العدد 65 من مجلة الباحث للدراسات القانونية - اعداد وتقديم الأستاذ محمد قاسمي PDF

‫واألبحاث القانونية ‪2024‬‬
‫والقضائية ‪ /RJLGRS/‬هشـر مارس ‪2024‬‬ ‫‪.‬‬

‫الـعدد ‪ 56‬من مجلة الباحـث للدراسات ‪56‬‬ ‫‪.‬‬
‫‪TEL + 212 771394949‬‬
‫مجلة الباحـث‬ ‫‪ww.allbahit.com‬‬ ‫‪Majalatlbahit2017@gmail.com‬‬
‫‪Researcher's journal‬‬
‫‪of Legal and Judicial Researches and Studies‬‬
‫**‬
‫رئيس التحرير – الأستاذ جعفر القاسمي‬ ‫مدير المجلة – الأستاذ محمد القاسمي‬
‫رئيس التحرير – الأستاذ جعفر القاسمي‬

‫تكريس المقاولاتية الاجتماعية في التشريع المغربي‪ ................................................................................................‬الأستاذ الحسن ولد محفوظ‬ ‫‪‬‬
‫القاسمي‬
‫اللطيف أكدي‬ ‫جعفر‬ ‫رئيس التحرير – الأستاذ‬
‫‪......................................................................................................‬الدكتور عبد‬ ‫النظام الأمني داخل المؤسسات السجنية بالمغرب‬ ‫‪‬‬
‫البناء على ملك الغير بين إشكالات الواقع وآفاق الإصلاح‪..........................................................................................‬الدكتور مصطفى السعيدي‬ ‫‪‬‬
‫الجانب القانوني المتعلق بميدان الإسكان بالمغرب‪ :‬الإنجازات‪ ،‬ومداخل الارتقاء بالقطاع‪........................................................‬الدكتور أنوار بوهلال‬ ‫‪‬‬
‫الصيغ الحديثة لاستثمار الأموال الوقفية ‪ :‬صناديق الاستثمار الوقفية أنموذجا‪.........................................................................‬الدكتورسعيد بلغريب‬ ‫‪‬‬
‫الطعون في أحكام المحكمة العقّاريّة‪.............................................................................................................................‬الدكتورة سنية النوالي‬ ‫‪‬‬
‫الاثنيات بالعالم العربي (الأقلية الكردية والامازيغية كنمودج)‪ .....................................................................................‬الدكتور اركيبي أحمد فال‬ ‫‪‬‬
‫العلاقة بين القانون الوضعي والتقدم العلمي‪ ................................................................................................................‬الدكتور إبراهيم أولتيت‬ ‫‪‬‬
‫طبيعة العلاقة بين الهيئة العليا للرقابة على المال العام والسلطات الثلاث‪........................................................................‬الدكتور الطيبي محمود‬ ‫‪‬‬
‫التقادم الجنائي والاجراءات المؤثرة على سريانه‪ ...............................................................................................................‬الأستاذ حسن قليلي‬ ‫‪‬‬
‫حكامة الانتقـال الـديمقراطـي "الـمغرب وتونـس" أنموذجـاً‪ .........................................................................................‬الأستاذ أحمد فواز إبراهيم‬ ‫‪‬‬
‫العولمة الاقتصادية وأثرها على الاقتصادي الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة‪ ...............................................‬الأستاذ غيث هامل القبيسي‬ ‫‪‬‬
‫إشراك الفرد والمنظمات في الفضاء العمومي المغربي بعد دستور ‪ ............................................................2011‬الدكتور محمد علي امدغري‬ ‫‪‬‬
‫عقد النقل التجاري في القانون الموريتاني ـ دراسة مقارنة‪ ...........................................................................................‬الدكتور باب ولد عبد الله‬ ‫‪‬‬
‫حجية الإثبات بالوسائل الإلكترونية‪...................................................................................................................................‬الدكتورة كوثر هيلالي‬ ‫‪‬‬
‫النموذج المغربي لمحاربة الإرهاب والتطرف بين المقاربة الأمنية والحقوقية‪........................................................................‬الدكتور الحسين الزباخ‬ ‫‪‬‬
‫مكانة الوصل على ضوء التشريع ومحكمة النقض‪..................................................................................................................‬الدكتور وائل تيسية‬ ‫‪‬‬
‫ممـارسة حـق الإضراب فـي الـمغرب‪.....................................................................................................................................‬الدكتور أحمد حجازي‬ ‫‪‬‬
‫المعيقات العملية لمنطلقات مطلب التحفيظ العقاري‪..........................................................................................................‬الأستاذ يوسف جعفار‬ ‫‪‬‬
‫تأثير القوة القاهرة والظروف الطارئة على تنفيذ العقود المدنية‪......................................................................................‬الأستاذ مرشد الكواري‬ ‫‪‬‬
‫خصوصية القواعد المسطرية في اثبات جريمة الاتجار في المخدرات واختصاصها القضائي‪....................................................‬الأستاذ أنيس شلطف‬ ‫‪‬‬
‫معيقات العمل التشريعي بالمغرب‪....................... ................................................................................................‬الأستاذة سلـ ـ ـ ــوى الوعمـ ـ ـ ــاري‬ ‫‪‬‬
‫دور القضاء الاجتماعي في تكييف عقود الشغل‪ .........................................................................................................‬الأستاذة شيماء جوهري‬ ‫‪‬‬
‫دعوى بطلان إجراءات التنفيذ في مسطرة تحقيق الرهن الرسمي في التشريع المغربي‪....................................................‬الأستاذ طالبي محمد‬ ‫‪‬‬
‫خصوصية الاجتهاد القضائي في المادة الضريبية‪ ..............................................................................................................‬الأستاذة أمي ـمـة باك ــو‬ ‫‪‬‬
‫خصوصيات الطعن بالاستئناف في الأحكام القضائية الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري‪ ..............................................‬الاستاذ عصام الهاشمي‬ ‫‪‬‬
‫القيادة الاستراتيجية الإدارية للمؤسسات‪ .....................................................................................................‬الأستاذ محمد جمعة علي الدوسري‬ ‫‪‬‬
‫إدارة المؤسسات فــي ظل الأزمات‪ ........................................................................................................................‬الأستاذ مطلق ابراهيم الصياح‬ ‫‪‬‬
‫الزجر الإداري في المجال البيئي "دراسة في التشريع المغربي"‪.......................................................‬الأستاذة أسماء بنحدوش و ذ حسن علمي‬ ‫‪‬‬
‫إحياء أراضي الموات في الفقه والتشريع المغربي وأثره في التنمية الاقتصادية‪ ..............................................................‬الأستاذة رقية بلكوس‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Le supply chain risk management: identification, évaluation, analyse et traitement.. ..................Dr BOUROUD Hanane‬‬
‫‪‬‬ ‫‪La pratique de l'audit interne dans les communes marocaines ..………………………….…..….…… Dr Mhamed LKAIHAL‬‬
‫الإيداع القانوني ‪ 08‬غ ‪ 2017 /‬م‬ ‫*‬ ‫ر دمد ‪ISSN: 2550 – 603X‬‬
‫‪P1‬‬ ‫‪ 2023‬م‪80‬‬
‫®غ ‪ 7802 /‬م‬ ‫لسنة‬
‫القانوني‬ ‫محفوظة‬
‫اإليداع‬ ‫جميع حقوق النشر‬
‫مـجلة علمية حمكمة ردمد ‪* ISSN: 2550 – 603X‬‬
‫©‬
‫‪FCB- majalatlbahit‬‬ ‫‪Majalatlbahit2017@gmail.com‬‬ ‫‪www.allbahit.com‬‬

‫الـعدد ‪ 56‬من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية ‪ /RJLGRS/‬هشـر مارس ‪2024‬‬
‫‪TEL + 212 771394949‬‬ ‫‪ww.allbahit.com‬‬ ‫‪Majalatlbahit2017@gmail.com‬‬
‫(‬
‫)‬
‫صدق الله العظيم‬
‫اآلية الحادية عرش (‪ )11‬من سورة المجادلة‬
‫‪P2‬‬ ‫مـجلة علمية حمكمة © ردمد ‪ * ISSN: 2550 – 603X‬اإليداع القانوني ‪ 80‬غ ‪ 7802 /‬م‬
‫مجلة الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية‬ ‫‪‬‬

‫ذ محمد القامسي ‪/‬مدير النرش‪ /‬ذ جعفر القامسي ‪/‬رئيس التحرير‪/‬‬ ‫‪‬‬
‫نرش املقاالت العلمية واألوراق البحثية‬ ‫‪‬‬
‫الدراسات واألبحاث القانونية والفقهية واالقتصادية والقضائية‬ ‫‪‬‬
‫وريق ‪/‬مؤلفات جماعية متخصصة‪ /‬إلكرتوين ‪ /‬أعداد ذات املواضيع املتنوعة‪/‬‬ ‫‪‬‬
‫دار األفاق ‪ ،‬دار القلم‪ ،‬املطبعة األرومتوسطية‪ ،‬دار األمنية‪...‬‬ ‫‪‬‬
‫موقع مجلة الباحث‪ ،‬دار املنظومة‪ ،‬قاعدة البياانت أرسيف ومنصة معرفة‪...‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ 00‬غ ‪ 2002 /‬م‬ ‫‪‬‬
‫‪ISSN: 2550 – 603X‬‬ ‫‪‬‬
‫‪WATHSAPP 212 771477777 MAJALATLBAHIT2017 GMAIL COM‬‬ ‫‪‬‬
‫©‬
‫للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية‬

‫مجلة قانونية علمية محكمة تعنى بنشر الأبحاث القانونية والفقهية والقضائية والاقتصادية‬
‫محامي بهيئة المحامين بالرباط‬ ‫عضو نادي قضاة المغرب‬
‫الأعضاء من داخل المملكة المغربية‪:‬‬
‫‪.401‬‬
‫‪.420‬‬
‫الأعضاء من باقي الأقطار العربية‪:‬‬
‫لجنة التنقيح والمراجعة اللغوية والنشر‪:‬‬
‫اعتمادات مجلة الباحث للدراسات القانونية‪:‬‬
‫‪ISSN‬‬
‫‪Arcif‬‬
‫‪isi indexing‬‬ ‫‪SCRIP‬‬
‫مجلة الباحث‬
‫‪www.allbahit.com‬‬
‫تبىق كل األراء واملواقف الواردة ابملقاالت املنشورة ابملجلة ملزمة ألصحاهبا وال تلزم املجلة وطاقمها‬
‫‪ .‬أن ينصب موضوع املقال على اجملال القانوني أو الفقهي أو القضائي حسب األحوال‪............................................................‬‬
‫‪ .‬أن يكون البحث أو املقال حمرتما لشروط وأجبديات البحوث العلمية الدقيقة‪........................................................................‬‬
‫‪ .‬احرتام األمانة العلمية‪ ،‬وثوتيق املعلومات‪ ،‬وتفادي األخطاء املادية واملنهجية‪......................................................................‬‬
‫‪ .‬أن يكون البحث أو املقال قد أجاب عن اإلشكالية اليت يطرحها يف جمملها‪...........................................................................‬‬
‫‪ .‬تدرج اإلحاالت حصرا يف أسفل كل صفحة حتت طائلة رفض املقال‪..................................................................................‬‬
‫‪ .‬يذيل املقال حصرا جبرد لالئحة املراجع املعتمدة يف حتريره ‪.................................................................................................‬‬
‫‪ .‬يتعني على كاتب املقال ترمجة عنوان نفس املقال للغة اإللجنلييية‪........................................................................................‬‬
‫‪ .‬يتحمل كاتب كل مقال منشور باجمللة ما به من سرقات أدبية ومغالطات علمية‪.....................................................................‬‬
‫‪ .‬اجمللة متخصصة يف نشر املقاالت العلمية والتقارير األكادميية والتعاليق على املقررات القضائية‪...............................................‬‬
‫‪ .‬تستقبل اجمللة مقاالت السادة الباحثني باللغات الثالث (فرنسية‪ ،‬عربية‪ ،‬الجنلييية)‪................................................................‬‬
‫‪ .‬ترسل املقاالت حصرا بصيغة الوورد (‪ )word‬لربيد اجمللة (‪.......................)majalatlbahit2017@gmail.com‬‬
‫‪ .‬يتضمن املقال املرسل وجوبا لربيد اجمللة اسم الكاتب وصفته العلمية واملهنية إن توفرة‪................................................... ........‬‬
‫‪ .‬يرفض كل مقال ال يتوفر على احلد األذنى من الشروط املسطرة سلفا من قبل طاقم اجمللة‪.....................................................‬‬
‫‪ .‬تعمل اجمللة على اخبار كاتب كل مقال مرسل للمجلة بالعدد الذي سينشر فيه بعد مراجعته‪..................................................‬‬
‫‪ .‬ال ميكن سحب املقاالت اليت أرسلت للمجلة بعدمرور أجل معقول وبعد اختاذ إجراءات بشأنها‪............................................‬‬
‫‪ .‬تنشر اجمللة على أوسع نطاق يف منصاتها الرمسية ودور النشر املعتمدة وطنيا ودوليا‪....................................................... .......‬‬
‫‪ .‬النشر باجمللة مبقابل مادي حيدده طاقمها حسب وضعية كل باحث على حدا ‪........................................................................‬‬
‫‪ .‬يبقى للمجلة احلق يف سلوك املساطر القانونية املتعلقة باألمر باألداء يف حالة التأخر غري املربر يف أداء مستحقات النشر‪...............‬‬
‫‪ .‬تسلم شهادة النشر والوعد بالنشر للضرورة وذلك ألغراض علمية ومهنية حصرا‪................................................................‬‬
‫‪ .‬تعمل اجمللة على إصدار مؤلفات مجاعية وسلسالت ورقية سنويا استنادا ألجود املقاالت املتوصل بها ‪............................‬‬
‫‪ .‬ملعلومات أكثر‪ ،‬ميكن التواصل معنا عرب ‪ wathssap‬يف الرقم ‪ +242 444471717‬أو عرب الربيد اإللكرتوني أعاله‪.....‬‬
‫‪31‬‬
‫‪82‬‬
‫‪94‬‬
‫‪94‬‬
‫‪77‬‬
‫‪49‬‬
‫‪338‬‬
‫‪393‬‬
‫‪321‬‬
‫‪831‬‬
‫‪811‬‬
‫‪877‬‬
‫‪821‬‬ ‫‪1122‬‬
‫‪109‬‬
‫‪188‬‬
‫‪111‬‬
‫‪190‬‬
‫‪171‬‬
‫‪123‬‬
‫‪142‬‬
‫‪907‬‬
2024 ‫ هشـر مارس‬/RJLGRS/ ‫ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية‬56 ‫الـعدد‬
TEL + 212 771394949 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
912
994
929
189
191
199
178
120
902
918 Le supply chain risk management : identification, évaluation, analyse et

traitement.
Dr BOUROUD Hanane
913 La pratique de l'audit interne dans les communes marocaines ……………
Dr Mhamed LKAIHAL
P 10 ‫ م‬7802 / ‫ غ‬80 ‫ * اإليداع القانوني‬ISSN: 2550 – 603X ‫مـجلة علمية حمكمة © ردمد‬
‫افتتاحية العدد‪ ،‬يقدمها‪ :‬ذ محمد القاسمي‬
‫بسم لله الكريم‪ ،‬وبه نستعين‪ ،‬وبفضله نمضي‬

‫ونغدوا في طريقنا حتى نبلغ مقام اليقين‪ ،‬والصلاة‬
‫والسلام على أشرف المرسلين‪ ،‬نهر الهدى وبحر الندى‬
‫وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬رب اشرح لي صدري‬
‫ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا‬
‫قولي‪...‬أما بعد‪ :‬تتمة للمسار الذي بدأناه مند سنوات‬
‫خلت في مجال النشر العلمي والبحث الأكاديمي‪ ،‬فإنه‬
‫لمن دواعي السرور أن نقص شريط عدد جديد من‬
‫أعداد مجلتنا‪ ،‬ويتعلق الأمر بالعدد ‪ 56‬مـــارس‬
‫‪ ،2024‬هذا الأخير جاء بعد اصدار ثلة من الأعداد المتنوعة من المجلة‪ ،‬بين تلك‬
‫المتعلقة بالقانون الخاص أو تلك المتعلقة بالقانون العام بالإضافة إلى دراسات‬
‫تهم مجال الاقتصاد والفقه الشرعي‪ ،‬وكذا إصدار ستة أعداد متعلقة بجائحة‬
‫كورونا وحالة الطوارئ الصحية‪....،‬‬
‫فالعدد الخامس والستون (‪ )56‬من هذا الصرح غني بمقالات وأبحاث في‬
‫مجال القانون والعدالة‪ ،‬ألفها أساتذة التعليم العالي ودكاترة وممارسين وباحثين‬
‫في أسلاك الدكتوراه من المغرب وبعض الدول العربية الشقيقة‪ ،‬ستشكل بلا شك‬
‫أو أدنى ريب إضافة للخزانة القانونية الرقمية‪ ،‬ومادة علمية يعتمدها الفقيه‬
‫والمتخصص والباحث وكل مهتم بالتأليف في الشأن القانوني والقضائي المغربي‬
‫والمقارن سواء في القانون العام أو الخاص على حد سواء‪...‬‬
‫فالشكر الجزيل لكل من ساهم من قريب أو بعيد في تأليف وصياغة بنيان‬
‫هذا العدد‪ ،‬والشكر الجزيل للجنة العلمية وللجنة التنقيح والمراجعة اللغوية‬
‫والنشر‪ ،‬وفي انتظار اصدار العدد ‪ ،55‬تفضلوا بقبول أسمى عبارات التقدير‬
‫والاحترام؛ والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته‪...‬‬
‫حرر بالمملكة المغربية في ‪2024/00/00‬‬
‫‪P 11‬‬ ‫مـجلة علمية حمكمة © ردمد ‪ * ISSN: 2550 – 603X‬اإليداع القانوني ‪ 80‬غ ‪ 7802 /‬م‬
‫مقاالت وأبحاث‬
‫قانونية وقضائية باللغة‬
‫العربيـة‬
‫تكريس المقاوالتية االجتماعية فـي التشريع المغربي‬

‫‪Enshrining social entrepreneurship in Moroccan legislation‬‬
‫من المعروف أنه حيث "يوجد املجتمع يوجد قانون" وأي إصالح لهذا املجتمع البد أن‬
‫تواكبه إصالحات قانونية وهو ما يتجسد في مجال المقاوالتية االجتماعية كمفهوم حديث تبنه‬
‫مختلف التشريعات ومن بينها التشريع المغربي وهو ما يعني دراسة سوسيولوجية للمقاولة عن‬
‫طريق التشريع وبمعنى أدق مساهمة المشرع في وضع ضمانات قانونية إلنشاء المقاوالت ذات‬
‫البعد االجتماعي وكذا الموازنة بين العنصر االقتصادي واالجتماعي للمقاولة التجارية ’فالروتين‬
‫االقتصادي الذي تسعى إليه المقاولة أضحى متجاوزا وأصبحت المقاولة مجبرة على التفاعل مع‬
‫محيطها االجتماعي فهي مهما بلغت تبقى مجرد وسط اجتماعي يتأثر بما يجري في محيطه من‬
‫أحداث ووقائع‪.‬‬
‫القانون حتمية اجتماعية البد من تو افرها ألنه "حيث يوجد مجتمع يوجد قانون "‬
‫ويتوجب على هذا القانون االنطالق من سوسيولوجية تممن له البقاء إال أنه وإن كان ساكنا فال‬
‫يمكن أن يقف جامدا دون حركة وظروف حركته هي التي تسعف القاض ي في فهم روابط األحوال‬
‫و مطلقاتها‪. 1‬‬
‫ومفهوم المقاولة كامتداد لهذه التطورات ظهر بعيدا عن املجال االجتماعي حيث تعتبر‬
‫المقاولة مفهوما اقتصاديا بحتا وحتى بعيد عن البناء القانوني حيث ال يعترف لها بالشخصية‬
‫االعتبارية كما أنها ال تحظى بتنظيم قانوني خاص بها ‪،‬ومع التطورات التشريعية التي عرفها‬
‫المغرب أضحت المقاولة مفهوما مركزيا لقانون األعمال بمعناه الواسع ‪ ،‬وإن كان أول استعمال‬
‫لهذا االستعمال يعود إلى سنة ‪ 9191‬إذ أشار إليه ظهير االلتزامات والعقود في إطار اإلجارة على‬
‫الصنع طبقا للفصل ‪ 067‬من الظهيرالمذكور تعتبرالمقاولة البناء وغيرها من العقود التي يقدم‬
‫‪ 1‬بو جمعة أبو عزواري‪ ،‬علم االجتماع القانوني‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬بدون ذكر المطبعة‪ ،‬سنة ‪ 7802‬صفحة‪.3 :‬‬
‫فيها العامل أو الصانع المادة بمثابة إجارة على الصنع ‪ ،‬وكذا مدونة التجارة السارية التنفيذ‬
‫حينئذ عند تصنيفها لألنشطة التجارية {تجعل المادة ‪ 2‬من م‪.‬ت لسنة ‪ 9191‬نشطا تجاريا مثال‪،‬‬
‫مقاوالت النقل} اتضحت و ترسخت أكثر عند سن النصوص المرتبطة بقانون األعمال في بداية‬
‫تسعينات القرن الماض ي‪. 2‬‬
‫ليصبح مفهوم المقاولة مفهوما غامما حسب استعمالها وأشكالها هناك ما هو فردي غير‬
‫مهيكل وما هو جماعي كشركة تجارية وحسب تمويلها كذلك لنميز بين مقاوالت عامة مملوكة‬
‫بشكل أساس ي للدولة وأخرى خاصة مملوكة من طرف الخواص ومقاوالت تجارية أي أنها تمارس‬
‫أحد األنشطة التجارية وأخرى مدنية تمارس أحد المهن الحرة‪.‬‬
‫بالتالي المشرع لم بفرد تنظيما خاصا للمقاولة لكنه استعملها في عدة قوانين و اتجاه‬
‫االجتماعي لها بدأ بالمقاوالت التجارية حيث أفرد مكانة خاصة للبعد االجتماعي والمتمثل في‬
‫العمال حيث طرح في مجال صعوبات المقاولة قاعدة مفادها أن الموازنة تكون بين استمرار‬
‫نشاط المقاولة والحفاظ على مناصب الشغل‪.‬‬
‫لكنه مع ظهور المقاوالت الكبرى وسيطرتها على السوق وتكري مبادئ جديد يسعى إليها‬
‫المشرع كالتنمية المستدامة واملحافظة على البيئة ودعم المقاوالت الصغرى والمتوسطة ظهر‬
‫ما يمكن أن نسميه المقاوالت االجتماعية حيث تنطلق من أبعاد اجتماعية غير تلك التجارية‬
‫التي كالربح كمعيار أساس ي مبدأ جوهري للمقاولة فبدأ وضع إطار القانوني للمقاوالت‬
‫االجتماعية يجعلها قادرة على الدخول مع المقاوالت األخرى في سوق واحد تمثل أول قانوني لهذا‬
‫في ميثاق المقاوالت الصغرى والمتوسطة ‪ 2772‬ليكرس بعض االمتيازات الهامة لهذا النوع من‬
‫المقاوالت و أتى بعد دستور ‪ 2799‬لينشأ املجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي كمؤسسة‬
‫داعمة لهذا التوجه ثم القانون المتعلق بالتعاونيات ‪ 2792‬وقانون المقاول الذاتي ‪ 2792‬وبدأت‬
‫مالمح ومظاهرهذا النوع من المقاوالت ‪.‬‬
‫‪ 2‬محمد الهادي مكنوزي‪ ،‬مفهوم المقاولة في التشريع المغربي القانون واألنشطة االقتصادية‪ ،‬دراسات تكريما للدكتور عبد‬
‫الرحمان زنان المركز متعدد التحصصات للبحث في حسن األداء والتنافسية جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية السويسي ص ‪.22‬‬
‫واإلشكالية المطروحة مدى انسجام اإلطار القانوني للمقاوالتية االجتماعية مع مظاهر‬

‫وتطور هذا النوع من المقاوالت؟ وبالتالي لمعالجة هذا الموضوع سنتناول محورين نتحدث في‬
‫األول عن اإلطارالقانوني للمقاوالتية االجتماعية وفي املحورالثاني مظاهرالمقاوالت االجتماعية‪.‬‬
‫املحوراألول‪ :‬اإلطارالقانوني إلنشاء المقاوالت االجتماعية‬
‫المقاولة من خالل الدور االقتصادي واالجتماعي الذي تلعبه داخل املجتمع مؤهلة فعال‬
‫بحكم طبيعتها للمساهمة الفعالة في التطور الذي يعرفه املجتمع على كافة المستويات ’ لكن‬
‫التصورالذي أصبح يهيمن حول المقاولة ومكانتها الحقيقية في عملية تحديث املجتمع يذهب إلى‬
‫رهن هذا التحديث بدورالقطاع الخاص في املجال االقتصادي‪.3‬‬
‫وتخل المشرع المغربي في القطاع الخاص من أجل دعم المقاوالت ذات البعد االجتماعي‬
‫للمساهمة في النهوض باملجتمع يظهر في عدة تدخالت جسدت نية المشرع في تطوير املجتمع عن‬
‫طريق المقاولة تتبلور هذه النقاط أساسا في ميثاق المقاوالت الصغرى والمتوسطة {الفقرة‬
‫األولى} والقانون المتعلق بالمقاول الذاتي كآلية حديثة {الفقرة الثانية}‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬ميثاق المقاوالت الصغرى والمتوسطة‬
‫تشكل المقاوالت الصغرى والمتوسطة أساس النسيج االقتصادي للمغرب‪ .‬وتساهم‬

‫بأعدادها الو افرة مساهمة إيجابية في النمو االقتصادي وفي إحداث مناصب الشغل والتنمية‬
‫الجهوية واملحلية غير أن مساهمتها تظل دون المستوى فيما يتعلق باإلمكانيات التي يمكن أن‬
‫يتوفر عليها هذا الصنف من المقاوالت ‪ ،‬وهو ما دعا الدولة للتدخل لتأطير هذا النوع من‬
‫المقاوالت‪ ،‬وذلك بالحديث عن القانون رقم ‪ 21.77‬وكذا المرسوم رقم ‪ 2.27.219‬المتعلق‬
‫بالوكالة الوطنية للنهوض بالمقاوالت الصغرى والمتوسطة وكذا المرسوم ‪ 2.72.127‬بالمو افقة‬
‫على المطبوع الموحد إلنشاء المقاوالت و انطالقا من هذه النصوص القانونية‪ ،‬تلتزم الدولة‬
‫بإقرارإطارمؤسساتي للنهوض بالمقاوالت الصغرى والمتوسطة يقوم على بنيات وآليات التشاور‬
‫والحواروالشراكة مع الفاعلين والمؤسسات التي تمثل المقاوالت الصغرى والمتوسطة ’وتعمل‬
‫على تشجيع مساهماتها إلى جانب الجهات العامة على المستوى املحلي واإلقليمي و الجهوي‬
‫‪ 3‬المقاولة والثقافة دراسة في عملية التحديث في المغرب الجزء األول التغير االجتماعي ورهانات العولمة لحبيب امعمري‬
‫منشورات ما بعد الحداثة الطبعة األولى ‪ 7808‬ص ‪02‬ــ‪.01‬‬
‫والوطني في تنفيذ تدابير العون والمساندة التي تتخذ في مختلف الميادين التي تهم المقاولة‬
‫الصغرى والمتوسطة ‪.4‬‬
‫وبناءا على ذلك سنتناول نقطتين أساسيتين تتمحور األولى في تبسيط القواعد القانونية‬
‫واإلجراءات اإلدارية من جهة {أوال} واإلطارالمؤسساتي للنهوض بهذا النوع من المقاوالت من جهة‬
‫أخرى {ثانيا}‬
‫أوال‪ :‬تبسيط القواعد القانونية واإلجراءات اإلدارية‬
‫تعتبرالمقاولة الصغرى أوالمتوسطة في مدلول القانون السالف الذكرهي كل مقاولة يقوم‬

‫مباشرة بتسييرها أو إدارتها أو هما معا‪ ،‬األشخاص الطبيعيون المالكون لها أو المالك الشركاء أو‬
‫المساهمون فيها‪ ،‬إذا كان رأسمالها أو حقوق التصويت فيها غير مملوكة بنسبة ‪ 22‬في المائة من‬
‫لدن مقاولة أو عدة مقاوالت ال ينطبق عليها تعريف المقاولة الصغرى والمتوسطة ‪.5‬‬
‫وعند قراءة المادة ‪ 22‬من قانون ‪ 21.77‬نجد أنه يمكن أن تستفيد المقاوالت الصغرى‬
‫والمتوسطة التي ال تزال طوراإلحداث وتلك التي تثبت مزالة نشاطها منذ ثالث سنوات على األكثر‬
‫من تكفل الدولة من جزء من النفقات المتعلقة بالخدمات المقدمة لها فيما يتعلق باإلعالم‬
‫واإلرشاد والمساعدة التقنية والخبرة والتكوين في مجال إدارة المقاولة إذا كانت تتوفر على‬
‫الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ 9‬ـ فيما يتعلق بإنشاء المقاوالت الحديثة يجب على المقاول أن يقدم دراسة تمهيدية‬
‫للمشروع يتعين اعتمادها ‪ .‬ويمكن انطالقا من المادة ‪ 1‬مساعدة المقاول في إعداد المشروع‬
‫و إنجازه‪.‬‬
‫‪ 4‬المجلة المغربية لقانون األعمال والمقاوالت العدد ‪ 7883’ 73‬سلسلة نصوص تشريعية وتنظيمية‪.‬‬
‫‪ 5‬المادة األولى من القانون رقم ‪23.88‬المتعلق بميثاق المقاوالت الصغرى والمتوسطة الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 0887.000‬في ‪ 07‬من جمادي األول ‪73{ 0273‬يوليو ‪ }7887‬اعتبرت المادة أنه "يمكن تجاوز هذا السقف إذا كانت‬
‫المقاولة مملوكة من لدن‪:‬‬
‫ــ صناديق جماعية لالستثمار كما هي معرفة في المادة ‪ 72‬بعده‪.‬‬
‫ــ أو شركات استثمار في رأس المال كما هي معرفة في المادة ‪ 70‬أدناه‪.‬‬
‫ــ أو هيئات رأس مال المجازفة كما هي معرفة في المادة ‪ 30‬بعده‪.‬‬
‫ــ أو الهيئات المالية المؤهلة قانونا اللتماس التوفير لدى العموم قصد القيام بتوظيفات مالية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ كذلك فيما يتعلق بالمقاوالت الحديثة يجب أن ال يتجاوز مجموع برنامج االستثمار‬
‫اإلجمالي األولي خمسة ماليين درهم وأن تقل نسبة االستثمارعن كل منصب شغل مائة ألف درهم‬
‫أو تعادلها‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ فيما يتعلق بالمقاوالت الموجودة ’ يجب أن تتوفر المقاولة خالل السنتين املحاسبيتين‬
‫األخيرتين على عدد من المستخدمين الدائمين ال يتعدى خمسين شخصا و أن تثبت فيما يتعلق‬
‫بالسنتين املحاسبيتين المذكورتين‪:‬‬
‫ـ إما تحقيق حصيلة سنوية إجمالية ال تتجاوزعشرة ماليين درهم‬
‫ـ إما تحقق رقم أعمال سنوي دون اعتبارالمرائب ال يتعدى خمسة عشرمليون درهم‪.6‬‬
‫نالحظ أن المشرع تخلى عن المنطق التجاري الذي يقول أن السوق هو الحكم والفيصل‬
‫و انساق للمعطيات االجتماعية للمحافظة على وجود هذه المقاولة التي ال تمتلك من الثوابت‬
‫االقتصادية ما يجعلها تنافس في السوق فبسط الشروط وخفف الواجبات‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلطارالمؤسس ي للنهوض بالمقاوالت الصغرى والمتوسطة‬
‫قررت المادة الرابعة من القانون املحدث للمقاوالت الصغرى والمتوسطة إنشاء مؤسسة‬
‫عمومية تسمى " الوكالة الوطنية للنهوض بالمقاولة الصغرى والمتوسطة " تتمتع بالشخصية‬
‫بالمعنوية واالستقالل المالي‪ ،7‬تخمع لوصاية الدولة وتمارس عليها رقابة الحقة ‪.‬‬
‫وتسعى هذه الوكالة إلى تحقيق جملة من المهام المنوطة بها والتي تتجسد في المساهمة في‬
‫تنفيذ سياسة الدولة في مجال تشجيع المقاولة الصغرى والمتوسطة ودعمها بتنسيق مع‬
‫القطاعات الوزارية ‪ ،‬كذلك القيام بمساعدتها التقنية من خالل برامج النهوض بإنشاء المقاوالت‬
‫التي تحدث بمبادرة من الجماعات املحلية والغرف والمنظمات المهنية ومؤسسات التربية‬
‫والتكوين العامة والخاصة والمنظمات الخاصة التي ال تسعى إلى الحصول على الربح ‪ ،‬وكذا‬
‫النهوض بخدمات اإلعالم واإلرشاد والمساعدة التقنية والخبرة و التكوين في مجال تسيير وإدارة‬
‫المق اولة ‪ ،‬ومساعدة هذه المقاوالت للتواصل مع الهيئات العامة المعنية فيما يتعلق بالولوج‬
‫إلى األسواق الخارجية وتملك التكنولوجيا الجديدة والتنمية واالبتكار والجودة ‪ ،‬كما تقوم هذه‬
‫‪ 6‬المادة ‪ 77‬في قانون رقم ‪ 23.88‬المتعلق بميثاق المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪.‬‬

‫‪ 7‬أنظر المادة ‪ 2‬من القانون ‪ 23.88‬المنظم للمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪.‬‬
‫الوكالة بالمساعدة لتأسيس وتسيير الجمعيات واملجموعات والشبكات الخاصة بالمقاوالت‬

‫الصغرى والمتوسطة وتتبع وتقييم األعمال والبرامج الهادفة إلى النهوض بهذا النوع من‬
‫المقاوالت‪.8‬‬
‫كما تحدث نفس القانون عن إنشاء صندوق لدعم المقاوالت الصغرى والمتوسطة يسمى‬
‫"صندوق النهوض بالمقاوالت الصغرى والمتوسطة "يعد لتمويل عمليات تكفل المنافع‬
‫الممنوحة للمقاوالت الصغرى والمتوسطة في إطاراالتفاقيات المنصوص عليها في المادتين ‪21‬و‬
‫‪ 22‬من القانون المنظمة في إطارالقانون ‪.21.77‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المقاول الذاتي‬
‫يقصد بالمقاول الذاتي في القانون ‪ 911992‬هو كل شخص ذاتي يزاول باسمه الشخص ي‪،‬‬
‫وبصفة فردية ولحسابه الخاص‪ ،‬نشاطا تجاريا أو صناعيا أو حرفيا أو ينجزخدمة شريطة أن يقل‬
‫أو يساوي رقم أعماله ‪ 277‬ألف درهم بالنسبة لألعمال الصناعية أو التجارية أو الحرفية و ‪277‬‬
‫ألف درهم بالنسبة للخدمات‪.9‬‬
‫ويهدف هذا القانون من بين مقتمياته‪ ،‬إلى حماية المقاول من بعض اإلكراهات المرتبطة‬
‫بإنشاء المقاولة‪ ،‬حيث أنه ال يجوزطبقا للمادة ‪ 2‬من هذا القانون الحجزعلى ممتلكات المقاول‬
‫الذاتي العقارية أو المنقولة غيراملخصصة لممارسة نشاطه بسبب الديون المستحقة المتبقية‬
‫بذمته والمرتبطة بالنشاط المذكور‪ .‬حماية يريد بها المشرع دفع عدد كبير من العاملين في‬
‫القطاع الغيرالمهيكل لالنخراط في هذه البنية الجديدة قصد إدماجهم في بديل قانوني لألنشطة‬
‫الغيرمهيكلة من خالل منحها صفة قانونية ‪.‬‬
‫وبالتالي يتضح أن المشرع يحاول من خالل هذا القانون تمكين المقاوالت ذات البعد‬
‫االجتماعي من آليات القانونية تسمح لها بالدخول في العالم التجاري يتجلى ذلك في االمتيازات‬
‫المقدمة لهذه المقاولة {أوال} والتوازن بين البعد االقتصادي واالجتماعي {ثانيا}‬
‫أوال‪ :‬االمتيازات المقدمة للمقاول الذاتي‬
‫‪ 8‬أنظر المادة ‪ 2‬من نفس القانون‪.‬‬

‫‪ 9‬المادة األولى من ظهير الشريف رقم ‪ 0.02.81‬من ربيع اآلخر ‪ 01{ 0231‬فبراير ‪ }7802‬بتنفيذ القانون رقم ‪002.03‬‬
‫المتعلق بنظام المقاول الذاتي‪.‬‬
‫تناولت المادة الثانية من القانون المنظم للمقاول الذاتي مجموعة من االمتيازات ممنوحة‬
‫للمقاولة تجسد ضمانات النجاح لهذه المقاولة للخروج من أزمة القطاع الغير مصنف تتجلى‬
‫هذه االمتيازات في نظام ضربي خاص يأخذ بعين االعتبارمكانة المقاولة من الناحية االجتماعية‬
‫ال من الناحية المالية للنهوض بها ‪ ،‬وكذلك اإلعفاء من مسك املحاسبة المفروض في الشركات‬
‫التجارية لكن للتخفيف تعقيد المعامالت وتبسيط اإلجراءات اقتض ى من المشرع إنشاء سجل‬
‫جديد يتالءم مع هذا المولود يسمى السجل الوطني و إعفاء هذه المقاولة من التسجيل في‬
‫السجل التجاري‪.10‬‬
‫ال شك أن هذه االمتيازات ستساهم في الرفع من األهداف االجتماعية لهذه المقاولة وهو‬
‫ما يتضح من اإلحصائيات التي تفيد أن عدد المقاول الذاتي يزداد يوميا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الموازنة بين البعد االجتماعي واالقتصادي في المقاول الذاتي‬
‫نجد أن المقاول الذاتي جاء كخليط بين ما هو تجاري وما هو اجتماعي من حيث أن تحديد‬
‫األنشطة التجارية التي يمكن له أن يمارسها يرجع فيها لمدونة التجارة في إطار المادة ‪ 6‬وبالتالي‬
‫يطهردورالتجاري للمقاول الذاتي غيرأن استثناء هذا المقاول من التسجيل في السجل التجاري‬
‫وإعطائه بعض الممانات واالمتيازات تأكد على البعد االجتماعي الذي يحظى به المقاول الذاتي‬
‫نستنتج أن عالقة الموازنة قائمة بين الطرح االقتصادي واالجتماعي وأن هدف المشرع بعد‬
‫خروج ميثاق المقاوالت الصغرى والمتوسطة وقانون المقاول الذاتي والمؤسسات المنبثقة عن‬
‫القانونية المسؤولة عن توفيرمناخ مناسب للمقاوالت ذات البعد االجتماعي واالقتصادي وربطها‬
‫الجهات الممولة والداعمة فالمشكل األساس ي واملحوري المطروح لهذا النوع من المقاوالت هو‬
‫التمويل لما له من عر اقيل و إكراهات تجعل المقاولة تموت في وقت مبكر ‪.‬‬
‫املحورالثاني ‪ :‬مظاهرالبعد االجتماعي للمقاوالتية االجتماعية‬
‫إن الحديث عن المقاولة االجتماعية في المغرب مازال مبكرا لعدم اعتمادها في التشريع‬
‫بشكل مباشرلكن يمكن الحديث عن مظاهرالبعد االجتماعي الذي نهجها المشرع حيث أنه تخلى‬
‫عن مفاهيم الربح وتحكيم السوق إلى نمط آخرالهدف منه النهوض باملجتمع على مستوى التنمية‬
‫واملحافظة على البيئة وخلق اقتصاد اجتماعي تمامني ينطلق من املجتمع كنواة أساسية لخلقه‬
‫‪ 10‬القانون أنظر المادة الثانية من نفس‪.‬‬
‫وتحديثه وبالتالي دراسة المقاولة كجسد اجتماعي فهي فمال الدور الذي تقوم به في مجال‬
‫التشغيل فماءا للتنشئة االجتماعية ’والتعليم واالبتكار و إنتاج القيم والتأثير في نمط الحياة‬
‫وتحقيق الذات بالنسبة للعاملين فيها فهي عنصرأساس ي في عملية التحديث’ في هذا الطرح أوكلت‬
‫للمقاولة أدوارا مستخدمة حملت ضمنها مسؤوليات مجتمعية مختلفة أضافت لوظائفها‬
‫االقتصادية أدورا اجتماعية‪.11‬‬
‫ومن أبرز مظاهر البعد االجتماعي المقاوالتي التعاونية {الفقرة األولى} والجمعية { الفقرة‬
‫الثاني}‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األسس القانونية للتعاونيات والبعد االقتصادي واالجتماعي‬
‫تشغل التعاونيات نشاطات مختلفة ومتنوعة جعلت منها في اآلونة األخيرة فاعال اقتصاديا‬
‫واجتماعيا بامتياز ومساهما فعليا في تحقيق التوازنات االقتصادية واالجتماعية ’ وهذا بفمل‬
‫مجموعة من النصوص القانونية التي تؤطر تدخل هذه التعاونيات في األنشطة االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬األسس القانونية للتعاونيات‬
‫عرف المشرع التعاونيات في المادة األولى من القانون ‪ 992.92‬بكونها "مجموعة تتألف من‬
‫أشخاص ذاتيين أو اعتباريين أو هما معا اتفقوا أن ينمم بعمهم لبعض إلنشاء مقاولة تتيح لهم‬
‫تلبية حاجياتهم االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وتداروفق القيم والمبادئ األساسية للتعاون مثل حق‬
‫العموية للجميع والديمقراطية في التدبيرو االلتزام وغيرها"‪.12‬‬
‫وطبقا للمادة الرابعة من نفس القانون‪ ،‬فالتعاونيات تعتبر أشخاص اعتبارية تتمتع‬
‫باألهلية القانونية الكاملة وباالستقالل المالي‪ .‬ويخمع تأسيسها وإدارتها وتسييرها وتحويلها‬
‫وإدماجها و انفصالها وحلها وتصفيتها ألحكام القانون رقم ‪ 92.992‬والنصوص التنظيمية‬
‫المتخذة لتطبيقه‪.‬‬
‫‪ 11‬مقاربات للنشر والصناعات الثقافية للنشر المعرفة السوسيولوجية عند لحبيب المقاولة أفقا للتفكير امعمرني د‪.‬عبد الغني‬
‫زياني ‪ 7802‬ص‪.03‬‬
‫‪ 12‬أنظر الظهير الشريف رقم ‪ 0.02.001‬صادر في ‪ 72‬من محرم ‪70{ 0231‬نوفنبر ‪ }7802‬بتنفيذ القانون رقم ‪07.007‬‬
‫المتعلق بالتعاونيات ‪ ,‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 1300‬بتاريخ ‪ 72‬صفر ‪ 00{ 0231‬ديسمبر ‪}7802‬ص ‪.0200‬‬
‫من جهة أخرى ’ فالعمل التعاوني الذي يعتبرالركيزة األساسية لالقتصاد التمامني هوذاك‬
‫العمل الذي يقوم على أساس مجموعة من المبادئ المتممنة في القانون رقم ‪ 921992‬السالف‬
‫الذكروالتي تسعى إلى ضمان األمن القانوني الالزم للتصرفات والمعامالت واألنشطة التي تمارسها‬
‫التعاونيات وكذا حماية مصالح المنتمين إليها والمتعاملين معها‪ .‬من أهم تلك المبادئ نذكر ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ 9‬ـ عدم التمييز بين األفراد الراغبين في االنممام إلى تعاونية معينة شريطة توفرهم على‬
‫الشروط الموضوعية من طرف المؤسسين وحق كل متعاون االنسحاب منها دون اإلضراربسيرها‬
‫بسبب انسحابه ووفق الشروط التي يحددها الفرع الثاني من الباب الثالث من القانون المذكور‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ مساواة المتعاونين في الحقوق مهما كان عدد الحصص التي يملكونها وتمتع كل واحد‬
‫منهم بصوت واحد في الجمعيات العامة للتعاونية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ وجوب ما زاد من موارد التعاونية على نفقات استغاللها بين المتعاونين بحسب‬
‫العمليات التي أجروها مع التعاونية أو العمل الذي قدموه إليها ‪ ،‬وعدم جواز توزيع الفائض‬
‫المدرج في االحتياط على أعماء التعاونية ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ اعتبارالعموفي التعاونية شريكا يساهم بتقديم حصة مالية و"متعاونا" أي أن مشاركته‬
‫في نشاط التعاونية التي ينتمي إليها تتجلى في صورة تقديمه إليها أو تمكينه إياها أمواال أو خدمة أو‬
‫عمال‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ جواز إقامة التعاونيات التي لها أغراض مماثلة سواء فيما بينها ومع التعاونيات التي لها‬
‫أغراض أخرى‪ ،‬عالقات في الميادين االقتصادية واالجتماعية والتربوية ‪13 ...‬‬
‫كما نالحظ من خالل المادة ‪ 1‬من القانون املحدث للتعاونيات أنه سيتم إنشاء سجل خاص‬
‫بالتعاونيات وهي بادرة مهمة تسعى إلى تبسيط إجراءات إنشاء التعاونيات‪ .‬وقد صدرفي هذا اإلطار‬
‫المرسوم التطبيقي رقم ‪ 2.92.690‬في ‪ 22‬مارس ‪ 2796‬ليحدد قواعد تنظيم وتسيير سجل‬
‫التعاونيات‪ ،‬حيث خصص مجموع من المقتميات مفصلة في الفرع األول { من المادة األولى إلى‬
‫‪ 13‬الحسين الرامي المرتكزات القانونية للعمل التعاوني والجمعوي وتحديات تنمية االقتصاد التضامني واالجتماعي‪ ،‬القانون‬
‫أو ألنشطة االقتصادية المركز متعدد التخصصات للبحث في حسن األداء والتنافسية جامعة محمد الخامس كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويسي ص ‪002‬ــ‪.002‬‬
‫المادة ‪ 92‬للسجالت املحلية } والفرع الثانية { المواد ‪ 91‬ـ ‪ 92‬و ‪ } 92‬للسجل المركزي ‪ ،‬كما تم‬
‫تكريس قواعد الحكامة الجيد والشفافية داخل التعاونية عن طريق بنية جديدة‪. 14‬‬
‫كذلك إمكانية تحويل تعاونيتهم إلى شركة وفق المقتميات المتممنة في المادة ‪ 27‬من‬
‫القانون ‪ ،992.92‬كما أنه تم حذف الترخيص وتعويمه بالتسجيل في سجل التعاونيات ‪،‬‬
‫وبتخفيض عدد األعماء المؤسسين من ‪ 0‬إلى ‪ 2‬لفتح املجال أمام الكفاءات وحاملي المشاريع‬
‫وبهدف المزيد من فرص العمل ‪ ،‬وتقليص عدد الجهات المتدخلة في عملية التأسيس ‪ ،‬وتدعيم‬
‫استقاللية التعاونيات وتقليص عدد وثائق الملف التأسيس ي ‪،‬وتقليص آجال تأسيس التعاونية‬
‫إلى غير ذلك من المقتميات الهامة التي تروم تبسيط المساطر وضمان فعالية العمل التعاوني‬
‫وتقوية دوره في تنشيط الحركة االقتصادية ‪.15‬‬
‫رغم ما تناولناه من أسس قانونية لهذه التعاونيات ولما لها من بعد اجتماعي و اقتصادي‬
‫فإنه يرى التقرير الصادر من املجلس االقتصادي واالجتماعي أنه مازالت بعض الثغرات على‬
‫مستوى هذا القانون خاصة في ما يتعلق اإلنخراط في هده التعاونية حيث يتعين شرط إثبات‬
‫مزاولة النشاط‪ ،‬كما أنه يفتقد اإلنصاف لعدم تعامله مع خصوصية التعاونيات من حيث‬
‫المريبة‪. 16‬‬
‫ثانيا‪ :‬البعد االقتصادي واالجتماعي للتعاونيات‬
‫بهدف تطوير أداء التعاونيات في السوق وجعلها قادرة على المنافسة رغم أهدافها‬
‫االجتماعية البحتة تمت إضافة مجموعة من المقتميات لتجسيد الطابع االقتصادي في‬
‫القانون ‪ 992.92‬والذي أكد المشرع من خالله أن التعاونية تمارس عدة نشاطات من أجل‪:‬‬
‫ـ ضمان التنمية االقتصادية واالجتماعية وتشجيع روح التعاونية ومبادئها لدى أعمائها ‪.‬‬
‫‪ 14‬مصداقا للقانون سابق الذكر في المادة ‪ 22‬نصت على "يتم تسيير التعاونيات إما بواسطة مسير أو عدة مسيرين وإما‬
‫بواسطة مجلس اإلدارة‪" ...‬‬
‫كما تضمنت المادة ‪ 20‬أن مجلس اإلدارة يتكون من متصرفين تنتخبهم الجمعية العامة العادية من بين أعضائها‪ ،‬ويجوز لها‬
‫عزلهم في أي وقت‪.‬‬
‫‪ 15‬الحسين الرامي مرجع سابق ص ‪.002‬‬
‫‪ 16‬أنظر تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬االقتصاد االجتماعي والتضامني رافعة لنمو مدمج إحالة ذاتية رقم‬
‫‪.01/7802‬‬
‫ـ تمكين أعمائها من تخفيف تكلفة اإلنتاج وتحسين جودة المنتجات أو الخدمات وبيعها أو‬
‫تسليمها لألغيارفي أحسن الظروف ‪.‬‬
‫ـ تنمية أعمائها وتثمينه إلى أقص ى حد‬
‫يظهر من خالل القانون الحديد يسعى إلى "جعل المؤسسة التعاونية مقاولة قادرة على‬
‫مواجهة المنافسة وتحديات السوق وتمكينها من القيام بأدوارها في مجال خلق الثروات وتوفير‬
‫فرص الشغل ‪."17‬‬
‫يمكن القول أن القانون الجديد المتعلق بالتعاونيات أتاح الفرصة أمام التعاونية للنهوض‬
‫باالقتصاد الوطني المساهمة في تحريك عجلته عن هيكلتها كمقاولة لها وزنها االقتصادي من‬
‫حيث الموابط المنافسة في السوق والمماربة وممارسة مختلف األنشطة االقتصادية وزيادة‬
‫مساحة فرص الشغل أمام اليد العاملة كلها جوانب تشكر لهذا القانون وتأكد توجه المشرع في‬
‫إحياء المقاوالت االجتماعية وإعطاءها مكانها ال من حيث الترسانة القانونية التي تسمح لها‬
‫بممارسة نشاطها وتوفيرمناخ اقتصادي مناسب لتطويرها ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬األسس القانونية للجمعيات و آفاقها االقتصادية‬
‫بعد التطور وظائف الدولة المتدخلة وتنوع مصادر التمويل العمومي‪ ،‬عملت الجمعيات‬
‫على تنمية أنشطتها لتشمل مجاالت متعددة‪ .‬فكل نشاط يستهدف تنمية اقتصاد الفرد و إنتاجيته‬
‫يمكن أن يشكل مجاال لتدخل مختلف الفاعلين ولم يعد هناك فصل بين مجال اشتغال كل طرف‬
‫من هذه األطراف بل كالهما يمتلكان شرعية ممارسة مجموعة من الوظائف االقتصادية‬
‫واالجتماعية ‪ 1‬إذ ليس هناك صراع بين الفاعل االقتصادي واالجتماعي بل هناك توجه لبناء‬
‫أسس للتكامل والتعاون والشراكة بينهما بعد أن تم تجاوزالتعارض التقليدي بين األنشطة ذات‬
‫المردودية المرتبطة بالمقاولة التجارية واألنشطة غيرذات المردودية المرتبطة بالقطاع العام و‬
‫الجمعوي ‪ .‬فالفكرة تتعلق بالمصلحة العامة التي تظل محوركل التوازنات املجتمعية التي تسهر‬
‫عليها الدولة‪ 18‬ولبيان ذلك البد من التطرق األسس القانونية المنظمة لهذه الجمعيات {أوال} ثم‬
‫اآلفاق االقتصادية لها {ثانيا}‬
‫‪17‬مقطف من الورقة التقديمية لمشروع القانون رقم ‪ 007807‬الخاص بالتعاونيات أوردها الحسين الرامي في مقاله السابق‬
‫الذكر ص ‪.002‬‬
‫‪ 18‬الحسين الرامي مرجع سابق ص ‪.001‬‬
‫أوال ‪ :‬األسس القانونية للجمعيات‬
‫من المعروف أن الجمعية هي اتفاق بين شخصين أوأكثرمن أجل السعي وراء غاية غيرتوزيع‬
‫األرباح‪ ،‬فشرط عدم توزيع األرباح يجسد التركيز على البعد االجتماعي واالبتعاد عن المنطق‬
‫التجاري ‪ ،‬ونالحظ أن الجمعية وإن كانت ال تعتبر مقاولة بالمفهوم القانوني البحت لكن لها من‬
‫المؤسسية وتناغم األبعاد االجتماعية مع االقتصادية و مع تجاوز مفهوم األنشطة االقتصادية‬
‫بمعناه الميق أصبح من الالزم حسب تصوري اعتبار الجمعية مقاولة اجتماعية من حيث‬
‫االهتمام بالجانب االجتماعي ومزالة بعض األنشطة االقتصادية ‪.‬‬
‫ويعتبر الظهير الشريف ‪ 9.22.106‬أو نص قانوني ينظم الجمعيات وأجري على هذا الظهير‬
‫‪19‬‬ ‫مجموعة من التعديالت خالل السنوات ‪.9101،2772،2776،2771‬‬
‫وللدورالفعال للنسيج الجمعوي في عملية التنمية صدرمنشورالوزيراألول حول الشراكة‬

‫من الدولة والجمعيات والتي تستهدف االستغالل المشترك للموارد البشرية والمالية بهدف‬
‫تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ .‬كما أن جملة من التعديالت التي أدخلت على الميثاق‬
‫الجماعي سنة ‪ 2771‬استهدفت هي األخرى بعض اإلصالحات الجوهرية حيث جعلت الجمعيات‬
‫شريكا أساسيا للمجالس املحلية في تفعيل المقاربة الجديدة في مجال التنمية‪ ،‬وغير بعيد أتى‬
‫دستور‪ 2799‬بمجموعة من اآلليات الهامة ‪ ،‬كالحق في تأسيس الجمعيات ‪،‬واعتر افه بالوظائف‬
‫التنموية لج معيات املجتمع المدني وبدورها في صياغة السياسات العمومية‪20.‬‬
‫و في اإلطار وتأكيدا للوظائف التنموية للجمعيات نص الدستور الجديد على كون مجالس‬
‫الجهات ‪ ،‬ومجالس الجماعات الترابية األخرى ‪ ،‬مطالبة بوضع آليات تشاركية للحواروالتشاور ‪،‬‬
‫لتيسيرمساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برنامج التنمية وتتبعها ‪ ،‬وهو ما تم‬
‫التأكد عليه في المادة ‪ 996‬من القانون التنظيمي الخاص بالجهات ‪ ،‬فقد تممين القوانين‬
‫‪ 19‬هي القوانين التالي‪ :‬القانون رقم ‪ 22.88‬صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.87.781‬بتاريخ ‪ 2‬يوليوز ‪ 7887‬منشور‬
‫في الجريدة الرسمية عدد ‪ 2821‬في ‪ 08‬أكتوبر ‪.7887‬‬
‫القانون رقم ‪ 31.82‬صادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم ‪ 0.81.00‬بتاريخ ‪ 02‬فبراير ‪ 7881‬منشور الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 2312‬بتاريخ ‪ 78‬فبراير ‪.7881‬‬
‫القانون رقم ‪ 82.81‬صادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم ‪ 0.81.31‬بتاريخ ‪ 00‬فبراير ‪ 7881‬منشور في الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 2207‬بتاريخ ‪ 71‬فبراير ‪.7881‬‬
‫‪ 20‬منشور الوزير األول رقم ‪ 2/7883‬بتاريخ ‪ 72‬يونيو ‪ 7883‬حول الشراكة بين الدولة والجمعيات‪.‬‬
‫التنظيمية الخاصة بالجماعات الترابية المعتمدة لتنزيل ممامين الدستورالجديد مجموعة من‬
‫المقتميات األخرى التي تأكد على الوظائف االقتصادية واالجتماعية للجمعيات من أهمها ‪:‬‬
‫ـ حق الجمعيات تسجيل العرائض المقدمة من قبلها والتي تم قبولها في جدول األعمال ‪.‬‬
‫ـ إمكانية إبرام الجهات في إطاراالختصاصات املخولة لها اتفاقيات للتعاون أو الشراكة مع‬
‫الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة من أجل إنجاز مشروع أو ذي فائدة مشتركة ‪،‬‬
‫يتعلق األمربمشاريع و أنشطة اقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية أوغيرها‪ .21‬رغم المقتميات‬
‫القانونية التي ذكرنا تبقى الجمعيات بحاجة إلطار قانوني أكثر مرونة يفرق بين أنواع الجمعيات‬
‫ويسهل من عملية التمويل الشراكة مع هذه الجمعيات‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬البعد االقتصادي واالجتماعي للجمعيات‬
‫عرفت الجمعيات تزايد مطرد منذ انطالق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ‪،‬وقد تميز‬
‫عملها بديناميكية ملموسة من حيث قدرتها على تعبئة الساكنة وإشراكها في صياغة و إنجاز‬
‫المشاريع التنموية ومهتمة بقمايا المرأة والطفولة والشباب وبحقوق اإلنسان والمواطن‬
‫ومحاربة األمية وتقوية الخدمات الصحية والبنيات التحتية واألنشطة االقتصادية المدرة‬
‫للتدخل لفائدة الفئات الهشة ‪.22‬‬
‫و على الرغم من ديناميكية الجمعيات التنموية ووظيفتها األساسية في مجال تنمية‬

‫االقتصاد االجتماعي والتمامني في السنين األخيرة بفمل الترسانة القانونية الهامة الموجودة ‪،‬‬
‫يوجه النسيج الجمعوي إكراهات وتحديات تحد من قدراته ونجاعة أنشطته ومبادراته ‪ .‬من أهم‬
‫تلك اإلكراهات تلك التي تكتس ي طابعا قانونيا وإداريا ولكن أيما تلك المرتبطة بصعوبة الولوج‬
‫إلى التمويل ‪،‬و انعدام المقرات والتجهيزات ‪،‬وصعوبة تعبئة المتطوعين وضعف الموارد البشرية‬
‫المؤهلة والقادرة على صياغة المشاريع والتر افع عنها وجلب التمويالت المرورية إلنجازها ‪.23‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫‪ 21‬الحسن الرامي مرجع سابق ص ‪.077‬‬

‫‪ 22‬بينت الدراسة المنجزة من طرف وزارة الداخلية التي تحمل عنوان "النسيج الجمعوي في المغرب " أن ‪72‬في مائة من‬
‫الجمعيات تشتغل في مجاالت األعمال االجتماعية و ‪ 70‬في مائة في مجال البيئة والتنمية المستدامة و ‪ 01‬في المائة في‬
‫مجاالت الرياضة والترفيه‪ ،‬وأن نسبة الجمعيات التي تنشط في مجاالت السياسة والدين وحقوق اإلنسان تتراوح مابين‪ 0‬و‬
‫‪ 3‬في المائة حسب الدراسة‬
‫‪ 23‬تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي مرجع سابق‪.‬‬
‫عدم نظام قانوني خاص بالمقاوالت االجتماعية يجعل من الصعب إيجاد آليات قانونية‬
‫واضحة تسير هذه المقاوالت كما أن التمويل يبقى حجال عثر أمام النهوض بها ألن هذا النوع من‬
‫المقاوالت يتسم بانخفاض رأس المال فهي فكرة تتسم اإلبداع لكن ينقصها الدعم لكن قانون‬
‫المقاول الذاتي يعتبر من أحسن الحلول التي وضعها المشرع أمام هذا النوع من المقاوالت لما‬
‫جاء به من ضمانات تجمع المستوى االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫بو جمعة أبو عزواري علم االجتماع القانونية الطبعة الثانية ‪.2792‬‬
‫محمد الهادي مكنوزي مفهوم المقاولة في التشريع المغربي القانون واألنشطة االقتصادية‬
‫دراسات تكريما للدكتور عبد الرحمان زنان المركز متعدد التحصصات للبحث في حسن األداء‬
‫والتنافسية جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويس ي‪.‬‬
‫المقاولة والثقافة دراسة في عملية التحديث في المغرب الجزء األول التغير االجتماعي‬
‫ورهانات العولمة لحبيب امعمري منشورات ما بعد الحداثة الطبعة األولى ‪.2797‬‬
‫مقاربات للنشر والصناعات الثقافية للنشر ‪ 2790‬ص‪ 21‬المعرفة السوسيولوجية عند‬

‫لحبيب المقاولة أفقا للتفكيرامعمرني د‪.‬عبد الغني زياني‪.‬‬
‫الحسين الرامي المرتكزات القانونية للعمل التعاوني والجمعوي وتحديات تنمية االقتصاد‬
‫التمامني واالجتماعي‪ ،‬القانون أو ألنشطة االقتصادية دراسات تكريما للدكتور عبد الرحمان‬
‫زنان المركزمتعدد التحصصات للبحث في حسن األداء والتنافسية جامعة محمد الخامس كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويس ي‪.‬‬
‫تقريراملجلس االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬االقتصاد االجتماعي والتمامني ر افعة لنمو مدمج‬

‫إحالة ذاتية رقم ‪.91/2792‬‬
‫منشور الوزير األول رقم ‪ 0/2771‬بتاريخ ‪ 20‬يونيو ‪ 2771‬حول الشراكة بين الدولة‬
‫والجمعيات‪.‬‬
‫املجلة المغربية لقانون األعمال والمقاوالت العدد ‪ 2771’ 21‬سلسلة نصوص تشريعية‬
‫وتنظيمية‪.‬‬
‫القانون رقم ‪21.77‬المتعلق بميثاق المقاوالت الصغرى والمتوسطة الصادربتنفيذ الظهير‬

‫الشريف رقم ‪ 9172.922‬في ‪ 92‬من جمادي األول ‪21{ 9221‬يوليو ‪. }2772‬‬
‫ظهير الشريف رقم ‪ 9.92.76‬من ربيع اآلخر ‪ 91{ 9216‬فبراير ‪ }2792‬بتنفيذ القانون رقم‬
‫‪ 992.91‬المتعلق بنظام المقاول الذاتي‪.‬‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 9.92.921‬صادر في ‪ 20‬من محرم ‪29{ 9216‬نوفنبر ‪ }2792‬بتنفيذ‬

‫القانون رقم ‪ 92.992‬المتعلق بالتعاونيات ‪ 1‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6192‬بتاريخ ‪ 22‬صفر ‪9216‬‬
‫{‪ 92‬ديسمبر‪.}2792‬‬
‫القانون رقم ‪ 02.77‬صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 9.72.276‬بتاريخ ‪ 2‬يوليوز ‪2772‬‬
‫منشورفي الجريدة الرسمية عدد ‪ 2726‬في ‪ 97‬أكتوبر‪.2772‬‬
‫القانون رقم ‪ 16.72‬صادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم ‪ 9.76.92‬بتاريخ ‪ 92‬فبراير ‪2776‬‬
‫منشورالجريدة الرسمية عدد ‪ 2110‬بتاريخ ‪ 27‬فبراير ‪.2776‬‬
‫القانون رقم ‪ 70.71‬صادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم ‪ 9.71.11‬بتاريخ ‪ 92‬فبراير ‪2771‬‬
‫منشورفي الجريدة الرسمية عدد ‪ 2092‬بتاريخ ‪ 26‬فبراير‪.2771‬‬
‫النظام األمني داخل المؤسسات السجنية بالمغرب‬

‫‪The security system inside prison institutions in Morocco‬‬
‫استطاعت الحركات الحقوقية من خالل نشاطها المتمثل في الدفاع عن حقوق االنسان‬

‫داخل املجتمعات العربية أن تكرس لثقافة جديدة فيما يخص حقوق االنسان‪ ،‬بحيث كان‬
‫للحركة الحقوقية أثر كبير في تعزيز مسار حقوق االنسان على مستويين‪ ،‬بحيث يتمثل األول في‬
‫المغط نحو دفع السلطة في المغرب إلى المصادقة على الكثير من المعاهدات واالتفاقيات‬
‫الدولية ذات الصلة بحقوق االنسان‪ ،‬وإصالح وسن مجموعة من التشريعات انسجاما مع‬
‫التحوالت املجتمعية والتطورات الدولية في هذا الشأن‪ ،‬ويرتبط الثاني بترسيخ ثقافة حقوق‬
‫االنسان في أوساط املجتمع‪.‬‬
‫ومن البديهي أن مفهوم األمن كان قاصرا على األمن العسكري وفقط‪ ،‬إال أنه أصبحنا في‬
‫الحاضر أمام مفاهيم أمنية جديدة خاصة األمن داخل السجون و ما يتطلبه من حيطة و يقظة‬
‫في كل لحظة أو حين من قبل العاملين بالسجن‪.‬‬
‫و لما كانت األجهزة األمنية في الماض ي تحافظ على مسافة فاصلة بينها و بين المعتقلين‪ ،‬فال‬
‫كالم وال سالم معهم‪ ،‬كما أن معاملتها كانت تطبعها الصرامة والحزم بل تتعداها إلى وظيفة قمعية‬
‫يتعرض فيها المعتقلون إلى التعذيب و التنكيل امتدادا لما كانوا يتعرضون له داخل املخافر‪،24‬‬
‫و هو ما كان ينتج عنه أن هذه األجهزة األمنية ال تصل إلى حد معرفة سكنات و حركات المعتقلين‬
‫و أفكارهم وهمومهم و تطلعاتهم‪ ،‬فقد ظهر من يدعو إلى أن تكون هذه األجهزة األمنية قريبة ما‬
‫‪ -24‬عبد الرحيم عميمي‪ ،‬سجون المغرب تتحول إلى ‪-‬مقابر‪ -‬للسجناء مقال منشور في أسبوعية المشعل المغربية و الموقع اإللكتروني‬
‫الحوار المتمدن ‪ -‬العدد‪ ،7112/10/01 – 0581 :‬منقول عن الموقع ‪.www.m.ahewar.org/s.asp?aid=90571&r=0‬‬
‫أمكن لهؤالء المعتقلين من أجل خلق هامش كبيرمن التفاعل من أجل الوصول إلى الهدف األمني‬
‫المنشود‪.‬‬
‫إن مفهوم األمن يشمل كل ما يمكن أن يخل بالسيرالعادي للسجن كالفراروالتمرد‪ ،‬ويقصد‬
‫به مجموعة من األسباب التي تهدف إلى تحقيق الطمأنينة والسكينة واالستقرار داخل املجتمع‪،‬‬
‫وهو مفهوم يرتبط ارتباطا وثيقا بالسالمة بمفهومها الواسع والذي يشمل سالمة األشخاص‬
‫الصحية والبدنية والفكرية وكذا سالمة الممتلكات بما في ذلك البنايات والمعدات واألمتعة‪،‬‬
‫والتي أناط المشرع مهمة السهر على الحفاظ عليها للمؤسسة السجنية وباقي األجهزة األخرى‬
‫المتدخلة في هذا املجال‪.25‬‬
‫و قد نظم المشرع المغربي هذا الموضوع في المواد‪ 61‬إلى ‪ 07‬من القانون المنظم‬
‫للسجون‪ 26‬بالمغرب رقم ‪ ،12-21‬و من المادة ‪ 12‬إلى ‪ 22‬من المرسوم التطبيقي للقانون المتعلق‬
‫بتنظيم و تسيير المؤسسات السجنية‪ ،27‬كما نظمه في المادتين ‪ 627‬و‪ 629‬من قانون المسطرة‬
‫الجنائية‪.‬‬
‫لقد حاول المشرع المغربي ضبط مختلف اإلجراءات المتعلقة باملحافظة على أمن‬
‫المؤسسات السجنية كما عمل على تحديد اختصاصات بعض األجهزة الساهرة على تحقيق‬
‫األمن داخل هذه المؤسسة سواء تعلق األمر بأمنها الداخلي أو الخارجي‪.‬‬
‫و انسجاما مع ذلك‪ ،‬تكمن أهمية هذا الموضوع في إبراز مدى مالئمة التشريعات الوطنية‬
‫في هذا املجال مع التشريعات الدولية خاصة مع القواعد الدولية لمعاملة السجناء هذا باإلضافة‬
‫إلى تشخيص مدى نجاح محاولة التوفيق بين معادلة العقاب وكرامة اإلنسان‪ ،‬بمعنى إقصاء‬
‫مفهوم االنتقام واستحمار دور المؤسسة السجنية كعامل إصالحي وكمؤسسة للتأهيل‬
‫والتكوين من أجل إعادة اإلدماج‪.28‬‬
‫‪ -25‬موالي ادريس أكلمام‪ ،‬المحافظة على األمن داخل المؤسسات السجنية و حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬مجلة إدماج العدد ‪ ،7110 4‬ص ‪.01‬‬
‫‪ -26‬ظل المغرب يعمل بمقتضيات ظهيري ‪ 0101‬و ‪ 0101‬إلى حدود صدور قانون ‪ 15-70‬الذي يعتبره الحقوقيون قفزة نوعية في‬
‫تطور مؤسسة السجون بالمغرب‪ .‬وذلك بالنظر إلى الحقوق التي جاء بها لفائدة السجين‪.‬‬
‫‪ -27‬مرسوم رقم ‪ 7.11.458‬صادر في ‪1‬شعبان ‪0( 0470‬نونبر‪ )7111‬تحدد بموجبه كيفية تطبيق القانون رقم ‪ 70.15‬المتعلق بتنظيم‬
‫وتسيير المؤسسات السجنية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.11.711‬بتاريخ ‪00‬جمادى األولى ‪ 78(0471‬اغسطس‪.)0111‬‬
‫‪ -28‬وظيفة العقوبة تغيرت من وظيفة االنتقام والردع إلى وظيفة إعادة إدماج السجناء في المجتمع وبتعبير آخر من عقوبة إيالمية إلى‬
‫عقوبة ادماجية تأهيلية‪.‬‬
‫و عليه يقتض ي حديثنا عن موضوع األمن داخل المؤسسات السجنية أن نتناول في‬
‫المبحث األول األجهزة التي تسهرعلى أمن المؤسسة السجنية على أن نتناول آليات ضبط األمن‬
‫داخل المؤسسة السجنية في المبحث الثاني‪.‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬األجهزة المكلفة بحماية أمن المؤسسات السجـنية‬
‫إن الكالم عن األجهزة المكلفة بحماية أمن المؤسسات السجنية بين التنظيم والو اقع‪،‬‬
‫يحتم علينا الحديث عن األجهزة الساهرة على األمن داخل المؤسسات السجنية (المطلب األول‬
‫)‪ ،‬ثم األجهزة الساهرة على األمن خارج المؤسسة (المطلب الثاني )‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬األجهزة الساهرة على األمن داخل المؤسسات السجنية‬
‫أناط المشرع المغربي مسألة الحفاظ على أمن المؤسسات السجنية إلى أجهزة داخلية‬
‫تتمثل في مدير المؤسسة السجنية والموظفين العاملين معه‪ ،‬وما يهمنا في هذا املحور هو دور‬
‫األجهزة في املحافظة على األمن داخل السجن‪ ،‬مما يجعلنا نتساءل حول مسؤولية هذه األجهزة‬
‫في الحفاظ على األمن داخل المؤسسة السجنية (الفقرة األولى ) ومن جهة أخرى ما هي‬
‫الجزاءات التي رتبها المشرع على عدم تطبيق القواعد المتعلقة بالحفاظ على األمن داخل‬
‫المؤسسة (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مسؤولية األجهزة الداخلية في الحفاظ على األمن داخل المؤسسة السجنية‬
‫تتمثل هذه األجهزة بصفة رئيسية في مدير المؤسسة السجنية والموظفين واألعوان‬
‫العاملين معه ‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى المواد ‪ 61‬إلى ‪ 07‬من القانون رقم ‪ 21.12‬المتعلق بتنظيم وتسييرالمؤسسات‬
‫السجنية‪ ،‬والمواد من ‪ 12‬إلى ‪ 22‬من المرسوم الصادر بتطبيقه يتضح أن المسؤولية على األمن‬
‫الداخلي للمؤسسات السجنية تبقى عالقة على الموظفين التابعين للمندوبية العامة إلدارة‬
‫السجون وإعادة اإلدماج‪ ،‬فهي بخصوصه مشتركة بين المديروالموظفين التابعين للمؤسسة‪.29‬‬
‫ورغم ذلك فمديرالمؤسسة السجنية هوالمسؤول المباشرعن حماية أمن المؤسسة وهو‬
‫الساهر على التطبيق السليم والدقيق للموابط المتعلقة بالحفاظ على النظام واألمن العام‬
‫‪ 29‬ـ رياض عبد الغاني‪ ،‬تنفيذ العقوبات على مستوى المؤسسات السجنية‪ ،‬مكتبة دار السالم الرباط ‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،7111 ،‬ص ‪.071‬‬
‫الداخلي للمؤسسة السجنية‪ ،‬كما أنه تبعا لذلك يعتبر قانونا مسؤوال إلى جانب باقي الموظفين‬
‫بصفة قانونية وإدارية أمام إدارة السجون عن كل الحوادث أو حاالت الهروب المترتبة عن‬
‫إهمالهم أو لعدم مراعاة النظم والقوانين‪ ،‬وذلك بغض النظرعن مسؤوليته المباشرة‪ ،‬وهذا ما‬
‫نصت عليه المادة ‪ 61‬من القانون ‪ 21.12‬المنظم للسجون‪ ،30‬والذي نص على ما يلي " يجب على‬
‫مدير كل مؤسسة سجنية‪ ،‬أن يسهر على التطبيق الدقيق للموابط المتعلقة بالحفاظ على‬
‫النظام واألمن بداخلها ‪.‬‬
‫يسأل تأديبيا على هذا األساس عن كل الحوادث أو حاالت الهروب الناتجة عن إهماله أو‬
‫عن مراعاة النظم وذلك بصرف النظرعن المتابعات التأديبية التي يمكن تحريكها ضد موظفين‬
‫آخرين "‬
‫ويتألف موظفو المؤسسة السجنية من حارس وقائد السجن حيث نصت المادة الثالثة‬
‫من النظام األساس ي الخاص بموظفي المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج على ما‬
‫يلي "تشتمل هيئة الحراسة واألمن على اإلطارين التاليين ‪:‬‬
‫_ إطارحارس السجن‬
‫_ إطارقائد السجن‬
‫يقوم حارس السجن بمهام األمن داخل المؤسسات السجنية ويقوم بمهام محددة على‬
‫سبيل الحصر‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 2‬على ما يلي " تناط بإطار حارس سجن مهام الحفاظ على‬
‫أمن المؤسسات السجنية وسالمة السجناء طبقا للقوانين الجاري بها العمل‪ ،‬ويقوم على‬
‫الخصوص بما يلي ‪:‬‬
‫_ تفتيش المعتقلين عند الدخول أو الخروج من المؤسسة ألي سبب من األسباب‪.‬‬
‫_ تأمين الحراسة بمختلف المراكزداخل المؤسسة السجنية‪.‬‬
‫_ مر اقبة وتفتيش كل مر افق المؤسسات السجنية‪.‬‬
‫‪ -30‬ظهير شريف رقم ‪ 0.11.711‬صادر في ‪ 00‬من جمادى األولى ‪ 78 ( 0471‬اغسطس ‪ )0111‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 70.15‬المتعلق‬
‫بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4271‬بتاريخ ‪ 8‬جمادى اآلخرة ‪ 0471‬موافق ‪ 01‬شتنبر ‪ 0111‬ص ‪.7710‬‬
‫_ إحكام إغالق األبواب والمسالك والتأكد من إخالء الممرات ومسالك الطواف وفعالية‬
‫إنارتها‪.‬‬
‫_ مر اقبة وسائل اإلغالق بصفة دورية والتأكد يوميا من سالمة اإلقفال والقمبان‪.‬‬
‫‪ -‬استعمال السالح عند المرورة للحفاظ على أمن المؤسسة السجنية‪.‬‬
‫‪ -‬مر اقبة تحركات السجناء أثناء األشغال العامة والفسحة‪.‬‬
‫‪ -‬المساهمة في تنظيم وتسييرالعمل على األحياء واألجنحة داخل المعقل‪.‬‬
‫‪ -‬التدخل في الحاالت االستعجالية والطارئة‪.‬‬
‫‪ -‬القيام بجوالت تفقدية بعد إغالق الزنازين و أثناء الليل‪.‬‬
‫‪ -‬تفتيش الزوارو المؤونة ومر اقبة قاعة الزيارة‪.‬‬
‫‪ -‬المساهمة في عملية خفر السجناء و أثناء القيام بترحيلهم إلى مؤسسات أخرى أو نقلهم‬
‫إلى المستشفى‪.‬‬
‫‪ -‬حراسة المصحة تأمين عمل األطرالطبية وشبه الطبية‪.31‬‬
‫أما قائد سجن فله مهام خاصة وهي على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ -‬ادارة وتسيير شؤون المؤسسات السجنية‪.‬‬
‫‪ -‬تدبيرشؤون المعاقل‪.‬‬
‫‪ -‬االشراف على تنفيذ الخطط والبرامج االمنية‪.‬‬
‫‪ -‬مر اقبة فرق الحراسة والمساهمة في تكوينها‪.‬‬
‫‪ -‬التأكد من التطبيق الدقيق للموابط المتعلقة بالحفاظ على النظام واالنمباط داخل‬
‫المؤسسات السجنية‪.‬‬
‫‪ -‬مساعدة طاقم المؤسسة في التدخل للحد من االختالالت األمنية‪.‬‬
‫‪31‬ـ مرسوم رقم ‪ 7_ 15_811‬صادر في ‪ 5‬ذي القعدة ‪ 2( 0471‬نوفمبر ‪ )7115‬بشأن النظام األساسي الخاص بموظفي المندوبية‬
‫العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج‪.‬‬
‫‪ -‬مر اقبة وتقييم سيرالعمل بالمعقل‪.‬‬
‫‪ -‬مر اقبة تسييرالمصالح االقتصادية بالمؤسسات السجنية‪.‬‬
‫ولكي يتم تفعيل هذه المقتميات بشكل يؤدي للتوازن بين احترام كرامة السجين وأمن‬
‫المؤسسة السجنية‪ ،‬أصبح البد من إعادة التفكير في الموارد البشرية التي تعتبر أساس كل‬
‫إصالح‪ ،‬وذلك بتأهيل وتكوين الموظفين في مجال حقوق االنسان‪ ،‬وذلك لتؤدي المؤسسة‬
‫السجنية دورها في التأهيل وإعادة اإلدماج‪.32‬‬
‫ولكي تؤدي هذه األجهزة األدوار المنوطة بها‪ ،‬البد من مساءلتها عن كل إخالل بواجباتها‬
‫المهنية‪ ،‬وذلك بفرض جزاءات تأديبية عليها وتحريك المتابعات القمائية‪ ،‬وهذا ما سنتطرق‬
‫إليه في الفقرة الثانية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬جزاءات اإلخالل بقواعد األمن داخل المؤسسات السجنية‬
‫إن النظام المتبع في المؤسسات السجنية المغربية‪ ،‬والفكر السائد لدى كل الموظفين‬
‫العاملين‪ ،‬والمسيرين هو السهرعلى تنفيذ األحكام القمائية‪ ،‬وتشديد األمن والحراسة باإلضافة‬
‫إلى فرض االنمباط و االحترام‪ ،‬غير أن الخروج عن هذا النظام يعد بحكم القانون إخالل‬
‫بالمسؤولية المنوطة بها‪ .‬بحيث تعرضهم ملخالفات تأديبية أو متابعات قمائية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬العقوبات االدارية (الجزاءات التأديبية)‬
‫يعتبر مدير المؤسسة السجنية المسؤول األول على تطبيق القواعد المتعلقة بالحفاظ‬
‫على األمن داخل المؤسسة السجنية باالضافة إلى الموظفين و األعوان العاملين معه‪ ،‬حتى تقوم‬
‫هذه األجهزة باألدوار المنوطة بها في هذا املجال‪ ،‬كان البد من وجوب مساءلتها على كل إخالل‬
‫بواجباتها المهنية‪ ،33‬وهذا ما كرسته المادة ‪ 61‬من قانون ‪ 12_21‬المتعلق بتنظيم وتسيير‬
‫المؤسسات السجنية في فقرتها الثانية التي تم ذكرها سابقا‪ ،‬على وجوب تطبيق المتابعات‬
‫التأديبية في حق كل مسؤول أخل بمسؤوليته‪.‬‬
‫‪32‬ـ محمد أوجار‪ ،‬بمناسبة تقديمه للقواعد الدولية لمعاملة السجناء‪ ،‬مركز التوثيق واإلعالم والتكوين في مجال حقوق اإلنسان ‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪ -33‬محمد أزيزبي‪ ،‬واقع السجون المغربية وأهدافها اإلصالحية‪ ،‬مطابع إفريقيا ‪ ،7111‬بدون طبعة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ص‪.004 :‬‬
‫وتعد العقوبات التأديبية بصفة عامة وسيلة من الوسائل االدارية الرادعة‪ ،‬تطبقها الجهة‬
‫املختصة بناء على نص قانوني من أجل ردع مرتكبي املخالفات داخل الجماعة الوظيفية بهدف‬
‫املحافظة على النظام فيها‪.‬‬
‫فالموظف مسؤول عن كل األعمال واألخطار التي يقوم بها إداريا ومهنيا‪ ،‬وكل إخالل أو‬
‫إهمال لمهامه يعرضه إلى عقوبات تأديبية أو متابعات قمائية في حالة تلبسه أو مخالفته للنظم‬
‫والقوانين الداخلية‪ ،‬التي تحكم عليه القيام بالعمل‪ ،‬والتزامه بكل انمباط ومسؤولية‪.‬‬
‫والمادة ‪ 22‬من النظام األساس ي الخاص بموظفي المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة‬
‫اإلدماج‪ 34‬نصت على مجموعة من العقوبات التأديبية‪ ،‬بحيث نص هذا الفصل على ما يلي‪:‬‬
‫تشتمل العقوبات التأديبية المطبقة علي موظفي هيئة الحراسة واألمن‪ ،‬والمرتبة‬
‫تصاعديا حسب تزايد درجة الخطورة علي ما يلي ‪:‬‬
‫‪-‬اإلنذار‪35‬‬
‫‪-‬التوبيخ‪36‬‬
‫‪-‬التشطيب من الئحة الترقي‪37‬‬
‫‪-‬النقل التأديبي علي نفقة المعني باألمر‬

‫‪-‬التدحرج في الرتبة ‪38‬‬
‫‪-‬التوقيف المؤقت على العمل لمدة ال تتجاوزستة أشهرمع توقف الرجوع إلى األسالك على‬
‫بحث حول مروءة وحسن أخالق الموظف‪.‬‬
‫‪-‬التدحرج في الدرجة‪39‬‬
‫‪ -34‬الرجوع للمرسوم رقم ‪ 7.15.811‬بشأن النظام األساسي الخاص بموظفي المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة االدماج‪ ،‬صادر‬
‫في ‪ 5‬ذي القعدة ‪ 2( 0471‬نونبر ‪. )7115‬‬
‫‪ -35‬االنذار‪ ،‬هو إجراء لتحذير الموظف ويتخد في المخالفات البسيطة أي يرتكبها هذا األخير والهدف من هذا االجراء هو دفع الموظف‬
‫إلى عدم القيام بمثل هذه األفعال وإال سيتعرض لعقوبات أكثر صرامة‪.‬‬
‫‪ -36‬التوبيخ‪ :‬هو إجراء أشد من االنذار‪ ،‬ويأتي في درجة ثانية في سلم العقوبات‪ ،‬وقد تكون له انعكاسات سلبية على وضعية الموظف اذا‬
‫أخد بعين االعتبار من طرف االدارة في منح النقطة الخاصة بالترقية‪.‬‬
‫‪ -37‬التشطيب من الئحة الترقي‪ :‬هي عقوبة تؤدي إلى التشطيب على اسم الوظف من الئحة الترقي في الرتبة برسم السنة التي اتخد فيها‬
‫القرار ويختص باقتراح هذه العقوبة المجلس التأديبي‪ ،‬وهذه العقوبة التقترح إال في حالة ثبوت أن الموظف مقيد في جدول الترقي برسم‬
‫السنة التي اتخذ فيها القرار‪.‬‬
‫‪ -38‬التدر ج في الرتبة‪ :‬يقصد بها تخفيض رتبة الموظف إلى الرتبة األدنى مباشرة‪ ،‬وال تقترح هذه العقوبة في الحالة التي يمكن أن يترتب‬
‫عن التدرج تغيير وضعية الموظف من رسمي إلى متدرب‪.‬‬
‫‪ -39‬التدحرج في الدرجة‪ :‬يترتب عليها إنزال الموظف من درجته األصلية إلى درجة أدنى دون أن يترتب عليها إخراجه من إطاره‪ .‬وال‬
‫تتخذ هذه العقوبة إال في الحالة التي يكون فيها إطار الموظف مكون من عدة درجات ويكون في درجة أعلى من وجود درجة أدنى يمكن‬
‫انحداره إليها‪.‬‬
‫اإلحالة علي التقاعد التلقائي‬

‫‪-‬العزل مع االحتفاظ بالحق في التقاعد‬
‫وتصدر العقوبات التأديبية األربعة األولى بقرار للمندوب العام إلدارة السجون وإعادة‬
‫اإلدماج دون استشارة املجلس التأديبي‪ ،‬أما باقي العقوبات فتصدربعد استشارة املجلس التأديبي‬
‫وفق المسطرة املحددة في هذا املجال‪.40‬‬
‫ثانيا‪ :‬المتابعات القمائية‬
‫يقصد بالمتابعات القمائية كل مخالفة أو جنحة أو جناية يرتكبها الموظف وتكون‬

‫موضوع مساءلة قمائية‪ ،‬ويكون هناك مجال إلعمال المتابعات القمائية في حالة ارتكاب‬
‫الموظفين التابعين للمندوبية العامة إلدارة السجون ألخطاء تكتس ي صبغة جنائية أو جنحية‪.41‬‬
‫ويمكن تحديد بعض هذه الجرائم فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬جريمة التواطؤ على الهروب‪ :‬نظم المشرع المغربي هذه الجريمة في الفصل ‪ 192‬من ق‪.‬ج‬
‫حيث اعتبر المشرع مرتكب هذه الجريمة كل من مكن أو ساعد على هروب أحد المسجونين‪ ،‬أو‬
‫حاول ذلك ولو بغير علم السجين‪ ،‬بل ولو لم يقع الهروب فعال أو محاولته من طرف السجين‬
‫ويعاقب مرتكب هذه الجريمة بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات‪ ،‬كما يمكن أن يحكم عليه‬
‫بالحرمان من مباشرة جميع الوظائف أو الخدمات العامة مدة تتجاوزعشرسنوات‪.‬‬
‫‪ -‬اإلهمال الذي يمكن أو يسهل الهروب والذي نص عليه الفصل ‪199‬من ق‪.‬ج يعتبر في حد‬
‫ذاته شديد األثر بالنسبة للموظفين المكلفين بحراسة السجناء أو نقلهم‪ ،‬ألنه ال يعاقب على‬
‫المشاركة أو التواطؤ فقط و إنما ملجرد اإلهمال‪.‬‬
‫هذا باإلضافة إلى مجموعة من الجرائم التي يمكن أن يتابع ألجلها موظف إدارة السجون‪1‬‬
‫كالشطط في استعمال السلطة إزاء األفراد (الفصول من ‪ 222‬إلى ‪ 212‬ق‪.‬ج) تواطؤ موظف‬
‫(الفصول من ‪ 211‬إلى ‪ 216‬ق‪.‬ج)‪ ،‬تزويراألوراق الرسمية أو العمومية ( الفصول من ‪ 129‬إلى ‪126‬‬
‫ق‪.‬ج)‪.‬‬
‫‪ -40‬مرسوم رقم ‪ ،7.15.811‬صادر في ‪ 5‬ذي القعدة ‪ 2( 0471‬نونبر ‪ )7115‬بشأن النظام األساسي الخاص بموظفي المندوبية العامة‬
‫إلدارة السجون وإعادة اإلدماج‬
‫‪ 41‬مشروع الالمركزية والالتمركز في مجال تدبير الموارد البشرية‪ ،‬دليل الشؤون التأديبية‪ ،‬المملكة المغربية‪ ،‬الطبعة األولى يونيو ‪7114‬‬
‫ص‪.00 :‬‬
‫والجدير بالذكر أن التنصيص على الجزاءات التأديبية أو المتابعات القمائية ليس وحده‬
‫الكفيل لممان الحفاظ على األمن داخل المؤسسة السجنية‪ ،‬بل يجب العمل على باقي العناصر‬
‫سواء المادية المتمثلة في شكل البنايات وهندستها إذ يجب أن تستجيب للدور الذي أنشأت من‬
‫أجله وهو الحفاظ على األمن‪ ،‬أو البشرية منها حيث يجب التفكير في هذا العنصر الذي يشكل‬
‫عماد كل إصالح‪ ،‬فهذه النصوص الجديدة يجب أن يواكبها تكوين الموظفين‪42‬وتأهيلهم من أجل‬
‫التطبيق السليم لمقتمياتها‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬األجهزة الساهرة على األمن خارج المؤسسة‬
‫يعد الحفاظ على األمن داخل المؤسسة السجنية مسؤولية مشتركة بين المدير و‬
‫الموظفين التابعين للمؤسسة‪ ،‬حسب ما ورد في المادة ‪ 61‬من قانون ‪ 21-12‬و المادة ‪ 12‬من‬
‫المرسوم التطبيقي للقانون المتعلق بتنظيم و تسيير المؤسسات السجنية‪ ،‬علما بأن األصل في‬
‫هاته المسؤولية يبقى دائما على عاتق مدير المؤسسة باعتباره هو الساهر على حماية األمن و‬
‫النظام الداخلي داخل المؤسسة السجنية و المسؤول المباشرعن اإلشراف على إدارتها‪.‬‬
‫إال أن اإلمكانيات البشرية و المادية املحدودة للمؤسسة قد تدفعها إلى االستعانة بجهات‬
‫خارجية و هذا ما أكدته المادة ‪ 16‬من المرسوم التطبيقي في الفقرة األخيرة حيث تتوزع هذه‬
‫األجهزة إلى كل من الشرطة و الدرك ( الفقرة األولى) باإلضافة إلى اللجنة اإلقليمية لمر اقبة‬
‫السجون ( الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬عناصرالشرطة و الدرك الملكي‬
‫حسب النشرة اإلحصائية لسنة ‪ 2771‬التي صدرت عن مديرية إدارة السجون فإن عدد‬
‫المعتقلين في ذات السنة بلغ ‪ 22222‬معتقل‪ ،‬في حين بلغ عدد المؤطرين العاملين بمختلف‬
‫السجون ‪ 2929‬موظفا بمن فيهم المكلفون بالحراسة والعاملين بمختلف مر افق السجون أي‬
‫بمعدل موظف لكل ‪ 99‬معتقل‪.43‬‬
‫‪ -42‬يجب على موظف السجن أن يكون ملما على األقل بمبادئ أولية في علم اإلجرام وعلم النفس وعلم االجتماع وملما أيضا بقواعد‬
‫المسطرة الجنائية‪ ،‬وأن يكون‪ ،‬وهذا هو األهم‪ ،‬متشبعا بأبسط قواعد حقوق اإلنسان‪ ،‬فال ينبغي أن يميز في المعاملة بين المعتقلين بسبب‬
‫العرق أو اللون أو الجنس أو الجنسية‪ ،‬أو الدين أو الرأي أو المركز االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -43‬أي أن الكفاف التأطيري حاضر بامتياز بالنظر إلى سوء توزيع هؤالء الموظفين وكونهم ملزمون بمهام متعددة و مختلفة بحيث يعتبرون‬
‫مطالبين بالحفاظ عن األمن واالنضباط وفي نفس الوقت ملزمون بتلبية طلبات السجناء و تأمين مختلف أشكال اتصالهم بالعالم الخارجي و‬
‫رئيس المعقل و بالتالي يتضح بجالء أن عدد موظفي السجون ال يكفي لسد متطلبات السجناء‪.‬‬
‫و عليه‪ ،‬يتضح بجالء أن عدد موظفي السجون ال يكفي لسد حاجيات السجناء إذا ما‬
‫اعتمدنا المقاربة الكمية في التحليل‪.‬‬
‫لذلك نجد أن المشرع المغربي تفطن إلى هذه الوضعية ونص في الفقرة الثانية من المادة‬
‫‪ 16‬من المرسوم التطبيقي على أنه في حالة تعرض المؤسسة السجنية لهجوم أو تهديد من‬
‫الخارج‪ 44‬يتعين على مديرالمؤسسة بمجرد تبليغه بالحادث الخطير‪ 45‬إشعارالمابطة القمائية‬
‫سواء مصالح األمن أو الدرك الملكي مع إخباروكيل الملك و السلطة املحلية و إدارة السجون‪.46‬‬
‫و انسجاما مع ذلك‪ ،‬يمكن في حالة وقوع حادث خطير أو التخوف من وقوعه داخل‬
‫المؤسسة السجنية بحيث يتعذر معه على طاقم الحراسة التحكم في الموقف وإرجاع األمور إلى‬
‫نصابها والحفاظ على النظام بالوسائل المتوفرة لدى المؤسسة‪ ،‬يجب على مديرهذه المؤسسة‬
‫أن يطلب التدخل والمساعدة من رئيس مصلحة الشرطة والدرك‪ 47‬مع إشعار السلطة املحلية‬
‫ووكيل الملك واإلدارة المركزية فورا‪.‬‬
‫كما أشارت المادة ‪ 10‬إلى أن إدارة السجون تتكفل بتنسيق وتعاون مع السلطات املختصة‬
‫بإنجازخطة خاصة للوصول إلى الحفاظ على سالمة وأمن كل مؤسسة سجنية والتدخل السريع‬
‫عند االقتماء ‪.‬‬
‫و بناء على ما سبق‪ ،‬يتضح أن المشرع حدد انطالقا من المواد السالفة الذكرحاالت طلب‬
‫المساعدة من الشرطة أو الدرك في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ ‬الحالة التي تتعرض فيها المؤسسة السجنية لهجوم أو تهديد من الخارج‪.‬‬
‫‪ ‬حالة وقوع حادث خطير داخل المؤسسة السجنية يتعذر معه على العاملين السيطرة‬
‫عليه اعتمادا على اإلمكانيات الذاتية للمؤسسة‪.‬‬
‫‪ -44‬نفس الشيء بالنسبة للفصل ‪ 711‬من المسطرة الجنائية الفرنسية‪..dans l’hypothèse d’une attaque ou d’une :‬‬
‫‪menace provenant de l’extérieur.‬‬
‫‪ -45‬تتخذ اإلجراءات في حالة الحوادث الخطيرة بنوع من االستعجال والفورية وذلك عن طريق اإلشعار الفوري للنيابة العامة والسلطة‬
‫المحلية وإدارة السجون‪ ،‬والهدف من وراء ذلك كله هو إعادة المؤسسة السجنية إلى حالتها العادية‪.‬‬
‫‪ -46‬رياضي عبد الغاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.000‬‬
‫‪ -47‬إن سبب لجوء المشرع لهذه اإلمكانية يتجلى أساسا في االنتقادات الموجهة له بخصوص نقص عدد الموظفين بالمقارنة مع عدد‬
‫السجناء داخل المؤسسات السجنية‪ ،‬إال أنه يعاب على هذا التنصيص بكون عناصر الدرك و الشرطة لم يتلقوا التدريب المالئم لمعاملة‬
‫السجناء‪ ،‬و عليه يكون المشرع غير موفق في حالة االستعانة بأجهزة الشرطة والدرك عند وقوع حادث خطير داخل المؤسسة‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اللجنة اإلقليمية لمر اقبة السجون‬
‫تنص المادة ‪ 627‬من قانون المسطرة الجنائية بأنه يناط بهذه اللجنة اإلقليمية لمر اقبة‬
‫السجون خصوصا مهمة السهر على توفير وسائل الصحة واألمن والوقاية من األمراض وعلى‬
‫نظام تغذية المعتقلين وظروف حياتهم العادية وكذا المساعدة على إعادة تربيتهم على المستوى‬
‫األخالقي وإدماجهم اجتماعيا بعد اإلفراج عنهم ‪.‬‬
‫و تماشيا مع العناية التي يوليها قانون المسطرة الجنائية لنزالء المؤسسات السجنية حيث‬
‫إذا كانت التركيبة البشرية والقطاعية المكونة للجنة مشكلة من قبل من عامل العمالة أواإلقليم‬
‫ورئيس املحكمة االبتدائية ووكيل الملك بها‪ ،‬فإنه وفي إطار هذه العناية قد أضاف إلى هذه‬
‫الشخصيات قاض ي تطبيق العقوبة ورئيس مجلس الجماعة اللذين توجد بدائرة ترابهما‬
‫المؤسسة وممثلي قطاعات التربية الوطنية والشؤون االجتماعية والرياضية والتكوين المنهي‬
‫وأعماء متطوعين من الجمعيات والقطاعات الحيوية ذات الصلة بالعمل االجتماعي والتربوي‬
‫بالسجون‪.48‬‬
‫هذا ويكمن الهدف من إنشاء هذه اللجنة في تفتيش المؤسسات السجنية و مراكز تهذيب‬
‫األحداث‪ ،‬ويكمن دورها أيما في تقديم تقارير إلى الجهات املختصة ومقترحات من شأنها تحسين‬
‫األوضاع داخل السجون‪ ،49‬باإلضافة إلى توصيات في ذات الموضوع‪ ،‬و كذا مر اقبة تطبيق‬
‫العقوبة من أجل تحقيق غرضها األساس ي‪.‬‬
‫تقوم هذه الفعاليات القمائية واإلدارية بزيارات ميدانية‪ 50‬لتفقد أحوال السجناء والسهر‬
‫على توفير وسائل األمن والوقاية من األمراض‪ ،‬إال أن الو اقع يؤكد أن مجموعة من السلوكات‬
‫المسيئة لوجه اإلدارة العامة للسجون يغذيها انعدام التفتيش من طرف اإلدارة نفسها ومن‬
‫طرف أعماء هده اللجنة‪ 51‬وفي نفس السياق أكد املجلس االستشاري لحقوق اإلنسان سابقا‪،52‬‬
‫بخصوص اللجنة اإلقليمية لمر اقبة السجون في تقريره الصادر في أبريل ‪ 2772‬أنها ال تجتمع إال‬
‫‪ -48‬المادة ‪ 171‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫‪Publication du conseil consultatif des Droits de l’Homme, série « Etudes thématiques », -49‬‬
‫‪Rapport sur la situation dans les prisons, avril 2004, p :25.‬‬
‫‪ -50‬من الناحية الواقعية يالحظ ندرة هذه الزيارات إن لم نقل منعدمة ألن الوالي و عامل العمالة أو اإلقليم و كذا رئيس مجلس الجهة أو‬
‫الجماعة يتحمل مسؤولية التزامات أخرى تكاد تجعل هذا االختصاص الموكل له في هذا الشأن مستحيال‪.‬‬
‫‪ -51‬سجون المغرب تتحول إلى ‪-‬مقابر‪ -‬للسجناء ‪:‬مقال منشور بأسبوعية المشعل و الموقع اإللكتروني ‪ ahewar.org‬أسبوعية المشعل‬
‫المغربية ‪ ،‬الحوار المتمدن‪-‬العدد‪ ،00:11 - 01 / 0 / 7112 - 0581 :‬المحور‪ :‬أوراق كتبت في وعن السجن‪.‬‬
‫‪ -52‬يسمى حاليا بالمجلس الوطني لحقوق اإلنسان ‪.Conseil national de Droits de l’Homme‬‬
‫وفق تعليمات أو توصيات صادرة من طرف السلطات المركزية دون تحديد دورية لهذه الزيارات‬
‫وهو ما يجعل عملها وزياراتها تتم بشكل غير ممبوط وفي تواريخ متباعدة مما ال يسمح باالطالع‬
‫عن كتب على األوضاع االجتماعية واألمنية للمعتقلين‪.53‬‬
‫كما أن الجمعية المغربية لحقوق اإلنسان ذكرت في تقريرها أن هذه اللجان اإلقليمية‬
‫لمر اقبة السجون مجمدة وال تقوم بواجبها الذي تحتمه عليها المادتين ‪ 627‬و‪ 629‬من قانون‬
‫المسطرة الجنائية وتميف أن زيارتها تكون شكلية وال يترتب عنها أي إجراءات عملية‪.54‬‬
‫صفوة القول‪ ،‬بالرجوع إلى مختلف التقارير المنجزة بخصوص تقييم عمل هذه األجهزة‬
‫األمنية الساهرة على ضمان األمن داخل السجون‪ ،‬سواء التقارير الصادرة عن املجلس الوطني‬
‫لحقوق اإلنسان أوالتقاريرالصادرة عن المرصد المغربي للسجون أو تلك الصادرة عن منظمات‬
‫حقوقية وطنية أو دولية‪ ،‬فإنه يمكن الوقوف على عدة اختالالت قانونية وأخرى عملية تنقص‬
‫من فعالية عمل هذه األجهزة‪.‬‬
‫لكل ذلك‪ ،‬فإن المقاربة األمنية الصرفة والتي يطغى فيها هاجس األمن أكدت مختلف‬
‫التقاريرالمنجزة في هذا الشأن على محدوديتها لذلك وجب إعمال مقاربة أمنية جديدة ألن و اقع‬
‫عمل األجهزة األمنية أصبح يفرض التحاور مع السجناء للتواصل معهم و ذلك لمبط أفكار و‬
‫سلوك كل معتقل للوصول إلى إعطاء تقييمات أولية و مرحلية أو نهائية عن كل النزالء‪ ،‬هذه‬
‫التقييمات التي ستساعد ال محالة على تحقيق المقاربة األمنية المسطرة من طرف إدارة السجن‬
‫من جهة‪ ،‬كما ستساعد على إعادة إصالح لشخصية كل معتقل كما أنها قد تساعد على الوقوف‬
‫على الحاالت الخطيرة التي تستوجب معاملتها بكثيرمن الحزم و الصرامة‪.55‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬آليات ضبط األمن داخل المؤسسات السجنية‬
‫تناول المشرع المغربي االجراءات الخاصة بأمن المؤسسات السجنية في المواد‬

‫‪ 61_62_60_62_62‬من قانون السجون الجديد‪ 56‬والمواد من ‪ 12‬إلى ‪ 22‬من المرسوم التنظيمي‪،‬‬
‫متوخيا من وراء هذا التنظيم خلق توازن بين الحفاظ على أمن واستقرار المؤسسات السجنية‬
‫‪ -53‬تقرير خاص باألوضاع في السجون صادر عن المجلس االستشاري لحقوق اإلنسان سنة ‪ 7114‬تمت ترجمته إلى العربية سنة ‪.7115‬‬
‫‪ -54‬الجمعية المغربية لحقوق اإلنسان‪ :‬التقرير السنوي لسنة ‪.7110‬‬
‫‪ -55‬مجلة إدماج‪ -‬العدد الثالث‪،7111 -‬ص‪.08‬‬
‫‪ -56‬ظهير شريف رقم ‪ 0_11_711‬صادر في ‪ 00‬من جمادى األولى ‪ 78( 0471‬اغسطس ‪ ) 0111‬بتنفيذ القانون رقم ‪70.15‬‬
‫المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية‪.‬‬
‫واحترام حقوق السجناء‪ ،‬وبحكم أن المغرب قد صادق على العديد من االتفاقيات والعهود‬
‫الدولية المتعلقة بحماية حقوق االنسان ومعاملة السجناء‪ ،‬االمر الذي أدى بالمشرع المغربي‬
‫إلى تقنين ضوابط صارمة الستعمال القوة ضد المعتقلين‪ ،‬وحصرحاالت استعمال السالح‪ ،‬كما‬
‫نظم التفتيش وحدد كيفية مر اقبة المراسالت‪ ،‬وهو ما سنتناوله في المطلبين التاليين‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬استعمال القوة والسالح ضد السجناء‬
‫السجن هو الحرمان من االستقاللية فالشخص الذي يوضع في مؤسسة سجنية يخمع‬

‫لقوانين وتعليمات وإجراءات محددة‪ ،57‬واألصل في أحكام المعاملة العقابية عدم جواز اللجوء‬
‫إلى الوسائل القسرية في معاملة املحكوم عليهم لما في ذلك من مساس بكرامة هؤالء‪ ،‬إال أن‬
‫المشرع المغربي أجاز بصفة استثنائية وإلى جانبه عدد من التشريعات استعمال تلك الوسائل‬
‫لمواجهة أوضاع خاصة‪ ،‬لكن بقيود وشروط صارمة تحد من تعسف أو انحراف يخرج بتلك‬
‫الوسائل عن الغاية المرجوة من إقرار اللجوء إليها‪ 58‬وذلك وفق الموابط التي حددها القانون‬
‫المنظم للسجون ‪ 21.12‬والمرسوم التنظيمي لهذا القانون‪.‬‬
‫فقد نصت المادة ‪ 2‬من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان على أنه " ال يجوز إخماع أحد‬
‫للتعذيب وال المعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية الحاطة بالكرامة"‪ 59‬وبناء عليها حدد‬
‫قانون تنظيم وتسييرالمؤسسات السجنية والمرسوم املحدد لكيفية تطبيقه ضوابط استعمال‬
‫القوة في مواجهة المعتقلين أو الغير‪ ،‬وحصرحاالت استعمال السالح‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬استعمال القوة‬
‫انطالقا من المادة ‪ 62‬من قانونا ‪ 21.12‬يتبين أن المشرع المغربي حظر على موظفي‬
‫المؤسسات السجنية استعمال القوة ضد المعتقلين كمبدأ عام‪ ،‬إال أننا نجده استثنى ذلك من‬
‫أجل حفظ األمن داخل المؤسسات السجنية بحيث حدد مجموعة من الحاالت على سبيل‬
‫الحصرأجاز من خاللها استعمال القوة ضد المعتقلين وهي كالتالي‪:‬‬
‫_ في حالة الدفاع المشروع لمواجهة اعتداء حال غيرمشروع من طرف المعتقل‪ ،‬على أن‬
‫يكون فعل الدفاع مناسبا مع خطورة االعتداء وفق الموابط والشروط المقررة لحالة الدفاع‬
‫‪ -57‬عايد عواد الوريكات‪ ،‬نظريات علم الجريمة‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬طبعة ‪،7115‬ص‪.751‬‬
‫‪ -58‬عبد العالي حفيظ‪ ،‬صالحيات قاضي العقوبات في القانون المغربي‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،7118‬ص ‪.001‬‬
‫‪ -59‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الصادر في ‪ 01‬دجنبر ‪.0145‬‬
‫الشرعي في القانون الجنائي‪ ،‬ويشترط في هذه الحالة أن يكون استعمال القوة في مكان ووقت‬
‫الهجوم من طرف المعتقل‪.‬‬
‫_ عند محاولة النزيل من الهروب من المؤسسة السجنية‪.‬‬
‫_ عند القبض على المعتقل الهارب‪.‬‬
‫_ عند وجود مقاومة باستعمال العنف من طرف المتعلقين‪.‬‬
‫_ في حالة عدم االمتثال لألوامر وفي هذا تنص المادة ‪21‬من المرسوم ‪ 1‬نونبر ‪ 2777‬على‬
‫أنه" يجب على المعتقلين االمتثال لتوجيهات الموظفين الذين لهم سلطة داخل المؤسسة وذلك‬
‫في كل ما يتعلق بتنفيذ المقتميات المنظمة للسجون " أي أنه يجب أن تكون هذه األوامر أو‬
‫التوجيهات التي يجب على السجين االمتثال لها يجب أن تكون مشروعة غيرمخالفة للمقتميات‬
‫المنظمة للسجون‪.‬‬
‫و انطالقا من الفقرة الثانية من المادة ‪ 62‬يتضح أن المشرع اشترط أن يكون استعمال‬

‫القوة منحصرا في حدود ما هو ضروري للتحكم في المعتقل المتمرد دون إفراط أو مغاالة في‬
‫استعمال القوة و عليه فالقوة ما هي إال و سيلة لشل حركة المعتقل‪ ،‬فالهدف من هذه األخيرة‬
‫هو حفظ األمن داخل المؤسسات السجنية إال أن ذلك ال يجب أن يتم على حساب كرامة‬
‫السجناء حتى ال تنتقل هذه الوسيلة إلى ذريعة لالنتقام من المعتقلين وهو ما يجب على‬
‫الموظفين أثناء أدائهم لمهامهم أن يتحلوا بخصال حميدة بالشكل الذي يفرض احترامهم‬
‫للمعتقلين ويجعلهم يؤثرون فيهم تأثيرا حسنا‪ ،‬وهذا ما أكدته المادة ‪ 2‬وكذلك المادة ‪2‬من‬
‫المرسوم على أنه" يجب على الموظفين معاملة السجناء معاملة حسنة تقوم على المساواة‬
‫وبدون تميز" لكي تقوم المؤسسة السجنية بعمل أسمى أال وهو التهذيب واإلصالح ‪.‬‬
‫إن المشرع المغربي قد خطى خطوة حسنة في هذا اإلطار بتو افقه مع روح االتفاقيات‬
‫الدولية‪ ،‬وما يزكي هذا الطرح هو ما تنص عليه الفقرة األولى من المادة ‪ 22‬من القواعد‬
‫النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء التي تنص على أنه " ال يجوزلموظفي السجون أن يلجؤوا إلى‬
‫القوة في عالقتهم مع السجناء إال دفاعا عن أنفسهم أو في حاالت الفرار أو المقاومة الجسدية‬
‫بالقوة أو االمتناع السلبي ألمر يستند إلى القانون أو األنظمة‪ ،‬وعلى الموظفين الذين يلجؤوا إلى‬
‫القوة أن ال يستخدموها إال في أدنى الحدود المرورية وأن يقدموا فورا تقريرا عن الحادث إلى‬
‫مديرالسجن "‪.‬‬
‫فما هي حاالت استعمال السالح ووسائل اإلكراه األخرى‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حاالت استعمال السالح‬
‫يقصد بالسالح هنا المسدسات والبندقيات التي عادة يحملها الحارس المكلف بالباب‬
‫الرئيس ي وحراس األبراج وحراس األوراش الخارجية وال سيما السجون الفالحية وكذلك المكلف‬
‫بالخفر‪ ،‬وهناك أسلحة غير متداولة يحتفظ بها المقتصد وال تستعمل إال إذا وقع طارئ خطير‬
‫يستوجب التدخل السريع‪ ،‬وكل هذه األسلحة تكون تحت المر اقبة الدقيقة والصيانة‪ ،‬وال يتم‬
‫توزيعها على المؤسسات إال بتنسيق مع قيادات القوات الخارجية ‪.‬‬
‫ونجد المشرع المغربي انطالقا من المادة ‪ 62‬من القانون المنظم للسجون أنه اشترط‬
‫شروط خاصة لحاالت استعمال السالح في حالة اللجوء إليه من مخاطر وما يترتب على ذلك من‬
‫نتائج وخيمة على مستوى المؤسسة أو على مستوى األشخاص‪.‬‬
‫حاالت استعمال السالح ضد المعتقلين أو األغيار‬
‫‪ -‬عند تعرض الموظفين للعنف أو العتداء خطير‪ ،‬أو في حالة تهديدهم من طرف أشخاص‬
‫مسلحين‪ ،‬أو عند استهدافهم بإلقاء قذائف خطيرة عليهم‪.‬‬
‫‪ -‬عند عدم تمكن موظفي المؤسسة السجنية من الدفاع بطريقة عن المؤسسات‬

‫والمراكز التي يحرسونها‪ ،‬واألشخاص الذين هم في عهدتهم‪ ،‬أو إذا تعرضوا لمقاومة ولم يكن‬
‫بإمكانهم ردها باستعمال السالح‪.‬‬
‫‪ -‬عندما يحاول المعتقلون اإلفالت من حراستهم‪ ،‬وال يتأتى ضبطهم إال باستعمال السالح‪.‬‬
‫‪ -‬إذا حاول أشخاص الدخول إلى المؤسسة أو دخلوا إليها‪ ،‬ولم يمتثلوا لإلنذارات الموجهة‬
‫إليهم‪ ،‬وحاولوا اإلفالت من البحث عنهم أو إلحاق ضرر بسالمة وأمن الحراس والمعتقلين أو‬
‫المؤسسة‪.‬‬
‫وما يالحظ على المادة ‪ 62‬أنها لم تحدد ما مدى مقدارهذا العنف الذي يمكن رده بالسالح‪،‬‬
‫و إنما جاءت عبارة العنف عامة وغاممة‪.‬‬
‫_ شروط استعمال السالح ضد المعتقلين أو األغيار‬
‫‪ +‬أن يستعمل من طرف الموظف أثناء ممارسته لوظيفته (المادة ‪) 62‬‬
‫‪ +‬أن يتم توجيه إنذارات قبل استعمال السالح ( المادة ‪) 62‬‬
‫‪+‬أن يستعمل السالح في نطاق الحدود المرورية للتحكم في الوضع‪ ،‬وهذا ما أشارت إليه‬
‫المادة ‪ 12‬من المرسوم التطبيقي‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى الفقرة الثالثة من المادة ‪ 22‬من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء‬
‫نجدها تنهي على أنه" ال ينبغي للموظفين الذين يقومون بمهمة تجعلهم في تماس مباشر مع‬
‫السجناء أن يكونوا مسلحين‪ ،‬إال في ظروف استثنائية و باإلضافة إلى ذلك ال يجوز أيا كانت‬
‫الظروف‪ ،‬تسليم سالح ألي موظف‪ ،‬ما لم يكن قد تم تدريبه على استعماله "‪.‬‬
‫ويتضح مما سبق أن استعمال السالح ال يصبح ضروريا إال إذا لم يتأتى ضبط الوضع‪.‬‬
‫أما فيما يخص وسائل اإلكراه األخرى فتتمثل في وضع األصفاد للمعتقلين عندما يتم نقلهم‬
‫أو إخراجهم من المؤسسة وكلما استدعت المرورة ذلك‪ ،‬غيرأنه يتعين إزالة هذه األصفاد عند‬
‫مثول المعتقل أمام السلطات القمائية‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 11‬من القواعد النموذجية‬
‫الدنيا لمعاملة السجناء التي نصت على أنه "ال يجوز أبدا أن يستخدم أدوات تقييد الحرية‪،‬‬
‫كاألغالل والسالسل واألصفاد و ثياب التكبيل كوسائل للعقاب‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك ال يجوز‬
‫استخدام السالسل أو األصفاد كأدوات لتقييد الحرية‪ ،‬أما غير ذلك من أدوات تقييد الحرية فال‬
‫تستخدم مثال إال كتدبير لالحتراز من هروب السجين خالل نقله‪ ،‬شريطة أن تفك بمجرد مثوله‬
‫أمام سلطة قمائية أو إدارية‪.‬‬
‫مجمل القول في هذا الصدد‪ ،‬في الحاالت و الظروف التي ال تسمح باستتباب وتأمين حراسة‬
‫المعتقل على نحو معين يتم اللجوء إلى استعمال األصفاد و هو بذالك إجراء استثنائي في حين أن‬
‫األصل هو عدم و ضع األصفاد إذا كانت ظروف األمن و سالمة المؤسسة في حالة عادية ال يخش ى‬
‫معها أي اخالل بالنظام الداخلي للمؤسسة أو مس بشخصية المعتقل‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التفتيش ومر اقبة المراسالت‬
‫في إطار ضبط أمن المؤسسة السجنية‪ ،‬ينص القانون على ضرورة مر اقبة مراسالت‬
‫المعتقلين (الفقرة األولى ) كوسيلة لالتصال بالعالم الخارجي وكذا تفتيش المعتقلين (الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التفتيش‬
‫أصبح األمن داخل المؤسسات السجنية يأخذ اهتمام المكلفين بهذا املجال‪ ،‬وارتباط مع‬
‫المنظومة الجديدة لقانون ‪ 21.12‬نجد المشرع حرص على تحقيق التوازن بين المقاربة األمنية‬
‫وضمان حقوق اإلنسان‪ ،‬وبالطبع يعد التفتيش من أهم اآلليات التي ترمي إلى حفظ األمن داخل‬
‫المؤسسات السجنية‪ ،‬وذلك لما له من أهمية في ضمان الحياة األمنية لصالح الدولة واملجتمع‬
‫من زاوية‪ ،‬وحماية المعتقل من زاوية أخرى‪.‬‬
‫و يجب أن يكون التفتيش من قبل مفتشون مؤهلون وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 22‬من‬
‫القواعد الدنيا لمعاملة السجناء على أنه " يجب أن يكون هناك تفتيش منتظم لمؤسسات‬
‫السجون وخدماتها ويكلف به مفتشون مؤهلون ذو خبرة تعينهم سلطة مختصة‪ ،‬وعلى هؤالء‬
‫المفتشون بوجه خاص واجب االستيفاء من كون هذه المؤسسات تدار طبقا للقوانين واألنظمة‬
‫وعلى قصد تحقيق أهداف الخدمات التأديبية واإلصالحية"‪ ،‬هذا باإلضافة إلى أن القيام‬
‫بالتفتيش الدوري هي أدوات التدخل العملية كي ال يتسرب أي محظور‪ ،‬أوأشياء خطيرة‪ ،‬أورسائل‬
‫مجهولة أو اخالل بنظام السجن‪.‬‬
‫و انسجاما مع ذلك‪ ،‬ستكشف الزيارات المفاجئة للقماة‪ ،‬لو كانت على المستوى العملي‪،‬‬
‫عن الصورة الحقيقية و سيترتب عليها نتائج بالغة األهمية سواء على مستوى إدارة المؤسسة‬
‫السجنية أو على المعتقلين و كذا على تحقيق إعادة اإلدماج‪.60‬‬
‫وباستقرائنا للمادة ‪ 62‬من ق ‪ 21.12‬نجد المشرع المغربي منح سلطة واسعة للمديرلكونه‬
‫لم يحدد الحاالت التي تسمح باللجوء إلى هذا اإلجراء األمني‪ ،‬خصوصا أن المادة أعاله جاءت على‬
‫سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬في حين نجد المادة ‪92‬من القانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم‬
‫السجون ينص على ما يلي " يجب أن يفتش كل مسجون عند دخوله السجن‪ ،‬وأن يؤخذ ما يوجد‬
‫‪ -60‬رياضي عبد الغاني‪ ،‬تنفيذ العقوبات على مستوى المؤسسات السجنية‪ ،‬الطبعة األولى ‪،7111‬ص‪.011‬‬
‫معه من ممنوعات ونقود وأشياء ذات قيمة‪ ،‬وتودع بخزانة السجن‪ ،‬وتسجل في سجل خاص‬
‫يسلم إليه عند إفراج عنه‪ ،‬ما لم يرغب في تسليمها لشخص معين‪61".‬‬
‫ومما ينبغي اإلشارة إليه أن الفقرة األولى من المادة ‪ 62‬جاءت بعبارة "في كل حين " مما قد‬
‫يجعل من استعمال التفتيش ينقلب إلى وسيلة استفزازوتنكيل بالسجناء‪،‬‬
‫ويتم تفتيش المعتقلين بواسطة أشخاص من نفس الجنس‪ 62‬صون لكرامة السجناء‪ ،‬ولكن‬
‫رغم تفتيش الذي يتم بعد فترات الزيارة نجد داخل المؤسسات السجنية تواجد املخدرات وهناك‬
‫من يتاجرفيها داخل المؤسسة‪ ،‬ألن أساليب التفتيش ال تزال تقليدية تعتمد على أساليب يدوية‬
‫األمرالذي يسهل عملية‪ 63‬ولوج املخدرات إلى أغوارالسجون‪.‬‬
‫رغم ذلك يبقى التفتيش إجراء وقائي يهدف منع حصول ما من شأنه إحداث اضطراب في‬
‫األمن والسالمة داخل السجن‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مر اقبة المراسالت‬
‫أما فيما يتعلق بالمراسالت التي تعتبر وسيلة لالتصال بالعالم الخارجي‪ ،64‬فإنها في إطار‬
‫المقاربة األمنية قد تشكل خطرا يهدد سالمة المؤسسة السجنية‪ ،‬مما دفع بالمشرع المغربي إلى‬
‫تنظيم المراسالت كآلية من آليات ضبط األمن‪ ،‬وما يستشف من المادة ‪ 60‬أنه يحق للمعتقلين‬
‫تلقي الرسائل وتوجيهها إال أنها تقرأ وتخمع للمر اقبة سواء أثناء توجيهها أو تلقيها‪ ،‬ويمكن حجز‬
‫المراسالت إذا كانت تحتوي على تهديدات ضد سالمة األشخاص أو أمن المؤسسات‪ ،‬إال أن‬
‫المراسالت المتبادلة بين السجين ومحاميه الذي يؤازره ال تخمع لهذه المر اقبة‪.‬‬
‫و يمنع أيما إيصال أو إخراج رسائل أو مبالغ نقدية أو هاتف نقال أو أي ش يء آخروهذا ما‬
‫نصت عليه المادة ‪ 22‬من القانون العربي المذكورسابقا على أنه "يسمح للمسجون مراسلة ذويه‬
‫وأصدقائه‪ ،‬واستقبال رسائلهم‪ ،‬ما لم تقرر إدارة السجن أن المراسلة تمر باألمن‪ ،‬فيجوز لها‬
‫أن تر اقبها أو تقيدها‪.‬‬
‫‪ 61‬ـ القانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون‪ ،‬اعتمده مجلس وزراء العدل العرب كقانون استرشادي في دورته ‪ 01‬بالقرار‬
‫رقم‪_018‬د‪.7111_00_01_01‬‬
‫‪ -62‬ليس و فقط صونا لكرامة السجناء ولكن تجاوبا و تعاليم ديننا الحنيف‪.‬‬
‫‪ -63‬إن عملية ولوج المخدرات إلى أغوار السجون تتم وفق طرق جد حديثة و بطرق ذكية يستعصي فهمها ويستحيل معها ضبطها‪.‬‬
‫‪ -64‬يراسل المعتقلون باإلضافة إلى عائلتهم وأصدقائهم الجرائد و الجمعيات الحقوقية‪.‬‬
‫و في نفس السياق‪ ،‬يملك المعتقل حرية استعمال المراسالت كوسيلة للتعبير و التشكي‬
‫للجهات المعنية باألمر‪.65‬‬
‫رغم كل ما سبق التطرق إليه إال أن الو اقع العملي يطرح تناقما بين األمن داخل السجون‬
‫وحقوق السجناء‪ ،‬وما يغذي هذا التناقض عالقة التوتر السائدة بين المسؤولين على السجون‬
‫والسجناء في ظل ثقافة تحتقر السجناء وتنظر للسجون كأماكن للعقاب فقط‪ ،‬إذ أن إشكالية‬
‫األمن وحقوق السجناء هي إشكالية عامة‪ ،‬إال أنها تتأثرفي المغرب بعوامل إضافية منها‪ ،‬ضعف‬
‫التجهيزات واإلمكانيات المتاحة لهم‪ ،‬المستوى الثقافي العام ومستوى الوعي بالحقوق وضرورة‬
‫احترامها لدى طرفي المعادلة السجنية‪.‬‬
‫إن مناقشة إشكالية األمن وعالقتها بحقوق السجناء يجب أن تستحمر كافة القوانين‬
‫الدولية والوطنية المتعلقة بالسجون‪ ،‬وال من االهتمام بأدبيات المنظمات الحقوقية املحلية‬
‫والدولية‪ ،‬إذ لم يعد مقبوال اليوم أن نجد مدير المؤسسة السجنية غير متتبع لعمل المنظمات‬
‫الحقوقية المهتمة بأوضاع السجون والسجناء أدبياتها‪.66‬‬
‫كما نحث على التكوين المستمر لموظفي إدارة السجون في مجال حقوق اإلنسان وقواعد‬
‫معاملة السجناء‪ ،‬وكذا المساهمة مع الجمعيات الحقوقية لتأهيل السجناء من أجل إعادة‬
‫اإلدماج بعد مغادرة السجن مع ضرورة إحداث مراكزالستقبالهم وتوجيههم حتى ال تتحقق ظاهرة‬
‫العود‪.‬‬
‫و مما الشك فيه أن تنامي حركة حقوق اإلنسان سيزيد من االهتمام بالمؤسسات السجنية‬
‫و أوضاعها لتحقيق أهداف العقوبة‪.‬‬
‫الئح ـ ـ ـ ـ ـ ــة المراج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع‬
‫الكتب‪:‬‬
‫‪ -65‬رياضي عبد الغاني‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.075‬‬

‫‪ 66‬ـ مركز التوثيق واإلعالم والتكوين في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬القانون الجديد للسجون والمعايير الدولية لمعاملة السجناء‪ ،‬أشغال‬
‫الدورة التكوينية‪ ،‬ص ‪.51_58_54‬‬
‫‪ -‬رياض عبد الغاني‪ ،‬تنفيذ العقوبات على مستوى المؤسسات السجنية‪ ،‬مكتبة دارالسالم‬
‫الرباط ‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2771‬‬
‫‪ -‬أبو المعاطي حافظ أبو الفتوح‪ ،‬شرح القانون الجنائي المغربي‪ ،‬القسم العام‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪.9127‬‬
‫‪ -‬محمد أزيزبي‪ ،‬و اقع السجون المغربية وأهدافها اإلصالحية‪ ،‬مطابع افريقيا الشرق‪ ،‬الدار‬
‫البيماء‪ ،‬بدون طبعة‪.2776 ،‬‬
‫‪ -‬عايد عواد الوريكات‪ ،‬نظريات علم الجريمة‪ ،‬دارالشروق‪ ،‬بدون طبعة ‪.2772 ،‬‬
‫‪ -‬مشروع دعم الالمركزية والالتركيز‪ ،‬في مجال تدبير الموارد البشرية‪ ،‬دليل الشؤون‬
‫التأديبية‪ ،‬المملكة المغربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬يونيو‪.2772‬‬
‫_ ‪Benoit Chabert et Pierre-Olivier Sur : Cours de droit pénal général, 2 édition‬‬

‫‪.1997, DALLOZ‬‬
‫التقارير‪:‬‬
‫‪ -‬تقرير خاص باألوضاع في السجون‪ ،‬صادر عن املجلس اإلستشاري لحقوق اإلنسان سنة‬
‫‪.2772‬‬
‫‪ -‬الجمعية المغربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬التقريرالسنوي‪ ،‬سنة ‪.2771‬‬
‫‪ -‬اإلعالن العالمي لحثوث اإلنسان‪ ،‬الصادرفي ‪ 97‬دجنبر‪.9122‬‬
‫القوانين‪:‬‬
‫‪-‬القواعد الدنيا النموذجية لمعاملة السجناء‪.‬‬
‫‪ -‬القانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون‪ ،‬اعتمده املجلس الوزراء العدل‬
‫العرب كقانون استرشادي‪ ،‬دورة ‪.2777 ،96‬‬
‫‪ -‬قانون رقم ‪ 21.12‬المتعلق بتنظيم وتسييرالمؤسسات السجنية‪.‬‬
‫‪ -‬القانون الجنائي‪.‬‬
‫‪ -‬قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫‪ -‬النظام األساس ي الوظيفة العمومية‪ ،‬ظهير شريف رقم ‪ 9_22_772‬المؤرخ في ‪22‬فبراير‬

‫‪.9122‬‬
‫‪ -‬محمد أوجار‪ ،‬بمناسبة تقديمه للقواعد الدولية لمعاملة السجناء‪ ،‬مركزالتوثيق واإلعالم‬
‫والتكوين في مجال الحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫مقاالت‪:‬‬
‫‪ -‬موالي ادريس اكلمام‪ ،‬املحافظة على أمن داخل المؤسسات السجنية وحماية حقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬مجلة إدماج‪ ،‬العدد ‪.2771 ،2‬‬
‫‪ -‬عبد الرحيم عميمي‪ ،‬سجون المغرب تتحول إلى مقابر للسجناء‪ ،‬أسبوعية المشعل‬
‫المغربية‪.‬‬
‫البناء على ملك الغير بين إشكاالت الواقع وآفاق اإلصالح‬

Building on the property of others between the problems of reality and the
prospects for reform
‫يعتبر حق الملكية من أهم الحقوق العينية األصلية التي عملت مختلف المنظومات‬
‫التشريعية عبرالعالم إلى حمايتها وصيانتها من كل تشويش أو اعتداء الذي يمكن أن يلحق بها كما‬
‫هو الحال حال إحداث بنايات أو منشآت على ملك الغير؛ الذي يعد حالة استثنائية وأمرا شاذا‬
‫عمل كل من الفقه المالكي والمشرع المغربي من خالل مدونة الحقوق العينية على التصدي له‬
.‫ وكذا الباني خاصة حال كونه حسن النية‬،‫ومعالجته بما يممن حقوق كل من المالك األصلي‬
‫األمر الذي يجعل من هذه األخيرة – أي النية – معيارا أساسيا وضابطا مهما لترتيب الجزاءات‬
.‫الفقهية واآلثارالقانونية وخاصة ما يتعلق منه بمقدارالتعويض‬
summary:
The right of ownership is considered one of the most important original in -

kind rights that have worked various legislative systems across the world to
protect and maintain them from all confusion or aggression that can be attached
to it, as is the case with buildings or facilities on the property of others; Which is
an exceptional case and anomalous matter, the work of both the Maliki
jurisprudence and the Moroccan legislator through the Code of Rights in kind to
address it and address it in a way that guarantees the rights of both the original
owner, as well as the builder, especially if it is goodwill. This makes the latter – i.e.
intention – a basic criterion and an important control for arranging
jurisprudential sanctions and legal effects, especially with regard to the amount
of compensation.
‫تمهيد‪:‬‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬القاض ي بين عباده بحكمه‪ ،‬العدل في قمائه‪ ،‬له الشكركما ينبغي‬
‫َ َ َْ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ ُ َ ً‬
‫ص ِدقا ِل َما‬‫لجالل وجهه ولعظيم سلطانه‪ ،‬القائل في محكم تنزيله‪" :‬و أنزلنا ِإليك ال ِكتاب ِبالح ِق م‬
‫َ‬ ‫َْ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ُ َ ْ ً ََْ َ ْ ُ‬
‫احكم َب ْي َن ُهم ِب َما أ َنز َل الل ُه" وأصلي وأسلم على سيدنا وحبيبنا‬ ‫اب ومهي ِمنا علي ِه ف‬
‫بين يدي ِه ِمن ال ِكت ِ‬
‫محمد – صلى الله عليه وسلم ‪ -‬إمام القماة وسيد الخلق المبعوث رحمة للعالمين وعلى من‬
‫سارعلى نهجه و اقتفى أثره إلى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪ ،‬فيعد العقار أساس كل سياسة تنموية للدولة لكونه أساس االستقرار‪ ،‬واملحور‬
‫الذي يقوم عليه األمن القانوني‪ ،‬وركيزة النهوض بمجال التعمير والتخطيط العمراني‪ ،‬لذا نجد‬
‫أن كال من الفقه المالكي والقانون المغربي قد عمل على حمايته من أي اعتداء أوانتهاك له والذي‬
‫يمكن أن يتم عن طريق إحداث بنايات ومنشآت في ملك الغير؛ الذي يعد أمرا شاذا في حياة‬
‫الناس‪ ،‬والذي عالجه المشرع من خالل الفصل ‪ 210‬مدونة الحقوق العينية ضمن أحكام‬
‫االلتصاق الصناعي‪.‬‬
‫وقد كان الفقه المالكي كما المشرع المغربي شديد الحرص على مصلحة مالك األرض‬
‫المعتدى عليها بإقامة البنايات والمنشآت‪ ،‬ومصلحة الباني الذي افتقرت ذمته بما أنفقه من‬
‫مصاريف بإقامتها ما يستوجب تعويمه خاصة ما إذا كان حسن النية‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار نجد ربط المشرع المغربي البناء على أرض الغير بأمر باطني وهو النية‪ ،‬ما‬
‫يجعل عالقة مالك األرض بالباني تختلف باختالف سوء نيته أو حسنها‪ ،‬فحسن نية الباني تجعله‬
‫في مركزمتميزعلى الباني س يء النية‪ ،‬وهذا أمرطبيعي ألن العقاب البد فيه من التناسب حتى يكون‬
‫عادال محققا لمقصده‪.‬‬
‫أهمية الدراسة‪:‬‬
‫إن موضوع‪" :‬البناء على ملك الغير بين إشكاالت الو اقع و آفاق اإلصالح" له أهمية بالغة‬
‫سواء من الناحية النظرية أو العملية‪.‬‬
‫‪-‬فمن الناحية النظرية؛ فالدراسة تسعى لتسليط الموء على ظاهرة االستيالء على أمالك‬
‫الغير والعمد إلى إحداث بنايات ومنشآت عليها‪ ،‬واآلثار المترتبة عن ذلك التي تختلف باختالف‬
‫الباني؛ حسن أو س يء النية‪.‬‬
‫‪-‬أما من الناحية العملية؛ فتتجلى في الكشف عن بعض الثغرات التي تعتري التنظيم‬
‫القانوني لظاهرة البناء على ملك الغير‪ ،‬وكذا بعض اإلشكاالت التي تعترض التنزيل العملي لألحكام‬
‫القانونية المتعلقة بها سواء من ناحية اإلثبات أو من ناحية تحديد التعويض‪ ،‬كذا حال الحكم‬
‫باإلبقاء على البناء من عدمه بناء على قاعدة الموازنة بين المنافع واألضرار‪.‬‬
‫أهداف الدراسة‪ :‬تسعى هذه الدراسة إلى‪ :‬تقديم إطار مفاهيم حول البناء على ملك الغير‬
‫ومدى تأثيرسوء النية أو حسنها على مقدارالتعويض املحدد‪ .‬التعرض بالبيان لبعض اإلشكاالت‬
‫التي تثارحال إقامة بنايات ومنشآت على ملك الغيرسواء من الجانب المسطري أو الموضوعي‪- .‬‬
‫استعراض بعض آليات اإلصالح ووسائل معالجة الظاهرة والحد منها بما يممن تحقيق األمن‬
‫العقاري ومعه األمن االجتماعي‪.‬‬
‫إشكالية الدراسة‪ :‬إن موضوع الدراسة يجرنا لطرح تساؤل مركزي يتمحور حول مدى‬
‫فاعلية ونجاعة النصوص الفقهية القانونية في زجر المعتدي والحد من ظاهرة البناء في ملك‬
‫الغيرعلى وجه التعدي‪.‬‬
‫ويتفرع عن هذا اإلشكال المركزي العديد من التساؤالت الفرعية‪ ،‬من قبيل ‪ - :‬ما األحكام‬
‫المطبقة واإلجراءات المتبعة حال إقامة بنايات ومنشآت على أرض الغير؟ ‪ -‬ما أساس التمييزبين‬
‫سوء النية أو حسنها؟ وما مدى تأثيرها ‪ -‬أي النية – في تحديد الجزاءات القانية وباألخص بمقدار‬
‫التعويض؟ ‪ -‬ما السبل واآلليات المقترحة للحد من ظاهرة االعتداء على أمالك الغير و انتهاك‬
‫حرمتها بإحداث بنايات ومنشآت عليها‪.‬‬
‫خطة البحث‪ :‬ولإلجابة عن اإلشكاالت المطروحة وغيرها لجأنا إلى تقسيم هذه الدراسة إلى‬
‫مبحثين؛ نتناول في المطلب األول منه لمفهوم سوء النية‪ ،‬واآلثار المترتبة عليها حال إحداث‬
‫بنايات ومنشآت على أرض الغير‪ ،‬على أن نخصص المطلب الثاني للحديث عن مفهوم حسن‬
‫النية‪ ،‬واآلثارالناتجة عنها كذلك حال البناء على ملك الغير‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬سوء النية و أثرها في البناء في ملك الغير‬
‫لقد اهتم الفقه المالكي كما المشرع المغربي بظاهرة إقامة بنايات ومنشآت في ملك الغير‪،‬‬
‫ورتبا عليه آثارا تختلف باختالف حسن النية من سوئها من حيث طلب إزالة البنايات‪ ،‬ومقدار‬
‫التعويض‪ .‬ومن هنا يحسن أوال التطرف لمفهوم سوء النية (الفرع األول)‪ ،‬ثم بعده معالجة اآلثار‬
‫الناتجة عنها حال البناء في ملك الغيرواإلشكاالت التي يمكن أن تترتب بناء على ذلك (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم سوء (‪ )67‬النية‪:‬‬
‫إن المتصفح للقانون المدني المغربي ال يجد نصا يحدد مفهوم النية‪ ،‬وهذا طبيعي؛ ألن‬
‫مهمة إعطاء التعاريف ليس من اختصاص المشرع و إنما من اختصاص الفقه‪)68( .‬‬
‫وبالرجوع للشريعة اإلسالمية نجد أن الشرع الحكيم قد أورد أصال عاما وقاعدة شرعية‬
‫مبناها الحديث الشريف الوارد عن الرسول عليه السالم‪" :‬إنما األعمال بالنيات و إنما لكل امرئ‬
‫ما نوى"‪ )69( ،‬فهو أصل عام يدل على أن كل عمل يقوم به اإلنسان‪ ،‬حسنا كان هذا العمل أم‬
‫سيئا‪ ،‬فإن النية تكون أساسا لهذا العمل‪ ،‬وبالتالي فإن األثرالمترتب عليه يكون تبعا لهذه النية؛‬
‫حسنها من سوئها‪.‬‬
‫‪ - 67‬تطلق النية في اللغة ل لداللة على القصدددد والعزم‪ ،‬قال ابن فارس‪ :‬ىنوى األمر ينويهذ إذا قصدددد لهى‪( ،‬ابن فارسذ‬
‫مقاييس اللغة‪ ،‬ج ‪ ،8‬ص‪ )011 :‬وجاء في لسان العرب‪:‬ى نويت نية ونواةذ أي عزمتى‪( .‬ابن منظورذ لسان العرب‪،‬‬
‫ج ‪ ،08‬ص‪.)045 :‬‬
‫معان‪ :‬أعم وعام وخاص‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ة‬ ‫ثالث‬ ‫لها‬ ‫ـ‬ ‫ِّ‬ ‫رعي‬ ‫َّ‬
‫ش‬ ‫ال‬ ‫االصطالح‬ ‫والنيَّة ـ في‬
‫ِّ‬
‫وفي االصطالح الفقهي تطلق على ثالث معان‪:‬‬
‫أ‪ -‬النيدة بمعناها ااألعم‪ :‬حيث عرفها ابن القيم بكونها‪ :‬ىوعمل القلبى‪( .‬ابن القيمذ بدائع الفوائد‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪ )017 :‬إال‬
‫ب و ِّوجهتدده قددد ال يكون إرادة‪ ،‬بددل يمكن أن تكون رهبددة او‬
‫ان هددذا التعريف ليس بمددانع من وجوه منهددا أن عمددل القلد ِّ‬
‫خجال أو خوفا ونحوه‪.‬‬
‫ب‪ -‬النية بمعناها العام‪ :‬فقد عرفها القرافي أنها‪ :‬ىقص د ُد اإلنسددان بقلبه ما يريده بفعلهى‪( .‬القرافيذ الذخيرة‪ ،‬ج ‪ ،0‬ص‪:‬‬
‫‪ .)741‬وتظهر شمولية التعريف من خالل تضمنه لكافة األعمالذ سواء الدنيوية او األخروية‪.‬‬
‫ج‪ -‬النية بمعناها الخاص‪ :‬فقد عرفها البيضدددددداوي بأنها‪ :‬ىاإلرادة المتوجهة نحو الفعل ابتغا ًء لوجه الله تعالى وامتثاالً‬
‫ل ُحكمهى‪( .‬أحمد بكذ نهاية األحكام‪ ،‬ص‪.2 :‬‬
‫‪ - 68‬لقد اكتفى المشدرع المغربي باإلشدارة إلى سدوء النية في بعض المواضدع كما هو الحال في الفصل ‪ 78‬من ق ل‬
‫ع الذي يؤسدددددس لنظرية اإلثراء بال سدددددبب وجاء فيه‪ :‬ىمن أثرى بغير حق إضدددددرارا بالغير لزمه أن يرد له عين ما‬
‫تسددددلمه إذا كان مازال موجودا‪ ،‬أو أن يرد له قيمته في يوم تسددددلمه إياه إذا كان قد هلك أو تعيب بفعله أو بخطئه وهو‬
‫ضدددامن في حالة التعيب أو الهالك الحاصدددل بقوة قاهرة من وقت وصدددول الشددديء إليه إذا كان قد تسدددلمه بسدددوء نية‪.‬‬
‫والمحرز بسدددددددوء نية يلتزم أيضدددددددا برد الثمار والزيادات والمنافع التي جناها وتلك التي كان من واجبه أن يجنيها لو‬
‫أحسن اإلدارة‪ ،‬وذلك من يوم حصول الوفاء له أو من يوم تسلمه الشيء بغير حق‪ .‬وإذا كان المحرز حسن النية‪ ،‬فإنه‬
‫ال يسأل إال في حدود ما عاد عليه من نفع ومن تاريخ المطالبةى‪.‬‬
‫كما أشدار الفصدل ‪ 010‬إلى سدوء النية في الحيازة وأحكامها عندما نص أنه‪ :‬ىالحائز سيئ النية ملزم بأن يرد مع‬
‫الشدديء كل الثمار الطبيعية والمدنية التي جناها أو التي كان يسددتطيع أن يجنيها لو أنه أدار الشدديء إدارة معتادة وذلك‬
‫من وقت وصددول الشدديء إليه‪ .‬وال حق له إال في اسددترداد المصددروفات الضددرورية التي أنفقت لحفظ الشدديء وجني‬
‫الثمار إال أنه ال يكون له الحق في أن يباشددر هذا االسددترداد إال على الشدديء نفسددهى‪ ،‬باإلضددافة إلى نصددوص قانونية‬
‫أخرى دون التطرق لمفهوم النيةى‪.‬‬
‫‪ - 69‬أخرجه البخاري في صدحيحه‪ ،‬باب‪ :‬كيف بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ -‬رقم الحديث‪ ،0 :‬ج‬
‫‪ ،0‬ص‪.0 :‬‬
‫وقد حاول بعض الفقه تعريف سوء النية فعرفها مبارك عبد الكريم بأنها‪" :‬علم املحدث‬
‫بأنه يقيم بناء على أرض غيرمملوكة له دون رضا صاحب األرض‪ ،‬فهو يبني دون زعم بسبب شرعي؛‬
‫أي ليس له الحق في إقامة هذه املحدثات نظرا لعدم تملكه لألرض التي يقيم عليها البناء"‪)70( .‬‬
‫كما عرفها محمود الخيال بكونها‪" :‬عدم وجود سبب معقول يبررلدى الباني اعتقاده ملكية‬
‫األرض‪ ،‬فهو يعلم عند البناء أن األرض مملوكة للغير ولم يرخص له في البناء"‪)71( .‬‬
‫ويعتبر من قبيل س يء النية الغاصب الذي يعتدي على ملك غيره ويبني عليها‪ ،‬كذا من عمد‬
‫إلى اقتطاع قطعة من أرض مالصقة ألرضه و أقام بها من منشآت‪ ،‬أو يبني في الطريق العام‪ ،‬وكل‬
‫ذلك متى علم بذلك‪ ،‬ونفس الوصف يطلق على من قام بإحداث منشآت وبنايات في أرض محل‬
‫نظرمن قبل القماء‪ ،‬لكون المنازعة تنفي صبغة الملكية إلى حين صدورالحكم القمائي‪.‬‬
‫وتبعا لذلك يتضح أن الحكم على الشخص بسوء النية متوقف على شرطين أساسين‪:‬‬
‫‪ -‬إقامة المعتدي بنايات ومنشآت في أرض غيره‪.‬‬

‫‪ -‬علم الباني بعدم أحقيته بالبناء إما لعدم إذن المالك له أو تخلف رضاه ونحوه‪)72( .‬‬
‫وجدير باإلشارة كون تحديد سوء النية من عدمه من المسائل التي تستقل بها محكمة‬
‫الموضوع‪ ،‬وال رقابة ملحكمة النقض عليها نظرا الرتباطها بالجانب الشخص ي بل يكفي فقط إبراز‬
‫وجود حسن النية من عدمه ضمن حيثيات الحكم‪)73( .‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أثرسوء النية في البناء في ملك الغير‬
‫لقد نص المشرع المغربي في الفقرة األولى من المادة ‪ )74( 210‬من م ح ع أنه‪" :‬إذا قام‬
‫بإحداث أغراس أو بناء أو منشآت عن سوء نية وبدون علم مالك العقار‪ ،‬فلهذا األخير الحق إما‬
‫‪ - 70‬مبارك‪ ،‬عبد الكريمذ محاضرات في الحقوق العينية األصلية‪ ،‬ص‪.000 :‬‬

‫‪ - 71‬الخيال‪ ،‬محمودذ الحقوق العينية األصلية‪ ،‬ص‪.014 :‬‬
‫‪ - 72‬وهذا ما يسددددددتفاد من نص المادة ‪ 702‬من مدونة الحقوق العينية التي جاء فيها‪ :‬ىإذا قام بإحداث أغراس أو بناء‬
‫أو منشددددددست عن سددددددوء نية وبدون علم مالك العقار‪ ،‬فلهذا األخير الحق إما في االحتفاظ بها مع أداء قيمة المواد وإما‬
‫بدإلزام محددثهدا بدإزال تهدا على نفقتده مع إرجداع حدالدة األرض إلى مدا كداندت عليده قبل إحداث األغراس أو البناء على‬
‫المنشستى‪.‬‬
‫‪ - 73‬النشار‪ ،‬جمال خليلذ االلتصاق كسبب من أسباب كسب الملكية في الفقه اإلسالمي والقانون المدني‪ ،‬ص‪.772 :‬‬
‫‪ - 74‬وهو نفس الفصل ‪ 888‬المنصوص عليه في القانون المدني الفرنسي الذي نصه‪:‬‬
‫‪Lorsque les plantations, constructions et ouvrages ont été faits par un tiers et‬‬
‫‪avec des matériaux appartenant à ce dernier, le propriétaire du fonds a le droit,‬‬
‫في االحتفاظ بها مع أداء قيمة المواد وإما بإلزام محدثها بإزالتها على نفقته مع إرجاع حالة األرض‬
‫إلى ما كانت عليه قبل إحداث األغراس أو البناء على المنشآت"‪.‬‬
‫ويتضح من نص المادة المذكور كون المشرع المغربي جعل الباني في ملك الغير بسوء نية‬
‫تحت رحمة المالك بأن خول له سلطة االختيار بين طلب االحتفاظ بالبناء أو إلزام الباني بإزالته‬
‫على نفقته وإرجاع حالة األرض إلى ما كانت عليه قبل البناء‪ ،‬غير أنه إذا اختار االحتفاظ بالبناء‬
‫فيكون للباني الحق في استخالص تعويض يوازي قيمة المواد طبقا الفقرة األولى من المادة ‪210‬‬
‫من م ح ع آنفة الذكر‪.‬‬
‫ويالحظ في هذا اإلطارأن المشرع المغربي لم يربط بين علم مالك العقاربالبناء وبين حسن‬
‫أو سوء نية الباني‪ ،‬فليس من الحتمي اعتبار الباني س يء النية ملجرد عدم علم المالك بالبناء‬
‫المقام على أرضه‪ ،‬كما ليس من الحتمي اعتبارالباني حسن النية ملجرد علم المالك بالبناء‪.‬‬
‫وبناء على النص السابق يحق بنا التساؤل عن حقوق التي خولها المشرع لصاحب األرض‬
‫المعتدى عليها من قبل الغير‪ ،‬وما إذا كانت كافية لجبرالمرر؟ وهل تحقق الردع المطلوب للحد‬
‫من ظاهرة االعتداء على ملك الغير؟‬
‫أوال‪ :‬حق مالك األرض في طلب إزالة المنشآت‪.‬‬
‫يشكل حدث إقامة البنايات والمنشآت على أرض الغيراعتداء على حق الملكية‪ ،‬األمرالذي‬
‫جعل الفقه المالكي كما المشرع المغربي يمنح المالك دون مقيم المنشآت حق طلب إزالتها حتى‬
‫ولو لم يثبت المرر (‪ ،)75‬جاء في النوادر والزيادات‪" :‬من دخل بمعرفة متعديا‪ :‬فله أن يهدم بناءه‬
‫ويقلع غرسه إال أن يريد أن يغرم له قيمة ذلك مقلوعا فليس للمتعدي أن يأبى ذلك"‪ )76( .‬وجاء في‬
‫القوانين الفقهية‪ " :‬من غصب أرضا فبنى فيها فربها بالخيار بين هدم البنيان وإزالته ويأخذ‬
‫الغاصب أنقاضه وبين تركه على أن يعطي الغاصب قيمة أنقاض البنيان من خشب وقرميد وأجر‬
‫‪sous réserve des dispositions de l'alinéa 4, soit d'en conserver la propriété, soit‬‬
‫‪d'obliger le tiers à les enlever.‬‬
‫‪ - 75‬ينظر‪ :‬القيروانيذ الرسالة‪ ،‬ص‪ .008 :‬ابن يونس الصقليذ الجامع لمسائل المدونة‪ ،‬ج ‪ ،05‬ص‪.081 :‬‬
‫‪ - 76‬ابن أبي زيد القيرواني‪ ،‬النوادر والزيادات‪ ،‬ج‪ ،01‬ص‪.042 :‬‬
‫وغير ذلك تقوم منقوضة بعد طرح أجرة القلع وال يعطيه قيمة التجصيص والتزويق وشبه ذلك‬
‫مما ال قيمة له"‪)77( .‬‬
‫والمقصد من تقريرهذا الحكم السعي لبسط الحماية الفقهية والقانونية على مالك األرض‬
‫باعتباره المعتدى عليها‪ ،‬ألن عرق الغاصب ال حرمة له ألنه عرق ظالم‪ ،‬وال مقال للغاصب إن قال‬
‫أريد عين مالي وال أريد قيمته ألن المالك يقول ال أدعك تعورأرض ي بقلع غراسها أوبنائها أوبإخرابها‬
‫وإحواجي إلى عمارتها فيكون ذلك له‪)78( .‬‬
‫كما أن السبب الذي جعل فقهاء المالكية يحطون عن الغاصب حين التعويض عنه أجرة‬
‫القلع ألن قلع المنشآت والبنايات مستحق عليه‪ ،‬باعتبارأن عليه تسليم األرض إلى المالك فارغة‬
‫فيجب أن يحط عن المالك قدراألجرة‪.‬‬
‫وجذير باإلشارة كون المالك هو املخول له بمقتض ى الفقه والقانون حق طلب إزالة‬
‫المنشآت دون الباني حتى ولو لم يثبت المرر‪ ،‬والمقصد من ذلك ‪-‬كما سبقت اإلشارة ‪ -‬بسط‬
‫الحماية على مالك األرض باعتباره المدعى عليه‪ ،‬وهو ما يجعل من دعوى اإلزالة دعوى ملكية‬
‫وليس دعوى حيازة‪)79( .‬‬
‫ويترتب على هذا اعتبارطلب اإلزالة ال يلزم منه إثبات وقوع المررلمالك األرض نتيجة إقامة‬
‫المنشآت‪ ،‬فاالعتداء على الملكية كاف بذاته‪ ،‬ولهذا فإذا طلب مالك األرض إزالة المنشآت‬
‫المقامة على أرضه‪ ،‬وجب على القاض ي أن يجيبه‪ ،‬ألن الحكم بغيرذلك يسلب مالك األرض إحدى‬
‫مزايا حق الملكية‪ ،‬وهي تحديد طريقة استغالله على غير رضائه‪ ،‬وهو امر غير مستساغ‪ ،‬فمال‬
‫عن كونه مخالفا لما يفرضه القانون‪)80( .‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬جاء في الحكم الصادر عن املحكمة االبتدائية بمكناس بتاريخ ‪72‬‬
‫مارس ‪ 2727‬ضمن حيثياته‪" :‬حيث أن طلب المدعية اإلضافي يرمي إلى الحكم على المدعى عليه‬
‫بهدم وإزالة المنشآت واإلصالحات واألغراس الزائدة على المنشآت والتجهيزات املحددة بالرسم‬
‫العقاري‪ ،‬وحيث إنه بالنظر لكون المدعى عليه يتواجد في القطعة األرضية المدعى فيها‪ ،‬و أنه‬
‫‪ - 77‬ابن جزيذ القوانين الفقهية‪ ،‬ص‪ 412 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪ - 78‬القاضي عبد الوهابذ المعونة على مذهب عالم المدينة‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪( .0778 :‬بتصرف)‬
‫‪ - 79‬السنهوري‪ ،‬عبد الرزاقذ الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص‪715 :‬م‪.‬‬
‫‪ - 80‬سددددرور‪ ،‬محمد شددددكريذ ىموجز تنظيم حق الملكية في القانون المدنيى‪ ،‬دار النهضددددة العربية – بيروت‪ ،‬طبعة‬
‫‪0111‬م‪ ،‬ص‪.12 :‬‬
‫أدخل عليها تحسينات حسب إقراره‪ ،‬وأمام كون عقد البيع املحتج به من طرفه ال ينطبق على‬
‫القطعة األرضية المدعى فيها حسب تقريرالخبرة المنجزعلى ذمة القمية‪ ،‬مما يجعل تواجده في‬
‫حكم س يء النية وتنطبق عليه مقتميات الفقرة األولى من المادة ‪ 210‬من مدونة الحقوق‬
‫العينية‪ ،‬ويجعل بالتالي طلب الحكم عليه بإزالة التحسينات التي أدخلها غيرتلك املحددة بالرسم‬
‫العقاري موضوع الدعوى وعلى نفقته مؤسس قانونا وحري باالستجابة إليه"‪ )81(.‬ويالحظ كون‬
‫الحكم القمائي المذكور قد أسس حكمه القاض ي بإزالة التحسينات المنشآت واإلصالحات‬
‫واألغراس الزائدة في الملك على عدم انطباق القطعة األرضية المدعى عليها على العقد املحتج‬
‫به ما يجعله معه س يء النية فيلزمه اإلزالة‪.‬‬
‫لكن التساؤل الذي يطرح في هذا الصدد؛ ماهي الكيفية أو الوسيلة التي ينبغي أن يتم‬
‫التصريح فيها باإلزالة والهدم؟ هل يكتفى في ذلك برغبة المالك أم ال بد من رفع دعوى الهدم كي‬
‫يكون صحيحا؟‬
‫فالظاهر كما ذهب إليه بعض الفقه عدم اشتراط رفع دعوى اإلزالة و إنما يكتفى بإبداء‬
‫الرغبة فقط ولو بسجل أو حتى شفويا‪ ،‬لكن عبء اإلثبات في ذلك يكون على صاحب األرض‪)82( ،‬‬
‫واألرجح أنه البد من رفع دعوى الهدم‪ ،‬ألن القماء هو من له القدرة على إلزام الباني في ملك الغير‬
‫بإزالة ما بناه أو غرسه‪.‬‬
‫لكن بتتبع بعض القرارات القمائية نجد أن طلب إلزام املحدث بإزالة المنشآت ال يتأتى‬
‫دائما‪ ،‬ذلك ان االجتهاد القمائي استقر على ضرورة الموازنة بين المصالح والممار‪ ،‬وتغليب‬
‫المرر األصغر على األكبر‪ ،‬وفي هذا الصدد جاء في القرار الصادر عن املجلس األعلى أنه‪" :‬يحق‬
‫لمالك العقاراملحفظ طبقا للقانون االحتفاظ بالبناء املحدث على ملكه من طرف الغيرسيئ النية‬
‫على أن يؤدي له قيمة المواد أو يلزم محدثه بإزالة األنقاض على نفقته‪ ،‬وفي حال ما إذا كان الباني‬
‫حسن النية فال يمكن للمالك أن يطالب الباني بإزالة البناء و إنما له فقط الخيار بين أن يؤدي‬
‫للباني قيمة مواد البناء مع أجرة اليد العاملة أو أن يدفع له مبلغا يعادل ما زيد في قيمة الملك‪.‬‬
‫وإن محكمة الموضوع في قمائها بإزالة المررعليها أن توازن بين المررالحاصل للباني في حالة‬
‫هدم جزء من بنائه والمررالحاصل للمالك في حالة تخليه بدون إرادته عن جزء من ملكه مقابل‬
‫‪ - 81‬حدكم المحكمددددة االبتدددددائيددددة بمكندددداس عدددددد ‪ 711‬بتدددداريخ ‪ 14‬مددددارس ‪ 7171‬في الملف العقدددداري رقم‬
‫‪( 7105/0414/121‬حكم غير منشور)‪.‬‬
‫‪ - 82‬شنبذ محمد لبيبذ الموجز في الحقوق العينية األصلية‪ ،‬ص‪.12 :‬‬
‫تعويض بالقيمة‪ ،‬وتغلب المرر األصغر على األكبر"‪ )83( .‬فالتوجه القمائي في هذا القرار نحى‬
‫منحى الموازنة بين المصالح والمفاسد‪ ،‬وتغليب المرراألصغرعلى األكبر‪ ،‬وهوتوجه صائب مبني‬
‫على أساس سليم ومنطق معتبرمن باب المصلحة‪ ،‬ألنه وإن اعتبربمثابة ضررللمالك إال أن ضرر‬
‫هدمه أكبروأجسم متى كانت البنايات أو المنشآت ذات قيمة معتبرة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬حق مالك األرض في االحتفاظ بالمنشآت‬
‫لقد خول المشرع المغربي لمالك األرض الحق في االحتفاظ بالبنايات والمنشآت التي‬
‫أقيمت على أرضه مقابل دفعه قيمة المواد‪ ،‬وال شك أن قيمة المنشآت يدخل فيها الثمن دون‬
‫غيرها‪ ،‬فال تحتسب تكاليف نقلها وشحنها وتركيبها أو بنائها من يد عاملة وغيرها‪.‬‬
‫وهذا هوالحكم المقررفي الفقه المالكي‪ ،‬جاء في الرسالة‪ " :‬والغاصب يؤمربقلع بنائه وزرعه‬
‫وشجره وإن شاء أعطاه"‪)84( .‬‬
‫لكن التساؤل الذي يمكن أن يطرح‪ ،‬هل تقدير قيمة البناء يكون على أساس وقت‬
‫االستحقاق أو وقت االندماج؟‬
‫والظاهرأن العبرة في تقديرالقيمة بوقت االستحقاق ال بوقت اندماج المواد في األرض‪ ،‬إال‬
‫أن األمر يختلف بالنسبة للثمار التي قبمها أو حصل عليها من أقام المنشآت‪ ،‬فهذه الثمار تعتبر‬
‫ملكا لصاحب األرض منذ اندماج المواد‪ ،‬ولذلك فهي تخصم من التعويض‪)85( .‬‬
‫ومن اإلشكاالت التي يمكن أن تثار كذلك في هذا الصدد؛ هل يعتد بسكوت مالك األرض‬
‫ورضاه الممني باستبقائها‪ ،‬أم البد من رضاه الصريح بذلك؟ وهل يمكن أن يحدد لذلك أجال‬
‫معلوما أم أنه على إطالقه؟ وهل يقبل قول المالك حال طلبه اإلبقاء على البنايات ثم تراجعه‬
‫عنه؟‬
‫وجذير بالذكر كون حال احتفاظ المالك بالمنشآت‪ ،‬فال يعد ذلك تطبيقا لقواعد اإلثراء‬
‫بال سبب‪ ،‬إذ لو طبقت لكان المالك مطالبا بأن يدفع لصاحب البناء أقل القيمتين‪ ،‬قيمة ما أثري‬
‫‪ -83‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 4101‬بتاريخ ‪ 71‬نونبر ‪ 7101‬في الملف المدني رقم‪ 0117/0/0/7114‬منشدددور‬
‫بموقع‪ www.droitetentreprise.com :‬تاريخ الدخول‪ 72 :‬شتنبر ‪7170‬م‪.‬‬
‫‪ - 84‬ابن أبي زيد القيروانيذ الرسالة‪ ،‬ص‪.004 :‬‬
‫‪ - 85‬السنهوري – مرجع سابق – ج‪ ،1‬ص‪.751 :‬‬
‫له الذي يمثل ما زيد في ثمن األرض‪ ،‬او قيمة افتقارصاحب المنشآت‪ ،‬وهو قيمة المنشآت وأجرة‬
‫العمال‪ ،‬والحال أن المالك يدفع فقط لمقيم البنايات قيمة المواد‪)86( .‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حسن النية و أثره في البناء في ملك الغير‬
‫لقد جعل الفقه المالكي كذا المشرع المغربي الباني حسن النية في مركزأفمل من الباني‬
‫س يء النية‪ ،‬لكونه إنما أقم على البناء وهو يجهل أنه يعتدي على حق غيره‪ ،‬ويظهر ذلك من خالل‬
‫التعويض المستحق له بالمقارنة مع الباني س يء النية‪ ،‬وقد نص المشرع المغربي على أحكامه في‬
‫الفقرة الثانية من المادة ‪ 210‬من مدونة الحقوق العينية التي جاء فيها‪" :‬أما إذا أحدثت األغراس‬
‫أو البناءات أو المنشآت من طرف شخص انتزعت منه األرض في دعوى استحقاق ولم يحكم عليه‬
‫برد ثمارها نظرا لحسن نيته فإن مالك العقار ال يمكنه أن يطالب بإزالة المنشآت أو األغراس أو‬
‫البناءات المذكورة‪ ،‬غير أنه يمكن له الخيار بين أن يؤدي قيمة المواد مع أجرة اليد العاملة‪ ،‬أو‬
‫أن يدفع مبلغا يعادل ما زيد في قيمة الملك"‪)87( .‬‬
‫وللتطرق ملختلف هاته القمايا يقتض ي منا الحال التطرق أوال لمفهوم حسن النية (الفرع‬
‫األول)‪ ،‬ثم تناول أثرحسن النية حال البناء على أرض الغير(الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم حسن النية‬
‫يعد من الصعوبة تحديد مفهوم حسن النية كمبدأ فقهي قانوني يتغير معناه ومدلوله‪،‬‬
‫ولكن ذلك لم يمنع جانبا من الفقه للتطرق له ومحاولة وضع تعريف لها وإن كانت بعمها غير‬
‫دقيق وواضح في تحديد مفهومها‪ ،‬ومن هذه التعريفات‪:‬‬
‫‪ -‬تعريف القهوجي‪" :‬التعامل بصدق واستقامة وتصرف مع الغير"‪)88( .‬‬
‫‪ - 86‬رمضان‪ ،‬أبو السعودذ الوجيز في الحقوق العينية األصلية‪ ،‬ص‪ 011 :‬وما يليها‪( .‬بتصرف)‬
‫‪ - 87‬وهذا المقتضى نفسه المنصوص عليه في الفصل ‪ 888‬من القانون المدني الفرنسي الذي جاء فيه‪:‬‬
‫‪Si les plantations, constructions et ouvrages ont été faits par un tiers évincé‬ى‬
‫‪qui n'aurait pas été condamné, en raison de sa bonne foi, à la restitution des‬‬
‫‪fruits, le propriétaire ne pourra exiger la suppression desdits ouvrages,‬‬
‫‪constructions et plantations, mais il aura le choix de rembourser au tiers l'une ou‬‬
‫ى‪l'autre des sommes visées à l'alinéa précéden‬‬
‫‪ - 88‬عبد المنعمذ حسن النية في العقود‪ ،‬ص‪.50 :‬‬
‫‪ -‬تعريف محمد الجبوري‪" :‬الجهل المبرر بو اقعة أو حادثة معينة تكون مناط ترتيب اآلثار‬
‫ً‬
‫القانونية الالزمة بحيث يختلف الحكم القانوني المترتب تبعا لتحقق الجهل أو تحقق العلم بتلك‬
‫الو اقعة أو الحادثة"‪)89( .‬‬
‫‪ -‬تعريف أنور سلطان‪" :‬اعتقاد الموفى له استحقاقه لما يستعمله"‪)90( .‬‬
‫والحقيقة أنه ينبغي التعامل بحسن نية‪ ،‬وبصدق واستقامة في جميع أطوارالعقد؛ ابتداء‬
‫من مرحلة التفاوض و انتهاء بمرحلة التنفيذ‪ .‬أما الحائز حسن النية فيقصد به من يحوز الش يء‬
‫بمقتض ى حجة يجهل عيوبها‪.‬‬
‫وبخصوص المشرع المغربي (‪ )91‬فنجده قد نص في ق ل ع على ضرورة تنفيذ االلتزامات‬

‫بحسن النية‪ ،‬حيث نص في الفصل ‪ )92( 219‬منه‪" :‬كل تعهد يجب تنفيذه بحسن النية وهو ال يلزم‬
‫ما وقع التصريح به فحسب‪ ،‬بل أيما بكل ملحقات االلتزام التي يقررها القانون أو العرف أو‬
‫اإلنصاف (‪ )93‬وفقا لما تقتميه طبيعته"‪)94( .‬‬
‫ومن األمثلة العملية على حسن النية؛ شراء أرض ثم تبين بطالنه ما دام لم يكن يعلم سبب‬
‫البطالن‪ ،‬وكذا لو أقام بناء على هذه األرض معتقدا تملكها له بالميراث أو بالوصية ولم يكن يعلم‬
‫وقت أقام البناء أنه في الحقيقة غير وارث أو أن الوصية باطلة لعدول الموص ي عنها قبل وفاته‪،‬‬
‫األمرنفسه بالنسبة للوعد بالبيع‪ ،‬فالموعود له يعتبرحسن النية لكونه يعتقد أنه سيصبح مالكا‬
‫‪ - 89‬الجبوري‪ ،‬ياسين محمدذ الوجيز في شرح القانون المدني‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪.01 :‬‬
‫‪ -90‬سلطان‪ ،‬أنورذ الموجز في مصادر االلتزام‪ ،‬أنور سلطان‪ ،‬ص‪.480 :‬‬
‫‪ - 91‬وبالرجوع إلى النصدوص القانونية ال نجد تعريفا للنية اللهم ما أشدار إليه الفصدل ‪ 22‬من ق ل ع الذي يؤسس‬
‫لعناصدددر المسدددئولية التقصددديرية عن الفعل الشدددخص الذي يكون صدددادرا عن بينة واختيار الذي جاء فيه‪ :‬ىكل فعل‬
‫ارتكبه اإلنسددددان عن بينة واختيار ومن غير أن يسددددمح بالقانون فأحدث ضددددررا ماديا أو معنويا للغير ألزم مرتكبه‬
‫بتعويض هذا الضرر إذا اثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضررى‪،‬‬
‫وذلك من باب تمييزه عن الفعل الصدددادر عن الخطأ المشددددار إليه في الفصددددل ‪ 25‬الذي جاء فيه‪ :‬ىكل شددددخص‬
‫مسددددؤول عن الضددددرر المعنوي أو المادي الذي أحدثه ال بفعله فقط ولكن بخطئه أيضددددا‪ ،‬وذلك عندما يثبت أن هذا‬
‫الخطأ هو السبب المباشر في ذلك الضرر‪ .‬وكل شرط مخالف لذلك يكون عديم األثر‪ .‬والخطأ هو ترك ما كان يجب‬
‫فعله أو فعل ما كان يجب اإلمساك عنه وذلك من غير قصد إلحداث الضرر‪.‬‬
‫‪ - 92‬إن المشدددرع المغربي من خالل الفصدددل المذكور قد صدددال الفصدددل مسدددتعمال أسدددلوب الترتيب والتعاقب الذي‬
‫يجعلنا نقضدددددي أننا ال نلجأ للعرف إال بعد غياب النص القانوني‪ ،‬وال نرجع إلى قواعد اإلنصددددداف إال بعد انتفاء كل‬
‫األعراف‪.‬‬
‫(جمجمي‪ ،‬ابتسامذ مفهوم حسن النية في العقود‪ ،‬ص‪.)00 :‬‬
‫‪ - 93‬والمالحظ من خالل الفصدددل المذكور حصددددر المشدددرع المغربي مبدأ حسددددن النية في مرحلة تنفيذ العقد‪ ،‬دون‬
‫التنصيص على باقي المراحل‪ ،‬وباألخص مرحلة ما قبل التعاقد‪ ،‬بخالف ما نص عليه المشرع المغربي‪.‬‬
‫‪ - 94‬وهذا المقتضى هو المنصوص عليه في القانون المدني الفرنسي الذي جاء ضمن مادته ‪:0014‬‬
‫‪Les contrats doivent être négociés, formés et exécutés de bonne foi .Cette‬ى‬
‫ى‪disposition est d'ordre public‬‬
‫لألرض بمجرد تحقق الوعد‪ )95( ،‬ويعبر عن حسن النية في الفقه المالكي بذي الشبهة‪ ،‬جاء في‬
‫حاشية الصاوي‪ " :‬والمراد بذي الشبهة المشتري أو المكتري من الغاصب أو الموهوب له منه أو‬
‫المستعير ولم يعلم واحد منهم بالغصب"‪)96( .‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أثرحسن النية في البناء (‪ )97‬على أرض الغير‬
‫إن حسن نية الحائز يكون لها أثر في ترتيب النتائج الشرعية والقانونية عن ذلك وباألخص‬
‫في حالة ما إذا كان قد أحدث على األرض المستحقة بناء أو غرس أغراسا‪ ،‬فحسن نيته تشفع له‬
‫وتعطيه الحق في أخذ قيمة البناء قائما أو الغرس وذلك من باب الموازنة بين المنافع والممار‬
‫ودفع المرراألكبرباألصغر‪ )98( .‬وهوما قررته الفقرة الثانية من المادة ‪ 210‬من م ح ع التي نصت‪:‬‬
‫"أما إذا أحدثت األغراس أو البناءات أو المنشآت من طرف شخص انتزعت منه األرض في دعوى‬
‫‪ - 95‬ينظر‪ :‬األهواني‪ ،‬حسدددام الدينذ الحقوق العينية األصدددلية‪ ،‬ص‪ .81 :‬الناهي‪ ،‬صدددالح الدينذ الوجيز في الحقوق‬
‫العينية األصلية‪ ،‬ص‪.81 :‬‬
‫‪ - 96‬الصاوي‪ ،‬أحمدذ بلغة السالك ألقرب المسالك‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.177 :‬‬
‫‪ - 97‬البناء هو كل ما شدديد بيد االنسدددان من مواد انشددائية كحديد او خشدددب او طابوق أو حجر أو غير ذلك من المواد‬
‫التي تسدتعمل في البناء اتصدل باألرض اتصال قرار‪ ،‬ويستوي الغرض من البناء لسكن االنسان أو حظائر الحيوانات‬
‫أو مخزن‪.‬‬
‫(هادي عزيز على – مرجع سابق – ص‪ 15 :‬وما بعدها)‪.‬‬
‫‪ -98‬وهذا بخالف ما لو كان الحائز سددددددديء النية‪ ،‬حيث قررت الفقرة األولى من المادة ‪ 702‬من م ح ع أنه‪ :‬ىإذا قام‬
‫بإحداث أغراس أو بناء أو منشدددست عن سدددوء نية وبدون علم مالك العقار‪ ،‬فلهذا األخير الحق إما في االحتفاظ بها مع‬
‫أداء قيمددة المواد وإمددا بددإلزام محدددثهددا بددإزالتهددا على نفقتدده مع إرجدداع حددالددة األرض إلى مددا كددانددت عليدده قبددل إحددداث‬
‫األغراس أو البناء على المنشستى‪.‬‬
‫وبذلك فإنه بعد تحقق واقعة بناء الحائز في ملك الغير بسدوء النية فإن المشرع جعل الباني تحت رحمة المالك بأن‬
‫خول لده سدددددددلطدة االختيدار بين طلدب االحتفداظ بالبناء أو إلزام الباني بإزالته على نفقته وإرجاع حالة األرض إلى ما‬
‫كانت عليه قبل البناء‪ ،‬على أنه حال اختيار المالك االحتفاظ بالبناء فيكون للباني الحق في اسددتخالص تعويض يوازي‬
‫قيمة المواد‪.‬‬
‫ويالحظ في هذا اإلطار أن المشددرع المغربي لم يربط بين علم مالك العقار بالبناء وبين حسددن أو سددوء نية الباني‪،‬‬
‫فليس من الحتمي اعتبار الباني سدددددديء النية لمجرد عدم علم المالك بالبناء المقام على أرضدددددده‪ ،‬كما ليس من الحتمي‬
‫اعتبار الباني حسن النية لمجرد علم المالك بالبناء‪.‬‬
‫وتبعدا لذلك جاء في الحكم الصدددددددادر عن المحكمة االبتدائية بمكناس بتاريخ ‪ 14‬مارس ‪ 7171‬ضدددددددمن حيثياته‪:‬‬
‫ىح يث أن طلب المدعية اإلضدافي يرمي إلى الحكم على المدعى عليه بهدم وإزالة المنشدست واإلصالحات واألغراس‬
‫الزائدة على المنشددست والتجهيزات المحددة بالرسددم العقاري‪ ،‬وحيث إنه بالنظر لكون المدعى عليه يتواجد في القطعة‬
‫األرضدية المدعى فيها‪ ،‬وأنه أدخل عليها تحسينات حسب إقراره‪ ،‬وأمام كون عقد البيع المحتج به من طرفه ال ينطبق‬
‫على القطعة األرضددية المدعى فيها حسددب تقرير الخبرة المنجز على ذمة القضددية‪ ،‬مما يجعل تواجده في حكم سدديء‬
‫النيددة وتنطبق عليدده مقتضددددددديددات الفقرة األولى من المددادة ‪ 702‬من م ح ع ويجعددل بددالتددالي طلددب الحكم عليدده بددإزالددة‬
‫التحسددددددينات التي أدخلها غير تلك المحددة بالرسددددددم العقاري موضددددددوع الدعوى وعلى نفقته مؤسددددددس قانونا وحري‬
‫بداالسدددددددتجدابدة إليدهى‪( .‬حكم المحكمدة االبتدائية بمكناس عدد ‪ 711‬بتاريخ ‪ 14‬مارس ‪ 7171‬في الملف العقاري رقم‬
‫‪ 7105/0414/121‬غير منشور)‪.‬‬
‫االستحقاق ولم يحكم عليه برد ثمارها نظرا لحسن نيته (‪ )99‬فإن مالك العقارال يمكنه أن يطالب‬
‫بإزالة المنشآت أو األغراس أو البناءات المذكورة‪ ،‬غير أنه ال يمكن له الخيار بين أن يؤدي قيمة‬
‫المواد مع أجرة اليد العاملة أو أن يدفع مبلغا يعادل ما زيد (‪ )100‬في قيمة الملك"‪)101( .‬‬
‫أوال‪ :‬سلب حق مالك األرض في المطالبة بإزالة المنشآت‬
‫إن صدوردعوى االستحقاق يسلب مالك األرض الحق في المطالبة بنزع المنشآت‪ ،‬ألن وجه‬
‫مدخل الباني لم يكن على وجه التعدي‪ ،‬وتبعا لذلك يكون مجبرا على تملكها بااللتصاق كسبب‬
‫من أسباب كسب الملكية العقارية مقابل دفعه لتعويض يكون فيه مخيرا بين قيمة المواد مع‬
‫أجرة اليد العاملة أو مبلغا يعادل ما زيد في قيمة الملك‪ ،‬وذلك استنادا لقاعدة‪" :‬الفرع يتبع‬
‫األرض"‪ ،‬وألن األرض دائما ما تكون هي األصل فإن كل ما يلحق بها يعد فرعا لها ما يعني أن ملكية‬
‫المنشآت تؤول لصاحب األرض بحكم االلتصاق (‪)102‬‬
‫‪ -99‬كما ورد في الفصدددددددل ‪ 010‬من ق ل ع الذي نص على كون الحائز يتملك الثمار وال يلزم إال برد ما يكون منها‬
‫موجودا في تاريخ رفع الدعوى عليه وما يجنيه منها بعد ذلك‪ ،‬ومن ناحية ثانية فإنه يتحمل مصددددروفات الحفظ وجني‬
‫الثمار‪.‬‬
‫‪ -100‬وجدذير بداإلشدددددددارة أنده إذا تعلق األمر بدإقدامدات بنايات وأغراس فوق أرض سددددددداللية فإن الخيار ينتفي وتكون‬
‫الجماعة ممثلة في وصدددددديها ملزمة بدفع قيمة التعويض‪ ،‬كما جاء في حيثيات الحكم الصددددددادر عن المحكمة االبتدائية‬
‫بمكناس‪ :‬ىوحيث إن المدعى عليها وزارة الداخلية هي مجرد وصددددددي عن الجماعة السدددددداللية‪ ،‬وأن هذه األخيرة هي‬
‫المالكة القانونية لألرض المدعى فيها‪ ،‬وأن قيمة التحسينات المدخلة على العقار ستستفيد منها هذه األخيرة‪ ،‬مما يجعل‬
‫الجماعة الساللية المذكورة هي الملزمة بدفع قيمة التحسينات للمدعي الفرعيى‪( .‬حكم المحكمة االبتدائية بمكناس عدد‬
‫‪ 48‬بتاريخ ‪ 77‬يناير ‪ 7171‬في الملف العقاري ‪ 7105/0414/221‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ -101‬بخصدددددددوص موقف المدذهدب المالكي فقد اتجهوا إلى القول بأن مالك األرض يكون له الخيار أوال في أن يتملك‬
‫البناء المقام على أرضدده على أن يدفع قيمته قائما لصدداحب البناء‪ ،‬فإن لم يرضددى صدداحب البنان‪ ،‬فيكون له أن يتملك‬
‫األرض والبناء على أن يدفع قيمة األرض لصددددداحبها‪ ،‬فإن لم يرضدددددى صددددداحب األرض بذلك‪ ،‬فإن كل منهما يكون‬
‫شدريكا لخخر كل بقيمة نصديبه‪ ،‬صداحب األرض بقيمة أرضه وصاحب البناء بقيمة بنائه‪ .‬فقد جاء في الشرح الكبير‪:‬‬
‫ىوإن غرس ذو الشددبهة أو بنى وقام عليه المسددتحقذ قيل للمالك أعطه قيمته قائما منفردا من األرض‪ ،‬فإن أبى المالك‬
‫فله أي الغارس‪ ،‬أو الباني دفع قيمة األرض بغير غرس وبناء‪ ،‬فإن أبى فشدددددددريكان بالقيمة هذا بقيمة أرضددددددده‪ ،‬وهذا‬
‫بقيمة غرسددده‪ ،‬أو بنائه ويعتبر التقويم يوم الحكم ال يوم الغرس‪ ،‬والبناءى‪( .‬الدسدددوقي‪ ،‬حاشدددية الدسدددوقي‪ ،‬ج ‪ ،0‬ص‪:‬‬
‫‪.)411‬‬
‫وقد سددئل أبو محمد بن غالب السددبتي وعبد الرحيم الفقيه عن األرض المشددجرة يشددتريه الرجل فيحرثها ويزبلها‪،‬‬
‫وذلك مصددلحة لشددجرها‪ ،‬فاسددتحقها رجل وأبى أن يعطيه قيمة الزبل والحرث‪ ،‬واحتج بأن قال ليس ببنيان وال غرس‬
‫في األرض‪ .‬فما وجه الحكم في ذلك؟ فأجاب عبد الرحيم الفقيه في مسددددألة األرض ذات الشددددجر التي حرثت وزبلت‪:‬‬
‫في هذه المسدألة اختالف‪ .‬والذي أقول به من ذلك‪ .‬إنه يضمن قيمة ما زاد المشتي بعمله الذي عمل فيها‪ ،‬ألن نفع ذلك‬
‫للمسدددتحق باق‪ ،‬فيشدددبه ذلك الصدددبب في الثوب‪ ،‬وإن كان عين الصدددبب قائما في الثوب فإن نفع الزبل في األرض قائم‪.‬‬
‫(الونشريسيذ المعيار المعرب ج ‪ ،1‬ص‪ 027 :‬وما يليها)‪.‬‬
‫‪ - 102‬زعيتر‪ ،‬سميةذ ىااللتصاق الصناعي بالعقار‪ ،‬ص ‪000‬‬
‫وبذلك فإن حرمان المشرع لمالك األرض من المطالبة بنزع البناء عندما يكون مقيمها‬
‫حسن النية يمعه أما حل واحد‪ ،‬وهو التملك‪ ،‬فيرغم بذلك على ضم ملكية المنشآت إلى ملكيته‬
‫الخاصة فينسبها إليه بحكم االلتصاق‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬حق مقيم البنايات في التعويض حال استبقاء المنشآت‪.‬‬
‫لقد جعل الفقه المالكي الباني حسن النية في مركز أفمل من الباني الس يء النية‪ ،‬وهذا‬
‫يتضح من خالل ما تقريره في المذهب‪ )103( ،‬فقد جاء في التبصرة للخمي‪" :‬إن كان البناء بوجه‬
‫شبهة لم يهدم عليه‪ ،‬وقيل للمستحق‪ :‬أعطه قيمته ً‬
‫قائما أو يعطيك قيمة أرضك"‪ )104( ،‬وفي مناهج‬
‫التحصيل‪" :‬إن اشتراها وبنى فيها‪ :‬فقد قال ابن القاسم في المدونة‪ :‬إن المستحق بالخيار؛ فإن‬
‫أحب أخذها‪ ،‬وأعطى المشتري قيمة بنائه‪ ،‬وإن أبى قيل للباني‪ :‬أعطه قيمة أرضه بر ً‬
‫احا‪ ،‬فإن أبيا‪:‬‬
‫كانا شريكين؛ هذا بقيمة أرضه‪ ،‬وهذا بقيمة بنائه ً‬
‫قائما‪ ،‬وهذا نص المدونة في المسألة"‪)105( ،‬‬
‫كما ورد في الرسالة‪ " :‬ومستحق األرض بعد أن عمرت يدفع قيمة العمارة قائما فإن أبى دفع إليه‬
‫المشتري قيمة البقعة براحا فإن أبى كانا شريكين بقيمة ما لكل واحد"‪)106( .‬‬
‫والسبب الذي جعل فقهاء المالكية يقررون أفملية الخيار للمالك لكونه األقوى سببا‪،‬‬
‫ألن الباني إنما عمر في شبهة ملك فكان صاحب الملك مقدما عليه‪ ،‬كما أن المبرر لحد قيمة‬
‫التعويض في دفع قيمة البناء قائما ألن الباني لم يتعد في البناء فيه فيطالب بالقلع‪ ،‬و إنما دخل‬
‫على أنه يبني في ملكه فلم يكن ً‬
‫ظالما بل كان لبنائه حرمه‪.‬‬
‫كما أنه تقررحال امتناع كل واحد منهما أن يدفع لآلخرقيمة ماله أن يكونا شريكين ألن كل‬
‫واحد منهما له حق ال يجوز إبطال اآلخر له‪ ،‬وليس إال اإلجبار أو البقاء على الشركة‪)107( .‬‬
‫وبالرجوع للمشرع المغربي نجده قد خالف في الباني حسن النية ما عليه المذهب مما سبق‬
‫تقرريه ذلك أنه خول له حق االستفادة من تعويض يوازي ما زيد في قيمة الملك أو أن يدفع له‬
‫قيمة المواد مع أجرة اليد العاملة‪ ،‬وتحتسب هذه القيمة من طرف خبيريقوم بتقديرثمن األرض‬
‫‪ -103‬ينظر‪ :‬اإلمام مالكذ المدونة‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪ .017 :‬المازريذ شرح التلقين‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪ .720 :‬ابن عبد البرذ الكافي‬
‫في فقدده أهددل المدددينددة‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪ .554 :‬ابن أبي زيددد القيروانيذ النوادر والزيددادات‪ ،‬ج‪ ،01‬ص‪ .411 :‬البراذعيذ‬
‫التهذيب في اختصار المدونة‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪ .011 :‬الصاويذ بلغة السالك‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.177 :‬‬
‫‪ -104‬اللخميذ التبصرة‪ ،‬ج ‪ ،07‬ص‪.8510 :‬‬
‫‪ -105‬الرجراجيذ مناهج التحصيل‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.485 :‬‬
‫‪ -106‬ابن أبي زيد القيروانيذ الرسالة‪ ،‬ص‪.004 :‬‬
‫‪ -107‬القاضي عبد الوهاب – مرجع سابق‪ -‬ج‪ ،7‬ص‪( .0774 :‬بتصرف)‬
‫وهي خالية أي بدون المنشآت‪ ،‬ثم يقوم بتقديرها بعد إقامة البناء ليستنتج قيمة ما زاد فيها‬
‫بسبب ذلك‪ ،‬وهذا عن طريق احتساب الفرق بين الثمنين‪.‬‬
‫لكن هذ االختيار من قبل المشرع المغربي يطرح عدة تساؤالت من قبيل ما إذا كانت‬
‫المنشآت قد بلغت حدا من األهمية لم يستطع معه مالك األرض دفع قيمتها أو أصبح تسديدها‬
‫مرهقا لصاحب األرض فما المعمول في هاته الحالة؟ وهل يمكن نتيجة ذلك منح المالك مهلة‬
‫قصد تسديده المبلغ؟ وحتى على فرض ذلك‪ ،‬ما األمد الذي يمكن أن يقررلذلك؟‬
‫والحق أن الموقف الفقهي المالكي عالج مختلف هاته اإلشكاالت على أساس مبني على‬
‫العدل ومراعاة المقاصد والمآالت في مقابل قصور النص القانوني وعجزه ما يجعل من الفقه‬
‫المالكي خيرمعين ومكمل للقانون المغربي‪.‬‬
‫كما أن هناك إشكاال آخريطرح؛ هل تقديرالتعويض يكون على أساس يوم االندماج أو يوم‬
‫االستحقاق؟‬
‫لقد ذهب بعض الفقه أن تقدير الزيادة يوم االستحقاق يتعارض مع أحكام االثراء بال‬
‫سبب‪ ،‬كون اإلثراء يقدربالنظرإلى وقت دخوله في ذمة المثري ال وقت رفع الدعوى‪ ،‬في حيتن يرى‬
‫البعض اآلخر أن القيمة تقدر يوم االستحقاق ال وقت إقامة المنشآت‪ ،‬ألن وقت االسترداد هو‬
‫الوقت الذي يكسب فيه صاحب األرض ملكية المنشآت بااللتصاق‪ ،‬ومن ثم يكون الوقت الذي‬
‫يتحقق في اإلثراء بالنسبة له وهو الراي الذي تم االعتماد عليه (‪)108‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬فقد جاء في قرارصادرعن املجلس األعلى كما في القرارالصادربتاريخ‬
‫‪ 21‬نونبر ‪ 2797‬الذي جاء ضمن حيثياته‪" :‬الباني في عقار محفظ عائد للغير تسري عليه قاعدة‬
‫حسن وسوء النية في البناء الذي يقيمه عليه‪ ،‬وليس التحفيظ قرينة قاطعة على سوء نيته مادام‬
‫قانون التحفيظ نفسه ميزبين الحالتين"‪ ،‬وجاء في نفس القرار‪" :‬يحق لمالك العقاراملحفظ طبقا‬
‫للقانون االحتفاظ بالبناء املحدث على ملكه من طرف الغير سيئ النية على أن يؤدي له قيمة‬
‫المواد أو يلزم محدثه بإزالة األنقاض على نفقته‪ ،‬وفي حال ما إذا كان الباني حسن النية فال يمكن‬
‫للمالك أن يطالب الباني بإزالة البناء و إنما له فقط الخيار بين أن يؤدي للباني قيمة مواد البناء‬
‫مع أجرة اليد العاملة أو أن يدفع له مبلغا يعادل ما زيد في قيمة الملك‪ .‬وإن محكمة الموضوع في‬
‫‪ - 108‬زعيتر سمية – م رجع سابق‪ -‬ص‪.007 :‬‬
‫قمائها بإزالة المررعليها أن توازن بين المررالحاصل للباني في حالة هدم جزء من بنائه والمرر‬
‫الحاصل للمالك في حالة تخليه بدون إرادته عن جزء من ملكه مقابل تعويض بالقيمة‪ ،‬وتغلب‬
‫المرر األصغر على األكبر"‪)109( .‬‬
‫فانطالقا من القرارالقمائي المذكورفإن الحائزحسن النية (‪ )110‬تشفع له نيته حال ثبوت‬

‫االستحقاق وخروج الملك من يده إلى مالكه األصلي‪ ،‬فإذا ما أحدث في الملك املحاز بنايات أو‬
‫أغراس فال يحق للمالك أن يلزمه بإزالتها و إنما يكون له الخيار بين أن يؤدي للباني قيمة مواد‬
‫البناء مع أجرة اليد العاملة أو أن يدفع له مبلغا يعادل ما زيد في قيمة الملك‪.‬‬
‫كما أكدت نفس المبدأ محاكم الموضوع في العديد من األحكام والقرارات(‪ )111‬الصادرة‬
‫عنها‪ ،‬كما هو الحال في الحكم الصادرعن املحكمة االبتدائية بمكناس الذي جاء فيه‪" :‬وحيث إنه‬
‫بالنظر لكون المدعى عليه يتواجد في القطعة األرضية المدعى فيها بموجب عقد بيع زينة والذي‬
‫وإن كان عقدا باطال‪ ،‬فإنه يعتبر بمثابة حجة يجهل المدعى عليه عيوبها‪ ،‬وأما حيازة هذا الخير‬
‫للقطعة المذكورة وسكوت المدعية والجماعة الساللية المالكة لألرض لمدة طويلة ودون أن‬
‫تحرك ساكنا‪ ،‬مما يجعل المدعى عليه في حكم حسن النية وتنطبق عليه مقتميات الفقرة‬
‫الثانية من المادة ‪ 210‬أعاله‪ ،‬ويجعل بالتالي طلب الحكم عليه بإزالة التحسينات التي أدخلها على‬
‫العقارالمدعى فيه عديم األساس القانوني وحري برفمه""‪)112( .‬‬
‫‪ -109‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 4101‬بتاريخ ‪ 71‬نونبر ‪ 7101‬في الملف المدني رقم‪ 0117/0/0/7114‬منشور‬
‫بموقع‪ www.droitetentreprise.com :‬تاريخ الدخول‪ 11 :‬شتنبر ‪7170‬م‪.‬‬
‫‪ -110‬وتقدير حسددددن نية الباني من سددددوئه تختص به محاكم الموضددددوع وال رقابة لمحكمة النقض عليه إليه من حيث‬
‫التعليل كما جاء في القرار الصدددادر عن محكمة النقض‪ :‬ىتقدير سدددوء نية المحتل للعقار من حسدددن نيته ترجع لقضددداة‬
‫الموضوعى‪( .‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 0/711‬بتاريخ ‪ 04‬أبريل ‪ 7108‬في الملف المدني رقم‪،7104/0/0/440 :‬‬
‫مشار إليه توجهات محكمة النقض في المادة العقارية‪ ،‬ص‪.)011 :‬‬
‫وجدداء في قرار آخر‪ :‬ىتقدددير حسدددددددن أو سدددددددوء نيددة البدداني في أرض الغير بمواد مملوكددة لدده تختص بدده محكمددة‬
‫الموضوع‪ ،‬وتستخلص من وقائع الدعوى ومستنداتهاى‪( .‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 7848‬بتاريخ ‪ 11‬شتنبر ‪7111‬‬
‫في الملف المدني رقم‪ ،7118/0/0/711 :‬مشار إليه بالنهج المفيد للممارسين والباحثين‪ ،‬ص‪.)702 :‬‬
‫‪-111‬كما ورد في الحكم الصددددادر عن المحكمة االبتدائية بمكناس بتاريخ ‪ 02‬يونيو ‪ 7171‬الذي جاء ضددددمن حيثياته‪:‬‬
‫ىحيدث يهددف طلدب المددعيدة إلى الحكم على المددعى عليهدا الثدانيدة بهدم وإزالة البناية والغرس المحدث بالعقار على‬
‫نفقتهدا وإرجداع العقدار إلى حدالته السدددددددابقة على إحداث البناء أو الغرس‪ .‬وحيث إن إلزام المدعى عليها الثانية بإزالة‬
‫البناية أو الغرس المحدث يكون في حالة ما إذا كانت سيئة النية‪ ،‬أما والحال أنها تتوفر على عقد بيع وتنازل عن حق‬
‫اسددتغالل وتصددرف‪ ،‬وإن كان هذا األخير باطال كما تم التصددريح به فإنها تكون في حكم من حاز الشدديء بحجة يجهل‬
‫عيوبها‪ ،‬ومن تم فهي حسددنة النية ال تسددري عليها مقتضدديات المادة ‪ 702‬ويكون بالتالي طلب المدعية في هذا اإلطار‬
‫غير مبرر قانونا ويتعين رفضدددددددهى‪( .‬حكم المحكمة االبتدائية بمكناس عدد ‪ 714‬بتاريخ ‪ 02‬يونيو ‪ 7171‬في الملف‬
‫العقاري رقم ‪ 7102/0414/501‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ -112‬حكم المحكمة االبتدائية بمكناس عدد ‪ 48‬بتاريخ ‪ 77‬يناير ‪ 7171‬في الملف العقاري رقم ‪7105/0414/221‬‬
‫(غير منشور)‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫وفي الختام يمكن القول إن البناء في ملك الغير تعد حالة شاذة واعتداء صريحا على حق‬
‫الملكية‪ ،‬و انتهاكا لح ق مالكه في استعماله واستغالله والتصرف فيه الذي تخوله له‪ ،‬لذا عمل‬
‫كل من فقهاء المالكية والمشرع المغربي على وضع تشريع له يؤطره وينظمه بهدف تحقيق األمن‬
‫العقاري‪.‬‬
‫ومدار األحكام المترتبة عليه على النية؛ التي تتراوح بين حسنها وسوئها لدى الباني حال‬
‫إقامته البنايات والمنشآت على أرض الغير‪ ،‬وتبعا لها اختلفت األحكام وتنوعت؛ فإذا كانت أكثر‬
‫تسامحا مع الباني حسن النية‪ ،‬فإنها لم تكن كذلك مع الباني س يء النية التي اتسمت بالتشدد‬
‫ألن عرق الغاصب ال حرمة له ألنه عرق ظالم‪.‬‬
‫كما يتبين لنا مما سبق أخذ المشرع المغربي بنظرية االلتصاق على أساس قاعدة الفرع‬
‫يتبع األصل‪ ،‬اعتبار لكون األرض هي األصل دائما‪ ،‬والبناء المشيد عليها هو الفرع‪ ،‬وبالتالي وجب‬
‫تغليب جانب األرض عن طريق تملك مالك األرض للبناء المشيد عليها‪ ،‬وال اعتبار في ذلك لقيمة‬
‫البناء مهما كان كبيرا ولو فاق قيمة األرض‪.‬‬
‫ومن جانب آخر يتضح أن كال من الفقه المالكي والقانون المغربي إذا كانا قد تو افقا‬
‫بخصوص الباني الس يء النية وكيفية التعامل معه من خالل منح المالك ‪-‬صاحب األرض‪ -‬الحق‬
‫إما في طلب إزالة المنشآت أو االحتفاظ بها مع أداء قيمة المواد‪ ،‬فإن األمر لم يكن كذلك‬
‫بخصوص الباني حسن النية المعبر عنه في الفقه المالكي ب "ذي الشبهة"‪ ،‬فإذا كان المشرع‬
‫المغربي قد منح حق الخيارللمالك وألزمه بالدفع لمقيم البنايات والمنشآت مبلغا يعادل ما زيد‬
‫في قيمة الملك أو أداء قيمة المواد مع أجرة اليد العاملة‪ ،‬فإنه في مقابل ذلك كانت نظرة الفقه‬
‫المالكي أوسع وأشمل بمنح الخيار بداية للمالك بدفع قيمة البناء للباني قائما‪ ،‬فإذا أبي انتقل‬
‫الخيار للباني بأن يدفع للمالك قيمة أرضه‪ ،‬فإن أبى كل منهما كان شريكين؛ المالك بقيمة أرضه‬
‫والباني بقيمة بنائه‪.‬‬
‫الئحة المصادروالمراجع‬
‫ابن أبي زيد القيرو اني‪ ،‬أبو محمد عبد الله؛ "النوادروالزيادات على ما في المدونة من غيرها‬
‫من األمهات"‪ ،‬تحقيق مجموعة من العلماء‪ ،‬دارالغرب اإلسالمي – بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‪9111 :‬م‪.‬‬
‫ابن القيم‪ ،‬محمد بن ابي بكر؛ "بدائع الفوائد"‪ ،‬دار الكتاب العربي – بيروت‪ ،‬دون ذكر‬
‫الطبعة وتاريخ الطبع‪.‬‬
‫ابن جزي‪ ،‬أبو القاسم محمد بن أحمد؛ "القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية"‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد بن سيدي محمد موالي‪ ،‬دارابن حزم – لبنان‪ ،‬طبعة ‪2791‬م‪.‬‬
‫ابن عبد البر‪ ،‬أبو عمر يوسف؛ "الكافي في فقه أهل المدينة"؛ تحقيق‪ :‬محمد محمد أحيد‪،‬‬
‫مكتبة الرياض الحديثة – الرياض‪ ،‬الطبعة الثانية‪9127 :‬م‪.‬‬
‫ابن فارس‪ ،‬أحمد؛ "مقاييس اللغة"‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬دارالفكر‪ -‬دمشق‪،‬‬
‫تاريخ النشر‪9101‬م دون ذكرالطبعة‪.‬‬
‫ابن منظور‪ ،‬محمد؛ "لسان العرب"‪ ،‬مع حاشية اليازجي وجماعة من اللغويين‪ ،‬دارصادر–‬
‫بيروت‪ ،‬الطبعة الثالثة‪9191 :‬ه‪.‬‬
‫األهواني‪ ،‬حسام الدين؛ "الحقوق العينية األصلية‪ :‬أسباب كسب الملكية"‪ ،‬دار أبو املجد‬
‫‪-‬القاهرة‪ ،.‬دون ذكرالطبعة وتاريخ الطبع‪.‬‬
‫البخاري‪ ،‬أبو عبد الله محمد بن إسماعيل؛ "صحيح البخاري"‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى ديب‬
‫البغا‪ ،‬دارابن كثير‪ ،‬الطبعة الخامسة‪.9111 :‬‬
‫البراذعي‪ ،‬أبو سعيد؛ "التهذيب في اختصار المدونة"‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد األمين‪ ،‬دار البحوث‬
‫للدراسات اإلسالمية – دبي‪ ،‬الطبعة األولى‪2772 :‬م‪.‬‬
‫الجبوري‪ ،‬ياسين محمد؛ "الوجيز في شرح القانون المدني"‪ ،‬دار الثقافة – عمان‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪2776 :‬م‪.‬‬
‫جمجمي‪ ،‬ابتسام؛ "مفهوم حسن النية في العقود"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬
‫المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني ‪ -‬الدار البيماء‪ ،‬الموسم الجامعي‬
‫‪9126/9122‬م‪.‬‬
‫الخيال‪ ،‬محمود؛ "الحقوق العينية األصلية"‪ ،‬جامعة القاهرة ‪ -‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪:‬‬
‫‪. 9112‬‬
‫الدسوقي‪ ،‬محمد بن أحمد؛ "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير"‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دون ذكر‬
‫الطبعة وتاريخ الطبع‪.‬‬
‫الرجراجي‪ ،‬علي بن سعيد؛ "مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل‬
‫مشكالتها"‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبو الفمل الدمياني‪ ،‬وأحمد بن علي‪ ،‬دار ابن حزم ‪ -‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‪:‬‬
‫‪2770‬م‪.‬‬
‫رممان‪ ،‬أبو السعود؛ "الوجيز في الحقوق العينية األصلية"‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية ‪-‬‬
‫بيروت‪ ،‬طبعة ‪2772‬م‪.‬‬
‫زعيتر‪ ،‬سمية؛ "االلتصاق الصناعي بالعقار بين القانون المدني والفقه اإلسالمي – دراسة‬
‫مقارنة – "‪ ،‬مجلة الشريعة واالقتصاد‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬املجلد الثاني‪ ،‬كلية الشريعة واالقتصاد‪،‬‬
‫جامعة األميرعبد القادرللعلوم اإلسالمية‪ ،‬قسنطينة‪2791 ،‬م‪.‬‬
‫سرور‪ ،‬محمد شكري؛ "موجز تنظيم حق الملكية في القانون المدني"‪ ،‬دار النهمة العربية‬
‫– بيروت‪ ،‬طبعة ‪9111‬م‪.‬‬
‫سلطان‪ ،‬أنور؛ "الموجزفي مصادرااللتزام"‪ ،‬دارالمطبوعات الجامعية ‪ -‬اإلسكندرية‪ ،‬تاريخ‬

‫النشر‪9112 :‬م دون ذكرالطبعة‪.‬‬
‫السنهوري‪ ،‬عبد الرزاق؛ "الوسيط في شرح القانون المدني"‪ ،‬املجلد األول‪ :‬أسباب كسب‬
‫الملكية‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية ‪ -‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثالثة‪2777 :‬م‪.‬‬
‫شنب‪ ،‬محمد لبيب؛ "الموجزفي الحقوق العينية األصلية"‪ ،‬دارالنهمة العربية ‪ -‬القاهرة‪،‬‬
‫طبعة ‪. 9102‬‬
‫الصاوي‪ ،‬أحمد؛ "بلغة السالك ألقرب المسالك إلى مذهب اإلمام مالك‪ .‬المعروف بحاشية‬
‫الصاوي على الشرح الصغير"‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة مصطفى البايي الحلبي‪ ،‬عام النشر ‪9122‬م دون‬
‫ذكرالطبعة‪.‬‬
‫عبد المنعم‪ ،‬موس ى إبراهيم؛ "حسن النية في العقود"‪ ،‬منشورات زين الحقوقية – بيروت‪،‬‬
‫تاريخ النشر‪ 2776 :‬دون ذكرالطبعة‪.‬‬
‫القاض ي عبد الوهاب؛ "المعونة على مذهب عالم المدينة"‪ ،‬تحقيق‪ :‬حميش عبد الحق‪،‬‬
‫المكتبة التجارية ‪ -‬مكة المكرمة‪ ،‬دون ذكرالطبعة وتاريخ الطبع‪.‬‬
‫القرافي‪ ،‬أبو العباس شهاب الدين؛ "الذخيرة"‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد حجي‪ ،‬سعيد أعراب‪ ،‬محمد‬
‫بو خبزة‪ ،‬دارالغرب اإلسالمي – بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‪9112 :‬م‪.‬‬
‫اللخمي‪ ،‬أبو الحسن؛ "التبصرة"‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد عبد الكريم‪ ،‬وزارة األوقاف الشؤون‬
‫اإلسالمية – قطر‪ ،‬الطبعة األولى‪2799 :‬م‪.‬‬
‫المازري‪ ،‬أبو عبد الله؛ "شرح التلقين"‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد املختار السالمي‪ ،‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي ‪ -‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‪2772 :‬م‪.‬‬
‫مالك‪ ،‬ابن أنس بن مالك األصبحي؛ "المدونة"‪ ،‬دارالكتب العلمية – بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‪:‬‬
‫‪9112‬م‪.‬‬
‫مبارك‪ ،‬عبد الكريم؛ "محاضرات في الحقوق العينية األصلية"‪ ،‬دار الطباعة الحديثة ‪-‬‬
‫البصرة‪ ،‬تاريخ النشر ‪ 9107‬دون ذكرالطبعة‪.‬‬
‫الناهي‪ ،‬صالح الدين؛ "الوجيز في الحقوق العينية األصلية"‪ ،‬شركة الطبع والنشر األهلية ‪-‬‬
‫بغداد‪ ،‬تاريخ النشر‪ 9169‬دون ذكرالطبعة‪.‬‬
‫النشار‪ ،‬جمال خليل؛ "االلتصاق كسبب من أسباب كسب الملكية في الفقه اإلسالمي‬
‫والقانون المدني"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر – اإلسكندرية‪ ،‬تاريخ النشر ‪2779‬م دون ذكر‬
‫الطبعة ‪.‬‬
‫الجانب القانوني المتعلق بميدان اإلسكان بالمغرب‪:‬‬

‫اإلنجازات‪ ،‬ومداخل االرتقاء بالقطاع‬
‫‪The legal aspect related to the housing field in Morocco‬‬
‫تعد هذه الدراسة بمثابة قراءة في التنظيم التشريعي لقطاع اإلسكان في المغرب حيث‬
‫تستعرض أهم النصوص القانونية المتصلة بجانب اإلسكان سواء التي نشرت بالجريدة الرسمية‬
‫أو التي في طور اإلعداد‪ ،‬كما تتطرق للمداخل القانونية المتاحة والممكنة التي من شأنها‬
‫المساهمة في التنظيم الجيد لهذا القطاع الحيوي‪.‬‬
‫كلمات مفاتيح‪ :‬إسكان‪ -‬مشاريع قوانين‪ -‬التجديد الحمري‪ -‬بيع العقار في طور اإلنجاز‪-‬‬
‫اإليجارالمفض ي إلى تملك العقار‪.‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫يعد السكن حسب التصريح العالمي لحقوق اإلنسان الصادر سنة ‪ 9122‬حقا أساسيا‬
‫لألفراد وهو جزء جوهري من الحق في الحياة ومصدرا يستطيع في ظله وبفمله الفرد أن يوفر‬
‫الراحة لنفسه ويستطيع من خالله أن يواجه صعوبات الحياة ويقدم العمل المثمر ملجتمعه‪،‬‬
‫ويقول ‪ M.Bryee‬في هذا السياق أن المسكن يعد أمرا حيويا في تكوين شخصية الفرد وعامال‬
‫مؤثرا في صحته النفسية والجسدية واإلجتماعية‪ ،‬ويرى ‪ P.George‬أن السكن ال يقدم العموية‬
‫فقط بل يعتبر عنصرا أساسيا في الربط بين الفرد واألسرة والوسط االجتماعي ويبرط الصلة‬
‫اليومية باإلطارالتاريخي والجمالي والوظيفي مما يمع نموذجا من اإلنسانية‪.113‬‬
‫‪ -113‬دليلة زرقة‪ :‬سياسات السكن واإلسكان بين الخطاب والواقع –دراسة ميدانية بمدينة وهران‪ ،-‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في علم‬
‫االجتماع‪ ،‬كلية العلوم االجتماعية جامعة وهران ‪ -2-‬محمد بن أحمد‪ ،‬السنة الجماعية ‪ ،2042/2042‬ص ‪.44‬‬
‫من خالل هذه الدراسة المتواضعة سنسلط الموء على المقاربة القانونية المرتبطة‬
‫بجانب اإلسكان في المغرب من خالل النصوص القانونية المنظمة للقطاع‪ ،‬سواء تلك التي‬
‫صدرت ودخلت حيزالتنفيذ أو تلك التي ال زالت في طوراإلعداد‪ ،‬وسنعتمد المنهجية التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬اإلطارالعام‬
‫ثانيا‪ :‬اإلنجازات على مستوى الجانب القانوني المتصل بقطاع اإلسكان‬
‫ثالثا‪ :‬مداخل قانونية على مستوى الرقي بقطاع اإلسكان في المغرب‬
‫أوال‪-‬اإلطارالعام‪:‬‬
‫شكل الخطاب الملكي ل‪ 27‬غشت ‪ 2779‬انتفاضة حاسمة نحو مراجعة الوضع العام‬
‫لمشكل السكن بالمغرب‪ ،‬بالتأكيد على واجب التطبيق الصارم للقانون قصد تالفي تحريف‬
‫اختصاصات الجماعات املحلية وتهاون بعمها في ميدان محاربة السكن غير الالئق‪ ،‬ودق‬
‫الخطاب ناقوس الخطر‪ ،‬منبها إلى خطورة انتشار السكن الصفيحي والعشوائي‪ ،‬لما له من أثر‬
‫سلبي على كرامة المواطن‪ ،‬وما يشكله من تهديد لتماسك النسيج االجتماعي‪ ،‬داعيا إلى اعتماد‬
‫برنامج وطني تمامني ممبوط‪.114‬‬
‫وتطرق الملك بعد ذلك في خطاب ‪ 17‬يوليوز ‪ 2771‬بمناسبة الذكرى الرابعة لعيد العرش‬
‫أن حصيلة المنجزات‪ ،‬لم تكن في مستوى جسامة التحديات‪ ،‬وحمل المسؤولية للجميع في تزايد‬
‫البناء العشوائي‪ ،‬انطالقا من المواطن الذي يدفع رشوة للمسؤولين وتهاون السلطات العمومية‬
‫والجماعات املحلية‪ ،‬في محاربة انتشار مدن الصفيح‪ ،‬بدل التشجيع على توفير السكن الالئق‪.‬‬
‫ورغم التحذيرات الملكية‪ ،‬فإن هذه المعملة االجتماعية مازالت تتسم بكثير من التعقيد‬
‫وتتداخل فيها الجوانب االقتصادية واالجتماعية والعمرانية باإلضافة إلى اضطراب طرق التدبير‬
‫املحلي لها‪.‬‬
‫فقد رسم هذين الخطابين الساميين خارطة الطريق لسياسة السكن بالمغرب خالل‬
‫العشرية األخيرة‪ ،‬بما تممنه من توجيهات لتوفير السكن المالئم ‪ ،‬باعتباره من ركائز ضمان‬
‫االستقرار واألمن االجتماعيين‪ ،‬وهو ما جسدته بوضوح البرامج واالستراتيجيات املختلفة التي‬
‫‪ -114‬إشكالية السكن بالمغرب‪ :‬منجزات محدودة وتحديات جسيمة‪ ،‬مقال منشور بالموقع اإللكتروني التالي‪:‬‬
‫‪www.maghress.com/attajdid/18429‬‬
‫اعتمدتها المملكة في هذا املجال والسيما في الجانب المتعلق بمحاربة السكن العشوائي وتوفير‬
‫سكن مالئم بأسعارفي متناول الفئات ذات الدخل املحدود‪.‬‬
‫وهكذا حددت الحكومات المتعاقبة قطاع السكن كأحد القطاعات ذات األولوية‪،‬‬
‫و اتخذت بشأنه مجموعة من المبادرات‪ ،‬أبرزها برنامج المدن بدون صفيح‪.‬‬
‫وقد ارتكزت السياسة العمومية لقطاع السكن من جهة على تقليص العجزالسكني بإنتاج‬
‫وحدات سكنية جديدة والتحكم في تنامي دور الصفيح‪ ،‬ومن جهة أخرى إنعاش العرض من‬
‫السكن ومحاربة الفقر والتهميش بالوسطين الحمري والقروي عبر إطالق برامج تستهدف‬
‫مختلف الشرائح املجتمعية‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬اإلنجازات على مستوى الجانب القانوني المتصل بقطاع اإلسكان‪:‬‬
‫يبدوا من الوهلة األولى أنه من الصعب رصد القوانين المؤطرة للسكن منذ االستقالل‪،‬‬
‫وذلك نظرا لتشعب النصوص القانونية وتفرقها في عدة نصوص‪ ،‬وكذا تعدد القطاعات‬
‫الحكومية‪ ،‬وتغير الهندسة الوزارية من والية ألخرى‪ .115‬ويمكن إجمال أهم القوانين التي تنظم‬
‫املجال السكني في ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 92.60‬المتعلق بتنظيم العالقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحالت‬
‫الذي يرمي إلى تنظيم العالقات التعاقدية‬ ‫المنهي‪116‬‬ ‫المعدة للسكنى أو لالستعمال‬
‫وترسيخ األمن التعاقدي بين المكري والمكتري؛‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 970.92‬بتغييروتتميم القانون رقم ‪ 22.77‬الصادربتاريخ ‪ 22‬من رجب ‪9221‬‬

‫(‪ 1‬أكتوبر ‪ )2772‬المتمم لظهير ‪ 1‬رممان ‪ 92( 9119‬أغسطس ‪ )9191‬بمثابة قانون‬
‫االلتزامات والعقود (بيع العقارات في طور اإلنجاز)‪ 117‬قصد ضبط مجال المعامالت‬
‫العقارية وتعزيز األمن القانوني بالعمل على تقوية الثقة لدى البائع والمشتري في هذه‬
‫المعامالت العقارية؛‬
‫‪-115‬وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير واإلسكان وسياسة المدينة –قطاع اإلسكان وسياسة المدينة‪ :-‬الورقة التأطيرية لورشة التأطير‬
‫القانوني المندرجة ضمن ورشات التفكير للنهوض بقطاع اإلسكان بالمغرب‪ ،‬التي انعقدت بالرباط من ‪ 2‬إلى ‪ 40‬ماي ‪.2042‬‬
‫‪ -116‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 2202‬بتاريخ ‪ ،2044/44/22‬ص ‪.4422‬‬
‫‪-117‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 2110‬بتاريخ ‪ ،2042/2/42‬ص ‪.742‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 976.92‬بتغييروتتميم القانون رقم ‪ 92.77‬المتعلق بنظام الملكية المشتركة‬

‫للعقارات المبنية‪ 118‬من أجل تنظيم أكثرللسكن الجماعي تماشيا مع السياسة الحكومية‬
‫الرامية إلى الحفاظ على الرصيد العقاري؛‬
‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 2.91.220‬بالمو افقة على ضابط البناء العام املحدد لقواعد األداء الطاقي‬
‫للمباني وبإحداث اللجنة الوطنية للنجاعة الطاقية في المباني‪119‬؛‬
‫‪ -‬المرسوم رقم ‪ 2.90.122‬بتحديد النظام النموذجي للملكية المشتركة‪ 120‬بتاريخ ‪ 79‬يناير‬

‫‪2792‬؛ والذي يهدف إلى تيسير مهام المالك المشتركين من خالل إعداد نظام نموذجي‬
‫للملكية المشتركة لكي يسترشد به المالك المشتركون في تسيير وإدارة االجزاء المفرزة‬
‫والمشاعة‪ ،‬حيث يعمل ليس فقط على استعادة نظرية لممامين القانون في شكل‬
‫التزامات وواجبات بين المالك‪ ،‬بل يقوم بتنزيل بعمها في شكل أحكام جاهزة للتطبيق‬
‫على كل ملكية مشتركة تبعا لخصوصياتها من حيث طبيعتها (بناء أفقي او عمودي)‬
‫ونوعية األغراض المنوطة بها (سكنى أو أنشطة أخرى)‪.‬‬
‫ويعتبر قانون ‪ 12.92‬المتعلق بالمباني اآليلة للسقوط وتنظيم عمليات بالتجديد‬

‫الحمري‪ 121‬الصادر سنة ‪ 2796‬ومرسومه التطبيقي‪ 122‬رقم ‪ 2.96.261‬الصادرسنة ‪ 2790‬طفرة‬
‫نوعية في مجال التنظيم القانوني لقطاع اإلسكان في المغرب ألنه عالج آفة إنهيار المباني التي‬
‫تهدد أرواح وممتلكات المواطنين‪ ،‬خاصة وأن هذا الموضوع كان يعاني من فراغ قانوني في ظل‬
‫حدوث جملة من اإلنهيارات في المباني والتي نتج عنها خسائرفي األرواح والممتلكات‪.‬‬
‫وبالموازاة مع ذلك فقد تم إعداد مشاريع قوانين ومراسيم تطبيقية تمت إحالتها على‬
‫األمانة العامة للحكومة ويتعلق األمرب‪ :‬مشروع قانون رقم ‪ 122.13‬يتعلق بتنظيم عمليات البناء‪،‬‬
‫ومشروع قانون رقم ‪ 023.12‬يتعلق بالتعاونيات السكنية‪ ،‬ومشروع قانون رقم ‪ 16.17‬يتعلق‬
‫بتنظيم مهنة الوكيل العقاري‪ ،‬ومشروع المرسوم رقم ‪ 2.17.318‬يتعلق بشروط وكيفيات تقديم‬

‫ضمانات إنهاء األشغال أو ضمانات استرجاع األقساط المؤداة في حالة عدم تنفيذ عقد بيع‬
‫العقارفي طوراإلنجاز‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬مداخل قانونية على مستوى الرقي بقطاع اإلسكان في المغرب‪:‬‬
‫إن تملك سكن يعتبربمثابة حلم لكل مواطن ولعل هذا ما يدفعه إلى اللجوء لسكن صفيحي‬
‫طالما أنه ال يستطيع توفيرسكن الئق‪ ،‬وهناك آليات موجودة مثل قانون بيع العقارفي طوراإلنجاز‬
‫وقانون اإليجارالمفض ي إلى التملك واللذين يحتاجان إلى ثقة المتعاملين من مواطنين ومنعشين‪،‬‬
‫وكذلك القانون المتعلق بمعالجة المباني اآليلة للسقوط الذي من شأنه أن يساهم في الحفاظ‬
‫على النسيج الحمري وتثمينه‪ ،‬كما أن الوزارة الوصية بمعية كل المتدخلين قد أطلقت ورش‬
‫سياسة المدينة باعتباره برنامجا طموحا يهدف إلى االرتقاء بالمدينة المغربية وتتدخل به الدولة‬
‫الستهداف أحياء ومجاالت حمرية "حساسة" تتسم بهشاشتها‪ ،‬بعزلتها أو بمؤهالت خاصة‬
‫تستدعي تثمينا و إبرازا‪ ،‬كما تهدف هذه السياسة المتسمة بطابعها اإلرادي‪ ،‬إلى تقليص الفوارق‬
‫االجتماعية بين المكونات الترابية للمجال الحمري‪123‬‬
‫‪ -9‬تفعيل اآلليات الموجودة‬
‫أ‪ -‬قانوني بيع العقارفي طوراإلنجازواإليجارالمفض ي لتملك العقار‪:‬‬
‫نعتقد أن هناك آليتين قانونيتين البد من تفعيلهما للرقي بقطاع اإلسكان ويتعلق األمر‬
‫بتشجيع المستثمرين والمواطنين على منح ثقتهم للقانون ‪ 22.77‬المتعلق ببيع العقار في طور‬
‫اإلنجازكما تم تغييره وتتميمه‪ ،‬والقانون ‪ 77.29‬المتعلق باإليجارالمفض ي لتملك العقار‪.‬‬
‫فلسفة القانونين‪:‬‬
‫تكمن فلسفة القانونية في مساعدة المواطن البسيط على تملك مسكن عن طريق أداءات‬
‫دورية‪:‬‬
‫‪ ‬بحيث أنه في إطار القانون ‪ 22.77‬المتعلق ببيع العقار في طور اإلنجاز كما تم تعديله‬
‫وتتميمه يتم األداء بصفة دورية طبقا لتقدم أشغال إنجاز البناء‪ ،‬فمع تطور األوضاع‬
‫االقتصادية وتزايد الحاجة إلى تملك سكن الئق‪ ،‬من خالل أداء الثمن على أقساط‪،‬‬
‫‪ -123‬عبد الكريم أشبون‪ :‬سياسة المدينة في المغرب‪ ،‬مقال منشور في موقع ‪. www.maghress.com/hespress/‬‬
‫وتشجيع المنعشين العقاريين على إقامة مشاريع خاصة بدون قروض‪ ،‬فقد رخص‬
‫المشرع في بيع العقاروهو في طوراإلنجاز‪ ،‬وهي محاولة تشريعية هدفها سد الفراغ الذي‬
‫يعاني منه النظام القانوني المغربي في هذا الباب‪ ،‬وتخليق مجال المعامالت العقارية مع‬
‫خلق ديناميكية اقتصادية تستند على خفض النفقات والتكاليف و إنعاش السوق‬
‫العقارية‪.124‬‬
‫‪ ‬وفي إطار القانون ‪ 77.29‬المتعلق باإليجار المفض ي لتملك العقار يؤدي المكتري وجيبة‬
‫كرائي ة هي في الحقيقة تتممن شقين شق يتعلق بالكراء وشق آخر يتعلق بأداء ثمن‬
‫البيع‪ ،‬حيث يتم اإلتفاق على عدد معين من األداءات الشهرية أو السنوية أو نصف‬
‫السنوية –حسب اإلتفاق‪ -‬يكون آخرها متوجا بإبرام عقد البيع النهائي‪ ،‬والهدف من هذه‬
‫التقنية القانونية يبقى هو تجشيع شريحة من المواطنين وخاصة ذوي الدخل املحدود‬
‫على تملك مسكن بطريقة ميسرة‪.125‬‬
‫ب‪ -‬تفعيل قانون التجديد الحمري‪:‬‬
‫من شأن تفعيل هذا القانون من قبل المتدخلين المعنيين به أن يرقى باألنسجة العتيقة‬
‫ويمكن من معالجة المباني اآليلة للسقوط بمختلف الحواضرالمغربية‪ ،‬ذلك أن التفعيل األمثل‬
‫له من شأنه أن يساهم في معالجة ظاهرة المباني اآليلة للسقوط خصوصا في ظل تسجيل تدهور‬
‫ملحوظ في المشهد الحمري للمدن المغربية وتزايد حوادث انهيار المباني واألنسجة العتيقة‬
‫وبموازاة هذه اإلشكاالت كان المغرب يعرف فراغا تشريعيا ساهم وبقوة في تشديد خطورة المباني‬
‫اآليلة للسقوط‪ ،‬وقد أتى هذا القانون بمقاربة وقائية وعالجية تروم الحفاظ على سالمة وأمن‬
‫حياة األفراد وممتلكاتهم العقارية والتي لهم فيها مصلحة مباشرة حتى ال تتعرض لالنهيارأو التلف‬
‫فتنخفض قيمتها أو يتم فقدانها سواء بفعل أسباب داخلية أو خارجية‪.126‬‬
‫‪ -2‬سياسة المدينة كاستراتيجية جديدة للرقي بالحواضرالمغربية‪:‬‬
‫‪ -124‬محمد الخضراوي‪ ،‬إشكالية توثيق التصرفات العقارية ومتطلبات التنمية – قراءة في قانون ‪ 11.00‬مجلة البحوث‪ ،‬عدد ‪ ،04‬السنة‬
‫‪ ،2004‬ص ‪ ، 44‬مشار إليه في مقال بيع العقار في طور اإلنجاز من إعداد‪ ،‬الطالب المعطي زديد ومجموعة من الطلبة تحت إشراف‬
‫الدكتورة منى المسلومي‪ ،‬هذا المقال منشور في موقع مجلة قانون األعمال‪. http://www.droitetentreprise.com ،‬‬
‫‪-125‬العربي مياد‪ :‬اإليجار المفضي إلى تملك العقار‪ ،‬مقال منشور في مجلة العلوم القانونية‪. www.marocdroit.com ،‬‬
‫‪ -126‬نور الدين التقاوي‪ :‬التدبير القانوني للمخاطر السكنية في المغرب ‪ :‬المباني اآليلة للسقوط أنموذج‪ ،‬مقال منشور في موقع‬
‫‪https://www.maghress.com‬‬
‫أ‪ -‬محاولة في التعريف‪:‬‬
‫يمكن تعريف أن سياسة المدينة في المغرب تصور شمولي وإطار متكامل‪ ،‬يهم جميع‬
‫المدينة‪ ،‬يهدف إلى تحسين شروط الحياة في األحياء الهشة وناقصة التجهيز‪ ،‬و إنعاش المراكز‬
‫الحمرية األقل تنافسية وتعزيز دورها االقتصادي لتصبح منتجة للثروة والشغل‪ ،‬وجعلها أكثر‬
‫استدامة وحفاظا على البيئة‪.127‬‬
‫ب‪ -‬األهداف‪:‬‬
‫إن األهداف التي ترمي إلى تحقيقها سياسة المدينة ترتبط بالحاجة التي تدعوا إلى وضع‬
‫مقاربة تشاركية منسقة ومعقلنة بين كل الفاعلين في املجال الحمري تتجاوز المقاربة األمنية‬
‫وسياسة االرتجال‪ ،‬وذلك إلنتاج مدن ذات وظيفة هادفة تعمل على تطوير االقتصاد واملجتمع‪،‬‬
‫وبالتالي يمكن القول أن األهداف الكبرى لسياسة المدينة تتمثل في تحقيق تنمية حمرية‬
‫مستدامة وفي تنسيق السياسات العمومية املحلية‪.128‬‬
‫ج‪ -‬اإلطارالقانوني لسياسة المدينة‪:‬‬
‫• تم إعداد مرسوم رقم ‪ 2.91.902‬صادر في ‪ 2‬غشت ‪ ،2791‬بإحداث اللجنة بين الوزارية‬

‫الدائمة لسياسة المدينة؛‬
‫• وحاليا يتم اإلنكباب على إعداد مشروع قانون توجيهي حول سياسة المدينة‪.‬‬
‫الئحة المراجع‪:‬‬
‫الجريدة الرسمية المغربية؛‬ ‫‪‬‬
‫‪ -127‬هشام ز وبير‪ :‬سياسة المدينة في ضوء متطلبات التدبير العمومي الجديد‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام الداخلي وتنظيم‬
‫الجماعات الترابية بكلية الحقوق مراكش السنة الجامعية ‪ ،2042/2041‬ص ‪ ،2‬ماشر إليه في مقال سياسة المدينة كإستراتجية جديدة للتدبير‬
‫التعاقدي بين الجماعة والدولة ‪ ،‬من إعداد أنوار بوهالل ونور الدين التقاوي منشور في مجلة منازعات األعمال العدد ‪ ،22‬ص ‪ 41‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫‪128‬‬
‫‪Charif Mhamed : Les problématiques de l’urbanisme et les stratégies de développement local au‬‬
‫‪Maroc, revue Enjeux locauxn4, octobre 2011, p 42‬‬
‫‪ -‬دليلة زرقة‪ :‬سياسات السكن واإلسكان بين الخطاب والو اقع –دراسة ميدانية‬ ‫‪‬‬
‫بمدينة وهران‪ ،-‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في علم االجتماع‪ ،‬كلية العلوم االجتماعية جامعة‬
‫وهران ‪ -2-‬محمد بن أحمد‪ ،‬السنة الجماعية ‪2796/2792‬؛‬
‫إشكالية السكن بالمغرب‪ :‬منجزات محدودة وتحديات جسيمة‪ ،‬مقال منشور‬ ‫‪‬‬
‫بالموقع اإللكتروني التالي‪www.maghress.com/attajdid/18429 :‬؛‬
‫وزارة إعداد التراب الوطني والتعميرواإلسكان وسياسة المدينة –قطاع اإلسكان‬ ‫‪‬‬
‫وسياسة المدينة‪ :-‬الورقة التأطيرية لورشة التأطير القانوني المندرجة ضمن ورشات التفكير‬
‫للنهوض بقطاع اإلسكان بالمغرب‪ ،‬التي انعقدت بالرباط من ‪ 2‬إلى ‪ 97‬ماي ‪2792‬؛‬
‫محمد الخمراوي‪ ،‬إشكالية توثيق التصرفات العقارية ومتطلبات التنمية –‬ ‫‪‬‬

‫قراءة في قانون ‪ 22.77‬مجلة البحوث‪ ،‬عدد ‪ ،70‬السنة ‪2770‬؛‬
‫عبد الكريم أشبون‪ :‬سياسة المدينة في المغرب‪ ،‬مقال منشور في موقع‬ ‫‪‬‬
‫‪www.maghress.com/hespress/‬؛‬
‫العربي مياد‪ :‬اإليجار المفض ي إلى تملك العقار‪ ،‬مقال منشور في مجلة العلوم‬ ‫‪‬‬
‫القانونية‪www.marocdroit.com ،‬؛‬
‫‪Charif Mhamed : Les problématiques de l’urbanisme et les stratégies‬‬ ‫‪‬‬

‫; ‪de développement local au Maroc, revue Enjeux locauxn4, octobre 2011‬‬
‫نورالدين التقاوي‪ :‬التدبيرالقانوني للمخاطرالسكنية في المغرب ‪ :‬المباني اآليلة‬ ‫‪‬‬

‫للسقوط أنموذج‪ ،‬مقال منشورفي موقع ‪https://www.maghress.com‬؛‬
‫هشام زوبير‪ :‬سياسة المدينة في ضوء متطلبات التدبيرالعمومي الجديد‪ ،‬رسالة‬ ‫‪‬‬
‫لنيل دبلوم الماسترفي القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية بكلية الحقوق مراكش‬
‫السنة الجامعية ‪2792/2792‬؛‬
‫أنوار بوهالل ونور الدين التقاوي‪ :‬سياسة المدينة كإستراتجية جديدة للتدبير‬ ‫‪‬‬
‫التعاقدي بين الجماعة والدولة مقال منشورفي مجلة منازعات األعمال العدد ‪.22‬‬
‫الصيغ الحديثة الستثمار األموال الوقفية‪ :‬صناديق‬

‫االستثمار الوقفية أنموذجا‬
‫‪Modern formulas for investing endowment funds: endowment investment‬‬
‫‪funds as a model‬‬
‫يعيش عالم اليوم تطورا سريعا شمل جميع مناحي الحياة‪ ،‬وهذا التطورشمل أيما مختلف‬
‫التصرفات القانونية التي يقوم اإلنسان بإبرامها‪ ،‬ومجال الوقف ليس بمنأى عن هذا التطور؛‬
‫ذلك أن عنصر الديمومة الذي يقوم عليه يستلزم بالمرورة التفكير المستمر في كل ما يمكنه‬
‫المساهمة في الحفاظ على الوقف وتعميره وتثميره على نحو يحقق المقاصد التي أنشأ من أجلها‬
‫والتي تروم أساسا تقديم الخدمات املختلفة في مجاالت حساسة كالصحة والتعليم ومحاربة‬
‫الهشاشة االجتماعية وتحقيق التكافل االجتماعي بين مختلف مكونات املجتمع‪.‬‬
‫وهكذا يعد مجال استثمار األموال الوقفية مجاال خصبا للبحث والتحديث في كل الصيغ‬
‫االستثمارية التي من شأنها أن تساهم في تحقيق مقاصد الوقف وتنميه على نحوأفمل من غيرها‬
‫من الصيغ التقليدية؛ ككراء األموال الوقفية أو معاوضتها بأموال أخرى أكثر نفعا من حيث‬
‫المردودية‪ ،‬في ظل احترام خصوصية المؤسسة الوقفية وما تتطلبه من شروط‪.‬‬
‫وقد ظهرت في الوقت المعاصر العديد من التصرفات االستثمارية ذات الطابع التجديدي‬
‫في تدبير واستثمار األموال الوقفية والتي أبانت التجربة في العديد من دول العالم وبشكل خاص‬
‫بالعالم اإلسالمي عن نتائج محمودة‪ ،‬والتي يمكن للمغرب االستفادة منها مستقبال في هذا اإلطار‪،‬‬
‫اعتماد صيغة صناديق االستثمار الوقفية لتثمير أموال الوقف‪ ،‬وتعد هذه الصناديق أنموذجا‬
‫مبتكرا ومنتجا جديدا يناسب المؤسسات الوقفية‪ ،‬إذ يشكل أحد أهم أوعية إدارة واستثمار‬
‫أموال وأصول األوقاف‪ ،‬التي تجمع بين حبس األصل وتنميته واستثمارعوائده في مصارف خيرية‬
‫وتنموية متنوعة‪ ،‬كما أن له أثرا بالغا في تطوير قطاع الوقف وتحقيق األهداف المرجوة منه؛‬
‫نظرا العتمادها على تنويع المشاريع الوقفية وتنظيمها وفق قالب مؤسس ي واستثماري تتخذ من‬
‫اإلدارة الحديثة أسلوبا ومن الحكامة الجيدة منهجا لمبط أعمالها‪.‬‬
‫وتقوم الصناديق المذكورة على أساس التمويل الشعبي لها من طرف شريحة كبيرة من‬
‫الو اقفين المساهمين ولو بمساهمات بسيطة القيمية يتم تحديدها من قبل إدارة الصندوق‪،‬‬
‫وهذا األمريشكل عامال محفزا إلنشاء األوقاف من طرف صغارالو اقفين المنتمين لعامة الشعب‬
‫بحيث ال يصبح الوقف أو االنخراط في المشاريع الوقفية حكرا على الفئات الميسورة من‬
‫املجتمع‪ ،‬كما أنه ر افعة لدعم االستثمارالوطني وتحقيق التنمية‪.‬‬
‫وعليه سنحاول بحث هذه المؤسسة القانونية من خالل التطرق إلى تحديد مفهومها‬
‫وتصنيفاتها املختلفة (المطلب األول)‪ ،‬و أيما مختلف العالقات القانونية التي تتشكل بمناسبتها‬
‫وكذا المزايا التي تختص بها عن غيرها من المؤسسات القانونية الوقفية األخرى (المطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم صندوق االستثمارالوقفي و أنواعه‬
‫يثيرصندوق االستثمارالوقفي العديد من التساؤالت خاصة تلك التي تهم تحديد مفهومه‪،‬‬
‫نظرا لالرتباط التقارب الكبير بينه وبين مؤسسات قانونية أخرى‪ ،‬بلغت في أحيان كثيرة مستوى‬
‫الخلط لدى كثير من الباحثين‪ ،129‬وهو األمر الذي يستدعي ضرورة تحديد مفهوم هذا الصندوق‬
‫‪ "129‬غالبا ما يختلط على الباحثين تداخل مصطلح الصندوق الوقفي مع مصطلح الصندوق الوقفي االستثمارين فعلى‬
‫الرغم من قدم األول نس ب ب ببشئاا ون ب ب ببا األول من قشل الشني اعسب ب ب ب مي للتنمئ عام ‪ 3991‬م‪ ،‬والص ب ب ببناقفي الوق ئ في‬
‫الكويت في عام ‪ 3991‬م‪ ،‬ثم تم إعاقة ت كيلها ضمن عملئ الفي والدمج التي طالت الصناقفي عام ‪ 1003‬م‪ ،‬نجد‬
‫الصندوق الوقفي االستثماري ظهر إلى الوجوق عام ‪ 1002‬م‪.....‬‬
‫والصب ببندوق الوقفي فهدى إلى ت ايي النفع العام‪ ،‬وعلي عن طريي التشرا‪ ،‬والنفع الخاذ‪ ،‬وعلي عن طريي األسب ببهم‪،‬‬
‫لت ايي هدى وسمى هو ت ايي إحئاء سن الوقف‪....‬‬
‫اما فئما يخص الصندوق االستثماري الوقفي فاد عرفته الهيئ العام لألوقاى في المملك العربئ السعوقي بب ب ب ب ب نه "‬
‫ص ب ب ب ب ببندوق اس ب ب ب ب ببتثماري لئا له مدة م دقة‪ ،‬جمئع وحداته موقوف ال يجوص تداولها‪ ،‬هدفه توفير فرذ الوقف للعموم‬
‫وتلشئ ال اجات المجتمعئ في اس ب ب ببتثمار وموال الص ب ب ببندوق الوق ئ سب ب ب بواء نانت عينئ وم نادي في ووجه االس ب ب ببتثمار‬
‫لتوفير عائد قوري يصب ببرى على االحتئاجات المجتمعئ من خ ل نسب ببب م دقة من صب ببافي ورباق الصب ببندوق الاابل‬
‫للتوصيع على الجه المستفيدة من الصندوق ب كل سنوي ب د وقنى "‬
‫رفعا ألي لبس (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم أن ضبط تحديد هذه المؤسسة القانونية وإخماعها لمعايير‬
‫تصنيفية معينة يفرز لنا مختلف التصنيفات التي يندرج تحتها تبعا للخصوصية الوقفية التي‬
‫يتمتع بها هذا الصندوق (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم صندوق االستثمارالوقفي‬
‫يتطلب منا تحديد مفهوم صندوق االستثمار الوقفي اإلحاطة بمجموعة من المفاهيم‬
‫األخرى ذات الصلة‪ ،‬وهي كاآلتي‪:‬‬
‫أوال) الصندوق االستثماري‪ :‬تجدر اإلشارة بداية إلى أن فكرة إنشاء الصناديق االستثمارية‬
‫قديمة بالمقارنة مع أي نوع من الصناديق األخرى‪ ،130‬كما أنه يتعذر إيجاد جامع مانع لها‬
‫العتبارات مختلفة ترجع الختالف أشكالها و أنواعها و أنظمتها القانونية؛ فقد تكون في شكل‬
‫شركة وقد ال تكون في هذا الشكل‪ ،‬كما انها قد تتمتع بالشخصية المعنوية وال تتمتع بها‪ ،‬وهذ‬
‫االختالفات والفروق لها تأثير بين في طبيعتها القانونية‪ ،‬وطبيعة صكوكها‪ ،‬وصفة الشركاء فيها‪،‬‬
‫بما يتبع ذلك من تأثير على التكييف الفقهي المتعلق بها وما يعقبه من أحكام‪131.‬‬
‫ورغم ذلك فقد حاول البعض أن يجد له تعريفا بكونه‪" :‬وعاء يتكون من مجموعة من‬
‫الوحدات االستثمارية المملوكة ألشخاص تحت إدارة شخص مرخص له من هيئة السوق‬
‫المالية "‪132.‬‬
‫جاء في تعريف آخر للدكتور محمد علي القري أن‪ " :‬صناديق االستثمار هي محافظ تجتمع‬
‫فيها المدخرات الصغيرة لتكون حجما من األموال يمكن ان يستفيد من ميزات التنويع والذي‬
‫انظر وسببام عشد المجيد العاني‪ ،‬ن و تسببويي اسببتراتئجي للصببندوق الوقفي االسببتثماري‪ ،‬مجل االقتصبباق اعسب مي‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،13‬العدق ‪ ،124‬وبريل ‪ ،1013‬ذ ‪ 199‬وما فليها‪.‬‬
‫‪ "130‬تعوق فكرة إن ب بباء الصب ببناقفي االسب ببتثماري إلى الارد التاسب ببع مي قي في ووروبا ت دفدا هولندا في العام ‪ 211‬م‪،‬‬
‫تلتها إنجلت ار في عام ‪ 210‬م‪ ،‬ولاد مرت الصببناقفي االسببتثماري بتطورات وتغيرات نثيرة تماشببت مع تطور االقتصبباق‬
‫واالستثمار عموما حتى وصلت إلى شكل ياارب ما هي علئه اآلد‪ ،‬وقد ت كلت فكرة الصناقفي االستثماري بالمفاهئم‬
‫الاائم حالئا في ومريكا عام ‪ 911‬م ‪" ...‬‬
‫قراس نظري تطشئقئ ‪،‬‬ ‫انظر عشد الله بن م مد الدخيل وسبلطاد بن م مد الجاسبر‪ ،‬الصبناقفي االسبتثماري الوق ئ‬
‫مكتب الملي فهد‪ ،‬المملك العربئ السعوقي ‪ ،‬قود عنر الطبع ‪ 3111 ،‬ه‪ ،‬ذ‪.34‬‬
‫‪131‬عشد الله بن م مد الدخيل وسلطاد بن م مد الجاسر‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ‪.19‬‬
‫‪132‬عشد الله بن م مد الدخيل وسلطاد بن م مد الجاسر‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.11‬‬
‫يؤدي إلى تقليل مخاطر االستثمار‪ .‬وتؤسس هذه الصناديق على صفة شركة استثمار‬
‫(‪ )Investment Company‬تشرف عليها جهات حكومية متخصصة لغرض الرقابة والتوجيه‪.‬‬
‫وتقوم هذه الشركات بجمع االشتراكات عن طريق إصار وحدات استثمارية متساوية القيمة عند‬
‫اإلصدار شبيهة باألسهم‪133.‬‬
‫وعلى العموم ففكرة الصناديق االستثمارية تقوم على أساس قيام عدد كبير من‬
‫المستثمرين بتجميع أموالهم‪ ،‬ويعمل وسيط مرخص له على إدارتها لصالحهم‪ ،‬وذلك لتحقيق‬
‫أرباح أكبرال يمكنهم تحقيقها منفردين؛ لتوفرعامل مهم هوعنصرالخبرة لدى الوسيط المذكور‪،‬‬
‫والتي تممن تحقيق عوائد أعلى مما قد يحققه المستثمر في حال تشغيله ألمواله منفردا في‬
‫األسوق‪ ،‬إضافة إلى أن تجميع األموال في صندوق استثماري واحد يؤدي إلى تقليص العبء‬
‫اإلداري على المستثمرين‪ ،‬لما يتطلبه ذلك من جهد وإجراءات نظامية معقدة‪ ،‬هذا باإلضافة إلى‬
‫الحد من املخاطر التي يتعرض لها المستثمر المنفرد في األسواق المالية؛ ألن ضخامة األسهم‬
‫والسندات التي تحتفظ بها الصناديق تخفف من اآلثارالتي قد يخلفها تراجع أي من هذه األدوات‬
‫على األداء الكلي للصندوق االستثماري‪134.‬‬
‫وبالتالي فصناديق االستثمارتهدف إلى تقديم الخدمات لنوعين من المستثمرين هما‪:135‬‬
‫فئة أولى‪ :‬تملك رأس المال ولكن يصعب عليها إدارتها بمفردها‪ ،‬والقيام باستثمار مدروس‬
‫والتنبؤ باألسعارواألرباح المستقبلية لهذه االستثمارات‪.‬‬
‫وفئة ثانية‪ :‬تمثل أصحاب المدخرات الصغيرة الذين ال يملكون القدر الكافي من رؤوس‬
‫األموال للدخول في استثمارات كبيرة مممونة نسبيا وذات مخاطرأقل‪.‬‬
‫‪133‬م مد علي الاري‪ ،‬ص ب ب ب ببناقفي االس ب ب ب ببتثمار اعسب ب ب ب ب مي‪ ،‬ب ص مادم إلى ندوة التطشئاات االقتصبب ب ب بباقي اعسب ب ب ب ب مئ‬
‫المصرفئ ‪ ،‬المملك العربئ السعوقي ‪ ،‬جدة‪3132 ،‬ه‪ ،‬ذ ‪.1‬‬
‫‪134‬انظر‬
‫‪ ‬حماقي موراق وفرج الله وح م‪ ،‬قور الص ب ب ببناقفي االس ب ب ببتثماري في تفعيل قور الاطاا الوقفي ص ب ب ببندوق اعنماء‬
‫وريف الوقفي الس ب ب ببعوقي نموعجا‪ ،‬مجل العلوم االقتص ب ب بباقي وعلوم التس ب ب ببيير‪ ،‬المجلد ‪ ،39‬العدق األول‪ ،‬قجنشر‬
‫‪ ،1039‬ذ ‪.113‬‬
‫‪ ‬عشد الله بن م مد الدخيل وسلطاد بن م مد الجاسر‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪ 12‬وما فليها‪.‬‬
‫‪135‬حماقي موراق وفرج الله وح م‪ ،‬مرجع سابي‪.111 ،‬‬
‫ثانيا) صناديق االستثماراإلسالمي‪ :‬تعد ظاهرة صناديق االستثماراإلسالمية حديثة النشأة‬

