Professional Documents
Culture Documents
تعدد زوجات
تعدد زوجات
تعدد زوجات
والقوانين املقارنة
:تحت اشراف
:اعداد الطالبتين
لجنة المناقشة
األستاذة بعلوج أسماء................................رئيسا )1
األستاذ بونوة عبد القادر ............................مشرفا و مقررا)2
مالك محمد ................................عضو مناقشا األستاذة(3
امحلدهلل اذلي اانر طريقي و اكن يل خري عون إىل من ُأدين هل حبيايت إىل من ساندين واكن
مشعة حترتق لتضئ طريقي إىل روح أيب الزكية الطاهرة رمحه هللا
إىل أغىل ما أمكل يف هذه ادلنيا إىل من اكنت سبًبا يف وجودي عىل هذه األرض إىل اليت
احنين لها بلك إجالل و تقدير أيم الغالية أطال هللا يف معرها
إىل لك إخويت و أخوايت وبنات أيخ إىل صديقيت زهرة ميداين إىل زميليت بسمة اليت مل
يعد جيمعنا شئ سوى اذلكرايت امجليةل رمغ التعب يف اجناز هذا العمل املتواضع
فايزة
إهداء
اللهم أن أيم اكنت رحمية فارمحها ،واكنت طيبة القلب فطيب مرقدها واكنت كرمية فأكرم
نزلها فقد رحلت ابكرا و ارهقين رحيلها
-إىل أيب أطال هللا يف معره وحفظه
-إىل زويج سندي واوالدي قرة عيين (جود ،جوري ،جىن ،جيالن)
-إىل إخويت وأخوايت
-إىل صديقيت فايزه ورفيقه ادلراسة
-إىل لك زماليئ وزمياليت يف العمل
أهدي مثرة معيل املتواضع
نسمة
شكر و تقدير
قال تعالى " لئن شكرتم أل زيدنكم " والصالة والسالم على نبينا محمد و على اله و
صحبه أجمعين
العمل و نخص بالذكر األستاذ بونوة عبد القادر لقبوله اإلشراف على هذه المذكرة
والذي لم يبخل علينا بتوجيهاته و نصائحه القيمة التي كانت عونا لنا في إنجاز هذا
قائمة املختصرات
ط :طبعة
ع :العدد
ص :صفحة
لقد خلق هللا سيدنا آدم ليكون أول البشر .وخلق من ضلعه أمنا حواء لتكون قدوة للنساء في األمومة
ُه َو َّل َخ َل َق ُك
م ِّم ن وكل األعمال التي تقوم بها فجعله سكننا لها وجعلها سكننا له لقوله تعالى ۞ ﴿ ":ا ِذ ي
َف َل َأ ْث َق َل َل ْت اًل َخ ًف َف ْت ُك َل َف َل َتَغ َّش َز َّنْف
ٍس َو اِح َد ٍة َو َج َع َل ِم ْن َه ا ْو َج َه ا ِل َي ْس َن ِإ ْيَه اۖ َّم ا اَه ا َح َم َح ْم ِف ي ا َم َّر ِب ِه ۖ َّم ا ت
َّش َّل َن ُك َن َل ْن َت َت َن َّل
َّ .د َع َو ا ال َه َر َّب ُه َم ا ِئ آ ْي ا َص اِل ًح ا و َّن ِم َن ال اِك ِر يَن ﴾ سورة األعراف اآلية 189
بهذا يكون الزواج هو أساس العالقات اإلنسانية باعتباره ميثاق شرعي بين الرجل واملرأة مبني على
املودة والرحمة و الرضى بين الطرفين وقد جعل هللا الزواج نعمة على عباده من أجل املحافظة على
النسل واستمرارية الحياة البشرية ،وقد أحل هللا للرجل الزواج بأكثر من امرأة واحدة على أن اليزيد
العدد عن أربعة نسوة مع ضرورة العدل بينهن في األمور املادية كالنفقة والسكن والعمل على العدل
املعنوي قدر اإلستطاع فال يالم الرجل على امليل لزوجة دون األخرى عاطفيا مع اتقاء هللا و معاملتهن
بما يرضي هللا
و لقد عرف العالم نظام التعدد منذ القديم ففي الصين مثال إذا كانت املرأة عاقرا للزوج الحق في
الزواج من امرأة أخرى أو من عدة نسوة ليكون له أوالد يرثونه بعد موته لكن تبقى الزوجات
املضافات خدمات للزوجة األولى ،أما في اليابان فال يمكن للرجل الزواج مرة ثانية زواجا شرعيا إال انه
يمكن له اتخاذ خليالت وتعتبر أوالدهن كأوالد الزوجة الشرعية ،وكان للمرأة املغولية زوج واحد
.كذلك الحال بالنسبة للرجل املغولي زوجة واحدة شرعية باإلضافة إلى وجود سبايا
أما في ديانة الفرس فعلى الزوج الذي يتزوج بأكثر من زوجة واحدة أن يقدم ضمانات على كفالتهن وقد
.كان الزواج شائعا عند العراقيين والبوذيين و العرب في الجاهلية وغيرهم من الشعوب
وبالنسبة للحضارة الرومانية فكان للرجل زوجة واحدة فقط ،وكان من حق الزوج وفقا لبعض
القوانين اتخاذ خليالت تثبته حقوق شرعية مشابهة لحقوق الزوجة الشرعية
وقد كان نظام تعدد الزوجات شائعا عند البابليين واليونان وقدماء املصريين ،وعند الهنود خصوصا
امللوك والسادة واألغنياء منهم ،وكان التعدد قائما يمارسه اليهود والنصارى عبر العصور تحت سمع
.رجال الكنيسة ولم يرد في اإلنجيل ما يحرم التعدد لكن الكنيسة حرمته في القرن السابع عشر
ومن هنا نستنتج أن اإلسالم لم ينشىء التعدد وإنما وجده فأبقاه وتعايش معه وحدده بأربع زوجات
فقط
1
ولقد جاءت الشرائع السماوية وعلى رأسها اإلسالم لرفع الحرج على الناس ودفع الضرر عنهم و تحقيق
مصالح العباد ولتحل لهم الطيبات وتحرم عليهم الخبائث مع ذكر الحكمة وراء كل حكم ومن هذه
اإلحكام نجد الزواج ،حيث أولت الشريعة اإلسالمية أهمية كبيرة له باعتباره سنة هللا في خلقه وهو
نواة املجتمع وأساس قيامه ،ولقد وضع هللا تعالى في الذكر واألنثى دوافع طبيعية ونوازع فطرية تضمن
للنسل اإلنساني بالتكاثر واالستمرار فأوجبت االرتباط بينهما مبنيا على املودة والرحمة لقوله
َأ ْن َخ َل َق
ا تعالى﴿ َو َأ َّنُه ۥ َخ َل َق ٱلَّز ۡو َج ۡي ٱلَّذ َك َر َو ٱُأۡل نَث ٰى ﴾ سورة النجم اآلية ،45وقوله تعالىَ ﴿ :و ْن آَي
ِتِه ِم ِن
َق َتَف َّك َن آَل َٰذ ًۚة ًة ُك َن َل ُن ُك َت َأ ُف ُك َأ ْز َل ُك
م ِّم ْن ن ِس ْم َو اًج ا ِّل ْس وا ِإ ْيَه ا َو َج َع َل َب ْي م َّم َو َّد َو َر ْح َم ِإ َّن ِف ي ِل َك َي اٍت ِّل ْو ٍم َي ُر و ﴾
.سورة الروم اآلية 21
لكن هناك من الرجال من ال تحصنه امرأة واحدة لذلك أحل هللا الزواج بأكثر من امرأة واحدة وقد
كان غير محدد بعدد والظلم فيه شائعا حتى أمر اإلسالم بالحد منه إلى أربعة نسوة وجعل له قيود
تنظمه وشروط تحكمه وكان العدل أهمها ،ونقصد هنا بالعدل املادي املتعلق باملأكل وامللبس و املعاملة
الحسنة فالعدل العاطفي أو امليل القلبي فليس لإلنسان سلطة عليه وال يمكنه التحكم فيه ومن
َف ۡن ۡف ُت ۡم َأ اَّل َت ۡع ُل ۟ا
ِد و اليستطيع أو خاف أال يعدل وجب عليه االكتفاء بواحدة فقط .لقوله تعالىِ ﴿ :إ ِخ
ًة َف
َ .و اِح َد ﴾ " سورة النساء اآلية ، 3إلى جانب القدرة الجسدية واملادية ملن يريد التعدد
وقد أخذ املشرع الجزائري بالتعدد من الشريعة اإلسالمية وإتبع موقف اإلباحة مع التقييد بإلزام
القاضي على ضرورة استصدار رخصة مسبقة لعقد الزواج بعد توفر بعض الشروط كما هو الحال في
بعض الدول العربية ،في حين تبيح بعض الدول في قوانينها التعدد عمال بأحكام الشريعة اإلسالمية ،
فإنه ممنوع ومجرم في دول أخرى وقد تصل عقوبة مخالفته إلى السجن ،فكل حسب الرأي السائد في
مجتمعه
ولتعدد الزوجات أهمية باللغة و التي سنتعرف عليها وعلى الضوابط القانونية وموقف التشريع
الجزائري وبعض التشريعات العربية ومدى التوافق بينها و أحكام الشريعة اإلسالمية .وسنتناول على
سبيل املقارنة عينه من بعض التشريعات العربية التي تتشابه بعض أحكامها مع التقنين الجزائري
واملتمثلة في :التشريع املغربي ،السوري ،وكذا املصري ،وكان هذا على أساس أنها تشريعات تقيد التعدد
بشرط ،والتونسي أردناه مثال في دراستنا باعتباره التشريع العربي الوحيد الذي يمنع التعدد ،وذكرنا
على سبيل املثال بعض التشريعات العربية التي تبيح التعدد دون قيد أو شرط كالسعودية وقطر
والكويت وغيرها على أساس أنهم استمدوا أحكامهم من الشريعة فكانت هي األصل في تنظيم أحكام
تعدد الزوجات عندهم.
و لدراسة موضوع تعدد الزوجات أهمية بالغة الهدف منها :
2
-معرفة التعدد بأحكامه وشروطه وضوابطه الشرعية والقانونية في الشريعة اإلسالمية والقانون
الجزائري مقارنة مع القوانين الوضعية األخرى .
-ومن أجل التوضيح أن التعدد ال يخالف تعاليم الدين اإلسالمي واآلداب العامة كما أنه جاء لتحقيق
أهداف سامية تخدم مصلحة الرجل واملرأة على حد سواء .
-باإلضافة إلى معالجة الظواهر الدخيلة على املجتمع املسلم املتأصل مثل ظاهرة انتشار الفساد
األخالقي :األمهات العازبات ،أطفاال بدون ألقاب ،العنوسة .
وباإلضافة إلى األسباب العلمية واالجتماعية التي دفعتنا إلى اختيار موضع التعدد هناك أسباب ذاتية
وهي أن الظاهرة ذات صلة وطيدة ومباشرة بأسرتي الخاصة ولها تأثيرات علينا
-إزالة اللبس والغموض الناتج عن جهل أو سوء فهم ألحكام وشروط التعدد .
-التشوق لدراسة املوضوع من أجل توضيح أن التعدد ال يمثل حق مكتسب للزوج وال يعتبر واجب
على املرأة مجبرة على القبول به .
-وقد اعتمدنا على املنهج الوصفي واملنهج الجدلي وباإلضافة إلى املقارنة بين الفقه اإلسالمي وقانون
األسرة الجزائري ،وبعض القوانين الوضعية األخرى في معالجة املوضوع من خالل تحليل النصوص
القانونية ومقارنتها مع بعضها البعض ،ومن الصعوبات التي واجهتنا أثناء إنجاز هاته املذكرة :
قلة املراجع القانونية من جانب التشريعات العربية
ضيق وقت الدراسة وصعوبة التوفيق بين العمل والدراسة و ضبط األفكار على نحو جيد
االبتعاد عن مجال دراسة العلوم القانونية ملدة أكثر من 20سنه وامتهان عمل آخر
3
الفصل األول
الفصل األول :ماهية تعدد الزوجات
يعد عقد الزواج أساس بناء األسرة التي تعتبر البنية األساسية في املجتمع الذي يصلح ويرقى بتقدم
األسرة و ازدهارها ،ويعد االحترام بين الزوجين واجب ومؤكد لذلك اعنت الشريعة اإلسالمية وقانون
األسرة عناية بالغة بالعالقة الزوجية وحمايتها من كل خلل أو اضطراب تبعا للشهوات واألهواء وأقرت
إلى جانب حق الرجل في اختيار زوجته حقه في التعدد ،ولم يكن التعدد أمرا جديدا جاءت به الشريعة
اإلسالمية غير أنها هذبته وجعلته في حدود أربع زوجات فقط وحرمت ما زاد عليهن كما أن القانون
أباح التعدد في حدود ما دعت إليه الشريعة اإلسالمية
وبعد أن كانت البالد اإلسالمية تطبق قوانين الشريعة اإلسالمية في مسألة التعدد أصبحت كل املسائل
في هذا املجال تنظم بقوانين وضعية ليصل األمر إلى األحوال الشخصية فقد اختلفت التشريعات
العربية في األخذ بنظام التعدد مابين موسع ومقيد ومانع .
وتقتضي دراسة موضوع تعدد الزوجات من ناحية الشرع و القوانين املقارنة أن نتناول فيه تعريف
التعدد في نظر الشرع والقانون وبيان أهميته ،وشروطه ،و حكم التعدد ،ودليل مشروعيته ،وكذا
الحكمة من تعدد زوجات النبي صلى هللا عليه وسلم وهذا ما سنتناوله في املبحث األول بينما نتناول في
املبحث الثاني املبررات الشخصية واالجتماعية لتعدد الزوجات و أراء وانتقادات حول التعدد حيث
نتطرق إلى األدلة التي تبين إباحة تعدد الزوجات ومشروعيته من الكتاب والسنة النبوية الشريفة .
املبحث األول :مفهوم تعدد الزوجات
إن نظام تعدد الزوجات من أهم املواضيع التي أثارت جدال وأخذت حيزا كبيرا من النقاش بين الفقهاء
حول إباحة التعدد وشروط األخذ به من عدمه والظواهر التي تحكم التعدد ،فالتعدد هو أن يجمع
الرجل في عصمته أكثر من امرأة واحدة ،وقد أخذت الشريعة اإلسالمية بنظام التعدد نظرا ألهميته
في كونه يسمح بكفل النساء من األرامل ،ويقلل من نسبة العنوسة ،ودرء الفاحشة وغيرها إال أن
الشريعة اإلسالمية قيدته بضوابط محددة منها العدل ،و القدرة على اإلنفاق ،واملعاملة الحسنة ،
وتحريم الجمع بين املحارم
أما بالرجوع إلى القوانين الوضعية فقد اختلفت هاته األخيرة في األخذ بنظام تعدد الزوجات بين األخذ
به عمال بأحكام الشريعة اإلسالمية ،أو منعه تماما ،أو األخذ به مع تقيده بشروط منها املشرع
الجزائري الذي اخذ به وقيده بشروط أوردها ضمن املادة الثامنة من قانون األسرة الجزائري
4
وهذا ما سنحاول تبيانه من خالل تعريفنا للتعدد في املطلب األول وحكم تعدد الزوجات ودليل
مشروعيته في املطلب الثاني أما الحكمة من تعدد زوجات النبي صلى هللا عليه وسلم فتطرقنا إليها
كمطلب ثالث
املطلب األول :تعريف تعدد الزوجات
قبل الخوض في تبيان شروط التعدد وأهميته ،وجب علينا معرفة املقصود من التعدد وذلك بعرض
معناه من الناحية اللغوية واالصطالحية ،وكذا تعريفه في الشريعة اإلسالمية ،والناحية القانونية
باللجوء إلى قانون األسرة الجزائري
الفرع األول :تعريف التعدد
حتى يتسنى لنا معرفة التعدد جليا وجب علينا تعريفه من الناحيتين اللغوية واالصطالحية أما لغة
فالتعدد من العدد و هي مشتقة من العد ،يعد ،عًد ا ،عددا و تعدًد ا و العدد يراد به إحصاء الشئ ،و
الُع د له معنيان :يكون نصبه على الحال ،يقال عددت الدراهم عدا و ماُع َد فهو معدود و عُد د،إعداد
الشئ و اعتداده و استعداده و تعداده :إحضاره ،ويقال :استعددت للمسائل و تعددُت ،واسم ذلك
2
الُع دة يقال كونو على ُع َد ة ، 1كما يراد أيضا بالتعدد :التكاثر أي تكاثر العدد
قال أبو بكر " :العامة تخطئ فتظن أن الزوج اثنان ،وليس ذلك من مذاهب العرب ،إذ كانوا ال
يتكلمون بالزوج موحدا ،في مثل قولهم :زوج حمام ،ولكنهم يثنونه فيقولون :عندي زوجان من
3
الحمام ،يعنون ذكرا وأنثى ،ويقال أن الزوجين في كالم العرب اثنان ذكرا كان أو أنثى "
يتضح من هذا أن التعدد هو مازاد عن الواحد وإذا أسقطنا على كلمة التعدد بالزوجة فهي تدل على
الزيادة على الزوجة الواحدة وبالجمع نقول تعدد الزوجات
يستلزم تعريف تعدد الزوجات من الناحية االصطالحية الرجوع إلى الفقه اإلسالمي ، 4والقانون
5
األسرة الجزائري
أوال :تعريف تعدد الزوجات في الشريعة اإلسالمية
يمكن تعريف التعدد على أنه زاوج الرجل بأكثر من امرأة واحدة في وقت واحد ،على أن ال يزيد عدد
النسوة على أربعة نساء ،وكل واحدة بعقد مستقل عن األخرى متى دعت الضرورة إلى ذلك وضمن
شروط حددها الشرع
) .ابن منظور ،لسان العرب املحيط ،املجلد األول ،دار الجيل ،لبنان ، 1988 ،ص ) 2834-2832
1
( ( .عصام نور الدين ،معجم نور الدين الوسيط ،الطبعة األولى دار الكتب العلمية ،لبنان ،2005 ،ص393
2
3
( .ابن منظور ،لسان العرب املحيط ،مرجع سابق ،ص ) 8885
4
( .احمد فراج حسين ،أحكام الزواج في الشريعة اإلسالمية ،دار الجامعة الجديدة ،مصر ، 2004 ،ص ) 144
5
) (.عمر و عيسى الفقي ،املوسوعة الشاملة في األحوال الشخصية ،الطبعة األولى ،املكتب الجامعي الحديث ،مصر ،2005ص79
5
إن تعدد الزوجات جائز في الشريعة إال أن اإلسالم لم يجعل التعدد فرضا على الرجل املسلم وال
فرضت على املرأة ضرورة أن تقبل بالتعدد بل أعطت لكل من الرجل واملرأة حرية اختيار قبول التعدد
أو رفضه وكل حسب مصلحته وحاجته للتعدد إال أن الفقهاء القدماء لم يعرفوا التعدد بل اقتصروا
على تبيان أحكامه وأسبابه والقيود الواردة عليه في حين عرفه الفقهاء املتأخرين على انه :
-تعدد الزوجات هو نظام يبيح بمقتضاه للرجل أن يكون في عصمته أكثر من زوجة واحدة على أال
1
يتجاوز العدد أربع زوجات
-كما أن تعدد الزوجات هو أن يجمع الرجل في عصمته عددا معينا من الزوجات ال يزيد عن أربع
2
نسوة ويحرم عليه الزواج بأكثر منهن
َو ۡن ۡف ُت ۡم َأ اَّل ُتۡق ُط ۟ا ۡل َی َت ٰـ َم ٰى َف ُح ۟ا َم َط َب َل ُك
م ٱنِك و ا ا ِس و ِف ی ٱ ذكر التعدد بشكل رئيسي في قوله تعالى ِ ﴿ ":إ ِخ
َن َس ۤا َم ۡث َن ٰى َو ُث َل ٰـَث َو ُر َب ٰـَۖع َف ۡن ۡف ُت ۡم َأ اَّل َت ۡع ُل ۟ا َف َو َد ًة َأ ۡو َم َم َلَك ۡت َأ ۡیَم ٰـُن ُك ۚۡم َذ َك َأ ۡد َن ٰۤى اَّلَأ
ِل ا ِد و اِح ِإ ِخ ِّم ٱلِّن ِء
َت ُل ۟ا
3
ُع و و ﴾ "
وقد ربط الشرع التعدد بالعدل مشيرا إلى صعوبة العدل ولو حرص الرجل خاصة الناحية العاطفية
َو َل ْن َت ْس َت ُع َأ ْن َت ْع ُل َبْي َن َس َو َل ْو َح َر ْص ُت ْم َف اَل َت ُل ُك َّل َمْلْي َف َت َذ
ُر وَه ا ِم ي وا ا ِل ِد وا الِّن اِء ِط ي وا لقوله تعالى ﴿ :
َّن َّل َه َك َن َغ ُف َف َتَّتُق َك ُمْل َّل َق ْن ُت
4
وًر ا َر ِح يًم ا ﴾ ا َع ِة َو ِإ ْص ِل ُح وا َو وا ِإ ال ا
ثانيا :تعريف تعدد الزوجات في قانون األسرة الجزائري :
التعدد في قانون األسرة سلك مسلك الشريعة اإلسالمية ،حيث سمح به ونص عليه في املادة الثامنة
منه حيث جاء فيه "يسمح بالزواج بأكثر من زوجة واحدة في حدود الشريعة اإلسالمية متى وجد املبرر
الشرعي وتوفرت الشروط النية و العدل " ،كما يجب على الزوج إخبار الزوجة السابقة واملرأة التي
يريد الزواج منها ،وأن يقدم طلب لرئيس املحكمة للترخيص بالزواج .
يمكن لرئيس املحكمة أن يرخص بالزواج إذا تأكد من موافقتهما وأثبت الزوج املبرر الشرعي وقدرته
5
على توفير العدل والشروط الضرورية للحياة الزوجية
يتضح من هنا أن التعدد هو الزواج بأكثر من زوجة واحدة والبد أن يكون ذلك في حدود الشريعة
اإلسالمية ،لكن املشرع الجزائري لم يعرف التعدد ولكنه أضاف بعض الضوابط واإلجراءات والتي
1
) ( .محمد توفيق العطار ،بحث عن إحجام الشباب املثقف عن الزواج ،كلية األدب ،القاهرة 1962 ،
2
( ( .د .مصطفى السباعي ،المرأة بين الفقه والقانون ،ت 1964م ،ط1395: 4ه 1975-م ،المكتب اإلسالمي ،بيروت ،دمشق ،ص81
7
الغربية إلى هذا الحل فعال بعد الحروب الثالثينية سنة 1650م ،حيث اتخذ مجلس نومبرج قرار بأنه
3
يجوز للرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة
إن تعدد الزوجات هو العالج الناجع ملشكلة العانسات من النساء حيث يتيح للرجال الزواج بأكثر من
امرأة واحدة شرط أن يعدل بين زوجاته من حيث النفقة و املسكن و املعاشرة ،كما من حق املرأة أن
تجد لها زوجا يقوم على مصلحتها و يوفر لها كل متطلباتها و يحصنها من الشهوات املحرمة وترزق منه
بأوالد تقر بهم عينها
ثانيا :إعفاف للرجل
تتعدد األسباب التي يقدم فيها الزوج إلى إعادة الزواج ،فقد تكون له غريزة جنسية قوية ال تكفيه في
زوجة واحدة ،إما لكبر سنها أو لكراهيتها االتصال الجنسي أو لطول مدة عادتها الشهرية ومدة نفاسها،
2
فيكون الحل ملثل هذه األسباب التعدد أحسن من إقامة عالقة ال يحمد عقباها
قد يلجأ الرجل إلى تعدد الزوجات إلشباع رغباته الجنسية ،فالتعدد يعتبر حال ملن يعاني من الشهوة
الزائدة مما يحفظ املجتمع من الزنا إلى جانب أن طبيعة املرأة أنها تحيض وتمرض وتنفس وهي من
العوائق املانعة إلرضاء رغبة الزوج من الناحية الجنسية ،لذلك حلل له هللا الزواج بأكثر من زوجة
واحدة ألنه سبحانه وتعالى حرم الجماع في فترة الحيض لقوله تعالى َ ﴿ :و َي ْس َأ ُل وَن َك َع اَمْلِح ي ۖ ُق ْل
ِض ِن
َو اَل َتْق َر ُب ُه َّن َح َّت ٰى َي ْط ُه ْر َن َف َذ َت َط َّه ْر َن َف ْأ ُت ُه َّن ْن َح ْي ُث َس َء َمْل ُه َو َأ ًذ َف ْع َت ُل
ِم و ا ِإ ۖ و ۖ ي ا ي
ِّن ِف ِح ِض ا لا وا ى ا ِز
ُمْلَت َط َّت َن َّل َأ ُك َّل
َم َر ُم ال ُه ۚ ِإ َّن ال َه ُي ِح ُّب ال َّو اِب ي َو ُي ِح ُّب ا ِّه ِر يَن ﴾ 3وقد ثبت ذلك علميا .
فالتعدد قد يكون ضرورة مجتمعية وأخالقية ملنع الرجال والنساء من الوقوع في عالقة غير شرعية
ويضيق باب الحرام ويوسع باب الحالل ويحمي املجتمع من الفساد األخالقي ويساعد بذلك على غض
األبصار وحفظ الفروج والحد من البعد عن العفة ومحاربة الرذيلة
ثالثا :إعفاف املرأة
من خالل اإلحصائيات والدراسات تبين أن الرجال أقل عددا من النساء وأكثرهم تعرضا للموت في
جميع ميادين الحياة من حروب وحوادث املرور مما يتعرض الكثير من النساء ملوت أزواجهن إلى جانب
كثره الطالق فهو بذلك ضمان اجتماعي للنساء خاصة املطلقات منهن واألرامل اللواتي يفقدن من ينفق
عليهن فيجدن بالزواج سدا للحاجة وابتعاد عن تكفف الناس كل هذه أسباب تجعل من التعدد حال
إلعفاف املرأة نفسها من الوقوع في الفاحشة والزنا وحفظ بالتالي املجتمع من الفساد بزواج الرجل
3
) .صالح عبد الغني محمد ،وسائل اإلسالم في المحافظة على الحياة الزوجية ،الجزء الثالث ،مكتبة الدار العربية للكتاب ، 1998 ،ص 113-112
(
2
) .وهبة الزحيلي ،الفقه اإلسالمي وأدلته ،الجزء السابع ،الطبعة الثانية ،دار الفكر ،دمشق ،1985 ،ص ) 171
3
(سورة البقرة اآلية ) 222
8
بأكثر من امرأة يشبع غريزته ويحصن آمة من إيماء هللا ،لهذا التعدد أصبح ضرورة ملحة لتجنب
الفساد األخالقي واملشاكل االجتماعية التي تترتب عن كثرة النساء وقلة الرجال ،فمن مصلحة املجتمع
ومصلحة النساء بأنفسهن أن يكن ضرائر خير لهن من أن يعشن العمر كله عوانس محرومات من
1
الحياة الزوجية وما فيها من سكن ومودة وإحصان ومن نعمة األمومة
.
.
رابعا :تكثير نسل األمة:
أباح اإلسالم ورخص تعدد الزوجات وجعل له فائدة :فقد قال الليث حدثني جعفر بن ربيعة عن عبد
الرحمن قاس نعت النبي صلى هللا عليه وسلم أبا هريرة رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه
َن َأ َأَل ُط َف َّل َلَة َل َئ َل
وسلم قال " قاَل ُس ْي ماُن بُن داُو َد عليهما الَّس الُم " :و َّن ال ْي ع ى ِم ِة اْم َر ٍة ،أْو ِت ْس ٍع وِت ْس ِع ي ،
ُك ُّل ُه َّن َي ْأ تي بفا ُي جا ُد في َس بي الَّل ،فقاَل له صا ُب ُه :إْن شاَء الَّل ُه َ ،ف َل ْم َي ُق ْل :إْن شاَء الَّل ُه َ ،ف َل ْم
ِح ِل ِه ِه ِر ٍس
ُه َل ْن َء َّل َح َنْف ْت ٌة َد ٌة َأ اَّل
َيْح ِم ْل منهَّن إ اْم َر واِح ،جاَء بِش ِّق َر ٍل ،والذي ُس ُم َّم ٍد ب ِد ِه ،لو قا :إ شا ال ،
َي ُج
َن َّل ُف ًن َل
2
جاَه ُد وا في َس بيِل ال ِه ْر سا ا أْج َم ُع و ".
َت
أخرج أبو داوود من حديث معقل بن يسار رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال " َز َّو ُج وا
َك
الَو ُد وَد الَو لوَد ،فإني ُم اِث ٌر بكم األنبياَء يوَم القيامِة "
وقال تعالى في محكم تنزيله ﴿ :اَمْلاُل َو اْل َب ُن وَن يَن ُة اْل َح َي ا الُّد ْن َي اۖ َو اْل َب ا َي اُت الَّص ا َح اُت َخ ْي ٌر نَد َر َك
ِع ِّب ِل ِق ِة ِز
َو َز َك ّي ْذ َث َو ًب َو َخ ْي ٌر َأ َم اًل
ا
ِر ِإ ": تعالى لقوله وحيدا فردا يذره أال ربه السالم عليه زكريا دعا وقد ، 3
﴾ اا
َن َن َد َى َر ّب ُه َر َال َت َذ َف ًا َأ َت َخ ْل
4
ْر ِن ي ْر د َو ن ْي ُر ا َو اِر ِث ي " ِّب ا
وألن أغلب النساء يقفن عن اإلنجاب في سن األربعين غالبا لذلك فتعد فرصة للمرأة أن تكون أما حتى
ال تفوت عليها الفرصة وفرصة الرجل لينجب عددا كبيرا من األطفال ليكونوا عزوته في الدنيا وسندا
في كبره
2
( ) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ،لإلمام الحافظ احمد بن علي بن حجر العسقالني 852-883ه ،طبعة مزرية بفهرس أبجدي
بأسماء كتب صحيح البخاري الجزء السادس ،دار املعرفة ،بيروت لبنان ،حديث رقم 2819باب ، 56ص 23.
3
( سورة الكهف اآلية ) 46
4
( ( .سورة األنبياء ،اآلية 89
9
ويمكن أن تكون الزوجة عقيمة التلد ،أو مريضة والزوج راغب في إنجاب األوالد ،وفي الزوجة التي
تدير شؤون بيته .فهل من الخير أن يرضى الزوج بهذا الواقع األليم فيصطحب هذه العقيم دون أن
1
يولد له ،أم الخير في أن يفارقها وهي راغبة في املعاشرة فيؤذيها بالفراق ؟ !
وبذلك فالتعدد يحقق املساواة بين جميع النساء في حقهن بأن يكن أمهات وزوجات باإلضافة إلى أنه
يقلل من نسبة الطالق في حالة عقم املرأة ورغبة الرجل في أن يكون له أوالد من صلبه .
