Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 28

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫مفتاح األصول‬
‫في تلخيص بعض األبواب المهمة‬
‫من كتاب ‪ :‬نهاية السول في شرح منهاج الوصول إلى علم األصول‬

‫المقرر لمادة أصول الفقه لغير األحناف‬


‫لطالب الفرقة الرابعة بكلية الشريعة والقانون‬
‫جامعة األزهر‬
‫‪ 1441‬ه \ ‪ 2020‬م‬

‫كتبه العبد الفقير إلى مواله الغني ‪:‬‬


‫ميور عمار بن ميور نظري الجاوي‬
‫غفر هللا له ولوالديه وألساتذته ولجميع المسلمين‬
‫الكتاب الرابع‬
‫في القياس‬

‫الباب األول‬
‫في بيان أنه حجة‬

‫‪2‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫الباب األول في بيان أنه حجة وفيه مسائل ‪:‬‬
‫األولى ‪ :‬في الدليل عليه ‪:‬‬
‫‪ .1‬يجب العمل به شرعا‬
‫‪ .2‬وقال القفال والبصري ‪ :‬عقال‬
‫‪ .3‬والقاشاني والنهراواني ‪ :‬حيث العلة منصوصة أو الفرع بالحكم أولى كتحريم‬
‫الضرب على تحريم التأفيف‬
‫‪ .4‬وداود أنكر التعبد به‬
‫‪ .5‬وأحاله الشيعة والنظام‬

‫اتفق العلماء على أن القياس حجة في األمور الدنيوية‪ ,‬واختلفوا في األمور الشرعية على‬
‫خمسة مذاهب ‪:‬‬
‫‪ )1‬الجمهور ‪ :‬إلى وجوب العمل في الشرعية بالقياس شرعا‬
‫‪ )2‬القفال الشاشي الشافعي وأبو الحسين البصري المعتزلي ‪ :‬إلى وجوب العمل في‬
‫الشرعية عقال وشرعا‬
‫‪ )3‬القاشاني والنهرواني ‪ :‬يجب العمل به في صورتين‬
‫األولى ‪ :‬أن تكون علة حكم األصل منصوصة إما بصريح اللفظ أو بإيمائه‬
‫الثاني ‪ :‬أن يكون حكم الفرع أولى من حكم األصل كقياس تحريم الضرب على‬
‫تحريم التأفيف‬
‫‪ )4‬داود الظاهري وأتباعه ‪ :‬أنكروا التعبد بالقياس شرعا وقالوا ‪ :‬لم يرد في الشرع ما يدل‬
‫على العمل بالقياس‪ ,‬وإن كان جائزا عقال‬
‫‪ )5‬الشيعة والنظام ‪ :‬أن التعبد بالقياس محال عقال‬

‫دليل‬ ‫موافق(‪ )/‬أو مخالف(×)‬ ‫المذاهب‬


‫شرع‬ ‫‪/‬‬ ‫الجمهور‬
‫العقل ‪ +‬السمع ( الشرع )‬ ‫‪/‬‬ ‫القفال الشاشي‬
‫يجب في صورتين‬ ‫‪/‬‬ ‫القاشاني والنهراواني‬
‫لم يرد في الشرع‬ ‫×‬ ‫داود الظاهري وأتباعه‬
‫يستحيل عقال‬ ‫×‬ ‫النظام والشيعة‬

‫‪3‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫استدل أصحابنا بوجوه ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أنه مجاوزة عن األصل إلى الفرع والمجاوزة اعتبار وهو مأمور به في قوله تعالى‬
‫‪( :‬فاعتبروا )‬

‫أي ‪ :‬استدل أصحابنا على كون القياس حجة بالكتاب والسنة واالجماع والدليل المعقول‬
‫الدليل األول من الكتاب ‪:‬‬
‫قال هللا تعالى ‪( :‬فاعتبروا يا أولي األبصار )‬
‫وجه الداللة ‪:‬‬
‫‪ ‬أن القياس مجاوزة ( مقدمة صغرى )‬
‫‪ ‬والمجاوزة اعتبار ( مقدمة كبرى )‬
‫‪ ‬القياس اعتبار ( نتيجة )‬

‫‪ ‬القياس اعتبار ( مقدمة صغرى )‬


‫‪ ‬واالعتبار مأمور به ( مقدمة كبرى )‬
‫‪ ‬القياس مأمور به ( نتيجة )‬

‫‪ ‬القياس مأمور به ( مقدمة صغرى )‬


‫‪ ‬والمأمور به واجب ( مقدمة كبرى )‬
‫‪ ‬فالقياس واجب ( نتيجة )‬

‫‪4‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫قيل ‪ :‬المراد االتعاظ‪ ,‬فإن القياس الشرعي ال يناسب صدر اآلية‬
‫قلنا ‪ :‬المراد قدر المشترك‬
‫قيل ‪ :‬الدال على الكل ال يدل على الجزئى‬
‫قلنا ‪ :‬بلى لكن ههنا جواز االستثناء دليل العموم‬
‫قيل ‪ :‬الداللة ظنية‬

‫أي ‪ :‬اعترض الخصم بثالثة أوجه ‪:‬‬


‫االعتراض األول ‪ :‬ال نسلم أن المراد باالعتبار هنا هو القياس بل االتعاظ‪ ,‬فإن القياس الشرعي‬
‫ال يناسب صدر االية ألنه حينئذ يكون معنى االية‪ (:‬يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين )‬
‫مثل "فقيسوا الذرة على البر" وهو في غاية الركاكة فيصان كالم البارى تعالى عن المراد‬
‫بالقياس‪.‬‬
‫وأجاب المصنف ‪ :‬أن المراد باالعتبار هو القدر المشترك بين القياس واالتعاظ والمشترك‬
‫بينهما هو‪ :‬المجاوزة ‪...‬‬
‫القياس ‪ :‬مجاوزة عن األصل إلى الفرع‬
‫االتعاظ ‪ :‬مجاوزة من حال الغير إلى حال نفسه‬
‫وكون صدر األية غير مناسب للقياس بخصوصه ال يستلزم عدم مناسبته للقدر المشترك بين‬
‫القياس واالتعاظ والقاعدة تقول ‪ :‬فإن من سئل عن مسألة فأجاب بما ال يتناولها فإنه يكون‬
‫باطال‪ ,‬ولو أجاب بما يتناولها ويتناول غيرها فإنه يكون حسنا‬

