Professional Documents
Culture Documents
Talkhisan Fiqih Muqoron 4
Talkhisan Fiqih Muqoron 4
2023 – 2024
اب ْاْل َ ْل ِضيَ ِة
ِكت َ ُ
تعريف المضاء
المضاء لغة
ٌطلك المضاء فً لؽة العرب وٌراد به معان عدة أهمها :
-اآلداء ٌ :مال :لضى فالن دٌنه ،أي :أداه.
ض ٌْنَا ِإلَ ٌْ ِه َذ ِل َن ْاْلَمر﴾ أي :بلؽناء إٌاء. -التبلٌػ :ومنه لوله تعالى َ ﴿ :ولَ َ
ت ﴾ أي :خلمهن. س َموا ِ س ْب َع َضا ُه َّن َ -الخلك :ومنه لوله تعالى ﴿ :فَمَ َ
-المدر ٌ :مال :لضى فالن اْلمر ،أي لدره تمدٌرا
نت لَاض ﴾ أي :اعمل ما أنت عامل. ض َما أ َ َ -العمل :ومنه لوله تعالى ﴿ :فَا ْل ِ
المضاء اصطالحا
-الحنفية :لول ملزم ٌصدر عن والٌة عامة.
-المالكية :صفة حكمٌة توجب لموصوفها نفوذ حكمه الشرعً ولو بتعدٌل أو تجرٌح ال فً عموم مصالح
المسلمٌن.
-ابن رشد و ابن فرحون :اإلخبار عن حكم شرعً على سبٌل اإللزام .
-الشافعية :اختلفت عبارات فمهاء الشافعٌة عند تعرٌفهم للمضاء :
لال إمام الحرمين :إظهار حكم الشرع فً الوالعة من مطاع.
لال الخطيب الشربيني :فصل الخصومة بٌن خصمٌن فأكثر بحكم هللا تعالى.
-الحنابلة :اإللزام بالحكم الشرعً وفصل الخصومات
حكم المضاء وأدلته
اتفك الفمهاء على مشروعٌة المضاء
واستدلوا على ذلن بأدلة كثٌرة من الكتاب والسنة واإلجماع ،والمعمول :
أوال -الكتاب
اس ِبالحك ﴾ ض فَح ُكم بٌَْنَ النَّ ِ لوله تعالى َ ٌَ ﴿ :د ُاو ُد ِإنَّا َج َع ْلت َ َن َخ ِلٌفَةً ِفً ْاْل َ ْر ِ
وجه الداللة :أمر هللا عز وجل نبٌه داود علٌه السالم أن ٌحكم بالناس بالحك ،وهذا دلٌل على مشروعٌة
المضاء.
وللعلماء فً الحكم الذي أخذ منه لوالن :
اْلول -مأخوذ من الحكمة التً توجب وضع الشًء فً موضعه.
الثانً -مأخوذ من إحكام الشًء ،ومنه حكمة اللجام ،لما فٌه من اإللزام.
ثانيا -السنة
ما روي أن النبً ﷺ حكم بٌن الناس وبعث علٌا إلى الٌمن لٌحكم بٌن الناس
وجه الداللة :فمد أرسى النبً فً هذا الحدٌث لاعدة هامة وأساسٌة من المواعد التً ٌموم علٌها عماد الدولة
اإلسالمٌة ،وهً لاعدة فرضٌة المضاء.
ِّ
الحكَ ،و َر ُج ٌل آتَاهُ هللاُ اال فسلطه على هلكته فً َّللاُ َم ً أن النبً ﷺ لال « :ال حسد إال فً اثْنَتٌَ ِْن َ :ر ُج ٌل أ َ ْع َ
طاهُ َّ
ضً ِب َها َوٌُ َع ِلّ ُم َها ». ْال ِح ْك َمةَ فَ ُه َو ٌَ ْم ِ
وجه الداللة :مدح النبً ﷺ الماضً الذي ٌمضً بالحك ،وجعل هذه الصفة من الصفات التً ٌحسد علٌها
العبد.
ولد وردت أحاديث تدل على ذم المضاء ،وأحاديث أخرى تدل على مدحه
فالتً تدل على ذمه كثٌرة ،منها :
اس ،فمد ذُبِ َح بؽٌر سكٌن ».اضٌا بٌَْنَ النَّ ِ
-۱ما روي أن النبً ﷺ لال « :من ُج ِع َل لَ ِ
ففً الحدٌث ترهٌب شدٌد من تولً المضاء لما فٌه من الخطر العظٌم.
ذكر العلماء أن فً تشبٌه المضاء بلذبح بؽٌر سكٌن وجهان :
اْلول :إن السكٌن ٌؤثر فً الظاهر والباطن جمٌعًا ،والذبح بؽٌر سكٌن ٌؤثر فً الباطن بإزهاق الروح ،ووبال
المضاء ال ٌؤثر فً الظاهر؛ إذ الظاهر أنه عظمة ،إال أن باطنه هالن
الثانً :إن الذبح بالسكٌن ٌرٌح ،وبؽٌرها كالخنك وؼٌره ٌكون اْللم فٌه أكثر.
-٢ما روي أن النبً ﷺ لال ْلبً ذر ٌا أبا ذر « :إنً أران ضعٌفًا ،وإنً أحب لن ما أحب النفسً ،ال تولٌن
مال ٌتٌم ،وال تأمرن على اثنٌن ».
فمد رهب النبً من الدخول فً المضاء لعظم خطره وأمانته.
وأما اْلخبار التً تدل على مدحه فً كثٌرة ،منها :
طاً ،فَلَهُفاجتَ َه َد فَأ َ ْخ َ
ان ،وإذا حكمْ ، اب ،فَلَه ُ أ َ ْج َر ِ ص َ -۱ما روي عن النبً أنه لال « :إذا حكم ْال َحا ِك ُم ،فَ ْ
اجت َ َه َد ،فَأ َ َ
أ َ ْج ٌر ».
-٢ما روي أن النبً ﷺ لال « :ال حسد إال فً اثنتٌن ،رجل آتاه هللا ماال فسلطه على هلكته فً الحك ،ورجل
آتاه هللا الحكمة فهو ٌمضً بها وٌعلمها ».
وللجمع بٌن اْلحادٌث التً تدل على الذم واْلحادٌث التً تدل على المدح ٌمكن المول :
-إن اْلخبار التً تدل على ذم المضاء محمولة على من علم من نفسه أنه ال ٌموم بالمضاء إما لجهله ،أو
لملة أمانته
-واْلخبار التً تدل على المدح محمولة على من علم من نفسه المٌام بالمضاء لعلمه وأمانته.
اساض ٌَان فً النار :لاض ٌمضً فً النَّ ِ ضاة ُ ثَالثَةٌ :لَ ِ والدلٌل على صحة ذلن ما روي أن النبً ﷺ لال ْ « :المُ َ
ضً اض ٌَ ْم ِ ارَ ،ولَ ِ ك ،فَ َه َذ ِ
ان فً النَّ ِ ضً ِب َؽٌ ِْر ْال َح ّ ِع َملَهُ َو ٌَ ْم ِ
اض ٌَتْ ُرنُ َ ضَ ،ولَ ِ ِب َؽٌ ِْر ِع ْل ٍمَ ،وٌ َُو َّك ْل َب ْع َ
ض ُه ْم َما َل َب ْع ٍ
ب هللاِ تَعَالَى ،فَ ُه َو فً ْال َجنَّ ِة ». بِ ِكتَا ِ
ثالثا -اإلجماع
حٌث أجمع المسلمون على مشروعٌة نصب المضاة والحكم بٌن الناس.
رابعا -المعمول
إن الظلم من شٌم النفوس وطبع العالم وبالتالً كان ال بد من وجود حاكم ٌنصؾ المظلوم من الظالم ،وال ٌكون
ذلن إال بنضب المضاة.
حكم طلب المضاء
ذكر العلماء أن طلب المضاء تعترٌه اْلحكام التكلٌفٌة الخمسة ،بعد أن ذكروا أن أصله الجواز ،وتفصٌل
ذلن على النحو التالً :
أوال -الوجوب
ٌكون المضاء واجبًا على الشخص إذا كان من أهل العلم والعدالة ،أي ٌكون مستحما للمضاء ،وال ٌوجد
فً البلد لاض.
ثانيا -المباح
ٌكون طلب المضاء مبا ًحا إذا كان الرجل من أهل االجتهاد ،وكان فمٌرا وله عٌال ،فٌجوز له طلبه لسد
حاجته ،أٌضا ٌباح له طلبه إن كان رفضه ٌؤدي إلى إلحاق الضرر به.
ثالثا -المستحب
ٌكون طلب المضاء مستحبا إذا كان من أهل االجتهاد والعلم إال أنه خامل الذكر ال ٌعرفه الناس ،وال
ٌأخذون من علمه ،وٌرٌد اإلمام أن ٌشهره بوالٌة المضاء لٌعلم الناس ،أو كان ال ٌعرفه اإلمام ،فأراد السعً فً
المضاء لٌعرؾ علمه.
رابعا -الكراهة
ٌكره للشخص الدخول فً المضاء وطلبه إذا كان الؽرض من ذلن طلب الجاه واالستعالء على الناس.
مشهورا وال ٌحتاج أن ٌشهر ً وكذلن إذا كان الشخص ؼنٌا ولٌس فً حاجة ْلخذ الرزق على المضاء ،أو كان
نفسه وعلمه بالمضاء.
خامسا -الحرام
ٌكون طلب المضاء حراما اذا كان وهو جاهل ال تتوافر فٌه أهلٌة المضاء ،أو كان من أهل العلم إال أنه
متلبس بما ٌوجب فسمه ،أو كان لصده بالوالٌة االنتمام من أعدابه ،أو لبول الرشوة من الخصوم.
أركان المضاء
اْلول -الماضي وهو الذى ٌعٌن من لبل ولً اْلمر -الدولة -للفصل الخصومات ْلن السلطان ال ٌستطٌع أن
ٌموم بكل شًء.
الثاني -الحكم وهو ما ٌصدر عن الماضً لمطع الخصومة وهو ٌكون -أي الحكم –
-إما بإلزام المحكوم علٌه بكالم نطك به الماضً ،كأن ٌمول له الماضً حكمت علٌن بكذا ،وهذا ٌسمى
لضاء إلزام أو استحماق بالفعل.
-وإما أن ٌكون هذا الحكم بمنع الحاكم المنازعة ،بموله للمدعى :لٌس لن حك لبل خصمن بعد عجزن
عن اإلثبات وحلؾ المدعى علٌه ،وهذا ٌسمى لضاء الترن.
الثالث -المحكوم به وهو
-فً لضاء اإللزام واالستحماق ما ألزم به الماضً المحكوم علٌه من إٌفاء المدعى حمه،
-فً لضاء الترن عبارة عن ترن المدعى المنازعة.
الرابع -المحكوم عليه هو الشخص الذي ٌصدر ضده الحكم
الخامس -المحكوم له وهو المدعى بحك له خالصا ،بأن الحك الذي ٌتعلك بالعباد إما أن ٌكون حما خالصا لهم،
وإما أن ٌكون حما ٌشترن فٌه حك العبد وحك هللا تعالى.
السادس -كيفية المضاء.
تنبيه :
-لفظ المذهب عند المالكٌة أطلمه متأخروا المالكٌة على ما علٌه الفتوى فً المذهب.
-لفظ الماضً إذا أطلك عند المالكٌة فالمراد به الماضً عبد الوهاب البؽدادي صاحب التألٌؾ المشهورة،
وعند الشافعٌة إذا أطلك الماضً فً كتب الخرسانٌٌن فالمراد به أبو علً حسٌن المروذي ،وإذا أطلك
فً كتب متوسطً العرالٌٌن فالمراد به الماضً أبو حامد المروذي ،وعند متمدمً الحنابلة فٌراد به
الماضً أبو ٌعلى دمحم بن الحسٌن بن الفراء ،أما المتأخرون كصاحب اإللناع والمنتهى ومن بعدهما
فٌطلمون لفظ الماضً وٌرٌدون به الماضً عالء الدٌن المرداوي.
ولكن إذا بذل الماضي رشوة لتولي المضاء ،فما هو مصير اْلحكام التي حكم بها؟
اختلؾ الفمهاء فً ذلن على ثالثة ألوال :
المول اْلول ٌ :رى أن الماضً إذا لبض رشوة أو تولى المضاء عن طرٌك الرشوة فأحكامه صحٌحة نافذة ،وال
ٌجوز إبطالها ،وهو لول ضعيف في مذهب الحنفية لال به البزدو ،والكمال بن الهمام
الدلٌل :أن الماضً إذا أخذ الرشوة فإنه ٌصٌر فاسما ،ومن مذهبهم أن الفسك ال ٌوجب عزل الماضً،
وبالتالً فوالٌته لابمة ولضاؤه ٌنفذ؛ ْلنه لضاء بحك.
المول الثاني ٌ :رى أن أحكام الماضً التً ارتشى فٌها باطلة ،حتى ولو حكم بالحك ،وهو لول السرخسي
وابن نجيم.
الدلٌل :بأن الماضً إذا ارتشى فهو عامل لنفسه ،بمعنى أنه حكم لنفسه من حٌث المضمون ،وحكم الحاكم
لنفسه باطل.
المول الثالث :إن أحكام الماضً المرتشً ؼٌر نافذة كلها ،سواء هً التً ارتشى بسببها أم ال ،وهو لول اإلمام
أبي حنيفة ،حٌث نمل عنه لوله :لو لضى الماضً زمانا بٌن الناس ،ثم علم أنه مرتش ٌنبؽً للماضً الذي
ٌختصمون إلٌه أن ٌبطل كل لضاٌاه.
تعدد المضاة
ذهب المالكية إلى أنه ال ٌجوز أن ٌولى المضاء لاضٌا فأكثر على وجه االشتران ،أما إذا تعدد المضاة على أن
ٌنفرد كل واحد منهم بالنظر فٌما ٌرفع إلٌه فجابز.
