‪ ،‬فأدركتها فذبحتها بحجر‪ ،‬فسبل رسول هللا ﷺ عن ذلن فمال ‪ :‬ال بأس بها فكلوها‪.‬‬
‫‪ ‬المجنون والسكران‬
‫و الشافعي أجاز ذلن‪.‬‬ ‫وأما المجنون والسكران فإن مالكا لم ٌجز ذبٌحتهما‬
‫وسبب الخالؾ اشتراط النٌة فً الذكاة‪ ،‬فمن اشترط النٌة منع ذلن‪ ،‬إذ ال ٌصح من المجنون وال من السكران‬
‫وبخاصة الملتخ‪.‬‬
‫‪ ‬تذكية السارق والغاصب‬
‫وأما جواز تذكٌة السارق والؽاصب فإن الجمهور على جواز ذلن‬
‫ومنهم من منع ذلن ورأى أنها مٌتة‪ ،‬وبه لال داود وإسحاق ابن راهويه‪.‬‬
‫وسبب الخالؾ هل النهً ٌدل على فساد المنهً عنه أو ال ٌدل؟‬
‫‪ -‬فمن لال ‪ٌ :‬دل‪ ،‬لال ‪ :‬السارق والؽاصب منهً عن ذكاتها وتناولها وتملكها‪ ،‬فإذا كان ذكاها فسدت‬
‫التذكٌة‬
‫‪ -‬ومن لال ‪ :‬ال ٌدل إال إذا كان المنهً عنه شرطا من شروط ذلن الفعل لال‪ :‬تذكٌتهم جابزة‪ْ ،‬لنه لٌس‬
‫صحة الملن شرطا من شروط التذكٌة‪.‬‬

‫كتاب الصيد‬
‫الباب اْلول‬
‫ص ْي ِد َو َم َح ِلّ ِه‬
‫فِي ُح ْك ِم ال َّ‬
‫ص ْي ِد‬ ‫‪ُ ‬ح ْك ِم ال َّ‬
‫َّارةِ‬
‫سٌ َ‬‫عا لَ ُك ْم َو ِلل َّ‬ ‫ص ٌْ ُد ْالبَ ْح ِر َو َ‬
‫طعَا ُمهُ َمتَا ً‬ ‫علَى أَنَّهُ ُمبَا ٌح ‪ِ :‬لمَ ْو ِل ِه تَعَالَى ‪ ﴿ :‬أَ ِح َّل لَ ُك ْم َ‬ ‫ور َ‬ ‫ص ٌْ ِد فَ ْال ُج ْم ُه ُ‬ ‫فَأ َ َّما ُح ْك ُم ال َّ‬
‫ص ٌْ ُد ْالبَ ِ ّر َما د ُْمت ُ ْم ُح ُر ًما ﴾‬ ‫علَ ٌْ ُك ْم َ‬
‫َو ُح ِ ّر َم َ‬
‫علَى ْ ِ‬
‫اإل َبا َح ِة‬ ‫علَى أ َ َّن ْاْل َ ْم َر ِبال َّ‬
‫ص ٌْ ِد فًِ َه ِذ ِه ْاآل ٌَ ِة َب ْع َد النَّ ْهً ِ ٌَ ُد ُّل َ‬ ‫َوات َّ َفكَ ْالعُلَ َما ُء َ‬
‫صٌل‪.‬‬ ‫ؾ‪َ ،‬و ِل ْل ُمتَأ َ ِ ّخ ِرٌنَ ِم ْن أ َ ْ‬
‫ص َحا ِب ِه ِفٌ ِه ت َ ْف ِ‬ ‫س َر ُ‬ ‫ص ُد ِب ِه ال َّ‬‫ص ٌْ َد الَّذِي ٌُ ْم َ‬ ‫وكره َما ِلنُ ال َّ‬
‫ص ْي ِد‬ ‫‪َ ‬م َح ِ ّل ال َّ‬
‫ان ْالبَ ِ ّر ّ‬
‫يِ‬ ‫صنَافُهُ‪َ ،‬و ِمنَ ْال َح ٌَ َو ِ‬‫س َمنُ َوأ َ ْ‬ ‫يِ‪َ ،‬و ُه َو ال َّ‬ ‫ان ْالبَ ْح ِر ّ‬