‫بحيث تعود لسنوات قليلة‪ .‬ويقصد بصندوق االستثمار اإلسالمي هو ذلك الذي تلتزم فيه الجهة‬
‫المدبرة له بالموابط الشرعية فيما يخص األصول والخصوم والعمليات فيها‪ ،‬وبخاصة ما‬
‫يتعلق بتحريم الفائدة المصرفية‪ ،‬وتظهر هذه الموابط في نشرة اإلصدار التي تمثل اإليجاب‬
‫الذي بناء على قبول المستثمر له يشترك في ذلك الصندوق‪ ،‬وكذلك تظهر في األحكام والشروط‬
‫التي يوقعه فيها الطرفان عند االكتتاب‪136.‬‬
‫وال تعد هذه الصناديق مجرد وسيط مالي كما هو الحال في صناديق االستثمار التي تنشئها‬
‫شركات االستثمار‪ ،‬والبنوك التقليدية‪ ،‬وشركات التأمين‪ ،‬بل إن هذه الصناديق باإلضافة إلى ذلك‬
‫تعتمد على منهج االستثمار اإلسالمي الذي يمزج بين رأس المال والعمل؛ حيث تقوم المؤسسة‬
‫المالية اإلسالمية التي تركب في تكوين الصندوق بإعداد دراسة اقتصادية لنشاط محدد‪ ،‬وتبين‬
‫جدوى االستثمار فيه‪ ،‬ثم تقوم بتمويله عن طريق االكتتاب‪ ،‬فالعقد الذي يربط بين إدارة‬
‫الصندوق والمكتتبين فيه هو عقد المماربة الشرعية‪ ...‬فإدارة الصندوق هي الممارب في حين‬
‫المساهمين هم أصحاب المال‪137.‬‬
‫ثالثا) الصندوق الوقفي‪ :‬تأتي فكرة الصناديق الوقفية في إطار إدارة وتثمير العمل الوقفي‬
‫بأسلوب مستحدث يجعل من المشاريع الوقفية عبارة عن قوالب تنظيمية تتمتع باالستقالل‬
‫المالي واإلداري وتسعى باستقاللية لتحقيق الحاجات االجتماعية التنموية المطلوبة منها‪138.‬‬
‫وقد سبق لألمانة العامة لألوقاف بدولة الكويت أن عرفت الصناديق الوقفية بأنها‪ " :‬اإلطار‬
‫األوسع لممارسة العمل الوقفي‪ ،‬ومن خاللها يتمثل تعاون الجهات الشعبية مع المؤسسات‬
‫الرسمية في سبيل تحقيق أهداف التنمية الوقفية "؛ والمالحظ أن هذا التعريف تناول الصناديق‬
‫الوقفية من حيث الغاية من إنشائها والمتمثلة في اإلطارالوسع لنشرالعمل الوقفي‪ ،‬وعن طريق‬
‫‪136‬م مد علي الاري‪ ،‬ص ب ب ب ببناقفي االس ب ب ب ببتثمار اعسب ب ب ب ب مي‪ ،‬ب ص مادم إلى ندوة التطشئاات االقتصبب ب ب بباقي اعسب ب ب ب ب مئ‬
‫المصرفئ ‪3132 ،‬ه‪ ،‬ذ ‪.19‬‬
‫‪137‬حماقي موراق وفرج الله وح م‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.111‬‬
‫‪ 138‬وحمد م مد هليل‪ ،‬مجاالت وق ئ ماترح غير تاليدي لتنمئ مسب ببتدام ‪ ،‬الم تمر الثاني لألوقاى الصب ببئي التنموي‬
‫والرؤى المستاشلئ ‪ ،‬جامع ام الارى‪ ،‬مك المكرم ‪ 3111 ،‬ه‪ 1004 /‬م‪ ،‬ذ ‪.19‬‬
‫توسيع قاعدة المشاركة بين القطاعات الشعبية والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية‪،‬‬
‫وتحقيق الغاية السامية لهذه الصناديق وهي تحقيق التنمية الوقفية‪139.‬‬
‫وفي تعريف آخر لصندوق الوقف النقدي الذي يمثل صيغة من الصناديق الوقفية‪ ،‬يعد‬
‫هذا الصندوق وسيطا ماليا واجتماعيا غيرربحي ما بين و اقفين يلتمسون عائدا أخرويا وموقوف‬
‫لهم يحتاجون إلى تمويل ألغراض استهالكية أواستثمارية‪ .‬وبذلك فإن وساطة الصندوق مزدوجة‪:‬‬
‫وساطة مالية ووساطة اجتماعية‪ ،‬وهو ما يترجم الدور التمويلي والدور االجتماعي للصندوق‪140.‬‬
‫ويمثل صندوق الوقف أداة محورية في نظام الوقف‪ ،‬وهو عبارة عن وعاء لتجميع الهبات‬
‫الوقفية النقدية من الو اقفين بغرض استخدامها في الصالح العام‪ ،‬كبناء بعض المر افق أوشق‬
‫طريق أو تمويل طلبة العلم أو غير ذلك مما يندرج ضمن المصلحة العامة‪ .141‬غير أن الطابع‬
‫النقدي للصندوق ال يمنع من امتالك الصندوق لألصول االستثمارية العينية كاألراض ي والمباني‬
‫والمعدات والتجهيزات املختلفة‪.142‬‬
‫وتعد فكرة الصناديق الوقفية تطويرا لفكرة الوقف الجماعي على نحوأكثرمؤسسية‪ ،‬وفيها‬
‫يعلن الصندوق عن استعداده لتلقي أموال الو اقفين وتوكله عنهم في تأسيس أوقاف خيرية أو‬
‫رعاية أوقاف قائمة قد يحدد مجالها بنشرة اإلصدار أو يفوض في اختيار املجال الذي يعتقد‬
‫أهميته‪ ،‬مثل بناء المساجد أو صندوق بناء المياتم أو صندوق طباعة المصحف‪143.‬‬
‫‪139‬وس ببام عشد المجيد عشد ال ميد العاني‪ ،‬ص ببناقفي الوقف االس ببتثماري ق ارسب ب فاهئ اقتص بباقي ‪ ،‬رس ببال ماجس ببتير‪،‬‬
‫الجامع اعس مئ ‪ ،‬نلئ ال ريع والاانود‪ ،‬بغداق‪ ،‬السن الجامعئ ‪3119‬ه ‪ 1002 /‬م‪ ،‬ذ ‪.29‬‬
‫‪140‬رحئم حس ببين‪ ،‬تطوير م سب بس ببات الوقف اعسب ب مي‪ ،‬نموعج ص ببندوق الوقف النادي األص ببغر‪ ،‬الم تمر اعسب ب مي‬
‫العاشببر ل قتصبباق والتمويل اعسب مي الجوانس الم سبسببئ لتصب حات االقتصبباقي والنادي والمالئ ‪ ،‬الدوح ‪ ،‬قطر‪،‬‬
‫‪ 11-11‬مارس ‪ ،1031‬ذ ‪.1‬‬
‫‪141‬رحئم حسين‪ ،‬تصكئي م اريع الوقف المنتج آلئ لترقئ الدور التنموي وقعم نفاءة صناقفي الوقف حال صناقفي‬
‫الوقف الري ئ ‪ ،‬م تمر الصكوك اعس مئ ووقوات التمويل اعس مي‪ ،‬األرقد‪ ،‬نونشر ‪ 1031‬م‪ ،‬ذ ‪.1‬‬
‫البطال والفار في الريف المغاربي‪،،‬‬ ‫‪ 142‬رحئم حسبين‪ ،‬التمويل الريفي األصغر وي قور للصناقفي الوق ئ في مكاف‬
‫للملتاى الدولي الثاني حول المالئ اعسب ب ب ب مئ ‪ ،‬الرؤي اعسب ب ب ب مئ لمااوم الفار والبطال عن طريي ال ناة واألوقاى‬
‫والتمويل األصغر‪ 19-11 ،‬فونيو ‪ ،1031‬ذ‪.9‬‬
‫االقتصب ب بباق‬ ‫‪ 143‬عشد الجبار حمد عشيد السب ب ببشهاني‪ ،‬وقف الصب ب ببكوك وصب ب ببكوك الوقف‪ ،‬مجل جامع الملي عشد الع ي‬
‫اعس مي‪ ،‬العدق الثالص‪ ،‬وكتوبر ‪ ،1031‬ذ ‪.333‬‬
‫رابعا) صندوق االستثمار الوقفي‪ :‬يعتبر الصندوق االستثماري الوقفي صورة من صور‬
‫المستحدثة للوقف الجماعي‪ ،‬والتي أبانت على نتائج استثمارية عالية المردود لألموال الوقفية‬
‫في الدول الغربية قبل الدول اإلسالمية‪144‬؛ ولعل تجربة الواليات المتحدة األمريكية خيردليل على‬
‫ذلك‪ ،‬وأخص تجربة الصناديق االستثمارية الوقفية كوقف تعليمي لجامعة هارفارد األمريكية‪145.‬‬
‫يتكون من مجموعة من الوحدات الوقفية‪ ،‬ويعرف على أنه عن صندوق تتجمع فيه أموال‬
‫وقفية عقارية أو منقولة او نقدية ليتم تشكيل أصل مالي يتم استثماره في أدنى درجات املخاطرة‬
‫لصالح مصرف وقفي محدد بناء على شروط الو اقفين المستثمرين؛ فهو صندوق وقفي تقوم‬
‫"صب ب ببندوق اعنماء وريف‬ ‫‪144‬من بين ص ب ببناقفي االسب ب ببتثماري للوقف التي تم إن بب بباؤها في العالم اعس ب ب ب مي نجد مث‬
‫الوقف" السببعوقي ال ي تم طرحه بالسببوق المالئ للمملك العربئ السببعوقي بتاري ‪ 03‬شببتنشر ‪ ،1032‬وهو صببندوق‬
‫اس ببتثماري وقفي مفتوق ومطروق طرحا عاما‪ ،‬توقف وحداته لص ببالح م سب بسب ب مس ببت ببفى الملي فئص ببل التخص ب بصبببي‬
‫الخيري ‪ ،‬ويهدى الصب ب ببندوق إلى تع ي الدور التنموي لألوقاى من خ ل الم ب ب ببارن في قعم الرعاي الصبب ب ب ئ عشر‬
‫تنمئ األصببول الموقوف للصببندوق واسببتثمارها بما ي اي مشدا التكافل االجتماعي ويعوق بالنفع على مصببارى الوقف‬
‫واألص ببل الموقوى‪ ،‬حيص ياوم مدفر الصب بندوق باس ببتثمار وص ببوله التي ت ببمل الناد والعاارات واألوراق المالئ وغيرها‬
‫بهدى ت ايي نمو في روس المال الموقوى‪ ،‬ب يص فتم توصيع نسببب من العوائد ب ببكل سببنوي ومسببتمر على مصببارى‬
‫الوقف الم دقة للصندوق‪.‬‬
‫انظر‬
‫‪ ‬صبدياي وحمد وفقئاي سعاق‪ ،‬الصناقفي االستثماري الوق ئ نللئ الستثمار وموال الوقف‪ ،‬مجل االقتصاق وإقارة‬
‫األعمال‪ ،‬المجلد الثاني‪ ،‬العدق الساقس‪ ،1032 ،‬ذ ‪.311‬‬
‫‪ ‬حماقي موراق وفرج الله وح م‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.111‬‬
‫‪ "145‬فتصب ببدر وقف جامع هارفرق ترتيس األوقاى التعلئمئ بالواليات المت دة األمريكئ ‪ ،‬وهو صب ببندوق تم إن ب بباؤ من‬
‫التشرعبات التي تت لاباهبا الجبامعب وو إحبدى نلئباتها‪ ،‬ويعتمد حجمها على مادار ما ت صب ب ب ب ب ب ببل علئه من تشرعات‪ ،‬فتنفي‬
‫ج ءا منه على االسببتخدام ال الي‪ ،‬وتسببتثمر ج ءا منه من وجل توليد الدخل‪ ،‬إع تاوم م س بس ب األوقاى الجامعئ في‬
‫المتوسط بس س ما بين ‪ 4%‬إلى ‪ 5%‬من قئم وصولها ل ستخدام ال الي‪.‬‬
‫وال يعتشر وقف جامع هارفرق حسابا منفرقا‪ ،‬ولكنه فت لف من وكثر من ‪ 31000‬صندوق فرقي فتم استثمارها ب كل‬
‫جماعي‪ ،‬ف يمكن إنفاق العائد من ه األموال إال لدعم الغرض الم دق للصب ببندوق‪ ،‬وهو يمنح قعما واسب ببع النطاق‬
‫ومس ببتداما في جمئع مهام الجامع وون ببطتها المعفاة من ال ب برائس‪ ،‬إع تغطي األوقاى رواتس وع بباء هيئ التدريا‬
‫بما في علي األسبتاعي ‪ ،‬والمسباعدات المالئ للكتس الجامعئ ‪ ،‬والمنح الد ارسبئ للخريجين‪ ،‬وال ئاة واألن ببط الط بئ ‪،‬‬
‫كما تدعم الشرامج األكاقيمئ والمكتبات ومتاحف الفنود والمرافي ومجموع من األن ب ب ب ب ب ب ببط األخرى‪ ...‬ويعتشر الوقف‬
‫وكشر مص ب ب ببدر للدخل فدعم مي انئ الجامع ا فتم قفع ج ء من الهبات نتوصيع س ب ب ببنوي لدعم مي انئ الجامع ‪ ،‬في حين‬
‫فتم اعبابباء على وي صيبباقة تتجبباوص هب ا التوصيع السب ب ب ب ب ب ببنوي في الوقف ب يببص يمكن ود تنمو وتببدعم األجئببال الابباقم ب ‪،‬‬
‫ونتئج ل لي يمكن ود فوفر الوقف األساس المالي للجامع ألجئال قاقم "‬
‫انظر صدياي وحمد وفقئاي سعاق‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪ 311‬وما فليها‪.‬‬
‫فكرته انطالقا من الصناديق االستثمارية والتي تعتبروعاء ماليا تكونه مؤسسة مالية متخصصة‬
‫ذات دراية وخبرة في مجال إدارة االستثمارات‪ ،‬بنك أو شركة استثمار مثال‪ ،‬عن طريق تجميع‬
‫مدخرات الفراد والعمل على استثمارها في مجاالت مختلفة تحقق للمستثمرين عائدا ضمن‬
‫مستويات معقولة من املخاطرة عن طريق االستفادة من مزايا التنويع‪146.‬‬
‫وهكذا فالصندوق الوقفي االستثماري هو صندوق استثماري يتيح الفرصة لفئة كبيرة من‬
‫أفراد املجتمع ألجل وقف أموالهم النقدية والعينية‪ ،‬واستثمار أموال الصندوق بمهنية‬
‫واحتر افية لتنمية وتحقيق األرباح وتوزيع العوائد على مصارف الوقف بما يكفل ديمومة الصرف‬
‫على تلك المصارف وزيادة عدد المستفيدين‪ ،‬فهو وعاء يتكون من مجموعة من الوحدات‬
‫الموقوفة المسبل ريعها تحت إدارة شخص مرخص له من هيئة سوق المال‪147.‬‬
‫ورغم وجود بعض أوجه التشابه‪ ،148‬تختلف الصناديق الوقفية عن منتج الصناديق‬
‫االستثمارية الوقفية‪ ،‬فالصناديق الوقفية هي أوعية لجمع األموال وصرفها في أوجه الخير‪ ،‬وأما‬
‫‪146‬صدياي وحمد وفقئاي سعاق‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.310‬‬

‫‪147‬بونرقفد عشد الااقر وسب ب نود جمال الدفن‪ ،‬ص ببناقفي االس ببتثمار الوق ئ نللئ لت ايي االس ببتدام المالئ للجمعئات‬
‫الخيري ‪ ،‬مجل االجتهاق للدراسات الاانونئ واالقتصاقي ‪ ،‬المجلد السابع‪ ،‬العدق الرابع‪ ،1032 ،‬ذ ‪.301‬‬
‫وجاء في قول آخر ود " وتعرى الصببناقفي الوق ئ االسببتثماري على ونها وعاء تتجمع فئه األص ببول الوق ئ من ناد‬
‫وو وس ببهم تس ببتخدم ل ب براء عاارات وممتلكات ووص ببول متنوع تدار على ص ببف م فظ اسب ببتثماري لت ايي وعلى عائد‬
‫ممكن ض ببمن مادار ماشول من المخاطر‪ ،‬والصبببندوق فباى عا ص ببف مالئ إع ود شب براء العاارات واألس ببهم واألصبببول‬
‫المختلف وتمويل العملئات التجاري ال يغير من طشئع ه ا الص ب ب ببندوق ألد نل علي إنما هو اس ب ب ببتثمار لت ايي العائد‬
‫للصبندوق‪ ،‬فلئسبت العاارات عاتها هي الوقف وال األسبهم‪ ،‬ومن تم فإد م تويات ه ا الصبندوق لئسببت ثابت بل تتغير‬
‫ب سبس سبئاسب إقارة الصبندوق‪ ،‬ويعشر عن الصببندوق بالقئم الكلئ لم توياته التي تمثل مشلغا ناديا‪ ،‬وه ا المشلي هو‬
‫الوقف وهو بمثاب العين التي جرى ت شئسببها‪ ،‬واألموال في الصببندوق ماسببم إلى حصببص صببغيرة تكود في متناول‬
‫األفراق من المسبلمين الراغشين في الوقف‪ ،‬وتوجه عوائد الصبندوق إلى وغراض الوقف الم دقة في وثئا االشتراك في‬
‫الصندوق ت ت إشراى ناظر الوقف ويكود للصندوق شخصئ اعتباري إع يسجل على صف وقف‪".‬‬
‫انظر م مد علي الاري‪ ،‬ص ببناقفي الوقف وتكيئفها ال ببرعي‪ ،‬ندوة الوقف في ال ب بريع اعسب ب مئ ومجاالته‪ ،‬المملك‬
‫العربئ السعوقي ‪ ،‬الرياض‪ ،1001،‬ذ ‪.31‬‬
‫‪ " 148‬ون حظ عند إجراء ماارن بين الصندوقين وجوق قدر من الت ابه فئما بينهماا‬
‫‪ ‬ياوم ن الصببندوقين على وسبباس ال بريع اعسب مئ ويلت م ب بوابطها من حيص وحكام فاه المعام ت ومراعاة‬
‫ل وال رام‪ .‬وإقارة الصبندوق الوقفي االسبتثماري تسبتند إلى وجوق مجلا إقارة فتكود من حمل األسبهم وهم‬ ‫ال‬
‫بدورهم يستدود علي إلى مدفر ياوم بتوجئه األسهم حسس نوعها لت ايي المرجوة منها‪.‬‬
‫الصناديق االستثمارية الوقفية فهي جمع للمال بهدف االستثمار ثم صرف أرباح البرنامج‬
‫االستثماري في أوجه الخير‪.149‬‬
‫‪ ‬وما إقارة الص ب ببندوق الوقفي فتس ب ببند إلى مجلا إقارة وي ب ب ببا‪ ،‬إال ونه فتكود من عدق العناص ب ببر ال ب ب ببعشئ ومدفر‬
‫للص ببندوق من بين موظفين قطاا األوقاى‪ ،‬ويتولى مجلا اعقارة إقرار س ببئاس ببات وخطط برامج الص ببندوق في‬
‫نطاق وحكام الوقف‪.‬‬
‫‪ ‬تتم الدعوة لت ب ببكيل الصب ببندوق الوقفي االسب ببتثماري عن طريي المصب ببارى اعس ب ب مئ وو ال ب ببرنات االسب ببتثماري‬
‫اعس مئ المختلف ‪ .‬بينما تتم الدعوة ل كتتاب في الصناقفي الوق ئ عن طريي إقارة األوقاى في الدول ‪.‬‬
‫‪ ‬عدم إمكانئ تص ئ ن الصندوقين إال طباا لت ريع المنظم لألوقاى قاخل الشلد ولئا بإراقة حاملي األسهم وو‬
‫مدبريه‪".‬‬
‫انظر وسبام عشد المجيد العاني‪ ،‬ن و تسبويي اسبتراتئجي للصبندوق الوقفي االسبتثماري‪ ،‬مجل االقتصاق اعس مي‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،13‬العدق ‪ ،124‬وبريل ‪ ،1013‬ذ ‪.100‬‬
‫‪149‬بونرقفد عشد الااقر وس نود جمال الدفن‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.301‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أنواع صناديق االستثمارالوقفية‬
‫إذا كانت الصناديق االستثمارية تتنوع وتتعدد تبعا للمعاييرالمعتمدة في تصنيفها فتفرزلنا‬
‫في الغالب صنفين أو اكثر من تلك الصناديق المتقابلة فيما بينها حسب كل معيار‪ ،150‬فإنه على‬
‫العكس من ذلك نجد صناديق االستثمار الوقفية ال تخمع لنفس القاعدة إذا ما تم تصنفيها‬
‫طبقا لذات المعايير‪151‬؛ فنظرا لخصوصية األموال الوقفية وما يتطلبه االستثمار فإننا نكون‬
‫أمام مجموعتين من المعايير‪ :‬مجموعة أولى يصنف لنا كل واحد منها صناديق االستثمارالوقفية‬
‫إلى نوعين اثنين (أوال)‪ ،‬ومجموعة أخرى ال تصنف الصناديق المذكورة إلى نوع واحد (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال) أنواع صناديق االستثمارالوقفية حسب المعاييرالمتعددة التصنيف‪:‬‬
‫أ) من حيث الدعوة لالكتتاب فيها‪ :‬فقد تكون صناديق االستثمار الوقفي إما نوع الطرح‬
‫العام حيث تتم دعوة الجميع للمشاركة فيها‪ ،‬أو تكون من نوع الطرح الخاص حيث يفتح‬
‫باب المشاركة لعدد محدود من المشاركين‪.‬‬
‫ب) من حيث هيكل الرأسمال‪ :‬قد تكون صناديق االستثمار الوقفية مفتوحة حيث تكون‬
‫ذات رأسمال متغير تزداد بإنشاء وحدات جديدة‪ ،‬أو تنقص كما إذا تعلق األمر بالوقف‬
‫المؤقت‪ .‬كما يمكن أن تكون هذه الصناديق مغلقة حيث تقوم بإصدار كامل رأسمالها‬
‫مرة وادة لالكتتاب العام عند تأسيسها ومن تم يكون العدد الكلي لوحدات االستثمار‬
‫المصدرة غيرقابلة للزيادة‪.‬‬
‫ت) من مكان االستثمار‪ :‬قد يكون نطاق استثمار صندوق االستثمار الوقفي وطنيا ال يتجاوز‬
‫حدود البلد الذي ينتمي إليه‪ ،‬أو قد يكون نطاقه أوسع من ذلك فيكون عالميا‪.‬‬
‫ث) من حيث تحمل تكلفة البيع‪ :‬تبعا لهذا المعيار فصندوق االستثمار الوقف قد يكون‬
‫محمال يقوم بتسويق إصداراته من الوثائق من خالل منافذ توزيع (رجال بيع أوسماسرة)‬
‫‪150‬انظر‬
‫‪ ‬عشد الله بن م مد الدخيل وسلطاد بن م مد الجاسر‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪ 12‬وما فليها‪.‬‬
‫‪ ‬بونرقفد عشد الااقر وس نود جمال الدفن‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪ 301‬وما فليها‪.‬‬
‫‪ ‬جعفر سمئ ‪ ،‬مرجع‪ ،‬سابي‪ ،‬ذ ‪ 90‬وما فليها‪.‬‬
‫‪151‬صدياي وحمد وفقئاي سعاق‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.313‬‬
‫مقابل رسوم يتحملها المستثمر الذي يشتري الوثيقة‪ ،‬وتماف قيمة عمولة السمسار‬
‫الكلية إلى صافي قيمة األصول‪ .‬أو قد يكون الصندوق غيرمحمل يقوم بتسويق إصداراته‬
‫مباشرة دون وسطاء من خالل اإلعالن عنها في وسائل اإلعالم املختلفة‪.‬‬
‫ثانيا) أنواع صناديق االستثمارالوقفية حسب المعاييرأحادية التصنيف‪:‬‬
‫أ) من حيث األهداف التي يسعى إليها الصندوق‪ :‬تصنف صناديق االستثمارالوقفية ضمن‬
‫صناديق الدخل التي تهدف إلى تحقيق عائد دوري مناسب على االستثمار‪ ،‬وهو بذلك‬
‫ليس من صناديق النمو ذات العائد التراكمي لرأسمال‪ ،‬أو تلك الصناديق المتوازنة ذات‬
‫الطبيع ة املختلفة التي تجمع بين النوعين السابقين‪ ،‬ثم أنه ليس من صناديق المريبة‬
‫التي تسعى دون دفع المريبة على األرباح من قبل المستثمرين؛ والتي ال تقوم بتوزيع‬
‫األرباح المتحصلة من االستثمار عليهم و إنما تعيد استثمارها في محافظ مالية مقابل‬
‫حصوص المستثمرين على أسهم أو وثائق إضافية بما يعادل قيمتها‪.‬‬
‫ب) من حيث محل االستثمار‪ :‬تعد صناديق االستثمارالوقفية من الصناديق التي تستثمرفي‬
‫مجاالت استثمارية قليلة املخاطر كالعقار والسلع والمعادن النفيسة وغيرها‪ ...‬دون‬
‫املجاالت ذات املخاطركالعمالت واألسهم‪.‬‬
‫ت) من حيث السياسات واالستراتيجيات المتبعة‪ :‬تعتبر صناديق االستثمارية للوقف من‬
‫قبيل الصناديق المتحفظة الدفاعية التي ال تتقبل استثمارات عالية املخاطر‪ ،‬وبالتالي‬
‫فهي ليست بالصناديق الهجومية التي تكون استثماراتها عالية املخاطر أو حتى تلك‬
‫الصناديق المتوازنة التي تحاول التوليف بين النوعين السابقين‪.‬‬
‫وهكذا وبعد التطرق لكل من مفهوم صندوق االستثمارالوقفي و أنواعه املختلفة سنحاول‬
‫في المطلب الموالي بحث مختلف العالقات القانونية التي يتميزبها وكذا المزايا والخصائص التي‬
‫يتمتع بها كأسلوب جديد في استثماراألمالك الوقفية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬العالقات القانونية لصندوق االستثمارالوقفي ومزاياه‬
‫يتميز صندوق االستثمار الوقفية بوصفه مؤسسة قانونية بوجود شبكة من العالقات‬
‫املختلفة أبرزها ما يربط مدير هذا الصندوق بمجموعة من المتدخلين فيه (الفقرة األولى)‪ ،‬كما‬
‫ألن لهذه المؤسسة مجموعة من المزايا والخصائص التي تبرر اللجوء إليه كصيغة عصرية‬
‫لالستثمارات الوقفية يمكن الركون إليه لتحقيق التنمية الشاملة في أي بلد (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬العالقات القانونية لصندوق االستثمار الوقفي‬
‫يقوم عمل صندوق االستثمار الوقفي على شبكة من العالقات القانونية حيث نجد مديره‬
‫طرفا أصيال فيها‪ ،152‬وهي كالتالي‪:‬‬
‫أوال) العالقة بين الو اقفين ومدير الصندوق االستثماري الوقفي‪ :‬هذه العالقة ينظر إليها‬
‫من زاويتين اثنتين؛ أولهما أنها عالقة وكالة بأجر على اعتبار أن مدير الصندوق يربطه عقد مع‬
‫مجموعة الو اقفين يلزمه بإدارة الوحدات الوقفية المكونة لهذا الصندوق مقبل أجر يتقاضاه‬
‫على ذلك‪ ،‬وثانيهما أنها عالقة مماربة حيث يقدم الو اقفون األموال ويتولى مدير الصندوق‬
‫العمل على استثمارها نظيرحصة من معلومة من األرباح‪.‬‬
‫ثانيا) العالقة بين مجلس صندوق االستثمارالوقفي ومديره‪ :‬يتولى مجلس الصندوق عملية‬
‫اإلشراف على أعمال مديره‪ ،‬وهو مكون من مجموعة من األعماء الذين يمثلون الو اقفين‪،‬‬
‫ويمكن إجمال مهام املجلي فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .9‬اتخاذ القرارات في جميع العقود والتقاريرالجوهرية التي يكون الصندوق طرفا فيها‪.‬‬
‫‪ .2‬اإلشراف على أعمال الصندوق التي ينجزها مديره‪.‬‬
‫‪ .1‬مر اقبة مدى التزام المديرالنصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بعمل الصندوق‪.‬‬
‫‪ .2‬التأكد من قيام المديربمسؤولياته بما يحقق مصلحة مالكي الوحدات وفقا لشروط قيام‬
‫الصندوق واألحكام المنظمة له‪.‬‬
‫ثالثا) العالقة بين مدير صندوق االستثمار الوقفي وهيئة السوق المالية‪ :‬يعتبر مدير‬
‫صندوق االستثمار الوقفي‪ ،‬بوصفه ممثله القانوني‪ ،‬المسؤول األول أمام هيئة السوق المالية‬
‫فهي التي ترخص إلنشاء الصندوق‪ ،‬وتعمل على التأكد من سالمته ومو افقته للشروط النظامية‪،‬‬
‫وتر اقب عمله‪ ،‬ومدى التزام المديربشروط الصندوق وأحكامه‪.‬‬
‫‪152‬عشد الله بن م مد الدخيل وسلطاد بن م مد الجاسر‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪ 11‬وما فليها‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مزايا صناديق االستثمارالوقفية‬
‫يتمتع العمل في قطاع األوقاف عن طريق الصناديق االستثمار الوقفي بمجموعة من‬
‫المزايا‪ ،153‬والتي يمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬
‫أوال) إدارة االستثمارات من طرف جهة متخصصة‪ :‬يتم خالل العمليات االستثمارية املجزة‬
‫من قبل مدير الصندوق االستفادة من خبرة وكفاءة هذا العنصر في اتخاذ أفمل القرارات‬
‫االستثمارية‪ ،‬ومنح الو اقفين غير المتخصصين في االستثمار ومهارات التحليل المالي فرصة‬
‫لالستفادة من معرفة ومهنية املختصين بهذا مجال إدارة واستثمار األصول‪ ،‬كما يسمح للوقف‬
‫بالوصول إلى أفمل النتائج االستثمارية الممكنة‪.‬‬
‫ثانيا) الرقابة الجيدة على العمل الوقفي‪ :‬تخمع صناديق االستثمارالوقفي لرقابة واسعة‬
‫داخلية يمارسها مجلس الصندوق وأخرى خارجية وذات طابع مزدوج بشراكة كل من الجهة‬
‫الحكومية المكلفة باإلشراف على قطاع األوقاف داخل البلد و أيما من قبل هيئة السوق‬
‫المالية‪ ،‬وعنصر الرقابة هذا يساهم بشكل أساس ي في تتبع وتوطيد دعائم األعمال االستثمارية‬
‫التي ينهجها الصندوق على أسس سليمة‪.‬‬
‫ثالثا) الرفع من شفافية أداء األوقاف‪ :‬تعد صناديق االستثمار الوقفية ملزمة باإلفصاح‬
‫الدوري عن نتائج أعمالها وما حقته خالل االستثمارات التي قامت بها‪ ،‬ويتعلق األمر بمختلف‬
‫التقاريرالتي تنجزها الجهة مدبرة هذه الصناديق والتي تبين قدرة هذه األخيرة على تنميتها‪ ،‬إذا أن‬
‫المعلومات متاحة للجميع‪ ،‬يكون أمام جمهور الو اقفين المتبرعين كافة المعطيات التي تمكنهم‬
‫من المقارنة بين كفاءة مختلف الصناديق المذكورة‪154.‬‬
‫‪153‬انظر‬
‫‪ ‬بونرقفد عشد الااقر وس نود جمال الدفن‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.304‬‬
‫‪ ‬حسين عشد المطلس األسرج‪ ،‬قور الصناقفي الوق ئ في التنمئ ‪ ،‬مجل ب وث إس مئ واجتماعئ متادم ‪،‬‬
‫المجلد الثاني‪ ،‬العدق الرابع‪ ،‬وكتوبر ‪ ،1031‬ذ ‪ 111‬وما فليها‪.‬‬
‫‪ ‬حماقي موراق وفرج الله وح م‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.111‬‬
‫‪ 154‬نظ ار للتطور التكنولوجي ال ي وصبببح العالم يعئ ببه فإد نثير من الهيئات الم ببرف على األوقاى تلج إلى ال بببك‬
‫العنكشوتئ لن ببر التاارير المتعلا بص ببناقفي االس ببتثمار الوق ئ وما تنج من اعمال اس ببتثماري لفترات صمنئ مختلف ا‬
‫ومن علب ببي منصب ب ب ب ب ب ب ب ب الهيئ ب ب العب ببام ب ب لألوقب بباى بب ببالمملك ب ب العربئ ب ب السب ب ب ب ب ب ببعوقي ب ب عات الرابط العنواد االلكتروني‬
‫‪www.awqaf.gov.sa‬‬
‫رابعا) تنويع االستثمارات وتقليل املخاطر‪ :‬يتيح االستثمار في إطار صناديق االستثمار‬
‫الوقفية للو اقف إمكانية تنويع استثماراته بتكلفة أقل نسبيا من االستثمارالمباشر‪ ،‬كما تقلل‬
‫من املخاطر االستثمارية نتيجة لتنوع الوحدات الوقفية التي يمتلكها الصندوق‪ ،‬باإلضافة على‬
‫التوزيع الممنهج لالستثمارات عبر نطاق أوسع من األصول والمناطق الجغر افية واملجاالت‬
‫االستثمارية تقليال من مخاطرتركزاألصول واالستفادة من تباين عوائدها‪.‬‬
‫خامسا) فتح األبواب أمام المشاركة الشعبية للمساهمة في األوقاف‪ :‬ويهم األمر هنا‬
‫باألساس شريحة واسعة من المواطنين التي تمكنهم الصناديق االستثمارية الوقفية من‬
‫المساهمة في إقامة مشاريع وقفية متنوعة‪ ،‬صغيرة أو ضخمة‪ ،‬بما لهذه الصناديق من إمكانية‬
‫تقسيم الرأسمال المطلوب ألجل إنجاز تلك المشاريع‪ ،‬مهما كان كبير‪ ،‬إلى وحدات صغيرة تكون‬
‫في متناول جميع الشرائح االجتماعية وإعطائهم بالتالي الفرصة في القيام بتلك األوقاف‪.‬‬
‫سادسا) تجديد الدور التنموي للوقف‪ :‬يساهم االستثمار في قطاع األوقاف عن طريق‬
‫صناديق االستثمارالوقفية في تجديد الدورالتنموي لهذا القطاع وجعله ر افعة أساسية لتحقيق‬
‫التنمية الشاملة من خالل‪:‬‬
‫‪ .9‬تحقيق االستدامة المالية للجهات غير الحكومية والمؤسسات الوقفية عن طريق‬

‫االستفادة من عوائد الصناديق وفق قواعد محددة‪.‬‬
‫‪ .2‬سد حاجات املجتمع بمختلف شرائحه املختلفة‪ ،‬خاصة الهشة منها‪ ،‬في مجاالت‬
‫تنموية متنوعة اقتصادية واجتماعية‪.‬‬
‫‪ .1‬تطويراألداء في العمل في مجال الوقف باعتماد آليات الحكامة الجيدة في تدبيراألمالك‬

‫الوقفية واعتماد الكفاءة والخبرة في المهنية الالزمة في تحقيق النتائج المرضية‪.‬‬
‫وهذا باإلضافة ألهداف أخرى تشترك فيها مع الصناديق الوقفية ويتعلق األمرب‪:‬‬
‫‪ .9‬إحياء سنة الوقف بالدعوة إلى مشروعات تجد القابلية لدى جمهورالو اقفين‪.‬‬
‫‪ .2‬إشباع حاجات الفئات االجتماعية الهشة واملحتاجة للدعم ألجل تحقيق االندماج‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫‪ .1‬تطويرالعمل الخيري من خالل نموذج جديد لتدبيراألوقاف‪.‬‬
‫وهكذا ومن خالل المزايا والخصائص التي يتمتع بها االستثماربواسطة الصناديق الوقفية‬
‫لالستثمار بوصفها صيغة من بين الصيغ المستحدثة لالستثمار الوقفي مدى الفرص المتاحة‬
‫أمام المغرب لالستفادة منه لتحقيق النهمة المنشودة على مستوى التنمية الشاملة بالبالد؛‬
‫وذلك بحكم القاعدة الواسعة ملجموع الو اقفين المساهمين فيه لما يتميز به من صغر حجم‬
‫القيم الوقفية المدرجة فيه‪ ،‬وكذا بالنظر للفرص المتاحة من خالله لتحريك عجلة االقتصاد‬
‫الوطني وتشجيع االستثمار الداخلي والخارجي‪ ،‬و أيما من خالل التخفيف على الميزانية العامة‬
‫للدولة في تلبية حاجيات عامة ذات طابع أساس ي وملح لشيحة من المواطنين بوصفهم موقوف‬
‫عليهم‪ ،‬هي في األصل تشكل التزامات أصيلة لها اتجاههم‪ ،‬وبما يتيح إمكانية توجيه العديد من‬
‫االعتمادات اتجاه مشاريع عمومية أخرى أو صوب مناطق أخرى هي أيما في حاجة ماسة لها‪.‬‬
‫هذا باإلضافة إلى الطابع المؤسساتي المنظم والحكامة الجيدة التي يتمتع بها هذا النوع‬
‫من االستثمار الوقفي الذي يحول دون اإلخالل برصيد األموال الوقفية المرصودة لذلك‬
‫االستثمار والعمل على املحافظة عليها واستدامتها حتى تحقق األهداف المرجوة منها وفق منهج‬
‫يطبعه النجاعة في تحقيق تلك األهداف‪.‬‬
‫الئحة المصادروالمراجع‪:‬‬
‫أسامة عبد املجيد العاني‪ ،‬نحو تسويق استراتيجي للصندوق الوقفي‬ ‫‪‬‬
‫االستثماري‪ ،‬مجلة االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬املجلد ‪ ،29‬العدد ‪ ،226‬أبريل ‪.2729‬‬
‫عبد الله بن محمد الدخيل وسلطان بن محمد الجاسر‪ ،‬الصناديق االستثمارية‬ ‫‪‬‬
‫الوقفية‪ :‬دراسة نظرية تطبيقية‪ ،‬مكتبة الملك فهد‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،‬دون ذكر‬
‫الطبعة‪ 9212 ،‬ه‪.‬‬
‫محمد علي القري‪ ،‬صناديق االستثماراإلسالمي‪ ،‬بحث مقدم إلى ندوة التطبيقات‬ ‫‪‬‬
‫االقتصادية اإلسالمية المصرفية‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،‬جدة‪9292 ،‬ه‪.‬‬
‫حمادي موراد وفرج الله أحالم‪ ،‬دورالصناديق االستثمارية في تفعيل دورالقطاع‬ ‫‪‬‬
‫الوقفي‪ :‬صندوق اإلنماء وريف الوقفي السعودي نموذجا‪ ،‬مجلة العلوم االقتصادية وعلوم‬
‫التسيير‪ ،‬املجلد ‪ ،91‬العدد األول‪ ،‬دجنبر‪.2791‬‬
‫أحمد محمد هليل‪ ،‬مجاالت وقفية مقترحة غير تقليدية لتنمية مستدامة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫المؤتمر الثاني لألوقاف‪ :‬الصيغ التنموية والرؤى المستقبلية‪ ،‬جامعة ام القرى‪ ،‬مكة المكرمة‪،‬‬
‫‪ 9220‬ه‪ 2776 /‬م‪.‬‬
‫أسامة عبد املجيد عبد الحميد العاني‪ ،‬صناديق الوقف االستثماري‪ :‬دراسة‬ ‫‪‬‬
‫فقهية اقتصادية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪ ،‬كلية الشريعة والقانون‪ ،‬بغداد‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪9221‬ه ‪ 2772 /‬مص ‪.21‬‬
‫رحيم حسين‪ ،‬تطوير مؤسسات الوقف اإلسالمي‪ ،‬نموذج صندوق الوقف‬ ‫‪‬‬
‫النقدي األصغر‪ ،‬المؤتمر اإلسالمي العاشر لالقتصاد والتمويل اإلسالمي‪ :‬الجوانب المؤسسية‬
‫لإلصالحات االقتصادية والنقدية والمالية‪ ،‬الدوحة‪ ،‬قطر‪ 22-21 ،‬مارس ‪.2792‬‬
‫رحيم حسين‪ ،‬تصكيك مشاريع الوقف المنتج‪ :‬آلية لترقية الدور التنموي ودعم‬ ‫‪‬‬
‫كفاءة صناديق الوقف حالة صناديق الوقف الريفية‪ ،‬مؤتمر الصكوك اإلسالمية وأدوات‬
‫التمويل اإلسالمي‪ ،‬األردن‪ ،‬نونبر‪ 2791‬م‪.‬‬
‫رحيم حسين‪ ،‬التمويل الريفي األصغر أي دور للصناديق الوقفية في مكافحة‬ ‫‪‬‬
‫البطالة والفقر في الريف المغاربي؟‪ ،‬للملتقى الدولي الثاني حول المالية اإلسالمية‪ ،‬الرؤية‬
‫اإلسالمية لمقاومة الفقر والبطالة عن طريق الزكاة واألوقاف والتمويل األصغر‪ 21-20 ،‬يونيو‬
‫‪.2791‬‬
‫عبد الجبارحمد عبيد السبهاني‪ ،‬وقف الصكوك وصكوك الوقف‪ ،‬مجلة جامعة‬ ‫‪‬‬
‫الملك عبد العزيز‪ :‬االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬أكتوبر‪.2792‬‬
‫صديقي أحمد وفقيقي سعاد‪ ،‬الصناديق االستثمارية الوقفية كآلية الستثمار‬ ‫‪‬‬
‫أموال الوقف‪ ،‬مجلة االقتصاد وإدارة األعمال‪ ،‬املجلد الثاني‪ ،‬العدد السادس‪.2792 ،‬‬
‫بوكرديد عبد القادر وسحنون جمال الدين‪ ،‬صناديق االستثمار الوقفية كآلية‬ ‫‪‬‬
‫لتحقيق االستدامة المالية للجمعيات الخيرية‪ ،‬مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية‪،‬‬
‫املجلد السابع‪ ،‬العدد الرابع‪.2792 ،‬‬
‫محمد علي القري‪ ،‬صناديق الوقف وتكييفها الشرعي‪ ،‬ندوة الوقف في الشريعة‬ ‫‪‬‬
‫اإلسالمية ومجاالته‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،‬الرياض‪.2772،‬‬
‫أسامة عبد املجيد العاني‪ ،‬نحو تسويق استراتيجي للصندوق الوقفي‬ ‫‪‬‬
‫االستثماري‪ ،‬مجلة االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬املجلد ‪ ،29‬العدد ‪ ،226‬أبريل ‪.2729‬‬
‫حسين عبد المطلب األسرج‪ ،‬دور الصناديق الوقفية في التنمية‪ ،‬مجلة بحوث‬ ‫‪‬‬
‫إسالمية واجتماعية متقدمة‪ ،‬املجلد الثاني‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬أكتوبر‪.2792‬‬
‫الطعون في أحكام المحكمة الع ّق ّ‬

‫ارية‬
‫‪Appeals against the decisions of the real estate Court‬‬
‫تقوم أحكام الفصل الثاني من مجلة الحقوق العينية على تفرقة أساسية بين العقار‬
‫والمنقول‪ 155،‬وعلى عكس المنقول يعتبرمن العقارات كل ش يء ثابت في مكانه ال يمكن نقله دون‬
‫تلف‪ 156،‬وبمواصفاته تلك يكون للعقارقيمة جوهرية‪ ،‬ويمثل على هذا األساس موضوعا للقانون‬
‫العقاري الذي يرتبط من حيث األصل بقانون األموال‪ ،‬وهذا األخير يعد فرعا من فروع القانون‬
‫المدني‪157.‬‬
‫لكن بالرغم من هذا الترابط فإن مرجع النظر في المادة العقارية يخرج عن مجال نظر‬
‫املحاكم العدلية ويدخل ضمن اختصاص املحكمة العقارية‪ ،‬التي كانت تعرف باملجلس املختلط‬
‫العقاري الذي أحدث عمال بأحكام الفصل ‪ 11‬من القانون المؤرخ في غرة جويلية ‪ 9222‬المتعلق‬
‫بالملكية العقارية‪ ،‬ثم أصبحت تعرف باملحكمة العقارية بمقتض ى األمر العلي المؤرخ في ‪91‬‬
‫فيفري ‪ ،9120‬وبذلك فهي تعد أقدم محكمة في تونس وهي محكمة مدنية مختصة إال أنه يصعب‬
‫تحديد موقعها في التنظيم القمائي المدني ألنها لم تنشأ في إطار المبدأ العام للتقاض ي على‬
‫درجتين‪158.‬‬
‫القماء العقاري إذن‪ ،‬يختص بالنظر في النزاعات العقارية‪ ،‬فحسب األستاذ أحمد بن‬
‫طالب‪ 159‬للقماء العقاري مفهومان‪ ،‬أولهما واسع وثانيهما ضيق‪ ،‬ففي مفهومه الواسع نميز بين‬
‫البعد الموضوعي المتمثل في النطق باألحكام طبق القانون لفصل نزاعات حول عقارات‪ ،‬والبعد‬
‫الهيكلي المتمثل في كل محكمة أو هيئة حكمية ذات نظرأصلي أو عرض ي في مسائل عقارية‪ ،‬وعلى‬
‫‪ 155‬حسب الفصل الثاني من مجلة الحقوق العينية‪ :‬ىينقسم المال إلى عقار ومنقولى‪.‬‬
‫‪156‬ورد بالفصل ‪ 4‬من مجلة الحقوق العينية‪ :‬ىالعقار هو كل شيء ثابت في مكانه ال يمكن نقله دون تلفى‪.‬‬
‫‪157‬زينة الصيد‪ :‬محاضرات في القانون العقاري التونسي‪ ،‬ص ‪( .4‬محاضرات منشورة)‪.‬‬
‫‪158‬محمد كمال شرف الدين‪ :‬قانون مدني‪ ،‬النظرية العامة‪ -‬األشخاص‪ -‬إثبات الحقوق‪ ،‬الطبعة األولى المطبعة الرسمية‬
‫للجمهورية التونسية ‪ ،2002‬ص‪.444‬‬
‫‪159‬أحمد بن طالب‪ :‬دراسة منشورة بالمجلة القانونية التونسية ‪ ،2040‬ص ‪ 77‬و‪.400‬‬
‫هذا األساس تعد املحكمة العقارية صاحبة االختصاص األصلي‪ ،‬و يكون للمحكمة االبتدائية‬
‫اختصاصا عرضيا باعتبارها تنظر في الدعاوى االستحقاقية العقارية وبالمثل تنظر املحكمة‬
‫اإلدارية فيما يتعلق بالملك العمومي واالنتزاع من أجل المصلحة العمومية‪.‬‬
‫وبالرغم من أهمية هذه التفرقة فإن المعيار المعتمد يبقى عاما وضبابيا‪ ،‬فكون النزاع‬
‫حول عقارال يغيرشيئا من الوظيفة القمائية وفي تطبيق القانون كما لو كان النزاع حول منقول‪،‬‬
‫وبهذا المعيار أيما ال يمكن حصر النزاعات العقارية‪ ،‬وبذلك يتجه التمييق في هذا المفهوم‪،‬‬
‫حتى يكون المعنى أكثر دقة ووضوحا‪ ،‬وبهذا المعنى يكون القماء العقاري هو قماء املحكمة‬
‫العقارية‪.‬‬
‫إن المتـأمل في غزارة أحكام النصوص القانونية المتعلقة بالمادة العقارية يمكنه استنتاج‬
‫التطورالذي عرفته املحكمة العقارية على المستوى الهيكلي‪ ،‬الوظيفي واالجرائي خاصة‪.‬‬
‫فمنذ نشأتها كانت املحكمة العقارية تتكون من خمس قماة‪ ،‬ثم أصبحت عمال بمقتض ى‬
‫أحكام مرسوم ‪ 27‬فيفري ‪ 9162‬المتعلق بنظام التسجيل االجباري تنظربتركيبة ثالثية في مطالب‬
‫التسجيل‪ ،‬ولئن مثل التسجيل العقاري االختياري واالجباري على السواء مرجع نظرها األصلي منذ‬
‫صدورمجلة الحقوق العينية فإنه في سنة ‪ 9112‬صدرالقانون المتعلق بتحيين الرسوم العقارية‬
‫وتخليصها من الجمود في ‪ 20‬أفريل ‪ 9112‬ليميف لها اختصاصا حكميا وقد كانت والية املحكمة‬
‫العقارية بصفة فعلية على الرسوم املجمدة منذ صدورقانون التحيين الثاني المؤرخ في ‪ 97‬أفريل‬
‫‪ 2779‬والذي تم تنقيحه بموجب القانون عدد‪ 60‬لسنة ‪ 2771‬المؤرخ في ‪ 92‬أوت ‪ 2771‬حيث تم‬
‫إقرار الطعن باالستئناف في أحكام التحيين الصادرة عن دو ائر املحكمة العقارية‪ ،‬وضمن نفس‬
‫السياق اإلجرائي شهدت حجية أحكام التسجيل العقاري تدرجا تشريعيا في اتجاه الحد منها‪ ،‬ففي‬
‫مرحلة أولى امتدت بين سنتي ‪ 9222‬و ‪ 9112‬كانت أحكام املحكمة العقارية المتعلقة بالتسجيل‬
‫باتة غير قابلة للرجوع فيها‪ ،‬ثم وفي مرحلة الحقة أقر القانون عدد ‪ 97‬لسنة ‪ 9112‬المؤرخ في‬
‫‪ 9112/79/21‬المتعلق بتنقيح بعض فصول مجلة الحقوق العينية إمكانية مراجعة أحكام‬
‫املحكمة العقارية المتعلقة بالتسجيل‪ 160،‬وتواصل األمرعلى هذه الشاكلة إلى تم في مرحلة ثالثة‬
‫‪ 160‬في هذا الخصوص ورد بالفصل ‪ 440‬من مجلة الحقوق العينية أنه‪ :‬ى لألقارب أو األصدقاء ووكيل الجمهورية‬
‫وحكام النواحي والوالة صفة القيام مباشرة باالعتراض نيابة عن القصر والغائبينى‪.‬‬
‫اعتباراألحكام القاضية بالتسجيل في المادة العقارية نهائية قابلة للطعن بالتعقيب طبقا لما جاء‬
‫بمقتض ى القانون عدد ‪ 60‬لسنة ‪ 2772‬المؤرخ في ‪ 2772/99/71‬من أحكام‪.‬‬
‫ومن المؤكد أن خيارات المشرع عبرإقرارالطعن في األحكام الصادرة عن املحكمة العقارية‬

‫قد جاءت حسما للجدل الفقهي والفقه قمائي حول مدى قابلية األحكام الصادرة عن املحكمة‬
‫العقارية في مادة التحيين للطعن هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى كانت بهدف التخلي عن الصبغة‬
‫الباتة لألحكام القاضية بالتسجيل‪ ،‬األمر الذي يمثل ضمانة أساسية لحماية حق الملكية الذي‬
‫أكساه المشرع صبغة دستورية‪.‬‬
‫ومن الناحية التطبيقية اختلفت هذه الطعون في المادة العقارية عن نظيرها في المادة‬
‫المدنية والتجارية‪ ،‬وهو ما تجلى بوضوح على المستوى اإلجرائي‪ ،‬فقد اختلفت اآلجال وتغيرت‬
‫اآلثار وهي خصائص جديدة فرضتها طبيعة المادة العقارية ككل‪ ،‬فكون العقار وحق الملكية‬
‫باألساس يمثل موضوع نظر من قبل املحكمة العقارية فإن هذا يجعل من الصعوبة بمكان‪،‬‬
‫فحفظ الحقوق العقارية يبقى دائما من أصعب المهام القمائية‪.‬‬
‫وفي محاولة لمبط خصوصية الطعون في أحكام املحكمة العقارية يكون مهما طرح‬
‫اإلشكالية التالية‪ :‬ماهي خصوصية الطعون في األحكام الصادرة عن املحكمة العقارية؟‬
‫أمام ما يمكن مالحظته اليوم من تشعب للنزاعات العقارية وتعقدها على شاكلة خطيرة‪،‬‬
‫تدخل المشرع التونس ي عديد المرات بموجب تنقيحات متتالية تهم المادة العقارية‪ ،‬فبهدف‬
‫توفير أكثر ضمانات للمتقاضين تم إقرار مبدأ التقاض ي على درجتين من خالل تكريس الطعن‬
‫باالستئناف في األحكام الصادرة في مادة التحيين (مبحث أول) والطعن بالتعقيب في أحكام‬
‫املحكمة العقارية القاضية بالتسجيل (مبحث ثاني)‪.‬‬
‫مبحث أول‪ :‬خصوصية الطعن باالستئناف في األحكام الصادرة في مادة التحيين‬
‫لقد كرس المشرع التونس ي الطعن باالستئناف في مادة التحيين ونظرا لتعلقه بالمادة‬
‫العقارية فإن لهذا الطعن خصوصية على مستوى اإلجراءات المتبعة (فقرة أولى) واألثارالمترتبة‬
‫(فقرة ثانية)‬
‫فقرة أولى‪ :‬خصوصية الطعن باالستئناف من حيث اإلجراءات المتبعة‬
‫إن المنطق يقتض ي أن يكون لكل عقار رسم عقاري يحفظه‪ ،‬يعرفه ويمبط حدوده‪ ،‬وهو‬
‫الهدف الذي يرمي إليه المشرع من إقراروجوبية التسجيل‪ ،‬الذي يقصد به إخماع العقارلنظام‬
‫اإلشهارالعقاري وذلك بإقامة رسم عقاري للعقار‪ ،‬وإدراجه بالسجل العقاري المتمثل في مجموع‬
‫الرسوم العقارية المتعلقة بالعقارات الذي تمسكه إدارة الملكية العقارية‪ 161،‬إذ يتوجب إدراج‬
‫كل العمليات المتعلقة بالعقار بذات السجل‪ ،‬وفي صورة عدم احترام ذلك االجراء يصبح الرسم‬
‫العقاري مجمدا‪ ،‬والمقصود هنا ذلك الرسم الذي ال تتطابق وضعيته القانونية مع وضعيته‬
‫الو اقعية‪ ،‬وبالنظر لوضعيته تلك يتجه تحيينه وتخليصه من جموده‪ ،‬وهي وظيفة موكولة‬
‫للمحكمة العقارية‪ ،‬فحسب قراروزيرالعدل المؤرخ في ‪ 17‬ماي ‪ 2796‬المتعلق بمبط مرجع نظر‬
‫املحكمة العقارية يتمثل مرجع النظرالحكمي للمحكمة العقارية في‪:‬‬
‫‪ -‬التسجيل العقاري بنوعيه االختيار عن طريق المطالب الخاصة واالجباري عن طريق‬

‫المسح وذلك في كامل تراب الجمهورية‬
‫‪ -‬تحيين الرسوم العقارية وتخليصها من الجمود‬
‫‪ -‬مراجعة األحكام الصادرة عنها وإصالحها‬
‫‪ -‬النظر في الطعون التي توجه ضد قرارات اللجان الجهوية لتحيين الرسوم أو ضد قرارات‬
‫حافظ الملكية العقارية‪.‬‬
‫وتعد أحكام املحكمة العقارية من حيث المبدأ أحكاما والئية‪ ،‬والمقصود بذلك أنها ال‬
‫تتعلق بخصومة قمائية بل تقرر ما كان موجودا من الحقوق‪ ،‬ومهما يكن من أمر فإن الطعن‬
‫باالستئناف يمل ضمانة إجرائية في التقاض ي تحقيقا ملحاكمة عادلة‪ ،‬وعلى هذا األساس فإنه‬
‫وبمقتض ى القانون عدد ‪ 12‬لسنة ‪ 2779‬المؤرخ في ‪ 2779-72-97‬المتعلق بتحيين الرسوم‬
‫العقارية‪ ،‬منح المشرع للمتقاضين إمكانية الطعن باالستئناف في األحكام الصادرة في مادة‬
‫التحيين حيث ورد بالفصل ‪ 22‬من هذا القانون طبقا للتنقيح الذي شمله بموجب القانون عدد‬
‫‪ 60‬لسنة ‪ 2771‬المؤرخ في ‪ 92‬أوت ‪ 2771‬أن " األحكام الصادرة في مادة التحيين تطبيقا لهذا‬
‫القانون تقبل الطعن باالستئناف ممن له مصلحة سواء كان طرفا في الحكم المستأنف طالبا أو‬
‫‪161‬زينة الصيد‪ :‬محاضرات في القانون العقاري التونسي‪( ،‬محاضرة منشورة) ص ‪.2‬‬
‫معترضا أو متداخال‪ ،‬أو لم يكن طرفا فيه‪ ،‬وذلك في أجل يبتدئ من يوم صدور الحكم بالتحيين‬
‫وينتهي بانتهاء ستين يوما من تاريخ إدراج هذا الحكم بالسجل العقاري"‪ ،‬بعد أن كانت أحكام نفس‬
‫الفصل تنص على عدم إمكانية الطعن في األحكام الصادرة في مادة التحيين‪162.‬‬
‫وبذلك تم التخلي عن الصبغة النهائية لألحكام في المادة العقارية‪ ،‬من خالل عدم إخماعها‬
‫للطعن العادي أو غير العادي‪ ،‬وهي صبغة كانت قد عايشت قماء املحكمة العقارية طويال‪،‬‬
‫وبالرغم أن هذا التنقيح الذي تم بمقتماه تكريس الطعن باالستئناف قد جاء متأخرا على حد‬
‫وصف األستاذ مصطفى الصخري‪ 163،‬فقد كان من المتجه إقرار الطعن باالستئناف في األحكام‬
‫الصادرة عن املحكمة العقارية منذ أمد بعيد على غرار ما هو معمول به في المادة المدنية‪،‬‬
‫التجارية‪ ،‬الجزائية واإلدارية أيما‪ ،‬فإن له من الخصائص التي من شأنها تدعيم جدواه‪.‬‬
‫حيث يتميز االستئناف في مادة التحيين العقاري عن االستئناف المدني وهو ما يتجلى من‬
‫خالل الوسائل االجرائية التي يمربها فلئن أقرت أحكام الفصل ‪ 22‬المنقح بمقتض ى القانون عدد‬
‫‪ 60‬لسنة ‪ 2771‬المؤرخ في ‪ 92‬أوت ‪ 2771‬إمكانية الطعن باالستئناف في األحكام الصادرة في مادة‬
‫التحيين‪ ،‬فإن االستئناف قد حافظ من جهة على أهم خصائصه المتمثلة في المفعول االنتقالي‬
‫والمفعول التعليقي طبقا لما ورد بمجلة المر افعات المدنية والتجارية و تميز من جهة أخرى في‬
‫المادة العقارية بخصائص مستحدثة فحسب قول األستاذ منير الفرشيش ي‪ " 164،‬المالحظ‬
‫إنطالقا من االطالع على هذه األعمال التشريعية الجديدة أن المشرع التونس ي لم يتوصل إلى‬
‫إخماع أحكام املحكمة العقارية على طرق الطعن المعتمدة في مجلة المر افعات المدنية‬
‫صراحة بل حاول أن يطوع هذه الوسائل إلى طبيعة أحكام التسجيل فتارة يعتمد الطعن‬
‫بالتعقيب بالنسبة ألحكام التسجيل وطورا يعتمد الطعن باالستئناف فقط بالنسبة ألحكام‬
‫التحيين والمالحظ أيما أن اعتماد كل من الوسيلتين ال يمر ضرورة وال يستوجب الوسيلة‬
‫‪ 162‬اقتضت أحكام الفصل ‪ 22‬من القانون عدد ‪ 41‬لسنة ‪ 2004‬مؤرخ في ‪ 40‬أفريل ‪ 2004‬المتعلق بتحيين الرسوم‬
‫العقاريةىاألحكام الصادرة تطبيقا لهذا القانون ال تقبل الطعن باالعتراض وال باالستئناف وال بالمراجعة وال بأية‬
‫وسيلة أخرىى‪.‬‬
‫‪163‬مصطفى الصخري‪ :‬الطعون في النزاعات العقارية‪ ،‬مداخلة في ملتقى علمي من تنظيم مخبر القانون المدني‬
‫بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس وإدارة الملكية العقارية بمناسبة خمسينية مجلة الحقوق العينية‪ ،‬تونس في ‪44‬‬
‫فيفري ‪ ،2042‬ص ‪ 11‬و‪.12‬‬
‫‪164‬منير الفرشيشي‪ :‬الجامع في القانون العقاري‪ ،‬أبواب للنشر‪ ،‬ص ‪.474‬‬
‫األخرى‪ ،‬فالطعن بالتعقيب ال يوجب المرورباالستئناف وال االستئناف يوجب المرورإلى التعقيب‬
‫ولعل في ذلك لنظر"‪.‬‬
‫والمقصود بهذا القول هو أن االستئناف في المادة العقارية يجعل األحكام المستأنفة بعد‬
‫النظر فيها باتة ال تقبل الطعن بالتعقيب وعلى هذه الشاكلة لم يرد الطعن باالستئناف في المادة‬
‫العقارية تكريسا لمبدأ التقاض ي على درجتين مثلما نصت عليه مجلة المر افعات المدنية‬
‫والتجارية‪ ،‬وهنا نالحظ اختالفا جذريا بين استئناف أحكام الحق العام واستئناف أحكام املحكمة‬
‫العقارية‪165.‬‬
‫وهه الخاصية التي لالستئناف في المادة العقارية تم تكريسها باألساس في إطار أحكام‬
‫الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 12‬جديد "‪...‬وتكون أحكامها باتة وال تقبل الطعن بالتعقيب"‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى هذه الخاصية يتميز االستئناف أيما من حيث موضوعه‪ ،‬أطر افه‪ ،‬وآجال‬
‫انقمائه‪.‬‬
‫فمن حيث الموضوع ننطلق من القول بأن االستئناف يعد وسيلة طعن عادية‪ ،‬ترفع في‬
‫جميع النزاعات‪ ،‬والواضح أن أحكام الفصل ‪ 22‬جديد قد أقرت إمكانية الطعن باالستئناف ضد‬
‫أحكام التحيين‪ ،‬حيث تنظردو ائراالستئناف في مطالب االستئناف وفي المطالب الجديدة أيما‪،‬‬
‫وباألساس يمكن الطعن باالستئناف في حكم التحيين سواء صدر عن قاض ي السجل أو دائرة‬
‫الرسوم املجمدة وال يمكن الطعن باالستئناف في أحكام التسجيل أو الطعن في قرارات حافظ‬
‫الملكية وأحكام اإلصالح‪.‬‬
‫أما بالنسبة لألطراف املخول لهم الطعن باالستئناف فإن المشرع بمقتض ى تنقيح ‪2771‬‬
‫قد وسع في نطاق الطعن باالستئناف من حيث األطراف‪ ،‬لكن لألسف لم يحدد كيفية التداخل‬
‫واالعتراض على مطلب التحيين‪.‬‬
‫فعمال بأحكام الفصل ‪ 12‬جديد من قانون التحيين تتعهد الدائرة االستئنافية في مطلب‬
‫االستئناف وكذلك في الطلبات الجديدة التي يمكن أن يقدمها لها األطراف بشرط أن تكون‬
‫مرتبطة بالرسم العقاري موضوع التحيين‪ 166،‬وصيغة اإلطالق التي وردت عليها هذه األحكام تؤذي‬
‫‪ 165‬منير الفرشيشي‪( :‬مرجع سابق) ص ‪.101‬‬

‫‪166‬ورد بالفصل ‪ 42‬جديد من القانون عدد ‪ 24‬لسنة ‪ 2007‬المؤرخ في ‪ 42‬أوت ‪ 2007‬المتعلق بتنقيح بعض أحكام‬
‫القانون عدد ‪ 41‬لسنة ‪ 2004‬المؤرخ في ‪ 40‬أفريل ‪ 2004‬والمتعلق بتحيين الرسوم العقارية‪ :‬ى تنظر الدائرة‬
‫إلى قبول كل تداخل واعتراض‪ 167،‬وعلى هذا األساس يمكن لغيراألطراف األصلية طلب االستئناف‬
‫كلما كانت لهم مصلحة في ذلك‪ 168،‬وهو ما يتأكد من خالل ما ورد بالفصل ‪ 17‬من نفس القانون‪،‬‬
‫حيث يرفع االستئناف طبقا لما ورد بالفصل ‪ 17‬المنقح بمقتض ى القانون عدد ‪ 60‬لسنة ‪2771‬‬
‫المتعلق بتحيين الرسوم العقارية‪ ،‬بواسطة محام لدى التعقيب أو لدى االستئناف وبواسطة‬
‫المكلف العام بنزاعات الدولة‪ .‬وتتممن عريمة الدعوى مجموعة من التنصيصات المتمثلة‬
‫أساسا في تحديد هوية الطرف المستأنف وصفته إن كان طالبا في األصل أو معرضا أو متداخال‬
‫أو طرفا جديدا وعدد الحكم المستأنف وتاريخه ونصه واملحكمة التي أصدرته‪ ،‬فكل من توفرت‬
‫فيه صفة الطرف في الطور االبتدائي سواء بوصفه طالبا أو معارضا أو متداخال يمكنه الطعن‬
‫باالستئناف‪ ،‬و أكثر من ذلك فقد خول المشرع حق الطعن باالستئناف لغير الخصوم أي لكل‬
‫طرف جديد يكون قد تمرر من الحكم محل الطعن‪ ،‬وبذلك يكون المشرع قد خالف ما أتت‬
‫عليه أحكام الفصل ‪ 922‬من مجلة المر افعات المدنية والتجارية التي تقض ي في مجملها ضرورة‬
‫رفع الطعن باالستئناف من قبل من صدر ضده الحكم فحسب هذا الفصل‪ ":‬ال يمكن أن يرفع‬
‫االستئناف إال من األشخاص المشمولين بالحكم المستأنف أو خلفائهم أو من ممثل النيابة‬
‫العمومية في األحوال التي عينها القانون‪ .‬كما ال يجوز رفع االستئناف على من لم يطن خصما في‬
‫الدعوى المتسلط عليها الحكم المستأنف"‪.‬‬
‫ويالحظ األستاذ مصطفى الصخري‪ 169‬أن المشرع قد أراد تمكين الغير من االستئناف في‬
‫الحكم االبتدائي ومنعه من االعتراض عليه في حين كان من األجدى للمتمرر منه رفع اعتراض‬
‫وفقا ألحكام الفصل ‪ 962‬من مجلة المر افعات المدنية والتجارية‪.‬‬
‫وبخصوص اآلجال ورد بأحكام الفصل ‪ 22‬جديد األحكام الصادرة في مادة التحيين أن يقبل‬
‫الطعن باالستئناف ممن له مصلحة سواء كان طرفا في الحكم المستأنف‪ ،‬طالبا أو معترضا أو‬
‫االستئنافية في مطلب االستئناف وكذلك في الطلبات الجديدة التي يمكن أن يقدمها لها األطراف بشرط أن تكون‬
‫مرتبطة بالرسم العقاري موضوع التحيينى‪.‬‬
‫‪ 167‬أحكام الفصل ‪ 22‬جديد من القانون المتعلق بالتحيين‪.‬‬
‫‪168‬منير الفرشيشي‪( :‬مرجع سابق) ص ‪.102‬‬
‫ى هذا التأويل ال يتنافى مع المبادئ االجرائية واألصلية للقانون‪ .‬حيث تقول القاعدة أن عبارة النص التي وردت‬
‫مطلقة جرت على إطالقها‪ ،‬كما أن قواعد التأصيل االجرائي تنص ان لالستئناف أثر انتقالي وأثر تعليقي وأن الدائرة‬
‫االستئنافية تتعهد بالمطلب من جديد وكأن المطلب يرفع الول مرة وعليه فتكون بذلك جميع الوسائل والطرق الحمائية‬
‫والقضائية مشمولة فيه بما في ذلك التداخل واالعتراض‪ .‬وهو أمر بينه المشرع صلب الفصل ‪ 424‬من مجلة‬
‫المرافعات المدنية والتجارية الذي نص أن التداخل يقبل لدى االستئناف بشرط االنضمام إلى أحد الخصوم أو كان‬
‫من شخص من له حق االعتراض على الحكمى‪.‬‬
‫‪169‬مصطفى الصخري‪( :‬مرجع سابق) ص ‪.12‬‬
‫متداخال أو لم يكن طرفا فيه وذلك في أجل يبتدئ من يوم صدور الحكم بالتحيين وينتهي بانتهاء‬
‫ستين يوما من تاريخ إدراج هذا الحكم بالسجل العقاري‪ ،‬و بمقارنة بين األجل الذي نصت عليه‬
‫هذه األحكام وبين أجل االستئناف في المادة المدنية وهو من حيث المبدأ عشرون يوما من تاريخ‬
‫االعالم بالحكم نالحظ أن المشرع قد اعتمد آجاال جديدة لالستئناف و طريقة جديدة لبداية‬
‫سريانها‪ ،‬فأجل االستئناف ستون يوما من تاريخ االدراج الحكم بالسجل العقاري‪ ،‬وعلى هذا‬
‫األساس فإن بداية سريسان األجل ال ينطلق من تاريخ االعالم بالحكم أو من تاريخ صدوره بل من‬
‫تاريخ إدراجه بالسجل العقاري‪ ،‬ويرى األستاذ منيرالفرشيش ي‪ 170‬أن أجل االستئناف فعليا يتجاوز‬
‫مدته القانونية ذلك أن ما بين فترة صدورالحكم وفترة إدراج الحكم بالسجل العقاري توجد فترة‬
‫قد تطول أو تقصروبالتالي ال يمكن بموجب ذلك حصرها‪.‬‬
‫وبقراءة متكاملة للفصول ‪ ،17 ،21 ،22‬و‪ 19‬من قانون التحيين نستشف أن استئناف‬
‫أحكام التحيين العقاري يرفع لدى الدائرة االستئنافية بالمركز األصلي للمحكمة العقارية من‬
‫طرف محام لدى التعقيب أو لدى االستئناف أو بواسطة المكلف العام بنزاعات الدولة ‪ 171،‬في‬
‫أجل يمتد من تاريخ صدور الحكم المستأنف إلى نهاية ستين يوما من تاريخ االدراج بالسجل‬
‫وتتممن عريمة االستئناف مجموعة من التنصيصات طبقا لما ورد بنص الفصل ‪17‬‬
‫جديد تكون مشفوعة بما يفيد تأمين مبلغ ثالثين دينارا بعنوان خطية تسلط على المستأنف إن‬
‫رفض استئنافه ويعفى من هذا التأمين المكلف العام بنزاعات الدولة والمسعفون باإلعانة‬
‫العدلية‪ .‬وقد أوجب المشرع في إطار أحكام الفصل ‪ 19‬جديد من قانون تحيين الرسوم العقارية‬
‫أن يتلقى كاتب املحكمة عريمة االستئناف ويقيدها بالدفترالمعد لذلك ويكاتب في جلب الملف‬
‫وعند وروده يحيله على رئيس املحكمة العقارية الذي يعينه للجلسة‪ ،‬وعندما يرد الملف على‬

‫ى المشرع اعتبر أيضا أن استئناف أحكام التحيين العقارية مسألة قانونية وتنازعية باألساس‪ :‬ألن اعتماد قاعدة‬
‫االستئناف وممارستها يعني بالضرورة أنه هناك خالف حقيقي بين األطراف المشمولة بالحكم أو حتى غير المشمولة‬
‫به وهذا الخالف يكون قطعا خالف قانوني ألن أعمال التحيين تتنزل هي أيضا بالضرورة على حق الملكية أو أحد‬
‫الحقوق المتفرعة عنها وكذلك على العمليات القانونية الواردة على السجل العقاري لذلك اعتمد على قاعدة إجرائية‬
‫واضحة وهو أن رفع االستئناف ال يكون إال من طرف محام لدى التعقيب أو لدى االستئناف‪ ،‬واقعة في ذلك المحامي‬
‫المتربص‪ ،‬أي أن المشرع بقي وفيا للمبدأ العام في المادة االجرائية وهو إنابة المحامي وجوبية في المادة العقارية‬
‫وباعتبار هذا الوجوب فإن المحامي المتربص ال يجوز له النيابة ألن نيابته ممكنة فقد فقط في القضايا التي ال تستدعي‬
‫حضور محام هذا ولئن كانت إنابة المحامي وجوبية في االستئناف فإنها غير مطلقة ألن المشرع أعطى أيضا للمكلف‬
‫العام بنزاعات الدولة حق القيام باالستئناف مباشرةى‪.‬‬
‫الدائرة االستئنافية يعين رئيسها قاضيا مقررا من بين أعمائها ويأذن بإعالم إدارة الملكية‬
‫العقارية بوقوع االستئناف لتتولى قيده قيدا احتياطيا بالرسم العقاري كما يأذن باستدعاء‬
‫األطراف للجلسة حسب الصيغة المبينة بالفصلين ‪ 122‬و‪ 121‬من مجلة الحقوق العينية‪ ،‬حيث‬
‫تقع االعالمات الموجهة للخصوم المعنيين بواسطة أعوان السلطة اإلدارية الذين يقتطعون‬
‫وصال منها يوجهونه الى الصادرمنه االعالم وتماف إلى ملف كل عقار نسخة من ذلك االعالم مع‬
‫االعالم بالبلوغ‪ .‬هذه الطريقة المعتمدة في االعالم كانت محل نقد فقد اعتبر األستاذ مصطفى‬
‫الصخري‪ 172‬الذي رأى أنه من األنجع تنقيح الفصل ‪ 19‬من القانون عدد ‪ 12‬لسنة ‪ 2779‬المنقح‬
‫بالقانون عدد ‪ 60‬لسنة ‪ ،2771‬ذلك أن طريقة التبليغ وفق الفصلين ‪ 122‬و ‪ 121‬من مجلة‬
‫الحقوق العينية غير ناجعة خاصة وأن املحكمة العقارية تعتمد طريقة التبليغ عن طريق البريد‬
‫غيرمممون الوصول وهو ما يؤدي إلى تأخيرفي توزيعه عالوة على أنه ال يحقق الممانات الالزمة‬
‫في التبليغ‪ ،‬فمن األجدى استدعاء املحامي الطاعن باالستئناف بطريقة كتابية تترك أثرا مع‬
‫االعالم بالبلوغ‪.‬‬
‫كما يجب على محامي المستأنف أن يقدم مؤيدات االستئناف على كتابة الدائرة‬
‫االستئنافية أو إلى الدائرة نفسها بالجلسة المعنية له القمية مرفوقة بنسخة من الحكم‬
‫المستأنف‪ ،‬وهو إجراء معمول به في مجال الطعون بشكل عام‪ ،‬وفي المقابل على المستأنف‬
‫ضده إذا أراد الجواب أن يقدم بواسطة محام مذكرة في دفاعه ومؤيداته‪.‬‬
‫فقرة ثانية ‪ :‬خصوصية الطعن باالستئناف من حيث االثارالمترتبة‬
‫يتميز االستئناف في المادة المدنية بخاصيتين أساسيتين‪ ،‬فباعتباره جاء تكريسا لمبدأ‬
‫التقاض ي على درجتين يكون لهذا الطعن مفعول تعليقي ومفعول انتقالي‪ ،‬حيث يقصد باألول‬
‫طبقا لمقتميات الفصل ‪ 926‬من مجلة المر افعات المدنية والتجارية أن األحكام االبتدائية‬
‫يعطل تنفيذها إال فيما استثناه القانون‪ ،‬ويقصد باألثر االنتقالي أن االستئناف ينقل الدعوى‬
‫برمتها أي بحالتها التي كانت عليها قبل صدورالحكم المستأنف وذلك في خصوص ما تسلط عليه‬
‫االستئناف‪ ،‬ولئن حافظ االستئناف فيما يتعلق بأحكام التحيين العقاري على مفعوله االنتقالي‬
‫وهو ما يتأكد من خالل ما ورد بالفصل ‪ 12‬جديد من قانون التحيين‪ ،‬حيث تعيد الدو ائر‬
‫االستئنافية النظر في مطلب التحيين كما لو لم يصدر أصال وهو ما يعبر عنه باألثر االنتقالي‬
‫لالستئناف‪ ،‬فإن المفعول التعليقي لالستئناف قد غاب‪ ،‬ففي المادة العقارية نجد أن عدم‬
‫االستئناف هو الذي يعلق التنفيذ وليس العكس‪ ،‬وهو ما نصت عليه أحكام الفصل ‪ 22‬جديد‪،‬‬
‫فحسب نص هذا الفصل‪ " :‬يتم تنفيذ الحكم الصادر بالتحيين حاال بعد إعالم الخصوم طبق‬
‫أحكام الفصل ‪ 121‬من مجلة الحقوق العينية‪ ،‬ويجب على إدارة الملكية العقارية التنصيص‬
‫بالرسم العقاري على الحكم عند إدراج كل عملية يتم اإلذن بها بموجبه‪ ،‬كما يجب عليها‬
‫التنصيص على أن هذا الحكم قابل لالستئناف من كل من له مصلحة إلى نهاية أجل ستين يوما‬
‫من تاريخ إدراجه بالرسم العقاري‪ .‬وال يجوز إلدارة الملكية العقارية إجراء أية عملية مطلوبة ما‬
‫لم يقع االدالء لها بما يفيد عدم استئناف الحكم المطعون فيه‪ .‬وال يجوز للغير التمسك بحسن‬
‫النية عند اكتسابه حقا على العقار ما دام أجل االستئناف قائما وإلى حين إدراج قيد احتياطي‬
‫لمطلب االستئناف بالرسم العقاري إن تم استئناف الحكم المطعون فيه‪ .‬ويقع إعالم إدارة‬
‫الملكية العقارية بصدور الحكم القاض ي برفض مطلب التحيين المقدم وفقا ألحكام الفصلين‬
‫‪ 97‬و‪ 99‬من هذا القانون"‪.‬‬
‫إذن بمجرد ترسيم حكم التحيين يجب أن تنص اإلدارة على أن الحكم قابل لالستئناف وال‬
‫يمكن إجراء أية عملية إال باإلدالء بما يفيد عدم استئناف الحكم حتى يتم تعليق التنفيذ‪.‬‬
‫وحول هذه النقطة أكد البعض‪ 173‬أن فقه قماء املحكمة العقارية بقي متماربا‪ ،‬باعتبار‬
‫أن بعض الدو ائر ترى أنه ال ضرورة لتقديم ما يفيد التنفيذ طالما ثبت للمحكمة أن الحكم لم‬
‫يقع تنفيذه بعد وبالتالي فإن طلب االستئناف قد تم في أجله القانوني‪ ،‬في حين ترى دو ائر أخرى‬
‫عكس ذلك تماما أي أن تقديم ما يفيد تنفيذ الحكم المطعون فيه يعد مسألة أساسية وإجراء‬
‫ضروري مما يمطرها إلى الدخول في ضرورة تأجيل النظرعلى حين تقديم المطلوب‪.‬‬
‫ومن خالل ما تم التنصيص عليه بالفصل ‪ 22‬جديد من قانون التحيين العقاري نالحظ‬
‫أيما أنه يترتب عن الطعن باالستئناف كأثر اإلذن بتقييد االستئناف تقييدا إحتياطيا‪ ،‬وتبت‬
‫الدائرة االستئنافية في الطعن ويكون لها إمكانية الرفض شكال إذا لم يقع احترام آجال‬
‫االستئناف‪ ،‬ويمكن أن ترفمه أصال أو تقبله وتتخذ القرار المناسب‪ ،‬ولها أن تأذن بالتشطيب‬
‫على القيد ويرفع الحجر‪ ،‬وجلي بالذكر أن الحكم الذي يصدر عن الدائرة االستئنافية هو حكم‬
‫بات بمعنى قابل للتنفيذ مباشرة وال يقبل الطعن بأية وسيلة أخرى‪174.‬‬
‫مبحث ثاني‪ :‬خصوصية الطعن بالتعقيب في أحكام املحكمة العقارية القاضية بالتسجيل‬
‫يبدو أن اإلصالحات التشريعية في المادة العقارية كانت في أغلبها تهدف إلى حماية الملكية‬
‫العقارية‪ ،‬وعلى هذا األساس مرت مسألة التسجيل العقاري بمراحل تشريعية مهمة‪ ،‬ففي مرحلة‬
‫أولى تم التأكيد على الصبغة الباتة ألحكام التسجيل الصادرة عن املجلس املختلط‪ ،‬فال تكون‬
‫قابلة ألي شكل من أشكال الطعن سواء العادية أو غير العادية‪ ،‬وكان ذلك تحديدا منذ صدور‬
‫األمر العلي المؤرخ في ‪ ،9222/70/79‬وهو نفس الخيار التشريعي الذي اعتمده المشرع التونس ي‬
‫عند إصدارمجلة الحقوق العينية بموجب القانون عدد ‪ 2‬لسنة ‪ 9162‬المؤرخ في ‪،9162/72/92‬‬
‫فقد جاء نص الفصل ‪(112‬قديم) من مجلة الحقوق العينية بما يلي‪ " :‬أحكام املحكمة العقارية‬
‫ال تقبل الطعن باالعتراض وباالستئناف وال بأية وسيلة أخرى "‪.‬‬
‫وفي مرحلة ثانية وبمقتض ى القانون عدد ‪ 97‬لسنة ‪ 9112‬المؤرخ في ‪ 9112/79/21‬المتعلق‬

‫بتنقيح بعض فصول مجلة الحقوق العينية تم اقرر إخماع الحكم القاض ي بالتسجيل إلى‬
‫امكانية المراجعة‪ ،‬وهذا االجراء ال يرتقي إلى درجة الطعن وال يمس من الصبغة الباتة للحكم‬
‫بالتسجيل لكن من شأنه أن يؤدي إلى امكانية الرجوع فيه‪ ،‬واستمراألمرعلى تلك الشاكلة إلى أن‬
‫تم بموجب القانون عدد ‪ 60‬لسنة ‪ 2772‬المؤرخ في ‪ 2772/99/71‬إقرارالطعن بالتعقيب في حكم‬
‫التسجيل‪ ،‬فعمال بأحكام الفصل ‪ 112‬من مجلة الحقوق العينية يمكن الطعن بالتعقيب في‬
‫األحكام القاضية بالتسجيل أو بالترسيم الناتج عن حكم التسجيل‪ ،‬وبذلك يعد الطعن بالتعقيب‬
‫في أحكام التسجيل من الحقوق المستحدثة في إجراءات التسجيل العقاري‪175.‬‬
‫لذلك يكون مهما بيان خصوصية التعقيب في المادة العقارية من حيث صوره (فقرة أولى)‬
‫ومن حيث إجراءاته أيما (فقرة ثانية)‬
‫‪ 174‬منير الفرشيشي‪( :‬مرجع سابق) ص ‪.112‬‬

‫ى يجب ان نوضح في هذا النطاق أن األحكام الصادرة عن الدائرة االستئنافية هي أحكام باتة ال تقبل الطعن بأي‬
‫وسيلة من وسائل الطعن األخرى وهي في ذلك عليها ان تراعي النظر في جميع الطلبات وتعيب عليها شكال أو‬
‫أصال وهي في ذلك كله غير مقيدة بالحكم األصلي فهي إذن إما تؤيده أو تنقضه‪ ،‬فإن أيدته تكون إذن قد رفضت‬
‫الطعن‪ ،‬و إن نقضت الحكم االبتدائي تكون قد قبلت الطعن وبناء على ذلك تكون أحكام الدائرة مثلها مثل األحكام‬
‫االستئنافية في المادة المدنية يمكن تقسيمها إلى أحكام بالرفض وأحكام بالقبولى‪.‬‬
‫فقرة أولى‪ :‬تعدد صورالطعن بالتعقيب‬
‫قبل الخوض في صورالتعقيب في المادة العقارية يجب تحديد المقصود بالتعقيب‪ ،‬و آثاره‬
‫المتعارف عليها‪ ،‬حيث يعرف التعقيب على أنه طعن غيرعادي في األحكام النهائية في حاالت أوردها‬
‫المشرع على سبيل الحصر تتعلق في مجملها بسوء تطبيق القانون وخرق أحكامه وضعف‬
‫التعليل‪ ،‬ومن أهم أثار الطعن بالتعقيب أنه ال يوقف التنفيذ‪176.‬‬
‫وبالنسبة للطعن بالتعقيب في المادة العقارية يمكن االستناد على أحكام الفصل ‪ 112‬من‬
‫مجلة الحقوق العينية التي أضيفت بالقانون عدد ‪ 60‬لسنة ‪ 2772‬المؤرخ في ‪ 2772/99/71‬لبيان‬
‫خصوصية الطعن بالتعقيب في األحكام الصادرة عن املحكمة العقارية القاضية بالتسجيل حيث‬
‫ينص المشرع على أن‪ " :‬أحكام املحكمة العقارية القاضية بالتسجيل أو بالترسيم الناتج عن حكم‬
‫التسجيل نهائية الدرجة وتقبل الطعن بالتعقيب لدى محكم التعقيب‪ .‬الطعن بالتعقيب يوقف‬
‫تنفيذ الحكم المطعون فيه"‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس نستجلي أهم خصوصية للطعن بالتعقيب في المادة العقارية والتي‬
‫تتمثل باألساس في كون الطعن في األحكام القاضية بالتسجيل في المادة العقارية ال يوقف‬
‫التنفيذ‪ 177،‬ولطعن بالعقيب في األحكام القاضية بالتسجيل صورخاصة يحددها المشرع في إطار‬
‫الفصل ‪ 120‬مكررمن مجلة الحقوق العينية‪ ،‬كما يلي‪" :‬‬
‫‪ 176‬مصطفى الصخري‪( :‬مرجع سابق) ص ‪.22‬‬

‫‪177‬منيرالفرشيشي‪( :‬مرجع سابق) ص ‪.214‬‬
‫ىوباالطالع على فحوى مناقشات التنقيح الوارد على المجلة في ‪ 40‬أفريل ‪ 4772‬رأى المشرع أن الصفة الباتة‬
‫للتسجيل كانت سببا مهددا لحقوق األطراف وعيه رأى من الضروري إيجاد صيغة للطعن في أحكام التسجيل تتالءم‬
‫مع خصوصيات التسجيل العقاري‪ .‬هذه الخصوصيات مرتبطة أساسا بعدم امكانية تعليق تنفيذ األحكام القاضية‬
‫بالتسجيل لعدم إمكانية أو صعوبة إمكانية المحافظة على العمليات الواردة على العقار المحكوم فيه بالتسجيل في فترة‬
‫ما بين صدور الحكم المطعون فيه وصدور الحكم بعد الطعن لذلك كان الطعن باالستئناف أقرب من أي وسيلة أخرى‬
‫ألنه يسمح بإيقاف التنفيذ لكنه تراءى من جهة أخرى ان استعمال الطعن باالستئناف ومن ثمة تنفيذ حكم التسجيل‬
‫يدخل اضطرابا على الحقوق المدرجة بالسجل العقاري لعدم التأكد من الحالة االستحقاقية الصحيحة إلى بعد صدور‬
‫الحكم النهائي وهي فترة قد تطول كثيرا‪ .‬هذا الرأي قد أنتقد باعتبار أن ال استئناف دون تعقيب لذلك توجه االختيار‬
‫نحو الطعن بالتعقيب مباشرة دون المرور بالطور االستئنافي وجعله تعقيبا يوقف التنفيذ استئناسا بما هو عليه األمر‬
‫في المادة الشخصية‪ .‬هذا الرأي أنتقد كذلك ألن التعقيب ال يعتبر وسيلة من وسائل الطعن العادية وهو مقتصر على‬
‫حاالت دون غيرها ال يمكن في أغلبها أن تتماشى مع خصوصيات األخطاء القضائية في مادة التسجيل العقاري مثل‬
‫الحكم بأكثر مما طلبه الخصوم أو مخالفة قواعد االختصاص الحكمي أو صدور حكم في تجاوز سلطة‪ ،‬لذلك ألف‬
‫المشرع بين الرأيين واتخذ اتجاها واقعيا منبثقا من خصوصية طبيعة الخطأ القضائي العقاري واستخلص من ذلك‬
‫حاالت معينة تبين أنها تقترب إلى حاالت الخطأ البين‪.‬ى‬
‫يمكن الطعن بالتعقيب في األحكام القاضية بالتسجيل أو بالترسيم الناتج عن حكم‬

‫التسجيل لدى محكمة التعقيب في الحاالت التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬إذا كان الحكم مبنيا على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله‬
‫ثانيا‪ :‬إذا كان الحكم صادرا فيما يتجاوزاختصاص املحكمة التي أصدرته‬
‫ثالثا‪ :‬إذا كان هناك إفراط في السلطة‬
‫رابعا‪ :‬إذا لم تراع في اإلجراءات أو في الحكم الصيغ الشكلية التي رتب القانون على عدم‬
‫مراعاتها البطالن أو السقوط‬
‫خامسا‪ :‬إذا صدرحكمان أو أكثربالتسجيل في ذات العقار‬
‫سادسا‪ :‬إذا صدرالحكم على فاقد األهلية دون أن يقع تمثيله في القمية تمثيال صحيحا أو‬
‫وقع تقصير واضح في الدفاع عنه‪ .‬وكان ذلك هو السبب األصلي والوحيد في صدور الحكم‬
‫المطعون فيه وذلك مع مراعاة مقتميات الفصلين ‪ 112‬و‪ 117‬من هذه املجلة‬
‫سابعا‪ :‬إذا انبنى الحكم المطعون فيه على أدلة ثبت جزائيا زورها أو تدليسها بحكم نهائي‬
‫وال يقبل التعقيب إذا أثبت اكتساب ملكية العقارمن الغيرحسن النية‪.‬‬
‫وبقراءة متمعنة ألحكام هذا الفصل يسوق األستاذ منيرالفرشيش ي‪ 178‬جملة من المالحظات‬
‫المهمة‪ ،‬فمن الواضح أن نطاق الطعن بالتعقيب ال يشمل سوى األحكام اإليجابية اما تلك‬
‫األحكام الصادرة بالرفض فهي خارجة عن نطاق هذا الطعن‪ ،‬فالحكم القابل للتعقيب هو الحكم‬
‫القاض ي بالتسجيل بصفة عامة سواء كان اختياريا أو وجوبيا‪ ،‬ثم إن الطعن بالتعقيب يهم‬
‫التسجيل والترسيمات المتولدة عنه أيما‪.‬‬
‫وبمقارنة بين حاالت المراجعة وحاالت التعقيب سواء تلك الواردة في إطار مجلة الحقوق‬
‫العينية أو المشار إليها بمجلة المر افعات المدنية والتجارية يمكن الوقوف عند استنتاجين‪،‬‬
‫أولهما أن الطعن بالتعقيب في أحكام التسجيل لم يعد مراجعة‪ ،‬وثانيهما أنه ال تتوفر فيه‬
‫خصائص التعقيب المتعارف عليها‪ ،‬فهو تعقيب دون استئناف‪ ،‬ذلك أن المفعول االنتقالي‬
‫لالستئناف يؤدي من دون أي شك إلى تعطيل صدورأحكام تسجيل جديدة‪ ،‬وبصفة عامة الطعن‬
‫‪178‬منير الفرشيشي‪( :‬مرجع سابق) ص ‪212‬و‪.214‬‬
‫باالستئناف ال يتماش ى مع خصوصية حكم التسجيل وخصوصية االستقرائية من أبحاث‬

‫وإشهارات‪ ،‬ولئن كان التعقيب في المادة المدنية والتجارية ال يوقف التنفيذ فإنه في المادة‬
‫العقارية يوقف التنفيذ‪.‬‬
‫هذا وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع قد اعتمد من بين الحاالت الموجبة للتعقيب في أحكام‬
‫التسجيل بعض حاالت التعقيب الوارد تعدادها بالفصل ‪ 902‬من مجلة المر افعات المدنية‬
‫والتجارية‪ 179‬المتعلق بالطعن في األحكام والقرارات الصادرة في المادة المدنية والتجارية‪ 180،‬و‬
‫هذا أمرمبررفالمشرع جعل الرقابة على أحكام التسجيل تخرج من مجال نظراملحكمة العقارية‬
‫وأسندها ملحكمة القانون أي محكمة التعقيب لتفقد بذلك األحكام القاضية بالتسجيل في‬
‫المادة العقارية صبغتها الباتة‪.‬‬
‫ونتبين من خالل أحكام الفصل ‪ 120‬مكرر رابعا من مجلة الحقوق العينية أن محكمة‬
‫التعقيب تنظرأوال في وجاهة الطعن من عدمه من حيث الموضوع قبل الشكل وتصدرقرارها إما‬
‫بالرفض موضوعا في صورة ما إذا كانت المطاعن غير وجيهة لعدم تحقق أي حالة من الحاالت‬
‫التي حددها المشرع على سبيل الحصر ضمن ذات هذا الفصل‪ ،‬أو أن تقرر نقض القرار كليا أو‬
‫جزئيا وفي هذه الحالة تحيل ملف القمية على املحكمة العقارية لتنظرفيها بهيئة أخرى‪.‬‬
‫وتثير عبارات الفصل ‪ 120‬مكرر سابعا من مجلة الحقوق العينية غموضا خاصة فيما‬
‫يتعلق بمدلول حسن نية مالك العقار وعن كيفية إثباتها‪181.‬‬
‫‪179‬ورد بالفصل ‪ 442‬من مجلة المرافعات المدنية والتجارية ما يلي‪ :‬ى يمكن الطعن بالتعقيب في األحكام النهائية‬
‫الدرجة وذلك في خصوص الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬إذا كان الحكم مبنيا على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إذا كان الحكم صادرا فيما يتجاوز اختصاص المحكمة التي أصدرته‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬إذا كان هناك إفراط في السلطة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬إذا لم تراع في اإلجراءات أو في الحكم الصيب الشكلية التي رتب القانون على عدم مراعاتها البطالن أو‬
‫السقوط‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬إذا كانت هناك أحكام نهائية متناقضة في نصها وكانت صادرة بين نفس الخصوم وفي ذات الموضوع‬
‫والسبب‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬إذا صدر الحكم بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه أو أغفل الحكم االستئنافي في بعض الطلبات التي‬
‫حكم فيها ابتدائيا أو كان نص الحكم مشتمال على أجزاء متناقضة‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬إذا صدر الحكم على فاقد االهلية بدون أن يقع تمثيله في القضية تمثيال صحيحا أو وقع تقصير واضح في‬
‫الدفاع عنه وكان ذلك هو السبب األصلي أو الوحيد في صدور الحكم المطعون فيه‪.‬‬
‫‪181‬مصطفى الصخري‪( :‬مرجع سابق) ص‪.44‬‬
‫ىوما يثير غموضا في صياغة أحكام الحالة المذكورة هو المقصود أساسا بحسن نية مالك العقار الواجب حمايته‬
‫وكفية اثباتها وبناء على أي معيار؟ خاصة وأنه ال أثر لسجل عقاري يمكن الرجوع غليه بما أن الحكم المعقب هو‬
‫ولئن كان لحاالت الطعن بالتعقيب في أحكام التسجيل من الخصوصيات ما كان منها مشتركا‬
‫وما عد منها خاصا فإنه يمكن أيما ضبط ما يميزهذا الطعن على مستوى اإلجراءات المتبعة‪.‬‬
‫فقرة ثانية‪ :‬تعدد إجراءات الطعن بالتعقيب‬
‫يخمع الطعن بالتعقيب في المادة العقارية إلى إجراءات مختلفة عن تلك المعتمدة في‬
‫المادة المدنية والتجارية الواردة بالفصل ‪ 922‬من مجلة المر افعات المدنية والتجارية‪ 182،‬وهو‬
‫ما يمكن ضبطه على مستويات عدة‪ ،‬فبالنسبة لقائمة األطراف املخول لهم الطعن بالتعقيب‬
‫نالحظ توجه المشرع نحو التوسيع فيها عمال بمقتميات الفصل ‪ 120‬ثالثا من مجلة الحقوق‬
‫العينية الذي ورد نصه كما يلي‪ " :‬يمكن الطعن بالتعقيب ممن كان طرفا في الحكم المطعون فيه‬
‫أو من خلفائه‪ .‬يجب على من يريد الطعن بالتعقيب أن يرفع طعنه في أجل ال يتجاوزالستين يوما‬
‫من تاريخ صدور الحكم ويسقط الطعن بمض ي هذا األجل‪ .‬ويمكن للنيابة العمومية في الحالة‬
‫الخامسة المذكورة بالفصل المتقدم الطعن بالتعقيب بطلب في الغرض يوجه إليها من ديوان‬
‫قيس األراض ي ورسم الخرائط أو ممن يهمه األمر‪ ،‬وذلك دون أجل‪ .‬ويمكن لكل من له مصلحة‬
‫الطعن بالتعقيب في الحالة السابعة المذكورة بالفصل المتقدم وذلك في أجل ستين يوما من‬
‫تاريخ صدورالحكم الجزائي النهائي"‪ ،‬وعلى هذا األساس يمكن لغيرطرفي النزاع الطعن بالتعقيب‬
‫في أحكام التسجيل‪ ،‬األمر الذي ينعكس من دون شك على آجال الطعن بالتعقيب في أحكام‬
‫التسجيل التي تعتبرغيرموحدة مقارنة باألجل المعتمد في المادة المدنية والتجارية والذي حدده‬
‫القاضي بالتسجيل عالوة على ذلك فهذه الحالة حالة واقعية أكثر منها قانونية وكان االجدر أن يكون تلك الحالة حالة‬
‫من حاالت الطعن في حكم التسجيل بالتماس إعادة النظر لدى المحكمة العقارية خاصة أن الفصل ‪ 422‬من مجلة‬
‫المرافعات المدنية والتجارية قد نص على ذلك الطعن فيما يتعلق باألحكام المدنية والتجارية وكذلك في المادة الجزائية‬
‫وخول ممارسة ذلك الطعن متى تحققت الحالة السابعة الواردة بالفصل ‪ 424‬مكرر المخولة للتعقيب عالوة على ذلك‬
‫فهل أن محكمة التعقيب ستصبح محكمة موضوع عند النظر في الطعن وفق الحالة سابعا المذكورة؟ وكيف سيقع‬
‫التحقق من توفر حسن النية من عدم ذلك وهل ستقبل محكمة التعقيب مؤيدات جديدة؟ وتتولى إجراء أبحاث‬
‫واستقراءات أم سيقع االقتصار فقط على ما جاء بالحكم الجزائي النهائي القاضي باإلدانة من أجل جريمة تدليس‬
‫وثائق اعتمدت في التسجيل؟ وهل فكر محررو ذلك الفصل في كل ذلك؟ى‪.‬‬
‫‪ 182‬حسب الفصل ‪ 422‬من مجلة المرافعات المدنية والتجارية المنقح بالقانون عدد ‪ 21‬لسنة ‪ 4724‬المؤرخ في ‪02‬‬
‫ديسمبر ‪ :4724‬ى على الطاعن خالل أجل ال تجاوز ‪ 40‬يوما من تاريخ تقديم عريضة الطعن أن يقدم لكاتب المحكمة‬
‫ما يأتي وإال سقط طعنه‪:‬‬
‫أوال‪ :‬محضر إعالمه بالحكم المطعون فيه إن وقع إعالمه به‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬نسخة من الحكم المطعون فيه مشفوعة بنسخة مجردة من الحكم االبتدائي إذا اقتصرت محكمة االستئناف على‬
‫تبني أسباب هذا الحكم ولم تدرجها بقرارها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مذكرة من محاميه في بيان أسباب الطعن بصورة وتوضيح ما يطلب نقضه وكذلك تحديد مرماه مع ما له من‬
‫المؤيدات‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬نسخة من محضر إبالل خصومه نظيرا من تلك المذكرة بواسطة العدل منفذى‪.‬‬
‫المشرع في إطار الفصل ‪ 912‬من مجلة المر افعات المدنية والتجارية بعشرين يوما من تاريخ‬
‫اإلعالم بالحكم بصفة قانونية‪ ،‬وليس لهذا األجل سوى استثناء وحيد وارد بالفصل ‪ 927‬من‬
‫مجلة المر افعات المدنية والتجارية المتعلق بالطعن من طرف وكيل الدولة العام لدى محكمة‬
‫الت عقيب‪ ،‬وتأتي آجال الطعن بالتعقيب في الحكم بالتسجيل مختلفة باختالف الطاعن‬
‫وباختالف الحكم القابل للطعن أيما‪.‬‬
‫فحسب أحكام الفقرة الثانية من الفصل ‪( 120‬ثالثا) من مجلة الحقوق العينية يقدرأجل‬
‫الطعن بالتعقيب بالنسبة ألطراف الحكم المطعون فيه وخلفائهم بستين يوما من تاريخ صدور‬
‫الحكم‪ ،‬يبتدئ سريانه من تاريخ صدور الحكم وليس من تاريخ االعالم به وهو بذلك يتطابق مع‬
‫أجل المراجعة ويختلف مع أجل التعقيب المدني‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى مكنت أحكام الفقرة الثالثة من الفصل ‪( 120‬خامسا) من نفس املجلة‬
‫النيابة العمومية من القيام بالطعن بالتعقيب إذا صدرحكمان أوأكثربالتسجيل في ذات العقار‪،‬‬
‫وال تتقيد النيابة العمومية في هذه الصورة بأي أجل سواء لنهاية تقديم الطعن أو لبدايته‪.‬‬
‫ولئن كانت النيابة العمومية مشتملة على ثالث هيئات تتمثل باألساس في وكيل الجمهورية‬
‫لدى املحكمة االبتدائية والوكيل العام لدى محمة االستئناف والوكيل العام لدى محكمة‬
‫التعقيب‪ ،‬فإن المقصود بالنيابة العمومية في إطار هذا الفصل هو الوكيل العام لدى محكمة‬
‫التعقيب‪183.‬‬
‫وجلي بالذكر أن عريمة الطعن بالتعقيب تقدم لكتابة املحكمة العقارية التي أصدرت‬
‫الحكم المطعون فيه عن طريق محام ي لدى التعقيب‪ ،‬وقد أوردت أحكام الفقرة الرابعة من‬
‫الفصل ‪ 120‬من مجلة الحقوق العينية البيانات التي يجب أن تتممنها العريمة فحسب‬
‫مقتميات هذا الفصل يرفع الطعن بعريمة كتابة تتممن صفة الطالب وتاريخ وعدد ونص‬
‫‪183‬منير الفرشيشي‪( :‬مرجع سابق) ص ‪ 222‬و‪.224‬‬

‫ى ‪...‬يتجه أوال استبعاد وكالة الجمهورية ألن المحكمة العقارية مرتبة في درجة استئناف ويتجه كذلك استبعاد الوكيل‬
‫العام لدى محكمة االستئناف لعدم اختصاصه بالنظر في مطالب التسجيل فيبقى إذا وكيل الدولة العام لدى محكمة‬
‫التعقيب العتبارين أن محمة التعقيب تختص بالنظر في مطالب التسجيل وأنه استئناسا بقواعد مجلة المرافعات المدنية‬
‫والتجارية فإن الطعن مخول للنيابة العمومية في شخص ممثلها لدى النيابة العمومية في حالة ما يعرف بالطعن‬
‫لمصلحة القانون‪.‬‬
‫الحكم العقاري المطعون فيه وطلباته يقدمها نيابة عن الطاعن محام لدى التعقيب على كتابة‬
‫المركزاألصلي أو الفرعي للمحكمة العقارية الذي أصدرالحكم المطعون فيه‪.‬‬
‫بصفة عامة‪ ،‬بالرغم من خصوصية الطعن بالتعقيب في األحكام بالتسجيل فإن ذلك ال‬
‫ينفي وجود بعض أوجه التبعية للتعقيب المدني سواء في مستوى صور التعقيب أو فيما يتعلق‬
‫بإجراءاته‪.‬‬
‫أسند المشرع التونس ي للمحكمة العقارية اختصاص النظر في التسجيل العقاري‬

‫االختياري واالجباري على السواء باإلضافة إلى تحيين الرسوم العقارية لتخليصها من الجمود‪،‬‬
‫ولئن استقر األمر طيلة سنوات على اعتبار االحكام الصادرة عن املحكمة العقارية والقاضية‬
‫بالتسجيل أحكاما باتة فإنه وبموجب القانون عدد ‪ 60‬لسنة ‪ 2772‬المؤرخ في ‪ 2772/99/71‬تم‬
‫إقرارالطعن بالتعقيب في حكم التسجيل‪ ،‬وعمال بنص الفصل ‪ 22‬جديد المنقح بالقانون عدد‬
‫‪ 60‬لسنة ‪ 2771‬المؤرخ في ‪ 92‬أوت ‪ 2771‬تم تكريس إمكانية الطعن باالستئناف في األحكام‬
‫الصادرة في مادة التحيين‪ ،‬وقد جاءت هذه التنقيحات تكريسا إلصالح المنظومة القانونية في‬
‫المادة العقارية‪ ،‬وفي اتجاه توفير أكثر ضمانات من أجل حماية أصحاب الحقوق المتعاملة على‬
‫السجل العقاري‪ ،‬و تجسيدا للصبغة الدستورية لحق الملكية‪ ،‬ونظرا لخصوصية المادة‬
‫العقارية فإن هذه الطعون تميزت من حيث آثارها وآجالها عن تلك المعتمدة في المادة المدنية‬
‫والتجارية‪.‬‬
‫زينة الصيد‪ :‬محاضرات في القانون العقاري التونس ي‪ ،‬ص ‪( .9‬محاضرات منشورة)‪.‬‬
‫محمد كمال شرف الدين‪ :‬قانون مدني‪ ،‬النظرية العامة ‪-‬األشخاص‪-‬إثبات الحقوق‪،‬‬
‫الطبعة األولى المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية ‪.2772‬‬
‫أحمد بن طالب‪ :‬دراسة منشورة باملجلة القانونية التونسية‪ ،‬سنة ‪.2797‬‬
‫زينة الصيد‪ :‬محاضرات في القانون العقاري التونس ي‪( ،‬محاضرة منشورة)‪.‬‬
‫مصطفى الصخري‪ :‬الطعون في النزاعات العقارية‪ ،‬مداخلة في ملتقى علمي من تنظيم مخبر‬
‫القانون المدني بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس وإدارة الملكية العقارية بمناسبة‬
‫خمسينية مجلة الحقوق العينية‪ ،‬تونس في ‪ 99‬فيفري ‪.2796‬‬
‫منيرالفرشيش ي‪ :‬الجامع في القانون العقاري‪ ،‬أبواب للنشر‪ .‬بدون ذكرالطبعة والسنة‪.‬‬
‫االثنيات بالعالـم العــربي (األقلية الكـردية‬

‫واالمـازيغية كـنمودج)‬
‫)‪Ethnicities of the Arab world (Kurdish minority and Amazigh as models‬‬
‫تعتبر الوحدة الوطنية من المواضيع الشائكة والسيما العالم العربي‪ ،‬وهي من التشعب‬
‫والحساسية‪ ،‬بحيث يصعب على الدارس مهما أوتي من حصافة أو قوة المالحظة أو الرصد أن‬
‫يتابعها بدقة‪ ،‬ولهذا كان هذا النمط من الدراسات التأهيلية من أشق أنواع الدراسات‪ .‬وعليه‬
‫يمكن القول أن أن دراسة موضوع األقليات الذي هو هنا متغير تابع لموضوع أكبر هو الوحدة‬
‫الوطنية‪ ،‬باعتبارها األخير هي المتغير األصيل‪ ،‬إنما تتطلب منا أن نتوقف عندها مليا ونفحصها‬
‫بدقة‪ ،‬ذلك أن دراسة موضوع األقليات والجماعات األثنية تثير العديد من األسئلة المرتبطة‬
‫بموضوع اإلثنيات وبشكل خاص في العالم العربي الذي هو موضوع الدراسة‪.‬‬
‫وفي سياق ما تقدم وألهمية الموضوع وحساسيته الفائقة في العالم‪ ،‬فإن هذه الدراسة‬
‫ستركزعلى دراسة مشكل األقليات أوالجماعات األثنية والتي تنجم عن وجودها مشكلة أومشاكل‬
‫وتترتب عنها في تلك الدول تداعيات خطيرة على مستقبل واستقرارالكيان السياس ي‪.‬‬
‫وعليه يقودونا هذا الموضوع إلى طرح العديد من التساؤالت المربطة بالقمايا اإلثنية في‬
‫العالم العربي‪ :‬فماهي أهم المقاربات النظرية التي عالجت ظاهرة األقليات ؟‬
‫وما الحجم التي تشكله ظاهرة األقليات وما مقدار تركزها الجغرافي في العالم العربي؟ وهل‬
‫كانت هذه األقليات أصيلة في األنظمة السياسية العربية وخاصة في النماذج موضوع الدراسة‬
‫(األمازيغ‪ ،‬األكراد) أو أن تواجدها ظل يرتبط بعوامل سياسية واستعمارية وخارجية؟ وماهي‬
‫طبيعة هذه األقليات مع بعمها البعض في اطارالجماعة الوطنية الواحدة؟ وهل العالقة بينهما‬
‫عالقة تعايش و انصهار؟ أم عالقة تنافر واصطدام؟ وهل ظلت هذه األقليات تشكل تهديدا‬
‫حقيقيا الستقراروأمن الدولة؟‬
‫المبحث األول‪ :‬األقلية الكردية واشكالية الوحدة الوطنية‬
‫حتى منتصف القرن العشرين كانت المدينة العربية بوتقة صهر االثنيات في ثقافة عربية‬
‫متنوعة المصادر‪ ،‬وجرى االندماج بين العرب والكرد واألتراك وما تبقى من المماليك وغيرهم‬
‫بشكل طبيعي وتدريجي في مجتمع المدينة التجاري والحرفي‪ ،‬واخفقت الدولة القطرية العربية‬
‫(المشرقية في مرحلة ما بعد االستقالل) باعتبارها نظاما في االستفادة من النزعة التوحيدية‬
‫إلنتاج هوية وطنية جامعة كواسطة للمواطنة في الدولة‪ ..‬وغطت األنظمة السياسية إخفاقها‬
‫بذرائع موضوعية أحيانا منها عوامل خارجية‪ ،‬تمثلت في سياسات الهيمنة والسيطرة‬
‫االستعمارية ‪،‬أو داخليا مثلتها و أيقظتها عصبيات و انقسامات فرعية‪ ،‬وكانت تلك أبرز املخاطر‬
‫الناجمة عن التنوع املجتمعي الهوياتي‪ ،‬وادا كانت المشكلة الكردية في الشرق األوسط تجد‬
‫مسوغاتها في الظاهرة االستعمارية والتي تعود بداياتها الى أواخر القرن ‪ ،91‬إال أن الحديث عن‬
‫المسألة الكردية ومن زاوية منهجية يدعونا الى العودة الى التاريخ لفهم السياسة والديمغر افية‬
‫والجغر افية للجدور التاريخية لهذا المكون الحماري‪.‬‬
‫أوال‪ :‬القمية الكردية‬
‫تعتبر القمية الكردية من القمايا الهوياتية المثيرة للجدل في منطقة الشرق األوسط‪،‬‬
‫وذلك بالنظر لمكانتها الجيوستراتيجية‪ ،‬وهي تش ي اليوم بخلق أوضاع ممطربة ومنقسمة بين‬
‫عدة دول في الشرق األوسط (العراق‪ ،‬سوريا‪ ،‬إيران‪ ،‬تركيا)‪ ،‬ويعد الشعب الكردي قوة اجتماعية‬
‫وثقافية في هذه المنطقة من المتوسط‪ ،‬وهم ليسوا في الحقيقة ال أتراك وال فرس وال عرب حيث‬
‫يشيرالمؤرخون أن أصول هؤالء آسيوية قديمة من ‪Mildes‬؛ أي بالد مياديا فهم هنود أوروبيون‬
‫ويتكلمون باللغة الفارسية‪ ،184‬ولقد أدي هدا الوضع الكردي الى ظهورالمسالة الكردية كقمية‬
‫عالقة ‪،‬ولقد نشأت باألساس هطه المسألة من تحطيم الكماليين لمعاهدة‪ -‬سيفر‪-‬‬
‫‪9127‬وارغامهم الدول الكبرى علي استبدالها بمعاهدة لوزان ‪ 9121‬التب صفت الدولة العثمانبة‬
‫قانونيا ‪،‬رست قيام نظام الدول المستقلة او املخمعة لنظام االنتداب وفق قرارات عصبة األمم‬
‫‪184‬‬
‫‪- GERARD CLAUDE, op.cit, page 121-122.‬‬
‫في مايشبه في بعض الوجوه نوعا من معاهدة وستفاليا مشرقية او تركية‪-‬عربية شكلت خاتمة‬
‫فصول ماعرف بالمسالة الشرقية‪.‬‬
‫‪185‬ولقد كان االكراد رجال قبائل مسلحين يعيشون على رمي الحيوانات وبعض الزراعة‪،‬‬
‫وكانت القبيلة عندهم هي الوحدة االجتماعية التي تقويها روابط الدم الحقيقية أو الوهمية‪،‬‬
‫وترتكز زراعتهم على األراض ي القبلية واملحاصصة‪ ،186‬كما أن الهوية الكردية كانت مندمجة كلية‬
‫داخل نظام الجماعات القبلية‪ ،‬وكانت القبائل الكردية حينذاك متجمعة داخل عدد من‬
‫االتحادات الكونفدرالية أو اإلمارات‪ ،‬مثل (تيلس أو الجزيرة أو رواند‪ )...‬التي يقودها رجال يتم‬
‫اختيارهم من أنساب شريفة وتعاونهم في ذلك يشكل بيروقراطية صغيرة وجيش صغير ومجلس‬
‫يمم رؤساء القبائل‪ ،‬وكان املجموع مفككا‪ ،‬إلى حد أن بعض القبائل بقيت خارج االتحاد تقيم ما‬
‫تبتغي من تحالفات تكتيكية‪ ،‬ولم يكن لهذا االندماج السياس ي دعامة من األراض ي اإلقليمية‪،‬‬
‫السيما وأن مجموع الشعب كان من البدو الذين كانوا حين يذهبون النتجاع الكأل يتركون المراعي‬
‫للفالحين "األرمن" و"السطوربون" لكي يزرعونها‪ ،‬وكان حينذاك يتم تعويض فقدان الهوية‬
‫اإلقليمية عن طريق االندماج مع القبيلة‪ ،‬وبواسطة التفاوض الحر بين األمراء والحكام‬
‫العثمانيين أو الفرس‪ ،‬وبفمل االلتحام الذي تصنعه العصبية التي تحدث عنها "ابن خلدون"‬
‫واالنتماء إلى الطرق الصوفية وبخاصة الطريقة النقشبندية‪.187‬‬
‫ستعرف القمية الكردية تطورا ملحوظا منذ سنة ‪ 9292‬مع معركة "خالديران" بين الدولة‬
‫الصفوية الحاكمة في بالد فارس والدولة العثمانية‪ ،‬فقد انتهت تلك المعركة ببسط سيطرة‬
‫العثمانيين على معظم أراض ي "كردستان"‪ ،188‬وحسب تعبير القوميين (األكراد الجدد) منطقة‬
‫"كردستان" هي منطقة متواصلة األطراف‪ ،‬تمتد جغر افيا من شمال العراق وجنوب شرق تركيا‬
‫وشمال غرب إيران‪ .189‬ويرتبط هذا التوزيع الجغرافي والسياس ي لألكراد‪ ،‬بموجب كذلك اتفاقية‬
‫‪-185‬فريق الباحثين ‪:‬مسالة االكراد سوريا ‪-‬الواقع –التاريخ‪-‬األسطورة مؤلف جماعي الناشر المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫‪،‬الطبعة االولى بيروت كانون الثاني يناير ‪ 2044‬ص‪42‬‬
‫‪ -186‬إلئا حريي مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.111‬‬
‫‪ -187‬برتراد باقي الدول المستورقة‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.11‬‬
‫‪ -188‬عشد الااقر ال اوي مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.11‬‬
‫‪ -189‬إلئا حريي مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.111‬‬
‫"سايكس بيكو *‪ ،‬التي تم على ضوئها توزيع تركة حكم تركيا الوريث الشرعي للدولة العثمانية‬
‫بقيادة "مصطفى كمال أتاتورك"‪ ،‬وهكذا تم إلحاق "كردستان الغربية" بسوريا التي خصصت‬
‫لالنتداب الفرنس ي‪ ،‬وضمت "كردستان الجنوبية" إلى العراق الذي وقع تحت الحماية البريطانية‪،‬‬
‫وبقيت "كردستان الشرقية"‪ ،‬تحت سيطرة إيران التي لم تشملها مقتميات اتفاقية "سايكس‬
‫بيكو"‪.190‬‬
‫ورغم أن الخطوة األولى في تشكل الحركة الكردية كان من خالل نشرصحيفة كردستان عام‬
‫‪ ،9212‬فإن النمال التحرري القومي الذي سيقوم به األكراد لم يظهرإلى الوجود بصورة كلية إال‬
‫بعد تقسيم "كردستان" عند نهاية الحرب العالمية األولى‪ ،‬ورغم أن اتفاقية "سيفر"‪ ،‬تممنت‬
‫شرطا في المواد (‪ )62-62‬إليجاد دولة مستقلة على األرض الكردية‪ ،‬إال أن هذا الشرط لم يتحقق‬
‫على أرض الو اقع أبدا‪.191‬وكرد فعل على سياسة الصهر القومية نشبت ثورات كردية عشائرية‬
‫ضارية بين عامي ‪ 9122‬و ‪ 9112‬وكما سبق ذكر ذلك قام أكراد كردستان تركيا بسبع عشر ثورة‬
‫ضد تلك السياسة‪ ،‬بدأت بثورة الشيخ سعيد بيران عام ‪ 9122‬و انتهت بثورة سيد رضا في عام‬
‫‪ ،9112‬في‬
‫ترسيم لتسجل هذه الثورة نهاية الثورات العشائرية الكردية ضد الحكومة التركية ونتج‬
‫عن سحق ثورة النورس ‪ 9122‬ومن كل ثورة كردية جماعية جديدة بالمئات واالالف في سوريا‬
‫اإلندابية‪192‬‬
‫*‪ -‬اتفاقية سايكس بيكو‪ :‬تم التوقئع عليها في شهر ايار عام ‪ 4742‬بين الدبلوماسي الشريطاني السيد مارك سايكا‬
‫ال ي قدم في رصمن ال رب العالمئ االولى وبين الدبلوماسي الفرنسي جورج بئكو‪ ،‬حيص وحسس نصوذ االتفاقئ‬
‫تاسم منطا ال رق االوسط الى منطاتي نفوع لكل من ابريطانئا وفرنسا حين اك قد عملت على ت كئال شرق ووسط‬
‫ب نظم سئاسئ وتخطئط حدوقي استمر الى االد ‪،‬حيص تواجه تلي االنظم حالئا تهدفدا خطي ار مما يغير من خطوط‬
‫‪/‬اسرائيل مستاشل المدفن‬ ‫تلي الخريط التي رسمتها فرنسا وابريطانئا‪ .‬انظر نتاب تئسير عشد الله شرفي الم اقب‬
‫الطئع ‪ 2020‬قار الكتاب للن ر‬ ‫نورونا‪-‬صفا الارد ‪/‬رؤي اسرائيلئ‬ ‫الادس –الربئع العربي الباقورة والامر –جائ‬
‫والتوصيع ذ‪242‬‬
‫‪ -191‬بيرش بيربر بوجلو ترجم فخري لشيس‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ‪.331‬‬
‫‪-‬فريق الباحثين‪ :‬مسالة االكراد سوريا‪-‬الواقع –التاريخ‪-‬األسطورة مؤلف جماعي الناشر المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪،‬‬
‫الطبعة االولى بيروت كانون الثاني يناير ‪ 2044‬ص‪.42‬‬
‫وهكذا تم عقب الحرب العالمية الثانية اإلعالن في ‪ 9126‬عن منطقة "كردستان" وأعقب‬
‫هذا اإلعالن تمردات‪ ،‬حيث قام البرزاني بتمردات في ‪ 9122-9121‬في العراق‪ ،‬وعرفت تركيا هي‬
‫األخرى تمردات متكررة في ‪ ،9112 – 9116 – 9117-9122‬وفي كل مرحلة كان يتم التعاطي مع هذه‬
‫التمردات بالردع والقمع من السلطات‪ ،‬أما إيران فإن "الشاه" كان قد أمربمنع كل تجمع سياس ي‬
‫أو ثقافي لألكراد‪ ،‬كما أبرم ميثاق بين إيران وتركيا والعراق من أجل التمييق وزجر الشعب‬
‫الكردي‪.193‬‬
‫ففي تركيا وكرد فعل على هذه السياسات الردعية للنظام التركي قامت الحركة القومية‬
‫الكردية خالل العقدين التاليين‪ ،‬وبدأ نمال الحركة القومية الكردية المتعدد في منتصف‬
‫الستينات من القرن العشرين في طرح تحد جديد لألنظمة القمعية التي تسيطر على األراض ي‬
‫الكردية‪ ،‬إذ بدأت منظمات يسارية متعددة في احتمان القمية الكردية كجزء من استراتيجيتها‬
‫السياسية الكلية (حزب العمال التركي‪ ،‬الحزب الشيوعي التركي‪ )...‬وكان حزب العمال الكردستاني‬
‫(بارتيا كاركير كردستان –بي‪ .‬كي‪ .‬كي‪ )*-‬هو األكثر فاعلية في كل المنظمات اليسارية في كردستان‬
‫التركية‪ .194‬وفي بداية ‪ 9122‬أعلن حزب "عبد الله أوجالن" الـ"بي‪.‬كي‪.‬كي" حرب العصابات دون‬
‫مهادنة ضد سلطة أنقرة‪ ،‬وقام بمربات عسكرية طيلة ‪ 17‬سنة راح ضحيتها أكثر من ‪10777‬‬
‫شخص‪ ،‬إال أنه عند توقيف زعيمها في ‪ 9117‬أرغمت الحركة على تغيير استراتيجيتها‪ ،‬حيث‬
‫ستصبح معركتها سياسية يتزامن هذا مع انشغال الدولة التركية بإعطاء صورة للنظام‬
‫الديمقراطي املحترم لحقوق اإلنسان‪ ،‬بشكل سيواكبه االهتمام باألقلية من خالل برامج تأهيل‬
‫‪ GAP‬في األناضول الجنوبي الشرقي بشكل قلص من حدة المشكل الكردي نسبيا‪ ،‬لكن في سنة‬
‫‪ 2772‬ستستأنف األعمال االعتدائية من خالل فرع مستقل ‪ PKK‬هو ‪( TAV‬صقورالحرية) الذي‬
‫اعتبر نفسه تنظيما مناوئا للسياسات التركية اتجاه القمية الكردية‪ ،‬وقد قام هذا التنظيم‬
‫بعمليات دامية (خاصة في صيف ‪ 2776‬بشكل مس شريان االقتصاد التركي عبر اعتدائه على‬
‫‪193‬‬
‫‪- GERARD CLAUDE op.cit, page 122.‬‬
‫*‪" -‬بي‪.‬كي‪.‬كي" ح ب العمال الكرقستاني‪.‬‬
‫‪ -194‬بيرش بيربر بوجلو‪ ،‬ترجم فخري لشيس مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.339‬‬
‫محطات الحمامات التي تشكل ر افدا مهما للسياحة التركية)‪ ،‬مما أرغم تركيا على فتح‬
‫مفاوضات‪.195‬‬
‫غيرأن ما ظل يثيراإلشكال في ملف القمية الكردية في تركيا‪ ،‬هو الثقل والوزن الديموغرافي‬
‫لهذه األقلية كأكثرية سكانية‪ ،‬وكأكبر تجمع كردي في المنطقة‪ ،‬فالمفارقة السياسية في هذه‬
‫القمية أنه حتى اآلن جمعت أرض دولة تركيا مواطنين أكراد بمعزل عن انتمائهم العرقي أو‬
‫الطائفي تحت راية الوطن‪ ،‬في حين أن هذه األقلية تبحث عن أرض ولو بالقوة‪ ،‬وبالتالي فإن مسار‬
‫الدولة واألقلية هو مسار تناقض ي ومعاكس لطموحات الطرفين بشكل يكشف عن أزمة أو فشل‬
‫لمبدأ اإلقليمية‪.196‬‬
‫أما في العراق فإن االعتراف العراقي الرسمي بالقومية الكردية لم يحصل إال بالدستور في‬
‫‪ ،9122‬بعد االنقالب العسكري على النظام الملكي بقيادة "عبد الكريم قاسم"‪ ،‬الذي أقرفي مادته‬
‫الثالثة أن لألكراد حقوقهم القومية ضمن الوحدة العر اقية كشركاء للعرب في الوطن‪ ،‬غير أن‬
‫الخالف سرعان ما عاد بين الطرفين ليأخذ طابعا عسكريا في هذه الفترة بعد االنقالب الذي قاده‬
‫"عبد السالم عارف" واستأ ِنف مباشرة بعد وفاته إبان حكم شقيقه "عبد الرحمن عارف"‪،197‬‬
‫واستمرت حتى بعد االنقالب سنة ‪ 9107‬الذي قاده "حسن البكر" و"صدام حسين"‪،‬من خالل‬
‫عمليات حرب عصابات ضد دولة العراق‪ ،198‬ولقد أفمت هذه العمليات إلى تسوية أو اتفاق‬
‫تاريخي مبرم بين الطرفين في ‪ 9107‬منح لألكراد حكما ذاتيا موسعا لإلقليم‪ ،‬وفرضت مراعاة‬
‫نسبتهم العددية إلى إجمالي السكان في السلطات التنفيذية والتشريعية والقمائية وفي القواعد‬
‫المسلحة والشرطة مع االعترف باللغة الكردية‪ ،‬كلغة رسمية ولغة ثانية بعد اللغة العربية في‬
‫مدارس العراق‪ ،199‬إال أن هذا االتفاق ما لبث أيما أن تعثر نتيجة للتعارض بين حزب البعث‬
‫واألكراد على حكم ذاتي سياس ي على اإلقليم على حدود محاذية للمعادن النفطية لكركوك‬
‫و‪ ،Kaminquine‬حيث رفض األكراد هذا الحكم الذاتي "المرسوم بطريقة خادعة"‪ ،‬وتجددت‬
‫بذلك الهجومات العسكرية من جديد ضد الشعب الكردي‪ ،‬ورغم المساندة العسكرية من‬
‫‪195‬‬
‫‪- GERARD CLAUDE, op.cit, page 123.‬‬
‫‪ -196‬غساد الع ي مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.19‬‬
‫‪ -198‬بيرش بيربر بوجلو‪ ،‬ترجم فخري لشيس مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.311‬‬
‫‪ -199‬عشد الااقر ال اوي مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.11-11‬‬
‫النظام اإليراني‪ ،‬فإن األكراد تعرضوا للهزيمة ومن ثمة النفي‪ ،‬وفر بذلك الكثير منهم إلى إيران‬
‫والبعض إلى تركيا‪ ،‬وهكذا ستقسم الحركة الكردية إلى تيارين معارضين *‪( PDK‬البرزاني) هذا‬
‫األخير الذي لم يتردد في معارضته لتوجهات **‪( UPK‬االتحاد الوطني الكردستاني) بزعامة جالل‬
‫طالباني الذي أرغمته الهجومات العسكرية لحزب البعث على الفرارإلى إيران‪.200‬‬
‫بعد هذه المرحلة ستدخل الحركة القومية الكردية بعد غياب الزعيم البرزاني كذلك‬
‫مرحلة التشتت والتيه‪ .‬ولقد استفاد نظام صدام حسين من هذا الفراغ في حربه مع إيران في‬
‫اإلجهاز على ما تبقى من جيوب المعارضة في مدينة حليحة باستخدام األسلحة الكيماوية وفي‬
‫تنفيذ مخططه الخاص للحكم الذاتي بإقليم كردستان‪ ،‬إال أن المقاومة الكردية سرعان ما‬
‫ستستعيد عافيتها وقوتها بعد الغزو العراقي للكويت وتلتئم كافة فصائلها في "جبهة تحرير‬
‫كردستان" بقيادة "المال مسعود البرزاني" عن الحزب الديمقراطي الكردستاني و"جالل‬
‫طالباني" عن "االتحاد الوطني الكردستاني" مستفيدة من هزيمة صدام حسين في حرب تحرير‬
‫الكويت‪ ،‬وقيام دولة التحالف بقيادة واشنطن بإقامة مناطق حظر جوي في شمال العراق حيث‬
‫االنتفاضة الكردية‪ ،‬وجنوبه حيث االنتفاضة الشيعية‪ ،‬وبدء إنجاز مخططها لحكم ذاتي واسع‬
‫الصالحيات‪ ،‬بعد أن استوعبت أن إعالن دولتها المستقلة غير مرغوب فيه دوليا و إقليميا لحد‬
‫الساعة‪ ،201‬وهكذا أعادت األحزاب الكردية والمنظمات الجماهيرية منذ أواخر التسعينات من‬
‫القرن العشرين تنظيم نفسها‪ ،‬كما أعادوا تقييم دورهم في النمال القومي‪.202‬‬
‫إال أنه ورغم أجواء الثقة التي أشاعها الدستور في عالقة إقليم كردستان بالعراق‪ ،‬فإن‬
‫هواجس الشكوك المتبادلة عادت لتطفو على السطح من جديد‪ ،‬السيما بعد فشل السلطات في‬
‫تنفيذ مقتميات المادة ‪ 927‬من الدستور وقبلها المادة ‪ 22‬من قانون إدارة الدولة العر اقية‬
‫للمرحلة االنتقالية الخاصة بتمهيد األرضية القانونية واإلدارية واإلنسانية إلجراء االستفتاء حول‬
‫مدينة كركوك الغنية بالنفط لتحديد إرادة مواطنيها والتسابق بدال من ذلك في تغيير معطيات‬
‫*‪ PDK -‬ال ب الكرقي الديماراطي بالعراق‪.‬‬

‫**‪ UPK-‬االت اق الوطني الكرقستاني بالعراق‪.‬‬
‫‪200‬‬
‫‪- GERARD CLAUDE, op.cit, page 123.‬‬
‫‪ -202‬بيرش بيربر بوجلو ترجم فخري لشيس‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.311‬‬
‫المدينة الديمقراطية والعقارية‪ ،203‬حيث عملت العديد من األحزاب الحقا على تأييد االستفتاء‬
‫الذي أجري أيلول ‪ 2790‬بغية انفصال اإلقليم عن الدولة األم العراق‪ ،‬و انقسمت األحزاب‬
‫الكردية في اإلقليم بين مؤيد ومعارض لذلك االستفتاء ونتائجه‪ ،‬في ظل رفض دولي كبيروتحذيرات‬
‫من الحكومة المركزية في بغداد‪ ،204‬إن هذه النزعة ستشكل إذا تحديا آخر وحافزا ألكراد سوريا‬
‫على التمرد أكبر‪ ،‬مما شكله الحكم الذاتي ألكراد تركيا الذين كانت معركتهم ضد دولة مستقرة‬
‫وجيش قوي قد بدأت في ‪ ،205 9102‬في المقابل يتحرك أكراد سوريا في حالة الالدولة وخارج سيادة‬
‫القانون وأمن الدولة ‪ ،‬في منطقة تبحث شعوبها عن هوية سياسية جديدة‪ ،‬وهي بمجملها عوامل‬
‫مثالية لمشروع انفصال ينتظر شرارة االشتعال‪ .206‬خاصة إذا ما علمنا أن األكراد بسوريا‬
‫يتطلعون اليوم السيما "حزب االتحاد الديمقراطي" نحواالستقالل أوالحكم الذاتي على إثرحرب‬
‫داعش خصوصا اذا ماعلمنا أن الحزب اليوم يستغل فراغ قوات األسد بمنطقته الكردية‪ ،‬التي‬
‫لها امتداد على األطراف التركية التي باتت تتوجس هي األخرى بعد انسحاب قوات األسد من‬
‫المناطق الكردية‪ ،‬وتخش ى تركيا كذلك أن يكون ذلك بدعم وتنسيق مع نظام األسد واحتمال‬
‫دعم واشنطن لهذه التطلعات االنفصالية واالستقاللية للحزب الكردي‪ ،‬ولقد سبق في هذا‬
‫السياق أن ندد "أردوغان" بتزويد واشنطن لحزب االتحاد الديمقراطي الكردي السوري ‪PYD‬‬
‫بالسالح جوا‪ ،‬إن التخوف التركي يجد تبريره اليوم بأن المناطق التي يطالب حزب االتحاد‬
‫الديمقراطي اليوم كإقليم لكردستان هي مناطق تمتد من المناطق الكردية إلى داخل التراب‬
‫التركي‪ ،‬و أنه إذا ما تحقق هذا المطلب الكردي سيجعل الساحة السورية والتركية وحتى البلدان‬
‫املجاورة لها عرضة للتشظي والتقسيم‪.207‬‬
‫يستخلص من خالل الو اقع السياس ي للمكون الكردي بالشرق األوسط‪ ،‬أن هذه القمية‬
‫باتت تلقي بظاللها السلبية على الكيانات الوطنية (دوال ومجتمعات) بالنظر لعدم وجود دول‬
‫مدنية (في العراق وسوريا وتركيا و إيران) تحترم الحقوق األساسية للمواطن الكردي‪ ،‬ومن ثم فإنه‬
‫من الصعب الحديث عن تحقيق الحقوق لهذه األقلية في هكذا دول مدنية‪ ،‬مما يجعل فرضية‬
‫‪ -203‬عشد الااقر ال اوي مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.11-11‬‬

‫‪ -204‬م مد صب ي ال ئاب مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪43‬‬
‫‪ -205‬خالد ال رقاوي السموني مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.11-14‬‬
‫‪ -206‬نفا المرجع السابي‪ ،‬ذ ‪.14‬‬
‫‪ -207‬ب ير عشد الفتاق مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.11‬‬
‫الصراع والنزاع بين هذا المكون والدول القائمة فرضية قائمة‪ ،‬ومما يجعل المشكلة الكردية‬
‫مشكلة عصية على الحل‪ ،‬وبالتالي سيبقى هذا المكون ورقة جاهزة لالستخدام من طرف الدول‬
‫التي لها نفوذ ومصالح بالشرق األوسط‪ ،‬الش يء الذي يمكن أن يجر المنطقة إلى مزيد من عدم‬
‫االستقرار والتشردم‪ ،‬ويتيح للجهات الغربية المعادية مبررا للتدخل في الشؤون الداخلية لهذه‬
‫الدول األوسطية والمتوسطية في آن واحد‪.‬‬
‫اآلن وعلى ضوء هذه األوضاع الراهنة التي يمر بها العالم العربي‪ ،‬فإن الورقة الكردية باتت‬
‫أحد المداخل الرئيسية لتقسيم دول الشرق األوسطية المعنية بهذا الصراع (خاصة بعد‬
‫استفتاء أكراد العراق) ومع تحول حزب العمل الكردستاني إلى ما شبه الدولة على حدود تركيا‬
‫الجنوبية والتي تمتد من جبال قنديل إلى تخوم المتوسط‪ ،‬ويبدو ارتياب "أردوغان" في مخططات‬
‫خارجية لبالده أمرا و اقعيا‪.208‬‬
‫ويشير الوضع الكردي اليوم بشكل عام في سوريا والعراق وتركيا إلى وجود نزاعات إثنية‬
‫مدمية ومترابطة‪ ،‬بمعنى أن المصير السوري يرتبط بشكل كبير بمصير األكراد في العراق‪ ،‬وإن‬
‫شاع فرضا انقسام الدول واكتسب شرعية في المنطقة فإن انقسام العراق يصبح قابال للتحقق‬
‫مستقبال‪ ،‬إال أنه يصعب التكهن بصدقية هذه االحتماالت ضد هذه األقليات والجماعات من‬
‫دون حسم للصراع لطرف من األطراف المتصارعة‪ ،‬إال أن من شأن فرض الحظروالتمييق على‬
‫حريات ومطالب األقليات الكردية أن يجعلها أكثرإلحاحا وتشبثا بحقها باالنفصال في المستقبل‬
‫المنظور‪.‬‬
‫تشكل إذا المسألة الكردية عبئا كبيرا على دول منطقة الشرق األوسط‪ ،‬فإفصاح األقلية‬
‫الكردية مثال عن مطالبها االنفصالية جراء االستفتاء المرفوض محليا ومن الفواعل الدولية‬
‫املجاورة يمع الدول التي تمم مجموعات كردية في كيانها الوطني أمام محك وتحد حقيقي‬
‫لتدارك أخطائها المتكررة تجاه األقليات الكردية‪ ،‬بحيث باتت هذه الدول تحتاج إلى حلول‬
‫تستوعب به تلك المطالب الكردية االنفصالية‪ ،‬فالحل يقتض ي من الجميع إيجاد حل وطني‬
‫محض يمع األكراد في إطار عموية املجتمع العربي في مجتمع متنوع‪ ،‬وتبقى الدول العربية‬
‫مطالبة اليوم بتفادي أزماتها الوطنية للحل الديمقراطي لما يشتمل هذا بالمرورة من حقوق‬
‫‪ -208‬س ب ببعد م يو آثار التفكئي في ال ور العربي‪ ،‬مجل المس ب ببتاشل العربي‪ ،‬مرن ق ارس ب ببات الوحدة العربئ ‪ ،‬الس ب ببن‬
‫‪ ،12‬العدق ‪ 111‬فنافر ‪ 1032‬ذ ‪.99‬‬
‫لغوية وثقافية وتعليمية‪ ،‬وتمكين للمجتمعات املحلية كافة لإلدارة نفسها‪ ،‬وفق إدارة المركزية‬
‫بعيدا عن سطوة أصحاب الوصاية في وطن يتمتع فيه الجميع بحقوق المواطنة االجتماعية‬
‫والسياسية والثقافية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬األقليات االمازيغية واشكالية الهوية‬
‫تعتبر اإلشكاليات الهوباتية بالعالم العربي من أبرز التحديات التي تواجه الدولة واملجتمع‬
‫بالمنظمة العربية ‪،‬باعتبارها مشكلة تتشابك فيها العوامل الخارجية والداخلية والديمغر افية‪،‬‬
‫إضافة الى التفاعالت السياسية املحلية واإلقليمية ‪،‬وتعود هذه النزعة الهوياتية التي تعرفها هذه‬
‫الدول الى عوامل متعددة كما أشرنا سابقا‪ ،‬ذلك أن حدود الدول قد وضع من قبل اإلدارات‬
‫االستعمارية األوروبية‪ ،‬والسيما بعد مؤتمر برلين ‪ 9122-9222‬ودون أية مراعاة ألوضاع‬
‫الجماعات اإلثنية‪ ،‬مما أدى الى انشطارالقبيلة الواحدة‪ ،‬أو أية جماعة إثنية أخرى بين دولتين أو‬
‫أكثر مبلورة بذلك رؤى تقسيمية تتجاهل االندماج الوطني والثقافي‪ ،‬وتقفز فوق الحقائق‬
‫الديمغر افية والجغر افية‪،.‬ولقد ادى فعل التجزئة والتقسيم االستعماري للبالد العربية الى‬
‫تفكيك األمة الى كيانات صغيرة متعددة لقطع السبيل أمام تواجد المنطقة في كيان قومي جامع‪،‬‬
‫والى تقسيم الشعب الواحد فيها الى جماعات أهلية منفصلة حلى حدود كيانات أصغر‪ ،‬قصد‬
‫إعادة تركيب المنطقة على مقتض ى مصالح الدولة الكبرى في العالم وحليفاتها‪،.‬ولقد تحولت‬
‫هذه الدول على ضوء هذا التقسيم االستعماري الى وحدات متنافرة‪ ،‬بحيث أدى ذلك الى أن‬
‫أصبحت الدولة الواحدة تمم العديد من الجماعات اللغوية الدينية القومية والعرقية‬
‫والقبلية‪ ،‬في هدا السباق لم تستثن الدول المغاربية من هدا التاثير بشكل أعاد النقاش حول‬
‫هوياتها في ابعادها الثقافية واالجنماعية والحمارية ‪،‬ولقد استأثرت المطالب الهوياتية‬
‫االمازيغية خاصة في المغرب والجزائر بالقسط األكبر من هده النقاشات والحوارات الفكرية‬
‫والسياسية ‪.‬‬
‫تعتبر ظاهرة اإلثنيات جزء من تاريخ اإلرث االستعماري الذي شكل ورسم معالم الحدود‬
‫المصطنعة‪ ،‬وذلك بدون األخذ بعين االعتبار تلك الحقائق الجغر افية والبشرية التي أدت إلى‬
‫تمزق القبائل واإلثنيات التي كان من الممكن أن تتسع لنوع من التطورالقومي‪ ،‬من دون أن تجعل‬
‫هذه اإلثنيات مقسمة إلى عدة دول بشكل أفض ى معه مفهوم الدولة متخلفا عن هذه الوحدات‬
‫القائمة على أساس عرقي أو إثني‪.‬‬
‫ونتيحة للتطورات والتغيرات السياسية الراهنة التي تعرفها المنطقة العربية‪ ،‬فاليوم يتم‬
‫تسليط الموء إعالميا وسياسيا بشكل مركزعلى القمايا اإلثنية الطائفية في العالم العربي‪ ،‬بل‬
‫إن هذه القمايا أدت في بعض التجارب العربية اليوم إلى تمزيق النسيج االجتماعي الداخلي بعد‬
‫تدمير الدولة ومؤسساتها عن طريق هذه المواجهات والصراعات األهلية االنقسامية‪ ،‬ولقد‬
‫أثبتت التجربة أن تجاهل مثل هذه المواضيع المرتبطة بهوية املجتمع يلقي بوحداته االجتماعية‬
‫إلى االحتراب الذي قد يقود بذلك إلى الـمصيراملجهول‪.209‬‬
‫وفي هذا السياق تشكل حركة الهوية البربرية في المغرب العربي اليوم تجسيدا آخر‬
‫للصراعات الهوياتية بالمنطقة العربية‪ ،‬بحيث التزال قمية األقليات األمازيغية في المغرب‬
‫العربي تثير جداالت ونقاشات واسعة على الساحة السياسية وبشكل خاص منذ المرحلة‬
‫االستعمارية مرورا بمرحلة االستقالل وصوال إلى هذه المرحلة الراهنة‪ ،‬وفي خمم هذه الدينامية‬
‫التي ظلت تعرفها القمية األمازيغية اختلفت كذلك تلك العوامل واألسباب بين المفكرين‬
‫والباحثين بين خلفيات وأهداف هذه النزاعات البربرية‪ ،‬بين من اعتبرها تجسيدا للمخلفات‬
‫االستعمارية التي حاولت أن تفصل بين البربرعرقيا ولغويا وفنيا ودينيا وتاريخيا عن العرب‪ ،‬وبين‬
‫من اعتبرها وليدة ظروف داخلية ارتبطت باإلقصاء الذي مورس على األمازيغية نتيجة هيمنة‬
‫النموذج اليعقوبي في بناء الدولة الوطنية الذي يقوم على المركزية‪ ،‬ويلغي الخصوصيات‬
‫وثقافات الهامش‪ ،‬أو نتيجة لوجود قوى مجتمعية معارضة أخرى تؤكد على أن هوية المغرب ال‬
‫تخرج عن ثنائية اإلسالم والعروبة‪ ،‬وكيفما كان هذا التصورأو ذاك فإن فهم واستيعاب القمية‬
‫األمازيغية يقتض ي البحث عن تطور الحركة األمازيغية تاريخيا منذ مرحلة االستقالل‪ ،‬من أجل‬
‫الوقوف على العناصر التي ظلت مواكبة ومتحكمة في حركات مطلب الهوية البربرية بكل بلد‪،‬‬
‫وسيتم اعتماد التجربة الجزائرية والمغربية كنموذجين لتمثل هذه الصراعات الهوياتية‪ ،‬وفي‬
‫هذا الصدد بالنظرللثقل النسبي لهذه األقليات األمازيغية رغم أنها تتواجد في أقطارأخرى عربية‬
‫و إفريقيا‪ ،‬إال أننا سنركز على هاتين التجربتين‪ ،‬من خالل البحث عن درجة وحدود االنصهار‬
‫االجتماعي لهذه األقليات عبرهذه المراحل وتأثير سياسات الدول االستعمارية وسياسات الدول‬
‫العربية في تطويرالذاكرة االجتماعية لهذه األقليات‪.‬‬
‫‪ -209‬عشد الااقر ال اوي مرجع سابي بتصرى‪ ،‬ذ ‪.42-41‬‬
‫‪-9‬أصول وجذوراألمازيغ‬
‫ويقودنا الحديث عن الجذور العربية والبربرية إلى التعبير بأن الطريقة األنسب للتعريف‬
‫باألمازيغ هوبوصفهم أنهم الشعوب األصلية لشمال إفريقيا‪ ،‬ومع ذلك فإن هذا التعريف مبسط‪،‬‬
‫ذلك أن األمازيغ لم يتطوروا من فراغ‪ ،‬لكنهم تداخلوا مع الجماعات األخرى التي وفدت واستقرت‬
‫في الشمال اإلفريقي مثل الرومان والمستوطنين الفنيقيين والعرب‪ ،‬ويعتبر األمازيغ متوسطيين‬
‫وثيقي الصلة بالصقليين واإلسبان والمصريين‪ ،‬لكنهم معروفون بشكل أكثر صياغة بأنهم‬
‫"الشعب الذي يتحدث باللغات البربرية وحتى اليوم يصعب على العلماء تعريف من هم‬
‫األمازيغ"‪.210‬‬
‫كما تطالعنا في هذا الصدد العديد من المصادرالتاريخية عن تلك األصول يذكرمن ضمنها‬
‫ما كتبه "محمد مختارالعرباوي" من خالل قوله أنه من األشياء ذات الشأن في تاريخ البربرالعربي‬
‫اسم "أمازيغ" مؤنثة تمازيغت وجماعة ايمازيغن"‪ ،‬وهو من األسماء التي كثر الحديث عنها في‬
‫السنوات األخيرة في الساحة المغاربية خاصة‪ ،211‬ولقد استخدمه أصحاب النزعة البربرية شعارا‬
‫سياسيا لهم وعبؤا له كل ما لديهم من إمكانيات لترويجه على نطاق واسع‪ ،‬ونجحت أيما الدول‬
‫الغربية ذات النفوذ االستعماري (كفرنسا بريطانيا) في بذر بذرة األمازيغية في الدول المغاربية‬
‫وغيرها وتعهدتها بالمال والرجال وأوجدت لها أكاديمية بربرية في فرنسا وتعهدتها و أنشأت لها قناة‬
‫فمائية‪.212‬‬
‫وتذكرلنا المصادراليونانية والالتينية أن اسم "أمازيغ" كان معروفا منذ العهود القديمة‪،‬‬
‫بصبغ متعددة تحريفية مختلفة مثل‪" :‬مازيس" ويقال أن الرومان هو أول من اطلق اسم البربر‬
‫على سكان الشمال اإلفريقي‪ ،‬وحتى ال أطيل في موضوع الجذور األولى للبربر‪ ،‬أقول أن المؤرخين‬
‫العرب أمثال "الطبري والمسعودي" و ابن حزم" وغيرهم ال يذكرون البربر‪ ،‬أما النسابة البربر‬
‫‪-210‬ب ل عشببد اللببه‪ ،‬االنببدمبباج الوطني والت ول الببديماراطي بعببد الثورات العربئ ب ‪ ،‬األمبباصيي ليشئببا نموعجببا‪ ،‬م لف‬
‫قراسات الوحدة‬ ‫جماعي بعنواد الديماراطئ المتعثرة ‪ ،‬مسبار الت رنات العربئ الراهن من وجل الديماراطئ ‪ ،‬مرن‬
‫العربئ ‪ ،‬الطبع األولى بيروت‪ ،‬مارس ‪ ،1031‬ذ ‪.124-121‬‬
‫‪ -211‬التهامي الهاني العرب إلى وفن‪ ،‬سب ببتكود القئاقة وحراك ال ب ببعوب‪ ،‬عنواد الم لف‪ ،‬ق ب ببايا عربئ وإس ب ب مئ ‪،‬‬
‫الطبع األولى ‪ ،1031‬الناشر الدار التونسئ ‪ ،‬ذ ‪.311‬‬
‫‪ -212‬م مد عمر السباعي ن و نظري جدفدة لتاريخنا العربي األماصيي في المتوسط العربي‪ ،‬الطبع ‪ ،1001‬قود‬
‫عنر اسم المطبع ‪ ،‬ذ ‪.113‬‬
‫أمثال "هاني بن بكور المريس"‪ ،‬و"سابق بن سليم المهماهي"‪ ،‬و"مخلد بن كيداد لنكري‬
‫الملقب" "صاحب الحمار" فإنهم يختلفون في نسب البربر‪ ،‬ويرى صاحب الحمار أن فرعي البربر‬
‫(البرانس والبتر) ينحدرون من أصل واحد وهو مازيغ بن كنعان بن حام بن نوح‪ ،‬وفي المغرب‬
‫األقص ى اعترضت السلطة أمر "التعدد اللغوي" لدى البربر ولم يجدوا لغة واحدة يتكلمون بها‬
‫فأقروا التدريس بثالث لغات بربرية‪.213‬‬
‫يعتبر البربر من أقدم السكان الذين استوطنوا بالد المغرب أو باألحرى السكان األصليون‬
‫ويمكن رد أصل تسمية كلمة البربر إلى عدة روايات تناولها اغلب المؤرخين ولقد ظلت أصول‬
‫االمازيغ محل جدل ونقاش يختلط التاريخ فيها باألسطورة ‪ ،‬ويتداخل فيها االديولوجي بالمعرفي‬
‫ويعاد الخلط أحيانا بين الماض ي والحاضروالعصبيات واألمزجة‪ ،‬هناك من ينسبهم إلى الفرس‪،‬‬
‫انطالقا من الرواية المتعلقة بعبورهؤالء أعمدة هرقل جبل طارق حيث اختلطوا سكان إفريقيا‬
‫األو ائل من الجيتوليين واللوبيين اورد تلك األسطورة الرواية المؤرخ سالوست ‪ ،‬وربما كانت‬
‫مترجمة من بونيقية للملك هبسال‪.‬‬
‫وهناك أطروحة األصل الكنعاني التي تتحدث عن أصل الموريين‪،‬واسهم لفظ عام يدل على‬
‫سكان الشمال اإلفريقي ممن بقو خرج إطارالرؤمنة‬
‫وقد ذهب الباحثون الغربيون إلى ربط االمازيغ باألصل األوروبي فجعلوا االمازيغ من نسل‬
‫الغال سكان فرنسا في العصورالقديمة أومن نسل الجرمان سكان ألمانيا قديما وأحيانا من نسل‬
‫قوزقازي‪ ،‬وقد جزم ابن خلدون باألصل الكنعاني لالمازيغ‪،‬ومهما كانت صحة ذلك فان االمازيغ‬
‫ليسو من ارومة واحدة ‪،‬وال يمكنهم ادعاء البقاء العرفي‪ ،‬بل ان التايرالعربي والكنعاني والعمليقي‬
‫الهكسوس ي ملموس في التاريخ االماريغي‪ ،‬فمال عن االرومات األخرى الغاممة من المتوسط‬
‫ومن إفريقيا جنوب الصحراء‪214‬‬
‫‪ -213‬التهامي الهاني مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.311‬‬

‫‪ -214‬رحما الله ولد السالم تاري االماصيي والهجرة اله لئ ماتطف من نتاب العشر البن خلدود مع قراس قبائل‬
‫وط موريتانئا‪.‬‬ ‫‪ 3‬قار الكتس العلمئ ‪ 1031‬نواك‬ ‫البافور الغام‬
‫وإذا تصفح المرأ أغلب المؤلفات التي تناولت جوانب من المسألة البربرية كظاهرة‬
‫حمارية أو خصوصية إثنية أو قمية سياسية سيجدها نادرة وتزامنت مع وجود االستعمار‬
‫العربي ونذكر في هذا السياق على سبيل المثال‪.‬‬
‫‪ -‬المقال الذي نشره "دمبورجو" بعنوان القانون العرفي للبربر في الجنوب التونس ي‬
‫والذي صدرفي النشرية التونسية سنة ‪.9172‬‬
‫‪ -‬العرب في بالد البربرالقرن الحادي عشروالرابع عشر"لجورج مارساي" بباريس ‪.9171‬‬
‫‪ -‬القانون وعادات البربر" لعثمان الكعان" الذي صدر‪.9126‬‬
‫‪ -‬الناطقون بالبربرية في تونس ل"باسات" صدرسنة ‪.9126‬‬
‫ولقد عرفت الكتابات حول هذا الموضوع انطالقا من القرن العشرين تطورا هاما‪ ،‬حيث‬
‫ظلت الدول التي سبق وأن استعمرت البلدان المغاربية أشد المتحمسين لخلق أزمة هوياتية في‬
‫الشمال اإلفريقي‪ ،215‬ولقد بدا ذلك جليا من خالل وقوف هذه الجهات مع األقليات‪ ،‬بمعنى آخر‬
‫أن هذا الموقف يشكل حسب هذا التوجه تطورا لرؤية تاريخية ألنظمة الغرب اتجاه الشمال‬
‫اإلفريقي بعودة الحكم الروماني الى بالد إفريقية‪ ،‬وتبدو هذه الفكرة عند العديد من الباحثين‬
‫والمؤرخين‪ :‬وخصوصا المستشرقون في ثنائية (البدو الحمر) أي (العرب والبربر) زاعمين أن‬
‫صفة البداوة ملتصقة بالعرب‪ ،‬إذ كان غالة المستشرقين يرون أن الزحف الهاللي هو النكبة"‬
‫يقول "جورج مارساي" لقد أحست إفريقيا الشمالية بألم عميق وإلى األبد بهذه النكبة‪ ،‬ويمض ي‬
‫في القول بأن "أسلمة بالد البربرتطرح قمية تاريخية ال أمل لنا في حلها وأوضح "كرستيان كورتوا"‬
‫أن هذا يجعل البربريتخلو شيئا فشيئا عن رومانيتهم‪.216‬‬
‫وللحديث عن هذه المكونات فإن ذلك يقتض ي استحمار تلك العوامل المرتبطة‬
‫بالجغر افيا والسياسة واالستعمار‪ ،‬التي واكبت وحركت مطلب الهوية البربرية بكل بلد من هذه‬
‫البلدان سواء من خالل النموذج الجزائري أو المغربي‪.‬‬
‫‪-2‬األقليات األمازيغية المغاربية‬
‫‪ -215‬نفا المرجع سابي ذ ‪.311‬‬

‫‪ -216‬نفا المرجع السابي ذ ‪.312‬‬
‫أ‪-‬الحركة األمازيغية بالجزائر‬
‫على الرغم من أن البربر يتواجدون بشكل عام في أقطار المغرب العربي‪ ،‬وحول إفريقيا‬
‫الغربية الو اقعة في الصحراء الكبرى‪ ،‬إال أنهم يتركزون بشكل خاص في كل من المغرب والجزائر‪،‬‬
‫وبذلك فهم يشكلون في الجزائر ثقال بشريا أو اجتماعيا مهما في إطار هيكلها السكاني‪ ،‬في الجزائر‬
‫تصل نسبهم ما بين ‪ 97‬إلى ‪ %12‬من مجموع السكان‪ ،‬ويتركزالبربربالجزائربشكل خاص في منطقة‬
‫القبايل بشمال شرق الجزائر‪.217‬‬
‫وبالنظر لما تشكله هذه اإلشكالية البربرية في الجزائر من أهداف ومصالح غربية من أجل‬
‫تكريس السياسات االستعمارية‪ ،‬فقد سعت فرنسا جاهدة ومنذ الحقبة االستعمارية إلى إبراز‬
‫وتبني اإلشكالية البربرية‪ ،‬وهكذا حاولت فرنسا منذ الوهلة األولى إلى نشر الثقافة الفرنسية‪ ،‬بل‬
‫والديانة المسيحية ألغراض سياسية معروفة خاصة في المناطق التي تسكنها أغلبية البربروصيغ‬
‫التعليم فيها بصيغة خاصة غيرعربية في لغته وفي مواده الدراسية‪ ،‬وكانت هذه الحمالت مدعومة‬
‫بكتابات فرنسية و أبحاث ذات مظهر علمي خارجي تركز على انفصال البربر عرقيا ولغويا وفنيا‬
‫ودنيا وتاريخيا عن العرب‪.218‬‬
‫لقد أدت السياسات االستعمارية بالجزائر إلى إيقاظ النزعة البربرية وإلى دعم الفئات‬
‫البربرية من خالل سعي القوة االستعمارية إلى الحفاظ على اللغة والثقافة الفرنسية كإطار عام‬
‫والخصوصية البربرية كإطارخاص على حساب اللغة والثقافة العربيتين‪ ،‬وتجد هذه الفئات دعما‬
‫مباشرا من الخارج‪ ،‬بل إن معظم فئاتها المثقفة ظل يحظى بنفس الدعم ومن أمثلة ذلك ما يسمى‬
‫بجبهة القوى االشتراكية التي يتزعمها حسن أيت أحمد التي تبذل نشاطا واسعا سواء عن طريق‬
‫تعبئة اإلعالم الفرنس ي المهيأ أساسا لمثل هذه المهمة ضد الوضع القائم‪ ،‬خاصة في الجزائرأو‬
‫عن طريق توزيع البيانات السرية‪ ،‬وخاصة في منطقة القبايل‪ ،‬حيث يتركزنصف بربرالجزائر‪.219‬‬
‫لقد أقدمت اإلدارة االستعمارية الفرنسية منذ احتاللها للجزائرعلى جملة من السياسات‬
‫من أجل تغيير هذا التاريخ الجزائري بين المكونات االجتماعية والبربرية‪ ،‬وفرض هيمنتها على‬
‫‪ -217‬عشد الس م ابراهئم بغداقي الوحدة الوطنئ وم كل األقلئات في افريقئا‪ ،‬مرن قراسات الوحدة العربئ سلسل‬
‫وطروحات الدنتو ار العدفد ‪ 11‬الطبع الثانئ بيروت ‪ ،1000‬ذ ‪.311‬‬
‫‪ -218‬نفا المرجع السابي ذ ‪312‬‬
‫‪-219‬عشد الس م إبراهئم بغداقي مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.312-311‬‬
‫املجتمع الجزائري‪ ،‬حيث قامت منذ البداية على فصل القبائل الصغرى البربرية عن بقية البالد‬
‫كإدارة مستقلة منذ سنة ‪ ،9221‬وتال ذلك إنشاء منطقة القبائل الكبرى مستقلة عن بقية البالد‬
‫سنة ‪ ،9121‬وأخمعت هاتين المنطقتين لتنظيم إداري واجتماعي مختلف عن باقي الجزائر‪،‬‬
‫و انكب علماء اللغة الفرنسيين على وضع قواعد الصرف والنحو للغة القبائلية (البربرية) بهدف‬
‫محو الثقافة العربية اإلسالمية لهذه الفئة من المسلمين الجزائريين تمهيدا لربطها نهائيا‬
‫بالثقافة الفرنسية‪ ،‬وبذلت البعثات التبشيرية المسيحية جهودا ممنية لتحقيق هذا الهدف‪،‬‬
‫وحاولت السلطات الفرنسية تأليف حزب "الشعب القبائلي" لشق صفوف حزب الشعب‬
‫الجزائري وتفتيت قواه‪.220‬‬
‫إال أنه وعقب االستقالل و انتهاء االستعمار سيسيطر على العالم العربي مناخ قومي عربي‬
‫كاسح‪ ،‬فكان من نتاج ذلك تراجع النزعة البربرية والمتحدثين بها في بالد الشمال اإلفريقية‪ ،‬إال أنه‬
‫ونتيجة لهزيمة ‪ 9160‬و انكسارموجة المد القومي العربي فإن ذلك سيؤدي من جديد لتمدد هذا‬
‫الوعي األمازيغي‪ ،‬وفي هذا السياق حاول النظام الجزائري تدارك سياساته اإلقصائية والشمولية‬
‫من خالل تجربة "هواري بومدين" التي سعت إلى إقامة تكامل وإدماج‪ ،221‬وهكذا حاولت تجربة "‬
‫هواري بومدين" أن تقيم تكامال و اندماجا بين المكونين العربي واألمازيغي في ثقافة وطنية‬
‫مشتركة‪ ،‬إال أن هذا املجهود سرعان ما اصطدم بتنامي النزعة التصارعية‪ ،‬بل إن الو اقع كشف‪-‬‬
‫بعد ذلك‪ -‬عن مزاج تعاركي محلي بين القبائل والنظام بشكل سيتعمق معه هذا الصراع المفتوح‬
‫نتيجة لهذا التوجه اليعقوبي للدولة‪.222‬‬
‫ونتيجة لهذا الفشل فإن ذلك سيؤدي إلى انتعاش حركة الهوية البربرية بغية إبراز‬
‫خصوصية لغتها وثقافتها في مواجهة العربية‪ ،‬فانطالقا من ‪ 9107-9127‬ستعرف العديد من‬
‫المناطق البربرية الجزائرية هيجان شعبي بربري ستتسع قاعدته بعد ذلك ما بين ‪-9127‬‬
‫‪ ،2239117‬وتشكل أحداث "تيزي وزو" عاصمة والية القبائل أهم هذه األحداث والمظاهرات التي‬
‫عرفتها الجزائر والتي تركت وقعا خطيرا في العالم العربي والجزائري‪ ،‬وقد كان التلفزيون‬
‫مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.11‬‬ ‫‪ -220‬علي مفلح م افظ‬

‫‪ -221‬ب ل عشد الله مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.124‬‬
‫‪-222‬خليل وحمد خليل مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.14‬‬
‫‪223‬‬
‫‪- GERARD CLAUDE,. Op.cti, p 121‬‬
‫الجزائري أول من بث شريطا إخباريا مدته أربعون دقيقة حول مدى ما حصل من تخريب في هذه‬
‫الوالية‪ ،‬حيث أقدم بعض المتظاهرين على حرق العلم الوطني الذي خاضت البالد تحت رايته‬
‫حرب التحرير‪ ،‬ورفع مكانه علما انفصاليا رسموا عليه صورة زيتونة‪ ،‬والزيتون كما هو معروف‬
‫أهم موارد القبايل حيث ال نفط وال موارد طبيعية أخرى‪ ،224‬إال أن ما يثير التساؤالت في هذا‬
‫الحادث هو طبيعة تلك الشعارات التي رفعت على خلفية هذا الحدث‪ ،‬ما إذا كانت اجتماعية أو‬
‫سياسية أو خارجية‪ ،‬حيث رفع هؤالء شعارات ممللة لكل ما هو وطني وعربي وإسالمي‪ ،‬ومن‬
‫ضمن تلك الشعارات‪ :‬تسقط العربية‪ ،‬يسقط اإلسالم‪ ،‬تحيا الجزائر‪ ،‬وبعد هذه المرحلة‬
‫ستعرف النزعة البربرية منحى آخر إذ ستعرف الجزائر أحداث دموية أخرى في سنة ‪ 9112‬عقب‬
‫االستحقاقات التي عرفت فوز جبهة اإلنقاذ اإلسالمي‪ ،‬وسينتهز نشطاء البربر ضعف السلطة‬
‫لتمرير خطاباتهم ومظاهراتهم‪ ،‬حيث شهدت منطقة القبايل إضرابا مدرسيا عاما ‪،9112-9112‬‬
‫احتجاجا على قانون تعميم استخدام اللغة العربية‪ ،‬حيث أطلق على هذا اإلضراب "مقاطعة‬
‫املحفظة"‪ ،‬قبل أن يتم تعليقه بموجب اتفاق أبريل ‪ 9112‬بين السلطة (والتي كان أحمد أو يحيى‬
‫أحد أعماء وفدها ) والحركة الثقافية البربرية‪.225‬‬
‫بعد ذلك ستشكل سنة ‪ 2779‬محطة أخرى من املحطات التاريخية للمطلب األمازيغي‪،‬‬
‫حيث ألهبت وفاة طالب ثانوي " ماسينسا قرباج" يوم ‪ 92‬أبريل في نفس السنة في مقر الدرك‬
‫الوطني فتيل األزمة‪ ،‬بشكل لم تهدأ معه االحتجاجات بعد ذلك‪ ،‬فانطلقت في بلدة "بني دوالة" في‬
‫والية " تيزي وزو" وشرقا في الجزائروذلك بعد اعتقال هذا الطالب أثناء التظاهرهووغيره احتفاال‬
‫بذكرى الربيع البربري الذي يحتفل به سنويا‪ ،‬و انطلقت بذلك شرارة األحداث بمظاهرات وقمع‬
‫وتخريب وتدميرللمر افق العمومية‪ ...‬وقد أدت تلك األحداث إلى انسحاب حزب التجمع من أجل‬
‫الثقافة ‪ ،RCD‬وحل محله تنظيم جديد عرف باسم "تنسيقية العروش"‪ ،‬ولقد ساهم نشاط هذا‬
‫التنظيم الجديد في جعل السلطات الجزائرية تقدم على خطوات أخرى في تدبير الهوياتي‪ :‬منها‬
‫‪ -224‬عشد الس م ابراهئم بغداقي مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.319‬‬

‫‪225‬‬
‫‪GERARD CLAUDE, -. Op.cti, p 121‬‬
‫ترسيم األمازيغية لغة وطنية وليست رسمية كما يطالب القبايل‪ ،‬كما تم فسح املجال أمام‬
‫مظاهرات سنوية سلمية محتفلة بذكرى الربيع البربري وبشكل خاص في" تيزي وزو"‪.226‬‬
‫لقد ساهمت هذه األحداث السالفة وغيرها في تأجيج النزعة البربرية مستفيدة من ذلك من‬
‫تداخل العوامل الداخلية والخارجية‪ ،‬فمن جهة شكل فشل النظام الجزائري في صهراملجتمع في‬
‫بوتقة واحدة سببا في فتح املجال أمام التدخل األجنبي الذي سعى جاهدا إلى مواكبة حراك هذه‬
‫األقليات األمازيغية‪ ،‬وما يؤكد ذلك أن التحرك الفرنس ي الثقافي بالهوية البربرية لم ينقطع على‬
‫أرض الجزائر بصورة مباشرة أم من داخل فرنسا‪ ،‬فمثال يوجد في الجزائر اليوم خمس مراكز‬
‫ثقافية فرنسية موزعة على العاصمة ووهران وقسنطينية وعنابة وتلمسان ‪ ،‬عالوة على وجود ‪22‬‬
‫بيتا ثقافيا منتشرين في أنحاء الجزائر ليس المتداد نشاطها نظيرا في أية دولة أخرى في العالم‪،‬‬
‫والهدف واضح وال يحتاج إلى تعليق‪ ،‬إضافة إلى تبني بعض المراكز األكاديمية الفرنسية لألفكار‬
‫التي ال تتالءم مع الوحدة واألمة الجزائرية‪ ،‬وفي ضمن هذه الدو ائرنذكرعلى سبيل المثال المركز‬
‫الجامعي للبحث العلمي التابع لجامعة اكسو‪ -‬مارسيليا وقسم الدراسات البربرية في جامعة‬
‫"فنسين" التي تصدر نشرة دورية باسم النشرة البربرية واألكاديمية البربرية في جامعة باريس‪،‬‬
‫ولجنة الدفاع عن الحقوق الثقافية في الجزائر‪ ،227‬وما يعززهذا التوجه المرتبط باألهداف غير‬
‫المعلنة‪ ،‬واليوم ما معنى أن يعلن من باريس مثال تشكيل حكومة مؤقتة ألمازيغ مشاركين في‬
‫الحكم المركزي الجزائري‪.228‬‬
‫لقد أدت مختلف هذه العوامل في التجربة الجزائرية إلى تهديد خطيرللوحدة الوطنية‪ ،‬التي‬
‫أصبحت بموجبها هذه الوحدة أكثرعرضة للتمزق والتشظي‪.‬‬
‫ب‪-‬الحركة األمازيغية المغربية‬
‫تشكل الفترة االستعمارية في المغرب أحد العوامل الرئيسية أيما في إيقاض النزعة‬
‫البربرية‪ ،‬بحيث ساهمت العديد من الدراسات االستعمارية االستشر اقية في إبراز وتسليط‬
‫الموء على ذلك التباين بين المكونين العربي والبربري‪ ،‬وتر افق ذلك بجملة من السياسات‬
‫‪ -226‬عمر ش ب ب ب ببلئغم آلئات المواجه األماصيغئ والعنف الهوياتي‪ ،‬المرن العربي للب وث والد ارس ب ب ب ببات‪ ،‬مرن علمي‬
‫مستال من ‪ ،3992‬اطلع علئه فوم ‪ 1034/01/31‬انظر الموقع اعلكتروني ‪www.acrseg.org:/39930‬‬
‫‪ -‬عشد الس م إبراهئم البغداقي مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.312‬‬ ‫‪227‬‬
‫‪ -228‬خليل وحمد خليل مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.14‬‬
‫االستعمارية التمييزية بين العنصرين‪ ،‬فرغم حصول المغرب على االستقالل فإن ذلك لم يساهم‬
‫في تحجيم تلك النزعة البربرية نتيجة لغياب برنامج الدولة الوطنية‪ ،‬غير أن توالي األحداث‬
‫والوقائع ستفرض على السلطة المغربية التفاعل مع المطالب الهوياتية من خالل برامج‬
‫سياسية و اقتصادية وسوسيو ثقافية بغية ضبط التوازن بين فئات املجتمع‪.‬‬
‫وبالعودة إلى التاريخ االستعماري نجد أن اإلدارة الفرنسية في سياساتها البربرية منذ البداية‬
‫قد استلهمت سياساتها من تلك الدراسات التي قام بها أولئك المستكشفون االستعماريون‪،‬‬
‫والتي نذكرمن ضمنها مذكرات "شارل فوكو" والتي نبه من خاللها عن "استقالل البربرفي المغرب‬
‫عن السلطان‪ ،‬وعدم تقيد أهلها بتطبيق الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فمال عن جهلهم للغة العربية‬
‫‪،‬الش يء الذي ألهب حماس االستعماريين في الجزائر والمغرب‪ ،‬أولئك الذين كانوا يطمحون إلى‬
‫استرجاع شمال إفريقيا؛ أي الرجوع إلى ما كانت عليه قبل اإلسالم حين كانت خاضعة لروما‬
‫وتشكل جزء من اإلمبراطورية الرومانية‪ ،‬ولعل هذا الموقف يشكل حسب هذا التوجه تطورا‬
‫لرؤية تاريخية لحكام الغرب اتجاه الشمال اإلفريقي حيث هناك من األوروبيين من يحلم بعودة‬
‫الحكم الروماني إلى بالد إفريقيا‪.229‬‬
‫بشكل عام ساهمت السياسة الفرنسية البربرية من خالل هذه الرحالت االستشر اقية وعبر‬
‫مسار طويل في رسم معالم الهوية بشكل منعزل عن الهوية العربية‪ ،‬فبعد فرض الحماية‬
‫الفرنسية في المغرب بسنتين أنشأ الفرنسيون مدرسة للغة العربية واللهجات البربرية كنقطة‬
‫انطالق للسياسة البربرية‪ ،‬ومنحت القبائل البربرية محاكم عرفية خارج نطاق املحاكم الشرعية‬
‫اإلسالمية سنة ‪ ،9192‬وبعد ذلك بعام تألفت لجنة األبحاث البربرية في الرباط‪ ،‬ويقول "المارشال‬
‫ليوطي" كأول مقيم عام فرنس ي في مراكش في تقرير له في حزيران ‪« :9192‬إن مصلحة فرنسا من‬
‫الناحيتين السياسية والدينية أن تفرق أكثر مما توحد‪ ...‬وسياسة التفرق في صالحنا‪ ،‬وستكون‬
‫إحدى مراحل عملنا» وفي العام نفسه أصدر المقيم العام قرارا بجعل اللغة الفرنسية الرسمية‬
‫ملجالس الجماعات البربرية‪ ،‬و أنشأت منذئذ المدارس الفرنسية ألبناء البربرلتحل محل المدارس‬
‫القرآنية والتعليم العربي‪.230‬‬
‫‪-229‬التهامي هاني مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.319-312‬‬

‫ويالحظ "الشيرار" في هذا اإلطار أيما وهو أحد كبار أقطاب الفكر االستعماري في المغرب‬
‫في تقريره الذي صدر ‪ ،9192‬مع بداية الحماية الفرنسية ضعف املخزن (السلطان والجهاز‬
‫الحكومي واإلداري)‪ ،‬وغياب سلطته في كثير من المناطق‪ ،‬ليؤكد أنه من المروري أخذ هذه‬
‫الحقيقة بعين االعتبار عند البدء في تنظيم البلد‪ ،‬حتى تتجنب فرنسا في المغرب األقص ى أنواع‬
‫الحيرة والتردد والتي شلت عملها في الجزائر‪ ،‬ويقترح "الشيرار" على ضوء هذا الو اقع ترك‬
‫"البرابرة" يتطورون في إطار الحمارة البربرية الموجهة نحو فرنسا وبمعزل عن العرب في إطار‬
‫الحمارة العربية التي يمثلها املخزن‪ ،‬تحت شعارفرق تسود‪ ،‬وهذا ما يتكررمرارا في التقرير‪.231‬‬
‫لقد كان الهدف بشكل عام في هذه السياسة هوفرنسة البربرومنحهم األفملية على العرب‪،‬‬
‫وهكذا أصدرت فرنسا ظهير مرسوم ‪ 7911/2/92‬الذي جرد الحكومة المراكشية من سيادتها‬
‫على القبائل البربرية‪ ،‬فعلى الرغم من المقاومة التي أثارها هذا الظهير في مراكش في األقطار‬
‫العربية اإلسالمية‪ ،‬فقد استمرت فرنسا في سياستها البربرية‪.232‬‬
‫لقد شكلت هذه السياسات في مجملها في هذه المرحلة هدفا من أجل تعميق الهوة بين‬
‫المكونين العربي والبربري‪ ،‬هذان المكونان اللذان ظال تاريخيا في انصهار وتجاور هو أقوى بما ال‬
‫يقاس‪ ،‬سواء تعلق األمر بعالقات المصاهرة أو الزواج أو التجارة أو غيرهما من العالقات‬
‫االجتماعية‪.233‬‬
‫‪-‬النزعة البربرية في مرحلة االستعمار‪:‬‬
‫يرى "كمال عبد اللطيف" أنه خالل هذه المرحلة تم تشويه العالقة بين المكون األوروبي‬
‫والبربري بإيعاز من االستعمار الفرنس ي‪ ،‬وهي صورة قامت على ازدراء وتشويه منهجيين للجسد‬
‫المغربي‪ ،‬ومع السعي ليمرب بعمه البعض اآلخر‪ ،‬كما أدلت على ذلك الكثيرمن مراسم وأعمال‬
‫السياسة االستعمارية في المنطقة‪ ،‬ومنها على سبيل المثال فقط الظهير البربري لـ ‪ 96‬ماي‬
‫‪ ،2349117‬رغم أن التاريخ يفنذ هذا الزعم أو هذا التمايز بين العرب والبربر كما هو معروف‪ ،‬كما‬
‫‪ -231‬م مد عابد الجابري الماال ‪ 331‬بين "ال ببوينغوم" في الخطاب وإعاقة بناء الهوي ‪ ،‬مجل مواقف‪ ،‬العدق ‪،11‬‬
‫الطبع األولى‪ ،‬شتنشر ‪ ،1001‬ذ ‪.41-41‬‬
‫‪ -233‬ق عشد الس م ابراهئم البغداقي مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.311‬‬
‫‪ -‬عشد المطلس ال ي اوي ووهام الظهير الشربري السابي والتداعئات اصدارات فيد برانت الطبع ‪ 1001‬ذ ‪.21‬‬ ‫‪234‬‬
‫كان للبربر إسهاما تاريخيا فعاال في الحمارة العربية اإلسالمية‪ ،‬وكان لهم دور واضح مع إخوانهم‬
‫العرب في فتح األندلس سنة ‪ 12‬هجرية بقيادة طارق بن زياد‪ ،‬كما قامت لهم دوال معروفة من‬
‫أشهرها دولتا (المرابطين والموحدين) اللتان كان لهما الدور الكبير في توحيد الممالك العربية‬
‫اإلسالمية التي قامت في شمال إفريقيا وبالد األندلس‪ ،‬كما أن التاريخ يكشف لنا إسهام هاتين‬
‫الدولتين في نشراإلسالم في غرب إفريقيا‪ ،‬وظهرفي تلك المرحلة أبرزاللغويين من واضعي القواعد‬
‫الصرفية والنحوية أال وهو "المعاطي البربري" المولود في مدينة مقلة حيث درس "ابن خلدون"‬
‫ولقد كان للبربركذلك دوركبيرفي مقاومة االستعمار‪.235‬‬
‫يمكن القول أن الطرح السياس ي للمسألة األمازيغية قد استقرفي هذه المرحلة في كثيرمن‬
‫جوانبه إلى السياسة البربرية الفرنسية في المغرب‪ ،‬هذه السياسة التي قامت على توظيف بعض‬
‫المعطيات اإلثنية لخدمة أهداف محددة سلفا‪ ،‬وقد اعتبر الظهير البربري الذي تم استصداره‬
‫سنة ‪ 9117‬لحظة تجليها القصوى‪.236‬‬
‫‪-‬النزعة البربرية في مرحلة ما بعد االستقالل‬
‫في هذه المرحلة لم تتخل فرنسا عن مهامها وعالقاتها‪ ،‬بل ظلت حريصة على مواصلتها‬
‫لسياستها ذات النزعة البربرية ببعض قيادات هذه األقلية التي تستعملها عند الحاجة للتدخل في‬
‫الشؤون الداخلية لهذا البلد‪ ،‬وغدت هذه الحماية مرتبطة بحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫ولقد تعمقت تلك األزمة بين المركز والمناطق الطرفية عندما أطلق حلفاء اإلقطاعي‬
‫"الماريشال ليوطي" بعد مغادرته ما سمي بسياسة "البربر" المكرسة لرسم تمييزحاد بين العرب‬
‫والبربر‪ ،‬وهكذا ففي ‪ 9126‬استقال زعيم بربري في األطلس األوسط وصديق حميم للملك من‬
‫منصبه من الحكومة الملكية كوزيرالداخلية‪ ،‬وعاد إلى الجبال يدعو إلى الوشائجية القبلية بين‬
‫القبائل(القبائل هي التي أعطت املجد إلى المغرب)‪ ،‬ونادى بذلك بحل كل األحزاب السياسية‪،‬‬
‫لقد أشار بقوله ذلك‪ (:‬أن تمنح المسؤولية إلى رجال يجهلون القبائل تماما هو أمر ضد مصالح‬
‫البلد وااللتفاف الوطني حول شخص الملك فقط)‪ ،‬لكن سرعان ما توقفت جهوده بنصيحة من‬
‫الملك‪ ،‬لكن بعد شهور قام بربري آخر أكثر تقليدية وهو حاكم مقاطعة" تافياللت الجنوبية‬
‫‪ -235‬ق عشد الس م ابراهئم البغداقي مرجع سابي ذ ‪.311-311‬‬

‫‪ -236‬عشد المطلس ال ي اوي مرجع سابي ذ ‪.21‬‬
‫الشرقية" الحسن ليوس ي بثورة ر افما صراحة على حد قوله "عن حزب يحول بيننا وبين الحياة‬
‫كما نريده"‪ ،‬معبرا في نفس الوقت عن والءه اآلبدي للسلطان‪ ،‬وسرعان ما أمن الملك خموعه‬
‫سلميا‪ ،‬ووضعه قيد اإلقامة الجبرية قرب القصر الملكي‪ ،‬لكن في أواخر ‪ 9122‬حدثت ثورات‬
‫متفرقة في الشمال والشمال الشرقي‪ ،237‬الش يء الذي فرض على الدولة االعتراف بالتعددية‬
‫السياسية من خالل السماح لحزب الحركة الشعبية بالتواجد داخل الساحة الحزبية‪ ،‬وإصدار‬
‫ظهيرالحريات العامة في نونبر‪ ، 9122‬ثم في مرحلة متقدمة تم االنفتاح على النخبة التربوية بحيث‬
‫أصبح الفالح المغربي مدافع عن العرش‪" ،‬ولقد كان هدف تأسيس الحركة الشعبية في البداية‬
‫ألمرين أولهما الدفاع عن الهوية‪ ،‬وثانيهما الوطنية فقد كان حينها الحزب الوحيد (حزب‬
‫االستقالل) يقوم باختطافات وهو ما لم يكن يرضينا في جيش التحرير وقمنا بخلق الحركة‬
‫الشعبية ومنذ البداية ونحن ندافع عن األمازيغية"‪.238‬‬
‫إال أن هذا الوضع سرعان ما سيعرف تطورات أخرى ارتبطت بأحداث الشغب التي دارت في‬
‫الدارالبيماء والتي أدت إلى وفاة ‪ 17‬شخص (حسب اإلحصاءات الرسمية) ومئات من األشخاص‬
‫الذين سقطوا على يد القوى الحكومية‪ ،‬مما سيجعل الملك يتولى اإلشراف على الحكومة‬
‫والحكم بالمراسيم مقلصا بشكل منهجي نفود الحزبين‪ :‬حزب االستقالل وحزب االتحاد الوطني‬
‫للقوات الشعبية‪ ،‬وبعد أن حاول الحسن الثاني كسب الوالء الشخص ي في هذه الفترة للبربر‬
‫وضبا ط الجيش‪ ،‬فإن هذا التوجه سرعان سيعرف تحوال مع محاولة االنقالب التي قام بها‬
‫الجيش أثناء االحتفال بعيد ميالد الملك األربعين‪ ،‬والتي قتل فيها الكثيرأغلبهم أجانب‪ ،‬ومنذ وقوع‬
‫هذا الهجوم الذي اتبع بآخر فاشل في آب‪/‬اغسطس في ‪ 9102‬سيتضح الدور الذي لعبته النخبة‬
‫العسكرية البربرية في هذا االنقالب‪ ،‬ذلك أن جل مدبري هذه االنقالبات كانوا برابرة‪ ،‬مما جعل‬
‫‪ ...‬الثورة اعقماجئ الم اعر الوشائجئ والسئاسات المدنئ في الدور ال دفث م لف جماعي‬ ‫‪ -237‬نلئفورق غيرت‬
‫التعدق وت ديات االخت ى تاديم قانئال برو تشرا ترجم سعيد اآلفوبي‪ ،‬قار الساقي‪ ،‬الطبع األولى ‪ .3991‬ذ‬
‫‪.24-21‬‬
‫‪ -238‬مصب ب ب ب ب ب ببطفى عنترة مبداخلب بمجلب نوافب ت بت عنواد مفهوم الهويب في خطباب ال رنب األمباصيغئ ‪ ،‬عنواد‬
‫العدق ال اوق االقتصب ب ب ب بباقي واالجتماعئ بالمغرب‪ ،‬مجل نواف ‪ ،‬مجل ثاافئ فصب ب ب ب ببلئ ‪ ،‬فنافر ‪ ،1002‬ذ‬
‫‪.313‬‬
‫الملك يعمل على إضعاف دور البربر في الجيش‪ ،‬فمال عن إيجاد قاعدة للتأييد بين السكان‬
‫المتحدثين بالعربية في المدن الكبرى‪.239‬‬
‫أما فترة الثمانينيات فستعرف بعد ذلك الحركة البربرية بعض المناوشات من السلطة من‬
‫خالل منع الدورة الثانية لجمعية (الجامعة الصيفية بأكادير) واعتقال الراحل "علي صدقي‬
‫أزايكو" ومنع مجلة أمازيغ‪ ،‬واعتقال الناشط "حسين إذ بلقاسم"‪ ،‬عالوة على اعتقال مجموعة‬
‫من أعماء مكتب منظمة "تامينوت" بإنزكان لكونهم طبعوا يومية تتممن بعض الرموزالتاريخية‬
‫األمازيغية‪ .240‬بعد هذه الفترة سيعرف المغرب انفتاحا نسبيا للحقل السياس ي‪ ،‬مع إنشاء‬
‫المنظمة المغربية لحقوق اإلنسان في ‪ ،9122‬وستعود بذلك المسألة األمازيغية إلى الواجهة ومع‬
‫الدفع الذي حازته الجمعية المغربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬وأكثر من ذلك ما كان للصدمة التي‬
‫أحدثتها حرب الخليج من آثار سيشكل "ميثاق أكادير ‪ "9119‬أول بيان وطني للحركة الثقافية‬
‫بأكادير بالمطالبة بسياسة لغوية ديمقراطية أساسها االعتراف واحترام الحقوق اللغوية‬
‫والثقافية المشروعة ملختلف مكونات الشعب المغربي إلمكانية بناء ثقافة وطنية ديمقراطية‪،‬‬
‫وهكذا جاء "مؤتمرفيينا" الدولي لحقوق اإلنسان جوان ‪ 9111‬لكونه مناسبة لتدويل‪ 241‬المسألة‬
‫األمازيغية‪.‬‬
‫كما شكلت محطة التسعينات مرحلة متقدمة أخرى من التفاعل مع القمية األمازيغية‬
‫نظرا لطبيعة المتغيرات الوطنية والدولية مستفيدة كذلك من وقائع وأحداث هامة منها‪:‬‬
‫‪ -‬إحداث "كلميمة" إثر إقدام بعض النشطاء داخل الحركة األمازيغية على رفع‬
‫شعارات باألمازيغية بمناسبة تظاهرة فاتح ماي وما خلقته من تداعيات داخليا‬
‫وخارجيا‪.‬‬
‫‪ -‬دخول الحركة األمازيغية مرحلة التنظيم والمطالبة بترميمها خاصة بعد ميثاق أكادير‬
‫المتعلق لحقوق الثقافية واللغوية‪.‬‬
‫مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.24‬‬ ‫‪ -239‬نلئفورق غيرت‬

‫‪ -240‬مصب ب ب ب ب ب ببطفى عنترة مفهوم الهوي ب في خطبباب ال رن ب االمبباصيغئ ب مجل ب نواف ب مجل ب ‪ .‬العببدق ‪ 14-11‬فنببافر‬
‫‪ ،1002‬على العدق ال اوق االقتصاقي واالجتماعئ في المغرب‪ ،‬ذ ‪.311‬‬
‫‪ -241‬مرغريت روالند ال رن األماصيغئ في المغرب قفاعا عن هوي ثاافئ مطالب ب ي األقلئات وم بدفل سببئاسببي‬
‫المجل الج ائري في األنتروبولوجئا العلوم االجتماعئ السن ‪ 3999‬العدق ‪ 2‬ذ ‪.14-11‬‬
‫‪ -‬بداية انفتاح النظام السياس ي على شركائه خاصة أنه كانت هناك مبادرة إشراك‬
‫المعارضة السياسية (أحزاب الكتلة الديمقراطية)‪.‬‬
‫‪ -‬بروزقوميات بعد تفكك الكتلة الشرقية (االتحاد السوفياتي سابقا)‪.‬‬
‫كما جاء خطاب ‪ 27‬غشت ‪ 9112‬بعد ذلك بمثابة محاولة للتنفيس على حالة الغمب التي‬
‫عرفتها األوساط األمازيغية‪ ،‬وكتكتيك لالحتواء في محطة ثانية‪ ،‬حيث تم اإلقراربتدريس األمازيغية‬
‫في التعليم االبتدائي‪ ،‬وإدخالها اإلعالم العمومي من خالل نشرة اللهجات‪ .242‬لكن رغم هذا التبني‬
‫في خطاب ‪ 9112‬لألمازيغية فإن هذه البداية أعقبها ركود استغرق حوالي ثماني سنوات‪ ،‬لم تلب‬
‫فيه وعود تلك الطموحات التي دأب النشطاء األمازيغيون على الدفاع عنها‪ .243‬هذا الو اقع‬
‫سيجعل الحركة األمازيغية تدخل مرحلة أخرى من التنظيم والمظاهرات من خالل تصاعد‬
‫للحركة االحتجاجية عموما والحركة األمازيغية على وجه الخصوص‪ ،‬خاصة بعد عزم هذه‬
‫الحركة تنظيم مسيرة "تاوادا" ضدا على ما جاء في الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬و أيما بعد‬
‫صدور البيان األمازيغي لصاحبه "محمد شفيق" الذي أعطى دفعة قوية للمطالب األمازيغية‪،‬‬
‫كما عرفت هذه الفترة دخول األمازيغية مرحلة التسييس إثر إقدام بعض النشطاء على تنظيم‬
‫لقاء بوزنيقة األول والثاني الذي تدخلت السلطات العمومية لمنعه‪ ،‬وكذا رغبة البعض في‬
‫تأسيس حزب سياس ي أمازيغي‪ ،‬كما استفادت الحركة األمازيغية في هذا السياق من خطاب‬
‫الحقوق الثقافية واللغوية ودعوة المنتظم الدولي العديد من البلدان إلى االعتراف باألقليات‪،244‬‬
‫كما تفاعل النظام الملكي مع هذه التحركات األمازيغية من خالل "خطاب أجدير ‪ ،"2799‬الذي‬
‫حرص فيه الملك على رد االعتبار للقمية األمازيغية واالعتراف بالمكون األساس ي في الهوية‬
‫الثقافية المغربية وجعله الثابت الصلب الذي تتألف حوله عناصر التنوع المشكلة للطابع‬
‫‪ -242‬مص ب ب ببطف ى عنترة ت م ت في خطاب الهوي عند نظام الس ب ب ببئاس ب ب ببي والجمعئ المغربئ للب ص والتباقل الثاافي‬
‫سلسل الدراسات األماصيغئ حول خطاب الهوي بالمغرب الشونئطي للطباع والن ر والتوصيع الطبع األولى‬
‫‪ ،1001‬ذ ‪.11‬‬
‫‪ --243‬التجاني بولعوالي راهن األماصيغئ في ضبوء المتغيرات الجدفدة‪ ،‬الطبع ‪ 1031‬الناشبر افريقئا ال ببرق الدار‬
‫الشئ اء ذ ‪.31‬‬
‫‪ -244‬مصببطفى عنترة ت م ت الهوي عند النظام السببئاسببي والجمعئ المغربئ للب ص والتباقل الثاافي‪ ،‬مرجع سببابي‬
‫ذ ‪.12-11‬‬
‫التعددي للهوية المغربية‪ ،245‬هذا المفهوم القائم على قيم التعددية واالختالف والتعايش‬
‫والوحدة أكد أن الهوية المغربية أمازيغية عربية أندلسية تفاعلت مع الحمارات والثقافات‬
‫المتوسطية‪ ،‬فالملك "محمد السادس" لم يجعل اإلسالم ضمن مكونات الهوية كما هو الحال‬
‫بالنسبة لوالده‪ ،‬بل جعله يسمو على باقي المكونات األخرى المشكلة للهوية‪ ،‬خاصة وأن األمازيغ‬
‫تميزوا طوال التاريخ باعتناقهم للدين اإلسالمي الذي دافعوا عنه‪ ،‬ولعبوا دورا في نشره بمختلف‬
‫بقاع العالم‪246.‬‬
‫وبشكل عام فرغم أن الدولة المغربية قد قدمت مجهودات متواصلة في إطار التجاوب مع‬
‫هذه المطالب األمازيغية‪ ،‬والتي تكللت بدستور ‪ ،2799‬كما نص دستور ‪ 2799‬في فقرته الرابعة‬
‫على أن األمازيغية أيما لغة رسمية للدولة باعتبارها رصيد مشترك لجميع المغاربة دون استثناء‪.‬‬
‫وتمت أيما دسترة اللغة األمازيغية رسميا في المملكة المغربية من خالل المادة األولى من‬
‫الدستور‪ .‬كما تم اعتماد حرف «التفيناغ» لكتابة اللغة األمازيغية‪.‬‬
‫إال أن القمية األمازيغية ال زالت تعرف تقلبات سياسية خاصة في سياق يعرف فيه العالم‬
‫العربي حراك سياس ي واجتماعي سيكشف أن هذه املجتمعات العربية غيرمتجانسة بل متصارعة‬
‫أحيانا عرقيا وطائفيا وعشائريا‪ ،‬ويتزامن هذا المعطى مع ظهور مشاريع تفكيكية كولونيالية‬
‫غربية تدعو إلى إعادة النظرفي خريطة التقسيم االستعماري التي أنجبتها التجربة السايكسبوكية‬
‫البريطانية الفرنسية‪.247‬‬
‫يكشف إذا هذا الو اقع المغاربي والمرتبط بهذا الصراع الهوياتي بين المكون العربي‬
‫والبربري ‪ ،‬عن الدور الميعف الذي ظلت تلعبه الدولة في صهر مجتمعاتها‪ ،‬وهو األمر الذي وفر‬
‫الظروف للعامل الخارجي من أجل إذكاء هذا الصراع المرتبط بهذا النسيج املجتمعي المغاربي‪،‬‬
‫لذلك فإن هذا المعطى أصبح يفرض على الدول المغاربية بصفة خاصة (الجزائر والمغرب)‪،‬‬
‫لتدارك هذا الخلل في الو اقع االجتماعي الممطرب‪ ،‬من خالل البحث عن مخارج حقيقية لهذه‬
‫األزمات الهوياتية‪ ،‬ولن يتأتى ذلك إال من خالل تفاعل إيجابي بين جميع المكونات االجتماعية‬
‫(العرب واألمازيغ)‪ ،‬الش يء الذي يجعل المسؤولية اليوم أكبر على األنظمة السياسية من أجل‬
‫‪ -245‬مصطفى بوقهماد في الهوي األماصيغئ بالمغرب‪ ،‬الطبع الثانئ ‪ 1031‬من ورات " تاوي ا" ذ ‪.11‬‬
‫‪ -246‬مصطفى عنترة ت م ت الهوي عند النظام السئاسي ‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.19‬‬
‫مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.11-14‬‬ ‫‪-247‬عشد اعله بلا ي‬
‫صهرهذه املجتمعات في بوثقة واحدة‪ ،‬والسيما أن هناك العديد من العوامل التي تؤثربشكل كبير‬
‫على األزمات الهوياتية والتي كانت نتيجة‪:‬‬
‫‪ -‬لتبني النموذج الفرنس ي اليعقوبي في بناء الدولة الوطنية المبني على التوحيد الذي يلغي‬
‫الثقافات املحلية‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد مفهوم الهوية الوطنية في شكله التقليدي المؤسس على ثقافة العروبة واإلسالم‬
‫وإلغاء الثقافات األخرى‪.‬‬
‫‪-‬تداعيات أزمة الظهيرالبربري االستعماري ‪ 96‬ماي ‪9117‬؛‬
‫‪-‬غياب البعد الثقافي‪ ،‬برنامج بناء الدول الوطنية؛‬
‫‪-‬غياب الحقوق الثقافية واللغوية؛‬
‫‪-‬دورالعامل الخارجي‪ -‬فرنسا‪ -‬في إذكاء الصراع بين العرب والبربر‪.248‬‬
‫ومما الشك فيه أن تجاوز هذه العوامل يعتبر اليوم مطلبا ملحا من أجل تجنب‬
‫السيناريوهات الخطيرة بوحدة الدول المغاربية‪ :‬ففي الجزائر مثال ال زالت مناطق القبايل تعاني‬
‫من عوزاقتصادي واجتماعي يلقي بظالله على المظاهرات واألحداث التي تقع بين الفينة واألخرى‪،‬‬
‫وبالمغرب يرى الدكتور "حمان أقفلي" أن الدعم المادي والسياس ي الذي تحظى به اللغة‬
‫الفرنسية‪ ،‬وهي لغة المستعمرالغريبة عن الو اقع المغربي وتقاليده وثقافته‪ ،‬يجعل ترسيم اللغة‬
‫سواء العربية أم األمازيغية أمرا غيرذي جدوى وفائدة‪ ،‬وأن القول كذلك بترسيم اللغة األمازيغية‬
‫ودسترتها من دون استراتيجية جديدة تقطع مع تلك االستراتيجيات التقليدية التي فشلت حتى‬
‫اآلن أمام ضغط حركة املجتمع االحتجاجية‪ ،‬يقتض ي التفكير العقالني في صياغة استراتيجية‬
‫متوازنة تأخذ بعين االعتبار مختلف األبعاد االجتماعية والقانونية والعلمية والتنموية‪ ،‬ال التركيز‬
‫على البعد السياس ي والنمال فحسب كما كان األمر في الماض ي‪.249‬‬
‫كما أن األحداث واألزمات التي ظلت تعرفها هذه البلدان المعنية بالصراعات اإلثنية لتعبر‬
‫أيما عن ذلك التحدي الكبير الذي تواجهه الدول المغاربية خاصة بالمغرب والجزائر‪ ،‬فهذه‬
‫‪ -248‬مصطفى عنترة مفهوم الهوي في خطاب بال رن األماصيغئ ‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.310-339‬‬
‫‪ -249‬التجاني بولعوالي مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.13-10‬‬
‫الدول مطالبة اليوم بالبحث والعمل بشكل دؤوب على حلول فعالة ناجعة‪ ،‬وليس مجرد إعطاء‬
‫مسكنات تخدمها في حينها‪ ،‬لكنها تشكل فيما بعد أساسا تقام عليه التوترات واألزمات‬
‫واالحتجاجات‪ ،‬وعليه فإن الخروج من التقوقع اإلثني وأزماته يكون من خالل‪ :‬تفعيل آليات‬
‫المشاركة السياسية وتحقيق الهوية وإعطائها هامشا وقيمة تستحقها‪.‬‬
‫بل إن تدبير ملف القمية األمازيغية على هذا الصعيد ال يمكن أن يتم إال من خالل ربط‬
‫هذه القمية بمصير املجتمع المغاربي برمته‪ ،‬وبالقمايا الوطنية الكبرى وفي مقدمتها تحدي‬
‫التنمية السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬بعيدا عن االحتماء بالغرب أو باألجنبي‪ ،‬ألن‬
‫المكون األمازيغي هو قبل كل ش يء جزء من الهوية المغاربية والعربية الواحدة المتنوعة‬
‫والرو افد المتعددة األلوان‪ ،‬وعليه فإن الدول المغاربية مدعوة اليوم إلى تأسيس حوار وطني‬
‫حقيقي حول األمازيغية على قاعدة الشرعية الديمقراطية والقيم الكونية‪ ،‬بعيدا كل البعد عن‬
‫تلك المقاربات األمنية والبوليسية‪ ،‬وبلورة رؤية إنسانية جديدة للعالقة بين األرض والطبيعة‬
‫والثقافة والهوية‪ ،‬ومن خالل كذلك المزيد من فهم وتحرير الشخصية الجهوية والوطنية‪ ،‬وعبر‬
‫تعزيزقيم المواطنة والحداثة والنزاهة والمصلحة العامة‪ ،‬انطالقا من المقومات الرمزية للوجود‬
‫التاريخي والثقافي إلى المكونات االجتماعية‪ ،‬وذلك في صيرورة حداثة الدول والفعل السياس ي‬
‫واالجتماعي والثقافي المشدود إلى متطلبات العصر‪.250‬‬
‫ولذلك فإن هذا الو اقع يجعل القمية األمازيغية أمام مفترق طرق‪ ،‬يفترض إما أن تقوم‬
‫الدول المغاربية بإحداث تحول ديمقراطي يعلي من شأن التنوع الذي يكون مصدرا للثراء الثقافي‪،‬‬
‫والمواطنة التي تلغي ذلك التمييز بين المواطنين على أساس إثني‪ ،‬وإما أن تستمر هذه الدول‬
‫العربية والمغاربية في تجاهل المطالب الحقوقية والثقافية والسياسية‪ ،‬بما سيفتح المنطقة‬
‫المغاربية أمام النزعات اإلثنية التي يمكن أن تكون مصدر تهديد حقيقي لوحدة كل الدول‬
‫المغاربية‪.‬‬
‫‪ -250‬رش ب ب ب ب ب ببيد ال اجي األماصيغئ وال ي في التنمئ ‪ ،‬مجل نواف ‪ ،‬عنواد العدق وماصيغئ وحاوق اعنس ب ب ب ب ب بباد‪ ،‬مجل‬
‫فصلئ ‪ ،‬ثاافئ ‪ ،‬العدق ‪ ،10-19‬فوليوص ‪ 1033‬السن الرابع ع ر‪ ،‬بتصرى‪ ،‬ذ ‪.311-31‬‬
‫الباحثين ‪:‬مسالة االكراد سوريا ‪-‬الو اقع –التاريخ‪-‬األسطورة مؤلف جماعي الناشر المركز‬
‫العربي لألبحاث ودراسة السياسات ‪،‬الطبعة االولى بيروت كانون الثاني يناير ‪.2791‬‬
‫عبد الله شرفي المشاقبة ‪/:‬اسرائيل مستقبل المدينة القدس –الربيع العربي الباقورة‬
‫والقمر–جائحة كورونا‪-‬صفقة القرن ‪/‬رؤية اسرائيلية‪ :‬الطيعة ‪ 2727‬دارالكتاب للنشروالتوزيع‪.‬‬
‫سعد محيو‪ :‬آثارالتفكيك في الحورالعربي‪ ،‬مجلة المستقبل العربي‪ ،‬مركزدراسات الوحدة‬

‫العربية‪ ،‬السنة ‪ ،12‬العدد ‪ 221‬يناير‪.2792‬‬
‫بالل عبد الله‪ :،‬االندماج الوطني والتحول الديمقراطي بعد الثورات العربية‪ ،‬األمازيغ ليبيا‬
‫نموذجا‪ ،‬مؤلف جماعي بعنوان ‪ :‬الديمقراطية المتعثرة ‪ ،‬مسار التحركات العربية الراهنة من‬
‫أجل الديمقراطية‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬الطبعة األولى بيروت‪ ،‬مارس ‪.2792‬‬
‫التهامي الهاني‪ :‬العرب إلى أين‪ ،‬ستكون القيادة وحراك الشعوب‪ ،‬عنوان المؤلف‪ ،‬قمايا‬
‫عربية وإسالمية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2792‬الناشرالدارالتونسية‪.‬‬
‫محمد عمر السباعي‪ :‬نحو نظرية جديدة لتاريخنا العربي األمازيغ في المتوسط العربي‪،‬‬
‫الطبعة ‪ ،2772‬دون ذكراسم المطبعة‪.‬‬
‫رحماه الله ولد السالم ‪ :‬تاريخ االمازيغ والهجرة الهاللية مقتطف من كتاب العبرالبن خلدون‬
‫مع دراسة قبائل البافورالغاممة ‪ 9‬دارالكتب العلمية ‪ 2792‬نواكشوط موريتانيا‪.‬‬
‫عبد السالم ابراهيم بغدادي‪ :‬الوحدة الوطنية ومشكلة األقليات في افريقيا‪ ،‬مركزدراسات‬
‫الوحدة العربية سلسلة أطروحات الدكتوراه العديد ‪ 21‬الطبعة الثانية بيروت ‪.2777‬‬
‫عمر شليغم‪ :‬آليات المواجهة األمازيغية والعنف الهوياتي‪ ،‬المركز العربي للبحوث‬
‫والدراسات‪ ،‬مركزعلمي مستقل منذ ‪ ،9112‬اطلع عليه يوم ‪ 2796/70/92‬انظرالموقع اإللكتروني‬
‫‪.www.acrseg.org:/39930‬‬
‫محمد عابد الجابري‪ :‬المقال ‪ 992‬بين "الشوينغوم" في الخطاب وإعادة بناء الهوية‪ ،‬مجلة‬
‫مو اقف‪ ،‬العدد ‪ ،21‬الطبعة األولى‪ ،‬شتنبر‪.2772‬‬
‫عبد المطلب الزيزاوي‪ :‬أوهام الظهير البربري السابق والتداعيات اصدارات فيد برانت‬
‫الطبعة ‪.2771‬‬
‫كليفورد غيرتز‪ ... :‬الثورة اإلدماجية المشاعر الوشائجية والسياسات المدنية في الدور‬
‫الحديثة مؤلف جماعي التعدد وتحديات االختالف تقديم دانيال برو تبرع ترجمة سعيد اآليوبي‪،‬‬
‫دارالساقي‪ ،‬الطبعة األولى ‪.9110‬‬
‫مصطفى عنترة‪ :‬مفهوم الهوية في خطاب الحركة االمازيغية مجلة نو افذ مجلة العدد ‪-12‬‬
‫‪ 16‬يناير‪ ،2772‬على العدد الحقوق االقتصادية واالجتماعية في المغرب‪.‬‬
‫مرغريت روالند‪ :‬الحركة األمازيغية في المغرب دفاعا عن هوية ثقافية مطالبة بحق األقليات‬
‫أم بديل سياس ي املجلة الجزائرية في األنتروبولوجيا العلوم االجتماعية السنة ‪ 9111‬العدد ‪. 2‬‬
‫مصطفى عنترة‪ :‬تأمالت في خطاب الهوية عند نظام السياس ي والجمعية المغربية للبحث‬
‫والتبادل الثقافي سلسلة الدراسات األمازيغية حول خطاب الهوية بالمغرب البوكيطي للطباعة‬
‫والنشروالتوزيع الطبعة األولى ‪.2770‬‬
‫رشيد الحاجي‪ :‬األمازيغية والحق في التنمية‪ ،‬مجلة نو افذ‪ ،‬عنوان العدد‪ :‬أمازيغية وحقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬مجلة فصلية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬العدد ‪ ،27-21‬يوليوز‪ 2799‬السنة الرابعة عشر‪ ،‬بتصرف‪.‬‬
‫–‬
‫العالقة بين القانون الوضعي والتقدم العلمي‬

‫‪The relationship between positive law and scientific progress‬‬
‫تتميز الحقبة التاريخية التي تعيشها البشرية اليوم باألهمية الحيوية للعلم‪ ،‬وبسرعة‬
‫االنتقال من االكتشاف العلمي وتحويله إلى تطبيق تكنولوجي‪ ،251‬مما رسخ االرتباط بين العلم‬
‫والصناعة واإلنتاج‪ ،‬فبعد أن كانت الثورة الصناعية وراء اهتمام جماهيري واسع بالعلم‪،‬‬
‫وارتباطه بالصناعة‪ ،252‬جرى في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين التعبير عن هذه‬
‫العالقة في إطارما اصطلح عليه ب "البحث والتنمية "‪.253‬‬
‫وإذا كانت هذه الحقبة‪ ،‬من القرن الماض ي‪ ،‬عرفت ازدهار االهتمام بالبحث والتنمية فإن‬
‫التطورات المتعاقبة للتقنيات الريادية زادت من ترسيخ أهمية البحث العلمي كشرط المتالك‬
‫العلوم وتطبيقاتها‪ ،‬مما فرض على صانعي السياسات في الدول االهتمام باالبتكار باعتباره "فن‬
‫‪251‬‬
‫‪-Muhamed ABDUSALAM, Science technologie et éducation pour le développement‬‬
‫‪du sud, 1ère édition, Rabat, Toubkal, 1990, p. XIII.‬‬
‫‪ -252‬جود ب قيكنسود‪ ،‬العلم والم تغلود بالب ص العلمي في المجتمع ال دفص‪ ،‬ترجم شعب الترجم باليونسكو‪،‬‬
‫المجلا الوطني للثااف والفنود اآلقاب‪ ،‬الكويت‪( 3921 ،‬سلسل عالم المعرف عدق ‪ ،)331‬ذ‪.39 .‬‬
‫‪253‬‬
‫‪-Claude PARE, «Les enjeux de la recherche et développement»، futuribles, N° 146,‬‬
‫‪septembre 1990.‬‬
‫تحويل المعارف إلى ثروات"‪ ،254‬عبر جهد جماعي‪ ،‬أي توفر بيئة تحتية مؤسساتية ومالية‪،255‬‬
‫وبربط البحث العلمي بسياقيه التاريخي والثقافي‪.256‬‬
‫ومن تجليات العالقة بين التطور العلمي – خاصة في عالقته بالتكنولوجيا‪ -‬والدولة بزوغ‬
‫تحديات أمام القانون الوضعي‪ ،‬خاصة قدرته على ضبطه لخدمة املجتمع (مثال التكنولوجيا‬
‫الحيوية والذكاء الصناعي)‪ ،‬مما دفع ببعض الدراسات للحديث عن عالقات القوة بينهما؛ فعلى‬
‫الرغم من أن العلم يبدو وكأنه جزء من عالم مختلف ً‬
‫تماما عن عالم القانون وغيرمرتبط به‪ ،‬إال‬
‫أنه في الو اقع جزء من حركة القانون‪ ،257‬كما أدت العديد من األحداث إلى زيادة التوتربشكل كبير‬
‫‪254‬‬
‫‪-Pierre BONNAURE, «Les politique d’innovation»، Futurible, N° 225, novembre‬‬
‫‪1997,p.59.‬‬
‫‪ -255‬انطواد صح د‪ ،‬العرب وت ديات العلم والتاان ‪ ،‬تادم من قود تغيير‪ ،‬مرن قراسات الوحدة العربئ ‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،3999‬ذ‪.13 .‬‬
‫‪ -256‬تعد التجرب الئابانئ نموعجا مثالئا له الع ق بين العلم والتكنولوجئا والثااف وهو ما عشر عنه الئاباني فوجيرو‬
‫ناكامورا( ‪ )y. Nakamura‬في قراس له حول التجرب الئابانئ في الارد السابع ع ر إلى العصر ال اضر حيص‬
‫ي ير إلى ث ث ومثل وهي ب إد العلم اآللي)‪ (S. Mécaniste‬المتعامل مع الكائن (‪ )l’être‬ال فتطابي مع الثااف‬
‫الئابانئ ‪ ،‬ل لي لم ياشل إال من خ ل عملئ اعنعدامئ ال اتئ التي عمل بها الئابانيود‪ ،‬وقد انطلاوا فيها من فكرة‬
‫العدم)‪(néant‬ا ب ب إد التجرب الئابانئ تجا الطشئع هي بمثاب م اهدة من الخارج بغئ ولوج الداخل‪ ،‬وقد ساهمت‬
‫عند الئابانيين ساعد على إقماج‬ ‫الم اهدة في اعبداا والتطوير التكنولوجيينا ج‪ -‬إد الن وا إلى الجماعئ‬ ‫ه‬
‫التانئات والت كم في اعنتاج والتدبير وظهر علي في صناع السئارات‪ .‬انظر‪،‬‬
‫‪Yùjiro NAKAMURA, «culture et technologie au Japon»,‬‬
‫ضمن مطشوعات وكاقيمئ المملك المغربئ ‪ ،‬ملف المعرف والتكنولوجئا‪( ،‬سلسل الدورات)‪ ،‬الدار الشئ اء‪ 31 ،‬ماي‬
‫‪ ،3991‬ذ‪.11 .‬‬
‫‪257‬‬
‫‪- Mireille D. CASTELLI, « Sciences et droit : relation et rapports de force », Les‬‬
‫‪Cahiers de Droit, vol. 37, N° 1, mars 1996, p.97.‬‬
‫في العالقة بينهما‪ ،258‬مما دفع للقول بأن القانون من صناعة و إبداع المهندسين باختراعاتهم‬
‫وليس رجال القانون بصيغهم القانونية‪. 259‬‬
‫مفاهيم الدراسة‬
‫‪-9‬القانون الوضعي‬
‫يتميزالقانون بتعدد محاوالت تعريفه‪ ،260‬ويكون وضعيا – حسب هيغل ‪(Georg Wilhelm‬‬
‫)‪ -)9219-9007(Friedrich Hegel‬أوال من حيث الشكل‪ ،‬وذلك بأن يكون ساري المفعول في دولة‬
‫ما؛ وثانيا من حيث المممون‪ ،‬وذلك بأن يكتسب عنصرا إيجابيا ( أو‪ :‬وضعيا) ‪ ،‬خاصة بالطابع‬
‫الخاص لشعب ما‪ ،‬ومستوى تطوره التاريخي‪ ،‬وبالترتيبات النهائية المرورية إلصدارأحكام فعلية‬
‫في محاكم القماء"‪.261‬‬
‫تعايدا‪ .‬ي ير الا اة إلى ود‬

‫ً‬ ‫‪ -258‬ووالً‪ ،‬فتم تاديم األقل العلمئ والتانئ ب كل متكرر في التااضي ووصب ت وكثر‬
‫عدق الا ايا التي تنطوي على معلومات علمئ وتانئ قد صاق ب كل مل وظا ً‬
‫وثانئا‪ ،‬تعتمد لوائح الص والس م‬
‫والشيئ ب كل متكرر على علم األوبئ والنم ج الشيئئ والمنهجئات اعحصائئ األخرى‪ ،‬وتهدى إلى معالج المخاطر‬
‫اللوائح األسا‬ ‫التي تت من افتراضات قد يكود من الصعس الت اي منها‪ً .‬‬
‫غالبا ما تت دى األطراى المت ثرة به‬
‫العلمئ له الاواعدا وثالثا الم اكم مدعوة للشت في عدق من الا ايا العلمئ والتانئ المعادة للغاي في ق ايا التعدي‬
‫على براءات االخترااا ورابعا تعد الا اررات الاانونئ ج ًءا من الوجوق اليومي لكل عالم ومهندس‪ ،‬فالاوانين واللوائح‬
‫التي ت كم الملكئ الفكري ‪ ،‬والوصول إلى بئانات الب ص‪ ،‬وسوء السلوك الب ثي‪ ،‬والمنح والعاوق هي ومثل قليل (‪.)...‬‬
‫‪Policy and Global Affairs, Convergence of science and law, A summary report of the‬‬
‫‪first meeting of the science, technology, and law panel, National Academy Press,‬‬
‫‪Constitution Avenue, N.W. Washington,2001, pp.2-3.‬‬
‫‪259‬‬
‫‪- C-A. COLLIARD, « La machine et le droit privé français contemporain ». In Le‬‬
‫‪Droit privé français au milieu du XXème siècle. Etudes offertes à G. Ripert. Ed. LGDJ,‬‬
‫‪1950. Pp. 115-137.‬‬
‫وورق م مد ا‪ .‬الخطيس‪" ،‬ال ناء االصطناعي والاانود – قراس نادي ماارن في الت ريعين المدني الفرنسي و الاطري‬
‫في ضوء الاواعد األوربئ في الاانود المدني لتنسال لعام ‪ 1031‬والسئاس الصناعئ األوربئ لل ناء االصطناعي‬
‫واعنساالت لعام ‪ ،"1039‬مجل الدراسات الاانونئ ‪ ،‬عدق ‪ ،1‬مجلد ‪.1010‬‬
‫‪ -260‬حول مفهوم الاانود ونظر‪ ،‬قفنئا لويد‪ ،‬فكرة الاانود‪ ،‬ترجم سلئم الصويص‪ ،‬مراجع سلئم بسئسو‪ ،‬المجلا‬
‫الوطني للثااف والفنود واآلقاب‪ ،‬الكويت‪ ،‬نوفمشر ‪( 3923‬سلسل عالم المعرف ‪ ،‬عدق ‪.)11‬‬
‫‪ -261‬وورق عشد الرحماد بدوي‪ ،‬فلسف الاانود والسئاس عند هئغل‪ ،‬ط‪ ،3‬قار ال روق‪ ،‬الااهرة‪ ،3994 ،‬ذ‪34 .‬‬
‫و‪.31‬‬
‫وتستعمل الدراسة مفهوم القانون الوضعي كتقنية للتوجيه العمومي للسلوك البشري‪262‬؛‬
‫ألن القواعد القا نونية بصفة عامة هي أدوات‪ ،‬أي أشياء تقدم خدمات لإلنسان فهي لها غاية‬
‫أداتية وإن كانت موجودة بشكل موضوعي (عامة ومجردة)؛ وهي قياسات‪ ،‬أي أدوات مرجعية‬
‫تمنح القياس لش يء ما‪ ،‬ففي الممارسة يجري الحديث عن وضع قواعد قانونية أو مقاييس‪ ،‬وفي‬
‫حالة قاعدتين قانونيتين مختلفتين تطبقان على حاالت متشابهة يجري الحديث عن " الكيل‬
‫بمكيالين" دون أن ننس ى رمزالعدالة وهو الميزان ( ‪.)La balance‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن القانون الوضعي (وسيلة أو تقنية) يؤذي مجموعة من الوظائف كالمبط‪ ،‬بما‬
‫يعنيه من " تقييد للخيار الخاص بفرض قواعد عامة"‪31‬؛ أو االستقرار والتوازن؛ أو التصريح‬
‫واالعتراف وضمان الحقوق ( حقوق األفراد وحقوق الجماعة)‪ .‬ومن بين الوظائف األساسية‬
‫للقانون نركز على تقييد الحرية‪" :‬فحتى يكون الشخص حرا‪ ،‬عليه أن يقيد أوال ( وهو معنى‬
‫‪ subjectum‬الالتينية ‪ :‬ألقي إلى أسفل) بأقوال تربطه باآلخرين"‪ .263‬وتبعا لهذه الوظيفة فإن‬
‫للقانون وجهين‪" ،‬أحدهما ذاتي واآلخر موضوعي‪ ،‬وهما وجهان لعملة واحدة‪ ،‬ويعني هذا أن كل‬
‫فرد لكي يتمتع بحقوقه يجب أن تندرج حقوقه الميقة في قانون شامل‪ ،‬أي في إطارمشترك يقره‬
‫الجميع"‪.264‬‬
‫‪ -2‬التقدم العلمي‪ :‬العلم والتقنية‬
‫‪ -262‬حول ه ا المعنى للاانود وحيل بالخصوذ إلى‬

‫‪Paul AMSELEK, « Le Droit, technique de direction publique des conduites humaines‬‬
‫‪», DROITS (Revue Française de théorie juridique), N° 10 (Le thème : Définir le droit),‬‬
‫‪1989, pp 7- 10.‬‬
‫‪ -31‬ل ست اقة حول ه ا المعنى ونظر‬
‫‪Burkard EBERLEIN, « L’Etat régulateur en Europe » , Revue française de science‬‬
‫‪politique », 49e année , N°2, 1999, p.208.‬‬
‫‪ -‬والد سوبيو‪ ،‬اعنساد الاانوني ب ص في وظئف الاانود األنثروبولوجئ ‪ ،‬ترجم عاقل بن نصر‪ ،‬ط‪ ،3‬المنظم‬ ‫‪263‬‬
‫العربئ للترجم ‪ ،‬بيروت‪ ،1031 ،‬ذ‪.31 .‬‬

‫‪ -264‬المرجع نفسه‪ ،‬ذ‪.11 .‬‬
‫يعد العلم مجهودا فكريا إبداعيا تترسخ يوما عن يوم ضرورته‪ 265‬كأداة تحرير‪ .266‬وبعد‬
‫حقبة الفصل بين العلم والتقنية التي امتدت منذ العصور القديمة‪ ،267‬حتى منتصف القرن‬
‫التاسع عشر‪ ،268‬بدأت مرحلة التالقي بينهما في أوربا مع األفكار التي نادى بها التجاريون ( ‪Les‬‬
‫‪ ،)mercantilistes‬وطبقها عمليا الوزيرالفرنس ي كولبير(‪ 269)Colbert‬في عهد لويس الرابع عشر‬
‫(‪ ،)Louis XIV‬وذلك عبر التأكيد على أن تطوير الصناعات هو مصدر الثروة‪ ،‬وبمرورة التحكم‬
‫القوي في المعلومات العلمية‪ ،‬وخاصة تلك التي تدخل في عملية اإلنتاج‪ .‬وبغض النظرعن النتائج‬
‫السلبية‪ ،270‬التي أسفرت عنها السياسات التي اعتمدت آراء التجاريين‪ ،‬فإن هذه السياسات ركزت‬
‫ب ماكا بيروت ‪ ،‬ضرورة العلم قراسات في العلم والعلماء‪ ،‬ترجم وائل وناسي‪ ،‬ق‪ .‬بسام معصراني‪ ،‬مراجع ق‪.‬‬ ‫‪265‬‬
‫عدناد ال موي‪ ،‬المجلا الوطني للثااف والفنود واآلقاب‪ ،‬الكويت‪ ،‬ماي ‪( ،3999‬سلسل عالم المعرف ‪ ،‬عدق ‪،)111‬‬
‫ذ‪ 31 .‬وما بعدها‪.‬‬
‫ب م مد العربي بوقرة‪ ،‬العلم ضد العالم الثالص ال رنات المتعدقة الجنسئات وووهام التطور‪ ،‬ط‪ ،3‬قار الفارابي‪،‬‬ ‫‪266‬‬
‫بيروت‪.3999 ،‬‬
‫‪ -‬مث في العصرين اليوناني والروماني ناد هناك فصل بين الفلسف (العلم) والممارس التطشئقئ (التانئ ) التي‬ ‫‪267‬‬
‫كانت م صورة في الصناا والعشيد قالل على قونيتها‪ .‬وه ا ما عشر عنه وف طود (‪ ،)Platon‬ياول ولترب رستود‬
‫"يخشرنا وف طود ود قاقة المدد في اليوناد الاديم لم يكونوا فنظرود إلى المهندس باحترام نشير‪ ،‬فاد نتس ياول "إني‬
‫ت تار وت تار مهارته وتدعو بسخري صانع اآلالت وال تسمح البنتي ود تت وج ابنه‪ ،‬نما ال تسمح البني ود فت وج‬
‫ابنته"‪.‬‬
‫ولترب رستود‪ ،‬وفول السئاقة‪ ،‬نئف ت ول ثورة المعلومات عالمنا‪ ،‬ترجم سمير ع ت نصار وجورج خوري‪ ،‬ط‪ ،3‬قار‬
‫النسر للن ر والتوصيع‪ ،‬عماد‪ ،.3991 ،‬ذ‪.31 .‬‬
‫ب ‪Blandine LABERCHE, La firme et l’information: innover pour conquérir, Paris,‬‬ ‫‪268‬‬
‫‪L’Harmattan, 1998, p. 19-20.‬‬

‫‪ 269‬ب وهو ‪ )3429-3431( J.B. COLBERT‬فنسس إلئه اعتماق سئاس حمائئ بالترني على وفكار ونظريات‬
‫التجاريين من خ ل اعتماق اعجراءات التالئ‬
‫ب إقام الدول بعض الم روعات الصناعئ بغرض ت سين اعنتاج‪.‬‬
‫ب المجيء بالصناا األجانس إلى فرنسا‪.‬‬
‫ب اتخاع اعجراءات ال مائئ لل د من الوارقات التي تنافا المنتوجات الوطنئ ‪...‬‬
‫ب ت سئا وكاقيمئ العلوم (‪.)3444‬‬
‫ب إحداث المعهد (‪.)3441( )Le conservatoire‬‬
‫ب تمثلت ه النتائج السلشئ فئما فلي‬ ‫‪270‬‬
‫‪ )3‬صياقة التنافا عي الطابع العدائي بين الدول وال يلول قود االعتماق على التعاود ال ي ناد من ش نه ود‬
‫ف قي إلى نتائج وحسن‪.‬‬
‫مما نتج‬ ‫‪ ) 1‬وقت ه السئاسات في بعض الدول (فرنسا) إلى اعبااء على وثماد المنتجات ال راعئ منخف‬
‫عنه انخفاض قخول الم ارعين‬
‫على أن تطويرالصناعات‪-‬تطبيقات للعلم ‪ -‬يسمح بتقوية الدولة‪ ،‬ومن تجلياتها ظهورالتشريعات‬

‫األولى المتعلقة بالملكية الصناعية( مثال التشريعات المتعلقة بالبراءات (‪،))Les brevets‬‬
‫وذلك لحماية االبتكارات ضد التقليد‪ ،‬فمنحت أول براءة اختراع في العام ‪ 9229‬بفرنسا‪،271‬‬
‫واستمرت هذه التدابيرإلى اليوم في سياق الصراع بين الدول الصناعية الكبرى مكرسة ما اصطلح‬
‫عليه ب"ميركانتيلية في ثوب جديد"‪.272‬‬
‫واليوم ال يمكن فصل العلم عن التقنية‪ ،‬أو ما يعبر عنه بالتقدم العلمي‪ ،‬وهو ما عكسه‬
‫إعالن تريست حول العلم والتكنولوجيا كأداة لتنمية الجنوب‪ ،‬في تحديده ألربعة ميادين للعلم‬
‫والتكنولوجيا‪ ،‬وهي‪:273‬‬
‫‪ 9‬ـ العلوم األساسية‪ ،‬وتتفرع عنها خمسة تخصصات فرعية‪ :‬الفيزياء والكيمياء والرياضيات‬
‫والبيولوجيا والعلوم الطبية األساسية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ العلوم التطبيقية‪ ،‬هناك خمسة ميادين يمكن أن تطبق فيها‪ :‬الزراعة والصيدلة‬
‫والصحة والطاقة والبيئة والتلوث وعلوم األرض‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ التقنيات التقليدية‪ ،‬وتمم خمسة ميادين‪ :‬مجموع المنتوجات الكيمائية والصناعة‬
‫الحديدية واستخراج المعادن بصفة عامة والصناعة التركيبية في الصناعات املحلية‪ :‬صناعة‬
‫السيارات مثال‪ ،‬والتقنيات البترولية والطاقة الكهربائية‪ ،‬وهي تشكل الميدان التقليدي للصناعة‬
‫والمهارات‪ ،‬وهي املجاالت التي برزت فيها البلدان في طريق النمو‪.‬‬
‫‪ )1‬اعضرار بمصالح المستعمرات‪ .‬سيدمو م مد العربي‪ ،‬علم االقتصاق‪ ،‬طبع وولى‪ ،‬مراكش‪ ،‬مطبع الكتشئ ‪،‬‬
‫‪ ،3991‬ذ‪.19 .‬‬
‫ب ‪Blandine LABERCHE, op. cit, p. 30.‬‬ ‫‪271‬‬
‫ب لو ار وندرياثايسود‪ ،‬من يس ي من‪ ،‬الصراا التجاري في صناعات التكنولوجئا العالمئ ‪ ،‬ترجم عشد ال ميد‬ ‫‪272‬‬
‫م شوبا ط‪ ،3‬الدار الدولئ للن ر والتوصيع‪ ،‬الااهرة‪ ، 3991،‬ذ‪.11 .‬‬

‫‪273‬‬
‫‪ Voir, «La déclaration de Triste sur la science et la technologie: instrument du‬ب‬
‫‪développement du Sud», Cité in Pr Mohamed ABDUS SALAM, Science technologie et‬‬
‫‪éducation pour le développement du sud, 1ère édition, Rabat, Toubkal, 1990, p. 3-11.‬‬
‫‪ 2‬ـ التقنيات الريادية‪ ،‬وتمم‪ :‬األجهزة الجديدة (األجهزة المركبة ‪ )...‬وعلوم االتصال وتمم‬
‫اإللكترونيات الدقيقة (البرمجيات‪ )..‬والموئيات (الليزر‪ ،‬األلياف البصرية) وعلوم الفماء‬
‫والمنتوجات الصيدلية والتكنولوجيا الحيوية‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى ينشر معهد ماساسوتش للتكنولوجيا ( ‪Massachusetts Institute of‬‬
‫‪ )Technology‬كل سنة ‪ -‬منذ العام ‪ 2779‬وآخرها ‪ -2729‬الئحة تمم عشرتقنيات يطلق عليها "‬
‫تقنيات المستقبل"‪. 274‬‬
‫وقد أسفرهذا التطورعن ظهور"التقنيات الرائدة"‪ ،‬وهي مجموعة من التقنيات الجديدة‬

‫التي تستفيد من الرقمنة واالتصال‪ ،‬وهي‪ :‬الذكاء الصناعي و إنترنت األشياء والبيانات الضخمة‬
‫وتقنية الكتل المتسلسلة وشبكة الجيل الخامس والطباعة الثالثية األبعاد واإلنسان اآللي‬
‫والطائرات بال طيار والتعديل الوراثي وتكنولوجيا النانو والطاقة الفلطاضوئية الشمسية‪.‬‬
‫وتحتكرالواليات المتحدة األمريكية والصين ‪ 17‬إلى ‪ 07‬في المائة من براءات االختراع والمنشورات‬
‫في هذه التقنيات‪.275‬‬
‫إشكالية الدراسة وخطتها‬
‫ستحاول الدراسة اإلجابة عن إشكالية أساسية وهي‪ :‬ما طبيعة العالقة بين القانون‬
‫الوضعي والتقدم العلمي؟‬
‫وتتفرع عن هذه اإلشكالية ثالثة أسئلة‪ :‬أوال‪ :‬كيف يحمي القانون املجتمع واألفراد من‬
‫سلبيات التطور العلمي؟ وثانيا‪ :‬كيف يحمي القانون الوضعي التقدم العلمي؟ وثالثا هل يمكن‬
‫للتقدم العلمي أن يستقل عن القانون بمعناه المبطي والتقييدي لحساب األخالقيات‬
‫والحريات؟‬
‫‪274‬‬
‫‪- Massachusetts Institute of Technology ,MIT Technology Review, Disponible sur‬‬
‫‪https://www.technologyreview.com/10-breakthrough-technologies/2020/#digital-‬‬
‫‪money‬‬
‫‪Consulté le 24/10/2022.‬‬
‫‪275‬‬
‫‪- United Nations, Technology and innovation report 2021, Catching technological‬‬
‫‪waves innovation with equity, United Nations Publications, New York, 2021, p-xvii.‬‬
‫وذلك من خالل محاولة االستدالل على الفرضيات اآلتية‪:‬‬
‫الفرضية األولى‪ :‬تلجأ الدول (فرادى أو في إطار التعاون فيما بينها) إلى القانون الوضعي‬
‫لمبط نتائج التقدم العلمي والتحكم فيها حماية للمجتمعات واألفراد‪.‬‬
‫الفرضية الثانية‪ :‬التقدم العلمي‪ ،‬كاجتهاد و ابتكار بشريين‪ ،‬يحتاج للحماية مما من شأنه‬
‫التشجيع عليه وحماية حقوق المبتكرين والشركات والجامعات ومراكز األبحاث‪ ،‬مما يرسخ‬
‫الوظيفة الحمائية للقانون الوضعي لالبتكار‪.‬‬
‫الفرضية الثالثة‪ :‬ارتباط القانون الوضعي باإلكراه والزجر من شأنه عرقة التقدم العلمي‬
‫مما دفع بالعديد من الفاعلين‪ ،‬باحثين ومنظمات غيرحكومية وجامعات ودول‪ ،‬للمناداة باللجوء‬
‫إلى أخالقيات المميرالفردي وتشجيع الحرية لتشجيع التقدم العلمي‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬ستحاول الدراسة االستدالل على هذه الفرضيات باالستفادة من اإلمكانات التي‬
‫يقدمها المنهج الجدلي‪ ،‬انطالقا مما قاله أفالطون‪ " :‬إن األشياء التي ال تدفع العقل إلى التفكير‬
‫هي تلك التي ال تولد فينا تأثيرين متناقمين في الوقت الواحد‪ ،‬أما إذا ولدت تأثيرين متناقمين‬
‫لكانت تبعث على التفكير"‪276‬؛ ويتميز "بعدم ترك الفرضيات التي يستخدمها دون أن يناقشها أو‬
‫يبررها "‪ .277‬عبرعرض حجج كل دعوى من هذه الدعاوى وفقا للخطة اآلتية‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬القانون الوضعي والتقدم العلمي‪ :‬بين حماية املجتمع واألفراد وحماية‬
‫االبتكار‪.‬‬
‫أوال‪ :‬القانون الوضعي وحماية املجتمع واألفراد‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬القانون الوضعي في خدمة التطورالعلمي‪ :‬حماية االبتكار‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تقدم العلم بعيدا عن القانون الوضعي‪ :‬الحريات واألخالقيات في خدمة‬
‫التقدم العلمي‪.‬‬
‫أوال‪ :‬البحث العلمي والحريات‪ :‬العلوم الحرة والولوج المفتوح والمصدرالمفتوح‬
‫‪ -276‬وف طود‪ ،‬جمهوري وف طود‪ ،‬ترجم ف اق صنريا‪ ،‬راجعها على األصل اليوناني الدنتور م مد سلئم سالم‪ ،‬قود‬
‫تاري ‪ ،‬ذ‪.112 .‬‬
‫‪ -277‬المرجع نفسه‪ ،‬ذ‪.111 .‬‬
‫ثانيا‪ -‬أخالقيات البحث العلمي‬
‫المبحث األول‪ :‬القانون الوضعي والتقدم العلمي‪ :‬بين حماية املجتمع واألفراد وحماية‬
‫االبتكار‪.‬‬
‫أسفر التقدم العلمي عن بزوغ الطابع التطوري للقانون و اندماجه الفوري في المعطى‬
‫االجتماعي كقانون "تكيفي" («‪ )»adaptatif‬باللغة الفرنسية أو "سريع االستجابة"‬
‫(«‪ )»responsive‬باللغة اإلنجليزية‪278‬؛ فقد فرض عليه التكيف بالمرورة مع هذه التحوالت إذا‬
‫كان يريد أن يحافظ على قبمته على الجانب الكامل من العالقات االجتماعية التي تتطورفي عدم‬
‫مادية الشبكات واالتصاالت عن بعد‪ .279‬فالقانون "ال ينتج أو يستهلك المعلومات فحسب‪ ،‬بل‬
‫يبنيها وينظمها ويمبطها"‪ ،280‬وهنا تبرز الوظيفتان المبطية والحمائية للقانون الوضعي‪ ،‬من‬
‫جهة لحماية املجتمع واألفراد من سلبيات التقدم العلمي (أوال)‪ ،‬ومن جهة أخرى لحماية‬
‫االبتكار(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬القانون الوضعي وحماية املجتمع واألفراد‬
‫نتج عن التقدم العلمي استعماالت سلبية وضارة لنتائجه‪ ،‬مما فرض الحاجة إلى القانون‬
‫الوضعي لمبط هذه االستعماالت حماية للمجتمع‪ ،‬عبرتوفيراألمن (‪ ،)9‬وحماية الحياة الخاصة‬
‫والمعطيات الشخصية لألفراد(‪.)2‬‬
‫‪ -9‬الحماية من الجريمة المعلوماتية‬
‫‪278‬‬
‫‪- Françoise MANIET, « L’encadrement juridique des nanotechnologies au canada‬‬
‫‪et dans l’Union européenne », Mémoire présenté comme exigence partielle de la‬‬
‫‪maitrise en sciences de l’environnement, Université du Québec à Montréal, septembre‬‬
‫‪2010, p.9.‬‬
‫‪279‬‬
‫‪- William DROSS, « L’encadrement des technologies par le Droit : nécessité et‬‬
‫‪sources de changements », Revue du notariat, Volume 106, N° 3, décembre 2004,‬‬
‫‪p.343.‬‬
‫‪280‬‬
‫‪- Pierre TRUDEL, « Quel droit et quelle régulation dans le cyberespace ? »,‬‬
‫‪Sociologie et sociétés , Volume 32, N° 2, automne 2000, p.190.‬‬
‫ُ‬
‫ت ِش ُير التقديرات إلى أن الخسائر النقدية العالمية المباشرة الناجمة عن الجرائم‬
‫اإللكترونية في عام ‪ 2727‬قد تماعفت ً‬
‫تقريبا من ‪ 222.2‬ملياردوالرفي ‪ 2792‬إلى ‪ 122‬ملياردوالر‪،‬‬
‫تمثل مجتمعة ما يقرب من ‪ ٪9.1‬من الناتج املحلي اإلجمالي العالمي‪ .‬مما يجعل الكلف العالمية‬
‫اإلجمالية لعام ‪ 2727‬بنحو ‪ 2‬تريليونات دوالرأمريكي‪ ،‬أوما يقرب من ‪ ٪2‬من الناتج املحلي اإلجمالي‬
‫العالمي‪ .‬وتشيرهذه التقديرات إلى أن ‪ ٪07‬من الحوادث األمنية في عام ‪ 2727‬كانت بدو افع مالية‬
‫وأن الجريمة المنظمة كانت وراء ‪ ٪27‬من خروقات البيانات‪.281‬‬
‫عرف خبراء منظمة التعاون والتنمية االقتصادية "الجريمة ذات الصلة بالحاسوب" بأنها‬
‫"أي سلوك غيرمشروع‪ ،‬غيرأخالقي أو غيرمرخص به ويشمل اإلرسال أو معالجة المعطيات"‪.282‬‬
‫قسما خاصا ب“‬ ‫السيبيري‪283‬‬ ‫وخصصت اتفاقية املجلس األوروبي الخاصة باإلجرام‬
‫القانون الجنائي األساس ي“ حددت فيه الجرائم في أربعة أنواع‪:‬‬
‫‪ -‬الجرائم التي تمس سرية‪ ،‬أو أمن وسالمة وتو افربيانات الحاسوب ومنظومته؛‬
‫‪ -‬الجرائم المتعلقة بالحاسوب ( التزوير‪ ،‬التدليس)؛‬
‫‪ -‬الجرائم المتعلقة بالرغبة االشباعية (الجرائم المتعلقة باألعمال اإلباحية وصور‬

