Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 119

‫تقريب‬

‫ئ‬

‫سبل السالم‬
‫املوصلة إلى‬

‫بلو غ املرام‬
‫تأليف‪:‬‬
‫محمد بن إسماعيل األمير الصنعاني (المتوفى‪1182 :‬هـ)‬

‫كتاب الجهاد – كتاب األطعمة وبعض األحاديث من باب‪:‬‬

‫الصيد والذبائح‪ ،‬واألضحية‪ ،‬والعقيقة‬

‫إعداد‪:‬‬
‫الطالبة‪ /‬رزكا أماليا إسكندر‬

‫‪https://t.me/waalhiqnibisshalihin‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪4‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪6‬‬

‫كتاب الجهاد‬

‫تمهيد‬
‫‪ ‬لغة‪ :‬الجهاد مصدر جاهدت جهادا أي‪ :‬بلغت المشقة‪.‬‬ ‫تعريفه‬
‫‪ ‬شرعا‪ :‬بذل الجهد يف قتال الكفار أو البغاة‪.‬‬
‫‪ ‬من القرآن‪:‬‬ ‫األدلة‬
‫‪َ ﴿ ‬و َقاتِ ُلوا ا ْل ُم ْش ِركِي َن كَا َّفةً﴾ [التوبة‪.]36 :‬‬
‫‪َ ﴿ ‬ما َل ُك ْم إِ َذا قِ َيل َل ُك ُم ان ِْف ُروا فِي َسبِي ِل اَّللِ ا َّثا َق ْلت ُْم إِ َلى ْاْلَ ْر ِ‬
‫ض﴾‬
‫[التوبة‪]38 :‬‬
‫‪َ ﴿ ‬يا َأ ُّي َها ا َّل ِذي َن آ َمنُوا إِ َذا َل ِقيت ُُم ا َّل ِذي َن َك َف ُروا زَ ْح ًفا َف ََل ُت َو ُّل ُ‬
‫وه ُم ْاْلَ ْد َب َار﴾‬
‫[اْلنفال‪.]15 :‬‬
‫‪﴿ ‬و َأ ِعدُّ وا َلهم ما اس َت َطعتُم مِن ُقوة ومِن ِرب ِ‬
‫اط ا ْل َخ ْي ِل ‪[ ﴾...‬اْلنفال‪:‬‬‫ُ ْ َ ْ ْ ْ ْ َّ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫‪.]60‬‬
‫‪ ‬من السنة‪:‬‬
‫‪ ‬أحاديث يف هذا الكتاب‪.‬‬
‫ول اَّللِ‪َ ،‬و َما ُه َّن؟ ‪...‬‬
‫ات‪ .‬قِ َيل‪َ :‬يا َر ُس َ‬
‫‪ ‬قال ﷺ‪« :‬اجتَنِبوا السبع ا ْلموبِ َق ِ‬
‫َّ ْ َ ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫ف» (متفق عليه)‪.‬‬ ‫والتَّو ِّلي يوم الزَّ ح ِ‬
‫َ َ َْ َ ْ‬
‫‪ ‬فرض كفاية‪ :‬كجهاد الطلب؛ كأن يأيت المسلمون إلى بَلد الكفار‬ ‫حكم اجلهاد‬
‫ويقاتلوهنم‪ ،‬وكالدفاع عن المستضعفين والمضطهدين باْلرض‪.‬‬
‫‪ ‬فرض عين‪ :‬جهاد الدفع؛ إذا هجم العدو على بَلد المسلمين‪ ،‬وصال‬
‫على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫‪ ‬وال يجب‪ :‬عند عدم القدرة عليه‪.‬‬


‫شروط وجوب ‪ ‬شروط وجوب الجهاد‪ :‬أن يكون مسلما‪ ،‬بالغا‪ ،‬عاقَل‪ ،‬ذكرا‪ ،‬حرا‪،‬‬
‫والسَلمة من اْلمراض والعاهات المانعة للجهاد (كاْلعمى واْلعرج‬ ‫اجلهاد‬

‫والمريض)‪.‬‬
‫‪ ‬يكون الجهاد بكل ما أعطي اإلنسان من قوة؛ بالنفس والمال وللسان‪.‬‬ ‫مب يكون‬
‫اجلهاد‬

‫‪‬‬

‫وجوب العزم على الجهاد‬

‫َ َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫«م ْن َمات َول ْم َيغ ُز َول ْم ُي َح ِدث نف َس ُه ِب ِه َمات َعلى‬
‫ّللا ﷺ َ‬
‫ال َرسول ِ‬ ‫‪َ -1‬ع ْن َأبي ُه َرْي َر َة ‪َ ‬ق َ‬
‫ال‪َ :‬ق َ ُ ُ َ‬
‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َْ ْ َ‬
‫و‬
‫اق»‪ .‬ر اه مس ِلم‪.‬‬ ‫شعب ٍة ِمن ِنف ٍ‬
‫• فيه دليل على‪ :‬وجوب العزم على الجهاد وألحقوا به فعل كل واجب‪،‬‬
‫‪ ‬فإن كان من الواجبات المطلقة كالجهاد‪ :‬وجب العزم على فعله عند إمكانه‪،‬‬
‫‪ ‬وإن كان من الواجبات المؤقتة‪ :‬وجب العزم على فعله عند دخول وقته (جماعة من‬
‫أئمة اْلصول)‪.‬‬
‫• املراد من احلديث‪ :‬أن من لم يغز بالفعل ولم يحدث نفسه بالغزو مات على خصلة من‬
‫خصال النفاق‪.‬‬
‫• ومل حيدث نفسه‪ :‬ال يدل على العزم الذي معناه عقد النية على الفعل‪،‬‬
‫‪ ‬بل معناه هنا‪ :‬لم يخطر بباله أن يغزو وال حدث به نفسه ولو ساعة من عمره‪،‬‬
‫ولو حدثها به وأخطر الخروج للغزو بباله حينا من اْلحيان‪ :‬خرج من االتصاف‬ ‫‪‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪8‬‬

‫بخصلة من خصال النفاق‪.‬‬


‫وهو نظير قوله ﷺ «ثم صلى ركعتين ال يحدث فيهما نفسه» أي‪ :‬لم يخطر بباله‬ ‫‪‬‬

‫شيء من اْلمور‪ ،‬وحديث النفس غير العزم وعقد النية‪.‬‬


‫• أن من حدث نفسه بفعل طاعة أو معصية ثم مات قبل فعلها‪ :‬أنه ال يتوجه عليه عقوبة من‬
‫لم يحدث نفسه هبا أصَل‪.‬‬

‫‪‬‬

‫وجوب الجهاد بالنفس‬

‫ُ َْ ُ ُ َْ َ ُ‬ ‫ُْ ْ َ َ‬ ‫ََ َ‬
‫النب َي ﷺ َق َ َ‬ ‫َ َ ْ ََ‬
‫اه ُدوا اْلش ِر ِكين ِبأ ْم َو ِالك ْم َو أنف ِسك ْم َوأل ِسن ِتك ْم»‪َ .‬ر َو ُاه‬
‫ال‪« :‬ج ِ‬ ‫س ‪ ‬أن َِ‬
‫‪ -2‬وعن أن ٍ‬
‫ْ‬ ‫ْ َ ُ َ َ‬
‫ص َح َح ُه ال َح ِاك ُم [صحيح]‬ ‫الن َسائ ُّي‪َ ،‬و َ‬
‫ِ‬ ‫أحمد‪ ،‬و‬
‫• الحديث دليل على وجوب الجهاد‪:‬‬
‫[‪ ]1‬بالنفس‪ :‬وهو بالخروج والمباشرة للكفار‪،‬‬
‫[‪ ]2‬وبالمال‪ :‬وهو بذله لما يقوم به من النفقة يف الجهاد والسَلح ونحوه‪،‬‬
‫اهدُ وا بِ َأ ْم َوالِ ُك ْم َو َأنْ ُف ِس ُك ْم﴾‪.‬‬
‫‪ ‬وهذا هو المفاد من عدة آيات يف القرآن ﴿ َو َج ِ‬

‫[‪ ]3‬باللسان‪ :‬بإقامة الحجة عليهم ودعائهم إلى اَّلل تعالى وباْلصوات عند اللقاء والزجر‬
‫ونحوه من كل ما فيه نكاية للعدو‬
‫ب َل ُه ْم بِ ِه ع ََم ٌل َصالِ ٌح﴾‬ ‫ِ‬ ‫‪﴿ ‬وال ينَا ُل َ ِ‬
‫ون م ْن عَدُ ٍّو نَ ْيَل إِال كُت َ‬ ‫َ َ‬
‫«وقال ﷺ لحسان إن هجو الكفار أشد عليهم من وقع النبل»‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ب َالنْ َف ُّضوا مِ ْن َح ْولِ َك‬ ‫[﴿ َفبِ َما َر ْح َمة مِ َن اَّللِ لِن َْت َل ُه ْم َو َل ْو ُكن َْت َف ًّظا غَلِ َ‬
‫يظ ا ْل َق ْل ِ‬ ‫‪‬‬
‫‪9‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫اس َتغ ِْف ْر َل ُه ْم﴾] [آل عمران‪.]159 :‬‬ ‫َفاع ُ‬


‫ْف َعن ُْه ْم َو ْ‬
‫ون فِي َسبِي ِل‬ ‫الضر ِر َوا ْلم َج ِ‬
‫اهدُ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫اعدُ َ ِ‬
‫ون م َن ا ْل ُمؤْ مني َن َغ ْي ُر ُأولي َّ َ‬
‫[﴿ َال يست َِوي ا ْل َق ِ‬
‫َْ‬ ‫‪‬‬

‫اَّلل ا ْل ُح ْسنَى﴾] [النساء‪.]95 :‬‬ ‫ِ‬


‫اَّلل ‪َ ...‬وك ًَُّل َوعَدَ ُ‬

‫‪‬‬

‫جهاد النساء‬

‫يه‪ُ ،‬ه َو‬ ‫ال‪َ :‬ن َع ْم ج َهاد َل ِق َت َ‬


‫ال ِف ِ‬ ‫الن َس ِاء ج َهاد؟ َق َ‬ ‫َ َ ْ ُْ َ َ ُ َ َ ََ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ‬
‫‪ -3‬وعن عا ِئشة ‪ ‬قالت‪« :‬قلت يا رسول ِ‬
‫ّللا‪ ،‬على ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ ُّ َ ْ ُ ْ َ ُ َ َ ُ ْ ُ َ َ َ َ ْ ُ ُ ْ ُ َ‬
‫ي [صحيح]‬ ‫الحج والعمرة»‪ .‬رواه ابن ماجه‪ .‬وأصله ِفي الب ِ ِ‬
‫ار‬‫خ‬
‫• أنه ال يجب الجهاد على المرأة‪،‬‬
‫• وعلى أن الثواب الذي يقوم مقام ثواب جهاد الرجال‪ :‬حج المرأة وعمرهتا‪،‬‬
‫‪ ‬ذلك ْلن النساء مأمورات بالسرت والسكون‪ ،‬والجهاد ينايف ذلك‪ ،‬إذ فيه مخالطة‬
‫اْلقران والمبارزة ورفع اْلصوات‪،‬‬
‫• وأما جواز الجهاد لهن فَل دليل يف الحديث على عدم الجواز‪،‬‬
‫قد أردف البخاري هذا الباب بباب خروج النساء للغزو وقتالهن وغير ذلك‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وأخرج مسلم من حديث أنس «أن أم سليم اتخذت خنجرا يوم حنين وقالت للنبي‬ ‫‪‬‬

‫ﷺ اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت بطنه»‪.‬‬


‫‪ ‬فهو يدل على جواز القتال وإن كان فيه ما يدل على أهنا ال تقاتل إال مدافعة‬
‫وليس فيه أهنا تقصد العدو إلى صفه وطلب مبارزته‪،‬‬
‫‪ ‬ويف البخاري ما يدل على أن جهادهن إذا حضرن مواقف الجهاد‪ :‬سقي الماء‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪10‬‬

‫ومداواة المرضى ومناولة السهام‪.‬‬

‫‪‬‬

‫بر الوالدين أفضل من الجهاد‬

‫َ ْ َْ ُ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫«ج َاء َ ُجل َإلى َ‬ ‫ّللا ْبن ُع َم َر‪َ ‬ق َ‬


‫ال أ َح ٌّي َو ِال َداك؟‬‫الن ِب ِي ﷺ يستأ ِذن ِفي ال ِجه ِاد‪ .‬فق‬ ‫ال‪ َ :‬ر‬
‫َ َ ْ َْ َ‬
‫‪ -4‬وعن عب ِد ِ ِ‬
‫َ َ‬ ‫ال‪َ :‬ن َع ْم‪َ .‬ق َ َ َ َ َ‬ ‫َق َ‬
‫اه ْد»‪ُ .‬م َتفق َعل ْي ِه‪.‬‬
‫ال‪ :‬ف ِف ِيهما فج ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ ْ ُ ُ ََ َ ْ ْ َ ْ َْ‬ ‫‪َ -5‬و َِل ْح َم َد َو َأبي َد ُاود م ْن َحد َ َ‬
‫استأ ِذ ْن ُه َما‪ ،‬ف ِإ ْن أ ِذنا لك‪َ ،‬و ِإل‬ ‫يد نحوه‪ ،‬وزاد «ار ِجع ف‬ ‫يث أ ِبي س ِع ٍ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف ِبرهما» [حسن]‬
‫• سمى إتعاب النفس يف القيام بمصالح األبوين وإزعاجها يف طلب ما يرضيهما وبذل المال‬
‫يف قضاء حوائجهما جهادا‪:‬‬
‫‪ ‬من باب المشاكلة لما استأذنه يف الجهاد من باب قوله تعالى ﴿ َو َجزَ ا ُء َس ِّيئَة َس ِّيئَ ٌة‬
‫مِ ْث ُل َها﴾‬
‫‪ ‬ويحتمل أن يكون استعارة بعَلقة الضدية ْلن الجهاد فيه إنزال الضرر باْلعداء‬
‫واستعمل يف إنزال النفع بالوالدين‪.‬‬
‫• ويف احلديث دليل على‪ :‬أنه يسقط فرض الجهاد مع وجود اْلبوين أو أحدهما‪،‬‬
‫عن معاوية بن جاهمة «أن أباه جاهمة جاء إلى النبي ﷺ فقال‪ :‬يا رسول اَّلل أردت‬ ‫‪‬‬

‫الغزو وجئت ْلستشيرك فقال هل لك من أم؟ قال نعم قال الزمها» وظاهره‪ :‬سواء‬
‫كان الجهاد فرض عين أو فرض كفاية‪ ،‬وسواء تضرر اْلبوان بخروجه أو ال‪.‬‬
‫• أنه يحرم الجهاد على الولد إذا منعه اْلبوان أو أحدهما بشرط أن يكونا مسلمين؛ ْلن‬
‫برهما فرض عين والجهاد فرض كفاية فإذا تعين الجهاد فَل (جماهير العلماء)‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫• وجه تقديم الجهاد عند تعيينه على بر الوالدين [مع أن كَلهما فرضا عين]‪ْ :‬لن مصلحته‬
‫أعم إذ هي لحفظ الدين والدفاع عن المسلمين فمصلحته عامة مقدمة على غيرها وهو‬
‫يقدم على مصلحة حفظ البدن‪.‬‬
‫• وفيه داللة على‪ :‬عظم بر الوالدين فإنه أفضل من الجهاد‪،‬‬
‫• وأن المستشار يشير بالنصيحة المحضة؛ وأنه ينبغي له أن يستفصل من مستشيره ليدله‬
‫على ما هو اْلفضل‪.‬‬
‫• حديث أبي سعيد الخدري يدل على أنه ال يجب عليه الجهاد ووالداه يف الحياة إال‬
‫بإذهنما‪.‬‬

‫‪‬‬

‫وجوب الهجرة من ديار املشركين‬

‫ْ ُ ُ ْ ُ ُ َ ُْ ْ َ‬ ‫ََ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ ُ ُ َ‬ ‫‪َ -6‬و َع ْن َجرير‪َ ‬ق َ‬


‫يم َب ْين اْلش ِر ِكين»‪َ .‬ر َو ُاه‬‫ّللا ﷺ‪« :‬أنا َب ِريء ِمن ك ِل مس ِل ٍم ي ِق‬
‫ال َرسول ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ُ َ ْ َ ُ ُ َ َ َ َ ْ ُ َ ُّ ْ َ َ‬
‫الثَلثة و ِإسناده ورجح البخ ِاري ِإرساله [ص ِحيح بشواهده]‪،‬‬
‫[حكم الهجرة من ديار المشركين]‪:‬‬
‫[‪ ]1‬وجوب الهجرة من ديار المشركين من غير مكة (الجمهور)‬
‫لحديث جرير‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫حديث هبز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا «ال يقبل اَّلل من مشرك عمَل بعدما‬ ‫‪‬‬

‫أسلم أو يفارق المشركين»‬


‫اه ُم ا ْل َمَلئِ َك ُة َظالِ ِمي َأنْ ُف ِس ِه ْم﴾ اآلية‪.‬‬
‫ولعموم قوله تعالى‪﴿ :‬إِ َّن ا َّل ِذي َن َت َو َّف ُ‬ ‫‪‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪12‬‬

‫[‪ ]2‬ال تجب الهجرة (اْلقل [من العلماء])‬


‫اْلحاديث منسوخة للحديث «ال هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية» متفق عليه‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫َ‬ ‫َْْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ ُ ُ َ‬


‫‪َ -7‬و َع ْن ْابن َع َباس ‪َ ‬ق َ‬
‫ّللا ﷺ‪« :‬ل ِه ْج َرة َب ْع َد الفت ِح‪َ ،‬ول ِك ْن ِج َهاد َو ِن َية»‪ُ .‬م َتفق‬‫ال َرسول ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ََ‬
‫علي ِه‪.‬‬
‫• فإنه عام ناسخ لوجود الهجرة الدال عليه ما سبق‪،‬‬
‫وبأنه ﷺ لم يأمر من أسلم من العرب بالمهاجرة إليه‪ ،‬ولم ينكر عليهم مقامهم‬ ‫‪‬‬

‫ببلدهم‬
‫«وْلنه ﷺ كان إذا بعث سرية قال ْلميرهم‪ :‬إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم‬ ‫‪‬‬

‫إلى ثَلث خَلل‪ ،‬فأيتهن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم‪ ... ،‬ثم ادعهم إلى التحول‬
‫عن دارهم إلى دار المهاجرين‪ ،‬وأعلمهم أهنم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين‬
‫وعليهم ما على المهاجرين‪ ،‬فإن أبوا واختاروا دارهم فأعلمهم أهنم يكونون كأعراب‬
‫المسلمين يجري عليهم حكم اَّلل تعالى الذي يجري على المؤمنين» فلم يوجب‬
‫عليهم الهجرة‪.‬‬
‫واْلحاديث غير حديث ابن عباس محمولة على من ال يأمن على دينه‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫قالوا‪ :‬ويف هذا جمع بين اْلحاديث‪.‬‬


‫• وأجاب من أوجب الهجرة‪:‬‬
‫بأن حديث «ال هجرة» يراد به نفيها عن مكة‪ ،‬كما يدل له قوله بعد الفتح؛ فإن الهجرة‬ ‫‪‬‬

‫كانت واجبة من مكة قبله‪.‬‬


‫‪13‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫• اهلجرة هي‪ :‬الخروج من دار الحرب إلى دار اإلسَلم‪،‬‬


‫• وكانت فرضا على عهد رسول اَّلل ﷺ واستمرت بعده لمن خاف على نفسه والتي‬
‫انقطعت باْلصالة هي القصد إلى النبي ﷺ حيث كان‪.‬‬
‫• (ولكن جهاد ونية)‪ :‬هذا االستدراك يقتضي مخالفة حكم ما بعده لما قبله‪ ،‬واملعنى‪ :‬أن‬
‫الهجرة التي هي مفارقة الوطن التي كانت مطلوبة على اْلعيان إلى المدينة قد انقطعت‪،‬‬
‫‪ ‬إال أن المفارقة بسبب الجهاد باقية‪،‬‬
‫‪ ‬وكذلك المفارقة بسبب نية صالحة كالفرار من دار الكفر والخروج يف طلب العلم‬
‫والفرار من الفتن والنية يف جميع ذلك معتربة‪،‬‬
‫‪ ‬وقال النووي‪ :‬املعنى‪ :‬أن الخير الذي انقطع بانقطاع الهجرة يمكن تحصيله بالجهاد‬
‫والنية الصالحة‪.‬‬

‫‪‬‬

‫اإلخالص في الجهاد واجب‬

‫ْ ْ َ‬ ‫َ ْ َ َ َُ َ َ ُ َ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ ُ ُ َ‬ ‫َ َ ْ َ ُ َ َْ‬


‫اِل ْش َعري َق َ‬
‫ّللا ِه َي ال ُعل َيا ف ُه َو ِفي‬
‫ّللا ﷺ‪« :‬من قات َل ِلتكون ك ِل َمة ِ‬
‫ال َرسول ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ -8‬وعن أ ِبي موس ى‬
‫َ ُ َ َ َ َْ‬ ‫َ‬
‫ّللا»‪ .‬متفق علي ِه‬
‫يل ِ‬‫س ِب ِ‬
‫• أن القتال يف سبيل اَّلل يكتب أجره لمن قاتل لتكون كلمة اَّلل هي العليا‪ ،‬ومفهومه‪ :‬أن من‬
‫خَل عن هذه الخصلة فليس يف سبيل اَّلل وهو من مفهوم الشرط‪.‬‬
‫إذا انضم إليها قصد غيرها هل هو يف سبيل اهلل؟‬
‫أ‪ -‬إنه إذا كان أصل المقصد إعَلء كلمة اَّلل تعالى لم يضر ما حصل من غيره ضمنا‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪14‬‬

‫(الجمهور)‪.‬‬
‫والحديث يحتمل أنه ال يخرج عن كونه يف سبيل اَّلل مع قصد التشريك؛ ْلنه قد قاتل‬ ‫‪‬‬

‫لتكون كلمة اَّلل هي العليا‪،‬‬


‫َاح َأ ْن َت ْب َتغُوا َف ْضَل مِ ْن َربِّ ُك ْم﴾ فإن ذلك ال ينايف‬
‫ويتأيد بقوله تعالى‪َ ﴿ :‬ل ْي َس َع َل ْي ُك ْم ُجن ٌ‬ ‫‪‬‬

‫فضيلة الحج فكذلك يف غيره؛‬


‫ب‪ -‬إذا استوى القصدان‪ :‬فظاهر الحديث واآلية أنه ال يضر‪،‬‬
‫إال أنه جاء عن أبي أمامة «جاء رجل فقال يا رسول اَّلل‪ ،‬أرأيت رجَل غزا يلتمس اْلجر‬ ‫‪‬‬

‫والذكر‪ ،‬ما له؟ قال ال شيء له ‪-‬ثَلثا‪ ...-‬ثم قال رسول اَّلل ﷺ إن اَّلل تعالى ال يقبل‬
‫من العمل إال ما كان خالصا وابتغي به وجهه»‬
‫‪ ‬فيكون هذا دليَل على أنه إذا استوى الباعثان اْلجر والذكر‪ :‬بطل اْلجر‪ ،‬ولعل‬
‫بطالنه هنا‪ :‬لخصوصية طلب الذكر؛ ْلنه انقلب عمله للرياء‪ ،‬والرياء مبطل لما‬
‫يشاركه‪.‬‬
‫‪ ‬بخَلف طلب المغنم‪ :‬فإنه ال ينايف الجهاد بل إذا قصد بأخذ المغنم إغاظة‬
‫المشركين واالنتفاع به على الطاعة كان له أجر‪.‬‬
‫ب َل ُه ْم بِ ِه ع ََم ٌل َصالِ ٌح﴾‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬فإنه تعالى يقول‪﴿ :‬وال ينَا ُل َ ِ‬
‫ون م ْن عَدُ ٍّو نَ ْيَل إِال كُت َ‬ ‫َ َ‬
‫واملراد‪ :‬النيل المأذون فيه شرعا‪.‬‬
‫ويف قوله ﷺ «من قتل قتيَل فله سلبه» قبل القتال‪ ،‬دليل على أنه ال ينايف قصد‬ ‫‪‬‬

‫المغنم القتال‪ ،‬بل ما قاله إال ليجتهد السامع يف قتال المشركين‪.‬‬


‫قال رسول اَّلل ﷺ «انتدب اَّلل لمن خرج يف سبيله ال يخرجه إال إيمان بي‬ ‫‪‬‬

‫وتصديق برسولي أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة أو أدخله الجنة» دليل‬
‫على جواز تشريك النية إذ اإلخبار به يقتضي ذلك غالبا؛‬
‫‪15‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫ثم إنه يقصد المشركين لمجرد هنب أموالهم «خرج رسول اَّلل ﷺ بمن معه‬ ‫‪‬‬

‫يف غزاة بدر ْلخذ عير المشركين»‪ ،‬وال ينايف ذلك أن تكون كلمة اَّلل هي‬
‫العليا‪ ،‬بل ذلك من إعَلء كلمة اَّلل تعالى؛ وأقرهم اَّلل تعالى على ذلك بل‬
‫الش ْوك َِة َت ُكو ُن َل ُك ْم﴾ ولم يذمهم بذلك‬ ‫ون َأ َّن َغير َذ ِ‬
‫ات َّ‬ ‫َْ‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬و َت َو ُّد َ‬
‫مع أن يف هذا اإلخبار‪ :‬إخبارا لهم بمحبتهم للمال دون القتال‪ ،‬فإعَلء كلمة‬
‫اَّلل يدخل فيه‪ :‬إخافة المشركين وأخذ أموالهم وقطع أشجارهم ونحوه؛‬
‫‪ ‬وأما حديث أبي هريرة «أن رجَل قال يا رسول اَّلل رجل يريد الجهاد يف‬
‫سبيل اَّلل وهو يبتغي عرضا من الدنيا فقال‪ :‬ال أجر له ‪ »...‬فكأنه فهم‬
‫ﷺ أن الحامل هو العرض من الدنيا‪ ،‬فأجابه بما أجاب‪،‬‬
‫وإال فإنه قد كان تشريك الجهاد بطلب الغنيمة أمرا معروفا يف الصحابة‪ ،‬فإنه‬ ‫‪‬‬

‫أخرج الحاكم والبيهقي بإسناد صحيح أن عبد اَّلل بن جحش يوم أحد قال‪:‬‬
‫اللهم ارزقني رجَل شديدا أقاتله ويقاتلني‪ ،‬ثم ارزقني عليه الصرب حتى أقتله‬
‫وآخذ سلبه‪ .‬فهذا يدل على أن طلب العرض من الدنيا مع الجهاد كان أمرا‬
‫معلوما جوازه للصحابة فيدعون اَّلل بنيله‪.‬‬

‫‪‬‬

‫ثبوت حكم الهجرة‬

‫ْ‬ ‫ْ ُ ُ‬ ‫َ ََْ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ ُ ُ َ‬ ‫الس ْع ِدي َق َ‬


‫ّللا ﷺ‪« :‬ل تنق ِط ُع ال ِه ْج َرة َما قو ِت َل ال َع ُد ُّو»‪َ .‬ر َو ُاه‬
‫ال َرسول ِ‬ ‫َِ‬
‫َ َ ْ َْ َ‬
‫ّللا ْبن َ‬
‫‪ -9‬وعن عب ِد ِ ِ‬
‫َ‬
‫ص َح َح ُه ْاب ُن ِح َبان [صحيح]‬
‫الن َسائ ُّي‪َ ،‬و َ‬
‫ِ‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪16‬‬

‫• (عبد اَّلل بن السعدي) هو أبو محمد عبد اَّلل بن السعدي‪،‬‬


‫ويف اسم السعدي أقوال وإنما قيل له السعدي ْلنه كان مسرتضعا يف بني سعد‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫سكن عبد اَّلل اْلردن ومات بالشام سنة خمسين على قول‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫له صحبة ورواية‪ ،‬ويقال فيه‪ :‬ابن السدي نسبة إلى جده ويقال فيه‪ :‬ابن الساعدي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫• دل احلديث على‪ :‬ثبوت حكم الهجرة وأنه باق إلى يوم القيامة‪ ،‬فإن قتال العدو مستمر إلى‬
‫يوم القيامة‪،‬‬
‫‪ ‬ولكنه ال يدل على وجوهبا وال كَلم يف ثواهبا مع حصول مقتضيها‪.‬‬

‫‪‬‬

‫اإلغارة على العدو بال إنذار‬

‫َ َ َََ َ َ‬ ‫َ َ َ ُْ ْ َ‬
‫صط ِل ِق‪َ ،‬و ُه ْم غ ُّارون‪ ،‬فقت َل ُمقا ِتل َت ُه ْم‪َ ،‬و َس َبى‬ ‫‪َ -10‬و َع ْن َنافع َق َ َ َ ُ ُ َ‬
‫ال‪« :‬أغ َار َرسول ِ‬
‫ّللا ﷺ على ب ِني اْل‬ ‫ِ‬
‫ُ َْ ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َُ ٍْ َ َ َ َ َ َْ ُ َ ْ ُ ُ َ َ ُ َ َ ََ‬
‫يه‪ :‬وأصاب يوم ِئ ٍذ جوي ِرية‪.‬‬ ‫ّللا بن عمر‪ .‬متفق علي ِه‪ ،‬و ِف ِ‬ ‫ذر ِاريهم»‪ :‬حدث ِني ِبذ ِلك عبد ِ‬
‫• (نافع) هو مولى ابن عمر يقال له أبو عبد اَّلل نافع بن سرجس‪،‬‬
‫كان من كبار التابعين من أهل المدينة‪ ،‬سمع ابن عمر وأبا سعيد وهو من الثقات‬ ‫‪‬‬

‫المشهورين بالحديث المأخوذ عنهم‪،‬‬


‫مات سنة سبع عشرة ومائة وقيل عشرين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫• بنو املصطلق‪ :‬بطن شهير من خزاعة‪ .‬غارون‪ :‬غافلون فأخذهم على غرة‪.‬‬
‫• احلديث دليل على‪ :‬جواز المقاتلة قبل الدعاء إلى اإلسَلم يف حق الكفار الذين قد بلغتهم‬
‫الدعوة من غير إنذار‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫[حكم اإلنذار قبل المقاتلة]‪:‬‬


‫[‪ ]1‬عدم وجوب اإلنذار مطلقا‪.‬‬
‫‪ ‬ويرد عليه‪ :‬حديث بريدة‪.‬‬
‫[‪ ]2‬وجوبه مطلقا‪.‬‬
‫حديث بريدة اآليت؛ (يحمل على الوجوب)‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬و ُيرد عليه‪ :‬هذا الحديث‪.‬‬


‫[‪ ]3‬يجب إن لم تبلغهم الدعوة وال يجب إن بلغتهم ولكن يستحب (أكثر أهل العلم)‪.‬‬
‫هذا الحديث‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫حديث كعب بن اْلشرف وقتل ابن أبي الحقيق وغير ذلك‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫وادعى يف البحر اإلجماع على وجوب دعوة من لم تبلغه دعوة اإلسَلم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫حكم استرقاق العرب‪:‬‬


‫[‪ ]1‬جواز اسرتقاق العرب (جمهور العلماء ومالك وأصحابه وأبو حنيفة واْلوزاعي)‬
‫حديث الباب‪ْ ،‬لن بني المصطلق عرب من خزاعة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫اسرتقاقه ﷺ للعرب غير الكتابيين كهوازن وبني المصطلق‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫وقال ْلهل مكة‪ :‬اذهبوا فأنتم الطلقاء وفادى أهل بدر (والظاهر أنه ال فرق بين الفداء‬ ‫‪‬‬

‫والقتل واالسرتقاق لثبوهتا يف غير العرب مطلقا)‪.‬‬


‫أبو بكر وعلي ‪ ‬سبيا بني ناجية وهم من العرب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫حديث اآليت‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬عدم جواز اسرتقاقهم (آخرون)‪.‬‬


‫ليس لهم دليل ناهض‪ ،‬وما ورد عن عمر ‪ ‬فهي رواية منقطعة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪18‬‬

‫‪‬‬

‫وصايا النبي ﷺ ألمراء الجيوش‬

‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ ْ َ َ ُ ُ َ‬ ‫َ َ ْ ُ َ ْ َ َ ْ ُ َْ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ‬
‫ّللا ﷺ إذا أ َم َرأ ِم ًيرا َعلى‬ ‫يه عن عا ِئشة ‪ ‬قالت‪« :‬كان َرسول ِ‬ ‫‪ -11‬وعن سليمان ب ِن بريدة عن أ ِب ِ‬
‫َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ ُ ْ ُْ ْ َ َ ْ ً ُ َ َ َ ُ ْ ُ َ َ‬
‫ّللا‪ ،‬و ِبمن معه ِمن اْلس ِل ِمين خيرا‪ .‬ثم قال‪ :‬اغزوا على‬ ‫ش أو س ِري ٍة‪ ،‬أوصاه ِفي خاص ِت ِه ِبتقوى ِ‬ ‫جي ٍ‬
‫َ َ ُ َ ْ َ َ َ َ َ ُ ْ ُ َ َ َ ُ ُّ َ َ َ ْ ُ َ َ ُ َ ُ َ َ َ ْ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫َّلل‪ ،‬اغزوا‪ ،‬ول تغلوا ول تغ ِدروا‪ ،‬ول تم ِثلوا‪ ،‬ول تقتلوا‬ ‫ّللا‪ ،‬قا ِتلوا من كفر ِبا ِ‬
‫يل ِ‬ ‫ّللا‪ِ ،‬في س ِب ِ‬
‫اس ِم ِ‬
‫يدا‪،‬‬‫َول ً‬
‫ِ‬
‫ََْ َ ْ َ ْ ُْ ْ َ ُ َ‬ ‫َ ََُُ َ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ُْ ْ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َو ِإذا ل ِقيت َع ُد َوك ِم ْن اْلش ِر ِكين ف ْاد ُع ُه ْم إلى ثَل ِث ِخص ٍال‪ ،‬فأيتهن أجابوك إليها فاقبل ِمنهم وكف‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ْ‬ ‫َ ُْ ْ ُ ْ ُ ُ ْ َ ْ َ َ َ‬
‫اْل ْسَل ِم ف ِإ ْن أ َج ُابوك فاق َب ْل ِم ْن ُه ْم‪،‬‬ ‫عنهم‪ :‬ادعهم إلى ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْ ْ ُْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ ُ ْ ُ ُ ْ َ َ َ ُّ ْ َ ْ َ َ‬
‫اب‬ ‫اج ِرين ف ِإن أبو َا فأخ ِبرهم ِبأنهم يكونون كأعر ِ‬ ‫ثم ادعهم إلى التحو ِل ِمن د ِار ِهم إلى د ِاراْله ِ‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ ْ ُ َ‬ ‫ُْ ْ َ ََ َ ُ ُ َ ْ ْ َ َ َ ْ َ َ‬
‫اه ُدوا َم َع اْل ْس ِل ِمين‪،‬‬ ‫اْلس ِل ِمين‪ ،‬ول يكون ل ُهم ِفي الغ ِنيم ِة والف ْي ِء ش ْيء إل أن يج ِ‬
‫َ ْ َ ْ ُْ ْ َ ْ ََ ْ َ ْ َ ْ َ َْ ْ َ َ َ َ‬ ‫َ ْ ُ ََ ْ َ ْ َْ ْ َْ َ َ ْ ُ َ َ ُ‬
‫َّلل ت َعالى‬ ‫ف ِإن ه ْم أبوا فاسأل ُه ْم ال ِجزية‪ ،‬ف ِإن ه ْم أجابوك فاقبل ِمنهم‪ ،‬ف ِإن أبوا فاست ِعن علي ِهم ِبا ِ‬
‫َ ْ‬
‫َوقا ِتل ُه ْم‪.‬‬
‫َ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ َََ ُ َ ْ َ ْ َ َ َُ ْ َ َ َ َ َ َ َ ََ َ ْ َ ْ ََ ْ ْ َ‬
‫اج َع ْل ل ُه ْم‬ ‫ّللا و ِذمة ن ِب ِي ِه فَل تفعل ول ِكن‬ ‫وإذا حاصرت أهل ِحص ٍن فأرادوا أن تجعل لهم ِذمة ِ‬
‫َ َِ َ َ ُ ْ ْ ُ ْ ُ َ َ ُ ْ َ ْ َ ُ ْ َ ْ ُ ْ ُ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ ْ ُ ْ َ ُ ْ َ َ ُ ْ‬
‫ّللا‪ ،‬و ِإذا أرادوك أن تن ِزلهم على حك ِم‬ ‫ِذمتك‪ ،‬ف ِإنكم إن تخ ِفروا ِذممكم أهون ِمن أن تخ ِفروا ِذمة ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ ُ ْ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ْ َُ‬ ‫َ ََ َ ْ َ َ ََ ُ ْ‬
‫ّللا ت َعالى أ ْم ل»‪ .‬أخ َر َج ُه ُم ْس ِلم‬ ‫ّللا فَل تفع ْل‪ ،‬ب ْل على حك ِمك ف ِإنك ل تد ِري‪ :‬أت ِصيب ِف ِيهم حكم ِ‬ ‫ِ‬
‫• (على جيش) هم الجند أو السائرون إلى الحرب أو غيرهم‪.‬‬
‫• (أو سرية) هي القطعة من الجيش تخرج منه تغير على العدو وترجع إليه‪.‬‬
‫• (وال تغلوا) والغلول‪ :‬الخيانة يف المغنم مطلقا‪( .‬وال تغدروا) الغدر ضد الوفاء (وال‬
‫تمثلوا) من المثلة‪ ،‬يقال مثل بالقتيل إذا قطع أنفه أو أذنه أو مذاكيره أو شيئا من أطرافه‬
‫(وال تقتلوا وليدا) المراد غير البالغ سن التكليف‬
‫• «وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثَلث خصال» أي إلى إحدى ثَلث‬
‫‪19‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫خصال (فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم) أي‪ :‬القتال وبينها بقوله‬
‫«ادعهم إلى اإلسَلم فإن أجابوك فاقبل منهم‪ ،‬ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى‬ ‫‪‬‬