‫علَى أ َ َّن َم َحلَّهُ ِمنَ ْال َحٌَ َو ِ‬ ‫ص ٌْ ِد فَإِنَّ ُه ْم أَ ْج َمعُوا َ‬ ‫َوأ َ َّما َم َح ُّل ال َّ‬
‫ْال َح َال ُل ْاْل َ ْك ِل ْالؽٌَ ُْر ُم ْستَأْن َِس‪.‬‬

‫علَى أ َ ْخ ِذ ِه َو َال َذب ِْح ِه أ َ ْو نَحْ ِر ِه‪،‬‬ ‫ستَأْنَى فَ َل ْم يُ ْمد َُر َ‬‫ان ا ْل ُم ْ‬‫ستَ ْو َحى ِم َن ا ْل َحيَ َو ِ‬ ‫اختَلَفُوا فِي َما ا ْ‬ ‫َو ْ‬
‫فَمَا َل َما ِلنَ ‪َ :‬ال ٌُؤْ َك ُل ِإ َّال أ َ ْن ٌُ ْن َح َر ِم ْن ذ ِل َن َما َذ َكاتُهُ النَّ ْح ُر‪َ ،‬وٌُ ْذ َب َح َما ذ َكاتُهُ ال َّد ْب ُح‪ ،‬أ َ ْو ٌُ ْف َع َل ِب ِه أ َ َح ُد ُه َما ِإ ْن َكانَ‬
‫ان َج ِمٌعًا‪.‬‬ ‫وز فٌِ ِه ْاْل َ ْم َر ِ‬‫ِم َّما ٌَ ُج ُ‬
‫ار ِد فَإِنَّهُ ٌَ ْمت ُ ُل َكال َّ‬
‫ص ٌْ ِد‪.‬‬ ‫ش ِ‬ ‫ٌر ال َّ‬ ‫علَى ذكاة البَ ِع ِ‬ ‫َولَا َل أَبُو حنيفة‪ ،‬والشافعي ‪ :‬إِذا لَ ْم ٌُ ْم َد ُر َ‬
‫اإل ْن ِس َّ‬
‫ً َال‬ ‫ب ُه َو أ َ َّن ْال َح ٌَ َوانَ ْ ِ‬ ‫ص َل فًِ َه َذا ْالبَا ِ‬ ‫صل فًِ ذ ِلن ِل ْل َخبَ ِر‪َ ،‬و َذ ِل َن أ َ َّن ْاْل َ ْ‬ ‫ضةُ ْاْل َ ْ‬ ‫ار َ‬ ‫اختِ َالفِ ِه ْم ُم َع َ‬ ‫ب ْ‬ ‫سبَ ُ‬ ‫‪َ -‬و َ‬
‫ٌُؤْ َك ُل ِإ َّال ِبالذَّبْحِ أَو النَّ ْح ِر‪َ ،‬وأ َ َّن ْال َو ْح ِشً ٌُؤْ َك ُل بالعمر‪.‬‬
‫ٌر‪َ ،‬و َكانَ فًِ المَ ْوم َخ ٌْ ٌل‬ ‫ٌِج‪َ ،‬و ِفٌ ِه لَا َل‪ « :‬فَمَ ْد ِم ْن َها بَ ِع ٌ‬ ‫ٌِث َرافِعِ ب ِْن َخد ٍ‬ ‫صو ِل فَ َحد ُ‬ ‫ض ِل َه ِذ ِه ْاْل ُ ُ‬ ‫ار ُ‬ ‫َوأ َ َّما ْال َخبَ ُر ْال ُمعَ ِ‬
‫ً ‪ -‬ﷺ ‪ِ " : -‬إ َّن ِل َه ِذ ِه ْالبَ َهابِ ِم‬ ‫سهُ هللاُ تَ َعالَى بِ ِه‪ ،‬فَمَا َل النَّبِ ُّ‬ ‫س ُهم‪ ،‬فَ َحبَ َ‬‫ط َلبُوهُ فَأ َ ْعٌَا ُه ْم‪ ،‬فَأ َ ْه َوى ِإلَ ٌْ ِه َر ُج ٌل بِ َ‬ ‫ٌرة‪ ،‬فَ َ‬ ‫ٌَ ِس َ‬
‫أَوابد َكأ َ َواب ِد ْال َو ْح ِش‪ ،‬فَ َما نَد علٌكم فاصنعوا به هكذا "‪.‬‬

‫اب الثاني‬‫ا ْلبَ ُ‬


‫فِي َما ِبه يَكُو ُن ال َّ‬
