Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 12

‫" النموذج التنموي الجديد " ‪...

‬‬

‫ى‬
‫المصطف تاج‬
‫طالب باحث ى يف القانون العام والعلوم السياسية‬
‫هسبيس‬
‫ر‬

‫تعرف المغاربة عىل مفهوم “النموذج التنموي” أول األمر عن طريق الخطاب‬
‫شتنب ‪ 2010‬ى يف قمة تحقيق‬ ‫الملك الذي ألقاه الملك محمد السادس بتاري خ ‪ 21‬ر‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫أهداف األلفية للتنمية بنيويورك حيث تحدث عن نموذج تنموي بشي مستدام‪،‬‬
‫ر‬
‫االسباتيجية”‬ ‫الملك للدراسات‬ ‫المعهد‬ ‫“‬ ‫أنجزها‬ ‫اسة‬
‫ر‬ ‫د‬ ‫ف‬ ‫كما ورد هذا المفهوم ى‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ى‬
‫سنة ‪ 2012‬تحت عنوان “ديمومة النموذج التنموي خيار االقتصاد األخض”‪،‬‬
‫والبيئ ى يف أكتوبر‬
‫ي‬ ‫واالجتماع‬
‫ي‬ ‫االقتصادي‬ ‫المجلس‬ ‫أنجزها‬ ‫اسة‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ف‬‫ي‬
‫ووردت كذلك ى‬
‫‪ 2013‬تحت عنوان “النموذج التنموي لألقاليم الجنوبية”‪ ،‬إال أن هذا المفهوم‬
‫أكب تداوال من خالل متابعة أشغال اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي‬ ‫سيصبح ر‬
‫عب رئيسها تقريرها العام لملك البالد بتاري خ ‪ 25‬ماي ‪ ،2021‬حيث‬ ‫الئ قدمت ر‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫وشح‬ ‫بنش التقرير وإجراء عملية واسعة لتقديم أعمالها ر‬ ‫األخب ر‬ ‫ر‬ ‫أمرها هذا‬
‫ى‬
‫الوطئ‬ ‫ر ى‬
‫الفاعلي‪ .‬وقد تمكن الرأي العام‬ ‫رى‬
‫للمواطني ومختلف‬ ‫خالصاتها وتوصياتها‬
‫ي‬
‫عىل إثره من التوصل بالتقرير العام مكونا من ‪ 152‬صفحة‪ ،‬وملخص له مكون من‬
‫ه‪:‬‬ ‫‪ 16‬صفحة‪ ،‬إىل جانب ثالث مالحق‪ ،‬ي‬
‫تقديم نتائج االستماعات والمساهمات المنظمة من طرف اللجنة الخاصة‬
‫بالنموذج التنموي (‪ 80‬صفحة)‪.‬‬
‫المقبحة ى يف إطار النموذج‬
‫ر‬ ‫مجموع المذكرات الموضوعاتية والرهانات والمشاري ع‬
‫التنموي (‪ 326‬صفحة)‪.‬‬
‫الئحة جلسات االستماع‪ ،‬المساهمات وأنشطة اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي‬
‫(‪ 98‬صفحة)‪.‬‬
‫نشتها اللجنة الخاصة‬‫الئ ر‬ ‫ر‬
‫وااللكبونية ر‬ ‫ه المخرجات الورقية‬
‫ي‬ ‫كانت هذه ي‬
‫عب عنها رئيس اللجنة‬ ‫ر‬
‫الئ ر‬
‫بالنموذج التنموي‪ ،‬فيما تنوعت التحليالت واإلضافات ي‬
‫الئ تم التواصل معهم أو‬ ‫ر‬ ‫رى‬
‫ولمسؤوىل المؤسسات ي‬
‫ى ي‬ ‫للفاعلي‬ ‫وبعض أعضائها سواء‬
‫الئ تناولت‬‫ر‬
‫عب خرجاتهم اإلعالمية ومشاركاتهم يف بعض الندوات واللقاءات ي‬ ‫ر‬
‫وسب أشغال اللجنة الخاصة‪.‬‬ ‫موضوع التقرير ر‬
‫نونب ‪ 2019‬السيد شكيب‬ ‫عي الملك بتاري خ ‪ 19‬ر‬‫الئ ر ى‬ ‫ر‬
‫هذه اللجنة الموضوعاتية ي‬
‫وسفب المملكة لدى جمهورية فرنسا‪،‬‬ ‫ر‬ ‫بنموىس رئيسا لها وهو وزير داخلية سابق‬
‫بتعيي بقية أعضاء اللجنة الخاصة‬ ‫ر ى‬ ‫دجنب ‪2019‬‬
‫ر‬ ‫كما قام بعدها وبتاري خ ‪12‬‬
‫والخباء‬
‫ر‬ ‫ر ى‬
‫المسؤولي‬ ‫الئ تتشكل من ‪ 35‬شخصية من‬ ‫بالنموذج التنموي ر‬
‫ي‬
‫واألكاديميي‪ ،‬وأوكل لها مهمة إعداد تصور ى يف هذا الخصوص‪ ،‬بعد الوقوف عىل‬ ‫رى‬
‫األوضاع الحالية ى يف إطار من الموضوعية والمقاربة النقدية‪ ،‬واستحضار مطالب‬
‫الدوىل‪.‬‬ ‫الئ يفرضها المحيط‬ ‫ر‬ ‫ر ى‬
‫ي‬ ‫والمتغبات ي‬ ‫ر‬ ‫المواطني‪،‬‬
‫والئ منذ تعيينها‪ ،‬قامت اللجنة بعدة خطوات ى يف اتجاه وضع تصور متكامل‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫للنموذج التنموي المتطلع إليه‪ ،‬ويمكن اإلشارة هنا إىل كرونولوجيا تحركات اللجنة‬
‫الخاصة بالنموذج التنموي من خالل هذه التواري خ الهامة‪:‬‬
‫‪ 13‬أكتوبر ‪ :2017‬توجيه الملك خالل افتتاح الدورة األوىل من السنة ر‬
‫التشيعية‬
‫الثانية‪ ،‬دعا من خالله إىل النظر ى يف النموذج التنموي‪.‬‬