‫االعتراض الثاني ‪ :‬أنه ال يلزم من األمر باالعتبار الذي هو القدر المشترك األمر بالقياس‪ ,‬فإن‬
‫القدر المشترك معنى كلي والقياس جزئي من جزئياته والقاعدة تقول ‪ :‬الدال على الكلي ال يدل‬
‫على الجزئي‬
‫وأجاب المصنف ‪ :‬أن ما قاله الخصم من قاعدة ‪ :‬الدال على الكل ال يدل على الجزئى مسلم‪,‬‬
‫لكن ههنا قرينة دالة على العموم وهي جواز االستثناء‪ ,‬فإنه يصح أن يقال ‪ :‬اعتبروا إال في‬
‫الشيء الفالني واالستثناء معيار العموم‬

‫‪5‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫وأجاب الشارح ‪ :‬أن األمر بالماهية المطلقة ولم يدل على وجو ب الجزئيات لكنه يقتضي‬
‫التخيير بينهما عند عدم القرينة‪ ,‬والتخيير يقتضي جواز العمل بالقياس‪ ,‬وجواز العمل بالقياس‬
‫يقتضي وجوب العمل به‪ ,‬ألن كل من قال بالجواز قال بالوجوب‬

‫االعتراض الثالث ‪ :‬سلمنا أن االية تدل على األمر بالقياس لكن ال يجوز التمسك بها ألن‬
‫التمسك بالعموم واشتقاق الكلمة يفيد الظن‪ ,‬والشارع إنما أجاز الظن في الفروع أما القياس فإنه‬
‫من األصول فال يجوز الظن فيه‬
‫وأجاب المصنف ‪ :‬ال نسلم أن القياس من األصول(علمية) ألن المقصود من كون القياس حجة‬
‫إنما هو العمل به ال مجرد اعتقادية كأصول الدين‪ ,‬والعمليات يكتفي فيها بالظن فكذلك ما كان‬
‫وسيلة إليها والقياس من وسائل للعمليات‬

‫قال (( الثاني ‪ :‬قصة معاذ وأبي موسى‬


‫قيل ‪ :‬كان ذلك قبل نزول ( اليوم أكملت لكم دينكم )‬
‫قلنا ‪ :‬المراد األصول لعدم النص على جميع الفروع‬

‫الدليل الثاني من السنة ‪:‬‬


‫روي أن النبي ﷺ بعث معاذ بن جبل وأبا موسى إلى اليمن قاضيين‪ ,‬كل واحد منهما في‬
‫ناحية‪ ,‬فقال لهما ‪ ( :‬بما تقضيان )؟ فقاال ‪ :‬إذا لم نجد الحكم في السنة نقيس األمر باألمر فما‬
‫كان أقرب إلى الحق عملنا به‪ ,‬فقال ﷺ ( أصبتما )‬

‫اعترض الخصم ‪ :‬أن تصويب النبي ﷺ كان قبل نزول قوله تعالى‪ ( :‬اليوم أكملت لكم دينكم )‬
‫فيكون القياس حجة في ذلك الزمان لكون النصوص غير وافية‪,‬‬
‫أما بعد إكمال الدين والتنصيص على األحكام فال يكون حجة ألن شرط القياس فقدان النص‬
‫والجواب ‪ :‬أن التصويب دال على كون القياس حجة مطلقا والقاعدة تقول ‪ :‬األصل عدم‬
‫التخصيص بوقت دون وقت‪.‬‬
‫والمراد من اإلكمال في االية هو إكمال األصول ألنا نعلم أن النصوص لم تشتمل على أحكام‬
‫الفروع كلها مفصلة‪ ,‬فيكون القياس حجة في زماننا إلثبات تلك الفروع‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن أبا بكر قال في الكاللة ‪ :‬أقول برأيى‪ ,‬الكاللة ‪ :‬ما عدا الوالد والولد‬
‫والرأي هو ‪ :‬القياس إجماعا‬
‫وعمر أمر أبا موسى في عهده بالقياس‬
‫وقال في الجد ‪ :‬أقضي فيه برأيى‬
‫وقال عثمان ‪ :‬إن اتبعت رأيك فسديد‬
‫وقال علي ‪ :‬اجتمع رأيى ورأي عمر في أم ولد‬
‫وقاس ابن عباس الجد على ابن االبن في الحجب‬
‫ولم ينكر عليهم وإال الشتهر‬

‫الدليل الثالث من اإلجماع ‪:‬‬


‫إن الصحابة قد تكرر منهم القول بالقياس من غير إنكار فكان ذلك إجماعا‪.‬‬
‫بيانه ‪:‬‬
‫‪ )1‬أن أبا بكر رضي هللا عنه سئل عن الكاللة فقال ‪ ( :‬أقول فيها برأيى‪ ,‬فإن يكن صوابا‬
‫فمن هللا وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان‪.‬‬
‫الكاللة = ما عدا الوالد والولد‬
‫الرأي هو القياس إجماعا‬
‫‪ )2‬إن عمر رضي هللا عنه لما ولى أبا موسى األشعري البصرة‪ ,‬كتب له العهد أمره فيه‬
‫بالقياس فقال ‪ ( :‬اعرف األشباه والنظائر وقس األمور برأيك )‬
‫‪ )3‬قال عمر رضي هللا عنه أيضا في الجد ‪ ( :‬أقضي فيه برأيى )‬
‫‪ )4‬قال عثمان رضي هللا عنه لعمر‪ ( :‬إن اتبعت رأيك فسديد‪ ,‬وإن تتبع رأي من قبلك فنعم‬
‫الرأي )‬
‫‪ )5‬قال علي رضي هللا عنه ‪ ( :‬اجتمع رأيى ورأي عمر في أمهات األوالد أن ال يبعن‪ ,‬وقد‬
‫رأيت اآلن بيعهن )‬
‫‪ )6‬قاس ابن عباس رضي هللا عنهما الجد على ابن االبن في حجب األخوة‬
‫فثبت صدور القياس بما قلناه وبغيره من الوقائع الكثيرة المشهورة الصادرة عن أكابر‬
‫الصحابة التي ال ينكرها إال معاند فكان ذلك إجماعا‬

‫‪7‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫قيل ‪ :‬ذموه أيضا‬
‫قلنا ‪ :‬حيث فقد شرطه توفيقا‬