‫دار المهاجرين‬
‫‪ ‬فإن أبوا‪ :‬فأخربهم بأهنم يكونون كأعراب المسلمين» وبيان حكم أعراب‬
‫المسلمين تضمنه قوله (وال يكون لهم يف الغنيمة) الغنيمة‪ :‬ما أصيب من مال‬
‫أهل الحرب وأوجف عليه المسلمون بالخيل والركاب (والفيء) هو ما حصل‬
‫للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب وال جهاد (شيء إال أن يجاهدوا مع‬
‫المسلمين)‪،‬‬
‫(فإن هم أبوا) أي‪ :‬اإلسَلم (فاسألهم الجزية) وهي الخصلة الثانية من الثَلث (فإن‬ ‫‪‬‬

‫هم أجابوك فاقبل منهم‪،‬‬


‫وإن هم أبوا فاستعن عليهم باَّلل وقاتلهم) وهذه الخصلة الثالثة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫• «وإذا حاصرت أهل حصن‪:‬‬


‫فأرادوك أن تجعل لهم ذمة اَّلل وذمة نبيه فَل تفعل ولكن اجعل لهم ذمتك» علل‬ ‫‪‬‬

‫النهي بقوله (فإنكم إن تخفروا) من أخفرت الرجل إذا نقضت عهده وذمامه «ذممكم‬
‫أهون من أن تخفروا ذمة اَّلل‪.‬‬
‫وإذا أرادوك أن تنزلهم على حكم اَّلل فَل تفعل بل على حكمك» علل النهي بقوله‬ ‫‪‬‬

‫(فإنك ال تدري أتصيب فيهم حكم اَّلل تعالى أم ال)‪.‬‬

‫يف الحديث مسائل‪:‬‬


‫المسألة األولى‬
‫• دل على أنه إذا بعث اْلمير من يغزو أوصاه بتقوى اَّلل وبمن يصحبه من المجاهدين خيرا‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪20‬‬

‫ثم يخربه بتحريم الغلول من الغنيمة وتحريم الغدر وتحريم المثلة وتحريم قتل صبيان‬
‫المشركين وهذه محرمات باإلجماع‪،‬‬
‫• ودل على أنه يدعو اْلمير المشركين إلى اإلسَلم قبل قتالهم‪ ،‬وظاهره‪ :‬وإن كان قد بلغتهم‬
‫الدعوة لكنه مع بلوغها يحمل على االستحباب كما دل له إغارته ﷺ على بني‬
‫المصطلق وهم غارون‪ ،‬وإال وجب دعاؤهم‪.‬‬
‫• وفيه دليل على دعائهم إلى الهجرة بعد إسَلمهم وهو مشروع ندبا بدليل ما يف الحديث‬
‫من اإلذن لهم يف البقاء‪.‬‬
‫[من يستحق الغنيمة والفيء؟]‬
‫[‪ ]1‬أن الغنيمة والفيء ال يستحقهما إال المهاجرون‪ ،‬وأن اْلعراب ال حق لهم فيها إال أن‬
‫يحضروا الجهاد (الشافعي)‬
‫حديث الباب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬وذهب غيره إلى خَلفه‬


‫وادعوا نسخ الحديث ولم يأتوا بربهان على نسخه‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫المسألة لثانية‬
‫[ممن تؤخذ الجزية؟]‬
‫[‪ ]1‬أن الجزية تؤخذ من كل كافر كتابي أو غير كتابي أو غير عربي (مالك واْلوزاعي‬
‫وغيرهما)‬
‫لقوله ﷺ‪( :‬عدوك) وهو عام‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬أهنا ال تقبل إال من أهل الكتاب والمجوس عربا كانوا أو عجما (الشافعي)‪.‬‬
‫لقوله تعالى‪َ ﴿ :‬حتَّى ُي ْع ُطوا ا ْل ِ‬
‫جزْ َي َة﴾ بعد ذكر أهل الكتاب‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪21‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫ولقوله ﷺ‪« :‬سنوا هبم سنة أهل الكتاب» وما عداهم داخلون يف عموم قوله تعالى‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫وه ْم َحتَّى ال َت ُكو َن فِ ْت َن ٌة﴾ وقوله‪َ ﴿ :‬فا ْق ُت ُلوا ا ْل ُم ْش ِركِي َن َح ْي ُث َو َجدْ ُت ُم ُ‬


‫وه ْم﴾‬ ‫﴿ َو َقاتِ ُل ُ‬
‫واعتذروا عن الحديث بأنه وارد قبل فتح مكة‪ ،‬بدليل اْلمر بالتحول والهجرة‬ ‫‪‬‬

‫واآليات بعد الهجرة‪،‬‬


‫حديث بريدة منسوخ أو متأول بأن المراد بـ (عدوك) من كان من أهل الكتاب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫(قلت) والذي يظهر‪ :‬عموم أخذ الجزية من كل كافر‪ ،‬لعموم حديث بريدة‪.‬‬
‫‪ ‬وأما اآلية‪ :‬فأفادت أخذ الجزية من أهل الكتاب ولم تتعرض ْلخذها من غيرهم وال‬
‫لعدم أخذها‪.‬‬
‫‪ ‬والحديث ب َّين أخذها من غيرهم‪،‬‬
‫‪ ‬وحمل (عدوك) على أهل الكتاب يف غاية البعد‪،‬‬
‫‪ ‬وإن قال ابن كثير يف اإلرشاد إن آية الجزية‪ :‬إنما نزلت بعد انقضاء حرب المشركين‬
‫وعبدة اْلوثان ولم يبق بعد نزولها إال أهل الكتاب‪ ،‬قاله تقوية لمذهب إمامه‬
‫الشافعي‪ ،‬وال يخفى بطَلن دعواه بأنه لم يبق بعد نزول آية الجزية إال أهل الكتاب‬
‫بل بقي عباد النيران من أهل فارس وغيرهم وعباد اْلصنام من أهل الهند‪.‬‬
‫‪ ‬وأما عدم أخذها من العرب‪ :‬فألهنا لم تشرع إال بعد الفتح‪ ،‬وقد دخل العرب يف‬
‫اإلسَلم ولم يبق منهم محارب‪ ،‬فلم يبق فيهم بعد الفتح من يسبى وال من تضرب‬
‫عليه الجزية‪ ،‬بل من خرج بعد ذلك عن اإلسَلم منهم فليس إال السيف أو اإلسَلم‬
‫كما كان ذلك الحكم يف أهل الردة وقد سبى ﷺ قبل ذلك من العرب بني المصطلق‬
‫وهوازن‪ ،‬وهل حديث االسترباء إال يف سبايا أوطاس‪ ،‬واستمر هذا الحكم بعد عصره‬
‫ﷺ ‪...‬‬
‫‪ ‬وهبذا يعرف أن حديث بريدة كان بعد نزول فرض الجزية‪ ،‬وفرضها كان بعد الفتح‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪22‬‬

‫فكان فرضها يف السنة الثانية عند نزول سورة براءة ولذا هنى فيه عن المثلة ولم ينزل‬
‫النهي عنها إال بعد أحد‪ ،‬وإلى هذا المعنى جنح ابن القيم يف الهدي وال يخفى قوته‪.‬‬

‫(المسألة الثالثة)‬
‫• تضمن احلديث النهي عن إجابة العدو إلى أن يجعل لهم اْلمير ذمة اَّلل وذمة رسوله بل أن‬
‫يجعل لهم ذمته‪.‬‬
‫وقد علله بأن اْلمير ومن معه إذا أخفروا ذمتهم أي نقضوا عهدهم‪ :‬فهو أهون عند اَّلل‬ ‫‪‬‬

‫من أن يخفروا ذمته تعالى وإن كان نقض الذمة محرما مطلقا‪.‬‬
‫قيل‪ :‬وهذا النهي للتنزيه ال للتحريم‪ ،‬ولكن اْلصل فيه التحريم ودعوى اإلجماع‬ ‫‪‬‬

‫على أنه للتنزيه ال تتم‪،‬‬


‫• وكذلك تضمن النهي عن إنزالهم على حكم اَّلل‪،‬‬
‫‪ ‬وعلله بأنه‪ :‬ال يدري أيصيب فيهم حكم اَّلل أم ال فَل ينزلهم على شيء ال يدري أيقع‬
‫أم ال بل ينزلهم على حكمه‬
‫‪ ‬وهو دليل على أن الحق يف مسائل االجتهاد مع واحد وليس كل مجتهد مصيبا للحق‪،‬‬
‫وقد أقمنا أدلة أحقية هذا القول يف محل آخر‪.‬‬

‫‪‬‬

‫التورية عند الغزو‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫الن ِب َي ﷺ كان إذا أ َر َاد غ ْز َوة َو َرى ِبغ ْي ِر َها‪ُ [ .‬م َتفق َعل ْي ِه]‬
‫«أ َن َ‬ ‫‪َ -12‬و َع ْن ك ْع ِب ْب ِن َم ِال ٍك ‪‬‬
‫‪23‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫• ورَّى‪ :‬أي سرتها‪.‬‬


‫• وقد جاء االستثناء يف ذلك بلفظ «إال يف غزوة تبوك فإنه أظهر لهم مراده» وأخرجه أبو‬
‫داود وزاد فيه‪ :‬ويقول «الحرب خدعة»‪.‬‬
‫• وكانت توريته‪ :‬أنه إذا أراد قصد جهة سأل عن طريق جهة أخرى إيهاما أنه يريدها وإنما‬
‫يفعل ذلك ْلنه أتم فيما يريده من إصابة العدو وإتياهنم على غفلة من غير تأهبهم له‪.‬‬
‫• وفيه دليل على‪ :‬جواز مثل هذا وقد قال ﷺ «الحرب خدعة»‪.‬‬

‫‪‬‬

‫القتال أول النهار وآخره‬

‫َ َ ْ ُ َ ْ َ َ َل َ َ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫الن ْع َمان ْبن ُم َقرن ‪َ ‬ق َ َ ْ‬ ‫‪َ -13‬و َع ْن َم ْعقل ْبن ُّ‬
‫الن َه ِارأخ َر‬ ‫ّللا ﷺ إذا لم يقا ِتل أو‬‫ال‪« :‬ش ِهدت َرسول ِ‬ ‫ِ ِ ٍِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْال ِق َت َ‬
‫ال َح َتى َت ُز َ‬
‫الرياح‪ ،‬وين ِزل النص ُر‪َ .‬رواه أح َمد والثَلثة‪ ،‬وصححه الح ِاك ُم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫س‪ ،‬وت ُه َب‬‫ول الش ْم ُ‬
‫ََ ُْ ُ ُْ َ‬
‫ي‬
‫وأصله ِفي الب ِ ِ‬
‫ار‬‫خ‬
‫• (وعن معقل بن النعمان بن ُم َقرن) ولم يذكر ابن اْلثير معقل بن مقرن يف الصحابة إنما‬
‫ذكر النعمان بن مقرن وعزا هذا الحديث إليه‪ ،‬وكذلك البخاري وأبو داود والرتمذي‪.‬‬
‫فينظر فما أظن لفظ معقل إال سبق قلم والشارح وقع له أنه قال هو معقل بن‬ ‫‪‬‬

‫النعمان بن مقرن المزين‪ ،‬وال يخفى أن النعمان هو ابن مقرن فإذا كان له أخ فهو‬
‫معقل بن مقرن ال ابن النعمان‪ ... ،‬فتعين أن لفظ معقل يف نسخ بلوغ المرام سبق‬
‫قلم وهو ثابت فيما رأيناه من نسخه‪.‬‬
‫• أخرجه عن النعمان بن مقرن بلفظ «إذا لم يقاتل يف أول النهار انتظر حتى هتب اْلرواح‬
‫وتحضر الصَلة»‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪24‬‬

‫• والحكمة يف التأخير إلى وقت الصَلة‪ :‬مظنة إجابة الدعاء‪.‬‬


‫• وأما هبوب الرياح‪ :‬فقد وقع به النصر يف اْلحزاب‪ ،‬كما قال تعالى‪َ ﴿ :‬ف َأ ْر َس ْلنَا َع َل ْي ِه ْم‬

‫ِر ً‬
‫يحا َو ُجنُو ًدا َل ْم َت َر ْو َها﴾‬
‫‪ ‬فكان توخي هبوهبا مظنة للنصر‪،‬‬
‫‪ ‬وقد علل بأن الرياح هتب غالبا بعد الزوال فيحصل هبا تربيد حد السَلح للحرب‬
‫والزيادة للنشاط‪،‬‬
‫‪ ‬وال يعارض هذا ما ورد من أنه ﷺ كان يغير صباحا؛ ْلن هذا يف اإلغارة وذلك عند‬
‫المصافة للقتال‪.‬‬

‫‪‬‬

‫النهي عن قتل النساء والصبيان‬

‫ُْ ْ َ ُ َ‬ ‫ّللا ﷺ َع ْن َأ ْهل َ‬


‫الد ِار ِم ْن اْلش ِر ِكين ُي َب ِيتون‪،‬‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫الص ْعب ْبن َج َث َام َة ‪َ ‬ق َ ُ‬ ‫‪َ -14‬و َع ْن َ‬
‫ِ‬ ‫ال‪« :‬س ِئ َل َرسول ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َف ُي ِص ُيبو َن ِم ْن ِن َس ِائه ْم َو َذ َراريه ْم‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ال‪ُ :‬ه ْم ِم ْن ُه ْم‪ُ .‬م َتفق َعل ْي ِه‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫• (قال سئل رسول اَّلل ﷺ) ووقع يف صحيح ابن حبان السائل هو الصعب ولفظه سألت‬
‫رسول اَّلل ﷺ وساقه بمعناه‪.‬‬
‫• ويف لفظ البخاري‪« :‬عن أهل الدار» وهو تصريح بالمضاف المحذوف‪.‬‬
‫• التبييت‪ :‬اإلغارة عليهم يف الليل على غفلة مع اختَلطهم بصبياهنم ونسائهم فيصاب‬
‫النساء والصبيان من غير قصد لقتلهم ابتداء‪.‬‬
‫• ثم هنى عنهم يوم حنين‪ ،‬وهي مدرجة يف حديث الصعب ويف سنن أبي داود زيادة يف‬
‫‪25‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫آخره‪ :‬قال سفيان‪ .‬قال الزهري‪ :‬ثم هنى رسول اَّلل ﷺ بعد ذلك عن قتل النساء‬
‫والصبيان‪،‬‬
‫• ويؤيد أن النهي يف حنين ما يف البخاري‪« :‬قال النبي ﷺ ْلحدهم ألحق خالدا فقل له‪ .‬ال‬
‫تقتل ذرية وال عسيفا» وأول مشاهد خالد معه ﷺ غزوة حنين كذا قيل‪ ،‬وال يخفى أنه قد‬
‫شهد معه ﷺ فتح مكة قبل ذلك‪،‬‬
‫• وأخرج الطرباين من حديث ابن عمر قال‪« :‬لما دخل النبي ﷺ مكة أيت بامرأة مقتولة‬
‫فقال‪ :‬ما كانت هذه تقاتل وهنى عن قتل النساء»‪.‬‬

‫[حكم قتل النساء والصبيان]‬


‫[‪ ]1‬يجوز قتل النساء والصبيان يف البيان (الشافعي وأبو حنيفة والجمهور)‬
‫عمَل برواية الصحيحين وقوله‪« :‬هم منهم» أي‪ :‬يف إباحة القتل تبعا ال قصدا إذا لم‬ ‫‪‬‬

‫يمكن انفصالهم عمن يستحق القتل‪.‬‬


‫[‪ ]2‬أنه ال يجوز قتل النساء والصبيان بحال حتى إذا ترتس أهل الحرب بالنساء والصبيان أو‬
‫تحصنوا بحصن أو سفينة هما فيهما معهم لم يجز قتالهم وال تحريقهم (مالك‬
‫واْلوزاعي)‬
‫[‪ ]3‬يجوز قتل النساء والصبيان حيث جعلوا ترسا وال يجوز إذا ترتسوا بمسلم إال مع خشية‬
‫استئصال المسلمين (الهادوية)‪.‬‬

‫• ونقل ابن بطال وغيره اتفاق الجميع على عدم جواز القصد إلى قتل النساء والصبيان‬
‫للنهي عن ذلك‪.‬‬
‫• ويف قوله «هم منهم»‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪26‬‬

‫هم من أهل النار‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫والثاين‪ :‬أهنم من أهل الجنة وهو الراجح يف الصبيان‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫واْلولى‪ :‬الوقف‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫ال يستعان بمشرك في الحرب‬

‫ََ َ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬


‫النب َي ﷺ َق َ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ‬
‫ال ِل َر ُج ٍل ت ِب َع ُه ِفي َي ْو ِم َب ْد ٍر‪ْ :‬ار ِج ْع فل ْن أ ْست ِعين ِب ُمش ِر ٍك»‪َ .‬ر َو ُاه‬ ‫‪ -15‬وعن عا ِئشة ‪« ‬أن ِ‬
‫ُم ْس ِلم‬
‫• قالت «خرج رسول اَّلل ﷺ قبل بدر فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجل قد كان تذكر فيه‬
‫جرأة ونجدة ففرح أصحاب رسول اَّلل ﷺ حين رأوه فلما أدركه قال لرسول اَّلل ﷺ‬
‫جئت ْلتبعك وأصيب معك قال‪ :‬أتؤمن باَّلل قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬فارجع فلن أستعين بمشرك‬
‫فلما أسلم أذن له»‪.‬‬

‫[حكم االستعانة بمشرك يف الحرب]‬


‫[‪ ]1‬ال يجوز االستعانة بالمشركين يف القتال (طائفة من أهل العلم)‪.‬‬
‫حديث الباب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وصحح البيهقي من حديث أبي حميد الساعدي‪ :‬أنه ردهم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬يجوز ذلك (الهادوية وأبو حنيفة وأصحابه)‬


‫«ْلنه ﷺ استعان بصفوان بن أمية يوم حنين واستعان بيهود بني قينقاع ورضخ لهم»‬ ‫‪‬‬
‫‪27‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫أخرجه أبو داود يف المراسيل‪ ،‬وأخرجه الرتمذي عن الزهري مرسَل ومراسيل‬


‫الزهري ضعيفة‪ .‬قال الذهبي ْلنه كان خطاء ففي إرساله شبهة تدليس‪.‬‬
‫قال المصنف‪ :‬ويجمع بين الروايات‪:‬‬
‫تفرس فيه الرغبة يف اإلسَلم فرده رجاء أن يسلم فصدق ظنه‪،‬‬
‫بأن الذي رده يوم بدر َّ‬ ‫‪‬‬

‫أو أن االستعانة كانت ممنوعة فرخص فيها وهذا أقرب‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫وقد استعان يوم حنين بجماعة من المشركين تألفهم بالغنائم‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫وقد اشرتط الهادوية أن يكون معه مسلمون يستقل هبم يف إمضاء اْلحكام‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]3‬إن كان الكافر حسن الرأي يف المسلمين ودعت الحاجة إلى االستعانة استعين به وإال‬
‫فيكره‪( .‬الشافعي قال يف شرح مسلم)‬
‫[‪[ ]4‬قيل‪ :‬اْلمر يرجع إلى اإلمام]‪.‬‬

‫• ويجوز االستعانة بالمنافق إجماعا الستعانته ﷺ بعبد اَّلل بن أبي وأصحابه‪.‬‬

‫‪‬‬

‫النهي عن قتل النساء في الحرب‬

‫ََْ َ َ ْ‬ ‫َ َ ْ ْ ُ َ َ َ َ َ َ ََ ْ ََ ً َ ْ ُ َ ً َ ْ َ َ‬
‫الن َس ِاء‬
‫ض مغ ِاز ِيه‪ ،‬فأنك َرقت َل ِ‬
‫‪ -16‬وعن اب ِن عمر‪« :‬أن الن ِبي ﷺ رأى امرأة مقتولة ِفي بع ِ‬
‫َ َ‬
‫الص ْب َي ِان‪ُ .‬م َتفق َعل ْي ِه‬
‫و ِ‬
‫َ‬

‫• وقد أخرج الطرباين عن ابن عمر «أنه ﷺ لما دخل مكة أيت بامرأة مقتولة فقال‪ :‬ما كانت‬
‫هذه تقاتل» فيحتمل أهنا هذه‪.‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪28‬‬

‫• وأخرج أبو داود يف المراسيل عن عكرمة «أنه ﷺ رأى امرأة مقتولة بالطائف فقال‪ :‬ألم‬
‫أنه عن قتل النساء‪ .‬من صاحبها؟ فقال رجل يا رسول اَّلل أردفتها فأرادت أن تصرعني‬
‫فتقتلني‪ ،‬فقتلتها فأمر هبا أن توارى»‪.‬‬
‫[حكم قتل النساء يف الحرب]‬
‫[‪ ]1‬أهنا إذا قاتلت قتلت (الشافعي)‬
‫مفهوم قوله «لتقاتل» وتقريره لهذا القاتل‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫حديث رباح بن ربيع التميمي قال‪« :‬كنا مع رسول اَّلل ﷺ يف غزوة فرأى الناس‬ ‫‪‬‬

‫مجتمعين فرأى امرأة مقتولة فقال‪ :‬ما كانت هذه لتقاتل»‪.‬‬

‫‪‬‬

‫قتل شيوخ املشركين وترك شبابهم‬

‫َ‬ ‫ُ ْ ُُ ُ ُ َ ُْ ْ َ َ ْ َ ُ َ َ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ ُ ُ َ‬


‫‪َ -17‬و َع ْن َس ُم َر َة َق َ‬
‫است ْبقوا ش ْرخ ُه ْم»‪َ .‬ر َو ُاه أ ُبو‬‫ّللا ﷺ‪« :‬اقتلوا شيوخ اْلش ِر ِكين و‬‫ال َرسول ِ‬
‫الت ْر ِم ِذ ُّي [ضعيف]‬ ‫َ َُ َ َ َ َ ُ‬
‫داود‪ ،‬وصححه ِ‬
‫• «شرخهم» هم الصغار الذين لم يدركوا‪ .‬والشيخ‪ :‬من استبانت فيه السن أو من بلغ‬
‫خمسين سنة أو إحدى وخمسين‪ ،‬واملراد هنا‪:‬‬
‫الرجال المسان أهل الجلد والقوة على القتال‪ ،‬ولم يرد الهرمي‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫ويحتمل أنه أريد بالشيوخ من كانوا بالغين مطلقا فيقتل ومن كان صغيرا ال يقتل‬ ‫‪‬‬

‫فيوافق ما تقدم من النهي عن قتل الصبيان‪.‬‬


‫ويحتمل أنه أريد بالشرخ‪ :‬من كان يف أول الشباب فإنه يطلق عليه‪ ،‬فإنه يستبقى رجاء‬ ‫‪‬‬
‫‪29‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫إسَلمه كما قال أحمد بن حنبل‪ :‬الشيخ ال يكاد يسلم والشباب أقرب إلى اإلسَلم‪.‬‬
‫‪ ‬فيكون الحديث مخصوصا بمن يجوز تقريره على الكفر بالجزية‪.‬‬
‫[فائدة]‬
‫• الشيخ يقتل‪ :‬إذا كان له نفع للمشركين ويضر بالمسلمين‪ ،‬وال يقتل عند عدم الضرر‬
‫بالمسلمين وال نفع للمشركين‪.‬‬

‫‪‬‬

‫املبارزة في الحرب‬

‫َ ً‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫‪َ -18‬و َع ْن َع ِل ٍي ‪ :‬أ َن ُه ْم ت َب َارزوا َي ْو َم َب ْد ٍر‪َ .‬ر َو ُاه ال ُبخ ِار ُّي‪َ .‬وأخ َر َج ُه أ ُبو َد ُاو َد ُمط َول‬
‫• ويف المغازي من البخاري عن علي ‪ -‬كرم اَّلل وجهه ‪ -‬أنه قال‪ :‬أنا أول من يجثو‬
‫اخت ََص ُموا فِي َربِّ ِه ْم﴾‬ ‫ان َخصم ِ‬
‫ان ْ‬ ‫ْ َ‬
‫للخصومة يوم القيامة قال قيس‪ :‬وفيهم أنزلت ﴿ َه َذ ِ‬

‫قال هم الذين تبارزوا يف بدر حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث ‪ ‬وشيبة بن ربيعة وعتبة‬
‫بن ربيعة والوليد بن عتبة‪.‬‬
‫• وتفصيله ما ذكره ابن إسحاق‪ :‬أنه برز عبيدة لعتبة‪ ،‬وحمزة لشيبة‪ ،‬وعلي للوليد‪.‬‬
‫وعند موسى بن عقبة‪ :‬فقتل علي وحمزة من بارزهما‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫واختلف عبيدة ومن بارزه بضربتين فوقعت الضربة يف ركبة عبيدة فمات منها لما‬ ‫‪‬‬

‫رجعوا بالصفراء‪ .‬ومال علي وحمزة على من بارز عبيدة فأعاناه على قتله‪.‬‬

‫[حكم المبارزة]‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪30‬‬

‫[‪ ]1‬يجوز المبارزة (الجمهور)‪.‬‬


‫حديث الباب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬عدم جوازها (الحسن البصري)‬


‫[‪ ]3‬يجوز بإذن اْلمير (اْلوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق) كما يف هذه الرواية‪.‬‬

‫‪‬‬

‫الحمل على صفوف الكفار‬

‫وب ‪َ ‬ق َ َ َ ُ ْ َ ْ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ‬
‫صار‪َ ،‬ي ْعني َق ْوله َت َع َالى‪َ :‬‬ ‫‪َ -19‬و َع ْن َأبي َأ ُّي َ‬
‫﴿ول‬ ‫ال‪ :‬إنما أن ِزلت ه ِذ ِه اْلية ِفينا معش َر اِلن ِ ِ‬
‫ُّ َ َ َ َ َ ْ َ َ ُ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ ُ َ ْ ُ ِ ْ َ َ ْ ُ َ َ َ ُ َ ًّ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ‬
‫و‬
‫ف الر ِوم حتى دخل ِف ِيهم‪ .‬ر اه الثَلثة‪،‬‬ ‫تلقوا ِبأي ِديكم ِإلى التهلك ِة﴾ قاله ردا على من حمل على ص ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ َ َ َ ُ‬
‫الت ْر ِم ِذ ُّي‪َ ،‬و ْاب ُن ِح َبان‪َ ،‬وال َح ِاكم [صحيح]‬
‫ُ‬ ‫وصححه ِ‬
‫• أخرجه المذكورون من حديث أسلم بن يزيد أبي عمران قال «كنا بالقسطنطينية فخرج‬
‫صف عظيم من الروم فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى حصل فيهم ثم‬
‫رجع مقبَل فصاح الناس‪ ،‬سبحان اَّلل ألقى بيده إلى التهلكة‪ ،‬فقال أبو أيوب أيها الناس‬
‫إنكم تؤولون هذه اآلية على هذا التأويل وإنما نزلت هذه اآلية فينا معشر اْلنصار إنا لما‬
‫أعز اَّلل دينه وكثر ناصروه قلنا بيننا سرا إن أموالنا قد ضاعت فلو أنا قمنا فيها وأصلحنا ما‬
‫ضاع منها فأنزل اَّلل تعالى هذه اآلية فكانت التهلكة اإلقامة التي أردنا» وصح عن ابن‬
‫عباس وغيره نحو هذا يف تأويل اآلية‪.‬‬
‫• قيل‪ :‬وفيه دليل على‪ :‬جواز دخول الواحد يف صف القتال ولو ظن الهَلك‪.‬‬
‫‪( ‬قلت) أما ظن الهَلك‪ :‬فَل دليل فيه؛ إذ ال يعرف ما كان ظن من حمل هنا وكأن‬
‫القائل يقول إن الغالب يف واحد يحمل على صف كبير أنه يظن الهَلك‪.‬‬
‫‪31‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫• وقال المصنف يف مسألة حمل الواحد على العدد الكثير من العدو‪ :‬إنه صرح الجمهور‬
‫أنه إذا كان لفرط شجاعته وظنه أنه يرهب العدو بذلك أو يجزئ المسلمين عليهم أو‬
‫نحو ذلك من المقاصد الصحيحة فهو حسن ومتى كان مجرد هتود فممنوع ال سيما إن‬
‫ترتب على ذلك وهن المسلمين‬
‫(قلت) وخرج أبو داود من حديث عطاء بن السائب ‪ -‬قال ابن كثير وال بأس به ‪ -‬عن‬ ‫‪‬‬

‫ابن مسعود قال‪ :‬قال رسول اَّلل ﷺ «عجب ربنا من رجل غزا يف سبيل اَّلل فاهنزم‬
‫أصحابه فعلم ما عليه فرجع رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي حتى أهريق دمه»‬
‫قال ابن كثير‪ :‬واْلحاديث واآلثار يف هذا كثيرة تدل جواز المبارزة لمن عرف من‬ ‫‪‬‬

‫نفسه بَلء يف الحروب وشدة وسطوة‪.‬‬

‫‪‬‬

‫إتالف أموال املحاربين‬

‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫‪َ -20‬و َع ْن ْابن ُع َم َر‪َ ‬ق َ َ َ ُ ُ َ‬


‫ّللا ﷺ َن ْخ َل َبني َ‬
‫الن ِض ِير َوقط َع»‪ُ .‬م َتفق َعل ْي ِه‬ ‫ِ‬ ‫ال‪« :‬ح َرق َرسول ِ‬ ‫ِ‬
‫• يدل على‪ :‬جواز إفساد أموال أهل الحرب بالتحريق والقطع لمصلحة‪.‬‬
‫• ويف ذلك نزلت اآلية ﴿ َما َق َط ْعت ُْم مِ ْن لِينَة﴾ اآلية قال المشركون‪ :‬إنك تنهى عن الفساد يف‬
‫اْلرض فما بال قطع اْلشجار وتحريقها‪،‬‬
‫قال يف معالم التنزيل‪ :‬اللينة فعلة من اللون ويجمع على ألوان وقيل‪ :‬من اللين‬ ‫‪‬‬

‫ومعناه‪ :‬النخلة الكريمة وجمعها لين‪.‬‬


‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪32‬‬

‫[حكم التحريق والتخريب يف بالد العدو]‬


‫[‪ ]1‬يجوز التحريق والتخريب يف بَلد العدو (الجماهير)‪.‬‬
‫[‪ ]2‬يكره ذلك (اْلوزاعي وأبو ثور)‬
‫واحتجا بأن أبا بكر‪ ‬وصى جيوشه أن ال يفعلوا ذلك‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وأجيب‪ :‬بأنه رأى المصلحة يف بقائها ْلنه قد علم أهنا تصير للمسلمين‪ ،‬فأراد بقاءها لهم‬
‫وذلك يدور على مَلحظة المصلحة‪.‬‬

‫‪‬‬

‫النهي عن الغلول‬

‫َ‬ ‫َ َ ُ ُّ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ ُ ُ َ‬


‫الص ِام ِت ‪َ ‬ق َ‬
‫‪َ -21‬و َع ْن ُع َب َاد َة ْبن َ‬
‫ّللا ﷺ‪« :‬ل تغلوا ف ِإ َن الغلو َل نار َو َعار َعلى‬
‫ال َرسول ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ ْ َ َ ْ َ َ َو ُ َ ْ َ ُ َ َ َ ُّ َ َ َ َ ُ ْ ُ َ َ‬ ‫َأ ْ‬
‫ص َح ِاب ِه ِفي الدنيا واْل ِخر ِة»‪ .‬ر اه أحمد‪ ،‬والنسا ِئي‪ ،‬وصححه ابن ِحبان‬
‫• الغلول‪ :‬الخيانة‪ .‬قال ابن قتيبة مسي بذلك‪ْ :‬لن صاحبه يغله يف متاعه أي‪ :‬يخفيه‪.‬‬
‫وهو من الكبائر باإلجماع كما نقله النووي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫والعار الفضيحة ففي الدنيا‪ :‬أنه إذا ظهر افتضح به صاحبه وأما يف اآلخرة‪ :‬فلعل العار‬ ‫‪‬‬

‫ما يفيده ما أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة ‪ ‬قال «قام فينا رسول اَّلل ﷺ‬
‫وذكر الغلول وعظم أمره فقال‪ :‬ال ألفين أحدكم يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء‪،‬‬
‫على رقبته فرس له حمحمة يقول يا رسول اَّلل أغثني فأقول ال أملك لك من اَّلل شيئا‬
‫قد أبلغتك» ‪ -‬الحديث وذكر فيه البعير وغيره‪.‬‬
‫• دل احلديث على‪ :‬أنه يأيت الغال هبذه الصفة الشنيعة يوم القيامة على رءوس اْلشهاد‪،‬‬
‫‪33‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫‪ ‬فلعل هذا هو العار يف اآلخرة للغال‪ ،‬ويحتمل أنه شيء أعظم من هذا‪.‬‬
‫• ويؤخذ من هذا احلديث‪ :‬أن هذا ذنب ال يغفر بالشفاعة لقوله ﷺ‪« :‬ال أملك لك من اَّلل‬
‫شيئا» وحيتمل‪ :‬أنه أورده يف محل التغليظ والتشديد‪ ،‬وحيتمل‪ :‬أنه يغفر له بعد تشهيره يف‬
‫ذلك الموقف‪.‬‬
‫• والحديث الذي سقناه ورد يف خطاب العاملين على الصدقات فدل على‪ :‬أن الغلول عام‬
‫لكل ما فيه حق للعباد وهو مشرتك بين الغال وغيره‪.‬‬
‫(فإن قلت) هل يجب على الغال رد ما أخذ؟‬
‫(قلت) قال ابن المنذر‪ :‬إهنم أجمعوا على أن الغال يعيد ما غل قبل القسمة‪.‬‬
‫وأما بعدها‪:‬‬
‫[‪ ]1‬يدفع إلى اإلمام خمسه ويتصدق بالباقي (اْلوزاعي والليث ومالك)‪.‬‬
‫[‪ ]2‬إن كان ملكه فليس عليه أن يتصدق به‪ ،‬وإن كان لم يملكه لم يتصدق به فليس له‬
‫التصدق بمال غيره‪ ،‬والواجب أن يدفعه إلى اإلمام كاْلموال الضائعة (الشافعي)‪.‬‬

‫‪‬‬

‫من قتل قتيال فله سلبه‬

‫َ َو ُ َ ُ َ ُ َ َ َ ْ ُ ْ‬ ‫ََ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫صل ُه ِعن َد‬ ‫الن ِب َي ﷺ ق َض ى ِب‬
‫«أ َن َ‬
‫السل ِب ِللقا ِت ِل»‪ .‬ر اه أبو داود‪ .‬وأ‬ ‫‪َ -22‬و َع ْن َع ْو ِف ْب ِن َم ِال ٍك ‪:‬‬
‫ُم ْس ِل ٍم‬
‫[حكم السلب الذي يؤخذ من العدو؛ هل يشترط قول اإلمام؟]‬
‫[‪ ]1‬أن السلب الذي يؤخذ من العدو الكافر يستحقه قاتله (الشافعي)‪.‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪34‬‬