الفرع الثالث :شروط تعدد الزوجات
إن نظام تعدد الزوجات نظام سائد منذ القدم وقد كان مباحا دون قيود وجاء اإلسالم فعدله بتحديده
بأربعة نسوة واضعا له قيود وشروط أخرى أهمها العدل و القدرة على النفقة وعدم الجمع بين
املحارم كما جعل مخالفة هاته الشروط الفسخ وهذا ما أخذت به معظم التشريعات العربية التي
أضافت بدورها بعض الشروط من بينها املشرع الجزائري الذي أضاف شروط على الشروط التي جاءت
بها الشريعة اإلسالمية من بينها املبرر الشرعي وإعالم الزوجتين السابقة والالحقة بترخيص قضائي مع
منح الحق في التطليق أو الفسخ للزوجة التي لحقها ضرر من التعدد وسنتحدث في هذا الفرع عن أهم
الشروط التي جاءت بها الشريعة اإلسالمية وكذلك الشروط التي جاء بها القانون الجزائري
أوال :شروط تعدد الزوجات في الشريعة اإلسالمية
أباحت الشريعة اإلسالمية التعدد ليس إباحة مطلقة وإنما مقيدة وتلك القيود تجعله محصورا في
2
دائرة ضيقة فبمجرد خوف الجور والظلم يكون ذلك مانعا له
فللرجل شرعا أن يتزوج واحدة ومثنى وثالث ورباع ويجمع بينهن في عصمته في وقت واحد على أن ال
تكون بين زوجاته األربعة صلة قرابة تحرم هذا الزواج وعلى من تزوج بأكثر من إمرأة أن يعدل بينهن
بتوفير سبل العيش الكريم لهن بالتساوي وهي شروط جعلتها الشريعة اإلسالمية مقيدة للتعدد
سنفصل كل شرط على حدا فيما يلي:
-1تحديد العدد بأربع :
لقد حدد هللا سبحانه وتعالى تعدد الزوجات بمثنى وثالث ورباع كحد أقصى وال يجوز الزيادة فوق أربع
زوجات لقوله تعالى َ ﴿ ":و ْن ِخ ْف ُت ْم َأ اَّل ُتْق ِس ُط وا ي اْل َي َت اَم ٰى َف انِك ُح وا َم ا َط اَب َل ُك م ِّم َن الِّن َس اِء َم ْث َن ٰى
ِف ِإ
ُل َت اَّل َأ َن َأ َك َٰذ ُنُك
ْيَم ا ْم ۚ ِل ْد ٰى َأ ْت َلَك َأ ًة َد َف ُل َو ُثاَل َث َو ُر َب اَع َف ْن ْف ُت ْم َأ اَّل ْع
َت
3
ُع و وا﴾" ْو َم ا َم َو
ِد وا اِح ِإ ِخ
)( .عصام محمد شريف ،هذه زوجتي ،د ط ،دار اإليمان ،اإلسكندرية ،2006 ،ص 115
1
2
) ( .عبد الرحمن صدقي ،تعدد الزوجات بين الشريعة اإلسالمية والقانون ،مكتبة نهضة الشرق ،مصر ،سنة ،1980ص 72
3
( سورة النساء اآلية ) 03
10
إذا كان التعدد عند األمم السابقة مباح دون قيد وال عدد معين فأنزل هللا سبحانه وتعالى هذه اآلية
لتبين الحد األقصى لتعدد الزوجات
وفي حالة تزوج الرجل بخامسة وفي عصمته أربع من النسوة غيرها ،كان عقده عليها باطال وال يحل له
أن ينكحها وال يحل لها أن تعاشره ،ويجب التفريق بين هذا الرجل وهذه الزوجة الخامسة ،فإن كان
الرجل قد عقد على هذه الزوجة الخامسة ولم يدخل بها أو يختلي بها فال مهر لها وال عدة ،أما إذا كان
قد دخل بها فال يعد ذلك زنا يجب به الحد ،ولكن يعد دخوال بشبهة يجب به مهر املثل بشرط أال يزيد
على املسمى ،ويفرق بين الرجل وهذه املرأة ،وال يجوز لهذه املرأة أن تعقد زواجها على آخر إال بعد
انقضاء عدتها ،فإن عاد الرجل إلى الدخول بهذه املرأة بعد هذا التفريق وفي عصمته أربعة كان ذلك زنا
1
يستوجب العقوبة املقررة
وعلى غرار ذلك أمر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم الناس وأصحابه بعدم الزيادة فوق أربع ومن كان
عنده نسوة يفقن هذا ألزمه بأن يسرح ما زاد على ذلك لقوله صلى هللا عليه وسلم للحارث بن قيس بن
عميرة أألسدي الذي قال :أسلمت وعندي ثماني نسوة ،فذكرت للنبي صلى هللا عليه وسلم فقال
"اختر منهن أربعا" ،وعن ابن عمر أيضا ،أن غيالن ابن سلمه الثقفي أسلم وله عشرة نسوة في
2
الجاهلية فأسلمن فأمر النبي صلى هللا عليه وسلم "أن يتخير أربعا منهن"
ومن هنا يتجلى لنا أنه ال يجوز ألحد غير الرسول صلى هللا عليه وسلم الزواج بأكثر من أربع نساء
وذلك ردا على املشككين املدعين أن التعدد مباح إلى أكثر من أربع نسوة وحجتهم في ذلك زواج الرسول
صلى هللا عليه وسلم بأكثر من أربع نسوة وهو قول بعض الشيعة
-2القدرة على النفقة :
قيدت الشريعة اإلسالمية إباحة التعدد بضابط القدرة على اإلنفاق ،فإن لم يكن لدى الشخص من
أسباب الرزق ما يستطيع معه اإلنفاق على أكثر من زوجة ،فال يحل له شرعا اإلقدام على الزواج
بزوجة
أخرى والقدرة على اإلنفاق مرتبطة بالقدرة على العدل ،ذلك أن هذا األخير تصرف مادي يراد به أن
3
يكون للزوج القدرات املادية الكافية من أجل توفير الشروط الضرورية للحياة الزوجية
() .د .عبد الناصر توفيق العطار ،تعدد الزوجات في األديان ،ط ، 1دار اآلفات العربية ،القاهرة ،2002 ،ص 205،206
1
2
) ( ،اإلمام الحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى الترميذي ،الجامع الكبير،أبواب النكاح ،املجلد الثاني،ط ،1دار الغرب اإلسالمي بيروت
.ص1996. 422
3
)( جياللي تشوار،الثغرات التشريعية األسرية في بعض مسائل الزواج أية عدالة قانونية أم قضائية ؟،مجلة العلوم القانونية واإلدارية و السياسية
. .العدد ،10كلية الحقوق و العلوم السياسية ،جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان ،سنة ، 2010ص 114.
11
تشمل النفقة الطعام ،الشراب ،الكسوة ،املسكن ،األثاث الالزم ،ويجب أن تكون لدى الرجل الذي
1
يقدم على الزواج بادئ ذي بدء القدرة على اإلنفاق على املرأة التي سيتزوج بها
توجب النفقة على الزوجة أو الزوجات إذا كان الزواج صحيحا ويكون الزوج قادرا على اإلنفاق على كل
زوجاته بصورة عادلة بحيث ال يحل شرعا اإلقدام على الزواج سواء من واحدة أو من أكثر إال بتوافر
القدرة على مؤن الزواج وتكاليفه واالستمرار في أداء النفقة الواجبة للزوجة على الزوج لقوله تعالى ":
َأ َأ َف ُق َل َّل َض َف َن َل َق
2
﴿ الِّر َج اُل َّو اُم و َع ى الِّن َس اِء ِب َم ا َّض َل ال ُه َب ْع ُه ْم َع ٰى َب ْع ٍض َو ِب َم ا ن وا ِم ْن ْم َو اِل ِه ْم ﴾
وقال تعالى أيضا َ ﴿ ":أ ْس ُن وُه َّن ْن َح ْي ُث َس َك نُت م ن ُو ْج ُك ْم َو اَل ُت َض اُّر وُه َّن ُتَض ُق وا َع َل ْي َّن ۚ َو ن ُك َّن
ِه ِإ ِل ِّي ِد ِّم ِم ِك
َل َض َل َف َأ ُق ُأ اَل
و ِت َح ْم ٍل نِف وا َع ْي ِه َّن َح َّت ٰى َي ْع َن َح ْم ُه َّن ﴾. 3
إن تزوج الرجل بأكثر من امرأة واحدة وماينسلن من أوالد يحتاج إلى مصاريف وأموال كثيرة ،ال
يستطيعه
إال املقتدر من الرجال خاصة وأن من شروط التعدد هو العدل في اإلنفاق املادي خاصة أن األوالد
يحتاجون إلى التعليم والعالج في حالة املرض وما يحتاج من مصروفات فإذا لم يتمكن الرجل أو الزوج
من توفير ما تحتاج إليه زوجاته وأوالده كان عامال على انتشار الفقر وبالتالي الجهل وكثرة األمراض
-3العدل بين الزوجات :
أباح هللا التعدد وقيده بشروط أهمها العدل ،والعدل الظاهر هو املساواة بين الزوجات في اإلنفاق
َف ْن ْف ُت ْم َأ اَّل َت ْع ُل ْا َف َٰو َد ًة َأ ْو َم َم َلَك ْت
ا ِد و ِح واملساواة في املعاملة كزوجة من زوجاته ،قال تعالى ﴿ ِإ ِخ
َأ ْي َٰم ُن ُك ْم َٰذ َك َأ ْد َن ٰٓى َأ اَّل َت ُل ْا
ُع و و ﴾ ، 4غير أن العدل الذي يمكن للزوج تحقيقه هو العدل املادي كالتسوية ۚ ِل
في النفقة أما العدل املعنوي فال يمكنه تحقيقه وهو العدل القلبي واملحبة وهذا ليس املراد من العدل
الذي أوجبته الشريعة اإلسالمية ألن هذا ال يمكن لإلنسان التحكم فيه .
وبمعنى آخر فالعدل املطلوب هو العدل الظاهر الذي يقدر عليه الزوج ،وليس العدل في املودة واملحبة
فإن ذلك ال يستطيعه أحد ،وإتباعا لقدوتنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم الذي كان يقسم فيعدل
ويقول { .اللهم هذا قسمي فيما أملك ،فال تلمني فيما تملك وال املك } وهذا هو املعنى الذي يشير إليه
املشرع الجزائري من خالل صياغته للمادة الثامنة من قانون األسرة الجزائري وهي إثبات قدرته على
5
تحقيق العدل من الناحية املادية
1
( د علي ونيس ،تعدد الزوجات ،شريعة دائمة و سنة باقية ،د .ط ،الوكة ،د.م.ن ،د ،ت .ن ،ص) 21
2
( ( سورة النساء اآلية 34
3
( ( سورة الطالق اآلية 6
4
( (سورة النساء اآلية 3
5
)( مقران طارق عزيز،إجراءات تنظيم تعدد الزوجات في قانون األسرة الجزائري دراسة مقارنة بالشريعة اإلسالمية والقوانين الوضعية مذكرة
12
وعليه فمن لم يعدل بين زوجاته فيما يستطيع يترتب على عدم عدله اإلثم واستحقاقه العقاب في الدنيا
واآلخرة ففي الدنيا يعد من املمقوتين وعاقبة البغي تعجل في الدنيا ألن إخالله بهذا الشرط يعد ظلما
َذ َّظ َن َأ َل َش
وهللا ال يرضى لعباده الظلم لقوله تعالى ُ ﴿ :ي ْد ِخ ُل َم ن َي اُء ِف ي َر ْح َم ِتِه ۚ َو ال اِمِل ي َع َّد ُه ْم َع اًب ا
ًم 1
َأ
ِل ي ا﴾
- 4تحريم الجمع بين املحارم :
من شروط تعدد الزوجات عدم الجمع بين املحارم ،وبالتÌالي يحÌرم الجمÌع بين كل امÌرأتين بينهمÌا نسÌب أو
رض ÌÌاع فال يجÌÌ Ìوز الجمÌÌ Ìع بين األخÌÌ Ìتين أو بين العمÌÌ Ìة أو الخال ÌÌة لقول ÌÌه تعÌÌ Ìالى ُ ﴿ :ح َم ْت َع َل ْي ُك ْم ُأ َّم َه اُتُك ْم
ِّر
َو َب َن اُتُك ْم َو َأ َخ َو اُتُك ْم َو َع َّم اُتُك ْم َو َخ ااَل ُتُك ْم َو َب َن اُت اَأْل َو َب َن اُت اُأْل ْخ ِت َو ُأ َّم َه اُتُك ُم الاَّل ي َأ ْر َض ْع َن ُك ْم
ِت ِخ
َو َأ َخ َو اُتُك م َن الَّر َض اَع َو ُأ َّم َه اُت َس ا ُك ْم َو َر َب ا ُب ُك ُم الاَّل ي ي ُح ُج و ُك م ن َس ا ُك ُم الاَّل ي َد م َّن
ُت ْل َخ
ِب ِه ِت ِر ِّم ِّن ِئ ِت ِف ِئ ِن ِئ ِة ِّم
َف َّل َتُك ُن
ِإ ن ْم و وا
َد َخ ْل ُت م َّن َف اَل ُج َن اَح َع َل ْي ُك ْم َو َح اَل ُل َأ ْب َن ا ُك ُم اَّل يَن ْن َأ ْص اَل ُك ْم َو َأ ن َت ْج َم ُع وا َبْي َن اُأْل ْخ َت ْي اَّل َم ا َق ْد
ِن ِإ ِب ِذ ِم ِئ ِئ ِب ِه
َغ
َس َلَف َّن َه َن ُف
َك َّل
وًر ا َّر ِح يًم ا﴾ . 2 ۗ ِإ ال ا
ولقÌÌول رسÌÌول هللا صÌÌلى هللا عليÌÌه وسÌÌلم " :أنٰـٰـه ال يحٰـٰـل للرجٰـٰـل أن يجمٰـٰـع بين املرأة وعمتها أو خالتها ،
ف ٰـٰـإن نكح ام ٰـٰـرأة على عمتها أو خالتها أو العمٰـٰـة على بنت أخيها ،فنكاح األخرى منه مفسٰـٰـوخ " ، 3ذلÌÌك
بيانا ملا في القران الكريم ،وعليه يجب التفريق بين الرجل وزوجته الجديدة ،فإذا كان قد دخÌل بهÌا قبÌل
التفري ÌÌق فيجب له ÌÌا مه ÌÌر املث ÌÌل بحيث ال يزي ÌÌد عن املس ÌÌمى وال يجب ح ÌÌد الزن ÌÌا علي ÌÌه ،إذ يع ÌÌد ذل ÌÌك دخ ÌÌوال
بشبهة وبالتالي يثبت النسب ،وعلى هذا فاملرأة إن أرادت أن تتزوج بآخر فلهÌا أن تنتظÌر عÌدتها أمÌا إذا كان
الرجÌÌل لم يÌÌدخل بهÌÌا أو يختلي معهÌÌا فال مهÌÌر لهÌÌا وال عÌÌدة وال تثبت بينهمÌÌا حرمÌÌة املصÌÌاهرة وال يثبت نسÌÌب
وال يتوارثان . 4
نستنتج من هن ÌÌا أن الجم ÌÌع بين املح ÌÌارم ح ÌÌرام ش ÌÌرعا إلى ج ÌÌانب أن ÌÌه ق ÌÌد يع ÌÌد سببا في قط ÌÌع ص ÌÌلة ال ÌÌرحم
خاص ÌÌ Ìة في حال ÌÌ Ìة املش ÌÌ Ìاكل والشجارات بين الزوج ÌÌ Ìات ألن كل زوج ÌÌ Ìة تعم ÌÌ Ìل على كس ÌÌ Ìب قلب زوجه ÌÌ Ìا على
حساب األخرى إلى جانب الغيرة بين الضرائر وهذا ما قد يحدث شقاقا بين األختين أو بين البنت وعمتهÌÌا
أو خالتهÌÌا وهÌÌذا يتنÌÌافى و الغايÌÌة من الÌÌزواج املبÌÌني على املودة والرحمÌÌة لقولÌÌه تعÌÌالى َ ﴿ :و ْن آَي ا َأ ْن َخ َل َق
ِت ِه ِم
متطلبات نيل شهادة الماستر في الحقوق ،جامعة محمد خيضر بسكرة ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم الحقوق ، 2015-2014 ،ص .61من
مكملة
1
( (سورة اإلنسان اآلية 31
2
) (سورة النساء اآلية 23
3
) .اإلمام الحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى الترميذي ،مرجع سابق ،ص ) 420
4
) ( .د .عبد الناصر توفيق العطار ،مرجع سابق ،ص 216 ،215
13
َل ُك م ْن َأ نُف ُك ْم َأ ْز َو اًج ا َت ْس ُك ُن وا َل ْيَه ا َو َج َع َل َب ْي َن ُك م َّم َو َّد ًة َو َر ْح َم ًة ۚ َّن ي َٰذ َك آَل َي اٍت َق ْو
ِّل ٍم ِإ ِف ِل ِإ ِّل ِس ِّم
َتَف َّك َن
َي ُر و ﴾. 1
ثانيا :شروط التعدد في قانون األسرة الجزائري
باإلضافة إلى الضوابط الشرعية ،أباح املشرع الجزائري التعدد كمبدأ عام وقيده بضرورة توفر
شروط قانونية أشار إليها في نص املادة 08من قانون األسرة الجزائر.
يمكن لرئيس املحكمة إن يرخص بالزواج الجديد إذا تأكد من موافقتهما وأثبت الزوج املبرر الشرعي
2
وقدرته على توفير العدل والشروط الضرورية للحياة الزوجية
-1املبرر الشرعي :
اشترط املشرع الجزائري في التعدد وجوب توفر املبرر الشرعي ،حسب األمر 05/02لكن لم يبين ما
3
هو املبرر الشرعي مما يجعل األمر موكال لقضاة املوضوع لتحديد املقصود من هذه العبارة العامة
إذن املبرر الشرعي يترك في الغالب تقديره للقاضي ألنه معيار مرن وشخصي كعقم املرأة وحاجة
الزوج لإلنجاب أو مرض الزوجة وعجزها على القيام بواجباتها الزوجية وشؤون البيت غير أننا إذا
أردنا التحقيق والتدقيق فإن إشارة املادة 08إلباحة التعدد إذا توفر املبرر الشرعي ليس على إطالقه
كما قد يفهم من ظاهر النص ،بل هي مقيدة باملنشور الوزاري رقم 84/102الصادر في ، 23/12/1984
الذي يحدد املبرر الشرعي في املرض املزمن والعقم على سبيل الحصر ،مما يجعل من عبارة املبرر
4
الشرعي يقصد بها املبرر القانوني وليس الشرعي باملفهوم الواسع للشريعة اإلسالمية
لكن االعتراض الذي يقع هو أن القاضي ال يستطيع إدراك كل مالبسات التعدد الحقيقة إذ قد ال يطلع
5
على السبب الحقيقي ويخفي الناس عادة عنه ذلك السبب
و من املبررات األخرى التي يمكن أن تكون سببا في التعدد وهي زيادة الشهوة عند الرجل وعدم
اكتفائه بزوجة واحدة هو كراهية الزوج لزوجته .
-2توفر شروط النية والعدل :
ويقصد به العدل الظاهر الذي يمكن للزوج توفيره واملتمثل في العدل و النفقة واملسكن أي من الناحية
املادية وليس املودة والحب أو ما يعرف بالناحية املعنوية حيث يجب على الزوج تقديم ما يثبت قدرته
1
( ( سورة الروم اآلية 21
2
) ،قانون رقم 84/11مؤرخ في 09يونيو 1984والمتضمن قانون األسرة ،المعدل والمتمم باألمر رقم 05/02المؤرخ في 27فبراير ) 2005
3
)( .بلحاج العربي ،الوجيز في شرح قانون األسرة الجزائري ،ج ،1ط ،6ديوان المطبوعات الجامعية ،2010 ،ص190
4 1
مقران طارق عبد العزيز ،إجراءات تنظيم تعدد الزوجات في قانون األسرة الجزائري دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص( ) 49
5
() حسين مهداوي ،دراسة نقدية للتعديالت الواردة على قانون األسرة في مسائل الزواج وأثاره ،رسالة ماجستير ،جامعة أبو بكر بلقايد ،كلية
الحقوق والعلوم السياسية ،تلمسان ،الجزائر ، 2010 ،ص60
14
على النفقة من خالل عقد امللكية أو عقد اإليجار أو كشف الراتب أو السجل التجاري وغيرها وأن
1
يصرح بنيته في توفير العدل من الجانب املعنوي بين زوجاته
-3إعالم الزوجتين السابقة والالحقة :
نصت الفقرة الثانية من املادة الثامنة من ق .أ .ج على شرط آخر يقيد التعدد وهو قيد إعالم
الزوجتين مسبقا بالزواج الجديد كما يلي ":يجب على الزوج إخبار الزوجة السابقة واملرأة التي يقبل
على الزواج بها ".....كما يشترط أيضا موافقة الزوجتين وهذا ما جاءت به الفقرة الثالثة من نفس املادة
التي تنص على ":يمكن لرئيس املحكمة إن يرخص بالزواج الجديد إذا تأكد من موافقتهما وأثبت الزوج
2
املبرر الشرعي "
- 4الترخيص القضائي بالتعدد:
ألزم القانون في حالة رغبة الزوج في إعادة الزواج عليه الحصول على ترخيص من رئيس املحكمة التي
يقع في دائرة اختصاصها مقر مسكن الزوجية والذي يرخص بالزواج الجديد املكرر بعد التأكد من
موافقة الزوجة األولى واملرأة التي يرغب في الزواج بها والتأكد كذلك من توفر املبرر شرعي وقدرة
الزوج على توفير العدل والشروط الضرورية للحياة الزوجية ، 3وحضور الزوجتين ملعرفة رأيهما
والتوقيع على الترخيص باملوافقة على الزواج الجديد .
.
املطلب الثاني :حكم تعدد الزوجات ودليل مشروعيته
تعدد الزوجات هو من األحكام الشرعية التي أباحها اإلسالم في ظروف محددة وقد أثار هذا الحكم
جدال واسعا عبر التاريخ واختلفت اآلراء بين مؤيد ومعارض له وقد أباح اإلسالم تعدد الزوجات
بشروط ،والتعدد ليس واجبا على كل مسلم بل هو رخصة شرعية
الفرع األول :حكم تعدد الزوجات
إباحة التعدد للرجل في الشريعة اإلسالمية أن يتزوج واحدة أو اثنين أو ثالثا أو أربعا وأن يكون له في
وقت واحد هذا العدد من الزوجات وال يجوز له الزيادة على األربعة وبهذا قال املفسرون والفقهاء
وأجمع عليه املسلمون وال خالف فيه .
1
بن شويخ رشيد ،شرح قانون األسرة الجزائري املعدل ،دراسة مقارنة لبعض التشريعات العربية ،ط ،1دار الخلدونية ،الجزائر ) ،
)2008 ،
.ص118
2
( ( .المادة 8من القانون رقم ،11-84مرجع سابق
3
خوله كلفالي،تقييم نظام تعدد الزوجات وفقا لتعديالت قانون األسرة الجزائري،مجلة املنتدى القانوني،العدد الرابع،بسكرة) ،
) ،2007ص9
15
فاألصل في الزواج أن يكتفي الرجل املسلم بامرأة واحدة تكون سكن له ويكون سكن لها وقد أقر
اإلسالم التعدد في ظروف استثنائية خاصة ،فجعل مجرد توقع اإلنسان عدم العدل من نفسه كاف
ملنع التعدد لذلك كان لنا أن نحكم بأن الذواقين الذين يتزوجون كثيرا ملجرد التنقل في التمتع أو ألجل
يغيض األولى ويهينها أن هذا محرم في اإلسالم ملا فيه من ظلم وهو خراب للبيوت ولألمم. 1
أوال :من حيث العدد الجائز
ْل َي َت َم ٰى َف ُح َم َط َب َل ُك َن َس َم ْث َن ٰى َو ُثاَل َث َو ْن ْف ُت ْم َأ اَّل ُتْق ُط
َو ُر َب اَع ۖ م ِّم الِّن ِءا ِس وا ِف ي ا ا انِك وا ا ا قال تعالى ِ ﴿ :إ ِخ
َف ْن ْف ُت ْم َأ اَّل َت ْع ُل َف َو َد ًة َأ ْو َم َم َلَك ْت َأ ْيَم ُنُك ْم َٰذ َك َأ ْد َن ٰى َأ اَّل َت ُل
2
ُع و وا﴾ ا ۚ ِل ا ِد وا اِح ِإ ِخ
من خالل هاته اآلية الكريمة يتضح لنا أنه ال يجوز الجمع بين أكثر من أربعة نساء وإذا طلق الرجل
إحدى
زوجاته األربع ال يجوز له الزواج بالخامسة حتى تنتهي عدة املطلقة
َم ْث َن ٰى َو ُثاَل َث
َو ُر َب اَع " وقال العلي بن قال البخاري رحمه هللا" ،باب ال يتزوج أكثر من أربع" لقوله تعالى ":
:الحسين رضي هللا عنهما " يعني مثنى أو ثالث أو رباع ،كما قال .قال ابن عباس ":ما زاد على أربع فهو
3
حرام كأمه وابنته وأخته "
وقال الشافعي" حدثنا بعض أصحابنا عن أبي اليزناد عن عبد املجيد بن سهل عن عوف بن حارث عن
نوفل بن معاوية أنه أسلم وتحته خمس نسوة ،فقال له النبي صلى هللا عليه وسلم :أمسك أربعا
وفارق
األخرى". 4
فهذه األحاديث تدل على أن أقصى عدد يحل الجمع بينه من النساء هو أربع ،وهذا ما ذهب
5
إليه جمهور الفقهاء
ثانيا :من حيث واجبات الزوج:
بعÌÌ Ìد أن أقÌÌ Ìر التشÌÌ Ìريع اإلسÌÌ Ìالمي تعÌÌ Ìدد الزوجÌÌ Ìات وحÌÌ Ìدده بÌÌ Ìأربع ،جعلÌÌ Ìه مرتبطÌÌ Ìا بالعÌÌ Ìدل واملسÌÌ Ìاواة بين
الزوجÌÌات ،والتعÌÌدد ال يبÌÌاح إال عنÌÌد الثقÌÌة بإقامÌÌة العÌÌدل واألمن من الجÌÌور،لقولÌÌه تعÌÌالى ":فÌÌإن خفتم أال
تعÌÌدلوا فواحÌÌدة أو مÌÌا ملكت أيمÌÌانكم "،فمن لم يتأكÌÌد من قدرتÌÌه على العÌÌدل لم يجÌÌز لÌÌه شÌÌرعا أن يÌÌتزوج
1
( األستاذ محمد رشيد رضا ،تفسير املنار ،ط، 1مصر 1325ه ،ج ، 4ص ) 348
2
( سورة النساء اآلية ) 3
3
( ( .صحيح البخاري ،كتاب النكاح ،باب ال يتزوج أكثر من أربع ،ص4810 .
4
( ( .رواه الترميذي ( )3/435وأبن ماجة ( )1/628وصححه الشيخ األلباني في اإلرواء ()6/291
5
( ( .إحسان بن محمد عايش العبثي ،أحكام التعدد في ضوء الكتاب والسنة ،ط ،1شركة مطابع األرز 1418-1997 ،ه ،ص22- 21
16
بÌÌأكثر من واحÌÌدة لقولÌÌه صÌÌلى هللا عليÌÌه وسÌÌلم ":من كانت لÌÌه امرأتÌÌان فمÌÌال إلى إحÌÌداهما جÌÌاء يÌÌوم القيامÌÌة
1
وأحد شقيه مائل "
فالعÌÌدل في املحبÌÌة والجمÌÌاع فÌÌيرى عامÌÌة العلمÌÌاء على عÌÌدم وجوبÌÌه ،ألنÌÌه ليس في ملكÌÌه ،ولهÌÌذا قÌÌال ابن قيم
في الهدي ( " : ) 5/151ال تجب التسوية بين النساء في املحبÌÌة فإنهÌÌا ال تملÌك ،وكانت عائشÌة رضي هللا عنهÌÌا
أحب نسÌÌائه إليÌÌه ،وأخÌÌذ من هÌÌذا أنÌÌه ال تجب التسÌÌوية بينهن في الÌÌوطء ،ألنÌÌه موقÌÌوف على املحبÌÌة وامليÌÌل،
وهي بيد مقلب القلوب ،وفي هذا تفصيل وهو أنه إن تركه لعدم الداعي إليه وعدم االنتشار فهو معذور،
وإن تركÌÌه مÌÌع الÌÌداعي إليÌÌه ولكن داعيÌÌة إلى الضÌÌرة أقÌÌوى ،فهÌÌذا ممÌÌا يÌÌدخل تحت قدرتÌÌه وملكÌÌه ،فÌÌإن أدى
2
الواجب عليه منه لم يبق لها حق ولم يلزمه التسوية ،وإن ترك الواجب منه فلها املطالبة به ".
ثالثا :حق الزوجة الجديدة في البيت
إذا تزوج جديدة وكانت بكر لها الحق في املبيت عندها أسبوعا نافلة بحيث ال يحتسب عليها ،وإن
كانت ثيبا لها الحق في املبيت ثالث ليال ثم يقسم ،فإن أرادت الثيب الجديد أن يمكث عندها سبعا فلها
ذلك إذا رضي الزوج ،فان سبع لها سبع لسائر زوجاته ،ففي الصحيحين عن أنس رضي هللا عنه
قال :من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعا وقسم ،وإذا تزوج الثيب أقام عندها
ثالثا ثم قسم قال أبو قالبة الراوي عن أنس :لو شئت لقلت :إن إنسا رفعه إلى النبي صلى هللا عليه
وسلم وفي صحيح مسلم أن النبي صلى هللا عليه وسلم ،ملا تزوج أم سلمه أقام عندها ثالثا فأراد أن
يخرج فأخذت بثوبه فقال لها "انه ليس بك على أهلك هوان ،إن شئت سبعت لك ،وإن سبعت لك
3
سبعت لنسائي ،وإن شئت ثلثت ثم ردت قالت :ثلث ".
وبالتالي فالسنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا ،ثم قسم وإذا تزوج الثيب على البكر ،أقام
عندها ثالثا ثم قسم وللزوجة أن تتنازل عن نصيبها لضرتها.
هل للزوج املسافر أن يختار من تسافر معه من زوجاته؟
-1الحنفية :للزوج الذي يريد السفر إلى جهة أن يختار زوجاته من تسافر معه ألنه هو الذي يقدر
مشقة السفر ويعرف الصالح له منهن وهناك من قال من الحنفية أن القرعة أحب تطييبا لخاطر
الزوجات.
-2املالكية :للزوج أن يختار من يسافر بها من بين زوجاته بدون قرعة وسواء كان السفر من أجل
الحج والغزو أو ال لكن بعضهم حمل هذا ما إذا كان السفر لغير الحج والغزو ،فإذا كان لهما وجب
القرعة ملا فيهما من ميزة توجب التزاحم..
1
) ( .رواه ابن ماجة ،أبو داوود الترميذي
2
( ( .عبد هللا بن مانع العتيبي ،من أحكام تعدد الزوجات ،دار الوطن للنشر ،د س ،ص06
3
) ( .عبد هللا بن مانع العتيبي ،مرجع سابق ص10.
17
-3الشافعية :قالوا إذا سافر سفرا قصيرا لغير نقله من البالد إلى بلد آخر فإذا يصلح له أن يأخذ
بعض نسائه ويترك البعض بشرط إجراء القرعة بينهن ومن خرج سهمها أخذها حتما وأن يكون السفر
مباحا وقضاء املدة التي يقطعها مع من يأخذ من الجهة التي سافر إليها بشرط أن يقيم مدة تقطع السفر
وتوجه اإلقامة.
-4الحنابلة :قالوا إذا سافر املتزوج بأكثر من واحدة لغير نقله من بلد إلى بلد أخرى سواء كان السفر
طويال أو قصيرا و أراد أن يأخذ معه بعض نسائه وجب عليه أن يقرع بينهن فمن خرجت لها القرعة
1
يجوز له أن يأخذ غيرها معها.