دلٌل :إجماع اْلمة ،إذ لم ٌختلؾ فً ذلن أحد من زمن رسول هللا إلى ٌومنا هذا ،وال نعلم أنه أشرن بٌن
لاضٌٌن فً زمن من اْلزمان.
ذهب الشافعية إلى أنه ٌجوز أن ٌجعل لضاء بلد إلى اثنٌن أو أكثر على أن ٌحكم كل واحد منهما فً موضع،
أو على أن ٌحكم أحدهما فً حك واآلخر فً ؼٌره؛ ْلنهما ٌملكان الحكم بإذنه.
وفً هذه الحالة ال ٌكون حكم أحدهما متولفا على حكم اآلخر ،أما إذا اشترط اإلمام اجتماعهما على الحكم
فال ٌجوز.
وصرح ابن فرحون بعدم صحة عمد الوالٌة للحاكمٌن معا على أن ٌجتمعا وٌتفما على الحكم فً كل لضٌة إذا
كان ذلن لد شرط فً عمد والٌتهما.
وعند الحنابلة وجهان
اْلول :ال ٌجوز؛ ْلن ذلن ٌؤدي إلى إٌماؾ الحكم والفصل فً الخصومات؛ ْلنهما لد ٌختلفان فً االجتهاد.
الثانً :الجواز ،إذا كانا ال ٌشتركان فً لضٌة واحدة.
مسألة التحكيم
تعريف التحكيم
التحكيم لغة -التفوٌضٌ ،مال :حاكمه إلى حاكم ،أي :دعاء وحكمت الرجل َف َّو ْ
ضتُ إلٌه.
ومن اختاره الطرفان للتحاكم إلٌه ٌسمى حكما ،أو محكما ،كما ٌسمى حاك ًما ،وٌسمى كال من أطراؾ النزاع
المحكم فٌه محتكما.
التحكيم اصطالحا -هو أن ٌحتكم طرفان إلى ثالث ٌختاراه برضاهما لٌكون حاكما بٌنهما فً دعواهما بدال من
الماضً.
والتحكٌم جابز ،ولٌل :ال ٌجوز ،ولٌل :جوازه ممٌد بعدم وجود لاض فً البلد.
الفرق بين المضاء و التحكيم
أن المضاء من الوالٌات العامة ،والتحكٌم تولٌة خاصة من الخصمٌن فهو من المضاء إال أنه ألل منه فً
الدرجة.
إذا كان التحكٌم ٌدخل فً نطاق الجواز ،فإن الفمهاء لد وضعوا شروطا للمحكم ،ال ٌصح تحكٌمه إال بها،
وهذه الشروط هً :
ذهب الشافعية ٌشترط فً المحكم أن ٌكون ممن توافرت فٌه شروط الماضً ،أما إذا كان ؼٌر أهل لوالٌة
المضاء ،فال تصح والٌته للتحكٌم ،وال ٌنفذ حكمه ،إال أنهم استثنوا من ذلن التحكٌم فً النكاح فال ٌشترط توافر
أهلٌة المضاء
ذهب الحنفية أنه ال ٌشترط فً المحكم سوى أن ٌكون ما حكم فٌه من اْلمور تمبل فٌها شهادته ،ولذلن صح
عندهم تحكٌم المرأة بخالؾ اْلعمى والمحدود فً لذؾ إذ إنهم ال ٌصلحون.
فالمعتبر عند الحنفٌة فً أهلٌة الشهادة بالنسبة للحكم فً حالتٌن :حالة التحكٌم ،وولت الحكم ،حتى إذا لم
ٌكن من أهل الشهادة ولت التحكٌم ،ثم صار من أهلها ولت الحكم ال ٌصٌر حكما ،وال ٌنفذ حكمه.
ذهب المالكية أن الشخص إذا كان من أهل المضاء جاز تحكٌمه وكان أهال له ،وٌعد حكمه نافذا إن جاء موافما
لشرع هللا ،وال ٌجوز نمض حكمه ما دام الطرفان لد رضٌا به.
نطاق حكم المحكم ،وما يجوز له أن يحكم فيه
ولد اتفك فمهاء الحنيفة والمالكية والشافعية على أنه ال ٌجوز التحكٌم فً الحدود التً وجبت حما هلل،
ويرى بعض فمهاء الحنابلة جواز التحكٌم فً الحدود وؼٌرها.
أما التحكٌم فً المصاص فٌرى بعض الحنفٌة جواز التحكٌم فٌه ومنعه المالكٌة والبعض اآلخر من الحنٌفة،
وللشافعٌة لوالن ألواهما :عدم الجواز
وعرض الماوردي الشافعً لهذه المسألة ،وذكر أن اْلحكام فً التحكٌم ثالثة ألسام :
-۱لسم ٌجوز فٌه التحكٌم ،وهو حموق اْلموال ،وعمود المعاوضات وما ٌصح فٌه العفو واإلبراء.
-٢لسم ال ٌجوز فٌه التحكٌم ،وهو ما اختص المضاة باإلخبار عنه من حموق هللا تعالى والوالٌات على اْلٌتام،
وارتفاع الحجر على مستحمٌه.
-۳لسم مختلؾ فٌه ،وهً اْلنواع اْلربعة التً ذكرها.
المضاء في المسجد
اختلؾ الفمهاء فً حكم المضاء فً المسجد ،وجاء خالفهم على لولٌن :
المول اْلول :يرى الحنفية والمالكية والحنابلة ،والزيدية جواز المضاء فً المسجد.
المول الثاني :يرى الشافعية ،واإلمامية ٌكره المضاء فً المسجد.
وٌرى الماوردي أن المضاء فً المسجد ال ٌكره فً حالتٌن :
اْلولى :فً تؽلٌظ اْلٌمان إذا لزم تؽلٌظها بالمكان والزمان ،فإن رسول هللا ؼلظ لعان العجالنً فً مسجده.
الثانٌة :أن ٌحضر الماضً للصالة ،فٌتفك حضوره حضور خصمٌن إلٌه ،فمد لضى رسول هللا فً المسجد
على هذا الوجهْ ،لن حضورهم فً المسجد لم ٌكن ممصودا على المضاء فٌه.
-أدلة المول اْلول
أوال -الكتاب
س َّو ُروا ْال ِم ْح َر َ
اب ﴾ لوله تعالى َ ﴿ :وه َْل أَت َ َ
نن نَبؤا الخصم ِإ ْذ ت َ َ
وجه الداللة :دلت هذه اآلٌة صراحة على جواز المضاء فً المسجد ،حٌث إن داود علٌه السالم كان فً
محرابه ،فلم ٌشعر إال بخصمٌن لد تسوروا المحراب لٌسأل عن شأنهما ،ولصا علٌه لصتهما ،وطلبا منه الحكم
بٌنهما ففعل.
ولٌل :إن داود جزأ الدهر إلى أربعة أٌام ٌوم لنسابه ،وٌوم لمضابه ،وٌوم ٌخلوا فٌه لعبادة ربه ،وٌوم لبنً
إسرابٌل ٌسألونه
ثانيا -السنة
ما روي أن النبً ﷺ :لضى بالرجم على رجل اعترؾ أمامه ثالث مرات بالزنا ،وكان ذلن فً المسجد.
فهذا دلٌل واضح على جواز المضاء فً المسجد.
ثالثا -اإلجماع
لالوا :إن المضاء فً المسجد ولع من الصحابة رضً هللا عنهم ،فمد كان الخلفاء اْلربعة ٌمضون فً المسجد،
ولم ٌخالفهم أحد من الصحابة ،وكذلن كان شرٌح ،والحسن البصري والشعبً ٌمضون فً المسجد.
لال اإلمام مالن " :المضاء فً المسجد من أمر الناس المدٌم ،وهو الحك الصواب ،وهو ألرب على الناس فً
شهودهم ،وٌصل إلٌه الضعٌؾ والمرأة
رابعا -فعل الصحابة فٌما ورد عنهم من ولابع ،ومنها:
ما روي أن علً بن أبً طالب كان ٌمضً فً المسجد
المنالشة
ضا على سبٌل الصدفة ،ولم ٌكن لصدا. نولش لضاء النبً فً المسجد وكذلن لضاء أصحابه بأن ذلن كان عر ً
وٌجاب عن ذلن
بأن ما ولع من النبً هللا وأصحابه من المضاء فً المسجد لم ٌكن من باب الصدفة؛ إذ لو كان صدلة لبٌن النبً
أن هذا أمر عارض واْلصل خالفه.
خامسا -المياس
حٌث لاسوا المضاء فً المسجد على لراءة المرآن على اعتبار أن المضاء لربة إذا كان بالحك ،فأشبه لراءة
المرآن والمسجد من أفضل اْلماكن التً تؤدى فٌها المربات.
-أدلة المول الثاني
صو َما ِت ُك ْمَ ،و ُحدُو َد ُك ْمَ ،و ِش َرا َء ُك ْم َو َب ٌْعَ ُك ْم، ص ْبٌَانَ ُك ْم َو ُخ ُاج َد ُك ْم ِ
س ِأ -ما روي عن معاذ أن النبً ﷺ لَا َل َ " :جنَّبُوا َم َ
طا ِه َر ُك ْم ". اج َعلُوا علَى أَب َْوا ِب َها َم ََو َج َم ُروهَا ٌَ ْو َم َج ْم ِع ُك ْمَ ،و ْ
حٌث نهى النبً عن فصل الخصومات فً المساجد ،فكان المضاء فً المسجد ممنوع شرعا.
المنالشة
ٌنالش هذا المول بأن ؼاٌة ما فٌه أنه ٌزجر من رفع صوت الخصوم فً المسجد ،فإن الماضً إذا فعل ذلن
تجنب الخصوم ما ٌشوش على المصلٌن من أصوات وؼٌرها
ْت إِ َّنضالَّةً فًِ ْال َمس ِْج ِد فَمَا َل َ :ال َو َجد َ ش ُد َ َّللاِ ﷺ َر ُج ًال ٌَ ْن ُ سو ُل َّ س ِم َع َر ُ ع ْن أ َ ِبً ُه َرٌ َْرة َ هللا لَا َل َ : ب -ما روي َ
اج َد لَ ْم تُبْنَ ِل َه َذا
س ِْال َم َ
نهى الرسول عن نشد الضالة فً المسجد ،لما ٌحدثه من تشوٌش وال شن أن المضاء فً المسجد فٌه تشوٌش
ٌزٌد على ما فً نشد الضالة.
ج -إنه لد ٌكون فً الخصوم من ال ٌمكنه اللبث فً المسجد ،كالجنب والحابض.
المول الراجح
أن المول بجواز المضاء فً المسجد هو اْلولى بالمبول.
الباب الثالث
فِي َما يَكُو ُن ِب ِه ا ْلمَ َ
ضا ُء
ض ُل ْاْل َ َّو ُل في الشهادة ا ْلفَ ْ
تعريف الشهادة
الشهادة لغة -تطلك الشهادة فً اللؽة على معان متعددة :
-العلم والبٌان :كمول المؤذن أشهد أن ال إله إال هللا" أي :أعلم أن ال إله إال هللا ،وأبٌن أن ال إله إال هللا.
ش ِه َد ِمن ُك ُم -الحضور :لال شهده شهود أي حضروه فهو شاهد ،ولوم شهود أي حضور ،لال تعالى ﴿ َف َمن َ
ش ْه َر فلٌصمه ﴾ ال َّ
ب أَن ت َ ْش َه َد أ َ ْر َب َع
-الحلؾ :ومنه لولن :أشهد بكذا ،أي :أحلؾ بكذا ،ومنه لوله تعالى ﴿ :وٌدرا عنها ال َعذا َ
ت ِب َّ ِ
اَّلل ﴾. ش َه َدا ٍ
َ
-اإلخبار ٌ :مال :شهد بكذا ،أي أخبر به.
الشهادة في االصطالح الفمهي
اختلؾ الفمهاء فً تعرٌؾ الشهادة :
أوال :عرف الحنفية هً إخبار صدق إلثبات حك بلفظ الشهادة فً مجلس المضاء ولو بال دعوى
ثانيا :عرف المالكية هً إخبار حاكم عن علم لٌمضى بممتضاه
ثالثا :عرف الشافعية هً إخبار عن شًء بلفظ خاص
رابعا :عرف الحنابلة هً اإلخبار بما علمه بلفظ خاص
حكم الشهادة
ٌختلؾ حكم الشهادة باختالؾ ما إذا كان الممصود من الحكم هو اْلثر المترتب علٌها ،أو كان الممصود
حكمها من حٌث التحمل واْلداء
فمن ناحية اْلثر المترتب عليها
فب مجرد ثبوت الشهادة وآدابها من الشاهد الذي توافرت فٌه شروطها ،وجب على الماضً الحكم بموجبها،
وال ٌجوز له التأخٌر ،فلو امتنع الماضً من الحكم بعد ذلن أثم لتركه الفرض ،واستحك العزل ْلنه ارتكب ما
ٌفسك به وٌعزر ْلنه ارتكب ما ال ٌجوز له ارتكابه شرعا.
ومع ذلن فإنه ٌجوز للماضً تأخٌر الحكم ْلحد اْلسباب اآلتٌة :
-۱أن تكون الدعوى بٌن اْللرباء ،فٌأمل الماضً حصول الصلح بٌنهما ،وكذلن إذا رجى الصلح بٌن الخصوم
من ؼٌر اْللارب.
-٢أن ٌدعً المدعى علٌه أن لدٌه دفعا للدعوى ،وٌطلب اإلمهال إلحضار بٌنته على الدفع ،أو ٌطلب المدعً
اإلمهال إلحضار بٌنته على الدعوى.
-۳أن ٌكون لدى الماضً رٌب وشبهة فً الشهود.