‫‪ ‬سواء قال اإلمام قبل القتال‪ :‬من قتل قتيَل فله سلبه‪ .‬أو ال‪،‬‬
‫‪ ‬وسواء كان القاتل مقبَل أو منهزما‪،‬‬
‫‪ ‬وسواء كان ممن يستحق السهم يف المغنم أو ال‪.‬‬
‫إذ قوله «قضى بالسلب للقاتل» حكم مطلق غير مقيد بشيء من اْلشياء؛‬ ‫‪‬‬

‫حفظ هذا الحكم عن رسول اَّلل ﷺ يف مواطن كثيرة منها يوم بدر «فإنه ﷺ حكم‬ ‫‪‬‬

‫بسلب أبي جهل لمعاذ بن الجموح لما كان هو المؤثر يف قتل أبي جهل؛ وكذا يف‬
‫قتل حاطب بن أبي بلتعة لرجل يوم أحد أعطاه النبي ﷺ سلبه»‪ .‬رواه الحاكم‪.‬‬
‫واْلحاديث يف هذا الحكم كثيرة‪.‬‬
‫وقوله ﷺ يف يوم حنين «من قتل قتيَل فله سلبه» بعد القتال ال ينايف هذا بل هو‬ ‫‪‬‬

‫مقرر للحكم السابق؛ فإن هذا كان معلوما عند الصحابة من قبل حنين‪،‬‬
‫ولذا قال عبد اَّلل بن جحش‪ :‬اللهم ارزقني رجَل شديدا ‪ -‬إلى قوله ‪ -‬أقتله وآخذ‬ ‫‪‬‬

‫سلبه كما قدمناه قريبا‪،‬‬


‫[‪ ]2‬إنه ال يكون السلب للقاتل إال إذا قال اإلمام قبل القتال (أبو حنيفة والهادوية)‬
‫مثال أن يقول‪ :‬من قتل قتيَل فله سلبه وإال كان السلب من جملة الغنيمة بين الغانمين‪ ،‬فإنه‬
‫قول ال توافقه اْلدلة‬
‫وقال الطحاوي‪ :‬ذلك موكول إلى رأي اإلمام «فإنه ﷺ أعطى سلب أبي جهل لمعاذ‬ ‫‪‬‬

‫بن الجموح بعد قوله له ولمشاركه يف قتله كَلكما قتله لما أرياه سيفيهما»‪.‬‬

‫وأجيب عنه‪:‬‬
‫‪ ‬بأنه ﷺ إنما أعطاه معاذا ْلنه الذي أثر يف قتله لما رأى عمق الجناية يف سيفه؛‬
‫‪ ‬وأما قوله‪« :‬كَلكما قتله» فإنه قاله تطييبا لنفس صاحبه‪.‬‬
‫‪35‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫وأما تخميس السلب الذي يعطاه القاتل‪:‬‬


‫عدم تخميسه (أحمد وابن المنذر وابن جرير وآخرون)‬
‫عموم اْلدلة من اْلحاديث‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫كأهنم يخصصون عموم اآلية فإنه أخرج حديث عوف بن مالك أبو داود وابن حبان‬ ‫‪‬‬

‫بزيادة «ولم يخمس السلب» وكذلك أخرجه الطرباين‪.‬‬

‫واختلفوا هل تلزم القاتل البينة على أنه قتل من يريد أخذ سلبه؟‬
‫[‪ ]1‬إنه ال يقبل قوله إال بالبينة (الليث والشافعي وجماعة من المالكية)‬
‫لورود ذلك يف بعض الروايات بلفظ «من قتل قتيَل له عليه بينة فله سلبه»‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬يقبل قوله بَل بينة (مالك واْلوزاعي)‬


‫ْلنه ﷺ قد قبل قول واحد ولم يحلفه بل اكتفى بقوله؛ وذلك يف قصة معاذ بن‬ ‫‪‬‬

‫الجموح وغيرها فيكون مخصصا لحديث الدعوى والبينة‪.‬‬

‫‪‬‬

‫لإلمام أن يعطي السلب ملن يشاء‬

‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ َ َ َ َ‬ ‫الر ْح َمن ْبن َع ْو ٍف ‪َ ‬ق َ‬


‫ال‪ :‬ف ْابت َد َر ُاه ِب َس ْيف ْي ِه َما َح َتى قتَل ُه‪،‬‬‫ال ِفي ‪ِ -‬قص ِة أ ِبي جه ٍل ‪ -‬ق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪َ -23‬و َع ْن َع ْب ِد َ‬
‫ال‪َ :‬أ ُّي ُك َما َق َت َل ُه؟ َه ْل َم َس ْح ُت َما َس ْي َف ْي ُك َما؟ َق َال‪َ :‬ل‪َ .‬ق َ‬
‫ال‬ ‫ّللا ﷺ َف َأ ْخ َب َر ُاه‪َ ،‬ف َق َ‬‫َ‬ ‫ُ ْ َ َ َ ُ‬
‫ث َم انص َرفا إلى َرسو ِل ِ‬
‫َ َ‬ ‫ال‪ِ :‬ك ََل ُك َما َق َت َل ُه َف َق َض ى ﷺ ب َس َلب ِه ْلُ َع ِاذ ْبن َع ْمرو ْبن ْال َج ُ‬ ‫َف َن َظ َر ِفيه َما‪َ ،‬ف َق َ‬
‫وح»‪ُ .‬م َتفق َعل ْي ِه‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫• (يف قصة قتل أبي جهل) يوم بدر‪.‬‬
‫• (فابتدراه) تسابقا إليه (بسيفيهما) أي ابني عفراء‪.‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪36‬‬

‫• استدل به على‪ :‬أن لإلمام أن يعطي السلب لمن شاء وأنه مفوض إلى رأيه‪،‬‬
‫ْلنه ﷺ أخرب أن ابني عفراء قتَل أبا جهل‪ ،‬ثم جعل سلبه لغيرهما‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وأجيب عنه‪ :‬أنه إنما حكم به ﷺ لمعاذ بن عمرو بن الجموح ْلنه رأى أثر ضربته بسيفه‬
‫هي المؤثرة يف قتله لعمقها فأعطاه السلب وط َّيب قلب ابني عفراء بقوله «كَلكما قتله»‬
‫وإال فالجناية القاتلة له ضربة معاذ بن عمرو‪،‬‬
‫ونسبة القتل إليهما‪ :‬مجاز أي‪ :‬كَلكما قتله‪ ،‬وقرينة المجاز إعطاء سلب المقتول‬
‫لغيرهما‪ ،‬وقد يقال هذا محل النزاع‪.‬‬

‫‪‬‬

‫يجوز قتل الكفار إذا تحصنوا باملنجنيق‬

‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َْْ َ َ َ َ‬ ‫ْ‬


‫يق َعلى أ ْه ِل الطا ِئف» ‪ -‬أخ َر َج ُه أ ُبو َد ُاو َد ِفي‬ ‫‪َ -24‬و َع ْن َمك ُحو ٍل ﵁‪« :‬أن الن ِبي ﷺ نصب اْلنج ِن‬
‫ُ َ‬ ‫َْ‬
‫يل» َو ِر َجال ُه ِثقات‪[ .‬موقوف]‬
‫اس ِ‬ ‫«اْل َر ِ‬
‫ْ َ َ‬ ‫ََ ََُ ْ َُ‬
‫يف َع ْن َع ِل ٍي ‪[ ‬موضوع]‬ ‫ووصله العق ْي ِل ُّي ِب ِإسن ٍاد ض ِع ٍ‬
‫• (وعن مكحول)‬
‫هو أبو عبد اَّلل مكحول بن عبد اَّلل الشامي كان من سبي كابل وكان مولى المرأة من‬ ‫‪‬‬

‫قيس وكان سنديا ال يفصح‪،‬‬


‫وهو عالم الشام ولم يكن أبصر منه بالفتيا يف زمانه‪ ،‬سمع من أنس بن مالك وواثلة‬ ‫‪‬‬

‫وغيرهما‪ ،‬وروى عنه الزهري وغيره وربيعة الرأي وعطاء الخراساين‪،‬‬


‫مات سنة ثمان عشرة ومائة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫• وأخرجه الرتمذي عن ثور رواية عن مكحول ولم يذكر مكحوال فكان من قسم‬
‫‪37‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫المعضل‪ ،‬وقال السهيلي ذكر الرمي بالمنجنيق الواقدي كما ذكره مكحول‪.‬‬
‫• وذكر أن الذي أشار به سلمان الفارسي‪ ،‬وروى ابن أبي شيبة من حديث عبد اَّلل بن سنان‬
‫ومن حديث عبد الرحمن بن عوف «أنه ﷺ حاصرهم خمسا وعشرين ليلة» ولم يذكر‬
‫أشياء من ذلك‪.‬‬
‫• ويف الصحيحين من حديث ابن عمر «حاصر أهل الطائف شهرا»‪ ،‬ويف مسلم من حديث‬
‫أنس أن المدة كانت أربعين ليلة‪.‬‬
‫• ويف احلديث دليل على‪ :‬أنه يجوز قتل الكفار إذا تحصنوا بالمنجنيق ويقاس عليه غيره من‬
‫المدافع ونحوها‪.‬‬

‫‪‬‬

‫إقامة الحدود بالحرم‬

‫اْل ْغ َف ُر‪َ ،‬ف َل َما َن َز َع ُه َج َاء ُه َر ُجل‪َ ،‬ف َق َ‬‫ْ‬ ‫َ َ َ َ َ ََ ْ‬ ‫ََ َ‬ ‫ََ‬
‫ال‪ْ :‬اب ُن‬ ‫س ‪« ‬أن الن ِب َي ﷺ دخ َل َمكة وعلى َرأ ِس ِه ِ‬ ‫ٍ‬ ‫‪َ -25‬و َع ْن أن‬
‫َ َ‬
‫وه»‪ُ .‬م َتفق َعل ْي ِه‬ ‫َخ َطل ُم َت َع ِلق ب َأ ْس َتار ْال َك ْع َب ِة‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ال‪ُ :‬ا ْق ُت ُل ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫• املغفر‪ :‬زرد من الدرع يلبس تحت القلنسوة أو حلق يتقنع هبا المسلح‪.‬‬
‫• فيه دليل على‪ :‬أنه ﷺ دخل مكة غير محرم يوم الفتح ْلنه دخل مقاتَل ولكن يختص به‬
‫ذلك فإنه محرم القتال فيها كما قال ﷺ «وإنما أحلت لي ساعة من هنار» متفق عليه‪.‬‬
‫• وأما أمره ﷺ بقتل ابن خطل وهو أحد جماعة تسعة أمر ﷺ بقتلهم ولو تعلقوا بأستار‬
‫الكعبة‪ ،‬فأسلم منهم ستة وقتل ثَلثة منهم ابن خطل‪.‬‬
‫• «وكان ابن خطل قد أسلم فبعثه النبي ﷺ مصدقا وبعث معه رجَل من اْلنصار وكان معه‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪38‬‬

‫مولى يخدمه مسلما فنزل منزال وأمر مواله أن يذبح له تيسا ويصنع له طعاما فنام‬
‫فاستيقظ ولم يصنع له شيئا فعدا عليه فقتله ثم ارتد مشركا‪ ،‬وكانت له قينتان تغنيانه‬
‫هبجاء النبي ﷺ فأمر بقتلهما معه فقتلت إحداهما واستؤمن لألخرى فأمنها»‬
‫• قال الخطابي‪ :‬قتله ﷺ بحق ما جناه يف اإلسَلم‪ ،‬فدل على أن الحرم ال يعصم من إقامة‬
‫واجب وال يؤخره عن وقته انتهى‪.‬‬

‫[من ارتكب حدا يف غير الحرم ثم التجأ إليه]‬


‫[‪ ]1‬أنه يستوىف الحدود والقصاص بكل مكان وزمان (مالك والشافعي)‪.‬‬
‫لعموم اْلدلة ولهذه القصة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬أنه ال يستوىف فيها حد (الجمهور من السلف والخلف وقول الهادوية)‬


‫‪ ‬لقوله تعالى‪َ ﴿ :‬و َم ْن َد َخ َل ُه كَا َن آمِنًا﴾‪.‬‬
‫ولقوله ﷺ‪« :‬ال يسفك هبا دم»‬ ‫‪‬‬

‫وأجابوا عما احتج به األولون‪:‬‬


‫بأنه ال عموم لألدلة يف الزمان والمكان بل هي مطلقات مقيدة بما ذكرناه من الحديث‬ ‫‪‬‬

‫وهو متأخر فإنه يف يوم الفتح بعد شرعية الحدود‪،‬‬


‫وأما قتل ابن خطل ومن ذكر معه فإنه كان يف الساعة التي أحلت فيها مكة لرسول اَّلل‬ ‫‪‬‬

‫ﷺ واستمرت من صبيحة يوم الفتح إلى العصر‪ .‬وقد قتل ابن خطل وقت الضحى‬
‫بين زمزم‪.‬‬

‫[إذا ارتكب إنسان يف الحرم ما يوجب الحد]‬


‫[‪ ]1‬أنه يخرج من الحرم وال يقام عليه الحد وهو فيه (بعض الهادوية)‪.‬‬
‫‪39‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫[‪ ]2‬أقيم الحد يف الحرم (ابن عباس)‪.‬‬


‫عن ابن عباس قال‪ :‬من سرق أو قتل يف الحرم أقيم عليه يف الحرم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وذكر اْلثرم عن ابن عباس أيضا «من أحدث حدثا يف الحرم أقيم عليه الحد ما‬ ‫‪‬‬

‫ج ِد ا ْل َح َرا ِم َحتَّى‬
‫وه ْم ِعنْدَ ا ْل َم ْس ِ‬
‫أحدث فيه من شيء» واَّلل تعالى يقول‪َ ﴿ :‬وال ُت َقاتِ ُل ُ‬
‫ُي َقاتِ ُلوك ُْم فِ ِيه َفإِ ْن َقا َت ُلوك ُْم َفا ْق ُت ُل ُ‬
‫وه ْم﴾‪.‬‬

‫• وفرقوا بينه وبين الملتجئ إليه‪:‬‬


‫‪ ‬بأن الجاين فيه هاتك لحرمته‪ ،‬والملتجئ معظم لها‪،‬‬
‫‪ ‬وْلنه لو لم يقم الحد على من جنى فيه من أهله لعظم الفساد يف الحرم وأدى إلى أن‬
‫من أراد الفساد قصد إلى الحرم ليسكنه وفعل فيه ما تتقاضاه شهوته‪.‬‬

‫[ الحد بغير القتل فيما دون النفس من القصاص (يف الحرم)]‬


‫[‪ ]1‬أنه يستوىف (أحمد يف رواية)‬
‫ْلن اْلدلة إنما وردت فيمن سفك الدم‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫ْلن حرمة النفس أعظم واالنتهاك بالقتل أشد‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫وْلن الحد فيما دون النفس جار مجرى تأديب السيد عبده فلم يمنع منه‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬عدم االستيفاء لشيء (أحمد يف رواية أخرى)‬


‫عمَل بعموم اْلدلة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وال يخفى أن الحكم لألخص‪ ،‬حيث صح أن سفك الدم ال ينصرف إال إلى القتل‬
‫(قلت) وال يخفى أن الدليل خاص بالقتل‪ ،‬والكَلم من أوله يف الحدود فَل بد من حملها‬
‫على القتل إذ حد الزنى غير الرجم وحد الشرب والقذف يقام عليه‪.‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪40‬‬

‫‪‬‬

‫القتل صبرا‬

‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ّللا ﷺ َق َت َل َي ْو َم َب ْدر َث ََل َث ًة َ‬ ‫َ‬


‫ص ْب ًرا»‪ .‬أخ َر َج ُه أ ُبو َد ُاو َد ِفي‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫«أ َن َ ُسو َل َ‬
‫ر‬ ‫يد ْب ِن ُج َب ْي ٍر‪‬‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫‪ -26‬وعن س ِع ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َْ‬
‫يل» َو ِر َجال ُه ِثقات [سنده صحيح]‬ ‫اس ِ‬ ‫«اْل َر ِ‬
‫• (وعن سعيد بن جبير ‪)‬‬
‫هو أبو عبد اَّلل بن جبير اْلسدي مولى بني والبة بطن من بني أسد بن خزيمة كويف‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أحد علماء التابعين‪ ،‬سمع ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وابن الزبير وأنسا وأخذ‬ ‫‪‬‬

‫عنه عمرو بن دينار وأيوب‪.‬‬


‫قتله الحجاج سنة خمس وتسعين يف شعبان منها ومات الحجاج يف رمضان من السنة‬ ‫‪‬‬

‫المذكورة‪.‬‬
‫• صرب اإلنسان وغريه على القتل‪ :‬أن يحبس ويرمى حتى يموت‪،‬‬
‫• والثالثة هم‪ :‬طعيمة بن عدي‪ ،‬والنضر بن الحارث‪ ،‬وعقبة بن أبي معيط‪ ،‬ومن قال بدل‬
‫طعيمة‪ :‬المطعم بن عدي‪.‬‬
‫• وهذا دليل على‪ :‬جواز قتل الصرب‪،‬‬
‫‪ ‬إال أنه قد روي عنه ﷺ برجال ثقات ويف بعضهم مقال «ال يقتلن قرشي بعد هذا‬
‫صربا» قاله ﷺ بعد قتل ابن خطل يوم الفتح‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪41‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫جواز مفادات املسلم األسير بأسير من املشركين‬

‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ّللا ﷺ ف َدى َر ُجل ْي ِن ِم ْن اْل ْس ِل ِمين ِب َر ُج ٍل ُمش ِر ٍك»‬ ‫ََ ُ َ َ‬ ‫َ ْ ُ َْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫‪ -27‬وعن ِع ْم َران ب ِن حصي ٍن ‪« :‬أن َرسول ِ‬
‫َ ْ َ َ ُ ْ ُّ َ َ َ َ ُ َ َ ْ ُ ْ‬
‫صل ُه ِعن َد ُم ْس ِل ٍم‪.‬‬ ‫التر ِم ِذي وصححه‪ .‬وأ‬
‫أخرجه ِ‬
‫[حكم مفاداة المسلم األسير بأسير من المشركين]‬
‫[‪ ]1‬يجوز مفاداة المسلم اْلسير بأسير من المشركين (الجمهور)‪.‬‬
‫هذا الحديث‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬ال تجوز المفاداة ويتعين إما قتل اْلسير أو اسرتقاقه (أبو حنيفة) وزاد مالك أو مفاداته‬
‫بأسير‪.‬‬
‫[‪ ]3‬تجوز المفاداة بغيره أو بمال أو قتل اْلسير أو اسرتقاقه (صاحبا أبي حنيفة)‬
‫وقد «وقع منه ﷺ قتل اْلسير» كما يف قصة عقبة بن أبي معيط‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫وفداؤه بالمال كما يف أسارى بدر‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫والمن عليه كما من على أبي عزة يوم بدر على أن ال يقاتل فعاد إلى القتال يوم أحد‬ ‫‪‬‬

‫فأسره وقتله‪ ،‬وقال يف حقه «ال يلدغ المؤمن من جحر مرتين»‪.‬‬


‫واالسرتقاق وقع منه ﷺ ْلهل مكة ثم أعتقهم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫من أسلم من الكفار حرم دمه وماله‬

‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ‬ ‫َ َ َ َْ‬ ‫ص ْخر ْبن ْال َع ْي َل َة َأ َن َ‬


‫«إن الق ْو َم إذا أ ْسل ُموا أ ْح َرزوا ِد َم َاء ُه ْم َوأ ْم َوال ُه ْم»‪.‬‬ ‫الن ِب َي ﷺ قال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪َ -28‬و َع ْن َ‬
‫َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫أخ َر َج ُه أ ُبو َد ُاو َد‪َ ،‬و ِر َجال ُه ُم َوثقون [سنده ضعيف]‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪42‬‬

‫• (وعن صخر بن العيلة) ويقال ابن أبي العيلة‪ ،‬عداده يف أهل الكوفة وحديثه عندهم‪،‬‬
‫• ويف معناه الحديث المتفق عليه «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ال إله إال اَّلل فإذا‬
‫قالوها أحرزوا دماءهم وأموالهم»‪.‬‬
‫• ويف احلديث دليل على‪ :‬أن من أسلم من الكفار حرم دمه وماله‪ ،‬وللعلماء تفصيل يف ذلك‪،‬‬
‫قالوا‪:‬‬
‫‪ ‬من أسلم طوعا من دون قتال‪ :‬ملك ماله وأرضه وذلك كأرض اليمن‪،‬‬
‫‪ ‬وإن أسلموا بعد القتال‪ :‬فاإلسَلم قد عصم دماءهم وأما أموالهم فالمنقول غنيمة‬
‫وغير المنقول يفء‪.‬‬

‫[يف األرض التي صارت فيئا للمسلمين]‬


‫أهنا تكون وقفا‪ ،‬يقسم خراجها يف مصالح المسلمين وأرزاق المقاتلة وبناء القناطر والمساجد‬
‫وغير ذلك من سبل الخير إال أن يرى اإلمام يف وقت من اْلوقات أن المصلحة يف قسمتها كان‬
‫له ذلك (جمهور العلماء‪ ،‬ابن القيم‪/‬مالك)‪.‬‬
‫وكانت عليه سيرة الخلفاء الراشدين‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫ونازع يف ذلك بَلل وأصحابه وقالوا لعمر‪ :‬اقسم اْلرض التي فتحوها يف الشام‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وقالوا له‪ :‬خذ خمسها واقسمها‪ .‬فقال عمر‪ :‬هذا غير المال ولكن أحبسه فيئا يجري‬
‫عليكم وعلى المسلمين ثم وافق سائر الصحابة عمر ‪.‬‬
‫وكذلك جرى يف فتوح مصر وأرض العراق وأرض فارس وسائر البَلد التي فتحوها‬ ‫‪‬‬

‫عنوة فلم يقسم منها الخلفاء الراشدون قرية واحدة‪ .‬ثم قال ووافقه على ذلك جمهور‬
‫اْلئمة‪.‬‬
‫‪43‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫وإن اختلفوا يف كيفية بقائها بال قسمة‬


‫[‪ ]1‬أن اإلمام مخير فيها تخيير مصلحة ال تخيير شهوة‪( ،‬ظاهر مذهب اإلمام أحمد)‬
‫‪ ‬فإن كان اْلصلح للمسلمين قسمتها‪ :‬قسمها‪،‬‬
‫‪ ‬وإن كان اْلصلح أن يقفها على المسلمين‪ :‬وقفها عليهم‪،‬‬
‫‪ ‬وإن كان اْلصلح قسمة البعض ووقف البعض‪ :‬فعله‪.‬‬
‫فإن رسول اَّلل ﷺ فعل اْلقسام الثَلثة فإنه قسم أرض قريظة والنضير وترك‬ ‫‪‬‬

‫قسمة مكة وقسم بعض خيرب وترك بعضها لما ينوبه من مصالح المسلمين‪.‬‬
‫[‪ ]2‬أن اإلمام مخير فيها بين اْلصلح من اْلربعة اْلشياء (الهادوية)‬
‫‪ ‬إما القسم بين الغانمين أو يرتكها ْلهلها على خراج أو يرتكها على معاملة من غلتها‬
‫أو يمن هبا عليهم‪ .‬قالوا‪ :‬وقد فعل مثل ذلك النبي ﷺ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫معرفة الجميل ألهله‬

‫ُ‬
‫ي َح ًّيا ث َم‬ ‫َ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ُْ ْ ُ ْ ُ َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ َ ْ ُ َْ ْ ُ ْ‬
‫‪ -29‬وعن جبي ِرب ِن مط ِع ٍم ‪« ‬أن الن ِبي ﷺ قال ِفي أسارى بدر‪ :‬لو كان اْلط ِعم بن ع ِد ٍ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َُ َ ْ َ ََ َ ْ ْ َ‬ ‫ََ‬
‫تهم ل ُه»‪َ .‬ر َو ُاه ال ُبخ ِار ُّي‬‫كل َم ِني ِفي هؤل ِء النتنى لترك‬
‫• جبير‪ :‬صحابي عارف باْلنساب‪ .‬مات سنة ثمان أو تسع وخمسين‪.‬‬
‫• املراد بهم‪ :‬أسارى بدر وص َفهم بالنتن لما هم عليه من الشرك؛ كما وصف اَّلل تعالى‬
‫المشركين بالنجس واملراد‪ :‬لو طلب مني تركهم وإطَلقهم من اْلسر بغير فداء لفعلت‬
‫ذلك مكافأة له على يد كانت له عند رسول اَّلل ﷺ‪.‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪44‬‬

‫• وذلك‪ :‬أنه ﷺ لما رجع من الطائف دخل ﷺ يف جوار المطعم بن عدي إلى مكة فإن‬
‫المطعم بن عدي أمر أوالده اْلربعة‪ ،‬فلبسوا السَلح وقام كل واحد منهم عند الركن من‬
‫الكعبة فبلغ ذلك قريشا فقالوا له‪ :‬أنت الرجل الذي ال تخفر ذمتك‪ ،‬وقيل‪ :‬إن اليد التي‬
‫كانت له أنه أعظم من سعى يف نقض الصحيفة التي كانت كتبتها قريش يف قطيعة بني‬
‫هاشم ومن معهم من المسلمين حين حصروهم يف الشعب وكان المطعم قد مات قبل‬
‫وقعة بدر كما رواه الطرباين‪.‬‬
‫• وفيه دليل على أنه يجوز ترك أخذ الفداء من اْلسير والسماحة به لشفاعة رجل عظيم وأنه‬
‫يكافأ المحسن وإن كان كافرا‪.‬‬

‫‪‬‬

‫ال توطأ مسبية حتى تستبرأ أو تضع‬

‫ص ْب َنا َس َب َايا َي ْو َم َأ ْو َطاس َل ُه َن َأ ْز َواج‪َ .‬ف َت َح َر ُجوا‪َ ،‬ف َأ ْن َز َل َ ُ‬


‫ّللا‬ ‫ال‪َ :‬أ َ‬
‫يد ْال ُخ ْدري ‪َ ‬ق َ‬ ‫َ َ ْ َ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪« -30‬وعن أ ِبي س ِع ٍ‬
‫ْ َ َ ْ‬ ‫ََ ْ َ ُُ‬ ‫َ َ َ َ ُْ ْ َ َ ُ َ‬
‫الن َس ِاء ِإل َما َملكت أ ْي َمانك ْم﴾ ‪ -‬اْل َية»‪ .‬أخ َر َج ُه ُم ْس ِلم‬ ‫تعالى ﴿واْلحصنات ِمن ِ‬
‫• أوطاس‪ :‬واد يف ديار هوازن‪.‬‬
‫• واحلديث دليل على انفساخ نكاح المسبية فاالستثناء على هذا متصل‪ .‬وإلى هذا ذهبت‬
‫الهادوية والشافعي وظاهر اإلطَلق سواء سبي معها زوجها أو ال‪.‬‬

‫[حكم وطأ المسبية قبل إسالمها]‬


‫[‪ ]1‬يجوز الوطء ولو قبل إسَلم المسبية؛ سواء كانت كتابية أو وثنية (طاوس وغيره)‪.‬‬
‫حديث الباب‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪45‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫إذ اآلية عامة‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫ولم يعلم أنه ﷺ عرض على سبايا أوطاس اإلسَلم وال أخرب أصحابه أهنا ال توطأ‬ ‫‪‬‬

‫مسبية حتى تسلم مع أنه ال يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة‪.‬‬


‫حديث العرباض بن سارية «أن النبي ﷺ حرم وطء السبايا حتى يضعن ما يف‬ ‫‪‬‬

‫بطوهنن» فجعل للتحريم غاية واحدة وهي وضع الحمل ولم يذكر اإلسَلم‪،‬‬
‫«ال يحل المرئ يؤمن باَّلل واليوم اآلخر أن يقع على امرأة من السبي حتى يستربئها»‬ ‫‪‬‬

‫ولم يذكر اإلسَلم وأخرجه أحمد‪.‬‬


‫وأخرج أحمد أيضا «من كان يؤمن باَّلل واليوم اآلخر فَل ينكح شيئا من السبايا حتى‬ ‫‪‬‬

‫تحيض حيضة» ولم يذكر اإلسَلم‪ ،‬وال يعرف اشرتاط اإلسَلم يف المسبية يف حديث‬
‫واحد‪.‬‬
‫[‪ ]2‬أنه ال يجوز وطء المسبية بالملك حتى تسلم إذا لم تكن كتابية (الشافعي واْلئمة)‬
‫وسبايا أوطاس هن وثنيات‪ ،‬فَل بد عندهم من التأويل بأن حلهن بعد اإلسَلم‪ ،‬وال‬ ‫‪‬‬

‫يتم ذلك إال لمجرد الدعوى فقد عرفت أنه لم يأت بشرطية اإلسَلم‪.‬‬

‫‪‬‬

‫تنفيل املجاهدين بعد قسمة الفيء‬

‫ً َ ً‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ً ََ‬ ‫‪َ -31‬و َعن ْابن ُع َم َر‪َ ‬ق َ َ َ َ ُ ُ َ‬


‫ّللا ﷺ َس ِرَية َو أنا ِف ِيه ْم‪ِ ،‬ق َب َل ن ْج ٍد‪ ،‬فغ ِن ُموا ِإبَل ك ِث َيرة‪،‬‬ ‫ال‪ :‬بعث َرسول ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َف َك َان ْت ُس ْه َم ُان ُه ْم ْاث َن ْي َع َش َر َبع ًيرا‪َ ،‬و ُنف ُلوا َبع ًيرا َبع ًيرا»‪ُ .‬م َت َفق َع َليهْ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫• السرية‪ :‬قطعة من الجيش تخرج منه وتعود إليه وهي من مائة إلى خمسمائة‪،‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪46‬‬

‫• والسرية‪ :‬التي تخرج بالليل‪ ،‬والسارية التي تخرج بالنهار‪،‬‬


‫• سهمانهم‪ :‬أنصباؤهم‪ ،‬أي أنه بلغ نصيب كل واحد منهم هذا القدر أعني اثني عشر بعيرا‪.‬‬
‫• والنفل‪ :‬زيادة يزادها الغازي على نصيبه من المغنم‪.‬‬
‫• وقوله (نفلوا) مبني للمجهول‪:‬‬
‫‪ ‬فيحتمل أنه نفلهم أميرهم وهو أبو قتادة‪،‬‬
‫‪ ‬ويحتمل أنه النبي ﷺ‪.‬‬
‫وظاهر رواية الليث عن نافع عند مسلم أن القسم والتنفيل كان من أمير الجيش‬ ‫‪‬‬

‫وقرر النبي ﷺ ذلك ْلنه قال ولم يغيره النبي ﷺ‬


‫وأما رواية ابن عمر عند مسلم أيضا بلفظ «ونفلنا رسول اَّلل ﷺ بعيرا بعيرا» فقد‬ ‫‪‬‬

‫قال النووي‪ :‬نسب إلى النبي ﷺ لما كان مقررا لذلك‪.‬‬


‫ولكن الحديث عند أبي داود بلفظ «فأصبنا نعما كثيرا وأعطانا أميرنا بعيرا بعيرا‬ ‫‪‬‬

‫لكل إنسان ثم قدمنا إلى النبي ﷺ فقسم بيننا غنيمتنا فأصاب كل رجل اثني‬
‫عشر بعيرا بعد الخمس» فدل على أن التنفيل من اْلمير والقسمة منه ﷺ‬
‫‪ ‬وقد مجع بني الروايات‪ :‬بأن التنفيل كان من اْلمير قبل الوصول إلى النبي ﷺ‪ ،‬ثم بعد‬
‫الوصول قسم النبي ﷺ بين الجيش وتولى اْلمير قبض ما هو للسرية جملة ثم قسم‬
‫ذلك على أصحابه‪،‬‬
‫فمن نسب ذلك إلى النبي ﷺ‪ :‬فلكونه الذي قسم أوال‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫ومن نسب ذلك إلى اْلمير‪ :‬فباعتبار أنه الذي أعطى ذلك أصحابه آخرا‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫• ويف احلديث دليل على جواز التنفيل للجيش‪ ،‬ودعوى أنه يختص ذلك بالنبي ﷺ ال دليل‬
‫عليه‪ ،‬بل تنفيل اْلمير قبل الوصول إليه ﷺ يف هذه القصة دليل على عدم االختصاص‪.‬‬
‫• وقول مالك‪ :‬إنه يكره أن يكون التنفيل بشرط من اْلمير‪ ،‬بأن يقول من فعل كذا فله كذا‪،‬‬
‫‪47‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫ْلنه يكون القتال للدنيا فَل يجوز –‬


‫‪ ‬يرده قوله ﷺ «من قتل قتيَل فله سلبه» سواء قاله ﷺ قبل القتال أو بعده فإنه تشريع‬
‫عام إلى يوم القيامة‪،‬‬
‫‪ ‬وأما لزوم كون القتال للدنيا فالعمدة الباعث عليه فإنه ال يصير قول اإلمام‪ :‬من فعل‬
‫كذا فله كذا‪ :‬قتاله للدنيا بعد اإلعَلم له أن المجاهد يف سبيل اَّلل من جاهد لتكون‬
‫كلمة اَّلل هي العليا‪.‬‬
‫فمن كان قصده إعَلء كلمة اَّلل لم يضره أن يريد مع ذلك المغنم واالسرتزاق كما‬ ‫‪‬‬

‫قال ﷺ «وجعل رزقي تحت ظل رمحي»‬


‫• واختلف العلماء هل يكون التنفيل من أصل الغنيمة أو من الخمس أو من خمس‬
‫الخمس؟ قال الخطابي‪ :‬أكثر ما روي من اْلخبار يدل على أن النفل من أصل الغنيمة‪.‬‬

‫‪‬‬

‫سهم الفارس والفرس والراجل‬

‫َ َ‬ ‫ّللا ﷺ َي ْو َم َخ ْي َب َر ِل ْل َف َر َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫‪َ -32‬و َع ْن ُه ‪َ ‬ق َ َ َ َ ُ ُ َ‬


‫اج ِل َس ْه ًما»‪ُ .‬م َتفق َعل ْي ِه‪.‬‬ ‫س َسهمي ِن و ِللر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال‪« :‬قسم َرسول ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ ُ ُْ َ‬
‫ي ‪َ -‬و ِِل ِبي َد ُاود‪ :‬أ ْس َه َم ِل َر ُج ٍل َو ِلف َر ِس ِه ثَلثة أ ْس ُه ٍم‪َ :‬س ْه َم ْي ِن ِلف َر ِس ِه‪َ ،‬و َس ْه ًما ل ُه‪.‬‬
‫واللفظ ِللبخ ِار ِ‬
‫[سهم الفارس والفرس]‬
‫[‪ ]1‬أنه يسهم لصاحب الفرس ثَلثة سهام من الغنيمة له سهم ولفرسه سهمان (الناصر‬
‫والقاسم ومالك والشافعي)‬
‫لهذا الحديث‬ ‫‪‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪48‬‬

‫حديث أبي عمرة «أن النبي ﷺ أعطى للفرس سهمين ولكل إنسان سهما فكان‬ ‫‪‬‬

‫للفارس ثَلثة أسهم»‬


‫حديث الزبير «أن النبي ﷺ ضرب له أربعة أسهم سهمين لفرسه وسهما له وسهما‬ ‫‪‬‬

‫لقرابته» يعني من النبي ﷺ‪.‬‬


‫[‪ ]2‬أن الفرس له سهم واحد (الهادوية والحنفية)‪.‬‬
‫لما يف بعض روايات أبي داود بلفظ «فأعطى للفارس سهمين وللراجل سهما» وهو‬ ‫‪‬‬

‫من حديث مجمع بن جارية‪ ،‬وال يقاوم حديث الصحيحين‪.‬‬

‫• واختلفوا إذا حضر بفرسين‪ :‬فقال الجمهور ال يسهم إال لفرس واحد وال يسهم لها إال‬
‫إذا حضر هبا القتال‪.‬‬

‫‪‬‬

‫َ‬ ‫ال‪َ :‬سم ْعت َر ُسو َل َ ِ َ ُ ُ َ َ َ َ َ َ ْ َ ْ ُ ُ‬


‫‪َ -33‬و َع ْن َم ْعن ْبن َيز َيد َق َ‬
‫س»‪َ .‬ر َو ُاه أ ْح َم ُد‪،‬‬
‫ّللا ﷺ يقول‪« :‬ل نفل إل بعد الخم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ َ ُ َ َ َ َ َ ُ َ‬
‫اوي [صحيح]‬ ‫و أبو داود‪ ،‬وصححه الطح ِ‬
‫• (وعن معن)‬
‫هو أبو يزيد معن بن يزيد السلمي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫له وْلبيه ولجده صحبة شهدوا بدرا كما قيل‪ ،‬وال يعلم من شهد بدرا هو وأبوه وجده‬ ‫‪‬‬