الفرع الثاني :دليل مشروعيته
يعد تعدد الزوجات مباح في الشريعة اإلسالمية و الدالئل على ذلك كثيرة سواء من القرآن الكريم أو
السنة النبوية الشريفة أو بإجماع الصحابة و العلماء على مشروعيته .
أوال :من القران الكريم
ج ÌÌاء النص الق ÌÌرآني بص ÌÌيغة األم ÌÌر ال ÌÌتي أص ÌÌلها للوج ÌÌوب حيث ق ÌÌال هللا تع ÌÌالى ":ف ٰـٰـآنكحوا"،لكن بع ÌÌد ذل ÌÌك
َط َل ُك
انصÌرف فيهÌا األمÌر من الوجÌوب إلى اإلباحÌة 2في قولÌه تعÌالى َ ":م ا اَب م ِّم َن الِّن َس اِء " سÌورة النسÌاء اآليÌة
.03
ورد في الكتاب الكريم نصا صريحا يبيح التعدد وحدده في أربع نساء فقط في قولÌÌه تعÌÌالى َ ﴿ ":و ْن ْف ُت ْم
ِإ ِخ
ْل َي َت َم ٰى َف ُح َم َط َب َل ُك َن َس َم ْث َن ٰى َو ُثاَل َث َو ُر َب َع َف ْن ْف ُت ْم َأ اَّل َت ُل َأ اَّل ُتْق ُط
ْع ِد وا ِإ ِخ ا ا لا
ِّم ِّن ِء م ا ا وا ِك ان ا ا ي ِف وا ِس
َو َل َت ْس َت ُع َأ ُل َت اَّل َأ َن َأ َٰذ ُنُك َأ
َف َو اِح َد ْو َم ا َم ْت ْيَم ا ْم ِل َك ْد ٰى
َلَك َأ ًة
ُع و وا﴾" ،3وج ÌÌاء في قول ÌÌه تع ÌÌالى ﴿ ":ن ِط ي وا ن
َت ْع ُل وا َبْي َن ال َس ا َو َل ْو َح َر ْص ُت ْم َف اَل َت يُل وا ُك َّل اَمْلْي َف َت َذ ُر وَه ا َك اُمْلَع َّل َق َو ن ُت ْص ُح وا َو َتَّتُق وا َف َّن
ِإ ِل ِة ِإ ِل ِم ِّن ِء ِد
ُف َغ َن َك َّل
4
وًر ا َّر ِح يًم ا﴾ ال َه ا
من خالل هاتين اآلتين نجÌد أن إباحÌة التعÌدد حÌتى أربع نسÌاء فقÌط مقÌترن بشÌرط العÌدل بين الزوجÌات في
اإلنفاق واملبيت ألن العدل في امليل القلبي واملحبة والجماع غير مستطاع وقد كان رسول هللا يعدل
كل العدل في األمور املادية بين زوجاته ولكنه يميل عاطفيا إلى السيدة عائشة رضي هللا عنها
و من هنا يتضح لنا أن تعدد الزوجات أمر مباح ألن ذلك ورد في القران الكريم ،وهذا ما أكدته السنة
النبوية الشريفة
ثانيا :من السنة النبوية الشريفة :
1
( ( .عبد الرحمان بن محمد عوض الجزائري ،كتاب الفقه على المذاهب األربعة ،دار ابن الحزم للنشر والتوزيع بيروت ،ط ، 2001 ،1ص 946.
2
) ( .مصطفى العدوي ،جامع أحكام النساء ،الجزء الثالث ،الطبعة األولى ،دار السنة ،السعودية ، 1990 ،ص449
3
)سورة النساء اآلية ) 3
4
) ( .سورة النساء اآلية 129
18
إن الرسول صلى هللا عليه وسلم عدد في زوجاته إال انه لم يقتصر على أربع زوجات ألن في ذلك
خصوصية له دون سائر املسلمين لحكم بليغة ،من تعليمية و اجتماعية و تشريعية وسياسية
فاإلقتداء بفعل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في املباحات مشروع ،ولكن في غير ما اختصه هللا من
دون املؤمنين إن اإلباحة في التعدد مع التقيد بأربعة نساء كما جاء على لسان بعض الصحابة حيث قال
،نوفل بن معاوية ":أسلمت وعندي خمس نسوة فذكرت ذلك للنبي صلى هللا عليه وسلم فقال :فارق
واحدة و أمسك منهن أربعا". 1
وقال غيالن بن أميمه الثقفي ،عن ابن عمر رضي هللا عنهما " أن غيالن ابن سلمة الثقفي أسلم وتحته
عشرة نسوة ،فقال له النبي صلى هللا عليه وسلم ":خذ منهن أربعا" . 2
يتضح من ذلك أن السنة النبوية الشريفة أباحت التعدد في حدود أربع نساء فقط أو أقل من ذلك
ولقد أجمع علماء األمة على هذا الرأي ..
ثالثا :من اإلجماع :
لقد اتفق الصحابة والتابعين وجميع فقهاء املسلمين في مختلف عصور اإلسالم على جواز التعدد
بالشروط الشرعية الواضحة . 3
يتضح من هذا أن املسلمين صاروا من أقدم عصورهم على نظام يستبيحون فيه بالتعدد كما أباحته
الشريعة ولم يجدوا في ذلك حرجا. 4
.
نستخلص من هذا أن لكل مسلم الحق في التعدد على أن ال يزيد عدد الزوجات عن أربع نساء مع
ضرورة العدل بينهن وال يجوز له الزواج بالخامسة ومن تزوج خامسة وعنده أربع عليه الحد إن كان
عاملا هذا ما ذهب إليه اإلمام مالك والشافعي ،وقيل إن كان عاملا عليه الرجم وإن كان جاهال عليه
الجلد وقد تبين من هنا أن مشروعية التعدد جاءت في الكتاب والسنة وإجماع الفقهاء و األمة
اإلسالمية
رابعا :مشروعية تعدد في قانون األسرة الجزائري
1
محمد ابن إسماعيل األمير الصنعاني ،السالم املوصلة إلى بلوغ املرام ،حققه محمد صبحي حسن حالق ،كتاب النكاح ،باب الكفاءة ) )
الحديث ،الجزء السادس الطبعة الثانية ،دار ابن الجوزي ،السعودية 1461،ه ص 68والخيار
2
اخرجه أبي عبد هللا محمد بن يزيد القزويني الشهير بابن ماجة ( يرمز له الحقا بابن ماجة ) ،عن أبي عمر رضي هللا عنه ،سنن ابن ماجة
، ) ( ،كتاب النكاح ،باب الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة ،ح ر ،1953حديث صحيح ،الطبعة األولى ،مكتبة المعارف ،السعودية
.بدون سنة النشر ،ص 338
3
رشيد شحاتة أبو زيد ،العنف ضد املرأة وكيفية مواجهته في ضوء أحكام الفقه اإلسالمي ،الطبعة األولى ،مكتبة الوفاء القانونية )( ،
،2011ص 256مصر
4
) محمد أبو زهرة ،محاضرات في عقد الزواج و أثاره ،دار الفكر العربي ،مصر ،1971 ،ص) 136
19
نص املشرع الجزائري تماشيا مع أحكام الفقه اإلسالمي على أن التعدد هو حالة استثنائية يسمح به
عند الضرورة ،في حدود الشريعة اإلسالمية . 1
تعدد الزوجات دراسة مقارنة ما بين الشريعة اإلسالمية والقانون
وعلى كل حال فإنه لم يكن لقانون األسرة الجزائري أن يخالف الشريعة اإلسالمية لذلك نص في
املادة 8ق .أ .ج يسمح بالزواج بأكثر من زوجة واحدة في حدود الشريعة اإلسالمية متى وجد املبرر
2
الشرعي وتوفرت شروط ،النية والعدل ،و يتم ذلك بعد علم كل من السابقة والالحقة.
يتبين لنا من تحليل ما تضمنته املادة أن قانون األسرة يتميز بثالث مبادئ هامة:
-1اإلبقاء على نظام تعدد الزوجات كما حددته الشريعة اإلسالمية.
2-وضع شروط لحماية هذا املبدأ ووضع قاعدة لضمان حسن تطبيقها
-3أما الثالث يتعلق بما يمكن القيام به عند مخالفة هذه الشروط وبالتالي فقانون األسرة الجزائري
حافظ على احترام القواعد العامة الثابتة للشريعة اإلسالمية وعلى احترام مشاعر املواطنين املتمسكين
بمقومات وحدتهم ومكونات شخصيتهم العربية اإلسالمية دون أن يجاري أولئك الذين انساقوا وراء
ماديات الدنيا من غير أن يجهدوا أنفسهم في البحث في أعماق اإلسالم وحكمة هللا في شؤون خلقه وهو
3
بذلك يكون قد اقر بأن للرجل الحق في التزوج بأكثر من زوجة واحدة في حدود شريعة اإلسالمية.
املطلب الثالث :زوجات النبي صلى هللا عليه وسلم والحكمة من زواجه بهن
أحل هللا التعدد وحدده بأربعة نساء فقط مع اشتراط العدل بين نسائه وأال يقتصر على واحدة لكن
هللا عزوجل خص النبي صلى هللا عليه وسلم بشيء من دون املؤمنين وهو أن أباح له ماعنده من
الزوجات الالئي تزوجهن ووجب عليه أال يطلقهن وال أن يستبدل بهن من أزواج يبقين في ذمتهن وال
يبدل واحدة
.
َس ُء َب ْع ُد َو اَل َأ َت َب َّد َل َّن ْن َأ ْز َو َو َل ْو َأ ْع َج َب َك ُح ْس ُن ُه َّن اَّل َي ُّل َل َك اَّل
ِإ اٍج ِب ِه ِم ن الِّن ا ِم ن
بأخرى لقوله تعالى﴿ ِح
4 َم َم َلَك ْت َي ُنَك َو َك َن
ِّل َش ْي ٍء َّر ِق يًب ا﴾
ِم ي ۗ ا
ُك
ا الَّل ُه َع َل ٰى
وذلك ألن زوجات النبي صلى هللا عليه وسلم لهن مكانة خاصة باعتبارهن أمهات املؤمنين وقد حرم
َو َم َك َن َل ُك ْم َأ ُتْؤ ُذ َر ُس َل َّل َو اَل
ن وا و ال ِه عليهن الزواج بعد الرسول صلى هللا عليه وسلم لقوله تعالى"﴿ ا ا
1
) العربي بلحاج ،الوجيز في شرح قانون األسرة الجزائري ،ديوان املطبوعات الجامعية ،الجزائر، 2012 ،ص ) 188
2
) ( انظر لقانون األسرة الجزائري
3
( (د.فضيل سعد مرجع سابق ص 32.31
4
( (سورة األحزاب اآلية 52
20
َّل َٰذ ُك َك َن َأ َأ ْز َأ َت
ن نِك ُح وا َو اَج ُه ِم ن َب ْع ِد ِه َب ًد اۚ ِإ َّن ِل ْم ا ِع نَد ال ِه َع ِظ يًم ا﴾ 1فإذا طلق فوق األربعة منهن سحب
منهن الشرف الذي اكتسبنه من زواجهن منه عليه الصالة والسالم لهذا اقتضت الحكمة اإللهية إن
يبقين جميعا زوجات له خصوصية للرسول الكريم واستثناء من القاعدة وتجدر اإلشارة إلى الحكمة
من زواجه بكل واحدة من زوجاته
الفرع األول :زوجات النبي صلى هللا عليه وسلم
توفي النبي صلى هللا عليه وسلم وفي عصمته تسع زوجات وزواجه عليه الصالة والسالم بهذا العدد تعد
خصوصية له دون سائر املسلمين وال يجوز إتباعه في ذلك ألن زواجه منهن كان لحكمة من هللا وبأمره
في بعض زيجاته كزواجه من السيدة زينت بنت جحش رضي هللا عنها إلبطال التبني وزواجه من
السيدة عائشة رضي هللا عنها عن طريق رؤية في منامه .
-أوال :زواجه من السيدة خديجة رضي هللا عنها
السيدة خديجة هي أول زوجة للنبي صلى هللا عليه وسلم وهي من أشراف سيدات مكة وكانت أعقل
2
العقالء ،وفضلى الفواضل ،حتى كانت تلقب في عهد الجاهلية بالطاهرة
وكان عمرها وقت الزواج أربعين عاما وهي أرملة وعمر النبي خمسا وعشرين عاما وعاشا إلى أن توفيت
رضي هللا عنها عن عمر ناهز الخامسة والستين وعمره عليه الصالة والسالم خمسين سنة ولم يتزوج
أية امرأة أخرى في حياتها ،عرف العام الذي توفيت فيه السيدة خديجة عام الحزن ألن الرسول صلى
هللا عليه وسلم فقد أيضا عمه أبو طالب الذي كان بدوره يحنوا عليه ويشد من أزره وهكذا بقى
الرسول صلى هللا عليه وسلم وحيدا من ناحية األسرة .
ثانيا -زواجه من سوده بنت زمعة رضي هللا عنها
هي ثاني زوجات الرسول صلى هللا عليه وسلم التي كانت أرملة متقدمة في السن ،هاجرت مع زوجها
السكران بن عمرو بن عبد شمس إلى الحبشة ،مع جماعة من املسلمين واملسلمات ،فرارا عن بلدهم
( مكة املكرمة ) لئال يحدق بهم البالء وأذى قريش أكثر ..فأكثر ، ..وفي الرجوع فقدت زوجها في بعض
الطريق ،إذ مات قبل إن يوافي البلد الحرام وعند ذلك خسرت ركنها الركين ومالذها القويم ،ولم تجد
رجال آخر من بين املسلمين يمكنه إيواؤها كزوجة كريمة ،وعند ذلك أحبت إن تعيش في كنف
3
الرسول ،فسألته إن يتزوجها فما كان منه إال القبول استجابة إنسانية رحيمة
ثالثا -زواجه من عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي هللا عنهما
1
( ( سورة األحزاب اآلية 53
2
( كرم حلمي فرحات ،تعدد الزوجات في األديان ،دار األفاق العربية ،ط ،2002 ، 1ص) 99.98
3
) ( .مجتبي بن المهدي الحسيني الشيرازي ،فلسفة تعدد زوجات الرسول (ص) ،وقفية األمير غازي للفكر القرآني ،العراق -كربالء ،ص6
21
كان أبوها من أوائل الذين أسلموا وقد ألقى هللا حب أبي بكر في قلب الرسول صلى هللا عليه وسلم
فأحبت الرسول حبا جما وقد كانت من أحب الناس إليه ولقد حفظت عائشة لصغر سنها أكثر سنه
الرسول صلى هللا عليه وسلم وأحاديثه وتعد في مقدمة من روى عنهم فقد روت عنه 2210حديثا من
أصل حوالي 3000حديث وبالتالي فهي صاحبة األسهم األكبر في رواية الحديث وهي البكر الوحيدة من
بين جميع نسائه اللواتي دخل بهن عليه الصالة والسالم إلى جانب أنها كانت ذكية ودخل النبي بها أول
1
الهجرة وعاشت بعده حتى سنة 58ه
رابعا -زواجه من حفصة بنت عمر ابن الخطاب رضي هللا عنهما
تزوجها النبي صلى هللا عليه وسلم في السنة الثالثة من الهجرة بعد وفاة زوجها في غزوة بدر ،لحسرة في
قلب عمر بعد أن عرضها على كل من أبي بكر وعثمان بن عفان رضي هللا عنهما فسكتوا فما أكرم
سياسته صلى هللا عليه وسلم وما أعظم وفاؤه للمخلصين وهو زواج يدل على البر والرحمة وبعد النظر
2
وسمو الخلق بعيدا كل البعد عن الشهوة وحب النساء
خامسا -زواجه من زينب بنت خزيمة رضي هللا عنها
تزوجها الرسول صلى هللا عليه وسلم بعد مقتل زوجها في معركة أحد وكانت من أفضليات النساء حتى
كانوا يدعونها أم املساكين لبرها بهم تزوجها وهي بنت 60سنه من العمر ولم يدعها أرمله تقاسي الذل
3
بعد مقتل زوجها وقد ماتت في حياته
سادسا -زواجه من هند بنت أميمة رضي هللا عنها
بعد مقتل زوجها في غزوة احد وكان عندها من األوالد أربعة هم :برة ،سلمة،عمر ودرة فأراد أن
يكون النبي صلى هللا عليه وسلم عونا لها وأليتامها فلما خطبها قالت :إني مسنة وإني أم أيتام وإني
شديدة الغيرة
4
فأجابها النبي بقوله :األيتام أضمهم واني اكبر منها سننا وأدعوا هللا إن يذهب عن قلبك الغيرة
سابعا -زواجه من زينب بنت جحش رضي هللا عنها
تزوجها الرسول صلى هللا عليه وسلم بأمر من هللا وذلك أن هللا أراد أن يبطل النبي بطريق علمي ،فأمر
الرسول أن يتزوج بزينب بعد أن يطلقها متبناه زيد وكان الرسول يخشى مقالة الناس في هذا فالمه
القرآن على ذلك قال تعالى َ ﴿ ":و ْذ َتُق وُل َّل ي َأ ْن َع َم الَّل ُه َع َل ْي َو َأ ْن َع ْم َت َع َل ْي َأ ْم ْك َع َل ْي َك َز ْو َج َك
ِه ِس ِه ِل ِذ ِإ
1
عبد هللا ناصح علوان ،تعدد الزوجات في اإلسالم والحكمة من تعدد أزواج النبي ،ط ، 9دار السالم للنشر و التوزيع ،د ن،2006 ،ص )
)39
2
) سعيد أيوب ،زوجات النبي ص ،قراءة في تراجم أمهات املؤمنين في حركة الدعوة ،ط ، 1دار الهادي 1997-1417ه ص ) 54-53
3
)عبد هللا ناصح علوان ،املرجع السابق ص) 40
4
( ( .صحيح مسلم ،كتاب ،11باب 02
22
َز َنْف َك َم َّل ُه ُم ْب َو َتْخ َش َّن َس َو َّل ُه َأ َح ُّق َأ َتْخ َش َف َل َق َو َّت َّل َه َو ُتْخ
اُه ۖ َّم ا َض ٰى ْي ٌد ِّم ْن َه ا ن ى ال ا ال ا ال ِد يِه ِف ي ِف ي ِس ا ِق ال
َو َط ًر ا َز َّو ْج َن اَك َه ا ِل َك ْي اَل َي ُك وَن َع َل ى اُمْلْؤ ِن يَن َح َر ٌج ي َأ ْز َو ا َأ ْد ِع َي اِئ ْم َذ ا َق َض ْو ا ْن ُه َّن َو َط ًر اۚ َو َك اَن َأ ْم ُر
ِم ِه ِإ ِج ِف ِم
َّل ْف اًل
1
ال ِه َم ُع و ﴾"
ثامنا -زواجه من أم حبيبة أرملة بنت أبي سفيان رضي هللا عنها
التي كانت هاجرت مع زوجها إلى الحبشة فانتصر هناك ،وكان قومها يناصبون الرسول العداء ،فما
كان من الحكمة أن تترك امرأة مؤمنة تضيع بين فئتين فتزوجها الرسول لتكون رعايته ،وهذا الزواج
2
كان من العوامل األساسية التي دفعت أبا سفيان في الدخول إلى اإلسالم في العام التالي من عام الفتح
تاسعا -زواجه جويرية بنت الحارث رضي هللا عنها :
بعد انهزام بني املصطلق في حربهم ضد النبي صلى هللا عليه وسلم أسر عدد كبير منهم من طرف
املسلمين وكانت من بينهم السيدة جويرية فتزوجها الرسول صلى هللا عليه وسلم كي يحمل الصحابة
على عتق هؤالء األسرى ،فقال الصحابة :ال ينبغي لنا إن نبقى أصهار رسول هللا في األسر ،واعتقوا
أسراهم ،فأسلم بنو املصطلق ،وصاروا عونا للمسلمين ،فكانت هذه سياسة الرسول صلى هللا عليه
3
وسلم
عاشرا -زواجه من صفية بنت حي بن أخطاب رضي هللا عنها :
قتل أبوها مع بني قريضة وقتل زوجها يوم خبير وكان دحيه الكلبي أخذها من سبي خبير ،فقال
الصحابة ،يا رسول هللا ،أنها سيدة بني قريضة والنظير ال تصلح إال لك فاستحسن رأيهم ،وأبى أن
تذل هذه السيدة ،فاصطفاها وأعتقها وتزوجها والحكمة من هذا الزواج هي رغبة النبي صلى هللا عليه
وسلم في تحريض اليهود على اعتناق اإلسالم أو على األقل تخفيفهم من عداوة اإلسالم ومكرهم
4
باملسلمين
حادي عشر :زواجه من ميمونة بنت الحارث رضي هللا عنها :
تزوجها عليه السالم لتشعب قرابتها في بني هاشم وبني مخزوم فأراد ربط الصلة بأقاربه املصاهرين
ونشر أحكام الدين والدعوة
1
( ( سورة األحزاب اآلية 37
) كرم حلمي فرحات ،املرجع السابق ،ص ) 110
2
3
) عبد العظيم شرف الدين ،أحكام األحوال الشخصية في الشريعة اإلسالمية ،د س ،ص) 303
4
عبد التواب هيكل ،تعدد الزوجات في اإلسالم و حكمة التعدد في أزواج النبي ص دحض شبهات ورد مفتريات ،ط 1دار القلم ) ،
) ،دمشق
ه 1982/م ،ص ، 138،139بيروت 1402
23
وبالتالي فالرسول صلى هللا عليه وسلم لم يتزوج امرأة إال كان له وراء هذا الزواج غرض ،إما راجع إلى
مصلحة اإلسالم وتثبيت دعوته ،وإما راجع إلى غرض إنساني نبيل ،وإما راجع إلى غرض تشريعي على
1
ماكان بصدده من إنشاء أمة وتكوين دولة ونشر دين جديد
الفرع الثاني :الحكمة من تعدد زوجات النبي صلى هللا عليه وسلم
إن هللا جعل مقام النبوة والرسالة فوق املقامات ،وخصها بشؤون عامة الناس وتعدد زوجات النبي
صلى هللا عليه وسلم وتجاوزه عن العدد املحدود لكافة أمته من هذا القبيل مما يبني على إرادة هللا
2
وحكمته وهو العليم الخبير لشؤون عباده وهو الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد
أوال :الحكمة التعليمية:
إن الغاية األساسية من زواج النبي صلى هللا عليه وسلم من عدة نساء هي جعل معلمات للنساء يعلمنهن
األحكام الشرعية خاصة املتعلقة منها بالحيض والنفاس والجنابة واألمور الزوجية وكانت كثير من
النساء يستحين من سؤال الرسول في مثل هاته األحكام كما كان خلق الرسول صلى هللا عليه وسلم
الحياء الكامل ،وكان كما تروي كتب السنة اشد حياء من العذراء في خدرها. 3
ولقد ذكر الرواة أن عدد األحاديث التي رواها نساء الرسول صلى هللا عليه وسلم عنه جاوزت ثالثة
آالف حديث ،وأن صاحبة السهم األكبر في رواية الحديث السيدة عائشة رضي هللا عنها ،التي روت عنه
ثالثمائة وثمانية و سبعين ( ) 378حديثا ،و باقي الزوجات كن تتراوح أحاديثهن بين احد عشر و خمسة
و ستين حديثا ( )65-11وهذا التفاوت في رواية الحديث يرجع سببه إما إلى الذكاء أو مدة الحياة
الزوجية ،أو امتداد العمر بعد وفاة النبي صلى هللا عليه وسلم وقد اجتمعت هذه األسباب للسيدة
عائشة رضي هللا عنها فقد كانت ذكية ،ودخل النبي صلى هللا عليه وسلم بها أول الهجرة وعاشت بعده
4
حتى سنة 58ه
ثانيا :الحكمة االجتماعي
تزوج صلوات هللا عليه بالسيدة "حفصة بنت عمر " فكان ذلك قرة عين ألبيها عمر على إسالمه،
وصدقه
1
)( .يوسف القرضاوي ،فتاوى فبي شؤون املرأة واألسرة املعاصرة ،مكتبة الرحاب للنشر و التوزيع ،الجزائر . ،ص 173
2
( ( .كرم حلمي فرحات ،تعدد الزوجات في األديان ،مرجع سابق ،ص95.
3
أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري – رضي هللا عنه.ج .130/ 7كتاب األدب ( .)78باب " الحياء " رقم الباب () )77
) حديث
رقم 6119
4
( ( عبد هللا ناصح علوان تعدد الزوجات في اإلسالم وحكمة تعدد زوجات النبي (ص) ،مرجع سابق ،صفحة 68-67
24
وإخالصه وتفانيه في سبيل هذا الدين ،وعمر هو بطل اإلسالم الذي اعز هللا به اإلسالم واملسلمين
ورفع به منار الدين فكان اتصاله عليه السالم به عن طريق املصاهرة خير مكافأة له على ما قدم في
سبيل اإلسالم .
وقد سوى صلى هللا عليه وسلم بينه وبين وزيره األول أبي بكر في تشريفه بهذه املصاهرة
فكان زواجه من ابنتيهما أعظم شرف لهما بل أعظم مكافأة ومنة ،ولم يكن باإلمكان أن يكافئهما في هذه
الحياة بشرف أعلى من هذا الشرف فما أجل سياسته ؟ وما أعظم وفاءه لألوفياء املخلصين
كما يقابل ذلك إكرامه لعثمان وعلي – رضي هللا عنهما – بتزويجهما ببناته ،وهؤالء األربعة –أبو بكر
وعمر وعثمان وعلي – هم أعظم أصحابه ،وخلفاؤه من بعده في نشر ملته ،وإقامة دعوته ،فما اجلها
1
من حكمة ،وما أكرمها من نظرة
ثالثا :الحكمة السياسية :
تزوج صلوات هللا عليه بالسيدة جويرية بنت الحارث سيد بني املصطلق وكانت قد أسرت مع قومها
وعشيرتها ،ثم بعد إن وقعت تحت األسر ،أرادت إن تفتدي نفسها ،فجاءت إلى رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم تستعينه بشيء من املال ،فعرض عليها الرسول الكريم إن يدفع عنها الفداء وان يتزوج بها
فقبلت ذلك فتزوجها فقال املسلمون :أصهار رسول هللا صلى هللا عليه وسلم تحت أيدينا ؟ فاعتقوا
جميع األسرى الذين كانوا تحت أيديهم ،فلما رأى بنو املصطلق هذا النبل والسمو وهذه الشهامة
2
واملروءة اسلموا جميعا ودخلوا في دين هللا وأصبحوا من املؤمنين
روي أن صفية –رضي هللا عنها -ملا دخلت على النبي صلى هللا عليه وسلم قال لها " :لم يزل أبوك من
َو اَل َت ُر َو َر ٌة
ِز اِز أشد اليهود لي عداوة حتى قتله هللا فقالت :يارسول هللا :إن هللا يقول في كتابه العزيز ﴿ :
ْز ُأ ْخ
ِو َر َر ٰى ﴾ ، 3فقال لها الرسول الكريم :اختاري ،فإن اخترت اإلسالم أمسكتك لنفسي ،وإن
إخترتي اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقي بقومك ،فقالت يارسول هللا :لقد هويت اإلسالم وصدقت
بك قبل أن تدعوني إلى رحلك ،ومالي في اليهودية أرب ،ومالي فيها والد وال أخ ،وخيرتني الكفر
واإلسالم فاهلل ورسوله أحب إلي من العتق ،وان أرجع إلى قومي وأمسكها رسول هللا صلى هللا عليه
4
وسلم لنفسه
وأعقب على ماذكر بأن املؤرخ األمريكي (ديورانت ) قد أشار إلى حكمة تعدد زوجات النبي صلى هللا عليه
وسلم – حيث قال :لقد كانت بعض زيجاته من أعمال البر والرحمة باألرامل الفقيرات الالتي توفي
1 1
الصابوني محمد علي ،روائع البيان تفسير آيات األحكام ،ط1400 :3ه – 1980م مؤسسة مناهل العرفان ،بيروت ،ومكتبة الغزالي دمشق،ج ) (
2/323
2
( ( .راسم شحدة سدر ،تعدد الزوجات بين اإلسالم وخصومه ،الطبعة األولى ،دار الثقافة ،االردن 2010 -1431 ،م ،ص 167
3
( ( .سورة اإلسراء .اآلية رقم 15
4
( ( .ابن سعد " ،الطبقات الكبرى " ،م8/123
25
عنهن أتباعه أو أصدقائه وكان بعضها زيجات دبلوماسية – سياسية – كزواجه بحفصة بنت عمر ،
1
الذي أراد به أن يوثق صلته بأبيها ،وكزواجه من ابنة أبي سفيان ليكسب بذلك صداقة عدوه القديم
رابعا :الحكمة التشريعية
وأما الحكمة التشريعية لتعدد زوجات النبي صلى هللا عليه وسلم فيشير إليها الباحث املعاصر
"الصابوني " ،حيث يقول ":ونتحدث أالن عن الحكمة التشريعية التي هي جزء من حكمة تعدد زوجات
النبي صلى هللا عليه وسلم وهده الحكمة ظاهرة تدرك بكل بساطة ،إنها كانت من اجل إبطال بعض
العادات الجاهلية املستنكرة واضرب مثال "بدعة التبني " التي كان يفعلها العرب قبل اإلسالم فقد كان
دينا متوارثا عندهم ،يتبنى احدهم ولدا ليس من صلبه ،ويجعله في حكم الولد الصلبي ،ويتخذه ابنا
حقيقيا له حكم األبناء من النسب في جميع األحوال ،امليراث ،والطالق ،والزواج ومحرمات املصاهرة
،ومحرمات النكاح إلى غير ما هنالك مما تعارفوا عليه وكان دينا تقليديا متبعا في الجاهلية ،كان
الواحد منهم يتبنى ولد غيره فيقول له "أنت ابني أرثك وترثني " ،وما كان اإلسالم ليقرهم على باطل وال
ليتركهم يتخبطون في ظلمات الجهالة ،فمهد لذلك بان الهم رسوله عليه السالم أن يتبنى أحد األبناء
وكان ذلك قبل البعثة النبوية فتبنى عليه السالم "زيد بن حارثة " على عادة العرب قبل اإلسالم
ولحكمة يريدها عزوجل طلق زيد زينب فأمرا هللا رسوله إن يتزوجها ليبطل" بدعة التبني " ويقيم
أسس اإلسالم ويأتي على الجاهلية من قواعدها
2
1
عبد القادر بن حرز هللا ،الخالصة في إحكام الزواج والطالق في الفقه اإلسالمي و قانون األسرة الجزائري ،الطبعة األولى ،دار )
الخلدونية ) ،الجزائر 2007ص194
2
( محمد يوسف عبد ،قضايا المرأة في سورة النساء ،الطبعة األولى ،دار الدعوة ،الكويت 1985 ،ص) 79
3
( .مصطفى السباعي ،شرح قانون األحوال الشخصية ،الطبعة التاسعة ،دار الوراق ،سوريا ، 2001 ،ص) 165
27
من بين هذه األسباب عقم الزوجة ورغبة الزوج في اإلنجاب ،وهذا ما سنتناوله في الفرع األول ،كما
قد تصاب الزوجة بمرض مزمن يحول دون القيام بواجباتها الزوجية والعجز على االهتمام بشؤون
البيت واألوالد ،وهذا ما سنفصله في الفرع الثاني .
