Professional Documents
Culture Documents
اصول فقه غير حنفى موضوعى
اصول فقه غير حنفى موضوعى
اصول فقه غير حنفى موضوعى
مفتاح األصول
في تلخيص بعض األبواب المهمة
من كتاب :نهاية السول في شرح منهاج الوصول إلى علم األصول
الباب األول
في بيان أنه حجة
2
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
الباب األول في بيان أنه حجة وفيه مسائل :
األولى :في الدليل عليه :
.1يجب العمل به شرعا
.2وقال القفال والبصري :عقال
.3والقاشاني والنهراواني :حيث العلة منصوصة أو الفرع بالحكم أولى كتحريم
الضرب على تحريم التأفيف
.4وداود أنكر التعبد به
.5وأحاله الشيعة والنظام
اتفق العلماء على أن القياس حجة في األمور الدنيوية ,واختلفوا في األمور الشرعية على
خمسة مذاهب :
)1الجمهور :إلى وجوب العمل في الشرعية بالقياس شرعا
)2القفال الشاشي الشافعي وأبو الحسين البصري المعتزلي :إلى وجوب العمل في
الشرعية عقال وشرعا
)3القاشاني والنهرواني :يجب العمل به في صورتين
األولى :أن تكون علة حكم األصل منصوصة إما بصريح اللفظ أو بإيمائه
الثاني :أن يكون حكم الفرع أولى من حكم األصل كقياس تحريم الضرب على
تحريم التأفيف
)4داود الظاهري وأتباعه :أنكروا التعبد بالقياس شرعا وقالوا :لم يرد في الشرع ما يدل
على العمل بالقياس ,وإن كان جائزا عقال
)5الشيعة والنظام :أن التعبد بالقياس محال عقال
3
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
استدل أصحابنا بوجوه :
األول :أنه مجاوزة عن األصل إلى الفرع والمجاوزة اعتبار وهو مأمور به في قوله تعالى
( :فاعتبروا )
أي :استدل أصحابنا على كون القياس حجة بالكتاب والسنة واالجماع والدليل المعقول
الدليل األول من الكتاب :
قال هللا تعالى ( :فاعتبروا يا أولي األبصار )
وجه الداللة :
أن القياس مجاوزة ( مقدمة صغرى )
والمجاوزة اعتبار ( مقدمة كبرى )
القياس اعتبار ( نتيجة )
4
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
قيل :المراد االتعاظ ,فإن القياس الشرعي ال يناسب صدر اآلية
قلنا :المراد قدر المشترك
قيل :الدال على الكل ال يدل على الجزئى
قلنا :بلى لكن ههنا جواز االستثناء دليل العموم
قيل :الداللة ظنية
االعتراض الثاني :أنه ال يلزم من األمر باالعتبار الذي هو القدر المشترك األمر بالقياس ,فإن
القدر المشترك معنى كلي والقياس جزئي من جزئياته والقاعدة تقول :الدال على الكلي ال يدل
على الجزئي
وأجاب المصنف :أن ما قاله الخصم من قاعدة :الدال على الكل ال يدل على الجزئى مسلم,
لكن ههنا قرينة دالة على العموم وهي جواز االستثناء ,فإنه يصح أن يقال :اعتبروا إال في
الشيء الفالني واالستثناء معيار العموم
5
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
وأجاب الشارح :أن األمر بالماهية المطلقة ولم يدل على وجو ب الجزئيات لكنه يقتضي
التخيير بينهما عند عدم القرينة ,والتخيير يقتضي جواز العمل بالقياس ,وجواز العمل بالقياس
يقتضي وجوب العمل به ,ألن كل من قال بالجواز قال بالوجوب
االعتراض الثالث :سلمنا أن االية تدل على األمر بالقياس لكن ال يجوز التمسك بها ألن
التمسك بالعموم واشتقاق الكلمة يفيد الظن ,والشارع إنما أجاز الظن في الفروع أما القياس فإنه
من األصول فال يجوز الظن فيه
وأجاب المصنف :ال نسلم أن القياس من األصول(علمية) ألن المقصود من كون القياس حجة
إنما هو العمل به ال مجرد اعتقادية كأصول الدين ,والعمليات يكتفي فيها بالظن فكذلك ما كان
وسيلة إليها والقياس من وسائل للعمليات
اعترض الخصم :أن تصويب النبي ﷺ كان قبل نزول قوله تعالى ( :اليوم أكملت لكم دينكم )
فيكون القياس حجة في ذلك الزمان لكون النصوص غير وافية,
أما بعد إكمال الدين والتنصيص على األحكام فال يكون حجة ألن شرط القياس فقدان النص
والجواب :أن التصويب دال على كون القياس حجة مطلقا والقاعدة تقول :األصل عدم
التخصيص بوقت دون وقت.