‫األطفال الفاضحة ( ‪))La pédophilie‬؛‬
‫‪ -281‬حول ه التادفرات وغيرها من اعحصائئات وحيل إلى‬

‫‪L’UN Capital Development Fund, Le rôle de la cybersécurité et de la sécurité des‬‬
‫‪données dans l’économie numérique, UNCDF | Policy Accelerator, Février 2022,‬‬
‫‪pp.4-5.‬‬
‫‪ -282‬االت اق الدولي ل تصاالت‪ ،‬مكتس تنمئ االتصاالت‪ ،‬قليل األمن السيشيراني للشلداد النامئ ‪ ،‬طبع في سويس ار‬
‫جنئف‪ ،1004 ،‬ذ‪.11 .‬‬
‫‪ -283‬بوقابست ‪ 1003/33/11‬قخلت حي التنفي في فوليو ‪ 1001‬تهم االتفاقئ الدول األع اء بالمجلا األوروبي‬
‫وغيرها من الدول األخرى الموقع على ه االتفاقئ الخاص باعجرام السيشيري الواليات المت دة األمريكئ ‪ ،‬الئاباد‪،‬‬
‫كندا‪ ،‬جنوب إفريقئا‪ ،‬المغرب‪ )...‬مجلا ووروبا‪ ،‬مجموع المعاهدات األوروبئ ‪ -‬رقم ‪ ،٥٨١‬االتفاقئ المتعلا‬
‫بالجريم اعلكترونئ ‪ ،‬بوقابست‪،1003/33/11‬‬
‫‪https://www.europarl.europa.eu/meetdocs/2014_2019/documents/libe/dv/7_conv_bud‬‬
‫‪apest_/7_conv_budapest_fr.pdf‬‬
‫‪ -‬الجرائم المتعلقة باالنتهاكات الخاصة بحقوق الطبع والنشروالحقوق المتعلقة بها‪.‬‬
‫وأكدت االتفاقية على أنه ينبغي على كل دولة أن تعتمد التدابير التشريعية وغيرها من‬
‫التدابير المرورية لفرض واليتها القمائية على هذه املخالفات‪ ،‬وعليها العمل من أجل وضع‬
‫قواعد التعاون الدولي المتصلة بتسليم املجرمين؛ والمساعدة المتبادلة ألغراض التحقيق؛‬
‫واإلجراءات الخاصة باألعمال الجنائية ذات الصلة بنظم الحاسوب والبيانات؛ وجمع القرائن‬
‫اإللكترونية للعلم اإلجرامي‪.‬‬
‫وعلى المستوى اإلجرائي تدعو االتفاقية إلى خلق شبكة مساعدة متبادلة‪ :‬متو افرة على‬
‫مدار ‪ 22‬ساعة ‪ 0 /‬أيام في األسبوع؛ وذات مراكز اتصال وطنية بمساعدة فورية في حالة وقوع‬
‫املخالفات‪.284‬‬
‫ومن جهتها دعت الجمعية العامة لألمم المتحدة‪ ،‬في قرار رقم ‪ 299/62‬بتاريخ ‪ 90‬مارس‬
‫‪ ( 2797‬الدورة الرابعة والستون)‪ ،285‬إلى إرساء ثقافة عالمية تكفل أمن الفماء اإللكتروني‬
‫وتقييم الجهود الوطنية الرامية إلى حماية الهياكل األساسية الحيوية للمعلومات‪ ،‬ولهذا الغرض‬
‫وضعت تحث تصرف الدول " أداة التقييم الذاتي الطوعي للجهود الوطنية الرامية إلى حماية‬
‫الهياكل األساسية الحيوية للمعلومات‪ ،‬ومن بين محتوياتها تحديد أدوار أصحاب المصلحة‬
‫ومسؤولياتهم في وضع السياسات والقيام بالعمليات ذات الصلة مع مالحظة ما إذا كان‬
‫المستعمل العادي لإلنترنت يمكنه الحصول على التدريب األساس ي في مجال تجنب األخطارعلى‬
‫شبكة اإلنترنت وما إذا كانت هناك حملة وطنية للتوعية بأمن الفماء اإللكتروني‪.‬‬
‫تبين المقتميات السالفة أهمية القانون‪ ،286‬خاصة بوجود قوة زجرية تر اقب املخالفين‪،‬‬
‫عبر إحداث شرطة خاصة‪ .‬وعمليا اعتمدت ‪ 992‬حكومة وطنية على األقل استراتيجيات لألمن‬
‫‪ -284‬ل ست اقة وحيل بالخصوذ إلى االت اق الدولي ل تصاالت‪ ،‬مكتس تنمئ االتصاالت‪ ،‬قليل األمن السيشراني‬
‫للشلداد النامئ ‪ ،‬طبع في سويس ار جنئف‪ ،1004 ،‬ذ‪.13 .‬‬
‫‪ -285‬الجمعئ العام لألمم المت دة‪ ( ،‬الدورة الرابع والستود)‪ ،‬قرار رقم ‪ – 133/41‬إرساء ثااف عالمئ تكفل ومن‬
‫الف اء اعلكتروني وتايئم الجهوق الوطنئ الرامئ إلى حماي الهئاكل األساسئ ال يوي للمعلومات‪RES/64/211،‬‬
‫‪.A/‬‬
‫‪286‬‬
‫‪ -Olivier COURSON, «Les nouvelles technologies de l’information et de la‬ب‬
‫‪communication: un regard du droit» , Cahiers français,N°288, octobre-décembre, 1998,‬‬
‫‪p. 101-102.‬‬
‫ً‬
‫السيبراني و ‪ 992‬أنشأت فرقا وطنية لالستجابة لحوادث أمن الحاسوب‪ ،‬و أنشأت العديد منها‬
‫وكاالت لألمن السيبراني‪ ،‬و أنشأت دول أخرى فرق االستجابة لحوادث أمن الكمبيوتر‬
‫(‪.287)CSIRT ())Computer Security Incident Response Team‬‬
‫لهذا عملت الدول على تحديث قوانينها الجنائية وتكييفها وتعزيز إنفاذ القانون لمعاقبة‬
‫كل ما من شأنه عرقلة خدمات االتصاالت‪.288‬‬
‫وبهذا وضعت الدول استراتيجيات تراكمية واضحة لتوقع التهديدات السيبرانية من خالل‬
‫الدفاع السيبراني وقمع الجرائم اإللكترونية من خالل التجريم الجنائي باسم حماية السيادة‬
‫الوطنية؛ حيث إن الفائزين في هذه الحرب اإللكترونية هم الدول التي عرفت كيف تكون سريعة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫قانونيا قابال للتكيف مع تعدد أشكال‬ ‫نظاما‬ ‫الحركة في بناء استراتيجيتها‪ ،‬والتي بنت‬
‫التهديدات‪ .289‬فكيف تعاملت الدول من أجل حماية المعطيات الشخصية والحياة الخاصة؟‬
‫‪ -2‬حماية المعطيات الخاصة والحياة الشخصية‬
‫تبرزأهمية حماية المعطيات الشخصية‪ ،‬أوالبيانات الشخصية‪ ،‬في وقت تنتشرفيه ظاهرة‬
‫جمع هذه المعطيات عبر قواعد معطيات تتخذ من شبكة اإلنترنيت وسيلة الستعمالها ألغراض‬
‫أيما أغر ً‬
‫اضا‬ ‫نسبيا‪ ،‬مثل تحسين المنتجات أوتخصيص الخدمات‪ ،‬إال أنها يمكن أن تخدم ً‬
‫عادية ً‬
‫‪287‬‬
‫‪- L’UN Capital Development Fund, op.cit, p.4.‬‬
‫‪ -288‬مثال الاانود المغربي قانود رقم ‪ 11-94‬المتعلي بالشريد والمواص ت‪ ،‬ال ي يفرق بابا خاصا لت دفد المخالفات‬
‫والعاوبات ال جري (الباب الخاما)‪ ،‬ونظر ظهير شريف رقم ‪ 3-91-341‬صاقر في ‪ 1‬ربئع اآلخر ‪1( 3132‬‬
‫غ ت ‪ )3991‬بتنفي الاانود رقم ‪ 11-94‬المتعلي بالشريد والمواص ت‪ ،‬الجريدة الرسمئ العدق ‪ 32 ،1132‬شتنشر‬
‫‪ ،3991‬ذ ‪ 1113‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪289‬‬
‫‪- Anne CAMMILLERI, « Gagner la guerre du futur : considérations juridiques et‬‬
‫‪éthiques sur l’intelligence artificielle », Les Cahiers de propriété intellectuelle, Vol. 30,‬‬
‫‪N° 3, 2018, p.771.‬‬
‫ضارة‪ ،290‬حيث أعرب العديد من المؤلفين عن مخاوفهم فيما يتعلق بمخاطر التحيز والتنميط‬
‫والتمييز والتالعب باآلراء أو السلوكيات الناتجة عن هذه المعرفة‪.291‬‬
‫وبصدد تنظيم هذه العملية وضبطها برزالخالف بين الواليات المتحدة األمريكية المدافعة‬
‫عن الحرية المطلقة للمرتبطين بالشبكة للوصول إلى جميع المعطيات التي يرغبون فيها‪ ،‬ولو‬
‫كانت من صميم الحياة الخاصة‪ ،‬من جهة‪ ،‬واالتحاد األوروبي المناصرلمبدإ الرقابة عبرالقانون‬
‫استنادا إلى نصوص قانونية قديمة مثال قانون "المعلوماتية والحريات" الصادرسنة ‪،2929102‬‬
‫من جهة أخرى‪ .‬وصوال إلى اتفاقية حماية األفراد فيما يتعلق بالمعالجة اآللية للبيانات‬
‫الشخصية ("االتفاقية ‪ )"972‬وبروتوكولها اإلضافي في ‪"( 2792‬االتفاقية ‪ ،)"+972‬والتي حددت‬
‫المعاييرالدولية التي تممن لألفراد الحق في احترام الحياة الخاصة وحماية البيانات الشخصية‪،‬‬
‫وعلى وجه الخصوص‪ :‬الحق في أن يكونوا على دراية بمعالجة بياناتهم الشخصية وأغراضها‪،‬‬
‫ً‬
‫فمال عن حق التصحيح عند معالجة البيانات بما يتعارض مع أحكام االتفاقية‪ ،‬وأضاف‬
‫‪ -290‬مث في قراس لكل ‪ Michal Kosinski, David Stillwell et Thore Greapel‬تمكن ه الء من إثبات‬
‫نسشئا ‪ ،‬مثل "اععجابات" على ‪ ، Facebook‬وقت عن اء مجموع واسع من‬ ‫ً‬ ‫ود الشئانات األولئ التي تشدو عاقي‬
‫السمات ال خصئ التي لم ي ارنها المستخدمين وو يفص ود عنها بال رورة ‪ ،‬والتي قد يعتشرونها خاص وو سري ‪،‬‬
‫وعلي من خ ل ت ليل "اععجابات" لب ‪ 12000‬متطوا باستخدام تانئات التعلم اآللي ‪ ،‬عشرها تمكنت الدراس من‬
‫التنش بدرج عالئ من الدق بسمات شخصئ معين مثل الجنا والعمر والعرق واالنتماء الدفني وال ساسئات السئاسئ‬
‫واستخدام المواق المسشب لتقماد‪ ،‬وانفصال الوالدفن(‪.)...‬‬
‫‪Michal KOSINSKI, David STILLWELL, Thore GRAEPEL, “Private traits and attributes‬‬
‫‪are predictable from digital records of human behaviour”, Proc Natl Acad Sci U S A‬‬
‫‪(PNAS), April 9, 2013 , vol. 110 ,N° 15, p. 5802.‬‬
‫‪291‬‬
‫‪- Pierre-Luc DEZIEL, « Les limites du droit à la vie privée à l’ère de l’intelligence‬‬
‫‪artificielle : groupes algorithmiques, contrôle individuel et cycle de traitement de‬‬
‫‪l’information », Les Cahiers de propriété intellectuelle, Vol. 30, N° 3, 2018, p.214 .‬‬
‫‪292‬‬
‫‪ -Joêl BOYER, «L’Internet et la protection des données personnelles et de la vie‬ب‬
‫‪privée», Cahiers français, N°295, op. cit, p. 74.‬‬
‫البروتوكول المعدل مبادئ جديدة مثل الشفافية (المادة ‪ )2‬والتناسب (المادة ‪ )2‬والمساءلة‬
‫(المادة ‪ )97‬وتقييمات األثر(المادة ‪ )97‬واحترام الخصوصية حسب التصميم (المادة ‪.293)97‬‬
‫وفي سياق المبادرات الدولية للحد من خطورة االستعمال غير المشروع للمعطيات‬
‫الشخصية على الحياة الخاصة اعتمدت الجمعية العامة لألمم المتحدة ' المبادئ التوجيهية‬
‫لتنظيم ملفات البيانات الشخصية المعدة بالحاسبات اإللكترونية " (القرار رقم‪( 12 /22‬في ‪92‬‬
‫دجنبر ‪ ،) 9117‬مؤكدة على " ضمانات الحد األدنى التي يجب تممينها في التشريعات الوطنية "‪،‬‬
‫وخاصة مبادئ المشروعية والنزاهة وعدم التمييز‪.‬‬
‫وعلى مستوى التشريعات الوطنية عملت هذه األخيرة من أجل ضمان حماية قانونية‬
‫باعتر افها لألفراد الذاتيين بمجموعة من الحقوق‪ .‬وفي هذا الصدد تبرز الحالة المغربية في‬
‫القانون رقم ‪ 71.72‬المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع‬
‫الشخص‪ ،294‬فبعد تأكيده على أهمية المعلوميات‪ ،‬وتعريفه لبعض المفاهيم الواردة في متنه‪،‬‬
‫عرض ألهم حقوق الشخص المعني بالحماية التي يقع االلتزام بها على عاتق المسؤول عن‬
‫المعالجة أو من يمثله‪.295‬‬
‫‪293‬‬
‫‪- Conseil de l’Europe, Un cadre juridique pour les système d’intelligence artificielle,‬‬
‫‪Étude du Conseil de l’Europe DGI (2021)04 ,Adopté par le CAHAI lors de sa 3e réunion‬‬
‫‪plénière, le 17 décembre 2020, Conseil de l’Europe, mai 2021, p. 16 .‬‬
‫‪ - 294‬ظهير شريف رقم ‪ 3.09.31‬صاقر في ‪ 11‬من صفر ‪ 32 (3110‬فشرافر ‪ )1009‬بتنفي الاانود رقم ‪09.02‬‬
‫المتعلي ب ماي األشخاذ ال اتيين تجا معالج المعطئات عات الطابع ال خصي جريدة رسمئ عدق ‪ 1133‬بتاري‬
‫‪ 11‬صفر ‪ 11( 3110‬فشرافر ‪.)1009‬‬
‫‪-‬ال ي في اعخبار وثناء تجمئع المعطئات ( الماقة ‪)1‬ا ال ي في الولوج ( الماقة ‪)1‬ا‬ ‫‪ -295‬ه ال اوق هي‬
‫ال ي في التص ئح ( الماقة ‪)2‬ا ال ي في التعرض على القئام بمعالج معطئات تخصه( الماقة ‪)9‬ا منع االستاراء‬
‫يعد استاراء مباش ار إرسال وي رسال موجه للترويج المباشر وو غير‬ ‫المباشر( الماقة ‪ )30‬قود الرضا المسشي‬
‫المباشر لسلع وو خدمات وو بسمع شخص فشئع سلعا وو يادم خدماتا وانعدام اآلثار الاانونئ تجا شخص من‬
‫األشخاذ التي يمكن ود فتخ فاط بناء على معالج آلئ لمعطئات يكود الغرض منها ت دفد صفات ال خص‬
‫المعني وو تايئم بعض جوانس شخصيته ( سواء تعلي األمر ب حكام ق ائئ وو وي ق اررات) ( الماقة ‪ .)33‬وتتعلي‬
‫ه االلت امات ب التصريح المسشي (فوقا لدى اللجن الوطنئ ) (الماقة ‪)31‬ا اععد المسشي (الماقة ‪)13‬ا وااللت ام‬
‫بسري وس م المعالجات والسر المهني (الماقة ‪.)11‬‬
‫نخلص إلى أن الدول ذات السيادة استطاعت التكيف مع نتائج التقدم العلمي‪ ،‬فوظفت‬
‫اآللية التشريعية لممان أمن مجتمعاتها‪ ،‬وضمان حقوق موطنيها‪ .‬فكيف تعاملت لحماية‬
‫االبتكارمن القرصنة والتزييف والسرقة؟‬
‫ثانيا‪ :‬القانون الوضعي في خدمة التطورالعلمي‪ :‬حماية االبتكار‬
‫ترتبط حماية الملكية الفكرية باألهمية التي أصبحت لإلنتاجيات ذات القيمة الفكرية‬
‫الممافة‪ ،296‬وهي‪ :‬البرمجيات والخدمات المعلوماتية المتخصصة والمنتجات الثقافية‬
‫والمنوعات ومنتجات التكنولوجيا الحيوية‪ .‬وبطابعها الالمادي تسهل سرقتها وقرصنتها‪ ،‬ونظرا‬
‫لخطورة الظاهرة انخرطت أغلب الدول‪ ،‬إلى جانب منظمة التجارة العالمية‪ ،‬والمنظمة العالمية‬
‫للملكية الفكرية‪ ،‬في وضع التشريعات التي من شأنها الحد من قرصنة اإلبداعات الفكرية في‬
‫مختلف أشكالها (برامج الحاسوب وقواعد المعطيات والتسجيالت الصوتية وبرامج تقنيات‬
‫البث اإلذاعي")‪.297‬‬
‫وتتسم الملكية الفكرية (بنوعيها الملكية الصناعية والملكية األدبية والفنية) بتعدد فروع‬
‫القانون التي تممن لها الحماية‪ .298‬وتم االعتراف ألول مرة بأهمية حماية الملكية الفكرية في‬
‫اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية لعام ‪( 9221‬اتفاقية باريس) وفي اتفاقية برن لحماية‬
‫‪296‬‬
‫‪-Mireille BUYDENS, «Les dérives de la propriété intellectuelle», le Courrier de‬‬
‫‪l’UNESCO, septembre 1999, p. 37.‬‬
‫‪297‬‬
‫‪ -Isabelle DELAMERTEREE, «L’Internet et la propriété intellectuelle», Cahiers‬ب‬
‫‪français, op. cit, p. 82.‬‬
‫‪ -298‬وهي وساسا‬
‫قانود الع م التجاري ا‬ ‫‪-‬‬
‫قانود حاوق الم لفا‬ ‫‪-‬‬
‫قانود براءات االخترااا‬ ‫‪-‬‬
‫قانود التصمئم والنموعجا‬ ‫‪-‬‬
‫الاانود ال ي ي مي األصناى النباتئ ا‬ ‫‪-‬‬
‫الاانود ب د طوبوغرافئات وشبا المواص تا‬ ‫‪-‬‬
‫قانود ال عارات العمومئ‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬قانود المنافس غير الم روع ‪.‬‬
‫المصنفات األدبية والفنية لعام ‪( 9226‬اتفاقية برن)‪ .‬واعتمدت البلدان بشكل عام تشريعات‬
‫الملكية الفكرية لسببين‪:299‬‬
‫‪-‬إعطاء الشكل القانوني لحقوق المبدعين والمبتكرين على أعمالهم و ابتكاراتهم‪ ،‬مع‬
‫مراعاة المصلحة العامة من حيث الوصول إلى هذه المصنفات واالبتكارات؛‬
‫‪-‬وتعزيزاإلبداع واالبتكاروبالتالي المساهمة في التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫وبصدد هذه األنواع من الحماية تبرز الحماية ببراءة االختراع (الملكية الصناعية) وبحق‬
‫المؤلف ( الملكية األدبية والفنية)‪.‬‬
‫‪-9‬حماية االبتكارببراءة االختراع‬
‫عرفت العصور الوسطى التشريعات األولى المتعلقة بالملكية الصناعية‪ ،‬وذلك لحماية‬
‫االبتكارات ضد التقليد‪ ،‬عبر تطوير التشريعات المتعلقة بالبراءات (‪ ،)Les brevets‬وتعرف‬
‫طلبات البراءات ارتفاعا ملحوظا اليوم فقد ازدادت الطلبات المقدمة إلى المنظمة العالمية‬
‫للملكية الفكرية‪ 300‬من ثالثة آالف (‪ )1777‬سنة ‪ 9101‬إلى أزيد من أربعة وخمسين ألف (‪)22.777‬‬
‫سنة ‪ ،9110‬وتتركزأهمها في البلدان الصناعية حيث تصل النسبة إلى ‪ 10‬في المائة‪.301‬‬
‫تؤكد بعض الدراسات على أن البراءات ليست غاية في حد ذاتها ولكنها وسيلة لتشجيع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫طبيعيا و إنما امتياز خلقه املجتمع لصالح المبتكرين‪ ،‬الذين تشكل‬ ‫االبتكار؛ فهي ليست حقا‬
‫اختراعاتهم محرك التقدم التقني وتطوراملجتمع‪ .302‬وحجتهم للتبريرالنفعي لها أنه بما أن المبتكر‬
‫يتحمل نفقات البحث والتطوير فعليه أن يستفيد في المقابل من ميزة كونه األول في السوق‬
‫‪299‬‬
‫‪- Organisation Mondiale de la Propriété Intellectuelle, Comprendre la propriété‬‬
‫‪industrielle, OMPI, Genève, 2016, p.3.‬‬
‫‪http://www.ompi.int‬‬ ‫ب وحيل بالخصوذ إلى موقع المنظم على ال بك العنكشوتئ‬ ‫‪300‬‬
‫‪301‬‬
‫‪ PNUD, Rapport mondial sur le développement humain, De Boeck & larcier s.a,‬ب‬
‫‪Paris 1999, Bruxelles, p. 67‬‬
‫‪Disponible sur : https://hdr.undp.org/system/files/documents/hdr1999frcompletpdf.pdf‬‬
‫‪302‬‬
‫‪- Nikolaus THUMM, Les brevets: incitation ou frein à la recherche?, La Vie‬‬
‫‪économique Revue de politique économique , N°7/8,2006, p.18.‬‬
‫(كحالة احتكار مؤقت)؛ فدون الحماية القانونية فإن المصنعين اآلخرين (المقلدين) دون أن‬
‫ينفقوا شيئا سوف ينافسونه‪.303‬‬
‫وإذا كانت الرؤية التقليدية تعتبر براءة االختراع مجرد أداة استبعاد‪304‬؛ تمكن صاحبها من‬
‫حماية نفسه من التقليد‪ ،‬من أجل جعل استثماراته األولية مربحة‪ ،‬باستبعاد المقلدين‬
‫املحتملين واالستفادة من ريع االحتكارالمؤقت‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن غالبية الدراسات االمبريقية تظهر‬
‫أنه باستثناء بعض املجاالت املحددة مثل الصيدلة‪ ،‬فإن هذه الرؤية لبراءة االختراع اختزالية‬
‫للغاية‪ .305‬لكن‪ ،‬على خالف هذه الرؤية‪ ،‬فإن براءة االختراع هي أداة استراتيجية متعددة األوجه‪306‬‬
‫تستخدمها الشركات كعنصرأساس ي في عملية تبادل المعرفة في السوق‪.307‬‬
‫وكحجة للدفاع عن ضرورة براءات االختراع تشير بعض الدراسات إلى أنه في عام ‪،9116‬‬
‫أنفقت الشركات األمريكية ما يقرب من ‪ 927‬ملياردوالرعلى البحث والتطوير‪ ،‬ويرجع ذلك في جزء‬
‫كبير منه إلى توقع تخصيص جزء كبير من العائد لتحفيز البحث والتنمية‪ .‬ومنذ قانون ‪Bayh-‬‬
‫‪ ( Dole Act‬المعروف ب ‪ ( )The Patent and Trademark Law Amendments Act‬للعام‬
‫‪ 9127‬والتشريعات الالحقة عليه) تم توسيع الئحة من يمكنه االستفادة من براءة االختراع ‪،‬‬
‫‪303‬‬
‫‪- Ibid, p.19.‬‬
‫‪ -304‬قافع عن هد الرؤي االقتصاقي األمريكي‪ )1031-3913( Kenneth Joseph Arrow‬في قراس ت ص‬
‫عنواد‬
‫)‪Economic Welfare and the Allocation of Resources for Invention (pp. 609-626‬‬
‫ضمن الم لف الجماعي‬
‫‪The Rate and Direction of Inventive Activity: Economic and Social Factors, Princeton‬‬
‫‪University Press, 1962.‬‬
‫‪305‬‬
‫‪- Julien PENIN, « Le problème des « ¨Patent Trolls » : Comment limiter la spéculation‬‬
‫‪sur la propriété intellectuelle dans une économie fondée dur les connaissances ? »,‬‬
‫‪Innovations, N°32, 2010/2, p.35.‬‬
‫‪ -306‬قافع عن هد الرؤي نل من االقتصاقي ‪ Patrick Cohendet‬و ‪ Matthieu Farcot‬و ‪Julien Pénin‬‬
‫في‬
‫‪COHENDET, P., FARCOT, M., PENIN, J, « Entre incitation et coordination : Repenser‬‬
‫‪le rôle du brevet d’invention dans une économie fondée sur la connaissance »,‬‬
‫‪Management International, N° 10., 2006,pp. 65-84.‬‬
‫‪307‬‬
‫‪- Julien PENIN, op.cit, p.36.‬‬
‫لتشمل من يجرون البحوث بأموال عامة ‪ ،‬بما في ذلك الجامعات واملختبرات الحكومية‪ .‬كما‬
‫يجري تعزيزوتوسيع مماثل في براءات االختراع في اليابان وأوروبا‪.308‬‬
‫لكن‪ ،‬ليست كل االختراعات قابلة للحماية بل يتطلب قانون براءات االختراع (منح البراءة‬
‫من قبل دولة أو مكتب إقليمي يعمل نيابة عن عدة دول) أن يفي هذا األخير بمعايير أو شروط‬
‫األهلية لبراءة االختراع‪ ،‬وهي‪:309‬‬
‫‪-‬موضوع براءات االختراع‪ :‬يجب أن يندرج االختراع ضمن نطاق موضوع الحماية في القانون‬
‫الوطني(مع وجود استثناءات تمعها التشريعات الوطنية‪ ،‬وكمثال أي اختراع ُيستثنى استغالله‬
‫تجارًيا بموجب النظام العام أو األخالق أو الصحة العامة)؛‬
‫‪-‬إمكانية التطبيق الصناعي (المنفعة)‪ :‬يجب أن يكون لالختراع منفعة عملية أو أن يكون‬
‫قاد ًرا على تقديم شكل من أشكال التطبيق الصناعي؛‬
‫‪ -‬الجدة‪ :‬يجب أن يشتمل االختراع على خاصية جديدة كحل جديد لمشاكل تقنية‪ .‬قد تكون‬
‫ً‬
‫جديدا‪ .‬إن مجرد‬ ‫المشكلة جديدة أو قديمة‪ ،‬لكن يجب أن يكون الحل‪ ،‬الذي يعتبر اختر ً‬
‫اعا‪،‬‬
‫اكتشاف ش يء موجود بالفعل في الطبيعة ال يشكل بالمرورة اختر ً‬
‫اعا؛‬
‫ً‬
‫واضحا‬ ‫‪-‬نشاط ابتكاري ‪ :‬يجب أن يتممن االختراع نشاطا ابتكاريا‪ ،‬أي يجب أال يكون‬
‫لشخص لديه معرفة متوسطة باملجال التقني المعني ((عدم وضوح)‪).)(non-évidence‬؛‬
‫‪-‬اإلفصاح‪ /‬إفشاء عن االختراع ‪ :‬يجب الكشف عن االختراع بشكل واضح وكامل في طلب‬
‫براءة االختراع حتى يتمكن شخص ماهر في املجال (شخص ماهر في املجال التكنولوجي المعني)‬
‫من تنفيذه‪.‬‬
‫‪308‬‬
‫‪- Wesley M. Cohen, Richard R. Nelson, John P. Walsh, Protecting their Intellectual‬‬
‫‪Assets: Appropriability Conditions and Why US Manufacturing Firms Patent (or not),‬‬
‫‪NBER WORKING PAPER SERIES, working paper 7552, NATIONAL BUREAU OF‬‬
‫‪ECONOMIC RESEARCH, Cambridge, February 2000, p. 2.‬‬
‫‪309‬‬
‫‪- Organisation Mondiale de la Propriété Intellectuelle, Comprendre la propriété‬‬
‫‪industrielle, op.cit., p.7.‬‬
‫ورغم وجود المنظمة العالمية للملكية الفكرية (‪( )WIPO‬تمم في عمويتها ‪ 911‬عموا‬
‫وتدير ‪ 26‬معاهدة بما فيها اتفاقية الويبو)‪ ،310‬ووجود اتفاقيات دولية منذ أكثر من مائة سنة‪،‬‬
‫فقد اعتبرتها الدول الصناعية غيرملزمة لتدفع بكل سلطتها إلبرام اتفاقية جديدة نتيجة ضغوط‬
‫قوية مارسها رجال األعمال والشركات المتعددة الجنسيات‪.311‬‬
‫فكانت النتيجة اعتماد اتفاقية حماية الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة (‪ )TRIPS‬ودخلت‬
‫ُ‬
‫حيزالنفاذ في ‪ 9‬يناير‪ .9112‬تلزم االتفاقية الدول بحماية االختراعات التكنولوجية ببراءة االختراع‬
‫ً‬
‫جديدا‪ ،‬وأن يشتمل على نشاط ابتكاري‪،‬‬ ‫لمدة عشرين ً‬
‫عاما على األقل‪ ،‬وتشترط أن يكون االختراع‬
‫ً‬
‫وأن يكون قابال للتطبيق الصناعي أو النافع‪.312‬‬
‫‪ -2‬حماية االبتكاربحق المؤلف‬
‫ينتمي حق المؤلف إلى طائفة الحقوق التي ترد على األشياء غيرالمادية‪ .‬وهوبالتالي ” ظاهرة‬
‫قانونية مركبة تشكل ‪-‬إلى جانب باقي الحقوق الذهنية‪ -‬فرعا قانونيا خاصا (‪ ،)Sui generis‬ال‬
‫مكان له ضمن التقسيمات الرئيسية الموروثة عن القانون الروماني‪ :‬حقوق عينية وشخصية‬
‫والتزامات“‪.313‬‬
‫وقد نتج عن الجدل بخصوص حماية حقوق المؤلف‪ 314‬غلبة دعوى المدافعين عن‬
‫الحماية‪ ،‬وهو ما أكدته القوانين الدولية والوطنية‪:‬‬
‫‪ -310‬المعاهدات التي تدفرها الويشو‪،‬‬

‫على الرابط ‪/https://www.wipo.int/treaties/ar‬‬
‫‪ -311‬عشد الس م مخلوفي‪" ،‬اتفاقئ حماي حاوق الملكئ الفكري المرتبط بالتجارة ‪ TRIPS‬وقاة ل ماي التكنولوجئا‬
‫وم الحتكارها‪ ،"،‬مجل اقتصاقيات شمال وفريقئا‪ ،‬عدق‪ ،1001 ،1‬ذ‪.331-334.‬‬
‫‪312‬‬
‫‪- Nadine KEIM, « Les défis lancés par l’accord TRIPS aux pays en‬‬
‫‪développement », Annuaire suisse de politique de développement, N°17 , 1998, p.66.‬‬
‫‪ -313‬عشد ال ئظ بلااضي‪ ،‬مفهوم حي الم لف وحدوق حمافته جنائئا قراس ت ليلئ نادي ‪ ،‬ط‪ ،3‬قار األماد‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫‪ ،3991‬ذ‪ 11 .‬و‪11‬‬
‫‪ -314‬وحيل مث إلى الجدل حول اعتبار برامج ال اسوب مصنفات وقبئ (األهلئ لل ماي ب ي الم لف)‬
‫‪ -‬االتجا الرافض لل ماي‬
‫أ‪-‬اتفاقية الويبو بشأن حق المؤلف ( ‪ 27‬دجنبر ‪ :)9116‬منحت المؤلف حقوقا حصرية‪،‬‬

‫كإتاحة النسخة األصلية أو غيرها من نسخ مصنفاته للجمهورببيعها أو نقل ملكيتها بطريقة أخرى‬
‫(حق التوزيع المادة ‪)6‬؛ وتأجير النسخة األصلية أو غيرها من نسخ مصنفاته للجمهور ألغراض‬
‫تجارية(حق التأجيرالمادة ‪)0‬؛ ونقل المصنف إلى الجمهوربأي طريقة سلكية أوال سلكية(المادة‬
‫‪.315)2‬‬
‫‪-‬اتفاقية برن لحماية المصنفات األدبية والفنية (وثيقة باريس ‪ 9109‬المعدلة في ‪:)9101‬‬
‫بغض النظر عن الحقوق المالية للمؤلف‪ ،‬بل وحتى بعد انتقال هذه الحقوق‪ ،‬يحتفظ المؤلف‬
‫بالحقوق المعنوية كالحق في المطالبة بنسبة المصنف إليه؛ والحق في االعتراض على كل تحريف‬
‫‪ -3‬حماي حي الم ل ف غير منطقئ في برامج ال اسوب بسشس تجرقها عن طابع جمالي الت كيد على ود برنامج‬
‫ال اسوب عو طابع تاني خالص وال فتعدى نونه وقاة لت غيل إحدى اآلالت‪ #‬ال ا الجمالي (الفقئه السويسري‬
‫‪.)TROLLER‬‬
‫‪ -1‬عدم توافر برنامج ال اسوب على ماومات المصنف ألنه ال فدرك من خ ل ال واس ‪BETTEN‬‬
‫‪ -1‬وظئف برنامج ال اسوب تستبعد نل ابتكار ألنه لئا إال نظاما عا طابع مجرق صعوب إضفاء الطابع ال خصي‬
‫على المشرمج‪.‬‬
‫‪ -‬االتجا الم يد لل ماي‬
‫‪ -3‬من غير الماشول رفض ال ماي لمصنف ما لمجرق نونه صاقر لئا عن” ان غال جمالي“و إنما عن” اهتمامات‬
‫” تمتد ال ماي الاانونئ إلى نل مصنف ناشا عن خلي عهني مشتكر بمع ل عن‬ ‫نفعئ “ م كم الناض الفرنسئ‬
‫كل اعتبار جمالي وو فني“( قرار صاقر في ‪ 31‬ابريل ‪.)3921‬‬
‫‪ -1‬فئما يخص عدم إقراك برنامج ال اسوب من خ ل ال واس‪ ،‬حسس م كم باريا إعا ناد من الثابت ود‬
‫الشرنامج ال يمكن إقراكه مباشرة بواسط حاس السمع وو البصر فإد باعمكاد االستعان على علي بواسط اآلل نما‬
‫هو ال د بالنسب للمصنف السينمائي“(قرار صاقر في ‪.)3921/9/ 13‬‬
‫‪ -1‬عدم وجوق تنافر بين الطشئع ال اتئ له ا المصنف الجدفد وبين خاصئ االبتكار م كم االستئناى بكيبي ق ت‬
‫باعتبار وحد برامج ال اسوب مصنفا مشتك ار طالما ناد مت الثابت ونه لئا مناوال عن نص آخر“‪.‬‬
‫ونظر‪،‬‬
‫عشد ال ئظ بلااضي‪ ،‬مرجع سابي‪ ،‬ذ‪11 .‬‬
‫‪315‬‬
‫‪-Organisation Mondiale de la Propriété Intellectuelle, Traité de l'OMPI sur le droit‬‬
‫‪d'auteur(WCT) (1996), GENEVE1997,‬‬
‫‪Disponible sur : https://www.wipo.int/edocs/pubdocs/fr/wipo_pub_226.pdf‬‬
‫أو تشويه أو أي تعديل آخر لهذا المصنف أو كل مساس آخر بذات المصنف يكون ضارا بشرفه‬
‫أو سمعته‪.‬‬
‫ج‪ -‬وعلى مستوى التشريعات الوطنية في عام ‪ ،9097‬سن البرلمان البريطاني أول قانون‬
‫لحقوق التأليف والنشر‪ ،‬وهو قانون آن(‪ ،316)the Statute of Anne‬والذي حدد الحقوق‬
‫الدائمة التي يتمتع بها الناشرون بفترة ‪ً 92‬‬
‫عاما‪ ،‬وتم تحديد تعويمات التعدي في بنس(‪)penny‬‬
‫واحد لكل ورقة تم العثور عليها في عهدة املخالف‪ ،‬نصفه يذهب للمؤلف ونصفه اآلخر إلى‬
‫التاج‪.317‬‬
‫وسن الكونغرس األمريكي أول قانون لحقوق النشر في عام ‪ ،9017‬وصدر أول تسجيل‬
‫فيدرالي لحقوق النشر في نفس العام للمؤلف جون باري(‪ )John Barry‬عن كتاب فيالدلفيا‬
‫اإلمالئي (‪ .)The Philadelphia Spelling‬ومنذ هذا العام خمع القانون لمراجعات في أربع‬
‫مناسبات‪ :‬في ‪ 9219‬و ‪ 9207‬و ‪ 9171‬و ‪ .9106‬وحدد األضرار النتهاك األعمال المنشورة بمبلغ ‪27‬‬
‫ً‬
‫سنتا لكل ورقة موجودة في حوزة املخالف‪ ،‬نصفها للمؤلف ونصفها اآلخرللحكومة الفيدرالية‪.318‬‬
‫وفي فرنسا وضع قانون عام ‪ 9019‬األساس لحقوق التأليف والنشرالفرنسية من خالل منح‬
‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عموما حقا واسع‬ ‫حصريا في أداء أعمالهم‪ ،‬وأعطى قانون عام ‪ 9011‬المؤلفين‬ ‫المؤلفين حقا‬
‫النطاق ضد االستنساخ غيرالمصرح به ألعمالهم‪ .‬وفي ألمانيا صدرأول تشريع لحقوق النشرعام‬
‫‪ 9210‬محددا مدة الحماية في ثالثين ً‬
‫عاما بعد وفاة المؤلف‪.319‬‬
‫‪ -316‬قشل ه ا الاانود ت ند بعض الدراسات على ود بدايات حاوق الن ر في عالم الاانود العام ( إنجلترا) تعوق‬
‫إلى ت سئا ناكستود(‪ )Caxton’s‬في عام ‪ 3114‬ألول م سس طباع في إنجلترا‪ ،‬وإلى التدابير التي بدوها التاج‬
‫اعنجلي ي لوضع ه التكنولوجئا الثوري الجدفدة ت ت سئطرته‪ .‬ناد وحد الدوافع وراء لوائح التاج هو قمع انت ار‬
‫اآلراء المعارض ‪ .‬وب لول منتصف الارد الساقس ع ر‪ ،‬تناصل التاج ً‬

‫فعلئا عن السئطرة االقتصاقي على ن ر‬
‫احتكار لتجارة الن ر اعنجلي ي )‪.‬‬
‫ًا‬ ‫الكتس ل رن ‪( Stationer's Company‬وعطت ال رن‬
‫‪Paul GOLDSTEIN, International Copyright: Principles, Law, and Practice, Oxford‬‬
‫‪.University Press, New York,2001, p.5.‬‬
‫‪317‬‬
‫‪- Deborah E. BOUCHOUX, Intellectual Property: The Law of Trademarks,‬‬
‫‪Copyrights, Patents, and Trade Secrets, Fourth Edition, Delmar, Cengage Learning,‬‬
‫‪USA, 2013, p.185.‬‬
‫‪318‬‬
‫‪- Ibid.‬‬
‫‪319‬‬
‫‪- Paul GOLDSTEIN, op.cit, pp.8-9.‬‬
‫ونتج عن حماية التشريعات الوطنية لحقوق المؤلف المادية والمعنوية ظهور تقليدين‬
‫قانونيين‪ :‬قانون حقوق النشر (‪ )The copyright‬في عالم القانون العام)‪(common law‬‬
‫بإنجلترا‪ ،‬حيث بدأ التقليد‪ ،‬والمستعمرات البريطانية السابقة‪ ،‬ودول الكومنولث البريطاني‪.‬‬
‫وقانون حق المؤلف (‪ )Le droit auteur‬المتجذرفي نظام القانون المدني)‪ (civil law‬ويسود في‬
‫بلدان القارة األوروبية ومستعمراتها السابقة في أمريكا الالتينية و أفريقيا وآسيا‪.320‬‬
‫وكل تقليد يستند إلى أساس فلسفي مختلف عن اآلخر‪ ،‬فتقليد القانون العام يعتمد على‬
‫الفرضية النفعية بتحفيزإنتاج أكبرمجموعة ممكنة من السلع اإلبداعية بأقل األسعار الممكنة؛‬
‫وعلى النقيض من ذلك‪ ،‬فإن تقليد القانون المدني متجذرفي فلسفة الحقوق الطبيعية التي تمنح‬
‫للمؤلف الحماية على سبيل الحق والعدالة‪.321‬‬
‫وضمن هذا التقليد الثاني منح المشرع المغربي للمؤلف حقوقا معنوية( المادة ‪ )1‬وأخرى‬
‫مادية (المادة ‪.322)97‬‬
‫وتسند بعض الدراسات لحق المؤلف مكانة مهمة في االقتصاد غيرالمادي الذي تكون فيه‬
‫األفكار لها األسبقية‪ ،‬حيث يكون االبتكار هو الذي يخلق القيمة‪ ،‬فمن الطبيعي أن يسعى‬
‫الفاعلون إلى حماية هذه األفكار‪ ،‬أو على األقل‪ ،‬الفوائد االقتصادية التي يمكن أن يجنوها منها‪.‬‬
‫‪320‬‬
‫‪- Ibid, p.3.‬‬
‫‪321‬‬
‫‪- Ibid, p.4.‬‬
‫‪ -322‬ال اوق المعنوي (الماقة ‪ )9‬بصرى النظر عن ال اوق الماقي وحتى في حال تخلئه عنها ‪:‬‬
‫‪1-‬ال ي في األبوة ود يطالس بانتساب مصنفه له‪ ،‬وبالخصوذ ود فوضع اسمه على جمئع نس ه ا المصنف‬
‫في حدوق اعمكاد و بالطريا الم لوف ارتباطا مع نل استعمال عمومي له ا المصنف‪.‬‬
‫‪2-‬ود فباى اسمه مجهوال‪( ...‬االسم المستعار)‪.‬‬
‫‪ 3-‬ال ي في احترام المصنف ود يعترض على نل ت ريف وو بتر وو وي تغيير لمصنفه وو نل ما به من ش نه‬
‫ود فل ي ضر ار ب رفه وو بسمعته‪.‬‬
‫‪-‬ال اوق الماقي (الماقة ‪ )30‬ويمنح صاحبه ‪:‬‬
‫إعاقة ن ر و استنساخ المصنف ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ترجم المصنف ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إعداق اقتباسات وو تعدف ت وو ت وي ت ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ت جير المصنف وو توصيعه على العموم ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عرض وو وقاء المصنف ومام الجمهور ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إعاع المصنف وناله إلى الجمهور بواسط نابل وو وي وسيل وخرى‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مما ُي ْ‬
‫م ِفي على هذا الحق الخصائص اآلتية‪ :‬أولها يعد حق المؤلف حقا استراتيجيا‪323‬؛ وثانيها‬
‫"صناعة" ذات قيمة‪324‬؛ وثالثها آلية حجز السوق تمكن المكتشفين واملخترعين والمبدعين من‬
‫تحصيل أجرمقابل استغالل ابتكارهم‪325‬؛ ورابعها كآلية تحفيزية للخلق واإلبداع‪.326‬‬
‫قادنا التحليل السابق إلى تأكيد أهمية القانون الوضعي ودور الدولة بوصفها المشرع‬
‫املحتكر‪ ،‬فهي "كمصدر للقواعد "الملزمة"‪ ،‬وكملتزم بهذه القواعد تحتفظ بموقع مركزي‬
‫بالنسبة ألي اقتصاد أو مجتمع مدول"‪ .327‬لكن‪ ،‬أال يشكل القانون الوضعي‪ ،‬بطابعه اإلكراهي‬
‫والتقييدي‪ ،‬عائقا أمام التقدم العلمي‪ ،‬مما يقود إلى البحث عن بديل للقانون الصلب ينتصر‬
‫للحريات؟ أال يمكن للعلم أن ينمو دون الخموع لسلطة الدولة وقانونها الوطني؟‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تقدم العلم بعيدا عن القانون الوضعي‪ :‬الحريات واألخالقيات في خدمة‬
‫التقدم العلمي‪.‬‬
‫اختلف المؤلفون المهتمون بالتقنيات الجديدة‪ ،‬وعالقتها بالقانون بشكل عام‪ ،‬حول‬
‫مسألة ما إذا كان اللجوء إلى المبادئ التقليدية لألنظمة القانونية كافيا‪ ،‬أو ما إذا كان من‬
‫المروري االعتراف بأن هذه المبادئ غير مناسبة للفماء السيبراني‪ .328‬لكن القدرة االبتكارية‬
‫للقانون‪ ،‬حتى في املجاالت التي ال تكون فيها الدولة حاضرة بشكل مسبق‪ ،‬تتعارض بشكل مباشر‬
‫‪ -323‬صنف تارير ومريكي صناعات حي الم لف في المرتب الثانئ بين الصناعات من حيص مساهمتها في الدخل‬
‫الاومي بعد قطاا الص ‪.‬‬
‫‪Michel Vivant, jean-Michel Bruguière, Droit d’auteur et droits voisins , eds‬‬
‫‪DALLOZ, Paris, 2e édition, 2013, pp.8-9.‬‬
‫‪324‬‬
‫‪- Ibid, pp.10-11.‬‬
‫‪325‬‬
‫‪- Ibid, p.13.‬‬
‫‪326‬‬
‫‪- Ibid, p.15.‬‬
‫‪ -327‬بول هيرست‪ ،‬جراهام طومسود‪ ،‬ما العولم ‪ ،‬االقتصاق العالمي وإمكانات الت كم‪ ،‬ترجم فاتح عشد الجبار‪،‬‬
‫الكويت‪ ،‬المجلا الوطني للثااف والفنود اآلقاب ‪ ،‬شتنشر‪( 1003‬سلسل عالم المعرف عدق ‪ ،)111‬ذ‪.131 .‬‬
‫‪328‬‬
‫‪- Nicolas HERBAUT, François-Vivien GUIOT, « Fiabilité et sincérité des systèmes‬‬
‫‪blockchain », in François Pellegrini, Actes du colloque des Convergences du Droit et du‬‬
‫‪Numérique, Colloque des Convergences du Droit et du Numérique, Sep 2017,‬‬
‫‪Bordeaux, France. 2019, p.7.‬‬
‫مع الشعوربالحرية الذي يسود في كثيرمن األحيان بين مروجي الفماء السيبراني (يدعوالفاعلون‬
‫الرقميون إلى وضع لوائح من شأنها أن تكون مصد ًرا للثقة المرورية لتطويرقطاع نشاطهم)‪.329‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن ما يميزالتقدم العلمي (خاصة في أشكاله الحديثة) هو بزوغ عدة دعاوى تنتصر‬
‫للحريات (أوال) ولألخالقيات (ثانيا) ‪ ،‬وهو ما تبينه الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬البحث العلمي والحريات‪ :‬العلوم الحرة والولوج المفتوح والمصدرالمفتوح‬

‫بينما يسمح بزوغ التقنيات الرقمية بتسهيل تدفق المعرفة‪" ،‬يمكن ً‬
‫أيما استخدامها‬
‫لتقييد الثقافة والمعرفة والسيطرة عليها بطريقة لم يتسامح معها أي مجتمع حر حتى اآلن"‪.330‬‬
‫بهذه العبارة قدم ‪ Lawrence Lessig‬لكتاب ‪ Florent Latrive‬المدافع عن الثقافة الحرة‬
‫والعلوم الحرة؛ ويميف قائال‪ " :‬نحن نحمي‪ ،‬حقوق النشربالطبع (‪ )...‬لكننا نحافظ على التوازن‬
‫مع قيمة أ ساسية أكثر بكثير ملجتمعاتنا‪ ،‬مع االقتناع بأن المعرفة والثقافة يجب أن تنتشر على‬
‫أوسع نطاق ممكن"‪.331‬‬
‫فعلى أساس الحرية والمشاركة‪ ،‬ودون الخموع لتقييدات الملكية الفكرية‪ ،‬جرى الدفاع‬
‫عن العلوم الحرة‪ ،‬وعن الوصول الحر‪ ،‬وعن المصدرالمفتوح‪.‬‬
‫‪-9‬العلوم الحرة‬
‫سبق لمنظمة التعاون والتنمية االقتصادية تعريف العلوم الحرة أو المفتوحة بأنها‬
‫"الجهود التي يبذلها الباحثون أو الحكومات أو وكاالت تمويل البحوث أو األوساط العلمية نفسها‬
‫لجعل النواتج األولية لنتائج البحوث الممولة من القطاع العام ‪ -‬المنشورات وبيانات البحوث ‪-‬‬
‫متاحة للجمهور في شكل رقمي دون أي قيود أو الحد األدنى منها كوسيلة لتسريع البحث؛ وتهدف‬
‫هذه الجهود إلى تعزيزالشفافية والتعاون وتعزيزاالبتكار"‪.332‬‬
‫‪329‬‬
‫‪- Ibid, p.8.‬‬
‫‪330‬‬
‫‪- Florent LATRIVE, Du bon usage de la piraterie : Culture libre, sciences ouvertes,‬‬
‫‪Exils Editeur, Paris, 2004, p.9.‬‬
‫‪331‬‬
‫‪- Lawrence Lessig, op.cit.p.10.‬‬
‫‪332‬‬
‫‪- OECD Going Digital Toolkit Notes, Policy note , Open Science - Enabling‬‬
‫‪Discovery in the Digital Age, OECD 2021, p.6.‬‬
‫وحددت مشاورة أنجزت من قبل المفوضية األوروبية‪ ،‬في العام ‪ ،2792‬العلم المفتوح‬
‫باعتباره املحرك المهيمن لمستقبل العلم‪ ،‬مع توقعات كبيرة بتحسين النزاهة العلمية‪ ،‬وارتباط‬
‫أفمل بالعلم واملجتمع‪ ،‬وجعل العلم أكثر استجابة للتحديات املجتمعية‪ .‬عالوة على ذلك‪،‬‬
‫و افقت الغالبية العظمى على أن التدخل في مجال السياسات ضروري لتعميم الوصول المفتوح‬
‫إلى البيانات والمنشورات‪.333‬‬
‫وهنا يبرز مثال البحث العلمي فالغالبية العظمى من الباحثين تنشر نتائج أعمالها‪ ،‬بفمل‬
‫تيسير شبكة اإلنترنت وعلوم الحاسوب للتعاون وللنشر مما مكن من اتساع نطاق المساحات‬
‫اإلبداعية‪.334‬‬
‫وينتصر دعاة العلوم المفتوحة‪ ،‬أو من يسميهم ‪ Florent Latrive‬ب"قوى االنتشار"‬

‫(«‪ – )forces de la diffusion‬في مقابل «قوى الملكية» «‪ - »forces de la propriété‬لقيم‬
‫االنفتاح والتعاون وحرية الوصول‪ ،‬ويستندون في دعواهم هذه على عدة حجج‪ :‬أولها أن عملية‬
‫المشاركة مسؤولية أخالقية وسياسية؛ وثانيها أن للبحث‪ ،‬العام والخاص على السواء‪ ،‬آليات‬
‫حو افز قوية تمتد من تحقيق الربح (في القطاع الخاص) إلى الفمل الرمزي المرتبط بإبالغ‬
‫المعرفة ( في القطاع العام)‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن مشاركة المعرفة‪ ،‬واالعتراف الرمزي‪ ،‬والتعويض العام هي التي تممن وجود‬
‫عمل الفيزيائي في املجال النظري أو المشتغل في العلوم اإلنسانية‪ ،‬فحتى في الواليات المتحدة‪،‬‬
‫حيث يتم تشجيع الجامعات على منح براءات االختراع قدر اإلمكان‪ ،‬ال تمثل عائدات الترخيص‬
‫سوى ‪ %112‬من ميزانيات البحث في عام ‪ .2779‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬واصل النظام األكاديمي إلنتاج‬
‫المعرفة المفتوحة إثبات فعاليته‪.335‬‬
‫‪-2‬الوصول المفتوح (‪)Open access‬‬
‫‪Disponible sur : https://www.oecd-ilibrary.org/docserver/81a9dcf0-‬‬

‫‪en.pdf?expires=1666464877&id=id&accname=guest&checksum=4EACB41E9A6BDFC‬‬
‫‪913DDA03B70947D30‬‬
‫‪333‬‬
‫‪- OECD, op.cit, p. 8.‬‬
‫‪334‬‬
‫‪- Florent Latrive, op.cit, p.74.‬‬
‫‪335‬‬
‫‪- Florent Latrive, op.cit, p.78.‬‬
‫يعني الوصول المفتوح حرية الوصول إلى المقاالت العلمية "مما يسمح ألي شخص بقراءة‬
‫النص الكامل أو تنزيله أو نسخه أو إرساله أو طباعته أو البحث عنه أو االرتباط به دون عوائق‬
‫مالية أو قانونية أو تقنية مع ضمان سيطرة المؤلفين على سالمة عملهم والحق في االعتراف به‬
‫واالستشهاد به بشكل صحيح"‪.336‬‬
‫ويرجع اهتمام الباحثين به لنشرأعمالهم البحثية إلى مزيج من عدة عوامل‪ ،‬أولها‪ :‬إن ظهور‬
‫شبكة اإلنترنت أتاح التوزيع املجاني للمقاالت العلمية في جميع أنحاء العالم؛ وثانيها ارتفاع كلف‬
‫النشرإلى نسب مرتفعة‪ ،‬فعلى سبيل المثال ارتفع سعراملجالت بنسبة ‪ ٪277‬إلى ‪ ٪177‬بين عامي‬
‫‪ 9102‬و ‪ 9112‬ومن ‪ ٪22‬إلى ‪ ٪20‬بين عامي ‪ 2772‬و ‪ ." 2770‬يماف إلى ذلك ظاهرة التركيز بتحكم‬
‫أفمل ‪ 2‬ناشرين في ‪ ٪27‬من السوق (من حيث القيمة) من املجالت العلمية" و "الناشرون األربعة‬
‫األو ائل ينشرون ‪ ٪22.2‬من العناوين في جميع أنحاء العالم ‪ ،‬و ‪ ٪27.9‬من املجالت ذات أعلى عامل‬
‫ناشرا ينشرون ‪ ٪02‬من ‪ 20777‬مجلة علمية نشطة"‪.337‬‬ ‫تأثير"‪ .‬و"أكبر‪ً 92‬‬
‫يماف إلى هذه العوامل لجوء الباحثين إلى هذه اإلمكانية لعدة دو افع‪ :‬فمن ناحية فهو‬
‫يتيح الوصول السهل واملجاني إلى المقاالت العلمية‪ ،‬بما في ذلك تلك المنشورة في الخارج في‬
‫املجالت التي يتعذر الوصول إليها (خاصة بالنسبة للباحثين في البلدان النامية)‪ ،‬ومن ناحية‬
‫أخرى يسمح لهم بتوزيع عملهم الخاص والترويج له‪.338‬‬
‫وقد بدأ كل ش يء في التسعينيات‪ ،‬مع ظهورأول أرشيفات مفتوحة‪:‬‬
‫‪ arXiv.org e-Print archive -‬في عام ‪ :9119‬وهي خدمة توزيع مجانية وأرشيف مفتوح‬
‫للوصول إلى‪ 2.926.121‬مقالة علمية في مجاالت الفيزياء والرياضيات وعلوم الكمبيوتر‬
‫والبيولوجيا الكمية والتمويل الكمي واإلحصاء والهندسة الكهربائية وعلوم النظم واالقتصاد‪.339‬‬
‫‪ -336‬ونظر إع د مباقرة الوصول المفتوق في بواقبئست على الرابط التالي‬

‫‪http://www.budapestopenaccessinitiative.org/boai-10-translations/french‬‬
‫‪337‬‬
‫‪- Carine BERNAULT, « Open access et recherche en droit », in Catherine Barreau‬‬
‫‪et Najoua Djerad (Sous la direction de), Droit et numérique, Actes du Colloque‬‬
‫‪international 20 et 21 novembre 2017, PUSEK, Kaslik, 2019, pp.64-65.‬‬
‫‪338‬‬
‫‪-Ibid, p.65.‬‬
‫جامع نورنيل‬ ‫‪ -339‬للم يد من المعلومات حول هد الخدم‬
‫‪-‬شبكة أبحاث العلوم االجتماعية (‪ )SSRN‬في عام ‪ ،9112‬توفر المكتبة اإللكترونية لهذه‬
‫الشبكة ‪ 9.901.162‬ورقة بحثية من ‪ 9.710.222‬باحتا تغطي ‪ 62‬تخصصا‪.340‬‬
‫‪-‬األوراق البحثية في االقتصاد)‪ RePEc (Research Papers in Economics‬في عام ‪.9110‬‬

‫مبادرة تسعى إلى تعزيزنشرالبحوث في االقتصاد واملجاالت ذات الصلة كجهد جماعي وتوفيرجميع‬
‫ً‬
‫الخدمات مجانا لجميع المستخدمين‪.341‬‬
‫ولكن ثالثة إعالنات شكلت الخطوة الحاسمة في تطويرالوصول المفتوح‪ ،‬ويتم اختصارها‬
‫في عبارة "‪ ،"Bs1‬وتتعلق ب مبادرة بودابست للوصول المفتوح (" ‪Budapest Open Access‬‬
‫‪ ،)Initiative‬وبيان بيثيسدا للنشر الحر( ‪Bethesda Statement on Open Access‬‬
‫‪ ،)Publishing‬وإعالن برلين بشأن الوصول المفتوح إلى المعرفة في العلوم اإلنسانية( ‪Berlin‬‬
‫‪ ، )Declaration on Open Access to Knowledge in the Sciences and Humanities‬وهي‬
‫البيانات التي تم تبنيها في ‪ 2772‬و ‪ 2771‬لتنظيم الوصول المفتوح من أجل غاية بسيطة وهي‪:‬‬
‫السماح بالوصول املجاني إلى المنشورات العلمية عبر طريقتين‪ :‬أوال‪ :‬بنشر المقاالت في مجالت‬
‫ً‬
‫متاحة للقراء مجانا ‪ ،‬وهو ما يعرف في المصطلحات باسم "المسارالذهبي"؛ وثانيا بنشرالمقاالت‬
‫في مجالت مخصصة للمشتركين ولكن عن طريق إيداع نسخ من النصوص في أرشيفات مفتوحة‬
‫ً‬
‫يمكن الوصول إليها مجانا لجميع مستخدمي اإلنترنت ‪ ،‬مثل ‪ HAL‬في فرنسا ("المسار األخمر"‬
‫‪.342)» la voie verte‬‬
‫‪ -1‬البرمجيات الحرة‬
‫تعود فكرة البرمجيات الحرة إلى عالم الرياضيات األمريكي نوربرت وينر ( ‪Norbert‬‬
‫‪ )9162-9212()Wiener‬في معارضته لتسليع المعلومات مما قد يبطئ انتقالها ويقلل من فائدتها‬
‫االجتماعية‪.343‬‬
‫‪https://arxiv.org‬‬
‫‪340‬‬
‫‪- Tomorrow´s Research Today, https://www.ssrn.com/index.cfm/en/‬‬
‫‪341‬‬
‫‪- RePEc , General principles, http://repec.org‬‬
‫‪342‬‬
‫‪- Carine BERNAULT, op.cit, 63.‬‬
‫‪343‬‬
‫‪- Sébastien Broca, Utopie du logiciel libre Du bricolage informatique à la réinvention‬‬
‫‪sociale, Éditions le passager clandestin, Neuvy-en-Champagne, 2013, p.26.‬‬
‫وعمليا بدأت قصة "البرمجيات الحرة" في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ( ‪(MIT‬‬

‫فأثناء عمله كباحث في مختبرالذكاء االصطناعي في هذا المعهد ُمنع ريتشارد ستالمان ‪(Richard‬‬
‫)‪)-9121( Stallman‬من الوصول إلى الكود المصدري لنظام التشغيل ‪ UNIX‬الذي طورته‬
‫الشركة األمريكية ‪ ، AT&T‬والذي كان ينوي تعديله لتحسين أداء املختبر ؛ على إثر هذا المنع‪،‬‬
‫الذي يفرضه النموذج االحتكاري لتوزيع البرمجيات‪ ،‬اتخذ قرارين‪ :‬أوالهما‪ ،‬بتأسيس مؤسسة‬
‫البرمجيات الحرة ووضع مشروع جنو)‪ (projet GNU‬في ‪9122‬؛ وثانيهما تطوير نظام تشغيل‬
‫مستقل ً‬
‫تماما على طراز‪. 344UNIX‬‬
‫وفي العام ‪ 9119‬توصل المهندس الفنلندي ‪ )-9161( Linus Torvalds‬إلى تطوير النواة‬
‫‪ Linux‬وظهربفملها نظام التشغيل ‪.GNU / Linux345‬‬
‫وتتيح "البرمجيات الحرة" أربع حريات أساسية‪ ،‬وهي‪:346‬‬
‫‪-9‬حرية تشغيل البرنامج كما تشاء ألي غرض كان (الحرية ‪)7‬؛‬
‫‪-2‬حرية دراسة تشغيل البرنامج وتعديله ألداء المهام الحاسوبية (الحرية ‪)9‬؛‬
‫‪-1‬حرية إعادة توزيع النسخ‪ ،‬ومن ثم مساعدة اآلخرين (الحرية ‪)2‬؛‬
‫‪344‬‬
‫‪- Philippe Gilliéron, « Open Source et droit des brevets », Media lex, 1/2007, p.30.‬‬
‫‪345‬‬
‫‪- Ibid.‬‬
‫‪ -346‬الشرمجئات ال رة تعني الشرمجئات التي ت ترم حري المستخدمين‪ .‬ه ا يعني ود المستخدمين فتمتعود ب ري‬
‫ت غيل ه الشرامج ونسخها وتوصيعها وقراستها وتعدفلها وت سينها‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإد «الشرمجئات ال رة» ت ير إلى ال ري ‪،‬‬
‫ولئا السعر (لفهم ه ا المفهوم‪ ،‬يجس ود تفكر في «حري التعشير»‪ ،‬ولئا «الدخول ال ر»)‪.‬‬
‫ومثل الشرمجئات ال رة‬
‫بعيدا عن نونها‬
‫‪ Linux‬وو ‪ Firefox‬وو ‪ Apache‬وو ‪ LibreOffice‬وو ‪ .VLC‬نما تظهر ه الاائم الصغيرة‪ً ،‬‬
‫شامل ‪ ،‬فإد ه الشرامج متنوع للغاي ‪ Firefox‬هو متصفح إنترنت‪ ،‬و ‪ Apache‬برنامج خاقم ‪،HTTP‬‬
‫و‪ LibreOffice‬جناق مكتس و ‪ VLC‬م غل وسائط‪ .‬بالنسب إلى ‪( Linux‬ال ي نف ل تسميته ‪ ،)GNU/Linux‬فهو‬
‫تماما نما يمكن ود "يعمل ت ت ‪ 'Windows‬وو" ت ت‬
‫نظام ت غيل‪ .‬ياال إد الكمشيوتر "يعمل ت ت ‪ً ،"GNU/Linux‬‬
‫‪." Mac OSX‬‬
‫حول مفهوم الشرمجئات ال رة والمصدر المفتوق‪ ،‬وال ريات األربع وحيل على الرابط التالي‬
‫‪https://www.gnu.org/philosophy/free-sw.html‬‬
‫‪consulté le 29/10/2022.‬‬
‫‪-2‬حرية توزيع نسخ من النسخ المعدلة على اآلخرين (الحرية ‪.)1‬‬
‫أي أن هذه البرمجيات تتيح بكل حرية استخدامها ونسخها وتعديلها وتوزيعها بحرية‪.‬‬
‫هذه الحريات األربع هي إمكانية تقنية وقانونية‪ :‬من وجهة نظر تقنية‪ ،‬تفترض الوصول إلى‬
‫رمز المصدر(المصدر المفتوح (‪ ،))Open Source‬أي للتعليمات التي تحدد تنفيذ البرنامج‬
‫(«وصفة المطبخ» الخاصة به)؛ وهي أيما إمكانية قانونية تممنها تراخيص محددة مجانية‪،‬‬
‫ويعد أكثرها شهرة و انتشا ًرا هي الرخصة العامة‪ . (GPL).347‬وبهذه الحريات تختلف عن‬
‫البرمجيات الخاصة أو «الملكية» (مثل مايكروسوفت ‪ )Microsoft‬فهي ال تمنح هذه الحريات وال‬
‫تسمح بالوصول إلى الشفرة المصدرية‪ ،‬وتطلب من المستخدمين قبول "عقد ترخيص‬
‫المستخدم النهائي" الذي يمع إطار لالستخدامات المصرح بها ويمنع استخدامات أخرى‪ ،‬مثل‬
‫النسخ أو التعديل‪.348‬‬
‫وللدفاع عن الحرية والمشاركة تأسست عدة مؤسسات‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫أ‪-‬مؤسسة البرمجيات الحرة)‪349(FSF‬‬
‫أسسها ريتشارد ستالمان كمنظمة غير ربحية مهمتها تعزيز حرية مستخدمي الحواسيب‬
‫والدفاع عن حقوق جميع مستخدمي البرامج عالميا‪ .‬حيث إن البرامج التي تديرها ذات أهمية‬
‫حاسمة لتأمين مستقبل مجتمع حر‪.‬‬
‫وتعمل مؤسسة البرمجيات الحرة على تأمين الحرية لمستخدمي الكمبيوتر من خالل‬
‫الترويج لتطوير واستخدام البرامج والوثائق املجانية (كحرية) ‪ -‬وخاصة نظام تشغيل – ‪GNU‬‬
‫)‪(GNU operating system‬ومن خالل شن حملة ضد التهديدات لحرية مستخدمي الكمبيوتر‬
‫مثل إدارة القيود الرقمية )‪(Digital Restrictions Management) (DRM‬وبراءات اختراع‬
‫البرامج‪.‬‬
‫‪347‬‬
‫‪- Sébastien Broca, Utopie du logiciel libre Du bricolage informatique à la‬‬
‫‪réinvention sociale, Éditions le passager clandestin, Neuvy-en-Champagne, 2013,‬‬
‫‪p.21.‬‬
‫‪348‬‬
‫‪- Ibid.‬‬
‫‪349‬‬
‫‪- The Free Software Foundation : https://www.fsf.org/about/‬‬
‫ب‪-‬مبادرة المصدرالمفتوح )‪350(OSI‬‬
‫منظمة ذات منفعة عامة في كاليفورنيا‪ ،‬بالواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬تأسست في العام‬
‫‪ 9112‬للمساهمة في بناء املجتمع المفتوح المصدر والتعليم‪ ،‬والدعوة العامة لتعزيز الوعي‬
‫وأهمية البرامج غير المسجلة الملكية‪ ،‬وتشارك في المؤتمرات والمناسبات المفتوحة المصدر‪،‬‬
‫وتلتقي بمطوري المصادر المفتوحة والمستخدمين‪ ،‬وتناقش مع المديرين التنفيذيين من‬
‫القطاعين العام والخاص الكيفية التي يمكن بها لتقنيات المصدر المفتوح والتراخيص أن توفر‬
‫مزايا اقتصادية واستراتيجية‪ ،‬وبوصفها الصوت الرائد في سياسات ومبادئ المصادر‬
‫الم فتوحة‪ ،‬تساعد على بناء عالم يتمتع فيه الجميع بالحريات والفرص المتاحة للبرمجيات‬
‫المفتوحة المصدر‪ ،‬ودعم المؤسسات واألفراد الذين يعملون ً‬
‫معا إلنشاء مجتمعات ممارسة‬
‫يزدهرفيها النظام البيئي الصحي المفتوح المصدر‪.‬‬
‫وحددت معايير المصدر المفتوح في‪ : 351‬أوال إعادة التوزيع املجاني؛ وثانيا أن يكون متاحا‬
‫للعموم دون تمييز ضد األفراد والجماعات؛ وثالثا عمومية االستعمال وأال يمنع أي شخص من‬
‫االستفادة من البرنامج في مجال معين كتقييد استخدامه في األعمال التجارية‪ ،‬أو في األبحاث‬
‫الجينية‪.‬‬
‫وتستند هذه المعايير على "إرشادات دبيان للبرمجيات الحرة" ( ‪Debian Free Software‬‬
‫‪ ) (DFSG)Guidelines‬ويسمى ب"عقد دبيان االجتماعي" الذي تمت صياغته من قبل ‪Bruce‬‬
‫‪ ،Perens‬وتم تنقيحه من قبل مطوري المشروع اآلخرين خالل مؤتمرالبريد اإللكتروني لمدة شهر‬
‫في يونيو ‪ ،9110‬ثم تم قبوله كسياسة معلنة لتحديد معاييرالبرمجيات الحرة‪.352‬‬
‫وكان من نتائج انتشارهذه التجارب من الحرية والمشاركة اعتماد عدد متزايد باستمرارمن‬
‫المنظمات البحثية ووكاالت التمويل سياسات علمية مفتوحة‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬تقدم عدد‬
‫‪350‬‬
‫‪- The Open Source Initiative : https://opensource.org/about‬‬
‫‪351‬‬
‫‪ -The Open Source Definition‬حول هد المعافير وحيل على‬
‫على الرابط التالي ‪https://opensource.org/osd‬‬
‫تاري ال يارة ‪ 13‬وكتوبر ‪.1011‬‬
‫‪352‬‬
‫‪- Bruce Perens, “Debian Free Software Guidelines”, Disponible sur‬‬
‫‪https://edtechbooks.org/openedreader/the-debian-free-software-guidelines-dfsg‬‬
‫‪Consulté le 21/10/2022.‬‬
‫سياسات الوصول المفتوح في جميع أنحاء العالم بأكثر من ثمانية أضعاف منذ عام ‪ ،2772‬وهي‬
‫تهم ً‬
‫حاليا أكثر من ‪ 9777‬منظمة في جميع أنحاء العالم‪ ،‬بما في ذلك ‪ 26‬منظمة تمويلية‪ .‬وتتمركز‬
‫الغالبية العظمى من سياسات الوصول المفتوح في أوربا(حوالي ‪ ، )٪61‬وفي أمريكا الشمالية (‬
‫‪ ، )٪96‬وفي آسيا ( ‪ ،) ٪0‬وفي أمريكا الالتينية ( ‪ ،)٪6‬وفي أوقيانوسيا ( ‪ ، )٪2‬وفي إفريقيا ( ‪.353)٪1‬‬
‫وفي دراسة على ‪ 177777‬مقال وجدت أن ‪ ٪22‬على األقل من جميع األدبيات العلمية‬
‫مفتوحة الوصول (‪ 91‬مليون ورقة)‪ ،‬وتتزايد النسبة مع مرور الوقت بحيث إن ‪ ٪22‬من جميع‬
‫األوراق المنشورة في عام ‪ 2792‬كانت مفتوحة الوصول‪.354‬‬
‫وأظهراستطالع أجرته منظمة التعاون االقتصادي والتنمية عام ‪ 2796‬للمؤلفين العلميين‬

‫ً‬
‫أن ما يقرب من ‪ 27‬حتى ‪ ٪22‬من الوثائق متاحة علنا بعد ‪ 1‬إلى ‪ 2‬سنوات من النشر‪.355‬‬
‫وأظهرت دراسة استقصائية ل‪ 1381‬من مستودعات بيانات البحوث في جميع أنحاء العالم‪،‬‬
‫وعبر جميع تخصصات البحث‪ ،‬أنه في ‪ 2792‬كان‪ %26‬من المستودعات توفر الوصول المفتوح‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مزيجا من‬ ‫حصريا‪ ،‬و ‪ ٪2‬تقترح‬ ‫محدودا‬ ‫إلى جزء على األقل من البيانات‪،‬و‪ %92‬توفر وصوال‬
‫الوصول المغلق والمقيد‪ .‬من بين ‪ ٪26‬مستودعات مفتوحة ً‬
‫جزئيا على األقل‪ ٪27 ،‬مفتوحة‬
‫بالكامل‪ ،‬و ‪ ٪12‬لديهم أجزاء مقيدة من مجموعات البيانات‪ ،‬و ‪ ٪6‬لديهم مجموعات بيانات‬
‫محظورة‪ ،‬و ‪ ٪6‬لديهم مجموعات بيانات مغلقة‪.356‬‬
‫ثانيا‪ -‬أخالقيات البحث العلمي‬
‫يساهم رجل العلم في تقدم العلم أو المعرفة‪ ،‬باحثا عن الحقيقة وليس المنفعة‬
‫االجتماعية‪ .‬وفي عمله ال بد من أن يكون صادقا ونزيها طوال مراحل البحث بامتثاله الصارم‬
‫للمبادئ العلمية‪ ،‬و ابتعاده عن التحيز واالنتقائية (كتجاهل بعض النتائج التي تتعارض مع‬
‫‪353‬‬
‫‪- OECD Going Digital Toolkit Notes, Policy note, op.cit, p.9.‬‬
‫‪354‬‬
‫‪-ibid.p.10.‬‬
‫‪355‬‬
‫‪- Ibid, p.10.‬‬
‫‪356‬‬
‫‪- Ibid, pp.11-12.‬‬
‫نظريته)‪357‬؛ مع األخذ باالعتبارضرورة التمييزبين "الخطأ العلمي" و "االحتيال العلمي"‪ ،‬فإذا كان‬
‫الخطأ ضروريا لتقدم العلم فإن االحتيال غير مسموح به في العلم‪ ،‬لما فيه من تمليل وتزوير‬
‫النتائج والتالعب بها وتمارب المصالح فهو بذلك يكسر أواصر الثقة بين الباحثين ويمنع تقدم‬
‫المعرفة و انتكاس البحث عنها‪.358‬‬
‫وحسب ديفيد ‪.‬ب‪.‬رزنيك ‪ ،‬في كتاب "أخالقيات العلم "‪ ،‬هناك عدة واجبات تقع على عاتق‬
‫الباحث يجب عليه االقتماء بها باعتبارها "معاييرالسلوك األخالقي في العلم"‪.359‬‬
‫وحددت منظمة األمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة شرعة أخالقيات العلوم‬
‫والتكنولوجية لتشمل إلى جانب المبادئ األخالقية أخالقيات تتعلق بإنتاج العلوم والتكنولوجيا‪،‬‬
‫ونقل وتوطين العلوم والتكنولوجيا‪ ،‬وتسخيرواستخدام العلوم والتكنولوجيا‪ .‬وتتصف المبــادئ‬
‫األخالقية بالعموميــة‪ ،‬بمعنــى أنهــا تتشــابه وتتكــررتقريبا فـي جميـع المواثيـق والمدونـات األخالقية‬
‫العالميـة‪.360‬‬
‫‪357‬‬
‫‪- Sophie GRATTON , « L’impact de la commercialisation de la recherche académique‬‬
‫‪sur les responsabilités du chercheur biomédical », Lex Electronica, Volume 17, N° 2,‬‬
‫‪Automne 2012, p. 17.‬‬
‫‪358‬‬
‫‪- Ibid, p.18.‬‬
‫األمان (عدم اخت ق المعطئات وو النتائج وو ت ريفها)ا ال ر والئاظ (تجنس خداا ال ات‬ ‫‪ -359‬يجملها في اآلتئ‬
‫واالن ئاص)ا االنفتاحئ ( على األفكار الجدفدة وقشول الناد)ا ال ري ( حري القئام بالب ص في وي م كل )ا التادفر(من‬
‫خ ل الت جئع على الب ص)ا التعلئم ( تعلئم علماء المستاشل والعام )ا المس ولئ االجتماعئ ( المس ولئ تجا‬
‫المجتمع)ا الم روعئ ا تكاف الفرذا االحترام المتباقل( التعاود واالحترام بين ال م ء)ا الفعالئ ( استخدام المواق‬
‫بفعالئ )ا احترام ال ات ( احترام حاوق ونرام اعنساد في الب ص)‪.‬‬
‫قيفيد ب‪ .‬رصنئي‪ ،‬وخ قئات العلم مدخل‪ ،‬ترجم عشد النور عشد المنعم ومراجع يمنى طريف الخولي‪ ،‬الكويت‪،‬‬
‫المجلا الوطني للثااف والفنود اآلقاب‪ ،‬فونيو ‪( 1001‬سلسل "عالم المعرف " ‪.)134‬‬
‫‪ -360‬وت مل األخ قئات اآلتئ األمان والمس ولئ ا واحت برام ن ارم ب اعنسادا والرفببي بال ي بواد وحفببظ وحماف ب الشيئ ب ا‬
‫والمنفع ب وعببدم اعضرارا والعدال ب وحماف ب ال اببوقا وال ري ب ‪ ،‬واألهم فببي ه ب ا اعطار هببي حري ب الفكببر الم قف ب إلببى‬
‫اعبدااا ووخي ار االنفتاق والتواصببل المنتببج‪.‬‬
‫وترتببس المباقئ مس ب ولئات وخ قئ على مجموع من الفاعلين ال كوماتا والم سسات العامل في إنتاج العلوم‬
‫والتكنولوجئاا واألفراق الم تغلين بالعلم (الباحثين والعلميين والمدربين ومساعدي المدربين والفنيين والطلب ‪ ،‬ووخي ار‬
‫الجهات الممول للعلوم والتكنولوجئا بعببدم ال غببط‪ ،‬ب ب ي شببكل مببن األشكال‪ ،‬علببى الباحببص فببي وي مرحل ب مببن م ارحببل‬
‫إج براء الب ببص ال ب ي تببم تمويلببه لت ايببي مصل ب تتعببارض مببع موضوعي ب الب ببص(‪)...‬‬
‫وعلبه‪ ،‬يقع على عاتق العاملين في الحقل العلمي‪ ،‬على اختالف فروعه‪ ،‬أخالقيات يجب‬
‫عليهم االلتزام بها‪ ،‬وحديثا أدخل العصر الحديث أخالقيات جديدة من قبيل "أخالقيات علم‬
‫األحياء" و "أخالقيات الجيولوجيا"‪.‬‬
‫‪«-9‬أخالقيات علم األحياء» (‪)bioéthique‬‬
‫اشتق مصطلح ‪ la bioéthique‬من اليونانية القديمة‪ bios :‬تعني الحياة و ‪ éthos‬في إشارة‬
‫إلى األخالق والقيم‪ .‬وينسب هذا المصطلح إلى عالم البيولوجيا املختص في األمراض السرطانية‪،‬‬
‫األمريكي فان رينسيلر بوتر(‪ ،) Van Rensselaer Potter‬الذي أكد أنه أول من استعمله‪ ،‬يشهد‬
‫بذلك المقال الذي نشره في عام ‪ ،9107‬بعنوان‪ ،Bioethics: the Science of Survival‬حيث‬
‫جنبا إلى جنب مع المنطق والجماليات‬‫يؤكد على أنه بعد أن كانت األخالقيات تدرس ً‬
‫والميتافيزيقيا‪ ،‬كفرع من الفلسفة‪ ،‬وبما أن األخالقيات تعني في المقام األول العمل وفقا للمعايير‬
‫األخالقية‪ .‬فهناك حاجة ماسة إلى "أخالقيات األرض"‪ ،‬و"أخالقيات الحياة"‪ ،‬و"أخالقيات‬
‫السكان"‪ ،‬و"أخالقيات االستهالك"‪ ،‬و"األخالق الحمرية"‪ ،‬و"األخالق الدولية"‪ ،‬و"أخالقيات‬
‫الشيخوخة"‪ ،‬وما إلى ذلك"‪ .361‬وعليه‪ ،‬يجب أن يكون علم األحياء أكثر من مجرد علم وحده‪،‬‬
‫وبالتالي أقترح مصطلح «أخالقيات علم األحياء»‪ " "bioethics‬من أجل التأكيد على أهم مكونين‬
‫في تحقيق الحكمة الجديدة التي تمس الحاجة إليها‪ :‬المعرفة البيولوجية والقيم اإلنسانية‪.362‬‬
‫وتاريخيا ساهم الكشف عن التجارب التي ارتكبت في المعسكرات النازية في إدراك الحاجة‬
‫إلى تنظيم التجارب على اإلنسان على نطاق دولي‪ :363‬فكانت البداية في العام ‪ 9120‬مع مدونة‬
‫نورمبرغ( ‪ ) le code de Nuremberg‬في وضعها لعشرقواعد يجب أن تستوفيها البحوث المتعلقة‬
‫منظم األمم المت دة للتربئ والعلم والثااف ‪ ،‬شرعئ وخ قئات العلوم والتكنولوجئا في المنطا العربئ ‪ ،‬اليونسكو‪،‬‬
‫الااهرة‪ ،1039 ،‬ذ‪.31-31 .‬‬
‫‪361‬‬
‫‪- Van Rensselaer Potter,‬‬ ‫‪“ Bioethics: the Science of Survival” , Perspectives in‬‬
‫‪Biology and Medicine, Volume 14, N° 1, Autumn 1970, p.127.‬‬
‫‪362‬‬
‫‪- Ibid, p.128.‬‬
‫‪363‬‬
‫‪- « 5questions sur la bioéthique », Disponible sur :‬‬ ‫‪https://solidarites-‬‬
‫‪sante.gouv.fr/grands-dossiers/bioethique/article/5-questions-sur-la-‬‬
‫‪bioethique#:~:text=Le%20terme%20"bioéthique"%20est%20la,la%20fin%20des%20ann‬‬
‫‪ées%201970.‬‬
‫‪Consulté le 21/10/2022‬‬
‫باإلنسان حتى تعتبرمقبولة‪ ،‬وال سيما قاعدة المو افقة الحرة والمستنيرة؛ وفي عام ‪ ،9162‬وسع‬
‫إعالن هلسنكي( ‪ ) la déclaration d’Helsinki‬نطاق هذه الحركة بتحديد القواعد المنطبقة‬
‫على البحوث البشرية؛ وفي السبعينيات‪ ،‬أحدثت أول لجان تقييم مستقلة لمشاريع البحوث في‬
‫المستشفيات األمريكية‪ ،‬و أنشئت مراكز للبحث والتدريب في مجال أخالقيات علم األحياء؛ وفي‬
‫عام ‪ ،9101‬صاغ تقرير بلمونت (‪ )Rapport Belmont‬المبادئ التأسيسية ألخالقيات علم‬
‫األحياء الحالية‪ :‬األعمال الخيرية واالستقالل الذاتي والعدالة‪364‬؛ وفي الثمانينيات‪ ،‬أنشئت أول‬
‫لجان استشارية وطنية لألخالقيات؛ وفي عام ‪ ،9111‬أنشئت في اليونسكو لجنة دولية ألخالقيات‬
‫علم األحياء‪ ،‬اعتمدت ثالثة إعالنات (اإلعالن العالمي بشأن املجين البشري وحقوق اإلنسان في‬
‫عام ‪9110‬؛ واإلعالن الدولي بشأن البيانات الوراثية البشرية في عام ‪2771‬؛ واإلعالن العالمي‬
‫ألخالقيات علم األحياء وحقوق اإلنسان في عام ‪)2772‬؛ وفي عام ‪ ،9110‬اعتمدت اتفاقية حقوق‬
‫اإلنسان والطب األحيائي‪ ،‬المعروفة باسم اتفاقية أوفييدو‪ ،‬تحت رعاية مجلس أوروبا‪.‬‬
‫هكذا ظهرت أخالقيات علم األحياء في منتصف الستينيات بفمل مساهمات العلماء‬
‫والالهوتيين والفالسفة والحقوقيين والمشرعين والمهنيين الصحيين‪ ،‬وقبل ذلك ساهمت عدة‬
‫كتابات في التحمير لهذا الظهور‪ :365‬ففي العام ‪ 9122‬نشر جوزيف فليتشر(‪)Joseph Fletcher‬‬
‫كتاب ‪ Medicine and Morals‬كأول مظهر من مظاهر االهتمام المتزايد بأخالقيات الطب بعد‬
‫الحرب العالمية الثانية‪ .‬وفي منتصف الستينيات‪ ،‬سلطت دراسة هنري بيتشر( ‪Henry‬‬
‫ُ‬
‫‪ ،)Beecher‬التي نشرت في عام ‪ 9166‬في الواليات المتحدة‪ ،‬الموء على مدى التجارب على البشر‪،‬‬
‫وعلى االنتهاك المتكررلحقوق األشخاص موضوع التجارب‪.‬‬
‫‪-2‬أخالقيات األرض‪ /‬الجيولوجيا (‪)géoéthique‬‬
‫‪364‬‬
‫‪- Commission nationale pour la Protection des sujets humains dans le cadre de la‬‬
‫‪recherche biomédicale et béhavioriste, Le rapport Belmont , « Principes et lignes‬‬
‫‪directrices éthiques pour la protection des êtres humains dans la recherche », Disponible‬‬
‫‪sur : https://frq.gouv.qc.ca/app/uploads/2021/04/rapport_belmont_1974.pdf‬‬
‫‪Consulté le 29/10/2022.‬‬
‫‪365‬‬
‫‪- Ghislaine Cleret de Langavant, Bioethique : Methode et complexite, Presses de‬‬
‫‪l’Université du Québec, Canada, 2001, p.23.‬‬
‫يستعمل مفهوم ‪ géoéthique‬من قبل الجغر افيين بمعنى "أخالقيات األرض"‪ ،‬ومن قبل‬
‫علماء الجيولوجيا بمعنى" أخالقيات الجيولوجيا"‪ .‬بالنسبة للجغر افيين فيعتقد أن أول من‬
‫استعمل المفهوم هو دينيس بومين(‪ ) Denise Pumain‬مشيرا إلى هذه المقاربة الجديدة للتقييم‬
‫الجغرافي التي تعالج المشكالت األخالقية من منظور العدالة املجالية‪ ،366‬مما يثبت صحة‬
‫الجغر افيا كتحليل أخالقي؛ ألن الباحث في العلوم االجتماعية ال يمكنه بدعوى حياد الخطاب‬
‫العلمي تجاهل املخاوف األخالقية‪.367‬‬
‫ورجع علماء الجيولوجيا إلى األربعينيات من القرن العشرين عندما أعلن ألدو ليوبولد‬
‫(‪ ) Aldo Leopold ()9122-9220‬عن الحاجة إلى تطوير عالقة جديدة بين البشر والبيئة‬
‫الطبيعية‪ ،‬وقبله قدم الجيولوجي أنطونيو ستوباني( ‪)9219-9222( ) Antonio Stoppani‬‬
‫مفهوم عصر الحيوان البشري( ‪ )Anthropozoic Era‬محددا البشر على أنهم «قوة جيولوجية»‬
‫جديدة وبالتالي كجزء ال يتجزأ وأساس ي من الطبيعة‪ .‬وباعتباره من أو ائل المشجعين للمعرفة‬
‫الجيولوجية‪ ،‬أصبح ستوباني أحد رواد األخالقيات الجيولوجية‪.368‬‬
‫ويكمن تأثيراألخالقيات ( البحث في ما ينبغي أن يكون) أن الباحث لم يعد ً‬
‫مهتما بالفعالية‬
‫التجريبية للنماذج التي يختبرها (التشغيل التقني) فحسب‪ ،‬بل اختبر ً‬
‫أيما أهميتها فيما يتعلق‬
‫بتنوع مفاهيم العدالة (التشغيل األخالقي)‪ .369‬وهنا " يستحمر الحديث عن األخالقيات‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ضمنيا وضعها ضمن مشكلة أكبر‪ .‬يجب علينا أوال إظهار‬ ‫الجغر افية األخالقيات الحيوية‪ ،‬ويقترح‬
‫االمتدادات الجيو‪ -‬األخالقية للمشكلة النموذجية لألخالقيات البيولوجية التي هي الفجوة بين‬
‫جدول األعمال التقني والمسائل األخالقية"‪.370‬‬
‫‪366‬‬
‫‪- Arnaud Brennetot, « Pour une géoéthique. Éléments d’analyse des conceptions‬‬
‫‪de la justice spatiale », L’Espace géographique , Vol 39, N°1, 2010 p.76.‬‬
‫‪367‬‬
‫‪- Denise Pumain, « Géoadvertainment et géoéthique », Cybergeo: European Journal‬‬
‫‪of Geography , January 2009, pp.36-37.‬‬
‫‪368‬‬
‫‪- Peter Bobrowsky ( and al…), “ The emerging of Geothics”, in Linda C. Gundersen‬‬
‫‪( edited by), scientific integrity and ethics in the Geosciences, John Wiley & Sons, Inc,‬‬
‫‪Washington, 2018, p.177.‬‬
‫‪369‬‬
‫‪- Arnaud Brennetot, op.cit, 76.‬‬
‫‪370‬‬
‫‪- Bernard Bret, « Justice et injustice spatiales au Brésil : une réflexion géoéthique‬‬
‫‪», L'information géographique, Vol81, N°4, 2017.‬‬
‫ً‬
‫أخالقيا ورغبة في التصرف‬ ‫ً‬
‫ضميرا‬ ‫مما يظهر الحاجة الملحة إلى ممارسين يمتلكون‬
‫بمسؤولية‪ ،‬بما أن األخالقيات الجيولوجية توفر ً‬
‫قيما أخالقية واجتماعية وثقافية للمجتمع‬
‫العلمي وللمجتمع ككل‪.371‬‬
‫ولهذه الغاية السامية يتناول علم األخالقيات الجيولوجية كيفية إدارة علماء الجيولوجيا‬
‫لممائرهم الفردية‪ ،‬وسلوكهم تجاه زمالئهم‪ ،‬وقيادتهم لألرض‪ ،‬واالستخدام المسؤول للموارد‪،‬‬
‫ً‬
‫والتخفيف من حدة املخاطر‪ ،‬فمال عن مشاركة الجمهور في التثقيف حول علوم األرض‬
‫وعمليات األرض‪ ،‬ومشاركتهم في وضع سياسات عامة مهمة‪ .‬فالسلوك المسؤول لعلماء‬
‫الجيولوجيا هو نقطة رئيسية في أخالقيات األرض‪ .‬لكن السلوك المسؤول يتطلب قرا ًرا ً‬
‫واعيا؛‬
‫مما يفترض بالمرورة وجود حرية االختيار بين البدائل الممكنة‪ ،‬والخلو من تمارب المصالح‬
‫وتقديم التنازالت تحت إ كراه المغوط السياسية أو االجتماعية أو النفسية‪ ،‬ويقع على عاتقه‬
‫واجب أخالقي بتوعية الناس بأهمية علوم األرض ونقل المعلومات الالزمة لبناء مجتمع قادرعلى‬
‫المعرفة؛ والتزام أخالقي باقتراح حلول متعددة التخصصات تراعي البيئة الطبيعية بطريقة‬
‫عالمية متوازنة ( بإعطاء األولوية لالستدامة) ‪.372‬‬
‫خالصة‪:‬‬
‫نصل بعد االستدالل على الفرضيات الثالث المشار إليها في مقدمة هذه الدراسة‪ ،‬ومن‬
‫خالل توظيف مجموعة من الحجج وبيانها بعدة أمثلة‪ ،‬إلى الخالصات واالستنتاجات اآلتية‪:‬‬
‫‪-9‬ال يجري التقدم العلمي بعيدا عن سلطة الدولة‪ ،‬وقدرتها التشريعية والمبطية‪ ،‬كساهر‬
‫على أمن مجتمعاتها وحقوق وحريات مواطنيها؛‬
‫‪-2‬تفترض طبيعة تقدم العلم توفير المناخ المالئم النتشاره وتوسعه‪ ،‬مما يظهر أهمية‬
‫القانون الوضعي كآلية لحماية االبتكاروالعاملين في سيرورة اإلنتاج العلمي‪ ،‬أفرادا ومؤسسات؛‬
‫‪371‬‬
‫‪- Olivier Abel, « Pour une géo-éthique », Foi et vie, Vol 105, N°5, décembre 2006‬‬
‫‪https://olivierabel.fr/supplement/pour-une-geo-ethique.php‬‬
‫‪372‬‬
‫‪- Peter Bobrowsky ( and al…), op.cit, p.179.‬‬
‫‪ -1‬أظهر تقدم العلم‪ ،‬بما ال مجال للشك والريبة حوله‪ ،‬قدرة المشرعين ( وطنيا و إقليميا‬
‫ودوليا) على مسايرته والتكيف معه‪ ،‬ولو بشكل متأخر شيئا معا‪ ،‬مما مكن من وضع قواعد‬
‫لمبطه‪ ،‬حماية للمجتمع واألفراد من جهة‪ ،‬وحماية لالبتكاروالعلماء من جهة أخرى؛‬
‫‪ -2‬إذا كان القانون الوضعي يعني المبط واإلكراه فإن العلم يعني الحرية‪ ،‬مما أسفر عن‬
‫بزوغ تيارات فكرية وحركات اجتماعية تنتصرللحرية على حساب قوانين الملكية والتأليف؛‬
‫‪ -2‬يفترض العلم كمجال لالجتهاد والمغامرة خموع العاملين فيه ألخالقيات المميروليس‬
‫للقانون الوضعي وحده‪ ،‬كما أظهرت طريقة االشتغال في بعض الحقول العلمية؛‬
‫‪ -6‬يظهرتاريخ العلم‪ ،‬أنه يسيرفي اتجاه خطي متسارع‪ ،‬من الصعب توقع نتائجه‪ ،‬مما يؤدي‬
‫إلى صراع دائم مع الدولة ذات السيادة التي من واجبها حماية أمن املجتمع وحقوق األفراد‪ ،‬ولهذه‬
‫الغاية تتدخل بواسطة القانون لمبط هذا التطور‪ ،‬في وقت يدافع فيه العلماء عن الحريات‬
‫بمختلف أشكالها‪ ،‬وعلى الخموع ألخالقيات الممير‪ ،‬مما يعني أن الصراع بينهما باق كحلبة‬
‫للصراع بين الحرية والقيد‪.‬‬
‫الئحة المراجع‬
‫‪-‬المراجع باللغة العربية‬
‫‪-‬الكتب‬
‫‪ -‬أفالطون‪ ،‬جمهورية أفالطون‪ ،‬ترجمة فؤاد زكريا‪ ،‬راجعها على األصل اليوناني الدكتور‬
‫محمد سليم سالم‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬
‫‪ -‬أندريا ثايسون‪ ،‬لورا‪ ،‬من يسحق من؟ الصراع التجاري في صناعات التكنولوجيا العالمية‪،‬‬
‫ترجمة عبد الحميد محبوب‪ ،‬ط‪ ،9‬الدارالدولية للنشروالتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.9110،‬‬
‫‪ -‬بدوي‪ ،‬عبد الرحمان‪ ،‬فلسفة القانون والسياسة عند هيغل‪ ،‬ط‪ ،9‬دارالشروق‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.9116‬‬
‫‪ -‬بوقرة‪ ،‬محمد العربي‪ ،‬العلم ضد العالم الثالث‪ :‬الشركات المتعددة الجنسيات وأوهام‬
‫التطور‪ ،‬ط‪ ،9‬دارالفارابي‪ ،‬بيروت‪.9111 ،‬‬
‫‪-‬بيروتز‪ ،‬ماكس‪ ،‬ضرورة العلم‪ :‬دراسات في العلم والعلماء‪ ،‬ترجمة و ائل أناس ي‪ ،‬د‪ .‬بسام‬
‫معصراني‪ ،‬مراجعة د‪ .‬عدنان الحموي‪ ،‬املجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪ ،‬ماي‬
‫‪( ،9111‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬عدد ‪.)222‬‬
‫‪ -‬بلقاض ي‪ ،‬عبد الحفيظ‪ ،‬مفهوم حق المؤلف وحدود حمايته جنائيا‪ :‬دراسة تحليلية‬
‫نقدية‪ ،‬ط‪ ،9‬داراألمان‪ ،‬الرباط‪.9110 ،‬‬
‫‪ -‬ديكنسون‪ ،‬جون ب‪ ،‬العلم والمشتغلون بالبحث العلمي في املجتمع الحديث‪ ،‬ترجمة‬

‫شعبة الترجمة باليونسكو‪ ،‬الكويت‪ ،‬املجلس الوطني للثقافة والفنون اآلداب‪( 9120 ،‬سلسلة‬
‫عالم المعرفة‪ ،‬عدد ‪.)992‬‬
‫‪ -‬رستون‪ ،‬ولترب‪ ،‬أفول السيادة‪ ،‬كيف تحول ثورة المعلومات عالمنا‪ ،‬ترجمة سمير عزت‬
‫نصاروجورج خوري‪ ،‬ط‪ ،9‬دارالنسرللنشروالتوزيع‪ ،‬عمان‪.9112 ،‬‬
‫‪ -‬رزنيك‪ ،‬ديفيد ب‪ ،‬أخالقيات العلم‪ :‬مدخل‪ ،‬ترجمة عبد النور عبد المنعم ومراجعة يمنى‬
‫طريف الخولي‪ ،‬الكويت‪ ،‬املجلس الوطني للثقافة والفنون اآلداب‪ ،‬يونيو ‪( 2772‬سلسلة "عالم‬
‫المعرفة"‪ ،‬عدد ‪.)196‬‬
‫‪ -‬زحالن‪ ،‬انطوان‪ ،‬العرب وتحديات العلم والتقانة‪ ،‬تقدم من دون تغيير‪ ،‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪.9111 ،‬‬
‫‪ -‬سيدمو محمد العربي‪ ،‬علم االقتصاد‪ ،‬ط ‪ ،9‬مطبعة الكتبية‪ ،‬مراكش‪.9112 ،‬‬
‫‪ -‬سوبيو‪ ،‬أالن‪ ،‬اإلنسان القانوني بحث في وظيفة القانون األنثروبولوجية‪ ،‬ترجمة عادل بن‬
‫نصر‪ ،‬ط‪ ،9‬المنظمة العربية للترجمة‪ ،‬بيروت‪.2792 ،‬‬
‫‪ -‬لويد‪ ،‬دينيس‪ ،‬فكرة القانون‪ ،‬ترجمة سليم الصويص‪ ،‬مراجعة سليم بسيسو‪ ،‬الكويت‪،‬‬
‫املجلس الوطني للثقافة والفنون اآلداب‪ ،‬الكويت‪ ،‬نوفمبر ‪( 9129‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬عدد‬
‫‪.،)20‬‬
‫‪ -‬هيرست‪ ،‬بول‪ ،‬طومسون‪ ،‬جراهام‪ ،‬ما العولمة‪ ،‬االقتصاد العالمي وإمكانات التحكم‪،‬‬
‫ترجمة فاتح عبد الجبار‪ ،‬الكويت‪ ،‬شتنبر‪( 2779‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬عدد ‪.)201‬‬
‫‪ -‬المقاالت‪:‬‬
‫‪ -‬الخطيب ‪ ،‬محمد ع‪" ، .‬الذكاء االصطناعي والقانون – دراسة نقدية مقارنة في التشريعين‬
‫المدني الفرنس ي والقطري في ضوء القواعد األوربية في القانون المدني لإلنسالة لعام ‪2790‬‬
‫والسياسة الصناعية األوربية للذكاء االصطناعي واإلنساالت لعام ‪ ،"2791‬مجلة الدراسات‬
‫القانونية‪ ،‬عدد ‪ ،2‬مجلد ‪.2727‬‬
‫‪ -‬مخلوفي‪ ،‬عبد السالم‪" ،‬اتفاقية حماية حقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة ‪:TRIPS‬‬
‫أداة لحماية التكنولوجيا أم الحتكارها؟"‪ ،‬مجلة اقتصاديات شمال افريقيا‪ ،‬عدد‪.2772 ،1‬‬
‫تقاريرووثائق ونصوص قانونية‬
‫‪-‬االتحاد الدولي لالتصاالت‪ ،‬مكتب تنمية االتصاالت‪ ،‬دليل األمن السيبيراني للبلدان‬
‫النامية‪ ،‬طبع في سويسرا جنيف‪.2776 ،‬‬
‫‪-‬مجلس أوروبا‪ ،‬مجموعة المعاهدات األوروبية ‪ -‬رقم ‪ ،٥٨١‬االتفاقية المتعلقة بالجريمة‬

‫اإللكترونية‪ ،‬بودابيست‪.2779/99/21‬‬
‫‪-‬الجمعية العامة لألمم المتحدة‪ ( ،‬الدورة الرابعة والستون)‪ ،‬قرار رقم ‪ – 299/62‬إرساء‬
‫ثقافة عالمية تكفل أمن الفماء اإللكتروني وتقييم الجهود الوطنية الرامية إلى حماية الهياكل‬
‫األساسية الحيوية للمعلومات‪./RES/64/211 A،‬‬
‫‪-‬ظهير شريف رقم ‪ 9-10-962‬صادر في ‪ 2‬ربيع اآلخر ‪ 0( 9292‬غشت ‪ )9110‬بتنفيذ القانون‬

‫رقم ‪ 22-16‬المتعلق بالبريد والمواصالت‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪ 92 ،2292‬شتنبر ‪ ،9110‬ص‬
‫‪ 1029‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪-‬ظهير شريف رقم ‪ 9.71.92‬صادر في ‪ 22‬من صفر ‪ 92 ( 9217‬فبراير ‪ )2771‬بتنفيذ القانون‬

‫رقم ‪ 71.72‬المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي‬
‫جريدة رسمية عدد ‪ 2099‬بتاريخ ‪ 20‬صفر ‪ 21( 9217‬فبراير ‪.)2771‬‬
‫‪ -‬المراجع باللغة األجنبية‬
‫‪-Ouvrages :‬‬
‫‪- ABDUSALAM, Muhamed, Science technologie et éducation pour le‬‬

‫‪développement du sud, 1ère édition, Rabat, Toubkal, 1990.‬‬
- BARREAU , Catherine et DJERAD, Najoua (Sous la direction de), Droit et

numérique, Actes du Colloque international 20 et 21 novembre 2017, PUSEK,
Kaslik, 2019.
- BOUCHOUX ,Deborah E., Intellectual Property: The Law of Trademarks,

Copyrights, Patents, and Trade Secrets, Fourth Edition, Delmar, Cengage Learning,
USA, 2013.
- BROCA, Sébastien, Utopie du logiciel libre Du bricolage informatique à la

réinvention sociale, Éditions le passager clandestin, Neuvy-en-Champagne, 2013
- CLERET ,Ghislaine, Bioethique : Methode et complexite, Presses de

l’Université du Québec, Canada, 2001.
- Colliard, C-A. « La machine et le droit privé français contemporain ». In Le

Droit privé français au milieu du XXème siècle. Etudes offertes à G. Ripert. Ed.
LGDJ, 1950.
- GOLDSTEIN, Paul, International Copyright: Principles, Law, and Practice,

Oxford University Press, New York,2001.
- GUNDERSEN, Linda C. ( edited by), scientific integrity and ethics in the

Geosciences, John Wiley & Sons, Inc, Washington, 2018.
- LABERCHE, Blandine, La firme et l’information: innover pour conquérir,

Paris, L’Harmattan, 1998.
- LATRIVE, Florent ,Du bon usage de la piraterie : Culture libre, sciences

ouvertes, Exils Editeur, Paris, 2004.
- PELLEGRINI, François, Actes du colloque des Convergences du Droit et du

Numérique, Colloque des Convergences du Droit et du Numérique, Sep 2017,
Bordeaux, France. 2019.
- VIVANT , Michel , BRUGUIERE, jean-Michel , Droit d’auteur et droits

voisins , Paris , DALLOZ, 2e édition, 2013.
- Articles :
- Abel, Olivier,« Pour une géo-éthique », Foi et vie, Vol 105, N°5, décembre
2006.
- AMSELEK, Paul, « Le Droit, technique de direction publique des conduites

humaines », DROITS (Revue Française de théorie juridique), N° 10 (Le thème :
Définir le droit), 1989.
- BOYER, Joël, « L’Internet et la protection des données personnelles et de la

vie privée », Cahiers français, N°295.
-BONNAURE, Pierre, « Les politique d’innovation »، Futurible, N° 225,

novembre 1997.
- BUYDENS, Mireille, « Les dérives de la propriété intellectuelle », le Courrier

de l’UNESCO, septembre 1999.
- BRENNETOT, Arnaud, « Pour une géoéthique. Éléments d’analyse des

conceptions de la justice spatiale », L’Espace géographique, Vol 39, N°1, 2010.
- BRET, Bernard , « Justice et injustice spatiales au Brésil : une réflexion

géoéthique », L'information géographique, Vol81, N°4, 2017.
- CASTELLI, Mireille D. ,« Sciences et droit : relation et rapports de force », Les

Cahiers de Droit, vol. 37, N° 1, mars 1996.
- COURSON, Olivier, « Les nouvelles technologies de l’information et de la

communication: un regard du droit », Cahiers français, N°288, octobre-décembre,
1998.
- COHENDET, P., FARCOT, M., PENIN, J, « Entre incitation et coordination :

Repenser le rôle du brevet d’invention dans une économie fondée sur la
connaissance », Management International, N° 10., 2006.
- CAMMILLERI, Anne, « Gagner la guerre du futur : considérations juridiques

et éthiques sur l’intelligence artificielle », Les Cahiers de propriété intellectuelle,
Vol. 30, N° 3, 2018.
- DROSS, William, « L’encadrement des technologies par le Droit : nécessité

et sources de changements », Revue du notariat, Volume 106, N° 3, décembre
2004.
- DEZIEL, Pierre-Luc, « Les limites du droit à la vie privée à l’ère de

l’intelligence artificielle : groupes algorithmiques, contrôle individuel et cycle de
traitement de l’information », Les Cahiers de propriété intellectuelle, Vol. 30, N° 3,
2018.
- DELAMERTEREE , Isabelle, «L’Internet et la propriété intellectuelle», Cahiers

français,
- EBERLEIN, Burkard, « L’Etat régulateur en Europe », Revue française de

science politique », 49e année, N°2, 1999.
- Gilliéron, Philippe, « Open Source et droit des brevets », Media lex, 1/2007.
- GRATTON , Sophie , « L’impact de la commercialisation de la recherche

académique sur les responsabilités du chercheur biomédical », Lex Electronica,
Volume 17, N° 2, Automne 2012.
- KOSINSKI, Michal, STILLWELL, David, GRAEPEL, Thore, “Private traits and

attributes are predictable from digital records of human behaviour”, Proc Natl
Acad Sci U S A (PNAS), April 9, vol. 110 ,N° 15, 2013.
- KEIM, Nadine, « Les défis lancés par l’accord TRIPS aux pays en
développement », Annuaire suisse de politique de développement, N°17 , 1998.
- PARE ,Claude, «Les enjeux de la recherche et développement»، futuribles,

N° 146, septembre 1990.
- PENIN, Julien, « Le problème des « ¨Patent Trolls » : Comment limiter la

spéculation sur la propriété intellectuelle dans une économie fondée dur les
connaissances ? », Innovations, N°32, 2010/2.
- Potter, Van Rensselaer, “Bioethics: the Science of Survival”, Perspectives in

Biology and Medicine, Volume 14, N° 1, autumn 1970.
- PUMAIN, Denise « Géoadvertainment et géoéthique », Cybergeo: European

Journal of Geography , January 2009.
-THUMM, Nikolaus, « Les brevets: incitation ou frein à la recherche? », La Vie

économique Revue de politique économique, N°7/8,2006.
- TRUDEL, Pierre, « Quel droit et quelle régulation dans le cyberespace ? »,

Sociologie et sociétés, Volume 32, N° 2, automne 2000.
Rapports et Documents et Lois
-Commission nationale pour la Protection des sujets humains dans le cadre

de la recherche biomédicale et béhavioriste, Le rapport Belmont , « Principes et
lignes directrices éthiques pour la protection des êtres humains dans la
recherche ».
-Conseil de l’Europe, Un cadre juridique pour les système d’intelligence

artificielle, Étude du Conseil de l’Europe DGI (2021)04 , Adopté par le CAHAI lors
de sa 3e réunion plénière, le 17 décembre 2020, Conseil de l’Europe, mai 2021.
-Policy and Global Affairs, Convergence of science and law, A summary report
of the first meeting of the science, technology, and law panel, National Academy
Press, Constitution Avenue, N.W. Washington,2001.
Disponible sur:
-UNCTAD, Technology and innovation report 2021, Catching technological

waves innovation with equity, United Nations Publications, New York, 2021.
-UN Capital Development Fund, Le rôle de la cybersécurité et de la sécurité

des données dans l’économie numérique, UNCDF | Policy Accelerator, Février
2022.
- Organisation Mondiale de la Propriété Intellectuelle, Comprendre la

propriété industrielle, OMPI, Genève, 2016.
-PNUD, Rapport mondial sur le développement humain, De Boeck & larcier

s.a, Paris 1999, Bruxelles, p. 67
Organisation Mondiale de la Propriété Intellectuelle, Traité de l'OMPI sur le

droit d'auteur(WCT) (1996), GENEVE1997.
OECD , Going Digital Toolkit Notes, Policy note, Open Science - Enabling
Discovery in the Digital Age, OECD 2021, p.6.
‫طبيعة العالقة بين الهيئة العليا للرقابة على المال‬

‫العام والسلطات الثالث‬
‫‪The nature of the relation between the higher commitee for controling the‬‬
‫‪public money and the three powers‬‬
‫يلعب المال العام أهمية كبيرة بالنسبة للدولة واملجتمع‪ ،‬حيث يشكل الركيزة األساسية‬
‫والعمود الفقري في بناء الدولة وتكوينها‪ ،‬تأسيسا وتسييرا‪ ،‬كما يعتبرالركيزة األساسية ألي عملية‬
‫تنموية‪ ،‬وبدونه ال يمكن ضمان استقرار الدولة وال ضمان سيرورتها واستمرار نظامها السياس ي‪،‬‬
‫وهواألمرالذي استلزم إحاطته بنوع من الرقابة‪ ،‬حتى ال يتم العبث به سواء بالتبذيرأواالختالس‪،‬‬
‫أو سوء التدبير‪ ،‬لما تلعبه الرقابة من أهمية في حماية األموال العمومية‪ ،‬وكذا حسن التسيير‬
‫والتدبيرالجيد لها‪.‬‬
‫استنادا إلى ذلك‪ ،‬أصبحت حماية المال العام من أهم أولويات سياسة الدول‪ ،‬وذلك‬
‫الرتباط هذا المعطى بمجموعة من الميادين وعالقته التفاعلية مع مجموعة من املجاالت سواء‬
‫االقتصادية أو السياسية أو االجتماعية‪ ،...‬هذا‪ ،‬وال يمكن حماية المال العام إال بوسائل وآليات‬
‫تممن تحقيق هذا الهدف‪.373‬‬
‫وتعتبرالرقابة العليا على األموال العمومية من أهم أنواع الرقابة في الدول الحديثة‪ ،‬وتعود‬
‫أصول هذا النوع من الرقابة في الغرب إلى القرون الوسطى‪ ،‬إذ يعود أصلها في فرنسا إلى القرن‬
‫الثالث عشر‪ ،‬ولذلك تعتبر أول دولة طبقت هذا النوع من الرقابة‪ ،‬وخاصة الرقابة المالية‬
‫‪ -373‬الصدفي حيدة الم اكم المالئ وإشكالئ حماي المال العام‪ ،‬مجل المالئ ‪ ،‬و اصرة االقتصاق والمالئ ‪ ،‬العدق ‪،13‬‬
‫فنافر ‪ 1031‬العدق ‪ ،13‬فنافر ‪ ،1031‬ذ ‪ .14‬من ور على الموقع اعلئكتروني لو اصرة المالئ‬
‫‪www.finances.gov.ma/Docs/2014/DAAG/ALMaliya%2021%20Ar.p‬‬
‫القمائية‪ ،‬حيث أوجدت هيئة قمائية مختصة في الرقابة العليا على األموال العمومية‪ ،‬لتنتقل‬
‫التجربة إلى مختلف الدول األوربية‪ ،‬ثم بعد ذلك إلى دول أخرى‪.374‬‬
‫حديثا‪ ،‬وخاصة منذ بداية القرن العشرين عرف هذا النوع من الرقابة تطورات كبيرة‪ ،‬وذلك‬
‫بحكم ارتباطه بالتغييرات االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪ ...‬وكذلك نظرا لألزمات الكثيرة‬
‫التي عرفتها دول العالم‪ .‬وتختلف الهيئة المكلفة بهذا النوع من الرقابة من دولة إلى أخرى‪ ،‬حيث‬
‫يعتبراملجلس األعلى للحسابات هوالمكلف بالرقابة العليا على األموال العمومية في المغرب‪ ،‬وهو‬
‫ما تم التنصيص عليه في الباب العاشر من الدستور‪ ،‬والذي جاء في الفصل ‪ 920‬منه على أن‬
‫"املجلس األعلى للحسابات هو الهيئة العليا لمر اقبة المالية العمومية بالمملكة‪ ،‬ويممن‬
‫الدستوراستقالله‪"...‬‬
‫وإذا كان تعريف الرقابة العليا على المال العام‪ ،‬استنادا إلى المادة الثانية من النظام‬
‫األساس ي للمنظمة الدولية للرقابة المالية واملحاسبة‪ ،‬بكونها كل جهاز عال‪ ،‬أيا كانت تسميته‬
‫وطريقة إنشائه وتنظيمه‪ ،‬الذي تناط به‪ ،‬بمقتض ى الدستور أو القانون‪ ،‬ممارسة الرقابة على‬
‫المالية العمومية‪ ،‬والذي يطبق هذا النشاط بصورة مستقلة سواء باختصاص قمائي أو بدونه‪،‬‬
‫ويزود هذا الجهازكل من السلطتين التشريعية والتنفيذية بالمعلومات الكافية حول كيفية إدارة‬
‫واستعمال األموال العمومية‪.375‬‬
‫فإن الواضح من خالل هذا التعريف‪ ،‬هو أن الهيئة العليا للرقابة المالية ال تتمحورمهمتها‬
‫فقط في الرقابة‪ ،‬و إنما تزويد باقي السلطات وخاصة التشريعية والتنفيذية بالمعلومات الكافية‪،‬‬
‫والتي تحتاجها في تدبير األموال العمومية‪ ،‬سواء أثناء ممارستها لمهامها الرقابية‪ ،‬أو أثناء‬
‫استشارتها وطلب رأيها من طرف تلك المؤسسات‪ ،‬وهو األمرالذي ينطبق على المغرب في شخص‬
‫املجلس األعلى للحسابات بكونه الهيئة العليا للرقابة المالية‪.‬‬
‫فباإلضافة إلى اختصاصاته الرقابية يعتبر املجلس األعلى للحسابات هيئة استشارية في‬
‫الميادين التي تدخل ضمن اختصاصاته‪ ،‬وذلك من خالل ما تم التنصيص عليه في الفصل ‪922‬‬
‫‪ -374‬وحمد حسود المجلا األعلى لل سابات بالمغرب‪ ،‬قراس سوسيوقانونئ ‪ ،‬مطبع المعارى الجدفدة‪ ،‬الرباط‬
‫‪ ،1031‬ذ ‪.11‬‬
‫‪ -375‬الموقع الرسمي لألنتوساي‬
‫‪http://www.intosai.org/ar/about-us/statutes/article-2-participation.html‬‬
‫من الدستور‪ ،‬وهو ما يعني أن املجلس األعلى للحسابات ال يقوم فقط بالرقابة اآللية والجامدة‬
‫للمر افق والمؤسسات التي تخمع لرقابته‪ ،‬و إنما تجمعه نوع من العالقة التعاونية واالستشارية‬
‫مع مجموعة من المؤسسات الدستورية‪ ،‬وتأتي السلطات الثالث كأهم هذه المؤسسات‪ ،‬والتي‬
‫سيرتكزعليها هذا الموضوع‪.‬‬
‫حيث تأتي هذه الورقة من أجل اإلجابة على إشكالية تتمحور حول طبيعة العالقة وأشكال‬
‫التعاون بين الهيئة العليا للرقابة على األموال العمومية‪ ،‬وبين باقي المؤسسات الدستورية‪،‬‬
‫وباألساس حول نوع وأهمية المساعدة التي يمكن أن يقدمها املجلس األعلى للحسابات للسلطتين‬
‫التشريعية والتنفيذية وكذلك لباقي الهيئات القمائية؟ وهو ما سأحاول اإلجابة عنه في السطور‬
‫القادمة‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أشكال التعاون بين املجلس األعلى للحسابات والبرلمان‬
‫إن طبيعة العالقة بين المؤسسات العليا للرقابة المالية والمؤسسة التشريعية تختلف‬
‫من دولة إلى أخرى‪ ،‬فهي تتراوح بين تعاون محدود وضيق كما هو الحال بالنسبة أللمانيا‪ ،‬وتعاون‬
‫وثيق إلى حد شراكة حقيقية كما هو الشأن في الواليات المتحدة األمريكية والنمسا وبلجيكا‬
‫وهولندا‪ ،‬وتعاون عرض ي ثانوي كما هو الحال في إيطاليا وإسبانيا‪ ،‬وقد ظلت التجربة الفرنسية‬
‫حبيسة الفئة األخيرة لفترة طويلة إلى أن توطدت وتعززت عالقة التعاون بين محكمة الحسابات‬
‫الفرنسية والسلطة التشريعية في ظل الجمهورية الخامسة‪.376‬‬
‫أما في المغرب فقد عرفت هذه العالقة وهذا النوع من التعاون تطورا منذ إحداث اللجنة‬
‫الوطنية للحسابات‪ ،‬ثم إحداث املجلس األعلى للحسابات ليحل محلها‪ ،‬والتطورالذي عرفه هذا‬
‫األخير منذ إحداثه سنة ‪ 9101‬إلى اليوم‪ ،‬خاصة مع صدور مدونة املحاكم المالية‪ ،377‬وكذلك‬
‫صدوردستور‪.2799‬‬
‫‪ -376‬وحميدوش مدني الم اكم المالئ بالمغرب‪ ،‬قراس نظري وتطشئقئ ماارن ‪ ،‬مطبع ف ال الم مدي ‪ ،‬الطبع‬
‫األولى‪ ،1001 ،‬ذ ‪.131‬‬
‫‪ -377‬الاانود رقم ‪ 41-99‬المتعلي بمدون الم اكم المالئ ‪ ،‬الصاقر بتنفي الظهير شريف رقم ‪ 3-01-311‬صاقر‬
‫في فاتح من ربئع األول ‪ 31( 3111‬فونيو ‪ ،)1001‬الجريدة الرسمئ عدق ‪ ،1010‬في ‪ 4‬جماقى األخيرة ‪3111‬‬
‫(‪ 31‬وغسطا ‪.)1001‬‬
‫وباستحمار الفصل ‪ 922‬من دستور ‪ ،2799‬فقد أكد المشرع الدستوري على أن املجلس‬
‫األعلى للحسابات يقدم مساعدته للبرلمان في املجاالت المتعلقة بمر اقبة المالية العمومية‪ ،‬كما‬
‫يجيب عن األسئلة واالستشارات المرتبطة بوظائف البرلمان في التشريع والمر اقبة والتقييم‬
‫المتعلقة بالمالية العمومية‪ ،‬فمال عن تقديم الرئيس األول عرضا عن أعمال املجلس أمام‬
‫البرلمان‪ ،‬يكون متبوعا بمناقشة‪ ،‬وهو ما سيسمح ألعماء البرلمان من استثمار نتائج أعمال‬
‫املحكمة المالية من مالحظات وتوصيات في ممارستهم لوظائفهم المتعلقة على الخصوص‬
‫بالتشريع (خاصة التشريع المالي) والرقابة على العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية‪.‬‬
‫وال يقف التعاون بين البرلمان واملجلس األعلى للحسابات عند هذا المستوى‪ ،‬حيث توجد‬
‫مجموعة من اآلليات والوسائل التي يمكنها أن تكون صلة وصل بينهما‪ ،‬والمتعلقة أساسا بتقارير‬
‫املجلس‪( 378‬أوال)‪ ،‬ثم دعمه لوظائف البرلمان (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تقاريراملجلس األعلى للحسابات كآلية لمساعدة البرلمان‬
‫يعتبر الرد على طلبات التوضيح المعروضة على املجلس من طرف رئيس مجلس النواب أو‬
‫رئيس مجلس المستشارين بمناسبة دراسة التقرير حول تنفيذ الميزانية‪ ،‬والتصريح العام‬
‫بالمطابقة اللذين يعدهما املجلس األعلى للحسابات‪ ،379‬وذلك تطبيقا للفصل ‪ 66‬من القانون‬
‫التنظيمي رقم ‪ 917.91‬لقانون المالية‪ ،380‬الذي جاء في فقرته األخيرة‪ ..." ،‬يحيل املجلس األعلى‬
‫للحسابات على البرلمان التقرير حول تنفيذ قانون المالية والتصريح العام بالمطابقة بين‬
‫الحسابات الفردية والحساب العام للمملكة‪ ،‬مع توجيه نسخة منها للحكومة"‪ ،‬من اآلليات‬
‫األساسية للتعاون بين املجلس األعلى للحسابات والسلطة التشريعية‪.‬‬
‫‪ -9‬التقريرحول تنفيذ قانون المالية‬
‫‪ -378‬ت ير نلم المجلا (والتي سيتم استعمالها بكثرة في ه ا الماال) للتعشير هنا ب كل مختصر عن المجلا‬
‫األعلى لل سابات وال ي يعتشر هو الهيئ العلئا للرقاب على األموال العمومئ في المغرب‪.‬‬
‫‪ -379‬الماقة ‪ 91‬من الاانود رقم ‪ 41-99‬المتعلي بمدون الم اكم المالئ ‪ ،‬الصاقر بتنفي الظهير شريف رقم ‪-311‬‬
‫‪ 3-01‬صاقر في فاتح من ربئع األول ‪ 31( 3111‬فونيو ‪ ،)1001‬الجريدة الرسمئ عدق ‪ ،1010‬في ‪ 4‬جماقى‬
‫األخيرة ‪ 31( 3111‬وغسطا ‪.)1001‬‬
‫الظهير ال ريف رقم ‪ 3.31.41‬صاقر في‬ ‫‪ -380‬الاانود التنظئمي رقم ‪ 310.31‬لاانود المالئ ‪ ،‬الصاقر بتنفي‬
‫‪ 31‬من شعباد ‪ 1( 3114‬فونيو ‪ ،)1031‬ج‪.‬ر عدق ‪ 4110‬بتاري فاتح رم اد ‪ 32( 3114‬فونيو ‪ ،)1031‬ذ‬
‫‪..1234‬‬
‫يعتبرالتقريرحول تنفيذ قانون المالية من الوثائق المهمة التي ينبغي إحالتها ضمن الوثائق‬
‫المرفقة بمشروع قانون التصفية على البرلمان‪ ،‬وإلعداد التقرير المشار إليه‪ ،‬يوجه الوزير‬
‫المكلف بالمالية إلى املجلس‪ ،‬ستة أشهرقبل انصرام اآلجل المشارإليه في المادة ‪ 62‬من القانون‬
‫التنظيمي للمالية‪ ،381‬على أبعد تقدير‪ ،‬جميع المعلومات والوثائق الكفيلة بالسماح له بتحليل‬
‫شروط تنفيذ قانون المالية‪ ،‬كما يمكن للمجلس أن يقوم بكافة التحريات التي يراها ضرورية في‬
‫عين المكان‪ ،‬لتحليل ظروف تنفيذ ميزانيات الوزارات واألجهزة األخرى التي تستفيد من‬
‫االعتمادات المسجلة بميزانية الدولة‪.382‬‬
‫ويجب أن يتممن التقرير المذكور‪ ،‬نتائج تنفيذ القوانين المالية‪ ،‬والمالحظات المنبثقة‬
‫عن المقارنة بين التوقعات واالنجازات‪ ،‬وكذا تأثيرات عمليات الميزانية وعملية الصندوق على‬
‫الوضعية المالية للدولة‪ ،‬ثم القرارات المتعلقة بتغيير مخصصات الميزانية ومدى مطابقتها‬
‫لمقتميات القانون التنظيمي للمالية‪ ،‬باإلضافة إلى المقارنة بين االعتمادات النهائية بعد‬
‫تعديلها والعمليات المنجزة فعال‪.383‬‬
‫عموما‪ ،‬يلعب التقرير حول تنفيذ الميزانية دورا مهما في تبديد الغموض الذي يكتنف‬
‫الميزانية العامة للدولة‪ ،‬ويصدر املجلس التقرير باعتباره سلطة حيادية من أجل وضع حد‬
‫للتوترات التي قد تقع بين صناع القرار السياس ي‪ .384‬وبناء على هذا التقرير يمكن ألعماء‬
‫البرلمان‪ ،‬االطالع على تفاصيل تنفيذ قانون المالية في مختلف الفروع والقطاعات‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل المعلومات التي يتممنها التقرير‪ ،‬وهذا سيساعدهم في العمل الرقابي على الحكومة‪ ،‬كما‬
‫أنه من خالل هذه التفاصيل يمكنهم إبداء اقتراحاتهم ومالحظاتهم المناسبة حول قوانين المالية‬
‫الالحقة‪ .‬األمرالذي يفرض على أعماء البرلمان التعامل الجدي والمنهي مع هذا التقرير‪ ،‬من أجل‬
‫‪ -381‬تنص الماقة ‪ 41‬من الاانود التنظئمي للمالئ على ونه "طباا للفصل ‪ 14‬من الدستور‪ ،‬فوقا م روا قانود‬
‫التص ئ المتعلي بتنفي قانود المالئ سنويا باألسبقئ بمكتس مجلا النواب في وجل وقصا نهاي الربع األول من‬
‫السن الثانئ التي تلي سن تنفي قانود المالئ المعني"‪.‬‬
‫‪ -382‬الماقة ‪ 91‬من قانود ‪ ،41-99‬مرجع سابي‪.‬‬
‫‪ -383‬الماقة ‪ 91‬من نفا الاانود‪.‬‬
‫‪384‬‬
‫‪- Hassane Elarafi : Gestion des finances de L’ETAT, Budget, Comptabilité, Trésor, 1ére Edition 2006,‬‬
‫‪Impression, Cana print, Rabat, p: 549.‬‬
‫زيادة فعالية العمل البرلماني من جهة‪ ،‬وتحقيق تمثيلية أحسن و أفمل تعبر عن طموحات‬
‫المواطنات والمواطنين‪.‬‬
‫‪ -2‬التصريح العام بالمطابقة‬
‫يعتبر التصريح العام بالمطابقة من أهم التقارير التي يجب أن يرفعها املجلس سنويا إلى‬
‫البرلمان‪ ،‬على اعتبارأن هذا التقريريسمح بمقارنة نتائج الحسابات الفردية المقدمة إلى املجلس‬
‫من طرف املحاسبين العموميين‪ ،‬مع نتائج الحساب العام للمملكة الذي يعده الوزير المكلف‬
‫بالمالية ويقدمه إلى املجلس‪ ،385‬حيث يعتبرهذا التصريح بمثابة شهادة يقدمها املجلس للبرلمان‬
‫ويمنحه الصورة الحقيقية للحسابات‪ 386،‬حول مختلف املخالفات المتعلقة بقواعد الميزانية‪.‬‬
‫وبما أن التصريح العام بالمطابقة يشمل جميع النتائج املحصل عليها بعد المطابقة بين‬
‫األرقام الواردة في حسابات املحاسبة الفردية مع الحساب العام للدولة‪ ،‬فإنه من خالل هذا‬
‫التقرير يتم إثارة مالحظات تتيح للبرلمانيين تكوين نظرة دقيقة حول مختلف مظاهر تطبيق‬
‫ميزانية الدولة في مختلف المصالح الوزارية‪ ،‬ومدى تحقق األهداف المسطرة في القانون المالي‪،‬‬
‫األمر الذي يمكنهم من مساءلة المسؤولين في الحكومة من جهة‪ ،‬ومن تعميق مناقشاتهم حول‬
‫البرامج المقدمة في إطارمشاريع قوانين المالية الالحقة من جهة أخرى‪.387‬‬
‫في الو اقع ال يشكل التصريح العام بالمطابقة أي تأثير قانوني أو سياس ي‪ ،‬وال يعد بمثابة‬
‫جزاءات‪ ،‬وخاصة أنه يأتي متأخرا جدا بالنظر للمدة الزمنية التي يتطلبها إلنجاز كافة الحسابات‬
‫العامة‪ ،‬ما يفسرحرص المشرع دائما على إرفاقه بمشروع قانون التصفية الذي تقدمه الحكومة‬
‫للبرلمان من أجل مناقشته والتصويت عليه‪ .388‬ورغم ذلك فإنه (التقرير) يتسم بقوته المعنوية‪،‬‬
‫والتي يرجى من ورائها الحصول على التعديالت واإلصالحات المرورية التي يجب القيام بها خاصة‬
‫في مجال تسيير المؤسسات واألجهزة العمومية‪ ،389‬والعمل على حكامة ونجاعة التدبير العمومي‬
‫والمالية العمومية‪.‬‬

‫‪386‬‬
‫‪: 548. op, cit , p‬‬ ‫‪- Hassane Elarafi :‬‬
‫‪ -387‬وحمد حسود مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.111‬‬
‫‪ -388‬وحميدوش مدني مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.139‬‬
‫ثانيا‪ :‬دوراملجلس األعلى للحسابات في دعم وظائف البرلمان‬
‫يمكن للهيئة العليا للرقابة على األموال العمومية أن تقدم مساعدتها للبرلمان في إطار‬
‫قيامه بوظائفه التشريعية والرقابية والتقييمية‪ ...‬فباإلضافة إلى التقرير حول تنفيذ المالية‬
‫والتصريح العام بالمطابقة‪ ،‬تقوم املحكمة المالية بإصدار تقارير سنوية وتقارير موضوعاتية‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عالوة على االستشارات التي تطلب منها والرد على األسئلة التي توجه إليها من طرف البرلمان‬
‫والحكومة‪ ...‬فمال على مهامها الرقابية‪ ...‬وكلها آليات يمكنها أن تساعد المؤسسة التشريعية في‬
‫تأدية ودعم وظائفها المتميزة بالتعدد والتعقد‪.‬‬
‫وضمن هذا السياق‪ ،‬يعتبر العمل الرقابي على أعمال الحكومة من أهم االختصاصات‬
‫الكالسيكية للبرلمان‪ ،‬وتمتاز اآلليات الرقابية لهذا األخير بالتعدد والتنوع‪ ،‬كاألسئلة البرلمانية‬
‫بتنوعاتها‪ ،‬ولجان تقص ي الحقائق‪ ،‬وفي هذا اإلطار يمكن ألعماء البرلمان توظيف المالحظات‬
‫التي ترد في تقارير املجلس األعلى للحسابات كأداة لمر اقبة العمل الحكومي من خالل األسئلة‪،‬‬
‫خاصة مع تعدد وتشعب اختصاصات السلطة التشريعية‪ ،‬وهو األمرالذي يشكل إكراها ألعماء‬
‫البرلمان لالهتمام بكل التفاصيل‪ ،‬وبالتالي يمكن للمالحظات الواردة في تقارير املجلس أن تكون‬
‫آلية مساعدة للبرلمانيين من أجل تسليط الموء أكثر على ميزانية الدولة‪.‬‬
‫أما لجان تقص ي الحقائق‪ ،‬فهي أيما تلعب أهمية كبيرة في الرقابة على العمل الحكومي‬
‫خاصة في الجانب المالي‪ ،‬رغم أنه نادرا ما يلجأ البرلمانيون إلى تكوين هذه اللجنة‪ ،‬ويمكن في هذا‬
‫الصدد‪ ،‬ومن أجل زيادة فعالية هذه اآللية الرقابية‪ ،‬إشراك فاعلين وخبراء تكون لهم دراية كبيرة‬
‫بموضوع التقص ي‪ ،‬مثل إشراك املجلس األعلى للحسابات إذا كان الموضوع المبحوث فيه له‬
‫عالقة بمجاالت اختصاصاته‪ ،‬عن طريق االستشارة واالستفسارات لما للمحكمة المالية من‬
‫خبراء في املجال المالي‪.‬‬
‫كما أن االعتماد على تقارير املجلس يمكن أن يكون مفيدا لعمل اللجنة‪ ،‬وخاصة التقرير‬
‫السنوي حول تنفيذ الميزانية‪ ،‬فإن كان التقرير متممنا النحر افات واختالالت يمكن أن يقوم‬
‫البرلمان بتشكيل لجان تقص ي الحقائق‪ ،‬أو على األقل تعميق مساءلة الحكومة‪ ،‬كإعالن منه عن‬
‫موقفه من تلك االختالالت والتجاوزات التي شابت التدبير المالي العمومي‪ ،‬وهذا من شأنه أن‬
‫يدعم دورهذا الجهازالرقابي‪.390‬‬
‫عموما فأعمال املجلس وتقاريره يمكن أن تلعب دورا مهما في دعم العمل الرقابي للبرلمان‬
‫على العمل الحكومي‪ ،‬خاصة وأن الميدان المالي يحتاج إلى متخصصين وتقنيين لما يحتاجه هذا‬
‫املجال من تدقيق في األرقام‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬ونظرا لألدوار المهمة التي تلعبها اللجان النيابية الدائمة من داخل‬
‫البرلمان‪ ،‬سواء في التشريع أو المر اقبة‪ ،‬باعتبارها برلمانات مصغرة‪ ،‬وكذا قدرتها على جمع‬
‫المعلومات والوصول إلى مصادرها‪ ،‬حيث يمكن لهذه اللجان أن تطلب االستماع إلى مسؤولي‬
‫اإلدارات والمؤسسات العمومية‪....‬‬
‫ضمن هذا اإلطار‪ ،‬وفي عالقة اللجان النيابية باملجلس‪ ،‬وطبقا لمقتميات المادة ‪ 29‬من‬
‫النظام الداخلي ملجلس النواب‪ ،‬فإن املجلس األعلى للحسابات واملجالس الجهوية للحسابات‪،‬‬
‫يدخل ضمن اختصاصات لجنة التشريع وحقوق اإلنسان‪ ،‬أما لجنة المالية فهي تختص بالمالية‬
‫واالستثمار وتأهيل االقتصاد والخوصصة والمؤسسات العمومية والشؤون العامة واالقتصاد‬
‫االجتماعي‪ ،‬وأغلب هذه االختصاصات تدخل ضمن مهام املجلس الرقابية أيما‪ ،‬وعليه يمكن‬
‫لهذه اللجان أن تستفيد من خبرة املجلس ومن التقاريرالتي ينجزها‪.‬‬
‫كما تشكل لجنة مر اقبة المالية العامة التي تم التنصيص عليها ألول مرة في النظام‬
‫الداخلي ملجلس النواب لسنة ‪ ،2791‬والتي تم التأكيد عليها في الصيغة األخيرة للنظام الداخلي‬
‫ملجلس النواب لسنة ‪ 2790‬من اللجان الدائمة التي تحتل مكانة مهمة ضمن آليات التعاون بين‬
‫البرلمان واملجلس األعلى للحسابات‪ ،391‬خاصة أن تقارير هذا األخير لم تكن تولى لها أهمية كبيرة‬
‫من داخل الب رلمان‪ ،‬وبالتنصيص على لجنة مر اقبة المالية العامة في النظام الداخلي ملجلس‬
‫النواب‪ ،‬وإلزام هذه األخيرة بدراسة تقارير املجلس‪ ،‬أصبح بإمكان هذه التقارير أن تكون آلية‬
‫لتطويرالعمل الرقابي للبرلمان واالستفادة منها‪.‬‬

‫‪ -391‬تجدر اعشارة ونه لم فتم التنصئص على لجن مماثل في النظام الداخلي لمجلا المست ارين‪.‬‬
‫وتعتبر مر اقبة وتتبع اإلنفاق العمومي للحكومة‪ ،‬ثم دراسة التقارير الموضوعاتية‬
‫للمجلس‪ ،‬والتقارير التي يعدها وفقا للفصل ‪ 922‬من الدستور‪ ،‬من اختصاصات هذه اللجنة‪،‬‬
‫عالوة على أنها تختص في النصوص التشريعية المتعلقة بمر اقبة المالية العامة‪ ،392‬وهوما يعني‬
‫أنه يمكن لهذه اللجنة أن تستفيد من املحكمة المالية من أجل تطوير عملها الرقابي والتشريعي‬
‫على السواء‪.‬‬
‫ويمكن القول أن مجلس النواب كان صائبا بإحداثه هذه اللجنة‪ ،‬سيرا على نهج الدول‬
‫األنجلوساكسونية خاصة بريطانيا التي تمتلك لجنة مماثلة‪ ،‬تسمى لجنة الحسابات العامة وهي‬
‫إحدى لجن مجلس العموم وتقوم بدراسة تقارير الهيئة العليا للرقابة على المال العام في‬
‫بريطانيا‪.‬‬
‫وضمن سياق أخر‪ ،‬وإذا كانت األنظمة الداخلية ملجلس ي البرلمان قد نصت على إمكانية‬
‫اللجوء إلى الهيئات االستشارية وهيئات الحكامة والمؤسسات الدستورية كل حسب‬
‫اختصاصاتها من أجل طلب الرأي بخصوص المواضيع التي تم تحديدها من أجل تقييمها‪ ،‬فإنه‬
‫يمكن العمل على تطوير هذه العالقة في اتجاه قيام هذه المؤسسات بتقييم بعض السياسات‬
‫التي تدخل ضمن اختصاصات المؤسسات المعنية حتى خارج المواضيع المقترحة للجلسة‬
‫السنوية ما دام أنه ال يوجد مانع دستوري لذلك‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬وإذا كانت هناك إمكانية‬
‫اللجوء إلى املجلس األعلى للحسابات من أجل تحليل التكلفة المالية للسياسات العمومية‪ ،‬يمكن‬
‫أيما التنصيص في األنظمة الداخلية ملجلس ي البرلمان على لجوء الهيئات التشريعية إلى املجلس‬
‫األعلى للحسابات من أجل القيام بتقييم بعض السياسات العمومية التي تدخل ضمن‬
‫اختصاصاته‪ ،‬وذلك انطالقا مما نص عليه الفصل ‪ 922‬من الدستور بأن "يقدم املجلس األعلى‬
‫للحسابات مساعدته للبرلمان في املجاالت المتعلقة بمر اقبة المالية العمومية‪ ،‬ويجيب على‬
‫األسئلة واالستشارات المرتبطة بوظائف البرلمان في التشريع والمر اقبة والتقييم المتعلقة‬
‫بالمالية العامة‪ ،"...‬فرغم عدم تنصيص القانون رقم ‪ 62.11‬المتعلق بمدونة املحاكم المالية‬
‫على وظيفة التقييم (بحكم صدوره سنة ‪ ،)2772‬أي قبل صدور دستور ‪ ،2799‬فإن هذا األخير‬
‫أشار إلى وظيفة التقييم في الفصل ‪ 922‬والتي تدخل ضمن وظائف البرلمان التي يمكن للمجلس‬
‫األعلى للحسابات أن يقدم مساعدته بخصوصها‪ ،‬وهو ما ينبغي معه تعديل القانون المتعلق‬
‫‪ -392‬الماقة ‪ 23‬من النظام الداخلي لمجلا النواب لسن ‪.1031‬‬
‫بمدونة املحاكم المالية من أجل توسيع اختصاصات املجلس األعلى للحسابات والقيام بدور‬
‫تقييم السياسات العمومية‪ ،‬وكذلك األنظمة الداخلية ملجلس ي البرلمان حتى يتسنى للهيئات‬
‫التشريعية توسيع دائرة تقييم السياسات العمومية وتطويرها‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة ضمن هذا الصدد‪ ،‬أن مجلس المستشارين ومن خالل نظامه الداخلي في‬
‫صيغته األخيرة لسنة ‪ 2727‬قد حاول تطوير أداوته لتقييم السياسات العمومية‪ ،‬حيث نص في‬
‫المادة ‪ 171‬منه على أن‪" ،‬يتم تقييم السياسات العمومية من قبل املجلس‪ ،‬على الخصوص‪ ،‬من‬
‫خالل اآلليات التالية‪:‬‬
‫‪-‬إنجاز أو طلب إنجاز دراسة تقييمية أو بحث تقييمي أو تقرير تركيبي من الهيئات‬
‫والمؤسسات الدستورية حسب االختصاص‪ ،‬حول أي نشاط أو مجال من مجاالت السياسات‬
‫العمومية القطاعية أو المشتركة‪.‬‬
‫‪-‬تنظيم اللجان الدائمة لجلسات إخبارية وجلسات استماع مع السلطات الحكومية‬

‫المعنية أو المسؤولين عن المؤسسات والمقاوالت العمومية بحمورالوزراء المعنيين‪.‬‬
‫‪-‬إعداد أو طلب إعداد آراء تقييمية بناء على معطيات أو بيانات مدققة من الهيئات‬
‫والمؤسسات الدستورية حسب االختصاص‪ ،‬حول أساليب التدبير العمومي للسياسة أو‬
‫السياسات العمومية موضوع التقييم‪.‬‬
‫‪ -‬تشكيل لجنة لتقص ي الحقائق‪ ،‬أو القيام بمهمة استطالعية وفق أحكام هذا النظام‬
‫الداخلي حول و اقع سير المرفق أو المر افق العمومية المكلفة بتطبيق السياسات العمومية‬
‫للحكومة‪.‬‬
‫‪-‬طلب الحكومة توفيرالوثائق والمستندات المرتبطة بالسياسة المراد تقييمها"‪.‬‬
‫ويمكن في هذا اإلطار ملجلس النواب أن يذهب في نفس االتجاه من خالل تعديل نظامه‬
‫الداخلي‪ ،‬وذلك من أجل تطوير وظائفه سواء الوظيفة التقييمية أو باقي الوظائف خاصة‬
‫التشريعية والرقابية‪ ،‬خاصة من خالل تعزيزأشكال التعاون بينه وبين املجلس األعلى للحسابات‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬طرق التعاون بين املجلس األعلى للحسابات والحكومة‬
‫تمارس الحكومة السلطة التنفيذية‪ ،‬وتعمل على تنفيذ البرنامج الحكومي‪ ،‬وعلى ضمان‬
‫تنفيذ القوانين‪ ،‬واإلدارة موضوعة تحت تصرفها‪ ،‬باإلضافة أنها تمارس اإلشراف والوصاية على‬
‫المؤسسات والمقاوالت العمومية‪.393‬‬
‫فإذا كانت الحكومة من هذا المنطلق هي املخولة إلدارة شؤون المواطنين واألموال‬
‫العمومية‪ ،‬فمن المروري أن تخمع للمساءلة واملحاسبة عن جميع أعمالها‪ ،‬ما يممن حسن‬
‫تنفيذها ملختلف اختصاصاتها‪ ،‬هكذا يتم إخماع أعمال الحكومة في الدول الديمقراطية لرقابة‬
‫األجهزة العليا للرق ابة المالية‪ ،‬وتعتبر هذه الرقابة أحد أشكال العالقة بين الهيأة العليا للرقابة‬
‫المالية والحكومة‪ ،‬حيث تتم مساءلة هذه األخيرة عن طريق األسئلة واالستفسارات المتعلقة‬
‫بأعمالها‪ ،‬كما تقوم بذلك عن طريق األبحاث التي تقوم بها حول التدبير الحكومي‪ ،‬والمؤسسات‬
‫واألجهزة الخاضعة لها‪ ،‬وبعد ذلك تقوم بإصدارأحكام وتقاريرتقوم بتقييم العمل الحكومي‪.‬‬
‫تبعا لذلك‪ ،‬وإذا كانت الحكومة تتكون من الوزراء‪ ،‬فهؤالء يعتبرون آمرين بالصرف بحكم‬
‫القانون فيما يتعلق بمداخيل ونفقات وزارتهم‪ ،‬وكذا بالنسبة لتنفيذ الميزانيات الملحقة‬
‫وميزانيات مصالح الدولة المسيرة بصورة مستقلة التابعة لوزارتهم‪ ،‬باإلضافة إلى الحسابات‬
‫الخصوصية للخزينة المسندة لهذه الوزارات‪ .394‬من هذا المنطلق يمكن اعتبار الوزراء‬
‫مسؤولون عن أعمالهم‪ ،‬فهم مسؤولون سياسيا أمام البرلمان ورئيس الدولة‪ ،‬كما أنهم مسؤولون‬
‫جنائيا أمام محاكم القماء العادي طبقا للفصل ‪ 12‬من الدستور‪ ،‬باإلضافة إلى مسؤوليتهم أمام‬
‫املجلس األعلى للحسابات‪ ،‬وتتضح هذه المسؤولية من خالل التقاريرالتي يصدرها املجلس سواء‬
‫التقاريرالسنوية حول تنفيذ الميزانية‪ ،‬أو التقاريراألخرى التي يصدرها حول أعمال الحكومة‪.‬‬
‫لكن ما يالحظ بهذا الصدد‪ ،‬ورغم المكانة األساسية التي يحتلها اآلمر بالصرف الرئيس ي في‬
‫مجال تنفيذ الميزانية‪ ،‬فقد استثنى المشرع المغربي أعماء الحكومة من المسؤولية في مجال‬
‫التأديب المالي أمام املحاكم المالية‪ ،‬في حين نجد الفصل ‪ 12‬من الدستور يحملهم المسؤولية‬
‫الجنائية أمام املحاكم العادية عما يرتكبون من جنح وجنايات أثناء ممارستهم لمهامهم‪.‬‬
‫‪ -393‬الفصل ‪ 29‬من الدستور‪.‬‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬فاألجهزة العليا للرقابة المالية ال تر اقب فقط مشروعية العمل المالي‬
‫العمومي‪ ،‬و إنما تقوم أيما باالهتمام بالفعالية‪ ،‬أي تقييم السياسة المتبعة من طرف الحكومة‬
‫حول مدى فعاليتها ووصولها للهدف المنشود‪ ،‬فقد تكون كل أعمال الحكومة في إطارشرعي دون‬
‫إخالل بالمال العام‪ ،‬لكن النتائج والفعالية المتوخاة تكون ضعيفة أو منعدمة‪ ،‬ورقابة التسيير‬
‫التي يقوم بها املجلس ما هي إال أحد أوجه هذا النوع من الرقابة حول كيفية التسيير واإلدالء‬
‫بالمقترحات الالزمة‪ ،‬وفي إطارالمساعدة التي تقدمها املحكمة المالية للحكومة المنصوص عليها‬
‫في الدستور‪ ،‬يجوز للمجلس أن يدرج في برامج أعماله وبطلب من رئيس الحكومة‪ ،‬مهام لتقييم‬
‫البرامج والمشاريع العمومية أو لمر اقبة تسييرأحد األجهزة الخاضعة لمر اقبته‪.395‬‬
‫ويعد أسلوب المذكرات االستعجالية أسلوب آخر يوضح العالقة بين الحكومة والهيئة‬
‫العليا للرقابة المالية‪" ،‬فقد يستدعي تفش ي بعض الظواهر المرضية في تدبير المالية العامة‪ ،‬أو‬
‫حدوث مستجد استعجالي لم تعره األجهزة الحكومية انتباهها‪ ،‬تحرك املجلس من أجل توجيه‬
‫مذكرة استعجالية عن طريق الرئيس األول‪ ،‬الذي يتوجب عليه بناء على طلب املجلس مراسلة‬
‫أعماء الحكومة المعنيين من أجل اتخاذ تدابير استعجالية في هذا الشأن‪ ،‬على أن تكون‬
‫المذكرة محررة بطريقة محكمة وتستجيب للمعايير المتعارف عليها في هذا الصدد"‪ ،396‬وقد‬
‫نصت المادة ‪ 99‬من قانون ‪ 62-11‬في هذا اإلطار على أنه "يجوز للرئيس األول أن يقدم في جميع‬
‫القمايا التي تدخل في مجال اختصاصات املجلس‪ ،‬مالحظاته و اقتراحاته إلى السلطات‬
‫الحكومية املختصة بواسطة مذكرات استعجالية‪ ،‬ويخبر باإلجراءات التي تتخذ في شأنها وتدرج‬
‫عند االقتماء‪ ،‬في تقرير املجلس‪ .‬ويلزم األشخاص الذين توجه إليهم المذكرات االستعجالية‬
‫باإلجابة عليها في أجل ستين يوما‪ .‬ويوجه الرئيس األول نسخا من مجموع المذكرات االستعجالية‬
‫واألجوبة المتعلقة بها إلى رئيس الحكومة والوزيرالمكلف بالمالية‪ .‬ويعهد في كل وزارة إلى موظف‬
‫سام له على األقل رتبة مدير اإلدارة المركزية بمهمة تتبع اإلجراءات المتخذة بشأن المذكرات‬
‫االستعجالية للرئيس األول‪ ،‬ويبلغ هذا التعيين إلى املجلس"‪.‬‬

‫‪ -396‬م مد براو الوسئط في شرق مدون الم اكم المالئ –الكتس الث ث ‪ -‬الطبع األولى ‪ ،1031‬قار الس م للطباع‬
‫والن ر والتوصيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬ذ ‪.111‬‬
‫إن المذكرة االستعجالية هي متابعة غيرقمائية‪ ،‬تتناول المشروعية واالستخدام األفمل‬

‫لألموال العمومية من طرف اآلمرين بالصرف والمستخدمين‪ ،‬وتخصص مبدئيا تقنية المذكرة‬
‫االستعجالية للمخالفات األكثر جسامة‪ ،‬أو األكثر تكرارا‪ ،‬كل مرة وترى املحكمة المالية من‬
‫المروري القيام بإصالح من شأنه إنهاء االختالل في المستقبل‪ ،‬كما تسمح أيما بممان احترام‬
‫القواعد الكبرى للقانون المالي‪ ،‬و أيما المبادئ العامة للميزانية‪.397‬‬
‫تبعا لذلك‪ ،‬وعلى الرغم من أهمية المذكرات االستعجالية باعتبارها مسطرة من النظام‬
‫العام‪ ،‬فيمكن اعتبارها قرارا ذو طابع تهديدي‪ ،‬وعليه تعد قرارا محروما من األثر القانوني‬
‫اإللزامي‪ ،‬وضمن هذا الصدد‪" ،‬وإذا كان املجلس قد وجه عدة مذكرات استعجالية بواسطة‬
‫رئيسه األول همت قمايا مهمة كتركيم أجر عام مع معاش التقاعد أو الصفقات العمومية وال‬
‫سيما غياب أنظمة خاصة بها في المؤسسات العمومية‪ ،‬فإن قمية تسنيد الرهون الواردة في‬
‫التقرير السنوي ‪ ،2772‬تستدعي وقفة خاصة‪ ،‬نظرا لدقتها وحساسيتها‪ ،‬ونظرا للجواب الذي‬
‫قدمته وزارة المالية في هذا الخصوص‪ ،‬والذي ركزعلى أن األمرال يستدعي كل ذلك التهويل الوارد‬
‫في مذكرة املجلس‪ ،‬و أنه ال يجوزالقياس مع وجود الفارق على التجربة األمريكية‪ ،‬كما أنه ال ينبغي‬
‫إغفال دورالسلطات النقدية في ضمان كافة أشكال الحيطة والمتابعة والمر اقبة"‪.398‬‬
‫عموما‪ ،‬تلعب المذكرات االستعجالية دورا مهما في تعزيز التدبير العمومي‪ ،‬وتوجيه العمل‬
‫الحكومي‪ ...‬غير أنه ال بد من العمل على منح قيمة قانونية قوية لهذه المذكرات لتكون ذات‬
‫فعالية في الرقابة على العمل الحكومي‪.‬‬
‫من جهة أخرى "يعتبر تقديم االستشارة القانونية المالية من بين أشكال التعاون بين‬
‫املجلس والحكومة‪ ،‬فعلى الرغم من عدم ورود نص صريح في المدونة يقنن هذا االختصاص‬
‫االستشاري المتعارف عليه عالميا‪ ،‬والمنصوص عليه في عدد كبير من نصوص األجهزة العليا‬
‫للرقابة المالية في دول العالم‪ ،‬والتي تنص على الحق والواجب في استشارة البرلمان من باب أولى‪،‬‬
‫أو الحكومة للجهازاألعلى للرقابة المالية في كل ما يتعلق بالشؤون القانونية المالية‪ ،‬على الرغم‬
‫من ذلك فإن هذا االختصاص يمارسه املجلس عمليا في الدولة‪ ،‬ال بل إن األمانة العامة للحكومة‬
‫نفسها تلتمس رأي املجلس الفني في اقتراحات ومشاريع القوانين ذات الصلة بالشأن المالي‬

‫‪ -398‬م مد براو مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.111‬‬
‫العمومي"‪ .399‬كما تجدراإلشارة أنه في هذا اإلطارينص الفصل ‪ 922‬من الدستورعلى أن "‪...‬يقدم‬
‫املجلس األعلى للحسابات مساعدته للحكومة‪ ،‬في الميادين التي تدخل في نطاق اختصاصاته‬
‫بمقتض ى القانون‪ ،"...‬بمعنى أنه ينبغي العمل على تعديل المدونة من أجل أن تتو افق والنص‬
‫الدستوري وتقنين العمل االستشاري للمجلس‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬عالقة املجلس األعلى للحسابات مع الهيئات القمائية‬
‫وفق مقتميات الفصل ‪ 922‬من الدستور المغربي‪ ،‬فإن املجلس يقدم مساعدته للهيئات‬
‫القمائية‪ ،‬إال أن ما يالحظ بهذا الخصوص‪ ،‬هو أن المشرع الدستوري لم يوضح طبيعة هذه‬
‫المساعدة وفي أي إطار‪ ،‬وال الهيئات القمائية المقصودة‪ ،‬عكس البرلمان والحكومة‪ ،‬حيث كان‬
‫صريحا على مساعدة املجلس للبرلمان والحكومة في املجاالت المتعلقة بالمالية العامة‪ ،‬بل وضح‬
‫نسبيا آليات المساعدة من خالل مجموعة من المقتميات القانونية والتي سبقت اإلشارة إليها‪.‬‬
‫تبعا لذلك سأحاول التطرق إلى طبيعة العالقة بين املجلس األعلى للحسابات وباقي الهيئات‬
‫القمائية من خالل التطرق إلى عالقة املجلس بالقماء العادي (أوال)‪ ،‬ثم عالقته بالقماء‬
‫اإلداري (ثانيا)‪ ،‬وكذا عالقته بالقماء الدستوري (ثالثا)‪ ،‬وعالقته بمحكمة النقض (رابعا)‪،‬‬
‫وأخيرا عالقته باملجالس الجهوية للحسابات (خامسا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬عالقة املجلس األعلى للحسابات بالقماء العادي‬
‫يلعب القماء العادي دورا مهما في حماية المال العام عبر صالحياته التي يتوفر عليها‬
‫بمقتض ى مجموعة من النصوص القانونية سواء في القانون الجنائي أو القانون المدني‪...‬‬
‫فاملحاكم العادية لها صالحية إصدار أحكام زجرية ضد الموظفين بجميع أصنافهم‪ ،‬كلما كانت‬
‫املخالفات التي قاموا بها‪ ،‬أثناء أداء مهامهم‪ ،‬أوخارج أداء مهامهم قد ألحقت أضرارا بالمال العام‪،‬‬
‫وتقع تحت طائلة القانون الجنائي أو المدني‪.‬‬
‫ويتدخل القانون المدني والقانون الجنائي إلضفاء الحماية على المال العام من خالل تقرير‬
‫عدد من القواعد والمبادئ‪ ،‬مثل عدم جواز التصرف في المال العام‪ ،‬وعدم جواز اكتسابه‬
‫بالتقادم‪ ،‬وعدم جواز الحجز عليه‪ ،‬وتقرير جزاءات على سوء استغالله‪ .‬كما يبسط القانون‬
‫الجنائي بشكل خاص حمايته على المال العام بقواعد قانونية زجرية تعاقب على كل صور‬
‫‪ -399‬نفا المرجع‪ ،‬ذ ‪.119‬‬
‫العدوان عليه من أي كان‪ ،‬سواء من عموم األشخاص أو من القائمين على تدبيره والتصرف‬
‫فيه‪.400‬‬
‫فبقراءة المقتميات القانونية الجنائية المتعلقة بحماية المال العام‪ ،‬نجد مجموعة من‬
‫النصوص التي تنص على العقوبات المتعلقة بجرائم المال العام‪ ،‬ويمكن أن تصل العقوبات‬
‫المتعلقة باختالس أو احتجازأو إخفاء أموال عمومية إلى ‪ 27‬سنة‪ .401‬ولقد نظم القانون الجنائي‬
‫الجرائم المالية المتعلقة باالختالس والغدرالذي يرتكبه الموظفون العموميون في الفصول من‬
‫‪ 229‬إلى ‪ ،220‬وخصص الفصول من ‪ 222‬إلى ‪ 226‬بالعقوبات المتعلقة بالرشوة واستغالل‬
‫النفوذ‪.‬‬
‫فتورط أي موظف عمومي في أي نوع من هذه الجرائم المنصوص عليها في الفصول من‬
‫‪ 229‬إلى ‪ 226‬من القانون الجنائي‪ ،‬يعاقب طبقا لها‪ ،‬وتنقسم هذه العقوبات إلى قسمين‪ ،‬جنايات‬
‫تتراوح العقوبة فيها من ‪ 2‬إلى ‪ 27‬سنة بالنظر إلى قيمة المبالغ المتحصلة من ارتكاب الجريمة‬
‫بحيث تفوق ‪ 977‬ألف درهم‪ ،‬أو صفة الفاعل‪ .‬وجنايات تتراوح العقوبة فيها من ستة أشهر إلى‬
‫خمس سنوات‪ ،‬بالنظر إلى قيمة المبالغ المتحصلة من ارتكاب الجريمة وهي أقل من ‪ 977‬ألف‬
‫درهم‪ ،‬فالقسم األول ينعقد االختصاص فيها ألقسام متعلقة بجرائم المال العام بكل من محاكم‬
‫االستئناف المتواجدة بالرباط والدار البيماء وفاس ومراكش‪ ،402‬فيما يبقى االختصاص‬
‫بالنسبة للقسم الثاني للمحاكم االبتدائية‪ ،‬رغم صعوبة تحديد قيمة المبالغ المتحصلة‪ ،‬األمر‬
‫الذي يؤدي إلى تعقيد مهمة تحديد وإسناد جهة االختصاص في الجرائم المالية‪.‬‬

‫‪ -401‬الفصل ‪ 113‬من الظهير ال ريف رقم ‪ 3-19-131‬صاقر في ‪ 12‬جماقى الثانئ ‪14( 3121‬نونشر‪)3941‬‬
‫‪ 31‬م رم ‪1( 3121‬‬ ‫بالمصاقق على مجموع الاانود الجنائي‪ ،‬الجريدة الرسمئ عدق ‪ 1410‬مكرر بتاري‬
‫فونيو‪ ،)3941‬صئغ م ين بتاري فاتح فونيو ‪.1031‬‬
‫‪ -402‬ظهير شريف بمثاب قانود رقم ‪ 3-11-112‬بتاري ‪ 11‬جماقى الثانئ ‪31( 3191‬فوليوص‪ )3911‬فتعلي‬
‫بالتنظئم الا ائي للمملك ‪ ،‬الجريدة الرسمئ عدق‪ 1110‬بتاري ‪ 14‬جماقى الثانئ ‪ 31( 3191‬فوليوص ‪،)3911‬‬
‫صئغ م ين بتاري ‪ 14‬وكتوبر‪ ،1033‬الفصل الساقس منه‪.‬‬
‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 1-33-111‬صاقر في ‪ 1‬عي ال ج ‪1( 3111‬نونشر ‪ ،)1033‬بت دفد عدق م اكم االستئناى‬
‫الم دث بها وقسام للجرائم المالئ وتعيين قوائر نفوعها‪ ،‬الجريدة الرسمئ عدق ‪ 1991‬الصاقرة بتاري ‪ 31‬عي ال ج‬
‫‪31( 3111‬نوفمشر ‪.)1033‬‬
‫أما تحريك الدعوى العمومية في الجرائم المالية‪ ،‬فتبقى النيابة العامة هي الفاعل‬
‫واملحرك الرئيس ي لها‪ ،‬عالوة على المتمررمن الجريمة وكذا للجهات التي عهد لها القانون بذلك‪.‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬فإن القماء العادي يلعب دورا مهما في حماية المال العام‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل مقتميات نصوص القانون الجنائي والمدني‪ ...‬وتطبيقها على جرائم المال العام‪ .‬وبناء‬
‫على نفس المقتميات يمكن تحديد طبيعة العالقة بين القماء العادي واملحكمة المالية‪،‬‬
‫فاألول يتولى زجر األفعال بمقتض ى القانون الجنائي‪ ،‬والتي تمس األموال والمصالح العمومية‬
‫بصفة عامة‪ ،‬والثانية مهمتها األساسية هي حماية األموال العمومية والسهرعلى مر اقبة تدبيرها‬
‫تدبيرا يراعي تحقيق الصالح العام‪ ،‬حيث يعتبر التأديب المالي شكال من أشكال االستخدام‬
‫المزدوج في عمل القماء المالي والجنائي مادام يستهدف زجر كل مخالفة للقواعد المنظمة‬
‫للمالية العمومية‪.403‬‬
‫ضمن نفس السياق‪ ،‬يتضح من خالل استحمار بعض املخالفات المنشئة للمسؤولية‬
‫أمام املحاكم المالية في ميدان التأديب المالي‪ ،‬كحصول منفعة غير مبررة نقدية أو عينية‪ ،‬األمر‬
‫باستخالص أموال غيرمشروعة أو تتجاوزما هو مشروع‪ ،‬إخفاء المستندات أو اإلدالء إلى املحاكم‬
‫المالية بأوراق مزورة أو غير صحيحة أو عدم الوفاء تجاهال أو خرقا‪ ...‬إن هذه النماذج من‬
‫املخالفات الواضحة لقواعد االنمباط المالي واملحاسبي تتقاطع مع جرائم االختالس والغدر‬
‫واستغالل النفوذ والزور بمختلف أنواعه‪ ...‬المعروفة في القانون الجنائي‪ ،‬هكذا تتضح أوجه‬
‫التقاطع بين المسؤولية في ميدان التأديب المالي والمسؤولية الجنائية‪ ،‬وبالتالي تداخل‬
‫االختصاص بين هذين الجهازين القمائيين‪.‬‬
‫فإذا كان للمجلس األعلى للحسابات سلطة إصدار القرارات‪ ،‬فإن سلطته تتوقف عند‬
‫حدود املخالفات اإلدارية والمالية املحددة حصريا في مدونة املحاكم المالية‪ ،‬أما فيما يخص‬
‫الجرائم المالية‪ ،‬فإن املجلس يتوفر فقط على صالحية اكتشافها‪ ،‬ثم إحالتها إلى جهات‬
‫االختصاص إلصدار القرارات الالزمة بشأنها‪ ،‬كما أن العقوبات التي يصدرها املجلس عقوبات‬
‫مالية فقط‪ ،‬وال تعفي المتابع من العقوبات الحبسية إذا كانت األفعال التي قام بها تدخل في نطاق‬
‫القانون الجنائي‪.‬‬
‫تبعا لذلك يمكن أن نستشف العالقة بين املحاكم العادية واملجلس‪ ،‬وحيث وفقا‬
‫لمقتميات المادة ‪ 999‬من قانون ‪ ،62-11‬فإنه ال تحول المتابعات أمام املجلس دون ممارسة‬
‫الدعوى التأديبية والدعوى الجنائية‪ ،‬وإذا اكتشف املجلس أفعاال من شأنها أن تستوجب عقوبة‬
‫تأديبية‪ ،‬يخبر الوكيل العام للملك بهذه األفعال باعتباره السلطة التي لها حق التأديب بالنسبة‬
‫للمعني باألمر‪ ،‬بدوره الوكيل العام للملك يخبر املجلس خالل أجل ستة أشهر في بيان معلل‬
‫بالتدابيرالتي اتخذها‪ ،‬أما إذا كان األمريتعلق بأفعال يظهرأنها قد تستوجب عقوبة جنائية‪ ،‬يرفع‬
‫الوكيل العام للملك األمر من تلقاء نفسه أو بإيعاز من الرئيس األول إلى وزير العدل قصد اتخاذ‬
‫ما يراه مالئما‪ ،‬ويخبر بذلك السلطة التي ينتمي إليها المعني باألمر‪ ،‬ويخبر وزير العدل املجلس‬
‫بالتدابيرالتي اتخذها"‪.‬‬
‫هكذا يتضح أن الوكيل العام للملك هو عبارة عن وسيط وهمزة وصل في إطار العالقة‬
‫القائمة بين املجلس واملحاكم العادية‪ ،‬خاصة حين تثبت في حق المتقاضين أمام املجلس أفعال‬
‫تستوجب في حقهم عقوبة جنائية‪ ،‬إذ يتولى الوكيل العام للملك رفع القمية من تلقاء نفسه أو‬
‫بطلب من الرئيس األول إلى وزيرالعدل‪.404‬‬
‫بناء على هذا األساس فإن املجلس يقوم بتقويم وتقدير المسؤولية المالية التي يتحملها‬
‫املحاسب العمومي من حيث تسيير وتدبير األموال العمومية‪ ،‬وبعد ذلك يتم اإلعالن عن التسيير‬
‫الفعلي‪ ،‬أما اختصاص معاقبة المتهمين فيعود للمحاكم العادية‪.405‬‬
‫وعكس التجارب المقارنة في الرقابة العليا على المال العام‪ ،‬التي أثبتت أن العالقة بين‬
‫األجهزة العليا للرقابة المالية وبين القماء العادي تكون في اتجاهين أي من املحاكم المالية إلى‬
‫وزيرالعدل‪ ،‬ومن هذا األخيرإلى املحاكم المالية‪ ،‬فإن المادة ‪ 999‬من المدونة حددت العالقة بين‬
‫املجلس واملحاكم العادية في اتجاه واحد من املجلس إلى وزيرالعدل بخصوص الوقائع المفترض‬
‫إنشاؤها للمسؤولية الجنائية التي وقف عليها قماة املحاكم المالية‪ ،‬والتي يكتفي فيها وزيرالعدل‬
‫بواجب اإلخبار بمآلها دون تحديد أجل معين‪ ،‬لذلك ينبغي العمل على االستفادة من التجارب‬
‫المقارنة وتفعيل وتقنين العالقة بين املحكمة المالية والقماء العادي لتكون في اتجاهين‪،406‬‬
‫‪ -404‬وحميدوش مدني مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.111‬‬

‫‪ -405‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -406‬م مد براو مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.121‬‬
‫خاصة أن الو اقع يثبت أن الملفات الجنائية الرائجة باملحاكم العادية ذات العالقة بالمال‬
‫العام أو بالموظفين واألعوان العاملين باألجهزة العمومية الخاضعة لمر اقبة املحاكم المالية‪،‬‬
‫تتوفرأيما على عناصروقرائن قد تكون منشئة للمسؤولية التأديبية المالية وكذا التسييربحكم‬
‫الو اقع‪ ،‬في الحاالت غير القابلة للتكييف جنائيا‪ ،‬وهنا يجب على املحاكم العدلية إحالة الملف‬
‫مباشرة إلى املجلس املختص قصد القيام باإلجراءات الالزمة‪.407‬‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬وإذا كان في الغالب أن املحاكم العادية ذات الصلة بجرائم المال العام‪،‬‬
‫تحتاج إلى معلومات تفصيلية أو وثائق‪ ،‬أو مستندات تتوفر عليها املحاكم المالية‪ ،‬فهذه األخيرة‬
‫بدورها قد تحتاج إلى التواصل والتعاون من املحاكم العادية‪ ،‬بخصوص الملفات التي قد يتوقف‬
‫فيها إجراء المتابعة إلى حين صدور الحكم الجنائي‪ ،‬أو بخصوص الحصول على معلومات أو‬
‫قرارات جنائية تتممن مبالغ مالية ينبغي أخذها بعين االعتبارفي تقديرالعقوبة التأديبية المالية‬
‫أوالغرامة في ميدان التسييربحكم الو اقع‪ ،‬من هنا ينبغي تقنين طلب وتبادل الوثائق والمعلومات‬
‫بين املحاكم المالية والعادية‪.408‬‬
‫ثانيا‪ :‬عالقة املجلس األعلى للحسابات بالقماء اإلداري‬
‫تم إنشاء املحاكم اإلدارية بمقتض ى القانون رقم ‪ ،40929-17‬وخلق هذا النوع من القماء‬
‫كان أساسا لتأمين حقوق األفراد في مواجهة اإلدارة‪ ،‬أي جاء للحد من أي تعسف أو تجاوز يمكن‬
‫أن يأتي من طرف اإلدارة في عالقتها باألفراد‪.‬‬
‫فصون القاعدة القانونية والحفاظ عليها من طرف القاض ي اإلداري بتطبيق القانون هو‬
‫أساس إحداث املحاكم اإلدارية‪ ،‬أما ما يتعلق بالمال فليس هناك أي إشارة واضحة في القانون‬
‫املحدث للمحاكم اإلدارية لحماية المال العام من طرف هذه املحاكم‪ ،‬إال أنه ضمنيا يعتبر صون‬
‫القاعدة القانونية في ذات الوقت حفاظا على المال العام‪.‬‬
‫‪ -409‬ظهير شريف رقم ‪ 3-93-111‬صاقر في ‪ 11‬من ربئع األول ‪ 30( 3131‬شتنشر ‪ )3991‬بتنفي الاانود رقم‬
‫‪ 32‬جماقى األول ‪1( 3131‬‬ ‫‪ 13-90‬الم دث بموجبه م اكم إقاري ‪ ،‬الجريدة الرسمئ عدق‪ 1111‬بتاري‬
‫نونشر‪ )3991‬ذ ‪.1342‬‬
‫كما أنه ورغم أن القماء اإلداري جاء لحماية األفراد‪ ،‬إال أنه لم يذهب إلى حد الشطط في‬
‫حماية حقوق األفراد‪ ،‬والتضحية بحقوق اإلدارة‪ ،‬و إنما عمل على الموازنة بين المصلحتين‬
‫العامة والخاصة‪ .‬وفي حالة التعارض بينهما اهتدى القماء اإلداري باعتبار دوره اإلنشائي‬
‫للمبادئ القانونية‪ ،‬إلى ترجيح األولى على الثانية‪ ،‬كما أن هامش االجتهاد الممنوح له دفعه إلى‬
‫إقرارمبدأ حماية المال العام‪.410‬‬
‫إن طبيعة الحماية التي يوفرها القماء اإلداري للمال العام تتجلى في مراعاته للمنفعة‬
‫العامة التي يستهدفها المال العام‪ ،‬وذلك خالل بته في المنازعات المرتبطة بذلك المال‪ ،‬حيث‬
‫يستند على بعض القواعد االجتهادية لتأمين تلك الحماية بدون هدر لحقوق األفراد‪ ،‬علما أن‬
‫أغلب االختصاصات المسندة إلى املحاكم اإلدارية لها ارتباط مباشربالمال العام‪.411‬‬
‫إن القاض ي اإلداري في تعامله مع القمايا المثارة أمامه يحاول التوفيق والحفاظ على‬
‫المصلحة العامة والخاصة‪ ،‬ثم الحفاظ على المال العام‪ ،‬وتجدراإلشارة هنا أن القاض ي اإلداري‬
‫ال يتدخل تلقائيا لحماية المال العام‪ ،‬و إنما يمارس ذلك الدور حين عرض المنازعات اإلدارية‬
‫عليه‪ ،‬وبمناسبة النظر في هذه المنازعات تطرح عليه إشكالية التوفيق بين الحفاظ على المال‬
‫العام وحمايته‪ ،‬وبين حماية األفراد من تعسف وشطط اإلدارة‪ ،‬وخاصة أن الغاية التي أنش ئ من‬
‫أجلها القماء اإلداري‪ ،‬وكذا طبيعة المنازعات اإلدارية تقتض ي من القاض ي اإلداري إيالء عناية‬
‫خاصة بحقوق األفراد‪ ،‬طالما أنهم يوجدون في منزلة غيرمتكافئة مع اإلدارة‪.412‬‬
‫فالقاض ي اإلداري ملزم خالل ممارسته لمهامه بالتقيد بمبادئ الشفافية واحترام القانون‬
‫والمصلحة العامة وتكريس اجتهادات قمائية تروم إرساء قواعد الحكامة الجيدة وضمان األمن‬
‫المالي‪ ،‬حيث أنه إذا كانت األسباب التي تحكمت في إحداث قماء إداري متخصص ترتبط في‬
‫مجملها بقمية إعادة النظرفي العالقة التي تحكم الدولة بمواطنيها تدعيما لدولة القانون‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل تأمين حقوق األفراد من كل تجاوز أو تعسف محتمل من السلطات اإلدارية‪ ،413‬غير أن‬
‫‪ -410‬عشد ال ي وخو ال ين "قور الم كم اعقاري بالرباط في حماي المال العام"‪ ،‬مستجدات تنظئم المالئ العمومئ‬
‫على ضوء قستور ‪ ،1033‬من ورات مجل العلوم الاانونئ ‪ ،‬العدق األول ‪ ،1031‬مطبع األمنئ ‪ ،‬ذ ‪.12‬‬
‫‪ -411‬نفا المرجع‪ ،‬ذ ‪.10‬‬
‫‪ -412‬عشد ال ي وخو ال ين مرجع سابي‪ ،‬ذ ‪.11‬‬
‫‪ -413‬نفا المرجع‪ ،‬ذ ‪.11‬‬
‫ذلك لم يمنع القماء اإلداري أثناء القيام بمهامه السالفة الذكرمن حماية المال العام‪ ،‬وخاصة‬
‫في القمايا ذات االرتباط بالمال العمومي‪ ،‬من خالل مراعاته للمنفعة العامة التي يستهدفها‬
‫المال العام‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالعالقة بين املحاكم المالية والقماء اإلداري‪ ،‬فليس هناك أي تنصيص‬
‫صريح في النصوص القانونية بخصوص طبيعة هذه العالقة‪ ،‬على عكس عالقة املحاكم المالية‬
‫بالقماء العادي املحددة في المادة ‪ 999‬من قانون ‪ ،62-11‬إال أنه يمكن أن نستشف نقط‬
‫التقاطع بين الجهازين من خالل االختصاصات املخولة لهما‪ ،‬ورغبة الجهازين في حماية المال‬
‫العام‪.‬‬
‫تبعا لذلك‪ ،‬وإذا كانت املحاكم اإلدارية ومن خالل المادة ‪ 22‬من قانون إحداث املحاكم‬
‫اإلدارية‪ ،‬تقوم بتقدير شرعية القرارات اإلدارية المرتبطة بنزاعات معروضة على املحاكم‬
‫األخرى‪ ...‬فإن المشرع أناط نفس المهمة باملحاكم المالية بحيث تختص في تقدير شرعية‬
‫القرارات اإلدارية المتخذة من قبل األجهزة الخاضعة لرقابتها‪ ،‬وذلك لترتيب مسؤوليتهم عما‬
‫يرتكبون من مخالفات‪ ،414‬والسيما تلك المنصوص عليها في البنود الثالثة األولى من المادة ‪22‬‬
‫من المدونة‪ .415‬هكذا إذا كان قماء املحاكم المالية يمارس سلطة التأديب المالي على اآلمرين‬
‫بالصرف واملحاسبين العموميين‪ ،‬فإن املحاكم اإلدارية تمارس رقابة المشروعية بالنسبة ألعمال‬
‫اإلدارة‪.‬‬
‫من بين نقط التقاطع أيما مسألة االنتخابات‪ ،‬فإذا كان القاض ي اإلداري ير اقب صحة‬
‫االنتخابات‪ ،‬فالقاض ي المالي يهتم بفحص النفقات المتعلقة بالعمليات االنتخابية‪ ،‬كما تعتبر‬
‫المنازعات المريبية والصفقات العمومية والقرارات المتعلقة بقواعد املحاسبة العمومية من‬
‫أهم املجاالت المالية التي يختص فيها القماء اإلداري‪.416‬‬
‫"الوظئف العاابئ للمجالا الجهوي ورهاد ال كام المالئ الترابئ ‪-‬اختصاذ الت قفس المالي‬ ‫‪ -414‬ه ام ال سك‬
‫نموعجا‪ ،"-‬مستجدات تنظئم المالئ العمومئ على ضوء قستور ‪ ،1033‬من ورات مجل العلوم الاانونئ ‪ ،‬العدق األول‬
‫‪ ،1031‬مطبع األمنئ ‪ ،‬ذ ‪.11‬‬
‫‪ -415‬فتعلي األمر بمخالف قواعد االلت ام بالنفاات العمومئ وتصفيتها واألمر بصرفها‪ ،‬ثم عدم احترام النصوذ‬
‫التنظئمئ المتعلا بالصفاات العمومئ ‪ ،‬ون لي مخالف النصوذ الت ريعئ والتنظئمئ الخاص بتدبير ش ود األعواد‬
‫والموظفين‪.‬‬
‫فإذا كان القماء اإلداري مثال يقوم بالنظر في المنازعات التعاقدية المتعلقة بالصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬فإن القماء المالي يممن مر اقبة مقتميات مدونة الصفقات العمومية‪ ،‬ويصبح‬
‫هذا املجال مجاال للتنافس بين القماء المالي والقماء اإلداري‪ ،417‬غير أن األول يتدخل بشكل‬
‫تلقائي‪ ،‬عكس الثاني الذي ال يتدخل بشكل تلقائي و إنما أثناء عرض القمايا عليه‪ ،‬فهو في هذه‬
‫الحالة إلى جانب حمايته للمشروعية‪ ،‬يقوم بحماية المال العام‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬تطرح إمكانية تدخل القماء اإلداري للنظر في مدى احترام القماة‬
‫الماليين للقانون في تقدير مشروعية تلك القرارات‪ ،‬حيث تطرح مسألة مدى إلزامية مقتميات‬
‫المادة ‪ 22‬من قانون إحداث املحاكم اإلدارية لقماة املجلس‪ ،‬فحسب مقتميات هذه المادة‬
‫"فإذا كان الحكم في قمية معروضة على محكمة عادية غير زجرية يتوقف على تقدير مشروعية‬
‫قرارإداري‪ ،‬وكان النزاع في مشروعية القرارجديا‪ ،‬يجب على املحكمة المثارأمامها النزاع أن تؤجل‬
‫الحكم في القمية‪ ،‬وتحيل تقدير مشروعية القرار اإلداري محل النزاع إلى املحكمة اإلدارية أو إلى‬
‫محكمة النقض‪ ،‬أما بالنسبة للمحاكم الزجرية فلها كامل الوالية لتقديرمشروعية أي قرارإداري‬
‫وقع التمسك به أمامها سواء باعتباره أساسا للمتابعة‪ ،‬أو باعتباره وسيلة من وسائل الدفاع‪.‬‬
‫فكلما تشبث أحد المتقاضين بمشروعية قرارإداري اعتبرته هيئة املجلس األعلى للحسابات‬
‫مخالف للقانون يلزم توقيف البت في القمية المعروضة على املجلس‪ ،‬وإحالة األمرعلى املحكمة‬
‫اإلدارية املختصة‪ ،‬ويلتزم القماة الماليون بما تقرره هذه األخيرة‪.418‬‬
‫ثالثا‪ :‬عالقة املجلس األعلى للحسابات بالقماء الدستوري‬
‫على غرار القماء اإلداري‪ ،‬لم تنظم مدونة املحاكم المالية طبيعة العالقة بين القماء‬
‫الدستوري والقماء المالي‪ ،‬إال أنه من خالل اختصاص كل من املحكمة الدستورية واملجلس‬
‫األعلى للحسابات‪ ،‬يمكن أن نستشف مجموعة من نقط التداخل بين الجهازين‪.‬‬
‫فإذا كانت املحكمة الدستورية تنظر في مدى دستورية القوانين المالية والقوانين‬
‫التنظيمية للمالية‪ ،‬فإن املجلس يحاول مر اقبة مدى مشروعية التصرف المالي أثناء دخولهما‬
‫حيز التنفيذ وبالتالي مدى مطابقة الممارسات المالية لآلمرين بالصرف واملحاسبين العموميين‬
‫للقانون‪ ،‬ويبدو ذلك جليا من خالل التقريرالسنوي لتنفيذ القانون المالي‪ ،‬وكذا التصريح العام‬
‫بالمطابقة‪ ،‬أي أن القماء الدستوري يلعب دورا مهما في حماية المال العام من خالل الرقابة‬
‫السابقة على دستورية القوانين‪ ،‬في حين يمارس القماء المالي نوعا من الرقابة الالحقة على‬
‫مشروعية التصرفات المالية بعد تنفيذ القوانين المالية‪.‬‬
‫من جهة أخرى هناك مجال آخر للتداخل بين املحكمة الدستورية واملجلس األعلى‬
‫للحسابات‪ ،‬وهواالنتخابات‪ ،‬فإذا كانت املحكمة الدستورية تتولى النظرفي المنازعات االنتخابية‪،‬‬
‫فإن املجلس يتجلى دوره في مر اقبة التمويالت غير المشروعة لألحزاب السياسية بصفة عامة‬
‫وللحمالت االنتخابية لهذه األحزاب بصفة خاصة‪.‬‬
‫من جهة أخرى يعتبر القاض ي الدستوري هو قاض ي المشروعية المالية لالنتخابات‪،‬‬
‫مشروعية حسابات الحملة االنتخابية‪.419‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬يقوم القاض ي الدستوري بدورالمؤول للقانون التنظيمي للمالية‪ ،‬وبالتالي‬
‫يعد حارسا الحترام مبادئ تدبير مالي عمومي صحيح‪ ،‬دور يدفعه أحيانا لتعديل داللة بعض‬
‫المقتميات ذات الطابع المالي بالطريقة التي تجعلها متطابقة مع مبادئ الميزانية الكبرى ذات‬
‫الحمولة الدستورية‪ ،‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬يتضح من خالل االجتهاد القمائي الفرنس ي‪ ،‬أن قراءة‬
‫القانون التنظيمي للمالية ال يكفي لوحده‪ ،‬ألن أغلب فصول القانون التنظيمي ال يمكن تحليلها‬
‫إال على ضوء قرارات املجلس الدستوري‪ ،‬وضمن هذا السياق‪ ،‬يمكن للقاض ي المالي االسترشاد‬
‫باالجتهاد الدستوري في مجال تطبيق القاعدة القانونية المالية‪ .420‬وفي هذه الحال‪ ،‬فإن القاض ي‬
‫الدستوري ال يقوم فقط بالرقابة على مدى دستورية القوانين‪ ،‬و إنما يلعب أيما دور المفسر‬
‫للقواعد القانونية‪ ،‬ففي العديد من األحيان تكون بعض القواعد غاممة أو تحتمل عدة‬
‫تفسيرات وتأويالت‪ ،‬نتيجة ضعف الصياغة‪ ،‬أو أخطاء في الترجمة‪ ...‬وهنا يأتي دور السلطة أو‬
‫المؤسسة التي تم تخويلها حق تفسير النصوص القانونية‪ ،‬حيث يعتبر القماء الدستوري أهم‬
‫مؤسسة قادرة على القيام بهذه المهمة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬عالقة املجلس األعلى للحسابات بمحكمة النقض‬
‫‪ -419‬نفا المرجع‪ ،‬ذ ‪.102‬‬

‫محكمة النقض هي أعلى وحدة في هرم التنظيم القمائي المغربي‪ ،‬وتم إحداثها بموجب‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ ،4219-20-221‬وكانت تسمى آنذاك باملجلس األعلى‪ ،‬إال أنه تم تغيير هذه‬
‫التسمية بمقتض ى الفصل ‪ 992‬من دستور ‪ ،2799‬وكذا بمقتض ى الظهير الشريف رقم ‪-99-907‬‬
‫‪ ،4229‬لتصبح تسميتها محكمة النقض‪ ،‬حيث نص الظهير المشار إليه على تغيير عبارة املجلس‬
‫األعلى وإحالل محلها عبارة محكمة النقض في جميع النصوص التنظيمية والتشريعية‪.‬‬
‫أما فيما يخص العالقة بين محكمة النقض واملجلس األعلى للحسابات فهي عالقة قانونية‪،‬‬
‫تتجلى في إمكانية الطعن بالنقض في القرارات النهائية التي يصدرها استئنافيا املجلس األعلى‬
‫للحسابات‪ ،‬حيث يحق للمحاسب العمومي أو لذوي حقوقه بصفة شخصية أو بواسطة وكيل أن‬
‫يمارسوا الطعن بالنقض أمام محكمة النقض داخل أجل ستين يوما الموالية لتاريخ تبليغ القرار‬
‫النهائي الصادر استئنافيا عن املجلس‪ ،‬إذا رأوا أن هناك خرقا للقانون أو عدم احترام اإلجراءات‬
‫الشكلية أوانعدام التعليل أوعدم اختصاص املجلس‪ .‬كما يخول نفس الحق لكل من وزيرالمالية‬
‫والوزير المعني باألمر‪ ،‬والوكيل العام للملك‪ ،‬والخازن العام للمملكة‪ ،‬وإلى الممثلين القانونيين‬
‫لألجهزة العمومية داخل نفس اآلجل‪.423‬‬
‫يتضح مما سبق أن المشرع المغربي قد منح ملحكمة النقض اختصاصا مهما يتعلق‬
‫بمر اقبة قماة الحسابات على الخصوص‪ ،‬واملجلس األعلى للحسابات بصفة عامة‪ ،‬وتجدر‬
‫اإلشارة أن هذا االختصاص الذي تمارسه محكمة النقض ال يعتبراختصاصا قمائيا شكليا‪ ،‬بل‬
‫هو اختصاص مهم وأساس ي –ولو أنها مهمة إضافية‪ -‬سيؤدي ال محالة إلى تعبئة داخلية ملحكمة‬
‫النقض في انتظار توفر املجلس من الناحية العملية على إمكانيات ووسائل مادية وبشرية والتي‬
‫ستدفع به إلى القيام بمهامه على أحسن وجه‪ ،‬ومن ثم سيؤدي إلى وضع وإرساء قواعد أسس‬
‫‪ -421‬ظهير شريف رقم ‪ 3-11-111‬في‪ 1‬ربئع األول ‪ 11( 3111‬سشتمشر ‪ ،)3911‬فتعلي بالمجلا األعلى‪،‬‬
‫الجريدة الرسمئ عدق ‪ 1111‬الصاقرة بتاري ‪ 11‬ربئع األول ‪ 32( 3111‬وكتوبر ‪.)3911‬‬
‫‪ -422‬ظهير شريف رقم ‪ 3-33-310‬صاقر في ‪ 11‬من عي الاعدة ‪ 11( 3111‬وكتوبر ‪ ،)1033‬بتنفي الاانود‬
‫رقم ‪ 12-33‬المتعلي بم كم الناض‪ ،‬المغير بموجبه الظهير ال ريف رقم ‪ 3-11-111‬الصاقر في ‪ 1‬من ربئع‬
‫األول ‪ 11( 3111‬سشتمشر ‪ ،)3911‬ب د المجلا األعلى‪ ،‬الجريدة الرسمئ عدق ‪ 1929‬مكرر الصاقرة بتاري ‪12‬‬
‫عي الاعدة ‪ 14( 3111‬وكتوبر ‪.)1033‬‬
‫وبنيات البحث القانوني في غياب اجتهاد قمائي مالي متخصص في الرقابة العليا على األموال‬
‫العمومية‪.424‬‬
‫خامسا‪ :‬عالقة املجلس األعلى للحسابات باملجالس الجهوية للحسابات‬
‫عكس الهيئات القمائية السابقة فاملجالس الجهوية للحسابات تتضح عالقتها باملجلس‬
‫األعلى للحسابات بشكل قوي وذلك من عدة أوجه‪ ،‬ويمكن تقسيم هذه العالقة إلى عالقات‬
‫عموية‪ ،‬وعالقات وظيفية‪.‬‬
‫‪ -9‬العالقات العموية‬
‫وفقا لمقتميات المادة ‪ 962‬من قانون ‪ ،62-11‬يؤلف قماة املحاكم المالية هيئة موحدة‬
‫ويتمتعون بعدم قابلية العزل والنقل إال بمقتض ى القانون‪ ،‬ويسهرمجلس قماء املحاكم المالية‪،‬‬
‫على تطبيق هذا النظام األساس ي‪.‬‬
‫تبعا لذلك فقماة املجالس الجهوية واملجلس األعلى للحسابات يتألفون من هيئة موحدة‬
‫خاضعة للنظام األساس ي المنصوص عليه في الكتاب الثالث من مدونة املحاكم المالية ابتداء‬
‫من المادة ‪ ، 962‬ويسهر على تطبيق هذا النظام‪ ،‬مجلس قماء املحاكم المالية الذي يمثل فيه‬
‫بذات الوقت قماة املجالس الجهوية‪ ،‬واملجلس‪ .425‬كما أن تعيين القماة الممارسون باملجالس‬
‫الجهوية للحسابات يتم باقتراح من الرئيس األول للمجلس بعد رأي مطابق ملجلس قماء املحاكم‬
‫المالية‪ .426‬باإلضافة أن قماة املحاكم المالية يحملون وخالل مزاولة مهامهم وثيقة تعريف‬
‫موقعة من طرف الرئيس األول للمجلس يقدمونها عند الحاجة ألجل القيام بمهامهم‪ ،‬كما أن‬
‫البذلة الرسمية للقماة‪ ،‬يتم تحديدها بمقررللرئيس األول‪.427‬‬
‫ما يالحظ في هذا اإلطار‪ ،‬فبالنسبة للتدبيراإلداري والمالي للمحاكم المالية‪ ،‬فيتبين احتكار‬
‫الرئيس األول للمجلس السلطة المالية باعتباره اآلمر بالصرف‪ ،‬والمتحكم في صرف االعتمادات‬
‫المالية املخصصة للمحاكم المالية‪ ،‬في إطارتخصيص ميزانية واحدة لكل من املجلس واملجالس‬
‫‪424‬‬
‫‪Harakat : Le Droit Du Contrôle supérieur Des Finances publiques Au MAROC, essai sur‬‬ ‫‪- Mohamed‬‬
‫‪262. les techniques d’audit a l’heure de l’ajustement structurel, tome 1, Edition Babel, 1992, P :‬‬
‫‪ -426‬الماقتين ‪ 341-344‬من نفا المرجع‪.‬‬
‫‪ -427‬الماقة ‪ ،342‬من نفا المرجع‪.‬‬
‫الجهوية‪ .‬إذ ال تتوفر هذه األخيرة على ميزانية خاصة بها‪ ،‬وهذا األمر يمكن أن يؤثر على حرية‬
‫التصرف والمبادرة بالنسبة لها‪.‬‬
‫فمال عن تعيين القماة الممارسون باملجالس الجهوية باقتراح من الرئيس األول للمجلس‬
‫بعد رأي مطابق ملجلس قماء املحاكم المالية‪ ،‬يشرف هذا األخير على تسيير الحياة اإلدارية‬
‫والمهنية للقماة الماليين‪ ،‬باإلضافة إلى ارتباط النيابات العامة باملجالس الجهوية بالوكيل‬
‫العام للملك باملجلس‪ ،‬كلها أمور تجعل املجالس الجهوية تمارس قانون مهامها تحت اإلشراف‬
‫المباشر للمجلس‪ .‬على خالف التجربة الفرنسية حيث أن العالقة بين محكمة الحسابات‬
‫الفرنسية والغرف الجهوية ليست عالقة رئاسية‪ ،‬باستثناء النيابات العامة بها‪ ،‬األمر الذي تمتع‬
‫الغرف الجهوية باستقاللية في العمل‪ ،‬كما تتوفرعلى صالحيات خاصة بها‪.428‬‬
‫من جهة أخرى فاملجالس الجهوية في إطار عالقتها مع املحاكم الزجرية‪ ،‬من خالل المادة‬
‫‪ 962‬من قانون ‪ ،62-11‬تؤكد على احتكاراملجلس على تدبيرهذه العالقة حيث تشيرالفقرة الثالثة‬
‫منها على أنه "‪ ...‬وإذا كان األمر يتعلق بأفعال يظهر أنها قد تستوجب عقوبة جنائية‪ ،‬أخبر وكيل‬
‫الملك بذلك الوكيل العام للملك‪ ،‬الذي يرفع النازلة من تلقاء نفسه أو بطلب من الرئيس األول‪،‬‬
‫إلى وزير العدل قصد اتخاذه ما يراه مالئما‪ ،‬ويخبر بذلك السلطة التي ينتمي إليها المعني باألمر‪،‬‬
‫ويخبروزيرالعدل املجلس بالتدابيرالتي اتخذها"‪.‬‬
‫ما يؤكد على عدم وجود إمكانية للمجالس الجهوية إلقامة عالقات مباشرة مع املحاكم‬
‫الزجرية أو غيرها من املحاكم األخرى المتواجدة في التنظيم القمائي المغربي‪.‬‬
‫‪ -2‬العالقات الوظيفية‬
‫تحمل العالقات الوظيفية بين املجلس األعلى للحسابات واملجالس الجهوية للحسابات‬
‫عدة أوجه‪ ،‬فمن جهة يختص املجلس باستئناف قرارات املجالس الجهوية‪ ،‬حيث يعتبر بمثابة‬
‫محكمة استئناف لألحكام الصادرة بصفة نهائية عن املجالس الجهوية في ميدان البت بالحسابات‬
‫والتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪.429‬‬

‫‪ -429‬الماقة ‪ 12‬من قانود‪ ،41-99‬مرجع سابي‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى يتولى املجلس صالحية تفتيش املجالس الجهوية‪ ،‬وذلك يهدف تقييم‬
‫تسييرها للمصالح التابعة لها‪ ،‬وكذا تقييم المناهج المتبعة وطريقة عمل القماة والموظفين‬
‫اإلداريين وكتابة المبط‪ ،‬ولهذه المهمة‪ ،‬يعين الرئيس األول للمجلس كلما اقتض ى األمر ذلك‪،‬‬
‫بواسطة أمر‪ ،‬قاض أو عدة قماة ألجل القيام بتفتيش املجالس الجهوية أو البحث في وقائع‬
‫محددة‪ ،430‬ويتمتع هؤالء القماة المكلفون بالتفتيش بسلطة عامة للتحري والتدقيق والرقابة‬
‫ويمكنهم على الخصوص استدعاء القماة وكتاب المبط وموظفي املجالس الجهوية واالستماع‬
‫إليهم‪ ،‬وطلب االطالع على كل الوثائق المفيدة‪ ،‬ويشترط في هؤالء القماة حين تتعلق التحريات‬
‫بقاض من القماة أن تكون لهم درجة تساوي أو تفوق درجة القاض ي الذي خمع للتفتيش‪ .‬أما‬
‫تقارير التفتيش والتي تكتس ي طابعا سريا فتوجه في الحال إلى الرئيس األول مشفوعة بنتائج‬
‫التفتيش و اقتراحات القماة المكلفين بهذه المهمة‪ .431‬وإذا تممنت هذه التقارير مخالفات‬
‫تتعلق بالواجبات المهنية أو بالشرف أو الوقار أو الكرامة أو بقواعد السر المنهي أو عدم تقيده‬
‫بالتزام تحفظ خطأ من شأنه أن يعرضه لعقوبة تأديبية‪ ،‬يقوم الرئيس األول بإحالة هذه التقارير‬
‫على مجلس قماء املحاكم المالية‪.432‬‬
‫من جهة أخرى يقوم القماء المالي بالمغرب على وجود جهاز مركزي للرقابة العليا على‬
‫األموال العمومية‪ ،‬ومحاكم مالية جهوية‪ ،‬وتفرض وحدة الهدف بين هاتين الهيئتين قيام عالقات‬
‫تنسيق وتعاون فيما بينهما‪ ،‬وفي هذا الصدد يجوزللرئيس األول بتنسيق مع رئيس املجلس الجهوي‬
‫المعني‪ ،‬أن يكلف قماة معينين بأحد املجالس الجهوية للقيام في عين المكان بالتحقيق في ملفات‬
‫تدخل في اختصاصات املجلس في ميدان التأديب المالي أو بمر اقبة تسييرأحد األجهزة الخاضعة‬
‫لرقابة املجلس‪.433‬‬
‫ما يالحظ بهذا الصدد أن المشرع المغربي حصر إمكانية تفويض املجلس للمجالس‬
‫الجهوية عمليات المر اقبة في اختصاصين فقط من اختصاصاته‪ ،‬وهما التأديب المالي ومر اقبة‬
‫التسيير‪ ،‬وذلك دون باقي االختصاصات األخرى‪ ،‬كما حصر المشرع دور القماة المعينين بأحد‬

‫‪ -432‬الماقة ‪ 92‬و‪ 111‬من نفا الاانود‪.‬‬
‫‪ -433‬الماقة ‪ 312‬من نفا المرجع‬
‫املجالس الجهوية في تكليفهم بمباشرة عمليات التحقيق فقط في حين لم يحدد دورهم في باقي‬
‫مراحل المسطرة خاصة المداولة المتعلقة بالقمية أو القمايا التي كانت موضوع التحقيق‬
‫الذي شاركوا فيه‪.434‬‬
‫دائما وفي إطار التنسيق والتعاون‪ ،‬توجه املجالس الجهوية نسخا من جميع التقارير‬
‫المتعلقة بمر اقبة التسييرومر اقبة استخدام األموال العمومية التي تعدها مشفوعة بمالحظات‬
‫وأراء المسؤولين والسلطات المعنية ويمكن للمجلس أن يدرج في تقريره السنوي مالحظات‬
‫املجالس الجهوية‪.435‬‬
‫ما يالحظ في هذا الصدد أنه رغم أهمية نشرتقاريروأحكام املجالس الجهوية في تمكين الرأي‬
‫العام من االطالع على حصيلة تدبير الجماعات الترابية للشأن العام املحلي من جهة‪ ،‬وتطوير‬
‫أدائها من جهة أخرى‪ ،‬غير أن القانون قد جعل مسطرة نشر أحكام وتقاريراملجالس الجهوية جد‬
‫صعبة‪ ،‬حيث حرمها من إمكانية نشر نتائج عملها الرقابي‪ ،‬إذ يحتكر املجلس هذه الصالحية‪ ،‬وال‬
‫يملك رؤساء املجالس الجهوية إال إمكانية اقتراح نشراألحكام الصادرة عنها‪.‬‬
‫استنادا لما سبق‪ ،‬يمكن القول أن مهمة التنسيق والتعاون بين املجلس واملجالس الجهوية‬
‫هي أمر ضروري من أجل تطوير القدرات الذاتية لهذه الهيئات‪ ،‬ومن أجل القيام برقابة فعالة في‬
‫حماية األموال العمومية‪ ،‬غير أنه ال يجب أن تتسم هذه العالقة بالتبعية‪ ،‬أو وضع قيود على‬
‫املجالس الجهوية‪ ،‬ما يجعل عملها أقل تأثيرا وأضعف‪.‬‬
‫عموما‪ ،‬يمكن القول أن عالقة املجلس بباقي الهيئات القمائية تختلف من هيئة إلى أخرى‪،‬‬
‫حيث تتسم مع بعض الهيئات القمائية بنوع من التعاون والتنسيق‪ ،‬وتتسم بالتنافس وتداخل‬
‫وتقاطع االختصاصات مع البعض األخر‪.‬‬
‫"إذا كانت كافة األطراف المعنية بتدبير الشأن العام والمال العام في الدولة واملجتمع‪،‬‬
‫تستشعر الحاجة والفائدة من وجود جهاز أعلى للرقابة واملحاسبة مستقل وفعال‪ ،‬فالبرلمان‬
‫باعتباره واسطة ومرآة للرقابة الشعبية على أداء الحكام هواألكثراستفادة على اإلطالق من وجود‬

‫‪ -435‬الماقة ‪ 311‬من قانود ‪ .41-99‬مرجع سابي‪.‬‬
‫مؤسسة رقابية عليا متخصصة ومستقلة وفعالة تعمده في وظيفته الرقابية وحتى التشريعية‬
‫ذات العالقة بالمالية العامة‪ ،‬ولذلك فإن التشريعات الدولية أجمعت على تجسير وتوثيق‬
‫العالقة الوظيفية بين المؤسستين"‪ .436‬ومن جهة أخرى فإن باقي المؤسسات الدستورية‪ ،‬خاصة‬
‫المكلفة بحماية المال العام‪ ،‬يعتبر توثيق العالقة بينهما وبين املجلس هو أمر ضروري وال مناص‬
‫منه لتحقيق األهداف والمهام الملقاة على عاتق هذه الهيئات‪ ،‬ومهما اختلفت طبيعة‬
‫واختصاصات األجهزة والمؤسسات الدستورية‪ ،‬فإنها تلتقي كلها في هدفها األساس ي وهو السهر‬
‫على حماية األموال العمومية وفق ما تنص عليه المقتميات القانونية‪ ،‬لذلك ينبغي خلق جسور‬
‫للتعاون والتنسيق الفعال بين األجهزة العليا للرقابة المالية ومحيطه السياس ي واإلداري‪ ،‬وذلك‬
‫من أجل تفادي هدر الوقت واإلمكانيات وكذا تفادي حصول تناقض في النتائج المتوصل إليها‪،‬‬
‫ولتحقيق الفعالية والنجاعة المنشودة في التدبيرالعمومي وترشيد األموال العمومية‪.‬‬
‫المراجع باللغة العربية‬ ‫‪‬‬
‫ظهيرشريف رقم ‪ 9.99.19‬صادرفي ‪ 20‬من شعبان ‪ 21( 9212‬يوليو ‪ )2799‬بتنفيذ‬ ‫‪‬‬

‫نص الدستور‪ ،‬ج‪.‬رعدد ‪ 2162‬مكرربتاريخ ‪ 22‬شعبان ‪ 17( 9212‬يوليو ‪.)2799‬‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪ 917.91‬لقانون المالية‪ ،‬الصادربتنفيذه الظهيرالشريف‬ ‫‪‬‬

‫رقم ‪ 9.92.62‬صادر في ‪ 92‬من شعبان ‪ 2( 9216‬يونيو ‪ ،)2792‬ج‪.‬ر عدد ‪ 6107‬بتاريخ فاتح رممان‬
‫‪ 92( 9216‬يونيو ‪.)2792‬‬
‫القانون رقم ‪ 62-11‬المتعلق بمدونة املحاكم المالية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير‬ ‫‪‬‬
‫الشريف رقم ‪ 9-72-922‬الصادرفي فاتح من ربيع األول ‪ 91( 9221‬يونيو ‪ ،)2772‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ ،2717‬في ‪ 6‬جمادى األخيرة ‪ 92( 9221‬أغسطس ‪.)2772‬‬
‫‪ -436‬م مد براو "المجلا األعلى لل سابات بالمغرب‪ ،‬وي متطلبات في سئاق المراقب الديماراطئ لل كام "‪،‬‬
‫مستجدات تنظئم المالئ العمومئ على ضوء قستور ‪ ،1033‬من ورات مجل العلوم الاانونئ ‪ ،‬العدق األول ‪،1031‬‬
‫مطبع األمنئ ‪ ،‬ذ ‪.41‬‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 9-21-291‬صادر في ‪ 22‬جمادى الثانية ‪9122‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪26‬نونبر‪ )9162‬بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 2627‬مكرر‬
‫بتاريخ ‪ 92‬محرم ‪ 2( 9121‬يونيو‪ ،)9161‬صيغة محينة بتاريخ فاتح يونيو ‪.2792‬‬
‫ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 9-02-112‬بتاريخ ‪ 22‬جمادى الثانية ‪9112‬‬ ‫‪‬‬
‫(‪92‬يوليوز‪ )9102‬يتعلق بالتنظيم القمائي للمملكة‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ 1227‬بتاريخ ‪26‬‬
‫جمادى الثانية ‪ 90( 9112‬يوليوز‪ ،)9102‬صيغة محينة بتاريخ ‪ 26‬أكتوبر‪.2799‬‬
‫القانون رقم ‪ 29-17‬املحدث بموجبه محاكم إدارية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير‬ ‫‪‬‬
‫الشريف رقم ‪ 9-19-222‬الصادرفي ‪ 22‬من ربيع األول ‪ 97( 9292‬شتنبر‪ ،)9111‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد‪ 2220‬بتاريخ ‪ 92‬جمادى األول ‪ 1( 9292‬نونبر‪.9111‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 9-20-221‬في‪ 2‬ربيع األول ‪ 20( 9100‬سبتمبر ‪ ،)9120‬يتعلق‬ ‫‪‬‬
‫باملجلس األعلى‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 2120‬الصادرة بتاريخ ‪ 21‬ربيع األول ‪ 92( 9100‬أكتوبر‬
‫‪.)9120‬‬
‫ظهيرشريف رقم ‪ 9-99-907‬صادرفي ‪ 20‬من ذي القعدة ‪ 22( 9212‬أكتوبر‪،)2799‬‬ ‫‪‬‬

‫بتنفيذ القانون رقم ‪ 22-99‬المتعلق بمحكمة النقض‪ ،‬المغير بموجبه الظهير الشريف رقم ‪-221‬‬
‫‪ 9-20‬الصادر في ‪ 2‬من ربيع األول ‪ 20( 9100‬سبتمبر ‪ ،)9120‬بشأن املجلس األعلى‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 2121‬مكررالصادرة بتاريخ ‪ 22‬ذي القعدة ‪ 26( 9212‬أكتوبر ‪.)2799‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2-99-222‬صادرفي ‪ 0‬ذي الحجة ‪ 2( 9212‬نونبر‪ ،)2799‬بتحديد عدد‬ ‫‪‬‬

‫محاكم اإلستئناف املحدثة بها أقسام للجرائم المالية وتعيين دو ائر نفوذها‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 2112‬الصادرة بتاريخ ‪ 90‬ذي الحجة ‪92( 9212‬نوفمبر‪.)2799‬‬
‫أحمد حسون‪ :‬املجلس األعلى للحسابات بالمغرب‪ ،‬دراسة سوسيوقانونية‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط ‪.2791‬‬
‫أحميدوش مدني‪ :‬املحاكم المالية بالمغرب‪ ،‬دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫مطبعة فمالة املحمدية‪ ،‬الطبعة األولى‪.2771192 ،‬‬
‫الصديق حيدة‪ :‬املحاكم المالية وإشكالية حماية المال العام‪ ،‬مجلة المالية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬العدد ‪ ،29‬يناير ‪ 2792‬العدد ‪ ،29‬يناير ‪ .2792‬منشور على الموقع‬
‫اإلليكتروني لوزارة المالية‪:‬‬
‫‪www.finances.gov.ma/Docs/2014/DAAG/ALMaliya%2021%20Ar.p‬‬
‫عبد الحق أخو الزين‪" :‬دور املحكمة اإلدارية بالرباط في حماية المال العام"‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫مستجدات تنظيم المالية العمومية على ضوء دستور ‪ ،2799‬منشورات مجلة العلوم القانونية‪،‬‬
‫العدد األول ‪ ،2792‬مطبعة األمنية‪.‬‬
‫محمد براو‪ :‬الوسيط في شرح مدونة املحاكم المالية –الكتب الثالثة‪ -‬الطبعة‬ ‫‪‬‬
‫األولى ‪ ،2792‬دارالسالم للطباعة والنشروالتوزيع‪ ،‬الرباط‪.‬‬
‫محمد براو‪" :‬املجلس األعلى للحسابات بالمغرب‪ ،‬أية متطلبات في سياق‬ ‫‪‬‬
‫المر اقبة الديمقراطية للحكامة"‪ ،‬مستجدات تنظيم المالية العمومية على ضوء دستور‪،2799‬‬
‫منشورات مجلة العلوم القانونية‪ ،‬العدد األول ‪ ،2792‬مطبعة األمنية‪.‬‬
‫هشام الحسكة‪" :‬الوظيفة العقابية للمجالس الجهوية ورهان الحكامة المالية‬ ‫‪‬‬
‫الترابية ‪-‬اختصاص التأديب المالي نموذجا‪ ،"-‬مستجدات تنظيم المالية العمومية على ضوء‬
‫دستور‪ ،2799‬منشورات مجلة العلوم القانونية‪ ،‬العدد األول ‪ ،2792‬مطبعة األمنية‪.‬‬
‫المراجع باللغة األجنبية‬ ‫‪‬‬
‫‪Hassane Elarafi : Gestion des finances de L’ETAT, Budget,‬‬ ‫‪‬‬

‫‪Comptabilité, Trésor, 1ére Edition 2006, Impression, Cana print, Rabat.‬‬
‫‪Harakat : Le Droit Du Contrôle supérieur Des Finances Mohamed‬‬ ‫‪‬‬

‫‪publiques Au MAROC, essai sur les techniques d’audit a l’heure de l’ajustement‬‬
‫‪structurel, tome 1, Edition Babel, 1992.‬‬
‫–‬
‫التقادم الجنائي واالجراءات المؤثرة على سريانه‬