الفرع األول :عقم الزوجة:
قد يجعل العقم من التعدد ضرورة الزمة بسبب عدم التناسل وهو من املقاصد الرئيسية للزواج فقد
تكون الزوجة عقيمة عقما أصليا أو قد تصاب بالعقم بعد الزواج فهنا يكون الزوج بحاجة إلى زوجة
أخرى لضمان االستقرار العائلي وتحقيق اإلعمار من الزواج وليس بالضرورة في هذه الحالة أن يطلق
الزوج زوجته ليتمكن من الزواج بأخرى لذلك يكون على الزوج الزواج بأخرى مع إبقاء الزوجة األولى
وهذا يكون أحسن له 1وأحسن لها فالبد على املرأة أن ال تؤدي بنفسها إلى الضياع
عندما تصاب الزوجة بالعقم فيكون من الطبيعي أن الزوج يريد الولد ففي هذه الحالة تنحصر
2
االختيارات املمكنة في ثالثة أحوال:
- 1أن يبقى مع زوجته العقيم مع منعه من الزواج بزوجة أخرى وفي هذا ظلم ظاهر للرجل حيث حكم
عليه أن يبقى بدون أوالد وهذا ليس فيه حكم ألن حب األوالد غريزة في النفس البشرية ومقاومة هذه
الغريزة ظلم ال يقره نظام منصف
-2أن يطلق الزوجة األولى كي يتزوج أخرى تلد له ولدا وهذا إجرام في حق املرأة العقيم حيث أجبرت
على فراق زوجها دون أن تبدي رأيها في ذلك وكان اإلنصاف أن يترك لها الحرية لتقرير ما إذا كانت
تبقى مع زوجها الذي تزوج عليها أم تفارقه ،إما أن يفرض عليها أن تفارق زوجها فهذا وصاية عليها ال
مبرر له في مصيرها خاصة وإنها قد ال تجد زوجا جديدا يرغب فيها إذا عرف الناس إنها عقيم وحتى إذا
وجدت زوجا آخر فإنها قد تتعرض لنفس املصير إذا علم عقمها وهذا شيء ال يرضاه العقل السليم وال
يقره الشرع الحنيف الذي يعتبر الطالق ابغض الحالل إلى هللا وال يلجا إليه إال عند تعذر املعيشة بين
الزوجين
- 3أن يبقي زوجته العقيم معه تتمتع بكامل الحقوق الزوجية ويسمح له بالزواج بأخرى ليحقق غريزته
ْل َن َّش َّن ُز
البشرية في حب األوالد فقد قال هللا تعالى ﴿ ِّي َن ِل ل اِس ُح ُّب ال َه َو اِت ِم َن الِّن َس اِء َو ا َب ِن ي ِ ﴾ 3ذا ما
يؤدي إلى عدم إلحاق الضرر بالزوجة األولى وبالتالي يكون الحل في مثل هذه الحالة لكونه حل إسالمي
شرعه هللا سبحانه وتعالى
1
( أحمد فراج حسين ،أحكام الزواج في الشريعة اإلسالمية ،مرجع سابق ،ص) 147
2
)( ،مرجع سابق ،ص 80عمرو عيسى الفقي ،املوسوعة الشاملة في األحوال الشخصية
3
)(سورة ال عمران .اآلية رقم 14
28
الفرع الثاني :مرض الزوجة
يمكن أن تصاب املرأة بمرض مزمن والذي يؤدي بها إلى االمتناع عن أداء واجباتها في إدارة شؤون
البيت وتربيه األوالد ورعايتهم 1أو االمتناع عن حقوق زوجها وذلك بسبب عيب جنسي يمنع االستمتاع
بها
كالرتق ،2والقرن 3و إلى غير ذلك من العيوب التي تمنع الزوج من االتصال بزوجته فمن حق الزوج
عندما تصاب املرأة بأحد هذه األعراض أن يفكر بالتعدد ويكون من مصلحة الزوجة كذلك ،ألن بقاء
الزوجة خصوصا إذا كانت مريضة أو بها عيب جنسي في عصمة زوجها وتحت رعايته خيرا لها من
الفراق والطالق ، 4أما بالنسبة لألمراض العادية كاملزمنة مثال ال تكون سببا إلعادة الزواج وعلى الزوج
تحملها فهذا من باب حسن املعاشرة .
يتضح من هذا أن املشرع الجزائري قد حدد املبررات من خالل املنشور الوزاري األول رقم 84/102
حيث أنه فسر من خالله معنى املبرر الشرعي الوارد في املادة الثامنة من قانون األسرة ومن اإلجراءات
الواجب إتباعها ،فجعل املبرر الشرعي ال يتعدى أمرين وجاء في املنشور الوزاري األول ما يلي :إذا طلب
من املوثق أو من ضابط الحالة املدنية تلقي عقد الزواج بثانية فعليه أن يتحقق من توفر الشرط األول
الذي هو املبرر الشرعي ويكفي إثباته بشهادة طبية من طبيب اختصاصي يثبت عقم الزوجة األولى أو
5
مرضها العضال ،فإذا لم يثبت العقم أو املرض رفض املوثق أو املوظف القانوني املختص تلقي العقد
يتبين من خالل هذا املنشور الوزاري أن املشرع الجزائري قد حدد مبررات تعدد الزوجات في حالتين:
عقم الزوجة ومرض العضال وهذه املبررات تعتبر من املبررات الشخصية التي يسمح للزوج لكي يتزوج
بأكثر من زوجه وهذا أفضل من أن ينتهج طريق آخر غير هذا الطريق املباح
-قد يشعر الزوج بكراهية لزوجته ألسÌباب ترجÌع إلى سÌوء تصÌرفاتها وتدفعÌه هÌذه األسÌباب في األصÌل إلى
التعÌÌ Ìدد وليسÌÌ Ìت الكراهيÌÌ Ìة في حÌÌ Ìد ذاتهÌÌ Ìا وقÌÌ Ìد تكون املرأة مظلومÌÌ Ìة في هÌÌ Ìذه الكراهيÌÌ Ìة ،قÌÌ Ìال هللا تعÌÌ Ìالى و
1
( (.بلقاسم شتوان ،الخطبة والزواج في الفقه املالكي ،دار الفجر ،الجزائر ،2007 ،ص140
2
الرتق :يقصد بت انسداد مدخل الذكر في الفرج فال يمكن من الجماع ،ويكون بالحم أو العظم ،انظر عبد الرحمن الجزيري ،كتاب ( )
املذاهب األربعة الجزء الرابع ،الطبعة الثانية دار الكتب العلمية ،لبنان 2003ص 164الفقه على
3
)( القرن :يقصد بت نمو الشئ في الفرج على شكل قرن ،وبذلك ال تصلح الزوجة للجماع ،املرجع نفسه ص164
محمد بوقندورة ،تعدد الزوجات في الشريعة اإلسالمية وقانون األسرة الجزائري املعدل ،دراسة مقارنة ،مذكرة لنيل درجة) (
4 3
املاجستير اإلسالمية ،كلية العلوم اإلسالمية ،جامعة الجزائر ،سنة 2010/2011ص .58-57العلوم في
5
منشور وزاري أول ،صادر عن وزارة العدل تحت رقم 84/102املؤرخ في 23ديسمبر ،1984املتضمن كيفية تطبيق املادة 08من )
)4قانون األسرة الجزائري ،غير منشور في الجريدة الرسمية،نقال عن بوعزيز فضيلة ،نظام تعدد الزوجات في الفقه اإلسالمي وقانون
األسرة الجزائري ،مذكرة تخرج لنيل شهادة ماستر في القانون الخاص ،تخصص قانون أسرة ،كلية الحقوق و العلوم قسم القانون
.الخاص ،جامعة البويرة ، 2015-2014 ،ص 38
29
َخ َك َّل َش َأ َتْك َف َف َك ُت َمْل
﴿وَع اِش ُر وُه َّن ِب ا ْع ُر وِف ۚ ِإ ن ِر ْه ُم وُه َّن َعَس ٰى ن َر ُه وا ْيًئ ا َو َيْج َع َل ال ُه ِف يٰـِه ْي ًر ا ِث يًر ا﴾ 1فÌÌإذا
أدت كراهية الرجل لزوجته إلى زواجه بأخرى عليها فهل يصلح ذلك مبررا مشرعا للتعدد؟
-إذا كان الدافع إلى التعدد هو الكراهية ذاتها دون غيرها كان الزواج الجديد مبعثا الضطراب الروابط
االجتماعية وتفككها ألن هذه الظروف ال تسمح للرجل بمعاشرة زوجته املكروهة باملعروف وإذا لم
يستهدف الرجل بالزواج الجديد ظلما لزوجته التي يبغضها كما لو رأى أن ال يفارقها أمال في إصالح
أحوالها أو رعاية ألوالده ففي هذه الحالة يصبح التعدد الزوجات عاجال بفضل فراق هذين الزوجين
املطلب الثاني :املبررات االجتماعية لتعدد الزوجات
أصبح التعدد ضرورة اجتماعية وأخالقية في بعض املجتمعات العربية تقتضيها مصلحة النساء
والرجال على حد سواء تجنبا لالنحراف واإلصابة باألمراض الخطيرة ،كما يؤدي التعدد إلى إيواء املرأة
حيث تجد الراحة والطمأنينة في بيتها بدال من البحث عن عالقات غير شرعية ،وعليه فالتعدد له
مبررات اجتماعية تجعله مباحا وذلك في حالة الضرورة أو الحاجة أو العذر أو املصلحة املقبولة
شرعا ،فقد تكون هذه املبررات كفالة األيامى من النساء خاصة وقت الحرب (الفرع األول) وقد تكون
زيادة عدد النساء على عدد الرجال( الفرع الثاني) كما قد تكون لغرض القضاء على الفاحشة ولتحصين
النفس (فرع ثالث )
الفرع األول :كفالة األيامى من النساء
-عندما يكون للرجل يتامى يتولى رعايتهم ،وهم يعيشون في حضانة أمهم الشابة ومن حق هذه املرأة أن
تأخذ نصيبها من الحياة الزوجية فإذا تزوجت بزوج أجنبي عن األوالد فإنهم سيتعرضون إلى الضياع
وعدم الرعاية ،كما أن الوصي قد يتحرج من الدخول على اليتامى وبينهم أمهم األيم ،2وفي هذا الجو
هناك خوف الفتنه واإلغراءات النفسية مما ال يخفى ،واملؤمن ال ينبغي أن يضع نفسه وضعا يكون فيه
فاتنا أو مفتونا 3يكون الحل في هاتين املشكلتين أن يتزوج أم اليتامى مع زوجته األولى ،4وهذا يعتبر
عالجا ملشكلة األرامل من النساء كأن يعمد الرجل إلى الزواج بإحدى قريباته في حاالت تبر ز فيها حاجة
هذه القريبة إلى الزواج منه ،كما لو كانت أرملة ألخ أو قريب توفي أو أستشهد ،ويكون األخ أو أحد
أقرباء املتوفي أصلح من يتولى رعاية األوالد ،وهذا يعتبر كسبب من أسباب التعدد الذي يحافظ على
5
صله القربى
1
سورة النساء اآلية رقم (5 ) 19
2
( ) .جمع أيم و هو من الزوج له ذكرا كان أو أنثى ،بكرا أو ثيبا ،انظر هامش :راسم شحدة سدر ،مرجع سابق ،ص259
( .محمد يوسف عبد ،قضايا املرأة في سورة النساء ،مرجع سابق ،ص) 81
3
4
هذه املسألة تعتبر من أسباب التعدد في الصومال ،فالعادة فيه تقضي إن الرجل إذا مات عن زوجته وله منها أوالد فيتزوجها أخوه ) )
األكبر أو احد أقربائه
5
(،راسم شحدة سدر ،تعدد الزوجات بين اإلسالم وخصومه ،مرجع سابق ،ص ) 269
30
والذي شرعه هللا تعالى في قوله َ ﴿ ":و ْن ْف ُت ْم َأ اَّل ُتْق ُط وا ي اْل َي َت اَم ٰى َف ان ُح وا َم ا َط اَب َل ُك م َن
ِّم ِك ِف ِس ِإ ِخ
َس َم ْث َن ٰى َو ُثاَل َث
1
َو ُر َب اَع ﴾ الِّن اِء
كما أن أصحاب الرسول صلى هللا عليه وسلم في املجتمع اإلسالمي األول كانوا بعيدي النظر اتجاه
أوالئك النسوة الالئي فقدنا أزواجهن ،فإذا مات زوج املرأة فيهم وانقضت عدتها ولم تجد زوجا
اجتمعوا ونظروا في أمرها ،وال ينفض مجلسهم حتى يجدوا حال ملشكلتها ،لئال تبقى امرأة في املجتمع
اإلسالمي بال عائل ،وال سيما أوالئك النسوة الالتي القريب لهن وال معيل ، ...2.وهذا يعتبر من
األسباب الخلقية العامة ،التي تتعلق بصلة األخوة اإلسالمية ،وبالتالي يتضح من هنا أن تعدد
الزوجات يعتبر حال ملشكلة األرامل وذلك عن طريق زواج رجل متزوج بأرملة من أجل إيوائها ورعاية
أوالدها وذلك عند تنازل الزوجة األولى عن شيء من سعادتها في سبيل إنقاذ أسرتها من الشقاء ،كما
يعتبر التعدد أيضا حل ملشكلة العنوسة باعتبارها من املشكالت التي يجب إيجاد حل جذري لها في
وقتنا الحالي وذلك بعد ازدياد عدد العانسات ،وبالتالي من الحلول التي شرعها هللا سبحانه وتعالى والتي
هي من املصالح االجتماعية أن يعدد الرجل زوجاته ،فعلى املرأة أن تقبل بأن تكون زوجة ثانية أو
ثالثة باعتبار ذلك حل ملشكلة العنوسة ،وإن زواج املرأة من رجل متزوج وله إمكانيات مادية للتعدد
ال عيب فيه وال نقص ،وهذا ما شرعه هللا سبحانه وتعالى والذي يشكك في مسألة التعدد يعتبر ضال
-إلى جانب أن تعدد الزوجات يعالج مشكلة العنوسة فهو الحل األمثل ملشكلة املطلقات ،ألن نسبة و
عدد املطلقات في تزايد مستمر ،حالها حال العنوسة لذلك فإن حل مشكلة املطلقات يكمن في التعدد
الفرع الثاني :زيادة عدد النساء على الرجال
بعد الحرب العاملية األولى وجد في كثير من األمم أن عدد النساء أكثر بكثير من عدد الرجال حيث رجل
مقابل ثالث نساء وذلك ألن الرجال أكثر تعرض للوفاة من النساء في الحرب لذلك فالتعدد حل لصيانة
املرأة وتكثير النسل حتى تعوض األمم ما فقدته خالل الحرب .
-كما قد يكون في زمن معين أو مكان معين عدد النساء أكثر من الرجال وإذا أرادت املرأة الكرامة
والصيانة والحفاظ على شرفها أن تتزوج برجل متزوج وبدون ذلك يمكن أن تبقى عانسا أو عرضه
لضياعها وسقوطها وفقدان شرفها ،فالتعدد يفتح املجال لعدد هائل من النساء لتكوين أسره وإيجاد
عائله يقوم بشؤونهن الن األمة تعاني نقصا في الرجال وزيادة في النساء 3الذي يحدد التوازن الحياتي
1
( سورة النساء اآلية رقم ) 3
2
( ) .راسم شحدة سدر ،تعدد الزوجات بين اإلسالم وخصومه ،مرجع سابق ،ص268
3
( محمد رأفت عثمان ،فقه النساء في الخطبة والزواج ،دار االعتصام ،مصر ،بدون سنة نشر ص ) 75
31
الذي تتطلب املجتمعات ،وهو أفضل بكثير بأن تكون الكثير من النساء بال أزواج وال يوجد إنسان
شريف يفضل انتشار
1
الدعارة على تعدد الزوجات إال إذا كان إنسانا أنانيا ال يهمه إال إشباع غريزته الجنسية
ونالحظ أن املجتمع الذي نعيش فيه اليوم فيه زيادة عدد النساء على الرجال وقد أشار الرسول صلى
هللا عليه وسلم إلى ذلك في قوله " :عن انس بن مالك قال إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال إن
من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويكثر الجهل ويكثر الزنا ويكثر شرب الخمر ويقل الرجال وتكثر
2
النساء حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد"
-وقد ثبت أن زيادة عدد اإلناث ظاهرة مضطردة في كثير من الكائنات الحية وهذا ما أثبته علم اإلحياء
فإذا حدث في هذا االختالل في نسبه التساوي بين الجنسين لسبب من األسباب كالحروب مثال فليس
هناك حل في هذه الحالة إال احد األمرين:
- 1إما أن يتم سد باب التعدد في وجه العباد ،فتتعرض املرأة للحرمان من وظيفة األمومة التي هي من
اخص خصائصها ويتعرض املجتمع للهالك
-2وإما إن يتم اللجوء إلى الشريعة اإلسالمية الحكيمة في حل هذه املشكلة فتحفظ املرأة كرامتها
3
وأمومتها ،واألسرة حرمتها وقوتها واستقرارها وللذرية نسبها وحقوقها ،وللمجتمع سالمته وتماسكه
هذا ما تبناه بعض مفكري الغرب ،نتيجة ما أدى إليه منع التعدد في بالدهم من إخطار جسيمه ،فأخذ
4
ينادي في مجتمعه بإباحة التعدد محاوال بذلك إنقاذه من الهاوية والفساد الذي يعاني منه املجتمع.
املطلب الثالث :أراء وانتقادات حول التعدد
انطالقا مما تناولنا في املطلبين السابقين من شروط وأهمية التعدد بالنسبة للرجال والنساء خاصة
وللمجتمع عامة وهذا ما دل عليه الواقع وشهد به املنصفين للقران والسنة ومع هذا كله فهنالك ثلة
من أعداء اإلسالم رغم انه لم يبتدع التعدد ولم يأمر به على سيل الوجوب وإنما رخص فيه وقيده
ألن التعدد وجد قبل اإلسالم ،ومن هنا جاءت الردود حول الشبهات التي أثيرت حول قضيه تعدد
الزوجات
1
) ،عبد الكريم زيدان ،املفصل في أحكام املرأة و البيت املسلم في الشريعة اإلسالمية ،الجزء ، 65الطبعة 1مؤسسة الرسالة ،لبنان )
.ص1993 .290
2
( أخرجه البخاري ،عن انس بن مالك رضي هللا عنه ،صحيح البخاري ومعه من حمدي الساري باب يقل الرجال و يكثر النساء ،
) حديث صحيح ،ص 1035
3
( عبد التواب هيكل ،تعدد الزوجات في اإلسالم وحكمة تعدد زوجات النبي (ص) دحض شبهات ورد مفتريات ،مرجع سابق ،ص) 69
4
(.عبد التواب هيكل ،مرجع سابق ،ص )69
32
وبيان الرد عليها من نصوص القران الكريم والسنة الشريفة وهذا ما سنحاول إيضاحه بتناول لبعض
الشبهات التي مست تعدد الزوجات في اإلسالم ومحاوله الرد على هذه املزاعم
الفرع األول :الشبهات التي مست التعدد في اإلسالم
من أبرز الشبهات التي يثيرونها حول تعدد الزوجات في اإلسالم ما يلي:
الشبهة األولى :إن تعدد الزوجات يثير الشقاق والخصام في العائلة بين الزوجين ليصل إلى األوالد
ويؤدي إلى فساد األسرة وينشئها على مساوئ األخالق ويدخلها في متاهة النزاعات والخالفات التي ال
تنتهي .
الرد :إن أسباب الخالف تنشئ من تفاوت ميزان العدالة في املعاملة والعطاء بين الزوجات واألوالد ،
فلو إن الزوج عاملهن واتاهم معاملة واحدة في العطاء والنفقة ،لم يكن ليثور خالف يذكر ،إما إن ما
في نفوسهن من غيرة فهو أمر طبيعي وفطري ال يمكن سالمة النفوس منها ،وان مقاصد التعدد في نظر
1
املشرع الحكم تسمو بكثير عاما يقع من الكيد والتباغض
الشبهة الثانية :إن اإلسالم أهدر كرامة الزوجة التي يقترن زوجها بأخرى ،أو أخريات ولم يعبأ
بمشاعرها وأحاسيسها ففي التعدد إهدار لكرامة املرأة وإجحاف بحقوقها وظلم لها حيث يشاركها
2
غيرها في زوجها و ينازعها سلطة بيتها
الرد :اإلسالم هو الذي كرم املرأة وأعطاها حقوقها بعد أن لم يكن لها أي حق ،ويرفع عنها الظلم
الذي أوقعته بها األمم األخرى 3فليس في إباحة تعدد الزوجات في اإلسالم أي امتهان للمرأة أو إهدار
لكرامتها بل هو صيانة لها يجعلها زوجة فاضلة بدال من أن تكون خليلة خائنة ،وبالتزام الرجل بحقوقها
بدال من أن تكون ضائعة ومشردة 4فاملرأة إنسان مكرم دون تمييزه عن الرجل" لقوله تعالى ﴿ ۞ َو َل َق ْد
َّم ْن َخ َل ْق َن َك َّر ْم َن َب َد َم َو َح َم ْل َن ُه ْم ْل َب َو ْل َبْح َو َر َز ْق َن ُه َن َّط َب َو َف َّض ْل َن ُه ْم َع َل َك
ا ٰى ِث يٍر ِّم ا ا م ِّم ال ِّي اِت ا ِف ي ا ِّر ا ِر ا ِن ي آ
َتْف اًل
ِض ي ﴾" 5وأوصى ربنا باملرأة تكريما لها ورحمة بها خاصة في مقام الزوجية قال تعالى ﴿وعاشروهن
6
باملعروف ﴾"
1 1
.عبد التواب هيكل ،تعدد الزوجات في اإلسالم و حكمة التعدد في أزواج النبي (ص) ،مرجع سابق ،ص( ) 78
(عبد التواب هيكل ،مرجع سابق ،ص ) 2. 84-83
2
3
( نخبة كبيرة من العلماء – موسوعة بيان اإلسالم الرد على االفتراءات و الشبهات ،دار دحمصة للنشر ،مصر ص ج 18ص ) 09
4
(عبد التواب هيكل ،نفس املرجع ،ص ) 84 -83
5
( اآلية 70من سورة اإلسراء )
6
( اآلية 19من سورة النساء )
33
الشبهة الثالثة :إن تحقيق العدل بين الزوجات مستحيل وإن القرآن يعرف باستحالة العدل بين
الزوجات وربما استدل على ذلك بجزء من آية ﴿ َو َل ن َت ْس َت يُع وا َأ ن َت ْع ُل وا َبْي َن ال َس اِء َو َل ْو َح َر ْص ُت ْم
ِّن ِد ِط
1
﴾
الرد :العدل بين الزوجات ليس مستحيال ،بل يعد ممكنا ومتيسرا كما تدل على ذلك حاالت كثيرة من
أحوال الرجال املتزوجين بأكثر من امرأة وإن وجدت بعض الحاالت التي جارى فيها بعض الرجال على
زوجاتهم وتلك حاالت نادرة ،والنادر ال حكم له كما تدل ذلك النصوص الشرعية ،وأيضا يقال في مثل
هذه الحاالت الشاذة والنادرة إن العيب والخلل في الرجل نفسه وليس ذلك عيبا أو خلال في اإلسالم
وأما ما استدل به املشككون في اآلية 129من سورة النساء يقصد به العدل في امليل القلبي ،فإن الرجل
ال يملك قلبه الذي بين جنبيه ولذلك كان دعاء النبي صلى هللا عليه وسلم" اللهم هذه قسمتي فيما أملك
2
فال تلمني فيما تملك وال أملك"
الشبهة الرابعة :إن الرجل إذا تزوج بأكثر من امرأة أدى ذلك إلى كثرة النسل وبالتالي يؤدي إلى انتشار
الفقر ففي التعدد مجال لكثرة النسل وهو مظنة العيلة والفقر وكثرة البطالة في البالد
الرد :إن كثرة النسل خير وقوة وقديما واجه أجدادنا معاركهم املجيدة الظافرة املتالحقة بكثرة النسل
ونحن اليوم بأشد الحاجة إليها الن معاركنا مع أعدائنا لم تنتهي "الجهاد ماض إلى يوم القيامة " مادامت
3
مصادر الكيان العدواني قائمة في هذا الوجود تمهده بأسباب القوة وتشجعه على العدوان
-كما أن التكاثر في النسل مراعاة ملباهاة النبي صلى هللا عليه وسلم بذلك يوم القيامة فقال" تزوجوا
4
الودود الولود فإني مكاثر بكم األنبياء يوم القيامة"
وقد تكفل هللا بأرزاق العباد وليست العلة كثرة السكان ألنه " ما من دابة على األرض إال على هللا رزقها
ولكن هللا يعطي لحكمة ويمنع لحكمة
الفرع الثاني :األصل في الزواج التعدد أم الواحدة ؟
الزواج أمر مباح سواء تزوج الرجل بواحدة أو قام بالتعدد خشية الوقوع في معصية اللجوء إلى الزنا
فالتعدد هو حل لعدة مشاكل كمرض الزوجة أو عقمها أو زيادة الرغبة الجنسية للرجل مع مراعاة
شروطها وضوابط التعدد
-وقد اختلف العلماء واملفسرين لكتاب هللا وسنة رسوله حول التعدد أو االكتفاء بواحدة وما هو
األصل ،
1
( سورة النساء اآلية )129
2
( حديث شريف رواه الترميذي )
3
) ( .عبد التواب هيكل ،تعدد الزوجات في اإلسالم وحكمة تعدد زوجات النبي( ص ) ،مرجع سابق ،ص 84 ،83
4
) .رواه إبن حبان ،في صحيح ابن حبان ،عن انس بن مالك ،الصفحة أو الرقم ، 198 :صحيح )
34
واالستثناء ،فاملنادون بالتعدد قالوا أن األصل هو التعدد واالستثناء زوجه واحده الن هللا تعالى بدأ به
في هذه اآلية " :مثنى وثالث ورباع "وأما األفراد فقال "فان خفتم أن ال تعدلوا فواحدة "ولقد كان لنا في
رسولنا الكريم أسوة حسنة وألنه تزوج أكثر من مرة فعلينا إتباعه ولكن بكل حال من األحوال تختلف
القدرات فمن وثق من نفسه أنه يعدل بين امرأتين أو الثالث أو األربع ويعطي كل واحدة حقها فإن
األصل في حقه أن يعدد وقال الدكتور القرضاوي عندما سئل عن هذه املسالة هذا السؤال سأله
َف
الكثيرون وبعض هؤالء يقولون إن األصل هو التعدد واستدلوا كما سلف الذكر باآلية ﴿" :انِك ُح وا
ًة َم َط َب َل ُك َن َس َم ْث َن ٰى َو ُثاَل َث َو ُر َب َع َف ْن ْف ُت ْم َأ اَّل َت ُل َف
1
ْع ِد وا َو اِح َد ﴾ ا ۖ ِإ ِخ م ِّم الِّن اِء ا ا
فيقولون إن األصل أن تتزوج زوجين أو ثالثة أو أربعة إنما هذا الكالم لو كانت اآلية جاءت تقول "يا
أيها الناس انكحوا ما طاب لكم من النساء "إنما اآلية مربوطة قبلها ب "وإن خفتم أن ال تقسطوا في
اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثالث ورباع "فما وجب الربط بين الشرط والجواب فقد
جاء عن عائشة أنهم كانوا يتحرجون من زواج اليتيمات في حجرهم فقد تكون املرأة في حجر الوصي
عليها أو لديه يتيمة وهو قيم عليها ويريد أن يزوجها لكن يخاف انه إذا تزوجها ال يعطيها حقها فقد وسع
2
هللا سبحانه وتعالى عليه " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثالث ورباع
1
( (.سورة النساء ،اآلية 03،
2
) :طارق بن إحسان ،هل األصل التعدد أواإلفراد في الزوجات ،ملتقى أهل الحديث)129323 ،2006 ،
35
الفصل الثاني
الفصل الثاني :تعدد الزوجات في القانون الجزائري والقوانين املقارنة
لقد ضبط املشرع الجزائري تعدد الزوجات بضوابط قانونية منها ما هو مستمد من الشريعة
اإلسالمية ،وضوابط أخرى أضافها من خالل املادة 8ق -األسرة
حيث ال يكون لجوء الزوج إلى التعدد بسبب نزوة عابرة تفاديا للتعسف في ممارسة هذا الحق ،لذلك
ضيف من مجال اللجوء الى التعدد بهدف الحفاظ على كرامة املرأة واستقرار املجتمع ،وقد حذت بعض
التشريعات الوضعية حذو املشرع الجزائري في سنها لقوانين التعدد فتجد منها ما أباح التعدد ووضع
بعض القيود والضوابط القانونية ملمارسة ،ومنها ما ذهب إلى حد تحريم التعدد وتجريمه ،ومن
القوانين ما اكتفى بما جاءت به أحكام الشريعة اإلسالمية لتنظيم مسألة التعدد.
بعدما تطرقنا في الفصل األول الى ما هي التعدد من حيث املفهوم والشروط ودليل املشروعية ومبررات
التعدد…… سنتعرض في فصلنا الثاني إلى التعدد في القانون الجزائري كمبحث أول والتعدد في القوانين
املقارنة في املبحث الثاني
املبحث األول :تعدد الزوجات في قانون األسرة الجزائري
لقد شهد نظام تعدد الزوجات تطورا ملحوظا في الجزائر سواء في مرحلة عدم وجود قانون خاص
باألسرة ،وكذا التعدد في ظل قانون األسرة ، 84 -11وهذا ما سنتناوله في املطلبين األول والثاني
أما في املطلب الثالث فسنتناول التعدد في ظل قانون األسرة 02 -05
املطلب األول :التعدد في مرحلة ما قبل صدور قانون خاص باألسرة
منذ أن أشرق نور الفتح اإلسالمي على شمال إفريقيا والجزائر كغيرها من الدول اإلسالمية األخرى
يخضع تنظيمها القضائي في معظمه إلى قواعد الشريعة اإلسالمية في أصوله ونظامه وإجراءاته ،1حيث
كانت الشريعة اإلسالمية هي املصدر الوحيد لكل ما يتعلق باألحوال الشخصية في جميع مواضيعها
بموجب نصوص الكتاب والسنة واإلجماع والقياس وكذا فتاوى واجتهادات أهل العلم الواردة في
مختلف كتب الفقه اإلسالمي والتي اعتمدتها كل األجيال إضافة إلى اجتهاد القضاة أنفسهم .وعند
احتالل الجزائر من طرف االستعمار الفرنسي سنة 1830م ،عملت اإلدارة الفرنسية على توقيف
العمل بالشريعة اإلسالمية وهذا ما سنتناوله بالتفصيل من خالل الفرع األول أما الفرع الثاني
فسنتناول فيه التشريعات التي صدرت بعد االستقالل .
