Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 352

‫مـجلـةقـراءاتعلمية‬

‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫لـألحباث والدراسات القانونية واإلدارية‬

‫‪Number 3 ■ February ■ 2021‬‬ ‫۩۩۩۩‬ ‫■‪2021‬‬ ‫العدد الثالثــ ■ فرباير‬

‫جملة قراءات علمية‬


‫يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية‬
‫‪Scientific Readings Journal‬‬
‫‪of Legal and Administrative Researches and Studies‬‬
‫مجلة علمية محكمة تعنى بنشر الدراسات واألبحاث القانونية واإلدارية‬
‫الـمغربية والـمقارنة‬

‫مديرة الـمجلة‪:‬‬
‫األستاذة حليمة عبد الرمى‬

‫رئيس التحرير‪:‬‬
‫الـدكـتـور بـدر بـوخلــوف‬

‫©‬ ‫مجيع حقوق الـنشـر حمفوظة للناشر وللمجلة‬

‫‪1‬‬
‫‪Majalatkiraat@gmail.com‬‬ ‫‪www.justicemaroc.com‬بالدراسات القانونية واإلدارية‬
‫جملة علمية حمكمة تهتم‬
‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫﴾‬ ‫ن أُوتُوا الْ ِعلْ َم َدرَجَاتٍ‬ ‫﴿‬


‫َيرْفَ ِع اللَّ ُه الَّذِينَ آ َمنُوا مِنكُمْ وََّالذِي َ‬

‫سورة اجملادلة * اآلية ‪11‬‬

‫‪2‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫عنوان اجمللة‪ :‬جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية‬ ‫‪o‬‬

‫‪ O‬مسؤولو اجمللة‪ :‬ذة حليمة عبد الرمى ■ د بدر بوخلوف ■ ذ حممد القامسي‬
‫جمال االشتغال‪ :‬نشر الدراسات واألحباث القانونية واإلدارية املغربية واملقارنة‬ ‫‪O‬‬

‫شركاء اجمللة‪ :‬دار املنظومة العربية ■ موقع العدالة املغربية‬ ‫‪O‬‬

‫‪ O‬التواصل مع اجمللة‪:‬‬

‫‪ O‬املوسم العلمي األكادميي‪ 2021 ■ 2020 :‬م‬


‫جميع حقوق النشر محفوطة للناشر وللمجلة©‬

‫‪3‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫جملة قراءات علمية‬


‫يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية‬
‫جملة علمية قانونية حمكمة تعنى بنشر الدراسات واألحباث القانونية واإلدارية الـمغربية والـمقارنة‬

‫مـســؤولـو الـمـجـلـة‪:‬‬

‫الـمكلف بالتواصل‪ :‬ذ حممد القامسي‬ ‫رئيس التحرير‪ :‬د بدر بوخلوف‬ ‫مديرة اجمللة‪ :‬ذة حليمة عبد الرمى‬

‫الـلـجنـة الـعلـميـة‪:‬‬

‫الدكتورة حليمة الـمغـــــــــــــاري (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتور عبد اللطيف الشنتــوف (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتور حممد بن طلحة الدكالــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتور البشري املتقـــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتورة السعدية بورايـــــــــــــط (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتور حممد اجملنــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتور حسن صحيــــــــــــــــب (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتور ميثم منفي الــــــعميدي (العراق)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتور محيد النهـــــــــــــــــري (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتور عتيق السعيـــــــــــــد (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتور عبد احلفيظ ادمينـــــــــــو (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتور مصطفى الطايــــــــــل (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتور حممد حماسينــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتور نبيل بلمكــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتور جواد الربــــــــــــــــــــاع (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتور هشام عطـــــــــــــوش (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتور همام القوصــــــــــــــــي (فلسطني)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتور حممد لكرينــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتور اخلاميس فاضلـــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتورة نصرية لونـــــــــــــي (اجلزائر)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتور أمحد صلحــــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتور هشام أزوكــــــــــــــار (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتور حكيم التوزانــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتور أنس سعـــــــــــــدون (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتور يونس رحـــــــــــــــــــال (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتور موحى وسيدي عمـــــر (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتورة منى كامل تركـــــــــــي (االمارات)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتورة أمينة رضــــــــــــوان (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتور عبد العالي أيت بلحــــــاج (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتور صاحل أيت دامحــــــاد (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتور عمر موسى القريشـــــــــــي (العراق)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتورة وايف حــــــــــــــاجة (اجلزائر)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتور يوسف بن هيبـــــــــــــــة (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتور الشرقاوي القرقــــــــار (املغرب)‬ ‫‪‬‬

‫‪4‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الدكتورة سناء بن مسعـــــــــــــود (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتور عبد الواحد الدافــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتورة سهام صبـــــــــــــــــري (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتور ابراهيم والعيـــــــــــز (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتورة مجيلة بوستــــــــــــاوق (اجلزائر)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتور فريد خري الديـــــــــن (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتور حسن األطــــــــــــــــرش (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتورة زروقــــــــي خدجية (اجلزائر)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتورة نوال جمـــــــــــــــدوب (اجلزائر)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتور عبد العزيز خنفوســـي (اجلزائر)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتور خاليد صالــــــــــــــــــح (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتور خالد احلمدونــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫الدكتور سعيد شكــــــــــــــــــاك (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الدكتورة محامدة الميــــــــــة (اجلزائر)‬ ‫‪‬‬

‫جلنة التنقيح واملراجعة والنشر‪:‬‬

‫حممد بومديـــــــــــــــــــــــــان (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫حيداس حممد علـــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬


‫الداودي هاجـــــــــــــــــــــــــر (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫عبد الرزاق اجلبــــــــــــــــاري (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫عبد السالم زوكــــــــــــــــاري (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫احلسني الكتيـــــــــــــــــــــف (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫مريم سيمـــــــــــــــــــــــــــوري (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫وئام بوشركـــــــــــــــــــــــــة (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫مستور عبد الغنـــــــــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫فيصل كرمــــــــــــــــــــــــات (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫مصطفى بويكوتـــــــــــــــــــــــى (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫معاد الســــــــــــــــــــــــــرار (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫محيد أيت عــلـــــــــي او احلـاج (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫الفقري سكينـــــــــــــــــــــــــة (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫اهلاشم أوهـــــــــــــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫سعيد رحـــــــــــــــــــــــــــو (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫قديري املكي اخلالفـــــــــــــــــة (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫ليلى ضالـــــــــــــــــــــــــــع (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫إبراهيم أليــــــــــــــــــــــــــوب (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫مبارك حيــــــــــــــــــــــروش (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫حممد الشافعـــــــــــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫يونس احلاجــــــــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫مروان الباقــــــــــــــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫حممد أمني إمساعيلــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫اكرام بن اعلي قـــــــــــــــــــدور (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫غالي عبد الســــــــــــــــــــالم (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫إبراهيم حقــــــــــــــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫جواد اهلاشـــــــــــــمـــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫سكينة أوقرقــــــــــــــــــــــــاش (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫هشام اليوسفـــــــــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫أسامة أوزيــــــــــــــــــــــــــــل (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫مريم العلــــــيــــــــــــــــــوي (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫سعيد لوبــــــــــــــــــــــــــــاير (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫سناء ارشــــــــــــــــــــــــــوق (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫بدر الدين الشافــــعـــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫سكينة الناصـــــــــــــــــــــري (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫جعفر القامســــــــــــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫سعيد علــــــــــــــــــــــــيـــد (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫عماد أكضـيـــــــــــــــــــــــــض (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫حممد اللـــــــــــــــــــــــواري (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫مرمية العمرانـــــــــــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫أيوب قامســــــــــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫وصال العيــــــــــــــــــــــــــادي (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫نبيلة الراصفـــــــــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫سعيدة العتيقــــــــــــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫رجا السوســــــــــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫حياة القســــــــــــــــــــــــــوري (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫حسناء سغســـــــــــــــــــــوخ (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫مسيـــــــــــــــــــــــــــــــر ووال (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫محزة الشقـــــــــــــــــــــــاف (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫أيوب الوانبـــــــــــــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫ابتسام الشرقــــــــــــــــــــاوي (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫ياسيــــن عبلـــــــــــــــــــــــــة (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫عبد السالم البوليــــــــــــــــس (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫عبد الكريم اجلالبـــــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫املهدي الصوتــــــــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬
‫أميمة بوحليـــــــــــــــــــــــــــة (املغرب)‬ ‫‪‬‬ ‫هناء الفروجــــــــــــــــــــــــي (املغرب)‬ ‫‪‬‬

‫‪5‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫أن يكون املقال حمرتما لشروط وقواعد وأجبديات البحوث العلمية املتعارف عليها‪................‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أن ينصب موضوع املقال على اجملال القانوني (القانون العام أو اخلاص) حسب األحوال‪.............‬‬ ‫‪‬‬

‫احرتام األمانة العلمية‪ ،‬وتوثيق املعلومات‪ ،‬وتفادي األخطاء املادية واملنهجية‪...................‬‬ ‫‪‬‬

‫أن يكون البحث أو املقال قد أجاب عن اإلشكاليات اليت طرحها يف جمملها‪........... ............‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تُدرج اإلحاالت وتوثيق املعلومات يف أسفل كل صفحة حصرا حتت طائلة رفض املقال‪...............‬‬ ‫‪‬‬

‫تُدرج مجيع املراجع املعتمدة يف حترير املقال أسفل اخلامتة مباشرة حتت طائلة رفض املقال‪........‬‬ ‫‪‬‬

‫يُضمن باملقال وجوبا البيانات الكاملة للكاتب (امسه الكامل ودرجته العلمية) ‪..................‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫يتعني على كاتب املقال باللغة العربية ترمجة عنوانه إىل اللغة اإلجنليزية‪.....................‬‬ ‫‪‬‬

‫يتحمل كاتب كل مقال منشور باجمللة املسؤولية عما به من سرقات أدبية ومغالطات علمية‪.........‬‬ ‫‪‬‬

‫تُرسل املقاالت إىل بريد اجمللة حصرا (‪......... )majalatkiraat@gmail.com‬‬ ‫‪‬‬

‫تُدرج املقاالت املرسلة يف األعداد املناسبة هلا حسب تاريخ تلقيها من كاتبيها‪...................‬‬ ‫‪‬‬

‫ال تسلم شواهد النشر ووعود بالنشر إال للضرورة‪ ،‬وهي مؤدى عنها ‪............................‬‬ ‫‪‬‬

‫تُنشر اجمللة على أوسع نطاق‪ ،‬ولإلشارة فنشر املقاالت يبقى جماني وبدون أية رسوم‪..............‬‬ ‫‪‬‬

‫يُمكن‪ ،‬وعند الضرورة‪ ،‬إصدار أعداد ورقية من جملة قراءات علمية قانونية‪....................‬‬ ‫‪‬‬

‫كُل املواقف اليت ترد باملقاالت املنشورة باجمللة ال تعرب إال عن آراء كاتبيها وال تعرب عن رأي اجمللة‪..‬‬ ‫‪‬‬

‫‪6‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الفهرس‪:‬‬

‫‪07‬‬ ‫فهرس العدد‪.....................................................................................................‬‬

‫مقاالت وأحباث قانونية وإدارية باللغة العربية‬

‫‪10‬‬ ‫‪...........................‬‬

‫د‪ .‬نجيب الحجيوي و د‪ .‬امحمد حجاجي‬

‫‪25‬‬
‫‪...................‬‬

‫دة‪ .‬فاطمة الزهراء هيرات‬

‫‪52‬‬
‫‪....................................‬‬

‫د‪ .‬يوسف بن هيبة‬

‫‪87‬‬
‫‪.............................................‬‬

‫د‪ .‬عبد الوهاب البقالي‬

‫‪113‬‬
‫‪............................................................‬‬

‫دة‪ .‬إيمان بغدادي‬

‫‪136‬‬ ‫‪...........................................19‬‬

‫ذ‪ .‬بومديان محمد‬

‫‪7‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪156‬‬
‫‪......................................................‬‬

‫دة‪ .‬اللة إكرام العلمي‬

‫‪170‬‬

‫د‪ .‬محمد نائل أبو قلبين‬

‫‪198‬‬

‫ذ‪ .‬سالم بن صالح بن محمد الناعبي‬

‫‪252‬‬
‫‪17 73‬‬

‫ذ‪ .‬جعفر القاسمي‬

‫‪288‬‬

‫ذ‪ .‬سعيد اشتاتو‬

‫مقاالت وأحباث قانونية وإدارية باللغة الفرنسية‬

‫‪305‬‬ ‫‪La lettre de change : quel délai de prescription ?........................................................................................‬‬

‫‪Dr Ben Saad zina‬‬


‫‪328‬‬
‫‪LA FORMALITE D’ENREGISTREMENT ET LA PRESERVATION DE SECURITE CONTRACTUELLE............‬‬

‫‪Pr Ghanmi sara‬‬

‫‪8‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫مقاالت وأحباث‬

‫قانونية وإدارية باللغة‬

‫العربية‬

‫‪9‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الدكتور جنيب احلجيوي‬


‫أستاذ التعليم العالي بكلية احلقوق ‪ -‬سطات‬
‫الدكتور حجاجي احممد‬
‫باحث يف القانون العام‪ ،‬كلية احلقوق ‪ -‬سطات‬

‫األهداف ذات القيمة الدستورية‪ :‬املفهوم‪،‬‬


‫األساس والوظائف‬
‫‪Objectives of constitutional value: concept, Foundation‬‬
‫‪and functions‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫تعد عبارة « األهداف ذات القيمة الدستورية» اختراعا قضائيا بحثا‪،‬‬
‫وليس لهذه العبارة وجود ال في النصوص القانونية وال الدستورية‪ 1،‬إذ‬
‫ظهرت ألول مرة في متن قرار المجلس الدستوري الفرنسي المؤرخ بتاريخ‬
‫‪ 27‬يوليوز ‪ ،1982‬في موضوع «السمعي البصري»‪ ،‬حيث ورد في نص‬
‫التعليل ما يلي‪:‬‬

‫‪ - 1‬يوسف حاش ي‪ :‬في النظرية الدستورية‪ ،‬ابن النديم للنشر والتوزيع‪ ،‬منشورات الحبلي الحقوقية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بيروت‬
‫‪ ،2009‬ص‪.328 ،‬‬

‫‪10‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫« إن الحفاظ على النظام العام‪ ،‬واحترام حرية الغير وحماية الطابع‬


‫التعددي للتيارات االجتماعية‪ -‬الفكرية‪ ،‬هي أهداف ذات قيمة‬
‫‪2‬‬
‫دستورية»‪.‬‬

‫انطالقا من هذا القرار تجلت وارتسمت هذه العبارة وأخذت كل‬


‫مدركاتها‪ ،‬وأصبحت جزءا من مفردات القاموس القضائي الدستوري‬
‫الفرنسي‪ .‬وعليه؛ فقد اعتبر المجلس الدستوري الفرنسي في قرارات‬
‫الحقة أن حقوق‪ :‬حماية النظام العام‪ ،‬الحق في عيش حياة عائلية‬
‫طبيعية‪ ،‬حماية الصحة العامة‪ ،‬احترام حرية الغير‪ ،‬مكافحة التهرب‬
‫الضريبي‪ ،‬إمكانية كل فرد الحصول على سكن الئق‪ ،‬والمحافظة على صفة‬
‫التعددية لتيارات التعبير االجتماعية‪-‬الثقافية‪ ،‬تعدد الصحف اليومية‬
‫لإلعالم السياسي العام‪ ،‬التوازن المالي‪ ،‬وسهولة فهم والوصول إلى‬
‫القاعدة القانونية‪ ،‬المساواة القانونية بين الرجل والمرأة في الولوج إلى‬
‫‪3‬‬
‫الوكاالت والوظائف االنتخابية‪ ....‬هي أهداف ذات قيمة دستورية‪.‬‬

‫أما في التجربة الدستورية المغربية‪ ،‬فنجد أن المجلس الدستوري‬


‫المغربي (المحكمة الدستورية حاليا) قد بلور هذه العبارة وإن بصيغة‬
‫مختلفة قليال عن المجلس الدستوري الفرنسي‪ ،‬إذ استعمل عبارة‬

‫‪2‬‬ ‫‪- C. Cons. DC 141.82 ; 27.juillet 1982, in : François Luchaire : « Brèves remarque sur une création du‬‬
‫‪conseil constitutionnel : L’objectif de valeur constitutionnelle », Revue Français de Droit Constitutionnel,‬‬
‫‪n° 64, 2005/04, p. 675‬‬
‫‪3 -De Montalivet (P) : « Les objectifs de valeur constitutionnelle », C.C.C., n° 20, Juin, 2006, p. 4, en ce sens,‬‬

‫‪voir aussi, Luchaire (F) : « Brèves remarque sur une création du conseil constitutionnel : L’objectif de valeur‬‬
‫‪constitutionnelle », op.cit., p. 676 et S.‬‬
‫هنري روسيون‪" :‬املجلس الدستوري"‪ ،‬ترجمة‪ ،‬محمد وطفة‪ ،‬املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،2001 ،‬ص‪.‬‬
‫‪.90‬‬

‫‪11‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫«األهداف الدستورية»‪ ،‬وكان ذلك في أولى قراراته بعيد دخول دستور‬


‫المملكة لسنة ‪ 2011‬حيز النفاذ‪ ،‬وبالضبط في متن القرار رقم ‪817.2011‬‬
‫حول القانون التنظيمي رقم ‪ 27.11‬المتعلق بمجلس النواب‪ 4،‬حيث اعتبر‬
‫كل من‪ :‬تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين والمساواة‬
‫بينهم ومن مشاركتهم في الحياة السياسية‪ ،‬والسعي إلى تحقيق مبدإ‬
‫المناصفة بين الرجال والنساء‪ ،‬وتشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال‬
‫في ولوج الوظائف االنتخابية وتوسيع وتعميم مشاركة الشباب في‬
‫التنمية االجتماعية واالقتصادية والثقافية والسياسية للبالد‪ ،‬أهداف‬
‫دستورية‪.‬‬

‫تأسيسا على ما سبق‪ ،‬يتبين أن الفضل في ظهور هذه العبارة يعود‬


‫إلى كال المجلسان‪ ،‬سواء في فرنسا أو المغرب‪ ،‬غير أن مجاالت استعمالها‬
‫يختلف‪ ،‬إذ يالحظ أن المجلس الدستوري الفرنسي‪ ،‬عمم هذه العبارة على‬
‫مختلف الميادين‪ ،‬إذ طالت كل من الحقوق والحريات السياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية والثقافية والمالية‪ ،‬في حين أن المجلس‬
‫الدستوري المغربي حصرها في الحقوق والحريات السياسية واالنتخابية‪،‬‬
‫وبذلك يبدو أن مجال استعمالها في فرنسا واسع‪ ،‬وضيق في المغرب‪.‬‬

‫لكن‪ ،‬إذا كان الفضل يرجع في بروز هذا المفهوم «األهداف ذات‬
‫القيمة الدستورية» أو «األهداف الدستورية» إلى القضاء الدستوري‬
‫الفرنسي والمغربي‪ ،‬فماذا عن مفهومها؟ وأساسها والوظائف التي تؤديها؟‬

‫‪ - 4‬قرار املجلس الدستوري رقم ‪ ،817.2011‬الصادر في ‪ 15‬من ذي القعدة ‪ 13 ( 1432‬أكتوبر ‪ ،)201‬ج‪.‬ر‪ ،.‬عدد ‪،5987‬‬
‫بتاريخ ‪ 17‬أكتوبر ‪ ،2011‬ص‪.5084 .‬‬

‫‪12‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫أوال‪ :‬األهداف ذات القيمة الدستورية‪ :‬املفهوم واملاهية‬


‫بداية نشير إلى أن القضاء الدستوري الفرنسي والمغربي لم يقدما‬
‫تعريفا لمفهوم األهداف ذات القيمة الدستورية أو األهداف الدستورية‪،‬‬
‫إال أن هذا لم يمنع الفقه الدستوري من التصدي لهذا المفهوم‪ ،‬خاصة‬
‫الفرنسي منه‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فكيف تعامل الفقه مع هذا المفهوم؟ وهل‬
‫اعتمد الرأي بصورة توافقية حوله؟ هذا ما سنحاول تسليط الضوء عليه‬
‫من خالل هذه الورقة البحثية‪.‬‬

‫يكاد يجمع الفقه حول صعوبة تحديد تعريف جامع مانع لمفهوم‬
‫األهداف ذات القيمة الدستورية‪ .‬وفي هذا السياق؛ أشار الوفد الفرنسي‬
‫في المؤتمر السابع للمحاكم الدستورية األوروبية المنعقد في لشبونة‬
‫عام ‪ 1987‬أن « ظهور األهداف ذات القيمة الدستورية كان لغرض تجنب‬
‫منح الطابع المطلق للمبادئ ذات القيمة الدستورية‪ . »5‬أما األستاذ ‪B.‬‬
‫‪ Faure‬فقد تساءل في البداية عما إذا كانت األهداف ذات القيمة‬
‫الدستورية تشكل مجموعة قانونية جديدة في المنظومة الدستورية‬
‫والقانونية الفرنسية؟ وقال إنها « تشكل أنماط الترابط بين المبادئ‬
‫الدستورية المختلفة‪ ،‬وأن ما يدعم وجودها هو مساهمتها في إعمال‬
‫وتفعيل الحقوق والحريات األساسية‪ ،»6‬وانضم الفقيه ‪B. Genevois‬‬
‫إلى وجهة نظر األستاذ ‪ ،Faure‬حيث عرف األهداف ذات القيمة‬

‫‪5 - Cons. Const. « Le contrôle de constitutionnalité des normes juridiques par le Conseil constitutionnel »,‬‬

‫‪rapport présenté par la délégation française à la VIIe conférence des Cours constitutionnelles européennes‬‬
‫‪(Lisbonne, 26−30 avr. 1987), RFD adm. 1987, p. 851, souligné par : de Montalivet (P) : « Les objectifs de‬‬
‫‪valeur constitutionnelle », op.cit., p. 1.‬‬
‫‪6 -Faure (B) : « Les objectifs de valeur constitutionnelle : une nouvelle catégorie juridique ? », R.F.D.C., n°‬‬

‫‪21, 1995, p.47. Et S.‬‬

‫‪13‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الدستورية « بكونها النتيجة الالزمة لتنفيذ حق معترف به دستوريا من‬


‫أجل البحث عن فعالية أكثر للحقوق األساسية‪ ،‬وهي بذلك بمثابة «‬
‫تأهيل» ‪ Habilitation‬منح للمشرع لغرض الحد من آثار بعض الحقوق‬
‫والتوفيق بينها‪.»7‬‬

‫أما ‪ P. Jan‬فقد اعتبر أن األهداف ذات القيمة الدستورية هي «‬


‫بمثابة قواعد أو مبادئ دستورية‪ ،‬تسمح للمشرع إضفاء بعض‬
‫االستثناءات على المبادئ الدستورية الصريحة‪ ،‬وهي بهذا المعنى‪ ،‬موجهة‬
‫إلى المشرع أكثر من اإلدارة‪ ،‬ألن هذه األخيرة من الصعب أن تقرر هذه‬
‫االستثناءات بدون ترخيص من المشرع‪ .» 8‬في حين نجد الفقيه ‪D.‬‬
‫‪ Rousseau‬يضع األهداف ذات القيمة الدستورية ضمن مكونات الكتلة‬
‫الدستورية‪ ،‬غير أنها في نظر الفقيه «ال تشكل قواعد وإنما هي بمثابة‬
‫توجيهات‪ ،‬والقصد منها تعيين تطبيق القواعد الدستورية‪ ،‬وهذا‬
‫التعيين يمكن أن يكون إلزاميا‪ ،‬وهي في نهاية التحليل ال تشكل قواعد‬
‫في حد ذاتها‪ ،‬وبالتالي من الصعب وضعها في هرمية تراتبية القواعد‬
‫القانونية»‪ 9.‬أما الفقيهان ‪ L. Favoreu‬و ‪ L. Philip‬فقد اعتقدا أن «‬
‫وظيفة األهداف ذات القيمة الدستورية هي التوفيق بين المبادئ‬
‫الدستورية المتناقضة‪ ،‬وعالوة على ذلك‪ ،‬ينبغي على المشرع أال يقيد‬
‫المبادئ الدستورية بواسطة هذه األهداف دون أن يقدم ضمانات‬

‫‪7- La jurisprudence du Conseil constitutionnel, n° 342, in : Luchaire (F) : « Brèves remarque sur une création‬‬

‫‪du conseil constitutionnel : L’objectif de valeur constitutionnelle », op.cit., p. 681.‬‬


‫‪8 - Jan (P) : Les Petites Affiches du 26 septembre 2002, cité par : Luchaire (F) : « Brèves remarque sur une‬‬

‫‪création du conseil constitutionnel : L’objectif de valeur constitutionnelle », op.cit., p. 681.‬‬


‫‪9 - Rousseau (D) : « Droit du contentieux constitutionnel », coll. Damant droit public, delta Montchrestien,‬‬

‫‪7 éd., 2006, p. 110.‬‬

‫‪14‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫تعادلها‪ .»10‬وتقريبا في نفس المعنى يذهب األستاذان ‪B. Mathieu‬‬


‫و ‪ M. Verpeaux‬حينما اعتبرا «أن األهداف ذات القيمة الدستورية أداة‬
‫للتوفيق بين المبادئ الدستورية‪ ،‬وموجهة للمشرع‪ ،‬ولكن ال يمكن‬
‫االحتجاج بها أمام القضاء من قبل األفراد»‪ 11.‬أما األستاذ ‪F. Luchaire‬‬
‫فقد عرفها بكونها «األهداف المنشودة‪ ،‬ألن في نظره أي قانون ينطوي‬
‫على هدف أو عدة أهداف‪ ،‬إذا كان المجلس الدستوري يعترف لبعض‬
‫أهداف القانون بالقيمة الدستورية‪ ،‬فذلك لغرض التوفيق بين المبادئ‬
‫والحقوق الدستورية‪ ،‬وإدخال استثناءات على هذه األخيرة‪ .‬ولتبرير‬
‫العالقة الترابطية بين المبادئ ذات القيمة الدستورية واالستثناءات‬
‫الواردة عليها‪ ،‬كان الزما االعتراف لها باألساس الدستوري‪ .‬وبالتالي‪،‬‬
‫فالهدف ذو القيمة الدستورية هو تبرير للقيود أو االستثناءات المفروضة‬
‫على تطبيق بعض القواعد والمبادئ الدستورية الصريحة‪ ،‬بشرط أال يحل‬
‫هذا الهدف محل القاعدة الدستورية أو المبدأ الدستوري الذي قيده‪ ،‬وأال‬
‫يقيده بشكل سافر‪ .‬ويضيف األستاذ "لوشير" أن الهدف ليس قاعدة بحد‬
‫ذاتها‪ ،‬وإنما دائما ما يرتبط بالقاعدة أو المبدأ الدستوري‪ ،‬بمعنى آخر؛ أن‬
‫الهدف يرتبط بقاعدة أو مبدأ دستوري صريح‪ ،‬وهو موجه في الغالب إلى‬

‫‪10 Favoreu (L) et Philip (L) : Les grandes décisions, n° 36, cité par : Luchaire (F) : « Brèves remarque sur une‬‬

‫‪création du conseil constitutionnel : L’objectif de valeur constitutionnelle », op.cit., p. 681.‬‬


‫‪11 - Mathieu (B) et Verpeaux (M) : Contentieux constitutionnels des droits fondamentaux, p. 275, in :‬‬

‫‪Luchaire (F) : « Brèves remarque sur une création du conseil constitutionnel : L’objectif de valeur‬‬
‫‪constitutionnelle », op.cit., p. 681.‬‬
‫وفي نفس املعنى ال يعتبر األستاذ هنري روسيون املبادئ ذات القيمة الدستوري حقوقا أساسية وذلك لسبب بسيط وهو‬
‫أنها ليست معايير‪ ،‬انظر مرجعه‪:‬‬
‫هنري روسيون‪ :‬املجلس الدستوري‪ ،‬م‪.‬س‪ ،.‬ص‪.90 .‬‬

‫‪15‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫المشرع وليس لإلدارة التي ال تملك سلطة خاصة النتقاص من المبادئ‬


‫‪12‬‬
‫الدستورية»‪.‬‬

‫وعليه؛ فقد كانت هذه أهم اآلراء الفقهية التي صيغت حول ماهية‬
‫األهداف ذات القيمة الدستورية‪ ،‬ورغم ذلك بقي هذا المفهوم غامضا‪،‬‬
‫وخصوصا في ظل غياب تعريف قضائي دستوري‪ ،‬ألن الزاوية التي تم من‬
‫خاللها التطرق إلى هذا المفهوم‪ ،‬تتمثل في الوظيفة التي تؤديها هذه‬
‫األهداف‪ ،‬والتي يمكن إجماالها‪- ،‬من خالل هذه اآلراء الفقهية‪ -‬بكونها‬
‫أداة لتقييد الحقوق والمبادئ الدستورية األساسية أو للتوفيق بين‬
‫المبادئ الدستورية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬األهداف ذات القيمة الدستورية‪ :‬األساس واملرتكز‬


‫إن السؤال المطروح في هذا الصدد يتمثل في ما مدى اعتبار األهداف‬
‫ذات القيمة الدستورية أو األهداف الدستورية قواعد غير مكتوبة‪ ،‬وأن‬
‫القضاء الدستوري هو مصدرها؟‬

‫في هذا السياق؛ يذهب جانب من الفقه الدستوري إلى اعتبار األهداف‬
‫ذات القيمة الدستورية بمثابة قواعد غير مكتوبة‪ ،‬وأنها من خلق‬
‫المجلس الدستوري‪ .13‬غير أن هذا الموقف مردود عليه‪ ،‬ذلك لسبب‬
‫بسيط‪ ،‬هو أن معظم األهداف ذات القيمة الدستورية التي سبقت اإلشارة‬
‫إليها أعاله‪ ،‬سواء في فرنسا أو المغرب تم اإلشارة إليها بشكل صريح في‬
‫النصوص الدستورية‪ ،‬أو مضمنة في هذه النصوص‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪،‬‬

‫‪12‬‬ ‫‪-Luchaire (F) : « Brèves remarque sur une création du conseil constitutionnel : L’objectif de valeur‬‬
‫‪constitutionnelle », op.cit. p. 682.‬‬
‫‪13 - De Montalivet (P) : « Les objectifs de valeur constitutionnelle », op.cit., p. 2.‬‬

‫‪16‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫نجد أن هدف « إمكانية حصول كل فرد على سكن الئق» قائم على أساس‬
‫الفقرة األولى من ديباجة دستور ‪ ،1946‬التي تشكل جزء ال يتجزأ من دستور‬
‫الجمهورية الفرنسية الخامسة لسنة ‪ ،1958‬وكذلك نفس الشيء بالنسية‬
‫لهدف «الحق في الحصول على العمل» فهو مضمون بموجب الفقرة‬
‫الخامسة من ديباجة دستور ‪ ،1946‬ومن جهة أخرى‪ ،‬نجد هدف « حماية‬
‫النظام العام» و‬

‫« واحترام حرية الغير» منصوص عليهما في إعالن حقوق اإلنسان‬


‫والمواطن لعام ‪ 1789‬الفصلين ‪2‬و‪ 4‬وهدف « مكافحة التهرب الضريبي»‬
‫يجد سنده في الفصل ‪ 13‬من إعالن ‪ ،1789‬وهدف «حماية تعددية تيارات‬
‫التعبير االجتماعية‪-‬الثقافية» مضمون بمقتضى الفصل ‪ 11‬من إعالن‬
‫عام ‪ ،1789‬وهذا نفس الشيء بالنسبة لألهداف ذات القيمة الدستورية‬
‫‪14‬‬
‫األخرى‪.‬‬

‫ذات الشيء في المغرب‪ ،‬فاألهداف الدستورية التي أشار إليها المجلس‬


‫الدستوري المغربي في قراره السابق ورادة بشكل صريح في فصول دستور‬
‫‪ ،2011‬فهدف «تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين‬
‫والمساواة بينهم ومشاركتهم في الحياة السياسية»‪ ،‬منصوص عليه في‬
‫الفصل ‪ 6‬من الدستور‪ ،‬وكذلك هدف « السعي نحو تحقيق مبدإ المناصفة‬
‫بين الرجال والنساء» يجد أساسه في الفصل ‪ 19‬من الدستور‪ ،‬وهدف‬
‫«تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف‬

‫‪ - 14‬ملزيد من التفاصيل حول هذا املوضوع أنظر على سبيل املثال كل من‪:‬‬
‫‪Luchaire (F) : « Brèves remarque sur une création du conseil constitutionnel : L’objectif de valeur‬‬
‫‪constitutionnelle », op.cit. Et, Pierre de Montalivet : « Les objectifs de valeur constitutionnelle », op.cit. Et‬‬
‫‪Faure (B) : « Les objectifs de valeur constitutionnelle : une nouvelle catégorie juridique ? », op.cit.‬‬

‫‪17‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫االنتخابية» يجد أساسه في الفصل ‪ 30‬من الدستور‪ ،‬أما هدف « توسيع‬


‫وتعميم مشاركة الشباب في التنمية االجتماعية واالقتصادية والسياسية‬
‫للبالد» فهو منصوص عليه في الفصل ‪ 33‬من الدستور‪.‬‬

‫وبالتالي‪ ،‬يستفاد من كل هذه التوضيحات سواء في فرنسا أو المغرب‬


‫أن األهداف ذات القيمة الدستورية أو األهداف الدستورية أنها ال تشكل‬
‫قواعد أو مبادئ دستورية في حد ذاتها‪ ،‬على اعتبار أن سندها يكمن في‬
‫النصوص الدستورية المكتوبة‪ ،‬بصيغة أخرى‪ ،‬هي شرط فعال لتطبيق‬
‫القواعد والمبادئ الدستورية‪ .‬وعليه؛ فإن تكريس األهداف ذات القيمة‬
‫الدستورية يمكن إرجاعه إلى حرص المشرع الدستوري على ضمان فعالية‬
‫بعض «الحقوق والحريات الدستورية»‪ ،‬وهي بذلك ليست من خلق القضاء‬
‫الدستوري‪ ،(ex nihilo) 15‬فدور هذا األخير كما قلنا سلفا يمكن من جهة‪،‬‬
‫في خلق هذه «التسمية» أي هو صاحب تسمية «األهداف ذات القيمة‬
‫الدستورية»‪ ،‬ومن جهة ثانية‪ ،‬يصنفها ضمن مجموعة من« القواعد»‬
‫يطلق عليها األهداف ذات القيمة الدستورية‪.‬‬

‫على هذا األساس‪ ،‬يمكن القول أن األهداف ذات القيمة الدستورية‬


‫هي « قواعد خام»‪ ،‬مستقاة من معطيات اجتماعية‪ ،‬اقتصادية أو‬
‫سياسية‪ ،‬يتم تطبيقها في سياق سياسي واجتماعي خاصين؛ بحيث يقوم‬
‫القاضي الدستوري« بتمديد» القواعد والمبادئ الدستورية األصلية‪ ،‬من‬

‫‪ - 15‬في هذا اإلطار يقول األستاذ ‪ Faure‬إن ليس هناك مجال للمقارنة بين املبادئ العامة للقانون اإلداري واألهداف ذات‬
‫القيمة الدستورية‪ ،‬ألن األولى تم خلقها من منطلق عدم كفاية ونقص القواعد املكتوبة‪ ،‬وهي من خلق إرادة القاض ي‬
‫اإلداري‪ ،‬وهذا التعارض في األساس‪ ،‬هو الذي يوضح ضعف عدد األهداف ذات القيمة الدستورية باملقارنة مع املبادئ‬
‫العامة للقانون‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫‪Faure (B) : « Les objectifs de valeur constitutionnelle : une nouvelle catégorie juridique ? », op. Cit., p. 57.‬‬

‫‪18‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫أجل تبرير القيود أو االستثناءات المفروضة على هذه القواعد والمبادئ‬


‫الدستورية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬األهداف ذات القيمة الدستورية‪ :‬الوظائف والغايات‬


‫عالوة على وظيفتها التقييدية لبعض الحقوق والمبادئ الدستورية‬
‫األساسية والتوفيق بين المبادئ الدستورية‪ ،‬تقوم األهداف ذات القيمة‬
‫الدستورية بتحديد سلوك المشرع إزاء رصد أهداف القانون‪ ،‬وهي بذلك‬
‫يمكن أن تؤدي وظيفة المنع أو اإللزام أو الترخيص‪.16‬‬

‫وعليه؛ يمكن للقاضي الدستوري أن يراقب تجاهل المشرع لألهداف‬


‫ذات القيمة الدستورية؛ أي يمنعه من اعتماد مقتضيات قانونية ضد هذه‬
‫األهداف‪ 17،‬ويجد هذا المنع تبريره في كون أن هذه األهداف شرط لضمان‬
‫فعالية الحقوق والحريات الدستورية التي ال يمكن تجاهلها‪ .‬وعالوة على‬
‫ذلك‪ ،‬يمكن للقاضي الدستوري أن يلزم المشرع أثناء تحديد أهداف القانون‬
‫بغية تحقيق بعض األهداف ذات القيمة الدستورية‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬إذا لم‬
‫يلتزم المشرع بهذه األهداف‪ ،‬فإنه سيقع تحت طائلة عدم الدستورية‪،‬‬
‫وذلك على أساس عدم االختصاص السلبي للمشرع‪ -‬أي االمتناع ‪ ،-‬وفي‬
‫األخير يمكن للقاضي الدستوري أن يرخص للمشرع بتقييد ممارسة بعض‬
‫الحقوق والحريات األساسية باسم تحقيق األهداف ذات القيمة الدستورية‪،‬‬

‫« ‪16 -De Montalivet (P) :‬‬‫‪Les objectifs de valeur constitutionnelle », op.cit. p.5.‬‬
‫‪17 -Faure (B) : « Les objectifs de valeur constitutionnelle : une nouvelle catégorie juridique ? », Op. Cit.,‬‬

‫‪p.69.‬‬

‫‪19‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫ألن ممارسة هذه الحقوق تقتضي توفيقها مع األهداف ذات القيمة‬


‫‪18‬‬
‫الدستورية‪.‬‬

‫وألجل ذلك‪ ،‬فاألهداف الدستورية مدعوة لتحديد سلوك المشرع‪،‬‬


‫خاصة عند إعداد القانون‪ ،‬وذلك سواء بالمنع أو باإللزام أو الترخيص‪ ،‬على‬
‫اعتبار أن هذه األهداف ال يمكن بلوغها إال بتدخل المشرع عن طريق سن‬
‫تدابير قانونية‪ ،‬التي من شأنها أن تحقق تلك األهداف‪ ،‬وتجدر اإلشارة في‬
‫هذا اإلطار إلى أن رقابة القاضي الدستوري تنصب أساسا على هذه التدابير‬
‫التشريعية وليس على النتائج‪ ،‬ألن المشرع غير مقيد بتحقيق نتائج‬
‫محددة سلفا‪ ،‬وهذا ما يعطي الحرية للمشرع في اختيار نوعية التدابير‬
‫التشريعية التي يراها كفيلة لبلوغ هذه األهداف‪.‬‬

‫بالعودة إلى الحالة المغربية‪ ،‬تبين أن األهداف الدستورية التي‬


‫تطرقنا إليها أعاله أتاحت للقاضي الدستوري دعم المشرع في أهدافه‪،‬‬
‫وذلك عن طريق إضفاء الطابع الدستوري على التدابير التشريعية التي‬
‫اختارها المشرع لبلوغ أهدافه‪ ،‬والمتمثلة في تيسير المشاركة الفعلية‬
‫في الحياة السياسية لفئات واسعة من المجتمع‪ ،‬ونخص بالذكر النساء‬
‫والشباب‪ ،‬عبر تمتيعهم بمقتضيات قانونية خاصة‪ ،‬من قبيل تخصيص‬
‫الدائرة االنتخابية الوطنية النتخابات مجلس النواب‪ ،‬وتقسيمها إلى جزأين‬
‫( ‪ 60‬مقعدا للنساء و‪ 30‬مقعدا للذكور البالغين من العمر أقل من أربعين‬
‫سنة‪ ،)19‬باإلضافة إلى منع كل من سبق أن ترشح في مجلس النواب برسم‬

‫« ‪18- De Montalivet (P) :‬‬


‫‪Les objectifs de valeur constitutionnelle », op.cit., p.6 .‬‬
‫‪ - 19‬املادة ‪ 23‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 27.11‬املتعلق بمجلس النواب‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف‪ ،‬رقم‬
‫‪1.11.165‬الصادر بتاريخ ‪ 14‬أكتوبر ‪ ،2011‬ج‪.‬ر‪ ،.‬عدد ‪ ،5987‬بتاريخ ‪ 27‬نوفمبر ‪.2011‬‬

‫‪20‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الدائرة االنتخابية الوطنية وكل شخص سبق انتخابه عضوا في المجلس‬


‫المذكور برسم نفس الدائرة االنتخابية‪ 20،‬وإحداث على صعيد النفوذ‬
‫الترابي لكل جماعة أو مقاطعة دائرة انتخابية تسمى دائرة انتخابية‬
‫إضافية‪ 21،‬وذلك من أجل تحسين تمثيلية النساء داخل مجالس الجماعات‪،‬‬
‫وإحداث كذلك دائرتين انتخابيتين على صعيد كل عمالة أو إقليم‬
‫مقاطعات تخصص إحداهما للنساء‪ 22،‬بغية تشجيع تكافؤ الفرص بين‬
‫النساء والرجال في ولوج الوظائف االنتخابية في أفق تحقيق المناصفة‬
‫التي تسعى الدولة إلى بلوغها‪.‬‬

‫وبالتالي‪ ،‬يتبين أن التدابير القانونية التي اتخذها المشرع قصد بلوغ‬


‫أهدافه‪ ،‬تنطوي على معامالت خاصة وإجراءات تمييزية‪ ،‬تتعارض في‬
‫العمق مع مجموعة من المبادئ الدستورية‪ ،‬كمبدأ المساواة‪ ،‬وحضر‬
‫ومكافحة كل أشكال التمييز‪ ،‬ومبدأ حرية االنتخاب والترشح‪ ،‬وهي بذلك‬
‫تشكل استثناءات على المبادئ الدستورية المذكورة‪ ،‬رغم اعتراف المجلس‬
‫الدستوري لها بالقيمة الدستورية‪ ،‬إال أن هذا األخير نبه المشرع بالطابع‬
‫االستثنائي والمؤقت والمحدود لهذه التدابير‪ ،‬حيث ينبغي توقف العمل‬
‫بها بمجرد تحقيق األهداف التي بررت اللجوء إليها‪ .‬الشيء الذي أدى‬
‫بالمجلس الدستوري التصريح في موضع أخر بعدم دستورية بعض‬
‫المقتضيات التي ترمي إلى تخصيص نسبة مسبقة ألحد الجنسين في‬

‫‪ - 20‬املادة ‪ 05‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 27.11‬املتعلق بمجلس النواب‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ - 21‬املادة ‪ 143‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 59.11‬املتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية‪ ،‬الصادر بتنفيذه‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ ،1.11.173‬بتاريخ ‪21‬نوفمبر ‪ ،2011‬ج‪.‬ر‪ ،.‬عدد ‪ 5997‬مكرر‪ ،‬بتاريخ ‪22‬نوفمبر ‪.2011‬‬
‫‪ - 22‬املادة ‪ 76‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 59.11‬املتعلق بانتخاب أعضاء الجماعات الترابية‪ ،‬مرجع سابق‬

‫‪21‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫العضوية بالمحكمة الدستورية‪ ،23‬معتبرا ذلك من جهة أولى أمرا مخالفا‬


‫لمبدأ المساواة بين الجنسين في تقلد الوظائف العمومية‪ ،‬ومن ناحية‬
‫ثانية‪ ،‬أن العضوية بالمحكمة الدستورية أحاطها المشرع الدستوري‬
‫‪24‬‬
‫وهي شروط ال تسمح بتخصيص نسب‬ ‫بشروط صارمة وجوهرية‪،‬‬
‫مسبقة سواء تعلق األمر بالرجال أو النساء‪ ،‬ومن جهة ثالثة‪ ،‬أن إمكانية‬
‫ضمان تحسين تمثيلية النساء في العضوية بالمحكمة الدستورية‪ ،‬يمكن‬
‫أن يأتي من خالل االقتراح والترشيح‪.‬‬

‫يفيد هذا التعليل األخير‪ ،‬أنه وإن كان المشرع في إطار األهداف‬
‫الدستورية يملك حرية اختيار نوعية التدابير القانونية التي يرتضيها‬
‫سبيال لبلوغ أهدافه‪ ،‬فإنها بالمقابل‪ ،‬هي وسيلة بيد القاضي الدستوري‬
‫للتأثير على أهداف المشرع‪ ،‬وذلك سواء عن طريق منع المشرع من سن‬
‫تدابير تشريعية متعارضة مع المبادئ الدستورية ‪ –25‬حالة العضوية‬
‫بالمحكمة الدستورية‪ -‬أو الترخيص له باتخاذ تدابير قانونية متعارضة‬
‫مع المبادئ الدستورية‪.‬‬

‫‪ - 23‬قرار املجلس الدستوري رقم ‪ ، 943.14‬الصادر بتاريخ ‪ 25‬يوليوز ‪ ،2014‬ج‪.‬ر‪ ،.‬عدد ‪ ،6580‬بتاريخ ‪ 07‬غشت ‪،2014‬‬
‫ص‪6314 .‬‬
‫‪ - 24‬أنظر الفصل ‪ 130‬من دستور ‪2011‬‬
‫‪ - 25‬في نفس السياق أبطل املجلس الدستوري بعض مقتضيات النظام الداخلي للمجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬
‫املحال عليه بتاريخ ‪ 04‬فبراير ‪ ،2015‬حينما نصت على تخصيص مقعدين في مكتب هذا املجلس ومقعد رئيسة لجنة‬
‫ومقعد مقرر لجنة أخرى للنساء‪ ،‬معلال ذلك‪ ،‬بأن التدابير التي ترمي إلى تشجيع تمثيلية تشجيع تكافؤ الفرص بين الرجال‬
‫والنساء‪ ،‬تقتصر فقط على الوظائف االنتخابية الوطنية ومجالس الجماعات الترابية‪ ،‬أما دون سواها فيتعين على الفئات‬
‫املمثلة داخل املجلس ترشيح النساء والرجال معا لهذه املناصب‪ ،‬انظر قرار رقم ‪ ،954.15‬الصادر بتاريخ ‪ 02‬مارس ‪،2015‬‬
‫ج‪.‬ر‪ ،.‬عدد ‪ ،6342‬بتاريخ ‪ 12‬مارس ‪ ،2015‬ص‪1649 ،‬‬

‫‪22‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

:‫الئحة املراجع‬
‫ منشورات احلبلي‬،‫ ابن النديم للنشر والتوزيع‬،‫ يف النظرية الدستورية‬:‫ يوسف حاشي‬
.2009 ‫ بريوت‬،‫ الطبعة األوىل‬،‫احلقوقية‬
‫ املؤسسة اجلامعية للدراسات‬،‫ حممد وطفة‬،‫ ترمجة‬،"‫ "اجمللس الدستوري‬:‫ هنري روسيون‬
.2001 ،‫والنشر والتوزيع‬
 C. Cons. DC 141.82 ; 27. juillet 1982, in : François Luchaire :
« Brèves remarque sur une création du conseil constitutionnel :
L’objectif de valeur constitutionnelle », Revue Français de Droit
Constitutionnel, n° 64, 2005/04.
 1 -De Montalivet (P) : « Les objectifs de valeur
constitutionnelle », C.C.C., n° 20, Juin, 2006, p. 4, en ce sens, voir
aussi, Luchaire (F) : « Brèves remarque sur une création du
conseil constitutionnel : L’objectif de valeur constitutionnelle »,
op.cit.
 -Faure (B) : « Les objectifs de valeur constitutionnelle :
une nouvelle catégorie juridique ? », R.F.D.C., n° 21, 1995.
 La jurisprudence du Conseil constitutionnel, n° 342, in :
Luchaire (F) : « Brèves remarque sur une création du conseil
constitutionnel : L’objectif de valeur constitutionnelle », op.cit.
 Jan (P) : Les Petites Affiches du 26 septembre 2002, cité
par : Luchaire (F) : « Brèves remarque sur une création du conseil
constitutionnel : L’objectif de valeur constitutionnelle », op.cit.
 Rousseau (D) : « Droit du contentieux constitutionnel »,
coll. Damant droit public, delta Montchrestien, 7 éd., 2006.
 Favoreu (L) et Philip (L) : Les grandes décisions, n° 36, cité
par : Luchaire (F) : « Brèves remarque sur une création du conseil
constitutionnel : L’objectif de valeur constitutionnelle », op.cit.
 Mathieu (B) et Verpeaux (M) : Contentieux
constitutionnels des droits fondamentaux, p. 275, in : Luchaire

23 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

(F) : « Brèves remarque sur une création du conseil


constitutionnel : L’objectif de valeur constitutionnelle », op.cit
 -Luchaire (F) : « Brèves remarque sur une création du
conseil constitutionnel : L’objectif de valeur constitutionnelle »,
op.cit.
 Faure (B) : « Les objectifs de valeur constitutionnelle : une
nouvelle catégorie juridique ? », Op. Cit.

24 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الدكتورة فاطمة الزهراء هريات‬


‫أستاذة باحثة‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة‬
‫عبد امللك السعدي‪ ،‬تطوان‬

‫ميثاق الالمتركز اإلداري باملغرب‪ :‬األهداف‬


‫الدستورية‪ ،‬اآلثار املمكنة والتحديات القائمة‬
‫‪Morocco's Charter of Administrative decentralization: Constitutional‬‬
‫‪Goals, Possible Implications and Challenges‬‬
‫ملخص‪:‬‬
‫اعتمد المغرب مقاربة تصاعدية لإلصالح في سياق سياسة ليبرالية‬
‫تم نهجها في فترة سابقة لما كان يسمى بالربيع العربي‪ .‬حيث تم اعتماد‬
‫العديد من المقاربات التجريبية اإلصالحية التي يمكن أن نقول أنها عرفت‬
‫تطورا ملحوظا بالمقارنة مع الوضع السياسي واالجتماعي واالقتصادي‬
‫الذي كانت تعرفه المملكة‪ ،‬كالمتعلقة بإصالح الوظيفة العمومية وإدارة‬
‫عمومية شفافة وتشاركية بشكل فعلي وتدبير الميزانية المبني على‬
‫األداء‪.‬‬
‫كما التزم المغرب في ظل دستور ‪ ،2011‬بتفعيل إصالحات تروم إرساء‬
‫حكومة وإدارة منفتحة‪ ،‬على أساس مبادئ الديمقراطية التشاركية‬

‫‪25‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫والحكامة الجيدة‪ .‬استكماال لجهود اإلصالح العامة الرامية إلى ترجمة‬


‫مقتضيات الدستور إلى سياسات عمومية ملموسة‪ ،‬وإلى مؤسسات ونتائج‬
‫قابلة للقياس‪ .‬حيث نص دستور ‪ 2011‬على إعداد وتطبيق ما يقارب ‪20‬‬
‫قانونا تنظيميا‪ ،‬شكلت حاليا حركة دائبة من األوراش والمشاريع‬
‫السياسية المتعددة‪.‬‬
‫وتعزى مقومات النجاح إلى ضرورة التوفر على اإلرادة السياسية وعلى‬
‫مخطط استراتيجي وموارد بشرية ومالية‪ .‬وكذا على قدرات الحكومة‬
‫العتبار المواطنين والمجتمع المدني شركاء حقيقيين‪ .‬حيث يمكن القول‬
‫أنه توجد في المغرب إرادة منذ أمد بعيد إلصالح اإلدارة العمومية‪ ،‬منذ‬
‫صدور النظام األساسي العام للوظيفة العمومية سنة ‪ ،1958‬والذي خضع‬
‫لعدة تعديالت‪ ،‬وصوال إلى ورش الجهوية المتقدمة لما لها –أي الجهوية‪-‬‬
‫من أهمية وإلسهامها في تحقيق التنمية بشكل عام‪.‬‬
‫ففي سنة ‪ ،2013‬أعطت الحكومة بصفة رسمية انطالقة إعداد‬
‫استراتيجية تحديث اإلدارة العمومية التي يجب أن تختزل في طياتها‬
‫السياق العام لإلصالح واألهداف االستراتيجية ومقاربة الحكامة المرجوة‬
‫كمبدأ دستوري‪ ،‬واإلطار المنهجي مع مجموعة من المشاريع واألوراش ذات‬
‫األولوية‪ .‬ويتعلق األمر هنا بمرحلة هامة وواعدة نحو اإلصالح المنشود‪.‬‬
‫وبالمصادقة على الميثاق الوطني لال‪-‬تمركز اإلداري ونشره بالجريدة‬
‫الرسمية سنة ‪ ،2018‬يمكن القول أن المغرب خطا خطوة مهمة في أفق‬
‫ترسيخ الجهوية المتقدمة وإرساء إدارة ال‪-‬ممركزة مسؤولة‪ ،‬لها سلطة‬
‫القرار‪ ،‬فعالة ناجعة وقريبة من انشغاالت المواطنين والفاعلين‬
‫المؤسساتيين واالقتصاديين‪ ،‬ومؤهلة بشكل أفضل لتتحمل متطلبات‬

‫‪26‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫تنمية مختلف مكونات التراب الوطني في إطار روح االندماج والتنسيق‬


‫واالستعمال المشترك للوسائل المادية والبشرية‪.‬‬
‫فاإلدارة الالممركزة‪ ،‬القوية باختصاصاتها ومواردها (البشرية والمالية‬
‫والمادية)‪ ،‬تشكل دعامة أساسية لورش الجهوية المتقدمة‪ ،‬كما ستضمن‬
‫أفضل الشروط لالندماج والتكامل والتآزر بين السياسات العمومية‪.‬‬
‫إن تنفيذ مقتضيات الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري يقتضي دعما‬
‫إراديا قويا‪ ،‬من طرف جميع األطراف المعنية في اآلجال المحددة‪ ،‬كما أن‬
‫تنزيل مقتضيات هذا الميثاق يجب أن يتم وفق مقاربة قيادة التغيير‪،‬‬
‫وبطريقة تدريجية ألجل تحقيق األهداف الذي جاء بها دستور ‪.2011‬‬
‫وهنا يمكن طرح اإلشكاليات التالية والتي تهم أساسا المهام‬
‫واالختصاصات التي يجب نقلها أو تفويضها وطبيعتها‪ ،‬ومنهجية توزيع‬
‫الموارد البشرية والمادية بين المصالح المركزية والمصالح الالممركزة‬
‫للدولة‪ ،‬وكذلك تحديد األهداف المراد تحقيقها من قبل المصالح‬
‫الالممركزة للدولة في ضوء االختصاصات التي سيتم نقلها إليها‪ ،‬ومؤشرات‬
‫قياس نجاعة أدائها في تحقيق هذه األهداف‪ ،‬والتي سنحاول التطرق إليها‬
‫من خالل هذه الورقة العلمية وارتباطها بتفعيل المقتضيات الدستورية‬
‫والظرفية التاريخية وبتوزيع السلط‪ ،‬وباألخص المقتضيات المتعلقة‬
‫بالسلطة التنظيمية وتطور توزيعها‪ .‬والتي تعد رهينة كذلك بإشاعة‬
‫ثقافة المشاركة والشفافية والنزاهة والمسؤولية‪ ،‬وأن تواكب تغيرات‬
‫بنية المجتمع المغربي التي عرفت تغيرا اقتصاديا‪ ،‬سياسيا واجتماعيا‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬سنقوم بالتطرق إلى السياق السياسي والقانوني‬
‫إلقرار نظام الالتمركز اإلداري في القسم األول من هذه الورقة العلمية‪.‬‬

‫‪27‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫على أن نخصص القسم الثاني لقراءة تحليلية ألهم مرتكزات ميثاق‬


‫الالتمركز اإلداري من خالل أهدافه ومبادئه المرجعية وكذا أهم تحديات‬
‫تنزيله‪.‬‬

‫القسم األول‪ :‬السياق السياسي والقانوني إلقرار نظام الالمتركز اإلداري‬


‫تجسد اإلدارة مظهرا أساسيا لنشاط الدولة الرامي إلى تلبية الحاجيات‬
‫المختلفة لألفراد في شتى المجاالت اإلدارية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية في إطار من الجودة والفعالية‪.‬‬
‫وقد زاد حجم تدخل اإلدارة في العديد من المشاريع‪ ،‬باعتبارها عنصرا‬
‫أساسيا من عناصر الحكامة الجيدة‪ ،‬نظرا لحاجة األفراد للخدمات مما يفرض‬
‫عليها بشكل ملح تطوير آليات اشتغالها وتوفير مقومات عملها من موارد‬
‫بشرية ومالية وعلمية وتكنولوجية حتى تكون مواكبة للمستجدات‬
‫الدولية في ظل التحوالت الكبرى االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪،‬‬
‫وبروز مفاهيم جديدة كحسن التدبير والحكامة الجيدة‪.‬‬
‫وقد ارتكزت المناظرة الوطنية األولى بالمملكة حول اإلصالح اإلداري‪،‬‬
‫التي نظمت يومي ‪ 23‬و‪ 24‬ماي ‪ ،2002‬على سبعة مداخل لإلصالح‪ ،‬أهمها‬
‫دعم الالتركيز اإلداري وإعادة تحديد مهام اإلدارة‪ ،‬إلى جانب دعم‬
‫األخالقيات بالمرفق العام‪ ،‬وتأهيل الموارد البشرية وتطوير أساليب‬
‫تدبيرها‪ ،‬وإصالح منظومة األجور في الوظيفة العمومية‪ ،‬وكذا تحسين‬
‫عالقة اإلدارة بالمتعاملين معها باإلضافة إلى تبسيط المساطر واإلجراءات‬
‫اإلدارية وتنمية استعمال تكنولوجيا المعلومات واالتصال‪.‬‬
‫حيث حظي نظام الالتمركز اإلداري بمفهومه السياسي واالقتصادي‬
‫باهتمام كبير من قبل مختلف الفاعلين الرسميين بدءا بالمؤسسة‬

‫‪28‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الملكية وكذا مختلف الحكومات المتعاقبة‪ .‬وهو النظام الذي يعترف في‬
‫ظله للموظفين الالمركزيين بسلطة اتخاذ وتنفيذ قرارات إدارية والفصل‬
‫فيها وبنوع من االستقاللية والحرية في التقدير‪ .‬ومن هذا المنطلق‪،‬‬
‫يشكل نظام الالتمركز اإلداري أحد الرهانات الكبرى وأحد الخيارات‬
‫االستراتيجية لتأهيل البالد لمواجهة التحديات التي تعرفها‪ ،‬كما يعتبر‬
‫دعامة لالستجابة لمتطلبات وتطلعات المواطنين في مجال التنمية‪.‬‬
‫كما حث دستور ‪ 2011‬على تغيير أنماط التدبير اإلداري والمالي‪،‬‬
‫وااللتجاء إلى التقنيات الحديثة للتنظيم المتمثلة في الحكامة الجيدة‪،‬‬
‫واالستغناء عن الطرق البيروقراطية العتيقة‪ ،‬وتلبية الحاجة لتطوير‬
‫اآلليات القانونية والمؤسساتية والعملية‪ ،‬بما يحقق أسلوب اإلدارة‬
‫الحديثة العصرية أساسه عمل اإلدارة باألهداف‪ ،‬والتدبير بالنتائج وفق‬
‫استراتيجية شمولية وفعالة‪.‬‬

‫احملور األول‪ :‬اإلرادة امللكية دافع رئيس إلجناح ورش الالمتركز اإلداري‬
‫دائما ما يتم التأكيد بأهمية نظام الالتمركز اإلداري‪ ،‬في التدبير‬
‫العمومي لبلوغ الحكامة الترابية منذ استقالل المغرب وإلى يومنا هذا‪،‬‬
‫حيث ظلت المقاربة التدبيرية للشأن الترابي كبعد استراتيجي دائما‬
‫حاضرة في الخطب والتصريحات الملكية وفي مختلف الفترات والمراحل‬
‫المتعاقبة‪ ،‬ففي الخطاب الملكي ل ‪ 6‬نونبر ‪ 2008‬الذي أكد فيه على إعداد‬
‫ميثاق وطني لعدم التركيز‪ ،‬يتوخى من خالله حكامة نظام فعال إلدارة ال‬
‫ممركزة‪ ،‬ونظام يعتمد مقاربة ترابية‪ ،‬ويقوم على نقل صالحيات ال‬
‫ممركزة للمصالح الخارجية‪ .‬وكذلك من خالل الخطاب الملكي ل‪ 29‬يوليوز‬
‫‪ ، 2017‬الذي حث فيه على ضرورة إصالح نظام الالتمركز اإلداري‪ ،‬وهو‬
‫الخطاب الذي شخص فيه رئيس الدولة مختلف االختالالت التي تعاني منها‬

‫‪29‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫اإلدارة العمومية بصفة عامة‪ ،‬واإلدارة المحلية بصفة خاصة‪ ،‬والتي يمكن‬
‫إجمالها فيما يلي‪:26‬‬
‫‪ ‬غياب التناسق وااللتقائية في التدخالت العمومية المحلية؛‬
‫‪ ‬ضعف اإلدارة المحلية من حيث آليات الحكامة‪ ،‬أو على مستوى‬
‫النجاعة وجودة الخدمات التي تقدمها للمرتفقين؛‬
‫‪ ‬ضعف أداء المراكز الجهوية لالستثمار والتي تشكل عائقا أمام‬
‫عملية االستثمار عوض التحفيز له‪.‬‬
‫من خالل قراءة أولية لواقع الالتمركز اإلداري في الوقت الراهن‪،‬‬
‫وبالرغم من اإلصالحات والبرامج التي عرفها المغرب‪ ،‬يمكننا أن نستنتج‬
‫استمرار هيمنة اإلدارة المركزية على صناعة القرار‪ ،‬عالوة على ضعف بل‬
‫وأحيانا غياب التنسيق بين المصالح الالممركزة في تنفيذ البرامج على‬
‫المستوى المحلي والجهوي‪ ،‬وكذا عدم مواكبة التقسيم الترابي في ظل‬
‫ورش الجهوية المتقدمة‪ ،‬وانعدام العدالة فيما يخص توزيع األطر العليا‬
‫والكفأة‪ ،‬بالنظر إلى أن غالبية الموارد البشرية تتركز في اإلدارة المركزية‬
‫وتدبر من خاللها‪.‬‬
‫وعليه؛ فالسؤال الرئيس الذي يمكن طرحه في هذا الصدد‪ ،‬هو كيف‬
‫سيتم سد هذه الفجوة بين الخطاب والممارسة؟ وهو السؤال الذي أجابت‬
‫عنه الخطابات الملكية الالحقة‪ ،‬بالمرور من مرحلة التنظير والتوجيه‪ ،‬إلى‬
‫مرحلة وضع آجال للتنفيذ والتسريع بهذا الورش‪.‬‬
‫حيث صرح الملك في خطابه بمناسبة عيد العرش المجيد بتاريخ ‪29‬‬
‫يوليوز ‪ ،2018‬الذي وضع خالله أجل ثالثة أشهر إلصدار ميثاق الالتمركز‬

‫‪" -26‬نظام الالمتركز اإلداري ابملغرب وإشكالية إصالح اإلدارة احمللية"‪ ،‬هشام لفقيه نشر ابملوقع االلكرتوين هلسربيس بتاريخ ‪.2018/7/30‬‬

‫‪30‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫اإلداري‪ ،‬مما يتيح للمسؤولين اتخاذ القرارات‪ ،‬وتنفيذ برامج التنمية في‬
‫انسجام مع ورش الجهوية المتقدمة‪ .27‬وبالفعل ففي غضون أقل من‬
‫شهر من هذا الخطاب الملكي تقدم رئيس الحكومة ببسط التوجهات‬
‫العامة لسياسة الدولة في مجال الالتمركز اإلداري وآليات تفعيلها خالل‬
‫المجلس الوزاري بتاريخ ‪ 20‬غشت ‪ .2018‬وبتاريخ ‪ 25‬أكتوبر ‪ 2018‬صادق‬
‫المجلس الحكومي على المرسوم ‪ 2.17.618‬بمثابة ميثاق وطني لالتمركز‬
‫اإلداري‪ ،‬الذي صدر بالجريدة الرسمية بتاريخ ‪ 27‬ديسمبر ‪.282018‬‬
‫إال وأنه ورغم مصادقة الحكومة على ميثاق الالتمركز اإلداري الذي حدد‬
‫ثالث سنوات للتطبيق الكامل لالتمركز‪ ،‬وعلى مرسوم "نموذج التصميم‬
‫المديري المرجعي لالتمركز اإلداري" الذي يفرض على القطاعات الوزارية‬
‫وضع التزاماتها بنقل الصالحيات‪ ،‬إال أن التأخر الحاصل في نقل هذه‬
‫الصالحيات من الرباط إلى الجهات‪ ،‬جعل الملك محمد السادس ينبه إلى‬
‫تأثيرها السلبي على عجلة االستثمار‪ .‬وجاء في الخطاب الملكي‪ ،‬بمناسبة‬
‫ذكرى ‪ 20‬غشت ‪ 2019‬أنه "رغم الجهود المبذولة والنصوص القانونية‬
‫المعتمدة‪ ،‬إال أن العديد من الملفات‪ ،‬ما تزال تعالج باإلدارات المركزية‬
‫بالرباط‪ ،‬مع ما يترتب عن ذلك من بطء وتأخر في إنجاز المشاريع‪ ،‬وأحيانا‬
‫التخلي عنها"‪ ،‬داعيا الحكومة إلى إعطاء األسبقية لهذا الملف‪ .‬فكيف‬
‫تعمل الحكومة على تسريع وتفعيل تنزيل ميثاق الالتمركز اإلداري؟‬

‫‪..." -27‬فإنه يتعني‪ ،‬على اخلصوص‪ ،‬العمل على إجناح ثالث أوراش أساسية أوهلا إصدار ميثاق الالمتركز اإلداري‪ ،‬داخل أجل ال يتعدى هناية شهر أكتوبر املقبل‪ ،‬مبا‬
‫يتيح للمسؤولني احملليني‪ ،‬اختاذ القرارات‪ ،‬وتنفيذ برامج التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬يف انسجام وتكامل مع اجلهوية املتقدمة"‪ .‬اخلطاب امللكي السامي إىل احلكومة‬
‫مبناسبة عيد العرش اجمليد بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪.2018‬‬
‫‪ -28‬صدر مرسوم رقم ‪ 2.17.618‬يف ‪ 18‬من ربيع اآلخر ‪ 26( 1440‬ديسمرب ‪ )2018‬مبثابة ميثاق الالمتركز اإلداري ابجلريدة الرمسية عدد ‪ 6738‬بتاريخ ‪19‬‬
‫ربيع اآلخر ‪ 1440‬املوافق ل ‪ 27‬ديسمرب ‪.2018‬‬

‫‪31‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫احملور الثاني‪ :‬الالمتركز اإلداري حمور اسرتاتيجي ضمن السياسة احلكومية‬


‫خصصت الفقرة الخامسة من المحور األول للبرنامج الحكومي للوالية‬
‫التشريعية ‪،2021-2016‬لتنزيل الجهوية المتقدمة وتكريس الحكامة‬
‫الترابية وسياسة فعالة إلعداد التراب‪ ،‬باعتبار أهميتها االستراتيجية‬
‫كإصالح نوعي وهيكل‪ ،‬عبر سيرورة متدرجة لالمركزية والديمقراطية‬
‫المحلية‪ .‬والغاية من هذا الورش هو مساهمة الجهوية المتقدمة في‬
‫التنمية االقتصادية واالجتماعية للبالد‪ ،‬وتقوية جاذبية وتنافسية‬
‫الجهات‪ ،‬واستنهاض إرادة اإلبداع والمبادرة لدى الفاعل المحلي في تعاون‬
‫وثيق بين الحكومة ومجالس الجهات‪ ،‬من خالل عدة إجراءات أولها اعتماد‬
‫ميثاق الالتمركز وتفعيل الالتمركز اإلداري واستكمال النصوص التنظيمية‬
‫الالزمة لتفعيل القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪.29‬‬
‫وفي أواخر أكتوبر ‪ ،2018‬صادقت الحكومة ألول مرة على مرسوم‬
‫"الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري"‪ ،‬بعد سنوات من الحديث عنه‪ ،‬تلته‬
‫المصادقة على مرسوم "نموذج التصميم المديري المرجعي لالتمركز‬
‫اإلداري"‪ ،30‬وتلتها مجموعة من اإلجراءات التنفيذية لتفعيل هذه‬
‫المراسيم‪.‬‬
‫ففي يناير ‪ 2019‬وضعت استمارة وزعت على القطاعات الوزارية‬
‫لتعبئتها بشأن االختصاصات التي ستنقلها إلى المركز والموارد البشرية‬
‫الالزمة واآلجال المناسبة للتنفيذ‪.‬كما شرعت لجنة التتبع التي يرأسها‬
‫رئيس الحكومة‪ ،‬وتمثل فيها عدد من القطاعات الوزارية في معالجة‬

‫‪ -29‬الربانمج احلكومي تطبيقا ألحكام الفصل ‪ 88‬من الدستور‪ ،‬الوالية التشريعية ‪ 2021-2016‬الصادر بتاريخ رجب ‪ -1438‬أبريل ‪.2017‬‬
‫‪www.cg.gov.ma‬‬
‫‪ -30‬مرسوم رقم ‪ 2.19.40‬صادر يف ‪ 17‬من مجادى األوىل ‪ 24( 1440‬يناير ‪ )2019‬بتحديد منوذج التصميم املديري املرجعي لالمتركز اإلداري‪ ،‬صدر ابجلريدة‬
‫الرمسية عدد ‪ 6746‬مكرر‪ ،‬بتاريخ ‪ 18‬مجادى األوىل ‪ 25( 1440‬يناير ‪.)2019‬‬

‫‪32‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫االستمارات التي تتوصل بها والتي تسمى "التصاميم المديرية"‪ ،‬وفق‬


‫أجندة زمنية مضبوطة إلعدادها‪.‬‬
‫وقد جعلت الحكومة من أولوياتها في قانون مالية ‪ ،2020‬تنفيذ‬
‫ميثاق الالتمركز اإلداري‪ ،‬وذلك من خالل العمل على تنزيل مقتضيات هذا‬
‫الميثاق ال سيما في شقه المتعلق بالتصاميم المديرية المرجعية‪ ،‬حيث‬
‫يجب على مختلف القطاعات الوزارية التعجيل بعرض تصاميمها المديرية‬
‫على اللجنة الوزارية لالتمركز اإلداري قصد المصادقة عليها‪ .‬وفي هذا‬
‫اإلطار‪ ،‬يجب أن تتضمن هذه التصاميم تصورا واضحا حول تنزيل ورش‬
‫الالتمركز اإلداري بشكل تدريجي خالل الثالث سنوات المحددة بمقتضى‬
‫الميثاق الوطني لالتمركز‪ ،‬وكذا رؤية واضحة حول نقل االختصاصات‬
‫الوظيفية والصالحيات التقريرية إلى المستوى الجهوي‪ .‬إذ يجب أن يقترن‬
‫ذلك بنقل الموارد البشرية والمادية من المصالح المركزية إلى المصالح‬
‫الالمركزية‪.‬‬
‫وألن كان مشروع الالتمركز في تقدم‪ ،‬إال أن اإلشكالية التي يمكن‬
‫إثارتها تتعلق بالتردد في التسريع بنقل االختصاصات ذات الطابع‬
‫التقريري على مستوى البت في طلبات الرخص والتصاريح والملفات‬
‫المتعلقة باالستثمار وإعادة انتشار الموظفين والكفاءات واألطر عبر‬
‫التراب الوطني وهو ما يتطلب تدبير الموارد البشرية والكفاءات على وجه‬
‫الخصوص في الجهات‪ ،‬وتوفير شروط استقرارها‪...‬كما تم طرح ضرورة‬
‫تنزيل وتفعيل مجموعة من اإلجراءات الموازية لتفعيله‪ ،‬ومنها حتمية‬
‫مراجعة عدد من النصوص القانونية والتنظيمية‪.‬‬

‫‪33‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫القسم الثاني‪ :‬الالمتركز اإلداري تصور دستوري جديد إلدارة الممركزة‬


‫تعرف المادة ‪ 3‬من المرسوم بمثابة ميثاق وطني لالتمركز اإلداري‬
‫"الالتمركز اإلداري" لمصالح الدولة تنظيما إداريا مواكبا للتنظيم الترابي‬
‫الالمركزي للمملكة القائم على الجهوية المتقدمة‪ ،‬وأداة رئيسية لتفعيل‬
‫السياسة العامة للدولة على المستوى الترابي‪ ،‬قوامه نقل السلط‬
‫والوسائل‪ ،‬وتخويل االعتمادات لفائدة المصالح الالممركزة على المستوى‬
‫الترابي‪ ،‬من أجل تمكينها من القيام بالمهام المنوطة بها‪ ،‬واتخاذ المبادرة‬
‫تحقيقا للفعالية والنجاعة‪.31‬‬

‫احملور األول‪ :‬أهم مرتكزات وأهداف امليثاق الوطني لالمتركز اإلداري‬


‫تقوم سياسة الالتمركز اإلداري على مرتكزين أساسيين هما الجهوية‬
‫والدور المحور لوالي الجهة‪ ،‬وتهدف أساسا إلى تحقيق االلتقائية والتناسق‬
‫واالنسجام من خالل مواكبة التنظيم الالمركزي للمملكة وتحقيق العدالة‬
‫المجالية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مرتكزات امليثاق الوطني لالمتركز اإلداري‬


‫أسس ميثاق الالتمركز اإلداري على مجموعة من المحددات على شاكلة‬
‫مرتكزات جوهرية تحدد فلسفة المشرع في نهج مقاربة للبعد الترابي في‬
‫أنجاز وتنفيذ برامج التنمية على المستوى الجهوي‪.‬‬
‫‪ -1‬صدارة المستوى الجهوي‪ :‬لقد بوء دستور ‪ 2011‬الجهة مستوى‬
‫الصدارة في العالقات بين مختلف الفاعلين المحليين في التنظيم اإلداري‬
‫للمملكة‪ ،‬وجعلها فضاء للحوار والتشاور وإلعداد برامج التنمية وتتبعها‪،‬‬
‫ووعيا بأن اتساع مجال الصالحيات المخولة للجماعات الترابية بمقتضى‬

‫‪ -31‬للمزيد من التفصيل أنظر‪" :‬امليثاق الوطين لالمتركز اإلداري رافعة لورش اجلهوية املتقدمة"‪ ،‬عرض مضامني املرسوم رقم ‪ 2.17.618‬مبثابة ميثاق وطين لالمتركز‬
‫اإلداري‪ ،‬وزارة إصالح اإلدارة والوظيفة العمومية الرابط ‪ 14‬فرباير ‪.2019‬‬

‫‪34‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية‪ ،‬السيما على المستوى‬


‫الجهوي‪ ،‬وأهمية الموارد البشرية والمالية التي وضعت رهن إشارتها‪.‬‬
‫وأيضا باعتبارها الفضاء الترابي المالئم لتنفيذ توجهات الدولة المتعلقة‬
‫بالالتمركز اإلداري‪ ،‬وبما يجعلها مستوى بينيا وحلقة مفصلية لتأطير‬
‫العالقة بين اإلدارات المركزية للدولة وبين تمثيلياتها على المستوى‬
‫الترابي‪.‬‬
‫ولتحقيق ذلك وجب مدها باختصاصات حقيقية التخاذ القرار‪،‬‬
‫وبالموارد المالية والمادية الالزمة وكذا بالموارد البشرية ذات الكفاءة‪ ،‬إلدارة‬
‫جهوية قوية ومستقرة وبعيدة عن التعديالت التنظيمية المرتبطة‬
‫بتغيير الخيارات السياسية االستراتيجية‪ ،‬وكذا العمل على ضمان توحيد‬
‫عمل الدولة على المستوى الترابي وإدارة معقلنة من خالل تعضيد‬
‫الوسائل واإلمكانيات وتحديد التنظيم المالئم لإلدارات الجهوية‪.‬‬
‫‪ -2‬كما يتضمن ميثاق الالتمركز اإلداري دورا محوريا للوالة فيما يخص‬
‫التنسيق على المستوى الجهوي بين مختلف اإلدارات المعنية‪ ،‬باعتباره‬
‫ممثال للسلطة المركزية على مستوى الجهة‪ ،‬وفاعال محوريا لتنسيق‬
‫أنشطة المصالح الالممركزة‪ ،‬وللسهر‪ ،‬تحت سلطة الوزراء المعنيين‪ ،‬على‬
‫حسن سيرها ومراقبتها‪ ،‬ولتحقيق التقائية السياسات والبرامج التنموية‬
‫والمشاريع العمومية على مستوى الجهة وتتبع تنفيذها‪ ،‬تفعيال للفصل‬
‫‪ 145‬من الدستور‪.32‬‬

‫‪ -32‬ينص الفصل ‪ 145‬من دستور ‪ 2011‬على‪ " :‬ميثل والة اجلهات وعمال األقاليم والعماالت‪ ،‬السلطة املركزية يف اجلماعات الرتابية‪ .‬يعمل الوالة والعمال‪ ،‬ابسم‬
‫احلكومة‪ ،‬على أتمني تطبيق القانون‪ ،‬وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراهتا‪ ،‬كما ميارسون املراقبة اإلدارية‪.‬‬
‫يساعد الوالة والعمال رؤساء اجلماعات الرتابية‪ ،‬وخاصة رؤساء اجملالس اجلهوية‪ ،‬على تنفيذ املخططات والربامج التنموية‪ .‬يقوم الوالة والعمال‪ ،‬حتت سلطة الوزراء املعنيني‪،‬‬
‫بتنسيق أنشطة املصاحل الالممركزة لإلدارة املركزية‪ ،‬ويسهرون على حسن سريها‪".‬‬

‫‪35‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫كما يشرف الوالة والعمال على تحضير البرامج والمشاريع المقررة من‬
‫قبل السلطات العمومية أو تلك التي كانت موضوع اتفاقيات أو عقود مع‬
‫هيئات أخرى‪ ،‬ويسهرون على ضمان التقائيتها وانسجامها وتناسقها‪.‬‬
‫كما عمد ميثاق الالتمركز اإلداري إلى خلق وحدات الدعم والمساندة‬
‫بجانب والي الجهة من أهمها اللجنة الجهوية للتنسيق‪ ،‬التي يرأسها والي‬
‫الجهة‪ ،‬باعتبارها إطارا تشاوريا للسهر على انسجام ووحدة عمل المصالح‬
‫الالممركزة‪ ،‬وإبداء الرأي بشأن مقترحات البرامج العمومية للدولة على‬
‫المستوى الجهوي‪ ،‬وكذا تقديم االقتراحات بخصوص تعزيز الالتمركز‬
‫اإلداري والرفع من نجاعة وفعالية المصالح الالممركزة‪ .‬وتتشكل من عمال‬
‫العماالت واألقاليم التابعة لدائرة النفوذ الترابي للجهة‪ ،‬والكاتب العام‬
‫للشؤون الجهوية‪ ،‬ورؤساء مصالح الدولة الالممركزة على مستوى الجهة‪،‬‬
‫والمسؤولون عن المراكز الجهوية لالستثمار‪ ،‬باإلضافة إلى المسؤولون‬
‫الجهويون للمؤسسات العمومية المعنية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى الكتابة العامة للشؤون الجهوية‪ ،‬كبنية إدارية‪ ،‬يشرف‬
‫عليها كاتب عام للشؤون الجهوية‪ ،‬تقوم بمساعدة والي الجهة في ممارسة‬
‫االختصاصات الموكولة إليه في مجال تنسيق أنشطة المصالح الالممركزة‬
‫للدولة‪ ،‬التي تمارس مهامها على مستوى الجهة‪.‬‬
‫والعمل على تحضير اجتماعات اللجنة الجهوية للتنسيق والسهر على‬
‫تنظيمها‪ ،‬وتنسيق أشغالها‪ ،‬وإعداد محاضرها‪ .‬وإعداد تقارير دورية‪ ،‬ترفع‬
‫إلى اللجنة الجهوية للتنسيق‪ ،‬حول حصيلة تنفيذ السياسات العمومية‬
‫والقطاعية على مستوى الجهة‪ ،‬بتنسيق وثيق مع مصالح الدولة‬
‫الالممركزة والمؤسسات والهيئات‬

‫‪36‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫العاملة بالجهة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى لجان تقنية ذات بعد عملي على مستوى العمالة أو‬
‫اإلقليم‪ ،‬يرأسها عامل العمالة أو اإلقليم‪ ،‬وتتكون من الكاتب العامة‬
‫للعمالة أو اإلقليم‪ ،‬ورؤساء مصالح الدولة الالممركزة على مستوى العمالة‬
‫أو اإلقليم‪ ،‬والمسؤولون الجهويون للمؤسسات العمومية المعنية‪ .‬ويتولى‬
‫الكاتب العامة للعمالة أو اإلقليم‪ ،‬مهمة الكتابة الدائمة للجنة التقنية‪،‬‬
‫حيث يقوم‪ ،‬على وجه الخصوص‪ ،‬بتحضير اجتماعات اللجنة التقنية‬
‫والسهر على تنظيمها‪ ،‬وتنسيق أشغالها‪ ،‬وإعداد محاضرها‪ ،‬ومسك‬
‫مستنداتها وحفظها‪.‬‬
‫‪ -3‬كما توكل وظيفة ذات بعد استراتيجي إلى لجنة وزارية لالتمركز‬
‫اإلداري‪ ،‬تشرف على وضع البرامج واستراتيجيات تنزيل ميثاق الالتمركز‬
‫اإلداري وأيضا تقييمه وإعداد مقترحات لتطوير تنفيذه‪ .‬وتتشكل اللجنة‬
‫الوزارية التي يرأسها رئيس الحكومة من السلطة الحكومية المكلفة‬
‫بإصالح اإلدارة وبالوظيفة العمومية‪ ،‬والسلطة الحكومية المكلفة‬
‫بالمالية‪ ،‬واألمين العام للحكومة والسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية‪،‬‬
‫وكل سلطة حكومية أخرى معنية بالقضايا والنقط المدرجة في جدول‬
‫أعمال اللجنة‪.‬‬
‫وتناط باللجنة مهمة اقتراح التدابير الالزمة لتنفيذ التوجهات العامة‬
‫لسياسة الدولة في مجال الالتمركز اإلداري‪ ،‬والسهر على تتبع تنفيذها‪،‬‬
‫وتقييم نتائجها‪ ،‬حيث تتولى أساسا القيام بالمهام التالية‪:‬‬
‫‪ -‬اقتراح إحداث تمثيليات إدارية مشتركة بين قطاعين وزاريين أو‬
‫أكثر على المستوى الجهوي وعلى مستوى العمالة أو اإلقليم‪.‬‬

‫‪37‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪ -‬الدراسة والمصادقة على اقتراحات إحداث التمثيليات اإلدارية‬


‫الجهوية المشتركة المقدمة من طرف السلطات الحكومية المعنية‬
‫أو من قبل والي الجهة المعني‪.‬‬
‫‪ -‬اقتراح جميع التدابير الكفيلة بالرفع من فعالية أداء المصالح‬
‫الالممركزة للدولة ونجاعتها‪.‬‬
‫‪ -‬المصادقة على مشاريع التصاميم المديرية لالتمركز اإلداري‬
‫‪ -‬تقييم سياسة الالتمركز اإلداري ونتائجها‪ ،‬واقتراح كل إجراء من‬
‫شأنه تطويرها‪.‬‬
‫وتتولى وزارة إصالح اإلدارة والوظيفة العمومية بمهمة الكتابة‬
‫الدائمة للجنة الوزارية‪ ،‬حيث تقوم‪ ،‬على وجه الخصوص‪ ،‬بتحضير‬
‫اجتماعات اللجنة والسهر على تنظيمها وتنسيق أشغالها وإعداد‬
‫محاضرها‪ ،‬ومسك مستندات اللجنة وحفظها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مرجعيات ميثاق الالمتركز اإلداري وأهدافه‬


‫يهدف ميثاق الالتمركز اإلدارية إلى مواكبة التنظيم الترابي الالمركزي‬
‫للمملكة‪ ،‬القائم على الجهوية المتقدمة‪ ،‬والعمل على ضمان نجاعته‬
‫وفعاليته‪ ،‬مع تعزيز آليات التكامل والتعاون والشراكة بين المصالح‬
‫الالممركزة للدولة والهيئات الالمركزية‪ ،‬والسيما منها الجماعات الترابية‪،‬‬
‫إلى جانب التوطين الترابي للسياسات العمومية من خالل أخذ‬
‫الخصوصيات الجهوية واإلقليمية بعين االعتبار في إعداد هذه السياسات‬
‫وتنفيذها وتقييمها‪ ،‬مع ضمان التقائيتها وتجانسها وتكاملها على‬
‫مستوى الجهة وعلى مستوى العمالة أو اإلقليم‪ ،‬وتحقيق التعاضد في‬
‫وسائل تنفيذها‪ .‬باإلضافة إلى تقريب الخدمات العمومية التي تقدمها‬

‫‪38‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الدولة إلى المرتفقين‪ ،‬أشخاصا ذاتيين كانوا أو اعتباريين‪ ،‬وتحسين‬


‫جودتها‪ ،‬وتأمين استمراريتها‪.‬‬
‫ويستند في ذلك إلى العمل على تحقيق اإلنصاف في تغطية التراب‬
‫الوطني من خالل ضمان التوزيع الجغرافي المتكافئ لمصالح الدولة‬
‫الالممركزة‪ ،‬وبالتالي تحقيق العدالة المجالية‪.‬‬
‫وتفعيل مبدأ التفريع في توزيع المهام وتحديد االختصاصات بين‬
‫اإلدارات المركزية والمصالح الالممركزة التابعة لها وفقا للفصل ‪ 140‬من‬
‫الدستور الذي يعهد لإلدارات المركزية بممارسة المهام ذات الطابع الوطني‬
‫أو تلك التي ال يمكن تفويض ممارستها للمصالح الالممركزة بحكم‬
‫القانون‪ .33‬وهو يهدف –أي مبدأ التفريع‪ -‬على المستوى المركزي إلى‬
‫إعداد السياسات والبرامج العمومية ومشاريع النصوص التشريعية‬
‫والتنظيمية‪ ،‬التنشيط‪ ،‬المواكبة‪ ،‬توفير اإلمكانيات‪ ،‬التوجيه والتقييم‬
‫والمراقبة‪ .‬وجهويا يهدف إلى السهر على تدبير المرافق العمومية‬
‫الجهوية التابعة للدولة‪ ،‬وتنفيذ السياسات العمومية‪ ،‬واإلسهام في إعداد‬
‫وتنفيذ البرامج والمشاريع العمومية المبرمجة على صعيد الجهة‪.‬‬
‫وتقديم كل أشكال الدعم والمساعدة التقنية لفائدة الجماعات الترابية‬
‫وهيئاتها والمؤسسات والمقاوالت العمومية ذات االختصاص الترابي وكل‬
‫هيئة من الهيئات المكلفة بتدبير مرفق عمومي‪ ،‬والعمل كذلك على‬
‫مواكبة الجماعات الترابية وهيئاتها في ممارسة االختصاصات الموكولة‬
‫إليها‪ ،‬والسيما في إنجاز برامجها ومشاريعها االستثمارية وتمكينها من كل‬
‫أشكال المساعدة الالزمة‪ ،‬مع ربط المسؤولية بالمحاسبة في تقييم‬

‫‪ -33‬ينص الفصل ‪ 140‬من الدستور على ‪ " :‬للجماعات الرتابية‪ ،‬وبناء على مبدإ التفريع‪ ،‬اختصاصات ذاتية واختصاصات مشرتكة مع الدولة واختصاصات منقولة‬
‫إليها من هذه األخرية‪ .‬تتوفر اجلهات واجلماعات الرتابية األخرى‪ ،‬يف جماالت اختصاصاهتا‪ ،‬وداخل دائرهتا الرتابية‪ ،‬على سلطة تنظيمية ملمارسة صالحياهتا‪".‬‬

‫‪39‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫أدائها‪.‬وعلى المستوى اإلقليمي بتنفيذ السياسة الحكومية والتوجيهات‬