‫ى‬
‫الوطئ‬
‫ي‬ ‫أكتوبر ‪-2017‬يوليوز ‪ :2019‬انخراط كافة القوى الحية بالبالد ى يف النقاش‬
‫والخباء االقتصاديون والمجتمع‬ ‫ر‬ ‫حول النموذج التنموي‪ ،‬وقد قدم السياسيون‬
‫المقبحات‪.‬‬ ‫ر‬ ‫المدن العديد من‬‫ى‬
‫ي‬
‫‪ 29‬يوليوز ‪ :2019‬إعالن الملك ى يف خطاب العرش عن قرار إحداث لجنة خاصة‬
‫بالنموذج التنموي‪.‬‬
‫تعيي الملك السيد شكيب بنموىس رئيسا للجنة الخاصة‬ ‫نونب ‪ :2019‬ر ى‬ ‫‪ 19‬ر‬
‫بالنموذج التنموي‪.‬‬
‫تعيي الملك أعضاء اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي‬ ‫دجنب ‪ :2019‬ر ى‬ ‫ر‬ ‫‪12‬‬
‫وعددهم ‪ 35‬عضوا‪.‬‬
‫دجنب ‪ :2019‬انطالق أشغال االجتماع األول للجنة الخاصة بالنموذج‬‫ر‬ ‫‪16‬‬
‫التنموي بمقر أكاديمية المملكة‪.‬‬
‫‪ 2‬يناير ‪ :2020‬انطالق جلسات اإلنصات (أحزاب‪ /‬نقابات‪ ،‬جامعات غرف‬
‫وخباء‬ ‫ر ى‬
‫مهندسي ر‬ ‫مهنية‪ /‬مؤسسات دستورية‪ ،‬مجموعات مهنية لبنوك المغرب‪،‬‬
‫المغرن لحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫االئتالف‬ ‫المغرب‪،‬‬ ‫لمقاوالت‬ ‫العام‬ ‫االتحاد‬ ‫‪،‬‬
‫التعمب‬ ‫ف‬ ‫ى‬
‫ري‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫مجموعات تالميذ وطلبة‪ ،‬رئيس النيابة العامة…)‪.‬‬
‫دجنب ‪ :2019‬انطالق ورشات العمل والموائد المستديرة‪.‬‬‫ر‬ ‫ابتداء ‪27‬‬
‫المواطني ى يف الجهات‪( .‬استهلت بلقاء‬
‫رى‬ ‫دجنب ‪ :2019‬انطالق اللقاءات مع‬
‫ر‬ ‫‪29 27‬‬
‫الدكاىل…)‪.‬‬
‫ي‬ ‫مع طلبة جامعة محمد الخامس وطلبة جامعة ر يأن شعيب‬
‫دجنب ‪ :2019‬انطالق اجتماعات اللجنة عىل شكل خلوات من ثالثة أيام‪،‬‬ ‫ر‬ ‫‪29 27‬‬
‫وفباير ‪ ،2020‬لتتوقف لعدة أشهر‬ ‫ى‬
‫استمرت بشكل شهري يف نهاية كل من يناير ر‬
‫قبل أن تستأنف الخلوة الرابعة ى يف أواخر يوليوز (‪ 23-26‬يوليوز ‪ ،)2020‬لتتوقف‬
‫من جديد إىل غاية ‪ 3‬أكتوبر حيث نظمت اللجنة ندوة حول الصيغة ما قبل األوىل‬
‫دجنب ‪.2020‬‬ ‫للتقرير‪ ،‬وبعدها جلسة مغلقة بالصويرة ىف ر‬
‫الفبة ما ين ‪ 18‬و‪20‬‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫كذلك اعتمدت اللجنة مجموعة من الندوات الموضوعاتية انطالقا من ‪ 10‬ماي‬
‫االجتماع ومسألة الماء‬ ‫والئ ناقشت مواضيع الثقافة األمازيغية واالرتقاء‬‫ر‬
‫ي‬ ‫‪ ،2020‬ي‬
‫والشكات والتنمية والنقل البحري والجهوية المتقدمة… حيث بلغ عدد‬ ‫والمقاولة ر‬
‫عشة (‪ )17‬ندوة‬ ‫الفبة ‪ 10‬ماي ‪ 2020‬و‪ 23‬يوليوز ‪ 2020‬سبعة ر‬ ‫بي ر‬‫الندوات ما ر ى‬
‫موضوعاتية معتمدة‪.‬‬
‫كذلك نظمت اللجنة جلسات عامة ابتداء من ‪ 16‬مارس ‪ 2020‬حول مواضيع‬
‫وقضايا هامة‪ ،‬من قبيل‪ :‬الصحة والتغطية الصحية‪ ،‬الطاقة والمقاولة االجتماعية‪،‬‬
‫الحماية االجتماعية‪ :‬التنوي ع واالبتكار‪ ،‬الثقافة والتعليم‪ ،‬دولة الحق والقانون…‬
‫شتنب‬ ‫حيث بلغ عدد الجلسات العامة ىف ر‬
‫الفبة ما ر ى‬
‫بي ‪ 16‬مارس ‪ 2020‬و‪ 25‬ر‬ ‫ي‬
‫وعشين (‪ )24‬جلسة عامة‪.‬‬ ‫‪ 2020‬أربعة ر‬

‫دجنب ‪ :2019‬دشن رئيس اللجنة أوىل اللقاءات مع وسائل اإلعالم الوطنية‪ ،‬كما‬
‫ر‬ ‫‪8‬‬
‫تم بتاري خ ‪ 13‬أبريل ‪ 2020‬إطالق األرضية الرقمية ‪،WWW.CSMD.MA‬‬
‫وقد بلغ عدد اللقاءات مع وسائل اإلعالم الوطنية خمس (‪ )5‬لقاءات إىل غاية‬
‫دجنب ‪.2021‬‬
‫ر‬ ‫آخر لقاء بتاري خ ‪23‬‬
‫بتاري خ ‪ 19‬أبريل ‪ :2020‬أعلنت اللجنة عن حصيلة مرحلية تضمنت تنظيم ‪180‬‬
‫جلسة واستضافة ‪ 1200‬شخص‪ ،‬ر‬
‫وتلف ‪ 6200‬مساهمة (عبارة عن مراسالت‬
‫ي‬
‫مكتوبة‪ ،‬مساهمات رقمية‪ ،‬مخرجات اللقاءات المواطنة‪ ،‬مساهمات التالميذ‪،‬‬
‫ر‬
‫الئ تقدم بها الطلبة‪ ،‬الندوات المعتمدة)‪.‬‬
‫المشاري ع ي‬
‫نونب ‪ :2020‬كشفت فيه عن تنظيم ‪ 70‬جلسة استماع‬ ‫بالغ اللجنة بتاري خ ‪ 23‬ر‬
‫ى‬ ‫ُ‬