1
( ( عبد العزيز سعد ،الزواج و الطالق في قانون األسرة الجزائري ،ط ،3الجزائر ،دار هومة 1416،ه 1996 ،م ص10
35
الفرع األول :تقنين األسرة من قبل االحتالل الفرنسي إلى مرحلة االستقالل
كان املذهب املالكي مرجعا لألحكام الفقهية ملختلف املسائل إال أنه في فترة الحكم العثماني أخذ املذهب
الحنفي مكانه في منطقة الجزائر العاصمة ،باعتبار تركز الجالية التركية هناك ،وكان املذهب اإلباضي
ينظم عالقة اإلباضيين بعضهم ببعض، 1
وقد ظلت هذه الشعوب تخضع ألحكام سلطان الدولة االسالميه على هذا الحال ما يزيد عن 13قرنا
وهي متمسكة باإلسالم ،ومع سقوطها تحت وطأة االستعمار الفرنسي سنة 1830عملت اإلدارة
الفرنسية على توقيف العمل بالشريعة اإلسالمية وأحلت معها تدريجيا قوانينها التي شملت جميع
املجاالت بما فيها نظام األسرة ،ورغم الصعوبات التي واجهتها نتيجة تباين نظام األسرة في الجزائر مع
أنظمة الجاليات األوروبية األخرى ،إال أنها حرصت على تطبيق التنظيم القضائي الفرنسي من خالل
2
قضاة األحوال الشخصية من املسلمين الجزائريين،
وفي مطلع القرن العشرين حاولت اإلدارة االستعمارية تقنين النظام األسرة مطبقة في ذلك مشروع
"موران" الخاص بأحكام األسرة دون أن تصدره في شكل تشريع ولكنه بقي حبرا على ورق نتيجة
ملقاومة الشعب الجزائري املتمسك بعقيدته وأصالته وحضارته اإلسالمية ثم أعقبت اإلدارة الفرنسية
هاتين املحاولتين بإصدار تشريعات متتالية منها :
-قانون 1931 /2/5تناول الخطبة وسن الزواج
-مرسوم 19/5/1931املتعلق بالحالة القانونية للمرأة الجزائرية
األمر الصادر في 1944 /11 //23واملتعلق بتنظيم القضاء اإلسالمي في القانون رقم 778 /57املؤرخ في
1957 /11/7املشتمل على أحكام الغائب ،املفقود ،الوصاية ،الوالية ،الحجر…
-األمر رقم 74 /592الصادر في 1959 /4/2م والذي تضمن الالئحة التنفيذية لألمر رقم 274 /59
املذكور سابقا واملتعلق بتنظيم الزواج وانحالله في الجزائر
-قرار وزير العدل بتاريخ 1959 /12 /11حيث تولى بيان الوثائق التي تشترط إلبرام عقد الزواج
3
وتسجيله
-وقد عملت فرنسا جاهدة وبكل الطرق على طمس الشخصية العربية اإلسالمية التي كان يتميز بها
الشعب الجزائري في فترة إحتاللها للجزائر و ذلك من خالل أهم التشريعات الصادرة عن اإلدارة
الفرنسية و التي تم التطرق إليها أعاله .
1
)( محمد أيلي /عبد هللا شريط ،الجزائر في مرآة التاريخ ،ط ، 1965 ،1مكتبة البعث ،قسنطينة ،ص156
2 2
مقران طارق عزيز ،إجراءات تنظيم تعدد الزوجات في قانون األسرة الجزائري ،دراسة مقارنة بالشريعة اإلسالمية والقوانين الوضعية ،مرجع ) (
.سابق ،2015 -2014 ،ص36
3
( ( عبد العزيز سعد ،الزواج و الطالق في قانون األسرة الجزائري ،مرجع سابق . ،ص10-
36
الفرع الثاني :التشريعات التي صدرت بعد االستقالل قبل صدور قانون 11/ 84
رغم عدم صدور قانون الخاص بتنظيم مجال األحوال الشخصية إال أن هناك مبادرات تدخل بها
املشرع الجزائري في هذا املجال محاولة منه لتغطية بعض الفراغات ،فظهرت بعض النصوص
القانونية تتجاوز في بعض األحيان املفهوم التقليدي في مبادئ الشريعة اإلسالمية مثل ما ورد ضمن
قانون 29جوان 1963الذي جاء بمبدأ شكليه عقد الزواج وحدد الحد األدنى لسن الزواج ،حيث
أصبحت املرأة ال تتزوج إال ببلوغ 16سنه والرجل 18سنه كاملة .وبهذه الشروط يكون املشرع قد
وضع شرطا أساسيا يتعلق بصحة الزواج ويكون بهذه الوسيلة قد ادخل على عقد الزواج مانعا مؤقتا
وهو بلوغ الزوجين سنا معينا وفي نفس السنة 1963تشكلت لجنة من العلماء واقترحت توسيع التعدد
في الزوجات على أساس أن هناك أرامل شهداء ،كما تجدر اإلشارة إلى أن هناك عدد من الجمعيات
والحركات النسوية شكلت خالل العشرية األولى املوالية لالستقالل كانت تطالب بتقنين األحوال
الشخصية كجمعية القيم التي تظاهرت بتاريخ 1964 /01 /05مطالبة بقانون إسالمي من أجل املرأة.
وفي 8مارس 1965طالبت جمعية النسوة بقانون الخاص باملرأة والرجل ثم ظهرت مبادرة أخرى في 8
أكتوبر 1970حيث عقد ملتقى جمع كل من االتحاد الوطني للنساء الجزائريات وعلماء وموظفين سامين
ورجال قانون ،غير أن االختالف ظهر بين أعضاء هذه اللجنة حول موضوع املهر،الوالية ،تعدد
1
الزوجات ،فلم يظهر هذا املشروع
-وقد كان الزواج قبل صدور قانون األسرة خاضعة للنصوص القانونية التالية :
-األمر رقم 224 /63الصادر في 1966 /06 /29م
-القانون رقم 72 /69الصادر في 1969//09 /16م
-القانون رقم 65 /71الصادر في 1971 /09 /22م
واستمرت تطبق هذه النصوص إلى أن ألغيت كل التشريعات القديمة في 1975 /5/7م ،وبرزت وضعية
2
قانونية تتمثل في ترك كل ما يتعلق باألحوال الشخصية للشريعة والعرف
وفي سنة 1980عقدت جمعية نسويه متكونة من مثقفين ومناضلين سياسيين ملتقى بوهران حول
وضعية املرأة وقدموا انتقادات ملشروع قانون األسرة ،وطالبوا بإلغائه جذريا ،هذا املشروع الذي
قدم للبرملان من قبل الحكومة بتاريخ 1981 /28/9ولم تتم املصادقة عليه حتى شهر جويلية 1984
1
( (لوعيل محمد أمين ،املركز القانوني للمرأة في قانون األسرة الجزائري ،ط ، 2دار هومة ،الجزائر ، 2006 ،ص 24-23
اليازيد عيسات ،التطليق بطلب من الزوجة في قانون األسرة الجزائري ،مذكرة لنيل شهادة املاجستير في القانون ،فرع العقود ) ( .
2 2
1
) ( لوعيل محمد ملين ،مرجع سابق ،ص 26-25
2
) ( .مقران طارق عزيز ،مرجع سابق ،ص 38
3
) .مقران طارق عزيز ،مرجع سابق ،انظر ص ) 39
4
( (لوعيل محمد ملين ،مرجع السابق ،انظر ص28-27
38
املبدأ األول :اإلبقاء على التعدد كما حددته الشريعة ،بمعنى استحالة الزواج بأكثر من أربع زوجات .
املبدأ الثاني :وضع شروط تضمن حماية نظام التعدد بحيث ضمن حسن تطبيقه فإن قانون األسرة
الجزائري قد اشترط لكي يمكن للرجل الواحد إن يتزوج أكثر من امرأة واحدة إن تتوفر ثالثة
شروط :
-أن يكون هناك مبرر شرعي .
-أن تتوفر نية العدل .
1
-أن يخبر الزوجة السابقة والالحقة قبل إبرام عقد الزواج الثاني
-املبدأ الثالث :عدم وجود جزاء ملخالفة أحد الشروط
لم يترتب على مخالفة هذه الشروط أي عقوبة جزائية أو مدنية ولم يجعل منها شروط صحة الزواج
األول وال هي يفسخ الثاني وإنما كنص بمنح الزوجة األولى اللجوء إلى القضاء لطلب الطالق وذلك في
حالة
عدم إعالمها بزواجه الجديد وكذلك الزوجة الثانية نفس الحق إذا غشها زوجها ولم يعلمها بأنه متزوج
وإنها غير راضية بالوضع الجديد 2وهذه الرقابة قد ضمنتها القوانين واملحاكم فللمرأة الشكوى إلى
القضاء بمنع املضارة أو الظلم أو لفرض النفقة عند اإلهمال
-كما أن القانون يمنح املرأة حق طلب التطليق للضرر ويمنحها أيضا حق طلب التفريق القضائي ملجرد
الشقاق ولو لم يكن بسبب إيذاء الزوج لها ومن الواضح أن تقييد التعدد إما أن يكون املراد به حماية
الزوجة األولى أو زوجة الثانية فبالنسبة لحماية الزوجة األولى فقد بيننا أن هذا التقييد يكون ضرر
عليها ألنه سيدفع الرجل إلى طالقها
وإذا كان طالقها خير لها فإن القانون قد فتح لها التطليق القضائي بسبب الشقاق واملضارات أو بسبب
الزواج بأخرى عن طريق التدليس والغش
أما حماية الزوجة الثانية ،فإن قبولها الزواج من رجل متزوج هو أكبر دليل على أن هذا الزواج في
مصلحتها أو هو تقدير كاف على أنها لو وجدت خيرا ملا تزوجته
لهذه االعتبارات وجد أن أحسن حل للمشاكل التي قد تنشأ على التعدد هو أن تعطى الزوجتين حق
طلب التطليق إن لم تكن راضيه ،و للجديدة حق الفسخ أيضا إذ لم تكن عاملة وبهذا التدبير فهو يحد
3
من التعدد وال يبقيه إال برضا الزوجات أنفسهن
1 1
.مقران طارق عزيز ،مرجع سابق ،ص ( ) 40
2
عبد العزيز سعد ،قانون األسرة في ثوبه الجديد ،أحكام الزواج و الطالق بعد التعديل ،دار الهدى للطباعة والنشر و التوزيع ،الجزائر
() ، 2005ص151-149
3
)( .مقران طارق ،مرجع سابق ،انظر ص 41
39
ولهذا التدبير جذور فقهية ،بحيث من املفروض في الزواج السابق والالحق أن املرأة قد تتزوج بالرجل
وهي تعلم أنها مستقلة به ،فتعرض بينه وبين السابقة شرط ملحوظ مقدر أن ال يتزوج زوجه سواها ،
فإذا تزوج فقد اختل األساس امللحوظ بالنسبة إلى الزوجة السابقة فلها الحق طلب في الطالق إن لم
ترضى - 1كما أن وجود زوجة ال تعلم الزوجة بوجودها مما يختل معه األساس امللحوظ في تعاقده مع
الجديدة ،فتعطى حق الفسخ أيضا إن لم تعلم وذلك تخريج على الشروط العقدية في آثار الزواج
املستمدة من الفقه الحنبلي فمن املقرر في القواعد الفقهية أن الشرط امللحوظ كالشرط امللفوظ
الفرع األول :االنتقادات التي وجهت إلى القانون القديم
لقد أثار قانون األسرة 11 /84موجة من االنتقادات وهناك من اعتبره قانون تميز يمس بمركز املرأة،
بحيث ال يعترف باألهلية الكاملة للمرأة ،كما اعترف بالزواج العرفي الذي عادة ما تكون له آثار وخيمة
على املجتمع ،إذ يسهل على الرجل هجر املرأة واألوالد واعتبر الرضا في هذا القانون مجرد إجراء شكلي
في إبرام عقد الزواج ،وهذا ما يتنافى مع أحكام املادة 2 40من القانون املدني الذي يميز بين الرجل
واملرأة في مجال إبرام التصرفات القانونية ،كما أن هناك من اعتبره القانون الذي يكرس هيمنة الرجل
على املرأة واالعتراف بتعدد الزوجات ،و مبدأ عدم املساواة بين الرجل واملرأة
وعلى الرغم من حفاظه على نظام التعدد إال أنه وضع مجموعة من الشروط التي تحتسب على هذا
3
القانون وليس لصالحه وأهمها
-أوال :اشترط ملمارسة التعدد ضرورة وجود مبرر شرعي دون أن يحدد نوع هذا املبرر أو شكله
-ثانيا :اشترط بدل العدل نية العدل على الرغم من أنها مكنونات النفس البشرية التي يصعب قياسها
ودون أن يبين إذا كان يجب توفرها قبل زمن من إبرام العقد أو بعده
-ثالثٰـٰـا :اشÌÌترط وج ÌÌوب إخب ÌÌار الزوج ÌÌة السÌÌابقة والالحق ÌÌة دون تحديÌÌد الكيفي ÌÌة واإلج ÌÌراءات الÌÌتي يجب
إتباعهÌÌا إليصÌÌال الخÌÌبر إلى الزوجÌÌتين دون أن يÌÌترتب على مخالفÌÌة بعض أو كل هÌÌذه الشÌÌروط جÌÌزاء مÌÌادي
الفرع الثاني :الرد على االنتقادات املوجهة للقانون القديم أو معنوي
بالنسبة إلى قيد شرط العدل بين الزوجات فإنه قول يصعب علينا قبوله على الرغم من قوله تعالى في
َف ْن ْف ُت ْم َأ اَّل َت ْع ُل َف َو َد ًة َأ ْو َم َم َلَك ْت َأ ْيَم ُنُك ْم َٰذ َك َأ ْد َن ٰى َأ اَّل َت ُل
4
ُع و وا﴾" ِل ا ا ِد وا اِح سورة النساء "ِ ﴿ ":إ ِخ
فهنا هل العدل املطلوب توفره هو قبل إبرام عقد الزواج أو بعده؟
1
( ( نبيل صقر ،قانون األسرة نصا و فقها وتطبيقا ،دار الهدى للطباعة و النشر ،الجزائر ، 2006،ص38-37
2
( ( م 40ق.م "كل شخص بلغ سن الرشد متمتع بقواه العقلية ولم يحجر عليه ،يكون كامل األهلية ملباشرة حقوقه املدنية
3
( ( لوعيل محمد ملين ،املركز القانوني للمرأة في قانون األسرة الجزائري ،مرجع سابق ،ص280
4
( ( .سورة النساء ،اآلية 03:
40
وبالتالي فإن إثبات العدل ال يمكن أن يتأكد من وجوده إال بعد الزواج والعيش مع شريكتها أو ضرتها
مدة من الزمن سواء في السكن املشترك أو املنفصل ولهذا يمكن القول أن ما ال يمكن إثباته قبل العقد
ال يمكن أيضا التسليم بأنه قيد على العقد،كما أن معنى اآلية اليدل أبدا انه مسبق يجب توفره قبل
إبرام عقد الزواج بالثانية وهو ال يتضمن
كما أن معنى اآلية ال يدل أبدا أنه قيد مسبق يجب توفره قبل إبرام عقد الزواج بالثانية وهو ال
يتضمن أمرا صريحا أو نهيا واضحا ،ألن الخوف املذكور قد يتحقق أثره وقد ال يتحقق كما أن العدل
1
املذكور في القرآن فهو العدل املادي واملعنوي
ورقابة القاضي على قدرة الزوج املالية ليس له فائدة من الوجهة النظرية ،ذلك ألن الذي يريد زواجا
2
جديدا بزوجة أخرى دائما مستعد من الناحية املالية بالقدر الذي يقتضيه وضعه االجتماعي
-على الزوج أن يتكفل بجميع مصاريف زوجته وأوالده لذلك فالقدرة املالية للزوج ليست مطلوبة
فقط عند التعدد فهو ضروري حتى للزوجة الواحدة
أما بالنسبة للعدل املعنوي فال يمكن للرجل التحكم فيه فهو بيد هللا لذلك نهى الزوج عن امليل إلى
َو َل ْو َح َر ْص ُت ْم 3 َأ َت ُل َن َل َت َت
﴾ واحدة دون األخريات لقوله تعالى "﴿ َو ن ْس ِط يُع وا ن ْع ِد وا َبْي الِّن َس ِءا
-وبخصوص ضرورة إخبار الزوجتين السابقة والالحقة و وجود املبرر الشرعي فإن الشريعة
اإلسالمية لم تجعل للتعدد شرط مرتبط ال بالعقم وال باملرض وال بغيرهما لكن األشخاص جعلوها
مبررات للتعدد وألزموا أنفسهم بها
-إن اشتراط وجود املبرر الشرعي الذي يرضي به القاضي مردود عليه عندما يطرح احدهم الرأي
القائل ملاذا لم يقدم مبرر الزواج للقاضي عند الزواج األول ويشترط عندما يريد أن يعدد ،وكان
الزواج األول أولى بالتقييد من الثاني الذي يتم عادة بعد تجربة وخطأ ،و خصوصا أن الزواج ليس
خاليا من أي قيد حتى نطلب من القاضي عرقلته الن رقابة األقرباء وأهل الزوجة القديمة أشد من
رقابة القانون والقضاء
-إن اشتراط املبرر قد أدى إلى كثرة الطالق والزواج العرفي ،ألن كثيرا من األزواج ومن أجل عدم
املساس بأسرارهم يحجبون عن كشف املبرر لذا يقدمون على طالق زوجاتهم ليتزوجوا من جديد وإن
4
في هذا خطرا على املرأة واألوالد أكثر من خطر التعدد
املطلب الثالث :تعدد الزوجات في ظل قانون األسرة () 05/02
1
( ( لوعيل محمد أمين ،مرجع سابق ،ص 284-283
2
( (نبيل صقر ،مرجع سابق ،ص28
3
( ( .سورة النساء ،اآلية 129:
4
ص 286-285 ( (لوعيل محمد أمين ،مرجع سابق ،
41
بعد االنتقادات التي تلقاها القانون القديم ( ) 84/11والنقائص التي كان يعاني منها هذا القانون طرأ
تعديل الجديد لتغطية النقائص التي شابهته ،وظهر القانون رقم(، ) 05/02الذي جاء بمجموعة من
التعديالت ،ويعود الفضل في فتح ملف مراجعة قانون األسرة بالدرجة األولى إلى املنظمات النسوية،
التي استطاعت تمرير مطلبها هذا مستقوية باملتغيرات الدولية من أبرزها إعادة النظر في مسألة حقوق
اإلنسان ،وخاصة حقوق املرأة والطفل وفقا ملا نصت عليه االتفاقيات واملعاهدات التي صادقت عليها
الجزائر ، 1والذي أدى إلى إلغاء مجموعة من املواد ،ومن بين التعديالت التي جاء بها هذا القانون
التعديل الذي مس املادة 08من القانون القديم( )84/11التي تتحدث عن موضوع تعدد الزوجات
والتي ادى الى تقييدها والنص عليها في املواد 08 ،08مكرر 01من القانون .02 /05
ومن أسباب صدور القانون 05/02انه أي قانون شرع في مرحله زمنيه يستوجب مراجعته إذا تغيرت
ظروف تلك املرحلة التي شرع فيها وكذلك الحال بالنسبة لقانون األحوال الشخصية فمن 1984الى
2005حدثت تغيرات اجتماعية وسياسية وثقافية واقتصادية أدت إلى تغير أولويات املواطن وبالتالي تم
تعديل هذا القانون ملواكبة هذه التطورات.
وكذلك على مستوى الدولة فقد عقدت الجزائر العديد من االتفاقيات الدولية وتأثرت بالضغوطات
2
الدولية خاصة مع انتشار مبادئ الديمقراطية ومفهوم املساواة بين الرجل واملرأة.
-كما لعبت الجمعيات النسوية دورا كبير في التأثير على املشرع الجزائري ويستند أنصار هذه
الجمعيات إلى أن التعدد يمس بكرامة املرأة ،وال يأخذ بعين االعتبار عواطفها وإنسانيتها خاصة ون
املرأة قد اندمجت في جميع امليادين بما فيها تلك التي كانت حكرا على الرجال ،وباملقابل كان هناك تيار
آخر يرفض هذا النوع من املساواة بين الرجل واملرأة وفي موضوع التعدد بالذات فإنه ينظر إليه أنه
اعتداء على أحكام الشريعة اإلسالمية ويعتبرون أفكار الجمعية النسوية مجرد تقليد وتبني أفكار غربيه
3
وعرقلة لتطبيق قواعد الشريعة
وبين هذا وذاك كان املشرع الجزائري مضطر ألن يساير التطور الكامل في املجتمع و يلتزم باملعاهدات
حفاظا على مكانة الجزائر ،وكان الحفاظ على أهم مبدأ في الدستور وهو"اعتبار اإلسالم دين دولة".
تغير النظام السياسي من املغلق إلى املفتوح على التعددية الحزبية بدل الواحد أي العلمانية التي تؤمن
بفصل الدين على الدولة وتبني الكثير من األفكار الغربية ،وعندما وصلت هذه الفئة إلى الحكم حاولت
تطبيق هاته األفكار ،التي كانت تؤمن بها وهذا من خالل مساهمة البعض من ممثلي هذه األحزاب في
1
: كلثوم مسعودي/بن ققة سعاد ،األسرة الجزائرية كما يصورها قانون األسرة الجزائري لسنة ،2005امللتقى الوطني الثاني حول
( (.االتصال و جودة الحياة في األسرة ،جامعة قاصدي مرباح ورقلة 09/01 ،افريل ، 2013ص 06
2
( (كلثوم مسعودي بن ققة سعاد ،املرجع نفسه ،ص 7-6
3
( ( .عبد العزيز سعد ،قانون األسرة في ثوبه الجديد ،أحكام الزواج والطالق بعد التعديل ،املرجع السابق ،ص 139.
42
تعديل قانون األسرة ضمن اللجنة التي كونها الرئيس الجزائري السابق -رحمه هللا -بوتفليقة املتكونة
من
52شخص ،ونستطيع القول أن هذه جملة األسباب والعوامل التي أدت إلى تعديل القانون 48/11
1
وصدور القانون 05/02
الفرع األول :الضوابط التي أضافها املشرع في قانون األسرة الجزائري
لقد وضع املشرع الجزائري ضوابط أخرى باإلضافة إلى تلك الضوابط الشرعية الواردة في الشريعة
اإلسالمية ،وهذه الضوابط تعتبر بمثابة إجراءات وقائية لصالح املرأة ،يفترض على الرجل أن يحتاط
بها قبل اإلقبال على الزواج من امرأة أخرى ، 2وتتمثل هذه الضوابط في وجود املبرر الشرعي ،وإخبار
الزوجة السابقة واملرأة الالحقة وكذا طلب الترخيص القضائي ،باإلضافة إلى عدم اشتراط الزوجة
عدم التعدد عليها وهذا ما سنراه تباعا فيما يلي :
أوال -وجود مبرر شرعي
لقد أشار املشرع الجزائري املبرر الشرعي في املادة 8من ق .أ .ج حيث تنص هذه املادة على ":يسمح
بالزواج بأكثر من زوجة واحدة متى وجد املبرر الشرعي… "..3ويتضح من هذه املادة أن املبرر الشرعي هي
عبارة عامة لم يتم تحديد املقصود منها ،ألن املبررات الشرعية كثيرة وتختلف بحسب الوجهة التي
5
ينظر إليها ،4مما يجعل األمر موكوال إلى قضاة املوضوع لتحديد املقصود من هذه العبارة العامة.
لكن بالرغم من أن املشرع الجزائري لم يحدد ماهية مبرر شرعي من قانون األسرة ،ولم يضرب ولو
مثاال واحدا لذلك ،كما لم يضع أي معيار للتفريق بين املبرر الشرعي وغير الشرعي وهذا ما يعاب
عليه ،6إال أنه تفطن ملا اكتنف النص القانوني من ثغرات ،وقام بتقييد املبرر الشرعي بمنشورين
وزاريين ،7ويكمن الهدف من هذين املنشورين في كشف اللبس ورفع الغموض وتفسير ما يكون بحاجة
إلى تفسير ،باإلضافة إلى تغطية الفراغ القانوني الوارد في النصوص القانونية من قانون األسرة ،مغلقا
8
بذلك الباب أمام االجتهاد الفقهي والقضائي.
ويعتبر ضابط املبرر الشرعي شرط مستحدث ،ألن الشريعة اإلسالمية لم تنص عليه ،ولهذا كان
للمنشور رقم 102 -84أهمية خاصة ألنه حدد مفهوم املبرر الشرعي ،9وجعله ال يتعدى أمرين يتمثالن
1
) (.المرجع نفسه .،ص139
2
) ( .محمد لمين لوعيل ،المركز القانوني للمرأة في قانون األسرة الجزائري ،دار هومة ،الجزائر ، 2004 ،ص73
3
) (قانون رقم 11-84المتضمن قانون األسرة المعدل و المتمم مصدر سابق
4
) ( الرشيد بن شويخ ،شرح قانون األسرة المعدل دراسة مقارنة لبعض التشريعات العربية ،مرجع سابق ،ص 110
5
( العربي بلحاج ،الوجيز في شرح قانون األسرة الجزائري ،مرجع سابق ،ص) 190
6
( (سعد عبد العزيز ،الزواج والطالق في قانون األسرة الجزائري ،مرجع سابق ،ص 86
7
(.منشور وزاري أول تحت رقم ،102-84بوعزيز فضيلة ،مرجع سابق ،ص 38ومنشور وزاري الثاني تحت رقم ،14-85مرجع سابق) 92 ،
8 7
جمال عياشي ،قيود تعدد الزوجات بين الشريعة والقانون ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص ،كلية الحقوق والعلوم اإلدارية ( ) ،
جامعة الجزائر ، 2005-2004 ،ص104
9 8
عالم ساجي ،مرجع سابق ،ص ( ) 87
43
في عقم الزوجة واملرض العضال ،ولقد ذكرنا ما جاء في هذا املنشور سابقا ،1ويتم إثبات املبرر الشرعي
حسب هذا املنشور بشهادة طبية من طبيب مختص يثبت عقم الزوجة األولى أو مرضها العضال.
تجدر اإلشارة إلى أن الشريعة اإلسالمية لم تبرر إقرار تعدد الزوجات بالعقم أو باملرض أو بغيرهما
وهذا عكس ما ورد في املنشور ،وكان الهدف من ذلك عدم تقييد التعدد في حاالت معينة ،كما أن
املشرع الجزائري بإقراره تعدد الزوجات في حالة عقم الزوجة يكون قد قلل من العالقات غير
الشرعية الخارجة عن نطاق الزوجية والتي ينتج عنها أطفال ال يحميهم القانون إلقرار نسبهم ،ولكن ما
يأخذ على املنشور رقم 102-84أنه قد اكتفى بمبررات على سبيل الحصر (العقم واملرض العضال) ،وفي
هذه الحالة يكون قد أهمل الجوانب النفسية للزوج الذي ال يرغب في معاشرة زوجته ألسباب يصعب
2
إثباتها ماديا كحالة النفور النفسي مثال.
لكن املشرع بعد أن وجد أنه حصر املبرر الشرعي في حالتين فقط املذكورتين سابقا ،حاول توسيع
مضمون املبرر الشرعي بإصداره املنشور الثاني رقم ،14 -85والذي جاء فيه" :حاالت يقدرها القاضي،
خاصة في حالة رضا الزوجة األولى ،و للقاضي السلطة التقديرية في أن يرخص بالزواج الثاني أو
3
يرفضه ،بمجرد أمر على ذيل عريضة غير قابل للطعن"
لهذا يكون املشرع الجزائري قام بموجب هذين املنشورين ،بتحديد معنى املبرر الشرعي وجعله في ثالث
حاالت تتمثل فيما يلي - :عقم الزوجة
-مرضها العضال
-الحاالت التي يقدرها القاضي ،بشرط قبول الزوجة األولى
لكن املشرع بالرغم من أنه قام بتوسيع املبرر الشرعي ،إلى أنه وقع في نفس درجة الغموض ،لكونه لم
يحدده ولم يبينه ،واملالحظ في هذا الشأن أيضا أن املبرر الشرعي في املنشور الثاني ينحصر في إرادة
القاضي الذي يحدد املصلحة في التعدد من عدمها بينما في املنشور األول نجده ينحصر في الحالتين
املصرح بهما في هذا املنشور ،حيث في هذه الحالة تنعدم السلطة التقديرية للقاضي في اإلذن بالتعدد
4
اللتزامه بالنص القانوني.
يكون املشرع بهذا الشكل بالرغم من أنه أضاف املنشور الثاني ،إال أنه لم يبين املسألة بشكل دقيق ،كما
أنه لم يحدد املبررات الشرعية لتعدد الزوجات على سبيل الحصر ،وبالتالي فاألمر يبقى في جميع
األحوال متروك لتقدير املحكمة بناء على السلطة التقديرية للقاضي وما يقدم أمامهم من إدعاءات،
1
( ( راجع ص 39-38من هذه المذكرة
2
) مقران طارق عبد العزيز ،نفس المرجع ،ص ) 87
3 2
بوعزيز فضيلة ،نظام تعدد الزوجات في الفقه اإلسالمي وقانون األسرة الجزائري ،مذكرة ماسترفي القانون ،جامعة اكلي محند اولحاج ( ) ،
والعلوم السياسية ،البويرة ،الجزائر ، 2015/،2014ص .105الحقوق كلية
4
( جمال عياشي ،مرجع سابق ،ص ) 105،106
44
لذلك يعتبر هذا الشرط أي شرط وجود املبرر الشرعي من بين املسائل التي يدرسها القاضي لتقدير
مدى أحقية الزوج لتعدد الزوجات أو عدم أحقيته في ذلك.
تجدر اإلشارة إلى أنه قد تم إصدار املنشورين الوزاريين من أجل تعديل املادة 8من ق .أ .ج لسنة
1984وقد عدل هذا القانون سنة ،2005فهل يظل املنشور ساري املفعول بعد تعديل القانون ؟
خاصة وأن املنشور صدر ليخاطب املوثق وضابط الحالة املدنية عندما كان التعدد ينعقد أمامهما ،أما
عندما تغير األمر وأصبح التعدد ال ينعقد إال أمام القاضي برخصة مسبقة منه ،فهل يستمر املنشورين
1
في السريان رغم أن شروط املادة 8قد تغيرت ؟
لإلجابة على هذا اإلشكال فإنه ما دام ليس هناك ما يلغي املنشورين ،فالتطبيق يبقى ساري املفعول
لحين صدور نصوص بديلة خاصة أن الهدف الذي من أجله سنت هذه املناشير رفع اللبس والكشف
عن الغموض الذي يدور حول املبرر الشرعي في املادة 8من ق .أ .ج
ثانيا -إخبار الزوجة السابقة واملرأة الالحقة بالتعدد
لقد نصت املادة الثامنة في فقرتها الثانية على ما يلي":يجب على الزوج إخبار الزوجة السابقة واملرأة
2
التي يقبل على الزواج بها…"..