والمراد من اإلكمال في االية هو إكمال األصول ألنا نعلم أن النصوص لم تشتمل على أحكام
الفروع كلها مفصلة ,فيكون القياس حجة في زماننا إلثبات تلك الفروع.
6
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
الثالث :أن أبا بكر قال في الكاللة :أقول برأيى ,الكاللة :ما عدا الوالد والولد
والرأي هو :القياس إجماعا
وعمر أمر أبا موسى في عهده بالقياس
وقال في الجد :أقضي فيه برأيى
وقال عثمان :إن اتبعت رأيك فسديد
وقال علي :اجتمع رأيى ورأي عمر في أم ولد
وقاس ابن عباس الجد على ابن االبن في الحجب
ولم ينكر عليهم وإال الشتهر
7
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
قيل :ذموه أيضا
قلنا :حيث فقد شرطه توفيقا
وأجاب المصنف :أن الذين نقل عنهم إنكار القياس هم الذين نقل عنهم القول بالقياس ,فال بد
من التوفيق بين النقلين ,فيحمل األول على القياس الصحيح والثاني على القياس الفاسد توفيقا
بين النقلين وجمعا بين الروايتين
8
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
الرابع :أن ظن تعليل الحكم في األصل بعلة توجد في الفرع :يوجب ظن الحكم في الفرع
والنقيضان ال يمكن العمل بهما وال الترك لهما والعمل بالمرجوح ممنوع فتعين العمل
بالراجح
9
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
أدلة المنكرين للقياس :
قال ( :احتجوا بوجوه :األول :قوله تعالى ( :ال تقدموا ) ( ,وأن تقولوا ) (,وال تقف ),
( وال رطب ) ( ,وإن الظن ).
قلنا :الحكم مقطوع والظن في طريقه.
احتج المنكرون للقياس بستة أوجه من الكتاب والسنة واإلجماع والدليل العقلي :
وأجاب المصنف :أن الحكم بمقتضى القياس قطعي وليس ظني ,والظن وقع في الطريق
الموصلة إليه
10
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
قال اإلمام اإلسنوي :هذا الجواب ليس شامال لآلية األولى والرابعة
بل الجواب عن األولى :أنه لما أمرنا هللا تعالى ورسوله بالقياس لم يكن القول بالقياس تقديما
تقديما بين يدي هللا ورسوله
والجواب عن الرابعة :أنه يستحيل أن يكون المراد منها اشتمال الكتاب على جميع األحكام
الشرعية من غير واسطة ,فإنه خالف الواقع ,بل المراد داللة االية على األحكام من حيث
الجملة سواء كان بوسط ( واسطة القياس مثال )أو بغير وسط ( مباشرة ) ,وحينئذ فال يلزم من
ذلك عدم االحتياج إلى القياس ألن الكتاب على هذا التقدير يدل على بعضها بواسطة القياس
فيكون القياس محتاجا إليه.