‫و‪ 113‬ورشة عمل و‪ 35‬جلسة استماع مواطنة ع ِقدت يف مختلف مدن المملكة‪،‬‬
‫مشبة إىل أن اللجنة تنقلت إىل ر‬
‫أكب من ‪ 30‬موقعا داخل المغرب‪ ،‬وأن الجلسات‬ ‫ر‬
‫والورشات مكنت من االلتقاء واالستماع إىل ما يفوق ‪ 10.000‬شخص‪.‬‬
‫إحصائيات اللجنة حسب آخر زيارة للموقع بتاري خ‪ 14 :‬رفباير ‪9719 :2021‬‬
‫اقباح مكتوب‪ 30 ،‬زيارة ميدانية‪ 113 ،‬ورشة عمل‪،‬‬ ‫شخص ىف تفاعل‪ 6600 ،‬ر‬
‫ي‬
‫‪ 70‬جلسة استماع‪.‬‬
‫الئ عرفها المغرب‬ ‫ر‬
‫ومعلوم أن عمل اللجنة الخاصة قد تأثر بالظرفية االستثنائية ي‬
‫تفش جائحة كوفيد ‪ ،19‬حيث توقفت أشغالها حضوريا لمدة‪ ،‬مما‬ ‫والمعمور إثر ر‬
‫ي‬
‫جعل عاهل البالد يمدد لها لستة أشهر أخرى‪ ،‬عرفت تحيينا لعديد من‬
‫ومقبحاتها بناء عىل ما خلفته‬ ‫ر‬ ‫المؤسسات الحزبية والنقابية والمدنية لمذكراتها‬
‫تأثبات سلبية عىل الوضعية االقتصادية‬ ‫الجائحة وحالة الطوارئ الصحية من ر‬
‫واالجتماعية للبالد‪.‬‬
‫نونب ‪ ،2020‬كشفت‬ ‫ى‬
‫وف آخر بالغ للجنة الخاصة للنموذج التنموي بتاري خ ‪ 23‬ر‬ ‫ي‬
‫عن قرب انتهائها من مسلسل المشاورات حول النموذج التنموي الجديد‪ ،‬الذي‬
‫دجنب ‪ ،2019‬مؤكدة أن رئيس اللجنة وأعضاءها دخلوا‬ ‫ر‬ ‫كانت قد أطلقته ى يف‬
‫كيئ لرفعه إىل الملك محمد السادس بداية شهر يناير من‬ ‫ر‬
‫مرحلة إعداد التقرير الب ر ي‬
‫ى‬
‫الماض‪.‬‬ ‫الشء الذي تم فعال بتاري خ ‪ 25‬ماي‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫‪ ،2021‬ي‬
‫ولتسليط الضوء حول المفكر به والمفكر فيه والال مفكر فيه ى يف النموذج التنموي‬
‫الئ تتمثل ى يف‬‫ر‬
‫لمقاربة المدخالت ي‬ ‫والتحليىل‬
‫ي‬
‫ر‬
‫النسف‬
‫ي‬
‫رى‬
‫المنهجي‬ ‫ر‬
‫المقبح‪ ،‬سأعتمد عىل‬
‫التفكب ى يف نموذج جديد للتنمية ببالدنا‪،‬‬ ‫ر‬ ‫الئ فرضت‬ ‫ر‬
‫السياقات والظروف والحاجات ى ي‬
‫الئ انبثقت عن أشغال‬ ‫الئ تتمثل ف الخالصات والتوصيات ر‬ ‫وتحليل المخرجات ر‬
‫ى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫سب‬
‫هذه اللجنة (مبحث أول)‪ ،‬وكذلك سأسلط الضوء عىل الال مفكر فيه يف ر‬
‫ثان)‪.‬‬ ‫اإلعداد لهذه الخالصات والنتائج والتوصيات المعلنة عنها (مبحث ى‬
‫ي‬
‫المبحث األول‪ :‬المفكر به والمفكر فيه ى يف النموذج التنموي الجديد‬
‫الئ واكبت الدينامية‬ ‫ر‬
‫االجتماع ي‬
‫ي‬ ‫عىل إثر استمرار موجات متنوعة من االحتقان‬
‫الئ‬ ‫الئ عرفها المغرب وجواره ىف سنة ‪ ،2011‬وظهور جيل من االحتجاجات ر‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫المجاىل والفئوي (حراك زاكورة‪ ،‬الريف‪ ،‬احتجاجات األساتذة‬ ‫ي‬ ‫غلب عليها الطابع‬
‫والممرضي‪ ،)..‬خرج علينا الملك محمد السادس‬ ‫رى‬ ‫بي والمتعاقدين‪ ،‬األطباء‬ ‫المتدر ر ى‬
‫البلمانية األوىل من السنة‬ ‫بخطاب ذي حمولة نقدية‪ ،‬وذلك خالل افتتاح الدورة ر‬
‫عب فيه عاهل البالد رصاحة عن فقدان النموذج التنموي‬ ‫التشيعية الثانية‪ ،‬ر‬ ‫ر‬
‫لمشوعيته ولقيمته‪ ،‬حيث قال ى يف خطاب ‪ 13‬أكتوبر ‪“ :2017‬إذا كان‬ ‫المعمول به ر‬
‫ى‬
‫الوطئ‬ ‫المغرب قد حقق تقدما ملموسا‪ ،‬يشهد به العالم‪ ،‬إال أن النموذج التنموي‬
‫ي‬
‫غب قادر عىل االستجابة للمطالب الملحة‪ ،‬والحاجيات ر ى‬
‫المبايدة‬ ‫أصبح اليوم‪ ،‬ر‬
‫بي الفئات ومن التفاوتات المجالية‪،‬‬ ‫وغب قادر عىل الحد من الفوارق ر ى‬ ‫رى‬
‫للمواطني‪ ،‬ر‬
‫وعىل تحقيق العدالة االجتماعية“‪.‬‬
‫الوطئ ساهمت فيه عدة عوامل‪ ،‬منها أساسا اللجوء‬ ‫ى‬ ‫ولعل فشل النموذج التنموي‬
‫ي‬
‫االقباض‪ ،‬حيث ظل مرتكزا عىل دعم‬ ‫إىل دعم االستهالك باللجوء إىل سياسة ر‬
‫االستهالك كرافعة للنمو االقتصادي مما أدى إىل ثورة حقيقية ى يف حجم القروض‪،‬‬
‫وحقق نتائج باهرة خالل سنوات قليلة‪ ،‬لكنه شعان ما اصطدم بغياب مقومات‬