-يتضح من خالل هذا النص أن املشرع الجزائري اشترط وجوب إخبار الزوجة السابقة والالحقة بهذا
الزواج لكن دون أن يبين الكيفية واإلجراءات الواجب إتباعها إليصال الخبر إلى الزوجتين ومن هنا
نتساءل عن كلمة إخبار التي جاءت بها املادة الثامنة هل يقصد بها إشعار املرأة األولى ألنه يريد الزواج
بامرأة ثانية موضحا لها مبررات هذا الزواج،كما يخبر الثانية بأنه رجل متزوج من قبل وله أوالد إذا
كان له ذلك،كما يخبرها بمستقبل وجودهما في البيت يا زوجي أو يقصد بهذا املصطلح استشارة الزوجة
3
في هذا الزواج
لكن قانون األسرة الجزائري املعدل لسنة 2005لم يكتفي باألخبار واإلعالم فقط بل اشترط حصول
موافقة الزوجة السابقة واملرأة التي يقبل على الزواج بها وكان هذا عكس ما نص عليه قانون األسرة
الجزائري قبل التعديل الذي اكتفى بمجرد اإلخبار فقط حيث أن تعدد يتم بعد علم كل من الزوجة
السابقة والالحقة ولم يشترط املوافقة
يضاف إلى أن هذا التعديل الذي طرأ على املادة 8من ق .أ .ج نجد أن املشرع الجزائري حمى املرأة
املتزوجة من تعسف الزوج باستعمال حقه و قد تم تجسيد هذا املبدأ بحلول عملية تتمثل في املنشور
1
( محمد بومدين ،سلطة القاضي في منح رخصة تعدد الزوجات ،دراسة مقارنة ،مجلة الفقه والقانون ،ع ، 14جامعة أدرار ،2013 ،ص) 70
2
( ( .قانون األسرة معدل و متمم 05/02المؤرخ في 27فبراير 2005
3
عالم ساجي ،ظاهرة العنف في تعدد الزوجات ،مجلة الدراسات القانونية ،ع ، 6كلية الحقوق والعلوم التجارية ،جامعة مستغانم ،2010 ،ص)
)88
45
الوزاري رقم ،102-84الذي يمنع كل ضابط حالة مدنية أو موثق من إبرام عقد الزواج لرجل إال إذا
1
قدم ملفا طبيا و موافقة الزوجة السابقة ورأت أن هذا الزواج ال يضر بمصلحتها
تعتبر هذه اإلجراءات التي استحدثها املشرع الجزائري فيما يخص إخبار الزوجة السابقة واملرأة التي
يقبل على زواج بها غير مجدية فهي قد تعرقل مشاريع الزواج لذلك كان من األفضل على املشرع أن
يستعمل املصطلح "إخطار" لنتوقف عندئذ عند حدود إخبار الزوجة بهذا الزواج الذي ستقبل عليه
الن هذه األخيرة تتجاوز مفهوم العلم ويقصد بها املشاركة أي مشاركة الزوجة في إقرار هذا الزواج كما
يتوقف الزواج هنا على موافقتها ومن هذا هنا يمكن أن نطرح التساؤل اآلتي :هل فعال للمرأة
الجزائرية دور استشاري في إقرار الزواج ألتعددي أم العكس ؟
يمكن القول بأن إعالم الزوجة بهذه الطريقة واستصدار رضاها على هذه الطريقة فيه ضرب من
ضروب االستحالة ملا في املرأة من غيرة وحساسية نحو الزوجة الثانية التي هي في نظرها ضرة لها،
2
وبالتالي سيبقى اإلخبار بهذه الطريقة فيه النوع من الثقل على كاهل الزوج الذي يريد أن يعدد
يمكن القول أيضا في هذا املجال،أننا نعيب على قانون األسرة فيما يتعلق بإخبار الزوجة السابقة
والالحقة ،ألنه لم يحدد الكيفية التي يتم بها إخبار الزوجتين ،3فهل يتم ذلك بشكل شفوي أم برسالة،
أم تتولى الجهات املراد إبرام العقد ذلك.
في واقع األمر أن ما جاء به التعديل الجديد يصعب تحقيقه من الناحية الواقعية ،خصوصا مسألة
حصول املوافقة املسبقة على الزواج من طرف الزوجتين ،وهي مسألة نادرة جدا ،بل ان هذه املوافقة
تعد مستحيلة في كثير من األحيان ،وهذا األسلوب يؤدي إلى انتشار ما يسمى بالزواج العرفي في البداية،
4
ثم بعد ذلك يتم تسجيله ليصبح أمرا واقعا
هذا ما تم استنتاجه من تحليلنا للمادة الثامنة من ق.أ،ج املعدل ،5وذلك في نصها على الشروط الواجب
توافرها لتعدد الزوجات من بينها علم الزوجة السابقة والالحقة ،وحده هذا الشرط نجده فعال
ضروري إال أنه إذا تم مقارنة هذه املادة مع نص املادة 22من نفس القانون نلمس املشكلة في التوفيق
بينهما ألن هذه األخيرة تنص على أنه يثبت عقد الزواج بمستخرج من سجل الحالة املدنية وفي حالة
عدم تسجيله يثبت بحكم إذا توافرت أركانه ،فهذه املادة إذن تسمح بتسجيل زواج عرفي في سجل
الحالة املدنية وهو اعتراف به من طرف املشرع الجزائري ،يتضح من هذا أن الزواج العرفي قد أفقد
املادة الثامنة كل أهميتها
1
( منشور وزاري أول تحت رقم ، 102-84انظر :بوعزيز فضيلة ،مرجع سابق ،ص ) 38
2
( (عالم ساجي ،مرجع سابق ،ص 88
3
( سعد عبد العزيز ،الزواج والطالق في قانون األسرة الجزائري ،مرجع سابق ،ص) 88
4
(رشيد بن شويخ ،مرجع سابق ،ص ) 113
5
( .قانون رقم ،11-84متضمن قانون األسرة معدل و متمم ،مصدر سابق )
46
وحتى وجودها كمادة شرطية ألن الزواج الذي ال يتوفر فيه شروط التعدد ومن بين هذه الشروط
شرط إخبار الزوجة السابقة والالحقة يتم إنعقاده عرفيا وبالتالي مايبقى على موظف الحالة املدنية إال
تسجيل
1
هذا الزواج إذا استوفى الشروط املطلوبة في املادة التاسعة من ق .أ .ج
ثالثا-طلب الترخيص القضائي الذي يسمح بتعدد الزوجات
إن نص املادة 8من ق .أ .ج في صياغتها الجديدة ،تفرض رقابة قضائية تسمح للقاضي بمنح الترخيص
أو رفضه وهذا بعد االستماع إلى الزوج وزوجته األولى والتأكد من مبررات التعدد ،وتوافر شروطه
2
الشرعية من القدرة على اإلنفاق والعدل بين الزوجات وتوفير الشروط الضرورية للحياة الزوجية
يتضح من هذا أن املشرع الجزائري أضاف بموجب التعديل الجديد لقانون األسرة ضابط جديد يتمثل
3
في طلب الترخيص بالزواج مرة أخرى يقدمه الزوج لرئيس املحكمة ملكان مسكن الزوجية
لكن املشرع الجزائري بالرغم من انه أضاف هذا الضابط بموجب التعديل الجديد إال أنه لم يتناول
اإلجراءات الواجب إتباعها للحصول على ترخيص القضائي املتخذ كضابط قانوني من ضوابط تعدد
زوجات ،ولهذا جاء املشرع باملنشورين الوزاريين املذكورين سابقا يبين فيهما كيفية تدخل القاضي في
عقود التعدد من أجمل منح الترخيص.
القاضي لكي يرخص بالزواج الجديد البد منه أن يتأكد من موافقة الزوجة السابقة والالحقة الذي
يثبت بإعمال املنشور الوزاري 102 - 84باإلضافة إلى إثبات املبرر الشرعي من قبل الزوج الذي ينحصر
في أحد األمرين فإما أن تكون زوجه عقيما أو أن تكون مصابة بمرض العضال وهذا حسب نفس
املنشور الوزاري ،كما يمكن للقاضي أن يسمح من تلقاء سلطته املطلقة بإبرام الزواج ألتعددي خاصة
في حاله قبول الزوجة األولى وهذا حسب املنشور الوزاري رقم ، 14 -85وعلى القاضي أيضا أن يتأكد
4
من إثبات الزوج قدرته على توفير العدل وهذا حسب املنشور الوزاري رقم 102 -84
يتأكد القاضي أيضا من إثبات الزوج قدرته على توفير الشروط الضرورية للحياة الزوجية أي رقابة
القاضي على القدرة املالية للزوج ،ويمكن له أن يتأكد من ذلك بسهولة كاالطالع على دخل الزوج من
خالل شهادة كشف الراتب إذا كان موظف ،أو من خالل رقم إعماله التجارية إذا كان تاجرا ،او من
خالل شهادة الشهود والى غير ذلك من وسائل اإلثبات.
1
( ساجي عالم ،مرجع سابق ،ص) 90
2
)(العربي بالحاج ،مرجع سابق ،ص191
3
( سعد عبد العزيز ،قانون األسرة في ثوبه الجديد ،أحكام الزواج والطالق بعد التعديل ،مرجع سابق ص ) 89
4
(جمال عياشي ،مرجع سابق ،ص ¨) 109-103
47
بعدما يتأكد القاضي من توفر هذه الشروط له أن يقدم الترخيص بالزواج مره أخرى ،وإذا تخلفت
أحد هذه الضوابط يمكن له أن يرفض الترخيص فالقاضي له السلطة التقديرية الواسعة في منح
الترخيص أو عدم منحه فمثال إذا تخلف شرط موافقة الزوجة األولى وذلك بتعسف الزوجة في
استعمال حقها وأبدت رفضها بدون مبرر شرعي ،واثبت الزوج املبرر الشرعي وقدرته املالية وكل
الشروط الضرورية والالزمة للتعدد ،ففي هذه الحالة القاضي بمنح الترخيص وذلك موازنته بين قيمة
املبرر الشرعي والقدرة على توفير العدل والشروط الضرورية للحياة الزوجية وبين موافقة الزوجة
1
السابقة ،حتى يكون قراره عادال و محققا للغاية التي أباح الشرع والقانون ألجلها تعدد الزوجات.
يتضح من هذا أن القاضي لكي يقوم بكل هذه اإلجراءات البد على الزوج الراغب في الزواج مرة أخرى
أن يقدم الطلب من أجل ذلك للقاضي املختص نوعيا ومحليا ،والذي يكون تطبيقا هو رئيس املحكمة
على مستوى االبتدائي وهو بدوره القاضي الذي يقع في دائرة اختصاصه موطن مسكن الزوجية من
حيث املحل ،ويشمل الطلب من الناحية العلمية الوثائق التالية :
-طلب خطي من الزوج املعني باألمر
-شهادة إقامة
-شهادة طبية تثبت املبرر الشرعي
-شهادة ميالد أصلية لكل من الزوج و الزوجة و املرأة املقبلة على التعدد
-نسخة من سجالت عقود الزواج لعقد الزواج السابق
-نسخة من سجالت الحالة العائلية للزواج السابق
2
-نسخ عن بطاقات التعريف الوطنية املصادق عليها لكل اإلطراف
بعد أن يتم تقديم هذا الطلب من أجل الترخيص القضائي الذي يسمح بالتعدد ،يتأكد القاضي من
توافر الشروط املنصوص عليها في املادة 8من ق .أ .ج ويكون له في هذه الحالة سلطة تقديرية واسعة
في منح الترخيص للزوج الذي يرغب في التعدد أو عدم منحه ذلك
لكن ما يمكن مالحظته في النص املادة 8من ق أ ج أن املشرع قد ذكر في فقرة الثانية أن القاضي
بمنح الترخيص بعد إخبار وليس موافقة الزوجة السابقة والالحقة والتأكد من املبرر الشرعي وباقي
الضوابط ،ثم ذكر انه في حالة موافقة الزوجة السابقة والالحقة يمنح القاضي الترخيص
هذا يعني أن املوافقة تحل محل املبرر الشرعي ،وال يتأكد القاضي سوى من باقي الضوابط وبالتالي على
املشرع أن يتدارك الخطأ ويقوم بالتعديل ،إما بحذف الفقرة الثالثة كليه ما دام أن الزوج رغم موافقة
1
محمد شمروك ،مراد محمودي ،عدالن غربي ،السلطة التقديرية لقاضي شؤون األسرة في الزواج و انحالله ،مذكرة لنيل إجازة المدرسة العليا( )
.للقضاء ،الدفعة ، 2008-2005 ، 16ص 14
2
( جمال عياشي ،مرجع سابق ،ص ) 110
48
الزوجتين ملزم على تقديم املبرر الشرعي واالكتفاء بالفقرة 1و 2وإما بحذف عبارة بعد إثبات الزوج
للمبرر شرعي واعتبار املوافقة تكفي ،بالرغم من تشديد املشرع الجزائري على ضرورة حصول الزوج
على ترخيص بالزواج مرة أخرى من طرف القاضي ،إال أنه يمكن تفادي هذا الضابط
1
والزواج من جديد دون الحصول على ترخيص عن طريق الزواج العرفي
بمفهوم املخالفة أباح املشرع التعدد عن طريق الزواج العرفي ،حيث لو حصل الزواج الثاني وتم
الدخول دون الحصول على ترخيص من القاضي ،يستطيع الزوج أن يثبت الزواج بحكم قضائي وفقا
للمادة 22من ق .أ .ج ، 2ألن املشرع الجزائري ال يستطيع أن يحرم حالال لذلك مهما قيد من التعدد
يبقى انه مباح وال يستطيع أن يقيد الرجل رغما عنه
يطرح سؤال في هذه الحالة ملاذا وقع املشرع في التناقض املوجود بين املادتين 8و 22من ق .أ ج؟
ال شك أن هذه الطريقة استعملها املشرع حتى ال يمنع الزواج والعرفي املستوفي ألركانه وشروطه طبقا
للشريعة اإلسالمية ،التي هي املرجع واملصدر األساسي لقانون األسرة ،كما أن الزواج العرفي هو
الطريقة األصلية التي أقرها اإلسالم إلبرام عقد الزواج.
يدرك املشرع الجزائري أيضا انه ليس من مصلحة املجتمع القضاء على ما يسمى بالزواج التقليدي،
ألنه يكون الحل الوحيد في بعض الحاالت للخروج من بعض املآسي االجتماعية التي قد يقع فيها العديد
من األزواج ،كعدم إمكان تسجيل نسب األطفال في الحالة املدنية ،غير أن هذه الطريقة يستطيع
بموجبها الزوج في حالة رغبته بالزواج مرة أخرى ،أن يدلس على الزوجة السابقة ويجعلها أمام األمر
الواقع ،3وذلك في حالة عدم استطاعته الحصول على ترخيص القضائي من أجل التعدد.
يتضح إذا لنا أن الزواج العرفي هو طريقة من الطرق التي تسمح بالتعدد دون توفر الشروط
املنصوص عليها في املادة 8من ق .أ .ج
رابعا -عدم اشتراط الزوجة عدم التعدد عليها
بما أن املشرع الجزائري أعطى للمرأة حق االشتراط على زوجها أال يتزوج عليها مرة أخرى ،يمكننا إذا
أن نضيف إلى الشروط التي نص عليها املشرع الجزائري في املادة 8من ق .أ .ج فيما يخص تعدد
الزوجات ،شرط آخر البد من توفرها لكي يستطيع الزوج أن يتزوج مرة أخرى ،والذي يتمثل في عدم
اشتراط الزوجة أال يتزوج عليها زوجها ،الن يمكن للزوجة أن تشترط على زوجها عدم الزواج عليها
وهذا ما نص عليه املشرع الجزائري في نص املادة 19من ق .أ .ج التي تنص " يجوز للزوجين أن
1
سعاد نذير ،التطليق في قانون األسرة الجزائري ،مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر في القانون ،تخصص عقود و مسؤولية ،جامعة البويرة ) )،
،1013- 2012ص 28-27
2
( التي تنص على :يثبت الزواج بمستخرج من سجل الحالة المدنية ،وفي حالة عدم تسجيله يثبت بحكم قضائي )
3
خيرة قويدري ،حاالت التطليق في قانون األسرة الجزائري في ضوء الفقه اإلسالمي و القضاء ،أطروحة لنيل درجة دكتوراه في القانون ،كلية) )
الحقوق ،جامعة الجزائر ، 2009-2008 ، 1ص105
49
يشترطا في عقد الزواج أو في عقد رسمي الحقا الشروط التي يريانها ضرورية السيما شرط عدم تعدد
الزوجات وعمل املرأة ما لم تتنافى هذه الشروط مع أحكام هذا القانون"
يتضح من هذه املادة أنه من الشروط التي صارت معتبرة من الناحية القانونية هو شرط عدم الزواج
على املرأة ،إذا اشترطت الزوجة على زوجها أن ال يتزوج عليها فقبل بهذا الشرط فيجب عليه الوفاء به،
وإذا أراد أن يتخلص من هذا الشرط لسبب أو ألخر فما عليه سوى إقناعها بالتنازل عن الشرط،1
فحق املرأة في اشتراط عدم التزوج عليها ثابت في الشريعة اإلسالمية ،وذهب إلى ذلك املشرع الجزائري
2
في املادة 19من ق.أ.ج املذكورة سابقا.
جاءت املحكمة العليا في اجتهاداتها القضائية بأحكام موافقة ،حيث ورد في إحدى أحكامها ":حيث أنه
من املقرر فقها وقضاءا جواز اشتراط الزوجة في عقد الزواج ما تشاء من الشروط التي لها فيها فائدة
بشرط أن ال تحلل حراما أو تحرم حالال ،وبشرط أن ال تناقض روح العقد" ،3وذلك تطبيقا للمبدأ
القائل بأن ":العقد شريعة املتعاقدين" ،وتماشيا مع قول الرسول صلى هللا عليه وسلم ":املسلمون على
4
شروطهم إال شرطا حرم حالال أو أحل حراما"
يتضح من هنا أن الزوجة يمكن لها أن تشترط في عقد الزواج أو في عقد رسمي الحقا عدم تعدد
الزوجات وهذا حسب املادة 19من ق.أ.ج ،إذا قبل به الزوج يجب عليه أن ال يخالفه ألن اإلخالل بهذا
الشرط ينتج عنه أثرا سلبية تلحق ضررا بالزوجة ،لذلك يكون من الضروري على الزوج الذي يريد أن
يعدد في زوجاته أن ال يقبل هذا الشرط ،ألن الراغب في تعدد الزوجات البد ان تتوفر فيه الشروط
الواردة في املادة 8من ق .أ .ج ،باإلضافة إلى توفر شرط عدم اشتراط الزوجة عدم الزواج عليها.
بعدما تطرقنا لشروط تعدد الزوجات الواردة في 8من ق .أ .ج يتضح لنا أن املشرع الجزائري بالرغم
من أنه أضاف شروطا أخرى غير تلك التي وضعتها الشريعة اإلسالمية إال أن ذلك ال يعتبر تعديا عليها
او مخالفتها ،فهذه اإلضافة تؤدي إلى إزالة فوضى التعدد ومساوئه خاصة منع األزواج من التعسف من
5
استعمال هذا الحق ،كما أنها تؤدي إلى مسايرة التطور الحاصل في املجتمع.
الفرع الثاني :أثار اإلخالل بالضوابط التي أضافها املشرع في قانون األسرة الجزائري
تعمل القواعد القانونية على تنظيم سلوك الجماعات في املجتمع الواحد،لذلك البد من اقتران القواعد
القانونية بالجزاء لإلجبار على إتباعها ملا تحمله من ردع وإثبات للحقوق فهي بذلك تعمل على ضبط
1
( احمد شامي ،قانون األسرة الجزائري طبقا ألحدث التعديالت ،دار الجامعة الجديدة ،مصر ، 2010 ،ص ) 130-129
2 2
)اليازيد عيسات ،مرجع سابق ،ص) 39
3
(ق .م .ع ،المؤرخ في 3مارس ، 1971غ .ق .خ .ن .ق ، 72ع ، 2الجزائر 1971 ،ص ) 39
4
اخرجه الترميذي ،عن كثير بن عبد هللا بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده ،سنن الترميذي ،كتاب اإلحكام ،باب ما ذكر عن الرسول ()
.صلى هللا عليه وسلم في الصلح بين الناس ،ح ر ، 1357حديث حسن صحيح ،دار الفكر ،لبنان 2005ص 412
5
)( .بوعزيز فضيلة ،مرجع سابق ،ص 99-98
50
تصرفات األفراد في املجتمع ،وفي إطار تعدد الزوجات فقد وضع املشرع الجزائري مجموعة من
الشروط القانونية لتنظيمه كماجعل جزاء ملخالفة هذه الشروط،وهذا ما سنتطرق له من خالل دور
الزواج العرفي في التعدد وكذا التدليس وحق التطليق والفسخ قبل الدخول وذلك باملقارنة مع بعض
القوانين الوضعية
أوال :دور الزواج العرفي في تعدد الزوجات
رغم أن املادة 08من قانون األسرة الجزائري ،قيدت حرية الرجل في الزواج بأكثر من زوجة واحدة،
وأوكلت لرئيس املحكمة مهمة الترخيص للزواج الجديد ،بعد تأكده من موافقة الزوجتين السابقة
والالحقة ،لكنها فسحت املجال للزواج العرفي ،الذي أصبح ظاهرة دخيلة على املجتمع ،ومتداولة عبر
املحاكم ،فكيف يكون رد فعل زوجة اكتشفت وجود ضرة لها ،خاصة وأن الجزائريات يرفضن بتاتا
مسألة الحديث عن التعدد. .
فالزواج العرفي هو الزواج يتوفر على جميع أركانه وشروطه الشرعية والقانونية ،غير أنه لم يتم
شهره و تسجيله بسجالت الحالة املدنية بسبب استحالة توفر الشروط املذكورة في املادة 08ال سيما ما
تعلق منها بالحصول على ترخيص الزوجة األولى و الجديدة ،ما دفع عددا معتبرا من األزواج إلى اعتماد
الزواج العرفي كحل بديل للتعدد ،ومنهم من اختار العيش في الحرام مع امرأة ثانية بعدما حرمته
1
زوجته والقانون من الزواج مرة أخرى.
فكان انتشار ظاهرة الزواج العرفي النتيجة لتقييد تعدد الزوجات بحيث ألزم أئمة املساجد بتوصيات
من السلطات بعدم عقد زواج شرعي أو قراءة الفاتحة للتعبير عن إتمام الزواج إال في حالة وجود عقد
الزواج مدني موثق ،ونتج عن ذلك عدم االعتراف بنسب األبناء من طرف اآلباء ،وكذلك تهرب األزواج
من تحمل
النفقة بعد الطالق وقد برر وزير الشؤون الدينية هذا القرار أي العقد املدني قبل العقد الشرعي
بجملة املشاكل التي تنتج عن العقد الشرعي املسجل في مصالح البلدية منها عدم االعتراف بنسب
2
األوالد.
فحسب إحصائيات وزارة شؤون الدينية أن أئمة املساجد يعقدون السنويا 2.3مليون عقد شرعي،
بينما تستمر املحاكم في استقبال شكاوى الزوجات ضحايا الزواج العرفي ممن يطلبن إثبات نسب
أوالدهن ،ويرى املعارضون منهم "شمس الدين "رئيس جمعية خيرية أن تقديم عقد املدني عن العقد
الشرعي هو اعتداء على الدور االجتماعي لألمام
1
)( .مقران طارق عزيز ،مرجع سابق ،ص 62- 61
2
) رمضان بالعمري ،القيود على تعدد الزوجات يفتح شهية الجزائريين للزواج العرفي ،جريدة العربية 5 ،أوت ،2007الجزائرالموقع االلكتروني )
WWW.alarabiya.net/aeticles/2007/08/05/87513.html
51
ويرى الشيخ "عبد الرحمن الشيبان " رئيس جمعية العلماء املسلمين الجزائريين ":إن العقد الشرعي
الذي
.
.يحترم شروط النكاح سابق للعقد املدني وأن تسجيل العقد املدني ضامن لحقوق املرأة واألبناء ويأتي
1
كدعم للعقد الشرعي"
ثانيا :التدليس وحق التطليق
نصت املادة 08مكرر على ما يلي" في حالة التدليس يجوز لكل زوجة رفع دعوى قضائية ضد الزوج
للمطالبة بالتطليق"
يفهم من نص املادة 08مكرر من قانون األسرة الجزائري أنه في حالة الغش املرتكب من قبل الزوج،
يحق لكل واحدة من الزوجتين رفع دعوى قضائية ضد الزوج للمطالبة بالتطليق ،كأن يلجأ الزوج إلى
استعمال طرق احتيالية من شأنها أن تخدع املدلس عليه وتدفعه إلى قبول أمر ما ،ولوال هذه الحيل ملا
قبل ذلك األمر أو التعاقد كاستخدام وثائق أو بيانات مزورة ،كما أن الكذب قد يعد تدليسا إذا لم يكن
2
بوسع الشخص اكتشافه
هذا النص القانوني يهدف إلى حماية كل زوجة من املناورات التي قد تصدر عن الزوج ومن تعسفه.
كذلك نجد املشرع الجزائري منح حق طلب التطليق للزوجة في نص املادة 53في الفقرة 06من قانون
األسرة الجزائري عن جواز طلب التطبيق عن الضرر الناتج عن تعدد الزوجات ،حيث تنص على جواز
التطليق لكل ضرر معتبر شرعا وال سيما إذا نجم عن مخالفة األحكام الواردة في املادة 08من قانون
األسرة الجزائري.
فمن خالل نص املادة 53في الفقرة السادسة ،فاملشرع جعل حالة تعدد الزوجات سببا من أسباب
التفريق أو التطبيق ،وذلك بوجوب إخبار الزوجة السابقة بعزمه على الزواج من الثانية عندما يرغب
في تعدد الزوجات ،وإخبار الزوجة الثانية بأنه متزوج بغيرها ،وموافقتهما على ذلك ،وإن لم يفعل
فيعتبر أنه غشهما أو غش إحداهما ،ولم ترضى به زوجا لغيرها ،فان من حقها أن ترفع دعوى أمام
3
القضاء ،وتطلب الحكم لها بالتطليق او التفريق ردا ان الزوج لم يخبرها بذلك قبل العقد.
غير أن نص املادة 08مكرر من قانون األسرة الجزائري لم ينص على حق طالبة التطبيق في التعويض.
1
) .رمضان بالعمري ،المرجع نفسه )
2
( (علي علي سليمان ،النظرية العامة لاللتزام ،ديوان املطبوعات الجامعية ،الجزائر ،1998 ،ص61-60.
3
( ( .عبد العزيز سعد ،الزواج و الطالق في قانون األسرة الجزائري ،الرجع السابق ،ص274.
52
أن سكوت املشرع عن حق طالبة التطليق بسبب التدليس في التعويض يفتح الباب واسعا لتعارض
االجتهاد القضائي للمحكمة العليا ،الذي انقسم إلى اتجاهين فريق يقبل طلب التعويض مع التطليق
وفريق يرفضه.
فمن يقضي بقبول طلب التعويض يرى أحقية الزوجة في طلب التعويض ألنها لم تختار فراق زوجها
إال متضررة فال يجمع عليها بين ضررين تطليقها وحرمانها من التعويض.
والتعويض ليس غرامة مالية كما سماها بعض املعترضين وال عقوبة جزائية للزوج كما ذهب إلى ذلك
1
غير املتخصصين ،وإنما هو جبر لضرر الزوجة املعنوي.
فبقبول طلب التعويض يكون على حق وفقا لقواعد املسؤولية التقصيرية طاملا أن طلب الزوجة
للتطليق مؤسس على ضرر شرعي وقانوني منصوص عليه في قانون األسرة ،وليست طالبة فراق بدون
سبب شرعي كاملختلعة ،وعليه ال يجمع عليها بين ضررين تطليقها و حرمانها من التعويض.
واالتجاه الثاني يرى أن طالبة التطليق ال تستحق التعويض طاملا اختارت فراق زوجها فيكفيها الحكم
لها بالتطليق ،وبالتالي فيرفض طلب التعويض لعدم التأسيس ،وهو يكون على حق كذلك لعدم ورود
نص القانون املقرر القتران طلب التطليق مع التعويض.2
فكان على املشرع حسما للخالف أن يضع نصا صريحا نافيا للجهالة والغموض ،ألن سكوت املشرع عن
حق طالبة التطليق في التعويض سيفتح الباب واسعا لتعارض االجتهاد القضائي من جديد في قبول
طلبي التعويض مع التطليق أو رفضه؟
فاملشرع الجزائري في املادة 08مكرر من قانون األسرة ابتعد عن الشريعة اإلسالمية ألن املرأة تتميز
بالغيرة الكبيرة وإعطائها هذه الفرصة في الحصول على التطليق في حالة الزواج عليها فإنه سيؤدي إلى
هدم أسرة بكاملها بكل سهولة ،فال يجب مواجهة خطا بخطأ.
كما نجد أن املشرع املغربي كذلك منح حق طلب التطليق مع التعويض في حالة رفض تعدد زوجها
للزواج ،وذلك فيما جاء في نص املادة 45من مدونة األسرة املغربية بقولها:
" إذا ثبت للمحكمة من خالل املناقشات تعذر استمرار العالقة الزوجية ،وأصرت الزوجة املراد التزوج
عليها على املطالبة بالتطليق ،حددت املحكمة مبلغا الستيفاء كافة حقوق الزوجة وأوالدهما امللزم
الزوج باإلنفاق عليهم.
-يجب على الزوج إيداع املبلغ املحدد داخل أجل ال يتعدى سبعة أيام
1
بن داود عبد القادر ،الوجيز في شرح قانون األسرة الجديد،دار الهالل للخدمات اإلعالمية موسوعة الفكر القانوني ،الجزائر ،اإليداع )(1
.القانوني ،رقم ، 2004 ،177ص80.
2
( (.املرجع نفسه ،ص81-80.
53
تصدر املحكمة بمجرد اإليداع حكما بالتطليق ويكون هذا الحكم غير قابل ألي طعن في جزئه القاضي
بإنهاء العالقة الزوجية.
-يعتبر عدم إيداع املبلغ املذكور داخل األجل املحدد تراجعا عن طلب اإلذن بالتعدد.
فإذا تمسك الزوج بطلب اإلذن بالتعدد ،ولم توافق الزوجة املراد التزوج عليها ،ولم تطلب التطليق
1
طبقت املحكمة تلقائيا مسطرة الشقاق املنصوص عليها في 94إلى 97بعده".
وعليه فاملشرع املغربي منح في حالة طلب الزوجة التطليق بإعطائها التعويض عن كافة حقوق الزوجة
وأوالدها ،وعلى الزوج إيداع املبلغ خالل سبعة أيام من صدور الحكم ،وأنه بمجرد دفع التعويض
تصدر املحكمة حكما بالتطليق وهو غير قابل للطعن في إنهاء العالقة الزوجية ،وفي حالة عدم قيام
الزوج ان يدفع مبلغ التعويض في اآلجال املحدد يعتبر كتنازل عن طلبه باإلذن بالتعدد.
أما إذا لم تطلب الزوجة تطليق ولم توافق على تزوج زوجها عليها وتمسك هذا األخير بطلب اإلذن
بالتعدد فتطبق املحكمة مسطرة الشقاق تلقائيا بين الزوجين.
-كما أن قيام الزوج بسوء نية بتقديم عنوان أو اسم زوجته غير صحيح واملؤدى إلى عدم توصل
الزوجة باستدعاء املحكمة للنظر في طلب الزوج بالتعدد يعد تدليسا وتطبيق عليه العقوبة املنصوص
عليها في الفصل 361من القانون الجنائي بطلب من الزوجة املتضررة ((:الحبس من ثالثة أشهر إلى ثالث
2
سنوات وغرامة من 120درهم إلى 300درهم))
وهذا ما نصت عليه املادة 43في الفقرة األخيرة من مدونة األسرة املغربية
-أما التشريع العراقي فنص على أن كل من أبرم عقدا بالزواج بأكثر من واحدة خالفا للشروط
املنصوص عليها في الفقرات 4و 5من املادة الثالثة من قانون األحوال الشخصية العراقي رقم 188
لسنة 1959الحكم بعقوبة الحبس مدة ال تزيد عن سنة أو بغرامة مالية بما ال يزيد على 100دينار أو
بهما معا.
-كما أن حق التطليق منح أيضا للزوجة في قانون األحوال الشخصية السوري في نص املادة 17فقرة
04بنصها " :للزوجة التي تضررت بالزواج الجديد أو السابق ضررا يتعذر معه استمرار الحياة
3
الزوجية ،طلب التفريق للشقاق وفق املادة 112من هذا القانون وما بعدها".
وبالتالي فاملشرع السوري منح لكلتا الزوجتين السابقة والالحقة حق طلب التطليق للضرر وذلك سواء
قبل الزواج أو بعد تمام الزواج ،فترفع طلب التفريق للشقاق إلى املحكمة حسب النص املادة 112وما
بعدها من قانون األحوال الشخصية السوري .