-٤أن ٌكون الماضً بحاجة للبحث عن الحكم فً الكتب أو سؤال العلماء
أما من ناحية التحمل واْلداء
فمد اتفك جمهور الفمهاء على أن تحمل الشهادة وأدابها فرض من فروض الكفاٌات ،حٌث إن الشهادة فً
هذه الحالة تصبح متعٌنة فً حمهم ،كما أن أداء الشهادة ٌعتبر من لبٌل اْلمانة للمشهود له فً ذمة الشاهد
واْلمانة تمتضى اْلداء.
وٌلزم الشاهد آداء الشهادة هلل تعالى فٌما عدا أسباب الحدود ،لموله تعالى ﴿ وألٌموا الشهادة هلل﴾
أما فً أداء الشهادة المتعلمة بحموق العباد ،فال بد لوجوب اْلداء أن ٌطلب المشهود له الشهادة ،فإذا طلبها وجب
على الشاهد أن ٌموم بأدابها.
أما فً حموق هللا تعالى وفٌما عدا الحدود فٌلزمه أن ٌؤدٌها حسبة هللا من ؼٌر طلب من أحد ،وفً مسابل
الحدود فهو مخٌر بٌن أن ٌشهد حسبة ،وبٌن أن ٌسترْ ،لن كل واحد منهما أمر مندوب إلٌه لموله تعالى :
﴿ وألٌموا الشهادة هللا ﴾ ولوله " :من ستر على مسلم ستره هللا فً الدنٌا واآلخرة ".
والستر فً هذه الحالة أحب بداللة لوله ﷺ للذي شهد عنده على ماعز :هال سترته بثوبن ،حٌث إن
المخاطب بالمول فً هذا الحدٌث هو هزال ،إذ إن ماعزا ألر بالزنا ولم ٌشهد علٌه أحد.
التنبيه -إلى أن الممتنع عن أداء الشهادة ال ٌلحمه اإلثم إال إذا كانت شهادته مفٌدة ونافعة للمشهود له ،وٌصٌبه
ضرر فً حالة عدم آدابها ،أما إذا أصاب الشاهد ضرر من جراء شهادته فإنها تعتبر ؼٌر الزمة له.
اْلدلة على تحمل الشهادة وأدائها
عوا ﴾ش َه َداء ِإ َذا َما ُد ُ
ب ال ُّلوله تعالى َ ﴿ :و َال ٌَأ ْ َ
وجه الداللة -فً هذه اآلٌة نهى هللا تعالى الشهود عن االمتناع عن أدء الشهادة
ولد تباٌنت ألوال المفسرٌن فً هذه اآلٌة على النحو التالً :
أوال ٌ -رى ابن عباس ولتادة والربٌع بن أنس أن معنى اآلٌة أن الشهداء ال ٌجوز لهم االمتناع عن تحمل
الشهادة وأدابها وإثباتها فً الكتاب ،فإذا دعوا للتحمل وجبت علٌهم اإلجابة.
ثانٌا ٌ -ری مجاهد وسعٌد بن جبٌر والسدي أن معنى اآلٌة :ال ٌأب الشهداء عن آداء الشهادة إذا كانت لد
حصلت عندهم بالتحمل ودعوا آلدابها.
منالشة :وهذا المول ؼٌر مسلم؛ ْلن هللا سماهما شاهدٌن وأمر باستشهادهما لبل أن ٌستشهدا ،حٌث لال تعالى :
ش ِهٌ َدٌ ِْن ِمن ِ ّر َجا ِل ُكم ﴾. ﴿ َوا ْست َ ْش ِه ُدوا َ
ثالثا ٌ -رى الحسن البصري وابن عباس فً المول اآلخر أن معنى اآلٌة :ال ٌأب الشهداء عن تحمل الشهادة إذا
حملوها ،وال ٌأبوا عن إلامتها إذا تحملوها
-٢ما روي عن زٌد بن خالد الجهنً أن النبً ﷺ لال " :أال أخبركم بخٌر الشهداء ،الذي ٌأتً بشهادته لبل أن
ٌسألها "
وجه الداللة :ذكر النووي أن المراد بهذا الحدٌث تأوٌالن :
اْلول -وهو أصحها وأشهرها ،وهو ما ذهب إلٌه مالن وأصحاب الشافعً ،أنه محمول على من عنده شهادة
إلنسان بحك وال ٌعلم ذلن اإلنسان أنه شاهد فٌأتً إلٌه فٌخبره بأنه شاهد له.
الثانً -أنه محمول على شهادة الحسبة ،وذلن فً ؼٌر حموق اْلدمٌٌن المختصة.
ص ُل الثاني ا ْلفَ ِ ّ
فِي ْاْل َ ْي َم ِ
ان
علَ ٌْ ِه ِإ َذا لَ ْم ت َ ُك ْن ِل ْل ُم ْد ِعً َب ٌِّنَةً. ع ِن ْال ُم ْد َ
عى َ علَى أَنَّ َها تَ ْب ُ
ط ُل ِب َها ال َّدع َْوى َ َوأ َ َّما ْاْل َ ٌْ َم ُ
ان فَإِنَّ ُه ُم اتَّفَمُوا َ
اختَلَفُوا فٌِ ِه حكم المضاء بالشاهد والٌمٌن شا ِه ِد فَإِنَّ ُه ُم ْ
ٌن َم َع ال َّضا ُء بِ ْالٌَ ِم ِ
َوأ َ َّما ْالمَ َ
مسألة حكم المضاء بالشاهد واليمين
اختلؾ الفمهاء فً مسألة حكم المضاء بالشاهد والٌمٌن
-المول اْلول :جواز المضاء بٌمٌن صاحب الحك مع الشاهد ،وإن ولع بٌنهم الخالؾ فً الدعاوى محل
المضاء بالشاهد والٌمٌن :
المالكية لالوا :كل ما جازت فٌه شهادة النساء جاز فٌه الشاهد والٌمٌن.
الشافعية لالوا ٌ :مضً بالٌمٌن مع الشاهد فً الدعاوى المالٌة ،والدعاوى المتعلمة بالعمود المالٌة ،وال ٌمضً به
فً الحدود والجناٌة على النفس وما دونها.
الحنابلة لالوا ٌ :مضً بالٌمٌن مع الشاهد فً الدعاوى المالٌة ،وفً كل ما ٌمصد به المال ،وال ٌمضً به فً
الحدود ،و النكاح و الطالق والعتاق و المصاص و الوالء.
الظاهرية لالو ٌ :مضً بالٌمٌن مع الشاهد فً الدماء والمصاص والنكاح والطالق ،والرجعة ،وال ٌمضً بهما
فً الحدود.
-المول الثاني :ال ٌجوز المضاء بالٌمٌن مع الشاهد فً أي نوع من أنواع الدعاوى.
-أدلة المول اْلول
أ -ما روي عن ربٌعة عن سهٌل بن أبً صالح عن أبً هرٌرة أن النبً ﷺ لضى بالٌمٌن مع الشاهد
وجه الداللة :دل الحدٌث على أن رسول هللا له لضً بالٌمٌن مع الشاهد.
منالشة
-۱نولش هذا الحدٌث بأن حدٌث ربٌعة عن سهٌل ال ٌحتج به.
وأجاب ابن حجر فً الفتح بأن رجال الحدٌث ثماتْ ،لنه كان بعد ذلن ٌروٌه عن ربٌعه عن نفسه عن أبٌه
-٢جاء فً البدابع ما نصه :طعن ٌحٌى بن معٌن فً الحدٌث ،ولال :لم ٌصح عن رسول هللا ﷺ المضاء بشاهد
وٌمٌن
أجاب ابن حجر عن هذا االعتراض فمال :لال الشافعً فً حدٌث ابن عباس :هذا الحدٌث ثابت ال ٌرده أحد من
أهل العلم .
نولش الحدٌث أٌضا ً بأن المراد بشاهد وٌمٌن ،هو المضاء بٌمٌن المنكر مع شاهد الطالب ،والمراد أن الشاهد
الواحد ال ٌكفً فً ثبوت الحك فتجب الٌمٌن على المدعً علٌه.
أجاب ابن العربً عن هذه المنالشة بمول ه :إن هذا جهل باللؽة ،فإن المعٌة تمتضً أن تكون من شٌبٌن فً جهة
واحدة ال فً المتضادٌن
ب -استدلوا من اْلثر بما ٌلً :
-روي عن علً بن أبً طالب أن أبا بكر وعمر وعثمان رضً هللا عنهم كانوا ٌمضون بشهادة الشاهد اْلول
وٌمٌن المدعً
-أدلة المول الثاني
ش ِهٌ َدٌ ِْن ِمن ِر َجا ِل ُك ْم فَإِن لَّ ْم ٌَ ُكونَ َر ُجلٌَ ِْن َف َر ُج ٌل َوأ َ ْم َرأَت َ ِ
ان ﴾ أ -لوله تعالى َ ﴿ :وا ْستَ ْش ِهدُوا َ
وجه الداللة :إن هذه اآلٌة جاءت فً ممام بٌان كٌفٌة الشهادة ،فالحاصل أن هللا تبارن وتعالى التصر فً ممام
البٌان على شهادة الرجلٌن والرجل والمرأتٌن ،وااللتصار فً ممام البٌان ٌفٌد الحصر.
منالشة
بأن هذا لٌس من لسم الشهادة ،وإنما الحكم هنالن بالٌمٌن ،وحظ الشاهد ترجٌح جنبة المدعً.
ب -لوله ﷺ فً حدٌث ابن عباس البٌنة على المدعً والٌمٌن على من أنكر
وجه الداللة :أفاد الحدٌث أن رسول هللا ﷺ حصر الٌمٌن فً جانب المدعً علٌه ،فلوكان للمدعً ٌمٌن لما كان
الحصر صحٌحا.
منالشة
ب -اعترض البعض على حدٌث البٌبة على المدعً ،بأنه ضعٌؾ ،وإن سلم صحته ،فإنه ال ٌفٌد الحصر.
الرأ الراجح
ٌتبٌن رجحان الرأي المابل بصحة المضاء بالشاهد وٌمٌن المدعً فً اْلموال.
ض ُل الثَّا ِلث
ا ْلفَ ْ
النكول
تعريف النكول
النكول لغة : -هو الجبن والتأخر
النكول اصطالحا : -هو الرجوع فً الٌمٌن بعد إٌجابها.
وهذا االمتناع من حٌث ثبوته نوعان :
-۱بالمول :كأن ٌمول المدعى علٌه :ال أحلؾ.
-٢السكوت إذا كان ناطما ،فهذا السكوت ٌكون داللة على النكول.
ونكول المدعى علٌه لد ٌكون اعترافا منهْ ،لنه سكت وامتنع عما ٌدفع به الضرر عن نفسه ،وهو الٌمٌن،
ولد ٌكون النكول بدال منه.
حكم الماضي بعد النكول
يرى الحنفية :وإذا نكل المدعى علٌه فإن حكم الماضً بعد النكول مباشرة جاز؛ -
ْلن النكول إلرار ،فٌكون الحكم هنا حكما بعد إلرار المدعى علٌه لكن هذا اإللرار فٌه شبهة.
واْلولى عند اْلحناؾ أن ٌخبر الماضً المدعى علٌه أن مذهبه المضاء بالنكول ،إذ ربما جهل مذهب
الماضً ،وٌعرض علٌه الٌمٌن ثالث مرات ،إذ ربما ٌرجع عن نكوله ،وإذا رجع عن النكول لبل الحكم جاز
تحلٌفه ولبول بٌنته ،وإن ظل ممتنعا إلى الحكم ،حكم الماضً ،وال ٌمبل بعد ذلن رجوعه عن النكول.
وٌرى اْلحناؾ كذلن أن الٌمٌن ال ترد على المدعى بعد نكول المدعى علٌه؛ ْلن الرسول هللا لال :
الٌمٌن على المدعى علٌه ،والمدعً هنا مذكورباْللؾ والالم ،وذلن ٌنفً ردها على المدعً.
ويرى الشافعية :أنه ال ٌحكم بمجرد النكول ،بل إذا نكل المدعى علٌه ردت الٌمٌن على المدعً ،وال -
ٌحكم بمجرد النكول إال فً صور منها :
-۱إذا طلب الساعً على الزكاة من المال ،فادعى أنه بادر فً أثناء الحول واتهمه الساعًٌ ،حلفه ندبا ،ولٌل :
ٌحلفه وجوبا ،فعلى هذا إذا نكل والمستحك ؼٌر محصور أخذت منه الزكاة.
-٢إذا مات من ال وارث له ،فادعى الحاكم على إنسان بدٌن للمٌت وجد فً تذكرته فأنكر.
-۳إذا ادعى لٌم المسجد أو الولؾ دعوى ونكل المدعى علٌه.
أنواع اليمين
تنمسم الٌمٌن المعتبرة وسٌلة من وسابل اإلثبات إلى لسمٌن :
-۱يمين المدعي وظٌفة الٌمٌن فً هذه الحالة هً إتمام البٌنة ،وتستعمل فً حالة ما إذا كانت بٌنة المدعً ؼٌر
كافٌة ،وتكون فً اْلمور التً ٌجوز فٌها المضاء بالشاهد والٌمٌن وٌسمٌها الفمهاء الٌمٌن المتممة.
-٢يمين المدعى عليه وتستعمل هذه الٌمٌن لدفع الدعوى الموجهة إلٌه من المدعً ،وهذه الٌمٌن تسمى الٌمٌن
الحاسمة ،وٌجوز ردها على الخصم اآلخر ،لمول النبً ﷺ " :البٌنة على المدعً والٌمٌن على من أنكر"
شروط وجوب اليمين على المدعى عليه
-۱إنكار المدعى علٌه للحك المدعى به فلو ألر به ال ٌحلؾ النتهاء الخصومة باإللرار بالحك المدعى به.
-٢أن ٌطلب المدعً توجٌه الٌمٌن إلى المدعى علٌه ،وٌموم الماضً بتوجٌهها للمدعى علٌه.
-۳أن تكون الٌمٌن شخصٌة.
-٤أال ٌكون الحك المدعى به حما خالصا ً هلل تعالى ،إذ الحموق الخالصة هلل ال توجه فٌها الٌمٌن باتفاق.