‫والقرارات الصادرة عن السلطات الحكومية التابعة لها‪ ،‬ومواكبة الجماعات‬
‫الترابية (الدعم والمساعدة التقنية)‪.‬‬
‫واقتران نقل االختصاصات إلى المصالح الالممركزة بتخصيص موارد‬
‫مالية وبشرية لتمكينها من االضطالع بالمهام والصالحيات المخولة لها‪.‬‬
‫وكذا تقريب الخدمات العمومية من المرتفقين واالرتقاء بها وضمان‬
‫جودتها واستمرارية تقديمها‪ .‬وإعادة انتشار الموظفين بين اإلدارات‬
‫المركزية والمصالح الالممركزة من خالل تشجيع الحركية اإلدارية‪.34‬‬
‫وقد وقع الميثاق الوطني قواعد عامة لتفعيل التنظيم اإلداري‬
‫المقترح‪ ،‬ومنهجية وكيفية توزيع االختصاصات بين اإلدارات المركزية‬
‫والمصالح الالممركزة للدولة في مستوياتها الجهوية واإلقليمية‪،‬‬
‫والمتعلقة في عمومها بالسهر على تدبير المرافق العمومية التابعة‬
‫للدولة وتنفيذ السياسات العمومية‪ ،‬واإلسهام في إعداد وتنفيذ البرامج‬
‫والمشاريع العمومية واالستراتيجيات الوطنية والقطاعية المعتمدة في‬
‫مختلف مجاالت التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية‪،‬‬
‫وتثمين جدوة الخدمات العمومية التي تقدمها‪ ،‬واإلسهام في إعداد‬
‫التصاميم المديرية لالتمركز اإلداري‪ ،‬وتقديم كل مقترح أو مبادرة من‬
‫شأنها تطوير األداء وتحقيق االلتقائية والتناسق‪ ،‬باإلضافة إلى مقترحات‬
‫البرمجة الميزانية لثالث سنوات‪ ،‬واتخاذ جميع التدابير الكفيلة بضمان‬
‫تعاضد الوسائل المادية والبشرية وإعداد مشاريع تقارير نجاعة األداء‪.‬‬

‫‪ -34‬للمزيد من التفصيل أنظر املادة ‪ 8‬من املرسوم مبثابة ميثاق الالمتركز اإلداري‪.‬‬

‫‪40‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وكذا القواعد المنظمة للعالقات فيما بينها‪ ،‬وعالقات اإلدارات‬


‫المركزية بالمصالح الالممركزة‪35‬وعالقات المصالح الالممركزة بالجماعات‬
‫الترابية تحت سلطة السلطات الحكومية المعنية‪ ،‬وتحت إشراف والي‬
‫الجهة أو عامل العمالة أو اإلقليم‪ ،‬من خالل تقديم كل أشكال الدعم‬
‫والمساعدة لفائدة الجماعات الترابية وهيئاتها والمؤسسات والمقاوالت‬
‫العمومية ذات االختصاص الترابي وكل هيئة من الهيئات المكلفة بتدبير‬
‫مرفق عمومي‪.‬‬

‫احملور الثاني‪ :‬حماور تنزيل ميثاق الالمتركز اإلداري وآليات تفعيله‪:‬‬


‫يعتبر ميثاق الالتمركز اإلداري لبنى أساسية في مسار إصالح اإلدارة‬
‫الترابية عبر مجموعة من الوسائل واألهداف‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إحداث آليات تنزيل امليثاق من خالل عدة حماور‪:‬‬


‫‪ -1‬اعتماد هندسة جديدة لتوزيع االختصاصات بين المستوى‬
‫المركزي وباقي المستويات الترابية لإلدارة استنادا إلى مبدأ التفريع‪،‬‬
‫بحيث ال يعهد إلى اإلدارات المركزية إال بالمهام التي تكتسي‪ ،‬بموجب‬
‫النصوص الجاري بها العمل‪ ،‬طابعا وطنيا أو تلك التي يتعذر إنجازها من‬
‫قبل المصالح الالممركزة‪.‬‬
‫‪ -2‬تعزيز فعالية ونجاعة عمل المصالح الالممركزة‪ :‬من خالل اعتبار‬
‫إحداث التمثيليات اإلدارية المشتركة بين قطاعين وزاريين أو أكثر على‬
‫المستوى الجهوي وعلى مستوى العمالة أو اإلقليم‪ ،‬أولوية في سياسة‬
‫الالتمركز اإلداري‪ ،‬وذلك بغاية‪:‬‬

‫‪ -35‬للمزيد من التفصيل أنظر املواد من ‪ 14‬إىل ‪ 37‬من املرسوم مبثابة ميثاق وطين لالمتركز اإلداري‪.‬‬

‫‪41‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪ -‬تحقيق وحدة عمل مصالح الدولة على المستوى الجهوي أو‬


‫اإلقليمي‪ ،‬وتحسين فعالية أدائها‪ ،‬واالرتقاء بجودة الخدمات‬
‫العمومية التي تقدمها‪.‬‬
‫‪ -‬ترشيد النفقات العمومية من خالل اعتماد مبدأ التعاضد في‬
‫الوسائل المادية والبشرية وتقاسمهما بين التمثيليات المشتركة‬
‫المذكورة‪.‬‬
‫مع اعتبار رؤساء التمثيليات اإلدارية القطاعية أو المشتركة على‬
‫المستوى الجهوي (يعينون بموجب مرسوم)‪ ،‬سلطة رئاسية بالنسبة‬
‫لرؤساء التمثيليات اإلدارية القطاعية أو المشتركة التابعة لهم على‬
‫مستوى العمالة أو اإلقليم (يعينون بموجب قرار)‪.‬‬
‫‪ -3‬تحديد العالقات المؤسساتية والوظيفية بين اإلدارات المركزية‬
‫والمصالح الالممركزة‪ ،‬وبين والي الجهة وعامل العمالة واإلقليم مع هذه‬
‫اإلدارات والمصالح الالممركزة‪ ،‬وعالقة هذه األخيرة بالجماعات الترابية‪،‬‬
‫من أجل‪:‬‬
‫‪ -‬تمكين المصالح الالممركزة من ممارسة صالحيات تتيح لها اتخاذ‬
‫المبادرة في تفعيل السياسات العمومية القطاعية المكلفة‬
‫بتنفيذها‪ ،‬وابتداع الحلول الكفيلة بتجويد الخدمات العمومية التي‬
‫تقدمها للمرتفقين‪.‬‬
‫‪ -‬توجيه المصالح الالممركزة في ممارسة أنشطتها ومواكبتها‬
‫وتتبعها ودعمها‪ ،‬وتقييم أدائها‬

‫‪42‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪ -‬قيام المصالح الالممركزة‪ ،‬تحت سلطة السلطات الحكومية المعنية‪،‬‬


‫وتحت إشراف والي الجهة وعامل العمالة أو اإلقليم بتقديم كل‬
‫أشكال الدعم والمساعدة لفائدة الجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على إرساء أسس شراكة فاعلة‪ ،‬والسيما عن طريق إبرام‬
‫اتفاقيات أو عقود باسم الدولة‪ ،‬مع التقيد بالتوجهات العامة‬
‫للدولة وبرامج التنمية الجهوية المعتمدة‪.‬‬
‫‪ -4‬إحداث آلية لتنزيل سياسة الالتمركز اإلداري من خالل وضع‬
‫تصاميم مديرية مرجعية لالتمركز اإلداري خاصة بكل قطاع وزاري يهم‬
‫المصالح الالممركزة التابعة لها‪.36‬‬
‫حيث يعتبر التصميم المديريلالتمركز اإلداري وثيقة مرجعية لتنفيذ‬
‫سياسة الالتمركز اإلداري داخل قطاع معين‪ ،‬ترمي إلى تحديد االختصاصات‬
‫التي سيتم نقلها إلى المصالح الالممركزة‪ ،‬مصحوبة بالموارد البشرية‬
‫والمالية‪ ،‬وكذا اإلمكانيات والوسائل المادية الضرورية لتنفيذها‪ ،‬والمتوقع‬
‫إنجازها داخل أجل زمني محدد‪ .‬وتم تحديد ثالث سنوات كأجل أقصى‬
‫لتنفيذ هذه التصاميم المديرية‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار مبدأ التدرج في‬
‫التنزيل‪ ،‬بما يوائم بين المقترحات المقدمة وواقعية التنفيذ في إطار‬
‫تعاقدي بين القطاعات الوزارية ووالة الجهات ورؤساء التمثيليات اإلدارية‬
‫الجهوية المعنية‪.‬‬

‫‪" -36‬امليثاق الوطين لالمتركز اإلداري رافعة لورش اجلهوية املتقدمة"‪ ،‬عرض مضامني املرسوم رقم ‪ 2.17.618‬مبثابة ميثاق وطين لالمتركز اإلداري‪ ،‬وزارة إصالح اإلدارة‬
‫والوظيفة العمومية الرابط ‪ 14‬فرباير ‪ ،2019‬ص ‪.15-14‬‬

‫‪43‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫كما تم إصدار المرسوم رقم ‪ 2.19.40‬الصادر بتاريخ ‪ 24‬يناير ‪2019‬‬


‫بمثابة نص تنظيمي يحدد نموذج التصميم المديري المرجعي لالتمركز‬
‫اإلداري‪ ،37‬ويتضمن النموذج المحاور التالية‪:‬‬
‫‪ ‬االختصاصات‪ ،‬سيما تلك ذات الطابع التقريري التي سيتم نقلها إلى‬
‫المصالح الالممركزة‪ ،‬سواء على المستوى الجهوي أو على مستوى‬
‫العمالة أو اإلقليم طبقا لقواعد توزيع االختصاصات المنصوص‬
‫عليها في المواد ‪ 14‬و‪ 15‬و‪ 16‬من المرسوم السالف الذكر رقم‬
‫‪ ،2.17.618‬وتلك التي يمكن أن تكون موضوع التفويض‪.‬‬
‫‪ ‬الموارد البشرية والمادية لتمكين المصالح الالممركزة من ممارسة‬
‫االختصاصات الموكولة إليها‪.‬‬
‫‪ ‬األهداف المراد تحقيقها من قبل المصالح الالممركزة‪ ،‬ومؤشرات‬
‫قياس نجاعة أدائها في تحقيق هذه األهداف‬
‫‪ ‬البرمجة الزمنية المتعلقة بتنفيذ مضمون التصاميم المديرية‪.‬‬
‫كما تم التنصيص على استحداث آليات الدعم والتتبع‪ ،‬وخارطة‬
‫طريق‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬آليات الدعم والتتبع‪:‬‬


‫‪ -1‬تم التنصيص على آليات لتتبع الالتمركز اإلداري من خالل تقارير‬
‫قطاعية أو جهوية‪ ،‬تشتغل عليها مصالح اإلدارة المركزية حيث تقوم‬
‫بصفة منتظمة‪ ،‬بإعداد تقرير لتقييم أداء المصالح الالممركزة‪ ،‬ترفعه إلى‬
‫السلطة الحكومية المعنية قصد البت في خالصاته‪ ،‬وتوجه نسخة منه‬
‫إلى والي الجهة أو عامل العمالة أو اإلقليم حسب الحالة‪ ،‬وذلك للتأكد بصفة‬

‫‪ -37‬صدر ابجلريدة الرمسية عدد ‪ 6746‬مكرر – ‪ 25‬يناير ‪.2019‬‬

‫‪44‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫خاصة‪ ،‬في مدى تقيدها باألهداف والمبادئ المنصوص عليها في الميثاق‬


‫وكذا بااللتزامات المضمنة في التصاميم المديرية‪ .‬وتنفيذها لاللتزامات‬
‫الملقاة على عاتقها‪ ،‬سواء منها تلك الناتجة عن تطبيق النصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‪ ،‬أو تلك المتعلقة بتنفيذ‬
‫البرامج والمشاريع التي تسهر على إنجازها في إطار االتفاقيات أو العقود‬
‫المبرمة بشأنها‪ .‬ومدى التزامها باإلجراءات الواجب التقيد بها في ممارستها‬
‫الختصاصاتها‪.‬‬
‫وكذا التقارير الدورية التي تعدها الكتابة العامة للشؤون الجهوية‬
‫التي ترفعها إلى اللجنة الجهوية للتنسيق‪ ،‬حول حصيلة تنفيذ السياسات‬
‫العمومية والقطاعية على مستوى الجهة‪ ،‬بتنسيق وثيق مع مصالح‬
‫الدولة الالممركزة والمؤسسات والهيئات العاملة بالجهة‪.‬‬
‫وتقارير وطنية‪ ،‬حيث يتعين على جميع السلطات الحكومية موافاة‬
‫اللجنة الوزارية لالتمركز اإلداري‪ ،‬قبل نهاية كل سنة‪ ،‬بتقرير مفصل‬
‫يتضمن تتعلق باالختصاصات التي تم نقلها إلى المصالح الالممركزة‬
‫للدولة التابعة لها خالل السنة الجارية‪ .‬وتلك المزمع نقلها إلى المصالح‬
‫الالممركزة للدولة التابعة لها برسن السنة أو السنوات الموالية‪ .‬باإلضافة‬
‫إلى جدول بياني حول توزيع الموارد البشرية بين اإلدارات المركزية‬
‫والمصالح الالممركزة للدولة التابعة لها على مستوى الجهة وعلى مستوى‬
‫العمالة أو اإلقليم‪ .‬والتدابير المقترحة لتعزيز سياسة الالتمركز اإلداري‪،‬‬
‫عند االقتضاء‪.‬‬
‫كما تتولى الكتابة العامة للشؤون الجهوية‪ :‬إعداد التقرير السنوي‬
‫لمنجزات اللجنة الجهوية للتنسيق واقتراحاتها بشأن تعزيز الالتمركز اإلداري‬
‫والرفع من نجاعة وفعالية أداء المصالح الالممركزة على المستوى الجهوي‪:‬‬

‫‪45‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫يبعثه والي الجهة بعد المصادقة عليه من طرف هذه اللجنة‪ ،‬إلى اللجنة‬
‫الوزارية لالتمركز اإلداري قبل متم شهر مارس من كل سنة‪.‬‬
‫وتقوم الكتابة الدائمة للجنة الوزارية لالتمركز اإلداري بإعداد تقرير‬
‫سنوي حول حصيلة أعمال اللجنة الوزارية لالتمركز اإلداري‪ ،‬التي تعمل على‬
‫نشره بجميع الوسائل المتاحة بعد المصادقة عليه‪.‬‬
‫‪-2‬خارطة الطريق لتنفيذ ورش الالتمركز اإلداري‪:‬‬
‫وكإجابة على جل التحديات التي تم طرحها أثناء اإلعداد لهذا الورش‬
‫الكبير‪ ،‬الذي من شأنه أن يكون رافعة لتطوير المنظومة اإلدارية‪ ،‬ولعل‬
‫أهمها االفتقاد لآلليات القانونية والنصوص التنظيمية الكفيلة بتنزيل‬
‫ميثاق الالتمركز اإلداري‪ ،‬وعدم تغطية المرافق العمومية بالوسائل‬
‫المادية والبشرية واللوجستيكية كذلك‪ ،‬وضعف ومحدودية الموارد‬
‫البشرية والكفاءات التي من شأنها تدبير ملفاتها على المستويات الجهوية‬
‫واإلقليمية والمحلية‪ ...‬وغيرها‪ .‬تم تحديد خارطة طريق لتنفيذ ورش‬
‫الالتمركز اإلداري‪ ،‬حيث تضمنت ‪ 6‬محاور أساسية وأطرافا معنية وإجراءات‬
‫وآجاال للتنفيذ‪.‬‬
‫حيث تضمن المحور األول المتعلق بآليات التنزيل والحكامة والممتد‬
‫من سنة ‪ 2018‬إلى ‪ ،2021‬إصدار نص تنظيمي يحدد نموذج التصميم‬
‫المديري المرجعي لالتمركز اإلداري‪ ،‬وإعداد التصاميم المديرية لالتمركز‬
‫اإلداري من طرف كافة القطاعات المعنية في أجل أقصاه ‪ 6‬أشهر من تاريخ‬
‫دخول النص التنظيمي للتصميم المديري المرجعي لالتمركز اإلداري مع‬
‫إمكانية تحيينها سنويا‪ .‬بل والشروع في تنزيل هذه التصاميم على‬
‫المستوى الجهوي في إطار تعاقدي بين القطاعات الوزارية ووالي الجهة‬

‫‪46‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫ورؤساء التمثيليات اإلدارية الجهوية المعنية‪ ،‬هي المهلة التي تتزامن مع‬
‫سنة انتخابية مما قد يعرقل تنزيلها أو يسبب لها تأخرا‪.‬‬
‫باإلضافة إلى موافاة القطاعات الوزارية للجنة الوزارية لالتمركز‬
‫اإلداري‪ ،‬قبل متم السنة‪ ،‬بتقرير يتضمن االختصاصات التي تم نقلها إلى‬
‫المصالح الالممركزة وتلك المزمع نقلها وجدول بياني حول توزيع الموارد‬
‫البشرية بين اإلدارات المركزية والالممركزة والتدابير المقترحة لتعزيز‬
‫سياسة الالتمركز‪.‬‬
‫كما تعلق المحور الثاني بالتنظيم والهياكل اإلدارية‪ ،‬ويتعلق بتنظيم‬
‫الكتابة العامة للشؤون الجهوية بموجب قرار لوزير الداخلية‪ ،‬وتعيين‬
‫الكتاب العامين للشؤون الجهوية واألطر التابعة للكتابة العامة للشؤون‬
‫الجهوية‪ .‬باإلضافة إلى مراجعة المرسوم بشأن تحديد قواعد تنظيم‬
‫القطاعات الوزارية والالتمركز اإلداري الصادر بتاريخ ‪ 02‬دجنبر ‪2005‬‬
‫ومطابقة مضامينه مع أحكام الميثاق الوطني الجديد‪ .‬ومراجعة المناظيم‬
‫الهيكلية (المراسيم والقرارات) للقطاعات الوزارية المتعلقة بتنظيم‬
‫مصالحها المركزية والالممركزة مع مالءمة القوانين المنظمة للمؤسسات‬
‫العمومية ذات الطابع الجهوي‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬بغاية إدماجها في التصور‬
‫الجديد‪ .‬وهو ورش ال يجب أن يتجاوز سنة ‪.2020‬‬
‫غير أنه ال بد من اإلشارة إلى ضرورة زيادة الوحدات اإلدارية بما يتالءم‬
‫وحاجيات المواطنين‪ ،‬وبالشكل الذي يضمن المساواة في االستفادة من‬
‫جودة الخدمات العمومية‪.‬‬
‫وخصص المحور الثالث‪ ،‬لملف تدبير الموارد البشرية‪ ،‬والذي وضع له‬
‫أجل زمني خالل سنة ‪ ،2020‬من خالل مراجعة النصوص المتعلقة‬

‫‪47‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫بالتعيين في مناصب المسؤولية والمناصب العليا بغرض إدراج‬


‫مقتضيات تنظيمية تحفز على االشتغال بالمصالح الالممركزة‪ ،‬ومراجعة‬
‫النصوص المتعلقة بحركية موظفي الدولة بغرض تدعيم تحفيز إعادة‬
‫االنتشار باإلضافة إلى نقل المهام المتعلقة بمنظومة تدبير الموارد‬
‫البشرية إلى المستوى الجهوي‪ .‬وهو ورش ليس بالهين يستحق الرعاية‬
‫واالهتمام بالنظر ألهميته وصعوبته في نفس الوقت‪ ،‬ويستلزم‬
‫تحفيزات كبيرة وبنيات استقبال مناسبة بما يضمن إعادة التوزيع‬
‫السلس‪ ،‬بالنظر إلى محدودية الموارد البشرية كما ونوعا على المستوى‬
‫المحلي‪ ،‬وضمان تحقيق عناصر االستقرار‪.‬‬
‫باإلضافة إلى محور المراقبة والتدبير المالي والمحاسبي(‪،)2021-2020‬‬
‫والذي يستلزم نقل االختصاصات المتعلقة بمنظومة مراقبة أعمال تدبير‬
‫الموارد البشرية إلى المستوى الجهوي من خالل تدعيم شبكة المصالح‬
‫الالممركزة للخزينة العامة للمملكة على المستوى اإلقليمي‪ ،‬بالهياكل‬
‫المختصة بأعمال مراقبة تدبير الموارد البشرية‪.‬‬
‫والعمل على مراجعة مجموعة من النصوص القانونية ولعل أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬المرسوم رقم ‪ 330.66‬بسن النظام العام المحاسبة العمومية بشأن‬
‫تخويل صفة آمر بالصرف جهوي لرؤساء المصالح الالممركزة على‬
‫المستوى الجهوي‪.‬‬
‫‪ -‬القانون التنظيمي رقم ‪ 130.13‬لقانون المالية قصد مالءمته فيما‬
‫يخص تخويل صفة اآلمرين بالصرف الجهويين لرؤساء المصالح‬
‫الالممركزة‪.‬‬

‫‪48‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪ -‬المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية من خالل دراسة إمكانية‬


‫التحفيز لدعم النسيج المقاوالتي على مستوى الجهة (المقاوالت‬
‫المتوسطة والصغرى)‪.‬‬
‫أما المحور الخامس فقد خصص لمسألة التفويض التي خصصت لها‬
‫مساحة كبيرة من النقاش السياسي والقانوني‪ ،‬ومنها إشكالية منح‬
‫تراخيص االستثمار‪ ،‬وكذا فيما يتعلق بتدبير المنازعات القانونية التي‬
‫تكون الدولة المخاطب فيها‪ ،‬وتم التأكيد على ضرورة مراجعة مرسوم ‪30‬‬
‫أكتوبر ‪ 2008‬في شأن تفويض اإلمضاء عبر توسيع مفهوم التفويض‬
‫ليشمل تفويض االختصاص والسلطة والمهام‪ ،‬وعدم حصره في اإلمضاء أو‬
‫التأشير‪ ،‬خالل سنة ‪.2020‬‬
‫وختاما؛ لقد وضع المشرع محورا سادسا ضمن خارطة الطريق لتفعيل‬
‫وتنزيل مقتضيات ميثاق الالتمركز اإلداري‪ ،‬ويتعلق أساسا بالتكوين‬
‫والتواصل‪ ،‬والذي تم بالفعل خالل سنة ‪ ،2019‬عن طريق تنظيم يوم‬
‫تواصلي للتعريف بمضامين الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري‪ ،‬وإعداد‬
‫وتنظيم برنامج تكويني على مستوى كل جهة لفائدة الكتاب العامين‬
‫للشؤون الجهوية وأطر الكتابة العامة للشؤون الجهوية والمصالح‬
‫الالممركزة للوزارات‪ ،‬باإلضافة إلى إعداد وتنظيم برنامج تكويني على‬
‫مستوى كل جهة لفائدة الموارد البشرية المكلفة بتتبع وتنزيل التصاميم‬
‫المديرية‪ ،‬وتنظيم خرجات جهوية للتواصل والتحسيس بالتصور الجديد‬
‫لإلدارة الالممركزة واختصاصاتها الجديدة‪.‬‬
‫غير أن هذا المجهود المقدر يعتبر غير كافيا بالنظر للصعوبات‬
‫الكبيرة التي تعرفها اإلدارة المغربية بشكل عام‪ ،‬والتي أثرت بشكل عام‬
‫وتسببت في إبطاء ورش الالمركزية منذ االستقالل وإلى اليوم‪ .‬والتي‬

‫‪49‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫جعلت اإلدارة المركزية تحتكر وتركز السلطات واالختصاصات والوسائل‬


‫المادية والبشرية بشكل تتحول معه المصالح التابعة إلى مجرد محطات‬
‫للتنفيذ ذات هامش ضئيل في اتخاذ القرار‪.‬‬
‫وبالرغم من أن المغرب خطا خطوات مهمة في هذا الورش‪ ،‬يمكن‬
‫القول عنها أنها غير مسبوقة غير أنه يلزمها تكامل وتظافر جهود مختلف‬
‫الفاعلين‪ ،‬ولعل الفاعل السياسي الجهوي‪ ،‬والذي تم تغييبه في مختلف‬
‫محطات ومراحل هذه االستراتيجية‪ ،‬يعتبر لبنة أساسية في إنجاح‬
‫الجهوية المتقدمة وبالتالي اإلسهام في إقرار الالمركزية المنشودة كما‬
‫تناولتها مقتضيات دستور ‪.2011‬‬

‫‪50‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الئحة املراجع‪:‬‬
‫‪ ‬الدستور المغربي لسنة ‪.2011‬‬
‫‪ ‬هشام لفقيه‪ ،‬نظام الالتمركز اإلداري بالمغرب وإشكالية إصالح‬
‫اإلدارة المحلية"‪ ،‬نشر بالموقع االلكتروني لهسبريس بتاريخ ‪.2018/7/30‬‬
‫‪ ‬الخطاب الملكي السامي إلى الحكومة بمناسبة عيد العرش المجيد‬
‫بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪.2018‬‬
‫‪ ‬مرسوم رقم ‪ 2.17.618‬في ‪ 18‬من ربيع اآلخر ‪ 26( 1440‬ديسمبر‬
‫‪ )2018‬بمثابة ميثاق الالتمركز اإلداري بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6738‬بتاريخ‬
‫‪ 19‬ربيع اآلخر ‪ 1440‬الموافق ل ‪ 27‬ديسمبر ‪.2018‬‬
‫‪ ‬مرسوم رقم ‪ 2.19.40‬صادر في ‪ 17‬من جمادى األولى ‪ 24( 1440‬يناير‬
‫‪ )2019‬بتحديد نموذج التصميم المديري المرجعي لالتمركز اإلداري‪ ،‬صدر‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6746‬مكرر‪ ،‬بتاريخ ‪ 18‬جمادى األولى ‪ 25( 1440‬يناير‬
‫‪.)2019‬‬
‫‪ ‬الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري رافعة لورش الجهوية المتقدمة"‪،‬‬
‫عرض مضامين المرسوم رقم ‪ 2.17.618‬بمثابة ميثاق وطني لالتمركز‬
‫اإلداري‪ ،‬وزارة إصالح اإلدارة والوظيفة العمومية الرباط ‪ 14‬فبراير ‪.2019‬‬

‫‪51‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الدكتور يوسف بن هيبة‬


‫باحث يف القانون العام والعلوم السياسية جامعة عبد املالك السعدي‬
‫‪ -‬طنجة – املغرب‬
‫املبادرة التشريعية بني احلكومة وجملس النواب املغربي‪ :‬حالة‬
‫املعارضة الربملانية خالل الوالية التشريعية التاسعة (‪)2016-2011‬‬
‫‪Legislative initiative between the government and the Moroccan House of‬‬
‫‪Representatives: the state of parliamentary opposition during the ninth legislative term‬‬

‫تقديم‪:‬‬
‫شكل مطلب اإلصالح الدستوري‪ ،‬كمدخل لإلصالح بالمغرب‪ ،‬أحد‬
‫الرهانات األساسية التي هيمنت على جل مطالب الفاعلين السياسيين من‬
‫أجل االرتقاء بالمؤسسة البرلمانية إلى سلطة تشريعية‪ ،‬على اعتبار أن‬
‫المأسسة مدخل مركزي لتأهيل المعارضة البرلمانية لممارسة أدوارها من‬
‫موقع النجاعة والفعالية‪ .‬وهو ما قد يموقع المؤسسة التشريعية في‬
‫مركز عملية تحديث النظام السياسي المغربي في اتجاه مزيد من الرفع من‬
‫منسوب دمقرطة الدولة والمجتمع‪ .‬وانسجاماً مع مقتضيات الديمقراطية‬
‫الحديثة التي تتأسس على دعامتين أساسيتين؛ أغلبية حكومية‬
‫ومعارضة برلمانية تم الحد من تغول السلطة التنفيذية التي تستقوي‬

‫‪52‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫باألغلبية العددية البرلمانية‪ ،‬األمر الذي يقتضي تمكين المعارضة من‬


‫امكانات تؤهلها لممارسة عملها بطريقة ناجعة‪ ،‬على اعتبار أن السلطة‬
‫ال يمكن أن تحدها إال سلطة كابحة لها عن االستفراد بالقرار‪.‬‬

‫لقد اعتبر مكسب تمكين المعارضة البرلمانية في الوثيقة‬


‫الدستورية لسنة ‪ 2011‬أحد أبرز مستجدات الدستور الجديد‪ ،‬إذ خولتها عدة‬
‫امتيازات وضمانات قانونية‪ ،‬جاءت نتيجة اعتماد مدخل االصالح‬
‫الدستوري جواباً على مطلب بعض المذكرات التي رفعت للجنة الملكية‬
‫االستشارية لتعديل دستور‪ ،1996‬مدعية أن ضعف حصيلة فرق‬
‫المعارضة البرلمانية ونجاعة عملها على مستوى المبادرة التشريعية‬
‫مرتبط بشح االمكانات الدستورية وهزالة اإلمكانات المادية واللوجستيكية‬
‫المرصودة لها في الدساتير السابقة في مقابل استئثار الحكومة بذلك‪،‬‬
‫وهو ما يحول دون االرتقاء بوظائفها الدستورية في المجال التشريعي‪.‬‬
‫وجعلها شريكاً في صناعة القرار البرلماني‪.‬‬

‫تُعد المبادرة التشريعية إحدى التقنيات األساسية التي يشارك من‬


‫خاللها البرلمان في العملية التشريعية‪ ،‬وهي صالحية تتقاسمها الحكومة‬
‫والبرلمان(أغلبية‪/‬معارضةً)‪ ،‬علماً أن دستور ‪ 2011‬عمل على دعم‬
‫المبادرة التشريعية البرلمانية من خالل مجموعة من المقتضيات التي‬
‫حملتها الوثيقة الدستورية لسنة ‪ 2011‬والنظاميين الداخليين لسنتي‬
‫‪ 2012‬و‪ ،2013‬رغم تباين االمكانات البشرية واللوجستيكية بين الطرفين‪،‬‬
‫كما عمل المشرع الدستوري والبرلماني على تمكين المعارضة البرلمانية‬

‫‪53‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫من امتيازات دستورية من أجل ضمان مشاركتها الفعلية في االرتقاء‬


‫بالمبادرة التشريعية‪ ،‬وذلك بغية تجاوز المقاربة العددية في اكتساب‬
‫الصالحيات إلى منطق يتغيى التوازن والمشاركة والنجاعة والفعالية‪.‬‬

‫قصد الوقوف على مدى استثمار المعارضة البرلمانية لهذه االمكانات‬


‫الدستورية التي منحت إياها خالل الوالية التشريعية التاسعة التي تعد‬
‫والية تأسيسية بامتياز‪38‬؛ سوف نخصص هذه المقالة لدراسة المبادرة‬
‫التشريعية للمعارضة البرلمانية بمجلس النواب‪ .39‬وهو ما يستوجب‬
‫استعراض المستجدات الدستورية المتعلقة بالمبادرة التشريعية‬
‫للمعارضة البرلمانية والحكومة وحصيلتهما خالل الوالية التشريعية‬
‫التاسعة (المبحث األول)‪ ،‬ثم العمل على تقييم الحصيلة المنجزة من أجل‬

‫‪ -‬تعد والية تأسيسية بامتياز وذلك لسببين‪ :‬أوال؛ في مجال التشريع‪ ،‬حيث أصبح البرلمان المصدر الوحيد‬ ‫‪38‬‬

‫للتشريع‪ .‬ثانياً؛ توسيع مجال القانون‪ ،‬عن طريق التوضيح المفصل لمواده ودخول مضامين جديدة في هذا المجال‪،‬‬
‫إضافة إلى تمكين المشرع من إتمام الدستور بسن مجموعة من القوانين التنظيمية‪ ،‬عالوة على القوانين المتعلقة‬
‫بمختلف المؤسسات المنصوص عليها في الدستور‪ ،‬مما يتيح تجديد التشريعات الوطنية"‪.‬‬
‫‪ - 39‬يبقى اختيار المعارضة بمجلس النواب كمجال لهذه الدراسة دون مجلس المستشارين‪ ،‬نظ اًر لسمو مكانة مجلس‬
‫النواب على مجلس المستشارين‪ ،‬ويبرز ذلك من خالل مجموعة من المقتضيات الدستورية‪ ،‬فمجلس النواب ينتخب‬
‫أعضاؤه باالقتراع العام المباشر ومنه تنبثق الحكومة خالفاً لمجلس المستشارين‪ ،‬كما يحظى مجلس النواب باألسبقية‬
‫على مستوى التراتبية الدستورية مقارنة بمجلس المستشارين‪ ،‬ومن أبرزها حالة اجتماع المجلسين فإن رئيس مجلس‬
‫النواب هو الذي يترأس االجتماع‪ ،‬كما يختص مجلس النواب بالتصويت دون مجلس المستشارين على البرنامج‬
‫الحكومي في مناسبة التنصيب البرلماني للحكومة‪ ،‬كما أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي‬
‫تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب‪ ،‬وعلى أساس نتائجها‪ .‬كما أصبح تنصيب الحكومة ومنح الثقة وملتمس‬
‫الرقابة اختصاص حصري لمجلس النواب‪ ،‬وأن ايداع مشاريع القوانين يكون باألسبقية لدى مجلس النواب‪ ،‬وفي‬
‫حالة اختالف المجلسين حول نص من النصوص ُيمنح لمجلس النواب امتياز التصويت النهائي‪ .‬كذلك تم تيسير‬
‫الشروط على النواب مقاربة بنواب مجلس المستشارين في تفعيل مجموعة من االليات الرقابية من قبيل؛ طلب جمع‬
‫البرلمان في دورات استثنائية‪ ،‬حق إحالة القوانين على المحكمة الدستورية‪.‬‬

‫‪54‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫التأكد من مدى صحة ادعاء المعارضة البرلمانية أن ضعف أدائها يعزى‬


‫إلى تواضع االمكانات الدستورية واستئثار الحكومة بالمبادرة التشريعية‪،‬‬
‫ومن تم اقتراح السبل التي تؤهلها للمساهمة في تطوير مخرجات‬
‫المؤسسة التشريعية خاصةً والتجربة الديمقراطية المغربية‬
‫عامةً(المبحث الثاني) ‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬املبادرة التشريعية‪ :‬املستجدات واحلصيلة‬


‫جاء دستور ‪ 402011‬ثمرة حراك شبابي عجل بإصالحات سياسية ترمي‬
‫إلى إطالق رزمة من التحوالت المؤسساتية‪ ،‬حيث تم تخصيص المؤسسة‬
‫التشريعية بحظ وافر من هذه اإلصالحات‪ ،‬حيث غدت المصدر الوحيد‬
‫للتشريع‪ ،‬وتم توسيع مجال القانون من تسع (‪ )09‬مجاالت إلى أزيد من‬
‫ثالثين مجاالً‪ ،41‬وخص مجلس النواب بكلمة الفصل في المصادقة والبث‬
‫في النصوص التشريعية‪ ،42‬بغية الوقوف على متانة وصالبة مقاربة‬
‫اعتبار مدخل االصالح الدستوري جواباً عن أزمة النجاعة والفعالية‬
‫المفقودة لدى المؤسسة التشريعية رغم اإلمكانات المادية‬
‫واللوجستيكية المرصودة لها‪ .‬األمر الذي يستوجب استعراض المستجدات‬
‫الدستورية المتعلقة بالمبادرة التشريعية للمعارضة البرلمانية (المطلب‬
‫األول)‪ ،‬كما ينبغي التأكد من صوابية الخطاطة النظرية التي تختزل أزمة‬

‫‪ - 40‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.91‬صادر في ‪ 27‬شعبان ‪29( 1432‬يوليو‪ )2011‬بتنفيذ نص الدستور‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬عدد‪ 5964‬مكرر‪ 28 ،‬شعبان ‪30( 1432‬يوليو‪.)2011‬‬
‫‪ - 41‬الفصل ‪ 71‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪ - 42‬الفصل ‪ 70‬من دستور ‪.2011‬‬

‫‪55‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫العمل البرلماني لدى فرق المعارضة البرلمانية في ادعاء ضعف االمكانات‬


‫الدستورية من خالل عرض حصيلتها في مجال مقترحات القوانين خالل‬
‫الوالية التشريعية التاسعة ‪( 2016-2011‬المطلب الثاني)‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬جديد املبادرة التشريعية للمعارضة الربملانية‬


‫تستمد المعارضة البرلمانية‪ 43‬شرعيتها من تعبيرها عن اختيارات‬
‫قطاعات مجتمعية تشكل حاضنة لها‪ ،‬األمر الذي يمكنها من استثمار ذلك‬
‫في عملية التدافع السياسي‪ ،‬مما يجعل االستقرار االجتماعي مسؤولية‬
‫مزدوجة بين العامل االجتماعي وامتداده التمثيلي في المؤسسة‬
‫البرلمانية‪ .‬وتبعاً لذلك تشكل المعارضة البرلمانية قوة سياسية مضادة‪،‬‬
‫على اعتبار أنها تتوفر على مشروعية تمثيل األقلية التي صوتت لصالحها‬
‫خالل االقتراع العام مما يمكنها من ممارسة وظيفة التمثيل التي تسمح‬

‫مكونا أساسيا في مجلس البرلمان‪ ،‬تشارك في وظيفتي التشريع‬


‫‪ - 43‬أصبحت المعارضة في الدستور الجديد ّ‬
‫وتم تخويلها العديد من الحقوق بمنطوق الفصل ) ‪ ( 10‬تتمثل فيما يلي ‪ :‬حرية الرأي‬
‫والمراقبة (الفصل ‪ّ ،)60‬‬
‫حيز زمني في وسائل اإلعالم الرسمية تناسب تمثيليتها‪ - ،‬االستفادة من‬
‫والتعبير واالجتماع‪ - ،‬التوّفر على ّ‬
‫التمويل العمومي وفق مقتضيات القانون‪ - ،‬المشاركة الفعلية في مسطرة التشريع‪ ،‬السيما عن طريق تسجيل‬
‫مقترحات قوانين بجدول أعمال مجلسي البرلمان‪ - ،‬المشاركة الفعلية في مراقبة العمل الحكومي السيما عن طريق‬
‫لتقصي الحقائق‪ - ،‬المساهمة في اقتراح‬ ‫ملتمس الرقابة‪ ،‬ومساءلة الحكومة‪ ،‬واألسئلة الشفوية واللجان النيابية ّ‬
‫وانتخاب األعضاء المترشحين لعضوية المحكمة الدستورية‪ - ،‬الحصول على تمثيلية مالئمة في األنشطة الداخلية‬
‫لمجلسي البرلمان‪ - ،‬حق ترؤس اللجنة المكلفة بالتشريع بمجلس النواب ولجنة أخرى على األقل‪ - ،‬التوفر على‬
‫وسائل مالئمة للنهوض بمهامها المؤسسية‪ - ،‬المساهمة الفاعلة في الدبلوماسية البرلمانية للدفاع عن القضايا‬
‫العادلة للوطن ومصالحه الحيوية ‪ -‬المساهمة في تأطير وتمثيل المواطنات والمواطنين من خالل األحزاب المكونة‬
‫لها طبقاً ألحكام الفصل ‪ 7‬من هذا الدستور) ‪ - ، ( 2011‬ممارسة السلطة عن طريق التناوب الديمقراطي‪ ،‬محلياً‬
‫وجهويا ووطنيا في نطاق أحكام الدستور ‪.‬أنظر ‪:‬الو ازرة المكلفة بالعالقات مع البرلمان والمجتمع المدني‪" ،‬حصيلة‬
‫عمل الحكومة في عالقتها مع البرلمان‪ :‬السنة األولى من الوالية التشريعية التاسعة يناير‪/‬أكتوبر" ‪ ، 2012‬المملكة‬
‫المغربية‪- 2012 ،‬ص ص ‪.36-37‬‬

‫‪56‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫لها بالقيام بدورها في مراقبة العمل الحكومي‪ ،‬حيث تهدف إلى الحد من‬
‫قوة الجهاز الذي يسير الدولة‪.44‬‬

‫في هذا السياق منح الدستور الجديد لسنة ‪ 2011‬المؤسسة‬


‫التشريعية وضعية اعتبارية جد مهمة في الهندسة الدستورية‪ ،‬حيث تم‬
‫االرتقاء بها من مؤسسة دستورية إلى سلطة تشريعية‪ ،‬ويتجلى ذلك من‬
‫خالل استبدال عنوان الباب الثالث "البرلمان" من دستور ‪ ،451996‬إلى‬
‫"السلطة التشريعية" في الباب الرابع من دستور ‪ ،2011‬توصيف تم‬
‫تضمينه في متن الفقرة األولى من الفصل ‪ 70‬منه على أن "يمارس‬
‫البرلمان السلطة التشريعية " وبموجب هذه الصيغة أصبحت ممارسة‬
‫السلطة التشريعية اختصاصاً شبه حصري على البرلمان في مجاالت‬
‫اختصاصاته التي يحددها الدستور‪ .‬مستجد يحمل دالالت ومضامين تعزز‬
‫من مكانة االختصاص التشريعي للمؤسسة التشريعية‪.‬‬

‫يعتبر البرلمان في األصل الجهة المختصة بوضع القوانين‪ ،‬ذلك أنه‬


‫باستثناء القواعد الدستورية‪ ،‬فإن جميع القوانين تصدر عن البرلمان‪،46‬‬
‫ألجل ذلك تعد المبادرة التشريعية الخطوة األولى والمدخل الوحيد ألي‬
‫إجراء يرمي إلى وضع نصوص قانونية بالمفهوم الشكلي‪ ،‬إذ ال يتصور وضع‬

‫‪ -44‬سيدي محمد ولد سيدي آب‪ ،‬الوظيفة التشريعية في دول المغرب العربي‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية‪ ،‬ط ‪ ،2001 ،1‬ص ‪.111‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 1.92.155‬صادر في ‪ 23‬من جمادى األولى ‪ 07(1417‬أكتوبر ‪ ،)1996‬بتنفيذ نص‬ ‫‪45‬‬

‫مراجعة الدستور‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 26-4420‬جمادى األولى ‪ 10( ،1417‬أكتوبر ‪.)1996‬‬
‫‪ -46‬أم كلثوم جمال الدين‪ ،‬القانون البرلماني المغربي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد‬
‫األول‪ ،‬وجدة ‪ ،2006 – 2005‬ص ‪.227‬‬

‫‪57‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫أي قانون من هذا القبيل دون المرور بهذه الخطوة‪ .47‬هذا المقتضى تم‬
‫تضمينه في الفصل ‪ 78‬من دستور ‪ ،2011‬والذي جاء في فقرته األولى على‬
‫أنه "ألعضاء البرلمان على السواء حق التقدم باقتراح القوانين"‪ ،‬حيث لم‬
‫يرجح فئة على حساب األخرى‪ ،‬وأن التقدم بمقترحات القوانين حق‬
‫مضمون لجميع أعضاء البرلمان بغض النظر عن العدد‪ .‬وهو ما يتيح‬
‫إمكانية لألقلية البرلمانية التي تمثلها المعارضة البرلمانية في التقدم‬
‫بمقترحات قوانين؛ أي أن ضعف التمثيلية العددية لم تطرح كمبرر‬
‫لمصادرة حقها في ممارسة حقوقها الدستورية في المبادرة التشريعية ‪.‬‬

‫لقد أحدث دستور‪ 2011‬تحوالً جديدًا في مفهوم المعارضة البرلمانية‬


‫مما ساهم في مأسسة حقوقها واالرتقاء بها إلى أنظمة خاصة بها تسمى‬
‫األنظمة الخاصة بالمعارضة‪ ،‬وضعية تستثمر اإلمكانات التشريعية بغية‬
‫بناء حالة سياسية تعددية‪ ،‬تخولها نظاماً خاص ًا وآليات ناجعة تعزيزاً‬
‫لدورها ومكانتها في إثراء العمل البرلماني‪ ،‬تشريعاً ومراقبة حيث تم‬
‫تمكينها من حق التمثيل النسبي في كافة أجهزة البرلمان‪ .‬وهو ما يفسر‬
‫اقرار المشرع الدستوري دعم العمل التشريعي للبرلمان وخاصة النهوض‬
‫بمكانة فرق المعارضة البرلمانية من خالل ما جاء في الفصل العاشر الذي‬
‫نص على ضمان حقها في " المشاركة الفعلية في مسطرة التشريعي ال‬
‫سيما عن طريق تسجيل مقترحات قوانين بجدول أعمال مجلسي‬
‫البرلمان"‪ .‬وتم تعزيز ذلك من خالل مقتضيات الفصل ‪ 60‬على أن‬

‫‪ -‬سيدي محمد ولد سيدي آب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪47‬‬

‫‪58‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫المعارضة مكون أساس في المجلسين‪ ،‬وتشارك في وظيفتي التشريع‬


‫والمراقبة‪ .‬وفي نفس المنحى يؤكد الفصل ‪ 82‬على (ما يلي)‪" :‬يخصص يوم‬
‫واحد على األقل في الشهر لدراسة مقترحات ومن بينها تلك المقدمة من‬
‫قبل المعارضة‪ .‬ويقصد بحق االقتراح ذلك العمل الذي يضع األسس األولى‬
‫للتشريع ويحدد مضمونه‪ ،48‬وهو ما يعني تخويل المعارضة البرلمانية‬
‫حق وإمكانية طرح مقترحات قوانين يلزم البرلمان على دراستها‪.‬‬

‫في نفس السياق‪ ،‬نصت المادة ‪ 143‬من النظام الداخلي‪ 49‬لسنة‪2013‬‬


‫على إجراء من شأنه إشراك المعارضة في العملية التشريعية‪ ،‬حيث " إذا‬
‫تعددت التعديالت تجري المناقشة حولها حسب الترتيب التالي‪ :‬تعطي‬
‫األسبقية في المناقشة‪ ،‬للتعديالت التي تقدمها فرق المعارضة‪ ،‬تم‬
‫التعديالت المقدمة من طرف الحكومة‪ ،‬ثم باقي النواب والتي تنصب على‬
‫موضوع واحد‪ .‬عندما يعرض تعديل ما على المناقشة ال تعطى الكلمة‬
‫باإلضافة واحد من أصحاب التعديل‪ ،‬إال للحكومة ولرئيس أو لمقرر اللجنة‬
‫المعنية بدراسته عند االقتضاء وفي آخر األمر لمتكلم واحد معارض وأخر‬
‫مؤيد للتعديل" ‪ .‬باإلضافة الى ذلك "خصص بالمناصفة بين األغلبية‬

‫‪ -‬أم كلثوم جمال الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.233‬‬ ‫‪48‬‬

‫‪ - 49‬إن األنظمة الداخلية للمجالس البرلمانية هي امتداد للدستور والقوانين التنظيمية مفسرة لهما ومكملة لهما‪ ،‬ألنه‬
‫كما يقول العميد مارسيل بيرلو ‪" Marcel Perlot‬في حالة قصور الدستور والقانون‪ ،‬يكون المجلس التشريعي نفسه‬
‫هو الوحيد المختص في تحديد شروط اشتغاله وتسييره‪ ،‬فاألجهزة البرلمانية ال يمكنها أن تنظم إال بالدستور والقانون‬
‫أو بنفسها وهذه نقطة أساسية تعكس األهمية الكبرى لنظام المجالس البرلمانية‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫‪Marcel perlot, «Droit parlementaire français », cours a' l'IEP 1958 Paris ; les cours‬‬
‫‪de droit p :02.‬‬

‫‪59‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫والمعارضة الحصة الزمنية لمناقشة مقترحات القوانين المقدمة من قبل‬


‫‪50‬‬
‫المعارضة "‬

‫إن االمكانات التي مُنِحت للمعارضة البرلمانية تندرج ضمن رغبة‬


‫المشرع الدستوري في التخفيف من ثقل العقلنة البرلمانية‪ 51‬في دستور‬
‫‪ 2011‬دون أن يتم القطع معها بشكل نهائي‪ ،‬وهو ما يجعل تأثيرها حاضرًا‬
‫بقوة في تقييد أداء فرق المعارضة البرلمانية خاصة والمؤسسة‬
‫التشريعية عامةً‪ ،‬وفي سياق التخفيف تم منح المعارضة البرلمانية‬
‫السبق والوقت الكافي في المناقشات التشريعية للرفع من قدراتها‬
‫وخبرتها في تطوير العملية التشريعية‪ ،‬وجعلها شريك ًا في صناعة القرار‬
‫البرلماني‪ ،‬األمر الذي يجسد فعلياً إشراك األقلية في بناء تجربة‬
‫ديمقراطية متوازنة‪ .‬ويتجلى ذلك أيض ًا من خالل الزام القانون التنظيمي‬
‫‪ 065.13‬على أن " تخصص الحكومة كل شهر على األقل اجتماعاً لدراسة‬
‫مقترحات القوانين التي يتقدم بها أعضاء البرلمان من األغلبية‬
‫والمعارضة وتحديد موقف الحكومة "‪.52‬‬

‫‪ -‬الفقرة الثالثة‪ ،‬المادة ‪ 41‬من النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة ‪.2013‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪ -‬العقلنة البرلمانية هي "مجموعة اآلليات الدستورية الرامية إلى تقليص من مجال القانون‪ ،‬والحد من سيادة‬ ‫‪51‬‬

‫البرلمان في ممارسة التشريع والرقابة‪ ،‬وإخضاع أعماله للرقابة الدستورية‪ ،‬لمنع أهميته على السلطة التنفيذية وضمان‬
‫استقرارها"‪ .‬أنظر‪ :‬رشيد المدور‪ ،‬البرلمان في ضوء مستجدات الدستور‪ ،‬دفاتر في القانون البرلماني المغربي‪ ،‬العدد‬
‫األول‪ ،‬ط‪ ،1‬مطبعة شمس برينت‪ ،‬الرباط‪ ،‬المغرب‪ ،‬ص ‪.37‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 1.15.33‬صادر في ‪ 28‬من جمادى األول ‪ 19 ( 1436‬مارس ‪ )2015‬بتنفيذ القانون‬ ‫‪52‬‬

‫التنظيمي رقم ‪ 065.13‬المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني ألعضائها‪.‬‬

‫‪60‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫رغم هذه المستجدات الدستورية المهمة ‪ ،‬نجد أن النزعة البرلمانية‬


‫المعقلنة شكلت اتجاهاً دستورياً في تحديد عمل البرلمان‪ ،‬ومن ثم فإن‬
‫الدساتير المغربية قد بلورت هذه النزعة بكفية مباشرة في رسمها لحدود‬
‫ممارسة السلطة التشريعية من قبل البرلمان‪ ،‬وهيمنة الحكومة على‬
‫المسطرة التشريعية‪ .53‬حيث تم التنصيص على أن "يتضمن هذا الجدول‬
‫باألسبقية ووفق الترتيب الذي تحدده الحكومة مناقشة مشاريع القوانين‬
‫التي تقدمها الحكومة واقتراحات القوانين التي تقبلها‪ .54‬وهو األمر الذي‬
‫يجعل من الحكومة مهيمناً حقيقياً على جدول أعمال البرلمان؛ بما لها من‬
‫سلطة مطلقة في تحديد األسبقية والترتيب الذي تريده بين نقاط‬
‫الجدول‪ ،‬مما كان يعطي امتيازاً دائماً لمشاريع القوانين التي تبادر بها‬
‫الحكومة على مقترحات القوانين التي تبادر بها أعضاء مجلسي البرلمان‬
‫عموماً‪ ،‬وبصفة خاصة منها تلك التي ال تقبلها‪ ،‬أي أن مقترحات القوانين‬
‫التي ال ترغب فيها الحكومة يصعب‪ ،‬من دون أن يستحيل برمجة‬
‫مناقشتها في الجلسات العامة‪. 55‬‬

‫‪ -‬عبد اإلله فونتير‪ "،‬أصوله التاريخية ومرجعيته الدستورية‪ ،‬دراسة تأصيلية وتطبيقية"‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬تطبيقات‬ ‫‪53‬‬

‫العمل التشريعي وقواعد المسطرة التشريعية‪ ،‬سلسلة دراسات وأبحاث جامعية‪ ،4‬مطبعة المعارف الجديدة‪،2002 ،‬‬
‫ص ‪.212‬‬
‫‪ -‬بموجب الفصل ‪ 59‬من دستور ‪ ،1962‬والفصل ‪ 55‬من دساتير ‪ 1970‬و ‪ 1972‬و‪ 1992‬والفصل ‪56‬‬ ‫‪54‬‬

‫من دستور ‪ ،1996‬الذي نص في الفقرة األولى منه على أن "يضع مكتب كل من مجلسي البرلمان جدول أعماله‪،‬‬
‫ويتضمن هذا الجدول باألسبقية وفق الترتيب الذي يحدده الحكومة مناقشة مشاريع القوانين التي تقدمها الحكومة‬
‫واقتراحات القوانين التي تقبلها"‪.‬‬
‫‪ -‬رشيد المدور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .‬ص ‪.22-21.‬‬ ‫‪55‬‬

‫‪61‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫كما شكل إسناد اللجنة الدائمة للعدل والتشريع للمعارضة البرلمانية‬


‫وفق مقتضيات الفصل العاشر من دستور‪ ،2011‬أحد أبرز مستجدات تمكين‬
‫المعارضة من االرتقاء باألداء التشريعي للمؤسسة التشريعية‪ ،‬األمر الذي‬
‫يُخول لها ضمان حضور رئيس اللجنة ضمن ندوة الرؤساء‪ ،56‬والتي تتمتع‬
‫بصالحيات جد مهمة في تنظيم العمل البرلماني‪ ،‬وهو اختيار لم تساير‬
‫فيه التجربة الدستورية المغربية نظيرتها الفرنسية التي منحت‬
‫المعارضة البرلمانية للجنة المالية‪ ،‬من أجل منحها إمكانية متابعة دقيقة‬
‫لمصدر تمويل وتكلفة مختلف المشاريع المتعلقة بتنزيل برنامج‬
‫السياسات العمومية الحكومية‪ ،‬موقع منحها المعطيات الكفيلة من أجل‬
‫تقييم مسار السياسيات العمومية بناء على معطيات دقيقة وليس على‬
‫انطباعات أو حسابات مصلحية ضيقة‪.‬‬

‫يعزى عدم إسناد لجنة المالية للمعارضة البرلمانية في التجربة‬


‫المغربية إلى التخوف من سلوك النخب البرلمانية التي أبانت ممارستها‬
‫أنها لم ترق إلى درجة من النضج السياسي الذي يعلي من قيمة الحفاظ‬
‫على سير المؤسسات‪ ،‬كما قد تشكل الخبرة التاريخية التي راكمتها في‬
‫التعاطي مع الملف الحقوقي من طرف المعارضة السياسية وامتداداتها‬

‫‪ - 56‬تنص المادتان ‪ 117‬من النظام الداخلي لسنة ‪ 2017‬على صالحيات جد مهمة لفائدة رؤساء اللجان حيث‪:‬‬
‫"يمكن لكل عضو أن يقترح تسجيل نقطة او عدة نقط في جدول األعمال ‪ 24‬ساعة قبل انعقاد موعد انعقاد‬
‫االجتماع ‪ .‬وتنص المادة ‪ 118‬بدورها على "تتقدم ندوة الرؤساء بكل اقتراح يتعلق بتنظيم المناقشة العامة للنصوص‬
‫المعروضة على المجلس‪ ،‬وتبدي رأيها حول أشغال اللجان‪ ،‬وتتداول في البرمجة الزمنية ألشغال المجلس خالل‬
‫التصويت داخل ندوة الرؤساء يخصص لرؤساء الفرق عدد من األصوات يعادل عدد أعضاء فرقهم دون احتساب‬
‫المنتمون لندوة الرؤساء"‪.‬‬

‫‪62‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫التنظيمية داخل مجلس النواب‪ ،‬أحد التفسيرات التي بموجبها تم منح‬


‫لجنة العدل والتشريع‪ 57‬لفريق من المعارضة البرلمانية‪58‬من أجل استثمار‬
‫ذلك من طرف نخبها في تقدم ورش حقوق االنسان تشريع ًا وممارسة‬
‫ومتابعة‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬حصيلة (مشاريع‪ /‬مقرتحات املعارضة الربملانية)‬


‫خالل الوالية التشريعية التاسعة‬
‫تعتبر الوالية التشريعية التاسعة والية فارقة في تاريخ الممارسة‬
‫البرلمانية‪ ،‬ألنها تعد أول والية بعد المصادقة على دستور ‪ 2011‬الذي حمل‬
‫مستجدات دستورية جد مهمة لصالح المؤسسة التشريعية عامةً ولفرق‬
‫المعارضة البرلمانية خاصةً‪ ،‬كما صادفت احتفال المغرب بالذكرى‬
‫الخمسين إلحداث البرلمان المغربي (‪ ،)2016 - 1963‬إذ أنتج هذا األخير‬
‫منذ ‪ 1963‬إلى غاية انتهاء الوالية التاسعة ما مجموعه ‪ 1316‬نصاً قانوني ًا‬

‫‪ -‬عمل النظام خالل النظام الداخلي لسنة ‪ 2017‬من الوالية التشريعية العاشرة (‪ )2021-2016‬في مادته‬ ‫‪57‬‬

‫‪ 77‬على استدراك عدم تعيين اسم اللجنة الثانية التي تسند للمعارضة البرلمانية‪ ،‬حيث نص على أن يخصص‬
‫المجلس رئاسة لجنتين على األقل للمعارضة تكون من بينها‪ :‬وجوباً اللجنة المكلفة بالتشريع‪ ،‬وال يحق الترشح‬
‫لرئاستها إال لنائبة أو نائب من المعارضة‪ .‬باألسبقية لجنة مراقبة المالية العامة إذا قدمت المعارضة ترشيحها‪".‬‬
‫أنظر ‪ :‬النظام الداخلي النظام الداخلي لسنة ‪ ،2017‬قرار المحكمة الدستورية في رقم ‪ 17/65‬الصادر يوم االثنين‬
‫‪ 10‬من صفر ‪ 1439‬الموافق ل ـ ‪ 30‬أكتوبر ‪.2017‬‬
‫‪ -‬نص النظام الداخلي لسنة ‪ 2013‬في باب اللجان الدائمة‪ :‬وفقاً للمادة ‪ : 44‬يخصص المجلس رئاسة لجنتين‬ ‫‪58‬‬

‫على األقل للمعارضة تكون من بينها وجوبا اللجنة المكلفة بالتشريع‪ ،‬وال يحق الترشح لرئاستها إال لنائبة أو نائب‬
‫من المعارضة‪.‬‬

‫‪63‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫عقد خاللها ‪ 80‬دورة عادية‪ ،‬و‪ 23‬دورة استثنائية‪ .59‬فما هي حصيلة‬


‫مشاريع قوانين الحكومة خالل الوالية التاسعة (‪) 2016 -2011‬؟‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬احلصيلة العامة للمبادرة التشريعية احلكومية‬
‫أعلنت الحكومة من خالل برنامجها المقدم أمام مجلسي البرلمان‬
‫والذي صادق عليه مجلس النواب يوم ‪ 26‬يناير‪ 2012‬عن اعتماد مخطط‬
‫لإلصالح التشريعي‪ 60‬من أجل تطوير وتحديث المنظومة القانونية على‬
‫ضوء الدستور الجديد والبدء بالقوانين التنظيمية ذات األولوية‪ ،‬وهو ما‬
‫تم بالفعل من خالل حصر حوالي ‪ 243‬نصاً تشريعياً‪ ،‬والتي ترتبط بتنفيذ‬
‫بعض أحكام الدستور‪ ،‬حيث تم تقديم )‪ )40‬مشروعاً وكذا نصوصاً أخرى‬
‫تقدر بــــــــ )‪ ) 203‬مقترحاً من قبل السلطات الحكومية تتوزع إلى‬
‫نصوص تشريعية جديدة ونصوص تشريعية لمراجعة تشريعات قائمة‪.‬‬
‫وهي مبادرة وجهت بانتقاد من قبل مكونات فرق المعارضة بسبب نعتها‬
‫بكونها تجسد هيمنة الحكومة على المبادرة التشريعية‪ .61‬ويمكن تقديم‬
‫معطيات إجمالية عن المشاريع المودعة والمصادق عليها والتي هي قيد‬
‫الدراسة خالل الوالية التشريعية التاسعة في الجدول التالي‪:‬‬

‫‪ -‬من انجاز المرصد الوطني لحقوق الناخب بشراكة مع ‪ :‬مؤسسة كونراد أديناور‪ ،‬مكتب المغرب‪ ،‬سنة‬ ‫‪59‬‬

‫‪.2017‬ص‪.08‬‬
‫‪ - 60‬يشكل المخطط التشريعي أداة لتأطير عمل الحكومة على الصعيد التشريعي‪ ،‬وخارطة طريق مساعدة لمختلف‬
‫السلطات الحكومية في تنفيذ برنامج عمل الحكومة‪ .‬ويهدف إلى وضع خارطة طريق واضحة المعالم بالنسبة‬
‫لمختلف السلطات الحكومية فيما يخص النصوص التشريعية المزمع إعدادها وعرضها على مسطرة المصادقة‪،‬‬
‫تحديد أولويات العمل الحكومي في المجال التشريعي‪.‬‬
‫‪ -‬من انجاز المرصد الوطني لحقوق الناخب بشراكة مع ‪ :‬مؤسسة كونراد أديناور‪ ،‬مكتب المغرب‪ ،‬سنة‬ ‫‪61‬‬

‫‪.2017‬ص‪.10‬‬

‫‪64‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫جدول‪ :1‬معطيات رقمية حول مشاريع قوانين مودعة‪ ،‬ومصادق‬


‫عليها‪ ،‬وأخرى قيد الدراسة‪.‬‬

‫المشاريع‬ ‫المشاريع‬
‫مشاريع قيد الدراسة‬
‫المصادق عليها‬ ‫المودعة‬

‫‪ 29‬مشروع قانون( ‪ 13‬قانون بمجلس‬ ‫‪359‬‬


‫‪389‬‬
‫النواب‪ 16 ،‬قانون بمجلس المستشارين)‬ ‫بنسبة ‪%92‬‬

‫المصدر‪ :‬حصيلة من انجاز الوزارة المكلفة بالعالقة مع البرلمان‬


‫والمجتمع المدني‪ ،‬ص ‪.187‬‬

‫نشير إلى أن مجموع مشاريع القوانين التي تمت إحالتها على مجلس‬
‫النواب خالل الوالية التشريعية التاسعة بلغت ‪ 383‬نصاً تشريعياً‬
‫تضمنت ‪ 08‬مشاريع مراسيم بقوانين‪ ،‬صادق المجلس على‪ 361‬نصاً‬
‫تشريعياً منها‪ ،‬أي بنسبة بلغت ‪ ،%94.25‬بينما تم سحب مشروع قانون‪،‬‬
‫في حين ال يزال ‪ 13‬نصاً تشريعياً قيد الدرس بمختلف اللجان النيابة‬
‫الدائمة‪ .‬وقصد بيان وتيرة اشتغال السلطة التنفيذية في تقديم مشاريع‬
‫قوانين خالل سنوات الوالية التشريعية التاسعة‪ ،‬والمتحكمات التي‬
‫ارتبطت بأدائها قو ًة أو ضعفاً‪ .‬أما بخصوص القوانين المصادق عليها‬
‫خالل الوالية التشريعية التاسعة فيمكن تقديمها من خالل المعطيات‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪65‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫جدول ‪ :2‬معطيات رقمية حول القوانين المصادق عليها خالل الوالية‬


‫التشريعية التاسعة‬

‫مشاريع‬ ‫نسبة‬
‫القوانين‬ ‫القوانين‬
‫بقيت‬ ‫قوانين‬ ‫المجموع االنجاز‬
‫العادية‬ ‫التنظيمية‬
‫قيد الدراسة‬ ‫قطاعيا‬

‫‪174‬‬ ‫‪ 21‬قانون‬

‫‪29‬‬ ‫‪80 %‬‬ ‫‪195‬‬ ‫نسبة‬ ‫نسبة‬


‫االنجاز ‪%76‬‬ ‫االنجاز ‪162%‬‬

‫المصدر‪ :‬حصيلة عمل الحكومة في عالقتها مع البرلمان خالل الوالية‬


‫التشريعية التاسعة ‪ ،2016 – 2011‬من انجاز الوزارة المكلفة بالعالقة مع‬
‫البرلمان والمجتمع المدني‪ .‬ص‪.194‬‬

‫يتبين من خالل المعطيات الرقمية الواردة في الجدول أعاله‪:‬‬

‫‪ ‬أن السلطة التنفيذية اشتغلت تحت ضغط ضرورة التقيد بالزمن‬


‫التشريعي الذي فرضته الوثيقة الدستورية من أجل عرض‬
‫القوانين "التنظيمية المنصوص عليها في هذا الدستور وجوب ًا‬
‫قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان‪ ،‬في أجل ال يتعدى مدة‬
‫الوالية التشريعية األولى التي تلي صدور األمر بتنفيذ هذا‬
‫الدستور"‪ 62‬إذ بلغ عدد القوانين التنظيمية المصادق عليها خالل‬

‫‪ - 62‬نص الفصل ‪ 86‬على أن "تعرض مشاريع القوانني التنظيمية املنصوص عليها يف الدستور وجوابً قصد املصادقة عليها من قبل الربملان‪،‬‬
‫يف أجل ال يتعدى مدة الوالية التشريعية األوىل اليت تلي صدور األمر بتنفيذ هذا الدستور"‪.‬‬

‫‪66‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الوالية التشريعية التاسعة ‪ 18‬من أصل ‪ 22‬وهو انجاز استثنائي في‬


‫تاريخ الحياة البرلمانية المغربية ‪.‬‬

‫‪ ‬شكلت هذه الدينامية التي عبرت عنها الحكومة في مجال المصادقة‬


‫على القوانين التنظيمية‪ ،‬حافزاً اتسع ليشمل القوانين العادية‪،‬‬
‫حيث تمت المصادقة على ‪ 174‬قانون أي بنسبة ‪،%74‬‬

‫وهو ما جعل مجموع المبادرة التشريعية الحكومية تبلغ ‪ 195‬قانوناً‪.‬‬


‫األمر الذي يؤشر على دينامية اشتغال معتبرة‪ ،‬لذلك وصفت الوالية‬
‫التشريعية التاسعة (‪ )2016-2011‬باالستثنائية‪ ،‬بالنظر للعدد الذي نص‬
‫عليه دستور ‪ 2011‬في مجال القوانين التنظيمية مقارنة بباقي التجارب‬
‫الدستورية السابقة‪ ،‬ولعل معطيات الجدول التالي تبين ذلك ‪.‬‬

‫يتبين من خالل ما سبق‪ ،‬أن المخطط التشريعي باعتباره آلية‬


‫تأطيرية للممارسة التشريعية الحكومية‪ ،‬حقق إنتاجية تشريعية متحكم‬
‫فيها بنسبة انجاز جد ايجابية واستثنائية‪ ،‬مما يفرض تكريس هذا‬
‫التقليد كتعاقد ارادي بين الحكومة والبرلمان من أجل انجاز خطة عمل‬
‫تشريعية ملزمة للبرنامج الحكومي‪ ،‬وحتى تسهل عملية تقييم السياسات‬
‫العمومية انطالقاً من مؤشرات التي تم التعهد بإنجازها‪ .‬وحتى يتم تجاوز‬
‫عملية تكثيف اللغة االنشائية في صياغة مضامين البرنامج الحكومي‪،‬‬
‫والذي ينعت غالباً من قبل فرق المعارضة البرلمانية بأنه برنامج للوعود‬
‫واألماني وإبداء حسن النوايا‪ ،‬لذلك جاء المخطط التشريعي من أجل‬
‫االنتقال من البرنامج المتمركز على االهداف إلى البرنامج المؤسس على‬

‫‪67‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫المعطيات الرقمية التي من شأنها تقديم مؤشرات دالة ومعبرة على‬


‫الحصيلة التشريعية الحكومية انجازاً أو ضعفاً‪ .‬وكذا تيسير عملية‬
‫تقييمه العلمي والواقعي من طرف المعارضة البرلمانية ‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬حصيلة املبادرة التشريعية للمعارضة الربملانية‬
‫منحت نتائج االنتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في ‪ 25‬تشرين‬
‫الثاني‪/‬نوفمبر الصادرة لحزب العدالة والتنمية‪ ،‬األمر الذي فرض تفعيل‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 47‬من دستور ‪ ،2011‬حيث عين الملك رئيس الحكومة‬
‫يوم ‪ 03‬يناير ‪ 2012‬من الحزب الذي تصدر نتائج االنتخابات التشريعية‪،‬‬
‫وهي الحكومة التنفيذية الثالثون منذ استقالل المملكة المغربية سنة‬
‫‪ ،1956‬والتي ترأسها زعيم حزب العدالة والتنمية إلسالمي عبد االله‬
‫بنكيران‪ ،‬وتشكلت من ‪ 31‬وزيرا ينتمون إلى أربعة أحزاب هي‪ :‬حزب العدالة‬
‫والتنمية ‪ 11‬حقيبة‪ ،‬وحزب االستقالل (محافظ) ‪ 6‬حقائب‪ ،‬والحركة‬
‫الشعبية (ليبرالي) ‪ 4‬حقائب‪ ،‬وحزب التقدم واالشتراكية (الشيوعي سابقاً)‬
‫أربعة مقاعد‪ .‬في مقابل ذلك شكلت أحزاب االتحاد االشتراكي‪ ،‬األصالة‬
‫والمعاصرة‪ ،‬االتحاد الدستوري‪ ،‬التجمع الوطني لألحرار‪ ،‬أبرز مكونات فرق‬
‫المعارضة البرلمانية داخل المؤسسة التشريعية‪ .‬علماً أن خالفاً بين حزب‬
‫االستقالل ورئيس الحكومة سوف يترتب عنه تشكيل حكومة ثانية خالل‬
‫الوالية التشريعية التاسعة‪.63‬‬

‫‪ - 63‬أدى انسحاب حزب االستقالل من حكومة بنكريان األوىل نتيجة قرار اجمللس الوطين للحزب بسبب خالف حول منهجية اشتغال رئيس‬
‫احلكومة وبعض القرارات املتخذة من طرف هذا األخري واليت وصفت آنذاك ابالنفرادية‪ ،‬إىل تعيني حكومة اثنية يوم ‪ 10‬أكتوبر سنة ‪ ،2013‬بعد‬
‫مفاوضات جد عسرية استمرت ‪ 147‬يوماً‪ ،‬مت على إثرها التحاق حزب التجمع الوطين لألحرار ابلنسخة احلكومية الثانية ليتقلد وزارات ذات القطب‬

‫‪68‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫جدول ‪ :3‬معطيات رقمية حول حصيلة الفرق (المعارضة‪ /‬أغلبية)‬


‫في مجال تقديم مقترحات قوانين خالل حكومة عبد اإلله بنكيران األولى‪.‬‬

‫مقترحات‬
‫المجموع‬ ‫قوانين‬ ‫الفرق‬ ‫المكونات الحكومة‬
‫بمجلس النواب‬

‫فريق‬
‫‪05‬‬ ‫األصالة‬
‫والمعاصرة‬

‫الفريق‬ ‫حكومة عبد‬


‫‪08‬‬
‫االشتراكي‬ ‫اإلله‬
‫‪21‬‬ ‫المعارضة بنكيران‬
‫فريق‬
‫األولى ‪.‬‬ ‫البرلمانية‬
‫‪02‬‬ ‫االتحاد‬
‫الدستوري‬

‫فريق‬
‫‪06‬‬
‫االحرار‬

‫فريق‬
‫حكومة‬ ‫المعارضة‬
‫‪86‬‬ ‫‪19‬‬ ‫األصالة‬
‫اإلله‬ ‫عبد‬ ‫البرلمانية‬
‫والمعاصرة‬

‫االقتصادي‪ .‬وقد تشكلت احلكومة الثانية من ‪ 39‬وزيراً؛ ‪ 11‬من حزب العدالة والتنمية‪ 08 ،‬التجمع الوطين لألحرار‪ 06 ،‬للتقدم واالشرتاكية‪ ،‬و‪05‬‬
‫للحركة الشعبية‪ ،‬وابقي الوزرات وزعت على وزراء تقنوقراط‪.‬‬

‫‪69‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الفريق‬ ‫بنكيران‬
‫‪36‬‬
‫االشتراكي‬ ‫الثانية‬

‫فريق‬
‫‪03‬‬ ‫االتحاد‬
‫الدستوري‬

‫الفريق‬
‫االستقاللي‬
‫‪28‬‬
‫للوحدة‬
‫والتعادلية‬

‫المصدر‪ :‬إعداد شخصي اعتماداً على معطيات حصلت عليها من‬


‫الوزارة المكلفة بالعالقة مع البرلمان والمجتمع المدني‬

‫بناء على المعطيات الرقمية للجدول يمكن تقديم المالحظات التالية‪:‬‬

‫المالحظة األولى‪ :‬نسجل تباين حصيلة فرق المعارضة البرلمانية‪،‬‬


‫حيث نجد فريق األصالة والمعاصرة يعد من الناحية التمثيلية هو أكبر‬
‫فريق ضمن فرق المعارضة البرلمانية بـــــــ ‪ 48‬نائباً ونائبة‪،‬‬
‫يتقدم عليه الفريق االشتراكي الذي يضم في عضويته ‪ 39‬نائباً ونائبة في‬
‫فريقه النيابي على مستوى عدد مقترحات القوانين المقدمة بــــــ‬
‫‪ 19‬مقترحاً‪ ،‬ويعد بذلك أنشط فريق ضمن فرق المعارضة البرلمانية رغم‬

‫‪70‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫أنه األقل على المستوى العددي‪ ،‬وهو ما يوضح أن حصيلة الفريق توجد‬
‫خارج الخطاطة (المقاربة العددية ‪/‬الضمانات الدستورية)‪.‬‬

‫المالحظة الثانية‪ :‬يسجل تقارب حصيلة فرق (األغلبية‪ /‬المعارضة)‬


‫خالل النسخة األولى من حكومة عبد اإلله بنكيران والتي لم تتجاوز سنتين‬
‫من التدبير الحكومي‪ ،‬حيث تقدمت فرق المعارضة البرلمانية بــــ ‪25‬‬
‫مقترح بينما تقدمت المعارضة البرلمانية بــــ ‪ 21‬مقترح ‪ ،‬خالف ذلك‬
‫استطاعت المعارضة البرلمانية أن تتفوق على األغلبية الحكومية على‬
‫مستوى تقديم مقترحات قوانين خالل النسخة الثانية من حكومة عبد‬
‫اإلله بنكيران‪ ،‬إذ تقدمت المعارضة البرلمانية بـــ ‪ 86‬مقترح واألغلبية‬
‫الحكومية بــــ ‪ 65‬مقترح قانون‪ ،‬ويعزى ذلك إلى دينامية فرق‬
‫المعارضة البرلمانية ( الفريق االشتراكي‪ ،‬الفريق االستقاللي للوحدة‬
‫والتعادلية‪ ،‬فريق األصالة والمعاصرة)‪ ،‬بينما الفريق الدستوري حافظ‬
‫على ضعف حصيلته خالل الوالية التشريعية التاسعة عموماً‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬تقييم حصيلة جملس النواب التشريعية والرقابية‬


‫خالل الوالية التاسعة‬
‫ينبغي اإلقرار أن اإلطار القانوني المرتبط بالجانب الدستوري عامة‬
‫والبرلماني خاصةً عرف تطوراً مضطرداً منذ انطالق أول تجربة دستورية‬
‫سنة ‪ 1962‬إلى أخر تعديل دستوري سنة ‪ ،2011‬إال أن هذا األخير ال زال يعرف‬
‫حضوراً مكثفاً للعقلنة البرلمانية التي طبعت مسار العمل البرلماني‪ ،‬وهو‬
‫ما جعل من المؤسسة التشريعية مشرعاً استثنائياً في مقابل الحكومة‬

‫‪71‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫التي تضطلع بدور المشرع األصلي‪ .‬لذلك سوف نعمل على تقييم الحصيلة‬
‫التشريعية لكل من الحكومة ومجلس النواب خالل الوالية التشريعية‬
‫(المطلب األولى)‪ ،‬ثم نستعرض بعض السبل الكفيلة باالرتقاء بالوظيفة‬
‫التشريعية لمجلس النواب حتى يتمكن من تجاوز أبرز األعطاب التي‬
‫تعتري سيره نحو تمثل مستلزمات الحكامة البرلمانية (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫املبادرة التشريعية (احلكومة‪/‬املعارضة‬ ‫املطلب األول‪ :‬تقييم‬


‫الربملانية) مبجلس النواب‬
‫منح دستور‪ 2011‬صالحيات وامتيازات لفرق المعارضة البرلمانية‪،‬‬
‫األمر الذي مكنها من وضعية تفوق قوتها العددية‪ ،64‬أمر مكن االنتقال‬
‫من سلبيات التمثيل النسبي إلى منطق االمتيازات والضمانات والحقوق‪،‬‬
‫بغية إحداث توازن بين األغلبية والمعارضة‪ ،‬قصد الرفع من فعالية‬
‫المؤسسة التشريعية‪ .‬على اعتبار أن نظام المعارضة البرلمانية يقتضي‬
‫بالضرورة تمييزاً إيجابياً لفائدتها عبر منحها حقوقاً ال يمكن أن تحصل‬
‫عليها وفق معيار العدد‪ ،‬أو على أساس قاعدة التمثيل النسبي والقطع‬
‫مع وهم المساوة في الحقوق المقررة لكل البرلمانيين دون اعتبار‬
‫لموقعهم السياسي‪ ،‬فإذا كانت النسبية ليست سوى نتيجة للمساواة بين‬
‫البرلمانيين فإن نظام المعارضة البرلمانية يعني تخويل صالحيات أكبر‬
‫من تلك المخصصة للمعارضة بالنظر ألهميتها العددية‪.65‬‬

‫‪64‬‬ ‫‪-Pimentel Carlos – Miguel, l’opposition ou le procès symbolique du pouvoir , n° 106 ,2004 .‬‬
‫‪65‬‬ ‫‪- Pierre Avril : Le statut de l’opposition : un feuilleton inachevé ( les artiches 04 et 51‬‬
‫‪(1) de la constitution ,Petites affiches n° 245 , 19 décembre 2008 , p 09 .‬‬

‫‪72‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫إن المتتبع لمسار التجربة البرلمانية المغربية يسجل تفوقاً ملحوظاً‬


‫لمنجز الحكومة على عمل الفرق البرلمانية (أغلبية‪ /‬معارضة)‪ ، 66‬لذلك‬
‫يبقى السؤال مشروعاً حول مدى مساهمة المستجدات الدستورية التي‬
‫حملها الدستور الجديد لسنة ‪ ،2011‬في تحقيق توازن السلط بما يتيح‬
‫مساهمة جد مقدرة لفرق المعارضة البرلمانية في جعل السلطة‬
‫التشريعية تتجسد في جهد ممثلي األمة‪ ،‬األمر الذي من شأنه استعادة‬
‫الثقة في العملية السياسية وتحقيق مصالحة بين المواطنين ومجمل‬
‫المؤسسات الدستورية التي يعاني البعض منها غياب المصداقية بسبب‬
‫أعطاب بنيوية في النسق السياسي عموماً‪ .‬ومن أجل تقييم حصيلة‬
‫المبادرة التشريعية (للحكومة‪ /‬المعارضة البرلمانية) سوف نستعرض‬
‫معطيات الجدول التالي‪:‬‬

‫جدول ‪ :4‬معطيات رقمية حول (مقترحات ‪ /‬مشاريع) القوانين خالل‬


‫الوالية التشريعية التاسعة‬

‫مشاريع)‬ ‫‪/‬‬ ‫(مقترحات‬


‫العدد‬
‫القوانين‬

‫‪185‬‬ ‫مقترحات القوانين المودعة‬

‫‪ - 66‬ينبغي التأكيد‪ ،‬على أن الوالية التشريعية التاسعة انتهت دون املصادقة على كافة النصوص التنظيمية التأسيسية اليت نص دستور ‪،2011‬‬
‫ابلنظر لكثافة األجندة التشريعية وضيق احليز الزمين املتاح وكذا السجال السياسي القوي الذي واكب مناقشة العديد من مشاريع القوانني‬
‫التنظيمية وأخر املصادقة على العديد من النصوص‪.‬‬

‫‪73‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪ %20‬قانوناً(‪ %11‬من عدد‬ ‫مقترحات القوانين المصادق‬


‫مقترحات القوانين العادية)‬ ‫عليها‬

‫مشاريع القوانين المصادق‬


‫‪ 359‬بنسبة ‪%95‬‬
‫عليه‬

‫مقترحات القوانين المصادق‬


‫‪ %20‬بنسبة ‪%5‬‬
‫عليها‬

‫المصدر‪ :‬انجاز شخصي بناء على معطيات حصيلة الوالية التشريعية‬


‫التاسعة من اعداد الوزارة المكلفة بالعالقة مع البرلمان والمجتمع المدني‬
‫ص ‪.188-187‬‬

‫بناء على المعطيات المتعلقة بحصيلة (مشاريع‪/‬مقترحات)‬


‫القوانين يمكن تقديم مجموعة من المالحظات التالية‪:‬‬

‫المالحظة األولى‪ :‬استمرار تفوق حصيلة المشاريع المقترحة من‬


‫طرف الحكومة مقارنة بحصيلة فرق المعارضة البرلمانية‪ ،‬وهو ما يوضح‬
‫أن الفرق البرلمانية عامةً بمجلس النواب بعد دستور ‪ ،2011‬ال زالت تحت‬
‫تأثير المرحلة االنتقالية التي فرضتها طبيعة السياق ومضامين الدستور‬
‫الجديد‪ ،‬من خالل الركون إلى ضغط سلطة النموذج الذي طبع مسار‬
‫حصيلة الممارسة البرلمانية السابقة بالضعف‪ ،‬األمر الذي كرس الصورة‬
‫السلبية عن البرلمان باعتباره غرفة للتسجيل‪ ،‬إذ لم ترق ممارسة النخب‬
‫البرلمانية إلى مستوى االرتقاء بالحصيلة وتجويدها بما ينسجم وطبيعة‬

‫‪74‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫التحول المؤسساتي الذي مَنح للبرلمان وظيفة التشريع كاختصاص‬


‫حصري‪ ،‬األمر الذي يقودنا إلى استنتاج أن الدسترة لم تنعكس على العمل‬
‫التشريعي للفرق البرلمانية (أغلبية‪/‬لمعارضة)‪.‬‬

‫المالحظة الثانية‪ :‬استمرارية الحكومة في االستئثار بالمبادرة‬


‫التشريعية‪ ،‬وهو ما يعكس تهميشاً فعلياً لمختلف المبادرات التشريعية‬
‫التي يكون مصدرها البرلمان‪ ،67‬بالنظر للموقف السلبي للسلطة التنفيذية‬
‫من طبيعة النخب البرلمانية عموماً‪ ،‬وخاصةً التي تتموقع ضمن فرق‬
‫المعارضة البرلمانية‪ ،‬والتي تفتقد إلى العدة البيداغوجية والخبرة‬
‫العلمية التي تسمح لها بالتقدم بمقترحات قوانين تتسم بالجودة من‬
‫حيث الصياغة ومنضبطة ألصول التشريع الجيد‪ ،‬مما يؤدي في كثير من‬
‫األحيان إلى إقبار هذه المبادرات أو الدفع باألغلبية البرلمانية المساندة‬
‫لها إلى التقدم بها والتي دائماً ما تعبر وتنسجم مع السياسة التشريعية‬
‫للحكومة‪ ،‬حيث يتم تمريرها دون عناء وبيسر وسهولة‪.‬‬

‫المالحظة الثالثة‪ :‬ال تستسيغ الحكومة مسألة تفويت االختصاص‬


‫التشريعي للبرلمان أو تمكينه من أدوات المنافسة التشريعية‪ ،‬ذلك أن‬

‫‪ - 67‬رغم استحداث احلكومة خلية وزارية بناءً على قرار اجمللس احلكومي الذي انعقد يوم ‪ 20‬آذار‪/‬مارس ‪ 2014‬تتوىل متابعة تفاعل‬
‫تضم ممثلني عن‬‫احلكومة مع مقرتحات القوانني حتت إشراف الوزير املكلّف ابلعالقات مع الربملان واجملتمع املدين‪ ،‬انبثقت عنها جلنة تقنية ّ‬
‫رائسة احلكومة والوزارة واألمانة العامة للحكومة ووزارة االقتصاد واملالية ووزارة الداخلية‪ ،‬وقد عقدت هذه اللجنة ‪ 11‬اجتماعا‪ ،‬حبيث مت ّكنت‬
‫من دراسة مجلة من مقرتحات القوانني‪ ،‬أبدت موقفها املبدئي اإلجيايب من ‪ 11‬مقرتح قانون مق ّدم من قبل فرق كتل األغلبية واملعارضة ‪.‬‬
‫ولتنسيق هذا العمل عقد الوزير املكلّف ابلعالقات مع الربملان واجملتمع املدين اجتماعاً مع رئيس جملس النواب بتاريخ ‪ 14‬حزيران‪/‬يونيو‬
‫‪2014‬الطالع اجمللس على حيثيات إحداث هذه اخلليّة وكذا النتائج املتوخاة من عملها ‪.‬انظر ‪:‬الوزارة املكلفة ابلعالقات مع الربملان واجملتمع‬
‫املدين‪ "،‬حصيلة عمل احلكومة" ‪ ، 2014‬يف عالقتها مع الربملان ‪:‬الوالية التشريعية التاسعة السنة التشريعية الثالثة‪ ،2013‬اململكة املغربية‪،‬‬
‫‪ ،2014‬ص‪. 19‬‬

‫‪75‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫التكيف مع منطق التخفيف من تأثير العقلنة البرلمانية الذي حملته‬


‫العديد من مقتضيات دستور ‪ 2011‬بغية احالل توازن نسبي بين مكونات‬
‫المؤسسة التشريعية الزال بعيد المنال‪ ،‬إال أن غياب ذلك جسد استمرار‬
‫لغة الصراع والغلبة الذي ترجح كفة السلطة الحكومية بالنظر إلى طبيعة‬
‫االمكانات البشرية واللوجستيكية التي تتوفر عليها‪ ،‬ما دام أن األمر قد‬
‫يشكل تهديدًا حقيقياً لمجال ظل حكراً عليها‪ ،‬وهو ما يتجلى من خالل‬
‫ضعف تواصلها مع البرلمان وممارسة التعتيم المعلوماتي عن البرلمان‬
‫في جل مجاالت النشاط البرلماني‪ .‬األمر الذي فرض على البرلمان حالة من‬
‫االنتظارية واالستسالم للواقع بحكم تفوق المبادرة التشريعية للسلطة‬
‫التنفيذية على المبادرة البرلمانية‪ ،‬وضع يخل بأحد أهم أسس العالقة‬
‫بين السلط القائمة على التوازن‪ ،68‬مطلب تؤكد عليه مقتضيات الفصل‬
‫األول من دستور ‪.2011‬‬

‫خالصة القول‪ ،‬أنه على الرغم من وضوح الدستور بشأن المبادرة‬


‫التشريعية‪ ،‬حيث خولها لكل من البرلمان والحكومة‪ ،‬التزال هذه األخيرة‬
‫مهيمنة على مجال إعداد النصوص التشريعية‪ ،‬ويعزى الضعف إلى‬
‫النقص الذي يعاني منه مجلس النواب في الخبرة والدراية التقنية‬
‫بصياغة القوانين‪ ،‬وذلك بخالف الحكومة‪ ،‬التي تتوفر على أطر وكفاءات‬
‫متخصصة في المجال القانوني وتقدير األثر المالي للمشاريع المقترحة‪،‬‬
‫سواء باألمانة العامة للحكومة أو في الوزارات ‪ .‬ويظل نجاح هذه المهمة‬

‫‪ - 68‬ينص الفصل األول من دستور ‪ 2011‬على "يقوم النظام الدستوري للملكة على أساس فصل السلط وتوازهنا وتعاوهنا"‪.‬‬

‫‪76‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫رهينا بتوفر مختصين وخبراء في مجال القانون يرافقون اللجان في‬


‫دراستها لمشاريع ومقترحات القوانين‪ ،‬ويقدمون لها الخبرة التشريعية‬
‫لالزمة لحسن قيامها بمهمتها‪ ،‬يتطلب تحديد األثر المحتمل العتماد او‬
‫تعديل نص تشريعي ما على الميزانية العامة للدولة ‪ ،‬التوفر على‬
‫المعطيات التقنية التي ال تكون بالضرورة واردة في نص مشروع القانون‬
‫نفسه‪ ،‬وهي معطيات يحوزها القطاع أو القطاعات الوزارية المختصة‪69.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬مداخل وقنوات االرتقاء بالوظيفة التشريعية‬


‫للمعارضة الربملانية‬
‫تعد الوظيفة التشريعية أحد أبرز المهام الملقاة على عاتق ممثلي‬
‫األمة في صياغة نصوص تشريعية تتسم بالجودة شكالً ومضموناً‪ ،‬وتكون‬
‫لها انعكاسات ايجابية على نمط وجودة حياة المواطنين‪ ،‬فضالً عن‬
‫مساهمتها في دمقرطة العالقة بين مؤسسات الدولة والمجتمع‪ ،‬وحتى‬
‫يتأتى لمكونات المعارضة البرلمانية (الفرق‪ ،‬المجموعات النيابية‪ ،‬غير‬
‫المنتسبين) االضطالع بمهامها التشريعية من موقع الحكامة البرلمانية‪،‬‬
‫ال بد من توفر جملة شروط تعنى أساساً باالرتقاء المستمر بالمحاور التالية‬
‫(االطار القانوني‪ -‬الموارد البشرية‪ -‬االمكانيات اللوجستيكية)‪ ،‬ويمكن‬
‫إجمالها في ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬ضرورة إحداث وحدة متخصصة في التشريع )صياغة النصوص‬


‫القانونية) بإدارة المجلس وموضوعة رهن إشارة النواب والنائبات‬

‫‪77‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫جميع الفرق وخاصة فرق المعارضة البرلمانية‪ ،‬كما يتعين على‬


‫هذه الوحدة أن تكون على مستوى عال من الخبرة القانونية‪ ،‬حيث‬
‫أن صياغة مقترحات القوانين تعد صناعة تشريعية تستلزم‬
‫ضرورة اإلحاطة بمختلف جوانبها االقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية‪ ...‬المرتبطة بهذا المقترح‪.‬‬