‫ص ْي ُد‬
‫ان َو َحدِيثان‬ ‫ب آيت َ ِ‬‫ص ُل ِفي َه َذا ا ْل َبا ِ‬ ‫‪َ ‬و ْاْل َ ْ‬
‫أما اْلٌت َ ِ‬
‫ان‬
‫ص ٌْ ِد تَنَالُهُ أ َ ٌْدٌِ ُك ْم َو ِر َما ُح ُك ْم ﴾ َو َل ْوله تَ َعالَى ‪﴿ :‬لُ ْل أ ُ ِح َّل‬
‫ًَءٍ ِمنَ ال َّ‬ ‫لَ ْوله ت َ َعالَى‪ٌَ ﴿ :‬ا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُوا لَ ٌَ ْبلُ َونَّ ُك ُم هللاُ بِش ْ‬
‫علَّ ْمت ُ ْم ِمنَ ْال َج َو ِارحِ مكلبٌن ﴾‪.‬‬ ‫الط ٌِّ َباتُ َو َما َ‬ ‫لَ ُك ُم َّ‬
‫َوأ َ َّما ْال َحدٌِث َ ِ‬
‫ان‬
‫ت اس َْم‬ ‫ت ِكالبَ َن ْال ُمعَلَّ َمةَ‪َ ،‬و َذ َك ْر َ‬ ‫س ْل َ‬
‫سلَّ َم لَا َل لَهُ ‪ِ " :‬إذا أ َ ْر َ‬‫علَ ٌْ ِه َو َ‬
‫َّللاُ َ‬‫صلَّى َّ‬ ‫َّللا َ‬ ‫سو َل َّ ِ‬ ‫ي ِ ب ِْن َحاتِ ٍم َوفٌِ ِه أ َ َّن َر ُ‬ ‫ع ِد ّ‬
‫ٌِث َ‬‫َحد ُ‬
‫ب فَ َال تَأ ْ ُك ْل "‬ ‫علٌَ َْن‪َ ،‬و ِإ ْن أ َ َك َل ْال َك ْل ُ‬‫س ْكنَ َ‬ ‫علَ ٌْ َها‪ ،‬فَ ُكل ِم َّما أ َ ْم َ‬ ‫َّ ِ‬
‫َّللا َ‬
‫ْت‬
‫صد َ‬ ‫َّللا ث ُ َّم ُك ْل‪َ ،‬و َما ِ‬ ‫ْت ِبمَ ْو ِس َن فَ َ‬
‫س ِ ّم َّ َ‬ ‫س َال ُم‪َ :‬ما أ َ َ‬
‫صب َ‬ ‫ص َالة ُ َوال َّ‬‫علَ ٌْ ِه ال َّ‬ ‫ش ِنً َو ِفٌ ِه ِم ْن لَ ْو ِل ِه َ‬ ‫ٌِث أبً ث َ ْعلَ َبةَ ال َح َ‬ ‫َحد ُ‬
‫ْس ِب ُمعَلَّ ٍم وأدركت ذ َكاتَهُ فَ ُك ْل‬ ‫بِ َك ِلّبِ َن الَّذِي لٌَ َ‬
‫‪ ‬اآلالت التي يجوز الصيد بها‪:‬‬
‫واآلالت التً ٌصاد بها منها ما اتفموا علٌها بالجملة‪ ،‬ومنها ما اختلفوا فٌها وفً صفاتها‪ ،‬وهً ثالث ‪:‬‬
‫حٌوان جارح‪ ،‬ومحدد‪ ،‬ومثمل‪.‬‬
‫‪ -‬فأما المحدد‬
‫فاتفموا علٌه كالرماح والسٌوؾ والسهام؛ ما عدا اْلشٌاء التً اختلفوا فً عملها فً ذكاة الحٌوان‬
‫اإلنسً‪ ،‬وهً ‪ :‬السن والظفر والعظم‪.‬‬
‫‪ -‬وأما المثمل‬
‫فاختلفوا فً الصٌد به‪ ،‬مثل الصٌد بالمعراض والحجر؛‬
‫فمن العلماء من لم ٌجز من ذلن إال ما أدركت ذكاته‪ ،‬ومنهم من أجازه على اإلطالق‪ ،‬ومنهم من فرق بٌن ما‬