‫‪The criminal statute of limitations and the procedures affecting its validity‬‬
‫تعد العقوبة كرد فعل اجتماعي ضد الجريمة مؤسسة قانونية قديمة قدم اإلنسانية‪ ،‬حيث‬
‫عرفتها سائر املجتمعات وصاحبتها في تطورها ورقيها‪ ،‬وهي أخطر ما تملكه الدولة من حقوق في‬
‫مواجهة األفراد‪ ،‬وهو حق تفرضه الحياة في املجتمع وتقتميه ضرورة املحافظة عليه‪ ،‬وحمايته‬
‫من األفعال أو التصرفات المارة التي تهدد كيانه ونظمه‪.437‬‬
‫إن تحديد مممون سلطة الدولة في العقاب ال يكون إال بواسطة الحكم أو القرارالصادرفي‬
‫الدعوى العمومية‪ ،‬إذ ال عقوبة بدون حكم قمائي‪.‬‬
‫وسلطة توقي ع العقاب على مرتكبي الجرائم في القوانين الداخلية هي سلطة تباشرها‬
‫الدولة بواسطة النيابة العامة بصفتها تمثل املجتمع وتنوب عنه في تحريك الدعوى العمومية‬
‫طبقا للمادة الثالثة من قانون المسطرة الجنائية‪ ،438‬وتعتبرالدعوى العمومية وسيلة الدولة في‬
‫اقتماء حقها في العقا ب عن طريق طرح الخصومة الجنائية على املحكمة عن طريق النيابة‬
‫العامة عندما يلحق باملجتمع ضرراجتماعي‪.439‬‬
‫ومن اإلشكاالت التي تثور في هذا الخصوص طول أمد إجراءات التقاض ي‪ ،‬ليجد المتهم‬
‫نفسه في حلقات طويلة ومعقدة أمام الجهات املختصة لمباشرة اإلجراءات الجنائية بدء من‬
‫لحظة وقوع الجريمة‪ ،‬والقبض عليه والتحقيق معه وحبسه‪ ،‬ثم مثوله أمام القماء مقدما أدلته‬
‫‪437‬ـ مصطفى يوسف‪ ،‬التقادم الجنائي وأثره اإلجرائي والموضوعي‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،0202 ،‬ص‪.5‬‬
‫‪438‬ـ صدر القانون رقم ‪ 20‬ـ‪ 00‬المتعلق بالمسطرة الجنائية الحالية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 055‬ـ ‪ 20‬ـ ‪ 0‬الصادر في ‪05‬‬
‫من رجب ‪ 0201‬الموافق ( ‪ 1‬أكتوبر ‪ ،) 0220‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5205‬بتاريخ ‪ 00‬ذي القعدة ‪ 0201‬الموافق ‪ 12‬يناير‬
‫‪ ،0221‬ص ‪ ،105‬وعدل بمقتض ى الظهير الشريف رقم ‪ 061‬ـ ‪00‬ـ ‪ 0‬الصادر في ‪ 01‬من ذي القعدة ‪ 00 ( 0210‬أكتوبر ‪ ،) 0220‬بتنفيذ‬
‫القانون رقم ‪ 00‬ـ ‪ 15‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5112‬بتاريخ ‪ 01‬ذي القعدة ‪ 00 ( 0210‬أكتوبر ‪ ) 0200‬ص ‪.5015‬‬
‫‪439‬ـ‪T J. Pradel ,Droit Pénal . Cujas‬ـ‪1‬ـ ‪1 Paris‬ـ ‪. p724.9401Ed‬‬
‫ومفندها‪ ،‬وال شك أن في طول هذه اإلجراءات وكثرتها ما يبعث على عدم الثقة في العدالة‬
‫المنشودة‪ ،‬مما قد يسبب اضطرابا عاما‪ ،‬لذا كانت ضرورة البحث عن وسيلة لتفادي هذه‬
‫المشكلة‪ ،‬فكان نظام التقادم من هذه الوسائل إلنهاء النزاع‪.‬‬
‫وتأخذ معظم النظم القانونية‪ ،‬ومنها القانون الجنائي المغربي‪ ،440‬بمبدأ انقماء الدعوى‬
‫الجنائية وسقوط عقوبتها بالتقادم‪ ،‬فالتراخي في تحريك الدعوى العمومية أو تنفيذ العقوبة‬
‫يسقط الحق الجنائي متى ممت الفترة الزمنية التي حددها القانون لتحريك الدعوى العمومية‬
‫أو تنفيذ العقوبة‪ ،‬ولم يتخذ خالل هذه الفترة أي إجراء من اإلجراءات التي تقطع التقادم‪.‬‬
‫والمشرع المغربي لم يعرف التقادم و إنما ترك ذلك للفقه‪ ،‬حيث عرفه بعض الفقه‪.441‬‬
‫فيقصد به مض ي فترة من الزمن يحددها القانون تبدأ من تاريخ ارتكاب الجريمة دون أن يتخذ‬
‫خاللها إجراء من إجراءاتها ويترتب على هذا التقادم سقوط الدعوى العمومية‪.‬‬
‫أما تقادم العقوبة فيعني مرور الزمان على صدور الحكم باإلدانة دون التمكن من تنفيذه‬
‫فيصبح التنفيذ ممتنعا بعد مض ي ذلك الزمن املحدد ويتخلص املحكوم عليه من العقوبة نهائيا‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فالتقادم هو تلك الو اقعة المادية التي تنشأ بمرور وقت حدده المشرع المغربي‬
‫تكون نقطة احتسابه من يوم ارتكاب الجريمة‪ ،‬بحيث إذا مرت هذه المدة دون أن تتخذ السلطات‬
‫القمائية أي إجراء من اإلجراءات في حق مرتكب الجريمة‪ ،‬فإنه يترتب عنه سقوط الحق في‬
‫المتابعة بسبب مرور الوقت الذي يكون معه الرأي العام أو املجتمع تناس ى الفعل الجرمي‪ ،‬ولم‬
‫يعد بحاجة لفتح جرح قد تعافى منه‪ ،‬وضياع معالم الجريمة وضعف األدلة التي تقوم عليها‪،‬‬
‫وكذلك حجم المعاناة التي يكون قد عانها المتهم نفسيا من الفترة ما بين وقوع الجريمة وسقوطها‬
‫بالتقادم بالتخفي والخوف والقلق من مالحقة النيابة العامة‪.‬‬
‫ويجد التقادم أساسه كذلك في ضرورة عدم بقاء المراكز القانونية لألفراد مهددة بإثارة‬
‫الدعوى العمومية أو بتنفيذ العقوبة فترة طويلة من الزمن‪ ،‬ألن ذلك من شأنه إشاعة الخوف‬
‫واالضطراب لدى هؤالء األفراد طوال حياتهم‪ ،‬وعلى ذلك فإنه يجب على الدولة أن تمع حدا‬
‫‪440‬ـ صدر بموجب ظهير شريف رقم ‪ 201‬ـ ‪ 51‬ـ ‪ 0‬الصادر بتاريخ ‪ 05‬جمادى الثانية ‪ 06 ( 0150‬نونبر ‪ ،) 0160‬بالمصادقة على مجموعة‬
‫القانون الجنائي‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 0622‬مكرر بتاريخ ‪ 5‬يونيو ‪ ،0161‬ص ‪.0051‬‬
‫‪ 441‬ـ عبد الفتاح مصطفى الصيفي‪ ،‬حق الدولة في العقاب‪ ،‬نشأته واقتضاؤه وانقضاؤه‪ ،‬دار الهدى للمطبوعات‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫االسكندرية‪ ،0155 ،‬ص ‪.65‬‬
‫لعدم استقرار هذه المراكز خالل فترة معقولة‪ ،‬وإال فقدت الدولة حقها في العقاب بالتقادم‬
‫تحقيقا لفكرة الثبات القانوني‪ ،‬فالقانون كما أعطاها هذا الحق فقد أوجب عليها أن تمارسه‬
‫خالل فترة محددة‪.‬‬
‫وقد عمل المشرع المغربي على تنظيم مؤسسة التقادم الجنائي في مجموعة من المواد‬
‫سواء على مستوى القانون الجنائي أو على مستوى قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬حيث قام بتحديد‬
‫شروطه ومدده فمال عن اآلثار المترتبة عنه‪ ،‬ويختلف تقادم الدعوى عن تقادم العقوبة‪ ،‬من‬
‫حيث أن تقادم الدعوى يعتبر سببا لسقوطها‪ ،‬ويحول دون الحكم فيها‪ ،‬في حين يشكل تقادم‬
‫العقوبة سببا لإلعفاء من العقوبة‪ ،‬بعد صدورحكم حائزلقوة الش يء المقض ي به‪.‬‬
‫إذن فالتقادم مؤسسة ال غنى عنها لقيامه على اعتبارات متعددة اجتماعية و اقتصادية‬
‫وأمنية‪ ،‬حيث لوال التقادم لظلت املحاكم تنظرفي القمايا التي مرعليها زمن طويل‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫القمايا الجديدة المعروضة على القماء‪ ،‬والتي هي في ارتفاع مستمر‪ ،‬مع ما ينتج عن ذلك من‬
‫اضطراب وتشويش على العدالة بسبب اندثاراألدلة مع مرورالوقت‪.442‬‬
‫إال موضوع التقادم الجنائي يطرح العديد من التساؤالت التي تصب في إشكالية أساسية‪،‬‬
‫وهي‪ :‬إلى أي حد استطاع المشرع المغربي وهو ينظم المقتميات اإلجرائية المتعلقة بتقادم كل‬
‫من الدعوى العمومية والعقوبة أن يوازي بين حق املجتمع في حماية أمنه واستقراره‪ ،‬وتمتيع‬
‫المتهم بالممانات المترتبة عن هذا التقادم؟‬
‫وملحاولة اإلجابة على هذه اإلشكالية يمكن تقسيم الموضوع وفق الشكل التالي‪ :‬المطلب‬
‫األول‪ :‬مدد تق ــادم الدع ــوى العمومية والعقوبة‪ .‬المطلب الثاني‪ :‬سريان آجال التقادم الجنائي‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬مدد تق ــادم الدع ــوى العمومية والعقوبة‬
‫إن معظم التشريعات الجنائية تأخذ بنظام التقادم الجنائي‪ ،‬وهو صنفان تقادم الدعوى‬
‫العمومية وتقادم العقوبة املحكوم بها وفيهما يفترض المشرع أن مرور فترة من الزمن تطول أو‬
‫تقصر بحسب جسامة الجريمة‪ ،‬أهي جناية أو جنحة أم مخالفة‪ ،‬مدعاة ألن يتنازل املجتمع عن‬
‫‪442‬يوسف الشوفاني‪ ،‬التقادم الجنائي وضرورات العدالة الجنائية‪ ،‬جامعة محمد الخامس ـ السويس ي ـ ‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بسال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،0200/0200‬ص ‪.6‬‬
‫مالحقة الجاني ويكف عن المطالبة بمعاقبته‪ .‬ومدة تقادم العقوبات تكون عادة أطول من مدة‬
‫تقادم الدعاوي الجنائية لما يكشف عنه الحكم الصادر العقوبة من تأكد ارتكاب المتهم للجرم‬
‫وبالتالي من ثبوت حق الدولة في عقابه‪.443‬‬
‫وقد حدد المشرع المغربي المدد التي تتقادم بموجبها الجرائم والعقوبات وجعلها تختلف‬
‫في الدعوى العمومية بحسب ما إذا تعلق األمربجناية أو جنحة أو مخالفة (الفقرة األولى) وكذلك‬
‫األمر بالنسبة لتقادم العقوبة حيث تحدد مدتها أيما تبعا لنوع العقوبة المقررة هل هي عقوبة‬
‫جنائية‪ ،‬أو جنحية‪ ،‬أم ضبطية (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬مدد تقادم الدع ــوى العمومية‬
‫من المعلوم أن التشريع الجنائي المغربي لم يحدد مدة واحدة للتقادم في الدعوى‬
‫العمومية تسري على كافة أنواع الجرائم‪ ،‬بل ولم يسمح المشرع لسلطة االتهام أو التحقيق أو‬
‫الحكم تحديدها أو التعديل في تحديدها التشريعي‪ ،‬و إنما تتفاوت مدة تقادم الدعوى العمومية‬
‫إما وفقا لنوع لجريمة من حيث كونها جناية أو جنحة أو مخالفة‪ ،‬وهو السائد في معظم‬
‫التشريعات‪ ،‬أما في بعمها اآلخر فتتدرج هذه المدة حسب طبيعة الجريمة وتبعا لمدى خطورتها‬
‫وجسامتها‪ ،‬إذ كلما زادت خطورة الجريمة وجسامتها طالت مدة تقادم الدعوى العمومية الناشئة‬
‫عنها‪.444‬‬
‫وقد أخذ المشرع المغربي بمبدأ تدرج مدة التقادم في الدعوى العمومية‪ ،‬فنص في المادة‬
‫‪ 2‬من ق‪ .‬م‪ .‬ج على أنه‪" :‬تتقادم الدعوى العمومية‪ ،‬ما لم تنص قوانين خاصة على خالف ذلك ‪:‬‬
‫‪ -‬بمرورخمس عشرة سنة ميالدية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الجناية‬
‫‪ -‬بمرورأربع سنوات ميالدية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الجنحة‬
‫‪ 443‬سليمان عبد المنعم‪ ،‬أصول اإلجراءات الجنائية دراسة مقارنة‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪ ،0225‬ص ‪.020‬‬
‫‪444‬فيما يتعلق بالتشريعات التي أخذت بمبدأ تقادم الدعوى العمومية تبعا لجسامة الجريمة وخطورتها أي تبعا لمقدار العقوبة‬
‫المقررة للجريمة‪ ،‬فهناك على سبيل المثال القانون اإليطالي الذي تعرض لحكام تقادم الدعوى العمومية في القانون الجنائي تحت‬
‫عنوان " مض ي الزمن على الجريمة والعقوبة" حسب المادة ‪ 050‬من القانون الجنائي اإليطالي‪.‬‬
‫‪ -‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬الوسيط في شرح قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،0155 ،‬ص ‪.020‬‬
‫‪ -‬فريد الزغبي‪ ،‬الموسوعة الجنائية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬املجلد الثامن‪ ،‬دار صادر للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،0115 ،‬ص ‪.020‬‬
‫‪ -‬بمرورسنة ميالدية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب املخالفة‪" ...‬‬
‫ولتحديد ما إذا كان الفعل يعد جناية أو جنحة أو مخالفة يتعين الرجوع إلى القانون الذي‬
‫نص صراحة على الجريمة سواء كان القانون الجنائي أو أي قانون آخر‪.‬‬
‫والمشرع المغربي بمقتض ى الفصول ‪ ،92 ،90 ،96‬و‪ 999‬من ق‪ .‬ج‪ .‬ميزبين الجرائم بحسب‬
‫العقوبة المقررة لها وهو ما يطرح إشكال بخصوص نوع الجريمة هل يتحدد وفقا للعقوبة التي‬
‫يقررها القانون للجريمة أصال أم وفقا للعقوبة التي ينطق بها القاض ي الذي يسمح له القانون أو‬
‫يوجب عليه الحكم بعقوبة من نوع مختلف قد يكون أشد وقد يكون أخف من العقوبة المقررة‬
‫قانونا؟‬
‫فالمشرع المغربي –كما سبقا الذكر‪ -‬حدد مددا مختلفة لتقادم الجنايات والجنح‬
‫واملخالفات‪ ،‬لذلك فإن تطبيق القواعد القانونية المتعلقة بحالة العود والظروف املخففة ال‬
‫يؤثر على طبيعة الجريمة فالجناية ال تصبح جنحة من جراء إعمال ظروف التخفيف أو األعذار‬
‫القانونية‪ ،‬فهذه األعذارال تغيرالطبيعة القانونية للجريمة‪ ،445‬وهو ما نص عليه الفصل ‪ 992‬من‬
‫القانون الجنائي‪ ،446‬وكذلك الفصل ‪ 221‬من ق‪.‬ج الذي يعاقب على الجنايات في الفصول من‬
‫‪ 296‬إلى ‪ 229‬من ق‪ .‬ج والمرفقة بأعذارقانونية مخففة ‪:‬‬
‫‪ -‬بالحبس من سنة إلى خمس في الجنايات المعاقب عليها قانونا باإلعدام أو السجن‬
‫المؤبد‪.‬‬
‫‪ -‬الحبس من ستة أشهرإلى سنتين في جميع الجنايات األخرى‪.‬‬
‫‪ -‬الحبس من شهرإلى ثالثة أشهرفي الجنح‪.‬‬
‫‪445‬محمد عبد النباوي‪ ،‬تقادم الدعوى العمومية وتقادم العقوبة‪ ،‬مجلة الشؤون الجنائية‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية‬
‫والقضائية‪ ،‬العدد الول‪ ،‬دجنبر ‪ ،0220‬ص ‪. 16‬‬
‫‪ 446‬ينص الفصل ‪ 000‬من ق‪ .‬ج ‪ " :‬ال يتغير نوع الجريمة إذا حكم بعقوبة متعلقة بنوع آخر من أنواع الجرائم لسبب تخفيف أو لحالة‬
‫العود"‪.‬‬
‫فهذه الجنايات رغم العقاب عليها بعقوبة جنحية بنص القانون‪ ،‬فإنها تبقى محتفظة‬
‫بوصفها األصلي – جناية ‪ ،-‬وال تتقادم الدعوى العمومية المتعلقة بها إال بمض ي مدة خمسة‬
‫عشرة سنة المقررة لتقادم الجرائم المعتبرة جنايات‪.447‬‬
‫أما ظروف التشديد فإنها حسب الفصل‪ 991‬من ق‪ .‬ج‪ 448‬تغير طبيعة الفعل‪ ،‬بحيث إن‬
‫الجنحة تصبح جناية من جراء اقترانها بظروف التشديد إذا كانت العقوبة المقررة لها من جراء‬
‫ارتباطها بظروف التشديد عقوبة جنائية‪ ،449‬فالسرقة في صورتها البسيطة يحدد لها القانون‬
‫الجنائي عقوبة جنحية بمقتض ى الفصل ‪ 272‬من ق‪ .‬ج‪ ،‬أما إذا اقترنت بإحدى ظروف التشديد‬
‫كالتسلق أو الليل‪ 450‬فإنها تتحول إلى جناية‪ ،‬وتسري عليها مدة التقادم المقررة للجنايات‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى ما سبق يثارإشكال آخريتعلق بالوصف القانوني الذي يعتد به لتحديد مدة‬
‫التقادم المسقط للدعوى العمومية‪ ،‬أهو الوصف الذي تعطيه النيابة العامة للجريمة ؟ أم هو‬
‫الذي تحدده جهة التحقيق؟ أم الوصف الذي انتهت إليه محكمة الموضوع ؟‬
‫على اعتبار أن تحديد نوع الجريمة يمكن من تحديد مدة التقادم المسقط للدعوى‬
‫العمومية المتعلقة بها‪ ،‬فإن ذلك يطرح العديد من التساؤالت إذا ما رفعت دعوى اعتمد فيها‬
‫على وصف قانوني غير الوصف الحقيقي لها‪ ،‬فإذا افترضنا أن متهما قدم إلى غرفة الجنايات‬
‫باعتباره مرتكب لجريمة السرقة بالعنف أو ضرب أفض ى إلى عاهة مستديمة‪ ،‬ورأت املحكمة بعد‬
‫دراسة ومناقشة الدعوى أنها سرقة عادية ينعدم فيها العنف‪ ،‬أو أن المرب عادي‪ ،‬وأن الوصف‬
‫القانوني لها هو جنحة وليس جناية‪ .‬أو افترضنا أن متهما قدم للمحكمة بشأن جنحة وتبين أنها‬
‫مخالفة‪ .‬فهل يمكن للمتهم أن يتمسك أمام املحكمة في االفتراض األول بتقادم الدعوى العمومية‬
‫في جنحة السرقة أو المرب العادي‪ ،‬أو أن يدفع االفتراض الثاني بتقادم الدعوى العمومية في‬
‫املخالفة؟‬
‫‪ 447‬محفوظ حجيو‪ ،‬التقادم المسقط للدعوى العمومية في القانون المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة‬
‫محمد الول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،0200 – 0202‬ص ‪.00‬‬
‫‪ 448‬ينص الفصل ‪ 001‬من ق‪ .‬ج ‪ " :‬يتغير نوع الجريمة إذا حكم بعقوبة متعلقة بنوع آخر من أنواع الجرائم لسبب ظروف التشديد "‪.‬‬
‫‪ 449‬محمد عبد النباوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪ 450‬أنظر الفصول من ‪ 520‬إلى ‪ 502‬من القانون الجنائي المتعلقة بالظروف التشديد في جريمة السرقة‪.‬‬
‫بالرجوع إلى المادة ‪ 212‬من ق‪ .‬م‪ .‬ج‪ .451‬يتضح أنها خولت هذه الصالحية لغرفة الجنايات‬
‫في حق تعديل الوصف القانوني للجريمة‪ ،‬كتغييروصف الو اقعة من جناية إلى جنحة‪.‬‬
‫ومن تم فتقادم العقوبة من عدمه يتحدد بنوع العقوبة املحكوم بها‪ ،‬وهو الذي يحدد أمد‬
‫التقادم وليس نوع الجريمة التي أدين بها املحكوم عليه‪.‬‬
‫وبالتالي يرى بعض الفقه المغربي‪ 452‬أن العبرة في تكييف الجريمة لتحديد نوعها‪ ،‬ومن تم‬
‫تحديد مدة التقادم ال يتوقف على التكييف القانوني الذي تحدده النيابة العامة أو قاض ي‬
‫التحقيق إذا كان خاطئا‪ ،‬و إنما يتوقف على التكييف الذي تقرره محكمة الموضوع التي تنظرفي‬
‫الدعوى العمومية‪ ،‬أو محكمة النقض باعتبار أن حكمها ملزم ملحكمة اإلحالة فيما يتعلق‬
‫بالنقطة القانونية التي بتت فيها حسب المادة ‪ 222‬من ق‪ .‬م‪ .‬ج‪.453‬‬
‫وعلى الرغم من أن النص القانوني صريح بخصوص االعتداد بالوصف القانوني الذي‬
‫تحدده املحكمة‪ ،‬إال أننا نرى أنه يمكن االعتداد بالوصف القانوني الذي تحدده النيابة العامة‬
‫للجريمة لتحديد مدة تقادم الدعوى العمومية المتعلقة بها إذا لم تصل الدعوى مرحلة‬
‫املحاكمة‪ ،‬فإذا كانت الدعوى معروضة أمام النيابة العامة التي أعطت للوقائع وصفا جنائيا‬
‫معينا‪ ،‬وعندها توقفت القمية‪ ،‬فإن طبيعة هذا التكييف تكون األساس في احتساب مدة‬
‫التقادم‪ ،‬ونفس الش يء ينطبق على الوصف الذي يعطيه قاض ي التحقيق‪ ،‬ألن القمية لم تصل‬
‫في هذه الحالة إلى محكمة الموضوع‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬مدد تقادم العقوبة‬
‫تحدد المواد ‪ 629 ،627 ،621‬من قانون المسطرة الجنائية مدد التقادم في العقوبات‪،‬‬
‫والتي تختلف باختالف نوع العقوبة هل هي جناية أم جنحة أم مخالفة من املخالفات‪.‬‬
‫‪ 451‬نصت المادة ‪ 210‬من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي ‪ " :‬ال ترتبط غرفة الجنايات بتكييف الجريمة املحالة عليها‪ ،‬ويجب عليها‬
‫أن تكيف قانونيا الفعال التي تحال إليها‪ ،‬وأن تطبق عليها النصوص الجنائية المتالئمة مع نتيجة بحث القضية بالجلسة‪.‬‬
‫غير انه إذا تبين من البحث المذكور وجود ظرف أو عدة ظروف مشددة لم تضمن في القرار باإلحالة‪ ،‬فال يجوز لغرفة الجنايات أن‬
‫تأخذ بها إال بعد االستماع لمطالب النيابة العامة وإليضاحات الدفاع"‪.‬‬
‫‪ 452‬أحمد الخمليش ي‪ ،‬شرح القانون الجنائي – القسم العام‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،0151 ،‬الهامش رقم ‪ :10‬ص ‪.01‬‬
‫‪453‬جاء في المادة ‪ 552‬من ق‪.‬م‪.‬ج أنه‪" :‬يتعين على املحكمة التي أحيلت إليها القضية بعد النقض أن تلتزم بقرار املجلس العلى فيما‬
‫يرجع للنقطة القانونية التي بتت فيها"‪.‬‬
‫فالعقوبات الجنائية‪ 454‬تتقادم األحكام الصادرة بشأنها بمرور خمسة عشرة سنة من‬
‫التاريخ الذي يصبح الحكم مكتسبا لقوة الش يء المقض ي به‪ ،‬أما العقوبات الجنحية‪ 455‬فتتقادم‬
‫بمرورأربع سنوات كاملة تحسب بنفس الكيفية‪.456‬‬
‫أما بالنسبة للعقوبات الصادرة عن املخالفات‪ 457‬فتتقادم بمرور سنة واحدة من تاريخ‬
‫صيرورة الحكم القاض ي بالعقوبة مكتسبا قوة الش يء المض ي به‪.458‬‬
‫إن تقادم الجريمة طالما جعله المشرع مرتبطا ارتباطا وثيقا بالفعل المقترف‪ ،‬فانه ال‬
‫يطرح أي إشكال في تحديد مدة التقادم التي ينبغي تطبيقها على الفعل المقترف‪ .‬أما تقادم‬
‫العقوبة‪ ،‬فإنه يطرح أكثر من سؤال‪ ،‬فالمالحظ أن المشرع المغربي بلجوئه إما إلى تشديد‬
‫العقوبة أو تخفيفها‪ ،‬يترتب عن ذلك تغيير الوصف القانوني لها من جنحة إلى جناية ومن جناية‬
‫إلى جنحة فهل تغيير الوصف القانوني يترتب عنه تغيير مدة التقادم؟ أم أنه يتعين علينا التقيد‬
‫بمبدأ إخماعها لمدة التقادم الخاص بها؟‪459‬‬ ‫رغم تغييروصف الجريمة‬
‫إن هذا اإلشكال يطرح على المستوى العملي‪ ،‬حيث نجد أن المتهم يحاكم من أجل‬
‫جناية‪ ،‬إال أن العقوبة التي صدرت في حقه هي عقوبة جنحية‪ ،‬بسبب تمتيع المعني باألمر إما‬
‫بأعذار قانونية مخفمة‪ ،‬أو بظروف التخفيف بحسب األحوال‪ .‬وبالمقابل قد نجد أن املحاكمة‬
‫قد تمت من أجل جنحة‪ ،‬إال أن العقوبة الصادرة هي عقوبة املخالفة‪.460‬‬
‫البد من اإلشارة أوال‪ ،‬إلى أن تحديد طبيعة العقوبة أووصفها من اختصاص المشرع وليس‬
‫من شأن القاض ي في ش يء‪ ،‬الذي خول له القانون الحق في تقديرالعقوبة ليس إال‪ ،‬وذلك ما ينص‬
‫‪ 454‬حسب الفصل ‪ 06‬من ق‪.‬ج هي‪" :‬اإلعدام السجن المؤبد‪ ،‬السجن المؤقت من خمس سنوات إلى ثالثين سنة‪ ،‬اإلقامة اإلجبارية‪،‬‬
‫التجريد من الحقوق الوطنية"‪.‬‬
‫‪ 455‬حسب الفصل ‪ 00‬من ق‪ .‬ج هي ‪" :‬الحبس والغرامة التي ال تتجاوز ‪ 0022‬درهم"‪.‬‬
‫‪ 456‬تنص المادة ‪ 652‬من ق‪ .‬م‪ .‬ج ‪ " :‬تتقادم العقوبات الجنحية بمض ي أربع سنوات ميالدية كاملة‪ ،‬ابتداء من التاريخ الذي يصبح فيه‬
‫الحكم الصادر بالعقوبة مكتسبا لقوة الش يء المقض ي به‪.‬‬
‫غير أنه إذا كانت عقوبة الحبس املحكوم بها تتجاوز خمس سنوات‪ ،‬فإن مدة التقادم تكون مساوية لمدة العقوبة"‪.‬‬
‫‪ 457‬حسب الفصل ‪ 05‬من ق‪ .‬ج ‪ " :‬تتمثل في االعتقال لمدة تقل عن شهر وفي الغرامة المتراوحة بين ‪ 12‬درهما و‪ 0022‬درهم"‪.‬‬
‫‪ 458‬تنص المادة ‪ 650‬من ق‪.‬م‪ .‬ج ‪ " :‬تتقادم العقوبات عن املخالفات بمض ي سنة ميالدية كاملة‪ ،‬تحسب ابتداء من التاريخ الذي يصبح‬
‫به الحكم الصادر بالعقوبة مكتسبا لقوة المقض ي"‪.‬‬
‫‪ 459‬محمد أحداف‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الول‪ ،‬مطبعة سجلماسة‪ ،‬مكناس‪ ،0205 ،‬ص ‪.051‬‬
‫‪ 460‬حميد ميمون‪ ،‬اإلشكاليات العملية في تقادم العقوبات الزجرية‪ ،‬مجلة اإلشعاع‪ ،‬العدد ‪ ،0220 ،10‬ص ‪.060‬‬
‫عليه الدستور المغربي في الفصل ‪ 07‬منه " يمارس البرلمان السلطة التشريعية‪ ،"...‬إال أن هذا‬
‫الوضوح تحول إلى غموض في قانون المسطرة الجنائية فيما يتعلق بتقادم العقوبة‪ ،‬وهو ما فتح‬
‫باب النقاش على مصراعيه أمام مجموعة من اآلراء‪ ،‬والتي لم يحسم فيها فهناك من يدافع عن‬
‫األخذ بالفعل المرتكب‪ ،‬وهناك من يعتمد على العقوبة املحكوم بها من قبل املحكمة‪.‬‬
‫فقد ذهب بعض الفقه المغربي‪ 461‬في اتجاه مخالف لما يرومه المشرع من هذا النص‪ ،‬إذ‬
‫أكد على أن العبرة بالعقوبة املحكوم بها في تحديد مدة التقادم الموازية لها‪ ،‬وليس بالجرائم التي‬
‫تمت املحاكمة من أجلها‪ ،‬وهو نفس التوجه الذي ذهب إليه بعض الفقه في فرنسا‪ .462‬ومما‬
‫يالحظ أن هذه القاعدة ليست على إطالقها‪ ،‬ومن ثم ال يمكن اعتمادها في التطبيق أمام وضوح‬
‫النص وصراحته‪ .‬ومع ذلك نجد أن المنشورالوزاري الموجه من وزيرالعدل إلى السادة ‪ :‬الوكالء‬
‫العامين للملك لدى محاكم االستئناف وكالء الملك لدى املحاكم االبتدائية بالمملكة‪ ،‬يكرس‬
‫هذا التوجه‪.463‬‬
‫وباالطالع على صياغة المادة ‪ 627‬من ق‪.‬م‪.‬ج نجدها توحي بمرورة االحتكام إلى طبيعة‬
‫العقوبة وليس إلى الفعل الجرمي موضوع اإلدانة‪ ،‬وبالتالي فإن مدة التقادم في العقوبات‬
‫الجنحية هي أربع سنوات من صيرورة الحكم نهائيا‪ ،‬سواء كانت العقوبة الحبسية نتيجة اإلدانة‬
‫من أجل جناية أو جنحة‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد أكد بعض المهتمين‪ 464‬أن العبرة بالعقوبة املحكوم بها في تحديد مدة‬
‫التقادم الموازية لها‪ ،‬وليس بالجرائم التي تمت املحاكمة من أجلها حيث قد يتعلق األمرباإلدانة‬
‫من أجل جناية ولكن يحكم فقط بعقوبة جنحية (كالحكم بثالث سنوات حبسا نافذا من أجل‬
‫السرقة الموصوفة مثال)‪ ،‬ففي هذه الحالة تتقادم العقوبة بمرورأربع سنوات المقررة للعقوبات‬
‫‪ 461‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شرح القانون الجنائي المغربي ـ القسم العام‪ ،‬الطبعة السابعة‪ ،0206 ،‬ص ‪. 250‬‬
‫‪589 . 462 G. Levasseur , Droit Pénal général ,DALLOZ, 1979 ,p‬‬
‫‪ 463‬أنظر المنشور الوزاري الصادر عن وزير العدل تحت رقم ‪ 0201‬والصادر بتاريخ ‪ 00‬رجب ‪ 0221‬الموافق ‪ 01‬فبراير ‪ .0151‬والمتعلق‬
‫بتنفيذ الحكام الزجرية التي مر أجل التقادم على تاريخ النطق بها‪ ،‬والذي تطرق إلى النصوص القانونية المنظمة مركزا على كون بنود‬
‫المسطرة الجنائية المتعلقة بالتقادم تقتض ي بأن نوع العقوبة املحكوم بها هو الذي يحدد أمد التقادم وليس نوع الجريمة التي أدين‬
‫من أجلها المتهم‪ ،‬وبالتالي فإن العقوبة الجنحية الصادرة عن جناية بسبب ظروف التخفيف أو العذار القانونية تخضع للتقادم‬
‫الجنحي وعقوبة االعتقال الضبطية تخضع للتقادم الضبطي‪.‬‬
‫‪ 464‬محمد عبد النباوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫الجنحية رغم أن الفعل الذي تمت اإلدانة من أجله‪ .‬فالعبرة بطبيعة العقوبة ال بطبيعة الجريمة‬
‫لتحديد أجل تقادم العقوبات‪.‬‬
‫لقد تعرض المشرع المغربي لجانب من هذه اإلشكالية في حالة تشديد العقوبة الجنحية‬
‫لتصبح عقوبة جنائية إذ في هذه حالة ذهب المشرع إلى تحديد مدة تقادم توازي مدة العقوبة‬
‫وذلك من خالل المادة ‪ 627‬من ق‪ .‬م‪ .‬ج في فقرتها الثانية التي تنص على أنه ‪" :‬غير أنه إذا كانت‬
‫عقوبة الحبس املحكوم بها تتجاوز خمس سنوات‪ ،‬فإن مدة التقادم تكون مساوية لمدة‬
‫العقوبة"‪ .‬كما هو الشأن بالنسبة لجرائم املخدرات المنصوص عليها في ظهير‪ 29‬ماي ‪.9102‬‬
‫وعليه فإن مدة التقادم تكون مساوية لمدة العقوبة‪ ،‬وكذلك الشأن في حالة العود التي‬
‫نص المشرع المغربي على عقوبة الحبس لمدة ال تتجاوز ضعف الحد األقص ى للعقوبة المقررة‬
‫‪466‬‬ ‫قانونا للجنحة الثانية‪ ،465‬وجريمة اإلشادة بالنسبة لإلرهاب حسب الفصل ‪292‬ـ‪ 2‬من ق ج‬
‫والمعاقب عليها بالحبس من سنتين إلى ست سنوات‪.‬‬
‫أما في حالة تخفيض العقوبة من عقوبة جنائية إلى عقوبة جنحية‪ ،‬فإن المشرع فمل‬
‫السكوت عن هذا الموضوع‪ ،‬ولم ينظم هذه الحالة اعتبارلالختالف بين الفعل موضوع املحاكمة‬
‫(جناية) وبين العقوبة املحكوم بها (عقوبة جنحية)‪ ،‬وإن كانت صياغة المادة توحي بمرورة‬
‫االحتكام إلى طبيعة العقوبة‪ ،‬وليس بالفعل الجرمي موضوع اإلدانة‪.‬‬
‫‪ 465‬نص الفصل ‪ 050‬من القانون الجنائي على ما يلي ‪ :‬من سبق الحكم عليه من أجل جنحة بعقوبة الحبس‪ ،‬بحكم حائز لقوة الش يء‬
‫المقض ي به‪ ،‬ثم ارتكب جنحة مماثلة قبل مض ي خمس سنوات من تمام تنفيذ تلك العقوبة أو تقادمها‪ ،‬يجب الحكم عليه بعقوبة‬
‫الحبس الذي ال يتجاوز ضعف الحد القص ى للعقوبة المقررة قانونا للجنحة الثانية‪.‬‬
‫‪ 466‬ينص الفصل ‪ 005/0‬من القانون الجنائي على أنه ‪ ،‬يعاقب بالحبس من سنتين إلى ست سنوات وبغرامة تتراوح بين ‪ 02.222‬و‬
‫‪ 022.222‬درهم كل من أشاد بأفعال تكون جريمة إرهابية بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المفوه بها في الماكن أو‬
‫االجتماعات العمومية أو بواسطة المكتوبات والمطبوعات المبيعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو المعروضة في الماكن أو‬
‫االجتماعات العمومية أو بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم بواسطة مختلف وسائل اإلعالم السمعية البصرية‬
‫وااللكترونية‪.‬‬
‫يعاقب بنفس العقوبة كل من قام بالدعاية أو اإلشادة أو الترويج لفائدة شخص أو كيان أو تنظيم أو عصابة أو جماعة‪ ،‬إرهابية‬
‫بإحدى الوسائل المنصوص عليها في الفقرة الولى من هذا الفصل‪.‬‬
‫غير انه‪ ،‬إذا كان الفاعل شخصا معنويا‪ ،‬يعاقب بغرامة تتراوح ما بين ‪ 0.222.222‬و ‪ 02.222.222‬درهم‪ ،‬مع الحكم بحله وبالتدابير‬
‫الوقائية المنصوص عليها في الفصل ‪ 60‬من هذا القانون‪ ،‬دون المساس بحقوق الغير ودون اإلخالل بالعقوبات التي يمكن إصدارها‬
‫في حق مسيري الشخص المعنوي أو مستخدميه المرتكبين للجريمة أو املحاولة‬
‫وقد أكد محكمة النقض في قرار لها أن العبرة في تقادم العقوبات بالعقوبة التي يصدرها‬
‫القاض ي وليس العقوبة المقررة بمقتض ى القانون الجنائي‪ ،‬ومما جاء في القرار‪ " :‬إن المادة ‪221‬‬
‫من ق‪ .‬م‪ .‬ج بأنه‪ :‬إذا سلم املحكوم عليه غيابيا نفسه للسجن‪ ،‬أو قبض عليه قبل إسقاط عقوبته‬
‫بالتقادم"‪ ،‬فإن المقصود بالعقوبة وخالفا لما ذهب إليه القرار المطعون فيه تلك التي وردت في‬
‫الحكم الغيابي وليس العقوبة المقررة للجريمة بمقتض ى القانون ذلك أن المشرع عندما تناول‬
‫موضوع تقادم العقوبات في المواد من ‪ 622‬إلى ‪ ،621‬فقد قصد بذلك العقوبات التي صدرت بها‬
‫األحكام القمائية وليس العقوبات المقررة بمقتض ى فصول القانون الجنائي أو القوانين‬
‫الخاصة‪.467" ....‬‬
‫خالصة القول‪ ،‬هو أنه يعتد بالعقوبة في تحديد مدة التقادم المسقطة لها‪ ،‬ومع ذلك فإن‬
‫المشرع أورد كعادته استثناءات على هذه القاعدة‪ ،‬هذه االستثناءات تنصرف إلى العقوبات‬
‫الجنائية والجنحية والمبطية‪.‬‬
‫وهو الموقف الذي سار عليه بعض الباحثين‪ ،468‬الذين يرون أن المشرع حسم كل نقاش‬
‫محتمل بخصوص هذا الموضوع‪ ،‬وذلك في إطار مقتميات القانون الجنائي‪ .‬ذلك أنه حسب‬
‫مقتض ى الفصل ‪ 992‬من القانون الجنائي‪ ،‬الذي ينص على أن نوع الجريمة ال يتغير إذا حكم‬
‫بعقوبة متعلقة بنوع آخرمن أنواع الجرائم إما بلجوء املحكمة إلى تمتيع المتهم بأقص ى ما يمكن‬
‫من ظروف التخفيف‪ ،‬أو بسبب لجوء املحكمة إلى تشديد العقوبة بسبب حالة العود‪ .‬وفي مثل‬
‫هذه الحاالت فإن الوصف القانوني للجريمة‪ ،‬جناية‪ ،‬جنحة‪ ،‬مخالفة‪ ،‬ال يتغير حتى ولو لجأ‬
‫القماة إلى الحكم بعقوبات تقل عن الحد األدنى أو الحد األقص ى المقرر للجريمة‪ .‬واحتساب‬
‫التقادم في هذه الحاالت ال يثيرأي إشكال اعتبارا للمدة املحددة لها قانونا رغم العقوبة القصوى‬
‫أو األدنى املحكوم بها‪.‬‬
‫وخالفا لذلك‪ ،‬فإن وصف الجريمة يتغير إذا ما قرر المشرع النص صراحة على عقوبة‬
‫متعلق بنوع آخرمن الجرائم‪ ،‬فالسرقة هي جنحة وتتقام بمرورأربع سنوات‪ ،‬لكن اجتماع ظروف‬
‫‪467‬قرار محكمة النقض عدد ‪ ،0/0010‬الصادر بتاريخ ‪ ،0222/20/02‬في الملف الجنحي رقم ‪.02002/6/11‬‬
‫أورده محمد عبد النباوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الهامش‪ ،21 :‬ص ‪ 50‬ـ ‪.51‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 468‬محمد أحداف‪ ،‬مرجع سابق‪.051 ،‬‬
‫التشديد كالسرقة ليال‪ ،‬استعمال ناقة ذات محرك‪ ،‬التسلق‪ ...‬دفع المشرع إلى تخصيص لهذه‬
‫الجريمة عقوبة جنائية‪ ،‬وبذلك فهي تتقادم بمرور‪ 92‬سنة‪ .‬الفصل ‪ 991‬من القانون الجنائي‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬سريان آجال التقادم الجنائي‬
‫إذا كان المشرع المغربي قد حدد مدد تقادم العقوبة والدعوى العمومية‪ ،‬فإنه حدد‬
‫بالتبعية المبدأ العام الذي يمكن الركون إليه عند احتساب مدة التقادم وكذا االستثناءات‬
‫الواردة على هذا المبدأ (الفقرة األولى)‪ ،‬كما حدد اإلجراءات القاطعة والموقفة له (الفقرة‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬المبدأ في سريان مدد التقادم الجنائي‬
‫يختلف المبدأ فيما يخص بدء سريان مدد التقادم الجنائي في الدعوى العمومية (أوال)‬
‫عنه في العقوبة (أوال)‪.‬‬
‫أوال ـ تقادم الدعوى العمومية‬
‫إن القاعدة العامة المقررة بالنسبة لمدة تقادم الدعوى العمومية أن تحسب ابتداء من‬
‫يوم ارتكاب الجريمة (وفق المادة الخامسة من قانون المسطرة الجنائية)‪ ،‬غير أن المشرع قد‬
‫يخرج عن هذه القاعدة في بدء سريان مدة تقادم الدعوى العمومية ليقرر أن تبدأ المدة في‬
‫السريان من تاريخ ال حق وليس من يوم ارتكاب الجريمة‪ ،‬ولعل هذا ما نص عليه المشرع المغربي‬
‫في المادة الخامسة من قانون المسطرة الجنائية بعبارة "ما لم تنص قوانين خاصة على خالف‬
‫ذلك "‪.‬‬
‫وهكذا فقد حدد المشرع المغربي مدد تقادم الدعوى العمومية والتي تختلف بحسب نوع‬
‫الجريمة المرتكبة‪ ،‬فتكون ‪ 92‬سنة من يوم ارتكاب الجناية و‪ 2‬سنوات من يوم ارتكاب الجنحة‬
‫وسنة من يوم ارتكاب املخالفة‪ ،‬وبالتالي فإن احتساب تقادم الدعوى العمومية يبدأ من يوم‬
‫ارتكاب الجريمة‪ ،‬ألن المشرع نص على ذلك صراحة ولم يقل لحظة أو تاريخ وقوع الجريمة مما‬
‫يفيد أنه يعتد باأليام ال بالساعات‪ .‬وفي هذا السياق جاء في قرار‪ 469‬ملحكمة النقض " القول‬
‫بتقادم أو عدم تقادم الدعوى العمومية عن أفعال جرمية ما يتوقف على تحديد يوم ارتكابها‬
‫‪ 469‬قرار عدد ‪ 002‬الصادر بتاريخ ‪ 02‬فبراير ‪ ،0201‬في الملف الجنحي رقم ‪ ،0200/0/6/00021‬منشور بمجلة قرارات محكمة النقض‪،‬‬
‫الغرفة الجنائية‪ ،‬السلسة ‪ ،1‬العدد ‪ ،02‬السنة ‪ ،0202‬ص ‪.006‬‬
‫الذي ينطلق منه احتساب أمده القانوني مع مراعاة باقي ما تنص عليه المادتان الخامسة‬
‫والسادسة من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬للوصول إلى تقرير فتح تحقيق في األفعال المعينة‪.‬‬
‫والغ رفة الجنحية لم تبين في تعليلها ماهية األفعال المرتكبة التي اعتبرت أن فقرات المواد ‪071‬‬
‫و ‪ 072‬و ‪ 076‬من مدونة التجارة ال تنطبق عليها‪ ،‬وكيف أن هذه المواد ال تبرر عدم فتح التحقيق‬
‫في الشكاية‪ ،‬كما لم تبين تواريخ ارتكابها مما يكون معه قرارها فاسد التعليل "‪.‬‬
‫ومدة التقادم الجنائي هي مدة كاملة ال يحسب منها اليومان‪ ،‬األول واألخير‪ ،‬وإذا كان اليوم‬
‫األخير يوم عطلة امتد األجل إلى أول يوم عمل بعده طبقا للمادة ‪ 027‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،470‬مما يصير‬
‫معه أجل تقادم الدعوى العمومية في الجناية هو خمسة عشرة سنة ويومان‪ ،‬وفي الجنحة يكون‬
‫األجل أربع سنوات ويومان‪ ،‬وفي املخالفة سنة ويومان‪.471‬‬
‫ومن الجديرباإلشارة إلى إن تحديد بدء سريان مدة تقادم الدعوى العمومية من اختصاص‬
‫محكمة الموضوع‪ ،‬ويعتبر هذا التحديد مسألة موضوعية ال رقابة ملحكمة النقض على املحكمة‬
‫فيه‪ ،‬شريطة أن يبني القاض ي حكمه على وقائع ثابتة‪ ،‬لذلك إذا أثير نزاع حول هذا التاريخ تعين‬
‫على املحكمة أن تجيب عنه ألنه وسيلة دفاع موضوعية‪ .472‬وإذا تعذر تعيين اليوم الذي وقعت‬
‫فيه الجريمة جاز اعتبار اليوم الذي اكتشف فيه تاريخ وقوعها‪ ،‬فيبدأ سريان مدة التقادم من‬
‫اليوم الموالي له‪ ،‬شريطة أال يكون قد قام الدليل على وقوعها في تاريخ سابق‪.473‬‬
‫‪ 470‬تنص المادة ‪ 052‬على ما يلي ‪ " :‬جميع اآلجال المنصوص عليها في هذا القانون آجال كاملة ال تشمل اليوم الول وال اليوم الخير‪،‬‬
‫وتستثنى من ذلك اآلجال التي تكون محددة بعدد الساعات‪.‬‬
‫إذا كان اليوم الخير لألجل يوم عطلة امتد الجل إلى أول عمل بعده‪.‬‬
‫تعتبر أيام عطل جميع اليام المصرح بأنها كذلك بمقتض ى نص خاص "‪.‬‬
‫‪ 471‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الول‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة‬
‫الثامنة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،0201 ،‬ص ‪.066‬‬
‫‪ 472‬الحسن هوداية‪ ،‬أهم قرارات املجلس العلى في التقادم‪ ،‬المادتين الجنائية والمدنية‪ ،‬سلسلة المكتبة الجنائية‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫‪ ،0202‬ص ‪.1‬‬
‫وفي هذا الصدد جاء في قرار ملحكمة النقض الذي اعتبر بأن التقادم من النظام العام‪ ،‬وبالتالي فاملحكمة ملزمة قانونا بتبيان تاريخ‬
‫وقوع الجريمة حتى تستطيع محكمة النقض أن تتحقق من حجة تطبيق القانون‪ ،‬وإذا أثير نزاع حول هذا التاريخ يتعين على املحكمة‬
‫أن تجيب عليه لنه وسيلة دفاع موضوعية‪.‬‬
‫قرار عدد ‪ 002‬الصادر بتاريخ ‪ 02‬فبراير ‪ ،0201‬في ملف جنائي رقم ‪ ،0200/0/06/00021‬منشور بمجلة قرارات محكمة النقض‪،‬‬
‫الغرفة الجنائية‪ ،‬الجزء ‪ 02‬السلسلة ‪ ،1‬السنة ‪ ،0202‬ص ‪ 006‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 473‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬نظرية البطالن في قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬القاهرة‪ .0151 ،‬ص ‪.020‬‬
‫وفي هذا السياق نجد أن محكمة النقض خصت جريمة استغالل النفوذ بوضع خاص فيما‬
‫يتعلق بتقادمها‪ ،‬معتبرا أن احتسابه يبدأ من تاريخ الكشف عنها إن أمكن ذلك‪ ،‬أو من تاريخ ترك‬
‫الفاعل للوظيفة أو الخدمة التي جرى استغاللها وليس من تاريخ ارتكابها‪ .‬فقد صدرقرارعن هذه‬
‫املحكمة بجميع غرفها سنة ‪ 2772‬جاء فيه ما يلي ‪ " :‬حيث لئن كانت جريمة استغالل النفوذ‬
‫تتحقق بمجرد إقدام الفاعل على طلب أو قبول عرض أو بمجرد طلب أو تسلم هبة أو هدية أو أي‬
‫فائدة أخرى من أجل تمكين شخص أو محاولة تمكينه من خدمة أو صفقة أو مشروع ناتج عن‬
‫اتفاق يعقد مع السلطة العمومية مستغال بذلك نفوذه‪ ،‬فإن اكتشافها يظل مستعصيا مادام‬
‫مقترفها باقيا في مركزه محتفظا بنفوذه‪.‬‬
‫وحيث لئن كان الفاعل في جريمة استغالل النفوذ يتوفر على اإلمكانات التي تجعله قادرا‬
‫على إخفاء جريمته والحيلولة دون حصول ذوي الشأن على وسائل كشفها و إثباتها فإن المعتمد‬
‫قانونا الحتساب أمد تقادمها يبدأ من تاريخ الكشف عنها إن أمكن ذلك‪ ،‬وإال من تاريخ ترك الفاعل‬
‫للوظيفة أو الخدمة التي جرى استغاللها في ارتكاب الجريمة وإخفائها والمرتبطة أصال بوظيفته‪.‬‬
‫وحيث إنه بالنظر إلى أن جريمة استغالل النفوذ المنسوبة للمتهم لم تنكشف خالل توليه‬
‫لمنصبه وممارسته للسلطة املخولة له‪ ،‬فإن أمد تقادمها ال يبتدئ سريانه إال من إعفائه من‬
‫منصبه في متم دجنبر‪ 9111‬مادام فعله ألجرمي يدخل في نطاق وظيفته ومرتبطا بها‪."474‬‬
‫وإذا كان هذا التوجه القمائي ينسجم مع ما تدعو إليه االتفاقيات الدولية المعنية‬
‫بمكافحة جرائم الفساد المالي وال سيما اتفاقية األمم المتحدة المتعلقة بمكافحة الفساد لسنة‬
‫‪ ،4752771‬فإنه مع ذلك يطرح إشكاال قانونيا يتمثل في تعارضه الواضح مع النص القانوني المؤطر‬
‫لموضوع تقادم الدعوى العمومية‪ ،‬خصوصا المادة ‪ 2‬من قانون المسطرة الجنائية التي تنص‬
‫على أنه يبدأ احتساب التقادم من تاريخ ارتكاب الفعل الجرمي بصرف النظرعن نوع الجريمة‪ ،‬في‬
‫حين أن هذا القرار ميز جريمة استغالل النفوذ عن الجرائم األخرى وجعل أمد تقادمها يبدأ من‬
‫تاريخ اكتشاف الفعل ألجرمي أو من تاريخ مغادرة الموظف العمومي لوظيفته‪ .‬وفي هذا اإلطار‬
‫‪ 474‬قرار عدد ‪ ،0660/0/25‬صادر عن املجلس العلى‪ ،‬بتاريخ ‪ 0‬يوليوز ‪ ،0225‬في الملف الجنائي رقم ‪ ،5601/25‬منشور بمجلة املجلس‬
‫العلى‪ ،‬عدد‪ ،61‬سنة ‪ ،0225‬ص ‪ 015‬وما يليها‪.‬‬
‫‪475‬حيث تنص المادة ‪ 01‬من هذه االتفاقية على ما يلي ‪ " :‬تحدد كل دولة طرف في إطار قانونها الداخلي‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬فترة تقادم‬
‫طويلة تبدأ فيها اإلجراءات القضائية بشأن أي فعل مجرم وفقا لهده االتفاقية‪ ،‬وتحدد فترة تقادم أطول أو تعليق العمل بالتقادم في‬
‫حاالت إفالت الجاني المزعوم من العدالة"‪.‬‬
‫يطرح التساؤل حول األساس الذي اعتمدت عليه محكمة النقض في إقرارها لهذا التوجه؟‬
‫خاصة وأنها استعملت العبارة التالية ‪ " :‬إن المعتمد قانونا الحتساب أمد تقادمها"‪،‬والحال أن‬
‫المادة الخامسة من ق‪.‬م‪.‬ج المشار إليها أعاله هي التي تشكل األساس القانوني المعتمد في‬
‫احتساب أمد التقادم‪ ،‬وهي واضحة ال تحتاج إلى تفسير‪ ،‬ثم إن هناك فرقا كبيرا بين تاريخ ارتكاب‬
‫الفعل املجرم وتاريخ اكتشافه‪ ،‬وهذه المادة تتحدث فقط عن تاريخ ارتكاب الفعل الجرمي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تقادم العقوبة‬
‫يقصد بتقادم العقوبة سقوطها بمض ي فترة محددة من تاريخ نشوء الحق في تنفيذها‪ ،‬أو‬
‫بمعنى أوضح مرورمدة من الزمن يحددها القانون دون اتخاذ أي إجراء من إجراءات التنفيذ بعد‬
‫صدور حكم حائز لقوة الش يء المقض ي به‪ ،‬و يترتب على مض ي هذه المدة سقوط االلتزام‬
‫بتنفيذها ‪ ،476‬وإذا أقيمت وحكم فيها ال يمكن تنفيذ العقوبة املحكوم بها‪ ،‬إذا مرت مدة معينة‬
‫على الدعوى العمومية أو على الحكم وتو افرت شروط خاصة‪ ،‬وبذلك فهو يتعلق إما بالدعوى‬
‫العمومية وإما بالعقوبة‪.‬‬
‫وقد اختلفت التفسيرات الفلسفية‪ 477‬حول األساس الذي تقوم عليه فكرة تقادم العقوبة‪،‬‬
‫وبغض النظر عن هذا الخالف فإن المشرع الجنائي المغربي فمل األخذ بهذا النظام‪ ،‬وذلك‬
‫ل حسن سير العدالة الجنائية‪ ،‬بل إن قواعده من النظام العام مما يترتب على ذلك عدم إمكانية‬
‫التخلي عنه أو االتفاق على مخالفته وقبول التمسك به ولو ألول مرة أمام محكمة النقض‪،‬‬
‫‪ 20‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية‪ ،‬عن وزارة العدل‪ ،‬سلسلة‬
‫شروح و دالئل‪ ،‬العدد ‪ ،5‬يونيو ‪ ،0220‬ص ‪. 62‬‬
‫‪ 477‬هناك عدة نظريات تشرح أساس التقادم فهناك نظريات ضياع الدلة‪ ،‬ونظرية العقوبة المعنوية‪ ،‬ونظرية النسيان‪ ،‬ونظرية‬
‫االستقرار القانوني‪ ،‬ويظهر أن النظريتين الخيرتين هما اللتان تحضيان باهتمام الحقوقيين‪ ،‬فنظرية النسيان تذهب إلى أنه بعد مرور‬
‫مدة زمنية من الحكم بالعقوبة هذه المدة تكون كافية ملحو الجريمة من الذاكرة االجتماعية‪ ،‬الن مرور هذه المدة دون اتخاذ أي إجراء‬
‫في سبيل معاقبة الجاني يعني في الواقع أن الجريمة وعقوبتها قد محيتا من ذاكرة الناس ومن المصلحة العامة اإلبقاء على هذا النسيان‬
‫لنه لم يعد من المالحقة أو العقوبة أي منفعة اجتماعية‪ ،‬أما نظرية االستقرار القانوني فهي تقوم على أن أساس التقادم هو مبدأ‬
‫االستقرار القانوني الذي يتوخاه النظام القانوني كله‪ ،‬فالقانون الجنائي يهدف إلى حماية المصالح الحيوية في املجتمع فردية كانت أم‬
‫جماعية‪ ،‬ولذلك فاالستقرار القانوني يقتض ي أن تضع الدولة حدا للنزاع بين الفراد‪ ،‬كما أوجب عليها كذلك أن تمارس سلطتها في‬
‫العقاب في فترة معينة حتى ال تظل سيفا مسلطا إلى البد تهدد به الفراد وذلك تحقيقا لكبر قدر من االستقرار‪.‬‬
‫ووجوب إثارته تلقائيا من طرف املحكمة في حالة عدم التمسك به‪ ،478‬ويبدو ذلك واضحا من‬
‫خالل الفصل ‪ 22‬من القانون الجنائي الذي جاء فيه أنه‪" :‬يترتب على تقادم العقوبة تخلص‬
‫املحكوم عليه من مفعول الحكم"‪ ،‬وهو ما يفيد أخد المشرع المغربي بنظام التقادم باعتباره‬
‫احد مسقطات العقوبة‪ ،‬باستثناء العقوبات عن املخالفات التي يعتد فيها بالفعل ال بالعقوبة في‬
‫القانون الجنائي في بابه الثالث تحت عنوان " في أسباب انقماء العقوبات واإلعفاء منها و إيقاف‬
‫تنفيذها " فقد جاء في الفصل ‪ 21‬منه على أنه ‪ " :‬تنفذ على املحكوم عليه العقوبات الصادرة‬
‫ضده بتمامها‪ ،‬إال إذا طرأ سبب من أسباب االنقماء أو اإلعفاء أو اإليقاف اآلتي بيانها ‪:‬‬
‫‪ ‬موت املحكوم عليه؛‬
‫‪ ‬العفو الشامل؛‬
‫‪ ‬إلغاء القانون الجنائي املحكوم بمقتماه؛‬
‫‪ ‬العفو؛‬
‫‪ ‬التقادم؛‬
‫‪ ‬إيقاف تنفيذ العقوبة؛‬
‫‪ ‬اإلفراج الشرطي؛‬
‫‪ ‬الصلح‪ ،‬إذا أجازه القانون بنص صريح"‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى مقتميات قانون المسطرة الجنائية وال سيما المواد ‪621‬ـ ‪ 627‬ـ ‪ 629‬يتبين أن‬
‫مدد التقادم بالنسبة للعقوبة تختلف بحسب ما إذا كان األمريتعلق بعقوبة جنائية أو جنحية أو‬
‫من أجل مخالفة‪.‬‬
‫كما أن المشرع المغربي اعتمد في قانون المسطرة الجنائية معيار نوع العقوبة في تحديد‬
‫مدة التقادم بالنسبة للجنايات والجنح‪ ،‬أما املخالفات فقد أخد بمعيارالوصف الجنائي للفعل‪،‬‬
‫إذ أن وصف الفعل باملخالفة هو الذي يحدد مدة تقادم العقوبة‪ ،‬وهذه المدة هي سنة ميالدية‬
‫‪478‬خالفا لما قرره الفصل ‪ 100‬من قانون االلتزامات والعقود بالقول ‪ " :‬التقادم ال يسقط بقوة القانون‪ ،‬بل ال بد لمن له المصلحة أن‬
‫يحتج به‪.‬‬
‫وليس للقاض ي أن يستند إلى التقادم من تلقاء نفسه"‪.‬‬
‫كاملة بغض النظر عن مقدار العقوبة‪ ،‬ولو تجاوزت بسبب ظرف تشديد الحد األقص ى لعقوبة‬
‫املخالفة‪ .‬وبذلك فإن ا لعبرة بطبيعة العقوبة ال بطبيعة الجريمة ( جناية أو جنحة أو مخالفة )‬
‫لتحديد أجل تقادم العقوبة‪.‬‬
‫والعقوبات الجنائية حسب الفصل ‪ 96‬من القانون الجنائي هي ‪:‬‬
‫‪ ‬اإلعدام؛‬
‫‪ ‬السجن المؤبد؛‬
‫‪ ‬السجن المؤقت؛‬
‫‪ ‬اإلقامة اإلجبارية؛‬
‫‪ ‬التجريد من الحقوق الوطنية‪.‬‬
‫وتتقادم هذه العقوبات بمض ي خمسة عشرسنة ميالدية كاملة‪ ،‬تحتسب ابتداء من التاريخ‬
‫الذي يصبح فيه المقرر الصادر باإلدانة مكتسبا لقوة الش يء المقض ي به طبقا المادة ‪ 621‬من‬
‫قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫العقوبات الجنحية في التشريع المغربي هي الحبس من شهرإلى خمس سنوات‪ 479‬والغرامة‬

‫التي تتجاوز ‪ 9277‬درهم‪ ،‬وبموجب المادة ‪ 627‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬فإن العقوبات‬
‫الجنحية تتقادم بمض ي أربع سنوات ميالدية كاملة ابتداء من تاريخ الذي يصبح فيه المقرر‬
‫الصادر بالعقوبة مكتسبا لقوة الش يء المقض ي به‪ ،‬غير أنه إذا كانت عقوبة الحبس املحكوم بها‬
‫تتجاوزخمس سنوات فإن مدة التقادم تكون مساوية لمدة العقوبة‪.‬‬
‫ويعتمد في إقرارتقادم العقوبة حسب التشريع المغربي على عنصرين ‪:‬‬
‫‪ -‬العنصراألول ‪ :‬مرورمدة معينة تختلف باختالف نوع الجريمة المرتكبة‪.‬‬
‫‪ 479‬يمكن أن تتجاوز مدة الحبس ‪ 5‬سنوات وتعتبر العقوبة مع ذلك جنحة عند توفر حالة العود وعندما يحدد القانون مددا أخرى‪،‬‬
‫كما هو الحال بالنسبة للعقوبات المنصوص عليها في ظهير ‪ 0102 / 5 / 00‬المتعلق بزجر اإلدمان على املخدرات واالتجار فيها‪.‬‬
‫نفس الش يء بالنسبة لجنحة االختطاف واالحتجاز طبقا للفصل ‪ 216‬من القانون الجنائي الفقرة الولى منه التي تنص على ما يلي ‪" :‬‬
‫يعاقب بالحبس من خمس إلى عشر سنوات كل من يختطف شخصا أو يقبض عليه أو يحبسه أو يحجزه دون أمر من السلطات‬
‫املختصة وفي غير الحاالت التي يجيز فيها القانون أو يوجب ضبط الشخاص‪.‬‬
‫‪ -‬العنصرالثاني ‪ :‬العبرة في بدء هذه المدة بيوم صدورحكم نهائي‪.‬‬
‫والقاعدة أن مدة التقادم هذه تبتدئ من اليوم الذي يصبح فيه المقرر باإلدانة مكتسبا‬
‫لقوة الش يء المقض ي به وهو ما تؤكده المواد ‪ 621‬و ‪ 627‬و ‪ 629‬من قانون المسطرة الجنائية‪،‬‬
‫وهو يتحقق حتى لو كانت السلطات مجدة في البحث عن املحكوم عليه لتنفيذ االعتقال في حقه‪،‬‬
‫ولكنها لم تمبطه حتى انصرام اآلجال املحددة للتقادم‪ ،480‬بمعنى أن المشرع لم يجعل تقادم‬
‫العقوبة خاضعا إلى أي انقطاع أو إيقاف باستثناء ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة ‪622‬‬
‫قانون المسطرة الجنائية بشأن انقطاع التقادم فيما يخص استفاء المصاريف القمائية‬
‫والغرامات بكل إجراء من إجراءات التحصيل يتم بمسعى من الجهات المؤذون لها بتحصيل تلك‬
‫األموال‪ ،‬أي أن المشرع المغربي أخرج المصاريف القمائية والعقوبات المالية من القاعدة‬
‫العامة المتمثلة في عدم انقطاع مدة التقادم بالنسبة للعقوبات‪ ،‬وجعل هذه المدة تنقطع بأي‬
‫إجراء من إجراءات تحصيل هذه الغرامات والمصاريف القمائية من طرف الجهات المؤذون لها‬
‫بذلك‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 97‬من مدونة تحصيل الديون العمومية نجد أن المشرع اعتبر‬
‫الغرامات والمصاريف القمائية والرسوم القمائية ديونا عمومية وأوكل تحصيلها لمأموري‬
‫كتابة المبط في محاكم االستئناف واملحاكم االبتدائية‪.‬‬
‫وموقف المشرع المغربي في شأن عدم انقطاع مدة التقادم في العقوبات يأتي خالفا لما‬
‫ذهب إليه المشرع المصري‪ ،‬الذي أكد من خالل المادة ‪ 212‬من قانون اإلجراءات الجنائية أن‬
‫مدة تقادم العقوبة يوقف سريانها كل مانع يحول دون مباشرة التنفيذ سواء كان هذا المانع‬
‫قانونيا أوماديا ‪ .‬ويبدوأن المشرع المغربي قد سارفي نفس اتجاه المشرع الفرنس ي في عدم اإلشارة‬
‫إلى وقف مدة التقادم‪ ،‬وإن كان القماء الفرنس ي قد تصدى لوقف سريان مدة التقادم في كل‬
‫حالة يستحيل فيها تنفيذ الحكم إما بسبب عقبات قانونية آو مادية ‪.481‬‬
‫‪ 0‬عن وزارة العدل‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.65‬‬
‫‪ 0‬نبيل عبد الصبور النبراوي‪ ،‬سقوط الحق في العقاب بين الفقه والتشريع الوضعي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،0116 ،‬ص ‪.165‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإذا كان األصل أن أغلب الجرائم تخمع في تقادمها للقاعدة العامة كما‬
‫سلف الذكر‪ ،‬فإن المشرع أورد على هذه القاعدة استثناءات بموجبها أخمع بعض الجرائم‬
‫لمدد تقادم خاصة اعتبارا لطبيعتها‪ ،‬وأخرج البعض اآلخرمن دائرة الخموع للتقادم‪.‬‬
‫‪ -‬الجرائم الخاضعة لمدد تقادم خاصة ‪ :‬إذا كان كل فعل جرمي يترتب عنه مالحقة‬
‫مرتكبه قصد توقيع الجزاء عليه وفق األحكام المنصوص عليها في القانون الجنائي‬
‫الموضوعي والقوانين الزجرية الخاصة‪ ،‬فإن سبل تحقيق هذا الجزاء تبقى رهينة‬
‫بسلوك المساطر واإلجراءات املحددة في قانون المسطرة الجنائية والمساطر‬
‫اإلجرائية الخاصة‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق فقد نصت المادة ‪ 2‬من ق‪ .‬م‪ .‬ج أنه "‪...‬تتقادم الدعوى العمومية‪ ،‬ما لم‬
‫تنص قوانين خاصة على خالف ذلك‪." ...‬‬
‫والمشرع المغربي بمقتض ى بعض النصوص حدد مدد خاصة لتقادم بعض الجرائم ومن‬
‫األمثلة على ذلك نجد ‪:‬‬
‫‪ -9‬قانون الصحافة والنشر‪ 482‬كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم ‪ 91‬ـ ‪،22‬حيث‬
‫تنص المادة ‪ 979‬منه على أنه " تتقادم الدعوى العمومية المتعلقة بالجرائم‬
‫المنصوص عليها في هذا القانون بمض ي ستة أشهر تبتدئ من يوم ارتكاب الفعل‬
‫موضوع المتابعة‪.‬‬
‫ينقطع ويتوقف أمد تقادم الدعوى العمومية وفق مقتميات المادة ‪ 6‬من قانون المسطرة‬
‫الجنائية"‪.‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 02‬من ظهير ‪ 97‬أكتوبر‪ 9190‬المتعلق باملحافظة على الغابات‬

‫واستغاللها‪ ،483‬والتي تنص على أن مدة تقادم الدعوى العمومية في املخالفات‬
‫المنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬تكون بمض ي ستة أشهر ابتداء من تاريخ ختم‬
‫‪ 482‬ظهير شريف رقم ‪ 000‬ـ ‪ 06‬ـ ‪ 0‬الصادر في ‪ 6‬ذي القعدة ‪ 0210‬ـ ‪ 02‬غشت ‪ 0206‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 01‬ـ ‪ 55‬المتعلق بالصحافة‬
‫والنشر‪.‬‬
‫‪ 483‬ظهير شريف الصادر في ‪ 02‬ذي الحجة ‪ 0115‬الموافق‪ 02 ،‬أكتوبر ‪ ،0100‬المتعلق باملحافظة على الغابات واستغاللها‪ ،‬منشور‬
‫بالجريدة الرسمية ‪ ،015‬بتاريخ ‪ ،0100/02/01‬الصفحتان من ‪ ،106 /120‬كما ثم تتميمه وتعديله‪ ،‬وأهم هذه التعديالت وردت في‬
‫ظهير ‪ ،0151/2/00‬المنشور بالجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 0200‬بتاريخ ‪ ،0151/5/20‬ص ‪.0155‬‬
‫محمراملخالفة‪ ،‬وثالث سنوات في حالة عدم تحريراملحمر‪ .‬أما دعاوى إحياء جزء‬
‫من الغابة ذات أشجارأوالشطب الو اقع مخالفا لمقتميات الفصل ‪ 22‬من الظهير‬
‫السلف الذكرفتسقط بمض ي سنتين شمسيتين كاملتين من تاريخ وقوع اإلحياء وهو‬
‫ما أكدته محكمة النقض المغربية في قرار لها جاء فيه أنه " إذا حرر للمخالفة‬
‫الغابوية محمر فإنها تتقادم بمض ي ستة أشهر من تاريخ فتح املحمر ال من تاريخ‬
‫تحريره‪ ،‬وإذا لم يحرر للمخالفة محمر فإنها تتقادم بمض ي ثالث سنوات من تاريخ‬
‫الو اقعة"‪.484‬‬
‫وجاء في قرار آخر لها أن "التقادم من النظام العام يمكن أن يثار في أي مرحلة من مراحل‬
‫التقاض ي‪ .‬والتقادم بالنسبة ملخالفات المياه والغابات يحدد في ستة أشهر طبقا للفصل ‪ 02‬من‬
‫ظهير‪ 97‬أكتوبر‪ ،9190‬ويبدأ من يوم توقيع املحمرمن طرف مهندس المياه والغابات"‪.485‬‬
‫هنا تجدراإلشارة إلى نقطة مهمة بخصوص التقادم في الجرائم الغابوية‪ ،‬حيث تتقادم هذه‬
‫بمرورستة أشهرابتداء من تاريخ إجراء المعاينة‪ ،‬وهي أصغرمدة للتقادم‪.‬‬
‫‪ -1‬جرائم الشيك وقد اختلف الفقه بخصوص تقادم هذه الجرائم‪ ،‬فهناك من اعتبره‬
‫يخمع للتقادم الرباعي المنصوص عليه في قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬وهناك من‬
‫يرى أنه يخمع للتقادم المنصوص عليه في مدونة التجارة‪ .‬إال أن محكمة النقض‬
‫ذهبت في قرارلها إلى أن‪ " :‬العبرة في التقادم بآخرفعل ارتكبه المتهم ما دام قد أحيل‬
‫في حالة تلبس‪ ،‬علما بأن مدة التقادم الواردة في المادة ‪ 212‬من مدونة التجارة‬
‫‪ 484‬قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 0151/22/00‬تحت عدد ‪ 1622‬في الملف الجنحي رقم ‪ 56/05002‬منشور بمجموعة قرارات‬
‫املجلس العلى المادة الجنائية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ‪ 105‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 485‬قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 0112/00/05‬تحت عدد ‪ 02101‬في الملف الجنحي رقم ‪ ،10/06211‬منشور بمجلة قضاء‬
‫املجلس العلى‪ ،‬عدد ‪ ،20‬ص ‪ 025‬وما يليها‪.‬‬
‫وقد قضت محكمة النقض بهذا الخصوص في قرار عدد ‪ ،02101‬الصادر بتاريخ ‪ ،0112/02/05‬مجلة قضاء املجلس العلى‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،20‬ص ‪ . 525‬والذي جاء فيه ما يلي ‪ " :‬التقادم بالنسبة ملخالفات المياه والغابات يحدد في ستة أشهر طبقا للفصل ‪ 05‬من ظهير‬
‫‪.0100/02/02‬‬
‫يبتدئ التقادم بالنسبة للمخالفات الغابوية من يوم توقيع املحضر من طرف مهندس المياه والغابات "‪.‬‬
‫أورده ‪ :‬محمد عبد الحميد اللفي‪ ،‬شروح عملية في قانون المسطرة الجنائية المغربي ـ دراسة مقارنة ـ طبقا لحداث قرارات‬ ‫‪-‬‬
‫املجلس العلى المغربي ومحكمة النقض المصرية‪ ،‬الجزء الول‪ ،‬دار محمود‪ ،‬القاهرة‪ ،‬توزيع بالمغرب مكتبة الرشاد‪،‬‬
‫سطات‪ ،0202 ،‬ص ‪.020‬‬
‫المستدل بها إنما تتعلق بتقادم دعوى الرجوع الصرفي التي يحق للحامل رفعها ضد‬
‫الساحب‪ ،‬وليس بتقادم الدعوى الجنحية في جرائم الشيك‪." 486‬‬
‫‪ -‬الجرائم الغير قابلة للتقادم الجنائي ‪ :‬استثناء من القاعدة العامة وحرصا من‬
‫المشرع المغربي من عدم إفالت بعض الجناة من العقاب ارتأى إخراج بعض‬
‫الجرائم من دائرة التقادم‪ ،‬ومن األمثلة على ذلك في تشريعنا المغربي جرائم‬
‫العصيان والفرارمن الجندية وقت الحرب والفرارإلى العدو حسب المادة ‪ 962‬من‬
‫قانون الجديد للقماء العسكري‪ 487،‬الذي يحيل على المواد من ‪ 921‬إلى ‪ 961‬من‬
‫نفس القانون‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 962‬على أنه "ال يبتدئ سريان تقادم الدعوى‬
‫العمومية والعقوبات المنصوص عليها في المواد ‪ 921‬إلى ‪ 961‬أعاله فيما يخص‬
‫ج ريمتي العصيان والفرار من الجندية إال من اليوم الذي يبلغ فيه سن العاص ي أو‬
‫الفارمن الجندية ‪ 27‬سنة‪.‬‬
‫ال تتقادم الدعوى العمومية والعقوبات في الحاالت المشارإليها في الفقرة األولى من المادة‬
‫‪ 962‬أعاله"‪.‬‬
‫هذا ونجد أن المشرع المغربي نص في الفصل ‪ 21‬من الدستورعلى أنه "‪ ...‬يعاقب القانون‬
‫على جريمة اإلبادة الجماعية وغيرها من الجرائم ضد اإلنسانية‪ ،‬وجرائم الحرب‪ ،‬وكافة‬
‫االنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان"‪ ،‬والتزاما من المغرب بتعهداته الدولية الواردة في مجموعة‬
‫من االتفاقيات والمعاهدات الدولية‪ ،‬استحدث المشرع الجنائي المغربي في مسودة القانون‬
‫الجنائي‪ ،488‬مجموعة من الجرائم المرتبطة بالقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬نذكرمنها جرائم اإلبادة‪،‬‬
‫والجرائم ضد اإلنسانية‪ ،‬وجرائم الحرب‪ .‬وهي جرائم منصوص عليها في نظام روما الذي يشكل‬
‫النظام األساس ي للمحكمة الجنائية الدولية‪.489‬‬
‫‪486‬قرار عدد ‪ 02/562‬الصادر بتاريخ ‪ 05‬فبراير ‪ ،0222‬في ملف جنحي رقم ‪ ،21/05256‬منشور بسلسلة البحاث القانونية‪ ،‬الجزء‬
‫الثاني‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،0226 ،‬ص ‪ 010‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 487‬قانون رقم ‪ 01‬ـ ‪ 025‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 050‬ـ ‪ 02‬ـ ‪ 0‬المنشور بتاريخ فاتح يناير ‪ 0205‬والهادف إلى إصالح عميق‬
‫وشامل لقانون القضاء العسكري ومالئمة أحكامه مع مضامين الدستور وقوانين المملكة الرامية إلى ضمان الحقوق والحريات‪.‬‬
‫‪ 488‬مشروع قانون رقم ‪06‬ـ ‪ 02‬يقض ي بتغير وتتميم مجموعة القانون الجنائي‬
‫‪ 489‬حيث تنص المادة ‪ 01‬من نظام روما الساس ي للمحكمة الجنائية الدولية على أنه " ال تسقط الجرائم التي تدخل في اختصاص‬
‫املحكمة بالتقادم" والغرض من ذلك هو منع إفالت مرتكبي تلك الجرائم من العقاب‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى الفقرة األخيرة من المادة ‪ 2‬من ق‪ .‬م‪ .‬ج نجدها تنص على أنه‪ .." :‬ال تتقادم‬
‫الدعوى العمومية الناشئة عن الجرائم التي ينص على عدم تقادمها القانون أو اتفاقية دولية‬
‫صادقت عليها المملكة المغربية وتم نشرها بالجريمة الرسمية‪ .490‬كما أضافت المادة ‪ 9621‬من‬
‫نفس القانون منع تقادم العقوبات الصادرة بشأن هذه الجرائم‪ .491‬مما يعني أن المشرع المغربي‬
‫قد أخذ بتعديل قوانينه الداخلية تمهيدا للمصادقة على االتفاقيات الدولية التي تحمر تقادم‬
‫الدعوى العمومية المتعلقة بالجرائم الدولية والتي على رأسها معاهدة روما بشأن املحكمة‬
‫الجنائية الدولية‪ ،‬و اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد اإلنسانية‪.492‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬اإلجراءات المؤثرة على سريان التقادم الجنائي‬
‫يؤدي مرور المدة الزمنية املحددة قانونا للتقادم حسب األحوال إما إلى سقوط الدعوى‬
‫العمومية‪ ،‬بحيث يمتنع على النيابة العامة إقامتها‪ ،‬أو إلى عدم إمكانية تنفيذ العقوبة إذا تعلق‬
‫األمر بتقادم العقوبات‪ ،‬غير أن سريان هذه المدة قد تعترضه بعض اإلجراءات التي تؤدي إما إلى‬
‫قطع هذه المدة (أوال)‪ ،‬أو إلى إيقافها (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬اإلجراءات القاطعة للتقادم الجنائي‬
‫إن انقطاع التقادم في المادة الجنائية ال يقتصرعلى الدعوى العمومية‪ ،‬بل يشمل العقوبة‬
‫أيما‪ ،‬وإن كان المشرع قد قصراالنقطاع على العقوبات المالية دون العقوبات السالبة للحرية‪.‬‬
‫‪ - /9‬اإلجراءات القاطعة لتقادم الدعوى العمومية‬
‫حدد المشرع المغربي من خالل المادة ‪ 6‬من قانون المسطرة الجنائية اإلجراءات القاطعة‬
‫للتقادم‪ ،‬وكذا الشروط الخاصة ببعض اإلجراءات‪ ،‬حيث نص على أنه‪ " :‬ينقطع أمد تقادم‬
‫الدعوى العمومية بكل إجراء من إجراءات التحقيق أو المتابعة أو املحاكمة تقوم به السلطة‬
‫القمائية‪ ،‬أو تأمربه وبكل إجراء يعتبره القانون قاطعا للتقادم "‪.‬‬
‫‪ 490‬تم تنفيذه بمقتض ى الظهير الشريف رقم ‪ 10.00.0‬صادر في ‪ 00‬شعبان ‪ 01( 0210‬يوليوز ‪)0200‬‬
‫‪ 491‬تنص المادة ‪ 0651‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬المضافة بالقانون رقم ‪00‬ـ‪ 15‬على ما يلي ‪ " :‬ال تتقادم العقوبات الصادرة بشأن‬
‫جرائم ينص على عدم تقادمها القانون أو اتفاقية دولية صادقت عليها المملكة المغربية ونشرت بالجريدة الرسمية "‪.‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 5112‬بتاريخ ‪ 01‬ذي القعدة ‪ 0210‬الموافق ‪ 00‬أكتوبر ‪ ،0200‬ص ‪.5051‬‬
‫‪ 492‬االتفاقية الموقعة في ‪ 1‬كانون الول ‪/‬ديسمبر ‪ ،0165‬أقرتها الجمعية العامة لألمم المتحدة في دورتها الثالثة والعشرين بتاريخ ‪06‬‬
‫نوفمبر ‪.0161‬‬
‫وعليه فإن اإلجراءات القاطعة للتقادم حسب المادة السالفة الذكر ورادة على سبيل‬
‫الحصر‪ ،‬فال يجوزأن تماف إليها إجراءات أخرى‪ ،‬ذلك أن األصل في تقادم الدعوى العمومية إذا‬
‫بدأ في السريان ال ينقطع‪ ،‬واالنقطاع ما هو إال استثناء من األصل‪ ،‬لذلك ال ينقطع إال باإلجراءات‬
‫التي أضفى عليها المشرع هذه الصفة‪ ،‬وهي إجراءات المتابعة أو التحقيق أو املحاكمة الصادرة‬
‫عن السلطة القمائية أو التي تأمربها‪.‬‬
‫وهكذا فإن اإلجراءات القاطعة لتقادم الدعوى العمومية حسب مقتميات المادة‬
‫السادسة من قانون المسطرة الجنائية تتمثل في ‪:‬‬
‫‪ 9‬ـ إجراءات المتابعة‬
‫لقد حسم المشرع المغربي بمقتض ى آخر تعديل له للمادة ‪ 6‬من ق‪.‬م‪.‬ج السالفة الذكر‬
‫الخالف بخصوص إجراءات المتابعة القاطعة لتقادم الدعوى العمومية‪ ،‬فحصرها فقط في كل‬
‫إجراء يستهدف عرض القمية على هيئة التحقيق أوهيئة الحكم‪ ،‬وفي هذا الصدد ذهبت محكمة‬
‫النقض في أحد قراراتها إلى أن انصرام أمد التقادم بين تاريخ ارتكاب الفعل وتاريخ المطالبة بإجراء‬
‫تحقيق‪ ،‬خلو الملف مما يفيد قطعه يترتب عنه قانونا سقوط الدعوى العمومية‪.493‬‬
‫وتتم المتابعة في املخالفات إما بمقتض ى استدعاء مباشر وإما بمقتض ى سند تنفيذي في‬
‫حالة ما إذا كانت املخالفة ثابتة بمحمر أو تقرير‪ ،‬ومعاقب عليها فقط بغرامة مالية ولم يظهر‬
‫فيها متمرر‪.494‬‬
‫وفي الجنح تتم المتابعة إما عن طريق االستدعاء المباشر للجلسة أو عن طريق التقديم‬
‫الفوري للجلسة في الجرائم المتلبس بها من طرف النيابة العامة‪ ،495‬أو باإلحالة من طرف قاض ي‬
‫التحقيق في الجنح القابلة للتحقيق‪ ،‬كما قد تتم المتابعة في الجنح عن طريق أمرقمائي يصدره‬
‫‪ 493‬قرار عدد ‪ ،056‬الصادر بتاريخ ‪ 01‬يناير ‪ ،0202‬في الملف الجنحي رقم ‪ ،0201 – 0 – 6 -00522‬منشور بمجلة نشرة قرارات محكمة‬
‫النقض‪ ،‬الغرفة الجنائية‪ ،‬الجزء‪ ،02‬سنة ‪ ،0202‬ص ‪.005 – 002‬‬
‫‪ 494‬تنص المادة ‪ 105‬من ق‪ .‬م‪ .‬ج على ما يلي‪ " :‬يجوز للنيابة العامة‪ ،‬في سائر الحوال التي ترتكب فيها مخالفة يعاقب عليها القانون‬
‫بغرامة مالية فقط ويكون ارتكابها مثبتا في محضر أو تقرير وال يظهر فيها متضرر أو ضحية‪ ،‬أن تقترح على املخالف بمقتض ى سند قابل‬
‫للتنفيذ أداء غرامة جزافية تبلغ نصف الحد القص ى للغرامة المنصوص عليها قانونا‪".‬‬
‫‪ 495‬تنص المادة ‪ 152‬من ق‪.‬م‪.‬ج ‪ ،‬ترفع الدعوى إلى املحكمة االبتدائية كما يلي ‪:‬‬
‫ـ باالستدعاء المباشر الذي يسلمه وكيل الملك أو الطرف المدني للمتهم أو عند االقتضاء للمسؤولين عن الحقوق المدنية‪.‬‬
‫ـ بالتقديم الفوري للجلسة في الحالة المنصوص عليها في المادة ‪02‬‬
‫القاض ي في غياب المتهم بناء على ملتمس النيابة العامة إذا كانت هذه الجنح ثابتة بمحمر أو‬
‫تقريرويعاقب عليها فقط بغرامة ال يتجاوزحدها األقص ى ‪ 2777‬درهم ولم يظهر فيها متمرر‪.‬‬
‫أما في الجنايات فتتم المتابعة من طرف قاض ي التحقيق في حاالته اإللزامية أو‬
‫االختيارية‪ ،496‬وقد تتم مباشرة من طرف النيابة العامة مع احترام مقتميات المادة ‪ 01‬من ق‪.‬م‪.‬‬
‫ج‪ ،‬كما قد تتم اإلحالة من طرف املحكمة في حالة عدم االختصاص‪ ،‬مع العلم أن النيابة العامة‬
‫تتخذ مجموعة من القرارات اإلدارية والقمائية من بينها قرارالحفظ‪ 497‬غيرأن هذا القرارال يعتبر‬
‫قاطعا للتقادم‪.‬‬
‫وفي نفس السياق ال يعتبر نشر مذكرة بحث على الصعيد الوطني في حق المتابع إجراءا‬
‫قاطعا للتقادم‪ ،‬وهو التوجه الذي كرسته محكمة النقض في أحد قراراتها‪ ،‬ومما جاء فيه " أن‬
‫مجرد صدورمذكرة بحث على الصعيد الوطني من قبل المابطة القمائية في حق المتابع بتهمة‬
‫إصدار شيك بدون رصيد ال يقطع التقادم ما دام هذا اإلجراء لم ينجز من طرف السلطة‬
‫القمائية‪ ،‬فمال على أن تاريخها يعود إلى أكثرمن عشرسنوات قبل تحريك الدعوى العمومية‪498‬‬
‫"‪ .‬وفي المقابل تعتبر مذكرة البحث التي أمرت النيابة العامة بإنجازها إثر اطالعها على املحاضر‬
‫المتعلقة بالفاعل األصلي من بين اإلجراءات القاطعة لتقادم الدعوى العمومية على اعتبار أن‬
‫البحث وإلقاء القبض إجراء قمائي يرتب األثرالقانوني‪.499‬‬
‫‪2‬ـ إجراءات التحقيق‬
‫‪ 496‬تنص المادة ‪ 51‬من ق‪.‬م‪.‬ج يكون التحقيق إلزاميا ‪:‬‬

‫في الجنايات المعاقب عليها باإلعدام أو السجن المؤبد أو التي تصل الحد القص ى للعقوبة المقررة لها ثالثين سنة‪.‬‬
‫في الجنايات المرتكبة من طرف الحداث‪.‬‬
‫في الجنح بنص خاص في القانون‪.‬‬
‫يكون اختياريا فيما عدا ذلك من الجنايات وفي الجنح المرتكبة من طرف الحداث‪ ،‬وفي الجنح التي يكون الحد القص ى للعقوبة المقررة‬
‫لها خمس سنوات أو أكثر‪.‬‬
‫‪ 497‬حكم عدد ‪ 0125‬الصادر بتاريخ ‪ ،0200/0002/02‬في ملف رقم ‪ ،0206/0002/51‬منشور بمجلة محاكمة‪ ،‬العدد ‪ ،05‬نونبر ‪،0205‬‬
‫ص ‪ 016‬وما يليها‪ .‬حيث جاء فيه ما يلي ‪ " :‬قرارات الحفظ الصادرة عن النيابة العامة باعتبارها مقررات مرتبطة بتدبير الدعوى‬
‫العمومية لها طابع قضائي يجعلها غير خاضعة لرقابة القضاء اإلداري في إطار دعوى اإللغاء "‪.‬‬
‫‪ 498‬قرار عدد ‪ 1120‬الصادر بتاريخ ‪ ،0222/00/02‬في الملف الجنحي رقم ‪ ،22/01602‬منشور بمجلة قضاء املجلس العلى‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،00‬ص‪.00‬‬
‫‪ 499‬قرار عدد ‪ 0215‬الصادر بتاريخ ‪ ،25/1/0‬في ملف جنحي رقم ‪ ،22/00002‬منشور بمجلة قضاء املجلس العلى‪ ،‬العدد ‪ ،60‬ص ‪115‬‬
‫وما يليها‪.‬‬
‫حدد المشرع المغربي ‪ -‬بعد التعديل الذي أدخله على المادة ‪ 6‬من قانون المسطرة‬
‫الجنائية‪ -‬تحديدا دقيقا إلجراءات التحقيق القاطعة للتقادم فنص على أنه‪ " :‬يقصد بإجراءات‬
‫التحقيق في مفهوم هذه المادة‪ ،‬كل إجراء صادر عن قاض ي التحقيق خالل مرحلة التحقيق‬
‫اإلعدادي أو التحقيق التكميلي وفقا لمقتميات القسم الثالث من الكتاب األول من هذا‬
‫القانون"‪ ،‬وحسم بذلك الخالف بشأن مفهوم هذه اإلجراءات‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬تنقسم إجراءات التحقيق القاطعة للتقادم إلى نوعين وهي‪:‬‬
‫ـ إجراءات التحقيق اإلعدادي وهي المنصوص عليها في المواد من ‪ 21‬إلى ‪ 217‬من ق‪.‬م‪ .‬ج‬
‫حيث تشمل جميع اإلجراءات واألوامر الصادرة عن قاض ي التحقيق في القمية المعروضة عليه‬
‫كاستنطاق المتهم ابتدائيا وتفصيليا‪ ،‬أو إصدار ألمر بإيداعه في السجن‪ ،‬أو االستماع للشهود في‬
‫القمية أو مواجهة المتهم بهم أو قيامه بالحجز أو التفتيش‪ ،‬كما يدخل في إطار أعمال التحقيق‬
‫اإلعدادي القاطعة للتقادم انتداب قاض ي التحقيق بإنابة قمائية أحد القماة أو أحد ضباط‬
‫الشرطة القمائية‪ 500‬داخل المغرب أو خارجه من أجل االستماع لشهادة شاهد أو القيام‬
‫بمعاينة‪ ،‬كما أن تكليف أحد الخبراء من قبل قاض ي التحقيق‪ 501‬إلفادته في مسالة فنية أو تقنية‬
‫يقتض ي التحقيق تكوين فكرة عنها التخاذ القاض ي القرار المالئم ‪ ،‬فكلها تعتبر إجراءات قاطعة‬
‫للتقادم‪.502‬‬
‫‪ -‬إجراءات التحقيق التكميلي وتلجأ إليها املحكمة عندما تكون إحدى النقاط‬
‫غاممة تحتاج إلى استجالء الحقيقة‪ ،‬فتعهد ألحد أعمائها بإجرائها لتسليط‬
‫الموء عليها حينما يسمح لها القانون بذلك‪ ،‬كما هو األمر بمقتض ى المواد ‪ 212‬و‬
‫‪ 229‬و ‪ 122‬و ‪ 162‬و ‪ 211‬و ‪ 221‬و‪ 012‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫‪1‬ـ إجراءات املحاكمة‬
‫‪ 500‬لكي يتسنى لضابط الشرطة القضائية القيام بإحدى إجراءات التحقيق أو المتابعة التي من شانها قطع التقادم المسقط للدعوى‬
‫العمومية‪ ،‬ينبغي بالضرورة أن يكون هذا الخير قد جاء بناء على أمر من السلطة القضائية‪ ،‬لذلك فان كل إجراء تم بمبادرة تلقائية‬
‫من ضابط الشرطة القضائية يعد الغيا وال يشكل أي اثر على سريان مدة تقادم الدعوى العمومية‪.‬‬
‫‪ 501‬بناء على ما جاءت به المادة ‪ 012‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫‪ 502‬محفوض حجيو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.021‬‬
‫ويقصد بها كل اإلجراءات التي تتخذها املحكمة خالل دراستها للقمية‪ ،‬وتشمل هذه‬
‫الدراسة البحث والمناقشات حسب المادة ‪ 172‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬ويتممن بحث‬
‫القمية استنطاق المتهم واالستماع إلى الشهود والخبراء‪ ،‬وتقديم أدوات اإلثبات وتقديم الدفوع‬
‫والطلبات المادة ‪ 172‬من ق‪ .‬م‪ .‬ج‪ ،‬وتتممن المناقشات التي تجري بعد انتهاء البحث‪ ،‬من تقديم‬
‫المطالب المدنية وملتمسات النيابة العامة‪ ،‬وعرض دفاع المتهم والمسؤول عن الحقوق‬
‫المدنية ثم تمنح الكلمة األخيرة للمتهم طبقا للمادة ‪ 176‬من قانون المسطرة الجنائية‪.503‬‬
‫ويعتبر تأخير القمية من طرف املحكمة إجراء قاطع للتقادم بدوره ألنه يدخل ضمن‬
‫اإلجراءات القمائية للتحقيق النهائي في القمية‪.‬‬
‫وتجدراإلشارة إلى أنه حتى لو صدراإلجراء القاطع لتقادم الدعوى العمومية من الجهة التي‬
‫تعتبر إجراءاتها كذلك‪ ،‬فإنه يجب أن تكون هذه اإلجراءات صحيحة حتى يتم اعتمادها لقطع‬
‫التقادم‪ ،‬ألن اإلجراء الباطل ال يمكن أن تترتب عنه اآلثار القانونية؛ ومنها قطع تقادم الدعوى‬
‫العمومية‪ .‬وعليه فإذا لم يحمرالمتهم الذي توصل باستدعاء باطل ومع ذلك اعتمدت املحكمة‬
‫على التوصل فأصدرت حكمها في الجلسة أو في جلسة الحقة لم يتجدد فيها االستدعاء‪ ،‬كان كل‬
‫من االستدعاء والحكم باطال‪ ،‬وبالتالي ال يقطع أي منهما التقادم‪ .504‬كما ال ينقطع التقادم في‬
‫الدعوى العمومية التي أقيمت خالفا للقانون كما لو رفعت دعوى عمومية بالقذف دون تقديم‬
‫شكاية‪ ،‬فإنها ال تكون قاطعة للتقادم‪.‬‬
‫وتجدراإلشارة أيما إلى أن حدوث إجراء قاطع للتقادم بالنسبة لبعض األشخاص المعنيين‬
‫بالمسطرة يؤدي إلى قطع التقادم بالنسبة إلى الباقين‪ ،‬وإن لم يشملهم اإلجراء القاطع‬
‫بأشخاصهم كما لو استمع قاض ي التحقيق ألحد المتهمين‪ ،‬فإن تاريخ االستماع يفتح أجال جديدا‬
‫‪ 503‬تنص المادة ‪ 126‬من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي ‪ " :‬تجري المناقشات بعد انتهاء البحث‪ ،‬ما لم يتقرر خالف ذلك بمقتض ى‬
‫قانون خاص‪ ،‬أو بأمر من الرئيس حسب الترتيب التي ‪:‬‬
‫ـ يقدم الطرف المدني إن وجد طلبه بالتعويض عن الضرر؛‬
‫ـ تقدم النيابة العامة ملتمساتها؛‬
‫ـ يعرض المتهم دفاعه وكذا المسؤول عن الحقوق المدنية عند االقتضاء؛‬
‫ـ يكون المتهم أخر من تكلم؛‬
‫ـ يعلن الرئيس بعد ذلك عن انتهاء المناقشات‪.‬‬
‫‪ 504‬أحمد الخمليش ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.026‬‬
‫للتقادم بالنسبة لباقي المتهمين‪ .505‬مما يعني أن إجراءات قطع التقادم هي إجراءات عينية‬
‫تنصرف إلى الجريمة‪.‬‬
‫‪ -/2‬اإلجراءات القاطعة لتقادم العقوبة‬
‫حصر المشرع المغربي انقطاع التقادم على العقوبات المالية دون العقوبات السالبة‬
‫للحرية حسب م ‪ 622‬من ق‪ .‬م ج‪ .‬فالغرامات والمصاريف القمائية يمكن أن ينقطع تقادمها بكل‬
‫إجراء من إجراءات تحصيل الغرامات يتم بمسعى من طرف الجهات المأذون لها بتحصيل تلك‬
‫األموال‪ ،‬وهي أساسا مصالح الخزينة ومصالح كتابات المبط باإلضافة إلى قباض الجمارك‬
‫والمرائب غيرالمباشرة وقباض إدارة المرائب‪ ...‬حسب المادة ‪ 17‬من مدونة تحصيل الديون‬
‫العمومية‪.506‬‬
‫وإجراءات التحصيل متعددة تشمل أشكال المطالبة باألداء التي يحددها القانون ‪92.10‬‬
‫بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬وتنص المادة الرابعة من هذا القانون على عدة طرق‬
‫لتحصيل الديون العمومية ومن بينها‪:‬‬
‫‪ -‬الغرامات‪ 507‬واإلدانات النقدية والصوائر‪ 508‬والرسوم القمائية؛‬
‫‪ 505‬جاء في الفقرة الثانية من المادة ‪ 6‬من ق م ج‪" :‬يسري هذا االنقطاع كذلك بالنسبة لألشخاص الذين لم يشملهم إجراء التحقيق‬
‫أو المتابعة أو املحاكمة "‪.‬‬
‫‪ 506‬لقد حدد المشرع المغربي الشخاص الموكول لهم القيام بعملية استخالص الديون العمومية عن طريق التحصيل الجبري في‬
‫ضوء مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬يتقدمهم الموظفون التابعون للخزينة العامة‪ ،‬أي أعوان التنفيذ التابعين لها‪ ،‬مع إمكانية‬
‫االستعانة ببعض الشخاص ممن ذكرهم القانون‪ ،‬أي انه ال يمنع من االستعانة بأعوان التبليغات والتنفيدات التابعين للمحاكم‪.‬لذلك‬
‫خصت المدونة هؤالء الشخاص بنظام خاص نظرا للدور الذي يلعبونه في مجال تحقيق جزء كبير من عائدات الضرائب كمداخل‬
‫لميزانية الدولة إلى جانب مصادر أخرى لتمويلها‪ ،‬عن طريق التنفيذ على أموال الملزمين سواء في ذلك المنقولة أو العقارية‪ ،‬وهو نظام‬
‫مؤطر بستة مواد من ‪ 12‬إلى ‪ 15‬من المدونة‪.‬‬
‫‪ -‬كريم لحرش ‪ ،‬الشرح العملي لمدونة تحصيل الديون العمومية ‪ -‬فقها‪ ،‬قانونا وقضاء‪ ،-‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة‬
‫الولى‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،0205 ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪ 507‬ينص الفصل ‪ 15‬من القانون الجنائي على ما يلي‪ ":‬الغرامة هي إلزام املحكوم عليه بأن يؤدي لفائدة الخزينة العامة مبلغا معينا من‬
‫النقود بالعملة المتداولة قانونا في المملكة "‪.‬‬
‫‪ 508‬تنص المادة ‪ 52‬من القانون رقم ‪ 01/56‬المتعلق بتنظيم المصاريف القضائية في الميدان الجنائي على ما يلي ‪:‬‬
‫تشمل تصفية المصاريف القضائية في كل قضية جنائية قسطا جزافيا مبلغه ‪:‬‬
‫ـ ‪ 12‬درهم أمام املحاكم االبتدائية في قضايا املخالفات‪.‬‬
‫ـ ‪ 022‬درهم أمام املحاكم االبتدائية في القضايا الجنحية‪.‬‬
‫‪ -‬األداء التلقائي للغرامة؛‬
‫ـ بموجب إصدار أوامر فردية أو جماعية بالمداخل التي يصدرها اآلمرون بالصرف‬
‫املختصون وتكون هذه األوامر بالنسبة لألحكام القمائية على شكل مستخرجات أو قرارات‬
‫الحجز‪.‬‬
‫وتستوفى الغرامات بشكل رضائي أو بطرق التحصيل الجبري وذلك ابتداء من تاريخ‬
‫استحقاقها‪ .‬وتنص المادة ‪ 96‬من مدونة تحصيل الديون العمومية على ما يلي ‪ :‬تستحق الغرامات‬
‫واإلدانات النقدية والمصاريف‪ 509‬القمائية املحكوم بها من طرف محاكم المملكة‪ ،‬بعد انصرام‬
‫ـ ‪ 522‬درهم أمام الغرف الجنائية ملحاكم االستئناف وأمام جميع املحاكم الجنائية الخرى‪ ،‬وال سيما املحكمة العسكرية ماعدا محكمة‬
‫النقض املحدد مبلغ اإليداع فيما يخصه بمقتض ى قانون اإلجراءات الجنائية‪.‬‬
‫وتزاد على المبالغ النفة الذكر ‪:‬‬
‫ـ ‪ 52‬درهم في حالة استئناف حكم صادر عن محكمة ابتدائية في قضايا املخالفات‪.‬‬
‫ـ ‪ 022‬درهم في حالة استئناف حكم صادر عن محكمة ابتدائية في القضايا الجنحية‪.‬‬
‫ويستوفى المبلغ نفسه في حالة استئناف أمر لقاض ي التحقيق أمام غرفة الجنح‪.‬‬
‫ويستوفي من جهة أخرى قسط جزافي مبلغه ‪:‬‬
‫ـ ‪ 02‬درهم في حالة التعرض على حكم صادر غيابي صادر عن محكمة ابتدائية في قضايا املخالفات‪.‬‬
‫ـ ‪ 52‬درهم في حالة التعرض على حكم غيابي صادر عن محكمة ابتدائية في القضايا الجنحية‪.‬‬
‫ـ ‪ 022‬درهم في حالة التعرض على حكم غيابي صادر عن محكمة االستئناف‪.‬‬
‫وزيادة على القسط الجزافي النف الذكر‪ ،‬يجب إذا استلزمت اإلجراءات القيام بعمليات خبرة تتطلب مصاريف تتجاوز مبلغ القسط‬
‫المذكور أمام أي محكمة من املحاكم‪ ،‬أن توضع قائمة لتصفية المصاريف المشار إليها يصدر في شانها أمر تنفيذ إضافي يزاد مبلغه‬
‫على مبلغ مجموع القسط الجزافي في الحكم القاض ي بأداء المصاريف‪.‬‬
‫ولتسهيل التصفية المذكورة يجب أن تضيف هيئة التحقيق إلى المستندات المتعلقة باإلجراءات بيانا لمصاريف عمليات الخبرة التي‬
‫أمرت بها‪.‬‬
‫‪ 509‬تنص المادة ‪ 0‬من نفس القانون المشار إليه سابقا ‪:‬‬
‫تشمل المصاريف القضائية في الميدان الجنائي ‪:‬‬
‫ـ مصاريف نقل المتهمين إلى هيئات التحقيق أو الحكم وكذا‪ ،‬إن اقتض ى الحال‪ ،‬مصاريف نقل املحكوم عليهم من مكان اعتقالهم إلى‬
‫مقر املحكمة المطلوب منهم اإلدالء بشهادتهم لديها‪ ،‬إذا تعذر نقلهم بوسائل إدارة السجون‪.‬‬
‫ـ مصاريف نقل أوراق اإلجراءات وأدلة اإلثبات‪.‬‬
‫ـ مصاريف تسليم المتهمين أو املحكوم عليهم والمصاريف التي يستلزمها تنفيذ اإلنابات القضائية الواردة من بلد أجنبي أو الموجهة‬
‫إليه وكذا جميع المصاريف الخرى المتعلقة باإلجراءات الجنائية في الميدان الدولي‪.‬‬
‫ـ التعاب والتعويضات المستحقة للخبراء والتراجمة ومصاريف الترجمة‪.‬‬
‫ـ التعويضات المستحقة للشهود‪.‬‬
‫ـ مصاريف حراسة الختام ومصاريف اإليداع في المحجز‪.‬‬
‫ـ مصاريف إلقاء القبض المستحقة لمأموري القوة العمومية لقاء تنفيذ سندات قضائية‪.‬‬
‫ـ التعويضات المستحقة للقضاة ومأموري كتابات الضبط في حالة تنقل وللمسعفات االجتماعية للقيام بعمل يدخل في نطاق‬
‫اختصاصاتهم فيما يرجع إلى القضاء الجنائي‪ ،‬أو إذا كانت المصاريف داخلة في حكم مصاريف القضاء الجنائي وفقا لحكام المادة ‪1‬‬
‫بعده‪.‬‬
‫أجل ثالثين يوما ابتدءا من تاريخ تبليغ األحكام والقرارات المتعلقة بها‪ ،‬والمستنفذة لجميع طرق‬
‫الطعن العادية‪.510‬‬
‫وعليه فإن كل إجراء من إجراءات التحصيل الطوعية أو الجبرية يتم بمسعى من الجهات‬
‫المأذون لها بتحصيل الغرامات واألداءات النقدية والمصاريف القمائية املحكوم بها من طرف‬
‫املحاكم يعتبر إجراءا قاطعا للتقادم ويؤدي إلى فتح أجل جديد كامل لألداء لمدة أربع سنوات‬
‫بالنسبة للعقوبات الجنحية المالية ولمدة سنة واحدة النسبة للعقوبات المالية من أجل‬
‫املخالفات‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى مقتميات المادة ‪ 912‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،511‬يتضح لنا أن‬
‫أجال التقادم هي نفس اآلجال المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫ـ مصاريف االتصاالت البريدية والبرقية والتليفونية السلكية أو التليفونية أو البرقية الالسلكية وكذا مصاريف حمل الرزم إذا دعت إلى‬
‫ذلك ضرورة التحقيق أو الحكم قي اإلجراءات الجنائية‪.‬‬
‫ـ مصاريف تنفيذ الحكام الجنائية‪.‬‬
‫ـ مصاريف شهر الحكام والوامر القضائية‪،‬‬
‫ـ مصاريف دعاوى إعادة النظر والتعويضات المستحقة لضحايا الخطاء القضائية‪.‬‬
‫وإذا تجاوز مبلغ المصاريف المبينة أعاله المبلغ المقدر لها بصورة قانونية وفقا للتعويضات المعمول بها‪ ،‬وجب أن يكون ذلك مبررا‬
‫بضرورة خاصة تستلزمها اإلجراءات أو بظروف استتنائية تكتنف القضية‪ ،‬وال يمكن السماح به إال بإذن من الوكيل العام للملك إلى‬
‫غاية ‪ 0.222‬درهم وبإذن من وزير العدل إذا زاد المبلغ على هذا القدر‪.‬‬
‫ويكون الشأن كذلك إذا استلزم التحقيق في قضية جنائية مصاريف غير عادية لم ينص عليها في تعداد المصاريف الواردة أعاله‪.‬‬
‫وال تتوقف على اإلذن المنصوص عليه أعاله المصاريف المترتية على تنفيذ أحكام املحاكم‪.‬‬
‫وتتقادم طبقا للمادة ‪ 50‬بمض ي ‪ 05‬سنة‪.‬‬
‫‪ 510‬محمد عبد النباوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.56 – 55‬‬
‫‪ 511‬ثم تغير وتتميم المادة ‪ 015‬أعاله بمقتض ى المادة ‪ 00‬من قانون المالية رقم ‪ 52/05‬للسنة المالية ‪ 0201‬الصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 0/05/022‬بتاريخ ‪ 00‬من ربيع الخر ‪ 02 ( 0222‬ديسمبر ‪ ،) 0205‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6016‬مكرر بتاريخ ‪ 01‬ربيع‬
‫الخر ‪ 00 ( 0222‬ديسمبر ‪ ،) 0205‬ص ‪.1625‬‬
‫حيث تتقادم دعوى التحصيل ‪:‬‬
‫فيما يخص الغرامات واإلدانات النقدية غير الجمركية بمض ي ‪:‬‬
‫ـ خمسة عشرة سنة‪ ،‬بالنسبة للعقوبات الجنائية‬
‫ـ أربع سنوات‪ ،‬بالنسبة للعقوبات الجنحية‬
‫ـ سنة‪ ،‬بالنسبة للعقوبات عن املخالفات‬
‫وتسري أجال التقادم المنصوص عليها أعاله ابتداء من استنفاد قرار اإلدانة طرق الطعن العادية‪.‬‬
‫ينقطع التقادم المشار إليه في الفقرات السابقة بكل إجراء من إجراءات التحصيل الجبري يتم بمسعى من إدارة المالية أو مصالح‬
‫كتابات الضبط بمحاكم المملكة‪.‬‬
‫وهو ما أكدته دورية رئيس النيابة العامة عدد ‪ 1‬الصادرة بتاريخ ‪ 72‬فبراير ‪ ،2792‬بشأن‬
‫تقادم الغرامة المطلوب تنفيذ اإلكراه البدني بشأنها والتي جاء فيها ما يلي ‪" :‬حيث ال يخفى عليكم‬
‫أن الغرامات بوصفها عقوبة تخمع للتقادم المقرر في المادة ‪ 622‬وما يليها من قانون المسطرة‬
‫الجنائية‪ .‬وتحدد مدة تقادمها في سنة واحدة إذا كانت الغرامة صادرة في مخالفة‪ ،‬وفي أربع سنوات‬
‫إذا كانت صادرة في جنحة‪ .‬ويبتدئ أجل التقادم من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم الصادر‬
‫بالعقوبة حائزا لقوة الش يء المقض ي به ( أي يصبح الحكم غيرقابل ألي طريقة من طرق الطعن‬
‫العادية أو للطعن بالنقض )"‪.‬‬
‫وينقطع هذا األجل طبقا ألحكام الفقرة األخيرة من المادة ‪ 622‬من قانون المسطرة‬
‫الجنائية‪ ،‬وكذا الفقرة األخيرة من المادة ‪ 912‬من مدونة تحصيل الديون العمومية بكل إجراء‬
‫من إجراءات التحصيل الجبري يتم بمسعى من إدارة المالية أو مصالح كتابات المبط بمحاكم‬
‫المملكة‪ ،‬فمن تاريخ أخر إجراء تباشره هذه المصالح كتبليغ الحكم أو توجيه اإلنذار أو تقديم‬
‫طلب اإلكراه البدني للنيابة العامة يبدأ أجل جديد للتقادم‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬اإلجراءات الموقفة للتقادم الجنائي‬
‫على خالف انقطاع التقادم فإن إيقاف التقادم الجنائي يقتصرعلى الدعوى العمومية دون‬
‫العقوبة‪ ،‬ويقصد به توقف سريان مدة التقادم المقررة للجريمة بحسب نوعها لوجود مانع يقف‬
‫حائال دون اكتمال هذه المدة طالما بقي هذا العائق عالقا بها‪ ،‬فإذا ما زال عاد للسريان من جديد‬
‫من الوقت الذي توقف عنده‪.512‬‬
‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 6‬من ق‪ .‬م‪ .‬ج نجدها تنص على أنه تتوقف مدة تقادم الدعوى‬
‫العمومية‪ ،‬فيما إذا كانت استحالة إقامتها ترجع إلى القانون نفسه‪.‬‬
‫وإذا كان المشرع المغربي يتحدث عن وقف تقادم الدعوى العمومية ألسباب قانونية (‪) 9‬‬
‫فقط‪ ،‬فإننا سنحاول التطرق ألسباب أخرى لوقف هذا التقادم‪ ،‬ويتعلق األمر باألسباب الوقف‬
‫الو اقعية ( ‪.) 2‬‬
‫‪ -/9‬األسباب القانونية ‪:‬‬
‫‪512‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.002‬‬
‫وتعني األسباب التي تحول دون السير في الدعوى العمومية في طريقها الطبيعي بناء على‬
‫تطبيق نص قانوني وبالرجوع إلى المادة ‪ 6‬من ق‪ .‬م‪ .‬ج نجد أن المشرع المغربي قد أقر صراحة‬
‫إمكانية وقف تقادم الدعوى العمومية إذا كان سبب استحالة إقامتها راجع إلى سبب قانوني‪ ،‬إال‬
‫أنه لم يقم بتعداد هذه األسباب في نص واحد‪ ،‬مما يمكن القول معه بأن هذه األسباب أو الموانع‬
‫تجد مصدرها في نصوص متفرقة سواء في القانون الجنائي أوفي غيرها من القوانين الخاصة ذات‬
‫الطابع الجنائي‪ ،‬ومن أمثلة هذه الموانع الموجبة لوقف تقادم الدعوى العمومية نجد ما يلي ‪:‬‬
‫ـ حالة توقف الفصل في دعوى عمومية على دعوى عارضة يتوقف عليها الفصل في الدعوى‬
‫العمومية‪ ،‬فإذا رفعت دعوى باستعمال سند مزور‪ ،‬وكانت هناك دعوى ثانية عارضة مرفوعة‬
‫عن تزويرذلك السند فإنه حتى يقض ي في جريمة االستعمال يجب أوال معرفة حكم القماء فيما‬
‫إذا كان السند مزورا أو غيرمزورا‪.513‬‬
‫ـ حالة إصابة المتهم بخلل عقلي طرأ عليه أواشتد عليه أثره بعد ارتكاب الجريمة‪ :‬تعتبرحالة‬
‫الجنون من أهم موانع المسؤولية الجنائية في القانون الجنائي المغربي‪ ،‬فكل من كان في حالة‬
‫جنون عند ارتكابه لفعله الجرمي يعفى من العقاب طبقا للفصل ‪ 912‬من ق‪ .‬ج‪.‬‬
‫ولكن إذا كان الخلل العقلي قد طرأ على المتهم أو أشتد أثره بعد ارتكابه الفعل الجرمي‬
‫فأصبح معه غير قادر على الدفاع عن نفسه فإنه يتعين على املحكمة أن تأمر بوقف النظر في‬
‫الدعوى العمومية وإحالته على مؤسسة للعالج‪ ،‬ليتم استئناف املحاكمة بعد انتهاء فترة‬
‫العالج‪ .514‬دون احتساب مدة اإليداع ضمن أجل التقادم ألن القانون نفسه منع من مواصلة‬
‫الدعوى العمومية خالل فترة العالج في هذه الحالة حسب الفصل ‪ 01‬من ق ‪.‬ج‪.‬‬
‫ـ حالة وجود مسألة معترضة أمام املحكمة الزجرية وأرجأت النظر في الدعوى العمومية‬
‫العالقة أمامها إلى حين الفصل في تلك المسألة المعروضة على جهة أخرى مختصة بالنظرفيها‪،‬‬
‫فيتوقف سريان التقادم حتى صدور قرار أو حكم مبرم يفصل في تلك المسألة‪ ،515‬ومن الحاالت‬
‫التي يمنع فيها القانون المغربي نفسه من ممارسة الدعوى العمومية الحالة المنصوص عليها في‬
‫‪513‬إدريس بلمحجوب‪ ،‬أبحاث في الفقه والقضاء على ضوء االجتهادات للمجلس العلى‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬المطبعة المنية الرباط‪،0226 ،‬‬
‫ص ‪.11‬‬
‫‪514‬محمد عبد النباوي مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ 515‬إلياس الحاج راستي‪ ،‬مرور الزمن الجزائي – دراسة مقارنة ‪ ،‬مطبعة منشورات زين الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،0221 ،‬ص ‪.050‬‬
‫الفصل ‪ 202‬من القانون الجنائي الذي ينص على تأخير الحكم بإدانة من اختطف قاصر وتزوج‬
‫بها إلى حين صدور حكم من املحكمة املختصة ببطالن هذا الزواج‪ ،‬غير أنه ال يمكن إصدار حكم‬
‫في الدعوى العمومية المقامة من أجل االختطاف أو التغريرطيلة المدة التي تكون دعوى بطالن‬
‫الزواج جارية‪ ،516‬وال تحتسب هذه المدة في أجل التقادم ألن القانون نفسه منع البت في الدعوى‬
‫العمومية ما لم يتم البت في بطالن الزواج‪.‬‬
‫غيرأن اإلشكال الذي يثارفي هذا الجانب هو هل يتوقف سريان مدة التقادم في حالة توقف‬
‫المتابعة على تقديم شكاية من املجني عليه ؟‬
‫على الرغم من أن تقديم الشكاية تعد هي نقطة البداية في تحريك الدعوى العمومية ورفع‬
‫القيد الذي غل سلطة النيابة العامة‪ ،‬والقيام بأول عمل إجرائي يترتب عليه رفع الدعوى إلى‬
‫سلطة التحقيق أو املحكمة للحكم فيها في بعض جرائم الشكايات‪.517‬‬
‫فبالرجوع إلى قانون المسطرة الجنائية المغربي نجده لم يرد نصا يحدد فيه مدة تقادم‬
‫الشكاية‪ ،‬وأمام سكوته عن ذلك‪ ،‬يرى البعض‪ 518‬أن وقت تقديمها يتحدد بفترة التقادم التي‬
‫تنقض ي بها الدعوى العمومية‪ ،‬والتي تختلف باختالف نوع الجريمة‪ ،‬كما أن القول بتقييد بدء‬
‫سريان مدة التقادم على تقديم الشكاية بالنسبة لتحريك الدعاوى المشتركة فيها‪ ،‬قد يؤدي إلى‬
‫جعل من بيده هذه اإلمكانية يتصرف ليس بالزيادة في مدد التقادم فقط‪ ،‬و إنما يمنع التقادم‬
‫بالمرة عن جرائم خاضعة للتقادم في أصلها‪ ،‬بل يجعل تقادم الجريمة الواحدة يتغير بحسب‬
‫إرادة من له الحق في تقديم الشكاية في حالة تعدد المساهمين والمشاركين في الجريمة‬
‫الواحدة‪.519‬‬
‫‪ 516‬أحمد الخمليش ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.022‬‬

‫‪517‬هناك مجموعة من الفصول القانونية في القانون الجنائي تجعل الشكاية كقيد على المتابعة كالفصل ‪ 210‬المتعلق بالخيانة‬
‫الزوجية‪ ،‬والفصل ‪ 215‬المتعلق بالسرقة في حق الصول‪ ،‬والفصل ‪ 500‬المتعلق باستعمال ناقلة ذات محرك بغير إذن مالكها‪.‬‬
‫كما ال يمكن تحريك المتابعة في حق البرلمانيين حسب ما ينص عليه الفصل ‪ 62‬من الدستور المغربي لسنة ‪ 0200‬أنه " ال يمكن‬
‫متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان‪ ،‬وال البحث عنه‪ ،‬وال إلقاء القبض عليه وال محاكمته‪ ،‬بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت‬
‫خالل مزاولته لمهامه‪ ،‬ما عدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي أو الدين اإلسالمي‪ ،‬أو يتضمن ما يخل باالحترام‬
‫الواجب للملك"‪.‬‬
‫‪ 518‬هاني يحيى الجعدبي‪ ،‬حقوق املجني عليه في التشريع الجنائي المغربي واليمني‪ ،‬ـ دراسة مقارنة ‪ ،‬مكتبة دار السالم ـ الطبعة الولى‪،‬‬
‫‪ ،0205‬ص ‪ 22‬ـ ‪.20‬‬
‫‪519‬محفوض حجيو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.000‬‬
‫ثانيا‪ :‬األسباب الو اقعية‬
‫وهي األسباب التي تحول دون إمكانية السير في الدعوى العمومية بناء على حاالت و اقعية‬
‫وظروف قاهرة ال يمكن تفاديها‪ ،‬فتؤدي إلى وقف سريان التقادم خالل الفترة التي توجد فيها ومن‬
‫األمثلة على ذلك نجد‪:‬‬
‫‪ -9‬حالة الكوارث الطبيعية كالفيمان أو الوباء أو الزلزال التي تجعل االتصال متعذرا بين‬
‫المناطق املختلفة مما يترتب عليه تعطيل سيرمر افق الدولة بصفة عامة‪ ،‬وبالتالي إيقاف‬
‫مدة التقادم طالما استمرت هذه الكوارث‪.‬‬
‫‪ -2‬حالة وقوع حرب داخلية أدت إلى تعطيل عمل األجهزة القمائية وكذلك األمر في حالة‬
‫احتالل البالد من قبل جيوش أجنبية حيث أنه في الحالتين يستحيل إجراء أي عمل من‬
‫أعمال المتابعة كما يستحيل متابعة النظر في الدعوى سواء من قبل السلطة المكلفة‬
‫بالتحقيق أو قماة الحكم‪ ،‬مما يستوجب إيقاف مدة تقادم الدعوى العمومية ريثما يزول‬
‫العائق الذي حال دون متابعتها لسيرها العادي‪.‬‬
‫‪ -1‬حالة امتناع دولة أجنبية عن تسليم المتهم المطلوب استرداده من قبل الدولة الطالبة‬
‫فإذا ما ارتكب شخص جريمة مثال والذ بالفرار إلى بلد أجنبي‪ ،‬وطالبت الدولة المغربية‬
‫با سترداده من الدولة األجنبية لكن هذه األخيرة امتنعت عن تسليمه للدولة الطالبة‪ ،‬فإنه‬
‫في هذه الحالة يتوجب أن يتوقف سريان التقادم طوال فترة امتناع الدولة األجنبية عن‬
‫تسليم المطلوب استرداده إلى حين تسلمه‪ ،‬وفي هذا اإلطار ذهبت محكمة النقض في قرار‬
‫لها إلى أن "الطاعن أنجزت في حقه مذكرة بحث بتاريخ ‪ 9112/9/29‬فأفيد أنه يوجد‬
‫بالسجن بإسبانيا تنفيذا لعقوبة حبسية مدتها أربع سنوات ابتداء من أبريل ‪ ،9112‬و أنه‬
‫بمقتض ى طلب التسليم من السلطات القمائية المغربية وضع رهن إشارة هذه األخيرة‬
‫بتاريخ ‪ 2772/71/92‬وكان المقرربمقتض ى المادة ‪ 6‬من ق م ج أن مدة التقادم تتوقف كلما‬
‫كانت استحالة القيام بإجراءات الدعوى العمومية متأصلة من القانون‪ ،‬فإنه لما كان من‬
‫المستحيل مواصلة إجراءات الدعوى العمومية في مواجهة الطاعن بسبب وجوده لمدة‬
‫أربع سنوات بالسجن خارج التراب الوطني إلى حين تسليمه فإن مدة التقادم تتوقف وال‬
‫يبتدئ سريانها إال بعد زوال السبب المذكور‪. " 520‬‬
‫وعليه‪ ،‬نجد أن المشرع المغربي قصرإمكانية وقف سريان مدة التقادم في حالة وجود مانع‬
‫من الموانع القانونية فقط دون الموانع الو اقعية‪.‬‬
‫خصص هذا المقال لدراسة التقادم الجنائي باعتباره أحد األنظمة القانونية المؤسسة‬
‫على فكرة نسيان املجتمع للجريمة وسقوطها من ذاكرة املجتمع‪ ،‬حيث تكون المشاعر الغاضبة‬
‫قد هدأت ورغبة االنتقام قد تالشت‪ ،‬وبالتالي انعدام وجود الفائدة من عقاب الجاني‪ ،‬وهو األمر‬
‫الذي تفرضه كذلك حسن سيرالعدالة‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك االكتفاء بمعاناة الجاني جزاء ما القاه من االضطراب والوجل أثناء المدة‬
‫المقررة النقماء الدعوى الجنائية‪ ،‬حيث يشعربالخوف والقلق كل يوم من إثارة الدعوى ضده‪،‬‬
‫فشبح الجريمة يالحقه أينما حل‪ ،‬وحيثما سار يخش ى دائما وقوعه في يد العدالة للقصاص منه‪،‬‬
‫ولربما كان هذا الخوف كافيا في ذاته لردع هذا الجاني وإصالحه ‪.‬‬
‫وبالرغم من أهمية فكرة التقادم الجنائي فإنها لم تسلم من نقد‪ ،‬على اعتبار أنها تشجع‬
‫املجرم على اإلفالت من العقاب وألنه يترك خطورته اإلجرامية قائمة على املجتمع خاصة بالنسبة‬
‫للمجرم المعتاد واملجرم بالفطرة عند المدرسة الوضعية‪ ،‬ومهما كانت المأخذ التي يمكن أن‬
‫تعزى إلى اعتناق التقادم‪ ،‬فان المشرع المغربي المؤيد بالفقه قد غلب محاسنه على مساوئه‬
‫وأخذ به في قانون المسطرة الجنائية الحالية والملغاة مخصصا له ثالث نصوص ‪ 2‬و‪ 2‬و‪ 6‬ق م‬
‫ج‪ ،‬كما أقره القماء المغربي في العديد من قراراته‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬يمكن أن نخلص من كل ما تقدم إلى ما يلي‪:‬‬
‫‪ 520‬قرار عدد ‪ 0/102‬الصادر بتاريخ ‪ 02‬فبراير ‪ ،0220‬في ملف جنحي رقم ‪ ،26/01552‬منشور بمجلة قضاء املجلس العلى‪ ،‬قرارات‬
‫الغرفة الجنائية‪ ،‬العدد ‪ ،61‬السنة ‪ ،0225‬ص ‪.056‬‬
‫‪‬أن التقادم كمؤسسة قانونية يكون إعمالها في حالة عدم ممارسة الشخص المتمررمن‬
‫الفعل الجرمي لحقه‪ ،‬إذ بموقفه السلبي هذا يحرم قانونا من هذا الحق‪ ،‬سواء تعلق األمر‬
‫بالدعوى العمومية أو بالعقوبة على حد سواء‪.‬‬
‫‪ ‬أن قواعد التقادم تتصف بكونها قواعد شكلية تطبق فورصدورها ‪.‬‬
‫‪‬ضرورة اإلبقاء على نظام التقادم الجنائي مما يستتبعه من خدمة ألهداف السياسة‬
‫الجنائية الهادفة أساسا لتحقيق العدالة الجنائية مع وضع الممانات الكافية ملحاربة اإلفالت‬
‫من العقاب‪.‬‬
‫‪‬ضرورة التدخل التشريعي للتنصيص على عدم تقادم جرائم المال العام أو على األقل‬
‫عدم إخماعها للقاعدة العامة فيما يخص بداية سريان التقادم ـ أي سريان التقادم من يوم‬
‫ارتكاب الجريمة ـ ألن األخذ بذلك سيؤدي إلى إفالت العديد من الجناة من العقاب‪.‬‬
‫‪‬ضرورة تطويل آجال التقادم لمنع إفالت املجرمين من العقاب تماشيا مع المقاربة‬
‫األمريكية القائمة على مبدأ عدم تقادم الجرائم بصفة نهائية‪ .‬بل يجب على المشرع المغربي أن‬
‫يتراجع عن هذه الخيارات والتي تتعارض مع مممون السياسة الجنائية المعاصرة للتصدي‬
‫لتنامي الجريمة المنظمة العابرة للحدود واإلرهاب الدولي وتجارة املخدرات واالتجار في البشر‬
‫وتزييف العمالت بما يممن محاصرة ناجعة وفعالة للجريمة‪ ،‬بحيث ال يوجد سبيل أفمل من‬
‫تشديد الخناق على العصابات اإلجرامية إما عن طريق تطويل مدد تقادم الجريمة أو اللجوء إلى‬
‫حذفه نهائيا‪.‬‬
‫‪‬وجوب تدخل المشرع المغربي لحسم النقاش الدائرحول المعيارالذي على أساسه يتم‬
‫احتساب التقادم‪ ،‬هل هو بالعقوبة املحكوم بها أم بوصف الجريمة المرتكبة‪.‬‬
‫‪ ‬على الرغم من أهمية التعديالت التي أدخلت على المادة ‪ 6‬من قانون المسطرة الجنائية‬
‫بمقتض ى القانون رقم ‪99‬ـ ‪ 12‬من حيث حصراإلجراءات القاطعة للتقادم في المتابعة أو التحقيق‬
‫أو املحاكمة‪ ،‬إال أن العمل القمائي الزال لم يستقرعلى رأي قاربخصوص ما إذا كانت التعليمات‬
‫التي توجهها النيابة العامة للشرطة القمائية ومذكرات البحث التي تصدرها هذه األخيرة تعد‬
‫إجراء قاطعا للتقادم أم ال‪ ،‬حيث بات من الالزم التدخل بقرار قمائي حاسم للخالف وملزم‬
‫لجميع املحاكم‪ ،‬في إطار مهام محكمة النقض التي منحتها المادة ‪ 292‬من قانون المسطرة‬
‫الجنائية مهمة توحيد االجتهاد القمائي‪.‬‬
‫‪ ‬هناك بعض النصوص القانونية التي أصبحت متجاوزة وغير محينة كالفصل ‪ 22‬من‬
‫القانون الجنائي‪ ،‬الذي ال زال يحيل على مواد كانت تتعلق بالتقادم‪ ،‬وأصبحت تتعلق بمسطرة رد‬
‫االعتبارولم يتم التفكيرفي تعديله‪.‬‬
‫المراجع المعتمدة‬
‫مراجع باللغة العربية ‪:‬‬
‫كتب‬
‫‪ -‬أحمد الخمليش ي‪ ،‬شرح القانون الجنائي – القسم العام‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪،‬‬
‫الرباط‪،9121 ،‬‬
‫‪ -‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬الوسيط في شرح قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار النهمة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪.9122 ،‬‬
‫‪ -‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬نظرية البطالن في قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬القاهرة‪.9121 ،‬‬
‫‪ -‬الحسن هوداية‪ ،‬أهم قرارات املجلس األعلى في التقادم‪ ،‬المادتين الجنائية والمدنية‪،‬‬
‫سلسلة المكتبة الجنائية‪ ،‬دارالقلم‪ ،‬الرباط‪2797 ،‬‬
‫‪ -‬إلياس الحاج راستي‪ ،‬مرور الزمن الجزائي – دراسة مقارنة ‪ ،‬مطبعة منشورات زين‬
‫الحقوقية‪ ،‬لبنان‪.2771 ،‬‬
‫‪ -‬سليمان عبد المنعم‪ ،‬أصول اإلجراءات الجنائية دراسة مقارنة‪ ،‬الكتاب الثاني‪،‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬لبنان‪.2772 ،‬‬
‫‪ -‬عبد الفتاح مصطفى الصيفي‪ ،‬حق الدولة في العقاب‪ ،‬نشأته و اقتماؤه و انقماؤه‪ ،‬دار‬
‫الهدى للمطبوعات‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬االسكندرية‪.9122 ،‬‬
‫‪ -‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شرح القانون الجنائي المغربي ـ القسم العام‪ ،‬الطبعة السابعة‪،‬‬
‫‪.2796‬‬
‫‪ -‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء‬
‫األول‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة الثامنة‪ ،‬الدارالبيماء‪.2791 ،‬‬
‫‪ -‬فريد الزغبي‪ ،‬الموسوعة الجنائية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬املجلد الثامن‪ ،‬دار صادر للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬بيروت‪.9112 ،‬‬
‫‪ -‬كريم لحرش‪ ،‬الشرح العملي لمدونة تحصيل الديون العمومية ‪ -‬فقها‪ ،‬قانونا وقماء‪،-‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدارالبيماء‪.2792 ،‬‬
‫‪ -‬محمد أحداف‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة سجلماسة‪،‬‬
‫مكناس‪.2792 ،‬‬
‫‪ -‬محمد عبد النباوي‪ ،‬تقادم الدعوى العمومية وتقادم العقوبة‪ ،‬مجلة الشؤون الجنائية‪،‬‬
‫منشورات جمعية نشرالمعلومة القانونية والقمائية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬دجنبر‪.2779‬‬
‫‪ -‬محمد عبد الحميد األلفي‪ ،‬شروح عملية في قانون المسطرة الجنائية المغربي ـ دراسة‬
‫مقارنة ـ طبقا ألحداث قرارات املجلس األعلى المغربي ومحكمة النقض المصرية‪ ،‬الجزء األول‪،‬‬
‫دارمحمود‪ ،‬القاهرة‪ ،‬توزيع بالمغرب مكتبة الرشاد‪ ،‬سطات‪.2797 ،‬‬
‫‪ -‬مصطفى يوسف‪ ،‬التقادم الجنائي و أثره اإلجرائي والموضوعي‪ ،‬دار الكتب القانونية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪.2797 ،‬‬
‫‪ -‬نبيل عبد الصبور النبراوي‪ ،‬سقوط الحق في العقاب بين الفقه والتشريع الوضعي‪ ،‬دار‬
‫الفكرالعربي‪ ،‬القاهرة‪.9116 ،‬‬
‫مقاالت‬
‫‪ -‬حميد ميمون‪ ،‬اإلشكاليات العملية في تقادم العقوبات الزجرية‪ ،‬مجلة اإلشعاع‪ ،‬العدد‬
‫‪.2770 ،12‬‬
‫‪ -‬جعفر علوي‪ :‬عالقة قاض ي االنتخابات بالقاض ي الجنائي في مجال مكافحة الجرائم‬
‫المرتبطة باالنتخابات‪ ،‬املجلة المغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪.2772 ، 21‬‬
‫رسائل جامعية‬
‫‪ -‬محفوظ حجيو‪ ،‬التقادم المسقط للدعوى العمومية في القانون المغربي‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية ‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2799 – 2797‬‬
‫‪ -‬يوسف الشوفاني‪ ،‬التقادم الجنائي وضرورات العدالة الجنائية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‬
‫ـ السويس ي ‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بسال‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪.2792/2799‬‬
‫مجالت‬
‫‪ -‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة‬
‫القانونية و القمائية‪ ،‬عن وزارة العدل‪ ،‬سلسلة شروح و دالئل‪ ،‬العدد ‪ ،2‬يونيو ‪2770‬‬
‫‪ -‬مجلة قماء املجلس األعلى‪ ،‬العدد ‪،60‬‬
‫‪ -‬مجلة محاكمة‪ ،‬العدد ‪ ،92‬نونبر‪.2792‬‬
‫‪ -‬مجلة قماء املجلس األعلى‪ ،‬العدد ‪.99‬‬
‫حكامة االنتقـال الـديمقراطـي "الـمغرب‬

‫وتونـس" أنموذجـا‬
‫‪Governance of the democratic transition “Morocco Tunisia is an example‬‬
‫الديموقراطية هي كلمة إغريقية األصل‪ ،‬ومشتقة من (‪ )demokratia‬بمعنى الشعب‬

‫والحكم‪ .‬لكن لم تكن الديموقراطية بمفهومها الحالي عند اإلغريق‪ ،‬فالحرية الشخصية وحرية‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫الملكية‪ ،‬وحرية العقيدة لم تكن موجودة بمفهومها عند الفرد اإلغريقي‪ ،‬إذ كان الفرد مصهورا‬
‫بالدولة‪ ،‬ويخمع للدولة بكافة مناحي الحياة‪ .521‬ومرت الديموقراطية بعملية من التطور‬
‫والنموج سواء على الصعيد االصطالحي أو الفكري‪ ،‬فمنذ النصف الثاني من القرن الخامس‬
‫ً‬
‫عشر قبل الميالد‪ ،‬عندما بدأ األفراد اليونانييون (الديموس) يتشربون تدريجا فكرة أنهم‬
‫الممثلون الوحيدون للسطلة الشرعية‪.522‬‬
‫وظهرت فكرة الديموقراطية بشكل واضح بعد الثورة الفرنسية‪ ،‬وما نتج عنها عن إعالن‬
‫حقوق اإلنسان الصادرفي فرنسا عام ‪ ،9021‬فحسب المادة (‪ )1‬فتنص على أن "األمة هي مصدر‬
‫كل سلطة‪ .‬وكل سلطة لألفراد والجمهور من الناس ال تكون صادرة عنها تكون سلطة فاسدة"‪523‬‬
‫وبذلك األمر أصبحت الديموقراطية ذات صبغة قانونية‪ ،‬فمشاركة األفراد في الحكم هي أسمى‬
‫معاني وصفات الديموقراطية‪.‬‬
‫وباتت الديموقراطية تتسع لتشمل العديد من المفاهيم والمصطلحات‪ ،‬كمفهوم تداول‬

‫السلطة‪ ،‬والمشاركة السياسية‪ ،‬والمشاركة في العملية اإلنتخابية‪ ،‬ونظام الحقوق والحرية‬
‫‪ 521‬س‪ .‬م‪ .‬لحام‪ ،‬ومجموعة مؤلفين آخرين‪ .‬القاموس السياسي ومصطلحات المؤتمرات الدولية‪ .‬بيروت‪ :‬دار الكتب العالمية‪ ،‬ط‪،4‬‬
‫‪2001‬م‪ .‬ص‪.402‬‬
‫‪ 522‬روبرت‪ ،‬دال‪ .‬الديموقراطية ونقادها‪ .‬بيروت‪ :‬دار الفارس للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪2002 ،2‬م‪ .‬ص‪.27‬‬
‫‪ 523‬اإنظر المادة رقم ‪ 3‬من اإلعالن العالمي لحقوق االنسان والمواطن الصادر عن الجمعية الوطنية في ‪ 22‬آب‪/‬أغسطس ‪ .4427‬يعتبر‬
‫اإلعالن من وثائق الثورة الفرنسية األساسية وت ُ َّ‬
‫عرف فيها الحقوق الفردية والجماعية لألمة‪.‬‬
‫ً‬
‫بشقيها الفردي والجماعي‪ ،‬وتعنى الديموقراطية أيما بالتعددية الحزبية أو التعددية الناتجة‬
‫ً‬
‫والتعامل مع األكثرية واألقلية في آن واحد‪ ،‬وأضاف المفكران (جون لوك ومونتسكيو) مفهوما‬
‫ً‬
‫جديدا للديمقراطية‪ ،‬وذلك من خالل ما أضفوه من مبدأ فصل السلط‪ ،‬وعدم هيمنة سلطة على‬
‫السلط األخرى‪ ،‬وبالتالي فردية الحكم‪.524‬‬
‫يعد تعريف (جوزيف شومبيتر)* للديمقراطية من أهم الصيغ التي أضفت لتعريف‬
‫الديموقراطية منحنى أخر في العصور الحديثة‪ ،‬فالديموقراطية بنظره هي" اتخاذ التدابير‬
‫المؤسساتية من أجل التوصل إلى القرارات السياسية التي يكتسب من خاللها األفراد سلطة‬
‫اتحاذ القرارعن طريق التنافس على األصوات"‪.525‬‬
‫أما على الصعيد الحكامة‪ ،‬فلقد استعمله أفالطون ألول مرة بطريقة مجازية وذلك ليوصف‬
‫فعل قيادة األفراد‪ ،‬فالحكامة في اللغة الالتينية (‪ (guberanare‬نفس المعنى الذي اطلقه‬
‫افالطون‪.526‬‬
‫أما الحكامة في اللغة الفرنسية تعني (حكم‪/‬حكومة‪/‬حكامة) واستخدم هذا المصطلح ألول‬
‫مرة في القرن الثالث عشر‪ ،‬كداللة عن فن الحكم‪ .‬ويقابل مصطلح الحكامة في اللغة الفرنسية‬
‫نفس المعنى في اللغة اإلنجليزية‪ ،‬إال أن استخدامه في بريطانيا تم في القرن الرابع عشر‪ ،‬ليددل‬
‫على طريقة الحكم المتبعة‪ ،‬أما في الواليات المتحدة األمريكية فظهر هذا المصطلح ألول مرة في‬
‫القرن العشرين‪ ،‬كمفهوم رئيس ي في عالم الشركات والمنظمات‪.527‬‬
‫اذن من خالل تلك المقدمة التي وضحت لنا مفهومي الديموقراطية والحكامة‪ ،‬يمكن صوغ‬
‫اإلشكالية التالية‪ :‬هل هنالك خيط رابط بين اإلنتقال الديمقراطي والحكامة؟‬
‫ومن خالل تلك اإلشكالية يمكن صياغة مجموعة من األسئلة الفرعية‪:‬‬
‫‪ -9‬ما هي عالقة اإلنتقال الديمقراطي بالحكامة؟‬
‫‪524‬عامر‪ ،‬باسل‪ .‬رسالة ماجستير بعنوان‪ :‬أزمة المشاركة السياسية وتأثيرها على عملية التحول الديمقراطي في فلسطين (‪-0113‬‬
‫‪ .)7803‬جامعة النجاح الوطنية‪ :‬كلية الدراسات العليا‪2041 ،‬م‪ .‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 525‬هانتنجتون‪ ،‬صامويل‪ .‬الموجة الثالثة التحول الديمقراطي في أواخر القرن العشرين‪ .‬القاهرة‪ :‬دار سعاد الصباح‪ ،‬ط‪4774 ،4‬م‪.‬‬
‫ص‪.22-21‬‬
‫* جوزيف ألويس شومبيتر‪ ،‬عالم أمريكي في االقتصاد والعلوم السياسية من أصل نمساوي‪ .‬اشتهر بترويجه لنظرية الفوضى الخالقة في‬
‫االقتصاد‪.‬‬
‫‪ 526‬غلمان‪ ،‬فاطمة‪ .‬الحكامة العالمية‪ :‬الشق اإلصطالحي والبعد العلمي‪ .‬المغرب‪ :‬المجلة المغربية للتدقيق والتنمية‪ ،‬ع‪ .2042 ،14‬ص‪.2‬‬
‫‪ 527‬غلمان‪ ،‬فاطمة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.2‬‬
‫‪ -2‬هل هنالك إنتقال ديقمراطي بدون حكامة؟‬
‫‪ -1‬هل هنالك نماذج (دولية) استطاعت تطبيق مبدأ حكامة اإلنتقال الديمقراطي؟‬
‫ويمكن تقسيم البحث ضمن التصميم التالي‪ :‬المبحث األول‪ :‬اإلطار النظري للحكامة‬
‫واالنتقال الديمقراطي‪ .‬المبحث الثاني‪ :‬الحكامة واإلنتقال الديمقراطي (نماذج)‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الحكامة واإلنتقال الديمقراطي‬
‫اختلفت النماذج التي تفسر عملية االنتقال الديمقراطي (التحول الديمقراطي) بين عدة‬
‫مناهج دراسية‪ ،‬فمنهم من أهتم بدراسة وتحليل البنيات االجتماعية واالقتصادية للمجتمع‪،‬‬
‫بينما تتجه بعض الدراسات في تحليل المفهوم النخبوي في عملية االنتقال الديمقراطي‪ ،‬وبعض‬
‫المناهج تركز على البعد الثقافي للمجتمع‪ ،‬وبعض النماذج التي عالجت مفهوم التحول‬
‫الديمقراطي من الزاوية السيسيولوجية والطبقية‪.‬‬
‫يدل لفظ التحول على التغير أو النقل‪ ،‬وتقابل كلمة التحول في اللغتين الفرنسية‬
‫واالنجليزية (‪ )Transition‬وتعني المرور‪ ،‬أو االنتقال من حالة معينة أو من مرحلة أو مكان معين‬
‫إلى حال أو مرحلة أو مكان آخر‪.‬‬
‫يعنى التحول الديمقراطي باإلطارالنظري على أنه "هي عملية اإلنتقال من النظم التسلطية‬
‫إلى أخرى غيرتسلطية أو تعددية‪ ،‬والتخلص من نظم الهيمنة نحو صيغ أكثرديمقراطية في الحكم‬
‫يكون عمادها مبدأ المساواة بين المواطنين ومشاركتهم الحرة في الحياة العامة‪ ،‬وتوسيع هامش‬
‫الحرية واحترام حقوق اإلنسان"‪528‬‬
‫شهد العالم وال زال يشهد تطورات كثيرة وسريعة ومتالحقة في كافة نواحي الحياة‪ ،‬سواء على‬
‫الصعيد السياس ي‪ ،‬أو االقتصادي‪ ،‬أو االجتماعي‪ ،‬أو الثقافي؛ وذلك بفعل الثورة التكنولوجية‪،‬‬
‫والمعلوماتية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬وبالتالي فإن املجتمعات المتقدمة هي التي استطاعت أن تسير مع‬
‫موجة الحداثة التي عصفت على تلك املجتمعات‪ ،‬وأصبحت من الدول التنموية‪ ،‬مما وسع دائرة‬
‫الهشاشة والتخلف مع تلك املجتمعات التي لم تستطع مواكبة تلك التنمية‪.‬‬
‫‪ 528‬بلعور‪ ،‬مصطفى‪ .‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه بعنوان‪ :‬التحول الديمقراطي في النظم السياسية العربية ‪ -‬دراسة حالة النظام السياسي‬
‫الجزائري (‪ .)7880-0110‬الجزائر‪ :‬جامعة بن يوسف بن خدة‪ .2040-2007 ،‬ص‪.42‬‬
‫لقد ارتبط مصطلحي الحكامة واالنتقال الديمقراطي برقي الدول وتقدمها وتصنيفها من‬
‫ضمن األنظمة الديموقراطية‪ ،‬وذلك إلرتباط الحكامة والديموقراطية بشكل ال يمكن أن يفصل‬
‫ً‬
‫في هذا القرن الذي يشهد تطورات كبيرة‪ ،‬وخصوصا التطورات االقتصادية السياسية‪ .‬فلم يعد‬
‫يقتصر وجود ديمقراطية في دولة بدون حكامة‪ ،‬لما للحكامة من أسلوب حكم رشيد داخل أي‬
‫نظام ديقمراطي‪ .‬وبالتالي سنتطرق لإلطار النظري للحكامة (المطلب األول)‪ ،‬ولإلطار النظري‬
‫لإلنتقال الديمقراطي في (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اإلطارالنظري للحكامة‬
‫لقد برزت فكرة الحكامة العالمية كمبدأ مصاحب لنموالتبادل والترابط بين الدول‪ ،‬وظهور‬
‫القمايا ذات البعد العالمي‪ ،‬وذلك خالل السنوات الثالثين الماضية‪ ،‬و اتصفت هذه المرحلة‬
‫بالعديد من المتغيرات‪ ،‬كتقليص الحدود بين املجال الداخلي والخارجي‪ ،‬وتسارع النمو‬
‫االقتصادي بشكل كبير‪ ،‬كما أن الدولة لم تعد مغلقة على نفسها‪ ،‬وأصبح التعامل الجماعي مع‬
‫المشاكل أفمل من التعامل معها بشكل فردي‪ ،‬كل هذه المتغيرات والصفات أصبحت تحتم‬
‫على الدول اتخاذ إجراءات عقالنية في التعامل مع القمايا التي تهمها‪ .‬سنحاول في هذا المطلب‬
‫معاجلة الحكامة من الناحية النظرية‪ ،‬بحيث سنعالج في (الفرع األول) مفهوم الحكامة‪ ،‬وأهم‬
‫األسس والمرتكزات التي تقوم عليها الحكامة الديموقراطية في (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المسارات التاريخية لمفهوم الحكامة‪.‬‬
‫عندما ارتبط مفهوم الحكامة بالساحة السياسية وتدبير الشأن العام‪ ،‬كان مفهوم‬
‫الحكامة فقط يرتبط بممارسة الحكم الرشيد من قبل النظام‪ ،‬وبالتالي ارتبط فقط باإلطار‬
‫الكالسيكي أوالتقليدي لمفهوم الدولة‪ ،‬والصيغة التقليدية (الدولة واملجتمع المدني) تعني تماما‬
‫الفصل بين كيانين هما الدولة واملجتمع المدني‪ ،‬على عكس النظريات الحديثة التي تنظر إلى‬
‫الدولة بكافة بنياتها (المؤسسات الدستورية‪ ،‬األحزاب السياسية‪ ،‬تنظيمات املجتمع المدني‪،‬‬
‫ً‬
‫وغيرها‪ )...‬وبالتالي أصبح مفهوم الحكامة المرتبط بالفعل السياس ي مغايرا عما كان عليه في‬
‫السابق‪.529‬‬
‫‪ 529‬وكيلي‪ ،‬محمد عزيز‪ .‬الحكامة الجيدة السياقات الكبرة‪...‬واألبعاد ‪ .‬قسم الموارد البشرية والشراكة واالتصال باألكاديمية الجهوية للتربية‬
‫والتكون‪-‬جهة الدرا البيضاء‪ ،‬بدون سنة نشر‪ .‬ص‪422‬‬
‫ً‬
‫يشكل مفهوم الحكامة اليوم جزءا من التراث الدولي المشترك‪ ،‬ويتم استخدامه في‬
‫مجاالت عديدة ومتنوعة‪ ،‬ولكن يكتس ي مفهوم الحكامة باإلبهام الجزئي‪ ،‬يفسر البعض هذا‬
‫اإلبهام الرتباط مفهوم الحكامة بالثقافة األنجلوسكسونية البراغمتية‪ ،‬وتعرضه لتفسيرات‬
‫متنوعة وذاتية (أيديلوجية)‪.‬‬
‫والحكامة كمفهوم يقصد بها "عملية تنسيق جماعي بين فاعلين وفئات اجتماعية‬
‫ومؤسسات لتحقيق أهداف محددة في بيئات متباينة‪ ،‬أ‪ 1‬كشكل تفاعل جديد للقيادة حيث‬
‫يشارك الخواص ومختلف المؤسسات العمومية أو الجماعات المدنية في صياغة‬
‫السياسات"‪.530‬‬
‫لقد عبر مفهوم الحكامة في القرون الوسطى عن قيادة الش يء‪ ،‬وظل هذا المفهوم‬
‫ً‬
‫مستخدما حتى جاء العصر الكالسيكي للدولة‪ ،‬بحيث أدى التنظير في مفهوم الدولة والوسيلة‬
‫ً‬
‫األنجع للحكم خصوصا لدى أفكارميكافيلي وجان بودان‪ ،‬بحيث أصبحت الحكامة في هذا العصر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ترتبط إرتباطا وثيقا بمفهوم احتكارالدولة للسلطة في مجال جغرافي محدود‪ .‬وبالتالي فإن الحكامة‬
‫ارتبطت بمفهوم الحكومة وفكرة سلطة الدولة المركزية الهرمية‪ ،‬بحيث أصبحت الحكامة تعبر‬
‫عن الوسيلة المناسبة إلدارة الشؤون العامة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تغيرت معالم مفهوم الحكامة بالعصرالحديث تدريجيا خصوصا بعد المقال االقتصادي‬
‫للعالم األمريكي (رونالد) بعنوان (‪ )the nature of the firm‬عام ‪9110‬م‪ ،‬بحيث وضح فيها مفهوم‬
‫الحكامة من خالل الشركات االقتصادية التي تتطور ألن سبل تنسيقها الداخلي تساهم في‬
‫تخفيض تكاليف المعامالت التي ينشئها السوق‪ ،‬مما يجعل الشركة أكثر كفاءة من السوف فيما‬
‫يخص تنظيم بعض المبادالت‪.531‬‬
‫و انطلقت األبحاث التي تهتم بالحكامة (حكامة الشركات االقتصادية) بعد المقال‬
‫االقتصادي السابق‪ ،‬من خاللي تبني استراتجتين أساسيتين‪ ،‬األولى تيهئ بروتوكول داخلي‪ ،‬عندما‬
‫تكون المؤسسة مندمجة‪ ،‬والثانية إبرام عقود وشركات‪ ،‬واستعمال معاير خاصة عند التعاقد‬
‫مع مقاولين خارجيين‪.‬‬
‫‪ 530‬غلمان‪ ،‬فاطمة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪7‬‬

‫‪ 531‬غلمان‪ ،‬فاطمة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.40‬‬
‫بدأ رجال األعمال األمريكين في استخدام مفهوم الحكامة داخل السوق األمريكي في‬
‫سنوات الثمانينات‪ ،‬و انتقل هذا المفهوم إلى حقل العلوم السياسية وبالتحديد في حقل‬
‫ً‬
‫العالقات الدولية‪ ،‬بحيث أصبح يستخدم كمفهوم الحكامة الرشيدة‪ ،‬وأصبح متداوال في‬
‫المؤسسات الدولية في إطار وضع معاير خاصة بإدارة عمومية جيدة في الدول الخاضعة لبرامج‬
‫التقويم الهيكلي‪ ،‬والقيام بإصالحات مؤسساتية إلنجاح برامجها االقتصادية‪.‬‬
‫ومع تصاعد موجة العولمة والتدفقات العابرة لحدود‪ ،‬وثورة المعلوميات وتقنية‬
‫االتصاالت‪ ،‬وفي التراجع المتزايد لشرعية الدول وفعالية الرقابة السياسية ونهاية القطبية‬
‫الثنائية‪ ،‬أصبحت الحكامة وسيلة مهمة في كافة املجاالت السياسية واإلقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية والبيئية‪.‬‬
‫وفي القرن الواحد والعشرون‪ ،‬أصبح مفهوم الحكامة يستخدم بكثرة بكافة املجاالت‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بحيث أصبح مفهوما جامعا‪ ،‬فيتم استخدامه في الخطابات السياسية‪ ،‬ووسائل اإلعالم‪،‬‬
‫والشركات والمنظمات غير حكومية‪ ،‬والهيئات والمنظمات الدولية‪ ،‬والدول‪ .‬وبالتالي أصبح‬
‫المفهوم متعدد المعاني وشديد المرونة بحيث يطلق على مجموعة من اإلجراءات التقنية التي‬
‫تخدم المصالح‪ ،‬بوسيلة عقالنية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الحكامة الديمقراطية‬
‫كما تم توضحيه في الفرع األول من هذا المطلب‪ ،‬فإن الحكامة الديموقراطية هي عبارة‬
‫عن مسار أو مسلسل من خالله تمارس السلطة بدون تحديد األهداف المعلنة المنشودة‪،‬‬
‫وبالتالي فإن الحكامة هي منهج ووسيلة وليست غاية في حد ذاتها‪ ،‬فهي تتعلق بالطرق واآلليات‬
‫وليس األهداف‪.‬‬
‫من وجهة نظراألمم المتحدة تعني الحكامة على أنها "ممارسة السلطة بأبعادها االقتصادية‬
‫والسياسية واإلدارية في تدبير شؤون البلد على كافة المستويات‪ ،‬وهي تشتمل على اآلليات‬
‫والمؤسسات والممارسات التي من خاللها يبلور الموانون مصالحهم‪ ،‬ويمارسون حقوقهم‬
‫الشرعية‪ ،‬ويؤدون التزاماتهم ويديرون خالفاتهم"‪532‬‬
‫‪ 532‬براو‪ ،‬محمد‪ .‬اإلطار الدستور الجديد والحكامة الديموقراطية الرشيدة‪ .‬المغرب‪ :‬منشورات مجلة العلوم القانونية‪-‬سلسلة الدراسات‬
‫الدستورية والسياسية‪ ،‬ع‪ .2041 ،2‬ص‪.44‬‬
‫وعليه فإن مجمل الدراسات املحكمة‪ ،‬خرجت بنتائج بأن الدول يجب أن تتحول‬
‫ً‬
‫ديموقراطيا من أجل الوصول إلى الهدف المنشود من الحكامة‪ ،‬المتعلقة بصنع القرار‪ ،‬بشكل‬
‫يسمح الرقابة من قبل الشعب‪ ،‬وتلك الرقابة تأتي بعد تمتع كافة األفراد بالحقوق المتساوية في‬
‫المشاركة في عملية صنع القرار‪ ،‬سواء بصفة مباشرة أو غيرمباشرة‪.‬‬
‫وللحكامة الديموقراطية عناصر‪ ،‬حسب معايير األمم المتحدة‪ ،‬ومنها تطوير التعددية‪،‬‬
‫وتطوير وسائل حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬وتدعيم حقوق اإلنسان‪ ،‬وتنمية وتغذية وتثبيت نظام‬
‫انتخابي يتيح التعبيرالحروالنزيه للشعب من خالل انتخابات دورية ذات مصداقية‪ ،‬وخلق وتطوير‬
‫األسس القانونية واآلليات المرورية التي تتيح مشاركة كافة أعماء املجتمع في تنمية وتثبيت‬
‫ً‬
‫الديموقراطية‪ ،‬و أيما تقوية الديمقراطية من خالل الحكامة الرشيدة‪ ،‬ومن خالل تطوير آلية‬
‫للتنمية المستدامة‪ ،‬ودعم التآلف والتمامن االجتماعي‪.533‬‬
‫ال بد من تثبيت عناصر الحكامة الديموقراطية‪ ،‬ويمكن‬ ‫العناصر‪534‬‬ ‫ولتحقيق تلك‬

‫استخالص أهم تلك العناصرفي‪:‬‬
‫‪ -9‬مأسسة اإلصالح‪ :‬بحيث يكون اإلصالح منهج وعمل مؤسس‪ ،‬ونظام مستقر‪،‬‬
‫وقوانين جارية‪ ،‬بحيث ال يكون اإلعتماد فقط على كاريزمة فرد أو جماعة في الحكم‪.‬‬
‫‪ -2‬الرؤية اإلستراتيجية‪ :‬أي التوفر على منظور بعيد للتطوير سواء على الصعيد املحلي‬
‫أو الوطني‪ ،‬ورؤية واضحة لألهداف من خالل الخطط السليمة إلدارة موارد الدولة‪،‬‬
‫والقدرة على التكييف مع المتغيرات الداخلية أو الخارجية‪.‬‬
‫‪ -1‬المشاركة‪ :‬نعني بالمشاركة أي العدالة االجتماعية لألفراد داخل الدولة‪ ،‬وإشراكهم‬

‫في إتخاذ القرارات‪ ،‬بالطرق المباشرة أو الغيرمباشرة‪.‬‬
‫‪ -2‬حكم القانون‪ :‬ونعني بحكم القانون (إستقالل القماء) بحيث يتم تطبيق كافة‬
‫األحكام بدون تمييز‪ ،‬وتكون املحاكم شفافة للجميع‪.‬‬
‫‪ -2‬الشفافية‪ :‬بحيث تكون كافة المعلومات التي بحوزة السلطات العمومية متاحة‬
‫للجميع‪ ،‬وذلك في إطارالرقابة المستمرة من قبل أفراد الدولة لتلك السلطات‪.‬‬
‫‪ 533‬براو‪ ،‬محمد‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.42‬‬

‫‪ 534‬براو‪ ،‬محمد‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.41-44‬‬
‫‪ -6‬الرقابة واملحاسبة والمساءلة‪ :‬وجود نظام متكامل للرقابة واملحاسبة والمساءلة‪،‬‬

‫وإمكانية تطبيق هذا النظام على جميع متخذي القرار‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ماهية االنتقال الديمقراطي‬
‫ساهمت التحوالت الدولية التي عرفها العالم‪ ،‬خالل العقود الثالثة األخيرة من القرن‬
‫الماض ي‪ ،‬في تراجع التوجهات التسلطية‪ ،‬وتنامي التحوالت الديمقراطية في العديد من األنظمة‬
‫بهدف تغييرها والتخلص من نظم الهيمنة إلى صيغ أكثر ديمقراطية في الحكم‪ .535‬حيث أصبحت‬
‫مسألة االنتقال الديمقراطي من أهم القمايا التي تعرض لها علم السياسة والنظرية السياسية‬
‫بالبحث والمتابعة‪ .536‬وللوقوف عند ماهية االنتقال الديمقراطي‪ ،‬سيتم التطرق لبعض‬
‫المفاهيم التي تؤصل لعملية االنتقال الديمقراطي (فقرة أولى)‪ ،‬ثم رصد األسباب التي تؤدي إلى‬
‫االنتقال (فقرة ثانية)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم االنتقال الديمقراطي‬
‫ظهر مفهوم االنتقال الديمقراطي في بداية األمر في سياق الحديث عن التجربة اإلسبانية‪،‬‬
‫للداللة على االنتقال من نظام الجنرال "فرانكو" االستبدادي إلى نظام ديمقراطي‪ ،‬ثم تم تعميمه‬
‫في بداية تسعينيات القرن الماض ي إثر انهيار االتحاد السوفياتي‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬تم إرساء‬
‫نموذج جديد في العلوم السياسية أطلق عليه اسم "علم االنتقال الديمقراطي"‪ ،‬حيث قام‬
‫مجموعة من الباحثين بإجراء مقارنات بين عدة دول بهدف تحديد مراحل االنتقال الديمقراطي‪.‬‬
‫وذلك من أجل تقديم الدعم والمساعدة لكل الذين يلتزمون بترسيخ قيم الديمقراطية‪.‬‬
‫يمكن تعريف االنتقال الديمقراطي بأنه التحول من نظام سلطوي إلى نظام ديمقراطي‪ ،‬أي‬
‫عملية االنتقال من النظم السلطوية إلى النظم التعددية‪ ،‬والتخلص من نظم الهيمنة إلى صيغ‬
‫أكثر ديمقراطية في الحكم‪ ،‬والعمل على إيجاد نظام سياس ي اجتماعي يقيم العالقة بين األفراد‬
‫والدولة على مبدأ المساواة بين المواطنين‪ ،‬ومشاركتهم الحرة في وضع التشريعات التي تنظم‬
‫الحياة العامة‪ .537‬كما يعرف أيما بأنه عملية تهدف إلى تغييرالنظام السلطوي إلى نظام قائم على‬
‫‪ 535‬يايموت‪ ،‬خالد "االنتقال الديمقراطي‪ :‬مقاربة نظرية إلشكالية المفهوم والنموذج"‪ .‬مقالة منشورة بالمجلة المغربية للسياسات‬
‫العمومية‪ ،‬العدد ‪ 22‬شتاء ‪ .2102‬ص ‪.10‬‬
‫‪ 536‬قنديل" دور المجتمع المدني في التحول الديمقراطي بعد الثورة"‪.2102 ،‬‬
‫‪ 537‬القاضي‪ ،‬عادل‪ .‬أطروحة دكتوراه بعنون‪" :‬تطور عملية السالم والتحول الديمقراطي في األردن (‪،")1112-2992‬‬
‫األردن‪ ،2101 ،‬ص‪.01‬‬
‫الديمقراطية‪ ،‬وذلك عن طريق السلطة السياسية أو حركات المعارضة أو قوى خارجية بصرف‬
‫النظرعن الوسيلة‪ ،‬سواء سلمية أو غيرذلك‪.538‬‬
‫وتجدراإلشارة إلى أن مفهوم االنتقال الديمقراطي يتخذ ثالثة مظاهرعلى مستوى تعريفه‪:‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬االنتقال الديمقراطي كمسلسل تغيير اقتصادي وسياس ي متفاوض بشأنه بين‬
‫مجموعة من الفاعلين‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬االنتقال الديمقراطي كلحظة تأسيس قواعد سياسية جديدة‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬االنتقال الديمقراطي كمرحلة وسطى للمرور من نظام سياس ي مغلق إلى آخر‬
‫مفتوح‪.539‬‬
‫ويشير مفهوم االنتقال الديمقراطي في أوسع معانيه إلى العمليات والتفاعالت المرتبطة‬
‫باالنتقال أو التحول من صيغة نظام حكم غيرديمقراطي‪ ،‬إلى صيغة نظام حكم ديمقراطي‪ .‬ومن‬
‫المعروف أن هناك عدة أشكال أو أنماط لنظم الحكم غير الديمقراطية‪ ،‬فهي يمكن أن تكون‬
‫شمولية أو تسلطية مغلقة‪ ،‬مدنية أو عسكرية‪ ،‬حكم فرد أو حكم قلة‪ .‬كما أن هناك حاالت‬
‫ومستويات متعددة للنظام الديمقراطي الذي يتم االنتقال إليه‪ .‬إذ قد ينتقل نظام تسلطي مغلق‬
‫إلى نظام شبه ديمقراطي يأخذ شكل ديمقراطية انتخابية‪ ،‬كما قد يتحول نظام شبه ديمقراطي‬
‫إلى نظام ديمقراطي ليبرالي أو قريب منه‪ .‬كما يشير من الناحية النظرية إلى مرحلة وسيطة يتم‬
‫خاللها تفكيك النظام غيرالديمقراطي القديم أو انهياره‪ ،‬وبناء نظام ديمقراطي جديد‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وتشمل عملية االنتقال مختلف عناصر النظام السياس ي مثل البنية الدستورية‬
‫والقانونية‪ ،‬والمؤسسات والعمليات السياسية‪ ،‬و أنماط مشاركة المواطنين فيها‪ .‬كما قد تشهد‬
‫صراعات ومساومات وعمليات تفاوض بين الفاعلين السياسيين الرئيسيين‪ .‬وقد عرف العالم‬
‫عدة موجات لعمليات االنتقال الديمقراطي‪ ،‬حيث انطلقت الموجة الثالثة منذ منتصف‬
‫سبعينيات القرن العشرين من جنوب أوربا (البرتغال‪ ،‬إسبانيا‪ ،‬اليونان)‪ ،‬ثم امتدت خالل عقدي‬
‫الثمانينيات والتسعينيات لتشمل العديد من بلدان أمريكا الالتينية وآسيا و إفريقيا وشرق‬
‫ووسط أوربا‪.‬‬
‫‪ 538‬قنديل" دور المجتمع المدني في التحول الديمقراطي بعد الثورة"‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 539‬أتركين‪ ،‬محمد‪" .‬الدستور والدستورانية‪ -‬من دساتير فصل السلط إلى دساتير صك الحقوق‪ .‬مطبعة النجاح الجديدة‪.2112 ،‬‬
‫ص‪.011‬‬
‫ومن خالل و اقع تجارب الدول التي شهدت انتقاال ديمقراطيا يمكن تصنيف أساليب‬
‫االنتقال الديمقراطي إلى أربعة طرق رئيسية وهي‪ :‬االنتقال من أعلى أي الذي تقوده النخبة‬
‫الحاكمة في النظام غير الديمقراطي أو الجناح اإلصالحي فيها‪ .‬واالنتقال من أسفل وهو الذي‬
‫تقوده قوى المعارضة المدعومة بتأييد شعبي واسع على إثرانهيارالنظام الحاكم أو إطاحته من‬
‫خالل انتفاضة أو ثورة شعبية‪ .‬واالنتقال الناجم عن تدخل عسكري خارجي‪ .‬وأخيرا االنتقال من‬
‫خالل التفاوض والمساومة بين النخبة الحاكمة والقوى المعارضة لها‪ ،‬فالنخبة الحاكمة تصل‬
‫إلى قناعة مفادها أنها غير قادرة على االستمرار في السياسات المغلقة والممارسات القمعية‬
‫بسبب المغوط الداخلية والخارجية‪ ،‬وأن كلفة االنفتاح السياس ي واالنتقال إلى صيغة ما لنظام‬
‫ديمقراطي ضمن اتفاق مع المعارضة يممن بعض مصالحها‪ ،‬وفي المقابل تبدو قوى المعارضة‬
‫غيرقادرة على إطاحة النظام وبالتالي تجد أنه ال بديل أمامها غيرالتفاوض والمساومة مع النخبة‬
‫الحاكمة من أجل االنتقال إلى الديمقراطية‪ .540‬وكل ذلك يؤكد على مدى التعدد والتنوع في تجارب‬
‫وخبرات االنتقال الديمقراطي‪.‬‬
‫ومن خالل ما سبق‪ ،‬يمكن القول أن مممون عبارة االنتقال الديمقراطي يجد ترجمته في‬
‫مجموعة من الخصائص والمميزات ذات الطبيعة التجريبية‪ ،‬والتي تدل بالملموس على تغيير‬
‫فعلي في المؤسسات والقوانين وفي أساليب ممارسة السلطة‪ ،‬وفي عالقات الحاكمين‬
‫باملحكومين‪ ،‬وعلى توسيع نطاق المشاركة السياسية‪ ،‬ومماعفة مساءلة المسؤولين‪ ،‬وعلى‬
‫إحداث آليات لتحسين إدارة الحكم وضمان الحقوق األساسية للمواطنين دون تمييز‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أسباب االنتقال الديمقراطي‬
‫أكدت الموجة الثالثة لالنتقال الديمقراطي على أن هناك مجموعة من األسباب الداخلية‬
‫والخارجية التي أدت إلى االنتقال‪ ،‬إذ ال يمكن تفسير االنتقال الديمقراطي بعامل أو بسبب واحد‬
‫فقط‪ ،‬فعادة ما يكون ذلك نتاجا لعوامل عديدة ومتداخلة بعمها جوهري واآلخرثانوي‪ ،‬بعمها‬
‫داخلي واآلخرخارجي‪.‬‬
‫أوال‪ :‬األسباب الداخلية‬
‫‪ .540‬إبراهيم‪ ،‬حسنين‪" .‬االنتقال الديمقراطي‪...‬إطار نظري"‪ ،‬مقال منشور بموقع الجزيرة اإللكتروني‪ ،‬بتاريخ ‪ 01‬فبراير ‪،2102‬‬
‫من خالل الرابط التالي‪ http://studies.aljazeera.net/ar/profile/151011085607200.html :‬آخر زيارة للموقع ‪21‬‬
‫دجنبر ‪.2101‬‬
‫ويتعلق بعمها بالعوامل البنيوية الموضوعية (االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬

‫والتاريخية والدينية) التي تشكل بيئة االنتقال‪ ،‬كما يتصل بعمها اآلخربالفاعلين السياسيين من‬
‫حيث هوياتهم واختياراتهم وإستراتيجياتهم‪ ،‬في حين يرتبط البعض اآلخر بمدى فاعلية قوى‬
‫املجتمع المدني ومنظماته‪.‬‬
‫أ‪ .‬األسباب المتعلقة بتفاقم األزمات الداخلية‬
‫وهذه األزمات قد تكون اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية‪ .‬كما يمكن أن تتأزم األوضاع‬
‫الداخلية نتيجة هزيمة عسكرية خارجية‪ .‬وعندما يعجزالنظام عن مواجهة هذه األزمات بفاعلية‬
‫وكفاءة فإنه يفقد شرعيته‪ ،‬وبالتالي تتصاعد حدة المعارضة ضده‪ .‬وفي هذه الحالة‪ ،‬قد تلجأ‬
‫النخبة الحاكمة إلى تبني نوع من االنفتاح السياس ي الستيعاب المعارضة‪ .‬وقد تحدث ثورة أو‬
‫انتفاضة شعبية واسعة تطيح بالنظام التسلطي وتدشن لمرحلة االنتقال الديمقراطي‪ .‬ولكن إذا‬
‫كانت األزمات الداخلية تدفع في اتجاه االنتقال الديمقراطي في بعض الحاالت‪ ،‬فإن بعض‬
‫االنجازات االقتصادية واالجتماعية التي يحققها النظام غير الديمقراطي في بعض الفترات قد‬
‫تعزز من فرص وإمكانات االنتقال الديمقراطي في فترات تالية‪ ،‬فالتنمية االقتصادية‪ ،‬وزيادة‬
‫متوسط دخل الفرد‪ ،‬وارتفاع معدالت التعليم‪ ،‬كلها عوامل تساهم في خلق بيئة مالئمة لالنتقال‬
‫الديمقراطي‪.‬‬
‫ب‪ .‬األسباب المتعلقة بطبيعة الفاعلين السياسيين‬
‫وتتجلى في عدة عناصر نذكر منها‪ :‬درجة تماسك النخبة الحاكمة‪ ،‬وموقف كل من الجيش‬
‫وقوات األمن منها‪ ،‬وحجم التأييد الشعبي لها‪ ،‬وطبيعة قوى المعارضة السياسية ومدى فاعليتها‬
‫في تحدي النخبة الحاكمة‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬يمكن القول أن القيادة السياسية أو الجناح‬
‫اإلصالحي في النخبة الحاكمة قام في بعض الحاالت بدور حاسم في عملية االنتقال الديمقراطي‪.‬‬
‫ويحدث ذلك عندما تصل القيادة السياسية إلى قناعة مفادها أن التحرك على طريق الدمقرطة‬
‫هو المسلك اآلمن لتجنب احتماالت تغيير النظام بالقوة‪ .‬كما أن وجود معارضة سياسية قوية‬
‫وقادرة على التنسيق فيما بينها وتحريك الشارع ضد النظام الحاكم يعزز من فرص المساومة‬
‫والتفاوض مع الحكم بشأن االنتقال الديمقراطي‪ ،‬وربما إطاحته من خالل انتفاضة أو ثورة‬
‫ً‬
‫شعبية‪ ،‬بحيث يصبح الطريق ممهدا لالنتقال بعد ذلك‪.‬‬
‫ج‪ .‬األسباب المتعلقة بطبيعة املجتمع المدني‬
‫وتتمثل في مدى فاعلية قوى املجتمع المدني ومنظماته في ممارسة المغوط من أجل‬
‫االنتقال الديمقراطي‪ .‬ففي عديد من الحاالت قامت قوى ومنظمات املجتمع المدني بما في ذلك‬
‫الكنيسة الكاثوليكية (في بعض الدول) بدور هام ومؤثر في عملية االنتقال‪ .‬وكل ذلك يقترن بمدى‬
‫وجود طلب مجتمعي على الديمقراطية‪ ،‬إذ يقوم املجتمع المدني بدور رئيس ي في تعزيزه وتوسيع‬
‫نطاقه‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬األسباب الخارجية‬
‫وفيما يتعلق بالعوامل الخارجية التي أسهمت بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة في دفع‬
‫عمليات االنتقال الديمقراطي خالل الموجة الثالثة‪ ،‬فإن من أهمها‪ ،‬بروز دور القوى الغربية‬
‫والتكتالت الكبرى في دعم عمليات االنتقال الديمقراطي‪ ،‬سواء من خالل تقديم المساعدات‬
‫االقتصادية للدول التي تمر بمراحل انتقال‪ ،‬أو تقديم الدعم المادي والفني لألحزاب السياسية‬
‫ومنظمات املجتمع المدني‪ ،‬أو ممارسة المغوط السياسية وفرض العقوبات على النظم‬
‫التسلطية‪ .‬ويمكن اإلشارة في هذا اإلطار إلى دور كل من الواليات المتحدة األميركية واالتحاد‬
‫األوربي في نشروتعزيزالديمقراطية في مناطق مختلفة من العالم‪ ،‬وخاصة في جنوب وشرق ووسط‬
‫أوروبا بالنسبة لالتحاد األوروبي‪ ،‬وفي أميركا الالتينية بالنسبة للواليات المتحدة‪ ،‬فمال عن قيام‬
‫االتحاد اإلفريقي بدورما في دعم االنتقال الديمقراطي على مستوى القارة اإلفريقية‪...‬‬
‫وهناك عوامل خارجية أخرى أثرت بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة في عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‪ ،‬نذكر منها تنامي دور مؤسسات التمويل الدولية وبخاصة صندوق النقد والبنك‬
‫الدوليين في دعم سياسات التحريراالقتصادي والسياس ي والتحول الديمقراطي في بلدان القارات‬
‫الثالث وشرق ووسط أوروبا‪ .‬كما أن تمدد دور املجتمع المدني العالمي متمثال في المنظمات‬
‫الدولية غير الحكومية المعنية بقمايا الديمقراطية وحقوق اإلنسان كان له دوره في نشر‬
‫الديمقراطية على الصعيد العالمي‪ ،‬حيث تقوم منظماته بتقديم أشكال مختلفة من الدعم‬
‫لمنظمات املجتمع المدني ومر اقبة االنتخابات في البلدان التي تمربمراحل االنتقال الديمقراطي‪،‬‬
‫وفضح ممارسات النظم التسلطية وممارسة المغوط عليها‪ .‬إضافة إلى أن انتشار قيم‬
‫الديمقراطية وحقوق اإلنسان على الصعيد العالمي‪ ،‬وبخاصة في ظل موجة العولمة وثورة‬
‫المعلومات واالتصاالت التي تجتاح العالم‪ ،‬قد أسهم في خلق بيئة دولية مالئمة لدعم االنتقال‬
‫الديمقراطي في مناطق مختلفة من العالم‪ .‬كما أن عامل العدوى أو االنتشار شكل عنصرا دافعا‬
‫لعملية االنتقال الديمقراطي على الصعيد اإلقليمي في بعض الحاالت‪ ،‬حيث أن نجاح دولة ما في‬
‫تأسيس نظام ديمقراطي مستقر يمكن أن يلقى بتأثيراته على الدول املجاورة لها على النحو الذي‬
‫يشجع النخب والقوى السياسية فيها على السير في نفس االتجاه‪ .‬كما يمكن أن يحدث االنتقال‬
‫الديمقراطي من خالل الحرب واالحتالل األجنبي على غرارما حدث في كل من ألمانيا واليابان بعد‬
‫الحرب العالمية الثانية‪.‬‬
‫لكن هناك نقطتان هامتان تتعين اإلشارة إليهما بخصوص دور العوامل الخارجية في دعم‬
‫االنتقال الديمقراطي‪:‬‬
‫أوالهما‪ ،‬أن درجة تأثيرالعوامل الخارجية في عملية االنتقال الديمقراطي تختلف من حالة‬
‫إلى أخرى حسب اختالف إستراتيجيات الفاعلين الدوليين‪ ،‬وطبيعة الظروف والعوامل الداخلية‬
‫في البلدان المستهدفة‪ .‬وقد أكدت دراسات عديدة على أن العوامل الخارجية ال تؤتى تأثيراتها‬
‫اإليجابية بهذا الخصوص أو تكون تأثيراتها محدودة في حال عدم وجود قوى وعوامل داخلية‬
‫محركة لالنتقال الديمقراطي‪ ،‬مما يعنى أن األصل في عملية االنتقال هو العوامل الداخلية أما‬
‫ً‬
‫العوامل الخارجية فإن دورها يكون مساندا‪.‬‬
‫ً ً‬
‫وثانيتهما‪ ،‬أن بعض العوامل الخارجية لعبت دورا هاما في دعم وترسيخ النظم التسلطية‬
‫وليس دعم االنتقال الديمقراطي‪ .‬وتتمثل الحالة النموذجية لذلك في دور الواليات المتحدة‬
‫األميركية في دعم ومساندة النظم التسلطية في المنطقة العربية على مدى العقود الماضية طالما‬
‫استمرت هذه النظم تتو افق مع مصالحها‪ ،‬أي أن سياسات اإلدارات األميركية المتعاقبة تجاه‬
‫المنطقة العربية قامت في جانب هام منها على التضحية بمبادئ الديمقراطية وحقوق اإلنسان‬
‫من أجل المصالح‪ ،‬ولذلك فإن جهود واشنطن من أجل نشرالديمقراطية في المنطقة في مرحلة‬
‫ما بعد أحداث الحادي عشرمن سبتمبرعانت من معملة "عدم المصداقية‪.‬‬
‫ً‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حكامة اإلنتقال الديمقراطي (المغرب وتونس نموذجا)‬
‫اندلعت الثورات العربية في عام ‪ 2799‬بحركات احتجاجية بدت معها اإلمكانية التاريخية‬
‫للتحول من النظم التسلطية إلى الديمقراطية الممكنة‪ ،‬وفاجأت سرعة انتقالها من تونس إلى‬
‫بلدان عربية أخرى وارتفاع وتائرها و اتساع حجم القاعدة االجتماعية التي انخرطت فيها النخب‬
‫والقوى واألحزاب التقليدية‪ ،‬في المعارضة أكانت أم في فمائها أم في السلطة‪ ،‬إذ إن سرعة‬
‫تطوراتها و أفكارها وشعاراتها الجديدة وزخمها الجماهيري الذي كان الشباب قوامه االجتماعي‬
‫الدينامي‪ ،‬تجاوزت توقعات تلك القوى السياسية‪.‬‬
‫ال يسع أي باحث في الدساتير العربية الجديدة إال أن يتبين النمو الملحوظ في االعتراف‬
‫بالحقوق والمؤسسات‪ ،‬وفي جردة التخصصية على حد سواء‪ ،‬ويفسر هذا النمو من خالل‬
‫تصاعد حجم المواثيق الدستورية‪ ،‬فالدستور المغربي إرتفعت عدد مواده من ‪ 972‬في دستور‬
‫عام ‪ ،9116‬إلى ‪ 927‬في دستور‪ ،2799‬كما نرى اإلرتفاع الملحوظ في الدستورالتونس ي عام ‪2792‬‬
‫إلى ‪ 921‬مادة‪ ،‬بعدما كان ‪ 02‬مادة فقط في دستور‪.5419121‬‬
‫لقد جسدت الدساتير العربية الجديدة (المغرب‪/‬تونس) وجود نية إلستبدال حاالت حكم‬
‫سابقة سادت خاللها انتهاكات واضحة للحقوق المدنية والحريات السياسية‪ ،‬بأوضاع أكثر‬
‫ديمقراطية تهدف إلى تحريراألفراد والجماعات من القيود التي كانت مفروضة عليها في السابق‪.‬‬
‫ً‬
‫المطلب األول‪ :‬حكامة اإلنتقال الديمقراطي (المغرب نموذجا)‬
‫"إبان ما سمي بالربيع الديمقراطي العربي عرفت املجتمعات المتجاورة جغر افيا عدة‬
‫تحوالت وحركات‪ ،‬أثر إيجابا على المغرب قصد العمل على االستجابة ملختلف المطالب‬
‫والحاجيات املجتمعية تفاوتت مستوياته وتوزعت إلى ما هو اقتصادي وسياس ي واجتماعي وثقافي‬
‫ورياض ي‪ ،‬وتعامل المغرب بشكل عقالني وديمقراطي وعمل على إرساء دعائم دولة الحق والقانون‬
‫وتسريع وتيرة االنتقال الديمقراطي‪ ،‬توج بالخطاب التاريخي ل ‪ 1‬مارس الذي ألقاه العاهل المغربي‬
‫والذي يعتبر خريطة طريق سياسية نتج عنها دستور جديد يشكل تحوال تاريخيا حاسما في مسار‬
‫استكمال بن اء دولة الحق والمؤسسات الديمقراطية وترسيخ مبادئ وآليات الحكامة الجيدة‬
‫وتوفير المواطنة الكريمة والعدالة االجتماعية‪542".‬‬
‫ً‬
‫إنطالقا من اإلصالحات الدستورية الجديدة التي عرفها المغرب‪ ،‬يمكن القول بأن اإلنتقال‬
‫تم من الصيغة التقليدية المتمثلة بإستشارة الحكومة والبرلمان للمؤسسة الملكية‪ ،‬إلى صيغة‬
‫‪ 541‬مجموعة مؤلفين‪ .‬الثورات العربية‪ -‬عسر التحول الديمقراطي ومسالته‪ .‬قطر‪ :‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬ط‪،4‬‬
‫‪ .2042‬ص‪.444‬‬
‫‪ 542‬خراط‪ ،‬زكريا‪ .‬الحكامة على ضوء دستور ‪ :7800‬دراسة في األسس‪ .‬المغرب‪ :‬منشورات مجلة العلوم القانونية‪-‬سلسلة الدراسات‬
‫الدستورية والسياسية‪ ،‬ع‪ .2041 ،2‬ص‪.224‬‬
‫المشاورة فيما بين الحكومة والبرلمان بالمؤسسة الملكية‪ ،‬وهذا يعني بأن النظام السياس ي‬
‫ً‬
‫تحول تدريجيا قبل دستور‪ 2799‬وما بعده‪.‬‬
‫إن الحكامة التي أتى بها دستور ‪ 2799‬تنم عن وعي السلطة السياسية بمرورة اإللتحاق‬
‫بالركب الحماري في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬إال أن الرهان الكبير هو مدى تنزيل مبادئ هذه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الحكامة على أرض الو اقع لتصبح و اقعا ملموسا معاشا‪ ،‬نظرا ألن هناك فرق شاسع بين النظرية‬
‫والتطبيق‪ ،‬وبين القانون والممارسة‪ ،‬وهنا يمكن للمهتمين والباحثين التوسع أكثر في هذا املجال‬
‫ملحاولة اإلجابة على ذلك السؤال المتعلق بتأخر تنزيل هذه الصالحيات الجديدة على أرض‬
‫الو اقع‪.‬‬
‫يتممن الدستور المغربي الجديد لسنة ‪ ،2799‬هندسة مؤسساتية منسجمة و متناسقة‬

‫في تعزيز آليات الحكامة الديمقراطية (الفرع األول)‪ ،‬قوامها نظام الرقابة و املحاسبة و النزاهة‬
‫(الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الحكامة الديمقراطية‬
‫تتمثل الفلسفة الجديدة لدستور ‪ 2799‬في إقامة دولة الحكامة الديمقراطية ‪ ،‬في إطار‬
‫سيادة القانون واحترامه‪ ،‬واحترام حقوق اإلنسان‪ ،‬وينص الدستور الجديد على الديمقراطية و‬
‫مبادئ الحكامة الجيدة ‪ ،‬و ربط المسؤولية باملحاسبة‪ ،‬باعتبارهما من مقومات النظام‬
‫الدستوري‪ ،‬وقد تم توضيح صالحيات كل السلط الثالث في هذا الدستور‪ ،‬ويعيد توزيع‬
‫ً‬
‫الصالحيات مع رئيس الحكومة‪ ،‬حيث تمت دسترة مجلس الحكومة من جانب اخر ايما‪.543‬‬
‫وينص الدستور الجديد على مبدأ سمو القانون باعتباره أعلى تعبير عن إرادة األمة كما‬
‫ينص على مبدأ المساواة أمامه‪ ،‬ويكرس الدستور في شق اخر التعددية الحزبية مع دعوة‬
‫االحزاب الى دمقرطة شؤونها الداخلية‪ ،‬والدور الهام الذي يجب ان تقوم به المعارضة البرلمانية‪،‬‬
‫مع تعزيز سلط السلطة التشريعية‪.‬‬
‫اما فيما يخص االعالم يكرس الدستور حرية الصحافة مانعا الرقابة المسبقة عليه ‪ ،‬مع‬
‫ضمان تعدديتها من خالل مر اقبة الهئية العليا لالتصال السمعي البصري‪ .‬أما فيما يخص‬
‫‪ 543‬خراط‪ ،‬زكريا‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.222‬‬
‫مشاركة المواطنين ‪ ،‬نص الدستور على تأسيس هيئات للتشاور العمومي ‪ ،‬تممن مشاركة جميع‬
‫ً‬
‫الفاعلين في السياسات العمومية‪ ،‬و أيما حقهم في تقديم اقتراحات قوانين وعرائض‪.‬‬
‫نص الدستور في جانب اخر في مقتض ى جديد و الفت على جواز الدفع بعدم دستورية‬
‫القوانين المتعارضة معها أمام املحكمة الدستورية‪ ،‬وذلك لممان نفاذ جميع المبادئ و‬
‫الحقوق و الحريات الدستورية‪.‬‬
‫كما تممن الدستور الجديد بابا خاصا و جديدا حول الحكامة ‪ ،‬تؤسس لمبادئ و‬
‫مؤسسات الحكامة الجيدة في أبعادها التشاركية‪ ،‬وخموع اإلدارة العمومية و مر افق الدولة و‬
‫الجماعات الترابية في تدبيرها لمبادئ الديمقراطية و الديمقراطية التشاركية و منها‪:544‬‬
‫‪ .9‬الحق في الولوج الى المعلومة‪.‬‬
‫‪ .2‬تيسير الولوج الوظائف‪.‬‬
‫‪ .1‬توزيع متساوي للمر افق العمومية على تراب المملكة‪.‬‬
‫‪ .2‬المساواة و الشفافية في االستفادة من المر افق العمومية‪.‬‬
‫‪ .2‬التصريح بالممتلكات من طرف المسؤولين‪.‬‬
‫وفي صعيد مأسسة‪ 545‬تلك المبادئ نص الدستورعلى أن المؤسسات تلك هي ‪:‬‬
‫‪ .9‬دسترة املجلس الوطني لحقوق االنسان‪.‬‬
‫‪ .2‬دسترة مؤسسة الوسيط‪.‬‬
‫‪ .1‬دسترة هيئة المناصفة ومكافحة التمييز‪.‬‬
‫‪ .2‬دسترة الهيئة العليا لالتصال السمعي البصري‪.‬‬
‫‪ .2‬دسترة مجلس المنافسة‪.‬‬
‫‪ .6‬دسترة الهيئات التشاورية ‪ :‬التربية و التكوين و البحث العلمي ‪ ،‬األسرة و الطفولة ‪،‬‬
‫الشباب و العمل الجمعوي‪.‬‬
‫‪ 544‬انظر الباب الثاني من الدستور المغربي لعام ‪ ،2044‬المتعلق بالحقوق والحريات‪.‬‬

‫‪ 545‬انظر المحور الثامن في نص الخطاب السامي الذي وجهه جاللة الملك محمد السادس‪ ، ،‬الجمعة ‪ 44‬يونيو ‪.2044‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الرقابة واملحاسبة والنزاهة‬
‫إن من أهم مبادئ الرقابة واملحاسبة والنزاهة‪ ،‬الشفافية التي تتمثل في إعالم الرأي العام‬
‫بحقائق تدبير الشأن العام والمال العام‪ ،‬ومن خالل المر اقبة واملحاسبة والتقييم من داخل‬
‫اإلدارة والمر افق العمومية ومن خارجها‪ ،‬وحماية المنافسة االقتصادية الشريفة‪ ،‬وربط تقلد‬
‫مناصب المسؤولية بالمر اقبة واملحاسبة‪ ،‬والتصريح بالممتلكات وتتبعها‪ ،‬وقدسية المال العام‬
‫وزجر المنحرفين في استعماله‪ ،‬ومنع استغالل النفوذ والسلطة‪ ،‬والرقابة القمائية العليا‬
‫المستقلة على ذلك المال العام سواء على الصعيد الوطني أو الجهوي‪ ،‬وكشف نتائجها وتفعيل‬
‫ً‬
‫وظيفتها العقابية‪ ،‬والنزاهة ومحاربة الفساد‪ ،‬وأخيرا تكريس مبدأ التفاعلية من خالل إلزام‬
‫اإلدارات العمومية بالجواب على أسئلة وتظلمات المواطنين‪.‬‬
‫وتأتي تلك الرقابة واملحاسبة والنزاهة من خالل المؤسسات الدستورية‪ ،‬كالبرلمان الذي‬
‫يقوم بوظيفة الرقابة‪ ،‬ودسترة اختصاصه التقييمي للسياسات العمومية ومد جسورالتفاعل مع‬
‫املجلس األعلى للحسابات‪ ،‬الذي يقوم بدوره بتغزيز شفافيته ودوره الرقابي وتفاعله مع البرلمان‬
‫وباقي أصحاب الشأن والرأي العام‪ ،‬كما أن دور القماء الذي يكون مستقل بشكل عموي‬
‫وتدبيري‪ ،‬باإلضافة إلى هيئة النزاهة من خالل مكافحتها للفساد والوقاية من الرشوة ومحاربتها‪.‬‬
‫أما عن اآلليات التي يجب أن تفعل داخل هذا اإلطار‪ ،‬فاألسئلة البرلمانية وجلسات‬
‫اإلستماع ولجان تقص ي الحقائق وملتمس الرقابة والمساءلة‪ ،‬ومناقشة القانون المالي السنوي‬
‫ً‬
‫ومشروع قانون التصفية‪ ،‬هي من أهم تلك اآلليات التي يمتلكها البرلمان‪ .‬وتعتبر أيما الرقابة‬
‫القمائية على المال العام من خالل نشر التقارير الخاصة و تتبع التصريح بالممتلكات و‬
‫مر اقبة حسابات االحزاب السياسية من تلك أهم تلك اآلليات‪ .‬باإلضافة إلى تقارير الهئية‬
‫الوطنية للنزاهة‪ ،‬وتقييم السياسات العمومية من طرف البرلمان‪ ،‬والتقارير الكاشفة لحاالت‬
‫االحتكار و المس بالمنافسة‪.‬‬
‫بحيث وضع الدستور الجديد لممان فعالية و مصداقية منظومة الرقابة و املحاسبة و‬
‫النزاهة‪ ،‬نسقا متفاعال و متكامال قوامه الوضوح و المسؤولية‪:‬‬
‫‪ .9‬ربط رقابة املجلس االعلى للحسابات برقابة البرلمان و رقابة القماء‪.‬‬
‫‪ .2‬ضمان استقاللية و فعالية و شفافية املجلس االعلى للحسابات‪.‬‬
‫‪ .1‬ضمان مسؤولية جميع مؤسسات الرقابة و الحكامة و االستشارة أمام البرلمان‪.‬‬

‫ً‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حكامة اإلنتقال الديمقراطي (تونس نموذجا)‬
‫نظرا للهزات المتكررة التي تطبع أغلب مسارات االنتقال الديمقراطي في العالم العربي‬
‫خصوصا فيما بات يعرف بالربيع العربي‪ ،‬ذهب بعض املحللين السياسيين والباحثين االكادميين‬
‫إلى اعتبار أن التجربة التونسية األقرب إلى تحقيق النجاح‪ ،‬ألنها حافظت على قدر معين من‬
‫السلمية السيما في حراكها المعارض الحالي‪.‬‬
‫وقد توجد في تجربة االنتقال الديمقراطي في تونس مقومات عديدة جعلتها تختلف عن‬
‫غيرها من التجارب العربية‪ .‬ولعل من ابرزهذه المقومات اتجاه الدولة التونسية بكافة مؤسساتها‬
‫إلى إرساء مبادئ حكامة جيدة على مستويات عديدة‪ ،‬من بين أهمها الملف األمني السيما أن البالد‬
‫عاشت على و اقع أحداث عنيفة في مناسبات عديدة أبرزها االغتياالت السياسية باإلضافة إلى‬
‫االحتجاجات واملجال التنموي على مستوى املجالس املحلية‪.546‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الحكامة األمنية ودورها في االنتقال الديمقراطي في تونس‬
‫تشكل الحكامة األمنية إحدى القمايا الجديدة في مجال اإلصالح الديمقراطي وحماية‬
‫حقوق اإلنسان وثقافة المواطنة‪ ،‬والحكامة األمنية ال تكتمل إال بتكامل عمل الدولة ومؤسساتها‬
‫والقطاع الخاص واملجتمع المدني وتكريس ثقافة الحكامة بالمشاركة واملحاسبة في ظل‬
‫الديمقراطية التي تعمل بالمساءلة السياسية واإلدارية للمسؤولين وكذا إصالح املجال األمني‬
‫الذي ينظر إليه في الغالب من مقاربة تقوم على توفير التجهيزات والزيادة في الموارد البشرية‬
‫واللوجيستيكية‪ ،‬فالحكامة األمنية هي أسلوب حديث لتأهيل املجتمع والدولة استكماال‬
‫لحكامات أخرى تعنى بالجوانب السياسية واالقتصادية واالجتماعية والدينية وهي حكامات‬
‫تختلف من حيث اآلليات لكنها تتوحد من حيث القصد والغاية‪.‬‬
‫‪546‬السعيدي‪ ،‬عز الدين‪ .‬هل التجربة التونسية استثناء‪ .‬مقال منشور في رصيف دوت كوم‪ ،‬من خالل الرابط التالي‪:‬‬
‫‪https://raseef22.com/politics/2013/08/29/%D9%87%D9%84-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AC%D8%B1%D8%A8%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9-‬‬
‫‪ /%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%86%D8%A7%D8%A1%D8%9F‬تمت الزيارة في ‪.2024/40/42‬‬
‫إن استمرار املجتمع والدولة والمؤسسات السياسية والمدنية يتوقف على األمن بدرجة‬
‫أساسية‪ ،‬وتنظيم العالقة بين مكونات الدولة الواحدة واحترام الحدود يتطلب وجود األمن‪ ،‬وال‬
‫يمكن تحقيق االنتقال الديمقراطي خارج مبدأ الحكامة األمنية‪.‬‬
‫ومفهوم الحكامة األمنية يتطلب مبدأ تأمين الحماية لألفراد والممتلكات وخدمة المواطنين‬
‫وليس الدولة فقط‪ ،‬والحد من الجريمة ومحاربة الممارسات المتناقمة مع مفهوم األمن سواء‬
‫داخل المنظومة األمنية أو داخل املجتمع‪.‬‬
‫وسيكون إصالح القطاع األمني أمرا حيويا لبناء الثقة في الحكومة ومؤسساتها األمنية لبناء‬
‫ركن يؤمن عقدا اجتماعيا جديدا بين الشعب التونس ي وحكومته وذلك من خالل رسم خريطة‬
‫للقطاع األمني ( القوات المسلحةـ قوات األمن الداخلي ـ الوكاالت االستخبراتية ـ وزارة الدفاع‬
‫الداخلية والعدل ـ الجمعية التأسيسية الوطنية)‪.‬‬
‫وكي تنتقل المؤسسة األمنية من مؤسسة حماية للنظام كما كان في السابق‪ ،‬إلى مؤسسة‬
‫تخدم المواطن‪ ،‬كان عليها أن تحل أزمة المشروعية التي تواجهها وتتجاوزها بحكمة ومسؤولية‬
‫باالشتراك مع المنظومة األمنية ككل حتى القماء‪.547‬‬
‫‪ .9‬الفرع الثاني‪ :‬الحكامة املحلية واالنتقال الديمقراطي في تونس‬
‫قد شهدت مرحلة اإلصالحات الديمقراطية والسياسية الجارية في تونس منذ ثورة يناير‬
‫‪ 2799‬زخما جديدا في أعقاب إقرار دستور جديد في بداية عام ‪ 2792‬و انتخاب حكومة جديدة‪.‬‬
‫وفي حين أن الدولة المركزية كانت تمارس سيطرتها على كافة القرارات التي كانت تتخذها‬
‫السلطات املحلية‪ ،‬التي لم تكن تلعب إال دور صغير نسبيا في التنمية املحلية‪ ،‬فإنه بموجب‬
‫الدستورالجديد تكون عملية التحول إلى الالمركزية هي األساس الذي يرتكزعليه تنظيم السلطة‬
‫املحلية وتوزيعها‪ .‬والالمركزية أيما خطوة ضرورية لتعزيزقدرة السلطات املحلية على االستجابة‬
‫والمساءلة‪.‬‬
‫‪ 547‬بلعجال‪ ،‬كوثر‪.‬رسالة ماستر بعنوان‪ :‬الﺤﻜامة األمﻨﻴة في دول الﺮبﻴع العﺮبي ‪-‬تﻮنـﺲ نﻤﻮذجا‪ .‬العلوم السياسية تخصص‪ :‬دارﺴات أﻤﻨﻴة‬
‫إﺴﺘراﺘﻴﺠﻴة‪ ،‬جامعة قاصﺪي مﺮباح كلﻴة الﺤقﻮق و العلﻮم الﺴﻴاسﻴة قﺴﻢ العلﻮم الﺴﻴاسﻴة ‪2042‬ـ‪ .2042‬ص‪.42-2‬‬
‫ومن أجل تدعيم اإلدارة املحلية وتحسين وظائف الحكامة املحلية وقدراتها وتمويلها‪،‬‬
‫وضعت الحكومة برنامجا للتنمية الحمرية والحكامة املحلية ‪.‬ويتيح هذا البرنامج تقديم‬
‫اإلصالحات على مراحل‪ ،‬إذ يبني على األنظمة القائمة وفي الوقت نفسه يعدل الهيكل المالي‬
‫واإلطار التنظيمي على النحو الذي أقره الدستور الجديد ‪.‬ويهدف البرنامج إلى تحسين شفافية‬
‫وكفاءة نظام تخصيص الدعم المالي الموجه لالستثمار‪ ،‬وتعزيز مساءلة السلطات املحلية‪،‬‬
‫وتطبيق مشاركة المواطنين ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬يعزز البرنامج أداء السلطات املحلية‪ ،‬من خالل‬
‫توفيرالموارد الالزمة لها لتمويل تحديث المناطق المهمشة‪ ،‬وخاصة في المناطق املحرومة‪.‬‬
‫إن تعميم هياكل الحكامة القائمة على المشاركة في عملية صنع القرار وفي تنفيذ البرنامج‬
‫ً‬
‫نحو كبير‪ ،‬وإشراكهم مباشرة‬ ‫من شأنه المساعدة في الحد من مستوى عدم رضا المواطنين على ٍ‬
‫في البرامج العامة‪548 .‬‬
‫وبالفعل‪ ،‬يكشف استطالع للرأي أجري في ‪ 2792‬في إحدى البلديات التابعة لمنطقة تونس‬
‫الكبرى أن السكان ليسوا على دراية بالشؤون البلدية‪ .‬ومع ذلك‪ُ ،‬يظهر االستطالع أن غالبية‬
‫المواطنين راغبون في أن يصبحوا مشاركين في مسارحياة بلدياتهم‪.‬‬
‫وفي حين أن البلديات تحدوها الرغبة في تطبيق أحكام الدستورالجديد وتتمنى أن يكون لها‬
‫أوجه تبادل أكثرفاعلية مع سكانها‪ ،‬فإنها تفتقرإلى الخبرات الالزمة للقيام بذلك ‪.‬وقد أعاد برنامج‬
‫التنمية الحمرية والحكامة املحلية تشكيل الطريقة التي تعمل بها املجتمعات املحلية ‪.‬فهو يقدم‬
‫النصح والتدريب ويشجع اعتماد نهج تشاركي يتيح للسلطات املحلية مشاركة المعلومات بشأن‬
‫المشاريع االستثمارية مع السكان والحصول على تصديقهم بشأن تلك المشاريع في اجتماعات‬
‫عامة ‪.‬هذا هو اإلطار الذي أعدت من خالله كافة املجتمعات املحلية برامجها االستثمارية لعام‬
‫‪ ،2796‬مع اشتراط منح الدعم المالي لالستثمارات على اعتماد النهج التشاركي‪.‬‬
‫ويعد إصالح الدعم المالي الموجه لالستثمار هو الخطوة االستراتيجية الرئيسية التي‬
‫تتخذها الحكومة بمقتض ى هذا البرنامج ‪.‬وهو يهدف إلى تحسين فاعلية مساندة الدولة‬
‫لالستثمارات املحلية‪ ،‬وتعزيزشفافية عملية الترخيص‪ ،‬وتطبيق نظام للدعم المالي الذي يستند‬
‫إلى األداء يكون قائما على أساس مرحلي ‪.‬ويعتمد هذا النظام على صيغة تتعلق بالتوزيع‪ ،‬يكون‬
‫‪ 548‬تقرير البنك الدولي‪ .‬تطبيق هياكل الحكامة القائمة على المشاركة في تونس‪ ،2042/07/42 .‬يمكن اإلطالع على التقرير من خالل‬
‫الموقع التالي‪http://www.albankaldawli.org/ar/news/feature/2016/09/09/the-implementation-of- :‬‬
‫‪ participatory-governance-structures-in-tunisia‬تمت الزيارة في ‪.2024/40/47‬‬
‫لها هدف ومعيار قابل للقياس (عدد السكان والقدرة المالية) وأحكام تخص التمييز اإليجابي‬
‫(مؤشرالتنمية اإلقليمية ‪).‬ويكون الحصول على الدعم المالي الموجه لالستثمارات متاحا فقط‬
‫للسلطات املحلية التي تفي بالحد األدنى من المتطلبات اإلجبارية ‪.‬ويمكن عندئذ صرف تمويل‬
‫إضافي للسلطات املحلية التي تحقق مستوى معينا من األداء‪ ،‬على نحو تحدده تقييمات سنوية‬
‫ً‬
‫مستقلة‪ ،‬باستخدام معاييرمحددة سلفا‪.‬‬
‫إن البرنامج في العام األول لتطبيقه‪ ،‬لذا فإنه من المبكر جدا الحديث عن استنتاجات أو‬
‫نتائج‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بنوعية الخدمات المقدمة أوالتحسن في األداء‪ .‬وسيكون علينا االنتظار‬
‫لمدة عامين قبل أن نستطيع مناقشة تقييم البرنامج أو النتائج‪.‬‬
‫ً‬
‫ورغم ذلك‪ ،‬هناك بعض اإلجراءات الملموسة التي تم اتخاذها‪ ،‬وهي تحديدا‪:‬‬
‫تدعيم قدرات السلطات املحلية من خالل تدريب العاملين واالستشاريين الفنيين‬ ‫‪‬‬
‫والماليين وهو ما لعب دورا في إعداد املخططات السنوية لالستثمار البلدي‪ ،‬وبرامج‬
‫مساندة التكامل والقدرة التنافسية‪.‬‬
‫تدعيم قدرات املجتمع المدني الذي يرتبط بشراكة مع السلطات املحلية‪ ،‬عن طريق‬ ‫‪‬‬
‫برامج التدريب لمساعدتها في تقديم مساندة أكثر فاعلية في تطوير‬

‫وتقييم املخططات السنوية لالستثمار البلدي وبرامج مساندة التكامل والقدرة‬
‫التنافسية‪.‬‬
‫وضع نظام للمساعدة الفنية للسلطات املحلية‪ ،‬بمساندة من صندوق القروض‬ ‫‪‬‬
‫ومساعدة الجماعات املحلية ‪ ،‬من بين جهات أخرى‪.‬‬
‫إعداد أدلة وكتيبات للعمليات‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وقد استوفى ‪ 12‬في المائة من السلطات املحلية بنجاح الحد األدنى من المتطلبات اإللزامية‬
‫للحصول على الدعم المالي الموجه لالستثمارات‪ ،‬في حين أن البرنامج كان يستهدف معدل نجاح‬
‫يبلغ ‪ 67‬في المائة للسنة األولى من تطبيقه‪.‬‬
‫ً‬
‫وأخيرا‪ ،‬لقد ساعد برنامج التنمية الحمرية والحكامة املحلية على وضع المبدأ الدستوري‬
‫الجديد لإلدارة الحرة للسلطات املحلية‪ ،‬من خالل السماح لها بوضع برامج خاصة بها لمساندة‬
‫التكامل والقدرة التنافسية‪ ،‬وتحديد مستوى التمويل‪ ،‬وتكليف الغير بتنفيذ مشروعاتها‪ ،‬أو‬
‫تنفيذها باستخدام وسائلها الخاصة‪.549‬‬
‫لفترة وجيزة في أو ائل عام ‪ ،2799‬انهارجميع ما ساد بشأن العرب من صورنمطية سلبية‬
‫‪ ،‬من قبيل‪ :‬املجتمع المدني العربي يفتقد العزيمة لتحدي الطغاة المتمرسين‪ ،‬ففي تونس‪،‬‬
‫ً‬
‫أقصت شجاعى الناشطين وعزيمتهم واحدا من أعتى طغاة العالم في ثالثة أسابيع فقط‪ .‬أسقطت‬
‫الثورات العربية التي بدأت منذ أواخرعام ‪ 2797‬أربعه رؤساء‪ ,‬وحولت‪ -‬في ما يبدو – الرأي العام‬
‫الجماهيري المعبأ إلى عامل منتام في سياس ى بلدان المنطقة‪.‬‬
‫ومع ذلك تبقى عملية إسقاط الرئيس أمرا مختلفا عن إقامة مؤسسات ديمقراطية‬
‫مستقرة وشاملة‪ .‬وعلى الرغم من الحقيقة القائلة إن الديمقراطية كانت المطلب المشترك‬
‫األساس ي للمحتجين الذين تصدروا الثورات‪ ،‬فإنه لم تظهر بعد مض ي أربعة أعوام على ذلك إال‬
‫أدلة قليلة على الدمقراطية(التحول الديمقراطي)‪ .‬ويمكن القول إن تونس والمغرب نجحت في‬
‫اإلمتحان‪،‬في حين كانت النتائج في بلدان أخرى إما دولة فاشلة وإما عودة معينة إلى الحكم‬
‫االستبدادي‪ .‬فما هو تفسيرهذه المسارات المتنوعة أو المتغيرة؟‬
‫المراجع‬
‫س‪ .‬م‪ .‬لحام‪ ،‬ومجموعة مؤلفين آخرين‪ .‬القاموس السياس ي ومصطلحات‬ ‫‪.9‬‬
‫المؤتمرات الدولية‪ .‬بيروت‪ :‬دارالكتب العالمية‪ ،‬ط‪2772 ،9‬م‪.‬‬
‫روبرت‪ ،‬دال‪ .‬الديموقراطية ونقادها‪ .‬بيروت‪ :‬دار الفارس للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪،2‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪2772‬م‪.‬‬
‫وكيلي‪ ،‬محمد عزيز‪ .‬الحكامة الجيدة السياقات الكبرة‪...‬واألبعاد‪ .‬قسم الموارد‬ ‫‪.1‬‬
‫البشرية والشراكة واالتصال باألكاديمية الجهوية للتربية والتكون‪-‬جهة الدرا البيماء‪ ،‬بدون‬
‫سنة نشر‪.‬‬
‫أتركين‪،‬محمد‪" .‬الدستور والدستورانية‪ -‬من دساتير فصل السلط إلى دساتير‬ ‫‪.2‬‬
‫صك الحقوق‪ .‬مطبعة النجاح الجديدة‪.2770 ،‬‬
‫‪ 549‬كرو‪ ،‬محمد‪ .‬خطوة تونس الكبيرة نحو الديمقراطية‪ .‬مقال منشور على موقع كارنيغي للشرق األسوط‪ ،‬يمكن االطالع على المقال‬
‫من خالل الموقع التالي‪ http://carnegie-mec.org/2014/04/22/ar-pub-55404 :‬تمت الزيارة في ‪2024/40/20‬‬
‫مجموعة مؤلفين‪ .‬الثورات العربية‪-‬عسر التحول الديمقراطي ومآالته‪ .‬قطر‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫المركزالعربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬ط‪.2792 ،9‬‬
‫هانتنجتون‪ ،‬صامويل‪ .‬الموجة الثالثة التحول الديمقراطي في أواخر القرن‬ ‫‪.6‬‬

‫العشرين‪ .‬القاهرة‪ :‬دارسعاد الصباح‪ ،‬ط‪9111 ،9‬م‪.‬‬
‫القوانين والتقارير‪:‬‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق االنسان والمواطن الصادرعن الجمعية الوطنية في ‪26‬‬ ‫‪.9‬‬
‫عرف فيها الحقوق‬‫آب‪/‬أغسطس ‪ .9021‬يعتبر اإلعالن من وثائق الثورة الفرنسية األساسية ُوت َّ‬
‫الفردية والجماعية لألمة‪.‬‬
‫الدستورالمغربي لعام ‪.2799‬‬ ‫‪.2‬‬
‫نص الخطاب السامي الذي وجهه جاللة الملك محمد السادس‪ ، ،‬الجمعة ‪90‬‬ ‫‪.1‬‬
‫يونيو ‪.2799‬‬
‫عامر‪ ،‬باسل‪ .‬رسالة ماجستير بعنوان‪ :‬أزمة المشاركة السياسية وتأثيرها على‬ ‫‪.9‬‬
‫عملية التحول الديمقراطي في فلسطين (‪ .)2791-9111‬جامعة النجاح الوطنية‪ :‬كلية الدراسات‬
‫العليا‪2792 ،‬م‪.‬‬
‫بلعور‪ ،‬مصطفى‪ .‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه بعنوان‪ :‬التحول الديمقراطي‬ ‫‪.2‬‬
‫في النظم السياسية العربية‪ -‬دراسة حالة النظام السياس ي الجزائري (‪ .)2772-9112‬الجزائر‪:‬‬
‫جامعة بن يوسف بن خدة‪.2797-2771 ،‬‬
‫القاض ي‪،‬عادل‪ .‬أطروحة دكتوراه بعنون‪" :‬تطور عملية السالم والتحول‬ ‫‪.1‬‬
‫الديمقراطي في األردن (‪ ،")2770-9119‬األردن‪.2797 ،‬‬
‫بلعجال‪ ،‬كوثر ‪ -‬رسالة ماستر بعنوان‪ :‬الحكامة األمنية في دول الربيع العربي ‪-‬‬ ‫‪.2‬‬
‫تونـس نموذجا‪ .‬العلوم السياسية تخصص‪ :‬دارسات أمنية إستراتيجية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‬
‫كلية الحقوق و العلوم السياسية قسم العلوم السياسية ‪2792‬ـ‪.2796‬‬
‫غلمان‪ ،‬فاطمة‪ .‬الحكامة العالمية‪ :‬الشق اإلصطالحي والبعد العلمي‪ .‬المغرب‪:‬‬ ‫‪.9‬‬
‫املجلة المغربية للتدقيق والتنمية‪ ،‬ع‪.2792 ،29‬‬
‫براو‪ ،‬محمد‪ .‬اإلطارالدستورالجديد والحكامة الديموقراطية الرشيدة‪ .‬المغرب‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫منشورات مجلة العلوم القانونية‪-‬سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‪ ،‬ع‪.2792 ،2‬‬
‫يايموت‪ ،‬خالد "االنتقال الديمقراطي‪ :‬مقاربة نظرية إلشكالية المفهوم‬ ‫‪.1‬‬

‫والنموذج"‪ .‬مقالة منشورة باملجلة المغربية للسياسات العمومية‪ ،‬العدد ‪ 22‬شتاء ‪.2790‬‬
‫خراط‪ ،‬زكريا‪ .‬الحكامة على ضوء دستور ‪ :2799‬دراسة في األسس‪ .‬المغرب‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫منشورات مجلة العلوم القانونية‪-‬سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‪ ،‬ع‪.2792 ،2‬‬
‫إبراهيم‪ ،‬حسنين‪" .‬االنتقال الديمقراطي‪...‬إطار نظري"‪ ،‬مقال منشور بموقع‬ ‫‪.9‬‬

‫الجزيرة اإللكتروني‪ ،‬بتاريخ ‪ 92‬فبراير ‪ ،2791‬من خالل الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://studies.aljazeera.net/ar/profile/151011085607200.html‬‬
‫السعيدي‪ ،‬عز الدين‪ .‬هل التجربة التونسية استثناء‪ .‬مقال منشور في رصيف‬ ‫‪.2‬‬
‫دوت كوم‪ ،‬من خالل الرابط التالي‪https://raseef22.com/politic :‬‬
‫تقرير البنك الدولي‪ .‬تطبيق هياكل الحكامة القائمة على المشاركة في تونس‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫التالي‪:‬‬ ‫الموقع‬ ‫خالل‬ ‫من‬ ‫التقرير‬ ‫على‬ ‫اإلطالع‬ ‫يمكن‬ ‫‪،2796/71/92‬‬
‫‪http://www.albankaldawli.org/ar/news/feature/2016/09/09/the-‬‬
‫‪implementation-of-participatory-governance-structures-in-tunisia‬‬
‫كرو‪ ،‬محمد‪ .‬خطوة تونس الكبيرة نحو الديمقراطية‪ .‬مقال منشور على موقع‬ ‫‪.2‬‬
‫كارنيغي للشرق األوسط‪ ،‬يمكن اإلطالع على المقال من خالل الموقع التالي‪http://carnegie- :‬‬
‫‪mec.org/2014/04/22/ar-pub-55404‬‬
‫العولمة االقتصادية وأثرها على االقتصادي الوطني‬

‫لدولة اإلمارات العربية المتحدة‬
‫‪Economic globalization and its impact on the national economy of the‬‬
‫‪United Arab Emirates‬‬
‫أصبح العالم بعد الحربين العالمية األولى والثانية أكثر حاجة للتعاون والتمامن‬
‫واالتحاد‪ ،‬وهو ما دفع بالدول إلى محاولة نسيان مخلفات الحروب وما تسببت فيه من مآس ي على‬
‫مستوى العالمي‪ ،‬ويعتبرتأسيس عصبة األمم التي تحولت لألمم المتحدة بعد ذلك أول تجلى لهذا‬
‫الت مامن العالمي والطريق األمثل لحل مشاكل العالم وتطويره بشكل مشترك وجماعي ‪ ،‬وذلك‬
‫على جميع المستويات واألصعدة خاصة األمنية والمناخية واالقتصادية منها‪ ،‬ولعل هذا ما عزى‬
‫بالدول إلى تكثيف التعاون فيما بينها عن طريق توقيع العديد من االتفاقيات والشراكات سواء‬
‫الثنائية أو اإلقليمية أو الدولية منها‪ ،‬ألن الدولة أصبحت مدركة أن تحقيق الرفاه العام لشعوبها‬
‫وتنمية اقتصادها لن يتأتى إلى بالتعاون مع باقي الدول مع االحترام التام للهوية والثقافة املحلية‬
‫والتنوع‪ ،‬بل وتعدتها لخلق تكتالت اقتصادية كبرى‪ ،‬وهوما عجل بفتح الحدود بين الدول وتسهيل‬
‫عبورالخبرات والمعدات والسلع والخدمات‪ ،‬وكل هذا في نظرنا هو ما أصبح يطلق عليه مع أواخر‬
‫القرن العشرين وبداية القرن الحالي بظاهرة العولمة‪.‬‬
‫ولعل هذا التصوراإليجابي للعولمة خاصة االقتصادية منها هو ما تحاول دولة اإلمارات‬
‫العربية المتحدة تحقيقه‪ ،‬من خالل دورها في القمايا االقليمية والعالمية باعتبارها شريك‬
‫عالمي موثوق وفعال‪ ،‬ولعل هذا ما يتضح من خالل أول خطاب قدمه صاحب السمو الشيخ‬
‫محمد بن زايد في أول خطاب له مند توليه رئاسة دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬حيث قال " إن‬
‫اقتصاد دولة اإلمارات يعد اليوم ضمن أكثر االقتصادات قوة ونموا‪ ،‬مميفا‪ ،‬تملك اليوم دولة‬
‫اإلمارات منظومة تنموية متطورة ومتكاملة ومستدامة‪ ،‬أصبحت مصدر إلهام وأمل لشعوب‬
‫المنطقة والعالم" ‪.‬‬
‫ترتيبا عليه‪ ،‬فإن محاولة مقاربة مسألة العولمة االقتصادية و أثرها على االقتصاد‬
‫اإلماراتي بالدراسة والتحليل يتطلب منا اإلجابة عن إشكالية محورية ومركزية تتجلى في إلى حد‬
‫تأثروتتأثرالعولة االقتصادية باالقتصاد اإلماراتي؟ لإلجابة على هاته اإلشكالية سنحاول التطرق‬
‫إلى العولمة‪ ،‬النشأة والتطور ( أوال ) ثم العوامل المر افقة للعولمة ( ثانيا) لنعرج بعدها على‬
‫مسألة تأثيرات العولمة ( ثالثا ) ليكون مدخال لدراسة تأثير العولمة على دولة اإلمارات ( رابعا‬
‫)‪ ،‬لنقارب في األخيرقمية االنتقال من مرحلة التأثرإلى مرحلة التأثير( خامسا ) وفق اآلتي بعده‪.‬‬
‫أوال‪ :‬العولمة‪ ،‬النشأة والتطور‬
‫مع ظهوروتبلورالنظام العالمي الجديد المدفوع بالتطورات املختلفة في النظم االقتصادية‬

‫واالجتماعية‪ ،‬والتقنيات المتقدمة‪ ،‬ووسائل النقل‪ ،‬واالتصال‪ .‬حولت هذه التغيرات العالم إلى‬
‫قرية عالمية متصلة‪ ،‬مكنت األفراد واملجتمعات من التواصل وتنسيق عمليات التنمية من خالل‬
‫تبادل الخبرات والموارد والبيانات‪ .‬وهذا ما يعزى إلى مفهوم العولمة كأحد المفاهيم التي برزت‬
‫ً‬
‫في النصف الثاني من القرن الماض ي‪ ،‬وأصبح أكثر ظهورا مع بدايات القرن الحالي إلى يومنا هذا‬
‫ً‬
‫مع مالحظة التطورالذي طرأ على المفهوم ودخول عوامل جديدة جعلته أكثرحمورا في المشهد‬
‫العالمي الراهن‪.‬‬
‫فالعولمة‪ ،‬والمعروفة ً‬
‫أيما باسم األممية‪ ،‬هي عملية يتم من خاللها دمج مختلف املجاالت‬
‫االقتصادية واالجتماعية على نطاق عالمي‪ .‬وينطوي ذلك على نقل الخدمات والسلع ورؤوس‬
‫األموال واألشخاص والخبرات عبرالحدود‪ .‬وباتت الحكومات والمنظمات والشركات والمؤسسات‬
‫تندرج ضمن المفهوم عبر سعيها لتوسيع نطاق وصولها ونفوذها خارج الحدود املحلية في حال‬
‫كانت تمتلك مقومات التحول الالزمة لتكون عالمية وعابرة للنطاق املحلي‪ ،‬أو من خالل الدول‬
‫التي استقبلت أمواج العولمة على أرضها من خالل االستثمارات األجنبية فيها واألفراد الو افدة‬
‫إليها‪ .‬ومن أشكال العولمة النمطية هو ما يمكن مالحظته من خالل المؤسسات الكبيرة التي تنتج‬
‫وتصدر السلع أو الخدمات إلى بلدان أخرى‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬كان لها تأثير كبير على الجوانب‬
‫االقتصادية واالجتماعية لهذه البلدان‪ ،‬وتشكيل تطورها ونموها‪.‬‬
‫أما مفهوم العولمة االقتصادية‪ ،‬فهو يشير إلى أحد األبعاد الرئيسية الثالثة للعولمة‬
‫والموجودة بشكل شائع في العالم المعاصر‪ ،‬حيث تشير العولمة االقتصادية إلى مجموعة‬
‫التحركات العالمية واسعة النطاق للسلع ورأس المال والخدمات والتكنولوجيا والمعلومات من‬
‫بلد إلى آخر‪ .‬كما يالحظ أن العولمة االقتصادية ليست جديدة بالمعنى االصطالحي‪ ،‬فيمكن‬
‫مالحظتها منذ بداية الحمارة اإلنسانية عبر تبادل الناس البمائع مع جيرانهم بما يعرف‬
‫بالمقايمة‪ ،‬ومع تقدم الثقافات كانوا قادرين على السفرإلى أماكن أبعد لتداول سلعهم الخاصة‬
‫مقابل المنتجات المرغوبة الموجودة في مكان آخر‪ .‬ومع تطور الحياة البشرية عرف ما يسمى‬
‫بطريق الحرير والذي يشير إلى أقدم شبكة من طرق التجارة المستخدمة بين أوروبا وشمال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إفريقيا وشرق إفريقيا وآسيا الوسطى وجنوب آسيا والشرق األقص ى‪ ،‬وذلك مثاال مبكرا على‬
‫ً‬
‫العولمة منذ أكثرمن ‪ 9277‬عام‪ .‬كما يمكن مالحظة العولمة قديما من خالل سعي االمبراطوريات‬
‫ً‬
‫العظمى قديما‪ ،‬كاإلمبراطورية الرومانية واإلمبراطورية الفارسية‪ ،‬لمد النفوذ في المناطق املحاذية‬
‫لهما لتحقيق أمنها االقتصادي والعسكري‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬العوامل المر افقة للعولمة‬
‫لقد كانت العولمة ظاهرة كبيرة حدثت من خالل عاملين رئيسيين ‪ -‬الجانب االقتصادي‬
‫واالجتماعي‪ .‬وينطوي الجانب االقتصادي على تدفق االستثمارات وتجارة السلع والخدمات‬
‫والتكنولوجيا والتصنيع وغيرها من الجوانب ذات الصلة التي توفرها األطرالعالمية للمؤسسات‬
‫املحلية‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬ينطوي الجانب االجتماعي على تأثيرالثقافات األجنبية على املجتمعات‬
‫املحلية‪ .‬ويظهرذلك من خالل حركة األشخاص للعمل أواإلقامة أوالدراسة‪ ،‬حيث يجلبون معهم‬
‫خلفياتهم الثقافية التي قد تساهم في تغييراملجتمع املحلي أو التأثيرفيه‪ .‬بشكل عام‪ ،‬أدت العولمة‬
‫إلى تكامل االقتصادات واملجتمعات في جميع أنحاء العالم‪ ،‬مما أدى إلى خلق فرص وتحديات‬
‫لألفراد‪ ،‬واملجتمعات‪ ،‬والمنظمات‪ ،‬واألمم‪.‬‬
‫ومع التقدم السريع في االتصاالت والنقل في السنوات األخيرة‪ ،‬تزايدت العولمة بشكل‬
‫ملحوظ‪ .‬ويمكن للشركات اآلن تحديد فرص االستثمار عبر الحدود‪ ،‬وذلك بفمل االبتكارات في‬
‫مجال تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت الفورية‪ .‬أصبح نقل األصول المالية عبرالحدود أسرع‬
‫ً‬
‫وأسهل من أي وقت مض ى‪ ،‬وذلك بفمل هذه التطورات المتالحقة والتي لم تقف يوما‪ .‬حتى في‬
‫ظل تفش ي وباء كورونا‪ ،‬كان لتلك التطورات أثرها في تعزيزظهورالعولمة كمرورة ملحة أمام دول‬
‫العالم أجمع لمواجهة الوباء‪.‬‬
‫ولقد كان لصعود العولمة االقتصادية اتجاها واسع النطاق في النظام العالمي الحالي‬
‫ويعزى ذلك إلى مجموعة متنوعة من األسباب‪ ،‬منها ظهور االقتصاد المعرفي الذي سعت الدول‬
‫الناشئة إلى الوصول إليه عبر جلب االستثمارات األجنبية والخبرات العالمية للعمل على أرضها‬
‫واالستفادة منها‪ .‬ولقد أبرزت العديد من الدراسات النظرية تلك المسببات التي جعلت العولمة‬
‫ً‬
‫أكثر تجسدا في العديد من المناطق من حول العالم‪ ،‬فوفقا لبايليس وآخرون (‪ ،)2721‬وجدت‬
‫الدراسة أن العولمة هي أمر و اقع في العصر الراهن‪ ،‬فمن دون العولمة لن تستطيع الدول‬
‫الناشئة من تدعيم اقتصاداتها والوصول إلى مستويات التنمية المطلوبة منها‪ ،‬كما أن الدول‬
‫المصدرة للعولمة ال بد أن تحافظ على مكتسباتها عبر الخروج إلى األسواق الناشئة واالستثمار‬
‫فيها ‪ ،‬فالبحث عن أسواق خارجية لالستثمار فيها هو خطوة مهمة نحو تحقيق التكامل‬
‫ً‬
‫مدفوعا بتطور أنظمة االتصاالت والنقل على مستوى العالم‪ .‬وعالوة على ذلك‪،‬‬ ‫االقتصادي‪،‬‬
‫لعب التقدم التكنولوجي دورا حاسما في النمو االقتصادي‪ .‬ووفقا لدراسة فيربيكي (‪ ،)2729‬فإن‬
‫العوامل االجتماعية التي ساهمت في ظهور العولمة تشمل زيادة حركة األفراد في جميع أنحاء‬
‫العالم‪ .‬ويجلب هؤالء األفراد معهم خلفياتهم الثقافية‪ ،‬والتي عندما تتكامل مع الخلفيات‬
‫الثقافية للمجتمعات األخرى‪ ،‬تؤدي إلى ثقافة موحدة أقرب إلى العالمية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تأثيرات العولمة‬
‫لقد كانت العولمة موضوع بحث مكثف‪ ،‬مع التركيزبشكل خاص على تأثيرها على المكونين‬
‫األساسيين للعولمة‪ .‬المكون األول هو الدولة المصدرة‪ ،‬ويقصد بها المؤسسة أو المنظمة التي‬
‫ً‬
‫توسع عملياتها في الخارج من خالل االستثمار أو التوسع‪ .‬ووفقا لدراسة أجراها شامبوردون في‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عام ‪ ،2790‬فإن لهذا المكون تأثيرا إيجابيا كبيرا حيث تحصل المنظمات على عوائد أعلى على‬
‫استثماراتها‪ ،‬مما يساهم في نمو اقتصادات بلدانها األصلية‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬تستثمر الواليات‬
‫المتحدة األمريكية في أماكن مختلفة على مستوى العالم لتحقيق مصالح اقتصادها الوطني‪ .‬أما‬
‫العنصر الثاني فهو التأثير على الدول المميفة‪ ،‬وتختلف اآلراء حول هذا الموضوع‪ .‬ويعتقد‬
‫البعض أن مثل هذه االستثمارات تعود بالنفع على االقتصادات الوطنية للدول المميفة‪ ،‬مما‬
‫ً‬
‫يساعد على دفع عجلة التنمية فيها‪ .‬ويحمل آخرون وجهة نظر أكثر تشاؤما‪ ،‬معتبرين أن هذه‬
‫ً‬
‫االستثمارات قد تؤثرسلبا على االقتصاد املحلي والوطني‪.‬‬
‫وقد وجد الخزرجي (‪ )2791‬أن الدول المصدرة لثقافتها لها مصالح سياسية أو تسعى إلى‬
‫بسط نفوذها على مناطق أخرى من خالل المكون الثقافي‪ .‬إال أن الدول المميفة للعولمة قد‬
‫تواجه مخاطرهذه الموجات من خالل تأثيرالمكون االجتماعي على الثقافة المصدرة‪ .‬على سبيل‬
‫المثال‪ ،‬فإن محاولة فرنسا توسيع نفوذها في القارة األفريقية من خالل التأثير الثقافي في بعض‬
‫البلدان يمكن رؤيتها من خالل االستخدام الواسع النطاق للغة الفرنسية في تلك البلدان‪.‬‬
‫وقد تم تسهيل العولمة من خالل السياسات المالية داخل البلدان و اتفاقيات التجارة‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫الدولية فيما بينها‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬يلعب االستقرارالسياس ي واالقتصادي أيما دورا حاسما في‬
‫تمكين العولمة‪ .‬ووفقا للخبراء‪ ،‬فإن عدم االستقرار النسبي الذي تعيشه العديد من الدول‬
‫األفريقية أعاق قدرتها على االستفادة من العولمة‪ ،‬على عكس دول آسيا وأمريكا الالتينية التي‬
‫تمتعت بفوائد كبيرة‪ .‬نظرية التبعية هي نظرية تشرح لماذا تكافح بعض البلدان األقل نموا من‬
‫أجل التنمية‪ .‬ووفقا لهذه النظرية‪ ،‬تستخدم الدول الغنية هذه الدول األقل نموا كنظير‬
‫للمستعمرات‪ ،‬مما يخلق نظاما استعماريا حديثا‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬تستخدم هذه الدول الغنية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الدول األقل نموا كمصادر للمواد الخام والعمالة الرخيصة‪ ،‬لكنها ال تسمح لها أبدا بالتقدم إلى‬
‫النقطة التي يمكنها من خاللها إنشاء صناعات محلية كبرى خاصة بها‪ .‬أما الدول الناشئة‪ ،‬فهي‬
‫تسعى من جانبها إلى االستفادة من تلك االستثمارات على أراضيها للحصول على نسب متفاوتة من‬
‫الفوائد االقتصادية التي تصب في الناتج املحلي اإلجمالي‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬تأثيرالعولمة على دولة اإلمارات‬
‫لطالما كانت العولمة أمر حتمي مفروض في عالم اليوم‪ ،‬فقد أتيحت لدولة اإلمارات‬
‫الفرصة لركوب موجة التغيرات العالمية‪ ،‬وكان قد أكد مؤشر الترابط العالمي في نسخته‬
‫العاشرة للعام ‪ ،2729‬الصادر عن دي إتش إل بالتعاون مع كلية ستيرن لألعمال بجامعة‬
‫نيويورك‪ ،‬العالقة القوية بين الترابط العالمي واالزدهار‪ .‬إذ تأتي دولة اإلمارات العربية المتحدة‬
‫من بين البلدان الخمسة التي يقيمها التقرير؛ بما في ذلك المكسيك وهولندا وسيراليون وفيتنام؛‬
‫وكانت اإلمارات في مصاف الدول العالمية األولى بسبب ارتباطها القوي أو المتزايد على مدى‬
‫ُ‬
‫العقدين الماضيين‪ .‬هذا وتظهر المسارات املختلفة التي اتخذتها هذه البلدان لتحقيق قدر أكبر‬
‫ً‬
‫من الترابط أنه ال يوجد نهج واحد يناسب الجميع ‪ -‬وبدال من ذلك‪ ،‬يمكن لكل دولة اغتنام‬
‫الفرص الدولية المناسبة لها‪ .‬لكن هناك جدل حول ما إذا كانت قد استفادت من العولمة‬
‫ً‬
‫بالشكل األمثل‪ ،‬حيث يرى البعض أن العولمة أثرت سلبا على دولة اإلمارات باعتبارها دولة‬
‫ً‬
‫ناشئة تسعى دائما إلى التميز‪ .‬بينما النظر إلى الحقائق عبر األرقام والتقارير يعطي الموضوع أكثر‬
‫دقة في العرض‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وبناء على العرض النظري الذي تمت مناقشته سابقا‪ ،‬يمكن تطبيق نتائج الورقة على‬
‫ً‬
‫محتوى دولة اإلمارات العربية المتحدة بطريقتين رئيسيتين‪ .‬أوال‪ ،‬ال بد من تسليط الموء على‬
‫اآلثار اإليجابية للعولمة وكيف يمكن االستفادة منها لتحسين عملية التطوير والتميز في دولة‬
‫اإلمارات العربية المتحدة‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬كشفت منظمة التجارة العالمية التابعة لألمم‬
‫المتحدة (األونكتاد) في تقريرها لالستثمارالعالمي ‪ ،2721‬أن تدفقات االستثماراألجنبي المباشر‬
‫لدولة اإلمارات العربية المتحدة ارتفعت بنسبة ‪ %97‬في عام ‪ 2722‬مقارنة بالعام السابق‪ ،‬لتصل‬
‫ً‬
‫إلى مستوى قياس ي بلغ ‪ 21‬ملياردوالر‪ .‬ويأتي ذلك انعكاسا لجهود دولة اإلمارات العربية المتحدة‬
‫ً‬
‫الرامية إلى تنويع مصادر دخلها القومي‪ ،‬وهو ما يشكل جزءا من استراتيجيتها الشاملة وخططها‬
‫ً‬
‫التنموية‪ .‬ثانيا‪ ،‬تتجلى استراتيجية االستثمارالتي تنتهجها دولة اإلمارات في سعيها لالستثمارخارج‬
‫الدولة بما يحقق المصالح االقتصادية لالقتصاد الوطني‪ .‬ومن األمثلة على ذلك جهاز أبوظبي‬
‫لالستثمار‪ ،‬وجهاز اإلمارات لالستثمار‪ ،‬وشركة مبادلة‪ ،‬وموانئ دبي العالمية‪ ،‬وشركة إعمار‪،‬‬
‫ومجموعة الفطيم وغيرها من الهياكل التجارية واالستثمارية املحلية والتي هي باألساس‬
‫استثمارات وطنية نجحت في توسيع نطاق أعمالها عبر تصديراستثماراتها إلى الخارج‪.‬‬
‫ً‬
‫ووفقا لتقرير صادر عن المركز االتحادي للتنافسية واإلحصاء في دولة اإلمارات العربية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫المتحدة‪ ،‬فإن الدولة موطن ألكثر من ‪ 277‬جنسية‪ ،‬مما يجعلها مجتمعا متنوعا به اختالفات‬
‫كبيرة بين أفراده‪ .‬وعلى الرغم من هذه االختالفات‪ ،‬فقد تم االعتراف بدولة اإلمارات العربية‬
‫ً‬
‫عالميا في مؤشرات األمن واالستقرار املجتمعي‪ ،‬حيث حصلت على المركز‬ ‫المتحدة كدولة رائدة‬
‫األول في مؤشرأمن المعلومات في الكتاب السنوي للتنافسية العالمية ‪ .2729‬وقد جلب املجتمع‬
‫المتنوع العديد من الفوائد لدولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬بما في ذلك الوطنية المصالح التي‬
‫ساعدت الدولة على تحقيق استراتيجيتها للتحول نحو العولمة بالتميز في كافة الجوانب التي‬
‫تنتهجها حكومة اإلمارات العربية المتحدة‪.‬‬
‫وفي العرض النظري‪ ،‬تسلط النقطة الثانية الموء على التأثير السلبي للعولمة على دولة‬
‫اإلمارات العربية المتحدة والذي يتممن تغافل فرص القوى العاملة املحلية من قبل كيانات‬
‫االستثمار األجنبي‪ .‬وقد أدى هذا إلى مخاوف بشأن التأثير االقتصادي للعولمة على البالد‪.‬‬
‫وللتخفيف من هذه المشكلة‪ ،‬نفذت الحكومة لوائح رسمية تتطلب من هذه المؤسسات‬
‫توظيف عدد محدد من المواطنين املحليين‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬هناك قلق متزايد من أن العولمة‬
‫يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على ثقافة المنطقة‪ .‬ولمعالجة هذه المشكلة‪ ،‬اتخذت دولة‬
‫اإلمارات العربية المتحدة نهجا استباقيا من خالل تعزيز الثقافة العربية واإلسالمية في جميع‬
‫جوانب املجتمع‪ .‬وقد قامت الحكومة بتنفيذ أنشطة وممارسات مجتمعية مختلفة تهدف إلى‬
‫تحقيق هذا الهدف‪.‬‬
‫إن العولمة التي أثرت على دولة اإلمارات كان لها الدور في تمكين الشركات على أن تكتسب‬
‫ميزة تنافسية من خالل االستفادة من العولمة لشراء المواد الخام بتكلفة أقل‪ .‬ويتيح هذا النهج‬
‫ً‬
‫تقدما‪ ،‬مع‬ ‫أيما الفرصة لالستفادة من المعرفة الفنية والخبرة لدى االقتصادات األكثر‬ ‫ً‬
‫االستفادة من تنوع ووفرة العمالة الالزمة في اإلسهام في عمليات التنمية املختلفة‪.‬‬

‫إن للعولمة االقتصادية في دولة اإلما ات تأثير كبير على المستهلكين ً‬
‫أيما‪ .‬واحدة من‬ ‫ر‬
‫الفوائد الرئيسية هي خفض التكاليف في الصناعة التحويلية‪ .‬حيث تتيح هذه الميزة للشركات‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫توفير السلع بسعر أقل للمستهلكين‪ .‬كما تعد القدرة على تحمل تكاليف السلع عامال حاسما في‬
‫ً‬
‫الحفاظ على مستوى معيش ي مرتفع‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فتحت العولمة في دولة اإلمارات أسو اقا‬
‫جديدة‪ ،‬مما يوفر للمستهلكين مجموعة واسعة من السلع والخدمات لالختيار من بينها‪ .‬وتساهم‬
‫هذه الفوائد في نهاية المطاف في تحسين نوعية حياة المستهلكين‪.‬‬
‫في عالم اليوم المترابط‪ ،‬لم تعد الشركات مقيدة بالحدود الجغر افية‪ ،‬وهي تستخدم‬
‫العولمة لتوسيع نطاق وصولها وتقديم مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬
‫فإن المنافسة المتزايدة جعلت من المروري على الشركات ليس فقط الحفاظ على جودة‬
‫عروضها‪ ،‬ولكن ً‬
‫أيما السعي لتحسينها مع الحفاظ على انخفاض التكاليف‪ .‬وهذا ال يساعدهم‬
‫على التميزفي السوق فحسب‪ ،‬بل يفيد ً‬
‫أيما المستهلكين الذين يمكنهم االستمتاع بأسعارمعقولة‬
‫دون المساس بجودة المنتجات أو الخدمات التي يتلقونها‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬االنتقال من مرحلة التأثرإلى مرحلة التأثير‬
‫إن العولمة ظاهرة لها تأثيرات إيجابية وسلبية‪ ،‬والكيفية التي تتعامل بها دولة اإلمارات معها‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫استثناء من تأثير‬ ‫تلعب دورا حاسما في تحديد النتيجة‪ .‬إن دولة اإلمارات العربية المتحدة ليست‬
‫ً‬
‫العولمة‪ ،‬ولكن النظرإليها من خالل عدسة إيجابية يوفرفهما أكثردقة للوضع‪ .‬فقد تمكنت دولة‬
‫اإلمارات العربية المتحدة من جني فوائد اقتصادية من خالل االستفادة من فرص االستثمار‬
‫األجنبي داخل حدودها واالستفادة منها في السوق العالمية من خالل كيانات اقتصادية قوية‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬كان للجوانب االجتماعية للعولمة تأثير إيجابي كبير على دولة اإلمارات‪ ،‬حيث‬
‫تمكنت من االستفادة من الخلفيات الثقافية المتنوعة ألولئك الذين قدموا إلى أرضها‪ ،‬وبناء‬
‫نظام ثقافي ذي خصائص عالمية‪.‬‬
‫ومن أجل االستفادة بشكل فعال من مزايا العولمة مع تقليل عيوبها إلى الحد األدنى‪ ،‬فمن‬
‫األهمية بمكان تنظيم االستثمارات األجنبية و إنشاء أطر قانونية لعملياتها داخل البالد‪ .‬وينبغي‬
‫أن يكون الهدف األساس ي هو تعزيز المصالح الوطنية من خالل التعاون مع هذه المؤسسات‬
‫والعمل مع االستثمارات املحلية لتحقيق المنافع المشتركة‪ .‬ولممان مساهمة هذه االستثمارات‬
‫في اقتصاد البالد‪ ،‬من المروري فرض معدالت توطين أكثر صرامة لهذه المؤسسات‪ .‬وإلثراء‬
‫النسيج االجتماعي للدولة بالقيم والثقافة اإلماراتية‪ ،‬كان ال بد من تعزيز حمور الثقافة‬
‫اإلماراتية من خالل الفعاليات واألنشطة املجتمعية وإشراك األشخاص من مختلف الجنسيات‬
‫في هذه الممارسات‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬كان ال بد من تعزيز إجراءات البحث التي تربط بين األطر‬
‫النظرية والتطبيقية بما يخدم مصلحة الوطن‪.‬‬
‫في عالم اليوم‪ ،‬أصبحت العولمة جزءا أساسيا من حياتنا‪ ،‬على الرغم من بعض اآلثار‬
‫السلبية‪ .‬الجانب اإليجابي للعولمة هو أنها ساعدت في التقريب بين الناس‪ ،‬مما أدى إلى عالم‬
‫أصغروأكثرترابطا‪ .‬وقد ساهم تبادل األفكاروالثقافة والمعلومات عبرالحدود بشكل كبيرفي رؤية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وتسامحا‪ .‬من اآلمن أن نقول إن العولمة لعبت ً‬ ‫ً‬
‫حاسما في تشكيل العالم‬ ‫دورا‬ ‫مجتمع أكثرانفتاحا‬
‫الذي نعيش فيه اليوم‪.‬‬
‫إشراك الفرد والمنظمات في الفضاء العمومي المغربي‬

1122 ‫بعد دستور‬
Involving individuals and organizations in the Moroccan public sphere
after the 2011 Constitution
‫ بأدوار‬2799‫ توج الفرد واملجتمع المدني بعد دستور‬،‫من خالل التطورالتشريعي في المغرب‬
‫مهمة وآليات اقتراحية تجعل المواطن وهيئات املجتمع المدني ركيزة اساسية في صناعة‬
‫ ومن جهة اخرى لعبت الشراكات الدولية المغربية دورا‬،‫السياسات العمومية و اتخاد القرار‬
‫ وعليه بتناول‬،‫مهما في تمويل وتاطير املجتمع المدني والمواطنين في برنامج المشاركة المواطنة‬
‫هذا المقال أهم آليات اشراك الفرد والهيئات المدنية في اتخاد القرار العمومي باالضافة الى‬
.‫حصيلة تاطيروتمويل برنامج المشاركة المواطنة ودوره في تأهيل وتنمية قدرات املجتمع المدني‬
‫ المغرب‬- ‫ – المشاركة المواطنة‬2799‫ املجتمع المدني – المواطن – دستور‬:‫الكلمات المفتاحية‬
summary
Through legislative development in Morocco, individuals and civil society,

following the 2011 Constitution, were empowered with important roles and
participatory mechanisms that make citizens and civil society organizations a
fundamental pillar in shaping public policies and decision-making. On the other
hand, Moroccan international partnerships have played a crucial role in funding
and guiding civil society and citizens in citizen participation programs. Therefore,
this article addresses the most important mechanisms for involving individuals
and civil organizations in decision-making, in addition to assessing the framework
‫‪and funding of citizen participation programs and their role in empowering and‬‬
‫‪developing the capacities of civil society.Keywords: civil society - citizen - 2011‬‬
‫‪Constitution - citizen participation - Morocco‬‬
‫تقديم‪:‬‬
‫للمجتمع المدني في بعض تعريفاته معنى سياسيا‪ ،‬فهو أفمل طريق للعمل السياس ي في‬
‫عالم ما بعد الحرب الباردة‪ ،‬وهو مجتمع يحمي من ينتظمون للتحدي بالسلطة‪ 550.‬ويشير هذا‬
‫التعريف إلى األدوار التي باتت تلعبها جمعيات ومنظمات املجتمع المدني داخل نسيج ما فحيثما‬
‫تكون حقوق المواطنة الرسمية غير راسخة تماما بصورة خاصة‪ ،‬فإن املجتمع المدني هو الذي‬
‫يوفر القنوات الالزمة التي يستطيع معظم الناس من خاللها إسماع صوتهم لصناع القرار في‬
‫الحكومة‪ ،‬وحماية حقوقهم المدنية والسياسية والعمل على تنمية مهارتهم كقادة سياسيين‬
‫مستقبال‪.‬‬
‫وإذا ارتكزاملجتمع على أسس ديموقراطية‪ ،‬فان املجتمع المدني القوي يستطيع أن يحول‬
‫دون تكتل السلطة الذي يهدد استقاللية الفرد وحق االختيار‪ ،‬وفي مقدوره أيما تقديم آليات‬
‫فاعلة لمر اقبة إساءة استخدام السلطة في الدولة‪ ،‬كما أنه املجال العام‬
‫الديموقراطي‪551،‬وبذلك يتجاوز املجتمع المدني دوره كوسيط بين الدولة واملجتمع ويقدم‬
‫خدمات اجتماعية إلى حمل مهمة التدافع السياس ي‪.‬‬
‫لقد عرف المغرب صعودا معتبرا للفاعلين غير الحكوميين وغير المتحزبين في قلب الحياة‬
‫الجمعوية خالل الثمانينيات وبشكل أوضح في التسعينيات من القرن الماض ي‪ ،‬حيث أبان هؤالء‬
‫الفاعلون الجدد عن قدرتهم في اإلسهام بكيفية ملموسة وفعالة في املجهود التنموي‪ ،‬وفي دمقرطة‬
‫النقاش العمومي بالبالد‪ .‬ففي دارسة الوزارة الداخلية سنة ‪ 2792‬وصل عدد منظمات وهيئات‬
‫املجتمع المدني إلى أكثرمن ‪ 996‬ألف جمعية‪ ،‬وأوضحت الدراسة أن ‪ 22‬في المئة من الجمعيات‬
‫تشتغل في مجاالت األعمال االجتماعية‪ ،‬وأن ‪ 29‬في المئة في مجال البيئة والتنمية المستدامة و‬
‫‪ 550‬مايكل ادواردز‪ ،‬المجتمع المدني النظرية والممارسة‪ ،‬ترجمة عبد القادر شاهين‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدوحة‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسات سياسية‪،‬‬
‫‪ ،2042‬ص ‪.33‬‬
‫‪551‬مايكل ادواردز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪41‬‬
‫‪ 91‬في المئة في مجاالت الرياضة والترفيه‪ ،‬وأن نسبة الجمعيات التي تنشط في مجاالت السياسية‬
‫والدين وحقوق اإلنسان تتراوح بين ‪ 9‬و‪ 1‬في المئة فقط‪552.‬‬
‫ولإلحاطة بهذا الموضع نطرح اإلشكال التالي إلى ما مدى فعالية آليات اشراك المنظمات‬
‫المدنية والفرد المواطن في الفماء العمومي و اتخاذ القرار؟‬
‫لمقاربة هذا الموضوع سوف نتطرق إلى محورين أساسيين‪ :‬إذ نتناول في األول دور‬
‫مؤسسات املجتمع المدني في اتخاذ القرارفيما الثاني نبرزفيه دورالمواطن الفرد في اتخاذ القرار‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬دورمؤسسات املجتمع المدني في اتخاذ القرار‬
‫شكل موضوع املجتمع المدني سواء نظريا أو عمليا موضوعا ذات أهمية كبرى للسياسيين‬
‫والباحثتين وذلك باعتبار أن املجتمع المدني أداة قوية لالختراق والمغط والوصول إلى‬
‫المعادالت االجتماعية الصعبة من هذا الطرف أو ذاك‪ ،‬وإذا كان املجتمع المدني في الفكر‬
‫والممارسة األمريكية قد اختلف تأسيسه وتطوره عما جرى في الفكر والممارسة األوربية‪ ،‬وذلك‬
‫بسبب انبثاق املجتمع المدني قبل انبثاق الدولة القومية األمريكية‪ ،‬حيث تظهر تجليات بروز‬
‫املجتمع المدني (الفقرة األولى)والحريات كمجال للصراع (الفقرة الثانية)‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تجليات بروزاملجتمع المدني‬
‫يعرف عادة املجتمع المدني‪ ،‬على أنه إطاراجتماعي يخمع لنظام معين ينمبط له األفراد‬
‫المكونون له دون أن يتم ذلك نتيجة سلطة قهرية‪ .‬حيث يلتزم الفرد بمجموعة من الموابط في‬
‫سلوكه اليومي بشكل إرادي نظرا لإلقناع الذي يحصل عنده بأهميتها بالنسبة للسيرالجيد للحياة‬
‫الجماعية التي تو افق إلى درجة كبيرة مصالح الفرد المنتمي إلى هذا املجتمع وأهدافه وطموحاته‪،‬‬
‫ويتمتع باستقاللية نسبية عن المؤسسات المشكلة للدولة‪ ،‬ألنه ال يتو افق عليها دائما في مواصلة‬
‫سيره والحفاظ عليه‪ ،‬كما يتمتع باستقاللية أيما عن األهواء والميول الفردية‪553.‬‬
‫منير الجوري‪ ،‬الخطاب السياسي والفضاء العمومي في زمنية االحتجاج‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مركز ابن غازي لألبحاث‬ ‫‪552‬‬
‫والدراسات االستراتيجية ‪ ،2042‬ص ‪.22-24‬‬

‫ادريس برهون‪ ،‬اشكالية دولة الحق والقانون في المغرب‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬دار الفرقان للنشر الحديث سنة ‪ ،2002‬ص‬ ‫‪553‬‬
‫‪.440‬‬
‫ويبقى مفهوم املجتمع المدني يشكل الملع الثالث لمثلث يتكون من املجتمع المدني‬
‫وحقوق االنسان والديمقراطية‪ ،‬ال يمكن للمجتمع الذي يرغب في التطور أن ينفصل عنه‪ ،‬أو‬
‫ينفصل بين أضالعه‪ ،‬فإما أن يتبناه كله‪ ،‬وإما سيكون تطبيق جزء دون اآلخربمثابة تشويه ليس‬
‫إال‪ ،‬ومن القمايا التي توجه تحدد املجتمع المدني مسألة عالقته باألحزاب السياسية‪ .‬هناك من‬
‫يعتبرها أهم مؤسسات املجتمع المدني والنقابات العمالية والتحادات المهنية‪ ،‬والجمعيات‬
‫الثقافية‪554.‬‬
‫لذلك فإن الهدف األمثل للجمعيات المدنية بوصفها ديمقراطيات مصغرة ليس أساسيا‬
‫إلى املحاجة التي تقول أن الديمقراطية واملجال العام يعتمدان على حياة ترابطية حيوية‪.555‬‬
‫ال يختلف مفهوم املجتمع المدني في المغرب‪ ،‬عن غيره في العالم العربي‪ ،‬وإن كانت هناك‬
‫خصوصيات تميزه فمن حيث تكوينه يتم ارجاع ذلك إلى الحركة الوطنية أثناء مقاومة‬
‫االستعمار‪ ،‬وكذلك هناك لحظات يمتزج فيها املجتمع المدني بالسلطة السياسية‪ ،‬خاصة عندما‬
‫يكون خطر خارجي‪ ،‬و أثناء االحتجاجات والمسيرات حول الوحدة الترابية أو المظاهرات‬
‫المطلبية في الشوارع‪ ،‬هذا في حد ذاته تعبير يعكس المالمح األولى ملجتمع مدني بدا يعي تجانسه‬
‫ويعتبروعيه السياس ي والفكري ويجري أساليب نماالته ودفاعه عن حقوقه‪.‬‬
‫ذكراألستاذ ادريس برهون أن المغرب عرف عدة متغيرات سياسية واجتماعية‪ ،‬غيرأنها لم‬
‫تقلل من صالبة وقوة الدولة بشكل كبير‪ .‬فأصبح املجتمع المدني هو " الحد من غلو السلطة"‪556،‬‬
‫حيث أصبحت الجمعيات الثقافية والحقوقية والمنظمات النقابية واألحزاب السياسية في لعب‬
‫دور كبير‪ ،‬أدت إلى تميز املجتمع المغربي الناتجة عن تطور املجتمع والعاكسة لطبيعته ومجاالت‬
‫اهتمامه‪.‬‬
‫تؤكد عملية رصد تطور املجتمع وتوزيع اهتماماته بين ما هو سياس ي وثقافي قد في أثر تطور‬
‫املجتمع المدني في المغرب على مو افق السلطة السياسية واضطرها إلى مسايرته مثلما حدث‬
‫مع مسألة حقوق االنسان حيث بادرت إلى تصديردستور‪ 9112‬بما يفيد تشبث المملكة بحقوق‬
‫‪ 554‬ادريس برهون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.444‬‬

‫‪ 555‬مايكل ادوارزد‪ ،‬مرجع ساق‪ ،‬ص ‪.414‬‬
‫رشيد اليملولي‪ ،‬اشكالية المجتمع المدني في المغرب‪ ،‬انظر الرابط التالي‪ https://cutt.us/9UsIn :‬تم‬ ‫‪556‬‬
‫االطالع عليه بتاريخ ‪ 40.40.2024‬الساعة ‪.22,00‬‬
‫االنسان‪557،‬نفس األمر عرفه تطور املجتمع المدني حيث تغيرت بعض فصول الدستور مثل‬
‫الفصل ‪ 91‬وترسيم اللغة األمازيغية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬رهان املجتمع المدني لكسب الحرية‬
‫ال يمكن تصور وجود مجتمع مدني دون وجود هامش الحرية‪ ،‬إال وزاد هم املجتمع المدني‬
‫ليعبر عن ذاته بمختلف الوسائل‪ ،‬ويقوم بدوره كما يجب‪ .‬فالحرية كانت دائما وثيقة االتصال‬
‫بالحياة الديموقراطية‪ 558،‬على أي حال فإن رؤية املجتمع الصالح تش ي بالقليل عن كيفية تحقيق‬
‫أهداف الحياة الترابطية التي تبدو عامال توضيحيا مهما‪ ،‬ولو أنها غير مكتملة في البيئات‬
‫المعاصرة‪559.‬‬
‫وقد صدرت بعد االستقالل كثير من النصوص القانونية كان الهدف منها هو تنظيم مجال‬
‫الحريات في المغرب فكان هناك نص صدرسنة ‪ 9120‬المنظم للحريات النقابية‪ ،‬ثم العهد الملكي‬
‫لسنة ‪ ، 9122‬الذي اعتبربمثابة قانون أساس ي سبق دخول المغرب إلى التجربة الدستورية‪ ،‬وقد‬
‫نص على مجموعة من المبادئ مثل سيادة الشعب تتجسد في الملك‪ ،‬الذي هو األمين عليها‪ ،‬وتم‬
‫إقرار نظام ملكي دستوري تراعى فيه المصلحة العليا للبالد‪ ،‬وتتحقق بفمله ديموقراطية‬
‫صحيحة تستمد محتوياتها من روح التعاليم اإلسالمية وو اقع التطور المغربي واشراك الشعب‬
‫تدريجيا في تدبير شؤون البالد ومر اقبة تسييرها‪560.‬‬
‫وفي الباب الثاني من الدستور الجديد المتعلق بالحريات والحقوق األساسية أضاف‬
‫الفصل ‪ 20‬حق المواطنات والمواطنين في الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة اإلدارة‬
‫العمومية والمؤسسات المنتخبة‪ ،‬والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام"‪ .‬ونص الفصل ‪ 11‬على‬
‫أن السلطات العمومية تتخذ التدابير المالئمة لتحقيق توسيع وتعميم مشاركة الشباب في‬
‫التنمية ا الجتماعية واالقتصادية والثقافية والسياسية للبالد‪ ،‬ومساعدة الشباب على االندماج‬
‫‪557‬ادريس برهون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.442‬‬

‫‪559‬مايكل ادواردز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫في الحياة النشيطة والجمعوية‪ ،‬ويحدث مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي من أجل‬
‫تحقيق هذه األهداف‪561.‬‬
‫الدستور المغربي الجديد اعطى للمجتمع المدني دورا أساسيا في إعداد وتفعيل وتنفيذ‬
‫وتقييم السياسات العمومية وفي التشريع جنبا لجنب أمام المؤسسة التشريعية وتدبير الشأن‬
‫املحلي‪ ،‬إال أن هذه األدوار موقوفة التفعيل في ظل ضعف مأسسة الديمقراطية التشاركية‬
‫وتحولها إلى طقوس سياسية بدون مممون تشاركي‪ ،‬وكذا في ظل الغموض القانوني الذي يكتنف‬
‫النصوص الدستورية وضعف اإلرادة القوية لدى أصحاب القرارالسياس ي وعرقلتهم لهذه األدوار‬
‫بخلق مساطرغيرقابلة للتطبيق‪.‬‬
‫ان المقاربة التي يتم بها اتخاذ القرار تطرح تصورا عاما للسيرورة القرارية‪ ،‬فهي عبارة عن‬
‫خيوط متشابكة ومعقدة يتم تحركها خارج دائرة القرار الشكلية‪ ،‬فالسلطة معقدة واللعبة‬
‫متعددة األطراف‪ ،‬وبالتالي يبدو القرار كصيغة توفيقية بين األطراف‪ ،‬يتداخل بعمها بالبعض‬
‫اآلخر مما يؤدي إلى نتيجة أساسية أخرى‪ ،‬وهي تراتبية القرار وهرميته حيث القرارات العادية‬
‫خاضعة لمساطر روتينية وميكانيكية ‪ ...‬فالقرارات‪ ،‬حتى لو كانت ظاهريا معلنة فهي تخمع في‬
‫حقيقة األمر للصراعات الداخلية للمتدخلين‪562.‬‬
‫إن مشاركة املجتمع المدني في صناعة السياسيات العمومية الزال يحتاج إلى المزيد من‬
‫المأسسة والتقعيد والوضوح القانوني‪ .‬وأمام تصاعد وتنامي دور هيئات املجتمع المدني‪ ،‬في‬
‫االهتمام بقمايا الشأن العام‪ ،‬وسعيها الدؤوب إلى المساهمة في القرار السياس ي أو في تفعيله أو‬
‫في تقييمه ومر اقبته‪ ،‬أصبح أمر إشراكها ضروري في جميع مراحل إعداد وتفعيل وتنفيذ وتقييم‬
‫السياسات العمومية‪563.‬‬
‫‪561‬سمية بنخلدون‪ ،‬رهانات المجتمع المدني على ضوء مقتضيات الدستورالجديد ‪ -‬مقال منشور على موقع هيسبريس‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪ 44‬يناير ‪ ،2042‬انظر الرابط التالي‪ https://cutt.us/0lN5b :‬تم االطالع عليه بتاريخ ‪ 22.40.2024‬الساعة ‪.42.00‬‬
‫عبد المالك احزرير‪ ،‬محاضرات في السياسات العمومية دراسة الظاهرة القرارية المفاهيم والنظريات‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬ ‫‪562‬‬
‫مطبعة سجلماسة‪ ،2042 ،‬ص ‪.44‬‬

‫‪563‬سعدي خليل‪ ،‬المجتمع المدني الديموقراطية التشاركية بالمغرب‪ ،‬اية عالقة؟ مقال منشور موقع العلوم القانونية انظر الرابط‬
‫التالي‪ https://cutt.us/regf2 :‬تم االطالع عليه بتاريخ ‪ ،27.40.2024‬الساعة ‪.42.00‬‬
‫عموما ترتكز مشاركة المتجمع المدني في اتخاذ القرار وصناعة السياسات العمومية‬
‫بتقييمه ومر اقبته‪ ،‬وبالتفاوض باسم المواطنين تطرح إشكاال قويا‪ ،‬نظرا للتكاثر الكبير الذي‬
‫عرفه الحقل الجمعوي ببالدنا و أيما لتمارب مصالحه و أيديولوجياته‪ ،‬وبالتالي فالمطلوب هو‬
‫إيجاد صيغة ديمقراطية شفافة لتمثيل أغلب التوجهات والطبقات داخل آليات اتخاذ القرار‬
‫العمومي ببالدنا‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حق تقديم الملتمسات والعرائض والمشاركة المواطنة على مستوى الفرد‬
‫واملجتمع المدني‬
‫أدى ضعف العمل واالنخراط السياس ي لفئات عريمة من املجتمع ‪ ،‬وتراجع مشاركة‬
‫المواطنين في تدبير املجال العمومي‪ ،‬وغياب دور األحزاب في تأطير المواطن بفعل االقصاء‬
‫والتهميش وعدم المشاركة إلى الدفع بالمشرع الدستوري ليس فقط إلى التفكير في تبني مفهوم‬
‫الديمقراطية التشاركية كأساس للحكم‪ ،‬ولكن أيما إرساء آليات فعالة للتواصل ومنح‬
‫المواطنين حق الملتمسات كآلية إلشراكهم في التشريع ومنحه دور كفاعل أساس ي في صياغة‬
‫القرارالسياس ي عن طريق تقديم العرائض (الفقرى األولى) باإلضافة الى ربط شراكات دولية مع‬
‫الشركاء الدوليين والمنظمات الدولية من اجل تمويل وتأطير املجتمع المدني واشاركه في‬
‫السياسات العمومية (الفقرة الثانية)‬
‫الفقرة األولى‪ :‬دورالمواطن الفرد في تقديم العرائض والملتمسات‬
‫في هذه الفقرة سنقف عند دور المواطن الفرد في تقديم الملتمسات (أوال) والعرائض‬
‫(ثاني)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬حق تقديم الملتمسات كآلية إلشراك المواطنين في التشريع‬
‫الوثيقة الدستورية الجديدة جاءت بصيغة بديلة حيث وعى المشرع الدستوري بالتغييرات‬
‫الجارية على صعيد المفاهيم الكبرى للسياسة‪ ،‬فتبنى آليات للديمقراطية التشاركية‪ ،‬ومكن‬
‫المواطنين من تقديم الملتمسات للسلطة التشريعية‪ ،‬حيث جاء في الفصل ‪ 92‬من الدستور‬
‫الجديد "المواطنات والمواطنين‪ ،‬يممن شروط وكيفيات يحددها قانون تنظيمي‪ ،‬الحق في‬
‫تقديم ملتمسات في مجال التشريع‪.‬‬
‫بمعني أن الدستور أعطى للمواطن حق المشاركة في اتخاذ القرار بآلية تقديم الملتمسات‬
‫في مجال التشريع‪ ،‬فهو قانوني ممنوح فقط للمواطنين الحاملين الجنسية المغربية وليس‬
‫األجانب‪ ،‬ويمارس شخصيا‪ ،‬فمنظمات املجتمع المدني غيرمسموح لها بالمشاركة في هذه اآللية‪،‬‬
‫كما أن الملتمسات تقدم حصريا للبرلمان حسب شكليات وشروط سيحددها القانون التنظيمي‪.‬‬
‫يمكن تعريف الملتمس التشريعي بأنه كل مبادرة أو فعل جماعي أو فردي يهدف إلى تقديم‬
‫اقتراح للبرلمان من أجل سن قانون عادي أو إلغاء قانون موجود‪ ،‬إن تمكين المواطنين من‬
‫المشاركة في العملية التشريعية سيعزز التواصل والحوار بين الناخبين والمنتخبين البرلمانيين‬
‫مما سيعطي مكانة مهمة للعملية‪.‬‬
‫والمالحظ أن المشرع الدستوري لم يؤكد بشكل صريح على دورالجمعيات في ممارسة هذا‬
‫الحق‪ ،‬إال أنها يمكن ممارسة هذا الحق بواسطة أعمائها كأشخاص عاديين في تقديم الملتمسات‬
‫بصفتهم مبادرين أو في إطار لجنة الملتمس التي تعمل على جمع التوقيعات والتواصل مع‬
‫السلطات املختصة‪ ،‬كما يمكنها أن تلعب دور الوساطة بين الساكنة والدولة لما تتوفر عليه من‬
‫إمكانات وقدرات تعزز من دورها في المشاركة في إعداد وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية‪564.‬‬
‫جاء القانون التنظيمي المنظم لعملية تقديم الملتمسات سيمع مجموعة من القيود‬
‫والشروط من أجل ممارسة هذا الحق‪ ،‬وإذا كان هذا األمر يبدو منطقيا لكي يتم تفادي أي إعاقة‬
‫للعمل التشريعي‪ ،‬فإن التشدد في شروط‪ ،‬وحيثيات ممارسة هذا الحق سيفرغ هذه اآللية من‬
‫محتواها‪ ،‬ويتضح من قراءة لمقترح قانون تنظيمي يتعلق بتحديد شروط وكيفيات تقديم‬
‫المواطنات والمواطنين للملتمسات في املجال التشريعي مقدم من إحدى الفرق النيابية أنه أوجد‬
‫لجنة دائمة للعالقة مع املجتمع المدني داخل مجلس النواب تتكلف بدراسة الملتمسات والتأكد‬
‫من مدى توفرها على جميع الشروط المرورية لقبولها‪ .‬أما شروط تقديمها فيتبين أن بعمها‬
‫يقيد من فعالية هذه اآللية مما يتطلب قراءة ثانية لهذا المقترح‪ ،‬فهي إن كانت قد أكدت على‬
‫ضرورة االلتزام بتوابيت األمة‪ ،‬وأحكام الدستور والقوانين الجاري بها العمل‪ ،‬وأن يدخل في‬
‫اختصاص مجلس النواب‪ ،‬وأال يكون موضوع المقترح مقيدا في جدول أعماله‪ ،‬وأن يحترم‬
‫المعاهدات الدولية‪ ،‬ومنظومة الدولية لحقوق وحريات األفراد‪ ،‬وكذلك أال يتممن أي تجريح أو‬
‫‪564‬خليل سعدي‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫تمييزعرقي‪ .‬كما جاء في الفقرة الثانية من الفصل ‪ 92‬من الدستور" ويحدد قانون تنظيمي شروط‬
‫وكيفيا تنظيم ممارسة هذا الحق‪".‬‬
‫ثانيا‪ :‬دورالمواطن " الفرد " في العرائض‬
‫منذ القدم وفكرة تقديم العرائض راسخة في املجتمع المغربي‪ ،‬فهي وسيلة عرفها ومارسها‬
‫المغاربة منذ زمن‪ ،‬وهنا نذكر نموذجا عريمة المطالبة باالستقالل لسنة ‪ ،9122‬والعريمة‬
‫المقدمة من طرف المغاربة لمطالبة المعمراألجنبي باالستقالل‪ ،‬وفي نفس السياق نذكرارتباط‬
‫السياس ي بالمدني من خالل نموذج النقابات‪ ،‬فقد كان تاريخ ‪ 27‬مارس ‪ 9122‬انطالق العمل‬
‫النقابي المغربي الخالص بعد التجارب االستعمارية وذلك بتأسيس االتحاد المغربي للشغل‪565.‬‬
‫كما نذكر العريمة المقدمة من طرف حزب االستقالل وحزب االتحاد الوطني للقوات الشعبية‬
‫سنة ‪ 9102‬للقصر الملكي بخصوص تدهور الحالة االقتصادية واالجتماعية والسياسية للبالد‬
‫وتقدم لنا التجربة التاريخية البريطانية أسمى تعبير لهذه اآللية ولئن كانت طبيعة تلك العرائض‬
‫سياسية فإن الدستور الجديد أراد أن يؤسس لتقديم لعرائض ذات طبيعة إدارية وسياسية‬
‫وكشكل من أشكال اتخاذ ومر اقبة تسيير وتنفيذ القرارات العمومية بالموازاة مع تقديم‬
‫الملتمسات التي قد تصطبغ بطابع سياس ي هناك نقط التقاء قوية بين تقنيتي العرائض‬
‫والملتمسات في مجال التشريع فقد نص الفصل ‪ 92‬من الدستور الجديد على أن " للمواطنين‬
‫والمواطنات الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية‪".‬‬
‫يؤكد الفصل ‪ 911‬على أنه " يمكن للمواطنات والمواطنين والجمعيات تقديم عرائض‪،‬‬
‫الهدف منها مطالبة املجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله‪ 566.‬هذا‬
‫الفصل أعطى للمواطنين اتخاذ القرار بتقديم عرائض لرؤساء املجالس الجماعية ‪ -‬الجهوية‬
‫واالقليمية ‪ .....‬للحوار والتشاور لتيسر مساهمة المواطنين والجمعيات في اعداد برامج التنمية‬
‫وتتبعها‪.‬‬
‫منير الجوري‪ ،‬الخطاب السياسي والفضاء العمومي في زمنية االحتجاج‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬المغرب‪ ،‬مركز ابن غازي‬ ‫‪565‬‬
‫لألبحاث والدراسات االستراتيجية سنة ‪ ،2042‬ص ‪.27‬‬