‫اعترض الخصم على دليل اإلجماع‬


‫أي ‪ :‬ال نسلم أن الباقين من الصحابة لم ينكروا‪ ,‬فقد نقل ‪:‬‬
‫‪ )1‬عن أبي بكر رضي هللا عنه قال ‪ ( :‬أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب‬
‫هللا برأيى )‬
‫‪ )2‬عن عمر رضي هللا عنه قال ‪ ( :‬إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن ‪) ...‬‬
‫‪ )3‬عن عمر رضي هللا عنه أيضا ‪ ( :‬إياكم والمكايلة‪ .‬قيل ‪ :‬وما المكايلة‪ .‬قال ‪ :‬المقايسة )‬
‫‪ )4‬قال علي كرم هللا وجهه ‪ ( :‬لو كان الدين يؤخذ قياسا لكان باطن الخف أولى بالمسح‬
‫من ظاهره )‬
‫‪ )5‬عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال ‪ ( :‬يذهب قراؤكم وصلحاؤكم ويتخذ الناس رؤساء‬
‫جهاال يقيسون األمور برأيهم )‬

‫وأجاب المصنف ‪ :‬أن الذين نقل عنهم إنكار القياس هم الذين نقل عنهم القول بالقياس‪ ,‬فال بد‬
‫من التوفيق بين النقلين‪ ,‬فيحمل األول على القياس الصحيح والثاني على القياس الفاسد توفيقا‬
‫بين النقلين وجمعا بين الروايتين‬

‫‪8‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫الرابع ‪ :‬أن ظن تعليل الحكم في األصل بعلة توجد في الفرع‪ :‬يوجب ظن الحكم في الفرع‬
‫والنقيضان ال يمكن العمل بهما وال الترك لهما والعمل بالمرجوح ممنوع فتعين العمل‬
‫بالراجح‬

‫الدليل الرابع وهو الدليل العقلي ‪:‬‬


‫أن المجتهد إذا غلب على ظنه كون الحكم في األصل ( الخمرمثال ) معلال بالعلة المعينة (‬
‫كونه سكرا ) ثم وجد تلك العلة بعينها في حكم الفرع ( مخدر مثال ) فيحصل له بالضرورة‬
‫ظن ثبوت ذلك الحكم في الفرع‪,‬‬
‫وحصول الظن بالشيء ( حصول الظن بثبوت حكم القياس لمخدر والخمر ) مستلزم لحصول‬
‫الوهم بنقيضه ( عدم ثبوت حكم القياس )‬
‫الظن = ‪% 70‬‬
‫الوهم = ‪% 30‬‬
‫وحينئذ ‪:‬‬
‫‪ ‬ال يمكن للمجتهد أن يعمل بالظن والوهم في نفس الوقت الجتماع النقيضين‬
‫‪ ‬وال أن يترك العمل بهما الستلزامه ارتفاع النقيضين‬
‫‪ ‬وال أن يعمل بالوهم دون الظن ألن العمل بالمرجوح مع وجود الراجح ممتنع شرعا‬
‫وعقال‬
‫الخالصة ‪ :‬فتعين العمل بالظن وال معنى لوجوب العمل بالقياس إال ذلك‬

‫‪9‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫أدلة المنكرين للقياس ‪:‬‬

‫قال ‪ ( :‬احتجوا بوجوه ‪ :‬األول ‪ :‬قوله تعالى ‪ ( :‬ال تقدموا )‪ ( ,‬وأن تقولوا )‪ (,‬وال تقف )‪,‬‬
‫( وال رطب )‪ ( ,‬وإن الظن )‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬الحكم مقطوع والظن في طريقه‪.‬‬

‫احتج المنكرون للقياس بستة أوجه من الكتاب والسنة واإلجماع والدليل العقلي ‪:‬‬

‫الدليل األول على إبطال القياس ‪ :‬الكتاب‬


‫‪ )1‬قال هللا تعالى ‪ ( :‬يا أيها الذين آمنوا ال تقدموا بين يدي هللا ورسوله )‬
‫‪ -‬القول بمقتضى القياس تقديم بين يدي هللا ورسوله لكون القياس قوال بغير الكتاب‬
‫والسنة‪.‬‬
‫‪ )2‬قال هللا تعالى ‪ ( :‬وأن تقولوا على هللا ما ال تعلمون )‬
‫‪ )3‬قال هللا تعالى ‪ ( :‬وال تقف ما ليس لك به علم )‬
‫‪ -‬وجه الداللة ‪ :‬أن الحكم الثابت بالقياس غير معلوم لكون القياس متوقفا على أمور ال‬
‫يقطع بوجودها فال يجوز العمل به‬
‫‪ )4‬قال هللا تعالى ‪ ( :‬وال رطب وال يابس إال في كتاب مبين )‬
‫‪ -‬فإن القول يدل على اشتمال الكتاب على األحكام كلها‪ ,‬وحينئذ فال يجوز العمل‬
‫بالقياس ألن شرط القياس فقدان النص‬
‫‪ )5‬قال هللا تعالى ‪ ( :‬وإن الظن ال يغني من الحق شيئا )‬
‫‪ -‬والقياس ظني فال يغني شيئا‬

‫وأجاب المصنف ‪ :‬أن الحكم بمقتضى القياس قطعي وليس ظني‪ ,‬والظن وقع في الطريق‬
‫الموصلة إليه‬

‫‪10‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫قال اإلمام اإلسنوي ‪ :‬هذا الجواب ليس شامال لآلية األولى والرابعة‬
‫بل الجواب عن األولى ‪ :‬أنه لما أمرنا هللا تعالى ورسوله بالقياس لم يكن القول بالقياس تقديما‬
‫تقديما بين يدي هللا ورسوله‬
‫والجواب عن الرابعة ‪ :‬أنه يستحيل أن يكون المراد منها اشتمال الكتاب على جميع األحكام‬
‫الشرعية من غير واسطة‪ ,‬فإنه خالف الواقع‪ ,‬بل المراد داللة االية على األحكام من حيث‬
‫الجملة سواء كان بوسط ( واسطة القياس مثال )أو بغير وسط ( مباشرة )‪ ,‬وحينئذ فال يلزم من‬
‫ذلك عدم االحتياج إلى القياس ألن الكتاب على هذا التقدير يدل على بعضها بواسطة القياس‬
‫فيكون القياس محتاجا إليه‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬قوله عليه الصالة والسالم ‪ ( :‬تعمل هذه األمة برهة بالكتاب وبرهة بالسنة وبرهة‬
‫بالقياس‪ ,‬فإذا فعلوا ذلك فقد ضلوا )‬
‫الثالث ‪ :‬ذم بعض الصحابة له من غير نكير‬
‫قلنا ‪ :‬معارضان بمثلهما فيجب التوفيق‬