‫‪ ‬ضرورة التنصيص على استحداث مؤسسات بحثية تعنى بتقديم‬


‫الخبرة العلمية للبرلمان‪ ،‬ذلك أن المجالس التي تسعى إلى االضطالع‬
‫بدور فاعل في مجال التشريع لم تعد تكتفي بما يختزنه أعضاء‬
‫المجلس من معرفة وخبرة والتي تبقى محدودة بالنظر للتحوالت‬
‫المتسارعة التي تشهدهما الظاهرتين االجتماعية والقانونية‬
‫والرهانات الملقاة على دور المؤسسة التشريعية‪ ،‬األمر الذي يفرض‬
‫االستعانة بخبرات اضافية في مجاالت بحثية متنوعة ودقيقة‪،‬‬
‫على غرار مجموعة من التجارب البرلمانية الديمقراطية التي تلجأ‬
‫إلى اسناد عملها بخبرات المراكز البحثية المتخصصة‪.‬‬

‫‪ ‬يتوجب على فرق المعارضة البرلمانية مد جسور التواصل مع‬


‫المراكز البحثية خاصة العاملة في مجال تقنيات التواصل السياسي‪،‬‬
‫ومدها بالخبرة الالزمة من أجل اتقان فن التعامل مع المعلومات‬
‫وتعلم طرق توظيفها الجيد‪ .‬فهي مدعوة الى توظيف تكنولوجيا‬
‫المعلوميات واالتصال واستثمار خدماتها سواء تعلق األمر‬

‫‪78‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫بتكنولوجيا الحواسيب واالتصال أو تكنولوجيا البرمجيات لضمان‬


‫السرعة والمردودية وتحقيق األهداف المثلى‪70‬؛‬

‫‪ ‬تمكين فرق المعارضة من تقنيات تحليل أو إنجاز دراسات آثار‬


‫تتعلق بمشاريع ومقترحات القوانين ضماناً لفعاليتها في مرحلة‬
‫التنفيذ‪ .‬ألن القانون هو أفضل آلية ممكنة إلنجاح السياسة‬
‫المعتزم اعتمادها وتنوير النواب والنائبات بطريقة دراسة الجدوى‬
‫واالنعكاسات اإليجابية أو االستباقية قبل الشروع في المناقشات‬
‫أمام اللجنة أو الجلسة العامة حول السلبية التي يمكن أن تترتب‬
‫عن التطبيق المستقبلي للنص القانوني وتداخله مع القوانين‬
‫األخرى‪71‬؛‬

‫‪ ‬يتوجب على الحكومة من موقع التوازن بين السلط الذي نص عليه‬


‫دستور ‪ 2011‬العمل على تشجيع واالرتقاء بالمبادرة التشريعية‬
‫البرلمانية‪ ،‬وذلك من أجل تقوية العمل المؤسساتي البرلماني‪ ،‬األمر‬
‫الذي من شأنه تعزيز دولة المؤسسات وجعل مجلس النواب سلطة‬
‫تشريعية حقيقية‪ ،‬مما سوف يساهم في تقوية وظيفتها‬
‫السياسية كسلطة مضادة‪ 72‬خاصة دعم مقترحات قوانين فرق‬

‫‪ -‬لؤي عبد الفتاح‪ ،‬عثمان الزايين‪ ،‬الحكامة الحزبية‪ ...‬نحو ترشيد العمل الحزبي باملغرب‪ ،‬مجلة وجهة نظر ‪،‬عدد مزوج ‪-36‬‬ ‫‪70‬‬

‫‪،37‬سنة ‪ ،2008‬ص ‪. 56‬‬


‫‪ -‬مجلس النواب‪ ،‬خطة استراتيجية لتأهيل وتطوير عمل مجلس النواب ‪ 25‬دجنبر ‪ ،2015‬من اعداد ادارة‬ ‫‪71‬‬

‫مجلس النواب ‪ .‬ص‪.37‬‬


‫‪72-‬‬ ‫‪Bligh Nabil « l'opposition parlementaire: un contre pouvoir politique saisi par le‬‬
‫‪droit », Revue pouvoirs, N°133, 2010.‬‬

‫‪79‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫المعارضة البرلمانية بالنظر لما لها من دور مهم في توازن النسق‬


‫السياسي والحد من تغول السلطة التنفيذية‪ ،‬وهو ما يقتضي‬
‫تمكينها من ضمانات وحقوق وامتيازات تؤهلها لممارسة عملها‬
‫بطريقة ناجعة‪ ،‬ويخولها ممارسة دور السلطة الكابحة للسلطة‬
‫الحكومية التي قد تنزع نحو االستفراد بالقرار واالستقواء بأغلبيتها‬
‫البرلمانية؛‬

‫‪ ‬يتعين على مكونات المعارضة البرلمانية استثمار نتائج البحث‬


‫األكاديمي الذي تنتجه الجامعة المغربية وغيرها خصوص ًا األبحاث‬
‫والدراسات المعنية بالشأن البرلماني عموماً والتشريعي خصوصاً‪،‬‬
‫وهو األمر الذي من شأنه أن يشكل لبنة أولية في تأسيس لمسار‬
‫تجسير العالقة بين المؤسسة التشريعية والجامعة المغربية‪،‬‬
‫وجعل مخرجات هذه األخيرة في قلب عملية االرتقاء بالمؤسسة‬
‫التشريعية ‪.‬‬

‫خامتة‪:‬‬
‫إن تقييم حصيلة المبادرة التشريعية بمجلس النواب خالل الوالية‬
‫التشريعية التاسعة‪ ،‬أبان عن تسجيل استمرار تفوق حصيلة المبادرة‬
‫التشريعية ذات المصدر الحكومي بحصيلة مقترحات قوانين فرق‬
‫المعارضة البرلمانية‪ ،‬وهو أمر يندرج ضمن منطق استمرار ديمومة‬
‫المحافظة على منطق العقلنة البرلمانية المؤطرة لمخرجات العمل‬
‫البرلماني‪ ،‬رغم االقرار بأن دستور ‪ 2011‬عمل على التخفيف منها دون أن‬

‫‪80‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫يصل إلى مرحلة القطعية معها‪ ،‬إال أن ذلك ال يعفي مسؤولية الفِرق‬
‫البرلمانية عامة والمعارضة خاصة بمجلس النواب عن تواضع حصيلتها‬
‫التشريعية‪ ،‬بسبب عدم تكيفها وطبيعة المرحلة االنتقالية الجديدة بعد‬
‫دستور ‪ ،2011‬من خالل وضعية سابقة كان البرلمان يعتبر فيها غرفة‬
‫للتسجيل‪ ،‬إلى وضع جديد تم االرتقاء معه بالمؤسسة البرلمانية من‬
‫مؤسسة وظيفية إلى مؤسسة تشريعية‪ ،‬مما يدل على أن الرهان على‬
‫الدسترة لوحدها غير كاف في إحداث تحول بنيوي في إحالل توازن بين‬
‫حصيلتي الحكومية والمعارضة البرلمانية على مستوى المبادرة‬
‫التشريعية‪ ،‬وكذا المساهمة في تجاوز نمطية أداء خالل مختلف التجارب‬
‫البرلمانية السابقة والتي كانت تشهد شح في االمكانات الدستورية‬
‫الكفيلة بالنهوض بالعمل البرلماني عموماً‪.‬‬

‫ينبغي التأكيد أن ضعف حصيلة المبادرة التشريعية لفرق المعارضة‬


‫البرلمانية يوجد خارج الخطاطة (األداء الجيد‪ /‬النص الدستوري الجيد)‪،‬‬
‫بحيث أن تواضع مستوى تكوين النخبة البرلمانية المكونة للمعارضة‬
‫البرلمانية‪ ،‬وعدم انسجام بنيتها الداخلية وضعف تنسيقها‪ ،‬وغياب‬
‫استقاللية قرارها داخل المؤسسة التشريعية واالرتهان لموقف الحزب‬
‫السياسي باعتبارها االمتداد التنظيمي له داخل مجلس النواب‪ ،‬جعلها ال‬
‫تقدم نموذج المعارضة البناءة والمسؤولة‪ ،‬نتيجة غياب رهان التأسيس‬
‫للفعل المعارض الجيد‪ ،‬وللمعارضة البرلمانية المسؤولة‪.‬‬

‫‪81‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫خالصة القول‪ ،‬إن مؤشر قياس جودة أداء فرق المعارضة البرلمانية‬
‫يعتمد أساساً على ما تتمتع به المؤسسة التشريعية عموماً من‬
‫صالحيات حقيقية تمكنها من االرتقاء بالمنتوج التشريعي‪ ،‬األمر الذي‬
‫يمنحها دور المساهمة الفاعلة في توجيه االختيارات المؤطرة للسياسات‬
‫العمومية الحكومية والتي تستجيب للمطالب المجتمعية المشروعة‬
‫والعادلة والتي ينبغي للمعارضة البرلمانية أن تعمل على ترجمتها في‬
‫مبادرات تشريعية لها قدرة على اقناع الحكومة بفعاليتها ونجاعتها في‬
‫إحداث تنمية سياسية وديمقراطية لصالح الجميع‪ ،‬بعيداً عن كل‬
‫الحسابات الضيقة التي ترهن المصلحة العامة لمنطق رفض كل‬
‫االقتراحات التي تتقدم بها فرق المعارضة البرلمانية‪ ،‬في مقابل االنفتاح‬
‫على مبادرات األغلبية الحكومية‪.‬‬

‫‪82‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫قائمة املراجع‪:‬‬
‫المراجع باللغة العربية‪:‬‬
‫كتب ومؤلفات‪:‬‬
‫أم كلثوم جمال الدين‪" ،‬القانون البرلماني المغربي"‪ ،‬أطروحة لنيل‬ ‫‪‬‬

‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬وجدة ‪.2006 – 2005‬‬


‫سيدي محمد ولد سيدي آب‪" ،‬الوظيفة التشريعية في دول المغرب‬ ‫‪‬‬

‫العربي"‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات‬


‫وأعمال جامعية‪ ،‬ط ‪.2001 ،1‬‬
‫رشيد المدور‪" ،‬البرلمان في ضوء مستجدات الدستور"‪ ،‬دفاتر في‬ ‫‪‬‬

‫القانون البرلماني المغربي‪ ،‬العدد األول‪،‬ط‪،1‬مطبعة شمس برينت‪ ،‬الرباط‪،‬‬


‫المغرب‪.‬‬
‫فونتير عبد اإلله‪" ،‬العمل التشريعي بالمغرب‪ ،‬أصوله التاريخية‬ ‫‪‬‬

‫ومرجعيته الدستورية"‪ ،‬دراسة تأصيلية وتطبيقية‪ ،‬الجزء الثالث ‪،‬سلسلة‬


‫دراسات وأبحاث جامعية‪ ،4‬مطبعة المعارف الجديدة‪.2002 ،‬‬
‫لؤي عبد الفتاح‪ ،‬عثمان الزياني‪" ،‬الحكامة الحزبية‪ ...‬نحو ترشيد‬ ‫‪‬‬

‫العمل الحزبي بالمغرب"‪ ،‬مجلة وجهة نظر‪ ،‬عدد مزوج ‪ ،37-36‬سنة ‪.2008‬‬
‫نصوص تشريعية وتنظيمية‪:‬‬
‫النظام الداخلي لسنة ‪ ،2013‬كما قضى به المجلس الدستوري في‬ ‫‪‬‬

‫قراره رقم ‪ 2013/924‬الموافق ل ‪ 22‬غشت ‪ ،2013‬وقراره رقم ‪2013/929‬‬


‫بتاريخ ‪ 15‬محرم ‪ ،1435‬الموافق ل ‪ 19‬نوفمبر ‪.2013‬‬

‫‪83‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫النظام الداخلي لمجلس النواب‪ .‬النظــام الداخلـــي لمجلس النواب‬ ‫‪‬‬

‫لسنة ‪ ،2004‬كما صادق عليه المجلس بتاريخ ‪2004/ 01 /29/‬‬


‫النظام الداخلي النظام الداخلي لسنة ‪ ،2017‬قرار المحكمة الدستورية‬ ‫‪‬‬

‫في رقم ‪ 17/65‬الصادر يوم االثنين ‪ 10‬من صفر ‪ 1439‬الموافق لــ ‪ 30‬أكتوبر‬
‫‪.2017‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.70.177‬بتاريخ ‪ 27‬جمادى األولى ‪(1390‬‬ ‫‪‬‬

‫‪31‬يوليوز‪ ،)1970‬بإصدار األمر بتنفيذ الدستور‪ ،‬الجريدة الرسمية‪،‬عدد‪3013‬‬


‫مكرر‪ 28،‬جمادى األول‪ (1390 ،‬فاتح غشت ‪.)1970‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪1.72.062‬بتاريخ ‪ 23‬محرم ‪ 10(1392‬مارس ‪،)1972‬‬ ‫‪‬‬

‫بإصدار األمر بتنفيذ الدستور‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 28، 3098-28‬محرم‪،‬‬


‫‪15( 1392‬مارس ‪.)1972‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.92.155‬صادر في ‪ 11‬من ربيع اآلخر ‪09 ( 1413‬‬ ‫‪‬‬

‫أكتوبر ‪ )1992‬بتنفيذ نص مراجعة الدستور‪ ،‬الجريدة الرسمية‪،‬عدد‪16-4172‬‬


‫ربيع األخر ‪ 14(1413،‬أكتوبر‪)1992‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.92.155‬صادر في ‪ 23‬من جمادى األولى ‪07(1417‬‬ ‫‪‬‬

‫أكتوبر ‪،)1996‬بتنفيذ نص مراجعة الدستور‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪-4420‬‬


‫‪ 26‬جمادى األولى ‪ 10(،1417‬أكتوبر ‪.)1996‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.15.33‬صادر في ‪ 28‬من جمادى األول ‪19 ( 1436‬‬ ‫‪‬‬

‫مارس ‪ )2015‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪ 065.13‬المتعلق بتنظيم وتسيير‬


‫أشغال الحكومة والوضع القانوني ألعضائها ‪.‬‬

‫‪84‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1.11.91‬صادر في ‪ 27‬شعبان ‪29( 1432‬يوليو‪)2011‬‬ ‫‪‬‬

‫بتنفيذ نص الدستور‪ ،‬الجريدة الرسمية‪،‬عدد‪ 5964‬مكرر‪ 28،‬شعبان‬


‫‪30(1432‬يوليو‪.)2011‬‬
‫التقارير‪:‬‬
‫‪ ‬تقرير من انجاز المرصد الوطني لحقوق الناخب بشراكة مع ‪ :‬مؤسسة‬
‫كونراد أديناور‪ ،‬مكتب المغرب‪ ،‬سنة ‪.2017‬‬
‫إصدارات مجلس النواب‪:‬‬
‫‪ ‬الوزارة المكلفة بالعالقات مع البرلمان والمجتمع المدني‪" ،‬حصيلة‬
‫عمل الحكومة ‪ ،" 2014‬في عالقتها مع البرلمان‪ :‬الوالية التشريعية التاسعة‬
‫السنة التشريعية الثالثة‪ ،2013‬المملكة المغربية‪.2014 ،‬‬
‫‪ ‬مجلس النواب‪ ،‬خطة استراتيجية لتأهيل وتطوير عمل مجلس‬
‫النواب ‪ 25‬دجنبر ‪. 2015‬‬

‫‪ ‬الوزارة المكلفة بالعالقات مع البرلمان والمجتمع المدني‪" ،‬حصیلة‬


‫عمل الحكومة في عالقتها مع البرلمان‪ :‬السنة األولى من الوالية التشريعية‬
‫التاسعة ینایر‪/‬أكتوبر ‪ ،" 2012‬المملكة المغربیة‪. 2012 -،‬‬

‫الكتب باللغة األجنبية‬


‫‪ Pimentel Carlos – Miguel, « l’opposition ou le procès‬‬
‫‪symbolique du pouvoir » , n° 106 ,2004 .‬‬

‫‪85‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

 Pierre Avril « Le statut de l’opposition: un feuilleton


inachevé, les articles 04 et 51 (de la constitution ,Petites
affiches n° 245, 19 décembre 2008.
 Marcel perlot, « Droit parlementaire français», cours a' l'IEP
1958 Paris ; les cours de droit.
 Bligh Nabil « l'opposition parlementaire: un conte pouvoir
politique saisi par le droit », Revue pouvoirs n°133,2010.

86 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الدكتور عبدالوهاب البقالي‬


‫أستاذ باحث يف القانون العام جامعة شعيب‬
‫الدكالي‪ -‬اجلديدة‬
‫أمناط االقرتاع و صنع اخلريطة السياسية يف املغرب‬
‫‪Voting patterns and making the political map in Morocco‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫يعد االنتخاب طريقة يتم بموجبها إشراك المواطن في السلطة‪،‬‬
‫وفي اتخاد القرار المتمثل في تدبير الشأن العام‪ ،73‬ويرتبط االنتخاب‬
‫بالديمقراطية‪ ،‬بل هو طقس ديمقراطي يمكن من اختيار الحكام بواسطة‬
‫المحكومين بحيث إن االنتخابات ليست وليدة هدا العصر بل هي موجودة‬
‫حيثما وجدت الديمقراطية‪ ،‬و تنعدم بعدمها‪.74‬‬

‫وعليه تشكل االنتخابات إحدى التقنيات األساسية الختيار الممثلين‬


‫من قبل المواطنين حسب اإلواليات السياسية والمؤسساتية‪ ،‬فإن‬
‫االنتخابات هي وسيلة حديثة باعتبارها حلت محل طرق قديمة أخرى ‪-‬‬
‫تعيين‪ ،‬توارث ‪ ،-‬وليس هدا فحسب‪ ،‬بل أصبحت تعم كل األنظمة‬

‫‪ - 73‬أحمد حضراني‪ ،‬النظام االنتخابي بالمغرب‪ ،‬مقال ضمن مؤلف جماعي تحت عنوان‪ :‬النظام االنتخابي في بلدان المغرب العربي‬
‫وضماناته‪ ،‬تنسيق محمد الداه عبد القادر‪ ،‬منشورات المطابع النيرة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2017‬موريتنانيا‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ - 74‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21 :‬‬

‫‪87‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫السياسية الغربية منها و االشتراكية و كدلك أنظمة الدول السائرة في‬


‫‪75‬‬
‫طريق النمو‬

‫تهدف هذه الدراسة إلى البحث في أنماط االقتراع وعالقتها‬


‫باألنظمة السياسية‪ ،‬ليس على المستوى التقني فحسب‪ ،‬وما يكتسيه من‬
‫أهمية بالغة في ضبط التدقيقات والتفاصيل حول مسار كل عملية‬
‫انتخابية واإلجراءات المتبعة على مستوى كل نمط من أنماط االقتراع‪ ،‬بل‬
‫أيضا على مستوى النتائج السياسية التي يروم تحقيقها واضعو هذا‬
‫النمط أو ذاك‪ ،‬في تناغم مع تفاصيل أخرى مرتبطة باألساس بالنظام‬
‫الحزبي‪،‬التقطيع االنتخابي‪ ،‬شفافية العملية االنتخابية‪ ،‬استعمال وسائل‬
‫المحاسبة القانونية و السياسية‪ ،‬و بطبيعة الحال من خالل النتيجة و هي‬
‫الخريطة السياسية المراد الوصول إليها‪ ،‬كل هاته القضايا االنتخابية‬
‫والسياسية سنتعرض إليها في هاته الدراسة مستلهمين المسار االنتخابي‬
‫للمغرب والتغيرات التي شهدها بارتباط مع اللحظات السياسية الكبرى‬
‫التي عرفت تغيير نمط االقتراع من النمط االحادي االسمي إلى االقتراع‬
‫النسبي بالالئحة‪ ،‬وبارتباط أيضا مع محاولة لفهم الجانب التقني في‬
‫عملية توزيع المقاعد على المستوى االنتخابي‪.‬‬

‫لكل ذلك سنعمد لمقاربة هذا الموضوع من خالل النقاط التالية‬


‫كاآلتي‪:‬‬

‫‪ - 1‬مفهوم و تطور أسلوب االقتراع‬

‫‪ - 75‬حسنة كجي و عبد اللطيف بكور‪ ،‬االنتخابات التشريعية ل ‪ 7‬أكتوبر ‪ 2016‬و سؤال المشاركة السياسة لدى الشباب‪ ،‬مقال ضمن‬
‫مؤلف جماعي‪ :‬المسار الديمقراطي في المغرب على ضوء االنتخابات التشريعية ‪ 07‬أكتوبر ‪ ،2016‬سلسلة إضافات في الدراسات‬
‫القانونية و السياسية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬فضاء آدم للنشر و التوزيع‪ ،‬ص‪.191:‬‬

‫‪88‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪ – 2‬تطبيقات توزيع المقاعد بناء على اختالف أنماط اإلقتراع‬

‫‪ – 3‬التأثيرات السياسية ألنماط االقتراع على الخريطة السياسية‬

‫‪ – 4‬أي تمثل لتقنيات أنماط االقتراع في التجربة المغربية‬

‫‪ - 1‬مفهوم و تطور أسلوب االقرتاع‪:‬‬


‫تختلف أنماط االقتراع في العالم باختالف التوجهات العامة‬
‫للحكومة التي تضع النظام االنتخابي‪،‬‬

‫وباختالف وبعالقة مع منظومة األحزاب السياسية المعتمدة و رغم‬


‫كل ذلك يمكن أن نرجع النظم االنتخابية إلى نظامين‪:‬‬

‫‪ -‬النظام األكثري‪.‬‬

‫‪ -‬النظام النسبي‪.‬‬

‫من خالل هذه األنظمة الرئيسية تفرعت أنظمة فرعية‪ ،‬منها‪:‬‬


‫تصويت واقعي على أساس أكثري‪ ،‬نظام الدورتين‪،‬النظام المختلط‪..‬‬

‫وبخصوص االقتراع األكثري فهو الدي يعطي مجموع المقاعد‬


‫الشاغرة للمرشح أو للمرشحين الذين نالوا أكبر عدد من األصوات‪ ،‬و االقتراع‬
‫‪76‬‬
‫األكثري بهذا المعنى قد يكون أحاديا اسميا وقد يجري على أساس الئحي‪.‬‬

‫و هدا النوع من االقتراع يضم نموذجين‪ :‬االقتراع األكثري في دورة‬


‫واحدة‪،‬وهو الذي كان يطبقه المغرب قبل االنتخابات التشريعية لسنة‬
‫‪ ،2002‬حيث يعود المقعد للمرشح الفائز بأكبر عدد من األصوات‪.‬وهو الذي‬

‫‪ -76‬الحاج قاسم محمد‪ :‬النظرية العامة في القانون الدستوري‪ -‬المفاهيم األساسية‪ ،‬الطبعة األولى‪.2004 ،‬‬

‫‪89‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫تطبقه بريطانيا غير أن الخلفيات السياسية الختيار نمط اقتراع دون‬


‫غيره تختلف من دولة ألخرى‪.77‬‬

‫فهدا النوع من االقتراع أي األكثري‪،‬يطبق أصال في الدول التي تتبنى‬


‫الثنائية الحزبية‪ ،‬ولذلك تأثيرات على مستوى االستقرارالسياسي‪ ،‬حيث‬
‫يسهل معه تكوين حكومة منسجمة وقارة تضمن ثقة البرلمان طيلة مدة‬
‫التفويض التشريعي‪ ،‬وهو ما يفسر استمرارية وانتظام الحكومات‬
‫البريطانية تحت فلسفة الثنائية الحزبية‪.‬‬

‫أما بالمغرب قبل سنة ‪ ،200278‬فيمكن القول بأن اختيار هدا النمط‬
‫من االقتراع كان لحسابات التحكم في الخريطة االنتخابية عبر ضبط‬
‫عملية التمثيلية بالجماعات الترابية و بالمؤسسة البرلمانية‪ ،‬و هنا يجب‬
‫ذكر انتقادات المعارضة التقليدية بعد االستقالل‪ ،‬والتي كانت تشتكي من‬
‫استعمال المال غير الشرعي‪ ،‬والتزوير واإلنزاالت بدوائر معينة والتشطيب‬
‫من اللوائح االنتخابية إضافة إلى البلقنة السياسية الحزبية‪ ،‬حيث أن‬
‫تطبيق هدا النمط من االقتراع يفرغه من محتواه االنتخابي ووظيفته‬
‫السياسية‪.‬‬

‫أما االقتراع األكثري في دورتين‪ ،‬فالدوراألول ال يتم من خالله فوز‬


‫المرشح أو المرشحين إال إذا حصلوا على األغلبية المطلقة‪-‬النصف‪+‬‬
‫واحد‪ -‬من األصوات‪ ،‬فإدا تعذرت هاته النتيجة تجرى دورة ثانية بين‬
‫المرشحين الدين حصال على أكبر عدد من األصوات في الدورة األولى ويكون‬

‫‪- 77‬عبد الوهاب البقالي‪ :‬صنع الخريطة السياسية بالمغرب‪ ،‬جريدة اليسار الموحد‪ ،‬الصدارة بتاريخ ‪ 29‬يونيو إلى ‪ 5‬يوليوز ‪،2006‬‬
‫ص‪.14 :‬‬
‫‪ -78‬الزال هدا النمط معتمدا بالجماعات القروية‪ ،‬و بالمدن يتم استعمال نمط التمثيل النسبي‪.‬‬

‫‪90‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الفائز فيها المرشح أو المرشحون الدين حصلوا على األغلبية مهما كان‬
‫نوعها‪.79‬‬

‫وهنا نأخذ مثال فرنسا حيث يظهر لنا تطبيق نظام األقطاب الحزبية‬
‫حيث تكثل األحزاب القريبة من بعضها البعض برنامجيا وسياسيا‬
‫لتحصين األصوات المحصل عليها في الدوراألول‪ ،‬ونالحظ كيف تكثل‬
‫الجميع ضد حزب اليمين المتطرف لماري لوبين لمنعه من الفوز في الدور‬
‫الثاني من انتخابات الرئاسة السابقة‪.‬‬

‫أما بخصوص االنتخاب النسبي فيعود إلى حوالي قرن من الزمن‪ ،‬وقد‬
‫نادى به مند سنة ‪ 1846‬المنظر االشتراكي فيكتور‪ ،‬و ترشح مند ‪ 1891‬في‬
‫بعض المقاطعات السويسرية ثم في بلجيكا سنة ‪ ،1899‬و طال أوربا كلها‬
‫في الفترة الممتندة بين سنة ‪ 1900‬و عام ‪،1920‬و حاليا تعمل به كل دول‬
‫أوربا باستثناء بريطانيا‪ ،‬و يتميز هدا الشكل من االقتراع بطابعه البسيط‬
‫والديمقراطي على المستوى النظري وطابعه المعقد على مستوى‬
‫التطبيق‪.80‬‬

‫وهو يهدف خالفا لالقتراع األكثري‪ ،‬إلى توزيع المقاعد على‬


‫المرشحين بحسب األصوات التي ظفر بها كل واحد منهم‪ ،‬مما يفضي‬
‫بالضرورة إلى توسيع فرص االستفادة لتشمل أكبر عدد من المشاركين‪،‬‬
‫لدلك ما فتئت العديد من األحزاب و التنظيمات تطالب بإقرار هدا الشكل‬
‫من االقتراع‪ ،‬عوض االنتخاب األكثري‪ ،81‬إال أن هدا األسلوب على فعاليته‬
‫وأهميته في تقريب النتائج االنتخابية من الواقع الموضوعي للفاعلين‬

‫‪ -79‬الحاج قاسم محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.144 :‬‬


‫‪ - 80‬أحمد حضراني‪ ،‬القانون الدستوري والمؤسسات السياسية‪ ،‬مطبعة سجلماسة‪ ،2005 ،‬ص‪.265:‬‬
‫‪ -81‬امجمد مالكي‪،‬القانون الدستوري و المؤسسات السياسية‪ ،‬دار وليلي للطباعة و النشر‪ ،1997-1996،‬ص‪.231 :‬‬

‫‪91‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫السياسيين و إعطاء صورة عن التفاعالت بين مختلف مكونات المجتمع‪،‬‬


‫فإن تطبيقه لم يخل من صعوبات تقنية‪ ،‬و إما العتبارات سياسية‪ ،‬أهمها‬
‫مكانة األحزاب الكبيرة و إضعاف األحزاب الصغيرة‪.82‬‬

‫ويطرح هدا النمط من االقتراع العديد من التدقيقات التقنية‬


‫سنتطرق لها الحقا عبر أمثلة تبسيطية و تخص موضوع الحاصل االنتخاب‬
‫و أسلوب أكبر البقايا و أقوىالمعدالت و غيرها‪....‬‬

‫‪ – 2‬تطبيقات توزيع املقاعد بناء على اختالف أمناط اإلقرتاع‪:‬‬


‫بخصوص أسلوب االقتراع األحادي االسمي الذي سبق وأن قمنا‬
‫بالتعريف بمضمونه فعملية توزيع المقاعد بين المتنافسين بسيطة‬
‫وسنورد المثال التوضيحي التالي‪:83‬‬

‫‪ -‬عدد المقاعد االنتخابية المتنافس حولها في دائة انتخابية‪:‬‬


‫مقعد واحد‬

‫‪ -‬عدد المرشحين ‪ 4 :‬مرشحين‬

‫‪ -‬عدد المسجلين في اللوائح االنتخابية ‪ 5000 :‬ناخب‪.‬‬

‫‪ -‬عدد المشاركين‪ 3000 :‬مشارك‬

‫‪ -‬عدد األصوات الملغاة ‪ 800 :‬صوت‬

‫‪ -‬عدد األصوات المعبر عنها‪ 2200 :‬صوت‪.‬‬

‫عدد األصوات المحصل عليها من قبل المرشحين األربعة‪:‬‬

‫‪ - 82‬امحمد مالكي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.231 :‬‬


‫‪ -83‬المثال التوضيحي ‪ :‬تركيب شخصي‪.‬‬

‫‪92‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫المرشح األول ‪ 800 :‬صوت‬ ‫‪‬‬

‫المرشح الثاني‪ 700 :‬صوت‬ ‫‪‬‬

‫المرشح الثالث‪ 500 :‬صوت‬ ‫‪‬‬

‫المرشح الرابع ‪ 200 :‬صوت‬ ‫‪‬‬

‫انطالقا من النتائج أعاله‪ ،‬و في حالة اعتماد االقتراع االحادي االسمي‬


‫في دورة واحدة‪ ،‬فإن المرشح الحاصل على ‪ 800‬صوت هو الذي سيفوز‬
‫بالمقعد االنتخابي رغم أن لم يحصل على األغلبية المطلقة و هي ‪1101‬‬
‫صوتا‪ ،‬و إنما حصل على األغلبية النسبية‪.‬‬

‫أما في حالة اعتماد االقتراع األحادي االسمي في دورتين‪ ،‬وطبقا‬


‫للنتائج المحصل عليها في المثال السابق‪ ،‬وباعتبار أن أي مرشح لم يحصل‬
‫على األغلبية المطلقة‪ ،‬يتم تنظيم دورة ثانية يتنافس فيها المرشح‬
‫األول الحاصل على ‪ 800‬صوت و المرشح الثاني الحاصل على ‪ 700‬صوتا‪.‬‬

‫أما بخصوص نظام التمثيل النسبي بالالئحة‪ ،‬فهو يقوم على أساس‬
‫تقسيم إقليم الدولة إلى دوائر انتخابية كبيرة‪ ،‬تتنافس فيها لوائح‬
‫انتخابية‪ ،‬و يتم التصويت على الئحة واحدة‪ ،‬و يتم توزيع المقاعد بين‬
‫اللوائح حسب نسبة األصوات التي حصلت عليها‪ ،‬و ذلك بهدف إعطاء كل‬
‫حزب عددا من المقاعد يتناسب مع قوته العددية‪ ،‬غير أن توزيع المقاعد‬
‫ال يتم دون المرور بمجموعة من العمليات‪.84‬‬

‫‪ - 84‬محمد الرضواني‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.189 :‬‬

‫‪93‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫إن العملية األولى المطلوبة في هدا النظام هي تحديد عدد األصوات‬


‫التي يجب على كل الئحة الحصول عليها لمنحها مقعدا انتخابيا‪ ،‬و تسمى‬
‫هاته العملية بإيجاد الحاصل االنتخابي‪ ،‬الدي قد يكون على الصعيد‬
‫الوطني أو على الصعيد المحلي‪.85‬‬

‫‪ -‬الحاصل االنتخابي الوطني يكون بقسمة مجموع‬


‫األصوات المعبر عنها وطنيا على مجموع المقاعد البرلمانية‪.‬‬

‫‪ -‬الحاصل االنتخابي المحلي يكون بقسمة مجموع‬


‫األصوات المعبر عنها في دائرة معينة المقاعد المخصصة لها‪.‬‬

‫مثال‪ :‬لنفترض أن دائرة انتخابية خصص لها أربعة مقاعد‪ ،‬تتنافس‬


‫عليها ست لوائح و مجموع األصوات المعبر عنها هو‪ 200.000 :‬صوت‪،‬‬
‫فالحاصل االنتخابي في هده الحالة هو‪:‬‬

‫الحاصل االنتخابي = األصوات المعبر عنها ‪ /‬عدد المقاعد‬

‫‪50.000 = 4 / 200.000‬‬

‫و األصوات التي حصلت عليها اللوائح الست هي كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬الالئحة ‪65.000 : 1‬‬

‫‪ -‬الالئحة ‪55.000 :2‬‬

‫‪ -‬الالئحة ‪35.000 :3‬‬

‫‪ -‬الالئحة ‪30.000 :4‬‬

‫‪ - 85‬تميل اهداف نظام التمثيل النسبي نحو العدالة كلما كان ايجاد الحاصل االنتخابي على المستوى الوطني‪.‬‬

‫‪94‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪ -‬الالئحة ‪10.000 :5‬‬

‫‪ -‬الالئحة‪5.000 :6‬‬

‫و توزيع المقاعد سيكون على الشكل التالي‪:‬‬

‫الالئحة ‪ : 1‬مقعد واحد‬

‫الالئحة ‪ :2‬مقعد واحد‬

‫وباقي اللوائح ال تفوز بأي مقعد في التوزيع األول‪ ،‬ألن عدد األصوات‬
‫التي حصلت عليها لم يبلغ الحاصل االنتخابي‪ ،‬ويبقى مقعدان غير‬
‫موزعين‪،‬و أصوات غير مستعملة متمثلة في مايلي‪:‬‬

‫الالئحة ‪ 15.000 :1‬صوت‬

‫الالئحة ‪ 5.000 :2‬صوت‬

‫الالئحة ‪ 35.000 :3‬صوت‬

‫الالئحة ‪ 30.000 :4‬صوت‬

‫الالئحة ‪ 10.000 :5‬صوت‬

‫الالئحة ‪ 5.000 :6‬صوت‬

‫ولتوزيع المقاعد المتبقية يتم اللجوء إلى أسلوبين‪:‬‬

‫‪95‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫أسلوب أكبر البقايا ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫وتوزع بمقتضاه المقاعد المتبقية على اللوائح حسب بقاياها‪.‬‬


‫ففي المثال السابق‪ ،‬يتم ترتيب البقايا حسب أهميتها إلسناد المقاعد‬
‫المتبقية‪ ،‬و ذلك على النحو اآلتي‪:‬‬

‫الالئحة ‪ 35.000 :3‬صوت‬

‫الالئحة ‪ 30.000 :4‬صوت‬

‫الالئحة ‪ 15.000 :1‬صوت‬

‫الالئحة‪ 10.000 :5‬صوت‬

‫الالئحة‪ 2‬و ‪ 5.000 :6‬صوت‬

‫و يسند المقعد الثالث لالئحة ‪ ،3‬و المقعد الرابع لالئحة ‪ ،4‬و تكون‬
‫النتيجة النهائية لتوزيع المقاعد على الشكل التالي‪:‬‬

‫الالئحة ‪ :1‬مقعد واحد على أساس الحاصل االنتخابي‬

‫الالئحة ‪ :2‬مقعد واحد على أساس الحاصل االنتخابي‬

‫الالئحة ‪ :3‬مقعد واحد على أساس أكبر البقايا‬

‫الالئحة‪ :4‬مقعد واحد على أساس أكبر البقايا‪.‬‬

‫أسلوب أكبر المعدالت‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫يقوم هذا األسلوب على إضافة مقعد وهمي لكل الئحة‪ ،‬وعلى‬
‫الشكل التالي‪:‬‬

‫‪96‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫المجموع‬ ‫المقعد‬ ‫المقعد‬ ‫اللوائح‬


‫المحصل عليه الوهمي‬

‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪6‬‬

‫ثم نقوم بقسمة عدد األصوات التي حصلت عليها كل الئحة على‬
‫عدد مقاعدها الفعلية و الوهمية‪ ،‬لتوزيع مقعد واحد على الشكل التالي‪:‬‬

‫الالئحة ‪32.500 = 2 / 65.000 :1‬صوت‬

‫الالئحة ‪ 27.500 = 2 / 55.000 :2‬صوت‬

‫الالئحة ‪ 35.000 = 1 / 35000 :3‬صوت‬

‫الالئحة ‪ 30.000 =1/ 30.000 :4‬صوت‬

‫الالئحة ‪ 10.000 =1 / 10.000 :5‬صوت‬

‫الالئحة ‪ 5000 =1 / 5000 :6‬صوت‪.‬‬

‫و بناء على دلك يكون المقعد الثالث من نصيب الالئحة ‪ 3‬التي‬


‫حصلت على أكبر معدل و هو ‪ 35.000‬صوت‪.‬‬

‫‪97‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫تطبق نفس العملية لتوزيع المقعد الرابع‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار‬
‫المقعد اإلضافي الدي حصلت عليه الالئحة ‪.3‬‬

‫الالئحة ‪32.500 = 2 / 65.000 :1‬صوت‬

‫الالئحة ‪ 27.500 = 2 / 55.000 :2‬صوت‬

‫الالئحة ‪ 17.000 = 2 / 35000 :3‬صوت‬

‫الالئحة ‪ 30.000 =1/ 30.000 :4‬صوت‬

‫الالئحة ‪ 10.000 =1 / 10.000 :5‬صوت‬

‫الالئحة ‪ 5000 =1 / 5000 :6‬صوت‬

‫وبناء على هده النتيجة‪ ،‬يكون المقعد الرابع من نصيب الالئحة‬


‫رقم ‪ ،1‬التي حصلت على أكبر معدل في هذا التوزيع‪.‬‬

‫ويكون التوزيع لعدد المقاعد حسب أكبر المعدالت بعد حدف‬


‫المقعد الوهمي على الشكل التالي‪:‬‬

‫الالئحة ‪ :1‬مقعدان‪.‬‬

‫الالئحة ‪ :2‬مقعد واحد‪.‬‬

‫الالئحة ‪ :3‬مقعد واحد‪.‬‬

‫المالحظ أن أسلوب أكبر البقايا يكون في صالح األحزاب الصغرى‪ ،‬في‬


‫حين أن أسلوب أكبر المعدالت يكون في صالح األحزاب الكبرى‪.86‬‬

‫‪ -8‬هناك العديد من التقنيات األخرى‪ ،‬ندكر منها طريقة هاندت‪ ،‬وهو عالم رياضي ابتكرها سنة ‪ ،1885‬وتعتبر طريقة مختصرة لتوزيع‬
‫المقاعد تؤدي إلى نفس نتائج طريقة أكبر المعدالت تتمثل في توزيع عدد األصوات التي حصلت عليها كل الئحة‪ ،‬بشكل متوال‪ ،‬على‬
‫عدد من األرقام يساوي عدد المقاعد المخصصة للدائرة االنتخابية و بعدها توزع المقاعد على اللوائح بقسمة عدد األصوات التي حصلت‬
‫عليها كل الئحة على الحاصل االنتخابي‪ .‬للمزيد‪ :‬راجع‪ ،‬محمد الرضواني‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.193 :‬‬

‫‪98‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪ – 3‬التأثريات السياسية ألمناط االقرتاع على اخلريطة السياسية‪:‬‬


‫إن دراسة العالقات بين األنظمة االنتخابية واألنظمة السياسية‬
‫تنطلق من السؤال الدي شغل الباحثين لمدة طويلة وهو‪ :‬معرفة كيف‬
‫تضمن األنظمة االنتخابية الصفة الديمقراطية في أي نظام سياسي‪.‬‬

‫و سنعمل على مقاربة قياس مدى تأثير هاته األنماط على األنظمة‬
‫االنتخابية‪ ،‬وننطلق من الفرضية القائلة بأن طبيعة األنظمة الحزبية هي‬
‫التي تحدد طبيعة األنظمة السياسية‪.‬‬

‫ففي ظل الحياة السياسية المعاصرة أصبح معيار التمييز بين‬


‫األصول االجتماعية لألحزاب السياسية‪،‬‬

‫و فكرها اإليديولوجي و حجمها و تحالفاتها و نوع مواقفها أمرا ثابثا‪،‬‬


‫واألحزاب السياسية بكافة هذه العناصر تعني وجود نظام لألحزاب‬
‫السياسية في بلد معين‪ ،‬كما يعني وجود مؤسسات سياسية لها أهمية‬
‫بالغة في الدولة‪ .‬وبوجودها يقع التمييز غالبا بين األنظمة السياسية‬
‫الديمقراطية‪ ،‬و األنظمة االستبدادية‪ ،‬سواء كان في األنظمة الديمقراطية‬
‫نظام الثنائية الحزبية أو التعددية أو كان في األنظمة اإلستبدادية نظام‬
‫الحزب الوحيد أو أنظمة بدون أحزاب‪.87‬‬

‫إن الفرضية أعاله مرتبطة أساسا بمشهد سياسي سليم‪ ،‬به أحزاب‬
‫سياسية تعبر عن مصالح وطموحات فئات معينة بالمجتمع‪ ،‬وتتبنى‬
‫إيديولوجيات و أفكار معينة‪ ،‬و يكون التنافس االنتخابي ديمقراطيا‬

‫‪ - 87‬أحمد السوداني‪ ،‬نظام االقتراع النسبي وتطبيقه في انتخاب الكورتيس العام اإلسباني‪ ،‬مطبعة دار القلم الرباط‪ ،‬يناير ‪ ،2002‬ص‪:‬‬
‫‪ 28‬و ‪.29‬‬

‫‪99‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫ونتائجه السياسية تعكس حقيقة المشهد السياسي ببلد ما‪.‬‬

‫وعلى الرغم من ذلك يمكن القول بخصوص أثر نظام االقتراع على‬
‫األحزاب السياسية‪ ،‬أن نظام االقتراع األكثري سواء أكان على أساس‬
‫الدورتين أو الدائرة الفردية يبتعد عن األمانة في التمثيل ‪،‬فمن‬
‫المستحيل أن تساوي نسبة األصوات إلى نسبة المقاعد عددا صحيحا‪،‬‬
‫فالحزب إما يحصل على مقاعد أكثر مما يستحق أو أقل من حصته‬
‫الحقيقية‪.88‬‬

‫فالبنسبة لالقتراع األكثري ذي الدورتين فهو اقتراع للتحالفات‬


‫الكبرى التي تالئم أحزابا الوسط‪ .‬و إذا كان الرأي العام ينفر من التصويت‬
‫لهاتين الجبهتين المختلفتين فهو قلما ينجح في رؤية تيار يمثل أفكارا‬
‫أصيلة‪.‬‬

‫و هناك من الباحثين من يرى بأن هذا النوع من االقتراع يساهم في‬


‫تحقيق نوع من العدل‪ ،‬إذ أن التحالفات واالنسحابات المتبادلة بين‬
‫األحزاب في الدور الثاني يمكن أن تؤدي إلى الرفع من تمثيلية األحزاب‬
‫المتوسطة‪ ،‬مع إمكانية المساهمة في تبلور استقطاب سياسي ثنائي في‬
‫الدور الثاني بين تيارين‪ ،‬كل تيار يجمع أحزابا متقاربة‪.89‬‬

‫ومن المآخد التي تسجل على االقتراع الفردي في دورتين نذكر‬


‫التفاوت في التمثيل‪ ،‬فعلى سبيل المثال في انتخابات الجمعية الوطنية‬
‫الفرنسية سنة‪ ،1958‬حصل الحزب الشيوعي على ‪ 10‬مقاعد‪ ،‬بما يقارب‬

‫‪ -6‬عبدو سعد ‪ ،‬النظم االنتخابية‪ ،‬دراسة حول العالقة بين النظام السياسي والنظام االنتخابي‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪ ،2005‬بيروت‪ ،‬ص‪90 :‬‬
‫‪ -7‬محمد الرضواني‪ ،‬مدخل إلى القانون الدستوري‪ ،‬سلسلة بدائل قانونية و سياسية ‪ ،6‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثالثة‬
‫‪ ،2016‬ص‪ 186:‬و ‪.187‬‬

‫‪100‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫أربعة ماليين صوت‪ ،‬في حين حصل حزب االتحاد الوطني الجمهوري على‬
‫‪ 189‬مقعد‪ ،‬رغم أنه لم يحصل إال على ثالثة ماليين و ستمائة ألف صوت‬
‫تقريبا‪ .90‬باإلضافة إلى أن الناخب يكون مدعوا للتصويت في مرحلتين‬
‫اثنتين وفي فترة قصيرة‪،‬مع ما يستتبع دلك من صرف إلمكانيات مالية‬
‫مهمة وإضافية لتأمين عملية التصويت في الدور الثاني‪ ،‬وهو ما قد‬
‫يسبب إرهاقا وعسرا لإلدارة والسلطات المختصة في تتبع تفاصيل‬
‫وتدقيقات هدا النوع من االقتراع‪.‬‬

‫ويرى أستادنا "أحمد حضراني"‪ ،‬أن االقتراع األغلبي االسمي في‬


‫دورتين يؤدي إلى التعددية الحزبية لتشجيعه في غالب األحيان األحزاب‬
‫المتوسطة و الصغرى‪ ،‬و مساعدتها على التموقع داخل الساحة السياسية‬
‫‪ ،‬لهدا فقد تمكن هدا األسلوب من أن يظل محط إعجاب الباحثين و رجال‬
‫السياسة‪ ،‬ألنه يؤدي في الدور األول إلى التعرف على الخريطة السياسية‬
‫واختيارات الرأي العام‪ ،‬ويحمله في الدور الثاني على خلق أغلبية قادرة‬
‫على ممارسة الحكم دون أزمات سياسية ودستورية‪.91‬‬

‫ويطبق نظام الدورتين اليوم في أكثر من ثالثين برلمانا وطنيا‪ ،‬من‬


‫بينها البرلمان الفرنسي‪ .‬وعن تفاصيل من يحق له المشاركة في الدور‬
‫الثاني‪ ،‬تختلف الدول في هدا الصدد‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬في أوكرانيا‬
‫وإيران ال يشترك في الدور الثاني إال المرشحان اللذان حصال على أعلى نسبة‬
‫من األصوات في الدور األول‪ .‬أما في فرنسا‪ ،‬فيشترك في الدور الثاني كل‬

‫‪ -90‬محمد الرضواني‪،‬م س‪ ،‬ص‪.187 :‬‬


‫‪ - 91‬أحمد حضراني‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.273 :‬‬

‫‪101‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫مرشح حصل على ‪ 12,5‬بالمائة من أصوات الناخبين المسجلين‪ ،‬في الدورة‬


‫األولى و دلك حسب المادة ‪ 162‬من القانون االنتخابي‪.92‬‬

‫أما بخصوص االقتراع الفردي في دورة واحدة فهو ينزع نحو الثنائية‬
‫الحزبية‪ ،‬و تقليص عدد األحزاب و حصرها في حزبين رئيسيين يتناوبان‬
‫على السلطة‪ ،‬و تتمتع الحكومة باالستقرار السياسي في ظل هدا األسلوب‬
‫االنتخابي‪.93‬‬

‫تم تطبيق هدا النمط من االقتراع بالمغرب مند العام ‪ 1960‬إلى سنة‬
‫‪ ،2002‬و هو نمط القى انتقادات واسعة لسهولة صنع الخريطة االنتخابية‬
‫من خالله ففارق األصوات بين المتنافسين قد يكون ضئيال جدا‪ ،‬و مع‬
‫دلك فالفوز ال يعكس االرادة الحقيقية للناخبين الدين اليشعرون‬
‫بالعدالة على مستوى توزيع األصوات‪ ،‬كم أن تطبيق هدا النط يكون في‬
‫الغالب في دوائر صغيرة تنحو معها عملية االقتراع إلى اعتبارات شخصية‬
‫و ليست برنامجية‪.‬‬

‫وبخصوص نظام االنتخاب النسبي بالالئحة فيمكن القول بأنه‬


‫أفضل نظام يمكن اعتماده على مستوى العملية االنتخابية‪ ،‬العتبارات‬
‫متعددة يظل جوهرها قدرة كافة التشكيالت السياسية التي تعبرعن‬
‫واقع سياسي معين أو عن مصالح فئة أو طبقة معينة من إمكانية‬
‫التمثيل على مستوى المؤسسات وإيصال صوتها السياسي وصوت‬
‫مناصريها‪ ،‬وهو مايشجع بقوة عملية االنخراط في المسلسل االنتخابي‪،‬‬

‫‪ - 92‬محمد الرضواني‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.186:‬‬


‫‪ - 93‬أحمد حضراني‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.273:‬‬

‫‪102‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫ألن الناخب يعي مسبقا بعدم ضياع صوته و هو ما يكرس العدالة على‬
‫مستوى التمثيل في المؤسسات السياسية‪.‬‬

‫كما أن هدا النمط من االقتراع في عالقته مع النظام الحزبي‪ ،‬يعطي‬


‫لألحزاب الكبرى ما تستحقه من قوة ومكانة‪ ،‬ولألحزاب الصغرى‬
‫وللتشكيالت السياسية الصاعدة ما تستوجب من إنصاف وعدالة‪ ،‬وهو ما‬
‫يجعل الناخب يعطي األولوية للبرامج السياسية ويلغي الكاريزمية‬
‫وشخصنة الحياة السياسية والنيابية‪ ،‬وفي ظله تكون أغلبية مؤيدة‬
‫بأنصارها أو بأقلية متقاربة مع أيديولوجياتها‪ ،‬وتكون المعارضة أيضا‬
‫واضحة و فعالة‪.94‬‬

‫ويمكن أن نستنتج تبعا لذلك أن النظام االنتخابي الذي قد يحرم‬


‫قوى سياسية صاعدة من التمثيل على مستوى المؤسسات السياسية هو‬
‫نظام غير عادل‪ ،‬وقد يؤدي إلى إحساس فئات معينة باإلقصاء مما قد‬
‫يضعف مشاركتها انتخابيا و يؤدي إلى العزوف االنتخابي‪.‬‬

‫فالتمثيل النسبي يتفادى النتائج الشادة التي يفرزها النظام‬


‫األكثري‪ ،‬ويؤدي هدا النظام إلى وجود مجلس تشريعي أكثر تمثيال لفئات‬
‫المجتمع‪ ،‬وخصوصا في الديمقراطيات الجديدة التي تواجه انقسامات‬
‫اجتماعية وحضارية عميقة‪ ،‬حيث يؤدي إشراك األقليات واألغلبيات في‬
‫إدارة الشؤون السياسية إلى تفادي الكثير من المشاكل التي قد تعترض‬
‫إدارة الدولة‪ ،‬ويكون النظام االنتخابي قادرا على إدارة النزاع‪.95‬‬

‫‪ - 94‬أحمد السوداني‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.96 :‬‬


‫‪ -95‬عبدو سعد‪،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.267:‬‬

‫‪103‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫ومن حسنات التمثيل النسبي هو إسهامه في إعادة االعتبار للبرامج‬


‫و األفكار و السياسات العمومية والمنطلقات والمبادئ‪ ،‬فينتفي في ظل‬
‫هدا النمط االعتبار الشخصي و القرابة العائلية واالعتبارات الضيقة التي‬
‫تكون مرتبطة بمصالح دائرة انتخابية صغرى‪...‬فهو اقتراع أفكار ال‬
‫اقتراع أشخاص‪.‬‬

‫بيد أن كل مادكرناه أعاله يكون له تأثير عميق و مباشر و ظاهر في‬


‫تطبيقه على الدائرة االنتخابية الوطنية الكبرى العتبارات متعددة‬
‫جوهرها‪:‬‬

‫بناء الوطن بدل الطائفة أو النزعة االنفصالية‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫فعملية الحملة االنتخابية تفرض تالقي المرشحين و الناخبين من‬
‫مختلف مناطق الوطن الواحد بتعدد دياناتهم و مذاهبهم و بغض‬
‫النظر عن توجهاتهم القومية إن وجدت‪ ،‬أو اعتبارهم أقلية داخل‬
‫الوطن‪..‬فكل هاته االعتبارات تنتفي في ظل هدا النمط من‬
‫االقتراع في حالة تطبيقه على مستوى دوائر وطنية كبرى‪.‬‬

‫إن المبرر السابق يفرض على األحزاب المتنافسة و هي‬ ‫‪‬‬


‫تتقدم بلوائح وطنية‪ ،‬أن تراعي تقديم مرشحين من مختلف‬
‫المناطق الجغرافية للوطن الواحد بغية حشد الدعم و التأييد من‬
‫جهة‪ ،‬وهوما يكسر الحواجز النفسية في حالة وجود اختالفات‬
‫عرقية أو دينية داخل الوطن الواحد‪ ،‬وهو ما يقوي مفهوم نائب‬
‫األمة‪ ،‬الدي يكون مجبرا على الخروج من الخطاب الطائفي والمناطقي‬
‫والدخول في بناء المواطنة والتحلي بالسلوك المدني‪.‬‬

‫‪104‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫يضعف هدا النمط من االقتراع بشكل كبير نفود‬ ‫‪‬‬


‫األعيان وأصحاب رؤوس األموال ودورهم في صنع الخريطة‬
‫السياسية في ظل نمط االقتراع األكثري خاصة في الدول التي تمزج‬
‫بين مقومات الدولة الحديثة من دستور وبرلمان وقوانين‬
‫ومشروعيات دينية وعرفية خارج النص الدستوري‪.‬‬

‫يكون للناخب دور مهم و هو يعلم مسبقا أن صوته لن‬ ‫‪‬‬


‫يذهب سدى‪ ،‬بل سيكون له تأثير في العملية االنتخابية خصوصا‬
‫في غياب ما يعرف بالعتبة أو نصاب اإلبعاد‪ ،‬ألن التمثيلية ستكون‬
‫مضمونة في الوصول للبرلمان من أجل التعبير عن الراي السياسي‪..‬‬

‫‪ – 4‬أي متثل لتقنيات أمناط االقرتاع يف التجربة املغربية‪:‬‬


‫إن اختيار نمط اقتراع معين‪ ،‬كما هو معروف يتجاوز ما هو تقني‬
‫إلى ما هو سياسي‪ ،‬والمحكوم بتوجهات ورغبات سياسية معينة أو تصورات‬
‫لطبيعة المشهد السياسي المراد إفرازه‪ ،‬إن اختيار نمط اقتراع معين ليس‬
‫بريئا في حد ذاته طالما تحركه أبعاد سياسية وتضبطه العديد من‬
‫العوامل السوسيولوجية واالقتصادية والثقافية‪ ،96‬لقد شكل نمط‬
‫االقتراع بالمغرب موضوع صراع بين مختلف مكونات النظام السياسي مند‬
‫االستقالل‪ ،‬فالجداالت و النقاشات حول نمط االقتراع الواجب اعتماده ظلت‬
‫حاضرة في كل االستحقاقات االنتخابية‪ ،‬خاصة من طرف األحزاب‬
‫السياسية التي طالما رأت فيه أنه لم يعد يساير التطور الذي عرفه النظام‬
‫السياسي المغربي‪.97‬‬

‫‪ -96‬جمال بن يشو‪ ،‬التمثيلية السياسية في النظام السياس ي المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم ماستر الدراسات السياسية والدستورية‪ ،‬جامعة‬
‫محمد األول بوجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2015 -2014‬ص‪43 :‬‬
‫‪ - 97‬جمال بن يشو‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.43 :‬‬

‫‪105‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وبالرجوع للتاريخ االنتخابي للمغرب فقد تم تبني نمط االقتراع‬


‫األحادي االسمي ذي دورة واحدة منذ االنتخابات البلدية لسنة ‪ ،1960‬و قد‬
‫كان له التأثير األكبر على مستوى بروز ظاهرة األعيان التي بصمت على‬
‫تاريخ االستحقاقات االنتخابية منذ ذلك التاريخ‪ ،‬علما أن الشروط‬
‫السياسية آنذاك كانت تعرف دفاع أحزاب الحركة الوطنية عن النظام‬
‫النسبي‪.98‬‬

‫وقد ساهم هذا النمط في ربط االنتخابات باألشخاص في لحظة‬


‫سياسية موسومة بصراع قوي بين استراتيجيتين‪ ،99‬واختالفهما حول‬
‫المسار السياسي للمغرب‪.‬‬

‫غير أن األمر سيتغير بدءا من انتخابات ‪ 2002‬التشريعية‪ ،‬والتي‬


‫تحول فيها أسلوب االقتراع إلى النظام النسبي بالالئحة مع عتبة ‪ 3‬بالمائة‬
‫واعتماد أسلوب أكبر البقايا‪ ،‬وجدير بالذكر أن هذا النمط جاء باقتراح من‬
‫وزير الداخلية األسبق السيد " ادريس البصري" الساهر على كل المسلسالت‬
‫النتخابية خالل الثمانينيات والتسعينيات من القرن المنصرم‪ ،‬معلال‬
‫دفاعه بعدة أسباب منها‪:‬‬

‫أن النظام القديم ساهم في تشتيت األصوات على عدد كبير من‬
‫المرشحين و هو م أدى بالضرورة لتشويه التمثيل الديمقراطي‪ ،100‬و لقد‬
‫حافظت االنتخابات التشريعية منذ سنة ‪ 2007‬على نفس النمط مع الرفع‬

‫‪ – 98‬يتعلق األمر بكل من حزب االستقالل و حزب االتحاد الوطني للقوات الشعبية و حزب الشورى و االستقالل‪.‬‬
‫‪ – 99‬يتعلق األمر باستراتيجية الملكية التي استطاعت فرض شروطها في دستور ‪ ،1962‬والحركة الوطنية التي كانت تأمل استكمال‬
‫مهمة الديمقراطية بعد مهمة االستقالل‪.‬‬
‫‪ -100‬بيرنابي لوبيس كارسيا‪ ،‬االنتخابات المغربية منذ ‪1960‬إلى اآلن‪ ،‬ترجمة بديعة الخرازي‪ ،‬منشورات الزمن‪ ،‬الطبعة األولى ‪،2007‬‬
‫الدارالبيضاء ص‪.306:‬‬

‫‪106‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫من العتبة إلى ‪ 6‬بالمائة من األصوات المعبر عنها للمشاركة في توزيع‬


‫المناطق سواء على مستوى الدوائر المحلية أو الوطنية‪.101‬‬

‫و تجب المالحظة بأن وزارة الداخلية حافظت على دورها في اإلعداد‬


‫لإلطار القانوني لمختلف االنتخابات التشريعية بالمغرب‪ ،‬و إذا كان تبني‬
‫هذا الشكل من االقتراع يروم القضاء على الفساد االنتخابي و تحقيق‬
‫النزاهة و توسيع المشاركة السياسية و مأسسة العمل الحزبي‪ ،‬إال أن‬
‫التجربة السياسية المغربية أبانت عن مفارقات بين المبتغى المنشود‬
‫والواقع المأزوم‪ ،‬فانتشار األمية و الفقر و طغيان العالقات الشخصية‬
‫والعائلية على االنتخابات‪ ،‬جعلت الناخب المغربي مرتبطا أكثر بشخص‬
‫المرشح ال بالبرنامج الحزبي‪ ،‬مادام أنه ال يمكن فهم مضامين هذا الحزب‬
‫لعدم التواصل بينهم و بين الناخبين أو لفقدان الثقة في البرامج‬
‫السياسية‪ ،‬إما لعمومية البرامج السياسية أو لعمومية البرامج الحزبية أو‬
‫‪.‬‬
‫لتعددها أو لتشابهها وعدم االلتزام بها‬

‫وبغض النظر عن االعتبارات الواردة أعاله‪ ،‬فإن كثرة األحزاب‬


‫السياسية و االنشقاقات المتوالية في الحقل الحزبي و خلق ما يعرف ب‬
‫"األحزاب اإلدارية"‪ ،‬كله ساهم إلى حد كبير في تمييع العملية النتخابية‪،‬‬
‫و هو ماجعل األستاذة " رقية المصدق" تؤكد بأن قيام انتخابات نزيهة‬
‫وشفافة ال يعود للنصوص القانونية لوحده‪ ،‬بل يقتضي توفر إرادة‬
‫سياسية و ممارسة أخالقية مبنية على روح وطنية تذوب فيها المصالح‬

‫‪ -26‬أنظر المادتين ‪ 78‬و ‪ 79‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 06- 22‬المغير و المتمم بموجبه القانون التنظيمي ‪ 97- 31‬المتعلق بمجلس‬
‫النواب‪ ،‬الصادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،60 – 07 – 1‬بتاريخ ‪ 23‬مارس ‪ ،2007‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،5513‬بتاريخ‬
‫‪ 02‬أبريل ‪ ،2007‬ص‪1108 :‬‬

‫‪107‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الذاتية والخالفات الشخصية وتسودها المصلحة الوطنية العامة في‬


‫انسجام تام مع الضوابط القانونية‪.102‬‬

‫وسيستمر النقاش حول النتائج السياسية المراد الوصول إليها مع‬


‫كل محطة تشريعية‪ ،‬ففي سنة ‪ 2007‬و مواكبة لإلعداد القانوني‬
‫والتنظيمي النتخابات تلك السنة سيثور جدل كبير بخصوص الرفع من‬
‫العتبة التي يكون على أساسها توزيع المقاعد بين أحزاب سياسية تطالب‬
‫برفعها لحدود ‪ 10‬بالمائة‪ 103‬مبررة مطالبتها بتعديل المادة ‪ 20‬من القانون‬
‫التنظيمي لمجلس النواب في الدفع باتجاه عقلنة المشهد السياسي ووضع‬
‫حد لظاهرة البلقنة التي أصبحت تضر بالمؤسسات السياسية وفي‬
‫مقدمتها مؤسسة البرلمان‪.104‬‬
‫‪105‬‬
‫واألحزاب التي‬ ‫في حين سارعت العديد من أحزاب المعارضة‬
‫تصنف باألحزاب الصغرى مدعومة بنقايات و هيئات من المجتمع المدني‬
‫إلى تأسيس "ائتالف وطني لمناهضة اإلجراءات االنتخابية االقصائية"‬
‫معتبرة أن الرفع من العتبة يشكل تهديدا للتعددية كمطلب دستوري‬
‫وتناقض مع ديباجة الدستور التي أكدت التشبت بحقوق االنسان كما هي‬
‫متعارف عليها عالميا‪ ،‬و سينتصر المجلس الدستوري من خالل هذا الجدل‬
‫لعدم دستورية تلك المقتضيات الهادفة للرفع من العتبة‪.106‬‬

‫‪ -102‬ر قية المصدق‪ ،‬منعطف النزاهة االنتخابية‪ :‬معالم االنحسار في تدبير االنتخابات التشريعية المباشرة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار‬
‫البيضاء ‪ ،2006‬ص‪.69:‬‬
‫‪ - 103‬ويتعلق األمر بحزب االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية‪.‬‬
‫‪ -30‬عبد الوهاب البقالي‪ ،‬تغيرات النسق السياسي المغربي‪ ،2012 – 1996 :‬دراسة تحليلية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪،‬‬
‫كلية الحقوق عين الشق الدار البيضاء‪ :‬ص‪.310 :‬‬
‫‪ - 105‬في مقدمتها الحزب االشتراكي الموحد‪.‬‬
‫‪ -106‬قرار المجلس الدستوري رقم ‪ 630.2007‬صادر في ‪ 23‬يناير ‪ ،2007‬الجريدة الرسمية بتاريخ ‪ 8‬فبراير ‪ ،2007‬العدد ‪،5498‬‬
‫ص‪.586 :‬‬

‫‪108‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫ومن خالل التحضير لالنتخابات التشريعية ل ‪ 07‬أكتوبر ‪،2016‬‬


‫وبارتباط مع شبه التحكم في األحزاب التي تضمن تمثيليتها في مجلس‬
‫النواب‪ ،‬وبالنظر لنسب المشاركة الضعيفة و الدفاع عن تمثيلية القوى‬
‫السياسية الصاعدة فإن موضوع العتبة كتقنية مرتبطة بنمط التمثيل‬
‫النسبي بالالئحة سيثار من جديد‪ ،‬لكن في اتجاه تخفيض العتبة نحو ‪3‬‬
‫بالمائة سواء في الدوائر المحلية أو الوطنية‪ ،107‬وإذا كانت الخلفية‬
‫السياسية لهذا التخفيض لها العديد من المبررات التي ذكرناها أعاله‪ ،‬إال‬
‫أننا نورد تفسيرا آخر له أهمية كبرى أيضا وهو الرغبة في تقليص مشاركة‬
‫فصيل سياسي‪ 108‬حاز على نسبة كبرى من المقاعد سنة ‪ ،2011‬في اتجاه‬
‫التقريب بين نتائج األحزاب السياسية المشاركة‪ ،‬وأيضا لضمان تمثيل‬
‫قوى سياسية صاعدة قد تلعب أدوارا برلمانية مهمة داخليا وخارجيا‬
‫بالنظر لوزنها السياسي وتاريخها النضالي ومشروعيتها السياسية‬
‫المتجددة‪.109‬‬

‫خامتة‪:‬‬
‫مجال البحث في أنماط االقتراع واسع و اإللمام بتفاصيله ومراميه‬
‫وأهدافه يكون لها الوقع األكبر بربطها مع األهداف السياسية لكل نظام‬
‫نتخابي‪ ،‬لذلك فالمغرب كغيره من الدول التي ال زالت لم تلج بعد مرحلة‬
‫االنتقال الديمقراطي‪ ،‬وتتلمس خطوات للبناء الديمقراطي ستعيش‬
‫أنظمتها االنتخابية تغييرات متالحقة على المستوى التقني بهدف ضبط‬
‫الخريطة االنتخابية في أفق االستقرار على شكل من أشكال االقتراع الذي‬

‫‪ -107‬على عكس انتخابات ‪ 2007‬و ‪ 2011‬فإن حزب االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية دافع هاته المرة على تخفيض العتبة‪.‬‬
‫‪ -108‬يتعلق األمر بحزب العدالة و التنمية الذي حصل على ‪ 107‬مقعدا‪ ،‬والذي لم يبد أي اعتراض على تخفيض العتبة رغم أنه‬
‫المتضرر األكبر منها إلى جانب حزب االستقالل‪.‬‬
‫‪ - 109‬يتعلق األمر بالحزب االشتراكي الموحد المشارك في االنتخابات في إطار فيدرالية اليسار الديمقراطي‪.‬‬

‫‪109‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫لن يكون بمعزل عن جوهر العملية السياسية برمتها وهي العملية‬


‫الديمقراطية في الشكل والموضوع‪.‬‬

‫كما أن مقاربة سليمة لهذا الموضوع تقتضي منا إدماج كل‬


‫المعطيات السوسيولوجية للبلد الذي تتم دراسة األنظمة االنتخابية به‬
‫لقدرتها على تفكيك العديد من النتائج السياسية التي يتم التوصل إليها‬
‫على المستوى االنتخابي‪.‬‬

‫ويظل مجال البحث في هذا الموضوع مفتوحا على التتغييرات‬


‫التقنية والسياسية للرقي بفكرة التمثيلية الديمقراطية و دمج القوى‬
‫السياسية الصاعدة لتحويل المؤسسات السياسية المنتخبة لفضاء فعلي‬
‫لصراع األفكار والبرامج بناء على اختيارات ديمقراطية و ليس بناء على‬
‫اعتبارات أخرى شخصية أو سلطوية أو أمنية‪.‬‬

‫‪110‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الئحة املراجع‪:‬‬
‫‪ ‬أمحد حضراني‪ ،‬النظام االنتخابي باملغرب‪ ،‬مقال ضمن مؤلف مجاعي حتت عنوان‪ :‬النظام االنتخابي‬
‫يف بلدان املغرب العربي وضماناته‪ ،‬تنسيق حممد الداه عبد القادر‪ ،‬منشورات املطابع النرية‪ ،‬الطبعة األوىل ‪،2017‬‬
‫موريتنانيا‪.‬‬
‫‪ ‬حسنة كجي و عبد اللطيف بكور‪ ،‬االنتخابات التشريعية ل ‪ 7‬أكتوبر ‪ 2016‬و سؤال املشاركة السياسة‬
‫لدى الشباب‪ ،‬مقال مجاعي‪ :‬املسار الدميقراطي يف املغرب على ضوء االنتخابات التشريعية ‪ 07‬أكتوبر ‪،2016‬‬
‫سلسلة إضافات يف الدراسات القانونية و السياسية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬فضاء آدم للنشر و التوزيع‪.‬‬
‫‪ ‬احلاج قاسم حممد‪ :‬النظرية العامة يف القانون الدستوري‪ -‬املفاهيم األساسية‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫‪.2004‬‬
‫‪ ‬عبد الوهاب البقالي‪ :‬صنع اخلريطة السياسية باملغرب‪ ،‬جريدة اليسار املوحد‪ ،‬الصدارة بتاريخ ‪29‬‬
‫يونيو إىل ‪ 5‬يوليوز ‪.2006‬‬
‫‪ ‬أمحد حضراني‪ ،‬القانون الدستوري واملؤسسات السياسية‪ ،‬مطبعة سجلماسة‪.2005 ،‬‬
‫‪ ‬احممد مالكي‪ ،‬القانون الدستوري و املؤسسات السياسية‪ ،‬دار وليلي للطباعة و النشر‪-1996،‬‬
‫‪.1997‬‬
‫‪ -‬أمحد السوداني‪ ،‬نظام االقرتاع النسيب و تطبيقه يف انتخاب الكورتيس العام اإلسباني‪ ،‬مطبعة دار‬
‫القلم‪،‬الرباط‪ ،‬يناير ‪.2002‬‬
‫‪ ‬عبدو سعد‪ ،‬النظم االنتخابية‪ ،‬دراسة حول العالقة بني النظام السياسي و النظام االنتخابي‪،‬‬
‫منشورات احلليب احلقوقية‪،‬الطبعة األوىل‪ ،2005 ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ ‬حممد الرضواني‪ ،‬مدخل إىل القانون الدستوري‪،‬سلسلة بدائل قانونية و سياسية‪ ،6‬مطبعة املعارف‬
‫اجلديدة‪،‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪.2016‬‬
‫‪ ‬مجال بن يشو‪ ،‬التمثيلية السياسية يف النظام السياسي املغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم ماسرت الدراسات‬
‫السياسية و الدستورية‪ ،‬جامعة حممد األول بوجدة‪ ،‬السنة اجلامعية ‪.2015 -2014‬‬
‫‪ ‬برينابي لوبيس كارسيا‪ ،‬االنتخابات املغربية منذ ‪1960‬إىل اآلن‪ ،‬ترمجة بديعة اخلرازي‪ ،‬منشورات‬
‫الزمن‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،2007‬الدارالبيضاء‪.‬‬
‫‪ ‬رقية املصدق‪ ،‬منعطف النزاهة االنتخابية‪ :‬معامل االحنسار يف تدبري االنتخابات التشريعية‬
‫املباشرة‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة الدار البيضاء ‪.2006‬‬

‫‪111‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪ ‬عبد الوهاب البقالي‪ ،‬تغريات النسق السياسي املغربي‪ ،2012 – 1996 :‬دراسة حتليلية‪ ،‬أطروحة‬
‫لنيل الدكتوراه يف القانون العام‪ ،‬كلية احلقوق عني الشق الدار البيضاء‪.‬‬

‫‪112‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الدكتورة إميان بغدادي‬


‫دكتوراه ‪ LMD‬قانون التأمينات ‪ -‬كلية احلقوق جامعة‬
‫االخوة منتوري قسنطينة –اجلزائر‪-‬‬

‫املسؤولية املدنية ملهنة املرقي العقاري‬


‫‪Civil liability for the real estate promoter profession‬‬
‫ملخص‪:‬‬
‫المرقي العقاري وباعتباره العون االقتصادي المكلف بإنجاز مبنى‪،‬‬
‫وهو صاحب المشروع‪ ،‬مكلف بعدة التزامات قانونية‪ ،‬واجب عليه القيام‬
‫بها وفي إطار عمله‪ ،‬عليه اختيار ذوي الكفاءة كمتدخلين معه في إنجاز‬
‫المشروع العقاري من أجل اإلنجاز الكلي والجيد للمبنى‪.‬‬

‫وكل إخالل بالتزامات المرقي العقاري‪ ،‬فإنها ترتب مسؤوليته‬


‫المدنية المهنية أو مسؤوليته المدنية العشرية‪ ،‬غير أن قيام مسؤوليته‬
‫ال يشكل عائقا بالنسبة له‪ ،‬ألنه جرى تطبيقها في كل المعامالت‬
‫والتصرفات التي يقوم بها‪ ،‬وهو مؤمن عليها لتتحمل شركة التأمين‬
‫التبعات المالية المترتبة عن ذلك‪ ،‬ويتحمل صندوق الضمان والكفالة‬
‫المتبادلة في نشاط الترقية العقارية‪ ،‬تأمين مصالح المتعاقدين مع‬

‫‪113‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

‫ يؤمن لهم استرداد‬،‫المرقي العقاري دون أية مخاطر تهدد بضياع حقوقهم‬
‫ فهو‬،‫ما دفعوه من تسبيقات مالية عند فشل العملية التعاقدية خاصة‬
‫يعوض التسديدات وإتمام األشغال وتغطية أوسع لاللتزامات المهنية‬
‫ وبذلك في مجال الترقية العقارية فإن‬،‫والتقنية للمرقي العقاري‬
‫ حماية للمستفيدين من‬،‫المسؤولية المهنية للمرقي العقاري مكفولة‬
.‫السكنات‬

‫ المرقي العقاري؛ الترقية العقارية؛ المسؤولية‬:‫الكلمات المفتاحية‬


‫المدنية؛ المسؤولية العشرية؛ المهنة؛ صندوق الضمان والكفالة؛ شركات‬
.‫التأمين‬
Abstract :
The real estate promoter and as the economic aid
assigned to complete a building, which is the owner of
the project, is charged with several legal obligations,
and he has a duty to fulfill and in the context of his work,
he must choose those with competence as intruders
with him in the completion of the real estate project for
the overall and good completion of the building.

And every breach of the obligations of the real


estate promoter, it arranges his professional civil
responsibility or his ten-year civil responsibility, but the
fulfillment of his responsibility does not constitute an
obstacle for him, because it was applied in all the

114 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

transactions and actions that he undertakes, and he is


insured for the insurance company to bear the financial
consequences of that, and bears The Mutual
Guarantee and Guarantee Fund in the real estate
promotion activity, securing the interests of contractors
with the real estate developer without any risks
threatening the loss of their rights, securing them to
recover the financial advances they paid when the
contractual process failed, in particular, it compensates
for repayments, completion of works and wider
coverage of the obligation T. professional and technical
real estate upgraded, so that in the field of real estate
promotion, the professional responsibility of the
property is guaranteed upgraded, protecting
beneficiaries from the barracks.

Keywords : Real estate promoter; real estate


promotion; civil liability; 10-year responsibility;
profession; guarantee and warranty fund; insurance
companies.

115 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫مقدمة ‪:‬‬
‫تتنوع مسؤولية المرقي العقاري بتنوع التزاماته القانونية‪،‬‬
‫فبصفته صاحب المشروع والمحرك الرئيسي لنشاط الترقية العقارية‪،‬‬
‫فهو المسؤول القانوني األول عن كل إخالل بقاعدة من قواعد السلوك‬
‫التي تسبب ضررا‪ ،‬ويتحمل تبعة نجاح مشروعه واعماله أو إخفاقها‪ ،‬وإذا‬
‫تجاوز حدود االتفاق او حدود ما التزم به قانونا ترتبت عليه مسؤولية‬
‫مدنية‪ ،‬وقد يتعرض لعقوبات إدارية تصل إلى حد سحب االعتماد منه‪ ،‬أما‬
‫إذا ارتكب خطأ لمخالفة قاعدة امرة‪ ،‬أستحق عقوبة جزائية‪ ،‬والمشرع‬
‫بقانون ‪ 04-11‬المحدد للقواعد التي تنظم نشاط الترقية العقارية‪ ،‬نظم‬
‫مسألة حالة البيع قبل اإلنجاز الذي يقوم به المرقي العقاري مع المقتني‪،‬‬
‫ويثقل مسؤوليته في حالة عدم تنفيذ التزاماته أو تنفيذها بشكل‬
‫معين‪ ،‬بأن يرتب جزاءات مدنية‪ ،‬فالمرقي العقاري مسؤوال مدنيا اتجاه‬
‫المقتني بكل التزاماته التعاقدية وال تنتهي بتسليم العقار‪ ،‬وإنما تمتد‬
‫مسؤوليته عن كل العيوب في البناء‪ ،‬كونه ملزم بالضمان بصفته صاحب‬
‫المشروع‪ ،‬فهو مسؤول مهنيا عن حسن تنفيذ المشروع وتحمل اخطاءه‬
‫وأخطاء المشيدين والمتدخلين في هذا المشروع‪ ،‬يلتزم بجبر العيوب أو‬
‫التعويض في حالة التهدم الكلي أو الجزئي للبناء‪.‬‬

‫هنا تبرز أهمية التأمين الذي يقوم به المرقي العقاري لضمان‬


‫التبعات المالية عن أخطائه المهنية التي قد تسبب ضررا للغير‪ ،‬نتيجة‬
‫تنفيذ عملية اإلنجاز‪ ،‬والتأمين على المسؤولية العشرية في هذه الحالة‬
‫يضمن ذلك بعد التسليم النهائي للمساكن‪ ،‬ليعوض المقتني عن كل‬
‫األضرار التي لحقت به‪ ،‬كما يلتزم المتدخلين بتأمين مسؤوليتهم المدنية‬

‫‪116‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫المهنية وتأمين مسؤوليتهم المدنية العشرية‪ ،‬وحسب األمر رقم‪07-95 :‬‬


‫المتعلق بالتأمينات‪ ،‬فإن التأمين على المسؤولية المدنية بكل أنواعها‬
‫هي إلزامية‬

‫ومنه فالسؤال الذي يطرح نفسه‪ :‬إلى أي مدى يسهم التأمين في‬
‫ضمان المسؤولية المدنية المهنية للمرقي العقاري؟‬

‫أوال‪ :‬تعريف املرقي العقاري‬


‫هو العون االقتصادي الذي يقوم بإنجاز مبنى أو عدة مباني‪ ،‬حتى‬
‫يقوم بتمليكها لشخص أو عدة أشخاص‪ ،‬يطلق عليهم تسمية الحائزين‬
‫على الملكية‪.110‬‬

‫وحسب القانون رقم‪ 07-86 :‬المؤرخ في ‪ 4‬مارس ‪ ،1986‬المتعلق‬


‫بالترقية العقارية ‪ ،111‬فإنه فتح المجال أمام الخواص للمشاركة في‬
‫عمليات الترقية العقارية‪ ،‬وهذا القانون لم يحدد مفهوم للمرقي العقاري‪،‬‬
‫والمرسوم التشريعي رقم‪ 03-93 :‬المؤرخ في ‪ 3‬جانفي ‪ ،1993‬المتعلق‬
‫بالنشاط العقاري ‪ ،112‬أطلق اسم " المتعامل في الترقية العقارية" على‬
‫المرقي العقاري‪ ،‬وذلك حسب المادة ‪ 3‬منه‪ ،‬لكن بالقانون رقم‪04-11 :‬‬
‫المؤرخ في ‪ 17‬فيفري ‪ ،2011‬المحدد للقواعد التي تنظم نشاط الترقية‪.113‬‬
‫وحسب المادة الثالثة منه التي تعرف المرقي العقاري بالقول‪ ":‬يعد مرقيا‬
‫عقاريا في مفهوم هذا القانون‪ ،‬كل شخص طبيعي أو معنوي يبادر‬
‫بعمليات بناء مشاريع جديدة‪ ،‬أو ترميم أو إعادة تأهيل أو هيكلة أو‬

‫‪110‬‬
‫‪Malin vaud (ph) et jestaz (ph) : le droit de la promotion immobilière, 5eme édition, paris, dalloz,‬‬
‫‪1991, p : 01‬‬
‫‪ 111‬الجريدة الرسمية العدد‪ 10 :‬المؤرخة في ‪ 5‬مارس ‪.1986‬‬
‫‪ 112‬الجريدة الرسمية العدد‪ 14 :‬المؤرخة في ‪ 3‬مارس ‪.1993‬‬
‫‪ 113‬الجريدة الرسمية العدد‪ 14 :‬المؤرخة في ‪ 6‬مارس ‪2011‬‬

‫‪117‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫تدعيم بنايات تتطلب أحد هذه التدخالت‪ ،‬أو تهيئة وتأهيل الشبكات‬
‫قصد بيعها أو تأجيرها" ‪ ،‬وعرف المتعامل العقاري بالمادة ‪ 18‬من نفس‬
‫القانون على أنه " يعد مرقيا عقاريا في مجموع الحقوق والواجبات‬
‫المخصصة حصرا للبناء و‪/‬أو تجديد العمراني قصد بيعها"‪ ،‬والمادة ‪ 2‬من‬
‫المرسوم التنفيذي رقم‪ 84-12 :‬المؤرخ في ‪ 20‬فيفري ‪ ،2012‬المحدد‬
‫لكيفيات منح االعتماد لممارسة مهنة المرقي العقاري وكذا كيفية مسك‬
‫الجدول الوطني للمرقيين العقاريين‪ ،114‬تعرفه على أنه‪ ":‬يعتبر مرقيا‬
‫عقاريا كل شخص طبيعي أو معنوي يحوز اعتمادا ويمارس الترقية‬
‫العقارية‪."...‬‬

‫إن المرقي العقاري قد يكون عاما أو خاصا‪ ،‬فالمرقي العام يعتبر‬


‫شخص معنويا عاما‪ ،‬تابعا للدولة يعمل لحسابها‪ ،‬حتى وإن كانت عائدات‬
‫المشاريع تشكل جزء من ميزانيته الخاصة‪ ،‬ويستثمر األموال العمومية‬
‫في الترقية العقارية‪ ،‬مثل ديوان الترقية والتسيير العقاري أما المرقي‬
‫العقاري الخاص فهو كل شخص طبيعي أو معنوي يبيع ألحد المشترين‬
‫بناية أو جزء من بناية قبل إتمام اإلنجاز‪.115‬‬

‫‪ -1‬التزامات المرقي العقاري‬

‫‪-‬يلتزم سوآءا في إطار عقد حفظ الحق أو البيع على التصاميم‬


‫بالبناء واتمامه قبل التاريخ المحدد للتسليم‪ ،‬بهدف إيجاد محل العقد‪،‬‬
‫فيتمكن بمجرد انهاء اإلنجاز بتحرير عقد البيع وتسليم الملكية للمقتني‬
‫طبقا لما هو متفق عليه عند حجز العقار بموجب عقد حفظ الحق‪ ،‬أما إذا‬

‫‪ 114‬الجريدة الرسمية العدد‪ 11 :‬لسنة ‪.2012‬‬


‫‪ 115‬عربي باي‪ :‬النظام القانوني للترقية العقارية في الجزائر‪ ،‬مذكرة ماجستير في العلوم القانونية‪ ،‬كلية الحقوق جامعة باتنة‪-2009 ،‬‬
‫‪ ،2010‬ص‪22 :‬‬

‫‪118‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫أبرم الطرفين عقد البيع على التصاميم فهو ملزم باحترام اجال إنجاز كل‬
‫جزء من المبنى خالل المدة المحددة في العقد‪ ،‬حسب تطور اإلنجاز‬
‫والمقابلة لكل قسط مدفوع من المقتني‪.‬‬

‫‪ -‬يلتزم بتحديد األمالك المشتركة واألعباء المترتبة عنها حسب‬


‫نصيبه في هذه الملكية ويلتزم بتسليمه نظام الملكية المشتركة المحررة‬
‫وفقا للنموذج المحدد في المرسوم التنفيذي رقم‪ 99-14 :‬المؤرخ في ‪4‬‬
‫مارس ‪ ،2014‬المحدد لنظام الملكية المشتركة المطبق في مجال الترقية‬
‫العقارية‪.116‬‬

‫بموجب عقد موثق يسجل ويشهر عمال بنص المادة ‪ 6‬من هذا‬
‫المرسوم‪ ،‬مع ضرورة إنجاز محالت خاصة إلدارة هذه األمالك ومسكن البواب‬
‫والسعي إدارتها مدة سنتين ابتداءا من بيع آخر جزء من البناية المعنية‪،‬‬
‫لحين تحويل إدارتها لألجهزة التي عينها المقتنيون‪.‬‬

‫‪ -‬االلتزام بأخالقيات المهنة في تنفيذ نشاطات الترقية العقارية‪،‬‬


‫خاصة االلتزام بالحفاظ على السمعة المهنية‪ ،‬وااللتزام بعدم تضليل إرادة‬
‫الراغب في التعاقد‪.‬‬

‫‪- 2‬اختيار المتدخلين في المشروع العقاري‬

‫يصعب على المرقي العقاري‪ ،‬التشييد بنفسه لذلك يتعاقد مع‬


‫بعض المهنيين المتخصصين في مجال البناء مثل المهندسين‬
‫والمقاولين والعمال والفنيون والمقاولون من الباطن‪ ،‬ويفرض على كل‬
‫متدخل‪ ،‬احترام النظام العام العمراني وااللتزام بأحكام قواعد البناء‬

‫‪ 116‬الجريدة الرسمية العدد‪ 14 :‬المؤرخة في ‪ 16‬مارس ‪.2014‬‬

‫‪119‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫والتعمير وكافة االلتزامات التعاقدية‪ ،‬فأحكام القواعد المنظمة لنشاط‬


‫الترقية العقارية‪ ،‬ألزمت المرقي العقاري بالتعاقد مع المقاولين‪ ،‬بعد‬
‫الحصول على عقود التعمير المطلوبة عمال بنص المادة ‪ 16‬من القانون‬
‫رقم‪ 04-11 :‬وبموجب نص المادة ‪ 5‬من القانون رقم‪ 05-04 :‬المعدل‬
‫لنص المادة ‪ 55‬من قانون رقم‪ ،117 29-90 :‬فإن المشرع ألزم أن يتم إعداد‬
‫مشاريع البناء الخاصة برخصة البناء من طرف مهندس معماري‬
‫ومهندسين معتمدين في إطار عقد تسيير مشروع‪ ،‬وتقديم الدراسات‬
‫التقنية المرتبطة بالهندسة المدنية‪ ،‬وعلى هذا األساس فهو ملزم‬
‫بالتعاقد مع المهندس بمختلف التخصصات‪ ،‬إضافة إلى إلزامية التعاقد‬
‫مع المهندسين والمقاولين‪ ،‬فإنه يتوجب عليه أيضا أن يوفر لديه بصفة‬
‫دائمة قدر كافي من الموظفين المؤهلين الذين لهم صلة بالنشاط عمال‬
‫بنص المادة ‪ 22‬من المرسوم التنفيذي رقم‪ 85 -12 :‬ويتسع مجال التدخل‬
‫في عملية التشييد لكل المهن التي ظهرت مع تطور عملية البناء‪ ،‬سواء‬
‫كان دور المتدخل يقتصر على وضع التصميمات واعطاء االستشارة أو‬
‫تنفيذ أشغال البناء أو المراقبة‪ ،‬وال يمكن الشروع في العمل في إطار‬
‫الترقية العمومية وفي ظل تطبيق قانون الصفقات العمومية دون‬
‫مصادقة التصاميم من طرف الهيئة المكلفة بالمراقبة التقنية ألعمال‬
‫البناء‪ ،‬والمقاول من الباطن ليس المتدخل الوحيد فهناك الصانع أو‬
‫المنتج الذي يقدم منتجات البناء‪ ،‬إال أن المشرع الجزائري لم يفعل دور‬
‫الصانع إلى جانب المقاول‪ ،‬بالرغم من أهمية العمل الذي يقدمه‪.‬‬

‫‪ 117‬قانون رقم‪ 05-04 :‬المؤرخ في ‪ 14‬أوت ‪ ،2004‬المعدل والمتمم للقانون رقم‪ 29-90 :‬المؤرخ في ‪1‬ديسمبر ‪ ،1990‬المتعلق بالتهيئة‬
‫والتعمير‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد‪ 51 :‬المؤرخة في ‪ 15‬اوت ‪.2004‬‬

‫‪120‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وفي جميع األحوال يتعين على المرقي العقاري‪ ،‬اختيار من لهم‬


‫كفاءة مهنية كافية لتفادي األضرار التي ممكن أن تقع من أخطار البناء‪.118‬‬

‫ثانيا‪ :‬اكتتاب التأمني على املسؤولية املدنية للمرقي العقاري‬


‫يهدف هذا التأمين إلى ضمان المؤمن له‪ ،‬ضد اآلثار المالية‬
‫للمسؤولية المدنية المهنية‪ ،‬وذلك إعماال لقواعد القانون المدني األمر‬
‫رقم‪ 58 - 75 :‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ ،119 1975‬فحسب المادة ‪ 124‬منه‬
‫التي تنص على أنه كل من ألحق ضررا بالغير‪ ،‬يلزم عليه التعويض‪ ،‬ووفقا‬
‫لما نص عليه األمر ‪ 07-95‬المؤرخ في ‪ 25‬جانفي ‪ ،1995‬المتعلق‬
‫بالتأمينات‪.120‬‬