‫‪566‬حسن يوزيدي‪ ،‬دور المجتمع المدني في دستور ‪ ،2044‬مغرب القانون الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ https://cutt.us/s0WIx‬تم االطالع عليه ‪ ،22.40.2024‬الساعة ‪.42.00‬‬
‫يرى األستاذ خليل سعدي أنه من خالل قراءة بسيطة لمشروع القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ 22.92‬المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات‬
‫العمومية‪ ،‬ومشروع القانون التنظيمي رقم ‪ 62.92‬المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة‬
‫الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع يتبين أن هناك العديد من االختالالت التي شابها‬
‫بعض الباحثين‪ ،‬إال أننا سنقف على مالحظتين مهمتين في نظرنا‪:‬‬
‫‪ -‬أوال عدم الوفاء لتوصيات اللجنة الوطنية للحوار الوطني حول املجتمع المدني‬
‫واألدوار الدستورية الجديدة والذي أشرفت عليه الحكومة بنفسها‪ ،‬حيث تم كبح‬
‫إحدى أهم آليات إشراك املجتمع المدني في صناعة السياسات العمومية‪ ،‬وذلك‬
‫بوضع قوانين غير قابلة لتطبيق‪ .‬ويتبين ذلك عندما اشترط عدد ‪ 0277‬مواطنة‬
‫ومواطن من اجل تقديم العريمة إلى السلطات العمومية وعدد ‪ 22777‬مواطنة‬
‫ومواطن من اجل تقديم الملتمسات في مجال التشريع عبر الئحة موقعة ومصادق‬
‫عليها من طرف السلطات املحلية‪ ،‬هذا العسر والتعجيز لم يقف عند هذا الحد‪ ،‬بل‬
‫تعداه عندما اشترط في مقدمي الملتمسات والعرائض أن يكونوا مقيدين في اللوائح‬
‫االنتخابية العامة‪ ،‬متمتعين بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬وفي وضعية جبائية‬
‫سليمة‪.‬‬
‫واالنطباع الذي يمكن الخروج به هو أن هذه المقتميات التعجيزية تتنافى مع أهم‬

‫المرتكزات التي قامت عليها الوثيقة الدستورية وتمرب في العمق مبدأ الديمقراطية التشاركية‬
‫التي أقرتها‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬تم تأويل عبارة " السلطات العمومية الواردة في الفصل ‪ 92‬من دستور ‪،2799‬‬
‫تأويال ضيقا حيث حصر هذه العبارة في شخص رئيس الحكومة فقط‪ ،‬وكان باألحرى‬
‫على المشرع التوسع في تفسير عبارة " السلطات العمومية‪ ،‬لتشمل كل شخص‬
‫معنوي عام له صفة هيأة عمومية‪ ،‬مركزية أو محلية‪ ،‬إدارية أو منتخبة‪ ،‬تتولى‬
‫مسؤولية معينة في إعداد أو تنفيذ أو تقييم سياسة عمومية‪.‬وهو ما تم اقتراحه من‬

‫خالل توصيات الحوار الوطني حول املجتمع المدني واألدوارالدستورية الجديدة‪567.‬‬
‫هنا يطرح التساؤل هل فعال تتلقى المر افق العمومية مالحظات مرتفقيها‪ ،‬ومقترحاتهم‬
‫وتظلماتهم‪ ،‬وتؤمن بتتبعها أم تبقى عالقة بدون جواب وما يالحظ بخصوص الفصل ‪ 20‬في الفقرة‬
‫األولى "للمواطنين والمواطنات حق الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة االدارة‬
‫العمومية والمؤسسات المنتخبة‪ ،‬والهيئات العامة المكلفة بالمرفق العام" والفصل ‪926‬‬
‫"تتلقى المر افق العمومية مالحظات مرتفقها و اقتراحاتهم وتظلماتهم وتمن تتبعها‪ .‬تقدم‬
‫المر افق العمومية الحساب عن تدبيرها لألموال العمومية‪ ،‬طبقا للقوانين الجاري بها العمل‪،‬‬
‫وتخمع في هذا الشأن للمر اقبة والتقييم" ينص هذا على أن تقديم العرائض مخول لألفراد‬
‫والجمعيات على السواء وأن تقديم العرائض والتظلمات يمكن أن يقدم ألي سلطة أو مؤسسة‬
‫أو مرفق عمومي‪.‬‬
‫من هنا يمكن تعريف العريمة بكونها رسالة مفتوحة وموقعة وموجهة إلى سلطات أو‬
‫مؤسسات عمومية لتغيير أو إقرار أو استفسار على وضع ما أو قانون أو مرسوم إداري ما وتلعب‬
‫العريمة دورا مهما في تحقيق العدالة واإلنصاف وتقريب الرؤى بين اإلدارة والمرتفقين‪ ،‬وقد تبدأ‬
‫بتقديم مالحظات وشكاوى شخصية وفردية‪ ،‬حيث تنشأ خاليا للتواصل داخل اإلدارات‬
‫والمؤسسات العمومية‪ ،‬وصوال إلى تقديم عرائض فردية لإلدارات والعماالت والمندوبيات‬
‫الجهوية‪ ،‬والمصالح الخارجية مع إنشاء مصلحة خاصة للتتبع هذه العرائض‪ ،‬ألنها في الحقيقة‬
‫تشكل جزءا من الحلول البديلة لصناعة القرار العمومي‪568،‬وأسلوب سلمي لممارسة الحريات‬
‫والمشاركة في الشأن العام‪.‬‬
‫وهنا البد من التذكير ما قد تقوم به مؤسسة الوسيط جهويا ومركزيا ليس فقط من أجل‬
‫البحث عن حلول للتظلمات والشكاوى والوساطة‪ ،‬ولكن أيما تأطير المواطنين وتوجهيهم لرفع‬
‫عرائض مقبولة شكال ومممونا‪.‬‬
‫‪567‬سعدي خليل‪ ،‬المجتمع المدني الديموقراطية التشاركية بالمغرب‪ ،‬اية عالقة؟ مقال منشور موقع العلوم القانونية انظر الرابط‬
‫التالي‪ https://cutt.us/regf2 :‬تم االطالع عليه بتاريخ ‪ ،27.40.2024‬الساعة ‪.42.00‬‬

‫‪568‬يوزيدي حسن‪ ،‬دور المجتمع المدني في دستور ‪ ،2044‬مغرب القانون الرابط التالي‪:‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬جهود املجتمع الدولي للدفع باملجتمع المدني المغربي من أجل المشاركة‬
‫المواطنة‬
‫على مستوى هذه الفقرة سنتناول جهود املجتمع الدولي الذي حاول تمويل وتأطير املجتمع‬
‫المدني المغربي من أجل المشاركة المواطنة والمساهمة الفعالة في الشأن العمومي‪ ،‬خاصة‬
‫االتحاد االوربي باعتباره شريك (اوال) والبنك الدولي (ثانيا)‬
‫أوال‪ :‬جهود االتحاد االوروبي نحو املجتمع المدني المغربي‬
‫سعى المغرب نحو ربط التعاون مع االتحاد االوربي على مستوى دعم الجمعيات‪ ،‬وتنفيذا‬
‫ملخطط العمل المتعلق بتفعيل نظام الوضع المتقدم‪ ،‬تم وضع برنامج دعم املجتمع المدني‬
‫بالمغرب "مشاركة مواطنة "لمواكبة مختلف اإلصالحات الدستورية والقانونية والمؤسساتية‬
‫التي انخرط فيها المغرب منذ سنة ‪ 2799‬وخاصة تلك المرتبطة بمواكبة دينامية املجتمع المدني‬
‫ببالدنا وتنزيل أدواره الدستورية الجديدة‪ ،‬كما أن المملكة المغربية شرعت في إصالح المنظومة‬
‫ا لقانونية المتعلقة بالحياة الجمعوية وتعزيزاألدوارالجديدة لمنظمات املجتمع المدني‪ ،‬خاصة‬
‫تلك المهتمة بتدبير الشأن العام عبر استثمار آليات الديمقراطية التشاركية المتمثلة في‬
‫الملتمسات في مجال التشريع والعرائض الوطنية منها واملحلية التي تتيح للجمعيات المشاركة‬
‫في بلورة وتتبع تنفيذ وتقييم السياسات العمومية‪ ،‬والمساهمة في تدبيرالشأن العام‪569.‬‬
‫ويشكل هذا البرنامج ثمرة شراكة بين مندوبية االتحاد األوروبي بالمغرب‪ ،‬ووزارة الدولة‬
‫المكلفة بحقوق اإلنسان والعالقات مع البرلمان واملجلس الوطني لحقوق اإلنسان ويتم تدبيره‬
‫المالي واإلداري من طرف مكتب األمم المتحدة لخدمات المشاريع‪ ،‬حيث يهدف إلى تعزيز‬
‫المساهمة الفعالة لمنظمات املجتمع المدني في تدبيرالشأن العام‪ ،‬من خالل توفيرالدعم التقني‬
‫والمالي لمنظمات املجتمع المدني في مجاالت الشباب والبيئة والمساواة بين الرجل والمرأة‪ ،‬عبر‬
‫استثمار واختبار آليات الديمقراطية التشاركية وهيئات الحوار والتشاور في إطار منظومة‬
‫القوانين المرتبطة بالجهوية المتقدمة للتر افع حول قمايا تدبيرالشأن املحلي والشأن العام‪.‬‬
‫‪ 569‬البوابة الوطنية للمشاركة المواطنة انظر الرابط التالي‪ https://cutt.us/Eaxij :‬تم االطالع عليه ‪ 44‬ابريل‬
‫‪ .2024‬الساعة ‪.44,40‬‬
‫وفيما يلي الحصيلة المرحلية لتنفيذ هذا البرنامج الممتد على مدى ‪ 16‬شهرا (‪-2792‬‬
‫‪ ،)2727‬بغالف مالي من تمويل االتحاد األوروبي يناهز ‪ 13,5‬مليون يورو‪ ،‬على مستوى الجهات‬
‫األربع المعنية بهذا البرنامج والتي تشمل كل من جهة الدار البيماء‪-‬سطات وطنجة ‪ -‬تطوان‪-‬‬
‫الحسيمة وسوس‪-‬ماسة والشرق‪.‬‬
‫أ‪ -‬بلغ عدد الجمعيات المستفيدة من فرص التمويل المتاحة في إطارالبرنامج ‪ 235‬جمعية‬
‫على مستوى الجهات األربع موزعة على الشكل التالي‪:‬‬
‫الئحة الجمعيات الممولة ‪570‬‬
‫ب‪ -‬بلغ إجمالي المنح الممنوحة لمنظمات املجتمع المدني المستفيدة من البرنامج خالل‬
‫الفترة الممتدة ما بين ‪ 91‬دجنبر‪ 2790‬إلى غاية ‪ 22‬مارس ‪ ،2729‬ما يناهز‪0.761.221،22‬‬
‫يورو‪.‬‬
‫ت‪ -‬مكن هذا البرنامج من خلق دينامية جمعوية على مستوى الجهات عبر مواكبة ما يناهز‬
‫‪ 967‬جمعية الختبار واستثمار آليات الديمقراطية التشاركية في إطار منظومة القوانين‬
‫المرتبطة بالجهوية المتقدمة لتعزيز دور املجتمع المدني في التر افع حول قمايا تدبير‬
‫الشأن املحلي‪ ،‬وفي هذا الصدد‪ ،‬استفادت الجمعيات من مواكبة البرنامج في مجال‬
‫الديمقراطية التشاركية على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ -‬مواكبة ‪ 91‬جمعية في مجال آليات تقديم العرائض املحلية للجماعات الترابية المعنية؛‬
‫‪ 570‬البوابة الوطنية للمشاركة المواطنة‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -‬مواكبة ‪ 22‬جمعية حاملة لمشروع رأي استشاري في مجاالت اشتغالها؛‬
‫‪ -‬مواكبة ‪ 47‬جمعية حاملة لمشروع تقديم مذكرات تر افعية حول قمايا تدبير الشأن‬
‫املحلي‪.‬‬
‫ث‪ -‬مكن هذا البرنامج من تكوين وتعزيز قدرات جمعيات املجتمع المدني المستفيدة من‬
‫دعم البرنامج على مستوى الجهات في خمس محاور تكوينية‪ :‬تدبير المنح‪ ،‬تقنيات‬
‫التواصل حول المشاريع المستفيدة من منح البرنامج‪ ،‬تقنيات التر افع‪ ،‬التمكين‬
‫االقتصادي واالجتماعي للنساء‪ ،‬مقاربة النوع والسياسات العمومية‪ ،‬وذلك وفق الجدول‬
‫التالي‪:‬‬
‫المصدر‪ ،‬البوابة الوطنية للمشاركة المواطنة‪571‬‬
‫د‪ -‬مواكبة ما يناهز ‪ 992‬منظمة وجمعية متخصصة في مجال الشباب عبر خلق أربع‬
‫مجموعات موضوعاتية متخصصة في قمايا الشباب في كل الجهات المستفيدة من‬
‫البرنامج‪:‬‬
‫‪ -‬مجموعة موضوعاتية خاصة بالشباب والمقاوالتية والتشغيل‪،‬‬
‫‪ -‬مجموعة موضوعاتية خاصة بالشباب والثقافة والفن‪،‬‬
‫‪ -‬مجموعة موضوعاتية خاصة بالشباب والسياسات العمومية‪،‬‬
‫‪ -‬مجموعة موضوعاتية خاصة بالشباب والمشاركة المواطنة‪.‬‬
‫ذ‪ -‬مواكبة ‪ 41‬جمعية مهتمة بقمايا البيئة‪ ،‬عبرتقديم االستشارة والمواكبة ل‪:‬‬
‫‪ 91 -‬جمعية ومنظمة تشتغل في مجال الحد من التغيرات المناخية‪،‬‬
‫‪ 92 -‬جمعية ومنظمة تشتغل بمجال المواطنة البيئية‪،‬‬
‫‪ 2 -‬جمعية ومنظمة مهتمة بالحفاظ على المناطق الهشة‪،‬‬
‫‪ 2 -‬جمعية ومنظمة مهتمة بتدبيرالنفايات واالقتصاد األخمر‪.‬‬
‫ر‪ -‬تمكين الوزارة من المواكبة التقنية قصد إنجاز ‪ 7‬مشاريع في املجاالت المرتبطة‬
‫باملجتمع المدني‪ ،‬ونذكر مشروع تأهيل بوابة الشراكة مع جمعيات املجتمع المدني‪،‬‬
‫ومشروع انجازدراسة حول مهن املجتمع المدني‪ ،‬ومشروع إنجازدراسة حول سبل تعزيز‬
‫دور جمعيات املجتمع المدني لإلسهام بفعالية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة‬
‫‪ ،2717‬ومشروع تطوير خدمات مركز االتصال ومواكبة جمعيات املجتمع المدني‪،‬‬
‫ومشروع تعزيز ولوج الجمعيات ملجال السمعي البصري والتحول الرقمي‪ ،‬ومشروع وضع‬
‫إطارمرجعي لتقوية قدرات الجمعيات‪ ،‬ومشروع تطويروحدات التكوين عن بعد في مجال‬
‫السمعي البصري و التحول الرقمي لفائدة الجمعيات‬
‫ز‪ -‬دعم ومواكبة مشاريع املجلس الوطني لحقوق اإلنسان‬
‫على هذا المستوى نذكر مجموعة من المشاريع‪ ،‬منها مشروع تنظيم دورات تكوينية حول‬
‫تتبع وتقييم السياسات العمومية وكيفية توظيف آليات الديمقراطية التشاركية في مجال الدفاع‬
‫عن حقوق اإلنسان؛ ومشروع تنظيم جائزة االحتفاء بأفمل مشاركة علمية حول موضوع‬
‫المساواة بين النوع والحد من االقصاء المبني على النوع االجتماعي؛ ومشروع تنظيم ورشة‬
‫تكوينية حول المشاركة المواطنة وآليات الديمقراطية التشاركية لفائدة الفاعلين‬
‫المؤسساتيين ومنتخبي الجماعات الترابية؛ ومشروع انجاز دراسة ميدانية حول تصورات‬
‫الشباب (‪ 1777‬شاب وشابة) لحقوق اإلنسان والمواطنة في الجهات األربع للبرنامج؛ ومشروع‬
‫استثماردالئل في مجال حقوق اإلنسان من خالل انتاج ‪ 97‬فيديوهات تتممن محتوى يستهدف‬
‫الشباب‪.‬‬
‫الوضعية المالية لتنفيذ البرنامج‪:‬‬
‫المصدر‪ :‬البوابة الوطنية للمشاركة المواطنة‪572‬‬ ‫‪.9‬‬
‫‪ .2‬ثانيا‪ :‬جهود البنك الدولي‬
‫في ‪ 22‬يناير‪ ،2791‬قدمت المملكة المغربية إلى الصندوق االنتقالي‪ ،‬الذي تم إنشاؤه في إطار‬
‫شراكة دوفيل‪ ،‬وهو مشروع مساعدة تقنية للبنك الدولي يهدف إلى دعم تنزيل اإلطار الجديد‬
‫للحكامة الذي نص عليه دستور ‪ .2799‬وقد و افقت اللجنة التوجيهية للصندوق االنتقالي في ‪27‬‬
‫فبراير‪ 2791‬على هذا المشروع‪ .‬وتم توقيع اتفاقية الهبة في ‪ 21‬أكتوبر‪2791‬لدعم ثالثة إصالحات‬
‫استراتيجية من خالل ‪ 1‬مكونات تهدف إلى‪ :‬تعزيز المشاركة المواطنة (تحت مسؤولية وزارة‬
‫الدولة المكلفة بحقوق اإلنسان والعالقات مع البرلمان)‪ ،‬وإصالح القانون األساس ي المتعلق‬
‫بقانون المالية (تحت مسؤولية وزارة االقتصاد والمالية وإصالح اإلدارة)‪ ،‬وتنفيذ استراتيجية‬
‫الالمركزية المالية وتعزيز اإلدارة المالية املحلية ويتمحور المكون األول المتعلق بتعزيز مشاركة‬
‫المواطنين والمواطنات‪ ،‬حول المشاريع التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تطويروتنفيذ اإلطارالقانوني للعرائض والملتمسات؛‬
‫‪ -‬تطويرمنصة إلكترونية للمشاركة المواطنة؛‬
‫‪ -‬إعداد وتنفيذ خطة تواصلية تحسيسية حول اإلطار القانوني للديمقراطية التشاركية‬
‫من أجل دعم اإلصالحات المغربية في مشاركة المواطنين؛‬
‫‪ -‬تنظيم مهمتين دراسيتين لالستفادة من الخبرات الدولية في مجال تعزيز مشاركة‬

‫المواطنين في تدبير الشأن العام بصفة عامة وعبر وسائل التكنلوجيا الحديثة بصفة‬
‫خاصة (تم تنفيذ مهمتين األولى إلى المملكة المتحدة والثانية إلى كندا)‪.‬‬
‫وتبعا لقرار اللجنة االستراتيجية المكلفة بتدبير وتتبع الملف‪ ،‬حصلت هذه األخيرة على‬
‫دعم مالي إضافي ألجرأة مشاريع موازية لتعزيزالمكون األول لبرنامج تنزيل اإلطارالجديد للحكامة‬
‫والمتعلق بالمشاركة المواطنة وهي كالتالي‪:573‬‬
‫‪ -‬تعزيز قدرات مسؤولي وأطر الوزارة المكلفة بتكوين جمعيات املجتمع المدني في مجال‬
‫الديمقراطية التشاركية والسياسات العمومية؛‬
‫‪ -‬وضع منصة الكترونية للتكوين عن بعد في مجال الديمقراطية التشاركية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن وزارة الدولة المكلفة بحقوق اإلنسان والعالقات مع البرلمان قد‬
‫عملت على تنزيل جل المشاريع المذكورة أعاله المتعلقة بتعزيز المشاركة المواطنة‪ ،‬في حين‬
‫مشروع وضع منصة التكوين عن بعد في مجال الديمقراطية التشاركية هو في طور اإلنجاز‪ ،‬وال‬
‫نرى اال أن هذه الجهود تسعى إلى تأهيل املجتمع المدني لممارسة أدواره الدستورية سعيا إلى‬
‫جعله أكثراستقاللية وفعالية في الفماء العمومي المغربي‪.‬‬
‫املجتمع المدني يمثل القوة الدافعة والحامية للمواطنين‪ ،‬بحيث يعمل على توفيرالقنوات‬
‫الالزمة للمشاركة السياسية وحماية حقوق المواطنين المدنية والسياسية‪ ،‬وباالعتماد على‬
‫أسس ديمقراطية‪ ،‬يستطيع املجتمع المدني القوي تحقيق التوازن ومنع تكتل السلطة التي تهدد‬
‫استقاللية األفراد وحقهم في االختيار‪ ،‬كما يعمل املجتمع المدني على تطويرآليات فاعلة لمر اقبة‬
‫ومنع إساءة استخدام السلطة‪ ،‬وبالتالي يشكل الهدف األمثل للجمعيات المدنية بوصفها‬
‫ديمقراطيات مصغرة ليس أساسيا إلى املحاجة التي تقول أن الديمقراطية واملجال العام‬
‫يعتمدان على حياة ترابطية حيوية تعمل على خدمة المواطن‪.‬‬
‫إن الركيزة األساسية لوجود املجتمع المدني الفعال والمشارك هو الحرية‪ ،‬ألنه دون وجود‬
‫هامش الحرية يصعب تحقيق األهداف المتوخاة‪ ،‬والدستور المغربي لسنة ‪ 2799‬أعطى‬
‫للمواطن حق المشاركة في اتخاذ القراربآلية تقديم الملتمسات في مجال التشريع بهدف المقاربة‬
‫التشاركية بين املجتمع المدني والسلطات واإلدارات العمومية‪ ،‬كما متع المنظمات بهذا الحق‪،‬‬
‫واستطاع الفاعلون الحكوميين في المغرب بفمل الشراكات بينه وبين الفاعلين الدوليين توفير‬
‫التمويل والتأطير الالزم للدفع بالفرد والمواطنين والجمعيات المدنية للمشاركة المواطنة‬
‫والمساهمة في اتخاد وصناعة القرار‪.‬‬
‫مراجع باللغة العربية‬
‫‪ ‬املجتمع المدني النظرية والممارسة‪ ،‬ادواردزمايكل‪ ،‬ترجمة عبد القادرشاهين‪ ،‬الدوحة‪،‬‬

‫الطبعة األولى‪ ،‬المركزالعربي لألبحاث ودراسات سياسية ‪2792‬‬
‫‪ ‬الخطاب السياس ي والفماء العمومي في زمنية االحتجاج منير الجوري‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫المغرب‪ ،‬مركزابن غازي لألبحاث والدراسات اإلستراتجية‪ ،‬سنة ‪.2792‬‬
‫‪ ‬إشكالية دولة الحق والقانون في المغرب‪ ،‬دریس برهون‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬دار الفرقان‬
‫للنشر الحديث ‪.2772‬‬
‫‪ ‬محاضرات في السياسات العمومية دراسة الظاهرة القرارية المفاهيم والنظريات‪،‬‬

‫احزريرعبد المالك‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكناس‪ ،‬مطبعة سجلماسة‪ ،‬سنة ‪.2792‬‬
‫مو اقع الكترونية‬
‫‪ ‬بنخلدون سمية‪ ،‬رهانات املجتمع المدني على ضوء مقتميات الدستور الجديد ‪ -‬مقال‬
‫منشور على موقع هيسبريس‪ ،‬بتاريخ ‪ 91‬يناير ‪ ،2792‬انظر الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ https://cutt.us/0lN5b‬تم االطالع عليه بتاريخ ‪ ،22.97.2721‬الساعة ‪.22.77‬‬
‫‪ ‬سعدي خليل‪ ،‬املجتمع المدني الديموقراطية التشاركية بالمغرب‪ ،‬اية عالقة؟ مقال‬
‫منشور موقع العلوم القانونية انظر الرابط التالي‪ https://cutt.us/regf2 :‬تم االطالع عليه‬
‫بتاريخ ‪ ،21.97.2721‬الساعة ‪.92.77‬‬
‫‪ ‬يوزيدي حسن‪ ،‬دور املجتمع المدني في دستور ‪ ،2799‬مغرب القانون الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ ‬رشيد اليملولي‪ ،‬اشكالية املجتمع المدني في المغرب‪ ،‬انظر الرابط التالي‪:‬‬

‫‪ https://cutt.us/9UsIn‬تم االطالع عليه بتاريخ ‪ ،17.97.2721‬الساعة ‪.92.77‬‬
‫‪ ‬البوابة الوطنية للمشاركة المواطنة انظر الرابط التالي‪ https://cutt.us/Eaxij :‬تم‬

‫االطالع عليه ‪ 90‬ابريل ‪ ،2721‬الساعة ‪.92.77‬‬
‫عقد النقل التجاري في القانون الموريتاني‬

‫ـ دراسـة مقارنـة‬
‫‪The Commercial transport in Mauritanianlaw - A comparative study‬‬
‫حاولنا في دراستنا لعقدالنقل التجاري في القانون الموريتاني ـ دراسة مقارنة‪ ،‬تناوله في‬
‫مطلبين‪ :‬خصصنا المطلب األول لعقد نقل األشياء‪ ،‬ورأينا أنه عقد بمقتماه يلتزم أحد أطر افه‬
‫في مواجهة اآلخربأن يقوم بتوصيل بماعة أو ش يء من مكان آلخرو يتم تسليمها في المكان المتفق‬
‫عليه‪.‬‬
‫وتناولنا هذا المطلب من خالل فقرتين‪ :‬عالجنا في األولى آثار عقد نقل األشياء بالنسبة‬
‫للناقل‪ ،‬ورأينا أن هذه اآلثارتتمثل أساسا في التزامات الناقل ( وهي تسلم الش يء‪ ،‬وشحن الش يء‪،‬‬
‫ونقل الش يء‪ ،‬واملحافظة عليه أثناء النقل‪،‬وتفريغ الش يء و تسليمه للمرسل إليه) وحقوقه ( وهي‬
‫األجرة وحق فحص األشياء )‪.‬‬
‫أما الفقرة الثانية فقد تناولنا فيها آثارعقد النقل بالنسبة للمرسل والمرسل إليه‪ ،‬وتتمثل‬
‫هذه اآلثارأساسا في حقوق الطرفين والتزاماتهم ‪.‬‬
‫وقد تناولنا المطلب الثاني من خالل عقد نقل األشخاص‪ ،‬وعالجناه من خالل فقرتين‬
‫تناولنا في الفقرة األولى آثار عقد نقل األشخاص بالنسبة للناقل‪ ،‬ويترتب على هذه اآلثارالتزامات‬
‫في ذمة الناقل وحقوق له‪ ،‬أما التزاماته فهي‪ :‬نقل المسافر وأمتعته و املحافظة على سالمه أثناء‬
‫النقل‪ ،‬أما حقوقه فهي‪ :‬الحصول على األجرة المتفق عليها‪ ،‬الحق في االطالع على محتويات‬
‫األمتعة المر افقة للراكب‪.‬‬
‫ وهنا نشير‬،‫أما الفقرة الثانية من هذا المطلب آثار عقد نقل األشخاص بالنسبة للمسافر‬
.‫ وما هو حق للمسافرهو التزام للناقل‬،‫إلى أن ما هو التزام للمسافرهو حق للناقل‬
Summary
In ourstudy of the commercial transport contract in Mauritanianlaw, wetried

a comparative study, dealingwithit in twodemands: Wedealtwiththisrequirement
in twoparagraphs:
As for the second paragraph, wedealtwith the effects of the contract of

carriage for the sender and the addressee, and theseeffects are mainlyrepresented
in the rights and obligations of both parties.
Wedealtwith the second requirementthrough the contract of transportation

of persons, and wedealtwithitthroughtwoparagraphs. In the first paragraph,
wedealtwith the effects of the contract of transportation of persons for the carrier,
and theseeffectsentail obligations and rights of the carrier, as for his obligations,
they are: transporting the traveler and hisluggage and
maintaininghissafetyduring transportation, As for hisrights, they are: obtaining
the agreed-uponfare, the right to see the contents of the luggageaccompanying
the passenger.
As for the second paragraph of thisrequirement, the effects of the contract of

carriage of persons for the traveler, and herewe point out thatwhatis the
obligation of the traveler is the right of the carrier, and whatis the right of the
traveler is the obligation of the carrier.
:‫الكلمات المفتاحة‬
‫عقدالنقل التجاري في القانون الموريتاني (دراسة مقارن) ـ عقد نقل األشياء عقد نقل‬
.‫األشخاص‬
‫‪Keywords:‬‬
‫‪The contract of commercial transport in Mauritanianlaw (a comparative‬‬

‫‪study) - the contract of transportingthings, the contract of transporting people.‬‬
‫يعتبرعقد النقل من أهم العقود التجارية‪ ،‬ومما ال شك فيه أن نشاط النقل يرتبط ارتباطا‬
‫وثيقا بالنشاط االقتصادي والتجاري لإلنسان‪ ،‬ذلك أنه يمثل خدمة ضرورية ال غنى عنها‬
‫لحصوله على ما يحتاج إليه من السلع والخدمات‪.574‬‬
‫وعقد النقل عقد رضائي ينشأ بمجرد تبادل اإليجاب والقبول بين طرفيه‪ ،‬وهما الناقل‬
‫والمسافر‪ ،‬أي بمجرد االتفاق بين طرفين على شروطه وعناصره‪.575‬‬
‫والنقل عمل تجاري بحكم القانون وتجدد هذا العمل بتغيير مكان األشياء أو األشخاص‪،‬‬
‫فهو يستند والحالة هذه إذن على فكرة الحركة والتداول‪ 576‬فهذا العقد لو قامت بها الدولة لعتبر‬
‫عمال تجاريا بالنسبة للدولة على الرغم من كونها ال تكتسب صفة التاجر‪.577‬‬
‫وعقد النقل هو اتفاق يتعهد بمقتماه الناقل مقابل ثمن بنقل شخص أو ش يء إلى مكان‬
‫معين(المادة ‪9962‬من مدونة التجارة الموريتانية )‪ ،‬وتطبق قواعد عقد النقل كذلك على الحالة‬
‫التي يتكلف فيها التاجر بنقل أشخاص أو أشياء مقابل ثمن وإن لم يكن يمارس النقل بصفة‬
‫اعتيادية (المادة ‪ 9961‬من مدونة التجارة)‪.‬‬
‫وتتجلى أهمية موضوع عقد النقل التجاري في دراسة نظامه القانوني وما يترتب على ذلك‬
‫من تمييز بين نقل األشياء ونقل ألشخاص من جهة‪ ،‬وما يرتبه من التزامات بين أطراف العقد من‬
‫جهة أخرى‪.‬‬
‫ورغم أهمية موضوع عقد النقل التجاري‪ ،‬إال أن الدارس تعترضه بعض الصعوبات أهمها‪:‬‬
‫قلة المراجع المتخصصة‪ ،‬وصعوبة التمييزبين التزامات أطر افه وحقوقهم‪.‬‬
‫‪ 574‬ـ شتواح العياشي ـ عقد النقل للبضائع ـ مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون ( فرع األعمال ) ـ جامعة منتوري ـ القسطنطينية ـ‬
‫لسنة ‪ 2001‬ـ ‪ 2002‬ـ ص ‪44‬‬
‫‪ 575‬ـ عزيز العكيلي ـ الوجيز في القانون التجاري ـ ط ‪ 4‬ـ الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع ـ عمان ـ ‪ 2000‬ـ ص ‪.441‬‬
‫‪ 576‬ـ باسم محمد صالح ـ القانون التجاري ـ القسم األول ـ مطبعة جامعة بغداد ـ بغداد ‪ 4724‬ـ ص ‪442‬‬
‫‪ 577‬ـ على جمال الدين عوض ـ القانون التجاري ـ سنة ‪ 4727‬ـ ص ‪424‬‬
‫وتثيردراسة عقد النقل التجاري عدة إشكاليات من قبيل‪:‬‬
‫ما هو عقد نقل األشياء وما هي اآلثارالمترتبة عليه ؟‬
‫وما هو عقد نقل األشخاص وما هي اآلثارلمترتبة عليه ؟‬
‫ولإلجابة على هذه األسئلة نتبع المنهج التحليلي الوصفي والمقارن‪ ،‬لنقارن أحكام عقد‬
‫النقل التجاري في القانون الموريتاني مع بعض التشريعات المقارنة‪.‬‬
‫انطالقا مما سبق فإن دراستنا لعقد النقل ستكون من خالل تقسيمه إلى مطلبين نتناول‬
‫في المطلب األول نقل األشياء على أن نتناول في المطلب الثاني نقل األشخاص‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬عقد نقل األشياء‪578‬‬
‫وهو عقد بمقتماه يلتزم أحد أطر افه في مواجهة اآلخر بأن يقوم بتوصيل بماعة أو ش يء‬
‫من مكان آلخرو يتم تسليمها في المكان المتفق عليه‪.‬‬
‫فأطراف عقد نقل األشياء هي الناقل والمرسل والمرسل له‪ ،‬ومحل هذا العقد أوموضوعه‬
‫هو الش يء المرسل‪.‬‬
‫ويترتب على عقد نقل األشياء عدة حقوق و التزامات متبادلة سواء تعلق األمر بالناقل‬
‫)الفقرة األولى( أو بالمرسل أو المرسل إليه )الفقرة الثانية (‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬آثارعقد نقل األشياء بالنسبة للناقل‪:‬‬
‫يرتب عقد نقل األشياء بالنسبة للناقل جملة من االلتزامات ( أوال ) باإلضافة بعض الحقوق‬
‫( ثانيا)‬
‫أوال‪ :‬التزاماته‪:‬‬
‫يلتزم الناقل بعدة التزامات أهمها‪:‬‬
‫أ ـ تسلم الش يء ‪:‬‬
‫‪ 578‬ـ تناول المشرع الموريتاني نقل األشياء بمقتضى المواد من المادة ‪ 0021‬إلى المادة ‪ 0711‬من مدونة التجارة‪ ،‬وتناوله المشرع‬
‫المغربي بمقتضى المواد من المادة ‪ 448‬إلى المادة ‪ 428‬من مدونة التجارة‪ ،‬وتناوله المشرع الجزائري بمقتضى المواد من ‪ 01‬إلى ‪،11‬‬
‫أما المشرع العراقي فقد خصص لعقد النقل قانون خاص وهو القانون رقم ‪ 51‬لسنة ‪ 0150‬المتضمن عقد النقل‪ ،‬أما المشرع المصري فقد‬
‫نظم نقل األشياء بمقتضى المواد من ‪ 11‬إلى ‪ 014‬من القانون التجاري‪ ،‬أما نقل األشخاص فلم ينظمه المشرع المصري ـ أنظر في هذا‬
‫األخير ـ إبراهيم سيد أحمد ـ العقود والشركات التجارية ـ فقها وقضاء ـ ط ‪ 4‬سنة ‪ 4777‬دار الجامعة لحديثة للنشر ـ ص ‪14‬‬
‫إن أول التزام يقع على عاتق الناقل هو تسلم الش يء محل العقد كي يقوم بتنفيذ النقل‪ ،‬غير‬
‫أن هذا االلتزام ليس مطلقا‪ ،‬إذ بإمكان الناقل رفض التسليم إذا كان الش يء مخالفا لما تم‬
‫االتفاق عليه‪ ،‬لذا فإن على الناقل عند تسلمه الش يء تأكد من صالحيته للنقل‪ ،‬وإال فأنه يعد‬
‫مسؤوال عن األضرارالمترتبة نتيجة سوء حالة الش يء وقت التسليم‪.579‬‬
‫ب ـ شحن الش يء‪:‬‬
‫الشحن وهو وضع الش يء في األلة التي سينقل بواسطتها وهذه من االلتزامات التي تقع‬
‫الناقل‪.‬‬
‫ج نقل الش يء واملحافظة عليه أثناء النقل‪:‬‬
‫على الناقل القيام بنقل الش يء بالصيغة المتفق عليها‪ ،‬ويجب عليه مراعاة الوقت الالزم‬
‫للنقل‪.‬‬
‫ويعد االلتزام بنقل البماعة االلتزام الرئيس ي للناقل وكذلك الغاية المتوخاة من إبرام‬
‫بالنسبة للناقل‪580‬‬ ‫العقد‬
‫يلزم الناقل باملحافظة على الش يء من القوت الذي يكون فيه تحت سيطرته وحيازته لغاية‬
‫إيصاله إلى جهة الوصول لذلك فقد نصت المادة ‪ 9921‬من مدونة التجارة الموريتانية على أنه‪:‬‬
‫<< يسأل الناقل عن ضياع األشياء وعوارها منذ تسلمه إياها إلى حين تسليمها للمرسل إليه‪ ،‬وال‬
‫أثرلكل شرط يرمي إلى إعفائه من هذه المسؤولية>>‪ 581‬وأضافت المادة ‪ 20‬من القانون التجاري‬
‫الجزائري أنه‪ << :‬يعد الناقل مسؤوال من وقت تسلمه األشياء المراد نقلها‪ ،‬عن ضياعها الكلي أو‬
‫الجزئي تلفها أو التأخرفي تسليمها>>‪.‬‬
‫وفي سبيل تحقيق الناقل للمحافظة على الش يء‪ ،‬يجب عليه أن تخصص وسيلة نقل‬
‫صالحة للقيام به مع مراعاة طبيعة وخصائص الش يء المنقول‪.582‬‬
‫د ـ تفريغ الش يء و تسليمه للمرسل إليه‪:‬‬
‫‪ 579‬ـ باسم محمد صالح ـ القانون التجاري ـ مرجع سابق ـ ص ‪474‬‬

‫‪ 580‬ـ سعيد الجدار ـ عقد نقل البضائع في القانون التجاري الجديد ـ رقم ‪ 77 ، 44‬ـ دار المطبوعات التجارية ‪ ،‬اإلسكندرية ـ مصر ـ ص‬
‫‪22‬‬
‫‪ 581‬ـ تطابق هذه المادة مع المادة ‪ 122‬من مدونة التجارة المغربية‪ ،‬أما المشرع الجزائري فقد تناول التزامات الناقل في المادة ‪ 40‬وما‬
‫بعدها من قانون النقل‪.‬‬
‫‪ 582‬ـ مصفى كمال طه ـ العقود التجارية وعمليات البنوك ـ دار المطبوعات الجامعية ـ اإلسكندرية ـ مصر ‪ 2002‬ـ ص ‪444‬‬
‫وتسليم الش يء هو عملية إخراجه من وسيلة النقل تمهيدا لتسليمه وتعتبر عملية التفريغ‬
‫جزءا من عملية النقل‪ ،‬إال أنها تختلف عن التسليم‪ ،‬إذ أن التسليم عملية ينتهي بها عقد العمل‪،‬‬
‫أما التفريق فهو عملية ممهدة للتسليم‪.583‬‬
‫يبقى الناقل مسؤوال عن الش يء لحين تسليمه‪ ،‬والتسليم إما أن يكون فعليا وهوالذي يسلم‬
‫للمرسل إليه بعينه‪ ،‬أو حكميا هو التسليم لمن ينوب عن المرسل إليه‪ ،‬فيجب على الناقل أن‬
‫يقوم بتسليم البماعة إلى المرسل إليه وإذا ما كانت تذكرة النقل اسمية وجب تسليمها إلى‬
‫الشخص الذي ذكر اسمه فيها وإذا كانت إذنية فيجب تسليمها إلذن الشخص المدون إلذنه أو‬
‫للمظهرإليه‪ ،‬وإذا كانت لحاملها فهنا يجب التسليم لحامل التذكرة‪ ،‬وللمرسل إليه حقا شخصيا‬
‫في استالم البماعة وله الحق في رفع الدعوى باسمه شخصيا قبل الناقل لمطالبته بتعويض ما‬
‫لحقه من ضررفي حالة هالك البماعة‪ ،‬والمشرع بهذا الصدد قد قررللمرسل إليه حقا شخصيا‬
‫مستقال عن الراسل وفي المقابل لذلك‪ ،‬الناقل ال يستطيع أن يحتج قبل المرسل إليه بالدفوع‬
‫التي له أن يحتج بها قبل الراسل‪.584‬‬
‫واألصل أن التسليم يتم في المكان والزمان المتفق عليهما‪ ،‬والنصوص عليه في مستند‬
‫النقل‪ ،‬وال يشترط لصحة التسليم أن يتم في المكان والزمان المتفق عليهما فقط‪ ،‬بل أن يرد على‬
‫ذات البماعة المبينة في سند النقل‪ ،‬وأن يصل لصاحب الحق في استالم البماعة وهو إما‬
‫المرسل إليه الشرعي أو وكيله‪.585‬‬
‫ثانيا‪ :‬حقوق الناقل‪:‬‬
‫بجانب االلتزامات السابقة فإن للناقل حقوق‪:‬‬
‫أ ـ األجرة‪:‬‬
‫وهي المقابل لعملية النقل التي يلزم بتنفيذها الناقل لمصلحة المرسل‪ ،‬ويحدد االتفاق‬
‫مقداراألجرة وميعاد ومكان الوفاء بها‪.‬‬
‫‪ 583‬ـ باسم محمد صالح ـ القانون التجاري ـ مرجع سابق ـ ص ‪474‬‬

‫‪ 584‬ـ إبراهيم سيد أحمد ـ مرجع سابق ـ ص ‪12‬‬
‫‪ 585‬ـ مراد عبد الفتاح ـ شرح العقود التجارية والمدنية ـ ط ‪ 4‬ـ ص ‪407‬‬
‫واألصل أن المرسل هو الملتزم بدفع األجرة‪ ،‬وتبعا لذلك فإن الوفاء بها يتم عند تسليم‬
‫البماعة‪ ،‬غير أن المرسل إليه قد يكون الملتزم بدفع األجرة‪ ،‬وهنا يكون الوفاء بها عند وصول‬
‫البماعة‪.‬‬
‫وفي جميع الحاالت وإذا كانت األجرة مستحقة الدفع عند الوصول‪ ،‬فإن للناقل ـ في سبيل‬
‫استفاء األجرة ـ الحق في التباع إحدى اإلجراءات التالية‪:‬‬
‫‪ 9‬ـ الرجوع بالتمامن على المرسل والمرسل إليه‬
‫نص مشرعنا الموريتاني‪ 586‬على أن المرسل إليه ال يتحمل االلتزامات الناشئة عن عقد‬
‫النقل إال إذا صدرمنه قبول صريح أو ضمني اتجاه الناقل‪ ،‬وإذا كان األصل أن المرسل إليه يكون‬
‫ضامنا لوحده لألجرة في هذه الحالة األخيرة‪ ،‬فإن الراجح هو بقاء التمامن بين المرسل والمرسل‬
‫إليه إذا كانت أجرة الناقل مستحقة الدفع عند الوصول‪ ،‬وهذا ما نص عليه صراحة المشرع‬
‫الجزائري بمقتض ى المادة ‪ 27‬من القانون التجاري‪ ،‬حيث تنص الفقرة الثانية من هذه المادة‬
‫على أنه‪ << :‬إذا اشترط دفع األجرة عند وصول األشياء المنقولة فيكون المرسل‪ 587‬والمرسل إليه‬
‫الذي صدرمنه القبول ملزمين بأدائها بالتمامن بينهما >>‪.‬‬
‫وتبعا لذلك فإن االتفاق على تحمل المرسل إليه دفع أجرة النقل ال يعفي المرسل من‬
‫دفعها‪ ،‬بل يظل للناقل الحق في الرجوع على المرسل بما لم يستوفيه من المرسل إليه‪ ،‬إذ أن كال‬
‫من المرسل والمرسل إليه يكونان مسؤولين عن دفع األجرة من قبل الناقل‪ ،‬ويجوزالرجوع عليهما‬
‫معا أو الرجوع على الموسر منهما إذا لم يستوف أي جزء من األجرة‪.588‬‬
‫‪ 2‬ـ حق الناقل في حبس البماعة‬
‫يمكن للناقل في حالة عدم استفاء األجرة حبس األشياء المنقولة ضمانا لديونه الناتجة‬
‫عن عقد الفقل‪.589‬‬
‫‪ 586‬ـ نص على ذلك بمقتضى المادة ‪ 0020‬من مدونة التجارة‬

‫‪ 587‬ـ نشير هنا إلى أن المشرع قد وقع في خطأ مادي حيث أورد عبارة الناقل بدال من المرسل‪.‬‬
‫‪ 588‬ـ مصفى كمال طه ـ مرجع سابق ـ ‪ 427‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 589‬ـ المادة ‪ 4472‬من مدونة التجارة الموريتانية والماد ‪ 140‬من مدونة التجارة المغربية‪ ،‬والقانون التجاري المصري المادة ‪247‬‬
‫واألردني المادة‬
‫‪ 242‬ونفس التوجه سار عليه القانون التجاري السوري المادة ‪ 424‬ـ راجع في ذلك كله‪ ،‬معوض عبد الوهاب الموسوعة التجارية الشاملة‬
‫في التعليق على قانون التجارة الجديد ـ ج ‪ 2‬ـ ط ‪ 2‬ـ ‪ 2000‬ـ ص ‪ ،271‬أما في القانون التجاري الجزائري‪ ،‬فإنه لم يتطرق لحق الناقل‬
‫في حبس البضاعة ـ أنظر شتواح العياشي ـ عقد النقل للبضائع ـ مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون ـ مرجع سابق ـ ص ‪.40‬‬
‫وعليه فإذا امتنع المرسل أو المرسل إليه عن الوفاء باألجرة‪ ،‬فأنه يحق للناقل أن يحبس‬
‫البماعة محل النقل تحت يده حتى يستوفي المبلغ المستحق له‪.‬‬
‫وال يترب على استعمال حق الحبس فسخ عقد النقل أو انقماء االلتزامات الناشئة عنه‪،‬‬
‫بل يقتصراألمرعلى وقف تنفيذ التزام الناقل بتسليم الش يء حتى يفي المرسل (أو المرسل إليه)‬
‫بالتزامه بدفع أجرة النقل‪ ،‬ومتى ما تم الوفاء بدفع هذه األجرة عاد االلتزام في ذمة الناقل بسليم‬
‫البماعة وفق شروط عقد النقل‪ ،‬وإذا لم يتم الوفاء وخش ي الناقل من هالك البماعة أو تلفها‬
‫له أن يطلب إذنا من القماء ببيعها‪.590‬‬
‫ويسقط حق الناقل في األجرة أو جزء منها إذا وقعت إحدى الحالت التالية‪:591‬‬
‫‪ -‬إذا هلك الش يء بالقوة القاهرة‬
‫‪ -‬إذا أحالت الهوة القاهرة دون مباشرة النقل‪.‬‬
‫‪ -‬إذا باشر الناقل النقل ولكن حالت القوة القاهرة دون االستمرار في النقل‪ ،‬فللناقل من‬
‫األجرة ما نقل من مسافة‪.‬‬
‫‪ -‬وجود عيب ذاتي في األشياء أو في طبيعتها‬
‫وال يستحق الناقل ثمن النقل إال إذا ثبت أن المياع أوالعوارراجع إلى فعل أوأوامرالمرسل‬
‫أو المرسل إليه )المادة ‪ 9922‬من مدونة التجارة الموريتانية(‪.‬‬
‫ب ـ حق الفحص‬
‫تنص المادة ‪ 9902‬من مدونة التجارة الموريتانية على أنه‪ << :‬يحق للناقل أن يبين على سند‬
‫النقل أوبوثيقة منفصلة عنه حالة األشياء المعدة للنقل في الوقت الذي يستلمها فيه‪ ،‬فإذا قبلها‬
‫بدون تحفظ‪ ،‬اعتبرت هذه األشياء خالية من كل عيب خارجي يتعلق بالتغليف‪ ،‬أما العيوب التي‬
‫‪ 590‬ـ سعد أحمد شعله ـ قضاء النقض التجاري في عقد النقل ـ دار الفكر العربي ـ القاهرة ـ مصر ـ ص ‪27‬‬
‫‪ 591‬ـ يستشف ذلك من مفهوم مخالفة المادة ‪ 4421‬من مدونة التجارة الموريتانية التي تنفي المسؤولية عن الناقل في بعض الحاالت‬
‫حددتها‪ ،‬لكن في المقابل تمنعه من استفاء األجرة ما لم يمكن سبب الضياع أو العوار راجع ألوامر المرسل أو المرسل إليه‬
‫تقابل المادة ‪ 4421‬سابقة الذكر المادة ‪ 127‬مدونة التجارة المغربية والمادة ‪ 12‬من القانون التجاري الجزائري‪.‬‬
‫ال يمكن التعرف عليها في الخارج فال يسقط حق الناقل في إثباتها ولو قبل األشياء المعدة للنقل‬
‫دون إبداء أية مالحظة أو تحفظ ‪.>>592‬‬
‫واستنادا إلى ذلك فإن للناقل حق فحص الش يء محل النقل للتحقق منه ومن جواز نقله‬
‫ومدى صالحيته للنقل‪.‬‬
‫وإذا كان األصل أن الناقل يسأل فقط عن الفحص الخارجي‪ ،‬فإن له إذا اقتض ى الفحص‬
‫فك األغلفة أو فتح األوعية أن يخطرالمرسل لحمورعملية الفحص‪ ،‬فإذا لم يحمرفي الميعاد‬
‫المعين جازللناقل إجراء الفحص في غيابه وعلى نفقته‪.593‬‬
‫باإلضافة إلى ما سبق من حقوق فإن للناقل الحق في التأكد من صحة البيانات التي يقدمها‬
‫المرسل‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬آثارعقد النقل بالنسبة للمرسل والمرسل إليه‪:‬‬
‫يرتب عقد النقل عدة آثارسواء تعلق األمربالمرسل ( أوال ) أو المرسل إليه ( ثانيا )‬
‫أوال‪ :‬آثارعقد النقل بالنسبة للمرسل‬
‫بالحديث عن آثار عقد النقل بالنسبة للمرسل‪ ،‬فإننا نتحدث عن التزاماته ( أ ) وحقوقه (‬
‫ب)‪.‬‬
‫أ ـ التزامات المرسل‪:‬‬
‫يلتزم المرسل بمايلي‪:‬‬
‫‪ 9‬ـ تسليم الش يء محل النقل‬
‫‪ 2‬ـ تقديم بينات عنه واعداده للنقل‬
‫‪ 1‬ـ إخطارالناقل باتخاذ استعدادات النقل إذا تطلب النقل ذلك‬
‫ـ تقابل هذه المادة‪ ،‬المادة ‪ 117‬من مدونة التجارة المغربية‪ ،‬ونص المشرع المصري على إمكانية فحص البضاعة بمقتضى المادة ‪222‬‬
‫‪592‬من‬
‫من القانون التجاري‪ ،‬والعراقي بمقتضى المادة ‪ 227‬من القانون التجاري‪ ،‬أما المشرع الجزائري لم ينص صراحة على حق الناقل في‬
‫فحص البضاعة‪.‬‬
‫‪ 593‬ـ منير محمد الجهيني وممدوح محمد الجهيني ـ العقود التجارية ـ دار الفكر العربي ـ اإلسكندرية ـ مصر ‪ 2000‬ـ ص ‪227‬‬
‫‪ 2‬ـ دفع األجرة وغيرها من المصاريف المستحقة جراء النقل‪ ،‬إذا كان االتفاق يقض ي بذلك‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تسليم سند النقل للناقل طلبه‪.594‬‬
‫ب – حقوق المرسل‪:‬‬
‫للمرسل عدة حقوق أهمها‪:‬‬
‫‪ 9‬ـ أن يطلب من الناقل تسليم صورة من وثيقة النقل ذلك أنه يجب على الناقل أن يرجع‬
‫للمرسل نسخة من سند النقل بعد إممائه‪.595‬‬
‫‪ 2‬ـ إذا لم تحرر وثيقة نقل للمرسل فإن من حقه عندئذ أن يطلب وصال موقعا من طرف‬
‫الناقل بتسلم الش يء محل النقل‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ للمرسل الحق في توجيه الش يء محل النقل طيلة بقائه في حيازة الناقل‪ ،‬بحيث يحق له‬
‫إعادة توجيهه إلى جهة أخرى على أن يدفع المرسل أجرة إضافية إذا اقتض األمرذلك‪.596‬‬
‫ثانيا‪ :‬آثارعقد النقل بالنسبة للمرسل إليه‬
‫يرتب عقد النقل في ذمة المرسل إليه جملة من االلتزامات ( أ ) باإلضافة إلى بعض الحقوق‬
‫(ب)‬
‫أ – التزامات المرسل إليه‪:‬‬
‫‪ 9‬ـ يلتزم المرسل إليه بتسلم الش يء محل العقد من الناقل ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ يلزم المرسل إليه عند تسلمه األشياء المنقولة بأداء ثمن النقل والخزن والمصاريف‬
‫المترتبة على تلك األشياء والتسبيقات العادية التي قدمها الناقل من أجلها‪ ،‬كما يلزم بالوفاء‬
‫بجميع االلتزامات األخرى التي يمكن أن يتحملها من جراء عقد النقل‪597‬‬
‫ب – حقوق المرسل إليه‪:‬‬
‫‪ 594‬ـ المادة ‪ 4440‬من مدونة التجارة الموريتانية والمادة ‪ 112‬من مدونة التجارة المغربية‪ ،‬وقد نص المشرع المغربي‪ ،‬أما المشرع‬
‫الجزائري‬
‫فقد نص على أن << على المرسل أن يبين بتذكرة النقل اسم المرسل إليه وعنوانه ومكان تسليم األشياء المنقولة ونوعها وعددها ووزنها‬
‫أو حجمها>>‪.‬‬
‫‪ 595‬المادة ‪ 4444‬من مدونة التجارة الموريتانية‪ ،‬والمادة ‪ 112‬من مدونة التجارة المغربية‪.‬‬
‫‪ 596‬ـ المادة ‪ 4444‬من مدونة التجارة الموريتانية‪ ،‬والمادة ‪ 122‬من مدونة التجارة المغربية‬
‫‪ 597‬ـ الفقرة األخيرة من المادة ‪ 4474‬من مدونة التجارة الموريتانية والمادة ‪ 127‬من مدونة التجارة المغربية‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ يحق للمرسل إليه أن يقوم عند التسليم بإجراء فحص بحمور الناقل إلثبات حالة‬
‫األشياء المنقولة وصفتها ولو لم تظهر أية عالمة خارجية تدل على إصابتها بعوار‪ ،‬كما يمكن له‬
‫أن يطلب إجراء ذلك الفحص بواسطة خبراء منتدبين لهذا الغرض أو عن طريق السلطة‬
‫القمائية بعين المكان)المادة ‪ 9910‬من مدونة التجارة الموريتانية‪. (598‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬عقد نقل األشخاص‬
‫يعرف عقد النقل بأنه عقد يلزم بمقتماه شخص يطلق عليه أمين النقل بنقل أشياء أو‬
‫أشخاص من جهة إلى أخرى بواسطة أداء نقل في مقابل أجر‪.599‬‬
‫وعقد نقل األشخاص هو اتفاق بين شخصين أحدهما يدعى الناقل واألخر يسمى المسافر‬
‫بمقتض ى هذا االتفاق تتم عملية النقل من مكان إلى آخربمقابل ثمن معلوم‪.600‬‬
‫يختلف عقد نقل األشخاص عن عقد نقل األشياء في أن عقد نقل األشخاص ال يوجد فيه‬
‫غير طرفين هما‪ :‬الراكب والناقل‪ ،‬وقد تناول مشرعنا الموريتاني عقد النقل في من المادة ‪9279‬‬
‫إلى المادة ‪ 9299‬من مدونة التجارة‪.601‬‬
‫ونقتصرفي دراستنا لعقد نقل األشخاص على ما يرتبه هذا العقد من آثاراتجاه الناقل من‬
‫جهة ( الفقرة األولى ) والراكب من جهة أخرى (الفقرة ثانيا )‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬آثارعقد نقل األشخاص بالنسبة للناقل‬
‫يرتب عقد نقل األشخاص عدة التزامات في ذمة الناقل( أوال) باإلضافة إلى تمتعه ببعض‬
‫الحقوق ( ثانيا )‪.‬‬
‫أوال – التزامات الناقل‪:‬‬
‫يقع على عاتق الناقل التزامان أساسيان هما‪:‬‬
‫أ ـ نقل الراكب وأمتعته‪:‬‬
‫‪ 598‬ـ تقابلها المادة ‪ 142‬من مدونة التجارة المغربية‪ ،‬جدير بالذكر أن ذات اإلجراء يخول للناقل وفق ذات المواد‪.‬‬
‫‪ 599‬ـ على حسن يونس ـ عقد النقل ـ دار الفكر العربي ـ القاهرة ـ ‪ 4722‬ـ ص ‪4‬‬
‫‪ 600‬ـ زهير قزان وعمر عاللي ـ عقد النقل البري لألشخاص ـ مذكرة مقدم ضمن متطلبات نيل شهادة الماستر تخصص إدارة أعمال ـ‬
‫جامعة الجياللي بونعامة ـ كلية الحقوق والعلوم السياسية ـ قسم الحقوق ـ السنة الدراسية ‪ 2041‬ـ ‪ 2042‬ـ ص ‪40‬‬
‫‪ 601‬ـ أما المشرع المغربي فقد تناوله بمقتضى المواد من ‪ 142‬إلى ‪ 122‬من مدونة التجارة‪ ،‬في حين تناوله المشرع الجزائري بمقتضى‬
‫المواد من ‪ 22‬إلى ‪41‬‬
‫يجب على الناقل إيصال الراكب إلى الجهة المقصودة وفي الميعاد المتفق عليه‪ ،‬أما‬
‫أمتعة الراكب فيفرق فيها بين األمتعة المسلمة للناقل ـ كالحقائب – وتخمع لألحكام الخاصة‬
‫بنقل األشياء )سابقة الذكر( أما األمتعة المر افقة للراكب والتي يحتفظ بها وتكون في حراسته‬
‫فهذه األمتعة ال يسأل عنها الناقل لوجودها تحت إشراف ورقابة الراكب (المادة ‪ 9272‬من مدونة‬
‫التجارة الموريتانية‪ ،)602‬ألن الناقل ال يعلم بمحتواها وال تكون في حراسته‪ ،‬و إنما تبقى في حراسة‬
‫المسافر الذي يحتفظ بها معه أثناء النقل‪ ،‬وبذلك فإن مسؤولية الناقل عن هالك أو تلف‬
‫األمتعة اليدوية مسؤولية تقصيرية وليست مسؤولية عقدية‪ ،‬فإذا أراد المسافر أن يطالب‬
‫بالتعويض عن هالكها أو تلفها البد أن يثبت الخطأ الذي صدرعن الناقل و عن تابعيه والذي كان‬
‫سببا في هالك تلك األمتعة أو تلفها أو ضياعها‪.603‬‬
‫ب املحافظة على سالمة الراكب أثناء النقل‪:‬‬
‫يلزم الناقل باملحافظة على سالمة المسافرين ثناء نقله لهم‪ ،‬وتبعا لذلك فإنه يسأل عن‬
‫األضرار التي تلحق بالمسافرين خالل سفرهم ما لم يكن المرر نتيجة لقوة قاهرة أو لخطإ‬
‫المسافر( المادة ‪ 9297‬من مدونة التجارة الموريتانية‪.) 604‬‬
‫ورغم أن التشريعين الموريتاني و المغربي وضعا على عاتق الناقل حماية المسافر‪ ،‬إال أنهما‬
‫لم يكونا بذات دقة المشرع الجزائري الذي نص صراحة على أنه << يجب على ناقل األشخاص‪،‬‬
‫أن يممن ثاء مدة النقل سالمة المسافر وأن يوصله إلى وجهته المقصودة في حدود الوقت‬
‫المعين بالعقد>>‪ ،605‬ولم يكفي المشرع الجزائر بذلك بل اعتبر باطال كل شرط بإعفاء الناقل‬
‫كليا أو جزئيا من مسؤوليته المتسببة عن األضرار البدنية الحاصلة للمسافرين‪ ،606‬وفي جميع‬
‫الحاالت فإن مسؤولية الناقل اتجاه المسافرتبدأ من تكلفه بنقله‪.607‬‬
‫ثانيا – حقوق الناقل‪ :‬من أهم هذه حقوق‬
‫‪ 602‬ـ نفس التوجه سار عليه المشرع المغربي بمقتضى المادة ‪ 124‬من مدونة التجارة‪ ،‬أما المشرع الجزائري فقد نص في المادة ‪ 22‬من‬
‫القانون التجاري على أن األمتعة المسجلة تخضع ألحكام المواد ‪ 12‬و ‪ 14‬و ‪ 12‬ومن ‪ 22‬إلى ‪. 24‬‬
‫‪ 603‬ـ بن زايد عبد الله ـ عقد لنقل البري لألشخاص ـ مذكرة مقدمة لالستكمال متطلبات ماستر أكاديمي ـ جامعة قصدي مرباح ورقلة ـ‬
‫كلية الحقوق ـ قسم القانون ـ السنة الجامعية ‪ 2044‬ـ ‪ 2041‬ـ ص ‪.21‬‬
‫‪ 604‬ـ تقابلها المادة ‪ 122‬من مدونة التجارة المغربية‪ ،‬ذات التوجه تقريبا سار عليه المشرع الجزائري بمقتضى المادة ‪ 24‬من القانون‬
‫التجاري‪.‬‬
‫‪ 605‬ـ المادة ‪ 24‬من القانون التجاري الجزائري‬
‫‪ 606‬ـ المادة ‪ 24‬من القانون التجاري‪.‬‬
‫‪ 607‬ـ المادة ‪ 21‬من القانون التجاري الجزائري‪.‬‬
‫أ ـ الحصول على األجرة المتفق عليها‪:‬‬
‫تبقى األجرة هي الباعث الرئيس ي إلبرام التعاقد من لدن الناقل‪ ،‬لذلك فبمجرد إتمام عملية‬
‫النقل يحق له الحصول على األجرة‪ ،‬بل يمكن أن يحصل عليها قبل إتمام عملية النقل إذا كان‬
‫االتفاق يقض ي بذلك‪ ،‬وإن كان األصل هو أن الناقل ال يستحق األجرة إال بعد إيصال المسافرإلى‬
‫وجهته‪ ،‬فالتزام الناقل هنا التزام بحقيق نتيجة ال ببذل عناية‪ ،‬وبالتالي ال يعتد بهذه األخيرة إال إذا‬
‫أحالت القوة القاهرة أو الحادث الفجائي دون تحقيق نتيجة‪.‬‬
‫ولممان حق الناقل في استفاء األجرة فقد خوله المشرع حق حبس أمتعة المسافرولوازمه‬
‫إلى أن يحصل على ثمن النقل والخدمات المقدمة أثناء السفر‪.608‬‬
‫ب ـ الحق في االطالع على محتويات األمتعة المر افقة للراكب‪.‬‬
‫يبقى للناقل حق فحص األمتعة التي يجعلها المسافر في عهدته‪ ،‬فللناقل عند استالم هذه‬
‫األمتعة أن يقوم بفحصها تحت رقابة المسافر‪.‬‬
‫كما أن للناقل الحق في توجيه تعليمات للمسافرطيلة فترة لرحلة لممان سالمته‪.‬‬
‫وألن التزام كل طرف في العقد هو حق للطرف األخر‪ ،‬فإننا سنتحدث أكثر عن الحقوق‬
‫الناقل في معرض حديثنا عن التزامات الراكب أو لمسافر‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬آثارعقد نقل األشخاص بالنسبة للراكب‬
‫تتجلى آثار عقد النقل اتجاه الراكب في ما يرتب من التزامات في ذمته ( أوال ) وما يممن له‬
‫من حقوق ( ثانيا )‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التزامات الراكب أو المسافر‬
‫يرتب عقد النقل في ذمة الراكب التزامين أساسيين‪ :‬التزام بدفع األجرة ( أ ) و أتباع تعليمات‬
‫الناقل ( ب )‪.‬‬
‫أ ـ أداء أجرة النقل‪:‬‬
‫‪ 608‬ـ المادة ‪ 4207‬من مدونة التجارة الموريتانية‪ ،‬والمادة ‪ 121‬من مدونة التجارة المغربية‬
‫على المسافر أداء أجرة النقل في موعدها املحدد وبالكيفية التي تم االتفاق عليها إذا أنجز‬
‫الناقل التزامه بنقله إلى المكان املحدد في العقد‪.‬‬
‫وقد حدد المشرع حالتين تطبق فيهما قواعد خاصة هما‪ :‬إذا تعذر السفر قبل االنطالق (‬
‫‪ )9‬وإذا توقف السفربعيد االنطالق ولم يكن ذلك باتفاق األطراف ( ‪.) 2‬‬
‫‪ 9‬ـ تعذرالنقل قبل االنطالق‪:‬‬
‫تقض ي المادة ‪ 9272‬من مدونة التجارة الموريتانية ولمادة ‪ 200‬من م‪.‬ت المغربية‪ ،‬أنه إذا‬
‫تعذرالسفرقبل االنطالق طبقت القواعد اآلتية‪:609‬‬
‫ـ إذا لم يوجد المسافر في مكان االنطالق في الوقت المناسب حق له الركوب في الرحلة‬

‫الموالية‪ ،‬وفي كل األحوال يجب عليه دفع الثمن كامال‪.‬‬
‫ـ إذا تعذر السفر بإرادة المسافر وجب عليه دفع الثمن كامال‪ ،‬أما إذا تعذر السفر بسبب‬
‫الوفاة أو المرض أو أي عائق قاهرفيفسخ العقد بدون تعويض‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ إذا توقف السفربعيد االنطالق دون اتفاق الطرفين‪:‬‬
‫بحسب مقتميات المادة ‪ 9271‬من م‪.‬ت الموريتانية والمادة ‪ 202‬من م‪.‬ت المغربية‪ ،‬إذا‬
‫توقف السفربعيد االنطالق‪ ،‬وكان ذلك بإرادة المسافر‪ ،‬وجب عليه دفع ثمن النقل كامال‪.‬‬
‫ب ـ إتباع تعليمات الناقل‪:‬‬
‫على الراكب مراعاة تعليمات الناقل الخاصة بالنقل‪.‬‬
‫فحرصا على سالمة المسافرين و وراحتهم ولسالمة المركب يمع الناقل عدة تعليمات‬
‫يجب على المسافرين التقيد بها‪.610‬‬
‫فللناقل سلطة واسعة تكفل له الحفاظ على األمن والنظام وتأمين وسيلة النقل‬
‫والمسافرين سالمين إلى المكان المقصود‪ ،‬وفي حالة وجود الخطر أو كشفه أثناء فترة السفر‬
‫‪ 609‬ـ نذكر هنا من هذه القواعد ما يتعلق أساسا بالتزامات المسافر‪.‬‬

‫‪ 610‬ـ فوزي محمد سامي‪ ،‬محمد فواز المطالقة ـ شرح القانون التجاري ـ ج ‪ 0‬ـ ط ‪ 0‬ـ دار الثقافة للنشر والتوزيع ـ عمان ـ ‪ 7115‬ـ‬
‫ص ‪744‬‬
‫فيجوز للناقل إنزال الشخص الذي يعتبر خطرا على وسيلة النقل وكذلك الحال بالنسبة‬
‫للمتعة‪611‬‬
‫ثانيا‪ :‬حقوق المسافر‪:‬‬
‫للراكب عده حقوق والتي هي في ذات الوقت التزامات على الناقل‪ ،‬ويمكن ن نختصر هذه‬
‫الحقوق في ما يلي‪:‬‬
‫أ ـ إيصال المسافرللمكان المتفق عليه‪:‬‬
‫من أهم الحقوق التي يرتبها عقد النقل بالنسبة للمسافر‪ ،‬هو حقه في الوصول إلى الوجهة‬
‫المتفق عليها‪ ،‬لذلك إذا لم يتم الوصول إلى تلك الوجهة بسبب فعل أو خطإ الناقل فللمسافر‬
‫الحق في استرداد ثمن النقل وكذا التعويض عن المرر‪ ،‬كذلك إذا تعذر الوصول إلى الوجهة‬
‫المتفق عليها بسبب حادث فجائي أو قوة قاهرة تتعلق بوسيلة النقل أو أي سبب آخر من شأنه‬
‫أن يمنع السفر أو يجعله خطيرا وذلك دون أن يصدر الخطأ عن أي طرف فسخ العقد بدون‬
‫تعويض من أي طرف والتزم الناقل بإرجاع ثمن النقل إذا كان قد قبمه مسبقا‪ ،612‬إضافة إلى‬
‫ذلك إذا امتنع الناقل عن متابعة السفر أو أرغم بخطئه المسافرعلى التوقف في الطريق فال يلزم‬
‫المسافربدفع ثمن النقل ويحق له استرداده إن كان قد دفعه مسبقا‪ ،‬فمال عن حقه في المطالبة‬
‫بالتعويض عن المرر‪.613‬‬
‫وال يقتصر حق المسافر على ذلك بل يحق له إذا تأخر السفر التعويض عن المرر الناتج‬
‫عن التأخير‪ ،‬وإذا كان التأخيرغيرمعتاد أو إذا لم تبق للمسافربسبب هذا التأخيرفائدة في القيام‬
‫بالسفر‪ ،‬حق له زيادة عن تعويض المرر أن يفسخ العقد أو أن يسترجع ثمن النقل الذي‬
‫دفعه‪،‬غيرأنه ال تعويض للمسافرإذا كان التأخيرناتجا عن حادث فجائي أو قوة قاهرة‪.614‬‬
‫ب ـ املحافظة على معدات المسافرالتي تم تسليمها للناقل‪:‬‬
‫‪ 611‬ـ سمير جميل حسين الفتالوي ـ العقود التجارية الجزائرية ـ ديوان المطبوعات الجامعية ـ الجزائر ـ ‪ 2004‬ـ ص ‪424‬‬
‫‪ 612‬ـ الفقرة الثالثة والرابعة من المادة ‪ 4202‬من م‪.‬ت الموريتانية وذات الفقرات من المادة ‪ 144‬من م‪.‬ت المغربية‪.‬‬
‫‪ 613‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 4204‬من م‪.‬ت الموريتانية وذات الفقرة من المادة ‪ 142‬من م‪.‬ت المغربية‪.‬‬
‫‪ 614‬ـ المادة ‪ 4201‬من م‪.‬ت الموريتانية والمادة ‪ 147‬من م‪.‬ت المغربية‪.‬‬
‫يحق للمسافر أن يسأل الناقل عن ضياع أمتعته أو هالكها‪ ،‬وال يلزم بدفع أي ثمن إضافي‬
‫عن األمتعة واللوازم الشخصية ما لم يتم االتفاق على خالف ذلك‪.615‬‬
‫وألن حقوق المسافرهي التزامات الناقل‪ ،‬وألن أمتعة المسافرفي عقد نقل األشخاص تطبق‬
‫عليها المواد من ‪ 9921‬إلى ‪ 9922‬و‪( 9921‬من م‪.‬ت الموريتانية‪ ) 616‬والمتممنة كيفية ضمان‬
‫الناقل ـ في عقد نقل األشياء ـ لألشياء التي في حوزته‪ ،‬فإننا نحيل إلى ما ذكرناه آنفا في معرض‬
‫حديثنا عن التزامات الناقل في عقد نقل األشياء‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫انطالقا من دراستنا السابقة لعقد النقل التجاري في قانون الموريتاني‪ ،‬يمكن أن نخرج‬
‫بعدة استنتاجات تطلبت منا اقتراح بعض التوصيات‪.‬‬
‫* االستنتاجات‪:‬‬
‫بالرجوع إلى ما ذكرناه سابقا في معرض عن عقد النقل التجاري في قانون الموريتاني (دراسة‬
‫مقارنة)‪ ،‬يمكن أن نخرج بجملة من النتائج أهمها‪:‬‬
‫‪ +‬أن عقد النقل هو اتفاق يتعهد بمقتماه الناقل مقابل ثمن بنقل شخص أو ش يء إلى‬
‫مكان معين‪.‬‬
‫‪ +‬أن مشرعنا الموريتاني قد ضمن عقد النقل التجاري نوعين من العقود‪:‬‬
‫ـ عقد نقل األشياء‪ :‬وهو عقد بمقتماه يلتزم أحد أطر افه في مواجهة اآلخر بأن يقوم‬
‫بتوصيل بماعة أو ش يء من مكان آلخرو يتم تسليمها في المكان المتفق عليه‪.‬‬
‫ويترتب هذا العقد عدة حقوق و التزامات متبادلة سواء تعلق األمر بالناقل أو بالمرسل أو‬
‫المرسل إليه‪.‬‬
‫‪ 615‬ـ المادة ‪ 4202‬من م‪.‬ت الموريتانية والمادة ‪ 124‬من م‪.‬ت المغربية‪.‬‬

‫تنص المادتين على أنه‪ << :‬ال يلزم المسافر بدفع أي ثمن إضافي عن األمتعة واللوازم الشخصية ما لم يتم االتفاق على خالف ذلك‪،‬‬
‫هالكها حسب القواعد المنصوص عليها في المواد من ‪ 0050‬إلى ‪ 0058‬و‪ ،0051‬غير أنه أو ويسأل الناقل عن ضياع أمتعة المسافر‬
‫ال يسأل عن األمتعة التي يحتفظ بها المسافر>>‪.‬‬
‫‪ 616‬ـ تقابلها المواد ‪ 122‬و‪ 120 127‬و‪ 121‬من مدونة التجارة المغربية‬
‫ـ عقد نقل األشخاص‪ :‬هو اتفاق بين شخصين أحدهما يدعى الناقل واألخريسمى المسافر‬
‫بمقتض ى هذا االتفاق تتم عملية النقل من مكان إلى آخربمقابل ثمن معلوم‪.‬‬
‫و يختلف عقد نقل األشخاص عن عقد نقل األشياء في أن عقد نقل األشخاص ال يوجد‬
‫فيه غير طرفين هما‪ :‬الراكب والناقل‪ ،‬في أن عقد نقل األشياء قد يتممن ثالثة أطراف هما‬
‫المرسل والناقل والمرسل إليه‪.‬‬
‫* االقتراحات‪:‬‬
‫يجب على المشرع الموريتاني إدراج المالحظات التالية‪:‬‬
‫ـ وضع قوانين أكثردقة في حماية حقوق المسافرين باعتبارهم الطرف األضعف في العقد‪.‬‬
‫ـ تحديد بدقه الجهة املخول بالحكم بالتعويض وتسهيل إجراءات الحصول عليه‪.‬‬
‫إعادة مؤسسات النقل العمومي لنقل المسافرين‪ ،‬حيث يفترض في هذه المؤسسات‬
‫حرصها على سالمة المسافر وسالمة األمتعة المرسل مع هذه المؤسسات‪ ،‬خاصة أن تنافس‬
‫المؤسسات التجارية الخاصة على تحقيق الربح‪ ،‬قد يدفعهم إلى املخاطرة باألرواح واألمتعة في‬
‫سبيل تحقيق الربح‪.‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫ـ شتواح العياش ي ـ عقد النقل للبمائع ـ مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون ( فرع‬
‫األعمال ) ـ جامعة منتوري ـ القسطنطينية ـ لسنة ‪2772‬‬
‫ـ عزيز العكيلي ـ الوجيز في القانون التجاري ـ ط ‪ 9‬ـ الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع ـ‬
‫عمان ـ ‪2777‬‬
‫ـ باسم محمد صالح ـ القانون التجاري ـ القسم األول ـ مطبعة جامعة بغداد ـ بغداد ‪9120‬‬
‫ـ على جمال الدين عوض ـ القانون التجاري ـ سنة ‪9121‬‬
‫ـ إبراهيم سيد أحمد ـ العقود والشركات التجارية ـ فقها وقماء ـ ط ‪ 9‬سنة ‪ 9111‬دارالجامعة‬
‫لحديثة للنشر‬
‫ـ سعيد الجدار ـ عقد نقل البمائع في القانون التجاري الجديد ـ رقم ‪ 11 ، 90‬ـ دار‬
‫المطبوعات التجارية ‪ ،‬اإلسكندرية ـ مصر‬
‫ـ مصفى كمال طه ـ العقود التجارية وعمليات البنوك ـ دار المطبوعات الجامعية ـ‬

‫اإلسكندرية ـ مصر ‪2772‬‬
‫ـ مراد عبد الفتاح ـ شرح العقود التجارية والمدنية ـ ط ‪9‬‬
‫معوض عبد الوهاب الموسوعة التجارية الشاملة في التعليق على قانون التجارة الجديد ـ‬
‫ج ‪ 2‬ـ ط ‪ 2‬ـ ‪2777‬‬
‫ـ سعد أحمد شعله ـ قماء النقض التجاري في عقد النقل ـ دارالفكرالعربي ـ القاهرة ـ مصر‬
‫ـ منير محمد الجهيني وممدوح محمد الجهيني ـ العقود التجارية ـ دار الفكر العربي ـ‬
‫اإلسكندرية ـ مصر ‪2777‬‬
‫ـ على حسن يونس ـ عقد النقل ـ دارالفكرالعربي ـ القاهرة ـ ‪9162‬‬
‫ـ زهير قزان و عمر عاللي ـ عقد النقل البري لألشخاص ـ مذكرة مقدم ضمن متطلبات نيل‬
‫شهادة الماسترتخصص إدارة أعمال ـ جامعة الجياللي بونعامة ـ كلية الحقوق والعلوم السياسية‬
‫ـ قسم الحقوق ـ السنة الدراسية ‪ 2792‬ـ ‪.2792‬‬
‫ـ بن زايد عبد الله ـ عقد لنقل البري لألشخاص ـ مذكرة مقدمة لالستكمال متطلبات ماستر‬
‫أكاديمي ـ جامعة قصدي مرباح ورقلة ـ كلية الحقوق ـ قسم القانون ـ السنة الجامعية ‪ 2791‬ـ ‪2792‬‬
‫ـ فوزي محمد سامي‪ ،‬محمد فوازالمطالقة ـ شرح القانون التجاري ـ ج ‪ 9‬ـ ط ‪ 9‬ـ دارالثقافة‬
‫للنشروالتوزيع ـ عمان ـ ‪2772‬‬
‫ـ سمير جميل حسين الفتالوي ـ العقود التجارية الجزائرية ـ ديوان المطبوعات الجامعية ـ‬
‫الجزائرـ ‪2779‬‬
‫حجية اإلثبات بالوسائل اإللكترونية‬

‫‪The validity of proof by electronic means‬‬
‫إذا كان من المعلوم أن اإلثبات نظام قانوني ال يقبل من طرقه ووسائله إال تلك التي حددها‬
‫المشرع‪ ،‬حيث ظلت وسائل اإلثبات التقليدية مسيطرة على قناعات القاض ي لمدة طويلة‪ ،‬فإنه‬
‫في خمم الثورة الرقمية والصحوة المعلوماتية أصبحت تكنولوجيا المعلومات تشكل العمود‬
‫الفقري ألغلب المعامالت والتبادالت االقتصادية‪.‬‬
‫كما أدى االنتشار المتنامي للعقود المبرمة بوسائل االتصال الحديثة إلى شيوع ما يسمى‬
‫بالعقود اإللكترونية‪ ،‬هذه األخيرة باتت اليوم تطرح مجموعة من اإلشكاالت القانونية‪ ،‬ال سيما‬
‫الشق المتعلق باإلثبات‪ ،‬وذلك بالنظر لتعقد العالقات الناجمة عن مثل هذا النوع من العقود‪،‬‬
‫واختالف الوسيط المادي الذي يتم من خالله تحرير العقد وتدوين بنوده‪ ،‬ففي مثل هذا النوع‬
‫من التعاقد تثور مجموعة من األسئلة املحورية حول مدى اعتبار ما يتم تدوينه على الدعامات‬
‫غيرالورقية‪ ،‬هومن قبيل الكتابة المعتد بها في اإلثبات‪ ،‬ومدى حجية هذه الكتابة‪ ،‬ويزداد الوضع‬
‫تعقيدا فيما لو أراد أطراف العقد التمسك باملحرر اإللكتروني كدليل كتابي كامل‪ ،‬كما يطرح‬
‫التوقيع اإللكتروني باعتباره وليد مثل هذا النوع من المعامالت بدوره مجموعة من اإلشكاالت‪،‬‬
‫ذلك أن األخذ بالوسائل اإللكترونية في اإلثبات من شأنه أن يحرم األطراف المتعاقدة من امتالك‬
‫األدلة التي تثبت تصرفاتهم التعاقدية‪ ،‬كما ستدخلهم في متاهات البحث عن أدلة تقليدية يقبلها‬
‫المشرع مما يميع علهم الوقت والجهد‪.‬‬
‫لذلك بات من الواضح أن المصلحة العامة تقتض ي ضرورة انسجام النصوص القانونية‬
‫مع الوسائل التكنولوجيا بدال من التمسك بالمفاهيم التقليدية لإلثبات‪ ،‬كما أن درجة الوثوق‬
‫االجتماعي والتقني في وسائل االتصال الحديثة وصلت إلى حد كاف يجعل االلتزامات والحقوق‬
‫المعبر عنها بطريقة إلكترونية ال ينقصها إال االعتراف القانوني‪ .‬هذا ما يفتح باب النقاش أمام‬
‫اإلشكال المطروح بقوة على مستوى الو اقع العملي والمتعلق بمدى حجية الوسائل اإللكترونية‬
‫في اإلثبات؟‬
‫اإلجابة عن هذا التساؤل تطلبت تقسيمه إلى املحاور التالية‪ :‬املحور األول‪ :‬ماهية الوسائل‬
‫اإللكترونية؛ املحور الثاني‪ :‬مكانة الوسائل اإللكترونية ضمن منظومة اإلثبات؛ املحور الثالث‪:‬‬
‫اإلثبات بالوسائل اإللكترونية في العمل القمائي‪.‬‬
‫املحوراألول‪ :‬ماهية الوسائل اإللكترونية‬
‫من المسلم به أن التعرف على طبيعة وماهية الوثائق اإللكترونية التي تتم في أي تعامـل أو‬
‫عقد أو اتفاقية يتم إبرامهـا أو تنفيـذها بـشكل كـلي أو جزئـي بواسـطة المراسالت اإللكترونية‬
‫ومعرفة الموابط والشروط التـي تمـت بمقتـماها هذه المعامالت اإللكترونية يشكل مدخال‬
‫رئيـسيا للحكـم عـلى القـوة الثبوتيـة لتلـك المعامالت وبيان حجيتها أمام القماء‪.‬‬
‫وإذا كان المشرع المغربي لم يعط تعريفا محددا ودقيقا للوسائل اإللكترونية المعتد بها في‬
‫اإلثبات وترك األمرالجتهاد الفقهاء‪ ،‬فإن هذا األمرفتح العنان ألقالم الفقهاء والدارسين في املجال‬
‫القانوني والتقني إلعطاء تعريفات متنوعة تختلف باختالف مشارب وتكوين القائم على التعريف‪،‬‬
‫نذكر منها‪" :‬أي معلومات سواء كانت من صنع اإلنسان أو تم استخالصها من الحاسوب بشكل‬
‫يمكن قراءته أو تفسيره من أشخاص لديهم مهارات في إعادة تشكيل المعلومات بمساعدة برامج‬
‫الكمبيوتر"‪" ،617‬المعلومات أو البيانات التي يتم إنشاؤها ومعالجتها وإرسالها أو تخزينها‬
‫واسترجاعها بوسائل إلكترونية أو ضوئية أو بوسائل مشابهة‪ ،‬وسواء كانت هذه المعلومات‬
‫المستخدمة لغوية أو غيرلغوية مقروءة أو مسموعة أو منظورة اشتملت على عقد أو وعد أو عهد‬
‫أو إعالم أو التزام أو اتفاق أو غير ذلك سواء تم تبادلها في شكل رقمي أو تماثلي"‪" ،618‬األحرف‬
‫واألرقام أو اإلشارات الرقمية أو الرموزاألخرى ذات داللة واضحة محررة بطريقة إلكترونية‪ ،‬أو تم‬
‫تبادلها بشكل إ لكتروني باستخدام نظم المعالجة اآللية للمعطيات‪ ،‬وتمكن من التعرف بصفة‬
‫‪ -617‬خالد محمود إبراهيم‪ ،‬الجرائم المعلوماتية‪ ،‬مطبعة دار الفكر الجامعي باإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2007‬ص ‪.442‬‬
‫‪ - 618‬حسين بن محمد المهدي‪ ،‬القوة الثبوتية للمعامالت اإللكترونية‪ ،‬مجلة البحوث القضائية‪ ،‬إصدار المكتب الفني بالمحكمة العليا‬
‫للجمهورية اليمنية‪ ،‬العدد‪ 2004 ،4‬ص ‪ 12‬و ‪14‬ذ‬
‫أنظر كذلك التعريف الذي أورته المادة ‪ 2‬من قانون األونسيترال بشأن التجارة اإللكترونية‪.‬‬
‫قانونية على الشخص الذي صدرت عنه‪ ،‬ومحفوظة على حامل إلكتروني يؤمن قراءتها والرجوع‬
‫إليها عند الحاجة"‪.619‬‬
‫و انطالقا مما سبق‪ ،‬يمكن القول أن الوسائل اإللكترونية عبارة عن معلومات وبيانات‬
‫ناتجة من خالل رموز وتشفيرات رقمية تكونت في طبيعة معلوماتية مرتبطة بالحاسوب وشبكات‬
‫األنترنت‪ ،‬ويتم استخدامها وتداولها بشكل إلكتروني وتتخذ عدة أشكال‪ ،‬منها النصوص المرقنة‬
‫والصور والسمعيات والبصريات‪ ،‬وهي بيانات يصعب االحتجاج بها الرتباطها بالعالم االفتراض ي‬
‫المتطورباستمرار‪.‬‬
‫وعلى العموم فإن الوسائل اإللكترونية المعتمد عليها في مجال اإلثبات يمكن تقسيمها إلى‬
‫ثالث أنواع‪:‬‬
‫‪ -9‬املخرجات الورقية‪ :‬المقروءة على الورق وتستخرج عن طريق آلة الطابعة‪ ،‬أو عبر‬
‫الراسم؛‬
‫‪ -2‬املخرجات اإللكترونية‪ :‬عبارة عن أشرطة أو أقراص مغناطيسية أو ضوئية أو ليزرية؛‬
‫‪ -1‬مخرجات معالجة البيانات المعروضة على شاشة الحاسب اآللي‪ :‬هي المقروءة مباشرة‬
‫من على شاشة الحاسب اآللي أو اإلنترنت أو بواسطة الشاشات أو وحدة العرض المرئي‪.620‬‬
‫املحورالثاني‪ :‬مكانة الوسائل اإللكترونية ضمن منظومة اإلثبات‬
‫إن أهمية اإلثبات تكمن في معرفة صاحب الحق المتنازع فيه وصون حقوق األطراف‬
‫المتنازعة‪ ،‬واإلثبات بالوسائل اإللكترونية تتجلى في مدى اقتناع الجهة املحال إليها النزاع في‬
‫صحة المعلومات والوثائق اإللكترونية المدلى بها بالنظرلما تحتويه من معلومات موثوقة صادرة‬
‫عن األطراف ر افعة النزاع‪ ،‬والكيفية التي تم تخزينها واالحتفاظ بها وهي التي تكسب الوثيقة‬
‫اإللكترونية حجيتها في اإلثبات والتمسك بها أمام الجهات المعنية‪.‬‬
‫ولهذا عمدت بعض التشريعات إلى بيان الشروط والـموابط التـي يمكـن معها اعتبار‬
‫املحررات اإللكترونية كدليل في اإلثبات‪ ،621‬وتممنت التشريعات الوطنية والدولية المنظمة‬
‫‪- 619‬عبدالحكيم زروق‪ ،‬التظيم القانوني للمغرب الرقمي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2044‬ص ‪22‬‬
‫‪ - 620‬علي حسن الطواليه‪ ،‬مشروعية الدليل اإللكتروني المستمد من التفتيش‪ ،‬مركز اإلعالم األمني‪ ،2007 ،‬ص ‪4‬‬
‫‪ - 621‬أنظر المادة ‪ 2‬من قانون األونسيترال بشأن التجارة اإللكترونية‪.‬‬
‫للتجارة الدولية بوجه عام‪ ،‬وقوانين اإلثبات بوجه خاص‪ ،‬قواعد تقض ي بالمساواة في القيمة‬
‫القانونية ما بين التعاقدات التقليدية والعقد اإللكتروني‪ ،‬وذلك إلقرار حجية المستخرجات‬
‫اإللكترونية والمراسالت اإللكترونية ولممان موثوقيتها لالحتجاج بها عند االقتماء‪ ،‬حيث قررت‬
‫عدد من التشريعات معاييرللحجية تقوم على إثبات حصول االتصال وموثوقية المتصلين لتوفير‬
‫األمن والحماية للمعطيات المعالجة آليا لبعث الثقة لدى مستخدمي شبكة اإلنترنت‪.‬‬
‫وإذا كانت الوثيقة الرقمية قد حازت الشرط القانوني المؤيد لشرعية تواجدها وصحة‬
‫تداولها وذلك بعد موجة التعديالت التشريعية التي شملت القوانين الوطنية والدولية‪ ،‬فإن‬
‫اإلقرار بما تممنته هذه الوثيقة من أفعال أو أقوال يتطلب إضافة إلى االعتراف القانوني من‬
‫طرف المشرع المغربي الذي أعطى للوثيقة اإللكترونية نفس القوة الثبوتية التي تتمتع بها‬
‫الوثائق الكتابية العادية‪ ،‬وذلك بمقتض ى القانون رقم ‪ 21.72‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني‬
‫للمعطيات القانونية‪ ،‬الذي تمم الباب األول من القسم األول من الكتاب األول من ظهير‬
‫االلتزامات والعقود المتعلق بااللتزامات بوجه عام وكذا الباب السابع من نفس القسم المتعلق‬
‫باإلثبات بالكتابة وبمقتض ى التعديل األول أضيف الفصل ‪ 2-9‬الذي نص في فقرته األولى على أنه‬
‫"عندما يكون اإلدالء باملحررمطلوبا إلثبات صحة وثيقة قانونية‪ ،‬يمكن إعداد هذا املحرروحفظه‬
‫بشكل إلكتروني"‪ ،‬أما اإلضافة الثانية فقد شملت الفصل ‪ 9-290‬الذي جاء في فقرته األولى أنه‬
‫"تتمتع الوثيقة املحررة على دعامة إلكترونية بنفس قوة اإلثبات التي تتمتع بها الوثيقة املحررة‬
‫على الورق"‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فباإلضافة إلى االعتراف القانوني‪ ،‬هناك شروط أخرى موضوعية يتطلبها الدليل‬
‫الكتابي عامة سواء أكان دليال ماديا على دعامة ورقية‪ ،‬أم كان دليال غير محسوس محمل على‬
‫دعامة إلكترونية‪.‬‬
‫وتتلخص مجمل الشروط الموضوعية في إصباغ الحجية القانونية على الوثيقة‬

‫اإللكترونية‪ ،‬في تحقق الشروط المنصوص عليها في الفصلين ‪ 9-290‬و ‪ 2-290‬من قانون‬
‫االلتزامات والعقود‪:‬‬
‫أ‪ -‬شرط الكتابة في الوثيقة اإللكترونية‪ :‬لالعتداد بالوثيقة اإللكترونية كوسيلة إثبات متساوية‬
‫في القيمة القانونية مع الوثيقة الكتابية العادية البد لها أن تكون ثابتة ومستمرة في‬
‫مممونها‪ ،‬أي أن تكون الكتابة اإللكترونية على دعامة تممن ثباتها بشكل مستمرمع إمكانية‬
‫الرجوع إليها عند الحاجة وإمكانية االطالع على مممونها ومحتواها‪ ،622‬كما أن انخفاض‬
‫نسبة تعرض الدليل الكتابي اإللكتروني للتلف أو المياع بفمل ظهور إمكانيات التحفيظ‬
‫والتخزين في ذاكرات مختلفة داخل الدعامة اإللكترونية الواحدة‪ ،‬أصبحت معه الوثيقة‬
‫اإللكترونية تحقق شرط االستمرار والثبات الالزمين لقبول الدليل الكتابي اإللكتروني في‬
‫اإلثبات‪ ،‬كما وسع القانون رقم ‪ 21.72‬مفهوم الكتابة ليشمل الكتابة اإللكترونية‪ ،‬ونفس‬
‫الش يء بالنسبة لمفهوم التوقيع الذي اتسع كذلك ليستوعب التوقيع اإللكتروني‪ ،‬كما اعترف‬
‫بحجية الوثيقة اإللكترونية وسواها بالوثائق العادية وحدد الشروط الالزمة لالعتداد‬
‫بالدليل اإللكتروني في اإلثبات‪.‬‬
‫ب‪ -‬توقيع الوثيقة اإللكترونية‪ :‬يعتبرالتوقيع شرطا أساسيا في جميع املحررات ألنه يسمح بتحديد‬
‫هوية محرر الوثيقة فهو يثبت إقرار الموقع على ما هو مدون وموجود في املحرر‪ .‬واملحرر‬
‫اإللكتروني شأنه شأن أي محرر عادي ال ينتج آثاره القانونية دون توقيع يميز هوية الموقـع‬
‫ويعـبر عن مو افقته عليـه‪ ،623‬ذلك أن التحقق من هوية الشخص صاحب املحرر اإللكتروني‬
‫من بين الشروط األساسية لقبوله بصريح الفصل ‪ 9-290‬من قانون االلتزامات والعقود‬
‫(الفقرة الثانية) "تقبل الوثيقة املحررة بشكل إلكتروني لإلثبات‪ ،‬شأنها في ذلك شأن الوثيقة‬
‫املحررة على الورق‪ ،‬شريطة أن يكون باإلمكان التعرف بصفة قانونية‪ ،‬على الشخص الذي‬
‫صدرت عنه"‪ .‬وقد حاول المشرع المغربي تعريف التوقيع اإللكتروني من خالل الفقرة الثالثة‬
‫من الفصل ‪ 290-2‬من قانون االلتزامات والعقود التي تنص على أنه "عندما يكون التوقيع‬
‫إلكترونيا‪ ،‬يتعين استعمال وسيلة تعريف موثوق بها تممن ارتباطه بالوثيقة المتصلة به"‪،‬‬
‫ومن خالل المادة ‪ 2‬من القانون رقم ‪ 21-27‬المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعامالت‬
‫اإللكترونية‪" :‬التوقيع اإللكتروني البسيط‪ :‬توقيع يتجلى في استعمال طريقة ذات موثوقية‬
‫للتعريف اإللكتروني تممن ارتباط التوقيع بالوثيقة المتعلقة به ‪ ،‬ويعبر عن رض ى صاحب‬
‫التوقيع‪ ."...‬كما يمكن التوقيع اإللكتروني من حصول املحرراإللكتروني على تاريخ ثابت يمكن‬
‫االحتجاج به في حالة النزاع أو في حالة التقادم‪.‬‬
‫ت‪ -‬تحقق شرط التمامية في الوثيقة اإللكترونية‪ :‬أظهرت المعامالت المالية على األنترنت‪،‬‬
‫الحاجة لتوفيرللمعامالت اإللكترونية والبيانات اإلسمية‪ ،‬وذلك عن طريق شخص ثالث ليس‬
‫‪ - 622‬محمد حسام محمود لطفي‪ ،‬اإلطار القانوني للمعامالت اإللكترونية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪ ،2002‬ص ‪.24‬‬
‫‪ - 623‬حسين بن محمد المهدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫من أطراف العقد حتى يوثق البيانات المتبادلة وبصفة خاصة التوقيع اإللكتروني‪ ،‬ويشهد‬
‫بصحته دون أن يكون له مصلحة شخصية في هذه البيانات‪ ،‬مع إمكانية االحتفاظ باملحرر‬
‫اإللكتروني في شـكله األصـلي المتفق عليه‪ ،‬دون أن يلحقه أي تغيير‪ ،624‬وذلك باتباع مجموعة‬
‫من األنظمة التي أصبحت متداولة في العصر الحديث وتمكن من االحتفاظ اإللكتروني‬
‫للوثيقة‪.625‬‬
‫وبناء على سبق‪ ،‬متى تو افرت الشروط القانونية المشار إليها آنفا في الوثيقة اإللكترونية‬
‫الرسمية فإن ذلك يؤدي إلى قيام قرينة قانونية على سالمة وصحة الورقة اإللكترونية‪ ،‬وال‬
‫يستطيع أحد الطعن فيها إال بالزور‪ ،‬والوثيقة اإللكترونية تصبح رسمية بمجرد وضع التوقيع‬
‫اإللكتروني أمام موظف عمومي له صالحية التوثيق‪ ،‬ومتى فقدت الوثيقة هذا الشرط فإنها‬
‫تصبح عرفية‪ ،‬واملحررات اإللكترونية الرسمية أو العرفية تعد من أدلة اإلثبات متى استجمعت‬
‫شروط صحتها المذكورة أعاله‪ ،‬وتصلح إلثبات الوقائع والتصرفات القانونية باستثناء ما تنص‬
‫عليه الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 2.9‬من قانون االلتزامات والعقود‪" :‬غير أن الوثائق المتعلقة‬
‫بتطبيق أحكام مدونة األسرة واملحررات العرفية المتعلقة بالممانات الشخصية أوالعينية‪ ،‬ذات‬
‫الطابع المدني أو التجاري ال تخمع ألحكام هذا القانون‪ ،‬ماعدا املحررات المنجزة من لدن‬
‫شخص ألغراض مهنته"‪.‬‬
‫وبالنظر إلى الكيفية التي صيغت بها هذه الفقرة األخيرة من الفصل المذكور خاصة عبارة‬
‫"هذا القانون"‪ ،‬فإنها تفيد أن القانون المعني هو قانون االلتزامات والعقود طالما أن الفصل‬
‫المذكورورد في إطاره بدل القانون رقم ‪ 21.72‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية‪،‬‬
‫في حين أن نية المشرع ال يمكن أن تتجه إلى استثناء إخماع األحكام المذكورة من أحكام قانون‬
‫االلتزامات والعقود‪ ،‬ألن ذلك ال يستساغ ما دامت جميع التصرفات القانونية والعقود تخمع‬
‫ألحكام الشريعة العامة للقوانين وهي قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى الصياغة التي جاء بها هذا الفصل مع صياغة المادة ‪ 2‬من مدونة الحقوق‬
‫العينية التي تنص على أن جميع التصرفات المتعلقة بإنشاء الحقوق العينية أو نقلها أو تعديلها‬
‫‪ - 624‬أنظر‪ :‬المادة ‪ 2‬من قانون األونستيرال بشأن التجارة اإللكترونية‪.‬‬

‫‪ - 625‬يعد نظام التشفير من أهم وأنجع الوسائل التي تحافظ على سالمة الوثيقة اإللكترونية من التغيير والتحريف‪.‬‬
‫لمزيد من الت فاصيل حول نظام التشفي‪ ،‬أنظر‪ :‬نور الدين الرحالي‪ ،‬التطبيقات العملية الحديثة في قانون االستهالك‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة بالدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫أوإسقاطها يجب أن تحرربموجب محرررسمي‪ ،‬أوبمحررثابت التاريخ يحرره محام مقبول للتر افع‬
‫أمام محكمة النقض‪ ،‬فيالحظ تناقض بين النص العام الوارد في قانون االلتزامات والعقود‬
‫والنص الخاص الوارد في مدونة الحقوق العينية األمر الذي يستلزم معه تدخال تشريعيا‪ ،‬ألن‬
‫النسق التشريعي يقتض ي الحفاظ على انسجام النصوص القانونية وبنائها القانوني دون تعارض‬
‫بين العام والخاص‪.‬‬
‫كما أن املحطات المؤسسة للمغرب الرقمي التي تروم تنمية المنظومة التشريعية‬
‫بما تممنه من تبسيط العمليات والمساطر‪ ،‬وتسهيل التفاعالت‬ ‫الرقمية‪626‬‬ ‫والمؤسساتية‬
‫اإللكترونية‪ ،‬ورقمنة اإلجراءات اإلدارية وإزالة الطابع المادي عليها‪ ،‬بهدف تحسين عالقة اإلدارة‬
‫بالمواطن باعتباره أحد أهم مداخل إصالح اإلدارة‪ ،‬خاصة في ظل الورش المفتوح لمراجعة‬
‫مدونة األسرة التي يتم مراجعتها وفق منهجية تشاركية وتشاورية مع مختلف القطاعات الحكومية‬
‫المعنية وهيئات املجتمع المدني المهتمة بالموضوع‪ ،‬تنفيذا للتعليمات الملكية السامية الرامية‬
‫إلى تعديل بعض مقتمياتها تقتض ي إزالة الطابع المادي عن بعض أحكام مدونة األسرة وإلغاء‬
‫االستثناء المنصوص عليه في الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 2.9‬المذكورأعاله‪.627‬‬
‫وإذا كانت الحماية القانونية للمعطيات اإللكترونية بصفة عامة‪ ،‬جاءت من أجل المواكبة‬
‫القانونية للتطور الرقمي في أبعاده التقنية والتجارية واالقتصادية وتعزيز أمن نظم المعلومات‬
‫وخلق بيئة تشريعية تؤطرالتحول الرقمي‪ ،‬وتبعث روح الثقة في نفوس األشخاص‪ ،‬حيث كان لزاما‬
‫أن تكون القوانين مواكبة للتطورالتكنولوجي لتمييق الفجوة ما أمكن بين النصوص القانونية‬
‫والمعامالت اإللكترونية‪ ،‬والحماية القانونية ال تقتصرعلى الشق المدني فحسب‪ ،‬بل تتعداه إلى‬
‫الشق الجنائي‪.‬‬
‫‪ - 626‬شهد المغرب مجموعة من المحطات المؤسسة للمغرب الرقمي‪ :‬كاستراتيجية المغرب اإللكتروني ‪ ،2040/2002‬واستراتيجية‬
‫المغرب الرقمي‪ ،2044‬والمغرب الرقمي ‪ ،2020‬ومذكرة التوجهات العامة للتنمية الرقمية بالمغرب في أفق ‪ ،2022‬والنموذج التنموي‬
‫الجديد الداعي إلى تسريع التحول الرقمي وتأهيل البنيات التحتية الرقمية‪ ،‬واستراتيجية المغرب الرقمي ‪ ،2040‬األمر الذي دفع المشرع‬
‫المغربي إلى سن مجموعة من القوانين‪ :‬كالقانون رقم ‪ 14.20‬المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعامالت اإللكترونيةذ والقانون رقم ‪07.02‬‬
‫المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصيذ والقانون رقم ‪ 88.17‬المتعلق بإحداث المقاوالت بطريقة‬
‫إلكترونية‪ ،‬ومواكبتهاذ والقانون رقم ‪ 44.44‬القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من القانون رقم ‪ 42.72‬المتعلق بمدونة التجارة‪ ،‬فيما‬
‫يخص مساطر صعوبات المقاولة الذي نص على إمكانية القيام باإلجراءات المذكورة بشكل إلكترونيذ والقانون رقم ‪ 22.47‬المتعلق‬
‫بتبسيط المساطر واإلجراءات اإلداريةذ والقانون رقم ‪ 42.24‬المتعلق بالحالة المدنية‪.‬‬
‫‪ -627‬تعمل وزارة العدل حاليا على إعداد مشروع قانون رقم ‪ 22.24‬يقضي بتغيير الفصل ‪ 2.4‬من ظهير االلتزامات والعقود أحيل إلى‬
‫األمانة العامة للحكومة‪ ،‬والذي يرمي إلى حذف االستثناء الوارد فيه بخصوص أحكام مدونة األسرة‪ ،‬ألن هذا االستثناء يتعارض مع‬
‫استراتيجية الوزارة بخصوص التحديث الرقمي ورقمنة إجراءات ومساطر التقاضي وإحداث المنصات اإللكترونية الرسمية المعدة من‬
‫طرفها‪.‬‬
‫ونظرا ألهمية التدخل الجنائي في مجال تبادل المعطيات اإللكترونية‪ ،‬ودورذلك في تكريس‬
‫الثقة في التعامل بواسطة التكنولوجية الحديثة‪ ،‬واإلقبال على إنجاز المعامالت التي أضحت‬
‫قابلة للتوقيع والتشفير والمصادقة اإللكترونية‪ ،‬من لدن أجهزة حددت صالحياتها وشروط‬
‫اعتمادها بدقة‪ ،‬تدخل المشرع المغربي من خالل القانون رقم ‪ ،21.72‬لتحديد األفعال املخالفة‬
‫لهذا األخير‪ ،‬وعقوبتها من جهة‪ ،‬وكذا التدابير الوقائية‪ ،‬ورصد ومعاينة هذه املخالفات من جهة‬
‫ثانية‪.‬‬
‫إن ما شجع المشرع المغربي على مواكبة مستجدات العصر هو قانون التجارة الدولية‬
‫الذي دعا الحكومات والمنظمات الدولية للتحرك السريع لممان األمن القانوني فيما يتعلق‬
‫بمنح العقود المبرمة بوسائل االتصال اإللكترونية حجية اإلثبات‪ ،‬وقبول القماء لوسائل‬
‫اإلثبات الرقمية مع اعتبار كل إخبار أنش ئ أو استقبل أو سجل أو أرسل بجميع الوسائل‬
‫اإللكترونية والبصرية‪ ،‬وكافة الوسائل األخرى له حجية الكتابة على سند ورقي‪.‬‬
‫املحورالثالث‪ :‬اإلثبات بالوسائل اإللكترونية في العمل القمائي‬
‫إذا كان القماء كان والزال المالذ اآلمن لألفراد في حماية حقوقهم في حالة النزاعات الناشئة‬
‫بينهم‪ ،‬وإذا كان القاض ي يستند في حيثيات أحكامه على اإلثباتات والدالئل التي كونت قناعه في‬
‫بناء قراره‪ ،‬فإن بنية هذه اإلثباتات اختلفت وتطورت بتطور العصر وأصبح للدليل اإللكتروني‬
‫مكانة وحجية ضمن القرارات القمائية‪ ،‬وأمام االعتراف القانوني باإلثبات اإللكتروني أصبح دور‬
‫القاض ي ينحصرفي التحقق من مدى مشروعية الدليل اإللكتروني ومدى التزامه بالمبادئ العامة‬
‫لإلثبات وقوته الثبوتية‪ ،‬وإلعطاء نظرة عن كيفية تعامل القماء مع هذا النوع من الدالئل‬
‫نستعرض بعض االجتهادات القمائية في الموضوع‪:‬‬
‫اعتبرت محكمة النقض في قرارها عدد ‪ 217‬الصادر بتاريخ ‪ 92‬أبريل ‪ 2722‬في الملف‬
‫االجتماعي عدد ‪" :2729/9/2/21‬لئن كان الفصل ‪ 9-290‬من قانون االلتزامات والعقود قد أعطى‬
‫للوثيقة املحررة على دعامة إلكترونية نفس قوة اإلثبات التي تتمتع بها الوثيقة املحررة على الورق‪،‬‬
‫ويتم قبولها في اإلثبات شريطة أن يكون باإلمكان التعرف بصفة قانونية على الشخص الذي‬
‫صدرت عنه وأن تكون معدة ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها‪ ،‬وفي ظل نفي األجير‬
‫تقديمه ألي طلب استقالة أو إرساله عبر بريده اإللكتروني إلى البريد اإللكتروني لمديرة الشركة‬
‫الطالبة‪ ،‬فإن الشروط التي يقتميها الفصل ‪ 9-290‬من قانون االلتزامات والعقود لتكون‬
‫االستقالة المقدمة بواسطة الدعامة اإللكترونية لها نفس القوة الثبوتية للوثيقة املحررة على‬
‫الورق غيرمتوفرة في نازلة الحال‪ ،‬هذا إضافة إلى كون االستقالة ال تتوفرعلى الشروط المطلوبة‬
‫في المادة ‪ 12‬من مدونة الشغل وذلك بتصحيح إممائها من لدن الجهات املختصة حسبما ثبت‬
‫ملحكمة الموضوع‪ ،‬لتكون بذلك االستقالة عديمة األثر القانوني‪ ،‬وبعجز الطاعنة عن إثبات‬
‫مغادرة األجيرلعمله طبقا للمادة ‪ 61‬من مدونة الشغل يبقى الفصل الذي تعرض له األجيرمشوبا‬
‫بالتعسف يستحق عنه التعويض"‪.‬‬
‫كما أكدت محكمة النقض في قرارها عدد ‪ 920‬الصادر بتاريخ ‪ 21‬يناير ‪ 2791‬في الملف‬
‫االجتماعي عدد ‪" :2792/9/2/222‬إذا كانت الوثيقة املحررة على دعامة إلكترونية‪ ،‬تتمتع بنفس‬
‫قوة اإلثبات التي تتمتع بها الوثيقة املحررة على ورق‪ ،‬فإن ذلك مشروط بأن تكون الوثيقة مذيلة‬
‫بتوقيع إلكتروني مؤمن ومختومة زمنيا‪ ،‬وفقا للشروط المنصوص عليها بالفصلين ‪ 2-290‬و‪-290‬‬
‫‪ 1‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬وهما شرطين غير متوفرين في الوثيقة املحتج بها‪ .‬واملحكمة لما‬
‫ثبت لها أن المطلوبة اختارت توجيه رسالة إلكترونية إلى الطالب من أجل دعوته إلى االلتحاق‬
‫بالشغل‪ ،‬التي ال دليل على توصله بها في تاريخها‪ ،‬فإنها حين اعتمدت تصريح المطلوبة‪،‬‬
‫واستبعدت تصريحات الطالب‪ ،‬رغم أن المطلوبة هي المكلفة بإثبات المغادرة التلقائية للشغل‪،‬‬
‫تكون قد بنت قرارها على أساس غيرسليم"‪.‬‬
‫وذهبت محكمة النقض في قرارها عدد ‪ 229‬الصادربتاريخ ‪ 1‬ماي ‪ 2790‬في الملف االجتماعي‬
‫عدد ‪" :2796/9/2/2117‬من المقرر أن الوسائل االلكترونية تعتبر وسيلة إثبات أمام القماء ما‬
‫لم يثبت عكسها‪ .‬واملحكمة لما ردت تسجيالت الصوت والصورة المدلى بها من طرف المشغلة‪،‬‬
‫واعتبرت أن الفصل الذي تعرضت له األجيرة متسما بالتعسف تستحق عنه التعويض‪ ،‬بعلة أن‬
‫األجيرة أثبتت بواسطة محمر معاينة أنها رجعت إلى العمل ومنعت من طرف المشغلة‪ ،‬وأن‬
‫التسجيل المتعلق بالمو افقة على الرجوع إلى العمل شريطة االعتذار‪ ،‬يعد امتناعا من إرجاع‬
‫األجيرة إلى العمل لكونه مقيد بشرط االعتذار‪ ،‬وأن اإلنذارات الموجهة إلى األجيرة كانت بعد تاريخ‬
‫منعها من الرجوع إلى العمل‪ ،‬تكون قد عللت قرارها تعليال كافيا"‪.‬‬
‫وفي قرار آخر صادر عن محكمة النقض عدد ‪ 9620‬بتاريخ ‪ 26‬دجنبر ‪ 2791‬في الملف‬
‫االجتماعي عدد ‪ 2012/2/5/1628‬اعتبرت أن‪" :‬التعبير عن اإليجاب من خالل شبكة عالمية‬
‫لالتصاالت عن بعد وقبول التعبيرعنه بوسيلة إلكترونية له أثريلزم طرفي العقد‪ ،‬فمطالبة األجير‬
‫بالعمولة املحددة بالعقد اإللكتروني دليل على قبوله ما دام العقد اإللكتروني ال يعدو أ ن يكون‬
‫عقدا عاديا ال يختلف عنه إال في الطريقة التي انعقد بها عبروسائل االتصال الحديثة"‪.‬‬
‫كما أكدت محكمة النقض في قرارها عدد ‪ 21‬الصادر بتاريخ ‪ 2‬فبراير ‪ 2721‬في الملف‬
‫التجاري عدد ‪ 2729/9/1/9090‬أن‪" :‬للمحكمة سلطة اعتماد رسالة إلكترونية في إثبات القيام‬
‫بالمهام المتفق عليها في العقد‪ ،‬واعتبارها حجة في اإلثبات طبقا للفصل ‪ 9-290‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬طالما‬
‫أنها لم تكن محل منازعة من الطرف الصادرة عنه‪ ... ،‬كما أن وسائل اإلثبات المستند عليها ال‬
‫سيما الرسالة اإللكترونية تكون معه المعاملة موضوع الفاتورة المستدل بها ثابتة"‪.‬‬
‫و انطالقا من االجتهادات القمائية سالفة الذكريتبين أن القماء لم يخرج عن النهج الذي‬

‫سطرته المقتميات القانونية التي جاء بها المشرع المغربي في القوانين المؤطرة ملجال‬
‫المعامالت اإللكترونية‪ ،‬وأصبح بذلك مواكبا للتطورات التي طالت المعامالت بين األفراد الذين‬
‫اتجه جلهم إلى تغليب التعامل اإللكتروني على حساب التعامل التقليدي‪.‬‬
‫خالد محمود إبراهيم‪ ،‬الجرائم المعلوماتية‪ ،‬مطبعة دار الفكر الجامعي باإلسكندرية‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪.2771‬‬
‫حسين بن محمد المهدي‪ ،‬القوة الثبوتية للمعامالت اإللكترونية‪ ،‬مجلة البحوث‬

‫القمائية‪ ،‬إصدارالمكتب الفني باملحكمة العليا للجمهورية اليمنية‪ ،‬العدد‪. 2770 ،0‬‬
‫عبد الحكيم زروق‪ ،‬التظيم القانوني للمغرب الرقمي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار‬
‫البيماء‪ ،‬الطبعة األولى‪.2791‬‬
‫علي حسن الطواليه‪ ،‬مشروعية الدليل اإللكتروني المستمد من التفتيش‪ ،‬مركز اإلعالم‬
‫األمني‪.2771 ،‬‬
‫محمد حسام محمود لطفي‪ ،‬اإلطار القانوني للمعامالت اإللكترونية‪ ،‬دار النهمة العربية‪،‬‬
‫سنة ‪.2772‬‬
‫نور الدين الرحالي‪ ،‬التطبيقات العملية الحديثة في قانون االستهالك‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة بالدارالبيماء‪ ،‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫القانون رقم ‪ 92.12‬المتعلق بمدونة التجارة‪ ،‬فيما يخص مساطرصعوبات المقاولة الذي‬
‫نص على إمكانية القيام باإلجراءات المذكورة بشكل إلكتروني؛ والقانون رقم ‪ 22.91‬المتعلق‬
‫بتبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية؛ والقانون رقم ‪ 16.29‬المتعلق بالحالة المدنية‪.‬‬
‫النموذج المغربي لمحاربة اإلرهاب والتطرف بين‬

‫المقاربة األمنية والحقوقية‬
‫‪The Moroccan model of fighting terrorism and extremism between the‬‬
‫‪security and human rights approach‬‬
‫رغم ما يتميز به المغرب من تاريخ عريق في مملكته بفعل وجود دولة قوية وموحدة طورت‬
‫كفاءة وفعالية أجهزتها األمنية والعسكرية خاصة في السنوات األخيرة‪ ،‬ما ساعدها على مواجهة‬
‫التحديات واملخاطرالتي تواجهها وتهدد استقرارها املحسودة عليه‪ ،‬باإلضافة الختصاص المغرب‬
‫بنموذج تدين مجتمعي يميل إلى االعتدال واالنفتاح والتسامح ونبذ العنف والتطرف بشكل عام‬
‫جعل منه مقياسا يحتذى به‪ ،‬فإنه بالمقابل كان للتفجيرات اإلرهابية التي هزت الدار البيماء‬
‫بالمغرب يوم ‪ 96‬ماي ‪ ،2771‬الوقع األليم واألثر الكبير في نفوس المغاربة الذين استنكروا هذا‬
‫الفعل الدموي الشنيع والدخيل على قيمنا وديننا‪ ،‬وكشف عن وجود فراغ يستثمر خارج‬
‫الشرعية والوطنية لبناء األوهام والتغرير بشباب يائس من أجل تحقيق أحالم زائفة في ثوب‬
‫إجرامي مقيت‪ ،‬كما كانت هذه الهجمات الغادرة سببا ليقظة الدولة من أجل تحصين املجتمع‬
‫من أسباب اإلرهاب وتجفيف منابعه‪ ،‬باإلضافة للقيام بمراجعات على عدة مستويات من أجل‬
‫التفكير باستراتيجية جديدة للتعامل مع هذا الوضع المستجد لمواجهة التطرف والتهديد‬
‫اإلرهابي‪ ،‬تهم إعادة تدبير الحقل األمني والديني وتفعيل نموذج تنموي جديد للنهوض بأوضاع‬
‫املجتمع‪.‬‬
‫وعليه أضحى موضوع اإلرهاب والتطرف من المواضيع التي تمس آنيا ومستقبليا مسألة‬
‫األمن واالستقرار لكل الدول‪ ،‬والذي يعتبرمحورا أساسيا في سياستها العمومية الساعية لحماية‬
‫أمنها القومي من التحديات والتهديديات الداخلية والخارجية‪ ،‬إضافة للحفاظ على مكتسباتها‬
‫ومصالحها االستراتيجية على عدة مستويات سياسية و اقتصادية واجتماعية‪ ،...‬الش يء الذي‬
‫جعل البعض يذهب العتبار "اإلرهاب ال يمثل التهديد الناتج عن انتهاء الحرب الباردة بقدر ما‬
‫أصبح يمثل الظواهر التي تواكب همجية العولمة‪ ،‬أي أن استغالل التكنولوجية وتنقل األموال‬
‫واألشخاص سمح لهذا النشاط اإلجرامي يتحول من سالح المعفاء إلى سالح األقوياء‪ ،‬وبذلك‬
‫يسمح باستمرار الحرب بطريقة أخرى بأخذ مكان النزاعات الموجودة بين الدول"‪ 628 ،‬مما جعل‬
‫من اإلرهاب ظاهرة كونية عالمية ال حدود له وال يختص بجماعة معينة‪.‬‬
‫إضافة إلى أن مسألة التعامل مع الفكر التكفيري ومحاربة التطرف العنيف وكذا إحباط‬
‫العمليات اإلرهابية واعتقال منفذيها‪ ،‬يحكمها األخذ بمقاربتين يصعب الجمع بينهما إلى حد كبير‬
‫وهما المقاربة األمنية والمقاربة الحقوقية‪ ،‬والمغرب نموذج ناجح ويحتذى به في هذا الشأن‪ ،‬بل‬
‫نال التنويه واإلعجاب والتقديرمن العديد من األطراف الدولية التي سعت للتقرب منه واستلهام‬
‫تجربته الفريدة‪ ،‬وهذا النجاح لم يتأتى اعتباطيا بل عبر سيرورة من المنجزات والنجاحات التي‬
‫يقودها عاهل البالد الملك محمد السادس نصره الله بتوجيهاته السديدة والحكيمة‪ ،‬حفظت‬
‫للمغرب مكانته الجيوسياسية وهيبته األمنية ومكاسبه الحقوقية‪ ،‬وال أدل على ذلك ما أورده في‬
‫خطابه السامي لشعبه الوفي في ‪ 21‬ماي ‪ 2771‬إثراالعتداءات اإلرهابية التي ضربت الدارالبيماء‬
‫في ‪ 96‬ماي من نفس السنة والتي كانت صدمت أدت لتحول مفصلي في التعامل مع التهديدات‬
‫اإلرهابية‪ ،‬حيث مما جاء فيه‪" :‬أقول إن اإلرهاب لن ينال منا وسيظل المغرب وفيا اللتزاماته‬
‫الدولية مواصال بقيادتنا مسيرة إنجاز مشروعنا املجتمعي الديمقراطي الحداثي‪ ،...‬لكسب‬
‫معركتنا الحقيقية ضد التخلف والجهل واالنغالق‪ ،‬وهذا ضمن استراتيجيتنا الشمولية‬
‫المتكاملة األبعاد بما فيها الجانب السياس ي والمؤسس ي واألمني المتسم بالفعالية والحزم في إطار‬
‫الديمقراطية وسيادة القانون‪ ،‬والجانب االقتصادي واالجتماعي الذي يتوخى تحرير المبادرات‬
‫وتعبئة كل الطاقات لخدمة التنمية والتمامن‪ ،‬والجانب الديني والتربوي والثقافي واإلعالمي‬
‫لتكوين وتربية المواطن على فمائل االنفتاح والحداثة والعقالنية والجد في العمل واالستقامة‬
‫واالعتدال والتسامح"‪ .‬وبتالي تجسدت هذه الرؤية الملكية الحكيمة على أرض الو اقع من خالل‬
‫عمل جميع المتدخلين وتمافر جهودهم في مجال محاربة ظاهرة اإلرهاب والوقاية منه سواء‬
‫كانت جهات حكومية أو مجتمعا مدنيا وغيرهما‪ ،‬الش يء الذي مكن المغرب من االنخراط مبكرا‬
‫‪628‬‬
‫‪Nathalie Cettina. « Terrorisme.l’histoire de sa mondialisation ». France. Edition l’harmattan. 2001.p50.‬‬
‫في مواجهة هذا اإلرهاب وما يرتبط به من تكفير وتطرف وغلو في الدين بمختلف أشكاله‬
‫و أنواعه‪ 629،‬من خالل سياسة عامة منفتحة ومندمجة يتداخل فيها األمني بالحقوقي بالديني‪،‬‬
‫كان لها انعكاس إيجابي على الجوانب االجتماعية واالقتصادية للمجتمع المغربي‪ ،‬وحققت له‬
‫نجاحات مقدرة مواكبة للتحديات اإلقليمية والدولية ومكاسب سياسية جعلت منه أنموذجا‬
‫رائدا في مواجهة التطرف واإلرهاب‪ ،‬بناء على األخذ بالمقاربتين األمنية والحقوقية وهذا ما‬
‫سنفصلهما فيما يلي‪:‬‬
‫املحوراألول‪ :‬المقاربة األمنية في محاربة اإلرهاب والتطرف‬
‫األمن في مفهومه العام هو املحافظة على النظام العام من أي تهديد داخلي أو خارجي بفعل‬
‫حركة مسلحة أو مجموعة أفراد‪ ،‬ولحماية هذا المكسب فإن الدول يجب عليها توفير الوسائل‬
‫الكفيلة بذلك و اتخاذ التدابير الالزمة‪ ،‬على أن تكون هذه التدابير فعالة وشاملة أي ذات بعد‬
‫إقليمي ودولي لمالحقة اإلرهابيين وتقديمهم إلى العدالة‪ ،‬ألن مواجهة الجريمة اإلرهابية تتطلب‬
‫معاملتها بصفة خاصة نظرا لخطورتها ونتائجها المدمرة وحركيتها السريعة محليا و إقليميا‬
‫ودوليا‪ ،‬وحتى يتحقق ذلك وفق تصورمثالي يجب في مرحلة أولى وضع آليات قانونية لتنظيم المهام‬
‫وتنسيق العمل الميداني بين مختلف األجهزة المكلفة بمكافحة اإلرهاب داخليا‪ ،‬ثم التهيؤ لمرحلة‬
‫ثانية لحمل الدول للمو افقة على أرضية قانونية لتعزيز التعاون بين مختلف األجهزة األمنية‬
‫واالستخباراتية‪ ،‬ودول المغرب العربي المؤسس اتحادهم بمراكش في عام ‪ 9121‬هي األولى‬
‫بتنفيذ هذا التعاون ملحاربة اإلرهاب‪ ،‬نظرا لما تجمعهم من روابط تاريخية وجغر افية ومصالح‬
‫استراتيجية‪ 630.‬وفي هذا السياق عمل المغرب على تطوير استراتيجيته األمنية ملحاربة اإلرهاب‬
‫والتطرف بشكل متميز وعلى مستوى عالي‪ ،‬إذ لم يكتف بمواكبة الفعل اإلجرامي فقط بل نوع‬
‫أساليبه لمواجهته معتمدا على استراتيجية استباقية مخابراتية ثم استراتيجية اختر اقية‬
‫‪ 629‬تع ريف الغلو عند العالمة الطاهر بن عاشور بأنه‪ :‬ىالغلو في الغالب يبتكره قادة الناس ذوو النفوس الطامحة إلى السيادة أو القيادة‪،‬‬
‫بحسن نية أو بضدها إفراطا في األمور‪ ،‬وذلك بداعي التظاهر بالمقدرة وحب اإلغراب إلبهات نفوس األتباع لديهم وتحبيب االنقياد‪ ،‬أو حب‬
‫اإلكثار و الزيادة والتفريع في األمور المستحسنة لديهم‪ ،‬فإن النهم في المحبوب من نزاعات النفوسى‪ .‬أنظر كتابه‪ :‬أصول النظام االجتماعي‬
‫في اإلسالم‪ ،‬طبعة ‪ ،4720‬الشركة التونسية للنشر والتوزيع‪ ،‬ص‪ + .24:‬وفي تعريف لإلرهاب في منشورات حلف الناتو العسكرية بأنه‪:‬‬
‫ىاالستخدام او التهدي د غير المشروع باستخدام القوة أو العنف الذي يغرس الخوف واإلرهاب ضد األفراد أو الممتلكات في محاولة إلكراه‬
‫أو تخويف الحكومات أو المجتمعات‪ ،‬أو إحكام السيطرة على السكان‪ ،‬لتحقيق اهداف سياسية أو دينية أو إيديولوجيةى‪ + .‬وفي تعريف‬
‫للتطرف ذكر أنه‪ :‬ىاتخاذ الفرد موقفا متشددا يتسم بالقطيعة في استجاباته للمواقف االجتماعية التي تهمه والموجودة في بيئته التي يعيش‬
‫فيها هنا واآلن‪ ،‬وقد يكون التطرف إيجابيا في القبول التام‪ ،‬أو سلبيا في اتجاه الرفض التام‪ ،‬ويقع حد االعتدال في منتصف المسافة بينهماى‪.‬‬
‫للمزيد راجع‪ :‬الحسن حما‪ ،‬دراسة حول ىاستراتيجية المغرب في مواجهة التطرف واإلرهاب دراسة سوسيو‪-‬تاريخيةى‪ ،‬منشورات مركز‬
‫الملك فيصل للبحوث والدراسات اإلسالمية‪ ،‬بتاريخ يوليوز ‪ ،2042‬ص‪.4:‬‬
‫‪ 630‬للمزيد راجع‪ :‬جمال بوازدية‪ ،‬االستراتيجية المغاربية لمكافحة اإلرهاب‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في قسم الدراسات الدولية‪،‬‬
‫بكلية العلوم السياسية والعالقة الدولية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2044/20442‬ص‪.442:‬‬
‫هجومية‪ ،‬إضافة الستخدام آليات ومعدات متطورة مكنت المغرب من تحقيق نجاح في تفكيك‬
‫الخاليا اإلرهابية وكشف ذئابها المنفردة‪ ،‬وجعلت خبرته محل إشادة وطلب من لدن العديد من‬
‫الدول األوربية والصديقة التي وضعت في دائرة االستهداف مما مكنهم من تفادي العديد من‬
‫الهجمات اإلرهابية‪ .‬وعليه عمل المغرب على تنفيذ استراتيجية مهمة ملحاربة اإلرهاب والتطرف‬
‫تهم المقاربة األمنية من خالل االهتمام بالجانب القانوني وتقوية األمن الداخلي في تدبير اإلدارة‬
‫والسياسة العامة والشؤون املجتمعية‪ ،‬إضافة لتعزيز التعاون الدولي والشراكات الخارجية في‬
‫مجال األمن واالستخبارات وتبادل المعلومات‪ ،‬وذلك عبرمستويين الداخلي والخارجي‪:‬‬
‫‪ ‬أوال‪ :‬على المستوى الداخلي‬
‫‪ -‬التنصيص في الدستور المغربي الجديد لسنة ‪ 2799‬ضمن الفصل ‪ 22‬على إحداث مجلس‬
‫لألمن بصفته هيئة للتشاور بشأن استراتيجية األمن الداخلي والخارجي للبالد‪ ،‬وتدبير حالة‬
‫األزمات والسهر أيما على مأسسة ضوابط الحكامة األمنية الجيدة‪631.‬‬
‫‪ -‬إصدار قانون ‪ 71.71‬بتاريخ ‪ 22‬ماي ‪ 2771‬المتعلق بمكافحة اإلرهاب والذي يعد قانونا‬
‫استباقيا وتفصيليا لتجريم اإلرهاب والعقاب عليه‪ ،‬عقب وقوع التفجيرات الدموية بالدار‬
‫البيماء كدليل على حسن مواكبة المشرع المغربي لألحداث املجتمعية والمتطلبات‬
‫القانونية الطارئة‪ ،‬ورغم أنه لم يذكر ضمن هذا القانون تعريفا للجريمة اإلرهابية‪ ،‬إال أنه‬
‫عدد األفعال المعتبرة في حكم القانون إرهابية وحدد أركانها التي تقوم عليها وكذا العقوبات‬
‫المتنوعة الموازية القتر افها كبعض التشريعات المقارنة‪632.‬‬
‫‪ 631‬أنظر‪ :‬ظهير شريف رقم ‪ 4.44.74‬صادر في ‪ 24‬شعبان ‪ 27( 4142‬يوليوز ‪ )2044‬بتنفيذ نص الدستور المغربي‪ ،‬منشور بالجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 2721‬مكرر الصادرة بتاريخ ‪ 22‬شعبان ‪ 40( 4142‬يوليوز ‪ ،)2044‬حيث جاء في فصله ‪ :21‬ىيحدث مجلس أعلى لألمن‬
‫بصفته هيئة للتشاور بشأن استراتيجيات األمن الداخلي والخارجي للبالد‪ ،‬وتدبير األزمات‪ ،‬والسهر أيضا على مأسسة ضوابط الحكامة‬
‫األمنية الجيدة‪ .‬يرأس الملك هذا المجلس‪ ،‬وله أن يفوض لرئيس الحكومة صالحية رئاسة اجتماع هذا المجلس على أساس جدول أعمال‬
‫محدد‪...‬ى‪.‬‬
‫‪ 632‬للمزيد راجع‪ :‬يوسف بن ناصر‪ ،‬الجريمة اإلرهابية بالمغرب وآليات المكافحة القانونية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬مطبعة دار القلم‪ ،‬طبعة ‪.2001‬‬
‫بخصوص بعض التشريعات المقارنة‪ :‬نجد المشرع الفرنسي لم يفرد قانونا خاصا بمكافحة اإل رهاب بل أورد نصا خاصا بمكافحته ضمن‬
‫قانون العقوبات رقم ‪ 4020/22‬الصادر في ‪ 7‬شتنبر ‪ ،4722‬ولم يورد هذا القانون تعريفا لإلرهاب لكن حدد مجموعة من الجرائم التي‬
‫اعتبرها إرهابية إذا اتصلت بمشروع إجرامي فردي أو جماعي يهدف إلى اإلخالل بالنظام العام بصورة خطيرة‪ .‬بالمقابل نجد المشرع‬
‫الجزائري بنص بالمادة ‪ 24‬مكرر ضمن األمر رقم ‪ 44/72‬المتعلق بالجرائم الموصوفة أفعاال إرهابية وتخريبية والذي تم دمجه بقانون‬
‫العقوبات‪ ،‬بأنه‪ :‬ىيعتبر فعال إرهابيا أو تخريبيا في مفهوم هذا األمر‪ ،‬كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسالمة الترابية‬
‫واستقرار المؤسسات وسيرها العاديى‪.‬‬
‫‪ -‬إصدار قانون ‪ 92.26‬بتاريخ ‪ 27‬ماي ‪ 2792‬معدل ومتمم للقانون ‪ ،71.71‬والذي يجرم‬

‫االلتحاق ببؤرالتوتربشكل فردي أو جماعي في إطارمنظم وغيرمنظم بالتنظيمات اإلرهابية‪.‬‬
‫‪ -‬إصدار قانون ‪ 92.92‬في مارس ‪ 2791‬متعلق بمكافحة وتمويل اإلرهاب‪ ،‬نص على فرض‬
‫عقوبات سجنية وغرامات على المتورطين في تبيض األموال وتمويل األعمال اإلرهابية‪ ،‬مما‬
‫أهل المغرب الحتالل تصنيف "أساس ي" دوليا بفعل جهوده في هذا الشأن‪.‬‬
‫‪ -‬إصدار الدورية رقم ‪ 22‬بتاريخ ‪ 92‬نونبر ‪ 2791‬والدورية رقم ‪ 92‬بتاريخ ‪ 17‬أبريل ‪ ،2729‬عن‬
‫رئاسة النيابة العامة دعت فيهما إلى العمل على تفعيل المقتميات الموضوعية واإلجرائية‬
‫ذات الصلة بمكافحة جرائم غسيل األموال وتمويل اإلرهاب‪ ،‬مع إجراء األبحاث المالية‬
‫الموازية واالستفادة من تحليالت الهيأة الوطنية للمعلومات المالية وكذا تفعيل إجراءات‬
‫الحجز والتجميد‪ ،‬وكل هذا في سياق المساهمة الفعالة للسلطة القمائية ولجهاز النيابة‬
‫العامة المغربية في الجهود الدولية لمكافحة اإلرهاب‪ ،‬وتتويجا للمشاركة في مسار تقييم‬
‫المنظومة الوطنية لمكافحة غسيل األموال وتمويل اإلرهاب من قبل مجموعة العمل المالي‬
‫لشمال إفريقيا والشرق األوسط‪ ،‬باإلضافة للمساهمة في مجال التعاون القمائي الدولي‬
‫وتفعيل إجراءاته من خالل تنفيذ اإلنابات القمائية وطلبات تسليم املجرمين ومعالجة‬
‫الشكايات الرسمية ذات الصلة بغسل األموال‪ ،‬حيث أفادت المديرية العامة لألمن الوطني‬
‫من خالل تقديم حصيلة عملها بتاريخ ‪ 22‬يوليوز ‪ 2722‬للصحافة والرأي العام‪ ،‬عن تعميم‬
‫المكتب المركزي الوطني ل‪ 22‬أمرا دوليا بإلقاء القبض تكللت بتوقيف ‪ 62‬شخصا بالخارج‬
‫كانوا يشكلون موضوع بحث من طرف السلطات القمائية المغربية‪ ،‬كما تم تنفيذ ‪ 26‬إنابة‬
‫قمائية دولية و‪ 9229‬مذكرة بحث وطنية استجابة ألوامردولية بإلقاء القبض الصادرة عن‬
‫مكاتب إنتربول في الدول األجنبية‪ ،‬كل هذا خالل النصف األول من السنة الجارية ‪.2722‬‬
‫‪ -‬تأسيس المكتب المركزي لألبحاث القمائية (البسيج) التابع للمديرية العامة لمر اقبة‬
‫التراب الوطني بتاريخ ‪ 27‬مارس ‪ ،2792‬والذي له اختصاص وطني من حيث تحديد مجال‬
‫اشتغاله بموجب المادة ‪ 972‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬التي تنص على أنه ينظر ضمن‬
‫مجال عمله في جرائم اإلرهاب والعصابات اإلجرامية والقتل والتسميم واملخدرات والمؤثرات‬
‫العقلية‪ ،‬وكذا جرائم تزوير العملة وسندات القرض العام وما يهم حماية الصحة العامة‬
‫واألسلحة والذخيرة والمتفجرات واالختطاف واحتجازالرهائن‪ ،‬كما تم تعديل المادة ‪ 27‬من‬

‫قانون المسطرة الجنائية بموجب قانون ‪ 12.99‬بتاريخ ‪ 90‬أكتوبر ‪ 2799‬يقض ي بمنح الصفة‬
‫المبطية ألطر المديرية العامة لمر اقبة التراب الوطني‪ ،‬كما يشهد لعمل المكتب المركزي‬
‫لألبحاث القمائية بتعاون مع باقي القطاعات األمنية األخرى بالنجاحات المتميزة في إحباط‬
‫العديد من املحاوالت اإلرهابية وتفكيك العديد من الشبكات اإلجرامية التي كانت تهدد أمن‬
‫واستقرارالبالد‪ ،‬وحسب إحصائيات سابقة ملجموع عمليات المكتب المركزي إلى حدود سنة‬
‫‪ 633،2729‬والتي تعرف تطورا ألرقامها وزيادة في عملياتها بحسب التدخالت األمنية الناجحة‪،‬‬
‫فقد تم تفكيك وإحباط ما يزيد عن ‪ 22‬خلية إرهابية‪ 2 ،‬منها خلية مسلحة و‪ 02‬خلية لها‬
‫عالقة بتنظيم داعش اإلرهابي وذئابه المنفردة‪ ،‬حيث تم مؤخرا إيقاف أحد المتطرفين‬
‫الموالين له بمدينة تطوان في ‪ 99‬غشت ‪ ،2722‬سبقته عملية توقيف أمنية ناجحة لمتطرف‬
‫بمدينة بركان في شهر ماي ‪ 2722‬وقبلها تفكيك خلية إرهابية بمدينة وجدة بتاريخ ‪ 22‬مارس‬
‫‪ 2729‬بناء على تعاون استخباراتي مغربي وأمريكي‪ ،‬إضافة لتعاون أمني استخباراتي بين‬
‫المغرب وإسبانيا أسفر مؤخرا بتاريخ ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2722‬على تفكيك خلية إرهابية تنشط في كل‬
‫من مدينتي الناظور ومليلية املحتلة‪ ،‬أما بخصوص عدد الموقوفين على ذمة قمايا اإلرهاب‬
‫والتطرف الذين تم تقديمهم للعدالة فقد بلغ ما يزيد عن ‪ 9120‬شخص منهم ‪ 22‬من ذوي‬
‫السوابق القمائية في اإلرهاب و‪ 92‬امرأة و‪ 12‬قاصر‪ ،‬إضافة العتقال نحو‪ 207‬شخصا ممن‬
‫عادوا للمملكة بعد أن التحقوا بالتنظيمات اإلرهابية ببؤر التوتر والصراع بكل من سوريا‬
‫والعراق وليبيا‪ ،‬منهم ‪ 222‬شخصا لهم سوابق في قمايا اإلرهاب والتطرف‪ .‬ونظرا للنجاحات‬
‫األمنية واالستخباراتية التي قام بها المكتب المركزي لألبحاث القمائية‪ ،‬فقد عرف مقره‬
‫بالرباط زيارة لحوالي ‪ 27‬سفيرمعتمد لدى المغرب من مختلف دول العالم بقيادة المؤسسة‬
‫الديبلوماسية ورئيسها السيد عبد العاطي حابك‪ ،‬وذلك للتعرف على أنشطته املختلفة في‬
‫محاربة اإلرهاب والجريمة المنظمة وتعاونه األمني مع باقي الشركاء الذين يعترفون ويشدون‬
‫بها‪.‬‬
‫‪ 633‬ذكرت هذه اإلحصاءات الرسمية لحصيلة عمل المكتب المركزي لألبحاث القضائية منذ تأسيسه ‪ 2042‬إلى سنة ‪ ،2024‬بالندوة الصحفية‬
‫التي عقدها رئيسه السيد حبوب الشرقاوي (الذي خلف الراحل المقتدر عبد الحق الخيام المتوفي في غشت ‪ ،)2022‬بالرباط بتاريخ ‪47‬‬
‫يوليوز ‪ ، 2024‬إضافة لحوارات صحفية أجرها المسؤول األمني مع عدة منابر صحفية في شهر دجنبر ‪ 2024‬أورد من خاللها هذه‬
‫المعطيات اإلحصائية‪.‬‬
‫‪ +‬للمزيد أنظر ملف خاص حول اإلرهاب والتطرف‪ ،‬ومعطيات حول عمل المكتب المركزي لألبحاث القضائية‪ :‬جريدة المنعطف‪ ،‬العدد‬
‫‪ 2212‬صادر بتاريخ ‪ 42‬ماي ‪ + .2022‬جريدة النهار المغربية‪ ،‬العدد ‪ ،2124‬صادر بتاريخ ‪ 42‬ماي ‪.2022‬‬
‫‪ -‬تأسيس معهد العلوم واألدلة الجنائية التابع للمعهد الملكي لتكوين وتدريب رجال الشرطة‬
‫بالقنيطرة سنة ‪ ،2791‬ليعززدورالبحث والتحقيق الذي يقوم به معهد علوم األدلة الجنائية‬
‫بالرباط التابع لجهازالدرك الملكي واملحدث سنة ‪ ،9121‬إضافة لتطويرعمل الفرقة الوطنية‬
‫للشرطة القمائية ومختبراتها العلمية وتفعيل أدوارها وتدخالتها األمنية المتعددة‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد المغرب على إصدار البطاقة الوطنية االلكترونية بداية العام ‪ ،2727‬وسبقه إصدار‬
‫جواز السفر البيومتري المنظم بمرسوم صادر في ‪ 21‬أكتوبر ‪ ،2772‬للحد من خطر تزييف‬
‫وتزوير هذه الوثائق الرسمية واستغاللها من طرف المنظمات اإلرهابية‪ ،‬للتنقل عبر البلدان‬
‫المستهدفة أو الدخول للمملكة بغرض لزعزعة أمنها واستقرارها كذئاب منفردة يتم‬
‫اصطيادها باحتر افية‪.‬‬
‫‪ -‬تطبيق المغرب ملخطط أمني باسم "حذر" منذ شهرأكتوبر‪ 2792‬وتنزيل تنفيذه بداية في ستة‬
‫مدن كبرى بربوع المملكة‪ ،‬مع نشر آليات وعناصر مختلطة أمنية وعسكرية ذوي االحتر افية‬
‫في المو اقع االستراتيجية الحساسة واألماكن العامة‪ ،‬للمزيد من اليقظة واالستباقية عند‬
‫التدخالت األمنية العاجلة وحماية للمواطنين والزائرين األجانب على حد سواء من أي تهديد‬
‫أو مخاطرقد يتعرضون لها‪ ،‬الش يء الذي كان له التفاعل اإليجابي واألثرالكبيرلدى الساكنة‬
‫وأشاع المزيد من الطمأنينة والثقة في األجهزة األمنية داخل املجتمع‪ ،‬خاصة تلك‬
‫المتخصصة في مكافحة اإلرهاب كإحدى أهم العناصرفي المعادلة األمنية ألنها تمثل من جهة‬
‫حلقة وصل بين مختلف الهيئات التشريعية والقمائية للوصول إلى التطبيق السليم‬
‫لإلجراءات المنصوص عليها في القوانين واالتفاقيات‪ ،‬ومن جهة ثانية تمثل الدرع الواقي‬
‫للدولة للتصدي للتهديدات الداخلية والتحديات الخارجية‪ ،‬خاصة وأن خطراإلرهاب أضحى‬
‫له تأثيرعلى السلم واألمن العام وأن مكافحته مهمة الجميع‪ ،‬وبتالي فالتصورالذي تنطلق منه‬
‫الدولة لرسم استراتيجيتها يجب أن يكون أساسه وحدة الفكر‪ ،‬المروري ملحاربة اإلرهاب‬
‫جماعيا دون إقصاء أحد في موقف واحد يمفي الشرعية على القرار السياس ي ويدعمه‪،634‬‬
‫وهذا ما يتميز به المغرب من وحدة الصف قيادة وشعبا من أجل نبذ اإلرهاب والتطرف‬
‫ومحاربته‪.‬‬
‫‪ 634‬أنظر‪ :‬محمد مؤنس‪ ،‬تحديث أجهزة مكافحة اإلرهاب وتطوير أساليبها‪ ،‬منشورات مركز الدراسات واألبحاث بجامعة نايف للعلوم‬
‫األمنية‪ ،‬الرياض‪ ،‬طبعة ‪ ،2002‬العدد ‪ ،104‬ص‪.222:‬‬
‫‪ -‬النجاح العسكري المهم الذي حققه المغرب بتأمينه لمعبرالكركرات بتاريخ ‪ 91‬نونبر‪،2727‬‬
‫مما مكن من دحر ميليشيات ما تسمى بالبوليزاريو وخيبة أملهم في أن يكون لهم قدم وجود‬
‫بقرب حدود الصحراء المغربية‪ ،‬خاصة بعد كشف مخططاتهم التخريبية ومحاولة زعزعتهم‬
‫للوضع األمني بالطريق التجاري جنوب الصحراء عبر الحدود الموريتانية المغربية‪ ،‬الش يء‬
‫الذي يهدد حرية التنقل وأمن و اقتصاد دول الساحل والصحراء ومبادالتهم التجارية مع‬
‫االتحاد األوربي‪ ،‬كما كشف الوجه اإلرهابي لهذه الميليشيا في تحركاتها المشبوهة لمرب أمن‬
‫واستقرار المنطقة ككل‪ ،‬إذ ثبت التحاق حوالي ‪ 977‬عنصر من ميليشيا البوليزاريو‬
‫بالتنظيمات اإلرهابية السيما تنظيم القاعدة في بالد المغرب اإلسالمي‪ ،‬ونتيجة لذلك استفاد‬
‫المغرب من هذه الورقة الرابحة واستمر في انتزع اعتراف بمغربية الصحراء واإلشادة بحل‬
‫الحكم الذاتي الو اقعي وذو المصداقية في حل النزاع المفتعل‪ ،‬من بلدان لها وزنها على‬
‫المستوى الدولي كالواليات المتحدة األمريكية باعتبارالرئيس األمريكي السابق دونالد ترامب‬
‫في دجنبر ‪ 2727‬أن الصحراء الغربية جزء من وحدة السيادة وجغر افية الخريطة للمملكة‬
‫المغربية‪ ،‬وكذا مستجد موقف الحكومة اإلسبانية من مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء‬
‫المغربية‪ ،‬الذي اعتبرته في البيان اإلسباني المغربي الصادر في ‪ 0‬أبريل ‪ 2722‬بأنه األساس‬
‫األكثر جدية وو اقعية ومصداقية لحل النزاع‪ ،‬مع تبني نفس الموقف بالنسبة للحكومة‬
‫األلمانية وكذا الهولندية التي أعلنت أن مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب في سنة‬
‫‪ 2770‬مساهمة جادة وذات مصداقية في العملية السياسية التي ترعاها األمم المتحدة‬
‫إليجاد حل لقمية الصحراء‪ ،‬الش يء الذي توج في ‪ 1‬يوليوز‪ 2729‬بتوقيع خطة عمل مشتركة‬
‫بين البلدين‪ ،‬من أجل تعزيز التعاون لتعزيز العمل الثنائي على مستوى مجاالت عديدة منها‬
‫الهجرة واألمن في إطار احترام السيادة والمصالح المشتركة بينهما‪ ،‬إضافة لتأييد عربي‬
‫و إفريقي واسع كدول مجلس التعاون الخليجي ودولة كينيا حيث أكد الرئيس وليام روتو في‬
‫حسابه الرسمي بتاريخ ‪ 92‬شتنبر‪ 2722‬أن بالده ستشرع في خطوات إنهاء وجود الكيان الوهمي‬
‫في البالد‪ ،‬مما يبرهن على مكانة المغرب في الديبلوماسية الخارجية وفي الخبرة العسكرية‬
‫والقوة األمنية واالستخباراتية التي يسعى الكل للتنسيق معه‪ ،‬وهذا ما أكده الخطاب الملكي‬
‫السامي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب في ‪ 20‬غشت ‪ 635،2722‬بالتأكيد على تحقيق‬
‫‪ 635‬جاء في الخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب في ‪ 20‬غشت ‪ :2022‬ىلقد تمكنا خالل السنوات األخيرة‪ ،‬من‬
‫تحقيق إنجازات كبيرة على الصعيدين اإلقليمي والدولي‪ ،‬لصالح الموقف العادل والشرعي للمملكة بخصوص مغربية الصحراء‪ ،‬وهكذا‬
‫عبرت العديد من الدول الوازنة عن دعمها وتقديرها اإليجابي لمبادرة الحكم الذاتي‪ ،‬في احترام لسيادة المغرب الكاملة على أراضيه كإطار‬
‫إنجازات كبيرة على الصعيدين اإلقليمي والدولي لصالح الموقف العادل والشرعي للمملكة‬
‫بخصوص مغربية الصحراء‪ ،‬تجسد في قرار الدعم من اإلدارة األمريكية واإلسبانية مع قيام‬
‫حوالي ‪ 17‬دولة بفتح قنصليات في األقاليم الجنوبية‪...‬‬
‫‪ ‬ثانيا‪ :‬على المستوى الخارجي‬
‫‪ -‬المغرب موقع ومصادق على المواثيق الدولية واالتفاقيات القانونية والمعاهدات األممية‬
‫التي تصب في اتجاه محاربة اإلرهاب والتطرف‪ ،‬ومكافحة الجرائم المنظمة العابرة للحدود‬
‫عبر التنسيق مع مكتب األمم المتحدة المعني باملخدرات والجرائم الدولية‪ ،‬تحقيقا لألمن‬
‫والسلم العالمي الذي صادقت الجمعية العامة لألمم المتحدة على اعتبار يوم ‪ 96‬ماي من‬
‫كل سنة ليكون يوما عالميا للعيش بسالم‪ .‬أما بخصوص الصكوك القانونية الدولية‬
‫المتعلقة باإلرهاب فمنذ عام ‪ 9161‬وضع املجتمع الدولي ‪ 91‬صكا قانونيا دوليا لمنع األعمال‬
‫اإلرهابية‪ُ ،‬ووضعت تلك الصكوك تحت رعاية األمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية‬
‫وهي مفتوحة لمشاركة جميع الدول األعماء‪ ،‬ومنها الصكوك المتعلقة بالطيران المدني‬
‫كاتفاقية عام ‪ 2797‬لمنع األعمال غير المشروعة المتعلقة بالطيران المدني الدولي‪ ،‬وصك‬
‫بشأن أخذ الرهائن تؤطره االتفاقية الدولية لمناهمة أخذ الرهائن لعام ‪ ،9101‬ثم صك‬
‫بشأن التفجيرات اإلرهابية متعلق باالتفاقية الدولية لعام ‪ 9110‬لقمع الهجمات اإلرهابية‬
‫بالقنابل‪ ،‬وكذا صك بشأن تمويل اإلرهاب تحكمه االتفاقية الدولية لعام ‪ 9111‬لمنع تمويل‬
‫اإلرهاب‪ ،‬باإلضافة للصك المتعلق باإلرهاب النووي الذي تنص عليه االتفاقية الدولية لعام‬
‫‪ 2772‬لقمع أعمال اإلرهاب النووي‪ .‬أما بخصوص استراتيجية األمم المتحدة العالمية‬
‫لمكافحة اإلرهاب‪ 636،‬فقد اعتمدتها الجمعية العامة لألمم المتحدة بتو افق اآلراء واألعماء‬
‫وحيد لحل هذا النزاع اإلقليمي المفتعل‪ ،‬فقد شكل الموقف الثابت للواليات المتحدة األمريكية حافزا حقيقيا ال يتغير بتغير اإلدارات وال يتأثر‬
‫بالظرفيات‪ ،‬كما نثمن الموقف الواضح والمسؤول لجارتنا إسبانيا التي تعرف جيدا أصل هذا النزاع وحقيقته‪ ،‬وقد أسس هذا الموقف اإليجابي‬
‫لمرحلة جديدة من الشراكة المغربية اإلسبانية ال تتأثر بالظروف اإلقليمية وال بالتطورات السياسية الداخلية‪ ،‬وإن الموقف البناء من مبادرة‬
‫الحكم الذاتي لمجموعة من الدول األوروبية منها ألمانيا وهولندا والبرتغال وصربيا وهنغاريا وقبرص ورومانيا‪ ،‬سيساهم في فتح صفحة‬
‫جديدة في عالقات الثقة وتعزيز الشراكة النوعية مع هذه البلدان الصديقة‪ ،‬وبموازاة مع هذا الدعم قامت حوالي ثالثين دولة بفتح قنصليات‬
‫في األقاليم الجنوبية تجسيدا لدعمها الصريح للوحدة الترابية للمملكة ولمغربية الصحراء‪ ،‬وال يسعنا بهذه المناسبة إال أن نجدد عبارات‬
‫التقدير إلخواننا ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية الشقيقة وخاصة األردن والبحرين واإلمارات‪ ،‬وجيبوتي وجزر القمر‪ ،‬التي فتحت‬
‫قنصليات بالعيون والداخلة‪ ،‬كما نشكر باقي الدول العربية التي أكدت باستمرار دعمها لمغربية الصحراء وفي مقدمتها دول مجلس التعاون‬
‫الخليجي ومصر واليمن‪ ،‬ونود هنا أن نعبر أيضا عن اعتزازنا بمواقف أشقائنا األفارقة‪ ،‬حيث قامت حوالي ‪ 10‬في المئة من الدول اإلفريقية‬
‫تنتمي لخمس مجموعات جهوية بفتح قنصليات في العيون والداخلة‪ .‬وتشمل هذه الدينامية أيضا دول أمريكا الالتينية ومنطقة الكاريبي‪ ،‬حيث‬
‫قامت العديد منه ا بفتح قنصليات في الصحراء المغربية‪ ،‬وقررت دول أخرى توسيع نطاق اختصاصها القنصلي ليشمل األقاليم الجنوبية‬
‫للمملكةى‪.‬‬
‫‪ 636‬حسب دراسة قام بها بروس هوفمان خبير في المسائل األمنية سنة ‪ 2000‬بسيدني بأستراليا تحت عنوان‪ :‬ىحول استراتيجية مكافحة‬
‫اإلرهابى (منشورات أممية)‪ ،‬شملت التجربة التي مرت بها إنجلترا وإيطاليا وألمانيا وروسيا في مكافحة اإلرهاب‪ ،‬وتبين أن النتائج اإليجابية‬
‫المحققة في مواجهة الظاهرة اإلرهابية قوامها العناصر التي سبق وأن اقترحها لبكس سميث الخبير األممي في مكافحة اإلرهاب وهي‪:‬‬
‫بتاريخ ‪ 2‬شتنبر ‪ ،2776‬وهي استراتيجية عالمية فريدة لتعزيز الجهود الوطنية واإلقليمية‬
‫والدولية لمكافحة اإلرهاب يستعرض عملها كل عامين‪ ،‬مما يجعلها وثيقة حية تتو افق مع‬
‫أولويات الدول األعماء في مكافحة اإلرهاب‪ ،‬باإلضافة لوجود خطة العمل األممية لمنع‬
‫التطرف العنيف التي طرحها األمين العام لألمم المتحدة في عام ‪ ،2796‬وشجعت الجمعية‬
‫العامة الدول األعماء في قراريها ‪ A/RES/70/291‬و‪ A/RES/72/284‬لالستعراض الخامس‬
‫والسادس من فترة السنتين الستراتيجية األمم المتحدة العالمية لمكافحة اإلرهاب‪ ،‬على‬
‫النظرفي تنفيذ التوصيات ذات الصلة الواردة في خطة العمل وتطويرخطط العمل الوطنية‬
‫واإلقليمية الخاصة بهم‪.‬‬
‫‪ -‬انتخاب المغرب في ‪ 99‬أكتوبر‪ 2722‬بنيويورك لثالث مرة ضمن األعماء ‪ 20‬المشكلين ملجلس‬
‫حقوق اإلنسان التابع لألمم المتحدة الذي يوجد مقره بجنيف للفترة ‪ ،2722/2721‬ومن‬
‫الدور األول بأغلبية ساحقة بـ ‪ 902‬صوتا من أصل ‪ ،911‬وهذا دليل على ثقة املجتمع الدولي‬
‫في المملكة المغربية وتأكيد لمصداقية اإلصالحات المؤسساتية والتشريعية التي تحمي‬
‫الحريات وحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬المغرب شريك استراتيجي حقيقي في مجال مكافحة اإلرهاب والتطرف‪ ،‬بفمل مقاربته‬
‫الشمولية واالستباقية الناجحة إلجهاض املخططات اإلرهابية وتفكيك الخاليا النائمة‬
‫ووأدها في مهمدها‪ ،‬مع تجفيف منابع تمويل اإلرهاب داخليا وخارجيا‪ ،‬والنجاحات‬
‫واإلحصائيات شاهدة على ذلك بفمل المغرب في كشف الخاليا النائمة لإلرهاب وإحباط‬
‫العديد من هجماته املحتملة‪ ،‬من خالل تقديم المعلومات االستخباراتية القيمة والدقيقة‬
‫قوبل بالشكر والعرفان واالعتراف بالجميل من العديد من الدول األوروبية‪ .‬إضافة إلى أن‬
‫المغرب منخرط دائما وبشكل مستمر منذ أحداث الهجمات اإلرهابية بنيويورك في ‪ 99‬شتنبر‬
‫‪ ،2779‬في التعاون الدولي الذي تقوده الواليات المتحدة األمريكية لمواجهة الخطر اإلرهابي‬
‫واإلرهاب‪637،‬‬ ‫وأكده التقرير األمني الصادر عن وزارة خارجيتها بخصوص مواجهة التطرف‬
‫وضع مخطط وطني يشمل إنشاء هيئة قيا دة إلدارة العمليات والتنسيق بين مختلف األجهزة ‪ +‬اتخاذ إجراءات تشريعية من شأنها خلق الثقة‬
‫لدى المواطن حتى يساهم في المواجهة ‪ +‬التنسيق بين مختلف أجهزة األمن لحسن استغالل المعلومة ‪ +‬التنسيق بين الدول وأجهزتها األمنية‬
‫حتى يمنع تنقل اإلرهاب ومالحقتهم‪.‬‬
‫‪ 637‬أشار تقرير أمني صادر عن وزارة الخارجية األمريكية حول اإلرهاب لسنتي ‪ ،2042/2044‬إلى مشروع المغرب في مواجهة التطرف‬
‫كقطب استراتيجي ناجح ومتعاون مما يضمن االستمرار في تعزيز المنظومة القانونية واألمنية لمحافحة اإلرهاب والتطرف‪ ،‬وهو ما يعمل‬
‫عليه المغرب بالتنسيق مع الشركاء الدوليين واإلقليميين‪ .‬للمزيد أنظر‪:‬‬
‫‪Country Reports on Terrorism 2011- Morocco United States Department of State.country Reports on‬‬
‫‪Terrorism 2011-Morocco.31 July 2012.available at.‬‬
‫وكذا فعالية المملكة في التنسيق األمني واالستخباراتي الناجح مع الدول األوربية الصديقة‬
‫كفرنسا وإسبانيا وبلجيكا لتفكيك الخاليا اإلرهابية النائمة واصطياد ذئابها المنفردة‪ ،‬وال أدل‬
‫على دور ونجاح المغرب كنموذج في ذلك هو تزويد فرنسا بمعلومات حول المدعو أباعوض‬
‫الذي كان وراء تفجيرات ‪ 2792‬مما مكن من كشف مكانه بمدينة ساندوني‪ ،‬الشيئ الذي يعزز‬
‫هذه الشراكة ما قام به مؤخرا السيد عبد اللطيف حموش ي المدير العام لألمن الوطني‬
‫ولمر اقبة التراب الوطني من زيارات وعقد لقاءات أمنية مع مسؤولي دول عربية وأوربية تريد‬
‫االستفادة من التجربة األمنية الناجحة للمغرب في التصدي لإلرهاب‪ 638،‬منها استقباله‬
‫بتاريخ ‪ 91‬شتنبر ‪ 2722‬بالرباط ألفريل هاينز مديرة أجهزة االستخبارات الوطنية بالواليات‬
‫المتحدة األمريكية‪ ،‬كما سبق وأن استقبال بتاريخ ‪ 92‬شتنبر ‪ 2722‬بالرباط إلسبيرانزا‬
‫كاستيليرو لمازاريس كاتبة الدولة مديرة المركز الوطني لالستخبارات بالمملكة اإلسبانية‪،‬‬
‫وذلك في سياق دعم وتعزيز التعاون المغربي مع البلدان الحليفة والصديقة في مختلف‬
‫املجاالت األمنية واالستخباراتية التي تحظى باالهتمام المشترك‪ ،‬خصوصا في ظل تسارع‬
‫التحديات المرتبطة بالوضع اإلقليمي والجهوي‪ ،‬وكذا بسبب املخاطر المتعلقة بمكافحة‬
‫اإلرهاب والتطرف والجريمة السيبرانية ومختلف صور الجريمة المنظمة العابرة للحدود‬
‫الوطنية والدولية‪.‬‬
‫‪ -‬تحقيق المملكة المغربية خالل سنة ‪ 2722‬المرتبة الـ‪ 12‬من حيث السمعة الخارجية لدى‬
‫بلدان مجموعة الدول السبع باإلضافة إلى روسيا‪ ،‬وذلك من بين ‪ 02‬دولة جرى تقييمها من‬
‫قبل المعهد الملكي للدراسات االستراتيجية الذي لفت إلى أن المغرب ما زال يتمتع بصورة‬
‫دولية إيجابية على العموم‪ ،‬وبرزت بشكل خاص في هذا التقييم خارجيا سمة "األمن" التي‬
‫تشكل جزءا من بعد جودة العيش باعتباره يشكل إحدى نقاط قوة سمعة المملكة بالخارج‪،‬‬
‫‪ 638‬من اللقاءات التي عقدها مؤخرا السيد عبد اللطيف حموشي المدير العام لألمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني ما جرى مع نظيره من‬
‫موريطانيا وأبوظبي‪ ،‬ثم استقباله بتاريخ ‪ 47‬شتنبر ‪ 2022‬بالرباط ألفريل هاينز مديرة أجهزة االستخبارات الوطنية بالواليات المتحدة‬
‫األمريكية‪ ،‬في سياق تنزيل لمخرجات اللقاء الثنائي رفيع المستوى الذي سبق على هامش زيارة العمل التي أجريت بالواليات المتحدة‬
‫األمريكية خالل يومي ‪ 44‬و‪ 41‬يونيو ‪ ،2022‬وتمحورت مباحثات الجانبين حول تقييم الوضع األمني على المستوى اإلقليمي والجهوي‬
‫ودراسة التهديدات والتحديات الناشئة عن هذا الوضع في بعض مناطق العالم‪ ،‬فضال عن استعراض المخاطر التي تطرحها االرتباطات‬
‫القائمة بين التنظيمات اإلرهابية وشبكات الجريمة المنظمة‪ ،‬بما فيها الجريمة المعلوماتية وغيرها من صور اإلجرام العابر للحدود الوطنية‪،‬‬
‫كما تدارس آليات دعم وتطوير التعاون الثنائي المشترك بين أجهزة األمن واالستخبارات في المملكة المغربية والواليات المتحدة األمريكية‪،‬‬
‫ليكون في مستوى التعاون االستراتيجي القائم بين البلدين وأيضا في مستوى وحجم التحديات التي يفرضها السعي المشترك إلرساء األمن‬
‫واالستقرار على المستويين اإلقليمي والدولي‪ .‬كما سبق وأن استقبل المدير العام لألمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني بتاريخ ‪ 42‬شتنبر‬
‫‪ 2022‬بالرباط‪ ،‬إسبيرانزا كاستيليرو لمازاريس كاتبة الدولة مديرة المركز الوطني لالستخبارات بالمملكة اإلسبانية وذلك لدعم وتعزيز‬
‫التعاون المغربي اإلسباني في مختلف المجاالت األمنية التي تحظى باالهتمام المشترك‪ ،‬ويترجم هذا اللقاء متانة وأهمية التعاون المغربي‬
‫اإلسباني في المجال األمني واالستخباراتي‪ ،‬خصوصا في ظل تسارع التحديات المرتبطة بالوضع اإلقليمي والجهوي‪ ،‬وكذا بسبب المخاطر‬
‫المتعلقة بمكافحة اإلرهاب والتطرف والجريمة السيبرانية ومختلف صور الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية‪.‬‬
‫أما بخصوص تصورات المغاربة عن بلدهم داخليا فقد عرفت تحسنا نظرا للنجاحات‬
‫الدبلوماسية الملحوظة التي عززت الشعورباالفتخارالوطني لدى المغاربة‪ ،‬كما دعا التقرير‬
‫المغرب من أجل تحسين السمعة الداخلية والخارجية للمملكة إلى االنخراط في اإلصالحات‬
‫واألوراش الكبرى اقتصاديا واجتماعيا خاصة في المستوى التنموي‪.‬‬
‫‪ -‬مشاركة المغرب في أعمال ندوة "إنتربول" الـ ‪ 21‬لتدريب أفراد الشرطة بتاريخ ‪ 26‬شتنبر‪،2722‬‬
‫التي تنظمها المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (إنتربول) وتستميفها جامعة نايف العربية‬
‫للعلوم األمنية بمدينة الرياض‪ ،‬تحت عنوان "تدريب أجهزة إنفاذ القانون في عالم ما بعد‬
‫الجائحة"‪ ،‬بمشاركة ‪ 227‬خبيرا ومختصا أمنيا وقانونيا من مختلف دول العالم‪ ،‬كما تعقد‬
‫هذه الندوة مرة كل سنتين وتكون موجهة إلى الموظفين التنفيذيين في األجهزة الوطنية‬
‫واإلقليمية والدولية المعنية ببناء مهارات وقدرات أفراد الشرطة‪ ،‬وتأتي استمافتها في مقر‬
‫جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ضمن إطارالشراكة االستراتيجية بين الجامعة ومنظمة‬
‫إنتربول‪ ،‬لإلسهام في مكافحة الجريمة واإلرهاب وتحقيق األمن الدولي من خالل تنفيذ‬
‫مجموعة من البرامج العلمية والتدريبية والبحثية المشتركة‪.‬‬
‫‪ -‬انعقاد بالمغرب الجتماع وزاري للتحالف الدولي لهزيمة داعش بمراكش في ‪ 99‬ماي ‪،2722‬‬
‫بمشاركة ‪ 22‬دولة على رأسها الواليات المتحدة األمريكية ممثلة بوزير خارجيتها‪ ،‬لمواجهة‬
‫الخطر اإلرهابي عبر خطة متعددة األطراف و إقرار نهج عصري لمواجهة التطرف واإلرهاب‪،‬‬
‫خاصة وأن حوالي ‪ 27‬في المئة من هجمات داعش تستهدف القارة اإلفريقية‪ ،‬كما عقد‬
‫بموازاته ما بين ‪ 1‬و‪ 99‬ماي ‪ 2722‬مؤتمر دولي من تنظيم المنتدى العالمي لمكافحة اإلرهاب‬
‫بحمور‪ 17‬عمو مشارك يمم ‪ 21‬دولة إضافة لالتحاد األوربي‪.‬‬
‫‪ -‬نجاح المغرب في تنظيم التدريبات والمناورات العسكرية المسماة "األسد اإلفريقي"‪ ،‬كان آخر‬
‫دوراته المنعقدة في يونيو ‪ 2722‬في الصحراء المغربية‪ ،‬بمشاركة عدة دول لها وزنها الدولي‬
‫واإلقليمي في مقدمتهم الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬حيث يجمعهم نفس الهاجس األمني في‬
‫محاربة التهديديات اإلرهابية وكذا الثقة والمصالح العسكرية المشتركة‪.‬‬
‫‪ -‬انعقاد أشغال الدورة الـ‪ 92‬لالجتماع الوزاري للمنتدى العالمي لمكافحة اإلرهاب المنعقد‬
‫بنيويورك األمريكية بتاريخ ‪ 29‬شتنبر‪ ،2722‬برئاسة وزيرالشؤون الخارجية والتعاون اإلفريقي‬
‫والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة بشكل مشترك مع نظيرته الكندية ميالني جولي‪،‬‬
‫حيث تم التأكيد على أن تطور مجال األمن الدولي ال يجب أن يؤدي إلى إغفال المسؤولية‬
‫المشتركة في مجال مكافحة اإلرهاب‪ ،‬وبخصوص التقدم الذي حققه المنتدى تحت الرئاسة‬
‫المغربية الكندية تم إبراز الجهود المبذولة من أجل الحفاظ على الطابع غير السياس ي‬
‫والتو افقي للمنتدى الذي أضحى ينهج مقاربة عملية لتعزيزالجهود الدولية لمكافحة اإلرهاب‬
‫والتطرف العنيف‪ ،‬خاصة وأن عمل المنتدى يحكمه اإلطار القانوني الدولي القائم كميثاق‬
‫األمم المتحدة وتوصيات مجلس األمن الدولي واالستراتيجية األممية العالمية لمكافحة‬
‫اإلرهاب‪ ،‬مما مكن من إنجازعمل ملحوظ بفمل مقاربة استباقية بشأن المقاتلين اإلرهابيين‬
‫األجانب‪ ،‬وتدبير أمن الحدود‪ ،‬والتكنولوجيات الحديثة لإلعالم واالتصال‪ ،‬ومكافحة تمويل‬
‫اإلرهاب مع حفظ الفماء المدني‪ .‬ويعد المنتدى العالمي لمكافحة اإلرهاب منصة تم‬
‫إطالقها في عام ‪ 2799‬ويشترك المغرب في رئاستها منذ عام ‪ ،2796‬وتتألف من ‪ 17‬عموا (‪21‬‬
‫دولة ‪ +‬االتحاد األوروبي) وتتعاون بشكل وثيق مع العديد من المنظمات الدولية واإلقليمية‬
‫كاألمم المتحدة‪ ،‬ويتشكل هيكلها من خمس مجموعات عمل معنية بمكافحة التطرف‬
‫العنيف‪ ،‬والمقاتلين اإلرهابيين األجانب‪ ،‬والعدالة الجنائية وسيادة القانون‪ ،‬وتعزيزالقدرات‬
‫في غرب وشرق إفريقيا‪ ،‬وتجمع أنشطتها بانتظام بين صناع القراروالخبراء في مجاالت مكافحة‬
‫اإلرهاب‪.‬‬
‫‪ -‬تنظيم المغرب للمؤتمر الدولي الثاني لمكافحة التطرف العنيف بالرباط ما بين ‪ 2‬و‪ 97‬يونيو‬
‫‪ ،2722‬تحت شعار‪" :‬الذكاء الجماعي في مواجهة اإلرهاب وبناء استراتيجيات مكافحة‬
‫التطرف العنيف والوقاية منه"‪ ،‬أشرف عليه المرصد المغربي حول التطرف والعنف‬
‫بشراكة مع منظمة العالم اإلسالمي للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو) ومؤسسات أخرى‬
‫كالمندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج ورئاسة النيابة العامة والرابطة املحمدية‬
‫للعلماء‪.‬‬
‫‪ -‬افتتاح المغرب نهاية مارس ‪ 2722‬بمدينة الداخلة للمركز الدولي لألبحاث حول الوقاية من‬
‫تجنيد األطفال‪ ،‬تتويجا لمشاركة المغرب في جهود مكافحة تجنيد األطفال في أوقات النزاع‬
‫بالمصادقة سنة ‪ 2727‬على "مبادئ فانكوفر"‪ ،‬التي تؤطر حماية األطفال في أوقات النزاع‬
‫(حوالي ‪ 110‬مليون طفل في مناطق النزاع معرض للتجنيد والخطر)‪ ،‬وتمع حدا الستغاللهم‬
‫من قبل الجماعات المسلحة‪.‬‬
‫‪ -‬مشاركة المغرب بوفد رفيع المستوى يترأسه وزيرالعدل في أشغال مؤتمر األمم المتحدة ‪92‬‬
‫لمنع الجريمة والعدالة الجنائية‪ ،‬الذي احتمنته مدينة كيوتواليابانية في الفترة الممتدة من‬
‫‪ 0‬إلى ‪ 92‬مارس ‪ ،2729‬حيث تم التأكيد على ضرورة تعزيز التعاون الدولي لمنع ومكافحة‬
‫الجريمة ومنها اإلرهاب‪.‬‬
‫‪ -‬احتمان المغرب منذ ‪ 22‬يوليوز‪ 2729‬ألول "مكتب لبرنامج األمم المتحدة لمكافحة اإلرهاب‬
‫والتدريب" في إفريقيا في إطارشراكته مع األمم المتحدة التي أنشأت أول مكتب أممي لتنفيذ‬
‫االستراتيجية العالمية لمكافحة اإلرهاب في ‪ 92‬يونيو ‪ ،2790‬حيث يقدم تكوينات ومهارات في‬
‫مجال مكافحة اإلرهاب والنظام العام وتدبير األمن واإلدارة على الحدود والتصدي لتواجد‬
‫المتطرفين وتعزيز حقوق اإلنسان وإدارة السجون وإعادة التأهيل واإلدماج‪ ،‬من أجل‬
‫مساعدة دول القارة اإلفريقية على الرقي بمستوى مكافحتها لإلرهاب وجعلها أكثر فاعلية‪،‬‬
‫وهذا دليل على الثقة واالحترام الذي تحظى بها االستراتيجية الوطنية الناجحة لمكافحة‬
‫اإلرهاب والتطرف العنيف‪.‬‬
‫‪ -‬تولى المملكة المغربية في فاتح أكتوبر ‪ 2722‬ولمدة شهر رئاسة مجلس السلم واألمن التابع‬
‫لالتحاد اإلفريقي‪ ،‬كهيئة تقريرية سبق وأن تم انتخاب المغرب عموا فيه للفترة الممتدة ما‬
‫بين ‪ 2722-2722‬خالل القمة الخامسة والثالثين لالتحاد اإلفريقي في فبراير‪ ،2722‬ويأتي هذا‬
‫التكليف في إطار استمرارية التزامات المملكة من أجل إفريقيا تنعم بالسالم واالستقرار‬
‫واالزدهار‪ ،‬وتشكل تتويجا لجهود دبلوماسية المملكة على مستوى القارة اإلفريقية بقيادة‬
‫الملك محمد السادس‪ ،‬وكذا المساهمة في رسم معالم استراتيجية جديدة للمنظمة‬
‫اإلفريقية من أجل رفع التحديات المتعلقة بالسالم واألمن‪ ،‬وفي مقدمتها خطر اإلرهاب‬
‫وتجنيد األطفال والوضع في الساحل جميعها مواضيع مدرجة على جدول أعمال للنقاش بين‬
‫الدول‪ .‬ومن منطلق التزامه وعزمه على خدمة األجندة القارية في مجال السالم واألمن وفق‬
‫مقاربة شاملة ومتعددة األبعاد‪ ،‬تم برمجة ندوة سياسية في طنجة من ‪ 22‬إلى ‪ 20‬أكتوبر‬
‫‪ ،2722‬حول‪" :‬تعزيز االرتباط بين السالم واألمن والتنمية‪ ،‬آفاق تكامل إقليمي"‪ ،‬وذلك‬
‫بشراكة مع إدارة الشؤون السياسية والسلم واألمن باالتحاد اإلفريقي‪ ،‬كما تميزت الرئاسة‬
‫المغربية بتنظيم اجتماع وزاري في ‪ 0‬أكتوبر ‪ 2722‬خصص لموضوع "التنمية ومحاربة‬
‫التطرف كر افعتين لمكافحة اإلرهاب والتطرف العنيف"‪ 639،‬حيث تم فيه التأكيد من طرف‬
‫وزيرالخارجية المغربي على‪" :‬حجم ونطاق التهديد اإلرهابي في إفريقيا غير المطمئن نظرا ألن‬
‫‪ 22‬في المائة من ضحايا اإلرهاب على الصعيد العالمي هم من األفارقة‪ ،‬زيادة على أن إفريقيا‬
‫عانت عام ‪ 2729‬من ‪ 0‬آالف و‪ 212‬هجمة إرهابية راح ضحيتها ‪ 22‬ألفا و‪ 167‬ضحية‪ ،‬نتيجة‬
‫أن القارة تشهد انتشارا غير مسبوق للجماعات اإلرهابية مع ‪ 20‬جماعة إرهابية مدرجة على‬
‫قائمة عقوبات األمم المتحدة‪ ،‬كما لم يعد بإمكان إفريقيا تجاهل حقيقة أن أكثر من ‪91‬‬
‫جماعة انفصالية تعمل على أراضيها‪ ،‬وأن التكاثر الكامن لهذه الجماعات االنفصالية اآلن‬
‫يعمل على ترسيخ نفسه كمحفزحقيقي لعدم االستقرارالسياس ي واألمني في القارة"‪ ،‬ولإلشارة‬
‫فمنذ عودة المغرب إلى االتحاد اإلفريقي في يناير ‪ ،2790‬عمل على شغل مقعد في مجلس‬
‫السلم واألمن التابع لالتحاد اإلفريقي كعمو لوالية من سنتين ممتدة ما بين ‪ 2792‬و‪،2727‬‬
‫حيث تميزت برئاسته األولى لهذه الهيئة التقريرية في شتنبر ‪ 2791‬بالمساهمة بشكل بناء في‬
‫تحسين أساليب عمل مجلس السلم واألمن التابع لالتحاد اإلفريقي وتعزيز الممارسات‬
‫الفملى في عمل االتحاد باعتباره دولة رائدة وناجحة في تحقيق االستقراراألمني‪.‬‬
‫املحورالثاني‪ :‬المقاربة الحقوقية في معالجة اإلرهاب والتطرف‬
‫نجح المغرب على تنفيذ استراتيجية مهمة ملحاربة اإلرهاب والتطرف تهم المقاربة‬
‫الحقوقية من خالل االهتمام بالجانب الديني والروحي لمواطني المملكة عبر إصالح الحقل‬
‫الديني‪ ،‬مع تطوير التعليم وتحسين األوضاع االقتصادية واالجتماعية عبر مكافحة الفقر‬
‫‪639‬عقد المغرب اجتماع وزاري في ‪ 4‬أكتوبر ‪ 2022‬حول موضوع ى التنمية ومحاربة التطرف كرافعتين لمكافحة اإلرهاب والتطرف‬
‫العنيفى‪ ،‬أكد فيه وزير الخارجية المغربي على‪ :‬ىحجم ونطاق التهديد اإلرهابي في إفريقيا غير المطمئن نظرا ألن ‪ 12‬في المائة من ضحايا‬
‫اإلرهاب على الصعيد العالمي هم من األفارقة‪ ،‬زيادة على أن إفريقيا عانت عام ‪ 2024‬من ‪ 4‬آالف و‪ 241‬هجمة إرهابية راح ضحيتها‬
‫‪ 22‬ألفا و‪ 720‬ضحية‪ ،‬نتيجة أن القارة تشهد انتشارا غير مسبوق للجماعات اإلرهابية مع ‪ 24‬جماعة إرهابية مدرجة على قائمة عقوبات‬
‫األمم المتحدة‪ ،‬كما أفاد المسؤول الحكومي على أن منطقة الساحل والصحراء أصبحت في غضون عقد من الزمن ثاني منطقة في العالم‬
‫األكثر تضررا من اإلرهاب‪ ،‬الفتا إلى أن األثر االقتصادي لإلرهاب في إفريقيا خالل السنوات العشر الماضية بلب ‪ 444‬مليار دوالر فيما‬
‫زادت التكلفة االقتصادية للعنف اإلرهابي تسعة أضعاف منذ عام ‪ ،2004‬الشيء الذي يوجب تبني نهج شامل يكرس المزيد من الجهود‬
‫للعوامل الكامنة وراء انتشار التطرف واإلرهاب في القارة اإلفريقية‪ ،‬كما ينبغي أن توجه الطريقة التي يتعامل بها مع التهديد أربعة اعتبارات‬
‫هي ‪ :‬عدم قدرة نموذج التنمية القارية على االستجابة الحتياجات المجتمعات اإلفريقية األكثر ضعفا‪ ،‬السلبية في مواجهة تسلل التيارات‬
‫المتطرفة إلى المجتمعات اإلفريقية الخارجة عن تقاليد التسامح والتعايش والحل السلمي للنزاعات المجتمعية‪ ،‬والتواطؤ‪ ،‬بل وحتى إنشاء‬
‫الحركات االنفصالية التي ال تؤدي إال إلى عدم االستقرار‪ ،‬حيث لم يعد بإمكان إفريقيا تجاهل حقيقة أن أكثر من ‪ 47‬جماعة انفصالية تعمل‬
‫على أراضيها‪ ،‬وأن التكاثر الكامن لهذه الجماعات االنفصالية اآلن يعمل على ترسيخ نفسه كمحفز حقيقي لعدم االستقرار السياسي واألمني‬
‫في القارة‪ ،‬من خالل التحالف مع أو حتى استيعاب أجندات وأساليب عمل الكيانات اإلرهابية واإلجراميةى‪.‬‬
‫نشرت تفاصيل هذا االجتماع األمني منابر صحفية وإعالمية‪ ،‬أنظر الجريدة اإللكترونية المغربية ىهسبريسى في منشورها ليوم ‪ 4‬أكتوبر‬
‫‪.2022‬‬
‫والهشاشة‪ ،‬إضافة لالهتمام بأوضاع سجناء التطرف واإلرهاب وإصالحهم ومحاولة إدماجهم في‬
‫املجتمع من جديد‪ ،‬وذلك عبرمستويين سنوضحهما‪:‬‬
‫‪ ‬أوال‪ :‬على المستوى الديني واالجتماعي‬
‫لقد عمل المغرب على تجديد وإصالح الحقل الديني و إبرازه في مستوى عال من‬
‫الحكمة والوسطية واالعتدال منذ سنة ‪ ،2772‬كامتداد لتحديث الشأن الديني الذي انطالق‬
‫فعليا سنة ‪ 1961‬بإنشاء وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ثم تبعه تأسيس املجلس العلمي األعلى‬
‫ومجالسه اإلقليمية في ‪ 2‬أبريل ‪ 640،9129‬كما يتميزهذا اإلصالح الجديد للمنظومة الدينية تحت‬
‫قيادة عاهل البالد باعتباره أميرا للمؤمنين بدقته في الفصل بين المشكلة في جوهرها المتعلق‬
‫باإلرهاب والتطرف وبين التوظيفات السياسية واالستغالل الميق لهذا الموضوع للتأثير على‬
‫النسق السياس ي واملجتمعي‪ ،‬وذلك من خالل استيعاب كل المكونات الدينية والعرقية والوطنية‬
‫الفاعلة لما فيه مصلحة ووحدة البالد قيادة وشعبا‪ ،‬ثم عبر استكمال بناء المنظومة الدينية‬
‫المنفردة والنموذجية للمملكة وتقوية ثوابتها الراسخة‪ ،‬عبرما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬صيانة المرجعية الدينية والروحية لمواطني المملكة‪ ،‬القائمة على إمارة المؤمنين في الحكم‬
‫واألشعرية في العقيدة والمذهب المالكي في الفقه والجنيد في التصوف السني‪ ،‬وكذا إعادة‬
‫النظرفي وضعية المساجد وكافة أماكن العبادة وإصالحها وجعلها تحت وصاية وزارة األوقاف‬
‫والشؤون اإلسالمية‪ ،‬بل وتأسيس بها مديرية خاصة بمساجد المملكة لمبطها وسد بعض‬
‫الثغرات السابقة بإفالت العديد منها من الرقابة والتحكم المباشرمن الوزارة الوصية بنسبة‬
‫تقدر ب ‪ 61‬في المئة‪641 .‬‬
‫‪ -‬إعادة هيكلة وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية سنة ‪ 2771‬باعتبارها المؤسسة القائمة على‬
‫تدبير الشأن الديني للمملكة‪ ،‬وكذا إعادة تنظيم املجلس العلمي األعلى الذي يترأسه أمير‬
‫‪ 640‬اعتبر بعض الباحثين على أن‪ :‬ىالدولة في بد اية الثمانينيات من القرن الماضي بقيادة الحسن الثاني كانت مستعدة إلحداث تحول‬
‫استراتيجي كبير في عالقتها باإلسالم تحت إشراف العلماء‪ ،‬فطموحه فيما يتعلق باإلصالح الديني كان كبيرا ويتجاوز حدود المملكة إلى‬
‫إفريقيا وآسيا‪ ،‬ويتعدى الفقهيات وجزئيات الدين إلى قضايا األسلمة الكبرى المتعلقة باالقتصاد والسياسة والمجتمع‪ ،‬وتعتبر خطبه الموثقة‬
‫أكبر شاهد على هذا االستعداد وهذا الطموح‪ ،‬غير أن طائفة العلماء التي استعان بها للقيام بهذا التحول لم تسعفه‪ ،‬وبقيت مبادراتها العلمية‬
‫والعملية محدودة ودون مستوى التحديى‪.‬‬
‫أنظر‪ :‬امحمد جبرون‪ ،‬إشكالية الوظيفة الدينية في الدولة المعاصرة‪ ،‬قراءة في تجربة تأهيل الحقل الديني بالمغرب‪ ،‬مراصد ‪ ،1‬طبعة‬
‫‪ ،2044‬مكتبة اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪.42 :‬‬
‫‪ 641‬ذكرت هذه النسبة حول وضعية المساجد في إحصائيات لوزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية أجريت في شهر مارس ‪.2004‬‬
‫للمزيد راجع ‪ :‬سليم حميمنات‪ ،‬تجديد اإلسالم المغربي‪ ،‬المؤسسة الدينية الرسمية وتحديات ما بعد ‪ 42‬ماي‪ ،‬مجلة وجهة نظر‪ ،‬العدد ‪-22‬‬
‫‪ 22‬للسنة الثامنة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬ص‪.22:‬‬
‫المؤمنين مباشرة‪ ،‬مع إحداث املجالس العلمية املحلية وإدخال العنصر النسوي فيها ألول‬
‫مرة سنة ‪ 642 ،2772‬إضافة إلحداث مجلس علمي للجالية المغربية بالخارج بهدف االنفتاح‬
‫على خصوصيات قماياهم الدينية والثقافية واإلدماجية بدول المهجرمقابل الحفاظ على‬
‫هويتهم المغربية ومعتقداتهم اإلسالمية‪ ،‬وهو ما أصل له الخطاب الملكي لسنة ‪2772‬‬
‫انسجاما مع نهج الالمركزية المعمول به في جميع املجاالت تحقيقا لسياسة القرب والتشارك‬
‫المنتهجة في تدبيرقطاعات الدولة ومنها القطاع الديني‪.‬‬
‫‪ -‬توحيد اختصاص الفتوى وجعله تحت وصاية املجلس العلمي األعلى‪ ،‬تنفيذا للتوصيات‬
‫الملكية السامية التي تممنها خطابه بفاس بتاريخ ‪ 2‬يوليوز ‪ 2772‬وذكره الظهير المنظم‬
‫للمجالس العلمية لسنة ‪ 2772‬بالقول‪" :‬وتفعيال لتوجيهاتنا السامية بشأن تحديد مرجعية‬
‫الفتوى التي هي منوطة بإمارة المؤمنين‪ ،‬أحدثنا هيئة عامة داخل املجلس العلمي األعلى‬
‫القتراح الفتاوى على جاللتنا‪ ،‬وفيما يتعلق بالنوازل التي تتطلب الحكم الشرعي المناسب لها‬
‫قطعا لدابرالفتنة والبلبلة في الشؤون الدينية"‪.‬‬
‫‪ -‬احتمان المغرب للندوة العلمية الدولية حول‪" :‬قول العلماء في الثوابت الدينية المغربية"‬
‫بمدينة فاس على مدى يومي ‪ 22‬و‪ 26‬يونيو ‪ ،2722‬من طرف وزارة األوقاف والشؤون‬
‫اإلسالمية بتعاون مع مؤسسة محمد السادس للعلماء األفارقة وممثليها عن ‪ 12‬فرعا في‬
‫القارة السمراء‪ ،‬حيث تم التأكيد على ضرورة الحفاظ على قيم اإلسالم السمحة والمعتدلة‬
‫ضد الغلو والتطرف ودعاة التكفير واإلرهاب‪ ،‬إضافة إلبراز ما يجمع المملكة المغربية‬
‫بمحيطها اإلفريقي برمزيتها على مستوى إمارة المؤمنين‪ ،‬ثم لثوابتها الراسخة املجسدة في‬
‫العقيدة األشعرية ووحدة المذهب المالكي ضمن المذاهب السنية‪ ،‬فمال عن التصوف‬
‫الديني الذي يعد المغرب قطبا تربويا له من خالل صلحائه وعلمائه الربانيين‪.‬‬
‫‪ -‬تأسيس معهد محمد السادس لتكوين األئمة والمرشدين والقيمين الدينين بالرباط بموجب‬
‫ظهير شريف صادر في ‪ 27‬ماي ‪ ،2792‬لتكملة الدور العلمي الكبير الذي تقوم به مؤسسات‬
‫أخرى كجامعة القرويين ودار الحديث الحسنية‪ ،‬حيث يطلع هذا المعهد بدور مهم في نشر‬
‫‪ 642‬أنظر‪ :‬ظهير شريف رقم ‪ 4.04.474‬الصادر في ‪ 7‬شوال ‪ 1/4121‬دجنبر ‪ ،2004‬في شأن مهام وتنظيم وزارة األوقاف والشؤون‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ +‬ظهير شريف رقم ‪ 4.04.400‬الصادر في ‪ 2‬ربيع األول ‪ 22/4122‬أبريل ‪ ،2001‬القاضي بإعادة تنظيم وتسيير المجالس العلمية‪.‬‬
‫الدعوة اإلسالمية السمحة ترسيخ ثقافة اإلسالم المعتدل والمنفتح‪ ،‬وتكوين وتخريج أفواج‬
‫من األئمة والوعاظ والمرشدين المتشبثتين بثوابت األمة للدعوة إلى الله وتنوير العامة‬
‫بالمساجد بدينهم الحنيف‪ ،‬وفي هذا السياق تم إطالق برنامج الوعظ واإلرشاد باستعمال‬
‫البث التلفزي في أكثر من ‪ 2777‬مسجد إضافة إلى الدروس والحصص الدينية الحمورية‪،‬‬
‫وحتى ‪ 20‬مؤسسة سجنية استفادة من هذا البرنامج الديني للتأطير وإدماج السجناء‪ ،‬مع‬
‫اإلشارة لتخصيص حصة يومية للنساء واستعمال اللغة الدارجة في معظم الدروس الدينية‬
‫إضافة للغة العربية واألمازيغية والترجمة األجنبية‪.‬‬
‫‪ -‬إحداث مؤسسة محمد السادس للعلماء األفارقة بموجب ظهير شريف صادر في ‪ 22‬يونيو‬
‫‪ ،2792‬وجعل مقره بالعاصمة الروحية للمملكة فاس بعد أن كان بالرباط‪ ،‬والتي حظيت‬
‫برئاسة ملكية واهتمت بدورتوحيد وتنسيق جهود علماء المسلمين بالدول اإلفريقية المقدرة‬
‫ب ‪ 12‬عموا وممثال بالمؤسسة‪ ،‬للتعريف بقيم اإلسالم النبيلة التي تنبذ اإلرهاب والتطرف‪،‬‬
‫إضافة لدورها في تأطيروتعليم الطلبة األفارقة لمعارفه الدينية ومثله العليا حتى يكونوا دعاة‬
‫للتسامح واالعتدال‪.‬‬
‫‪ -‬إطالق "إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم" بتاريخ ‪ 96‬أكتوبر ‪ ،2772‬أعقبه تدشين بث‬
‫القناة التلفازية "السادسة" الدينية والتربوية في ‪ 2‬نونبر ‪ ،2772‬ثم مؤخرا إحداث الموقع‬
‫اإللكتروني لمنصة محمد السادس للحديث النبوي بتاريخ ‪ 1‬ماي ‪ 2722‬نصرة للسنة‬
‫المشرفة وتسهيال للباحثين في أمورالدين عن األحاديث الصحيحة‪ ،‬وكل هذه املجهودات فيما‬
‫يخص جانب االتصال والتواصل الديني تهدف لتنويع العرض الديني بلغات متنوعة‬
‫واستهداف لجميع الطبقات املجتمعية ذكورا و إناثا‪ ،‬مع استغالل التقنيات الحديثة في‬
‫التواصل واإلعالم مثل اإلنترنيت واإلعالم السمعي والبصري في نشر التوعية والمعلومة‬
‫الصحيحة عن الدين اإلسالمي الحنيف باعتداله وسماحته‪ ،‬بعيدا عن أفكارالغلو والتطرف‬
‫والتكفير المؤدية لإلرهاب‪ ،‬الش يء الذي زاد من تدعيم المرتكزات السياسية والدينية‬
‫للمملكة‪ ،‬ووقى الوعي املجتمعي من األفكارالدخيلة والهدامة عن الدين والتعايش الوطني‪.‬‬
‫‪ -‬إطالق مؤسسة الرابطة املحمدية للعلماء بالمغرب باعتبارها مؤسسة دينية وعلمية‬
‫تأسست بموجب ظهير شريف في ‪ 92‬فبراير ‪ ،2776‬لسلسلة علمية في مجال بناء القدرات‬
‫للحماية من التطرف وخطاب الكراهية ومواجهة الخطاب الرقمي المتطرف وكيفية التعامل‬
‫مع مسطحات التواصل االجتماعي بفرصه ومخاطره‪ ،‬وهذا كله تحت عنوان‪" :‬التمنيع من‬
‫التطرف العنيف‪ :‬أي وظيفة للحوارات الخلفية والخرائط الذهنية؟"‪ ،‬وذلك أواخرشهرماي‬
‫إلى متم شهريونيو ‪.2722‬‬
‫أما بخصوص محاربة التطرف واإلرهاب على المستوى االجتماعي واالقتصادي ووأد‬
‫بؤره في مهدها حتى ال يتم استغالل حاالت الفقر والبطالة واألمية لدى بعض الشباب الضحايا‬
‫لالرتماء في أحمان اإلرهاب واالنحراف‪ ،‬فإنه لم يعد النموذج التنموي المغربي مرتهنا لعوامل‬
‫الطبيعة ومداخيل السياحة والتبعية لحال االقتصاد الخارجي األجنبي‪ ،‬بل انطلق من تكريس‬
‫و اقع متميز للمغرب في المنطقة عبر ديمقراطيته التعددية واستقراره األمني واملجتمعي وعمله‬
‫على تحسين مناخ األعمال وتبسيط مساطره وتشجيع االستثمار الوطني واألجنبي الذي جذب له‬
‫مشاريع وأوراشا كبرى أنعشت المقاوالت الوطنية وخلقت فرصا للشغل‪ ،‬ووجهت المغرب نحو‬
‫الريادة في التصنيع خاصة في القطاعات ذات المردودية والمشاريع المربحة والناجحة (ميناء‬
‫طنجة المتوسط وصناعة السيارات والطائرات واالستثمارفي القطارالسريع ومشروع نورللطاقة‬
‫الشمسية‪ ،)...‬الش يء الذي مكن المغرب للنجاة من و اقع الفوض ى وعدم االستقرارالذي تعيشه‬
‫عدد من البلدان خاصة بعد موجة ما يسمى بالربيع العربي‪ ،‬كما مكن المملكة من الحد من‬
‫امتدادات الظاهرة اإلرهابية التي تقتات في بيئة التوترات السياسية واألوضاع االجتماعية‬
‫واالقتصادية الممطربة‪ ،‬عبر تحسين الخدمات االجتماعية (الصحة‪ ،‬والسكن‪ ،‬والتعليم‪)...‬‬
‫للتقليص من و اقع الهشاشة االجتماعية من خالل ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الدعوة الملكية للحكومة لتفعيل النموذج التنموي الجديد بعد رفع اللجنة المكلفة بهذا‬
‫الشأن تقريرها لعاهل البالد نصره الله في ‪ 22‬ماي ‪ ،2729‬عقب القيام بمشاورات واجتماعات‬
‫مع املختصين والمعنيين بهذا األمر‪ ،‬كما سبقه تقرير تممن توصيات مهمة للمجلس‬
‫االقتصادي واالجتماعي والبيئي حول النموذج التنموي الجديد بالمغرب بتاريخ ‪ 17‬ماي‬
‫‪.2791‬‬
‫‪ -‬إطالق المبادرة الملكية للتنمية البشرية بعد الخطاب الملكي ليوم ‪ 92‬ماي ‪ ،2772‬لتحسين‬
‫المستوى االجتماعي واالقتصادي للساكنة وللفئات املحتاجة في إطار من التمامن والدعم‬
‫المشترك‪ ،‬وذلك عبر االرتكاز على ثالثة محاور أساسية تهم إطالق وتشجيع مشاريع مدرة‬
‫للدخل والموفرة لفرص الشغل ومحاربة البطالة‪ ،‬ثم التصدي للعجز االجتماعي‪ ،‬إضافة‬
‫لالستجابة للحاجات المرورية لألشخاص في وضعية صعبة مع التأهيل االجتماعي‬
‫للجماعات القروية والحمرية األكثر فقرا بتدشين المدارس والمستشفيات وتوفير البنيات‬
‫تحتية والمر افق العامة الالزمة لخدمة المواطنين‪ ،‬الش يء الذي تطلب وضع برامج ذات‬
‫أولوية تنسجم مع محاور هذه المبادرة‪ ،‬تهم برنامج محاربة الفقر خاصة في املجال القروي‪،‬‬
‫ثم برنامج محاربة اإلقصاء االجتماعي في املجال الحمري وكذا الفوارق االجتماعية‬
‫والهشاشة التي تمس الفئات االجتماعية الدنيا‪.‬‬
‫‪ -‬االهتمام بموضوع الهجرة الداخلية والخارجية من خالل استراتيجية تقوم على ثالثة ركائز‬
‫رئيسية هي‪ :‬التمامن والمسؤولية والتعاون الدولي‪ ،‬ومن ذلك تبني المغرب في سنة ‪2796‬‬
‫لقانون متعلق بمحاربة االتجار في البشر والرامي لتكييف التشريعات الوطنية مع نظيرتها‬
‫الدولية‪.‬‬
‫‪ -‬تقوية المغرب لحاضنات التنشيط الثقافي والرياض ي والفني والترفيهية عبر خلق المزيد من‬
‫فماءات القرب ومالعب األحياء ودورللشباب لدمجهم في املجتمع كفاعلين‪ ،‬إضافة لالهتمام‬
‫بالمواهب اإلبداعية واحتمان العمل الجمعوي والمؤسساتي لهم عبر إضفاء الجدية‬
‫والتعددية بعيد عن اإلقصاء واالستغالل السياس ي والديني‪ ،‬بهدف الخروج من و اقع الفراغ‬
‫والالمباالة الذي يعتبر مالذا لالستقطاب والتجنيد اإلرهابي للمراهقين‪ ،‬خاصة وأن الوقائع‬
‫والدراسات تثبت أن الجماعات اإلرهابية تجند أفرادها من الشباب المهمش‪ ،‬وذلك لجعلهم‬
‫مشاريع قنابل موقوتة ملخططاتهم اإلجرامية مقابل أحالم واهية موعودة‪ ،‬إضافة لسهولة‬
‫التأثير فيهم وبرمجتهم إيديولوجيا وعقديا‪ 643،‬ولنا في انتحاري الهجمات االنتحارية بالدار‬
‫البيماء مثاال على ذلك إذ تتراوح أعمارهم ما بين ‪ 91‬و ‪ 12‬سنة‪ ،‬وينحدرون من أوساط فقيرة‬
‫تسكن دورالصفيح في األحياء المهمشة ومنهم من هو عاطل وأمي معرفيا ودينيا‪.‬‬
‫‪ ‬ثانيا‪ :‬على مستوى التأهيل وإعادة اإلدماج‬
‫عمل المغرب على إطالق برنامج "مصالحة" الذي يعتبر نموذجا عالميا بكل المقاييس‬
‫يتجاوز الممارسات الفملى التي أقرتها مذكرة روما الصادرة عن المنتدى العالمي لمكافحة‬
‫للمزيد راجع‪ :‬حامد طاهر‪ ،‬ظاهرة التطرف الديني‪ ،‬سلسلة كراسات علمية‪ ،‬منشورات المكتبة األكاديمية‪ ،‬مصر‪ .‬طبعة ‪.2002‬‬ ‫‪643‬‬
‫اإلرهاب‪ ،‬عكس جارتنا اإلسبانية التي قررت وفق تصريح وزارة داخليتها بتاريخ ‪ 2‬أكتوبر ‪2722‬‬
‫توقيف برنامج إصالح وإدماج سجناء قمايا اإلرهاب والتطرف والمقدر عددهم ب ‪297‬‬
‫والمعتقلين في سجونها‪ ،‬نظرا لفشله في الوصول للنتائج المرجوة منذ إطالق البرنامج في سنة‬
‫‪ ،2796‬بالمقابل نجد تميز ونجاح التجربة المغربية في محاربة اإلرهاب والتطرف من خالل عمل‬
‫المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج وشركائها الفاعلين على تنفيذ برنامج مصالحة‬
‫ألول مرة في الفتـرة الممتدة مـا بـين ‪ 21‬مـاي و‪ 22‬يوليــوزمــن العــام ‪ 2790‬بســجن العرجــات ‪ ،1‬حيث‬
‫اســتفاد منــه ‪ 22‬ســجينا مدانــا في ملفــات اإلرهاب والتطرف‪ ،‬كما عرفت مؤخرا الدورة التاسعة‬
‫لبرنامج مصالحة التي اختتمت في ‪ 22‬أبريل ‪ 2722‬واستمرت لثالثة أشهرونصف‪ ،‬اإلفراج عن ‪92‬‬
‫سجين من مجموع الحصيلة ‪ 926‬معتقال على خلفية قمايا السلفية الجهادية واالنتماء لخاليا‬
‫التطرف واإلرهاب‪ ،‬بينهم ‪ 996‬بموجب العفو الملكي وبتخفيض العقوبة ل‪ 92‬سجين أي بنسبة‬
‫عفو تبلغ ‪ 61‬بالمئة‪ ،‬أما بخصوص العنصر النسائي من المعتقالت على خلفية قمايا اإلرهاب‬
‫والتطرف فقد شهدت الدورة الخامسة من برنامج مصالحة لسنة ‪ 2791‬استفادة ‪ 97‬نزيالت من‬
‫أصل ‪ 91‬من هذه الفئة أي بنسبة مشاركة تبلغ ‪ 00‬بالمئة‪ ،‬كما تم اإلفراج عن ‪ 2‬منهن بعفو ملكي‬
‫ومعتقلتين بعد انتهاء العقوبة السجنية‪ ،‬أي بمجمع كلي لما يناهزتقريبا اإلفراج بالمغرب عن ما‬
‫نسبته ‪ 17‬بالمئة من المدانين واملحكومين نهائيا في قمايا التطرف واإلرهاب‪ ،‬كما تم تأكيد هذه‬
‫المعطيات مؤخرا خالل لقاء تواصلي‪ 644‬عقدته المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج‬
‫في السجن املحلي بسال بتاريخ ‪ 27‬ماي ‪ ،2722‬حيث ذكر فيه أن عدد معتقلي التطرف واإلرهاب‬
‫بالسجون المغربية يصل إلى ‪ 222‬سجين موزعين حسب الوضع القمائي التالي‪ 261 :‬محكوم‬
‫نهائي و‪ 921‬ناقض و‪ 272‬مستأنف و‪ 11‬احتياطي‪ ،‬أما التوزيع حسب األحكام القمائية فنجد‬
‫األغلبية محكومة بسنوات سجنا باستثناء ‪ 21‬مؤبد و‪ 90‬إعدام‪ ،‬كما يتم التعامل معهم وفق‬
‫مقاربة جديدة تهم جانبين‪ :‬األول متعلق بالجانب األمني الوقائي في تدبيرأمن وسالمة المؤسسات‬
‫السجنية وموظفيها ونزالئها‪ ،‬تم جانب ثاني تأهيلي مرتبط باالستفادة من برامج اإلدماج التي‬
‫تحفظ حقوقهم وتصون كرامتهم مثل تنظيم األنشطة المتعددة والتسجيل في البرامج التعليمية‪.‬‬
‫كما نشيرإلى أن تفعيل برنامج مصالحة يأتي في س ــياق خط ــة المندوبية العام ــة الت ــي س ــبق‬
‫إعالنها في ش ــهر مـارس ‪ ،2796‬والمتعلقة بنـشر ثقافـة التسـامح ونبذ خطاب الكراهية ومحاربـة‬
‫‪ 644‬تم نشر معطيات هذا اللقاء التواصلي على الموقع اإللكتروني الرسمي في األنترنيت للمندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج‪:‬‬
‫‪ ،https://www.dgapr.gov.ma‬وبالجريدة االلكترونية المغربية ىهسبريسى‪ ،‬بتاريخ‪ 20 :‬ماي ‪.2022‬‬
‫التط ــرف العني ــف والوقاية منه داخ ــل الس ــجون‪ ،‬م ــن خالل تنفي ــذ برنامــج خــاص موازي يعتمد‬
‫على التثقيــف بالنظيــر بشراكة مع برنامج األمم المتحدة للتنمية والرابطة املحمدية للعلماء‪،‬‬
‫وبتمويل من الحكومة اليابانية ضمن مشروع دعم إصالح المنظومة السجنية بالمغرب‪ ،‬حيث‬
‫تم خالل سنة ‪ 2729‬تنظيم دورات تكوينية و أنشطة في إطارمنهجية التثقيف بالنظيرلفائدة ‪160‬‬
‫‪ 99‬نزيال بست مؤسسات سجنية‪ ،‬وقد وصل العدد اإلجمالي للسجناء المستفيدين منذ إطالق‬
‫العمل بالبرنامج سنة ‪ 2790‬إلى ‪ 26 227‬مستفيدا‪ ،‬إضافة إلى تنظيم المندوبية العامة لبرنامج‬
‫الجامعة في السجون لفائدة النزالء الجامعيين حول مواضيع تعنى بالقمايا املجتمعية المتصلة‬
‫باإلدماج‪ .‬وللتنبيه يتم في برنامج مصالحة تخصيص حصص لعرض تسجيالت سمعية بصرية‬
‫لشهادات بعض عائالت ضحايا اإلرهاب‪ ،‬بهدف تحسيس السجناء المدانين في قماياه‪ ،‬بحجم‬
‫األذى الذي يخلفه التطرف العنيف على استقرار وأمن املجتمع‪ ،‬وتم الحرص كذلك خالل هذه‬
‫المرحلة على تأمين المصاحبة النفسية حتى ال يتم رفع حدة الشعور بالذنب إلى درجات مرضية‬
‫قد تفسد عملية التعافي وتعديل السلوك‪ ،‬كما توج البرنامج بعقد مناظرة في شكل تمرين تجريبي‬
‫يختبر مدى تملك السجناء تقنيات هدم وتفكيك الخطاب المتطرف‪ ،‬وفي األخير تم التأكد لدى‬
‫اللجنة العلمية المشرفة على برنامج مصالحة من خالل تقييم تم إعماله على أساس مؤشرات‬
‫علمية دقيقة‪ ،‬تجاوبا إيجابيا لدى السجناء المستفيدين وتطورا ملحوظا على مستوى تمثل‬
‫الذات وفهم واستيعاب النص الديني ومقاربة القيم املجتمعية الصحيحة‪ .‬وهذا كله يدل على‬
‫نجاح برنامج مصالحة التأهيلي واإلدماجي لفائدة سجناء التطرف واإلرهاب من طرف المندوبية‬
‫العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج بشراكة وتعاون مع وزارة العدل ووزارة األوقاف والشؤون‬
‫اإلسالمية واملجلس الوطني لحقوق اإلنسان‪ ،‬باإلضافة لباقي المتدخلين والفاعلين اآلخرين‬
‫كالمرصد المغربي لمكافحة العنف والتطرف والرابطة املحمدية لعلماء المغرب وغيرهم‪....‬‬
‫وللتفصيل فإن برنامج مصالحة‪ 645‬يقوم أوليا على ثالث محاور أساسية هي‪ :‬األول يهم‬
‫المصالحة مع الذات بتحقيق السالم النفس ي والروحي الثابت والمطمئن للفرد المعتقل المعني‬
‫باألمر للتربية والرقي به‪ ،‬ثم املحور الثاني الذي يهم المصالحة مع املجتمع عبر التشبع بفكر‬
‫التسامح والخير ومحبة اآلخر واختيار التعايش والسلم معا‪ ،‬أما املحور الثالث فيقوم على‬
‫‪ 645‬للمزيد أنظر‪ :‬بالل للمندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج حول إطالق برنامج مصالحة بتاريخ‪2044/02/22 :‬‬
‫‪ +‬خطب المندوب العام ومجالت حول تقارير األنشطة ما بين سنوات ‪ ،2024/2044‬صادرة عن المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة‬
‫اإلدماج وموجودة للتحميل على موقعها اإللكتروني‪https://www.dgapr.gov.ma/articles.php?id_menu_sup=30 :‬‬
‫المصالحة مع النص الديني من خالل الفهم الصحيح للدين المعتدل والمنفتح بعيدا عن‬
‫التعصب األعمى والتكفير والتطرف العنيف‪ ،‬ونتيجة لذلك نصل لنتيجة في األخير ممثلة في‬
‫تحقيق أهداف محور رابع ينبني على المصالحة مع النظم التي يعيش ويتعايش فيها الفرد‬
‫المستهدف ويتعامل وفقها‪ ،‬وتهم تلك المنظمة لعالقة الفرد في حياته العامة وبالمؤسسات‬
‫الشرعية للبالد والتي تقتض ي االنمباط لنظامه العام واحترام ثوابته الوطنية والتزاماته الدولية‬
‫كمواطن صالح مندمج ومنتج‪ .‬يرتكز على ثالث محاور أساسية تهم المصالحة مع الذات ومع‬
‫النص الديني ثم مع املجتمع‪ ،‬وقد تمت بلورة هذه املحاور من منطلق إدراك المندوبية العامة‬
‫العميق ألهمية تأمين شروط إعادة إدماج شريحة المدانين في قمايا اإلرهاب والتطرف‬
‫بالمؤسسات السجنية‪ ،‬والتي تحتاج إلى مقاربة علمية مبدعة تتكامل مع الجهود المتعددة‬
‫األبعاد والمبذولة في مجال مكافحة اإلرهاب والتطرف وحماية املجتمع المغربي من آفاته المبنية‬
‫على االستباقية األمنية والتحصين الروحي ومحاربة الهشاشة‪ ،‬كما يستمد برنامج مصالحة‬
‫فلسفته من التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى تعزيز قيم المواطنة والتسامح واالعتدال‪،‬‬
‫وإذكاء اإلحساس بالمسؤولية المواطنة بين مختلف شرائح وفعاليات املجتمع المغربي‪ ،‬وكذا من‬
‫حرص جاللة الملك محمد السادس نصره الله على ضرورة إصالح العدالة الجنائية بالمغرب‬
‫على أسس المواطنة واملحاسبة والمسؤولية والمساواة في الحقوق والواجبات والفرص‪ ،‬مع‬
‫ضرورة العمل والحرص على صون الكرامة اإلنسانية للمواطنين السجناء التي ال تجردهم منها‬
‫األحكام القمائية السالبة للحرية‪ .‬هذا فمال عن كون برنامج مصالحة مبادرة تكرس المبدأ‬
‫الذي قامت عليه تجربة هيئة اإلنصاف والمصالحة في صيغة جديدة‪ ،‬تتفرد بكون المصالحة‬
‫فيها صادرة عن السجناء المعنيين مع املجتمع الذي تحمل أضرارا مادية ومعنوية بسبب أفكارهم‬
‫المتطرفة أو أعمالهم اإلرهابية‪ ،‬باإلضافة الى أن هذا المشروع الفريد من نوعه على المستوى‬
‫العالمي‪ ،‬يندرج في إطاراالستراتيجية الجديدة للمندوبية العامة المبنية على مبدأ تفريد العقوبة‬
‫وإعمال البرامج الرامية إلى أنسنة وتحسين ظروف االعتقال وتأهيل السجناء لتهيئهم لإلدماج‪.‬‬
‫أما بخصوص تنفيذ برنامج مصالحة فيتجلى استهداف محاوره الثالثة المذكورة وفق‬
‫األبعاد التالية‪ :‬األول يهم البعد المتعلق بالتأهيل الديني وما يتصل به على مستوى فهم‬
‫واستيعاب النص الديني بالشكل الصحيح والمكرس لقيم التسامح واالعتدال بارتباط بالرؤى‬
‫والقناعات ذي صلة بتمثالت السجناء الجهاديين للمجتمع وللدولة وللعالم‪ .‬ثم ثانيا البعد‬
‫الحقوقي والقانوني خاص بتأهيل السجناء على مستوى فهم واستيعاب وقبول اإلطار القانوني‬
‫المنظم لعالقة األفراد باملجتمع وبالدولة وبموابط النص القانوني‪ ،‬انطالقا من جدلية الحقوق‬
‫والواجبات‪ .‬إضافة لبعد ثالث خاص بالـتأهيل والمصاحبة النفسيتين باعتباران الفئة المعنية‬
‫من السجناء تعيش تحوالت على مستوى تمثل الذات خالل مراحل متوالية تبدأ بمرحلة ما قبل‬
‫االعتقال مرورا بمرحلة املحاكمة ثم مرحلة تنفيذ العقوبة السالبة للحرية بالمؤسسة السجنية‪.‬‬
‫وأخيرا نجد البعد الرابع المتعلق بالـتأهيل السيوسيو اقتصادي للسجين للعودة للمجتمع‬
‫بمؤهالت ذاتية تمكنه من االندماج االقتصادي واالجتماعي‪ .‬ونتيجة لذلك نجد من سجناء التيار‬
‫السلفي والجهادي الذين كانوا متابعين في قمايا التطرف واإلرهاب وتم اإلفراج عنهم بعفو ملكي‬
‫منذ ‪ ،2792‬من نجح في االندماج الفكري والتفاعل السياس ي في املجتمع من خالل إطالق مبادرة‬
‫بعنوان اإلصالح وخدمة الوطن بهدف تأسيس حزب سياس ي تحت مسمى التيارالسلفي لإلصالح‬
‫السياس ي‪ ،‬ومنهم من دعا للتصويت بنعم على الدستور الجديد لسنة ‪ 2799‬وللمشاركة‬
‫بالتصويت في العملية االنتخابية‪ ،‬ومنهم من أصدر وثيقة "أنصفونا" اعتر افا بالنظام الملكي‬
‫ورفما لممارسة العنف والتكفير واالعتداء على معتنقي باقي الديانات األخرى‪ ،‬بل وصل األمر‬
‫لرغبة الدولة في إدماج التيار السلفي إلى تقديم أحد رموزه إلمامة أمير المؤمنين الملك محمد‬
‫السادس نصره الله في صالة الجمعة بتاريخ ‪ 21‬مارس ‪ 646 ،2792‬وهذا دليل على نجاح السلطة في‬
‫دمج هذه الفئة في العمل السياس ي والمدني عبر تحييد الخطاب التكفيري من صفوفهم وجعلهم‬
‫طرفا إيجابيا ووطنيا‪.‬‬
‫من جانب آخر‪ ،‬أكد المندوب العام في عرضه لحصيلة العمل عن سنة ‪ ،2727‬على اإلقبال‬
‫الكبير الذي عرفه برنامج مصالحة التأهيلي والموجه لمعتقلين التطرف واإلرهاب من خالل‬
‫طلبات المشاركة المتزايدة‪ ،‬إضافة إلى عدم تسجيل أية حالة عود في صفوف المستفيدين منه‬
‫والمفرج عنهم عن نجاح هذه التجربة المتميزة‪ ،‬والذي يؤكده أيما إشادة عدد من شركاء‬
‫المندوبية بها منهم نائب األمين العام لمكتب األمم المتحدة لمكافحة اإلرهاب في إطاراالستقبال‬
‫الذي خصص له وللوفد المر افق له بالمندوبية العامة للتباحث حول قمايا التطرف واإلرهاب‪،‬‬
‫حيث أثمر هذا اللقاء عن اقتراح تعميم تجربة المغرب في هذا املجال على بعض الدول األجنبية‬
‫من خالل قيام أطر المندوبية العامة بتأطير برامج تكوين بهذه الدول وجعل المركز الوطني‬
‫‪ 646‬يهم األمر على التوالي رموز التيار السلفي بالمغرب بعد المراجعات‪ :‬عبد الكريم الشاذلي ومحمد المغراوي وعبد الوهاب رفيقي ومحمد‬
‫الفيزازي‪.‬‬
‫أنظر‪ :‬مقاالت ذ‪.‬التليدي ‪ +‬إسماعيل حمودي‪ ،‬تدبير الشأن الديني بالمغرب‪ ،‬مرتكزات وتحديات‪ ،‬مقال منشور بجريدة التجديد في ‪ 4‬أكتوبر‬
‫‪.2002‬‬
‫لتكوين األطر بتيفلت منصة إقليمية لتقاسم الخبرات مع الوفود القادمة منها‪ ،‬كما يذكر أن‬
‫تجربة المملكة المغربية في مجال مكافحة اإلرهاب وضمنها تجربة المندوبية العامة المتعلقة‬
‫ببرنامج مصالحة‪ ،‬قد ساهمت إلى حد ما في توقيع المغرب والمكتب األممي المذكور لمذكرة‬
‫مشروع بشأن فتح مكتب بالعاصمة الرباط يعنى بالتكوين في مجال مكافحة اإلرهاب والتطرف‪.‬‬
‫في األخير نؤكد على أنه رغم هذه املجهودات المبذولة ملحاربة جرائم اإلرهاب وفكر العنف‬
‫والتطرف‪ ،‬فإن اإلرهاب ما زال اليوم ظاهرة معقدة أضحى يتسم بطابع التكيف مع‬
‫االستراتيجيات المكافحة ومحاولة اختر اقها‪ ،‬كما أن جذور التطرف في الثقافة والفكر والعيش‬
‫املجتمعي واالمتدادات الدولية تجعله قادرا على إعادة إنتاج نفسه بصيغ متعددة ماكرة وبأثواب‬
‫متخفية غادرة‪ ،‬لهذا عمل المغرب في ضوء ما يملكه من رصيد ديني وأمني وتنموي على تقوية‬
‫مقاربته المتميزة في مكافحة اإلرهاب وتعزيز المسار الديمقراطي للبالد‪ ،‬لهذا وجب التنويه‬
‫واالفتخار بالعمل الكبير الذي يقوم به المغرب بمختلف أجهزته خاصة العسكرية واألمنية منها‬
‫من أجل حفظ أمنه واستقراره واستمرارمسيرة تقدمه وازدهاره في تالحم تام بين القيادة والشعب‬
‫الذي نحسد عليه كما أكده على ذلك عاهل البالد في إحدى خطبه‪ ،‬إضافة للتصدي للتهديدات‬
‫اإلرهابية واألفكارالتكفيرية المتطرفة العابرات للقارات والحدود والمهددة ألمن الشعوب وتقدم‬
‫املجتمعات‪ ،‬وكل هذا نتيجة السياسة األمنية االستباقية والمعلومة االستخباراتية الناجحة‬
‫توازيها المقاربة الحقوقية واإلدماجية في مواجهة العمل اإلرهابي ومعالجة فكرالتطرف العنيف‬
‫وتجفيف منابعه‪ ،‬بهدف تحصين الشباب من مالذات االستقطاب والتجنيد في بؤرالتوتروالنزاع‪،‬‬
‫الش يء الذي جعل من المغرب شريكا ناجحا وموثوقا به لدى العديد من الدول والهيئات‪ ،‬في ظل‬
‫استمرار خطر التهديد اإلرهابي على الجميع وتطور أساليبه الخبيثة وتداخلها مع جرائم أخرى‬
‫كتبيض وتهريب األموال والجرائم اإللكترونية واالتجار الدولي في البشر واملخدرات‪ ،....‬كما تزيد‬
‫الحروب والصراعات العرقية والدينية وكذا انتشار مظاهر الفساد والتخلف االقتصادي‬
‫واالجتماعي والفكري‪ ،‬من إيجاد البيئة الخصبة لظهور العديد من البؤر اإلرهابية واألفكار‬
‫المتطرفة‪ ،‬لدا وجب تطويرمنظومة اجتماعية منسجمة لنبذ العنف وتفكيك خطاب التطرف‪،‬‬
‫وذلك من خالل تعزيز البحث العلمي في هذا املجال على غرار ما نتابعه في العديد من الدول‬
‫األجنبية‪ ،‬ألن ظاهرة اإلرهاب منطلقها الفكر المتطرف الذي ال يمكن معاقبته أو سجنه لكن‬
‫بالمقابل يمكن مواجهته بتغييره بفكر عقالني معتدل ومنفتح على الذات ومتسامح مع اآلخر‪،‬‬
‫وهذا ما يجب أن تتواله مراكز بحثية متخصصة في تشريح ظاهرة اإلرهاب وبيان المسببات‬
‫والعالجات‪ ،‬وهنا البد من التسريع بإخراج المرصد الوطني لإلجرام بعد مرور‪ 91‬سنة على الدعوة‬
‫الملكية إلحداثه منذ خطاب ثورة الملك والشعب لسنة ‪ ،2771‬باعتباره سيكون آلية لتحليل‬
‫الظاهرة اإلجرامية كاإلرهاب مع تقديم اقتراحات الحتواء الجرائم‪ ،‬إضافة للتعاون الجدي‬
‫والمسؤول مع كل المتدخلين والمهتمين في الميدان لمواجهة هذه اآلفة الخطيرة سواء بالتعاون‬
‫األمني والمعلوماتي من جهة‪ ،‬ثم باالهتمام بالجانب الحقوقي والتنموي للشعوب من جهة أخرى‪،‬‬
‫وتبقى األولية لجانب التربية والتعليم عبر تشبع الفرد بقيم اإلسالم المعتدل‪ ،‬والتحلي بأعراف‬
‫املجتمع المنفتح القائم على التآخي والتسامح والتعايش ونبذ فكرالعنف والتطرف الدخيل على‬
‫ثقافتنا‪،‬‬
‫‪Nathalie Cettina. « Terrorisme.l’histoire de sa mondialisation ». France.‬‬

‫‪Edition l’harmattan. 2001.‬‬
‫الحسن حما‪ ،‬دراسة حول "استراتيجية المغرب في مواجهة التطرف واإلرهاب دراسة‬
‫سوسيو‪-‬تاريخية"‪ ،‬منشورات مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات اإلسالمية‪ ،‬بتاريخ يوليوز‬
‫‪.2796‬‬
‫جمال بوازدية‪ ،‬االستراتيجية المغاربية لمكافحة اإلرهاب‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة‬
‫الدكتوراه في قسم الدراسات الدولية‪ ،‬بكلية العلوم السياسية والعالقة الدولية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪.2791/27992‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 9.99.19‬صادر في ‪ 20‬شعبان ‪ 21( 9212‬يوليوز ‪ )2799‬بتنفيذ نص‬

‫الدستور المغربي‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 2162‬مكرر الصادرة بتاريخ ‪ 22‬شعبان ‪9212‬‬
‫(‪ 17‬يوليوز‪.)2799‬‬
‫يوسف بن ناصر‪ ،‬الجريمة اإلرهابية بالمغرب وآليات المكافحة القانونية‪ ،‬العدد ‪،6‬‬
‫مطبعة دارالقلم‪ ،‬طبعة ‪.2772‬‬
‫ملف خاص حول اإلرهاب والتطرف‪ ،‬ومعطيات حول عمل المكتب المركزي لألبحاث‬
‫القمائية‪ :‬جريدة المنعطف‪ ،‬العدد ‪ 2622‬صادربتاريخ ‪ 92‬ماي ‪ + .2722‬جريدة النهارالمغربية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،2269‬صادربتاريخ ‪ 92‬ماي ‪.2722‬‬
‫محمد مؤنس‪ ،‬تحديث أجهزة مكافحة اإلرهاب وتطويرأساليبها‪ ،‬منشورات مركزالدراسات‬

‫واألبحاث بجامعة نايف للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض‪ ،‬طبعة ‪ ،2776‬العدد ‪.270‬‬
‫امحمد جبرون‪ ،‬إشكالية الوظيفة الدينية في الدولة المعاصرة‪ ،‬قراءة في تجربة تأهيل‬
‫الحقل الديني بالمغرب‪ ،‬مراصد ‪ ،2‬طبعة ‪ ،2799‬مكتبة اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫سليم حميمنات‪ ،‬تجديد اإلسالم المغربي‪ ،‬المؤسسة الدينية الرسمية وتحديات ما بعد ‪96‬‬
‫ماي‪ ،‬مجلة وجهة نظر‪ ،‬العدد ‪ 26-22‬للسنة الثامنة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪.‬‬
‫مكانة الوصل على ضوء التشريع ومحكمة النقض‬

‫‪The status of the link in the light of legislation and the court of Cassation‬‬
‫تعمد أغلب الشركات الى بيع العقارات‪ 647‬انطالقا من المفاوضات‪ 648‬التمهيدية‪ 649‬التي‬
‫تسبق عملية التعاقد‪ ،‬ومرورا بإبرام العقود التمهيدية مع المشترين املحتملين‪ ،‬و انتهاء بتحرير‬
‫عقد البيع النهائي‪.‬‬
‫دعت المرورة في سبيل اقتناء عقار إبرام عقود تمهيدية تجمع بين الشركة العقارية‬
‫والمستهلك‪ ،‬فاإلقبال على تلك العقود ال مناص منه بالنسبة للمتعاقدين على حد سواء‪.‬‬
‫يبدأ سريان العقود التمهيدية بإيجاب منصب على وعد بالتعاقد‪ ،‬فيصبح ذلك الوعد‬
‫عقدا تاما عند قبوله من لدن المتعاقد اآلخر‪ ،‬وهي مرحلة تتوسط اإليجاب والعقد النهائي‪650.‬‬
‫يمكن االستغناء عن العاوق التمهيدي عند تراضي المتعاقدفن على إبرام العاد النهائي فورا‪ ،‬ولئا هناك ما يمنع‬ ‫‪647‬‬
‫قانونا من تجاوص تلي المراحل التمهيدي عندما يكود العاار منج ا‪.‬‬
‫‪ 648‬تعد المفاوضات التمهيدي مرحل غير تعاقدي ياوم من خ لها المتعاقداد بتباقل وجهات النظر حول العاار والثمن‬
‫وباقي األرناد األساسئ للعاد الم تمل‪ ،‬وهناك حال وحيدة تت اي فيها المس ولئ التاصيري للمتفاوض السيا النئ‬
‫مما يستوجس تعويض الطرى المت رر وفي الماقتين ‪ 11‬و‪ 12‬من قانود االلت امات والعاوق‪.‬‬
‫راجع مصطفى خ ير ن مي‪ ،‬النظام الاانوني للمفاوضات التمهيدي للتعاقد‪ ،‬رسال لنيل الماستر في الاانود الخاذ‪،‬‬
‫جامع ال رق األوسط‪.1031 ،‬‬
‫ويمن وحمد الدلوا وجهاق مغاوري ش ات وشامل سلئماد عسل ‪ ،‬الممارسات الاانونئ والتدريبات العملئ ‪ ،‬الرياض‪،‬‬ ‫‪649‬‬
‫مكتب الاانود واالقتصاق الطبع األولى‪ ،1039 ،‬ذ ‪.311‬‬

‫‪650‬عشد الرصاق السنهوري‪ ،‬شرق الاانود المدني النظري العام ل لت امات نظري العاد‪ ،‬الج ء األول‪ ،‬بيروت قار‬
‫الفكر للطباع والن ر‪ ،‬ذ ‪.141‬‬
‫تحرر العقود التمهيدية من أجل تيهئ وتحمير عقد البيع النهائي‪ ،‬فهي خطوة استباقية‬
‫ومرحلة ممهدة تمكن المستهلك من حجزالعقارإلى حين إنجازه وتخول للشركات العقارية إعداد‬
‫البنايات والحصول على الوثائق المرورية والمستندات الالزمة‪ 651‬إلتمام إجراءات البيع‪.‬‬
‫على هذا األساس‪ ،‬تبتدئ المراحل األولى للتعاقد بإبرام عقود تمهيدية بين المورد‬
‫والمستهلك العقاري منشئة آلثار قانونية‪ ،‬بحيث يصوغ تحرير عقدين تمهيديين؛ األول عقد‬
‫التخصيص والثاني عقد البيع االبتدائي‪.‬‬
‫نص قانون بيع العقارفي طوراإلنجازرقم ‪ 970-92‬على جملة من المقتميات التي تنظم تلك‬
‫العقود التمهيدية سواء من حيث البنود التعاقدية الواجبة إدراجها والجهة املخولة لها إبرامها‬
‫وغيرها من القواعد القانونية التي تؤطر الروابط التعاقدية القائمة بين المورد والمستهلك‬
‫العقاري في المراحل التي تسبق إبرام عقد البيع النهائي‪.‬‬
‫لعل ما يثار في المفاوضات التمهيدية وفي المراحل الممهدة إلبرام عقد البيع هو تقديم‬
‫البائع مباشرة للمشتري وصال مفاده اداء هذا األخير لقسط أو لبعض األقساط من ثمن البيع‬
‫اإلجمالي للعقارالمراد اقتناؤه‪ .‬وعليه‪ ،‬يطرح التساؤل حول اعتبارالوصل حجة قاطعة على نشوء‬
‫التزامات قانونية بين البائع والمشتري‪.‬‬
‫إن دراسة الوصل من خالل تحديد الطبيعة القانونية لهذه الورقة وعبر رصد موقف‬
‫محكمة النقض في هذا الموضوع قد يفض ي إلى تحديد مميزات هذه الورقة على المستوى‬
‫الموضوعي والشكلي‪.‬‬
‫من هذا المنطلق‪ ،‬يكتس ي هذا الموضوع أهمية بالغة بالنظرإلى جملة من االعتبارات‪ .‬على‬
‫المستوى النظري‪ ،‬ستمكن هذه الدراسة من معرفة موقف المشرع المغربي من الوصل من‬
‫خالل تحديد ماهيته وخصائصه وتبيان اآلثارالمترتبة عن تسليمه‪.‬‬
‫رم ي ساسي‪ ،‬إشهار ال ي العيني العااري‪ ،‬تونا‪ ،‬المجمع األطرش للكتاب المختص‪ ،‬الطبع األولى‪،1031 ،‬‬ ‫‪651‬‬
‫ذ ‪.22‬‬
‫يترتب عن التعيين الدقيق للعناصر المتصلة بالوصل نتائج مهمة ومنها مدى االعتداد‬
‫بالوصل إلثبات العالقات التعاقدية القائمة بين المورد والمستهلك العقاري‪ ،‬وتبيان حجية‬
‫الورقة بين المتعاقدين وفي مواجهة األغيار‪.‬‬
‫أما على المستوى العملي‪ ،‬ستمكن هذه الدراسة من تبيان التوجه الذي اتخذته محكمة‬
‫النقض بالنظرإلى الوصل‪ ،‬وبالتالي فمعرفة موقف القماء الموجه سيساهم بشكل كبيرفي إبراز‬
‫التصور السائد لدى القماء بخصوص ماهية الوصل والحقوق التي يمكن للمحكمة النطق بها‬
‫لصالح المستهلك العقاري عند تسليم الوصل‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬إلى أي حد يمكن االعتداد بالوصل على المستوى التشريعي والقمائي لممان‬
‫حقوق المستهلك العقاري؟‬
‫من خالل ما تقدم‪ ،‬ارتأينا تقسيم هذا الموضوع إلى محورين‪:‬‬
‫سنعمد في (املحور األول) إلى تبيان خصوصية الوصل على ضوء التشريع المغربي‪ ،‬ثم‬
‫سنتولى دراسة موقف محكمة النقض من الوصل في (املحورالثاني)‪.‬‬
‫املحوراألول‪ :‬خصوصية الوصل على ضوء التشريع المغربي‬
‫يعد الوصل وثيقة عرفية مكتوبة‪ ،‬خاصة متى كان موقعا من طرفي العالقة التعاقدية‬
‫أو على األقل متى كان موقعا بكيفية قانونية ممن ُيحتج به ضده‪ ،‬طبقا لمقتميات الفصل ‪226‬‬
‫من قانون االلتزامات والعقود‪652.‬‬
‫هذا الوصل باعتباره وثيقة مكتوبة غالبا ما ييهئ من لدن البائع من أجل تقديمه إلى‬
‫المشتري على سبيل الممان أي أن الوصل يشكل اعتر افا صريحا من طرف البائع بأداء المشتري‬
‫التسبيق أو التسبيقات الواجبة أو المتفق عليها‪.‬‬
‫م مد الك شور‪ ،‬بئع العاار بين الرضائئ وال كل قراس في وحكام الفاه اعس مي وفي الاانود الوضعي وفي‬ ‫‪652‬‬
‫مواقف الا اء الدار الشئ اء‪ ،‬مطبع النجاق الجدفدة‪ ،‬ط ‪ ،3991 ،3‬ذ ‪.301‬‬
‫بالرجوع إلى ممامين الفصل ‪ 226‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬نجد أن المشرع ألزم المدين في الورقة‬
‫العرفية بالتوقيع عليها في األسفل‪ ،‬وال يقوم الطابع أوالختم مقام التوقيع‪ 653،‬ومن ثم يكون البائع‬
‫ملزما بالتوقيع على الورقة العرفية‪654.‬‬
‫ُيستنتج من خالل ما سبق أن للوصل ضوابط شكلية تميزه عن غيره من املحررات‪ ،‬مما‬
‫يجعله حجة للمشتري تجاه البائع من أجل استيفاء حقه سواء بإتمام إجراءات البيع و إبرام‬
‫العقد النهائي أو باسترجاع األقساط المدفوعة إذا لم ُيبد البائع رغبته في البيع‪ ،‬أو في حالة وجود‬
‫ظروف يستحيل معها استكمال مراحل إنجازالبيع‪.‬‬
‫ُويستخلص من الفصل ‪ 222‬من قانون االلتزامات والعقود أن الورقة العرفية المعترف بها‬
‫ممن يقع التمسك بها ضده أو المعتبرة قانونا في حكم المعترف بها منه‪ ،‬تكون لها نفس القوة‬
‫الثبوتية التي للورقة الرسمية‪ ،‬بحيث تعتبر دليال وحجة قاطعة في االتفاقات والشروط الو اقعة‬
‫بين المتعاقدين وفي األسباب المذكورة فيها وفي غيرذلك من الوقائع التي لها اتصال مباشربجوهر‬
‫العقد على غرارالورقة الرسمية‪.‬‬
‫على أساس كل ما تقدم‪ ،‬اعتبرالمشرع في قانون االلتزامات والعقود الورقة العرفية حجة‬
‫قاطعة ودليال قويا على نشوء االتفاقات بين المتعاقدين‪ ،‬وبالتالي يمكن االستناد إلى تلك‬
‫المقتميات القانونية لحماية حقوق المستهلك العقاري المتوفر على ورقة الوصل والذي لم‬
‫يتمكن من إبرام العقد التمهيدي مع البائع ألي سبب كان شريطة أن يتممن الوصل العناصر‬
‫األساسية المطلوبة‪.‬‬
‫على هذا السبيل‪ ،‬يظهر جليا أن المشرع المغربي أحاط بتنظيم خاص بالورقة العرفية‬
‫سواء كانت في شكل برقية أو وصل أو غيرها من املحررات التي يمكن كتابتها في قالب عرفي‪ ،‬غيرأنه‬
‫يصعب الحسم في مدى إضفاء الوصل لممانات حقيقية للمستهلك العقاري في مواجهة المورد‪.‬‬
‫‪ 653‬فنص الفصل ‪ 114‬من قانود االلت امات والعاوق على ونه "يسوغ ود تكود الورق العرفئ مكتوب بيد غير ال خص‬
‫الملت م بها ب رط ود تكود موقع منه‪ .‬ويل م ود يكود التوقئع بيد الملت م نفسه وود فرق في وسفل الورق ‪ .‬وال ياوم‬
‫الطابع وو الختم ماام التوقئع ويعتشر وجوق نعدمه"‪.‬‬
‫‪654‬جيهاد بونبات‪ ،‬مرن الكتاب والتسجيل في عاوق تفويت العاارات‪ ،‬وطروح لنيل الدنتو ار في الاانود الخاذ‪،‬‬
‫جامع م مد األول نلئ العلوم الاانونئ واالقتصاقي واالجتماعئ وجدة‪ ،‬السن الجامعئ ‪ ،1033-1030‬ذ ‪-10‬‬
‫‪.13‬‬
‫تكمن الصعوبة بداية في تطبيق النص العام الوارد في قانون االلتزامات والعقود خاصة مع‬
‫وجود نصوص خاصة تحكم العالقة التعاقدية بين المورد والمستهلك العقاري‪ ،‬وهناك صعوبة‬
‫ال تقل أهمية عن سابقتها وهي اعتبار الوصل ورقة عرفية لها نفس القوة الثبوتية والحجية التي‬
‫تتوفرعليها الورقة الرسمية‪.‬‬
‫في مقابل تلك النصوص العامة‪ ،‬جاء قانون بيع العقارفي طوراإلنجاز رقم ‪ 970-92‬الصادر‬
‫سنة ‪ 2796‬متممنا مقتميات تؤطرالروابط التعاقدية الدائرة بين المورد والمستهلك العقاري‬
‫في سبيل سد الثغرات القانونية المعابة على النص العام‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬لم يذكر قانون بيع العقار في طور اإلنجاز عبارة الوصل‪ ،‬بل نظم الروابط‬
‫التعاقدية القائمة بين المورد والمستهلك العقاري في المراحل األولى للتعاقد في ظل إطارين‬
‫أساسيين‪.‬‬
‫أما اإلطار األول فيتمثل في إمكانية إبرام عقد التخصيص باعتباره عقدا قائما بالذات‬
‫متوفرا على كل األركان والعناصرإلنشائه وذلك استنادا إلى فحوى الفصل ‪ 3-818‬مكررمرتين‪.‬‬
‫أما اإلطار الثاني فيتجلى في تحرير عقد البيع االبتدائي سواء كان وعدا انفراديا بالبيع أو‬
‫وعدا تبادليا بالبيع انطالقا من منطوق الفصل ‪ ،818-3‬ويستشف من خالل ما تقدم أن النص‬
‫الخاص لم يعتد بالوصل إلثبات التصرفات القانونية المنصبة على العقارات في طوراإلنجاز بل‬
‫اعتبرالعقود التمهيدية المناط الوحيد المعتمد إلنشاء االلتزامات بين البائع والمشتري‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬نص قانون بيع العقار في طور اإلنجاز على بطالن كل آداء للتسبيقات أو‬
‫األقساط قبل إبرام عقد التخصيص أو عقد البيع االبتدائي‪ 655،‬ويتبين من خالل هذا التنصيص‬
‫أن كل آداء لمبالغ أو أقساط ستعرض المستهلك العقاري ألضرار محققة وال يمكن بالتالي‬
‫التحجج بالوصل أمام القماء في سبيل استيفاء تلك األموال أو المطالبة بإتمام إجراءات البيع‪.‬‬
‫فنص الفصل ‪ 432- 2‬من قانود بئع العاار في طور اعنجاص رقم ‪ 301-31‬على مافلي "يعد باط نل وقاء‬ ‫‪655‬‬
‫كئفما ناد قشل التوقئع على العاد االبتدائي وو عاد التخصئص في حال اللجوء إلى إبرامه"‪.‬‬
‫يترتب عن آداء األقساط قبل إبرام العقود التمهيدية جزاء قانوني متمثل في بطالن التصرف‬
‫القانوني‪ ،‬ومن ثم فتسليم البائع الوصل للمشتري يعد إجراء باطال وسيودي حتما إلى إهدار‬
‫الحقوق المالية للمستهلك العقاري‪.‬‬
‫في سياق آخر‪ ،‬تنص مقتميات الفصل ‪ 692-6‬من القانون المذكور على قيام المشتري‬
‫بأداء ‪ 2%‬في المائة من الثمن اإلجمالي للبيع إلى البائع عند إبرام عقد التخصيص‪ ،656‬غير أن‬
‫الصعوبة تكمن في الوقت الذي ال تبرم فيه األطراف المتعاقدة ذلك العقد خاصة وأن القانون‬
‫ينص على اختيارية إبرام عقد التخصيص‪ ،‬ومن هنا نستشف أن مصالح المشتري يمكن أن‬
‫تتمرر بسبب عدم إثبات المبالغ موضوع التسبيق أو العربون وبالتالي يجب إبرام عقد‬
‫التخصيص بشكل إلزامي لممان حقوق المتعاقدين وخاصة المشتري الذي ُيقدم على وضع‬
‫مبالغ بين يدي البائع دون وسيلة إثبات أو دليل مكتوب‪.‬‬
‫يستنتج من خالل ما تقدم أن النص الخاص (قانون بيع العقار في طور اإلنجاز) جاء خاليا‬
‫من فكرة الوصل لكون هذه الوثيقة العرفية ال ترقى إلى درجة العقد‪ ،‬إذ يقتض ي المنطق القانوني‬
‫والسليم إبرام العقود التمهيدية لحماية األطراف المتعاقدة‪ ،‬ومن ثم فالعقد يحل محل قانون‬
‫لتبيان التصرفات القانونية ولتوفير حقوق ليس فحسب للمستهلك بل للمورد العقاري على حد‬
‫السواء‪.‬‬
‫في ظل تباين المقتميات القانونية الواردة في النص العام والخاص‪ ،‬كان لزاما علينا‬
‫تسليط الموء على الموقف الذي اتخذه القماء وخاصة محكمة النقض وجاه الوصل من‬
‫خالل قرارات مبرزة عن كثب التوجه الذي سارت عليه محكمة النقض بخصوص الوصل‪.‬‬
‫من هذا المنطلق‪ ،‬ال يمكن إدراك أهمية الوصل إال من خالل الممارسة القمائية في‬
‫الموضوع وعبر التنزيل السليم للمقتميات القانونية‪ ،‬وهذا كله يصب في اتجاه حماية حقوق‬
‫األطراف المتعاقدة وخاصة الطرف األقل خبرة وكفاءة ميدانية‪.‬‬
‫املحورالثاني‪ :‬موقف محكمة النقض من الوصل‬
‫تنص الفارة األولى من الماقة ‪ 432-4‬من قانود رقم ‪ 301-31‬على ونه ف قي الم تري ن د وقصى قسطا من‬ ‫‪656‬‬
‫الثمن اعجمالي تبعا لتادم األشغال حسس المراحل التالئ "‪ %1‬في المائ عند إبرام عاد التخصئص‪ 1% ،‬في المائ‬
‫عند إبرام العاد االبتدائي‪ 30% ،‬في المائ عند عدم وجوق عاد التخصئص"‪.‬‬
‫يعتبرالتوجه القمائي الفيصل الحقيقي إلبراز مكانة الوصل في النظام التشريعي‪ ،‬ومن‬
‫أجل معرفة ذلك التوجه يتعين االعتماد على قرارات في الموضوع بغية الحسم في التباين‬
‫الحاصل بين النص العام والخاص‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬صدر عن محكمة النقض سنة ‪ 2796‬قرار‪ 657‬قمت فيه بعدم االعتداد‬
‫بالوصل كوسيلة إلثبات العالقة التعاقدية الدائرة بين الشركة العقارية التي أعدت مشروعا‬
‫سكنيا لبيع شقق اقتصادية والمشتري املحتمل‪ ،‬وقد استندت الى الفصلين ‪ 202‬و‪ 222‬من ق‪ .‬ل‪.‬‬
‫ً‬
‫خال من أهم العناصر األساسية للعقد وهو الثمن‪،‬‬
‫ع معتبرة أن الوصل الذي يحتج به الطاعن ٍ‬
‫وحذت محاكم الموضوع حذو محكمة النقض فاعتبرت املحكمة االبتدائية ومحكمة االستئناف‬
‫أن نقل ملكية عقاريقتض ي دفع الثمن وكتابته مباشرة في املحرر‪.‬‬
‫في نفس اإلطار‪ ،‬استندت محكمة النقض ومحاكم الموضوع إلى فحوى الفصل ‪ 222‬من‬
‫قانون االلتزامات والعقود الذي يشير أن عقد البيع يكون تاما عند تراض ي عاقديه على المبيع‬
‫والثمن وباقي الشروط‪.‬‬
‫على هذا األساس‪ ،‬أصدرت محكمة النقض قرارها المذكور الذي مفاده عدم االعتداد‬
‫بالوصل إلثبات البيع أو الوعد بالبيع‪ ،‬وقد عللت املحكمة قرارها المذكورأعاله عبرتبيان السند‬
‫القانوني المعتمد للنطق بعدم جوازاألخذ بالوصل باعتباره سندا منشئا لاللتزام‪.‬‬
‫يمكن اختزال السند القانوني المعتمد من لدن املحكمة في نقطتين رئيسيتين؛ أما األولى‬
‫أساسها خلوالوصل من أهم ركن من أركان العقد أال وهوالثمن؛ أما الثانية تكمن في وجوب تحرير‬
‫عقد سواء كان تمهيديا أو نهائيا مبينا للعناصراألساسية للمحرروهي العقارالمبيع والثمن‪ ،‬ومن‬
‫ثم فإبرام عقد يستوفي الشروط القانونية سيفض ي حتما إلى حماية حقوق األطراف المتعاقدة‬
‫وسيؤدي إلى التحديد الدقيق للبنود التعاقدية الواجبة إدراجها في العقد‪.‬‬
‫‪ 657‬قرار م كم الناض‪ ،‬عدق ‪ ،1/29‬الم رخ في ‪ ،1034/01/09‬ملف مدني عدق ‪ ،1031/1/3/219‬الغرف المدنئ‬