‫الدليل الثاني على إبطال القياس ‪ :‬السنة‬


‫قوله عليه الصالة والسالم ‪ ( :‬تعمل هذه األمة برهة بالكتاب وبرهة بالسنة وبرهة بالقياس‪ ,‬فإذا‬
‫فعلوا ذلك فقد ضلوا ) داللته ظاهرة‬
‫الدليل الثالث على إبطال القياس ‪ :‬اإلجماع‬
‫إن بعض الصحابة قد ذم القياس وسكت الباقون عنه‪ ,‬فكان إجماعا‬
‫وأجاب المصنف عن السنة واإلجماع ‪ :‬أنهما معارضان بمثلهما فيجب التوفيق بينهما بأن يحمل‬
‫العمل به على القياس الصحيح وإنكاره على القياس الفاسد‬

‫‪11‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫الرابع ‪ :‬نقل اإلمامية إنكاره عن العترة‬
‫قلنا ‪ :‬معارض بنقل الزيدية‬

‫الدليل الرابع على إبطال القياس ‪:‬‬


‫أن اإلمامية من الشيعة قد نقلوا عن العترة ( أهل البيت ) إنكارالعمل بالقياس وإجماع العترة‬
‫حجة‬
‫وأجاب المصنف ‪ :‬أن نقل اإلمامية معارض بنقل الزيدية فإنهم من الشيعة أيضا‪ ,‬وقد نقلوا‬
‫إجماع العترة على العمل بالقياس إضافة على أن إجماعهم ليس بحجة‬

‫الخامس ‪ :‬أنه يؤدي إلى الخالف والمنازعة‪ ,‬وقد قال هللا تعالى ‪ ( :‬وال تنازعوا )‬
‫قلنا ‪ :‬اآلية في اآلراء والحروب لقوله عليه الصالة والسالم ‪ ( :‬اختالف أمتي رحمة )‬

‫الدليل الخامس على إبطال القياس ‪ :‬المعقول‬


‫أن القياس يؤدي إلى الخالف والمنازعة بين المجتهدين لإلستقراء وألن القياس تابع لألمارات‬
‫واألمارات مختلفة‪ ,‬وحينئذ فيكون ممنوعا لقوله تعالى ‪ ( :‬وال تنازعوا )‬
‫وأجاب المصنف ‪ :‬أن اآلية إنما وردت في اآلراء والحروب لقرينة قوله تعالى ‪ ( :‬فتفشلوا‬
‫وتذهب ريحكم )‪ ,‬فأما التنازع في األحكام فجائز لقوله عليه الصالة والسالم ‪ ( :‬اختالف أمتي‬
‫رحمة )‬

‫‪12‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫السادس ‪ :‬الشارع فصل بين األزمنة واألمكنة في الشرف والصلوات في القصر وجمع بين‬
‫الماء والتراب في التطهير وأوجب التعفف على الحرة دون األمة الحسناء وقطع سارق‬
‫القليل دون غاصب الكثير وجلد بقذف الزنا وشرط فيه شهادة أربعة دون الكفر وذلك ينافي‬
‫القياس‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬القياس حيث عرف المعنى‬

‫الدليل السادس على إبطال القياس ‪ :‬المعقول‬


‫وعليه اعتمد النظام‪.‬‬

‫‪ )1‬أن الشارع فرق بين المتماثالت‬


‫بيانه ‪:‬‬
‫‪ -‬إن الشارع قد فرق بين األزمنة في الشرف‪ ,‬ففضل ليلة القدر واألشهر الحرم على‬
‫غيرهما‬
‫‪ -‬وكذلك األمكنة ‪ :‬كتفضيل مكة والمدينة مع استواء الزمان والمكان في الحقيقة‬
‫‪ -‬فرق بين الصلوات في القصر‪ ,‬فرخص في الرباعية دون غيرها‬

‫‪ )2‬أن الشارع جمع بين المختلفات‬


‫بيانه ‪:‬‬
‫‪ -‬أنه تعالى جمع بين الماء والتراب في جواز الطهارة بهما مع أن الماء ينظف‬
‫والتراب يشوه‬

‫‪13‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫‪ )3‬أن الشارع أثبت أحكاما ال مجال للعقل فيها‬
‫بيانه ‪:‬‬
‫‪ -‬أنه تعالى أوجب التعفف أي ‪ :‬غض البصر بالنسبة إلى الحرة الشوهاء‪ ,‬شعرها‬
‫وبشرتها مع أن الطبع ال يميل إليها دون األمة الحسناء التي يميل إليها الطبع‪.‬‬
‫ويحتمل أن يريد المصنف بالتعفف ‪ :‬وجوب الستر أو يريد به كون الواطئ للحرة‬
‫يصير محصنا دون واطئ األمة‪.‬‬
‫‪ -‬وأيضا ‪ :‬فألنه تعالى أوجب القطع في سرقة القليل دون غصب الكثير‬
‫‪ -‬وأوجب الجلد على القاذف بالزنا دون القاذف بالكفر‬
‫‪ -‬وشرط في شهادة الزنا شهادة أربعة رجال واكتفى في الشهادة على القتل باثنين مع‬
‫كون القتل أغلظ من الزنا‬

‫وأجاب المصنف ‪ :‬أنا إنما ندعي وجوب العمل بالقياس حيث عرف المعنى أي‪ :‬العلة الجامعة‬
‫مع انتفاء المعارض وغالب األحكام من هذا القبيل‪ ,‬وما ذكرتم من الصور فإنها نادرة ال تقدح‬
‫في حصو ل الظن الغالب ال سيما والفرق بين المتماثالت يجوز أن يكون النتفاء صال حية ما‬
‫يوهم أنه جامع أو لوجود معارض‪.‬‬
‫وكذلك المختلفات يجوز اشتراكها في معنى جامع‪ ,‬فقد ذكر الفقهاء معاني هذه األشياء‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫الكتاب الخامس‬
‫في دالئل اختلف فيها‬

‫الباب األول‬
‫في المقبولة‬

‫‪15‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫وهي ستة ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬األصل في المنافع ‪ :‬اإلباحة لقوله تعالى ‪ ( :‬خلق لكم ما في األرض )‪ ( ,‬قل من‬
‫حرم زينة هللا التي أخرج لعباده )‪ ( ,‬أحل لكم الطيبات )‪.‬‬
‫وفي المضار ‪ :‬التحريم لقوله عليه الصالة والسالم ‪ ( :‬ال ضرر وال ضرار في اإلسالم )‪.‬‬

‫لما فرغ من الكتب األربعة المتفق عليها ‪ ,‬شرع المصنف في كتاب آخر لبيان األدلة المختلف‬
‫فيها وجعله مشتمال على بابين ‪:‬‬
‫الباب األول ‪ :‬في المقبولة منها‬
‫الباب الثاني ‪ :‬في المردود‬