‫لتله المعراض أو الحجر بثمله أو بحده إذا خرق جسد الصٌد فأجازه إذا خرق‪ ،‬ولم ٌجزه إذا لم ٌخرق‪ .‬وبهذا‬
‫المول لال مشاهٌر فمهاء اْلمصار‪ :‬الشافعً‪ ،‬ومالن‪ ،‬وأبو حنٌفة‪ ،‬وأحمد‪ ،‬والثوري‪ ،‬وؼٌرهم‪ ،‬وهو راجع إلى‬
‫أنه ال ذكاة إال بمحدد‪.‬‬
‫‪ -‬وأما الحيوان الجارح‬
‫فاالتفاق واالختالؾ فٌه منه متعلك بالنوع والشرط‪ ،‬ومنه ما ٌتعلك بالشرط‪.‬‬
‫‪ -‬فأما النوع الذي اتفموا علٌه فهو الكالب‪ ،‬ما عدا الكلب اْلسود؛ فإنه كرهه لوم منهم الحسن البصري‬
‫وإبراهٌم النخعً‪ ،‬ولتادة‪.‬‬
‫ولال أحمد ‪ :‬ما أعرؾ أحدا ٌرخص فٌه إذا كان بهٌما (اللون الذي ال ٌخالطه ؼٌره)‪ ،‬وبه لال إسحاق‪.‬‬
‫وأما الجمهور ‪ :‬فعلى إجازة صٌده إذا كان معلما‪.‬‬
‫وسبب اختالفهم معارضة المٌاس للعموم‪ ،‬وذلن أن عموم لوله تعالى ‪ ﴿ :‬وما علمتم من الجوارح مكلبٌن ﴾‬
‫ٌمتضً تسوٌة جمٌع الكالب فً ذلن‪ .‬وأمره ‪ -‬ﷺ ‪ -‬بمتل الكلب اْلسود البهٌم ‪ٌ -‬متضً فً ذلن المٌاس أن ال‬
‫ٌجوز اصطٌاده على رأي من رأى أن النهً ٌدل على فساد المنهً عنه‪.‬‬

‫‪ -‬وأما النوع الذي اختلفوا فٌه من أنواع الجوارح فٌما عدا الكلب‪ ،‬ومن جوارح الطٌور وحٌواناتها الساعٌة‪.‬‬
‫لال ابن شعبان‪ ،‬وهو مذهب مالن وأصحابه‪ ،‬وبه لال فمهاء اْلمصار أجاز جمٌعها إذا علمت حتى السنور‬
‫ولال لوم ‪ :‬ال اصطٌاد بجارح ما عدا الكلب‪ ،‬ال باز‪ ،‬وال صمر‪ ،‬وال ؼٌر ذلن‪ ،‬إال ما أدركت ذكاته‪ .‬وهو لول‬
‫مجاهد‪ ،‬واستثنى بعضهم من الطٌور الجارحة البازي فمط فمال ‪ٌ :‬جوز صٌده وحده‪.‬‬
‫وسبب اختالفهم فً هذا الباب ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ -‬لٌاس سابر الجوارح على الكالب‪ .‬وذلن أنه لد ٌظن أن النص إنما ورد فً الكالب‪ ،‬أعنً‪ :‬لوله‬
‫تعالى ‪ ﴿:‬وما علمتم من الجوارح مكلبٌن﴾‪ ،‬إال أن ٌتأول أن لفظة " مكلبٌن " مشتمة من كلب الجارح ال من لفظ‬
‫الكلب‪ ،‬وٌدل على هذا عموم اسم الجوارح الذي فً اآلٌة‪ ،‬فعلى هذا ٌكون سبب االختالؾ االشتران الذي فً‬