الثاني :قوله عليه الصالة والسالم ( :تعمل هذه األمة برهة بالكتاب وبرهة بالسنة وبرهة
بالقياس ,فإذا فعلوا ذلك فقد ضلوا )
الثالث :ذم بعض الصحابة له من غير نكير
قلنا :معارضان بمثلهما فيجب التوفيق
11
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
الرابع :نقل اإلمامية إنكاره عن العترة
قلنا :معارض بنقل الزيدية
الخامس :أنه يؤدي إلى الخالف والمنازعة ,وقد قال هللا تعالى ( :وال تنازعوا )
قلنا :اآلية في اآلراء والحروب لقوله عليه الصالة والسالم ( :اختالف أمتي رحمة )
12
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
السادس :الشارع فصل بين األزمنة واألمكنة في الشرف والصلوات في القصر وجمع بين
الماء والتراب في التطهير وأوجب التعفف على الحرة دون األمة الحسناء وقطع سارق
القليل دون غاصب الكثير وجلد بقذف الزنا وشرط فيه شهادة أربعة دون الكفر وذلك ينافي
القياس.
قلنا :القياس حيث عرف المعنى
13
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
)3أن الشارع أثبت أحكاما ال مجال للعقل فيها
بيانه :
-أنه تعالى أوجب التعفف أي :غض البصر بالنسبة إلى الحرة الشوهاء ,شعرها
وبشرتها مع أن الطبع ال يميل إليها دون األمة الحسناء التي يميل إليها الطبع.
ويحتمل أن يريد المصنف بالتعفف :وجوب الستر أو يريد به كون الواطئ للحرة
يصير محصنا دون واطئ األمة.
-وأيضا :فألنه تعالى أوجب القطع في سرقة القليل دون غصب الكثير
-وأوجب الجلد على القاذف بالزنا دون القاذف بالكفر
-وشرط في شهادة الزنا شهادة أربعة رجال واكتفى في الشهادة على القتل باثنين مع
كون القتل أغلظ من الزنا
وأجاب المصنف :أنا إنما ندعي وجوب العمل بالقياس حيث عرف المعنى أي :العلة الجامعة
مع انتفاء المعارض وغالب األحكام من هذا القبيل ,وما ذكرتم من الصور فإنها نادرة ال تقدح
في حصو ل الظن الغالب ال سيما والفرق بين المتماثالت يجوز أن يكون النتفاء صال حية ما
يوهم أنه جامع أو لوجود معارض.
وكذلك المختلفات يجوز اشتراكها في معنى جامع ,فقد ذكر الفقهاء معاني هذه األشياء.
14
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
الكتاب الخامس
في دالئل اختلف فيها
الباب األول
في المقبولة
15
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
وهي ستة :
األول :األصل في المنافع :اإلباحة لقوله تعالى ( :خلق لكم ما في األرض ) ( ,قل من
حرم زينة هللا التي أخرج لعباده ) ( ,أحل لكم الطيبات ).
وفي المضار :التحريم لقوله عليه الصالة والسالم ( :ال ضرر وال ضرار في اإلسالم ).
لما فرغ من الكتب األربعة المتفق عليها ,شرع المصنف في كتاب آخر لبيان األدلة المختلف
فيها وجعله مشتمال على بابين :
الباب األول :في المقبولة منها
الباب الثاني :في المردود
وجه الداللة :أن هللا تعالى أخبر بأن جميع المخلوقات األرضية للعباد ألن (ما) موضوعة
للعموم وقد أكدت بقوله( :جميعا) و(الالم) في (لكم) تفيد االختصاص على جهة االنتفاع
للمخاطبين.
16
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
اآلية الثانية :قال هللا تعالى ( أن من حرم زينة هللا التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق )
وجه الداللة :أن هذا االستفهام مجاز وليس على حقيقته ,بل هو لإلنكار ,وحينئذ فيكون الباري
تعالى قد أنكر تحريم الزينة التي يختص بنا االنتفاع بها ,وإنكار التحريم يقتضي انتفاء التحريم
وإذا انتفت الحرمة تعينت اإلباحة.
وجه الداللة :أن (الالم) في (لكم) تدل على أن الطيبات مخصوصة بنا على جهة االنتفاع,
وليس المراد بالطيبات هو المباحات وإال يلزم التكرار بل المراد بها :ما تستطيبه النفس
17
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
قيل :على األول الالم تجيء لغير النفع كقوله تعالى ( :وإن أسأتم فلها ) وقوله تعالى :
( وهلل ما في السماوات ).
قلنا :مجاز التفاق أئمة اللغة على أنها للملك ومعناه :االختصاص النافع بدليل قولهم :
الجل للفرس.