ه -أن ٌكون الحك المدعى به مما ٌحتمل اإللرار به شرعا.
المضاء بكتاب الماضي إلى الماضي
من المتفك علٌه أن صحة حكم الماضً مشروط بولوعه فً دابرة االختصاص المعٌنة له من لبل اإلمام.
ولد أجمع الفمهاء على جواز لبول الكتابة من لاض إلى آخر ،وأجاز الحنابلة الكتابة إلى ؼٌر المعٌن ،كأن
ٌكتب وٌمول إلى كل من ٌصله كتابً من لضاة المسلمٌن.
وذهب الحنفية إلى جواز لبول كتاب الماضً إلى الماضً فً الحموق بخالؾ الحدود والمصاصْ ،لن كتاب
الماضً إلى الماضً بمنزلة الشهادة على الشهادة والشهادة على الشهادة ال تجوز فً الحدود والمصاص.
وعن أبي يوسف أنه ٌمبل فً العبد دون اْلمة .وعن دمحم أنه ٌمبل فً كل ما ٌنمل وٌتحول.
وليل :إنه ٌمبل فً العمار ،وال ٌمبل فً اْلعٌان المنمولة.
-والدلٌل على جواز كتاب الماضً إلى الماضً
ُ
ب َك ِرٌ ٌم ﴾ً ِإلَى ِكت َ ٌ -۱لول هللا تعالى ﴿ :لالت ٌاٌها الملؤا إنى أ ْل ِم َ
-٢ما روي أن النبً جهز جٌشا ،فأمر علٌه عبد هللا بن رواحه ،ودفع إلٌه كتابا مختوما ،ولال :ال تفكه إال بعد
ثالث فإذا مضت ثالث فمصه ،واعمل بما فٌه
المدة بين الماضي الكاتب والماضي المكتوب إليه
-الحنفية لٌد الكتاب بمسافة المصر
-المالكية فال اعتبار للمسافة عندهم ،فٌجوز الكتابة بٌن المضاة بعدت المسافة أم لربت
-الحنابلة إلى أنه ال تشترط المسافة البعٌدة ،حٌث لالواٌ :مبل الكتاب وإن كان الماضٌان فً بلد واحد،
وإال إذا بعث إلٌه لٌحكم بما ثبت عنده ،فهنا البد من وجود مسافة المصر.
-الشافعية نظر إلى الؽرض من الكتاب ،وأسسوا رأٌهم على ذلن فمالوا :إذا كان الؽرض من الكتاب نمل
شهادة ،أو ثبوت حك ،فال خالؾ بٌنهم فً اشتراط مسافة المصر فً نمل الشهادة ،وفً الكتاب المتضمن
ثبوت الحك وجهان أصحهما :أنه البد من مسافة المصر .
الشهادة على كتاب الماضي
اتفك فمهاء الحنفٌة والشافعٌة والحنابلة -عدا أبً ثور من الشافعٌة – على أن الماضً ال ٌمبل كتاب لاض
آخر إال إذا شهد شاهدان عدالن أنه لرئ علٌهما ،أو بحضرتهما.
ولال دمحم وأبو حنيفة :البد أن ٌشهد الشهود بختم الماضً.
وذهب المالكية :إلى أن كتاب الماضً إذا جاء مجردًا عن الشهادة ،فال لٌمة له ،وال ٌترتب علٌه أثر ،إال أنهم
لم ٌمٌدوا ذلن بمراءة الكتاب على الشهود.
وهذا الكالم فٌما إذا سار بالكتاب ؼٌر الخصم ،أما إذا سار به الخصم ،فالبد من أن ٌأتً بشاهدٌن ٌشهدان
أن هذا هو كتاب الماضً.
ولرر الفمهاء أنه ال ٌمبل فً تحمل كتب المضاة وأدابها شهادة النساء ،حتى ولو كانت الحموق التً تضمنها
هذا الكتاب مما تمبل فٌه شهادة المرأة
شروط تحمل الشهود للشهادة على الكتاب
اشترط الفمهاء شروطا لتحمل الشهود الشهادة على الكتاب وآدابها وهً:
-۱أن ٌعلما ما فٌه ،وعلمهما بما فٌه ٌكون بأحد ثالثة أوجه :إما أن ٌمرأه الماضً علٌهما ،وإما أن ٌأمر من
ٌمرأه بحضرته علٌهما ،وإما أن ٌمرأه الشاهدان علٌه ،فإن لم ٌعلما ما فٌه ،ودفعه الماضً إلٌهما مختوما
لٌشهدوا به ،لم ٌجز.
-٢أن ٌمول الماضً لهما :هذا كتابً إلى الماضً فالن ،فاشهدا على بما فٌه ،فإن لم ٌمل ذلن ،والتصر بهما
على عنوانه ،لم ٌجز ،وإن لال لهما :هذا كتابً إلى فالن ،وال لال :اشهدا على بما فٌه ،ففً صحة التحمل
واْلداء بهذا المول وحده وجهان بناء على الخالؾ فً جواز الشهادة على الممر بالسماع من ؼٌر استدعاء
الممر للشهود.
-۳أال ٌؽٌب الكتاب عنهما بعد تحمل ما فٌه إال أن ٌكونا لد كتبا فٌه شهادتهما لٌتذكرا به صحة الكتاب
ومعرفته ،فإن ؼاب الكتاب عنهما لبل إثبات خطهما فٌه ،أو ارتابا بعد الخط ،لم ٌصح التحمل ،إال أن ٌعٌد
الماضً لراءته علٌهما ،وٌمول لهما :هذا هو كتابً الذي أشهدتكما على بما فٌه إلى الماضً فالنْ ،لنه لد
ٌحتمل أن ٌبدل فً الؽٌبة بؽٌره.
بيانات كتاب الماضي
إن مذهب الشافعً أن العنوان لٌس شرطا فً لبول الكتاب ،وال فرق عند الشافعً بٌن عنوانه من داخله
وخارجه ،وٌجوز أن ٌمبله حتى ولو لم ٌكن معنونا؛ ْلن الحكم به متعلك بما ٌؤدٌه الشهود من مضمونة.
مسألة لضاء الماضي بعلمه مطلما
-ال خالؾ بٌن العلماء فً أن الماضً ٌجوز أن ٌمضً بعلمه فً التعدٌل والتجرٌح (أي فً شأن الشهود)
-وأجمع العلماء كذلن على أن الماضً ال ٌمضً بضد علمه إذا شهد الشهود بضده ،وأنه ٌمضً بعلمه فً
إلرار الخصم وإنكاره .إال مالكا فإنه رأى أن ٌحضر الماضً شاهدٌن فً إلرار الخصم وإنكاره.
هل ٌعتبر علم الماضً وسٌلة من وسابل اإلثبات أي هل ٌجوز للماضً أن ٌمضً بعلمه من ؼٌر بٌنة وال
إلرار؟ وكان الخالؾ بٌنهم على ثالثة ألوال :
المول اْلول :ما ذهب المالكية ،ولول عند الشافعية ،وظاهر مذهب الحنابلة ،واإلباضية ،وهو لول الشعبي،
وشريح أنه ال ٌجوز للماضً أن ٌمضً بعلمه فً أي شًء ال فً حد وال فً مال ،وال فً ؼٌرهما ،سواء علمه
لبل والٌته أم بعدها.
المول الثاني :فرق بٌن حموق هللا وحموق العباد
فمالوا :ال ٌجوز للحاكم أن ٌحكم بعلمه فً حموق هللا ،و ٌجوز للحاكم أن ٌحكم بعلمه فً حموق العباد شرٌطه
أن ٌكون علمه فً والٌته ،أما ما علمه لبل والٌته ،فال ٌجوز له المضاء فٌه ،وهو لول أبي حنيفة ،والشافعي
في اْلصح ،ورواية عن أحمد ،والزيدية.
المول الثالث :يرى أبي يوسف ودمحم من الحنفية والراجح لدى الشافعية ،ورواية عن أحمد ،والظاهرية
أنه ٌجوز للماضً أن ٌمضً بعلمه فً كل شًء؛ ْلن علمه ألوى من العلم الذي ٌحصل له بشهادة الشهود.
-أدلة المول اْلول
أوال -الكتاب
ت ث ُ َو لَ ْو ٌَأْتُوا ِبأ َ ْر َب َع ِة ُ
ش َه َداة َ فَأ َ ْه ِلدُو ُه ْم تمنٌِنَ َج ْل َدة ﴾ لوله تعالى َ ﴿ :والَّذٌِنَ ٌَ ْر ُمونَ ْال ُم ْح َ
صنَ ِ
طا بوجود الشهود اْلربعة ولو جاز للماضً أن ٌمضً وجه الداللة :جعل هللا تعالى إلامة حد المذؾ مشرو ً
بعلمه لما لرنه بالشهادة.
ثانيا -السنة
ض ُك ْم ْال َح ُن ِب ُح َّجتِ ِه ًَ ،ولَ َع َّل َب ْع َ ص ُمونَ ِإلَ َّ سو َل هللاِ ﷺ لَا َلِ :إنَّ ُك ْم تَ ْختَ ِ ً هللاُ َع ْن َها :أ َ َّن َر ُ ض َ سلَ َمةَ َر ِ ع ْن أ َ ْم َ
ما روي َ
ار ،فَ َال ٌَأ ْ ُخ ْذهَا ط َعةً ِمنَ النَّ ِط ُع لَهُ لِ ْ ك أ َ ِخٌ ِه ش ٌْبًا ِبمَ ْو ِل ِه ،فَإِنَّ َما أ َ ْل َ
ضٌْتُ َلهُ ِب َح ّ ِ ض ،فَ َم ْن لَ َ ِم ْن َب ْع ٍ
وجه الداللة :أفاد الحدٌث أن الرسول ٌمضً بما ٌسمع ال بما ٌعلم.
منالشة
نولش هذا االستدالل بأن النص على السماع ال ٌنفً كون ؼٌره طرٌما للحكم؛ ْلنه ٌمكن بطالن ما سمعه
اإلنسان ،وال ٌمكن بطالن ما علمه.
ثالثا -المعمول
ال ٌجوز للماضً أن ٌمضً بعلمه؛ ْلن تجوٌز المضاء بعلمه ٌؤدي إلى التهمة ،ولد ٌحكم بما ٌشتهً ،فوجب أن
ٌمنع من ذلن.
-أدلة المول الثاني
ط ْعت ُ ْم ،فَإ ِ َذا َو َج ْدت ُ ْم ِل ْل ُم ْس ِل ِمع ِن ْال ُم ْس ِل ِمٌنَ َما ا ْست َ َ -۱ما روي عن عابشة أن رسول هللا ﷺ لال :اد َْر ُءوا ْال ُحدُو َد َ
ا فًِ ْالعُمُو َب ِة ا َحا ِك ٌم َم ْن حكام ْال ُم ْس ِل ِمٌنَ فًِ ْال َعفُو َخٌ ٌْر ِم ْن أ َ ْن ٌ ُْخ ِط َ َم ْخ َر ًجا ،فَاد َْر ُءوا َع ْنهُ؛ فَإِنَّهُ أ َ ْن ٌ ُْخ ِط َ
وجه الداللة :أمر النبً ﷺ بدرء الحدود عن المسلمٌن لدر اإلمكان ،وما ذان إال لحرص اإلسالم على الستر،
لذلن ال ٌجوز الحكم فٌها بعلم الماضً.
-٢ذكر الحنفٌة تعلٌال أورده صاحب االختٌار ،حٌث لال " :أما جواز لضابه بما علمه من حموق اآلدمٌٌن فً
زمن والٌته ومحلها ،فألن علمه كشهادة الشاهدٌن ،بل هو أولىْ ،لن الٌمٌن حاصل بما علمه بالمعاٌنة والسماع
والحاصل بالشهادة لٌس إال ؼلبة الظن ،وأما عدم جواز لضابه بما علمه لبل والٌته ،أو فً ؼٌر محل والٌته،
فألنه لبل والٌته ،وفً ؼٌر محل والٌته شاهد ال حاكم ،وشهادة الفرد ال تمبل ،وأما حموق هللا عز وجل فال
ٌمضً فٌها بعلمه؛ ْلنه خصم فٌها ،فالحاكم نابب عن هللا عز وجل فً تنفٌذ حموله تعالى.
-أدلة المول الثالث
ع َلى أَنفُ ِس ُك ْم أ َ ِو ْال َوا ِل َدٌ ِْن َو ْاْل َ ْل َربٌِنَ َّللا َولَ ْو َ
ش َه َدا َء َّ ِ ْط ُ -۱لوله تعالىٌَ :ا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُوا ُكونُوا لَ َّو ِامٌنَ بِ ْال ِمس ِ
س ْفٌَانَ َر ُج ٌل ش َِحٌح ،فال َّللا ِإ َّن أ َبَا ُ
سو َل َّ ِ تٌَ :ا َر ُ ت ِهند إلى النبً ﷺ فَمَالَ ْ ت َ :جا َء ْ شةَ ،لَالَ ْ عابِ َ ع ْن َ -٢ما روي َ
كفٌن َو َولَ َد َن ِب ْال َم ْع ُر ِ
وؾ. ٌُؽطٌنً ما ٌكفٌنً َو َولَدِي ِإ َّال َما أ َ َخ ْذتُ ِم ْن َما ِل ِه َو ُه َو َال ٌَ ْعلَ ُم ،فَمَا َلُ :خذِي َما ٌَ َ
وجه الداللة :إن النبً حكم لهند بالتصرؾ فً مال زوجها ،بأن تأخذ من ماله بالمعروؾ والنبً هنا إنما حكم
بعلمه ،فدل على أن حكم الحاكم بعلمه جابز.