‫غيرهم وقيل ال يصح شهوده بدرا‪.‬‬


‫يعد يف الكوفيين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫• املراد بالنفل هو‪ :‬ما يزيده اإلمام ْلحد الغانمين على نصيبه‪.‬‬
‫• وقد اتفق العلماء على جوازه‪.‬‬
‫‪49‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫هل يكون من قبل القسمة أو من الخمس؟‬


‫[‪ ]1‬أهنا تخمس الغنيمة قبل التنفيل منها‪.‬‬
‫هذا الحديث‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬أن التنفيل من أصل الغنيمة‪.‬‬


‫وتقدم ما قاله الخطابي من أن أكثر اْلخبار دالة عليه‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫• واختلفوا يف مقدار التنفيل‪ :‬فقال بعضهم ال يجوز أن ينفل أكثر من الثلث أو من الربع كما‬
‫يدل عليه قوله‪.‬‬

‫‪‬‬

‫تفويض مقدار ما ينتفل به إلى اإلمام‬

‫ُّ ُ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ّللا ﷺ َن َف َل ُّ‬ ‫‪َ -34‬و َع ْن َحبيب ْبن َم ْس َل َم َة ‪َ ‬ق َ َ ْ‬


‫الرْب َع ِفي ال َب ْدأ ِة َوالثلث ِفي‬ ‫ُ َ َ‬
‫ال‪« :‬ش ِهدت َرسول ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ََ ُ َُ َ ُ َ َ َ َ َ ُ ْ ُ ْ َ ُ َ ْ ُ َ َ َ ْ‬
‫ود‪ ،‬و ابن ِحبان‪ ،‬والح ِاكم [حسن]‬ ‫الرجع ِة»‪ .‬رواه أبو داود‪ ،‬وصححه ابن الجار ِ‬
‫• (وعن حبيب بن مسلمة)‬
‫هو عبد الرحمن حبيب بن مسلمة القرشي الفهري‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫وكان يقال له حبيب الروم لكثرة مجاهدته لهم‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫واله عمر أعمال الجزيرة وضم إليه أرمينية وأذربيجان وكان فاضَل مجاب الدعوة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مات بالشام أو بأرمينية سنة اثنتين وأربعين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[مقدار ما ينتفل به إلى اإلمام]‬


‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪50‬‬

‫[‪ ]1‬أنه ﷺ لم يجاوز الثلث يف التنفيل‪.‬‬


‫هذا الحديث‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬إلمام أن ينفل السرية جميع ما غنمت‪.‬‬


‫الر ُس ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ول﴾ ففوضها إليه ﷺ‪.‬‬ ‫‪ ‬لقوله تعالى‪ُ ﴿ :‬ق ِل اْلَنْ َف ُال ل َّله َو َّ‬
‫والحديث ال دليل فيه على أنه ال ينفل أكثر من الثلث‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫• وعلم أنه اختلف يف تفسير الحديث فقال الخطابي رواية عن ابن المنذر‪ :‬إنه ﷺ بين‬
‫البدأة والقفول حين فضل إحدى العطيتين على اْلخرى‪:‬‬
‫‪ ‬لقوة الظهر عند دخولهم وضعفه عند خروجهم‪،‬‬
‫‪ ‬وْلهنم وهم داخلون أنشط وأشهى للسير واإلمعان يف بَلد العدو وأجم وهم عند‬
‫القفول‪ ،‬لضعف دواهبم وأبداهنم وهم أشهى للرجوع إلى أوطاهنم وأهاليهم لطول‬
‫عهدهم هبم وحبهم للرجوع فيرى أنه زادهم يف القفول لهذه العلة واَّلل أعلم‪،‬‬
‫• قال الخطابي بعد نقله كَلم ابن المنذر‪ :‬هذا ليس بالبين‪ ،‬فحواه يوهم أن الرجعة هي‬
‫القفول إلى أوطاهنم وليس هو معنى الحديث‪ ،‬والبدأة إنما هي ابتداء السفر للغزو إذا‬
‫هنضت سرية من جملة العسكر‪.‬‬
‫‪ ‬فإذا وقعت بطائفة من العدو فما غنموا كان لهم فيه الربع ويشركهم سائر العسكر يف‬
‫ثَلثة أرباعه‪.‬‬
‫‪ ‬فإن قفلوا من الغزوة ثم رجعوا فأوقعوا بالعدو ثانية‪ :‬كان لهم مما غنموا الثلث ْلن‬
‫هنوضهم بعد القفول أشد لكون العدو على حذر وحزم انتهى وما قاله هو اْلقرب‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪51‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫َْ ُ‬ ‫ض َم ْن َي ْب َع ُث م ْن َ‬ ‫‪َ -35‬و َع ْن ْابن ُع َم َر‪َ ‬ق َ َ َ ُ ُ َ‬


‫ّللا ﷺ ُي َنف ُل َب ْع َ‬
‫الس َر َايا ِِلنف ِس ِه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال‪« :‬كان َرسول ِ‬ ‫ِ‬
‫اص ًة‪ ،‬س َوى ق ْس َمة َع َامة ْال َج ْيش»‪ُ .‬م َت َفق َع َليهْ‬
‫َخ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫• فيه‪ :‬أنه ﷺ لم يكن ينفل كل من يبعثه بل بحسب ما يراه من المصلحة يف التنفيل‪.‬‬

‫‪‬‬

‫األخذ من طعام العدو قبل القسمة‬

‫ْ َ‬ ‫ْ َ ََُُْ َ َ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫«ك َنا ُنص ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ْ‬


‫يب ِفي َمغ ِازينا ال َع َس َل َوال ِعن َب‪ ،‬فنأكل ُه َول ن ْرف ُع ُه»‪َ .‬ر َو ُاه ال ُبخ ِار ُّي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪َ -36‬و َعن ُه ‪ ‬قال‪:‬‬
‫َ‬
‫ص َح َح ُه ْاب ُن ِح َبان [صحيح]‬ ‫س‪َ .‬و َ‬ ‫َو ِ َِلبي َد ُاو َد‪َ :‬ف َل ْم ُي ْؤ َخ ْذ ِم ْن ُه ْم ْال ُخ ُم ُ‬
‫ِ‬
‫• أي‪ :‬ال نرفعه ال نحمله على سبيل االدخار أو ال نرفعه إلى من يتولى أمر الغنيمة‬
‫ونستأذنه يف أكله اكتفاء بما علم من اإلذن يف ذلك‪.‬‬

‫[األخذ من طعام العدو قبل القسمة]‬


‫• وذهب الجمهور إلى أنه يجوز للغانمين أخذ القوت وما يصلح به وكل طعام اعتيد أكله‬
‫عموما وكذلك علف الدواب قبل القسمة سواء كان بإذن اإلمام أو بغير إذنه‪.‬‬
‫هذا الحديث‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وما أخرجه الشيخان من حديث ابن مغفل قال «أصبت جراب شحم يوم خيرب فقلت‬ ‫‪‬‬

‫ال أعطي منه أحدا فالتفت فإذا رسول اَّلل ﷺ يبتسم» وهذه اْلحاديث مخصصة‬
‫ْلحاديث النهي عن الغلول‪ ،‬ويدل له أيضا الحديث اآليت‪ ،‬وهو قوله‪:‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪52‬‬

‫‪‬‬

‫املحافظة على الفيء‬

‫َ َ َ َ ْ َ َ َ ً َ ْ َ َ َْ َ َ َ َ َ ُ ُ َ ُ َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫َ َ َ‬
‫يء ف َيأخذ ِمن ُه‬ ‫َ َ ْ َْ َ‬
‫ّللا ْب ِن أ ِبي أ ْوفى ‪ ‬قال‪« :‬أصبنا طعاما يوم خيبرفكان الرجل ي ِج‬
‫‪ -37‬وعن عب ِد ِ‬
‫ْ‬
‫ود‪َ ،‬وال َح ِاك ُم [صحيح]‬ ‫م ْق َد َار َما َي ْكف ُ َ ْ َ ُ َ ْ َ ُ َ ُ َ ُ َ َ َ َ َ ُ ْ ُ ْ َ‬
‫يه‪ ،‬ث َم ينص ِرف»‪ .‬أخ َرجه أبو داود‪ ،‬وصححه ابن الج ُار ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫• فإنه واضح يف الداللة على‪ :‬أخذ الطعام قبل القسمة وقبل التخميس‪.‬‬
‫• قاله الخطابي وأما سَلح العدو ودواهبم‪ :‬فَل أعلم بين المسلمين خَلفا يف جواز‬
‫استعمالها‪ .‬فأما إذا انقضت الحرب‪ :‬فالواجب ردها يف المغنم‪.‬‬
‫• وأما الثياب والحرث واْلدوات‪ :‬فَل يجوز أن يستعمل شيء منها إال أن يقول قائل إنه‬
‫إذا احتاج إلى شيء منها لحاجة ضرورية كان له أن يستعمله‪ ،‬مثل أن يشتد الربد فيستدفئ‬
‫بثوب ويتقوى به على المقام يف بَلد العدو مرصدا له لقتالهم‪.‬‬
‫• وسئل اْلوزاعي عن ذلك فقال‪ :‬ال يلبس الثوب إال أن يخاف الموت (قلت) الحديث‬
‫اآليت‪:‬‬

‫‪‬‬

‫ْ ََ َ‬ ‫َ ْ َ َ ُْ ُ َ َ ْ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ ُ ُ َ‬ ‫‪َ -38‬و َع ْن ُر َو ْي ِفع ْبن َثاب ٍت ‪َ ‬ق َ‬


‫َّلل َوال َي ْو ِم اْل ِخ ِرفَل َي ْرك ْب‬
‫ّللا ﷺ‪« :‬من كان يؤ ِمن ِبا ِ‬ ‫ال َرسول ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫س َث ْو ًبا م ْن َف ْيء ْاْلُ ْسلم َين َح َتى َإذا َأ ْخ َل َقهُ‬‫ْ‬ ‫َد َاب ًة م ْن َف ْيء ْاْلُ ْسلم َين‪َ ،‬ح َتى َإذا َأ ْع َج َف َها َ َد َها فيه‪َ ،‬وَل َي ْلبَ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يه»‪ .‬أخ َرجه أبو داود‪ ،‬والدار ِم ُّي‪ ،‬ورجاله ل بأ َ‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫س ِب ِهم [إسناده حسن]‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َرده ِف ِ‬
‫• يؤخذ منه‪ :‬جواز الركوب ولبس الثوب‪ ،‬وإنما يتوجه النهي إلى اإلعجاف واإلخَلق‬
‫للثوب فلو ركب من غير إعجاف ولبس من غير إخَلق وإتَلف جاز‪.‬‬
‫‪53‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫‪‬‬

‫يجير على املسلمين أدناهم‬

‫َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ّللا ﷺ َي ُقو ُل‪ُ :‬‬


‫«ي ِج ُير َعلى اْل ْس ِل ِمين‬ ‫ُ َ َ‬ ‫‪َ -39‬و َع ْن َأبي ُع َب ْي َد َة ْبن ْال َج َراح ‪َ ‬ق َ َ ْ‬
‫ال س ِمعت َرسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ ُ ْ َ ْ َ َ ُ ْ ُ َِ َ َْ َ ََ ْ َ ُ َ ْ َ‬
‫بعضهم»‪ .‬أخرجه ابن أ ِبي شيبة‪ ،‬وأحمد‪ ،‬و ِفي ِإسن ِاد ِه ضعف [صحيح لغيره]‬
‫اه ْم» [صحيح لغيره]‬ ‫«يج ُير َع َلى ْاْلُ ْسلم َين َأ ْد َن ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪َ -40‬ول ْل َط َيالس ي‪ :‬م ْن َحد َ ْ ْ ْ َ‬
‫ِِ‬ ‫اص‪ِ :‬‬ ‫يث عم ِر ِو ب ِن الع ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫احدة ي ْسعى ِب َها أدناه ْم»‬ ‫ْ‬
‫«ذ َمة اْلس ِل ِمين و ِ‬ ‫‪ -41‬و ِفي الص ِحيحي ِن عن ع ِل ٍي ‪ِ :‬‬
‫ص ُ‬ ‫َ‬
‫«و ُيج ُير َع َل ْيه ْم أ ْق َ‬ ‫آخ َر َ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َ ْ ْ َ ْ َ‬
‫اه ْم»‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫زاد ابن ماجه ِمن وج ٍه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َْ‬
‫َ‬
‫يث أ ِم ها ِن ٍئ‪« :‬قد أج ْرنا من أج ْر ِت»‬ ‫«الص ِحيحي ِن» ِمن ح ِد ٍ‬ ‫‪َ -42‬و ِفي‬
‫• حديث أبي عبيدة‪ :‬ويف إسناده ضعف‪ْ :‬لن يف إسناده الحجاج بن أرطاة ولكنه يجرب‬
‫ضعفه الحديث اآليت‪:‬‬
‫(وللطيالسي من حديث عمرو بن العاص‪« :‬يجير على المسلمين أدناهم»‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫• زاد ابن ماجه من حديث علي أيضا‪ ،‬من وجه آخر‪« :‬ويجير عليهم أقصاهم» كالدفع‬
‫لتوهم أنه ال يجير إال أدناهم فتدخل المرأة يف جواز إجارهتا على المسلمين كما أفاده‬
‫الحديث اآليت‪:‬‬
‫• (حديث أم هانئ) بنت أبي طالب‪ ،‬قيل اسمها‪ :‬هند‪ ،‬وقيل‪ :‬فاطمة وهي أخت علي بن‬
‫أبي طالب ‪‬‬
‫• «قد أجرنا من أجرت» وذلك أهنا أجارت رجلين من أحمائها وجاءت إلى النبي ﷺ‬
‫تخربه أن عليا أخاها لم يجز إجارهتا فقال ﷺ (قد أجرنا) الحديث‪.‬‬

‫[حكم أمان الكافر من مسلم]‬


‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪54‬‬

‫[‪ ]1‬صحة أمان الكافر من كل مسلم ذكر أو أنثى حر أم عبد مأذون أم غير مأذون (جمهور‬
‫العلماء)‬
‫اْلحاديث السابقة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫لقوله‪« :‬أدناهم» فإنه شامل لكل وضيع‪ ،‬وتعلم صحة أمان الشريف باْلولى وعلى‬ ‫‪‬‬

‫هذا‪.‬‬
‫حمل حديث أم هانئ‪ :‬أنه ﷺ أمضى ما وقع منها وأنه قد انعقد أماهنا‪ْ ،‬لنه ﷺ‬ ‫‪‬‬

‫سماها مجيرة‪ ،‬وْلهنا داخلة يف عموم المسلمين يف الحديث على ما يقوله بعض أئمة‬
‫اْلصول أو من باب التغليب بقرينة الحديث اآليت‪.‬‬
‫[‪ ]2‬ال يصح أمان المرأة إال بإذن اإلمام (جماعة من أصحاب مالك)‬
‫وذلك ْلهنم حملوا قوله ﷺ ْلم هانئ «قد أجرنا من أجرت» على أنه إجارة منه قالوا‬ ‫‪‬‬

‫فلو لم يجز لم يصح أماهنا‪.‬‬

‫‪‬‬

‫ال يجتمع في جزيرة العرب دينان‬

‫َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َ ََ ُ َ َ َ َ َ ُ ُ َُ‬
‫«ِل ْخر َج َن ْال َي ُه َ‬
‫ود َو َ‬
‫ص َارى ِم ْن َج ِز َير ِة ال َع َر ِب‪َ ،‬ح َتى ل أ َدع‬
‫الن َ‬
‫ِ‬ ‫‪ -43‬وعن عمر أنه س ِمع الن ِبي ﷺ يقول‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫إل مس ِلما»‪ .‬رواه مس ِلم‬
‫• وأخرجه أحمد بزيادة‪« :‬لئن عشت إلى قابل»‬
‫• وأخرج الشيخان من حديث ابن عباس ‪« ‬أنه ﷺ أوصى عند موته بثَلث أخرجوا‬
‫المشركين من جزيرة العرب»‬
‫‪55‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫• وأخرج البيهقي من حديث مالك عن ابن شهاب أن رسول اَّلل ﷺ‪ ،‬قال «ال يجتمع دينان‬
‫يف جزيرة العرب»‬
‫• قال مالك‪ :‬قال ابن شهاب ففحص عمر عن ذلك حتى أتاه الثلج واليقين عن رسول اَّلل‬
‫ﷺ أنه قال «ال يجتمع دينان يف جزيرة العرب فأجلى يهود خيرب» قال مالك وقد أجلى‬
‫يهود نجران وفدك أيضا‪.‬‬
‫• واحلديث دليل على‪ :‬وجوب إخراج اليهود والنصارى والمجوس من جزيرة العرب‬
‫لعموم قوله «ال يجتمع دينان يف جزيرة العرب» وهو عام لكل دين والمجوس‬ ‫‪‬‬

‫بخصوصهم حكمهم حكم أهل الكتاب كما عرفت‪.‬‬


‫• وأما حقيقة جزيرة العرب‪ :‬جزيرة العرب ما أحاط به بحر الهند وبحر الشام ثم دجلة‬
‫والفرات‪ ،‬أو ما بين عدن أبين إلى أطراف الشام طوال‪ .‬ومن جدة إلى أطراف ريف‬
‫العراق عرضا انتهى‪.‬‬
‫• وأضيفت إلى العرب‪ْ :‬لهنا كانت أوطاهنم قبل اإلسَلم وأوطان أسَلفهم وهي تحت‬
‫أيديهم‪.‬‬

‫[المقصود من جزيرة العرب]‬


‫[‪ ]1‬وجوب إخراج من له دين غير اإلسَلم من جزيرة العرب (مالك والشافعي وغيرهما)‬
‫ما تضمنته اْلحاديث‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬خصوا ذلك بالحجاز (الشافعي والهادوية)‬


‫‪ ‬قال الشافعي وإن سأل من يعطي الجزية أن يعطيها ويجري عليه الحكم على أن‬
‫يسكن الحجاز لم يكن له ذلك‪،‬‬
‫واملراد باحلجاز‪:‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪56‬‬

‫‪ ‬مكة والمدينة واليمامة ومخاليفها كلها‪.‬‬


‫‪ ‬ويف القاموس‪ :‬الحجاز مكة والمدينة والطائف ومخاليفها‪،‬‬
‫فإهنا حجزت بين نجد وهتامة أو بين نجد والسراة‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫أو ْلهنا احتجزت بالحرار الخمس حرة بني سليم وراقم وليلى وشوران والنار‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬قال الشافعي‪ :‬وال أعلم أحدا أجلى أحدا من أهل الذمة من اليمن وقد كانت لها ذمة‬
‫وليس اليمن بحجاز فَل يجليهم أحد من اليمن وال بأس أن يصالحهم على مقامهم‬
‫باليمن‪.‬‬
‫(قلت) ال يخفى أن اْلحاديث الماضية فيها اْلمر بإخراج من ذكر من أهل اْلديان غير‬
‫دين اإلسَلم من جزيرة العرب‪ .‬والحجاز بعض جزيرة العرب‪.‬‬
‫وورد يف حديث أبي عبيدة اْلمر بإخراجهم من الحجاز وهو بعض مسمى‬ ‫‪‬‬

‫جزيرة العرب والحكم على بعض مسمياهتا بحكم ال يعارض الحكم عليها‬
‫كلها بذلك الحكم‪ ،‬كما قرر يف اْلصول أن الحكم على بعض أفراد العام ال‬
‫يخصص العام وهذا نظيره‬
‫وليست جزيرة العرب من ألفاظ العموم كما وهم فيه جماعة من العلماء‪ ،‬وغاية‬ ‫‪‬‬

‫ما أفاده حديث أبي عبيدة زيادة التأكيد يف إخراجهم من الحجاز ْلنه دخل‬
‫إخراجهم من الحجاز تحت اْلمر بإخراجهم من جزيرة العرب‪ ،‬ثم أفرد باْلمر‬
‫زيادة تأكيد ال أنه تخصيص أو نسخ‬
‫وكيف وقد كان آخر كَلمه ﷺ «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» كما قال‬ ‫‪‬‬

‫ابن عباس أوصى عند موته‪،‬‬


‫وأخرج البيهقي عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫بلغني أنه كان من آخر ما تكلم به رسول اَّلل ﷺ أنه قال «قاتل اَّلل اليهود‬
‫‪57‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ال يبقين دينان بأرض العرب»‬


‫‪ ‬وأما قول الشافعي إنه ال يعلم أحدا أجَلهم من اليمن فليس ترك إجَلئهم‬
‫بدليل فإن أعذار من ترك ذلك كثيرة‪ ،‬وقد ترك أبو بكر‪ ‬إجَلء أهل‬
‫الحجاز مع االتفاق على وجوب إجَلئهم لشغله بجهاد أهل الردة ولم يكن‬
‫ذلك دليَل على أهنم ال يجلون بل أجَلهم عمر ‪.‬‬
‫‪ ‬وأما القول بأنه ﷺ أقرهم يف اليمن بقوله لمعاذ «خذ من كل حالم دينارا أو‬
‫عدله معافريا»‪ :‬فهذا كان قبل أمره ﷺ بإخراجهم فإنه كان عند وفاته كما‬
‫عرفت‪.‬‬
‫فاحلق‪ :‬وجوب إجَلئهم من اليمن‬
‫لوضوح دليله‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫وكذا القول بأن تقريرهم يف اليمن قد صار إجماعا سكوتيا ال ينهض على دفع‬ ‫‪‬‬

‫اْلحاديث‪ ،‬فإن السكوت من العلماء على أمر وقع من اآلحاد أو من خليفة أو غيره‬
‫من فعل محظور أو ترك واجب ال يدل على جواز ما وقع‪ ،‬وال على جواز ما ترك‬
‫فإنه إن كان الواقع فعَل أو تركا لمنكر وسكتوا ولم يدل سكوهتم على أنه ليس‬
‫بمنكر‬
‫لما علم من أن مراتب اإلنكار ثَلث باليد أو اللسان أو القلب وانتفاء اإلنكار باليد‬ ‫‪‬‬

‫واللسان ال يدل على انتفائه بالقلب وحينئذ فَل يدل سكوته على تقريره لما وقع‬
‫حتى يقال قد أجمع عليه إجماعا سكوتيا إذ ال يثبت أنه قد أجمع الساكت إذا علم‬
‫رضاه حتى يقال رضاه بالواقع وال يعلم ذلك إال عَلم الغيوب‪.‬‬
‫• وهبذا يعرف بطَلن القول بأن اإلجماع السكويت حجة وال أعلم أحدا قد حرر هذا يف رد‬
‫اإلجماع السكويت مع وضوحه‪.‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪58‬‬

‫• فالعجب ممن قال‪ :‬ومثله قد يفيد القطع وكذلك قول من قال‪ :‬إنه يحتمل أن حديث‬
‫اْلمر باإلخراج كان عند سكوهتم بغير جزية باطل‬
‫ْلن اْلمر بإخراجهم عند وفاته ﷺ والجزية فرضت يف التاسعة من الهجرة عند نزول‬ ‫‪‬‬

‫براءة فكيف يتم هذا‪،‬‬


‫ثم إن عمر أجلى أهل نجران وقد كان صالحهم ﷺ على مال واسع كما هو معروف‬ ‫‪‬‬

‫وهو جزية‪ .‬والتكلف لتقويم ما عليه الناس ورد ما ورد من النصوص بمثل هذه‬
‫التأويَلت مما يطيل تعجب الناظر المنصف‪.‬‬
‫• قال النووي‪ :‬قال العلماء رحمهم اَّلل تعالى‪ :‬وال يمنع الكفار من التردد مسافرين إلى‬
‫الحجاز وال يمكثون فيه أكثر من ثالثة أيام‪،‬‬
‫• قال الشافعي ومن وافقه‪ :‬إال مكة وحرمها فَل يجوز تمكين كافر من دخولها بحال‪.‬‬
‫‪ ‬فإن دخل يف خفية وجب إخراجه فإن مات ودفن فيه نبش وأخرج ما لم يتغير‬
‫ُون ن ََج ٌس َفَل َي ْق َربُوا ا ْل َم ْس ِ‬
‫جدَ ا ْل َح َرا َم﴾‬ ‫وحجته قوله تعالى‪﴿ :‬إِن ََّما ا ْل ُم ْش ِرك َ‬ ‫‪‬‬

‫(قلت) وال يخفى أن البانيان هم المجوس والمجوس حكمهم من حكم أهل الكتاب‬
‫‪ ‬لحديث «سنوا هبم سنة أهل الكتاب» فيجب إخراجهم من أرض اليمن ومن كل‬
‫محل من جزيرة العرب وعلى فرض أهنم ليسوا بمجوس فالدليل على إخراجهم‬
‫دخولهم تحت «ال يجتمع دينان يف أرض العرب»‬

‫‪‬‬
‫‪59‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫إجالء بني النضير من املدينة‬

‫ْ َ‬
‫وجف َعل ْي ِه‬ ‫َ َْ ُ‬ ‫َ َ َُ ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫«ك َان ْت َأ ْم َو ُ َ‬
‫َ َ َ‬ ‫ْ‬
‫‪َ -44‬و َعن ُه ‪ ‬قال‪:‬‬
‫ول ِه‪ِ ،‬مما لم ي ِ‬ ‫ال ب ِني الن ِض ِير ِم َما أف َاء ّللا على َرس ِ‬
‫َ َ َََ َ َ‬ ‫َ ًَ ََ َ ْ‬ ‫ََ َ ْ‬ ‫ُْ ْ ُ َ َ ْ ََ َ‬
‫اصة‪ .‬فكان ُين ِف ُق َعلى أ ْه ِل ِه نفقة َسن ٍة‪َ ،‬و َما َب ِق َي‬ ‫اب‪ ،‬فكانت ِل َلن ِب ِي ﷺ خ‬ ‫اْلس ِلمون ِبخي ٍل ول ِرك ٍ‬
‫َ َ‬ ‫َي ْج َع ُل ُه في ْال ُك َراع َوالس ََلح‪ُ ،‬ع َد ًة في َسب َ‬
‫ّللا»‪ُ .‬م َتفق َعل ْي ِه‬
‫يل ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫• اإلجياف‪ :‬من الوجف وهو السير السريع‪ ،‬الرِّكاب‪ :‬اإلبل‪ ،‬الكراع‪ :‬اسم لجميع الخيل‪.‬‬
‫• بنو النضري‪ :‬قبيلة كبيرة من اليهود وادعهم النبي ﷺ بعد قدومه إلى المدينة على أن ال‬
‫يحاربوه وأن ال يعينوا عليه عدوه‪ ،‬وكانت أموالهم ونخيلهم ومنازلهم بناحية المدينة‬
‫فنكثوا العهد وسار معهم كعب بن اْلشرف يف أربعين راكبا إلى قريش فحالفهم وكان‬
‫ذلك على رأس ستة أشهر من واقعة بدر‪ ،‬وذكر ابن إسحاق يف المغازي أن ذلك كان بعد‬
‫قصة أحد وبئر معونة "‬
‫• وخرج إليهم النبي ﷺ يستعينهم يف دية رجلين قتلهما عمرو بن أمية الضمري من بني‬
‫عامر فجلس النبي ﷺ إلى جنب جدار لهم فتمالئوا على إلقاء صخرة عليه من فوق ذلك‬
‫الجدار‪ ،‬وقام بذلك عمرو بن جحاش بن كعب فأتاه الخرب من السماء فقام مظهرا أنه‬
‫يقضي حاجة وقال ْلصحابه‪ :‬ال تربحوا ورجع مسرعا إلى المدينة فاستبطأه أصحابه‬
‫فأخربوا أنه رجع إلى المدينة فلحقوا به فأمر بحرهبم والمسير إليهم فتحصنوا فأمر بقطع‬
‫النخل والتحريق وحاصرهم ست ليال‪ ،‬وكان ناس من المنافقين بعثوا إليهم أن اثبتوا أو‬
‫تمنعوا فإن قوتلتم قاتلنا معكم فرتبصوا فقذف اَّلل الرعب يف قلوهبم فلم ينصروهم‪،‬‬
‫فسألوا أن يجلوا من أرضهم على أن لهم ما حملت اإلبل فصولحوا على ذلك إال‬
‫احلََل َقة‪ :‬وهي السَلح فخرجوا إلى أذرعات وأريحاء من الشام وآخرون إلى الحيرة‬
‫ولحق آل أبي الحقيق وآل حيي بن أخطب بخيرب‪.‬‬
‫• وكانوا أول من أجلي من اليهود كما قال اَّلل تعالى‪ْ﴿ :‬لَ َّو ِل ا ْل َح ْش ِر﴾‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪60‬‬

‫اَّلل َع َلى َر ُسولِ ِه﴾‬


‫‪ ‬والحشر الثان‪:‬ي من خيرب يف أيام عمر ‪ ‬وقوله‪َ ﴿ :‬و َما َأ َفا َء ُ‬
‫• الفيء‪ :‬ما أخذ بغير قتال‪ ،‬قال يف هناية المجتهد‪ :‬إنه ال خمس فيه عند جمهور العلماء‪.‬‬
‫• وإنما لم يوجف عليها بخيل وال ركاب‪ْ :‬لن بني النضير كانت على ميلين من المدينة‬
‫فمشوا إليها مشاة غير رسول اَّلل ﷺ فإنه ركب جمَل أو حمارا ولم تنل أصحابه ﷺ‬
‫مشقة يف ذلك‪.‬‬
‫• (كان ينفق على أهله) أي مما استبقاه لنفسه‪ ،‬واملراد‪ :‬أنه يعزل لهم نفقة سنة ولكنه كان‬
‫ينفقه قبل انقضاء السنة يف وجوه الخير وال يتم عليه السنة ولهذا تويف ﷺ ودرعه مرهونة‬
‫على شعير استدانه ْلهله‪.‬‬
‫• وفيه داللة على جواز ادخار قوت سنة وأنه ال ينايف التوكل وأجمع العلماء على جواز‬
‫االدخار مما يستغله اإلنسان من أرضه‪.‬‬
‫• وأما إذا أراد أن يشرتيه من السوق ويدخره‪:‬‬
‫‪ ‬فإن كان يف وقت ضيق الطعام لم يجز بل يشرتي ما ال يحصل به تضييق على‬
‫المسلمين كقوت أيام أو شهر‪،‬‬
‫‪ ‬وإن كان يف وقت سعة اشرتى قوت السنة وهذا التفصيل نقله القاضي عياض عن‬
‫أكثر العلماء‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪61‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫دليل على تنفيل الجيش‬

‫َ‬ ‫ََ ََ‬ ‫َ ََْ ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫‪َ -45‬و َع ْن ُم َعاذ ْبن َج َبل ‪َ ‬ق َ َ َ ْ َ َ َ ُ‬
‫ص ْبنا ِف َيها غن ًما‪ ،‬فق َس َم ِفينا‬ ‫ال‪« :‬غزونا مع َرسو ِل ِ‬
‫ّللا ﷺ خيبر‪ ،‬فأ‬ ‫ِ ِ ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ َ َ َ ُ َُ َ ُ َ َ َ ُ ُ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ً‬ ‫ُ ُ َ‬
‫َرسول ِ‬
‫ّللا ﷺ طا ِئفة‪ ،‬وجعل ب ِقيتها ِفي اْلغن ِم»‪ .‬رواه أبو داود‪ ،‬و ِرجاله ل بأس ِب ِهم [حسن]‬
‫• الحديث من أدلة التنفيل وقد سلف الكَلم فيه فلو ضمه المصنف إليها لكان أولى‪.‬‬

‫‪‬‬

‫ال يحبس الرسول وال ينقض العهد‬

‫َ‬ ‫يس ب ْال َع ْه ِد َوَل َأ ْحب ُ‬


‫«إني َل َأ ِخ ُ‬ ‫ال َ‬ ‫‪َ -46‬و َع ْن َأبي َر ا ِفع َق َ‬
‫ال‪َ :‬ق َ‬
‫الر ُس َل»‪َ .‬ر َو ُاه أ ُبو َد ُاو َد‪،‬‬
‫س ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﷺ‬ ‫الن ِب ُّ‬
‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ ُّ َ َ َ َ ُ ْ ُ َ َ‬
‫والنسا ِئي‪ ،‬وصححه ابن ِحبان [صحيح]‬
‫• (ال أخيس) ال أنقضه‪.‬‬
‫• يف احلديث دليل على حفظ العهد والوفاء به ولو لكافر وعلى أنه ال يحبس الرسل بل يرد‬
‫جوابه فكأن وصوله أمان له فَل يجوز أن يحبس بل يرد‪.‬‬

‫‪‬‬

‫حكم األرض املفتوحة‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُّ َ َ ْ َ َ َ ْ ُ ُ َ َ َ َ ُ‬ ‫ََ ُ َ َ‬ ‫َ َ ْ َ ُ ْ َ‬


‫وها فأق ْمت ْم ِف َيها ف َس ْه ُمك ْم ِف َيها‪،‬‬ ‫ّللا ﷺ قال‪« :‬أيما قري ٍة أتيتم‬ ‫‪ -47‬وعن أ ِبي ه َري َرة ‪ ‬أن َرسول ِ‬
‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُّ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ول ُه‪َ ،‬فإ َن ُخ ُم َس َها َ َ ُ‬
‫ول ِه ث َم ِه َي لك ْم»‪َ .‬ر َو ُاه ُم ْس ِلم‬
‫َّلل و َرس ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫و أيما قري ٍة عصت ّللا ورس‬
‫• قال القاضي عياض يف شرح مسلم‪:‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪62‬‬

‫‪ ‬يحتمل أن يكون المراد بالقرية اْلولى‪ :‬هي التي لم يوجف عليها المسلمون بخيل‬
‫وال ركاب بل أجلي عنها أهلها وصالحوا فيكون سهمهم فيها‪ ،‬أي‪ :‬حقهم من العطاء‬
‫كما تقرر يف الفيء‪،‬‬
‫‪ ‬ويكون المراد بالثانية‪ :‬ما أخذت عنوة فيكون غنيمة يخرج منها الخمس والباقي‬
‫للغانمين وهو معنى قوله‪« :‬هي لكم» أي‪ :‬باقيها‪.‬‬
‫• وقد احتج به من لم يوجب الخمس يف الفيء قال ابن المنذر‪ :‬ال نعلم أحدا قبل الشافعي‬
‫قال بالخمس يف الفيء‪.‬‬

‫‪‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪64‬‬

‫باب الجزية والهدنة‬

‫اْلظهر يف اجلزية أهنا مأخوذة من اإلجزاء ْلهنا تكفي من توضع عليه يف عصمة دمه‪ .‬وهي‪ :‬مال‬
‫يدفعه أهل الكتاب للمسلمين مقابل اْلمن واإلقامة‪.‬‬
‫(واهلدنة) هي متاركة أهل الحرب مدة معلومة لمصلحة‬
‫ومشروعية الجزية‪ :‬سنة تسع على اْلظهر وقيل سنة ثمان‪.‬‬

‫أخذ الجزية من املجوس‬

‫وس َه َج َر»‪َ .‬ر َو ُاه‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ َ ْ ْ َْ َ ْ َ ُ‬ ‫َ ْ َْ َ ْ َ ْ َْ‬


‫‪ -1‬عن عب ِد الرحم ِن ب ِن عو ٍف ‪« :‬أن الن ِبي ﷺ أخذها ‪ -‬يع ِني ال ِجزية ‪ِ -‬من مج ِ‬
‫ْ َ‬
‫ال ُبخ ِار ُّي‪.‬‬
‫ْ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َ‬
‫َول ُه ط ِريق ِفي «اْل ْوط ِأ» ِف َيها ان ِقط ٍاع [مرسل منقطع]‬
‫• وله طريق يف الموطأ فيها انقطاع‪ :‬وهي ما أخرجه الشافعي عن ابن شهاب أنه بلغه «أن‬
‫رسول اَّلل ﷺ أخذ الجزية من مجوس البحرين» قال البيهقي وابن شهاب إنما أخذ‬
‫حديث عن ابن المسيب‪ ،‬وابن المسيب حسن المرسل فهذا هو االنقطاع الذي أشار إليه‬
‫المصنف‪.‬‬
‫• وأخرج الشافعي من حديث عبد الرحمن أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس فقال‪ :‬ال‬
‫أدري كيف أصنع يف أمرهم‪ ،‬فقال عبد الرحمن سمعت رسول اَّلل ﷺ يقول «سنوا هبم‬
‫سنة أهل الكتاب»‬
‫• وأخرج أبو داود والبيهقي عن ابن عباس قال‪« :‬جاء رجل من مجوس هجر إلى النبي‬
‫ﷺ‪ ،‬فلما خرج قلت له‪ :‬ما قضى اَّلل ورسوله فيكم قال‪ :‬شرا‪ ،‬قلت‪ :‬مه‪ ،‬قال‪ :‬اإلسَلم أو‬
‫القتل»‪ .‬قال وقال عبد الرحمن بن عوف قبل منهم الجزية‪ .‬قال ابن عباس‪ :‬وأخذ الناس‬
‫بقول عبد الرحمن وتركوا ما سمعت‪.‬‬
‫‪65‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫• (قلت) ْلن رواية عبد الرحمن موصولة وصحيحة ورواية ابن عباس هي عن مجوسي ال‬
‫تقبل اتفاقا‪:‬‬
‫• وأخرج الطرباين عن مسلم بن العَلء الحضرمي يف آخر حديثه بلفظ «سنوا بالمجوس‬
‫سنة أهل الكتاب»‬
‫• وأخرج البيهقي عن المغيرة يف حديث طويل مع فارس وقال فيه «فأمرنا نبينا ﷺ أن‬
‫نقاتلكم حتى تعبدوا اَّلل وحده أو تؤدوا الجزية» وكان أهل فارس مجوسا‪.‬‬
‫• فدلت هذه األحاديث على أخذ الجزية من المجوس عموما ومن أهل هجر خصوصا كما‬
‫دلت اآلية على أخذها من أهل الكتاب اليهود والنصارى‪،‬‬