‫االستدامة نظرا لمبالغة الدولة ى يف االعتماد عىل دعم االستهالك مما جعل ديون‬
‫األش عبئا عليها عوض أن يكون رافعة للتنمية‪.‬‬
‫الئ‬‫ر‬ ‫ى‬
‫الوطئ تأثر سلبا بسبب األزمة االقتصادية العالمية ي‬ ‫ي‬ ‫إضافة إىل أن االقتصاد‬
‫عرفها العالم سنة ‪ ،2008‬إذ طفت عىل السطح عالمات الفقر والهشاشة حيث‬
‫لسنئ ‪ 2016‬و‪ 2017‬والصادر مؤخرا‪،‬‬ ‫ر‬ ‫وقف تقرير المجلس األعىل للحسابات‬
‫ي‬
‫وتبة دين خزينة الدولة إىل مستويات قياسية‪ ،‬إذ بلغ مع نهاية‬ ‫بخصوص تصاعد ر‬
‫ى‬
‫سنة ‪ 2017‬ما يناهز ‪ 692.3‬مليار درهم‪ ،‬بنسبة ‪ 65.1‬يف المائة من الناتج‬
‫اإلجماىل لمديونة القطاع العام ارتفع من‬ ‫ي‬ ‫الداخىل الخام‪ .‬باإلضافة إىل أن الحجم‬ ‫ي‬
‫‪ 918.2‬مليار درهم سنة ‪ 2016‬إىل ‪ 970‬مليار درهم مع متم ‪ ،2017‬أي بزيادة‬
‫‪ 51.8‬مليار درهم ى يف ظرف سنة واحدة‪ .‬وعليه فإن حجم المديونية واصل منحاه‬
‫بي ‪ 2010‬و‪ ،2017‬إذ انتقلت مديونية الخزينة من‬ ‫التصاعدي خالل ر‬
‫الفبة ما ر ى‬
‫‪ 384,6‬مليار درهم إىل ‪ 692,3‬مليار درهم‪ ،‬والمديونية العمومية من ‪534,1‬‬
‫مليار درهم إىل ‪ 970‬مليار درهم‪ ،‬أي بتحمالت إضافية بلغت ‪ 435,9‬مليار درهم‪،‬‬
‫بمعدل يناهز ‪ 55‬مليار درهم سنويا‪.‬‬
‫المعيش للمغاربة يعادل‬ ‫ر‬ ‫الدوىل أن المستوى‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬أكد تقرير للبنك‬
‫ىي‬ ‫ي‬
‫اإليطاليي يف ‪ ،1955‬واإلسبان‬ ‫رى‬ ‫الفرنسيي ى يف عام ‪ ،1950‬ولدى‬
‫رى‬ ‫نظبه لدى‬
‫حاليا ر‬
‫تغاليي يف ‪ .“ 1965‬وأضاف التقرير أن المغرب يواجه ىرصورة‬ ‫ى‬ ‫والب ر ى‬ ‫ى‬
‫يف ‪ ،1960‬ر‬
‫يقبب من‬‫معيش ر‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫االستجابة لتطلعات الشباب ى يف الولوج بشكل أشع إىل مستوى‬
‫الدوىل المغرب إىل تعزيز‬ ‫البنك‬ ‫ا‬‫ودع‬ ‫‪.‬‬ ‫تقدما‬ ‫المعيش ىف البلدان ر‬
‫األكب‬ ‫ر‬ ‫المستوى‬
‫ي‬ ‫ي ي‬
‫كب عمل الدولة‬ ‫العقد االجتماع‪ ،‬القائم عىل النهوض بمجتمع منفتح‪ ،‬وإعادة تر ر ى‬
‫ي‬
‫االجتماع‪.‬‬ ‫ر‬
‫عىل مهامها السيادية‪ ،‬وتنمية الرأسمال البشي‪ ،‬وتعزيز الرأسمال‬
‫ي‬
‫ه ما دفعت الملك إىل القول‪“ :‬إن المغاربة اليوم‪،‬‬ ‫ولعل هذه العوامل كلها ي‬
‫الئ تضمن الكرامة للجميع وتوفر الدخل‬ ‫يحتاجون للتنمية المتوازنة والمنصفة‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫وفرص الشغل‪ ،‬وخاصة للشباب‪ ،‬وتساهم ى يف االطمئنان واالستقرار‪ ،‬واالندماج ى يف‬
‫الئ يطمح إليها كل مواطن‪ .‬كما يتطلعون‬ ‫الحياة المهنية والعائلية واالجتماعية‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫لتعميم التغطية الصحية وتسهيل ولوج الجميع للخدمات االستشفائية الجيدة ى يف‬
‫إطار الكرامة اإلنسانية“‪.‬‬
‫كما استطرد‪“ :‬والمغاربة اليوم‪ ،‬يريدون ألبنائهم تعليما جيدا‪ ،‬ال يقتض عىل الكتابة‬
‫والقراءة فقط‪ ،‬وإنما يضمن لهم االنخراط ى يف عالم المعرفة والتواصل‪ ،‬والولوج‬
‫جماع‪ ،‬بدل تخري ج‬
‫ي‬ ‫واالندماج ى يف سوق الشغل‪ ،‬ويساهم ى يف االرتقاء الفردي وال‬
‫المعطلي‪ .‬وهم يحتاجون أيضا إىل قضاء منصف وفعال‪ ،‬وإىل‬ ‫رى‬ ‫فئات عريضة من‬
‫إدارة ناجعة‪ ،‬تكون ى يف خدمتهم‪ ،‬وخدمة الصالح العام‪ ،‬وتحفز عىل االستثمار‪،‬‬
‫وتدفع بالتنمية‪ ،‬بعيدا عن كل أشكال الزبونية والرشوة والفساد“‪.‬‬
‫ر ى‬
‫سلطتي‬ ‫والبلمان‪ ،‬باعتبارهما‬ ‫ى‬
‫يف ذات الخطاب‪ ،‬وجه الملك الدعوة إىل الحكومة ر‬
‫التواىل‪ ،‬وكذلك ومختلف المؤسسات والهيئات المعنية‪،‬‬ ‫تنفيذية ر‬
‫وتشيعية عىل‬
‫ي‬
‫الئ‬ ‫كل ىف مجال اختصاصه‪ ،‬إلعادة النظر ىف نموذجنا التنموي لمواكبة التطورات ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫تعرفها البالد‪ .‬إذ قال‪“ :‬إننا نتطلع لبلورة رؤية مندمجة لهذا النموذج‪ ،‬كفيلة‬