المنالشة
بأن الحدٌث ال ٌدل على جواز المضاء بعلم الماضً؛ ْلنه فتوى ولٌس حكم
-۳استدلوا بالمٌاس فمالوا :إن الماضً ٌحكم بالشاهدٌن ْلن شهادتهما تعطٌانه ظنا ؼالبا بصحة ما شهدا به
فٌكون ما علمه الماضً ،وتحمك منه أولى
المنالشة
بأن المضاء بالشاهدٌن ال ٌؤدي إلى تهمة على خالؾ الحكم بالعلم ،فإنه ٌؤدي إلى تهمة ولو كان تمٌا ،فٌحكم
على من ٌشاء من ؼٌر حجة .
المول الراجح
ٌظهر رجحان الرأي الثانً الذي ٌفرق بٌن حموق هللا وحموق العباد؛ ْلنه الموافك للمعمول ،واْلولى بالمبول،
ْلن شهادة الشاهدٌن ال تبلػ مرتبة العلم.
وهذا المول هو الذي رجحه اإلمام الشوكانً فً نٌل اْلوطار ،وكذلن رجحه اإلمام ابن المٌم فً إعالم
المولعٌن.
وٌرى البعض من المعاصرٌن بعد موافمته لرأي الشوكانً أنه من االحتٌاط فً هذه المسألة ،إذ البد أن
ٌكون الماضً عدالً ،حتى ٌصح له أن ٌحكم بعلمه.
ومع ذلن فمد استثنى الفمهاء المابلٌن بعدم الجواز صورا ٌجوز فٌها المضاء بالعلم وهً :
-اإلساءة إلى الماضً فً مجلسه.
-اإلساءة من الخصم إلى الخصم أمامه.
-اإلساءة إلى الشهود
-اإلساءة إلى هٌبة مجلسه ،كمستشارٌه ومفتٌه وأعوانه.
-الجرح والتعدٌل ،فٌجوز للماضً أن ٌستند لعلمه فً تزكٌة الشهود.
لو ألر الماضً بشًء فً مجلس لضابه ،فله أن ٌمضً به. -
لو علم اإلمام استحماق من طلب الزكاة ،جاز الدفع له. -
لو عاٌن الماضً اللوث كان له اعتماده ،وال ٌخرج على الخالؾ فً المضاء بالعلم. -
أن ٌمر عنده بالطالق الثالث ثم ٌدعى زوجٌتها. -
ا ْلفَ ْ
ص ُل الرابع
في اإللرار
تعريف اإللرار
اإللرار لغة :هو اإلذعان للحك واالعتراؾ به.
اإللرار وفي اصطالح الفمهاء :
-الحنفية :إخبار عن ثبوت حك للؽٌر على نفسه
-المالكية :االعتراؾ بما ٌوجب حما ً على لابله بشرط.
-الشافعية :إخبار عن حك سابك.
-الحنابلة :إظهار مكلؾ مختار ما علٌه لفظا أو كتابة أو إشارة من أخرس أو على موكله أو مولٌه أو
موروثه بما ٌمكن صدله.
واإللرار فً اصطالح الشرع مرادؾ لالعتراؾ ،وٌمصد به :أن ٌمر شخص آلخر أو هللا تعالى بحك فً
مال أو دم ،أو هو إظهار مطلك مختار ما علٌه أو ما ٌثبت ارتكابه لفعل ٌستوجب عموبة شرعا
مشروعية اإللرار
أوال -الكتاب
علَى أنفُ ِس ُك ْم ﴾
َّلل َولَ ْو َ لوله تعالى ٌ ﴿ :ا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُوا ُكونُوا لَ َّو ِامٌنَ ِب ْال ِمس ِ
ْط ُ
ش َه َدا َء ِ َّ ِ
وجه الداللة :فً هذه اآلٌة أمر من هللا تعالى للمؤمنٌن بإلامة العدل ولول الحك ولو على النفس.
ثانيا -من السنة
ما رواه مسلم أن رجال من اْلعراب أتى رسول هللا ﷺ فمالٌ :ا رسول هللا ،أنشدن هللا أال لضٌت لً بكتاب هللا،
فمال رسول هللا ﷺ :لل ،لال :إن ابنً كان عسٌفا عند هذا ،فزنً بامرأته وإنً أخبرت أن على ابنى الرجم،
فالتدٌت منه بمابة شاة وولٌدة ،فسألت أهل العلم ،فأخبرونً أن على ابنً جلد مابة وتؽرٌب عام ،وأن على
امرأة هذا الرجم ،فمال رسول هللا له والذي نفسً بٌده ْللضٌن بٌنكما بكتاب هللا الولٌدة والؽنم رد ،وعلى ابنن
جلد مابة وتؽرٌب عام ،واؼد ٌا أنٌس إلى امرأة هذا ،فإن اعترفت فارجمها ،فؽدا إلٌها فاعترفت ،فأمر بها
رسول هللا فرجمت.
ثالثا -اإلجماع
فمد أجمعت اْلمة من لدن رسول هللا إلى ٌومنا هذا على أن اإللرار جابز وٌعمل به كدلٌل.
س
ام ُ اب ا ْل َخ ِ ا ْلبَ ُ
اء
ض ِِفي َك ْي ِفيَّ ِة ا ْلمَ َ
ص َمٌ ِْن فًِ ْال َم ْج ِلس ي بٌَْنَ ْال َخ ْ علَ ٌْ ِه أ َ ْن ٌُ َ
س ّ ِو َ ب َ علَى أَنَّهُ َو ِ
اح ٌ أ َ ْج َمعُوا َ
ٌنبؽً للماضً أن ٌكون مع الخصوم بكٌفٌة ال ٌشعر فٌها أحدهم بمٌله ،وعماد ذلن أن ٌسوي الماضً بٌن
الخصوم ،وهذه التسوٌة لها جوانب متعددة على النحو التالً :
-أوال ٌ :جب على الماضً أن ٌسوى بٌن الخصوم فً الدخول علٌه ،فال ٌأذن ْلحدهما وٌمنع اآلخر ،وإذا
ألبل على أحدهما وجب علٌه أن ٌمبل على الطرؾ اآلخر ،وإذا سمع من أحدهما فعلٌه أن ٌسمع من اآلخر ،وال
ٌجوز له أن ٌجلس أحدهما وٌولؾ الطرؾ اآلخر.
-ثانٌا ٌ :جب على الماضً أن ٌسوى بٌن الخصمٌن فً لٌامه لهما عند دخولهما مجلس المضاء
ولد كره البعض المٌام لهما جمٌعًا ،حرضا على هٌبة الماضً وْلن أحدهما لد ٌكون شرٌفا ،واآلخر وضٌعًا،
فٌظن الشرٌؾ أن المٌام له ،فٌزداد حجة فً الخصومة ،بٌنما ٌنكسر للب اآلخر ،فترن المٌام ألرب إلى العدل
وأنفى للتهمة.
وإذا دخل الخصمان عند الماضً وألمٌا علٌه السالم ،رد علٌهما جملة واحدة ،وإن سلم أحدهما انتظر حتى
ٌسلم اآلخر حتى ٌرد علٌهما معا ،أما إن طال الفصل بٌن دخول أحد الخصمٌن واآلخر فإنه ٌرد على واحد
منهما منفردا.
كتاب الذبائح
الباب اْلول
في معرفة محل الذبح والنحر
والحٌوان فً اشتراط الذكاة فً أكله على لسمٌن :حٌوان ال ٌحل إال بذكاة ،وحٌوان ٌحل بؽٌر ذكاة.
-اتفموا على أن الحٌوان الذي ٌعمل فٌه الذبح هو الحٌوان البري ذو الدم الذي لٌس بمحرم وال منفوذ
المماتل وال مٌبوس منه بولذ أو نطح أو ترد أو افتراس سبع أو مرض ،وأن الحٌوان البحري لٌس
ٌحتاج إلى ذكاة.
ففً هذا الباب إذا ست مسابل أصول :
المسألة اْلولى :فً تأثٌر الذكاة فً اْلصناؾ الخمسة التً نص علٌها فً اآلٌة إذا أدركت حٌة.
المسألة الثانٌة :فً تأثٌر الذكاة فً الحٌوان المحرم اْلكل.
المسألة الثالثة :فً تأثٌر الذكاة فً المرٌضة.
المسألة الرابعة :فً هل ذكاة الجنٌن ذكاة أمه أم ال؟
المسألة الخامسة :هل للجراد ذكاة أم ال؟
المسألة السادسة :هل للحٌوان الذي ٌأوي فً البر تارة وفً البحر تارة ذكاة أم ال؟
المسألة اْلولى -أما المنخنمة والمولوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع
فإنهم اتفموا فٌما أعلم أنه إذا لم ٌبلػ الخنك منها إلى حالة ال ٌرجى فٌه أن الذكاة عاملة فٌها أعنً أنه إذا
ؼلب الظن أنها تعٌش ،وذلن بأن ال ٌصاب لها ممتل.
واختلفوا إذا ؼلب على الظن أنها تهلن من ذلن بإصابة ممتل أو ؼٌره :
فمال أبي حنيفة والمشهور من لول الشافعي لول الزهر وابن عباس :تعمل الذكاة فٌها،
ولال لوم :ال تعمل الذكاة فٌها .وعن مالن فً ذلن الوجهان ،ولكن اْلشهر أنها ال تعمل فً المٌبوس منها.
وبعضهم تأول فً المذهب أن المٌبوس منها على ضربٌن :مٌبوسة مشكون فٌها ،ومٌبوسة ممطوع بموتها
وهً المنفوذة المماتل لال :
-أما المٌبوسة المشكون فٌها ففً المذهب فٌها رواٌتان مشهورتان.
-وأما المنفوذة المماتل فال خالؾ فً المذهب المنمول أن الذكاة ال تعمل فٌها.
وسبب اختالفهم اختالفهم فً مفهوم لوله تعالى ﴿ :إال ما ذكٌتم ﴾ .هل هو استثناء متصل ،أم هو استثناء
منمطع ال تأثٌر له فً الجملة المتمدمة.
-ولد احتج من لال :إن االستثناء متصل (الذكاة تعمل فً هذه اْلصناؾ الخمسة) بإجماعهم على أن
الذكاة تعمل فً المرجو منها.
-ولد احتج من رأى أنه منمطع (الذكاة ال تعمل فً هذه اْلصناؾ الخمسة) بأن التحرٌم لم ٌتعلك بأعٌان
هذه اْلصناؾ الخمسة وهً حٌة ،وإنما ٌتعلك بها بعد الموت.
لكن الحك فً ذلن أن كٌفما كان اْلمر فً االستثناء فواجب أن تكون الذكاة تعمل فٌها.
المسألة الثانية -هل تعمل الذكاة في الحيوانات المحرمات اْلكل حتى تطهر بذلن جلودهم؟
اختلفوا فً ذلن :
فمال مالن و أبو حنيفة :الذكاة تعمل فً السباع وؼٌرها ما عدا الخنزٌر.
ولال الشافعي :الذكاة تعمل فً كل حٌوان محرم اْلكل (هذا وهم لكن الصحٌح فً المذهب الشافعً أن الدباغ
ال ٌطهر اللكلب والخنزٌر) ،فٌجوز بٌع جمٌع أجزابه واالنتفاع بها ما عدا اللحم.
سبب الخالؾ هل جمٌع أجزاء الحٌوان تابعة للحم فً الحلٌة والحرمة ،أم لٌست بتابعة للحم؟
-فمن لال إنها تابعة للحم لال :إذا لم تعمل الذكاة فً اللحم لم تعمل فٌما سواه.
-ومن رأى أنها لٌست بتابعة للحم لال :اذا لم تعمل الذكاة فً اللحم فإنها تعمل فً سابر أجزاء الحٌوان،
ْلن اْلصل أنها تعمل فً جمٌع اْلجزاء.
المسألة الثالثة -واختلفوا في تأثير الذكاة في البهيمة التي أشرفت على الموت من شدة المرض بعد
اتفالهم على عمل الذكاة في التي تشرف على الموت.
فالجمهور على أن الذكاة تعمل فٌها ،وهو المشهورعن مالن ،ورو عنه أن الذكاة ال تعمل فٌها.
وسبب الخالؾ معارضة المٌاس لألثر .فأما اْلثر فهو ما روي " :أن أمة لكعب بن مالن كانت ترعى ؼنما
بسلع فأصٌبت شاة منها ،فأدركتها فذكتها بحجر ،فسبل رسول هللا ﷺ فمال :كلوها ".
وأما المٌاس :فألن المعلوم من الذكاة أنها إنما تفعل فً الحً وهذه فً حكم المٌت ،فإنهم اتفموا على أنه ال
تعمل الذكاة فٌها إال إذا كان فٌها دلٌل على الحٌاة.
واختلفوا فيما هو الدليل المعتبر في ذلن (حياة)
مذهب زيد بن ثابت لم ٌعتبرها مذهب أبي هريرة اعتبر الحركة
مذهب سعيد بن المسيب ،وزيد بن أسلم ،وهو الذ اختاره دمحم بن المواز اعتبر فٌها ثالث حركات :طرؾ
مذهب ابن حبيب شرط مع هذه التنفس. العٌن وتحرٌن الذنب والركض بالرجل
المسألة الرابعة -واختلفوا هل تعمل ذكاة اْلم في جنينها أم ليس تعمل فيه ،وإنما هو ميتة أعني :إذا
خرج منها بعد ذبح اْلم
فذهب جمهور العلماء وبه لال مالن ،والشافعي إلى أن ذكاة اْلم ذكاة لجنٌنها
ولال أبو حنيفة إن خرج حٌا ذبح وأكل ،وإن خرج مٌتا فهو مٌتة.
والذٌن لالوا إن ذكاة اْلم ذكاة له ،بعضهم وبه لال مالن اشترط فً ذلن تمام خلمته ونبات شعره.
وبعضهم وبه لال الشافعي لم ٌشترط ذلن.