1
( (.املادة ، 45مدونة األسرة املغربية ،رقم 26 ،03/70جويلية 2010
2
( (الفصل 361الفقرة ،01من القانون الجنائي املغربي ،الصادر بالظهير ،رقم ، 413-59-1املؤرخ 26نوفمبر 1962
3
( ( املادة 17الفقرة ، 04قانون األحوال الشخصية السورية
54
ثالثا :فسخ الزواج قبل الدخول
تنص املادة 08مكرر 01من قانون األسرة الجزائري" :يفسخ الزواج الجديد قبل الدخول ،إذا لم
يستصدر الزوج ترخيصا من القاضي وفقا للشروط املنصوص عليها في املادة 08أعاله"
يفهم من هذه املادة أن الزواج الجديد يفسخ قبل الدخول إذا لم يستصدر الزوج ترخيصا من القاضي
بناء على طلب كل ذي مصلحة بين الزوجتين او الزوجات،وفي هذه الحالة ال يترتب على هذا العقد أي
أثر من آثار الزواج الصحيح،فال تعتد املرأة وال تجب لها النفقة وال صداق لها ويعتبر العقد غير موجود
1
حكما
إن املشرع لم يقرر الفسخ بعد الدخول لحماية األسرة بصفة عامة واألطفال الذين يولدون عن هذا
الزواج بصفة خاصة ،حيث انه إذا تم الدخول بالزوجة الجديدة ولم يستصدر الزوج ترخيصا بهذا
الزواج ،هنا يعد الزواج صحيحا ولكن يعد سلوك الزوج هنا خطأ تقصيري موجب للتعويض ،ومبررا
موجبا لطلب الزوجة التطليق من القاضي ،2كأثر من آثار اإلخالل بأحكام املادة الثامنة املعدلة ،وهذا ما
نصت عليه املادة 53املعدلة باألمر 02 /05املذكور أعاله وذلك في الفقرة السادسة بقولها:
"يجوز للزوجة أن تطلب التطليق لألسباب اآلتية :
-مخالفة األحكام الواردة في املادة 08أعاله ....فاملشرع الجزائري هنا ابتعد عن الشريعة اإلسالمية
ألن عدم الحصول على ترخيص بالزواج من قبل القاضي يؤدي الى فسخ الزواج قبل الدخول
وهو ما لم تذكره الشريعة اإلسالمية السمحاء ،غير اننا نجد ان املشرع السوري منح لكلتا الزوجتين
السابقة والالحقه حق فسخ الزواج في حالة عدم علمه بأنه متزوج او يريد الزواج من جديد ،وذلك
خالل سنة من علمها بالزواج وهذا ما جاء في نص املادة 17في الفقرة 03بنصها :
" إذا أخل الزوج بالواجب املبين في املادة السابقة ،فإن لكل من الزوجتين حق الفسخ لإلخالل
3
بالشرط ،وللتغرير خالل سنة من العلم بالزواج
املبحث الثاني :تعدد الزوجات في القوانين املقارنة
لقد كان نظام تعدد الزوجات سائدا منذ األزل وجاء اإلسالم وهذبه وقيده ضمن شروط تتمثل في
العدل بين الزوجات والنفقة إلى جانب عدم الجمع بين املحارم كما قيده بأربعة نساء و من حق
الزوجة فسخ العقد إذا خالف الزوج هاته الشروط وقد اختلفت التشريعات الوضعية باألخذ بالتعدد
1
( (.الغوثي بن ملحة ،قانون األسرة على ضوء الفقه و القضاء ،ط ،1ديوان املطبوعات الجامعية ،الجزائر ،2005 ،ص75.
2
( (.احمد فراج حسين ،مرجع سابق ،ص145.
3
( (.املادة 17فقرة ، 03قانون االحوال الشخصية السورية ،رقم 76في 26/09/2010
55
فهناك من اخذ به كما جاء في الشريعة اإلسالمية فقط مثل الكويت وقطر واململكة العربية السعودية
أما بعض
التشريعات فقد أضافت بعض القيود والشروط القانونية إلى جانب شروط التعدد في الشريعة
اإلسالمية كما هو الحال في الجزائر ومصر واملغرب أما البعض األخر منها قد منع التعدد منعا باتا مثل
تركيا وتونس التي تعتبر البلد العربي الوحيد الذي يمنع التعدد وتعاقب الزوج إذا تزوج بامرأة ثانية
بعقوبة تصل إلى السجن من اجل القضاء على ظاهرة التعدد في املجتمع مثلها مثل الدول األجنبية
كفرنسا وكندا وأمريكا
56
وهذا ما سنتطرق له من خالل هذا املبحث بأخذ موقف بعض القوانين اتجاه قضية تعدد الزوجات بين
اإلباحة واملنع واإلباحة بشرط وكذا العقوبات التي يتعرض لها الزوج في حالة التدليس والتحايل
املطلب األول :التعدد في بعض التشريعات بين اإلباحة واملنع والتقييد
تعتبر الشريعة اإلسالمية املرجع لبعض الدول التي تبيح التعدد وهناك بعض التشريعات من تبيح
التعدد بشروط وتشريعات أخرى تمنع التعدد منعا باتا وهذا ما سنتناوله من خالل الفروع الثالثة :
الفرع األول :القوانين التي تبيح التعدد بدون قيد أو شرط
-احتلت الكويت املرتبة األولى عربيا من حيث تعدد الزوجات فهي من بين الدول التي أخذت بالتعدد
من الشريعة اإلسالمية فقط دون أي شروط وهذا مانص عليه قانون األحوال الشخصية الكويتي في
نص
املادة " :21ال يجوز أن يتزوج الرجل بخامسة قبل أن ينحل زواجه بإحدى زوجاته األربع وتنقضي عدتها
"1
-األردن مثال وهي من بين الدول التي تأخذ بهذا االتجاه بحيث جاء في قانون األحوال الشخصية
األردني في املادة 28فقرة " : 6الجمع بين أكثر من أربع زوجات أو معتدات من طالق رجعي "
يعتبر صورة من صور املحرمات املؤقتة وكذا في املادة 31فقرة 3التي اعتبرت تزوج الرجل بإمرأة فوق
2
أربع نسوة من اعتبار عقد الزواج فاسدا "
-وفي لبنان نظم القانون أحكام زواج املسلمين واملسحيين ،فبالنسبة للمسلمين يجوز تعدد الزوجات
إلى أربع كما هو حكم الشريعة اإلسالمية ‘فقد نصت املادة " 14تزوج الرجل الذي له أربع زوجات
3
منكوحات أو معتدات بإمرأة أخرى ممنوع "
-وتبيح اململكة العربية السعودية بتعدد الزوجات ،بشرط العدل واالقتصار على أربع نسوة .اململكة
العربية السعودية ،لم تملك قانونا خاصا ملعالجة هذه القضية ،ال يوجد حد أو إجراءات خاصة ينبغي
أن يؤديها األزواج الذين يرغبون في تعدد الزوجات .يسمح تعدد الزوجات للرجال ولكنه يقتصر على
أربع زوجات في وقت واحد .وبسبب قانون اململكة اللين بشأن تعدد الزوجات ،يزداد عدد حاالت تعدد
4
الزوجات ،وخاصة بين املثقفين ،نتيجة الثروة النفطية
قانون األحوال الشخصية الكويتي املعدل بالقوانين أرقام 61لسنة 1996و 29لسنة 2004و 66لسنة 2007و قانون دعاوى
1
1
اعرور عائشة ،تقييد تعدد الزوجات ( دراسة مقارنة ) ،مذكرة لنيل شهادة املاستر في الحقوق ،جامعة عبد الرحمن ميرة بجاية ،كلية
( ) الحقوق و العلوم السياسية ،قسم القانون الخاص ،2013-2012 ،ص33
2
( (.املادة 11من القانون رقم 25سنة 1929يتضمن األحوال الشخصية املصرية املعدل بالقانون رقم 100لسنة 1985
3
) ( عرور عائشة ،املرجع السابق ،ص 37
4
) .أعرور عائشة ،املرجع السابق ،ص) 36
5
) (.عبد الناصر توفيق العطار ،املرجع السابق ،ص 260-253.
58
قيد املشرع العراقي مسالة التعدد وجعل له ضوابط وشروط بحيث قيد التعدد بترخيص من القاضي
وهذا ما جاءت به املادة 03من قانون األحوال الشخصية العراقي على ":انه ال يجوز الزواج بأكثر من
واحدة إال بإذن القاضي ويشترط إلعطاء ،اإلذن تحقق الشرطين التاليين أي تكون :
أ -للزوج كفاية مالية إلعالة أكثر من زوجة واحدة.
ب -أن تكون هناك مصلحة مشروعة
إذا خيف عدم العدل بين الزوجات فال يجوز التعدد ويترك تقدير ذلك للقاضي
ومن خالل هذا فاملشرع العراقي قيدها بترخيص من القاضي واخذ إذنه بشرط املصلحة والقدرة املالية
1
والخوف من عدم العدل بإعطائه السلطة التقديرية للقاضي
وما نستنتجه أن املشرع العراقي توافق مع املشرع الجزائري في مسالة العدل واملبرر الشرعي
يشترط املشرع الليبي ملن أراد التعدد وجود أسباب جدية وهذا ما نصت عليه املادة 15من القانون
املتعلق بالزواج حيث نصت على انه :يجوز للرجل أن يتزوج بامرأة أخرى إذا وجدت أسباب جدية و
يتوفر أحد الشرطين االثنين:
-1موافقة الزوجة األولى التي في عصمته أمام املحكمة الجزائية املختصة
2
-2صدور حكم باملوافقة من املحكمة الجزائية املختصة في دعوه تختصم فيها الزوجة
فهنا املشرع الليبي وضع شروط للتعدد هي وجود السبب الجدي وموافقة الزوجة التي في عصمته
ووجوب صدور حكم باملوافقة
الفرع الثالث :القوانين التي تمنع التعدد منعا باتا
من املتفق عليه كأصل عام ومن املسلم به أن املجتمعات الغربية متفقة على تحريم نظام تعدد
الزوجات ،وفي هذا الشأن أصدرت العديد من القوانين املانعة والجزاءات الالزمة عند مخالفة هذه
القوانين التي تعتبر بمثابة الخطوط الحمراء التي يحرم ويمنع تجاوزها .
تعد تركيا أول الدول اإلسالمية التي ألغت تعدد الزوجات ضمن قوانينها وذلك ضمن التوجه العام
للسلطة التركية بقيادة أتاتورك ،الذي ألغى الخالفة اإلسالمية وما تتضمنه من تقاليد وأعراف وأحكام
الشريعة اإلسالمية ،بهدف عصرنة املجتمع التركي واالرتقاء به نحو املجتمعات املتمدينة في الدول
الغربية .لقد تم إلغاء تعدد الزوجات في تركيا سنة 1926عندما أخذت القانون املدني السويسري و
استخلصت منه قانونها الخاص .فأصبح في تركيا منذ ذلك الوقت قانون و واحد القانون املدني ينظم
1
اكرم عايب ،عبد الغني بن عمراوي ،تعدد الزوجات بين الفقه والقانون ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاستر اكاديمي ،جامعة محمد ( )
بوضياف املسيلة كلية الحقوق و العلوم السياسية ،قسم الحقوق ،2017-2016،ص29
2
( (املادة 15من القانون الليبي رقم 14لسنة 2015بشأن األحكام الخاصة بالزواج و الطالق و أثارهم
59
األحوال العينية واألحوال الشخصية على حد سواء كما هو الحال في سويسرا و فرنسا وغيرها من
الدول األوربية والغربية ،ومن ثم لم تعد من الدول التي لها قانون مدني ،وآخر لألحوال الشخصية
1
مستقل عن القانون املدني
كسائر البلدان العربية اإلسالمية كان الزواج بأكثر من امرأة مباحا في تونس قبل صدور مجلة األحوال
الشخصية ،وان هذه الظاهرة أصبحت محل نقاش في الثالثينات من القرن املاضي إلى إن صدرت
األحوال الشخصية سنة ، 1957ففي مجال التعدد بالخصوص كرس املشرع قاعدة املنع املطلق بدل
الحلول الوسطى "ترخيص القاضي للزوجة األولى اشتراط عدم التزوج من امرأة ثانية " 2وفي هذا
3
الصدد ينص الفصل 18من هذه املجلة صراحة على أن ":تعدد الزوجات ممنوع "
وقد تدخل املشرع التونسي إلبعاد كل تحايل على قاعدة منع التعدد مضيفا بالقانون رقم 58/70
املؤرخ في 04جويلية 1958بفقرة ثانية إلى الفصل 18من املجلة تقضي بما يلي ":كل من تزوج وهو في
حالة الزوجية وقبل فك عصمة الزواج السابق يعاقب بالسجن ملدة عام وبخطية قدرها مائتان
4
وأربعون ألف فرنك أو بإحدى العقوبتين ولو إن الزواج الجديد لم يبرم طبق أحكام القانون "
نستنتج من ذلك أن املشرع التونسي يمنع التعدد منعا باتا ويعاقب كل من خالف قاعدة املنع هاته ،مع
الحكم ببطالن الزواج الثاني ،وهذا املنع يطبق على املواطن التونسي واألجنبي املقيم بالجمهورية
التونسية على حد سواء حتى لو كانت قوانينهم لألحوال الشخصية تبيح التعدد في موطنهم األصلي .
فإلبرام زواج األجانب بتونس تقضي املادة 46/02من مجلة القانون الدولي الخاص باإلدالء بشهادة
رسمية تثبت عزوبة الراغب في الزواج ،وال يمكن لضابط الحالة املدنية وال للموثقين إبرام الزواج إال
5
بعد اإلدالء بهذه الشهادة
وبهذا الحكم املانع للتعدد بشكل مطلق ال يوجد له نظير في جميع البالد العربية والغريب أننا لم نجد
استثناءا واحدا إلمكانية الزواج ،ولو في حالة الضرورة القصوى كالعقم واملرض الذي ال تستطيع
6
الزوجة القيام باألعباء الزوجية ذات األهمية بالنسبة للزوج
وقد حذا املشرع التونسي حذو املشرع الفرنسي وهو ما نصت عليه املادة 147من القانون املدني
الفرنسي من انه ال يجوز إبرام عقد زواج ثان قبل انحالل الزواج األول ،والقت استحسانهم املادة 34
من قانون العقوبات الفرنسي التي تنص على إن أي شخص مرتبط بعقد زواج ويبرم عقد زواج أخر
( ( .عبد العزيز سعد ،الزواج والطالق في قانون األسرة الجزائري ،ص 119 -118
1
2
)(.محمد الشافعي ،قانون األسرة في دول املغرب العربي ،ط،1املطبعة والوراقة الوطنية ،مراكش ، 2009،ص85.
3
( ( .الفصل 18الفقرة ، 1مجلة األحوال الشخصية التونسية ،أمر 13أوت 1956
4
) .الفصل 18الفقرة ،02مجلة األحوال الشخصية التونسية ،أمر 13اوت ) 1956
5
)( .محمد الشافعي ،املرجع السابق ،ص 96.
بن شويخ رشيد ،مرجع سابق ،ص) ( 118.
6 5
60
قبل انحالل عقد الزواج السابق سيعاقب بالحبس من ستة شهور إلى ثالث سنوات ،وبغرامة مالية من
1
500الى 20ألف فرنك
على غرار ما ورد في القانون املدني الفرنسي في املادة 147التي منعت أن يعقد الشخص زواجا مع امرأة
أخرى إال بعد انحالل الزواج القائم مع الزوجة األولى وكذلك نصت املادة 101من القانون السويسري
على أنه كل من يرغب في الزواج بامرأة ثانية عليه أن يثبت انحالل الزواج األول بالطالق أو الوفاة أو
بحكم قضائي يقضى ببطالنه
كما نصت املادة 1326من القانون األملاني على بطالن الزواج الثاني أو الالحق األول أو الزواج الذي
2
يتم بين زوجين يكون أحدهما يعيش مع الغير ضمن عقد زواج صحيح.
املطلب الثاني :القيود الواردة على التعدد في بعض التشريعات العربية
اختلفت الدول العربية باألخذ بنظام التعدد فمنها من أخذت به عمال بالشريعة اإلسالمية ومنها من
منعت التعدد منعا باتا والبعض األخر قيدته بشروط وهنا سنتطرق إلى القيود التي وضعتها بعض
التشريعات العربية من خالل الفروع التالية :
الفرع األول :بالنسبة للتشريع املغربي:
بما أن املشرع املغربي ذكر تعدد الزوجات في مدونة األسرة املغربية في املواد من 40إلى 46فمن
شروطه منع التعدد في حال ما إذا خيف عدم العدل بين الزوجات ،ووجود شرط من الزوجة بعدم
التزوج عليها وذلك حسب املادة ،40أما في حالة عدم وجود شرط يقدم الراغب فيه طلب اإلذن بذلك
إلى املحكمة ،بحيث يجب أن يتضمن الطلب بيان األسباب املوضوعية االستثنائية املبررة له وأن يكون
3
مرفقا عن وضعيته املادية وذلك حسب املواد 42 ،41من مدونة األسرة املغربية .
وذلك باستدعاء الزوجة من قبل املحكمة فإن لم تحضر أو امتنعت عن تسلم االستدعاء توجه إليها
املحكمة عن طريق عون كتابة الضبط إنذار تشعرها فيه بانها لم تحضر الجلسة املحدد تاريخها في
4
اإلنذار من املادة 43الى 46من مدونة األسرة املغربية
ومن خالل هذا فاملشرع املغربي اشترط للمعدد العدل من خالل صياغة املادة 40من مدونة األسرة
املغربية ":إذا خيف عدم العدل" ،5واشترط عدم وجود شرط مانع ،واشترط إذن من املحكمة ،و املبرر
املوضوعي االستثنائي وإثبات القدرة على النفقة ،وإخبار الزوجتين.
1
عبد العزيز سعد،قانون األسرة الجزائري في ثوبه الجديد ،أحكام الزواج والطالق بعد التعديل ،ص)6 ( .84
2
)عبد العزيز سعد،الزواج والطالق في قانون األسرة الجزائري ،ص) 1 119-118
3 2
بسمة بشيري ،حيزية عبير ذباح ،تعدد الزوجات في التشريع الجزائري والتشريعات العربية ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر االكاديمي( ) ،
فرع الحقوق ،تخصص احوال شخصية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ، 2018- 2017 ،ص 14
4
ابراهيم عماري،امينة عبيشات "،اشكالية تعدد الزوجات بين اإلباحة و التقييد في تشريعات األسرة املقارنة ،مجلة الدراسات القانونية
() والعلوم السياسة ،الشلف ،ع الرابع ،نوفمبر ،2017ص .155كلية الحقوق املقارنة
61
الفرع الثاني :بالنسبة للتشريع املصري
حسب املادة 11مكرر من قانون األحوال الشخصية املصري نصت أنه ":على الزوج أن يقرر في وثيقة
الزواج بحالته االجتماعية فاذا كان متزوجا عليه ان يثبت في اإلقرار اسم الزوجة أو الزوجات الالتي في
عصمته ومحال إقامتهن وعلى املوثق اخطارهن بالزواج الجديد بكتاب مسجل مقرون بعلم الوصول
ويجوز للزوجة التي تزوج عليها أن تطلب الطالق منه إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر معه دوام
1
العشرة بين أمثالها ولم تكن قد إشترطت عليه في العقد أن ال يتزوج عليها…"..
ومن خالل هذه املادة يتضح أنها ألزمت الزوج عند عقد زواجه أن يقر في وثيقة الزواج بحالته
اإلجتماعية يبين ما إذا كان أعزبا لم يسبق له الزواج أو مطلقا أو أرمال إذا كان متزوجا ،فعليه أن يبين
2
في إقراره إسم الزوجة أو الزوجات الالتي في عصمته وقت العقد الجديد ومحال إقامتهن.
نتواصل هنا أن املشرع املصري اشترط اخبار الزوجتين فقط وما نالحظه أنه لم يشترط وجود املبرر
الشرعي كما فعل املشرع الجزائري.
إن ما يمكن إستخالصه هو أن املشرع املصري قيد بدوره التعدد بشرط إخطار الزوجتين ،وزيادة على
ذلك أقر بعقوبة على الزوج إذا تحايل على املوثق ،وبعقوبة على املوثق في حالة عدم قيامه باإلخطار،
وهذا خالفا للمشرع الجزائري الذي لم يضع أي عقوبة ،أما املشرع املغربي فأشار الى عقوبة الزوج
3
الذي يعرقل وصول اإلستدعاء.
الفرع الثالث :بالنسبة لتشريع السوري
فاملشرع السوري قيد التعدد بالقدرة على اإلنفاق بجواز التعدد بحيث نصت املادة ": 17للقاضي أن
4
يأذن للمتزوج أن يتزوج على إمرأته إال إذا كان لديه مسوغ شرعي و كان الزوج قادرا على نفقتها "....
أما املادة 37تنص على قيد آخر يقيد الرجل بعدم الزواج من الخامسة" ال يجوز أن يتزوج الرجل
5
الخامسة حتى يطلق إحدى زوجاته األربع وتنقضي عدتها……"
فاملشرع السوري أخذ بما ذهب إليه األستاذ الجليل أبي زهرة في أن العدل الذي جعل العدل شرطا
دينيا ال يمكن أن يجعل شرطا قانونيا يتوقف عليه السماح بالتعدد أو عدمه وخالفه في شرط القدرة
5
املادة 40من القانون رقم 03-70بمثابة مدونة األسرة ،الصادر في 12ذو الحجة 1424املوافق ل 3فبراير ، 2004الجريدة الرسمية
() الصادرة يوم الخميس 05فبراير ،2004ظهير شريف رقم 0450184-22رقم
1
) ( املادة 11من القانون رقم 25سنة 1929يتضمن األحوال الشخصية املصرية املعدل بالقانون رقم 100لسنة 1985
2
) ( اعرور عائشة ،املرجع السابق ،ص35
3
) (اعرور عائشة ،املرجع السابق ،ص36
4
) ( .املادة 17من القانون 59لعام ، 1953املتضمن االحوال الشخصية السوري املعدل بالقانون رقم 34لعام 1985
5
) (املادة ، 37املرجع نفسه
62
على اإلنفاق إذ يرى املشرع السوري إمكانية تحققه وذلك بالسؤال عن القدرة املالية للزوج ودخله
1
وإيراده ليتخذه قانون األحوال الشخصية السوري موقفا بين الضابطين.
2
وتبعا لذلك فان تعدد الزوجات يتوقف على إذن القاضي ويجب ان يتوفر على الشروط التالية:
-وجود مسوغ أو مبرر شرعي بإعادة الزواج
-أن يكون الزوج قادرا على نفقة الزوجتين
وما يمكن مالحظته هنا أن املشرع السوري لم يدرج شرط إخبار الزوجة السابقة والالحقة وهنا نرى
أنه طمس هوية املرأة
املطلب الثالث :أثار اإلخالل بالقيود الواردة على التعدد في بعض التشريعات العربية
ذهبت معظم الدول العربية مذهب الشريعة اإلسالمية باألخذ بتعدد الزوجات لكنها سنت قوانين
لضبطه وتنظيمه زيادة على تلك الضوابط والشروط املوجودة في الشريعة اإلسالمية ،حيث وضعت
قيود للتعدد و تناولت اآلثار املترتبة عن مخالفة هذه القيود وهذا ما سنتناوله في هذا املطلب من خالل
تبيان موقف بعض التشريعات العربية عند اإلخالل بالقيود الواردة عن تعدد الزوجات .
الفرع األول :التشريع املغربي
املشرع املغربي منح في حالة طلب الزوجة التطليق مع التعويض في حالة رفض تعدد زوجها للزواج،
وذلك في نص املادة 45من مدونة األسرة العربية ":إذا ثبت للمحكمة من خالل املناقشات تعذر
إستمرار العالقة الزوجية ،وأسرت الزوجة املراد التزوج عليها املطالبة بالتطليق ،حددت املحكمة مبلغا
الستيفاء كافة حقوق الزوجة وأوالدها امللزم الزوج باإلنفاق عليهم.
-يجب على الزوج إيداع املبلغ املحدد داخل أجل ال يتعدى سبعة أيام .
-تصدر املحكمة بمجرد اإليداع حكما بالتطليق ويكون هذا الحكم غير قابل للطعن في جزئه
القاضي بإنهاء العالقة الزوجية.
-يعتبر عدم إيداع املبلغ املذكور داخل األجل املحدد التراجع عن طلب اإلذن بالتعدد فإذا تمسك
الزوج بطلب اإلذن بالتعدد ،ولم توافق الزوجة املراد التزوج عليها ،ولم تطلب التطليق طبقت
3
املحكمة تلقائيا مسطرة الشقاق املنصوص عليها في املواد 94إلى 97بعده"
وعليه فاملشرع املغربي منح في حالة طلب الزوجة التطليق بإعطائها التعويض ،عن كافة حقوق
الزوجة وأوالدها وأعطى لها مهلة محددة وهي سبعة أيام من صدور الحكم ،وعند عدم دفع
1
) (اعرور عائشة ،املرجع السابق ،ص 19
2
) ( الحسين ين شيخ اث ملويا ،املنتقي في قضاء االحوال الشخصية ،ج األول ،ط الثالثة ،دار هومة ، 2011 ،ص404
3
( (القانون رقم 03-70مدونة األسرة املغربية ،املرجع السابق ،ص40
63
1
مبلغ التعويض يعتبر الزوج هنا متنازل عن طلبه باإلذن بالزواج
كما أن القيام بسوء نية تقديم البيانات املتعلقة بعنوان الزوجة املراد التزوج عليها وهذه العقوبة
املنصوص عليها في الفصل 361من القانون الجنائي املغربي ،املتمثل في الحبس من 3أشهر إلى 3
سنوات وغرامة مالية من 120إلى 300درهم ،وهذه العقوبة ال تطبق إال إذا تمسكت بها الزوجة فهي
2
الوحيدة املخول لها هذا الحق
وهذا ما نصت عليه املادة 43في الفقرة األخيرة من مدونة األسرة
الفرع الثاني :التشريع السوري
يمنح القانون األحوال الشخصية السوري حقا للزوجة في طلب التطليق بناء على نص املادة رقم ": 74
للزوجة التي تضررت بالزواج الجديد و السابق ضررا يتعذر معه إستمرار الحياة الزوجية ،طلب
التفريق للشقاق وفق املادة 210من هذا القانون وما بعدها"
وبالتالي فاملشرع السوري أعطى لكلتا الزوجتين سواء السابقة أو الالحقة حق طلب التطليق وذلك
سواء قبل الزواج أو بعد تمام الزواج على عكس التشريع الجزائري الذي لم يتكلم على هذه املسألة
بعد إتمام الزواج وكما نجد أيضا انه منح لكلتا الزوجتين السابقة والالحقة حق فسخ الزواج في حالة
عدم علمهما انه متزوج أو يريد الزواج من جديد 3،وذلك خالل سنة من علمها من الزواج وهذا ما جاء
في نص املادة 17في الفقرة 3بنصها ":إذا أخلى الزوج بالواجب املبين في املادة السابقة فإن لكلى من
4
الزوجتين حق الفسخ لإلخالل بالشرط والتقرير خالل سنة من العلم بزواج
من هنا نستنتج أن املشرع السوري منح للزوجة في حالة التدليس والغش أن تطلب التطليق نتيجة
الضرر الذي لحقها بفسخ الزواج
الفرع الثالث :التشريع املصري
وضع املشرع املصري عقوبة على الزوج الذي يدلي للموثق بيانات غير صحيحة عن الحالة االجتماعية
أو محال إقامة زوجاته ومطلقاته وذلك بنص املادة 23مكرر الحبس مدة ال تتجاوز 6أشهر وبغرامة ال
5
تتجاوز 200جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين على خالف ما هو مقرر في املادة 11مكرر
ومن خالل املادة 11مكرر:
1
( ( اكرم عايب ،عبد الغني بن عمراوي ،مرجع سابق ،ص40
2
( (اعرور عائشة ،مرجع سابق ،ص 42
3
( (مقران طارق عزيز ،مرجع سابق ،ص 67
4
( ( املادة 17 ،قانون االحوال الشخصية السوري ،مرجع سابق
5
( (اعرور عائشة ،مرجع سابق ،ص 44-43
64
-الزوجة األولى والزوجة الثانية من أخفى عنها حقيقة انه متزوج بغيرها الحق في الطلب التطليق
للزواج بأخرى
-أن يكون الزوج تزوج فعال أي يكون عقد زواجه صحيحا على زوجة أخرى ،ويكفي مجرد العقد
ال يشترط فيه الدخول والخلوة.
-أن يلحق بالزوجة ضررا ماديا أو معنويا
عند تحليل هذه املادة نقول أن من وقع عليها الضرر بسبب التدليس املطالبة بالتطليق ألن هذا
التدليس ال يقع إال من الزوج الذي يقدم على الزواج مرة ثانية على زوجة في عصمته ،أو الزوجة
1
الالحقة أو من يريد الزواج بها
كما للزوجة حق الطلب التطبيق عند تجدد طلب الزواج حيث أجازت املادة 11مكرر للزوجة أن تلجأ
للقاضي طالبة التطليق على زوجها كما استعمل حقه أن يتزوج عليها بزوجة جديدة أي املقصود هنا أن
لها أن تكرر طلب التطليق في كل مرة يتزوج عليها زوجها ،وطلب التطليق للزواج بأخرى يتكرر
بشروطه
وهي أن تستعمله الزوجة في خالل سنة من تاريخ علمها بالزواج الجديد ،وأن ال تكون راضية صراحة
2
وال ضمنا .
1
( (احمد نصر الجندي ،شرح قانون األسرة الجزائري ،دار الكتب القانونية مصر ، 2009ص 41
2
( ( .أحمد نصر جندي ،موسوعة االحوال الشخصية (الزواج ،الطالق ،التفريق بين الزوجين ) ،ج األول ،دار الكتب القانونية ،2006 ،ص421
65
ملخص الفصل الثاني
وكخالصة للفصل الثاني والذي كان تحت عنوان :تعدد الزوجات في القانون الجزائري والقوانين
املقارنة حاولنا اإلشارة إلى التعدد في قانون األسرة الجزائري ونوهنا إلى شروط التعدد املتمثلة في
العدل وإخبار الزوجتين السابقة والالحقة وكذا الرخصة القضائية من املحكمة التي ينتمي إليها مقر
سكن الزوجية وهي شروط وضعها املشرع الجزائري إضافة إلى الشروط املذكورة في الشريعة
اإلسالمية ،كما تطرقنا إلى التعدد في مرحلة ماقبل صدور القانون الخاص باألسرة ،مع اإلشارة إلى
تقنين األسرة من قبل االحتالل الفرنسي والذي عمل على طمس الهوية الجزائرية اإلسالمية من خالل
توقيف العمل بالشريعة اإلسالمية واحلت محلها ......في جميع املجاالت ومنها نظام األسرة .
وقد اعتمد قانون األسرة 84/11على الشريعة اإلسالمية وفي 19جوان تمت املصادقة على قانون
األحوال الشخصية الذي غلب فيه املذهب املالكي على باقي املذاهب ومن خالل املادة 08منه تبين تميزه
-االبقاء على التعدد كما جاء في الشريعة اإلسالمية اليزيد املعدد عن أربع زوجات فقط
-تقييد مسالة التعدد بوجود املبرر الشرعي كمرض الزوجة أو عقمها وتوفر نية العدل واخبار
الزوجتين السابقة والالحقة دون الحاجة إلى موافقتهما
-عدم وجود جزاء ملخالفة الشروط املقيدة للتعدد وقد تعرض القانون 84/11للكثير من االنتقادات ،
وقد جاء القانون 05/02لتعديل وتغطية النقائص التي شهدها القانون 84/11حيث قيد التعدد باملبرر
الشرعي واخبار الزوجتين السابقة والالحقة للموافقة عن التعدد من عدمه وليس لالعالم فقط ،كما
جعل السلطة التقديرية للقاضي لقبول التعدد اورفضه حسب مايراه من خالل موافقة الزوجتين
وتقدير الحالة املادية للزوج وقدرته على التعد .