‫فأما المقبول ‪ :‬فستة ‪,‬‬


‫الدليل األول ‪ :‬األصل في األشياء النافعة اإلباحة‬
‫األول ‪ :‬األصل في األشياء النافعة هي ‪ :‬اإلباحة‬
‫األصل في األشياء الضارة – مؤلمة القلوب – هو ‪ :‬الحرمة‬
‫وهذا إنما هو بعد ورود الشرع بمقتضى األدلة الشرعية‪ ,‬وأما قبل وروده فالمختار الوقف‬

‫‪ ‬ثم استدل المصنف على إباحة المنافع بثالث آيات ‪:‬‬

‫اآلية األولى ‪ :‬قال هللا تعالى ( خلق لكم ما في األرض جميعا )‬

‫وجه الداللة ‪ :‬أن هللا تعالى أخبر بأن جميع المخلوقات األرضية للعباد ألن (ما) موضوعة‬
‫للعموم وقد أكدت بقوله‪( :‬جميعا) و(الالم) في (لكم) تفيد االختصاص على جهة االنتفاع‬
‫للمخاطبين‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫اآلية الثانية ‪ :‬قال هللا تعالى ( أن من حرم زينة هللا التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق )‬
‫وجه الداللة ‪ :‬أن هذا االستفهام مجاز وليس على حقيقته‪ ,‬بل هو لإلنكار‪ ,‬وحينئذ فيكون الباري‬
‫تعالى قد أنكر تحريم الزينة التي يختص بنا االنتفاع بها‪ ,‬وإنكار التحريم يقتضي انتفاء التحريم‬
‫وإذا انتفت الحرمة تعينت اإلباحة‪.‬‬

‫اآلية الثالثة ‪ :‬قال هللا تعالى ( أحل لكم الطيبات )‬

‫وجه الداللة ‪ :‬أن (الالم) في (لكم) تدل على أن الطيبات مخصوصة بنا على جهة االنتفاع‪,‬‬
‫وليس المراد بالطيبات هو المباحات وإال يلزم التكرار بل المراد بها ‪ :‬ما تستطيبه النفس‬

‫‪ ‬ثم استدل المصنف على تحريم المضار ‪:‬‬

‫قال عليه الصالة والسالم ‪ ( :‬ال ضرر وال ضرار في اإلسالم )‬


‫وجه الداللة ‪ :‬أن الحديث يدل على نفي الضرر مطلقا ألن النكرة المنفية( ال ضرر) تعم‪ ,‬وهذا‬
‫النفي ليس واردا على اإلمكان وال الوقوع قطعا بل على الجواز‪ ,‬وإذا انتفى الجوازثبت التحريم‬
‫وهو المطلوب‬

‫‪17‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫قيل ‪ :‬على األول الالم تجيء لغير النفع كقوله تعالى ‪ ( :‬وإن أسأتم فلها ) وقوله تعالى ‪:‬‬
‫( وهلل ما في السماوات )‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬مجاز التفاق أئمة اللغة على أنها للملك ومعناه ‪ :‬االختصاص النافع بدليل قولهم ‪:‬‬
‫الجل للفرس‪.‬‬
‫قيل ‪ :‬المراد االستدالل‬
‫قلنا ‪ :‬هو حاصل من نفسه فيحمل على غيره‬

‫أي ‪ :‬اعترض الخصم على إباحة المنافع بوجهين ‪:‬‬

‫اإلعتراض األول ‪ :‬أنا ال نسلم أن (الالم) في اللغة لالختصاص النافع‪ ,‬فإها قد تجيء لغير النفع‬
‫مثل ‪:‬‬
‫قوله تعالى ( وإن أسأتم فلها )‬
‫‪ -‬فهذه االية الختصاص الضرر ال الختصاص النفع‬
‫قوله تعالى ( هلل ما في السموات وما في األرض )‬
‫‪ -‬فهذه االية لتنزيهه تعالى عن االنتفاع به‬

‫وأجاب المصنف ‪ :‬أن استعمال (الالم) في غير النفع مجاز التفاق أئمة اللغة على أن (الالم)‬
‫موضوعة للملك‪ .‬ومعنى الملك ‪ :‬االختصاص النافع‪ ,‬ال حقيقته المعروفة وإال لم يصح قولهم ‪:‬‬
‫الجل للفرس‪ .‬فيلزم منه أن تكون (الالم) حقيقة في االختصاص النافع ويكون استعمالها في‬
‫غير النفع مجازا‪.‬‬

‫اإلعتراض الثاني ‪ :‬سلمنا أن (الالم) لإلختصاص النافع لكن ذلك االختصاص الذي أفادته مطلق‬
‫والمطلق يصدق بصورة أي فرد من أفراده وتلك الصورة حاصلة هنا‪ ,‬فإن االستدالل‬
‫بالمخلوقات مع وجود الصانع نفع عظيم‪.‬‬
‫وأجاب المصنف ‪ :‬أن االستدالل على الصانع حاصل لكل إنسان عاقل من نظره في نفسه‪ ,‬فإنه‬
‫يصح أن يستدل من نفسه على وجود خالقه فينبغي حمل االنتفاع الوارد في االيات على غير‬
‫االستدالل تكثيرا للفائدة حتى تفيد االية فوائد جديدة غير ما استفدنا من نظرنا في نفوسنا وفرارا‬
‫من تحصيل الحاصل‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫الدليل الرابع ‪ :‬األخذ باألقل‬

‫قال ‪ (( :‬الرابع ‪ :‬أخذ الشافعي رضي هللا تعالى عنه بأقل ما قيل إذا لم يجد دليال‪.‬‬
‫كما قيل ‪ :‬دية الكتابي الثلث‪ .‬وقيل ‪ :‬النصف‪ .‬وقيل ‪ :‬الكل‪ ,‬بناء على اإلجماع والبراءة‬
‫األصلية‪.‬‬

‫الدليل الرابع من األدلة المقبولة بأقل أقوال في المسألة ( أقوال العلماء السابقين )‪ ,‬وقد اعتمد‬
‫عليه االمام الشافعي في اثبات األحكام به وذلك اذا كان األقل جزءا من األكثر وهو لم يجد‬
‫دليال غيره‪,‬‬
‫مثال في دية الكتابي اختلف العلماء فيها على ثالثة أقوال ‪- :‬‬
‫‪ .1‬قال بعضهم ‪ :‬ثلث دية المسلم‬
‫‪ .2‬قال المالكية ‪ :‬نصف دية المسلم‬
‫‪ .3‬قال الحنفية ‪ :‬مثل دية المسلم‬