‫[ممن تؤخذ الجزية]‬


‫أن ال تؤخذ الجزية من كل مشرك وإنما تقبل من أهل الكتاب (رأي الصحابة واْلوزاعي)‬
‫امتناع عمر ‪ ‬من أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن أن النبي ﷺ‬ ‫‪‬‬

‫أخذها من مجوس هجر‪.‬‬

‫وقد اختلف العلماء يف المعنى الذي من أجله أخذت الجزية منهم‪.‬‬


‫[‪ ]1‬أهنا إنما قبلت منهم ْلهنم من أهل الكتاب (الشافعي يف أغلب قوليه)‬
‫وروي ذلك عن علي بن أبي طالب ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬أهنم ليسوا من أهل الكتاب (أكثر أهل العلم)‪.‬‬


‫‪ ‬وإنما أخذت الجزية من اليهود والنصارى بالكتاب‪ ،‬ومن المجوس بالسنة انتهى‪.‬‬
‫(قلت) قدمنا لك أن الحق أخذ الجزية من كل مشرك‪ ،‬كما دل له حديث بريدة‪ ،‬وال‬
‫يخفى أن يف قوله «سنوا هبم سنة أهل الكتاب» ما يشعر بأهنم ليسوا بأهل كتاب‪ .‬ويدل‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪66‬‬

‫لما قدمناه قوله‪:‬‬

‫‪‬‬

‫أخذ الجزية من العرب‬

‫َ َ‬ ‫ان ‪َ :‬أ َن َ‬ ‫َ َ ْ َُْ َ ْ َ ُ ََْ َ‬ ‫ْ ُ َ َ َ ْ ََ‬


‫«الن ِب َي ﷺ َب َعث خ ِال َد ْب َن‬ ‫س‪ ،‬وعن عثمان ب ِن أ ِبي سليم‬ ‫ٍ‬ ‫ن‬‫اص ِم ب ِن عمرعن أ‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫‪ -2‬وعن ع ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ََ َ ََ ُ َ َ َ‬ ‫َ ُ َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ ََ َ ُ ُ َََ‬ ‫َْ‬
‫صال َح ُه َعلى ال ِج ْزَي ِة»‪َ .‬ر َو ُاه أ ُبو‬ ‫وه فأت ْوا ِب ِه‪ .‬فحقن دمه‪ ،‬و‬‫يد إلى أكي ِد ِردوم ِة الجند ِل‪ ،‬فأخذ‬
‫الو ِل ِ‬
‫َد ُاو َد [حسن]‬
‫• (وعن عاصم بن عمر) هو أبو عمرو عاصم بن عمر بن الخطاب ‪ ‬العدوي القرشي‪.‬‬
‫ولد قبل وفاة رسول اَّلل ﷺ بسنتين وكان وسيما جسيما خيرا فاضَل شاعرا‪ ،‬مات سنة‬
‫سبعين قبل موت أخيه عبد اَّلل بأربع سنين؛ وهو جد عمر بن عبد العزيز ْلمه روى عنه‬
‫أبو أمامة بن سهل بن حنيف وعروة بن الزبير‪.‬‬
‫• (عن أنس) أي ابن مالك‬
‫• (وعن عثمان بن أبي سليمان) أي‪ :‬ابن جبير بن مطعم القرشي المكي‪ ،‬سمع أبا سلمة بن‬
‫عبد الرحمن وعامر بن عبد اَّلل بن الزبير وغيرهم‬
‫• ودومة اجلندل‪ :‬اسم محل (هي اآلن مدينة عامرة هبا نخل وزرع)‪.‬‬
‫• قال الخطابي أكيدر دومة رجل من العرب يقال إنه من غسان‪.‬‬
‫• ففي هذا دليل على أخذ الجزية من العرب كجوازه من العجم انتهى‪.‬‬
‫(قلت) فهو من أدلة ما قدمناه‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫• وكان ﷺ بعث خالدا من تبوك والنبي ﷺ هبا يف آخر غزوة غزاها‪ ،‬وقال لخالد «إنك‬
‫تجده يصيد البقر‪ ،‬فمضى خالد حتى إذا كان من حصنه بمبصر العين يف ليلة مقمرة أقام‬
‫‪67‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫وجاءت بقر الوحش حتى حكت قروهنا بباب القصر فخرج إليها أكيدر يف جماعة من‬
‫خاصته فتلقتهم جند رسول اَّلل ﷺ فأخذوا أكيدر وقتلوا أخاه حسان فحقن رسول اَّلل‬
‫دمه وكان نصرانيا واستلب خالد من حسان قباء ديباج مخوصا بالذهب وبعث به إلى‬
‫رسول اَّلل ﷺ وأجاز خالد أكيدر من القتل حتى يأيت به رسول اَّلل ﷺ على أن يفتح له‬
‫دومة الجندل‪ ،‬ففعل‪ ،‬وصالحه على ألفي بعير وثمانمائة رأس وألفي درع وأربعمائة‬
‫رمح فعزل رسول اَّلل ﷺ صفية خالصا ثم قسم الغنيمة ‪ -‬الحديث»‬
‫• وفيه أنه قدم خالد بأكيدر على رسول اَّلل ﷺ فدعاه إلى اإلسَلم فأبى فأقره على الجزية‪.‬‬

‫‪‬‬

‫مقدار الجزية من كل حالم‬

‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ال‪َ :‬ب َع َثني َ‬


‫‪َ -3‬و َع ْن ُم َع ِاذ ْبن َج َبل ‪َ ‬ق َ‬
‫الن ِب ُّي ﷺ ِإلى ال َي َم ِن‪َ ،‬وأ َم َرِني أ ْن آخذ ِم ْن ك ِل َح ِال ٍم ِدين ًارا‪ ،‬أ ْو‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫ً َ ْ َ َ ُ ََ َ َ َ َ َ ُ ْ ُ َ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫َع ْدل ُه معافريا‪ .‬أخرجه الثَلث ِة‪ ،‬وصححه ابن ِحبان‪ ،‬والح ِاكم [صحيح]‬
‫ُ‬ ‫َ‬

‫• (أو عدله) وقيل بالفتح‪ :‬ما عادله من جنسه‪ ،‬وبالكسر‪ :‬ما ليس من جنسه وقيل بالعكس‬
‫• (معافريا) النسبة إلى معافر وهي بلد باليمن تصنع فيها الثياب فنسبت إليها فاملراد‪ :‬أو‬
‫عدله ثوبا معافريا‪.‬‬
‫وقال الرتمذي‪ :‬حديث حسن‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وذكر أن بعضهم رواه مرسَل وأنه أصح‬ ‫‪‬‬

‫وأعله ابن حزم باالنقطاع أن مسروقا لم يلق معاذا وفيه نظر‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وقال أبو داود إنه منكر‪ ،‬قال‪ :‬وبلغني عن أحمد أنه كان ينكر هذا الحديث إنكارا‬ ‫‪‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪68‬‬

‫شديدا‪،‬‬
‫قال البيهقي إنما المنكر رواية أبي معاوية عن اْلعمش عن إبراهيم عن مسروق عن‬ ‫‪‬‬

‫معاذ‪ ،‬فأما رواية اْلعمش عن أبي وائل عن مسروق فإهنا محفوظة قد رواها عن‬
‫اْلعمش جماعة‪... ،‬‬
‫• واحلديث دليل على تقدير الجزية بالدينار من الذهب على كل حامل أي‪ :‬بالغ‪ ،‬ويف رواية‬
‫محتلم‪ .‬وظاهر إطَلقه سواء كان غنيا أو فقيرا‪.‬‬

‫[مقدار الجزية]‬
‫[‪ ]1‬أقل ما يؤخذ من أهل الذمة دينار عن كل حالم وأما الزيادة فتجوز (الشافعي)‪.‬‬
‫حديث ابن عباس «أن النبي ﷺ صالح أهل نجران على ألفي حلة النصف يف محرم‬ ‫‪‬‬

‫والنصف يف رجب يؤدوهنا إلى المسلمين وعارية ثَلثين درعا وثَلثين فرسا‪.‬‬
‫وثَلثين بعيرا أو ثَلثين من كل صنف من أصناف السَلح يغزو هبا المسلمون‬
‫ضامنين لها حتى يردوها عليهم إن كان باليمن كيد»‪.‬‬
‫قال الشافعي‪ :‬وقد سمعت بعض أهل العلم من المسلمين ومن أهل الذمة من أهل‬ ‫‪‬‬

‫نجران يذكر أن قيمة ما أخذوا من كل واحد أكثر من دينار وإلى هذا ذهب عمر فإنه‬
‫أخذ زائدا على الدينار‪،‬‬
‫[‪ ]2‬الجزية دينار أو عدله من المعافري ال يزاد عليه وال ينقص (أحمد)‬
‫[‪ ]3‬أنه ال توقيف يف الجزية يف القلة وال يف الكثرة وأن ذلك موكول إلى نظر اإلمام (بعض‬
‫أهل العلم)‬
‫ويجعل هذه اْلحاديث محمولة على التخيير والنظر يف المصلحة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫• ويف احلديث دليل على أن الجزية ال تؤخذ من اْلنثى لقوله «حالم» قال يف هناية المجتهد‪:‬‬
‫‪69‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫اتفقوا على أنه ال تجب الجزية إال بثَلثة أوصاف الذكورة والبلوغ والحرية‪.‬‬
‫• واختلفوا يف المجنون المقعد والشيخ وأهل الصوامع والفقير قال‪ :‬وكل هذه مسائل‬
‫اجتهادية ليس فيها توقيف شرعي قال‪ :‬وسبب اختَلفهم هل يقتلون أم ال؟ (اهـ)‪.‬‬
‫‪ ‬وأما رواية البيهقي عن الحكم عن عتيبة أن «النبي ﷺ كتب إلى معاذ باليمن على كل‬
‫حالم أو حالمة دينار أو قيمته» فإسنادها منقطع‪.‬‬
‫‪ ‬وقد وصله أبو شيبة عن ابن عباس بلفظ «فعلى كل حالم دينار أو عدله من المعافر‬
‫ذكر أو أنثى حر أو عبد دينار أو عوضه من الثياب» لكنه قال البيهقي‪ :‬أبو شيبة‬
‫ضعيف‪،‬‬
‫‪ ‬يعرف أنه لم يثبت يف أخذ الجزية من اْلنثى حديث يعمل به‪،‬‬
‫‪ ‬وقال الشافعي‪ :‬سألت محمد بن خالد وعبد اَّلل بن عمرو بن مسلم وعددا من علماء‬
‫أهل اليمن وكلهم حكوا عن عدد مضوا قبلهم يحكون عن عدد مضوا قبلهم كلهم‬
‫ثقة‪ ،‬أن صلح النبي ﷺ كان ْلهل الذمة باليمن على دينار كل سنة وال يثبتون أن‬
‫النساء كن ممن يؤخذ منه الجزية‪،‬‬
‫• وقال عامتهم‪ :‬ولم يؤخذ من زروعهم وقد كان لهم زروع وال من مواشيهم شيئا علمناه‪،‬‬
‫قال ‪ :‬وسألت عددا كبيرا من ذمة أهل اليمن متفرقين يف بلدان اليمن فكلهم أثبت لي ‪ -‬ال‬
‫يختلف قولهم ‪ -‬أن معاذا أخذ منهم دينارا عن كل بالغ منهم وسموا البالغ حالما قالوا‪:‬‬
‫وكان يف كتاب النبي ﷺ مع معاذ «إن على كل حالم دينارا»‪.‬‬
‫• واعلم أنه يفهم من حديث معاذ هذا وحديث بريدة المتقدم أنه يجب قبول الجزية ممن‬
‫جزْ َي َة﴾ اآلية أنه ينقطع‬ ‫بذلها ويحرم قتله وهو المفهوم من قوله تعالى‪َ ﴿ :‬حتَّى ُي ْع ُطوا ا ْل ِ‬

‫ُون بِاَّللِ َوال بِا ْل َي ْو ِم‬


‫القتال المأمور به يف صدر اآلية من قوله تعالى‪َ ﴿ :‬قاتِ ُلوا ا َّل ِذي َن ال ُيؤْ مِن َ‬
‫ِ‬
‫اآلخ ِر﴾ بإعطاء الجزية‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪70‬‬

‫• وأما جوازه وعدم قبول الجزية فتدل اآلية على النهي عن القتال عند حصول الغاية وهو‬
‫إعطاء الجزية فيحرم قتالهم بعد إعطائها‪.‬‬

‫‪‬‬

‫علو اإلسالم بالوقوف عند العمل به‬

‫َ َ ْ ْ َ ُ َ ُْ ََ ُ َْ َ ْ َ َ ُ َ ُ ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ ْ ُْ َ‬
‫الد َارقط ِن ُّي‬ ‫‪4‬وعن عا ِئ ِذ ب ِن عم ٍرو اْلزِن ِي ‪ ‬عن الن ِب ِي ﷺ قال‪ِ :‬‬
‫«اْلسَلم يعلو ول يعلى»‪ .‬أخرجه‬
‫[حسن]‬
‫• فيه دليل على علو أهل اإلسَلم على أهل اْلديان يف كل أمر إلطَلقه فالحق ْلهل‬
‫اإليمان إذا عارضهم غيرهم من أهل الملل‪ ،‬كما أشير إليه يف إلجائهم إلى مضايق الطرق‬
‫وال يزال دين الحق يعلو ويزداد علوا والداخلون فيه أكثر يف كل عصر من اْلعصار‪.‬‬

‫‪‬‬

‫السالم على الكفار وحكمه‬

‫َ َ ُ‬ ‫ََ‬
‫السَل ِم‪َ ،‬و ِإذا ل ِقيت ْم‬‫ص َارى ِب‬ ‫ود َو َ‬
‫الن َ‬ ‫ال‪«َ :‬ل َت ْب َد ُءوا ْال َي ُه َ‬ ‫ََ ُ َ َ‬
‫ّللا ﷺ َق َ‬ ‫َ َ ْ َ ُ ْ َ‬
‫‪ -5‬وعن أ ِبي ه َري َرة ‪ ‬أن َرسول ِ‬
‫ض َي ِق ِه»‪َ .‬ر َو ُاه ُم ْس ِلم‬ ‫وه َإلى َأ ْ‬ ‫َأ َح َد ُه ْم في َطريق َف ْ‬
‫اض َط ُّر ُ‬
‫ِ ِ ٍ‬
‫[حكم السالم على الكفار]‬
‫[‪ ]1‬تحريم ابتداء المسلم لليهودي والنصراين بالسَلم (الجمهور من السلف والخلف)‬
‫ْلن ذلك أصل النهي وحمله على الكراهة خَلف أصله وعليه حمله اْلقل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪71‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫[‪ ]2‬جواز االبتداء لهم بالسَلم (ابن عباس ووجه لبعض الشافعية)‬
‫‪ ‬إال أنه قال المازري إنه يقال‪ :‬السَلم عليك باإلفراد‪ ،‬وال يقال السَلم عليكم‪،‬‬
‫‪ ‬عموم قوله تعالى‪َ ﴿ :‬و ُقو ُلوا لِلن ِ‬
‫َّاس ُح ْسنًا﴾‬
‫وأحاديث اْلمر بإفشاء السَلم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫واجلواب‪ :‬أن هذه العمومات مخصوصة بحديث الباب وهذا إذا كان الذمي منفردا‪.‬‬
‫• وأما إذا كان معه مسلم‪ :‬جاز االبتداء بالسَلم ينوي به المسلم‪،‬‬
‫ْلنه قد ثبت أنه ﷺ سلم على مجلس فيه أخَلط من المشركين والمسلمين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫• ومفهوم قوله «ال تبدءوا» أنه ال ينهى عن الجواب عليهم إن سلموا‪،‬‬


‫َح َّية َف َح ُّيوا بِ َأ ْح َس َن مِن َْها َأ ْو ُر ُّد َ‬
‫وها﴾‬ ‫‪ ‬ويدل له عموم قوله تعالى‪﴿ :‬وإِ َذا حييتُم بِت ِ‬
‫َ ُ ِّ ْ‬
‫وأحاديث «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا‪ :‬وعليكم»‬ ‫‪‬‬

‫ويف رواية «إن اليهود إذا سلموا عليكم يقول أحدهم السام عليكم فقولوا وعليك»‬ ‫‪‬‬

‫ويف رواية «قل وعليك» أخرجها مسلم‬ ‫‪‬‬

‫• واتفق العلماء على أنه يرد على أهل الكتاب‬


‫‪ ‬ولكنه يقتصر على قوله وعليكم وهو هكذا بالواو عند مسلم يف روايات‪.‬‬
‫‪ ‬وكان ابن عيينة يرويه بغير الواو‪ ،‬وقال الخطابي‪ :‬هذا هو الصواب‪ْ ،‬لنه إذا حذف‬
‫صار كَلمه بعينه مردودا عليهم خاصة وإذا أثبت الواو اقتضى المشاركة معهم فيما‬
‫قالوا‪،‬‬
‫‪ ‬قال النووي‪ :‬إثبات الواو وحذفها جائز إن صحت به الروايات فإن الواو وإن‬
‫اقتضت المشاركة فالموت هو علينا وعليهم وال امتناع‪.‬‬
‫• ويف احلديث دليل على إلجائهم إلى مضيق الطرق إذا اشرتكوا هم والمسلمون يف الطريق‬
‫فيكون واسعه للمسلمين‪ ،‬فإن خلت الطريق عن المسلمين فَل حرج عليهم‪،‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪72‬‬

‫• وأما ما يفعله اليهود يف هذه اْلزمنة من تعمد جعل المسلم على يسارهم إذا القاهم يف‬
‫الطريق فشيء ابتدعوه لم يرو فيه شيء وكأهنم يريدون التفاؤل بأهنم من أصحاب اليمين‬
‫فينبغي منعهم مما يتعمدونه من ذلك لشدة محافظتهم عليه ومضادة المسلم‪.‬‬

‫‪‬‬

‫وثيقة صلح الحديبية‬

‫َ‬ ‫َ َ َ َ ْ ُ َْ َ َََ ْ َ َ ُ‬ ‫‪َ -6‬و َع ْن ْ ْ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ َ‬


‫يه‬
‫ول ِه‪ ،‬و ِف ِ‬ ‫اْلسو ِرب ِن مخ َرمة وم ْروان أن الن ِب َي ﷺ خ َرج عام الحدي ِبي ِة ‪ -‬فذك َرالح ِديث ِبط ِ‬ ‫ِ‬
‫ضع ْال َح ْرب َع ْش َر ِس ِن َين َي ْأ َم ُن ِفيهاَ‬ ‫ّللا ُس َه ْي َل ْب َن َع ْمرو‪َ :‬ع َلى َو ْ‬
‫ص َال َح َع َل ْيه ُم َح َم ُد ْب ُن َع ْبد َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫«ه َذا َما َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َ ْ َ َ ُ َُ َ ُ َ ََ ُْ ُ ُْ َ‬ ‫َ ُ َ َ ُ ُّ َ ْ ُ ُ ْ َ ْ َ ْ‬
‫ي‬
‫ض»‪ .‬أخرجه أبو داود‪ .‬وأصله ِفي البخ ِار ِ‬ ‫الناس‪ ،‬ويكف بعضهم عن بع ٍ‬
‫• احلديث دليل على جواز المهادنة بين المسلمين وأعدائهم من المشركين مدة معلومة‬
‫لمصلحة يراها اإلمام وإن كره ذلك أصحابه فإنه ذكر يف المهادنة ما يفيده الحديث اآليت‬
‫وهو قوله‪:‬‬

‫‪‬‬

‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫‪َ -7‬و َأ ْخ َر َج ُم ْسلم َب ْع َ‬


‫يه‪« :‬أ َن َم ْن َج َاءنا ِمنك ْم ل ْم ن ُر َد ُه َعل ْيك ْم‪َ ،‬و َم ْن َج َاءك ْم‬ ‫َ‬
‫س ﵁‪ ،‬و ِف ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ن‬‫أ‬ ‫يث‬
‫ِ‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ض ُه م ْن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪َ :‬ن َع ْم‪َ ،‬إن ُه َم ْن َذ َه َب م َنا َإل ْيه ْم َف َأ ْب َع َدهُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمنا َرددت ُموه علينا فقالوا‪ :‬أتكتب هذا يا َرسول ِ‬
‫ّللا؟ ق َ‬
‫ْ‬ ‫َ ُ َ َ ْ َ َ َ ُْ ْ َ َ َ ْ َ ُ َ ُ َ َ‬
‫ّللا ل ُه ف َر ًجا َو َمخ َر ًجا»‬ ‫ّللا‪ ،‬ومن جاءنا ِمنهم فسيجعل‬
‫• «من جاء منكم لم نرده عليكم ومن جاءكم منا رددتموه علينا» أي‪ :‬من جاء من المسلمين‬
‫إلى كفار مكة لم يردوه إلى رسول اَّلل ﷺ‪ ،‬ومن جاء من أهل مكة إليه ﷺ رده إليهم‬
‫• فإنه ﷺ كتب هذا الشرط مع ما فيه من كراهة أصحابه له‪.‬‬
‫‪73‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫• والحديث طويل ساقه أئمة السير يف قصة الحديبية واستوفاه ابن القيم يف زاد المعاد وذكر‬
‫فيه كثيرا من الفوائد وفيه‪:‬‬
‫‪ ‬أنه ﷺ رد إليهم أبا جندل بن سهيل وقد جاء مسلما قبل تمام كتاب الصلح وأنه بعد‬
‫رده إليهم جعل اَّلل له فرجا ومخرجا ففر من المشركين ثم أقام بمحل على طريقهم‬
‫يقطعها عليهم وانضاف إليه جماعة من المسلمين حتى ضيق على أهل مكة‬
‫مسالكهم والقصة مبسوطة يف كتاب السير‪.‬‬
‫• وقد ثبت أنه ﷺ لم يرد النساء الخارجات إليه‪،‬‬
‫‪ ‬فقيل‪ْ :‬لن الصلح إنما وقع يف حق الرجال دون النساء‪ ،‬وأرادت قريش تعميم ذلك يف‬
‫الفريقين‪ ،‬فإهنا لما خرجت أم كلثوم بنت أبي معيط مهاجرة طلب المشركون‬
‫رجوعها فمنع رسول اَّلل ﷺ عن ذلك وأنزل اَّلل تعالى اآلية وفيها‪﴿ :‬فَل ترجعوهن‬
‫إلى الكفار﴾ اآلية‪.‬‬
‫• واحلديث دليل على جواز الصلح على رد من وصل إلينا من العدو كما فعله ﷺ‪ ،‬وعلى‬
‫أال يردوا من وصل منا إليهم‪.‬‬

‫‪‬‬

‫النهي عن قتل املعاهد‬

‫اه ًدا َل ْم َي َر ْح َ ائ َح َة ْال َج َنة َوإ َن ر َ‬


‫يح َها‬ ‫«م ْن َق َت َل ُم َع َ‬ ‫النبي ﷺ َق َ‬
‫ال‪َ :‬‬ ‫ّللا ْبن ُع َم َر‪َ ‬ع ْن َ‬
‫َ َ ْ َْ َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫رِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -8‬وعن عب ِد ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َل ُي َ‬
‫وج ُد ِم ْن َم ِس َير ِة أ ْرَب ِع َين َع ًاما»‪ .‬أخ َر َج ُه ال ُبخ ِار ُّي‬
‫• (لم يرح» أصله يراح أي لم يجد‪.‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪74‬‬

‫• ويف لفظ للبخاري «من قتل نفسا معاهدا له ذمة اَّلل وذمة رسوله»‬
‫• ويف لفظ له تقييد ذلك‪ :‬بغير جرم‪ ،‬ويف لفظ له‪ :‬بغير حق‪ .‬وعند أبي داود والنسائي بغير‬
‫حلها‪ ،‬والتقييد معلوم من قواعد الشرع‪.‬‬
‫• قوله (من مسيرة أربعين عاما)‬
‫‪ ‬وقع عند اإلسماعيلي سبعين عاما ووقع عند الرتمذي بلفظ» سبعين خريفا "‬
‫‪ ‬وعند الطرباين من حديث أبي هريرة مسيرة مائة عام‪.‬‬
‫‪ ‬وفيه من حديث أبي بكرة خمسمائة عام‪.‬‬
‫‪ ‬وهو يف الموطأ من حديث آخر عن جابر «إن ريح الجنة ليدرك من مسيرة ألف عام»‬
‫وقد جمع العلماء بين هذه الروايات المختلفة‪.‬‬
‫• قال المصنف ما حاصله‪ :‬إن ذلك اإلدراك يف موقف القيامة وأنه يتفاوت بتفاوت مراتب‬
‫اْلشخاص؛‬
‫‪ ‬فالذي يدركه من مسيرة خمسمائة أفضل من صاحب السبعين إلى آخر ذلك‬
‫• ويف احلديث دليل على تحريم قتل المعاهد وتقدم الخَلف يف االقتصاص من قاتله‪،‬‬
‫• وقال المهلب‪ :‬هذا فيه دليل على أن المسلم إذا قتل المعاهد أو الذمي ال يقتص منه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ْلنه اقتصر فيه على ذكر الوعيد اْلخروي دون الدنيوي هذا كَلمه‪.‬‬

‫‪‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪76‬‬

‫باب السبق والرمي‬

‫السبق‪ :‬وهو الرهن الذي يوضع لذلك [اسم للجعل الذي يجعل بين المتسابقين]‬
‫(والرمي) والمراد به هنا المناضلة بالسهام للسبق‪.‬‬

‫سباق الخيل املضمرة وغيرها‬

‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ َْ َ َْ ُ ْ‬ ‫«س َاب َق َ‬ ‫‪َ -1‬ع ْن ْابن ُع َم َر‪َ ‬ق َ‬


‫ض ِم َرت‪ِ ،‬م ْن ال َحف َي ِاء‪َ ،‬وكان أ َم ُد َها ث ِن َية‬ ‫الن ِب ُّي ﷺ ِبالخي ِل ال ِتي قد‬ ‫ال‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫يمنْ‬ ‫ْ َ َ َ َ َ َ َْ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ َ َ ْ ْ َ َ َ َ ْ َ ُ َْ َ َ َ‬
‫ان ْاب ُن ُع َم َر ِف َ‬ ‫الود ِاع وسابق بين الخي ِل ال ِتي لم تضمر ِمن الث ِني ِة إلى مس ِج ِد ب ِني زري ٍق‪ ،‬وك‬
‫َ َ‬
‫َس َاب َق»‪ُ .‬م َتفق َعل ْي ِه‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ َ َ‬ ‫َز َاد ْال ُب َخار ُّي‪َ ،‬ق َ‬
‫ال ُس ْف َي ُ‬
‫ان‪ِ :‬م ْن ال َحف َي ِاء إلى ث ِن َي ِة ال َو َد ِاع خ ْم َسة أ ْم َي ٍال‪ ،‬أ ْو ِس َتة‪َ ،‬و ِم ْن الث ِن َي ِة إلى‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مس ِج ِد ب ِني زري ٍق ِميل‪.‬‬
‫• (قد ضمرت) من التضمري‪ :‬أن يظاهر عليها بالعلف حتى تسمن ثم ال تعلف إال قوهتا‬
‫لتخف زاد يف الصحاح‪ ،‬وذلك يف أربعين يوما‪ ،‬وهذه المدة تسمى المضمار‪ ،‬والموضع‬
‫الذي يضمر فيه الخيل أيضا مضمار‪ ،‬وقيل تشد عليها سروجها وتجلل باْلجلة حتى‬
‫تعرق فيذهب رهلها ويشتد لحمها‪.‬‬
‫• (من الحفياء) مكان خارج المدينة‪.‬‬
‫• (وكان أمدها) أي غايتها‬
‫• (ثنية الوداع) محل قريب من المدينة‪ ،‬سميت بذلك ْلن الخارج من المدينة يمشي معه‬
‫المودعون إليها‪.‬‬
‫• احلديث دليل على مشروعية السباق‪ ،‬وأنه ليس من العبث بل من الرياضة المحمودة‬
‫الموصلة إلى تحصيل المقاصد يف الغزو واالنتفاع هبا يف الجهاد وهي دائرة بين‬
‫االستحباب واإلباحة بحسب الباعث على ذلك‪.‬‬
‫‪77‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫• قال القرطبي‪ :‬ال خَلف يف جواز المسابقة على الخيل وغيرها من الدواب وعلى اْلقدام‬
‫وكذا الرتامي بالسهام واستعمال اْلسلحة لما يف ذلك من التدرب على الحرب‪.‬‬
‫• وفيه دليل على جواز تضمير الخيل المعدة للجهاد وقيل‪ :‬إنه يستحب‪.‬‬

‫‪‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ َ َْ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ ُ‬ ‫‪َ -2‬و َع ْن ُه ‪َ ‬أ َن َ‬


‫ض َل الق َر َح ِفي الغ َاي ِة»‪َ .‬ر َو ُاه أ ْح َم ُد‪َ ،‬و أ ُبو َد ُاو َد‪،‬‬ ‫«الن ِب َي ﷺ سابق بين الخي ِل‪ ،‬وف‬
‫َ‬
‫ص َح َح ُه ْاب ُن ِح َبان [صحيح]‬‫َو َ‬

‫• (القرح) جمع قارح‪ ،‬والقارح ما كملت سنة كالبازل يف اإلبل‪.‬‬


‫فيه دليل على مشروعية السباق بين الخيل‪،‬‬ ‫•‬
‫• وأنه يجعل غاية القرح أبعد من غاية ما دوهنا لقوهتا وجَلدهتا وهو المراد من قوله‬
‫«وفضل القرح»‪.‬‬

‫‪‬‬

‫السباق على الخف والحافر والنصل‬

‫َْ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ ُ ُ َ‬‫‪َ -3‬و َع ْن َأبي ُه َرْي َر َة ‪َ ‬ق َ‬


‫ص ٍل‪ ،‬أ ْو َحا ِف ٍر»‪َ .‬ر َو ُاه‬‫ف‪ ،‬أو ن‬ ‫ال َرسول ِ‬
‫ّللا ﷺ‪« :‬ل سبق إل ِفي خ ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ ُ َ ََ َ َ َ َ َ َ ُ ْ ُ َ َ‬
‫أحمد‪ ،‬والثَلثة‪ ،‬وصححه ابن ِحبان [صحيح]‬
‫• (ال سبق) هو ما يجعل للسابق على السبق من جعل‪.‬‬
‫• وأخرجه الحاكم من طرق وصححه ابن القطان وابن دقيق العيد وأعل الدارقطني بعضها‬
‫بالوقف‪.‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪78‬‬

‫• (إال يف خف) المراد به اإلبل‪ ،‬واحلافر‪ :‬والخيل‪ ،‬والنصل‪ :‬السهم‪ ،‬أي‪ :‬ذي خف أو ذي‬
‫حافر أو ذي نصل على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه‪.‬‬
‫• واحلديث دليل على جواز السباق على جعل فإن كان الجعل من غير المتسابقين كاإلمام‬
‫يجعله للسابق حل ذلك بَل خَلف‪.‬‬
‫• وإن كان من أحد المتسابقين‪ :‬لم يحل ْلنه من القمار‪.‬‬

‫[يف السبق]‬
‫[‪ ]1‬ال يشرع السبق إال فيما ذكر من الثَلثة (مالك والشافعي)‬
‫ظاهر الحديث‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬يجوز يف كل شيء (عطاء)‬


‫• وللفقهاء خَلف يف جوازه على عوض أو ال ومن أجازه عليه فله شرائط مستوفاة يف‬
‫المطوالت‪.‬‬

‫‪‬‬

‫محلل السباق‬

‫«م ْن َأ ْد َخ َل َف َر ًسا َب ْي َن َف َر َس ْين ‪َ -‬و ُه َو َل َي ْأ َم ُن َأ ْن ُي ْس َب َق ‪َ -‬ف ََل َب ْأ َ‬


‫س ِب ِه‪،‬‬ ‫ال‪َ :‬‬‫النبي ﷺ َق َ‬ ‫‪َ -4‬و َع ْن ُه‪َ ،‬عن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َو ُ َ ْ َ ُ َ َ ُ َ ُ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ َ َ‬
‫و ِإن أ ِمن فهو ِقمار»‪ .‬ر اه أحمد‪ ،‬و أبو داود‪ ،‬و ِإسناده ض ِعيف [ضعيف]‬
‫• وْلئمة الحديث يف صحته إلى أبي هريرة كَلم كثير حتى قال أبو حاتم‪ :‬أحسن أحواله أن‬
‫يكون موقوفا على سعيد بن المسيب فقد رواه يحيى بن سعيد عن سعيد من قوله‪ .‬انتهى‪،‬‬
‫• وهو كذلك يف الموطأ عن الزهري عن سعيد وقال ابن أبي خيثمة‪ :‬سألت ابن معين عنه‬
‫‪79‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫فقال هذا باطل وضرب على أبي هريرة وقد غلط الشافعي من رواه عن سعيد عن أبي‬
‫هريرة‪.‬‬
‫(وهو ال يأمن أن يسبق) داللة على أن المحلل وهو الفرس الثالث يف الرهان يشرتط عليه‬ ‫•‬
‫أن ال يكون متحقق السبق وإال كان قمارا‪.‬‬
‫• وإلى هذا الشرط ذهب البعض وهبذا الشرط يخرج عن القمار‪،‬‬
‫‪ ‬ولعل الوجه أن المقصود‪ :‬إنما هو االختبار للخيل فإذا كان معلوم السبق فات‬
‫الغرض الذي شرع ْلجله‪،‬‬
‫• وأما المسابقة بغير جعل فمباحة إجماعا‪.‬‬

‫‪‬‬

‫شرعية التدرب على القوة‬

‫َ‬ ‫َ ُ َ َ َ ْ َْ َ ْ َُ َ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫‪َ -5‬و َع ْن ُع ْق َب َة ْبن َعامر﵁ َق َ َ ْ‬


‫﴿وأ ِع ُّدوا ل ُه ْم َما‬ ‫اْلنب ِر يقرأ‬
‫ّللا ﷺ وهو على ِ‬ ‫ال‪« :‬س ِمعت َرسول ِ‬ ‫ِ ِ ٍ‬
‫ْ َ َ ََ َ ْ ُ َ َ َ ْ ُ ََ َ ْ ُ َ َ َ ْ ُ ََ َ ْ ُ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ َ َ ُْ ْ ْ ُ َ َ ْ َ‬
‫اط الخي ِل﴾ ‪ -‬اْلية أل إن القوة الرمي‪ ،‬أل إن القوة الرمي‪ ،‬أل إن القوة‬ ‫استطعتم ِمن قو ٍة و ِمن ِرب ِ‬
‫الر ْم ُي» َر َو ُاه ُم ْس ِلم‪.‬‬
‫َ‬
‫• أفاد احلديث تفسير القوة يف اآلية بالرمي بالسهام‪ْ ،‬لنه المعتاد يف عصر النبوة‪.‬‬
‫• ويشمل الرمي بالبنادق للمشركين والبغاة‪،‬‬
‫• ويؤخذ من ذلك شرعية التدريب فيه؛ ْلن اإلعداد إنما يكون مع االعتياد إذ من لم‬
‫يحسن الرمي ال يسمى معدا بالمرة‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪81‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫تحريم ما له ناب من السباع‬

‫ََُْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ُّ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ ْ َ ُ َْ َ َ‬