وتناولنا في املبحث الثاني تعدد الزوجات في القوانين املقارنة وقد اختلفت هاته االخيرة
باالخذ بالتعدد من عدمه أو األخذ به مع تقيده بشروط كما هو الحال في التشريع الجزائري حالها حال
التشريع املغربي واملصري وكذا السوري إما بالنسبة لتونس فتعتبر البلد العربي الوحيد الذي منع
التعدد منعا باتا واضعا عقوبة قد تصل للسجن ملن يخالف هذا القانون ،في حين نجد بعض الدول
العربية أخذت بالتعدد دون قيد أو شرط عمال باحكام الشريعة اإلسالمية كالكويت والتي تعتبر أول
بلد عربي من حيث التعدد تليها قطر واالمارات
كما وضعت بعض التشريعات العربية قيود على التعدد مثل املشرع املغربي واملصري والسوري تطرقنا
إليها من خالل املطلب الثاني للمبحث الثاني وجعلنا املطلب االخير الثار القيود الواردة على التعدد في
هاته التشريعات (املغربي ،املصري ،السوري ) وهذا كان ختاما لفصلنا الثاني لتعدد الزوجات في
القانون الجزائري والقوانين املقارنة .
66
الخاتمة
الخاتمة
إن قضية التعدد شرعها هللا سبحانه وتعالى واكده كحق للزوج وحدده بضوابط وجب عليه اتباعها
وبعد استعراضنا ملوضوع البحث و الذي بينا من خالله نظام تعدد الزوجات في الشريعة اإلسالمية
وقانون األسرة الجزائري وبعض القوانين الوضعية األخرى وأضحنا أن هذا النظام كان معروفا قبل
االسالم وان االسالم هذبه ووضع لها الضوابط والشروط التي تضمن عدم إساءة استعماله واملتمثلة
في
قيد تحريم الزواج بالخامسة
ثم جاء املشرع الجزائري على غرار القوانين الوضعية محاوال تنظيم تعدد الزوجات بتلك
ونرى أن املشرع قد وفق في اباحته لتعدد وهذا ما أكدته املادة 8ق .أ .ج رغم االنتقادات التي وجهت
إليها ،والتي من خاللها أصدر املشرع منشورين وزاريين األول 102-24واملنشور الوزاري الثاني 14 -85
بحيث يحصر املنشور األول املبرر الشرعي في حالة العقم واملرض ويحاول املنشور الثاني توسيع
مضمون االول بترك السلطة التقديرية للقاضي ،اال انه تجدر االشارة ان اصدار املنشورين كان
لتفسير املادة 8ق .أ .ج لسنة 1984الذي عدل سنة ،2005فهل يظل املنشور ساري املفعول بعد
التعديل وخاصة أنه صدر ليخاطب املوثق وضابط الحالة املدنية عندما كان التعدد ينعقد امامهما ،اما
عند تغيير الوضع أصبح التعدد ال ينعقد إال أمام القاضي و برخصة مسبقة منه
فهل يستمر املنشورين في السريان رغم أن شروط ق .أ .ج تغيرت
-كما أن املشرع في شرط وجوب إخبار الزوجة السابقه والالحقه لم يبين لنا الكيفية او االجراءات
الواجب اتباعها اليصال الخبر الى الزوجتين ،واستصدار رضاهما وهذا فيه ضرب من ضروب
االستحالة ما يجرنا الى امكانية التعدد بالزواج العرفي وتثبيته الحقا تهربا من طلب الترخيص القضائي
إما لعدم توافر شروط التعدد وقيوده الشرعية والقانونية وإما خوفا وجهال من عامة الناس لفائده
هذا الترخيص الذي فيه ضمان لحقوق جميع األطراف سواء الزوجه السابقه والالحقه وكذا األوالد
67
والزوج تفاديا ملا قد ينجر عن ذلك من مشاكل اجتماعية عديدة ،منها وجود اوالد بدون نسب وضياع
حقوقهم وعليه من االحسن إدراج نص قانوني يحدد غرامة مالية تفرض على من يتحايل على القانون
باللجوء إلى الزواج العرفي
-الذي يغير حيله منحها املشرع للرجل بطريقه غير مباشره في حين أنه يخول للمرأة من جهة أخرى
الحق في التطليق والخلع والنتيجة تفكك أسري
-كان على املشرع أن ينص على تحقيق العدل بدل نية العدل ألن النية أمر حقي معنوي ال يمكن كشفه
وال تحديده وبالتالي جعل االلتجاء الى تفسيرها إلى بعض اآلراء الفقهية وهو العدل املادي املستطاع
الذي يكون في القدرة على اإلنفاق في املسكن وامللبس واملأكل
-االبقاء على أصل االباحة الشرعية لتعدد الزوجات
-اقامة ندوات ومحاضرات يشرح فيها نظام الزواج والتعدد على غرار الدول األخرى
واخيرا من يلزم حكم هللا في التعدد عليه ان يلزمه في العدل فكيف نأخذ أباحه هللا في شيء وال ناخذ
شيء آخر فنشكك الناس في حكم هللا وهللا ولي التوفيق. إلزامه في
68
املالحق
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية مجلس القضاء .......
وزارة العدل محكمة ..............
مكتب الرئيس
محضر سماع الزوجة األولى
..............................................................................................................................................بتاريخ
نحن السيد رئيس املحكمة ............................/رئيس املحكمة
وبحضور السيد(ة)........................................../امين الضبط
..........................................طبقا للطلب املقدم من طرف السيد......................................../الساكن
ب ....................الرامي إلى تعدد الزوجات (الزواج من الثانية ) ،ثم سماع الزوجة..................................
األولى
.........................../السيدة
...........................................................................املولودة في ........................../............./...................:ب
..............................................................................................ابنة .........................................................و
..................../................../.............الحاملة لبطاقة التعريف رقم ......................................الصادرة بتاريخ
............................................عن دائرة
:التي صرحت أمامنا بأنها
تزوجت باملسمى ..........................................بموجب عقد رسمي مسجل بالحالة املدنية لبلدية
.................................بتاريخ ................../.............../...........تحت رقم...............................
:وانجبت له األوالد االتية أسماؤهم
1......................................
2....................................
3 .....................................
......................................وأنها على علم برغبة زوجها في الزواج من امرأة ثانية تدعى
وأنها موافقة على هذا الزواج
.حرر هذا املحضر في اليوم و الشهر و السنة املذكورين اعاله و أمضينا مع املعنية باألمر
املعنية باألمر امين الضبط الرئيس
69
الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية مجلس القضاء.................
وزارة العدل محكمة .............................
مكتب الرئيس
بتاريخ...................................................................................................................................................
في ............/................./...............................................
بتاريخ ....../.................../.......................
التي صرحت أمامنا بما يلي :حقيقة أن املسمى ..............طلب يدي ويريد الزواج بي و انني موافقة على
ذلك
و أكدت على أنها على علم أنه متزوج باملسماة ............................وله منها ....................................أوالد وهم:
............................................................................................................................................................................
حرر هذا املحضر في اليوم و الشهر و السنة املذكورين اعاله و امضيناه مع املعنية باألمر .
70
املعنية باألمر أمين الضبط الرئيس
بتاريخ............................................................................................................................................
نحن السيد ........................................................................./رئيس املحكمة .
بعد االطالع على العريضة املقدمة من طرف السيد ....................................................................:
الساكن .................................................................................................................................................
بعد التحقيق من األسباب الجدية التي دعت إلى طلب الترخيص بالزواج من زوجة ثانية
بعد املوافقة الصريحة للزوجين السابقة و الالحقة
بعد اإلطالع على التماسات النيابة .
من قانون األسرة 8 .بعد اإلطالع على املادة
-لهذه األسباب-
نرخس للسيد ................................................................./املولود بتاريخ....................................................
ب ........................................................للزواج باملسماة ...................................................................................
املولودة بتاريخ .........................../..................../...................ب...................................بنت ..................................
و...................................................................الساكنة ....................................................كزوجة ثانية.
حرر هذا العقد بمكتبنا في اليوم و الشهر و السنة املذكور اعاله
رئيس املحكمة ختم أمانة الضبط
71
وطابع الدمغة
التوقيع
وزارة العدل
مجلس القضاء
محكمة
مكتب الرئيس
.....................والية ....................بعد االطالع على أحكام املادة ......................من قانون األسرة املعدل و
املتمم
لهذه األسباب
نحيل عليكم العريضة لتقديم التماساتكم حسب ما يقتضيه القانون .
72
.الرئيس .
73
قائمة املصادر
و املراجع
املصادرو املراجع
أوال :القران الكريم برواية ورش
ثانيا :كتب شروح الحديث
-1فتح الباري بشرح صحيح البخاري ،لإلمام الحافظ احمد بي علي بن حجر العسقالني 852-883ه،
طبعة مزرية بفهرس أبجدي بأسماء كتب صحيح البخاري الجزء السادس ،دار املعرفة ،بيروت لبنان
،حديث رقم 2819باب 56
--2اإلمام الحافظ ابي عيسى محمد بن عيسى الترميذي ،الجامع الكبير،ابواب النكاح ،املجلد الثاني،ط
،1دار الغرب اإلسالمي بيروت1996 ،
-3األستاذ محمد رشيد رضا ،تفسير املنار ،ط، 1مصر 1325ه ،ج ، 4
-4صحيح البخاري ،كتاب النكاح ،باب ال يتزوج أكثر من أربع ،
5-رواه الترميذي ( )3/435وأبن ماجة ( )1/628وصححه الشيخ االلباني في االرواء (. )6/291
-6اخرجه ابي عبد هللا محمد بن يزيد القزويني الشهير بابن ماجة ( يرمز له الحقا بابن ماجة ) ،عن
ابي عمر رضي هللا عنه ،سنن ابن ماجة ،كتاب النكاح ،باب الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة ،
ح ر ،1953حديث صحيح ،الطبعة األولى ،مكتبة املعارف ،السعودية بدون سنة النشر
-7سعيد ايوب ،زوجات النبي ص ،قراءة في تراجم امهات املؤمنين في حركة الدعوة ،ط ، 1دار
الهادي 1997-1417ه
-8صحيح مسلم كتاب ، 11باب 02
-9أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري – رضي هللا عنه.ج .130/ 7كتاب األدب (.)78
"باب الحياء " رقم الباب ( )77حديث رقم 6119
--10الصابوني "تفسير ايات اإلحكام "ج .327-2/326وانظر :رضا "حقوق النساء في اإلسالم "،.والعطار
"تعدد الزوجات من النواحي الدينية واالجتماعية و القانونية ".
- 11أخرجه البخاري ،عن انس بن مالك رضي هللا عنه ،صحيح البخاري ومعه من حمدي الساري
باب يقل الرجال و يكثر النساء ،حديث صحيح
-12نخبة كبيرة من العلماء – موسوعة بيان اإلسالم الرد على االفتراءات و الشبهات ،دار دحمصة
للنشر ،مصر ج 18
-13رواه إبن حبان ،في صحيح ابن حبان ،عن انس بن مالك ،الصفحة أو الرقم ، 198 :صحيح .
- -14اخرجه الترميذي ،عن كثير بن عبد هللا بن عمرو بن عوف املزني عن ابيه عن جده ،سنن
الترميذي ،كتاب اإلحكام ،باب ما ذكر عن الرسول صلى هللا عليه وسلم في الصلح بين الناس ،ح ر
، 1357حديث حسن صحيح ،دار الفكر ،لبنان 2005
-15اخرجه الترميذي ،عن كثير بن عبد هللا بن عمرو بن عوف املزني عن أبيه عن جده ،سنن
الترميذي ،كتاب اإلحكام ،باب ما ذكر عن الرسول صلى هللا عليه وسلم في الصلح بين الناس ،ح ر
، 1357حديث حسن صحيح ،دار الفكر ،لبنان 2005
ثالثا :الكتب
احمد فراج حسين ،أحكام الزواج في الشريعة اإلسالمية ،دار الجامعة الجديدة ،مصر - 20041 ،
عمر و عيسى الفقي املوسوعة الشاملة في األحوال الشخصية ،الطبعة األولى ،املكتب الجامعي 2-
الحديث ،مصر 2005
د .مصطفى السباعي ،املرأة بين الفقه والقانون ،ت 1964م ،ط1395: 4ه 1975-م ،املكتب 3-
اإلسالمي ،بيروت ،دمشق
صالح عبد الغني محمد ،وسائل اإلسالم في املحافظة على الحياة الزوجية ،الجزء الثالث ،مكتبة 4-
الدار العربية للكتاب1998 ،
محمد توفبق العطار ،بحث عن إحجام الشباب املثقف عن الزواج ،كلية االدب ،القاهرة 5- - ،
1962.
وهبة الزحيلي ،الفقه اإلسالمي وأدلته ،الجزء السابع ،الطبعة الثانية ،دار الفكر ،دمشق6- - ،
1985،
،عصام محمد شريف ،هذه زوجتي ،د ط ،دار اإليمان ،اإلسكندرية 7- - 2006 ،
عبد الرحمن صدقي ،تعدد الزوجات بين الشريعة اإلسالمية والقانون ،مكتبة نهضة الشرق ،مصر8- ،
،سنة 1980
د .عبد الناصر توفيق العطار ،تعدد الزوجات في األديان ،ط ، 1دار االفات العربية ،القاهرة9- ،
2002،
-10د علي ونيس ،تعدد الزوجات ،شريعة دائمة و سنة باقية ،د .ط ،الوكة ،د.م.ن ،د ،ت .ن،
بلحاج العربي ،الوجيز في شرح قانون األسرة الجزائري ،ج ،1ط ،6ديوان املطبوعات الجامعية11- ،
2010
بن شويخ رشيد ،شرح قانون الجزائري املعدل ،دراسة مقارنة لبعض التشريعات العربية 12- - ،
األستاذ محمد رشيد رضي ،تفسير املنار ،ط 1مصر 1325ه ،ح13- - 4
إحسان بن محمد عايش العبثي ،أحكام التعدد في ضوء الكتاب والسنة ،ط ،1شركة مطابع 14- -
.عبد هللا بن مانع العتيبي ،من أحكام تعدد الزوجات ،دار الوطن للنشر ،د س 15-
عبد الرحمان بن محمد عوض الجزائري ،كتاب الفقه على املذاهب األربعة ،دار ابن الحزم 16-
.للنشر والتوزيع بيروت ،ط2001 ،1
مصطفى العدوي ،جامع أحكام النساء ،الجزء الثالث ،الطبعة األولى ،دار السنة ،السعودية 17-،
1990
محمد ابن اسماعيل االمير الصنعاني ،السالم املوصلة إلى بلوغ املرام ،حققه محمد صبحي حسن 18-
حالق ،كتاب النكاح ،باب الكفاءة والخيار الحديث ،الجزء السادس الطبعة الثانية ،دار ابن
رشيد شحاتة أبو زيد ،العنف ضد املرأة وكيفية مواجهته في ضوء أحكام الفقه اإلسالمي ،طبعة 19-
.األولى ،مكتبة الوفاء القانونية ،مصر2011
- -20كرم حلمي فرحات ،تعدد الزوجات في األديان ،دار االفاق العربية ،ط ،2002 ، 1ص99.98
-21عبد هللا ناصح علوان ،تعدد الزوجات في اإلسالم والحكمة من تعدد أزواج النبي ،ط ، 9دار
السالم للنشر و التوزيع ،د ن . 2006 ،
--22عبد العظيم شرف الدين ،أحكام األحوال الشخصية في الشريعة اإلسالمية ،د س ،ص303
-23عبد التواب هيكل ،تعدد الزوجات في اإلسالم و حكمة التعدد في اوةاج النبي ص دحض شبهات
ورد مفتريات ،ط 1دار القلم ،دمشق ،بيروت 1402ه 1982/م .
-24يوسف القرضاوي،فتاوى فبي شؤون املرأة واالسرة املعاصرة ،مكتبة الرحاب للنشر و التوزيع،
الجزائر
-25إبن سعد " ،الطبقات الكبرى " ،م. 8/123
--26ديورانت "قصة الحضارة .الجزء الثاني من املجلد الرابع .
-27عبد القادر بن حرز هللا ،الخالصة في إحكام الزواج والطالق في الفقه اإلسالمي و قانون األسرة
الجزائري ،الطبعة األولى ،دار الخلدونية ،الجزائر . 2007
-28محمد يوسف عبد ،قضايا املرأة في سورة النساء ،الطبعة األولى ،دار الدعوة ،الكويت 1985 ،
- 29مصطفى السباعي ،شرح قانون األحوال الشخصية ،الطبعة التاسعة ،دار الوراق ،سوريا،
2001
.بلقاسم شتوان ،الخطبة والزواج في الفقه املالكي ،دار الفجر ،الجزائر 30- 2007 ،
.محمد رأفت عثمان ،فقه النساء في الخطبة والزواج ،دار االعتصام ،مصر ،بدون سنة نشر 31-
-32عبد الكريم زيدان ،املفصل في أحكام املرأة و البيت املسلم في الشريعة اإلسالمية ،الجزء ، 65
الطبعة 1مؤسسة الرسالة ،لبنان. 1993 ،
طارق بن إحسان ،اهل األصل التعدد أواإلفراد في الزوجات ،ملتقى اهل الحديث33- ،2006 ،
129323:
عبد العزيز سعد ،الزواج و الطالق في قانون األسرة الجزائري ،ط ،3الجزائر ،دار هومة 34- 1416،
ه 1996 ،م
لوعيل محمد امين ،املركز القانوني للمراة في قانون األسرة الجزائري ،ط ، 2دار هومة،الجزائر 35- ،
2006
اليازيد عيسات ،التطليق بطلب من الزوجة في قانون األسرة الجزائري ،مذكرة لنيل شهادة 36-
املاجستير في القانون ،فرع العقود واملسؤولية ،كلية الحقوق ،بن عكنون ،الجزائر 2012/2013 ،ص
19
،محمد أيلي /عبد هللا شريط ،الجزائر في مرآة التاريخ ،ط ، 1965 ،1مكتبة البعث ،قسنطينة 37 -
-38عبد العزيز سعد ،قانون األسرة في ثوبه الجديد ،أحكام الزواج و الطالق بعد التعديل ،دار
الهدى للطباعة والنشر و التوزيع ،الجزائر . 2005
-39نبيل صقر ،قانون األسرة نصا و فقها وتطبيقا ،دار الهدى للطباعة و النشر ،الجزائر . 2006،
-40محمد بومدين ،سلطة القاضي في منح رخصة تعدد الزوجات ،دراسة مقارنة ،مجلة الفقه
والقانون ،ع ، 14جامعة ادرار 2013
- 41احمد شامي ،قانون األسرة الجزائري طبقا الحدث التعديالت ،دار الجامعة الجديدة ،مصر ،
2010
- 42فارس محمد عمران ،الزواج العرفي وصور أخرى من انواع الزواج غير الرسمي ،املكتب الجامعي
الحديث ،االسكندرية . 2005 ،
- 43حامد شريف ،الزواج العرفي من النواحي القانونية و الشرعية و االجتماعية ،دار املطبوعات
الجامعية ،االسكندرية 1992،
-44علي علي سليمان ،النظرية العامة لاللتزام ،ديوان املطبوعات الجامعية ،الجزائر 1988 ،
- 45بن داود عبد القادر ،الوجيز في شرح قانون األسرة الجديد،دار الهالل للخدمات اإلعالمية
موسوعة الفكر القانوني ،الجزائر ،اإليداع القانوني ،رقم 2004 ،177
-46الغوثي بن ملحة ،قانون األسرة على ضوء الفقه و القضاء ،ط ،1ديوان املطبوعات الجامعية ،
الجزائر . 2005 ،
- 47مقارنة قانون األسرة في تونس وأندونسيا واململكة العربية السعودية حول تعدد الزوجات ،
الجامعة اإلسالمية ،اندونسيا Muhammad roy purwanto .tamyiz mukharrom .
-48محمد الشافعي ،قانون األسرة في دول املغرب العربي،ط،1املطبعة والوراقة الوطنية،مراكش،
. 2009
- 49الحسين ين شيخ اث ملويا،املنتقي في قضاء االحوال الشخصية،ج األول،ط الثالثة ،دار هومة،
2011
-50احمد نصر الجندي ،شرح قانون األسرة الجزائري ،دار الكتب القانونية مصر 2009
-51أحمد نصر جندي ،موسوعة االحوال الشخصية (الزواج ،الطالق ،التفريق بين الزوجين ) ،ج
األول ،دار الكتب القانونية . 2006 ،
رابعا :املذكرات
-1مقران طارق عبد العزيز ،إجراءات تنظيم تعدد الزوجات في قانون األسرة الجزائري ،مذكرة
ماستر ،جامعة محمد خيضر ،كلية الحقوق و العلوم السياسية ،بسكرة ،الجزائر
-2محمد بوقندورة ،تعدد الزوجات في الشريعة اإلسالمية وقانون األسرة الجزائري املعدل ،دراسة
مقارنة ،مذكرة لنيل درجة املاجستير في العلوم اإلسالمية ،كلية العلوم اإلسالمية ،جامعة الجزائر،
سنة 2010/2011
-3جمال عياشي ،قيود تعدد الزوجات بين الشريعة والقانون ،مذكرة لنيل شهادة املاجستير في
القانون الخاص ،كلية الحقوق والعلوم اإلدارية ،جامعة الجزائر 2005-2004 ،
-4بوعزيز فضيلة ،نظام تعدد الزوجات في الفقه اإلسالمي وقانون األسرة الجزائري ،مذكرة
ماسترفي القانون ،جامعة اكلي محند اولحاج ، ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،البويرة ،الجزائر
2015/،2014
-5محمد شمروك ،مراد محمودي ،عدالن غربي ،السلطة التقديرية لقاضي شؤون األسرة في
الزواج و انحالله ،مذكرة لنيل اجازة مدرسة العليا للقضاء ،الدفعة 2008-2005 ، 16
- 6سعاد نذير ،التطليق في قانون األسرة الجزائري ،مذكرة تخرج لنيل شهادة املاستر في القانون ،
تخصص عقود و مسؤولية ،جامعة البويرة 1013- 2012،
-7خيرة قويدري ،حاالت التطليق في قانون األسرة الجزائري في ضوء الفقه االسالمي و القضاء ،
اطروحة لنيل درجة دكتوراه في القانون ،كلية الحقوق جامعة الجزائر 2009-2008 ، 1
-8اعرور عائشة ،تقييد تعدد الزوجات ( دراسة مقارنة ) ،مذكرة لنيل شهادة املاستر في الحقوق ،
جامعة عبد الرحمن ميرة بجاية كلية الحقوق و العلوم السياسية قسم القانون الخاص-2012 ،
2013
--9اكرم عايب ،عبد الغني بن عمراوي ،تعدد الزوجات بين الفقه والقانون ،مذكرة مقدمة لنيل
شهادة املاستر اكاديمي ،جامعة محمد بوضياف املسيلة كلية الحقوق و العلوم السياسية ،قسم الحقوق
2017-2016،
-10بسمة بشيري ،حيزية عبير ذباح ،تعدد الزوجات في التشريع الجزائري والتشريعات العربية،
مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاستر االكاديمي ،فرع الحقوق تخصص احوال شخصية ،كلية الحقوق
والعلوم السياسية 2018-/2017
خامسا :املجالت و املحاضرات
عمارة علي ،محاضرات في قانون األحوال الشخصية ،جامعة محمد خيضر ،بسكرة 1- ، 2014 ،
2015
محمد أبو زهرة ،محاضرات في عقد الزواج و اثاره ،دار الفكر العربي ،مصر 2- 1971 ،
كلثوم مسعودي/بن فقة سعاد ،األسرة الجزائرية كما يصورها قانون األسرة الجزائري لسنة 3-
، 2005امللتقى الوطني الثاني حول :االتصال و جودة الحياة في األسرة ،جامعة قاصدي مرباح ورقلة ،
09/01افريل 2013
جياللي تشوار،الثغرات التشريعية االسرية في بعض مسائل الزواج أية عدالة قانونية ام قضائية؟ 4-
مجلة العلوم القانونية واالدارية و السياسية العدد ،10كلية الحقوق و العلوم السياسية جامعة ابي
بكر بلقايد تلمسان ،سنة 2010
خولة كلفالي،تقييم نظام تعدد الزوجات وفقا لتعديالت قانون األسرة الجزائري،مجلة املنتدى 5-
،القانوني،العدد الرابع،بسكرة2007 ،
عالم ساجي ،ظاهرة العنف في تعدد الزوجات ،مجلة الدراسات القانونية ،ع ، 6كلية الحقوق 6-
،والعلوم التجارية ،جامعة مستغانم2010 ،
ابراهيم عماري،امينة عبيشات "،اشكالية تعدد الزوجات بين اإلباحة و التقييد في تشريعات األسرة 7-
املقارنة ،مجلة الدراسات القانونية كلية الحقوق والعلوم السياسة بشلف ،ع الرابع ،نوفمبر 2017
- 8حسين مهداوي ،دراسة نقدية للتعديالت الواردة على قانون األسرة في مسائل الزواج وأثاره ،
رسالة ماجستير ،جامعة ابو بكر بلقايد ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،تلمسان ،الجزائر ،
، 2010
- 9رمضان بالعمري ،القيود على تعدد الزوجات يفتح شهية الجزائريين للزواج العرفي ،جريدة
العربية 5 ،أوت ،2007الجزائراملوقع االلكتروني
. WWW.alarabiya.net/aeticles/2007/08/05/87513.html
رابعا :املعاجم و القواميس
-1إبن منظور ،لسان العرب ،املحيط ،املجلد االول ،دار الجيل ،لبنان . 1988 ،
- 2عصام نور الدين ،معجم نور الدين ،الوسيط ،الطبعة االولى ،دار الكتبالعلمية ،لبنان . 2005 ،
-7القانون رقم ، 03 -70بمثابة مدونة األسرة املغربي الصادر في 12من ذو الحجة 1424املوافق ل 3
فبراير،2004ح ر رقم 50184الصادرة يوم الخميس 5فبراير 2004ظهير شريف رقم 04-22
-8املادة 11من القانون رقم 25سنة 1929يتضمن األحوال الشخصية املصرية املعدل بالقانون رقم
100لسنة .1985
-9املادة 15من القانون الليبي رقم 14لسنة 2015بشأن األحكام الخاصة بالزواج و الطالق و أثارهم
-10أمر مؤرخ في 13أوت ،1956يتعلق باصدار مجلة األحوال الشخصية التونسية ،دار إسهامات في
أدبيات املؤسسة . 200 ،
-11القانون 59لعام ، 1953املتضمن األحوال الشخصية السوري املعدل بالقانون رقم 34لعام
1985
الفهرس
الفهرس
العنوان
الصفحة
البسملة
االهداءات
التشكرات
املقدمة 01........................................................................................................................................................
الفصل األول :ماهية تعدد الزوجات 04.......................................................................................................
املبحث األول :مفهوم تعدد الزوجات 04.......................................................................................................
املطلب األول :تعريف تعدد الزوجات 05......................................................................................................
الفرع األول :تعريف التعدد 05.......................................................................................................................
الفرع الثاني :أهمية تعدد الزوجات07...........................................................................................................
الفرع الثالث :شروط تعدد الزوجات 09.......................................................................................................
املطلب الثاني :حكم تعدد الزوجات و دليل مشروعيته 15......................................................................
الفرع األول :حكم تعدد الزوجات 15.......................................................................................................
الفرع الثاني :دليل مشروعيته 17..............................................................................................................
املطلب الثالث :زوجات النبي صلى هللا عليه وسلم .والحكمة من زواجه منهن19...................................
الفرع األول :زوجات رسول صلى هللا عليه وسلم 20..............................................................................:
الفرع الثاني :الحكمة من تعدد زوجات رسول هللا صلى هللا عليه وسلم23............................................
املبحث الثاني :مبررات تعدد الزوجات 25..................................................................................................
املطلب األول :املبررات الشخصية لتعدد الزوجات 26............................................................................
الفرع األول :عقم الزوجة 27.....................................................................................................................
الفرع الثاني :مرض الزوجة 27..................................................................................................................
املطلب الثاني :املبررات االجتماعية لتعدد الزوجات 29............................................................................
الفرع األول :كفالة األيامى من النساء 29..................................................................................................
الفرع الثاني :زيادة عدد النساء على الرجال 30.........................................................................................
املطلب الثالث :أراء و انتقادات حول التعدد 31........................................................................................
الفرع األول :الشبهات التي مست التعدد في اإلسالم 31............................................................................
الفرع الثاني :األصل في الزواج التعدد أو الواحدة ؟33.............................................................................
ملخص الفصل األول 34.............................................................................................................................
الفصل الثاني
الفصل الثاني :تعدد الزوجات في القانون الجزائري و القوانين املقارنة 36.................................................
املبحث األول :تعدد الزوجات في قانون األسرة الجزائري 36......................................................................
املطلب األول :التعدد في مرحلة ما قبل صدور قانون الخاص باألسرة 36................................................
الفرع األول :تقنين األسرة من قبل االحتالل الفرنسي إلى مرحلة االستقالل ......................................
37
الفرع الثاني :التشريعات التي صدرت بعد االستقالل قبل صدور قانون 38...............................84/11
املطلب الثاني :التعدد في ظل قانون األسرة 39................................................................................. 84/11
الفرع األول :االنتقادات التي وجهت للقانون القديم 41........................................................................
الفرع الثاني :الرد على االنتقادات التي وجهة للقانون 41.............................................................84/11
املطلب الثالث :تعدد الزوجات في ظل قانون األسرة 42................................................................ 05/02
الفرع األول :الضوابط التي أضافها املشرع في قانون األسرة الجزائري .............................................
44
الفرع الثاني :أثار االخالل بالضوابط التي اضافها املشرع في قانون األسرة الجزائري......................
51
املبحث الثاني :تعدد الزوجات في القوانين املقارنة 56................................................................................
املطلب األول :التعدد في بعض التشريعات بين اإلباحة واملنع و التقييد 57.............................................
الفرع األول :القوانين التي تبيح التعدد بدون قيد أو شرط 57..............................................................
الفرع الثاني :القوانين التي تبيح التعدد بشرط 58.................................................................................
الفرع الثالث :القوانين التي تمنع التعدد منعا باتا 60.................................................................................
املطلب الثاني :القيود الواردة على التعدد في بعض التشريعات العربية 62............................................
الفرع األول :بالنسبة للتشريع املغربي 62.................................................................................................
الفرع الثاني :بالنسبة للتشريع املصري 63...............................................................................................
الفرع الثالث :بالنسبة للتشريع السوري63...................................................................................................
املطلب الثالث :آثار اإلخالل بالقيود الواردة على التعدد في بعض التشريعات العربية 64....................
الفرع األول :التشريع املغربي 64................................................................................................................
الفرع الثاني :التشريع السوري65..............................................................................................................
الفرع الثالث :التشريع املصري 65..................................................................................................................
ملخص الفصل الثاني 67....................................................................................................................................
الخاتمة68...................................................................................................................................
املالحق70.....................................................................................................................................
قائمة املراجع .......................................................................................................................
الفهرس................................................................................................................................