‫الئ تعيق تطوره‪ ،‬ومعالجة نقط الضعف‬ ‫ر‬
‫بإعطائه نفسا جديدا‪ ،‬وتجاوز العراقيل ي‬
‫الئ أبانت عنها التجربة‪.‬‬‫ر‬
‫واالختالالت‪ ،‬ي‬
‫الكبى‪ ،‬كمراجعة الدستور‪،‬‬ ‫ى‬ ‫ر‬
‫الئ نعتمدها يف القضايا ر‬ ‫وسبا عىل المقاربة التشاركية‪ ،‬ي‬
‫ر‬
‫والجهوية الموسعة‪ ،‬فإننا ندعو إىل رإشاك كل الكفاءات الوطنية‪ ،‬والفعاليات‬
‫الجادة‪ ،‬وجميع القوى الحية لألمة‪.‬‬
‫للتحىل بالموضوعية‪ ،‬وتسمية األمور بمسمياتها‪ ،‬دون مجاملة أو تنميق‪،‬‬ ‫ي‬ ‫كما ندعو‬
‫اقتض األمر الخروج عن الطرق‬ ‫حئ وإن ى‬ ‫واعتماد حلول مبتكرة وشجاعة‪ ،‬ر‬
‫سياىس‪.‬‬
‫ي‬ ‫المعتادة أو إحداث زلزال‬
‫ر‬
‫الئ‬
‫جماعية‪ ،‬قصد االنكباب عىل القضايا والمشاكل‪ ،‬ي‬ ‫إننا نريدها وقفة وطنية‬
‫الئ تقف‬ ‫ر‬ ‫نش الوع ى‬ ‫تشغل المغاربة‪ ،‬والمساهمة ىف ر‬
‫تغيب العقليات ي‬ ‫بضورة ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫حاجزا أمام تحقيق التقدم الشامل الذي نطمح إليه“‬
‫ورغم أن الملك ى يف خطابه السابق أكد حرصه عىل متابعة الموضوع‪ ،‬واالطالع عن‬
‫مشوع نموذج‬ ‫الئ سيتم اتخاذها‪ ،‬من أجل بلورة ر‬ ‫ر ر‬ ‫ر‬
‫والتدابب ي‬ ‫المقبحات‪،‬‬ ‫كثب‪ ،‬عىل‬
‫والبلمان عىل حد سواء لم يتخذا أية خطوة اتجاه‬ ‫تنموي جديد‪ ،‬فإن الحكومة ر‬
‫تحقيق هذه الغاية‪ ،‬مما دفع الملك إىل التوقف مرة ثانية خالل خطاب العرش ل‬
‫الئ أصبحت تفرض إرساء نموذج‬ ‫ر‬
‫‪ 29‬يوليوز ‪ ،2018‬عند مجموعة من العوامل ي‬
‫تنموي جديد‪ ،‬من قبيل‪ :‬اإلشكاالت االجتماعية والمجالية‪.‬‬
‫التشيعية الثالثة من الوالية‬ ‫البلمانية األوىل من السنة ر‬ ‫وخالل افتتاح الدورة ر‬
‫العاشة بتاري خ ‪ 12‬أكتوبر ‪ ،2018‬أقر الملك محمد السادس من جديد‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫التشيعية‬
‫المبايدة للمواطن‪ .‬ونبه‬ ‫بعدم قدرة النموذج التنموي الحاىل عىل تلبية الحاجات ر ى‬
‫ي‬
‫فاعلي إىل أن هناك حاجة ملحة لتنمية متوازنة ومنصفة تضمن الكرامة‬ ‫رى‬ ‫مختلف ال‬
‫توفب عدد من الخدمات المهنية والصحية والشغل للشباب‬ ‫للمواطن؛ من خالل ر‬
‫مع الحديث عن إحداث لجنة استشارية تعمل عىل وضع الخطوط العريضة لهذا‬
‫تنتم لقطاعات مختلفة‪ ،‬حيث قال ى يف خطاب‬ ‫ي‬ ‫النموذج‪ ،‬تتشكل من شخصيات‬
‫‪ 12‬أكتوبر ‪“ :2018‬قررنا تكليف لجنة خاصة‪ ،‬مهمتها تجميع المساهمات‪،‬‬
‫اتيج شامل ومندمج‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ى‬
‫وترتيبها وهيكلتها‪ ،‬وبلورة خالصاتها‪ ،‬يف إطار منظور اسب ر ي‬
‫مشوع النموذج التنموي الجديد‪ ،‬مع تحديد‬ ‫عىل أن ترفع إىل نظرنا السام‪ ،‬ر‬
‫ى‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫ى‬
‫التغيب المقبحة‪ ،‬وكذا سبل تبيله“‪.‬‬ ‫ر‬ ‫األهداف المرسومة له‪ ،‬وروافد‬
‫وه غياب‬ ‫وف تشخيصه لوضعية التنمية بالبالد‪ ،‬رصد أرب ع معيقات أساسية‬ ‫ى‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫بي الرؤية والسياسات العمومية المعلنة وغياب االلتقاء ر‬
‫األفف‬ ‫تناسق عمودي ر ى‬
‫ي‬
‫بي هذه السياسات‪ ،‬وبطء ى يف التحول البنيوي لالقتصاد‪ ،‬ومحدودية قدرة القطاع‬ ‫رى‬
‫العموم فيما يخص تصور وتنفيذ سياسات عمومية ذات جودة‪ ،‬والشعور بضعف‬ ‫ي‬
‫الحماية وعدم القدرة عىل التنبؤ بالذي يحد من المبادرات‪.‬‬
‫كما يتمحور النم وذج التنموي الجديد حول مكونات تتداخل وتتكامل فيما بينها‪،‬‬
‫وتبة انتقال‬ ‫ى‬
‫وتشكل يف مجموعها منظومة متجانسة ومندمجة كفيلة بتشي ع ر‬
‫المغرب نحو توازن جديد‪ ،‬يحفز عىل خلق قيمة مضافة عىل المستوى‬
‫ر‬
‫والمؤسسان‪.‬‬ ‫واالجتماع‬ ‫االقتصادي‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الئ ينش دها‪ ،‬ف إن النم وذج‬‫ر‬