وسبب اختالفهم اختالفهم فً صحة اْلثر المروي فً ذلن من حدٌث أبً سعٌد الخدري مع مخالفته لألصول :
أما حدٌث أبً سعٌد هو :لال :سألنا رسول هللا ﷺ عن البمرة أو النالة أو الشاة ٌنحرها أحدنا فنجد فً بطنها
جنٌنا أنأكله أو نلمٌه؟ فمال " :كلوه إن شبتم فإن ذكاته ذكاة أمه "
وأما مخالفة اْلصل فً هذا الباب لألثر ،فهو أن الجنٌن إذا كان حٌا ثم مات بموت أمه فإنما ٌموت خنما ،فهو
من المنخنمة التً ورد النص بتحرٌمها ،وإلى تحرٌمه ذهب أبو دمحم بن حزم.
وأما اختالؾ المابلٌن بحلٌته فً اشتراطهم نبات الشعر فٌه أو ال اشتراطه فالسبب فٌه معارضة العموم
للمٌاس ،وذلن أن عموم لوله ﷺ :ذكاة الجنٌن ذكاة أمه " ٌمتضً أن ال ٌمع هنالن تفصٌل ،وكونه محال للذكاة
ٌمتضً أن ٌشترط فٌه الحٌاة لٌاسا على اْلشٌاء التً تعمل فٌها التذكٌة ،والحٌاة ال توجد فٌه إال إذا نبت شعره
وتم خلمه.
المسألة الخامسة -واختلفوا في الجراد
فمال مالن :ال ٌؤكل من ؼٌر ذكاة ،وذكاته عنده هو أن ٌمتل إما بمطع رأسه أو بؽٌر ذلن.
ولال عامة الفمهاء ٌ :جوز أكل مٌتته.
( وذكاة ما لٌس بذي دم عند مالن كذكاة الجراد )
وسبب اختالفهم فً مٌتة الجراد هو :هل ٌتناوله اسم المٌتة أم ال فً لوله تعالى ﴿ :حرمت علٌكم المٌتة
﴾ ،وللخالؾ سبب آخر وهو :هل هو نثرة حوت أو حٌوان بري.
المسألة السادسة -واختلفوا فً الذي ٌتصرؾ فً البر والبحر هل ٌحتاج إلى ذكاة أم ال؟
وغلب آخرون هو المالكية فً رواٌة حكم البحر فغلب لوم هو الحنابلة فٌه حكم البر
واعتبر آخرون هو بعض المالكية حٌث ٌكون عٌشه ومتصرفه منهما ؼالبا.
الباب الثاني
في الذكاة
وفً لواعد هذا الباب مسألتان :
المسألة اْلولى :فً أنواع الذكاة المختصة بصنؾ صنؾ من بهٌمة اْلنعام.
المسألة الثانٌة :فً صفة الذكاة.
المسألة اْلولى -في أنواع الذكاة المختصة بصنف صنف من بهيمة اْلنعام.
-اتفموا على أن الذكاة فً بهٌمة اْلنعام نحر وذبح ،وأن من سنة الؽنم والطٌر الذبح ،وأن من سنة اإلبل
النحر ،وأن البمر ٌجوز فٌها الذبح والنحر.
-وإنما اتفموا على جواز ذبح البمر لموله تعالى ﴿ :إن هللا ٌأمركم أن تذبحوا بمرة ﴾ وعلى ذبح الؽنم بموله
تعالى ﴿ :وفدٌناه بذبح عظٌم ﴾
واختلفوا هل ٌجوز النحر فً الؽنم والطٌر ،والذبح فً اإلبل؟
فذهب مالن :إلى أنه ال ٌجوز النحر فً الؽنم والطٌر ،وال الذبح فً اإلبل ،وذلن فً ؼٌر موضع الضرورة.
ولال لال الشافعي ،وأبو حنيفة ،والثور ،وجماعة من العلماء ٌ :جوز جمٌع ذلن من ؼٌر كراهة.
ولال أشهب :إن نحر ما ٌذبح أو ذبح ما ٌنحر أكل ولكنه ٌكره.
ابن بكير فرق بٌن الؽنم واإلبل ،فمال ٌ :ؤكل البعٌر بالذبح وال تؤكل الشاة بالنحر ،ولم ٌختلفوا فً جواز ذلن
فً موضع الضرورة.
وسبب اختالفهم معارضة الفعل للعموم :
فأما العموم :فموله ﷺ " :ما أنهر الدم وذكر اسم هللا علٌه فكلوا " .وأما الفعل :فإنه ثبت أن رسول هللا ﷺ نحر
اإلبل والبمر وذبح الؽنم.
المسألة الثانية -وأما صفة الذكاة
-فإنهم اتفموا على أن الذبح الذي ٌمطع فٌه الودجان والمريء والحلموم مبٌح لألكل.
واختلفوا من ذلن فً مواضع:
-هل الواجب لطع اْلربعة كلها أو بعضها؟
-هل الواجب فً الممطوع منها لطع الكل أو اْلكثر؟
-هل من شرط المطع أن ال تمع الجوزة إلى جهة البدن بل إلى جهة الرأس؟
-هل إن لطعها من جهة العنك جاز أكلها أم ال؟
-هل إن تمادى فً لطع هذه حتى لطع النخاع جاز ذلن أم ال؟
-هل من شرط الذكاة أن ال ٌرفع ٌده حتى ٌتم الذكاة أم ال؟
أما المسألة اْلولى والثانية
فإن المشهور عن مالن فً ذلن هو لطع الودجٌن والحلموم ،وأنه ال ٌجزئ ألل من ذلن وليل عنه :بل اْلربعة
وليل بل الودجان فمط.
ولم ٌختلؾ المذهب فً أن الشرط فً لطع الودجٌن هو استٌفاؤهما ،واختلؾ فً لطع الحلموم على المول
بوجوبه ،فمٌل :كله ،ولٌل :أكثره.
لال أبو حنيفة :الواجب فً التذكٌة هو لطع ثالثة ؼٌر معٌنة من اْلربعة ،إما الحلموم والودجان ،وإما المريء
والحلموم وأحد الودجٌن ،أو المريء والودجان.
لال الشافعي :الواجب لطع المريء والحلموم فمط .
لال دمحم بن الحسن :الواجب لطع أكثر كل واحد من اْلربعة.
وسبب اختالفهم أنه لم ٌأت فً ذلن شرط منمول ،وإنما جاء فً ذلن أثران :أحدهماٌ :متضً إنهار الدم فمط،
واآلخر ٌمتضً لطع اْلوداج مع إنهار الدم.
ففً حدٌث رافع بن خدٌج أنه لال ﷺ " :ما أنهر الدم وذكر اسم هللا علٌه فكل" .وهو حدٌث متفك على صحته.
وروي عن أبً أمامة عن النبً ﷺ أنه لال " :ما فرى اْلوداج فكلوا ".
فظاهر الحدٌث اْلول ٌمتضً لطع بعض اْلوداج ،فمط ،وفً الثانً لطع جمٌع اْلوداج ،فالحدٌثان وهللا أعلم
متفمان على لطع الودجٌن.
وأما من اشترط لطع الحلموم والمريء فلٌس له حجة من السماع.
وأما المسألة الثالثة -في موضع المطع
وهً إن لم ٌمطع الجوزة فً نصفها وخرجت إلى جهة البدن فاختلؾ فٌه فً المذهب :
فمال مالن وابن الماسم :ال تؤكل ولال أشهب وابن عبد الحكم وابن وهب :تؤكل.
وسبب الخالؾ هل لطع الحلموم شرط فً الذكاة أو لٌس بشرط؟ فمن لال إنه شرط لال :ال بد أن تمطع
الجوزة ،ومن لال إنه لٌس بشرط لال :إن لطع فوق الجوزة جاز.
وأما المسألة الرابعة -وهي إن لطع أعضاء الذكاة من ناحية العنك،
فإن المذهب وبه مذهب سعيد بن المسيب ،وابن شهاب وغيرهم ال ٌختلؾ أنه ال ٌجوز.
الشافعي وأبو حنيفة ،وإسحاق ،وأبو ثور ،ورو ذلن عن ابن عمر وعلي وعمران بن الحصين أجاز ذلن.
وسبب اختالفهم هل تعمل الذكاة فً المنفوذة المماتل أم ال تعمل ،وذلن أن الماطع ْلعضاء الذكاة من المفا ال
ٌصل إلٌها بالمطع إال بعد لطع النخاع ،وهو ممتل من المماتل ،فترد الذكاة على حٌوان لد أصٌب ممتله.
وأما المسألة الخامسة – (وهي أن يتمادى الذابح بالذبح حتى يمطع النخاع)
فإن مالكا كره ذلن إذا تمادى فً المطع ولم ٌنو لطع النخاع من أول اْلمرْ ،لنه إن نوى ذلن فكأنه نوى التذكٌة
على ؼٌر الصفة الجابزة.
ولال مطرف ،وابن الماجشون :ال تؤكل إن لطعها متعمدا دون جهل ،وتؤكل إن لطعها ساهٌا أو جاهال.
وأما المسألة السادسة -وهي هل من شرط الذكاة أن تكون في فور واحد؟
فإن المذهب ال ٌختلؾ أن ذلن من شرط الذكاة ،وأنه إذا رفع ٌده لبل تمام الذبح ثم أعادها ولد تباعد ذلن ،أن
تلن الذكاة ال تجوز.
واختلفوا إذا أعاد ٌده بفور ذلن وبالمرب :
لال سحنون :ال تؤكل وليل :إن رفعها لمكان االختبار فمال ابن حبيب :إن أعاد ٌده بالفور أكلت
هل تمت الذكاة أم ال فأعادها على الفور إن تبٌن له أنها لم تتم أكلت ،وهو أحد ما تؤول على سحنون ،ولد
تؤول لوله على الكراهة.
لال أبو الحسن اللخمي :ولو لٌل عكس هذا لكان أجود أعنً أنه إذا رفع ٌده وهو ٌظن أنه لد أتم الذكاة فتبٌن
له ؼٌر ذلن فأعادها أنها تؤكل.
الباب الثالث
فيما تكون به الذكاة
-أجمع العلماء على أن كل ما أنهر الدم وفرى اْلوداج من حدٌد أو صخر أو عود أو لضٌب أن التذكٌة
به جابزة.
واختلفوا فً ثالثة :فً السن ،والظفر ،والعظم.
وال خالؾ فً المذهب أن الذكاة بالعظم جابزة إذا أنهر الدم ،الشافعي ال ٌجوز التذكٌة بالعظم
واختلؾ فً السن والظفر فٌه على اْللاوٌل الثالثة أعنً :
-بالمنع مطلما ،مستدال بأنهما لٌس من طبعهما الذبح
-والفرق فٌهما بٌن االنفصال واالتصال ،فأجاز التذكٌة بهما إذا كانا منزوعٌن ،ولم ٌجزها إذا كانا متصلٌن
ْلن هذا أمكن فً إنهار الدم
-وبالكراهٌة ال بالمنع.
وال ٌختلؾ المذهب أنه ٌكره ؼٌر الحدٌد من المحدودات مع وجود الحدٌد لموله ﷺ " :إن هللا كتب اإلحسان
على كل شًء فإذا لتلتم فأحسنوا المتلة ،وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ولٌحد أحدكم شفرته ،ولٌرح ذبٌحته ".
الباب الرابع
في شروط الذكاة
وفً هذا الباب ثالث مسابل :
المسألة اْلولى :فً اشتراط التسمٌة.
المسألة الثانٌة :فً اشتراط استمبال المبلة.
المسألة الثالثة :فً اشتراط النٌة.
المسألة اْلولى -في اشتراط التسمية
واختلفوا فً حكم التسمٌة على الذبٌحة على ثالثة ألوال :
لال أهل الظاهر ،وابن عمر والشعبي ،وابن سيرين :هً فرض على اإلطالق
لال مالن ،وأبو حنيفة ،والثور :بل هً فرض مع الذكر سالطة مع النسٌان
لال الشافعي وأصحابه ،وهو مرو عن ابن عباس وأبً هريرة :بل هً سنة مؤكدة.
وسبب اختالفهم معارضة ظاهر الكتاب فً ذلن لألثر.
فأما الكتاب :فموله تعالى ﴿ :وال تأكلوا مما لم ٌذكر اسم هللا علٌه وإنه لفسك ﴾
وأما السنة المعارضة لهذه اآلٌة فما رواه مالن عن هشام عن أبٌه أنه لال :سبل رسول هللا ﷺ فمٌل ٌ :ا رسول
هللا إن ناسا من البادٌة ٌأتوننا بلحمان وال ندري أسموا هللا علٌها أم ال؟ فمال رسول هللا ﷺ :سموا هللا علٌها ثم
كلوها.
فذهب مالن إلى أن اآلٌة ناسخة لهذا الحدٌث ،فذهب الشافعً لمكان هذا مذهب الجمع بأن حمل اْلمر
بالتسمٌة على الندب.
وأما من اشترط الذكر فً الوجوب فمصٌرا إلى لوله ﷺ :رفع عن أمتً الخطأ والنسٌان وما استكرهوا علٌه
المسألة الثانية -في اشتراط استمبال المبلة
وأما استمبال المبلة بالذبٌحة فإن لوما استحبوا ذلن ،ولوما أجازوا ذلن ،ولوما أوجبوه ،ولوما كرهوا أن ال
ٌستمبل بها المبلة.
والكراهٌة والمنع موجودان فً المذهب ،وهً مسألة مسكوت عنها ،واْلصل فٌها اإلباحة إال أن ٌدل الدلٌل
على اشتراط ذلن
المسألة الثالثة -في اشتراط النية
وأما اشتراط النٌة فٌها فمٌل فً المذهب بوجوب ذلن ،وٌشبه أن ٌكون فً ذلن لوالن :لول بالوجوب ،ولول
بترن الوجوب.
فمن أوجب لال :عبادة ،الشتراط الصفة فٌها والعدد ،فوجب أن ٌكون من شرطها النٌة.
ومن لم ٌوجبها لال :فعل معمولٌ ،حصل عنه فوات النفس الذي هو الممصود منه ،فوجب أن ال تشترط فٌها
النٌة كما ٌحصل من ؼسل النجاسة إزالة عٌنها.