‫الاسم السابع‪ ،‬غير من ور‪.‬‬
‫في قرار آخر‪ 658‬يعمد سابقه‪ ،‬لم تعتد محكمة النقض بالوصل لخلوه من الثمن ومساحة‬
‫العقار باعتبارهما عنصرين وركنين أساسيين يجب االتفاق عليهما لزاما بين المورد والمستهلك‬
‫إن إقدام الشركة العقارية البائعة على تقديم وصل للمشتري أدى إلى اإلضراربمصالح هذا‬
‫األخير‪ ،‬وبذلك يظل العقد مناط االلتزام وسند يمكن التحجج به أمام القماء في سبيل إتمام‬
‫إجراءات البيع أو على األقل استرجاع المبالغ المدفوعة من لدن المشتري والحكم لصالحه‬
‫بالتعويض الذي يتناسب مع حجم األضرارالالحقة به‪.‬‬
‫يستشف من القرارين السابقين الموقف الذي اتخذته محكمة النقض ومحاكم الموضوع‬
‫حيال الوصل الذي يفتقد إلى أهم العناصر األساسية في العقد‪ ،‬ومن ثم ال يعد وسيلة قانونية‬
‫تتيح للمستهلك العقاري التحجج بحقوقه أمام القماء مادام يفتقد إلى تلك العناصر المذكورة‬
‫سلفا‪.‬‬
‫على ضوء القرارين السالفين‪ ،‬يالحظ أنه لم يتم االكتراث بمركزالمستهلك العقاري الذي ال‬
‫يتوفرعلى خبرة قانونية أو على األقل معلومات من شأنها أن تنيربصيرته في التعاقد بإبرام العقود‬
‫التمهيدية وعدم تسلم الوصل باعتباره أداة غيرمممونة من الناحية القانونية إلثبات الحقوق‬
‫وااللتزامات‪.‬‬
‫على هذا األساس‪ ،‬يجب في رأينا إضفاء المزيد من الممانات على الوصل من خالل تدخل‬
‫تشريعي يتمثل في التعيين الدقيق لمراجع تلك الوثيقة العرفية عبر بيان اسم المورد والمستهلك‬
‫العقاري والمقراالجتماعي للشركة ورأس مالها مع إيماح وتحديد الرسم العقاري األصلي والثمن‬
‫اإلجمالي للبيع ومبلغ التسبيق‪ ،‬فتلك البيانات ستمنح للمحرر قوة ثبوتية على غرار العقود‬
‫التمهيدية وباقي املحررات القانونية‪ ،‬وستخول للمستهلك العقاري اإلمكانية للتحجج بحقوقه‬
‫أمام املحاكم‪.‬‬
‫بارار م كم الناض‪ ،‬عدق ‪ ،1/19‬الم رخ في ‪ ،1034/03/39‬ملف مدني عدق ‪ ،1031/3/3/413‬الغرف‬ ‫‪658‬‬
‫المدنئ الاسم السابع‪ ،‬غير من ور‪.‬‬
‫في قرارآخرصادرعن محكمة النقض‪ ، 659‬قام شخصان باقتناء شقة من الشركة العقارية‬
‫وعمدا إلى شراء قطعة من مرآب مخصص للسيارة‪ ،‬وقد أديا مبلغ ‪ 2777177‬درهم كتسبيق مقابل‬
‫وصل ثم عرضا باقي الثمن بصندوق املحكمة االبتدائية املختصة‪.‬‬
‫من هذا المنطلق‪ ،‬حكمت املحكمة االبتدائية لصالح المدعيين بإبرام عقد البيع النهائي‬
‫وبغرامة تهديدية قدرها ‪ 977177‬درهم عن كل يوم تتأخر فيه الشركة عن القيام باإلجراءات‬
‫المرورية إلتمام البيع‪ ،‬إال أن محكمة االستئناف اتخذت موقفا مغايرا تماما وألغت الحكم‬
‫االبتدائي ورفمت الطلب‪ ،‬وهو نفس القرارالذي اتخذته محكمة النقض في هذا الشأن‪.‬‬
‫يستنتج من أول وهلة أن العقارالمراد اقتناؤه يندرج في نوع فريد من أنواع العقارات ونخص‬
‫بالذكرالمرآب‪ .‬وفي هذه الحالة يتوفرالمرآب على رسم عقاري خاص مستقل عن الرسم العقاري‬
‫ْ‬
‫المدعيين يهدف إلى التوقيع على عقد البيع النهائي للمرآب‬ ‫المرتبط بالشقة‪ ،‬ومن ثم فطلب‬
‫بمعزل عن العقد املخصص للشقة‪660.‬‬
‫استنادا إلى حيثيات القرار‪ ،‬يتبين أن استجابة املحكمة االبتدائية لطلب المشتريين راجع‬
‫إلى كونهما قد أديا مبلغ ‪ 2777177‬درهم بواسطة وصل ‪ 917777177‬درهم مباشرة بصندوق‬
‫املحكمة االبتدائية املختصة‪ ،‬غير أن محكمة االستئناف عارضت التوجه الذي سارت عليه‬
‫املحكمة االبتدائية عبراعتبارالوصل وثيقة غيرثابتة التاريخ وغيرمتممنة للثمن والمساحة‪ .‬لم‬
‫تعتد تلك املحكمة بالوصل كسند قانوني مبين اللتزامات األطراف المتعاقدة‪.‬‬
‫ويتبين من خالل ما تقدم أن الموقف الذي اتخذته محكمة االستئناف ال يخدم مصالح‬
‫المستهلك العقاري بل يمر بها‪ ،‬وبالتالي نعتقد أن القرار المتخذ يظل ناقص التعليل العتبارين‬
‫ْ‬
‫بالمشتريين فعقد بيع‬ ‫أساسيين؛ أما األول فيتصل بوجود رابطة تعاقدية تجمع الشركة العقارية‬
‫الشقة هو منشأ العقد الثاني المتعلق ببيع المرآب‪.‬‬
‫‪ 659‬قرار م كم الناض‪ ،‬عدق ‪ ،1/19‬الم رخ في ‪ ،1034/03/39‬ملف مدني عدق ‪ ،1031/3/3/413‬الغرف المدنئ‬

‫الاسم السابع‪ ،‬غير من ور‪.‬‬
‫في الواقع العملي الخاذ بمجال التوثيي‪ ،‬نجد ود المرآب قد فندرج في األج اء الم ترن للعاار ( ‪les parties‬‬ ‫‪660‬‬
‫‪ ،)communes de l’immeuble‬وبالتالي قد فرق الشئع على العاار بكامله وقود ال اج إلى فرص المرآب‪ ،‬وفي‬
‫ال ال األخرى نما هي مشين في الارار فإنه فتوفر على رسم عااري خاذ ومستال عن ال ا ‪.‬‬
‫يتبين أن الوصل وإن كان غير متممن لثمن المرآب ومساحته فهو قرينة على نشوء التزام‬
‫متمثل في نقل قطعة من المرآب إلى المشتريين؛ أما االعتبارالثاني يتجلى في قلة اإلقبال على تحرير‬
‫مثل تلك العقود وبسبب تكلفة العقد ذاته التي يؤديها المشتري عند إبرام تلك التصرفات‬
‫القانونية من لدن املحررين المعتمدين‪.‬‬
‫يتبين جليا من خالل القرارات السابقة الموقف المتخذ من قبل محكمة النقض القاض ي‬
‫بعدم االعتداد بالوصل كسند قانوني منش ئ لاللتزامات معتبرة هذه الوثيقة العرفية مفتقدة‬
‫للحجية بين المتعاقدين وفي مواجهة الغير وغير متوفرة على القوة الثبوتية على خالف العقود‬
‫التمهيدية والعقود الناقلة للملكية‪.‬‬
‫هذا التوجه الذي سارت عليه محكمة النقض ال يوفر الممانات األساسية للمستهلك‬
‫العقاري بل يعرض مصالحه للهال ك والنقصان‪ ،‬وكان من األجدر بمحكمة النقض ومحاكم‬
‫الموضوع األخذ بعين االعتبار مصالح الطرف المعيف في العالقة التعاقدية وذلك في‬
‫المفاوضات التمهيدية التي تسبق عملية التعاقد‪.‬‬
‫يسوغ االعتماد على مقتض ى قانوني صريح مبين في قانون االلتزامات والعقود‪ 661‬في سبيل‬
‫حماية فئة األميين الذين يقبلون على تسلم الوصل وآداء األقساط أو المبالغ دون المعرفة‬
‫الحقيقية لآلثارالناتجة عن تلك العملية‪.‬‬
‫إن استغالل جهل فئة عريمة من المستهلكين العقاريين سينتج عنه اضطراب مجتمعي وال‬
‫يمكن بأي حال من األحوال مجابهته إال بسن مقتميات قانونية من شأنها منح الوصل الحجية‬
‫القانونية أو على األقل توفير ضمانات حقيقية لحامل الوصل قصد استرداد التسبيقات أو رفع‬
‫دعوى إتمام البيع‪.‬‬
‫في سبيل إضفاء حماية قانونية للمستهلك العقاري المتوفرعلى الوصل قد تتأتى عبرقبول‬
‫دعوى إتمام البيع‪ ،‬فهذا المنطلق القانوني سيؤدي إلى بلوغ المنتهى المأمول والغرض المقصود‬
‫أال وهو تخويل المستهلك العقاري الحق في اقتناء العقاراستنادا إلى الوصل‪.‬‬
‫فنص الفصل ‪ 111‬من قانود االلت امات والعاوق المغربي على ونه "الم ررات المت من اللت امات وشخاذ‬ ‫‪661‬‬
‫وميين ال تكود لها قئم إال إعا تلااها موثاود وو موظفود عموميود م عود لهم ب ل"‪.‬‬
‫يظهرجليا أن هناك بونا بين النص العام والخاص تارة من خالل اعتبارالوصل وثيقة ذات‬
‫حجية قانونية ترقى إلى الورقة الرسمية وتارة أخرى عبر عدم االعتداد بها إلثبات التصرفات‬
‫الناشئة بين المورد والمستهلك العقاري‪.‬‬
‫هذا التباين الكبير بين قانون االلتزامات والعقود وقانون بيع العقار في طور االنجاز يثير‬
‫إشكاالت قانونية حقيقية بحيث يمع القاض ي في النسق العلمي التحليلي الذي يستلزم اإلدراك‬
‫العميق للقوانين المتصلة بالموضوع والفهم الدقيق لطبيعة الوصل والروابط التعاقدية‬
‫القائمة بين المورد والمستهلك العقاري والتي تسبق إبرام عقد البيع النهائي‪.‬‬
‫من هذا المنطلق‪ ،‬اتخذت محكمة النقض موقفا ثابتا مؤداه عدم االعتداد بالوصل‬
‫كوسيلة إلثبات التصرفات الدائرة بين المورد والمستهلك العقاري‪ ،‬وبالتالي ال مجال لألخذ‬
‫بالوصل أو التحجج به أمام القماء لخلوه من األركان األساسية والالزمة للتعاقد‪.‬‬
‫فمال عن كون الوصل ال يعتبر عقدا قائما بالذات‪ ،‬فالعبرة إذن بالتعاقد وهذا اإلطار‬
‫التعاقدي تم تحديده وفق مقتميات قانون بيع العقار في طور اإلنجاز من خالل االعتماد على‬
‫عقد التخصيص وعقد البيع االبتدائي بغية إنشاء اآلثارالقانونية التي تخول لكل من المتعاقدين‬
‫الحقوق التي تممن التوازن العقدي‪.‬‬
‫يتبين من خالل ما تقدم‪ ،‬أن محكمة النقض أخذت بمبدأ النص الخاص يتقدم عن النص‬
‫العام لكونه منظما بصورة فعلية إلطارقانوني يخدم مصالح المورد والمستهلك العقاري على حد‬
‫السواء‪ ،‬ويساهم في الحد من اإلشكاالت القانونية والو اقعية التي تطرح عند الشروع في‬
‫المفاوضات التمهيدية أو عند إبرام العقود االبتدائية‪.‬‬
‫من أجل تجاوز اإلشكاالت التي يثيرها الوصل والتي تؤدي إلى اإلضرار بمصالح المستهلك‬
‫العقاري وجب في رأينا االعتماد على مقاربة شمولية ومتوازنة تحفظ ليس فحسب حقوق المورد‬
‫بل تمتد إلى الطرف المعيف في العالقة التعاقدية أال وهو المستهلك العقاري‪.‬‬
‫نقترح سن مقتض ى قانوني صريح مفاده بطالن الوصل وعدم األخذ بتلك الوثيقة العرفية‬
‫إلثبات التصرفات الدائرة بين المورد والمستهلك العقاري‪ ،‬ونقترح أيما آداء المورد العقاري‬
‫لغرامة في حالة قبوله وتسلمه لمبالغ و أقساط دون إبرام عقود تمهيدية وعند تسليمه الوصل‬
‫للمستهلك‪.‬‬
‫يجب أن تؤدى هذه الغرامة بالنظر إلى ثمن البيع اإلجمالي للعقار‪ ،‬ومن ثم فتطبيق تلك‬
‫المقتميات القانونية المقترحة من لدننا ستؤدي بصورة فعالة وناجعة إلى حماية حقوق‬
‫المستهلك العقاري الذي يجهل في أغلب األحيان أحكام الوصل ومآل ذلك التصرف‪.‬‬
‫نقترح إنشاء هيئة رسمية من شأنها مر اقبة المشاريع السكنية في طور البناء عبر البحث‬
‫عن الحاالت التي يتم فيها تسليم المورد العقاري للوصل‪ ،‬ويمكن أن يفعل هذا التدبير الوقائي‬
‫من خالل التنسيق مع السلطات املحلية في سبيل المر اقبة الفعلية للتصرفات الصادرة عن‬
‫المورد العقاري‪.‬‬
‫نقترح كذلك إشهار المقتض ى القانوني القاض ي بعدم اإلعتداد بالوصل وبطالنه لدى‬
‫وسائل اإلعالم السمعية والبصرية والجرائد المكتوبة واإللكترونية‪ ،‬وعليه فهذا اإلشهارسيكون‬
‫له وقع كبيرعلى تبصرة المستهلك العقاري وتنويره وإعالمه باألخطارالتي تتصل بالوصل والمآالت‬
‫القانونية التي تلقي بظاللها على هذا التصرف‪.‬‬
‫مصطفى خمير نشمي‪ ،‬النظام القانوني للمفاوضات التمهيدية للتعاقد‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫الماسترفي القانون الخاص‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪.2792 ،‬‬
‫أيمن أحمد الدلوع وجهاد مغاوري شحاتة وشامل سليمان عسلة‪ ،‬الممارسات القانونية‬
‫والتدريبات العملية‪ ،‬الرياض‪ ،‬مكتبة القانون واالقتصاد الطبعة األولى‪.2791 ،‬‬
‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬شرح القانون المدني‪ :‬النظرية العامة لاللتزامات‪ :‬نظرية العقد‪،‬‬
‫الجزء األول‪ ،‬بيروت‪ :‬دارالفكرللطباعة والنشر‪.‬‬
‫رمزي ساس ي‪ ،‬إشهار الحق العيني العقاري‪ ،‬تونس‪ ،‬املجمع األطرش للكتاب املختص‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪.2792 ،‬‬
‫محمد الكشبور‪ ،‬بيع العقار بين الرضائية والشكل‪ :‬دراسة في أحكام الفقه اإلسالمي وفي‬
‫القانون الوضعي وفي مو اقف القماء الدارالبيماء‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬ط ‪.9110 ،9‬‬
‫جيهان بونبات‪ ،‬مركزالكتابة والتسجيل في عقود تفويت العقارات‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‬
‫في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد األول كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪.2799-2797‬‬
‫قرار محكمة النقض‪ ،‬عدد ‪ ،0/21‬المؤرخ في ‪ ،2796/72/71‬ملف مدني عدد‬

‫‪ ،2792/0/9/211‬الغرفة المدنية القسم السابع‪ ،‬غيرمنشور‪.‬‬
‫ـقرار محكمة النقض‪ ،‬عدد ‪ ،0/11‬المؤرخ في ‪ ،2796/79/91‬ملف مدني عدد‬

‫قرار محكمة النقض‪ ،‬عدد ‪ ،0/11‬المؤرخ في ‪ ،2796/79/91‬ملف مدني عدد‬

‫ممـارسة حـق اإلضراب فـي الـمغرب‬

‫‪Exercise of the right to strike in Morocco‬‬
‫يعد الحق في ممارسة اإلضراب وسيلة بيد الطبقة العاملة تعبر من خاللها عن غمبها من‬
‫أمر ما‪ ،‬أو تهدف من خالل اللجوء إليها إلى تحقيق بعض مطالبها‪ .‬ويشكل اإلضراب بهذا المعنى‬
‫أحد تجليات الحرية النقابية‪ ،‬والذي تلجأ إليه الحركة النقابية للدفاع عن حقوقها المادية‬
‫والمعنوي‪ .‬وقد درج الفقه على تعريف اإلضراب بأنه توقف جماعي عن العمل يمارسه األجراء أو‬
‫المنظمات التي تمثلهم بغرض حماية مصالحهم المادية والمعنوية الناتجة عن عالقة الشغل أو‬
‫المرتبطة بها‪.662‬‬
‫وقد نص العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية الصادرفي ‪96‬‬
‫ديسمبرفي المادة ‪ 2‬على أن تتعهد الدول األطراف في العهد بتأمين حق اإلضراب شريطة استعماله‬
‫وفقا لقوانين البلد المعني‪.‬‬
‫واإلضراب بذلك يشكل أكبر خطر يهدد استمرارية المر افق العمومية‪ ،‬على اعتبار األهمية‬
‫المتزايدة للخدمات المقدمة من طرف المر افق العمومية كمرفق توزيع الماء والكهرباء‪،‬‬
‫والنقل‪ ،‬والتعليم‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫سؤال االستمرارية إذن ينبغي أال يتم االلتفاف حوله حتى ال تميع حقوق الموظف‬
‫العمومي‪ ،‬خاصة وأن الوثيقة الدستورية حرصت على ضمان هذا الحق (مطلب أول)‪ ،‬غير أن‬
‫اجتهادات القماء اإلداري في هذا الباب لم تكن مستقرة‪ ،‬مما يفرض دراسة ممارسة اإلضراب‬
‫بين الو اقع العملي واجتهاد القماء اإلداري (مطلب ثاني)‪.‬‬
‫‪ - 662‬الحق في ممارسة اإلضراب في ضوء المعايير الدولية‪ ،‬ورقة تأطيرية من تقديم مجلس المستشارين‪ ،‬البرلمان‪ ،‬المملكة‬
‫المغربية‪ ،‬منشورات مركز الدراسات والبحوث في الشؤون البرلمانية بدعم من مؤسسة وستمنستر للديمقراطية‪ ،‬ويمكن االطالع‬
‫على الورقة من خالل الرابط التالي‪. http://chambredesconseillers.m:‬‬
‫تاريخ االطالع ‪ 2021/04/27‬على الساعة ‪42:00‬‬
‫وعلى ضوء ما سبق تتبادرإلى األذهان إشكالية مركزية يمكن بسطها كاآلتي‪ :‬ما مدى شرعية‬
‫ممارسة حق اإلضراب على ضوء تطبيقات القماء اإلداري؟‬
‫وعن هذه اإلشكالية تتفرع التساؤالت اآلتية‪ :‬ما موقف القماء اإلداري الفرنس ي من‬
‫ممارسة حق اإلضراب؟ كيف يمكن التوفيق بين ممارسة حق اإلضراب واستمرارية المر افق‬
‫العمومية؟‬
‫ولإلجابة على التساؤالت السابقة عمدت هذه الورقة إلى تقسيم الموضوع إلى املحورين‬
‫اآلتيين‪ :‬املحور األول‪ :‬شرعية ممارسة حق اإلضراب‪ .‬املحور الثاني‪ :‬ممارسة اإلضراب من خالل‬
‫اجتهاد القماء اإلداري‪.‬‬
‫وتحاول هذه الورقة إبراز شرعية ممارسة حق اإلضراب‪ ،‬مع تسليط الموء على اجتهادات‬
‫القماء اإلداري المغربي في هذا الباب‪.‬‬
‫املحوراألول‪ :‬شرعية ممارسة حق اإلضراب‬
‫ظلت ممارسة حق اإلضراب في العديد من التشريعات حبيسة هواجس استمرارية المر افق‬
‫العمومية‪ ،‬ففي فرنسا ولسنوات طويلة قبل ‪ ،9126‬وعلى الرغم من كون التشريع الجنائي‬
‫الفرنس ي لم يعتبر اإلضراب جريمة جنائية‪ ،‬فإن مجلس الدولة الفرنس ي قض ى بأن اإلضراب يعد‬
‫عمال غير مشروع (قمية ‪ ،663)Winkell‬هذا االتجاه استمر عليه مجلس الدولة الفرنس ي‪ ،‬وذلك‬
‫حتى صدور دستور الجمهورية الرابعة في أكتوبر ‪ ،9126‬الذي نص في مقدمته صراحة على أن‬
‫"حق اإلضراب يجب أن يمارس في حدود القانون"‪.664‬‬
‫وهوما أثارنقاشا وجدال كبيرا‪ ،‬وهوما حسم فيه مجلس الدولة في قمية "‪ "Dehaene‬والتي‬
‫يستنتج من خاللها أن اإلضراب حق‪ ،‬لكن استمرارية المر افق العمومية تقتض ي تنظيمه‬
‫وتقييده‪ ،‬وال يعني ذلك إهدارهذا الحق‪ ،‬بل تنظيمه وفقا للصالح العام‪.‬‬
‫ويستنتج من قمية "‪ "Dehaene‬والنصوص الالحقة ما يلي‪:‬‬
‫‪ - 663‬كومغار إبراهيم‪ ،‬المرافق العامة الكبرى على نهج التحديث‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪ ،2007‬ص‪.47 -44‬‬
‫‪ - 664‬األعرج محمد‪ ،‬القانون اإلداري المغربي‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬عدد ‪ ،402‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬الرباط‪ ،2024 ،‬ص ‪.122-122‬‬
‫◄ اإلضراب لم يعد محرما في جميع القطاعات كما كان األمر قبل ‪ ،9121‬لكن بإمكان‬
‫الحكومة أن تمنعه في بعض املجاالت كالقماء مثال‪.‬‬
‫◄ تحريم اإلضرابات السياسية كما تمنع اإلضرابات المتتابعة طبقا للنص التنظيمي‬
‫الصادربتاريخ ‪ 19‬يوليوز‪.9161‬‬
‫◄ لتفادي اآلثارالسلبية لإلضراب‪ ،‬يمكن للحكومة اتخاذ التدابيرالكفيلة للتخفيف من‬

‫وطأتها كتعيين موظفين مؤقتين مثال‪.‬‬
‫◄ تعميم األحكام التي أقرها حكم مجلس الدولة الفرنس ي في قمية "ديهين" باإلضافة إلى‬
‫موظفي الدولة‪ ،‬تطبق على موظفي الجماعات املحلية وعلى العاملين في المر افق العمومية‬
‫الصناعية والتجارية‪ ،‬بصرف النظرعن شكلها القانوني‪.665‬‬
‫وبالرجوع إلى التشريع المغربي‪ ،‬فقد أثار اإلضراب جدال كبيرا‪ ،‬وذلك منذ إصدار مرسوم ‪2‬‬
‫فبراير‪ ، 9122‬والذي نص في فصله الخامس‪" :‬كل توقف عن العمل بصفة مدبرة وكل عمل‬
‫جماعي أدى إلى عدم االنقياد بصفة بينة يمكن المعاقبة عنه عالوة على الممانات التأديبية‪،‬‬
‫ويعم هذا جميع الموظفين"‪.666‬‬
‫لكن وبعد صدورأول دستورمغربي بتاريخ ‪ 92‬دجنبر‪ 9162‬سيتواصل الجدل‪ ،‬فالفصل ‪92‬‬
‫من هذا الدستور أكد على أن حق اإلضراب مممون‪ ،‬وهو ما سيتم تأكيده خالل الدساتير‬
‫المتعاقبة ‪ ،9112 – 9102 – 9107‬ودستور ‪ 9116‬في الفصل ‪ 92‬أيما والذي أكد على أن "حق‬
‫اإلضراب مممون‪ ،‬وسيبين قانون تنظيمي الشروط واإلجراءات التي يمكن معها ممارسة هذا‬
‫الحق"‪ ،‬هذا التحديد حافظ عليه دستورالمملكة المغربية لعام‪ ،2799‬فقد نص بدوره الفصل‬
‫‪ 21‬من هذا األخير على أن" حق اإلضراب مممون‪ ،‬ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات‬
‫ممارسته‪.".‬‬
‫‪ - 665‬كومغار إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.24-22‬‬

‫‪ - 666‬القريشي عبد الواحد‪ ،‬القضاء اإلداري ودولة الحق والقانون بالمغرب‪ ، ،‬مطبعة الشركة المغربية لتوزيع الكتاب‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،2007 ،‬ص ‪.424‬‬
‫وضمانا لمبدأ استمرارية المر افق العمومية‪ ،‬ونظرا لحساسية الخدمات المقدمة من قبل‬
‫بعض المر افق‪ ،‬فقد قام المشرع المغربي بمنع اإلضراب على بعض الفئات‪ ،‬وهم المتصرفون‬
‫بوزارة الداخلية‪ ،‬موظفو إدارة السجون‪ ،‬رجال القماء‪.667‬‬
‫وجدير باإلشارة أنه إذا كان القانون الجنائي المغربي يعاقب على المس بحرية العمل من‬
‫خالل الفصل ‪ 222‬من القانون الجنائي وذلك بالحبس من شهرواحد لسنتين وبغرامة من مائتين‬
‫إلى خمسة آالف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين‪ ،‬فإن المشرع المصري يعتبر اإلضراب جريمة‬
‫أيا كانت الصورة التي تم بها صراحة أو على شكل استقالة‪ ،668‬غير أن الدستور المصري المعدل‬
‫لعام ‪ 2791‬نص في المادة ‪ 92‬على أن اإلضراب السلمي حق ينظمه القانون‪.669‬‬
‫وعلى الرغم من التنصيص السابق فإن ممارسة حق اإلضراب تشوبه إشكاالت عملية‪،‬‬
‫خاصة وأن اإلدارة المغربية غالبا ما تواجه الموظفين بحجة األجر مقابل العمل‪ ،‬هذه الحجة‬
‫تعتمدها اإلدارة كسند لمباشرة االقتطاعات من أجور الممربين‪ ،‬وهو ما يجعل من اإلضراب‬
‫حقا مؤجال ينأى العديد من الموظفين عن ممارسته حتى ال تتعرض أجرته الشهرية لالقتطاع‪،‬‬
‫كما أن اإلدارة التي باشرت مسطرة االقتطاع ال تعلل قراراتها‪ ،‬ويجد الموظف نفسه تائها بين‬
‫البنك و ووزارة المالية‪ ،‬وال يعرف سبب االقتطاع من أجرته‪ ،‬مع العلم أن اإلدارة ملزمة بتعليل‬
‫قراراتها‪ ،‬ولو حاول الموظف مراسلة وزارة المالية لمعرفة أسباب االقتطاع‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫موقع الخزينة العامة للمملكة‪ ،‬فإن صعوبات تقنية تعترضه وتحرمه من التسجيل في الموقع‪ ،‬و‬
‫هنا ال بد من تبسيط المساطر‪ ،‬خاصة و ان النموذج التنموي الجديد أكد على أن تكون اإلدارة‬
‫في خدمة المواطن‪ ،‬و أن تستغل اإلدارة الفرص الواعدة التي تتيحها الرقميات من أجل تخليق‬
‫المرفق العام‪.‬‬
‫هكذا وأمام عقوبة االقتطاع التي تباشرها اإلدارة يجد الموظف الممرب نفسه ملزما‬
‫للجوء إلى القماء إلنصافه‪.‬‬
‫املحورالثاني‪ :‬ممارسة اإلضراب من خالل اجتهاد القماء اإلداري‪.‬‬
‫‪ - 667‬كومغار إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪- 668‬أنظر المادة ‪ 421‬من قانون العقوبات المصري‪.‬‬
‫‪ - 669‬دستور جمهورية مصر العربية وفقا للتعديالت الدستورية التي أدخلت عليه في أبريل ‪.2047‬‬
‫تماربت االجتهادات القمائية في هذا الباب‪ ،‬ولم يتواتر اجتهاد الغرفة اإلدارية باملجلس‬
‫األعلى على اتجاه معين‪ ،‬فتارة يتم االنتصار لالتجاه المؤيد لممارسة حق اإلضراب استنادا إلى‬
‫المعطى الدستوري‪ ،‬وتارة يتم االنتصار لالتجاه المعارض لحق اإلضراب استنادا إلى مرسوم‬
‫‪.9122‬‬
‫وهكذا صار املجلس األعلى على االتجاه األخير بمناسبة نظره في القمية الشهيرة محمد‬
‫الحيحي الذي كان قد شارك في حركة إضراب جماعي عن العمل كأستاذ في وزارة التربية الوطنية‬
‫والشبيبة والرياضة وذلك بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪ ،9167‬حيث تم إيقافه عن العمل بدون راتب من‬
‫طرف وزيرالتربية الوطنية والشبيبة والرياضة‪ ،‬فطعن السيد الحيحي في قراراإلدارة أمام الغرفة‬
‫اإلدارية باملجلس األعلى‪ ،670‬ومما جاء في حيثيات القرار‪" :‬وحيث و إنه من جهة أخرى‪ ،‬فإن الفصل‬
‫‪ 2‬من المرسوم السالف الذكر الذي يستبعد الممانات التأديبية في حالة اإلضراب المدبر عن‬
‫العمل‪ ،‬ال يمكن اعتباره ملغى ضمنيا لكون ظهير ‪ 22‬فبراير ‪ 9122‬المتعلق بالوظيفة العمومية‬
‫والالحق له‪ ،‬ال ينص على أية حالة تعفى فيها اإلدارة من اتباع اإلجراء التأديبي الواجب قبل إصدار‬
‫أي جزاء‪ ،‬الو اقع أن الموظفين العموميين عند إضرابهم عن العمل جماعيا ال يرتكبون فقط‬
‫خطأ شخصيا شنيعا‪ ،‬بل يمعون أنفسهم خارج نطاق تطبيق المقتميات القانونية المتعلقة‬
‫بالوظيفة العمومية‪ ،‬تلك المقتميات التي تممن حقوقا يقابلها االلتزام بالممارسة الفعلية‬
‫والمستمرة للوظيفة باستثناء التغيبات المبررة‪ .671‬هذا االجتهاد الفريد للمجلس األعلى‬
‫بخصوص ممارسة حق اإلضراب جعله عرضة لالنتقاد من قبل الفقه والذي اعتبره قرارا‬
‫استثنائيا‪.672‬‬
‫هذا الموقف هو مطابق تماما لما ورد في البالغ الحكومي على إثر التهديدات بإضراب ‪-92‬‬
‫‪ 9117-92‬والصادر في ‪ ،9117-92-2‬ومما جاء فيه‪" :‬إن قانون الوظيفة العمومية ومستلزمات‬
‫السير الطبيعي والمستمر للمصالح العامة الحيوية ال تبيح اللجوء إلى اإلضراب فعال‬
‫‪ - 670‬كومغار إبراهيم‪ ،‬المرافق العامة الكبرى على نهج التحديث‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 671‬قرار عدد ‪ 442‬بتاريخ ‪ 44‬مارس ‪ 4724‬أورده األعرج محمد‪ ،‬المرافق العامة بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.124‬‬
‫‪ - 672‬العتيقي عبد العزيز‪ ،‬اإلضراب واالقتطاعات من األجرة‪ ،‬سؤال المشروعية؟ المرشد التضامني‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫‪ ،2007-2002‬ص ‪.12‬‬
‫وقانونا"‪.673‬مما جعل األستاذ عبد القادرباينة يعتبرهذا القرارغيرشرعي‪ ،‬وكل ما نتج عنه هو غير‬
‫شرعي‪.674‬‬
‫وبناء على ما سبقت اإلشارة إليه فإنه كان حريا على اإلدارة اتخاذ التدابيرالالزمة للمحافظة‬
‫على األمن والنظام والملكية الخاصة‪ ،‬بدل اللجوء إلى تحريم اإلضراب‪ ،‬وفي هذا السياق صدر‬
‫قرار عن الغرفة اإلدارية باملجلس األعلى قمت فيه بتأييد الحكم المستأنف القاض ي بأداء‬
‫تعويض إجمالي لفائدة المتمرراستنادا إلى الفصل ‪ 01‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬ومما جاء‬
‫في حيثيات القرار‪ ..." :‬وحيث تبين من مذكرة جواب الوكيل القمائي في المرحلة االبتدائية أن‬
‫الدولة كانت على علم بوقوع اإلضراب بتاريخ ‪ ،9117/92/92‬ومع ذلك لم تتخذ االحتياطات‬
‫الالزمة لتفادي وقوع المرر‪ ،‬الش يء الذي حصل بالفعل وتحول اإلضراب إلى مظاهرات وتجمهر‬
‫وشغب‪ ...‬ومن جهة أخرى فاملحكمة لم تعتمد في حكمها فقط على محمري المابطة القمائية‬
‫ولجنة التقص ي‪ ،‬بل كذلك على إقرار الدولة بوقوع اإلضراب‪ ...‬وتحوله إلى أحداث تمررت منها‬
‫مدينة فاس‪ ،‬ولذلك لم تحرف ما احتج به‪ ،‬وكان ما أثير عديم األساس‪ ...‬ولهذه األسباب قض ى‬
‫املجلس األعلى بتأييد الحكم المستأنف"‪.675‬‬
‫و يمكن القول في هذا الباب أن الموقف الحكومي السابق هو قراءة سياسية أكثرمنه قراءة‬
‫قانونية لنصوص تشريعية‪ ،‬مما يفرض على املجلس األعلى للسلطة القمائية وعلى املحاكم‬
‫اإلدارية إعادة النظر في موقفها بخصوص حق اإلضراب‪ ،‬وهو ما نلمسه من خالل حكم املحكمة‬
‫اإلدارية بمكناس‪ ،‬ومما جاء في الحكم‪" :‬حق اإلضراب حق دستوري أكدته جميع الدساتير‬
‫المتعاقبة‪ ...‬عدم صدور تشريع تنظيمي يحدد كيفية ممارسة حق اإلضراب ال يعني إطالق هذا‬
‫الحق بال قيود‪ ،‬بل البد من ممارسته في إطارضوابط تمنع من إساءة استعماله وتممن انسجامه‬
‫مع مقتميات النظام العام والسير العادي للمر افق العمومية على نحو ال يمس سيرها المنتظم‬
‫بشكل مؤثر‪ .‬عدم ثبوت كون اإلضراب الذي خاضه الطاعن فيه خروج عن الموابط المذكورة‪،‬‬
‫‪ - 673‬العتيقي عبد العزيز‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪ - 674‬األعرج محمد‪ ،‬المرافق العامة بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.127‬‬
‫‪ - 675‬قرار عدد ‪ 242‬الصادر بتاريخ ‪ 7‬يوليوز ‪ 2002‬في الملف عدد ‪ 2002/2/1/212‬منشور في نشرة قرارات المجلس‬
‫األعلى‪ ،‬نشرة متخصصة‪ ،‬السلسلة األولى‪ ،‬الجزء األول‪ ،2007 ،‬ص ‪ 412‬وما يليها‪.‬‬
‫لذلك ال يمكن اعتباره تقصيرا في الواجب المنهي‪ ،‬وبالتالي تكون عقوبة اإلنذارعلى هذه الو اقعة‬
‫الغية"‪.676‬‬
‫غير أن ممارسة حق اإلضراب تفرض التقيد بشكليات معينة تفرضها اعتبارات النظام‬
‫العام وحسن سير المرفق العام‪ ،‬ولعل أهم هذه الشكليات هي نظام اإلخطار‪ ،‬وهو األمر الذي‬
‫أشار إليه حكم املحكمة اإلدارية بالرباط‪ ..." :‬وبالتالي فإن إضراب فئة عريمة من األساتذة‬
‫(‪ 22266‬أستاذ) مرة واحدة دون إخطار الجهات اإلدارية المعنية بشكل أدى إلى توقيف العمل‬
‫بمرفق هام‪ ،‬أال وهو مرفق التعليم وماله من انعكاسات سلبية على املجتمع‪ ،‬لمن شأنه المساس‬
‫بشكل كبيربهذا المرفق ويجعل بالتالي الغياب عن العمل ألجل ممارسة اإلضراب خارج الموابط‬
‫المشار إليها غير مبرر‪ ،‬وبالتالي يكون تفعيل اإلدارة لمقتميات مرسوم ‪ 97‬ماي ‪ 2777‬قد تم في‬
‫إطارالمشروعية"‪.677‬‬
‫سؤال المشروعية هو الذي يحيلنا على إشكال آخر يتعلق بممارسة حق اإلضراب‪ ،‬وهو‬
‫االقتطاع من أجورالموظفين المشاركين في اإلضراب‪ ،‬هل يحق لإلدارة أن تباشراالقتطاعات من‬
‫أجور الموظفين الممربين بدعوى التغيب غير المبرر عن العمل‪ ،‬وبالرجوع إلى قانون الوظيفة‬
‫العمومية‪ ،‬فإنه لم يشر إلى اإلضراب باعتباره تغيبا غير مبرر‪ ،‬مما يجعل االقتطاع من األجرة‬
‫يحمل في طياته حمولة تعسفية بعيدة عن إطار المشروعية‪ ،678‬مما يفرض على الممربين‬
‫المتمررين في هذه الحالة رفع دعاوى إدارية في مواجهة اإلدارة المتعسفة‪ ،‬ذلك أنهم في وضعية‬
‫نظامية وليس تعاقدية‪ ،‬كما أن مبدأ "ال أجربدون عمل" يطبق في قانون الشغل وليس من أدبيات‬
‫القانون اإلداري‪ ،679‬مما يجعل تصرف اإلدارة في هذه الحالة غيرمشروع‪.‬‬
‫والخالصة أن المشروعية تقتض ي التوفيق بين متطلبات دوام سير المرفق العمومي‬
‫بانتظام واضطراد دون إهدارمصالح الممربين‪.‬‬
‫‪ - 676‬حكم المحكمة اإلدارية بمكناس عدد ‪ 2004/24‬ل بتاريخ ‪ 2004/04/42‬أورده القريشي عبد الواحد‪ ،‬القضاء اإلداري‬
‫ودولة الحق والقانون بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.422‬‬
‫‪ - 677‬حكم المحكمة اإلدارية بالرباط عدد ‪ 412‬بتاريخ ‪ ،2002/2/4‬المرشد التضامني‪ ،2007-2002 ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫وما يليها‪.‬‬
‫‪ - 678‬العتيقي عبد العزيز‪ ،‬اإلضراب واالقتطاعات من األجرة سؤال المشروعية؟ مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ - 679‬العتيقي عبد العزيز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫وحتى ال تبقى ممارسة حق اإلضراب حبيسة تأويالت فمفاضة لمفهوم النظام العام‪ ،‬وحتى‬
‫ال يبقى اإلضراب ورقة سياسية تعيد التوازنات في العالقة بين الحكومة والبرلمان‪ ،‬على الحكومة‬
‫أن تفتح حوارا جادا مع باقي الفرقاء االجتماعيين من أجل صياغة قانون تنظيمي لحق اإلضراب‪.‬‬
‫‪ -‬الحق في ممارسة اإلضراب في ضوء المعايير الدولية‪ ،‬ورقة تأطيرية من تقديم مجلس‬
‫المستشارين‪ ،‬البرلمان‪ ،‬المملكة المغربية‪ ،‬منشورات مركز الدراسات والبحوث في الشؤون‬
‫البرلمانية بدعم من مؤسسة وستمنستر للديمقراطية‪ ،‬ويمكن االطالع على الورقة من خالل‬
‫الرابط التالي‪http://chambredesconseillers.ma:‬‬
‫‪ -‬كومغار إبراهيم‪ ،‬المر افق العامة الكبرى على نهج التحديث‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدارالبيماء‪ ،‬الطبعة األولى‪.2771 ،‬‬
‫‪ -‬األعرج محمد‪ ،‬القانون اإلداري المغربي‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬عدد ‪ ،976‬منشورات‬
‫املجلة المغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬الرباط‪.2729 ،‬‬
‫‪ -‬القريش ي عبد الواحد‪ ،‬القماء اإلداري ودولة الحق والقانون بالمغرب‪ ، ،‬مطبعة الشركة‬
‫المغربية لتوزيع الكتاب‪ ،‬الدارالبيماء‪ ،‬الطبعة األولى‪.2771 ،‬‬
‫‪ -‬دستور جمهورية مصر العربية وفقا للتعديالت الدستورية التي أدخلت عليه في أبريل‬
‫‪.2791‬‬
‫‪ -‬العتيقي عبد العزيز‪ ،‬اإلضراب واالقتطاعات من األجرة‪ ،‬سؤال المشروعية؟ المرشد‬

‫التمامني‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪.2771-2772 ،‬‬
‫‪ -‬نشرة قرارات املجلس األعلى‪ ،‬نشرة متخصصة‪ ،‬السلسلة األولى‪ ،‬الجزء األول‪.2771 ،‬‬
‫المعيقات العملية لمنطلقات مطلب التحفيظ العقاري‬

‫‪Practical obstacles to the principles of the real estate memorization requirement‬‬
‫يلعب العقار دورا محوريا ومهما في تحقيق التنمية المستدامة في شتى تجلياتها‪ ،‬باعتباره‬
‫األرضية األساسية التي تنبني عليها السياسات العمومية للدولة في مختلف املجاالت االقتصادية‬
‫واالجتماعية والثقافية والبيئية‪ ،‬وذلك من خالل توفر الوعاء العقاري الالزم إلنجاز البنيات‬
‫التحتية األساسية والمر افق العمومية‪ ،‬وتوفر السكن المتنوع الذي يستجيب لحاجيات‬
‫مختلف الفئات االجتماعية‪ ،‬فمال عن دعم االستثمار المنتج في مختلف الصناعة والسياحة‬
‫والخدمات وغيرها‪680.‬‬
‫وتحقيقا للغايات المتوخاة منه اهتم المشرع المغربي بالعقار‪ ،‬فقام منذ بداية القرن‬
‫العشرين على إرساء نظام جديد‪ ،‬وهو نظام التحفيظ العقاري يروم المبط القانوني والمادي‬
‫للعقار لتيسير عمليات التداول به‪ ،‬وهو ما تحقق من خالل مقتميات ظهير ‪ 92‬غشت ‪9191‬‬
‫المتعلق بالتحفيظ العقاري المعدل والمتمم بقانون ‪ ،90.72‬وكذا القرارات الوزارية المرتبطة‬
‫به‪ ،681‬والتي تصب جميعها في اتجاه توفير رسم للملكية يمبط بصفة نهائية العقار ومشتمالته‬
‫والحقوق المنصبة عليه وكذا التحمالت التي تثقله‪ ،‬وذلك بعد إخماعه لمسطرة التطهيريكون‬
‫بعدها مهيأ إلشهار الحقوق والتحمالت التي ترد عليه‪ ،‬مع االحتفاظ لهذه التقييدات الالحقة‬
‫بطابع الحجية والقوة الثبوتية عليه‪.‬‬
‫‪ 680‬المملكة المغربية‪ ،‬رئاسة الحكومة‪ ،‬المناظرة الوطنية في موضوع السياسة العقارية للدولة ودورها في‬
‫التنمية اإلقتصادية واالجتماعية‪ ،‬تقرير تركيبي حول واقع قطاع العقار‪ ،‬دجنبر ‪.5102‬‬
‫‪ 681‬راجع الظهير الشريف الصادر في ‪ 05‬أغسطس ‪ 0101‬المتعلق بالتحفيظ العقاري وكذا الظهير الشريف‬
‫الصادر في ‪ 5‬يونيو ‪ 0102‬المحدد للمقتضيات المطبقة على العقارات المحفظة (تم نسخه) باإلضافة إلى‬
‫الظهير الشريف الصادر في ‪ 0‬يونيو ‪ 0102‬الصادر بشأن تطبيق بعض المقتضيات االنتقالية (تم نسخه)‪ ،‬وأيضا‬
‫الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 51‬دجنبر ‪ 0121‬بشأن تحديد اختصاصات ومهام المحافظ العام‪ .‬وبالنسبة للقرارات‬
‫الوزارية أنظر القرار الوزاري المؤرخ في ‪ 1‬يونيو ‪ 0102‬المحدد لتفاصيل تطبيق مقتضيات التحفيظ العقاري‪ ،‬وكذا‬
‫القرار الوزاري المؤرخ في ‪ 4‬يونيو ‪ 0102‬المتعلق بتنظيم مصلحة المحافظة العقارية ال زال ساريا بها إلى غاية‬
‫يومه‪.‬‬
‫ومن خصائص نظام التحفيظ العقاري في المغرب يقوم على ازدواجية االختصاص وثنائية‬
‫الهيئة (إدارية وقمائية) وهكذا وزع المشرع األدوار بين املحافظ العقاري والقماء بشكل يتسع‬
‫أو يميق بحسب ما إذا كانت العقارات والحقوق المرتبطة بها محل نزاع أم ال؟‬
‫إن ازدواجية االختصاص تشكل ضمانة هامة لسالمة نظام التحفيظ العقاري ببالدنا‪،‬‬
‫المنصهربدوره في منظومة دولة الحق والقانون‪ ،‬وإذا كان نظام التحفيظ العقاري منوط بهيئتين‬
‫األولى إدارية والثانية قمائية‪ ،‬فإن املحافظ العقاري كهيئة إدارية هو الملزم أصال بالسهر على‬
‫تطبيق كل القوانين والمقتميات المتعلقة بالنظام المذكوروبالمسطرة اإلدارية للتحفيظ وهو‬
‫ما سنقتصر على معالجته ضمن هذا المقال نظرا ألهمية المرحلة اإلدارية في تحقيق وضبط‬
‫المساحة من خالل مسطرة التحديد‪ ،‬وتطهيرالملك من الشوائب العالقة به من خالل مسطرة‬
‫اإلشهاروالتعرض‪.‬‬
‫وما يزيد من أهمية البحث في نظام التحفيظ العقاري التعديل الذي عرفته الترسانة‬
‫القانونية المؤطرة للمادة العقارية بمقتض ى القانون رقم ‪ 682 92.70‬الذي تمم وعدل الظهير ‪92‬‬
‫غشت ‪ 9191‬المتعلق بالتحفيظ العقاري‪.‬‬
‫وإن قراءة متفحصة ومتأنية للنصوص التشريعية الجديدة نثمن املجهودات المبذولة في‬
‫تجاوز اإلشكاالت القانونية‪ ،‬التي كانت تعترض مسطرة التحفيظ ونخص بالذكر هنا المرحلة‬
‫اإلدارية باعتبارها هي األصل تحت إشراف املحافظ العقاري كهيئة إدارية الملزم أصال بالسهر‬
‫على تطبيق كل القوانين والمقتميات المتعلقة بالنظام المذكوروبالمسطرة اإلدارية للتحفيظ‬
‫وهذا ما سننكب على دراسته من باب األولوية تاركين البحث في المسطرة القمائية للتحفيظ‬
‫وذلك من خالل الوقوف على بعض اإلشكاالت العملية األكثر أهمية التي تطرحها تطبيق‬
‫النصوص القانونية وتعترض الحياة العملية لتفعيل المسطرة اإلدارية للتحفيظ العقاري وذلك‬
‫وفق التصميم التالي‪ :‬الفقرة األولى‪ :‬اإلشكاالت العملية المرتبطة بطالب التحفيظ‪ .‬الفقرة‬
‫الثانية‪ :‬اإلشكاالت العملية المرتبطة باإلشهاروالتحديد‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اإلشكاالت العملية المرتبطة بطالب التحفيظ‪.‬‬
‫‪ 682‬القانون رقم ‪ 04.11‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.00.011‬بتاريخ ‪ 55‬نونبر ‪ ،5100‬منشور بالجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ ،2115‬بتاريخ ‪ 54‬نونبر ‪.2212 ،5100‬‬
‫بما أن التحفيظ هومبدئيا عمل اختياري‪ ،‬فإن الخطوة األولى للدخول في هذا النظام ينبغي‬
‫أن تأتي من جانب المالك حينما يقرر ويختار تطبيق مقتميات ظهير التحفيظ العقاري بشأن‬
‫عقاره‪ ،‬وهذه الخطوة تكون بواسطة مطلب التحفيظ يقدم إلى املحافظة العقارية املختصة من‬
‫طرف المالك نفسه‪ ،‬أو من ينوب عنه قانونا‪ ،‬ويعتبر هذا الطلب بمثابة تصريح يبدي فيه طالب‬
‫التحفيظ رغبته وعزمه على تحفيظ عقاره و إتباع اإلجراءات المتطلبة لذلك‪683.‬‬
‫ومن جهة ثانية ال يقتصر طالب التحفيظ بمناسبة التعريف بالملك على تقديم بيانات‬
‫مجردة‪ ،‬و إنما يجب أن يستند على وثائق وسندات مكتوبة‪ ،‬تثبت الملك ابتداء‪ ،‬وتبرر إجراءات‬
‫التحفيظ وعليه سنتطرق لشرط الصفة في إيداع مطلب التحفيظ (أوال) وعن مؤيدات وحجج‬
‫طلب التحفيظ واإلشكاالت المثارة بشأنهما في (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬إشكاالت شرط الصفة ودورها املحوري‪.‬‬
‫طالب التحفيظ هو الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي له حق إيداع مطلب التحفيظ‬

‫لفائدته‪ ،‬وقد حدده المشرع بالنظرللصفة التي تربطه بالملك موضوع التحفيظ فهناك‪:‬‬
‫المالك‪:‬‬
‫هو الشخص الذي يبسط سلطاته القانونية والمادية على ملكه‪ ،‬ويعتبر تقديم طلب‬
‫للتحفيظ ضمن هذه السلطات‪ ،‬والمالك المقصود حسب الفقرة األولى من الفصل ‪ 97‬هو‬
‫المالك الظاهرالذي يعلن عن نفسه بهذه الصفة بناء على تصريحاته وحججه ما لم يثبت عكسها‬
‫سواء كان راشدا أو قاصرا‪ ،‬حامال لجنسية مغربية أو أجنبية‪ ،‬كما أن هذه الصفة في إطار هذا‬
‫النص تنسحب على حق الملكية فقط‪ ،‬ولو فقد أحد عناصرها فالعبرة بملكية الرقبة‪684.‬‬
‫أما طبيعة شخصية المالك فتختلف كونها ذاتية أومعنوية‪ ،‬فإذا كان شخصا ذاتيا فيصرح‬
‫بحالته المدنية‪ ،‬وإذا كان شخصا معنويا فيجب التصريح بممثله القانوني الذي ينتصب‬
‫كمخاطب ويتابع مسطرة التحفيظ ويوقع نيابة عن الشخص المعنوي الذي يمثله‪ ،‬وتتحدد‬
‫نطاق سلطة الممثل القانوني في عملية التحفيظ من خالل القانون بالنسبة لألشخاص‬
‫‪ 683‬محمد خيري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.045‬‬

‫‪ 684‬يوسف مختري‪ ،‬حماية الحقوق الواردة على العقار في طور التحفيظ‪،،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة المعارف‬
‫الجديدة الرباط‪،،‬سنة ‪،5102‬ص‪.41‬‬
‫المعنوية العامة وبواسطة بعض الوثائق الخاصة بتأسيس ونشاط األشخاص المعنوية‬
‫والخاصة‪685.‬‬
‫من خالل الممارسة العملية تطرح مؤسسة المالك إشكاالت قانونية تطال الشخص الذاتي‬
‫أمام املحافظة العقارية أثناء تقدم الغيربالطلب نيابة عن المالك بواسطة وكالة عرفية‪ ،‬إذ يبقى‬
‫توقف قبول مطلب التحفيظ رهين بالسلطة التقديرية للمحافظ وهل يخمع للمر اقبة اإلدارية‬
‫وهل يسري على توثيق الوكالة موضوع التحفيظ لمقتميات المادة الرابعة من مدونة الحقوق‬
‫العينية بمرورة إخماعها للرسمية عن طريق توثيقها من طرف عدل أو موثق أو بواسطة املحرر‬
‫الثابت التاريخ من طرف املحامي المقبول لدى النقض‪.‬‬
‫فالمالحظ أن عملية التحفيظ العقاري ظاهريا أنها تدخل ضمن التصرفات اإلدارية‪،‬‬
‫وبالتالي ال مانع من رفع المشقة والحرج عن المالك وقبول طلب التحفيظ من طرف موكله‬
‫بواسطة وكالة عرفية بإعتبار التصرفات اإلدارية ترجع بالنفع على الموكل‪ ،‬لكن بالنظر إليها من‬
‫زاوية التصرفات القانونية بحكم موضوع الوكالة ينصب على الملكية وقيمتها وحجمها‪ ،‬يقتض ي‬
‫إحاطتها بالحماية القانونية الالزمة لما قد تعترض المسطرة اإلدارية من صعوبات كالتعرض‬
‫وتهديد الملكية العقارية لطالبها وتعرض مصالحه للمرريقتض ي األمرالزيادة في اإلثبات وبالتالي‬
‫تعزيز حماية ملكيته بواسطة وكالة رسمية أو محرر ثابت التاريخ من طرف محامي مقبول لدى‬
‫النقض‪ ،‬تتممن أهم البيانات حول العقار وحدود التصرف القانوني للوكيل كرفع التعرض‬
‫وقبول الصلح والتنازل والتقاض ي‪.‬‬
‫كما أن هناك إشكال قانوني أخر يتسرب لصفة طالب التحفيظ في حالة التقدم من طرف‬
‫النائب الشرعي‪ 686‬سواء كان وليا أو وصيا أو مقدما بمطلب التحفيظ نيابة عن القاصر حسب‬
‫مقتميات المادة ‪ 211‬من مدونة األسرة "للنائب الشرعي الوالية على شخص القاصر وعلى‬
‫أمواله إلى بلوغه سن الرشد القانوني‪ "...‬فالتساؤل القانوني المطروح حول مدى جواز تقديم‬
‫طلب التحفيظ من طرف ناقص األهلية بنفسه محجوزا عليه أو قاصرا؟ وهل يتطلب قيام هذا‬
‫التصرف من طرف النائب الشرعي بناءا على الحصول على ملف النيابة الشرعية من لدن‬
‫القاض ي المكلف بشؤون القاصرين واإلدالء به ضمن الوثائق المرفقة بالملف وخموعه للرقابة‬
‫يوسف مختري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.40‬‬ ‫‪685‬‬
‫النيابة الشرعية عن القاصر إما والية أو وصاية أو تقديم‪.‬‬ ‫‪686‬‬
‫القبلية والبعدية للقماء؟ أم أن هذا التصرف يخرج عن نطاق تطبيق هذا اإلجراء القانوني‬
‫وبالتالي يكفي للنائب الشرعي التقدم بالطلب بإسم القاصردون فتح ملف النيابة الشرعية؟‬
‫بالرجوع إلى الفصل ‪ 92‬من ظهير التحفيظ العقاري كما عدل وتمم بالقانون رقم ‪92.70‬‬
‫حيث أجازهذا الفصل للنائب الشرعي وحده تقديم مطلب التحفيظ في اسم المحجورأو القاصر‬
‫ولم يشر النص إلى إمكانية تقديم الطلب من طرف الشخص المعني مباشرة بنفسه‪ ،‬فالعبارة‬
‫المستعملة في الفصل ‪ 92‬تفيد المنع من تقديم مطلب التحفيظ وهذا المنحى اتجهت إليه‬
‫محكمة اإلستئناف بالرباط عندما ذهبت إلى القول بأن "التشريع العقاري يمنع القاصر من‬
‫تقديم طلب التحفيظ وهذا يختلف عن نظام التقييدات إذ أن المادة ‪ 02‬من ظهير التحفيظ‬
‫العقاري خولت للقاصر حق تقييد حقه الوارد على العقار املحفظ ألن التقييد هو الذي ينش ئ‬
‫الحق‪....‬كما عملت هذه المادة على توسيع دائرة األشخاص الذين بإمكانهم طلب تقييد حقوق‬
‫القاصر حفاظا عليه"‪687.‬‬
‫الشريك في الملك‪:‬‬
‫يمكن أيما تقديم طلب التحفيظ من طرف الشريك في الملك المشاع‪ ،‬الذي يصرح‬
‫بشركائه اآلخرين‪ ،‬وحيث يتعين في هذه الحالة تحديد نسب تملك كل واحد من الشركاء‪ ،‬تبعا لما‬
‫تتممنه الحجج المؤيدة‪ ،‬أما إذا لم تتممن هذه الحجج أية إشارة لنسب تملك الشركاء‪ ،‬كالحالة‬
‫التي يتقدم فيها مجموعة من الورثة على الشياع بمقتض ى عقد صدقة من طرف والدهم المتوفى‬
‫بمطلب التحفيظ دون اإلشارة إلى النسب المتصدق بها هل بنسب متساوية بين الذكرواألنثى أم‬
‫بنسبة اإلرث للذكرمثل حظ األنثيين‪.‬‬
‫لكن اإلشكال المطروح هنا هل املحافظ ملزم بقبول الطلب بنسب متساوية أم بنسبة‬
‫التفاضل على أساس اإلرث للذكرمثل حظ األنثيين؟‬
‫للجواب على هذا اإلشكال‪ ،‬ففي حالة وجود شك فاملحافظ ال يندرج ضمن مهامه تحديد‬
‫األنصبة في حالة الشك وعدم التحقق فهذا من العمل القمائي فوحده املختص بالتحري‬
‫والتأكد من األمروهذا ما سارعليه القماء المغربي في أحد قراراته‪ 688‬الذي رفض تطبيق قاعدة‬
‫‪ 687‬قرار محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ ‪ 0121/1/1‬مأخوذ عن إدريس الفاخوري‪ ،‬نظام التحفيظ العقاري وفق‬
‫مستجدات القانون ‪، 04.11‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪،‬طبعة ‪،5101‬ص ‪.51‬‬
‫‪ 688‬المجلس األعلى عدد ‪ 1211‬بتاريخ ‪ ،5115/01/55‬منشور بمجلة اإلجهاد القضائي العدد ‪( 5‬م س) ص‪.‬‬
‫‪.511‬‬
‫للذكرمثل حظ األنثيين لتحديد أنصبة اإلخوة بعلة أن سند ملكيتهم هوملكية – أي بينة بالحيازة‬
‫اإلستحقاقية – وخالية من ذكراألسهم وليس بسبب اإلرث‪.‬‬
‫ومع ذلك يبدو أن عدم الحصول على مو افقة جميع الشركاء في قرارإيداع مطلب التحفيظ‬
‫قد ال يتفق مع مبدأ اإلختيارية في التحفيظ‪ ،‬الذي يأخذ به المشرع المغربي مبدئيا‪ ،‬كما أن عملية‬
‫التحفيظ قد ال تعود بالنفع دائما على باقي الشركاء‪ ،‬حيث يحتمل تمررهم من تبعات إجراءات‬
‫مسطرة التحفيظ‪ ،‬ومن قبيل ذلك تلقي تعرضات للمطالبة بالملك المشاع‪ ،‬أو أحد الحقوق‬
‫العينية الواردة عليه‪ ،‬وما يستتبع ذلك من إحالة النزاع على القماء املختص للبث فيه‪ ،‬وهذا ما‬
‫يحتاج إلى أعباء وتكاليف وربما يميع الملك المشاع نتيجة استحقاقه لفائدة المتعرضين‪689.‬‬
‫فكما هو معلوم تعتبرعملية التحفيظ سببا مباشرا في إثارة المنازعات النائمة أو المؤجلة‪،‬‬
‫وأداة مؤثرة قد تقلب المراكز القانونية للمتدخلين فيها‪ ،‬من هذا المنطلق قيل بأن طلب‬
‫التحفيظ من أعمال يجب التصرف يجب فيها مو افقة جميع الشركاء طبقا‪ ،‬للفصل ‪ 102‬من‬
‫ظ‪.‬ل‪.‬ل لكن في الو اقع قلما يحصل اإلجماع بين الشركاء للقيام بهذا الغرض‪ ،‬حيث يفمل‬
‫أكثرهم الخموع لقواعد العقار الغير املحفظ‪ ،‬في هذا الصدد نشير إلى خصوصية القانون‬
‫اللبناني الذي اعترف للشريك بطلب إجراء المسح اإلختياري لكن مع االحتفاظ بحق اإلعتراض‬
‫لكل شريك في الملك الشائع‪ ،‬ورغم عدم وجود نص صريح مماثل في التشريع المغربي‪ ،‬إال أن‬
‫مسؤولين إداريين لم يروا مانعا من تعرض الشريك على شركائه في الملك‪690.‬‬
‫المتمتع بحق عيني وارد على حق الملكية‪:‬‬
‫استثناء من القاعدة العامة التي تخص المالك بتقديم طلب للتحفيظ‪ ،‬منح المشرع‬
‫المستفيد من حق االنتفاع أو حق السطحية أو الكراء الطويل األمد أو الزينة أو الهواء والتعلية‬
‫أو الحبس أو حق ارتفاق عقاري أن يتقدم بدوره بطلب التحفيظ‪ ،‬وإن األمر هنا يتعلق بحقوق‬
‫عينية أصلية ترد على حق الملكية فتحد من نطاقه وتثقله‪ ،‬لذلك فهي شديدة االرتباط به على‬
‫مستوى قاعدته األصلية ملكية الرقبة‪.‬‬
‫يوسف مختري‪ ،‬م س‪،‬ص ‪.41‬‬ ‫‪689‬‬
‫يوسف مختري‪ ،‬م س‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬ ‫‪690‬‬
‫لذلك تبقى اإلشكاالت المرتبطة بهذا الجانب تتمحور حول عدم إمكانية إجراء مسطرة‬
‫تحفيظ الحق العيني وحده دون تحفيظ الرقبة ألنهما متالزمان‪ ،‬فال يستقيم تعيين ووصف‬
‫واستغالل الحق العيني دون تحديد األصل الذي يقوم عليه بدقة وتفصيل‪ ،‬علما أن المنتفع‬
‫نادرا ما تكون الوثائق المتعلقة بملكية الرقبة بحوزته إذ يجب عليه إثبات حق االنتفاع وملكية‬
‫الرقبة معا‪ ،‬مع ضرورة مو افقة وتو افق إرادتي مالك الرقبة والحق العيني على إجراء مسطرة‬
‫التحفيظ‪.‬‬
‫إن اإلعتراف للمستفيد من الحقوق العينية المذكورة بصفته طالبا للتحفيظ بمتابعة‬
‫مسطرة التحفيظ بخصوص الحق العيني الذي يعود إليه‪ ،‬وكذا فيما يتعلق أيما بحق الملكية‬
‫الذي يرجع إلى صاحبه دون اتفاق بينهما‪ ،‬فيه مغالطة حقيقية وال ينسجم مع أحكام مسطرة‬
‫التحفيظ‪ ،‬فصاحب حق االرتفاق مثال لن يستطيع أن يوازي بين الحفاظ على حقوقه وحقوق‬
‫مالك األرض الذي ينشأ عليها‪ ،‬ألن هناك تعارض مصلحتين‪ ،‬ويستبعد حمايتهما معا من‬
‫المستفيد من إحداهما‪ ،‬خصوصا إذا كانت الحجج المؤيدة للطلب غير دقيقة في محتواها‪691.‬‬
‫من جهة ثانية ال يمكن للمستفيد من الحقوق العينية المذكورة أن يتولى بعض األحكام‬
‫المسطرية‪ ،‬ومن ذلك تحديد بيانات صاحب حق الملكية كما هي منصوص عليها في الفصل ‪91‬‬
‫من ظ‪.‬ت‪.‬ع وأخص بالذكر مدى وجود اتفاق لتدبير األموال المشتركة بعد الزواج بين صاحب‬
‫حق الملكية وزوجه‪ ،‬أو مسألة قبول تعرض على حق الملكية أو إجراء الصلح بشأنه‪.‬‬
‫وهكذا فإنه ال يمكن لطالب التحفيظ المستفيد من الحقوق العينية التي ترد على حق‬
‫الملكية أن يتابع مسطرة التحفيظ وحده‪ ،‬إذ ال بد من مو افقة ومساعدة مالك حق الرقبة‪ ،‬حتى‬
‫يمكن متابعة عملية التحفيظ بخصوص حق الملكية وما يرد عليها من حقوق عينية‪ ،‬بما يتممن‬
‫الحفاظ على مصالح كل طرف‪ ،‬وهذا ما تم اقتراحه على إحدى لجان مراجعة ظ‪.‬ت‪.‬ع حيث ذكر‬
‫أنه ال يتصورحق اإلنتفاع بمعزل عن حق الملكية‪ ،692‬لهذا نجد أن النسبة الساحقة من مطالب‬
‫التحفيظ مودعة ممن يملكون حق الملكية‪.‬‬
‫الدائن بمبلغ من المال‪:‬‬
‫‪ 691‬يوسف مختري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬

‫‪ 692‬محضر اجتماع لجنة مراجعة ظ‪.‬ت‪.‬ع بتاريخ ‪ 12‬يونيو ‪ ،0111‬منشور بمجموعة محاضر مناقشات لجنة‬
‫مراجعة قانون التحفيظ العقاري مأخوذ عن يوسف مختري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.45‬‬
‫يعتبر الدائن بمبلغ مالي صاحب حق شخص ي‪ ،‬فبمجرد حلول أجل الدين يكتسب حق‬
‫استرجاع أمواله من المدين‪ ،‬وفي حالة امتناع هذا األخيرأو عجزه عن الوفاء بالتزامه يحق للدائن‬
‫اللجوء إلى القماء إلجبارالمدين على تنفيذ تعهداته‪ ،‬ويعتبرالحجرالعقاري أبرزوسائل التنفيذ‬
‫الجبري لإللتزامات الذي يحكم به القماء ويشرف عليه‪ .‬وقد أفرد مشرع مسطرة التحفيظ‬
‫العقاري وضعا خاصا للدائن الذي حل أجل دينه وصدر لفائدته مقرر قمائي قض ى له بالحجر‬
‫على عقار مدينه‪،‬حيث خوله طلب لتحفيظ العقارالمحجوز‪693.‬‬
‫وتنجلي إشكالية هذه المسطرة مع الو اقع أن لجوء الدائن إلى تحفيظ العقار المحجوز‬
‫قبل مواصلة إجراءات التنفيذ وبيعه عن طريق المزاد العلني يهدف إلى جعل العقار موضوع‬
‫الممان محفظا كشرط إلتمام مسطرة البيع القمائي‪ ،‬ومما الشك فيه أن حقوق الدائن تكون‬
‫أكثر حماية وضمانا في هذا النوع من العقارات‪ ،‬حيث يستفيد الدائن من القيمة المالية للعقار‬
‫خصوصا إذا كانت قيمة الدين أكبرمن قيمة العقار‪ ،‬ومع ذلك فهذه المزية ال تماهي ما ستكلف‬
‫الدائن من طول انتظارومتابعة إلجراءات التحفيظ‪ ،‬ومعالجة للمشاكل التي قد تعترض العملية‪،‬‬
‫دون أن ننس ى أن تعاون المدين مطلوب لنجاح عملية التحفيظ وهو ما يستبعد حصوله‪ ،‬أما إذا‬
‫كان المقصود هو إيداع مطلب التحفيظ قصد التنفيذ على العقار أثناء سريان مسطرة‬
‫التحفيظ‪ ،‬أي دون انتظار تأسيس الرسم العقاري‪ ،‬فالدائن لن يجني هنا أيما أية مزية‪ ،‬بل‬
‫سيكون عليه متابعة مسطرتين في آن واحد‪ ،‬مسطرة التحفيظ من جهة‪ ،‬ومسطرة التنفيذ من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬وذلك ال يخلو من صعوبات جمة وإشكاالت كثيرة‪ ،‬ليس أقلها تحمل تكاليف رسوم‬
‫التحفيظ واحتمال التعرض على الملك وغير ذلك‪ ،‬وعليه ال مصلحة للدائن في طلب تحفيظ‬
‫العقارقبل مواصلة التنفيذ‪.‬‬
‫وخالصة القول إن المشرع المغربي وسع دائرة األشخاص الذين يحق لهم إيداع مطلب‬
‫التحفيظ‪ ،‬لفتح املجال أمام فرص إضافية لإلقبال على أعمال التحفيظ‪ ،‬لكن هذا التعدد لم‬
‫يفض إلى نتائج ملموسة‪ ،‬بسبب تعارضه مع السلطات املخولة للمالك على ملكه‪ ،‬حيث انتقص‬
‫منها‪ ،‬وقلل من الحماية الواجبة لحقوق المالك بدرجة أولى والشريك في الملك بدرجة ثانية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلشكاالت المرتبطة بمؤيدات وحجج طلب التحفيظ‪.‬‬
‫يوسف مختري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬ ‫‪693‬‬
‫إشترط المشرع المغربي من خالل المادة ‪ 91‬من ظهير التحفيظ العقاري ‪ 92‬غشت ‪9191‬‬
‫المعدل والمتمم بقانون ‪ 92.70‬بمرورة أن يأتي طلب التحفيظ وفق شكلية معينة تتممن‬
‫مجموعة من البيانات المتعلقة بطالب التحفيظ ومعلومات حول العقار‪ ،‬إلى جانب تدعيم هذا‬
‫الطلب بالمستندات والوثائق والرسوم والعقود الداعمة للملكية العقارية والحقوق العينية‬
‫العقارية‪694.‬‬
‫وهذا األمر يثير إشكالية قانونية حول صالحية املحافظ العقاري لمر اقبة السندات‬
‫المدعمة لمطلب التحفيظ؟‬
‫فبالرجوع لموقف الفقه‪ ،‬نقف على اتجاه يرى بأن املحافظ غير ملزم بإجبار طالب‬
‫التحفيظ باإلدالء بالمستندات والوثائق والمؤيدات على أساس أن املحافظ ال يتوفر على‬
‫الوسائل التشريعية والعملية التي تسمح له بالتأكد من صحة الرسوم المدلى بها تأييدا لمطلب‬
‫التحفيظ شكال وجوهرا‪ ،‬ويميف أنصار هذا االتجاه بأن مطلب التحفيظ ال يعتبر في حد ذاته‬
‫دليال على الملكية و إنما مجرد افتراض لها وأن املحافظ على األمالك العقارية ال يعتبر سلطة‬
‫قمائية وليست له الصفة للحسم في صحة الرسوم والوثائق المدلى بها تأييدا لمطلب‬
‫التحفيظ‪695.‬‬
‫وذهب اتجاه أخرإلى أن املحافظ ملزم بفحص المستندات المؤيدة لطلب التحفيظ تفاديا‬
‫ملحاولة السطو واالغتصاب والترامي على ملك الغير‪ ،‬ومن ثم فإن مر اقبة المستندات الخاصة‬
‫بمطلب التحفيظ تتم تحت مسؤولية املحافظ وذلك على غرار مسؤوليته المنصوص عليها في‬
‫الفصل ‪ 02‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬ومن ثم يتعين على طالب التحفيظ بأن يرفق طلبه‬
‫بجميع رسوم التملك‪ ،‬ومختلف الوثائق التي من شأنها أن تعرف بالحقوق العينية المترتبة على‬
‫العقار‪ ،‬ويعد التحقق من مستندات مطلب التحفيظ من اختصاصات األصلية الموكولة‬
‫للمحافظ على األمالك العقارية وهو اختصاص يدخل في إطار إجراءات المسطرة اإلدارية‬
‫للتحفيظ‪ ،‬التي يشرف عليها املحافظ سواء انتقلت إلى المسطرة القمائية في حالة قيام النزاع‬
‫حول التحفيظ أو انتهت إداريا بتأسيس الرسم العقاري‪ ،‬وهذا ما أكده اإلجتهاد القمائي المغربي‬
‫‪ 694‬ينص الفصل ‪ 04‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع"يقدم طالب التحفيظ مع مطلبه أصول أو نسخ رسمية للرسوم والعقود والوثائق‬
‫التي من شأنها أن تعرف بحق الملكية وبالحقوق العينية المترتبة على الملك"‬
‫‪ 695‬إدريس الفاخوري‪ ،‬نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون ‪، 04.11‬مطبعة النجاح الحديدة الدار‬
‫البيضاء‪،‬ط ‪، 5101‬ص ‪.15‬‬
‫بعد إنتشار ظاهرة مطالب التحفيظ التعسفية ومنها وما ذهبت إليه محكمة االستئناف بالرباط‬
‫في قرارلها إلى ضرورة إرفاق مطلب التحفيظ بالمستندات المؤيدة وتمديد رقابة املحافظ لتشمل‬
‫حتى هذه الوثائق‪ ،696‬وفي قرار قمائي أخر جاء فيه "إن موضوع هذه الدعوى هو تعويض المرر‬
‫الناتج عن السير المعيب لعملية التحفيظ حيث لم يتحقق املحافظ بمطابقة الوثائق على‬
‫القطعة المراد تحفيظها فاملحافظ ملزم بالقيام بكافة الوسائل للتحقق من ثبوت حق طالب‬
‫التحفيظ بما فيه موقع القطعة وحدودها‪ ،‬املحافظ ارتكب تقصيرا واضحا بمثابة الخطأ‬
‫الجسيم حيث لم يقم بما يوجبه عليه القانون من جراء المطابقة"‪697‬‬
‫وفي نفس السياق أصدر املحافظ العام مذكرة‪ 698‬موجهة للسادة املحافظين يحثهم على‬
‫ضرورة إجراء رقابة دقيقة على كل الوثائق والمستندات تطبيقا لقواعد الرقابة الواردة في قانون‬
‫التحفيظ العقاري وهوما يعني إثارة مسؤولية املحافظ بخصوص إغفال أوعدم مر اقبة مؤيدات‬
‫مطلب التحفيظ وذلك على غرار مسؤوليته المنصوص عليها في الفصل ‪ 02‬من قانون التحفيظ‬
‫العقاري المعدل والمتمم بالقانون ‪.92.70‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلشكاالت العملية المرتبطة باإلشهار والتحديد‪.‬‬
‫من المبادئ األساسية التي تقوم عليها المسطرة اإلدارية للتحفيظ العقاري التي تخلق‬
‫ضمانات حمائية لطالب التحفيظ من جهة وحقوق الغير من جهة ثانية مبدأ العلنية واإلشهار‬
‫والنشر في الجرائد الرسمية المؤهلة لذلك التي تتيح للغير االطالع على المتغير القانوني الذي‬
‫يطال العقارموضوع التحفيظ العقاري وما من شأنه المس بحقوقه وهذا ما سنالمسه من خالل‬
‫الوقوف على اإلشكاالت المرتبطة باإلشهار(أوال) إلى جانب العملية التقنية لتحديد معالم العقار‬
‫وما يصاحبها من متغيرات قانونية وفق مسطرة التحديد (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اإلشهارأثناء مسطرة التحفيظ‬
‫حتى ال تمرعمليات التحفيظ في جو من السرية والكتمان وتطبيقا لمبدأ العلنية في ميدان‬

‫الشهرالعقاري‪ ،‬وحتى تتاح فرصة اإلطالع لكل من يعنيه أمرالتحفيظ‪ ،‬فقد قررالمشرع المغربي‬
‫‪ 696‬قرار محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ ‪ 1‬يونيو ‪ 0124‬أورده األستاذ عبد العالي دقوقي‪ ،‬بعض مظاهر‬
‫اضطراب االجتهاد القضائي في مادة التحفيظ‪ ،‬مجلة القسطاس‪ ،‬العدد الثالث يناير ‪ 5114‬ص ‪ 11‬مأخوذ عن‬
‫األستاذ إدريس الفاخوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 697‬قرار عدد ‪ 1111‬بتاريخ ‪ 0110/11/52‬ملف مدني رقم ‪51/0055‬‬
‫‪ 698‬مذكرة صادرة عن المحافظ العام رقم ‪ 5114‬بتاريخ ‪ 02‬دجنبر ‪ 0155‬مأخوذ عن األستاذ إدريس الفاخوري‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫في ظهير ‪ 1‬رممان ‪ 92( 9119‬غشت ‪ ) 9191‬عملية إشهار واسعة لجميع عمليات التحفيظ بدءا‬
‫من مطلب التحفيظ حتى تأسيس الرسم العقاري‪.‬‬
‫وعمليات اإلشهار هذه ال تعني طالب التحفيظ فقط‪ ،‬بل تعني أيما كل الذين لهم حقوق‬
‫على ذلك العقار‪ ،‬أو يزعمون أن لهم حقوقا عليه وتعني أيما حتى املحافظ العقاري‪ ،‬فطالب‬
‫التحفيظ يعنيه أمراإلشهار‪ ،‬ليتتبع إجراءات التحفيظ‪ ،‬من تحديد مؤقت وتحديد نهائي‪ ،‬ووضع‬
‫خريطة هندسية‪ ،‬وليتأكد من خالل هذه اإلجراءات بأن ليس هناك من ينازعه في العقارموضوع‬
‫الطلب‪ ،‬أما المتعرضون فيعنيهم أمر اإلشهار ليتسنى لهم التدخل في الوقت المناسب قصد‬
‫المطالبة بالحقوق التي لهم على العقار موضوع عمليات التحفيظ وأما املحافظ العقاري وهو‬
‫الحريص والمنفذ لعمليات اإلشهار‪ ،‬فيهمه متابعة مسطرة التحفيظ طبقا للقانون وفي حياد تام‬
‫عن األطراف‪699.‬‬
‫وتتجلى طرق اإلشهارفي ثالث وسائل جاءت طبقا لمقتميات الفصل ‪ 92‬من ظهيرالتحفيظ‬
‫العقاري متمثلة في (الجريدة الرسمية‪ ،‬تعليق اإلعالنات لدى الجهات اإلدارية والقمائية‪،‬‬
‫التعليق لدى املحافظة العقارية)‬
‫الوسيلة األولى‪ :‬النشرفي الجريدة الرسمية‪.‬‬
‫بمجرد ما يتوصل املحافظ بطلب تحفيظ يقوم بوضع ملخص ألهم البيانات التي يتممنها‬
‫هذا الطلب‪ ،‬وذلك داخل عشرة أيام من تاريخ إيداع الطلب‪ ،700‬ويعتبرالنشر بالجريدة الرسمية‬
‫من بين الوسائل التي تطلبها المشرع إلعالم الجمهور بإجراء التحفيظ‪ ،.‬إال أن النشر بالجريدة‬
‫الرسمية ال يحقق إال نتائج نسبية جدا ألنه أصبح وسيلة شكلية وقانونية أكثرمنها إعالمية وذلك‬
‫لعدة أسباب نذكرمن بينها‪:‬‬
‫‪ .9‬إن األغلبية الساحقة من طالبي التحفيظ يجهلون القراءة والكتابة ويجهلون‬

‫حتى وجود الجريدة الرسمية وقيمة ما ينشر بها‪.‬‬
‫‪ 699‬محمد خيري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.022‬‬

‫‪ 700‬الفصل ‪ " 01‬يقوم المحافظ على األمالك العقارية داخل أجل عشرة أيام من إيداع مطلب التحفيظ بتحرير‬
‫ملخص له يعمل على نشره في الجريدة الرسمية‪ ،‬ويبلغ مضمونه إلى علم العموم بالوسائل المتاحة‪ .‬وبعد‬
‫نشر الملخص المذكور يحرر‪ ،‬داخل أجل شهرين من تاريخ هذا النشر‪ ،‬إعالنا يضمنه تاريخ ووقت إجراء التحديد"‬
‫‪ .2‬إن الجريدة الرسمية محدودة اإلنتشاررغم أنها وسيلة نشرإدارية وقانونية حيث‬
‫نجد متتبعيها فئات معينة كاإلدارات والشركات ومكاتب األعمال ورجال القانون‬
‫أما الفئات األخرى فإنها ال تطلع عليها إال بصفة عرضية وغيرمنتظمة‪.‬‬
‫‪ .1‬إن الهدف من النشر في الجريدة الرسمية هو إعطاء الصبغة القانونية لكل ما‬
‫ينشر بها وإلزام األفراد بذلك‪ ،‬وباآلجال والمواعيد التي تحددها‪ ،‬فكيف يتمكن‬
‫طالب التحفيظ والمتعرضون أن يطلعوا عليها وهم يجهلون مكان صدورها‬
‫وأماكن بيعها وحتى كيفية الحصول عليها‪ ،‬خاصة وان األغلبية الساحقة من‬
‫معامالت التحفيظ تجري في البوادي حيث يندروجود حتى الجرائد العادية‪.‬‬
‫‪ .2‬إن من يهتم باإلعالنات الخاصة بالتحفيظ بالجريدة الرسمية في الحقيقة هو‬

‫املحافظ قصد إحترام مسطرة التحفيظ‪ .‬والقماة قصد تطبيق مقتميات‬
‫الظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري‪.‬أما طالبو التحفيظ والمتعرضون وغيرهم‬
‫فأغلبهم يصعب عليهم تتبعها أو الحصول عليها لألسباب األنفة الذكر‪ ،‬ومع ذلك‬
‫فهم ملزمون بما ينشربها‪.‬‬
‫وقد إستغل بعض األشخاص هذا الجهل النابع من ضعف وسائل اإلشهار وخلله‪،‬‬
‫فاستولوا على حقوق المالكين الحقيقيين نتيجة لجهلهم لإلجراءات ولآلجال المفروضة‬
‫والمنشورة في الجريدة الرسمية‪ ،‬فثبت الحق لغير أصحابه في بعض الحاالت مما ينتج عنه فتح‬
‫ملفات ونزاعات أخرى أمام القماء من طرف المتمررين من التحفيظ‪701.‬‬
‫الوسيلة الثانية‪ :‬تعليق اإلعالنات لدى الجهات اإلدارية والقمائية‪.‬‬
‫يسعى املحافظ العقاري جاهدا إلى جانب النشر في الجريدة الرسمية إلى تكثيف وتعميم‬
‫اإلعالنات‪ ،‬من خالل مراسلة الجهات اإلدارية والقمائية المتمثلة في‪:‬‬
‫‪ -‬رئيس املحكمة اإلبتدائية التي يقع العقارفي دائرتها‬
‫‪ -‬ممثل السلطة املحلية ورئيس املجلس الجماعي الدين يقع العقارفي دائرة نفوذهم‪.‬‬
‫‪701‬محمد خيري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪ 021‬و ‪.025‬‬
‫‪ -‬النشرفي سبورة املحافظة العقارية‪.‬‬
‫وإن كان الو اقع يؤكد فشل بعض هذه األجهزة في تحقيق الغاية التي كان يهدف إليها المشرع‬
‫وهي توسيع دائرة اإلشهارلحماية الملكية ويتمظهرذلك من خالل العر اقيل التالية‪:‬‬
‫بالنسبة للوسيلة المتعلقة بالتعليق باملحكمة اإلبتدائية إذ ال يعطي إال نتائج ضئيلة وال‬
‫تمكن هذه العملية إال عددا قليال من األفراد لإلطالع على عملية التحفيظ وذلك لألسباب‬
‫الراجعة لجهل عدد كبير من األفراد ملحتوى التعليقات إلى جانب كون هذه األخيرة ال تتسم‬
‫بالتنظيم فكثيرا ما يالحظ نشراإلعالنات باملحاكم متراكمة ومختلطة بعمه يتعلق بالمحجوزات‬
‫وبعمها األخريتعلق بالبيوعات القمائية وغالبا ما نشاهد ملخصات مطالب التحفيظ من بينها‪،‬‬
‫وأمام هذه الفوض ى في التعليق وعدم جرأة األشخاص على بحث الصفحات المتعلقة تفقد هذه‬
‫التعليقات قيمتها لدى املحاكم اللهم ما يتعلق بالمحجوزات والبيوعات القمائية فإن من يعنيهم‬
‫أمرها يتتبعونها باهتمام ‪702.‬‬
‫أما في يتعلق بالتعليق لدى القيادات والجماعات املحلية بدورها تعتبروسيلة ال تفي بالغرض‬
‫نظرا لكون أن في غالب األمر أن ممثلي السلطات املحلية ال يولون هذه المهمة العناية الالزمة‪،‬‬
‫فحينما يوجه املحافظ على الملكية العقارية ملخصا لمطلب التحفيظ ال يتم تعليقه وحتى لو‬
‫حصل ذلك فإنه يكون في مكان يصعب االطالع عليه من قبل الجمهور‪ ،‬كما أنه يالحظ قبل دخول‬
‫القانون رقم ‪ 92.70‬حيز التنفيذ عدم إرجاع ما يفيد تعليق الملخص في اإلدارات المعنية‪ ،‬كما‬
‫كان يساهم في عرقلة سير مسطرة التحفيظ ما دام أن املحافظ يمتنع عن اتخاذ قرار التحفيظ‬
‫إال بعد وصول ما يفيد التعليق‪ ،‬األمر الذي جعل المشرع في القانون رقم ‪ 92.70‬يستغني عن‬
‫الشهادة المثبتة للتعليق واستبدالها بإشعار بالتوصل‪703.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عمليات التحديد‪.‬‬
‫تعد عملية التحديد من أهم مراحل مسطرة التحفيظ العقاري كونها تجمع بين ما هو‬
‫تقني وما هو قانوني‪ ،‬فهي عملية تقنية طبوغر افية ألنها تساهم في رسم معالم العقاربشكل دقيق‬
‫محمد خيري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.021‬‬ ‫‪702‬‬
‫ادريس الفاخوري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.45 ,40‬‬ ‫‪703‬‬
‫سواء من حيث الموقع أو المساحة أو الحدود أو المشتمالت‪ ،‬وهي عملية قانونية ألنها تمكن‬
‫املحافظ على األمالك العقارية من التعرف على وضعية العقارمن الناحية القانونية‪.‬‬
‫واعتبارا لألهمية المذكورة لعملية التحديد نص المشرع في الفصل ‪ 91‬من ظهير ‪92‬‬
‫غشت ‪ 9191‬المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم ‪ 92.70‬على‬
‫ضرورة توجيه املحافظ على األمالك العقارية استدعاءات شخصية ملجموعة من األشخاص إلى‬
‫جانب طالب التحفيظ‪ ،‬وهم املجاورين المبينين في مطلب التحفيظ والمتدخلين وأصحاب‬
‫الحقوق العينية والتحمالت العقارية المصرح بهم بصفة قانونية‪ ،‬وذلك لما لحمورهم أثناء‬
‫إنجاز عملية التحديد من أهمية‪ ،‬بحيث إنه يخول لكل من له حق عيني على العقار موضوع‬
‫التحديد التصريح بحقه المثقل به العقار وإمكانية تسوية الخالفات التي تكون بين املجاورين‬
‫بخصوص الحدود‪.‬‬
‫ونفس اإلجراء مقررفي بعض المساطرالخاصة للتحفيظ كما هو الشأن بالنسبة للفصل‬
‫‪ 2‬من ظهير ‪ 22‬يوليوز ‪ 9161‬المتعلق بالتحفيظ الجماعي لألمالك القروية الذي ينص على قيام‬
‫املحافظ باستدعاء جميع األشخاص المتدخلين المعترف بهم بصفة قانونية لحمور عملية‬
‫التحديد‪.‬‬
‫وإذا كانت المقتميات المذكورة تعتبرضمانة قانونية بالنسبة ألصحاب الحقوق إال أنها في‬
‫نفس الوقت تشكل عرقلة حقيقية للسرعة المتطلبة في مسطرة التحفيظ العقاري بسبب‬
‫الغموض الذي يكتنفها حول ما إذا كان املحافظ يقتصرفقط على توجيه إستدعاءات شخصية‬
‫لألشخاص المعنيين بصرف النظرعن توصلهم أوعدم توصلهم وحمورهم بعين المكان‪ ،‬وبالتالي‬
‫عدم استلزام مو افقتهم البعدية في حالة التأكد من تخلفهم عن الحمور وحول ما إذا كان هذا‬
‫اإلجراء األخيرأمر ضروري وجوهري‪.‬‬
‫والو اقع العملي يؤكد على أن الغموض قد تسبب في تراكم العديد من مطالب التحفيظ‬
‫برفوف أرشيفات املحافظة العقارية بسبب عدم حمور األشخاص المعنيين لعملية التحديد‬
‫وتعليق البث فيها من طرف املحافظين على األمالك العقارية على ضرورة التوصل بمو افقة هؤالء‬
‫األشخاص على عملية التحديد العتقادهم بإلزامية هذا اإلجراء المذكور‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك تطرح عملية التحديد مجموعة من اإلشكاالت والصعوبات تتمثل‪:‬‬
‫‪ -‬إن إنتداب المهندس المساح الطبوغرافي املحلف من جهاز المسح العقاري المقيد في‬
‫جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغر افيين من طرف املحافظ‬
‫العقاري للقيام بعملية التحديد وتكليفه بتحريرمحمرا يسمى بمحمرالتحديد وإضفاء‬
‫على هذا األخير طابع الرسمية الذي يتممن جانب قانوني وأخر تقني فهذا األخير ال يثير‬
‫أي إشكال بحكم علمه بعمله الهندس ي التقني والذي يعتمد على التقنيات الطبوغر افية‬
‫العلمية والحسابية وهي عمليات جد متطورة باعتماد التكنولوجيا الحديثة واآلالت‬
‫المتناهية في الدقة عند إجراء التحديد‪ ،‬فإن اإلجراءات األخرى ذات الطابع القانوني‬
‫تكليف يخرج عن كفاءة المهندس المساح ألنه يفتقر للتكوين القانوني‪ ،‬فهذه المهمة‬
‫تحتاج إلى دراية بقواعد القانون وقواعد الفقه اإلسالمي‪ ،‬والمهندس الطبوغرافي في‬
‫أغلب الحاالت ليس له إلمام بالحقوق العينية األصلية والتبعية والحقوق العرفية‬
‫اإلسالمية وأحكام المواريث والوصايا‪،‬وليس له إلمام أيما بقانون التحفيظ العقاري وال‬
‫بقانون المسطرة المدنية وقانون االلتزامات والعقود وهي كلها قوانين ذات ارتباط‬
‫بالعمليات القانونية التي حددها الفصلين ‪ 27‬و ‪ 29‬من قانون التحفيظ العقاري‪704.‬‬
‫‪ -‬صعوبة إجراء عملية مراجعة التحديد ألمالك الدولة والجماعات الساللية المصادق‬
‫عليها وكذا بالنسبة لألمالك المنوعة ملكيتها في غياب إنجازالملف التقني‪.‬‬
‫‪ -‬الصعوبات التي يطرحها الفصل ‪ 20‬من القرار الوزيري الصادر في ‪ 71‬يونيو ‪ ،9192‬بخلق‬
‫رسوم عقارية تحت تحفظ عمليات التحديد الهندسية وما يمكن أن ينتج عن ذلك من‬
‫عدم الوضوح وإمكانية التمليل والتحايل‪705.‬‬
‫خالصة القول ال يسعنا في نهاية هذه الدراسة‪ ،‬إال أن نمع أهم الخالصات األساسية التي‬
‫توصلنا إليها والمتعلقة بإبرازاهم االشكاالت العملية األولية التي تعيق انطالق المسطرة اإلدارية‬
‫للتحفيظ العقاري‪ ،‬ومما ال شك في أن ما توصلنا إليه من خالصات يعين إجماال على االعتقاد‬
‫جازما بأن مشرع قانون ‪ 92.70‬قد أحاط المسطرة اإلدارية للتحفيظ العقاري بأهمية تشريعية‬
‫‪ 704‬ادريس الفاخوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.41‬‬

‫‪ 705‬حميد الربيعي و مصطفى الشطيبي‪ ،‬الطابع القانوني والهندسي لعملية التحديد كإجراء جوهري في‬
‫نظام التحفيظ العقاري‪ ،‬سلسلة دفاتر محكمة النقض عدد ‪ ،50‬الصفحة ‪.11‬‬
‫قوية بإعتبار مسطرة التحفيظ العقاري في أصلها إدارية ما لم تتخللها نزاعات تعصف‬
‫بإستقراريتها‪ ،‬وما يمكن تسجيله من إشكاالت سببه التعارض والغموض في النصوص القانونية‬
‫وتفسيرها من طرف المتدخلين في عملية التحفيظ من محافظين على مسطرة التحفيظ إلى‬
‫جانب المهندسين الطبوغر افيين‪ ،‬وكذا قلة الموارد البشرية وكفاءتها وتعدد األنظمة العقارية‬
‫بالمغرب وتعقدها‪.‬‬
‫ولتجاوز االشكاالت العملية المتعلقة بالمسطرة اإلدارية التي تدور مجملها حول تقنية‬
‫التحديد التي ترسم معالم الوعاء العقاري‪ ،‬ومسطرة اإلشهار واإلعالن تحقيقا لمبدأ العلنية في‬
‫حفظ الحقوق‪.‬‬
‫وعليه نقترح معالجة النصوص القانونية التي تأطر وتحكم الممارسة اإلجرائية وذلك من‬
‫أجل مماعفة فعالية النصوص التشريعية‪ ،‬وذلك على الشكل التالي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬التنصيص صراحة على ضرورة مو افقة طالب التحفيظ المتغيبين عن عملية‬
‫التحديد على ما أسفرت عنه العملية المذكورة مساحة وحدودا‪ ،‬اقتداء بما فعل المشرع بشأن‬
‫لزوم مو افقة جميع الشركاء على الشياع في حاالت اخرى‪ ،‬من قبيل تغيير اسم العقار املحفظ‬
‫(الفصل ‪ 22‬مكرر) وتسليم نظيرالرسم العقاري (الفصل ‪.)22‬‬
‫ثانيا‪ :‬إزالة اإللتباس الحاصل بمقتض ى "نائب بوكالة صحيحة" الواردة في الفقرة األخيرة‬
‫من الفصل ‪ 91‬من القانون ‪ 92.70‬بالعودة إلى اإلصطالح الذي جاء في القانون القديم "نائب‬
‫بوكالة خاصة"‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬إضافة مقتض ى خاص للفصل ‪ 92‬من القانون ‪ 92.70‬يهم التعليق لدى مركزالقاض ي‬
‫المقيم القريب من العقار المزمع تحديده‪ ،‬بدال من االقتصار على التعليق لدى املحكمة‬
‫االبتدائية‪ ،‬والتي قد يبعد عنها العقاربمئات الكيلومترات‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬تحقيق االنسجام التشريعي بين الفقرة األولى من الفصل ‪ 27‬المتعلقة بطلب‬
‫املحافظ تسخيرالقوة العمومية من طرف وكيل الملك ضمانا لتوفيرظروف مالئمة إلجراء عملية‬
‫التحديد‪ ،‬وبين الفقرة الثانية من الفصل ‪ 21‬المتعلقة بإلغاء املحافظ العقاري لمطلب‬
‫التحفيظ بعد تعذر إنجاز التحديد لمرتين متتاليتين بسب نزاع حول الملك‪ ،‬وذلك بإضافة‬
‫مقتض ى خاص مفاده إلزامية تقديم هذا الطلب من طرف املحافظ في حالة وجود نزاع حول‬
‫الملك أدى إلى عرقلة أولى عملية التحديد (عملية سلبية أولى) حتى إذا تعذرعليه مع ذلك انجازها‬
‫للمرة الثانية ال يكون قراره بإلغاء المطلب طبقا للفصل ‪ 21‬مشوبا بعدم المشروعية بسبب عدم‬
‫طلبه تسخيرالقوة العمومية‪.‬‬
‫المملكة المغربية‪ ،‬رئاسة الحكومة‪ ،‬المناظرة الوطنية في موضوع السياسة العقارية‬

‫للدولة ودورها في التنمية اإلقتصادية واالجتماعية‪ ،‬تقريرتركيبي حول و اقع قطاع العقار‪ ،‬دجنبر‬
‫‪.2792‬‬
‫القانون رقم ‪ 92.70‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 9.99.900‬بتاريخ ‪ 22‬نونبر ‪،2799‬‬
‫منشوربالجريدة الرسمية عدد ‪ ،2112‬بتاريخ ‪ 22‬نونبر‪.2202 ،2799‬‬
‫يوسف مختري‪ ،‬حماية الحقوق الواردة على العقار في طور التحفيظ‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫مطبعة المعارف الجديدة الرباط‪ ،‬سنة ‪.2796‬‬
‫قرار محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ ‪ 9127/0/1‬مأخوذ عن إدريس الفاخوري‪ ،‬نظام‬

‫التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون ‪ ، 92.70‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيماء‪،‬‬
‫طبعة ‪،2790‬ص ‪.21‬‬
‫املجلس األعلى عدد ‪ 1211‬بتاريخ ‪ ،2772/97/22‬منشور بمجلة اإلجهاد القمائي العدد ‪2‬‬
‫(م س) ص‪.211 .‬‬
‫إدريس الفاخوري‪ ،‬نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون ‪ ،92.70‬مطبعة‬

‫النجاح الحديدة الدارالبيماء‪ ،‬ط ‪.2790‬‬
‫قرار محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ ‪ 1‬يونيو ‪ 9162‬أورده األستاذ عبد العالي دقوقي‪،‬‬
‫بعض مظاهر اضطراب االجتهاد القمائي في مادة التحفيظ‪ ،‬مجلة القسطاس‪ ،‬العدد الثالث‬
‫يناير‪.2772‬‬
‫حميد الربيعي ومصطفى الشطيبي‪ ،‬الطابع القانوني والهندس ي لعملية التحديد كإجراء‬
‫جوهري في نظام التحفيظ العقاري‪ ،‬سلسلة دفاترمحكمة النقض عدد ‪.29‬‬
‫تأثير القوة القاهرة والظروف الطارئة على تنفيذ‬

"‫العقود المدنية "دراسة لحالة حصار قطر‬
The impact of force majeure and emergency circumstances on the
execution of civil contracts
‫ يجدها متناسبة مع الحصار‬،‫إن الباحث في مفهوم القوة قاهرة ونظرية الظروف الطارئة‬
ً
‫متوقعا حدوثه‬ ‫ باعتباره حصارا لم يكن‬،2790 ‫الذي فرض على دولة قطر من قبل جيرانها في عام‬
‫ وال شك أن القوة القاهرة تحول‬.‫ويستحيل دفعه ويترتب عليه استحالة تنفيذ التزاماتها املختلفة‬
‫دون إمكانية األفراد أو المؤسسات أو حتى بعض الدول من تنفيذ التزاماتها بسبب تلك القوة كما‬
‫ والتي كانت تعقد فيها العديد من العقود المدنية بين‬،‫في حالة الحصار التي تمر بها دولة قطر‬
‫ لكن الحصار أثر‬،‫عدة أطراف سواء على المستوى الوطني أو على المستوى اإلقليمي والدولي‬
.‫على تنفيذ هذه العقود مما ترك العديد من الخسائر المالية والمادية‬
Abstract:
The blockade against Qatar is considered a force majeure and an emergency

circumstance by virtue of all laws, as it is an external accident that was not
expected and impossible to pay and which results in the impossibility of
implementing its various obligations.There is no doubt that force majeure
prevents the ability of individuals, institutions, or even some states to implement
their obligations because of that power. In the case of the blockade crisis that the
State of Qatar is going through, in which many civil contracts were concluded
between several parties, whether at the national level or at the regional and
‫‪international levels, but the blockade affected the implementation of these‬‬

‫‪contracts, which left many financial and material losses.‬‬
‫ال شك أن العقد ينعقد بارتباط اإليجاب بالقبول من أجل إحداث أثرقانوني‪ ،‬وعلى أن يتم‬
‫ذلك االرتباط وفقا للصيغ واألوضاع التي ينص عليها القانون‪ ،‬أي أن دخول العقد في انتاج أثاره‬
‫وسريان مفعوله يتعلق بتو افر العقد على عدة أركان تكون مستوفية شروط صحتها‪ ،‬وذلك بأن‬
‫يصدر من أهله كاملي األهلية فمال عن محل معين ومشروع‪ ،‬مع إرادة خالية من عيوب الرض ى‪،‬‬
‫فإننا نكون أما عقد صحيح نافذ وترتبت عليه آثاره‪.‬‬
‫وإذا كان األمر كذلك‪ ،‬فإنه متى كان العقد صحيحا مستجمعا ألركانه منتجا ألثاره ال يمكن‬
‫ألحد المتعاقدين الرجوع عنه بإرادته المنفردة‪ ،‬حيث يكون ملزما لطرفي العقد كالهما ويجب‬
‫عليهما الوفاء بااللتزامات المترتبة عليه‪ .‬وال يستطيع أي منهما أن ينفرد بنقمه أو تعديله إال‬
‫باتفاقهما على ذلك أو استنادا إلى نص في القانون فااللتزام الذي ينشئه العقد يساوي االلتزام‬
‫الذي يفرضه القانون‪ ،‬وحيث ال يجوز الخالص من التزام مفروض بقوة أو بحكم القانون‪ ،‬لذا ال‬
‫يجوز للمتعاقد أن يتحلل من التزام نشأ عن عقد هو طرف فيه‪ ،‬فالعقد كما هو معروف شريعة‬
‫المتعاقدين بمعنى أنه قا نونهما الخاص الذي يتممن التزامات كل من طرفيه‪ ،‬وعليهما تنفيذه‬
‫بكل ما أشتمل عليه من باإلضافة إلى كل ما يعتبر من مستلزماته وبما يتماش ى مع القانون أو‬
‫ً‬
‫العرف أو العدالة وطبقا لطبيعة االلتزام موضوع ذلك العقد‪.‬‬
‫ومن المفروض أن تتوازن التزامات طرفي العقد من الناحية االقتصادية في مرحلة تكوين‬
‫العقد‪ .‬فإذا ثبت حصول اختالل في تلك االلتزامات ضمن المرحلة المذكورة فإن معالجة مثل‬
‫ً‬
‫هذا االختالل واآلثار الناجمة أو الناشئة عنه أو بسببه وصوال إلى إزالة المرر الذي لحق بأحد‬
‫ً‬
‫المتعاقدين‪ ،‬تتم استنادا إلى األحكام الخاصة بعقود اإلذعان أو نظرية االستغالل وبالقدر الذي‬
‫يتصل بموضوع العقد وطبيعة االختالل الناش ئ ‪.‬‬
‫أما إذا حصل اختالل في التوازن االقتصادي في مرحلة الحقة على تكوين العقد ونقصد بها‬
‫مرحلة تنفيذ العقد وذلك بسبب حوادث استثنائية عامة وغير متوقعة‪ ،‬فأن معالجة مثل هذا‬
‫ً‬
‫االختالل وبالتالي إزالة المرر الناش ئ عنه تتم استنادا إلى األحكام الخاصة بنظرية الظروف‬
‫الطارئة والقوة القاهرة‪.‬‬
‫ً‬
‫وبناء على ما سبق‪ ،‬سنعالج هذا الموضوع ضمن المسارالتالي‪:‬‬
‫اإلشكالية‪ :‬ما هو تأثير القوة القاهرة والظروف الطارئة على تنفيذ العقود المدنية خالل‬
‫فترة الحصارعلى دولة قطر؟ وما هي األثارالتي خلفها؟‬
‫أهمية وأهداف البحث‪:‬‬
‫تكمن أهمية هذا البحث في معرفة األثارالتي خلفها الحصارعلى دولة قطرمن طرف جيرانها‬
‫على تنفيذ العقود‪ ،‬ويتم ذلك وفق نظرية القوة القاهرة والظروف الطارئة باعتبار ذلك الحصار‬
‫كان مفاجئا وغيرمتوقعا مما أثرعلى القوة التنفيذية لكثيرمن العقود المدنية‪ ،‬والتي تركت أثارا‬
‫اقتصادية واجتماعية تمررمنها العديد من األطراف‪ .‬لذلك نسعى لمعرفة تلك األثاروكيف يمكن‬
‫ً‬
‫وقماء في ذلك‪ .‬فالهدف األساس ي من البحث هو معالجة‬ ‫تجاوزها‪ ،‬وما هي الحلول المتبعة فقها‬
‫جميع الجوانب المتعلقة بالحصار وتأثيره على تنفيذ العقد المدني‪ ،‬وتقديم مساهمة على‬
‫بساطتها للمكتبة العربية والقطرية لنموذج تطبيقي للقوة القاهرة والظروف الطارئة في العقود‬
‫المدنية والمتمثلة في الحصار‪.‬‬
‫تقسيم البحث‪ :‬املحوراألول‪ :‬عالقة العقد بالظروف الطارئة والقوة القاهرة‪ .‬املحورالثاني‪:‬‬
‫الحصاروتطبيق نظرية الظروف الطارئة والقوة القاهرة‬
‫املحوراألول‪ :‬عالقة العقد بالظروف الطارئة والقوة القاهرة‬
‫يلعب العقد دور مهم في تنشيط الدورة االقتصادية داخل املجتمع‪ ،‬باعتباره الوسيلة‬
‫القانونية الوحيدة لتداول األموال والثروات‪ ،‬وتبادل السلع والخدمات‪ ،‬ومختلف المنافع بين‬
‫أفراد املجتمع‪ .706‬يسعى من خالله كل متعاقد للحصول على مقابل ما أعطاه وتعهد به‪ ،‬فقد أواله‬
‫المشرع عناية خاصة‪ ،‬فوضع قواعد قيامه‪ ،‬وحدد شروط صحته‪ ،‬وأعطى لإلرادة القدرة‪،‬‬
‫والحرية على إنشاء ما تشاء من العقود‪ ،‬والتصرفات القانونية‪ ،‬وتحديد آثارها دون قيد أو شرط‬
‫سوى ما يتطلبه القانون‪ ،‬وما تفرضه قواعد النظام العام واآلداب العامة‪.‬‬
‫‪ 706‬نايف بن جمعان الجريدان‪ ،‬أحكام العقود المدنية‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬مكتبة القانون واالقتصاد‪ ،‬الرياض‪ ،2041 ،‬ص‪22‬‬
‫لقد ارتبط العقد "بمبدأ سلطان اإلرادة" الذي ما زال حتى اآلن يلقي بظالله على معظم‬
‫األنظمة القانونية‪ ،‬ومفاده أن اإلرادة وحدها تكفي إلنشاء العقد أو العمل القانوني بوجه عام‬
‫بحيث تكون الحرية للشخص في أن يتعاقد فيلتزم بما يبرم من عقود‪ ،‬أو أن ال يتعاقد فال يلتزم‬
‫بش يء‪.707‬‬
‫وهو ما يعني أن العقد متى نشأ صحيحا مستجمعا ألركانه فقد حاز قوته الملزمة وأصبح‬
‫شريعة المتعاقدين‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن المتعاقدان ليس لهما من سبيل سوى تنفيذ االلتزامات‬
‫الو اقعة على عاتقهما طوعا أو كرها‪ ،‬عينا أو عن طريق التعويض‪ ،‬وال يمكن لهما التحلل من‬
‫التزاماتهما إال عندما يسمح لهما بذلك‪ ،‬إما بمقتض ى اتفاق بينهما‪ ،‬أو لألسباب التي يقررها‬
‫القانون‪ ،‬وهذا ما قمت به المادة ‪ 909‬من القانون المدني القطري (قانون رقم (‪ )22‬لسنة‬
‫‪ ،)2772‬التي تؤكد على أن‪ " :‬العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬فال يجوز نقمه وال تعديله إال باتفاق‬
‫الطرفين أو لألسباب التي يقررها القانون"‪ .708‬وبإقراره لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين يكون‬
‫المشرع القطري كغيره من المشرعين قد وفرالحماية الالزمة للعقد من العبث قصد خلق أجواء‬
‫الثقة الالزمة الحترام إرادة المتعاقدين وتوقعاتهما‪ ،‬ولم يترك أمام المتعاقدين من خيار سوى‬
‫تنفيذ العقد‪ ،‬فإذا قام كل متعاقد بأداء ما عليه من حقوق والتزامات‪ ،‬فال يطرح أي مشكل‪ .‬ولكن‬
‫قد يحدث في مرحلة تنفيذ العقد أن تتغير الظروف االقتصادية التي كان العقد يقوم عليها وقت‬
‫تكوينه تغيرا فجائيا‪ ،‬بسبب حادث طارئ غير متوقع وقت إبرام العقد‪ ،‬ولم يكن ألي من‬
‫المتعاقدين يدا في وقوعه‪ ،‬مما أدى إلى اختالل التوازن االقتصادي للعقد اختالال خطيرا بحيث‬
‫أصبح تنفيذ المدين اللتزامه التعاقدي وفقا للشروط المتفق عليها يهدده بخسارة فادحة تخرج‬
‫عن الحدود المألوفة في المعامالت المالية االعتيادية‪.709‬‬
‫والشك أن هذه القاعدة التي تلزم األطراف‪ ،‬فإنها تلزم‪ ،‬كذلك‪ ،‬القاض ي‪ ،‬من خالل الواجب‬
‫المنوط به في احترام تام التفاق المتعاقدين وااللتزام بتطبيقه دون تدخل منه‪ ،‬ألنه‪ ،‬من المعلوم‬
‫أن وظيفة القاض ي تنحصر في تطبيق أحكام العقد أو تفسير ما يشوبه من غموض‪ ،‬وليس له دور‬
‫في إنشاء العقود‪ .‬اللهم في بعض الحاالت االستثنائية القليلة جدا التي يسمح فيها القانون بتعديل‬
‫العقد وذلك العتبارات تهم تطبيق العدالة‪ ،‬وهو ما يعرف في األدبيات القانونية بنظرية الظروف‬
‫‪ 707‬شمس الدين قاسم الخزاعلة‪ ،‬نطاق سلطان االرادة‪ ،‬دار الكتاب الثقافي‪ ،‬األردن‪ ،2004 ،‬ص‪42‬‬
‫‪ 708‬المادة ‪ 444‬من قانون رقم (‪ )22‬لسنة ‪ 2001‬بإصدار القانون المدني‪ ،‬الجريدة الرسمية ‪:‬العدد‪ 44 :‬نسخة الجريدة الرسمية تاريخ‬
‫النشر‪ 2001/02/02 :‬الموافق ‪ 4122/02/22‬هجري‪ ،‬الصفحة من‪421 :‬‬
‫‪ 709‬عصمت عبد المجيد بكر‪ ،‬نظرية العقد في القوانين المدنية العربية (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار الكتاب العلمية‪ ،2042 ،‬ص‪272‬‬
‫الطارئة التي هي‪ ،‬في جوهرها‪ ،‬خروج عن المألوف‪ ،‬حيث يسمح فيها للقاض ي بتعديل العقد الذي‬
‫تم ابرامه في ظل ظروف عادية لكن بعد إبرامه أو في فترة تنفيذه اصطدم بظروف خارجية طارئة‬
‫لم يكن في وسع المتعاقدان توقعها عند إبرام العقد‪ ،‬أو دفعها عند وقوعها‪ ،‬إذ سيسبب ذلك‬
‫خسارة فادحة للمدين إذا ما نفذ العقد وفقا للشروط المتفق عليها‪ ،‬وفي هذه النظرية يخرج‬
‫القاض ي عن حدود مهمته التقليدية التي تقتصرعلى تفسيرالعقد‪ ،‬وهو ما تقتميه روح العدالة‬
‫من إعادة األمورإلى نصابها الطبيعية‪.710‬‬
‫والشك أن بروز نظرية الظروف الطارئة يزداد يوما عن يوم والحاجة لها تظهر أكثر من أي‬
‫وقت مض ى‪ ،‬وذلك راجع لتعقد الحياة المعاصرة‪ ،‬فقد تنوع و اتسع نطاق المعامالت بين الناس‪،‬‬
‫نظرا لسهولة االتصال بين الشعوب والدول بفعل الثورة التكنولوجية وتأثيراتها املختلفة‬
‫خصوصا في مجال التنقل‪ ،‬مما يجعل هذه العقود أكثرعرضة للتقلبات املختلفة سواء من خالل‬
‫وقوع حوادث أو حروب أو كوارث (طبيعية‪ ،‬اقتصادية‪ )..‬أو أزمات (دولية‪ ،‬إقليمية‪ )..‬تجعل تنفيذ‬
‫العقد مرهقا ألحد المتعاقدين فيكون مجاال لتطبيق نظرية الظروف الطارئة‪ ،‬باإلضافة إلى بدء‬
‫التشريعات إلى حماية الطرف المعيف في العقد بوسائل مختلفة من أجل بث نوع من الثقة في‬
‫التعامالت المالية واستقراراألوضاع القانونية‪.711‬‬
‫وتعرف نظرية الظروف الطارئة بأنها كل حادث عام الحق على تكوين العقد‪ ،‬وغير متوقع‬
‫الحصول أثناء التعاقد‪ ،‬ينجم عنه اختالف بين في المنافع المتولدة عن عقد يتراخى تنفيذه إلى‬
‫أجل أو أجال‪ ،‬بحيث يصبح تنفيذه المدين اللتزامه كما أوجبه العقد يرهقه ارهاقا شديدا‪،‬‬
‫ويتهدده بخسارة فادحة تخرجه عن حد المألوفة في خسارة التجار‪ ،‬وذلك كخروج سلعة تعهد‬
‫المدين بتوريدها من التسعيرة‪ ،‬وارتفاع سعرها ارتفاعا فاحشا غيرمألوف وال متوقع‪.712‬‬
‫كما يمكن القول على أنها‪ :‬مجموع القواعد واألحكام التي تعالج األثارالمارة الالحقة بأحد‬
‫المتعاقدين‪ ،‬الناتجة عن تغيرالظروف التي تم بناء العقد في ظلها‪.713‬‬
‫‪ 710‬بلقاسم زهرة‪ ،‬أثر نظرية الظروف الطارئة على العقود‪ ،‬رسالة ماستر‪ ،‬جامعة أكلي محند أولحاج‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪2-4‬‬
‫‪ 711‬شريف أحمد الطباخ‪ ،‬موسوعة الدفوع المدنية في ضوء القضاء و الفقه‪ :‬الجزء الثاني‪ ،‬شريف أحمد الطباخ‪ ،‬موسوعة الدفوع المدنية‬
‫في ضوء القضاء و الفقه‪ :‬الجزء الثاني‪ ،2042 ،‬ص‪122‬‬
‫‪ 712‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬منشورات الحلبي‪ ،‬ط‪،2042 ،4‬‬
‫ص‪402‬‬
‫‪ 713‬أيمن الدبال‪ ،‬منهج الفقهاء المعاصرين في تناول نظرية الظروف الطارئة (تحليل ونقد)‪ ،‬مجلة جامعة النجاح لألبحاث (العلوم اإلنسانية)‬
‫المجلد ‪ ،2041 ،)4( 22‬ص‪4224‬‬
‫وقيل أيما حالة عامة غير مألوفة وغير طبيعية‪ ،‬أو و اقعة مادية عامة لم تكن في حسبان‬
‫المتعاقدين وقت التعاقد ولم يكن في حسبان المتعاقدين وقت التعاقد ولم يكن في وسعهما‬
‫ترتيب حدوثها بعد التعاقد‪ ،‬ويترتب عليها أن يكون تنفيذ االلتزام التعاقدي مرهقا للمدين بحيث‬
‫يهدده بخسارة فادحة وإن لم يصبح مستحيال‪.714‬‬
‫املحورالثاني‪ :‬الحصاروتطبيق نظرية الظروف الطارئة والقوة القاهرة‬
‫إن الحصار الذي تتعرض له قطر يعتبر قوة قاهرة بحكم كل القوانين‪ ،‬حيث إنه حادث‬
‫ً‬
‫متوقعا حدوثه ويستحيل دفعه ويترتب عليه استحالة تنفيذ التزاماتها املختلفة‪.‬‬ ‫خارجي لم يكن‬
‫والشك أن القوة القاهرة تحول دون إمكانية األفراد أو المؤسسات أو حتى بعض الدول من‬
‫تنفيذ التزاماتها بسبب تلك القوة‪.‬‬
‫وفي حالة أزمة الحصار التي تمر بها دولة قطر‪ ،‬والتي كانت تعقد فيها العديد من العقود‬
‫المدنية بين عدة أطراف سواء على المستوى الوطني أو على المستوى اإلقليمي والدولي‪ ،‬لكن‬
‫الحصارأثر على تنفيذ هذه العقود مما ترك العديد من الخسائرالمالية والمادية‪.‬‬
‫وقد نظم المشرع القطري مفهوم القوة القاهرة في نصوص عديدة في شتى القوانين‪،‬‬
‫وتعرف القوة القاهرة بأنها هي الحادث الذي ال يمكن توقعه‪ 715‬ويستحيل دفعه‪ ،‬وهي صورة من‬
‫صور السبب األجنبي الذي ينفي عالقة السببية بين فعل المدين وبين المرر الذي لحق‬
‫بالمتمرر‪ ،‬وأن القوة القاهرة قد تنشأ كذلك عن فعل الطبيعة كالزالزل والفيمانات‬
‫واألعاصير‪ ،‬وقد تنشأ عن فعل اإلنسان كالحروب والثورات والحصاراالقتصادي‪.716‬‬
‫وتختلف القوة القاهرة عن بعض النظم المتشابهة لها كالحادث الفجائي والظروف الطارئة‬
‫وحالة المرورة‪ ،‬ومن آثار القوة القاهرة أنها قد تؤدي إلى استحالة تنفيذ االلتزامات العقدية‬
‫وبالتالي نفي المسؤولية عن المدين ألنها تقطع عالقة السببية بين فعل المدين وبين المرر‪،‬‬
‫ويظهربوضوح تأثيرالقوة القاهرة على العالقات والعقود الدولية وعقود النقل وعقود األشغال‪.‬‬
‫‪ 714‬محمد عبد الرحيم عنبر‪ ،‬الوجيز في نظرية الظروف الطارئة‪ ،‬مطبعة زهران‪ ،4724 ،‬ص‪47‬‬
‫‪ 715‬أنور العمروسي‪ ،‬الموسوعة الوافية في شرح القانون المدني بمذاهب الفقه و أحكام القضاء الحديثة‪ ،‬دار العدالة‪ ،2042 ،‬ص‪202‬‬
‫‪ 716‬محمد عزمي البكري‪ ،‬موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في القانون المدني الجديد ‪ -‬المجلد الثامن‪ ،‬دار محمود للنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،4‬‬
‫‪ ،2041‬ص‪424‬‬
‫كما نص المشرع القطري على حالة نسبية التنفيذ بمعنى لم يصبح مستحيال حيث يؤكد‬
‫على " ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تنفيذ االلتزام التعاقدي‪ ،‬وإن لم يصبح مستحيال‪ ،‬صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة‬
‫ً‬
‫فادحة‪ ،‬جاز للقاض ي تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد االلتزام المرهق‬
‫ً‬
‫إلى الحد المعقول‪ .‬ويقع باطال كل اتفاق على خالف ذلك"‪.717‬‬
‫ويظهر الحصار كقوة قاهرة من خالل أن فرض حظر على الصادرات من بلد البائع يعتبر‬
‫عائقا عن قيام البائع بتسليم الكمية الكافية للبماعة‪ ،‬وهو ما حدث فعال مع كثير من التجار‬
‫القطريين ونظرائهم في دول الحصار‪ ،‬كذلك رفض مسؤولي الدولة في اإلمارات والسعودية‬
‫والبحرين ومصرالسماح باستيراد البماعة إلى بلد المشتري وهو قطر‪.‬‬
‫كما أن الحصار الذي فرض على قطر لم يكن متوقعا‪ ،‬خصوصا بالنسبة للتجار ورجال‬
‫األعمال الخليجيين وغير الخليجيين وكذلك بالنسبة للمواطنين العاديين‪ ،‬ألنهم من الطبيعي أن‬
‫تقع أزمات ونزاعات بين الدول لكنها تبقى على مستوى القمة أي بين الحكومات كسحب السفراء‬
‫وتعليق بعض النشاطات الدبلوماسية‪ ،‬لكن ليس من المتوقع وال من المستساغ أن تنتقل إلى‬
‫كافة النشاطات االقتصادية واالجتماعية والثقافية والرياضية‪ .‬خصوصا وأن السعودية هي‬
‫المتنفس البري الوحيد لدولة قطر؛ ومن المعلوم ما في هذا اإلجراء من التعنت حيث يصبح نقل‬
‫البمائع جوا مكلف جدا للتجار القطريين ونظرائهم من مختلف الدول؛ فالتكلفة المالية‬
‫الباهظة للنقل الجوي أثرت بشكل كبير على عدم تنفيذ جملة من االلتزامات التعاقدية بين‬
‫المتعاقدين من مختلف الدول ودولة قطر‪.‬‬
‫إن دراسة نظرية القوة القاهرة تفيد في معرفة التأثيرات التي تحدثها على قيام المسؤولية‬
‫المدنية بغية التوفيق بين مصالح الطرف المتسبب في الخطأ والطرف المتمرر ضحية هذا‬
‫الخطـأ‪ ،‬وكذلك في توخي إنتاج أحكام وقرارات قمائية عادلة بين األطراف المتخاصمة‪.‬‬
‫تبين من البحث في نظرية الظروف الطارئة والقوة القاهرة على المكانة التي بدأت تحتلها‬
‫في مختلف التشريعات المدنية الحديثة لعدد من الدول ومنها الدول العربية‪ .‬رغم أن الباحث في‬
‫‪ 717‬المادة ‪ ،444‬الفقرة الثانية من قانون رقم (‪ )22‬لسنة ‪ 2001‬بإصدار القانون المدني‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫األدبيات الكالسيكية يجد صداها يتردد في آراء وبحوث بعض الفقهاء كما كان لها نصيبا ولو‬
‫محتشما في بعض التطبيقات القمائية‪.‬‬
‫ً‬
‫وتتأكد أهمية هذه النظرية وتزداد كلما تقدم الزمن وتبعا للتطورات التي تحصل في‬
‫املجتمعات البشرية والتي تتر افق معها ظروف طارئة غير متوقعة تؤثر بشكل مباشر على التوازن‬
‫االقتصادي للمتعاقدين إلى حد اختالله وبما يؤدي إلى إلحاق الغدرالمادي الجسيم بأحد أطراف‬
‫العملية التعاقدية‪.‬‬
‫وهنا تظهرأهمية نظرية الظروف الطارئة ومعالجاتها العادلة في إعادة التوازن االقتصادي‬
‫ً‬
‫بين طرفي العقد بما ينعكس إيجابيا على المعامالت االقتصادية والتجارية حيث يشعرالمتعاقد‬
‫بالطمأنينة أثناء التعاقد أو خالل تنفيذ العقود‪.‬‬
‫وقد ظهر لنا من خالل البحث أن القانون المدني القطري من بين القوانين المدنية التي‬
‫أخذت بالنظرية وبنص عام فيه‪ ،‬وهذا النص من النظام العام وكل اتفاق يخالف أحكامه هذه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يعد باطال بطالنا مطلقا‪ .‬فإذا اتفق المتعاقدان عند إبرام العقد على إنه إذا أصبح تنفيذ االلتزام‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مرهقا للمدين بسبب ظروف طارئة غير متوقعة فال يجوز ألي منهما أن يلجأ إلى القماء طالبا‬
‫ً‬
‫حمايته كان االتفاق باطال ملخالفته للنظام العام‪.‬‬
‫نايف بن جمعان الجريدان‪ ،‬أحكام العقود المدنية‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬مكتبة القانون‬
‫واالقتصاد‪ ،‬الرياض‪.2792 ،‬‬
‫شمس الدين قاسم الخزاعلة‪ ،‬نطاق سلطان االرادة‪ ،‬دار الكتاب الثقافي‪ ،‬األردن‪.2779 ،‬‬
‫بلقاسم زهرة‪ ،‬أثر نظرية الظروف الطارئة على العقود‪ ،‬رسالة ماستر‪ ،‬جامعة أكلي محند‬
‫أولحاج‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫شريف أحمد الطباخ‪ ،‬موسوعة الدفوع المدنية في ضوء القماء و الفقه‪ :‬الجزء الثاني‪،‬‬
‫شريف أحمد الطباخ‪ ،‬موسوعة الدفوع المدنية في ضوء القماء و الفقه‪ :‬الجزء الثاني‪.2792 ،‬‬
‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬املجلد‬
‫األول‪ ،‬منشورات الحلبي‪ ،‬ط‪.2792 ،1‬‬
‫أيمن الدباغ‪ ،‬منهج الفقهاء المعاصرين في تناول نظرية الظروف الطارئة (تحليل ونقد)‪،‬‬
‫مجلة جامعة النجاح لألبحاث (العلوم اإلنسانية) املجلد ‪.2792 ،)0( 22‬‬
‫أنور العمروس ي‪ ،‬الموسوعة الو افية في شرح القانون المدني بمذاهب الفقه و أحكام‬
‫القماء الحديثة‪ ،‬دارالعدالة‪.2792 ،‬‬
‫محمد عزمي البكري‪ ،‬موسوعة الفقه والقماء والتشريع في القانون المدني الجديد ‪-‬‬
‫املجلد الثامن‪ ،‬دارمحمود للنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.2792 ،9‬‬
‫خصوصية القواعد المسطرية في اثبات جريمة االتجار‬

‫في المخدرات واختصاصها القضائي‬
‫‪Specificity of the rules of procedure in proving the crime of drug‬‬
‫‪trafficking and its jurisdiction‬‬
‫تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الموء على موضوع القواعد المسطرية في إثبات جريمة‬
‫اإلتجار في املخدرات واختصاصها القمائي في القانون الفلسطيني وذلك من خالل التطرق إلى‬
‫التشريعات ذات الصلة بهذه الدراس والتي تتمثل في قرار بقانون رقم (‪ )92‬لسنة ‪ 2792‬المتعلق‬
‫بمكافحة املخدرات والمؤثرات العقلية و قراربقانون رقم (‪ )26‬لسنة ‪ 2792‬المعدل لقراربقانون‬
‫رقم (‪ )92‬لسنة ‪ 2792‬وقانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )1‬لسنة ‪.2779‬‬
‫حيث تم تقسيم الدراسة إلى مبحثين‪ ،‬فتم تناول خصوصية مرحلة جمع اإلستدالالت‬
‫واألدلة في جريمة اإلتجارفي املخدرات وكذلك مرحلة التحقيق االبتدائي أمام النيابة العامة وذلك‬
‫من خالل مقارنة القواعد العامة في قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني مع القرارين بقانون‬
‫السابقين‪ ،‬وكذلك تم دراسة طرق اإلثبات في هذه الجريمة وخصوصيتها وتم تناول بعض وسائل‬
‫اإلثبات واألجهزة المتدخلة في هذه الجريمة سواء تلك القمائية أو المنجزة من قبل األجهزة‬
‫األمنية والموازية المتدخلة فيها وذلك في المبحث األول‪.‬‬
‫أما المبحث الثاني فتم دراسة الجهات القمائية املختصة في مواجهة مرتكبي جريمة‬
‫اإلتجار في املخدرات ومتابعتهم‪ ،‬وتوضيح السياسة الجنائية المتبناه من المشرع الفلسطيني في‬
‫إسناد اإلختصاص القمائي في هذه الجريمة إلى جهة قمائية مختصة مع التطرق إلى القانون‬
‫األردني لبيانأ وجه االختالف والتشابه فيما بينهم‪ ،‬مع التطرق إلى معملة ارتكاب هذه الجريمة في‬
‫أعالي البحارعلى متن السفن األجنبية‪.‬‬
‫على مر التاريخ لوحظ بأن ظاهرة املخدرات ظاهرة متشعبة و ضاربة في املجتمعات منذ‬
‫العصورالقديمة‪ ،‬فمن الشعوب من استخدمتها في التطبيب والعالج وأخرى ذهبت الستخدامها‬
‫في طقوسها الدينية كالصينيين والهنود والسامريين‪.‬‬
‫ومع التطورالعلمي بدأ اإلنسان باستعمال هذه المواد املخدرة ألغراض طبية ‪ ،‬إال أنه وفي‬
‫ظل التطورالتكنولوجي‪ ،‬وبدء خلط المواد املخدرة الطبيعية بمواد كيميائية ‪ ،‬بدأ يتم استعمالها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫من قبل بعض األشخاص من ذوي السلوكيات المنبوذة اجتماعيا وقانونيا في استعماالت‬
‫مخالفة للقانون‪ ،‬ومن هنا بدأ الحديث عن ظاهرة املخدرات كفعل منافي للسلوك عند استهالكها‬
‫والتجارة بها إلى أن بدأ تجريمها في القوانين الوطنية للدول‪.‬‬
‫وأمام التطورات االقتصادية واالجتماعية والتكنولوجية وسهولة تنقل األفراد بين‬

‫الدول‪ ،‬بدأت بعض الدول بزيادة إنتاج املخدرات األمر الذي أدى بدوره إلى اتساع نطاق تداول‬
‫املخدرات والتعامل بها بشكل ممطرد وكبيرفي غيراإلطارالقانوني والمنظم لتداولها و انتاجها‪.‬‬
‫ومن هنا بدأت الدول باتخاذ خطوات فردية في اطار قوانينها الداخلية من أجل محاربة‬
‫جرائم املخدرات واالتجار فيها‪ ،‬فمنها من ذهبت إلصدار قوانين اجرائية وموضوعية خاصة في‬
‫املخدرات كما هو الحال في قانون املخدرات اللبناني‪ ،718‬وبعض آخر نص على بعض القواعد‬
‫اإلجرائية في قوانين املخدرات التي أصدرها وترك األخرى لقوانين االجراءات الجنائية لتحكمه‬
‫كما هو الحال للمشرع الفلسطيني‪.‬‬
‫إال أن هذه الجهود لم تفلح في مكافحة املخدرات بالنظر إلى زيادة اإلتجار غير المشروع‬
‫فيها‪ ،‬األمر الذي استدعى بدء تكاتف الدول والعمل في اطار التعاون الدولي على محاربة هذه‬
‫الجريمة التي أصبحت تسقط أنظمة اقتصادية كبيرة‪ ،‬كما أن بدء ارتباطها بالجريمة المنظمة‬
‫والجرائم االلكترونية واعتمادها عليها بشكل كبير أدى إلى مخاوف دولية حول هذه الجريمة‪719.‬‬
‫فكانت أولى المبادرات في ‪ 91‬يناير‪ 9192‬حيث تم إبرام معاهدة األفيون في أمريكا ‪ ،‬ثم تبعها‬
‫في جنيف التوقيع على مؤتمر األفيون الثاني والبروتوكول الملحق بها في ‪ 91‬فبراير ‪ 9122‬إلى أن‬
‫‪ 718‬قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والسالئف اللبناني رقم ‪ 122‬بتاريخ ‪ 0991-12-01‬المنشور في الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ ،01‬ص‪.929 :‬‬
‫‪2 United Nations Office on Drugs and crime, The Drug Problem And Organized Crime,‬‬
‫‪Illicit Financial Flows, Corruption And Terrorism, World Drug Report, Number 5, 2017,‬‬
‫‪page: 9.‬‬
‫بدأ الحديث عن االتجار غير المشروع في االتفاقية الفريدة للمخدرات في عام ‪ ،9169‬لتتوج هذه‬
‫األعمال الدولية في اتفاقية ( فيينا ) األمم المتحدة لمكافحة اإلتجار غير المشروع باملخدرات‬
‫والمؤثرات العقلية لعام ‪.9122‬‬
‫وقد بدأت أولى املحطات التشريعية في القانون الفلسطيني بخصوص جريمة االتجار في‬
‫املخدرات بقانون العقاقيرالخطرة األردني رقم ( ‪ ) 97‬لسنة ‪ 9122‬إلى أن قامت سلطات االحتالل‬
‫بتعديله بموجب األمر العسكري رقم ( ‪ ) 262‬لعام ‪ ،9102‬أما املحطة الثانية فكانت صدور األمر‬
‫العسكري بشأن العقاقير الخطرة رقم ( ‪ ) 222‬لعام ‪ ،9102‬الذي بقي معموال به إلى حين صدور‬
‫بشأن مكافحة املخدرات والمؤثرات العقلية والذي عدلت‬ ‫قرار بقانون رقم ( ‪ )9‬لسنة ‪7202792‬‬
‫وتممت بعض مواده بقرار بقانون رقم (‪ )26‬لسنة ‪ 2792‬وبقرار بقانون رقم (‪ )21‬لسنة ‪721.2727‬‬
‫وقد تممنت هذه القوانين السابقة العديد من األفعال المكونة لصور جرائم‬
‫املخدرات‪ ،‬بما فيها جريمة اإلتجار في املخدرات وهو " االحتراف في التعامل باملخدرات أو اتخاذ‬
‫الشخص من شراء املخدرات أو بيعها حرفة معتادة له "‪722.‬‬
‫وعملت القوانين السابقة على معالجة هذه الجريمة من خالل القوانين الجنائية‬
‫الخاصة إ لى جانب القوانين الجنائية االجرائية من أجل مكافحتها والحد منها قدراإلمكان‪ ،‬اال أنه‬
‫يوجد الكثيرمن التباين بين هذه القوانين وغيرها محل الدراسة‪.‬‬
‫ولكن‪ ،‬يمكن القول أن المشرع الفلسطيني انتهج سياسة جنائية واضحة في مكافحة‬
‫جرائم املخدرات‪ ،‬وذلك من خالل سياسة جنائية وقوانين صارمة مع مراعاة حقوق االنسان كما‬
‫ً‬
‫هو متعارف عليها دوليا ووفقا لالتفاقيات الدولية في بعض األحيان‪.‬‬
‫ومن هنا عمل المشرع الفلسطيني في قوانينه الجزائية على تنظيم بعض أحكام الجوانب‬
‫اإلجرائية لجريمة اإلتجار في املخدرات‪ ،‬منها األحكام الخاضعة للمبادئ العامة في قانون‬
‫االجراءات الجزائية والبعض اآلخر منها تخمع للقرار بقانون رقم (‪ )92‬لسنة ‪2792‬م بشأن‬
‫‪ 720‬قرار بقانون رقم (‪ )01‬لسنة ‪ 2109‬المتعلق بمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية‪ ،‬منشور بتاريخ ‪ 00‬تشرين‬
‫الثاني ‪ ،2109‬في الجريدة الرسمية عدد ‪ 9‬ممتاز‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪ 721‬قرار بقانون رقم (‪ )21‬لسنة ‪ 2101‬بتعديل قرار بقانون رقم (‪ )01‬لسنة ‪ ،2109‬منشور بتاريخ ‪،2101-12-20‬‬
‫في الجريدة الرسمية عدد ‪ 01‬ممتاز‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ 722‬محمد أوغريس‪ ،‬جرائم المخدرات في التشريع المغربي – دراسة مقارنة ‪ ،-‬ط ‪ ،2‬مطبعة دار القرويين‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،0991 ،‬ص‪.11 ،‬‬
‫مكافحة املخدرات والمؤثرات العقلية وتعديالته وذلك على أساس القاعدة القانونية التي تقض ي‬
‫بأن النص الخاص يطبق قبل النص العام ويقيده‪.‬‬
‫ولهذا خص المشرع الفلسطيني مرحلة جمع االستدالالت المنظمة من قبل مأموري‬

‫المبط القمائي و مرحلة التحقيق من قبل النيابة العامة بخصوصية خاصة‪ ،‬ونص على بعض‬
‫اإلجراءات التي يمكن إعمالها في جريمة اإلتجار والتي قد تكون ماسة بحقوق االنسان وبحرمة‬
‫حياتهم الخاصة‪ ،‬اال أنه للظروف التي ترتكب فيها هذه الجريمة قرر المشرع التخلي عن بعض‬
‫حقوق وحريات األفراد مقابل ضمان عدم ارتكاب هذه الجريمة‪.‬‬
‫كما وتظهربعض أوجه الخصوصية أيما على مستوى وسائل اإلثبات في هذه الجريمة‪ ،‬كما‬
‫هو الحال ان تم إثباتها بمقتض ى محاضر محررة من قبل ممن يحملون صفة المبط القمائي‬
‫وغيرها من وسائل وتقنيات البحث الخاصة كالتقاط المكالمات و االختراق‪.‬‬
‫لما سبق أدخل المشرع الفلسطيني بعض األجهزة التي يمكن اعتبارها أجهزة متدخلة في‬
‫جرائم املخدرات‪ ،‬وذهب إلى إنشاء أجهزة مختصة في مكافحة املخدرات والمؤثرات العقلية منها‬
‫الزجرية ومنها الغيرزجرية ( الموازية )‪.‬‬
‫أما بخصوص االختصاص القمائي في جريمة اإلتجار في املخدرات فبالرغم من أنه ال‬
‫يعرف أية خصوصية ملحوظة في هذه الجريمة‪ ،‬اال أنه بدوره لم يسلم من خروج بعض جوانبه‬
‫عن القواعد العامة لالختصاص القمائي بأنواعه‪ ،‬كما هوالحال على مبدأ اإلقليمية الذي عرف‬
‫بعض االستثناءات بموجب تأثير االتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة ومحاربة اإلتجار غير‬
‫المشروع في املخدرات والمؤثرات العقلية‪.‬‬
‫أهمية الدراسة‬
‫تظهر أهمية هذه الدراسة على المستويين النظري والعملي‪ ،‬حيث تبرز أهميتها على‬
‫المستوى النظري النصبابها للبحث عن سياسة المشرع الفلسطيني في تعامله مع جريمة اإلتجار‬
‫في املخدرات‪ ،‬فهذه الدراسة تعتبرذو راهنية كبيرة في عصرنا الحالي‪ ،‬بالنظرإلى األبعاد االجتماعية‬
‫واالقتصادية والقانونية التي أخذتها هذه الجريمة‪.‬‬
‫وتبرز أهمية الدراسة في توضيح دور األجهزة المتدخلة سواء األمنية أو الموازية في مكافحة‬
‫جريمة اإلتجار في املخدرات‪ ،‬وتحليل فلسفة المشرع الفلسطيني في مكافحة جريمة اإلتجار في‬
‫املخدرات من الناحية اإلجرائية في قراربقانون رقم (‪ )92‬لسنة ‪ 2792‬وتعديالته‬
‫كما تبرز هذه الدراسة اإلشكاليات التي تعرفها جريمة اإلتجار في املخدرات من حيث‬
‫إثباتها‪ ،‬وذلك من خالل االستشهاد باالجتهادات القمائية في جريمة اإلتجار في املخدرات‬
‫والمؤثرات العقلية‪ ،‬وتبقى األهمية األكبرعلى هذا المستوى إبراز الخصوصية التي يمتاز بها قرار‬
‫بقانون رقم (‪ )92‬لسنة ‪ 2792‬وتعديالته في مقابل القواعد اإلجرائية العامة‪.‬‬
‫أما األهمية العملية لهذه الدراسة فتبرزمن خالل االجراءات العملية والو اقعية المتبعة‬
‫من قبل أجهزة العدالة الجنائية جمع االستدالالت و إثبات جريمة اإلتجار في املخدرات وقبض‬
‫مرتكبيها‪ ،‬وكذلك تبرز أيما في األعمال واالجتهادات القمائية في بعض النقاط التي تمتاز‬
‫بخصوصية خاصة أو في بعض األحوال التي يكون فيها اإلجراء المتبع أو المتخذ ماسا بحرية‬
‫وحقوق األفراد وضمانات املحاكمة العادلة‪.‬‬
‫المناهج المستخدمة‬
‫لجأ الباحث في دراسة هذا الموضوع إلى استخدام المنهج التحليلي من أجل تحليل‬
‫النصوص القانونية في قرار بقانون رقم (‪ )92‬لسنة ‪ 2792‬وتعديالته‪ ،‬وكذلك لتبيان ضوابط‬
‫عمل أجهزة العدالة الجنائية وغير الجنائية المتدخلة في جريمة اإلتجار في املخدرات‪ ،‬وتحليل‬
‫االختصاص القمائي للمحاكم في هذه الجرائم كما تم استخدام هذا المنهج متى كان من‬
‫الممكن االعتماد واالسترشاد باألعمال واالجتهادات القمائية في مجال اإلتجارفي املخدرات‪.‬‬
‫اشكالية الدراسة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تعتبرجريمة اإلتجارفي املخدرات من أكثرالجرائم تعقيدا‪ ،‬نظرا لخصوصية وسرية إتمامها‪،‬‬
‫دون علم من أي شخص سوى مرتكبيها‪ ،‬لهذا قامت التشريعات العربية واألجنبية واإلتفاقيات‬
‫الدولية بوضع األسس القانونية اإلجرائية ملحاربة هذه الجريمة‪ ،‬إال أن هذه اإلجراءات الجزائية‬
‫عرفت خصوصية كبيرة تميزها عن اإلجراءات الجزائية المتبعة في جرائم أخرى من قبيل‬
‫التفتيش والحجزوالمصادرة واالختصاص القمائي‪.‬‬
‫ومن خالل ما سبق ذكره نطرح اإلشكالية الرئيسية التي تثار في هذه الدراسة وهي مدى‬
‫فعالية الجوانب اإلجرائية في االستدالل والتحقيق في مواجهة جريمة اإلتجارفي املخدرات‪.‬‬
‫أما االشكاليات الفرعية المنبثقة عنها فهي‪:‬‬
‫‪ -‬إلى أي حد يستطيع المتدخلين في جريمة اإلتجار في املخدرات اتخاذ االجراءات الالزمة‬

‫لكشفها وضبط مرتكبيها ؟‬
‫‪ -‬مدى خصوصية االختصاص القمائي في جريمة اإلتجار في املخدرات على ضوء‬

‫االستثناءات الواردة على إقليمية النص الجنائي ؟‬
‫وسوف نعمل على اإلجابة على هذه اإلشكاليات من خالل تناول إجراءات االستدالل‬
‫والتحقيق في جريمة اإلتجار في املخدرات (المبحث األول)‪ ،‬واالختصاص القمائي في جريمة‬
‫اإلتجارفي املخدرات (المبحث الثاني)‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬إجراءات االستدالل والتحقيق في جريمة اإلتجارفي املخدرات‪.‬‬
‫يقوم اإلثبات الجنائي على مبدأين مهمين هما حرية اإلثبات وعموميته بقصد الحصول على‬
‫الدليل الجنائي‪ 723‬من أجل تبرئة المتهم أوإدانته‪ ،724‬ويعتمد اإلثبات على جمع أكبرعدد من األدلة‬
‫والحجج بقصد تأكيد إحدى الحجج وتدعيمها بأكبرعدد من األدلة سواء تلك المادية أوالتقنية‪،‬‬
‫وذلك باالحتكام إلى قواعد خاصة بجرائم اإلتجار في املخدرات أو من خالل القواعد العامة‬
‫للقوانين وا إلجراءات الجزائية‪ ،‬بحيث يتم تدخل عدد من األجهزة املختصة بمكافحة الجريمة‬
‫بشكل عام أو بتدخل أجهزة مختصة في بعض أنواع الجرائم‪.‬‬
‫وباستقراء بعض القوانين‪ ،‬نرى أن العديد من التشريعات قد قامت بالخروج عن المبادئ‬

‫العامة المتبعة في جميع إجراءات البحث والتحري متى تعلق األمر بجريمة اإلتجار في املخدرات‪،‬‬
‫‪ 723‬يعرف البعض الدليل الجنائي بأنه "معلومة يقبلها المنطق والعقل يتم الحصول عليها بإجراءات قانونية ووسائل‬
‫فنية أو مادية أو قولية‪ ،‬ويمكن استخدامها في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة‪ ،‬إلثبات حقيقة فعل أو شيء‬
‫أو شخص له عالقة بجريمة أو جاني أو مجني عليه"‪.‬‬
‫محمد األمين البشرى‪ ،‬التحقيق في الجرائم المستحدثة‪ ،‬ب ط‪ ،‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،2111 ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ص ‪.221‬‬
‫‪ 724‬سفيان ناصري‪ ،‬األدلة الجنائية المتحصلة بطرق غير مشروعة‪ ،‬رسالة ماستر (منشورة)‪ ،‬جامعة العربي بن‬
‫مهيدي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬أم البواقي‪ ،2100 ،‬ص‪.01‬‬
‫ً‬
‫نظرا لخطورتها على االقتصاد الوطني للدولة و كذلك على سالمة األفراد باعتبارها آفة مجتمعية‬
‫خطيرة‪.‬‬
‫ولهذا األمر خص المشرع الفلسطيني إجراءات البحث والتحري والتدخل في جريمة‬

‫اإلتجار في املخدرات ببعض الخصوصية‪ ،‬وذلك على مستوى البحث والتحقيق فيها (المطلب‬
‫األول)‪ ،‬وعلى مستوى األجهزة المتدخلة في إثباتها و طرق اإلثبات التي تلجأ لها هذه األجهزة لجمع‬
‫األدلة الكافية لإلدانة أو البراءة ( المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬خصوصية االستدالل والتحقيق في جريمة اإلتجارفي املخدرات‪.‬‬
‫يترتب على القيام بأي فعل إجرامي مجموعة إجراءات قانونية ‪ ،‬نص عليها في قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية‪ ،‬في أي مرحلة من مراحل جمع األدلة االستداللي أو التلبس ي‪ ،‬وذلك للتأكد‬
‫من الفعل اإلجرامي واسناده للجاني‪ ،‬إال أنه يوجد بعض الخصوصيات على مستوى بعض‬
‫الجرائم في القوانين الجزائية الفلسطينية‪ ،‬لهذا سوف نتناول في هذا المطلب خصوصيات‬
‫مرحلة البحث والتحري في جريمة اإلتجار في املخدرات من خالل تقسيمه إلى فقرتين‪ ،‬سوف‬
‫نناقش في الفقرة األولى "إجراءات مرحلة جمع االستدالالت في جريمة اإلتجار في املخدرات"‪ ،‬وفي‬
‫الفقرة الثانية "مسطرة التحقيق في جرائم اإلتجارفي املخدرات"‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إجراءات مرحلة جمع االستدالالت في جريمة اإلتجارفي املخدرات‪.‬‬
‫إن أول مرحلة تتم لتحريك الدعوى الجزائية هي جمع األدلة سواء أكانت في مرحلة جمع‬
‫ً‬
‫األدلة االستداللي أو في حالة التلبس وذلك من خالل بعض اإلجراءات المنصوص عليها قانونا‪،‬‬
‫ً‬
‫لذا سوف نتناول التفتيش والحجز(أوال)‪ ،‬وخصوصية حالة التلبس في جرائم املخدرات والوضع‬
‫تحت الحراسة النظرية (ثانيا)‪.‬‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬البحث والتفتيش‪ .‬عرف البعض التفتيش بأنه " اجراء تحقيقي يقوم به موظف‬
‫ً‬
‫مختص للبحث عن أدلة مادية لجناية أو جنحة وذلك في محل خاص أو لدى شخص وفقا ألحكام‬
‫قانونية "‪ ،725‬وقد قامت التشريعات بوضع قيود على القيام بأعمال البحث والتفتيش من قبل‬
‫األجهزة املختصة‪.‬‬
‫‪ 725‬يوسف أديب‪ ،‬النظام القانوني لتفتيش المنازل وإشكاالته‪ ،‬شهادة ماجستير (غير منشورة)‪ ،‬جامعة موالي اسماعيل‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مكناس‪ ،‬المغرب‪ ،2119 ،‬ص ‪.1‬‬
‫وفي هذا اإلطار اعتبر المشرع الفلسطيني أعمال البحث والتفتيش خارجة من إطار أعمال‬
‫مرحلة جمع االستدالالت باعتبارها موجبة للحصول على أمر قمائي من أجل القيام بها‪ ،‬فهي‬
‫تدخل في نطاق مرحلة التحقيق اإلعدادي المنجزمن قبل هيئة قمائية‪ ،‬وذلك في نص المادة ‪11‬‬
‫من قانون االجراءات الجزائية النافذ " دخول المنازل وتفتيشها عمل من أعمال التحقيق ال يتم‬
‫اال بمذكرة من قبل النيابة العامة أو في حمورها‪ ،‬بناء على اتهام موجه إلى شخص يقيم في المنزل‬
‫المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه في ارتكابها‪ ،‬أو لوجود قرائن قوية على أنه‬
‫يحوزأشياء تتعلق بالجريمة "‪.‬‬
‫وفي نفس الوقت تسمح المادة السابقة بندب مأمورالمبط القمائي للقيام بالتفتيش‪ ،‬اال‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أنه يعتبر تفتيشا قمائيا وليس استدالليا‪ ،726‬أما بالنسبة لتفتيش األشخاص فأجاز المشرع‬
‫الفلسطيني التفتيش في حالتين؛ األولى‪ :‬عند القبض على المتهم بارتكاب الجريمة في المادة ‪ 26‬من‬
‫نفس القانون‪ ،‬أما الحالة الثانية‪ :‬فهي التفتيش الوقائي لتجريد المتهم مما قد يحمله من‬
‫أسلحة‪727.‬‬
‫وخص المشرع الفلسطيني إجراءات التفتيش بمجموعة من الممانات والقيود‪ ،‬حيث‬

‫نص في المادة ‪ 21‬من قانون األجراءات الجزائية على ضرورة حمور المتهم أو حائز المنزل‪ ،‬وإن‬
‫تعذرحموره فيتم إجرائه بحمورشاهدين من أقاربه أوجيرانه مع التدوين في محمرالتفتيش‪،‬‬
‫ونصت المادة ‪ 29‬على أوقات التفتيش التي أوجبت أن تكون نهارا وال يجوز القيام بإجراءات‬
‫التفتيش ليال عدا في حاالت التلبس أو االستعجال‪ 728.‬أما تفتيش األشخاص فنص المشرع‬
‫الفلسطيني في القرار بقانون رقم (‪ )92‬لسنة ‪ 2792‬وتعديالته في المادة ‪ 27‬منه على تقنيات‬
‫الفحص الطبي التي تسمح بإجراء فحص طبي لجسم المشتبه فيه بعد الحصول على إذن من‬
‫النيابة العامة‪ ،‬وذلك إن تو افرت دالئل جدية على أن الشخص ينقل مواد مخدرة في أعماء‬
‫جسمه أو قام بابتالعها أوتعاطيها‪ 729.‬لكن يبقى اإلشكال المطروح هل احترم المشرع الفلسيطيني‬
‫‪ 726‬محمد مصطفى علي غانم‪ ،‬تفتيش المسكن في قانون االجراءات الجزائية الفلسطيني – دراسة مقارنة ‪،-‬رسالة‬
‫ماجستير (منشورة) جامعة النجاح‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬نابلس‪ ،‬فلسطين‪ ،2111 ،‬ص ‪.12–11‬‬
‫‪ 727‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،0991 ،‬ص ‪.192‬‬
‫‪ 728‬يحيى عيادة عودة الكردي‪ ،‬جرائم المخدرات وسبل مكافحتها في التشريع الفلسطيني – دراسة مقارنة ‪ ،-‬رسالة‬
‫ماستر (منشورة)‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬كلية الدراسات العلية‪ ،‬نابلس‪ ،‬فلسطين‪ ،2101 ،‬ص ‪ 19‬و ‪.011‬‬
‫‪ 729‬المادة ‪ 11‬من قرار بقانون رقم (‪ )01‬لسنة ‪.2109‬‬
‫الممانات القانونية والقيود المنصوص عليها في قانون االجراءات الجزائية في مرحلة جمع‬
‫االستدالالت بخصوص جريمة اإلتجارفي املخدرات ؟‬
‫وباستقراء نصوص القانون الفلسطيني المتعلق بجرائم املخدرات والمؤثرات العقلية نرى‬
‫أن القرار بقانون رقم (‪ )92‬لسنة ‪ 2792‬وتعديالته لم ينص على أي مقتض ى قانوني خاص بشأن‬
‫عملية البحث عن األدلة وجمعها‪ ،‬أي أن عملية جمع االستدالالت تخمع للقواعد العامة‬
‫المنصوص عليها في قانون اإلجراءات الجزائية ‪ ،‬عدا ما ورد في نص المادة ‪ 27‬والتي تطرح إشكالية‬
‫حق اإلنسان في السالمة الجسدية وضمان عدم االعتداء عليه بالرغم من نص المادة السابقة‬
‫على جواز إجراء تقنية الفحص الطبي على المشتبه فيه‪ ،‬وكذلك إسناده مهمة البحث والتحري‬
‫في عملية التفتيش عن األدلة إلى جهازخاص وهوإدارة مكافحة املخدرات والذي أسند له القانون‬
‫السابق الصفة المبطية في عمليات جمع االستدالالت بخصوص إحدى جرائم املخدرات‪730.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬خصوصية حالة التلبس في جريمة اإلتجار في املخدرات و الوضع تحت الحراسة‬
‫النظرية‪.‬‬
‫‪ )9‬التلبس في جريمة االتجارفي املخدرات‪.‬‬
‫يعتبرالتلبس بالجريمة حالة ممتازة ودليل مادي على مخالفة المشتبه به للقانون‪ ،‬األمر‬
‫الذي يتطلب تدخل سريع في اإلجراءات الجنائية لجمع األدلة والقيام بما هو ضروري من أجل‬
‫منع اندثارها‪ ،731‬وقد أسند قانون اإلجراءات الجزائية مهمة جمع االستدالالت في حالة البحث‬
‫التلبس ي إلى مأموري المبط القمائي بموجب المادة ‪ 20‬حيث نصت على قيامهم باالنتقال إلى‬
‫مكان الجريمة على وجه الفورمتى تعلق األمربجناية أو جنحة متلبس بها‪ ،‬ومعاينة مكان الجريمة‬
‫وسماع أقوال الحمور و اتخاذ اإلجراءات الالزمة لمنع ضياع األدلة‪ ،‬إال أنهم يمارسون مهمتهم‬
‫تحت رقابة وإشراف النيابة العامة وذلك بموجب المادة ‪ 91‬من القانون السابق‪732.‬‬
‫‪ 730‬المادة ‪ 00‬من القرار بقانون رقم (‪ )01‬لسنة ‪.2109‬‬

‫‪ 731‬أحمد قليش ومؤلفون آخرون‪ ،‬الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية‪ ،‬ط‪ ،2‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،2102 ،‬ص‬
‫‪.21‬‬
‫‪ 732‬نصت التشريعات اآلتية على حاالت التلبس في المواد التالية‪ - :‬قانون المسطرة الجنائية المغربي في المادة ‪،91‬‬
‫‪ -‬قانون اإلجراءات الجنائية المصري في المادة ‪- ،21‬قانون المسطرة الجنائية الفرنسي في المادة ‪ ،10‬وكافة القوانين‬
‫ذات ذات األربع حاالت لتحقق حالة التلبس‪ ،‬وأيضا ً قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني في المادة ‪ 21‬ولكنه لم‬
‫يضف الحالة الرابعة وهي التماس مالك المنزل من النيابة العامة معاينة الجريمة المرتكبة بداخله‪.‬‬
‫أما بخصوص التلبس في جرائم االتجار في املخدرات بشكل خاص فسوف أقوم بإظهارها‬
‫من خالل حاالت التلبس على اعتبار نص التشريعات المقارنة على نفس حاالت التلبس‪ ،‬وذلك‬
‫من أجل تبيان مدى إمكانية قيامها في حالة تلبسية‪.‬‬
‫‪ -‬الحالة األولى‪ :‬إنجاز الفعل أو على أثر إنجازه‪ :‬تتم في جرائم اإلتجار في املخدرات كمشاهدة‬
‫عمو المابطة القمائية للمتهم عند شحنه للمخدرات من مكان معين و إفراغها في آخر‪ ،‬أو‬
‫كأن يحمرعند تأهب المتهم لمغادرة مكان إفراغ املخدرات‪ 733،‬ويشترط هنا أن يكون المتهم‬
‫حائزا للمخدرات‪734.‬‬
‫‪ -‬الحالة الثانية‪ :‬أن يكون الفاعل ما زال مطاردا بصياح الجمهور على إثر ارتكابها‪ :‬من األمثلة‬
‫في هذه الحالة هو مطاردة أهالي الحي لمتهم باإلتجار في املخدرات من أجل بيعه املخدرات‬
‫ألطفال الحي‪ ،‬ولذا ال بد من الحذر في هذه الحالة ألن الفرار قد يكون نتيجة للخوف وليس‬
‫نتيجة الرتكاب جريمة االتجار في املخدرات‪735.‬‬
‫‪ -‬الحالة الثالثة‪ :‬ضبط الجاني بعد وقوع الجريمة بوقت قصير يحمل أدوات تدل على ارتكابها‬
‫أو أنه كان مشاركا فيها‪ :‬من حاالت قيام هذه الحالة هو أن يقوم ضابط الشرطة القمائية‬
‫بإيقاف أحد األشخاص المتهمين باإلتجارفي املخدرات وبجوزته مبالغ مالية تفوح منها رائحة‬
‫املخدرات‪ ،‬ولكن يبقى الشرط في هذه الحالة أن تكون الدالئل قوية على ارتكاب أو مشاركة‬
‫المشتبه فيه بارتكاب الجريمة‪736.‬‬
‫‪ -‬الحالة الرابعة‪ :‬هي طلب صاحب المنزل من النيابة العامة أو المتمتعين بالصفة المبطية‬
‫في البحث عن الجرائم بالتحقق من وقوع جريمة داخل منزله‪ ،‬كأن يقوم صاحب المنزل‬
‫باكتشاف كمية كبيرة من املخدرات مخبأة في حظيرة منزله‪ ،‬فيقوم بإخبارمن سبقوه على وجه‬
‫الحال‪.‬‬
‫‪ 733‬المعطي الجبوجي‪ ،‬مكافحة المخدرات في التشريع المغربي بين النص والتطبيق‪ ،‬ط‪ ،0‬المطبعة السريعة‪ ،‬القنيطرة‪،‬‬
‫‪ ،2101‬ص ‪.99–91‬‬
‫‪ 734‬محمد أوغريس‪ ،‬جرائم المخدرات في التشريع المغربي – دراسة مقارنة ‪ ،-‬م س‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫انظر القرار رقم ‪ 2109/219‬الصادر بتاريخ ‪ ،2109/12/ 9‬الصادر عن محكمة النقض الفلسطينية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫منشور في‪/https://maqam.najah.edu/judgments/4610 :‬‬
‫‪ 735‬زكرياء حساني‪ ،‬سياسة التجريم والعقاب في قانون زجر اإلدمان على المخدرات السامة ووقاية المدمنين على هذه‬
‫المخدرات – دراسة ظهير ‪ 20‬ماي ‪ ،- 0921‬م س‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 736‬المعطي الجبوجي‪ ،‬مكافحة المخدرات في التشريع المغربي بين النص والتطبيق‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫وال بد أن تكون المشاهدة من قبل أجهزة العدالة الجنائية ذوي الصفة المبطية في‬
‫التثبت من وقوع الجرائم‪ ،‬أما إن حصلت وأخبر بها من قبل أحد األشخاص‪ ،‬فال تقوم حالة‬
‫التلبس إال عند انتقال حامل الصفة المبطية إلى مكان الجريمة للتثبت من وقوعها‪ 737.‬في النهاية‬
‫يتبين لنا بأن حالة التلبس في جرائم االتجار في املخدرات ال بد أن تكون متواجدة وذلك من أجل‬
‫ضبط الدليل الذي يدين المتهم وهو الصلة المادية ما بينه وبين كمية املخدرات الممبوطة‪.‬‬
‫‪ )2‬القبض في جريمة االتجارفي املخدرات‪.‬‬
‫يعتبر إجراء القبض إجراء ماس في حرية اإلنسان كونها تقيد منها‪ ،‬واختلفت التشريعات‬
‫المقارنة في تناولها له وكذلك في الممانات المعطاة للمشتبه فيه عند تعلقها بإحدى جرائم‬
‫املخدرات‪.‬‬
‫وقد ذهب المشرع الفلسطيني في قانون اإلجراءات الجزائية على أن مدة القبض‪ ،‬ال يمكن‬
‫أن تتجاوز مدة ‪ 22‬ساعة وعلى وجوب قيام مأمور المبط القمائي بتسليمه إلى النيابة العامة‬
‫ً‬
‫داخل هذه المدة إن لم يجد ما يبرر ابقاءه مقبوضا عليه يقوم بإطالق سراحه‪ ،738‬وله الحق في‬
‫إلقاء القبض على المشتبه فيهم متى توفرت إحدى حاالت التلبس في الجنايات أو الجنح وذلك‬
‫بمقتض ى المادة ‪ 17‬من نفس القانون وإن كان هذا القبض بال مذكرة‪ ،‬لكن مع شريطة التقيد‬
‫بنص المادة ‪ 12‬من قانون اإلجراءات الجزائية ‪ 739،‬ولم يخرج المشرع الفلسطيني عن هذه‬
‫القواعد العامة في قانون مكافحة املخدرات بل اكتفى بالقواعد العامة المنصوص عليها في قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية ‪.‬‬
‫ويالحظ أن المشرع الفلسطيني قد أخذ بنهج المشرع المصري في نص المادة ‪ 16‬من‬

‫قانون اإلجراءات الجزائية المصري‪ ،‬وذلك حول مدة القبض على المتهم الذي قيدها بأال تتجاوز‬
‫مدة ‪ 22‬ساعة وضرورة إحالة الشخص المتلبس في الجريمة على النيابة العامة خالل هذه المدة‪،‬‬
‫‪ 737‬المعطي الجبوجي‪ ،‬مكافحة المخدرات في التشريع المغربي بين النص والتطبيق‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ 738‬المادة ‪ 21‬من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني‪.‬‬
‫‪ 739‬مصطفى عبد الباقي‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ‪ 2‬لسنة ‪ – 2112‬دراسة مقارنة ‪ ،-‬ب ط‪،،‬‬
‫وحدة البحث العلمي والنشر‪ ،‬بيرزيت‪ ،2109 ،‬ص ‪.212‬‬
‫أما في غير حالة التلبس فال بد من أن يكون إذن القبض كتابي من النيابة العامة حسب المادة‬
‫‪ 12‬من قانون اإلجراءات الجزائية المصري‪740.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مسطرة التحقيق في جرائم اإلتجارفي املخدرات‪.‬‬
‫مرحلة قمائية بامتياز‪ ،‬وتقوم فلسفتها على جمع‬ ‫اإلبتدائي‪741‬‬ ‫تعتبر مرحلة التحقيق‬
‫المعلومات وظروف ارتكابها من خالل القيام بمجموعة من التحريات من أجل المساعدة على‬
‫إدانة المتهم أو تبرئته‪ ،742‬وقد أسند المشرع الفلسطيني التحقيق كقاعدة عامة‪ 743‬إلى النيابة‬
‫العامة أي أنها تجمع ما بين سلطتي االتهام والتحقيق‪ ،‬وقد نص قانون اإلجراءات الجزائية على‬
‫وجوبية التحقيق في الجنح والجنايات التي تزيد فيها مدة الحبس عن ستة أشهر‪ 744،‬أما بالنسبة‬
‫لمدد الحبس االحتياطي فقد تنوعت بحسب المصدرلقرارالحبس االحتياطي‪ ،‬حيث أعطى وكيل‬
‫النيابة العامة صالحية التوقيف لمدة ‪ 22‬ساعة‪ ،‬وقاض ي الصلح يمكن له تمديد التوقيف بطلب‬
‫من النيابة العامة لمدة ‪ 92‬يوما قابلة للتجديد على أال تتجاوز مدة ‪ 22‬يوما‪ ،‬ويمكن لقاض ي‬
‫محكمة البداية أن يقوم بتمديد مدة التوقيف بطلب من النائب العام‪ ،‬شريطة أال تتجاوز مدة‬
‫التوقيف ‪ 22‬يوما‪.‬‬
‫وفي حالة ما اقتمت طبيعة الجريمة وخطورتها أن تزيد مدة التوقيف عن ثالثة أشهر‬
‫يجب أن تقوم النيابة العامة بعرض المتهم على املحكمة املختصة‪ ،‬وال يمكن أن تزيد مدد‬
‫التوقيف عن مدة العقوبة المقررة للجريمة‪ 745،‬والتحقيق االبتدائي بالنسبة لجرائم االتجار في‬
‫‪ 740‬أشرف توفيق شمس الدين‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجنائية (الجزء األول‪ :‬مرحلة ما قبل المحاكمة)‪ ،‬م س‪ ،‬ص‬
‫‪.021 – 019‬‬
‫‪ 741‬تسمى مرحلة التحقيق اإلبتدائي في قانون اإلجراءات الفلسطيني بمرحلة التحقيق اإلبتدائي بموجب المادة ‪99‬‬
‫لتمييزه عن مرحلة التحقيق األولي (مرحلة جمع االستدالالت)‪.‬‬
‫مصطفى عبد الباقي‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ‪ 2‬لسنة ‪ – 2112‬دراسة مقارنة ‪،-‬‬ ‫‪-‬‬
‫م س‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ 742‬أحمد قليش ومؤلفون آخرون‪ ،‬الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.021‬‬
‫‪ 743‬من الدول التي أسندت سلطة التحقيق إلى مؤسسة قاضي التحقيق القانون المغربي والقانون الفرنسي‪ ،‬أما الدول‬
‫التي أسندتها إلى النيابة العامة مثل القانون الفلسطيني واأللماني‪.‬‬
‫مصطفى عبد الباقي‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ‪ 2‬لسنة ‪ – 2112‬دراسة مقارنة‪ ،‬م‬ ‫‪-‬‬
‫س ‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ 744‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 20‬من قانون االجراءات الجزائية الفلسطيني‪.‬‬
‫املخدرات في التشريع الفلسطيني يعرف حالتين بالنظر إلى التقسيم السياس ي لدولة فلسطين ما‬
‫بين الصفة الغربية وقطاع غزة‪.‬‬
‫فبالنسبة للتحقيق االبتدائي في جرائم االتجار في املخدرات في المفة الغربية نرى أن‬
‫القرار بقانون رقم (‪ )92‬لسنة ‪ 2792‬وتعديالته ال يوجد فيه أي مقتض ى ينص على خصوصية‬
‫تنفرد بها مرحلة التحقيق االبتدائي في جريمة اإلتجارفي املخدرات‪.‬‬
‫ولهذا يتم الرجوع إلى ما هو منصوص عليه في قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬بحيث‬
‫تخمع مدد التوقيف وضمانات املحبوس احتياطيا واإلجراءات المنصبة على األشخاص‬
‫واألشياء إلى المواد المنظمة للتحقيق االبتدائي والتوقيف‪ ،‬وتكون النيابة العامة هي السلطة‬
‫املختصة بالتحقيق في جريمة اإلتجار باملخدرات وفق المادة ‪ 22‬التي أسندت مهمة التحقيق‬
‫االبتدائي إلى النيابة العامة‪ 746،‬كما ال يجوزأن يتم االستجواب في جرائم تجارة املخدرات من قبل‬
‫مأموري المابطة القمائية بموجب انتداب قمائي كون أن االستجواب في الجنايات من‬
‫اختصاص النيابة العامة فقط‪ ،‬وبموجب المادة ‪ 29‬من قانون املخدرات الفلسطيني تعتبرجريمة‬
‫االتجارفي املخدرات جناية‪.‬‬
‫أما جرائم االتجار في املخدرات في قطاع غزة فهي من اختصاص املحاكم العسكرية‪،‬‬
‫ويتم التحقيق فيها من طرف النيابة العامة العسكرية‪ ،‬ذلك بموجب قراراملجلس التشريعي بغزة‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 2790-92-20‬م على اعتبار أن جرائم االتجار باملخدرات جرائم قومية ‪ ،‬وكذلك‬
‫ً‬
‫استنادا إلى قرار وكيل وزارة الداخلية بغزة بإحالة قمايا جلب املخدرات عبر الحدود إلى هيئة‬
‫القماء العسكري‪747.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصوصية اإلثبات في جريمة اإلتجار في املخدرات واألجهزة المتدخلة في‬
‫إثباتها‪.‬‬
‫‪ 746‬المادة ‪ 99‬من قانون االجراءات الجزائية الفلسطيني ‪ )0 ":‬تختص النيابة العامة دون غيرها بالتحقيق في الجرائم‬
‫والتصرف فيها‪ )2.‬للنائب العام أو وكيل النيابة العامة المختص تفويض أحد أعضاء الضبط القضائي المختص بالقيام‬
‫بأي من أعمال التحقيق في دعوى محددة‪ ،‬وذلك عدا استجواب المتهم في مواد الجنايات‪ )2 .‬ال يجوز أن يكون التفويض‬
‫عاماً‪ )1 .‬يتمتع المفوض في حدود تفويضه بجميع السلطات المخولة لوكيل النيابة"‪.‬‬
‫‪ 747‬محمد فراونة‪ ،‬ضمانات استجواب المتهم في التحقيق االبتدائي ( دراسة مقارنة في التشريع الفلسطيني والشريعة‬
‫االسالمية)‪ ،‬رسالة ماستر (منشورة)‪ ،‬الجامعة االسالمية ‪ ،‬كلية الشريعة والقانون‪ ،‬غزة‪ ،‬فلسطين‪ ،2101 ،‬ص ‪19‬‬
‫و‪.12‬‬
‫تقوم بعض التشريعات في قوانينها الجنائية أو في بعض القوانين الخاصة بالتنصيص‬

‫على األجهزة التي تقوم بالتحري عن الجرائم و إثباتها‪ ،‬وفي بعض األحيان تقوم بإسناد هذه المهام‬
‫إلى أجهزة تختص فقط في نوع معين من الجرائم كما هو الحال بالنسبة لجرائم املخدرات‬
‫واإلتجار بها في بعض الدول‪ ،‬كما أنها قد تقوم بوضع بعض طرق اإلثبات الخاصة في جريمة‬
‫اإلتجارفي املخدرات بالنظرإلى خطورتها‪ ،‬لذلك سوف نتطرق في هذا المطلب إلى أجهزة العدالة‬
‫الجنائية المتدخلة في جريمة االتجار في املخدرات (الفقرة األولى)‪ ،‬ليتم من بعد مناقشة‬
‫الخصوصية التي تعتري وسائل االثبات التي تتبعها هذه األجهزة من أجل إثبات الفعل الجرمي في‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أجهزة العدالة الجنائية المتدخلة‪.‬‬
‫بالنظر لما تعكسه جريمة اإلتجار في املخدرات من انعكاسات سلبية وخطيرة على‬
‫املجتمع الدولي والوطني دأبت الدول على وضع استراتيجيات وسياسات جنائية خاصة في‬
‫مكافحة جريمة االتجار في املخدرات‪ ،‬وقامت بتوكيل مهمة مكافحة هذه الجريمة من الناحية‬
‫العملية واألمنية إلى أجهزة أمنية خاصة في التصدي للجريمة‪ ،‬إال أن التباين بين الدول يظهر في‬
‫طبيعة األجهزة الجنائية المتدخلة في مكافحة هذه الجريمة‪ ،‬فمن الدول من أسندت االختصاص‬
‫إلى األجهزة األمنية العادية‪ ،‬ودول أخرى قامت بإعطاء االختصاص إلى أجهزة مختصة في مكافحة‬
‫املخدرات والمؤثرات العقلية – فلسطين نموذجا – ‪ ،‬إال أن هذا لم يمنع من وضع أجهزة موازية‬
‫لمكافحة املخدرات إلى جانب األجهزة الزجرية‪ ،‬لذلك سوف أناقش األجهزة ذات الطابع الزجري (‬
‫أوال )‪ ،‬و األجهزة الموازية لألجهزة ذات الطابع الزجري في مكافحة املخدرات ( ثانيا )‪.‬‬
‫أوال‪ :‬األجهزة ذات الطابع الزجري‪.‬‬
‫أحدثت دولة فلسطين اإلدارة العامة لمكافحة املخدرات في عام ‪ 9112‬بموجب مرسوم‬
‫رئاس ي‪ ،‬وألحقته كأحد اإلدارات التابعة للشرطة الفلسطينية‪ ،‬ويتبع في تنظيمه القانوني إلى قرار‬
‫بقانون رقم (‪ )21‬لسنة ‪ 2790‬بشأن الشرطة‪ ،‬ويمكن أن نلخص مهامها بموجب المادة ‪ 97‬من‬
‫قانون مكافحة املخدرات والمؤثرات العقلية الفلسطيني بالمهام التالية ‪:‬‬
‫‪ )9‬وضع الخطط الكفيلة بمكافحة جرائم تهريب المواد املخدرة وأي شكل للتعامل فيها‪.‬‬
‫‪ )2‬التبادل المعلوماتي على المستوى اإلقليمي والدولي لإلمساك بتجاراملخدرات‪.‬‬
‫‪ )1‬مسك سجالت خاصة للمشتبه فيهم بما يممن فعالية وسرعة مالحقتهم لتقديمهم إلى‬
‫العدالة‪.‬‬
‫‪ )2‬المتابعة مع المعابر والحدود في اإلبالغ عن أي شخص يكون اسمه مدرج في قائمة تجار‬
‫املخدرات لتسهيل مر اقبة تحركاتهم‪.‬‬
‫‪ )2‬القيام بأعمال التسجيل الجنائي الخاصة باألشخاص المتعاملين في مجاالت ( التهريب‪،‬‬

‫االتجار‪ ،‬الزراعة‪ ،‬اإلنتاج‪ ،‬الترويج‪ ،‬التعاطي)‪.‬‬
‫‪ )6‬االتصال بالهيئات األجنبية والدولية في كل ما تستلزمه إجراءات مكافحة املخدرات‬

‫بالتعاون مع المكتب المركزي للشرطة الجنائية الدولية وبرنامج األمم المتحدة لمكافحة‬
‫املخدرات‪.‬‬
‫اإلشراف على عالج المدمنين بالمصحات العالجية‪748.‬‬ ‫‪)0‬‬
‫ثانيا‪ :‬األجهزة الموازية لألجهزة الزجرية في مكافحة اإلتجارفي املخدرات‪.‬‬
‫إيمانا من الدول بمرورة التعاون والتكاثف الدولي من أجل محاربة األشكال المتطورة‬
‫والحديثة من الجرائم ال سيما جريمة االتجار في املخدرات‪ ،‬عملت الدول على االلتزام بما جاءت‬
‫به االتفاقيات والمعاهدات الدولية المعنية بهذا املجال‪ ،‬ومن هنا أحدث بعمت األجهزة‬
‫الموازية ألجهزة األمن التي تساعد في مكافحة جريمة اإلتجار في املخدرات‪749.‬‬
‫فأصدرالرئيس الفلسطيني الراحل ياسرعرفات " أبو عمار" المرسوم الرئاس ي رقم ‪ 1‬لسنة‬
‫‪ 9111‬بشأن إنشاء اللجنة الوطنية العليا للوقاية من املخدرات‪ ،‬إال أنها أثبتت فشلها كجهاز‬
‫موازي إلى جانب اإلدارة العامة لمكافحة املخدرات‪ ،‬وهو األمر الذي أدى إلى حلها قبل صدور‬
‫ي رقم ‪ 19‬لعام ‪ 2772‬إلعادة تشكيل هذه اللجنة‪750.‬‬ ‫مرسوم رئاس‬
‫‪ 748‬المكتب االعالمي‪ ،‬مكافحة المخدرات‪ 01:11 ( 2109-19-11 ،‬صباحا )‪ 2:29 ( 2121-12-10 ،‬مساء )‪،‬‬
‫من‪http://www.police.ps/ar/include/plugins/article/article.php?action=s&id=498 :‬‬
‫‪ 749‬جعفر العلوي‪ ،‬السياسة الجنائية في ميدان مكافحة جرائم المخدرات‪ ،‬مجلة القانون واالقتصاد‪ ،‬عدد ‪،0991 ،1‬‬
‫ص ‪.92‬‬
‫‪ 750‬يحيى عيادة كردي‪ ،‬ورقة بحثية حول التشريعات الفلسطينية لمكافحة المخدرات‪ ،‬إدارة مكافحة المخدرات‪ ،‬نابلس‪،‬‬
‫‪ ،2101‬ص ‪ 2‬و‪.2‬‬
‫وبالرجوع للمرسوم المؤسس لهذه اللجنة نرى أنها تتبع لدولة رئيس الوزراء‪ ،‬بحسب‬
‫المادة ‪ 9‬والتي نصت أي ما على أعماء هذه اللجنة‪ ،‬أما المادة الثالثة فقد أناطت بهذه اللجنة‬
‫مهمة الحد من انتشار آفة املخدرات والعمل على الوقاية منها من خالل تقديم مشاريع قوانين‪،‬‬
‫والقيام بإعداد األبحاث والدراسات حول مخاطر وأضرار املخدرات‪ ،‬ووضع خطة وطنية شاملة‬
‫للسيطرة على كل العقاقيراملخدرة وتنفيذ اتفاقيات األمم المتحدة المعنية باملخدرات والمؤثرات‬
‫العقلية لعام ‪ 9169‬و ‪ 9109‬و ‪ ،9122‬وغيرها من المهام األخرى التي لها عالقة بمكافحة جرائم‬
‫املخدرات واالتجار بها‪751.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬خصوصية وسائل االثبات في جريمة االتجارفي املخدرات‪.‬‬
‫عادة ما تنصب وسائل إثبات جريمة ما على الوقعة اإلجرامية نفسها‪ ،‬وفي بعض األحيان‬
‫على و اقعة أخرى لها صلة قوية في الجريمة المرتكبة‪ ،‬وقد أخذ المشرع الفلسطيني بحرية‬
‫اإلثبات في نص المادة ‪ 9/276‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪.752‬‬
‫وتعد السمة األساسية لجرائم املخدرات بشكل عام تنوع وسائل اإلثبات باعتبارها‬
‫جرائم ماسة بسالمة الفرد من الناحية الجسدية والعقلية‪ ،‬وكذلك خطرها على االقتصاد‬
‫الوطني بالنظرإلى تكريسها لالقتصاد الخفي‪ 753،‬ولذلك سوف نقوم بإظهارمدى خصوصية هذه‬
‫الوسائل مع الوقوف على السياسة التشريعية في إقرارها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬وسائل اإلثبات المادية‪.‬‬
‫تتنوع وسائل اإلثبات التقليدية في جرائم اإلتجار في املخدرات ما بين محاضر األجهزة‬
‫المتدخلة في قمايا املخدرات و شهادة الشهود والمواجهة والخبرة‪ ،‬إال أننا سوف نقتصر على‬
‫محاضراألجهزة المتدخلة في قمايا املخدرات وشهادة الشهود‪.‬‬
‫‪ )9‬محاضرذوي الصفة المبطية والمابطة الجمركية‪.‬‬
‫‪ 751‬المادة ‪ 2‬من المرسوم الرئاسي الفلسطيني رقم (‪ )2‬لعام ‪ 0999‬المتعلق بإنشاء اللجنة الوطنية العليا لمكافحة‬
‫المخدرات‪.‬‬
‫‪ 752‬المادة ‪ 0/211‬من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني ‪ ":‬تقام البينة في الدعاوى الجزائية بجميع طرق اإلثبات‬
‫إال إذا نص القانون على طريقة معينة لإلثبات "‪.‬‬
‫‪ 753‬عبد السالم بنسليمان‪ ،‬السياسة الجنائية في مواجهة المخدرات على المستويين الدولي والوطني – دراسة تأصيلية‬
‫مقارنة ‪ ،-‬اطروحة دكتوراه (غير منشورة)‪ ،‬جامعة محمد الخامس – أكدال‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالجتماعية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬الرباط‪ ،‬المغرب‪ ،2110،‬ص‪.291‬‬
‫بالرجوع لقرار بقانون رقم (‪ )92‬لسنة ‪ 2792‬وتعديالته نرى أن التكييف القانوني لعقوبة‬
‫جريمة اإلتجار هي عقوبة سجنية مما يعني أنه ال حجية للمحاضر التي تنجزها المابطة‬
‫القمائية‪ ،‬بل يمكن االستئناس بها من قبل املحكمة فحسب وذلك بموجب المادة ‪ 220‬التي‬
‫نصت على ‪ ":‬اإلفادة التي يؤديها المتهم أمام مأموري المبط القمائي‪ ،‬ويعترف فيها بارتكابه‬
‫الجريمة تقبل إذا قدمت النيابة العامة بينة على الظروف التي أديت فيها‪ ،‬و اقتنعت املحكمة بأنها‬
‫طوعا واختيارًا "‪ ،‬كون أن محاضر المابطة القمائية تكون لها حجة في الجنح فقط‪754.‬‬ ‫ً‬
‫أخذت‬
‫أي أن هذه املحاضر ذو حجية نسبية‪ ،‬فالنيابة العامة أو املحكمة تأخذ بها من باب‬
‫الفلسطيني‪755،‬‬ ‫المعلومات لالستئناس بها فقط وهي األصل في املحاضر الجنائية في التشريع‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن القانون بقرار الفلسطيني المتعلق باملخدرات والمؤثرات العقلية قام‬
‫بإعطاء أعوان المابطة الجمركية الصفة المبطية‪ ،‬األمر الذي يكرس من الحجية المطلقة‬
‫ملحاضر هذه اإلدارة‪756.‬‬
‫‪ )2‬شهاد الشهود‪.‬‬
‫تعتبر شهادة الشهود من أهم الوسائل التي تعمل على إثبات أو نفي الجريمة عن المتهم‪،‬‬
‫وعرفتها محكمة النقض على أنها " أن كل ما يقرره الشخص مما يكون قد سمعه أو أدركه بحاسة‬
‫من حواسه هي شهادة "‪ ،757‬وقد نظم قانون االجراءات الجزائية الفلسطيني سماع شهادة‬
‫ً‬
‫الشهود ابتداءا من المادة ‪ 229‬من قانون الجراءات الجزائية والتي تناولت حاالت السماح‬
‫واالعفاء من سماع الشهادة والشروط الشكلية لقبلوها ومتى تكون لها حجية على اإلدانة‪.‬‬
‫وقد خول قانون اإلجراءات الجزائية سلطة تقديرية واسعة في استماعه ألي شخص قد‬
‫تكون شهادته مفيدة لكشف الحقيقة‪ ،758‬وتجدراإلشارة إلى أن قراربقانون الفلسطيني المتعلق‬

‫‪ 755‬مفيد زريقات‪ ،‬محاضر الضابطة القضائية ‪ -‬دراسة مقارنة ‪ ،-‬رسالة ماستر (منشورة)‪ ،‬جامعة القدس‪ ،‬كلية‬
‫الدراسات العليا‪ ،‬القدس‪ ،‬فلسطين‪ ،2101 ،‬ص ‪.022‬‬
‫‪ 756‬المادة ‪ 02‬من قانون بقرار رقم ‪ 01‬لسنة ‪ 2109‬بشأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية‪.‬‬
‫‪ 757‬أحمد ابراهيم سيد‪ ،‬مبادئ محكمة النقض في االثبات الجنائي‪ ،‬ب ط‪ ،‬مطبعة دار الكتب القانونية‪ ،‬القاهرة‪،2119 ،‬‬
‫ص ‪.001‬‬
‫المخدرات – دراسة ظهير ‪ 20‬ماي ‪ ،- 0921‬م س‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫بمكافحة املخدرات والمؤثرات العقلية نص في المادة ‪ 29‬على حماية الشهود في جميع جرائم‬
‫املخدرات الواردة في هذا القانون وعائالتهم‪759.‬‬
‫ثانيا‪ :‬وسائل اإلثبات التقنية‪.‬‬

‫التسليم المر اقب‪760.‬‬ ‫‪)9‬‬
‫يعتبرالتسليم المر اقب من أحدث الوسائل الفعالة في مكافحة جريمة اإلتجارفي املخدرات‬
‫والقبض على الجناة المالعين في ارتكابها‪ ،‬ويمكن تعريف هذه التقنية بأنها " أسلوب السماح‬
‫للشحنات غير المشروعة من املخدرات أو المؤثرات العقلية أو المواد المدرجة في الجدول األول‬
‫والجدول الثاني المرفقين بهذه االتفاقية أو المواد التي حلت محلها بواسطة طريقها إلى خارج‬
‫إقليم بلد أو أكثر أو عبره أو داخله ويعلم سلطاته املختصة وتمت مر اقبتها بغية كشف هوية‬
‫األشخاص المتورطين في ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في الفقرة ( ‪ )9‬من المادة ‪ 1‬من‬
‫االتفاقية "‪761.‬‬
‫لذلك يعتبر التسليم المر اقب تقنية بحث وتحري خاصة‪ ،‬تسمح لشحنة من املخدرات‬
‫غير المشروعة بمواصلة سفرها داخل بلد أو أكثر في ظل مر اقبة مصالح الشرطة أو الجمارك‬
‫وسلطات البلدان المعنية‪ ،‬وذلك بغية كشف كبارالمهربين والقبض عليهم وحجزالمواد املخدرة‪.‬‬
‫وذهب القانون الفلسطيني إلى النص على هذه التقنية في قرار بقانون المتعلق بمكافحة‬
‫املخدرات والمؤثرات العقلية وذلك في المادة ‪ ،21‬إال أنه أعطى صالحية القيام بها إلى وزير‬
‫‪ 759‬المادة ‪ 10‬من قانون بقرار رقم ‪ 01‬لسنة ‪ " 2109‬تلتزم الدولة بحماية الشهود والمبلغين والمصادر وأسرهم بما‬
‫فيها األصول والفروع المعرضة حياتهم للخطر بسبب القضايا التي تؤدي بالغاتهم أو إخباراتهم أو شهاداتهم للكشف‬
‫عن الجرائم المنصوص عليها في هذا القرار بقانون‪ ،‬أوعن مرتكبيها أو المشاركين أو المتدخلين أو المساهمين أو‬
‫المتسترين أوعن أدلتها وفقا ً للقانون‪ . 2 .‬تلتزم الدولة بتعويض الشاهد والمبلغ في حال تعرضه لالعتداء أو أحد أفراد‬
‫أسرته بسبب ما قام به من شهادة أو بالغ‪ ،‬وتعويض ورثته في حال أدى االعتداء للوفاة‪ ،‬على أن يكون المشمول‬
‫بالحماية قد التزم بإجراءات الحماية‪ .2 .‬للدولة الرجوع إلى الجاني أو الجناة الستيفاء ما تحملته من أعباء أو تعويضات‬
‫مالية‪ ،‬وذلك مع عدم اإلخالل بالمحاكمة الجزائية"‪.‬‬
‫‪ 760‬جاءت به اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية لعام ‪.0911‬‬
‫‪ 761‬المادة ‪ 0‬الفقرة ( ز ) من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع في المواد المخدرة والمؤثرات‬
‫العقلية‪.‬‬
‫عمراوي السعيد‪ ،‬اإلتجار غير المشروع بالمخدرات وسبل مكافحته‪ ،‬أطروحة دكتوراه (غير منشورة)‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫جامعة الجزائر ‪ ،0‬كلية الحقوق‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الجزائر‪ ،2102 ،‬ص ‪.220‬‬
‫الداخلية بعرض من المدير العام للشرطة‪ ،‬وإذن النائب العام مع ضرورة إخبار مدير الجمارك‬
‫بنية العزم على تنفيذ عملية تسليم مر اقب‪762.‬‬
‫ومن هنا يتبين لنا مدى أهمية هذه التقنية في القبض على كبار البارونات في تهريب‬
‫املخدرات واالتجاربها‪ ،‬بالنظر لتحكمهم بجميع العمليات المتعلقة باملخدرات مما يوجب تكثيف‬
‫محاربة هذه الفئة قانونيا وأمنيا بدال من القبض على صغارالموزعين ومالحقتهم بدرجة أولى على‬
‫اعتبارهم مجرد أدوات في يد بارونات املخدرات يمكن االستغناء عنهم من قبلهم في أي لحظة‪.‬‬
‫‪ )2‬التنصت على المكالمات والرسائل الهاتفية‪.‬‬
‫يعد التنصت على المكالمات الهاتفية والرسائل من أخطر تقنيات البحث الخاصة‬
‫املخولة ألجهزة العدالة الجنائية‪ ،‬وذلك لمساسها المباشرفي حرمة الحياة الخاصة لألفراد‪.‬‬
‫وسمح المشرع الفلسطيني بدوره باستخدام هذه التقنية في البحث والتحري‪ ،‬ونص على‬
‫إمكانية استخدامها في الجنح والجنايات التي ال تقل فيها العقوبة عن عام حبسا‪ ،‬وتكون مدتها‬
‫‪ 92‬يوما ال تجدد إال لمرة واحدة‪ ،‬وقام بتخويل صالحية اتخاذ هذا التدبير للنائب العام بإذن من‬
‫قاض ي الصلح وذلك بموجب نص المادة ‪ 29‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫وبموجب هذه المقارنة يبرزأن المشرع الفلسطيني في هذه النقطة قام بنوع من التوفيق‬
‫ما بين حق الدولة في العقاب واحترام حرمة الحياة الخاصة ومراسالت األفراد‪ ،‬وذلك بالنظر إلى‬
‫المدة التي وضعها للقيام بهذا اإلجراء‪.‬‬
‫ولكن كان ال بد على المشرع الفلسطيني تحديد الجرائم التي يمكن اللجوء لهذه التقنية‬
‫ً‬
‫فيها بدال من تحديديها بمدة العقوبة للجرائم المسموح استخدام تقنية التصنت على المكالمات‬
‫والرسائل فيها إلثباتها األمرالذي يوسع من طائفة الجرائم التي يستخدم هذا اإلجراء فيها إلثباتها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬االختصاص القمائي في جريمة اإلتجارفي املخدرات‪.‬‬
‫يعتبر تحديد االختصاص للمحكمة في أية جريمة أمر مهم لمعرفة املحكمة املختصة سواء‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫نوعيا أو مكانيا أو وطنيا أو دوليا‪ ،‬وذلك من أجل معرفة االجراءات المتبعة أمامها على اعتبارات‬
‫اختالف التنظيم القمائي بين درجات املحاكم‪.‬‬
‫‪ 762‬المادة ‪ 12‬من قانون االجراءات الجزائية الفلسطيني‪.‬‬
‫وفي ظل غياب تعريف قانوني الختصاص املحاكم بشكل عام‪ ،‬يمكن اللجوء إلى التعريف‬
‫التالي " نصيب املحكمة للبت في المنازعات التي يجوز لها الفصل فيها "‪ ،‬وقد عرفه البعض اآلخر‬
‫بأنه " هو ما قدر لجهة قمائية أو محكمة من والية نظر نزاع ما "‪763.‬‬
‫ويتم تحديد اختصاص محكمة معينة بالنظر في جريمة معينة عن طريق تمييز املحكمة‬
‫للقمايا التي يعود لها سلطة النظروإصداراألحكام فيها‪.‬‬
‫ولذلك سوف نقوم في هذا المبحث بمناقشة االختصاص القمائي في جريمة اإلتجار في‬
‫املخدرات‪ ،‬وذلك من خالل تقسيمه إلى مطلبين‪( ،‬المطلب األول) سنناقش فيه كل من‬
‫االختصاص النوعي والمكاني‪ ،‬لنخصص (المطلب الثاني) لمناقشة االختصاص الوطني للمحاكم‬
‫ً‬
‫في جرائم اإلتجار في املخدرات‪ ،‬وذلك نظرا لبعض الخصوصيات التي قد يعرفها هذا النوع من‬
‫االختصاصات‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬االختصاص النوعي و االختصاص المكاني‪.‬‬
‫من االختصاصات التي تستند عليها املحاكم في تحديد ما إن كانت مختصة بالنظر في‬
‫الدعاوى من عدمها هو كل من االختصاص النوعي القائم على نوع القمية ووصفها فقد تكون‬
‫تابعة ملحكمة الصلح أو ملحكمة البداية‪ ،‬وكذلك هنالك االختصاص المكاني الذي يحدد‬
‫ً‬
‫االختصاص بناءا على أسس جغر افية مرتبطة في دائرة املحكمة التي تم وقوع أحد هذه األسس‬
‫في دائرتها‪.‬‬
‫لذلك سوف نعمل في هذا المطلب بالتطرق إلى االختصاص النوعي في جريمة اإلتجار في‬
‫املخدرات (الفقرة األولى)‪ ،‬و االختصاص المكاني في جريمة اإلتجارفي املخدرات (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬االختصاص النوعي في جريمة اإلتجارفي املخدرات‪.‬‬
‫‪ 763‬محمد عوني‪ ،‬سلطة القاضي في الدعوى المدنية‪ ،‬بحث نهاية التكوين‪ ،‬المعهد العالي للقضاء‪ ،‬الفوج ‪ ،22‬الرباط‪،‬‬
‫‪ ،2102‬ص ‪.1‬‬
‫‪ -‬نقال عن‪ :‬زكرياء حساني‪ ،‬سياسة التجريم والعقاب في قانون زجر اإلدمان على المخدرات السامة ووقاية‬
‫المدمنين على هذه المخدرات–دراسة ظهير ‪ 20‬ماي ‪ ،- 0921‬م س‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫يقصد باالختصاص النوعي هو طريقة توزيع القمايا وفق نوعها ما بين املحاكم النظامية‬
‫أو قماء التحقيق‪ ،‬وذلك بناءا على خطورة الجريمة المرتكبة كما وصفت من قبل الجهة التي‬
‫قامت بإحالة الجريمة‪764.‬‬
‫وقد قام المشرع الفلسطيني بتجريم جريمة اإلتجار في املخدرات على أنها جناية وفق نص‬
‫المادة ‪ 6‬من قراربقانون رقم (‪ )26‬لسنة ‪ 2792‬المعدل لقراربقانون رقم (‪ )92‬لسنة ‪ 2792‬حيث‬
‫نص على جريمة اإلتجار في املخدرات بشكل صريح‪ ،‬كما عاقب عليها المشرع الفلسطيني بعقوبة‬
‫سجنية لمدة ال تقل عن خمسة عشرة سنة وبغرامة مالية ال تقل عن خمسة عشر آالف دينار‬
‫أردني‪766.765‬‬
‫كما ذهب في المادة ‪ 22‬من قرار بقانون رقم (‪ )92‬لسنة ‪ 2792‬وتعديالته للتشديد على‬
‫عقوبة جريمة اإلتجار في املخدرات لتصل إلى السجن المؤبد وبغرامة مالية تتراوح ما بين خمسة‬
‫عشرة ألف دينار أردني و خمسة وعشرين ألف دينار أردني‪767.‬‬
‫وبناءا على عقوبة ووصف جريمة اإلتجار في املخدرات في القانون الفلسطيني‪ ،‬فيعود‬
‫النظرفيها الختصاص محكمة البداية كدرجة أولى‪ ،‬وذلك الختصاصها بالنظرفي الجنايات املحالة‬
‫المخدرات – دراسة على ضوء مقتضيات ظهير ‪ 20‬ماي ‪ ،- 0921‬م س‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ 765‬المادة ‪ 1‬من قرار بقانون رقم (‪ )21‬لسنة ‪ 2101‬المعدل بقرار بقانون رقم (‪ )01‬لسنة ‪ ": 2109‬يعاقب بالسجن‬
‫المؤبد مدة ال تقل عن خمس عشرة سنة‪ ،‬وبغرامة ال تقل عن خمسة عشر ألف دينار اردني ‪ ...‬من ارتكب أي فعل من‬
‫األفعال التالية بقصد االتجار‪." ....‬‬
‫‪ 766‬عاقب المشرع المصري على جريمة االتجار في المخدرات بعقوبة اإلعدام وبغرامة من مائة ألف جنيه إلى‬
‫خمسمائة ألف جنيه في حالة تصدير أو جلب جواهر مخدرة قبل الحصول على ترخيص بذلك أو في حالة انتاجها أو‬
‫استخراج أو فصل أو صنع جوهر مخدر وفي حالة تأليف عصابة أو تنظيمها أو االشتراك فيها الرتكاب األفعال لسابقة‬
‫داخل البلد وفي حلة التصدير والجلب و الحيازة و االفراز والشراء والبيع والتسليم والنقل بقصد االتجار وذلك في‬
‫المادة ‪ 22‬من القانون رقم ‪ 022‬لسنة ‪.0919‬‬
‫كما خير القاضي بين عقوبة االعدام واألشغال الشاقة مع وجوبية الغرامة في حد يتراوح بين مائة ألف جنيه و خمسمائة‬
‫ألف جنيه متى تمت األفعال التالية بقصد االتجار‪ :‬الحيازة والشراء والبيع والتسليم والنقل والتقديم للتعاطي في غير‬
‫األحوال القانونية‪ ،‬و التصرف في حيازة مجوهر بخالف ما هو مرخص له بذلك في الرخصة أو في ادارة أو تهيئة‬
‫مكان لتعاطي المخدرات بمقايل‪ ،‬وشدد هذه العقوبات لتصل إلى االعدام مع نفس قيمة الغرامة السابقة‪ ،‬وان استخدم‬
‫الجاني قاصرا ً أو أحد األصول أو الفروع أو ممن له مراقبة عليهم أو ان كان الجاني موظف عمومي أو من المكلفين‬
‫باإلشراف والتتبع لهذه المواد أو ان استغل وظيفته في سبيل ارتكاب األفعال السابقة أو في حالة العود أو تعلق األمر‬
‫بالكوكايين أو الهروين أو ان ارتكبت الجريمة في دور العبادة وأماكن اصالحية أو عقابية أو ثقافية أو اجتماعية‪ ،‬وذلك‬
‫في المادة ‪ 21‬من قانون رقم ‪ 022‬لسنة ‪ 0919‬المصري‪.‬‬
‫‪ 767‬استبدل المشرع الفلسطيني عقوبة األشغال الشاقة المؤبدة بعقوبة السجن المؤبد في المادة ‪ 0/2‬من قرار بقانون‬
‫رقم (‪ )21‬لسنة ‪.2101‬‬
‫اليها بموجب قرار اتهام من النائب العام أو أحد مستشاريه وذلك بموجب البند األول من المادة‬
‫‪ 962‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪768.‬‬
‫أما القانون األردني فقد أسند االختصاص في جميع أنواع جرائم املخدرات كاملة بما فيها‬
‫جرائم اإلتجار في املخدرات في المملكة األردنية الهاشمية إلى محكمة أمن الدولة‪ ،‬التي تعتبر‬
‫صاحبة الوالية العامة في النظرفي جرائم اإلتجارفي املخدرات بغض النظرعن مكان وقوعها‪.‬‬
‫حيث جاء البند الرابع في الفقرة األولى من المادة الثالثة التي نصت على " تختص محكمة‬
‫أمن الدولة بالنظرفي الجرائم المبينة أدناه الي تقع خالفا ألحكام القوانين التالية أوما يطرأ عليها‬
‫من تعديل يتعلق بهذه الجرائم أو ما يحل محلها من قوانين ‪ ،.... :‬الجرائم الو اقعة خالفا ألحكام‬
‫قانون املخدرات والمؤثرات العقلية رقم ( ‪ ) 99‬لسنة ‪769." 9122‬‬
‫وبهذا يكون المشرع األردني أسند االختصاص في جريمة اإلتجار في املخدرات ملحكمة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خاصة اختصاصا نوعيا‪ ،‬وهو ما يجب على المشرع الفلسطيني القيام به أو بتخصيص قسم‬
‫قمائي متخصص بالنظر والبت في هذه الجريمة من أجل تحقيق أهداف قانون العقوبات‬
‫وأهداف العقوبة ليتم تحقيق الردع العام والخاص بخصوص هذه الجريمة بالنظرإلى خطورتها‬
‫الجسيمة‪770.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬االختصاص المكاني في جريمة اإلتجارفي املخدرات‪.‬‬
‫حدد المشرع الفلسطيني االختصاص المكاني للقماء الوطني بموجب المادة ‪ 961‬من‬
‫قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬حيث نص على أن االختصاص المكاني ينعقد للمحكمة التي وقع في‬
‫دائرة اختصاصها‪:‬‬
‫‪ -‬مكان وقوع الجريمة‪،‬‬
‫‪ -‬مكان إقامة المتهم‪،‬‬
‫‪ 768‬المادة ‪ 011‬من قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني ‪ ":‬تختص محاكم البداية بنظر جميع الجنايات‪ ،‬وجرائم‬
‫الجنح المتالزمة معها والمحالة إليها بموجب قرار اتهام ‪." ...‬‬
‫‪ 769‬المادة الرابعة من قانون محكمة أمن الدولة األردني لعام ‪.0999‬‬
‫‪ 770‬قام المشرع الفلسطيني سابقا بالنص على محكمة الجنايات الكبرى التي كان من بين اختصاصاتها النظر في جرائم‬
‫المخدرات المنصوص عليها في قرار بقانون رقم (‪ )01‬لسنة ‪ 2109‬وتعديالته وذلك قبل العدول عنها لبعض‬
‫االعتبارات السياسية والحقوقية‪.‬‬
‫مكان القبض على المتهم‪771.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ً‬
‫فتكون محكمة البداية هي املختصة في جريمة اإلتجار في املخدرات وفقا للمعايير‬
‫السابقة‪ ،‬ولم يولي المشرع الفلسطيني بدوره أية أهمية إلى املحكمة املختصة في حالة تعدد‬
‫ً‬
‫املحاكم التي لها الحق في النظر في الدعوى بناءا على االختصاصات السابقة‪ ،‬فيكفي أن تمع‬
‫إحدى املحاكم يدها على القمية قبل محكمة أخرى من أجل انعقاد اختصاصها‪772.‬‬
‫وبالرغم من هذه القواعد‪ ،‬فقد أسند المشرع الفلسطيني االختصاص في جرائم اإلتجار‬
‫في املخدرات إلى محكمة الجنايات الكبرى بموجب المادة الخامسة من قراربقانون رقم (‪ )1‬لسنة‬
‫‪ 2792‬بشأن محكمة الجنايات الكبرى‪ 773،‬والتي كانت تعقد في مدينة رام الله مؤقتا‪.‬‬
‫وكان من بين االختصاصات النوعية والمكانية لهذه املحكمة بشكل حصري جريمة‬
‫اإلتجارفي املخدرات بغض النظرعن مكان وقوعها أو القبض على مرتكبها‪ ،‬اال أنه تم العدول عن‬
‫إبقاء العمل في هذه املحكمة نظرا للظروف السياسية واالجتماعية التي نشأت خاللها‪ ،‬هذا‬
‫باإلضافة للتجاوزات التي عرفتها على مستوى حقوق اإلنسان وحريات األفراد وحقوق األفراد في‬
‫املحاكمة العادلة والبت في القمايا في وقت قصير‪.‬‬
‫ومن خالل ما سبق‪ ،‬يستنتج أن المشرع الفلسطيني قد أبقى على االختصاص المكاني‬
‫ً‬
‫العادي بالنسبة لجرائم اإلتجار في املخدرات دون إفرادها إلى محكمة مختصة مكانيا على وجه‬
‫ً‬
‫التحديد‪ ،‬والذي برأينا كان من المفترض أن يسندها إلى محكمة مختصة نظرا لخطورتها‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬االختصاص الوطني للمحاكم في جريمة اإلتجارفي املخدرات‬

‫‪ 772‬مصطفى عبد الباقي‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ‪ 2‬لسنة ‪ – 2112‬دراسة مقارنة ‪ ،-‬م س‪،‬‬
‫ص ‪.291‬‬
‫‪ 773‬المادة الخامسة من قرار بقانون رقم (‪ )9‬لسنة ‪ ": 2101‬تختص محكمة الجنايات الكبرى بالنظر في الجرائم‬
‫اآلتية‪ .0 :‬جرائم القتل‪ ،‬ما عدا القتل الخطأ‪ .2 .‬جرائم االغتصاب وهتك العرض والخطف الجنائي‪ .2 .‬جرائم الجنايات‬
‫الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي‪ .1 .‬جرائم الجنايات الواردة في القرار بقانون رقم (‪ )01‬لسنة ‪2109‬م‪،‬‬
‫بشأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية‪ .9 .‬جرائم بيع أو تأجير أي جزء من األراضي الفلسطينية‪ ،‬إلى دول معادية‬
‫أو أي من مواطنيها أو رعاياها‪ .1 .‬الشروع والتدخل والتحريض في الجرائم المبينة في الفقرات السابقة من هذه المادة‪.‬‬
‫‪ .2‬الجرائم المتالزمة بالجرائم المبينة في الفقرات السابقة من هذه المادة "‪.‬‬
‫نصت المادة السادسة من قانون االجراءات الجزائية على " إيفاء للغاية المقصودة‬
‫من هذا القانون يتناول اختصاص محاكم فلسطين جميع أنحاء فلسطين وكسافة ثالثة أميال‬
‫بحرية من شاطئ فلسطين مقيسة من أوطى عالمة للجزر"‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار سنناقش اختصاص املحاكم الوطنية في جريمة اإلتجار في املخدرات على‬
‫التراب األجنبي (الفقرة األولى)‪ ،‬و االختصاص الوطني لإلتجارفي املخدرات وتهريبها في أعالي البحار‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اختصاص املحاكم الوطنية في جريمة اإلتجارفي املخدرات على التراب األجنبي‪.‬‬
‫سوف نناقش في هذه الفقرة نقطة تتعلق في حالة ارتكاب جريمة االتجارفي املخدرات من‬
‫قبل أجنبي فوق تراب بلد أجنبي لما لها من بعض الخصوصية وبالنظر لكونها ليست من‬
‫االختصاصات الشائعة في األنظمة الجزائية للدول‪ ،‬ومن هنا ذهب المشرع الفلسطيني في المادة‬
‫‪ 962‬من ق إ بالنص على أنه " إن وقعت في الخارج جريمة من الجرائم التي تسري عليها أحكام‬
‫القانون الفلسطيني‪ ،‬ولم يكن لمرتكبها محل إقامة في فلسطين‪ ،‬ولم يمبط فيها‪ ،‬ترفع عليه‬
‫الدعوى أمام املحكمة املختصة في العاصمة القدس "‪774.‬‬
‫فمن خالل تحليل هذه المادة يكون المشرع الفلسطيني بدوره قد مد نفوذ اختصاص‬
‫محكمة البداية في القدس والتي تعقد مؤقتا في مدينة رام الله لتشمل جرائم اإلتجارفي املخدرات‬
‫المرتكبة خارج فلسطين‪.‬‬
‫وكذلك فقد نصت المادة ‪ 91‬من قانون العقوبات على الحاالت التي يجوز فيها مالحقة‬
‫الشخص الذي حكم عليه بحكم أجنبي الرتكابه احدى جرائم المادة التاسعة من نفس‬
‫القانون‪ 775‬وهذه الحاالت هي‪:‬‬
‫‪ -‬األحكام التي صدرت في جرائم المادة ‪ 1‬من قانون العقوبات‪.‬‬
‫‪ -‬األحكام التي صدرت في الخارج نتيجة ارتكاب فعل جرمي داخل الوطن‪.‬‬
‫‪ 774‬المادة ‪ 019‬من قانون االجراءات الجزائية الفلسطيني‪.‬‬

‫‪ 775‬المادة ‪ 9‬من قانون العقوبات الفلسطيني ‪ ":‬تسري أحكام هذا القانون على كل أردني أو أجنبي – فاعال كان أو‬
‫شريكا محرضا أو متدخال – ارتكب خارج المملكة جناية أو جنحة مخلة بأمن الدولة أو قلد ختم الدولة أو قلد نقودا أو‬
‫وزر أوراق النقد أو السندات المصرفية األردنية أو األجنبية المتداولة قانون أو تعامال في المملكة"‪.‬‬
‫ولكن‪ ،‬ال تتم المالحقة واملحاكمة من جديد في حالة ما كان الحكم األجنبي قد صدر على‬
‫املحكوم عليه نتيجة إخبار رسمي من السلطات الرسمية‪.‬‬
‫وبالرغم من عدم وجود أي ذكر لجريمة اإلتجار في املخدرات في نص المادة ‪ 1‬من قانون‬
‫العقوبات ليشملها امتداد االختصاص الوطني‪ ،‬فإن المادة ‪ 12‬من قرار بقانون رقم (‪ )92‬لسنة‬
‫‪ 2792‬نصت على " يعاقب الشريك في أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القرار‬
‫بقانون بأي صورة من صور االشتراك‪ ،‬بما في ذلك التدخل في الجريمة أو التحريض عليها أو‬
‫المساعدة على ارتكابها بعقوبة الفاعل األصلي سواء ارتكبت الجريمة داخل الدولة أو خارجها‬
‫"‪777 776.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يمكن القول بأنه ال بد من إسناد جريمة اإلتجارفي املخدرات إلى الجرائم‬
‫الواردة في المادة التاسعة من قانون العقوبات وذلك بالنظر إلى خطورتها و آثارها الجسيمة على‬
‫املجتمع الفلسطيني‪ ،‬وامكانية اللجوء لهذه اآلفة من أجل إسقاط الفئة العمرية الشبابية في‬
‫وحل الخيانة والعمالة‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬االختصاص الوطني لجريمة اإلتجارفي املخدرات وتهريبها في أعالي البحار‪.‬‬
‫على الرغم من كون أن اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار لعام ‪ 9122‬أقرت بتفتيش‬
‫السفن األجنبية المتواجدة في أعالي البحار‪ ،‬اال أنها لم تنص على تفتيشها ان تعلقت باإلتجار في‬
‫املخدرات صراحة‪ ،‬بل كانت المادة المؤطرة لهذه الجريمة عمومية جدا حيث جاء في نص المادة‬
‫‪ 972‬منها " تتعاون جميع الدول في قمع اإلتجار غير المشروع في املخدرات والمواد التي تؤثر على‬
‫العقل بواسطة السفن في أعالي البحار بما يخالف االتفاقيات الدولية‪ ،‬وألي دولة لديها أسباب‬
‫معقولة لالعتقاد بأن سفينة ترفع عملها تقوم باإلتجارغيرالمشروع باملخدرات أوالمواد التي تؤثر‬
‫على العقل أن تطلب تعاون دول أخرى لقمع هذا اإلتجار"‪.‬‬
‫‪ 776‬المادة ‪ 29‬من قرار بقانون رقم (‪ )01‬لسنة ‪ 2109‬وتعديالته‪.‬‬

‫‪ 777‬انظر القرار رقم ‪ 2109/09‬الصادر بتاريخ ‪ ،2109/11/ 22‬الصادر عن محكمة استئناف رام الله‪ ،‬في‪:‬‬
‫‪https://maqam.najah.edu/judgments/4785/‬‬
‫اال أن هذه المادة بقيت قاصرة وغيرمحددة نظرا لصيغتها العمومية حول جريمة اإلتجار‬
‫في املخدرات‪ ،‬ومن هنا جاءت المادة ‪ 90‬من اتفاقية فيينا لعام ‪ 9122‬لتنص على قواعد القانون‬
‫الدولي من أجل مكافحة اإلتجارفي املخدرات وتهريبها عن طريق البحار‪.‬‬
‫وكان هذا المبدأ هو أساس بدء التدخل في السفن األجنبية المتواجدة في أعالي البحار‪،‬‬
‫ويتم التدخل من طرف احدى الدول شرط أخذ المو افقة واإلذن المسبق من الدولة التي تحمل‬
‫تلك السفينة جنسيتها وعلمها‪ ،‬وفي حالة ما تم اكتشاف أدلة على ضلوع السفينة في عملية تهريب‬
‫مخدرات أو اإلتجار فيها فيجوز في هذه الحالة أن تقوم الدولة المتدخلة باتخاذ كافة اإلجراءات‬
‫األمنية والقمائية أيما في مواجهة مرتكبي الجريمة وفق ما تقض ي به األنظمة والقوانين‬
‫الجزائية لديها محل الصلة بجريمة االتجارفي املخدرات‪.‬‬
‫وبالرغم من عدم تطرق المشرع الفلسطيني إلى انعقاد اختصاص محاكمه الوطنية متى‬
‫تم ارتكاب جريمة اإلتجار في املخدرات على متن سفينة أجنبية خارج البحر اإلقليمي‪ ،778‬إال أن‬
‫فلسطين تبقى من الدول التي وقعت على اتفاقية فيينا لمكافحة اإلتجارغيرالمشروع في املخدرات‬
‫والمؤثرات العقلية لعام ‪.9122‬‬
‫وهذا األمر يسمح لألجهزة القمائية الفلسطينية بتطبيق كافة اجراءات المالحقة‬
‫والمتابعة الجنائية واجراءات املحاكمة في حالة تهريب املخدرات واإلتجار فيها في أعالي البحار‪،‬‬
‫ولكن مع ضرورة احترام اإلطارالقانوني للتعاون الجهوي والثنائي بين هذه الدول الموقعة‪779.‬‬
‫في الختام وفي ظل ما تم ذكره من نصوص قانونية وبعض نصوص االاتفاقيات الدولية التي‬
‫تمت دراستها واستنتاجها وصل الباحث إلى معرفة خاصة بالخصوصيات التي تعتري مرحلة جمع‬
‫االستدالالت والتحقيق في جريمة االتجار في املخدرات واالختصاص القمائي فيها في القانون‬
‫الفلسطيني من قبيل بعض االجراءات الخاصة بالتفتيش وكذلك بعض وسائل التددخل‬
‫الحديثة المستخدمة مثل التسليم المر اقب واالختراق لمبط مرتكبي هذه الجريمة‪.‬‬
‫‪ 778‬تمتد مسافة البحر اإلقليمي لدولة فلسطين الى مسافة خمسة كيلومترات من الشاطئ بموجب المادة ‪ 2‬من قانون‬
‫العقوبات رقم ‪ 01‬لسنة ‪.0911‬‬
‫‪ 779‬محمد غراف‪ ،‬جرائم المخدرات وإجراءاتها العملية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫ناهيك عن مناقشة االختصاص القمائي في جريمة االتجار في املخدرات وفق قواعد‬

‫االختصاص القمائي الجنائي التي توصلنا فيها إلى ضرورة تحيين بعض النصوص للتمكن من‬
‫تحقيق هدف العقوبة وهدف القانون الجزائي في الردع واإلصالح للوصول إلى تحديد مكامن‬
‫الخصوصية في جريمة االتجارفي املخدرات‪.‬‬
‫وفي النهاية ال يسعنا إال أن نقوم بعرض النتائج والتوصيات التي توصلنا إليها بعد إتمامنا‬
‫لهذا البحث على أمل أن تفيد في المستقبل في الحد من جريمة اإلتجار في املخدرات والمؤثرات‬
‫النتائج‪:‬‬
‫‪ -‬من األسباب المؤدية لعدم مكافحة جريمة تجارة املخدرات عدم وجود قانون يتممن‬
‫ً‬
‫اجراءات عملية للقماء عليها نظرا لغياب املجلس التشريعي مما يحد من صدورأي قانون إال أن‬
‫كان قراربقانون صادرعن الرئيس الفلسطيني‪.‬‬
‫‪ -‬جريمة اإلتجار في املخدرات جريمة ضبطية‪ ،‬فيكفي ضبط المادة املخدرة من أجل إدانة‬
‫الجاني بها‪.‬‬
‫‪ -‬عدم جواز تدخل أي جهة من غير النيابة العامة في الدعوى العمومية عند تعلق األمر‬
‫بجرائم املخدرات كاملة‪.‬‬
‫‪ -‬احداث السلطة الوطنية الفلسطينية إلدارة متخصصة في مكافحة املخدرات وإعطاء‬

‫أعمائها الصفة المبطية متى تعلق األمربإحدى جرائم املخدرات بما في ذلك اإلتجارفيها‪.‬‬
‫التوصيات‪:‬‬
‫‪ -‬اعادة تحديث وتفعيل دوراللجنة الوطنية العليا للوقاية من املخدرات‪.‬‬
‫‪ -‬يجب مراجعة العقوبات المنصوص عليها بخصوص هذه الجريمة كون أن حاالت التكرار‬
‫في ازدياد‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة مالئمة ظروف خموع الشخص للتفتيش الداخلي وفق ضوابط قانونية محددة‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة توحيد القوانين المتعلقة في هذا املجال بين المفة الغربية وقطاع غزة‪.‬‬
‫‪ -‬اسناد االختصاص في جريمة اإلتجار في املخدرات إلى القماء العادي بدال من العسكري‬
‫في غزة‪.‬‬
‫‪ -‬وضع الوسائل العلمية الحديثة للكشف عن املخدرات وضبطها تحت تصرف األجهزة‬
‫املختصة بالنظرإلى شح هذه الوسائل في الو اقع العملي‪.‬‬
‫قائمة المصادروالمراجع‬
‫أ‪ -‬المراجع‪:‬‬
‫‪ ‬الكتب‪:‬‬
‫‪ .9‬أحمد ابراهيم سيد‪ ،‬مبادئ محكمة النقض في االثبات الجنائي‪ ،‬ب ط‪ ،‬مطبعة دارالكتب‬
‫القانونية‪ ،‬القاهرة‪.2772 ،‬‬
‫‪ .2‬أحمد قليش ومؤلفون آخرون‪ ،‬الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية‪ ،‬ط‪ ،1‬مطبعة‬
‫األمنية‪ ،‬الرباط‪.2790 ،‬‬
‫‪ .1‬أشرف توفيق شمس الدين‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجنائية ( الجزء األول‪ :‬مرحلة ما قبل‬
‫املحاكمة )‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬بدون ذكرمكان الطباعة‪.2792 ،‬‬
‫‪ .2‬محمد األمين البشرى‪ ،‬التحقيق في الجرائم المستحدثة‪ ،‬ب ط‪ ،‬دار الحامد للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2772 ،‬‬
‫‪ .2‬محمد أوغريس‪ ،‬جرائم املخدرات في التشريع المغربي – دراسة مقارنة ‪ ،-‬ط ‪ ،1‬مطبعة‬
‫دارالقرويين‪ ،‬الدارالبيماء‪.9112 ،‬‬
‫‪ .6‬محمد عوني‪ ،‬سلطة القاض ي في الدعوى المدنية‪ ،‬بحث نهاية التكوين‪ ،‬المعهد العالي‬
‫للقماء‪ ،‬الفوج ‪ ،10‬الرباط‪.2791 ،‬‬
‫‪ .0‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار النهمة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪.9112 ،‬‬
‫‪ .2‬مصطفى عبد الباقي‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ‪ 1‬لسنة ‪– 2771‬‬
‫دراسة مقارنة ‪ ،-‬ب ط‪ ، ،‬وحدة البحث العلمي والنشر‪ ،‬بيرزيت‪.2792 ،‬‬
‫‪ .1‬المعطي الجبوجي‪ ،‬مكافحة املخدرات في التشريع المغربي بين النص والتطبيق‪ ،‬ط‪،9‬‬
‫المطبعة السريعة‪ ،‬القنيطرة‪.2797 ،‬‬
‫‪ ‬األطروحات والرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪ ‬أطروحات الدكتوراه‪:‬‬
‫‪ .9‬عبد السالم بنسليمان‪ ،‬السياسة الجنائية في مواجهة املخدرات على المستويين الدولي‬
‫والوطني – دراسة تأصيلية مقارنة ‪ ،-‬اطروحة دكتوراه (غير منشورة)‪ ،‬جامعة محمد الخامس –‬
‫أكدال‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالجتماعية واالقتصادية‪ ،‬الرباط‪ ،‬المغرب‪.2779،‬‬
‫‪ .2‬عمراوي السعيد‪ ،‬اإلتجارغيرالمشروع باملخدرات وسبل مكافحته‪ ،‬أطروحة دكتوراه (غير‬

‫منشورة)‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،9‬كلية الحقوق‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الجزائر‪.2790 ،‬‬
‫‪ ‬رسائل الماجستير‪:‬‬
‫‪ .9‬زكرياء حساني‪ ،‬سياسة التجريم والعقاب في قانون زجر اإلدمان على املخدرات السامة‬
‫ووقاية المدمنين على هذه املخدرات – دراسة ظهير ‪ 29‬ماي ‪ ،- 9102‬رسالة ماستر (منشورة)‪،‬‬
‫جامعة ابن زهر‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أكادير‪ ،‬المغرب‪.2792 ،‬‬
‫‪ .2‬سفيان ناصري‪ ،‬األدلة الجنائية المتحصلة بطرق غير مشروعة‪ ،‬رسالة ماستر ( منشورة‬
‫) ‪ ،‬جامعة العربي بن مهيدي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬أم البواقي‪.2799 ،‬‬
‫‪ .1‬محمد فراونة‪ ،‬ضمانات استجواب المتهم في التحقيق االبتدائي (دراسة مقارنة في‬
‫التشريع الفلسطيني والشريعة االسالمية)‪ ،‬رسالة ماستر (منشورة) ‪ ،‬الجامعة االسالمية ‪ ،‬كلية‬
‫الشريعة والقانون‪ ،‬غزة‪ ،‬فلسطين‪.2792 ،‬‬
‫‪ .2‬محمد مصطفى علي غانم‪ ،‬تفتيش المسكن في قانون االجراءات الجزائية الفلسطيني –‬
‫دراسة مقارنة ‪ ،-‬رسالة ماستر (منشورة)‪ ،‬جامعة النجاح‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬نابلس‪،‬‬
‫فلسطين‪.2772 ،‬‬
‫‪ .2‬مفيد زريقات‪ ،‬محاضر المابطة القمائية ‪ -‬دراسة مقارنة ‪ ،-‬رسالة ماستر (منشورة)‪،‬‬
‫جامعة القدس‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬القدس‪ ،‬فلسطين‪.2797 ،‬‬
‫‪ .6‬يحيى عيادة عودة الكردي‪ ،‬جرائم املخدرات وسبل مكافحتها في التشريع الفلسطيني –‬
‫دراسة مقارنة ‪ ،-‬رسالة ماستر (منشورة)‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬كلية الدراسات العلية‪،‬‬
‫نابلس‪ ،‬فلسطين‪.2792 ،‬‬
‫‪ .0‬يوسف أديب‪ ،‬النظام القانوني لتفتيش المنازل وإشكاالته‪ ،‬شهادة ماجستير (غير‬
‫منشورة)‪ ،‬جامعة موالي اسماعيل‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مكناس‪،‬‬
‫المغرب‪.2771 ،‬‬
‫‪ ‬المقاالت‪:‬‬
‫‪ .9‬جعفر العلوي‪ ،‬السياسة الجنائية في ميدان مكافحة جرائم املخدرات‪ ،‬مجلة القانون‬
‫واالقتصاد‪ ،‬عدد ‪.9112 ،2‬‬
‫‪ .2‬يحيى عيادة كردي‪ ،‬ورقة بحثية حول التشريعات الفلسطينية لمكافحة املخدرات‪ ،‬إدارة‬
‫مكافحة املخدرات‪ ،‬نابلس‪.2796 ،‬‬
‫‪ ‬المو اقع االلكترونية‪:‬‬
‫‪ .9‬المكتب االعالمي‪ ،‬مكافحة املخدرات‪ 97:26 ( 2792-71-76 ،‬صباحا )‪2722-72-79 ،‬‬

‫(‪ 0:12‬مساء)‪ ،‬من‪http://www.police98 :‬‬
‫‪ ‬المراجع األجنبية‪:‬‬
‫‪United Nations Office on Drugs and crime, The Drug Problem And .9‬‬
‫‪Organized Crime, Illicit Financial Flows, Corruption And Terrorism, World Drug‬‬
‫‪.Report, Number 5, 2017‬‬
‫ب‪ -‬المصادر‪:‬‬
‫‪ ‬االتفاقيات الدولية‪:‬‬
‫‪ .9‬اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحارلعام ‪.9122‬‬
‫‪ .2‬اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع في املخدرات والمؤثرات العقلية‬
‫لعام ‪.9122‬‬
‫‪ .1‬اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع في المواد املخدرة والمؤثرات‬
‫‪ ‬التشريعات الوطنية‪:‬‬
‫‪ .9‬قانون االجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ ) 1‬لسنة ‪.2779‬‬
‫‪ .2‬قانون االجراءات الجزائية المصري رقم (‪ )927‬لسنة ‪.9127‬‬
‫‪ .1‬قانون العقوبات الفلسطيني رقم ‪ 96‬لسنة ‪.9167‬‬
‫‪ .2‬قانون املخدرات والمؤثرات العقلية والسالئف اللبناني رقم ‪ 601‬بتاريخ ‪9112-71-96‬‬

‫المنشورفي الجريدة الرسمية عدد ‪ ،92‬ص‪.102 :‬‬
‫‪ .2‬قانون محكمة أمن الدولة األردني لعام ‪.9121‬‬
‫‪ .6‬قرار بقانون رقم (‪ )92‬لسنة ‪ 2792‬المتعلق بمكافحة املخدرات والمؤثرات العقلية‪،‬‬

‫منشوربتاريخ ‪ 99‬تشرين الثاني ‪ ، 2792‬في الجريدة الرسمية عدد ‪ 1‬ممتاز‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪ .0‬قرار بقانون رقم (‪ )26‬لسنة ‪ 2792‬بتعديل قرار بقانون رقم (‪ )92‬لسنة ‪ ،2792‬منشور‬
‫بتاريخ ‪ ،2792-70-19‬في الجريدة الرسمية عدد ‪ 92‬ممتاز‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ ‬القرارات القمائية‪:‬‬
‫‪ .9‬القرار رقم ‪ 2791/91‬الصادر بتاريخ ‪ ،2791/72/ 22‬الصادر عن محكمة استئناف رام‬

‫الله‪ ،‬منشورفي‪https://maqam.najah.edu/judgments/4785/ :‬‬
‫‪ .2‬القرار رقم ‪ 2791/221‬الصادر بتاريخ ‪ ،2791/70/ 1‬الصادر عن محكمة النقض‬

‫الفلسطينية‪ ،‬منشورفي‪/https://maqam.najah.edu/judgments/4610 :‬‬
‫معيقات العمل التشريعي بالمغرب‬

‫‪Obstacles to legislative work in Morocco‬‬
‫الن كان التشريع مهمة دستورية تساعد على وضع األعمدة القانونية إلدارة الدولة‪،‬‬
‫وتأسيس الحائز دولة الحق والقانون‪ ،‬التي تعزز مبادئ الشفافية والنزاهة والفعالية‪ ،...‬فإن‬
‫مسألة تدبيره ال تزال تعتريه مجموعة من النو اقص فالترسانة التشريعية تستهدف بعض مظاهر‬
‫القصور التي تتجلى في التضخم التشريعي ومحدودية استقراره األمر الذي دفع بالمتدخلين في‬
‫ورش التشريع إلى االعتماد على معايير تشريعية حديثة‪ ،‬من قبيل الحكامة التشريعية‪ ،‬العقلنة‬
‫البرلمانية‪ ،‬اإلدارة الرشيدة‪780 .‬‬
‫فظهورالمؤسسات البرلمانية شكل مدخال مهما للحد من مظاهراالستبداد المطلق الذي‬

‫شهدته العديد من الدول في الماض ي‪ ،‬وقد ارتبط البرلمان بتطور الممارسة الديموقراطية‬
‫الغربية حيث يعتبرمنبرا لمر اقبة مالية الدولة‪.‬‬
‫فقد نص الدستور المغربي في جميع الصيغ والمراجعات التي عرفها منذ‪ 9162‬إلى غاية‬
‫الدستور الحالي في فصله الثاني على أن السيادة لألمة تمارسها مباشرة عن طريق المؤسسات‬
‫الدستورية وعلى اعتبار أن وضع القوانين يجسد أهم مظاهر السيادة‪ ،‬فقد أسندت هذه‬
‫الصالحية من حيث المبدأ للبرلمان لكونه أوال مؤسسة دستورية‪ ،‬وثانيا ألنه يتكون من ممثلي‬
‫األمة‪ ،‬فاعتراف المشرع الدستوري المغربي وألول مرة بالبرلمان كمؤسسة تمارس السلطة‬
‫الفقرة ‪ 9‬من الفصل‪ 07‬من دستور‪ 2799‬وكذا توسيع اختصاصاته إلى ثالثين مجاال يعتبرإضافة‬
‫نوعية لتطويرالرو افد التشريعية واألدوارالريادية التي يجب على البرلمان أداءها مستقبال‪ ،‬ولكن‬
‫النصوص غير كافية إذا ما تم إغفال اإلمكانيات المادية والبشرية ووجود نخب برلمانية مؤهلة‬
‫تشتغل في فماء سياس ي محفزلالجتهاد‪ ،‬فقد منحت الدساتيرالمغربية صالحية القيام بالوظيفة‬
‫‪ - 780‬سيف الدين احميطوش ى اليات تعزيز جودة التشريعى رسالة لنيل دبلوم الماستر المتخصص‪ ،‬القانون والممارسة القضائية‪ ،‬ص‪-2044‬‬
‫‪ 2042‬ص‪.4‬‬
‫التشريعية لفاعلين آخرين ويتعلق األمربكل من المؤسسة الملكية والحكومة‪ ،‬وصالحية التقدم‬
‫بملتمسات في التشريع من طرف المواطنين فالهدف من التشريع هو تنظيم الجماعة والمساهمة‬
‫في تحديد السياسات العامة‪.‬‬
‫فسلوك وأداء البرلمان يخمع لتأثيرات يكون مصدرها النظام الدستوري والقانوني‬
‫للنظام السياس ي‪ ،‬ذلك أن البرلمان يتحرك في إطار منظومة دستورية وقانونية محددة ال يمكن‬
‫تجاوزها أو القفز عنها‪ ،‬العتبار أن المؤسسات الدستورية بما فيها الملك والبرلمان والحكومة‬
‫تنتظم في عالقتها وفق ما هودستوري وقانوني كما يخمع هذا السلوك لتأثيرعوامل بيئية داخلية‬
‫وذاتية‪.‬‬
‫فمقاربة مسألة الزمن البرلماني هي ذات أهمية قصوى لما تحظى به من اهتمام من لدن‬
‫الفاعلين والمهتمين بالعمل البرلماني‪.‬‬
‫فتدبيرالزمن البرلماني قديم قدم المؤسسة البرلمانية ذاتها ونشأتها متأصلة في بريطانيا‪،‬‬
‫ومنها شاع انتشارها حتى أصبحت ال تخلو مؤسسة برلمانية من ضوابط تحكم تدبير زمنها‪781.‬‬
‫فالزمن البرلماني هو الوقت املحدد أو غيراملحدد الذي تستدعيه أشغال العمل البرلماني‬
‫حسب نظام معين منصوص عليه في الدساتير وفي األنظمة الداخلية للبرلمان‪ ،‬فهي تلك األوقات‬
‫المبرمجة لالستهالك من طرف أعماء البرلمان مثال على ذلك " مدة استغراق طالح السؤال‬
‫الشفوي" ‪782.‬‬
‫فإذا كان الزمن البرلماني هو كل الوقت املخول استهالكه من طرف البرلمانيين في إطار‬
‫ممارسة مهامهم واختصاصاتهم‪ ،‬سواء كانت محصورة في الزمن المصادقة على مشروع قانون‬
‫المالية مثال أو غيره محدد زمنيا النشاط الديبلوماس ي الذي يقوم به أعماء المؤسسة‬
‫التشريعية‪783.‬‬
‫‪- 781‬المصطفى بنعلي ‪ ،‬البرلماني المغربي اآلن‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة األولى‪ 2004 ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 782‬أم كلثوم جمال الدين‪ ،‬القانون البرلماني المغربي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد األول‪/2002/2002،‬‬
‫ص‪.242‬‬
‫‪ - 783‬المصطفى بنعلي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معيقات العمل التشريعي بالمغرب‪:‬‬
‫يرمي تحمير النصوص القانونية بعد المبادرة إلعدادها إلى ترجمة األفكار األساسية‬
‫األولى التي تكون عادة وراء قيام تشريع واضح وصريح بشأنها يكتمل شكله وموضوعه بالمصادقة‬
‫عليه من طرف البرلمان‪784.‬‬
‫فمسألة تحديد القانون تجد أساسها في األفكار الدستورية المؤسسة لنظام الجمهورية‬
‫الخامسة‪ ،‬فقد أشار ميشيل دوبري (‪ )Michel Debre‬إلى أن إقامة أي نظام برلماني حقيقي‬
‫ي فيما يقتميه تحديد مجال القانون‪785.‬‬ ‫يقتض‬
‫فالبرلمان يمارس اختصاصاته التشريعية وفق مقتميات الدستور‪ 786‬وتبعا للنظام‬