‫لفظة " مكلبٌن "‪.‬‬
‫‪ ‬الشروط المشترطة في الجوارح‬
‫وأما الشروط المشترطة فً الجوارح فإن منها ما اتفموا علٌه‪ ،‬وهو التعلٌم بالجملة؛ لموله تعالى ‪ ﴿ :‬وما علمتم‬
‫من الجوارح مكلبٌن﴾‪ ،‬ولوله ﷺ ‪ " :‬إذا أرسلت كلبن المعلم "‬
‫واختلفوا فً صفة التعلٌم وشروطه‪ ،‬فمال لوم ‪ :‬التعلٌم ثالثة أصناؾ‪:‬‬
‫أحدها ‪ :‬أن تدعو الجارح‪ ،‬فٌجٌب‪.‬‬
‫الثانً ‪ :‬أن تشلٌه‪ ،‬فٌنشلً‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن تزجره فٌزدجر‪.‬‬
‫وال خالؾ بٌنهم فً اشتراط هذه الثالثة فً الكلب‪.‬‬
‫وإنما اختلفوا فً اشتراط االنزجار فً سابر الجوارح‪ ،‬فاختلفوا أٌضا فً هل من شرطه أن ال ٌأكل الجارح؟‬
‫فمنهم من اشترطه على اإلطالق‪ ،‬ومنهم من اشترطه فً الكلب فمط‬
‫ولال مالن ‪ :‬إن هذه الشروط الثالثة شرط فً الكالب وؼٌرها‪.‬‬
‫ولال ابن حبيب من أصحابه ‪ :‬لٌس ٌشترط االنزجار فٌما لٌس ٌمبل ذلن من الجوارح مثل البزاة والصمور‪.‬‬
‫وهو مذهب مالن‪ ،‬أعنً أنه لٌس من شرط الجارح ال كلب وال ؼٌره أن ال ٌأكل‪.‬‬
‫واشترطه بعضهم فً الكلب‪ ،‬ولم ٌشترطه فٌما عداه من جوارح الطٌور‪ ،‬ومنهم من اشترطه كما للنا فً الكل‪.‬‬
‫والجمهور على جواز أكل صٌد البازي والصمر وإن أكل؛ ْلن تضرٌته إنما تكون باْلكل‪.‬‬
‫لال الشافعي‪ ،‬وأبو حنيفة‪ ،‬وأحمد‪ ،‬وإسحاق‪ ،‬والثور ‪ ،‬وهو لول ابن عباس ‪ :‬إن أكل الصٌد لم ٌؤكل‪.‬‬
‫وسبب الخالؾ فً اشتراط اْلكل أو عدمه ‪:‬‬
‫اختالؾ حدٌث عدي بن حاتم " فإن أكل فال تأكل؛ فإنً أخاؾ أن ٌكون إنما أمسن على نفسه "‪.‬‬
‫والحدٌث المعارض لهذا حدٌث أبً ثعلبة الخشنً لال ‪:‬لال رسول هللا ‪ -‬ﷺ ‪ " :‬إذا أرسلت كلبن المعلم‪ ،‬وذكرت‬
‫اسم هللا ‪ -‬فكل ‪.‬للت ‪ :‬وإن أكل منه ٌا رسول هللا؟ لال ‪:‬وإن أكل "‪.‬‬

‫الباب الثالث‬
‫في معرفة الذكاة المختصة بالصيد وشروطها‬
‫واتفموا على أن الذكاة المختصة بالصٌد هً العمر‪.‬‬