‫الس َب ِاع فأكل ُه َح َرام» َر َو ُاه ُم ْس ِلم‪.‬‬ ‫ْ‬
‫‪ -1‬عن أ ِبي هريرة ‪ ‬عن الن ِب ِي ﷺ قال‪« :‬كل ِذي ن ٍ‬
‫اب ِمن ِ‬
‫• دل احلديث على‪ :‬تحريم ما له ناب من سباع الحيوانات‪،‬‬
‫• والناب‪ :‬السن خلف الرباعية‪ ،‬والسبع‪ :‬هو المفرتس من الحيوان وفيه االفرتاس‬
‫االصطياد‪،‬‬
‫• أنه هنى عن أكل كل ذي ناب من السباع هو‪ :‬ما يفرتس من الحيوان ويأكله قهرا وقسرا‬
‫كاْلسد والذئب والنمر ونحوها‪.‬‬
‫[حكم ما له ناب من السباع وجنس السباع المحرمة]‬
‫[‪ ]1‬أنه محرم (الهادوية والشافعية وأبو حنيفة وأحمد وداود)‬
‫ما أفاده الحديث‬ ‫‪‬‬

‫ولكنهم اختلفوا يف جنس السباع المحرمة‪.‬‬


‫‪ ‬كل ما أكل اللحم فهو سبع حتى الفيل والضبع واليربوع والسنور (أبو حنيفة)‪.‬‬
‫‪ ‬يحرم من السباع ما يعدو على الناس كاْلسد والذئب والنمر دون الضبع والثعلب‬
‫ْلهنما ال يعدوان على الناس (الشافعي)‪.‬‬
‫[‪ ]2‬حل لحوم السباع (ابن عباس وعائشة وابن عمر والشعبي وسعيد بن جبير)‬
‫‪ُ ﴿ ‬ق ْل َال َأ ِجدُ فِي ما ُأ ِ‬
‫وح َي إِ َل َّي ُم َح َّر ًما﴾ اآلية فالمحرم هو ما ذكر يف اآلية وما عداه‬ ‫َ‬
‫حَلل‬

‫(وأجيب)‬
‫‪ ‬بأن اآلية مكية وحديث أبي هريرة بعد الهجرة فهو ناسخ لآلية عند من يرى نسخ‬
‫القرآن بالسنة‪،‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪82‬‬

‫‪ ‬وبأن اآلية خاصة بالثمانية اْلزواج من اْلنعام ردا على من حرم بعضها كما ذكر اَّلل‬
‫ون َه ِذ ِه ْاْلَنْ َعا ِم﴾ إلى آخر اآليات‪.‬‬ ‫تعالى قبلها من قوله‪﴿ :‬و َقا ُلوا ما فِي ب ُط ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ ‬فقيل يف الرد عليهم ﴿ ُق ْل ال َأ ِجدُ فِي ما ُأ ِ‬
‫وح َي إِ َل َّي ُم َح َّر ًما﴾ اآلية أي‪ :‬أن الذي‬ ‫َ‬
‫أحللتموه هو المحرم والذي حرمتموه هو الحَلل وأن ذلك افرتاء على اَّلل‪ ،‬وقرن هبا‬
‫لحم الخنزير‪ :‬لكونه مشاركا لها يف علة التحريم وهو كونه رجسا‪.‬‬
‫فاآلية وردت يف الكفار الذين يحلون الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير‬ ‫‪‬‬

‫اَّلل به ويحرمون كثيرا مما أباحه الشرع‪،‬‬


‫وكان الغرض من اآلية‪ :‬بيان حالهم وأهنم يضادون الحق فكأنه قيل ما حرام إال ما‬ ‫‪‬‬

‫أحللتموه مبالغة يف الرد عليهم‬


‫(قلت) ويحتمل أن المراد قل ال أجد اآلية محرما إال ما ذكر يف اآلية ثم حرم اَّلل‬ ‫‪‬‬

‫من بعد كل ذي ناب من السباع‪.‬‬


‫[‪ ]3‬أنه إنما يكره أكل كل ذي ناب من السباع ال أنه محرم (مالك)‪.‬‬

‫‪‬‬

‫تحريم ذي املخلب من الطير‬

‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ ََ ََ َ َُ‬


‫«وك ِل ِذي ِمخل ٍب ِم ْن الط ْي ِر» [صحيح]‬ ‫اس ‪ِ ‬بلف ِظ‪ :‬نهى‪ .‬وزاد‬‫ب‬‫يث ْابن َع َ‬‫د‬ ‫‪َ -2‬و َأ ْخ َر َج ُه م ْن َ‬
‫ح‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأخرج الرتمذي من حديث جابر‪ :‬تحريم كل ذي مخلب من الطير‪،‬‬ ‫•‬
‫• وأخرجه أيضا من حديث العرباض بن سارية وزاد فيه‪ :‬يوم خيرب‪.‬‬
‫• املخلب‪ :‬ظفر كل سبع من الماشي والطائر أو هو لما يصيد من الطير‪ .‬والظفر‪ :‬لما ال‬
‫‪83‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫يصيد‪.‬‬
‫[حكم ذي مخلب من الطير]‬
‫[‪ ]1‬يحرم كل ذي مخلب من الطير (الهادوية ونسبه النووي إلى الشافعي وأبي حنيفة وأحمد‬
‫وداود والجمهور)‪.‬‬
‫[‪ ]2‬يكره كل ذي مخلب من الطير وال يحرم‪ ،‬وأما النسر فقالوا‪ :‬ليس بذي مخلب لكنه‬
‫محرم الستخباثه (مالك)‬
‫• قالت الشافعية‪ :‬ويحرم ما ندب قتله كحية وعقرب وغراب أبقع وحدأة وفأرة وكل سبع‬
‫ضار‪.‬‬
‫واستدلوا بقوله ﷺ‪« :‬خمس فواسق يقتلن يف الحل والحرم» قالوا‪ :‬وْلن هذه‬ ‫‪‬‬

‫مستخبثات شرعا وطبعا‬


‫(قلت) ويف داللة اْلمر بقتلها على تحريم أكلها نظر‪ ،‬ويأيت لهم أن اْلمر بعدم القتل دليل‬
‫على التحريم‬
‫وقد قال الشافعية‪ :‬إن اآلدمي إذا وطئ هبيمة من هبائم اْلنعام فقد أمر الشارع بقتلها‬ ‫‪‬‬

‫قالوا‪ :‬وال يحرم أكلها فدل على أنه ال مَلزمة بين اْلمر بالقتل والتحريم‪.‬‬

‫‪‬‬

‫حكم أكل الحمر األهلية ولحوم الخيل‬

‫اِل ْهل َية َو َأذ َن في ُل ُ‬


‫َ ْ َ َ ََْ َ ْ ُ ُ ْ ُ ُ ْ َ‬ ‫‪َ -3‬و َع ْن َجابر‪َ ‬ق َ َ َ ُ ُ َ‬
‫وم‬
‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وم الحم ِر‬‫ّللا ﷺ يوم خيبرعن لح ِ‬ ‫ال‪« :‬نهى َرسول ِ‬ ‫ٍِ‬
‫ْال َخ ْيل» ُم َت َفق َع َل ْيه‪َ .‬وفي َل ْفظ ل ْل ُب َخاري‪َ :‬و َر َخصَ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪84‬‬

‫• وقد ثبت يف روايات «أنه ﷺ وجد القدور تغلي بلحمها فأمر بإراقتها وقال‪ :‬ال تأكلوا من‬
‫لحومها شيئا» يف رواية‪ :‬إهنا رجس أو نجس ويف لفظ‪ :‬إهنا رجس من عمل الشيطان‪.‬‬
‫• ويف الحديث مسألتان‪.‬‬
‫[حكم أكل الحمر األهلية]‬
‫[‪ ]1‬حرام (جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم)‬
‫منطوق الحديث‪ ،‬إذ النهي أصله التحريم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬ليست بحرام (ابن عباس)‬


‫عن ابن عباس‪ :‬وأبى ذلك البحر (ابن عباس) وتَل قوله تعالى ﴿قل ال أجد يف ما‬ ‫‪‬‬

‫أوحي إلي محرما﴾ اآلية‬


‫وروي عن عائشة وعن مالك بروايات‪ :‬أهنا مكروهة أو حرام أو مباحة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫عن غالب بن أبجر قال‪« :‬أصابتنا سنة فلم يكن يف مالي ما أطعم أهلي إال سمان‬ ‫‪‬‬

‫حمر فأتيت رسول اَّلل ﷺ فقلت‪ :‬إنك حرمت لحوم الحمر اْلهلية وقد أصابتنا‬
‫سنة‪ .‬فقال‪ :‬أطعم أهلك من سمين حمرك فإنما حرمتها من جهة جوال القرية»‬
‫يعني الجَللة ‪ -‬فقد قال الخطابي‪ :‬أما حديث ابن أبجر فقد اختلف يف إسناده‬
‫‪ ‬وأما قوله «إنما حرمتها من أجل جوال القرية»‪ :‬فإن الجوال هي التي تأكل‬
‫العذرة وهي الجلة إال أن هذا ال يثبت‪،‬‬
‫‪ ‬وقد ثبت أنه إنما هنى عن لحومها ْلهنا رجس‪ ،‬عن أنس بن مالك قال «لما‬
‫افتتح رسول اَّلل ﷺ خيرب أصبنا حمرا خارجة من القرية فنحرنا وطبخنا منها‬
‫فنادى منادي رسول اَّلل ﷺ إن اَّلل ورسوله ينهيانكم عنها وإهنا رجس من‬
‫عمل الشيطان فأكفئت القدور» انتهى‪.‬‬
‫‪ ‬وهبذا يبطل القول بأهنا إنما حرمت مخافة قلة الظهر كما روي عن ابن عباس‬
‫‪85‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫«إنما حرم رسول اَّلل ﷺ الحمر اْلهلية مخافة قلة الظهر»‬


‫‪ ‬ويف رواية البخاري عن ابن عباس أنه قال‪ :‬ال أدري أهنى عنها رسول اَّلل ﷺ‬
‫من أجل أهنا حمولة الناس فكره أن تذهب حمولتهم أو حرمها ألبتة يوم خيرب‪،‬‬
‫‪ ‬فإنه يقال قد علم بالنص أنه حرمها ْلهنا رجس‪ ،‬وكأن ابن عباس لم يعلم‬
‫بالحديث فرتدد يف نقله النهي وإذ قد ثبت النهي وأصله التحريم عمل به وإن‬
‫جهلنا علته‪.‬‬
‫‪ ‬أما حديث أم نصر المحاربية «أن رجَل سأل النبي ﷺ عن الحمر اْلهلية‬
‫فقال‪ :‬أليس ترعى الكأل وتأكل الشجر؟ قال‪ :‬فأصب من لحومها» فهي رواية‬
‫غير صحيحة ال تعارض هبا اْلحاديث الصحيحة‪.‬‬

‫[حكم أكل لحوم الخيل]‬


‫[‪ ]1‬حل أكل لحوم الخيل (زيد بن علي والشافعي وصاحبا أبي حنيفة وأحمد وإسحاق‬
‫وجماهير السلف والخلف)‬
‫لهذا الحديث‬ ‫‪‬‬

‫عن عطاء أنه قال البن جريج‪ :‬لم يزل سلفك يأكلونه قال ابن جريج‪ :‬قلت له‬ ‫‪‬‬

‫أصحاب رسول اَّلل؟ قال‪ :‬نعم‪،‬‬


‫حديث أسماء‪« :‬نحرنا على عهد رسول اَّلل ﷺ فرسا فأكلناه»‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬تحريم أكل الخيل (الهادوية ومالك وهو المشهور عند الحنفية)‪.‬‬
‫حديث خالد بن الوليد‪« :‬هنى رسول اَّلل ﷺ عن لحوم الخيل والبغال والحمير وكل‬ ‫‪‬‬

‫ذي ناب من السباع» ويف رواية بزيادة «يوم خيرب»‬


‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪86‬‬

‫وأجيب عنه‪ :‬بأنه قال البيهقي فيه هذا إسناد مضطرب مخالف لرواية الثقات‪ ،‬وضعف‬
‫الحديث أحمد [وغيره]‬
‫‪ ‬واستدلوا بقوله تعالى‪﴿ :‬لِت َْر َك ُب َ‬
‫وها َو ِزي َن ًة﴾ وتقرير االستدالل باآلية بوجوه‪:‬‬
‫[‪ ]1‬اْلول أن العلة المنصوصة تقتضي الحصر فإباحة أكلها خَلف ظاهر اآلية‪.‬‬
‫وأجيب عنه‪ :‬بأن كون العلة منصوصة ال يقتضي الحصر فيها فَل يفيد الحصر يف‬ ‫‪‬‬

‫الركوب والزينة فإنه ينتفع هبا يف غيرهما اتفاقا وإنما نص عليهما لكوهنما أغلب‬
‫ما يطلب ولو سلم الحصر المتنع حمل اْلثقال على الخيل والبغال والحمير‬
‫وال قائل به‬
‫[‪ ]2‬من وجوه داللة اآلية على تحريم اْلكل عطف البغال والحمير فإنه دال على‬
‫اشرتاكهما معها يف حكم التحريم فمن أفرد حكمهما عن حكم ما عطف عليه‬
‫احتاج إلى دليل‪.‬‬
‫وأجيب عنه‪ :‬بأن هذا من باب داللة االقرتان وهي ضعيفة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]3‬من وجوه داللة اآلية أهنا سيقت لَلمتنان‪ ،‬فلو كانت مما يؤكل لكان االمتنان به‬
‫أكثر ْلنه يتعلق ببقاء البنية والحكيم ال يمتن بأدنى النعيم ويرتك أعَلها سيما وقد‬
‫امتن باْلكل فيما ذكر قبلها‪.‬‬
‫(وأجيب) بأنه تعالى خص االمتنان بالركوب ْلنه غالب ما ينتفع بالخيل فيه عند‬ ‫‪‬‬

‫العرب فخوطبوا بما عرفوه وألفوه كما خوطبوا يف اْلنعام باْلكل وحمل‬
‫اْلثقال ْلنه كان أكثر انتفاعهم هبا لذلك فاقتصر يف كل من الصنفين بأغلب ما‬
‫ينتفع به فيه‬
‫[‪ ]4‬من وجوه داللة اآلية‪ :‬لو أبيح أكلها لفاتت المنفعة التي امتن هبا وهي الركوب‬
‫والزينة‬
‫‪87‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫وأجيب عنه بأنه لو لزم من اإلذن يف أكلها أن تفنى للزم مثله يف البقر ونحوها مما‬ ‫‪‬‬

‫أبيح أكله ووقع االمتنان به لمنفعة أخرى‪.‬‬


‫• وقد أجيب عن االستدالل باآلية بجواب إجمالي وهو‪:‬‬
‫‪ ‬أن آية النحل مكية اتفاقا‪ ،‬واإلذن يف أكل الخيل كان بعد الهجرة من مكة بأكثر من‬
‫ست سنين‪،‬‬
‫‪ ‬فإن آية النحل ليست نصا يف تحريم اْلكل والحديث صريح يف جوازه‪،‬‬
‫‪ ‬لو سلم ما ذكر كان غايته الداللة على ترك اْلكل وهو أعم من أن يكون للتحريم أو‬
‫للتنزيه أو خَلف اْلولى‪ ،‬وحيث لم يتعين هنا واحد منها ال يتم هبا التمسك باْلدلة‬
‫المصرحة بالجواز أوال؛‬
‫‪ ‬وأما زعم البعض أن حديث جابر دال على التحريم لكونه ورد بلفظ الرخصة‬
‫والرخصة استباحة المحظور مع قيام المانع‪ ،‬فدل أنه رخص لهم فيها بسبب‬
‫المخمصة فَل يدل على الحل المطلق فهو ضعيف ْلنه ورد بلفظ «أذن لنا» ولفظ‬
‫أطعمنا‪ ،‬فعرب الراوي بقوله رخص لنا عن أذن ال أنه أراد الرخصة االصطَلحية‬
‫الحادثة بعد زمن الصحابة‪ ،‬فَل فرق بين العبارتين (أذن) و(رخص) يف لسان‬
‫الصحابة‪.‬‬

‫‪‬‬

‫أكل الجراد‬

‫َ َ‬ ‫َ ْ َ َ ََ َْ ُ ْ‬
‫ات نأك ُل ال َج َر َاد»‪ُ ،‬م َتفق َعل ْي ِه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪َ -4‬و َع ْن ْابن َأبي َأ ْو َفى ‪َ ‬ق َ َ َ ْ َ َ َ ُ‬
‫ال‪« :‬غزونا مع َرسو ِل ِ‬
‫ّللا ﷺ سبع غزو ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪88‬‬

‫• وهو دليل على حل الجراد‪ ،‬قال النووي‪ :‬وهو إجماع‪.‬‬


‫وأخرج ابن ماجه عن أنس قال‪« :‬كان أزواج النبي ﷺ يتهادين الجراد يف اْلطباق»‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وقال ابن العربي يف شرح الرتمذي‪ :‬إن جراد اْلندلس ال يؤكل ْلنه ضرر محض‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫فإذا ثبت ما قاله فتحريمها ْلجل الضرر كما تحرم السموم ونحوها‪.‬‬
‫واختلفوا هل أكل رسول اهلل ﷺ الجراد أم ال؟‬
‫‪ ‬وحديث الكتاب حيتمل أنه كان يأكل معهم‪ ،‬إال أن يف رواية البخاري زيادة لفظ‪« :‬نأكل‬
‫الجراد معه»‬
‫‪ ‬قيل وهي حمتملة أن المراد غزونا معه فيكون تأكيدا لقوله مع رسول اَّلل ﷺ‬
‫‪ ‬وحيتمل أن المراد نأكل معه‬
‫(قلت) وهذا اْلخير هو الذي يحسن حمل الحديث عليه‪ ،‬إذ التأسيس أبلغ من التأكيد‪،‬‬
‫ويؤيده ما وقع يف الطب عند أبي نعيم بزيادة‪« :‬ويأكل معنا»‬
‫حديث سليمان أنه «سئل رسول اَّلل ﷺ عن الجراد فقال‪ :‬ال آكله وال أحرمه» فقد‬ ‫‪‬‬

‫أعله المنذري باإلرسال‪،‬‬


‫عن ابن عمر «أنه ﷺ سئل عن العنب فقال‪ :‬ال آكله وال أحرمه وسئل عن الجراد‬ ‫‪‬‬

‫فقال مثل ذلك» فإنه قال النسائي‪ :‬ثابت ليس بثقة‪.‬‬


‫• ويؤكل عند الجماهير على كل حال ولو مات بغير سبب لحديث‪« :‬أحل لنا ميتتان ودمان‬
‫السمك والجراد والكبد والطحال»‪.‬‬
‫واختلف فيه هل هو من صيد البحر أم من صيد البر؟‬
‫[‪ ]1‬وورد حديثان ضعيفان‪ :‬أنه من صيد البحر‪.‬‬
‫[‪ ]2‬وورد عن بعض الصحابة‪ :‬أنه يلزم المحرم فيه الجزاء‪ ،‬فدل أنه عنده من صيد الرب‪،‬‬
‫واألصل فيه‪ :‬أنه بري حتى يقوم دليل على أنه بحري‪.‬‬
‫‪89‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫‪‬‬

‫أكل األرنب‬

‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َْ‬


‫اِل ْرَنب ‪َ -‬ق َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ ْ ََ‬
‫ّللا ﷺ فق ِبل ُه»‪ُ .‬م َتفق‬
‫َ‬
‫ال‪ :‬فذبح َها فبعث ِبو ِر ِك َها إلى َرسو ِل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ص‬‫ق‬‫ِ‬ ‫ي‬‫ف‬‫ِ‬ ‫‪‬‬ ‫س‬
‫‪« -5‬وعن أ ٍ‬
‫ن‬
‫َ َْ‬
‫علي ِه‪.‬‬
‫• ويف القصة أنه قال أنس‪« :‬أنفجنا أرنبا ونحن بمر الظهران فسعى القوم وتعبوا فأخذهتا‬
‫فجئت هبا إلى أبي طلحة فبعث بوركها أو قال بفخذها إلى رسول اَّلل ﷺ فقبلها» وهو ال‬
‫يدل‪ :‬أنه أكل منها‪،‬‬
‫‪ ‬لكن يف رواية البخاري قال الراوي ‪ -‬وهو هشام بن زيد ‪ -‬قلت ْلنس‪ :‬وأكل منها؟‬
‫قال وأكل منها ثم قال فقبله‪.‬‬
‫[حكم أكل األرنب]‬
‫[‪ ]1‬حل أكلها (باإلجماع)‬
‫حديث الباب‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬يكره أكلها (الهادوية وعبد اَّلل بن عمر وعكرمة وابن أبي ليلى)‬
‫حديث ابن عمر أهنا جيء هبا إلى النبي ﷺ فلم يأكلها ولم ينه عنها وزعم أي ابن‬ ‫‪‬‬

‫عمر أهنا تحيض‪.‬‬


‫عن عمر وعمار مثل ذلك‪ ،‬وأنه أمر بأكلها ولم يأكل منها‬ ‫‪‬‬

‫قلت‪ :‬لكنه ال يخفى أن عدم أكله ﷺ ال يدل على كراهيتها‪،‬‬


‫• (فائدة) ذكر الدميري يف حياة الحيوان أن الذي تحيض من الحيوان المرأة والضبع‬
‫والخفاش واْلرنب ويقال إن الكلبة كذلك‪.‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪90‬‬

‫‪‬‬

‫حكم النملة والنحلة والهدهد والصرد‬

‫ََْ َ َ َ‬
‫الن ْحل ِة‪،‬‬ ‫ّللا ﷺ َع ْن َق ْتل َأ ْرَبع م ْن َ‬
‫الد َ‬ ‫‪َ -6‬و َع ْن ْابن َع َباس ‪َ ‬ق َ َ َ ُ ُ َ‬
‫اب‪ :‬النمل ِة‪ ،‬و‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ِ ٍ ِ‬ ‫ال‪« :‬نهى َرسول ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ ُ ْ ُ َ ُّ َ َ َو ُ َ ْ َ ُ َ َ ُ َ ُ َ َ َ َ ُ ْ ُ َ َ‬
‫والهده ِد‪ ،‬والصر ِد»‪ .‬ر اه أحمد و أبو داود‪ .‬وصححه ابن ِحبان‪[ .‬صحيح]‬
‫• هو أقوى ما ورد يف هذا الباب‪ ،‬وفيه دليل على تحريم قتل ما ذكر‪،‬‬
‫• ويؤخذ منه تحريم أكلها‪ْ ،‬لنه لو حل لما هنى عن القتل‪ ،‬وتقدم لنا يف هذا االستدالل‬
‫بحث‪.‬‬
‫• وتحريم أكلها رأي الجماهير ويف كل واحدة خَلف إال النملة‪ ،‬فالظاهر أن تحريمها‬
‫إجماع‪.‬‬

‫‪‬‬

‫حكم أكل الضبع‬

‫ص ْيد ه َي؟ َق َ َ َ ْ ُ ْ َ َ ُ ُ ُ َ‬
‫ال‪ :‬نعم‪ .‬قلت‪ :‬قاله َرسول ِ‬
‫ّللا‬ ‫ال‪ُ :‬ق ْلت ل َجابر‪َ :‬‬
‫الض ُب ُع َ‬ ‫«ابن َأبي َع َمار َق َ‬‫َ َ ْ ْ‬
‫ِ‬ ‫َ ِ ِ ٍَ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -7‬وعن ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ال‪َ :‬ن َع ْم»‪َ .‬ر َو ُاه أ ْح َم ُد َو ْاِل ْرَب َع ُة‪َ .‬و َ‬
‫ﷺ؟ َق َ‬
‫ص َح َح ُه ال ُبخ ِار ُّي َو ْاب ُن ِح َبان‪[ .‬صحيح]‬
‫• (وعن ابن أبي عمار)‬
‫‪ ‬هو عبد الرحمن بن أبي عمار المكي وثقه أبو زرعة والنسائي ولم يتكلم فيه أحد‪،‬‬
‫‪ ‬ويسمى القس لعبادته‬
‫‪91‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫• ووهم ابن عبد الرب يف إعَلله وقال البيهقي‪ :‬إن الحديث صحيح‪.‬‬
‫[حكم أكل الضبع]‬
‫[‪ ]1‬حل أكل الضبع (الشافعي)‬
‫حديث الباب يدل عليه‪ ،‬فهو مخصص من حديث تحريم كل ذي ناب من السباع‬ ‫‪‬‬

‫حديث جابر مرفوعا «الضبع صيد فإذا أصابه المحرم ففيه كبش مسن ويؤكل»‬ ‫‪‬‬

‫قال الشافعي‪ :‬وما زال الناس يأكلوهنا ويبيعوهنا بين الصفا والمروة من غير نكير‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬حرام أكلها (الهادوية والحنفية)‬


‫عمَل بالحديث العام كما أشرنا إليه‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬ولكن أحاديث التحليل تخصصه‬


‫حديث خزيمة بن جزء وفيه «قال ﷺ أويأكل الضبع أحد؟» [ضعيف]‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫حكم أكل القنفذ‬

‫َ َ ْ ْ ُ َ َ ََ ُ ُ َ َ ْ ْ ُ ْ ُ َ َ َ ُ ْ َ ُ َ ُ َ َ َ ُ َ ًَ َ َ َ َ‬
‫ال ش ْيخ‬ ‫وحي ِإلي محرما﴾ فق‬ ‫‪ -8‬وعن «اب ِن عمر‪ ‬أنه س ِئل عن القنف ِذ فقال‪﴿ :‬قل ل أ ِجد ِفي ما أ ِ‬
‫َ‬
‫ال‪َ :‬إن َها َخب َيثة ِم ْن الخ َبا ِئ ِث فق َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ع ْن َد ُه‪َ :‬سم ْعت َأ َبا ُه َرْي َر َة َي ُقو ُل‪ُ :‬ذك َرع ْن َد َ‬
‫النبي ﷺ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ال ْاب ُن ُع َم َر‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ ُ َ ْ َ ُ َ َُ َ ُ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ّللا ﷺ قال هذا‪ ،‬فهو كما قال»‪ .‬أخرجه أحمد و أبو داود‪ ،‬و ِإسناده ض ِعيف‪.‬‬ ‫إن كان رسول ِ‬
‫[ضعيف اْلسناد]‬
‫[حكم أكل القنفذ]‬
‫[‪ ]1‬أنه حرام (أبو طالب واإلمام يحيى‪ ،‬وأبو حنيفة وأحمد)‪.‬‬
‫لما روي يف الخرب أنه من الخبائث‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪92‬‬

‫[‪ ]2‬أنه حَلل (مالك وابن أبي ليلى)‬


‫وهو أقوى من القول بتحريمه‪ ،‬لعدم هنوض الدليل عليه مع القول بأن اْلصل اإلباحة‬ ‫‪‬‬

‫يف الحيوانات‪ ،‬وهي مسألة خَلفية معروفة يف اْلصول فيها خَلف بين العلماء‪.‬‬

‫‪‬‬

‫النهي عن أكل الجاللة‬

‫َْ ُ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َ َ َْ‬ ‫‪َ -9‬و َع ْن ْابن ُع َم َر‪َ ‬ق َ َ َ ُ ُ َ‬


‫ّللا ﷺ َع ْن ال َجَلل ِة َوأل َب ِان َها»‪ .‬أخ َر َج ُه اِل ْرَب َعة إل الن َسا ِئي‬
‫ال‪« :‬نهى َرسول ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫التر ِم ِذي‪[ .‬صحيح]‬ ‫وحسنه ِ‬
‫• ومن حديث ابن عمرو بن العاص نحوه‪ ،‬وقال «حتى تعلف أربعين ليلة»‬
‫• ورواه أحمد ‪ ...‬من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ «هني عن لحوم‬
‫الحمر اْلهلية وعن الجَللة وعن ركوهبا»‪،‬‬
‫• وْلبي داود «أن يركب عليها وأن يشرب ألباهنا»‬
‫• واجلاللة‪ :‬هي التي تأكل العذرة والنجاسات سواء كانت من اإلبل أو البقر أو الغنم أو‬
‫الدجاج‪.‬‬
‫• واحلديث دليل على تحريم الجَللة وألباهنا وتحريم الركوب عليها‪.‬‬
‫• وقد جزم ابن حزم أن من وقف يف عرفات راكبا على جَللة ال يصح حجه‪.‬‬
‫• وظاهر احلديث أنه إذا ثبت أهنا أكلت الجلة فقد صارت محرمة‪،‬‬
‫[الجاللة]‬
‫[‪ ]1‬وقال النووي‪ :‬ال تكون جَللة إال إذا غلب على علفها النجاسة‬
‫‪93‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫[‪ ]2‬وقيل‪ :‬بل االعتبار بالرائحة والنتن (جزم النووي واإلمام يحيى)‬
‫وقال‪ :‬ال تطهر بالطبخ وال بإلقاء التوابل وإن زال الريح ْلن ذلك تغطية ال استحالة‪،‬‬
‫[حكم أكل الجاللة]‬
‫[‪ ]1‬أنه مكروه‪ ،‬ال تؤكل حتى تحبس أياما (أحمد وأصحاب الرأي والشافعي)‬
‫(قلت) قد عين يف الحديث حبسها أربعين يوما‪ ،‬وكان ابن عمر يحبس الدجاجة ثَلثة‪،‬‬
‫ولم ير مالك بأكلها بأسا من غير حبس‪.‬‬
‫ْلن النهي الوارد فيه إنما كان لتغير اللحم وهو ال يوجب التحريم بدليل المذكى إذا‬ ‫‪‬‬

‫جاف‪ ،‬وال يخفى أن هذا رأي يف مقابل النص‪.‬‬


‫[‪ ]2‬أنه حرام (الثوري ورواية عن أحمد)‬
‫ظاهر الحديث‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[حبس الجاللة]‬
‫[‪ ]1‬المذهب والفريقان‪ :‬ندب حبس الجَللة قبل الذبح‪ ،‬الدجاجة ثَلثة أيام‪ ،‬والشاة سبعة‪،‬‬
‫والبقر والناقة أربعة عشر‪.‬‬
‫[‪ ]2‬وقال مالك‪ :‬ال وجه له (قلنا) لتطييب أجوافها اهـ‬
‫• والعمل باْلحاديث هو الواجب؛ وكأهنم حملوا النهي على التنزيه وال ينهض عليه دليل‪،‬‬
‫وأما مخالفتهم للتوقيت فلم يعرف وجهه‪.‬‬

‫‪‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪94‬‬

‫حل لحم الحمار الوحشي‬

‫َ َ‬ ‫صة ْالح َمار ْال َو ْحش ي ‪َ -‬ف َأ َك َل م ْن ُه َ‬ ‫َ َ ْ َ ََ ََ‬


‫الن ِب ُّي ﷺ»‪ُ .‬م َتفق َعل ْي ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬
‫‪« -10‬وعن أ ِبي قتادة ‪ِ ‬في ِق ِ ِ ِ‬
‫• تقدم ذكر قصة الحمار هذا الذي أهداه أبو قتادة يف كتاب الحج‪.‬‬
‫• ويف هذا داللة على أنه يحل أكل لحمه وهو إجماع‪.‬‬
‫• وفيه خالف شاذ‪ :‬أنه إذا علف وأنس صار كاْلهلي‪.‬‬

‫‪‬‬

‫إباحة لحم الفرس‬

‫َ‬ ‫ََََْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ ََ َ‬ ‫ْ َ َْ‬ ‫َ َ ْ َ ْ‬


‫ّللا ﷺ ف َر ًسا‪ .‬فأكلن ُاه»‪ُ .‬م َتفق‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪ -11‬وعن أس َم َاء ِبن ِت أ ِبي بك ٍر‪ ‬قالت‪« :‬نح ْرنا على ع ْه ِد َرسو ِل ِ‬
‫َ‬
‫َعل ْي ِه‪.‬‬
‫• ويف رواية «ونحن بالمدينة»‬
‫• ويف رواية الدارقطني «هنا فرسا فأكلنا نحن وأهل بيت النبي ﷺ»‬
‫• واحلديث دليل على حل أكل لحم الخيل‪ ،‬وتقدم الكَلم فيه ْلن الظاهر أنه ﷺ علم ذلك‬
‫وقرره كيف وقد قالت‪ :‬إنه أكل منه أهله ﷺ وقالت هنا‪ :‬نحرنا ويف رواية الدارقطني‬
‫ذبحنا‪.‬‬
‫• فقيل فيه دليل على أن النحر والذبح واحد‪ ،‬قيل ويجوز أن يكون أحد اللفظين مجازا‪.‬‬
‫• إذا النحر لإلبل خاصة وهو الضرب بالحديد يف لبة البدنة حتى تفرى أوداجها‪.‬‬
‫• الذبح هو قطع اْلوداج يف غير اإلبل‪.‬‬
‫• قال ابن التين اْلصل يف اإلبل‪ :‬النحر‪ ،‬ويف غيرها‪ :‬الذبح‪ ،‬وجاء يف القرآن يف البقرة‬
‫‪95‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫﴿فذبحوها﴾ ويف السنة نحرها‪.‬‬


‫وقد اختلف العلماء يف نحر ما يذبح وذبح ما ينحر‪.‬‬
‫[‪ ]1‬يجوز نحر ما يذبح وذبح ما ينحر (الجمهور)‬
‫[‪ ]2‬ال يجوز ذلك (بعض المالكية)‬
‫(ونحن بالمدينة) يرد على من زعم أن حلها قبل فرض الجهاد فإنه فرض أول دخولهم‬ ‫•‬
‫بالمدينة‪.‬‬

‫‪‬‬

‫أكل الضب‬

‫َ َ‬ ‫َ ََ َ َ ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ّللا ﷺ»‪ُ .‬م َتفق َعل ْي ِه‪.‬‬
‫َ‬
‫ال‪« :‬أ ِك َل الض ُّب على ما ِئد ِة َرسو ِل ِ‬‫اس ‪ ‬ق‬ ‫َ َ ْ ْ ََ‬
‫‪ -12‬وعن اب ِن عب ٍ‬
‫[حكم أكل الضب]‬
‫[‪ ]1‬حل أكل الضب (الجماهير)‬
‫هذا الحديث يدل عليه‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬كراهته (حنفية)‬


‫وقال النووي‪ :‬أظنه ال يصح عن أحد فإن صح فهو محجوج بالنص وبإجماع من قبله‪.‬‬
‫[‪ ]3‬تحريمه (قوم)‬
‫«أن النبي ﷺ هنى عن الضب» [فيه إسماعيل بن عياش ضعيف‪ ،‬ومجهولون]‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫حديث عبد الرحمن ابن حسنة «أهنم طبخوا ضبابا فقال النبي ﷺ‪ :‬إن أمة من بني‬ ‫‪‬‬

‫إسرائيل مسخت دواب يف اْلرض فأخشى أن تكون هذه‪ .‬فألقوها» أخرجه أبو داود‪.‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪96‬‬

‫الجواب‪:‬‬
‫‪ ‬وأجيب عن األول‪ :‬بأن النهي وإن كان أصله التحريم صرفه هنا إلى الكراهة ما أخرجه‬
‫مسلم أنه ﷺ قال «كلوه فإنه حَلل ولكنه ليس من طعامي» وهذه الرواية ترد ما رواه‬
‫مسلم أنه قال بعض القوم عند ابن عباس‪« :‬إن النبي ﷺ قال يف الضب ال آكله وال‬
‫أهنى عنه وال أحرمه» ولهذا أعل ابن عباس هذه الرواية فقال «بئسما ما قلتم ما بعث‬
‫نبي اَّلل إال محرما أو محلَل» كذا يف مسلم‪.‬‬
‫‪ ‬وأجيب عن الثاني بأنه يحتمل أنه وقع منه ﷺ ذلك‪ ،‬أعني خشية أن تكون أمة‬
‫ممسوخة قبل أن يعلمه اَّلل تعالى أن الممسوخ ال ينسل‪.‬‬
‫وقد خرج الطحاوي من حديث ابن مسعود قال «سئل رسول اَّلل ﷺ عن القردة‬ ‫‪‬‬

‫والخنازير أهي مما مسخ؟ قال‪ :‬إن اَّلل لم يهلك قوما أو يمسخ قوما فيجعل لهم‬
‫نسَل وال عاقبة» وأصل الحديث يف مسلم ولم يعرفه ابن العربي‪.‬‬
‫فقال‪ :‬قولهم إن الممسوخ ال ينسل‪ :‬دعوى‪ ،‬فإنه ال يعرف بالعقل إنما طريقه‬ ‫‪‬‬