‫الداخلي لكال مجلس ي البرلمان‪ 787،‬هذه اإلجراءات يمكن تلخيصها في خمسة مراحل االقتراح‪،‬‬
‫التداول‪ ،‬التصويت‪ ،‬اإلصداروالنشر‪.‬‬
‫فحق االقتراح يعرف بأنه العمل الذي يمع األسس األولى للتشريع بحيث يرمي تحمير‬
‫مقترحات أو مشاريع قوانين بعد المبادرة إلعدادها إلى ترجمة األفكار األساسية األولى‪ ،‬مشروع‬
‫قانون تتقدم به الحكومة المتمثلة في رئيسها حينما تشعربالحاجة إلى سن قانون لسد فراغ معين‬
‫في قطاع معين أو في احدى جوانبه‪ ،‬أو تنزيل سياسة عمومية‪ ،‬أو مقترح قانون من فريق نيابي أو‬
‫عمو أو أكثر من أعماء مجلس ي البرلمان في شأن اقتراح نص قانوني جديد يعبر عن حاجة‬
‫مجتمعية تحال بعد ذلك مشاريع ومقترحات القوانين من أجل النظرفيها‪.‬‬
‫على اللجان التي يستمر عملها خالل الفترات الفاصلة بين الدورات‪ 788،‬وتبعا للنظام‬
‫الداخلي ملجلس النواب فرئيس املجلس هو المسؤول على إحالة كل نص مشروع أو مقترح قانون‬
‫تم التوصل به على اللجنة الدائمة‪789.‬‬
‫تقوم األمانة العامة بتوزيع مقترحات القوانين التي تتوصل بها على باقي القطاعات‬
‫الحكومية من أجل أخذ رأيها‪ ،‬تبتدئ المناقشة بناء على جدول أعمال حيث يمع مكتب كل من‬
‫‪ - 784‬محمد وعزيز‪ ،‬القانون البرلماني المغربي‪ ،‬مسطرة التشريع دراسة نظرية وتطبيقية‪ ،‬الطبعة ‪ ،2002‬مطبعة فضالة ص‪.27.‬‬
‫‪- Joel Mekhaniar.doit politique et constitutionnelle. edition ESKA.paris.1997.p319.‬‬
‫‪785‬‬
‫‪- 786‬الفصل ‪ 42‬من الدستور ‪.2044‬‬

‫‪ - 787‬انظر المواد ‪ 74‬الى ‪ 412‬من النظام الداخلي لمجلس النواب ‪.2001‬‬
‫‪- 788‬الفصل ‪20‬من دستور ‪.2044‬‬
‫‪ - 789‬المادة ‪74‬من النظام الداخلي لمجلس النواب‪.2001‬‬
‫مجلس البرلمان جدول أعماله ويتممن هذا الجدول مشاريع ومقترحات القوانين‪ ،‬باألسبقية‬
‫ووفق الترتيب الذي تحدده الحكومة ‪790‬ويكون ألعماء البرلمان والحكومة حق التعديل‬
‫وللحكومة بعد افتتاح المناقشة أن تعارض في بحث كل تعديل لم يعرض من قبل على اللجنة‬
‫التي يعنيها األمر‪791.‬‬
‫بعد مرحلة االقتراح تحال مشاريع القوانين على أحد مكاتب مجلس ي البرلمان حسب‬
‫األولوية التي حددها الفصل ‪ 02‬من الدستور تودع مشاريع القوانين باألسبقية لدى مكتب‬
‫مجلس النواب غير أن مشاريع القوانين المتعلقة‪ ،‬على وجه الخصوص بالجماعات الترابية‪،‬‬
‫وبالقمايا االجتماعية‪ ،‬تودع باألسبقية لدى مكتب مجلس المستشارين‪ ،‬أما مقترحات القوانين‬
‫فتحال على مكتب املجلس الذي ينتمي إليها والذي يحيلها بدوره على اللجنة املختصة لدراستها‬
‫وتقديم التعديالت بشأنها والتصويت عليها‪792.‬‬
‫ال يتم التداول في مشاريع ومقترحات القوانين التنظيمية من قبل مجلس النواب إال بعد‬
‫مض ي ‪97‬أيام على وضعها لدى مكتبه وفق المسطرة المشارإليها في الفصل ‪.22‬‬
‫فعملية التصويت تعد من أهم التقنيات في المسطرة التشريعية إذ على أساسها تتحدد‬
‫قيمة النص بالقبول والمرور إلى المرحلة الموالية أو بالرفض فطريقة التصويت تكون إما‬
‫بواسطة الجهاز اإللكتروني المعد لذلك أو برفع اليد أو باالقتراع العمومي على المنصة‪ ،‬فبعد‬
‫اكتمال جميع مراحل مسطرة المصادقة يتم إصدار القوانين وتنفيذها بأمر من الملك خالل‬
‫ثالثين يوما‪ 793،‬بعد تمام المو افقة عليها وذلك بموجب ظهيرشريف‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الثنائية البرلمانية‪.‬‬
‫تبنى المغرب نظام الثنائية البرلمانية أول مرة مع الدستور األول للمملكة المغربية‬
‫سنة‪ 9162‬الفصلين(‪ )22-22‬غيرأن هذا النظام لم يدم طويال بعد إعالن الملك الراحل الحسن‬
‫الثاني لظروف سياسية حالة االستثناء بتاريخ ‪0‬يونيو‪ ،9162‬فعاد المغرب إلى نظام الغرفتين من‬
‫خالل دستور‪ ،9116‬فنظام الغرفتين هو نسق مؤسس ي يمارس فيه مجلسان مكونان بطرق‬
‫مختلفة وظائف برلمانية حسب شروط يحددها الدستور وقد تباينت اآلراء بصدد هذا النظام‬
‫‪ -790‬الفصل ‪ 22‬من دستور ‪.2044‬‬

‫‪- 791‬المادة ‪402‬من النظام الداخلي لمجلس النواب ‪.2001‬‬
‫‪-792‬جدوى الثنائية البرلمانية بالمغرب وأثرها على قوانين النواب‪ ،‬مجلة مغرب القانون‪www.Maroclaw.com. 2047/02/01،‬‬
‫‪- 793‬المادة ‪ 402‬من النظام الداخلي لمجلس النواب ‪.2001‬‬
‫بين اتجاه أكد على ضرورة وأهميته في الحياة السياسية للدول‪ ،‬وبين اتجاه أنكر رواده عليه هذه‬
‫األهمية‪ ،‬وفملوا في المقابل نظام املجلس الواحد‪ ،‬على اعتبار أنه يممن السرعة والبساطة في‬
‫ممارسة السلطة التشريعية بعيدا عن المساطر واإلجراءات الطويلة والمعقدة مع إمكانية‬
‫حدوث تصادم مستمر بين الغرفتين بالشكل الذي قد يؤثر سلبا في السياسة التشريعية للدولة‪،‬‬
‫إذ يمثل نظام الغرفتين تجزيئا لمبدأ السيادة التي ال ينبغي أن تتجزأ طبقا للممارسة‬
‫الديمقراطية‪794.‬‬
‫فتقنية إصدار القانون من بين التقنيات الدستورية التي يملكها الملك والتي تمكنه من‬
‫التأثيرعلى السلوك واألداء التشريعي‪ ،‬ويعد اإلصدارخطة قانونية البد أن يمربها التشريع‪.‬‬
‫واإلصدار يجعل من الملك سلطة تشريعية حقيقية‪ ،‬ألن اعتراضه على دخول نص‬
‫تشريعي حيز التنفيذ وعدم إصداره ينفي على النص وجوده القانوني‪795.‬‬
‫فتقنية اإلصدار تعتبر في غاية األهمية من حيث تحديد اتجاهات السلوك التشريعي التي‬
‫ينبغي على البرلمانيين نهجها وآلية مهمة للتأثيروالمغط على األداء التشريعي بما يتو افق ويتالءم‬
‫مع اإلرادة الملكية وقد عملت مختلف الدساتيرعلى تممين حق طلب القراءة الجديدة بالنسبة‬
‫للملك (الفصل‪ )12‬من دستور‪.2799‬‬
‫إذا كان البرلمان يستطيع أن يطيح بالحكومة عمال بالقاعدة التي تقول بأن أي جهازيتمتع‬
‫بسلطة إال وتجد أمامه سلطة ممادة ألجل الحفاظ على التوازن فإن الحكومة في شخص رئيسها‬
‫وكذا للملك‪ 796‬حق حل البرلمان كوسيلة رادعة‪ ،‬كما يشكل طلب القراءة الثانية نوعا من‬
‫االعتراف الملكي وذلك بخصوص المقترحات والمشاريع التي ال تحظى بقبول أو مو افقة الملك‬
‫ي‪797.‬‬ ‫إما لعدم مالءمتها للظروف االجتماعية واالقتصادية أو لعدم دستوريتها وتوجهها السياس‬
‫فمسطرة التشريع تتسم في الغالب بطول مدة صدورالنص القانوني‪ ،‬نظرا لعوامل تتصل‬
‫أساسا بتعدد المتدخلين سواء خالل مرحلة االعداد‪ ،‬حينما يتعلق األمر بمشاريع القوانين وما‬
‫يستلزمه ذلك من مشاورات بين القطاعات الحكومية المعنية أو غيرها من المؤسسات المعنية‪،‬‬
‫‪ - 794‬عبد الكريم غالب ‪ ،‬التطور الدستوري والسياسي بالمغرب‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة المغرب‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،4722‬ص‪.74‬‬
‫‪ -795‬يمينة هكو‪ ،‬المؤسسة التشريعية دراسة في البناء واالداء‪ ،‬التشريع والمراقبة حسب دستور‪ ،4772‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬
‫المعمقة في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2000-4777‬ص‪.222‬‬
‫‪ - 796‬الفصل ‪ 72‬من دستور‪.2044‬‬
‫‪ - 797‬محمد أزوال‪ ،‬اختصاصات رئيس الدولة في النظام الدستوري المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام‪ ،‬جامعة‬
‫محمد الخامس‪ ،‬كلية الحقوق الرباط سنة ‪،4721‬ص‪.220‬‬
‫أو من خالل مرحلة المصادقة واالعتماد باعتبارها مرحلة أساسية أمام ممثلي األمة وما يقتميه‬
‫ذلك من نقاشات لتطويرالنص القانوني وقد يتعلق األمربالمرورة على البحث على التو افقات‬
‫الالزمة للمصادقة على النص القانوني‪ ،‬غيرأنه قد نجد بعض النصوص التي تمربوالدات عسيرة‬
‫تجعل من صدورها أحيانا أمرا صعب المنال‪ 798،‬فدائما تتهم األغلبية البرلمانية فرق المعارضة‬
‫بمحاولة وضع عر اقيل أمام تقدم العمل التشريعي للمجلس عبرطلبات التأجيل المتكررة والتي‬
‫تؤثر سلبا بطبيعة الحال على تقدم األداء وتسبب في تراكم النصوص قيد الدراسة والتصويت‬
‫وتدخل بالتالي األغلبية والمعارضة في صراعات سياسية وهو ما يتعاكس مع تدبير أمثل للزمن‬
‫البرلماني‪799.‬‬
‫وهناك العديد من االكراهات التي تقيد حرية البرلمانيين في التشريع‪ ،‬وهي إكراهات تكون‬
‫إما بحكم القانون نفسه أو بحكم الو اقع‪ ،‬ويكون للحكومة الحق في أن تدفع برفض كل مقترح أو‬
‫مبادرة تعديل قانون تؤدي إلى خلق اختالل بميزانية الدولة أو الرفع من التكاليف أو تمس‬
‫بالموارد المالية‪800.‬‬
‫يحدد الدستور ‪ 2799‬في فصله ‪977‬مدة عشرين يوما للحكومة لإلجابة على األسئلة‬
‫المطروحة من طرف البرلمان تبدأ من تاريخ توصلها بالسؤال لكن الممارسة أثبتت بأن الجواب‬
‫وإن تحقق ال يتم إال خارج هذا اآلجل الدستوري‪801.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تأثيرالزمن التشريعي على جودة التشريع‪:‬‬
‫تمر عملية التشريع التي تنتج القوانين تحت قبة البرلمان بعدة مراحل قبل الوصول إلى‬
‫تطبيق هذه القوانين بعد نشرها بالجريدة الرسمية وتكون المسطرة التشريعية داخل البرلمان‪،‬‬
‫إما بمبادرة الفرق البرلمانية أو من الحكومة وحق المبادرة البرلمانية يكون من طرف عمو أو‬
‫عدة أعماء من الفرق البرلمانية الذين يتقدمون بمقترحات القوانين‪ ،‬أما الحكومة فتقدم‬
‫مشاريع القوانين وتعرضها للمصادقة على املجلس الحكومي‪ ،‬قبل عرضها على البرلمان‪ ،‬بحيث‬
‫تحظى باألولوية أثناء إدراجها في جدول أعمال اللجان الدائمة‪802.‬‬
‫‪P.d.ma//128747-67362.html.‬‬ ‫‪- 798‬رضى بوكمازي‪ ،‬هدر الزمن التشريعي بين اكراهات المسطرة وحسابات السياسيين‪.‬‬
‫‪- 799‬العربي الجديد‪ :‬البرلمان المغربي‪44.‬اكتوبر‪alaraby.co.uk/politics.. 2041‬‬
‫‪www.alakhbar.press.ma /78715 - 800‬‬
‫‪- 801‬محمد الغالي‪ :‬تقرير حول حصيلة العمل البرلماني السنة التشريعية‪ ،2001-2004‬المغرب في مفترق الطرق‪2002-2001‬‬
‫منشورات وجهة نظر مطبعة النجاح الجديدة ‪ ، 2002‬ص‪.21‬‬
‫‪802‬‬
‫‪- www0alakbar.press.ma.12/24/26‬‬
‫فظاهرة تقوية الجهازالتنفيذي أصبح مبدأ عاما في جميع األنظمة السياسية المعاصرة‪،‬‬
‫حيث تعد سيطرة الحكومة على املجال التشريعي القاسم المشترك بين جل األنظمة البرلمانية في‬
‫العالم‪ ،‬وقد أصبحت ظاهرة طبيعية بالنظر إلى تراجع الدور الذي يلعبه البرلمان في مقابل زيادة‬
‫سيادة الحكومة التي أصبحت تبادر التشريع من الناحية الو اقعية والفعلية مستغلة في ذلك‬
‫قدرتها على التحرك والسرعة وامتالك الوسائل المادية والقانونية‪.803‬‬
‫فالمؤسسة التشريعية لم تستطع أن تواكب اإلصالحات الدستورية وذلك من خالل عدة‬

‫مستويات حيث اليزال النظامين الداخليين للمجلسين دون المستوى المطلوب لتحقيق المالئمة‬
‫الفعالة للمقتميات الدستورية وتفصيلها‪ ،‬وتحقيق االنسجام المطلوب في المؤسسة‬
‫التشريعية‪ ،‬ذلك أن هناك قوانين تنظيمية لم تفعل بعد‪ ،‬كما أن النظامين الداخليين للمجلسين‬
‫لم يجيبا عن مجموعة من اإلشكاالت والتي يمكن ادراج بعمها على سبيل المثال‪:‬‬
‫عدم تمكن النظامين الداخليين للمجلسين من اإلجابة عن إشكالية اقتراح كال املجلسين‬
‫لنفس مقترح القانون مع العلم أنه يجوز أن يتم التصويت على مقترحين في املجال نفسه‪804.‬‬
‫فرغم ضعف السلطة التشريعية املخولة للبرلمان و اتساع السلطة التنظيمية املخولة‬
‫للحكومة ‪ ،‬فإن المشرع الدستوري قد خول البرلمان تفويض ما تبقى له من السلطة التشريعية‬
‫للحكومة وذلك في حالة التفويض التشريعي أو ما يسمى بقانون االذن الذي يرخص بموجبه‬
‫البرلمان لمنح األهلية القانونية للحكومة لممارسة الوظيفة التشريعية في مجال معين ولمدة‬
‫معينة ولبلوغ هدف دقيق‪805.‬‬
‫فهناك عدة أسباب تؤثر في جودة النص التشريعي من بينها استهالك معظم الوقت في‬
‫المناقشة العامة األولية للنص نظرية تراجع الزمن البرلماني‪ 806،‬فقد ارتبط التدبير القانوني‬
‫للزمن البرلماني كأهم أداة رقابية خمع توقيتها لتطور الممارسة البرلمانية كما تفش ي تنظيم‬
‫الزمن في الجلسات العامة أهمية خاصة ‪.‬‬
‫‪- 803‬يمينة هكو‪ :‬وظيفة التشريع مقاربة مغاربية ‪ ،‬المغرب والجزائر‪ ،‬مطبوعات الهالل‪ ،‬وجدة الطبعة األولى‪.2002‬‬
‫‪ - 804‬حليمة ماهير‪ :‬القانون البرلماني وتأطير الممارسة البرلمانية بعد دستور ‪،2044‬‬
‫السبت‪24‬ابريل‪hedpress.com/492625 .2007‬‬
‫‪- 805‬عبد الكريم الحديكي‪ :‬التأثير المتبادل بين الحكومة والبرلمان في النظام الدستوري المغربي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬اطروحة لنيل دكتوراه‬
‫في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬أكدال الرباط‪/2004/2002 ،‬ص‪.21‬‬
‫‪806‬‬
‫‪- pierre januel- depute- article publie par l’express le 23/07/2013 – théorème de la rétraction de temps‬‬
‫‪par lementaire. Blogs.lexpress.fr.‬‬
‫فتدبيرالزمن هو أساس كل معركة برلمانية حيث يكون من األهداف الرئيسية للمعارضة‬

‫هي إنهاك كل الحجج ضد النص قيد الدراسة ومعه أعطاب المقرر والحكومة في نفس الوقت‬
‫وهذه اإلرادة في التعطيل والتأخيرتكون في بداية الجلسة العامة وبخصوص المواد األولى في ترتيب‬
‫النص‪ ،‬ومناقشة المواد األولى تطول ويكثر فيها تبادل الحجج والتبريرات لكن شيئا فشيئا يبدأ‬
‫الوقت في التراجع‪ ،‬إلى أن يصل إلى دراسة سريعة لجوانب مهمة تم وضعها في آخر النص فهي‬
‫تقنية معروفة‪...‬وهناك عنصران يمكن أن يدخال في حساب هذه النظرية إما إلحالة على قراءة‬
‫ثانية للمشروع أو اقتراب موعد العطل‪807.‬‬
‫أما في حالة المراسيم التشريعية الصادرة في مجال القانون أثناء الفترة الفاصلة بين‬
‫الدورات البرلمانية أو ما يسمى بمراسيم المرورة فعلى غرارالدساتيرالسابقة نص دستور‪2799‬‬
‫في فصله ‪ 29‬على أن هناك بعض مراسيم القوانين تصدرها الحكومة دون حاجة إلى قانون اإلذن‬
‫استنادا إلى حالة المرورة وبهذه التقنية تصبح الحكومة مشرعا عاديا في الفترة الفاصلة بين‬
‫الدورات البرلمانية وهي فترة طويلة قد تساوي فترة اشتغال البرلمان ومن شروط إصدارمراسيم‬
‫المرورة‪.‬‬
‫‪ ‬وجود ضرورة تفرض إصدارهذه المراسيم‪.‬‬
‫‪ ‬أن يكون ذلك في الفترة الفاصلة بين دورات البرلمان‪.‬‬
‫‪ ‬أن يقع ذلك باالتفاق مع اللجنة التي يعنيها األمر‪.‬‬
‫‪ ‬عرض المراسيم على أنظارالبرلمان للمصادقة عليها‪.‬‬
‫باإلضافة إلى بعض الخالفات الجوهرية بين مختلف الفرقاء السياسيين حول منهجية‬
‫وضع بعض القوانين كالقانون المتعلق باالنتخابات وهي خالفات ال تشمل األغلبية في عالقتها مع‬
‫المعارضة فحسب بل توجد وسط األغلبية نفسها ويمكن أن نقدرما لهذه الخالفات من هدرغير‬
‫مبرر للزمن السياس ي‪ 808،‬وليس هناك شك أن برمجة األعمال البرلمانية في حيز زمني محدد هو في‬
‫‪807‬‬
‫‪- pierre januel-assistant parlementaire-– théorème de la rétraction de temps par lementaire. article‬‬
‫‪publie par l’express le 23/07/2013 Blogs.lexpress.fr.‬‬
‫‪www0assbah.press.ma 2014/10/20‬‬ ‫‪ -808‬محمد زين الدين‪ :‬استجواب نشر على الموقع االلكتروني لجريدة الصباح ‪.‬‬
‫حد ذاته يشكل عائقا في وجه انتاج نصوص تشريعية جيدة هذه المسطرة حسب بعض‬
‫البرلمانيين البريطانيين هي وسيلة تهدف إلى تحقيق الكم وال تنحني إلى تحسين جودة التشريع‪809.‬‬
‫فمن أبرز المعيقات العمل التشريعي أيما ظاهرة الغياب وهي ظاهرة تشكو منها جميع‬
‫البرلمانات‪ ،‬فهناك الغياب عن أشغال البرلمان‪ ،‬والغياب عن أشغال الفرق البرلمانية‪ ،‬وغياب‬
‫العطاء الفردي للنائب البرلماني‪ ،‬فليس هناك فرقا في كل هذه الحاالت‪ ،‬سواء على مستوى‬
‫ضعف المردودية في العمل البرلماني عموما والعمل التشريعي للبرلمان على الخصوص أو على‬
‫مستوى تراجع ترسيخ الفكر البرلماني ومصداقيات المؤسسات التمثيلية وتعميق‬
‫الديموقراطية‪810.‬‬
‫فمعالجة ظاهرة الغياب لدى البرلمانين ال يمكن اختزالها في التحفيزات المالية أو شراء‬
‫حمور البرلمانين‪...‬ألن المشكل أعمق من ذلك وبحاجة إلى مقاربة شمولية تنطلق من البرلماني‬
‫في حد ذاته‪ ،‬الذي ما يزال ينظر إلى الوظيفة البرلمانية من منظورالتشريف وليس التكليف‪811.‬‬
‫أما االقتراحات الممكنة للحد من ظاهرة الغياب على سبيل المثال فهي كثيرة ومتنوعة‬
‫ومن أهمها اإلعالن المستمرعن البرلمانيين المتغيبين‪812،‬في جميع الجلسات من خالل التفعيل‬
‫المستمرأللية المناداة على األعماء بأسمائهم عند الشروع في عملية التصويت‪ ،‬وتفعيل الجزاء‬
‫عن الغياب من خالل الرفع من قيمة المبالغ المقتطعة ألن هذه األخيرة تدفع النواب إلى الحمور‬
‫وبالتالي إلى اإلكثار من المبادرات التشريعية‪ ،‬إضافة إلى التأطيرالفكري والقانوني من طرف أطر‬
‫األحزاب‪813.‬‬
‫فإذا كانت المعيقات التي تطرقنا إليها تحد من السلطة التشريعية للبرلمان فإن هناك من‬
‫الظواهر والسلوكات ما يمكن تسميته بالمعيقات الذاتية والتي تشوش على مصداقية البرلمان‬
‫وتس يء إلى سمعته وصورته لدى الرأي العام من قبيل فشل األحزاب في لعب دورها واعتمادها‬
‫على مترشحين ضعيفي التكوين ألن األحزاب السياسية آلية عملية لتفعيل المشاركة السياسية‬
‫‪ - 809‬تجربة البرلمانات الوطنية‪ ،‬تقرير منشور في الموقع الرسمي لمجلس الشيوخ الفرنسي‪www.senat.fr ---‬‬
‫‪- 810‬محمد العبدي‪ ،‬القانون البرلماني المغربي‪ ،‬مركز الدراسات والبحوث اإلنسانية‪ ،‬وجدة محاضرة ‪.2047/04/24‬‬
‫‪ - 811‬عثمان الزياني‪ ،‬مفارقات الزمن البرلماني‪...‬في عبثية شراء حضور البرلمانيين مقال نشر في المساء‪.2042/40/44‬‬
‫‪www.maghress.com‬‬
‫‪ - 812‬رشيد المدور‪ ،‬العمل البرلماني في المغرب قضايا واشكاالت‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬المطبعة طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،2002‬ص‪.444-442‬‬
‫‪ - 813‬الحبيب الدقاق‪ ،‬العمل التشريعي للبرلمان أية حكامة؟ مقاربة نقدية للقانون البرلماني والممارسة التشريعية بالمغرب‪ ،‬مطبعة األمنية‪،‬‬
‫الرباط‪ 2007‬من ‪. 224-222‬‬
‫عن طريق استقطاب وتوظيف األعماء الفاعلين وتأهيلهم عبر دورات حزبية ألنه ال وجود‬
‫لديمقراطية دون حياة حزبية حقيقية‪814.‬‬
‫لترسيخ القيم الديمقراطية وقيم المواطنة ولتحديد المبادئ المؤطرة للممارسة‬

‫البرلمانية فعلى البرلمان أن يتجاوزالمعيقات في أداء مهامه ووظائفه التشريعية منها بالخصوص‬
‫وأن يطبق وبكل مسؤولية نصوص الدستورواألنظمة الداخلية التي جاءت بموجبه لكي يتسنى له‬
‫المرور إلى المرحلة المتقدمة من تدبير الزمن وتدارس معايير الجودة في األداء وهي من عناصر‬
‫الحكامة الجيدة وإلى إرساء قواعد التشاركية لممان فعالية النص التشريعي ومنها باإلضافة إلى‬
‫التفاعل اإليجابي بين األغلبية والمعارضة فإذا كان العمل البرلماني يتسم بنوع من التعقيد‬
‫والتقنية‪ ،‬فإن الكشف عن المستوى التعليمي للنخبة البرلمانية هو في حد ذاته يمكن اعتباره‬
‫كمتغير أساس ي يؤثر في السلوك واألداء‪ ،‬وبالتالي فإن صعوبة المهام والمسؤوليات البرلمانية‬
‫يتطلب وجود مستوى تعليمي ال بأس به‪.‬‬
‫لقد قام دستور ‪2799‬على تقوية دور البرلمان‪ ،‬وخصوصا مجلس النواب من أجل جعله‬
‫المعبر الحقيقي عن إرادة األمة وعلى الرغم من هذا التوجه فإن مؤسسة البرلمان عموما تظل‬
‫مشرعا استثنائيا أمام الحكومة التي يخول لها الدستور اختصاصات صريحة‪ ،‬وكذلك أثبتت‬
‫الممارسة السياسية دورها المهيمن على التشريع‪ ،‬فإذا كانت المستجدات الدستورية والقانونية‬
‫ضرورية ومهمة في تأطيرالعمل البرلماني فإنها تحتاج إلى نخب برلمانية أكثرجرأة‪.‬‬
‫سيف الدين احميطوش " اليات تعزيز جودة التشريع" رسالة لنيل دبلوم الماستر‬
‫المتخصص‪ ،‬القانون والممارسة القمائية‪ ،‬ص‪.2792-2790‬‬
‫المصطفى بنعلي‪ ،‬البرلماني المغربي اآلن‪ ،‬المطبعة والور اقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪.2779 ،‬‬
‫‪ - 814‬محمد شنقير‪ :‬ماهية الحزب السياسي‪ ،‬ترجمة على مقلد‪ ،‬دار النمار‪ ،‬بيروت‪ 4720‬ص‪.422‬‬
‫كلثوم جمال الدين‪ ،‬القانون البرلماني المغربي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪،‬‬
‫جامعة محمد األول‪.2776/2772،‬‬
‫محمد وعزيز‪ ،‬القانون البرلماني المغربي‪ ،‬مسطرة التشريع دراسة نظرية وتطبيقية‪،‬‬
‫الطبعة‪ ،2776‬مطبعة فمالة‪.‬‬
‫عبد الكريم غالب ‪ ،‬التطور الدستوري والسياس ي بالمغرب‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‬
‫المغرب‪ ،‬الطبعة األولى‪.9122‬‬
‫يمينة هكو‪ ،‬المؤسسة التشريعية دراسة في البناء واالداء‪ ،‬التشريع والمر اقبة حسب‬
‫دستور‪ ،9116‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة‪ ،‬السنة الجامعية‪.2777-9111‬‬
‫محمد أزواغ‪ ،‬اختصاصات رئيس الدولة في النظام الدستوري المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية الحقوق الرباط سنة ‪.9122‬‬
‫محمد الغالي‪ :‬تقرير حول حصيلة العمل البرلماني السنة التشريعية‪ ،2772-2771‬المغرب‬
‫في مفترق الطرق‪ 2772-2772‬منشورات وجهة نظرمطبعة النجاح الجديدة ‪.2772‬‬
‫يمينة هكو‪ :‬وظيفة التشريع مقاربة مغاربية ‪ ،‬المغرب والجزائر‪ ،‬مطبوعات الهالل‪ ،‬وجدة‬
‫الطبعة األولى‪.2776‬‬
‫حليمة ماهير‪ :‬القانون البرلماني وتأطير الممارسة البرلمانية بعد دستور ‪،2799‬‬
‫السبت‪20‬ابريل‪.hedpress.com/492625 .2771‬‬
‫‪depute- article publie par l’express le 23/07/2013 – théorème pierre januel--‬‬

‫‪de la rétraction de temps par lementaire. Blogs.lexpress.fr.‬‬
‫دور القضاء االجتماعي في تكييف عقود الشغل‬

‫‪The role of social justice in adjustment of the labour contracts‬‬
‫إن عقد الشغل من بين أكثرالعقود أهمية في حياة االنسان‪ ،‬سواء بصفته أجيرا أو مشغال‪.‬‬
‫بحيث يعد أداة فعالة ساهمت وتساهم بشكل كبير في تنمية الشعوب اقتصاديا واجتماعيا‪.‬‬
‫إن أهمية عقد الشغل دفعت التشريعات الحديثة إلى تأطير وتنظيم عالقات الشغل سواء‬
‫الفردية منها أو الجماعية من خالل قواعد قانونية متينة ومتماسكة‪ ،815‬الهدف منها ضمان‬
‫التوازن االقتصادي والحقوقي بين الفرقاء االجتماعيين‪.‬‬
‫ومما ال شك فيه انه مهما بلغت درجة تطور القاعد القانونية من حيث الصياغة اللغوية‬
‫والحمولة الحقوقية إال أنها لن تحقق األهداف المنشودة منها إال عن طريق تطبيقها من طرف‬
‫القماء تطبيقا سليما يالمس الو اقع االقتصادي و االجتماعي لألطراف المعنية بالشغل‪ ،‬فمن‬
‫الطبيعي أن ينتج عن عالقات الشغل نزاعات مختلفة بين طرفي عقد الشغل (أجير – مشغل)‬
‫وذلك بمناسبة تنفيذ أو إنهاء عقد الشغل‪ ،‬و التي ال تنتهي إال بعد عرضها أمام أنظار القماء‬
‫للفصل فيها‪.‬‬
‫ويعد إثبات عقد الشغل أحد أهم القمايا التي تطفو على عالقات الشغل بل وأكثرها ترددا‬
‫أمام القماء االجتماعي إلى جانب الفصل و إنهاء عقد الشغل إما ألسباب تعود لألجيرأو للمشغل‪.‬‬
‫إن آلية التكييف القمائي للعقود بصفة عامة و لعقود الشغل الفردية بصفة خاصة‬
‫يشكل أحد أهم المواضيع التي أسالت مداد فقهاء القانون‪ ،‬بحيث غالبا ما ترتبط آلية التكييف‬
‫بنظام االثبات الذي يعتبر الفيصل في البث في النزاعات االجتماعية المطروحة أمام القماء‪،‬‬
‫‪815‬ـ بالنسبة للمغرب فقد شكل هاجس جمع شتات القواعد القانونية المنظمة لعالقة الشغل في مدونة واحدة و مستقلة أحد أهم انشغاالت‬
‫المشرع المغربي‪ ،‬و التي بدأت من خالل النظام النموذجي لسنة ‪ 4712‬و انتهت بصدور قانون ‪ 22.77‬المتعلق بمدونة الشغل‪.‬‬
‫فغالبا ما يحاول المشغل أن ينفي العالقة الشغلية التي تجمعه باألجير بوصفها أحد أنواع‬
‫العقود المشابهة لعقد الشغل للتملص من االلتزامات القانونية الملقاة على عاتقه اتجاه‬
‫ بالمقابل يتشبث األجير بوصف العقد بعقد الشغل بل يدفع دائما باعتباره عقد شغل‬،‫أجرائه‬
‫ فيبقى القماء‬،‫غير محدد المدة نظرا للممانات و الحقوق الذي يمنحها هذا العقد لألجراء‬
‫الجهة المنوط لها بتحديد الوصف الدقيق و الحقيقي للعقد الرابط بين طرفي النزاع من خالل‬
.‫تفعيل آلية التكييف القمائي للعقود‬
ABSTRACT
Labour contracts play a crucial role in both individuals' lives as workers and
employers. They serve as an effective tool that significantly contributes to
economic and social development. Recognizing the significance of labour
contracts, modern legislation has established robust and coherent legal
regulations to govern individual and collective labour relations. These laws aim to
maintain a balance between economic interests and human rights among
different social groups.
It is important to acknowledge that the effectiveness of legal rules depends

not only on their linguistic formulation and rights provisions but also on their
proper application by the judiciary. The judiciary must consider the economic and
social realities of the parties involved. Consequently, disputes often arise between
the employer and employee during the execution or termination of the
employment contract. These disputes may only be resolved through judicial
intervention.
Proof of the employment contract is a critical matter that frequently arises in

labour relations, often becoming a primary issue before social justice, along with
cases of dismissal and contract termination. Scholars and legal experts have
extensively examined the judicial mechanisms used to address contract disputes,
particularly employment contracts. These mechanisms are crucial in resolving
‫‪social conflicts before the courts. The evidentiary system is closely intertwined‬‬
‫‪with the adaptation mechanism, as it plays a decisive role in social disputes‬‬
‫‪presented in court. In an attempt to avoid legal obligations, employers often‬‬
‫‪attempt to deny the existence of an employment relationship and treat it as a‬‬
‫‪different type of contract. However, employees should be entitled to the‬‬
‫‪guarantees and rights provided by an indefinite employment contract. It is the‬‬
‫‪responsibility of the judiciary to determine the accurate and authentic description‬‬
‫‪of the contract between the conflicting parties by operationalizing the judicial‬‬
‫‪adjustment mechanism for contracts.‬‬
‫يعتبر القماء بشكل عام والقماء االجتماعي بشكل خاص‪ ،‬فاعال أساسيا في مجال تنظيم‬
‫عالقات الشغل الفردية والجماعية وما ينتج عنها من آثار‪ ،‬بحكم أنه الجهة الموكول لها تفعيل‬
‫النصوص القانونية وبث الروح فيها‪ ،‬بل األكثر من ذلك فهو يقوم أحيانا بتقديم حلول لمشاكل‬
‫جد مستعصية‪ ،816‬وله دوربارزأمام نزاعات الشغل الفردية في سبيل وصوله إلى تحقيق العدالة‬
‫االجتماعية المرتقبة منه‪ .‬و إذا كان الهدف األول لقانون الشغل يرتكز باألساس على تنظيم‬
‫عالقات الشغل وفقا لمبدأ حسن النية‪ ،817‬من خالل إقرارمفاهيم جديدة مرتبطة بحقوق األجير‬
‫من جهة ومتطلبات المقاولة من جهة أخرى‪ ،‬فإن الحماية القمائية لطرفي عقد الشغل مطلب‬
‫اقتصادي واجتماعي يخدم مصالح المؤسسة بكل مكوناتها‪ ،‬وبشكل يكفل ضمان االستقرار‬
‫االجتماعي المرغوب فيه‬
‫وأمام التطور الكبير الذي عرفه العمل القمائي عند أو بمناسبة النظر في النوازل‬
‫المعروضة أمامه م خالل الحرص الالزم على ضمان استقرار عقود الشغل بصفة عامة ‪818‬و‬
‫‪ -816‬عبد اللطيف شنتوف القضاء االستعجالي في الما دة االجتماعية بين الواقع والمأمول‪ ،‬مجلة القضاء المدني العدد ‪ ،9‬سنة ‪ ،2101‬ص‬
‫‪.001‬‬
‫‪ -817‬عز سعيد العمل القضائي المغربي في نزاعات الشغل الفردية مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،011‬انظر كذلك يونس العياشي‪ ،‬استقرار عالقات‬
‫الشغل في القانون المغربي والقانون المقارن‪ ،‬أطروحة لنيل دبلوم الدكتوراه في الحقوق جامعة محمد الخامس أكدال‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2102/2100‬ص ‪ 29‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 818‬ـ شيماء جوهري‪ ،‬دور القضاء االجتماعي في نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر تخصص قانون األعمال‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية و االقتصادية و االجتماعية أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط ‪، 2044 ،‬الصفحة ‪. 2‬‬
‫استمرار نشاط المقاولة باعتبارها الخلية األساسية و النواة االقتصادية الداعمة لتنمية‬
‫املجتمع‪.‬‬
‫تنصرف الحماية القمائية لألجير أثناء قيام العالقة الشغلية إلى تلك المؤطرة من طرف‬
‫القاض ي أثناء مزاولة األجير لعمله‪ ،‬بحيث يحرص على تكييف عقود الشغل وكذا تحديد طبيعتها‬
‫القانونية وفق الشكل الصحيح‪.‬‬
‫فغالبا ما يميل المشغلون إلى وصف العقد باملحدد المدة‪ ،‬نظرا لما يتيحه هذا األخير من‬
‫ليونة في اإلنهاء و من محدودية الممانات القانونية املخولة لألجيرالذي يتعاقد في إطاره‪.819‬‬
‫وفي هذا اإلطار يبرز دور القماء في تكييف عقود الشغل بناءا على مجموعة من العناصر‬
‫الجوهرية التي يقوم عليها‪.‬‬
‫وبالتالي نطرح التساؤل حول مدى مساهمة العمل القمائي في إيجاد حل لإلشكالية‬
‫المرتبطة بعقد الشغل من حيث التكييف بصفة عامة ومن حيث تمييز عقد الشغل املحدد‬
‫المدة عن غيراملحدد المدة بصفة خاصة؟‬
‫وعلى هذا األساس سنقوم بتقسيم هذا الموضوع إلى مطلبين‪ ،‬حيث سنبين في المطلب‬
‫األول ماهية التكييف القمائي‪ ،‬لنخصص المطلب الثاني لعالقة التبعية باعتبارها عنصرا‬
‫أساسيا في تكييف عقود الشغل‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ماهية التكييف القمائي لعقد الشغل‪:‬‬
‫فيما مض ى كان األصل أن يعمل ألجير لدى المشغل لمدة زمنية معينة‪ ،‬أي أنه يرتبط معه‬
‫بعقد شغل محدد المدة‪ 820‬وذلك اعتمادا على مممون الفصل ‪ 020‬من قانون االلتزامات‬
‫والعقود الذي جاء فيه <<ال يسوغ للشخص أن يؤجر خدماته إال إلى أجل محدد‪ .>>...‬كما أن‬
‫النظام النموذجي ل ‪ 21‬أكتوبر‪ 9122‬ميزفي مادته األولى بين األجراء الثابتين و المؤقتين و اعتبرأن‬
‫األصل هو أن يبرم عقد الشغل لمدة محددة و لو تجاوز االمر مدة سنة استنادا على مبدأ حرية‬
‫اإلرادة‪.‬‬
‫‪ -819‬محمد سعيد‪ ،‬أثر العمل القضائي على عقود الشغل‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‪ ،‬جامعة محمد األول كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2111/2119‬ص ‪.00‬‬
‫‪ -820‬فتح الله الزين عرفات‪ ،‬الطبيعة القانونية لعقد الشغل ومبدأ استقرار العالقات الشغلية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في قانون‬
‫خاص‪ ,‬الحسن الثاني‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية عين الشق الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2111/2112‬ص ‪.000‬‬
‫لكن مع مرورالزمن انقلبت الحماية القائمة لصالح األجيرمن العقد املحدد المدة في إطار‬
‫قانون االلتزامات والعقود و كذا النظام النموذجي الملغى ‪ ،‬إلى العقد غير محدد المدة ضمن‬
‫مدونة الشغل‪ ،‬ليصبح هذا األخيراألكثراطمئنانا واستقرارا له‪.821‬‬
‫ويعد التكييف من أهم العمليات التي يباشرها قاض ي الموضوع‪ ،‬حيث غالبا ما يختلف‬
‫وصف عقد الشغل المتنازع فيه بين أطر افه‪ ،‬إذ يتمسك األجير بكون العقد غير محدد المدة‬
‫نظرا إلى الحقوق واالمتيازات التي يمنحها له‪ ،‬في حين يصفه المشغل باملحدد المدة العتبارات‬
‫تهم حماية مصالحه االقتصادية‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف التكييف القمائي‪:‬‬
‫لم يعرف المشرع المغربي مصطلح التكييف‪ ،822‬تاركا ذلك للفقه والقماء‪ .‬حيث اكتفى في‬
‫الفصل الثالث‪ 823‬من قانون المسطرة المدنية بالنص على أنه ‪<:‬يتعين على املحكمة أن تبث في‬
‫حدود طالبات األطراف‪ ،‬وتبث دائما وفقا للقوانين المطبقة على النازلة ولو لم يطالب األطراف‬
‫ذلك بصريح العبارة>‪ ،‬كما نص المشرع على مسألة التأويل والتكييف في الفصول من ‪ 269‬إلى‬
‫‪ 202‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬إال أن عملية التكييف تتجاوز مممون هذه الفصول من‬
‫خالل جعل القماء جهازا إيجابيا وفعاال‪،824‬يحرص كل الحرص على تمحيص وقائع النزاع من‬
‫أجل تحديد طبيعة العقد وكذلك الحفاظ على المراكزالقانونية ألطر افه‪.‬‬
‫ويعد التكييف تلك العملية التي يهدف القاض ي من ورائها إلى إضفاء الوصف القانوني على‬
‫التصرف الذي صدر عن المتعاقدين‪ ،825‬وبالتالي فهو عملية ذهنية غايتها البحث عن العالقة‬
‫التي تربط الوقائع التي استخلصها قاض ي الموضوع بالنص القانوني‪ ،826‬والهدف منها معرفة‬
‫القاعدة القانونية الواجبة التطبيق على النازلة‪ ،‬فمثال وصف العقد بأنه عقد شركة وهو في‬
‫‪ -821‬إدريس فجر‪ ،‬دور القضاء في حماية األجير‪ ,‬المجلة المغربية لقانون اقتصاد التنمية سنة ‪ ،0991‬عدد ‪ ،22‬ص ‪.21‬‬
‫‪-822‬يؤكد جانب من الفقه أن مصطلح التكييف يرتبط وجودا وعدما بعملية التفسير‪ ،‬حيث ال يمكن تكييف العقد إال بعد تحليل مضمونه واستقراء‬
‫الغاية من ه ‪.‬انظر عبد القادر العرعاري‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام في القانون المغربي _الجزء األول مصادر االلتزام الكتاب األول‪ ،‬نظرية‬
‫العقد‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 2102‬ص ‪.221‬‬
‫‪ -823‬ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 0.21.192‬بتاريخ ‪ 00‬رمضان ‪ 21/0291‬شتنبر ‪ 0921‬بالمصادقة على قانون المسطرة المدينة‪،‬‬
‫منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 2212‬مكرر بتاريخ ‪ 21‬شتنبر ‪ ،0921‬ص ‪.2210‬‬
‫‪ 824‬ـ البد و االعتراف أننا انتقلنا من عهد القضاء الكالسيكي المحايد الى مرحلة القضاء التدخلي‪ ،‬نظرا للطبيعة الخاصة لميدان األعمال و‬
‫خير دليل ما تم التنصيص عليه في الباب الخامس من مدونة ا لتجارة و المتعلق بمهام رئيس المحكمة التجارية فيما يخص تذييل صعوبات‬
‫المقاولة‪.‬‬
‫‪825‬ـ عبد القادر العرعاري‪ :‬مصادر االلتزام الكتاب األول نظرية العقد الطبعة الثالثة دار األمان ‪ 2044‬ص‪ 442‬و ص ‪.422‬‬
‫‪826‬ـ عز الدين الماحي مدى مساهمة االجتهاد القضائي في إنشاء القواعد القانونية‪ ،‬مجلة المنتدى العدد الرابع يوليوز ‪ 2001‬ص‪424‬‬
‫حقيقته عقد شغل يجعل من الحكم أو القرارالذي سيصل إليه القاض ي معيبا إذا تأسس على‬
‫الوصف الخاطئ‪.827‬‬
‫ولقد اختلف الفقه حول مسألة التكييف‪ ،‬حيث اعتبرها البعض مسألة قانون تخمع‬
‫لرقابة محكمة النقض‪ ،828‬فيحين يرى جانب آخر من الفقه أن عملية التكييف تدخل في مجال‬
‫الو اقع ال القانون‪ ،‬فهي عبارة عن عمل ذهني محض يتمثل في المقارنة بين وقائع النازلة من جهة‬
‫وروح القاعدة القانونية من جهة أخرى‪.829‬‬
‫و يبدو أن االتجاه األول المعتبر مسألة التكييف من أمور القانون ويخمع فيها قاض ي‬
‫الموضوع الرقابة محكمة النقض حري بالتأييد لماله من انعكاس إيجابي على حقوق األجير‬
‫خصوصا عندما يقوم المشغل بفرض الوصف الذي يختاره ويممنه في صلب العقد‪.830‬‬
‫ورقابة محكمة النقض على التكييف الذي أقره قاض ي الموضوع جسدت في الكثير من‬
‫المناسبات حيث جاء في إحدى قراراتها‪ ...":831‬ومن جهة ثانية أن العناصر البديهية المكونة‬
‫لعالقة الشغل وردت في العقد المتنازع فيه الذي أشار إلى األجرة الشهرية وتعويض ساعات‬
‫العمل اإلضافية‪ ...‬وتجاهل املحكمة لهذه العناصر التي تعرف بعقد الشغل‪ ،‬و اكتفاؤها بعنوان‬
‫العقد للتأكيد بأن األمر يتعلق بعقد مقاولة تكون قد ارتكبت تحريفا واضحا يجعل القرار‬
‫المطعون فيه بدون أساس"‪.‬‬
‫و قد حاول القماء خلق معاييرمعينة لتكييف عقد الشغل و تمييزه عن العقود األخرى بل‬
‫التمس الدقة أيما في تمييز أصناف عقد الشغل ‪ ،‬حيث كان له الفمل في توجيه التشريع‬
‫االجتماعي من أجل إقرار معايير التمييز بين عقد الشغل املحدد المدة و عقد الشغل غير محدد‬
‫المدة من خالل اعتبارأن األصل في إبرام عقد الشغل أن يكون لمدة غيرمحددة مادام القماء‬
‫يستحمر الحماية القصوى لألجير‪ ،‬بل ألكثر من ذلك فقد اعتبر أن تممين العقد شرطا يحدد‬
‫طبيعته في الشكل املحدد المدة‪ ،‬ال يعني أن هذا الشرط يعبر عن الهدف الحقيقي من العقد‪،‬‬
‫‪827‬ـ محمد سعيد أثر العمل القضائي على تكييف عقود الشغل مرجع سابق ص‪41.‬‬
‫‪828‬ـ محمد لبيب شنب موجز في مصادر االلت زام المصادر اإلرادية العقد(اإلرادة المنفردة) دار النهضة العربية بيروت لبنان طبعة‪4740‬‬
‫ص ‪.212‬‬
‫‪829‬ـ نبيل إسماعيل عمر‪:‬سلطة القاضي التقديرية في المواد المدنية و التجارية منشأة المعارف اإلسكندرية مصر طبعة‪ 4727‬ص‪.411‬‬
‫‪830‬ـ محمد سعيد بناني قانون الشغل بالمغرب عالقات الشغل الفردية الجزء األول مطبعة دار السالم طبعة يناير ‪ 2004‬ص‪.420‬‬
‫‪831‬ـ قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) صادر بتاريخ ‪ 44‬ماي ‪ 4771‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 2/7244‬مجلة اإلشعاع العدد‬
‫‪ 41‬السنة الثامنة ‪ 4772‬ص ‪ .47‬وسنتطرق بتفصيل إلى التمييز بين عقد الشغل والعقود األخرى المشابهة في المطلب الثاني‪.‬‬
‫وهذا ما يمكن استنباطه من حكم صادر عن املحكمة االبتدائية بالدار البيماء‪ 832‬عندما اعتبر‬
‫أن العقد الذي يتممن شرط المدة املحددة‪ ،‬ال يمنع القاض ي تبعا للظروف ونية الطرفين أن‬
‫يستنتج العكس‪.‬‬
‫وما يجب التأكيد عليه إذن بخصوص عملية التكييف هوأنه من واجب القاض ي االجتماعي‬
‫أن يستحمرالطابع الحمائي لقانون الشغل كأحد أبرزاألولويات التي يرتكزعليها أثناء قيامه بهذه‬
‫العملية‪.833‬‬
‫ولما كان لتكييف عقود الشغل أثربالغ على حقوق األجراء خصوصا عند إنهاء هذه العقود‪،‬‬
‫سنحاول الوقوف في الفقرة الموالية عند دور القماء في التمييز بين عقد الشغل املحدد المدة‪،‬‬
‫وعقد الشغل غيراملحدد المدة‪ ،‬وكذلك موقفه من مسألة تحول العقد من املحدد إلى غيراملحدد‬
‫المدة‪.‬‬
‫فقرة ثانية‪ :‬أحكام التكييف القمائي لعقد الشغل‪:‬‬
‫إن التمييزبين عقد الشغل محدد المدة وغيرمحدد المدة يكتس ي من األهمية بمكان بالنظر‬
‫إلى اختالف اآلثار القانونية المترتبة عن إنهاء كل منهما‪ ،‬خصوصا أن القماء المغربي لم يعتمد‬
‫معيارا محددا للتفرقة بينهما‪.‬‬
‫ولقد أشار المشرع المغربي من خالل المادة ‪ 96‬من مدونة الشغل إلى ثالث أنواع من‬
‫العقود‪ :834‬عقد شغل غير محدد المدة حيث اعتبره األصل‪ ،835‬عقد شغل لمدة محددة وعقد‬
‫شغل إلنجاز عمل معين‪ ،‬إال أننا سنركز على تمييز عقد الشغل محدد المدة (أوال) وعقد الشغل‬
‫غيرمحدد المدة (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أحكام عقد الشغل محدد المدة‪:‬‬
‫‪ -832‬حكم ابتدائي صادر عن ابتدائية الدار البيضاء بتاريخ ‪ 1‬أبريل‪ 0992‬مجلة المحاكم المغربية ‪ 29‬أكتوبر‪.0992‬‬
‫‪ -833‬جاء في إحدى قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) أنه "إذا عجز رب العمل عن إثبات نوعية العمل والكيفية التي يقع على‬
‫أساسها تشغيل العمال‪ ،‬كان للمحكمة أن تستخلص من ذلك أن العمل كان مستمرا" قرار رقم ‪ 929‬صادر بتاريخ ‪ 0912/00/29‬في الملف‬
‫االجتماعي عدد ‪ 92122‬مجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ 20‬مارس ‪0912‬ص ‪.000‬‬
‫‪ -834‬تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 01‬من مدونة الشغل على ما يل ي‪" :‬يبرم عقد الشغل لمدة غير محددة‪ ،‬أو لمدة محددة‪ ،‬أو إلنجاز شغل‬
‫معين" انظر كذلك يونس العياشي مرجع سابق‪ ،‬ص ‪021‬‬
‫‪ -835‬ويتجلى ذلك صراحة عندما اعتبر المشرع حاالت إبرام عقد الشغل المحدد المدة جاءت على سبيل الحصر من خالل المادة ‪ 02‬و ‪01‬من‬
‫مدونة الشغل وهذا أيضا ما ذهب إليه المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) في قرار له‪ ..." :‬من خالل استقراء مقتضيات المادتين ‪ 21‬و‬
‫‪ 22‬من مدونة الشغل يتجلى أن األصل في عقود الشغل أنها غير محددة المدة واالستثناء أن يتم إبرامها لمدة محددة" قرار عدد ‪200‬‬
‫صادر بتاريخ ‪ 2119/1/01‬في ملف عدد ‪ 2111/0/9/111‬منشور بنشرة قرارات المجلس األعلى الغرفة االجتماعية العدد ‪ ،2100 ،2‬ص‬
‫‪.00‬‬
‫تعد دراسة عقد الشغل املحدد المدة من أحد أهم المواضيع وأكثرها تميزا ‪،‬حيث شكل‬
‫هذا العقد هاجسا و تخوفا كبيرين لفئة عريمة من األجراء‪ ،‬فالقاض ي االجتماعي قد يعي فعال‬
‫وجود خلل في التوازن بين أطراف العالقة الشغلية من خالل تحايل المشغلين على العقد غير‬
‫محدد المدة بوصفه عقدا محدد المدة‪ ،836‬فيكون القاض ي تبعا لذلك ملزما بمعرفة نطاق عقد‬
‫الشغل املحدد المدة و إبرازحاالته القانونية وتحديد موقف القماء إزائها نظرا لما تحمله هذه‬
‫العقود من خالفات فقهية وتباينات واضحة على مستوى العمل القمائي‪.‬‬
‫لم يعمد المشرع المغربي إلى تعريف عقد الشغل محدد المدة‪ ،‬بل ترك هذه المهمة إلى‬
‫الفقه باعتباره الجهة األصلية المكلفة بتحديد المفاهيم‪ ،‬حيث يرى جانب من الفقه‪ 837‬أنه‬
‫يكون عقد الشغل محدد المدة إذا حدد له تاريخ معين ينتهي فيه‪ ،‬حيث ينتهي العقد بحلول ذلك‬
‫التاريخ‪ ،‬كما يعد العقد محدد المدة إذا كان مبرما لتنفيذ عمل معين بالذات بحيث ينتهي العقد‬
‫بانتهاء العمل المتفق عليه ‪ ،‬أو إذا كان العقد مرتبطا بعمل موسمي‪.838‬‬
‫وبالرجوع إلى ما نصت عليه المادتين ‪ 96‬من مدونة الشغل نجد أن المشرع المغربي نظم‬
‫عقد الشغل املحدد المدة‪ 839‬وحدد حاالت إبرامه على سبيل الحصر‪ ،‬بحيث خارج هذه الحاالت‬
‫يعتبرالعقد غيرمحدد المدة وفي ذلك تأصيل لهذا العقد‪.840‬‬
‫حيث تنص المادة ‪ 96‬على هذه الحاالت الحصرية التي يمكن فيها للمشغل إبرام عقود‬
‫الشغل محددة المدة كما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬إحالل أجير محل أجير آخر في حالة توقف عقد هذا األخير ما لم يكن التوقف ناتج عن‬
‫إضراب‪ :‬ففي هذه الحالة يسوغ للمشغل إبرام عقد شغل محدد المدة مع األجير الذي‬
‫سيحل محل اآلخرالذي توقف عقد شغله بإحدى األسباب المنصوص عليها بالمادة ‪12‬‬
‫من مدونة الشغل‪ ،‬وبالتالي يصبح من نافلة القول التأكيد على أنه مادام توقف العقد‬
‫يكون بصفة مؤقتة فإن األجير الذي سيعوض األجير الغائب سيؤدي عمله في إطار عقد‬
‫‪ -836‬محمد سعيد بناني‪ ،‬القاضي االجتماعي ومبدأ استقرار الشغل ندوة "الشغل والمجتمع" جامعة محمد بن عبد الله كلية الحقوق فاس من ‪1‬‬
‫إلى ‪01‬أبريل ‪ ،0912‬ص ‪.91‬‬
‫‪-837‬دنيا مباركة‪ ،‬الوجيز في القانون االجتماعي‪ ،‬دار الجسور وجدة طبعة ‪ ،2111‬ص ‪.021‬‬
‫‪838‬ـ لقد اعتبر القضاء العمل الموسمي‪ ،‬ذلك العمل المنجز في مواسم دورية ومنتظمة دون النظر إلى المدة التي يستغرقها قرار صادر عن‬
‫الغرفة االجتماعية بالمجس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 9‬بتاريخ ‪ 0992/2/2‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 99/111‬منشور بمجلة‬
‫المحامي‪ ،‬عدد ‪ 22-22‬سنة ‪ 0991‬ص ‪ 209‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -839‬ياسين المتحف مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪ -840‬محمد الشرقاوي‪ ،‬عالقات الشغل بين تشريع الشغل ومشروع مدونة الشغل دار القلم‪ ،‬الرباط الطبعة األولى ‪ ، 2112‬ص ‪.19‬‬
‫تطغى عليه صيغة التحديد‪ .‬وتجدراإلشارة أن المشرع لم يحدد مدة قصوى أودنيا إلبرام‬
‫هذا النوع من العقود‪ ،‬و هو ما يعني أن المشغل بإمكانه إبرام عقود شغل محددة المدة‬
‫ليس فقط لشهور و إنما لسنوات‪ ،‬السيما في حالة توقف العقد بسبب مرض منهي أو‬
‫حادثة شغل‪ ،‬عالوة على كون الحالة الصحية لألجير المريض قد تتعرض لالنتكاس وهو‬
‫ما قد يطيل مدة التوقف عن العمل‪.841‬‬
‫‪ ‬ازدياد نشاط المقاولة بكيفية مؤقتة‪ :‬ذلك أن المقاولة قد تتعاطى إحدى األنشطة التي‬
‫تتميز بازدياد فترات الطلب على خدماتها أو السلع التي تروجها‪ .‬لذلك نرى أنه يتعين على‬
‫القماء التثبت من طبيعة الشغل المراد انجازه في إطار عقد الشغل املحدد المدة‪ ،‬في‬
‫انتظارقيام المشرع بتحديد مدة قصوى ال ينبغي تجاوزها في حالة ازدياد نشاط المقاولة‬
‫بصفة مؤقتة‪.‬‬
‫‪ ‬إذا كان الشغل ذو طبيعة موسمية‪ :‬إذا كان العمل الموسمي هو عمل ينجز في مواسم‬
‫دورية ونظامية‪ ،‬فإن صفة الدوام ليست من صفات الشغل الموسمي‪ 842‬حيث إن‬
‫الحديث عن عقد الشغل الموسمي يؤكد أنه عقد يرتبط بشرط األجل‪ ،‬وأن تنفيذه يتم‬
‫داخل موسم معين ومحدد وبالتالي فصفته هاته تتوقف على احترام المشغل لعنصر‬
‫األجل المروري للعقد محدد المدة‪.‬‬
‫ونظرا للصعوبة الموجودة في تحديد مفهوم هذا العقد إضافة إلى صعوبة تحديد فترته‪،‬‬
‫تطرح مجموعة من التساؤالت‪ ،‬أهمها‪ :‬كيف تعامل القماء االجتماعي مع وسائل إثبات هذا‬
‫العقد؟‬
‫رغبة من القماء المغربي في وضع حد للتمارب الحاصل في تحديد ماهية األعمال و‬

‫األشغال الموسمية وكذا تعريف عقد الشغل المرتبط بها‪ ،‬تم اللجوء إلى مجموعة من وسائل‬
‫اإلثبات التقليدية‪ ،‬من خبرة وورقة األداء وشهادة الشهود‪ ،‬حيث تم تكليف األجير بإثبات مدى‬
‫ـفي هذه الحالة البد أن نشير إلى مقتضيات المادة ‪ 222‬من مدونة الشغل التي اعتبرت األجير في حكم المستقيل إذا زاد غيابه عن ‪011‬‬
‫‪841‬‬
‫يوماــ‬
‫متوالية خالل مدة ‪ 291‬يوما أو إذا فقد قدرته على العمل‪ ،‬و هنا نقول أن المشرع أعطى المشغل رخصة خطيرة يستطيع من خاللها‬
‫االحتفاظ باألجير الذي تجاوز مدة المرض القانونية أو االستغناء عنه‪ ،‬و نفس الشيء بالنسبة لحالة فقدان االجير القدرة على العمل و بالتالي‬
‫نرى حتمية التدخل القضائي لمراقبة تطبيق هذه المادة و مقارنتها بمدى حسن نية المشغل أثناء استعمالها‪.‬‬
‫‪842‬ـ ‪4‬فتح الله الزين عرفات مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.244‬‬
‫استمرارية أوموسمية العقد الذي أقدم على إبرامه‪ ،‬حيث جاء في إحدى قرارات املجلس األعلى‪843‬‬
‫(محكمة النقض حاليا)" حيث إن املحكمة لما لها من سلطة تقديرية في تكييف شهادة الشهود‪،‬‬
‫لم تعتمد على شهادتهم‪ ،‬ولم ترتكزإليها لعدم إثبات سند العلم وثبت لديها من خالل أوراق األداء‬
‫المدلى بها والتي لم تكن مسترسلة أن األجيرهو عامل موسمي مرتكزعلى أساس"‪.‬‬
‫وهو نفس ما ذهبت إليه استئنافية الدارالبيماء في قرار‪ 844‬لها الذي جاء فيه"‪ ...‬وحيث أن‬
‫املحكمة بعد االطالع على أوراق الملف ودراسة القمية اتضح لها أن ما يدعيه المستأنف غير‬
‫صحيح‪ ،‬ذلك أن هذا األخير استدل رفقة مقاله بورقة أداء تتعلق بشهر‪ ،‬تشير البيانات المدونة‬
‫فيها إلى أن تاريخ شروع المستأنف في العمل لدى المستأنف عليها هو ‪ 2771‬وهو نفس التاريخ‬
‫الذي يتممنه العقد المؤقت الذي استدلت به المستأنف عليها‪ ،‬و يقره المستأنف وال ينازع في‬
‫جديته‪ ...‬وحيث أن هذا الموقف يتممن إقرار المستأنف بكونه اشتغل لدى المستأنف عليها‪،‬‬
‫في إطارعقود محددة مما يزكي ويدعم موقف المشغلة‪ ،‬ويؤكد صحة ما تدفعه ويدل بالتالي على‬
‫أن إرادة الطرفين انصرفت منذ البداية إلى جعل عالقة الشغل التي تربط بينهما منظمة في عقود‬
‫محددة المدة نظرا إلى موسمية العمل التي تقوم به المشغلة‪ ..‬فإن املحكمة إذن تعتبرأن العالقة‬
‫التي كانت تربط الطرفين لم تكن مستمرة و إنما مؤقتة‪ ...‬وتعلن تبعا لذلك أن الحكم االبتدائي‬
‫كان في محله لما ذهب في هذا االتجاه وتعلن عن تأييده في جميع مقتمياته‪".‬‬
‫ونستحمرأيما في نفس الموضوع قرار‪ 845‬آخرللمجلس األعلى (النقض حاليا) الذي جاء‬
‫فيه‪ ..." :‬لكن‪ ،‬حيث إنه لما كان األجير هو الملزم قانونا بإثبات مدة العمل واستمراريتها بانتظام‬
‫طبقا للفصل ‪ 111‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬واستنادا كذلك إلى قاعدة من أدلى بحجة فهو‬
‫قائل بما فيها‪.‬فإن ملف النازلة خال مما يثبت هذه االستمرارية‪ ،‬كما أن أوراق أداء األجرالتي أدلت‬
‫بها الطالبة تفيد صفتها كأجيرة موسمية‪ ،‬تعتبر حجة كتابية عليها‪ ،‬ال يمكن دحمها إال بحجة‬
‫مماثلة لها‪ ،‬ومحكمة الموضوع المطعون في قرارها لما خلصت إلى ثبوت موسمية عمل الطالبة‪،‬‬
‫تكون غير ملزمة بالجواب على ما تم التمسك به من مقتميات المادة ‪ 90‬من مدونة الشغل ما‬
‫‪843‬ـ قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 402‬صادر بتاريخ ‪ 2004/2/24‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 01/4/2/4472‬غير‬
‫منشور‪.‬‬
‫‪ -844‬قرار استئنافية الدار البيضاء‪ ،‬عدد ‪ 2999‬الصادر بتاريخ ‪ 2112/02/01‬في ملف عدد ‪ 2119/9192‬غير منشور‪.‬و هو ما خلص إليه‬
‫قرار آخر صادر عن نفس المحكمة عدد ‪ 1101‬صادر في ‪ 2112/1/9‬في الملف عدد ‪ 2111/2191‬غ م‬
‫‪ -845‬قرار صادر عن الغرفة االجتماعية بمحكمة النقض عدد ‪ 191‬صادر بتاريخ ‪ 2102/1/29‬في الملف االجتماعي عدد ‪،2102/2/9/0102‬‬
‫نشرة قرارات محكمة النقض العدد ‪ 02‬مطبعة األمينة الرباط ‪.2101‬‬
‫أيضا قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) رقم ‪ 0222‬صادر بتاريخ ‪ 2111/02/1‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 2119/9/210‬غير‬
‫دام أن طبيعة عمل الشركة المشغلة هو موسمي يكون قرارها جاء معلال بما فيه الكفاية‪ ،‬وما‬
‫أثيربالوسيلة ال أساس له"‪.‬‬
‫وما يمكن قوله بصدد هذه القرارات المذكورة أعاله‪ ،‬أن القماء المغربي كما رأينا يلزم‬
‫األجير بإثبات استمرارية‪846‬عمله‪ ،‬و صعوبة هذا اإلثبات تكمن في كون األجير يستعين في العديد‬
‫من الحاالت بوثائق صادرة عن المشغل و التي غالبا ما ال تكون في صالحه إلثبات ديمومته (ورقة‬
‫األداء مثال)‪.‬‬
‫وهنا نستحمر قرار املجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) الذي اعتبر أن محكمة‬
‫الموضوع لم تبني قرارها على أساس مقبول‪ ،‬لما اعتبرت أن األجير الذي تم فصله مجرد عامل‬
‫موسمي‪ ،‬باعتمادها على تقريرالخبرة المطعون فيها‪ ،‬والتي اعتمد الخبيرفي إنجازها على معلومات‬
‫ضمنت في سجالت المشغل رغم كونها غيرمنتظمة‪ ،‬معتمدة في ذلك تصريحات الشهود المستمع‬
‫إليهم من طرفها بخصوص إثبات استمرارية عالقة الشغل وهي الو اقعة التي يمكن إثباتها بجميع‬
‫الوسائل‪ .‬حيث جاء في حيثيات هذا القرار‪"847‬حيث تبين صحة ما عابه السبب على القرار‪ ،‬ذلك‬
‫أنه اعتمد فيما انتهى إليه من كون األجير يعتبرعامال موسميا على تقرير الخبير المعين من طرف‬
‫املحكمة‪ ،‬و الذي بني على ما ضمن بسجالت المشغل‪ ،‬الذي نفى الطاعن أن يكون قد وقع عليها‪،‬‬
‫والحال أن الحكم االبتدائي اعتمد في ثبوت و اقعة العمل واستمرارها على ما صرح به الشهود‬
‫المستمع إليهم‪ ،‬وهو ما يتفق ووسائل اإلثبات املحددة قانونا‪ ،‬والتي من بينها شهادة الشهود طبقا‬
‫ألحكام الفصل ‪ 272‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬والخبرة في هذا املجال اعتمدت على سجالت‬
‫المشغل‪ ،‬والتي لم يثبت أنها منظمة أو ممبوطة‪ ،‬والقرار وقد بث على النحو المذكور فقد كان‬
‫فاسد التعليل المنزل منزلة انعدامه المؤدي للنقض"‪.‬‬
‫من خالل ما سبق‪ ،‬يتضح أن معيار الموسمية كان محل نقاش قمائي حاد‪ ،‬الش يء الذي‬
‫يوضح صعوبة إعطاء تعريف جامع ومانع للعمل الموسمي‪ ،‬مما يؤدي أيما إلى تذبذب العمل‬
‫‪ -846‬جاء في إحدى قرارات المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) ما يلي‪ " :‬وخالفا لما نعاه الطالب على القرار‪ ،‬فإن المحكمة‪ ...‬ثبت لديها‬
‫من خالل تصريحات الشاهد‪ ..‬أن المدعي يعمل لدى الطالب مدة ‪ 1‬أو ‪ 9‬سنوات من بداية سنة ‪ 0991‬وكان يعمل بصفة مستمرة‪ ،‬وكان يشاهد‬
‫المدعي يعمل بالضيعة بصفة مستمرة كذلك‪ ،‬وخلصت إلى كون العالقة كانت قائمة بين المدعي والمدعى عليه ابتداء من ‪ 0991/0/00‬إلى‬
‫‪ 0991/02/0‬كما هو ثابت من شهادة شاهد اإلثبات التي تكون دائما مقدمة على شهادة شاهد النفي‪ "...‬قرار عدد ‪ 201‬صادر بتاريخ‬
‫‪ 2119/1/29‬في الملف االجتماعي عدد ‪ ،2119/0/9/212‬غير منشور‬
‫‪ -847‬قرار عدد ‪ 011‬الصادر بتاريخ ‪ 2119/2/00‬في الملف عدد ‪ 2111/9/1/9‬منشور بنشرة قرارات المجلس األعلى‪ ،‬نشرة متخصصة‬
‫الغرفة االجتماعية الجزء ‪ 2‬مطبعة األمينة الرباط ‪ ،2100‬ص ‪.01‬‬
‫القمائي في مجال تكييف العقود‪ ،‬وعلى الخصوص الموسمية منها باعتبارها أحد أهم صور‬
‫العقد املحدد المدة‪.‬‬
‫وبمفهوم مخالف نرى أن العمل القمائي اعتبر كل عقد أبرم لمدة ال تتجاوز ‪ 92‬شهرا مع‬
‫األخذ بعين االعتبار مدة العقود المبرمة في القطاع الفالحي‪ 848‬أو كل عقد أبرم بصفة منقطعة‬
‫يتصف بصفة العقد املحدد المدة والذي أقرله المشرع حاالت حصرية إلبرامه‪ ،‬ضمانا لحقوق‬
‫األجراء‪ .‬إال أن معيار االستمرارية أصبح قاصر التحديد طبيعة عقد العمل خصوصا بالنسبة‬
‫للعقود المبرمة في مدارس التعليم الخصوص ي ‪ ،‬حيث يعمد صاحب المدرسة (المشغل) الى‬
‫ابرام عقد عمل محدد المدة للفترة المتعلقة بالموسم الدراس ي و التي قد ال تتجاوز ستة أشهر‬
‫إلى تسعة أشهركأبعد تقدير( أي أنها ال تتجاوز مدة السنة المعتمدة للتمييزبين العقدين) وينتهي‬
‫بعدها ليجدد في السنة القادمة ‪،‬وقد تستمراالجيرة في خدمة المؤسسة لسنوات طوال من خالل‬
‫عقود محددة المدة ليصبح آنذاك معيار االستمرارية عاطال عن حمايتها ‪ .‬كما أننا نعتقد أن‬
‫القماء االجتماعي المغربي استعمل معيار السنة للتفرقة بين العقدين قياسا بالمادة ‪ 90‬من‬
‫مدونة الشغل و التي أضافت حاالت و بصفة حصرية إلبرام عقد شغل محدد المدة و هي حالة‬
‫فتح مقاولة ألول مرة أو مؤسسة جديدة داخل المقاولة أو انطالق منتوج جديد ألول مرة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أحكام عقد الشغل غيرمحدد المدة‪:‬‬
‫لقد أحجم المشرع المغربي عن تحديد تعريف عقد الشغل غير محدد المدة‪ ،‬تاركا ذلك‬
‫للفقه الذي لم يبخل عن إعطاء مجموعة من التعاريف المتقاربة بخصوص هذا النوع من‬
‫العقود‪.‬‬
‫حيث عرفه جانب من الفقه‪ 849‬بالعقد الذي ال يرتبط انتهاؤه عادة بأي أجل معين‪ ،‬أو‬
‫بو اقعة محددة‪ ،‬وال تسمح ظروف الشغل المطلوب إنجازه بتحديد مدته وبالتالي وقت انتهائه‪ ،‬أو‬
‫بعبارة أخرى هو العقد الذي لم يتفق طرفاه على إنهائه ضمن مدة معينة‪ ،‬أو لم يحدد له شغل‬
‫معين‪.850‬‬
‫‪ -848‬جاء في قرار لمحكمة النقض "لكن حيث إن الثابت من وثائق الملف‪ ...‬أن الطاعن كان يشتغل بصفته عامال مؤقتا ألزيد من سنة ولو‬
‫تعلق األمر بالقطاع الفالحي‪ ،‬وأن المشرع قرر بشأنها إمكانية إبرام عقد الشغل لمدة ستة أشهر تكون قابلة للتجديد على أال تتجاوز مدة‬
‫سنتين‪ ...‬فال تنهض القرينة على أنه عقد عمل غير محدد المدة" قرار عدد ‪ 01‬مؤرخ في ‪ 2100/0/1‬في ملف اجتماعي‪2119/0/9/0909.‬‬
‫غم‬
‫‪ -849‬محمد الكشبور‪ ،‬إنهاء عقد الشغل مع ت حليل مفصل ألحكام الفصل التعسفي لألجير‪ ،‬دراسة تشريعية وقضائية مقارنة‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء ط‪ ،2111‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -850‬عبد اللطيف الخالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬عالقات الشغل الفردية الطبعة األولى ‪ ،2111‬ص ‪.221‬‬
‫ويمكن أن نقول أن عقد الشغل غيراملحدد المدة هو ذلك العقد المبرم بين الطرفين دون‬
‫ربطه بمدة محددة أو إنجاز عمل معين‪ ،‬كما يعتبر عقد الشغل غير محدد المدة كذلك‪ ،‬إذا أبرم‬
‫بداية ألجل معين لكن استمر في السريان بعد انتهاء مدته‪ ،‬فانقلب نتيجة لذلك‪ ،‬إلى عقد غير‬
‫محدد المدة‪ ،‬ونظرا إلى غياب تعريف محدد لهذا النوع من العقود‪ ،‬و يبقى للقماء وحده سلطة‬
‫التحري إلعطاء الوصف الحقيقي للعقد‪.851‬‬
‫البد واالعتراف‪ ،‬أن التمييز بين عقد الشغل املحدد المدة وعقد الشغل غير محدد المدة‪،‬‬
‫هو من أصعب وأدق الموضوعات المطروحة في حقل الشغل‪ .‬فالو اقع العملي أبان أن الحياة‬
‫االقتصادية للمقاولة ال تسمح بالحفاظ على األجراء في الشغل للوقت واألجرالكاملين وذلك نظرا‬
‫لطبيعة بعض األعمال التي تقتض ي اللجوء للعقد المؤقت فقط‪ ،‬وعندما يثار النزاع بين األجير و‬
‫المشغل حول ماهية الوصف الحقيقي للعقد‪ ،‬البد للقاض ي االجتماعي أن يتدخل للنظرفي هذا‬
‫الدفع هل يعتمد على مبررات جدية؟ أم أنه يرمي إلى التحايل على القانون قصد تخفيض‬
‫االلتزامات المتعلقة بالمشغل أو استبعادها كليا؟‬
‫لقد لعب القماء االجتماعي دورا كبيرا في تأصيل عقد الشغل غيرمحدد المدة وحمايته من‬
‫كل تالعب أو تحايل‪ ،‬ووسيلته في ذلك هي آلية إعادة التكييف‪ 852‬المتعلقة بالوصف المعطى‬
‫للعقد من قبل المشغل‪ ،‬فالمتحايل على القانون يجب أن يعامل بنقيض قصده‪.853‬‬
‫ولهذا فقد اعتبر القماء المغربي أن تممين عقد الشغل املحدد المدة شرطا يخول ألحد‬
‫أطر افه حق فسخه بإرادته المنفردة يجعل منه عقدا غير محدد المدة‪ ،‬و هذا ما ذهبت إليه‬
‫استئنافية القنيطرة في إحدى قراراتها‪" 854‬وحيث ينص البند األخير من العقود المدلى بها منقبل‬
‫المدعى عليها بإمكانية فسخ العقد في كل وقت وحين‪ ،‬ودون سابق إنذار وعليه فإن تممين هذا‬
‫الشرط يرفع عن تلك العقود صفة التحديد"‪.‬‬
‫‪ -851‬عديل هتوف والصوابني عبد اإلله‪ ،‬دور القضاء االجتماعي في حمايته األجير ‪ ،‬بحث نهاية التدريب‪ ،‬المعهد العالي للقضاء‪ ،‬الرباط‬
‫‪ ،2101-2111‬ص ‪.01‬‬
‫‪ -852‬يجب اإلشارة إلى أن عملية التكييف تواجه عدة صعوبات‪ ،‬تتمحور أساسا في قصور النصوص القانونية وتنوع الوقائع المعروضة على‬
‫القضاء‪ ،‬لذلك عمد القضاء ا لمغربي إلى تحديد طبيعة العالقة الشغلية في كل حالة على حدى مستعمال في ذلك سلطته التقديرية‪ ،‬انظر عز‬
‫سعيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -853‬ياسين المتحف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 854‬قرار صادر عن الغرفة االجتماعية الستئنافية القنيطرة رقم ‪ 2212‬بتاريخ ‪ 0990/00/1‬في الملف أالستئنافي عدد ‪ 2/19/2121‬غير‬
‫منشور أورداه عادل هتوف والصوابني عبد اإلله‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.01‬‬
‫بل األكثر من ذلك‪ ،‬فقد اعتبر القماء أن الشك الحاصل حول طبيعة العقد يجعل منه‬
‫عقدا غيرمحدد المدة‪.855‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن القماء حاول جاهدا أن يأخذ بعين االعتبار مدة العقد للوصول إلى‬
‫وصفه الحقيقي‪،‬‬
‫ومن تطبيقات محكمة النقض نرى ما يلي‪":856‬عقد العمل الذي يبرم لمدة محددة في سنة‬
‫واحدة ‪ ،‬ثم يجدد لنفس المدة‪ ،‬ولمدة سنتين‪ ،‬يعتبرعقدا غيرمحدد المدة‪ ،‬ألن تحديده وتجديده‬
‫إنما هو وسيلة يهدف من ورائها المشغل إلى إخفاء وجود عقد شغل غيرمحدد المدة"‪.‬‬
‫ونشيرأن صفة األجيرالقارالمرتبط بمشغله في إطارعقد شغل غيرمحدد المدة ال يكتسب‬

‫هذه الصفة إال إذا أثبت أنه عمل بصفة مستمرة وبدون انقطاع ألكثر من ‪ 92‬شهر‪ ،857‬مع األخذ‬
‫بعين االعتبارخصوصية العقود المبرمة في القطاع الفالحي‪.‬‬
‫ومن خالل ما سبق سنطرح مسألة تحول العقد من محدد المدة إلى غير محدد المدة‪ ،‬و‬
‫كذا النقاشات التي دارت حولها‪ ،‬فكيف تعامل القماء مع ذلك؟‬
‫لقد أثارت مسألة تحول العقد املحدد المدة إلى عقد غيرمحدد المدة الكثيرمن التساؤالت‬
‫الفقهية والقمائية‪ ،‬الش يء الذي جعل القماء نفسه يختلف في هذه المسألة بين موقف مؤيد‬
‫لهذا التحول وآخرمعارض له‪.‬‬
‫أ‪ .‬الموقف القمائي المؤيد لمسألة تحول العقد محدد المدة‪:‬‬
‫تكريسا للحقوق القانونية املخولة لألجير‪ ،‬حاول القماء االجتماعي أن يوسع من دائرة‬
‫العقود غيرمحددة المدة وما يترتب عن ذلك من إقرار للممانات القانونية المعترف بها لألجراء‪،‬‬
‫ويتضح ذلك جليا عندما يؤكد بأن تجديد عقد الشغل املحدد المدة ألكثر من مرة واحدة ولمدة‬
‫تزيد عن سنة يجعل منه عقدا غيرمحدد المدة‪.858‬‬
‫‪ -855‬انظر محمد سعيد مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.019‬‬

‫‪ -856‬قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) صادر بتاريخ ‪ 0919/02/21‬في ملف عدد ‪ 11/9002‬مجلة اإلشعاع العدد األول يونيو‬
‫‪ 0919‬ص ‪ 92‬إلى ‪.99‬‬
‫‪ -857‬قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 222‬صادر بتاريخ ‪ 0992/1/22‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 91/1110‬منشور بمجلة‬
‫المحاكم المغربية عدد ‪ ،11‬يوليوز ‪ ،0992‬ص ‪.012-029‬‬
‫‪ -858‬محمد سعد الجرندي ‪،‬معايير التمييز بين عقدي الشغل المحدد المدة وغير المحدد المدة‪ ،‬الندوة الثالثة للقضاء االجتماعي ‪ ،2111‬ص‬
‫‪ 212‬وما بعدها‪.‬‬
‫الش يء الذي ذهبت إليه محكمة االستئناف العليا بدولة البحرين‪ ،‬في قرار لها‪ 859‬حيث‬
‫اعتبرت أن تجديد عقد الشغل املحدد المدة بعقود متتالية ومتصلة‪ ،‬يجعل من مدة خدمة‬
‫العامل متصلة كذلك وغير محددة ‪ ،‬وهو ما كرسته أيما محكمة التعقيب التونسية حيث جاء‬
‫في قرارلها‪"860‬إمماء الطرفين على عقد محدد المدة وإنهاء المعقبة له بحلول أجل ال عمل عليه‪،‬‬
‫ويعد طردا تعسفيا‪ ،‬يوجب التعويض‪ ،‬طالما مض ى على استخدام المعقب ضده أربع سنوات‬
‫على إبرامه والمشرع اعتبر أن تحديد العقد بعد تلك المدة ال يكون إال على أساس االستخدام‬
‫القار‪ ....‬وأن االتفاق على خالف ذلك ال عمل عليه قانونا"‪.‬‬
‫وقد اعتبرت محكمة النقض (املجلس األعلى سابقا) أن استمرارية العمل بعد انتهاء المدة‬
‫المقررة للعقد املحدد المدة‪ ،‬يحول العقد ويجعل منه عقدا غير محدد المدة كما جاء في القرار‬
‫التالي‪"861‬لكن حيث إن املحكمة لما ثبت لديها من خالل جلسة البحث والعقد الرابط بين‬
‫الطرفين أنه يتعلق بالمدة الفاصلة ما بين ‪ 2777/92/99‬إلى غاية ‪ ،2779/6/99‬وأن الشهود‬
‫المستمع إليهم أكدوا أن المطلوب عمل ما بعد نهاية العقد‪ ،‬أي بعد ‪ 2779/6/99‬واستمرارعمله‬
‫لمدة تفوق السنة‪ ،‬والمشغلة بعدم إثباتها لخالف ذلك‪ ،‬وعدم إثباتها ما تدعيه من دفوع‪ ....‬يكون‬
‫بما قمت به املحكمة مرتكزعلى أساس"‪.‬‬
‫ونستشف نفس التوجه في قرارآخر‪ 862‬حيث جاء فيه "‪ ...‬وحيث إن وصف عقد الشغل بين‬
‫الطرفين بالمذكور أعاله (المدة املحددة) يعد تعليال ناقصا وغير وجيه‪ ،‬لكون العقد المذكور‬
‫يعتبر قائما بين الطرفين ومنتجا لألثر القانوني‪ ،‬وأن انتهاء مدته ال يترتب عنه سوى اعتبار هذا‬
‫العقد غير محدد المدة بحكم القانون‪ ،‬و ليس في حكم العدم بدليل مقتميات المادة ‪ 90‬من‬
‫مدونة الشغل‪ ،‬التي تنص في فقرتيها األولى والثانية‪ :‬على أن العقد املحدد المدة لمدة أقصاها‬
‫سنة‪ ،‬يصبح في حالة استمرار العمل به عقدا غير محدد المدة وليس في حكم العدم كما وصفه‬
‫‪ -859‬قرار محكمة االستئناف العليا بدولة البحرين في القضية رقم ‪ 0911/2/121‬بتاريخ ‪ 0911/02/1‬منشور بالمجلة العربية للفقه والقضاء‬
‫العدد السابع أبريل ‪ ،0911‬ص ‪.210‬‬
‫‪ -860‬قرار محكمة التعقيب التونسية ملف مدني عدد ‪ 1019‬مؤرخ في ‪ 02‬أبريل ‪ 2110‬نشرة محكمة التعقيب لعام ‪ 2110‬القسم المدني‪ ،‬الجزء‬
‫الثاني‪ ،‬ص ‪ 211‬أورده محمد الهادي بن عبد الله‪ ،‬مجلة الشغل معلق عليها ‪ ،‬دار إسهامات في أدبيات المؤسسة تونس‪ ،‬طبعة ‪ ،2119‬ص‬
‫‪22‬‬
‫‪ - 861‬قرار للمجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ ،019‬صادر بتاريخ ‪ 2119/2 /01‬في الملف االجتماعي عدد ‪،2111/0/9/0122‬‬
‫غير منشور‪ -‬كما جاء في قرار آخر لمحكمة النقض (المجلس األعلى سابقا) ما يلي‪ ..." :‬كما أكد الشاهد الذي وقع االستماع إليه في جلسة‬
‫البحث أن عقد الشغل الذي بدأ سنة ‪ 2991‬توقف سنة ‪ 2992‬بسبب احتراق مقر العمل‪ ،‬ثم استأنفت األجيرة المطلوبة في النقض العمل‬
‫فيما بعد بصفة مؤقتة وظلت تشتغل للسنوات الموالية مدة ‪ 21‬شهرا ولذلك فإن استمرار العقد لما بعد أجله يجعله عقدا غير محدد المدة‪،‬‬
‫طبقا للفصل ‪ 257‬من قانون االلتزامات و العقود" قرار عدد ‪ 102‬صادر بتاريخ ‪ 0999/9/22‬الملف ‪ 99/0/1/0109‬مجلة قضاء المجلس‬
‫األعلى عدد ‪ 92،91‬سنة ‪.0999.20‬‬
‫‪ -862‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 192‬صادر بتاريخ ‪ 2112/1/1‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 2102/2/9/292‬نشرة قرارات محكمة النقض‬
‫الغرفة االجتماعية‪ ،‬الجزء ‪ 02‬مطبعة األمينة الرباط‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫الحكم االبتدائي و أيد في شأنه القرار المطعون فيه‪ ،‬الش يء الذي يجعل هذا القرار متسما‬
‫بنقصان التعليل الموازي النعدامه مما يتعين معه نقض القرار"‪.‬‬
‫ومن خالل ما سبق يمكن الخروج بفكرة أساسية مفادها أن القماء قد اعترف في الكثير‬
‫من المناسبات بنظرية تحول العقد املحدد المدة إلى عقد غير محدد المدة‪ ،‬ودون الحاجة إلى‬
‫الوقوف عند الوصف الذي أعطاه المشغل للعقد‪ .863‬وعليه يكون العمل القمائي قد دأب على‬
‫بعد المدة القصوى‬ ‫المدة‪864‬‬ ‫اعتبار التجديد الصريح أو الممني لعقد الشغل املحدد‬
‫المنصوص عليها‪ ،‬قانونا يجعل منه عقدا غيرمحدد المدة‪ ،‬وقد استلزم شرط االستمرارية وعدم‬
‫االنقطاع‪ 865‬كمعيارأساس ي ودقيق للتمييزبين العقدين‪.‬‬
‫لكن هذا ال يستبعد وجود التوجه المعادي لهذه النظرية‪ ،‬حيث توجه جانب من العمل‬
‫القمائي إلى رفض هذا التحول إعماال لمبدأ سلطان اإلرادة والحرية التعاقدية دون أن يعير أي‬
‫اهتمام إلى الخصوصية االجتماعية لقانون الشغل‪.‬‬
‫ب‪ .‬التوجه القمائي الر افض لتحول العقد محدد المدة‪:‬‬
‫لقد تناول المشرع المغربي من خالل ‪ 021‬من قانون االلتزامات والعقود مسألة تحول عقد‬
‫الشغل‪ ،866‬والذي يرتبط بوصفه ‪ ،‬حيث ينشأ في بادئ األمرعقدا محدد المدة‪ ،‬ليتحول بعد ذلك‬
‫إلى عقد غير محدد المدة نتيجة استمرار العمل به إلى ما بعد مدته المشروطة‪ ،867‬إال أن جانب‬
‫من قماء لجأ وتمسك بتقنيات ومبادئ القانون المدني للقول بعدم إمكانية تحول العقد محدد‬
‫المدة إلى عقد غيرمحدد المدة‪ ،‬تاركا بذلك خصوصية المادة االجتماعية وجاعال من مبدأ العقد‬
‫شريعة المتعاقدين أرضية خصبة لبناء هذا التوجه‪ ،‬فإذا كان العمل القمائي الذي تم التطرق‬
‫إليه في النقطة السابقة قد أقر واعترف بمبدأ تحول العقد محدد المدة وهو توجه يبلورالمظهر‬
‫‪ -863‬لقد سارت بعض محاكم الموضوع على هذا النهج ونذكر هنا استئنافية الرباط‪ ،‬حيث جاء في إحدى قراراتها ما يلي‪" :‬حيث انصب‬
‫اإلستئناف األصلي باعتبار المستأنف عليها تجلت في خدمة المستأنف منذ ‪ ،2992/21/12‬وقد استدلت بورقة األداء عن شهر ماي ‪1112‬‬
‫تثبت تاريخ االلتحاق بالشغل‪ ،‬ولذلك فقد عملت بصفة مستمرة ال سيما أن عقد الشغل المدلى به في إثبات أن الشغل محدد المدة قابل للتجديد‬
‫كل سنة باتفاق الطرفين"‪ .‬قرار محكمة االستئناف بالرباط عدد ‪ 991‬صادر بتاريخ ‪ 2119/9/22‬رقم ‪ 2119/02‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ -864‬سعيد كوكبي‪ ،‬دروس في قانون الشغل المغربي‪ ،‬مكتبة المعارف الجامعية‪ ،‬فاس ‪ ،2111‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -865‬للمزيد انظر محم د سعد الجرندي‪ :‬اإلثبات في المادة االجتماعية (وجهة نظر حول بعض وسائل إثبات العالقة الشغلية ـ مدتها‬
‫واستمراريتها ـ بتصرف) نشرة قرارات المجلس األعلى الجزء ‪ 2‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.09‬انظر أيضا‪ :‬ياسين المتحف مرجع سابق‪ ،‬ص ‪02‬‬
‫‪ -866‬جاءت المادة ‪ 292‬من قانون االلتزامات والعقود لتنص على تحول العقد المحدد المدة من خالل ما يلي‪ ..." :‬والعقد الذي يبرم لمدة محددة‬
‫يمكن أن يمتد بالتجديد الضمني إلى ما بعد أجله المشروط‪ ،‬وفي هذه الحالة يصبح غير محدد المدة"‪.‬‬
‫وقد تم تفصيل هذه المسألة بعد سن مدونة الشغل في إطار المادة ‪.02‬‬
‫‪ -867‬محمد سعد الجرندي ‪ ،‬الطرد التعسفي لألجير بين مدونة الشغل والقضاء المغربي‪ ،‬مطبعة األمينة‪ ،‬الرباط الطبعة الثانية ‪ ،2112‬ص‬
‫‪.22‬‬
‫اإليجابي للعمل القمائي‪ ،868‬فإن التوجه الذي نحن بصدد الوقوف عنده في هذه النقطة يرتكز‬
‫على مبدأ سلطان اإلرادة في مجموعة من أعماله‪ .‬حيث جاء في إحدى قرارات‪ 869‬املجلس االعلى‬
‫(محكمة النقض حاليا) ما يلي‪ ...":‬لكن وحيث إنه لما كان العقد شريعة المتعاقدين عمال‬
‫بالفصل ‪ 217‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬فإن املحكمة مصدرة القرار المطعون فيه وهي‬
‫بصدد االطالع على وثائق الملف عندما نصت على أن األجير طالب النقض‪ ،‬يشتغل بمقتض ى‬
‫عقود مؤقتة‪ ،‬يكون قرارها المطعون فيه غير خارق للمقتض ى القانوني المشار إليه في الفصل‬
‫األول من النظام النموذجي ‪ 9122/97/21‬وتبقى الوسيلة المستدل بها على غيرأساس"‪.‬‬
‫وفي قرار آخر‪ ،870‬تم اعتبار األجير عامال موسميا رغم تجديد العقد محدد المدة‪ ،‬لمرات‬
‫متكررة داخل نفس السنة‪ ،‬حيث جاء في هذا القرار"‪ ...‬لكن من جهة ال مجال لألخذ بقرينة العمل‬
‫المستمر ألكثر من ‪ 92‬شهرا للقول بأن طالب النقض أجير قار‪ ،‬ما دام نفسه قد أرفق مقاله‬
‫االفتتاحي بورقة أداء األجر‪ ،‬والتي تتممن صفة أجير مؤقت‪ ،‬فيكون قرارها قد علل ما قض ى به‬
‫تعليل كافيا‪."...‬‬
‫وهو نفس ما سارعليه قرار‪ 871‬سابق له حيث جاء فيه "وحيث تبين أن عقد الشغل الرابط‬
‫بين الطرفين وقع التنصيص فيه على أنه مؤقت ولفترة ال تتجاوز السنة‪ ،‬وذلك إعماال بمقتض ى‬
‫العقد الصريح المذكور‪ ،‬واعتبارا لعقد مؤقت لفترة محددة ال تتجاوزالسنة تطبيقا لمقتميات‬
‫الفترة األخيرة من الفصل األول من النظام النموذجي‪ ...‬و أنه ال يمكن أن يتحول إلى عقد غيرمحدد‬
‫المدة قياسا على الفصل ‪ 021‬قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬الخاص بالتجديد الممني‪ ،‬ألن تجديد‬
‫العقد في هذه النازلة وقع بشكل صريح على أساس أنه مؤقت‪"...‬‬
‫األكثر من ذلك فقد ذهب جانب من القماء التونس ي إلى إمكانية تحول العقد من غير‬
‫املحدد إلى محدد المدة دون العكس شريطة أن يو افق األجير على ذلك‪ ،‬وهذا فقد جاء قرار‬
‫ملحكمة التعقيب التونسية كما يلي‪" :872‬بصرف النظرعن طول المدة السابقة للعقد المبرم بين‬
‫‪ 868‬محمد سعيد مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.010‬‬

‫‪ -869‬قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 022‬بتاريخ ‪ 2119/2/9‬في الملف االجتماعي عدد ‪ .2119/0/9/221‬غير منشور‬
‫‪ -870‬قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 011‬صادر بتاريخ ‪ 2112/2/29‬في ملف اجتماعي عدد ‪ 2112/0/9/222‬غير‬
‫‪ -871‬قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 211‬صادر بتاريخ ‪ 0991/9/2‬في ملف اجتماعي عدد ‪ 91/1109‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ -872‬قرار محكمة التعقيب التونسية ملف مدني عدد ‪ 91111‬مؤرخ في ‪ 02‬أكتوبر ‪ 0991‬نشرية محكمة التعقيب لعام ‪ 0991‬القسم المدني‬
‫ص ‪ 219‬أورده محمد الهادي بن عبد الله‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫الطرفين فإن رضاء العامل بإمماء عقد محدد المدة يعتبر تنازال اختياريا عن مدة العالقة‬
‫السابقة‪ ،‬طالما أنه خيرتغييرعالقته بمؤاجرته من عالقة غيرمحدودة إلى عالقة محدودة المدة"‪.‬‬
‫لعل سبب هذا التباين و التمارب في المو اقف القمائية التي حاولنا مناقشتها أعاله‪،‬‬
‫راجع إلى اعتماد القماء أحكام الفصل األول من النظام النموذجي مع التشبث الشاذ‬
‫بمقتميات قاعدة العقد شريعة المتعاقدين دون أن يكلف نفسه عناء البحث عن الوصف‬
‫الحقيقي للعقد الش يء الذي تالش ى في إطار مدونة الشغل السيما أحكام المادتين ‪ 96‬و ‪ 90‬منها‪،‬‬
‫اللتان قيدتا حرية المشغل في إبرام عقد الشغل املحدد المدة و في ذلك بلورة للطابع الحمائي‬
‫لقانون الشغل‪ ،‬ودعم استقراراألجيرفي عمله‪.873‬‬
‫و إذا كانت االستمرارية والنظامية من أهم المعايير المعتمدة في تمييز عقد الشغل املحدد‬
‫المدة عن عقد الشغل غيراملحدد المدة‪ ،‬فإن تميزعقد الشغل بصفة عامة عن غيره من العقود‬
‫األخرى يتطلب دراسة عنصرالتبعية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دور عالقة التبعية في تكييف عقود الشغل‪:‬‬
‫تعد التبعية ركيزة أساسية من ركائز عقد الشغل إن لم نقل أهمها وهذا راجع إلى كونها‬
‫أساس استفادة األجراء من أحكام تشريع قانون الشغل‪ ،‬ومناط تمييز عقد الشغل عن باقي‬
‫العقود األخرى على الرغم من تواجد عدة صعوبات تشوب هذا التمييزفي بعض األحيان‪.874‬‬
‫ومحاولة منه إحاطة األجير بالحماية المفروضة له‪ ،‬عمل القماء االجتماعي جاهدا على‬
‫إعطاء الوصف الحقيقي لعقد الشغل‪ ،‬وذلك بتكييفه تكييفا صحيحا‪ ،‬معتمدا في ذلك مدى‬
‫وجود أو غياب عالقة التبعية‪ 875‬والتي أسالت مدادا كثيرة بين صفوف الفقه والقماء حول‬
‫مفهومها و أنواعها ودورها في إثبات عالقة الشغل‪.876‬‬
‫‪ -873‬ياسين المتحف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪874‬‬
‫‪www.fsjes-agadir.info/vb/showtheread.php?t=7216‬‬
‫‪875‬‬
‫‪<Le critère de la subordination a été introduit par la jurisprudence pour distinguer le contrat du travail‬‬
‫‪des autres contrats que lui ressemble> ; Hanane TOUZANI ;Protection de l’emploi et régulation de la‬‬
‫‪relation salariale au maroc ;thèse pour obtention du doctorat en sciences Economiques ;Université‬‬
‫‪Mohamed V RABAT/agdal ; faculté des sciences juridiques ; économiques et sociales . Avril 2011 P‬‬
‫‪118/119‬‬
‫‪ -876‬نضال جمال مسعود جرادة‪ ،‬التبعية في عالقات العمل العربية رسالة ماجستير في القانون الخاص‪ ،‬جامعة األزهر‪ ،‬غزة‪ ،‬عمادة الدراسات‬
‫العليا والبحث‪ ،‬كلية الحقوق قانون خاص‪ ،‬فلسطين ‪ ،2102‬ص ‪.2‬‬
‫وسنقوم بتقسيم هذا المطلب إلى فقرتين‪ ،‬أولهما سنحاول الوقوف عند ماهية عالقة‬
‫التبعية و أنواعها ثم سنقوم بالتركيزعلى دورها في تمييزعقد الشغل عن بعض العقود المشابهة‬
‫له‪.‬‬
‫فقرة أولى‪ :‬مفهوم عالقة التبعية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف عنصرالتبعية‪:‬‬

‫لم يكن مصطلح التبعية واردا في النصوص التشريعية السابقة التي نظمت عقد الشغل‪877‬‬
‫األمر الذي تم تداركه من خالل مدونة الشغل في عدة مواد‪ 878‬دون إعطاء تعريف موحد‬
‫ودقيق لهذا المصطلح‪.‬‬
‫وحسب جانب من الفقه‪ 879‬تعتبر عالقة التبعية‪ ،‬خموع األجير أثناء أو بمناسبة أدائه‬
‫لعمله‪ ،‬إلدارة وإشراف وتوجيه من يمارس العمل لحسابه ‪ ،‬و بالتالي فهي حالة قانونية تعطي‬
‫للمشغل حق توجيه األجير ومر اقبة الكيفية التي يؤدي بها العمل المكلف به‪ ،‬األكثر من ذلك‪،‬‬
‫فهي تعطي المشغل إمكانية توقيع العقوبات المنصوص عليها قانونا جراء مخالفة األجيرلألوامر‬
‫الموجهة له‪.880‬‬
‫ولقد اعتبرالقماء عنصرالتبعية بمثابة المركزاملحوري الذي ينبني عليه عقد الشغل من‬
‫خالل مجموعة من القرارات وفي الكثير من المناسبات‪ ،‬حيث جاء في إحدى قرارات‪ 881‬محكمة‬
‫النقض (املجلس األعلى سابقا )ما يلي‪" :‬إن الذي يميز عقد العمل هو عنصر التبعية من إشراف‬
‫‪-877‬انظر مثال‪ ،‬تعريف عقد الشغل الذي أورده المشرع ضمن الفصل ‪ 222‬من قانون االلتزامات والعقود "إجارة الخدمة أو العمل هو عقد‬
‫يلتزم بمقتضاه‪ ،‬أحد طرفيه بأن يقدم لآلخر خدماته ألجل محدد‪ ،‬من أجل عمل معينة في نظير أجر يلتزم هذا األخير بدفعه له‪،‬‬
‫‪ -‬وهو نفس ما كان عليه الوضع بالنسبة لتشريعات أخرى مقارنة‪:‬‬
‫‪#‬المادة ‪ 1‬من مجلة الشغل التونسية الصادر سنة ‪ ،0991‬بمقتضى قانون رقم ‪ 22‬المؤرخ في ‪ 0991/1/21‬المعدل بمقتضى قانون رقم ‪12‬‬
‫لسنة ‪ 0991‬التشريع التونسي للشغل‪ ،‬مجلة الشغل دار إسهامات في أدبيات المؤسسة الطبعة الثالثة‪ ،2111 ،‬تونس ص ‪.01‬‬
‫‪#‬المادة ‪ 20‬من قانون العمل المصري‪ ،‬رقم ‪ 02‬لسنة ‪ 2112‬والقرارات الوزارية المنفذة ألحكامه دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر طبعة ‪،2111‬ص‬
‫‪ 2‬و ص ‪.09‬‬
‫‪ -878‬المادة ‪ 1‬و ‪ 1‬و ‪ 20‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ -879‬محمد الكشبور‪ :‬عناصر عقد الشغل االجتماعي المغربي مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء طبعة ‪ 0999‬ص ‪ ،009‬انظر أيضا محمود‬
‫جمال الدين زكي عقد العمل في القانون المصري مطبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 0912‬ص ‪.911‬‬
‫‪ -880‬عبد العزيز العتيقي القانون االجتماعي المغربي وفق مدونة الشغل (‪99‬ـ‪ )19‬مكتبة المعارف الجامعية فاس ص ‪ 92‬و ‪.92‬‬
‫‪ -881‬قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 112‬صادر بتاريخ ‪ 0992/1/09‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 99/0/01/291‬منشور‬
‫بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ 12‬يوليوز ‪ 0992‬ص ‪.221‬‬
‫‪ -‬في نفس الموضوع قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 22‬صادر بتاريخ ‪ 2119/0/02‬في الملف االجتماعي عدد‬
‫‪ 2111/0/9/111‬غير منشور‪.‬‬
‫وقد أقرت مختلف محاكم الموضوع بأهمية عنصر التبعية في تمييز عقد الشغل عن باقي العقود األخرى‪ ،‬وفي هذا السياق نستحضر قرار‬
‫الستئنافية فاس عدد ‪ 10/021‬صادر بتاريخ ‪ 2110/1/1‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 99/29‬غير منشور‪.‬‬
‫وحكم ابتدائية الرباط عدد ‪ 0012‬بتاريخ ‪ 2111/1/29‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 12/0192/00‬غير منشور‪.‬‬
‫وتوجيه ورقابة المشغل اتجاه األجير‪ ،‬وإن القرار المطعون فيه لما اعتبر العالقة الرابطة بين‬
‫الطرفين هي عالقة شغل اعتمادا على األجر فقط‪ ،‬دون بقية العناصر (التبعية) ‪ ...‬يكون القرار‬
‫ناقص التعليل‪ ،‬الموازي النعدامه مما يعرضه للنقض"‪.‬‬
‫يذهب كل من الفقه والقماء إلى القول أن التبعية تمثل ذلك المعياراألساس ي الذي يتميز‬
‫به عقد الشغل فإذا انتقص ينتفي معه وجود هذا العقد‪،882‬ويبقى للقماء كلمة الفصل في تقرير‬
‫وجود أو انتفاء عنصرالتبعية على ضوء ظروف ومالبسات كل قمية على حدى؛ وهنا نستحمر‬
‫قرار‪ 883‬للمجلس االعلى (محكمة النقض حاليا) الذي أكد على ضرورة التمييز بين التبعية‬
‫والمساعدة التطوعية حيث جاء فيه "المساعدة التطوعية ال ترقى إلى مرتبة عقد الشغل‪ ،‬الذي‬
‫يتطلب توفر على عنصر التبعية‪ ،‬ومساعدة الطاعنة لزوجها في ترتيب المالبس بالمتجر الذي‬
‫يمتلكه زوجها‪ ،‬خارج أوقات العمل لدى المطلوب في النقض‪ ،‬ال يرقى إلى عمل مأجور يتوفر فيه‬
‫عنصرالتبعية‪ ،‬وأن القرارالمطعون فيه عندما اعتبرالطاعنة أجيرة لدى غيره في الوقت الذي ال‬
‫زالت فيه مستخدمة لدى البنك وأن ذلك يبرر طردها دون أن يبرز عنصر التبعية‪ ،‬يكون ناقص‬
‫التعليل ومعرض للنقض"‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أنواع عالقة التبعية‪:‬‬
‫لقد سبق لنا القول أن ما يميزعقد العمل عن غيره من العقود األخرى هو عنصرالتبعية‪،‬‬
‫ولقد قسم الفقه‪ 884‬هذه األخيرة إلى فرعين‪ :‬تبعية قانونية وتبعية اقتصادية‪.‬‬
‫أ‪ -‬التبعية القانونية‪:‬‬
‫يمكن القول أن التبعية القانونية هي بمثابة الخموع الفعلي إلدارة وإشراف ورقابة من‬
‫يشتغل األجير لحسابه‪ ،‬وسميت بالقانونية ألنهاناتجة عن االلتزامات التعاقدية المنبثقة عن‬
‫عقد الشغل والتي أقرها القانون‪ ،‬كما تظهرهذه التبعية من خالل الجزاءات التي يمكن للمشغل‬
‫توقيعها على أجرائه عند ارتكاب مخالفة معينة‪ .‬فهي بمفهوم آخر هيمنة رب العمل على نشاط‬
‫األجيرأثناء تنفيذ العقد‪.885‬‬
‫‪ -882‬الحاج الكوري‪ :‬مدونة الشغل الجديدة قانون رقم ‪ 19.99‬أحكام عقد الشغل مطبعة األمينة الرباط طبعة ‪ ،2111‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -883‬قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 921‬الصادر بتاريخ ‪ 0999/9/29‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 91/921‬منشور بالنشرة‬
‫اإلخبارية المجلس األعلى عدد ‪ 1‬سنة ‪ 2111‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -884‬موسى عبود‪ ،‬دروس في القانون االجتماعي – المركز الثقافي العربي بيروت ‪ .‬الطبعة الثالثة ‪ ،2111‬ص‪011‬‬
‫‪885‬‬
‫‪4Mohmed KorriYoussefi. cours de droit social, cours dispensé au étudiants de la 3éme année droit privé‬‬
‫‪et droit publique à la faculté de droit Meknès , année 2003/2004 P 138.‬‬
‫ولقد أقر املجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) أن المعيار القانوني والموضوعي الذي‬
‫يسمح بتمييز عقد الشغل عن غيره من العقود األخرى‪ ،‬هو معيار التبعية‪ ،‬حيث جاء في إحدى‬
‫قراراته‪"886‬لكن حيث أن املحكمة قد استخلصت في إطارسلطتها التقديرية وجود عالقة التبعية‬
‫من كون المطلوب في النقض يشتغل لدى الطاعنة بمحلها وتحت مر اقبتها وإشر افها وبموادها‬
‫وأدوات إنتاجها ودون انقطاع طيلة مدة العمل‪ ،‬وبذلك تكون قد أخذت في إطارسلطتها التقديرية‬
‫بشهادة اإلثبات التي قدمها األجير‪ ،‬والتي تفيد أنه اشتغل على النحو المذكورطيلة ثماني سنوات‬
‫مقابل أجر يومي‪ ،‬وليس بالقطعة رغم أن املحكمة اعتبرت عن صواب أن العمل بالقطعة ال يعد‬
‫وحده معيارالتمييزعقد الصنع عن عقد إجارة الخدمة‪ ،‬ما دام أن الثابت لديها هو مميزات عقد‬
‫الشغل المرتكزة أساسا على عالقة التبعية‪."...‬‬
‫أن العبرة في تكييف عقد الشغل هي‬ ‫القمائي‪887‬‬ ‫إن ما تم اإلجماع عليه من قبل العمل‬
‫مدى تحقق التبعية القانونية في الو اقع العملي من خالل اإلشراف والمر اقبة التي يباشرها‬
‫صاحب العمل على من يؤدي العمل لمصلحته‪ .888‬وعلى هذا األساس نكون أمام رابطة تعاقدية‬
‫توصف بعقد الشغل ولو لم يعبرأطر افها صراحة عن ذلك وبغض النظرعن باقي عناصر العقد‬
‫األخرى‪.889‬‬
‫وال يفوتنا أن نشير إلى وجود صور متعددة للتبعية القانونية تم إقرارها باختالف ودرجة‬
‫خموع األجير لسلطة ورقابة مشغله‪.890‬وتتمثل أقوى صور التبعية القانونية في التبعية الفنية‬
‫والتبعية التنظيمية أو اإلدارية‪.‬‬
‫حيث تتمثاللتبعية الفنية في الخموع التام إلشراف وتوجيه المشغل‪ ،‬حيث يكون هذا‬
‫األخيرملما وعالما بكل تفاصيل العمل المؤدى من طرف األجير‪ ،891‬ويظهرهذا النوع من التبعيات‬
‫القانونية في إطار المقاوالت الصغرى ‪ ،‬وذلك العتبارات عديدة‪ :‬منها أن المشغل يحترف فيها‬
‫‪ -886‬قرار عدد ‪ 212‬مؤرخ في ‪ 0991/2/02‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 0991/0/9/919‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى العدد المزدوج‬
‫‪92‬ـ‪ 91‬السنة ‪ 20‬لسنة ‪ 0992‬ص ‪202‬ـ ‪ 209‬في حين نجد قرار يثير االستغراب نحته محكمة االستئناف بالرباط اعتبرت فيه أن حصول‬
‫األجير على أجره بالقطعة يلغي عنصر التبعية ويسمح للمشغل بأن يسرحه دون أية قيود‪.‬‬
‫قرار عدد ‪ 912‬صادر بتاريخ ‪ 2119/9/22‬في الملف االجتماعي رقم ‪ 09/19/092‬غير منشور‪.‬‬
‫‪887‬‬
‫‪.-Cass. Doc 13 novembre 1996. Noté par Christophe Radé et caroline Dechristé code de travail Edition‬‬
‫‪Dalloz 2005 paris P28‬‬
‫‪888‬ـ محمد سعيد‪ ،‬أثر العمل القضائي على تكييف عقود الشغل مرجع سابق ص ‪21‬‬
‫‪-889‬محمد الكشبور عناصر عقد الشغل مرجع سابق‪ ،‬ص ‪009‬‬
‫‪ -890‬همام محمد محمود زهران‪ ،‬قانون العمل‪ ،‬عقد العمل العربي دار الجامعة الجديدة اإلسكندرية مصر طبعة ‪ ،2112‬ص ‪21‬‬
‫‪-891‬دينا مباركة‪ :‬الوجيز في القانون االجتماعي‪ ،‬دار النشر الجسور وجدة طبعة ‪ ،2111‬ص ‪.20‬‬
‫النشاط المعتمد داخلها‪ ،‬و إضافة إلى كونها تمم عددا قليال من ألجراء يسهل معهم للمشغل‬
‫بأن يتفقد ويحقق في أدائهم ‪.‬‬
‫وما يالحظ حول التبعية الفنية أنها تميق من نطاق تطبيق قانون الشغل وتحرم فئة‬
‫شاسعة من األجراء من االستفادة من المقتميات الحمائية لهذا القانون‪892.‬‬
‫في حين تتمثل التبعية اإلدارية أو التنظيمية في سلطة المشغل في تحديد شروط العمل‬
‫وتهييئ الظروف الخارجية التي تهم تنفيذه‪ :‬مثل تحديد مكان العمل وتحديد أوقاته وكذا األدوات‬
‫الالزمة له‪ ،893‬وهذه التبعية ال تتطلب من المشغل اإللمام باألصول الفنية للمهنة‪ ،‬كما أنها‬
‫تتحقق هنا ولو كان األجير يتمتع باستقالل كبير من الناحية التقنية في القيام بعمله‪ .‬وعلى عكس‬
‫التبعية القانونية الفنية فإن التبعية القانونية اإلدارية تكرس بشكل كبير في المقاوالت الكبرى‬
‫والمشاريع الضخمة‪ ،‬إذ غالبا ما يتعاقد صاحب المشروع مع مهندس أو طبيب أو محام بغية‬
‫االستعانة بخبراتهم العلمية والفنية دون إخماعهم للرقابة الشاملة‪ ،‬فاإلشراف هنا يتعلق‬
‫بالجانب اإلداري والهدف من إقرار هذا النوع إخماع بعض الفئات من األجراء لتشريع الشغل‬
‫وتوسيع نطاق حمايته‪ 894‬خاصة الفئات المتخصصة في إطارالمهن الحرة‪.895‬‬
‫ولقد اعتبر القماء المغربي الطبيب أجيرا تبعا لألعمال التي يقوم بها‪ ،‬دون أن يكون ملزما‬
‫بتتبع األوامرالمتعلقة بالمسائل الفنية والمرتبطة بالتشخيص مقاديرالدواء ومدة العالج بحيث‬
‫ال يتدخل رب العمل في تحديدها‪.896‬فقد ذهبت محكمة النقض الفلسطينية بمفهوم التبعية‬
‫اإلدارية حيث عرفت التبعية بأن يقوم العامل بنفسه بخدمة رب العمل وينفذ العمل وفقا‬
‫ألوامره وتحت إدارته وإشر افه‪ ،‬وأن يرسم له طريق العمل وحدوده ويحاسبه عن عمله‪ .‬وال يعني‬
‫تو افرركن اإلشراف تتبع صاحب العمل للعامل باستمراروهو يقوم بعمله‪.897‬‬
‫‪ -892‬وحسن ما فعل القضاء االجتماعي المغربي عندما لم يقف عند معيار التبعية الفنية حيث اعتبر في أحد قرارات المجلس األعلى (محكمة‬
‫النقض حاليا) أن عالقة الشغل قائمة بين صاحب الضيعة واألجيرة بمجرد مشاهدته لها تعمل في ضيعته وعدم اعتراضه على ذلك دون‬
‫التركيز على ضرورة اإلشراف الكامل على األجير" قرار عدد ‪ 011‬صادر بتاريخ ‪ 2119/2/22‬في الملف االجتماعي عدد‬
‫‪ 2111/0/9/0199‬غير منشور‬
‫‪ .893‬همام محمد محمود زهران‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ -894‬انظر المواد ‪ 2‬ـ ‪ 1‬ـ ‪ 29‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ -.895‬محمد سعيد بناني‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب ـ عالقات الشغل الفردية دار النشر المغربية الدار البيضاء طبعة ‪ 0910‬ص ‪211‬‬
‫‪ .896‬حكم ابتدائية البيضاء بتاريخ ‪ 0921/1/2‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 0919‬أورده محمد سعيد بناني في كتابته قانون الشغل بالمغرب‬
‫مرجع سابق ص ‪ .219‬دون ذكر عدد الحكم‪.‬‬
‫‪ -897‬نقض مدني فلسطيني رام الله ملف رقم ‪ 2119/291‬بتاريخ ‪ 2119/02/1‬أورده نضال جمال مسعود جرداة م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪22‬‬
‫هكذا فإن كال من الفقه والقماء اعتمدا المفهوم الواسع للتبعية القانونية أيا كانت‬
‫درجتها فالمهم هو وجودها ضمانا لتطبيق أحكام قانون الشغل‪.898‬‬
‫ونخلص بالقول أنه مهما كانت صورالتبعية القانونية سوء فنية أو إدارية فإنها تبقى مقيدة‬
‫داخل حدود معينة‪ ،899‬الش يء الذي دفع بالفقه الحديث إلى تقص ي معيارجديد في التبعية سمي‬
‫بالتبعية االقتصادية‪.‬‬
‫ب‪ -‬التبعية االقتصادية وموقف القماء االجتماعي منها‪:‬‬
‫بعدما أرست التبعية القانونية قواعدها كعنصر أساس ي لتمييز عقد الشغل عن غيره من‬
‫العقود األخرى‪ ،‬والتي أبانت عن محدودية نطاق تطبيق أحكام تشريع الشغل على فئة عريمة‬
‫من األجراء‪ ،‬ظهرت إثرذلك فكرة التبعية االقتصادية‪ ،‬لتشمل طوائف أخرى من األجراء ‪ ،‬تكون‬
‫رقابة الشغل عليها شبه منعدمة‪.‬‬
‫وقد كان األستاذ ‪ Cuche‬أول من قال بهذه النظرية‪ 900‬إثرتوسع النشاط االقتصادي وظهور‬
‫أنواع جديدة من األعمال اهتمت بتطويرالشغل وكذا طرق التشغيل ‪ ،‬فكان الهدف األساس ي من‬
‫إقرار هذا النوع من التبعية هو توسيع دائرة األجراء المستفيدين من امتيازات عقود الشغل‬
‫وضمانات القانون المنظم لها‪.‬‬
‫فالتطور الذي شمل كلى املجالين االجتماعي واالقتصادي أدى إلى حدوث تغيير نوعي في‬
‫أساس عالقات الشغل‪ .‬فتعدد المؤسسات التجارية وظهور شركات متعددة الجنسيات أدى إلى‬
‫فك العالقة المباشرة التي كانت تجمع صاحب العمل بأجرائه‪ ،901‬وعليه فإن التبعية‬
‫االقتصادية ال تقوم على فكرة خموع األجير لمشغله أثناء قيامه بالعمل الموكول إليه‪ ،‬و إنما‬
‫تتأسس هذه التبعية على ضمان حصول األجير على أجره من مشغله‪ ،‬شريطة اعتماده على هذا‬
‫األجركمصدرأساس ي لعيشه اليومي‪.‬‬
‫‪ -898‬الحاج الكوري مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪ -899‬يمكن أن نقول أن هذا التحديد أصبح متجاوزا من أجل استفادة األجير من مقتضيات تشريع الشغل فيما يخص حوادث الشغل وحوادث‬
‫الطريق بمثابة حوادث الشغل‪.‬‬
‫‪ -900‬انظر همام محمد محمود زهران‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪ 21‬و ‪.29‬‬
‫‪ -901‬الحاج الكوري‪ ،‬القانون االجتماعي المغربي مكتبة دار السالم الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،0999‬ص ‪.020‬‬
‫ومؤدى هذه التبعية إذن هو مدى اعتماد األجير في تحديد دخله القار على صاحب العمل‪،‬‬
‫وبمعنى آخر يفهم من التبعية االقتصادية استئثار المشغل بخدمات األجير مقابل أجر يعتبر‬
‫بالنسبة لهذا األخيرمورد رزقه األساس ي‪ ،‬ومن ثم يصبح تابعا اقتصاديا لمشغله‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس فلكي نعتبر األجير في حالة تبعية اتجاه مشغله البد من تو افر شرطين‬
‫ضروريين و هما‪:902‬‬
‫‪ .9‬أن يكون األجر املحصل عليه من طرف المشغل هو المصدر الرئيس ي المعتمد في‬
‫معيشته‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يستأثرالمشغل بنشاط األجيروحده‪.‬‬
‫رغم كون المشرع المغربي يأخذ من حيث المبدأ بالتبعية القانونية كأصل لتطبيق قواعد‬
‫قانون الشغل‪ ،‬إال أنه أخذ بعنصرالتبعية االقتصادية في بعض الحاالت التي تتضح لنا من خالل‬
‫مجموعة من النصوص القانونية ونذكرأهم هذه الحاالت‪:‬‬
‫الحاالت المشار إليها في المادة ‪ 2‬من مدونة الشغل‪ 903‬والتي دعت إلى استفادة األجراء‬
‫المشتغلين بمنازلهم من مقتميات قانون الشغل دون النظر إلى وجود أو انتفاء عالقة التبعية‬
‫القانونية‪.‬‬
‫الحالة المشار إليها في المادة ‪ 1‬من م ش المتعلقة بالصحفيين المهنيين وذلك باعتبارهم‬
‫يمارسون عملهم بنوع من االستقالل النسبي عن المشغل الذي يتقاضون منه أجورهم‪ ،‬وبالتالي‬
‫لم يعد لعنصرالتبعية أثر مباشرعلى العقد الرابط بين أطر افه‪.904‬‬
‫والحالة المنصوص عليها في المادة ‪ 01‬من مدونة الشغل المتعلقة بالوكيل المتجول أو‬
‫الوسيط التجاري‪ ،‬أو الصناعي وهم فئة تقوم بتمثيل مشغلها في المدن القريبة أو البعيدة‪ ،‬عن‬
‫المركزالرئيس ي لمقرالمقاولة‪ ،‬وعادة ما يتقاضون أجورهم انطالقا من نسب محددة من األرباح‪،‬‬
‫‪ -902‬للمزيد انظر‪ :‬أنس مدهوني عالقة التبعية في عقد الشغل‪ ،‬بحث نهاية التمرين للملحقين القضائيين الفوج ‪ 21‬السنة القضائية‪،0999‬‬
‫‪ 2110‬ص ‪ 09‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -903‬جاء في الفقرة األولى من المادة ‪ 1‬من مدونة الشغل ما يلي‪" :‬يعد أجراء مشغلين في منازلهم في مدلول هذا القانون من توفر فيهم‬
‫الشرطان أدناه دون داع إلى البحث عن وجود أو انتفاء عالقة تبعية قانونية تربطهم بمشغلهم‪."....‬‬
‫‪ -904‬محمد سعيد مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫الش يء الذي يثير التساؤل والشك حول عالقة التبعية لعدم وجود سلطة إشراف وتوجيه‬
‫حقيقية مما يخلق بعما من االختالط واللبس بين هذه العقود وعقود الوكالة أو عقود المقاولة‪.‬‬
‫وإذا كان المشرع المغربي كما رأينا سابقا يعترف بوجود تبعية اقتصادية بنصوص قانونية‬
‫صريحة‪،‬فإن القماء المغربي ال يأخذ بالتبعية االقتصادية إال نادرا أو عندما يوجد نص قانوني‬
‫صريح يسمح باعتمادها لصالح بعض الفئات المهنية كالوكيل التجاري كأقوى مثال‪.‬‬
‫بل األكثرمن ذلك فقد ذهب القماء االجتماعي‪ 905‬في كثيرمن المناسبات إلى اعتبارالتبعية‬
‫االقتصادية مجرد عنصر مكمل للتبعية القانونية‪ ،‬التي تعد األصل ومن ذلك نجد قرار ملحكمة‬
‫النقض (املجلس األعلى سابقا) الذي ينص على أن طبيعة عمل المديرالعام‪ ،‬تقتض ي أن يمارس‬
‫مهامه باستقالل تام بشكل تنتفي معه عالقة التبعية بينه وبين مجلس اإلدارة واعتبر القرار أن‬
‫عمله يطغى عليه عمل الوكيل وإن استدالله بورقة األداء ال يجعل منه أجيرا‪.906‬‬
‫كما أن هناك قرار سابق للمجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) مزج بين المعيارين معا‬
‫(االقتصادي والقانوني) الستخالص عالقة التبعية من أجل تكييف العقد‪.907‬إضافة إلى ذلك‬
‫فالقماء اعتبرالتبعية القانونية بمثابة التبعية الفعلية الالزمة لعقد الشغل‪ ،‬وهذا ما نستشفه‬
‫من خالل القرار‪908‬التالي‪« :‬لكن خالفا لما ورد في الوسيلتين‪ ،‬فإن الطالبة‪...‬تربطها عالقة مباشرة‬
‫مع مستخدميها ومن خاللها تتجلى عالقة التبعية الفعلية‪ ...،‬فإن الطالبة هي من تملك سلطة‬
‫الرقابة و اإلشراف على المطلوبة‪ ...‬تبقى عالقة الشغل قائمة وهو ما استخلصته املحكمة عن‬
‫صواب‪"..‬‬
‫إال أننا من جهة أخرى نرى أن أهمية عالقة التبعية االقتصادية تتجلى بوضوح في عقود‬
‫التشغيل المؤقت‪ ،‬إذ يذهب القماء إلى اعتماد التبعية االقتصادية لتكييف العقود المبرمة في‬
‫هذا اإلطارحيث يظل األجيرمجرد عامل مؤقت بالنسبة للمقاولة المستعملة له رغم توفرعنصر‬
‫التبعية القانونية من إشراف رقابة وتوجيه‪ ،‬فلجوء المقاول المستعمل إلى أجراء مقاولة‬
‫‪ -905‬للمزيد انظر محمد سعيد بناني‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.911‬‬
‫‪ -906‬قرار صادر عن محكمة النقض (المجلس األعلى سابق) عدد ‪ 229‬صادر بتاريخ ‪ 2100/1/2‬في الملف االجتماعي عدد‬
‫‪ 2119/0/9/0921‬منشور بمجلة قضاء محكمة النقض العدد ‪ 21‬مطبعة األمينة الرباط‪ ،2102 ،‬ص ‪ 299‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪907‬ـ جاء في حيثيات هذا القرار ما يلي "كما أن القرار المطعون فيه لم يبرز العناصر المكونة لعقد العمل كاالعتماد على األجر ـ اإلشراف‬
‫والتوجيه والرقابة حتى يتم اعتبار الحادثة حادثة شغل‪"..‬قرار للمجلس األعلى رقم ‪ 010‬مؤرخ في ‪ 2119/0/9‬في الملف االجتماعي عدد‬
‫‪ 2111/0/9/119‬غير منشور‪.‬‬
‫‪908‬ـ قرار صادر محكمة النقض (المجلس األعلى سابقا) عدد ‪ 4042‬مؤرخ ‪ 2002/42/02‬في الملف االجتماعي عدد ‪2002/4/2/722‬‬
‫‪،‬منشور ب قراراتالمجلس األعلى الصادرة في المادة االجتماعية ‪،‬الجزء األول الصفحة ‪472‬‬
‫التشغيل المؤقت ال يجعل منه مشغال بالمفهوم القانوني‪ ،‬و إنما تبقى عالقة التبعية قائمة بين‬
‫مقاولة التشغيل المؤقت واألجيرالذي وضعته رهن إشارة المقاول المستعمل‪ ،‬مادامت مقاولة‬
‫التشغيل هي التي تشغل األجراء و تؤدي لهم أجورهم ‪ ،‬فهي تفي بكل االلتزامات القانونية الناتجة‬
‫عن تنفيذ العقد وإنهائه‪.909‬‬
‫ورغم أهمية عنصر التبعية االقتصادية في إضفاء الطابع الحمائي لتشريع الشغل ‪،‬إال أنه‬
‫لم يخلو من مجموعة من االنتقادات الموجهة إليه‪ 910‬والتي في نظرنا ال تقلل من شأن هذا‬
‫المعيار‪ ،‬الذي ندعو إلى اعتماده كمعيار مستقل لكونه يوسع من دائرة الحماية القانونية‬
‫ملجموعة من الفئات التي ال تدخل في إطارالتبعية القانونية‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دورعالقة التبعية في تمييزعقد الشغل عن بعض العقود المشابهة له‪:‬‬
‫نظرا إلى تعدد العقود الواردة على ميدان االعمال‪ ، 911‬كان البد للمشرع والقماء من أن‬
‫يمعا معايير فاصلة تميزها عن بعمها البعض‪ ،‬فإذا كان عقد الشغل قد يختلط بغيره من‬
‫العقود في الكثيرمن الجوانب‪ ،‬فإن طرفيه قد يصفاه بوصف ال يتفق وحقيقته كأن يسمياه عقد‬
‫مقاولة أو شركة وهو في حقيقة األمرعقد شغل أو العكس‪.‬‬
‫وقد ارتأينا أن نقف في هذه الفقرة على معايير التمييز القمائي بين عقد الشغل وعقد‬
‫المقاولة وبين عقد الشغل وعقد الشركة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تمييزعقد الشغل عن عقد المقاولة‪:‬‬
‫إن أساس الخلط بين عقد الشغل وعقد المقاولة راجع إلى تعريف عقد الشغل المنصوص‬
‫عليه في الفصل ‪ 021‬من قانون االلتزامات والعقود والذي يبين أن عقد الشغل وعقد المقاولة‬
‫يقومان على االلتزام بأداء عمل وااللتزام بأداء أجر‪ ،‬فإن التمييز بين هذين العقدين يفترض‬
‫دراسة العنصر الثالث لعقد الشغل وهو العنصر الذي ينفرد به عن باقي العقود األخرى‪،‬‬
‫‪ -909‬انظر في هذا الصدد إلى قرار محكمة النقض (المجلس األعلى سابقا) عدد ‪ 910‬الصادر بتاريخ ‪ 2100/1/01‬في الملف االجتماعي عدد‬
‫‪ 2101/0/9/0190‬منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد ‪ 21‬مطبعة األمينة الرباط ‪ ،2102‬ص ‪ 212‬إلى ‪.219‬‬
‫‪ -910‬اعتبر جانب من الفقه أن مفهوم التبعية االقتصادية غير دقيق و يشوبه الغموض بشأن تحديد نطاق استقاللية األجير عن مشغله ‪ ,‬انظر‬
‫عبد اللطيف الخالفي مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ، 292‬وانظر كذلك محمد الشرقاني محاضرات في مدونة الشغل مطبوعات كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية مكناس‪ ،‬مطبعة سجلماسة مكناس السنة الجامعية ‪ ،2111/2112‬ص ‪001‬‬
‫‪ -911‬نعني بالعقود الواردة على ميدان االعمال‪ :‬مختلف العقود المتعلقة بالحقل االقتصادي كالوكالة والشركة والمقاولة واإليجار وعقد الشغل‪،‬‬
‫فهي عقود تتشابه من حيث المبدأ االقتصادي إال أنها تختلف فيما بينها من حيث األثر القانوني‪.‬‬
‫والمتمثل في عنصر التبعية‪ ،912‬فإذا توفرت هذه التبعية اعتبر العقد عقد الشغل‪ ،‬وإن انتفت‬
‫اعتبر العقد عقد مقاولة‪ 913‬وفي هذا اإلطار ذهب املجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) في قرار‬
‫له إلى ما يلي‪" :914‬إن عدم إثبات عالقة التبعية‪ ،‬يجعل من الرابطة الموجودة بين الطرفين عقد‬
‫مقاولة تلك الرابطة التي تجعل الطاعن يتمتع في تنفيذ عمله باستقالل وينظم عملية حفرالبئر‬
‫وفق الطرق المالئمة له‪،"...‬وفي نفس المنحى ذهب قرار‪ 915‬آخر لنفس املجلس (محكمة النقض‬
‫حاليا) حيث جاء فيه ما يلي‪" :‬وحيث تبين صحة ما عابه الطالب على القرار المطعون فيه ذلك‬
‫أنه نفى في سائرمراحل الدعوى أن يكون ارتبط بعقد شغل مع المطلوب في النقض‪ ...‬وحيث إن‬
‫الذي يميزعقد العمل هو عنصرالتبعية‪ ...‬ذلك العنصرغيرموجود في عقد المقاولة‪ ...‬فمحكمة‬
‫االستئناف عندما اعتبرت العالقة الرابطة بين الطرفين هي عالقة شغل ورتبت األثرالقانوني عن‬
‫الحادثة التي تعرض لها المطلوب في النقض دون أن تبرزعناصرالتبعية‪ ...‬يكون قرارها المطعون‬
‫فيه ناقص التعليل ‪"..‬كما أكدت محكمة التعقيب التونسية في قرار لها أن العالقة الرابطة بين‬
‫طرفي النزاع وهما مقاول وإحدى المؤسسات المستفيدة ال تخمع الختصاص الدائرة الشغلية‬
‫النعدام معيار التبعية المميز لعقد الشغل‪916‬‬
‫ولقد حاول بعض الفقه‪ 917‬إبرازبعض االختالفات بين عقد الشغل وعقد المقاولة‪.‬‬
‫ـ األجير ال يتحمل تبعات هالك معدات المقاولة إذا كان حسن النية بينما المقاول يكون‬
‫مسؤوال عن ذلك الهالك‪.‬‬
‫ـ يعمل األجير تحت تصرف رب العمل الذي له الحق في أن يستعمل نشاطه في أي عمل يراه‬
‫مناسبا في إطارسلطتها لتسييرية بينما يلتزم المقاول بصنع ش يء معين بالذات‪.‬‬
‫‪ -912‬محمد بن حساين شرح قانون الشغل المغربي مع أحدث مستجدات النصوص التنظيمية والعمل القضائي ‪ ,‬مطبعة امستيتن ‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬‬
‫الرباط أكتوبر ‪ ،2102‬ص ‪011‬‬
‫‪913‬‬
‫‪- « … le louage de service (contrat de travail) est, à la différence du louage d’ouvrage (c ontrat‬‬
‫‪d’entreprise), caractérisé par l’état de subordination de l’employé vis –à- vis de l’employeur » Hanane‬‬
‫‪Touzani‬‬ ‫‪ouvrage‬‬ ‫‪précité‬‬ ‫‪page‬‬
‫‪119.‬‬
‫‪ -914‬قرار ‪ 209‬صادر بتاريخ ‪ 0919/9/1‬في الملف االجتماعي عدد ‪ ،99219‬منشور بمجلة المحاكم لمغربية عدد ‪– 21‬مارس أبريل)‬
‫‪ 0919‬ص ‪.021‬‬
‫كذلك قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 191‬بتاريخ ‪ 0991/02/02‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 12‬يوليوز ‪ 0999‬ص‬
‫‪.221‬نفس المرجع‪.‬‬
‫‪ -915‬قرار للمجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 022‬صادر بتاريخ ‪ 2119/0/02‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 2111/0/9/112‬غير‬
‫‪916‬ـ قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 20221‬صادر في ‪ 4772/04/22‬أورده النوري مزيد م س ‪ ،‬ص‪42‬‬
‫‪ -917‬محمد الشرق اني محاضرات في مدونة الشغل كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،019‬موسى عبود‬
‫مرجع سابق ص ‪ ،021‬انظر أيضا محمد الكشبور مرجع سابق ص ‪ 010‬ودنيا مباركة مرجع سابق ‪.29‬‬
‫إال أن هذه اآلراء الفقهية أجمعت على أن المعيار الحاسم للتمييز بين عقد الشغل وعقد‬
‫المقاولة يكمن في عنصر التبعية‪ ،‬بحيث يكيف العقد بأنه عقد مقاولة كلما كان العمل ينفذ‬
‫باستقالل تام‪.918‬‬
‫وإن اعتبرنا من وجهة نظرنا المتواضعة أن هذا التمييز يعتمد على معيارالتبعية القانونية‬
‫فقط دون التبعية االقتصادية والتي يتمتع األجراء المنموون تحت لوائها أيما بنوع من‬
‫االستقالل النسبي عن سلطة المشغل التسييرية و اإلدارية‪ .‬و بالتالي يمكن القول أن هذا التمييز‬
‫ال يرتكزإال و فقط على الصورة القانونية للتبعية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تمييزعقد الشغل عن عقد الشركة‪:‬‬
‫يقض ي عقد الشركة تقديم الشركاء حصة معينة في رأسمال الشركة‪ ،‬وفي بعض األحيان قد‬
‫يقدم الشريك‪919‬عمله كحصة في الشركة‪ ،‬حيث يعمل تحت إشراف شريك آخر معين إلدارة‬
‫الشركة ‪ ،‬الش يء الذي يؤدي إلى صعوبة التفرقة بين المركز القانوني للشريك والمركز القانوني‬
‫لألجير‪.‬‬
‫ويؤكد جانب من الفقه‪ 920‬أن المعيار الحاسم للتفرقة بين العقدين هو عنصر التبعية‬
‫‪،‬فحتى ولو تم افتراض أن الشريك يعمل لحساب الشركة فإنه يكون في مركزمساو للشريك اآلخر‪،‬‬
‫في حين يبقى األجيردائما في مركزتبعية لصاحب العمل دون أن يتدخل في طريقة إدارته‪.‬‬
‫وهنا نستحمر قرار ملجلس األعلى (محكمة النقض حاليا)‪ 921‬والذي جاء فيه‪ " :‬لكن حيث‬
‫إن املحكمة لما ثبت من خالل الحكم التجاري المدلى به من طرف المطلوبة في النقض عدد ‪922‬‬
‫بتاريخ ‪ 2771/2/2‬أن الطاعن شريك لها بنسبة النصف‪ ،‬وقمت املحكمة بتمكين المطلوبة من‬
‫نصيبها في األرباح‪ ،‬واملحكمة بتكييف النازلة أنه شريك لها وليس أجيرالنتفاء عالقة التبعية يكون‬
‫قرارها مرتكزعلى أساس"‪.‬‬
‫‪ -918‬محمد الكشبور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.012‬‬

‫‪ -919‬أحمد شكري السباعي الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع االقتصادي شركات المساهمة‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬مطبعة المعارف‬
‫الجديدة‪ ،‬الرباط شتنبر ‪ ، 2102‬ص ‪ 222‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬انظر كذلك عبد الرحيم شميعة‪ ،‬محاضرات في القانون التجاري الشركات التجارية مطبعة سجلماسة‪ ،‬مكناس‪ ،‬طبعة ‪2102‬ـ‪ ،2100‬ص‬
‫‪-920‬عبد اللطيف الخالفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ -921‬قرار عدد ‪ 221‬صادر بتاريخ ‪ 2119/2/21‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 2101/0/9/0221‬غير منشور‪.‬‬
‫وهذا ما أقره أيما القماء التونس ي حيث ذهبت محكمة التعقيب التونسية في قرار‪ 922‬لها‬
‫إلى ما يلي‪" :‬مدير الشركة ذات المسؤولية املحدودة خاضع ألحكام الفصل ‪ 929‬من القانون‬
‫التجاري وما بعده وليس بعامل على معنى قوانين الشغل‪ ،‬وال يتقاض ى إلى الراتب المعين له من‬
‫قبل الشركاء"‪.‬‬
‫ونميف أيما أن القماء االجتماعي المغربي اعتمد نفس المعيار لتمييز عقد الشغل عن‬
‫عقد التسيير الحر حيث جاء في قرار‪ 923‬للمجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) ما يلي‪" :‬ال يصح‬
‫اعتبار العالقة عالقة شغل إن لم تكن قائمة على إشراف المشغل وتبعية األجير‪ ،‬والعقد الذي‬
‫يوكل بمقتماه لشخص تسيير محطة بنزين‪ ،‬تحت مسؤوليته وبمساعدة عمال يعملون باملحطة‬
‫تحت سلطته ومر اقبته ال يمكن اعتباره عقد شغل‪"...‬‬
‫وهو نفس ما سارت عليه استئنافية البيماء في قرار لها‪ ،924‬و الذي جاء بما يلي‪" :‬حيث إن‬
‫املحكمة وبعد دراستها لوثائق الملف‪ ،‬اتضح لها أنه ال وجود ألية عالقة تبعية بين المستأنف‬
‫ومديرية املجازر على اعتبار أن هذه األخيرة كانت مهمتها تسيير مرفق كان يوضع رهن إشارة‬
‫أشخاص يعملون لحسابهم الخاص‪ ...‬وال دليل في الملف يثبت تبعية المستأنف لمديرية املجازر‬
‫سواء كانت اقتصادية أو قانونية"‪.‬‬
‫وعلى العموم يمكن القول أن عقد الشغل هو عقد يتميز عن باقي العقود األخرى بثالث‬
‫عناصرمرتبطة فيما بينها وهي‪:‬‬
‫‪9‬ـ العمل وهو التزام يقع على عاتق األجير‬
‫‪2‬ـ األجر و هو التزام مقابل للعمل يقع على عاتق المشغل‬
‫‪1‬ـ العالقة السببية بينهما وهي ما يسمى في القانون االجتماعي بعالقة التبعية بشقيها‬
‫القانوني واالقتصادي‪ ،‬وأن العبرة في حالة النزاع ليست بالوصف الذي يمفيه الطرفان على‬
‫‪ -922‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 9292‬صادر بتاريخ ‪ 0922/2/0‬القسم المدني لعام ‪ 0922‬القسم المدني العام‪ ,‬ج‪ ،0‬ص ‪ 29‬أورده محمد بن‬
‫عبد الله الهادي مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ -923‬قرار عدد ‪ 102‬صادر بتاريخ ‪ 0999/1/29‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 1110/12‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى العدد ‪ 12‬يوليوز‬
‫‪.0999‬‬
‫‪ -924‬قرار رقم ‪ 1112‬صادر بتاريخ ‪ 2112/1/9‬في الملف االجتماعي عدد ‪ ،2119/1290‬غير منشور‪.‬‬
‫العقد‪ 925‬و إنما العبرة تكمن في الوصف الذي توصل إليه القاض ي انطالقا من سلطته التقديرية‬
‫في تفسيرالعقد و إعادة تكييفه‪.926‬‬
‫خاتمة و نتائج‬
‫ـ من حيث التمييزبين عقد الشغل املحدد المدة وغيرمحدد المدة‪:‬‬
‫‪ +‬رأينا أن القماء يتوخى آلية التكييف من أجل الوصول إلى الوصف الحقيقي لعقد‬
‫الشغل والذي غالبا ما يكون محل نزاع بين أطر افه‪.‬‬
‫‪ +‬جعل القماء عبء إثبات استمرارية عقد الشغل على األجيرمتى أراد أن يتمسك بصفة‬
‫عقد الشغل غيرمحدد المدة على العقد الذي يعمل في إطاره‪.‬‬
‫‪ +‬إجماع القماء على جعل االستمرارية والنظامية من المعايير المميزة بين عقد الشغل‬
‫املحدد المدة وعقد الشغل غيرمحدد المدة‪.‬‬
‫‪ +‬عدم إعطاء تعريف للعقد الموسمي يطرح إشكالية صعوبة التمييز بين العقود املحددة‬
‫وغيراملحددة خصوصا على مستوى القماء‪.‬‬
‫ـ بالنسبة لعنصرالتبعية‪:‬‬
‫‪ +‬لم يعرف المشرع عالقة التبعية رغم تنصيصه عليها من خالل مدونة الشغل إال أن‬
‫القماء اعتبرها العنصرالجوهري المميزلعقد الشغل على باقي العقود األخرى المشابهة له‪.‬‬
‫‪ +‬اعتماد القماء المغربي على عنصرالتبعية القانونية كأصل لتمييزعقد الشغل عن باقي‬
‫العقود األخرى و اعتبرالتبعية االقتصادية مجرد عنصرمكمل للتبعية القانونية و التي تم وصفها‬
‫بالتبعية الفعلية الش يء الذي ال نحبذه ذلك أنه يمكن أن ترد التبعية االقتصادية بشكل مستقل‬
‫خصوصا في عقود التشغيل المؤقت كما رينا في البحث‪.‬‬
‫‪ -925‬يونس العياشي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.011‬‬

‫‪ -926‬انظر أيضا بشأن التفسير والتكييف القضائي وخصوصياته في قانون الشغل ‪ ،‬أمينة رضوان دور القضاء في تطوير واستقرار عالقات‬
‫الشغل أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق (القانون الخاص) جامعة الحسن الثاني عين الشق‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2102/2102‬ص ‪ 02‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ +‬اعتبار التبعية القانونية وحدها للتمييز بين عقد الشغل وعقد المقاولة يجعل من‬
‫التبعية ككل ال تسعف في أن تكون معيارا وحيدا للتمييز‪ ،‬خصوصا و أنه ال يمكن اعتماد التبعية‬
‫االقتصادية في هذا املجال‪.‬‬
‫عبد اللطيف شنتوف القماء االستعجالي في المادة االجتماعية بين الو اقع والمأمول‪،‬‬
‫مجلة القماء المدني العدد ‪ ،1‬سنة ‪.2792‬‬
‫عزسعيد العمل القمائي المغربي في نزاعات الشغل الفردية مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،927‬انظر‬
‫كذلك يونس العياش ي‪ ،‬استقرار عالقات الشغل في القانون المغربي والقانون المقارن‪ ،‬أطروحة‬
‫لنيل دبلوم الدكتوراه في الحقوق جامعة محمد الخامس أكدال‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2792/2799‬‬
‫شيماء جوهري‪ ،‬دور القماء االجتماعي في نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الماستر تخصص قانون األعمال‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية أكدال‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس الرباط ‪.2790 ،‬‬
‫محمد سعيد‪ ،‬أثرالعمل القمائي على عقود الشغل‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‪،‬‬
‫جامعة محمد األول كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2776/2772‬‬
‫فتح الله الزين عرفات‪ ،‬الطبيعة القانونية لعقد الشغل ومبدأ استقرارالعالقات الشغلية‪،‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في قانون خاص‪ 1‬الحسن الثاني‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية عين الشق الدارالبيماء‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2772/2770‬‬
‫إدريس فجر‪ ،‬دور القماء في حماية األجي املجلة المغربية لقانون اقتصاد التنمية سنة‬
‫‪9117‬‬
‫عبد القادر العرعاري‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام في القانون المغربي _الجزء األول مصادر‬
‫االلتزام الكتاب األول‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2791‬‬
‫ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 9.02.210‬بتاريخ ‪ 99‬رممان ‪ 22/9112‬شتنبر ‪9102‬‬

‫بالمصادقة على قانون المسطرة المدينة‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 2171‬مكرر بتاريخ ‪17‬‬
‫شتنبر‪ ،9102‬ص ‪.2029‬‬
‫عبد القادرالعرعاري‪ :‬مصادرااللتزام الكتاب األول نظرية العقد الطبعة الثالثة داراألمان‬
‫‪.2791‬‬
‫عز الدين الماحي مدى مساهمة االجتهاد القمائي في إنشاء القواعد القانونية‪ ،‬مجلة‬
‫المنتدى العدد الرابع يوليوز‪.2772‬‬
‫محمد لبيب شنب موجز في مصادر االلتزام المصادر اإلرادية العقد (اإلرادة المنفردة) دار‬
‫النهمة العربية بيروت لبنان طبعة ‪.9107‬‬
‫نبيل إسماعيل عمر‪:‬سلطة القاض ي التقديرية في المواد المدنية والتجارية منشأة‬

‫المعارف اإلسكندرية مصرطبعة‪.9121‬‬
‫محمد سعيد بناني قانون الشغل بالمغرب عالقات الشغل الفردية الجزء األول مطبعة دار‬
‫السالم طبعة يناير‪.2770‬‬
‫قراراملجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) صادربتاريخ ‪ 90‬ماي ‪ 9112‬في الملف االجتماعي‬
‫عدد ‪ 2/1610‬مجلة اإلشعاع العدد ‪ 92‬السنة الثامنة ‪ 9116‬ص ‪ .01‬وسنتطرق بتفصيل إلى‬
‫التمييزبين عقد الشغل والعقود األخرى المشابهة في المطلب الثاني‪.‬‬
‫قرار رقم ‪ 122‬صادر بتاريخ ‪ 9122/99/21‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 11222‬مجلة قماء‬
‫املجلس األعلى عدد ‪ 19‬مارس ‪9121‬ص ‪.999‬‬
‫محمد سعيد بناني‪ ،‬القاض ي االجتماعي ومبدأ استقرار الشغل ندوة "الشغل واملجتمع"‬
‫جامعة محمد بن عبد الله كلية الحقوق فاس من ‪ 2‬إلى ‪97‬أبريل ‪.9122‬‬
‫قرار صادر عن الغرفة االجتماعية باملجس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 1‬بتاريخ‬
‫‪ 9110/2/0‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 12/272‬منشوربمجلة املحامي‪ ،‬عدد ‪ 11-12‬سنة ‪ 9112‬ص‬
‫محمد الشرقاوي‪ ،‬عالقات الشغل بين تشريع الشغل ومشروع مدونة الشغل دار القلم‪،‬‬
‫الرباط الطبعة األولى ‪.2771‬‬
‫‪1‬ـ قراراملجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 176‬صادربتاريخ ‪ 2771/2/21‬في الملف‬
‫االجتماعي عدد ‪ 72/9/2/9916‬غيرمنشور‪.‬‬
‫قرار استئنافية الدار البيماء‪ ،‬عدد ‪ 0111‬الصادر بتاريخ ‪ 2770/92/97‬في ملف عدد‬
‫‪ 2772/2610‬غير منشور‪.‬و هو ما خلص إليه قرار آخر صادر عن نفس املحكمة عدد ‪ 2296‬صادر‬
‫في ‪ 2770/6/2‬في الملف عدد ‪ 2776/1617‬غ م‪.‬‬
‫قرار صادر عن الغرفة االجتماعية بمحكمة النقض عدد ‪ 622‬صادر بتاريخ ‪ 2791/2/22‬في‬
‫الملف االجتماعي عدد ‪ ،2791/2/2/9791‬نشرة قرارات محكمة النقض العدد ‪ 91‬مطبعة األمينة‬
‫الرباط ‪.2792‬‬
‫قراراملجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) رقم ‪ 9200‬صادر بتاريخ ‪ 2772/92/2‬في الملف‬
‫االجتماعي عدد ‪ 2771/2/069‬غيرمنشور‪.‬‬
‫قرار عدد ‪ 926‬الصادر بتاريخ ‪ 2771/2/99‬في الملف عدد ‪ 2772/2/6/1‬منشور بنشرة‬

‫قرارات املجلس األعلى‪ ،‬نشرة متخصصة الغرفة االجتماعية الجزء ‪ 0‬مطبعة األمينة الرباط‬
‫‪ ،2799‬ص ‪.92‬‬
‫محمد الكشبور‪ ،‬إنهاء عقد الشغل مع تحليل مفصل ألحكام الفصل التعسفي لألجير‪،‬‬
‫دراسة تشريعية وقمائية مقارنة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدارالبيماء ط‪.2772‬‬
‫عبد اللطيف الخالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬عالقات الشغل الفردية‬
‫الطبعة األولى ‪.2772‬‬
‫عديل هتوف والصوابني عبد اإلله‪ ،‬دور القماء االجتماعي في حمايته األجير ‪ ،‬بحث نهاية‬
‫التدريب‪ ،‬المعهد العالي للقماء‪ ،‬الرباط ‪.2797-2772‬‬
‫قرار صادر عن الغرفة االجتماعية الستئنافية القنيطرة رقم ‪ 2022‬بتاريخ ‪ 9119/99/2‬في‬

‫الملف أالستئنافي عدد ‪ 0/21/1627‬غيرمنشورأورداه عادل هتوف والصوابني عبد اإلله‪ ،‬م‪ .‬س‪،‬‬
‫ص ‪.92‬‬
‫قرار املجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) صادر بتاريخ ‪ 9121/92/26‬في ملف عدد‬
‫‪ 22/1992‬مجلة اإلشعاع العدد األول يونيو ‪ 9121‬ص ‪ 20‬إلى ‪.21‬‬
‫قرار املجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 220‬صادر بتاريخ ‪ 9112/2/20‬في الملف‬
‫االجتماعي عدد ‪ 17/2779‬منشوربمجلة املحاكم المغربية عدد ‪ ،66‬يوليوز‪ ،9112‬ص ‪.922-901‬‬
‫محمد سعد الجرندي‪ ،‬معايير التمييز بين عقدي الشغل املحدد المدة وغير املحدد المدة‪،‬‬
‫الندوة الثالثة للقماء االجتماعي ‪.2772‬‬
‫قرار محكمة االستئناف العليا بدولة البحرين في القمية رقم ‪ 9122/2/612‬بتاريخ‬

‫‪ 9122/92/2‬منشورباملجلة العربية للفقه والقماء العدد السابع أبريل ‪ ،9122‬ص ‪.229‬‬
‫قرار محكمة التعقيب التونسية ملف مدني عدد ‪ 6921‬مؤرخ في ‪ 91‬أبريل ‪ 2779‬نشرة‬
‫محكمة التعقيب لعام ‪ 2779‬القسم المدني‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ‪ 226‬أورده محمد الهادي بن عبد‬
‫الله‪ ،‬مجلة الشغل معلق عليها ‪ ،‬دارإسهامات في أدبيات المؤسسة تونس‪ ،‬طبعة ‪.2772‬‬
‫قرار محكمة النقض عدد ‪ 222‬صادر بتاريخ ‪ 2771/6/6‬في الملف االجتماعي عدد‬
‫‪ 2792/2/2/012‬نشرة قرارات محكمة النقض الغرفة االجتماعية‪ ،‬الجزء ‪ 91‬مطبعة األمينة‬
‫الرباط‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫محمد سعد الجرندي‪ ،‬الطرد التعسفي لألجيربين مدونة الشغل والقماء المغربي‪ ،‬مطبعة‬
‫األمينة‪ ،‬الرباط الطبعة الثانية ‪.2770‬‬
‫قرار املجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 922‬بتاريخ ‪ 2772/2/1‬في الملف‬
‫االجتماعي عدد ‪ .2772/9/2/006‬غيرمنشور‪.‬‬
‫‪ -‬قرار املجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 926‬صادر بتاريخ ‪ 2771/2/22‬في ملف‬
‫اجتماعي عدد ‪ 2772/9/2/010‬غيرمنشور‪.‬‬
‫‪ -‬قرار املجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 127‬صادر بتاريخ ‪ 9112/2/2‬في ملف‬
‫اجتماعي عدد ‪ 17/2792‬غيرمنشور‪.‬‬
‫قرار محكمة التعقيب التونسية ملف مدني عدد ‪ 22266‬مؤرخ في ‪ 90‬أكتوبر ‪ 9116‬نشرية‬
‫محكمة التعقيب لعام ‪ 9116‬القسم المدني ص ‪ 272‬أورده محمد الهادي بن عبد الله‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫نمال جمال مسعود جرادة‪ ،‬التبعية في عالقات العمل العربية رسالة ماجستيرفي القانون‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة األزهر‪ ،‬غزة‪ ،‬عمادة الدراسات العليا والبحث‪ ،‬كلية الحقوق قانون خاص‪،‬‬
‫فلسطين ‪.2791‬‬
‫قرار املجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 222‬صادر بتاريخ ‪ 9110/2/92‬في الملف‬
‫االجتماعي عدد ‪ 12/9/92/212‬منشور بمجلة قماء املجلس األعلى عدد ‪ 20‬يوليوز ‪ 9110‬ص‬
‫‪.207‬غيرمنشور‪.‬‬
‫قراراملجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 117‬الصادربتاريخ ‪ 9111/1/21‬في الملف‬

‫االجتماعي عدد ‪ 12/202‬منشوربالنشرة اإلخبارية املجلس األعلى عدد ‪ 2‬سنة ‪ 2777‬ص ‪.21‬‬
‫‪4Mohmed KorriYoussefi. cours de droit social, cours dispensé au étudiants‬‬

‫‪de la 3éme année droit privé et droit publique à la faculté de droit Meknès , année‬‬
‫‪.2003/2004‬‬
‫‪Cass. Doc 13 novembre 1996. Noté par Christophe Radé et caroline Dechristé‬‬
‫‪.code de travail Edition Dalloz 2005 paris‬‬
‫محمد سعيد بناني‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب ـ عالقات الشغل الفردية دار النشر المغربية‬
‫الدارالبيماء طبعة ‪.9129‬‬
‫حكم ابتدائية البيماء بتاريخ ‪ 9102/2/1‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 9261‬أورده محمد‬
‫سعيد بناني في كتابته قانون الشغل بالمغرب مرجع سابق ص ‪ .121‬دون ذكرعدد الحكم‪.‬‬
‫أنس مدهوني عالقة التبعية في عقد الشغل‪ ،‬بحث نهاية التمرين للملحقين القمائيين‬
‫الفوج ‪ 22‬السنة القمائية‪.2777-9111‬‬
‫دعوى بطالن إجراءات التنفيذ في مسطرة تحقيق‬

‫الرهن الرسمي في التشريع المغربي‬
Invalidity of enforcement proceedings in the official foreclosure investigation
procedure in the Moroccan legislation
‫ وتبعا لها كل‬،‫نالحظ أن المشرع في سبيل إحاطته تنظيما بمسطرة تحقيق الرهن الرسمي‬
‫ ونجد أن المشرع قد تطرق الى‬،‫ما يتعلق باألمورالتي تشكل سببا في التمسك بها من أجل بطالنها‬
‫ ونالحظ أن المشرع قد أحاطها تنميما‬،‫أحد هذه الوسائل وهي دعوى بطالن إجراءات التنفيذ‬
‫ بدءا من إطارها القانوني وأطر افها مرورا بأسبابها سواء كانت الشكلية منها أم‬،‫بجميع إجراءاتها‬
‫ بمعنى آخر جميع إجراءاتها المسطرية ومنها اآلجال التي يجب على المدعي فيها‬،‫الموضوعية‬
‫ وتبعا لذلك نالحظ أن المشرع كان موفقا الى حد ما في مسألة‬،‫احترامها فمال عن المدعى فيها‬
.‫ الرهن االرسمي‬،‫ التنفيذ‬،‫ بطالن‬،‫ دعوى‬:‫ كلمة مفتاح‬.‫التعريف بهذه الدعوى‬
Summary :
We note that the legislator is in order to systematically surround the

procedure for verifying the official mortgage, and accordingly everything related
to the matters that constitute a reason for adhering to it in order to invalidate it.
We find that the legislator has addressed one of these means, which is the claim
of invalidation of the implementation procedures, and we note that the legislator
has systematically surrounded it with all Its procedures, starting from its legal
framework and parties, passing through its reasons, whether formal or
substantive, in other words, all its procedural procedures, including the deadlines
‫‪that the plaintiff must respect as well as the defendant. Accordingly, we note that‬‬
‫‪the legislator was somewhat successful in the issue of defining this lawsuit.‬‬
‫تمر مسطرة اإلنذار العقاري بمراحل وآجاال وإجراءات مختلفة‪ ،‬وأمام هذه الشكليات‬
‫المتطلبة فيها يحدث أال تتم بالشكل ذاك وتعترضها بعض االخالالت التي من شأنها أن يتمررمنها‬
‫أحد أطراف مسطرة اإلنذار العقاري‪ ،‬األمر الذي يعطيه الحق إن شاء الطعن فيها بناء على ذلك‬
‫اإلجراء المعيب بغية المنازعة في سالمة مسطرة اإلنذار وبالتالي المطالبة بإبطاله‪ ،‬مع التأكيد‬
‫مرة أخرى على القاعدة األصولية تقول ال بطالن إال بوجود ضررمن أحد أطراف التنفيذ‪.927‬‬
‫وكما كان األمر عليه‪ ،‬فأي طعن ببطالن إجراءات اإلنذار العقاري إال ويجب رفعه في شكل‬
‫دعوى‪ ،‬فالسؤال المطروح حول ماهية هذه الدعوى؟ وماهي أطر افها وموضوعها؟ وما هي‬
‫األسباب التي يجب أن تنبني عليها؟‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬وكإجابة على هذه األسئلة نقف عندها في مطلبين‪ ،‬مطلب أول نعالج فيه‬
‫ماهية دعوى بطالن إجراءات اإلنذار العقاري‪ ،‬على أن نتطرق في مطلب ثان إلى أطراف وموضوع‬
‫دعوى بطالن إجراءات اإلنذارالعقاري‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ماهية دعوى بطالن إجراءات التنفيذ‪.‬‬
‫إن دعوى بطالن إجراءات اإلنذارالعقاري‪ ،‬إنما هي تلك الدعوى التي تنبني إما على عنصر‬
‫شكلي يرمي من خاللها ر افع الدعوى إلى إبطال ذلك اإلجراء المعيب ومن تم تصحيحه ومتابعة‬
‫إجراءات التنفيذ‪ ،‬وإما تنبني على عنصر جوهري موضوعي تكون الغاية في هذه الحالة المطالبة‬
‫بإبطال اإلجراءات بصفة نهائية والرجوع إلى الحالة التي كان عليها األمرقبل رفع الدعوى‪ ،‬ولذلك‬
‫سوف نتطرق في هذا المطلب إلى فقرتين أولها نتطرق فيها إلى تعريف دعوى بطالن إجراءات‬
‫اإلنذارالعقاري وأساسها القانوني‪ ،‬على أن نتطرق في فقرة ثانية إلى أطر افها وموضوعها‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التعريف واألساس القانوني‪.‬‬
‫‪ -927‬يونس الزهري‪ :‬مقال حول الحجوزات في قانون المسطرة المدنية المغربي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص‪.341 :‬‬
‫قبل الخوض في بسط دعوى بطالن إجراءات اإلنذار العقاري وجب أوال التطرق إلى‬
‫تعريفها‪ ،‬على أن نتطرق ثانيا إلى أساسها القانوني‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مفهوم دعوى بطالن إجراءات اإلنذارالعقاري‪.‬‬
‫من األمور التي أصبح من الثابت في املجال القانوني وباألخص في باب التشريع‪ ،‬هي عدم‬
‫دخول المشرع المغربي في مسألة إعطاء تعريف معين للمصطلحات والمفاهيم القانونية‪ ،‬وهو‬
‫أمر محمود بأن ترك املجال للفقه‪ ،‬بل وحتى للقماء في هذا الباب وغالبا ما تكون التعاريف لها‬
‫من الدقة ما يميزها عن غيرها لو أعطيت لها من المشرع ذاته‪.‬‬
‫وبخصوص ما نحن بصدده من دعوى بطالن إجراءات اإلنذار العقاري‪ ،‬نجد أن األستاذ‬
‫أحمد النويض ي‪ 928‬عرفها بأنها‪" :‬كل إخالل بالقواعد المسطرية المنظمة لعملية التنفيذ الجبري‬
‫على العقار"‪ ،‬كما عرفتها كذلك األستاذة أمينة النمر‪" :929‬بأنها دعوى موضوعية ببطالن‬
‫إجراءات الحجز العقاري لعدم توفر الشروط أو استيفاء األوضاع الالزمة قانونا لتوقيعه وهي‬
‫تدفع قبل البيع من أطراف التنفيذ ومن الغير"‪.‬‬
‫وعلى ما ذكر‪ ،‬نبدي بعض الخصائص التي يمكن أن نستشفها من التعريفين السالفين‬
‫الذكر‪:‬‬
‫_أنها دعوى موضوعية‪ ،‬يقصد بها الحكم ببطالن الحجز‪ ،‬وإذا ما كان المدعي يدعي‬
‫استحقاق عقار فإنه يميف إلى طلب بطالن الحجز طلب الملكية‪ ،‬وهو طلب موضوعي كذلك‪،‬‬
‫ويرفع طلب بطالن الحجز إما لعدم تو افر الشروط الالزمة لتوقيع الحجز كعدم وجود سند‬
‫تنفيذي بين الدائن والمدين‪ ،‬أوالنقماء الدين ألحد األسباب‪ ،‬أوإيقاع الحجزمن غيروجود ملحل‬
‫االلتزام وهو المديونية‪ ،‬أو توقيعه على مال غير مملوك للمدين‪ ،‬وإما لعدم استيفاء األوضاع‬
‫الالزمة قانونا إلجرائه‪ ،‬كعدم القيام باإلنذارالعقاري‪ ،‬أوعدم مراعاة آجال توجيه هذا األخير‪.930‬‬
‫‪ -928‬أحمد النويضي‪" :‬القضاء المغربي وإشكاالت التنفيذ الجبري لألحكام"‪ ،‬مطبعة وراقة الكتاب بفاس‪ ،‬الطبعة األّولى‪،‬‬
‫مارس ‪ ،3991‬ص‪.314 :‬‬
‫‪ -929‬أمينة النمر‪" :‬أصول التنفيذ الجبري"‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬طبعة ‪ ،3991‬ص‪.374 :‬‬
‫‪ -930‬أمينة النمر‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.371 :‬‬
‫_ ومن خصائص هذه الدعوى كذلك‪ ،‬أنها يمكن أن تكون إشكاال وقتيا‪ ،‬ألنها تستهدف‬
‫استحقاق عقار‪ ،‬ولكن ترمي فقط إلى طلب اعتبار إجراءات الحجز باطلة ملخالفتها ما يتطلبه‬
‫القانون من إشهارواحترام آجاله أو عدم تبليغ الحجز‪.931‬‬
‫ثانيا‪ :‬األساس القانوني لدعوى بطالن إجراءات اإلنذارالعقاري‪.‬‬
‫قبل الخوض في إعطاء المقتض ى القانوني الذي تقوم عليه دعوى بطالن إجراءات‬
‫اإلنذارالعقاري‪ ،‬نشيرإلى أن بعض املحاكم أنكرت وجود سند قانوني لهذه الدعوى‪ ،‬وبالتالي وبناء‬
‫على توجهها ألغت التعرض عليه‪ ،932‬لكن الموقف هذا رأينا المتواضع أنه غيرسليم مع ما ذهب‬
‫إليه الفقه والعمل القمائي اللذان أقرا بوجودها‪ ،‬بل وتطرقا إليها بالتنظيم والشرح لها‪.‬‬
‫وهكذا ذهب عبد اإلله أبو عباد الله‪ 933‬إلى أن الطعن ببطالن اإلنذارالعقاري ال يعتبرطعنا‬
‫في إجراءات الحجز العقاري‪ ،‬ذلك أن إجراءات الحجز العقاري منصوص عليها في الفصول ‪261‬‬
‫إلى ‪ 220‬من ق‪.‬م‪.‬م تحت عنوان حجزالعقارات‪ ،‬وهي من اختصاص عون التنفيذ وليس من بينها‬
‫اإلنذارالعقاري‪ ،‬هذا األخيرالغرض منه توجيه تنبيه من الدائن إلى المدين مقتماه أداء ما بذمته‬
‫داخل أجل معين‪ ،‬وعلى ذات التاريخ وعدم استجابة المدين له تباشر إجراءات اإلنذار العقاري‪،‬‬
‫وأن القول بأن هذا األخيريدخل ضمن إجراءات الحجزالعقاري‪ ،‬هو تنكرللفصول المنظمة لهذه‬
‫اإلجراءات‪ ،‬وبالتالي ال مجال لتطبيق مقتميات الفصول ‪ 221‬و‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬م في حالة الطعن‬
‫ببطالنه‪.934‬‬
‫وعلى عكس ما سبق‪ ،‬هناك اتجاه آخر يقول بأن دعوى الطعن في اإلنذار العقاري هي‬
‫دعوى بطالن إجراءات الحجزالعقاري‪ ،‬وبالتالي فسندها القانوني هو الفصل ‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬م مع‬
‫األخذ بعين االعتبار اإلحالة المتعلقة بالفصلين ‪ 222‬و‪ 221‬فيما يخص مسطرة الدعوى‬
‫و آثارها‪.935‬‬
‫‪ -931‬حسناء السجي‪" :‬دعوى بطالن إجراءات الحجز التنفيذي"‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬المجلة المغربية لنادي قضاة الدار البيضاء‪،‬‬
‫العدد الثاني ‪ ،3131‬ص‪.19-19 :‬‬
‫‪ -932‬عبد اإلله أبو عباد الله‪" :‬تعليق حول إيقاف إجراءات التنفيذ العقاري من طرف قاضي المستعجالت"‪ ،‬مجلة المحاكم‬
‫المغربية العدد ‪ 11‬يناير‪ /‬فبراير ‪ ،3999‬ص‪.93-33 :‬‬
‫‪ -933‬أشار إليه يونس الزهري‪" :‬الحجز التنفيذي على العقار في القانون المغربي"‪ ،‬سلسلة الدراسات القانونية المعاصر‪،‬‬
‫الجزء الثاني‪ ،‬ص‪311-314 :‬‬
‫‪ -934‬محمد جالل‪ " :‬اإلنذار العقاري والتعرض عليه"‪ ،‬مجلة المحامي‪ ،‬العدد ‪ ،4‬ص‪.14 :‬‬
‫‪ -‬محمد سالم‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.331 :‬‬
‫‪ -935‬قرار محكمة االستئناف التجارية بمراكش عدد ‪ 143‬بتاريخ ‪ 3113/-1/-9‬في الملف عدد ‪3113/339‬‬
‫‪ -‬قرار محكمة االستئناف بمراكش عدد ‪ 3311‬بتاريخ ‪ 3114/3/34‬في الملف عدد ‪.3113/3/911‬‬
‫والقماء قد أخذ بالرأي األخير من خالل تكييفها للمنازعات المثارة بشأن الخلل الذي‬
‫قد يعتري اإلنذارالعقاري بأنها طعن في إجراءات الحجز‪ ،‬وبالتالي يسري عليها مقتميات الفصل‬
‫‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬والهدف المتوخى من وراء تحديد اإلطارالقانوني لهذه الدعوى هي الوقوف على‬
‫مسألتين أساسيتين‪ ،‬أوالهما هي تحديد أجل المنازعة في اإلنذار‪ ،‬بينما المسألة الثانية فهي‬
‫الوقوف على آثارالمنازعة في وقف إجراءات التنفيذ‪ ،‬بحيث إذا ما نظرنا إلى كونه طعنا بالبطالن‬
‫في إجراءات الحجز‪ ،‬فإن األمرهذا يستوجب من صاحب المصلحة هذا أن يبادربدعواه هذه قبل‬
‫وقوع السمسرة وإال انعدمت الفائدة فيها بعد ذلك‪ ،‬كما أن الدعوى هذه ترتب آثرا متمثال في وقف‬
‫إجراءات التنفيذ شأنها في ذلك شأن دعوى االستحقاق الفرعية للعقار المحجوز‪ ،936‬والعكس‬
‫صحيح إذا ما نمرنا لها على عكس ما ذكر‪ ،‬أي عدم اعتباره طعنا في إجراءات الحجز العقاري‪،‬‬
‫فإن األجل هذا غيرمعتبر‪ ،‬كما أنه ال يترتب عليه وقف إجراءات التنفيذ‪.937‬‬
‫فمن خالل ما سبق فإن دعوى بطالن إجراءات اإلنذار العقاري منظمة بفصل وحيد وهو‬
‫الفصل ‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬وهوما يالحظ عنه أن المشرع لم يوليها اهتماما تشريعيا خاصا بها‪ ،‬علما‬
‫أن الدعاوى المثارة بشأنها كثيرة تنظرأمام القماء بشكل دوري‪.‬‬
‫والمشرع المغربي عندما تطرق إلى هذه الدعوى في الفصل المذكورقد أحال بخصوصها‬
‫على المقتميات القانونية المنظمة لدعوى االستحقاق الفرعية رغم الفروقات الكبرى بين‬
‫الدعويين‪.‬‬
‫وأمام هذا التداخل بين الدعويين‪ ،‬يبرز لنا التساؤل الوجيه حول الجهة القمائية‬
‫المؤهلة للنظرفي هذه الدعوى؟‬
‫وفي معرض الجواب على ذلك‪ ،‬نجد بعض املحاكم كما تمت اإلشارة إليه سابقا تستبعد‬
‫بعض دعاوى الطعن في إجراءات اإلنذار العقاري بعلة غياب السند القانوني لهذه الدعوى‪،‬‬
‫والحال كما قلنا وجود العديد من املحاكم التي تنظر في مثل هذه الدعاوي‪ ،‬وبالتالي تلغي الطعن‬
‫في اإلنذارالعقاري كما هوالحال بالنسبة للحكم الصادرعن املحكمة االبتدائية بأسفي الذي جاء‬
‫في تعليله بعدم قبول التعرض بحجة غياب األساس القانوني‪938.‬‬
‫‪ -936‬تطرق إليها يونس الزهري‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.314 :‬‬

‫‪ -937‬عبد اإلله أبو عباد الله‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.93 :‬‬
‫‪ -938‬قراءة ابتدائية أسفي بتاريخ ‪ 3993/13/31‬ملف مدني رقم ‪ ،1411‬أورده محمد جالل‪" :‬اإلنذار العقاري والتعرض‬
‫عليه"‪ ،‬منشور بمجلة المحامي‪ ،‬العدد ‪ ،4‬سنة ‪ ،3991‬ص‪.11 :‬‬
‫بينما االتجاه المقابل يعتبردعوى بطالن إجراءات الحجزالعقاري وهي ذاتها دعوى الطعن‬
‫بالبطالن وبالتالي فمقتماها القانوني هو الفصل ‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬
‫وفيما سبق أخذنا على المشرع عدم اهتمامه بهذه الدعوى بالشكل الكافي لها‪ ،‬مما خلف‬
‫تلك التوجهات املختلفة‪ ،‬نجد المشرع قد استدرك األمروحسم هذا الخالف لكن بتشريع حديث‬
‫من خالله وجد الحلول للعديد من اإلشكاالت القانونية‪ ،‬والحل في مقامنا هذا هو عندما نص في‬
‫الفصل ‪ 939296‬من القانون ‪ 11.72‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية‪ ،‬بحيث أصبح اإلنذار‬
‫العقاري بمثابة حجزعقاري‪ ،‬وبناء على ذلك ساوى المشرع بينهما من حيث األثرالقانوني‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أطراف وموضوع دعوى بطالن إجراءات اإلنذارالعقاري‪.‬‬
‫دعوى بطالن إجراءات اإلنذارالعقاري‪ ،‬شأنها في ذلك شأن باقي الدعاوى التي تعرض على‬
‫املحاكم‪ ،‬فهي البد أن ترفع من أحد األشخاص الذين تعرضت مصالحه للمرر‪ ،‬وهو ما سنتطرق‬
‫إليه في شق أول‪ ،‬على أن نتطرق في شق ثان إلى موضوع هذه الدعوى واألسباب التي يمكن أن‬
‫تنبني عليها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أطراف دعوى بطالن إجراءات اإلنذارالعقاري‪.‬‬
‫كما قلنا سابقا أن المشرع قد تطرق إلى دعوى بطالن إجراءات اإلنذار العقاري حرصا‬
‫منه على تمكين كل من تمرر من هذه المسطرة أن يلجأ إلى القماء للدفاع عن مصالحه‪ ،‬وكذا‬
‫المطالبة بإصالح ذلك المرر‪ ،‬لكن المالحظ في هذا الشأن أن المشرع لم يحدد لنا األطراف التي‬
‫لها حق رفع هذه الدعوى‪ ،‬ليفسح املجال لكل من تمررمن هذه اإلجراءات أن يرفع تلك الدعوى‬
‫سواء كان المدين الراهن أو الكفيل العيني باعتبارأن اجراءات الحجزالتنفيذي تباشرفي حقهما‬
‫معا‪ ،‬وتبعا لذلك يكون حريصين على أن تكون هذه األخيرة سليمة‪ ،‬وأي خرق لها سواء على‬
‫مستوى الشكل أو الجوهر‪ 940،‬يبادران إلى الطعن في ذلك وبناء على ذات السبب‪.‬‬
‫وبالتالي فممارسة هذه الدعوى إما أن تكون من طرف المدين‪ ،‬وقد تكون من طرف‬
‫الدائن وقد تكون من االغياربمفهومهم الواسع‪.‬‬
‫‪ -939‬جاء في المادة ‪ 331‬من م‪.‬ح‪.‬ح‪ .‬الفقرة ‪ ... " :1‬يعتبر اإلنذار المذكور بمثابة حجز عقاري وينتج نفس آثاره"‪.‬‬
‫‪ -940‬نور الدين لعرج‪ " :‬عوارض مسطرة تحقيق الرهن الرسمي ومدى إمكانية إجراء تصرف في العقار المرهون"‪ ،‬مقال‬
‫منشور بالموقع اإللكتروني ‪ ،www.Lawmoroco.com‬ص‪.377 :‬‬
‫أ‪ /‬ممارسة دعوى بطالن إجراءات اإلنذارالعقاري من قبل المدين‪.‬‬
‫إن األهمية القصوى في تتبع سالمة إجراءات الحجز العقاري‪ ،‬إنما تكون من طرف‬
‫المدين أكثر من غيره بالطعن في مسطرة اإلنذار العقاري‪ ،‬سواء كان المدين األصلي أو الكفيل‬
‫العيني‪ ،‬وذلك بغية تفادي التنفيذ الجبري على عقاره‪ ،‬مما سيتمرر من أي خلل يقع في‬
‫المسطرة‪ ،941‬وبالتالي نجد المشرع سواء في القانون المسطري أو في شقه الموضوعي قد حدد‬
‫مجموعة من القواعد اإلجرائية المنظمة لمسطرة الحجز‪ ،‬ويترتب عن اإلخالل بها منح الفرصة‬
‫للمدين الدفع ببطالنها‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن هذه الدعوى توجه ضد الدائن المرتهن المستفيد‪ 942‬بالطبع من‬
‫إجراءات الحجز‪ ،‬ويختصم فيها وحده دون عون التنفيذ الذي تقتصر مهمته على القيام‬
‫بإجراءات التنفيذ فقط‪ ،‬علما أن الدعوى لو أقيمت منهما معا‪ ،‬أي الدائن وعون التنفيذ‪ ،‬أو‬
‫أقيمت بحموره فإنها تكون مقبولة دون النظربعد ذلك في دخول باقي أطراف التنفيذ كأصحاب‬
‫الحقوق العينية أو الدائنين األخرين‪.943‬‬
‫وباإلضافة إلى المدين الذي حق له الدفع ببطالن اإلنذار العقاري‪ ،‬نجد كذلك الكفيل‬
‫العيني‪ ،‬أمكنه كذلك ممارسة هذه الدعوى‪ ،‬مثله في ذلك مثل المدين‪ ،‬وبنفس اإلجراءات وهو ما‬
‫أكده قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيماء جاء فيه‪ ..." :‬والحال أن ذلك ال‬
‫يمنع الكفيل من التمسك بجميع الدفوع التي يمكن للمدين األصلي التمسك بها عمال بأحكام‬
‫الفصل ‪ 9927‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع‪.944‬‬
‫وهو نفس المقتض ى الذي سارعليه المشرع كذلك عندما منع الكفيل العيني من التمسك‬
‫بالدفع بتجريد المدين األصلي من أمواله‪ ،‬عمال بمقتميات المادة ‪ 945916‬من م‪.‬ح‪..‬ع‪ ،‬وفي ذات‬
‫السياق جاء قرار عن استئنافية فاس جاء فيه‪ " :‬وحيث أنه من المبادئ القانونية أن عقد‬
‫‪ -941‬حسناء السجي‪" :‬دعوى بطالن إجراءات الحجز التنفيذي"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪17 :‬‬
‫‪ -942‬يوسف أفريل‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.374 :‬‬
‫‪-943‬محمد سالم‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص" ‪.331‬‬
‫‪ -944‬ينص الفصل ‪ 3341‬ظ‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي‪ " :‬للكفيل أن يتمسك في مواجهة الدائن‪ ،‬بكل دفوع المدين األصلي‪ ،‬سواء‬
‫كانت شخصية له أو متعلقة بالدين المضمون‪ ،‬ومن بينها الدفوع التي تؤسس على نقص أهلية المدين األصلي‪ ،‬وله أن‬
‫يتمسك بهذه الدفوع‪ ،‬ولو برغم اعتراض المدين أو تنازله عنها؛ كما أنه يمكنه أن يحتج بالدفوع التي هي خاصة بشخص‬
‫المدين األصلي كاإلبراء من الذين الحاصل له شخصيا‪.‬‬
‫‪ -945‬جاء في المادة ‪ 391‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪ " :‬إذا كان الراهن كفيال عينيا فال يجوز استيفاء الدين من غير ثمن الملك المرهون‬
‫وليس للكيل العيني أن يتمسك بحق تجريد المدين"‪.‬‬
‫الكفالة هو عقد تابع لاللتزام األصلي وجودا وعدما‪ ،‬ويبقى من حق الكفيل التمسك بكل الدفوع‬
‫التي يمكن للمدين األصلي إثارتها في مواجهة الدائن"‪.946‬‬
‫مما سبق‪ ،‬ومن القرارين معا اللذان سبق التطرق إليهما قبال‪ ،‬أمكن للمدين أو للكفيل‬
‫العيني إذن اثارة أي طعن يتعلق بمسطرة اإلنذارالعقاري سواء كان شكليا أو موضوعيا‪.‬‬
‫و انطالقا مما سبق أمكننا أن نتساءل بخصوص إمكانية الطعن وممارسته‪ ،‬والحال أن‬
‫الدائن لم يباشرإجراءات التنفيذ في حق المدين األصلي؟‬
‫كجواب على هذا السؤال ذهب أحد الباحثين في معرض جوابه قد اعتمد على أساسين‬
‫قانونين‪ ،‬أولهم مدرج في إطار القواعد العامة للقانون المدني وهو الفصل ‪ 9479916‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع‬
‫ومن خالله نجده يعالج كفالة دين عادي‪ ،‬وهو حديثه عن الكفالة في املجال العقاري‪ ،‬وتعارضه‬
‫كذلك مع أهداف المسطرة التي تنبني على إجراء أساس ي أال وهو تمكين الدائن المرتهن من‬
‫التنفيذ على العقارالمرهون رهنا رسميا‪.‬‬
‫أما األساس الثاني هو المادة ‪ 962‬من م‪.‬ح‪.‬ع التي جاء فيها ما يلي‪" :‬الرهن الرسمي حق عيني‬
‫تبعي يتقررعلى ملك محفظ أو في طور التحفيظ ويخصص لممان أداء دين"‪ ،‬ومنه يظهرالفرق‬
‫بين الكفالة في إطار الرهن الرسمي التي هي كفالة عينية تستهدف العقار المرهون‪ ،‬وبين الكفالة‬
‫في إطارالقواعد العامة‪.948‬‬
‫األمر السابق نجد أمره في قرار ملحكمة االستئناف بالدار البيماء جاء فيه‪" :‬وحيث إنه‬
‫بخصوص ما يتمسك به الطاعن من أنه مجرد كفيل تركة‪...‬‬
‫و أنه ال يمكن تحقيق الرهن الرسمي على عقاره إال بعد تجريد هذا األخير‪ ،‬فإنه بدوره دفع‬
‫ال يستند على أي أساس على اعتبار أن األمر ال يتعلق بكفالة عادية منحها الطاعن لممان أداء‬
‫‪ -946‬قرار محكمة االستئناف بمراكش‪ :‬عدد ‪ ،311‬بتاريخ ‪ 3114/13/39‬في الملف ‪.11/911‬‬

‫للتعمق أكثر يراجع محمد كرام‪" :‬وضعية الكفيل أثناء مساطر الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة"‪ ،‬مجلة المنتدى‪،‬‬
‫العدد الثالث‪ ،3431 ،‬يونيو ‪ ،3113‬ص‪ 337 :‬وما يلها‪.‬‬
‫‪ -947‬ينص الفصل ‪ 3311‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي‪ ":‬للكفيل الحق في أن يطلب من الدائن أن يقوم أوال بتجريد المدين من‬
‫أمواله المنقولة والعقارية‪ ،‬بشرط ان تكون قابلة للتنفيذ عليها‪ ،‬وـأن توجد في المغرب وان يقوم بإرشاده إليها‪.‬‬
‫وعندئذ‪ ،‬تتوقف مطالبة الكفيل إلى أن تجرد أموال المدين األصلي بدون إخالل بحق الدائن في اتخاذ ما عساه أن يؤذن له به‬
‫من اإلجراءات التحفظية ضد الكفيل‪ ،‬وإذا كان للدائن حق الرهن الحيازي او الرهن بدون حيازة او حق الحبس على منقول‬
‫مملوك للمدين‪ ،‬وجب علبه ان يستوف دينه منه‪ ،‬ما لم يكن مخصصا لضمان ديون أخرى على المدين حالة كونه غير كاف‬
‫للوفاء بها جميعا"‪.‬‬
‫‪ -948‬هاجر منيوي‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.13 :‬‬
‫دين وتطبق عليها مقتميات الفصل ‪ 9911‬وما بعده من ظ‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬و إنما يتعلق األمر برهن رسمي‬
‫منحه الطاعن لممان التزام في ذمة الغير‪ ،‬وهذا الرهن مستقل عن االلتزام األصلي‪ ،‬ويمكن‬
‫للدائن المرتهن متابعة تنفيذه بمجرد عدم تنفيذ المدين األصلي اللتزاماته عند حلول أجلها‬
‫ودونما حاجة إلى تجريد المدين األصلي‪.949‬‬
‫وفي إطارما ينبني عليه الطعن على المستوى الشكلي كشهرالبيع أو تبليغه إلى المدين‪ ،‬كما‬
‫يمكن أن تنصب على بيانات اإلنذارالعقاري التي ألزم المشرع إدراجها‪ ،‬كما يمكن أن ينبني الطعن‬
‫على مرفقات اإلنذار‪ ،‬ومن أهمها شهادة التقييد الخاصة ‪ ،...‬وبالتالي أمكن للمدين هنا أو الكفيل‬
‫العيني أن يتمسك في دعواه بانتفاء أحد األسباب السابقة‪ ،‬وبالتالي مطالبة ببطالن إجراءات‬
‫مسطرة اإلنذارالعقاري‪.950‬‬
‫ومن األسباب الموضوعية في دعوى بطالن إجراءات اإلنذار العقاري المنازعة من قبل‬
‫المدين في صحة التنفيذ معلال دفعه بانقماء الدين كأدائه الدين أو سقط بالتقادم أو المنازعة‬
‫في مقدارالدين‪ ،‬وبالتالي يترتب عن ذلك إلغاء الحجزمن طرف المدين‪.‬‬
‫ب‪/‬ممارسة دعوى بطالن إجراءات اإلنذارالعقاري من قبل الدائن‪.‬‬
‫يعد المدين والكفيل العيني إن وجد‪ ،‬كان للدائن كذلك الحق في ممارسة دعوى البطالن‪،‬‬
‫علما أن هذا األخيرله المصلحة في الطعن متى تمررت مصالحه وهو الذي يكون أكثرحرصا على‬
‫سالمة اإلجراءات ألن من شأن صحتها أن تسرع من عملية التنفيذ‪ ،‬وبالتالي ضمان الحصول على‬
‫أمواله في أسرع وقت‪ ،‬ومنه البد من شرطي المصلحة والمرر‪ ،‬وأن يرفق المقال المقدم‬
‫للمحكمة بالمستندات والحجج المثبتة لذلك‪ ،‬والغاية من وراء مبادرته هذه هي إصالح اإلجراء‬
‫المعيب بذل تركه على حالته إلى أن يتمسك به المدين نفسه وما يترتب على ذلك من طول‬
‫إجراءات التنفيذ‪ ،‬وعلى ذلك فالطعن المثاريقتصرفقط على االجراء المعيب وإعادة اإلجراءات‬
‫إلى مسارها الصحيح ومواصلة إجراءات المسطرة‪ ،951‬عكس ما عليه لو كان الطعن مثارمن قبل‬
‫المدين والتي ترمي إلى إلغاء مسطرة التنفيذ بالمرة‪.‬‬
‫‪ -949‬قرار عن استئنافية الدار البيضاء التجارية رقم ‪ 3173/3111‬الصادر بتاريخ ‪ 19/17/3111‬في الملف عدد‬
‫‪ 9/3111/3791-1/3114/939‬أوردته هاجر منيوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.13 :‬‬
‫‪ -950‬رضوان الطيبي‪" :‬الطعن في إجراءات اإلنذار العقاري‪ ،‬سلسلة المنازعات العقارية"‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬السنة ‪ 3133‬ص‪:‬‬
‫‪.79‬‬
‫‪ -951‬الرجراجي زكرياء‪ " :‬منازعات الحجز العقاري"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.339 :‬‬
‫وترفع الدعوى من قبله كما قلت عندما تتمررمصالحه‪ ،‬أو تصبح مهددة أو كما لو تم خرق‬
‫مقتميات المادة ‪ 296‬من م‪.‬ح‪.‬ع وما يتعلق بها من عدم ذكرمشتمالت العقار‪ ،‬أو بعض األموال‬
‫التي تعتبر عقارات بالتخصيص‪ ،‬أو عدم تبليغ الحائز كما هو منصوص عليه في الفصل ‪ 22‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬م التي تلزم تبليغ هذا األخير‪ ،‬أو إغفال إنذار المكثرين من أجل حجز الثمار المدينة التي بين‬
‫أيديهم‪ ،...‬إلى غيرذلك من األسباب التي تنهض سببا يبني عليها الدائن دعواه لحماية مصالحه‪،952‬‬
‫وتصحيح المسطرة بالشكل القانوني المرسوم‪.953‬‬
‫وعلى نهج ما سبق كان ملحكمة االستئناف التجارية رأي فيما ذكرفقد جاء في أحد قرارتها‬
‫ما يلي‪" :‬حيث تبين للمحكمة من خالل اطالعها على وثائق الملف أنه وكما ذهب إلى ذلك قماء‬
‫الدرجة األولى فإن المستأنف لم يبين مصلحته في الطعن ببطالن إجراءات التنفيذ وال هدفه منه‪،‬‬
‫وذلك أنه لم يبين ماهية المررالحاصل له ‪ ...‬لذا وجب رد االستئناف لعدم جديته وتأييد الحكم‬
‫المستأنف"‪.954‬‬
‫وإذا كان المشرع حريصا على ضمان الحقوق‪ ،‬وذلك من خالل فتح باب القماء لكل‬
‫شخص للمطالبة بحقه دون شرط أو قيد‪ ،‬ومنح هذه المكنة في مجالنا لألطراف المباشرة في‬
‫مسطرة إجراءات الحجز العقاري وهم الدائن المرتهن والمدين الراهن‪ ،‬فإنه وعمال منه على‬
‫توسعة وفتح املجال ألشخاص أخرين قد تصيبهم هذه اإلجراءات بمرر‪ ،‬فإنه أعطى لألغيارالحق‬
‫في الدخول في هذه الدعوى‪ ،‬وهو ما سيكون مبحث النقطة الموالية‪ ،‬ولما كانت القاعدة أن‬
‫العقود ال تلزم إال عاقديها عمال بمبدأ نسبية آثارالعقد كما هو منصوص عليها في الفصل ‪955222‬‬
‫من ظ‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬فإن األمر البد من أن يستجلب أشخاص اخرين في المسطرة عند تحقق المرر في‬
‫جانبهم وهو موضوع النقطة الموالية‪.‬‬
‫ج‪/‬ممارسة دعوى البطالن من طرف األغيار‪.‬‬
‫يقصد بالغير كل شخص أو طرف ثالث خارج عن العالقة التعاقدية األصلية المباشرة‬
‫والتي تجمع في موضوعنا هذا بين الدائن المرتهن والمدين الراهن‪ ،‬ومن قبيل ذلك كمن مس حقه‬
‫‪ -952‬يوسف بن الزاوية‪ " :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪ 317 :‬وما يليها‪.‬‬

‫‪-953‬الرجراجي زكرياء‪ " :‬منازعات الحجز العقاري"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.339 :‬‬
‫‪ -954‬قرار محكمة االستئناف صادر بتاريخ ‪ 3119/11/39‬في الملف المدني عدد ‪ 3119/13/391‬أورده محمد هماش في‬
‫دعوى بطالن إجراءات التنفيذ على العقار"‪ ،‬ص‪.33 :‬‬
‫‪ -955‬جاء في الفصل ‪ 339‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع‪" :‬االلتزامات ال تلزم إال من كان طرفا في العقد‪ ،‬فهي ال تضر الغير وال تنقلهم إال في‬
‫الحاالت المذكورة في القانون"‬
‫وذلك بعدم اإلشارة إلى حقه في دفتر التحمالت‪ ،‬هذا اإلغفال يمنحه حق رفع دعوى البطالن‪،‬‬
‫موضوعها تصحيح اإلجراء الذي تم اغفاله‪ ،‬مع اإلشارة إلى مسألة أساسية وهي عدم جواز‬
‫المطالبة بنفس الحق موضوع الحجز‪ ،‬بمعنى آخر عدم إمكانية المطالبة بحق الملكية التي‬
‫أساسها دعوى منفصلة عن دعوى البطالن أال وهي دعوى استحقاق فرعية‪ ،‬وبالتالي فالحقوق‬
‫المعتبرة كأساس للغيرالمطالبة بها هي مجموع الحقوق غيرحق الملكية‪ ،‬ومن قبيل ذلك المكثري‬
‫الذي لم يشار إلى عالقته الكرائية التي تربطه بالمنفذ عليه‪ ،‬ففي هذه الوضعية التي يظهر فيها‬
‫أن مصالح المكثري ستمرر فكان له أن يدفع دعوى يطالب فيها من املحكمة إبطال دفتر‬
‫التحمالت‪ ،‬وإعادته من جديد بشرط اإلشارة إلى حقه في الكراء‪.956‬‬
‫ومن الغير كذلك الذي أمكنه رفع دعوى البطالن‪ ،‬نجد الحائز الذي انتقلت إليه ملكية‬
‫ذلك العقاربأحد أسباب انتقال الملكية كما هي منظمة في مدونة الحقوق العينية وغيرذلك من‬
‫األسباب‪ ،‬فقد يتم التنفيذ إذن على العقار الموجود بين يدي هذا األخير‪ ،‬أو عدم تبليغه‬
‫باإلنذار‪ ،957‬كما أمكنه كذلك النزاع في المسطرة إذا ما قدم مقترح تأدية الدين والفوائد المترتبة‬
‫عليه بمصاريفها ‪ ،...‬ومع ذلك استمرعون التنفيذ في مواصلة المسطرة‪.958‬‬
‫ومن أهم الطعون التي منحت للحائز هو ما أوردته المادة ‪959272‬من م‪.‬ح‪.‬ع في فقرتها‬
‫األولى التي أعطت للحائزرفع دعوى البطالن إذا ما كانت للمدين أمالك أخرى من غيرالملك الذي‬
‫بين يديه‪ ،‬وهو ما ذهبت إليه محكمة االستئناف التجارية بمراكش جاء فيه‪" :‬حيث إن للطاعن‬
‫في النازلة ليس هو المدين أو من يقوم مقامه حتى يمكن له سلوك مسطرة الطعن في إجراءات‬
‫الحجز العقاري التي بوشرت من طرف الدائن المستأنف عليها على عقار ما لم يكن مسجال في‬
‫رسمه العقاري"‪.960‬‬
‫كما زاد المشرع الممان للحائزحينما منحه كذلك مزية استرداد ذلك العقارإلى حين رسو‬
‫المزاد العلني‪ ،‬إذا ما قدم ما يثبت أنه قد أدى الدين كامال وتوابعه حسب ما جاء في مممون‬
‫‪ -956‬يونس الزهري‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.349-349 :‬‬

‫‪ -957‬أمين حسون‪" :‬اإلشكاالت العملية في موضوع اإلنذار العقاري"‪ ،‬بحث نهاية التمرين في المعهد العالي للقضاء الموسم‬
‫‪ ،3111-3111‬ص‪.11 :‬‬
‫‪ -958‬رشيد قافو‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.14 :‬‬
‫‪ -959‬تنص المادة ‪ 313‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪ " :‬للحائز الذي لم يكن ملزما بالدين أن يتعرض على بيع الملك المرهون الذي بيده إذا‬
‫بقيت في ملكية المدين األصلي أمالك آخرى مرهونة من أجل نفس الدين"‪.‬‬
‫‪ -960‬قرار عدد ‪ 3111‬صدر بتاريخ ‪ 7/31‬رقمه بالمحكمة التجارية ‪ ،9/3/11‬أورده عمر أزوكار في كتابه "أحكام اإلنذار‬
‫العقاري وإشكاالته القضائية"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.34 :‬‬
‫المادة ‪961271‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪ ،‬وبالتالي إذا ما قام الحائز بالتعرض‪ ،‬أو أظهر نيته في األداء‪ ،‬ومع ذاك‬
‫واصل عون التنفيذ التنفيذ أمكن لهذا األخيرإقامة دعوى بطالن إجراءات اإلنذارالعقاري‪.‬‬
‫ولإلشارة بخصوص أطراف هذه الدعوى نجد بعض الفقه‪ ،962‬يقول بأن أطراف الدعوى‬
‫هذه يجب أن تتممن الدائن والمدين كمدعى عليهم‪ ،‬لكن في الو اقع العملي يتم إدخال كذلك‬
‫حتى عون التنفيذ وجميع أطراف المسطرة‪ ،‬وفي بعض األحيان حتى النيابة العامة‪.963‬‬
‫وفي إضافة بخصوص الفصل ‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬م الذي وجب أال يفهم بعمومه في الصياغة‬
‫حينما أعطى الحق لكل شخص تمررت حقوقه رفع دعوى بطالن هذه اإلجراءات خاصة في‬
‫الحالة التي يتم المطالبة فيها بملكية ذلك العقار‪ ،‬ألن اإلطار القانوني لرفع هذه الدعوى هو‬
‫الفصل ‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬وفي حالة رفعها في إطارالفصل ‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬م ستصدراملحكمة حكمها‬
‫بعدم قبول الدعوى‪.964‬‬
‫وخالصة ما سبق‪ ،‬وإضافة إلى طرفي الحجزلم يحرم المشرع الغيرالذي تمررت مصالحه‬
‫عن طريق خرق بعض الشروط التي ينبني عليها اإلنذار العقاري‪ ،‬سواء كان ذلك اإلجراء شكليا أو‬
‫موضوعيا إال وثبت لصاحبه رفع دعوى المطالبة بإبطاله‪ ،‬والغير بمفهومه الميق كل من ال‬
‫تربطه بالعقاروال بالمدين عالقة ما‪ ،‬أما في مفهومه الواسع كل من لم يكن طرفا في الحجزولكن‬
‫له حق إما مرتبط بالعقارالمحجوزأو بذمة المدين‪.‬‬
‫بقي لنا أن نشيرإلى السؤال الذي طرحه أحد الباحثين‪ 965‬بخصوص الشروط التي يتطلب‬
‫توفرها في المكثري‪ ،‬والتي بموجبها يصبح له الحق في رفع دعوى بطالن إجراءات الحجز العقاري‬
‫عندما ال يتم ذكره في دفترالتحمالت كأنه مكتري؟‬
‫كجواب على هذا التساؤل يجب األخذ بعين االعتبار ما إذا كنا في عقار محفظ أو غير‬
‫محفظ‪ ،‬فالعقاراملحفظ ال يشكل لنا أي صعوبة بالنظرإلى أن أي حق ال يعتد به قانونا إال إذا تم‬
‫‪ -961‬تنص المادة ‪ 311‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ " :‬ال يحول تخلي الحائز عن الملك المرهون دون الحق في استرداده إلى حين تاريخ البيع‬
‫بالمزاد العلني‪ ،‬وذلك بعد أدائه كامل الدين وتوابعه"‪.‬‬
‫‪ -962‬محمد سالم‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.334 :‬‬
‫‪ -963‬محمد زاليجي‪" :‬بطالن العمل اإلجرائي وأثره على العون القضائي"‪ ،‬مقال منشور بمجلة المناظرة‪ ،‬عدد ‪،3113.1‬‬
‫ص‪.37 :‬‬
‫‪ -964‬رضوان الطيبي‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.79 :‬‬
‫‪ -965‬هدى بوينيفيف‪" :‬دعوى بطالن إجراءات الحجز التنفيذي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،3131/3134‬ص‪.93 :‬‬
‫تقييده بالرسم العقاري ووفق الكيفية املحددة في الفصل ‪96662‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬أما في الحالة الثانية‬
‫وبالرجوع إلى القواعد العامة الفصل ‪ 967621‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬وكذلك مقتميات الفصل ‪ 96862‬من‬
‫ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬أمكن القول أنه ال يمكن التمسك بها في مواجهة الغير‪ ،‬أي أن المكثري الذي لم يبادرإلى‬
‫تقييد عقد كرائه بالرسم العقاري للمعني ال يمكن له بالتالي مواجهة الغيربهذا الكراء‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أسباب بطالن إجراءات اإلنذارالعقاري وآجالها‪.‬‬
‫إن المنازعة بصفة عامة تقتض ي من ر افعها أن يكون له سبب‪ ،‬وباألحرى موضوع لهذه‬
‫الدعوى وإال كانت غير ذات فائدة‪ ،‬واألسباب هذه تتعدد بتعدد مواضيعها‪ ،‬وعالقة بموضوعنا‬
‫هذا فقد تنطوي على أحد الصورتين‪ ،‬إما في صورة المنازعة في عيب شكلي‪ ،‬وإما في صورة عيب‬
‫في الموضوع‪ ،‬ومن المؤكد أن لكل دعوى سبب وهذه األسباب عديدة ومتنوعة‪ ،‬كما أن ممارسة‬
‫هذه الدعوى وجب أن تخمع آلجال كان من الواجب ومن الالزم مراعاتها في رفع هذه الدعوى‪،‬‬
‫كل هذا سنتطرق إليه في فقرتين األولى نعالج فيها أسباب بطالن إجراءات اإلنذارالعقاري‪ ،‬على أن‬
‫نتطرق في فقرة ثانية آلجال رفع هذه الدعوى‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أسباب بطالن إجراءات اإلنذارالعقاري الشكلية والموضوعية‪.‬‬
‫يمكن لدعوى بطالن إجراءات اإلنذار العقاري أن تقتصر فقط على أحد العناصر‬
‫الشكلية لها‪ ،‬كما يمكن المنازعة في أساس العقد برمته وهو صحة عقد الرهن‪.969‬‬
‫‪ -966‬ينص الفصل ‪ 11‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪" :‬يجب أن تشهر بواسطة تقييد في الرسم العقاري‪ ،‬جميع الوقائع والتصرفات واالتفاقات‬
‫الناشئة بين األحياء مجانية كانت أو بعوض‪ ،‬وجميع المحاضر واألوامر المتعلقة بالحجز العقاري‪ ،‬وجميع األحكام التي‬
‫اكتسبت قوة الشيء المقضي به‪ ،‬متى كان موضوع جميع ما ذكر تأسيس حق عيني عقاري أو نقله إلى الغير أو اإلقرار به‬
‫أو تغيير ه أو اسقاطه‪ ،‬وكذا جميع عقود أكرية العقارات لمدة تفوق ثالث سنوات‪ ،‬وكل حوالة لقدر مالي يساوي كراء عقار‬
‫لمدة تزيد على السنة غير مستحقة األداء أو االبراء منه‪.‬‬
‫‪ -967‬ينص الفصل ‪ 139‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع‪ ..." :‬كراء العقارات لمدة تزيد على سنة ال يكون له آثر في مواجهة الغير ما لم يكن‬
‫مسجال وفقا لما يقضي به القانون"‪.‬‬
‫‪ -968‬ينص الفصل ‪ 19‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ " :‬إن عقود األكرية التي لم يقع إشهارها للعموم بتقييدها في الرسم العقاري طبقا‬
‫لمقتضيات الفصل ‪ 11‬من هذا القانون ال يجوز التمسك بها في مواجهة الغير لكل مدة تتجاوز ثالث سنوات تحسب من اليوم‬
‫الذي تنتج فيه العقود المشار إليها في الفصل ‪ 17‬أثرها"‪.‬‬
‫‪ -969‬جاء في قرار لمحكمة االستئناف التجارية بمراكش‪" :‬حيث أنه ال نزاع في أن المستأنفين استفادا من المستأنف عليه‬
‫من قرض في حساب جاي وتعرض للتجهيز وقدما رهنا على العقار موضوع الرسم العقاري عدد ‪ 19731‬المسمى أبوفال‬
‫‪ 3‬ال واقع بمنطقة انزكان وتم تسجيل هذا الرهن على الصك العقاري المذكور‪ ،‬كما أنه ال نزاع في أن البنك أنذرهما بموجب‬
‫إنذار عقاري توصال به بتاريخ ‪ 3113/11/31‬مستوف لشروطه الشكلية‪ ،‬ولذلك فإن تقييد الرهن بالمحافظة يعطى للدائن‬
‫المرتهن الحق في المطالبة بيع العقار المرهون بعد توجيه إنذار بدون جدوى طبقا للفصلين ‪ 314‬و‪ 311‬من القانون العقاري‬
‫وما تمسك به المستأنف من منازعة في الكشوفات الحسابية أو المديونية فيه ال يبرز إبطال اإلنذار العقاري وهو ما انتهي‬
‫إليه حكم المستأنف الذي يتعين تأييده – حكم عدد ‪ 314‬بتاريخ ‪ 3111/13/14‬في الملف عدد ‪.3113/33/3393‬‬
‫وأوجه الفرق الذي يكمن بين هذين الطعنين مفاده أن الطعن في إجراء شكلي ما هو إال‬
‫المطالبة بتصحيح ذلك االجراء الذي شابه الخلل‪ ،‬ومن تم متابعة المسطرة إلى نهايتها‪ ،970‬بينما‬
‫الهدف من الطعن الموضوعي هنا له آثارأكثرتأثيرمن سابقه وهو إنهاء النزاع بشكل نهائي‪.971‬‬
‫وهديا ما سبق نعالج أسباب بطالن إجراءات اإلنذارالعقاري الشكلية أوال‪ ،‬على أن نتناول‬
‫أسباب البطالن الموضوعية ثانيا‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أسباب بطالن اإلنذارالعقاري لخلل شكلي‪.‬‬
‫يقصد باإلخالل الشكلي ذلك اإلخالل الذي يتعلق باألمور الشكلية التي تتعلق بإجراءات‬
‫التنفيذ العقاري‪ ،‬أو البطالن الناتج عن عدم االلتزام بقواعد التبليغ‪.‬‬
‫ومن المعلوم بالمرورة من الحال أن اإلنذار العقاري هو الخطوة األولى التي تبتدأ بها‬
‫مسطرة تحقيق الرهن الرسمي‪ ،‬وبناء على ذلك فكان من الالزم أن يكون هذا األخير مستوفيا‬
‫لجميع البيانات الشكلية المتطلبة قانونا‪ ،‬وحتى المتطلبة قماء وفقها‪.‬‬
‫بمعنى آخر أن إغفال أحد البيانات المذكورة أو التي ذكرت وبشكل خاطئ قد يؤدي إلى‬
‫رفع هذه الدعوى‪.‬‬
‫أ‪ /‬البطالن المرتكزعلى عدم ذكر بيانات اإلنذارالعقاري‪.‬‬
‫قلنا انه من بين األسباب التي تكون مرتكز لصاحب المصلحة في رفع دعواه هي عدم ذكر‬
‫بيان أو أكثر من البيانات األساسية لصحة ذلك اإلنذار‪ ،‬وهذه البيانات قد أوردها المشرع‬
‫المغربي في المادة ‪972296‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪ ،‬كما يجب على المدعي كذلك تحديد مبلغ الدين املحدد في‬
‫عقد الرهن الرسمي استنادا إلى الفقرة األخيرة من المادة ‪973902‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪ ،‬ويستتبع كل ذلك‬
‫إنذارالمدين األصلي أو الحائزطبقا للمادة ‪ 292‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫‪ -970‬محمد سالم‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.337 :‬‬

‫‪ -971‬يونس الزهري‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.313/313 :‬‬
‫‪ -972‬تنص المادة ‪ 331‬م‪.‬ح‪.‬ع‪" :‬يتضمن اإلنذار المشار إليه في المادة السابقة اسم المالك المقيد واسم الملك المرهون‬
‫وموقعه ومساحته ومشتمالته ورقم رسمه العقاري‪.‬‬
‫يبلغ المكلف بالتنفيذ نسخة من اإلنذار المذكور إلى المحافظ على األمالك العقارية الذي يقيده بالرسم العقاري‪ ،‬يعتبر اإلنذار‬
‫المذكور بمثابة حجز عقاري وينتج نفس آثاره"‪.‬‬
‫‪ -973‬تنص الفقرة األخيرة من المادة ‪ 371‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ ..." :‬بيان مبلغ الدين المضمون بالرهن والمدة المحددة ألدائه"‪.‬‬
‫وبناء على ما تقدم فاحترام هذه األمور جميعها يكون اإلنذار صحيحا منتجا لكافة آثاره‬
‫القانونية تجاه المدعي عليه أال وهو المدين الراهن‪ ،‬أما إذا لم يحترم أحد البيانات المذكورة‬
‫سابقا فإن اإلنذاريصبح قابال لإلبطال‪.974‬‬
‫فقد جاء في قرار ملحكمة االستئناف التجارية بمراكش ما يلي‪..." :‬وحيث أنه بالرجوع إلى‬
‫اإلنذارالعقاري المطلوب إبطاله يتضح أنه يتممن اسم العقاراملحفظ الذي سيجري عليه البيع‬
‫في حالة عدم األداء ويشير إلى رقم الصك العقاري ومكانه وبالتالي فإنه مطابق للمقتميات‬
‫المنصوص عليها في الظهير ‪.9759192/76/72‬‬
‫كما جاء في حكم صادر عن املحكمة التجارية بأكادير ما يلي‪" :‬حيث أن اإلنذار العقاري‬
‫الصادرعن السيد رئيس مصلحة كتابة المبط بناء على األمرالرئاس ي الصادرعن هذه املحكمة‬
‫بتاريخ ‪ 2772/71/22‬تممن سائرالشكليات المنصوص عليها في المادة ‪ 272‬من القانون العقاري‬
‫بإشارته إلى اسم العقار الذي سوف يجري بيعه في حالة عدم األداء ورقم رسمه العقاري ومكان‬
‫تواجده‪.‬‬
‫وحيث إن سالمة اإلنذار العقاري ونماميته يجعل الطلب الرامي إلى بطالنه بدون‬
‫أساس‪.976‬‬
‫مما سبق أمكننا أن نطرح السؤال عن الجزاء المقررعند إغفال هذه البيانات أو أحدها؟‬
‫الجواب على هذا السؤال نعود به إلى المادتين ‪ 292‬و‪ 296‬من م‪.‬ح‪.‬ع اللتان تبينان أن‬
‫المشرع المغربي لم يممنهما أي جزاء في حالة اإلغفال‪ ،‬وإن كان حري بالمشرع أال يترك هذه‬
‫‪ -974‬يونس الزهري‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.311 :‬‬

‫‪ -975‬قرار عدد ‪ 413‬صادر بتاريخ ‪ 3114/14/37‬في الملف عدد ‪ 3111/33/117‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ -976‬حكم عدد ‪ 3114/134‬بتاريخ ‪ 3114/11/39‬في الملف عدد ‪.3111/331‬‬
‫ويرى يونس الزهري بهذا الخصوص متأسفا على أن بعض المحاكم تجرد نفسها من صالحية مراقبة سالمة اإلنذار العقاري‬
‫بعلة غير صحيحة وهي أنه سبق لرئيس المحكمة أن راقب هذه البيانات قبل االذن بتوجيه اإلنذار من ذلك مثال جاء في قرار‬
‫لمحكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء التي عللت أحد قراراتها بما يلي‪" :‬حيث أنه بخصوص الدفع بعدم توقيع اإلنذار‬
‫فإن المحكمة ال تتوفر على أصل اإلنذار حتى تتمكن من التحقق من صحة الدفع المثار حول التوقيع على أن اإلنذار المذكور‬
‫وجه إلى الطاعن بناء على أمر صادر عن رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء في إطار الفصل ‪ 349‬من ق‪.‬م وأن السيد‬
‫رئيس المحكمة لم يصدر أمره إال بعد اطالعه على كافة الوثائق وبه التحقق من توقيع أصل اإلنذار من طرف باعته مما‬
‫يبقى معه الدفع المذكور غير مرتكز على أساس ويتعين رده"‪.‬‬
‫_قرار عدد ‪ 3111/3914‬صادر بتاريخ ‪ 3111/19/31‬في الملف ‪.34/3111/999‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫ويضيف هذا الفقه أن هذا االتجاه القضائي يعدم كل رقابة قضائية على صحة اإلنذار العقاري وخطورة ذلك تكمن في أنه‬
‫سند استصدر في غيبة الخصم المنفذ عليه‪ ،‬ومع ذلك فهذا االتجاه ينزع إلى أن يحرمه من كل الضمانات الواجبة بمقتضى‬
‫المحاكمة التواجهية‪ ،‬مما يشكل خرقا صارخا لحقوق الدفاع‪.‬‬
‫_يونس الزهري‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪311 :‬‬
‫الفرصة وترك املجال مفتوح هكذا‪ ،‬علما أن المشرع المصري عندما بين أو باألحرى سطر‬
‫البيانات الواجب توفرها في التنبيه أضاف إليها كذلك أن الجزاء المقرر عند خلوه من أحد‬
‫البيانات الواجبة‪ ،‬فالجزاء هو بطالن التنبيه‪ ،‬وهو األمرالذي جاءت به الفقرة ما قبل األخيرة من‬
‫المادة ‪ 279‬من قانون المر افعات المصري‪.‬‬
‫وتبعا لما سبق هل يمكن اعتبار البطالن هذا هو من النظام العام والذي به أمكن‬
‫للمحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها؟ أم كان من الالزم على صاحب المصلحة أن يتمسك به؟‬
‫المشرع المغربي وسيرا على عدم التنصيص على الجزاء المقرر عند التغاض ي على أحد‬
‫البيانات المتطلبة قانونا‪ ،‬فقد سايره كذلك في سؤالنا هذا بعدم االجابة عليه‪ ،‬لكن ظروف‬
‫المسطرة ومصالح األطراف‪ ،‬وبالخصوص الدائن المرتهن وما يرجوه من سرعة في ضمان حقه‬
‫يبقى الخياراألمثل هو أن يتمسك به صاحب المصلحة‪.‬‬
‫المشرع المصري مرة أخرى يجيب عن هذا األمر عندما قال بأن بطالن التنبيه المممن‬
‫في المادة ‪ 279‬من قانون المر افعات المصري هو بطالن نسبي ال يستفيد منه إال المدين‪ ،‬وعلى‬
‫هذا األساس جاء في حكم ملحكمة النقض المصرية الصادر بتاريخ ‪ 97‬يناير ‪ 9102‬ما يلي‪ ":‬بطالن‬
‫إجراءات التنفيذ العقاري لعدم إعالن السند التنفيذي وتنبيه نزع الملكية للمدين بطالن نسبي‬
‫شرع لمصلحة المدين وحده"‪.977‬‬
‫ترتيبا على ما سبق‪ ،‬نالحظ بأن المشرع المصري كان أكثر دقة من نظيره المغربي عندما‬
‫حاط التنبيه بالتنظيم الكافي وجعله أكثرفاعلية وأكثرحماية للدائن في سبيل استرداد حقه‪ ،‬وهو‬
‫ما نرجو من خالله على المشرع المغربي أن يتداركه في تعديالت قادمة‪.‬‬
‫ومن االخالالت كذلك أن يوجه اإلنذار العقاري ضد ميت‪ ،‬وبهذا الخصوص جاء في قرار‬
‫ملحكمة االستئناف التجارية بالدار البيماء جاء فيه‪" :‬حيث يعيب الطاعن على الحكم قماءه‬
‫ببطالن اإلنذار العقاري والحال أن المستأنف عليهم هم الذين يصرحوا بوفاة مورثهم للمحافظ‬
‫إال بتاريخ ‪ 2771/92/22‬موضحا بأنه ملزم بتوجيه اإلنذارالعقاري للمالك المقيد بشهادة التقييد‬
‫الخاصة ال سيما و أنه لم يكن عالما بوفاة المدين‪ ،‬وحيث أجاب المستأنف عليهم بأنهم‬
‫‪ -977‬حكم صادر عن محكمة النقض المصرية في الطعن رقم ‪ 31‬لسنة ‪ 43‬بجلسة ‪ 31‬يناير ‪ 3979‬أشار إليه عزيز‬
‫المحريري‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.93 :‬‬
‫استصدروا حكما قض ى على شركة التأمين أطلنطا بأداء األقساط التي لم يتم آداؤها من طرف‬
‫مورثيهم قيد حياته وأن هذا الحكم أصبح نهائيا‪.978‬‬
‫كما أن عدم التطابق بين السند الذي يجري التنفيذ على أساسه واسم صاحب الحق‬
‫المقيد في الرسم العقاري ينهض سببا في رفع دعوى البطالن‪ ،‬فقد جاء في قرارملحكمة االستئناف‬
‫التجارية بالدار البيماء ما يلي‪" :‬وحيث أنه ما دام من الثابت أنه صدر حكم باألداء تحت رقم‬
‫‪ 2771/99121‬بتاريخ ‪ 2771/92/22‬في مواجهة المسمى المنصاري إبراهيم بصفة غيابية و أنه‬
‫بعد إنجاز محمر امتناع وعدم وجود ما يحجز بوشرت إجراءات التنفيذ على العقار ذي الرسم‬
‫العقاري عدد ‪ 72/21927‬على إثرتبليغ املحكوم عليه (المنصاري إبراهيم) شخصيا دون ذكررقم‬
‫بطاقته الوطنية فإن إجراءات الحجزالعقاري تكون قد بوشرت على خالف ما هو ثابت من عقد‬
‫القرض المستدل به والشهادة العقارية للعقارالمرهون بخصوص اسم المعني باألمروالذي هو‬
‫المناصري إبراهيم‪ ،‬وهوما يحيل كما جاء في تعليل الحكم المستأنف وإجراءات الحجزالتنفيذي‬
‫باطلة طالما أن الطاعن لم يحصل على حكم قمائي بتصحيح الخطأ المادي الذي وقع فيه‪.979‬‬
‫ومما يمكن أن نالحظه سواء فيما سبق ذكره أو من خالل بعض العمل القمائي‪ ،‬أن‬
‫البعض من املحاكم لم تعد تهتم بمر اقبة سالمة اإلنذارالعقاري بالنظرإلى المر اقبة القبلية التي‬
‫تمت من قبل رئيس املحكمة‪ ،‬ورغم ذلك فإن أغلب املحاكم تتحقق من سالمة اإلنذار العقاري‬
‫وما مدى احتوائه على جل البيانات المتطلبة قانونا في اإلنذارالعقاري‪.980‬‬
‫ب‪ /‬البطالن المرتكزعلى خرق قواعد تبليغ اإلنذارالعقاري‪.‬‬
‫من اإلجراءات المسطرية الجوهرية التي تقوم عليها الدعوى عموما‪ ،‬وحماية مصالح‬
‫األطراف خصوصا هي مسطرة التبليغ‪ ،‬هذه األخيرة االلتزام بها يعد سببا في تجنب التمسك بها في‬
‫بطالن الدعوى‪ ،‬وفي خالف ذلك ومن شأن اإلخالل بها وبإجراءاتها من قبيل ادعاء المدين بعدم‬
‫تبليغه باإلنذار العقاري بصفة قانونية‪ ،‬ومن مرتكزات التبليغ هذا أن يتم شخصيا أو ممن لهم‬
‫الصفة في ذلك بلغة القانون‪ ،‬ويمكن أن يتم التبليغ كذلك إلى الممثل القانوني للشخص إذا ما‬
‫‪ -978‬قرار محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ‪ 3133/117‬صدر بتاريخ ‪ 3133/3/3‬رقمه بمحكمة االستئناف‬
‫التجارية ‪ 34/33/3749‬أورده عمر أزوكار‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.341-434 :‬‬
‫‪ -979‬قرار محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ‪ 3133/31/14‬رقمه بمحكمة االستئناف التجارية‬
‫‪ 34/3133/973‬أورده عمر أزوكار‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.377-371 :‬‬
‫‪ -980‬رضوان الطيبي‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.91 :‬‬
‫كان هذا األخيرممن يتعذرتبليغهم‪ ،‬كفاقد األهلية أو كان المبلغ إليه شخصا معنويا‪ ،‬كالشركة أو‬
‫الجمعية وغيرذلك من األشخاص المتصفين بهذه الصفة‪.981‬‬
‫ومن الحاالت العملية لكل ما ذكر وهو عندما يتم التبليغ إلى شخص ليس هو الشخص‬
‫المقيد اسمه بشهادة التقييد الخاصة‪ ،‬ففي مثل هذا األمرحق للمعني الطعن في اإلنذار‪ ،‬وهو ما‬
‫جاء في أحد قرارات محكمة االستئناف التجارية بالدارالبيماء جاء فيه‪ ":‬وحيث أن تبليغ اإلنذار‬
‫من غير الدائن المقيد بشهادة التقييد الخاصة وفي غياب اإلدالء بما يفيد إدماج باعته مع هذا‬
‫األخيريجعل من اإلنذارالعقاري المذكورموجها من شخص غيرذي صفة‪ ،‬وال يمكن بحال ترتيب‬
‫آثاره على الطرف الطاعن‪.982‬‬
‫وبناء على ما تم ذكره سابقا‪ ،‬أمكننا القول بأن مناط قبول الطعن من صاحب المصلحة‬
‫في اإلنذارالعقاري‪ ،‬أو حتى في إجراءات التنفيذ هو وجود ضررترتب عن عدم أو إغفال ذكربعض‬
‫البيانات‪ ،‬وعلى إثر ما سبق إذا ما وقع التبليغ إلى المدين رغم وجود خطأ إمالئي مثال فإنه ال أثر‬
‫لذلك على سيروسالمة المسطرة‪.‬‬
‫وفي ذات السياق نسرد لقرارملحكمة االستئناف التجارية بالدارالبيماء جاء فيه‪" :‬وحيث‬
‫إن ما أثاره الطاعن من عدم تممين اإلنذار المشتمالت العقار طبقا للمادة ‪ 296‬من م‪.‬ح‪.‬ع وهو‬
‫دفع غيرجديرباالعتبارطالما أن اإلنذارالعقاري قد تممن اسم العقاروعنوانه ومساحته ورقم‬
‫الصك العقاري مع اإلشارة إلى كون الشقة وأن هذه البيانات كافية للتعريف بالعقارالمراد بيعه‬
‫جبريا حسبما هو مقصود من نص المادة املحتج بها‪.983‬‬
‫‪ -981‬يونس الزهري‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.311 :‬‬

‫‪ -‬وفي قرار لمحكمة االستئناف التجارية بمراكش جاء فيه‪" :‬حيث بخصوص مانعاه المستأنف أن التبليغ حصل للمدين أحمد‬
‫حارس قبال‪ ،‬وهذا يؤكد أن التبليغ وقع بموطن العارض ألخذ خدمة وأن العارض الذي يدعي خالف هذا عليه إثباته وأنه لحد‬
‫اآلن لم يثبت ذلك مما يكون معه استئنافه غير مرتكز على أساس وتعين رده وتأييد الحكم المستأنف‪.‬‬
‫_قرار عدد ‪ 314‬صادر بتاريخ ‪ 3113/11/33‬في الملف عدد ‪ 3113/11/411‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫_وفي قرار آخر‪" :‬أن الثابت من وثائق الملف وخصوصا عقد القرض أن المقرر الذي يتوفر عليه البنك كعنوان للمدين في‬
‫شارع مكة العيون وأنه كان على المستأنفة أن تتخذ البنك بتعيين مقرها االجتماعي حتى يمكنها االحتجاج عليها بالمقر‬
‫الجديد‪ ،‬وأن البنك قظاها في المقر الذي لديه مما يكون معه أيضا هذا الدفع غير وجيه‪ ،‬كما أن المستأنفة لحد اآلن لم تثبت‬
‫أنه ليس عامال عندها ويبقى نفيها ألية صلة به‪ ،‬مجرد من أي دليل مما يكون معه والحالة هاته التبليغ قانوني‪.‬‬
‫_قرار محكمة االستئناف التجارية بمراكش عدد ‪ 3173‬بتاريخ ‪ 3114/33/17‬في الملف رقم ‪.3114/1/413‬‬
‫‪ -982‬قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ‪ 1341‬الصادر بتاريخ ‪ 3131/11/11‬في الملف رقم‬
‫‪( 3131/9313/3147‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ -983‬قرار محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ‪ 4339‬الصادر بتاريخ ‪ 3131/11/39‬في الملف رقم‬
‫‪،3131/9313/3111‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫وبالتالي نالحظ أن القماء يتساهل مع غياب بيان أو بيانات مادام أنها لم تلحق أي ضرر‬
‫بأحد األطراف المعنية‪ ،‬كما ال تأثيرلها على سالمة مسطرة تحقيق الرهن‪.‬‬
‫وإذا ما تعلق األمر بشخص ذو حالة مختلفة‪ ،‬كفاقد األهلية أو األشخاص المعنوية‬
‫األخرى‪ ،‬فإن التبليغ المعتبر قانونا هو الذي يتم وفقا للفصل ‪ 296‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،984‬والذي يقض ي‬
‫بأن يتم إلى ممثليهم القانونيين تحت طائلة بطالن ذلك التبليغ‪ ،985‬علما أن التسليم ليس‬
‫بالمرورة أن يكون بصفة شخصية‪ ،‬و إنما يقع صحيحا لكل من له صفة التسليم هذه‪.986‬‬
‫وعليه‪ ،‬فأي تبليغ لغير هاؤالء األشخاص إال ويرتب أثرا قانونيا مفاده بطالن اإلنذارمع ما‬
‫يترتب على ذلك من آثار قانونية‪ ،‬هذا األمر تعرض له قرار ملحكمة االستئناف التجارية بمراكش‬
‫جاء فيه‪ " :‬لكن حيث أنه بالرجوع إلى الحكم المستأنف يتعين أنه قد رد على هذا الدفع المثار‬
‫بخصوص الفصل ‪ 12‬المشار إليه وعن صواب بقوله بأن املحامي ال يدخل ضمن األشخاص‬
‫الواجب تسليم التبليغ إليهم طبقا للفصل ‪ 12‬من ق‪.‬م‪.‬م الواردين على سبيل الحصر وهو‬
‫الشخص نفسه أو من يوجد بموطنه من أقاربه أو خدمه أو كل شخص يسكن معه‪.‬‬
‫وحيث أنه فمال عن أن املحامي المعين تنتهي وكالته بمجرد صدورالقراراالستئنافي البات‬
‫في النازلة فإن مقتميات الفصل ‪ 11‬من ق‪.‬م‪.‬م المتمسك بها تهم الوكيل غيراملحامي الذي تنظم‬
‫مهمته مقتميات خاصة منظمة في القانون المنظم لمهنة املحاماة‪.987‬‬
‫‪ -984‬جاء في الفصل ‪ 131‬من ق‪.‬م‪.‬م على ما يلي‪ ":‬توجه االستدعاءات والتبليغات وأوراق االطالع واإلنذارات واالخطارات‬
‫والتنبيهات المتعلقة بفاقدي ا ألهلية والشركات والجمعيات وكل األشخاص االعتباريين اآلخرين إلى ممثليهم القانونيين‬
‫بصفتهم هذه"‪.‬‬
‫‪ -985‬جاء في حكم االبتدائية مراكش ما يلي‪ ..." :‬إن الفصل ‪ 131‬من ق‪.‬م‪.‬م ينص على ضرورة أن توجه االستدعاءات‬
‫والتبليغات وأوراق اإلطالع واإلنذارات واإلخطارات والتنبيهات المتعلقة بفاقدي األهلية والشركات والجمعيات وكل األشخاص‬
‫اإلعتباريين اآلخرين إلى ممثليهم القانونيين بصفتهم هذه وحيث أن البنك الشعبي عبارة عن شركة أي شخصية معنوية فإن‬
‫إجراءات التبليغ يجب أن توجه إلى ممثلها القانوني بصفته هذه الشيء الذي لم تراعى عند تبليغه وحيث أن النص المذكور‬
‫ورد بصيغة الوجوب فهو إذن قاعدة آمرة ال يجوز مخالفتها مما يتعين معه إبطال إجراءات التبليغ وما يترتب عنها من‬
‫آثار"‪.‬‬
‫– حكم عدد ‪ 1333‬بتاريخ ‪ 3111/33/31‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -986‬جاء في قرار للمجلس األعلى أن الفصل ‪ 131‬من ق‪.‬م‪.‬م أوجب اإلستدعاءات والتبليغات إلى الممثل القانوني لألشخاص‬
‫اإلعتباريين في مقرهم االجتماعي ولم يوجب تسليم هذا التبليغ إليهم بصفتهم الشخصية "‪.‬‬
‫‪ -‬قرار المجلس األعلى بتاريخ ‪ 3991/11/31‬في الملف المدني عدد ‪ 93/1431‬منشور بمجلة اإلشعاع عدد ‪ ،31‬ص‪:‬‬
‫‪.341‬‬
‫‪ -987‬قرار عدد ‪ 91‬صادر بتاريخ ‪ 3114/13/37‬في الملف عدد ‪ 3111/1/111‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -‬وفي حكم ابتدائية مراكش كذلك‪" :‬حيث إننا وبالرجوع إلى ملف التبليغ رقم ‪ 3111/33179‬نجد أن الشخص الذي سلم‬
‫إليه التبليغ وهو السيد عمر الذي ليس من أقارب المدعى عليهم وال يمكن معه‪ ،‬بل يسكن بدرب البراءة رقم ‪ 11‬وعنوان‬
‫دكانه هو درب البراءة رقم ‪ 71‬وذلك حسب االلتزام الذي تقدم به المدعي والموقع من طرف عمر‪.‬‬
‫وحيث أن تواجد دكان عمر أمام منزل المدعي ال يعني أنه يسكن معه وبالتالي فإن التبليغ ليس قانونيا باعتباره سلم لشخص‬
‫ال يسكن مع المدعي وأن الفصل ‪ 19‬من ق‪.‬م‪.‬م يؤكد على أن التبليغ ال يكون صحيحا إال إذا سلم لكل شخص آخر يسكن مع‬
‫المبلغ إليه‪.‬‬
‫ليطرح السؤال حول ما إذا كان الجزاء المقرر لخرق إجراءات اإلنذار العقاري هو‬
‫البطالن‪ ،‬فهل لهذا الجزاء ضررللطاعن حتى يعتد به؟‬
‫للجواب على هذا السؤال يمكننا الرجوع إلى الفصل ‪ 21‬من ق‪.‬م‪.‬م في فقرته األخيرة جاء‬
‫فيه‪ ..." :‬يسري نفس الحكم على حاالت البطالن واإلخالالت الشكلية والمسطرية التي ال يقبلها‬
‫القاض ي إال إذا كانت مصالح األطراف قد تمررت"‪ ،988‬وبالتالي فالمبرر المعتبر للقول ببطالن‬
‫التبليغ هو وجود المرر من عدمه الذي قد يصيب المبلغ إليه‪ ،‬وذلك تماشيا كذلك مع المبدأ‬
‫العام المقررفي القانون االجرائي ال بطالن بدون ضرر‪.989‬‬
‫وإذا ما قد أصاب المسطرة خلل إجرائي بسيط غير ذي تأثير‪ ،‬وغير ذي ضرر واضح على‬
‫مصلحة المبلغ إليه‪ ،‬فإن المسطرة تستمردون إمكانية االستجابة لطلب البطالن األمرالذي يجد‬
‫سنده في حكم للمحكمة التجارية بمكناس جاء فيه‪ " :‬وحيث إن كان ما نعته المدعية بخصوص‬
‫تبليغ اإلنذار العقاري ال ينبني على أساس طالما أنه تم بموطنها بواسطة أحد أقرابها وهو ابنها في‬
‫انسجام مع مقتميات الفصل ‪ 12‬من ق‪.‬م‪.‬م وال يمر كلمة مكناس على جانب عنوانها الكائن‬
‫بالحاجب التابع ترابها لوالية مكناس‪ ،‬فإن شروط صحة هذا اإلنذار وإمكانية إنتاجه ألثاره أن‬
‫يكون المدين الموجه له في حالة مطل في أداء ما بذمته لفائدة الدائن المرتهن‪.990‬‬
‫وفي نفس السياق جاء قرارآخرملحكمة االستئناف التجارية بالدارالبيماء ما يلي‪" :‬حيث‬
‫إنه بخصوص ما تمسك به المستأنف عليه اكتفى بتبليغه بنسخة من اإلنذار العقاري دون أن‬
‫يتم إرفاقها بالطلب أو المقال الصادر عنه والرامي إلى تبليغ اإلنذار العقاري دون أن يتم ذلك‬
‫بواسطة غالف التبليغ يحمل البيانات المرورية الملزمة وفق أحكام الفصل ‪ 12‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬وأن‬
‫المادتين ‪ 292‬و‪ 296‬م‪.‬ح‪.‬ع التزمتا بصدور اإلنذار من الدائن المرتهن موقعا من طرفه ومتممنا‬
‫لجميع الشروط المنصوص عليها بالفصلين المذكورين‪ ،‬فإن الثابت من شهادة التسليم‬
‫المتعلقة بملف التبليغ وتنفيذ إنذار عقاري بمثابة حجز عقاري عدد‪ ...‬المؤرخ في ‪2792/70/19‬‬
‫وحيث أنه وتبعا لما سبق أن يكون المدعي محقا في طلبه مما يتعين معه التصريح بإبطال إجراءات التبليغ موضوع الملف‬
‫عدد ‪.3111/3/179‬‬
‫_حكم عدد ‪ 1911‬بتاريخ ‪ 3113/31/19‬في الملف عدد ‪ ،3113/3/11‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -988‬رضوان الطيبي‪" :‬الطعن في إجراءات اإلنذار العقاري"‪ ،‬سلسلة المنازعات العقارية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬السنة ‪،3134‬‬
‫ص‪.93/91 :‬‬
‫‪ -989‬مصطفى المرضي‪" :‬الحماية القانونية للمدين عند تنفيذ اإلنذار العقاري وحماية الطرف الضعيف"‪ ،‬مطبعة األمنية‪،‬‬
‫الرباط طبعة ‪ ،3131‬ص‪.311 :‬‬
‫‪ -990‬حكم المحكمة التجارية بمكناس رقم ‪ 911‬بتاريخ ‪ 3119/31/33‬ملف رقم ‪ ،3119/914‬أورده مصطفى المردي‪:‬‬
‫"الحماية القانونية للمدين عند تنفيذ اإلنذار العقاري"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.319 :‬‬
‫والموقعة من طرف المستأنف أن توصل وبصفة شخصية باإلنذار العقاري وذلك بتاريخ‬
‫‪ 2792/2/2‬و أنه باالطالع على اإلنذار العقاري تبين بأنه باسم المالك المقيد واسم الملك‬
‫المرهون وموقعه ومساحته ومشتمالته ورقم رسمه العقاري‪ ،‬وبذلك يكون ما تمسك به‬
‫المستأنف بهذا الخصوص غيرمرتكزعلى أساس‪.991‬‬
‫وبما أن التبليغ من النظام العام‪ ،‬وتبعا له يجب على القاض ي أن يثيره تلقائيا‪ ،‬ولو لم‬
‫يتمسك به صاحب المصلحة‪ ،‬وهو خالف ما ذهب إليه المشرع المصري بحيث جاء في حكم‬
‫ملحكمة النقض المصرية في أحد أحكامها إلى التأكيد على ما يلي‪ ":‬إن المادة ‪ 692‬من قانون‬
‫المر افعات السابق والتي تقابلها المادة ‪ 279‬من القانون الحالي وإن أوجبت إعالن المدين تنبيه‬
‫نزع الملكية لشخصه أو في موطنه ورتبت البطالن على مخالفة ذلك إال أن هذا البطالن وعلى ما‬
‫يرى به قماء محكمة النقض غيرمتعلق بالنظام العام و إنما شرع لمصلحة المدين وحده‪.992‬‬
‫ومن كل ما سبق نجد املجلس األعلى سابقا محكمة النقض حاليا كان له توجه آخر ولم‬
‫يكن يأخذ بمعيارتحقق ضررمن البطالن‪ ،‬حيث رد على الوسيلة المتخذة من خرق المقتميات‬
‫الفصل ‪ 61‬من ق‪.‬م‪.‬م من كون الخبير لم يقم بإخبار الطاعن بموعد الخبرة حتى يتسنى له تيهئ‬
‫وسائل دفاعه بقوله‪ " :‬لكن حيث إنه إذا كانت العبرة من الدفع بخرق الخبير مقتميات الفصل‬
‫‪ 61‬من ق‪.‬م‪.‬م يكمن في مدى احترام هذا األخير لمقتميات قانونية آمرة فإن مناط هذا الدفع‬
‫والتمسك به هو المصلحة والثابت أن الطاعن حمر عملية الخبرة وأدلى بتصريحاته أمام الخبير‬
‫دون أي تحفظ وهو ما يجعل مصلحته في إتارة هذا الدفع منتفية مادامت الغاية من احترام‬
‫مقتميات الفصل المذكورقد تحققت‪.993‬‬
‫ومن المنازعات التي يمكن أن تثار بهذا الشأن أال وهي المنازعة في السند التنفيذي في‬
‫الحالة التي يكون فيها تنفيذ ذلك السند معلقا على إجراء معين أو تحقق شرط ما كآداء اليمين‪،‬‬
‫أو تقديم ضمان‪ ،‬وبالتالي فالتنفيذ هنا غير ممكن وال يمكن أن يتحقق إال بتحقق ذلك اإلجراء أو‬
‫‪ -991‬قرار محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ‪ 1191‬الصادر بتاريخ ‪ 11/33/3131‬في الملف رقم‬
‫‪ 1331/9314/3131‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -992‬حكم صادر عن محكمة النقض المصرية بتاريخ ‪ 31‬يناير ‪ 3979‬في الطعن رقم ‪ 31‬لسنة ‪ 43‬ق‪.‬‬
‫‪ -993‬قرار المجلس األعلى – محكمة النقض حاليا‪-‬عدد ‪ 1113‬الصادر بتاريخ ‪ 19/11/3999‬ملف مدني عدد ‪141/94‬‬
‫أوردته حنان بن لمين‪" :‬إشكاليات التبليغ – دراسة عملية –"‪ ،‬بحث نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء الرباط سنة‬
‫‪ .3131/3133‬ص‪.71 :‬‬
‫حصول ذلك الشرط عمال بمقتميات الفصل ‪ 994222‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬وعلى هذا األساس فإذا ما‬
‫بوشرت إجراءات الحجز العقاري ضد المدين قبل أن يتحقق ذلك الشرط الذي علق عليه‬
‫التنفيذ‪ ،‬فإن اإلجراءات المذكورة تعد باطلة ومن ثم حق للمحجوز عليه أن يطعن بناء على ما‬
‫سبق فيها بالبطالن‪.995‬‬
‫وعلى هذا األمر سيرا في نفس المنحى‪ ،‬جاء في قرار ملحكمة االستئناف بمراكش "‪ ...‬إن‬
‫األحكام الصادرة في نطاق الدعوى المدنية التابعة تكون خاضعة من حيث التبليغ والتنفيذ‬
‫لقواعد المسطرة المدنية‪ ،‬وحيث أنه قبل إجراءات التنفيذ يتعين أوال تبليغ الحكم للمحكوم‬
‫عليه طبقا للفصل ‪ 211‬م‪.‬م‪.‬‬
‫وحيث بناء عليه تكون املحكمة جانبت الصواب لما اعتبرت أن الحكم أصبح قابال‬
‫للتنفيذ بمجرد عدم قابليته للطعون العادية‪ ،‬لذا وجب إلغاء الحكم المستأنف والحكم من‬
‫جديد ببطالن إجراءات التنفيذ الو اقعة في الملف التنفيذ عدد ‪ 12/622‬بتاريخ ‪.99629/97/12‬‬
‫ترتيبا على كل ما سبق‪ ،‬أمكننا القول بأن إجراءات اإلنذار العقاري بكل جوانبها‬
‫المسطرية كانت أو الموضوعية لها مساس بمسطرة التنفيذ‪ ،‬األمرالذي يستلزم إيقاف التنفيذ‬
‫فيها إلى حين النظر في النزاع من غير القول بسقوط الحق المنازع فيه‪ ،‬وهو غيره في الدعوى‬
‫المقامة على الحق موضوع التنفيذ والذي يستهدف الدعوى من ورائها إسقاط ذلك الحق كليا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬بطالن اإلنذارالعقاري لخلل موضوعي‪.‬‬
‫إن الغاية من كل ما سبق تفصيله‪ ،‬ومنها مسطرة التنفيذ منح الدائن المرتهن في مجالنا‬
‫هذا إلى ضمان حقه بالوسائل القانونية المشروعة والمتمثلة في استرداد دينه عند حلول األجل‬
‫المتفق عليه في عقد الرهن‪ ،‬إال أن األمر قد تعتريه بعض المنازعات إما شكليه وهو األمر الذي‬
‫تطرقنا إليه سلفا‪ ،‬كما يمكن أن تنازعه أسباب موضوعية كادعاء بأن الذين المطالب به قد‬
‫‪ -994‬جاء في الفصل ‪ 444‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ " :‬إذا كان التنفيذ معلقا على تأدية يمين أو تقديم ضمان من قبل الدائن فال يبدأ قبل‬
‫إثبات القيام بذلك"‪.‬‬
‫‪ -995‬هدى بوينفيف‪" :‬دعوى بطالن إجراءات الحجز التنفيذي العقاري"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.33/33 :‬‬
‫‪ -996‬قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بمراكش عدد ‪ 3173‬صادر بتاريخ ‪ 39/11/3111‬في الملف عدد ‪14/99‬‬
‫أورده يونس الزهري‪" :‬الحجز التنفيذي على العقار في القانون المغربي"‪ ،‬مطبعة الوراقة الوطنية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬ص‪.341 :‬‬
‫انقض ى‪ ،‬أو أن الدين المممن باإلنذار قيمته غير قيمة الدين الحقيقية وهو ما يعرف بالمنازعة‬
‫في المديونية (أ) وقد يكون الطعن ينبني على بطالن عقده الرهن (ب)‪.‬‬
‫أ‪ /‬المنازعة في المديونية‪:‬‬
‫انقماء الدين أو باألحرى المنازعة في المديونية‪ ،‬هو قيام المنفذ عليه بالطعن في اإلنذار‬
‫العقاري مدعيا أن الدين الذي كان بذمته قد انقض ى‪ ،‬وبالتالي غاية المنفذ عليه هنا هي بطالن‬
‫ذلك اإلنذارألن موضوعه غيرمبني على أساس قانوني‪ ،‬ألن المنطق القانوني ال يحكم على المدين‬
‫باألداء مرتين لذات الدين‪.997‬‬
‫ومناط الطعن هنا قد ال يقتصر على سبب واحد من األسباب العامة النقماء االلتزامات‬
‫حسب ما هو مذكور بالفصل ‪ 998191‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬و إنما قد يتقرر على اإلبراء االختياري‪ ،‬أو‬
‫المقاصة‪ ،‬أو اتحاد الذمة‪ ،‬ويخرج من الذي ذكر التقادم بحكم القانون‪ ،‬والذي أقر أنه ال محل‬
‫للتقادم في الديون المممونة برهن رسمي طبقا للفصل ‪ 999100‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬األمرالذي أكده قرار‬
‫صادرعن محكمة االستئناف التجارية بالدارالبيماء جاء فيه‪" :‬وحيث أنه ما دام أن المستأنف‬
‫عليهما اثبتا قيامهما ببراءة ذمتهما من الدين المتبقي بعد إيداع المبلغ المذكور لفائدة الطاعنة‬
‫بصندوق املحكمة فإنه لم يبقى مبرر لتوجيه أي إنذار ويكون بذلك االستمرار في مسطرة تحقيق‬
‫الرهن غير ذات جدوى األمر الذي يتعين معه أمام هذا الوضع أن االستئناف غير جدير باالعتبار‬
‫ويتعين رده والحكم المستأنف مصادف للصواب ويتعين تأييده وتحميل الطاعنة الصائر‪.1000‬‬
‫ومع ذلك نالحظ أن المادة ‪ 292‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪ ،‬قد أوردت بعض األسباب األخرى في القواعد‬
‫العامة تماف إلى التي في الفصل ‪ 191‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬ومنها انقماء الرهن بالوفاء‪ ،‬أوبرفع يد الدائن‬
‫المرتهن عن الرهن‪ ،‬أو بهالك الملك المرهون كليا‪ ،‬أو باتحاد الذمة‪ ،‬وعلى هذا األساس يالحظ‬
‫وجود اختالف بين النصيين‪ ،‬ليطرح السؤال‪ :‬هل ما ذكره المشرع في المادة السالفة الذكر على‬
‫سبيل الحصروبالتالي أمكننا استبعاد مقتميات الفصل ‪ 191‬من ض‪.‬ل‪.‬ع الذي أضاف التجديد‬
‫‪ -997‬يونس الزهري‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.317 :‬‬