‫وفي حالة المسؤولية المشتركة أو التضامنية مع متدخلين آخرين‬


‫شركاء المرقي العقاري‪ ،‬فإن المسؤولية تكون في حدود مشاركته في‬
‫العمل‪ ،‬وينصب هذا التأمين حول ضمان اآلثار المالية للمسؤولية المدنية‬
‫المهنية طبقا ألحكام القانون المدني‪ ،‬وذلك بخصوص االضرار الجسمانية‬
‫أو المادية الالحقة بالغير‪ ،‬وتكون عقد تأمين المسؤولية المدنية‬
‫العشرية هي األخرى ضامنة لكل األضرار التي قد تلحق بالغير والتي يسري‬
‫مفعولها ابتداءا من انتهاء األشغال والتسليم النهائي للبنايات‪.‬‬

‫‪- 1‬إلزامية التأمين على المسؤولية المدنية‬

‫يقصد بالمسؤولية المدنية المهنية‪ ،‬كل إخالل بالتزام مهني يرتبط‬


‫بأخالقيات المهنة أو االلتزامات المهنية المحددة في نصوص قانونية‬

‫‪ 118‬انظر المادة ‪ 22‬من المرسوم التنفيذي رقم‪ 85-12 :‬المؤرخ في ‪ 20‬فيفري ‪ ،2012‬المتضمن دفتر الشروط النموذجي الذي يحدد‬
‫االلتزامات والمسؤوليات المهنية للمرقي العقاري‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد‪ 11 :‬المؤرخة في ‪ 26‬فيفري ‪2012‬‬
‫‪ 119‬الجريدة الرسمية العدد‪ 78 :‬المؤرخة في ‪ 30‬سبتمبر ‪ 1975‬المعدل والمتمم‬
‫‪ 120‬الجريدة الرسمية العدد‪ 13 :‬المؤرخة في ‪ 8‬مارس ‪ ،1995‬المعدل والمتمم‬

‫‪121‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫ويرتبط هذا الخطأ المهني بالضرر الحاصل للغير وبالتالي البد التعويض‬
‫‪121‬‬
‫المادي عنه‬

‫تنص المادة ‪ 49‬من القانون رقم‪ 04-11 :‬على أنه؛ يجب على المرقي‬
‫العقاري أن يلتزم بمسؤوليته المدنية في المجال العقاري لفائدة زبائنه‪،‬‬
‫ويتعين عليه بهذه الصفة‪ ،‬مطالبة مكاتب الدراسات والمقاولين وشركاءه‬
‫اآلخرين بكل الضمانات والتأمينات القانونية المطلوبة‪ ،‬ويستفيد من‬
‫هذه الضمانات المالكون المتوالون على البناية‪".‬‬

‫وجعل المشرع الجزائري التأمين في مجال البناء إلزامي‪ ،‬ألنه يضمن‬


‫مسؤولية المتدخلين في عملية تشييد البناء‪ ،‬وتضمنه القسم الثالث من‬
‫األمر رقم‪ 07-95 :‬المتعلق بالتأمينات‪.‬‬

‫إذ جرى العمل أن يؤمن المرقي العقاري عن جميع األخطار المترتبة‬


‫عن مكان تنفيذ األشغال بصيغة العقد االختياري والمسببة لضرر مادي‬
‫لألمالك أو أضرار جسمانية للمرقي العقاري أو العمال أو المتدخلين في‬
‫عملية اإلنجاز أو للغير‪ ،‬منذ بداية األشغال إلى نهايتها وتحرير المحضر‬
‫النهائي‪.122‬‬

‫وذلك باكتتاب عقد تأمين لدى إحدى شركات التأمين‪ ،‬وهو غير‬
‫إلزامي‪ ،‬ماعدا تأمين المسؤولية المدنية المهنية فهي إجبارية‪ ،‬وتضمن‬
‫شركة التأمين المسؤولية المدنية للمرقي العقاري‪ ،‬على أشغال البناء‬
‫وذلك حسب المادة ‪ 175‬من األمر رقم‪ 07-95 :‬المتعلق بالتأمينات‪ ،‬والتي‬
‫تنص‪ ":‬على كل مهندس معماري ومقاول ومراقب تقني وأي متدخل‬

‫‪ 121‬سعيد مقدم‪ :‬التأمين والمسؤولية المدنية‪ ،‬كليك للنشر‪ ،‬ط‪ ،1.‬الجزائر‪ ،‬سنة‪ ،2008 :‬ص‪.20 :‬‬
‫‪ 122‬محمد حسين منصور‪ :‬المسؤولية المعمارية‪ ،‬الدار الجامعية الجديدة للنشر‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة‪ ،2003 :‬ص‪.276 :‬‬

‫‪122‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫شخص طبيعي أو معنوي‪ ،‬أن يكتتب تأمينا لتغطية مسؤوليته المدنية‬


‫المهنية‪ ،‬التي قد يتعرض لها بسبب أشغال البناء وتجديد البناءات أو‬
‫‪123‬‬
‫ترميمها‪".‬‬

‫وعمال بنص المادة ‪177‬من ذات األمر وهي ال تشمل مسؤوليته اتجاه‬
‫الزبائن التي يؤمن عليها بصفته بائعا‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 49‬من القانون‬
‫رقم‪ 04-11 :‬وعليه فهي ال تتضمن ضمان مسؤولية المرقي العقاري‬
‫التقصيرية والعقدية‪ ،‬والتي يؤمن عليها بصفة صاحب مهنة‪ ،‬كما يؤمن‬
‫عليها كل متدخل في التنفيذ ‪.124‬‬

‫فهو تأمين إلزامي للمرقي العقاري‪ ،‬بصفته تاجرا بائعا وصاحب‬


‫مشروع‪ ،‬عمال بنص المادتين ‪ 164‬و‪ 168‬من قانون التأمينات‪.‬‬

‫ويتوجب على المرقي العقاري‪:‬‬

‫‪ -‬االلتزام باكتتاب تأمين على المسؤولية المدنية المهنية المترتبة‬


‫عن ممارسة نشاطات الترقية العقارية‪ ،‬من يوم حصوله على االعتماد‪.‬‬

‫‪ -‬يبرم عقد تأمين آخر للمسؤولية المدنية المترتبة على عملية‬


‫إنجاز المشروع العقاري الواحد‪.‬‬

‫‪ -‬التأكد من اكتتاب المتدخلين في أعمال البناء في نفس المشروع‪،‬‬


‫عقد تأمين يحميهم لدى نفس شركة التأمين طبقا ألحكام المادة ‪ 179‬من‬
‫قانون تأمينات‬

‫‪ 123‬انظر المرسوم التنفيذي رقم‪ 414-95 :‬المؤرخ في ‪ 19‬ديسمبر ‪ ،1995‬المتعلق بإلزامية التأمين في البناء من المسؤولية المدنية‬
‫المهنية‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد‪ 76 :‬المؤرخة في ‪ 10‬ديسمبر ‪.1995‬‬
‫‪ 124‬غير أنه يشترط لمنح االعتماد للمرقي العقاري أن يقدم عقد تأمين على المسؤولية المدنية المهنية‪.‬‬

‫‪123‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫إن مدة التأمين على المسؤولية المدنية المهنية على تنفيذ أشغال‬
‫البناء تمتد ابتداءا من تاريخ فتح الورشة‪ ،‬إلى غاية االستالم النهائي‬
‫لألشغال وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 177‬من قانون تأمينات‪.‬‬

‫واليسري مفعول هذا التأمين‪ ،‬إذا كان يغطي المسؤولية المدنية‬


‫المهنية للمتدخلين في األشغال الثانوية‪ ،‬إال ابتداءا من تاريخ مباشرة‬
‫األشغال فعال‪ ،‬ويعتبر هذا التأمين من النظام العام الذي ال يجوز االتفاق‬
‫على مخالفته‪.‬‬

‫ويغطي التأمين كل األضرار المادية والجسمانية الناجمة عن‬


‫الحوادث التي تطرأ أثناء إنجاز األشغال بسبب العمال والمقاولين من‬
‫الباطن والعتاد والسلع والمحالت المستعملة في عملية البناء‪ ،‬في حدود‬
‫سقف التأمين الذي تحدده شركة التأمين‪.‬‬

‫‪- 2‬إلزامية تأمين المسؤولية المدنية العشرية‬

‫تنص المادة ‪ 46‬من قانون رقم‪ 04-11 :‬على انه تقع المسؤولية‬
‫المدنية العشرية‪ ،‬على عاتق مكاتب الدراسات والمقاولين والمتدخلين‬
‫اآلخرين الذين لهم صلة بصاحب المشروع من خالل عقد‪ ،‬في حالة زوال‬
‫كل البناية أو جزء منها جراء عيوب في البناء‪ ،‬بما في ذلك جراء النوعية‬
‫الرديئة ألرضية األساس‪.125‬‬

‫هذا التأمين إلزامي بحكم المادة ‪ 178‬من قانون تأمينات‪ ،‬إذ يعد‬
‫محضر التسليم النهائي ويلتزم البائع أيضا بالضمان العشري‪ ،‬وتقوم هذه‬
‫المسؤولية عند حدوث خطأ المتدخل في عملية اإلنجاز‪ ،‬أو المربي العقاري‬

‫‪ . 125‬المسؤولية المدنية العشرية وردت في عقود المقاولة بالمادة ‪ 554‬من القانون المدني‪.‬‬

‫‪124‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫أو المكلف بالرقابة الذي يسبب ضررا للغير مثل؛ تهدم البناء‪ ،‬فتلتزم شركة‬
‫تأمين المؤمن عندها هؤالء‪ ،‬بتعويض األضرار وتقوم المسؤولية إذا كان‬
‫هناك‪:‬‬

‫‪ -‬عقد مقاولة أو عقد بيع لعقار مبني بكل أنواعه‪:‬‬

‫‪ -‬تسليم العمل بصفة نهائية إلى رب العمل او من يقوم مقامه‬


‫بعقد المقاولة‪.‬‬

‫‪ -‬حصول التهدم خالل ‪ 10‬سنوات من التسليم النهائي بسبب عيوب‬


‫في البناء أو النوعية الرديئة ألرضية األساس ‪.‬‬

‫ويجب على المتضرر رفع دعوى الضمان خالل ‪ 3‬سنوات من حصول‬


‫الهدم‪.‬‬

‫تبدأ مدة ‪ 10‬سنوات تحتسب من وقت التسليم النهائي للعمل‪،‬‬


‫فاألصل أن المسؤولية العشرية هي مسؤولية المقاولين والمهندسين‬
‫بموجب عقد المقاولة‪ ،‬إال أن الضمان يمتد إلى بائع العقار المبني سواء‬
‫قبل أو بعد اإلنجاز‪ ،‬ويلزم المتدخلين في البناء بالضمان العشري‪ ،‬فالمرقي‬
‫العقاري أصبح متضامنا مع المتدخلين في هذا الضمان‪ ،‬وليس مستفيد‬
‫وال يمكن إعفاءه منها ولو بحيازة السكن على شهادة المطابقة ‪.126‬‬

‫وحسب المادة ‪ 178‬من قانون التأمينات‪ ،‬فإنها تنص‪ ...":‬يستفيد‬


‫من هذا الضمان صاحب المشروع أو مالكيين المتتاليين‪ ،‬إلى غاية انقضاء‬
‫أجل الضمان‪".‬‬

‫‪ 126‬المقاولون من الباطن هم مستثنون طبقا للمادة ‪ 554‬ق‪.‬م‪.‬ج في الفقرة األخيرة‪ ،‬لكن نص المادة ‪ 45‬من قانون رقم‪ 04-11 :‬تنص‬
‫على إبطال كل بند من العقد الذي يهدف إلى إقصاء أو قصر المسؤولية أو الضمانات أو تقيد مداها باستبعاد أو بحصر تضامن المقاولين‬
‫الثانويين مع المرقي العقاري‪.‬‬

‫‪125‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫لكن رغم هذا المرقي العقاري ليس مستفيد من الضمان‪ ،‬وهو ملزم‬
‫بالتضامن مع المتدخلين في عملية اإلنجاز‪.‬‬

‫واألضرار المغطاة بالتأمين حسب المادة ‪ 181‬من قانون التأمينات‬


‫هي‪:‬‬

‫‪ -‬كل تهدم كلي أو جزئي للبناء محل البيع‬

‫‪ -‬كل عيب يهدد سالمة ومتانة البناء‪.‬‬

‫‪ -‬األضرار المخلة بصالبة العناصر الخاصة بتجهيز البناية ليست‬


‫‪127‬‬
‫قابلة لالنفصال من البناء‬

‫وتدخل العيوب التي تلحق الملكية المشتركة التي تعتبر جزء ليس‬
‫منفصل من البناء‪.‬‬

‫إذن نالحظ أن العيب الخفي كخلل يهدد متانة وصالبة البناء‪ ،‬وال‬
‫يظهر وقت التسليم‪ ،‬وعيوب عدم المطابقة التي قد تؤدي إلى تهدم‬
‫البناء‪ ،‬ال تدخل بالضمان العشري‪ ،‬وإن كان المرقي العقاري ملزم بتحقيق‬
‫نتيجة وبضمان سالمة المبنى حتى بعد انقضاء مدة الضمان السنوي‪.‬‬

‫وفي حالة وقوع األضرار‪ ،‬يمكن للمتضرر المطالبة بخبرة مضادة من‬
‫نفقته الخاصة‪ ،‬إذا لم يتفق على قيمة التعويض‪ ،‬وبحالة تناقض‬
‫الخبرتين يتعين خبير ثالث للفصل باألمر وتحدد قيمة التعويض بناءا‬
‫على مجموع قيمة األضرار و احتساب مجموع األقدمية زائد قيمة االعفاء‬

‫‪ 127‬الضرر المترتب على التهدم هو الوحيد الموجب للضمان وحين يحصل يحق للمالك الرجوع بالمسؤولية العشرية‪.‬‬

‫‪126‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫مع قيمة الملف‪ ،‬وفي حالة قبول المضرور قيمة التعويض بتسليم مبلغ‬
‫التعويض مع توقيع المخالصة ‪.‬‬

‫والمرقي العقاري العام ال يؤمن في شركات التامين ألنه يمثل الدولة‪،‬‬


‫والدولة ضامنة نفسها بنفسها حسب المادة ‪ 182‬من قانون التأمينات‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬اكتتاب شهادة التأمني لدى صندوق الضمان والكفالة‬


‫يقع على عاتق المرقي العقاري التزام بالتقدم أمام صندوق الضمان‬
‫والكفالة المتبادلة في نشاط الترقية العقارية‪ .128‬وذلك الكتتاب تأمين‬
‫الترقية العقارية والذي يعتبر إجباري‪.‬‬

‫لقد كان هذا االلتزام محدد بموجب المادة ‪ 11‬من المرسوم التنفيذي‬
‫الملغى ‪ 03-93‬وبصدور قانون رقم‪ 04-11 :‬الذي قام بتحديده بالمادة ‪،54‬‬
‫والتي تنص؛ زيادة على التأمينات المطلوبة في التشريع المعمول به وفي‬
‫إطار ممارسة نشاط مهنة المرقي العقاري طبقا بالتزاماته‪ ،‬يتعين للمرقي‬
‫العقاري الذي يشرع بإنجاز المشروع العقاري من أجل بيعه قبل انتهاء‬
‫منه‪ ،‬اكتتاب ضمان الترقية العقارية قصد ضمان تسديد الدفعات التي‬
‫قام المكتتبين بها في شكل تسبيقات وإتمام األشغال وتغطية اوسع‬
‫لاللتزامات المهنية والتقنية‪.‬‬

‫يتم اكتتاب الضمان بوثيقة التأمين التي تحتوي على شروط عامة‬
‫للضمان‪ ،‬والتي يضعها الصندوق مسبقا‪ ،‬ويلتزم المرقي العقاري الخضوع‬
‫لها‪.‬‬

‫‪ 128‬أنشأ بموجب المرسوم التنفيذي رقم‪ 406 -97 :‬المؤرخ في ‪ 17‬فيفري ‪ 1997‬المتضمن إحداث صندوق الضمان والكفالة المتبادلة‬
‫في الترقية العقارية‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد‪ 73 :‬المؤرخة في ‪ 5‬نوفمبر‬

‫‪127‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫يمنح للمرقي "شهادة ضمان"‪ ،‬التي ترفق إجباريا بعقد البيع‪ ،‬وكل‬
‫شهادة تشمل مشروعا عقاريا واحد‪.‬‬

‫‪- 1‬دور صندوق الضمان والكفالة‬

‫‪ -‬يعوض التسديدات وإتمام األشغال وتغطية أوسع لاللتزامات‬


‫المهنية والتقنية للمرقي العقاري بإطار عقد بيع على التصاميم‪.‬‬

‫‪ -‬له مهمة ذات منفعة عامة عن طريق تسيير الحسابات المحمية‬


‫المفتوحة باسم صاحب حفظ الحق لعقار مبني أو في طور اإلنجاز وذلك‬
‫في إطار عقد حفظ الحق‪.‬‬

‫‪ -‬السهر على منح الضمانات التي يلزمها القانون للمرقي العقاري‪.‬‬

‫‪ -‬يكلف الصندوق بأنشطة إضافية عن طريق التنظيم موضوع‬


‫دفتر الشروط ويترتب عنها تعويضات مالية تمنحها الدولة بعنوان؛‬
‫تبعات الخدمة العمومية الموكلة للصندوق ‪.129‬‬

‫فبما أن المرقي العقاري تاجر ويخضع ألحكام اإلفالس والتسوية‪،‬‬


‫فكل إفالس للمتعامل الترقية العقارية‪ ،‬يكون قد قام بالبيع لبناء على‬
‫التصاميم‪ ،‬يحل الصندوق محل المقتنيين بامتياز الصف األول في حدود‬
‫ديون هؤالء المقتنيين واألموال المدفوعة للمرقي العقاري موضوع‬
‫التصفية العقارية و‪/‬أو المفلس على سحب االعتماد من المرقي العقاري‬
‫‪.130‬‬

‫‪ - 129‬انظر المرسوم التنفيذي رقم‪ 01-93 :‬المتعلق بقانون المالية‪ ،‬المؤرخ في ‪ 19‬جانفي ‪ ،1993‬انظر المادة ‪ 131‬منه‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية العدد‪ 01 :‬المؤرخة في ‪ 25‬جانفي ‪.1993‬‬
‫‪ 130‬انظر المادة ‪ 57‬و‪ 58‬من قانون رقم‪ ،04-11 :‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪128‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫يعد الصندوق كفيل شخص المشتري طبقا ألحكام المادة ‪ 671‬من‬


‫القانون المدني‪ ،‬وكل نزاع يكون بين المرقي والمشتري والصندوق يكون‬
‫محل تسوية ودية أو تحكيم ثم منازعة القضائية‪ ،‬وطالما أن الصندوق‬
‫كفيل فإنه يلتزم بكل الدين من األصل‪ ،‬الفوائد‪ ،‬المصارف‪ ،‬التعويضات‪.‬‬

‫‪ - 2‬ضمانات شهادة التأمين للصندوق‬

‫لضمان مصالح المتعاقدين مع المرقي العقاري دون أية مخاطر‬


‫تهدد بضياع حقوقهم‪ ،‬البد من تقديم ضمان مالي للمشترين يؤمن لهم‬
‫استرداد ما دفعوه من تسبيقات مالية عند فشل العملية التعاقدية‪،‬‬
‫لذلك يتدخل صندوق الضمان والكفالة في نشاط الترقية العقارية‪.‬‬

‫وشهادة التأمين التي يمنحها هذا الصندوق للمرقي العقاري‪ ،‬تشمل‬


‫كل مشروع عقاري واحد ويضمن الصندوق‪:‬‬

‫‪ -‬إذا كان المرقي العقاري شخصا طبيعيا ففي هذه الحالة يضمن‬
‫الصندوق للمشتري؛ حالة وفاة المرقي العقاري بدون إكمال مراحل اإلنجاز‬
‫المتبقية من طرف ورثته أو حالة فقدانه بموجب حكم أو قرار قضائي أو‬
‫وثيقة إدارية مختصة تثبت ذلك أو في حالة اكتشاف احتياله ونصبه من‬
‫طرف السلطة القضائية‪.‬‬

‫‪ -‬وإذا كان المرقي العقاري شخصا معنويا‪ ،‬فإن الصندوق يضمن‪:‬‬

‫* إفالس المرقي العقاري‬

‫* تصفية الشركة مهما كانت أسبابها‬

‫* إثبات مخالفة المرقي العقاري في حال تخلفه عن دفع قروضه‪.‬‬

‫‪129‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫* إكتشاف احتياله ونصبه من قبل السلطة القضائية‪.‬‬

‫والصندوق بصفته المؤمن‪ ،‬يمتلك حق المراقبة دون سابق إعالم‬


‫للمرقي العقاري وكل رفض لهذه الرقابة‪ ،‬يعرضه للمطالبة بالزيادة في‬
‫قسط التأمين لدى الصندوق‪ ،‬وإذا ثبت لدى المصالح التابعة للصندوق‬
‫بعد تنقلها إلى مكان أشغال للتحقيق ميدانيا من مدى مطابقتها مع‬
‫جدول التصريحات المقدم من طرف البائع‪ ،‬كما يمكن للصندوق استدعاء‬
‫المشتري وإخباره بالحقيقة لوضعية األشغال‪ ،‬حتى يمتنع عن دفع باقي‬
‫األقساط‪ ،‬وإذا دفعها رغم إعذاره من قبل الصندوق‪ ،‬فإن هذا األخير ال‬
‫يضمن له هذا الدفع في حالة وجود طوارئ‪.‬‬

‫‪ - 3‬حاالت عدم ضمان من الصندوق للمشتري‬

‫ال يضمن الصندوق ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬ضمان حسن اإلنجاز ألن هذا يضمنه تأمين خاص وهو الضمان‬
‫السنوي المحدث بموجب المرسوم التنفيذي رقم‪ 434-91 :‬المؤرخ في ‪9‬‬
‫نوفمبر ‪،1991‬‬

‫‪ -‬التأخر في تسليم األمالك المكتسبة إلى المشتري والمنجزة بناء‬


‫على التصاميم المتفق عليه‬

‫‪ -‬الزيادة في الثمن بحالة مراجعته‬

‫‪ -‬الغرامات المالية بمختلف انواعها‬

‫‪ -‬التعويضات االتفاقية والقضائية‬

‫‪130‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪ -‬التعويضات عن الكوارث الطبيعية ألنها تخضع لتأمين خاص‬


‫بموجب األمر رقم‪ 12-03 :‬المؤرخ في ‪ 26‬أوت ‪ ،2003‬المتعلق بإلزامية‬
‫التأمين على الكوارث الطبيعية وتعويض الضحايا‪.131‬‬

‫‪ -‬حالة فسخ عقد البيع بناء على التصاميم‬

‫كل هاته الحاالت تخرج من مسؤولية الصندوق ويتحمل المرقي‬


‫العقاري والمشتري ضمانها وذلك باكتتاب تأمين لدى شركات التأمين‬
‫المختلفة‪.‬‬

‫‪- 4‬اجال الضمان من قبل الصندوق‬

‫تبدأ مدة حساب الضمان من طرف الصندوق من أول دفع مسبق من‬
‫قبل المشتري‪ ،‬كجزء من الثمن المحدد في العقد‪ ،‬إلى غاية تحرير محضر‬
‫بالتسليم من قبل المرقي العقاري الذي يثبت حيازة المشتري للعقار محل‬
‫اإلنجاز‪ ،‬لذلك كل تأجيل في مدة اإلنجاز يجب إعالم الصندوق بها‪ ،‬وذلك‬
‫حتى يكون على دراية كاملة بمراقبة مراحل تطور إنجاز المشروع‪ ،‬ألن هذا‬
‫التأجيل يزيد من قسط التأمين بالنسبة للمرقي العقاري لكل تجاوز يقدر‬
‫ب‪ %10‬من مدة اإلنجاز المحدد في العقد‪ ،‬وإن تقاعس المرقي العقاري في‬
‫دفع هذا القسط إلى صندوق الضمان‪ ،‬يعرض المرقي إلى دفع غرامة مالية‬
‫للصندوق تقدر ب‪ %100‬من الزيادة في قسط التأمين‪ ،‬تضاف إلى القسط‬
‫الواجب دفعه‪ ،‬كما يضمن الصندوق فقط المبالغ المدفوعة من قبل‬
‫المشتري أثناء مراحل اإلنجاز‪ ،‬علما أنه ال يضمن المبالغ المدفوعة عن‬
‫التسليم أو بعده‪.‬‬

‫الجريدة الرسمية العدد‪ 52 :‬المؤرخة في ‪ 27‬أوت ‪.2003‬‬ ‫‪131‬‬

‫‪131‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫يستفيد المرقي العقاري بائعا من هذا التأمين‪ ،‬حيث عليه دفع‬


‫مبلغ الضمان مقسما إلى قسمين‪ %20 :‬كقسط أول عند تسليم شهادة‬
‫الضمان‪ ،‬و‪ %80‬خالل ‪ 3‬أشهر من منح شهادة الضمان‪.‬‬

‫وإجراءات التأمين تتم بتقديم طلب مكتوب مرفق بملف يتضمن‬


‫الوثائق القانونية التي تثبت الطبيعة القانونية للمرقي العقاري إذا كان‬
‫شخص طبيعي‪.132‬‬

‫وإذا كان شخص معنوي فالبد أن يرفق بالطلب‪ ،‬القانون األساسي‬


‫للشركة‪ ،‬نسخة من السجل التجاري‪ ،‬نسخة من رخصة البناء‪ ،‬نسخة من‬
‫عقد الملكية المشهر‪ ،‬شهادة تثبت دفع كل المستحقات الضريبية‬
‫وصندوق الضمان اإلجتماعي‪ ،‬وكل وثيقة أخرى يعتبرها الصندوق ضرورية‬
‫للصفقة‬

‫اخلامتة‪:‬‬
‫يرتبط المرقي العقاري في إطار أداء مهامه المهنية مع أكثر من‬
‫متدخل إلنجاز المشاريع العقارية‪ ،‬ويبرم أكثر من عقد لتنفيذها‪ ،‬فتكون‬
‫التزاماته تبادلية معهم‪ ،‬ومسؤول عن أعمالهم بصفته رب العمل المكلف‬
‫بالرقابة‪ ،‬حيث أنه يبرم عقد مع المقتني يبيعه السكن الترقوي قبل‬
‫إنجازه‪ ،‬فهو يرتبط بالتزام تعاقدي‪ ،‬فإن كنا بصدد عقد حفظ الحق ترتب‬
‫عليه التزام شخصي اتجاه صاحب حفظ الحق بحجز العقار طور اإلنجاز‬
‫وتحرير عقد البيع عند إتمام اإلنجاز ليتحول التزامه إلى التزام عيني‬
‫بتسليم العقار المحجوز‪ ،‬أما اذا تم التعاقد عن طريق إبرام عقد البيع‬

‫‪ - 132‬يقدم شهادة السوابق العدلية باإلضافة إلى الوثائق األخرى الخاصة بالمرقي العقاري العام‪.‬‬

‫‪132‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫على التصاميم‪ ،‬فإن مسؤوليته تزداد كون التزامه يكون عينيا‪ ،‬يتمثل في‬
‫إتمام أشغال البناء تبعا لألقساط المدفوعة التي يستحقها بحسب‬
‫المواعيد والنسب المحددة قانونا و المنصوص عليها في العقد‪ ،‬كما يلتزم‬
‫باحترام أجال التسليم المحددة في العقد بعد إنهاء اإلنجاز وضمان عيوب‬
‫البناء‪ ،‬وكل تهدم خالل مدة الضمان‪ ،‬والمرقي العقاري ملزم بالضمان‬
‫العشري ومسؤوال في حالة توفر شروط قيام مسؤولياته المدنية‬
‫العشرية‪ ،‬مدعي غليه في حالة رفع دعوى قضائية‪ ،‬والمالحظ أن المشرع‬
‫عمم في نطاق المسؤولين بالضمان العشري نظرا للتجاوزات المعمارية‬
‫الواقعة في السنوات األخيرة والمقاولون المتعاهدون معه‪ ،‬يخضعون لها‬
‫أيضا وكل متدخل آخر كذلك‪ ،‬المشرع الجزائري قصد توسيع من نطاق‬
‫المسؤولية المدنية ومنها العشرية‪ ،‬فيما يخص األفراد الملزمون بيها‪،‬‬
‫نظرا لتوسع نشاطات الترقية العقارية‪ ،‬فكل إخالل بالتزامات المرقي‬
‫العقاري‪ ،‬فإنها ترتب مسؤولية المدنية المهنية أو المسؤولية المدنية‬
‫العشرية‪ ،‬غير أن قيام مسؤولية ال تكفي لردع المرقي العقاري‪ ،‬عن‬
‫اإلخالل بالتزاماته المهنية أو العقدية وال تشكل عائقا بالنسبة له‪ ،‬فهو‬
‫متعود عليها ألنها مطبقة في كل المعامالت والتصرفات التي يقوم بها‬
‫وهو مؤمن عليها‪ ،‬لتتحمل شركة التأمين التبعات المالية المترتبة عن‬
‫ذلك ‪.‬‬

‫النتائج والتوصيات‬

‫‪ -‬المشرع الجزائري أرجع العالقة التعاقدية بين المرقي العقاري‬


‫والمقاول إلى القواعد العامة‪ ،‬فيما يخص عقد المقاولة أو أحكام الصفقات‬

‫‪133‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫العمومية‪ ،‬غير أنه لم ينظم أحكام خاصة لهذه العالقة السيما فيما يخص‬
‫مضمون االلتزامات والحقوق الناشئة عنها‪ ،‬وهو ما يجب تداركه‬

‫‪ -‬البد للمشرع توضيح نظام التأمين على المسؤولية المدنية‬


‫المهنية في مجال تنفيذ نشاطات الترقية العقارية‪ ،‬خاصة وتبيان مجال‬
‫الضمان وتوسيعه ليشمل مسؤولية المرقي العقاري على عملية اإلنجاز‬
‫ومسؤوليته العقدية والتقصيرية ونفس الحكم يطبق على المتدخلين‬
‫في اإلنجاز‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 26‬من قانون رقم‪ 04-11 :‬والمادة ‪ 30‬من المرسوم‬


‫التنفيذي رقم‪ 85-12 :‬تجعل المرقي العقاري مسؤول مدنيا عشريا على‬
‫تهدم البناء في حين المادة ‪ 554‬من القانون المدني والمادة ‪ 178‬من قانون‬
‫تأمينات‪ ،‬فإنها تجعل من رب العمل مستفيد من الضمان‪ ،‬إذ البد إيجاد‬
‫حل لهذا التناقض بالنصوص القانونية‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 554‬من القانون المدني‪ ،‬تقضي بإقصاء المقاولين من‬


‫الباطن المشاركون في عملية إنجاز البناء أو جزء منه من التضامن بالضمان‬
‫العشري‪ ،‬ولكن المادة ‪ 45‬من قانون رقم‪ 04-11 :‬تنص على إبطال هذا‬
‫اإلقصاء‪ ،‬فهذا تناقض بين المواد يجب تداركه خصوصا وإن أغلب تشييد‬
‫البناء يكون من طرف المقاولون من الباطن‪ ،‬تحت إشراف المقاول األصلي‬
‫وهاته الفئة ثقافتها التأمينية محدودة‪.‬‬

‫‪ -‬توسيع نطاق الضمان أكثر للمسؤولية العشرية ليشمل العيب‬


‫الخفي وأضرار عدم المطابقة مثل باقي التشريعات األخرى‪.‬‬

‫‪134‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الئحة املراجع‪:‬‬
‫‪ ‬عربي باي‪ :‬النظام القانوني للترقية العقارية في الجزائر‪ ،‬مذكرة‬
‫ماجستير في العلوم القانونية‪ ،‬كلية الحقوق جامعة باتنة‪-2009 ،‬‬
‫‪.2010‬‬

‫‪ ‬سعيد مقدم‪ :‬التأمين والمسؤولية المدنية‪ ،‬كليك للنشر‪ ،‬ط‪،1.‬‬


‫الجزائر‪ ،‬سنة‪.2008 :‬‬

‫‪ ‬محمد حسين منصور‪ :‬المسؤولية المعمارية‪ ،‬الدار الجامعية‬


‫الجديدة للنشر‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة‪.2003 :‬‬

‫‪ Malin vaud (ph) et jestaz (ph) : le droit de la‬‬


‫‪promotion immobilière, 5eme édition, paris, dalloz, 1991.‬‬

‫‪135‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫األستاذ بومديان حممد‬


‫أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ -‬سال اجلديدة‬

‫جتربة التعليم عن بعد يف املغرب زمن جائحة‬


‫كوفيد‪19-‬‬
‫‪The Experience of Distance Learning in Morocco at the Time of the‬‬
‫‪Coved-19 Pandemic‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫شكل التعليم حقا إنسانيا لكل األفراد وقضية مصيرية لكل الشعوب‪،‬‬
‫والمغرب بدوره التزم بهذا الحق من خالل مصادقته على مجموعة من‬
‫‪133‬‬
‫المعاهدات والمواثيق الدولية كاتفاقية حقوق الطفل لسنة ‪،1989‬‬

‫‪ - 133‬املادة ‪ 28‬من اتفاقية حقوق الطفل س نة ‪:” 1989‬‬


‫‪ -1‬تعرتف ادلول الاطراف حبق الطفل يف التعلمي وحتقيقا ل ألعامل الاكمل لهذا احلق تدرجييا وعىل اساس تاكفؤ الفرص تقوم بوجه خاص مبا‬
‫ييل‪:‬‬
‫أأ) جعل التعلمي الابتدايئ الزاميا ومتاحا جماان للجميع؛‬
‫ب) تشجيع تطوير ش ىت اشاكل التعلمي الثانوي سواء العام او املهين‪ ،‬وتوفريها وااتحهتا مجليع الاطفال واختاذ التدابري املناس بة مثل ادخال جمانية‬
‫التعلمي وتقدمي املساعدة املالية عند احلاجة الهيا؛‬
‫ج) جعل التعلمي العايل بش ىت الوسائل املناس بة متاحا للجميع عىل اساس القدرات؛‬
‫د) جعل املعلومات واملبادئ الارشادية الرتبوية واملهنية متوفرة مجليع الاطفال ويف متناوهلم؛‬
‫هـ) اختاذ تدابري لتشجيع احلضور املنتظم يف املدارس والتقليل من معدالت ترك ادلراسة‪.‬‬

‫‪136‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫والتي صادق عليها سنة ‪ ،1993‬وكذلك الوطنية منها من خالل أسمى قانون‬
‫في المغرب وهو دستور ‪.134،2011‬‬

‫في هذا السياق يعد التعليم عن بعد أو التعليم الرقمي أو التعليم‬


‫اإللكتروني هو أحد أساليب التعليم الحديثة التي انتشرت عبر العالم خالل‬
‫األعوام األخيرة بعدد من المؤسسات التعليمية والمعاهد والجامعات في‬
‫جميع التخصصات‪ .‬فهو تعليم يعتمد فيه على استخدام تقنيات‬
‫التواصل واالتصال باإلنترنت‪ ،‬وتتم فيه التفاعالت عبر المنتديات‬
‫واألقسام االفتراضية وتقسيم الدورات إلى وحدات تتضمن أشرطة مصورة‬
‫ومواد مقروءة تحمل كميات وافرة من المعلومات التربوية‪ ،‬ومن أبرز‬
‫مميزاته أنه يساهم في تقليص المسافة واختزال الوقت وال يحتاج إلى‬
‫وجود مدرس بالقرب من المتعلمين والطلبة في المكان نفسه‪ .‬في هذا‬
‫الصدد ومباشرة بعد تسجيل بالدنا ألول إصابة بجائحة فيروس كورونا‬
‫المستجد التي اجتاحت العالم‪ ،‬بادرت الحكومة بشكل استعجالي إلى اتخاد‬
‫مجموعة من التدابير االحترازية واالجراءات االستباقية‪ ،‬الهادفة إلى‬
‫محاصرة العدوى والحفاظ على صحة وسالمة المواطنين والمواطنات‪.‬‬
‫وكان من بين الترتيبات الوقائية المتخذة اإلعالن عن تعليق الدراسة‬
‫بجميع المؤسسات التعليمية والجامعية ابتداء من ‪ 16‬مارس ‪2020‬‬
‫وتعويضها بعملية التعليم عن بعد لضمان االستمرارية البيداغوجية‪.‬‬

‫‪ -2‬تتخذ ادلول الاطراف اكفة التدابري املناس بة لضامن ادارة النظام يف املدارس عىل حنو يمتىش مع كرامة الطفل الانسانية ويتوافق مع هذه‬
‫االتفاقية‪.‬‬
‫‪ -3‬تقوم ادلول الاطراف يف هذه االتفاقية بتعزيز وتشجيع التعاون ادلويل يف الامور املتعلقة ابلتعلمي وخباصة هبدف الاسهام يف القضاء عىل‬
‫اجلهل والامية يف مجيع احناء العامل وتيسري الوصول اىل املعرفة العلمية والتقنية واىل وسائل التعلمي احلديثة وتراعى بصفة خاصة احتياجات البدلان‬
‫النامية يف هذا الصدد‪.‬‬
‫‪ - 134‬الفصل ‪ 32‬من دس تور اململكة املغربية لس نة ‪ ”:2011‬التعلمي ا ألسايس حق للطفل وواجب عىل الارسة واجملمتع”‬

‫‪137‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫تحاول الدراسة الوقوف عند تجربة المغرب في التعليم عن بعد زمن‬


‫جائحة كوفيد ‪ ،19‬وذلك برصد اإلجراءات التي اتخذتها الدولة في شخص‬
‫الوزارة الوصية عن القطاع‪ ،‬مبرزة اإلكراهات التي اعترضتها في هذه‬
‫الجائحة‪ .‬وبالتالي يمكن االنطالق في مقاربة هذا الموضوع من خالل طرح‬
‫إشكال محوري يتجلى في قياس حدود نجاح تجربة نمط التعليم عن بعد‬
‫ببالدنا في زمن جائحة كورونا‪.19 -‬‬

‫تنبثق عن هذه اإلشكالية جملة من األسئلة الفرعية في مقدمتها‪:‬‬


‫هل يعتبر التعليم عن بعد خيارا استراتيجيا أم قرارا اضطراريا؟ ثم هل‬
‫تتوفر بالدنا على االمكانات اللوجيستيكية الضرورية إلنجاح هذا النمط‬
‫من التعليم؟‬

‫املطلب األول‪ :‬اإلطار القانوني للتعليم عن بعد باملغرب‬


‫شهد العالم في العقدين الماضيين تطورات تكنولوجية ومعلوماتية‬
‫متالحقة وسريعة‪ ،‬وقد عملت الدول على بذل الكثير من الجهد لمواكبة‬
‫هذه التطورات بما ينعكس إيجابا على تجويد المرافق العامة‪ ،‬ولبلوغ هذا‬
‫الهدف كان من الواجب أوال ترسيخ الدور القيادي لليونسكو في األوساط‬
‫الدولية المعنية بالتعليم‪ ،‬وذلك من خالل تعزيز الحركة العالمية للتعليم‬
‫بين الجميع‪ ،‬وتكثيف الجهود الرامية إلى تقديم المشورة فيما يخص‬
‫السياسات وبناء القدرات بالتعاون مع الدول األعضاء‪ .135‬هذه التحوالت‬
‫طالت العديد من المجاالت "الخدماتية" في المؤسسات الرسمية للدول‬
‫عموما‪ ،‬وقطاع التربية والتعليم بشكل خاص‪ ،‬إذ يمكننا‪-‬وبنظرة‬
‫سريعة‪ -‬أن نتتبع كيف تطور التعليم عن بعد في السنوات الماضية‪،‬‬
‫‪-135‬محمد الهادي‪ ،‬التعلمي االلكرتوين عرب ش بكة االنرتنيت‪ ،‬ادلار املرصية اللبنانية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،2005 ،1‬ص‪.120 :‬‬

‫‪138‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وكيف تأثرت إيجابا الخطط والبرامج الدراسية والخدمات المعرفية نتيجة‬


‫توظيف هذه التقنيات في المجال التربوي‪ ،‬حيث تتزايد أهمية االنتفاع‬
‫بتكنولوجيا المعلومات واالتصاالت في جميع جوانب حياة المجتمعات في‬
‫هذا الصدد‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬ماهية التعليم عن بعد‬


‫يعتبر "التعليم عن بعد" أو "التعليم المفتوح" أو "تعليم المستقل"‬
‫كما يسميه البعض أحد الطرق الحديثة في نقل المعلومة‪ ،‬والذي يعتمد‬
‫على البعد المكاني بين مصدر المعلومة الذي في العادة يكون المعلم‬
‫ومتلقي المعلومة وهو الطالب‪.‬‬

‫وسنحاول من خالل هذه الفقرة تحديد مفهوم التعليم عن بعد (أوال)‪،‬‬


‫ثم بعد ذلك نميزه عن بعض المصطلحات المشابهة له(ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ -‬تعريف التعليم عن بعد‬


‫عرفه هولمبرج ‪ Holmberge‬في عام ‪ 1977‬على أنه ذلك النمط‬
‫من التعليم الذي يشمل مختلف المكونات األساسية لكافة المستويات‬
‫التعليمية والتي ال تخضع فيها العملية التعليمية إلشراف مباشر ومستمر‬
‫من األساتذة في القطاعات الدراسية‪ ،‬ولكن يحدد مكانه الوسائل التقنية‬
‫من مواد مطبوعة ووسائل إلكترونية‪ ،‬بحيث تحقق االتصال بين األستاذ‬
‫‪136‬‬
‫والمتعلمين دون االتصال وجها لوجه‪.‬‬

‫‪ -136‬د‪ .‬عالء صادق‪ ،‬األسس النظرية للتعليم عن بعد‪ ،‬اتريخ النشر ‪،20/05/2018‬اتريخ االطالع ‪،22/01/2021‬‬
‫‪/https://www.edutrapedia.com‬‬

‫‪139‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫ويعرفه نيجل ‪ Negil‬بأنه "التعليم الذي يسمح للمتعلم باختيار‬


‫متى يتعلم وكيف يتعلم وأين يتعلم وماذا يتعلم ضمن الحدود‬
‫المتاحة‪ ."137‬كما تعرفه اليونسكو بأنه "عملية تربوية يتم فيها كل أو‬
‫أغلب التدريس من شخص بعيد في المكان والزمان عن المتعلم عبر‬
‫الوسائط اإللكترونية‪."138‬‬

‫من خالل ما سبق نخلص إلى أن هذه التعاريف تطرح مسألة في غاية‬
‫من األهمية وهي العالقة بين المعلم والمتعلم‪ ،‬هذه العالقة التي‬
‫تتصف في فصول الدراسة التقليدية بأنها عبارة عن تفاعل مباشر ما‬
‫بين المعلم والمتعلم‪ ،‬بحيث يحدد المعلم أهداف الدرس ويعد محتواه‪،‬‬
‫ويستخدم أسلوب التدريس المناسب مع طالبه ويناقشهم فيه‪ ،‬يختار‬
‫ويصمم الوسائل التقليدية المناسبة‪ ،‬يقترح األنشطة التعليمية‪ ،‬يدير‬
‫الفصل ويحدد قواعد النظام ويقوم نتائج التعلم‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬متييز التعليم عن بعد عن بعض املصطلحات املشابهة له‬


‫سنقتصر في هذه الجزئية للبحث بداية في الفرق بين التعليم عن‬
‫بعد والتعليم عبر اإلنترنيت‪ ،‬ثم بعد ذلك ننتقل لذكر الفروقات بين‬
‫التعليم الطارئ عن بعد والتعليم اإللكتروني‪.‬‬

‫أ‪ -‬التعليم عن بعد والتعليم اإللكتروني‬

‫‪ - 137‬د‪ .‬رمزي أمحد عبد احلي‪،‬التعليم اإللكرتوين‪ ،‬حمدداته ومربراته وسسائطه‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباع والنشر‪،‬اإلسكندرية‪،‬مصر‪،‬ط‪،1‬سنة‬
‫‪ ،2005‬ص ‪.10‬‬
‫‪ -138‬عبد الرحيم اهلرانن‪ ،‬ملف شامل وحمكم عن التعليم عن بعد‪ ،‬اتريخ النشر ‪ 06‬ماي ‪،2020‬اتريخ االطالع ‪،22/01/2021‬‬
‫‪/https://al3omk.com‬‬

‫‪140‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫يعد موقع الطالب وأسلوب التعلم االختالف الرئيس بين التعليم‬


‫عن بعد والتعليم اإللكتروني‪ ،‬ففي التعليم اإللكتروني يمكن للطالب أن‬
‫يكون مع المعلم في نفس الفصل الدراسي ويستخدم اإلنترنيت‬
‫والتقنيات اإللكترونية األخرى في التعلم‪ ،‬أما التعليم عن بعد فإنه‬
‫يتضمن الفصل بين الطالب والمعلم‪ ،‬إذ يمكن أن يضمن الوصول إلى‬
‫‪139‬‬
‫المادة التعليمية من أي مكان في العالم وفي أي وقت‪.‬‬
‫‪140‬‬
‫ب‪ -‬التعليم عن بعد الطارئ والتعليم اإللكتروني‬

‫يعتمد التعليم اإللكتروني على تخطيط وتصميم تعليمي دقيق‬


‫باستخدام نموذج ممنهج للتخطيط والتصميم الذي يعتمد على ثمانية‬
‫أبعاد شاملة تحدد بالضبط كل جوانب التعليم اإللكتروني‪ ،‬أما التعليم أو‬
‫التدريس الطارئ عن بعد فيهدف إلى إيجاد حل مؤقت للتدريس بما يمكن‬
‫تجهيزه بشكل سريع بحيث يمكن أن يعتمد عليه خالل أوقات الطوارئ‬
‫واألزمات‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األسس املرجعية العتماد التعليم عن بعد باملغرب‪.‬‬


‫ال يمكن إنكار أن التحول إلى التعليم عن بعد سيمكن الطالب من‬
‫التمتع بمهارات فكرية عالية وقدرة على التوصل للحلول في أسرع وقت‬
‫ممكن‪ ،‬هذا االنتقال بطبيعته مرتكز على مجموعة من المرجعيات منها‬

‫‪ -139‬هديل رسور‪ ،‬الفرق بني التعلمي عن بعد والتعلمي االلكرتوين‪ ،‬اترخي النرش ‪ 28‬عشت ‪،2019‬اترخي الاطالع ‪،23/01/2012‬‬
‫‪/https://hyatok.com‬‬
‫‪ -140‬اعمتدت صياغة التعلمي عن بعد الطارئ لأن ا ألخطار النامجة عن كوفيد‪ 19‬أأدت ابلعديد من املؤسسات اىل الغاء الفصول ادلراس ية احلضورية‬
‫مبحارضات تلقى عرب االنرتنيت‪ .‬اذن فالتعلمي عن بعد يندرج يف تدابري اس تثنائية وقتية ستنقيض وسزتول ابنهتاء دوافعها الرتباطها بقانون الطوارئ‬
‫الصحية‪.‬‬

‫‪141‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫ما هو متعلق بالمبادئ الدستورية وغيرها من المرجعيات‪ ،‬والتي سنبحث‬


‫فيها بشيء من التفصيل في هذه الفقرة‪.‬‬

‫أوال‪ -‬املبادئ الدستورية (استمرارية املرفق العام)‬


‫يعتبر مبدأ استمرارية المرافق العمومية في أدائها لنشاطها بانتظام‬
‫وإطراد من المبادئ الكالسيكية التي تحكم سير المرافق العمومية بمختلف‬
‫أنواعها‪ ،‬ويقتضي ذلك بأن تقوم المرافق بتقديم خدماتها على سبيل‬
‫الدوام واالستمرار دون انقطاع أيا كانت الظروف التي تواجهها‪ .‬فدوام سير‬
‫المرافق العمومية هو دوام للدولة باعتبارها مجموعة من المرافق‬
‫العمومية حسب بعض الفقه‪.141‬‬

‫ونظرا ألهمية هذا المبدأ نص الدستور المغربي لسنة ‪ 2011‬صراحة‬


‫على استمرارية المرفق العام في فصله ‪ 154‬الفقرة األولى "يتم تنظيم‬
‫المرافق العمومة على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في‬
‫الولوج إليها‪ ،‬واالنصاف في تغطية التراب الوطني‪ ،‬واالستمرارية في أداء‬
‫الخدمات"‪.‬‬

‫كما أن الفصل ‪ 42‬من الدستور المغربي نص على أن "الملك هو ضامن‬


‫دوام الدولة واستمراريتها"‪ .‬أي أن الملك يسهر على استمرارية أداء جميع‬
‫‪142‬‬
‫المرافق واإلدارات والمؤسسات العمومية لخدماتها للمواطنين‪.‬‬

‫ولمواجهة حالة الطوارئ الصحية الناتجة الوبائية جراء انتشار وباء‬


‫كوفيد ‪ 19‬في جميع أرجاء العالم بادرت المملكة المغربية في شخص وزارة‬

‫‪ -141‬كرمي حلرش‪ ،‬القانون االداري املغريب‪ ،‬مكتبة الرشاد للنرش‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬س نة ‪ ،2020‬ص ‪.65‬‬
‫‪ -142‬هنا نس تحرض املبادرة امللكية يف هذا االطار ابصدار تعلاميته للحكومة ابحداث حساب مرصود ألمور خصوصية حيمل أأمس الصندوق‬
‫اخلاص بتدبري جاحئة كوفيد ‪ 19‬بر أأسامل يبلغ عرشة مليارات درمه وتربع من ماهل اخلاص حلساب الصندوق مبلياري درمه‪.‬‬

‫‪142‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي توقيف‬


‫الدراسة بجميع األقسام والفصول انطالقا من يوم االثنين ‪ 16‬مارس ‪2020‬‬
‫حتى إشعار آخر بما في ذلك رياض األطفال وجميع المؤسسات التعليمية‬
‫ومؤسسات التكوين المهني والمؤسسات الجامعية التابعة لوزارة التربية‬
‫الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي‪ ،‬سواء منها‬
‫العمومية أو الخصوصية‪ ،‬وكذا مؤسسات تكوين األطر غير التابعة‬
‫للجامعة والمدارس ومراكز اللغات التابعة للبعثات األجنبية وكذا مراكز‬
‫اللغات ومراكز الدعم التربوي الخصوصية‪ .‬ولكنها في نفس الوقت نبهت‬
‫إلى أن الدروس الحضورية ستعوض بدروس عن بعد تسمح للتالميذ‬
‫‪143‬‬
‫والطلبة والمتدربين بالمكوث في منازلهم ومتابعة دراستهم عن بعد‪.‬‬

‫إال أن االشكال الحقيقي الذي طرح هو تمثل في الوصول إلى الموقع‬


‫اإللكتروني‪ ،‬فالتحديات التقنية الخاصة بالبنى التحتية وضعف شبكات‬

‫‪ -143‬اليت اختذت أأشاكال خمتلفة‪:‬‬


‫‪ -‬بث دروس عرب القنوات الرس مية‪ :‬اس تحضارا لعدم متكن عدد من املتعلمني واملتعلامت لولوج املنصات الرمقية أأو التواصل مع مدرس هيم عرب‬
‫وسائل التواصل الاجامتعي أأو الواتساب فقد استبقت الوزارة ذكل من خالل بث دروس خمتلف املواد واملس توايت من خالل القناة الثقافية‬
‫يف البداية لتشمل قنوات أأخرى الحقا(القناة ا ألمازيغية وقناة العيون)‪.‬‬
‫‪-‬عرب البوابة االلكرتونية ‪ :TELMIDTICE‬قدمت البوابة االلكرتونية ‪ TELMIDTICE‬دروسا مصنفة حسب ا ألسالك واملس توايت التعلميية‬
‫وكذا املواد ادلراس ية‪ .‬ففي مرحةل أأوىل مت نرش املوارد الرمقية املتوفرة سابقا دلى الوزارة‪ ،‬وقد اكن عددها قليال‪ ،‬مث اس متر تطعمي هذه البوابة بصفة‬
‫منتظمة بدروس جديدة وذكل وفق برجمة زمنية تراعي التدرج البيداغويج املعمتد يف ادلروس احلضورية‪.‬‬
‫وقد بلغ مجموع املوارد الرمقية املتوفرة حاليا ‪ 6200‬مورد رمقي تغطي مجيع ا ألسالك (الابتدايئ‪ ،‬اعدادي‪ ،‬اثنوي) واملساكل واملس توايت واملواد‬
‫ادلراس ية وهو اجناز غري مس بوق مل يمت حتقيقه خالل العرش س نوات ا ألخرية‪ ،‬ويصل معدل التتبع اليويم للتالميذ عرب هذه املنصة ‪ 600‬أألف‬
‫تلميذ‪.‬‬
‫‪ -‬منصة ‪ :TEAMS‬ويه منصة تتيح تواصل ا ألساتذة مع تالمذهتم انطالقا من حساهبم يف منظومة مسار ومتكن من التواصل صوات وصورة‪،‬‬
‫وتوظيف مجموعة من التطبيقات املساعدة يف عرض ادلروس‪.‬‬
‫أأنظر يف هذا الصدد‪:‬‬
‫‪ -‬جواب الس يد وزير الرتبية الوطنية والتكوين املهين والتعلمي العايل والبحث العلمي خالل جلسة ا ألس ئةل الشفهية املربجمة يوم االثنني ‪ 18‬ماي‬
‫‪ 2020‬مبجلس النواب‪ ،‬اترخي الاطالع ‪،23/01/2021‬‬
‫‪https://www.men.gov.ma/Ar/Documents/MAmzazi-Prlmnt180520.pdf‬‬

‫‪143‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫االتصال‪ ،‬وعدم توافر بالدرجة التي ستمكن جميع شرائح المجتمع من‬
‫الوصول إلى المعلومات‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫ثانيا‪ -‬توصيات اجمللس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫دعا المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي في دراسة أنجزها حول‬


‫"االنعكاسات الصحية واالقتصادية واالجتماعية لفيروس كورونا(كوفيد‬
‫‪ )19‬إلى تحسين جودة التعليم عن بعد‪ ،‬كمكمل للتعليم الحضوري‪ .‬كما‬
‫أوصى بإجراء تعديالت على المنظومة التربوية على مستوى مرونة اإلطار‬
‫الزمني‪،‬والمناهج‪،‬والتكوينات‪،‬والنماذج والمنصات المالئمة‪،‬والوحدات‬
‫‪145‬‬
‫القائمة على هندسة خاصة تتالءم مع كل نمط من أنماط التعليم‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬التوجه حنو املدن الذكية‬


‫تعتبر المدن الذكية توجها ناشئا في أواسط صناع السياسات في‬
‫مختلف أنحاء العالم لتجاوز هذه المعضلة‪ .‬فغالبية سكان عالم اليوم‬

‫‪ -144‬خضعت مؤسسة اجمللس الاقتصادي والاجامتعي والبييئ لتطور ملحوظ بعد احلرب العاملية ا ألوىل‪ ،‬اذ يعترب المنوذج الفرنيس املثال الرائد‬
‫يف هذا اجملال‪ ،‬حيث رامكت فرنسا العديد من التجارب منذ س نة ‪ ،1925‬اذ مت احداث أأول هيئة اقتصادية واجامتعية بطلب من النقاابت‬
‫العاملية‪ ،‬وذكل مضن تيار فكري ينادي برضورة متثيل القوى الاقتصادية والاجامتعية داخل البنيات الس ياس ية والادارية لدلوةل‪ .‬ولقد متت دسرتة‬
‫هذه املؤسسة يف دس تور امجلهورية الرابعة س نة ‪ 1946‬ودس تور امجلهورية اخلامسة س نة ‪ ،1958‬ونظرا لتعاظم املقاربة البيئية يف اخلطاب‬
‫الس يايس وادلويل‪ ،‬فقد تبىن التعديل ادلس توري لس نة ‪ 2008‬التسمية احلالية ويه اجمللس الاقتصادي والاجامتعي والبييئ‪.‬‬
‫وعىل غرار هذا المنوذج‪ ،‬برز اجمللس الاقتصادي والاجامتعي يف التجربة املغربية مع املراجعة ادلس تورية لس نة ‪ ،1992‬بيد أأنه مل يمت تفعيهل مع‬
‫هذه املراجعة‪-‬رمغ فتح عدة أأوراش تمنوية شهدها مغرب التسعينيات‪ ،-‬اذ بقيت املسأأةل الاجامتعية معلقة ليتكرس حضور هذا اجمللس مع‬
‫ادلس تور املعدل لس نة ‪ ،1996‬تدشينا لبناء‪ ،‬عالقة جديدة يف تعاطي ادلوةل واجملمتع املغريب مع القضااي الاسرتاتيجية للبدل‪ ،‬حيث تقوم عىل‬
‫أأساس االنصات اىل اجملمتع وارشاكه يف صياغة لك القرارات الاسرتاتيجية‪ .‬وهو البعد اذلي حاول املرشع ادلس توري اقراره يف ادلس تور املغريب‬
‫اجلديد لس نة ‪ 2011‬بتقوية ماكنة هذه املؤسسة داخل الهرم املؤسسايت لدلوةل‪ ،‬اذ متت اعادة تنظميها مكؤسسة دس تورية يف الباب احلادي عرش‬
‫منه‪ ،‬حتت امس اجمللس الاقتصادي والاجامتعي والبييئ يف التناول الس يايس ادلويل والوطين‪ ،‬مؤطرا بثالثة فصول (من الفصل ‪ 151‬اىل ‪.)153‬‬
‫للمزيد من املعلومات حول اجمللس الاقتصادي والاجامتعي والثقايف والبييئ راجع‪:‬‬
‫‪ -‬خادل الغازي‪ ،‬الاطار البنيوي والوظيفي للمجلس الاقتصادي والاجامتعي والبييئ بفرنسا‪ ،‬اجملةل املغربية لالدارة احمللية والتمنية‪ ،‬سلسةل‪ ،‬مواضيع‬
‫الساعة‪ ،‬عدد ‪ ،2009 ،64‬ص ‪.109‬‬
‫‪ -145‬اجمللس الاقتصادي والاجامتعي والبييئ يدعو اىل حتسني جودة التعلمي عن بعد‪ ،‬اترخي النرش ‪7‬نومفرب‪،2020 ،‬اترخي الاطالع‬
‫‪/https://alislah.ma/majlisechami ،01/23/2021‬‬

‫‪144‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫يعيشون في المدن‪ ،‬ومن أجل ذلك يعد استيعاب وتطبيق مفاهيم‬


‫المدينة الذكية أمرا ال غنى عنه لضمان مستوى متميز من المعيشة‬
‫للسكان‪ ،‬فالتفكير اإلبداعي والتعاون فيما بين كل الجهات المعنية‪،‬‬
‫واألفكار العلمية يمكن أن يحقق المنافع المنشودة للمدن بما في ذلك‬
‫القدرة على استيعاب الطفرة الكبيرة في عدد السكان بكفاءة وفعالية‪،‬‬
‫وتعزيز النمو االقتصادي‪ ،‬واالرتقاء بمستوى رفاهية سكان المدينة‪ ،‬إال أنه‬
‫ال يوجد تعريف موحد لمفهوم "المدينة الذكية"‪ ،‬فمشاريع المدن الذكية‬
‫تكون عادة جزءا من برنامج عام لتحديث المدن ويشمل التخطيط‬
‫العمراني والبيئة وتكنولوجيا المعلومات‪ .‬ومصطلح "المدينة الذكية" ظهر‬
‫في المؤتمر األوروبي الرقمي سنة ‪ ،1994‬وفي سنة ‪ 1996‬دشن األوروبيون‬
‫مشروع المدينة الذكية في عدد من المدن تبنت السلطات األوروبية مدينة‬
‫‪146‬‬
‫أمستردام كمدينة رقمية تلتها مدينة هلنسكي‪.‬‬

‫وتعرف الموسوعات ومراكز الدراسات واألبحاث التكنولوجية المدينة‬


‫الذكية بأنها مدينة "المعرفة" أو مدينة "رقمية" أو مدينة "إيكولوجية"‬
‫تعتمد خدماتها على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‪،‬‬
‫مثل أنظمة مرور ذكية تدار أليا‪ ،‬وخدمات إدارة األمن المتطورة وأنظمة‬
‫تسيير المباني واستخدام عدادات للفوترة‪ .147‬أما االتحاد األوروبي فيعرف‬
‫المدن الذكية بأنها تلك المدن التي تجمع المدينة والصناعة والمواطنين‬
‫معا لتحسين الحياة في المناطق الحضرية من خالل حلول متكاملة أكثر‬
‫استدامة‪ ،‬ويشمل ذلك ابتكارات تطبيقية وتخطيطا أفضل واستخداما‬
‫‪ -146‬حنان النحاس‪ ،‬المدن الذكية دراسة للمفهوم واألسس ‪،‬تاريخ النشر ‪10‬‬
‫يوليوز ‪ ،2018‬تاريخ االطالع ‪/https://www.maroclaw.com ،24/01/2021‬‬
‫‪ -147‬ماريتا فارجاس‪ ،‬المدن الذكية بين الحلم والحقيقة‪ ،‬مجلة بيئة‬
‫المدن‪،‬المدن الذكية المستدامة‪ ،‬مركز البيئة للمدن العربية‪ ،‬العدد الثامن‬
‫ماي ‪،2014‬ص‪.03‬‬

‫‪145‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫ذكيا لتكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‪ ...‬ومن ثم يمكن تعريفها بأنها‬


‫المدينة التي تحقق أداء جيدا في جميع هذه المجاالت من خالل تفاعل‬
‫مشترك بين القطاع االقتصادي والحوكمة والنقل والبيئة والحياة مع‬
‫‪148‬‬
‫مواطنين يتمتعون بالوعي واالستقاللية‪.‬‬

‫ومن المدن التي نهجت مسار بناء مدن متطورة‪ ،‬أساسها االستعانة‬
‫بكل ما هو تكنولوجي مستقبلي نجد مثال‪:‬‬

‫‪ -‬دبي من خالل استراتيجية “دبي المدينة الذكية”‪ ،‬تشمل أكثر من‬


‫‪ 100‬مبادرة وخطة لتحويل ‪ 1000‬خدمة من الخدمات الحكومية إلى خدمات‬
‫ذكية‪ .‬ويهدف المشروع إلى تشجيع التعاون بين القطاعين العام‬
‫والخاص لتحقيق ستة أهداف “ذكية” في مجاالت تشمل‪ :‬الحياة الذكية‪،‬‬
‫النقل الذكي‪ ،‬المجتمع الذكي‪ ،‬االقتصاد الذكي‪ ،‬الحكم الذكي‪ ،‬والبيئة الذكية‪.‬‬
‫إذ تعتمد على ثالثة مبادئ أساسية هي‪:‬االتصاالت‪ ،‬االندماج‪ ،‬والتعاون‪.149‬‬

‫‪ -‬لندن التي تبنت رؤية اعتمدتها لعام ‪“Mayor’s Vision 2020‬‬


‫‪،2020″‬والتي ترتكز على ست نقاط أساسية تتمثلي في اآلتي‪ :‬جعل‬
‫اللندنيين في صميم الرؤيا؛النفاذ إلى البيانات المتاحة؛ رفع نسبة البحث‬
‫والتكنولوجيا والمواهب اإلبداعية في لندن؛ التجمع من خالل الشبكات؛‬
‫تمكين لندن من التكيف والنمو؛ وتعزيز التعاون بين اللندنيين وحكومة‬
‫‪150‬‬
‫المدينة‪.‬‬

‫‪ -148‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.04‬‬


‫‪ -149‬يونس مليح‪ ،‬املدن اذلكية "الواقع والافاق"‪ ،‬اترخي النرش‪ :‬االثنني ‪ 21‬أأكتوبر ‪ ،2019‬اترخي الاطالع ‪،23/01/2021‬الرابط‬
‫‪/https://www.hespress.com‬‬
‫‪ -150‬نفس املرجع‪.‬‬

‫‪146‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫أما المغرب فينبغي التأكيد على أن رهان التحول إلى المدن الذكية‬
‫في أفق ‪ 2026‬يبقى متوقفا على العمل على توفير سياسات وتشريعات‬
‫في خدمة التعليم عن بعد‪ ،‬على اعتبار أن هذا النوع من التعليم يعتبر‬
‫من أهم التطبيقات التي تتيحهاالمدن الذكية‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تقنني التعليم عن بعد باملغرب‬


‫يمكن حصر مرجعيات اعتماد التعليم عن بعد بالمغرب في‪:‬‬

‫أ‪ -‬الميثاق الوطني للتربية والكوين‪:‬‬

‫نص الميثاق على أن األبعاد المستقبلية للتكنولوجيات سيتم‬


‫استثمارها في المجاالت اآلتية‪:‬‬

‫‪ .1‬معالجة بعض حاالت صعوبة التمدرس والتكوين المستمر بالنظر‬


‫لبعد المستهدفين وعزلتهم؛‬

‫‪ .2‬االستعانة بالتعليم عن بعد في مستوى االعدادي والثانوي في‬


‫المناطق المعزولة‪.‬‬

‫ب‪ -‬الرؤية االستراتيجية لإلصالح ‪:2030-2015‬‬

‫تضمنت فقرات تدل على ضرورة وأهمية االستعانة بالتعليم عن‬


‫بعد باعتباره معززا ومكمال للتعليم الحضوري‪:‬‬

‫‪" -‬تنويع أنماط التعلم والتكوين‪ ،‬خصوصا في المستويات العليا من‬


‫التعليم والتكوين (التعلم عن بعد‪ ،‬التعلم مدى الحياة…) بهدف إتاحة‬
‫الفرصة ألكبر عدد ممكن من الراغبين في تغيير مكتسباتهم أو تعميقها‪،‬‬
‫أو التصديق عليها‪ ،‬بالحصول على شهادات مطابقة لخبراتهم"‪.‬‬

‫‪147‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪ -‬شمل التكنولوجيات التربوية مجموع البرامج المعلوماتية‬


‫والتفاعلية‪ ،‬والموارد الرقمية‪ ،‬واألدوات التكنولوجية واألجهزة اإللكترونية‬
‫المختلفة؛ عالوة على شبكات وأنظمة االتصال وما توفره من خدمات‬
‫وتطبيقات من قبيل التبادل اآلني للمعلومات واألفكار‪ ،‬والمؤتمرات عن‬
‫‪151‬‬
‫طريق الفيديو‪ ،‬والتعلم عن بعد والمكتبات الرقمية‪..‬‬

‫ت‪ -‬القانون اإلطار ‪ 51.17‬المتعلق بمنظومة التربية والتكوين‬


‫والبحث العلمي‪.‬‬

‫ركز قانون ‪ 51.17‬على أهمية إدماج تكنولوجيا اإلعالم والتواصل في‬


‫التعليم‪ ،‬إذ يلزم الحكومة أن تتخذ جميع التدابير الالزمة والمناسبة‬
‫لتمكين مؤسسات التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي في‬
‫القطاعين العام والخاص من تطوير موارد ووسائط التدريس والتعلم‬
‫والبحث في منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬وال سيما من خالل‬
‫اآلليات التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬تعزيز إدماج تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت في النهوض بجودة‬


‫التعلمات وتحسين مردوديتها؛‬

‫‪ .2‬إحداث مختبرات لالبتكار وإنتاج الموارد الرقمية‪ ،‬وتكوین‬


‫مختصين في هذا المجال؛‬

‫‪ .3‬تنمية وتطوير التعلم عن بعد‪،‬باعتباره مكمال للتعلم‬


‫‪152‬‬
‫الحضوري‪.‬‬

‫‪ -151‬وزارة الرتبية الوطنية‪ ،‬امليثاق الوطين للرتبية والتكوين‪ ،‬ادلعامة العارشة‪ ،‬املادة‪.119 :‬‬
‫‪ -152‬قانون – اطار رمق ‪ 51.17‬يتعلق مبنظومة الرتبية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬الباب اخلامس‪ ،‬املادة‪.33 :‬‬

‫‪148‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الشك أن التعليم عن بعد فرض نفسه بقوة كبيرة نتيجة جائحة‬


‫كورونا‪ ،‬لكن هذا االنتقال يتطلب كذلك مرونة كبيرة في التعامل مع‬
‫المتعلمين‪،‬إضافة إلى الحاجة إلى فريق لوجستي يواكب المعلمين من‬
‫خالل طرق تفكير إبداعية تساعدهم على تحقيق عملية التعليم وإنجاز‬
‫مقرراتهم الرئيسية‪.‬‬

‫من هذا المنطلق نرى أن التطرق إلى التجارب المقارنة في هذا الشأن‬
‫من شأنه أن يعطينا رؤية استشرافية لمستقبل التعليم عن بعد‬
‫بالمغرب من خالل الوقوف على االيجابيات التي تزخر بها هذه التجارب‪،‬‬
‫بغية الحدو حدوها مستقبال‪ ،‬وهو موضوع الشق الثاني من تحليلنا‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬التعليم عن بعد‪ :‬جتارب مقارنة‬


‫يعد التعليم عن بعد أحد المفاهيم والتقنيات الحديثة للتعلم‬
‫بكافة مستوياته‪ ،‬وقد أصبح هذا النوع من التعليم ركنا مهما لالقتصاد‬
‫المعرفي‪ ،153‬ومن الجدير بالذكر أن التعليم عن بعد‪ ،‬أو ما يسمى أحيانا‬
‫التعلم اإللكتروني أو التعلم عبر اإلنترنيت ال يعني تدريس المناهج‬
‫وتخزينها على أقراص مدمجة‪ ،‬ولكن جوهر التعليم عن بعد هو النمط‬
‫التفاعلي‪ ،‬حيث يعني وجود مناقشات متبادلة بين الطلبة وبعضهم‪،‬‬
‫والتفاعل مع المحاضر‪ .‬فهناك دائما معلم يتواصل مع الطالب‪ ،‬ويحدد‬
‫مهامهم واختياراتهم‪.154‬‬

‫‪ -153‬اقتصاد املعرفة هو الاقتصاد املعمتد عىل صناعة وتداول وتقيمي املعرفة؛ حيث تقل فيه ا ألمهية املرتتبة عىل تاكليف العامةل‪ ،‬كام ال يس تخدم‬
‫املفاهمي التقليدية لالقتصاد‪ ،‬مثل الندرة يف املواد‪ ،‬ويعرف اقتصاد املعرفة بأأنه نوع من أأنواع الاقتصاد اذلي يعمتد منوه عىل نوعية ومكية املعلومات‬
‫املتاحة‪ ،‬والقدرة عىل الوصول اليه‪.‬‬
‫‪ -154‬اميان خفري‪ ،‬جتارب "التعلمي عن بعد" الحتواء ا ألزمات العاملية‪ ،‬اترخي النرش ا ألحد ‪ 15‬مارس ‪،2020‬اترخي الاطالع ‪،23/01/2021‬‬
‫‪/https://futureuae.com‬‬

‫‪149‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وفي هذا اإلطار يمكن استعراض بعض التجارب الناجحة في هذا‬


‫المجال‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬التعليم عن بعد يف الواليات املتحدة األمريكية‬


‫أشارت دراسة أجرتها عام ‪ 2011‬مجموعة "سلون كونسورتيوم"‪ ،‬وهي‬
‫إحدى المؤسسات األمريكية الرائدة في مجال التعليم عن بعد‪،‬أن ‪6‬‬
‫ماليين طالب في الواليات المتحدة يتلقون دورة تعليمية واحدة على‬
‫‪155‬‬
‫األقل على اإلنترنت‪.‬‬

‫ونتيجة تزايد اإلقبال على الدورات الدراسية المقدمة عبر نظام‬


‫التعليم عن بعد‪ ،‬فقد شجع ذلك جامعات أمريكية مرموقة ‪-‬مثل‪:‬‬
‫استانفورد‪ ،‬وبيركلي‪ ،‬وبرينستون‪ ،‬وجامعة كاليفورنيا‪ ،‬وعدد من‬
‫المؤسسات التعليمية األمريكية األخرى‪ -‬على تقديم دورات تعليمية عبر‬
‫اإلنترنت ألولئك الذين يفضلون هذه الطريقة وال يستطيعون المشاركة‬
‫في الصفوف الدراسية بشكلها التقليدي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التعليم عن بعد يف فرنسا‬


‫يعد المركز الوطني للتعليم عن بعد (‪ )CNED‬بفرنسا من أهم‬
‫مراكز التعليم والتكوين في أوروبا والعالم الفرنكفوني‪ ،‬وهو مؤسسة‬
‫وطنية عامة ذات طابع إداري تحت إشراف وزير التربية والتعليم العالي‬
‫والبحث العلمي‪ ،‬ويعتمد المناهج الرسمية‪ ،‬وتعترف السلطات بالشهادات‬
‫التي يمنحها المركز‪ ،‬لذلك تتعامل معه الكثير من مؤسسات التعليم‬
‫المهتمة بالمناهج الفرنسية‪ ،‬وتتلخص مهام المركز كما أشار إليها‬

‫‪ -155‬نفس املرجع‪.‬‬

‫‪150‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪156‬‬
‫توفير التعليم عن بعد‬ ‫المرسوم المؤرخ في ‪ 25‬فبراير ‪ 1986‬في‬
‫وتعزيزه‪ ،‬واستخدام تقنيات االتصال الحديثة واعتماد تكنولوجيا التعليم‪،‬‬
‫وضمان مسار تعليمي لكل فرد بما يناسبه مهما كان وضعه‪ .‬أما‬
‫‪157‬‬
‫فتتمثل في‪:‬‬ ‫استراتيجيات المركز‬

‫‪ -‬إعادة الهيكلة التنظيمية للمركز كي يتناسب مع الواقع الذي عرف‬


‫تحوال ملحوظا نتيجة انتشار التكنولوجيا الرقمية‪158‬؛‬

‫‪ -‬المرونة في توفير التعليم عن بعد‪ ،‬فالمركز يوفر دروسا كاملة‬


‫معتمدا على المناهج الرسمية‪،‬موجهة للمتعلمين الفرنسيين‪،‬أو‬
‫الراغبين في متابعة التعليم وفق نظام التعليم الفرنسي؛‬

‫‪ -‬توفير المادة التعليمية على شكل رقمي ليسهل اقتناؤها‬


‫واستخدامها على المتعلمين بواسطة اللوحات الرقمية والحواسيب‬
‫والهواتف الذكية؛‬

‫‪ -‬الجمع بين التعليم عن بعد والتعليم الحضوري في إطار اتفاقيات‬


‫التعاون لدعم وتطوير شبكة من مؤسسات برامج اللغة الفرنسية في‬
‫الخارج وذلك لضمان استمرارية عروض المدرسة الفرنسية في جميع‬
‫السياقات بما في ذلك في حالة وجود أزمات‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬جتربة ماليزيا يف التعليم عن بعد‬


‫لقد بدأت مرحلة بناء التعليم عن بعد في ماليزيا من عام‪ 1993‬من‬
‫خالل مشروع الحاسوب التعليمي‪ ،‬فقد تم توزيع حواسيب على ستين‬

‫‪ -156‬عبد اجلود بكر‪،‬قراءات يف التعلمي عن بعد‪،‬دار الوفاء دلنيا الطباعة والنرش‪ ،‬الاسكندرية‪،‬ط‪ ،1‬س نة ‪ ،2001‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -157‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.6‬‬
‫‪ -158‬املقصود هبا هو الاس تفادة من لك وسائل التكنولوجيا احلديثة خلدمة العملية التعلميية‪.‬‬

‫‪151‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫مدرسة وإعدادية على مستوى ماليزيا كاملة لكنه لم يكن ذو جدوى حاله‬
‫حال كثير من التجارب المثيلة في كثير من دول العالم‪ ،‬وأعادت ماليزيا‬
‫الكرة في عام‪ 1996‬فكانت النتائج أفضل ومازالت البنية التحتية‬
‫اإللكترونية للتعليم في ماليزيا تتطور وإن كان بشكل بطيء‪.‬‬

‫لكن عند الحاجة لهذه المعدات في فترة جائحة كورونا كانت األرضية‬
‫التعليمية قد أخذت زخرفتها وأصبح يمكن االستعانة بها لتحقيق‬
‫االستمرارية البيداغوجية‪ .‬وما يثير الدهشة في التجربة الماليزية هو أنه‬
‫بالرغم من وجود المعدات التعليمية التكنولوجية إال أن الفعالية والنجاح‬
‫الظاهر يعود بدرجة أولى لفرسان المعرفة‪ ،‬بحيث قرر المتعلمون أن‬
‫ينجحوا في اختبار كورونا على حساب أوقات راحتهم وأوقات أسرهم فلم‬
‫‪159‬‬
‫يعد للدرس وقت بل أوقات ولم يعد للتدريس فصل بل فضاء‪.‬‬

‫خامتة‪:‬‬
‫لقد أكدت جائحة كوفيد ‪ ،19‬بما ال يدع مجاال للشك أن التعليم عن‬
‫بعد لم يعد ترفا‪ ،‬بل أصبح ضرورة وشرطا لمواجهة الطوارئ خصوصا مع‬
‫ما يتهدد العالم من أوبئة قد تفرض على الدول مزيدا من التباعد والعزل‪،‬‬
‫ذلك أن أغلبية األبحاث تؤكد على أن التعليم عن بعد سيكون حاضرا‬
‫بقوة في المستقبل القريب باعتباره أحد الشروط الالزمة لولوج مجتمع‬
‫المعرفة‪ ،‬وعليه فالمملكة المغربية أصبح لزاما عليها تطوير تجربة‬
‫التعليم عن بعد وتوسيع قاعدة المستفيدين منها‪،‬األمر الذي سيساهم‬
‫في تحقيق دمقرطة التعليم وتكافؤ الفرص وهذا لن يتأتى إال إذا تم‪:‬‬

‫‪ -159‬عبد الرحمي أأصليح‪ ،‬التعلمي عن بعد يف زمن كوروان‪...‬التجربة املالزيية‪ ،‬اترخي النرش ‪،19/05/2020‬اترخي الاطالع ‪،24/01/2021‬‬
‫‪/https://www.aljazeera.net‬‬

‫‪152‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪ -‬سن التشريعات والسياسات التي تنظم التعليم عن بعد إلضفاء‬


‫الشرعية على بيئة العمل؛‬

‫‪ -‬زيادة االنفاق واالستثمار في التعليم عن بعد؛‬

‫‪ -‬تأهيل العنصر البشري واطالعهم على كل ما يلزم من التقنيات‬


‫األساسية لمواكبة التعليم عن بعد؛‬

‫‪ -‬تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص‪ ،‬وتوفير خدمات‬


‫اإلنترنيت في المناطق غير المشمولة بالخدمة من خالل األقمار الصناعية‪،‬‬
‫واالتفاق مع شركات اإلنترنيت بهدف تأمين الوصول المجاني إلى جميع‬
‫الخدمات التعليمية من خالل تطبيق تقنية ‪ white listing‬على عناوين‬
‫هذه الخدمات‪ ،‬ليتكرس التعليم عن بعد حقا للجميع‪.‬‬

‫‪153‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الئحة املراجع‪:‬‬
‫‪ -‬الدستور املغربي‪.‬‬
‫‪ -‬اتفاقية حقوق الطفل‪.‬‬
‫‪ -‬حممد اهلادي‪ ،‬التعليم اإللكرتوني عرب شبكة اإلنرتنيت‪ ،‬الدار املصرية اللبنانية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬ط‪.،2005 ،1‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عالء صادق‪ ،‬األسس النظرية للتعليم عن بعد‪ ،‬تاريخ النشر ‪،20/05/2018‬تاريخ‬
‫االطالع ‪./https://www.edutrapedia.com ،22/01/2021‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬رمزي أمحد عبد احلي‪،‬التعليم اإللكرتوني‪ ،‬حمدداته ومربراته وسسائطه‪ ،‬دار الوفاء‬
‫لدنيا الطباع والنشر‪،‬اإلسكندرية‪،‬مصر‪،‬ط‪،1‬سنة ‪.2005‬‬
‫‪ -‬عبد الرحيم اهلرنان‪ ،‬ملف شامل وحمكم عن التعليم عن بعد‪ ،‬تاريخ النشر ‪ 06‬ماي‬
‫‪،2020‬تاريخ االطالع ‪. /https://al3omk.com ،22/01/2021‬‬
‫‪ -‬هديل سرور‪ ،‬الفرق بني التعليم عن بعد والتعليم اإللكرتوني‪ ،‬تاريخ النشر ‪ 28‬عشت‬
‫‪،2019‬تاريخ االطالع ‪. /https://hyatok.com ،23/01/2012‬‬
‫‪ -‬كريم حلرش‪ ،‬القانون اإلداري املغربي‪ ،‬مكتبة الرشاد للنشر‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬سنة‬
‫‪.2020‬‬
‫‪ -‬حنان النحاس‪ ،‬املدن الذكية دراسة للمفهوم واألسس ‪،‬تاريخ النشر ‪ 10‬يوليوز ‪،2018‬‬
‫تاريخ االطالع ‪. /https://www.maroclaw.com ،24/01/2021‬‬
‫‪ -1 -‬ماريتا فارجاس‪ ،‬املدن الذكية بني احللم واحلقيقة‪ ،‬جملة بيئة املدن‪ ،‬املدن الذكية‬
‫املستدامة‪ ،‬مركز البيئة للمدن العربية‪ ،‬العدد الثامن ماي ‪.2014‬‬
‫‪ -‬يونس مليح‪ ،‬املدن الذكية "الواقع واالفاق"‪ ،‬تاريخ النشر‪ :‬االثنني ‪ 21‬أكتوبر ‪،2019‬‬
‫تاريخ االطالع ‪،23/01/2021‬الرابط ‪. /https://www.hespress.com‬‬
‫‪ -‬إميان فخري‪ ،‬جتارب "التعليم عن بعد" الحتواء األزمات العاملية‪ ،‬تاريخ النشر األحد ‪15‬‬
‫مارس ‪،2020‬تاريخ االطالع ‪. /https://futureuae.com23/01/2021‬‬

‫‪154‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪ -‬عبد اجلود بكر‪ ،‬قراءات يف التعليم عن بعد‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر‪،‬‬
‫االسكندرية‪ ،‬ط‪ ،1‬سنة ‪.2001‬‬
‫‪ -‬عبد الرحيم أصليح‪ ،‬التعليم عن بعد يف زمن كورونا‪...‬التجربة املاليزية‪ ،‬تاريخ النشر‬
‫‪،19/05/2020‬تاريخ االطالع ‪. /https://www.aljazeera.net ،24/01/2021‬‬

‫‪155‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الدكتورة اللة إكرام العلمي‬


‫حاصلة على شهاد الدكتوراه يف ختصص‬
‫القانون اخلاص‬

‫تدبري التوبيخ يف ضوء قانون املسطرة اجلنائية‬


‫‪A Reprimand Measure in the Light of the Criminal Procedure Law‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫يكتسي موضوع معاملة الجانحين األحداث اهمية بالغة وخطورة‬
‫حقيقية أثارت الحيطة والحذر لدى كافة التشريعات الوطنية والدولية‬
‫على حد سواء وبصورة لم تعرفها التشريعات من ذي قبل‪.‬‬

‫ولعل السبب في ذلك يعود إلى ان مواجهة القانون الجنائي لجنوح‬


‫األحداث باعتبارها تشكل صورة من صور الظاهرة اإلجرامية – شأنها في‬
‫ذلك شأن إجرام الراشدين – لم يعد امرا مقبوال‪ ،‬خصوصا مع ظهور‬
‫االتجاهات المعاصرة في السياسة الجنائية والقانون الدول‪ ،‬وفي ضوء‬
‫المستجدات الجديدة‪ ،‬والعلوم الجنائية واالجتماعية التي تؤكد أن الحدث‬
‫بحكم تكوينه العضوي والنفسي والعاطفي‪ ،‬ال يصلح ألن يكون شخصا من‬
‫أشخاص القانون الجنائي‪ ،‬وال أن توقع عليه العقوبة الجنائية‪ ،‬وذلك‬

‫‪156‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫النعدام التمييز او نقصه لديه‪ ،‬بحيث يؤثر على مدى صالحيته ألن‬
‫يخاطب بأحكام القانون الجنائي‪.‬‬

‫فالحدث في مرحلة الطفولة هو إنسان في دور التكوين والنشأة‪ ،‬وهو‬


‫لهذا السبب في أمس الحاجة إلى عناية المجتمع به ورعايته له عن طريق‬
‫مجموعة من التدابير والوسائل التي ال تنطوي على أي معنى من معاني‬
‫العقاب أو اإليالم المقصود لذاته بحيث يكون الهدف منها هو مواجهة‬
‫الخطورة اإلجرامية وليس الجريمة التي ارتكبها الحدث‪ ،‬فالغرض منها‬
‫اإلصالح والتأهيل والعالج‪ ،‬ولهذا نجد أن كل التشريعات قد تبنت في‬
‫قوانينها مجموعة من التدابير اإلصالحية المتنوعة والمختلفة تاركة‬
‫لقاضي األحداث السلطة التقديرية الواسعة ففي اختيار المالئم منها‬
‫والمناسب لحالة الحدث وظروفه‪ ،‬ومن هذه التدابير نجد تدبير التوبيخ‬
‫الذي يعد من بين أخف انواع التدابير وأيسرها فهو يالءم بعض حاالت‬
‫الجنوح أو االنحراف التي ال تتسم بالخطورة‪ ،‬لهذا نجد أن المشرع المغربي‬
‫قد جعل تدبير التوبيخ في الجرائم البسيطة وقد أحسن صنعا ألن مثل‬
‫هذه الجرائم ال تدل على نزعة شريرة لدى الصغير فيكفي التوبيخ جزاءا‬
‫له وتسليمه إلى عائلته خصوصا إذا كانت أسرته متماسكة وصالحة‬
‫اجتماعيا‪.‬‬

‫ويبقى اختيار الطريقة واأللفاظ التي يتم بها التوبيخ متروك أمرها‬
‫لقاضي األحداث في حدود تأثيرها اإليجابي على الحدث دون أن ينعكس‬
‫سلبا على نفسيته‪.‬‬

‫‪157‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وألهمية هذا التدبير ولكثرة استعماله في المحاكم‪ ،‬حاولنا في هذا‬


‫العرض تقريب مفهوم التوبيخ واجتهادنا في الحصول على بعض األحكام‬
‫المتعلقة به‪ ،‬كما حاولنا اإلجابة عن هذه األسئلة‪:‬‬

‫ما هو مفهوم تدبير التوبيخ؟ وما هي األحكام المتعلقة به؟‪.‬‬

‫وما هي الهيئات المكلفة بإصدار هذا التدبير؟ وما نسبة تطبقه في‬
‫المحكم مقارنة مع التدابير األخرى؟‪.‬‬

‫وتبعا لذلك قسمنا الموضوع إلى مبحثين‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم التوبيخ وأحكامه‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الهيئات المختصة بإصدار تدبير التوبيخ وبعض‬


‫اإلحصائيات واألحكام الصادرة بخصوص هذا التدبير‪.‬‬

‫ومحاولة منا معالجة هذا الموضوع واإلحاطة بهذه التساؤالت سنعتمد‬


‫على المنهج التحليلي المقارن‪.‬‬

‫‪158‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫املبحث االول‪ :‬مفهوم التوبيخ وأحكامه‬


‫من اجل التعريف أكثر على هذا التدبير‪ ،‬والتأكد من مدى فعاليته في‬
‫إصالح األحداث وتهذيبهم‪ ،‬البد لنا أوال من إعطاء مفهوم له وتعريفه‬
‫(المطلب األول)‪ ،‬ثم بعد ذلك نتطرق إلى بعض األحكام العامة المتعلقة‬
‫به (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬مفهوم التوبيخ‬


‫يعد التوبيخ من التدابير األصلية في مادة المخالفات بالنسبة‬
‫لألحداث من بين ‪12‬و‪ 18‬سنة وقد نص عليه المشرع في المادة ‪468‬‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج‪ ":‬في حالة ثبوت المخالفة يمكن للمحكمة ان تقتصر على توبيخ‬
‫الحدث أو الحكم بالغرامة"‪ ،‬أما بالنسبة للحدث عديم التمييز فقد عوض‬
‫المشرع مصطلح التوبيخ بمصطلح تنبيه الحدث وذلك بالمادة ‪480‬‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج‪ ":‬إذا كان عمر الحدث يقل عن ‪ 12‬سنة كاملة فإن المحكمة تنبهه‬
‫‪160‬‬
‫وتسلمه بعد ذلك ألبويه"‪.‬‬

‫فبالرغم أن المشرع المغربي نص على توبيخ في هذه المواد إال أنه‬


‫لم يعطي أي تعريف دقيق لهذا التدبير ويمكن القول بأن التوبيخ هو‬
‫عبارة عن تنبيه الحدث وتذكير له بالقانون وإشعاره بأنه خالف‬
‫المقتضيات القانونية‪ ،‬وأن ما قام به غير مقبول من طرف المجتمع مع‬
‫لفت انتباهه لعدم العودة إلى مثل الفعل الذي أتاه وحتى يكون للتوبيخ‬
‫مفعول والغاية التي قصدها المشرع منه يجب أن ينفذ من طرف القاضي‬

‫‪ -160‬فيصل اإلبراهيمي‪ ":‬السلطة التقديرية لقاض األحداث بين التدابير والعقوبة"‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد بن عبد هللا بفاس‪ ،2007-2008 ،‬ص‪.20:‬‬