‫النقل وليس فيه أمر يعول عليه‬


‫(وأجيب) أيضا بأنه لو سلم أنه ممسوخ ال يقتضي تحريم أكله‪ ،‬فإن كونه كان آدميا‬ ‫‪‬‬

‫قد زال حكمه ولم يبق له أثر أصَل وإنما ذكره ﷺ اْلكل منه لما وقع عليه من‬
‫سخط اَّلل سبحانه كما كره الشرب من مياه ثمود‪.‬‬
‫(قلت) وال يخفى أنه لو لم ير تحريمه لما أمر بإلقائها أو بتقريرهم عليه ْلنه إضاعة‬ ‫‪‬‬

‫مال وْلذن لهم يف أكله فالجواب الذي قبله هو اْلحسن‪،‬‬


‫ويستفاد من المجموع‪ :‬جواز أكله وكراهته للنهي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬
‫‪97‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫حكم الضفدع‬

‫ْ‬
‫الضف َد ِع‬ ‫َ ْ‬ ‫ََ َ ً ََ ُ َ َ‬ ‫َ َ ْ َْ َ ْ ْ ُْ َ ُْ‬
‫ّللا ﷺ عن ِ‬ ‫الرح َم ِن ب ِن عث َمان الق َر ِش ِي ‪« ،‬أن ط ِبيبا سأ َل َرسول ِ‬ ‫‪ -13‬وعن عب ِد‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َي ْج َع ُل َها في َد َواء‪ ،‬ف َن َهى َع ْن ق ْتل َها»‪ .‬أخ َر َج ُه أ ْح َم ُد‪َ ،‬و َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ص َح َح ُه ال َح ِاك ُم‪َ .‬وأخ َر َج ُه أ ُبو َد ُاود َوالن َسا ِئ ُّي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫[صحيح]‬
‫• (وعن عبد الرحمن بن عثمان)‬
‫هو ابن عبد اَّلل التيمي القرشي ابن أخي طلحة بن عبد اَّلل الصحابي‬ ‫‪‬‬

‫قيل إنه أدرك النبي ﷺ وليست له رؤية‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫أسلم يوم الفتح وقيل يوم الحديبية وقتل مع ابن الزبير يف يوم واحد‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫• وأخرجه أبو داود والنسائي والبيهقي بلفظ‪« :‬ذكر طبيب عند النبي ﷺ دواء وذكر‬
‫الضفدع يجعلها فيه فنهى رسول اَّلل ﷺ عن قتل الضفادع» قال البيهقي‪ :‬هو أقوى ما‬
‫ورد يف النهي عن قتل الضفدع‪.‬‬
‫• وأخرج من حديث ابن عمر‪« :‬ال تقتلوا الضفادع فإن نقيقها تسبيح وال تقتلوا الخفاش‬
‫فإنه لما خرب بيت المقدس قال‪ :‬يا رب سلطني على البحر حتى أغرقهم» قال البيهقي‪:‬‬
‫إسناده صحيح‪.‬‬
‫• وعن أنس «ال تقتلوا الضفادع فإهنا مرت على نار إبراهيم فجعلت يف أفواهها الماء‬
‫وكانت ترشه على النار»‪.‬‬
‫• واحلديث دليل على تحريم قتل الضفادع‪ ،‬قالوا‪ :‬ويؤخذ منه تحريم أكلها وْلهنا لو حلت‬
‫لما هني عن قتلها وتقدم نظير هذا االستدالل وليس بواضح‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫• حكم أكل التماسيح (وهو من السباع‪ ،‬وحيوان برمائي)‪ :‬أرجح اْلقوال‪ :‬يحرم باإلجماع‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪98‬‬

‫لخبثه‪.‬‬
‫• حكم أكل سمك القرش‪:‬‬
‫‪ ‬قيل بتحريمه؛ ْلنه مفرتس‪.‬‬
‫‪ ‬وقيل بحله (أكثر العلماء)؛ ْلنه سمك البحر‪.‬‬

‫‪‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪100‬‬

‫باب الصيد والذبائح‬

‫‪ ‬الصيد‪ :‬يطلق على المصدر أي التصيد وعلى المصيد‪.‬‬


‫‪ ‬واعلم أنه تعالى أباح الصيد يف آيتين من القرآن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الص ْيد َتنَا ُل ُه َأ ْيدي ُك ْم َو ِر َم ُ‬
‫اح ُك ْم﴾‬ ‫اَّلل بِ َش ْيء م َن َّ‬
‫‪ ‬اْلولى‪ :‬قوله ﴿ َيا َأ ُّي َها ا َّلذي َن آ َمنُوا َل َي ْب ُل َونَّ ُك ُم ُ‬
‫‪ ‬والثانية‪َ ﴿ :‬و َما َع َّل ْمت ُْم مِ َن ا ْل َج َو ِارحِ ُم َك ِّلبِي َن﴾ اآلية‬
‫‪ ‬واآللة التي يصاد هبا ثَلثة‪ :‬الحيوان الجارح‪ ،‬والمحدد‪ ،‬والمثقل‪ ،‬ففي الحيوان‪:‬‬

‫اقتناع الكالب‬

‫َ ْ َ َ َ ًَْ َ َْ َ َ َ َْ َ َ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ ُ ُ َ‬ ‫‪َ -1‬ع ْن َأبي ُه َرْي َر َة ‪َ ‬ق َ‬


‫ص ْي ٍد أ ْو َز ْر ٍع‪،‬‬ ‫اشي ٍة‪ ،‬أو‬
‫ّللا ﷺ‪« :‬من اتخذ كلبا‪ ،‬إل كلب م ِ‬ ‫ال َرسول ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُا ْن ُتق َ‬
‫ص ِم ْن أ ْج ِر ِه ك َل َي ْو ٍم ِق َيراط» ُم َتفق َعل ْي ِه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫• احلديث دليل على المنع من اتخاذ الكَلب واقتنائها وإمساكها إال ما استثناه من الثَلثة‪.‬‬
‫واختلف العلماء هل المنع للتحريم أو للكراهة؟‬
‫[‪ ]1‬فقيل باْلول ‪-‬أي‪ :‬التحريم‪( -‬الشافعية إال ما المستثنى)‬
‫‪ ‬ويكون نقصان القرياط‪ :‬عقوبة يف اتخاذها‪ ،‬مبعنى‪ :‬أن اإلثم الحاصل باتخاذها يوازن‬
‫قدر قيراط من أجر المتخذ له ويف رواية قيراطان‪،‬‬
‫‪ ‬وحكمة التحريم ما يف بقائها يف البيت‪ :‬من التسبب إلى ترويع الناس وامتناع دخول‬
‫المَلئكة الذين دخولهم يقرب إلى فعل الطاعات ويبعد عن فعل المعصية وبعدهم‬
‫سبب لضد ذلك ولتنجيسها اْلواين‪،‬‬
‫[‪ ]2‬وقيل بالثاين (الكراهة)‬
‫بدليل نقص بعض الثواب على التدريج‪ ،‬فلو كان حراما لذهب الثواب مرة واحدة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪101‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫• وفيه أن فعل المكروه تنزيها ال يقتضي نقص شيء من الثواب‪.‬‬


‫واختلف يف الجمع بين رواية قيراط ورواية قيراطان‪،‬‬
‫‪ ‬فقيل‪ :‬إنه باعتبار كثرة اْلضرار كما يف المدن ينقص قيراطان وقلته كما يف البوادي ينقص‬
‫قيراط‪،‬‬
‫‪ ‬أو أن اْلول إذا كان يف المدينة النبوية والثاين يف غيرها‪.‬‬
‫‪ ‬أو قيراط من عمل النهار وقيراط من عمل الليل‪ .‬فالمقتصر يف الرواية باعتبار كل واحد‬
‫من الليل والنهار والمثنى باعتبار مجموعهما‪.‬‬
‫واختلفوا أيضا هل النقصان من العمل الماضي أو من األعمال المستقبلة؟‬
‫قال ابن التين‪ :‬المستقبلة وحكى غيره الخَلف‪.‬‬
‫• وفيه دليل على أن من اتخذ المأذون منها‪ :‬فَل نقص عليه وقيس عليه اتخاذه لحفظ الدور‬
‫إذا احتيج إلى ذلك أشار إليه ابن عبد الرب‪.‬‬
‫• واتفقوا على أنه ال يدخل الكلب العقور يف اإلذن ْلنه مأمور بقتله‪.‬‬
‫• ويف احلديث دليل على التحذير من اإلتيان بما ينقص اْلعمال الصالحة‪.‬‬
‫• وفيه اإلخبار بلطف اَّلل تعالى يف إباحته لما يحتاج إليه يف تحصيل المعاش وحفظه‪.‬‬
‫[األمر بقتل الكالب]‬
‫(تنبيه) ورد يف مسلم اْلمر بقتل الكَلب فقال القاضي عياض‪:‬‬
‫[‪ ]1‬اْلخذ يف قتل الكَلب إال ما استثني (مذهب مالك وأصحابه وكثير من العلماء)‬
‫الحديث يف مسلم عن اْلمر بقتل الكَلب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬جواز اقتنائها جميعا ونسخ قتلها إال اْلسود البهيم (آخرون)‬
‫‪ ‬قال‪ :‬وعندي أن النهي أوال كان هنيا عاما عن اقتنائها جميعا وأمر بقتلها جميعا ثم هنى‬
‫عن قتل ما عدا اْلسود ومنع االقتناء يف جميعها إال المستثنى اهـ‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪102‬‬

‫‪ ‬واملراد باألسود البهيم‪ :‬ذو النقطتين فإنه شيطان والبهيم الخالص السواد والنقطتان‬
‫معروفتان فوق عينيه‪.‬‬

‫‪‬‬

‫حل صيد الكلب املعلم‬

‫َ َْ َ ْ ََْ َ ْ ُ ْ ْ َ َ َ َ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ ُ ُ َ‬ ‫‪َ -2‬و َع ْن َع ِدي ْبن َحا ِتم ‪َ ‬ق َ‬
‫ّللا َعل ْي ِه‪ ،‬ف ِإ ْن‬
‫ّللا ﷺ‪« :‬إذا أرسلت كلبك فاذكراسم ِ‬ ‫ال َرسول ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ ًّ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ ْ ُ ْ ْ ُ َ ُ ْ ُ َ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ‬
‫أمسك عليك فأدركته حيا فاذبحه‪ ،‬و ِإن أدركته قد قتل ولم يأكل ِمنه فكله‪ ،‬و ِإن وجدت مع كل ِبك‬
‫َ ُْ ْ ْ َ َ َ َ‬ ‫َ ََ ُ َ ْ َ ْ‬ ‫ًَْ َْ ُ َ َ ْ َ َ ََ َْ ُ َ َ َ َ ْ َ‬
‫ّللا ت َعالى‪،‬‬ ‫َ‬
‫كلبا غي َره وقد قت َل فَل تأك ْل‪ ،‬ف ِإنك ل تد ِري أ َي ُه َما قتله‪ ،‬و ِإن َرميت ِبس ْه ِمك فاذكراسم ِ‬
‫َْ ََ‬ ‫َ ً‬ ‫َُ ْ ْ ْ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ ْ َ َ َْ َْ ََ َ ْ‬
‫إن ِشئت‪َ ،‬و ِإ ْن َو َج ْدته غ ِريقا ِفي اْل ِاء فَل‬ ‫يه إل أث َر َس ْه ِمك فكل‬ ‫ف ِإن غاب عنك يو ًما فل ْم ت ِجد ِف ِ‬
‫َ َْ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َُْ‬
‫تأك ْل» ُم َتفق َعل ْي ِه؛ َو َهذا لفظ ُم ْس ِل ٍم‬
‫• «وإن رميت بسهمك فاذكر اسم اَّلل تعالى» هذا إشارة إلى آلة الصيد الثانية أعني المحدد‬
‫ِ‬
‫وهو قتله بالرماح والسيوف لقوله تعالى‪َ ﴿ :‬تنَا ُل ُه َأ ْيدي ُك ْم َو ِر َم ُ‬
‫اح ُك ْم﴾ ولكن الحديث يف‬
‫السهم‬
‫[يف حل صيد الكلب المعلم؛ هل يشترط أن يرسله صاحبه؟]‬
‫[‪ ]1‬أنه ال يحل صيد الكلب إال إذا أرسله صاحبه فلو اسرتسل بنفسه لم يحل ما يصيده‬
‫(الجمهور)‪.‬‬
‫قوله ﷺ (إذا أرسلت) فمفهوم الشرط أن غير المرسل ليس كذلك‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬أن المعترب كونه معلما فيحل صيده وإن لم يرسله صاحبه (طائفة)‬
‫بناء على أنه خرج قوله إذا أرسلت مخرج الغالب فَل مفهوم له‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وحقيقة المعلم هو‪:‬‬


‫‪103‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫‪ ‬أن يكون بحيث يغرى فيقصد ويزجر فيقعد‪.‬‬


‫‪ ‬وقيل التعليم قبول اإلرسال واإلغراء حتى يمتثل الزجر يف االبتداء ال بعد العدو‬
‫ويرتك أكل ما أمسك‪،‬‬
‫• فاملعترب امتثاله للزجر قبل اإلرسال وأما بعد إرساله على الصيد فذلك متعذر والتكليب‬
‫إلهام من اَّلل تعالى ومكتسب بالعقل‪.‬‬
‫ِ‬
‫‪ ‬كما قال تعالى‪ُ ﴿ :‬ت َع ِّل ُمونَ ُه َّن م َّما َع َّل َم ُك ُم ُ‬
‫اَّلل﴾ قال جار اَّلل‪ :‬مما عرفكم أن تعلموه‬
‫من اتباع الصيد بإرسال صاحبه وانزجاره بزجره وانصرافه بدعائه وإمساك الصيد‬
‫عليه وأن ال يأكل منه‪.‬‬

‫اس َم اَّللِ َع َل ْي ِه﴾ فإن ضمير‬


‫(فاذكر اسم اَّلل عليه) هذا مأخوذ من قوله تعالى‪َ ﴿ :‬وا ْذك ُُروا ْ‬ ‫•‬
‫عليه يعود إلى‪ :‬ما أمسكن على معنى‪ :‬وسموا عليه إذا أدركتم ذكاته أو إلى ما علمتم من‬
‫الجوارح أي سموا عليه عند إرساله‪،‬‬
‫• وكذلك قوله‪« :‬إن رميت فاذكر اسم اَّلل» دليل على اشرتاط التسمية عند الرمي وظاهر‬
‫الكتاب والسنة‪ :‬وجوب التسمية‪.‬‬
‫[حكم التسمية]‬
‫[‪ ]1‬أن التسمية واجبة على الذاكر عند اإلرسال ويجب عليه أيضا عند الذبح والنحر فَل تحل‬
‫ذبيحته وال صيده إذا تركت عمدا (الهادوية والحنفية)‬
‫اس ُم اَّللِ َع َل ْي ِه﴾‬ ‫ِ‬
‫‪َ ﴿ ‬وال َت ْأ ُك ُلوا م َّما َل ْم ُي ْذك َِر ْ‬
‫وبالحديث هذا‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫قالوا‪ :‬وقد عفي عن الناس بحديث «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان»‬ ‫‪‬‬

‫حديث ابن عباس بلفظ «فإن نسي أن يسمي حين يذبح فليسم ثم ليأكل»‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪104‬‬

‫[‪ ]2‬أهنا سنة (ابن عباس ومالك ورواية عن أحمد)‬


‫﴿إِال َما َذ َّك ْيت ُْم﴾ قالوا فأباح التذكية من غير اشرتاط التسمية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫َاب ِح ٌّل َل ُك ْم﴾ وهم ال يسمون‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫﴿ َو َط َعا ُم ا َّلذي َن ُأو ُتوا ا ْلكت َ‬ ‫‪‬‬

‫حديث عائشة اآليت «إهنم قالوا يا رسول اَّلل إن قوما يأتوننا بلحم ال ندري أذكر اسم‬ ‫‪‬‬

‫اَّلل عليه أم ال أفنأكل منه قال رسول اَّلل ﷺ‪ :‬سموا عليه أنتم وكلوا»‬
‫وأجابوا عن أدلة اإليجاب‪:‬‬
‫‪ ‬بأن قوله‪( :‬وال تأكلوا) المراد به ما ذبح لألصنام كما قال تعالى‪َ ﴿ :‬و َما ُذبِ َح َع َلى‬
‫ب﴾ ‪َ ﴿ -‬و َما ُأ ِه َّل لِ َغ ْي ِر اَّللِ بِ ِه﴾ ْلنه تعالى قال‪َ ﴿ :‬وإِنَّ ُه َل ِف ْس ٌق﴾‬
‫الن ُُّص ِ‬

‫‪ ‬وقد أمجع املسلمون على أن من أكل مرتوك التسمية عليه فليس بفاسق‪ ،‬فوجب حملها‬
‫على ما ذكر جمعا بينه وبين اآليات السابقة‪ ،‬وحديث عائشة‪.‬‬
‫[‪ ]3‬أنه ال يجوز أكل ما لم يسم عليه ولو كان تاركها ناسيا (الظاهرية)‬
‫لظاهر اآلية الكريمة‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫وحديث عدي ‪ ‬فإنه لم يفصل‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫قالوا‪ :‬وأما حديث عائشة وفيه «أهنم قالوا يا رسول اَّلل إن قوما حديث عهدهم‬ ‫‪‬‬

‫بالجاهلية يأتون بلحمان ‪ -‬الحديث»‬


‫‪ ‬قال الدارقطني‪ :‬الصواب أنه مرسل على أنه ال حجة فيه؛ ْلنه أدار الشارع الحكم‬
‫على المظنة وهي كون الذابح مسلما‪ ،‬وإنما شكك على السائل حداثة إسَلم‬
‫القوم فألغاه ﷺ‪ ،‬بل فيه دليل على أنه ال بد من التسمية وإال لبين له عدم لزومها‬
‫وهذا وقت الحاجة إلى البيان‬
‫‪ ‬وأما حديث «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان» فهم متفقون على تقدير رفع اإلثم أو‬
‫نحوه وال دليل فيه‪.‬‬
‫‪105‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫‪ ‬وأما أهل الكتاب‪ :‬فهم يذكرون اسم اَّلل على ذبائحهم‪ ،‬فيتحصل قوة كَلم الظاهرية‬
‫فيرتك ما تيقن أنه لم يسم عليه وأما ما شك فيه والذابح مسلم فكما قال ﷺ‬
‫«اذكروا اسم اَّلل وكلوا»‬

‫• يف قوله‪« :‬فإن أدركته حيا فاذبحه» فيه دليل على أنه يجب عليه تذكيته إذا وجده حيا وال‬
‫يحل إال هبا وذلك اتفاق‪،‬‬
‫فإن أدركه وفيه بقية حياة‪:‬‬
‫[‪ ]1‬فإن كان قد قطع حلقومه أو مريئه أو جرح أمعاءه أو أخرج حشوه فيحل بَل ذكاة‪ ،‬قال‬
‫النووي‪ :‬باإلجماع‪،‬‬
‫[‪ ]2‬إنه إذا بقي فيه رمق وجب تذكيته (الهادوية)‬
‫والرمق‪ :‬إمكان التذكية لو حضرت آلة‪.‬‬

‫[إذا أكل الكلب من الصيد]‬


‫[‪ ]1‬أنه إذا أكل حرم أكله (الجمهور)‪.‬‬
‫أن من شرط المعلم‪ :‬أن ال يأكل‪ ،‬فأكله دليل على أنه غير كامل التعليم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ودل قوله‪« :‬وإن أدركته وقد قتل ولم يأكله فكله»‬ ‫‪‬‬

‫وقد ورد يف الحديث اآلخر تعليل ذلك بقوله ﷺ «فإين أخاف أن يكون إنما أمسك‬ ‫‪‬‬

‫على نفسه» وهو مستفاد من قوله‪َ ﴿ :‬ف ُك ُلوا مِ َّما َأ ْم َس ْك َن َع َل ْي ُك ْم﴾ فإنه فسر اإلمساك‬
‫على صاحبه بأن ال يأكل منه‪.‬‬
‫حديث ابن عباس ‪« ‬إذا أرسلت الكلب فأكل الصيد فَل تأكل‪ ،‬فإنما أمسك على‬ ‫‪‬‬

‫نفسه‪ ،‬وإذا أرسلته ولم يأكل فكل إنما أمسك على صاحبه» أخرجه أحمد‪.‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪106‬‬

‫[‪ ]2‬حل أكله (علي ‪ ‬وجماعة من الصحابة ومذهب مالك)‬


‫حديث أبي ثعلبة أنه قال‪« :‬يا رسول اَّلل إن لي كَلبا مكلبة فأفتني يف صيدها قال كل‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫مما أمسكن عليك قال وإن أكل؟ قال‪ :‬وإن أكل» أخرجه أبو داود‬
‫ويف حديث سلمان «كله وإن لم تدرك منه إال نصفه»‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬قيل‪ :‬فيحمل حديث عدي على أن ذلك يف كلب قد اعتاد اْلكل فخرج عن‬
‫التعليم‪،‬‬
‫‪ ‬وقيل إنه محمول على كراهة التنزيه‪ ،‬وحديث أبي ثعلبة لبيان أصل الحل‪.‬‬
‫‪ ‬وقد كان عدي موسرا فاختار ﷺ له اْلولى‪ ،‬وكان أبو ثعلبة معسرا فأفتاه بأصل‬
‫الحل‪ ،‬وقال األولون‪ :‬الحديثان قد تعارضا‪ ،‬وهذه اْلجوبة ال يخفى ضعفها فيرجع‬
‫إلى الرتجيح‪.‬‬
‫• وحديث عدي أرجح‪.‬‬
‫‪ْ ‬لنه مخرج يف الصحيحين ومتأيد باآلية‬
‫‪ ‬وقد صرح ﷺ بأنه يخاف أنه إنما أمسك على نفسه‪ ،‬فيرتك ترجيحا لجنبة الحظر‬
‫كما قال ﷺ يف الحديث «وإن وجدت مع كلبك كلبا آخر ‪ -‬إلى قوله ‪ -‬فَل تأكل»‬
‫فإنه هنى عنه الحتمال أن المؤثر فيه كلب آخر غير المرسل فيرتكه ترجيحا لجنبة‬
‫الحظر‬
‫• «فإن غاب عنك يوما فلم تجد فيه إال أثر سهمك فكله إن شئت» اختلفت اْلحاديث يف‬
‫هذا‪.‬‬
‫‪ ‬فروي عن مسلم وغيره من حديث أبي ثعلبة يف الذي يدرك صيده بعد ثَلث أنه قال‬
‫ﷺ «كل ما لم ينتن»‬
‫‪ ‬وروى مسلم أيضا من حديثه أنه قال ﷺ «إذا رميت بسهمك فغاب عنك مصرعه‬
‫‪107‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫فكل ما لم يبت»‬
‫والختالفها اختلفت العلماء‪.‬‬
‫فقال مالك‪ :‬إذا غاب عنك مصرعه ثم وجد به أثر من الكلب فإنه يأكله ما لم يبت فإذا بات‬
‫كره‪ ،‬وفيه‪ :‬أقوال أخر‪،‬‬
‫‪ ‬والتعليل بما لم ينتن وما لم يبت هو النص‪،‬‬
‫‪ ‬ويحمل ذكر اْلوقات على التقييد به وترك اْلكل لَلحتياط وترجيح جنبة الحظر‪.‬‬
‫• «وإن وجدته غريقا فَل تأكل» ظاهره وإن وجد به أثر السهم ْلنه يجوز أنه ما مات إال‬
‫بالغرق‬

‫• الحديث نص يف صيد الكلب‪ ،‬واختلف فيما يعلم من غيره كالفهد والنمر ومن الطيور‬
‫كالبازي والشاهين وغيرهما‪.‬‬
‫[المعلم من غير الكلب]‬
‫[‪ ]1‬أنه يحل صيد كل ما قبل التعليم حتى السنور (مالك وأصحابه)‬
‫[‪ ]2‬ال يحل إال صيد الكلب‪ ،‬وأما ما صاده غير الكلب فيشرتط إدراك ذكاته (جماعة منهم‬
‫مجاهد)‬
‫‪﴿ ‬مِ َن ا ْل َج َو ِارحِ ُم َك ِّلبِي َن﴾ بناء على أنه من ال َك ْلب‪ ،‬فَل يشمل غيره من الجوارح‪.‬‬
‫‪ ‬ولكنه حيتمل أنه مشتق من ال َك َلب وهو مصدر بمعنى التكليب وهو التضرية‬
‫فيشمل الجوارح كلها‪،‬‬
‫• والمراد بالجوارح هنا‪:‬‬
‫‪ ‬الكواسب على أهلها وهو عام‪.‬‬
‫‪ ‬قال يف الكشاف‪ :‬الجوارح الكواسب من سباع البهائم والطير والكلب والفهد والنمر‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪108‬‬

‫والعقاب والبازي والصقر والشاهين‪.‬‬


‫• واملراد باملكلب معلم الجوارح ومضراها بالصيد لصاحبها ورائضها لذلك بما علم من‬
‫الحيل وطرق التأديب والتثقيف‪،‬‬
‫واشتقاقه من الكلب‬
‫ْلن التأديب أكثر ما يكون يف الكَلب فاشتق له منه لكثرته يف جنسه‬ ‫‪‬‬

‫أو ْلن السبع يسمى كلبا ومنه قوله ﷺ «اللهم سلط عليه كلبا من كَلبك» فأكله‬ ‫‪‬‬

‫اْلسد أو من الكلب الذي هو بمعنى الضراوة يقال هو كلب بكذا إذا كان ضاريا به‬
‫اهـ‬
‫فدل كالمه على شمول اآلية للكلب وغيره من الجوارح على تقدير االشتقاقين‪،‬‬
‫وال شك أن اآلية نزلت والعرب تصيد بالكَلب والطيور وغيرهما‪،‬‬
‫‪ ‬وقد أخرج الرتمذي من حديث عدي بن حاتم «سألت رسول اَّلل ﷺ عن صيد‬
‫البازي فقال‪ :‬ما أمسك عليك فكل‪ ».‬وقد ضعف بمجالد‪ ،‬ولكن قد أوضحنا يف‬
‫حواشي ضوء النهار أنه يعمل بما رواه‪.‬‬

‫‪‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪110‬‬

‫باب األضاحي‬

‫األضاحي‪ :‬جمع أضحية بضم الهمزة ويجوز كسرها ويجوز حذف الهمزة وفتح الضاد كأهنا‬
‫اشتقت من اسم الوقت الذي شرع ذبحها فيه وهبا سمي اليوم يوم اْلضحى‪.‬‬

‫مشروعية األضحية وشيء من صفاتها‬

‫َ َ‬ ‫ضحي ب َك ْب َش ْين َأ َق ْرَن ْين‪َ ،‬و ُي َسمي‪َ ،‬و ُي َكب ُر‪َ ،‬و َي َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫‪َ -1‬و َع ْن َأ َن ْ َ‬
‫ض ُع ِر ْجل ُه َعلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ب ِن م ِال ٍك‪« :‬أن الن ِب َي ﷺ كان ي ِ‬
‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َْ ََ َ ُ َ َ َ َْ‬ ‫َ‬
‫يح ِه‪ :‬ث ِميني ِن ‪-‬‬ ‫اح ِهما»‪ .‬و ِفي لف ٍظ‪ :‬ذبحهما ِبي ِد ِه‪ .‬و ِفي لف ٍظ‪ :‬س ِميني ِن‪ .‬و ِِل ِبي عو انة ِفي ص ِح ِ‬ ‫ِصف ِ‬
‫ََُ ُ ْ َ َ َ َُ َْ‬ ‫َ َْ ُْ‬ ‫ََُْ َ َ َ‬
‫ّللا أك َب ُر»‪.‬‬ ‫ّللا و‬
‫«بس ِم ِ‬ ‫الس ِين ‪ -‬و ِفي لف ٍظ ِْلس ِل ٍم‪ ،‬ويقول‪ِ :‬‬ ‫ِباْلثلث ِة بد َل ِ‬
‫• (على صفاحهما) بالمهملتين اْلولى مكسورة‪ .‬صفحة كل شيء‪ :‬وجهه وجانبه‪.‬‬
‫• ويف لفظ‪ :‬سمينين‪ .‬وْلبي عوانة يف صحيحه أي عن أنس ‪( ‬ثمينين) هذا مدرج من‬
‫كَلم أحد الرواة أو أبي عوانة أو المصنف‪.‬‬
‫• الكبش هو‪ :‬الثني إذا خرجت رباعيته‪،‬‬

‫واألملح‪:‬‬
‫‪ ‬اْلبيض الخالص‬
‫‪ ‬وقيل الذي يخالط بياضه شيء من سواد‬
‫‪ ‬وقيل الذي يخالط بياضه حمرة‬
‫‪ ‬وقيل هو الذي فيه بياض وسواد والبياض أكثرها‪.‬‬
‫• واألقرن هو الذي له قرنان‪.‬‬
‫• واستحب العلماء التضحية باْلقرن لهذا الحديث‪ ،‬وأجازوها باْلجم الذي ال قرن له‬
‫أصَل‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫واختلفوا يف مكسور القرن‬


‫[‪ ]1‬فأجازه الجمهور‬
‫[‪ ]2‬ال يجزئ إذا كان القرن الذاهب مما تحله الحياة (الهادوية)‪.‬‬

‫• اتفقوا على استحباب األملح قال النووي‪ :‬إن أفضلها عند الصحابة‪ :‬البيضاء ثم الصفراء‬
‫ثم الغرباء وهي التي ال يصفو بياضها‪ ،‬ثم البلقاء وهي التي بعضها أسود وبعضها أبيض‪،‬‬
‫ثم السوداء‪،‬‬
‫‪ ‬وأما حديث عائشة (يطأ يف سواد ويربك يف سواد وينظر يف سواد) فمعناه‪ :‬أن قوائمه‬
‫وبطنه وما حول عينيه أسود‪.‬‬
‫(قلت) إذا كانت اْلفضلية يف اللون مستندة إلى ما ضحى به ﷺ‪ ،‬فالظاهر أنه لم يتطلب‬
‫لونا معينا حتى يحكم بأنه اْلفضل بل ضحى بما اتفق له وتيسر حصوله‪ ،‬فَل يدل على‬
‫أفضلية لون من اْللوان‪.‬‬
‫(ويسمي ويكرب) فسره لفظ مسلم بأنه «بسم اَّلل واَّلل أكرب»‬ ‫•‬
‫‪ ‬أما التسمية فتقدم الكَلم فيها‪،‬‬
‫اَّلل َع َلى َما‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬وأما التكبري فكأنه خاص بالتضحية والهدي لقوله تعالى ﴿ َول ُت َك ِّب ُروا َ‬
‫َهدَ اك ُْم﴾‬
‫‪ ‬وأما وضع رجله ﷺ على صفحة العنق وهي جانبه‪ :‬فليكون أثبت له وأمكن لئَل‬
‫تضطرب الضحية‪ .‬ودل هو وما بعده أنه يتولى الذبح بنفسه ندبا‪.‬‬

‫‪‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪112‬‬

‫يستحب اضجاع الغنم على الجنب األيسر ثم الدعاء بقبولها‬

‫ْ ُ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ ْ َ َُ‬ ‫َ َ‬ ‫ََُ ْ َ‬
‫ش أق َرن‪َ ،‬يطأ ِفي َس َو ٍاد‪َ ،‬و َي ْب ُر ُك ِفي َس َو ٍاد َو َينظ ُر ِفي َس َو ٍاد‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫يث َعا ِئشة ‪« ‬أمر ِبكب‬‫‪ -2‬وله ِمن ح ِد ِ‬
‫ََ َ ْ ُ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ ُ ُْ ْ َ َ ُ َ َ َ َ ْ‬ ‫َف ُأت َي به ل ُي َ‬
‫ال‪ :‬أش ِح ِذ َيها ِب َح َج ٍرفف َعلت‪ ،‬ث َم أخذ َها‪،‬‬ ‫ض ِح َي ِب ِه‪ ،‬فقال لها‪ :‬يا عا ِئشة هل ِمي اْلدية ثم ق‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َِ َ ُ َ َ ْ َ َ ُ ُ َ َ َ َ ُ ُ َ َ َ ْ َ َ ُ َ َ َ َ ْ ْ ُ َ َ َ ُ َ َ َ ْ ُ‬
‫ّللا‪ ،‬اللهم تقبل ِمن محم ٍد و ِآل محم ٍد‪ ،‬و ِمن أم ِة‬ ‫وأخذه‪ ،‬فأضجعه‪ ،‬ثم ذبحه‪ ،‬ثم قال‪ِ :‬بس ِم ِ‬
‫ُ َ‬
‫ُم َح َم ٍد» ث َم ض َحى ِب ِه‪[ .‬صحيح]‬
‫• «فقال لها يا عائشة هلمي المدية ثم قال اشحذيها» أي‪ :‬المدية تقدم ضبطها وهو بمعنى‬
‫وليحد أحدكم شفرته‪.‬‬
‫• فيه دليل على أنه يستحب إضجاع الغنم‪ ،‬وال تذبح قائمة وال باركة ْلنه أرفق هبا وعليه‬
‫أجمع المسلمون‪ ،‬ويكون اإلضجاع على جانبها اْليسر‪ْ ،‬لنه أيسر للذابح يف أخذ‬
‫السكين باليمنى وإمساك رأسها باليسار‪.‬‬
‫• وفيه أنه يستحب الدعاء بقبول اْلضحية وغيرها من اْلعمال‪،‬‬
‫‪ ‬وقد قال الخليل والذبيح عند عمارة البيت ﴿ربنَا َت َق َّب ْل مِنَّا إِن ََّك َأن َْت الس ِم ُ ِ‬
‫يع ا ْل َعل ُ‬
‫يم﴾‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ‬
‫وقد أخرج ابن ماجه أنه ﷺ قال عند التضحية وتوجيهها للقبلة ﴿ َو َّج ْه ُت َو ْج ِه َي﴾‬ ‫‪‬‬

‫• ودل قوله‪( :‬وآل محمد) ويف لفظ (عن محمد وآل محمد)‬
‫‪ ‬أنه تجزئ التضحية من الرجل عن أهل بيته ويشركهم يف ثواهبا‪.‬‬
‫‪ ‬وأنه يصح نيابة المكلف عن غيره يف فعل الطاعات إن لم يكن من الغير أمر وال‬
‫وصية‪ ،‬فيصح أن يجعل ثواب عمله لغيره صَلة كانت أو غيرها‪.‬‬
‫ودل له ما أخرجه الدارقطني من حديث جابر «أن رجَل قال يا رسول اَّلل إنه كان‬ ‫‪‬‬

‫لي أبوان أبرهما يف حال حياهتما فكيف لي بربهما بعد موهتما فقال ﷺ إن من الرب‬
‫بعد الرب أن تصلي لهما مع صَلتك وأن تصوم لهما مع صيامك»‪.‬‬
‫‪113‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫‪‬‬

‫حكم األضحية‬

‫َ ْ َ َ َ ُ َ َ َ َ ْ ُ َ ََ َ ْ ََ َ ُ َ َ َ‬
‫صَلنا» َر َو ُاه‬ ‫‪َ -3‬و َع ْن َأبي ُه َرْي َر َة ‪َ :‬ق َ ُ ُ َ‬
‫ّللا ﷺ‪« :‬من كان له سعة ولم يض ِح فَل يقربن م‬ ‫ال َرسول ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫َْ ُ َ َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َأ ْح َم ُد َو ْاب ُن َم َ‬
‫ص َح َح ُه ال َح ِاك ُم َو َر َج َح اِل ِئ َمة غ ْي ُر ُه أ ْي غ ْي َر ال َح ِاك ِم َوقف ُه‪[ .‬حسن]‬
‫اج ْه‪َ .‬و َ‬

‫[حكم األضحية]‬
‫[‪ ]1‬وجوب التضحية (أبو حنيفة على المعدم والموسر)‬
‫هبذا الحديث؛ ْلنه لما هنى عن قربان المصلى‪ ،‬دل على أنه ترك واجبا كأنه يقول ال‬ ‫‪‬‬