‫الشروط المشترطة فً اآللة وفً الصابد ثمانٌة شروط ‪ :‬اثنان ٌشتركان فً الذكاتٌن‪ ،‬أعنً ذكاة المصٌد وؼٌر‬
‫المصٌد‪ ،‬وهً ‪ :‬النٌة والتسمٌة‪.‬‬
‫‪ -‬وستة تختص بهذه الذكاة‬
‫أحدها ‪ :‬أنها إن لم تكن اآللة أو الجارح الذي أصاب الصٌد لد أنفذ مماتله فإنه ٌجب أن ٌذكى بذكاة الحٌوان‬
‫اإلنسً إذا لدر علٌه لبل أن ٌموت مما أصابه من الجارح أو من الضرب‪ .‬وأما إن كان لد أنفذ مماتله فلٌس‬
‫ٌجب ذلن‪ ،‬وإن كان لد ٌستحب‪.‬‬
‫الثانً ‪ :‬أن ٌكون الفعل الذي أصٌب به الصٌد مبدؤه من الصابد ال من ؼٌره‬
‫أما الحبالة التً ٌضعها الناس للصٌد فجمهور الفمهاء ٌرون أن ذلن ؼٌر جابز وال ٌحل أكله بخالؾ الحنابلة‬
‫الثالث ‪ :‬أن ال ٌشاركه فً العمر من لٌس عمره ذكاة‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬أن ال ٌشن فً عٌن الصٌد الذي أصابه‪ ،‬وذلن عند ؼٌبته عن عٌنه‪.‬‬
‫الخامس ‪ :‬أن ال ٌكون الصٌد ممدورا علٌه فً ولت اإلرسال علٌه‪.‬‬
‫السادس ‪ :‬أن ال ٌكون موته من رعب من الجارح أو بصدمة منه‪.‬‬
‫‪ -‬النية والتسمية‬
‫من لبل اشتراط النٌة فً الذكاة لم ٌجز عند من اشترطها إذا أرسل الجارح على صٌد وأخذ آخر ‪ -‬ذكاة ذلن‬
‫الصٌد الذي لم ٌرسل علٌه‪ ،‬وبه لال مالن‪.‬‬
‫ولال الشافعي‪ ،‬وأبو حنيفة‪ ،‬وأحمد‪ ،‬وأبو ثور ‪ :‬ذلن جابز وٌؤكل‪.‬‬
‫ومن لبل هذا أٌضا اختلؾ أصحاب مالن فً اإلرسال على صٌد ؼٌر مربً‪ ،‬كالذي ٌرسل على ما فً‬
‫ؼٌضة؛ ْلن المصد فً هذا ٌشوبه شًء من الجهل‪.‬‬
‫‪ -‬أما الشرط اْلول وهو أن عمر الجارح له إذا لم ينفذ مماتله‪.‬‬
‫لال جمهور العلماء ذلن ‪ :‬لما جاء فً حدٌث عدي بن حاتم فً بعض رواٌاته أنه لال ﷺ ‪ :‬وإن أدركته حٌا‬
‫فاذبحه ‪.‬‬
‫لال النخعي ‪ :‬إذا أدركته حٌا‪ ،‬ولم ٌكن معن حدٌدة ‪ -‬فأرسل علٌه الكالب حتى تمتله‪ ،‬لعموم لوله تعالى ‪ ﴿:‬فكلوا‬
‫مما أمسكن علٌكم ﴾‬
‫ومن لبل هذا الشرط لال مالن ‪ :‬ال ٌتوانى المرسل فً طلب الصٌد‪ ،‬فإن توانى فأدركه مٌتا ; فإن كان‬