‫فاختار االمام الشافعي المذهب األول ( القائلون بالثلث ) بناء على المجموع من اإلجماع‬
‫والبراءة األصلية‪.‬‬

‫‪ ‬أما اإلجماع ‪ :‬فإن كل واحد من المخالفين ( أي القائلين بأكثر من األقل ) يوجبه‪ ,‬فإن‬
‫إيجاب األكثر يستلزم إيجاب األقل‪.‬‬
‫‪ ‬أما البراءة األصلية ‪ :‬فإنها تقتضي عدم وجوب الزيادة إذ هي دالة على عدم الوجوب‬
‫مطلقا لكن ترك العمل بها في الثلث لإلجماع فبقي ما عدا الثلث على األصل هو عدم‬
‫الوجوب‪.‬‬

‫وقول المصنف ‪ :‬إذا لم يجد دليال سواه‬

‫أي ‪ :‬إن وجد االمام الشافعي دليال فإنه لم يتمسك باألقل ألن ذلك الدليل إن دل على إيجاب‬
‫األكثر فواضح‪ ,‬ولذلك لم يأخذ االمام الشافعي بإيجاب الثالثة في انعقاد الجمعة لقيام الدليل على‬
‫األكثر‪.‬‬
‫وإن دل الدليل على األقل كان الحكم بإيجابه ألجل هذا الدليل ال ألجل الرجوع إلى أقل ما قيل‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫قيل ‪ :‬يجب األكثر ليتيقن الخالص‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬حيث يتيقن الشغل والزائد لم يتيقن‪.‬‬

‫أي ‪ :‬اعترض بعض العلماء على االمام الشافعي في أخذه باألقل وقال ‪ :‬ينبغي إيجاب األكثر‬
‫ليتيقن المكلف الخالص عما وجب عليه‪.‬‬
‫وأجاب المصنف ‪ :‬إنما يجب ذلك إذا تيقنا شغل الذمة باألكثر‪ ,‬والزائد على األقل لم يتيقن فيه‬
‫ذلك ألنه لم يثبت عليه دليل على وجوبه‪.‬‬

‫الدليل الخامس ‪ :‬المناسب المرسل‬

‫قال ‪ (( :‬الخامس ‪ :‬المناسب المرسل إن كانت المصلحة ضرورية قطعية كلية كتترس‬
‫الكفار الصائلين بأسارى المسلمين اعتبر‪ ,‬وإال فال‪.‬‬
‫وأما مالك فقد اعتبره مطلقا ألن اعتبار جنس المصالح يوجب ظن اعتباره وألن الصحابة‬
‫رضي هللا عنهم قنعوا بمعرفة المصالح‪.‬‬

‫الدليل الخامس من األدلة المقبولة المناسب المرسل وسمي أيضا بالمصالح المرسلة وهو‬
‫وصف مناسب للحكم‪ ,‬فيه ثالثة مذاهب ‪:‬‬

‫‪ )1‬المذهب األول ‪ :‬أنه غير معتبر مطلقا ( وهو رأي الشافعية والحنفية )‬

‫‪ )2‬المذهب الثاني ‪ :‬أنه حجة مطلقا ( مشهور عن مالك )‬


‫احتج مالك بوجهين ‪:‬‬

‫الوجه األول ‪ :‬أن الشارع اعتبر جنس المصالح في جنس األحكام واعتبار جنس‬
‫المصالح يوجب ظن اعتبار هذه المصلحة لكونها فردا من أفرادها‪.‬‬

‫وأجاب الشارح االسنوي ‪ :‬أنه لو وجب اعتبار المصالح المرسلة الشتراكها للمصالح‬
‫المعتبرة لوجب إلغاؤها أيضا الشتراكها مع المصالح الملغاة في ذلك‪ ,‬فيلزم اعتبارها‬
‫وإلغاؤها‪ ,‬وهو محال‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫الوجه الثاني ‪ :‬أن من تتبع أحوال الصحابة ‪ -‬رضي هللا عنهم – قطع بأنهم كانوا‬
‫يكتفون في الوقائع بمجرد المصالح وال يبحثون عن أمر آخر‪ ,‬فكان ذلك إجماعا منهم‬
‫على قبول المصلحة‪.‬‬

‫وأجاب الشارح االسنوي ‪ :‬أنا ال نسلم إجماع الصحابة عليه بل إنما اعتبروا من‬
‫المصالح ما عرفوا على اعتبار الشارع لنوعه أو جنسه القريب‪.‬‬

‫‪ )3‬المذهب الثالث ‪ :‬إن كانت المصلحة ضرورية قطعية كلية اعتبرت‪ ,‬وإال فال‪.‬‬

‫الضرورية ‪ :‬التي تكون من إحدى الضروريات الخمس وهي حفظ الدين والنفس والعقل‬
‫والمال والنسب‪.‬‬

‫القطعية ‪ :‬التي يجزم بحصول المصلحة فيها‬

‫الكلية ‪ :‬التي تكون موجبة لفائدة عامة للمسلمين‬

‫مثال ذلك ‪ :‬ما إذا صال علينا كفار تترسوا بأسارى المسلمين وقطعنا بألننا لو امتنعنا‬
‫عن الترس لصدمونا وقتلوا المسلمين كافة حتى الترس‪ ,‬لو رمينا الترس لقتلنا مسلما من‬
‫غير ذنب‪ ,‬فإن قتل الترس والحالة هذه مصلحة مرسلة لكونه لم يجد دليل جواز قتل‬
‫مسلم بال ذنب ولم يجد أيضا دليل على عدم جواز قتله لمصلحة عامة المسلمين لكنها‬
‫مصلحة ضرورية قطعية كلية فلذلك يصح اعتبار المصالح‪.‬‬

‫أي ‪ :‬يجوز أن يؤدي اجتهاد مجتهد إلى أن يقول ‪ :‬هذا األسير مقتول بكل حال‪ ,‬فحفظ‬
‫كل المسلمين أقرب إلى مقصود الشرع من حفظ مسلم واحد‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫الدليل السادس ‪ :‬عدم الدليل على الحكم‬

‫قال ‪ (( :‬السادس ‪ :‬فقد الدليل بعد التفحص البليغ يغلب ظن عدمه‪ ,‬وعدمه يستلزم عدم‬
‫الحكم المتناع تكليف الغافل‪.‬‬

‫الدليل السادس من األدلة المقبولة عند المصنف االستدالل على عدم الحكم ب‪ :‬عدم الدليل عليه‬