قيل :المراد االستدالل
قلنا :هو حاصل من نفسه فيحمل على غيره
اإلعتراض األول :أنا ال نسلم أن (الالم) في اللغة لالختصاص النافع ,فإها قد تجيء لغير النفع
مثل :
قوله تعالى ( وإن أسأتم فلها )
-فهذه االية الختصاص الضرر ال الختصاص النفع
قوله تعالى ( هلل ما في السموات وما في األرض )
-فهذه االية لتنزيهه تعالى عن االنتفاع به
وأجاب المصنف :أن استعمال (الالم) في غير النفع مجاز التفاق أئمة اللغة على أن (الالم)
موضوعة للملك .ومعنى الملك :االختصاص النافع ,ال حقيقته المعروفة وإال لم يصح قولهم :
الجل للفرس .فيلزم منه أن تكون (الالم) حقيقة في االختصاص النافع ويكون استعمالها في
غير النفع مجازا.
اإلعتراض الثاني :سلمنا أن (الالم) لإلختصاص النافع لكن ذلك االختصاص الذي أفادته مطلق
والمطلق يصدق بصورة أي فرد من أفراده وتلك الصورة حاصلة هنا ,فإن االستدالل
بالمخلوقات مع وجود الصانع نفع عظيم.
وأجاب المصنف :أن االستدالل على الصانع حاصل لكل إنسان عاقل من نظره في نفسه ,فإنه
يصح أن يستدل من نفسه على وجود خالقه فينبغي حمل االنتفاع الوارد في االيات على غير
االستدالل تكثيرا للفائدة حتى تفيد االية فوائد جديدة غير ما استفدنا من نظرنا في نفوسنا وفرارا
من تحصيل الحاصل.
18
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
الدليل الرابع :األخذ باألقل
قال (( :الرابع :أخذ الشافعي رضي هللا تعالى عنه بأقل ما قيل إذا لم يجد دليال.
كما قيل :دية الكتابي الثلث .وقيل :النصف .وقيل :الكل ,بناء على اإلجماع والبراءة
األصلية.
الدليل الرابع من األدلة المقبولة بأقل أقوال في المسألة ( أقوال العلماء السابقين ) ,وقد اعتمد
عليه االمام الشافعي في اثبات األحكام به وذلك اذا كان األقل جزءا من األكثر وهو لم يجد
دليال غيره,
مثال في دية الكتابي اختلف العلماء فيها على ثالثة أقوال - :
.1قال بعضهم :ثلث دية المسلم
.2قال المالكية :نصف دية المسلم
.3قال الحنفية :مثل دية المسلم
فاختار االمام الشافعي المذهب األول ( القائلون بالثلث ) بناء على المجموع من اإلجماع
والبراءة األصلية.
أما اإلجماع :فإن كل واحد من المخالفين ( أي القائلين بأكثر من األقل ) يوجبه ,فإن
إيجاب األكثر يستلزم إيجاب األقل.
أما البراءة األصلية :فإنها تقتضي عدم وجوب الزيادة إذ هي دالة على عدم الوجوب
مطلقا لكن ترك العمل بها في الثلث لإلجماع فبقي ما عدا الثلث على األصل هو عدم
الوجوب.
أي :إن وجد االمام الشافعي دليال فإنه لم يتمسك باألقل ألن ذلك الدليل إن دل على إيجاب
األكثر فواضح ,ولذلك لم يأخذ االمام الشافعي بإيجاب الثالثة في انعقاد الجمعة لقيام الدليل على
األكثر.
وإن دل الدليل على األقل كان الحكم بإيجابه ألجل هذا الدليل ال ألجل الرجوع إلى أقل ما قيل.
19
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
قيل :يجب األكثر ليتيقن الخالص.
قلنا :حيث يتيقن الشغل والزائد لم يتيقن.
أي :اعترض بعض العلماء على االمام الشافعي في أخذه باألقل وقال :ينبغي إيجاب األكثر
ليتيقن المكلف الخالص عما وجب عليه.