الباب الخامس
فيمن تجوز تذكيته ومن ال تجوز
فأما الصنف الذ اتفك على ذكاته :فمن جمع خمسة شروط :اإلسالم والذكورٌة والبلوغ والعمل وترن
تضٌٌع الصالة.
وأما الذ اتفك على منع تذكيته :فالمشركون عبدة اْلصنام لموله تعالى ﴿ :وما ذبح على النصب ﴾ ولموله :
﴿ وما أهل لؽٌر هللا به ﴾
وأما الذين اختلف فيهم فأصناف كثيرة ،لكن المشهور منها عشرة :أهل الكتاب ،والمجوس ،والصاببون،
والمرأة ،والصبً ،والمجنون ،والسكران ،والذي ٌضٌع الصالة ،والسارق ،والؽاصب.
أهل الكتاب
اجمع العلماء على جواز ذبابحهم لموله تعالى ﴿ :وطعام الذٌن أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ﴾
ومختلفون فً التفصٌل.
هذه شروط وضعها الفمهاء لصحة ذبابح أهل الكتاب ،وحل اْلكل منها ،وهً كما ورد بالنص :
ب.ارى بَنًِ ت َ ْؽ ِل َ ص َ -۱أال ٌكون الذابح ِم ْن َن َ
-٢أال ٌكون الذابح مسلم لد ارتد عن اإلسالم
-۳أال ٌكون الذابح من أهل الكتاب لد ذبح الذبٌحة لنفسه
-٤أن ٌعلم المسلم أنهم سموا هللا تعالى على ذبٌحتهم عند الذبح
علَى أنفسهم.
علَ ٌْ ِه ْم فًِ الت َّ ْو َراةِ َو َال َح َّر ُموهَا ُه ْم َ
ه -أال تكون الذبٌحة ِم َّما لَ ْم ت ُ َح َّر َم َ
واختلفوا إذا ذبحوا لمسلم باستنابته ،أو كانوا من نصارى بنً تؽلب أو مرتدٌن ،وإذا لم ٌعلم أنهم سموا هللا،
أو جهل ممصود ذبحهم ،أو علم أنهم سموا ؼٌر هللا مما ٌذبحونه لكنابسهم وأعٌادهم ،أو كانت الذبٌحة مما
حرمت علٌهم بالتوراة كموله تعالى ﴿ :كل ذي ظفر ﴾ أو كانت مما حرموها على أنفسهم مثل الذبابح التً تكون
عند الٌهود فاسدة من لبل خلمة إلهٌة .وكذلن اختلفوا فً الشحوم.
المسألة اْلولى -إذا ذبحوا باستنابة مسلم
وليل :ال ٌجوز. إذا ذبحوا باستنابة مسلم فميل في المذهب عن مالن ٌ :جوز
وسبب الخالؾ :هل من شرط ذبح المسلم اعتماد تحلٌل الذبٌحة على الشروط اإلسالمٌة فً ذلن أم ال؟
-فمن رأى أن النٌة شرط فً الذبٌحة لال :ال تحل ذبٌحة الكتابً لمسلمْ ،لنه ال ٌصح منه وجود هذه النٌة.
-ومن رأى أن ذلن لٌس بشرط وؼلب عموم الكتاب أعنً لوله تعالى ﴿ :وطعام الذٌن أوتوا الكتاب حل
لكم ﴾ لالٌ :جوز.
المسألة الثانية -وهي ذبائح نصارى بني تغلب والمرتدين
-أما ذبائح نصارى بني تغلب
فإن الجمهور على أن ذبابح النصارى من العرب حكمها حكم ذبابح أهل الكتاب ،وهو لول ابن عباس.
و أحد لولي الشافعي ،وهو مرو عن علي -رضي هللا عنه -لم ٌجز ذبابحهم،
وسبب الخالؾ :هل ٌتناول العرب المتنصرٌن اسم الذٌن أوتوا الكتاب ،كما ٌتناول ذلن اْلمم المختصة
بالكتاب ،وهم بنو إسرابٌل والروم.
-من رأى أن ذبابح نصارى أهل تؽلب من العرب ،كذبابح أهل الكتاب ،لال :بالجواز ،وحل اْلكل من الذبٌحة
-ومن رأى أن ذبابح نصارى أهل تؽلب من العرب ،لٌست كذبابح أهل الكتاب لال :بعدم الجواز ،وعدم حل
اْلكل من الذبٌحة.
-أما المرتد
ولال الثور :مكروهة. ولال إسحاق :ذبٌحته جابزة فإن الجمهور على أن ذبٌحته ال تؤكل
وسبب الخالؾ :هل المرتد ال ٌتناوله اسم أهل الكتاب إذ كان لٌس له حرمة أهل الكتاب أو ٌتناوله ؟
ناولُهُ ،لال أ َ َّن َذ ِبٌ َحتَهُ َال تُؤْ َك ُل -من لال إن اسم أهل ْال ِكتَا ِ
ب َال ٌَت َ َ
-ومن لال إن اسم أهل الكتاب ٌتناوله لال بجواز اْلكل من ذبابحهم.
وأما المسألة الثالثة -وهي إذا لم يعلم أن أهل الكتاب سموا هللا على الذبيحة
فمال الجمهور :تؤكل ،وهو مروي عن علً ،وال ٌعلم فً هذا خالؾ.
وأما إذا علم أنهم ذبحوا ذلن ْلعيادهم وكنائسهم :
ومنهم من أباحه ،وهو لول أشهب فإن من العلماء من كرهه ،وهو لول مالن
ومنهم من حرمه ،وهو الشافعي.
وسبب الخالؾ تعارض عمومً الكتاب فً هذا الباب
وذلن أن لوله تعالى ﴿ :وطعام الذٌن أوتوا الكتاب حل لكم ﴾ ٌحتمل أن ٌكون مخصصا لموله تعالى ﴿ :وما
أهل لؽٌر هللا به ﴾ .وٌحتمل أن ٌكون لوله تعالى ﴿ :وما أهل لؽٌر هللا به ﴾ مخصصا لموله تعالى ﴿:وطعام
الذٌن أوتوا الكتاب حل لكم ﴾
فمن جعل لوله تعالى ﴿ :وما أهل لؽٌر هللا به ﴾ مخصصا لموله تعالى ﴿ :وطعام الذٌن أوتوا الكتاب حل لكم ﴾
لال :ال ٌجوز ما أهل به للكنابس واْلعٌاد .ومن عكس اْلمر لال ٌ:جوز.
وأما المسألة الرابعة -إذا كانت الذبيحة مما حرمت عليهم
فميل ٌ :جوز ،وليل :ال ٌجوز ،وليل ٌ :كره وال ٌمنع ،وليل :بالفرق بٌن أن تكون محرمة علٌهم بالتوراة ،أو
من لبل أنفسهم.
واْللاوٌل اْلربعة موجودة فً المذهب :المنع عن ابن الماسم ،واإلباحة عن ابن وهب وابن عبد الحكم،
والتفرلة عن أشهب.
وأصل االختالؾ معارضة عموم اآلٌة الشتراط نٌة الذكاة أعنً اعتماد تحلٌل الذبٌحة بالتذكٌة
-فمن لال :ذلن شرط فً التذكٌة لال :ال تجوز هذه الذبابح
-ومن لال :لٌس بشرط فٌها وتمسن بعموم اآلٌة المحللة لال :تجوز هذه الذبابح
وهذا بعٌنه هو سبب اختالفهم فً أكل الشحوم من ذبابحهم.
المسألة الخامسة -الشحوم
ولم ٌخالؾ فً ذلن أحد ؼٌر مالن وأصحابه
ومنهم من لال :مكروهة ،والموالن عن مالن فمنهم من لال :إن الشحوم محرمة وهو لول أشهب
ومنهم من لال :مباحة.
وٌدخل فً الشحوم سبب آخر وهو هل تتبعض التذكٌة أو ال تتبعض؟
-ومن لال :ال تتبعض لال ٌ :ؤكل الشحم. -فمن لال :تتبعض لال :ال تؤكل الشحوم
وٌدل على تحلٌل شحوم ذبابحهم حدٌث عبد هللا بن مؽفل " :إذ أصاب جراب الشحم ٌوم خٌبر ".
المجوس
فإن الجمهور على أنه ال تجوز ذبابحهم ْلنهم مشركون ،وتمسن لوم فً إجازتها بعموم لوله ﷺ " :سنوا
بهم سنة أهل الكتاب ".
الصابئون
وأما الصاببون فاالختالؾ فٌهم من لبل اختالفهم فً :هل هم من أهل الكتاب أم لٌسوا من أهل الكتاب؟
المرأة والصبي
وأما المرأة والصبً فإن الجمهور على أن ذبابحهم جابزة ؼٌر مكروهة ،وهو مذهب مالن ،وكره ذلن أبو
المصعب.
والسبب الخالؾ نمصان المرأة والصبً
وإنما لم ٌختلؾ الجمهور فً المرأة لحدٌث معاذ بن سعٌد :أن جارٌة لكعب بن مالن كانت ترعى بسلع
فأصٌبت شاة ،فأدركتها فذبحتها بحجر ،فسبل رسول هللا ﷺ عن ذلن فمال :ال بأس بها فكلوها.
المجنون والسكران
و الشافعي أجاز ذلن. وأما المجنون والسكران فإن مالكا لم ٌجز ذبٌحتهما
وسبب الخالؾ اشتراط النٌة فً الذكاة ،فمن اشترط النٌة منع ذلن ،إذ ال ٌصح من المجنون وال من السكران
وبخاصة الملتخ.
تذكية السارق والغاصب
وأما جواز تذكٌة السارق والؽاصب فإن الجمهور على جواز ذلن
ومنهم من منع ذلن ورأى أنها مٌتة ،وبه لال داود وإسحاق ابن راهويه.
وسبب الخالؾ هل النهً ٌدل على فساد المنهً عنه أو ال ٌدل؟
-فمن لال ٌ :دل ،لال :السارق والؽاصب منهً عن ذكاتها وتناولها وتملكها ،فإذا كان ذكاها فسدت
التذكٌة
-ومن لال :ال ٌدل إال إذا كان المنهً عنه شرطا من شروط ذلن الفعل لال :تذكٌتهم جابزةْ ،لنه لٌس
صحة الملن شرطا من شروط التذكٌة.
كتاب الصيد
الباب اْلول
ص ْي ِد َو َم َح ِلّ ِه
فِي ُح ْك ِم ال َّ
ص ْي ِد ُ ح ْك ِم ال َّ
َّارةِ
سٌ َعا لَ ُك ْم َو ِلل َّ ص ٌْ ُد ْالبَ ْح ِر َو َ
طعَا ُمهُ َمتَا ً علَى أَنَّهُ ُمبَا ٌح ِ :لمَ ْو ِل ِه تَعَالَى ﴿ :أَ ِح َّل لَ ُك ْم َ ور َ ص ٌْ ِد فَ ْال ُج ْم ُه ُ فَأ َ َّما ُح ْك ُم ال َّ
ص ٌْ ُد ْالبَ ِ ّر َما د ُْمت ُ ْم ُح ُر ًما ﴾ علَ ٌْ ُك ْم َ
َو ُح ِ ّر َم َ
علَى ْ ِ
اإل َبا َح ِة علَى أ َ َّن ْاْل َ ْم َر ِبال َّ
ص ٌْ ِد فًِ َه ِذ ِه ْاآل ٌَ ِة َب ْع َد النَّ ْهً ِ ٌَ ُد ُّل َ َوات َّ َفكَ ْالعُلَ َما ُء َ
صٌل. ؾَ ،و ِل ْل ُمتَأ َ ِ ّخ ِرٌنَ ِم ْن أ َ ْ
ص َحا ِب ِه ِفٌ ِه ت َ ْف ِ س َر ُ ص ُد ِب ِه ال َّص ٌْ َد الَّذِي ٌُ ْم َ وكره َما ِلنُ ال َّ
ص ْي ِد َ م َح ِ ّل ال َّ
ان ْالبَ ِ ّر ّ
يِ صنَافُهَُ ،و ِمنَ ْال َح ٌَ َو ِس َمنُ َوأ َ ْ يَِ ،و ُه َو ال َّ ان ْالبَ ْح ِر ّ
علَى أ َ َّن َم َحلَّهُ ِمنَ ْال َحٌَ َو ِ ص ٌْ ِد فَإِنَّ ُه ْم أَ ْج َمعُوا َ َوأ َ َّما َم َح ُّل ال َّ
ْال َح َال ُل ْاْل َ ْك ِل ْالؽٌَ ُْر ُم ْستَأْن َِس.
علَى أ َ ْخ ِذ ِه َو َال َذب ِْح ِه أ َ ْو نَحْ ِر ِه، ستَأْنَى فَ َل ْم يُ ْمد َُر َان ا ْل ُم ْستَ ْو َحى ِم َن ا ْل َحيَ َو ِ اختَلَفُوا فِي َما ا ْ َو ْ
فَمَا َل َما ِلنَ َ :ال ٌُؤْ َك ُل ِإ َّال أ َ ْن ٌُ ْن َح َر ِم ْن ذ ِل َن َما َذ َكاتُهُ النَّ ْح ُرَ ،وٌُ ْذ َب َح َما ذ َكاتُهُ ال َّد ْب ُح ،أ َ ْو ٌُ ْف َع َل ِب ِه أ َ َح ُد ُه َما ِإ ْن َكانَ
ان َج ِمٌعًا. وز فٌِ ِه ْاْل َ ْم َر ِِم َّما ٌَ ُج ُ
ار ِد فَإِنَّهُ ٌَ ْمت ُ ُل َكال َّ
ص ٌْ ِد. ش ِ ٌر ال َّ علَى ذكاة البَ ِع ِ َولَا َل أَبُو حنيفة ،والشافعي :إِذا لَ ْم ٌُ ْم َد ُر َ
اإل ْن ِس َّ
ً َال ب ُه َو أ َ َّن ْال َح ٌَ َوانَ ْ ِ ص َل فًِ َه َذا ْالبَا ِ صل فًِ ذ ِلن ِل ْل َخبَ ِرَ ،و َذ ِل َن أ َ َّن ْاْل َ ْ ضةُ ْاْل َ ْ ار َ اختِ َالفِ ِه ْم ُم َع َ ب ْ سبَ ُ َ -و َ
ٌُؤْ َك ُل ِإ َّال ِبالذَّبْحِ أَو النَّ ْح ِرَ ،وأ َ َّن ْال َو ْح ِشً ٌُؤْ َك ُل بالعمر.