‫التقرير ‪:‬‬
‫‪ ‬فقدان الدليل بعد التفحص البليغ يغلب ظن عدم الدليل ( مقدمة صغرى )‬
‫‪ ‬وظن عدم الدليل يوجب ظنعدم الحكم ( مقدمة كبرى )‬
‫‪ ‬فقدان الدليل بعد التفحص البليغ يوجب ظن عدم الحكم ( نتيجة )‬

‫أما المقدمة األولى ‪ :‬فواضحة‬


‫وأما المقدمة الثانية ‪ :‬فألن عدم الدليل يستلزم عدم الحكم ‪ :‬إذ لو ثبت حكم شرعي ولم يكن‬
‫عليه دليل لكان يلزم تكليف الغافل وهو ممتنع‪.‬‬

‫والمراد بعدم الحكم ‪ :‬عدم تعلقه ال عدم ذاته‪ ,‬فإن األحكام قديمة عندنا‬

‫‪22‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫الكتاب السابع‬
‫في االجتهاد واإلفتاء‬

‫الفصل الثاني‬
‫في حكم االجتهاد‬

‫‪23‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫الفصل الثاني في حكم االجتهاد‬
‫اختلف في تصويب المجتهدين بناء على الخالف في ‪ :‬أن لكل صورة حكما معينا وعليه‬
‫دليل قطعي أو ظني‪.‬‬
‫والمختار ‪ :‬ما صح عن الشافعي رضي هللا عنه ‪ :‬أن في الحادثة حكما معينا‪ ,‬عليه أمارة‪,‬‬
‫من وجدها أصاب‪ ,‬ومن فقدها أخطأ‪ ,‬ولم يأثم‬

‫‪ ‬المعروف أنه ليس كل مجتهد في االعتقاديات مصيبا‪ ,‬بل الحق فيها واحد‪ ,‬فمن أصابه‬
‫ومن فقده أخطأ وأثم‪.‬‬
‫‪ ‬وقال العنبري والجاحظ ‪ :‬كل مجتهد في االعتقاديات مصيب أي ‪ :‬ال إثم عليه‪,‬‬
‫وهما مردودان باإلجماع‪.‬‬

‫وأما المجتهدون في المسائل الفقهية‪ ,‬فهل المصيب منهم واحد أو الكل مصيبون ؟‬
‫فيه خالف مبني على أن كل صورة هل لها حكم معين أم ال ؟‬
‫اختلف العلماء في الواقعة التي ال نص فيها على قولين ‪:‬‬

‫المذهب األول ‪ :‬كل مجتهد مصيب وأنه ليس هلل تعالى فيها قبل االجتهاد حكم معين‪ ,‬بل حكم هللا‬
‫فيها تابع لظن المجتهد‪ ( .‬هم جمهور المتكلمين من األشاعرة ومن معهم)‬
‫واختلفوا في قولين ‪:‬‬
‫‪ -‬القول األول ‪ :‬ال بد أن يوجد في الواقعة ما لو حكم هللا فيها بحكم لم يحكم إال به‬
‫‪ -‬القول الثاني ‪ :‬ال يشترط ذلك‬

‫المذهب الثاني ‪ :‬أن له تعالى في كل واقعة حكما معينا‪,‬‬


‫واختلفوا في ثالثة أقوال ‪:‬‬

‫القول األول ‪ :‬حصل الحكم من غير داللة( دليل قطعي ) وال أمارة( دليل ظني )‪ ,‬فمن وجده فله‬
‫أجران ومن أخطأه فله أجر‪ ( .‬هو قول طائفة من الفقهاء والمتكلمين )‬

‫‪24‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬عليه أمارة ( دليل ظني )‪ ,‬واختلفوا ‪-:‬‬

‫‪ -‬الرأي األول ‪ :‬لم يكلف المجتهد بإصابته لخفاء الحكم وغموضه‪ ,‬فلذلك كان المخطئ‬
‫فيه معذورا مأجورا‪ ( .‬قول كافة الفقهاء وينسب إلى الشافعي وأبي حنيفة )‬

‫‪ -‬الرأي الثاني ‪ :‬إن المكلف مأمور بطلب االجتهاد أوال‪ ,‬فإن أخطأ وغلب على ظنه‬
‫شيء آخر تغير التكليف وصار مأمورا بالعمل بمقتضى ظنه‪.‬‬

‫القول الثالث ‪ :‬أن عليه دليال قطعيا‪ ,‬والقائلون به اتفقوا على أن المجتهد مأمور بطلبه لكن‬
‫اختلفوا هل المخطئ فيه يأثم وينقض قضاؤه ؟‬

‫‪ -‬الرأي األول ‪ :‬المخطئ فيه لم يأثم وال ينقض قضاؤه ( الجمهور )‬


‫‪ -‬الرأي الثاني ‪ :‬المخطئ فيه يأثم ( بشر المريسي )‬
‫‪ -‬الرأي الثالث ‪ :‬ينقض قضاؤه ( أبو بكر األصم المعتزلي)‬

‫الراجح الذي نذهب إليه ‪:‬‬


‫‪ ‬أن هللا تعالى في كل واقعة حكما معينا( المذهب الثاني)‬
‫‪ ‬عليه دليل ظني ( القول الثاني )‬
‫‪ ‬أن المخطئ فيه معذور ( الرأي األول في القول الثاني من المذهب الثاني )‬
‫‪ ‬أن القاضي ال ينقض قضاؤه‬
‫زاد االمام االسناوي ‪ :‬لكن المصنف أهمل منه كون المخطئ فيه مأجورا ولم يكلف بإصابته‪.‬‬

‫والمختار ( كما قال القاضي البيضاوي ) ‪ :‬ما صح عن االمام الشافعي بأن في الحادثة حكما‬
‫معينا عليه أمارة‪ ,‬من وجدها أصاب‪ ,‬ومن فقدها أخطأ ولم يأثم‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫ألن االجتهاد مسبوق بالداللة ألنه طلبها والداللة متأخرة عن الحكم‪ ,‬فلو تحقق االجتهادان‬
‫الجتمع النقيضان‪.‬‬
‫وألنه قال عليه الصالة والسالم ‪ ( :‬من أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر )‪.‬‬