‫األساس ية ي‬ ‫ومن أجل تحقيق الطموحات واأله داف‬
‫التنم وي الجدي د يرتكز عل ى أربع ة مح اور ر‬
‫اسباتيجية للتح ول والت ي س يكون م ن‬
‫الالزم إنجازه ا وفق ا لمجموعة من المب ادئ والمقاربات المرجعية والواردة ى يف‬
‫التقرير العام‪.‬‬
‫ويتعلق األمر باقتصاد منتج ومتنوع قادر عىل خلق قيمة مضافة ومناصب شغل‬
‫وأكب استعدادا للمستقبل‪ ،‬وفرص إلدماج‬ ‫بشي معزز ر‬ ‫ذات جودة‪ ،‬ورأسمال ر‬
‫االجتماع‪ ،‬ومجاالت ترابية قادرة عىل التكيف وكفضاءات‬ ‫ي‬ ‫الجميع وتوطيد الرابط‬
‫رلبسيخ أسس التنمية‪.‬‬
‫توافف‬ ‫ر‬ ‫اقبحت اللجنة وضع “ميثاق من أجل التنمية” بوصفه إطار عمل‬ ‫كما ر‬
‫ي‬
‫تواىل السياسات العمومية المرتبطة‬ ‫طويل األمد يستخدم مرجعية لتنسيق ي‬
‫بحكومات معينة‪ ،‬جديرة بالتوقف عندها ومناقشتها‪ .‬هكذا سيصبح هذا الميثاق‪،‬‬
‫إذا تم تبنيه‪ ،‬رنباسا يحافظ عىل التوجه العام ويتجاوز االنقسامات السياسية‬
‫االنتخان… قد يكون التنفيذ‬ ‫ري‬ ‫ومختلف المقاربات الحكومية المحدودة ى يف الزمن‬
‫ثابتي‪ ،‬مع إجراء تعديالت ومالئمات هنا‬ ‫مختلفا‪ ،‬ولكن المسار والتوجه يظالن ر ى‬
‫الئ‬‫ر‬ ‫ى‬ ‫ر‬
‫الئ ستظهر يف محيط التنمية‪ ،‬وكذا المستجدات ي‬ ‫وهناك للتكيف مع الطوارئ ي‬
‫ستحصل إبان التنفيذ والتفعيل‪.‬‬
‫يقبح التقرير كذلك آلية للتتبع يرأسها ملك البالد تصلح لرصد مدى التقدم ى يف‬ ‫ر‬
‫المتوخ من‬ ‫ى‬ ‫القصب‪ ،‬والمتوسط‪ ،‬والطويل‪ ،‬نظرا ألن الهدف‬ ‫ر‬ ‫التنفيذ عىل المديات‪:‬‬
‫تدبب التنمية‪ ،‬فمن‬ ‫ى‬
‫وتغيب جذري يف كيفية ر‬ ‫ر‬ ‫النموذج هو إحداث طفرة نوعية‬
‫الطبيع جدا أن يكون الملك‪ ،‬بحكم ضمانه استمرارية الدولة حسب مقتضيات‬ ‫ي‬
‫ى‬ ‫ر‬
‫الدستور‪ ،‬هو من يسهر عىل مدى التقيد بأهداف الميثاق وااللبامات الواردة فيه‪،‬‬
‫ورصد التقدم‪ ،‬وضمان تذليل العقبات ى يف حال وجودها‪.‬‬
‫كب‬ ‫معبا عنها من خالل ر‬
‫الب ر ى‬ ‫وضع التقرير أيضا رهانات ر‬
‫اسباتيجية ل «مغرب الغد» ر‬
‫ان‪ ،‬والطاقة والخفض من‬ ‫ر‬
‫العمىل عىل المستوى الب ير‬
‫ي‬ ‫عىل البحث الموازي للتدخل‬
‫انبعاثات الكربون‪ ،‬والمنصات الرقمية‪ ،‬وتنوي ع مصادر التمويل‪ ،‬ودعم وتطوير‬
‫عالمة « ُص ِنع ى يف المغرب»‪ .‬إنها اهتمامات شغلت الطبقة السياسية لمدة من‬
‫الزمن‪ ،‬لكن الجديد هو ترتيبها بشكل مبتكر يتمحور حول طموحات االزدهار‬
‫والكفاءة والشمولية والتضامن واالستدامة والجرأة‪.‬‬
‫وفق التقرير ى يف إجراء تشخيص دقيق ألوجه النقص والضعف ى يف منظومة الحكامة‬
‫بالمغرب‪ ،‬كما تحدث عن ىرصورة وضع نموذج متجدد لحكامة المؤسسات العامة‬
‫والمؤسسات التكوينية واإلدارة‪ ،‬لكنه لم يقدم رؤية قوية ومتماسكة ومستديمة‬
‫كىل‪.‬‬ ‫ى‬
‫لإلصالح الضوري لنظام الحكامة بشكل ي‬
‫كثب من‬ ‫ى‬ ‫ر‬
‫الئ جرى تكرارها يف التقرير هو إحساس ر‬‫من ضمن الموضوعات ي‬
‫المواطني بالخوف من عدم سيادة القانون‪ ،‬وتراجع منسوب الحريات‪ ،‬وتدهور‬ ‫رى‬
‫يقبح حلوال‬‫الثقة بالمنظومة القضائية… هذه أمور وردت ىف التشخيص‪ ،‬لكنه لم ر‬
‫ي‬
‫أو أفكارا لتجاوزها‪.‬‬
‫الئ حالت دون نجاح الرؤى‬ ‫ر‬
‫ه لمعرفة األسباب ي‬ ‫حاجتنا الماسة اليوم ي‬
‫ر‬
‫إن‬
‫واالسباتيجيات ومختلف أوراش اإلصالح خاصة عىل مستوى التنفيذ‪ .‬ومن شأن‬
‫ُ‬
‫التغيب‪.‬‬
‫ر‬ ‫سبورة حلقة فضىل لصالح‬ ‫الجواب عىل هذا التساؤل المركزي إطالق ر‬
‫غب المفكر فيه ى يف النموذج التنموي الجديد‬ ‫ى‬
‫الثان‪ :‬ر‬
‫المبحث ي‬
‫واكبت عملية إخراج التقرير العام للجنة الخاصة بالنموذج التنموي مجموعات‬
‫بي اإلشادة والنقد‪،‬‬ ‫من ردود األفعال والتعليقات والتعقيبات والقراءات‪ ،‬تراوحت ر ى‬
‫بي من اختلف مع الشكل‬ ‫الئ طالت عمل اللجنة ر ى‬ ‫ر‬
‫كما تنوعت االنتقادات نفسها ي‬
‫رى‬
‫المدافعي عن أطروحة‬ ‫قبل الجوهر‪ ،‬وهذا النوع من المنتقدين قد نصنفهم ضمن‬