ٌرَ ،و َكانَ فًِ المَ ْوم َخ ٌْ ٌل ٌِجَ ،و ِفٌ ِه لَا َل « :فَمَ ْد ِم ْن َها بَ ِع ٌ ٌِث َرافِعِ ب ِْن َخد ٍ صو ِل فَ َحد ُ ض ِل َه ِذ ِه ْاْل ُ ُ ار ُ َوأ َ َّما ْال َخبَ ُر ْال ُمعَ ِ
ً -ﷺ ِ " : -إ َّن ِل َه ِذ ِه ْالبَ َهابِ ِم سهُ هللاُ تَ َعالَى بِ ِه ،فَمَا َل النَّبِ ُّ س ُهم ،فَ َحبَ َط َلبُوهُ فَأ َ ْعٌَا ُه ْم ،فَأ َ ْه َوى ِإلَ ٌْ ِه َر ُج ٌل بِ َ ٌرة ،فَ َ ٌَ ِس َ
أَوابد َكأ َ َواب ِد ْال َو ْح ِش ،فَ َما نَد علٌكم فاصنعوا به هكذا ".
-وأما النوع الذي اختلفوا فٌه من أنواع الجوارح فٌما عدا الكلب ،ومن جوارح الطٌور وحٌواناتها الساعٌة.
لال ابن شعبان ،وهو مذهب مالن وأصحابه ،وبه لال فمهاء اْلمصار أجاز جمٌعها إذا علمت حتى السنور
ولال لوم :ال اصطٌاد بجارح ما عدا الكلب ،ال باز ،وال صمر ،وال ؼٌر ذلن ،إال ما أدركت ذكاته .وهو لول
مجاهد ،واستثنى بعضهم من الطٌور الجارحة البازي فمط فمال ٌ :جوز صٌده وحده.
وسبب اختالفهم فً هذا الباب :
أحدهما -لٌاس سابر الجوارح على الكالب .وذلن أنه لد ٌظن أن النص إنما ورد فً الكالب ،أعنً :لوله
تعالى ﴿:وما علمتم من الجوارح مكلبٌن﴾ ،إال أن ٌتأول أن لفظة " مكلبٌن " مشتمة من كلب الجارح ال من لفظ
الكلب ،وٌدل على هذا عموم اسم الجوارح الذي فً اآلٌة ،فعلى هذا ٌكون سبب االختالؾ االشتران الذي فً
لفظة " مكلبٌن ".
الشروط المشترطة في الجوارح
وأما الشروط المشترطة فً الجوارح فإن منها ما اتفموا علٌه ،وهو التعلٌم بالجملة؛ لموله تعالى ﴿ :وما علمتم
من الجوارح مكلبٌن﴾ ،ولوله ﷺ " :إذا أرسلت كلبن المعلم "
واختلفوا فً صفة التعلٌم وشروطه ،فمال لوم :التعلٌم ثالثة أصناؾ:
أحدها :أن تدعو الجارح ،فٌجٌب.
الثانً :أن تشلٌه ،فٌنشلً.
الثالث :أن تزجره فٌزدجر.
وال خالؾ بٌنهم فً اشتراط هذه الثالثة فً الكلب.
وإنما اختلفوا فً اشتراط االنزجار فً سابر الجوارح ،فاختلفوا أٌضا فً هل من شرطه أن ال ٌأكل الجارح؟
فمنهم من اشترطه على اإلطالق ،ومنهم من اشترطه فً الكلب فمط
ولال مالن :إن هذه الشروط الثالثة شرط فً الكالب وؼٌرها.
ولال ابن حبيب من أصحابه :لٌس ٌشترط االنزجار فٌما لٌس ٌمبل ذلن من الجوارح مثل البزاة والصمور.
وهو مذهب مالن ،أعنً أنه لٌس من شرط الجارح ال كلب وال ؼٌره أن ال ٌأكل.
واشترطه بعضهم فً الكلب ،ولم ٌشترطه فٌما عداه من جوارح الطٌور ،ومنهم من اشترطه كما للنا فً الكل.
والجمهور على جواز أكل صٌد البازي والصمر وإن أكل؛ ْلن تضرٌته إنما تكون باْلكل.
لال الشافعي ،وأبو حنيفة ،وأحمد ،وإسحاق ،والثور ،وهو لول ابن عباس :إن أكل الصٌد لم ٌؤكل.
وسبب الخالؾ فً اشتراط اْلكل أو عدمه :
اختالؾ حدٌث عدي بن حاتم " فإن أكل فال تأكل؛ فإنً أخاؾ أن ٌكون إنما أمسن على نفسه ".
والحدٌث المعارض لهذا حدٌث أبً ثعلبة الخشنً لال :لال رسول هللا -ﷺ " :إذا أرسلت كلبن المعلم ،وذكرت
اسم هللا -فكل .للت :وإن أكل منه ٌا رسول هللا؟ لال :وإن أكل ".
الباب الثالث
في معرفة الذكاة المختصة بالصيد وشروطها
واتفموا على أن الذكاة المختصة بالصٌد هً العمر.
الشروط المشترطة فً اآللة وفً الصابد ثمانٌة شروط :اثنان ٌشتركان فً الذكاتٌن ،أعنً ذكاة المصٌد وؼٌر
المصٌد ،وهً :النٌة والتسمٌة.
-وستة تختص بهذه الذكاة
أحدها :أنها إن لم تكن اآللة أو الجارح الذي أصاب الصٌد لد أنفذ مماتله فإنه ٌجب أن ٌذكى بذكاة الحٌوان
اإلنسً إذا لدر علٌه لبل أن ٌموت مما أصابه من الجارح أو من الضرب .وأما إن كان لد أنفذ مماتله فلٌس
ٌجب ذلن ،وإن كان لد ٌستحب.
الثانً :أن ٌكون الفعل الذي أصٌب به الصٌد مبدؤه من الصابد ال من ؼٌره
أما الحبالة التً ٌضعها الناس للصٌد فجمهور الفمهاء ٌرون أن ذلن ؼٌر جابز وال ٌحل أكله بخالؾ الحنابلة
الثالث :أن ال ٌشاركه فً العمر من لٌس عمره ذكاة.
الرابع :أن ال ٌشن فً عٌن الصٌد الذي أصابه ،وذلن عند ؼٌبته عن عٌنه.
الخامس :أن ال ٌكون الصٌد ممدورا علٌه فً ولت اإلرسال علٌه.
السادس :أن ال ٌكون موته من رعب من الجارح أو بصدمة منه.
-النية والتسمية
من لبل اشتراط النٌة فً الذكاة لم ٌجز عند من اشترطها إذا أرسل الجارح على صٌد وأخذ آخر -ذكاة ذلن
الصٌد الذي لم ٌرسل علٌه ،وبه لال مالن.
ولال الشافعي ،وأبو حنيفة ،وأحمد ،وأبو ثور :ذلن جابز وٌؤكل.
ومن لبل هذا أٌضا اختلؾ أصحاب مالن فً اإلرسال على صٌد ؼٌر مربً ،كالذي ٌرسل على ما فً
ؼٌضة؛ ْلن المصد فً هذا ٌشوبه شًء من الجهل.
-أما الشرط اْلول وهو أن عمر الجارح له إذا لم ينفذ مماتله.
لال جمهور العلماء ذلن :لما جاء فً حدٌث عدي بن حاتم فً بعض رواٌاته أنه لال ﷺ :وإن أدركته حٌا
فاذبحه .
لال النخعي :إذا أدركته حٌا ،ولم ٌكن معن حدٌدة -فأرسل علٌه الكالب حتى تمتله ،لعموم لوله تعالى ﴿:فكلوا
مما أمسكن علٌكم ﴾
ومن لبل هذا الشرط لال مالن :ال ٌتوانى المرسل فً طلب الصٌد ،فإن توانى فأدركه مٌتا ; فإن كان
منفوذ المماتل بسهم حل أكله ،وإال لم ٌحل من أجل أنه لو لم ٌتوان لكان ٌمكن أن ٌدركه حٌا ؼٌر منفوذ المماتل.
-وأما الشرط الثاني ،وهو أن يكون الفعل مبدؤه من المانص ،ويكون متصال حتى يصيب الصيد –
اختلفوا فٌما تصٌبه الحبالة والشبكة إذا أنفذت المماتل بمحدد فٌها.
فمالن والشافعي والجمهور منع ذلن حسن البصر رخص فٌه.
ومن هذا اْلصل لم ٌجز مالن الصٌد الذي أرسل علٌه الجارح فتشاؼل بشًء آخر ،ثم عاد إلٌه من لبل
نفسه.
-وأما الشرط الثالث وهو أن ال يشاركه في العمر من ليس عمره ذكاة له
فهو شرط مجمع علٌه فٌما أذكر؛ ْلنه ال ٌدري من لتله.
-وأما الشرط الرابع ،وهو أن ال يشن في عين الصيد ،وال في لتل جارحه له
اختلفوا فً أكل الصٌد إذا ؼاب مصرعه ،فمال مالن مرة :ال بأس بأكل الصٌد إذا ؼاب عنن مصرعه إذا
وجدت به أثرا من كلبن ،أو كان به سهمن ما لم ٌبت ،فإذا بات فإنً أكرهه .وبالكراهٌة لال الثوري ،ولال عبد
الوهاب :إذا بات الصٌد من الجارح لم ٌؤكل ،وفً السهم خالؾ.
ولال ابن الماجشون ٌ :ؤكل فٌهما جمٌعا إذا وجد منفوذ المماتل ،ولال مالن في المدونة :ال ٌؤكل فٌهما جمٌعا
إذا بات وإن وجد منفوذ المماتل .ولال الشافعي :المٌاس أن ال تأكله إذا ؼاب عنن مصرعه .ولال أبو حنيفة :
إذا توارى الصٌد والكلب فً طلبه ،فوجده المرسل ممتوال -جاز أكله ما لم ٌترن الكلب الطلب ،فإن تركه
كرهنا أكله.
ومن هذا الباب اختالفهم فً الصٌد ٌصاد بالسهم أو ٌصٌبه الجارح ،فٌسمط فً ماء أو ٌتردى من مكان عال:
فمال مالن :ال ٌؤكل ،إال أن ٌكون السهم لد أنفذ مماتله وال ٌشن أن منه مات ،وبه لال الجمهور
لال أبو حنيفة :ال ٌؤكل إن ولع فً ماء منفوذ المماتل ،وٌؤكل إن تردى
لال عطاء :ال ٌؤكل أصال إذا أصٌبت المماتل ،ولع فً ماء أو تردى من موضع عال؛
وأما موته من صدم الجارح له فإن ابن الماسم منعه لٌاسا على المثمل ،وأجازه أشهب؛ لعموم لوله تعالى :
﴿ فكلوا مما أمسكن علٌكم ﴾
ولم ٌختلؾ المذهب أن ما مات من خوؾ الجارح أنه ؼٌر مذكى.
-وأما كونه في حين اإلرسال غير ممدور عليه فإنه شرط فيما علمت متفك عليه،
وذلن ٌوجد إذا كان الصٌد ممدورا على أخذه بالٌد دون خوؾ أو ؼرر؛ إما من لبل أنه لد نشب فً شًء،
أو تعلك بشًء ،أو رماه أحد فكسر جناحه أو ساله.
وفً هذا الباب فروع كثٌرة من لبل تردد بعض اْلحوال بٌن أن ٌوصؾ فٌها الصٌد بأنه ممدور علٌه أو
ؼٌر ممدور علٌه ،مثل أن تضطره الكالب فٌمع فً حفرة -فمٌل فً المذهب ٌ:ؤكل ،ولٌل :ال ٌؤكل.
واختلفوا في صفة العمر إذا ضرب الصيد ،فأبين منه عضو
ولال لوم ٌ :ؤكالن جمٌعا لال لوم ٌ :ؤكل الصٌد إال ما بان منه
وفرق لوم بٌن أن ٌكون ذلن العضو ممتال أو ؼٌر ممتل ،فمالوا :إن كان ممتال أكال جمٌعا ،وإن كان ؼٌر ممتل
أكل الصٌد ولم ٌؤكل العضو .وهو معنى لول مالن.
الباب الرابع
في شروط المانص
وشروط المانص هً شروط الذابح نفسه.
وٌخص االصطٌاد فً البر شرط زابد ،وهو أن ال ٌكون محرما ،وال خالؾ فً ذلن؛ لموله تعالى ﴿ :وحرم
علٌكم صٌد البر ما دمتم حرما ﴾ .
فإن اصطاد محرم فهل يحل ذلن الصيد للحالل؟ أم هو ميتة ال يحل ْلحد أصال؟
وذهب الشافعي وأبو حنيفة ،وأبو ثور إلى أنه ٌجوز لؽٌر المحرم أكله. فذهب مالن إلى أنه مٌتة،
وسبب اختالفهم هو اْلصل المشهور ،وهو هل النهً ٌعود بفساد المنهً؟ أم ال.
واختلفوا من هذا الباب في كلب المجوس المعلم
فمال مالن الشافعي وأبو حنيفة وغيرهم :االصطٌاد به جابز ،فإن المعتبر الصابد ال اآللة.
جابر بن عبد هللا ،والحسن ،وعطاء ،ومجاهد ،والثور كرهه ؛ ْلن الخطاب فً لوله تعالى ﴿ :وما علمتم
من الجوارح مكلبٌن ﴾ متوجه نحو المؤمنٌن.
ح ال
مد لله