‫فائدة يف الصَلة مع ترك هذا الواجب‪.‬‬


‫ولقوله تعالى ﴿ َف َص ِّل لِ َربِّ َك َوان َْح ْر﴾‬ ‫‪‬‬

‫ولحديث مخنف بن سليم مرفوعا «على أهل كل بيت يف كل عام أضحية» دل لفظه‬ ‫‪‬‬

‫على الوجوب‪،‬‬
‫‪ ‬الحديث اْلول موقوف فَل حجة فيه‪.‬‬
‫‪ ‬والثاين ضعف بأبي رملة قال الخطابي‪ :‬إنه مجهول‪.‬‬
‫‪ ‬واآلية محتملة‪ ،‬فقد فسر قوله ﴿ َوان َْح ْر﴾ بوضع الكف على النحر يف الصَلة‪،‬‬
‫ولو سلم فهي دالة على أن النحر بعد الصَلة فهي تعيين لوقته ال لوجوبه‪ ،‬كأنه‬
‫يقول‪ :‬إذا نحرت فبعد صَلة العيد‪ ،‬عن أنس «كان النبي ﷺ ينحر قبل أن يصلي‬
‫فأمر أن يصلي ثم ينحر»‬
‫[‪ ]2‬أهنا سنة مؤكدة (الجمهور من الصحابة والتابعين والفقهاء) بل قال ابن حزم ال يصح عن‬
‫أحد من الصحابة أهنا واجبة‪.‬‬
‫حديث أم سلمة قالت قال رسول اَّلل ﷺ «إذا دخلت العشر فأراد أحدكم أن‬ ‫‪‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪114‬‬

‫يضحي فَل يأخذ من شعره وال بشره شيئا» أخرجه مسلم‪ ،‬قال الشافعي إن قوله‬
‫(فأراد أحدكم) يدل على عدم الوجوب‪.‬‬
‫حديث عبد اَّلل بن عمر «أن رجَل أتى النبي ﷺ فقال رسول اَّلل ﷺ‪ :‬أمرت بيوم‬ ‫‪‬‬

‫اْلضحى عيدا جعل اَّلل لهذه اْلمة‪ .‬فقال الرجل فإن لم أجد إال منيحة أنثى أو شاة‬
‫أهلي ومنيحتهم أذبحها؟ قال‪ :‬ال» أخرجه البيهقي‬
‫حديث ابن عباس أنه قال ﷺ «ثَلث هن علي فرض ولكم تطوع وعد منها‬ ‫‪‬‬

‫الضحية» أخرجه البيهقي‬


‫وأخرجه أيضا من طريق أخرى بلفظ «كتب علي النحر ولم يكتب عليكم»‬ ‫‪‬‬

‫ربما أخرجه أيضا من أنه ﷺ «لما ضحى قال بسم اَّلل واَّلل أكرب اللهم عني وعمن‬ ‫‪‬‬

‫لم يضح من أمتي»‬


‫وأفعال الصحابة دالة على عدم اإليجاب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬فأخرج البيهقي عن أبي بكر وعمر ‪ ‬أهنما كانا ال يضحيان خشية أن يقتدى‬
‫هبما‪.‬‬
‫‪ ‬وأخرج عن ابن عباس أنه كان إذا حضر اْلضحى أعطى مولى له درهمين فقال‬
‫اشرت هبما لحما وأخرب الناس أنه ضحى ابن عباس‪.‬‬
‫‪ ‬وروي أن بَلال ضحى بديك ومثله روي عن أبي هريرة‪.‬‬
‫‪ ‬والروايات عن الصحابة يف هذا المعنى كثيرة دالة على أهنا سنة‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪115‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫وقت األضحية‬

‫ََ َ َ َ ََ َ‬
‫صَلت ُه‬ ‫َ‬ ‫ان ‪َ ‬ق َ َ ْ ْ َ ْ َ َ َ ُ‬ ‫َ َ ْ ُُْ ُ ْ ُ ُ َْ َ‬
‫ّللا ﷺ‪ ،‬فلما قض ى‬ ‫ال‪« :‬ش ِهدت اِلضحى مع َرسو ِل ِ‬ ‫‪ -4‬وعن جندب بن سفي‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الناس َن َظ َر َإلى َغ َنم َق ْد ُذب َحت‪ ،‬فق َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ب َ‬
‫الصَل ِة فل َيذ َب ْح شاة َمكان َها‪َ ،‬و َم ْن ِل َم َيك ْن ذ َب َح‬
‫ال‪َ :‬م ْن ذ َب َح ق ْب َل َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّللا» ُم َت َفق َع َليهْ‬
‫اسم َ‬ ‫َف ْل َي ْذ َب ْح َع َلى ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫• (وعن جندب بن سفيان)‬
‫هو أبو عبد اَّلل جندب بن سفيان البجلي العلقمي اْلحمسي‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫كان بالكوفة ثم انتقل إلى البصرة ثم خرج منها ومات يف فتنة ابن الزبير بعد أربع‬ ‫‪‬‬

‫سنين‬
‫• فيه دليل على أن وقت التضحية من بعد صَلة العيد فَل تجزئ قبله‪.‬‬
‫• واملراد صَلة المصلي نفسه‪ ،‬وحيتمل أن يراد صَلة اإلمام وأن الَلم للعهد يف قوله الصَلة‬
‫يراد هبا المذكورة قبلها وهي صَلته ﷺ‪،‬‬
‫[وقت األضحية]‬
‫[‪ ]1‬ال يجوز قبل صَلة اإلمام وخطبته وذبحه (مالك)‬
‫ودليل اعتبار ذبح اإلمام‪ :‬حديث جابر «أن النبي ﷺ صلى يوم النحر بالمدينة فتقدم‬ ‫‪‬‬

‫رجال فنحروا وظنوا أن النبي ﷺ قد نحر فأمرهم أن يعيدوا» رواه الطحاوي‬


‫‪ ‬وأجيب بأن املراد‪ :‬زجرهم عن التعجيل الذي قد يؤدي إلى فعلها قبل الوقت ولذا‬
‫لم يأت يف اْلحاديث إال تقييدها بصَلته ﷺ‪.‬‬
‫[‪ ]2‬ال يجوز قبل صَلة اإلمام وخطبته ولم يشرتط ذبحه‪( ،‬أحمد‪ ،‬والحسن واْلوزاعي‬
‫وإسحاق بن راهويه)‬
‫[‪ ]3‬وقتها إذا طلعت الشمس ومضى قدر صَلة العيد وخطبتين وإن لم يصل اإلمام وال‬
‫صلى المضحي‪( ،‬الشافعي وداود)‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪116‬‬

‫‪ ‬قال القرطبي‪ :‬ظواهر الحديث تدل على تعليق الذبح بالصَلة لكن لما رأى الشافعي‬
‫أن من ال صَلة عليه مخاطب بالتضحية حمل الصَلة على وقتها‪،‬‬
‫‪ ‬وقال ابن دقيق العيد‪ :‬هذا اللفظ أظهر يف اعتبار قبل الصَلة وهو قوله يف رواية «من‬
‫ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكاهنا أخرى»‬
‫‪ ‬وقد أخرج الطحاوي من حديث جابر «أن رجَل ذبح قبل أن يصلي رسول اَّلل ﷺ‬
‫فنهى أن يذبح أحد قبل الصَلة» صححه ابن حبان وقد عرفت اْلقوى دليَل من هذه‬
‫اْلقوال‪ ،‬وهذا الكَلم يف ابتداء وقت الضحية‪.‬‬
‫[آخر وقت األضحية]‬
‫• قال يف بداية المجتهد سبب اختالفهم شيئان‪:‬‬
‫‪ ‬أحدهما االختَلف يف اْليام المعلومات ما هي يف قوله تعالى ﴿لِ َي ْش َهدُ وا َمنَافِ َع َل ُه ْم﴾‬
‫اآلية فقيل يوم النحر ويومان بعده وهو المشهور‪ ،‬وقيل‪ :‬العشر اْلول من ذي الحجة‬
‫‪ ‬والسبب الثاني معارضة دليل الخطاب يف هذه اآلية بحديث جبير بن مطعم مرفوعا أنه‬
‫قال ﷺ «كل فجاج مكة منحر وكل أيام التشريق ذبح»‪.‬‬
‫األقوال فيها‪:‬‬
‫[‪ ]1‬أيام اْلضحى‪ :‬العاشر ويومان بعده (الهادوية ومالك وأحمد)‬
‫رجح دليل الخطاب فيها على الحديث المذكور‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬أن أيام اْلضحى أربعة‪ :‬يوم النحر وثَلثة بعده؛ (الشافعي)‬
‫الجمع بين الحديث واآلية‪ ،‬قال‪ :‬ال معارضة بينهما إذ الحديث اقتضى حكما زائدا‬ ‫‪‬‬

‫على ما يف اآلية مع أن اآلية ليس المقصود فيها تحديد أيام النحر والحديث المقصود‬
‫منه ذلك‪.‬‬
‫[‪ ]3‬يوم النحر فقط إال يف منى فيجوز يف الثَلثة اْليام ( داود وجماعة من التابعين)‬
‫‪117‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫أن المعلومات العشر اْلول‪ ،‬وإذا كان اإلجماع قد انعقد على أنه ال يجوز الذبح هنا‬ ‫‪‬‬

‫إال يف اليوم العاشر ‪ -‬اْلول ‪ -‬وهو محل الذبح المنصوص عليه فوجب أن ال يكون‬
‫إال يوم النحر فقط‪.‬‬
‫[‪ ]4‬أنه يف آخر يوم من شهر ذي الحجة (جماعة)‬
‫• وال خالف بينهم‪ :‬أن اْليام المعدودات هي أيام التشريق وأهنا ثَلثة أيام بعد يوم النحر‬
‫‪ ‬إال ما يروى عن سعيد بن جبير أنه قال يوم النحر من أيام التشريق‪.‬‬
‫• وإمنا اختلفوا يف اْليام المعلومات على القولين‪[ ،‬أحدهما‪ :‬أهنا العشر اْلول]‪.‬‬

‫[التضحية يف ليالي أيام النحر]‬


‫[‪ ]1‬أنه ال يجوز التضحية يف ليالي أيام النحر (مالك يف المشهور)‬
‫[‪ ]2‬وذهب غيره إلى جواز ذلك‪.‬‬
‫• وسبب االختالف هو‪ :‬أن اليوم يطلق على اليوم والليلة نحو قوله ﴿ َت َم َّت ُعوا فِي َد ِارك ُْم‬
‫َثَل َث َة َأ َّيام﴾ ويطلق على النهار دون الليل نحو ﴿ َس ْب َع َل َيال َو َث َمانِ َي َة َأ َّيام﴾ فعطف اْليام‬
‫على الليالي والعطف يقتضي المغايرة‪،‬‬
‫‪ ‬ولكن يف النظر يف أيهما أظهر والمحتج بالمغايرة يف أنه ال يصح بالليل عمل بمفهوم‬
‫اللقب ولم يقل به إال الدقاق‪ ،‬إال أن يقال دل الدليل على أنه يجوز يف النهار‪،‬‬
‫‪ ‬واْلصل يف الذبح الحظر فيبقى الليل على الحظر والدليل على تجويزه يف الليل اهـ‬
‫(قلت) ال حظر يف الذبح بل قد أباح اَّلل ذبح الحيوان يف أي وقت وإنما كان الحظر‬
‫عقَل قبل إباحة اَّلل تعالى لذلك‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪119‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫باب العقيقة‬

‫العقيقة هي الذبيحة التي تذبح للمولود‪.‬‬


‫وأصل العق‪ :‬الشق والقطع وقيل للذبيحة عقيقة‪ْ :‬لنه يشق حلقها‪ ،‬ويقال عقيقة‪ :‬للشعر الذي‬
‫يخرج على رأس المولود من بطن أمه وجعله الزمخشري أصَل والشاة المذبوحة مشتقة منه‪.‬‬

‫مشروعية العقيقة‬

‫َ َ َ ْ ْ َ َ َ ْ ُ َْ َْ ً َْ ً ََ َ َ‬ ‫َ‬
‫«أ َن َ‬
‫اها أ ُبو َد ُاود‬‫الن ِب َي ﷺ عق عن الحس ِن والحسي ِن كبشا كبشا»‪ .‬رو‬ ‫اس ‪‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪َ -1‬ع ْن ْاب ِن َع َب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ ُ ْ ُ ُ َْ َ ْ ُ ْ َ‬
‫ود َو َع ْب ُد ال َح ِق‪َ ،‬ول ِك ْن َر َج َح أ ُبو َحا ِت ٍم ْإر َسال ُه‪[ .‬صحيح]‬
‫وصححه ابن خزي َمة َو ابن الج ُار ِ‬
‫• وقد خرج البيهقي والحاكم وابن حبان من حديث عائشة بزيادة «يوم السابع وسماهما‬
‫وأمر أن يماط عن رأسيهما اْلذى»‬
‫• وأخرج البيهقي من حديث عائشة ‪« ‬أن النبي ﷺ عق عن الحسن والحسين ‪ ‬يوم‬
‫السابع من والدهتما»‬
‫• وأخرج البيهقي أيضا من حديث جابر ‪« ‬أن النبي ﷺ عق عن الحسن والحسين‬
‫وختنهما لسبعة أيام» قال الحسن البصري‪ :‬إماطة اْلذى حلق الرأس‪.‬‬
‫• وصححه ابن السكن بأتم من هذا وفيه «وكان أهل الجاهلية يجعلون قطنة يف دم العقيقة‬
‫ويجعلوهنا على رأس المولود فأمرهم النبي ﷺ أن يجعلوا مكان الدم خلوقا» ورواه‬
‫أحمد والنسائي من حديث بريدة وسنده صحيح ويؤيد هذه اْلحاديث الحديث اآليت‬
‫وهو قوله‪:‬‬

‫‪‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪120‬‬

‫ََ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ََ ْ َ ْ ُ‬
‫س ن ْح َو ُه‪[ .‬صحيح]‬ ‫‪ -2‬وأخ َرج ابن ِح َبان ِمن ح ِد ِ‬
‫يث أن ٍ‬
‫• واألحاديث دلت على مشروعية العقيقة واختلفت فيها مذاهب العلماء‪.‬‬
‫[حكم العقيقة]‬
‫[‪ ]1‬أهنا سنة (الجمهور)‪.‬‬
‫أن فعله ﷺ دليل على السنية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫حديث «من ولد له ولد فأحب أن ينسك عن ولده فليفعل» أخرجه مالك‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬أهنا واجبة (داود ومن تبعه)‪.‬‬


‫قول عائشة ‪ ‬أنه ﷺ أمرهم هبا‪ ،‬واْلمر دليل اإليجاب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وأجاب األولون بأنه صرفه عن الوجوب‪:‬‬


‫‪ ‬قوله «فأحب أن ينسك عن ولده فليفعل»‪.‬‬
‫[وقت العقيقة]‬
‫• وقوله يف حديث عائشة (يوم سابعه) دليل أنه وقتها‪ ،‬وسيأيت فيه حديث سمرة وأنه ال‬
‫يشرع قبله وال بعده‪.‬‬
‫‪ ‬وقال النووي‪ :‬إنه يعق قبل السابع‪.‬‬
‫‪ ‬وكذا عن الكبير‪ ،‬فقد أخرج البيهقي من حديث أنس «أن النبي ﷺ عق عن نفسه‬
‫بعد البعثة» ولكنه قال منكر‪ ،‬وقال النووي‪ :‬حديث باطل‪.‬‬
‫‪ ‬وقيل‪ :‬تجزئ يف السابع والثاين والثالث‪ :‬لما أخرجه البيهقي عن عبد اَّلل بن بريدة‬
‫عن أبيه عن النبي ﷺ أنه قال «العقيقة تذبح لسبع وْلربع عشرة وإلحدى‬
‫وعشرين»‪.‬‬
‫• ودل احلديث على أنه يجزئ عن الغَلم شاة لكن الحديث اآليت وهو قوله‪:‬‬
‫‪121‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫‪‬‬

‫العقيقة عن الغالم والجارية‬

‫ْ‬ ‫َ ََ‬ ‫ْ َُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ ََ ُ َ َ‬


‫ّللا ﷺ أ َم َر ُه ْم‪ :‬أ ْن ُي َع َق َع ْن الغَل ِم شات ِان ُمكا ِفئت ِان‪َ ،‬و َع ْن ال َج ِارَي ِة‬
‫‪ -3‬وعن عا ِئشة «أن َرسول ِ‬
‫ص َح َح ُه‪[ .‬صحيح]‬ ‫َشاة» َر َو ُاه الت ْرمذ ُّي َو َ‬
‫ِ ِِ‬
‫• معنى مكافئتان‪:‬‬
‫‪ ‬متساويتان أو متقاربتان‪.‬‬
‫‪ ‬وقال الخطابي‪ :‬املراد التكافؤ يف السن فَل تكون إحداهما مسنة واْلخرى غير مسنة‬
‫بل يكونان مما يجزئ يف اْلضحية‪،‬‬
‫‪ ‬وقيل معناه‪ :‬أن يذبح إحداهما مقابلة لألخرى‪.‬‬

‫[العقيقة عن الغالم والجارية]‬


‫[‪ ]1‬أنه يعق عن الغَلم بضعف ما يعق عن الجارية (الشافعي وأبو ثور وأحمد وداود)‬
‫لهذا الحديث‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪ ]2‬أنه يجزئ عن الذكر واْلنثى عن كل واحد شاة (الهادوية ومالك)‬


‫للحديث الماضي‬ ‫‪‬‬

‫(وأجيب)‬
‫‪ ‬بأن ذلك فعل وهذا قول والقول أقوى‪،‬‬
‫‪ ‬وبأنه يجوز أنه ﷺ ذبح عن الذكر كبشا لبيان أنه يجزئ‪ ،‬وذبح االثنين مستحب‪،‬‬
‫على أنه أخرج أبو الشيخ حديث ابن عباس من طريق عكرمة بلفظ كبشين كبشين‪.‬‬
‫ومن حديث عمرو بن شعيب مثله وحينئذ فَل تعارض‪.‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪122‬‬

‫• ويف إطَلق لفظ الشاة دليل على أنه ال يشرتط فيها ما يشرتط يف اْلضحية‪،‬‬
‫ومن اشرتطها فبالقياس‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫َ‬ ‫ُ ُ َْ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ ْ َ‬


‫‪َ -4‬وأخ َر َج أ ْح َم ُد َواِل ْرَب َعة َع ْن أ ِم ك ْر ٍزالك ْع ِب َي ِة ن ْح َو ُه‪.‬‬
‫• (عن أم ُك ْرز) الكعبية المكية‪ ،‬صحابية لها أحاديث‬
‫• ولفظه يف الرتمذي عن سباع بن ثابت أن محمد بن ثابت بن سباع أخربه «أن أم كرز‬
‫أخربته أهنا سألت رسول اَّلل ﷺ عن العقيقة قال عن الغَلم شاتان وعن اْلنثى واحدة‬
‫وال يضركم أذكرانا كن أم إناثا» قال أبو عيسى ‪ -‬يعني الرتمذي ‪ -‬حسن صحيح وهو‬
‫يفيد ما يفيد الحديث الثالث‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪123‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫التلخيص ملسائل خالفية‬

‫األقوال ونسبتها‬ ‫مسألة‬ ‫رقم‬


‫كتاب الجهاد‬
‫ال تجب الهجرة‬ ‫وجوب الهجرة من غير مكة‬ ‫حكم الهجرة من ديار‬ ‫‪1‬‬
‫(األقل [من العلماء])‬ ‫(الجمهور)‬ ‫املشركين (‪)6‬‬
‫ال يجب يجب مطلقا يجب إن لم تبلغهم الدعوة ويستحب‬ ‫حكم اإلنذار قبل‬ ‫‪2‬‬
‫إن بلغتهم (أكثر أهل العلم)‬ ‫مطلقا‬ ‫املقاتلة (‪)10‬‬
‫ال يجوز‬ ‫يجوز‬ ‫حكم استرقاق العرب‬ ‫‪3‬‬
‫(آخرون)‬ ‫(جمهور العلماء)‬ ‫(‪)10‬‬
‫خالف القول األول‬ ‫املهاجرون‪ ،‬واألعراب إذا حضروا‬ ‫من يستحق الغنيمة؟‬ ‫‪4‬‬
‫الجهاد‬ ‫(‪)11‬‬
‫ال تقبل إال من أهل الكتاب‬ ‫من كل كافر كتابي أو غير كتابي‬ ‫ممن تؤخذ الجزية؟‬ ‫‪5‬‬
‫واملجوس (الشافعي)‬ ‫(مالك واألوزاعي وغيرهما)‬ ‫(‪)11‬‬
‫يجوز إذا جعلوهما‬ ‫ال يجوز مطلقا‬ ‫يجوز تبعا‬ ‫حكم قتل النساء‬ ‫‪6‬‬
‫ترسا‬ ‫(مالك واألوزاعي)‬ ‫(الشافعي وأبو‬ ‫والصبيان (‪)14‬‬
‫(الهادوية)‬ ‫حنيفة والجمهور)‬
‫قيل‪ :‬يرجع إلى‬ ‫يجوز إذا‬ ‫يجوز ذلك‬ ‫ال يجوز‬ ‫حكم االستعانة‬ ‫‪7‬‬
‫اإلمام‬ ‫(طائفة من (الهادوية وأبو حسن الرأي في‬ ‫بمشرك في الحرب‬
‫املسلمين‬ ‫حنيفة‬ ‫أهل العلم)‬ ‫(‪)15‬‬
‫وأصحابه) ودعت الحاجة‬
‫(الشافعي)‬
‫يجوز بإذن األمير‬ ‫عدم جوازها‬ ‫يجوز املبارزة‬ ‫حكم املبارزة (‪)18‬‬ ‫‪8‬‬
‫(األوزاعي والثوري‬ ‫(الحسن البصري)‬ ‫(الجمهور)‪.‬‬
‫وأحمد وإسحاق)‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪124‬‬

‫يكره‬ ‫يجوز‬ ‫حكم التحريق‬ ‫‪9‬‬


‫(األوزاعي وأبو ثور)‬ ‫(الجماهير)‬ ‫والتخريب في بالد‬
‫العدو (‪)20‬‬
‫يدفع إلى اإلمام خمسه ويتصدق إن كان ملكه فال يتصدق به‪،‬‬ ‫في رد ما أخذه الغال‬ ‫‪10‬‬
‫وإن كان لم يملكه يدفع إلى‬ ‫بالباقي‬ ‫بعد القسمة (‪)21‬‬
‫اإلمام (الشافعي)‬ ‫(األوزاعي والليث ومالك)‪.‬‬
‫ال يشترط‪ ،‬يستحقه قاتله ولو لم ال يكون للقاتل إال إذا قال اإلمام‬ ‫في السلب‪ ،‬هل‬ ‫‪11‬‬
‫قبل القتال‬ ‫يقل اإلمام‬ ‫يشترط قول اإلمام؟‬
‫(أبو حنيفة والهادوية)‬ ‫(الشافعي)‬ ‫(‪)22‬‬
‫يقبل قوله بال بينة‬ ‫ال يقبل قوله إال بالبينة‬ ‫هل تلزم القاتل البينة‬ ‫‪12‬‬
‫(مالك واألوزاعي)‬ ‫(الليث والشافعي وجماعة من‬ ‫على أنه قتل ألخذ‬
‫املالكية)‬ ‫سلبه؟ (‪)22‬‬
‫ال يستوفى فيها حد‬ ‫يقتص فيه‬ ‫من ارتكب حدا في غير‬ ‫‪13‬‬
‫(الجمهور من السلف والخلف‬ ‫(مالك والشافعي)‬ ‫الحرم ثم التجأ إليه‬
‫وقول الهادوية)‬ ‫(‪)25‬‬
‫أقيم الحد في الحرم‬ ‫أنه يخرج من الحرم وال يقام‬ ‫إذا ارتكب إنسان في‬ ‫‪14‬‬
‫(ابن عباس)‬ ‫عليه الحد وهو فيه‪،‬‬ ‫الحرم ما يوجب الحد‬
‫(بعض الهادوية)‪.‬‬ ‫(‪)25‬‬
‫عدم االستيفاء لش يء‬ ‫أنه يستوفى‬ ‫الحد بغير القتل فيما‬ ‫‪15‬‬
‫(أحمد في رواية أخرى)‬ ‫(أحمد في رواية)‬ ‫دون النفس من‬
‫القصاص (في الحرم)‬
‫(‪)25‬‬
‫يجوز مفاداة املسلم ال تجوز‪ ،‬ويتعين إما تجوز املفاداة بغيره‬ ‫حكم مفاداة املسلم‬ ‫‪16‬‬
‫أو بمال أو قتل‬ ‫قتل األسير أو‬ ‫األسير بأسير من‬ ‫األسير بأسير من‬
‫األسير أو استرقاقه‬ ‫استرقاقه (أبو‬ ‫املشركين‬ ‫املشركين (‪)27‬‬
‫حنيفة) أو مفاداته (صاحبا أبي حنيفة)‬ ‫(الجمهور)‬
‫بأسير (مالك)‬
‫‪125‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫اإلمام مخير فيها بين األصلح من‬ ‫اإلمام مخير فيها تخيير مصلحة‬ ‫في كيفية بقائها‬ ‫‪17‬‬
‫األربعة األشياء‬ ‫ال تخيير شهوة (‪)3‬‬ ‫(األرض التي هي فيء)‬
‫(الهادوية)‬ ‫(ظاهر مذهب اإلمام أحمد)‬ ‫بال قسمة (‪)28‬‬
‫ال يجوز ذلك حتى تسلم إذا لم‬ ‫يجوز ذلك سواء كانت كتابية أو‬ ‫حكم وطأ املسبية‬ ‫‪18‬‬
‫تكن كتابية (الشافعي واألئمة)‬ ‫وثنية (طاوس وغيره)‪.‬‬ ‫قبل إسالمها (‪)30‬‬
‫أن الفرس له سهم واحد‬ ‫سهم الفارس والفرس ثالثة سهام من الغنيمة له سهم‬ ‫‪19‬‬
‫(الهادوية والحنفية)‪.‬‬ ‫ولفرسه سهمان (الناصر‬ ‫(‪)32‬‬
‫والقاسم ومالك والشافعي)‬
‫أن التنفيل من أصل الغنيمة‪.‬‬ ‫هل يكون التنفيل من أنها تخمس الغنيمة قبل التنفيل‬ ‫‪20‬‬
‫منها‬ ‫قبل القسمة أو من‬
‫الخمس؟ (‪)33‬‬
‫إلمام أن ينفل السرية جميع ما‬ ‫لم يجاوز الثلث في التنفيل‬ ‫مقدار ما ينتفل به إلى‬ ‫‪21‬‬
‫غنمت‬ ‫اإلمام (‪)34‬‬
‫ال يصح أمان املرأة إال بإذن‬ ‫حكم أمان الكافر من صحة أمان الكافر من كل مسلم‬ ‫‪22‬‬
‫اإلمام‬ ‫ذكر أو أنثى‬ ‫مسلم (‪)42‬‬
‫(جماعة من أصحاب مالك)‬ ‫(جمهور العلماء)‬
‫خصوا ذلك بالحجاز‬ ‫وجوب إخراج من له دين غير‬ ‫في إخراج غير املسلم‬ ‫‪23‬‬
‫(الشافعي والهادوية)‬ ‫اإلسالم من جزيرة العرب (مالك‬ ‫من جزيرة العرب‬
‫والشافعي وغيرهما)‬ ‫(‪)43‬‬
‫باب الجزية والهدنة‬
‫أنهم ليسوا من أهل الكتاب‬ ‫ألنهم من أهل الكتاب‬ ‫في معنى الذي أخذ‬ ‫‪24‬‬
‫(أكثر أهل العلم)‪.‬‬ ‫(الشافعي في أغلب قوليه)‬ ‫الجزية من مجوس‬
‫هجر (‪)1‬‬
‫وأن ذلك موكول إلى‬ ‫دينار أو عدله من‬ ‫أقله دينار عن كل‬ ‫مقدار الجزية (‪)3‬‬ ‫‪25‬‬
‫نظر اإلمام (بعض‬ ‫املعافري ال يزاد عليه‬ ‫حالم وأما الزيادة‬
‫أهل العلم)‬ ‫وال ينقص (أحمد)‬ ‫فتجوز (الشافعي)‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪126‬‬

‫جواز االبتداء لهم بالسالم (ابن‬ ‫يحرم ابتداء املسلم لليهودي‬ ‫حكم السالم على‬ ‫‪26‬‬
‫عباس ووجه لبعض الشافعية)‬ ‫والنصراني بالسالم‬ ‫الكفار (‪)5‬‬
‫(الجمهور من السلف والخلف)‬
‫باب السبق والرمي‬
‫يجوز في كل ش يء‬ ‫ال يشرع السبق إال فيما ذكر من‬ ‫فيما يجوز السبق (‪)3‬‬ ‫‪27‬‬
‫(عطاء)‬ ‫الثالثة (مالك والشافعي)‬
‫كتاب اِلطعمة‬
‫مكروه‬ ‫حل لحوم السباع‬ ‫أنه محرم‬ ‫حكم ما له ناب من‬ ‫‪28‬‬
‫(مالك)‬ ‫(الهادوية والشافعية (ابن عباس وعائشة‬ ‫السباع (‪)1‬‬
‫وأبو حنيفة وأحمد وابن عمر والشعبي‬
‫وسعيد بن جبير)‬ ‫وداود)‬
‫ما يعدو على الناس‬ ‫كل ما أكل اللحم فهو سبع‬ ‫جنس السباع املحرمة‬ ‫‪29‬‬
‫(الشافعي)‬ ‫(أبو حنيفة)‬ ‫( ‪)1‬‬
‫يكره‪ ،‬وأما النسر محرم‬ ‫يحرم كل ذي مخلب من الطير‬ ‫حكم ذي مخلب من‬ ‫‪30‬‬
‫الستخباثه (مالك)‬ ‫(الجمهور)‬ ‫الطير (‪)2‬‬
‫ليست بحرام‬ ‫حرام‬ ‫حكم أكل الحمر‬ ‫‪31‬‬
‫(ابن عباس)‬ ‫(جماهير العلماء)‬ ‫األهلية (‪)3‬‬
‫تحريم أكل الخيل‬ ‫حل أكل لحوم الخيل‬ ‫حكم أكل لحوم‬ ‫‪32‬‬
‫(زيد بن علي والشافعي وصاحبا (الهادوية ومالك وهو املشهور‬ ‫الخيل (‪)3‬‬
‫عند الحنفية)‪.‬‬ ‫أبي حنيفة وأحمد وإسحاق‬
‫والجماهير)‬
‫يكره أكلها (الهادوية وعبد هللا بن‬ ‫حل أكلها‬ ‫حكم أكل األرنب (‪)5‬‬ ‫‪33‬‬
‫عمر وعكرمة وابن أبي ليلى)‬ ‫(باإلجماع)‬
‫حرام أكلها‬ ‫حل أكل الضبع‬ ‫حكم أكل الضبع (‪)7‬‬ ‫‪34‬‬
‫(الهادوية والحنفية)‬ ‫(الشافعي)‬
‫أنه حالل‬ ‫أنه حرام (أبو طالب واإلمام‬ ‫حكم أكل القنفذ (‪)8‬‬ ‫‪35‬‬
‫(مالك وابن أبي ليلى)‬ ‫يحيى وأبو حنيفة وأحمد)‪.‬‬
‫‪127‬‬ ‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬

‫االعتبار بالرائحة والنتن‬ ‫ال تكون جاللة إال إذا غلب على‬ ‫الجاللة‬ ‫‪36‬‬
‫علفها النجاسة‬
‫أنه حرام‬ ‫أنه مكروه‪،‬‬ ‫حكم أكل الجاللة (‪)9‬‬ ‫‪37‬‬
‫(الثوري ورواية عن أحمد)‬ ‫(أحمد وأصحاب الرأي‬
‫والشافعي)‬
‫ال يجوز ذلك‬ ‫نحر ما يذبح وذبح ما يجوز نحر ما يذبح وذبح ما ينحر‬ ‫‪38‬‬
‫(بعض املالكية)‬ ‫(الجمهور)‬ ‫ينحر (‪)11‬‬
‫يحرم‬ ‫يكره‬ ‫حل أكل الضب‬ ‫حكم أكل الضب‬ ‫‪39‬‬
‫(قوم)‬ ‫(حنفية)‬ ‫(الجماهير)‬ ‫(‪)12‬‬
‫باب الصيد والذبائح‬
‫للكراهة‬ ‫للتحريم‬ ‫منع اقتناع الكالب‬ ‫‪40‬‬
‫(الشافعية إال ما املستثنى)‬ ‫( ‪)1‬‬
‫جواز اقتنائها جميعا ونسخ قتلها‬ ‫األخذ في قتل الكالب إال ما‬ ‫األمر بقتل الكالب (‪)1‬‬ ‫‪41‬‬
‫إال األسود البهيم‬ ‫استثني (مذهب مالك وأصحابه‬
‫(آخرون)‬ ‫وكثير من العلماء)‬
‫فيحل صيده وإن لم يرسله‬ ‫ال يحل صيد الكلب إال إذا أرسله‬ ‫في حل صيد الكلب‬ ‫‪42‬‬
‫صاحبه (طائفة)‬ ‫صاحبه (الجمهور)‬ ‫املعلم (‪)2‬‬
‫ال يجوز أكل ما لم‬ ‫أنها سنة‬ ‫واجبة على الذاكر‬ ‫حكم التسمية عند‬ ‫‪43‬‬
‫(الهادوية والحنفية) (ابن عباس ومالك يسم عليه ولو كان‬ ‫اإلرسال (‪)2‬‬
‫تاركها ناسيا‬ ‫ورواية عن أحمد)‬
‫(الظاهرية)‬
‫إذا بقي فيه رمق وجب تذكيته‬ ‫فيحل بال ذكاة‬ ‫فإن أدركه وفيه بقية‬ ‫‪44‬‬
‫(الهادوية)‬ ‫(قال النووي‪ :‬باإلجماع)‬ ‫حياة (‪)2‬‬
‫حل أكله (علي‪ ،‬وجماعة من‬ ‫حرم أكله‬ ‫إذا أكل الكلب من‬ ‫‪45‬‬
‫الصحابة ومذهب مالك)‬ ‫(الجمهور)‪.‬‬ ‫الصيد (‪)2‬‬
‫ال يحل إال صيد الكلب‬ ‫أنه يحل صيده‬ ‫املعلم من غير الكلب‬ ‫‪46‬‬
‫(جماعة منهم مجاهد)‬ ‫(مالك وأصحابه)‬ ‫( ‪)2‬‬
‫تقريب سبل السالم الموصلة إلى بلوغ المرام‬ ‫‪128‬‬

‫باب اِلضاحي‬
‫ال يجزئ إذا كان القرن الذاهب‬ ‫يجوز‬ ‫التضحية بمكسور‬ ‫‪47‬‬
‫مما تحله الحياة (الهادوية)‪.‬‬ ‫(جمهور)‬ ‫القرن (‪)1‬‬
‫سنة مؤكدة‬ ‫وجوب التضحية‬ ‫حكم األضحية (‪)3‬‬ ‫‪48‬‬
‫(الجمهور)‬ ‫(أبو حنيفة)‬
‫ال يجوز قبل صالة ال يجوز قبل صالة إذا طلعت الشمس‬ ‫وقت األضحية (‪)4‬‬ ‫‪49‬‬
‫ومض ى قدر صالة‬ ‫اإلمام وخطبته‬ ‫اإلمام وخطبته‬
‫العيد وخطبتين‬ ‫(أحمد‪ ،‬والحسن‬ ‫وذبحه (مالك)‬
‫(الشافعي وداود)‬ ‫واألوزاعي وإسحاق‬
‫بن راهويه)‬
‫[‪ ]1‬العاشر ويومان بعده (الهادوية ومالك وأحمد)‬ ‫آخر وقت األضحية‬ ‫‪50‬‬
‫[‪ ]2‬يوم النحر وثالثة بعده؛ (الشافعي)‬ ‫( ‪)4‬‬
‫[‪ ]3‬يوم النحر فقط إال في منى فيجوز في الثالثة األيام (داود‬
‫وجماعة من التابعين)‬
‫[‪ ]4‬أنه في آخر يوم من شهر ذي الحجة (جماعة)‪.‬‬
‫يجوز‬ ‫ال يجوز‬ ‫التضحية في ليالي أيام‬ ‫‪51‬‬
‫(مالك في املشهور)‬ ‫النحر (‪)4‬‬
‫باب العقيقة‬
‫أنها واجبة‬ ‫أنها سنة‬ ‫حكم العقيقة (‪)1‬‬ ‫‪52‬‬
‫(داود ومن تبعه)‬ ‫(الجمهور)‪.‬‬
‫أنه يجزئ عن الذكر واألنثى عن‬ ‫يعق عن الغالم بضعف ما يعق‬ ‫العقيقة عن الغالم‬ ‫‪53‬‬
‫كل واحد شاة‬ ‫عن الجارية (الشافعي وأبو ثور‬ ‫والجارية (‪)3‬‬
‫(الهادوية ومالك)‬ ‫وأحمد وداود)‬

‫‪‬‬

‫واَّلل أعلم وصلى اَّلل وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين‬

You might also like