وأجاب المصنف :إنما يجب ذلك إذا تيقنا شغل الذمة باألكثر ,والزائد على األقل لم يتيقن فيه
ذلك ألنه لم يثبت عليه دليل على وجوبه.
قال (( :الخامس :المناسب المرسل إن كانت المصلحة ضرورية قطعية كلية كتترس
الكفار الصائلين بأسارى المسلمين اعتبر ,وإال فال.
وأما مالك فقد اعتبره مطلقا ألن اعتبار جنس المصالح يوجب ظن اعتباره وألن الصحابة
رضي هللا عنهم قنعوا بمعرفة المصالح.
الدليل الخامس من األدلة المقبولة المناسب المرسل وسمي أيضا بالمصالح المرسلة وهو
وصف مناسب للحكم ,فيه ثالثة مذاهب :
)1المذهب األول :أنه غير معتبر مطلقا ( وهو رأي الشافعية والحنفية )
الوجه األول :أن الشارع اعتبر جنس المصالح في جنس األحكام واعتبار جنس
المصالح يوجب ظن اعتبار هذه المصلحة لكونها فردا من أفرادها.
وأجاب الشارح االسنوي :أنه لو وجب اعتبار المصالح المرسلة الشتراكها للمصالح
المعتبرة لوجب إلغاؤها أيضا الشتراكها مع المصالح الملغاة في ذلك ,فيلزم اعتبارها
وإلغاؤها ,وهو محال.
20
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
الوجه الثاني :أن من تتبع أحوال الصحابة -رضي هللا عنهم – قطع بأنهم كانوا
يكتفون في الوقائع بمجرد المصالح وال يبحثون عن أمر آخر ,فكان ذلك إجماعا منهم
على قبول المصلحة.
وأجاب الشارح االسنوي :أنا ال نسلم إجماع الصحابة عليه بل إنما اعتبروا من
المصالح ما عرفوا على اعتبار الشارع لنوعه أو جنسه القريب.
)3المذهب الثالث :إن كانت المصلحة ضرورية قطعية كلية اعتبرت ,وإال فال.
الضرورية :التي تكون من إحدى الضروريات الخمس وهي حفظ الدين والنفس والعقل
والمال والنسب.
مثال ذلك :ما إذا صال علينا كفار تترسوا بأسارى المسلمين وقطعنا بألننا لو امتنعنا
عن الترس لصدمونا وقتلوا المسلمين كافة حتى الترس ,لو رمينا الترس لقتلنا مسلما من
غير ذنب ,فإن قتل الترس والحالة هذه مصلحة مرسلة لكونه لم يجد دليل جواز قتل
مسلم بال ذنب ولم يجد أيضا دليل على عدم جواز قتله لمصلحة عامة المسلمين لكنها
مصلحة ضرورية قطعية كلية فلذلك يصح اعتبار المصالح.
أي :يجوز أن يؤدي اجتهاد مجتهد إلى أن يقول :هذا األسير مقتول بكل حال ,فحفظ
كل المسلمين أقرب إلى مقصود الشرع من حفظ مسلم واحد.
21
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
الدليل السادس :عدم الدليل على الحكم
قال (( :السادس :فقد الدليل بعد التفحص البليغ يغلب ظن عدمه ,وعدمه يستلزم عدم
الحكم المتناع تكليف الغافل.
الدليل السادس من األدلة المقبولة عند المصنف االستدالل على عدم الحكم ب :عدم الدليل عليه
التقرير :
فقدان الدليل بعد التفحص البليغ يغلب ظن عدم الدليل ( مقدمة صغرى )
وظن عدم الدليل يوجب ظنعدم الحكم ( مقدمة كبرى )
فقدان الدليل بعد التفحص البليغ يوجب ظن عدم الحكم ( نتيجة )
والمراد بعدم الحكم :عدم تعلقه ال عدم ذاته ,فإن األحكام قديمة عندنا
22
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
الكتاب السابع
في االجتهاد واإلفتاء
الفصل الثاني
في حكم االجتهاد
23
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
الفصل الثاني في حكم االجتهاد
اختلف في تصويب المجتهدين بناء على الخالف في :أن لكل صورة حكما معينا وعليه
دليل قطعي أو ظني.