‫‪159‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫شخصيا‪ ،161‬وقد أخذ بهذا التدبير مجموعة من التشريعات وخاصة في‬


‫مجال المخالفات البسيطة التي يرتكبها األحداث‪.‬‬

‫فالمشرع المصري اعتبر على أن التوبيخ هو توجيه المحكمة اللوم‬


‫والتأنيب على الحدث على ما صدر منه وتحذيره بأال يعود إلى مثل هذا‬
‫السلوك مرة أخرى‪ ،‬والتوبيخ بهذا المعنى يعتبر وسيلة فعالة في تقويم‬
‫وتهذيب الحدث بهذا الجانح لما يحدثه من صدى في نفسه‪ ،‬وكثيرا ما كان‬
‫لهذا التدبير من فائدة تتمثل في عدم وقوع أحد ممن حوكموا بهذا‬
‫التدبير من قوة الجنوح او الجريمة مرة أخرى والتوبيخ بهذا المفهوم‬
‫يعتبر تدبيرا تهذيبيا ألن كثيرا من األحداث يشعرون عند توبيخهم من‬
‫المحكمة بفداحة الخطأ الذي وقعوا فيه ويدركون في ضوء هذا التدبير‬
‫خطورة النتائج المترتبة على أفعالهم بمعنى ان هذا التدبير يؤثر في‬
‫‪162‬‬
‫شخصية الحدث إلى الحد الذي يصرفه على الجنوح أو اإلجرام‪.‬‬

‫أما المشرع الجزائري فقد فاعتبر التوبيخ هو التدبير الوحيد الجائز‬


‫في المخالفات باإلضافة إلى أن هذا التدبير قد ورد في التشريع البلجيكي‬
‫الصادر في ‪ 15‬مايو ‪ 1912‬بالنسبة لتشريعات الدانمارك وإسبانيا وسويرا‬
‫ويوغسالفي ورومانيا وفرنسا‪.‬‬

‫وهذا التدبير يختلف عن اإلنذار الذي عرفه المشرع العراقي بأنه‬


‫ينطوي على تحذير الحدث بعدم تكرار فعله غير المشروع واإلنذار بهذا‬
‫الوصف يمثل صورة مخففة للتوبيخ القتصاره على التحذير دون اللوم‬

‫‪ -161‬ش رح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬وزارة العدل‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬طبعة ‪،5‬‬
‫‪ ،2007‬ص‪.235:‬‬
‫‪ -162‬محمود سليمان موسى‪ ":‬قانون الطفولة الجانحة والمعاملة الجنائية لألحداث"‪ ،‬دراسة مقارنة التشريعات الوطنية والقانون الدولي‪،‬‬
‫الطبعة ‪ ،2006‬منشأة المعارف‪ ،‬ص‪.290:‬‬

‫‪160‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫والتأديب‪ ،‬والغاية من تدبير التوبيخ واإلنذار هي إحداث وضع نفسي لدى‬


‫الحدث بمواجهته بما أقدم عليه من سلوك غير مشروع يحمله على عدم‬
‫التكرار تحت طائلة التحذير من العواقب التي ستترتب عليه في حال لم‬
‫يصحح سلوكه‪.‬‬

‫وعبارات التوبيخ واإلنذار يجب أن تبقى ضمن ما هو مفهوم منها‪ ،‬دون‬


‫ان تتجاوز حدود اآلداب والعر ودون إضفاء بعض الصفات مما يمكن أن‬
‫يحدث رده فعل سلبي لديه‪ ،‬وتوجيه التوبيخ واإلنذار بصورة مؤثرة في‬
‫نفسية الحدث دون مسه بإهانة‪.‬‬

‫لذلك ومن أجل تحقيق تدبير التوبيخ في حق الحدث يجب ان يصدر‬


‫‪163‬‬
‫من القاضي نفسه وفي الجلسة وبحضور الحدث‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬أحكام التوبيخ‬


‫يتضح من التعريف السابق‪ ،‬أن التوبيخ كتدبير تربوي وإصالحي‪،‬‬
‫يجب أن يصدر من المحكمة‪ ،‬أي من القاضي الذي ينظر في دعوى الحدث‬
‫وال يجوز لقاضي األحداث‪ ،‬أن ينيب عنه شخص آخر في توبيخ الحدث‪ ،‬إذ ال‬
‫أثر لمثل هذا التدبير على نفسية الحدث‪ ،‬إذا كان صادر من غير القاضي‪.‬‬

‫ومن أجل ذلك يجب أن يصدر التوبيخ في الجلسة‪ ،‬حتى يكون له‬
‫المفعول المرجو منه‪ ،‬وهذا يعني ضرورة حضور الحدث المتهم لجلسة‬
‫الحكم‪ ،‬فال يتصور أن يكون الحكم بالتوبيخ غيابيا‪.‬‬

‫‪ -163‬زينب أحمد عوين‪ ":‬قضاء األحداث"‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪ ،2009‬دار الثقافة‪ ،‬األردن‪ ،‬ص‪.243-242 :‬‬

‫‪161‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وتحقيقا لهذا الغرض تنص المادة ‪ 16‬من قانون األحداث الجانحين‬


‫في دولة اإلمارات العربية على تحديد مضمون هذا التدبير بقولها أنه‪":‬‬
‫توجيه اللوم والتأنيب إلى الحدث في الجلسة وحثه على السلوك القويم"‪.‬‬

‫ولكن ال يشترط للحكم بهذا التدبير صيغة معينة‪ 164،‬بحيث يبقى‬


‫اختيار العبارات والطريقة التي يتم بها التوبيخ مشروعا أمرها لقاضي‬
‫‪165‬‬
‫األحداث‪.‬‬

‫مع أنه يجب أن يتضمن بوضوح داللة اللوم وتأنيب الحدث على ما‬
‫صدر منه وتحذيره بأال يعود لمثله‪ ،‬وكشف أثاره السيئة عليه أو على‬
‫غيره‪.‬‬

‫ولكن يجب أن يتم التوبيخ في نطاق تربوي إرشادي وبصورة ال تمس‬


‫كرامة الحدث أو مشاعره‪ ،‬ويتحقق ذلك حينما يقوم التوبيخ على أسلوب‬
‫يستهدف تبصير الحدث بالنتائج الضارة المترتبة على السلوك الذي ارتكبه‬
‫وحثه على السلوك القويم‪ ،‬وإنذاره بأنه سيكون عرضة لتدبير أشد إذا‬
‫ارتكب جريمة أخرى في المستقبل‪ ،‬وفي هذا المعنى تنص المادة ‪ 102‬من‬
‫قانون العقوبات الروماني على أنه يجب أن يتضمن التوبيخ على ‪ ":‬لوم‬
‫الحدث وبيان خطورة الفعل الذي ارتكبه ونتائجه الضارة وتوجيه النصح‬
‫له وإنذاره بأنه إذا أقدم على ارتكاب جريمة أخرى سيعرضه ذلك إلى تدبير‬
‫‪166‬‬
‫أشد"‪.‬‬

‫‪ -164‬محمود سليمان موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.291:‬‬


‫‪ -165‬منيرة العصرة‪ ":‬رعاية األحداث ومشكلة التقويم"‪ ،‬المكتب المصري الحديث للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1975‬ص‪.277:‬‬
‫‪ -166‬محمود سليمان موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.292-291 :‬‬

‫‪162‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫كما أنه ال يجوز استئناف حكم التوبيخ إال لخطأ في تطبيق القانون أو‬
‫بطالن في الحكم أو في اإلجراءات أثر فيه (المادة ‪ 132‬قانون الطفل‬
‫المصري) إذ ال جدوى في الطعن على حكم صادر بالتوبيخ بعد ان وجه‬
‫فعال إلى الحدث‪.‬‬

‫وتدبير التوبيخ ال يحتاج في تنفيذه إشراف من المراقب االجتماعي‬


‫ألنه يصدر من القاضي وينفذ منه في الجلسة بخالف التدابير األخرى‪.‬‬

‫وعلى أي حال فإن تدبير التوبيخ ال يحكم به إال في الجرائم قليلة‬


‫الخطورة ومن األوالد من يكفي التوبيخ لردعه عن العودة إلى ارتكاب‬
‫‪167‬‬
‫الجريمة خاصة إذا كان قد نشأ في بيئة صالحة‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬اهليئات املختصة بإصدار تدبري التوبيخ وبعض‬


‫اإلحصائيات واألحكام الصادرة خبصوص هذا التدبري‬
‫إن مهمة قضاء األحداث هي اتخاد التدابير العالجية بحق الحدث‬
‫الجانح‪ ،‬لهذا فلكي تعطى لتدبير التوبيخ الصبغة القضائية يجب أن‬
‫يكون صادرة من هيئة قضائية مختصة لها صالحية توقيع هذا التدبير‬
‫على الحدث (المطلب األول)‪ ،‬وللتأكد من صدور هذا التدبير من هذه‬
‫الهيئات عمدنا إلى بعض اإلحصائيات واألحكام القضائية المتعلقة‬
‫بتدبير التوبيخ (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫‪ -167‬حمدي رجب عطية‪ ":‬المسؤولية الجنائية للطفل في تشريعات الدول العربية والشريعة اإلسالمية"‪ ،‬الطبعة ‪ ،2000‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬ص‪.88:‬‬

‫‪163‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫املطلب األول‪ :‬اهليئات املختصة بإصدار تدبري التوبيخ‬


‫تحت الفقرة ‪ 3‬من المادة ‪ 40‬من اتفاقية حقوق الطفل الدول على‬
‫تبني مؤسسات وسلطات مختصة للنظر في قضايا األحداث‪.‬‬

‫وتؤكد القاعدة رقم ‪ 14‬من قواعد األمم المتحدة النموذجية الدنيا‬


‫إلدارة شؤون قضايا األحداث (قواعد بكين ‪ )1985-1-29‬هذا االختيار‪.‬‬

‫وقد أوصت اللجنة التابعة لألمم المتحدة الحكومة المغربية بإنشاء‬


‫قضاء متخصص‪ ،‬ومن تم نص قانون المسطرة الجنائية على هيئات‬
‫قضائية مكلفة باألحداث أمام كل من المحاكم االبتدائية ومحاكم‬
‫‪168‬‬
‫االستئناف‪.‬‬

‫وفيما يخص الهيئة القضائية التي يرجع إليها إصدار التوبيخ‪ ،‬هناك‬
‫أوال قاضي التحقيق لدى المحكمة االبتدائية‪ ،‬الذي يعين للقيام بمهام‬
‫قاضي األحداث وفق المادة ‪ 467‬ق‪.‬م‪.‬ج لمدة ثالث سنوات قابلة للتجديد‬
‫بموجب قرارا لوزير العدل بناء على اقتراح من رئيس المحكمة االبتدائية‪.‬‬

‫ومن بين اختصاصات قاضي األحداث البت في قضايا المخالفات‬


‫بمقتضى المادة ‪ 468‬ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬وتحيل هذه المادة بخصوص مسطرة البت‬
‫في هذا النوع من القضايا على مقتضيات المواد ‪ 375‬إلى ‪ 382‬وهي المواد‬
‫الواردة في الفرع األول من الباب األول من القسم السابع تحت عنوان السند‬
‫التنفيذي واألمر القضائي في المخالفات‪ ،‬كما تحيل على الفقرة السادسة‬
‫من المادة ‪ 384‬ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬إل ان ما يميز المسطرة بالنسبة لقاضي األحداث‬
‫هو أنه إذا تبتت له المخالفة‪ ،‬فإنه يصدر حكمه في القضية‪ ،‬وهذا الحكم‬

‫‪ -168‬شرح قانون المسطرة الجنائية الجزء الثاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.233 :‬‬

‫‪164‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫يختلف بين ما إذا كان الحدث يتجاوز عمره ‪ 12‬سنة او لم يبلغ هذا السن‪،‬‬
‫ففي الحالة األولى يمكن الحكم عليه إما بالتوبيخ أو بالغرامة المنصوص‬
‫عليها قانونا‪ ،‬أما في الحالة الثانية فإنه ال يمكن لقاضي األحداث سوى‬
‫الحكم بتسليم الحدث ألبويه أو حاضنه أو الوصي عليه أو المقدم عليه او‬
‫كافله او الشخص او المؤسسة المعهود إليها برعايته وهذا التدبير ينسجم‬
‫‪169‬‬
‫مع ما قرره المشرع من ان الحدث دون ‪ 12‬سنة يكون غير مسؤول جنائيا‪.‬‬

‫والغاية من التوبيخ هو أن إثارة انتباه الحدث إلى خطورة ما يرتكبه‬


‫من أفعال وما قد يترتب عنها من مساوئ وأضرار‪ ،‬ومن ثم فإن اختيار‬
‫العبارات والطريقة التي يتم بها التوبيخ متروك أمره للقاضي في حدود‬
‫أن يترك تأثيره اإليجابي على الحدث دون أن يكون له االنعكاس السلبي‬
‫على نفسيته‪.‬‬

‫ويرى البعض أنه رغم أخذ العديد من التشريعات بهذا التدبير‪ ،‬فإنه‬
‫من الناحية العلمية غالبا ما يلجأ القاضي إلى إنذار الحدث عن لوكه السيء‬
‫وخاصة في الجرائم البسيطة‪ ،‬والتوبيخ كما سبق أن أشرنا يصدر عن‬
‫القاضي شخصيا في الجلسة في مواجهة الحدث الحاضر‪ ،‬إذ ال يعقل أن‬
‫يتخذ في غياب الحدث‪ ،‬ويعد هذا التدبير أخف أنواع التدابير التي نصت‬
‫عليها بعض قوانين األحداث‪ ،‬ومن ثم فهو ال يالءم بعض حاالت الجنوح‬
‫‪170‬‬
‫أو االنحراف التي ال تتسم بالخطورة كقضايا المخالفات مثال‪.‬‬

‫والهيئة الثانية التي يرجع إليها أيضا امر إصدار التوبيخ هي غرفة‬
‫األحداث لدى المحكمة االبتدائية حيث تتكون هذه الغرفة من قاضي‬

‫‪ -169‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.235-234 :‬‬
‫‪ -170‬عبد اللطيف كداي‪ ":‬إجراءات معاملة األحداث الجانحين في التشريع المغربي"‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص‪.50-49 :‬‬

‫‪165‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫األحداث بصفته رئيسا ومن قاضيين اثنين‪ ،‬وتعقد جلساتها ممثل‬


‫النيابة العامة ومساعدة كاتب الضبط‪ ،‬ومن اختصاص هذه الهيئة اتخاذ‬
‫تدبير التوبيخ في حالة ارتكاب األفعال التي لها صفة جنحة‪ ،‬وأنها تنسب‬
‫إلى حدث يقل عمره عن ‪ 12‬سنة كاملة‪ ،‬فالمحكمة هنا تنبهه وتسلمه بعد‬
‫ذلك ألبويه او إلى الوصي أو المقدم عليه أو حاضنه أو كافله أو المكلف‬
‫‪171‬‬
‫برعايته‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬بعض اإلحصائيات واالحكام الصادرة خبصوص‬


‫تدبري التوبيخ‬
‫هذا الجدول يحتوي على بعض اإلحصائيات لوزارة العدل لسنة‬
‫‪ 172،2004‬وهي إحصائيات تمثل أنواع التدابير المتخذة‪ ،‬ونسبة تطبقها‬
‫على األحداث‪ ،‬وما يهمنا فيها هو نسبة تطبيق تدبير التوبيخ على الحدث‪:‬‬

‫عدد األحداث‬ ‫نوع التدابر المتخذة‬

‫‪4463‬‬ ‫التسليم للعائلة‬

‫‪2603‬‬ ‫التوبيخ‬

‫‪2155‬‬ ‫اإليداع بمؤسسة تربوية‬

‫‪2087‬‬ ‫البراءة‬

‫‪1702‬‬ ‫اإلخضاع لنظام الحرية المحروسة‬

‫‪305‬‬ ‫اإليداع بمؤسسة سجنية‬

‫‪ -171‬المادة ‪ 480‬ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬
‫‪ -172‬هذه اإلحصا ئيات من بحث بعنوان السلطة التقديرية لقاضي األحداث بين التدابير والعقوبة لفيصل اإلبراهيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.22‬‬

‫‪166‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪216‬‬ ‫عقوبة حبسية موقوفة التنفيذ‬

‫‪308‬‬ ‫غرامة نافذة‬

‫‪13839‬‬ ‫المجموع‬

‫يتضح من خالل هذا الجدول أن تدبر التسليم يمثل أعلى نسبة حيث‬
‫بلغت ‪ 32،24‬تليها مباشرة نسبة تطبيق تدبير التوبيخ ب ‪ ،18،8‬من‬
‫مجموع التدابير الصادرة في حق األحداث‪ ،‬وهذا يدل على كثرة لجوء القضاء‬
‫إلى هذا النوع من التدبير‪ ،‬وربما يرجع ذلك إلى كثرة المخالفات الصادرة‬
‫عن األحداث‪ ،‬أو أن القضاء يتخذ هذا التدبير أيضا بالنسبة للجنح المرتكبة‬
‫إلى جانب المخالفات‪.‬‬

‫وهو ما يالحظ أيضا بالنسبة للقضاء الفرنسي الذي يجل ارتفاع‬


‫مستمر بتوقيع هذا التدبير حتى أنه بات يؤلف حوالي ‪ 40‬من مجموع‬
‫التدابير التي أمرت بها المحاكم الفرنسية بالنسبة لألحداث الجانحين سنة‬
‫‪ ،1995‬وهذه النسبة نفسها المسجلة في اإلحصائيات الجنائية الفرنسية‬
‫لسنة ‪ ،1986‬إذ بلغ عدد األحداث المحكوم عليهم بتدابير تربوية في هذه‬
‫السنة ‪ ،73144‬وكان من بينهم ‪ 28921‬حدث حكم عليهم بتدبير‬
‫‪173‬‬
‫التوبيخ‪.‬‬

‫وقد استطعنا الحصول على بعض األحكام القضائية أدرجناها في‬


‫هذا المطلب‪ ،‬وهي أحكام صادرة بالمحكمة االبتدائية بطنجة‪ ،‬وكلها‬
‫تتعلق بتدبير التوبيخ الذي حكم به على أحداث ارتكبوا جنح‪ ،‬وهو ما يدل‬

‫‪ -173‬محمود سليمان موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.290:‬‬

‫‪167‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫على أن القاضي له سلطة تقديرية واسعة باتخاذ التدبير الذي يراه مناسبا‬
‫للحدث‪ ،‬حسب حالته االجتماعية والنفسية وظروفه ومحيطه‪ .‬لهذا نرى‬
‫أن التوبيخ ال يقتصر على المخالفات فقط بل يشمل الجنح أيضا‪.‬‬

‫خامتة‪:‬‬
‫وأخيرا يتبين لنا أن القضاء قد وسع من استعمال تدبير التوبيخ‬
‫ليشمل العديد من الجنح إضافة إلى المخالفات‪ ،‬وذلك في حق األحداث‬
‫الذين بلغوا سن التمييز أي م بين ‪ 12‬و ‪ 18‬سنة‪ ،‬وهذا يبدو واضح من‬
‫خالل ارتفاع عدد األحكام الصادرة عن المحاكم بخصوص هذا التدبير‪.‬‬

‫وأمام اتساع نطاق تطبيق التدبير‪ ،‬يجب على المشرع أن يبادر بوضع‬
‫أحكام منظمة له وأن يحدد بصفة واضحة القواعد العامة المتعلقة به‪.‬‬

‫‪168‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الئحة املراجع‪:‬‬
‫‪ -‬فيصل اإلبراهيمي‪ ":‬السلطة التقديرية لقاض األحداث بني التدابري والعقوبة"‪،‬‬
‫حبث لنيل دبلوم الدراسات العليا املتخصصة يف القانون اخلاص‪ ،‬جامعة حممد بن عبد‬
‫اهلل بفاس‪.2007-2008 ،‬‬
‫‪ -‬شرح قانون املسطرة اجلنائية‪ ،‬وزارة العدل‪ ،‬منشورات مجعية نشر املعلومة‬
‫القانونية والقضائية‪ ،‬اجلزء الثاني‪ ،‬طبعة ‪.2007 ،5‬‬
‫‪ -‬حممود سليمان موسى‪ ":‬قانون الطفولة اجلاحنة واملعاملة اجلنائية لألحداث"‪،‬‬
‫دراسة مقارنة التشريعات الوطنية والقانون الدولي‪ ،‬الطبعة ‪ ،2006‬منشأة املعارف‪.‬‬
‫‪ -‬زينب أمحد عوين‪ ":‬قضاء األحداث"‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة األوىل سنة‬
‫‪ ،2009‬دار الثقافة‪ ،‬األردن‪.‬‬
‫‪ -‬منرية العصرة‪ ":‬رعاية األحداث ومشكلة التقويم"‪ ،‬املكتب املصري احلديث‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة األوىل ‪.1975‬‬
‫‪ -‬محدي رجب عطية‪ ":‬املسؤولية اجلنائية للطفل يف تشريعات الدول العربية‬
‫والشريعة اإلسالمية"‪ ،‬الطبعة ‪ ،2000‬دار النهضة العربية‪.‬‬
‫‪ -‬عبد اللطيف كداي‪ ":‬إجراءات معاملة األحداث اجلاحنني يف التشريع املغربي"‪،‬‬
‫الرباط‪.‬‬

‫‪169‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الدكتور حممد نائل أبو قلبني‬


‫دكتور يف حقوق وباحث قانوني يف مراكز‬
‫حقوق اإلنسان‬
‫التنظيم القانوني لصورة سند السحب واإلشكاليات‬
‫ّ‬
‫املرتتبة إبانها‬
‫‪The legal regulation of the image of the support of withdrawal‬‬
‫‪and the problems resulting during it‬‬
‫ملخص البحث‪:‬‬
‫عمد البحث المعنون بـ "التنظيم القانوني لصورة سند السحب‬

‫واإلشكاليات المترتبة إبّانها" إلى تسليط الضوء نحو جانباً نادراً ما يُلقى له‬

‫باالً من قبل إهتمامات الباحثين‪ ،‬كما ولشُح المصادر و قلة النصوص‬

‫الناظمة لتلك المسألة مساغاً منطقياً لتجنب الباحثين تعمق اإلستقراء‬

‫بتلك المسألة‪ ،‬فتجهت الدراسة إلى تعريف الصورة لسند السحب‪ ،‬في ظل‬

‫غياب التعريف القانوني لها كما وتبيان ماهية نشأت الصور لسند السحب‪،‬‬

‫‪170‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫كما وعمد الباحث خالل هذه الورقة لتبيان مزايا الصورة لسند السحب‬

‫والتي يمكن تلخيصها بتحقيقها لمبدأ السرعة في التعامالت التجارية‬

‫وتحقيق األمان اإلحتياطي من سرقة السند الرسمي أو ضياعه‪ ،‬كما وتم ذكر‬

‫سلبيات الصوة لسند السحب والتي تكاد أن ال تكون متوفرة إذا ما لم‬

‫تستخدم الصورة ألغراض الغش كأن يتم نظم أكثر من صورة ألكثر من‬

‫طرف لذات السند‪ ،‬كما وتطرق الباحث إلى تبيان األحكام القانونية التي‬

‫كان قد رتبها المشرع لصورة سند السحب وفقاً لنصوص المواد (‪)211‬‬

‫و(‪ )212‬من قانون التجارة األردني رقم (‪ )12‬لسنة ‪ ،1966‬وما لخص له‬

‫الباحث بإن لصورة السند األحكام ذاتها للسند األصلي‪ ،‬من حماية قانونية‬

‫وإمكانيتها للتداول أو إستخدامها ألغراض التظهير أو ألغراض الضمان‬

‫التوكيلي أو التأميني‪.‬‬

‫‪Summary of the research entitled "The legal regulation of‬‬

‫‪the image of the support of withdrawal and the problems‬‬

‫‪resulting during it" to highlight towards an aspect rarely taken‬‬

‫‪attention by the interests of researchers, as well as the scarcity‬‬

‫‪of sources and the lack of texts governing that issue logically to‬‬

‫‪171‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

avoid the researchers deepening the extrapolation of that

issue, the study went to the definition of the image of the

withdrawal bond, in the absence of the legal definition of it as

indicating what the origins of the images for the withdrawal

bond The researcher also explained during this paper to show

the advantages of the image of the withdrawal bond, which can

be summarized by achieving the principle of speed in

commercial transactions and achieving the security of reserve

from theft or loss of the official bond, as mentioned the

negatives of the voice of the withdrawal bond, which is almost

not available if the image is not used for the purposes of fraud,

such as the systems of more than one image of the same party

to the bond, and also addressed the statement of the legal

provisions that the legislator had arranged for the image of the

bond in accordance with the texts of articles (21) (and the

withdrawal(212) Of the Jordanian Trade Law No. (12) of 1966, and

what the researcher summarized to him that the image of the

172 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪bond has the same provisions for the original bond, of legal‬‬

‫‪protection and its possibility of trading.‬‬

‫املقدمة‪:‬‬
‫قد لعبت األوراق التجارية دوراً بارزاً في تسهيل عملية التجارة‪ ،‬كما‬

‫وإنها تجسدت بصور أكثر أمناً عن األوراق النقدية‪ ،‬فهي أتاحت للتجار تبادل‬

‫األموال دون الحاجة لحملها والقلق على إثرها من الفقدان أو السرقة أو‬

‫النقصان األمر الذي يُعتبر مُعيق من مُعيقات األوراق النقدية ويُحسب‬

‫لصالح األوراق التجارية‪ ،‬وخصوصاُ عندما تكون األموال التي يملكها أحد‬

‫األطراف كبيرة ويصعب نقلها‪ ،‬فهي بدورها ساهت في نقل األموال دون‬

‫الحاجة لتعقيد المسألة مع الجهات المختلفة في الدولة‪ ،‬ولعل أهمية تلك‬

‫األوراق كان قد أفرز أهمية للمشرع بأن يتبنى أحكام تلك األوراق وأن يقوم‬

‫بتنظيم أحكامها‪ ،‬وهو األمر الذي أنتج لنا قانون التجارة الحالي أي قانون‬

‫التجارة األردني رقم (‪ )12‬لسنة ‪.1966‬‬

‫فإنه نظراً إلن مسألة القانون الصرفي الذي كان قد أفرده المشرع‬

‫األردني في قانون التجارة سابق الذكر‪ ،‬هو مساغاً متعدد المواضيع وواسع‬

‫األحكام‪ ،‬كان من تلك األحكام التنظيم القانوني ألوراق التجارة ومن أبرز‬

‫‪173‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫تلك األوراق هي ورقة سند السحب‪ ،‬فكان ال بد وأن يتم التركيز على أحد‬

‫األحكام الجزئية المتفرعة من هذه المنظومة الواسعه‪ ،‬وهو ما أرتئى إليه‬

‫الباحث في إختياره لمسألة الصور لسند السحب‪ ،‬بيد إنه الباحث سيعمد‬

‫إلى تناول تلك المسألة بإيجاز منصف‪ ،‬ع أنه سيعند إلى تبيان الماهية‬

‫التنظيمية والقانوني لصورة سند السحب من حيث التعريف بالصورة في‬

‫الفرع األول من المطلب األول في الفرع األول‪ ،‬ومن ثم ذكر التعريف‬

‫القانوني لسند السحب في الفرع الثاني من ذات المطلب والمبحث‪ ،‬أما عن‬

‫المطلب الثاني من ذات المبحث فهو سيبين نشأة الصور ا وإستخدامها في‬

‫سند السحب‪ ،‬وفي المبحث الثاني سيتم تبيان التقييم الذي يدور ما بين‬

‫اإليجابيات والسلبيات لصور سند السحب وذلك في المطلب األول بكال‬

‫الفرعين منه‪ ،‬أما عن المطلب الثاني فهو سيتحدث عن الخصائص‬

‫واألحكام القانونية الناظمة للصورة لسند السحب ‪.‬‬

‫مشكلة الدراسة‪-:‬‬
‫تبرز اإلشكالية األساسية بضعف التنظيم القانوني لتلك المسألة بيد‬

‫إن المشرع لم يذكر التصوير في مواد قانون التجارة بإستثناء المادتين (‬

‫‪ )212 – 211‬فتلك المادتين رغم إنهما قد اوضحوا من له حق إنشاء الورقة‬

‫‪174‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وبعض خصائصها‪ ،‬إال إنهما ال تكفي ًا لتغطية كافة جوانب تلك المسألة أو‬

‫معالجة كافة أشكالياتها‪ ،‬كما وللدراسة إشكالية عدم توافر المراجع‬

‫الحديثة‪ ،‬األمر الذي سيتضح إبان تصفح قائمة المراجع‪.‬‬

‫أهمية الدراسة‪-:‬‬
‫تبرز أهمية الدراسة بإقترانها مع أهمية الدور الذي يلعبه سند‬

‫السحب في تحسين البنية التجارية للمنظومات اإلقتصادية في كل حان و‬

‫آن‪ ،‬كما إنها تبرز أهميةالصورة لهذا السند‪ ،‬وإبراز دوره الذي يقوم مقام‬

‫النسخة األصلية في بعض األحيان‪.‬‬

‫أهداف الدراسة‪-:‬‬
‫‪ -1‬التعريف بالصورة ‪.‬‬

‫‪ -2‬التعريف بسند السحب‪.‬‬

‫‪ -3‬تبيان نشأة الصورة في سند السحب‪.‬‬

‫‪ -4‬تبيان التقيم الدائر ما بين إيجابيات وسلبيات الصورة لسند‬

‫السحب‪.‬‬

‫‪ -5‬تبيان أحكام وخصائص الصورة لسند السحب ‪.‬‬

‫‪175‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫تساؤالت الدراسة‪-:‬‬
‫‪ -1‬ما التعريف بالصورة ؟‬

‫‪ -2‬ما التعريف بسند السحب؟‬

‫‪ -3‬كيف نشأة الصورة في سند السحب؟‬

‫‪ -4‬ما التقيم الدائر ما بين إيجابيات وسلبيات الصورة لسند السحب؟‬

‫‪ -5‬ما أحكام وخصائص الصورة لسند السحب ؟‬

‫منهجية الدراسة‪.‬‬
‫عمدت تلك الدراسة للخلط ما بين المنج والصفي والمنهج التحليلي‬

‫لتصبحح قائمة على النهج الوصفي التحليلي من خالل وصفها للحالة‬

‫القانونية محل الدراسة والنصوص القانوني الناظمة لها وتحليل تلك‬

‫الحالة و تلك النصوص‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬املاهية القانونية للصورة الرقمية لسند‬


‫السحب‪.‬‬
‫سيتولى هذا المذهب لتبيان الماهية القانونية لمسألة صورة سند‬

‫السحب من خالل التعريف بالصورة والصورة لسند السحب والتعريف‬

‫‪176‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫بالسند السحب في كل من الفرع األول والفرع الثاني من المطلب األول‪ ،‬ومن‬

‫ثم تبيان نشأة الصور في سند السحب وذلك في المطلب الثاني من هذا‬

‫المبحث‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬التعريف بالصورة والتعريف القانوني‬


‫بسند السحب‪.‬‬
‫سيعمد هذا المطلب إلى التعريف بالصورة الفرعية في الفرع األول‬

‫منه‪ ،‬أما عن الفرع الثاني فهو ما سيتولى مسألة تعريف سند السحب وفقاً‬

‫لما عرفه قانون التجارة األردني رفم (‪ )12‬لسنة ‪1966‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التعريف بالصورة والصورة لسند السحب ‪-:‬‬


‫تُعرف الصورة على إنها‪ ،‬تشكيل الشيء أو تجسيده أو رسمه‪ ،‬أو‬

‫إستصباغه بجسم أخر على أن يبقى بهيئته التي هي عليه‪.‬‬

‫فكلمة ‪ Photography‬تتكون من جزئين وهما ‪ photo‬ويعني‬

‫تصوير ‪ grapey‬وتعني الدمج أو الرسم بالضوء أو الكاتبة الضوئية‪.174‬‬

‫ويعرف التصوير الفوتوغرافي على إنه " العملية التي بموجبها يتم‬

‫إنتاح وإفراز صور‪ ،‬وذلك بواسطة التأثيرات الضوئية‪ ،‬فاألشعة المنعكسة‬

‫عبد المنعم الحسيني‪ ،‬الصورة بين الثقافة واأليديولوجية‪ ،‬مجلة نزوى العلمية‪ ،‬عدد (‪ ،2012 ،)19‬ص‪.60‬‬ ‫‪174‬‬

‫‪177‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫من الشكل تشكل خياالت داخل مادة حساسة للضوء‪ ،‬فيتم معالجتها بعد‬

‫ذلك مما ينتج عنها صورة تمثل ذلك الشكل أو المنظر"‪.175‬‬

‫وكلمة فوتوغرافي ( ضوئي)‪ ،‬يعود أصلها إلى المجتمع اليوناني‪،‬‬

‫ويُقصد بها الكتابة أو الرسم بالضوء‪ ،‬لذلك فالتصوير الضوئي باألصل هو‬

‫تجسيد ورسم صورة باألشعة والشعيرات الضوئية‪.176‬‬

‫أما عن المقصود بالصورة في سند السحب فهي النسخة التي يتم‬

‫تناقلها عن سند السحب األصلي وتكون مطابقة للمستند األصلي بواسطة‬

‫آلة تصوير أو أي وسيلة آول إلى تلك النتيجة‪.177‬‬

‫ويتضحلنا لنا بإن نتاجعملية التصوير هي صورة نسخة عن األصل‪،‬‬

‫وطبقاً عنه‪ ،‬إال إنها ال تُعتبر كذلك لعدم حملها توقيعات األطراف ‪ ،‬بل‬

‫هي صورة عنها تحمل كافة البينات األساسية المكونة لها‪.‬‬

‫‪ 175‬أحمد الحبسي‪ ،‬الصور الفتوغرافية واألشعة الضوئية‪ ،‬المكتب المصري الحديث للطباعة والنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2004 ،‬ص‪.6 :‬‬
‫‪ 176‬عبد المنعم الحسيني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.60 :‬‬
‫‪ 177‬أحمد الحبسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.8 :‬‬

‫‪178‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الفرع الثاني‪ -:‬التعريف بسند السحب‪.‬‬


‫ال أصيالً للمشرع‪ ،‬وإنما هي‬
‫بالرغم من إن التعريفات هي ليست عم ً‬

‫وظيفة الفقه في إيضاح وتحليل النصوص القانونية‪ ،‬إال إن المشرع‬

‫األردني قام بتعريف سند السحب على النحو التالي‬

‫"أ ‪ .‬سند السحب ويسمى ايضا البوليصة او السفتجة وهو محرر‬

‫مكتوب وفق شرائط مذكورة في القانون يتضمن امرا صادرا من شخص هو‬

‫الساحب الى شخص آخر هو المسحوب عليه بان يدفع المر شخص ثالث‬

‫هو المستفيد او حامل السند مبلغا معينا بمجرد االطالع او في ميعاد‬

‫معين او قابل للتعيين‪."178‬‬

‫ومن أبرز التعريفات الوارده لسند السحب على أنه "ورقة تجارية‬

‫تتضمّن أمراً من شخص الساحب ألمر شخص آخر هو المسحوب عليه بأن‬

‫يدفع مبلغاً معيّناً لدى اإلطالع أو في تاريخ محدّد ألمر شخص ثالث هو‬
‫‪179‬‬
‫المستفيد‪".‬‬

‫‪ 178‬أنظر‪ ،‬نص المادة ‪ /123‬أ‪ ،‬من قانون التجارة األردني رقم (‪ )12‬لسنة ‪.1966‬‬
‫‪ 179‬معجم المصطلحات القانونية والقضائية‪ ،‬قسم القانون التجاري الجزء األول‪ ،‬المركز العربي للبحوث القانوني والقضائية‪ /‬جامعة‬
‫الدول العربية‪https://carjj.org/legal-terms/1736 ،‬‬

‫‪179‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫كما وعرف على إنه "صك محرر وفق صيغة محددة قانوناً يأمر‬

‫بموجبها شخص يسمى الساحب شخصاً آخر يسمى المسحوب عليهبأن‬

‫يدفع لشخص ثالث يسمى المستفيد مبلغاً معيناً لدى االطالع أو تاريخ‬
‫‪180‬‬
‫مع أو قابل للتعين‬

‫وعليه فإن سند السحب يتكون من ثالثة أطراف ‪:‬‬

‫‪ -1‬الساحب‪ :‬ويكون دائم ًا دائن ًا للمسحوب عليه بمبلغ ال يقل عن‬

‫مبلغ سند السحب ويسمى هذا المبلغ (مقابل الوفاء)‪.‬‬

‫‪ -2‬المسحوب عليه‪ :‬ويكون دائماً مديناً للساحب بمبلغ ال يقل عن‬

‫مبلغ سند السحب ‪.‬‬

‫‪ -3‬المستفيد ‪ :‬ويكون دائناً للساحب بمبلغ مساو لقيمة السند والذي‬


‫حرر لتسوية هذا الدين ويسمى هذا المبلغ ( القيمة الواصلة)‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬نشأة الصور لسند السحب وضروريتها‬


‫نشأت صور سند السحب بشكل الحق إلنشاء سند السحب وتظهيره‪،‬‬

‫فجاءت هذه الصور لسند السحب خوف ًا من سرقته أو ضياعة‪ ،‬وخاصة في‬

‫حال قد أختلفت مواطن الحامل والمسحوب عليه‪ ،‬فحامل السند أصبح‬

‫‪ 180‬محاضرات القانون التجاري‪ ،‬الموسوعة القانونية‪https://elawpedia.com/view/63/0 ،‬‬

‫‪180‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫يقوم بسحب صورة عنه ويرسلها للمسحوب عليه ليقوم بما يترتب عليه‬

‫من وضع قبوله على الصورة عوضاً عن إرسال سند السحب األصلي‬

‫للمحافظة عليه‪ ،‬سواء من الضياع أو السرقة أو أي شيء من هذا القبيل‪.181‬‬

‫كما إنه قد أصبح حامل هذا السند يسحب الصور عنه لحتى يعمد إلى‬

‫تظهير الصورة المأخوذه عن السند األصلي ومن ثم التعامل بها عند‬

‫إرساله للمسحوب عليه ليقبل به‪ ،‬فعوضاً عن إنتظار سند السحب عند‬

‫إرساله لحتى يتم قبوله من قبل المسحوب عليه‪ ،‬ليقوم الحامل بسحب‬

‫صورة عنه قبل أن يتم وصوله‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى توفيراً وإقتصاداً‬

‫للوقت والجهد في نفس اآلن‪ ،‬األمر الذي يراعي ويتوافق مع مبدأ السرعة‬

‫الذي تُبنى على أساسه وتقوم عليه المعامالت التجارية المختلفة‪.182‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن لحامل سند السحب الحق سحب صوراً عنه‪ ،‬فهو أمراً‬

‫تقديرياً للساحب فله أن يسحب صوراً عنه وله أن ال يقوم بهذا اإلجراء‪،‬‬

‫فذلك غير واجباً عليه وإنما هو مخير في ذلك‪ ،‬وبهذا يكون اإللتزام‬

‫بموجب الصورة هو إلتزام تابعاً لإللتزام الصرفي بموجب أصل السند‬

‫‪ 181‬عبد الواحد كرم‪ ،‬األوراق التجارية في التشريع األردني‪ ،‬دار زهران للنشر‪ ،‬عمان‪ -‬األردن‪،1998 ،‬ص‪.76 :‬‬
‫‪ 182‬فوزي محمد سامي‪ ،‬شرح القانون التجاري ( األوراق التجارية ) دار الثقافة‪ ،‬عمان – األردن‪،1999 ،‬ص‪.93 :‬‬

‫‪181‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫األصلي‪ ،‬وعليه فإن ساحب الصورة وجميع ضامنيها يترتب عليهم إلتزام‬

‫أمام حاملها " صورة سند السحب" بصرف تلك الصورة في ذات ميعاد‬

‫إستحقاقها‪ ،‬شريطة أن يتم إلحاق سند السحب األصلي معها‪ ،‬األمر الذي‬

‫يُحتم على الضامنون وساحب الصورة من تسليمه لصاحب الصوره وقت‬

‫حلول األجل‪ ،‬وحين إخطار حامل الصورة للطرف الذي يكون السند األصلي‬

‫بحوزته‪.‬‬

‫أما عن األحوال التي يتعذر فيها صرف الصورة ألي من األسباب‪ ،‬فإن‬

‫ساحب الصورة وضامنيها يبقون ملتزمون بمواجهة حامل الصورة والوفاء‬

‫له بقيمتها في ميعاد إستحقاقها‪ ،‬بإستثناء كان سبب عدم الوفاء بموجب‬

‫الصورة يعود إلى حامل الصورة‪ ،‬كإهماله على سبيل المثال أي أن يكوم‬

‫مهمالً‪.183‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬تقييم الصور يف سند السحب وتبيان‬


‫أحكامها‬
‫القصد المُصار إليه في ماهية التقييم هو عرض كل من اإليجابيات‬

‫والسلبيات للصور عن سند السحب وهو األمر الذي سيعمد إليه الباحث في‬

‫‪ 183‬المرجع السابق ذاته‪ ،‬ص‪.215 :‬‬

‫‪182‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫كال الفرعين األول والثاني من المطلب األول في هذا المبحث‪ ،‬أما عن‬

‫المطلب الثاني‪ ،‬فهو الذي سيتولى مسألة أحكام وخصائص صور المستند‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تقييم الصورة لسند السحب ما بني‬


‫إجيابيات وسلبيات‬
‫سينقسم هذا المطلب إلى فرعين األول سيتحدث عن إيجابيات‬

‫الصورة لسند السحب أما عن الفرع الثاني سيبين السلبيات لذات المسألة‪.‬‬

‫الفرع األول ‪:‬إجيابيات الصورة لسند السحب‪.‬‬


‫لعله لوال إن هناك مزايا وفوائد من إستخدام الصورة‪ ،‬لما أرتئى‬

‫المجتمع التجاري إلى التعامل بها‪ ،‬كما ولم يكن المشرع ألن يذكرها في‬

‫طيات مواده‪ ،‬وتبرز أهمية الصورة لسند السحب في ما سيتم إيجازه بما‬

‫يلي ‪-:‬‬

‫ً‬
‫أوال) احلماية القانونية للحاملها وللمتعامل بها‪.‬‬
‫بيد إن أبرز الميزات التي تتمتع بها صورة سند السحب هو الحماية‬

‫التي أفردها المشرع لحاملها‪ ،‬بأنه يحق لحامل تلك الصورة الرجوع لجميع‬

‫الضامنين اإلحتياطيين وجميع مظهريها الموقعين عليها‪ ،‬حال رفض‬

‫حامل السند األصلي إعطائه لحامل الصورة بعد أن كان قد أخطره ما لم‬

‫‪183‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫يثبت بإحتجاجه إبتداءً‪ ،‬وذلك وفقاً لما نصت عليه المادة (‪ )2/112‬من‬
‫‪184‬‬
‫قانون التجارة األردني رقم (‪ )12‬لسنة ‪.1966‬‬

‫ً‬
‫ثانيا) حتقيق مبدأ السرعة يف املعامالت التجارية‪.‬‬
‫إن تداول صورة سند السحب حينما يتم إرسال السند األصلي للقبول‬

‫عليه‪ ،‬وخاصةً في حال إختالف مواطن حامل السند والمسحوب عليه‪ ،‬أي‬

‫أن يكون كل منهم في بلد أخر‪ ،‬فعوضاً عن إنتظار عودة السند األصلي‬

‫ليقوم بتظهيره في حين إرساله للقبول‪ ،‬فيقوم حامل السند بسحب‬

‫صورة عنه والتداول بها بمختلف صور التداول‪ ،‬سواء بتظهيرها أو ضمانها‬

‫بصورة إحتياطية‪ ،‬األمر الذي بدوره يساهم في إرساء مبدأ السرعة واإلنجاز‬

‫في المعامالت الجارية المختلفة‪.185‬‬

‫ً‬
‫ثالثا) حتقيق فكرة األمان‪.‬‬
‫وكما سبق الذكر‪ ،‬فإنه لساحب الصورة تقديمها للمسحوب عليه‬

‫ليقوم بتوقيعها‪ ،‬بدالً من إرسال السند األصلي‪ ،‬وذلك خشيةً من ضياع‬

‫‪ 184‬أنظر‪ ،‬تنص المادة (‪ )2/112‬من قانون التجارة األردني رقم (‪ )12‬لسنة ‪ 1966‬على أن " وعلى هذا االخير ان يسلم هذا االصل‬
‫لحامل الصورة الشرعي فان امتنع عن ذلك فال يكون لحامل الصورة حق الرجوع على مظهريها او ضامنيها االحتياطيين‪ ،‬ما لم يثبت‬
‫باحتجاج ان االصل لم يسلم اليه بناءا على طلبه‪".‬‬

‫‪ 185‬فوزي محمد سامي‪ ،‬شرح القانون التجاري ( األوراق التجارية )‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.93 :‬‬

‫‪184‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫السند األصلي أو سرقته‪ ،186‬وبالتالي تحقيق فكرة األمان من ما يُفقده‬

‫السند األصلي‪ ،‬فبحالة سرقة السند األصلي او ضياعه يمكن لسارقه أو‬

‫العاثر عليه أن يقوم بتظهير السند إلى شخص أخر حسن النية بطريقة‪،‬‬

‫بيد إن الحجز على مقابل الوفاء غير مجدي وذلك إلن هذا المقابل قد‬

‫إنتقل إلى المظهر إليه‪ ،187‬ما لم يتم بغش أو خطئاً جسيماً أو إذا كانت‬

‫سلسلة التظهير منقطعة أو غير منتظمة‪ ،‬كما إنه للسارق أو العاثر عليه‬

‫أن يقوم بسحبه من قبل المسحوب عليه‪ ،‬بشكل يجعل من ذمة‬

‫المسحوب عليه بريئة من الدين‪ ،‬ويُعتبر وفائها صحيحاً وذلك سنداً لما‬

‫جاء في نص المادة (‪ )171‬من قانون التجارة األردني‪ ،‬أما بحالة تم العثور‬

‫على الصورة أو سرقتها فال يمكن لهذا الشخص أن يقوم بمطالبة‬

‫المسحوب عليه ما بمحتوها دون وجود للسند األصلي مرفقاً معها‪ ،‬عالوة‬

‫عن إن فقدان السند األصلي أمراً يحتاج مشقة والعديد من اإلجرائات‬

‫إلسترداد بديالً عنه‪188‬ا‪ ،‬أما الصورة فيمكن أن يتم سحب غيرها‪.‬‬

‫‪ 186‬عبد الواحد كرم‪ ،‬األوراق التجارية في التشريع األردني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.76 :‬‬
‫‪ 187‬علي البارودي‪ ،‬العقود والعمليات التجارية‪ ،‬دار المعارف للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1998 ،‬ص‪.582‬‬
‫‪ 188‬فوزي محمد سامي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.198‬‬

‫‪185‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫ً‬
‫رابعا) حتقيق مبدأ إستقالل التواقيع‪.‬‬
‫لعله من ميزات الصورة في سند السحب أيضاً بإن المشرع األردني قد‬

‫أعد لها ذات االحكام للسند األصلي‪ ،‬فسنداً لما جاء في نص المادة (‪ )211‬من‬

‫قانون التجارة اإلردني‪ ،‬فإنه يمكن أن يقوم حامل تلك الصورة بتظهيرها‪،‬‬

‫سواء كان تظهيراً ناقالً للملكية أو تظهيرًا تأمينياً أو تظهيراً توكيلياً كما‬

‫ويمكن للقابلين بالتدخل والضامنين التوقيع على الصورة‪ ،‬فكل طرف‬

‫ظهر الصورة يعد مسؤالً تجاه من قام بالتظهير إليه على ما ظهره من‬

‫بيانات ويحق لحامل الصورة حسن النية أن يرجع لمن قام بتظهير الصورة‬

‫له بما إلتزموا به بموجبها‪ ،‬وال يحق له التمسك بأي من الدفوع التي‬

‫للمظهر السابق أو الساحب التمسك فيها‪ ،‬األمر الذي بدوره يعمل على‬

‫إرساء مبدأ إستقالل التوقيع‪ ،189‬فبموجب الصورة يُعتبر الضامنين‬

‫والقابلين بالتدخل مسؤولين عن توقيعهم على الصورة وحتى ولو لم‬

‫تكن الصورة مطابقه لألصل‪ ،‬كما ويعتد بتوقيعهم‪.‬‬

‫‪ 189‬محمود الكيالني‪،‬القانون التجاري " األوراق التجارية" ‪ ،‬الطبعة ‪ ،2‬جمية أعمال المطابع التعاونية‪ ،1994 ،‬ص‪.69 :‬‬

‫‪186‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الفرع الثاني‪ :‬سلبيات الصورة لسند السحب‪.‬‬


‫وال بد وأن يتم األيضاح على إنه كما يوجد لصورة سند السحب جوانب‬

‫إيجابية فإنه ال يجوز نكران سلبياتها‪ ،‬والتي يمكن أن نجمل سلبيات صورة‬

‫سند السحب بفكرة أساسية مفادها إستعمال الصورة كوسيلة للتدليس‬

‫"الغش" أو اإلحتيال‪ ،‬وذلك عن طريق نظم العديد من الصور لذات سند‬

‫السحب ومن ثم تظهير كل واحدة من تلك الصور لشخص غير األخر‪ ،190‬األمر‬

‫الذي يجعل هناك حالة من تعدد الحاملين لذات السند‪ ،‬ومن ثم صعوبة‬

‫التعرف على المستحق الحقيقي للسند األصلي والذي ال يمكن أن يصرفه‬

‫دون وجود سند السحب األصلي‪.‬‬

‫فالمشرع األردني رغم إنه قد عمد غلى تنظيم أحكام الصورة لسند‬

‫السحب بطريقة قد حاول ان يجمل فيها أحكامها‪ ،‬إال إنه لم يتطرق‬

‫لمعالجة مثل هكذا إشكالية‪ ،‬فالمفترض أن يقوم جميع حاملين الصوره‬

‫لسند السحب بالظهور في ميعاد اإلستحقاق وبالتالي سوف يتقدموا‬

‫للمطالبة بالسند األصلي لقبض القيمة الملزم فيها الطرف األخر‪ ،‬فكما ذكر‬

‫الباحث سابقاً ويؤكد على إنه ال عبرة للصورة دون وجود سند السحب‬

‫فوزي محمد سامي‪ ،‬شرح القانون التجاري ( األوراق التجارية )‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.93 :‬‬ ‫‪190‬‬

‫‪187‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫األصلي‪ ،‬فحال حدوث تلك اإلشكالية من الطبيعي بإن جميع حاملين صور‬

‫السند سيقوما بالرجوع على حامل السند األصلي‪ ،‬كما ومن الطبيعي بإن‬

‫حامل السند األصلي سوف يمتنع من تسليمه إلى أي من األطراف حاملين‬

‫الصور حتى يتأكد من الحامل الشرعي لتلك الصورة والمستحق الحقيقي‬

‫له‪ ،‬وفي حال سلمها لطرف ومن ثم ظهر باقي األطراف‪ ،‬فال بد وأن يقوما‬

‫بمعرضة الوفاء وإخطار المسحوب عليه لحتى يتم التوصل للمستحق‬

‫األصلي‪ ،‬أي الحامل الشرعي للصورة‪ ،‬األمر الذي يعمد إلى تعقيد مسألة‬

‫التداول التجاري وإعاقة عمليات السداد وتردي الثقة بقبول صورة سند‬

‫السحب وغض النظر عن كافة مزياها وإيجابياتها‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬أحكام الصورة لسند السحب وخصائصها‬


‫القانونية‬
‫قد أسلفنا الذكر بإن المشرع األردني لم يهمل مسألة الصور وتنظيمها‬

‫رغم إنه لم يعطيها كفاية التنظيم‪ ،‬ولعل ما إرتئى لتنظيمه المشرع في‬

‫ما يخص مسألة الصورة لسند السحب‪،‬قد أفرد لنا العديد من الشروط‬

‫واألحكام التي تبين لنا صحة إستخدام الصورة واإلستفادة من مزاياها‪ ،‬ولنا‬

‫أن نلخص تلك األحكام والخصائص بما سيتم تبيانه تباعاً‪-:‬‬

‫‪188‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪ )1‬جهة تحرير الصورة‪.‬‬

‫يُقصد بجهة تحرير الصورة أي الطرف الذي يحق له أن يُنظم الصور‬

‫لسند السحب وأن يحررها‪ ،‬فوفقاُ لنص المادة (‪ )1/211‬فإن الطرف الذي‬

‫له أن يُنظم هذه الصور عن السند األصلي هو حامل السند‪ ،‬حيث نصت‬

‫المادة سالفة الذكر على أن " لحامل السند أن يحرر صور عنه" األمر الذي ال‬

‫يدع الحق ألي طرف سوى حامل السند تحرير صورة عنه‪ ،‬كما ولم يضع‬

‫القانون شرط إجازة المظهر أو السحب‪ ،‬األمر الذي يحمل على حامل السند‬

‫أن يعمد إلى تدوين كافة البينات الموجودة على السند األصلي‪.‬‬

‫‪)2‬الداللة على الحامل االصلي‪.‬‬

‫قد سلف الذكر على إنه لسحب القيمة المُقيدة بموجب الصورة لسند‬

‫السحب من المسحوب عليه ال بد وتوفر السند األصلي مرفق ًا للصوة‪ ،‬وإنما‬

‫الصورة ألغراض السرعة واألمان وخلق روابط الثقة‪ ،‬فالصورة لها أحكام‬

‫السند األصلي من حيث التظهير والتداول‪ ،‬فلحتى يستطيع الحامل‬

‫الشرعي أو المستحق للقيمة لما هو بالصورة ال بد وأن يعود للحامل السند‬

‫األصلي وهذا هو مساغ ذكر أسم الحامل للسند األصلي وذلك إعماالً لما ورد‬

‫‪189‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫في نص المادة (‪ ،)1/112‬كما ال براءة لذمة المسحوب عليه إذا ما قام‬

‫بالسداد بموجب الصورة‪ ،‬األمر الذي يجعله يمتنع عن السداد دون وجود‬

‫السند األصلي الذي سيُستعصى على حامل الصورة أن يتعرف عليه ما لم‬

‫يُذكر أسمه على الصورة لسند السحب‪.‬‬

‫‪ )3‬مطابقة الصورة ألصل السند‪.‬‬

‫وفقاً لما ورد في نص المادة (‪ )2/211‬من قانون التجارة ال بد وأن‬

‫تكون الصورة مطابقة ألصل السند دون أي زيادة أو أي نقصان‪ ،‬فالزيدة‬

‫الموجودة على الصورة دون السند األصلي كزيادة عدد الضامنين مثالً أمراً‬

‫يقع إيهاماً لقابل هذه الصورة‪ ،‬لذلك ال بد وأن تكون البينات الوارده في‬

‫سند السحب األصلي‪ ،‬أن تتوافر في صورة ذلك السند‪.‬‬

‫‪ )4‬تحديد حد إنتهاء النسخ عن األصل‪.‬‬

‫أي أن يتم ذكر الحد التي تنتهي إليه الصورة في ذات الصورة نفسها‪،‬‬

‫أي ذكر مفتاح لنهاية هذه الصورة كذكر بإن تلك الورقة هي صورة إلى‬

‫اإلنتهاء عند التظهير الصادر من طرف ما‪ ،‬أو عند إنتهاء تاريخ معين‪ ،‬او‬

‫تنتهي عند حد معين يتفق عليه أصحاب العالقة‪ ،‬فالعبرة من ذكر إنتهاء‬

‫‪190‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫حد الصور هو ليتم التفريق ما بينها وما بين السند األصلي‪ ،‬فيستوي ألن‬

‫تأخذ الصورة الشكل األصلي أو المقارب لدرجة تمنع التفريق عن السند‬

‫األصلي‪،‬فبالتالي يُلزم كافة الموقعين بالوفاء بقيمتها لحاملها حسن‬

‫النية في ميعاد اإلستحقاق‪ ،‬كما وذكر هذا الشرط وفقاً لما ورد في نص‬

‫المادة(‪ 191)2/211‬من قانون التجارة‪.‬‬

‫‪ )5‬الداللة على عدم جوازية التظهير إال على الصورة‪.‬‬

‫أي كتابة عبارة " ال يجوز التظهير إال على الصور " سنداً لما جاء في نص‬

‫المادة (‪ )3/112‬من قانون التجارة‪ ،‬وال بد واإليضاح بإن إستخدام هذه‬

‫الداللة هي أمر جوازي على حامل السند وليس إلزامي‪ ،‬فبعد كتابة هذه‬

‫العبارة يصبح كل تظهير يتم على السند األصلي باطالً وال يُعتد إال‬

‫بالتظهير على الصورة‪ ،‬وما يراه الباحث في هذا المقام بإنه على المشررع‬

‫بإن يجعل هذا الشرط إلزامياً بإستثناء حالة كان غرض تحرير هذه الصورة‬

‫لغاية إرسالها للمسحوب عليه لغرض توقيعها بالقبول ومن ثم إرسالها‬

‫موقعة مرفقة مع السند األصلي‪ ،‬ألنه دون هذه الحالة ال يتصور أي تبرير‬

‫‪ 191‬أنظر‪ ،‬نص المادة(‪ )2/211‬من قانون التجارة األردني رقم (‪ )12‬لسنة ‪1966‬على أن " ‪ 2.‬ويجب ان تكون الصور مطابقة ألصل‬
‫السند تماما بما تحمل من تمظهرات وبيانات اخرى تكون مدونة فيه وان يكتب عليها ان النسخ عن االصل قد انتهى عند هذا الحد‪.‬‬

‫‪191‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫لتظهير السند األصلي بعد تحرير صوره عنه فهي حُررت لتقوم بهذا‬

‫المقام‪.‬‬

‫‪ )6‬مالئمة األحكام ما بين الصورة والسند األصلي‪.‬‬

‫والمراد بمعنى مالئمة األحكام ما بين الصوة والسند األصلي‪ ،‬بإن‬

‫المشرع كان قد أعطى الصورة االحكام ذاتها الذي كان قد أقرها على‬

‫الصورة‪ ،‬أس إنه ما يسري على السند من أحكام مختلفة فهو يسري على‬

‫الصورة‪ ،‬وكان الباحث قد أعطى احد االمثلة سابقاً كالحق بتظهيرها بشكل‬

‫ناقالً للملكية أو بشكل تأمينياً أو توكيلياً‪ ،‬وما غيرها من أحكام‪ ،‬األمر الذي‬

‫أشارت إليه المادة (‪.192)4/211‬‬

‫اخلامتة‪:‬‬
‫نهايةً‪ ،‬قد تبين لنا بإن المشرع األردني كان قد نظم أحكاماً معينة‬
‫للصورة المأخوذة عن سند السحب‪ ،‬وبالتالي أعترف بإمكانية إستخدامها‬
‫لما لها دورًا هام ًا في تحقيق السرعة واألمان‪ ،‬وفي بادء الدراسة قد تطرق‬
‫الباحث إلى تعريف الصورة لسند السحب والتي هي عبارة عن إستصباغ‬
‫األصل عبر وسيلة تفيد ذلك األجراء كجهاز الحاسوب أو الجهاز اللوحي‪ ،‬ومن‬
‫ثم تم التطرق إلى نشأة اإلعتداد بصورة سنة السحب‪ ،‬وبعد ذلك قد أبرز‬

‫‪ 192‬أنظر‪ ،‬نص المادة(‪ )4/211‬من قانون التجارة األردني رقم (‪ )12‬لسنة ‪1966‬على أن"ويكون لهذه الصورة ما لألصل من أحكام"‬

‫‪192‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الباحث أبرز ميزات الصورة وأهمية إستعمالها ولنا أن نجمل تلك المزايا‬
‫بتحقيقها للسرعة في العمل التجاري وزيادة روابط الثقة ما بين األطراف‪،‬‬
‫كما ولما تحققه من أمان وحماية من ضياع أو سرقة‪ ،‬كما وذكر ما ترتبه‬
‫من سلبيات إذا ما تم إستعمالها على نحو الغش أو التدليس عن طريق‬
‫تحرير العديد من الصور ألكثر من شخص لذات السند‪ ،‬ولما لها من أحكام‬
‫توازي األحكام التي للسند األصلي‪ ،‬وذلك قبل أن يتم تبيان األحكام الناظمة‬
‫والخصائص الناشئة لصورة سند السحب وذلك وفقاً لما ورد في كل من نص‬
‫المادة (‪ )211‬والمادة (‪ )212‬من قانون التجارة األردني رقم (‪ )12‬لسنة ‪،1966‬‬
‫وفي مستهل كافة ما سبق فإن الباحث قد توصل للنتائج والتوصيات‬
‫التالية ‪-:‬‬

‫‪ -‬النتائج‪.‬‬

‫‪ -1‬إبتداءاً قد أعترف المشرع األردني بالصورة لسند السحب وأجاز‬

‫التعامل بموجبها‪ ،‬وأتاح هذا الحق حصراً لحامل السند األصلي‪ ،‬كما ويترتب‬

‫عليه أن يدون كافة البينات المدونة على السند األصلي‪.‬‬

‫‪ -2‬تبرز أهمية الصورة لسند السحب في دورها لتحقيق مبدأ السرعة‬

‫في التعامالت التجارية‪ ،‬كما إنها تحقق األمان والحماية من حاالت السرقة‬

‫والضياع‪.‬‬

‫‪193‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪ -3‬منح المشرع األردني الحق لحامل الصورة بالرجوع على الضامنين‬

‫اإلحتياطيين والمظهرين على السند خالل توقيعهم‪ ،‬بعد أن يتقدم‬

‫بإحتجاجه‪ ،‬حال إمتنع حامل السند األصلي من تسليمه لصاحب الصورة‪.‬‬

‫‪ -4‬ال يعتد المسحوب عليه بالصورة وال يصرف القيمة المقيدة‬

‫بموجبها دون أن يرفق إياها السند األصلي‪ ،‬وفي حال قام المسحوب عليه‬

‫بالسداد بموجب الصورة دون وجود السند الرسمي‪ ،‬ال تبرء ذمته‪.‬‬

‫‪ -5‬ال يُعتد بأي تظهير على السند األصلي‪ ،‬بعد ذكر عبارة " ال تظهير‬

‫إلى على الصورة"على السند‪ ،‬وبالتالي يُعتبر أي تظهير على السند باطل‪،‬‬

‫ويجب التظهير على الصورة‪.‬‬

‫‪ -6‬يُعتبر كل ضامن للصورة أو مظهر لها ضامناً لما تحويه من بينات‪.‬‬

‫‪ -7‬رتب المشرع األردني األحكام ذاتها للصورة مثل ما هي األحكام‬

‫للسند األصلي‪.‬‬

‫‪194‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪ -‬التوصيات‪.‬‬

‫‪ -1‬ال بد وذكر مدة محددة يقوم خاللها حامل الصورة بإشعار حامل‬

‫السند األصلي لتسليمه إياه‪ ،‬لى أن تكون هذه المدة قبل موعد اإلستحقاق‬

‫ليتسنى لحامل السند تسليمه لحامل الصورة‪.‬‬

‫‪ -2‬كما وال بد وأن يتم النص على ذكر مدة يلتزم خاللها حامل السند‬

‫األصلي من تسليم هذا السند لحامل الصورة بعد أن يتم إشعاره أو إخطاره‪،‬‬

‫وذلك تحاشي ًا للمماطلة‪ ،‬وإعماالً لمبدأ السرعة في المعامالت الجارية‪.‬‬

‫‪ -3‬يُصار على المشرع األردني أن يذكر صراحة على ضرورة إلحاق السند‬

‫األصلي بالتوازي مع صورة السند عند تقديمها للمسحوب عليه‪ ،‬وذلك‬

‫تحاشياً لما قد يقع به األخير حول تسليمه القيمة المقيدة للحامل الصورة‬

‫بموجبها‪ ،‬وبالتالي تبقى ذمته مشغوره‪ ،‬فضرورة ذلك لصحة براءة ذمته‪.‬‬

‫‪ -4‬يُصار على المشرع األردني إنهاء حالة الخالف حول صحة قبول‬

‫الصورة والتعامل بها من عدمه‪ ،‬وذلك من خالل إفراده لنص خاص بشكل‬

‫صريح‪ ،‬وفي تقدير الباحث بإنه ال بد وأن يُنص على هذا األمر لما للصورة‬

‫من مزايا عديده‪.‬‬

‫‪195‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪ -5‬يُصار على المشرع األردني أن يلزم مُحرر الصورة أن يذكر ذلك‬

‫صراحة " أي أن يكتب على الصورة إنها صورة عن األصل‪ ،‬لكي ال تُعتبر بإنها‬

‫األصل خاص ًة في الحاالت التي تطابق الصورة فيها األصل‪.‬‬

‫‪196‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫قائمة املصادر‪:‬‬
‫أوالً) الكتب والمؤلفات‪.‬‬
‫‪ -1‬محمود الكيالني‪،‬القانون التجاري " األوراق التجارية" ‪ ،‬الطبعة ‪،2‬‬
‫جمية أعمال المطابع التعاونية‪1994 ،‬‬
‫‪ -2‬علي البارودي‪ ،‬العقود والعمليات التجارية‪ ،‬دار المعارف للنشر‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪1998،‬‬
‫‪ -3‬فوزي محمد سامي‪ ،‬شرح القانون التجاري ( األوراق التجارية ) دار‬
‫الثقافة‪ ،‬عمان – األردن‪1999 ،‬‬
‫‪ -4‬عبد الواحد كرم‪ ،‬األوراق التجارية في التشريع األردني‪ ،‬دار زهران‬
‫للنشر‪ ،‬عمان‪ -‬األردن‪،1998 ،‬‬
‫‪ -5‬أحمد الحبسي‪ ،‬الصور الفوتغرافية واألشعة الضوئية‪ ،‬المكتب‬
‫المصري الحديث للطباعة والنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪.2004 ،‬‬
‫ثانياً) األبحاث المنشورة‪.‬‬
‫‪ -1‬عبد المنعم الحسيني‪ ،‬الصورة بين الثقافة واأليديولوجية‪ ،‬مجلة‬
‫نزوى العلمية‪ ،‬عدد (‪.2012 ،)19‬‬
‫ثالثاً) التشريعات‪.‬‬
‫‪ -1‬قانون التجارة األردني رقم (‪ )12‬لسنة ‪.1966‬‬
‫رابعاً) روابط إلكترونية‪.‬‬
‫معجم المصطلحات القانونية والقضائية‪ ،‬قسم القانون التجاري‬ ‫‪-1‬‬
‫الجزء األول‪ ،‬المركز العربي للبحوث القانوني والقضائية‪/‬جامعة الدول‬
‫العربية‪.‬‬

‫‪197‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫األستاذ سالم بن صاحل بن حممد الناعيب‬


‫باحث بسلك الدكتوراه جامعة حممد اخلامس‬
‫أكدال الرباط‬
‫نظام اإلجازات يف الوظيفة العمومية‪:‬‬
‫دراسة مقارنة يف ضوء تشريعي سلطنة عمان واململكة املغربية‬
‫‪Public service leave systemA comparative study in light of the legislation of the‬‬
‫‪Sultanate of Oman and the Kingdom of Morocco‬‬
‫ملخص‪:‬‬
‫المقال عبارة عن دراسة مقارنة لنظام اإلجازات في ضوء قانون‬

‫الخدمة المدنية بسلطنة عمان والقانون األساسي للوظيفة العمومية‬

‫بالمملكة المغربية‪ ،‬ويقف بالخصوص على اإلطار المفاهيمي لنظام‬

‫اإلجازات وأحكامها القانونية‪ ،‬فضال عن تبيان صورها المتنوعة وشروط‬

‫منحها للموظف‪ ،‬كما يرصد المقال في محوره األخير بعض النماذج‬

‫القضائية المتعلقة باإلجازات أو الرخص والتي عرضت على محكمة القضاء‬

‫اإلداري بسلطنة عمان والمحاكم اإلدارية بالمغرب‪.‬‬

‫‪198‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

‫المحاكم‬-‫محكمة القضاء اإلداري‬-‫الموظف‬- -‫ إجازات‬:‫كلمات مفتاح‬

.‫اإلدارية‬

Résumé
Cet article met en avant une étude comparative de

système de permission au vu, d’un coté de la loi de servie civil

omanie, d’un coté de la loi de la fonction publique marocaine.

Cette étude s’arrête particulièrement sur le cadre

conceptionnel et juridique du système de permission dans la

fonction publique, ainsi que ses déférents aspects et les

conditions de son attribution aux fonctionnaires.

Dans sa dernière partie, l’article expose quelques modèles

juridiques relatifs aux permissions, ayant été présentés devant

tribunaux administratifs de Oman et marocaine.

Mots clés : permissions- fonctionnaire- tribunal de la

justice administrative-trubinaux administratifs.

199 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تضع مختلف األنظمة الوظيفية المألوفة واجبات متعددة على عاتق‬

‫الموظف العام‪ ،‬إذ يؤدي اإلخالل بها إلى توقيع العقوبات التشريعية‬

‫والتنظيمية الجاري بها العمل في ذلك‪ ،‬بيد أنه مقابل هذه االلتزامات‪،‬‬

‫توفر له حقوقا متنوعة؛ يمكن تقسيمها إلى حقوق مادية كالمرتبات‬

‫الشهرية والمكافآت والتعويضات ‪ ،...‬كما تخوله حقوقا أدبية كالترقيات‬

‫واإلجازات بمختلف أنواعها وصورها‪.‬‬

‫وعليه فالموظف العام في ظل النظام المغلق والمفتوح يتمتع‬

‫بمركز قانوني يقوم على مجموعة من الضمانات القانونية التي ال يمكن‬

‫تجاوزها بقرارات إدارية إال وفق القانون‪ ،‬حيث يعمل القانون والقضاء‬

‫اإلداريين بحمايتها من خالل القواعد المنصوص عليها في النظام‬

‫الوظيفي المعمول به‪ ،‬أو من خالل الرقابة القضائية التي تتاح للقاضي‬

‫اإلداري باعتباره الجهة التي تفصل في المنازعات التي يكون أحد طرفيها‬

‫اإلدارة‪ ،‬وبشكل أكثر بروزا في األنظمة التي تعتنق نظام االزدواجية‬

‫القضائية كالتشريع الفرنسي ومؤيديه‪.‬‬

‫‪200‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫إن الموضوع سينصب على دراسة نظام اإلجازات في الوظيفة‬

‫العمومية باعتباره حقا من الحقوق المعنوية التي تسندها مختلف هذه‬

‫األنظمة للموظف العام‪ ،‬إذ تبرز أهمية مناقشته من جوانب متعددة؛ منها‬

‫ما يرتبط بالظروف النفسية واالجتماعية للموظف ومنها ما يتعلق‬

‫بالظروف اإلدارية والمصلحة العامة؛ فعلى المستوى األول‪ ،‬تتجلى دواعي‬

‫اإلقرار الوظيفي بهذا الحق‪ ،‬فيما يخلفه من راحة نفسية للموظف وتجديد‬

‫لطاقته‪ ،‬فضال عن الدور اإلجتماعي الذي تلعبه اإلجازة في الخلود مع‬

‫األسرة وحاجة الموظف للعطلة‪ .‬أما على المستوى الثاني‪ ،‬فتمتيع‬

‫الموظف بإجازة قانونية‪ ،‬تزيد من مردوديته وتحفزه على العمل اإلداري‬

‫بدون عناء أو تعب وهي المسألة التي تعود بالنفع على الجهة اإلدارية‬

‫التابع لها ويحقق المصلحة العامة المبتغاة من العمل الوظيفي وتقديم‬

‫الخدمات العمومية للمواطنين‪.‬‬

‫وتقف حدود الدراسة في معالجة الجوانب المرتبطة بحق الموظف في‬

‫اإلجازات أو الرخص واإلشكاالت التي تثار بشأنها على ضوء مختلف النصوص‬

‫القانونية بالمملكة المغربية وسلطة عمان‪ ،‬مع التركيز على أوجه‬

‫االختالف والتشابه بين النظامين فيما يتعلق بأنواعها ومددها وشروط‬

‫‪201‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫منحها‪ .193‬من هنا يأتي هذا البحث ليسلط الضوء بشكل دقيق على هذه‬

‫اإلجازات من حيث ماهيتها وأحكامها القانونية ومددها‪ ،‬وكيفية منحها‬

‫للموظف‪ ،‬إلى جانب مقارنتها على ضوء نظامين مختلفين من حيث‬

‫الفلسفة والمقومات؛ ويتعلق األمر بالنظام الوظيفي بالمملكة المغربية‬

‫وسلطنة عمان‪ ،‬والوقوف عند بعض النماذج الخالفية التي عرضت على‬

‫أنظار القضاء اإلداري خاصة محكمة القضاء اإلداري بالسلطنة وبعض‬

‫المحاكم اإلدارية بالمملكة المغربية‪.‬‬

‫وقد عمل الباحث على تقديم فرضيتن لموضوع اإلجازات في‬

‫الوظيفة العمومية‪ ،‬مفادها أن النظام الوظيفي المتبع في الدولة هو‬

‫الذي يحدد التوسيع أو التضييق في منح الحق في اإلجازة بالنسبة‬

‫للموظف‪ ،‬فضال عن وجود اجتهادات قضائية تسهم بشكل كبير في ضمان‬

‫استفادة الموظف من حقه في اإلجازات‪ ،‬سواء بالنسبة للنظام المغلق أو‬

‫بالنسبة للنظام المفتوح‪.‬‬

‫‪ -193‬مع تزايد أعداد الموظفين باختالف المستويات الوظيفية‪ ،‬وضعف الوعي القانوني نتيجة قلة البرامج التدريبية في هذا‬
‫المجال‪ ،‬وعدم إلحاق القيادات اإلدارية في تلك البرامج أو حتى الورش التدريبية‪ ،‬أوجد كل ذلك فهما غير صحيح لمفهوم‬
‫منح تلك اإلجازات والخلط بين ما يمنح وجوبا‪ ،‬وما قرره المشرع من جوازية المنح‪ .‬فضال على ذلك التباين في منح‬
‫اإلجازات بين مسؤول وآخر في ذات الوحدة في ظل غياب حلقة التواصل وتبادل الخبرات حتى على مستوى تقسيم الوحدة‬
‫نفسها‪.‬‬

‫‪202‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وبغية البرهنة على تحقق الفرضيات السابقة‪ ،‬يمكن للباحث‬

‫االهتداء إلى صياغة اإلشكالية التالية‪ :‬ماهو اإلطار المفاهيمي والتشريعي‬

‫الذي يحدد نظام اإلجازات بكل من تشريعي سلطنة عمان والمملكة‬

‫المغربية‪ ،‬والى أي حد يمكن الحديث عن اإلشكاالت العملية التي رصدتها‬

‫االجتهادات القضائية في هذا المجال؟‬

‫وفي ظل المعطيات التي تتيحها المناهج العلمية في مختلف‬

‫الحقوق المعرفية واإلنسانية‪ ،‬يمكن للباحث االستعانة ببعضها في‬

‫تحليل عناصر هذه الدراسة من خالل االعتماد بشكل كبير على المنهج‬

‫الوصفي والتحليلي‪ ،‬حيث سيسمح للباحث باستعراض نظام اإلجازات من‬

‫الناحية المفاهيمية والقانونية‪ ،‬فضال عن المنهج المقارن من خالل‬

‫مقارنة بعض العناصر المكونة للنظام الوظيفي في كل من سلطنة عمان‬

‫والممكلة المغربية‪.‬‬

‫وغني على البيان أن تفصيل مجمل هذه العناصر‪ ،‬يتطلب من الباحث‬

‫االهتداء إلى خطة منهجية‪ ،‬تقوم على تقسيم الموضوع إلى مطلبين؛ في‬

‫(المطلب األول)‪ ،‬سيتم رصد اإلطار المفاهيمي والتشريعي لنظام‬

‫اإلجازات‪/‬الرخص في كال النظامين المغربي والعماني‪ ،‬في حين سيتم‬

‫‪203‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الوقوف ضمن (المطلب الثاني) على البحث في أنواع وشروط منحها‪ ،‬فضال‬

‫عن بعض اإلشكاالت التي تثار بشأنها‪.‬‬

‫املطب األول‪ :‬اإلطار املفاهيمي والتشريعي لنظام اإلجازات‬


‫باملغرب وسلطنة عمان‬
‫تتطلب مناقشة اإلطار المفاهيمي والتشريعي لنظام اإلجازات أو‬

‫الرخص في كال النظامين الوظيفيين‪ ،‬تبيان مفهوم اإلجازات من الناحية‬

‫الفقهية وتمييزها عن بعض المصطلحات المشابهة ضمن (الفقرة‬

‫األولى)‪ ،‬ثم مالمسة الجوانب التشريعية والتنظيمية التي اهتمت بها في‬

‫ضوء القانون األساسي للوظيفة العمومية المغربي وقانون الخدمة‬

‫المدنية العماني (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬مفهوم اإلجازات بني النظام الوظيفي املغربي‬


‫والعماني‬
‫تعتبر اإلمتيازات المعنوية حقوقا غير مادية للموظفين وتهدف إلى‬

‫تقديم حوافز أقرها قانون الوظيفة العمومية قصد دفع قيامهم‬

‫‪204‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫بالوظيفة المنوطة بهم على أحسن وجه ليحققوا الغرض الذي من أجله‬

‫أنشئت الوظيفة‪.194‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن التسمية تختلف بين النظام المغلق والنظام‬

‫المفتوح‪ ،‬فإذا كانت تسمى في األول بالرخص اإلدارية فإن النظام الثاني‬

‫يطلق عليها مصطلح اإلجازات‪ ،195‬غير أن المعنى موحد من حيث الهدف‬

‫والغاية التي شرعت فترة الرخصة أو اإلجازة‪ ،‬حيث تعني الراحة السنوية‬

‫أو اإلستثنائية المخولة للموظف من أجل تجديد طاقته وحيويته‪ ،‬كما‬

‫اعتبرها بعض الدارسين من الوسائل الفعالة لجعل الموظفين أكثر‬

‫نشاطا‪ ،‬فبعد استراحتهم بعد العطلة يقبلون على أداء عملهم بعناية‬

‫وجدية‪ ،196‬كما يستهدف ذلك أيضا حماية ليس مصلحة الموظف فحسب‪،‬‬

‫بل حماية للصحة العامة‪.197‬‬

‫ومن المؤكد أن التشريع سواء تعلق األمر بالنظام األساسي للوظيفة‬

‫العمومية المغربي أو تعلق األمر بقانون الخدمة المدنية لم يعرّفاَ معنى‬

‫‪ - 194‬عبد اإلله اإلدريسي‪" ،‬دور القضاء اإلداري المغربي في حماية الموظف العمومي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في‬
‫القانون العام‪ ،‬وحدة اإلدارة العامة‪ ،‬جامعة محمد األول‪-‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وجدة‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪ ،2001-2000‬ص‪. 36.‬‬
‫‪ - 195‬تسمى في التشريع الوظيفي الجزائري بالعطل‪.‬‬
‫‪ - 196‬عبد هللا حداد‪" ،‬القضاء اإلداري المغربي على ضوء القانون المحدث للمحاكم اإلدارية"‪ ،‬مطابع منشورات عكاظ‪،‬‬
‫الرباط‪ ،1994 ،‬ص ‪.139‬‬
‫‪ - 197‬مليكة الصروح‪" ،‬النظام القانوني للموظف العمومي"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1994 ،‬بدون دار نشر‪ ،‬ص ‪.205‬‬

‫‪205‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫اإلجازة أو الرخصة‪ ،‬مما يفتح النقاش لمختلف اإلتجاهات التي قارعت‬

‫مفهومها في السياق الفقهي‪ ،‬حيث عرفتها بعض الدراسات على أنها حق‬

‫للموظف عند توافر شروط استحقاقها‪ ،‬رغم تمتع اإلدارة بسلطة تقديرية‬

‫في منحها أو عدم منحها أو تحديد وقت منحها في بعض اإلجازات‪ ،198‬في‬

‫حين تعتبر عند الفقه اآلخر على أنها اإلنقطاع عن عمل لسبب قانوني‬

‫بطلب من الموظف وبترخيص من اإلدارة ولفترة محددة‪ ،‬كما يقصد بها‬

‫أيضا األيام التي يسمح للعامل فيها باإلنقطاع عن العمل بمقتضى‬

‫القانون‪.199‬‬

‫ورغم اإلختالفات الفقهية لمفهوم اإلجازة‪ ،‬فإن معظم هذه‬

‫التعريفات المقدمة تقف عند خصائص تميزها لعل من بينها؛ وجود مبرر‬

‫شرعي يتجلى في عدم اإلنقطاع عن أداء المهام دون سبب قانوني‪ ،‬وأغلب‬

‫المؤسسات واإلدارات العمومية تتعامل بمرونة مع هذه الخصيصة‪ ،‬فضال‬

‫عن الموافقة المسبقة من اإلدارة المشغلة فيما يخص الحصول على‬

‫اإلجازات باستثناء بعضها‪ ،‬كإجازات نهاية األسبوع واألعياد والمناسبات‬

‫‪ - 198‬نواف كنعان‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2001‬ص‪.127‬‬
‫‪ - 199‬أحمد كانش ووعبد المؤمن مجدوب " نظام العطل في الوظيفة العمومية في كل من الجزائر وتونس‪ :‬دراسة مقارنة‬
‫في ظل القانون األساسي العام للوظيفة العمومية"‪ ،‬دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬المجلد ‪ ،12‬عدد ‪ ،2020 ،02‬ص‪.302 .‬‬

‫‪206‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الدينية والوطنية‪ ،‬كما تتميز اإلجازة أيضا بحفاظ اإلدارة على وضعية‬

‫الموظف المادية واإلدارية خالل فترة اإلجازة وضرورة تقديم طلب من‬

‫طرفه يبين فيه نوع اإلجازة المطلوبة ومدتها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلطار التشريعي لنظام اإلجازات بني النظام‬


‫الوظيفي املغربي والعماني‬
‫سعى التشريعين بالمملكة المغربية وسلطنة عمان منذ بداية‬

‫استقاللهما‪ 200‬إلى تنظيم قواعد اإلجازات ضمن فصول واضحة جاءت في‬

‫القانون األساسي للوظيفة العمومية وقانون الخدمة المدنية؛ وعليه‬

‫تناول المشرع المغربي جميع أنواع الرخص المخولة قانونا للموظف في‬

‫الفصول من ‪ 39‬إلى الفصل ‪ 46‬مكرر ثالث مرات‪ ،‬في حين حددها المشرع‬

‫بسلطنة عمان ضمن الفصل العاشر من قانون الخدمة المدنية‪،201‬‬

‫‪- 200‬حصلت المملكة المغربية على استقاللها سنة ‪ 1956‬بعد الحماية التي فرضت عليه سنة ‪ ،1912‬حيث شهدت‬
‫إصالحات تشريعية مهمة كان أهمها إصدار القانون األساسي للوظيفة العمومية سنة ‪ 1958‬والذي الزال معموال به لحد‬
‫كتابة هذه األسطر مع إدخال مجموعة من التعديالت‪ .‬في حين شهدت سلطنة عمان على عصر النهضة ‪ ،1970‬في مجاالت‬
‫متعددة من بينها مجال التشريع‪ ،‬حيث عرفت أول تنظيم للخدمة المدنية عام ‪ ،1970‬وصدر القانون رقم ‪ 75/27‬بمثابة‬
‫النظام العام للوظيفة العمانية وبعده توالت التعديالت التشريعية‪ ،‬إذ جاء قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 80/8‬والئحته التنفيذية‪،‬‬
‫حيث شهدت سلطنة عمان بقيادة السلطان قابوس بن سعيد قفزة نوعية في مجال تحديث وتطوير دواليب الدولة وأجهزتها‬
‫اإلدارية إلى أن صدر المرسوم السلطاني رقم ‪ 2004/120‬بتاريخ ‪ 28‬ديسمبر ‪ 2004‬والئحته التنفيذية بمقتضى القرار‬
‫رقم ‪ 2010/9‬من رئيس مجلس الخدمة المدنية والمعمول بهما حاليا‪.‬‬
‫‪ - 201‬مرسوم سلطاني رقم ‪ ،2004/120‬صادر بتاريخ ‪ 15‬ذي القعدة ‪ 1425‬الموافق ل ‪ 28‬ديسمبر ‪2004‬م‪.‬‬

‫‪207‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وبالخصوص المواد ‪ 62‬إلى ‪ ،89‬والمواد من ‪ 97‬إلى ‪ 115‬من الالئحة‬

‫التنفيذية لقانون الخدمة المدنية‪.202‬‬

‫وبناء عليه‪ ،‬أشار الفصل ‪ 39‬من القانون األساسي للوظيفة العمومية‬

‫المغربي‪ ،203‬على العديد من الرخص يمكن تحديدها في أربعة رخص‬

‫أساسية؛ الرخصة اإلدارية المشتملة على الرخصة السنوية واالستثنائية‬

‫والرخصة بالتغيب‪ ،‬فضالً عن الرخص ألسباب صحية والرخص الممنوحة‬

‫عن الوالدة وأخير الرخص بدون أجر‪.‬‬

‫إن رجوع الدَّارسِ إلى المكونات الهيكلية لكال التشريعين‪ ،‬سيلحظ أنّ‬

‫التنظيم القانوني للوظيفة العمومية‪ ،‬مؤطر في النموذج المغربي بنظام‬


‫‪204‬‬
‫وأدخلت عليه تعديالت‬ ‫أساسي صدر في ‪ 24‬أبريل من سنة ‪1958‬‬

‫متالحقة‪ ،205‬في حين تم تأطيره في النموذج العماني بمقتضى قانون‬

‫‪ - 202‬قرار رقم ‪ 2010/9‬صادر بتاريخ ‪ 16‬ذي القعدة ‪1431‬ه‪ 25 /،‬أكتوبر ‪2010‬م‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية رقم‬
‫‪ 922‬بتاريخ ‪ 1‬نونبر ‪2010‬م‪.‬‬
‫‪ - 203‬الفصل ‪ 39‬من القانون األساسي للوظيفة العمومية المغربي ينص لفظيا على ما يلي‪" :‬تنقسم الرخص إلى‪.1 :‬‬
‫الرخص اإلدارية التي تشتمل على الرخص السنوية و الرخص االستثنائية أو الرخص بالتغيب؛ ‪.2‬الرخص ألسباب صحية‬
‫التي تشتمل على‪ :‬أ‪.‬رخص المرض القصيرة األمد؛ ب‪.‬رخص المرض المتوسطة األمد؛ ج‪ .‬رخص المرض طويلة األمد؛‬
‫ذ‪ .‬الرخص بسبب أمراض أو إصابات ناتجة عن مزاولة العمل؛ ‪.3‬الرخص الممنوحة عن الوالدة؛ ‪.4‬الرخص بدون أجر‪.‬‬
‫يتقاضى الموظفون الموجودون في رخصة ألسباب صحية بحسب الحالة مجموع أو نصف أجرتهم المحتسبة في المعاش‬
‫كما هي محددة في الفصل ‪ 11‬من القانون رقم ‪ 011.71‬الصادر في ‪ 12‬من ذي القعدة ‪ 30( 1391‬ديسمبر ‪)1971‬‬
‫بإحداث نظام المعاشات المدنية كما تم تعديله وتتميمه‪ ،‬ما لم ترد أحكام مخالفة لذلك في هذا النظام األساسي العام‪ .‬ويحتفظ‬
‫المعنيون باألمر باالستفادة من مجموع التعويضات العائلية في جميع حاالت الرخص ألسباب صحية"‪.‬‬
‫‪ - 204‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 2372‬بتاريخ ‪ 21‬رمضان ‪ 11( 1377‬أبريل ‪ ،)1958‬ص ‪.914‬‬
‫‪- 205‬آخر تعديالته كانت بالقوانين التالية‪- :‬القانون رقم ‪ 04.11‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.87‬بتاريخ‬
‫‪ 29‬من رجب ‪ 2( 1432‬يوليو ‪) 2011‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 5962‬بتاريخ ‪ 19‬شعبان ‪ 21( 1432‬يوليو ‪،)2011‬‬

‫‪208‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫جاء إصداره بمرسوم سلطاني‪ .‬كما أن النص األول يشتمل على ‪ 89‬فصل‪،‬‬

‫خصص منه ‪ 11‬فصالً لتنظيم موضوع رخص الموظف بجميع أنواعها‪ ،‬في‬

‫حين جاء قانون الخدمة المدنية مشتمال إلى ‪ 17‬فصالً‪ ،‬موزعة إلى ‪167‬‬

‫مادة ومالحق خاصة بجدول الرواتب والدرجات الوظيفية‪ ،‬خصص منها ‪28‬‬

‫مادة لتنظيم إجازات الموظف بالسلطنة بجميع أشكالها إلى جانب‬

‫المقتضيات المكملة الواردة في الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة‬

‫المدنية‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬أنواع اإلجازات وأحكامها بني النظام الوظيفي‬


‫املغربي والعماني‬
‫تلعب الحالة التي يكون عليها الموظف في الوظيفة العمومية أثناء‬