‫تعيي لجنة بعيدة عن المؤسسات‬ ‫يعتبون ان ر ى‬ ‫رى‬
‫التعيي‪ ،‬بحيث ر‬ ‫االنتخاب عوض‬
‫والبلمان‬
‫الدستورية وتكليفها بإعداد نموذج تنموي مفروض أن تتبناه الحكومة ر‬
‫اط‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫وف المسار الديمقر ي‬ ‫غب معقول ويضب يف روح الدستور ي‬ ‫كمؤسسات دستورية ر‬
‫لبالدنا‪.‬‬
‫الئ ر‬
‫تحبم‬ ‫ولعل هذا الطرح ينسجم مع ما هو معمول به ىف الدول الديمقراطية ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الئ يتبارى فيها األحزاب بناء‬ ‫ر‬ ‫والئ ر‬ ‫قوانينها ومؤسساتها‪ ،‬ر‬
‫االنتخابية ي‬
‫ر‬
‫تحبم العملية‬ ‫ي‬
‫قصبة‬
‫الكبى تكون فيها ر‬ ‫االسباتيجية ر‬ ‫عىل برامج تعاقدية‪ ،‬كما أن المخططات‬
‫والئ تتحمل‬‫ر‬
‫وتكون نتاجا للمؤسسات المنتخبة والممثلة ديمقراطيا‪ ،‬ي‬ ‫ى‬
‫األمد‬
‫المسؤولية يف سياساتها التنموية‪.‬‬
‫يتماىس مع ما قامت به فنلندا مثال سنة ‪ ،1990‬لما كلفت حكومتها‬ ‫ر‬ ‫وهذا ما‬
‫المنتخبة ديمقراطيا أنذاك لجنة خاصة بإعداد تصور للصناعة والتكنولوجيا تحت‬
‫عب مخرجاتها أن تكون من الدول األوىل‬ ‫راشاف رئاسة الحكومة‪ .‬واستطاعت ر‬
‫االصطناع‪.‬‬
‫ي‬ ‫عالميا عىل مستوى الذكاء‬
‫الئ أسست سنة ‪ 2000‬لجنة حكومية‬ ‫ر‬ ‫ى‬
‫وكذلك‪ ،‬فيما حدث يف كوريا الجنوبية ي‬
‫خاصة باقتصاد المعرفة واستطاعت تجاوز االزمة االقتصادية لسنة ‪،1998‬‬
‫عب مخرجات هذه اللجنة أن تنجح ى يف عالم التكنولوجيا عىل‬ ‫واستطاعت ر‬
‫العالم‪.‬‬
‫ي‬ ‫المستوى‬
‫متوسط ى يف تقريره‬
‫ي‬
‫ر‬
‫يتماىس تماما مع ما دعا اليه معهد تكامل األورو‬ ‫هذا الطرح‬
‫يعتب بأن دستور ‪ 2011‬أعط لرئيس الحكومة ى يف المغرب‬ ‫حول المغرب‪ ،‬والذي ر‬
‫ه بمثابة ضمانة دستورية وأخالقية لبناء نموذج تنموي يحقق من‬ ‫ي‬ ‫صالحيات‬
‫خالله المغرب اإلقالع االقتصادي واالجتماع ىف ر‬
‫احبام تام للديمقراطية ولمبدإ‬ ‫ي ي‬
‫ربط المسؤولية بالمحاسبة‪.‬‬
‫إن أصحاب هذه االنتقادات ال يرون ما بداخل الكأس‪ ،‬بقدر ما يرون شكل الكأس‬
‫اط‪ ،‬وال‬ ‫واألرضية الموضوعة عليها‪ .‬إذ يجمعهم الخوف عىل المسار الديمقر ي‬
‫ه تقوية دور‬‫يرون أية تنمية منشودة بدون ديمقراطية‪ ،‬والديمقراطية ي‬
‫التمثيىل وتقوية دور األحزاب من‬ ‫ي‬ ‫المؤسسات الدستورية خصوصا ذات الطابع‬
‫خاللها‪.‬‬
‫تقئ أو فئوي‪ ،‬إذ‬ ‫ثان من االنتقادات‪ ،‬ذي طابع ى‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬اطلعنا عىل نوع ى‬
‫أغفل مبدأ المناصفة المنصوص يعليه فى‬ ‫ي‬
‫ي‬ ‫اعتب بأن التقرير العام‬
‫هناك من ر‬
‫الدستور‪ ،‬وأنه لم يقدم أي توصيات واقعية تحقق هذا المبدإ‪.‬‬
‫التشي ح وتحميل المسؤولية‬ ‫اعتب بأن التقرير غلب عليه طابع ر‬ ‫كذلك‪ ،‬هناك من ر‬
‫بف صامتا فيما يخص األسباب والعوامل‬ ‫ر‬
‫لجهات معينة دون جهات أخرى‪ ،‬إذ ي‬
‫ر‬
‫ومؤشاتها‪.‬‬ ‫الئ أدت إىل األزمة االقتصادية‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫ثان أهم موضوع شمله االنتقاد بعد ثنائية النموذج التنموي والديمقراطية‪،‬‬ ‫ولعل ى‬
‫ي‬
‫المغرن ى يف هذا النموذج‪ ،‬إذ رغم أن التقرير خصص محورا‬ ‫ري‬ ‫هو موضع اإلنسان‬
‫أكب استعدادا‬ ‫البشي وجعله ر‬ ‫مهما إلدماج الكفاءات ودعا لتعزيز الرأسمال ر‬
‫بي التعليم الجيد والتكوين‬ ‫للمستقبل من خالل مجموعة من المداخل تنوعت ر ى‬
‫المهئ فإن التقرير أعيب عليه تناول هذا الموضوع بسطحية وبدون الغوص ى يف‬ ‫ي‬
‫ى‬
‫المغرن‪ ،‬وعىل رأسها ما خلص اليه تقرير‬ ‫الئ يتعرض لها اإلنسان‬ ‫عمق المشاكل ر‬
‫ري‬ ‫ي‬
‫الدوىل “المغرب ى يف أفق ‪ ″2040‬ى يف أكتوبر ‪ ،2017‬من فوارق اجتماعية‬ ‫ي‬ ‫البنك‬
‫مبئ عىل االحتكار والري ع‪.‬‬ ‫ى‬
‫شاسعة واقتصاد ي‬
‫التفكب ى يف بناء مغاربة المستقبل‪،‬‬