والمختار :ما صح عن الشافعي رضي هللا عنه :أن في الحادثة حكما معينا ,عليه أمارة,
من وجدها أصاب ,ومن فقدها أخطأ ,ولم يأثم
المعروف أنه ليس كل مجتهد في االعتقاديات مصيبا ,بل الحق فيها واحد ,فمن أصابه
ومن فقده أخطأ وأثم.
وقال العنبري والجاحظ :كل مجتهد في االعتقاديات مصيب أي :ال إثم عليه,
وهما مردودان باإلجماع.
وأما المجتهدون في المسائل الفقهية ,فهل المصيب منهم واحد أو الكل مصيبون ؟
فيه خالف مبني على أن كل صورة هل لها حكم معين أم ال ؟
اختلف العلماء في الواقعة التي ال نص فيها على قولين :
المذهب األول :كل مجتهد مصيب وأنه ليس هلل تعالى فيها قبل االجتهاد حكم معين ,بل حكم هللا
فيها تابع لظن المجتهد ( .هم جمهور المتكلمين من األشاعرة ومن معهم)
واختلفوا في قولين :
-القول األول :ال بد أن يوجد في الواقعة ما لو حكم هللا فيها بحكم لم يحكم إال به
-القول الثاني :ال يشترط ذلك
القول األول :حصل الحكم من غير داللة( دليل قطعي ) وال أمارة( دليل ظني ) ,فمن وجده فله
أجران ومن أخطأه فله أجر ( .هو قول طائفة من الفقهاء والمتكلمين )
24
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
القول الثاني :عليه أمارة ( دليل ظني ) ,واختلفوا -:
-الرأي األول :لم يكلف المجتهد بإصابته لخفاء الحكم وغموضه ,فلذلك كان المخطئ
فيه معذورا مأجورا ( .قول كافة الفقهاء وينسب إلى الشافعي وأبي حنيفة )
-الرأي الثاني :إن المكلف مأمور بطلب االجتهاد أوال ,فإن أخطأ وغلب على ظنه
شيء آخر تغير التكليف وصار مأمورا بالعمل بمقتضى ظنه.
القول الثالث :أن عليه دليال قطعيا ,والقائلون به اتفقوا على أن المجتهد مأمور بطلبه لكن
اختلفوا هل المخطئ فيه يأثم وينقض قضاؤه ؟
والمختار ( كما قال القاضي البيضاوي ) :ما صح عن االمام الشافعي بأن في الحادثة حكما
معينا عليه أمارة ,من وجدها أصاب ,ومن فقدها أخطأ ولم يأثم.
25
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
ألن االجتهاد مسبوق بالداللة ألنه طلبها والداللة متأخرة عن الحكم ,فلو تحقق االجتهادان
الجتمع النقيضان.
وألنه قال عليه الصالة والسالم ( :من أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر ).
)1الدليل العقل
-أن االجتهاد متأخرا عن الداللة ألن االجتهاد هو :طلب داللة الدليل على الحكم ألن
طلب الوقوف على الشيء يستدعي تقدم ذلك الشيء في الوجود ,فثبت :أن االجتهاد
متأخر عن الداللة والداللة متأخرة عن الحكم ألن الداللة نسبة بين الدليل والمدلول
الذي هو الحكم والنسبة بين األمرين متأخرة عنهما.
-وإذا ثبت أن الداللة متأخرة عن الحكم :لزم أن يكون االجتهاد متأخرا عن الحكم
بمرتبتين ألن االجتهاد متأخر عن الداللة والداللة متأخرة عن الحكم ,وحينئذ فلو
تحقق االجتهادان أي :كان حكم كل واحد منهما حقا صوابا الجتمع النقيضان
الستلزامه ثبوت حكمين متناقضين في نفس األمر بالنسبة إلى مسألة واحدة.
اجتهاد
داللة
الحكم
)2الدليل النقل
قوله عليه الصالة والسالم ( :من اجتهد فأصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر )
وجه الداللة :دل هذا الحديث على أن المجتهد قد يخطئ وقد يصيب وهو المدعى.