‫منفوذ المماتل بسهم حل أكله‪ ،‬وإال لم ٌحل من أجل أنه لو لم ٌتوان لكان ٌمكن أن ٌدركه حٌا ؼٌر منفوذ المماتل‪.‬‬
‫‪ -‬وأما الشرط الثاني‪ ،‬وهو أن يكون الفعل مبدؤه من المانص‪ ،‬ويكون متصال حتى يصيب الصيد –‬
‫اختلفوا فٌما تصٌبه الحبالة والشبكة إذا أنفذت المماتل بمحدد فٌها‪.‬‬
‫فمالن والشافعي والجمهور منع ذلن حسن البصر رخص فٌه‪.‬‬
‫ومن هذا اْلصل لم ٌجز مالن الصٌد الذي أرسل علٌه الجارح فتشاؼل بشًء آخر‪ ،‬ثم عاد إلٌه من لبل‬
‫نفسه‪.‬‬
‫‪ -‬وأما الشرط الثالث وهو أن ال يشاركه في العمر من ليس عمره ذكاة له‬
‫فهو شرط مجمع علٌه فٌما أذكر؛ ْلنه ال ٌدري من لتله‪.‬‬
‫‪ -‬وأما الشرط الرابع‪ ،‬وهو أن ال يشن في عين الصيد‪ ،‬وال في لتل جارحه له‬
‫اختلفوا فً أكل الصٌد إذا ؼاب مصرعه‪ ،‬فمال مالن مرة ‪ :‬ال بأس بأكل الصٌد إذا ؼاب عنن مصرعه إذا‬
‫وجدت به أثرا من كلبن‪ ،‬أو كان به سهمن ما لم ٌبت‪ ،‬فإذا بات فإنً أكرهه‪ .‬وبالكراهٌة لال الثوري‪ ،‬ولال عبد‬
‫الوهاب‪ :‬إذا بات الصٌد من الجارح لم ٌؤكل‪ ،‬وفً السهم خالؾ‪.‬‬
‫ولال ابن الماجشون ‪ٌ :‬ؤكل فٌهما جمٌعا إذا وجد منفوذ المماتل‪ ،‬ولال مالن في المدونة ‪ :‬ال ٌؤكل فٌهما جمٌعا‬
‫إذا بات وإن وجد منفوذ المماتل‪ .‬ولال الشافعي ‪ :‬المٌاس أن ال تأكله إذا ؼاب عنن مصرعه‪ .‬ولال أبو حنيفة ‪:‬‬
‫إذا توارى الصٌد والكلب فً طلبه‪ ،‬فوجده المرسل ممتوال ‪ -‬جاز أكله ما لم ٌترن الكلب الطلب‪ ،‬فإن تركه‬
‫كرهنا أكله‪.‬‬
‫ومن هذا الباب اختالفهم فً الصٌد ٌصاد بالسهم أو ٌصٌبه الجارح‪ ،‬فٌسمط فً ماء أو ٌتردى من مكان عال‪:‬‬
‫فمال مالن‪ :‬ال ٌؤكل‪ ،‬إال أن ٌكون السهم لد أنفذ مماتله وال ٌشن أن منه مات‪ ،‬وبه لال الجمهور‬
‫لال أبو حنيفة ‪ :‬ال ٌؤكل إن ولع فً ماء منفوذ المماتل‪ ،‬وٌؤكل إن تردى‬
‫لال عطاء ‪ :‬ال ٌؤكل أصال إذا أصٌبت المماتل‪ ،‬ولع فً ماء أو تردى من موضع عال؛‬