‫طلبه لإلجازة دوار كبيرا في استفادته من مختلف هذه اإلجازات التي‬

‫تخولها له التشريعات بالمملكة المغربية وسلطنة عمان‪ ،‬حيث تتعدد‬

‫هذه اإلجازات بين اإلجازات األساسية كاإلجازة السنوية‪/‬االعتيادية‬

‫واإلجازات اإلستثنائية والخاصة‪ ،‬غير أننا سنقف في هذا المطلب على‬

‫ص ‪3518‬؛ ‪-‬القانون رقم ‪ 50.05‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.10‬بتاريخ ‪ 14‬من ربيع األول ‪( 1432‬‬
‫‪ 18‬فبراير ‪) 2011‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 5944‬بتاريخ ‪ 15‬جمادى اآلخرة ‪ 19( 1432‬ماي ‪ ،)2011‬ص ‪.2630‬‬

‫‪209‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫دراسة أنواع هذه اإلجازات (الفقرة األولى)‪ ،‬في حين سيتم التعريج ضمن‬

‫(الفقرة الثانية) على ذكر بعض النماذج الخالفية التي عرضت على‬

‫القضاء اإلداري في موضوع اإلجازات أو الرخص القانونية‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬أنواع اإلجازات يف الوظيفة العمومية‬


‫لما كان النظام الوظيفي بسلطنة عمان يستلهم مبادئه من النظام‬

‫المفتوح‪ ،206‬فقد أشار قانون الخدمة المدنية إلى مفهوم اإلجازات‪ ،‬وفي‬

‫هذا اإلطار نجده يقرر للموظف العام صورا شتى من اإلجازات التي يمكن أن‬

‫يحصل عليها أثناء مدة خدمته‪ ،‬بعضها يكون براتب والبعض األخر بدون‬

‫راتب‪ ،‬كما أن جانبا منها يكون مقررا للموظفين كافة‪ ،‬في حين ال يقرر‬

‫الجانب األخر إال لفئات من الموظفين‪.‬‬

‫هذا ويمكن بلورة كافة اإلجازات المقررة للموظف العام في اإلجازات‬

‫االعتيادية أو السنوية (أوال)‪ ،‬ثم العطالت الرسمية واألسبوعية (ثانيا)‪،‬‬

‫اإلجازة الطارئة (ثالثا)‪ ،‬اإلجازة المرضية (رابعا)‪ ،‬إجازات متعلقة بحاالت‬

‫‪- 206‬أول ميزة تميز هذا النظام الوظيفي بأمريكا‪ ،‬هو اتسامه بتشغيل الموظف لمدة محددة‪ ،‬إذ تعتبر الخدمة المدنية في هذا‬
‫اإلطار خدمة عارضة ومؤقتة فال اختالف بينها وبين األعمال التي يقدمها الرأسمال البشري العامل في المشروعات‬
‫والمقاوالت الخاصة‪ ،‬على أساس أنه ليس هناك ما يستلزم إخضاع الموظفين لنظام قانوني خاص‪ .‬ويرتكز على خاصية‬
‫التخصص‪ ،‬حيث تأخذ مكانة متميزة في هذا النظام‪ ،‬انسجاما مع المبدأ القائل "الشخص المناسب في المكان المناسب" وان‬
‫ينال مقابل ذلك راتبا معلوما دون النظر إلى ظروفه الشخصية كما يراعي ذلك النظام المغلق للوظيفة العمومية‪.‬‬

‫‪210‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫خاصة (خامسا)‪ .‬سيتم إفراد نقطة مستقلة ومفصلة لكل صورة من هذه‬

‫الصور الخمسة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اإلجازة االعتيادية أو الرخصة السنوية‬


‫من المؤكد أن نظامي الوظيفة العمومية بالمملكة المغربية وسلطنة‬

‫عمان‪ ،‬يعتبران هذا النوع من اإلجازات من أهم ما يُخوَّل للموظف طيلة‬

‫حياته اإلدارية‪ ،‬حيث يستحق الموظف إجازة اعتيادية‪/‬سنوية بأجر‬

‫كامل‪ ،‬ضمانا لقدرة الموظف على اإلستمرار في القيام بواجباته على النحو‬

‫المأمول‪ ،‬وهو في صحة جسدية ونفسية وذهنية جيدة‪ ،‬ومن هنا نجد‬

‫المشرع في جميع األنظمة الوظيفية المقارنة بغض النظر عن طبيعة‬

‫النظام السياسي السائد لديها‪ ،‬يحرص على ضمان حصول الموظف على‬

‫تلك اإلجازة وربما يحظر عليه النزول عنها أو تأجيل الحصول عليها وإن‬

‫أجاز له ذلك ففي حدود ضيقة وفي ضوء المصلحة العامة‪.207‬‬

‫وقد راع المشرع عند تحديد مدد اإلجازات االعتيادية‪/‬السنوية‬

‫للموظف بعضا من المعايير منها؛ مدة خدمة الموظف‪ ،‬سن الموظف‪،‬‬

‫مكان عمله‪...‬حيث يستحق مقابل ذلك أجرا كامال دون احتساب أيام‬

‫‪- 207‬تسمى في النظام الفرنسي ب" ‪"intérêt de service‬‬

‫‪211‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫العطل والمناسبات الدينية والوطنية‪ ،208‬كما هو الحال بالنسبة‬

‫للتشريعين المغربي والعماني‪.‬‬

‫وفي تنظيم التمتع بهذه اإلجازة يرى الباحث مناقشة مقتضيات‬

‫التشريع بسلطنة عمان ومقارنتها بتلك الواردة في النظام الوظيفي‬

‫المغربي؛ وفي هذا اإلطار حددت المادة ‪ 64‬من قانون الخدمة المدنية‬

‫العماني هذا الحق ونصت حرفيا على أنه " يتمتع الموظف باإلجازة‬

‫المستحقة له حسب مقتضيات مصلحة العمل وال يجوز له القيام بإجازة‬

‫اعتيادية قبل انقضاء ستة أشهر على األقل من التحاقه بالخدمة وفي‬

‫جميع األحوال يجب أن يتمتع الموظف سنويا بإجازة اعتيادية ال تقل‬

‫مدتها عن ‪ 75‬في المائة من استحقاقه السنوي على أن تكون المدة‬

‫متصلة‪ ،‬ما لم تقتض مصلحة العمل غير ذلك ألسباب يقدرها رئيس‬

‫الوحدة وال يجوز أن يجاوز رصيد الموظف من المدد المتبقية من هذه‬

‫اإلجازة استحقاق سنتين إال في حالة تأجيل أو تقصير اإلجازة أو قطعها‬

‫‪ - 208‬طبقا لقانون الخدمة المدنية المصري مثال‪ ،‬تخول ‪ 15‬يوما في السنة األولى وذلك بعد مضي ستة أشهر من تاريخ‬
‫استالم العمل‪ 21 ،‬يوما لمن أمضى سنة كاملة في الخدمة‪ 30 ،‬يوما لمن أمضى عشر سنوات في الخدمة‪ 45 ،‬يوما لمن‬
‫تجاوز سنه الخمسين‪ ،‬كما أجاز المشرع للبعض من الفئات ذات الطبيعة الخاصة في حالتهم الصحية كذوي االحتياجات‬
‫الخاصة‪ ،‬مدة إجازة اكبر إذ يستحق الموظف من ذوي اإلعاقة إجازة اعتيادية سنوية مدتها ‪ 45‬يوما دون التقيد بعدد سنوات‬
‫الخدمة‪ ،‬لالستزادة انظر عصام مهدى محمد عابدين‪" ،‬قانون الخدمة المدنية والئحته التنفيذية‪ ،"...‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.363/362‬‬

‫‪212‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫لضرورة أو ألسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل‪ ،‬وعلى أن يتمتع‬

‫الموظف باإلجازة أو ما تبقى منها حسب األحوال في وقت الحق من نفس‬

‫العام أو العام الذي يليه"‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بتنظيم هذه الرخصة السنوية على مستوى المملكة‬

‫المغربية فقد نص الفصل ‪ 40‬من القانون األساسي للوظيفة‬

‫العمومية‪ 209‬على أنه للموظف المزاول لوظيفة الحق في رخصة سنوية‬

‫مؤدى عنها‪ ،‬تحدد مدة الرخصة في اثنين وعشرين (‪ )22‬يوم عمل برسم‬

‫كل سنة زاول أثناءها مهامه‪ ،210‬على أن الرخصة األولى ال يسمح بها إال بعد‬

‫قضاء اثني عشر شهرا من الخدمة‪ ،‬لإلدارة كامل الصالحية في تحديد‬

‫جدولة الرخص السنوية ويمكن لها‪ ،‬رعيا لضرورة المصلحة‪ ،‬أن تعترض‬

‫على تجزئتها‪ .211‬وفي نفس الصدد ذهب قانون الخدمة المدنية المصري‬

‫في الفصل ‪ 49‬منه على توزيع اإلجازات السنوية بناء على الوضعية‬

‫‪ - 209‬تم تغيير وتتميم الفصل ‪ 40‬أعاله‪ ،‬بمقتضى المادة األولى من القانون رقم ‪.50.05‬‬
‫‪ - 210‬في المملكة المغربية يشير القانون المتعلق بالوظيفة العمومية إلى بعض الموظفين الذين يستفيدون من رخص أطول‬
‫من تلك المقررة لباقي الموظفين‪ ،‬بالنظر إلى طبيعة المنطقة التي يعملون فيها؛ مثال خول المشرع المغربي للموظفين‬
‫العاملون بالمناطق الصحراوية يومين عن كل شهر من العمل‪ ،‬كما يستفيد موظفو وزارة الشؤون الخارجية من رخصة ‪45‬‬
‫يوما مع إمكانية جمع رخصهم إلى ‪ 90‬يوما‪ ،‬انظر مليكة الصروخ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.206.‬‬
‫‪ - 211‬وتشير فقرات نفس المادة إلى ما يلي‪ ":‬تؤخذ بعين االعتبار الوضعية العائلية من أجل تخويل األسبقية في اختيار‬
‫فترات الرخص السنوية؛ ال يمكن تأجيل االستفادة من الرخصة السنوية برسم سنة معينة إلى السنة الموالية إال استثناء‬
‫ولمرة واحدة؛ ال يخول عدم االستفادة من الرخصة السنوية الحق في تقاضي أي تعويض عن ذلك‪.‬‬

‫‪213‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫اإلدارية والصحية أحيانا للموظف‪ ،‬حيث جعلها ‪ 15‬يوما في السنة األولى‬

‫وذلك بعد مضي ستة أشهر من تاريخ استالم العمل و‪ 21‬يوما لمن أمضى‬

‫سنة كاملة في الخدمة و‪ 30‬يوما لمن أمضى عشر سنوات في الخدمة و‪40‬‬

‫يوما لمن تجاوز سنه الخمسين‪ ،‬كما أجاز المشرع للبعض من الفئات ذات‬

‫الطبيعة الخاصة في حالتهم الصحية كذوي اإلعاقات أو االحتياجات‬

‫الخاصة مدة أكبر تصل إلى ‪ 45‬يوما‪.212‬‬

‫وهكذا فإن المدة الزمنية المخصصة للتمتع بهذه اإلجازة أو الرخصة‬

‫السنوية‪ ،‬تختلف باختالف الدرجة الوظيفية التي يشغلها الموظف‪ ،‬فضال‬

‫على اختالفها بين األنظمة الوظيفية بالمغرب وسلطنة عمان وجمهورية‬

‫مصر العربية‪ ،‬ففي الوقت الذي تكون مدتها ‪ 48‬يوما بالنسبة لشاغلي‬

‫وظائف الدرجة من (أ) إلى الدرجة ‪ 213،5‬و‪ 38‬يوما لشاغلي وظائف الدرجات‬

‫من ‪ 6‬إلى الدرجة ‪ 214،8‬و‪ 28‬يوما فقط لشاغلي باقي الدرجات األخرى‪ ،‬وال‬

‫يستحق الموظف اإلجازة عندما يكون فيها الموظف متفرغا لبعثة أو‬

‫‪ - 212‬عصام مهدى محمد عابدين‪" ،‬قانون الخدمة المدنية والئحته التنفيذية ودوره في تحقيق اإلصالح اإلداري ومكافحة‬
‫الفساد وتحسين الخدمة في الجهاز اإلداري للدولة" دار محمود للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2018/2017 ،‬ص‬
‫‪.363/362‬‬
‫‪ - 213‬تم تعديل هذه المقتضيات بموجب المرسوم السلطاني رقم ‪ ،2013/87‬لتصبح من الدرجة األولى إلى الدرجة التاسعة‪.‬‬
‫‪ - 214‬تم تعديل هذه المقتضيات بموجب المرسوم السلطاني رقم ‪ ،2013/87‬لتصبح من الدرجة ‪ 10‬إلى الثانية عشرة‬

‫‪214‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫منحة دراسية أو دورة تدريبية إذا زادت المدة على تسعة أشهر‪ ،‬أو تعلق‬

‫األمر بوجوده في إجازة دراسية أو إجازة خاصة بدون راتب‪ ،‬فضال عن الحالة‬

‫التي يكون فيها معارا إلى غير وحدات الجهاز اإلداري للدولة‪ ،‬وأيضا في حالة‬

‫وقفه عن العمل لمدة تزيد على ثالثة أشهر وإذا قضى بإدانته مدة تنفيذ‬

‫عقوبة السجن طبقا لما أشارت إليه المادتين ‪ 63‬و‪ 69‬من قانون الخدمة‬

‫المدنية‪ ،215‬فإن القانون األساسي بالمملكة المغربي قد حدد مدة واحدة‬

‫هي ‪ 22‬يوما مع اإلشارة إلى سلطة اإلدارة التقديرية في وضع جدول‬

‫لتنظيم الرخص السنوية بناء على معايير موضوعية وعائلية أو‬

‫االعتراض على تجزئتها‪ .‬دون أن ال ننسى أن المشرع وكما ذهبت إليه‬

‫بعض الدراسات في مجال الوظيفة العمومية بالمغرب‪ ،216‬إلى أن الرخصة‬

‫السنوية يمكن أن تتعدى ثالثين يوما في بعض اإلدارات العمومية‪،‬‬

‫خصوصا التعليمية ذلك انه نظرا لطبيعة مهنة التعليم والمتاعب التي‬

‫تنتج عن ممارستها وعناية بالتالميذ والطالب تمنح إجازات عديدة خالل‬

‫السنة تتجاوز ثالثة أشهر‪.‬‬

‫‪- 215‬بالنسبة للتشريع المغربي حدد مدتها في شهر واحد في السنة واشترط لمنح الرخصة السنوية األولى ضرورة قضاء‬
‫الموظف اثني عشر شهرا في الوظيفة ويمكنه أن يجمع أكثر من رخصة في حدود سنتين بعد موافقة السلطة اإلدارية‬
‫المختصة‪.‬‬
‫‪- 216‬رضوان بوجمعة‪ ،‬الوظيفة العمومية المغربية على درب التحديث‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2003 ،‬بدون دار النشر‪،‬‬
‫ص‪171.‬‬

‫‪215‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وعطفا على سبق بيانه‪ ،‬يتم حساب أرصدة الموظفين من إجازتهم‬

‫االعتيادية عن كل سنة في ظل قانون الخدمة المدنية بالسلطنة‪ ،‬حيث‬

‫تقوم وحدة شؤون الموظفين خالل شهر يناير بإعداد بيان بهذه األرصدة‬

‫كما تعد برنامجا زمنيا للقيام بتلك اإلجازات وذلك بعد الرجوع إلى‬

‫المديريات أو الدوائر المختصة طبقا للمادة ‪ 97‬من الالئحة التنفيذية‬

‫لقانون الخدمة المدنية‪ .‬وللموظف أن يحصل على إجازة من رصيد إجازته‬

‫االعتيادية باإلضافة إلى ما يستحقه منها عن السنة الجارية حتى تاريخ‬

‫قيامه باإلجازة بما ال يتجاوز ‪ 75‬يوما في السنة طبقا للمادة ‪ 65‬من قانون‬

‫الخدمة المدنية‪.‬‬

‫ويقتضي الحصول على اإلجازة االعتيادية بحسب قانون الخدمة‬

‫المدنية بسلطنة عمان‪ ،‬أن يقدم الموظف طلبا بها قبل التاريخ الذي‬

‫يحدده للقيام بها بوقت كاف‪ ،‬وعلى الرئيس المباشر أن يحيل هذا الطلب‬

‫إلى وحدة شؤون الموظفين لإلفادة عن مدى استحقاق الموظف لمدة‬

‫اإلجازة المطلوبة حتى التاريخ المذكور في طلبه‪ ،‬ويرجع الطلب بعد‬

‫تحديد مدة اإلجازة المستحقة وموافقة الرئيس المباشر إذا كان برنامج‬

‫اإلجازات االعتيادية معتمدا من قبل‪ ،‬ونفس األمر بالنسبة للتشريع‬

‫‪216‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الوظيفي بالمملكة المغربية‪ ،‬إذ تتجلى السلطة التقديرية للمدير‬

‫والرئيس في اتخاذ قرار الموافقة على الرخصة السنوية من عدمه وفقا‬

‫لمصلحة اإلدارة وطبيعة األعمال التي تستدعي عدم االستجابة لهذا‬

‫الطلب‪ .‬غير أن هذا الرفض لن يكون نهائيا حيث يحق فقط تأجيلها لوقت‬

‫معين‪ ،‬وإال فقدت وظيفتها وتعطل الهدف الذي من أجله شرعت‪.‬‬

‫ويالحظ الباحث هنا‪ ،‬أن غاية هذا اإلجراء التأكد من مالئمة تاريخ بدء‬

‫اإلجازة التي يطلبها الموظف لظروف العمل داخل الجهة اإلدارية‪ ،‬باإلضافة‬

‫إلى التنسيق بين طلبات الموظفين كافة حتى ال يحصل الموظفون‬

‫جميعا أو معظمهم على إجازتهم في آن واحد‪ ،‬األمر الذي يفضي إلى اإلخالل‬

‫بسير العمل بالمرفق العمومي الذي يستوجب االستمرار في تقديم‬

‫خدماته للمواطنين بانتظام واطراد ومن ثم األضرار بالمصلحة العامة‪.‬‬

‫ومن المعلوم أن حصول الموظف على إجازته االعتيادية يكون‬

‫الغرض منه كما سلف‪ ،‬اإلستمتاع بفترات الراحة وتجديد الطاقة الجسدية‬

‫والنفسية والصحية‪ ،‬غير أن رغبة الموظف في تمديد اإلجازة االعتيادية‬

‫‪217‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫تقتضي إخبار إدارته األصلية قبل أسبوع من انتهاء اإلجازة‪ 217،‬وإذا انقطع‬

‫الموظف عن عمله لغير إجازة يستحقها حسبت مدة الغياب من إجازته‬

‫االعتيادية إذا كان له رصيد منها‪ ،‬وإال حرم من راتبه الكامل عن مدة غيابه‬

‫وذلك دون اإلخالل بالمسائلة اإلدارية إذا لم يقدم عذرا‪ ،‬أو قدم عذرا غير‬

‫مقبول‪ ،‬شريطة عدم اإلخالل بأحكام االستقالة الحكمية أو الضمنية‬

‫المنظمة بمقتضى المادة ‪ 145‬من القانون المنظم للخدمة المدنية‬

‫بالسلطنة‪ .‬على أنه إذا انتهت خدمة الموظف آلي سبب من األسباب‪ ،‬فإنه‬

‫يصرف له بدل نقدي عن رصيد إجازته االعتيادية المستحقة له حتى‬

‫تاريخ انتهاء خدمته بحد أقصى استحقاق سنتين‪ ،‬فإذا كان عدم حصوله‬

‫عليها راجعا لمصلحة العمل يصرف له البدل النقدي عن كامل رصيده‪،‬‬

‫ويكون صرف هذا البدل على أساس الراتب الذي يتقضاه الموظف عند‬

‫تركه للخدمة طبقا للمادة ‪ 66‬و ‪ 70‬من قانون الخدمة المدنية‪.‬‬

‫وفي نفس االتجاه‪ ،‬يؤكد المشرع المغربي على ضرورة عدوة الموظف‬

‫إلى عمله في الوقت المحدد قانونا بعد انقضاء رخصته السنوية‪ ،‬وإذا‬

‫‪- 217‬تجدر اإلشارة إلى أن حصول الموظف على اإلجازة االعتيادية‪ ،‬يكون متعينا عليه أن يحرر قبل قيامه بها ما يفيد بدء‬
‫اإلجازة و انتهاءها‪ ،‬وعنوانها خالل هذه الفترة‪ ،‬وذلك على النموذج المعد لهذا الغرض‪ ،‬فإذا رغب في مد تلك اإلجازة تعين‬
‫عليه أن يبلغ جهة عمله كتابة بذلك خالل األسبوع األخير من اإلجازة التي يقضيها‪ ،‬فإذا تمت الموافقة على هذا الطلب‪،‬‬
‫تحتسب المدة الجديدة من أول يوم عمل تال لإلجازة التي تمتع بها طبقا للمواد ‪ 100/99/98‬من الالئحة التنفيذية‪.‬‬

‫‪218‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫تخلف عن الرجوع بدون مبررات مقبولة موضوعية وقانونية جاز لإلدارة‬

‫أو الرئيس المباشر أن يتخذ في حقه التدابير القانونية الالزمة ومن بينها‬

‫االقتطاع من األجور مثال‪.218‬‬

‫ثانيا‪ :‬العطالت الرمسية واألسبوعية‬


‫يشكل الحصول على إجازة بأجر كامل أثناء العطالت الرسمية‬

‫القاعدة العامة في مجال الوظيفة العامة‪ ،‬حيث أن القاعدة العامة أن‬

‫للموظف الحق في التمتع باإلجازات العامة التي تعطل فيها الجهات‬

‫اإلدارية للدولة‪ 219،‬ما لم تقتض مصلحة العمل تشغيل الموظف خاللها‪،‬‬

‫ويسري ذلك الحكم أيضا على يومي اإلجازة األسبوعية ـ الجمعة والسبت‪.‬ـ‬

‫وكذلك اإلجازات في األعياد والمناسبات الرسمية التي يصدر بها قرار من‬

‫رئيس مجلس الخدمة المدنية‪ ،‬أو تلك التي تصدر أيضا بناء على األوامر‬

‫السلطانية السامية‪ ،220‬في ضوء النظام الوظيفي العماني‪ ،‬كما أن‬

‫‪- 218‬أورده بوجمة رضوان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.172.‬‬


‫‪ - 219‬سامي جمال الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪313‬‬
‫‪ -220‬وبهذا الخصوص صدر المرسوم السلطاني رقم (‪ )2006/27‬بتعديل المرسوم السلطاني رقم (‪ )96/76‬بتحديد أيام‬
‫اإلجازات الرسمية‪ ،‬حيث نص هذا المرسوم (‪ )2006/27‬على أن تكون أيام العطالت (اإلجازات) الرسمية على النحو‬
‫اآلتي ‪ -:‬رأس السنة الهجرية غرة محرم‪ -،‬المولد النبوي الشريف ‪ 12‬ربيع األول‪ -،‬اإلسراء والمعراج ‪27‬رجب‪ -،‬يوم‬
‫النهضة المباركة ‪ 23‬يوليو‪ -،‬العيد الوطني المجيد ‪ 18‬و‪19‬نوفمبر‪ .‬ونص المرسوم أيضا على أنه إذا وقع أي من يومي‬
‫العطلة (اإلجازة) األسبوعية أو كالهما ضمن أيام العطالت (اإلجازات) المشار إليها يتم التعويض عن ذلك بيوم واحد ‪،‬‬
‫ويجوز تعديل موعد عطلة (إجازة)العيد الوطني المجيد إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك ‪.‬وقضى المرسوم أيضا على أنه‬
‫"إذا وقع أي من اإلجازات الرسمية في يومي الخميس والجمعة ‪ -‬عدلت لتصبح يومي الجمعة والسبت ‪ -‬يتم التعويض عنهما‬
‫بيوم آخر"‪.‬‬

‫‪219‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫التشريع الوظيفي بالمملكة المغربية حدد الئحة أيام األعياد المسموح به‬

‫بالعطلة في اإلدارات العمومية والمؤسسات والمصالح ذات االمتياز‪ .221‬غير‬

‫أنه من الجائز الخروج على هذه القاعدة متى اقتضت حاجة العمل‬

‫وطبيعته تشغيل الموظف في تلك األثناء‪ ،‬وهنا يتعين تعويض‬

‫الموظف عن إجازته التي لم يحصل عليها بأيام بديلة عوضا عن أيام‬

‫العطلة التي أمضاها في العمل أو ببدل نقدي مقداره راتب يومين من‬

‫راتبه الكامل عن كل يوم‪ .‬وهكذا‪ ،‬تتجسد تلك العطالت في العطلة‬

‫األسبوعية‪ ،‬وكذا عطالت األعياد والمناسبات الرسمية‪ ،‬وفي هذا الشأن‬

‫تطالعنا المادة ‪ 67‬من قانون الخدمة المدنية العماني بالتنصيص على‬

‫أنه‪ " 222‬للموظف الحق في إجازة براتب كامل عن أيام العطلة األسبوعية‬

‫وكذلك عن عطالت األعياد والمناسبات الرسمية التي يصدر بتحديد‬


‫‪223‬‬
‫مواعيدها قرار من رئيس المجلس‪.‬‬

‫‪- 221‬مرسوم رقم ‪ 169.77.2‬بتاريخ ‪ 9‬ربيع األول ‪ 28/1397‬فبراير ‪ 1977‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪3358‬‬
‫بتاريخ ‪ 18‬ربيع األول‪ 9/‬مارس ‪ 1977‬والذي تم تعديله بموجب عدة مراسيم‪.‬‬
‫‪ - 222‬تضيف المادة ‪ 68‬من قانون الخدمة المدنية ذاته أنه" إذا اقتضت مصلحة العمل عدم تمتع الموظف بالعطلة األسبوعية‬
‫أو عطالت األعياد أو المناسبات الرسمية وجب تعويضه عنها بأيام راحة بديلة في وقت الحق أو ببدل نقدي مقداره راتب‬
‫يومين من راتبه الكامل عن كل يوم شريطة أن يكون قيامه بالعمل خاللها بتكليف من رئيس الوحدة أو من يفوضه"‪.‬‬
‫‪ -223‬يختص المجلس مجلس الخدمة المدنية في؛ ‪-‬رسم السياسات العامة للخدمة المدنية وما يتصل بها من خطط التنمية‬
‫اإلدارية واإلصالح اإلداري وتحديد وسائل تنفيذها ‪ ،‬وتقديم التوصيات بشأنها لمجلس الوزراء‪-،‬الموافقة على مشروعات‬
‫القوانين واللوائح وسائر التشريعات المتعلقة بالخدمة المدنية والتوصية بشأنها للجهات المختصة‪-،‬تطوير نظم الخدمة المدنية‬
‫وزيادة كفاءة أساليب ووسائل وإجراءات العمل‪-،‬مراجعة السياسات والنظم والجداول الموحدة للرواتب والعالوات والبدالت‬
‫والمكافآت واقتراح التعديالت بشأنها لمجلس الوزراء‪-،‬اعتماد النظم الخاصة بالرقابة اإلدارية للتحقق من سالمة تطبيق‬

‫‪220‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وتجدر اإلشارة على أنه إذا وقعت إجازات األعياد والمناسبات أو اإلجازات‬

‫الرسمية من أول اإلجازة االعتيادية المصرح بها للموظف أو في وسطها أو‬

‫في نهايتها فإنها تضاف إلى رصيد اإلجازة االعتيادية‪ ،‬كما أنها ال تحتسب‬

‫ضمن مدة غياب الموظف عن العمل ولو توسطت مدة الغياب أو أعقبتها‪،‬‬

‫أما اإلجازة األسبوعية فال تندرج ضمن هذا اإلطار أو ذاك‪ ،‬طبقا لما أشارت‬

‫إليه المادة ‪ 114‬و‪ 115‬من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية‪.‬‬

‫ثالثا‪:‬اإلجازة الطارئة‬
‫ليس من المنطقي تصور ذهاب الموظف إلى عمله يوميا بانتظام‬

‫دون انقطاع غير محسوب‪ ،‬ودون التسليم أو القبول ببعض الظروف‬

‫الطارئة أو المفاجئة التي قد يتعرض لها الموظف وتضطره إلى التغيب‬

‫عن العمل دون سابقة الحصول على إذن‪ ،‬نجد المشرع يجيز اعتبار هذا‬

‫القوانين واللوائح واألنظمة المتعلقة بالخدمة المدنية‪-،‬تحديد السياسات والقواعد المنظمة للتوظيف ولخطط التأهيل والتدريب‬
‫بهدف ترشيد استخدام القوى العاملة في الخدمة المدينة ‪ ،‬ورفع كفايتها اإلنتاجية‪-،‬الموافقة على تعديل أحكام الالئحة التنفيذية‬
‫لقانون الخدمة المدنية‪-،‬الموافقة على تعيين وإعادة تعيين موظفي الجدول الخاص الملحق بقانون الخدمة المدنية وتحديد‬
‫فئاتهم ورواتبهم‪-،‬الموافقة على منح البدالت المنصوص عليها في المادة (‪ )57‬من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية‬
‫وفقا ً لإلجراءات وبالشروط المبينة فيها‪-،‬رفع الحد األدنى للمعاش أو منح معاش استثنائي وذلك في الحاالت الفردية‬
‫المنصوص عليها في قانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة‪-،‬دراسة أية موضوعات أخرى ترى وزارة الخدمة المدنية‬
‫عرضها على المجلس واتخاذ ما يراه بشأنها‪.‬‬
‫‪-‬رفع تقارير سنوية لمجلس الوزراء عن أوضاع الجهاز اإلداري للدولة في ظل قوانين الخدمة المدنية وأنظمتها وما يقترح‬
‫تطويره أو تعديله منها‪ -،‬ما تنص عليه القوانين والنظم من اختصاصات أخرى‪ ،‬انظر الموقع الرسمي لمجلس الخدمة المدنية‬
‫على الرابط التالي ‪ http://portal.mocs.gov.om/council.aspx‬تاريخ الزيارة‪ 16 :‬يونيو ‪ ،2020‬الساعة الرابعة‬
‫بعد الزوال‪.‬‬

‫‪221‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫التغيب إجازة براتب كامل ال انقطاع عن العمل‪ ،‬وتسمى اإلجازة هنا‬

‫باإلجازة العارضة وال تقرر هذه اإلجازة إال لسبب طارئ يتعذر معه على‬

‫الموظف إبالغ رؤسائه مقدما للترخيص له في الغياب‪ ،‬فإذا كان الموظف‬

‫قد قام به سبب رأى أنه سوف يلجئه إلى التغيب وكان لديه فسحة من‬

‫الوقت يستطيع معها الحصول على إذن سابق بالغياب فال يمكن اعتبار‬

‫غيابه دون إذن في هذه الحالة إجازة عارضة‪.‬‬

‫وقد تم تحديد السبب العارض في بعض التشريعات المقارنة على‬

‫سبيل المثال ال الحصر؛ وفاة أو مرض احد أفراد األسرة أو األقارب أو احتياجه‬

‫إلى قضاء بعض مصالحة الضرورية إلى غير ذلك من األسباب وال تتجاوز‬

‫مدته في النظام األساسي للوظيفة العمومية بالمملكة المغربية سبعة‬

‫أيام فإذا انصرف هذا األجل ولم يعد المعني باألمر إلى شغل وظيفته‬

‫بالرغم من إنذاره فان رئيس اإلدارة يؤهل الن يصدر في حقه مباشرة‬

‫وبدون سابق استشارة المجلس التأديبي عقوبة العزل مع إيقاف حقوقه‬

‫‪222‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫في التقاعد أو بدونه‪ ،224‬طبقا لما أشار إليه الفصل ‪ 75‬مكرر من النظام‬

‫األساسي للوظيفة العمومية بالمملكة المغربية‪.‬‬

‫وعلى كل حال يمكن القول أن السبب الطارئ من خالل ما سبق‪ ،‬هو‬

‫السبب الذي لم يكن للموظف أن يتنبأ بوقوعه سلفا‪ ،‬ويضطر معه إلى‬

‫االنقطاع عن العمل ويكون من شأن قيامه تعذر الحصول على إذن سابق‬

‫بالغياب‪ ،‬هذا ويتعين على الموظف بمجرد عودته للعمل في اليوم التالي‬

‫للتغيب أن يقدم لرئيسه في العمل بيانا عن األسباب العارضة التي‬

‫اقتضت الغياب‪ ،‬والذي يكون له في هذا الشأن تقدير تلك األسباب‪ ،‬ومن‬

‫ثم االقتناع أو عدم االقتناع بكفاية هذه األسباب العتبار أيام الغياب ضمن‬

‫أيام اإلجازة العارضة وذلك كله دون تعسف في استعمال هذا الحق‪.‬‬

‫وترتيبا على هذا يمكن للباحث القول أن حق الموظف في اإلجازة‬

‫الطارئة ليس حقا مطلقا يستعمله وقتما شاء‪ ،‬بل هو حق مقيد بحدود‬

‫وتوافر مقتضياته وضوابطه‪ ،‬ومن ثم يكون لجهة اإلدارة إذا ما تراء لها أن‬

‫الموظف أساء استعمال هذا الحق على وجه يتنافى والصالح العام‪ ،‬أن تعد‬

‫‪- 224‬انظر مليكة الصروخ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،210 ،‬انظر أيضا الفصل ‪ 75‬مكرر من النظام األساسي للوظيفة العمومية‬
‫المغربي‪ ،‬مشار إليه سابقا‪.‬‬

‫‪223‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫غيابه انقطاعا عن العمل يستوجب الحرمان من جزء من الراتب‪ ،‬وقد‬

‫حددت المادة ‪ 77‬من قانون الخدمة المدنية العماني مدة هذه اإلجازة‬

‫بخمسة أيام في السنة قابلة للزيادة بحد أقصى خمسة أيام أخرى‪ ،‬وذلك‬

‫عبر التنصيص على أنه "يستحق الموظف لسبب طارئ يقدره رئيس‬

‫الوحدة أو من يفوضه إجازة براتب كامل لمدة خمسة أيام في السنة ويجوز‬

‫منح الموظف ماال يجاوز خمسة أيام أخرى لعذر خارج عن إرادته يقدره‬

‫رئيس الوحدة‪.‬‬

‫يتبين من خالل هذه المقتضيات القانونية أن المشرع العماني أجاز‬

‫منح الموظف اإلجازة الطارئة دون تحديد سبب معين لها‪ ،‬وترك آمر تقدير‬

‫منحها وفقا لمدى قناعة رئيس الوحدة التي يعمل بها‪ ،‬يقدمه الموظف‬

‫عند عودته من اإلجازة‪ ،‬وفي حال عدم الموافقة على منحه اإلجازة الطارئة‬

‫يتم خصم أيام تغيبه من رصيد إجازته السنوية أن كان له رصيد وإال خصم‬

‫من راتبه‪.‬‬

‫‪224‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫رابعا‪ :‬اإلجازة املرضية‬


‫يقتضي النهوض بمهام الوظيفة العامة توافر لياقة صحية لدى‬

‫القائم على تلك المهام‪ ،225‬ويعد ثبوت اللياقة الصحية أحد الشروط‬

‫الجوهرية ليس فقط للصالحية للتعيين في الوظائف العامة فقط‪ ،‬وإنما‬

‫لالستمرار فيها أيضا‪ ،‬غير أنه مهما كانت لياقة الموظف الصحية‪ ،‬فهو‬

‫معرض بين الحين واألخر لإلصابة ببعض األمراض التي قد تعوقه عن‬

‫القيام بالمهام الوظيفية بصورة جزئية أو كلية‪ ،‬لفترة قصيرة أو طويلة‪.‬‬

‫ويعتبر هذا الحق مستمدا من القانون وذلك تحقيقا لثالثة أغراض‬

‫فهو من ناحية يحقق غرضا إنسانيا برعاية الموظف العمومي في مرضه‬

‫وحماية صحته من التدهور إذا استمر في مشقة العمل وهو مريض ومن‬

‫ناحية ثانية يضمن حماية زمالء الموظف من التعرض للعدوى نتيجة‬

‫مخالطته لهم‪ ،‬ومن ناحية ثالثة يحقق الرعاية للمصلحة العامة نتيجة‬

‫حماية موظفي الدولة من تفاقم حالتهم المرضية وهو ما ينعكس‬

‫بالضرورة على قدرتهم على اإلنتاج‪.226‬‬

‫‪ - 225‬ال شك أن اللياقة الصحية شرط من شروط التعيين في الوظيفة العامة حيث نصت الفقرة (ح) من المادة (‪ )12‬من‬
‫قانون الخدمة المدنية على أنه "يشترط فيمن يعين في إحدى الوظائف الدائمة أن يكون الئقا طبيا للخدمة‪.‬‬
‫‪- 226‬لالستزادة انظر مليكة الصروخ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.212 :‬‬

‫‪225‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وفي هذا الشأن نجد المشرع تحقيقا لمصلحة الموظف والوظيفة‪،‬‬

‫يقرر للموظف إجازة مرضية براتب كامل أو بجزء منه‪ ،‬لمدة تطول أو تقصر‬

‫حسب نوع المرض الذي ألم به‪ ،‬والمدة المتطلبة للشفاء منه‪ ،‬فإذا كان‬

‫المرض بسيطا يحتاج الشفاء منه فترة قصيرة‪ ،‬فهنا يمنح الموظف إجازة‬

‫براتب كامل لمدة ال تزيد على سبعة أيام في المرة الواحدة‪ ،‬أما إذا كان‬

‫المرض يستوجب منح الموظف إجازة لمدة تزيد على سبعة أيام‪ ،‬فتكون‬

‫اإلجازة في حدود ستة أشهر براتب كامل‪ ،‬فإذا لم يشف من مرضه يمنح‬

‫ستة أشهر أخرى بثالثة أرباع الراتب وكامل البدالت‪.‬‬

‫ويستحق ذلك النوع من اإلجازة المرضية كل خمس سنوات تحسب من‬

‫تاريخ أول إجازة مرضية تزيد على سبعة أيام‪ ،‬وإذا كانت اإلجازة المرضية‬

‫ناتجة عن إصابة عمل فتمنح براتب كامل ودون التقيد بمدة بالسنوات‬

‫الخمس‪ ،‬فإذا انتهت تلك المدة المقررة لإلجازة المرضية دون أن يشفى‬

‫الموظف عرض أمره على الجهة الطبية المختصة لتقرر إمكانية أن يسند‬

‫إليه من العمل ما يناسب حالته‪ ،‬أو عدم لياقته صحيا‪.‬‬

‫على أنه إذا كان المرض يندرج ضمن فئة األمراض المزمنة‬

‫والمستعصية‪ ،‬فهنا يمنح الموظف إجازة مرضية بنصف الراتب وكامل‬

‫‪226‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫البدالت إلى أن يشفى أو تستقر حالته استقرارا يمكنه من القيام بعمله‬

‫أو بعمل يناسب حالته وفقا لما توصى به الجهة الطبية المختصة‪ ،‬أو‬

‫تثبت عدم لياقته صحيا بعجزه عن القيام بأي من ذلك بقرار من هذه‬

‫الجهة طبقا للمادة ‪ 72‬و‪ 73‬من قانون الخدمة المدنية‪.‬‬

‫هذا ويمنح الموظف اإلجازة المرضية عن طريق المستشفيات‬

‫والمراكز والمجمعات الصحية الحكومية والمؤسسات الصحية الخاصة‪،‬‬

‫ويتعين على الموظف عند مرضه أن يخطر جهة عمله بالمرض الذي‬

‫أصابه قبل أن يتوجه للعالج‪ ،‬ما لم يكن ذلك في غير أوقات العمل‬

‫الرسمية‪ ،‬وأن يقدم في حالة منحه إجازة مرضية ما يفيد ذلك‪ ،‬ويعتد‬

‫بكامل مدة اإلجازة المرضية إذا منحت من احد المستشفيات أو المراكز أو‬

‫المجمعات الصحية الحكومية أو المؤسسات الصحية الخاصة التي يصدر‬

‫بتحديدها قرار من وزير الصحة‪ ،‬فإذا منحت من مؤسسة غير مدرجة ضمن‬

‫المؤسسات التي يحددها هذا القرار اعتد بما ال يزيد على ثالثة أيام‬

‫ويتعين أن تكون اإلجازة في جميع األحوال معتمدة من الجهة الطبية‬

‫المختصة‪.‬‬

‫‪227‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫كما يعتد باإلجازة المرضية التي تمنح للموظف في حالة مرضه خارج‬

‫السلطنة‪ ،‬على أن يبلغ جهة عمله وبمدة اإلجازة التي منحت له و الشهادة‬

‫الطبية التي تفيد ذلك عند عودته‪ ،‬ويشترط لالعتداد بهذه الشهادة أن‬

‫تكون معتمدة من الجهة الطبية الرسمية بالبلد الذي عولج فيه الموظف‬

‫ومصدقا عليها من سفارة السلطنة ومعتمدة من وزارة الصحة بالسلطنة‬

‫كما أشارت إلى ذلك المواد ‪ 102‬و‪ 103‬من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة‬

‫المدنية‪ ،‬ومرد هذا كله مواجهة احتمال تمارض الموظف عبر ادعائه‬

‫المرض على خالف الحقيقة بغية الحصول على الراتب دون عمل يقابله‪،‬‬

‫أو حتى لمجرد محاولة التخلص من أعباء ومهام الوظيفة‪ ،‬وبإيثار الراحة و‬

‫االسترخاء على أداء المهام الوظيفية‪ ،‬وهنا يكون متعينا اتخاذ إجراءات‬

‫المساءلة اإلدارية تحقيقا لالنضباط الوظيفي‪.‬‬

‫ويكون القول الفصل في مدى استحقاق الموظف لتلك اإلجازة وضبط‬

‫مددها لهذه الجهات الطبية‪ ،‬ومن ثم يكون متعينا على جهة اإلدارة التقيد‬

‫بما تنتهي إليه في هذا الشأن‪ ،‬وفي هذا تطالعنا محكمة القضاء اإلداري‬

‫بسلطنة عمان بالقول " بحكم إدراك المشرع لما تصطبغ به المسائل‬

‫الطبية من طابع علمي وفني قد أوكل إلى الجهات الطبية المختصة‪ ،‬بحكم‬

‫‪228‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫ما لديها من خبرة في هذا المجال‪ ،‬القول الفصل في مدى استحقاق‬

‫الموظف إلجازات الطبية وضبط مددها‪ ،‬ونزع بالتالي عن السلطة اإلدارية‬

‫كل سلطة تقديرية في هذا الشأن‪.227"...‬‬

‫ختاما‪ ،‬يكون الموظف في حالة المرض الحق في االستفادة من اإلجازة‬

‫االعتيادية إذا كان له رصيد منها‪ ،‬سواء كان ذلك خالل مدة اإلجازة المرضية‬

‫أو عند انتهائها‪ ،‬فإذا وقعت اإلجازة المرضية كلها أثناء أية إجازة أخرى‬

‫مصرح للموظف بها فال يعتد بها‪ ،‬وإذا وقع جزء من اإلجازة المرضية في‬

‫نهاية اإلجازة المصرح بها اعتبرت المدة التي تزيد على تلك اإلجازة إجازة‬

‫مرضية‪ ،‬أما إذا استحق الموظف إجازة مرضية قبل قيامه باإلجازة‬

‫االعتيادية المصرح بها‪ ،‬اجل قيامه بهذه اإلجازة إلى وقت أخر ما لم يطلب‬

‫القيام بها طبقا لما نصت عليه المواد ‪ 75‬و‪ 76‬من قانون الخدمة المدنية‪.‬‬

‫وفي شأن اإلجازة المرضية أقرت محكمة القضاء اإلداري مبدأ عاما وذلك‬

‫في الدعوى االبتدائية رقم (‪ )18‬لسنة (‪ )2‬قضائية على أن "الموظف العام‬

‫يستمد حقه من اإلجازات المرضية وما يترتب عليها من رواتب تصرف له‬

‫‪- 227‬حكم محكمة القضاء اإلداري الصادر بتاريخ ‪ 10‬فبراير ‪ ،2014‬االستئناف رقم ‪ 783‬لسنة ‪ 14‬ق‪.‬س‪ ،‬المكتب الفني‪،‬‬
‫"مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها محكمة القضاء اإلداري بسلطنة عمان في العام القضائي الخامس عشر"‪،‬‬
‫‪ ،2015/2014 ،1436/1435‬ج األول‪ ،‬ص ‪.80‬‬

‫‪229‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫طبقا لها من القانون مباشرة وليس للجهة اإلدارية أدنى سلطة تقديرية‬

‫في تقدير ذلك من عدمه ما دامت قد توافرت أو لم تتوافر شروط منح‬

‫هذه اإلجازة المرضية له‪.‬‬

‫وهذا المبدأ يتفق كثيرا مع نص المادة (‪ )89‬من القانون المشار إليه‪،‬‬

‫حيث نصت هذه المادة بالقول ‪":‬تمنح اإلجازات بأنواعها‪ ،‬عدا اإلجازة‬

‫المرضية‪ ،‬بموافقة رئيس الوحدة بناء على طلب الموظف‪ ،‬وتبين الالئحة‬

‫اإلجراءات الالزمة لمنح اإلجازات ‪ ،"...‬والمستفاد من ذلك أن المشرع‬

‫استثنى اإلجازة المرضية من ضرورة تقدم الموظف بطلب منحه إجازة‬

‫مرضية وموافقة رئيس الوحدة على هذا الطلب‪ ،‬ذلك أن هذا النوع من‬

‫اإلجازات يمنح بقرار من الجهة الطبية المختصة وليس لجهة الموظف‬

‫أدنى سلطة تقديرية في منح أو عدم منح اإلجازة المرضية وما يترتب على‬

‫ذلك من حقوق ‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬إجازات متعلقة حباالت خاصة‬


‫إلى جانب ما يتمتع به الموظفون من إجازات رسمية واعتيادية‬

‫ومرضية وعارضة‪ ،‬قرر المشرع منح البعض منهم إجازات أخرى تقتضيها‬

‫ظروف وأسباب خاصة‪ ،‬ال تتوفر إال لفئات معينة وفي حاالت خاصة‪ ،‬جانب‬

‫‪230‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫من هذه اإلجازات يكون براتب كامل والجانب األخر يكون بدون راتب‪ ،‬األمر‬

‫الذي نرى معه تناول تلك اإلجازات عبر نقطتين مستقلتين نفرد األولى‬

‫لبيان اإلجازات الخاصة ذات الراتب‪ ،‬والثانية لتوضيح اإلجازات الخاصة التي‬

‫تكون بدون راتب وذلك على النحو األتي‪:‬‬

‫‪ ‬اإلجازات الخاصة براتب كامل‬

‫تتمثل اإلجازات الخاصة التي أجاز المشرع منحها للموظف بمناسبة‬

‫ظروف وأحوال خاصة براتب كامل في اإلجازات اآلتية طبقا للمواد ‪78‬‬

‫و‪79‬و‪ 80‬و‪83‬و‪84‬و‪87‬و‪ 88‬من قانون الخدمة المدنية‪ ،‬والفقرات‬

‫‪ 5/4/3/2/1‬من الفصل ‪ 14‬من القانون األساسي للوظيفة العمومية‬

‫المغربي‪.‬‬

‫إجازة أداء فريضة الحج إلى بيت اهلل الحرام‪ ،‬تكون هذه‬ ‫‪-‬‬

‫اإلجازة لمدة ال تزيد على عشرين يوما وتمنح مرة واحدة طوال مدة‬

‫خدمة الموظف في الحكومة في كال النظامين الوظيفيين‪ ،228‬مع‬

‫إضافة المشرع العماني لمقتضى مفاده أنه‪ ،‬وفي حالة تجاوز‬

‫‪ - 228‬تنص الفقرة الخامسة من الفصل ‪ 41‬من القانون األساسي للوظيفة العمومية على أنه "للموظفين المسلمين الراغبين‬
‫في أداء فريضة الحج‪ ،‬وال تعطى هذه الرخصة إال مرة واحدة في الحياة اإلدارية والحق لهؤالء الموظفين في التمتع‬
‫بالرخصة المـقررة في الفصل ‪ 40‬خالل السنة التي ينالون فيها تلك الرخصة الخصوصية"‪.‬‬

‫‪231‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الموظف تلك المدة تحسب المدة الزائدة إجازة اعتيادية إن كان له‬

‫رصيد منها‪ ،‬وإال اعتبرت إجازة بدون راتب‪ ،‬كما أن المشرع المغربي‬

‫لم يحدد مدة هذه اإلجازة كما تشير الفصل إلى ذلك‪.‬‬

‫‪-‬إجازة خاصة بالموظفة التي يتوفى عنها زوجها؛ تستحق الموظفة‬

‫التي يتوفى عنها زوجها إجازة خاصة للعدة المنصوص عليها في قانون‬

‫األحوال الشخصية براتب كامل لمدة أربعة أشهر وعشرة أيام من تاريخ‬

‫الوفاة‪ ،‬وإجازة لتغطية فترة ما قبل وبعد الوالدة تكون هذه اإلجازة لمدة‬

‫خمسين يوما براتب كامل وبما ال يزيد خمس مرات طوال مدة الخدمة في‬

‫الحكومة‪ ،‬بالنسبة لقانون الخدمة الدنية بسلطنة عمان‪ .‬اما بالنسبة‬

‫للتشريع المغربي‪ ،‬فتستفيد الموظفات أوالت األحمال وفقا لما يقضي به‬

‫الفصل ‪ 46‬من القانون األساسي للوظيفة العمومية من رخصة عشر‬

‫أسابيع مع تقاضي رواتبهن‪ ،‬إذا تعلق األمر ببعض الحاالت كالوالدة‬

‫العادية أو قبل تاريخها‪ ،‬والدة عادية لولد حي ثم مات بعد والدته بقليل‬

‫أو والدة قبل تاريخها لولد حي ومات بعد والدته بقليل‪ .‬أما التشريع‬

‫المصري فقد نص في الالئحة التنفيذية الخاصة بقانون الخدمة المدنية‬

‫على أن الموظفة تستحق إجازة الوضع حتى وان توفي مولودها وقد‬

‫‪232‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫تحددت هذه اإلجازة في مدة أربعة أشهر على أن تبدأ اإلجازة من اليوم‬

‫التالي للوضع ويجوز أن تبدأ قبل شهر من التاريخ المتوقع للوضع بناء‬

‫على طلب مقدم من الموظفة وتقرير المجلس الطبي المختص‪.‬‬

‫كما أوردت المادة ‪ 107‬من الالئحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية‬

‫مقتضى تشريعي مفاده أن منح هذه اإلجازة لتغطية فترة ما قبل الوالدة‬

‫بمقتضى توصية من الجهة الطبية المختصة‪ ،‬على أال تتجاوز مدتها عشرة‬

‫أيام على أن تمنح باقي مدة هذه اإلجازة من تاريخ الوالدة‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬أشارت المادة ‪ 108‬من الالئحة التنفيذية لقانون‬

‫الخدمة المدنية إلى أنه يمنح الموظف الذي يتم اختياره لتمثيل السلطنة‬

‫في األنشطة الرياضية والثقافية أو للمشاركة في اإلحتفاالت الرسمية‬

‫إجازة خاصة براتب كامل لمدة ال تزيد على المدة الضرورية التي تحددها‬

‫الجهة الخاصة‪ ،‬ويدخل في هذه المدة فترة اإلعداد والسفر إذا استلزم األمر‬

‫ذلك‪.‬‬

‫وهناك نوع آخر من اإلجازات التي تندرج ضمن اإلجازات الخاصة‪،‬‬

‫يتعلق األمر بإجازة لمرافقة مريض للعالج‪ ،‬يجوز منح الموظف إجازة‬

‫‪233‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫خاصة براتب كامل لمدة خمسة عشر يوما لمرافقة مريض للعالج خارج‬

‫السلطنة‪ ،‬كما يجوز منحها لمرافقة مريض للعالج داخل السلطنة إذا قررت‬

‫الجهة الطبية المختصة ضرورة ذلك‪ ،‬فإذا جاوز العالج المدة المذكورة كان‬

‫لرئيس الوحدة مد اإلجازة لمدة ال تزيد على ثالثين يوما أخرى‪ ،‬وإذا زادت‬

‫المدة على ذلك حسبت المدة الزائدة إجازة اعتيادية إن كان للموظف‬

‫رصيد منها‪ ،‬وإال اعتبرت إجازة بدون راتب‪.‬‬

‫ويشترط لمنح اإلجازة المذكورة في التشريع العماني‪ ،‬أال يكون‬

‫الموظف معينا بطريق التعاقد‪ ،‬وان يثبت مرض المراد مرافقته وان‬

‫تقضي ظروف مرض المراد مرافقته ترقيده في المستشفى إذا كانت‬

‫المرافقة داخل السلطنة بناء على ما تقرره اللجنة الطبية المختصة‪ ،‬وان‬

‫يكون الموظف زوجا للمريض أو قريبا له من الدرجة األولى أو الثانية‪ ،‬على‬

‫أن يثبت ذلك بمستند رسمي‪ ،‬ويستثنى من ذلك حالة المرافقة للعالج‬

‫من إصابة عمل فإذا كانت مرافقة المريض للعالج خارج السلطنة فال‬

‫يشترط إذا اقتضت الضرورة أن يكون الموظف زوجا للمريض أو قريبا له‬

‫من الدرجة األولى أو الثانية‪ ،‬وإال يزيد عدد المرافقة على ثالث مرات في‬

‫السنة‪.‬‬

‫‪234‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وفي جميع األحوال نصت المادة ‪ 106‬من الالئحة التنفيذية لقانون‬

‫الخدمة المدنية على أنه يتعين على الموظف أن يقدم عقب عودته إلى‬

‫جهة عمله شهادة من الجهة التي تولت عالج المريض تثبت مرافقته‪ ،‬على‬

‫أن تكون معتمدة من الجهة الطبية الرسمية إذا كان العالج بالخارج‬

‫ومصادقا عليها من سفارة السلطنة أن كان لها سفارة في البلد الذي تم‬

‫العالج به‪.‬‬

‫وأخيرا هناك إجازة دراسية للحصول على مؤهالت علمية معينة‪،‬‬

‫وإجازة ألداء االمتحانات؛ حيث يجوز بالنسبة لألولى بقرار من رئيس الوحدة‬

‫منح الموظف المعين بغير طريق التعاقد الذي يرغب في الدراسة على‬

‫نفقته الخاصة إجازة دراسية براتب كامل للحصول على المؤهالت العلمية‬

‫التالية أو ما يعادلها؛ درجة الماجستير أو الدكتوراه؛ درجة الباكالوريوس؛‬

‫دبلوم لمدة ال تقل عن سنة بعد درجة الباكالوريوس؛ دبلوم لمدة ال تقل‬

‫عن سنة بعد إتمام الشهادة العامة‪ .‬كما يستحق الموظف بالنسبة للثانية‬

‫إجازة براتب كامل ألداء االمتحانات بما ال يجاوز المدة الالزمة لذلك‪ ،‬ويشترط‬

‫لمنح الموظف هذه اإلجازة أن يكون مقيدا للدراسة في إحدى الجامعات أو‬

‫الكليات أو المعاهد أو المدارس المعترف بها من الجهات المختصة‬

‫‪235‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫بالسلطنة‪ ،‬وان يقدم وفق طلب اإلجازة إفادة بقيده وبالمدة المقررة ألداء‬

‫االمتحان‪ ،‬وإال تتجاوز مدة اإلجازة المدة المقررة ألداء االمتحان داخل‬

‫السلطنة وإال تتجاوزها مضافا إليها ثالثة أيام قبل موعد بدء االمتحان‬

‫ويومين عقب انتهائه‪ ،‬إذا كان خارج السلطنة على أن يدخل في حساب‬

‫األيام المضافة يوما اإلجازة األسبوعية وإال تمنح اإلجازة إال مرة واحدة لكل‬

‫امتحان من امتحانات السنة الدراسية الواحدة‪ ،‬ويجوز منح اإلجازة لمرة‬

‫أخرى ألداء أي من امتحانات السنة الدراسية التي تمنح المؤهل العلمي‬

‫عقب أدائها حتى ولو كانت مدة الدراسة المقررة لمنحه سنة واحدة‪.‬‬

‫وعلى الموظف أن يقدم إلى جهة عمله ما يفيد أداء االمتحان بعد‬

‫انتهاء مدة كل امتحان من امتحانات السنة الدراسية وإال وجبت مساءلته‬

‫إداريا‪.‬‬

‫‪ ‬اإلجازات الخاصة بدون راتب‬

‫تتمثل اإلجازات الخاصة التي أجاز المشرع منحها للموظف بمناسبة‬

‫ظروف وأحوال خاصة بدون راتب في اإلجازات اآلتية‪:‬‬

‫‪236‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪-‬إجازة لمرافقة الزوج‪ ،‬يستحق الموظف الذي اجتاز فترة االختبار‬

‫إجازة خاصة بدون راتب لمرافقة زوجه إذا أوفد في بعثة أو منحة دراسية‬

‫أو دورة تدريبية أو إجازة دراسية أو انتداب أو أعير أو نقل خارج السلطنة‬

‫ويشترط لمنح هذه اإلجازة إال يكون الموظف معينا بطريق التعاقد وأال‬

‫تقل مدتها عن ستة أشهر وان يتقدم بطلب الحصول عليها قبل شهر من‬

‫التاريخ الذي يحدده للقيام بها‪.‬‬

‫وال يجوز طلب الحصول على هذه اإلجازة لمدة أو مدد أخرى إال بعد‬

‫انقضاء مدة في العمل مساوية لمدة أخر إجازة لمرافقة الزوج حصل عليها‬

‫الموظف‪.‬‬

‫‪-‬إجازة لرعاية الطفل‪ ،‬تمنح الموظفة إجازة خاصة بدون راتب لمدة‬

‫ال تزيد على سنة لرعاية طفلها ويشترط لمنح هذه اإلجازة أن تتقدم‬

‫بطلب الحصول عليها خالل سنة من تاريخ انتهاء إجازة الوالدة وإال تكون‬

‫معينة بطريق التعاقد‪.‬‬

‫‪-‬إجازة ألسباب يقدرها رئيس الوحدة‪ ،‬يجوز ألسباب يقدرها رئيس‬

‫الوحدة منح الموظف إجازة خاصة بدون راتب لمدة ال تزيد على سنة قابلة‬

‫‪237‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫للتجديد بحد أقصى أربع سنوات طوال مدة خدمته ويشترط لمنح هذه‬

‫اإلجازة إال يكون الموظف معينا بطريق التعاقد ما لم تقتض مصلحة منحه‬

‫اإلجازة المذكورة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬بعض مناذج املنازعة القضائية لإلجازات يف‬


‫النظام الوظيفي املغربي والعماني‬
‫حرص المشرع في جل األنظمة الوظيفية على حماية حق الموظف‬

‫في االستفادة من اإلجازات أو الرخص القانونية‪ ،‬وكفلها بضمانات قانونية‬

‫واضحة‪ ،‬غير أن التجربة الوظيفية للموظفين في إداراتهم قد تنتج عنها‬

‫العديد من الخالفات في احتساب مدد اإلجازات كما هو الحال بالنسبة‬

‫لبعض اإلجازات المتعلقة بالمرض‪ ،‬مما يسمح للقضاء اإلداري بالتدخل من‬

‫اجل الفصل في تلك المنازعات والموازنة بين حق الموظف الشخصي في‬

‫استفادته من اإلجازة وما ينتج عنها من حقوق من جهة‪ ،‬وبين حق اإلدارة‬

‫باعتبارها ممثلة المصلحة العامة‪.‬‬

‫ولعل الرجوع إلى المنازعات اإلدارية المتعلقة بموضوع اإلجازات‪،‬‬

‫يسعف لنا بالتمثيل على ذلك ببعض اإلحكام والقرارات القضائية التي‬

‫صدرت بشأن بعض اإلجازات‪ .‬وفي هذا اإلطار يوضح القضاء اإلداري‬

‫‪238‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫بسلطنة عمان الغاية من إقرار اإلجازة للموظف أثناء مرضه‪ ،‬كما يبين‬

‫أحوالها‪ ،‬إذ نقرأ في الحكم‪ 229‬ما نصه‪":‬حرص المشرع على المحافظة على‬

‫حقوق الموظف الوظيفية في حالة المرض‪ ،‬وقرر منحه إجازة مرضية لمدة‬

‫أسبوع إذا تطلبت حالته المرضية مدة أطول من ذلك منح إجازة لمدة‬

‫ستة أشهر براتب كامل ومثيلها بثالثة أرباع الراتب وكامل البدالت تمنح‬

‫هذه اإلجازة كل خمس سنوات بدءا من تاريخ أول إجازة للستة أشهر األولى‪،‬‬

‫إال إذا كان المرض ناجما عن إصابة عمل فيتم منح الموظف اإلجازة براتب‬

‫كامل ودون التقيد بمدة الخمس سنوات في حال عدم شفاء الموظف رغم‬

‫انتهاء إجازته المرضية‪ ،‬يتم عرضه على الجهة الطبية المختصة لتقرير‬

‫مدى لياقته صحيا للعمل‪ ،‬سواء بإسناد عمل آخر إليه يتناسب وحالته‬

‫الصحية‪ ،‬أو عدم لياقته صحيا للعمل"‪.230‬‬

‫وفي االجتهادات القضائية الصادرة عن الغرفة اإلدارية (المجلس‬

‫األعلى سابقا) بالمملكة المغربية‪ ،‬أكد في العديد من قراراتها على انه ال‬

‫‪ - 229‬انظر اإلستئنافان رقم ‪ 359‬و‪ 361‬للسنة ‪ ،10‬ق‪.‬س‪ ،‬جلسة ‪ 13‬دجنبر ‪ 2012‬للسنة القضائية ‪.11‬‬
‫‪ - 230‬هناك آخر صدر عن محكمة القضاء اإلداري بسلطنة عمان سنة ‪ ،2010‬يقضي بأحقية الموظف في أن تنظر في‬
‫حالته الصحية لجنة طبية مختصة وهو يستفيد من إجازات مرضية حيث أورد الحكم ما نصه‪ ":‬حماية من المشرع للموظف‬
‫الذي يصاب بمرض قرر منحه إجازات مرضية لمدد معينة بعضها براتب كامل وبعضها بثالثة أرباع الراتب باستنفاذ‬
‫الموظف لمدد اإلجازات المرضية يعرض أمره على اللجنة الطبية المختصة لتقرير أحد أمرين ‪:‬إما عدم لياقته صحيا للعمل‬
‫أو صالحيته لعمل آخر يتناسب وحالته الصحية"‪ ،‬انظر االستئناف رقم ‪ 15‬لسنة ‪ ،2010‬ق‪.‬س‪ ،‬جلسة ‪ 8‬مارس ‪2010‬‬
‫للسنة القضائية ‪.2010‬‬

‫‪239‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫يمكن حرمان الموظف من التمتع بحق حصوله على الرخصة إال في إطار‬

‫ما ينص عليه القانون وقد اعتبرت في أحد تلك القرارات أن قرار وزير‬

‫الفالحة مشوبا بعدم الشرعية ألنه حرم الطاعن من التمتع برخصته‬

‫عندما قبل استقالته من يوم ‪ 15‬يوليوز ‪ 1969‬بدل غشت ‪.2311969‬‬

‫وفي نفس الصدد‪ ،‬اعتبرت المحكمة اإلدارية بالرباط‪ ،‬أن القرار‬

‫المطعون فيه‪ ،‬قد خرق القانون حينما لم يأخذ بعين االعتبار الشهادة‬

‫الطبية المدلى بها لدى الطاعن في تبرير غيابه‪ ،‬فضال عن إلغائها لقرار‬

‫إداري تأديبي استند على عدم تقديم الشهادة الطبية داخل اجل ‪ 48‬ساعة‪،‬‬

‫لغياب نص قانوني يوجب على الموظف التقيد بالمدة المشار إليها أعاله‪.‬‬

‫وبالتالي‪ ،‬يمكن للباحث القول أن المحاكم اإلدارية بالمملكة المغربية‪،‬‬

‫قد مارست رقابتها بشدة على القرارات المتعلقة بالرخص رغم أن هذا‬

‫النوع من المنازعات بين اإلدارة والموظف لم يطرح كثيرا أمامها‪ 232‬بقدرما‬

‫كان يحل بطريقة حبية بين األطراف‪.‬‬

‫‪- 231‬قرار عدد ‪ 76‬بتاريخ ‪ 16‬فبراير ‪ ،1973‬أورده عبد هللا حداد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.140 :‬‬
‫‪ - 232‬عبد اإلله اإلدريسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪37.‬‬

‫‪240‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫كما يدعوا من جهته‪ ،‬القضاء اإلداري بالسلطنة في أحكام أخرى صدرت‬

‫عن محكمة القضاء اإلداري‪ ،‬على اإلدارة ضرورة التقيد بما انتهت إليه‬

‫الجهات الطبية المختصة بشأن تتبع الحالة الصحية للموظف وهل له‬

‫الحق في االستفادة من اإلجازة الطبية وضبط مددها‪ ،‬فضال إلى ترجيح‬

‫سلطتها في العمل على تحقيق التوازن بين المصلحة الشخصية للموظف‬

‫والعمل‪ ،‬ويمكن قراءة حيثيات الحكم‪ 233‬من خالل استعراضه لفظيا كما‬

‫يلي‪" :‬بحكم إدراك المشرّع لما تصطبغ به المسائل الطبيّة من طابع علميّ‬

‫وفنّي قد أوكل إلى الجهات الطبيّة المختصّة‪ ،‬بحكم ما لديها من خبرة في‬

‫هذا المجال‪ ،‬القول الفصل في مدى استحقاق الموظّف لإلجازات الطبيّة‬

‫وضبط مددها‪ ،‬ونزع بالتّالي عن السّلطة اإلداريّة كلّ سلطة تقديريّة في‬

‫ق االنتفاع بإجازة مرضيّة براتب‬


‫هذا الشّأن‪ ،‬وقد خوّل المشرّع للموظّف ح ّ‬

‫كامل لمدّة ستّة أشهر تليها مدّة مماثلة لكن بثالثة أرباع الراتّب وكامل‬

‫البدالت وذلك في حدود فترة زمنيّة قدّرها المشرّع بخمس سنوات انطالقا‬

‫من تاريخ أوّل إجازة مرضيّة تفوق مدّتها سبعة أيّام‪ ،‬وإذا انقضت مدّة‬

‫الستّة أشهر الثانية دون أن يشفى الموظّف أوجب المشرّع على جهة‬

‫‪ - 233‬االستئناف رقم ‪ 783‬للسنة ‪ ،14‬ق‪.‬س‪ ،‬جلسة ‪ 10‬فبراير ‪ ،2014‬للسنة القضائية ‪.15‬‬

‫‪241‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫اإلدارة الّتي يعمل بها أن تحيله إلى الجهة الطبيّة المختصّة الّتي هي‬

‫مدعوّة بنصّ القانون إلى الفصل في حالته بإحدى صورتين؛ إمّا أن تحدّد‬

‫له عمال يتالءم وحالته الصحيّة بما يحقّق التّوازن بين المصلحة‬

‫الشخصيّة للموظّف ومصلحة العمل‪ ،‬بحيث ال يتضرّر أحدهما‪ ،‬أو أن تقرّر‬

‫أنّ حالته الصحيّة أصبحت عائقا دون إمكانيّة استمراره في االضطالع بأيّ‬

‫وظيفة مهما كانت طبيعتها بما يترتّب عليه وجوبا إحالته إلى المعاش‬

‫من أجل العجز البدني غير النّاتج عن العمل في الصّورة الّتي يكون فيها‬

‫المرض غير راجع إلى إصابة عمل على معنى المادّة ‪ 90‬من قانون الخدمة‬

‫المدنيّة‪ ،‬إال أنّ هذا اإللزام القانوني المحمول على عاتق جهة اإلدارة ال ينشأ‬

‫إال حال استنفاذ الموظّف لحقّه من رصيد اإلجازات الّتي يخوّلها له‬

‫القانون‪.234‬‬

‫‪ - 234‬صدر حكم استئنافي عن محكمة القضاء اإلداري بسلطنة عمان سنة ‪ 2010‬يقضي بوجوب التزام اإلدارة بتوصية‬
‫اللجان الطبية التي تقرر في إجازة الموظف المرضية بناء على تطور حالته أو تدهورها وقد قرر الحكم ما يلي‪" :‬حددت‬
‫المادة ‪ 72‬من قانون الخدمة المدنية استحقاق الموظف في حالة المرض اإلجازة التي تمنح له بقرار من الجهة الطبية‬
‫المختصة‪ ،‬كما حددت تلك اإلجازات من حيث مداها والراتب الذي ينبغي صرفه للموظف المريض والمدة القصوى لتلك‬
‫اإلجازات الطبية حدها األقصى ستة أشهر ؛ لتقرر في حالة عدم شفاء الموظف أحد أمرين ‪:‬إما إمكانية أن يسند إليه من‬
‫العمل ما يناسب حالته بما من شأنه بقائه في العمل‪ ،‬أو عدم لياقته صحيا بما من شأنه انتهاء خدمته‪ .‬المعيار عندما تتخذ‬
‫الجهة الطبية المختصة قرارها للخيار بين األمرين هو ‪:‬انتهاء اإلجازة المرضية دون شفاء الموظف تفسير عدم الشفاء‬
‫مهنيا يتحقق إما ابتداء وذلك في الحاالت التي يقرر فيها األطباء أهل االختصاص أن المرض المصاب به الموظف قابل‬
‫للشفاء‪ ،‬أو أنه مستعص ال رجاء في الشفاء منه‪ ،‬وبالتالي فإنها عندما تقرر نقل الموظف إلى وظيفة تتناسب مع حالته‬
‫المرضية؛ فإنها بذلك تقرر في مسألة فنية ومهنية هي األقدر على تحديدها بنظرة مهنية قوامها النظر لمآل الحالة المرضية‬
‫والوظيفة المناسبة لها مؤدى ما تقدم ‪:‬وجوب تنفيذ ما تقرره الجهات الطبية المختصة"‪ ،‬انظر االستئناف رقم ‪ 368‬للسنة‬
‫‪10‬ن ق‪.‬س‪ 18 ،‬أكتوبر ‪ 2010‬للسنة القضائية ‪.2011‬‬

‫‪242‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وبالرغم من الحماية التي يوفرها القضاء اإلداري للموظف وحقوقه‬

‫في الحصول على اإلجازات أو الرخص‪ ،‬خاصة المرضية‪ ،‬فان مهمته‬

‫األساسية هي البحث عن التوازن بين المصلحتين؛ مصلحة الموظف‬

‫الشخصية ومصلحة اإلدارة العامة‪ ،‬حيث للقضاء إمكانية قبول طلبات‬

‫اإلدارة فيما يتعلق باإلجراءات التحقيقية‪ ،‬للتأكد من جدية اإلجازات أو‬

‫الرخص المرضية‪ ،‬وفي هذا اإلطار أوردت المحكمة اإلدارية بفاس سنة‬

‫‪ ،1996‬بالمملكة المغربية‪ ،‬إمكانية قيام اإلدارة بإجراء فحص مضاد إذا لم‬

‫تقتنع بالرخص المرضية المدلى بها‪ ،‬حيث صرحت في حيثياتها بما يلي"‬

‫إن القرار القاضي باقتطاع أجرة شهر من راتب الطاعن الذي سبق له إن‬

‫استفاد من رخصة مرضية اثبت الفحص المضاد عدم احتياجه إليها يعد‬

‫تصرفا متفقا واألحكام التي تقضي بسقوط الحق في األجر المدفوع عم‬

‫مرض غير ثابت وبالتالي على خدمة غير منجزة"‪.235‬‬

‫يبدوا أن المنازعات القضائية في مجال اإلجازات أو الرخص القانونية‬

‫المخولة للموظف سواء بالنسبة للقضاء اإلداري بسلطنة عمان أو المملكة‬

‫‪- 235‬حكم عدد ‪ 96/96‬صادر عن المحكمة اإلدارية بفاس‪ ،‬بتاريخ ‪ 24‬ابريل ‪ ،1996‬قضية السيد الصفريوي عبد‬
‫الكريم ضد رئيس المجلس البلدي لصفرو ومن معه‪ ،‬حكم غير منشور‪.‬‬

‫‪243‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫المغربية‪ ،‬قليلة بالمقارنة مع بعض المنازعات المتعلق بالترقية والعزل‬

‫والتعويضات‪ ،‬غير انه بالرغم من ذلك فان القضائيين اإلداريين بكال‬

‫النظامين لعبا دورا مميزا في الموازنة بين حق الموظف في الحصول على‬

‫إجازاته القانونية دون المساس بسير المرفق العمومي أو اإلدارة التي‬

‫يعمل لصالحها الموظف‪.‬‬

‫خامتة‪:‬‬
‫يبدوا من خالل استقراء المعطيات المفاهيمية والتشريعية‬

‫بالمملكة المغربية وسلطنة عمان‪ ،‬أن نظام اإلجازات أو الرخص وإن كان‬

‫يختلف من نظام وظيفي آلخر فإنه يشترك في األهداف التي من أجله تم‬

‫إقراره فيهما؛ حيث من غير المنطقي تصور أداء الموظف لألعمال المنوطة‬

‫به دون االستفادة من فترة زمنية يستطيع من خاللها استعادة حيويته‬

‫ونشاطه المهني والنفسي واالجتماعي‪.‬‬

‫ولما كان إخضاع النصوص القانونية للممارسة يكشف عن بعض‬

‫النواقص‪ ،‬فيحق للباحث اإلدالء ببعضها‪ ،‬من الناحية القانونية ومن‬

‫الناحية الموضوعية بالنسبة للنموذج الوظيفي بسلطنة عمان؛ فعلى‬

‫المستوى األول‪ ،‬يستحسن تعديل المادة ‪ 77‬من قانون الخدمة المدنية‬

‫‪244‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫في شأن اإلجازة الطارئة بحيث يكون النص على النحو اآلتي‪" :‬يستحق‬

‫الموظف لسبب طارئ أو لعذر خارج عن إرادته يقدرهما رئيس الوحدة أو‬

‫من يفوضه إجازة براتب كامل لمدة عشرة أيام في السنة بشرط أن يكون‬

‫الموظف قد استنفذ رصيده من اإلجازات االعتيادية"‪ ،‬فضال عن إعادة‬

‫النظر في المادة ‪ 78‬من نفس القانون المتعلقة بإجازة أداء فريضة الحج‬

‫لتقتصر على الموظف المعين بغير طريق التعاقد‪ ،‬وذلك على النحو‬

‫اآلتي‪" :‬يستحق الموظف المعين بغير طريق التعاقد إجازة خاصة براتب‬

‫كامل ألداء فريضة الحج إلى بيت اهلل الحرام لمدة ال تزيد على عشرين‬

‫يوما‪ ،‬وتمنح هذه اإلجازة مرة واحدة طوال مدة خدمته في الحكومة"‪.‬‬

‫ومن جهة ثانية‪ ،‬يمكن تعديل المادة ‪ 79‬من قانون الخدمة المدنية‬

‫التي تتعلق بإجازة العدة بحيث يقتصر منحها على الموظفة المسلمة‬

‫وبدون االستناد لقانون األحوال الشخصية‪ ،‬والمادة ‪ 80‬بشأن إجازة الوالدة‬

‫بحيث يكون النص على النحو اآلتي‪" :‬تمنح الموظفة إجازة خاصة لتغطية‬

‫فترة ما بعد الوالدة وذلك لمدة خمسين يوما براتب كامل‪ ،‬ويجوز لها أن‬

‫تطلب منحها هذه اإلجازة قبل فترة الوالدة بما ال يجاوز‪ (...‬تحدد مدة‬

‫معينة من إجمالي مدة اإلجازة المقررة) يوما منها"‪.‬‬

‫‪245‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫أما من الناحية الموضوعية‪ ،‬فيرى الباحث ضرورة غرس ثقافة‬

‫القانون ونشر الوعي القانوني من خالل إقامة ورش عمل لشاغلي‬

‫الوظائف القيادية‪ ،‬وتكثيف البرامج المتخصصة في إدارة شؤون‬

‫الموظفين لكافة المستويات الوظيفية‪ ،‬وإيجاد قناة تواصل مفتوحة‬

‫للتواصل بين الموظفين وبين شاغلي الوظائف العليا‪ ،‬واطالع متخذي‬

‫القرار من الوظائف اإلشرافية واإلدارة العليا على المبادئ القانونية‬

‫واألحكام القضائية التي تصدر عن محكمة القضاء اإلداري‪.‬‬

‫كما يبدوا على مستوى النموذج الوظيفي بالمملكة المغربية أن‬

‫هناك إرادة حقيقية إلعادة النظر ليس فقط في بعض الحقوق المعنوية‬

‫التي يتمتع بها الموظف‪ ،‬بل هناك مشاريع اقتراحية إلصالح القانون‬

‫األساسي للوظيفة العمومية خاصة أن هذا القانون من الناحية التاريخية‬

‫قديم‪ ،‬ويحتاج للمزيد من التطوير والتحديث في ظل التطورات‬

‫المجتمعية والتكنولوجية والتواصلية التي يشهدها المغرب‪ ،‬ولعل أهمها‬

‫اإلستراتيجية الوطنية لإلصالح اإلداري التي تركز على تحوالت أربعة؛‬

‫التحول التنظيمي والقانوني من خالل إعادة النظر في الترسانة القانونية‬

‫للوظيفة العمومية‪ ،‬والتحول األخالقي الذي يشمل محاربة جميع أوجه‬

‫‪246‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الفساد والسعي لدمج األخالقيات المرفق العمومي‪ ،‬والتحول الرقمي الذي‬

‫يرمي إلى االعتراف بالوسائل الحديثة واالستفادة من ايجابياتها‪ ،‬وأخيرا‬

‫التحول المؤسساتي من خالل ربط المصالح العمومية واإلدارات بأساليب‬

‫التنسيق والتعاون‪.‬‬

‫‪247‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الئحة املراجع املعتمدة‪:‬‬


‫مؤلفات‬

‫‪ ‬أحمد كانش ووعبد المؤمن مجدوب " نظام العطل في الوظيفة العمومية‬

‫في كل من الجزائر وتونس‪ :‬دراسة مقارنة في ظل القانون األساسي العام للوظيفة‬

‫العمومية"‪ ،‬دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬المجلد ‪ ،12‬عدد ‪2020 ،02‬؛‬

‫‪ ‬رضوان بوجمعة‪ ،‬الوظيفة العمومية المغربية على درب التحديث‪ ،‬الطبعة‬

‫األولى‪ ،2003 ،‬بدون دار النشر؛‬

‫‪ ‬عبد اإلله اإلدريسي‪" ،‬دور القضاء اإلداري المغربي في حماية الموظف‬

‫العمومي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬وحدة اإلدارة العامة‪ ،‬جامعة‬

‫محمد األول‪-‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وجدة‪ ،‬المغرب‪،‬‬

‫السنة الجامعية ‪2001-2000‬؛‬

‫‪ ‬عبد اهلل حداد‪" ،‬القضاء اإلداري المغربي على ضوء القانون المحدث للمحاكم‬

‫اإلدارية"‪ ،‬مطابع منشورات عكاظ‪ ،‬الرباط‪1994 ،‬؛‬

‫‪ ‬عصام مهدى محمد عابدين‪" ،‬قانون الخدمة المدنية والئحته التنفيذية‬

‫ودوره في تحقيق اإلصالح اإلداري ومكافحة الفساد وتحسين الخدمة في الجهاز‬

‫اإلداري للدولة" دار محمود للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪2018/2017 ،‬؛‬

‫‪248‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪ ‬مليكة الصروح‪" ،‬النظام القانوني للموظف العمومي"‪ ،‬الطبعة األولى‪،1994 ،‬‬

‫بدون دار نشر؛‬

‫‪ ‬نواف كنعان‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬

‫الطبعة األولى ‪2001‬؛‬

‫مراسيم وقوانين واجتهادات قضائية‪:‬‬

‫‪ ‬مرسوم سلطاني رقم ‪ ،2004/120‬صادر بتاريخ ‪ 15‬ذي القعدة ‪ 1425‬الموافق‬

‫ل ‪ 28‬ديسمبر ‪2004‬م؛‬

‫‪ ‬مرسوم سلطاني رقم ‪ 97/101‬المتعلق بالنظام األساسي للدولة‪ ،‬صادر‬

‫بتاريخ ‪ 24‬جمادى الثانية ‪ 6/1418‬نونبر ‪.1996‬‬

‫‪ ‬مرسوم سلطاني رقم ‪ 2004/120‬المتعلق بالخدمة المدنية بسلطة عمان‪،‬‬

‫صادر بتاريخ ‪ 15‬ذي القعدة ‪ 28 /1425‬دجنبر ‪.2004‬‬

‫‪ ‬مرسوم سلطاني رقم ‪ 99/90‬المتعلق بقانون السلطة القضائية بسلطنة‬

‫عمان‪ ،‬صادر بتاريخ ‪ 13‬شعبان ‪ 21/1425‬نونبر ‪.1999‬‬

‫‪ ‬مرسوم سلطاني رقم ‪ 99/91‬المتعلق بإنشاء محكمة القضاء اإلداري وإصدار‬

‫قانونها‪ ،‬صادر بتاريخ ‪ 13‬شعبان ‪ 21/1420‬نونبر ‪.1999‬‬

‫‪249‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪ ‬مرسوم سلطاني رقم ‪ 2011/99‬المتعلق بتعديل بعض أحكام النظام‬

‫األساسي للدولة‪ ،‬صادر بتاريخ ‪ 21‬ذي القعدة ‪ 19/1432‬أكتوبر ‪.2011‬‬

‫‪ ‬القانون رقم ‪ 50.05‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.10‬بتاريخ ‪14‬‬

‫من ربيع األول ‪ 18 ( 1432‬فبراير ‪) 2011‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 5944‬بتاريخ ‪15‬‬

‫جمادى اآلخرة ‪ 19( 1432‬ماي ‪ ،)2011‬ص ‪.2630‬‬

‫‪ ‬القانون رقم ‪ 04.11‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.87‬بتاريخ ‪29‬‬

‫من رجب ‪ 2( 1432‬يوليو ‪) 2011‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 5962‬بتاريخ ‪ 19‬شعبان ‪1432‬‬

‫(‪ 21‬يوليو ‪ ،)2011‬ص ‪3518‬؛‬

‫‪ ‬قرار رقم ‪ 2010/9‬صادر بتاريخ ‪ 16‬ذي القعدة ‪1431‬ه‪ 25 /،‬أكتوبر ‪2010‬م‪،‬‬

‫منشور بالجريدة الرسمية رقم ‪ 922‬بتاريخ ‪ 1‬نونبر ‪2010‬م؛‬

‫‪ ‬حكم محكمة القضاء اإلداري الصادر بتاريخ ‪ 10‬فبراير ‪ ،2014‬االستئناف رقم‬

‫‪ 783‬لسنة ‪ 14‬ق‪.‬س‪ ،‬المكتب الفني‪" ،‬مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها محكمة‬

‫القضاء اإلداري بسلطنة عمان في العام القضائي الخامس عشر"‪،1436/1435 ،‬‬

‫‪ ،2015/2014‬ج‪.‬األول؛‬

‫‪ ‬حكم عدد ‪ 96/96‬صادر عن المحكمة اإلدارية بفاس‪ ،‬بتاريخ ‪ 24‬ابريل‬

‫‪ ،1996‬قضية السيد الصفريوي عبد الكريم ضد رئيس المجلس البلدي لصفرو ومن‬

‫معه‪ ،‬حكم غير منشور؛‬

‫‪250‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

‫ للسنة‬2012 ‫ دجنبر‬13 ‫ جلسة‬،‫س‬.‫ ق‬،10 ‫ للسنة‬361‫ و‬359 ‫ اإلستئنافان رقم‬

‫؛‬11 ‫القضائية‬

‫ للسنة القضائية‬2010 ‫ مارس‬8 ‫ جلسة‬،‫س‬.‫ ق‬،2010 ‫ لسنة‬15 ‫ االستئناف رقم‬

.2010

‫ للسنة‬،2014 ‫ فبراير‬10 ‫ جلسة‬،‫س‬.‫ ق‬،14 ‫ للسنة‬783 ‫ اإلستئناف رقم‬

.15 ‫القضائية‬

En Français :

Essaid (M.J), introduction à l’etude de droit, mhammedia,

impremerie Fedala, 2 eme edition, 1998, coll. Connaissances.

GAUDEMET (Y.), Traité de droit administratif – Droit

administratif général, 16ème édition, LGDJ, 2001.

Michel (R.) et Benabdellah (M.A), « Contentieux

administratif marocain » Collection mnuels et travaux

universitaires, revue marocaine d’administraration locale et de

développement, n° 118, 2018.