‫ر‬ ‫إذ من المفروض عىل اللجنة الخاصة قبل‬
‫البوات وتحقيق المبادئ‬ ‫إنصاف مغاربة اليوم وذلك بالدعوة إىل إعادة توزي ع ر‬
‫وه المساواة واإلنصاف والحرية والعدالة والكرامة‬ ‫الدستور‬ ‫ف‬ ‫المنصوص عليها ى‬
‫الئ ييقوم عليها نظام الحكم ىف المغرب والواردة فى‬ ‫ي‬
‫والمناصفة وتحقيق األبعاد ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫الفصل األول من الدستور‪ ” :‬نظام الحكم يف المغرب نظام ملكية دستورية‪،‬‬
‫ديمقراطية برلمانية واجتماعية“‪.‬‬
‫توفب خدمات اجتماعية ومرافق عمومية جهوية‪ ،‬تساهم ى يف‬ ‫يقتض األمر ر‬ ‫ي‬
‫كما ى‬
‫والمواطني‪ .‬خاصة ى يف ظل الفوارق‬
‫ر ى‬ ‫ذان لدى المواطنات‬ ‫ي‬
‫تحقيق اكتفاء ر‬
‫الئ تعرفها الجهات‪ ،‬وعدم التكافؤ الحاصل عىل مستوى‬ ‫ر‬
‫االجتماعية والمجالية ي‬
‫االستفادة من المرافق العمومية وفسح المجال أمام الكفاءات‪ ،‬لتحقيق مشاركة‬
‫البوة‬ ‫فعلية ىف الحياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬مع توزي ع ر‬
‫ي‬
‫بشكل عادل‪.‬‬
‫تعيي اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي لتجيب عن انتظارات‬ ‫عموما‪ ،‬فلقد تم ر ى‬
‫المغاربة‪ ،‬ولكن أشغالها والتقرير العام المنبثق عنها طرح بدوره أسئلة مقلقة زادت‬
‫االنتظارات تعقيدا‪ ،‬خصوصا وأن بالدنا كانت تستعد ى يف زمن خروج التقرير العام‬
‫تشيعية وجماعية‪ ،‬مع ما واكبها من جداالت ونقاشات‬ ‫الستحقاقات انتخابية ر‬
‫مؤشات إنجاح المسارات االنتخابية والسياسية والديمقراطية‪ ،‬بالشكل‬ ‫حول ر‬
‫المطلوب والسليم إلعداد أرضية تنموية جيدة قابلة ى ى‬
‫للتبيل الجيد والسليم‪.‬‬
‫ر‬
‫متابعئ لمسار إعداد‬
‫ي‬ ‫الئ لم أجد لها جوابا ى يف‬
‫ر‬
‫ولعل من أهم األسئلة الشائكة ي‬
‫ر ى‬
‫مضامي‬ ‫الئ قلبت‬ ‫ر‬
‫الجديد‪ ،‬هو طبيعة العوامل واألسباب ي‬ ‫تصور النموذج التنموي‬
‫بي رفب ر ين غشت ‪ 2014‬وأكتوبر ‪2017‬؟ مع استحضار ما جاء‬ ‫الخطب الملكية ما ر ى‬
‫فيهما‪:‬‬
‫خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب ‪ 20‬غشت ‪ ،2014‬الذي قال فيه الملك‪“ :‬لقد‬
‫نهان ومستحق‬
‫بلغ نموذجنا التنموي مرحلة من النضج تجعله يدخل بشكل ي‬
‫ضمن الدول الصاعدة“‪.‬‬
‫التشيعية ‪ 13‬أكتوبر ‪ ،2017‬والذي أعلن فيه الملك عن‬ ‫وخطاب افتتاح الدورة ر‬
‫نهاية صالحية النموذج التنموي الذي يتبعه المغرب‪ .‬قائال‪“ :‬إذا كان المغرب حقق‬
‫غب‬ ‫ى‬
‫الوطئ أصبح اليوم ر‬ ‫تقدما ملموسا‪ ،‬يشهد به العالم‪ ،‬إال أن النموذج التنموي‬
‫ي‬
‫وغب قادر‬ ‫ر ى‬
‫للمواطني‪ ،‬ر‬ ‫قادر عىل االستجابة للمطالب الملحة والحاجيات الم ر ىبايدة‬
‫بي الفئات ومن التفاوتات المجالية‪ ،‬وعىل تحقيق العدالة‬ ‫عىل الحد من الفوارق ر ى‬
‫االجتماعية“‪.‬‬
‫الضورية لبناء النموذج‬ ‫هل طرحت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي كل األفكار ى‬
‫التنموي الجديد لبالدنا؟ أم اكتفت بنقاش أفكار دون أخرى؟ لقد حاولت من‬
‫خالل المقاربة أعاله مناقشة هذا السؤال من خالل المعلومات المتوفرة‪ ،‬ولكن‬
‫الجواب األكيد عنه يتجىل ى يف السياق الذي عينت فيه هذه اللجنة وبنية الجهة‬
‫واالجتماع الذي‬ ‫السياىس واالقتصادي‬ ‫الئ عينتها‪ ،‬وطبيعة النسق‬‫الرسمية ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫واالسباتيجية بالبلد‪ ،‬باإلضافة إىل آليات ى ى‬
‫التبيل‬ ‫ر‬ ‫يتحكم ى يف مفاصل الحياة اليومية‬
‫عي باإلضافة إىل‬‫المناسبة‪ ،‬خصوصا وأن رئيس اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي ر ى‬
‫عب‬‫ثالث أعضاء آخرين معه ضمن التشكيلة الحكومية الجديدة‪ ،‬مما يؤهلهم ر‬
‫وتبيل كافة توصيات ومقتضيات النموذج‬ ‫ممارسة السلطة التنفيذية من ترجمة ى ى‬
‫التنموي الجديد‪.‬‬

You might also like