26
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
قيل :لو تعين الحكم فالمخالف له لم يحكم بما أنزل هللا فيفسق أو يكفر لقوله تعالى ( :ومن لم
يحكم بما أنزل هللا ).
قلنا :لما أمر بالحكم بما ظنه – وإن أخطأ : -حكم بما أنزل هللا.
قيل :لو لم يصوب الجميع لما جاز نصب المخالف ,وقد نصب أبو بكر زيدا رضي هللا عنهما.
قلنا :لم يجز تولية المبطل والمخطئ ليس بمبطل.
أي :احتج من قال :إنه ليس هلل تعالى في الواقعة حكم معين ,بل حكمها تابع لظن المجتهد
بأمرين :
الدليل األول :أنه لو تعين الحكم لكان المخالف له حاكما بغير ما أنزل هللا ,وحينئذ:
فيفسق :قال تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل هللا فأولئك هم الفاسقون )
أو يكفر :قال تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل هللا فأولئك هم الكافرون )
والالزم ( كون المجتهد المخطئ كافرا أو فاسقا ) باطل
فالملزوم ( أن هلل تعالى في الواقعة حكم معين ) باطل أيضا.
الجواب :أن المجتهد كان مأمورا بالحكم بما ظنه ,وإن أخطأ فيه كان حاكما بما أنزل هللا.
الدليل الثاني :لو لم يكن كل مجتهد مصيبا لما جاز للمجتهد ( وهو خليفة مثال ) أن ينصب
حاكما مخالفا له في االجتهاد لكونه تمكينا من الحكم بغير الحق لكنه يجوز ألن
أبا بكر رضي هللا تعالى عنه نصب زيد بن ثابت مع أن زيد كان يخالفه في
الجد (مسألة الميراث) وفي غيره ,وشاع ذلك بين الصحابة ولم ينكروه.
الجواب :أن الممتنع إنما هو تولية المبطل أي :من يحكم بالباطل ,والمخطئ في االجتهاد ليس
بمبطل ألنه آت بالمأمور به.
27
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019
فرعان :اختالف المجتهدين فيما ال صلح فيه
األول :لو رأى الزوج لفظه كناية ورأته الزوجة صريحا :فله الطلب ولها االمتناع
فيراجعان غيرهما.
الثاني :إذا تغير االجتهاد :كما لو ظن أن الخلع فسخ ثم ظن أنه طالق فال ينقض األول
بعد اقتران الحكم وينقض قبله)).
الفرع األول :في طريق فصل الحادثة التي ال يمكن الصلح فيها سواء قلنا المصيب واحد أم
ال.
مثل :إذا كان الزوجان مجتهدين ,فقال الزوج لزوجة :أنت بائن مثال ,من غير نية للطالق,
ورأى الزوج :أن اللفظ الصادر منه كناية فيكون النكاح باقيا.
ورأت الزوجة :أنه صريح ,فيكون الطالق واقعا.
فللزوج طلب االستمتاع بها ولها االمتناع منه.
وطريق قطع المنازعة بينهما :أن يرجعا إلى حاكم أو يحكما رجال ,وحينئذ فإذا حكم الحاكم
وجب عليهما االنقياد إليه.
وإن كانت الحادثة مما يجوز فيها الصلح كالحقوق المالية فيجوز فصلها بنفس الطريق وهو
واضح.
الفرع الثاني :إذا اجتهد المجتهد إلى أن الخلع فسخ ,فنكح امرأة كان قد خالعها ثالثا ثم تغير
اجتهاده إلى أن الخلع طالق وليس فسخ ,نظر :
-إن تغير اجتهاده بعد قضاء القاضي بصحة النكاح وجب عليه العمل بمقتضى
االجتهاد األول وال يجوز نقضه باالجتهاد الثاني ,بل يستمر على نكاحه لتأكده
بالحكم.
-إن تغير اجتهاده قبل قضاء القاضي بصحة النكاح وجب عليه مفارقتها ألنه يظن
اآلن أن اجتهاده األول خطأ ,والعمل بالظن واجب.
28
عمار الجاوي | اصول الفقه لغير األحناف | الفرقة الرابعة 2020\2019