251 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫األستاذ جعفر القامسي‬


‫حمامي متمرن‪ ،‬باحث يف قانون املنازعات ختصص قانون األعمال‬
‫‪ -‬جامعة حممد اخلامس الرباط‬
‫احللول الناجتة عن مسطرة اإلنقاذ يف ضوء القانون‬
‫رقم ‪ 17/73‬املتعلق بصعوبات املقاولة‬
‫‪Solutions resulting from the rescue ruler in the light of the law‬‬
‫‪No. 73/17 on contracting difficulties‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫لما كانت الغاية األساسية من مسطرة االنقاذ هي الحفاظ على‬
‫استمرارية المقاولة‪ ،‬فإنه بمجرد صدور الحكم القاضي بفتحها تدخل هذه‬
‫األخيرة في مرحلة انتقالية سماها المشرع المغربي بفترة إعداد الحل أو‬
‫مرحلة التشخيص‪ ،‬أو حسب تعبير المشرع الفرنسي "فترة المالحظة"‪،236‬‬
‫ويوحي هذا الحكم الى بداية فترة جديدة من حياة المقاولة‪ ،‬تتميز بتدخل‬

‫‪ - 236‬عمال بمقتضيات المادة ‪ 621.3‬من مدونة التجارة الفرنسية التي جاء فيها ما يلي‪:‬‬
‫‪Article L621-3 dispose que : "Le jugement ouvre une période d'observation d'une durée maximale de‬‬
‫‪six mois qui peut être renouvelée une fois par décision motivée à la demande de l'administrateur, du‬‬
‫"‪débiteur ou du ministère public...‬‬

‫‪252‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫مباشر من القضاء في محاولة منه إيجاد الحل المناسب للوضعية المتأزمة‬


‫التي تعيشها‪.‬‬

‫وتستند المحكمة في اختيارها لهذا الحل على المعلومات التي‬


‫تستقيها من رئيس المقاولة‪ ،‬أو التي تتوصل إليها بناء على الوثائق التي‬
‫تحصل عليها من األشخاص الذين تربطهم عالقة بهذه المقاولة‪ ،‬أو تقرير‬
‫الخبرة التي تأمر بها‪.‬‬

‫ويمكن للمحكمة استنادا إلى كل هذه المعطيات أن تطبق على‬


‫المقاولة واحد من الحلول التي يقترحها السنديك اعتمادا على التقرير‬
‫الذي يعده‪ ،‬والمتعلق بالموازنة المالية واالقتصادية واالجتماعية لها‪،‬‬
‫وذلك بمشاركة من رئيس المقاولة وبناء على مشروع مخطط االنقاذ‬
‫المنجز من قبله‪ ،237‬وتكمن هذه الحلول في المصادقة على هذا األخير أو‬
‫تعديله‪ ،‬أو تسوية المقاولة أو تصفيتها قضائيا‪.238‬‬

‫ومن هذا المنطلق يمكن طرح االشكال التالي‪:‬‬

‫ما هي أهم الحلول الناتجة عن مسطرة اإلنقاذ باعتبارها من‬


‫المستجدات التشريعية التي جاء بها القانون ‪ 17/73‬المتعلق بصعوبات‬
‫المقاوالت‪.‬‬

‫‪ - 237‬المادة ‪ 569‬من القانون رقم ‪.73.17‬‬


‫‪ - 238‬تجدر االشارة في هذا االطار أن المحكمة عند اختيارها للحل المناسب لوضعية المقاولة ال تتقيد بالتراتبية الواردة في المادة ‪569‬‬
‫أعاله‪ ،‬بحيث يمكن لها أن تقضي بالتسوية القضائية خالفا لطلب رئيس المقاولة الرامي الى فتح مسطرة االنقاذ‪ ،‬بل ويمكنها أن تفتح في‬
‫حقها مباشرة مسطرة التصفية القضائية إذا تبين لها أن وضعيتها مختلة بشكل ال رجعة فيه‪.‬‬

‫‪253‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وألجل إعطاء مقترب جواب عن اإلشكالية السالفة الذكر‪ ،‬فسوف‬


‫نقسم تفاصيل هذه الدراسة لمبحثين‪ ،‬نتطرق في أولهما لمرحلة إعداد‬
‫الحل‪ ،‬وذلك حتى يتأتى للمحكمة تحديد مصير المقاولة وبالتالي اختيار‬
‫الحل المالئم؛ إما باعتماد مخطط االنقاذ أو تعديله‪ ،‬وإما الحكم بالتسوية‬
‫أو التصفية القضائية (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬خضوع املقاولة لفرتة اعداد احلل‪ /‬فرتة املالحظة‬


‫يترتب عن الحكم القاضي بفتح مسطرة االنقاذ دخول المقاولة في‬
‫فترة انتقالية تمكن المحكمة من التحقق من وضعيتها المختلة‪ ،‬والبحث‬
‫في سبل وآليات انقاذها من خالل اختيار الحل األنسب لذلك‪ ،‬وذلك من‬
‫بين الحلول التي يقترحها السنديك في التقرير الموازني الذي يعده في‬
‫هذا االطار‪.‬‬

‫ففترة إعداد الحل‪ 239‬تعد محطة مهمة وحاسمة في مسطرة االنقاذ‪،‬‬


‫نظرا للدور المحوري الذي تضطلع به المحكمة وأجهزة المسطرة؛ فالمحكمة‬
‫تملك سلطات واسعة في اتخاد التدابير التي من شأنها الحفاظ على‬
‫استمرارية المقاولة وتشخيص وضعيتها تشخيصا دقيقا‪ ،‬بينما يتولى‬
‫السنديك إعداد تقرير يبين فيه الموازنة المالية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية للمقاولة ويعرضه على القاضي المنتدب‪.‬‬

‫‪ - 239‬نظم المشرع المغربي مرحلة إعداد الحل خالل مسطرة االنقاذ بمقتضى المادة ‪ 569‬من القانون ‪ ،73.17‬وأحال بموجب الفقرة‬
‫الثانية من نفس المادة على مجموعة من المواد من نفس القانون الواردة في القسم المتعلق بالتسوية القضائية من قبيل ‪،596 ،595 ،594‬‬
‫‪ ،599 ،597‬و‪ 501‬الى ‪.605‬‬

‫‪254‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وبالرجوع الى القواعد المنظمة لفترة إعداد الحل خالل مسطرة‬


‫االنقاذ نجد أن المشرع المغربي لم يعمد الى وضع ضوابط تحكم هذه‬
‫الفترة‪ ،‬وإنما اكتفى باإلحالة على إجراءات التسوية القضائية مما يحتم‬
‫علينا تحديدها (المطلب األول)‪ ،‬مع ابراز مختلف الوسائل واآلليات التي‬
‫يتأتى من خاللها حماية المقاولة أثناء هذه المرحلة ‪ -‬فترة إعداد الحل‪-‬‬
‫(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬الضوابط التي حتكم فرتة إعداد احلل‬


‫ألجل حماية المقاولة التي تعتبر نواة االقتصاد الوطني‪ ،‬عمل المشرع‬
‫المغربي على إقرار فترة إلعداد الحل بعد الحكم بفتح مسطرة االنقاذ‪،‬‬
‫كفترة لتدبير وتشخيص وضعية المقاولة ورصد كل اختالالتها المالية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫فما المقصود بفترة إعداد الحل؟ وماهي مدتها؟ وماهي االجراءات‬


‫والتدابير المتخذة خالل هذه المرحلة لتوفير الحماية الالزمة للمقاولة؟‬

‫وعليه فسنتناول هذا المطلب في فقرتين أساسيتين؛ نخصص‬


‫األولى لتحديد فترة إعداد الحل وذلك بتحديد المقصود بها وكذا مدتها‬
‫(الفقرة األولى)‪ ،‬على أن نتطرق في الثانية آلليات ووسائل حماية المقاولة‬
‫أثناء هذه الفترة ( الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪255‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬حتديد فرتة إعداد احلل‬


‫إن تحديد فترة إعداد الحل يقتضي منا التطرق لمفهومها وأهميتها‬
‫(أوال)‪ ،‬وكذا تحديد مدتها ومدى إمكانية تمديدها وجزاء عدم احترامها‬
‫(ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم فرتة إعداد احلل وأهميتها‬


‫يقصد بفترة إعداد الحل أو الفترة االنتقالية الفترة الزمنية الممتدة‬
‫ما بين تاريخ صدور الحكم القاضي بفتح مسطرة االنقاذ‪ ،‬وما بين تاريخ‬
‫عرض السنديك لمقترح مخطط االنقاذ‪ ،‬وهي فرصة لدراسة جميع السبل‬
‫والخيارات الممكنة والمتاحة لتجنب وقوع المقاولة في حالة التوقف عن‬
‫الدفع‪.‬‬

‫وقد عرفها البعض بأنها آلية تشريعية تمكن المقاولة من التقاط‬


‫أنفاسها والتصدي لدائنيها‪ ،‬وتمكن أجهزة المسطرة من اتخاد القرار‬
‫الصائب في حقها‪ ،‬وذلك استنادا الى مؤشرات مالية واقتصادية ذاتية‬
‫تتعلق بالمقاولة خاصة‪ ،‬وموضوعية تتعلق بمناخ المقاوالت واألعمال‬
‫عموما‪.240‬‬

‫كما عرفها البعض بأنها مرحلة لتشخيص الوضعية الحقيقية‬


‫للمقاولة والتي من خاللها تستطيع أجهزة المسطرة تحديد مدى إمكانية‬
‫إنقاذ المقاولة او استمراريتها أو تفويتها أو تصفيتها‪.241‬‬

‫‪ - 240‬خويا موح مصطفى‪ ،‬مسطرة انقاذ المقاولة في ضوء مسودة المشروع رقم ‪ ،46.09‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪،‬‬
‫وحدة قانون األعمال‪ ،‬نوقشت بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض مراكش‪ ،‬سنة ‪ ،2018/2017‬ص‬
‫‪.74‬‬
‫‪ - 241‬كرم محمد‪ ،‬مساطر صعوبات المقاولة في التشريع المغربي في ضوء القانون رقم ‪ ،73.17‬م س‪ ،‬ص ‪.137‬‬

‫‪256‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫أما بخصوص أهمية هذه المسطرة فتكمن أساسا في تمكين أجهزة‬


‫المسطرة المعينة في الحكم القاضي بفتحها سيما السنديك‪ ،‬من إعداد‬
‫تقرير حول الوضعية المالية واالقتصادية واالجتماعية للمقاولة‪ ،‬ووضع‬
‫االقتراحات الرامية الى اعتماد مخطط االنقاذ أو تعديله‪ ،‬أو تسويتها أو‬
‫تصفيتها قضائيا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مدة فرتة إعداد احلل وجزاء عدم احرتامها‬


‫حدد المشرع المغربي فترة إعداد الحل في أربعة أشهر قابلة للتمديد‬
‫مرة واحدة بطلب من السنديك‪ ،‬وهو ما نصت عليه الفقرة الثالثة من‬
‫المادة ‪ 595‬من القانون رقم ‪ 73.17‬التي جاء فيها ما يلي‪ ":‬يجب أن تعرض‬
‫هذه االقتراحات على القاضي المنتدب داخل أجل أربعة أشهر تلي صدور‬
‫حكم فتح المسطرة‪ ،‬ويمكن تجديد األجل المذكور مرة واحدة من طرف‬
‫المحكمة بناء على طلب من السنديك"‪.242‬‬

‫فمن خالل مقتضيات هذه المادة يتبين أن المشرع جعل مبدئيا مدة‬
‫إعداد الحل المناسب للمقاولة هو أربعة أشهر‪ ،‬واستثناء جعل امكانية‬
‫تمديدها محصورة في يد السنديك وحده مرة واحدة ولنفس المدة‪ ،‬وذلك‬
‫بموجب طلب يتقدم به الى محكمة الموضوع‪ ،‬وبالتالي فالحد األقصى‬
‫للفترة السابقة إلعداد الحل يجب أن ال تتعدى في جميع األحوال ثمانية‬
‫أشهر‪.‬‬

‫‪ - 242‬تمت االحالة على هذه المقتضيات بمقتضى الفقرة الثانية من المادة ‪ 569‬من القانون رقم ‪ 73.17‬المتعلقة بمسطرة االنقاذ‪.‬‬

‫‪257‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫كما يالحظ أن المشرع حدد المدة القصوى التي يجب على السنديك‬
‫أن يتقيد بها ألجل إعداد مخطط االنقاذ ولم يحدد المدة الدنيا‪ ،‬وذلك‬
‫بخالف نظيره الفرنسي الذي حدد فترة المالحظة ‪période‬‬
‫‪ d'observation‬في نوعين من المدد؛ إحداهما طويلة واألخرى قصيرة‬
‫تبعا لحجم المقاوالت‪ ،‬فتكون المدة الطويلة بالنسبة للمقاوالت ذات‬
‫الحجم الكبير هي ستة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة لنفس المدة بطلب‬
‫من المتصرف القضائي أو المدين أو وكيل الجمهورية‪ ،243‬ويمكن تمديدها‬
‫بصفة استثنائية‪ ،‬أما بالنسبة للمدة القصيرة فتتعلق بالمقاوالت‬
‫الصغرى التي ال تتطلب حيزا زمنيا كبيرا لتشخيص وضعيتها‪ ،‬وهي أربعة‬
‫أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة ولنفس المدة‪.244‬‬

‫واذا كان ال يجوز تمديد مدة األربعة أشهر في المغرب اال بناء على طلب‬
‫من السنديك وحده‪ ،‬فإن هذه االمكانية متاحة في فرنسا لكل من‬
‫المتصرف القضائي وللمدين والنيابة العامة‪.245‬‬

‫وفيما يخص جزاء عدم احترم فترة إعداد الحل‪ ،‬فإنه بالرجوع الى‬
‫المقتضيات المنظمة لهذه المرحلة سواء في التشريع المغربي أو‬
‫الفرنسي‪ ،‬نجد أن كليهما لم يرتبا أي جزاء على إخالل السنديك أو المتصرف‬

‫‪243‬‬
‫‪-l'Article L621-3 dispose que : "Le jugement ouvre une période d'observation d'une durée maximale‬‬
‫‪de six mois qui peut être renouvelée une fois par décision motivée à la demande de l'administrateur,‬‬
‫‪du débiteur ou du ministère public. Elle peut en outre être exceptionnellement prolongée à la demande‬‬
‫‪du procureur de la République par décision motivée du tribunal pour une durée fixée par décret en‬‬
‫‪Conseil d'Etat. Lorsqu'il s'agit d'une exploitation agricole, le tribunal peut proroger la durée de la‬‬
‫‪période d'observation en fonction de l'année culturale en cours et des usages spécifiques aux‬‬
‫‪productions de l'exploitation".‬‬
‫‪ - 244‬خويا موح مصطفى‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 76‬و ‪.77‬‬
‫‪ - 245‬المادة ‪ 621.3‬أعاله من م ت ف‪.‬‬

‫‪258‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫القضائي بالمدة المحددة له لرفع التقرير الموازني للقاضي المنتدب‪،246‬‬


‫وهذا ما جعل الفقه والقضاء الفرنسيين يجمعان على أن تجاوز هذه‬
‫المدة ال يبطل المسطرة وال يؤدي الى عدم قبول مخطط االنقاذ‪.247‬‬

‫وفي نفس السياق ذهب بعض الفقه المغربي الى القول بأن موقف‬
‫المشرع المغربي من عدم ترتيب أي جزاء على عدم احترام مدة إعداد الحل‬
‫يعد موقفا سليما‪ ،248‬واألمر المهم واألساسي يكمن في انقاذ المقاولة‬
‫وتسوية وضعيتها‪ ،‬ال في تجاوز أو عدم تجاوز المدة المحدد لهذه الفترة‪،‬‬
‫خاصة وأن أجل أربعة أشهر التي وضعها المشرع هي مدة عرض السنديك‬
‫لمقترحاته على القاضي المنتدب ال على المحكمة‪.249‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬محاية املقاولة خالل فرتة إعداد احلل‬


‫إن المقاولة التي تعاني من صعوبات مالية أو اقتصادية دون أن تصل‬
‫بها إلى درجة التوقف عن األداء‪ ،‬تحتاج إلى الحفاظ قدر االمكان على‬
‫أصولها الذاتية وتوفير الحماية الالزمة لها‪ ،‬وهذا لن يتأتى لها إال إذا كانت‬
‫هناك آليات من شأنها تحصين وتمنيع هذه األصول (أوال)‪ ،‬وبالمقابل البد‬
‫من إيجاد قنوات للحصول على تمويالت تساعدها على إرجاع الحالة إلى ما‬
‫كانت عليها (ثانيا)‪.‬‬

‫‪ - 246‬خويا موح مصطفى‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.77‬‬


‫‪ - 247‬خويا موح مصطفى‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪ - 248‬يبقى هذا الموقف في اعتقادنا موقفا صائبا على اعتبار أن مصلحة المقاولة ومنه االقتصاد الوطني فوق كل اعتبار‪ ،‬ألن انقاذ‬
‫المقاولة وارجاعها الى ما كانت عليه على حساب األجل القانوني المحدد ال يؤثر في شيء‪ ،‬بل إن اقتراح الحل األنسب مهما طالت مدة‬
‫ذلك يخول المقاولة حياة جديدة ويقوي ثقة رئيسها وأمله في استمراريتها والحفاظ عليها‪.‬‬
‫‪ - 249‬الس باعي أحمد شكري‪ ،‬الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها‪ ،‬مطبعة المعارف‬
‫الجديدة‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪ ،1998‬ص ‪294‬‬

‫‪259‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫أوال‪ :‬حتصني أصول املقاولة‬


‫يترتب عن الحكم القاضي بفتح مسطرة اإلنقاذ عدة آثار قانونية‬
‫يرمي المشرع من خاللها الحفاظ على كيان المقاولة وضمان استمراريتها‪،‬‬
‫وذلك بوضع العديد من القيود على بعض الحقوق التي تتمتع بها‬
‫األطراف المرتبطة بالمقاولة بما في ذلك الدائنين والمدين نفسه‪ ،‬وتكمن‬
‫هذه القيود في منع أو وقف كل المتابعات الفردية وإجراءات التنفيذ التي‬
‫يباشرها الدائنين تجاه منقوالت أو عقارات المقاولة‪ ،‬وأيضا وقف كل‬
‫اآلجال الممنوحة تحت طائلة السقوط أو الفسخ‪.250‬‬

‫ويدخل كذلك ضمن اآلليات الكفيلة بتحصين أصول المقاولة منع أداء‬
‫الديون الناشئة قبل صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة‪ ،251‬وهذا اإلجراء‬
‫وإن كان من شأنه اإلضرار بالدائنين‪ ،‬فإنه يهدف إلى احترم قاعدة‬
‫المساواة بينهم ومعرفة حجم الديون التي على المقاولة‪ ،‬ويضاف إلى هذه‬
‫القاعدة إجراء آخر من شأنه تحصين مالية المقاولة يكمن في وقف سريان‬
‫الفوائد‪ ،‬سواء نشأت هذه األخيرة بقوة القانون أو باتفاق األطراف‬
‫المعنية‪.252‬‬

‫كما ألزم المشرع رئيس المقاولة باتخاذ مجموعة من اإلجراءات‬


‫التحفظية واالحترازية لحماية أصول مقاولته والمصالح المتواجدة داخلها‪،‬‬
‫إذ يتعين عليه بمجرد فتح مسطرة اإلنقاذ إعداد جرد ألموال مقاولته‬
‫والضمانات التي عليها‪ ،‬ويتضمن هذا الجرد الذي يوضع رهن إشارة كل من‬

‫‪ - 250‬الفقرات األولى والثانية والثالثة من المادة ‪ 686‬من ق ر ‪.73.17‬‬


‫‪ - 251‬المادة ‪ 690‬من ق ر ‪.73.17‬‬
‫‪ - 252‬المادة ‪ 692‬من القانون أعاله‪.‬‬

‫‪260‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫السنديك والقاضي المنتدب‪ ،‬االشارة إلى األموال التي من شأنها أن تكون‬


‫موضوع حق استرداد من قبل الغير‪.253‬‬

‫وفي نفس السياق أوجب المشرع على السنديك القيام بعدة إجراءات‬
‫تحفظية لضمان تحصين أصول المقاولة‪ ،‬وهي في مجملها إجراءات ترمي‬
‫أساسا إلى تحسين وضعيتها المالية واالقتصادية‪ ،‬ومن هذه اإلجراءات نجد‬
‫مثال التوقيع على العقود وأداء أجور العمال‪ ،‬تقييد الرهون الرسمية أو‬
‫الحيازية واالمتيازات التي يكون رئيس المقاولة قد أهمل‬
‫تقييدها‪...‬الخ‪ ،254‬ويمكن للسنديك كذلك طبقا لمقتضيات المادة ‪568‬‬
‫من القانون رقم ‪ 73.17‬مطالبة الغير الحائز لوثائق أو دفاتر محاسبية‬
‫مرتبطة بالمقاولة تقديمها إليه لالطالع عليها ودراستها‪.255‬‬

‫ثانيا‪ :‬البحث عن قنوات التمويل‬


‫تقتضي وضعية المقاولة بعد إعالن فتح مسطرة اإلنقاذ إيجاد آليات‬
‫لضمان تمويلها بشكل عادي أثناء فترة إعداد الحل‪ ،‬باعتبارها مرحلة‬
‫حاسمة في تحديد مصير المقاولة‪ ،‬لذلك عمل المشرع من خالل القانون‬
‫رقم ‪ 73.17‬على توفير كل الضمانات واآلليات التي من شأنها تحقيق هذه‬
‫األهداف‪.‬‬

‫‪ - 253‬الفقرة األولى من المادة ‪ 567‬من القانون أعاله‪.‬‬


‫‪ - 254‬دزاز كمال‪ : ،‬قراءة في مشروع نظام صعوبات المقاولة‪ :‬اجراءات الوقاية والمعالجة نموذجا‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في‬
‫القانون الخاص وحدة القانون والمقاولة‪ ،‬نوقشت بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة المولى اسماعيل مكناس‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،2016/2015‬ص ‪.148‬‬
‫‪ - 255‬وذلك طبقا للمادة ‪ 568‬من ق ر ‪ 73.17‬التي نصت على أنه‪ ":‬يتعين على الغير‪ ،‬الحائز للوثائق والدفاتر المحاسبية المتعلقة‬
‫بالمقاولة‪ ،‬وضعها رهن إشارة السنديك قصد دراستها تحت طائلة غرامة تهديدية‪ ،‬يحددها القاضي المنتدب"‪.‬‬

‫‪261‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫فقد منح المشرع للمقرضين في سبيل تشجيعهم على التعامل مع‬


‫المقاولة امتياز األسبقية في استيفاء ديونهم‪ ،‬كآلية كفيلة بضمان‬
‫تمويل هذه األخيرة وتمكين هؤالء المقرضين من االئتمان الكافي لتسلم‬
‫ديونهم عند حلول آجال استحقاقها‪ ،‬كما أنه سمح للمقاولة وكذا ألجهزة‬
‫المسطرة تقديم بعض الرهون للحصول على تمويالت معينة‪ ،‬وأحيانا‬
‫إمكانية ابرام صلح بشأن بعض الديون‪.256‬‬

‫ولإلشارة فإن إمكانية تقديم الرهن تعد من الضمانات القوية‬


‫للدائن‪ ،‬بحيث يمكنه في حالة عدم وفاء المقاولة المدينة عند حلول‬
‫األجل المحدد في عقد الرهن ممارسة طرق التنفيذ المسموح بها قانونا‪.‬‬

‫كما أن المشرع سمح للقاضي المنتدب بالترخيص لرئيس المقاولة‬


‫بأداء الديون السابقة عن الحكم القاضي فتح المسطرة ألجل فك الرهن‬
‫أو السترجاع مال محبوس‪ ،‬إذا كان استمرار مقاولته وتوفير األموال الالزمة‬
‫لذلك تستلزمه‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬وضعية املقاولة أثناء فرتة إعداد احلل‬


‫اذا كان الحكم القاضي بفتح مسطرة التسوية القضائية قد يؤثر‬
‫نسبيا على تسيير المدين لمقاولته‪ ،257‬فإن الحكم بفتح مسطرة االنقاذ‬
‫يجعل رئيس المقاولة هو الذي يسهر على إدارتها وتسييرها وتمثيلها‬
‫أمام االدارات العمومية وأما القضاء‪ ،‬وذلك الى حين تقرير مصير المقاولة‬

‫‪ - 256‬تنص المادة ‪ 594‬من ق ر ‪ 73.17‬المحال عليها بمقتضى المادة ‪ 569‬من نفس القانون على ما يلي‪ ":‬يرخص القاضي المنتدب‬
‫لرئيس المقاولة أو السنديك بتقديم رهن أو رهن رسمي وبالتوصل الى صلح أو تراض"‪.‬‬
‫‪ - 257‬جاء في المادة ‪ 592‬من القانون ‪ 73.17‬ما يلي‪ ":‬يكلف الحكم السنديك إما‪ )1 :‬بمراقبة عمليات التسيير‪ )2 .‬أو بمساعدة رئيس‬
‫المقاولة في جميع األعمال التي تخص التسيير أو في بعضها‪ )3.‬أو بأن يقوم لوحده بالتسيير الكلي أو الجزئي للمقاولة‪."...‬‬

‫‪262‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫على ضوء العمل الذي يقوم به السنديك بمناسبة إعداد الحل (الفقرة‬
‫األولى)‪ ،‬وهذا العمل يكمن في إعداد الموازنة المالية واالقتصادية لهذه‬
‫المقاولة (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬تسيري املقاولة خالل فرتة إعداد احلل‬


‫إن قاعدة استمرارية رئيس المقاولة في تسيير وإدارة مقاولته تطبق‬
‫بشكل واسع في مسطرة االنقاذ‪ ،‬حيث يبقى هو من يسير مقاولته وممثال‬
‫قانونيا لها‪ ،‬وال يخضع لمراقبة أجهزة المسطرة ‪-‬السنديك‪ -‬اال فيما‬
‫يخص أعمال التصرف وتنفيذ مخطط االنقاذ‪ ،‬وذلك وفق ما نصت عليه‬
‫المادة ‪ 566‬من القانون ‪ 73.17‬التي جاء فيها‪ ":‬يختص رئيس المقاولة‬
‫بعمليات التسيير ويبقى خاضعا بخصوص أعمال التصرف وتنفيذ مخطط‬
‫اإلنقاذ لمراقبة السنديك الذي يرفع تقريرا بذلك للقاضي المنتدب"‪.‬‬

‫فاحتفاظ رئيس المقاولة بكامل صالحياته ومهامه خالل هذه‬


‫المسطرة يعتبر أمر بديهيا وضروريا‪ ،‬وذلك لتقوية مركزه في التفاوض‬
‫مع الدائنين وإقناعهم‪ ،‬ومن ثم فتعيين السنديك ال يمكن أن يفسر على‬
‫أنه يقوم مقام رئيس المقاولة في التسيير واالدارة ولو بصفة جزئية أو‬
‫مؤقتة‪.258‬‬

‫وفي اعتقادنا وكما يرى بعض الباحثين‪ ،259‬فإبقاء رئيس المقاولة‬


‫على رأس إدارة وتسيير مقاولته توجه صائب من شأنه حث رؤساء‬

‫‪ - 258‬كرم محمد‪ ،‬مساطر صعوبات المقاولة في التشريع المغربي في ضوء القانون رقم ‪ ،73.17‬مطبعة ووراقة المعرفة مراكش‪ ،‬الجزء‬
‫األول‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،.2019‬ص ‪.141‬‬
‫‪ - 259‬برتاوش فاطمة‪ ،‬مقارنة بين مسطرة االنقاذ ومسطرة التسوية القضائية في ضوء القانون رقم ‪ ،73.17‬مقال منشور بمجلة المحامي‪،‬‬
‫ع ‪ ،71‬يوليوز ‪.2018‬‬

‫‪263‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫المقاوالت على سلوك إجراءات مسطرة االنقاذ‪ ،‬والعمل على تفادي توقفها‬
‫عن الدفع مادام ذلك لن يحرمه من سلطاته وصالحيات‪ ،‬ألن ذلك‬
‫سيشجعهم على االجتهاد وبدل الجهد إلنقاذ مقاولته وتجنيبها اجراءات‬
‫التسوية أو التصفية القضائية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إعداد املوازنة املالية واالقتصادية للمقاولة‬


‫يعد تقرير الموازنة المالية واالقتصادية واالجتماعية أحد أهم‬
‫التدابير واالجراءات الدقيقة التي يرتكز ويتأسس عليها مستقبل‬
‫المقاولة‪ ،‬وطبيعة الحلول المالئمة لمواجهة الصعوبات التي تعترضها‪،‬‬
‫وبناء على ذلك خول المشرع السنديك سلطات واسعة تمكنه من االحاطة‬
‫بالوضع المالي واالقتصادي للمقاولة‪ ،‬وتشخيص وضعها االجتماعي‬
‫تمهيدا لتحديد الحل المناسب إلنقاذها‪.‬‬

‫وبهذا يقع على عاتق السنديك استناد الى مقتضيات المادة ‪ 569‬من‬
‫القانون ‪ 73.17‬وهو بصدد إعداد الحل أثناء الحكم بمسطرة االنقاذ‪ ،‬إنجاز‬
‫تقرير تفصيلي يبين فيه الموازنة المالية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫للمقاولة بمشاركة من رئيسها‪ ،‬وعلى ضوء هذا التقرير يقترح على‬
‫المحكمة أحد الحلول التالية؛ إما المصادقة على مشروع مخطط االنقاذ أو‬
‫إدخال بعض التعديالت عليه‪ ،‬وإما تسوية المقاولة أو تصفيتها قضائيا‪.‬‬

‫ولم يحدد ال المشرع وال القضاء المقصود بالموازنة المالية‬


‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مما جعل بعض الفقه يعرفها بكونها‬
‫"مستند تركيبي يرتكز الى الماضي بتطلعات المستقبل‪ ،‬يكون منذ بداية‬

‫‪264‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫فترة المالحظة‪ ،‬يحدد ويحلل مجموع الوسائل المادية والبشرية المشكلة‬


‫للمقاولة في مرحلة التسوية القضائية‪ ،‬من أجل معرفة مصدر وأهمية‬
‫وسبب الصعوبات‪ ،‬وبواسطته يمكن تشخيص وضعية المقاولة وتحديد‬
‫فيما اذا كان إنقاذها ممكنا"‪.260‬‬

‫كما عرفها البعض بأنها عبارة عن دراسة تحدد وتوضح وضعية‬


‫المقاولة‪ ،‬وتتخذ من الناحية العملية شكل تقرير يتضمن أصل وأهمية‬
‫وطبيعة الصعوبات التي تواجه المقاولة‪ ،‬يعده السنديك بمشاركة‬
‫رئيس المقاولة‪.‬‬

‫وعلى العموم ينبغي أن يكون التقرير الذي يعده السنديك شموليا‬


‫ويستشرف مستقبل المقاولة‪ ،‬وأن يتضمن مضمونه وفحواه المحاور‬
‫التالية‪:‬‬

‫من الناحيتين االقتصادية والمالية؛ فمن الناحية االقتصادية يجب‬


‫أن يتضمن التقرير جردا شامال للمعطيات المتعلقة بالتسويق والسوق‬
‫المنافس‪ ،‬السيولة النقدية‪ ،‬ووضعية الخدمات واإلنتاج وجودتها وآفاقها‬
‫المستقبلية‪ ،...‬أما من الناحية المالية؛ يجب أن يتضمن التقرير تحليال‬
‫حسابيا وماليا لوضعية المقاولة يشمل رأس المال‪ ،‬والسيولة النقدية‬
‫المتوفرة‪ ،‬والمصاريف والمداخيل المحتملة‪ ،‬وإمكانيات التمويل‬
‫المتاحة‪.261‬‬

‫‪ - 260‬راجع بشأن هذا الت عريف أمينة رضوان‪ ،‬دور السنديك في مساطر معالجة صعوبات المقاولة‪ -‬قراءة في ضوء مستجدات القانون‬
‫رقم ‪ 73.17‬القاضي بنسخ الكتاب الخامس من مدونة التجارة‪ ،‬مقال منشور بمجلة المهن القانونية والقضائية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.268‬‬
‫‪ - 261‬السباعي شكري أحمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.369‬‬

‫‪265‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫ومن الناحية االجتماعية؛ فيتعين على السنديك أن يبين عالقات‬


‫الشغل داخل المقاولة وكيفية تشغيل األجراء‪ ،‬وكذا بيان ما اذا كانت‬
‫هناك رغبة في فصل بعض األجراء ألسباب اقتصادية ومقدار التعويضات‬
‫المستحقة لهؤالء‪ ،‬ومستوى األجور‪ ،‬ومدى تطبيق اتفاقيات الشغل‬
‫الجماعية‪ ،‬وما اذا كان األجراء دائنين للمقاولة‪ ،‬وتحديد وضعيتهم تجاه‬
‫الصندوق الوطني االجتماعي‪...‬الخ‪.‬‬

‫وفي سبيل إنجاز السنديك للمهام المنوطة به‪ ،‬فقد منحه المشرع‬
‫مكنة الحصول على جميع المعلومات التي من شأنها أن تعطيه فكرة‬
‫صحيحة عن الوضعية الحقيقية للمقاولة‪ ،‬وذلك عن طريق مراقب‬
‫الحسابات إن وجد‪ ،‬خبير محاسباتي‪ ،‬اإلدارات والهيئات العمومية‪ ،‬مندوبي‬
‫األجراء‪ ،‬جمعية الدائنين‪ ،‬أو أي شخص آخر‪ ،‬والكل دون امكانية التمسك‬
‫في مواجهته بالسر المهني‪ ،262‬اال أنه ال يملك إمكانية االستعانة بخبير أو‬
‫عدة خبراء‪ 263‬كما هو الشأن في إطار التسوية القضائية‪.264‬‬

‫ويالحظ أن القانون ‪ 73.17‬لم يحدد أجال خاصا إلعداد الموازنة‬


‫الحقيقية للمقاولة‪ ،‬إال أنه بالرجوع إلى الفقرة الثالثة من المادة ‪ 595‬التي‬
‫تمت االحالة عليها بمقتضى المادة ‪ 569‬من نفس القانون نجدها تنص‬
‫على أنه‪" :‬يجب أن تعرض هذه االقتراحات على القاضي المنتدب داخل‬

‫‪ - 262‬وذلك طبقا للفقرة األولى من المادة ‪ 597‬من القانون ‪ 73.17‬التي تمت االحالة عليها بمقتضى الفقرة الثانية من المادة ‪ 569‬من‬
‫نفس القانون التي نصت على ما يلي‪ ،... ":‬وذلك على الرغم من أي مقتضى تشريعي مخالف‪."...‬‬
‫‪ - 263‬إن عدم منح السنديك خالل مسطرة االنقاذ صالحية االستعانة بخبير كما هو الشأن في مسطرة التسوية القضائية‪ ،‬جعل البعض‬
‫يعتقد أن ذلك سهو من المشرع‪ ،‬وكان على هذا األخير أن يشير الى إعداد تقرير الموازنة المالية واالقتصادية واالجتماعية في األحكام‬
‫المشتركة بين مسطرة االنقاذ ومسطرة التسوية والتصفية القضائية‪.‬‬
‫‪ - 264‬المادة ‪ 595‬من القانون رقم ‪.73.17‬‬

‫‪266‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫أجل أقصاه أربعة أشهر تلى صدور حكم فتح المسطرة‪ ،‬ويمكن أن يجدد‬
‫من طرف المحكمة مرة واحدة بطلب من السنديك"‪ ،‬ومن خالل هذه المادة‬
‫نستنتج أن األجل الذي يتعين فيه على السنديك إعداد التقرير هو أربعة‬
‫أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة بطلب من السنديك‪.‬‬

‫ونشير كذلك أن هذا التقرير ال يعده السنديك لوحده‪ ،‬بل يشاركه في‬
‫ذلك رئيس المقاولة‪ ،265‬وذلك تحت طائلة بطالن الحكم الذي يعتمد‬
‫التقرير المعد من طرف السنديك دون رئيس المقاولة‪ ،‬وهذا ما أكدته‬
‫محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء في قرارها الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2001/11/30‬الذي جاء فيه‪ ":‬التقرير الذي يعده السنديك دون مشاركة‬
‫رئيس المقاولة ودون االتصال بالدائنين أو مندوبي العمال ودون مساعدة‬
‫من طرف خبير يكون خارقا لمقتضيات المادة ‪ 579‬من مدونة التجارة"‪،266‬‬
‫وهذه األخيرة تقابلها المادة ‪ 595‬من القانون ‪.73.17‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬فبعدما ينتهي السنديك من إعداد التقرير الموازني‬


‫الموضح للوضعية الحقيقية للمقاولة‪ ،‬فإنه يقوم بتضمينه مقترحاته‬
‫الرامية الى إنقاذها‪ ،‬وضمن هذه المقترحات تختار المحكمة الحل الذي تراه‬
‫أنسب للمقاولة‪ ،‬وهو ما سنعالجه بالتفصيل في النقطة الموالية‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬اختيار احلل‬


‫جعل المشرع المغربي من مرحلة إعداد الحل محطة مهمة وأساسية‬
‫في حياة المقاولة الخاضعة لمسطرة االنقاذ‪ ،‬بحيث يتأتى من خاللها‬

‫‪ - 265‬المادة ‪ 569‬من نفس القانون‪.‬‬


‫‪ - 266‬قرار تحت عدد ‪ ،2001/2511‬أورده كرم محمد‪ ،‬مساطر صعوبات المقاولة فالتشريع المغربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 146‬و ‪.147‬‬

‫‪267‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫إعداد رؤية وخطة طريق واضحة تهدف الى إنقاذ هذه المقاولة‪ ،‬واختيار‬
‫الحل المالئم لوضعيتها‪.‬‬

‫فبعد كل األبحاث والدراسات التي يقوم بها السنديك المعين بموجب‬


‫حكم فتح مسطرة االنقاذ‪ ،‬فإنه يعمل على إعداد تقرير عن الموازنة‬
‫المالية واالقتصادية واالجتماعية للمقاولة‪ ،‬يقدمه للقاضي المنتدب‬
‫مضمنا اياه مقترحاته؛ إما بالمصادقة على مشروع مخطط اإلنقاذ أو‬
‫تعديله وإما بتسوية المقاولة أو تصفيتها قضائيا‪.267‬‬

‫ومهما يكن الحل المالئم لوضعية المقاولة الخاضعة لهذه المسطرة‪،‬‬


‫فإن المحكمة هي من لها الصالحية في اتخاد القرار الحاسم في االتجاه الذي‬
‫يخدم أهداف اإلنقاذ‪ ،‬وهي التي يبقى لها اختيار الحل النهائي بشأن‬
‫‪268‬‬
‫باالستناد على التقرير الموازني‪ ،‬مما يفرض عليها ‪-‬أي‬ ‫المقاولة‬
‫المحكمة‪ -‬إعمال مبدأ المالئمة في اختيار أحد الحلول المقترحة من قبل‬
‫السنديك‪.269‬‬

‫‪ - 267‬وهو ما قضت به المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ ‪ 2018/07/26‬في حكمها تحت عدد ‪ 107‬في الملف ‪2018/8315/99‬‬
‫الذي جاء فيه ما يلي‪ ":‬وحيث يتعين على السنديك أن يعمل على إعداد تقرير الموازنة المالية واالقتصادية واالجتماعية للمقاولة بمشاركة‬
‫رئيسها‪ ،‬وعلى ضوء تلك الموازنة يقترح إما المصادقة على مشروع مخطط اإلنقاذ المقترح من طرف رئيس المقاولة‪ ،‬أو تعديله بشرط‬
‫أال تتجاوز مدة المخطط خمس (‪ )5‬سنوات طبقا للمادة ‪ 571‬من مدونة التجارة‪ ،‬أو التسوية أو التصفية القضائية طبقا للمادة ‪ 569‬من‬
‫مدونة التجارة داخل األجل القانوني المحدد في المادة األخيرة التي تحيل على المادة ‪ 595‬من مدونة التجارة"‪.‬‬
‫‪ - 268‬إن احتكار المحكمة الختيار الحل المال ئم لوضعية المقاولة بعد فتح مسطرة االنقاذ‪ ،‬يوحي الى الطابع القضائي لهذه المسطرة‪،‬‬
‫وتزايد تدخل القضاء في تدبير المقاوالت وتحديد مصيرها‪.‬‬
‫‪ - 269‬اذا كان اقتراح السنديك هو المحدد والمرتكز األساسي لتقرير مصير المقاولة‪ ،‬فإن ذلك ال يلزم المحكمة في شيء‪ ،‬نظرا لما لها‬
‫م ن سلطة تقديرية واسعة في هذا االطار‪ ،‬وإن كان الواقع العملي يؤكد أن المحاكم التجارية غالبا ما تتبنى موقف واقتراح السنديك‪.‬‬
‫‪ -‬راجع في هذا الشأن كرم محمد‪ ،‬مساطر صعوبات المقاولة فالتشريع المغربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.155‬‬

‫‪268‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫ومنه فإن الحلول المتاحة أمام المحكمة هي إما اعتماد مخطط اإلنقاذ‬
‫(المطلب األول)‪ ،‬وإما تسوية المقاولة أو تصفيتها قضائيا (المطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬اعتماد خمطط اإلنقاذ‬


‫إن المصادقة على مخطط اإلنقاذ واعتماده كحل من الحلول المقترحة‬
‫إلنقاذ المقاولة رهين بتأكد المحكمة من تحقق بعض الشروط‪ ،‬هذه‬
‫األخيرة يمكن ارجاعها الى ثالث شروط أساسية؛ تتمثل أوال في تأكد‬
‫المحكمة من عدم توقف المقاولة عن دفع ديونها الحالة والمستحقة‪ ،‬ألن‬
‫تحقق هذه الوضعية يشكل سببا لفتح إحدى مساطر المعالجة المناسبة‬
‫(التسوية أو التصفية القضائية)‪ ،‬وكذا في وجود إمكانات جدية‪ 270‬وكفيلة‬
‫بإنقاذ هذه المقاولة وضمان استمراريتها في مزاولة نشاطها‪ ،‬وأخيرا البد‬
‫من تحققها من توفر قنوات تمويل لسداد ديونها وخصومها‪ ،‬تحقيقا لنوع‬
‫من التوازن بين مصلحة هذه المقاولة ومصالح الدائنين واألجراء‪.‬‬

‫ومتى تحققت المحكمة من توفر كل هذه الشروط‪ ،‬فإنها تقضي‬


‫باعتماد مخطط االنقاذ باعتباره الحل األنجع واآللية الكفيلة بإنقاذ‬
‫المقاولة‪ ،‬ومنه فما مضمون هذا المخطط؟ وما هي إجراءات تنفيذه؟ وما‬
‫هي اآلثار المترتبة عن ذلك؟‬

‫‪ - 270‬حيث جاء في المادة ‪ 570‬من ق ر ‪ 73.17‬أنه‪ ":‬تقرر المحكمة اعتماد مخطط االنقاذ اذا تبين لها توفر إمكانات جدية إلنقاذ المقاولة‬
‫‪ ،"...‬وتجدر االشارة أن هذه االمكانات وردت في هذه المادة بصيغة العموم؛ بحيث يمكن للمحكمة استخالصها من بعض المعطيات من‬
‫قبيل إمكانية حصول المقاولة في المستقبل على أموال تستطيع بواسطتها أداء ديون الدائنين الحالة‪ ،‬أو إبرامها التفاقات مع هؤالء‬
‫األخيرين يمنحون لها بمقتضاها آجاال ألداء ديونهم‪ ،‬أو توفرها على أصول كافية ألداء هذه الديون بعد بيعها‪ ،...‬وهذه كلها معطيات يقع‬
‫اثباتها على رئيس المقاولة‪.‬‬
‫‪ -‬راجع بهذا الخصوص كرم محمد‪ ،‬ن م‪ ،‬ص ‪.157‬‬

‫‪269‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وعليه فدراستنا لهذا المطلب تقتضي منا تقسيمه الى فقرتين‪:‬‬


‫نتناول في األولى مضمون مخطط االنقاذ؛ سواء على مستوى البيانات‬
‫الواجب تبيانها في هذا المخطط‪ ،‬أو على مستوى األجهزة التي تتولى‬
‫تنفيذه ‪ ،‬على أن نخصص الفقرة الثانية للحديث عن كيفية تنفيذه وعن‬
‫قفل مسطرة االنقاذ كأهم أثر يترتب عن هذا التنفيذ ‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬حتديد مضمون خمطط اإلنقاذ‬


‫يجب أن يتضمن المخطط القاضي بإنقاذ المقاولة عدة مقتضيات‬
‫قانونية إلزامية‪ ،‬تمس جميع الجوانب التي لها ارتباط بالمدين ماليا‬
‫واقتصاديا‪ ،‬تقرره المحكمة كوصفة إلنقاذها خالل مدة محددة‪ ،‬وتتضمن‬
‫هذه الوصفة وجوبا طريقة تصفية الخصوم‪ 271‬استناد الى جدولة واضحة‪،‬‬
‫أو إدخال تغييرات على كيفية التسيير‪...‬الخ‪ ،‬وبالتالي فيتعين أن‬
‫يتضمن هذا المخطط االلتزامات الضرورية إلنقاذ المقاولة (أوال)‪ ،‬الى جانب‬
‫تحديد األجهزة التي تتولى السهر على تنفيذه (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬بيان االلتزامات الضرورية إلنقاذ املقاولة‬


‫يشكل مقترح اعتماد مخطط اإلنقاذ أهم المقترحات التي من خاللها‬
‫يستفيد رئيس المقاولة من تخفيضات وآجال جديدة أكثر يسرا ومرونة‬
‫من اآلجال التعاقدية‪ ،‬األمر الذي يستلزم تبيان طريقة أداء الديون التي‬

‫‪ - 271‬أحيانا قد يقتضي إنقاذ المقاولة وإنجاح مشروع مخطط اإلنقاذ الرامي الى ذلك تغيير طريقة أداء وتسديد خصومها المحددة فيه‪،‬‬
‫وهو ما ذهبت إليه المحكمة التجارية بالرباط في الحكم تحت عدد ‪ 45‬الصادر بتاريخ ‪ 2018/01/01‬في الملف رقم ‪2018/8301/54‬‬
‫الي ضمن فيه ما يلي‪ ":‬و حث وإنه ومن خالل المعطيات السالف ذكرها أي انخفاض رقم معامالت المقاولة خالل سنة ‪ 2007‬وعدم‬
‫تحقيقها لمداخيل مهمة خالل مهمة خالل شهر يوليوز وشهر غشت من هذه السنة وعدم تحقيقها ألية مداخيل خالل النصف األول من‬
‫شهر شتنبر من هذه السنة أيضا‪ ،‬وفقدانها لثقة البنك الذي يتعامل معها‪ ،‬تبين للمحكمة معاناة هذه الشركة من صعوبة تقتضي الحكم بفتح‬
‫مسطرة اإلنقاذ لها‪ ،‬ومشروع مخطط اإلنقاذ فرضية تعديل طريقة تسديد الخصوم المحددة فيه تبقى قائمة"‪.‬‬

‫‪270‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫بذمته‪ ،‬وكذا الضمانات الكفيلة بإنجاح هذا المخطط‪ ،‬والتي قد تقتضي‬


‫أحيانا إعادة الهيكلة القانونية والمالية واالقتصادية للمقاولة‪.‬‬

‫‪ )1‬طريقة أداء الديون والضمانات الكفيلة بإنجاح مخطط اإلنقاذ‬

‫متى تبين للمحكمة توفر االمكانات الجدية إلنقاذ المقاولة التي‬


‫تعترضها صعوبات من شأنها أن تؤدي بها في أجل قريب إلى التوقف عن‬
‫الدفع‪ ،‬فإنها تقرر وفقا للمادة ‪ 570‬من مدونة التجارة الجديدة اعتماد‬
‫مخطط اإلنقاذ‪ ،272‬ويمكن أن تقرر كذلك اعتماد نفس المخطط حتى قبل‬
‫انتهاء عملية تحقيق الديون‪.273‬‬

‫واذا كان مخطط اإلنقاذ يتم إعداده عبر مرحلتين؛ األولى تتعلق‬
‫بمرحلة التشخيص أو إعداد الحل الذي يباشره السنديك‪ ،274‬والثانية‬
‫تتمثل في تبنى الحل المالئم لوضعية المقاولة المدينة على ضوء نتيجة‬
‫التشخيص ومقترحات السنديك‪ ،‬فإن هذا المخطط يجب أن يتضمن‬
‫مجموعة من المقتضيات والمعطيات المتعلقة بمختلف جوانب هذه‬
‫المقاولة‪ ،‬وكذا كيفية تنفيذها لاللتزامات التي تربطها بشركائها من‬
‫دائنين وأجراء استناد الى ما هو مضمن في المخطط‪ ،‬وذلك كله في سبيل‬
‫الوصول الى حلول تمكنها من تخطي الصعوبات التي تواجهها‪ ،‬واالبقاء‬

‫‪ - 272‬وهو ما نصت عليه الفقرة األولى من المادة ‪ 626.1‬من مدونة التجارة الفرنسية التي جاء فيها‪:‬‬
‫‪"Lorsqu'il existe une possibilité sérieuse pour l'entreprise d'être sauvegardée, le tribunal arrête dans ce‬‬
‫‪but un plan qui met fin à la période d'observation".‬‬
‫إال أن المشرع الفرنسي أضاف مقتضى أخر يتمثل في أن حصر مخطط االنقاذ يترتب عنه وضع حد لفترة المالحظة‪ ،‬وهو ما لم يتم‬
‫التنصيص عليه صراحة من قبل المشرع المغربي عند أعداد الحل‪.‬‬
‫‪ - 273‬وذلك وفقا للفقرة الثالثة من المادة ‪ 624‬من ق ر ‪ 73.17‬المحال عليها بمقتضى المادة ‪ 570‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ - 274‬عمال بمقتضيات المادة ‪ 569‬من ق ر ‪.73.17‬‬

‫‪271‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫عليها ضمن النسيج االقتصادي‪ ،‬باعتبارها موردا جبائيا مهما للدولة وأداة‬
‫متميزة لضمان السلم االجتماعي‪.‬‬

‫ومن هذه المعطيات نجد كل ما يتعلق بكيفية سداد ديون الدائنين‬


‫والتخفيضات التي ترغب المقاولة في الحصول عليها من هؤالء‪ ،‬واآلجال‬
‫المحددة ألداء هذه الديون‪ ،‬الى جانب الضمانات واالمتيازات الممنوحة لهم‬
‫مقابل ذلك‪ ،275‬وكذا ما اذا كان األمر يقتضي فسخ بعض عقود الشغل‬
‫الذي ال يمكن أن يعتبر واقعا إال ألسباب اقتصادية أو هيكلية‪.276‬‬

‫وتجدر االشارة في هذا الصدد إلى أن من أهم الصعوبات التي تواجه‬


‫رئيس المقاولة بعد تبني مخطط اإلنقاذ تتمثل في أدائه للديون الناشئة‬
‫بذمته قبل الحكم بفتح مسطرة اإلنقاذ‪ ،‬وهو حسب البعض اختبار‬
‫حقيقي يعبر عن مدى جديته والتزامه بإنجاح هذا المخطط‪ ،‬لذلك ألزمه‬
‫المشرع بأن يبين بشكل دقيق في مشروع مخطط اإلنقاذ الذي يرفعه الى‬
‫المحكمة مجموع الديون العالقة بذمته‪ ،‬وطبيعتها وكيفية تسويتها‪ ،‬عن‬
‫طريق اقتراح جدولة واضحة ألداء كل دين؛ إما دفعة واحدة عند حلول‬
‫األجل المحدد له‪ ،‬او في شكل أقساط تؤدى في تواريخ محددة‪ ،‬وذلك تفاديا‬
‫لكل التباس أو غموض قد يكلف المحكمة عناء التفسير والتأويل‪.277‬‬

‫‪ - 275‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 562‬من ق ر ‪.73.17‬‬


‫‪ - 276‬وهذا ما تم التنصيص عليه بموجب الفقرة الخامسة من المادة ‪ 624‬التي تمت اإلحالة عليها في المادة ‪ 570‬م ن ق ر ‪ 73.17‬التي‬
‫جاء فيها‪ ":‬واذا كانت القرارات المصاحبة لالستمرارية المذكورة أعاله ستؤدي إلى فسخ عقود الشغل‪ ،‬فإن هذا الفسخ يعتبر واقعا ألسباب‬
‫اقتصادية بالرغم من كل مقتضى قانوني مخالف‪."...‬‬
‫‪ - 277‬خويا موح مصطفى‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 103‬و ‪.104‬‬

‫‪272‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وعالوة على ذلك يتعين أن يتضمن مخطط اإلنقاذ الوسائل المادية‬


‫الضرورية والكفيلة بإنجاحه‪ ،‬من قبيل الضمانات الشخصية الممنوحة‬
‫للمسيرين‪ ،‬أو عدم قابلية بعض أموال المقاولة المنقولة أو العقارية‬
‫للتفويت‪ ،278‬وأيضا يجب تضمينه كيفية إعادة الهيكلة المالية للمقاولة‬
‫عمال بجدولة واضحة ترمي إلى اإلنقاذ‪.‬‬

‫‪ )2‬إعادة الهيكلة المالية والقانونية للمقاولة‬

‫يروم مخطط اإلنقاذ كما سبقت اإلشارة الى ذلك إلى تخفيض ديون‬
‫المدين ومنحه آجاال معقولة للوفاء‪ ،‬مما يجعل منه آلية فعالة لإلنقاذ‪،‬‬
‫األمر الذي يستلزم أحيانا إعادة هيكلة المقاولة سواء من الناحية المالية‬
‫أو القانونية‪.‬‬

‫فمن الناحية المالية يمكن التنصيص في مخطط اإلنقاذ على وضع‬


‫حد لبعض أنشطة المقاولة‪ ،‬أو على العكس من ذلك إضافة بعض‬
‫األنشطة المتنوعة والمتطورة لجعل هذه المقاولة مواكبة للسوق‬
‫االقتصادية‪ ،279‬كما يمكن أيضا إقران مخطط اإلنقاذ بتفويت بعض‬
‫وحدات اإلنتاج التي تشكل عبئا على المقاولة‪ ،280‬غير أن هذا التفويت ال‬

‫‪ - 278‬طبقا للمادة ‪ 626‬من ق ر ‪ 73.17‬التي نصت على أنه‪ ":‬يمكن للمحكمة أن تقرر‪ ،‬في الحكم الذي يحصر مخطط االستمرارية أو‬
‫يغيره‪ ،‬عدم امكانية تفويت األموال التي تعتبرها ضرورية الستمرارية المقاولة دون ترخيص من المحكمة ولمدة تحددها‪ ،"...‬وهذه‬
‫المقتضيات تمت اإلحالة عليها بمقتضى المادة ‪ 570‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ - 279‬وهو ما تم التنصيص عليه في الفقرة الرابعة من المادة ‪ 624‬المحال عليها بموجب المادة ‪ 570‬من ق ر ‪ 73.17‬التي جاء فيها‪":‬‬
‫ترفق هذه االستمرارية بتوقيف أو إضافة أو تفويت بعض قطاعات النشاط ‪."...‬‬
‫‪ - 280‬المرابطي عبد الرحيم‪ ،‬مسطرة اإلنقاذ في قانون صعوبات المقاولة دراسة تشريعية مقارنة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬وحدة قانون العقود واألعمال‪ ،‬نوقشت بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة ابن زهر أكادير‪ ،‬س‬
‫‪ ،2019/2018‬ص‪.94‬‬

‫‪273‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫يمكن أن يطال األموال التي تعتبر ضرورية الستمرارية نشاطها‪ ،281‬وكل‬


‫تفويت تم خرقا لهذه المقتضيات يقع باطال بقوة القانون‪.282‬‬

‫أما فيما يخض إعادة هيكلة المقاولة من الناحية القانونية‪ ،‬فإن‬


‫تسييرها مبدئيا يتواله رئيسها‪ ،‬بحيث يحتفظ هذا األخير بكامل‬
‫صالحياته في إدارة وتسيير مقاولته‪ ،‬وال يخضع لمراقبة السنديك إال بعد‬
‫تبني مخطط اإلنقاذ‪ ،‬وتقتصر هذه المراقبة على تنفيذ المدين لهذا‬
‫المخطط ورفع تقارير دورية عن ذلك للقاضي المنتدب‪.‬‬

‫ويمكن كذلك أن يعتمد مخطط اإلنقاذ كذلك كوسيلة إلعادة هيكلة‬


‫المقاولة من الناحية القانونية إدخال بعض التعديالت على النظام‬
‫األساسي لهذه المقاولة تبعا للشكليات واالجراءات المحددة قانونا‪ ،‬وفي‬
‫هذا الصدد نصت المادة ‪ 627‬من مدونة التجارة الجديدة المحال عليها‬
‫بمقتضى المادة ‪ 570‬من نفس المدونة على أنه‪ ":‬يشير مخطط‬
‫االستمرارية الى تغييرات النظام األساسي الضرورية الستمرار المقاولة‪،‬‬
‫يستدعي السنديك وفق األشكال الواردة في النظام األساسي الجمعية‬
‫العامة المختصة لتنفيذ التغييرات التي ينص عليها مخطط االستمرارية"‪.‬‬

‫وعليه فتعديل النظام األساسي قد يكون إما بتغيير طريقة‬


‫التسيير‪ ،‬او تغيير شكل الشركة مثال من شركة ذات مسؤولية محدودة الى‬
‫شركة مساهمة‪...‬الخ‪ ،‬وأحيانا قد تقتضي الضرورة تغيير رأسمال الشركة‬

‫‪ - 281‬الفقرة األولى من المادة ‪ 626‬من ق ر ‪.73.17‬‬


‫‪ - 282‬وذلك عمال بما جاء في الفقرة الثانية من المادة ‪ 626‬من نفس القانون التي قضت بأنه‪ ":‬يبطل كل عقد أبرم خرقا لقاعدة عدم‬
‫قابلية التفويت المذكورة في الفقرة السابقة بطلب من كل ذي مصلحة قدم داخل أجل ثالث سنوات ابتداء من تاريخ ابرام العقد أو من‬
‫تاريخ اشهاره حينما يستلزم القانون ذلك‪."...‬‬

‫‪274‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫إما بالزيادة فيه أو التخفيض منه‪ ،283‬وكل هذه التعديالت ال تتم إال بعد‬
‫استدعاء السنديك الجمعية العامة المختصة لالنعقاد من أجل التداول‬
‫في األمر‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬حتديد أجهزة تنفيذ خمطط اإلنقاذ‬


‫اذا كان السنديك خالل مرحلة التسوية القضائية هو من يكلف‬
‫بتنفيذ مخطط االستمرارية أو التفويت حسب اقتراحاته‪ ،284‬فإن تنفيذ‬
‫مخطط اإلنقاذ بعد الحكم بفتح مسطرة اإلنقاذ يعهد به الى رئيس‬
‫المقاولة تحت مراقبة السنديك‪ ،‬وهو ما تم التنصيص عليه في المادة‬
‫‪ 566‬من القانون رقم ‪ 73.17‬التي قضت بما يلي‪ ":‬يختص رئيس المقاولة‬
‫بعمليات التسيير‪ ،‬ويبقى خاضعا بخصوص أعمال التصرف وتنفيذ‬
‫مخطط اإلنقاذ لمراقبة السنديك الذي يرفع تقريرا بذلك للقاضي‬
‫المنتدب"‪.‬‬

‫وغاية المشرع من إيراد هذا المقتضى تكمن في تشجيع رؤساء‬


‫المقاوالت وتحفيزهم على تنفيذ االلتزامات الملقاة على عاتقهم بموجب‬
‫مخطط االنقاذ بحسن نية وعلى أحسن وجه‪ ،‬وكذا في اختبار مدى جديتهم‬

‫‪ - 283‬بين المشرع إجراءات تغيير رأس مال المقاولة في المادة ‪ 599‬من ق ر ‪ 73.17‬التي نصت على ما يلي‪ ":‬حينما يعتزم السنديك‬
‫اقتراح مخطط الستمرارية المقاولة يهدف الى تغيير في رأس المال‪ ،‬يطلب من مجلس االدارة أو مجلس االدارة الجماعية أو من المسير‪،‬‬
‫حسب األحوال‪ ،‬استدعاء الجمعية العامة غير العادية أو جمعية الشركاء‪.‬‬
‫إن الجمعية العامة مدعوة في البداية الى إعادة تأسيس الرأس المال الى حدو المبلغ الذي يقترحه السنديك‪ ،‬والذي يجب أال يقل على ربع‬
‫رأس مال الشركة إذا كانت رؤوس األموال الذاتية تقل عن ربع رأس مال الشركة بفعل الخسارات المثبتة في الوثائق المحاسبية‪ ،‬كما‬
‫يمكن للسنديك أن يطلب من الجمعية العامة تخفيض رأس المال أو الزيادة فيه لفائدة شخص أو عدة أشخاص يلتزمون بتنفيذ المخطط‪."...‬‬
‫‪ - 284‬طبقا للفقرة الثانية من المادة ‪ 673‬من ق ر ‪ 73.17‬التي نصت على أنه‪ ":‬يسهر السنديك على تنفيذ مخطط االستمرارية أو‬
‫التفويت‪."...‬‬

‫‪275‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫ورغبتهم في إنقاذ مقاوالتهم من الصعوبات التي تعترضها‪ ،‬والحيلولة‬


‫دون توقفها عن الدفع‪.‬‬

‫وتجدر االشارة الى أن المشرع المغربي منع المحكمة من أن تفرض‬


‫على األشخاص الذين يتولون تنفيذ مخطط اإلنقاذ تكاليف أخرى‪ ،‬غير‬
‫االلتزامات التي تعاقدوا بشأنها عند إعداد هذا المخطط‪ ،‬وذلك عمال‬
‫بمقتضيات المادة ‪ 623‬من القانون ‪ 73.17‬التي أحالت عليها المادة ‪570‬‬
‫من نفس القانون‪.285‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تنفيذ خمطط اإلنقاذ‬


‫بعد تبني المحكمة لمخطط اإلنقاذ تنتهي فترة إعداد الحل‪ ،‬ويصبح‬
‫رئيس المقاولة ملزما بتنفيذ االلتزامات التي تحملها بمقتضى هذا‬
‫المخطط (أوال)‪ ،‬ويترتب عن هذا التنفيذ قفل مسطرة اإلنقاذ (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تنفيذ خمطط اإلنقاذ‬


‫تتسم مسطرة اإلنقاذ بكونها مسطرة إرادية تتوقف على إرادة رئيس‬
‫المقاولة‪ ،‬لذلك أفرد لها المشرع بعض القواعد أثناء تنفيذ مخطط االنقاذ‬
‫تتالءم وطبيعة هذه المسطرة‪ ،‬مستهدفا من ذلك تشجيع رؤساء‬
‫المقوالت وتحفيزهم على سلوك إجراءات هذه المسطرة‪.‬‬

‫وأهم هذه القواعد تكمن في أن رئيس المقاولة سواء في المقاوالت‬


‫الفردية أو في الشركات التجارية (المقاوالت الجماعية) هو من له‬

‫‪ - 285‬جاء في هذه المادة ما يلي‪ ":‬ال يمكن للمحكمة أن تفرض على األشخاص الذين ينفدون المخطط ولو بصفة شريك‪ ،‬تكاليف أخرى‬
‫غير االلتزامات التي تعاقدوا بشأنها عند إعداد هذا المخطط‪ ،‬مع مراعاة المقتضيات المنصوص عليها في المواد ‪ 599‬أعاله و ‪638‬‬
‫و‪ 64‬و‪ 649‬أدناه"‪.‬‬

‫‪276‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الصالحية في السهر على تنفيذ مخطط اإلنقاذ‪ ،286‬وذلك خالفا لمخططي‬


‫االستمرارية والتفويت اللذان يتولى تنفيذهما السنديك المعين في‬
‫الحكم القاضي بفتح مسطرة التسوية القضائية‪.287‬‬

‫ومن القواعد التي ينفرد بها كذلك مخطط اإلنقاذ نجد أن المحكمة ال‬
‫يمكنها أن توقف اعتماد هذا المخطط على تغيير أطر التسيير في‬
‫المقاولة الخاضعة لمسطرة اإلنقاذ‪ ،‬وهي االمكانية المتاحة لها في مخطط‬
‫االستمرارية بموجب الفقرة الثانية من المادة ‪ 624‬من مدونة التجارة‬
‫الجديدة‪ ،288‬التي لم تتم اإلحالة عليها بمقتضى المادة ‪ 570‬نفس المدونة‬
‫الخاصة بمسطرة اإلنقاذ‪.‬‬

‫أما فيما يخص مدة تنفيذ مخطط اإلنقاذ‪ ،‬فقد خول المشرع المحكمة‬
‫تحديد هذه المدة في الحكم القاضي باعتماد هذا المخطط على أن ال‬
‫تتجاوز خمس سنوات‪ ،289‬حيث نص في المادة ‪ 571‬من القانون رقم ‪73.17‬‬
‫على أنه‪ ":‬تحدد المحكمة مدة لتنفيذ مخطط اإلنقاذ على أال تتجاوز خمس‬
‫سنوات"‪.290‬‬

‫‪ - 286‬المادة ‪ 566‬من ق ر ‪.73.17‬‬


‫‪ - 287‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 673‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ - 288‬وقد جاء في هذه الفقرة ما يلي‪ ":‬ي شير مخطط االستمرارية الذي تحصره المحكمة‪ ،‬إن اقتضى الحال‪ ،‬الى التغييرات الواجب‬
‫ادخالها على تسيير المقاولة وفقا للمقتضيات الموالية‪ ،‬وبمقتضى كيفيات تصفية الخصوم المحددة تطبيقا للمواد ‪ 630‬الى ‪ 634‬أدناه"‪.‬‬
‫‪ - 289‬على خالف مدة تنفيذ مخطط االستمرارية التي حددها المشرع في عشر سنوات طبقا لمقتضيات المادة ‪ 628‬التي نصت على أن‬
‫المحكمة تحدد مدة تنفيذ مخطط االستمرارية على أال تتجاوز عشر سنوات‪.‬‬
‫‪ - 290‬حدد المشرع الفرنسي مدة تنفيذ مخطط اإلنقاذ في عشر سنوات بالنسبة للتاجر و خمسة عشر سنة بالنسبة للمزارع‪ ،‬وذلك بموجب‬
‫المادة ‪ 626.12‬من م ت ف التي نصت على ما يلي‪:‬‬
‫‪"Sans préjudice de l'application des dispositions de l'article L. 626-18, la durée du plan est fixée par le‬‬
‫‪tribunal. Elle ne peut excéder dix ans. Lorsque le débiteur est un agriculteur, elle ne peut excéder quinze‬‬
‫‪ans".‬‬

‫‪277‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وعليه فالحد األقصى لتنفيذ مخطط اإلنقاذ هو خمس سنوات‪،‬‬


‫وبالتالي فليس هناك ما يمنع المحكمة من تحديد مدة أقل كسنة أو‬
‫سنتين أو حتى أربع سنوات‪ ،‬كما أنه ليس هناك ما يمنع المحكمة من‬
‫تمديد هذه المدة ألكثر من مرة شريطة أن ال يتجاوز مجموع هذه المدد‬
‫خمس سنوات‪.291‬‬

‫ونشير في هذا االطار أن قصر مدة تنفيذ مخطط اإلنقاذ ترجع إلى‬
‫كون اإلنقاذ في حد ذاته يجب أن ال يستغرق وقتا طويال‪ ،‬ألن الغاية منه‬
‫هي الحيلولة دون توقف المقاولة عن الدفع وإنقاذها في أسرع وقت‬
‫ممكن‪ ،292‬وبعدما تنفذ المقاولة كل بنود مخطط اإلنقاذ فإن المحكمة‬
‫تقضي بقفل مسطرة اإلنقاذ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬قفل مسطرة اإلنقاذ‬


‫اذا نفدت المقاولة جميع االلتزامات الواردة في مخطط اإلنقاذ‪ ،‬فإن‬
‫المحكمة تضع حدا لمسطرة اإلنقاذ‪ ،‬بواسطة حكم يقضي بقفل هذه‬
‫المسطرة استناد الى مقتضيات الفقرة السادسة من المادة ‪ 573‬من‬
‫القانون رقم ‪ 73.17‬التي جاء فيها‪ ":‬تقضي المحكمة بقفل المسطرة اذا‬
‫قامت المقاولة بتنفيذ مخطط اإلنقاذ"‪.‬‬

‫ويرفع السنديك الى القاضي المنتدب تقريرا مفصال عن تنفيذ‬


‫رئيس المقاولة لجميع االلتزامات المضمنة في مخطط اإلنقاذ‪ ،‬وكذا تنفيذ‬
‫جميع العقود الجارية والتعديالت التي تم إجرائها أو المطلوب إجرائها في‬

‫‪ - 291‬فال ي عالل‪ ،‬مساطر معالجة صعوبات المقاولة‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة الرباط‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬س ‪ ،2019‬ص ‪.122‬‬
‫‪ - 292‬كرم محمد‪ ،‬مساطر صعوبات المقاولة في التشريع المغربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.161‬‬

‫‪278‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫رأس مال المقاولة في حالة التنصيص على ذلك‪ ،‬وهو ما يفرض كذلك‬
‫انتهاء عملية تحقيق الديون والتأكد من صيرورتها نهائية وسدادها‬
‫الكامل‪.293‬‬

‫ويرى البعض أن الحكم القاضي بقفل مسطرة اإلنقاذ ما هو إال إجراء‬


‫بسيط تباشره المحكمة في اطار االدارة القضائية للملف‪ ،‬وال يكون محال‬
‫ألي طعن قضائي‪ ،‬وما يفيد ذلك أنه بإمكان المحكمة إعادة فتح المسطرة‬
‫بعد قفلها متى تبين لها أن التزاما ما لم ينفد من قبل المدين‪،294‬‬

‫واذا كان األصل في قفل مسطرة اإلنقاذ يرجع الى تنفيذ المدين لبنود‬
‫مخطط اإلنقاذ‪ ،‬فإنه في بعض الحاالت قد يخل بتنفيذ هذه االلتزامات‪،‬‬
‫مما جعل المشرع يمنح المحكمة بموجب المادة ‪ 573‬من القانون ‪73.17‬‬
‫إمكانية فسخ مخطط اإلنقاذ وفتح مسطرة التسوية أو التصفية‬
‫القضائية في حق المقاولة المدينة‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية‬


‫ينتج عن عدم تنفيذ رئيس المقاولة اللتزاماته الناجمة عن مخطط‬
‫اإلنقاذ فسخ هذا المخطط من قبل المحكمة‪ ،‬إما بشكل تلقائي أو بناء‬
‫على طلب من أحد الدائنين‪ ،‬وذلك بعد االستماع لرئيس المقاولة‬
‫والسنديك‪.295‬‬

‫‪ - 293‬يقع هذا االلتزام على عاتق السنديك بمقتضى المادة ‪ 566‬من ق ر ‪ 73.17‬التي ألزمته بمراقبة رئيس المقاولة عند تنفيذه لمخطط‬
‫اإلنقاذ‪ ،‬ورفع تقرير بذلك للقاضي المنتدب‪.‬‬
‫‪ - 294‬خويا موح مصطفى‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.125‬‬
‫‪ - 295‬الفقرة األولى من المادة ‪ 573‬من ق ر ‪.73.17‬‬

‫‪279‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫ويضاف الى ذلك تحويل مسطرة اإلنقاذ إما إلى مسطرة التسوية أو‬
‫التصفية القضائية حسب درجة اختالل المقاولة‪ ،‬األمر الذي ستوجب علينا‬
‫تناول هذا المطلب في نقطتين أساسيتين‪ ،‬نخصص األولى للتطرق‬
‫‪296‬‬
‫(الفقرة‬ ‫لاللتقائية االجرائية بين مسطرة اإلنقاذ ومساطر المعالجة‬
‫األولى)‪ ،‬على أن نفصل في النقطة الثانية في الحلول البديلة لمسطرة‬
‫اإلنقاذ (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬إلتقائية مسطرة اإلنقاذ مع مساطر املعاجلة‬


‫أحاط المشرع المغربي مسطرة اإلنقاذ بحظ أوفر من الضمانات التي‬
‫من شأنها أن تؤمن هذه المسطرة من تهاون أو تقصير أو سوء نية الجهاز‬
‫الذي يتولى تسييرها‪ ،‬فخول بذلك للمحكمة في إطار سلطة المالئمة‬
‫الممنوحة لها صالحيات واسعة بواسطتها يتم تعزيز اإلجراءات‬
‫االستباقية في أفق ضمان اإللتقائية مع إجراءات المعالجة‪.‬‬

‫فالمشرع منح القضاء كامل السلطة التقديرية لتقرير وتبني‬


‫المسطرة المالئمة لوضعية المقاولة‪ ،‬وذلك بناء على تشخيص حجم‬
‫الصعوبات التي تواجه هذه األخيرة‪ ،‬ومدى قابليتها لإلنقاذ‬
‫واالستمرارية‪ 297‬من عدمه‪.‬‬

‫ومنه فللمحكمة أن تبت فيما لم يطلب منها‪ 298‬وتقضي بفتح مسطرة‬


‫التسوية أو التصفية القضائية حسب األحوال‪ ،‬وصرف النظر عن البت في‬

‫‪ - 296‬نقصد بمساطر المعالجة في هذا االطار كل من مسطرة التسوية و التصفية القضائية‪.‬‬


‫‪ - 297‬وذلك واضح من خالل مقتضيات المادة ‪ 573‬من ق ر ‪.73.17‬‬
‫‪ - 298‬خروجا على مقتضيات الفصل الثالث من ق م م‪ ،‬نظرا الرتباط قانون صعوبات المقاولة بالنظام العام االقتصادي‪.‬‬

‫‪280‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الطلب الرامي إلى فتح مسطرة اإلنقاذ بالقبول أو الرفض‪ ،‬وبالتالي تبقى‬
‫طلبات رئيس المقاولة في هذا اإلطار مجرد اقتراحات ومعطيات تستأنس‬
‫بها المحكمة‪.299‬‬

‫وهناك الكثير من الحاالت التي قد تبادر فيها المحكمة إلى فتح‬


‫مسطرة اإلنقاذ تمهيدا لتحديد الحل النهائي‪ ،‬إلى أنه قد يتبين لها بعد‬
‫ذلك أن وضعية المقاولة تزداد تدهورا وصعوباتها تزداد تفاقما‪ ،‬مما‬
‫يدفعها الى تحويل هذه المسطرة الى التسوية أو التصفية القضائية‪،‬‬
‫استنادا إلى مقتضيات الفقرة األولى من المادة ‪ 564‬من القانون رقم ‪73.17‬‬
‫التي نصت على أنه‪ ":‬إذا تبين بعد فتح مسطرة اإلنقاذ‪ ،‬أن المقاولة كانت‬
‫في حالة توقف عن الدفع في تاريخ النطق بالحكم القاضي بفتح هذه‬
‫المسطرة‪ ،‬تعاين المحكمة حالة التوقف عن الدفع وتحدد تاريخه وفق‬
‫مقتضيات المادة ‪ 713‬أدناه‪ ،‬وتقضي بتحويل مسطرة اإلنقاذ الى تسوية‬
‫قضائية أو تصفية قضائية‪ ،‬وفق مقتضيات المادة ‪ 583‬أدناه"‪.‬‬

‫وكذلك قد تعمد المحكمة إلى تحويل مسطرة اإلنقاذ إلى التسوية أو‬
‫التصفية القضائية بناء على تقرير الموازنة المالية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية الذي يعده السنديك بمناسبة إعداد الحل‪ ،‬أو في حالة محاولة‬
‫رئيس المقاولة إخفاء عدم تنفيذ أحد التزاماته أو تعهداته الناشئة عن‬
‫مخطط اإلنقاذ‪ ،‬ويتقدم إلى المحكمة بطلب يرمي فيه إلى تغيير أهداف‬

‫‪ - 299‬دزاز كمال‪ ،‬م س‪.166 ،‬‬

‫‪281‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫ووسائل هذا المخطط‪ ،‬ويمكن لهذه األخيرة وهذه الحالة أن تقضي برفض‬
‫الطلب وتقضي بفتح مسطرة المعالجة المناسبة‪.‬‬

‫ومما سبق‪ ،‬وكما يرى البعض‪ 300‬يحق لنا التساؤل حول فحوى اعتماد‬
‫المشرع تقنية تحويل مسطرة اإلنقاذ إلى مسطرة التسوية أو التصفية‬
‫القضائية‪ ،‬بمعنى هل هناك تكامل وإلتقائية بين هذه المساطر‪ ،‬أم أن‬
‫كل مسطرة مستقلة عن األخرى؟ أو بعبارة أخرى هل سينتج عن تقنية‬
‫التحويل هذه من مسطرة اإلنقاذ إلى مساطر المعالجة نقل كل اإلجراءات‬
‫والقرارات والتقارير المنجزة بمناسبة جريان مسطرة اإلنقاذ والعمل على‬
‫منوالها عند فتح إحدى مساطر المعالجة‪ ،‬أم أن األمر يقتضي مسطرة‬
‫جديدة بإجراءات جديدة وفترة إعداد موازنة مالية بديلة وغيرها من‬
‫اإلجراءات التي تم القيام بها في مسطرة اإلنقاذ؟‬

‫جوابا على هذا السؤال‪ ،‬نعتقد أن االحتفاظ باإلجراءات المنجزة أثناء‬


‫مسطرة اإلنقاذ وعلى نفس األجهزة المسيرة‪ ،‬من شأنه التسريع في‬
‫اختيار الحل األنسب والمالئم لوضعية المقاولة؛ إما بإنقاذها أو تسويتها‬
‫أو حتى تصفيتها قضائيا‪ ،‬دون الحاجة إلى تكرار نفس اإلجراءات وإطالة‬
‫أمد المسطرة‪ ،‬لما لذلك من أثر سلبي على المقاولة ذاتها ودائنيها واألجراء‬
‫الذين يشغلونها‪.‬‬

‫وما يؤكد قولنا هذا ما نص عليه المشرع في الفقرة الثانية من المادة‬


‫‪ 564‬من القانون رقم ‪ 73.17‬التي جاء فيها‪ ":‬في حالة تحويل مسطرة‬

‫‪ - 300‬دزاز كمال‪ ،‬م س‪ 168 ،‬و ‪.169‬‬

‫‪282‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫اإلنقاذ إلى تسوية قضائية‪ ،‬يمكن للمحكمة تمديد المدة المتبقية من‬
‫إعداد الحل كلما اقتضت الضرورة ذلك‪ ،‬مع مراعاة مقتضيات الفقرة‬
‫الثانية من المادة ‪ 595‬أدناه"‪.‬‬

‫فالمشرع من خالل هذه المادة أقر إمكانية الحكمة في تمديد مدة‬


‫إعداد الحل المتبقية‪ ،‬وليس إقرار مدة جديدة إلعداد الحل من قبل‬
‫السنديك‪ ،‬وذلك كلما اقتضت الضرورة ذلك‪ ،‬بمعنى أنه بإمكان المحكمة‬
‫االحتفاظ بنفس اإلجراءات التي تمت في فترة إعداد الحل األولى بنفس‬
‫اآلثار التي أنتجتها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تسوية املقاولة أو تصفيتها قضائيا‬


‫يترتب عن حكم المحكمة بفسخ مخطط اإلنقاذ فتح إحدى مساطر‬
‫المعالجة حسب درجة اختالل وضعية المقاولة‪ ،‬اذ تقضي حسب الفقرة‬
‫األولى من المادة ‪ 575‬من القانون رقم ‪ 73.17‬بالتسوية القضائية‪ 301‬متى‬
‫تبت لها أن المقاولة في حالة توقف عن الدفع‪ ،‬وتحكم بالتصفية‬
‫القضائية متى تبين لها أن وضعية هذه المقاولة مختلة بشكل ال رجعة‬
‫فيه استنادا على مقتضيات المادة ‪ 651‬من نفس القانون‪.302‬‬

‫‪ - 301‬في هذا االطار صدر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ ‪ 2018/09/27‬حكم تحت عدد ‪ 120‬في الملف رقم‬
‫‪ 2018/8375/100‬قضت فيه بما يلي‪ ":‬وحيث يهدف طلب المدعى عليه إلى الحكم بمسطرة اإلنقاذ لعدم توقف المقاولة عن الدفع‬
‫وتعيين القاضي المنتدب والسنديك وشمول الحكم بالنفاذ المعجل‪ ،...‬وحيث أدلت المدعية بالقوائم التركيبية آلخر سنة مالية تفيد بأن‬
‫الرؤوس المالية الصافية محددة في مبلغ‪ -809.444.13‬وأن أصول المقاولة تبلغ ‪ 15.725.033.73‬درهما بينما الديون بلغت بإقرار‬
‫رئيس المقاولة ‪ 16‬مليون درهم‪ ،‬وحيث إنه فظال ذلك أقر رئيس المقاولة أمام المحكمة بأنه توقف عن دفع ديونه منذ بداية ‪ ،2018‬وحيث‬
‫إن مقتضيات المادة ‪ 583‬من مدونة التجارة تنص على أنه يقضي بالتسوية القضائية اذا تبين أن وضعية المقاولة ليست مختلة بشكل ال‬
‫رجعة فيه وإال فيقضي بالتصفية القضائية فإنه يتعين التصريح بفتح مسطرة التسوية القضائية‪ ،...‬وحيث إنه بذلك يبقى طلب المدعية‬
‫الرامي إلى فتح مسطرة اإلنقاذ غير مستجمع لشروطه القانونية‪ ،‬وحيث إن المحكمة بإمكانها أن تضع يدها تلقائيا وأن تحكم في مواجهة‬
‫المقاوالت بفتح المسطرة المالئمة لوضعيتها القانونية‪ ،‬وحيث إنه بذلك وللعلل أعاله قررت المحكمة فتح مسطرة التسوية القضائية في‬
‫حق الشركة أعاله"‪.‬‬
‫‪ - 302‬جاء في الفقرة األولى من المادة ‪ 651‬ما يلي‪ ":‬تفتح المحكمة مسطرة التصفية القضائية تلقائيا أو بطلب من رئيس المقاولة أو‬
‫الدائن أو النيابة العامة‪ ،‬اذا تبين لها أن وضعية المقاولة مختلة بشكل ال رجعة فيه‪."...‬‬

‫‪283‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫و يتبين من خالل مقتضيات المادة ‪ 573‬من القانون رقم ‪ ،73.17‬أن‬


‫فسخ مخطط اإلنقاذ يترتب عنه فتح مسطرة المعالجة المناسبة تجاه‬
‫المقاولة‪ ،‬دون إقران ذلك بثبوت حالة توقفها عن الدفع‪ ،‬على اعتبار أن‬
‫المشرع لم ينص صراحة على أن اخالل المدين ببنود مخطط اإلنقاذ يعد‬
‫صورة من صور توقف مقاولته عن دفع ديونها‪ ،‬مما جعل بعض الفقه‬
‫يرى عكس ذلك ويقول بأن ثبوت إخالل المدين بااللتزامات الناشئة عن‬
‫مخطط اإلنقاذ بمثابة دليل على توقف مقاولته عن الدفع‪ ،‬يستوجب‬
‫تحويل مسطرة اإلنقاذ الى مسطرة التسوية أو التصفية القضائية بحسب‬
‫درجة هذا التوقف‪.303‬‬

‫ويرى بعض الفقه الفرنسي‪ 304‬أن عدم تنفيذ مخطط اإلنقاذ أو العجز‬
‫عن أداء األقساط من الديون الحالة‪ ،‬يوحي إلى توقف المقاولة عن الدفع‬
‫يجوز معه فتح إحدى مساطر المعالجة‪ ،‬األمر الذي يمكن المدين من‬
‫االستفادة منها‪ ،‬وفي هذا اإلطار قضت محكمة النقض الفرنسية على أن "‬
‫فتح مسطرة التصفية القضائية بعد فسخ مخطط اإلنقاذ يقتضي ثبوت‬
‫حالة التوقف عن الدفع في حق المدين بمناسبة تنفيذ هذا المخطط"‪،‬‬
‫وهو االجتهاد الذي تراجعت عنه نفس المحكمة‪.305‬‬

‫ونشير ختاما أنه اذا كانت مسطرة اإلنقاذ ومسطرة التسوية‬


‫القضائية تهدفان الى إنقاذ المقاولة من الصعوبات التي تعترضها‪ ،‬فإن‬

‫‪ - 303‬كرم محمد‪ ،‬مساطر صعوبات المقاولة فالتشريع المغربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.161‬‬


‫‪ - 304‬المرابطي عبد الرحيم‪ ،‬مسطرة االنقاذ في قانون صعوبات المقاولة دراسة تشريعية مقارنة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬وحدة قانون العقود واألعمال‪ ،‬نوقشت بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة ابن زهر أكادير‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،.2019/2018‬ص‪.111 :‬‬
‫‪ - 305‬خويا موح مصطفى‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.143 :‬‬

‫‪284‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫مسطرة التصفية القضائية تترتب عنها بعض اآلثار الخاصة تتماشى‬


‫وخصوصيات هذه المسطرة‪ ،‬التي ال ترمي الى إنقاذ المقاولة بقدر ما تهدف‬
‫الى إنهاء الوجود القانوني والفعلي لها وتوفير أكبر قدر من الحماية‬
‫للدائنين واألجراء‪.306‬‬

‫‪ - 306‬دزاز كمال‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.173‬‬

‫‪285‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الئحة املراجع‪:‬‬
‫‪ ‬السباعي أحمد شكري‪ ،‬الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي‬
‫تعترض املقاولة ومساطر معالجتها‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪1998‬‬
‫‪ ‬كرم محمد‪ ،‬مساطر صعوبات املقاولة في التشريع املغربي في ضوء القانون‬
‫رقم ‪ ،73.17‬مطبعة وور اقة املعرفة مراكش‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة األولى ‪2019‬‬
‫‪-‬برتاوش فاطمة‪ ،‬مقارنة بين مسطرة االنقاذ ومسطرة التسوية القضائية في‬
‫ضوء القانون رقم ‪ ،73.17‬مقال منشوربمجلة املحامي‪ ،‬ع ‪ ،71‬يوليوز‪.2018‬‬
‫‪ ‬أمينة رضوان‪ ،‬دور السنديك في مساطر معالجة صعوبات املقاولة‪ -‬قراءة في‬
‫ضوء مستجدات القانون رقم ‪ 73.17‬القاض ي بنسخ الكتاب الخامس من مدونة‬
‫التجارة‪ ،‬مقال منشوربمجلة املهن القانونية والقضائية‪.‬‬
‫‪ ‬فالي عالل‪ ،‬مساطر معالجة صعوبات املقاولة‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة‬
‫الرباط‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬س ‪2019‬‬
‫‪ ‬املرابطي عبد الرحيم‪ ،‬مسطرة االنقاذ في قانون صعوبات املقاولة دراسة‬
‫تشريعية مقارنة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاسترفي القانون الخاص‪ ،‬وحدة قانون العقود‬
‫واألعمال‪ ،‬نوقشت بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة ابن‬
‫زهرأكادير‪ ،‬سنة ‪.2019/2018‬‬
‫‪ ‬خويا موح مصطفى‪ ،‬مسطرة انقاذ املقاولة في ضوء مسودة املشروع رقم‬
‫‪ ،46.09‬رسالة لنيل دبلوم املاسترفي القانون الخاص‪ ،‬وحدة قانون األعمال‪ ،‬نوقشت‬
‫بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة القاض ي عياض مراكش‪،‬‬
‫سنة ‪.20182/2017‬‬
‫‪ ‬دزاز كمال‪ :‬قراءة في مشروع نظام صعوبات املقاولة‪ :‬إجراءات الوقاية‬
‫واملعالجة نموذجا‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص وحدة القانون‬

‫‪286‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫واملقاولة‪ ،‬نوقشت بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة املولى‬


‫اسماعيل مكناس‪ ،‬سنة ‪،2016/2015‬‬

‫‪287‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫األستاذ سعيد اشتاتو‬


‫باحث يف القانون اخلاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫جامعة حممد اخلامس‪ ،‬الرباط‬

‫متسقبل احملاكم الرقمية باملغرب‬


‫‪The future of digital courts in Morocco‬‬
‫تقدم‪:‬‬
‫قانوني‬
‫ٍّ‬ ‫إذا نحن استعملنا كلمة "الرقمنة" كمفهوم تقني‪ ،‬في سياقٍ‬
‫محض‪ ،‬فمن الممكن أن نسقطه على العديد من النظريات القانونية‪،‬‬
‫ابتداءً بالعقود الذكية ‪ ،smart contrat‬إلى جانب العديد من العمليات‬
‫المالية الواقعة في السوق المالية‪ ،‬وأيضا على مستوى الملكية األدبية‬
‫والفكرية‪ ،‬وانتهاء برهان رقمنة مرفق المحاكم‪ ،‬بما يفيد بشكل أشمل‬
‫رقمنة العدالة ‪.Justice digitale-numérique‬‬

‫في هذا السياق‪ ،‬إن اعتماد مشروع الرقمنة يمكن االعتماد عليه‬
‫انطالقا من الدور الهام والحاسم للتقنيات الحديثة في ضمان السرعة‬
‫والمرونة‪ ،‬ومن تم مسايرة التجارب المقارنة ومحاولة اللحاق بها‪ ،‬وأيضا من‬
‫عجز الوضعية الحالية في حماية الحقوق والحريات‪ ،‬وتحقيق العدالة كأفقٍ‬

‫‪288‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫نهائي‪ .‬وعليه؛ يظهر أن تحقيق العدالة لم تعد تحكمه المحددات‬


‫القانونية لوحدها‪ ،‬بل أضحت تحديات الرقمنة توجه عملية إنتاج العدالة‬
‫‪،307‬‬
‫بشكل متين‪ .‬وحيث إن النقاش الحقيقي ال يبدأ إال من خطورة الرهان‬
‫خصوصا أمام ما نعيشه حاليا من اعتداء على عدالة المعتقلين بعد‬
‫االعتماد على تقنية المحاكمات عن بعد كليّا‪ ،‬دون أسس أو رؤى سابقة‬
‫لهذا الغِمار‪ ،‬وحيث إن رهان العدالة الرقمية ال ُي َمكِنُنا من معرفة إمكانية‬
‫نجاحه من عدمه إال بإفساح المجال أمام دراسات نظرية‪ ،‬فال بأس من‬
‫التفاعل مع جدية هذا الموضوع في أفق أن يفتح التفاعل معه أشكا ًال‬
‫أخرى لحلول مستجدة‪.‬‬

‫صحيح أن هذه التقنيات الجديدة تحمل في ثناياها الكثير من األمل‪،‬‬


‫لعلها سوف تسمح بمعالجة فعالة للقضايا الرائجة أمام القضاء‪ ،‬كما‬
‫ستمكن المتقاضي من الولوج إلى المحاكم دون الحاجة إلى التنقل من‬
‫مكانه‪ ،‬ومتابعة تطور قضيته في أي وقت شاء‪ ،‬بل حتى مساءلة‪308‬‬
‫السلطة القضائية عن مصير قضيته‪ .‬وعلى النقيض من ذلك أيضا‪ ،‬فإنها‬
‫قد تشكل خطراً كبيراً‪ ،‬يتمثل في تجريد العدالة من الكفاءة اإلنسانية‪ ،‬إذ‬
‫أنها قد تعيق المبادئ األساسية التي من المفروض أنها محصنة‪ ،‬وفي‬
‫مقدمتها حق المتقاضي في التواصل المباشر مع اجهاز القضائي‪ .‬فكل‬
‫حكم قضائي‪ ،‬هو قبل كل شيء حدث‪ .309‬بل أكثر من ذلك‪َ ،‬ف َكوْن العدالة‬

‫‪ - 307‬عبد الكبير الخطيبي‪ ،‬المغرب العربي وقضايا الحداثة‪ ،‬منشورات عكاظ‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ص‪.34:‬‬
‫‪ - 308‬في سياق السؤال واالستخبار ال المحاسبة‪.‬‬
‫‪309‬‬
‫‪- Juger est avant toute chose un événement. A.Garapon, Bien juger. Essai sur le rituel judiciaire,‬‬
‫‪Odile Jacob, 2001 p :18.‬‬

‫‪289‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الرقمية تتطلب تجسيدا ال ماديا بالضرورة للقضاء‪ ،‬فهي تهاجم إذاً بعداً‬
‫رمزي ًا لسيادة الدولة‪.310‬‬

‫قد يعترض على هذا الطرح‪ ،‬بكون أن العدالة في وضعها الحالي‪،‬‬


‫والكفاءة اإلنسانية من جهة أخرى‪ ،‬ترتبطان في االذهان بالشح والنذرة‬
‫والبطء في صناعة العدالة‪ ،‬بمفهوم آخر أكثر وضوحاً بقلة اإلنتاج ونذرة‬
‫اإلبداع‪ .‬وأنه ق ّلمَا يُفهم أن تمظهرات الرقمنة تسعى دوما نحو التجديد‬
‫واالبتكار‪ ،‬وأنها ما تفتأ تكتشف أو تبتدع طرقا جديدة الستغاللها في شتى‬
‫المجاالت‪ ،‬بما فيها إنتاج العدالة‪ .‬وكون المجتمعات التي تتبناها تغدوا‬
‫بسرعة‪ ،‬أكثر إنتاجاً وثراءً‪ ،‬على خالف التجارب التي تظل وفية لتقنياتها‬
‫التقليدية‪ ،‬فهي تفتقر تدريجيا‪ ،‬بل تغدو دائما عرضة لخطر التأثير على‬
‫العدالة نفسها‪ ،‬وكونها ستنهزم في أول امتحان‪ ،‬وأن تأخرها في استغالل‬
‫الرقمنة‪ ،‬سيجعلها ال ُتسَاير بنفس الكيفية تجارب الدول التي سبقتها في‬
‫صناعة عدالة رقمية كمنتوج جديد‪.‬‬

‫إن هذه المستحدثات الرقمية كمنتوج أو بديل‪ ،‬تثير ما يكفي من‬


‫االستغراب واالنذهال باعتبارها عُرضَة على اإلدراك الحسي غير الملموس‪،‬‬
‫فيبقى من الصعب الحكم عليها دون تجريبها‪ .‬وحيث إن التجارب الرقمية‬
‫في المغرب ال تزال في بداية التحدي أو التحول الرقمي‪ ،‬من تم يصبح كل‬
‫حكم تجاهها –سابقا‪ ،-‬أو يمكن تسميته بردود فعل استباقية‪ ،‬لكن هذا‬
‫ال يمنع من التحليل النظري إلى حين –اختمار‪ -‬التنزيل التطبيقي‪.‬‬