‫أدلة القائلين بأن المصيب واحد‬

‫أي ‪ :‬الدليل على أن المصيب واحد دليالن ‪ :‬عقلي ثم نقلي ‪:‬‬

‫‪ )1‬الدليل العقل‬

‫‪ -‬أن االجتهاد متأخرا عن الداللة ألن االجتهاد هو ‪ :‬طلب داللة الدليل على الحكم ألن‬
‫طلب الوقوف على الشيء يستدعي تقدم ذلك الشيء في الوجود‪ ,‬فثبت ‪ :‬أن االجتهاد‬
‫متأخر عن الداللة والداللة متأخرة عن الحكم ألن الداللة نسبة بين الدليل والمدلول‬
‫الذي هو الحكم والنسبة بين األمرين متأخرة عنهما‪.‬‬

‫‪ -‬وإذا ثبت أن الداللة متأخرة عن الحكم‪ :‬لزم أن يكون االجتهاد متأخرا عن الحكم‬
‫بمرتبتين ألن االجتهاد متأخر عن الداللة والداللة متأخرة عن الحكم‪ ,‬وحينئذ فلو‬
‫تحقق االجتهادان أي ‪ :‬كان حكم كل واحد منهما حقا صوابا الجتمع النقيضان‬
‫الستلزامه ثبوت حكمين متناقضين في نفس األمر بالنسبة إلى مسألة واحدة‪.‬‬

‫اجتهاد‬

‫داللة‬

‫الحكم‬
‫‪ )2‬الدليل النقل‬

‫قوله عليه الصالة والسالم ‪ ( :‬من اجتهد فأصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر )‬
‫وجه الداللة ‪ :‬دل هذا الحديث على أن المجتهد قد يخطئ وقد يصيب وهو المدعى‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫قيل ‪ :‬لو تعين الحكم فالمخالف له لم يحكم بما أنزل هللا فيفسق أو يكفر لقوله تعالى ‪ ( :‬ومن لم‬
‫يحكم بما أنزل هللا )‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬لما أمر بالحكم بما ظنه – وإن أخطأ ‪ : -‬حكم بما أنزل هللا‪.‬‬
‫قيل ‪ :‬لو لم يصوب الجميع لما جاز نصب المخالف‪ ,‬وقد نصب أبو بكر زيدا رضي هللا عنهما‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬لم يجز تولية المبطل والمخطئ ليس بمبطل‪.‬‬

‫دليل القائل ‪ :‬ليس هلل تعالى في الواقعة حكم معين‬

‫أي ‪ :‬احتج من قال ‪ :‬إنه ليس هلل تعالى في الواقعة حكم معين‪ ,‬بل حكمها تابع لظن المجتهد‬
‫بأمرين ‪:‬‬

‫الدليل األول ‪ :‬أنه لو تعين الحكم لكان المخالف له حاكما بغير ما أنزل هللا‪ ,‬وحينئذ‪:‬‬
‫فيفسق ‪ :‬قال تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل هللا فأولئك هم الفاسقون )‬
‫أو يكفر ‪ :‬قال تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل هللا فأولئك هم الكافرون )‬
‫والالزم ( كون المجتهد المخطئ كافرا أو فاسقا ) باطل‬
‫فالملزوم ( أن هلل تعالى في الواقعة حكم معين ) باطل أيضا‪.‬‬

‫الجواب‪ :‬أن المجتهد كان مأمورا بالحكم بما ظنه‪ ,‬وإن أخطأ فيه كان حاكما بما أنزل هللا‪.‬‬

‫الدليل الثاني ‪ :‬لو لم يكن كل مجتهد مصيبا لما جاز للمجتهد ( وهو خليفة مثال ) أن ينصب‬
‫حاكما مخالفا له في االجتهاد لكونه تمكينا من الحكم بغير الحق لكنه يجوز ألن‬
‫أبا بكر رضي هللا تعالى عنه نصب زيد بن ثابت مع أن زيد كان يخالفه في‬
‫الجد (مسألة الميراث) وفي غيره‪ ,‬وشاع ذلك بين الصحابة ولم ينكروه‪.‬‬

‫الجواب ‪ :‬أن الممتنع إنما هو تولية المبطل أي‪ :‬من يحكم بالباطل‪ ,‬والمخطئ في االجتهاد ليس‬
‫بمبطل ألنه آت بالمأمور به‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬
‫فرعان ‪ :‬اختالف المجتهدين فيما ال صلح فيه‬

‫قال ‪ (( :‬فرعان ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬لو رأى الزوج لفظه كناية ورأته الزوجة صريحا ‪ :‬فله الطلب ولها االمتناع‬
‫فيراجعان غيرهما‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬إذا تغير االجتهاد ‪ :‬كما لو ظن أن الخلع فسخ ثم ظن أنه طالق فال ينقض األول‬
‫بعد اقتران الحكم وينقض قبله‪)).‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬في طريق فصل الحادثة التي ال يمكن الصلح فيها سواء قلنا المصيب واحد أم‬
‫ال‪.‬‬
‫مثل ‪ :‬إذا كان الزوجان مجتهدين‪ ,‬فقال الزوج لزوجة ‪ :‬أنت بائن مثال‪ ,‬من غير نية للطالق‪,‬‬
‫ورأى الزوج‪ :‬أن اللفظ الصادر منه كناية فيكون النكاح باقيا‪.‬‬
‫ورأت الزوجة ‪ :‬أنه صريح‪ ,‬فيكون الطالق واقعا‪.‬‬
‫فللزوج طلب االستمتاع بها ولها االمتناع منه‪.‬‬

‫وطريق قطع المنازعة بينهما ‪ :‬أن يرجعا إلى حاكم أو يحكما رجال‪ ,‬وحينئذ فإذا حكم الحاكم‬
‫وجب عليهما االنقياد إليه‪.‬‬
‫وإن كانت الحادثة مما يجوز فيها الصلح كالحقوق المالية فيجوز فصلها بنفس الطريق وهو‬
‫واضح‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬إذا اجتهد المجتهد إلى أن الخلع فسخ‪ ,‬فنكح امرأة كان قد خالعها ثالثا ثم تغير‬
‫اجتهاده إلى أن الخلع طالق وليس فسخ‪ ,‬نظر ‪:‬‬

‫‪ -‬إن تغير اجتهاده بعد قضاء القاضي بصحة النكاح وجب عليه العمل بمقتضى‬
‫االجتهاد األول وال يجوز نقضه باالجتهاد الثاني‪ ,‬بل يستمر على نكاحه لتأكده‬
‫بالحكم‪.‬‬

‫‪ -‬إن تغير اجتهاده قبل قضاء القاضي بصحة النكاح وجب عليه مفارقتها ألنه يظن‬
‫اآلن أن اجتهاده األول خطأ‪ ,‬والعمل بالظن واجب‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة ‪2020\2019‬‬

You might also like