‫وأما موته من صدم الجارح له فإن ابن الماسم منعه لٌاسا على المثمل‪ ،‬وأجازه أشهب؛ لعموم لوله تعالى ‪:‬‬
‫﴿ فكلوا مما أمسكن علٌكم ﴾‬
‫ولم ٌختلؾ المذهب أن ما مات من خوؾ الجارح أنه ؼٌر مذكى‪.‬‬
‫‪ -‬وأما كونه في حين اإلرسال غير ممدور عليه فإنه شرط فيما علمت متفك عليه‪،‬‬
‫وذلن ٌوجد إذا كان الصٌد ممدورا على أخذه بالٌد دون خوؾ أو ؼرر؛ إما من لبل أنه لد نشب فً شًء‪،‬‬
‫أو تعلك بشًء‪ ،‬أو رماه أحد فكسر جناحه أو ساله‪.‬‬
‫وفً هذا الباب فروع كثٌرة من لبل تردد بعض اْلحوال بٌن أن ٌوصؾ فٌها الصٌد بأنه ممدور علٌه أو‬
‫ؼٌر ممدور علٌه‪ ،‬مثل أن تضطره الكالب فٌمع فً حفرة ‪ -‬فمٌل فً المذهب ‪ٌ:‬ؤكل‪ ،‬ولٌل ‪:‬ال ٌؤكل‪.‬‬
‫واختلفوا في صفة العمر إذا ضرب الصيد‪ ،‬فأبين منه عضو‬
‫ولال لوم ‪ٌ :‬ؤكالن جمٌعا‬ ‫لال لوم ‪ٌ :‬ؤكل الصٌد إال ما بان منه‬
‫وفرق لوم بٌن أن ٌكون ذلن العضو ممتال أو ؼٌر ممتل‪ ،‬فمالوا ‪ :‬إن كان ممتال أكال جمٌعا‪ ،‬وإن كان ؼٌر ممتل‬
‫أكل الصٌد ولم ٌؤكل العضو‪ .‬وهو معنى لول مالن‪.‬‬

‫الباب الرابع‬
‫في شروط المانص‬
‫وشروط المانص هً شروط الذابح نفسه‪.‬‬
‫وٌخص االصطٌاد فً البر شرط زابد‪ ،‬وهو أن ال ٌكون محرما‪ ،‬وال خالؾ فً ذلن؛ لموله تعالى‪ ﴿ :‬وحرم‬
‫علٌكم صٌد البر ما دمتم حرما ﴾ ‪.‬‬
‫فإن اصطاد محرم فهل يحل ذلن الصيد للحالل؟ أم هو ميتة ال يحل ْلحد أصال؟‬
‫وذهب الشافعي وأبو حنيفة‪ ،‬وأبو ثور إلى أنه ٌجوز لؽٌر المحرم أكله‪.‬‬ ‫فذهب مالن إلى أنه مٌتة‪،‬‬
‫وسبب اختالفهم هو اْلصل المشهور‪ ،‬وهو هل النهً ٌعود بفساد المنهً؟ أم ال‪.‬‬
‫واختلفوا من هذا الباب في كلب المجوس المعلم‬
‫فمال مالن الشافعي وأبو حنيفة وغيرهم ‪ :‬االصطٌاد به جابز‪ ،‬فإن المعتبر الصابد ال اآللة‪.‬‬
‫جابر بن عبد هللا‪ ،‬والحسن‪ ،‬وعطاء‪ ،‬ومجاهد‪ ،‬والثور كرهه ؛ ْلن الخطاب فً لوله تعالى ‪ ﴿ :‬وما علمتم‬
‫من الجوارح مكلبٌن ﴾ متوجه نحو المؤمنٌن‪.‬‬

‫وهللا الموفك للصواب‬

‫ح‬ ‫ال‬
‫مد لله‬

You might also like