‫‪310‬‬
‫‪-A. Hyde, La justice digitale, amie ou ennemie du droit ? Jan 2019, Rouen p : 6.‬‬

‫‪290‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫وعليه؛ وتأسيسا على ما سبق يمكن مقاربة موضوع هذه الورقة‬


‫البحثية من خالل طرح إشكال محوري يتجلى في استشراف حدود تنزيل‬
‫ورش الرقمنة بالمحاكم المغربية ومدى مساهمته في بلوغ حكامة‬
‫قضائية تكون مدخال من مداخل بلوغ التنمية المستدامة‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬احملاكم الرقمية‪ :‬حتدي املستقبل‬


‫منذ أول اطالع على بعض الكتابات في موضوع المحاكم الرقمية‬
‫والشكل الجديد للعدالة‪ ،‬يتضح أن نجاح هذا التحدي يتطلب أن تظل‬
‫العدالة إنسانية قبل كل شيء‪ ،‬وإال سنفقد العديد من المرتكزات التي تُعد‬
‫الحجر األساس في تحقيق الولوج المستنير للعدالة‪.‬‬

‫إن قبول رهان رقمنة المحاكم يثير العديد من المخاوف‪ ،‬كما أن‬
‫احتمال التحول الكلي من بهو المحاكم وقاعاتها‪ ،‬إلى محاكم افتراضية غير‬
‫مجسدة ‪-‬بفعل ‪ ،La dématérialisation‬يكفي لخلق التوٌجس والريبة‬
‫في اآلن نفسه‪ ،‬حول مدى قدرتنا في تحقيق العدالة المنشودة ‪.311‬‬

‫من تم‪ ،‬يبقى التحول من الجلسات المباشرة إلى منصات للتواصل عن‬
‫بعد‪ ،‬وما قد تسببه من إقصاء للمتقاضي من الولوجية‪ ،‬وقد تنتج عنها‬
‫عدالة دون جلسات ‪ ،Une justice sans audiences‬كما أن استبدال‬
‫التواصل المباشر مع المحكمة‪ ،‬إلى التعامل معها عبر مبادالت إلكترونية‪،‬‬
‫والخوف من إحالل مجهود وعمل المحامين والقضاة بما أصبح يصطلح‬

‫‪311‬‬
‫‪-LES PRE-REQUIS DU TRIBUNAL NUMERIQUE, Stéphane Verclytte, Secrétaire général du ministère‬‬
‫‪de la Justice français, Conférence internationale sur la Justice de Marrakech, 3 avril 2018, p :4.‬‬

‫‪291‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫عليه بالذكاء االصطناعي ‪ ،l’intelligence artificielle‬قد ينتج لنا‬


‫عدالة شبه تنبؤية‪ .Une justice prédictive 312‬مع كل هذا‪ ،‬يصير‬
‫السؤال المقلق متمثال ‪ :‬في مدى تأثير الرقمنة على جودة العدالة؟‪ 313‬وهل‬
‫هذا التحول الرقمي يمنح مكانا كافي ًا للمتقاضي ؟ وهل هذا المسمى ذكاءً‬
‫اصطناعيا يتجاوز الكفاءة اإلنسانية ؟‬

‫ال أقصد بالسؤال إرباكاً ما‪ ،‬بل الذهاب نحو تفكيك مراصد هذا التحول‪.‬‬
‫نظريا من خالل البرامج المقررة والرؤى المحتملة‪ ،‬وما تؤسسه لنا جمالية‬
‫خطاب التعبئة السياسية‪ ،‬أن المتقاضي في صلب هذا المشروع الرقمي‪،‬‬
‫وأن الجميع تحدوه رغبة في تمكينه من الولوج إلى الخدمة القانونية‬
‫والقضائية بسرعة‪ ،‬وبأقل تكلفة‪ .‬كما أن هذا التحول الرقمي سيمكن‬
‫المتقاضي من المساواة في معالجة الملفات‪ ،‬والبت فيها داخل آجال‬
‫معقولة باعتباره حقاً دستوري ًا‪.314‬‬

‫الذهاب إلى هذا القول معناه‪ ،‬أن رهان الرقمنة فرصة إلنتاج شكل‬
‫جديد للعدالة يحقق فعالية أكبر وبتكاليف أقل‪ ،‬وأن الرقمنة وسيلة‬
‫لتشجيع األطراف أيضا على سلوك مساطر التسوية الودية للنزاعات عن‬
‫طريق الوساطة والتحكيم والسيما الرقميين ‪ ...‬لكن الذي سيغيب معها‬
‫هو اجتهاد المحامي وحياد القاضي‪ ،‬وستندثر السلطة التقديرية لهذا‬

‫‪ - 312‬م ن المحتمل في هذا المعطى أن يخلق إشكاال دستوريا‪ ،‬يتمثل في خرق مبدأ الفصل بين السلط‪ ،‬إن وقع تدبير المحاكم الرقمية من‬
‫طرف مديرية التحديث التابعة لوزارة العدل‪.‬‬
‫وكمثال على ذلك‪ ،‬فعلى مستوى تعيين القاضي المقرر المرجح أن يتم بصفة تلقائية عبر نظام معلوماتي‪ ،‬في حين أن تعيين القاضي‬
‫المقرر في القضايا هو إجراء ذو طبيعة قضائية تختص به مؤسسة رئاسة المحكمة‪ ،‬وليس إجراء معلوماتيا تتكلف به السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫هذا ما قد يؤسس لنا تجاوزا لمبدإ الفصل بين السلط من جهة‪ ،‬كما سيتنج لنا إجرا ًء معلوماتيا تنبؤيا على مستوى المسطرة‪ ،‬ثم في‬
‫إصدار األحكام على مستوى الموضوع‪.‬‬
‫‪313‬‬
‫‪- Bâtonnier Francis Lec : Vers une justice numérique, lettre juridique N23 2017, p :4.‬‬
‫‪- 314‬الفصل ‪ 120‬من الدستور ‪ :‬لكل شخص الحق في محاكمة عادلة‪ ،‬وفي حكم يصدر داخل أجل معقول‪.‬‬

‫‪292‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫األخير خالل تأمله في الملفات‪ ،‬وحتى لو كانت هذه السلطة التقديرية‬


‫أحيانا تترتب عنها أحكام وقرارات غير صائبة‪ ،‬باعتبار أن الحق في الخطأ‬
‫‪ le droit a l’erreur‬ال يستثني أحدا‪ ،‬بما فيه الذكاء االصطناعي على حد‬
‫قول روزا لوكسمبورغ‪ ،‬وستحضر عوَض كل هذا ‪ :‬مرونة وسرعة‬
‫‪315‬‬
‫التكنولوجيا !‬

‫وفي نقطة مغايرة‪ ،‬الذي يبدو أن التجربة المغربية في مشروع إحداث‬


‫المحاكم الرقمية‪ ،‬ستكون تجربة غارقة في التقليد‪ ،‬السيما فيما ذهبت‬
‫إليه التجربة الفرنسية بالذات‪ .‬طبعا الذهاب نحو الفرنسيين في موضوع‬
‫العدالة الرقمية‪ ،‬هو توجه نحو إبداعهم‪ ،‬وفي نفس الوقت تحدي ال يخلو‬
‫من صعوبة‪ ،‬خصوصا إذا علمنا أن المشرع الفرنسي قد استبق مشروع‬
‫إحداث المحاكم الرقمية بالعديد من المساطر المُيسرة‪ ،‬وقوانين تعبد‬
‫طريق نجاح رهان الرقمنة‪.‬‬

‫ال بأس من التذكير ببعض القوانين والمساطر المطبقة في التشريع‬


‫الفرنسي منذ سنة ‪ 2001‬ذات عالقة بالرقمنة ‪:‬‬

‫القانون رقم ‪ 1200-0621‬الصادر بتاريخ ‪ 15‬نونبر ‪2001‬‬ ‫‪.1‬‬


‫المتعلق بإمكانية استعمال تقنية الفيديو خالل جلسات االستماع‬
‫‪.316‬‬
‫واالستنطاق والمواجهة‬

‫‪315‬‬
‫‪-Mustapha Mekki, Le numérique : « faites entrer le justiciable » !, gazette du palais, 15janvier20‬‬
‫‪19, n° GPL339f0, p :3.‬‬
‫‪316‬‬
‫‪-la loi n° 2001-1062 du 15 novembre 2001 permettant l’utilisation de la visioconférence pour les‬‬
‫‪auditions, les interrogatoires et les confrontations dans le cadre de l’enquête et de l’instruction.‬‬

‫‪293‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫القانون رقم ‪ 204-2004‬الصادر بتاريخ ‪ 9‬مارس ‪2004‬‬ ‫‪.2‬‬


‫الذي يوسع من تقنية استعمال الفيديو لتشمل االستماع للشهود‪،‬‬
‫‪317‬‬
‫األطراف المدنية والخبراء‪.‬‬

‫القانون رقم ‪ 120-06211‬الصادر بتاريخ ‪ 14‬مارس ‪2011‬‬ ‫‪.3‬‬


‫الذي يسمح بإمكانية مثول المتهمين أمام المحكمة المختصة عن‬
‫طريق تقنية الفيديو بشرط الحصول على موافقة النيابة العامة‬
‫‪318‬‬
‫واألطراف ودفاعهم‪.‬‬

‫بناءً على ما سبق ذكره‪ ،‬يمكن التأكيد على أن أغلب التشريعات‬


‫المقارنة اجتهدت كثيرا في مجال رقمنة المساطر‪ ،‬وإدخال وسائل االتصال‬
‫الحديثة أثناء النظر في القضايا‪ ،‬وأنها أدرجت فصوالً مسطرية دقيقة‬
‫تعالج إمكانية المحاكمة أو التقاضي عن بعد‪ ،319‬خصوصا في بعض‬
‫القضايا التي ال حرج فيها‪ ،‬وال ضرر في تنزيل ميكانيزمات الرقمنة‪ ،‬باألخص‬
‫المادة المدنية والتجارية واإلدارية‪ ،‬كقضايا حوادث السير‪ ،‬ونزاعات الحالة‬
‫المدنية وقضاء اإللغاء‪ ،‬أي المواد التي تهم حقوقاً مالية بالذات‪...‬‬

‫‪317‬‬
‫‪- Loi n2004 – 204 du ç mars 2004 permettant l’utilisation de la visioconférence a l’audition des‬‬
‫‪témoins, parties civiles et experts devant les juridictions de jugement.‬‬
‫‪318‬‬
‫‪-Loi n2011 – 267 du 14 mars 2011 permettant la comparution du prévenu détenu devant le‬‬
‫‪tribunal correctionnel par visioconférence sous réserve de l'accord du ministère public et des parties.‬‬
‫لإلشارة هنا‪ ،‬صدر قرار لمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ ‪ 16‬أبريل ‪ 2008‬عدد ‪ 06-20391‬ي ؤكد على منع استعمال تقنية الفيديو في‬
‫المراكز المخصصة للحراسة النظرية‪ ،‬بل فقط في قاعات المحاكم التي تكون مفتوحة لعموم المواطنين‪ ،‬سواء بالنسبة للقاضي أو الطرف‬
‫الثاني موضوع المتابعة‪ ،‬بما يتماشى مع شروط المحاكمة العادلة‪.‬‬
‫‪ - 319‬ا لمحاكمة عن بعد بخصوص القضايا الجنلئية‪ ،‬والتقاضي عن بعد بخصوص القضايا المدنية والتجارية واإلدارية‪.‬‬

‫‪294‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫عكس المادة‪ 320‬الجنائية‪ ،‬التي يبقى من الصعب جدا الحديث فيها‬


‫عن الرقمنة‪ ،321‬نظرا لما تتطلبه هذه القضايا من اتصال مباشر بالفاعلين‬
‫في منظومة العدالة‪ ،322‬وتحقق شرط الحضورية لألطراف والعلنية في‬
‫الجلسات‪ ،‬وبما يضمن أيضاً االحترام التام لحقوق الدفاع‪ ،‬وتمكين‬
‫المعتقلين من التخابر مع محاميهم‪ .‬كل هذه المبادئ السابق ذكرها‪،‬‬
‫والمتعارف عليها دوليا في شروط المحاكمات الجنائية‪ ،‬تتطلب رقمنتها‬
‫تشريعاً استثنائيا دقيقاً‪ ،‬يميز بين المحاكمات التي تجري في شكلها‬
‫العادي‪ ،‬والمحاكمات التي من الممكن تعويض الجلسات العادية بآخرى‬
‫رقمية‪ .‬حقوق المعتقلين ال ينبغي أن يُقفز عليها تحت ذريعة السرعة‪،‬‬
‫أو أن يغامر بشأنها‪ .‬فاختزال ما هو عادل في ما هو نافع‪ ،‬ليس صحيحا‬
‫دائما‪.‬‬

‫وفي المقابل‪ ،‬فهذا المعطى ال يعفينا من التفكير في الرقمنة‬


‫الجنائية‪ ،‬وأن نتجرأ على الخوف من األسيجة التي يضعها الوضع الحالي‪،‬‬
‫بشرط االحترام التام لخصوصية المجال الجنائي‪ ،‬الذي كما ذكرنا أنه يتلبس‬
‫بمفهوم القناعة الوجدانية الصميمة الناتجة عن التواجهية المباشرة مع‬

‫‪ -14‬ي مكن توسيعها لتشمل بعض المساطر في القضايا الجنحية البسيطة‪ ،‬التي من الممكن واأليسر استعمال تقنيات الرقمنة‪ ،‬مثال على‬
‫ذلك األمر الصادر عن قاضي التحقيق الرامي إلى إلقاء القبض على متهم استنادا للفصل ‪ 154‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬وتم ضبط‬
‫المتهم خارج دائرة نفوذ قاضي التحقيق المختص استنادا للفصل ‪ ،156‬سيكون من األعدل استعمال تقنية الفيديو هنا دون نقل المتهم‬
‫من خارج الدائرة التي ألقي عليه فيها القبض‪ ،‬إلى الدائرة المختصة‪ ،‬بما في ذلك من تكاليف إضافية‪ ،‬ومن تعطيل للعدالة بشكل عام‪،‬‬
‫بشرط موافقته وتمكينه من الحق في الدفاع‪.‬‬
‫‪ - 321‬جاء في رواية الغريب أللبير كامو ‪:‬‬
‫‪L’étranger de Albert Camus : En quelque sorte, on avait l’air de traiter cette affaire en dehors de moi.‬‬
‫‪Tout se déroulait sans mon intervention. Mon sort se réglait sans qu’on prenne mon avis. De temps‬‬
‫? ‪en temps, j’avais envie d’interrompre tout le monde et de dire : Mais tout de même, qui est l’accuse‬‬
‫‪C’est important d’être l’accuse. Et j’ai quelque chose à dire. Mais réflexion faite, je n’avais rien à dire.‬‬
‫‪- 322‬‬

‫‪295‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫الظنين ودفاعه‪ ،‬عكس المواد المدنية التي تؤول في نهاية المطاف إلى‬
‫حقوق مالية قابلة لالستدراك‪ .‬منتهى القول هنا‪ ،‬أن التجرؤ هذا‪ ،‬ال يأتي‬
‫في سياق التسرّع وتسجيل السبق‪ ،‬بل في سياق "التريّث" و "االختمار‬
‫الكافي" و "الهضم الالزم"‪.‬‬

‫إلى جانب ذلك‪ ،‬ينبغي التأكيد أن هذا الرهان الرقمي في منظومتنا‪،‬‬


‫لن يحل محل القاضي والمحامي‪ ،‬ولكنه يأتي لدعم الولوج اليسير للعدالة‬
‫بشكل عام‪ ،323‬على عكس بعض التجارب الدولية في هذا الموضوع‪ ،‬التي‬
‫أسسته على تعويض الكفاءة اإلنسانية بالذكاء االصطناعي‪ ،‬بما ينتج‬
‫عدالة رياضية تنبؤية‪.‬‬

‫يمكننا الذهاب للتساؤل أيضا عن حق المتقاضين بما يسمى‬


‫بالفرنسية ‪ ،Le droit a l’oubli 324‬الذي كرسته محكمة العدل األوروبية‬
‫في قرار‪ 325‬شهير لها ضد شركة ‪ ،Google‬حيث منحت الحق لكل متضرر‬
‫من طلب سحب وحذف معلوماته الشخصية من محرك البحث‪ ،‬ثم في‬
‫قرار‪ 326‬آخر جعلت هذا الحق محصور تطبيقه فقط للمواطنين المنتمية‬
‫دولهم لالتحاد األوروبي‪.‬‬

‫يُط َرحُ السؤال هنا‪ ،‬في مدى إمكانية تمتيع المتقاضين‪ ،‬بناءً على‬
‫طلباتهم‪ ،‬بإمكانية مسح وحذف جميع معطياتهم الشخصية بعد صدور‬

‫‪323‬‬
‫‪- La justice prédictive : Ordre des avocats au Conseil d’État et à la Cour de cassation.‬‬
‫‪324‬‬
‫‪-Floriane NICAUD et Ela ULUS, Le droit à l’oubli numérique: comment l’exercer?, Paris Descartes‬‬
‫‪2019.‬‬
‫‪325‬‬
‫)‪- Cour de justice de l’Union européenne, affaire C-131/12, ARRÊT DE LA COUR (grande chambre‬‬
‫‪13 mai 2014.‬‬
‫‪326‬‬
‫‪- Cour de justice de l’Union européenne, Arrêt dans l'affaire C-507/17, 24 septembre 2019.‬‬

‫‪296‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫األحكام‪ ،‬طالما أن أي دعوى تتطلب توافر أغلب المعلومات الشخصية‬


‫للمتاقضين‪ ،‬وإلغاؤها من محركات البحث الخاصة بالمحاكم الرقمية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬القضاء ومشروع الرقمنة‪ :‬تعارض أم تكامل؟‬


‫من الصعب جدا التفكير في مهام القضاة وعمل المحامون في القرن‬
‫الواحد والعشرون‪ ،‬دون معالجة تأثير التكنولوجيا الجديدة على مهامهم‬
‫وأساليب عملهم‪ ،327‬ومن تم على إنتاج وصناعة العدالة بشكل عام‪ ،‬فال‬
‫أحد ينكر أثر التقنيات الحديثة في تغيير طريقة عمل الفاعلين في‬
‫منظومة العدالة‪ ،‬من قضاة ومحامون وجميع المهن المساعدة للعدالة‪،‬‬
‫سواء من خالل طريقة تبادل الوثائق‪ ،‬أو من خالل التحرر من قيود الحضور‬
‫المباشر للحصول على المعلومات ومآل الملفات‪ ،‬أو مد المحكمة بالمقاالت‬
‫والمذكرات‪ ،‬ومن تم تعطيل جميع األساليب التقليدية في االتصال بين‬
‫صُناع ومُنتجي العدالة‪ ،‬شريطة أال تحمِل إلغاءً ضمنياً للكفاءة اإلنسانية‪.‬‬
‫التوجه األخير هذا‪ ،‬سيكون حينها شديد الفائدة‪ .‬غير أن هذا التجسيد‬
‫الالمادي يمكن أن ينطوي على العديد من المخاطر ذات طابع تقني‬
‫باألساس‪ ،‬لكن أثرها ذي بعدٍ قانوني‪ ،‬السيما على مستوى اإلجراءات‬
‫المسطرية‪ ،‬ومن تم‪ ،‬سيغدوا من الضروري ضمان األمن التقني أو الرقمي‬
‫‪ numérique la sécurité‬على مستوى معالجة البيانات القانونية ‪-‬‬
‫التوقيعات اإللكترونية نموذجا‪ ،-‬وسيكون من األنسب كذلك التدقيق‬
‫أكثر في موضوع الجرائم اإللكترونية أو الرقمية‪ ،‬والتوسيع من الجرائم‬

‫‪327‬‬
‫‪-Rapport à Mme la garde des sceaux, ministre de la justice, « Le juge du 21ème siècle » Un citoyen‬‬
‫‪acteur, une équipe de justice, p : 120.‬‬

‫‪297‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫المرتبطة بها‪ ،‬لكن بما يحترم مبدأ الشرعية الجنائية طبعاً‪ ،‬واعتبار‬
‫العدالة الرقمية نظام معلوماتي يخضع بدوره للقواعد الموضوعية‬
‫والحمائية المنصوص عليها في القانون ‪ 07.03‬المتعلق بالجرائم الواقعة‬
‫‪.328‬‬
‫على نظم المعالجة اآللية للمعطيات‬

‫إن اإلشكال الذي يطرح كذلك على هذه التقنيات الجديدة‪ ،‬التي من‬
‫المفترض االعتماد عليها مستقبال‪ ،‬النقطة المتعلقة بإساءة استعمال‬
‫المعلومات القضائية الرقمية‪ ،‬أو عدم تطابقها مع ما هو منصوص عليه‬
‫من آجاالت قانونية وشكليات إجرائية‪ ،‬أو في حالة انقطاع البت أثناء‬
‫الجلسة إذا تعلق األمر بتقنية ‪ ،visioconférence‬هل ستترتب حينها‬
‫قواعد المسؤولية المدنية على القطاع الوصي ؟ أو باألحرى مسؤولية‬
‫الروبوات ‪ La responsabilité des robots‬تماشيا مع ما هو مطروح‬
‫من نقاش في الساحة القانونية الفرنسية‪ .329‬طبعا ال شيء يمنع من‬
‫ذلك‪ ،‬طالما أن حقوق المتقاضين تبقى أكثر أهمية من أي شأن آخر‪،‬‬
‫بشرط أال تجعلنا تلك األخطاء أو الهفوات نقع في الخشية والتردد‪ ،‬وعدم‬
‫الثقة في قدرتنا على إنجاح تحدي الرقمنة داخل منظومة العدالة‪.‬‬

‫إلى جانب ذلك‪ ،‬قد تكون للرقمنة أثر في إلغاء بعض التجارب‬
‫القضائية المقارنة‪ ،‬السيما تجربة ‪ Le jury populaire‬في فرنسا‪ ،‬والتي‬
‫من خاللها ينضم لهيئة الحكم بعض المواطنين الذين يتم اختيارهم بنا ًء‬

‫‪ - 328‬الفصول من ‪ 607-3‬إلى ‪ 607-11‬من مجموعة القانون الجنائي‪.‬‬


‫‪329‬‬
‫‪-Mounir Mahjoubi, la croissance du numérique dans les domaines de la justice et du droit est une‬‬
‫‪nécessite, p :2.‬‬

‫‪298‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫على نظام القرعة التي يجريها الرئيس قبل البدء في مناقشة حيثيات‬
‫الملف‪ ،‬والتي يبقى من حق الدفاع االعتراض على أربعة أعضاء من أصل‬
‫ستة‪ ،‬والنيابة العامة كذلك على ثالثة من أصل الستة‪ ،‬الذين يتم‬
‫اختيارهم بشكل علني‪.‬‬

‫على أي‪ ،‬يبقى الهدف من هذه المسطرة هو إشراك المواطنين في‬


‫إنتاج العدالة –في حدود معينة‪ ،-‬وتجسيد حقيقي للمواطنة‪ ،‬ضمانا‬
‫الستقالل السلطة القضائية من جهة‪ ،‬وأيضاً لطمأنة المجتمع على الوضع‬
‫القضائي من جهة ثانية‪.‬‬

‫لكن رغم المزايا التي تجسدها هذه المسطرة خاصة في الشق‬


‫المتعلق باألمن القضائي‪ ،‬هناك شبه تراجع عليها‪ ،‬لذلك خالل السنتين‬
‫األخيرتين كانت هناك أزيد من ثالث مقترحات إللغاء المقتضى –آخرها‬
‫مقترح ‪ ،-Nicole Belloubet‬نظرا لعدم تمكن المواطنين من‬
‫المقتضيات القانونية من جهة‪ ،‬وأيضا لتعزيز طرح رقمنة المحاكم من‬
‫جهة ثانية‪ ،‬ومن تم تسريع النظر في الملفات الرائجة في إطار زمنٍ‬
‫ف من جهة ثانية‪.‬‬
‫قضائي مناسب وكا ٍ‬

‫من المفترض أيضا أن رقمنة المحاكم‪ ،‬ستتطلب ال محالة‪ ،‬إعادة النظر‬


‫في عالقة المهن القضائية بمنظومة العدالة‪ ،‬مما سيستدعي تجديد‬
‫مكاتب المحامون بنفس الشكل الذي سَيُعمَل به داخل المحاكم‪ ،‬من تم‬
‫تطوير رؤى المهن القضائية‪ ،‬والعمل على أن تواكب متطلبات الرقمنة‪.‬‬

‫‪299‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫في األخير البد من التأكيد أن الوصول إلى العدالة بِيُسر‪ ،‬مشروط‬


‫بجودة الخدمات القضائية‪ ،‬وهو ما ال يمكن أن يتحقق إال في ظل عدالة‬
‫سريعة تحترم الزمن القضائي‪ ،‬وفعالة كذلك‪ ،‬سواء اقتضى األمر تحديث‬
‫ورقمنة المساطر ووسائل االتصال بين جميع الفاعلين في منظومة‬
‫العدالة‪ ،‬واالعتماد على التقنيات الحديثة‪ ،‬بشرط خلوها من أي لبس أو‬
‫تعقيد‪ ،‬كل ذلك في أفق تقريب المتقاضي من العدالة‪ ،‬وأيضا حسم‬
‫التصور الرقمي للمحاكم‪ ،‬حتى ال تكون العدالة مُعَرضة للتهاوي والسقوط‪.‬‬
‫–العدالة هنا في سياقها النظري ال الشعوري أو الوجداني‪ ،‬من حيث كونها‬
‫انزالق عن جادة اإلنصاف والعدل نحو االستبداد والظلم‪.-330‬‬

‫يمكننا أن نعدد ما شئنا من اإلشكاالت في موضوع ملتبس كهذا‪ ،‬لكن‬


‫الحاصل هنا أن المحاكم في شكلها الحالي‪ ،‬غذت غير قادرة على استيعاب‬
‫ومسايرة األنظمة المقارنة في إنتاج عدالة مرنة‪ ،‬بل أصبحت اآلن مهددة‬
‫أمام طرح الرقمنة‪ ،‬الذي مس أنظمة الحق ذاتها‪ ،‬وأصبح عامال لنزع‬
‫األنسنة في كثير من األحيان‪ ،‬ويتجلى األفق معها فاتحاً حقل الممكنات‬
‫في صناعة وإنتاج الشكل المطلوب من العدالة‪ ،‬وعلى نطاق واسع‪.‬‬

‫نختم هذه الورقة البحثية بما رسمه األستاذ –الفيلسوف‪ -‬عبد‬


‫السالم بنعبد العالي في موضوع الرقمنة بقوله‪" :‬إن الرقمنة ما هي إال‬
‫مجرد تطبيق للمعرفة العلمية‪ ،‬وما يهم هو منفعتها ومردوديتها‬
‫وأساليبها في العمل والتنظيم‪ .‬وهي لذلك مكسب إنساني وليست حكرا‬

‫‪ - 330‬للتعمق أكثر‪ ،‬انظر ‪ :‬محمد هاشمي‪ ،‬نظرية العدالة عند جون رولز‪ ،‬نحو تعاقد اجتماعي مغاير‪.‬‬

‫‪300‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫على الغرب وحده‪ ،‬لذلك فهم ال يرون مانعا في "نقلها" وتعميمها‪ ،‬وحتى‬
‫الذين يعارضون منهم "استيراد" الفكر الغربي وينددون بالغزو الثقافي‪ ،‬ال‬
‫يقفون الموقف ذاته فيما يخص الرقمنة والتقنية‪ ،‬كل ما في األمر أنهم‬
‫قد يشترطون أن يكون نقلها طاهرا نزيها‪ ،‬فهي مجرد أداة ووسيلة ال‬
‫تستمد معناها إال من الغايات التي تستهدفها‪ .‬فال خوف إذا على ثقافتنا‬
‫وهويتنا وأعرافنا وتقاليدنا من هاته التقنيات البكماء الصماء‪ ،‬فهي ما‬
‫هي إال حلول لممارسات جديدة‪."331‬‬

‫وفي سياق آخر يرى الفيلسوف محمد سبيال أن لهذه الحداثة التقنية‬
‫قدرة كبيرة على النفاذ إلى كل المجتمعات‪ ،‬وذلك انطالقاً من فائدتها‬
‫وفعاليتها وإغراءاتها التي أخذت تغني عن التساؤل عن مدى صوابها أو‬
‫جوازها وكأنها مجرد أدوات محايدة في عمقها‪.332‬‬

‫جملة القول‪ ،‬فحينما يالقي جسما قضائيا تحوال رقميا قويا‪ ،‬فإن‬
‫الذي يحصل حينها‪ ،‬هو أن هذا التالقي يخلق تركيبا ليكوٌنا كالٌ يكون أكثر‬
‫قوة وتجانساً‪ .‬وإذا وقع هذا التالقي متأخرا وبقي التردد بشأن موضوع‬
‫الرقمنة‪ ،‬فما سينتج عنه سوى تفكيك ًا لترابط أجزاء الجسم القضائي‪،‬‬
‫وسيحكم على هذا األخير باالستمرار في العمل بقناعة صوفية‬
‫ُم ت و ا ض ع ة ‪ ،‬ف ي و ض ع ي ن خ ر ه ا ل ع ب ث و ا ل ع ت ٌو ‪ ،‬رافضاً وفاضحاً‬
‫بأصفاد المغلق‪ ،‬وغير قاد ٍر على تغييره‪.‬‬

‫‪ - 331‬عبد السالم بنعبد العالي‪ ،‬الفلسفة أداة للحوار‪- ،‬نحن والتقنية‪ ،-‬دار توبقال للنشر الطبعة األولى ‪ ،2016‬ص‪.21-20:‬‬
‫‪ - 332‬محمد سبيال‪ ،‬في تحوالت المجتمع المغربي‪ ،‬دار النشر توبقال‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2010‬ص‪.18 :‬‬

‫‪301‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

:‫الئحة املراجع‬
‫ منشورات‬،‫ المغرب العربي وقضايا الحداثة‬،‫ عبد الكبير الخطيبي‬-
.‫ الطبعة الثانية‬،‫عكاظ‬
،-‫نحن والتقنية‬- ،‫ الفلسفة أداة للحوار‬،‫ عبد السالم بنعبد العالي‬-
.2016 ‫دار توبقال للنشر الطبعة األولى‬
،‫ دار النشر توبقال‬،‫ في تحوالت المجتمع المغربي‬،‫محمد سبيال‬ -
.2010 ‫الطبعة األولى‬
- Juger est avant toute chose un événement.
A.Garapon, Bien juger. Essai sur le rituel judiciaire, Odile
Jacob, 2001
- A. Hyde, La justice digitale, amie ou ennemie du
droit ? Jan 2019, Rouen p
- LES PRE-REQUIS DU TRIBUNAL NUMERIQUE,
Stéphane Verclytte, Secrétaire général du ministère de
la Justice français, Conférence internationale sur la
Justice de Marrakech, 3 avril 2018
- Mustapha Mekki, Le numérique : « faites entrer le
justiciable » !, gazette du palais, 15janvier20 19, n°
GPL339f0,

302 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫‪- Mounir Mahjoubi, la croissance du numérique‬‬


‫‪dans les domaines de la justice et du droit est une‬‬
‫‪nécessite,‬‬

‫‪303‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫مقاالت وأحباث‬

‫قانونية وإدارية باللغة‬

‫الفرنسية‬

‫‪304‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

Dr Ben Saad zina


Juge auprès du tribunal de première instance de Nabeul et
enseignante au sein de la faculté des sciences juridiques de Tunis
La lettre de change : quel délai de
prescription ?
1- Le législateur Tunisien a employé l’expression « effet de

commerce » dans plusieurs textes dans le code de commerce sans en

donner une définition.

2- A Défaut de définition législative c’est la doctrine333 qui l’a définit

en dégageant ses éléments caractéristiques c’est ainsi que le

doyen « Roblot »334 a définit l effet de commerce comme étant :

333
Effets de commerce, Yves Louis sage, l’hermès Lyon 1994,
334
Effets de commerce, chèque et instruments de paiement, Yves Chaput, presses universitaires de
France, Paris1998.

305 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

3- Un titre négociable qui constate l’existence au profit de son

porteur d’une créance de somme d’argent stipulée a cours terme et qui

sert a son paiement.

4- L’examen du droit Tunisien révèle l’existence de plusieurs titres

qui peuvent entrer dans la catégorie des effets de commerces la loi y

réglemente la lettre de change le billet à ordre le warrant et le chèque.335

5- Le plus ancien des effets de commerce est sans doute la lettre de

change.336Ce titre constitue le prototype le plus parfait des effets de

commerce. Il s’agit d’un titre négociable337 qui représente une créance et

qui sert a son paiement.

6- En effet, le législateur n’a pas définit ce titre et il se contente

d’énumérer ses mentions obligatoires au sein de l’article 269 du code de

commerce.

7- Il ressort de cet article qu’il s agit d’un titre émis par une personne

appelée « tireur » qui donne l’ordre a une autre personne appelée « tiré »

335
Le droit français connait d’autres titres qui peuvent être qualifiés d’effets de commerce ; c’est le cas
par exemple du billet au porteur et des bons de caisse.
336
Abrégé du droit des effets de commerce, Fredj loksaier, les éditions La Balance, octobre 1997.
337
Le moyen qui permet à la lettre de change d’être négociable c’est l’endossement objet de l’article
276 du code de commerce.

306 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

l’ordre de payer a une échéance bien déterminée une somme d’argent a

une tiers personne appelée « bénéficiaire ».338

8- La lettre de change en tant que prototype des effets de commerce

vue sa utilisation excessive de la part des commerçants et des non

commerçants a posé énormément de problèmes dans la pratique et qui

résultent essentiellement des imprécisions de quelques règles

juridiques et des contradictions entre d’autres.

9- Parmi les textes qui a diversifié le point de vue des chercheurs339

et des juges340 et ceux relatifs à la prescription de la lettre de change.341

10- En effet, le régime juridique qui réglemente la lettre de

change est dispersé et parait sans aucune harmonie ce qui agit sur

l’affirmation d’une réponse certaine concernant les délais de la

prescription de la lettre de change.

11- En conséquence, la règle générale qui régit la prescription

est prévue par l’article 402 du code des obligations et des contrats.

.2009 ،‫ كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس‬،‫ هاجر الخميري‬،‫ المؤونة في الكمبيالة‬338
339
Abrege du droit des effets de Commerce, Fredj Leksair,la balance,1997.
.2018/05/10 ‫ المؤرخ في‬3869 ‫ والقرار عدد‬2012 ‫ ماي‬15 ‫ المؤرخ في‬60078 ‫ القرار التعقيبي عدد‬340
.1970 ‫ دمشق‬،‫ مطابع ألف باء األديب‬،‫ جورج أنطاكي‬،‫ التقادم المسقط‬341

307 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

12- Certes, le législateur a prévu des exceptions a ladite règle

générale notamment l’article 411 C.O.C342 et l article 335 du code de

commerce.

13- Les règles prévues par ces deux articles impliquent une

contradiction qui appel une analyse profonde appuyée sur la

jurisprudence.343

14- En effet, la jurisprudence Tunisienne s’est prononcée sur la

question et elle a répondu sans pouvoir trancher en faisant une

distinction entre la prescription de la lettre de change valide (I) et la

prescription de la lettre de change nulle (II).

I/ la prescription de la lettre de change valide

La prescription de la lettre de change selon la jurisprudence

Tunisienne varie lorsque ce titre fait objet d’un procès cambiaire (1) ou

d’un procès civil (2).

1/la prescription du procès cambiaire résultant de la lettre de change

1- La Jurisprudence Tunisienne344 est unanime que le texte appliqué

à la prescription du procès cambiaire résultant de la lettre de change est

342
Code des obligations et des contrats.
.‫ القرارات موضع الدرس بالجوهر‬343
‫ الصادر‬3869 ‫ و القرار االستئنافي عدد‬2012 ‫ مجلة القضاء و التشريع‬،2012 ‫ ماي‬15 ‫ المؤرخ في‬60078‫ القرار التعقيبي عدد‬344
.2019/04/11 ‫ الصادر بتاريخ‬8963 ‫ و القرار االستئنافي عدد‬2018/05/10 ‫بتاريخ‬

308 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

l’article 335 du code de commerce (a) pour pouvoir appliquer touts les

mécanismes de ce droit (b).

a/application de l’article 335 du code de commerce

1- L’article 335 prévoit que toutes actions résultant de la lettre de

change contre l’accepteur se prescrivent par trois ans à compter de la

date de l’échéance.

2- Il ajoute que les actions du porteur contre les endosseurs et contre

le tireur se prescrivent par un an à partir de la date du protêt dressé en

temps utile ou de celle de l’échéance en cas de clause de retour sans

frais.

3- Il prévoit encore que les actions des endosseurs les uns contre les

autres et contre le tireur se prescrivent par six mois a partir du jour ou

l’endosseur a remboursé la lettre ou du jour ou il a été lui même

actionnée.

4- Le législateur dans ledit article a prévu des délais de prescription

diverses et les questions qui peuvent être soulevées c’est la cause de

cette diversification et la possibilité de considérer l’article 335 du code

de commerce comme une règle juridique générale ?

309 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

5- En ce qui concerne la cause de diversification on peut estimer que

la différence des délais de prescription est du a la spécificité de chaque

rapport qu’il soit cambiaire ou civil et le degré de professionnalisme de

chaque partie ce qui peux agir sur la diligence de ces derniers pour agir

dans les délais indiqués par la loi.

6- D’autre part, et en ce qui me concerne je considère l’article 335 du

code commerce comme une règle générale de prescription pour des

multiples raisons parmi lesquelles on peut se référer aux règles de

l’article 533 du C.O.C qui prévoit que lorsque la loi s’exprime en termes

généraux il faut l’entendre dans le même sens ,en fait , l’article 335 a

prévu de sa part que « toutes les actions résultant de la lettre de change

contre l’ accepteur se prescrivent par trois ans » dont on peux déduire

que ledit article peux former une règle générale de prescription.

7- En outre, on peut affirmer que les règles juridiques prévues par

l’article 335 de code de commerce sont des règles de prescription et non

des règles de déchéance puisqu’ils peuvent être interrompues et puisque

l’action exercée en justice ne coure que du jour de la dernière poursuite

judicaire et car les prescriptions ne s’appliquent pas s’il y a eu

condamnation ou si la dette a été reconnue par acte séparé.345

.1984 ‫ أسامة عثمان منشأة المعارف اإلسكندرية‬،‫ عبد الحميد الشورابي‬،‫ أحكام التقادم‬345
345

310 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

8- La jurisprudence Tunisienne d’après l’arrêt de la Cour de cassation

numéro 6008 rendu le 15 mai 2012 a refusé d’adopter l’article 335 du code

de commerce comme une règle générale de prescription toute en

affirmant que les mécanismes de droit cambiaire sont différents des

mécanismes prévus par le droit civil.

b-application des mécanismes du droit cambiaire

1- L’arrêt de la cour de cassation numéro 6008 rendu le 15 mai 2012

a affirmé que l’article 335 du code de commerce ne peut concerner que le

procès cambiaire puisque le législateur a prévu des mécanismes

spéciaux différents des mécanismes prévus pour le procès civil.

2- En effet, le recours cambiaire présente l’avantage de permettre au

porteur d’invoquer l’application du principe de l’indépendance des

signatures346 et de celui de l’inopposabilité des exceptions.347

3- De plus, en vertu du principe de la solidarité des garants du

paiement de la traite le porteur impayé peut exercé son recours cambiaire

contre tous ceux qui ont tiré, accepté, endossé, ou avalisé la lettre de

change348

346346
Article 273 alinéa 2 du code de commerce.
347
Article 280 du code de commerce.
348
Article 310 alinéa 1er du code de commerce.

311 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

4- Toujours dans le but de renforcer le recours cambiaire du porteur

impayé la loi permet à ce dernier « de saisir les effets mobiliers des

garants de la lettre de change et d’agir en paiement par le moyen d’une

procédure simple et rapide qui est celle de l’injonction de payer objet de

l’article 59 nouveau du c.p.c.c.

5- De plus, afin de renforcer encore la sécurité de la lettre de change,

la loi du 03 avril 1996 a ajouter à l’article 317 du code de commerce deux

alinéas qui permettent au porteur impayé d’obtenir contre le tiré

accepteur et les autres garants une injonction de payer « exécutoire vingt

quatre heure après sa notification nonobstant appel ».

6- D’autre part, la jurisprudence Tunisienne349 est unanime que la

lettre de change ne produit ses effets cambiaires précisés si dessue que

lorsqu’elle est valide.

7- Certes, on veut dire par lettre de change valide celle qui est

conforme au principe de l’autosuffisance du titre c'est-à-dire que ce

dernier doit comporter les mentions obligatoires prévues par l’article

269 du code de commerce.

349
L’arrêt de la cour de cassation numéro 6008 rendu le 15 mai 2012 et le jugement numéro 3869
rendu par la cour d’appel de Nabeul le 10 mai 2018

312 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

8- Ces mentions obligatoires sont la dénomination de la lettre de

change, le mandat pure et simple de payer une somme bien déterminée,

le nom de celui qui doit payer(le tiré), indication de l’échéance, le lieux de

paiement, le nom de bénéficiaire, la date et le lieux de création de la lettre

de change et la signature du tireur.350

9- Néanmoins, en cas d’omission d’une mention obligatoire le

législateur Tunisien a adopté la théorie des équivalents, en effet, l’article

269 du code de commerce a édicté des dispositions supplétives pour

remplacer les mentions obligatoires manquantes et échapper à la

nullité.351

10- A défaut d’indication de l’échéance, la lettre de change est

considéré comme payable a vue dés sa présentation et a défaut

d’indication de lieux de paiement sera le lieux de domicile et pour finir le

législateur a prévu qu’on cas de défaut de lieux de création la lettre de

change est considérée souscrite dans le lieux désigné a coté du nom de

tireur.352

11- D’autre part, la régularisation du titre est admise dans le

droit Tunisien comme une règle générale sous formes de certaines

350
L’engagement de l’avaliseur d’une lettre de change, Ali khaldi ,fsjpst, 1980,p3.
351
La protection du porteur, Hela Nasraoui,fsjpst, 2007,p23.
352
Le paiement de la lettre de change, Khalil kharrat, 1993, fsjpst, 2002, p42.

313 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

condition comme l’obligation de régulariser le titre avant de le présenter

au paiement ainsi l’obligation de respecter la volonté des parties.353

12- En outre, le législateur Tunisien a adopté la possibilité

d’altération d’une mention obligatoire ,en effet, les signataires

postérieurs à cette altération sont tenus dans les termes du texte altéré

alors que les signataires antérieurs le sont dans les termes du texte

originaire.354

13- Le recours cambiaire du porteur impayé contre les

signataires de la lettre de change n’exclut pas la possibilité pour le

porteur de choisir la voix du droit commun contre le tiré non accepteur

qui a reçu provision contre le tireur qui n’a pas fourni provision contre le

tireur qui n’as pas fourni provision contre le tireur qui n’as pas fourni

provision et contre l’endosseur qui lui a transmis le titre sur la base de la

valeur fournie355.

14- D’autre part, le porteur peut être obligé d’agir sur la base du

droit commun à cause de la prescription du procès cambiaire ou à cause

de la négligence du porteur et selon l’article 315 du code de commerce le

porteur est négligent :

353
Le paiement de la lettre de change, Khalil kharrat, 1993, fsjpst, 2002, p43.
354
L’aval anonyme de la lettre de change, Ahmed Tlili, 2010, p26.
355
Abrege du droit des effets de Commerce, Fredj Leksair, opcit, p76.

314 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

-s’il n’a pas présenté et fait protester la traite payable à vue ou a un

certain délai de vue dans les délais prescrits

-s’il n’a pas dressé protêt faute de paiement dans le délai legal

-s’il n’a pas fait dresser le protêt faute d’acceptation lorsque la traite

doit être présentée à l’acceptation

-et en fin s’il n’a pas présenté la lettre au paiement.

15- Pour conclure, on peut dire que la lettre de change conforme

à l article 269 du code de commerce ou l article 334 du même code dont

sa valeur cambiaire est certaine sera prescrite dans les délais prévus par

l’article 335 du code de commerce alors que sa valeur juridique est un

sujet de controverse jurisprudentiel si ces délais s’épuisent.

2/la prescription du procès civile

La jurisprudence Tunisienne n’a pas été unanime pour déterminer la

règle juridique applicable à la prescription de l’action résultant de la

lettre de change qui a perdu sa valeur cambiaire dont le conflit entre

l’application de l’article 335 du code de commerce comme une règle

générale de prescription ou l’application de l’article 411 du C.O.C356

comme une phase qui succède la prescription de l’action cambiaire (a)

356
Code des obligations et des contrats.

315 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

toute en tranchant sur la question de l’abrogation du deuxième texte par

le premier (b).

a/ le controverse de l’application des règles relatives à la

prescription de la lettre de change

La jurisprudence Tunisienne n’a pas été unanime pour déterminer la

règle juridique applicable à la prescription de l’action résultant de la

lettre de change qui a perdu sa valeur cambiaire dont le conflit entre

l’application de l’article 335 du code de commerce comme une règle

générale de prescription ou l’application de l’article 411 du C.O.C357

comme une phase qui succède la prescription de l’action cambiaire (a)

toute en tranchant sur la question de l’abrogation du deuxième texte par

le premier (b).

a/ le controverse de l’application des règles relatives à la

prescription de la lettre de change

1- La jurisprudence Tunisienne a soulevé la contradiction qui

persiste entre la règle de l’article 335 du code de commerce et l’article

411 du C.O.C.

357
Code des obligations et des contrats.

316 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

2- En effet, l’article 411 du C.O.C prévoit que se prescrivent par cinq

ans les actions dérivant des lettres de changes à partir du jour de

l’échéance de l’obligation ou du dernier jour du délai établi pour la

présentation au tiré des lettres tirées.

3- La Cour de Cassation Tunisienne d’après l’arrêt numéro 60078

rendu le 15 mai 2012 a considéré que l’application de l’article 411 C.O.C

concerne une phase qui succède la perte de la valeur cambiaire de la

lettre de change et cette dernière se qualifie par conséquent comme un

support de dette civil et contractuel autosuffisant qui ne nécessite pas

d’autres moyens de preuve.

4- D’autre part, le même arrêt a fait la distinction entre la lettre de

change dans l’action cambiaire dont sa valeur commerciale est certaine

et dont l’application des mécanismes du droit cambiaire est une

conséquence inalliable avec tous les privilèges qu’il peut offrir aux

intervenants de ce titre sur le plan de la preuve de la provision et

l’injonction de payer358 exécutoire vingt quatre heures après sa

notification nonobstant appel et la lettre de change qui a une autre valeur

juridique et dont l’action qui en résulte se prescrit par cinq ans .

358
Le refus d’acceptation de la lettre de change , Beya Ben Amor,1994,p53.

317 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

5- Cette analyse parait critiquable pour des multiples raisons, parmi

lesquelles on peut nuancer l’idée de distinguer entre la valeur cambiaire

de la lettre de change et sa valeur civile puisque cette analyse se trouve

en conflit avec la qualification de ce dernier titre comme un acte de

commerce par la forme, en effet, distinguer entre deux valeur liées a la

lettre de change ou chanter les louanges du droit cambiaire en dépit du

droit civil ou laisser ce dernier comme la roue de secours au profit du

porteur quand il épuise les délais de trois ans semble inadéquat aux

principes juridiques de droit.

6- Certes que la Cour de cassation a distingué la ou la loi ne l’a pas

fait et adopte une nouvelle valeur juridique de la lettre de change qui

parait hybride et sans fondement certain.

7- D’autre part, on estime que la prescription de la lettre de change

doit être prévue par une règle générale (l’article 335 du c.p.c.c) pour faire

l’équilibre entre favoriser la circulation du titre et maintenir une sécurité

juridique a travers la protection de toutes les parties de la lettre de

change

8- Certes qu’avoir des mécanismes de droit cambiaire différents du

droit civile ne peut en aucun cas permettre la diversification des règles

de prescription de la lettre de change surtout que l’article 317 du code de

318 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

commerce a été promulgué pour favoriser les règles de l’article 59 c.p.c.c

et non le contredire. 359

9- Pour conclure, on conclut que l’application de l’article 411 du

C.O.C360 n’est pas fondé comme il le faut puisqu’il est abrogé par l’article

335 du code de commerce.

b/ l’abrogation de l’article 411 du C.O.C361

1- L’article 542 du C.O.C prévoit que les lois ne sont abrogées que

par des lois postérieures lorsque celles-ci l’expriment formellement ou

lorsque la nouvelle loi est incompatible avec la loi antérieure ou qu’elle

règle toute la matière réglée par cette dernière.

2- Certes que l’article 335 du Code de commerce a été promulgué

après la promulgation de l’article 411 du C.O.C ce qui permet d’estimer

que le législateur Tunisien s’est intervenu pour mettre une règle juridique

nouvelle qui régit la prescription de la lettre de change et la question qui

se pose a-elle abrogé la deuxième ou pas ?

359
Code de procédure civile et commerciale.
360
Code des obligations et des contrats.
361
Code des obligations et des contrats.

319 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

3- La jurisprudence n’a pas tranché sur la question car il ya une partie

de la jurisprudence362 qui estime que l’article 411 régit l’action civile qui

résulte de la lettre de change si l’action cambiaire est expirée.363

4- Néanmoins , une autre partie364 a estimé que l’article 411 du C.O.C

a été abrogé par l’article 335 du code de commerce tout en affirmant que

cette dernière est une règle juridique générale qui régit toute lettre de

change valide.

5- En ce qui me concerne, j’adopte le deuxième point de vue car si on

applique les règles de l’article 542 du C.O.C il s’avère bien claire que

l’article 335 du code de commerce a réglé toute la matière réglé par

l’article 411 C.O.C notamment quand il a prévu que « toute action

résultant de la lettre de change se prescrivent dans trois ans ».

6- D’autre part, l’approche adopté par certain arrêts parait critiquable

surtout au niveau de distinguer entre une lettre de change a effet

cambiaire et une lettre de change qui a une valeur sur le plan civil.

7- En outre, diversifier les règles de prescription peut agir sur la

sécurité juridique et minimiser la circulation du titre.

362
Arrêt de la cour de cassation rendu le 15 mai 2012, RJL, décembre 2013 , p163
،
.2009 ‫ نشرية محكمة التعقيب جزء أول‬2009 ‫ ماي‬23 ‫ المؤرخ في‬25995 ‫ القرار التعقيبي المدني عدد‬363
.‫ غير منشور‬،2019/04/19 ‫ المؤرخ في‬8639 ‫ قرار استئنافي عدد‬364

320 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

8- Encore, il sera plus adéquat de considérer la règle de l’article 335

du code de commerce comme règle générale et laisser le choix aux

bénéficiaire de la lettre de change d’utiliser les mécanismes de droit

cambiaire ou agir sur le plan civil toute en se référant au rapport

fondamental et les délais de prescription seront régit par l’article 402 du

code de commerce365.

9- Il est encore injustifié de réfléchir a protéger un porteur négligeant

alors qu’il sera plus important s’il exerce ses droit dans les délais de trois

ans366 ou agir sur le plan civil alors qu’agir sur un article abrogé et dont

sont application n’est pas unanime.367

10- On peut conclure, que si l’action résultant de la lettre de

change valide est prescrite selon l’article 335 du code de commerce

qu’elle serait sa valeur juridique si elle est nulle et qu’elles sont les délais

de prescription qui lui sont applicable ?

II/La prescription de la lettre de change nulle

La qualification juridique en tant qu’une technique qui a pour but la

détermination de droit applicable la nullité de la lettre de change peut

agir sur la prescription soit lorsque cette nullité engendre la perte de la

365
La procédure de l’injonction de payer en Tunisie, Farouk Mechri, fsjpst,
366
Article 335 du code de commerce.
367
Article 411 du C.O.C

321 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

sa qualité commerciale (1) soit lorsque elle ne répond pas aux conditions

de fond que doit contenir tout acte juridique (2)

1/la nullité de titre en tant que lettre de change

La prescription de la lettre de change diffère si l’irrégularité de la lettre

de change est minime (a) ou lorsqu’elle est essentielle (b).

A- La prescription de la lettre de change avec une irrégularité minime

1- La doctrine368 et la jurisprudence française369 ont fait la distinction

entre l’irrégularité minime et l’irrégularité essentielle de la lettre de

change malgré la difficulté de déterminer les critères de cette distinction

c’est pourquoi la convention de CNUDCI c’est prononcé sur le problème

en admettant la possibilité de régulariser la lettre de change si elle

présente des conditions minimales comme sa dénomination et la

signature du souscripteur.370

2- Ainsi la lettre de change qui peut être régularisée et qui présente

des conditions minimales comme sa dénomination, la signature du

bénéficiaire et la signature du tiré si elle est acceptée peut selon la

jurisprudence tunisienne qu’elle soit qualifiée comme un acte

368
Yves Chaput, effets de commerce, chèque et instruments de paiement, presses universitaires de
France, Paris, 1998,p123, Yves Louis sage, l’hermès , Lyon, 1994, p142.
369
CNUDCI , 15 mai 2002.
370
L’engagement de l’avaliseur d’une lettre de change ,ali khaldi, 1980, p89.

322 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

authentique qui prouve la dette et la faute de paiement de la part du

créancier.

3- En effet, le législateur a régit le régime juridique de la preuve par

acte authentique par les articles 44C.O.C.3724371 et 449

4- Ainsi l’article 269 du code de commerce indique que le titre

incomplet ne vaut pas comme lettre de change , c’est une nullité d’ordre

public qui peut être opposée a tout porteur même de bonne foie .

5- En effet, le tiré même accepteur peut refuser le paiement sur la

base que ce titre en tant que lettre de change et cette nullité peut être

soulevée d’office par le juge puisque l’article 269 est d’ordre public.

6- Il s’agit donc d’une nullité spécifique et différente de la nullité au

sens classique373 car la nullité en tant que lettre de change veut dire

reconnaissance de dette de la part de tireur ainsi que la promesse de

paiement de la part de tiré.

7- C’est ainsi que la lettre de change méme nulle en tant que telle

garde sa qualité en tant que titre auto-suffisant c’est-a -dire qui suffit à

prouver la dette et la faute de paiement ce qui lui permet une meilleure

‫ع اقتضى أن الكتب الرسمي معتمد و لو في حق غير المتعاقدين حتى يقع القيام بدعوى الزور‬.‫ا‬.‫ من م‬444 ‫ الفصل‬371
‫ع الذي اقتضى ان الكتب غير الرسمي اذا اعترف به الخصم أو ثبتت صحته قانونا و لو بتغير االعتراف اعتمد‬.‫ا‬.‫ من م‬449 ‫الفصل‬
.‫ ككتب رسمي بالنسبة للطرفين و غيرها‬372
.57‫ ص‬،2007 ’‫المكتب الجامعي الحديث‬،‫ عبد الحميد الشورابي‬،‫ البطالن المدني‬373

323 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

circulation et de jouer son rôle en tant qu’instrument de crédit en toute

sécurité.

8- Si la lettre de change est qualifiée comme un acte authentique

après sa nullité en tant que telle la prescription sera régit par l’article 402

du C.O.C.

9- Pour conclure on peut dire que la lettre de change si elle comprend

les conditions minimales sera prescrite dans 15 ans.

B /la prescription de la lettre de change avec une irrégularité

essentielle

1- L’irrégularité sera essentielle si la lettre de change ne contient pas

sa dénomination en tant que telle ou si elle ne contient ni la signature du

tiré ni la signature du tireur selon la convention CNUDCI.

2- Si la lettre de change ne contient pas ces mentions obligatoires et

elle n’a pas été régularisé avant son échéance elle sera qualifiée comme

un simple commencement de preuve par écrit .

3- La jurisprudence374 a affirmé que la lettre de change en tant que

elle a perdu sa qualité en tant que titre autosuffisant et doit étre renforcer

par d’autre moyens de preuve .

374
Arrét31.133 rendu le 2/2/1972 ,RjL mars1973,p179.

324 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

4- La prescription de la lettre de change en tant que telle sera régit

par les régles de droit commun (402 COC).

5- Pour conclure on peut dire que si la lettre de change est nulle pour

ne pas respecter le formalisme cambiaire mais elle garde une certaine

valeur juridique qui diffère du degré d’irrégularité que sera sa valeur si

elle ne respecte pas les règles de fond.

2/ la nullité absolue de la lettre de change : qu’elle prescription ?

La lettre de change en tant qu’un acte juridique qui est soumis par sa

validité aux conditions générales prévues par l’article 2 COC (a) ce qui

agit sur les délais de prescription (b).

a/ le non respect des conditions de fond

1- Comme toute acte juridique la création de la lettre de change

requière une volonté valable de contracter et s’obliger.

2- C’est la signature du tireur posée sur la lettre de change qui

exprime son consentement et sa volonté de s’engager.

3- Le problème qui se pose lorsqu’il s’agit d’une fausse signature,

cette dernière le fait prouver par l’expertise ordonne par le juge elle

n’engage le prétendue signataire.

325 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

4- D’autre part la lettre de change doit respecter la condition de la

capacité prévu par le droit commun sauf que la création de la lettre de

change comporte quelque dispositions spéciales.

5- L’article 273 alinéa premier prévoient que les lettres de changes

souscrites par des mineurs non commerçants sont nulles a leur égard

sauf les droits respectifs des parties conformément à l’article 13 COC.

6- La lettre de change doit avoir un objet et une Cause licite ce qui

exclut les effets de complaisance.375

7- L’action résultant d’une lettre de change nulle quand sera elle

prescrite ?

b/ prescription d’une lettre de change nulle nullité absolue

1- La nullité absolue veut dire qu’elle peut être soulevée a tout

moment , par les parties ou par le juge.

2- L’effet le plus important de la nullité absolue c’est qu’il ne peut pas

être prescrit.

3- En effet l’action résultant d’une lettre de change null nullité absolue

ne prescrit jamais.

375
Abrege de droit des effets de commerce, Fredj Laksair, la Balance,1997,p15.

326 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

4- Alors si la nullité est partielle la prescription sera régit par l’article

330 du COC.

5- En conclusion l’action résultant de la lettre de change valide est

régit par l’article 335 qui est considéré comme une règle générale et si

ces délais s’épuisent c’est le rapport fondamentale qui fait foi et c’est la

règle de l’article 402 du C.O.C qui s’applique sauf que si le titre est nulle

c’est l’article 335 du C.O.C qui s’applique si la nullité est absolue ou

l’article 330 C.O.C qui s’applique si la nullité est partielle.

327 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

Pr sara Ghanmi
Chercheur au doctorat au département de français - Université Ibn
TOfail - Kénitra
LA FORMALITE D’ENREGISTREMENT ET LA
PRESERVATION DE SECURITE CONTRACTUELLE
INTRODUCTION

L’enregistrement est un procédé juridique et fiscal, permettant à

l’inspecteur de l’administration fiscale dit inspecteur des impôts chargé

de l’enregistrement de qualifier l’acte juridique déposé et d’en déterminer

la nature juridique afin de percevoir un impôt appelé "droit

d’enregistrement"».

Les droits d’enregistrement sont des impôts spécifiques qui

frappent certaines mutations et actes juridiques (écrites ou orales)376. Ils

sont généralement perçus lors de la présentation de l’acte qui sert de titre

376
Même si on parle de la perception des droits d’enregistrement sur les mutations orales, ses
dernières sont rare sur la plan pratique.

328 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

à l’opération lors de l’accomplissement de la formalité d’enregistrement.

Néanmoins, à défaut d’acte, certaines opérations sont soumises

à l’enregistrement sur la base de la souscription d’une déclaration au

receveur chargé de l’enregistrement.

Autrement dit l’enregistrement est un impôt perçu sur les actes et

déclarations même verbales de mutation lors de l’accomplissement de la

formalité de l’enregistrement dans un bureau spécialisé à cet effet par la

loi.

L’enregistrement peut avoir plusieurs significations différentes :

- L’enregistrement en tant que procédé juridique

- L’enregistrement en tant qu’administration fiscale

- L’enregistrement en tant qu’impôt fiscal.

L’enregistrement est ancré dans les systèmes fiscaux depuis les

temps les plus anciens dans de nombreux pays et notamment en France,

le droit d’enregistrement existait déjà à l’époque, semble-t-il, en Grèce et

en Egypte. Il consistait en une transcription des actes sur des registres

publics pour tous les actes en général et testament en particulier.

Le fisc Romain levaot a également des taxations analogues aux

droits d’enregistrement actuels, les plus importantes d’entre elles étaient

329 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

partagées entre le pouvoir royal et les nobles seigneurs. Ces derniers

avaient le droit de lever des impôts. Soit sur les vassaux, soit sur les

bourgeois, artisans et paysans, vivant plus ou moins dans leur

dépendance.

Parmi les droits perçus par les seigneurs, nous pouvons citer : le

droit « Lods » : il s’agit d’une double taxation appliquée à la fois au

vendeur en raison de sa cession et à l’acquéreur en raison de sa saisine,

le droit de « Quint » est payé par le vassal à son suzerain lors de la

cession à titre onéreux une terre noble, et le droit « Relief »ou de rachat

est perçu lors de la transmission par décès d’un fief sur la base de son

revenu annuel.377

En 1319 Philipe Le Long a institué un droit de droit de Sceau il

touche certains écrits tels les jugements et les actes notariés matérialisé

par la frape d’un caché.

En 1539 Francois Premier a institué le droit d’insinuation, c’est un

droit perçus lors de l’inscription obligatoire sur un registre public des

donations entre vifs et de divers autre actes.

377
Les droits d’enregistrement au Maroc, El Mostafa Charafeddine, ed afrique orient ,2005

330 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

En 1581 Henri III a édité le Centime Dernier consiste dans

l’enregistrement des contrats (vente, échange) déposés au Greffe dans

un délai déterminé, suivi de paiement du centime du prix des biens objets

des dits contrats ou de leur valeur.

Les droits féodaux ont été supprimés par la révolution le système

d’imposition fut profondément remanié et remplacé par la loi des 5 et 19

décembre 1790 instituant un impôt unique appelé « droit

d’enregistrement ».

Cette nouvelle législation soumettait à l’enregistrement tous les

actes authentiques, les mutations immobilières, les mutations par décès

et les actes sous seings privés produit en justice ou faisant usage par

acte public.378

Au Maroc pendant la période protectorat les droits d’enregistrement

prend le départ avec l’acte d’Algésiras de 1906, ce traité avait prévu

l’instauration d’un impôts sur les mutations immobilières au taux de 2%.

La commission prévue par l’article 7 du traité s’est inspiré de la loi

22 Frimaire an VII pour appliquer pour la première fois au Maroc le droit

d’enregistrement. Cette obligation a été le point de départ d’une

378
Les droits d’enregistrement, Mustapha Charafeddine, Remald, ed 1997 ,page 12

331 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

législation complexe contenue dans le Dahir du 22 chaabane 1332 (15

juillet 1914) et paru au B.O n 99 du 17 septembre 1914379.

Ce texte a été abrogé par de dahir de 24 rabiaa II 1333 ( 11 Mars 1915)

publié au B.O n 125 du 15 Mars 1915.son application fut prise par l’arrêté

viziriel du 26 rabiaa II 1933 ( 13 Mars 1915).

L’arrivé de l’indépendance de nombreux textes sont venus par la

suite compléter et modifier ce texte organique. L’ensemble allait

finalement former un code d’enregistrement380.

Il en a d’ailleurs constitué le livre premier et il a été mise à jour pour

la dernière fois le 31 décembre 1992.

L’article 13 de la loi de finances 2004 a abrogé toutes les

dispositions relatives aux droit d’enregistrement prévues par des textes

spéciaux381.

Aujourd’hui les droits d’enregistrements sont régi par les

dispositions des articles 126 et suivant du code général des impôts

Marocain.

379
Les droit d’enregistrement au Maroc, ed Afrique orient, 2005 page 17
380
Décret royal n° 2.58.1151 du 12 joumada II1378(24/12/1958)-B.O24.16 du 13/12/1959 page 478
381
Instruction generale relative aux droit d’enregistrement,2004, page 2.

332 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

Le droit d’enregistrement s’applique à des actes et à des

conventions son but essentiellement fiscal, c'est-à-dire qu’il assure des

ressources au budget de l’Etat. Mais l’enregistrement a aussi pour effet

d’assurer la sécurité contractuelle a travers la conservation des actes et

de faire acquérir date certaine aux actes sous signature privés.

La sécurité contractuelle est parmi les principes fondamentaux du

droit contractuelle, on l’occurrence du principe de la liberté contractuelle,

la justice contractuelle et l’équité contractuelle.

La sécurité contractuelle se définit comme étant un processus à

suivre avant la conclusion du contrat afin d’éviter les risques de

déséquilibre contractuel, dans ce sens la sécurité contractuelle est un

principe sentimental et social inspiré du droit

La sécurité contractuelle trouve son fondement dans les

dispositions de l’article 489 du DOC qui stipule « Lorsque la vente a pour

objet des immeubles, des droits immobiliers ou autres choses

susceptibles d'hypothèque, elle doit être faite par écriture ayant date

certaine et elle n'a d'effet au regard des tiers que si elle est enregistrée en

la forme déterminée par la loi »

Le législateur à travers l’article cité a exigé la forme écrite ayant date

certaine dans les actes de mutations des immeubles et droits réels qui y

333 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

attachent, ainsi que son enregistrement suivant les dispositions prévues

en la matière par le code général des impôts.

On constate que le législateur donne à la formalité de

l’enregistrement une importance car il préserve la sécurité contractuelle

et foncière, d’où notre sujet présente un intérêt majeur permettant de

savoir dans quelle mesure la formalité de l’enregistrement des actes par

l’administration fiscale préservent la sécurité des transactions

immobilières.

Ce modeste travail sera scindé en deux parties, la première sera

consacrée au préservation de la sécurité contractuelle pendant

l’enregistrement des actes par les inspecteurs des impôts(I) ensuite nous

allons élaborés les effets de la formalité sur la préservation de sécurité

contractuelle, c'est-à-dire la phase poste enregistrement et son rôle dans

la préservation de la sécurité contractuelle (II).

I/LE SECURITE CONTRACTUELLE AVANT L’ACCOPLISSEMENT

DE LA FORMALITE DE L’ENREGISTREMENT

Afin de préserver la sécurité contractuelle la loi fait interdiction :

-aux juges de Taoufiq de procéder à l’homologation des actes

qu’après son enregistrement (A),

334 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

- le conservateur de la propriété foncière de l’inscription des actes

sur les registres fonciers qu’après son enregistrement(B),

- les professionnels de la justice ainsi que les inspecteurs des

impôts l’enregistrement d’enregistrer les actes contraire aux

dispositions de la loi n° 34-94 et la loi 25-90 (C).

A/Interdiction d’homologation des actes par CADI TAOUTIQ

qu’après l’accomplissement de la formalité d’enregistrement

L’article 137- III du C.G.I. interdit au cadi chargé du taoutiq

d’homologuer les actes des adouls assujettis obligatoirement à

l’enregistrement avant le paiement des droits :« Il est fait défense aux

cadis chargés du taoutiq d'homologuer les actes assujettis

obligatoirement à l'enregistrement avant le paiement des droits

exigibles. Ils adressent, après homologation, une copie de l’acte au

bureau de l'enregistrement compétent ».

Les adouls qui dressent des actes obligatoirement assujettis à

l’enregistrement sont soumis aux obligations ci-après :

1- inviter les parties aux actes à régler les droits exigibles dans le

délai légal : soit au bureau de l’enregistrement compétent, dans les villes

où se trouvent des bureaux de l’enregistrement ; soit auprès de l’adel ou

335 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

du fonctionnaire relevant du ministère de la justice nommés à cet effet

dans les villes, centres et localités ne disposant pas de ces bureaux ; soit

par l’un des deux adouls rédacteurs, mandaté à cet effet par les parties

contractantes. L’obligation des adouls d’inviter les parties à régler les

droits, telle que précisée dans le cadre de l'harmonisation des

dispositions de l'article 137- II précité avec celles des articles 28 et 29 du

décret n° 2-08-378 du 28 octobre 2008, pris pour l’application de la loi n°

16-03 relative à la profession d’adoul, promulguée par le dahir n° 1-06-56

du 15 moharrem 1427 (14 février 2006). Lorsque le paiement des droits

est effectué auprès de l’adel ou du fonctionnaire relevant du ministère de

la justice, ceux-ci sont tenus de déposer les actes et verser les droits

correspondants au bureau de l’enregistrement compétent, dès la

perception desdits droits. L’adel et le fonctionnaire visés à l’alinéa

précédent sont soumis au contrôle du ministère des finances,

conformément aux textes législatifs en vigueur ;

2- rédiger l’acte dès réception de la déclaration des parties et le

déposer au bureau de l’enregistrement compétent directement ou par

l’intermédiaire de l’adel ou du fonctionnaire chargé de la perception des

droits ;

336 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

3- indiquer les références de l’enregistrement de la précédente

mutation lorsqu’ils procèdent à la rédaction d’actes translatifs

d’immeubles ou de droits réels immobiliers ou de fonds de commerce.

Dans le cas où ces références ne figurent pas dans l’acte de la précédente

mutation, les adouls doivent en faire mention dans l’acte qu’ils rédigent

et déposer le double de l’acte présumé non enregistré382.

Par ailleurs et en vertu du même article, les cadis doivent adresser

au bureau de l’enregistrement compétent une copie de tout acte

homologué par leurs soins.

B/Interdiction aux conservateurs de la propriété foncière

d’immatriculer ou d’inscrire un acte sur les livres fonciers qu’après

l’accomplissement de la formalité d’enregistrement.

Le conservateur de la propriété foncière et des hypothèques ne peut

recevoir, pour inscription sur les livres fonciers, aucun acte

obligatoirement assujetti à l’enregistrement qui n’aurait pas été

préalablement soumis à cette formalité en vertu des dispositions de

l’article 139-I du C.G.I383.

382
Note circulaire 717 tome 2, page
383
toutes dispositions contraires, il ne peut être reçu par le conservateur de la propriété foncière et
des hypothèques, aux fins d’immatriculation ou d’inscription sur les livres fonciers, aucun acte
obligatoirement soumis à l’enregistrement en application du I de l’article 127 ci-dessus, si cet acte n’a
pas été préalablement enregistré.

337 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

C/Interdiction à l’inspecteur d’impôt chargé de l’enregistrement

d’enregistrer les actes contraire aux dispositions de la loi n° 34-94 et la

loi 25-90

La loi fait interdiction aux inspecteurs d’impôt chargé de

l’enregistrement d’enregistrer des actes tant que certaines conditions ne

sont pas remplies :

1-Les dispositions de l’article 139 (II-III et VII) du C.G.I. Interdisent

aux notaires, aux adouls, aux conservateurs de la propriété foncière et

des hypothèques et aux inspecteurs des impôts chargés de

l’enregistrement de dresser, de recevoir ou d’enregistrer les actes, , non

appuyés des pièces et autorisations administratives requises: les actes

constatant les opérations visées par le dahir du 26 septembre 1963 relatif

au contrôle des opérations immobilières à réaliser par certaines

personnes et portant sur des propriétés agricoles rurales ou par le dahir

de même date fixant les conditions de reprise par l’Etat des lots de

colonisation. L’enregistrement des actes ci-dessus ne peut être effectué

que sur production d’une autorisation administrative délivrée par les

autorités locales compétentes.

Les actes afférents aux opérations de vente, location et partage,

dans le cadre d’un lotissement, ne peuvent être passés qu'après

338 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

réception provisoire par la commune, des travaux d'équipement du

lotissement. En effet, l’article 35 de la dite loi édicte: «Les adouls, notaires

et les conservateurs de la propriété foncière ainsi que les receveurs de

l'enregistrement, et les autorités autorisées à légaliser les signatures,

doivent refuser de dresser, de recevoir ou d'enregistrer ou de procéder à

la légalisation de signatures, tous actes afférents aux opérations de

vente, location ou partage visées à l'article premier ci-dessus s'il n'est

pas fourni: soit la copie certifiée conforme du procès verbal de réception

provisoire; soit la copie certifiée conforme de l'attestation délivrée par le

président du conseil communal certifiant que l'opération ne tombe pas

sous le coup de la présente loi.» La formulation de la loi est générale, il

apparaît que les actes de promesse de vente, ne peuvent également être

reçus par le notaire, en l’absence du procès-verbal de réception

provisoire.

De plus, l’article 61 de la même loi édicte «Les adouls, notaires et les

conservateurs de la propriété foncière ainsi que les receveurs de

l'enregistrement et les autorités autorisées à légaliser les signatures

doivent refuser de dresser, de recevoir ou d'enregistrer ou de procéder

à la légalisation de signatures, tous actes afférents aux opérations de

vente ou de partage visées à l'article 58 ci-dessus non assortis de

339 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

l'autorisation prévue au dit article ou d'une attestation du président du

conseil communal certifiant que l'opération ne tombe pas sous le coup

de la présente loi.» Le législateur prévoyait déjà dans le cadre de loi 25-

90 des sanctions lourdes, en effet: Article 64 ancienne rédaction: «Sont

punies d'une amende de 100.000 à 1.000.000 de dirhams la vente ou la

location ou le partage ou la mise en vente ou en location de lots d'un

lotissement ou de logements d'un groupe d'habitations si le lotissement

ou le groupe d'habitations n'a pas été autorisé ou n'a pas encore fait

l'objet du procès verbal de réception provisoire des travaux. Chaque

vente ou location de lot ou de logement est considérée comme une

infraction séparée.» On retiendra que le législateur employait une

formulation plus large que la réception d’acte , en parlant de «mise en

vente».

Les dispositions de la loi 66-12 modifiant et complétant la loi 25-90,

sont venues renforcer les sanctions et notamment: En effet, l’article 65,

instaure désormais une amende de 100.000 dirhams à 5.000.000

dirhams, pour toute personne qui a crée: Un lotissement ou un

groupement d’habitation sans autorisation préalable; Une division en

infraction aux dispositions de l'article 58 de la présente loi». L’article 68

de la dite loi, édicte désormais des peines de prison, en effet: «Est puni

340 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

d’une peine de prison, d’une année à cinq années, et d’une amende de

100.000,00 dirhams à 200.000,00 dirhams, toute personne qui a procédé

à la vente, la location ou le partage, ou à la mise en vente ou à la location,

des lots d’un lotissement ou des logements d’un groupement

d’habitation, ou qui a servi d’intermédiaire dans ces opérations, si le

lotissement ou le groupement d’habitation n’ont pas été autorisés ou

n'ont pas encore fait l 'objet du procès-verbal de réception provisoire des

travaux, sous réserve des dispositions de la loi 44-00 relative à la vente

d’immeuble en l’état futur d’achèvement».

L’enregistrement a avant tout un rôle fiscal. Il permet la liquidation

des droits exigibles à raison d’une opération imposable. Ces droits étant

fixes ou proportionnels.il faut ajouter que l’acte à enregistrer doit être

établi sur papier timbré, ce qui entraine une imposition supplémentaire.

II/LA SECURITE CONTRACTUELLE POSTE FORMALITE DE

L’ENREGISTREMENT

Indépendant des effets fiscaux, l’enregistrement peut produire

certains effets civil dont certains sont loin d’être négligéables.l’effet civil

essentiel est de conférer une date certaine aux actes sous seing privé

conformément à l’article 126 du code général des impôts(A).la formalité

341 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

d’enregistrement a également pour effet d’assurer la conservation des

actes(B) et s’assurer de l’origine de la propriété(C).

A/L’enregistrement donne date centaine aux actes sous –seing

privé

Selon REFALO, «En droit, le mot acte désigne soit un écrit rédigé en

vue de faire la preuve d’un fait juridique (instrimentum) soit «une

opération juridique» quelconque (négotium) c’est-à-dire une opération

accomplie volontairement par l’homme avec l’intention d’engendrer, de

modifier et d’éteindre des droits»384.

Dans la terminologie de l’enregistrement, l’acte désigne l’écrit

constatant et prouvant une opération juridique créatrice de droits et

d’obligations. Pour qu’un écrit soit considéré comme un acte, il faut qu’il

exprime l’accord et la volonté d’une ou de plusieurs parties établis par la

signature en bas de l’acte.

L’acte SSP ou acte sous signature privée est rédigé par ou pour le

compte des parties et signé (avec ou sans légalisation de

signature)385 par elles.

384
Op. cit, page 3
385
Certains actes doivent néanmoins être obligatoirement signés avec légalisation de signature.

342 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

L’enregistrement donne date certaine aux actes SSP, contre les

tiers et ce conformément aux dispositions de l’article 425 du dahir des

obligations et contrats qui stipule « Les actes sous seing privé font foi de

leur date, entre les parties, leurs héritiers et leurs ayants cause à titre

particulier, agissant au nom de leur débiteur. Ils n'ont de date contre les

tiers que :

1. Du jour où ils ont été enregistrés, soit au Maroc, soit à l'étranger;…. ».

L’enregistrement donne date certaine aux actes SSP et fait foi de sa

date dans les rapports entre les parties et ce suivant les dispositions de

l’article 126 du code général des impôts qui stipule « …La formalité de

l’enregistrement a pour effet de faire acquérir date certaine aux

conventions sous seing privé au moyen de leur inscription sur un

registre dit "registre des entrées" et d’assurer la conservation des actes.

Au regard du Trésor, l’enregistrement fait foi de l’existence de l’acte et de

sa date. L’enregistrement doit être réputé exact jusqu’à preuve du

contraire en ce qui concerne la désignation des parties et l’analyse des

clauses de l’acte. Les parties ne peuvent se prévaloir de la copie de

l’enregistrement d’un acte pour exiger son exécution. A l’égard des

parties, l’enregistrement ne constitue ni une preuve complète, ni même,

à lui seul, un commencement de preuve par écrit. »

343 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

Entre les parties, l’enregistrement ne vaut ni preuve ni même un

commencement de preuve par écrit386.mais il peut avoir la valeur d’une

présomption simple et contribue à faire admettre l’existence d’un

commencement de preuve par écrit387.

Les énonciations de l’enregistrement font foi jusqu’à preuve du

contraire.il fait de l’existence de l’acte et de sa date au regard du trésor

jusqu’à la preuve du contraire en ce qui concerne la désignation des

parties et l’analyse des clauses de l’acte.

C’est donc un moyen de preuve commode entre les mains de

l’administration lui permettant d’établir après enregistrement d’un acte :

-son existence

- sa date

-la désignation des parties

-son contenu

La date de l’enregistrement constitue, par ailleurs, le point de départ

de la prescription au profit du trésor ou des parties.388

386
Aricle 126 du code géneral des impots marocain paragraphe 2.
387
Article 447 du DOC.
388
El mostafa charafeddine, les droits d’enregistrement, edition remald, 1997, page 21

344 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

B/La conservation des actes

Le code général des impôts prescrit l’obligation de dépôt d’un

double exemplaire des actes SSP lors de l’accomplissement de la

formalité de l’enregistrement, il doit être établi sur papier timbré revêtu

les mêmes signatures que l’acte lui-même et reste déposé au bureau de

l’enregistrement lorsque la formalité est requise.

Si le double requis n’a pas été ou n’a pu être établi, il est suppléé par

une copie dressée par le receveur ordonnateur de l’enregistrement,

signée par l’une des paries requérante et conservée au bureau.et ce

suivant les dispositions de l’article 136 du général des impôts stipule «

- Obligations des parties contractantes

I.- A défaut d’actes et sous réserve des dispositions du III ci-après,

les conventions visées à l’article 127- I- A ci-dessus doivent faire l’objet

de déclarations détaillées et estimatives, à souscrire auprès de

l’inspecteur des impôts chargé de l’enregistrement dans les trente (30)

jours de l’entrée en possession des biens objet de ces conventions.

II.- Les parties qui rédigent un acte sous-seing privé soumis à

l'enregistrement doivent établir un double dûment timbré, revêtu des

mêmes signatures que l'acte lui-même et qui reste déposé au bureau de

345 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

l'enregistrement. Si ce double n'a pas été ou n'a pu être établi, il y est

suppléé par une copie certifiée conforme à l’original par l’inspecteur des

impôts chargé de l’enregistrement, signée par les parties ou l’une d’entre

elles et conservée au bureau. Lorsque la formalité de l’enregistrement et

le paiement des droits exigibles sont réalisés par procédés

électroniques, comme prévus respectivement aux articles 155 et 169 ci-

dessous, les parties contractantes sont dispensées des obligations

figurant dans ce paragraphe… »

On ce qui concerne les actes enregistrés via procédé électronique

les notaires sont dans l’obligation de déposer les copies d’actes suivant

les dispositions de l’article 137 «… Les notaires doivent présenter à

l’inspecteur les registres minutes pour visa. Ils sont tenus en outre de lui

transmettre une copie des actes par procédés électroniques d’acquitter

les droits d’enregistrement conformément aux dispositions prévues aux

articles 155 et 169 ci-dessous….…. Toutefois, le notaire doit déposer au

bureau de l’enregistrement compétent le double de l’acte sous seing

privé, sous peine de l’application des règles de solidarité édictées par

l’article 183-A- VI- 2 e alinéa ci-dessous. »

L’inspecteur des impôts chargé de l’enregistrement ne peut différer

l’accomplissement de la formalité lorsque les éléments nécessaire à la

346 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

liquidation de l’impôt sont mentionnés dans les actes ou les déclarations,

si l’acte présente des difficultés de qualification l’inspecteur peut retenir

les actes pour en faire établir une copie certifiée conforme, et ce on

faisant référence aux dispositions du code général des impôts« Les

inspecteurs des impôts chargés de l’enregistrement ne peuvent différer

l’accomplissement de la formalité lorsque les éléments nécessaires à la

liquidation de l’impôt sont mentionnés dans les actes ou les déclarations

et que les droits, tels qu’ils ont été liquidés, leur ont été versés. Ils

peuvent dans le cas contraire, retenir les actes sous-seing privé ou les

brevets d’actes authentiques qui leur sont présentés le temps nécessaire

pour en faire établir une copie certifiée conforme à l’original. »

Quel que soit le nombre d’exemplaires d’un acte, la formalité de

l’enregistrement n’est donnée qu’une seule fois. Un seul d’entre eux est

enregistré, c’est la raison pour laquelle on constate que la mention

d’acquit des droits est apposée en original sur l’un des exemplaires et par

duplicata sur chacun des autres exemplaires de même acte.389

L’inspecteur des impôts chargé de l’enregistrement est autorisé, sur

la réquisition des parties contractantes ou de leurs ayants droit ou même

des tiers muni d’une ordonnance du juge du tribunal, à délivrer une copie

389
Les droits d’enregistrement, el mostafa charafeddine, ed afrique orient 2005, page 29

347 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

ou un extrait de ces actes, au vu des doubles conservés au bureau de

l’enregistrement.

La copie de l’acte SSP déposés au bureau de l’enregistrement

peuvent également êtres opposée aux parties qui reconnaissent sa

conformité avec l’original.

C/La détermination de l’origine de propriété

Le contrat de vente doit mentionner la manière dont le vendeur est

devenu propriétaire du bien vendu.

Les références comprennent : la nature de l’acte (acquisition par le

vendeur, succession ou donation reçue par le vendeur, etc.), le nom du

notaire ayant reçu l’acte, la date de cet acte, et ses références de

l’enregistrement (Registre d’entré et l’Ordre de paiement).

En effet, lorsqu’un acte de vente est reçu, son enregistrement n’est

possible et recevable par le service de la publicité foncière que si l’acte

par lequel le vendeur est devenu propriétaire a été lui-même enregistré

préalablement.

La recherche de l’origine de la propriété a pour fonction principale

la prévention des conflits. Elle garantit la sécurité des transactions

immobilières. Elle permet à l’acquéreur d’un bien immobilier de vérifier

348 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

que son vendeur est bien propriétaire de l’immeuble qu’il va acquérir.

C’est la sécurité juridique de la transaction.

L’acte de vente reprend les références de l’enregistrement (RE et

OR) de l’acte (ou des actes) par lequel (ou lesquels) le vendeur est devenu

propriétaire.

Ces références sont indiquées sur la copie authentique ou SSP du

titre de propriété du propriétaire-vendeur. Elles sont également

mentionnées sur l’état hors formalité sollicité par le notaire auprès du

service de l’enregistrement compétent, document par lequel le notaire

s’assure de l’entière propriété du bien vendu par le vendeur.

Le code général des impôts exige qu’avant l’accomplissement de la

formalité de l’enregistrement l’acte doit mentionner les références de

l’enregistrement de l’acte initial suivant les dispositions de l’article 137

CGI :« En matière d'acquisition d'immeubles ou de droits réels

immobiliers, de propriété, de nue-propriété ou d’usufruit de fonds de

commerce ou de clientèle, les adouls doivent indiquer les références de

l’enregistrement de la précédente mutation sur l’acte qu’ils rédigent.

Dans le cas où ces références ne figureraient pas dans l’acte de la

précédente mutation, les adouls sont tenus d'en faire mention dans l’acte

349 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫م‬2021 * ‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير‬

soumis à l’enregistrement et de déposer le double de l’acte de cette

précédente mutation au bureau de l’enregistrement compétent. »

CONCLUSION

L’enregistrement a été perçu à la fois en tant que procédé juridique

consistant en une transcription textuelle d’un acte sur un registre public

qui en tant qu’administration, il constitue de ce fait une attribution

exclusive de l’administration qui l’accomplit selon des formes et

procédures particulière ; le défaut d’accomplissement de la formalité de

l’enregistrement n’entraîne pas la nullité du contrat, mais l’inefficacité

juridique à un degré quelconque.

L’enregistrement d'un acte lui confère une date certaine opposable

à l’égard des tiers. Il constitue une mesure préventive contre les faux en

écritures publiques ou privées (post-dates, surcharges, additions,

suppressions d’actes, etc.) est imposée pour informer les tiers de

l’existence de l’acte juridique dont le défaut est sanctionné par

l’inopposabilité de l’acte aux tiers.

Finalement, nous soutenons que la formalité de l’enregistrement

est un véritablement instrument légal de sécurité juridique en raison des

finalités qui sont les siennes, au premier rang desquelles figure la

nécessité de garantir la sécurité contract.

350 ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫انتهى بحمد الله‬

‫وتوفيقه‪...‬وجوده وكرمه‬

‫وتنويره‬

‫‪351‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫مـجلـةقـراءاتعلمية‬
‫العدد الثالث من جملة قراءات علمية يف األحباث والدراسات القانونية واإلدارية * فرباير * ‪2021‬م‬

‫لـألحباث والدراسات القانونية واإلدارية‬

‫‪2021‬‬ ‫‪3‬‬

‫تقدميـ وافتتاحـ للعدد ■ ذة حليمة عبد الرمى‬


‫بسم هلل الرمحـان الـرميم والصـة والسـة علـ‬
‫أشرف املرسلني سيدنا حممد صل اهلل عليه وسـلم وعلـ‬
‫آله وصحبه أمجعـني‪...‬أمـا بعـد؛ إنـه ملـد دواعـي ال ـر‬
‫واالعتزاز أن نقص شريط جملة قانونيـة نناـاف للسـامة‬
‫العلمية كي نكون بني يـد كـل بامـ وممـاس ومهـتم‬
‫بالشؤون القانونيـة وادداسيـة ميـ نسـنح لـه ال رصـة‬
‫لنشر مقاالنه وأحباثه املتوفر عل شـرو وقواعـد النشـر‬
‫املسطر مد قبل طاقم اجمللة ويعرف بها عل أوسع نطاق‪.‬‬
‫فبعد ن كري ممل وشد وجدب نقرس إخـرا صـره هـاجمل اجمللـة ايـز الوجـود‬
‫مي اختاس الطاقم املؤسس هلا عنونتها بـ (جملة قراءات علمية فـي األحباث والدساسات‬
‫القانونية وادداسية) ولإلشاس فالعدد الثالـ مـد صـره هـاجمل اجمللـة يتاـمد مقـاالت‬
‫وأحباث علمية جادت بها جعب بامثني أفااذ مد املغرب وغريجمل أسانا ودكانر وقاـا‬
‫وبامثني يف الشأن القانوني والقاـايي سـتكون حبـول اهلل ونوفيقـه زخـات مطـر ننهمـر‬
‫بغزاس عل ميـدان البحـ العلمـي القـانوني ابصـب بشـقيه العـا وابـار؛ فالشـكر‬
‫اجلزيل واالمتنان العميق ألعااء للجنتني العلمية واالشرافية كل بامسه وصـ ته علـ مـا‬
‫أبدوجمل مد سغبة جاحمة للتعاون مع طاقم اجمللة بقصد الرقـي ننسـوب ومسـتو البحـ‬
‫العلمي يف املغرب والوطد العربي ويف انتظاس العدد الرابع مـاس ‪ 2021‬نقبلـوا مـ‬
‫معشر األفاضل أزك عباسات التقدير واالمرتا والسة عل مد انبع طريق الرمحان‪....‬‬

‫‪352‬‬ ‫جملة علمية حمكمة تهتم بالدراسات القانونية واإلدارية‬


‫‪2021‬‬‫الطبعة األولـــى – موسم ‪/2020‬‬ ‫العدالة املغربية ‪ /‬املظومة العربية‬

You might also like