‫‪ -998‬جاء في الفصل ‪ 139‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي‪ " :‬تنقضي االلتزامات بما يلي‪ )3 :‬الوفاء ‪ )3‬استحالة التنفيذ ‪ )1‬اإلبراء‬
‫االختياري ‪ )4‬التجديد ‪ )1‬المقاصة ‪ )1‬اتحاد الذمة ‪ )7‬التقادم ‪ )9‬اإلقالة االختيارية"‬
‫‪ -999‬ينص الفصل ‪ 177‬من ض‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي‪ :‬ال محل للتقادم إذا كان االلتزام مضمونا برهن حيازي او برهن بدون‬
‫حيازة أو برهن رسمي"‪.‬‬
‫‪ -1000‬تنص المادة ‪ 333‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪ " :‬ينقضي الرهن في الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬بالوفاء – برفع يد الدائن المرتهن عن الرهن – بهالك الملك المرهون هالكا كليا – باتحاد الذمة"‪.‬‬
‫والمقاصة؟ أم أن الفصل ‪ 191‬دائما يبقى نص عام يمكننا الرجوع إليه في حالة غياب نص‬
‫خاص؟‬
‫نرى فيما نعتقد من رأي‪ ،‬أن القول باالنقماء هذا‪ ،‬سواء بني على سبب من األسباب‬
‫الواردة في النص العام الفصل ‪ 191‬من ض‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬أو في النص الخاص المادة ‪ 292‬من م‪.‬ح‪.‬ع كان‬
‫للطرف المعني الحق ببطالن ذلك اإلنذار‪ ،‬وبناء على أي سبب كان‪ ،‬بأن وجود هذا األخير وجوده‬
‫من وجود ذلك الدين‪ ،‬وبالتالي إذا ما انقض ى ذلك الدين ألي سبب كان فال محل هنا للحديث عن‬
‫بقاء اإلنذارالعقاري‪ ،‬وبالتبعية فاملحكمة كذلك إذا ما ظهرلها من و اقع الملف وجود ذلك فإنها‬
‫تحكم ببطالنه بناء على انعدام السبب الذي يقوم عليه‪ ،‬فقد جاء في قرار ملحكمة االستئناف‬
‫بالدار البيماء ما يلي‪" :‬حيث أن الثابت أيما أن الدين موضوع اإلنذار العقاري تم أداء المتبقي‬
‫منه من طرف الطاعنتين بواسطة شيك بمبلغ ‪ 227.777‬درهم مسحوب على الشركة العامة‬
‫المغربية لألبناك وهوما تؤكده الشهادة الصادرة عن هذه األخيرة بتاريخ ‪ 2772/72/72‬والتي تقيد‬
‫استخالص المستأنف عليه لقيمة الشيك بتاريخ ‪.9112/99/22‬‬
‫وحيث أن هذه الو اقعة أكدها الحكم الصادر عن املحكمة التجارية بالدار البيماء‬
‫بتاريخ ‪ 2771/70/72‬في الملف عدد ‪ 71/2922‬والذي قض ى بانقماء الرهن المنصب على‬
‫الرسمين العقاريين عدد ‪ 9/921101‬و‪ 9/21127‬بمقتض ى عقد البيع والقرض المؤرخ في‬
‫‪ 9112/76/90‬تحت عدد ‪ ،6/029122‬والحكم تبعا لذلك على المدعى عليه بتسليم المدعين رفع‬
‫اليد عن الرهن المذكور مع اإلذن للسيد املحافظ على األمالك العقارية بالدار البيماء انفا‬
‫بالتشطيب عليه من الرسميين العقاريين ‪ 9/21101‬و‪.9/21127‬‬
‫وحيث أنه اعتبارا لكون الطاعنين أثناء انقماء الدين بالوفاء يبقى ما ذهب إليه الحكم‬
‫المستأنف غيرمصادق للصواب ويتعين إلغاؤه والتصريح ببطالن اإلنذارالعقاري الموجه بتاريخ‬
‫‪ 2772/72/92‬في الملف عدد ‪ 2772/166‬المنصب على الرسم عدد ‪.10019/21127‬‬
‫وفي سبيل إثبات المدعى عليه بأداء ما عليه من دين تعتمد املحكمة في ذلك على‬
‫الكشوفات الحسابية‪ ،1002‬التي هي وسيلة إثبات فيما بين المؤسسات وزبنائها‪ ،‬وبالتالي إذا ما أدلى‬
‫‪ -1001‬قرار عدد ‪ 3114/3333‬بتاريخ ‪ 3114/14/11‬في الملف عدد ‪ .34/311/3314‬غ‪.‬م‪.‬‬

‫‪ -1002‬ينص الفصل ‪ 311‬من القانون المنظم لنشاط مؤسسات القرض واالئتمان الصادر بتاريخ ‪ 3991/17/11‬على أن‬
‫كشوفات الحسابات التي تعدها مؤسسات االئتمان وفق الكيفية التي يحددها والي بنك المغرب بعد موافقة لجنة مؤسسة‬
‫هذا الزبون بالكشوفات الحسابية المثبتة لألداء وبشكل منتظم فإن األمر يقتض ي بعدم إجراء‬
‫ألي خبرة حول المديونية‪ ،‬وعلى هذا األساس قمت محكمة االستئناف التجارية بالدارالبيماء‬
‫ما يلي‪ " :‬حيث أنه بخصوص ما عابه المستأنف على الحكم من كونه لم يستجب لطلب إجراء‬
‫خبرة حسابية رغم أنه دفع بكونه قام بأداء مبلغ الدين فإن كل ذلك مردود‪ ،‬على اعتبارأن القرض‬
‫العقاري والسياحي أدلى بكشوف حسابية مستخرجة من الدفاتر التجارية تؤكد مديونية‬
‫المستأنف ومن المعلوم أن هذه الكشوف لها حجية طبقا للفصل ‪ 976‬من ظهير ‪9111-09-6‬‬
‫المتعلق بمؤسسات االئتمان و أنه وإن كانت القرينة المذكورة أعاله بسيطة فإن الفصل المذكور‬
‫جعل عبئ إثبات ما يخالفها على عاتق المستأنف‪.1003‬‬
‫والسؤال الذي يفرض نفسه‪ ،‬هو هل يحق للدائن توجيه الدائن إنذارعقاري بالرغم من‬
‫أن المدين قد أدى جزء من الدين؟ وهل لهذا األخير أن ينازع في ذلك بالدفع ببطالنه على اعتبار‬
‫أنه أدى جزء من الدين؟‬
‫ذهب بعض الفقه‪ 1004‬و أقر صراحة بأن األمر هذا ال يعد سببا كافيا للمنازعة في اإلنذار‬
‫العقاري‪ ،‬حتى ولو كان المتبقي من الدين يسيرا‪ ،‬وبالتالي عدم المساس كذلك بمبدأ من مبادئ‬
‫الرهن الرسمي وهو عدم قابليته للتجزئة‪ ،‬و انسجاما كذلك مع القاعدة الفقهية القائلة‪" :‬الكل‬
‫بالكل والكل بالجزء"‪ ،‬كل ذلك يصب في نقمه واحدة أساسها المادة ‪ 966‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪ ،1005‬وعلى‬
‫هذا األساس أن كل جزء من العقار المرهون فهو ضمان لكل الدين‪ ،‬وبمعنى آخر الوفاء الجزئي‬
‫هذا المتحدث عنه ال يمكن أن يبرر رفع الرهن بصفة جزئية‪ ،‬فكل جزء من الدين مممون بكل‬
‫العقارالو اقع عليه‪.‬‬
‫هذا الطرح يزكيه قرار ملحكمة االستئناف التجارية بالدار البيماء جاء فيه‪ " :‬وحيث أن‬
‫اإلنذار العقاري جاء سليما لكافة الشروط واإلجراءات الشكلية المتطلبة قانونا وأن المستأنف‬
‫بصفته دائن مرتهن ومستوفيا لكافة الشروط واإلجراءات الشكلية المتطلبة قانونا وأن‬
‫االئتمان تعتمد في الميدان القضائي باعتبارها وسائل إثبات بين المؤسسات وعمالئها من التجار في المنازعات التي تنشأ‬
‫فيما بينهم إلى أن يثبت ما يخالف ذلك‪.‬‬
‫وهو نفس األمر الذي جاءت به كذلك المادة ‪ 491‬من مدونة التجارة المغربية جاء فيها‪ " :‬يبين كشف الحساب بشكل ظاهر‬
‫سعر الفوائد والعموالت ومبلغها وكيفية احتسابها” وهذا يعني أن المؤسسة البنكية تتقاضى عموالت عن مسكها للحساب‬
‫باالطالع وذلك إلى جانب الفوائد‪.‬‬
‫‪ -1003‬قرار عدد ‪ 3114/111‬صادر بتاريخ ‪ 3114/13/39‬في الملف عدد ‪ 39/3111/3394‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -1004‬مصطفى جدوع كريم السعد‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.31 :‬‬
‫‪ -1005‬تنص المادة ‪ 311‬من م‪.‬ح‪.‬ع على ما يلي‪ " :‬الرهن الرسمي ال يتجزأ ويبقى بأكمله على العقارات المرهونة‪ ،‬على كل‬
‫واحد وكل جزء منها"‪.‬‬
‫المستأنف بصفته دائن مرتهن حائزعلى شهادة التقييد الخاصة يجوزله سلوك مسطرة تحقيق‬
‫الرهن عبر توجيه إنذار للمدين المتوقف قصد حثه على تسوية دينه داخل أجل محدد وإال ثم‬
‫بيع العقار بالمزاد العلني واستيفاء الدين المممون من منتوج البيع فمال على أن وجود الدين‬
‫في حد ذاته وبغض النظر عن حجمه كان مبرر لسلوك مسطرة تحقيق الرهن على اعتبار أن‬
‫المدين ملزم لسداد كل الدين وليس جزءا منه فقط وأن كل جزء من العقارالمرهون هو ضامن‬
‫لكل الدين وأن كل جزء من الدين مهما كان هو مممون بالعقار المرهون عمال بقاعدة عدم‬
‫تجزئة الرهن‪.1006‬‬
‫باإلضافة إلى كل ما ذكر‪ ،‬وعندما ال يعدد المشرع المغربي ألسباب الطعن في اإلنذار‬
‫العقاري‪ ،‬فهل يشكل المنازعة في قيمة المديونية سببا لطلب بطالن هذا اإلنذارنظرا لوجود فرق‬
‫بين مبلغ الدين المتبقي للمدين وبين المبلغ المممن في اإلنذارالعقاري؟‬
‫من المستقر عليه في العمل القمائي أن المنازعة يجب ان تكون مبنية على أسباب‬
‫جدية‪ ،‬والجدية في مقامنا نحن يجب أن تكون في سبب الدين جديا‪ ،‬وبالتالي غيرمجدي االكتفاء‬
‫بالمنازعة في الدين دونما ادعاء البراءة الكلية منه‪ ،‬وتبعا لذلك فالدائن يحق له أن يطلب بيع‬
‫العقار المرهون ونزع ملكيته عندما يمتنع المدين الراهن عن األداء‪ ،‬فالرهن العقاري يبقى‬
‫بكامله على العقار املخصص له إلى حين أداء مبلغ الدين المممون بكامله‪ ،‬وقد جاء في قرار‬
‫ملحكمة االستئناف التجارية بمراكش ما يلي‪ " :‬حيث أن منازعة المستأنفة في مبلغ الدين ال تعدوا‬
‫أن تكون بدورها سببا من أسباب بطالن اإلنذار العقاري باعتبار أن الرهن الرسمي يخول للدائن‬
‫المرتهن بيع العقارفي حالة عدم دفع المدين للدين باستحقاقه له عن طريق نزع الملكية الجبري‬
‫وحق تتبع العقارفي أي يد كان وذلك في حدود المبلغ المكفول‪.1007‬‬
‫‪ -1006‬قرار صادر عن المحكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ‪ ،3374‬الصادر بتاريخ ‪ 3131/14/17‬في الملف‬
‫رقم ‪ 3131/9313/3433‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -1007‬قرار عدد ‪ 141‬بتاريخ ‪ 3114/11/11‬في الملف ‪ 3111/33/111‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫ك ما قضت محكمة االستئناف بالدار البيضاء بما يلي‪ ..." :‬أن المستقر عليه فقها وقضاء أن من بين ما يمكن أن يؤثر على‬
‫صحة هذا السند التنفيذي هو االداء الكلي لمبلغ الدين وأنه ال تأثير لألداء الجزئي عليه‪.‬‬
‫وحيث أن الطاعن لم يدل لحد اآلن بما يفيد أداءه للدين السالف بذمته والذي على إثره منح للمستأنف عليه القرض العقاري‬
‫والسياحي وهنا من الدرجة األولى على ملكه المسمى هوموالند ‪ 9‬موضوع الرسم العقاري عدد ‪ 41/431‬الكائن بالدار‬
‫البيضاء حي كوتي شارع الراشدي المتعلق باإلنذار العقاري موضوع هذه الدعوى وحيث مادام المستأنف لم يف بالدين‬
‫بأكمله فإن منازعة في اإلنذار العقاري الذي توصل به من طرف المستأنف عليها ال تقوم على أساس ألن الرهن الذي منحه‬
‫للمستأنف عليه ال يقبل بطبيعته التجزئة وبالتالي يبقى الرهن على كامل العقار إلى أن يتم الوفاء بما تبقى من الدين"‬
‫_ قرار عدد ‪ 3111/3393‬بتاريخ ‪ 3111/14/37‬في الملف ‪ .34/3113/4417‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫وجاء في قرار آخر لنفس المحكمة‪ " :‬لكن حيث أن المستأنف لم يبرر طلبه بما ثبت أداء ما بذمته من ديون للمستأنف عليها‬
‫خاصة وأن هذه األخيرة تتوفر على امتياز على عقارات المستأنف وأن المسطرة التي سلكتها بهذا الخصوص تعتبر مسطرة‬
‫من كل ما سبق بيانه‪ ،‬فإن لبعض املحاكم موقف آخر غير الذي ذكر آنفا‪ ،‬قائال بأن‬
‫المنازعة في المديونية إنما هودعوى في املحاسبة ال المطالبة بدعوى بطالن اإلنذارالعقاري‪ ،‬جاء‬
‫في قرارملحكمة االستئناف التجارية بمراكش ما يلي‪ ..." :‬إن الحكم المستأنف الذي قض ى برفض‬
‫الطلب استنادا إلى ما استقر عليه القماء من أن مجرد المنازعة في الدين ليست سبيال لبطالن‬
‫اإلنذار العقاري وأن البطالن يتحقق في حالة ثبوت منازعة في التبليغ وشكلياته دون المديونية‬
‫التي يمكن أن تكون محل دعوى مستقلة باملحاسبة كان على أساس مما يتعين معه التصريح‬
‫بتأييده"‪.1008‬‬
‫وإذا ما نظرنا إلى هذه التوجهات املختلفة للفقه والقماء حول مدى اعتبار عقد الدين‬
‫سببا للمنازعة فيه‪ ،‬وبالتالي رفع دعوى البطالن‪ ،‬فالسؤال المطروح بناء على ذلك‪ ،‬هل لهذه‬
‫المنازعة أن تكون سببا إليقاف إجراءات التنفيذ إلى حين تحديد مبلغ الدين أم األمرعلى خالف‬
‫ذلك؟‬
‫اإلجابة على هذا السؤال كذلك عرف اختالفا بدوره على مستوى العمل القمائي‬
‫بخصوص أثر المنازعة في مقدار المديونية إلى بروز ثالث مو اقف قمائية‪ ،1009‬بحيث ذهب‬
‫االتجاه األول إلى القول أن مجرد رفع دعوى المنازعة في الدين يتم بمقتماه إيقاف إجراءات‬
‫التنفيذ‪ ،‬فقد جاء في قرار ملحكمة االستئناف بمراكش ما يلي‪" :‬حيث تبين للمحكمة بعد دراستها‬
‫لوقائع النازلة ومستنداتها أن المستأنف ينازع في الدين المترتب في ذمته والذي بسببه أوقع حجزا‬
‫على العقار المطلوب بإيقاف إجراءات التنفيذ‪ ،‬وإن أدلى بنسخة حكم تمهيدي صادر بتاريخ‬
‫خاصة ال يمكن إفراغها من محتواها بمجرد ادعاءات غير ثابتة بأسباب جدية إلثبات المنازعة المزعومة في الدين مما يتعين‬
‫معه التصريح برد استئنافه وبالتالي بتأييد األمر المستأنف"‪.‬‬
‫_قرار محكمة االستئناف التجارية بمراكش عدد ‪ 793‬بتاريخ ‪ 3111/17/31‬في الملف عدد ‪ 3111/3/433‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫وجاء كذلك في قرار آخر‪ :‬أنه بمقتضى الفصل ‪ 314‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع فإن الدائن المحرز على شهادة التسجيل مسلمة له من‬
‫طرف المحافظ على األمالك العقارية يملكه أن يطلب إجراء البيع عند عدم اإلداء في إبانه عن طريق النزع اإلجباري لملكية‬
‫العقار الذي سحب الدائن حقه عليه وما دام أن الدائن هنا بيده هذه الشهادة وما دام المستأنف لم يثبت أنه أدى الدين فإن‬
‫كل ما اعتمده لتبرير االستئناف يبقى غير مؤثر واألمر المستأنف أجاب عن دفوعاته مما فيه كفاية وبالتالي فإنه يتعين رد‬
‫االستئناف وتأييد األمر المستأنف"‪.‬‬
‫_قرار محكمة االستئناف التجارية بمراكش عدد ‪ 143‬بتاريخ ‪ 3113/19/19‬في الملف عدد ‪ 3113/339‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -1008‬قرار عدد ‪ 741‬بتاريخ ‪ 3111/7/3‬في الملف عدد ‪ 3111/33/439‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫في نفس االتجاه جاء في قرار آخر‪ " :‬لكن حيث أن الحكم المستأنف عندما قضى برفض طلب الطاعن بعلة أن المنازعة في‬
‫الدين ال تخول إبطال اإلنذار العقاري الذي ينتج أثره باعتباره سندا تنفيذيا طبقا للفصل ‪ 314‬من ظهير التحفيظ العقاري‬
‫‪ 3931/1/3‬علما بأن المدعين أدليا بتقرير خبرة يفيد أن المديونية قائمة في حدود مبلغ ‪ 33،39131‬درهم وأن اختالف‬
‫الدين بين ما ضمن في اإلنذار العقاري وما توصل إليه الحكم ال تؤدي إلى بطالن اإلنذار العقاري يكون مرتكز على أساس‬
‫ولم يكن مجحفا في حق المستأنف ما دام لم يثبت براءة ذمته من الدين كامال وبذلك يبقى اإلنذار العقاري ساري المفعول‬
‫مما يتعين معه التصريح بتأييد الحكم المستأنف‪.‬‬
‫قرار محكمة االستئناف بمراكش عدد ‪ 441‬بتاريخ ‪ 3111/14/39‬في الملف عدد ‪ 3113/1/3119‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -1009‬يونس الزهري‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص‪.371/373 :‬‬
‫‪ 12/0/92‬في الملف المدني عدد ‪ 11/292‬عن املحكمة االبتدائية بالدار البيماء عين السبع حي‬
‫املحمدي وإن هذا الحكم قض ى بإجراء خبرة لتحديد الدين الذي على المستأنف‪.‬‬
‫وحيث أنه تبين من الحكم المذكورأعاله أن الدين منازع فيه وال زال لم يحدد بعد‪.‬‬
‫وحيث أنه بالنظر إلى ذلك فإنه يتعين إيقاف إجراءات التنفيذ إلى حين صيرورة الدين‬
‫محدد‪ ،‬لذا يكون األمرالمستأنف في غيرمحله ويتعين إلغاؤه والحكم من جديد بإيقاف إجراءات‬
‫التنفيذ‪ ،1010‬في حين ذهب اتجاه ثان إلى أن اإليقاف المعتبرفي إيقاف إجراءات التنفيذ هي عندما‬
‫تكون المنازعة جدية في الدين‪ ،‬فقد جاء في قرار ملحكمة االستئناف بمراكش‪ " :‬لكن حيث أنه‬
‫بالرجوع لوثائق الملف يتضح أن المستأنف ينازع في مبلغ الدين المطالب به وقد التجأ إلى‬
‫املحكمة املختصة للمطالبة بإجراء محاسبة وتحديد المديونية الش يء الذي يجعل طلب إيقاف‬
‫إجراءات التنفيذ إلى حين البت في دعوى املحاسبة‪ ،‬له ما يبرره ويتعين االستجابة له بعد إلغاء‬
‫األمرالمستأنف الذي قض ى بعكس ذلك دون تعليل مقبول‪.1011‬‬
‫بينما ذهب اتجاه ثالث إلى القول بأن شهادة التقييد الخاصة القائم عليها اإلنذارالعقاري‬
‫تجعل المنازعة غير كافية إليقاف إجراءات التنفيذ‪ ،‬فقد جاء في أمر لرئيس املحكمة االبتدائية‬
‫بمراكش" حيث أن الطلب يرمي إلى تأجيل بيع العقار موضوع ملف التنفيذ عدد ‪ 12/102‬لكون‬
‫المدعي قد طعن في اإلنذارالعقاري الموجه إليه من طرف الدائن لعدم تحديد مبلغ الدين وحيث‬
‫يظهر من االضطالع على ظاهر مستندات الملف أن المدعي ال ينكر المديونية كليا و إنما ينازع في‬
‫مقدارها ويعترف ألن ذمته عامرة بمبلغ ‪ 229219.22‬درهم‪.‬‬
‫وحيث أن عدم الوفاء ولو جزئيا يخول للدائن بيع العقار المرهون الستيفاء دينه‪ ،‬األمر‬
‫الذي يكون معه الطلب الرامي إلى تأجيل البيع غيرمبررويتعين رفمه"‪.‬‬
‫وفي كل األحوال فإن عدم أداء المدين للدين العالق بذمته وقيامه برفع دعوة البطالن‬
‫فإنه ال أساس لهذه األخيرة وال تقبل منه وهذا ما أكدته املحكمة التجارية بالدارالبيماء‪" :‬وحيث‬
‫أن السبب الثاني المتعلق بالمنازعة في المديونية فإن المدعيتين لم تدليا لهذه املحكمة بما يفيد‬
‫أداء الشركة المكفولة ‪ ...‬نقل ألقساط عقد القرض االيجاري الذي تمت كفالة الدين الناتج عنه‬
‫من طرفهما بمقتض ى العقار ذي الرسم العقاري عدد ‪ ...‬الذي هو موضوع الحجز التنفيذي‬
‫‪ -1010‬قرار محكمة االستئناف بمراكش عدد ‪ 4141‬بتاريخ ‪ 3991/33/14‬في الملف عدد ‪ 1339‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -1011‬قرار محكمة االستئناف بمراكش عدد ‪ 41943‬بتاريخ ‪ 3999/33/31‬في الملف عدد ‪ 39/4974‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫العقاري المراد إبطاله خاصة وأنهما أقرتا بموجب مقالهما االفتتاحي أن المكفولة توقفت عن‬
‫أداء أقساط القرض اإليجاري لفائدة المدعى عليها‪ ،‬بحيث أن منازعتهما في مديونية الشركة‬
‫المكفولة ظلت مجردة من كل إثبات والحال أن المنازعة المدين في المديونية تتحقق عندما يدلى‬
‫الطاعن في اإلنذاربما يفيد أداء جميع الدين المممون بالرهن وفي غياب ذلك يكون هذا السبب‬
‫بدوره غيرمؤسس‪.1012‬‬
‫ومن األسباب كذلك التي تعطي للمدين الحق برفع دعوى البطالن أن يكون دعواه هاته‬
‫مبنية على أن قيمة العقارالمرهون أقل بكثيرمن قيمة الدين وبالتالي أمكنه رفع دعواه‪ ،‬هذا األمر‬
‫تطرقت إليه املحكمة التجارية بوجدة جاء في حكمها ما يلي‪ " :‬حيث أن المنازعة في المديونية‬
‫المطالب بها من طرف البنك المدعى عليه من اإلنذار العقاري ال تشكل سببا إليقاف إجراءات‬
‫اإلنذارالعقاري على اعتبارأن الدائن المرتهن ‪ ...‬محق في المطالبة بتحقيق الرهن مهما كان الجزء‬
‫من الدين غير المؤدى مادام أن المدعية لم تثبت أنها قد وفت بالدين موضوع الرهن وأن‬
‫المدعية ال تتمسك بأداء الدين المطالب به و إنما ركزت طلبها على كون أن قيمة العقارالحقيقية‬
‫تستغرق الدين بكثير‪ ،‬في حين أن إبطال اإلنذارالعقاري يتعين أن يرتكزعلى انقماء المديونية أو‬
‫بطالن إجراءات التبليغ‪.1013‬‬
‫ثانيا‪ :‬بطالن اإلنذارالعقاري لخلل موضوعي‪.‬‬
‫إذا ما تعددت األسباب الشكلية والتي بمقتماها يمكن للمدين الطعن ببطالن اإلنذار‬
‫العقاري‪ ،‬فقد تكون هناك أسبابا موضوعية كذلك تهدف إلى نفس الغاية لسابقتها‪ ،‬ومنها‬
‫المنازعة في عقد الرهن وصحته‪ ،‬هذا األخير من المعلوم أن مثله مثل باقي العقود األخرى كان‬
‫الزما أن ينهض صحيحا مستوفيا لكافة أركانه وشروط صحته لكي يرتب آثاره القانونية للتي هي في‬
‫سائر التصرفات القانونية‪ ،‬وقيامه مشروط بشروط متطلبة في سائر التصرفات القانونية‪ ،‬وفي‬
‫مقامنا هذا في عقد الرهن كان الزما أن تتوفرفيه هو كذلك األركان والشروط الخاصة المنصوص‬
‫عليها في مدونة الحقوق العينية‪ ،‬ومنها الكتابة املحددة قانونا‪ ،‬وكذلك البيانات المتطلبة في عقد‬
‫الرهن‪ ،‬وما يستتبع ذلك من تقييد ذلك بالرسم العقاري‪ ،‬إلى غيرذلك من الشروط‪.‬‬
‫‪ -1012‬حكم صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء عدد ‪ 197‬الصادر بتاريخ ‪ 3131/33/11‬في الملف رقم‬
‫‪ 3131/9331/1111‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -1013‬حكم صادر عن المحكمة التجارية بوجدة عدد ‪ 331‬الصادر بتاريخ ‪ 3131/13/17‬في الملف رقم‬
‫‪( 9331/3131/199‬غير‪.‬م) أوردته هاجر منبوي‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.11 :‬‬
‫وأمام ما سبق قد يتخلف أحد أركان عقد الرهن أو شروط صحته‪ ،‬جاز لصاحب‬
‫المصلحة أن يرفع دعوى رامية إلى بطالن اإلنذارالعقاري‪ ،‬وإذا ما قبل ذلك الطعن ببطالن عقد‬
‫الرهن فتبعا لذلك وكنتيجة له‪ ،‬يطلب التشطيب على ذلك الرهن من الرسم العقاري المعني مع‬
‫تحلله من الدين‪ ،‬ألن التابع تابع‪ ،‬وكذا الفرع يتبع األصل وجودا وعدما‪ ،‬وبناء على ذلك فاألصل‬
‫هنا هو العقد‪ ،‬بطالنه يبطل الدين ذاته‪.‬‬
‫وفي هذا المنحى جاء في أمر صادر عن رئيس املحكمة التجارية بالدار البيماء ما يلي‪:‬‬
‫"حيث إن الطلب يرمي إلى التشطيب على اإلنذار العقاري المسجل على الرسم العقاري عدد‪...‬‬
‫مع أمراملحافظ على األمالك العقارية بتقييد األمرالقمائي بالصك العقاري‪.‬‬
‫وحيث عززت الطالبة مقالها برفع اليد عن اإلنذار العقاري مسلم لها من البنك‪ ،‬وحيث‬
‫إن تسليم الدائن لرفع اليد عن اإلنذار العقاري للمدين يجعل هذا األخير غير مبرر ويتعين‬
‫التشطيب عليه‪.1014‬‬
‫وتتعدد الحاالت لمثل هذا الطعن‪ ،‬فيمكن أن يكون الطعن مبني على أن مبرم العقد‬
‫قاصرا‪ ،1015‬أو من طرف غيرذي صفة كما في الشخص االعتباري عندما يتم إبرام عقد الرهن من‬
‫ضارا‪1017‬‬ ‫غير الشخص املخول له إبرام العقد‪ ،1016‬أو النائب الشرعي وقد أقدم على تصرف‬
‫‪ -1014‬أمر صادر عن رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم ‪ 11/3/1143‬في األمر عدد ‪ 11/4993‬الصادر بتاريخ‬
‫‪( 3111/31/31‬غ‪.‬م )‪.‬‬
‫‪ -1015‬ينص الفصل ‪ 3373‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي‪ " :‬إلنشاء الرهن الحيازي يلزم توفر أهلية التصرف بعوض في الشيء‬
‫المرهون"‪.‬‬
‫‪ -1016‬جاء في قرار لمحكمة االستئناف بمراكش‪ ..." :‬أنه وخالفا لما تمسكت به المستأنفة فإن الفصل ‪ 31‬من عقد الشركة‬
‫الموقع عليها من طرفها والذي بمقتضاه عين المستأنف عليه كمسير وحيد للشركة يخوله حق قبض القروض وإقامة الرهون‬
‫بموجب ثالثة أرباع أصوات الرأسمال االجتماعي للشركة‪.‬‬
‫وحيث أن المسير يتوفر على ‪ 71%‬من نسبة أسهم الشركة منها ‪ 11%‬له و‪ 31%‬لبنته القاصرة والذي له حق التصرف‬
‫في أموالها طباق ألحكام الفصل ‪ 349‬من مدونة األحوال الشخصية‪.‬‬
‫وحيث أن المستأنفة ال صفة لها للتمسك بدفوع غير مقررة لها وأن مصلحة المحجوزة ال تخصها وال صفة لها في إثارة‬
‫الدفوع الخاصة بها"‪.‬‬
‫_قرار عدد ‪ 174‬بتاريخ ‪ 3113/13/33‬في الملف عدد ‪ 3111-934‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -1017‬جاء في قرار لمحكمة االستئناف بمراكش‪ ":‬لقد ثبت صدق مانعته الوسيلة ذلك أن (‪ )...‬بصفتها النائبة عن محجوزها‬
‫المستأنف لما كان قاصرا بادرت إلى إيقاع رهن من الدرجة األولى على العقار المسمى فتح ذي الصك العقاري ‪14/11339‬‬
‫ضمانا لدين استيفاء منه الممثل القانوني لشركة ترافال انترناسيونال فهو عمل من أعمال التبرع بمال القاصر واستنادا إلى‬
‫أحكام المادة ‪ 331‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع‪ .‬فإن التصرفات التي يقوم بها الحاجز أو النائب القانوني ال يرتب أثرها القانوني إذا كانت‬
‫مبنية أساسا على أساس التبرعات المحضة ولو أجريت مع اإلذن الذي يتطلبه القانون وتبعا لذلك فالحكم جانب الصواب كما‬
‫قضى برفض طلب الطاعنة مما ينبغي إلغاؤه من جديد إلبطال عقد الكفالة بالتبعية إبطال عقد الرهن الحقيقي على الصك‪.‬‬
‫ع‪.‬أ ‪."14/11339‬‬
‫‪ -‬قرار عدد ‪ 3191‬بتاريخ ‪ 3111/14/34‬في الملف عدد ‪ 3113/3/711‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫بالقاصرمن غيرمراعات لمصلحته في هذا التصرف‪ ،‬أي تصرف ضارا به ضررا محما بالقاصر‪،‬‬
‫أو أن التصرف الذي قام به النائب الشرعي يتطلب بداية اإلذن من القاض ي في ذلك‪.‬‬
‫ومن الحاالت التي يمكن كذلك االستناد عليها في دعوى بطالن عقد الرهن وتوابعه‪ ،‬هي‬
‫مسألة ادعاء المدين بجهله للغة التي حرربها العقد‪ ،‬فقد جاء في قرارملحكمة االستئناف التجارية‬
‫بالدارالبيماء ما يلي‪ ":‬وحيث إن البين من إطالع املحكمة على عقد االعتراف بدين ومنح رهن أنه‬
‫تممن كون الطاعنة تسلمت مبلغ ‪ 167.777‬ألف درهم من المستأنف عليه قبل إبرام العقد‬
‫المذكوروإنها و افقت بعد قراءة بنوده عليها من طرف الموثق على تحريره باللغة الفرنسية مبرزة‬
‫بقولها المشارإليه الموثق من أية مسؤولية وأي قيام الطاعنة بتوقيع العقد المذكورعن الحالة‬
‫التي هي عليها دليل عن ارتماها تحريره باللغة الفرنسية‪ ،‬وهو التوقيع الذي يلزمها ما دام أن‬
‫توقيع يبقى مناط التزام الموقع‪ ،‬ومن تم تبقى سائر دفوعاتها المذكورة أعاله غير مرتكزة على‬
‫أساس قانوني سليم ويتعين ردها وتأييد الحكم المستأنف‪.1018‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬آجال دعوى بطالن إجراءات مسطرة التحقيق الرهن الرسمي‪.‬‬
‫في الحديث عن أي دعوى‪ ،‬وكيف ما كان نوعها وموضوعها‪ ،‬فإننا ال ننس ى أنها تحكمها‬
‫مجموعة من الشكليات المسطرية المتطلبة قانونا فيها‪ ،‬وكان لزاما على أصحابها التقيد بها تحت‬
‫طائلة عدم قبولها في بعض األحيان‪ ،‬ومن بين تلك الشكليات المسطرية‪ ،‬وفي مجالنا هذا نتحدث‬
‫عن مسألة اآلجال الممروبة لكل إجراء معين‪ ،‬ودعوى بطالن إجراءات مسطرة تقييد الرهن‬
‫الرسمي مثلها مثل باقي الدعاوى‪ ،‬تستوجب ممارستها أن تخمع آلجال معينة‪ ،‬وبالرجوع إلى‬
‫القواعد المسطرية في هذا الشأن‪ ،‬نجد أن تاريخ رفع دعوى بطالن إجراءات التنفيذ وحسب‬
‫مقتميات الفصل ‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬م والذي تحدث على أنه يتم رفعها قبل إجراء السمسرة فقد نص‬
‫الفصل المذكورعلى ما يلي‪ " :‬يجب أن يقدم كل طعن بالبطالن في إجراءات الحجزالعقاري بمقال‬
‫مكتوب قبل السمسرة وتتبع في هذا الطعن نفس المسطرة المشار إليها في الفصل السابق‬
‫المتعلقة بدعوى االستحقاق‪"...‬‬
‫كل ما تقدم كان لزاما بسطه في الحالة التي يمطر فيها المدين إلى المنازعة في اإلنذار‬
‫العقاري وبالتالي المطالبة بإبطاله عندما تتوفر لهذا األخير سبب أو مجموعة من األسباب التي‬
‫‪ -1018‬قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ‪ 4113‬الصادر بتاريخ ‪ 3131/17/39‬في الملف رقم‬
‫‪ 3131/9313/3413‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫ذكرت سابقا‪ .‬لكن في بعض األحيان قد يعتري المسطرة إشكال متعلق بملكية ذلك العقار مما‬
‫يستدعي أن يتدخل الغير للحيلولة دون التنفيذ عليه وبيعه بالمزاد العلني عن طريق ما يسمى‬
‫بدعوى االستحقاق الفرعية‪.‬‬
‫فمن خالل الفصل المذكور نجد أن المشرع كان حاسما في هذا المقام ولم يترك األمر‬
‫للتأويل فيه‪ ،‬و أقربالتاريخ المعتبرلرفع دعوى البطالن هذه‪.‬‬
‫هذا األمر أقره قرار ملحكمة النقض جاء فيه‪" :‬لكن حيث إن القرار المطعون فيه قد‬
‫اعتمد أساسا لقمائه بعدم قبول دعوى الطاعنة على مقتميات الفصل ‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬م‬
‫الواجبة التطبيق في النازلة والتي توجب تقديم كل طعن بالبطالن في إجراءات الحجز العقاري‬
‫قبل السمسرة و أنه يتجلى من مستندات الملف أن دعوى الطاعنة بالبطالن إنما قدمت بعد‬
‫السمسرة و أنه ال مجال لتطبيق مقتميات الفصل ‪ 229‬من ق‪.‬م‪.‬م في النازلة لتعلقها فقط‬
‫بسريان آجال االستئناف أو النقض في األحكام المبلغة إلى القيم‪ ،‬لذلك فإن القرار حين علل بأن‬
‫الفصل ‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬م كرس صراحة مقتمياته لحماية صحة وسالمة إجراءات الحجزواشترط‬
‫حصول الطعن قبل السمسرة مهما كانت أسبابه‪ ،‬فإنه بهذه التحليالت يكون القرار غير خارق‬
‫للفصل المشارإليه أعاله وما بالوسيلة غيرجديرباالعتبار‪.1019‬‬
‫وفي قرار آخر ملحكمة االستئناف التجارية بالدار البيماء جاء فيه‪ " :‬حيث انه خالفا لما‬
‫تمسك به الطاعن فإن مقتميات الفصل ‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬م صريحة في وجوب تقديم كل طعن من‬
‫إجراءات الحجزالعقاري قبل السمسرة‪ ،‬وأن الطاعن لم يتقدم بالدعوى إال بعد وقوع السمسرة‬
‫فمال عن كونه لم يدل بما يفيد أنه بلغ عنوانه الجديد للمستأنف عليه هذا األخير الذي باشر‬
‫إجراءات التبليغ طبقا للقانون مما يكون معه ما تمسك به الطاعن غير منتج ويكون الحكم‬
‫المستأنف صائبا ويتعين تأييده"‪.1020‬‬
‫‪ -1019‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 1491‬المؤرخ في ‪ 3114/33/3‬ملف مدني عدد ‪ 3111/3/3/3419‬غ‪.‬م‪ ،‬أورده الدكتور‬
‫عمر أزوكار في كتابه العقار المحفظ بين قواعد الحجز التحفظي واإلنذار العقاري‪ ،‬رصد ألكثر من ‪ 111‬قرار لمحكمة النقض‬
‫ومحاكم الموضوع ص ‪.339/337‬‬
‫‪ -1020‬قرار لمحكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ‪ 3119-1193‬صدر بتاريخ ‪ 3119/33/37‬رقمه بمحكمة‬
‫االستئناف التجارية ‪ ،34/3119/3317‬غ‪.‬م أورده الدكتور عمر أزوكار‪ ،‬م‪.‬س‪.‬‬
‫‪ -‬وفي قرار لمحكمة النقض جاء فيه‪ " :‬لما كانت مسطرة الحجز العقاري بمجرد وقوعه تعرف عملية إشهار واسعة لتبليغ‬
‫تاريخ البيع بالمزاد العلني للعموم بوسائل مختلفة من نشر وتعليق‪ ،‬فإن كل طعن بالبطالن في إجراءات الحجز العقاري يجب‬
‫أن يتم قبل السمسرة عمال بمقتضيات الفصل ‪ 494‬من ق‪.‬م‪.".‬‬
‫‪ -‬قرار محكمة النقض عدد ‪ ،319‬الصادر بتاريخ ‪ 14‬أبريل ‪ 3137‬في الملف المدني عدد ‪3131/3/3/3317‬‬
‫مما سبق وبصورة تبعية‪ ،‬نطرح السؤال عن الجزاء الذي يمكن أن يترتب عن عدم تقديم‬
‫الدعوى داخل األجل المنصوص عليه في الفصل ‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬م؟‬
‫إجابة عن هذا السؤال أمكننا القول بداية أن المشرع المغربي كان صريحا في فصله‬
‫المشار إليه أعاله‪ ،‬حينما أقر بمرورة تقديمها قبل إجراء السمسرة‪ ،‬نفس األمر جاء به الفصل‬
‫‪ 61‬من المرسوم الملكي الصادر بتاريخ ‪ 90‬دجنبر ‪ ،10219162‬والذي بعد التحديد خصص بدوره‬
‫األجل عندما ألزم الطاعن بتقديم دعواه قبل تاريخ السمسرة بثمانية أيام كاملة على األقل تحت‬
‫طائلة عدم قبول طلبه‪ ،‬وعكس الفصل ‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬م الذي ذكر األجل من غير ترتيب أي جزاء‬
‫على مخالفة المقتميات المذكورة‪.‬‬
‫ومن منطلق ذلك ذهب أحد الفقه‪ 1022‬الذي فسر مقتميات الفصل ‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬م‪،‬‬
‫تفسيرا موسعا حينما قال بأن رفع الدعوى ال تقتصر فقط على المدة الممتدة إلى حين انعقاد‬
‫السمسرة‪ ،‬بل األمر يتعدا ذلك األجل ويمتد إلى بعد رسو المزاد العلني واعتبارا إلى أن المشرع في‬
‫الفصل المذكورلم يرتب أي جزاء على عدم احترام إقامة الدعوى قبل السمسرة‪.‬‬
‫وعكس الرأي األول جاء موقف فقهي‪ 1023‬ثان قائال بأن الدعاوى الرامية إلى بطالن‬
‫إجراءات اإلنذارالعقاري إنما مدتها مرتبطة باألجل المقررلها في الفصل ‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬وإذا ما‬
‫انتهى هذا األجل فال حديث عن خالف ما سبق من كون إمكانية رفع الدعوى بعد انعقاد‬
‫السمسرة‪.‬‬
‫ومن الجدير في البحث في الخالفات الفقهية كان الزما البحث في موقف العمل القمائي‬
‫الذي سايرالموقف الثاني من خالل قرار ملحكمة االستئناف التجارية بالدارالبيماء جاء فيه‪" :‬‬
‫حيث لما كان ثابتا من وثائق الملف أنه تم تحقيق الرهن وبيع عقارالطاعن بالمزاد العلني بتاريخ‬
‫‪ 2792/72/91‬لفائدة المشترية ‪ ...‬التي سجلت كمالكة بالرسم العقاري فإنه لم يبقى أي مجال‬
‫‪ -1021‬المرسوم الملكي بمثابة قانون رقم ‪ 113.17‬بتاريخ ‪ 31‬رمضان ‪ 37( 3199‬دجنبر ‪ ،)3919‬يتعلق بالقرض‬
‫العقاري والقرض الخاص بالبناء والقرض الفندقي‪.‬‬
‫‪ -1022‬جاء في الفصل ‪ 11‬من المرسوم الملكي ما يلي‪ " :‬يضاف إلى محضر السمسرة كل من اإلنذار ونظائر الجريدة‬
‫المحتوية على النشرات ومحاضر إلصاق اإلعالنات واإلنذار المتعلق باالطالع على كناش التحمالت والحضور في البيع وفي‬
‫حالة نزاع يتعلق بتحرير كناش التحمالت أو في حالة أحداث مترتبة عن صحة المسطرة أو طلب األجل يجب على الطالب أن‬
‫يحيل القضية على المحكمة قبل التاريخ المحدد للسمسرة بثمانية أيام كاملة على األقل دون أن يؤذي ذلك إلى تأخير هذه‬
‫السمسرة وإال كان طلبه غير مقبول"‪.‬‬
‫‪ -1023‬محمد سالم‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.331 :‬‬
‫للمستأنف للطعن في إجراءات الحجز العقاري والتمسك بعدم صحة اإلنذار العقاري والذي هو‬
‫مجرد مقدمة إلجراءات الحجز بعد استنفاذ هذه اإلجراءات وإرساء المزاد العلني على المشترية‬
‫المذكورة‪.‬‬
‫وتطبيقا للفصل ‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬م التي توجب الطعن ببطالن إجراءات الحجز التنفيذي‬
‫قبل السمسرة‪ ،‬وبما أن طعن المستأنف جاء بعد إرساء المزاد وتفويت العقار للمشترية فإنه‬
‫يكون غيرجديرباالعتبار‪.1024‬‬
‫وفي قرار آخر عن محكمة النقض جاء فيه‪" :‬لكن ردا على السبب‪ ،‬فإنه بمقتض ى الفصل‬
‫‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬وفي جميع األحوال يجب أن يقدم كل طعن بالبطالن في إجراءات الحجزالعقاري‬
‫بمقال مكتوب قبل السمسرة ولذلك فإن القرار حين علل قماءه أن "دعوى بطالن إجراءات‬
‫الحجزعلى العقاريتعين أن تقدم تحت طائلة عدم القبول قبل السمسرة‪ ،‬الش يء الذي لم يفعله‬
‫المستأنف"‪ ،‬فإنه نتيجة لما ذكركله يكون القرارغيرخارق لمقتميات المذكورة والسبب بالتالي‬
‫غيرجديرباالعتبار"‪.1025‬‬
‫من كل ما ذكر‪ ،‬كان المشرع واضحا بخصوص هذه النقطة وهوأجل رفع دعوى البطالن‪،‬‬
‫وبالتالي فاألجل يبتدأ من تاريخ توصل المعني باإلنذار‪ ،‬وكذلك مند علم الغير به ويمتد إلى يوم‬
‫السمسرة‪ ،‬فالدائن له الحق في البيع الجبري للعقارأوالحق العيني‪ ،‬ومن ناحية أخرى حق للمدين‬
‫الراهن أو الكفيل العيني أو الحائز في التعرض على إجراءات مسطرة تحقيق الرهن الرسمي متى‬
‫تعلق به خلل سواء مسطري أو موضوعي‪ ،‬وذلك للغاية األسمى وهي الحفاظ على مصالحهم‬
‫المتمررة بسبب تبليغ اإلنذارالعقاري‪.1026‬‬
‫فالهدف من كل ما سبق‪ ،‬وغاية المشرع هي حماية المدين‪ ،‬وألجل ذلك وذاك‪ ،‬وضع‬
‫المشرع مسطرة محددة لتحقيق الرهن الرسمي من أجل الوصول إلى بيع ذلك العقار بالمزاد‬
‫العلني لكيال يتمررفي ذلك ال الدائن وال المدين‪ ،‬فهما على حد سواء الزما على المشرع حمياتهما‬
‫‪ -1024‬يونس الزهري‪ :‬الجزء الثاني‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.313 :‬‬

‫‪ -1025‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 111‬المؤرخ في ‪ 3111/13/33‬طرف مدني عدد ‪ 3114/3/3/4133‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫وفي قرار آخر ما يلي‪ " :‬لكن ردا على السبب فإنه بمقتضى الفصل ‪ 494‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬وفي جميع األحوال يجب أن يقدم كل‬
‫طعن بالبطالن في إجراءات الحجز العقاري بمقال مكتوب قبل السمسرة ولذلك فإن القرار حين علل قضاءه أن دعوى بطالن‬
‫إجراءات الحجز على العقار يتعين أن تقدم تحت طائلة عدم القبول قبل السمسرة الشيء الذي لم يفعله المستأنف‪ ،‬فإنه نتيجة‬
‫لما ذكر كله يكون القرار غير خارق للمقتضيات المذكورة والسبب بالتالي غير جدير باالعتبار‪.‬‬
‫_قرار محكمة النقض عدد ‪ 111‬المؤرخ في ‪ 3111/13/33‬ملف مدني عدد ‪ 3114/3/3/4133‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -1026‬مصطفى المرضي‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪311 :‬‬
‫معا‪ ،‬وفي نفس ذات الغاية منح له إمكانية الطعن في تلك المسطرة إذا ما أصاب المسطرة خلل‬
‫شكلي أو موضوعي‪ ،‬الكل ينظر فيه القماء حتى شخص رئيس املحكمة بصفته قاضيا لألمور‬
‫المستعجلة إذا ما تبين له من إجراءاتها أنها قدمت بصفة تعسفية الهدف منها إلحاق ضرر‬
‫بالطرف اآلخرفيكون األمر رفض االستجابة لها‪.1027‬‬
‫ومن كل ما ذكر وسبق‪ ،‬نالحظ أنه وبالرغم من كل مصلحة مرجوة من حماية للدائن‪ ،‬إال‬
‫أنه كان من الالزم دائما العمل على حماية الطرف المعيف في أي عالقة قانونية كانت‪ ،‬وفي‬
‫وضعنا هذا حماية المدين بداية‪ ،‬وذلك كأن ينص المشرع على فتح باب التعرض له خالل مدة‬
‫أطول من المسموح بها في الفصل ‪ 222‬ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬وأن تمتد إلى مرحلة بيع ذلك العقار‪ ،1028‬علما أن‬
‫التقيد بهذا األجل ليس في مصلحة المدين خصوصا إذا ما شاب المسطرة خروقات يمكن البناء‬
‫عليها بالبطالن أثناء السمسرة أو بعدها‪ ،‬وبالتالي على المشرع المغربي ترك مساحة واسعة‬
‫للمتمرر بأن يطعن فيها متى شاب المسطرة أي خلل وفي أي مرحلة وصلت إليها‪ ،‬وبالتالي إعطاء‬
‫مكنة أكبروزيادة في أسباب بطالن إجراءات الحجزالعقاري‪.1029‬‬
‫تعتبر دعوى بطالن إجراءات مسطرة تحقيق الرهن الرسمي من الممانات التي وضعها‬
‫المشرع المغربي للمدعى عليه (المدين) للدفاع عن حقوقه من المياع عندما يتم خرق‬
‫المسطرة الواجبة االتباع من طرف المدعي‪ ،‬وتتعدد أسباب وموجبات هذه الدعوى سواء منها‬
‫الشكلية كعدم ذكر أحد البيانات المتطلبة قانونا‪ ،‬أو عندما تكون مبنية على أحد األسباب‬
‫الموضوعية ومنه تمسك المدعى عليه بأنه أدى الدين إلى المدعي‪ ،...‬ونالحظ بهذا الخصوص أن‬
‫المشرع المغربي قد نظم هذه الدعوى بش يء من التنظيم املحكم عندما تطرق إلى جميع‬
‫تفاصيلها من االطار القانوني‪ ،‬إلى ذكر أطر افها وحسنا فعل المشرع بخصوص هذه النقطة‬
‫عندما منح كل متمررأن يلجأ إلى هذه الدعوى للدفاع عن حقوقه المهددة بالتنفيذ‪ ،‬تم تنظيمه‬
‫لمسبباتها والذي عند توفره ينهض سببا كافيا للجوء إلى املحكمة‪ ،‬كل ذلك الهدف من المشرع‬
‫هو العمل على حماية مصلحتين متناقمتين‪ ،‬مصلحة الدائن عندما منحه مكنة مسطرة تحقيق‬
‫‪ -1027‬مصطفى المرضي‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪311 :‬‬

‫‪ -1028‬مصطفى المرضي‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪311 :‬‬
‫‪ -1029‬محمد هماش‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪33 :‬‬
‫الرهن الرسمي‪ ،‬ومصلحة المدين كذلك عندما أعطاه المشرع نفسه مكنة الطعن في هذه‬
‫المسطرة بالبطالن عندما تتوفرله أسباب ذلك‪.‬‬
‫يونس الزهري‪ :‬مقال حول الحجوزات في قانون المسطرة المدنية المغربي‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬
‫أحمد النويض ي‪" :‬القماء المغربي وإشكاالت التنفيذ الجبري لألحكام"‪ ،‬مطبعة ور اقة‬
‫الكتاب بفاس‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مارس ‪.9112‬‬
‫أمينة النمر‪" :‬أصول التنفيذ الجبري"‪ ،‬الدارالجامعية‪ ،‬طبعة ‪.9122‬‬
‫حسناء السجي‪" :‬دعوى بطالن إجراءات الحجز التنفيذي"‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬املجلة المغربية‬
‫لنادي قماة الدارالبيماء‪ ،‬العدد الثاني ‪.2791‬‬
‫عبد اإلله أبو عباد الله‪" :‬تعليق حول إيقاف إجراءات التنفيذ العقاري من طرف قاض ي‬
‫المستعجالت"‪ ،‬مجلة املحاكم المغربية العدد ‪ 21‬يناير‪ /‬فبراير‪.9122‬‬
‫يونس الزهري‪" :‬الحجز التنفيذي على العقار في القانون المغربي"‪ ،‬سلسلة الدراسات‬
‫القانونية المعاصر‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬
‫قرار محكمة االستئناف التجارية بمراكش عدد ‪ 129‬بتاريخ ‪ 2779/-2/-2‬في الملف عدد‬
‫‪.2779/221‬‬
‫قرار محكمة االستئناف بمراكش عدد ‪ 9971‬بتاريخ ‪ 2772/2/92‬في الملف عدد‬

‫‪.2779/2/127‬‬
‫قراءة ابتدائية أسفي بتاريخ ‪ 9129/79/96‬ملف مدني رقم ‪ ،1222‬أورده محمد جالل‪:‬‬
‫"اإلنذارالعقاري والتعرض عليه"‪ ،‬منشوربمجلة املحامي‪ ،‬العدد ‪ ،2‬سنة ‪ ،9121‬ص‪.22 :‬‬
‫نور الدين لعرج‪ " :‬عوارض مسطرة تحقيق الرهن الرسمي ومدى إمكانية إجراء تصرف في‬
‫العقارالمرهون"‪ ،‬مقال منشوربالموقع اإللكتروني ‪.www.Lawmoroco.com‬‬
‫محمد كرام‪" :‬وضعية الكفيل أثناء مساطر الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة"‪،‬‬
‫مجلة المنتدى‪ ،‬العدد الثالث‪ ،9221 ،‬يونيو ‪.2772‬‬
‫قرار عن استئنافية الدار البيماء التجارية رقم ‪ 2609/2772‬الصادر بتاريخ ‪72/70/2772‬‬

‫في الملف عدد ‪ 1/2772/9022-1/2772/291‬أوردته هاجرمنيوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.69 :‬‬
‫رضوان الطيبي‪" :‬الطعن في إجراءات اإلنذارالعقاري‪ ،‬سلسلة المنازعات العقارية"‪ ،‬الجزء‬

‫الثاني‪ ،‬السنة ‪.2799‬‬
‫قرار محكمة االستئناف صادر بتاريخ ‪ 2772/72/21‬في الملف المدني عدد ‪2772/79/216‬‬
‫أورده محمد هماش في دعوى بطالن إجراءات التنفيذ على العقار"‪.‬‬
‫أمين حسون‪" :‬اإلشكاالت العملية في موضوع اإلنذار العقاري"‪ ،‬بحث نهاية التمرين في‬
‫المعهد العالي للقماء الموسم ‪.2772-2771‬‬
‫قرار عدد ‪ 9776‬صدر بتاريخ ‪ 0/26‬رقمه باملحكمة التجارية ‪ ،2/2/76‬أورده عمر أزوكار في‬
‫كتابه "أحكام اإلنذارالعقاري وإشكاالته القمائية"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.92 :‬‬
‫محمد زاليجي‪" :‬بطالن العمل اإلجرائي و أثره على العون القمائي"‪ ،‬مقال منشور بمجلة‬
‫المناظرة‪ ،‬عدد ‪.2779.6‬‬
‫هدى بوينيفيف‪" :‬دعوى بطالن إجراءات الحجز التنفيذي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في‬
‫قانون العقود والعقار‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2792/2792‬‬
‫قرارعدد ‪ 212‬صادربتاريخ ‪ 2772/72/20‬في الملف عدد ‪ 2771/92/220‬غيرمنشور‪.‬‬
‫حكم عدد ‪ 2772/122‬بتاريخ ‪ 2772/71/21‬في الملف عدد ‪.2771/226‬‬
‫قرارعدد ‪ 2771/2272‬صادربتاريخ ‪ 2771/71/21‬في الملف ‪.92/2771/211‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫حكم صادرعن محكمة النقض المصرية في الطعن رقم ‪ 91‬لسنة ‪ 22‬بجلسة ‪ 97‬يناير‪9102‬‬
‫أشارإليه عزيزاملحريري‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.12 :‬‬
‫قرار محكمة االستئناف التجارية بالدار البيماء رقم ‪ 2792/610‬صدر بتاريخ ‪2792/2/2‬‬
‫رقمه بمحكمة االستئناف التجارية ‪ 92/99/2022‬أورده عمرأزوكار‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.221-222 :‬‬
‫قرار محكمة االستئناف التجارية بالدار البيماء رقم ‪ 2799/97/72‬رقمه بمحكمة‬

‫االستئناف التجارية ‪ 92/2799/202‬أورده عمرأزوكار‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.900-906 :‬‬
‫قرار محكمة االستئناف التجارية بمراكش عدد ‪ 9702‬بتاريخ ‪ 2772/92/70‬في الملف رقم‬
‫‪.2772/2/262‬‬
‫قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيماء رقم ‪ 1222‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2792/76/71‬في الملف رقم ‪( 2792/2212/9220‬غيرمنشور)‪.‬‬
‫قرارمحكمة االستئناف التجارية بالدارالبيماء رقم ‪ 2221‬الصادربتاريخ ‪ 2796/76/22‬في‬

‫الملف رقم ‪،2796/2212/2212‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫قرار املجلس األعلى بتاريخ ‪ 9116/71/26‬في الملف المدني عدد ‪ 19/2227‬منشور بمجلة‬
‫اإلشعاع عدد ‪ ،92‬ص‪.922 :‬‬
‫رضوان الطيبي‪" :‬الطعن في إجراءات اإلنذارالعقاري"‪ ،‬سلسلة المنازعات العقارية‪ ،‬الجزء‬

‫الثاني‪ ،‬السنة ‪.2792‬‬
‫مصطفى المرض ي‪" :‬الحماية القانونية للمدين عند تنفيذ اإلنذار العقاري وحماية الطرف‬
‫المعيف"‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط طبعة ‪.2791‬‬
‫حكم املحكمة التجارية بمكناس رقم ‪ 221‬بتاريخ ‪ 2771/97/22‬ملف رقم ‪ ،2771/172‬أورده‬

‫مصطفى المردي‪" :‬الحماية القانونية للمدين عند تنفيذ اإلنذارالعقاري"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.972 :‬‬
‫قرارمحكمة االستئناف التجارية بالدارالبيماء رقم ‪ 6716‬الصادربتاريخ ‪ 17/99/2792‬في‬

‫الملف رقم ‪ 2927/2912/2792‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫قراراملجلس األعلى – محكمة النقض حاليا‪-‬عدد ‪ 1719‬الصادربتاريخ ‪ 71/76/9111‬ملف‬

‫مدني عدد ‪ 222/12‬أوردته حنان بن لمين‪" :‬إشكاليات التبليغ – دراسة عملية –"‪ ،‬بحث نهاية‬
‫التمرين بالمعهد العالي للقماء الرباط سنة ‪ .2791/2799‬ص‪.02 :‬‬
‫قرارصادرعن محكمة االستئناف التجارية بمراكش عدد ‪ 2709‬صادربتاريخ ‪21/76/2777‬‬

‫في الملف عدد ‪ 72/11‬أورده يونس الزهري‪" :‬الحجز التنفيذي على العقار في القانون المغربي"‪،‬‬
‫مطبعة الور اقة الوطنية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ص‪.926 :‬‬
‫قرارعدد ‪ 2772/9922‬بتاريخ ‪ 2772/72/76‬في الملف عدد ‪ .92/271/9212‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫قرارعدد ‪ 2772/267‬صادر بتاريخ ‪ 2772/72/91‬في الملف عدد ‪ 91/2771/2922‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫قرار صادر عن املحكمة االستئناف التجارية بالدار البيماء رقم ‪ ،2202‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2796/72/70‬في الملف رقم ‪ 2791/2212/9229‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫قرار محكمة االستئناف التجارية بمراكش عدد ‪ 012‬بتاريخ ‪ 2771/70/92‬في الملف عدد‬
‫‪ 2771/2/229‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫قرار محكمة االستئناف التجارية بمراكش عدد ‪ 129‬بتاريخ ‪ 2779/72/72‬في الملف عدد‬
‫‪ 2779/221‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫قرار محكمة االستئناف بمراكش عدد ‪ 2727‬بتاريخ ‪ 9116/99/72‬في الملف عدد ‪1222‬‬
‫غ‪.‬م‪.‬‬
‫رارمحكمة االستئناف بمراكش عدد ‪ 22229‬بتاريخ ‪ 9111/92/27‬في الملف عدد ‪92/2102‬‬

‫غ‪.‬م‪.‬‬
‫حكم صادرعن املحكمة التجارية بالدارالبيماء عدد ‪ 620‬الصادربتاريخ ‪ 2792/92/71‬في‬

‫الملف رقم ‪ 2792/2291/6671‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫حكم صادر عن املحكمة التجارية بوجدة عدد ‪ 927‬الصادر بتاريخ ‪ 2796/79/70‬في الملف‬
‫رقم ‪( 2291/2792/222‬غير‪.‬م) أوردته هاجرمنبوي‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.66 :‬‬
‫أمر صادر عن رئيس املحكمة التجارية بالدار البيماء رقم ‪ 72/9/1622‬في األمر عدد‬
‫‪ 72/2119‬الصادربتاريخ ‪( 2772/97/92‬غ‪.‬م )‪.‬‬
‫قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيماء رقم ‪ 2122‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2792/70/21‬في الملف رقم ‪ 2792/2272/2222‬غ‪.‬م‪.‬‬
‫قرارمحكمة النقض عدد ‪ 1216‬المؤرخ في ‪ 2772/92/9‬ملف مدني عدد ‪2771/9/9/2261‬‬

‫غ‪.‬م‪.‬‬
‫قرار ملحكمة االستئناف التجارية بالدار البيماء رقم ‪ 2771-2222‬صدر بتاريخ‬

‫‪ 2771/99/90‬رقمه بمحكمة االستئناف التجارية ‪ ،92/2771/2920‬غ‪.‬م أورده الدكتور عمر‬
‫أزوكار‪ ،‬م‪.‬س‪.‬‬
‫قرار محكمة النقض عدد ‪ ،262‬الصادر بتاريخ ‪ 72‬أبريل ‪ 2790‬في الملف المدني عدد‬
‫‪.2796/9/9/2970‬‬
‫–‬
‫خصوصية االجتهاد القضائي في المادة الضريبية‬

‫‪Specificity of jurisprudence in the tax article‬‬
‫تجسد الرقابة القمائية المفهوم الحقيقي للمنازعات المريبية‪ ،‬ذلك أنه إذا كانت اإلدارة‬
‫المريبية في المرحلة اإلدارية تستأثر بحيز خاص ومكانة متميزة لكونها خصم وحكم في نفس‬
‫الوقت‪ ،‬فالقماء في الم رحلة القمائية‪ ،‬ومن خالل ما يتميز به من استقالل يشكل أفمل أنواع‬
‫الرقابات‪ ،1030‬هذا األخيريعتبرمن أهم مرتكزات دولة الحق والقانون وقد أنيطت به مهمة حماية‬
‫الحقوق والحريات األساسية والتي من خاللها يتحقق األمن القانوني والقمائي‪ ،‬وهذا ما كرسه‬
‫دستور‪ 1031‬المملكة لسنة ‪ 2799‬بنفسه في الفصل ‪ 990‬منه "يتولى القاض ي حماية حقوق‬
‫األشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القمائي‪ ،‬وتطبيق القانون"‪ .‬فمن خالل ما سبق نتساءل‬
‫أين تتجلى اكراهات االجتهاد القمائي في المادة الجبائية والتي تعيق عمل القاض ي االداري؟‬
‫وماهي أفاقها؟‬
‫بداية‪ ،‬إن الملفت لالنتباه أنه رغم الدوراإليجابي للتجربة القمائية للمنازعات المريبية‬
‫في تحقيق التوازن بين صالحيات اإلدارة والممانات املخولة للملزم‪ ،‬فقد الحظنا أن هذه التجربة‬
‫تعاني من مجوعة من االكراهات املختلفة التي سوف نعتمد على تحديد أهمها (المطلب األول)‪،‬‬
‫على أن نتحدث بعد ذلك عن أفاق تحسين دور القماء اإلداري في المادة المريبية (المطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬
‫‪ 1030‬عبد الحق عميمي‪ :‬أحكام اجتهاد القضاء اإلداري المغربي في مادة المنازعات الضريبية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬سنة ‪2044-2042‬ص‪:‬‬
‫‪.224‬‬
‫‪ 1031‬دستور المملكة المغربية لسنة ‪ 2044‬الصادر بمقتضى ظهير الشريف رقم ‪ ،4.44.74‬بتاري خ ‪ 27‬يوليوز ‪ ،2044‬بتنفيذ‬
‫نص الدستور‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 2721‬مكرر‪ 40 ،‬يوليوز ‪ ،2044‬ص‪.4200:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اكراهات العمل القمائي في المادة المريبية‬
‫تحتل المرحلة القمائية مكانة مهمة في حل النزاع المريبي وإعطاء كل ذي حق حقه‪.‬‬

‫فاذا كان القماء اإلداري قماءا منشئا للقواعد القانونية في الميدان اإلداري عامة وفي الميدان‬
‫المريبي خاصة‪ ،‬فان قمائنا الزال لم يرقى بعد الى مستوى احداث وخلق القواعد القانونية‪،‬‬
‫وهذا النقص في االلمام بالمادة المريبية انعكس على الفصل في المنازعات المريبية وجعل‬
‫غالبية نتائجها تمثل في عدم القبول‪ .1032‬فالهدف من تحديد هذه االكراهات والصعوبات هو‬
‫الكشف عنها لتجاوزها‪ ،‬وبالتالي تطوير قمائنا اإلداري والرفع من جودته‪ ،‬وليس التقليل‬
‫والتنقيص من قيمة العمل القمائي الصادرفي المادة المريبية‪.‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬فالعوامل التي تحد من دورالعمل القمائي في المادة المريبية تتنوع الى‬
‫حدود مرتبطة بمحيط القاض ي اإلداري‪ ،‬وما هو مرتبط بالقاض ي نفسه أي حدوده الذاتية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الحدود المرتبطة بمحيط القاض ي اإلداري‬
‫مما ال شك فيه‪ ،‬أن املحيط المرتبط بالقاض ي له عالقة مباشرة وتأثير كبير على العمل‬
‫القمائي سواء بشكل إيجابي أو سلبي‪ ،‬وقد ساهمت مجموعة من العوامل من الحد من تطوير‬
‫العمل واالجتهاد القمائي في المادة المريبية‪ ،‬وهذه العوامل تتجلى في المشرع والمسطرة‬
‫المطبقة أمام القماء اإلداري وكذا ضعف الوعي الجبائي لدى المواطنين‪ .‬كل هذه المستويات‬
‫لها تأثير كبيرفي الحد من تطويرمسارالعمل القمائي اإلداري في المادة المريبية واعاقة القدرة‬
‫على االجتهاد وسد ثغرات المادة الجبائية ودعم ضمانات أطراف النزاع وتحقيق التوازن بينهم‪.1033‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحدود المرتبطة بدورالمشرع والمسطرة المريبية أمام القماء االداري‬
‫مبدئيا لعب التشريع المريبي المغربي دورا محوريا ومهما في تطوير العمل القمائي‬
‫وحماية الملزم من أي شطط ممكن ان ُينسب لإلدارة من جهة والحماية المالية لخزينة الدولة‬
‫من أ]ة تالعبات من جهة أخرى‪ ،‬اال أنها على عكس المنتظر ساهم الى حد كبير في الحد من تطور‬
‫االجتهاد القمائي‪ ،‬فالمشرع أقبر اجتهادات قمائية متو اترة لسنوات‪ ،‬في حين أن المسطرة‬
‫‪ 1032‬أمين بوخرسة‪ :‬المنازعات القضائية في المادة الضريبية بالمغرب‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات القانونية واالدارية‪ ،‬عدد‬
‫خاص سنة ‪ ،2042‬ص‪.444 :‬‬
‫‪1033‬‬
‫‪Payen (O.R) : l’expérience marocaine d’unité de juridiction et de séparation des contentieux,‬‬
‫‪L.G.D.J, Paris, 1964, P 28.‬‬
‫المطبقة أمام القماء اإلداري وخاصة المسطرة المتعلقة بالمادة الجبائية هي كذلك أثرت على‬
‫تطويراالجتهاد القمائي‪.1034‬‬
‫أوال‪ :‬الحدود التشريعية‬
‫ظل القاض ي اإلداري يعمل باستمرارعلى سد الثغرات التي يعرفها التشريع عن طريق خلق‬
‫قواعد قانونية جديدة‪ ،‬ومن تواتر االجتهادات القمائية ورسوخها اتجه المشرع الى تبنيها‬
‫والمصادقة عليها في شكل قوانين وذلك حفاظا على خاصية أساسية من خصائص القانون‬
‫اإلداري‪ ،‬وكذلك القانون المريبي الذي هو فرع من فروع القانون اإلداري ألنه ينظم مجال‬
‫المرائب والرسوم التي تعد المورد األساس ي لميزانية الدولة‪.1035‬‬
‫لكن لألسف الشديد بالمغرب وقع خالف ذلك‪ ،‬حيث عمل المشرع على تبني مو اقف‬
‫اإلدارة‪ ،‬حيث خالف و أقبر اجتهادات قمائية متواترة كانت تساهم في حماية الملزم من خالل‬
‫تكريس مجموعة من الممانات الممنوحة له‪ ،‬باإلضافة الى هذا نجد مرور مختلف التعديالت‬
‫التي تعرفها القوانين المريبية بالقوانين المالية السنوية األمر الذي يعطي الوقت الكافي‬
‫للبرلمانيين في مناقشة وتقديم التعديالت لالزمة عليه‪ .1036‬دون أن ننس ى طريقة التصويت على‬
‫قانون المالية التي تحد من حرية الغرف البرلمانية‪ ،‬والخاصة المعارضة التي تعدل البنود التي‬
‫تمس بالممانات املخولة للملزم‪.1037‬‬
‫باإلضافة الى أن النصوص المريبية تتميز بعدم االستقرار وبسرعة التحول وكذلك‬
‫ارتباط هذه المادة بعدة ميادين أخرى كاملحاسبة والعلوم المالية واالقتصادية بصفة عامة‪ ،‬كل‬
‫هذه األمورتعوق عمل القاض ي اإلداري الذي يجد صعوبة كبيرفي استجماع النصوص المريبية‬
‫وتتبع التعديالت التي تلحق بها‪.‬‬
‫‪ 1034‬زكرياء العماري‪ :‬المنازعات الضريبية وتحصيل الديون العمومية‪ ،‬مجلة القضاء المدني‪ ،‬سلسلة دراسات وأبحاث العدد‬
‫‪ ،4‬مطبعة المعارف‪ ،‬الرباط ‪ ،2041‬ص‪.14 :‬‬
‫‪ 1035‬زكرياء العماري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.402 :‬‬
‫‪ 1036‬حميد حماني‪ :‬القضاء اإلداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق التوازن بين اإلدارة والملزم‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الماستر‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مكناس‪ ،‬السنة الجامعية ‪2042-2044‬‬
‫ص‪.442 :‬‬
‫‪ 1037‬حنان بوتوميت‪ :‬حدود تدخل القضاء اإلداري في تأسيس الضريبي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪-‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2044-2042‬ص‪.402 :‬‬
‫فكم من تعديل ضريبي يتم بواسطة قوانين المالية بكيفية متالصقة‪ ،‬فاذا لم يواكب‬
‫القاض ي المريبي القوانين والتعديالت بكيفية دقيقة‪ ،‬فان ذلك سوف يؤدي الى التطبيق الس يء‬
‫للقانون‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬حدود المسطرة المطبقة أمام القماء اإلداري‬
‫ان المسطرة المطبقة أمام القماء اإلداري تساهم في الحد من تطور العمل القمائي في‬
‫المادة المريبية‪ ،‬وذلك ملجموعة من األسباب الجوهرية نذكر منها‪ ،‬غياب القانون الخاص‬
‫باإلجراءات اإلدارية‪ ،‬تعقد المساطر المريبية‪ ،‬تكلفة المسطرة المريبية أمام القماء‬
‫اإلداري‪...‬الخ‪ ،‬ففيما يخص غياب القانون الخاص باإلجراءات اإلدارية فان تطبيق قانون‬
‫المسطرة المدنية‪ 1038‬أمام القماء اإلداري يطرح عدة إشكاالت بالنظر لالختالف بين اإلطار‬
‫االجرائي للخصومة المدنية وخصوصية المنازعة اإلدارية‪ ،‬فالدعاوى المرفوعة أمام املحاكم‬
‫اإلدارية هي دعاوى قائمة بين طرفي غيرمتساويين هما المواطن من جهة واإلدارة من جهة أخرى‪.‬‬
‫وبما أن الدعوى المريبية تعتبر من الدعاوى اإلدارية‪ ،‬فان التطبيق القواعد المقررة في قانون‬
‫المسطرة المدنية أمام املحاكم اإلدارية طرحت عدة إشكاالت مثال‪:‬‬
‫‪ ‬إشكالية الصفة القانونية للدولة في التقاض ي‪ ،‬ذلك أن الدولة تتكون من مجموعة من‬
‫المر افق العمومية قد و اكبه نوع من التبعيض الذي طال صفتها في التقاض ي‪ ،‬فالمدير‬
‫الجهوي للمر ائب هو الذي يمثل الدولة في منازعات الوعاء في حين أن الخازن الجهوي هو‬
‫الذي يمارس الدعاوى المتعلقة بالتحصيل‪.1039‬‬
‫‪ ‬إشكالية عدم تنفيذ األحكام القمائية خاصة عندما يتعلق األمر بتلك الصادرة ضد‬
‫اإلدارة‪ ،1040‬هذه إشكالية تحد من عمل القماء‪ ،‬كما تؤدي الى فقدان الثقة في مصداقية‬
‫المؤسسة القمائية في حماية الملزم ضد اإلدارة‪ ،‬وما يؤكد هذا الطرح هو غياب مقتميات‬
‫‪ 1038‬تنص المادة ‪ 4‬من قانون ‪ 14.70‬على أنه تطبق المحاكم اإلدارية القواعد المقرر في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص‬
‫قانون على خال ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬وكما نصت المادة ‪ 42‬من نفس القانون ‪ 20.04‬أيضا على أنه تطبق أمام محاكم االستئناف اإلدارية قواعد المقرر‬
‫في قانون المسطرة المدنية والقانون رقم ‪ 14.70‬المحدثة بموجبه للمحاكم اإلدارية ما لم ينص القانون على خالف‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪:‬‬
‫‪ 1039‬محمد سلطاني دور القضاء اإلداري في حماية الملزم في مجال منازعات في الوعاء الضريبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.440‬‬
‫‪ 1040‬من المبادئ التي تبنى عليها المرافق العامة‪ ،‬هي أنه ال يمكن الحجز على أموال اإلدارة لنه ششكل خر لمبدأ السير‬
‫واضطراب للمرفق العام واستمراره‪.‬‬
‫قانونية تحدد ميكانيزمات خاصة لتنفيذ األحكام الصادرة ضد اإلدارة العمومية‪ .1041‬فاذا كان‬
‫القاض ي اإلداري يستطيع الغاء القرارات الصادرة عن اإلدارة المريبية وتعديلها‪ ،‬فان اإلدارة‬
‫كثيرا ما ترفض تنفيذ األحكام الصادرة في مواجهتها بمبررات مختلفة‪ ،‬هذا الوضع أنتج‬
‫وضعيات مأساوية للعديد من الملزمين بالمريبة بسبب عدم تنفيذ األحكام اإلدارية‪.1042‬‬
‫‪ ‬تعقد المساطر المريبية‪ ،‬تعتبر المساطر المريبية من المساطر الجد معقدة وذلك راجع‬
‫الى الخصوصية التي تتميزبها المادة الجبائية‪ ،‬خصوصا على مستوى تنوع اآلجالت وكثرتها في‬
‫مختلف المساطر سواء فيما يتعلق بمسطرة التصحيح أو مسطرة الفرض التلقائي‪ ،‬كذلك‬
‫أجل البث بالنسبة للجان المريبية (املحلية والوطنية) أو أجل الطعن أمام القماء اإلداري‬
‫‪ ...‬الخ‪ ،‬كل هذا يؤثر بشكل مباشر على عدد الملفات المطروحة أمام القماء وسرعة البث‬
‫فيها‪ .‬اذ ان البطء في تسوية المنازعات الجبائية ظاهرة متكررة في المرحلة القمائية وهو ما‬
‫يحول دون حسم في الدعاوى والقمايا المعروضة على املحاكم وأجهزة القماء في األوقات‬
‫المالئمة وعدم إيصال الحقوق ألصحابها في األوقات المناسبة‪.‬‬
‫‪ ‬تكلفة المسطرة المريبية أمام القماء اإلداري‪ ،‬ان تكلفة المسطرة أمام القماء اإلداري‬
‫جد مرتفعة إذا ما قارناها بنظيرتها أمام املحاكم العادية‪ ،‬وتتجسد هذه التكلفة في أتعاب‬
‫الخبراء واملحامين وتكاليف السفر والتنقل واعداد الملف القمائي‪ ،‬وهو ما يجعل الملزمين‬
‫يفملون تسوية خالفاتهم مع اإلدارة المريبية عن طريق سلوك المسطرة اإلدارية‪ 1043‬أو‬
‫الصلح الودي دون اللجوء الى القماء أو عن طريق بعض السلوكيات غيرالقانونية كالرشوة‬
‫واملحسوبية‪.‬‬
‫من خالل ما سبق‪ ،‬يمكن القول إن المسطرة أمام القماء اإلداري تساهم في الحد من تطور‬
‫العمل القمائي وذلك من خالل تعقد المساطر المريبية والبطء الذي تتميز به‪ ،‬قلة املحاكم‬
‫‪ 1041‬مصطفى خصال‪ :‬إشكالية التواصل في عالقة اإلدارة الضريبية والملزم الضريبي‪ ،‬رسالة لنيل ديبلوم الماستر‪ ،‬جامعة‬
‫موالي إسماعيل‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مكناس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2042-2044‬ص‪.247 :‬‬
‫‪ 1042‬وتجدر اإلشارة الى أن المشرع في هذا الصدد خصص مادة وحيدة يتيمة المتعلقة بتنفيذ الحكام المادة ‪ 17‬من قانون‬
‫رقم ‪ 14.70‬المحدث للمحاكم اإلدارية التي تؤكد بأن التنفيذ يتم بواسطة كتابة الضبط المحكمة اإلدارية التي أصدرت الحكم‬
‫دون توضيح مهمة عون التنفيذ وال كيفية التنفيذ وال الجزاء الواجب ضد الممتنع عن التنفيذ‪.‬‬
‫‪ 1043‬المسط رة اإلدارية هي اجراء قبلي يلجأ من خالله الملزم بأداء الضريبة لفض النزاع مع اإلدارة الضريبية بطريقة ودية‬
‫وهذا الخير ينص عليه القانون بمواد خاصة تؤطر المساطر المعتمدة لسلوك هذا االجراء‪ ،‬بحيث تنص على ذلك المادة‬
‫‪ 242‬من المدونة العامة للضرائب‪ .‬اذ أجمعت أغلب التشريعات الجبائية على فرض قاعد التظلم التمهيدي سواء أمام اإلدارة‬
‫نفسها كما أسلفنا الذكر‪ ،‬أو أمام لجن خاصة قبل اللجوء الى القضاء‪.‬‬
‫اإلدارية وبعدها عن الملزم‪ ،‬ارتفاع التكلفة‪ ،‬وعدم مالئمة المسطرة المدنية لخصوصيات‬
‫المنازعة الجبائية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الحدود المرتبطة بالملزم‬
‫الى جانب الحدود المرتبطة بالمشرع والمسطرة هناك أدوارال يستهان بها‪ ،‬قام بها الملزم‬
‫في اضعاف تطورالعمل القمائي‪ ،‬اذ يشكل هذا األخير الطرف األساس ي في العالقة المريبية ألن‬
‫هو من يتحمل أداء المريبة وبالتالي تحويل النفقات العامة للدولة مع العلم أن الملزمين‬
‫ينقسمون الى ممول بسيط وممول متوسط وممول كبير‪ ،‬والقاسم المشترك بينهم هو االلتزامات‬
‫الو اقعة على عاتقهم من حيث التصريح بالمريبة ودفع مبلغها‪.‬‬
‫وتقع على عاتق الملزم التزامات كثيرة مثل مسك املحاسبة‪ ،‬التصريح بالمريبة ودفع‬
‫المريبة‪ .‬في المقابل ان الملزم له عدة حقوق تجاه اإلدارة المريبية منها ضمان الحق في‬
‫االعتراض على القرارات المريبية إذا كانت هذه القرارات تعرف بعض االختالالت‪ ،‬كالحق في‬
‫االستعالم المريبي‪ ،‬ضمان استرداد ما دفع بغير حق‪ ،‬والحق في اللجوء الى القماء من أجل‬
‫الطعن‪ ،‬وأمام هذه االلتزامات والحقوق املخولة للملزم يقتض ي أن يكون هذا األخيرعلى مستوى‬
‫عال من الوعي الجبائي‪.1044‬‬
‫وعليه‪ ،‬ان غاب هذا الوعي المريبي خصوصا والوعي القمائي عموما‪ ،‬يجعل الملزم‬
‫يعتبر اإلدارة قوة ال يحكمها القماء‪ ،‬وأن الحل الوحيد المناسب معها هو التحايل عليها أو‬
‫التوسط اليها و اتباع الطرق اإلدارية للطعن‪ .‬باإلضافة الى أن هناك أغلبية الملزمين ال زالوا‬
‫يجهلون مبدأ الفصل بين السلطات بحيث ال يميزون املخزن كنظام تقليدي للتسييراإلداري وبين‬
‫مؤسسات القماء‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الحدود المرتبطة بالقاض ي المريبي‬
‫مما ال ريب فيه‪ ،‬أن القاض ي المريبي يتمتع بسلطات إيجابية على مستوى سير الدعوى‬
‫السيما في توجيه إجراءاتها‪ ،‬فدوره ال يقتصر فقط على مجرد اصدار األحكام‪ ،‬بل يتدخل لينظم‬
‫المسطرة فيأمربتبليغ المذكرات والوثائق‪ ،‬ويحدد الجلسات ويستدعي األطراف لها‪ ،‬ويمنح مهلة‬
‫‪ 1044‬محمد سلطاني‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.442 :‬‬
‫لألطراف‪ ،‬وعندما يعجزاألطراف‪ ،‬يتدخل هو في اعداد الدليل كما هو الحال عندما تمتنع اإلدارة‬
‫عن تقديم الدليل على عدم صحة مزاعم المدعي‪.‬‬
‫لكن في المقابل ولتحقيق ذلك البد أن يتمتع القاض ي المريبي بمستوى عال من التكوين‬
‫في المادة المريبية‪ ،‬وان تتميز أحكامه بالجودة الالزمة‪ ،‬وهما األمران اللذان ال يتوفران الى حد‬
‫كبيرفي العمل القمائي المريبي بالمغرب‪.1045‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬قصورالتكوين المريبي للقاض ي اإلداري‬
‫فبالنسبة للتكوين المدني للقاض ي المريبي‪ ،‬فقد حدد النظام األساس ي للقماة‬
‫المقتميات التي تنظم مهام القاض ي ومسار حياته‬ ‫‪10462796‬‬ ‫والمتمثل في ظهير ‪ 22‬مارس‬
‫العملية‪ ،‬بحيث يسري على قماة املحاكم اإلدارية‪ 1047‬ومحاكم االستئناف اإلدارية‪ 1048‬نفس‬
‫النظام القانوني الساري على باقي القماة مع مراعاة بعض الخصوصيات‪.‬‬
‫لذلك فالقاض ي المريبي يعاني من حيث التخصص الفني والتقني المفترض االلمام‬
‫بالنازلة المريبية‪ ،‬وذلك راجع لتكوينه الذي يطغى عليه القانون المدني داخل المعهد العالي‬
‫للقماء‪.‬‬
‫كما أن قصور تكوين القماة في املجال المريبي‪ ،‬راجع كذلك لتغيرات التي تعرفها‬
‫القوانين المريبية سنويا تجعل القماة غير قادرين على مواكبة التطورات والتعديالت التي‬
‫تعرفها‪ .‬بيد أن القانون المريبي يتميز بالدقة والتعقد والتقنية مما يزيد من صعوبة القاض ي في‬
‫ضبطه واستيعاب فلسفته القانونية‪.1049‬‬
‫أما فيما يخص غياب قاض ي ضريبي متخصص‪ ،‬فإن السمة األساسية للقماء اإلداري‬
‫المغربي في ميدان المنازعات المريبية هو غياب مؤسسة القاض ي المريبي كما هو الحال‬
‫‪ 1045‬عبد الحق عميمي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.227 :‬‬

‫‪ 1046‬ظهير شريف رقم ‪ 4.42.14‬صادر في‪ 41‬جمادى الثانية ‪ 21( 4144‬مارس ‪ )2042‬تنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪402.44‬‬
‫المتعلق بالنظام الساسي للقضاة‪.‬‬
‫‪ 1047‬أنظر المادة الولى من القانون رقم ‪ ،14.70‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 4.74.222‬في ‪ 22‬من ربيع الول‬
‫‪ 40( 4141‬شتنبر ‪ )4774‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،1224‬ص‪.2422 :‬‬
‫‪ 1048‬أنظر المادة الولى من القانون رقم ‪ 20.04‬المحدث للمحاكم االستئناف اإلدارية الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 4.02.04‬في ‪ 41‬فبراير ‪ ،2002‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 2472‬بتاري خ ‪ 24‬فبراير ‪ ،2002‬ص‪.170 :‬‬
‫‪1049‬‬
‫‪Fayçal sotih : le contentieux de l’impôt des pontets, mémoire de DESA, université Agdal,‬‬
‫‪Rabat, 2000-2001, p : 61.‬‬
‫بالنسبة للتشريع الفرنس ي المريبي‪ ،1050‬حيث أكدت التجربة الميدانية للمحاكم اإلدارية أن‬
‫نفس القاض ي يبت في جميع القمايا سواء تعلق األمر بالمنازعات المريبية أو الدعاوى‬
‫االنتخابية‪ ،‬أو المنازعات المتعلقة بالمعاشات المدنية أو الدعاوى التعويض في نزع الملكية أو‬
‫الدعاوى العقدية‪ ....‬وغيرها من الدعوى‪ .‬مما يفوت على القاض ي إمكانية التمرس والتخصص‬
‫في قمايا بعينها خاصة‪ ،‬وأن القانون المريبي له خصوصياته التي تميزه عن القانون الخاص‬
‫والقانون العام على سواء‪.‬‬
‫فأمام دقة المادة المريبية وتشعبها يجد القاض ي اإلداري نفسه مجبرا على االعتماد على‬
‫الخبرة كوسيلة من وسائل التحقيق ليفك الوثائق ذات طبيعة محاسبية خاصة‪ ،‬وهذا ما يؤدي‬
‫الى تعاظم دورالخبراء في المادة المريبية‪.‬‬
‫فالقاعدة العامة أن القاض ي له الحق في انتداب الخبراء في المسائل التقنية والفنية‬

‫لمساعدته على تكوين قناعته إذا لم تكن له دراية كافية بموضوع النزاع دون المسائل‬
‫القانونية‪ ،‬حيث ال يجب عليه التذرع بجزئيات المادة المريبية للمحاكم‪ ،‬فكل تقنية تحكم‬
‫المادة المريبية هي أيما في جانب أخر مؤطرة بقاعدة قانونية يفترض على القاض ي العلم بها‬
‫لكونها تدخل في صميم القانون الذي فترض فيه العلم به‪.1051‬‬
‫اذ يتضح من خالل ما سبق أن سلطة فض المنازعات المريبية قد عرفت انسيابا من‬
‫القاض ي الى الخبيرالذي أصبح هوالحاكم الفعلي والمقررالحقيقي في ملفات المنازعات الجبائية‬
‫أمام القماء اإلداري‪ ،‬وتحولت الخبرة من وسيلة التحقيق كما نص على ذلك قانون المسطرة‬
‫المدنية الى وسيلة اثبات قوية‪ ،‬ويرجع ذلك الى قصور التكوين الذي يعاني منه القاض ي اإلداري‬
‫في المادة الجبائية‪ ،‬ومن ثمة يتعين على القماة بذل مجهود كبيرلتجاوزهذا التقصير‪.1052‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الحدود المرتبطة باألحكام والقرارات‬
‫لقد ألزم المشرع القاض ي اإلداري في املجال المريبي بالنظر في مدى احترام المقاالت‬
‫للشروط الشكلية‪ ،‬ونخص بالذكر الفصلين ‪ 9‬و‪ 12‬من قانون المسطرة المدنية ومختلف‬
‫‪1050‬‬
‫‪Chaabouni Ismahen : la protection des personnes soumises à des contrôles fiscaux et‬‬
‫‪financiers, étude comparative des contrôles de l’administration fiscale, des juridictions‬‬
‫‪financière et de l’autorité des marchés financiers. Editions Lextenso 2012. P 256.‬‬
‫‪ 1051‬عبد الحق عميمي‪ :‬أحكام اجتهاد القضاء اإلداري في مادة المنازعات الضريبية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.244 :‬‬
‫‪ 1052‬حميد حماني‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.422 :‬‬
‫الشروط األخرى المنصوص عليها في المدونة العامة للمرائب‪ .‬تم ينتقل القاض ي بعد ذلك الى‬
‫مناقشة الدفوعات التي يتقدم بها الدفاع في الموضوع‪ ،‬لكن المالحظ أن القاض ي يحسم شكال‬
‫في الدعوى المريبية بشكل كبير‪.1053‬‬
‫وبدراسة مجموعة من األحكام الصادرة عن املحاكم اإلدارية بالمغرب يتضح ان الكثير‬

‫منها تتطرق فقط للمسائل الشكلية دون الخوض في مممون المنازعة‪ .‬اذ ان غالب المطالبات‬
‫يتم عدم قبولها بوجود اختالالت شكلية تكون من جانب الملزم كعدم احترامه لموابط التظلم‬
‫التمهيدي أوفي الحالة التي تكون فيها ملتمسات المدعين غيرمطابقة لمقالتهم أوللرسوم المتنازع‬
‫فيها أو مبلغها أو تكون غاممة ومبهمة‪ 1054‬بحيث ال يتبين للقاض ي مطالب المدعين‪ .‬وتماشيا مع‬
‫ما تم ذكره‪ ،‬يالحظ أن األحكام القاضية بعدم قبول الدعوى تكون نتيجة لوجود اختالالت‬
‫الشكلية‪ ،‬فالقاض ي اإلداري يحسم شكال في الدعوى المريبية بشكل كبير دون الخوض في‬
‫مممون المنازعة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أفاق تفعيل القماء الجبائي وترسيخ األمن القمائي في حماية الخاضعين‬
‫للمريبة‬
‫إن افاق تفعيل الدور المناط بالقماء في تحقيق الممانات الكافية للخاضعين في إطار‬
‫المنازعات الجبائية‪ ،‬يتطلب وضع حلول ومقترحات من شأنها معالجة اإلشكاليات الدستورية‬
‫والقانونية والتنظيمية‪ ،‬والعملية‪ ،‬باإلضافة الى معالجة اإلشكاليات كي يتم تفعيل دور القماء‬
‫فال بد إذن من التطلع إلصالح النظام الجبائي من خالل كافة مستوياته‪ ،‬وفي ذلك سعي نحو‬
‫ترسيخ األمن القمائي الجبائي‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬معالجة اإلشكاليات التي تعترض القماء الجبائي‬
‫أمام االكراهات والعوائق التي يكتنفها الطعن القمائي في الميدان الجبائي والتي من‬
‫شأنها أن تجعل الحماية القمائية التي يوفرها للملزمين بالمريبة محدودة‪ ،‬فانه من األهمية‬
‫بمكان ضرورة البحث عن الحلول المناسبة لمعالجة اإلشكاليات وتجاوزالعوائق التي تحول دون‬
‫تحقيق الغاية التي تهدف اليها المرحلة القمائية للطعن المريبي‪ ،‬والمتجلية في تكريس‬
‫‪ 1053‬حنان بوتوميت‪ :‬حدود تدخل القضاء اإلداري في تأسيس الضريبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.422 :‬‬
‫‪ 1054‬عبد الفتاح الورحمشي‪ :‬منازعات الوعاء والتحصيل بالمغرب‪ ،‬دراسة قانونية وقضائية مقارنة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الماستر في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬الرباط‪-2044 ،‬‬
‫‪ ،2042‬ص‪.422 :‬‬
‫الممانات القانونية للخاضعين للمريبة وتغليب حماية حقوقهم على تطبيق القواعد‬
‫المسطرية‪.1055‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬معالجة اإلشكاليات القانونية والمسطرية‬
‫سبق أن تطرقنا للعديد من اإلشكاليات القانونية التي تمثل عائقا أمام القماء الجبائي‬
‫ليقوم بدوره في تسوية المنازعات الجبائية وفي تحقيق الحماية والتوازن بين أطراف النزاع‪،‬‬
‫ولمعالجة تلك اإلشكاليات التي تواجه القماء اإلداري في هذه المرحلة يتطلب االمر البحث في‬
‫الوسائل والحلول الممكنة‪ ،‬فمن بينها‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬إعادة صياغة النصوص القانونية المريبية بلغة قانونية بسيطة وقوية في نفس‬
‫الوقت‬
‫اذ يعتبر غموض النصوص القانونية سبب تفاقم النزاع بين الملزمين واإلدارة المريبية‬
‫ووصوله الى القماء‪ ،1056‬فمعف وتشعب وتعقيد النصوص المريبية يحرم الملزمين من‬
‫معرفة حقوقهم وواجباتهم‪ ،‬وفي نفس الوقت ال يعذروا بجهلهم للقواعد القانونية التي تطبق‬
‫عليهم إزاء ذلك‪ ،‬عمال بنص القاعدة القانونية‪" :‬ال يعذرأحد بجهله للقانون"‪ ،‬مما يؤدي الى ضياع‬
‫حقوقهم التي قررها المشرع وكرسها القماء‪ ،‬وبالتالي يشكل ذلك عائقا قانونيا يعترض الحماية‬
‫التي يهدف الى تحقيقها القماء للخاضعين للمريبة‪.‬‬
‫ولمعالجة ذلك ينبغي إعادة النظر في األنظمة المريبية وذلك بصياغة النصوص‬
‫الجبائية بشكل تقني جيد وبلغة قانونية رصينة وقوية وسهلة في نفس الوقت‪ ،1057‬وأن تكون‬
‫محكمة التركيب والتنظيم وواضحة المعاني ال يكتنفها غموض أو اجمال أو عموم‪ ،‬وأال تحتمل‬
‫التأويل أو التفسير‪ ،‬حتى ال يمطر القماء والفقه واملحامين الى تفسيرها وتأويلها‪ ،‬وذلك يشكل‬
‫مخالفة للقاعدة القانونية‪" :‬قاعدة التفسيرالميق للنص المريبي"‪.1058‬‬
‫‪ 1055‬أحمد إسماعيل العامري‪" :‬ضمانات الخاضعين للضريبة في المنازعات المتعلقة بالوعاء وفق التشريعين المغربي‬
‫واليمني"‪ ،‬مكتبة دار السالم للطبع والنشر والتوزي ع‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬الرباط‪ ،2047 ،‬ص‪.120 :‬‬
‫‪ 1056‬محمد بلعوشي‪ :‬دور القضاء اإلداري في التوفيق بين حقو المواطن واإلدارة الضريبية‪ ،‬عرض قدم للندوة المقامة‬
‫بتاري خ ‪ 22‬دجنبر ‪ 2044‬من قبل جمعية البحث في القضاء اإلداري بسال بعنوان‪' :‬المفهوم الجديد للقضاء ودوره في التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية"‪ ،‬أشار اليه أحمد العامري في كتابه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.124 :‬‬
‫‪1057‬‬
‫‪Victor Thouronyi : isabel Espejo the previous reference, p : 6.‬‬
‫‪1058‬‬
‫‪Michel Rousset, Mohammed Amine Benabdallah, Contentieux administratif marocains,‬‬
‫‪collection manuels et travaux universitaire, REMALD, imprimerie Elmaarif al Jadida, n° 118,‬‬
‫‪Rabat, 2018, p : 67.‬‬
‫ثانيا‪ :‬معالجة ظاهرة امتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام الصادرة ضدها‬
‫في الو اقع ال قيمة للحكم القمائي بعد صيرورته نهائيا حالة عدم تنفيذه وال قيمة لمبدأ‬
‫الشرعية في الدولة ما لم يقترن بمبدأ أخر مممونه احترام أحكام القماء وضرورة تنفيذها واال‬
‫فماذا يجدي أن يجتهد ويبتكر القاض ي اإلداري في إيجاد الحلول الناجعة بما يتالءم وصون‬
‫الحقوق والحريات والمشروعية اذا كانت أحكامه مصيرها الموت‪ ،‬فما يطمح اليه كل متقاض ي‬
‫من رفع دعواه لدى القماء اإلداري ليس هو اغناء االجتهاد القمائي في المادة اإلدارية عامة‬
‫والمريبية على وجه الخصوص ‪ ،‬بل استصدار حكم لصالحه يحمي حقوقه المعتدى عليها من‬
‫طرف اإلدارة مع ترجمة منطوقه على أرض الو اقع بتنفيذه‪.‬‬
‫اذ لم يتطرق المشرع المغربي لهذه اإلشكالية صراحة‪ ،‬ولكن القماء اإلداري ابتدع‬
‫قواعد بهدف اجبار اإلدارة على تنفيذ االحكام في مواجهتها وهي‪ :‬الغرامة التهديدية‪ ،‬الحجز لدى‬
‫الغير‪ ،‬التنفيذ التلقائي‪ ،‬وتعد تدابير غير كافية لمعالجة اإلشكالية من أساسها‪ ،‬اذ أصبح من‬
‫ضروري تدخل المشرع المغربي إليجاد حلول قانونية ناجعة من شأنها حمل اإلدارة على التنفيذ‬
‫ومنح القاض ي سلطة مطلقة لتنفيذ أحكامه وذلك عن طريق تفعيل مؤسسة قاض ي التنفيذ‬
‫فيخصص قاض ي تنفيذ في كل محكمة إدارية‪.1059‬‬
‫بحيث يمكن معالجة ظاهرة امتناع تنفيذ األحكام والقرارات اإلدارية عن طريق تدخل‬
‫حقيقي من المشرع‪ ،‬فعلى هذا األخير أن يلزم اإلدارة بتنفيذ األحكام والقرارات اإلدارية ومنها‬
‫المريبية ألجل احترام سيادة القانون‪ ،‬واال ال فائدة من اللجوء الى القماء أمام عصيان اإلدارة‬
‫لتنفيذ أحكامه‪ .1060‬ويمكن استرشاد بالنموذج الفرنس ي والمصري‪ 1061‬في هذا الشأن ولبيان الدور‬
‫المعقود على المشرع ليمع حد لهذه اإلشكالية سنبينه على النحو االتي‪:‬‬
‫‪ ‬احداث مسطرة خاصة بتنفيذ األحكام والقرارات اإلدارية‪ ،‬وذلك راجع لخصوصية‬
‫المنازعات الجبائية التي تكتس ي طابعا إداريا صرفا يجب أن تخمع لمسطرة خاصة في‬
‫‪ 1059‬مصطفى التراب‪ :‬إشكالية تنفيذ االحكام اإلدارية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،24‬ابريل‪،4777 ،‬‬
‫ص‪.424 :‬‬
‫‪1060‬‬
‫‪Rousset et Garagnon : le droit administratif Marocain, imprimerie ROYALE, Rabat, 1979, p :‬‬
‫‪31.‬‬
‫‪ 1061‬عبد الفتاح بالخال‪ :‬المشروعية الجبائية والحماية القضائية لها في ظل الدستور المغربي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون العام‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية الحقو الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2004-2000‬ص‪.144 :‬‬
‫التقاض ي‪ ،‬وذلك عن طريق اصدار مدونة إدارية خاصة بالمنازعات القمائية اإلدارية‬
‫السيما فيما يتعلق بالتنفيذ الجبري‪ ،‬تتالءم مع طبيعة اإلدارة كشخص اعتباري‪.1062‬‬
‫‪ ‬التنصيص على أن األحكام والقرارات النهائية الحائزة لقوة الش يء المقض ي القاضية‬
‫باستحقاق مبالغ مالية بمثابة سند تنفيذي يرتقي الى مستوى أمر قمائي يجب على‬
‫اإلدارة صرفه في الحال لفائدة طالب التنفيذ دون تردد‪.1063‬‬
‫‪ ‬يجب التنصيص صراحة على المسؤولية الشخصية لكل موظف عمومي داخل اإلدارة‬
‫يمتنع عن تنفيذ األحكام والقرارات اإلدارية الصادرة ضده وتجريم االمتناع‪.1064‬‬
‫‪ ‬تعديل المادة ‪ 2‬من القانون املحدث للمحاكم االدارية بإضافة اختصاص للمحاكم‬
‫اإلدارية للبت في التعويض عن االضرار الناتجة عن الخطأ الشخص ي للموظف الممتنع‬
‫عن تنفيذ االحكام الصادرة ضد اإلدارة‪.1065‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬معالجة اإلشكاليات التنظيمية والعملية‬
‫كما أسلفنا القول إن القماء الجبائي يكتنفه إشكاليات عملية وسبق أن ذكرناها‪،‬‬
‫وللعمل على حل هذه االكراهات يتطلب القيام باآلتي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تخصيص القماء في املجال المريبي والرفع من كفاءة القماة‬
‫ان الرفع من جودة االحكام والقرارات الجبائية ال يمكن أن يتحقق دون الرفع من كفاءة‬
‫القماة اللذين ينظرون في حيثيات المنازعات‪ ،‬وذلك عن طريق تكوينهم وتحسين ظروف عملهم‪،‬‬
‫والعمل على تخصصهم في هذا الميدان‪ .‬اذ يعتبرالقماة وأعماء النيابة العامة ومعاونهم محور‬
‫عملية تحديث وتطويرالسلطة القمائية والركيزة األساسية الستغالله‪ ،‬وذلك عن طريق تكوين‬
‫قدراتهم القانونية وقيامهم بواجبتهم ومهامهم المقدسة في تحقيق العدال وحماية الحريات‬
‫وحفظ الحقوق و انصاف المظلومين‪ ،‬وبما أن القماء رسالة مقدسة ال يستطيع القيام بأدائها‬
‫وتحمل أعبائها اال من تم اعداده اعدادا سليما‪ ،‬حيث ينبغي في من يحمل أمانتها التكوين المنهي‬
‫‪ 1062‬أحمد قليش؛ محمد زنون‪ :‬المنازعات الجبائية المحلية‪ ،‬سلسلة المعارف العلمية في الشرح العلمي للمنظومة‬
‫الجبائية‪ ،‬الكتاب الثالث‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،2041 ،‬ص‪.427 :‬‬
‫‪ 1063‬أحمد قليش؛ محمد زنون‪ :‬نفس المرجع أعاله‪ ،‬ص‪.427 :‬‬
‫‪ 1064‬محمد قصري‪ :‬المنازعات الجبائية المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة أمام القضاء المغربي‪ ،‬دار أبي رقرا للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،2044 ،‬ص‪.44 :‬‬
‫‪ 1065‬محمد قصري‪ :‬نفس المرجع أعاله‪.‬‬
‫إضافة الى سعة الفهم والمعرفة في مختلف فروع القانون‪ ،1066‬والعمل الدائم على مواكبة‬
‫التكوين قبل االنخراط في السلك القمائي وبعده‪.‬‬
‫وللعمل على تحقيق هذا األخير يجب العمل على انشاء محاكم ضريبية متخصصة‪،1067‬‬
‫أوانشاء شعبة أو قسم لدى املحاكم اإلدارية ومحاكم االستئناف اإلدارية والغرفة اإلدارية يختص‬
‫فقط بالنظرفي القمايا المريبية دون المنازعات األخرى‪.1068‬‬
‫ثانيا‪ :‬تفعيل مستوى العمل القمائي على مستوى المنازعات الجبائية عن طريق‪:‬‬
‫‪ ‬ضمان كفاية عددية من القماة نظرا للتزايد الممطرد الذي تعرفه القمايا الجبائية‬
‫على املحاكم اإلدارية‪ ،‬في الوقت الذي يقابله نقص في عدد القماة وفي األطراإلدارية‪ ،‬مما‬
‫ينتج عنه عدم وجود توازن‪ ،‬فيؤدي حتما الى تراكم عدد القمايا والبطء في تصفيتها مما‬
‫يؤدي الى زعزعة الثقة في جهازالعدالة‪.1069‬‬
‫‪ ‬دعم الكفاءة العلمية للقماة وذلك بتمكينهم من وسائل وأساليب العمل داخل الجهاز‬
‫القمائي اإلداري ومن ضمنه القماء في املجال الجبائي عن طريق تكوينهم تكوين إداريا‬
‫جبائيا فعاال‪ ،‬وتمكينهم من الوسائل العلمية لصقل مداركهم‪ ،‬مع الدعم المادي لهم لما‬
‫له من أثرإيجابي على مستوى تحسين المردودية في العمل الذي يقومون به‪.1070‬‬
‫ثالثا‪ :‬تفعيل دورالمفوض الملكي‬
‫يدافع المفوض الملكي عن الحق والقانون‪ ،1071‬ودوره يشمل ضامنة إضافية لحماية‬
‫حقوق الملزمين وتنويرهم بوضعيتهم القانونية وما عليهم بحيادية‪ ،‬وذلك ما يبعث االرتياح لديهم‪،‬‬
‫كما ان مستنتجاته تساعد القاض ي الجبائي وتنبيهه الى القرار الصائب‪ ،1072‬ولذا يجب تفعيل‬
‫‪ 1066‬السلطة القضائية‪ :‬استراتيجية تحديث وتطوير القضاء ‪ ،2042-2002‬المطبعة القضائية‪ ،‬المعهد العالي للقضاء‪،‬‬
‫صنعاء ‪ ،2002‬ص‪.22 :‬‬
‫‪ 1067‬ثرية لعيوني‪ :‬توصية الندوة التي أقامتها جمعية البحث في القضاء اإلداري بسال بعنوان‪' :‬المفهوم الجديد للقضاء‬
‫ودوره في التنمية االقتصادية واالجتماعية"‪ ،‬بتاري خ ‪ 22‬دجنبر ‪ ،2044‬أشار اليه أحمد اسماعيل العامري في كتابه‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.124 :‬‬
‫‪ 1068‬أحمد اسماعيل العامري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.124 :‬‬
‫‪ 1069‬أحمد إسماعيل العامري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.144-140 :‬‬
‫‪ 1070‬السعدية جماني‪ :‬الخبرة في المادة الضريبية‪ ،‬السلسلة المغربية للعلوم والتقنيات الضريبية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬مطبعة أمنية‪،‬‬
‫الرباط‪ ،2041 ،‬ص‪.442-441 :‬‬
‫‪ 1071‬ذلك ما نص عليه المشرع المغربي من خالل المواد ‪ 7-2-2‬من القانون المحدث للمحاكم اإلدارية رقم ‪.14.70‬‬
‫‪ 1072‬محمد شكيري‪ :‬القانون الضريبي المغربي‪ ،‬دراسة تحليلية ونقدية‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية‪ ،‬منشورات المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬العدد ‪ ،27‬الطبعة الثانية‪.2002 ،‬ص‪.217 :‬‬
‫الدور الذي يخول له القانون بما يكفل تطبيق هذا األخير ولحماية حقوق أطراف النزاع‪ ،‬وبما‬
‫يلطف من المسطرة القمائية والحد من ظاهرة التأخير في بت الملفات الجبائي‪ ،‬وتفعيل دوره‬
‫لن يكون اال من خالل تخويله الصالحيات في تحمير الدعوى الى جانب القاض ي المقرر مساندا‬
‫له مع ما يتماش ى مع غاية المشرع من أحداث مؤسسة المفوض الملكي في الدفاع عن الحق‬
‫والقانون‪ ،‬كما يجب منحه سلطة الطعن في األحكام لفائدة القانون‪.1073‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اإلصالح الجبائي ودورالقاض ي اإلداري في ترسيخ األمن القمائي‬
‫ان االمن القمائي له عالقة وطيدة باألمن القانوني الذي يحقق قدرا من الثبات النسبي‬
‫للعالقة القانونية‪ ،‬وحد أدنى من االستقرار للمراكز القانونية املختلفة بهدف إشاعة األمن‬
‫والطمأنينة بين أطراف العالقات القانونية عامة وخاصة‪ .1074‬اال أن القواعد القانونية مهما‬
‫بلغت جودتها فإنها لن تبلغ الغاية المطلوبة ان لم تجد في المقابل أمنا قمائيا‪ ،‬والذي أكدت على‬
‫أهميته مقتميات المادة ‪ 990‬من الدستور المغربي‪ ،‬الذي ينص على أنه "يتولى القاض ي حماية‬
‫حقوق األشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القمائي وتطبيق القانون"‪ ،‬اال انه لم يتطرق‬
‫للمفهوم‪ ،‬كما ال نجد له تعريفا في االجتهاد القمائي المغربي‪ ،1075‬لكن في المقابل ان الملك محمد‬
‫السادس‪ ،‬شدد في خطاب العرش بانه "‪ ...‬هدفنا ترسيخ الثقة في العدالة وضمان األمن القمائي‪،‬‬
‫الذي يمر عبر األهلية المهنية والنزاهة واالستقامة وسبيلنا صيانة حرمه القماء وأخالقياته‬
‫ومواصلة تحديثه وتأهيله"‪.1076‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اإلصالح الجبائي‬
‫يجب العمل على تحقيق اإلصالح الجبائي وذلك عن طريق العمل على‪:‬‬
‫‪ 1073‬رشيد أسباطي‪ :‬المفوض الملكي للدفاع عن الحق والقانون‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام‪ ،‬ماستر القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سال‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2007-2040‬ص‪:‬‬
‫‪.210-247‬‬
‫‪ 1074‬رفعت عبد سيد‪ :‬مبدأ المن القانوني‪ ،‬دراسة تحليلية في ضوء أحكام القضاء اإلداري والدستوري‪ ،‬مجلة اتحاد‬
‫الجامعات العربية للدراسات والبحوث القانونية‪ ،‬العدد ‪ 41‬أكتوبر ‪ ،2044‬ص‪.2 :‬‬
‫‪ 1075‬غالن الجنفي‪ :‬دور القاضي اإلداري في ترسيخ المن القضائي في المجال الجبائي‪ ،‬سلسلة منشورات مختبر السياسات‬
‫العمومية‪ ،‬سلسلة مؤلفات جماعية في المادة الضريبية‪ ،‬الطبعة الولى تحت عنوان "المساطر الضريبية بين تحدي المن‬
‫القانوني والقضائي الضريبي وسؤال العدالة التنمية الجبائية"‪ ،‬سنة ‪ ،2024‬ص‪.424 :‬‬
‫‪ 1076‬خطاب العرش للملك محمد السادس بتاري خ ‪.2004/04/40‬‬
‫‪ ‬البحث عن أي اصالح ضريبي مغربي يجب أن ينطلق من الفصل ‪ 11‬من الدستور‪،1077‬‬

‫فمن أجل فرض المرائب‪ ،‬والوصول الى اصالح ضريبي عادل‪ ،‬يجب أن يكون هناك‬
‫تقنيات للوصول الى ما يسمى بالمقدرة التكليفية لكل خاضع‪ ،‬بمعنى حسب استطاعة‬
‫كل خاضع يساهم في التكاليف العمومية‪ ،‬وذلك يحقق اإلصالح المريبي أهدافه‬
‫األساسية وأهمها النمو االقتصادي وتحقيق عدالة ضريبية‪ ،‬وتبسيط للقواعد‬
‫القانونية المريبية‪.1078‬‬
‫‪ ‬تفعيل التواصل مع الخاضعين للمريبة‪ ،‬ان أزمة التواصل بين اإلدارة المريبية‬
‫والملزم ستؤدي الى منازعة‪ ،‬والسبب يرجع الى اإلدارة نفسها لمعف تفعيل النسق‬
‫التواصلي بين اإلدارة والمواطنون الملزمون بأداء المرائب‪ .‬فان اإلدارة المريبية لكي‬
‫تبني عالقة تواصل داخلي وتواصل خارجي‪ ،‬يجب أن تقوم بتحديث هياكلها وأدوات‬
‫اشتغالها في عالقاتها الداخلية‪ ،‬كما يجب عليها أن تقوم بتزويد الخاضعين للمريبة‬
‫بالمعلومات الالزمة التي يستعملونها في إطار ما يسمى بالحق في االستعالم المريبي‬
‫والذي يجب أن يلبي حاجتين من المعلومات هما المعلومات العامة والمعلومات‬
‫الدقيقة‪.‬‬
‫‪ ‬عندما نقول تحسين نسق التواصل الجبائي‪ ،‬يجب االسترشاد بالتجارب المقارنة للدول‬
‫المتقدمة كالواليات المتحدة األمريكية (على سبيل المثال) الذي تنهج طريقة خاصة في‬
‫تقريب المواطن لإلدارة الجبائية عن طريق ما يسمى بالمساعدة المريبية‪ ،‬كأحد‬
‫القنوات التواصلية‪ ،‬والتي تساهم في تقديم المساعدة واالرشادات لمن ال يعرف مأل‬
‫البيانات أو قراءة المعلومات‪ ،‬كل هذه الوسائل تندرج ضمن تشجيع ثقافة التعاون‬
‫والتنسيق االجتماعي‪.‬‬
‫‪ ‬االستقرار المريبي‪ ،‬يجب أن يكون هذا االستقرار المريبي حتى يكون اآلخرين على علم‬
‫مسبق عندما يريدون االستثمار (مغاربة كانوا أم أجانب)‪ ،‬ويكونوا على علم بواجباتهم‬
‫‪ 1077‬ينص الفصل ‪ 47‬من دستور المملكة لسنة ‪ 2044‬على أن‪" :‬على الجميع أن يتحمل كل على قدر استطاعته التكاليف‬
‫العمومية التي للقانون وحده احداثها وتوزيعها وفق اإلجراءات المنصوص عليها في هذا الدستور"‪.‬‬
‫‪ 1078‬سعيد جفري‪ :‬اإلصالح الضريبي والحزاب السياسية‪ ،‬عرض مقدم للندوة الوطنية المقامة في كلية الحقو سطات‬
‫في ‪ 41‬نونبر ‪ ،2042‬منشور في "أسئلة اإلصالح الضريبي في ضوء المناظرة الوطنية الثانية حول الجبايات"‪ ،‬السلسلة‬
‫المغربية للعلوم والتقنيات الضريبية‪ ،‬العدد ‪ ،40‬مطبعة المنية‪ ،‬الرباط‪ ،2042 ،‬ص‪.47 :‬‬
‫الملزمين بأدائها‪ ،‬فاالستقرار المريبي مسألة ضرورية ألنه يحتم استقرار النفقات‬
‫العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬العدالة المريبية‪ ،‬اذ يعتبر عنصر العدالة المريبية من عناصر نجاح أي نظام ضريبي‪،‬‬
‫حيث أصبح مفهوما ضروريا من مكونات النظام المريبي الذي يحقق النجاعة‬
‫والفعالية‪ ،‬ويحقق العدالة التي تؤدي الى القبول والرض ى بالمريبة‪.1079‬‬
‫‪ ‬فصل اإلصالحات الجبائية عن سياق اعداد قانون المالية السنوي‪ ،‬أي اصالح ضريبي‬
‫شامل عادل وناجح ال يمكن إنجازه في إطار قانون المالية السنوي‪ ،‬بل يحتاج الى متسع‬
‫من الوقت‪ ،‬وأن يعهد لذوي االختصاص‪ ،‬مع اشراك مختلف األطراف المعنية والفاعلين‬
‫من خبراء وأساتذة جامعيين متخصصين في القانون المريبي وقماة مارسوا في مجال‬
‫المنازعات الجبائية ومن ممثلي المنظمات المهنية ومن أطر اإلدارة المريبية وكل‬
‫الفعاليات المهتمة بالشأن المريبي‪.1080‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تجليات األمن القمائي في املجال الجبائي‬
‫ان مفهوم األمن القمائي ال يمكن حصره من جهة واحدة‪ ،‬بل البد من التطرق الى‬
‫مفهومه بشكله الواسع والميق من أجل معرفة مدى الدالالت التي يوحي بها المفهوم‪ .1081‬لذلك‬
‫فان األمن القمائي‪ ،‬يعتبر حاجزا وقائيا لفائدة األشخاص ضد تجاوزات بعمهم البعض من‬
‫جهة‪ ،‬وحائال دون تجاوزاإلدارة ضد هؤالء من جهة ثانية‪ ،1082‬كما اعتبرجانب أخر من الفقه بأن‬
‫األمن القمائي يعكس الثقة في السلطة القمائية وفي القماة باالطمئنان الى ما يصدرعنهم من‬
‫أحكام وقرارات واوامرقمائية‪.1083‬‬
‫اذ تجسد المرحلة القمائية في المنازعات الجبائية‪ ،‬المفهوم الحقيقي للمنازعة بين‬
‫الملزم واإلدارة المريبية‪ ،‬حيث يبقى القاض ي في املجال المريبي مطالبا بتحقيق المعادلة‬
‫‪ 1079‬سعدية جماني‪ :‬اإلصالح الضريبي بين محطتين ‪ 4777‬و‪ ،2044‬منشور في أسئلة اإلصالح الضريبي في ضوء المناظرة‬
‫الوطنية الثانية حول الجبايات‪ ،‬السلسلة المغربية للعلوم والتقنيات الضريبية‪ ،‬العدد ‪ 40‬مطبعة المنية‪ ،‬الرباط‪،2042 ،‬‬
‫ص‪72 :‬‬
‫‪ 1080‬سعدية جماني‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.441 :‬‬
‫‪ 1081‬غزالن الجنفي‪ :‬دور القاضي اإلداري في ترسيخ المن القضائي في المجال الجبائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.424 :‬‬
‫‪ 1082‬عبد المجيد غميجة‪ :‬مبدأ المن القانوني وضرورة المن القضائي‪ ،‬عرض مقدم بمناسبة المؤتمر ‪ 44‬للمجموعة‬
‫االفريقية لالتحاد العالمي للقضاء البيضاء‪ ،2002 ،‬ص‪.22 :‬‬
‫‪ 1083‬مصطفى بنشريفة وفريد بنته‪ :‬المن القانوني والمن القضائي‪ ،‬مجلة االلكترونية العلوم القانونية‪،‬‬
‫‪ ،www.maroclaw.com‬تمت زيارة الموقع بتاري خ ‪ ،2024/02/44‬على الساعة ‪.04:47‬‬
‫القائمة على ضرورة حماية المال العام‪ ،‬وحماية المال الخاص لكي يتكون لدى الملزم االطمئنان‬
‫مما يشجعه على الوفاء بالتزاماته من خالل تكريس مجموعة من الممانات لفائدة الملزمين‬
‫وكذا إعطاء تأويالت للنصوص التي تنص على العدالة الجبائية والحد من التهربي المريبي‪.1084‬‬
‫ومهما يكن األمرفان القماء اإلداري رآكم مجموعة من االجتهادات القمائية في مجال‬
‫المنازعة المريبية وفق منهجية توفق بين ضرورة حماية المال العام من جهة‪ ،‬ومتطلبات حماية‬
‫االستثمار وكفالة األمن القمائي في املجال الجبائي من جهة أخرى وهو ما يظهر من خالل‬
‫مجموعة من القرارات‪ ،‬والتي حاول من خاللها التصدي لظاهرة التهرب المريبي حيث جاء في‬
‫تعليل حكم صادر عن املحكمة اإلدارية بالرباط عدد ‪ 202‬بتاريخ ‪ 2792/71/70‬في الملف عدد‬
‫‪" :2792/70/609‬وحيث أن االلتزام المريبي واجب دستوري ووطني‪ ،‬هو تعبير عن المواطنة‬
‫لتمويل نفقات الشأن العام‪ ،‬طبقا للفصلين ‪ 10‬و‪ 11‬من الدستور‪ ،‬وال يعقل أن يبطله فساد‬
‫مسطرة تأسيس المريبة‪ ،‬حيث أن قماء املحكمة بحكم نهائي ببطالن مسطرة الفرض المريبي‬
‫شكال وليس الغاءها كليا على األرباح العقارية‪ ،‬يخول لإلدارة المريبية تصحيح اإلجراءات‬
‫المقررة قانونا‪ ،‬وال يسقط في رض المريبة ما دام أن أجل التقادم الرباعي لم يمض بعد"‪.1085‬‬
‫الى جانب إرساء مجموعة من الممانات لصالح الملزم‪ ،‬وفي أحيان أخرى التدخل إلقرار‬
‫مسؤولية اإلدارة المريبية على أمل تطويرهذه التجربة من خالل إرساء قماء اداري متخصص‬
‫في المادة المريبية‪.1086‬‬
‫لقد حاولنا من خالل دراستنا لخصوصية االجتهاد القمائي في المادة المريبية‪ ،‬مالمسة‬
‫جزء مهم من المنظومة القمائية ببالدنا وخاصة القماء اإلداري في المادة الجبائية والدورالذي‬
‫يلعبه القاض ي اإلداري في إيجاد هذا التوازن بين اإلدارة المريبية والملزم المريبي‪ ،‬هذا الدور‬
‫الرهين بعدة إصالحات‪ ،‬فللحديث عن هذا األخير استوجب منا الوقوف عند االكراهات التي‬
‫اإلدارية‪1087‬‬ ‫تعتري االجتهاد القمائي في المادة الجبائية‪ ،‬فبالرغم من حداثة تجربة املحاكم‬
‫‪ 1084‬غزالن الجنفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.422 :‬‬

‫‪ 1085‬قرار أورده المختار السريدي‪ :‬في مقاله الطعن القضائي في مشروعية الفرض الضريبي امام القضاء الضريبي‪ ،‬سلسلة‬
‫القضاء اإلداري والمنازعات اإلدارية‪ 4/1 ،‬نونبر ‪ ،2047‬ص‪.22 :‬‬
‫‪ 1086‬غالن الجنفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.472 :‬‬
‫‪ 1087‬القانون رقم ‪ ،14.70‬المحدث بموجبه المحاكم اإلدارية والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 4.74.222‬في ‪ 22‬من‬
‫ربيع الول ‪ 40( 4141‬شتنبر ‪ )4774‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،1224‬ص‪.2422 :‬‬
‫كقماء متخصص في النزاعات بين المواطنين واإلدارة‪ ،‬خاصة أن القماء اإلداري استطاع ولو‬
‫نسبيا أن يطلع بدورمهما في إعادة الثقة للمواطنين والتأكيد على أن العدل قوام وعماد وأساس‬
‫الحمارة وتحقيق العدالة أولوية مهمة ضمن انشغاالت المشرع المغربي بالنظر لمكانة القماء‬
‫المتميزة كأحد المر افق العامة للدولة‪ ،‬وأن القانون يعلو فوق الجميع‪ ،‬ولو تعلق األمربالدولة أو‬
‫باإلدارة من ادارتها كما هو الحال بالنسبة إلدارة المرائب‪.‬‬
‫وإذا كان للعمل القمائي دور فعال في تحقيق األمن القانوني والقمائي‪ ،‬فان له دورا رائدا‬
‫في املحافظة على تلك المكتسبات من خالل تعزيز ثقة األفراد والجماعات في مصداقية العمل‬
‫القمائي والحرص على حماية املجتمع‪.‬‬
‫وتأكيدا لما سبق وكما أشاره له األستاذ عصام بنجلون "أن المادة المريبية ال تفتح آفاقا‬
‫واسعة أمام االجتهاد القمائي كغيرها من المواد األخرى ملجموعة من األسباب منها ما يتعلق‬
‫بالتقنية المعقدة لهذه المادة‪ ،‬ومنها ما يعود الى قاعدة التفسيرالميق للنصوص الجبائية"‪،1088‬‬
‫ومنها ما يعود الى طبيعة بعض النصوص القانونية والتي يبدو وكأنها تكبل االجتهاد القمائي في‬
‫المادة المريبية‪.‬‬
‫عبد الحق عميمي‪ :‬أحكام اجتهاد القماء اإلداري المغربي في مادة المنازعات المريبية‪،‬‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬سنة ‪.2791-2792‬‬
‫دستورالمملكة المغربية لسنة ‪ 2799‬الصادربمقتض ى ظهيرالشريف رقم ‪ ،9.99.19‬بتاريخ‬

‫‪ 21‬يوليوز ‪ ،2799‬بتنفيذ نص الدستور‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 2162‬مكرر‪ 17 ،‬يوليوز ‪،2799‬‬
‫ص‪.1677:‬‬
‫أمين بوخرسة‪ :‬المنازعات القمائية في المادة المريبية بالمغرب‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات‬
‫القانونية واالدارية‪ ،‬عدد خاص سنة ‪.2792‬‬
‫‪ 1088‬عصام بنجلون‪ :‬أصول وإجراءات التنفيذ القضائي ضد اإلدارة‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،2002 ،‬ص‪.442 :‬‬
‫زكرياء العماري‪ :‬المنازعات المريبية وتحصيل الديون العمومية‪ ،‬مجلة القماء المدني‪،‬‬
‫سلسلة دراسات و أبحاث العدد ‪ ،0‬مطبعة المعارف‪ ،‬الرباط ‪.2792‬‬
‫حميد حماني‪ :‬القماء اإلداري في المادة المريبية ودوره في تحقيق التوازن بين اإلدارة‬
‫والملزم‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مكناس‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2792-2790‬‬
‫حنان بوتوميت‪ :‬حدود تدخل القماء اإلداري في تأسيس المريبي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الماستر‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪-‬‬
‫الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2790-2796‬‬
‫مصطفى خصال‪ :‬إشكالية التواصل في عالقة اإلدارة المريبية والملزم المريبي‪ ،‬رسالة‬
‫لنيل ديبلوم الماستر‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬مكناس‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2792-2799‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 9.96.29‬صادر في‪ 92‬جمادى الثانية ‪ 22( 9210‬مارس ‪ )2796‬تنفيذ‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪ 976.91‬المتعلق بالنظام األساس ي للقماة‪.‬‬
‫القانون رقم ‪ ،29.17‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 9.19.222‬في ‪ 22‬من ربيع األول‬
‫‪ 97( 9292‬شتنبر‪ )9111‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،2220‬ص‪.2962 :‬‬
‫القانون رقم ‪ 27.71‬املحدث للمحاكم االستئناف اإلدارية الصادر بتنفيذ الظهير الشريف‬
‫رقم ‪ 9.76.70‬في ‪ 92‬فبراير‪ ،2776‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 2112‬بتاريخ ‪ 21‬فبراير‪ ،2776‬ص‪.217 :‬‬
‫عبد الفتاح الورحمش ي‪ :‬منازعات الوعاء والتحصيل بالمغرب‪ ،‬دراسة قانونية وقمائية‬
‫مقارنة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬الرباط‪.2792-2790 ،‬‬
‫أحمد إسماعيل العامري‪" :‬ضمانات الخاضعين للمريبة في المنازعات المتعلقة بالوعاء‬

‫وفق التشريعين المغربي واليمني"‪ ،‬مكتبة دار السالم للطبع والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫الرباط‪.2791 ،‬‬
‫محمد بلعوش ي‪ :‬دور القماء اإلداري في التوفيق بين حقوق المواطن واإلدارة المريبية‪،‬‬
‫عرض قدم للندوة المقامة بتاريخ ‪ 22‬دجنبر‪ 2799‬من قبل جمعية البحث في القماء اإلداري بسال‬
‫بعنوان‪' :‬المفهوم الجديد للقماء ودوره في التنمية االقتصادية واالجتماعية"‪.‬‬
‫‪Michel Rousset, Mohammed Amine Benabdallah, Contentieux administratif‬‬

‫‪marocains, collection manuels et travaux universitaire, REMALD, imprimerie‬‬
‫‪.Elmaarif al Jadida, n° 118, Rabat, 2018‬‬
‫مصطفى التراب‪ :‬إشكالية تنفيذ االحكام اإلدارية‪ ،‬املجلة المغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،20‬ابريل‪.9111 ،‬‬
‫عبد الفتاح بالخال‪ :‬المشروعية الجبائية والحماية القمائية لها في ظل الدستورالمغربي‪،‬‬

‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية الحقوق الدار البيماء‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪.2779-2777‬‬
‫أحمد قليش؛ محمد زنون‪ :‬المنازعات الجبائية املحلية‪ ،‬سلسلة المعارف العلمية في الشرح‬
‫العلمي للمنظومة الجبائية‪ ،‬الكتاب الثالث‪ ،‬الطبعة األولى‪.2792 ،‬‬
‫محمد قصري‪ :‬المنازعات الجبائية المتعلقة بربط وتحصيل المريبة أمام القماء‬
‫المغربي‪ ،‬دارأبي رقراق للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة الثالثة‪.2799 ،‬‬
‫ثرية لعيوني‪ :‬توصية الندوة التي أقامتها جمعية البحث في القماء اإلداري بسال بعنوان‪:‬‬
‫'المفهوم الجديد للقماء ودوره في التنمية االقتصادية واالجتماعية"‪ ،‬بتاريخ ‪ 22‬دجنبر‪.2799‬‬
‫السعدية جماني‪ :‬الخبرة في المادة المريبية‪ ،‬السلسلة المغربية للعلوم والتقنيات‬

‫المريبية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬مطبعة أمنية‪ ،‬الرباط‪.2792 ،‬‬
‫محمد شكيري‪ :‬القانون المريبي المغربي‪ ،‬دراسة تحليلية ونقدية‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال‬
‫جامعية‪ ،‬منشورات املجلة المغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫العدد ‪ ،21‬الطبعة الثانية‪.2772 ،‬‬
‫رشيد أسباطي‪ :‬المفوض الملكي للدفاع عن الحق والقانون‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماسترفي‬
‫القانون العام‪ ،‬ماستر القماء اإلداري‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سال‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2771-2797‬‬
‫رفعت عبد سيد‪ :‬مبدأ األمن القانوني‪ ،‬دراسة تحليلية في ضوء أحكام القماء اإلداري‬
‫والدستوري‪ ،‬مجلة اتحاد الجامعات العربية للدراسات والبحوث القانونية‪ ،‬العدد ‪ 12‬أكتوبر‬
‫‪.2791‬‬
‫غالن الجنفي‪ :‬دور القاض ي اإلداري في ترسيخ األمن القمائي في املجال الجبائي‪ ،‬سلسلة‬
‫منشورات مختبر السياسات العمومية‪ ،‬سلسلة مؤلفات جماعية في المادة المريبية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى تحت عنوان "المساطر المريبية بين تحدي األمن القانوني والقمائي المريبي وسؤال‬
‫العدالة التنمية الجبائية"‪ ،‬سنة ‪.2729‬‬
‫سعيد جفري‪ :‬اإلصالح المريبي واألحزاب السياسية‪ ،‬عرض مقدم للندوة الوطنية المقامة‬
‫في كلية الحقوق سطات في ‪ 92‬نونبر ‪ ،2792‬منشورفي "أسئلة اإلصالح المريبي في ضوء المناظرة‬
‫الوطنية الثانية حول الجبايات"‪ ،‬السلسلة المغربية للعلوم والتقنيات المريبية‪ ،‬العدد ‪،97‬‬
‫مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪.2792 ،‬‬
‫سعدية جماني‪ :‬اإلصالح المريبي بين محطتين ‪ 9111‬و‪ ،2791‬منشور في أسئلة اإلصالح‬
‫المريبي في ضوء المناظرة الوطنية الثانية حول الجبايات‪ ،‬السلسلة المغربية للعلوم والتقنيات‬
‫المريبية‪ ،‬العدد ‪ 97‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪.2792 ،‬‬
‫عبد املجيد غميجة‪ :‬مبدأ األمن القانوني وضرورة األمن القمائي‪ ،‬عرض مقدم بمناسبة‬
‫المؤتمر‪ 91‬للمجموعة االفريقية لالتحاد العالمي للقماء البيماء‪.2772 ،‬‬
‫مصطفى بنشريفة وفريد بنته‪ :‬األمن القانوني واألمن القمائي‪ ،‬مجلة االلكترونية العلوم‬
‫القانونية‪ ،www.maroclaw.com ،‬تمت زيارة الموقع بتاريخ ‪ ،2729/76/91‬على الساعة ‪.71:91‬‬
‫–‬
‫خصوصيات الطعن باالستئناف في األحكام القضائية‬

‫الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري‬
‫‪Peculiarities of Appeal appeal of judicial decisions issued in real‬‬
‫‪estate conservation cases‬‬
‫لما كانت طرق الطعن في المقررات القمائية هي تلك الوسائل التي حددها القانون على‬
‫سبيل الحصر‪ ،‬والتي بمقتماها يتمكن الخصوم من التظلم من األحكام الصادرة عليهم بقصد‬
‫إعادة النظر فيما قمت به‪ ،1089‬فإن أهميتها تظهر باعتبارها وسائل فنية خولها القانون لألفراد‬
‫للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم والتظلم من الحكم‪ ،‬سواء أمام نفس املحكمة المصدرة له‪ ،‬أو‬
‫أمام محاكم أعلى درجة‪.‬‬
‫وتنقسم الطعون في األحكام والقرارات القمائية‪ ،‬الى طرق طعن عادية‪ ،‬وأخرى غيرعادية‪.‬‬
‫فالطعون العادية في التشريع المغربي هي التعرض‪ 1090‬واالستئناف‪ ،1091‬أما طرق الطعن‬

‫غيرالعادية فهي تعرض الغيرالخارج عن الخصومة‪ 1092‬والنقض‪ 1093‬والطعن بإعادة النظر‪.1094‬‬
‫‪ .1089‬وحمد وبو الوفاء‪ ،‬نظري األحكام في قانود المرافعات‪ ،‬من ة المعارى اعسكندري ‪ ،‬الطبع الثالث السن ‪ ،3911‬ذ‬
‫‪ 101‬وما فليها‪.‬‬
‫الفصول من ‪ 310‬الى ‪ 311‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬ ‫‪1090‬‬
‫‪.‬‬
‫الفصول من ‪ 311‬الى ‪ 314‬ون ا الفصول من ‪ 112‬الى ‪ 113‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬ ‫‪1091‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ .1094‬الفصول من ‪ 101‬الى ‪ 130‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬
‫غير أنه بالرجوع الى ظهير التحفيظ العقاري‪ ،1095‬يالحظ أن المشرع نص على قابلية‬
‫المقررات القمائية الصادرة في مادة التحفيظ لطريقين من طرق الطعن‪ ،‬وهما‪ :‬الطعن‬
‫باالستئناف والطعن بالنقض‪ ،‬مستبعدا باقي طرق الطعن األخرى‪ ،‬وذلك طبقا للفصل ‪ 976‬منه‬
‫و الذي نسخ و عوض بالقانون رقم ‪ ،92.70‬و مما جاء في منطوقه " ال تقبل األحكام الصادرة في‬
‫مادة التحفيظ العقاري الطعن إال باالستيناف والنقض"‪.‬‬
‫و إذا كان حصر طرق الطعن في األحكام و القرارات القمائية الصادرة في مادة التحفيظ‬
‫العقاري في الطعن باالستئناف و النقض‪ ،‬يعد من أهم الخصوصيات المميزة لهذه القمايا‪ ،‬فإن‬
‫هذه الخصوصية تزداد حينما يتعلق األمر بالطعن باالستئناف –باعتباره الموضوع الذي يهمنا‬
‫في هذه الدراسة‪ ،-‬ذلك أن المشرع العقاري و في سياق تنظيمه لهذه الوسيلة من طرق الطعن‬
‫خصه بأحكام و شكليات تختلف عن تلك المممنة في قانون المسطرة المدنية‪ ،1096‬و ذلك‬
‫بموجب الفصول ‪ 27‬الى ‪ 22‬من ظهيرالتحفيظ العقاري‪ ،‬غيرأن هذا التنظيم لم يكن مستقال عن‬
‫مقتميات القانون االجرائي العام‪ ،‬وإنما أحال عليه في بعض مقتمياته‪ ،‬وذلك بموجب الفصل‬
‫‪ 29‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬و هو ما عمق وزاد من حدة هذه الخصوصيات‪ ،‬خاصة في الحاالت التي التزم فيها‬
‫هذا الظهيرالصمت‪ ،‬كما أنه بالمقابل لم تتم اإلحالة بشأنها على قانون المسطرة المدنية‪ ،‬األمر‬
‫الذي خلق تماربا فقهيا و قمائيا بخصوص بعض االشكاالت المسكوت عنها ‪ ،‬مما يطرح‬
‫التساؤل حول مدى كفاية المقتميات القانونية المممنة في ظهير التحفيظ العقاري لمعالجة‬
‫مختلف الخصوصيات المميزة للطعن باالستئناف في األحكام الصادرة في دعوى التعرض على‬
‫مطلب التحفيظ؟ أم أنها في حاجة للرجوع لتلك المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية؟‬
‫للبحث في مختلف الخصوصيات التي يثيرها الطعن باالستئناف في األحكام القمائية‬

‫الصادرة في قمايا التحفيظ العقاري‪ ،‬وإجابة على التساؤل املحوري موضوع هذه الدراسة‪،‬‬
‫سنعمل على تقسيم هذا الموضوع‪ ،‬وفق منهج تحليلي الى مطلبين‪ :‬المطلب األول‪ :‬خصوصية‬
‫‪ .1095‬الظهير ال ريف الصاقر في ‪ 9‬رم اد ‪ 31( 3113‬غ ت ‪ )3931‬ال ي غير و تمم بالظهير ال ريف رقم ‪3.33.311‬‬
‫الصاقر في ‪ 11‬من عي ال ج ‪ 11( 3111‬نوفمشر ‪ )1033‬بتنفي الاانود رقم ‪ 31/01‬المغير و المتمم بمات ا الظهير‬
‫ال ريف الصاقر في ‪ 9‬رم اد ‪31( 3113‬غ ت ‪ )3931‬المتعلي بالت ئظ العااري‪ ،‬الجريدة الرسمئ عد ‪ ،1992‬بتاري ‪11‬‬
‫عي ال ج ‪ 11( 3111‬نوفمشر ‪ ،)1033‬ذ ‪.1111‬‬
‫‪ .1096‬الظهير ال ريف بمثاب قانود رقم ‪ 3.11.111‬بتاري ‪ 33‬رم اد ‪ 12( 3191‬شتنشر ‪ )3911‬بالمصاقق على نص‬
‫‪ 31‬رم تن ‪ 10( 3191‬شتنشر ‪،)3911‬‬ ‫قانود المسطرة المدنئ ‪ ،‬من ور بالجريدة الرسمئ عدق ‪ 1110‬مكرر بتاري‬
‫ذ ‪.1111‬‬
‫قواعد استئناف الحكم الصادر في مادة التحفيظ العقاري‪ .‬المطلب الثاني‪ :‬خصوصيات‬
‫شكليات المقال االستئنافي‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬خصوصية قواعد استئناف الحكم الصادرفي مادة التحفيظ العقاري‪:‬‬
‫فتح المشرع العقاري باب الطعن باالستئناف في قمايا التحفيظ العقاري لكل طرف تمرر‬
‫من الحكم الصادر ضده‪ ،‬فللمتعرض الذي قض ى الحكم ضده بعدم صحة تعرضه‪ ،‬أو لطالب‬
‫التحفيظ الذي صدر الحكم أيما ضده و لفائدة المتعرض‪ ،‬أن يتقدما بطلب االستئناف وفق‬
‫خصوصيات تتماش ى و طبيعة هذه القمايا‪ ،‬و التي تختلف عن تلك الواردة في قانون المسطرة‬
‫المدنية‪ ،‬ذلك أن الطعن باالستئناف في مادة التحفيظ ال يخمع لقاعدة النصاب المنصوص‬
‫عليها في الفصل ‪ 91‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬و هو ما يترتب عنه أن الحكم الصادر عن محكمة البداية يعتبر‬
‫دائما قابال لالستئناف‪ ،‬حتى و لو قلت قيمة العقار عن مبلغ النصاب املحددة بموجب الفصل‬
‫المذكور (الفقرة األولى)‪ ،‬مع بعض الخصوصيات على مستوى آجل تقديم االستئناف (الفقرة‬
‫الفقرة األول‪ :‬قابلية االحكام الصادرة في دعوى التحفيظ للطعن باالستئناف كيفما كانت‬
‫قيمة العقار‪.‬‬
‫ينص الفصل ‪ 91‬من قانون المسطرة المدنية‪ 1097‬على أنه "تختص املحاكم االبتدائية‬
‫بالنظر‪:‬‬
‫‪-‬ابتدائيا‪ ،‬مع حفظ حق االستيناف أمام غرف االستينافات باملحاكم االبتدائية‪ ،‬إلى غاية‬
‫عشرين ألف درهم (‪ 27.777‬درهم)؛‬
‫‪-‬و ابتدائيا‪ ،‬مع حفظ حق االستيناف أمام املحاكم االستينافية‪ ،‬في جميع الطلبات التي‬
‫تتجاوزعشرين ألف درهم (‪ 27.777‬درهم)؛‬
‫‪ -‬يبت ابتدائيا طبقا ألحكام الفصل ‪ 92‬أعاله‪ ،‬مع حفظ حق االستيناف أمام املحاكم‬
‫االستينافية‪".‬‬
‫فالثابت من خالل هذا النص العام أنه يبين االختصاص القيمي الذي على أساسه يحدد‬
‫نطاق اختصاص املحكمة‪ ،‬و من تم فإن المعيار األساس ي في اسناد االختصاص للمحكمة‬
‫االبتدائية للبت ابتدائيا في النزاع مع حفظ حق االستئناف أمام غرفة االستئناف بذات املحكمة‬
‫‪ .1097‬عدل ه ا الفصل بموجس الاانود رقم ‪ 1130‬من ور بالجريدة الرسمئ عدق ‪ 1911‬بتاري ‪ 04‬شوال ‪ 1( 3111‬سشتمشر‬
‫‪ ،)1033‬ذ ‪ 1124‬و ما بعدها‪.‬‬
‫هو قيمة الطلب و املحدد في مبلغ (‪ )27.777‬درهم‪ ،‬و ما زاد عن هذا المبلغ يجعل االختصاص‬
‫منعقدا ملحكمة االستئناف‪.‬‬
‫غيرأنه بالرجوع لظهيرالتحفيظ العقاري‪ ،‬نجد أن المشرع ال يعتد بالقيمة المالية لتحديد‬
‫مناط اختصاص محكمة التحفيظ طالما أن موضوع دعوى التحفيظ العقاري يكون المطالبة‬
‫بحق عيني و ليس حق شخص ي يهم المطالبة بمبلغ مالي معين‪ ،‬و تطبيقا لهذه الخصوصية‪ ،‬جاء‬
‫في الفقرة األولى من الفصل ‪ 29‬من نفس الظهير‪ ،‬على أنه "يقبل االستئناف في موضوع التحفيظ‬
‫مهما كانت قيمة العقارالمطلوب تحفيظه"‪.‬‬
‫وتأسيسا على ذلك‪ ،‬يتضح أن ظهيرالتحفيظ العقاري يقرمبدأ التقاض ي على درجتين‪ ،‬أي‬
‫أمام املحكمة االبتدائية‪ ،‬وفي حالة االستئناف يعرض النزاع أمام محكمة االستئناف‪ ،‬و ذلك مهما‬
‫كانت قيمة العقار‪ ،‬و حتى و لو كان قيمته تقل عن مبلغ (‪ )27.777‬درهم‪ ،‬و إن كان يصعب عمليا‬
‫تصوروجود عقارتقل قيمته عن المبلغ المذكور‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬خصوصية أجل تقديم الطعن باالستئناف‪.‬‬
‫معلوم أن من شروط قبول الطعن باالستئناف في الحكم االبتدائي أن يقدم داخل األجل‬
‫القانوني‪ ،‬وقد حدد قانون المسطرة المدنية هذا األجل بموجب الفصل ‪ 912‬منه ومما جاء في‬
‫فقرته الثانية ما يلي "يجب أن يقدم استئناف أحكام املحاكم االبتدائية خالل ثالثين يوما ‪،"...‬‬
‫كما بين هذا القانون مختلف المقتميات المتعلقة بمماعفة هذا األجل ووقفه‪ ،‬وذلك بمقتض ى‬
‫الفصول من ‪ 916‬الى ‪ 911‬منه‪.‬‬
‫غير أنه بالرجوع الى الفصل ‪ 27‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ 1098‬كما تم تعديله و تتميمه بموجب القانون‬
‫رقم ‪ ،92.70‬نستبين أن المشرع قد أحال بخصوص شرط األجل على قانون المسطرة المدنية‪،‬‬
‫أي الفصل ‪ 912‬و ما بعده‪ ،‬و من تم فإن أجل استئناف األحكام االبتدائية الصادرة في دعاوى‬
‫‪ .1098‬فنص الفصل ‪ 10‬من ظ‪.‬ت‪.‬ا على ونه "بمجرق صدور ال كم وقشل انصرام ثمانئ ويام‪ ،‬فشلي ملخصه إلى طالس الت ئظ‬
‫وإلى جمئع المتعرضين وفي ال كل المارر في قانود المسطرة المدنئ ‪ .‬يمكن استئناى ه ا ال كم قاخل األجل الم دق في نفا‬
‫الاانود"‪.‬‬
‫الو اقع الى طرفي‬ ‫التلقائي‪1099‬‬ ‫التحفيظ العقاري هو ثالثون يوما‪ ،‬تبتدئ من تاريخ التبليغ‬
‫الدعوى‪ ،‬و هما طالب التحفيظ و المتعرض‪ ،‬و ذلك وفق الشكل المقرر في قانون المسطرة‬
‫المدنية‪ ،‬وفي هذا السياق جاء في قرارملحكمة النقض‪ 1100‬أن "أجل الطعن باالستئناف في االحكام‬
‫الصادرة في قمايا التحفيظ العقاري هو ثالثون يوما"‪ ،1101‬و جاء في قرار آخر مماثل لنفس‬
‫املحكمة ما يلي "لكن حيث أن الطاعن لم يبين اإلجراءات الشكلية الواجب تو افرها في شهادة‬
‫التسليم‪ ،‬و أن شهادة التسليم المعتمدة من طرف املحكمة مصدرة القرارالمطعون فيه الزالت‬
‫مدرجة بالملف ‪،‬وأن إجراء بحث إنما هو إمكانية مخولة لسلطة املحكمة ال تقوم به إال إذا كان‬
‫ضروريا للفصل في النزاع و أنه بمقتض ى الفصل ‪ 27‬من ظهير ‪9191/72/92‬الذي أحال على‬
‫الفصل ‪ 226‬من ق‪.‬م‪.‬م القديم الذي حل محله الفصل ‪ 912‬من ق‪.‬م‪.‬م الجديد الذي حدد آجال‬
‫استئناف أحكام املحاكم االبتدائية في أجل شهرواحد من تاريخ تبليغ الحكم االبتدائي دون تفرقة‬
‫بين األحكام الصادرة في قمايا التحفيظ وغيرها‪ ،‬ولذلك فإن القرار حين علل بأن "الثابت من‬
‫وثائق الملف االبتدائي أن المستأنف ومن خالل شهادة التسليم أنه بلغ بنسخة من الحكم‬
‫االبتدائي المطعون فيه شخصيا وكان ذلك بتاريخ ‪ 2771/92/92‬ووقع على ذلك كما أشارإلى ذلك‬
‫العون المكلف بالتبليغ‪،‬و أنه تقدم بمقال الطعن باالستیناف بواسطة محاميه ضد الحكم‬
‫المشار إليه بتاريخ ‪ 2772/72/76‬كماهو ثابت من خالل تأشيرة كتابةالمبط‪ ،‬مما يكون معه‬
‫االستيناف قدم بعد انصرام أجل ثالثين يوما من وقوع التبليغ وخرقا لمقتميات الفصل ‪912‬‬
‫من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬فإنه نتيجة لماذكركله يكون القرارغيرخارق للفصول المشارإليها وما بالسببب التالي‬
‫غيرجديرباالعتبار"‪.1102‬‬
‫‪ .1099‬علي ود من خصوصئات المرحل الا ائئ لمسطرة الت ئظ العااري‪ ،‬ود التشلئي يجس ود فتم قاخل وجل ‪ 2‬ويام من تاري‬
‫صدور ال كم و فتم التشلئي وفاا لل كل المارر في قانود المسطرة المدنئ ‪ ،‬و علي طباا لمات ئات الفصل ‪ 10‬من ظ‪.‬ت‪.‬ا‬
‫الم ار إله وع ‪.‬‬
‫‪ .1100‬حلت عبارة "م كم الناض" م ل عبارة "المجلا األعلى" بمات ى الظهير ال ريف رقم ‪ ،3.33.310‬الصاقر في ‪11‬‬
‫من عي الاعدة ‪ ،)1033/30/11( 3111‬بتنفي لاانود رقم ‪ 12.33‬المتعلي بم كم الناض المغير بموجبه الظهير ال ريف‬
‫رقم ‪ 3.11.111‬االصدر في ‪ 1‬ربئع األول ‪ )3911/9/11( 3111‬ب د المجلا األعلى‪ ،‬من ور بالجريدة الرسمئ عدق‬
‫‪ 1929‬مكرر‪ ،‬بتاري ‪ 12‬عو الاعدة ‪ ،)1033/30/14( 3111‬ذ ‪.1112‬‬
‫‪ .1101‬قرار صاقر عن غرفتين بم كم الناض ت ت عدق ‪ 3/143‬بتاري ‪ 1031/01/12‬في الملف عدق ‪ ،31/3/3/4‬من ور‬
‫بمجل المناظرة‪ ،‬عدق ‪ 39‬و ‪ ،10‬ذ ‪ 191‬و ما فليها‪.‬‬
‫‪ .1102‬قرار صاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 1413‬بتاري ‪.1001/33/01‬‬
‫وإذا كان الفصل ‪ 916‬من ق‪.‬م‪.‬م قد نص على مماعفة اآلجال ثالث مرات لمصلحة‬
‫األطراف الذين ليس لهم موطن وال محل إقامة بالمملكة‪ ،‬فإن التساؤل يثار حول مدى إمكانية‬
‫تطبيق هذا المقتض ى على قمايا التحفيظ العقاري‪ ،‬خاصة أمام إحالة الفصل ‪ 27‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‬
‫على الفصل ‪ 916‬المذكور؟‬
‫اعتقد أن المشرع العقاري لم يكن موفقا في هذه اإلحالة‪ ،‬طالما أن الفصل ‪ 916‬من قانون‬
‫المسطرة المدنية يتعارض من جهة مع مقتميات الفصل ‪ 110326‬من القرار الوزيري المؤرخ في‬
‫‪ 71‬يونيو ‪ 9192‬الذي يلزم أطراف دعوى التعرض على مطلب التحفيظ بمرورة تعيين محل‬
‫للمخابرة بدائرة املحكمة التي يوجد بدائرته العقار موضوع مطلب التحفيظ‪ ،‬و ذلك في الحالة‬
‫التي لم يكن لديهم موطن بها‪ ،‬كما أنه يتعارض من جهة أخرى مع مقتميات الفصلين ‪ 110491‬و‬
‫‪ .1103‬فنص الفصل ‪ 14‬من الارار الوصيري الم رخ في ‪ 01‬فونيو ‪ 3931‬على ونه " كل طالس و كل متدخل وو متعرض و كل‬
‫شخص يطلس في اسمه القئام وو تاييد في السج ت العااري يجس علئه ل وما تعيين موطن للمخابرة معه بمار الم افظ إعا لم‬
‫يكن موطنه الفعلي بدائرة الم افظ الم نورة‪ ،‬فإعا لم يام ب لي فإد جمئع االع مات و التشلئغات توجه له الى النئاب العام و‬
‫يكفي علي العتبارها ص ئ "‪.‬‬
‫‪ .1104‬فنص الفصل ‪ 31‬من ظ‪.‬ت‪.‬ا على ونه " يادم طالس الت ئظ للم افظ على األم ك العااري ‪ ،‬ماابل وصل يسلم له فورا‪،‬‬
‫مطلبا موقعا من طرفه وو ممن فنوب عنه بونال ص ئ ‪ ،‬فت من ل وما ما فلي‪:‬‬
‫‪- 3‬اسمه ال خصي والعائلي وصفته وم ل سكنا وحالته المدنئ وجنسيته وإد اقت ى ال ال اسم ال وج والنظام المالي لل واج‬
‫بالنسب‬ ‫وو كل اتفاق تم طباا لمات ئات الماقة ‪ 19‬من مدون األسرة‪ ،‬ويت من في حال ال ئاا نفا الشئانات الم نورة وع‬
‫لكل شريي مع التنصئص على نصيس كل واحد منهم‪ ،‬وإعا كاد طالس الت ئظ شخصا اعتباريا فئجس بئاد تسميته وشكله‬
‫الاانوني ومار االجتماعي واسم ممثله الاانونيا‬
‫‪- 1‬تعيين عنواد وو موطن مختار في الدائرة الترابئ التابع لنفوع الم افظ العااري الموجوق بها الملي‪ ،‬إعا لم يكن لطالس‬
‫الت ئظ م ل إقام في ه الدائرةا‬
‫‪- 1‬مراجع بطاق التعريف الوطنئ وو وي وثئا وخرى تعرى بهويته‪ ،‬عند االقت اءا‬
‫‪- 1‬وصف العاار المطلوب ت ئظه بشئاد الشناءات واألغراس الموجوقة به وم تم ته ونوعه وموقعه ومساحته وحدوق‬
‫واألم ك المتصل والمجاورة له ووسماء وعناوين وص ابها‪ ،‬وإد اقت ى ال ال االسم ال ي يعرى به العاارا‬
‫‪- 1‬بئاد ونه ي وص كل العاار وو ج ءا منه مباشرة وو عن طريي الغير‪ ،‬وفئما إعا انت عت منه ال ئاصة‪ ،‬فتعين بئاد الظروى‬
‫التي تم فيها عليا‬
‫‪- 4‬تادفر القئم التجاري للعاار وقت تاديم المطلسا‬
‫ال اوق ب نر وسمائهم ال خصئ‬ ‫‪- 1‬بئاد ال اوق العينئ العااري المترتب على الملي مع التنصئص على وص اب ه‬
‫والعائلئ ‪ ،‬وصفاتهم‪ ،‬وعناوينهم وحالتهم المدنئ وجنسيتهم وإد اقت ى ال ال اسم ال وج والنظام المالي لل واج وو كل اتفاق تم‬
‫طباا لمات ئات الماقة ‪ 19‬من مدون األسرةا‬
‫‪- 2‬بئاد وصل التملي‪.‬‬
‫إعا كاد طالس الت ئظ ال يستطئع التوقئع وو يجهله‪ ،‬فإد الم افظ على األم ك العااري ي ير إلى علي وي هد ب د مطلس‬
‫الت ئظ قد قدم إلئه من طرى المعني باألمر بعد ود فت اي من هويته"‪.‬‬
‫‪ 110522‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬اللذين ألزما أيما كل من طالب التحفيظ و المتعرض بتعيين موطن مختار‬
‫في الدائرة الترابية التابعة لنفوذ املحافظة العقارية التي يتواجد بها العقار موضوع مطلب‬
‫التحفيظ‪ ،‬و من تم تبقى اإلحالة على مقتميات الفصل ‪ 916‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬عديمة الجدوى‪ ،‬ما دام‬
‫أن ظهير التحفيظ العقاري ألزم األطراف بتعيين موطن مختار بدائرة محكمة التحفيظ و‬
‫املحافظة العقارية التابعة لها‪ ،‬حتى و لو كان أحد األطراف أو هما معا‪ ،‬ليس له موطن و ال محل‬
‫إقامة بالمملكة‪ ،‬و تطبيقا لهذه الخصوصية جاء في قرار صادر عن محكمة النقض ما يلي "‪...‬‬
‫بموجب الفصل ‪ 26‬من القرار الوزيري المؤرخ في ‪ 9192/76/71‬بشأن تحديد تفاصيل تطبيق‬
‫نظام التحفيظ العقاري المطبق في النازلة‪ ،‬فإن التبليغات التي توجه الى النيابة العامة تعتبر‬
‫صحيحة في حالة ما إذا لم يعين األطراف موطنا للمخابرة بمقراملحافظة العقارية ‪.1106"...‬‬
‫كما أنه تفعيال لنفس الخصوصية ‪،‬جاء في قرار آخر ملحكمة النقض ما يلي " لكن ردا على‬
‫الوسيلة‪ ،‬فإن املحكمة مصدرة القرار المطعون فيه ر اقبت سالمة التبليغ من عدمه و اعتمدت‬
‫على شهادة التسليم و لم تعتبر شهادة رئيس كتابة المبط‪ ،‬و انتهت وهي تنظر في التبليغ إلى صحة‬
‫هذا األخير‪ ،‬و أن ما ورد بالوسيلة من مناقشة تتعلق بموضوع النزاع ال مجال للرد عليها لكون‬
‫القرار المطعون فيه لم يتطرق لموضوع النزاع‪ ،‬و إنما اكتفى بالتصريح بعدم قبول االستئناف‬
‫شكال‪ ،‬و لذلك و لما للمحكمة من سلطة في تقييم األدلة و استنتاج قمائها منها‪ ،‬فإنها حين عللت‬
‫‪ .1105‬فنص الفصل ‪ 11‬من ظ‪.‬ت‪.‬ا على ونه " تادم التعرضات عن طريي تصريح كتابي وو شفوي إما للم افظ على األم ك‬
‫ور في‬ ‫العااري ‪ ،‬وإما للمهندس المساق الطبغرافي المنتدب وثناء إجراء الت دفد‪ .‬ت من التصري ات ال فوي للمتعرض‪ ،‬ب‬
‫ر ي رر في نسختين تسلم إلئه إحداهما‪.‬‬ ‫م‬
‫إد التصري ات والرسائل الم ررة للغرض الم ار إلئه ساباا يجس ود تشين فيها هوي المتعرض‪ ،‬حالته المدنئ ‪ ،‬عنوانه ال قئاي‬
‫وو المختار‪ ،‬اسم الملي‪ ،‬رقم مطلس الت ئظ‪ ،‬طشئع ومدى ال ي موضوا الن اا‪ ،‬بئاد السندات والوثائي المدعم للطلس‪.‬‬
‫يجس على المتعرضين ود فوقعوا السندات والوثائي المثشت لهويتهم والمدعم لتعرضهم وي قوا الرسوم الا ائئ وحاوق المرافع‬
‫وو فدلوا بما يفيد حصولهم على المساعدة الا ائئ وعلي قشل انصرام ال هر الموالي النتهاء وجل التعرض‪.‬‬
‫يمكن ود تسلم لطالشي الت ئظ والمتدخلين في المسطرة‪ ،‬بطلس منهم‪ ،‬صور شمسئ للوثائي المدلى بها من طرى المتعرضين‪.‬‬
‫في سجل خاذ فدعى‬ ‫ياوم الم افظ على األم ك العااري بت مين التعرضات المادم وفي ال روط المنصوذ عليها وع‬
‫"سجل التعرضات‪".‬‬
‫وثناء إجراء عملئ الت دفد حسبما هو منصوذ‬ ‫إعا كاد التعرض ال فتعلي إال بج ء من العاار لم فتئسر ت دفد بكئ ئ ص ئ‬
‫علئه في الفصل ‪ 10‬تباشر ه العملئ على نفا المتعرض‪.‬‬
‫إعا تع ر ت دفد الج ء م ل الن اا‪ ،‬فإد الم افظ على األم ك العااري ي يل المطلس على الم كم االبتدائئ ‪ ،‬ويمكن للااضي‬
‫المارر ال ي وحيل علئه الملف ود فنج ه ا الت دفد طباا لمات ئات الفصل ‪ 11‬من ه ا الاانود"‪.‬‬
‫‪ .1106‬قرار صاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 311‬بتاري ‪ 31‬فنافر ‪ 1001‬في الملف عدق ‪ ،01/110‬من ور بمات ئات‬
‫ظهير الت ئظ العااري على ضوء ق اررات المجلا األعلى‪ ،‬ذ ‪.41‬‬
‫قرارها بأنه‪ :‬زال ثابت من وثائق ملف التبليغ عدد ‪ 16/16‬و خاصة شهادة التسليم أن )‪(…..‬‬
‫توصل بالحكم بواسطة (‪ ).....‬بتاريخ ‪ 9116/92/99‬بواسطة العون (‪ ).....‬عن طريق مساعده‬
‫)‪ (…..‬و موقع عليه من طرف من تسلم (‪ ).....‬مع إثبات الهوية برقم البطاقة الوطنية و بالعنوان‬
‫الذي تقدم به لإلقامة التعرض لدى املحافظ و المبين أيما في نسخة الحكم و بالتالي فإن‬
‫مقتميات الفصلين ‪ 12‬و ‪ 11‬من قانون المسطرة المدنية متوفرة في شهادة التسليم مما يبقى‬
‫معه الطعن في التبليغ غير جدي و ال يوجد سند يدعمه‪ ،‬و ان الثابت بعد ضم نسخة طبق األصل‬
‫لملف التبليغ‪ ،‬أن المستأنف بلغ يوم ‪ 9116/99/91‬بالحكم المستأنف و لم يتقدم بمقاله إال يوم‬
‫‪ ،2772/79/ 71‬مما يكون معه المقال االستئنافي مقدم خارج األجل و يتعين القول بعدم قبوله‬
‫شكال‪ ،‬فإنه نتيجة لما ذكر كله يعتبر القرار معلال و غير خارق للفصول المستدل بها على‬
‫النقض"‪.1107‬‬
‫و الجدير بالمالحظة‪ ،‬أن هناك بعض الحاالت التي يستعص ي معها سريان أجل االستئناف‬
‫المذكور‪ ،‬و هي الحاالت المنصوص عليها تباعا في الفصول ‪ 1109912 ،1108910‬و ‪ 1110911‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬و تتعلق بحالة وفاة أحد األطراف أو وقوع تغيير في أهليته‪ ،‬حيث يتوقف أجل االستئناف‬
‫و ال يبتدئ سريانه من جديد إال بعد ‪ 92‬يوما من تبليغ الحكم لمن لهم الصفة في هذا التبليغ‪ ،‬إذ‬
‫تماف المدة السابقة على الوقف الى المدة الالحقة له‪.‬‬
‫غير أن تطبيق هذه المقتميات في قمايا التحفيظ العقاري‪ ،‬و المشمولة باإلحالة‬
‫المنصوص عليها في الفصل ‪ 27‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع السالف الذكر‪ ،‬يثير العديد من اإلشكاالت خاصة‬
‫أمام الخصوصيات المميزة لهذه القمايا‪ ،‬ذلك أن االجتهاد القمائي لم يستقر على رأي واحد و‬
‫‪ .1107‬قرار صاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 1411‬بتاري ‪ 1001/33/01‬في الملف عدق ‪ ،1004/3/3/203‬قرار وورق‬
‫عمر وصونار‪ ،‬مستجدات الت ئظ العااري في ضوء قانود ‪ 31.01‬ومدون ال اوق العينئ ‪ ،‬من ورات قار الا اء بالمغرب‪،‬‬
‫الطبع األولى ‪ ،1031‬ذ ‪.111‬‬
‫‪ .1108‬فنص الفصل ‪ 311‬من ق‪.‬م‪.‬م على "توقف وفاة وحد األطراى آجال االستيناى لصالح ورثته وال تاع مواصلتها من جدفد‬
‫إال بعد مرور خمس ع ر فوما التالئ لتشلئي ال كم للورث بموطن ال خص المتوفى طباا للطرق الم ار إليها في الفصل ‪.11‬‬
‫يمكن ود ياع ه ا التشلئي إلى الورث وممثليهم الاانونيين جماعئا قود تنصئص على وسمائهم وصفاتهم"‪.‬‬
‫‪ .1109‬فنص الفصل ‪ 312‬من ق‪.‬م‪.‬م على "يمكن ود ياع تشلئي وثئا االستيناى في ال ال الم ار إليها في الفصل ‪ 311‬طباا‬
‫للطرق ولألشخاذ المعينين بنفا الفصل ‪.‬‬
‫غير ود المست نف ال يمكن ود فواصل استينافه إال بعد التشلئي لكل واحد من الورث وممثله الاانوني بموطنه"‪.‬‬
‫‪ .1110‬فنص الفصل ‪ 319‬من ق‪.‬م‪.‬م على "إعا وقع وثناء وجل االستيناى تغيير في وهلئ وحد األطراى ووقف األجل وال فشتدئ‬
‫سريانه من جدفد إال بعد خمس ع ر فوما من تشلئي ال كم لمن لهم الصف في تسلم ه ا التشلئي"‪.‬‬
‫موحد وعرف تماربا بخصوص مواصلة الدعوى في حالة وفاة أحد طرفي الدعوى‪ ،‬إذ في توجه‬
‫أول له‪ ،‬ذهب الى رفض تطبيق قواعد المسطرة المدنية لتصحيح المسطرة في حالة الوفاة على‬
‫قمايا التحفيظ العقاري‪ ،‬و من تم فإذا توفي أحد طرفي الدعوى من طالب التحفيظ أو‬
‫المتعرض‪ ،‬فإن املحكمة تستمرفي اإلجراءات ومناقشة القمية على حالتها لتصدرحكمها بصحة‬
‫التعرض أو عدم صحته‪ ،‬و ترجع الملف الى املحافظ على األمالك العقارية الذي له الصالحية‬
‫لتصحيح الحالة الناشئة عن وفاة أحد األطراف‪ ،‬و تكريسا لهذه الخصوصية قمت محكمة‬
‫النقض بما يلي "و حيث إن املحكمة تبت فقط في الملف على الحالة التي وجه بها الملف من‬
‫طرف املحافظ ‪،‬و أنه في حالة وفاة أحد أطراف النزاع فإن املحكمة تستمر في مناقشة القمية و‬
‫ترجع الملف إلى املحافظ بعد الحكم الذي يصحح الحالة الناشئة عن وفاة أحد األطراف ممن‬
‫يعنيهم األمر‪ ،‬و أن املحكمة التي طبقت الفصل ‪ 990‬من ق‪.‬م‪.‬م على قمايا التحفيظ تكون قد‬
‫عللت قماءها تعليال فاسدا ‪ ،1111"...‬و جاء في قرار آخر صادر عن نفس املحكمة ما يلي "‪ ...‬إن‬
‫محكمة التحفيظ تبت في القمايا المعروضة عليها كما أحالها عليها املحافظ‪ ،‬و ترجعها إليه بعد‬
‫أن يصبح الحكم نهائيا‪ ،‬لتنفيذ ما قمت به و يصحح الحالة الناشئة عن وفاة أحد أطراف‬
‫الدعوى بطلب من يعنيهم األمر‪ ،‬و أن الفصل ‪ 992‬من ق‪.‬م‪.‬م المتعلق بإدخال ورثة أحد أطراف‬
‫الدعوى‪ ،‬ال يطبق أمام محكمة التحفيظ‪ ،‬التي يتعين عليها أن تبت في القمية املحالة عليها من‬
‫طرف املحافظ‪ ،‬و أن املحكمة التي قمت بإلغاء الحكم المستأنف و بعد التصدي الحكم بعدم‬
‫‪ .1111‬قرار صاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 1190‬بتاري ‪ 3991/01/01‬في الملف المدني عدق ‪ ،93/1919‬قرار وشار‬
‫إلئه عشد الع ي توفيي‪ ،‬ق اء المجلا األعلى في الت ئظ خ ل وربعين سن ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ذ ‪.190‬‬
‫ونظر في نفا السئاق والتوجه‬
‫‪ -‬الارار الصاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 111‬بتاري ‪ 3914/04/19‬في الملف المدني عدق ‪ ،10211‬قرار غير‬
‫من ور‪.‬‬
‫‪ -‬الارار الصاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 1190‬بتاري ‪ 3991/01/01‬في الملف المدني عدق ‪ ،93/1919‬قرار وشار‬
‫إلئه عشد الصاقق مه وي‪ ،‬اعشكاالت اعجرائئ الناتج عن الشص في التعرضات ومام ق اء الت ئظ العااري‪ ،‬ماال من ور‬
‫بالمجل المغربئ ل قتصاق و الاانود الماارد‪ ،‬العدق ‪ ،41‬السن ‪ ،1002‬ذ ‪ 140‬و ما فليها‪.‬‬
‫‪ -‬الارار الصاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 1111‬بتاري ‪ 1030/30/39‬في الملف المدني عدق ‪ ،1009/3/129‬قرار‬
‫غير من ور‪.‬‬
‫قبول الطلب‪ ،‬بعلة أن مورث المستأنفين توفي أثناء نظر الدعوى‪ ،‬و لم يصحح المستأنف عليه‬
‫المسطرة بإدخال ورثة الهالك‪ ،‬تكون قد عللت قماءها تعليال فاسدا و عرضته للنقض"‪.1112‬‬
‫غير أن هذا التوجه القمائي يصطدم مع مقتميات الفقرة األولى من الفصل األول من‬
‫قانون المسطرة المدنية و التي تنص على أنه "ال يصح التقاض ي إال ممن له الصفة و األهلية و‬
‫المصلحة إلثبات حقوق" طالما أن األهلية تتعدم بالوفاة‪ ،‬و من تم ال يعقل أن تعتبر محكمة‬
‫التحفيظ أن أطراف دعوى التحفيظ من طالب التحفيظ والمتعرض حيا رغم موته‪ ،‬وإنما عليها‬
‫أن ترجع الملف الى املحافظ قصد تصحيح الوضعية الناشئة عن الوفاة‪ ،‬و هذا ما سارت عليه‬
‫محكمة النقض‪ ،‬و مما جاء في قرارها "إن محكمة التحفيظ تبت في القمايا العقارية المعروضة‬
‫عليها‪ ،‬كما أحالها عليها املحافظ على األمالك العقارية‪ ،‬و ترجعها إليه بعد أن يصحح الحالة‬
‫الناشئة عن وفاة أطراف الدعوى بطلب ما يعنيهم األمر"‪.1113‬‬
‫غيرأنه بالنظرلمساوئ هذا اإلتجاه‪ ،‬و ما يثيره من مشاكل عملية خاصة على مستوى إطالة‬
‫آمد النزاع‪ ،‬و من أجل تجاوز سلبيات إرجاع الملف الى املحافظ على األمالك العقارية قصد‬
‫تصحيح الوضعية الناشئة عن الوفاة‪ ،‬تبنت محكمة النقض توجها آخر‪ ،‬مؤداه أن الطعن يعتبر‬
‫كالدعوى و ال يرفع ضد ميت‪ ،‬و من تم فالمتوفي يعتبر غير ذي أهلية للتقاض ي‪ ،‬و يتعين على‬
‫املحكمة أن تنذر الطرف لتصحيح المسطرة داخل أجل تحدده و ذلك طبقا لمقتميات الفصل‬
‫األول من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬و في هذا اإلطار جاء في قرار ملحكمة النقض ما يلي "إن شرط‬
‫توفراألهلية و الصفة في تقديم الطعون في األحكام و القرارات من طرف الخصوم أو ضدهم‪،‬تعتبر‬
‫من النظام العام‪ ،‬يثار تلقائيا و لو تعلق األمر بمسطرة التحفيظ و أنه ال يجوز التمسك في‬
‫خصوصية هذه النازلة‪ ،‬بمقولة أنه إذا توفي أحد األطراف أثناء المسطرة‪ ،‬فإن املحكمة يجب‬
‫عليها أن تستمر في اإلجراءات لتصدر حكمها بصحة التعرض أو عدم صحته‪ ،‬إذ أن األمر يتعلق‬
‫بشرط من النظام العام"‪ ،1114‬و جاء في قرارآخرلنفس املحكمة على أنه "بمقتض ى الفصل األول‬
‫‪ .1112‬قرار صاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 1190‬بتاري ‪ 3991/01/01‬في الملف عدق ‪ ،93/1919‬قرار وورق عشد‬
‫الع ي توفيي‪ ،‬ق اء المجلا األعلى في الت ئظ خ ل وربعين سن ‪ ،‬مطبع النجاق الجدفدة الدار الشئ اء‪ ،‬الطبع األولى‬
‫‪ ،3999‬ذ ‪.122‬‬
‫‪ .1113‬قرار صاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 112‬بتاري ‪ 3991/01/03‬في الملف المدني عدق ‪ ،21/1431‬قرار وورق‬
‫عشد الع ي توفيي‪ ،‬من ور بمجل ق اء المجلا األعلى في الت ئظ خ ل وربعين سن ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ذ ‪.123‬‬
‫‪ .1114‬قرار صاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 311‬بتاري ‪ 3994/03/09‬في الملف عدق ‪ ،93/1932‬من ور بمجموع‬
‫ق اررات المجلا األعلى الماقة المدنئ ‪ ،91-12 ،‬ذ ‪ 193‬و ما فليها‪.‬‬
‫من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬يتعين على املحكمة أن تنذرالطرف بتصحيح المسطرة داخل أجل‬
‫تحدده له‪ ... ،‬و إن املحكمة ردت استئناف الورثة الذين لم يدلوا برسم اإلراثة دون أن تنذرهم‬
‫بذلك‪ ،‬تكون قد خرقت الفصل المذكور‪ ،‬و عرضت قرارها للنقض"‪ ،1115‬و نفس التوجه سارت‬
‫فيه بعض محاكم الموضوع‪.‬‬
‫هذا و ال بد من التأكد على أن أجل الطعن باالستئناف في األحكام الصادرة في قمايا‬

‫التحفيظ القعاري يعتبر أجال كامال عمال بمقتميات الفصل ‪ 1116970‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬الذي أحال‬
‫على الفصل ‪ 292‬من ق‪.‬م‪.‬م و الذي ينص على أنه "تكون جميع اآلجال المنصوص عليها في هذا‬
‫القانون كاملة فال يحسب اليوم الذي يتم فيه تسلیم االستدعاء أو التبليغ أو اإلنذار أو أي إجراء‬
‫آخرللشخص نفسه أو لموطنه و ال اليوم األخيرالذي تنتهي فيه‪.‬‬
‫إذا كان اليوم األخيريوم عطلة امتد األجل إلى أول يوم عمل بعده"‪.‬‬
‫و عن كيفية احتساب األجال المنصوص عليه في هذا الفصل‪ ،‬جاء في قرارملحكمة النقض‬
‫ما يلي "إن أجل الطعن ال تخصم منه أيام العطل التي تتخلله‪ ،‬و إنما بسند الفصل ‪ 292‬من قانون‬
‫المسطرة المدنية‪ ،‬فإنه إذا كان اليوم األخيريوم عطلة‪ ،‬امتد إلى أول يوم عمل بعده‪ ،‬و بحكم أن‬
‫يوم فاتح ماي الذي هو عطلة لم يصادف اليوم األخير في األجل و كذا الشأن بالنسبة ليومي‬
‫السبت و األحد‪ ،‬فإن املحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما لم تخصمهم من األجل و اعتبرت‬
‫بعد احتساب األجل الكامل أن الطعن باالستئناف قدم خارج األجل القانوني‪ ،‬تكون قد عللت‬
‫قرارها تعليال سائغا قانون"‪.1117‬‬
‫و مما تجدراإلشارة إليه‪ ،‬و نحن بصدد دراسة أجل الطعن باالستئناف في نزاعات التحفيظ‬
‫العقاري‪ ،‬أن عدم احترام هذا اآلجل يسقط الحق فيه و ذلك على غرار ما هو منصوص عليه في‬
‫‪ .1115‬قرار صاقر م كم الناض ت ت عدق ‪ 1199‬ملف مدني عدق ‪ 91/1211‬بتاري ‪ ،3991/09/30‬وشار إلئه عشد الع ي‬
‫توفيي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ذ ‪.111‬‬
‫‪ .1116‬فنص الفصل ‪ 301‬من ظ‪.‬ت‪.‬ا‪ ،‬نما عدل و تمم بالاانود رقم ‪ 31.01‬على " إد جمئع اآلجال المنصوذ عليها في‬
‫ه ا الاانود هي آجال نامل ‪ ،‬وت سس وفي الاواعد الماررة في الفصل ‪ 131‬من قانود المسطرة المدنئ "‪.‬‬
‫‪ .1117‬قرار صاقر عن م كم الناض بتاري ‪ 1034/01/11‬ت ت عدق ‪ 333‬في الملف عدق ‪ ،1031/1/3/121‬من ور‬
‫بن رة ق اررات م كم الناض الغرف المدنئ ‪ ،‬الج ء السابع و الع رود‪ ،‬ذ ‪ 331‬و ما فليها‪.‬‬
‫الفصل ‪ 299‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬الذي جاء فيه أنه "تحترم جميع اآلجال املحددة بمقتض ى هذا القانون‬
‫لممارسة أحد الحقوق و إال سقط الحق"‪.‬‬
‫وتأسيسا على ذلك فعدم التقيد بممارسة الطعن خالل األجل المقرر يسقط الحق فيه‪،‬‬
‫وهذا راجع باألساس الى كون اآلجال متعلقة بالنظام العام‪ ،‬تثيرها محكمة التحفيظ تلقائيا‪ ،‬ولو‬
‫لم يتمسك بها أحد‪ ،‬طالما أنها ال ترتبط بحقوق خاصة لألطراف‪ ،‬كما أنه بالمقابل ال يمكن لهؤالء‬
‫االتفاق على مخالفتها‪ ،‬أو تعديلها إما بالزيادة أو النقصان‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصوصيات شكليات المقال االستئنافي‪.‬‬
‫لما كان المقال االستئنافي عبارة عن مقال مكتوب‪ ،‬يتممن لزاما جميع البيانات‬
‫المنصوص عليها بموجب الفصل ‪ 922‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬إال ما استثني صراحة من ذلك‪ ،1118‬فإن مشرع‬
‫ظهير التحفيظ العقاري لم يخص تنظيم المقال االستئنافي في قمايا التحفيظ العقاري بتنظيم‬
‫خاص‪ ،‬و إنما أحال فقط على مقتميات الفصل ‪ 929‬من ق‪.‬م‪.‬م دون الفصل ‪ 922‬منه‪ ،‬و في هذا‬
‫اإلطار تنص الفقرة الثانية من الفصل ‪ 29‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع "على أنه يمكن رفع طلب االستئناف على‬
‫الكيفية المذكورة في الفصل ‪ 929‬من ق‪.‬م‪.‬م ‪"...‬‬
‫إن اإلحالة الواردة بالفصل ‪ 29‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع على مقتميات الفصل ‪ 929‬من ق‪.‬م‪.‬م بقدرما‬
‫كان الهدف منها رغبة المشرع في عدم إغراق مسطرة التحفيظ العقاري في شقها القمائي في‬
‫شكليات إجرائية معقدة‪ ،‬بقدر ما زادت من حدة المشاكل المثارة بهذا الخصوص‪ ،‬ال سيما إذا‬
‫علمنا أن المشرع استعمل في الفصل ‪ 29‬المذكور عبارة تفيد الجواز واإلمكان‪ ،‬وهي "يمكن" و ال‬
‫تفيد الوجوب‪ ،‬األمر الذي يجعلنا نتسائل عن مآل المقاالت االستئنافية المتعلقة بنزاعات‬
‫التحفيظ العقاري التي لم تحترم مقتميات الفصل ‪ 929‬من ق‪.‬م‪.‬م؟ و بالمقابل مدى إمكانية‬
‫تطبيق مقتميات الفصل ‪ 922‬من ق‪.‬م‪.‬م على هذه النزاعات؟‪.‬‬
‫هذا ما سنعرض لبعض جوانبه‪ ،‬من خالل الحديث عن الخصوصيات المميزة لشكليات‬
‫المقال االستئنافي في قمايا التحفيظ العقاري وفق التفصيل األتي‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬عدم إلزامية تقديم المقال االستئنافي بواسطة محام‪.‬‬
‫‪ .1118‬نما هو ال د بالنسب عستئناى األحكام الصاقرة في الا ايا االجتماعئ ‪ ،‬علي ود االستئناى يكفي تاديمه بتصريح لدى‬
‫كتاب ال بط الم كم االبتدائئ وو بواسط رسال م مون و علي طباا للفصل ‪ 121‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬
‫أول خصوصية مميزة للمقال االستئنافي في قمايا التحفيظ العقاري‪ ،‬هو أنه ال يستلزم‬
‫تقديمه بواسطة محام‪ ،‬و هذا في حقيقة األمر راجع باألساس الى شفوية المسطرة‪ 1119‬التي تطبع‬
‫هذه القمايا‪ ،‬و التي ال تقدم فيها الدعوى بواسطة مقال افتتاحي‪ ،‬و في هذا اإلطار فإذا كان‬
‫الفصل ‪ 12‬من قانون املحاماة‪ 1120‬قد حدد القمايا التي تحتاج تنصيب محام و هي جميع‬
‫القمايا التي تكون فيها المسطرة كتابية‪ ،‬و هذه القمايا الحصرية لم يرد ضمنها نزاعات‬
‫التحفيظ العقاري‪ ،‬مما يوحي أن هذه النزاعات تتطلب ضرورة تنصيب محام‪ ،‬غيرأن العكس هو‬
‫الصحيح‪ ،‬ذلك أنه باستقراء مقتميات الفصول ‪ 22 ،10 ،12‬و ‪ 22‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬نستبين أنها لم‬
‫تشرالى إلزامية تنصيب محام في هذه القمايا‪ ،1121‬و هو ما كرسته محكمة النقض في العديد من‬
‫قراراتها‪ ،‬و مما جاء في أحدها ما يلي "‪ ...‬بناء على مقتميات الفصل ‪ 22‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬فإن‬
‫للمستأنف حق تقديم أسباب االستئناف شخصيا‪ ،‬دون ضرورة الحصول على الترخيص بذلك‪،‬‬
‫أو تنصيب محام للدفاع عنه‪ ،‬حيادا على الفصل ‪ 12‬من قانون املحاماة الذي ال يطبق على قمايا‬
‫التحفيظ العقاري‪ ،‬فتكون املحكمة قد خرقت القانون‪ ،‬لما صرحت بعدم قبول االستئناف‬
‫لعدم احترام اإلجراءات المنصوص عليها في الفصل ‪ 12‬من القانون المذكور‪ ،‬و عرضت قراراها‬
‫‪ .1119‬نص الم را على شفوي المسطرة و علي بموجس الفصل ‪ 11‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬و مما جاء فئه "تطشي ومام الم اكم االبتدائئ‬
‫و غرى االستينافات بها قواعد المسطرة الكتابئ المطبا ومام م اكم االستيناى وفاا ألحكام الفصول ‪ 119‬و‪ 113‬و‪111‬‬
‫و‪ 111‬و‪ 111‬و‪ 114‬و‪ 111‬و‪ 111‬اآلتئ بعد ‪.‬‬
‫تمارس الم كم االبتدائئ ورئئسها وو الااضي المارر‪ ،‬كل فئما يخصه‪ ،‬االختصاصات المخول حسس الفصول الم نورة لم كم‬
‫االستيناى ولرئئسها األول وو للمست ار المارر‪.‬‬
‫غير ود المسطرة تكود شفوي في الا ايا التالئ ‪:‬‬
‫‪ - 3‬الا ايا التي تختص الم اكم االبتدائئ فيها ابتدائئا وانتهائئاا‬
‫‪ - 1‬ق ايا النفا والط ق والتطلييا‬
‫‪ - 1‬الا ايا االجتماعئ ا‬
‫‪ - 1‬ق ايا استئفاء ومراجع وجيب الكراءا‬
‫‪ - 1‬ق ايا ال ال المدنئ "‬
‫‪ .1120‬فنص الفصل ‪ 11‬من قانود الم اماة لسن ‪ 30‬قجنشر ‪ 3991‬نما وقع تعدفله بالاانود ‪.12.02‬‬
‫‪ .1121‬للتوسع حول ه ا الموضوا‪ ،‬ونظر‬
‫عشد العالي العشوقي‪ ،‬نظام الت ئظ العااري و إشهار لل اوق العينئ بالمملك المغربئ المرن الثاقفي العربي‪ ،‬الدار‬ ‫‪-‬‬
‫الشئ اء‪ ،‬الطبع األولى ‪ ،1001‬ذ ‪.10‬‬
‫م مد بونبات‪ ،‬قوانين الت ئظ و التسجيل و التج ئ العااري ‪ ،‬من ورات نلئ العلوم الاانونئ و االجتماعئ بمراكش‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫العدق ‪ ،31‬السن الجامعئ ‪ ،3991-3994‬ذ ‪.19‬‬
‫إبراهئم ب ماني‪ ،‬تنفي األحكام العااري ‪ ،‬مطبع النجاق الجدفدة الدار الشئ اء ‪ ،‬الطبع األولى ‪ ،1003‬ذ ‪.13‬‬ ‫‪-‬‬
‫للنقض"‪ ،1122‬و جاء في قرار آخر "بأن مسطرة التحفيظ العقاري خاصة و لم تورد في مقتمياتها‬
‫ما يلزم الطرفين بتنصيب محام"‪.1123‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬خصوصيات بيانات المقال االستئنافي‪.‬‬
‫نظم مشرع قانون المسطرة المدنية البيانات التي يجب أن يتممنها المقال االستئنافي‬
‫وذلك بمقتض ى الفصل ‪ ،922‬و هي بيانات إلزامية بعمها يتعلق بالتعريف بأطراف النزاع‪،‬‬
‫والبعض اآلخر يتعلق بموضوع الطلب‪ ،‬و الوقائع و الوسائل المثارة‪ ،‬و تبعا لذلك يطرح التساؤل‬
‫حول مدى إلزامية هذه البيانات بالنسبة للمقال االستئنافي المقدم في قمايا التحفيظ‬
‫العقاري؟ خاصة و أن الفصل ‪ 29‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع لم يحل على الفصل ‪ 922‬المذكور‪ ،‬و بالتالي مدى‬
‫إمكانية تطبيق هذا الفصل األخيرعلى قمايا التحفيظ العقاري؟‪.‬‬
‫بداية‪ ،‬نؤكد أنه بالنظر لخصوصيات مسطرة التحفيظ العقاري في شقها القمائي‪ ،‬و التي‬
‫تتسم بمرونة إجرائية تحقيقا للسرعة و الفعالية‪ ،‬فإن المقال االستئنافي في هذه القمايا يعتبر‬
‫صحيحا‪ ،‬و لو لم يتممن أسماء و صفات أطراف االستئناف‪ ،‬و تطبيقا لهذه الخصوصية قمت‬
‫محكمة النقض بما يلي "ال يلزم مقال الطعن باالستئناف المرفوع ضد الحكم الصادر عن‬
‫محكمة التحفيظ أن يتممن البيانات المنصوص عليها في الفصل ‪ 922‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬ألنها مؤطرة‬
‫بمقتميات خاصة"‪ ،1124‬و جاء في قرار آخر لنفس املحكمة "حيث تبين أن القرار المطعون فيه‬
‫قد تنحى عن الصواب حينما قض ى بعدم قبول االستئناف شكال استنادا على مقتميات الفصل‬
‫‪ 922‬من قانون المسطرة المدنية الذي يوجب أن يتممن المقال األسماء الشخصية و العائلية‬
‫لكل من المستأنف والمستأنف عليه‪ ،‬مع أن موضوع النزاع يتعلق بطلب تحفيظ عقار مما يحتم‬
‫تطبيق مقتميات الفصل ‪ 22‬من ظهير ‪ 92‬غشت ‪ ،9191‬بشأن التحفيظ العقاري و الذي تعتبر‬
‫تنصيصاته آمرة ‪.1125"...‬‬
‫‪ .1122‬قرار صاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 491‬بتاري ‪ 3921/33/01‬في الملف المدني عدق ‪.90413‬‬
‫‪ .1123‬قرار صاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 311‬بتاري ‪ 1001/03/31‬في الملف عدق ‪ ،01/3021‬من ور بمات ئات‬
‫ظهير الت ئظ العااري على ضوء ق اررات المجلا األعلى‪ ،‬ذ ‪.11‬‬
‫‪ .1124‬قرار صاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 1129‬بتاري ‪ 1002/01/01‬في الملف عدق ‪ ،04/1929‬من ور بسلسل‬
‫االجتهاق الا ائي‪ ،‬العدق الثاني‪ ،‬ذ ‪ 129‬وما فليها‪.‬‬
‫‪ .1125‬قرار م كم الناض عدق ‪ 211‬صاقر بتاري ‪ 3921/01/01‬في ملف مدني عدق ‪ ،92/111‬قرار وشار إلئه عشد الع ي‬
‫توفيي‪ ،‬ق اء المجلا األعلى في الت ئظ خ ل وربعين سن ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ذ ‪.311‬‬
‫و تأسيسا على ذلك‪ ،‬فعدم ذكر أطراف النزاع و صفاتهم في عريمة الطعن باالستئناف في‬
‫مادة التحفيظ العقاري غير ضروري‪ ،‬طالما أن هؤالء األطراف محددين بملف التحفيظ و‬
‫الوثائق المتعلقة به‪ ،‬و في هذا السياق جاء في قرار ملحكمة النقض بأن "‪ ...‬عدم ذكر المممثل‬
‫القانوني للجماعة الساللية بمقال االستئناف في قمايا التحفيظ العقاري‪ ،‬ال يفض ي الى عدم‬
‫قبول المقال‪ ،‬ما دام ملف التحفيظ يتممن البيان المذكور"‪ ،1126‬و من تم‪ ،‬فلما كان النزاع‬
‫يتعلق بالتعرض على مطلب التحفيظ‪ ،‬فإنه ال مجال للتقيد بالبيانات المتعلقة بالتعريف‬
‫بأطراف النزاع التي يوجب الفصل ‪ 922‬من ق‪.‬م‪.‬م توفرها في مقال االستئناف‪.1127‬‬
‫غيرأن هذا التوجه منتقد من عدة نواحي‪ ،‬فمن جهة أولى‪ ،‬أن عدم تحديد أسماء األطراف‬
‫و هوياتهم بتفصيل من شأنه صدور مقررات قمائية يصعب تنفيذها و تفعيلها‪ ،‬كما أن هذا‬
‫التوجه يصطدم بسؤالين أساسيين‪ ،‬أولهما من يستطيع رفع االستئناف‪ ،‬و ثانيهما من يجب أن‬
‫يوجه ضده هذا االستئناف‪ ،1128‬بمعنى أن الطعن باالستئناف يجب أن يمارس من طرف أشخاص‬
‫يملكون هذا الحق‪ ،‬و هم محددون‪ ،‬و من تم يجب بيان أسماءهم و صفاتهم بمقتض ى عريمة‬
‫االستئناف‪ ،‬كما أنه من جهة ثانية‪ ،‬فإن هذا التوجه منتقد على اعتبارأن بيان أطراف االستئناف‬
‫أمر ضروري‪ ،‬لمعرفة الطرف المتعرض و طالب التحفيظ مع ما يترتب على ذلك من أثار تتعلق‬
‫باالثبات الذي يختلف في بعض جوانبه عن القواعد العامة‪ ،‬فلو فرضنا أن ملفا يتممن طرفين‬
‫متعرضين‪ ،‬و قض ى الحكم بعدم صحة أحد المتعرضين‪ ،‬و بصحة التعرض األخر‪ ،‬فإنه تطبيقا‬
‫و جاء في قرار آخر "استئناى ق ايا الت ئظ العااري ال تخ ع ألحكام الفصل ‪ 311‬من ق‪.‬م‪.‬م و إنما ألحكام الفصلين ‪13‬‬
‫و ‪ 11‬من ظهير ‪ 31‬غ ت ‪ 3931‬المتعلي بالت ئظ العااري‪ ،‬و ود الم كم التي ق ت بعدم قشول استئناى الطاعنين لمخالفته‬
‫للفصل ‪ 311‬من ق‪.‬م‪.‬م و اكتفائه ب نر اسم وحد المست نفين و إضاف و من معه‪ ،‬تكود قد عللت قرارها تعلي فاسدا لما طبات‬
‫فص غير مطشي على الناصل "‪.‬‬
‫قرار صاقر عن م كم الناض بتاري ‪ 3999/30/10‬ت ت عدق ‪ 1191‬في الملف المدني عدق ‪ ،91/1031‬قرار وورق عشد‬
‫الع ي توفيي‪ ،‬ق اء المجلا األعلى في الت ئظ العااري ‪ ،1001-3993‬م‪.‬س‪ ،‬ذ ‪ 14‬و ‪.11‬‬
‫‪ .1126‬قرار صاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 413‬بتاري ‪ 1002/01/10‬في الملف المدني عدق ‪ ،01/1021‬قرار من ور‬
‫بمجل ق اء المجلا األعلى‪ ،‬عدق ‪ ،10‬ذ ‪ 19‬وما فليها‪.‬‬
‫‪ .1127‬قرار صاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 211‬بتاري ‪ 3921/01/01‬في الملف المدني عدق ‪ ،92111‬من ور بمجل‬
‫ق اء المجلا األعلى‪ ،‬عدق ‪ ،19‬ذ ‪ 42‬و ما فليها‪.‬‬
‫‪ .1128‬عشد الع ي ح ري‪ ،‬استئناى األحكام المدنئ في الت ريع المغربي‪ ،‬الج ء األول حي االستئناى‪ ،‬مطبع األمنئ الرباط‪،‬‬
‫الطبع األولى ‪ ،1009‬ذ ‪.114‬‬
‫لقاعدة عدم جواز استئناف هذا الحكم في مواجهة المتعرض املحكوم له بصحة تعرضه‪،1129‬‬
‫فإن بيان أطراف االستئناف و تحديد صفاتهم أمر واجب‪ ،‬لمعرفة الطرف المتعرض و طالب‬
‫التحفيظ‪.‬‬
‫ومهما يكن من أمر‪ ،‬فإن هذا التوجه الذي يعد خصوصية هامة تميز قمايا التحفيظ‬
‫العقاري يتماش ى ومقتميات الفصل ‪ 29‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع موضوع الدراسة‪ ،‬و الذي لم يحل على‬
‫مقتميات الفصل ‪ 922‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬رغبة من المشرع في عدم إغراق المسطرة القمائية‬
‫للتحفيظ العقاري في الشكليات اإلجرائية المممنة في قانون المسطرة المدنية‪ ،‬تحقيقا‬
‫للسرعة المطلوبة و تفاديا إلطالة أمد النزاع‪.‬‬
‫و أمام هذا الوضع‪ ،‬نتساءل عن مدى إمكانية تقديم مقال االستئناف داخل األجل القانوني‬
‫دون أن يكون مشتمال على أسباب االستئناف؟‬
‫إن الخصوصيات اإلجرائية المميزة لمسطرة التحفيظ العقاري‪ ،‬فرضت أن تشتمل أيما‬
‫أسباب االستئناف‪ ،‬ذلك أن عدم بيان هذه األسباب ال يترتب عنه عدم قبول االستئناف‪ ،‬و هذا‬
‫ما درج عليه العمل القمائي‪ ،‬فجاء في قرار ملحكمة النقض بأن "ذكر الوقائع و األسباب عند‬
‫االستئناف في مادة التحفيظ العقاري غيرضروري و ال يترتب عنه عدم القبول"‪ ،1130‬و جاء في قرار‬
‫آخر بأنه "ال يترتب أي جزاء عن عدم مبادرة المستأنف لبيان أوجه استئنافه في مادة التحفيظ‬
‫العقاري‪ ،‬ألن المسطرة في هذه المادة مسطرة خاصة"‪ ،1131‬بل األكثر من ذلك و استنادا لنفس‬
‫الخصوصيات‪ ،‬فإن تقديم االستئناف داخل اآلجل القانوني المتطلب دون إرفاقه بمذكرة بيان‬
‫أوجه االستئناف‪ ،‬ال يجرد هذا االستئناف من صحته‪ ،‬و في هذ السياق جاء في قرار صادر عن‬
‫محكمة النقض ما يلي "أن المستأنف أدلى بطلب استئنافه مؤرخ في ‪ 2771/76/72‬غير مستوف‬
‫للشروط المتطلبة قانونا و خاصة مبررات أوجه االستئناف ‪ ...‬في حين أن األمر يتعلق بمسطرة‬
‫‪ .1129‬ه الااعدة مكرس ق ائئا‪ ،‬ومما جاء في قرار لم كم الناض ما فلي "ود الم كم التي ق ت بعدم قشول استئناى‬
‫المتعرض ضد متعوضين آخرين تكود قد طبات الاانود"‪.‬‬
‫قرار صاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 112‬بتاري ‪ ،3991/01/13‬قرار وورق عشد الع ي توفيي‪ ،‬الت ريع الا ائي‬
‫وال مانات‪ ،‬مطبع النجاق الجدفدة الدار الشئ اء‪ ،‬ط‪ ،3‬السن ‪ ،1031‬ذ ‪.119‬‬
‫‪ .1130‬قرار صاقرعن م كم الناض ت ت عدق ‪ 1139‬بتاري ‪ 1001/31/14‬في الملف عدق ‪ ،1/3194‬قرار من ور بمجل‬
‫الملف‪ ،‬عدق ‪ ،31‬ذ ‪ 114‬و ما فليها‪.‬‬
‫‪ .1131‬قرار صاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 1902‬بتاري ‪ 1009/02/14‬في الملف عدق ‪ ،01/1113‬قرار من ور‬
‫بسلسل االجتهاق الا ائي‪ ،‬عدق ‪ ،1‬ذ ‪ 322‬و ما فليها‪.‬‬
‫التحفيظ المنصوص عليها بظهير‪ 9191/72/92‬المطبق في النازلة و التي ال ترتب مقتمياتها على‬
‫عدم بيان أسباب االستئناف‪ ،‬عدم قبول هذا األخير"‪ ،1132‬كما جاء في قرار آخر" ‪ ...‬بالنسبة‬
‫لألحكام التي تصدر في إطار مسطرة التحفيظ يكفي أن يقدم التصريح باالستئناف داخل اآلجل‪،‬‬
‫أما أسباب االستئناف فإن األجل يظل مفتوحا لتقديمها ‪ ...‬ما لم يوجه الى المستأنف إشعار‬
‫بذلك ظل بدون جدوى"‪.1133‬‬
‫و تأسيسا عليه‪ ،‬فإن ذكر الوقائع و االستئناف عند االستئناف في مادة التحفيظ العقاري‪،‬‬
‫أمرغيرضروري‪ ،‬و ال يترتب عنه عدم القبول ما لم يقع إنذاراو إشعارالمستأنف بذلك‪ ،‬و تطبيقا‬
‫لهذه الخصوصية جاء في قرارصادرعن محكمة النقض ما يلي " ‪ ...‬فيما يتعلق باستئناف الحكم‬
‫الصادرعن دعوى التعرض على التحفيظ‪ ،‬فإن المستأنف ال يكون ملزما بإيداع أوجه استئنافه‪،‬‬
‫إال إذا وجه إليه اشعار بذلك من طرف المقرر طبقا للفصل ‪ 22‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬و أن محكمة‬
‫االستئناف التي اعتبرت تاريخ الحكم لبيان أسباب االستئناف‪ ،‬دون أن تبحث فيما إذا كان المقرر‬
‫قد وجه الى المستأنف إنذارا بذلك‪ ،‬تكون قد أساءت تطبيق القانون"‪.1134‬‬
‫و في حقيقة هذا األمر‪ ،‬فإن هذا التوجه يحقق فائدة هامة ألطراف دعوى التعرض على‬
‫مطلب التحفيظ‪ ،‬على اعتبارأن الفصل ‪ 27‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع جاء بخصوصية مميزة بهذا الشأن تتعلق‬
‫بتبليغ ملخص الحكم الى طالب التحفيظ و الى جميع المتعرضين بمجرد صدوره و قبل انصرام‬
‫أجل ثمانية أيام‪ ،‬و من تم كان لزاما انتظار إعدادهم لدفاعهم و تقديمهم لمستنتجاتهم‪ ،‬و يكون‬
‫من المجحف حسب بعض الفقه‪ 1135‬إلغاء استئنافهم لعلة عدم تقديم مذكرة بيان أوجه‬
‫االستئناف في الوقت املحدد‪.‬‬
‫‪ .1132‬قرار صاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 1311‬بتاري ‪ 1001/33/01‬في الملف عدق ‪ ،1001/3/1243‬قرار غير‬
‫من ور‪.‬‬
‫‪ .1133‬قرار صاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 3019‬بتاري ‪ 3929/01/14‬في الملف عدق ‪ ،311‬من ور بمجل الا اء‬
‫والاانود‪ ،‬عدق ‪ ،311‬ذ ‪ 43‬و ما فليها‪.‬‬
‫‪ .1134‬قرار صاقر عن م كم الناض ت ت عدق ‪ 3121‬بتاري ‪ 3921/09/31‬في الملف عدق ‪ ،91131‬من ور بمجل ق اء‬
‫المجلا األعلى‪ ،‬عدق ‪ 11‬و ‪ ،11‬ذ ‪ 11‬و ما فليها‪.‬‬
‫‪ .1135‬م مد بونبات‪ ،‬نظام الت ئظ العااري‪ ،‬قراس في الاوانين المرتبط بنظام الت ئظ العااري في المغرب‪ ،‬المطبع و الوراق‬
‫الوطنئ مراكش‪ ،‬سلسل آفاق الاانود (‪ ،)33‬الطبع ‪ ،1‬السن ‪ ،1001‬ذ ‪.11‬‬
‫ومن زاوية أخرى‪ ،‬فإن عدم قيام المستأنف باالدالء بمذكرة بيان أوجه االستئناف بعد‬
‫إنذاره ال يترتب عنه أي جزاء في حالة عدم االدالء بها خالل اآلجل الممنوح له‪.‬‬
‫على اعتبار أن محكمة التحفيظ تبت في الملف بناء على األوراق والمستندات الموجودة‬
‫به‪ ،‬وتكريسا لهذه الخصوصية‪ ،‬جاء في قرار صادر عن محكمة النقض ما يلي "بالرغم من أن‬
‫الفصل ‪ 22‬من الظهيرالشريف الصادربتاريخ ‪ 9191/72/92‬بشأن التحفيظ العقاري‪ ،‬ينص على‬
‫أن المستشار المقرر يطالب المستأنف باإلدالء ببيان الطعون والوسائل التي يرتكز عليها‬
‫استئنافه‪ ،‬وذلك داخل أجل ‪ 92‬يوما‪ ،‬فإن هذا النص لم يرتب جزاء على عدم استجابة‬
‫المستأنف لطلب المقرر‪ ،‬وعدم تقديمه البيانات المطلوبة منه داخل األجل المذكور‪.‬‬
‫و بناء عليه‪ ،‬يتعرض للنقض لخرقه للقانون‪ ،‬قرار محكمة االستئناف و هي تبت في مادة‬
‫التحفيظ العقاري‪ ،‬و القاض ي بعدم قبول االستئناف شكال‪ ،‬لكون المستأنف لم يدل بمذكرة‬
‫توضيحية"‪ ،1136‬و جاء في حيثيات قرارآخرما يلي "الفصل ‪ 22‬من ظهيرالتحفيظ العقاري ال يرتب‬
‫أي جزاء على عدم قيام المستأنف بما طلب منه‪ ،‬ذلك أنه في مادة التحفيظ يجب على املحكمة‬
‫أن تنظرفي القمية بناء على األوراق و الوثائق الموجودة بالملف‪.‬‬
‫و نتيجة لذلك فإن املحكمة التي قمت بعدم قبول االستئناف لعدم إدالء المستأنف ببيان‬
‫أوجه استئنافه‪ ،‬تكون قد أساءت تطبيق الفصل ‪ 22‬المذكور"‪.1137‬‬
‫و في و اقع األمر‪ ،‬فإن هذا التوجه ما هو إال تطبيق لمقتميات الفصل ‪ 22‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬و‬
‫مما جاء في منطوقه "‪ ...‬يعين الرئيس األول مستشارا مقررا و ينذر هذا األخير المستأنف باالدالء‬
‫بأسباب استئنافه‪ ،‬و وسائل دفاعه خالل أجل ال يتعدى خمسة عشر يوما‪ ،‬ثم يستدعي األطراف‬
‫المعنية لإلطالع على ما أدلى به المستأنف و إلبداء منازعاتهم و وسائل دفاعهم في أجل أخر‬
‫مماثل"‪.‬‬
‫‪ .1136‬قرار صاقر عن م كم الناض بتاري ‪ 3921/01/11‬ت ت عدق ‪ 313‬في الملف عدق ‪ ،219‬من ور بمجل الم اكم‬
‫المغربئ ‪ ،‬عدق ‪ ،19‬ذ ‪ 341‬و ما فليها‪.‬‬
‫‪ .1137‬قرار صاقر عن م كم الناض بتاري ‪ 3921/02/31‬ت ت عدق ‪ 349‬في الملف اعقاري عدق ‪ ،21/211‬من ور بكتس‬
‫ق اء المجلا األعلى في الت ئظ خ ل وربعين سن ‪ ،‬لعشد الع ي توفيي‪ ،‬ذ ‪ 341‬و ما فليها‪.‬‬
‫أحمد أبو الوفاء‪ ،‬نظرية األحكام في قانون المر افعات‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة السنة ‪.9100‬‬
‫الظهير الشريف الصادر في ‪ 1‬رممان ‪ 92( 9119‬غشت ‪ )9191‬الذي غير و تمم بالظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 9.99.900‬الصادر في ‪ 22‬من ذي الحجة ‪ 22( 9212‬نوفمبر ‪ )2799‬بتنفيذ القانون‬
‫رقم ‪ 92/70‬المغير و المتمم بمقتماه الظهير الشريف الصادر في ‪ 1‬رممان ‪92( 9119‬غشت‬
‫‪ )9191‬المتعلق بالتحفيظ العقاري‪ ،‬الجريدة الرسمية عد ‪ ،2112‬بتاريخ ‪ 20‬ذي الحجة ‪9212‬‬
‫(‪ 22‬نوفمبر‪ ،)2799‬ص‪.2202:‬‬
‫الظهير الشريف بمثابة قانون رقم ‪ 9.02.220‬بتاريخ ‪ 99‬رممان ‪ 22( 9112‬شتنبر ‪)9102‬‬
‫بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية‪ ،‬منشوربالجريدة الرسمية عدد ‪ 1217‬مكرربتاريخ‬
‫‪ 91‬رممتن ‪ 17( 9112‬شتنبر‪ ،)9102‬ص‪.2022:‬‬
‫قرار صادر عن غرفتين بمحكمة النقض تحت عدد ‪ 9/269‬بتاريخ ‪ 2792/70/22‬في الملف‬
‫عدد ‪ ،92/9/9/6‬منشوربمجلة المناظرة‪ ،‬عدد ‪ 91‬و ‪27‬‬
‫قرار صادر عن محكمة النقض تحت عدد ‪ 921‬بتاريخ ‪ 92‬يناير ‪ 2771‬في الملف عدد‬
‫‪ ،72/027‬منشوربمقتميات ظهيرالتحفيظ العقاري على ضوء قرارات املجلس األعلى‪.‬‬
‫عمرأزوكار‪ ،‬مستجدات التحفيظ العقاري في ضوء قانون ‪ 92.70‬ومدونة الحقوق العينية‪،‬‬

‫منشورات دارالقماء بالمغرب‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2792‬‬
‫قرارصادرعن محكمة النقض تحت عدد ‪ 1217‬بتاريخ ‪ 9112/70/72‬في الملف المدني عدد‬
‫‪ ،19/2121‬قرارأشارإليه عبد العزيزتوفيق‪ ،‬قماء املجلس األعلى في التحفيظ خالل أربعين سنة‬
‫‪ -‬القرارالصادرعن محكمة النقض تحت عدد ‪ 222‬بتاريخ ‪ 9106/76/21‬في الملف المدني‬

‫عدد ‪ ،27221‬قرارغيرمنشور‪.‬‬
‫القرارالصادرعن محكمة النقض تحت عدد ‪ 1217‬بتاريخ ‪ 9112/70/72‬في الملف المدني‬

‫عدد ‪ ،19/2121‬قرار أشار إليه عبد الصادق مهالوي‪ ،‬اإلشكاالت اإلجرائية الناتجة عن البث في‬
‫التعرضات أمام قماء التحفيظ العقاري‪ ،‬مقال منشور باملجلة المغربية لالقتصاد و القانون‬
‫المقارن‪ ،‬العدد ‪ ،62‬السنة ‪.2772‬‬
‫‪ -‬القرار الصادر عن محكمة النقض تحت عدد ‪ 2102‬بتاريخ ‪ 2797/97/91‬في الملف‬

‫المدني عدد ‪ ،2771/9/121‬قرارغيرمنشور‪.‬‬
‫قرار صادر عن محكمة النقض تحت عدد ‪ 1217‬بتاريخ ‪ 9112/70/72‬في الملف عدد‬
‫‪ ،19/2121‬قرار أورده عبد العزيز توفيق‪ ،‬قماء املجلس األعلى في التحفيظ خالل أربعين سنة‪،‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة الدارالبيماء‪ ،‬الطبعة األولى ‪.9111‬‬
‫قرارصادرعن محكمة النقض تحت عدد ‪ 122‬بتاريخ ‪ 9112/72/79‬في الملف المدني عدد‬
‫‪ ،20/2692‬قرار أورده عبد العزيز توفيق‪ ،‬منشور بمجلة قماء املجلس األعلى في التحفيظ خالل‬
‫أربعين سنة‪.‬‬
‫قرار صادر عن محكمة النقض تحت عدد ‪ 922‬بتاريخ ‪ 9116/79/71‬في الملف عدد‬
‫‪ ،19/1192‬منشوربمجموعة قرارات املجلس األعلى المادة المدنية‪.12-22 ،‬‬
‫قرار صادر محكمة النقض تحت عدد ‪ 2211‬ملف مدني عدد ‪ 12/2220‬بتاريخ‬
‫‪ ،9110/71/97‬أشارإليه عبد العزيزتوفيق‪.‬‬
‫قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 2796/72/21‬تحت عدد ‪ 999‬في الملف عدد‬
‫‪ ،2792/2/9/022‬منشور بنشرة قرارات محكمة النقض الغرفة المدنية‪ ،‬الجزء السابع و‬
‫العشرون‪.‬‬
‫القيادة االستراتيجية اإلدارية للمؤسسات‬

‫‪Strategic management leadership of enterprises‬‬
‫ً ً‬
‫إن التخطيط اإلستراتيجي يعد عنصرا مهما من عناصراستدامة عمل المؤسسات اإلدارية‬
‫ً‬
‫بشكل عام‪ ،‬نظرا لما يوفره من إمكانيات لفهم بيئة العمل والتعامل مع المتغيرات الخارجية التي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قد تحصل وتعرض طريق عمل المؤسسة مما تشكل تحديا حقيقيا لتحقيق األهداف التي أنشئت‬
‫من أجلها‪.‬‬
‫كما إن التطويرلعمل اإلدارة يوفرأداة هامة للتطويرداخل اإلدارة تمكنها من تعزيزجوانب‬

‫القوة والعمل المنظم إلبعاد المعف في جوانب عملها‪.‬‬
‫إن دراسة هذا الموضوع له أهمية كبرى من خالل معرفة طريقة عمل المؤسسات ومدى‬
‫وجود األسانيد القانونية أو الو اقعية التي تزيد من االهتمام في مختلف املجاالت المقدمة من‬
‫المؤسسة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تعد استدامة العمل في المؤسسات هدفا استراتيجيا تسعى لتحقيق مختلف اإلدارات‬
‫ً‬
‫لتحسين أدائها في ظل بيئة العمل التي أصبحت هاجسا يؤرق عمل المؤسسات نتيجة التحديات‬
‫التي تفرض نفسها في كثير من األحيان لمالحقة التطورات والمتغيرات المتالحقة التي طالت شتى‬
‫مناحي الحياة‪.‬‬
‫فدراسة هذا الموضوع تتمثل في حل بعض االشكاليات التي يثيرها هذا الموضوع وهي‪ :‬ما‬
‫هو مستوى التخطيط والفاعلية لدى كل المؤسسات ؟ وما هو العنصر الذي يحدد األداء‬
‫المؤسس ي الحقيقي؟ وما هي الموابط والمبادئ االستراتيجية لعمل المؤسسات؟‬
‫وبهذا استخدم الباحث المنهج الوظيفي لدراسة الظاهرة وتقسيم الموضوع إلى مطلبين‪:‬‬
‫المطلب األول آليات تطبيق التخطيط المؤسس ي‪ .‬المطلب الثاني السياسات التنموية كأداة‬
‫للتطوير‪.‬‬
‫المطلب األول آليات تطبيق التخطيط المؤسس ي‪:‬‬
‫إن تنفيذ التخطيط الالزم لتطويرالمؤسسات اإلدارية تتأثربشكل كبيربالمداخيل الموثقة‬

‫من اإلدارات والمسؤولين في هذه الوحدات لتجسيد الجهود لتطبيق آليات استراتيجية تكون‬
‫مالئمة للتنفيذ وفق المطلوب في نظام اإلدارة المؤسسية‪.‬‬
‫فالبرنامج التعاوني يقوم على الفريق التخطيطي في اإلدارة إلضافة استراتيجيات وآليات‬
‫الزمة للتنفيذ للعب دور تنسيقي من خالل فهم آليات العمل ومناقشة األفكار من خالل اللجان‬
‫الدائمة لهذا الغرض‪.‬‬
‫الثقافة التنظيمية تقوم على مجموعة من القيم والتوقعات والممارسات التي توجه‬
‫تصرفات كل األعماء الفاعلين في المؤسسة لتحسين األداء وهذا ما يعد أحد السمات االيجابية‬
‫في اإلدارة من خالل سلوكيات متناسقة وحقيقية تسعى لدمج عمليات الصياغة والتنفيذ‪.‬‬
‫فالمدير أو المسؤول يقود هذه الهيئة أو اإلدارة من خالل اتصال فعال ورؤية شاملة‬
‫للمؤسسة تفسح املجال لكل العاملين لتعميم وتنظيم أنشطتهم و أفعالهم لتدعيم رؤى واضحة‬
‫لإلدارة تصلح من خاللها استراتيجية لدعم كل العاملين أو المستفيدين من عمل المؤسسة‬
‫وهذا أهم آلية‪.‬‬
‫إن االطالع على األهداف المطلوب تحقيقها وتعاملها مع الوسائل المتخذة والمناهج‬
‫والطرق للتعامل مع النجاح كنظرة للتطور تساعد المؤسسة وتتطلع لقيم أفمل تحافظ على‬
‫االنسجام الداخلي وتمع ثقافة الموائمة بين الهيئة أو المؤسسة اإلدارية واألهداف والتطلعات‬
‫التي تسعى لها‪.‬‬
‫إن األداء هو مفتاح التطور من خالل المرونة فهي صنعة أساسية في البيئة الديناميكية‬
‫حيث التغيير المستمر واالستجابة بسهولة لكل طارئ قد يحصل ويشجع على روح التعاون‬
‫ً‬
‫كال في سياق عمله ومجاله للوصول‬‫والتواصل بين كل األطراف الموجودة للقيام بالسعي للتطوير‬
‫للهدف األعلى للمؤسسة‪.‬‬
‫ً‬
‫فالمسؤولين اإلداريين في كثير من األحيان يبذلون جهودا في عملية التحليل والصياغة في‬
‫ً‬
‫إدارتهم أو بواسطة لجان مشكلة لإليفاء بالغرض وفق إجراءات محددة مسبقا تفصل بين‬
‫عمليات التفكير والتنفيذ‪ ،‬ألن اإلدارة محتاجة آلليات سهلة للمرور بين التخطيط والتنفيذ‬
‫للهدف المنشود‪.‬‬
‫إن إجراء تغيرات لإلصالح هي أولويات المؤسسة اإلدارية لتبني تغيير تنظيمي للوصول‬
‫الستراتيجية إدارة األزمة للتطوير بين المستجدات والمشاكل والمتطلبات في البيئة الخارجية‬
‫املحيطة بالمؤسسة كالتطور التكنولوجي السريع والثورة المعرفية والنمو المتسارع في جميع‬
‫ميادين الحياة والتقدم السريع للمنتجات سواء كانت سلع أو خدمات والتغيير في جودة ونوعية‬
‫العمل‪.‬‬
‫وبهذا تسعى العقول الداخلية في اإلدارات لنشرثقافة النظام االجتماعي التكاملي من خالل‬
‫االتصال والتعاون داخل المؤسسة اإلدارية التي تمثل أهمية قصوى بالنسبة لها وتسعى للتغيير‬
‫النوعي في العمل اإلداري‪ ،‬فهذا ما ستصل إليه أي مؤسسة من خالل خلق تنمية إدارية حقيقية‬
‫في مجاالت العمل ووفق السياق اإلداري الحديث‪.‬‬
‫إن مدخل النمو والتوسع الذي يبني عملية الصياغة والتنفيذ في أداء المهام لخلق روح‬
‫إبداعية تسعى للتطور االستراتيجي خاصة في اإلدارات الوسطى داخل المؤسسة‪ ،‬وإدخال‬
‫ً‬
‫تقنيات محاسبية في املجال التقويمي تمهيدا لصنع التطويرواستخدام وسائل علمية في التحليل‬
‫والمتابعة لقياس األداء في الجانب التنظيمي ومعرفة النتائج التي تسعى اإلدارة لتحقيقها من‬
‫خالل جودة الرقابة الكتشاف كل االنحر افات التي تحصل داخل المؤسسة حتى تتمكن الهيئة‬
‫من اعتماد منظومة قادرة على تزويد األفراد بالمعلومات الالزمة لتصحيح األداء المتسم بالتوازن‬
‫في العمل اإلداري‪.‬‬
‫المطلب الثاني السياسات التنموية كأداة للتطوير‪:‬‬
‫لقد وصف الباحثين والمهتمين في علم اإلدارة السياسات التنموية الطريق المتصل‬
‫ً‬
‫للنجاح في المؤسسات اإلدارية من خالل استراتيجيات مسقرة إستنادا لفلسفة الثبات والحركة‬
‫وتركيز المؤسسة على مواردها في املجال الحالي للمحافظة على األداء‪ ،‬فالنمو هدف رئيس ي‬
‫وأساس ي لعمل المؤسسة من خالل خطط قصيرة أو متوسطة أو طويلة األجل‪.‬‬
‫إن النظرة التوقعية تعتمد على التفاعل مع البيئة الخارجية من خالل الفرص المتاحة‬
‫للتطوير لوضع بيئة مناسبة تتسم بسياسات تعتمد على األفكار اإلبداعية من خالل استثمار‬
‫االتجاهات واألحداث المستقبلية التي يكون لها انعكاسات على فرص عملها ووضع قواعد بيئية‬
‫تسعى للتنظيم األكثر‪.‬‬
‫فالخلط بين التخطيط والتطويريجعل من فرص النجاح تتحقق فتقديم الجديد في العمل‬
‫االداري يجمع عادة بين النمو الثابت والمرن لخلق قواعد من الثبات والتمكن والمركزية في حرية‬
‫التعامل مع التنفيذ والتطويرفي نفس الوقت‪.‬‬
‫إن النجاح في العمل المؤسس ي يتطلب جهود و اقعية وفعلية تتممن متطلبات عامة‬
‫ورئيسية لتنفيذ المتطلبات الالزمة للتنمية والتطوير‪.‬‬
‫السياسة اإلدارية تعتمد بشكل أساس ي على اإلدارة العليا والتوجهات العملية التي تحكم‬
‫سير المؤسسة اإلدارية وتمثل في نفس الوقت خارطة طريق من خالل الترابط والتفاعل الذي‬
‫تحكمه القوانين واألسس التي تشكل نظام عمل المؤسسة من خالل رؤيتها ورسالتها وأهدافها‪.‬‬
‫إن الالئحة العامة التي تحكم نظام عمل المؤسسة تمع شروط وضوابط ألغراض التنفيذ‬
‫وتقييم األداء في توضيح الالئحة موضوع البحث من خالل ما يتحقق لوجود طريقة للعمل‬
‫والتنفيذ‪.‬‬
‫يجب على المؤسسة اإلدارية التوجه لالختيارات واألحكام العامة لتقييم مستوى العمل‬
‫و اتخاذ القرارات المناسبة لتحقيق الهدف المنشود من عمل المؤسسة وهذا ما يعتمد على‬
‫خطوات تنفيذية عملية تأخذ تسلسل سليم وواضح لكي تعمل بنفس الدرجة والنتيجة المطلوبة‪.‬‬
‫إن االعتماد على معايير صحيحة سواء كانت ضمنية أو مؤسسية أو إدارية او قانونية‬
‫باختالف أنواعها ونوعية العمل الذي تقوم به المؤسسة يؤدي للتطوير أي القياس المرتبط‬
‫بالمطلب للوصول للهدف‪.‬‬
‫إن وجود عمل متكامل وفق استراتيجية شاملة تعبر عن رسالة وأهداف المؤسسة من‬
‫ناحية التنفيذ خاصة وتؤدي لترشيد األداء فهذه المسارات االستراتيجية للمؤسسة التي تقوم‬
‫بدعم العمل بما يتو افق مع تحقيق األهداف المتكاملة عن طريق اتخاذ اإلجراء المناسب‬
‫والمطلوب في نفس الزمن والمكان‪.‬‬
‫ً‬
‫فالقابلية للتطوير والتكيف مع المتغيرات سواء كانت الداخلية أم الخارجية تشهد تطورا‬
‫ً‬
‫مستمرا لخلق عمل مرن يوجه المؤسسة للعمل الصحيح في ظل نظام المر اقبة الفعالة‬
‫والمرونة كأحد أسباب النجاح التي تتيح الفرصة للتغييرالسريع في حالة حدوث متغيرات لم تكن‬
‫ً‬
‫موجودة من قبل تماشيا مع عنصرالمفاجأة الذي يتطلب وجوده على وجه السرعة‪.‬‬
‫إن الخطط الحقيقية التي تحدد آليات وسبل التنفيذ وتقييم المهام الخاصة بكل ما هو‬
‫موجود داخل المؤسسة اإلدارية يوفر تكامل في السياسات التي تحكم وترشد المؤسسة وتوضح‬
‫مسؤولية األداء وهذا ما يسعى إليه التخطيط االستراتيجي لوضع مسارات صحيحة تعتمد على‬
‫نظام متكامل لتصحيح كل االختر اقات واالنحر افات المتوقع حدوثها‪.‬‬
‫فالهيكلة التنظيمية المرنة والمنسقة والفاعلة للتطويروالتكيف مع المتغيرات والتحديات‬

‫ً‬
‫أمر ضروري جدا لخلق روح إبداعية تر اقب وتفعل المرونة في العمل اإلداري المؤسس ي كأحد‬
‫خطوات النجاح وتباعد عنها كل طارئ‪.‬‬
‫إن الجودة تسعى للتطوير من خالل المواصفات المتعلقة بتقييم األداء على كل‬
‫المستويات لخلق تنمية بشرية في المؤسسة العاملة على درجة عليا من الدقة والتطوير وكفالة‬
‫كل الحقوق المعرفية التي تواجه التغيرات التقنية‪.‬‬
‫ً‬
‫إن الجودة والكفاءة والتخطيط الصحيح هو ما يجعل العمل أكثرتكامال‪ ،‬فالتغييرالمركب‬
‫الذي يجمع بين نوعين أو أكثر من االستراتيجية يجعل الريادة مركبة لالستفادة من المزج بين‬
‫الخصائص العامة والخاصة متعددة األبعاد من خالل كل المداخيل المطلوبة والمرورية‬
‫للوصول ألعلى درجات التغييروالتطويراإلداري‪.‬‬
‫إن التخطيط يعتمد بشكل رئيس ي على القيادة وهي من المفاهيم اإلدارية التي عرفت في‬
‫منتصف القرن السابع عشروالذي شاع استخدامه على نطاق واسع في كل المؤسسات باختالف‬
‫ثقافتها ومجاالتها‪ ،‬وأصبحت التجارب اإلدارية تؤكد من خالل دراستنا أن التخطيط هو األساس‬
‫ً‬
‫الذي تعتمد عليه كل المؤسسات المعاصرة نظرا للزيادة الكمية والرقمية وحدة المنافسة‬
‫لوضوح الرؤى المستقبلية في فهم واستيعاب كل المتغيرات في مجال اإلدارة‪.‬‬
‫وبهذا يوص ي الباحث بمرورة خلق بدائل استراتيجية لكل اإلدارات العامة‬
‫أو الخاصة لتحقيق المستوى المطلوب واألنسب في العمل اإلداري وفق الحاجيات والمتطلبات‬
‫اليومية‪.‬‬
‫قـائـمـة الم ـراجــع‪:‬‬
‫‪ -9‬د‪ .‬محمد صبري األنصاري ودة‪ .‬ابتسام محمد عبد اإلله‪ ،‬اإلدارة الذكية كمدخل لتحقيق‬
‫الريادة االستراتيجية‪ .‬ب‪.‬م‪ ،‬مجلة كلية التربية‪2722 .‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬محمد حسين أبو صالح‪ ،‬التخطيط االستراتيجي القومي‪ .‬الخرطوم‪ :‬مطابع العملة‬
‫السودانية‪2772 .‬م‪.‬‬
‫‪ -1‬د‪ .‬عبد الرزاق صالح األحمد‪ ،‬تفعيل نظام الحو افز لتحسين مستوى أداء العاملين‪.‬‬
‫حمص‪ :‬مجلة جامعة البعث‪2729 .‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬ماجد محمد بارحمة‪ ،‬أثراستراتيجية إدارة الموارد البشرية في تحقيق االستراتيجية‪.‬‬
‫اليمن‪ :‬املجلة الدولية لإلدارة والعلوم اإلنسانية‪2790 .‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬أحمد بن الشين ود‪ .‬محمد عزوزي‪ ،‬آليات تحقيق التغييرالتنظيمي في المؤسسة‪ .‬ب‪.‬م‪،‬‬
‫جامعة عمارثليجي‪2792 .‬م‪.‬‬
‫إدارة المؤسسات فــي ظــل األزمات‬

‫‪Managing institutions in a crisis‬‬
‫إن إدارة المؤسسات في ظل األزمات هي ممارسة لعملية نظامية لطرق ذات فعالية للتقليل‬
‫من األزمات التي تهدد كيان المؤسسات‪ ،‬فاإلدارة تستخدم لتفادي اآلثار المتوقع حدوثها نتيجة‬
‫التخطيط المستمرللعمل لتجنب حدوث عوائق مالية أو عملية‪.‬‬
‫اإلدارة االستراتيجية من أكثر األدوات فاعلية لتحقيق األهداف المنشودة والتصدي‬

‫للتحديات املحتملة بخطط واضحة في المؤسسات مما يعززعمليات التنفيذ وسيرالعمل بشكل‬
‫فعال‪ ،‬فاإلجراءات اإلدارية بمثابة عملية يتم من خاللها تحديد وقياس ومتابعة ومر اقبة املخاطر‬
‫المتوقعة وهذا يعد من أدبيات العملية االقتصادية والتجارية وعادة ما ينظر لألزمات على أنها‬
‫تقلل من المرر للقيمة التي تخلقها المؤسسة لنفسها ولكل المتفاعلين معها‪ ،‬فإدارة املخاطر‬
‫للمؤسسة يعد مجموعة من المبادئ واالجراءات التي تساعد على تحقيق الهدف المنشود‪.‬‬
‫يكتسب هذا الموضوع أهمية كبرى بسبب القيمة الحقيقية لهذا الموضوع فاستراتيجياته‬
‫من أكثر الموجودات في القرن الحادي والعشرين في ظل اقتصاد يسعى للتنمية واالقتصاد‬
‫والمعرفة ألنه يمثل قوة جوهرية تسعى لخلق إبداعات متالحقة‪.‬‬
‫إن دور هذا الموضوع إدارة األزمات يمثل مستقبل لرؤية عمل المؤسسة وتحديد أهدافها‬
‫التي تسعى لها وقدرتها على اجتيازاألزمات والنظرباستراتيجية على التفكيروصنع القرارات ووضع‬
‫خطة مستقبلية وتقييمها‪ .‬فهدفنا من هذه الدراسة معرفة مدى االهتمام في العالقة االرتباطية‬
‫بين إدارة األزمات من جهة والميزة التنافسية والثقافية التنظيمية وإدارة المعرفة من جهة أخرى‬
‫وحل االشكاليات المطروحة في البحث عن كيف تتعامل اإلدارة في ظل األزمة ؟ وما هي األساليب‬
‫المفترض النظر فيها لمواجهة التداعيات املختلفة ؟ وبهذا استخدم الباحث المنهج الوظيفي‬
‫التحليلي لدراسة الموضوع وتقسيمه لثالث مطالب‪ :‬المطلب األول مفهوم األزمات‪ .‬المطلب‬
‫الثاني التنظيم اإلداري للمؤسسات‪ .‬المطلب الثالث حماية المؤسسات في ظل األزمات‬
‫المطلب األول مفهوم األزمات‪:‬‬
‫إن األزمات تشكل حالة حرجة وماسة بمصير الكيان اإلداري واالقتصادي ألي بلد من‬
‫البلدان مما يؤدي لظهور أزمة تتطلب التدخل في السلطات الفاعلة في هذا البلد أو ذلك ووضع‬
‫حل لها وتؤدي الختالل التوازنات خاصة االقتصادية يتبعها انهيارالقطاعات املختلفة لبلد معين‪.‬‬
‫فاألزمة حالة يتعرف فيها اقتصاد بلد معين النكماش مفاجئ في الناتج املحلي الحقيقي‬
‫خاصة من الناحية االقتصادية مما يؤدي النخفاض دخل الفرد وزيادة الفقر‪.‬‬
‫فهذه العمليات التي تعدل وتسمى بأزمة تحدد عادة الجهات المعنية مخاطرها وتقوم‬
‫بمر اقبتها لمواجهة االنحر افات الحقيقية التي تحصل في املجتمع وتؤدي لتدخل السلطات‬
‫المعنية في بلد األزمة للقيام بمدخل عملي للتعامل معها بتحديد اآلثار المتوقعة كتحديد‬
‫الخسائراملحتملة والقيام بإجراءات تقلل من آثارهذه األزمة التي تؤدي عادة إلى خسائراقتصادية‬
‫ومالية بشكل كبير‪.‬‬
‫فاألزمة تتطلب عمل مؤسساتي متكامل يهدف ملجابهة املخاطر بأفمل الوسائل و أقل‬
‫التكاليف عن طريق اكتشاف املخاطر وتحليلها ووسائل مجابهتها الختيار أنسب السبل لتحقيق‬
‫الهدف وهو الحد من آثارها‪ ،‬أي قياس وتقييم الوضع قبل حدوث األزمة لوضع استراتيجات تحد‬
‫من المتوقع حدوثه‪.‬‬
‫إن العمل اإلداري يهدف للتحكم في السياسات املختلفة ووضع حد ألي أزمة قد تعصف‬
‫بالبلد كتحديد وقياس والسيطرة وتنظيم المؤسسات العاملة في هذا املجال وتنظيمها لهدف‬
‫تحقيق أغراضها املختلفة دون المساس بها عند حدوث أزمات قد تحصل في البلد‪ ،‬فكل الدول‬
‫خاصة النامية تشهد مراحل مختلفة من التطور في املجال التكنولوجي االقتصادي لم تسلم من‬
‫هذه األزمات وهذا ما يتطلب معرفة كيفية إدارتها للمؤسسات عند حدوث األزمة في الصورة‬
‫الحقيقية لها‪.‬‬
‫إن األزمة تتطلب من صاحب القرار القيام بإجراء منتظم لغرض االستجابة ومتابعة كل‬
‫األخطار التي تمس مشروع أو مؤسسة للقيام باإلجراءات واألدوات التي تساعد من يدير هذه‬
‫المؤسسة لتنظيم إمكانية وأسباب تحقيق نتائج مختلفة‪.‬‬
‫إن األزمة تمثل بيئة متقلبة تهدد استقرارالمؤسسات ويعرضها للخطروتمنعها من تحقيق‬
‫األغراض التي أنشئت من أجلها وقد تنهي هذه المؤسسات‪ ،‬وهذا ما يحصل من مفاجآت وتقلبات‬
‫قد تعصف بها‪ ،‬فاستقرار البيئة االقتصادية ووجود المنافسة في محيط معين يساعد على‬
‫التطور‪.‬‬
‫إن إجراءات عدم وضوح الوضع االقتصادي خاصة وعدم استشراف المؤسسات لعملها‬
‫يجعل من الصعب التنبؤ بما يحصل من أزمات‪ ،‬مما يتطلب من الجميع النظر في حالة حدوث‬
‫هذا الخطرفكيف سيتم مجابهته‪.‬‬
‫تعد استخدام اإلدارات املختلفة خاصة البحثية والدراسية لالستعالم عن ما يتوقع حدوثه‬
‫تعد عملية هامة تستخدم األدوات املختلفة للتخفيف من آثارها وتوفيربيئة اقتصادية سليمة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لقد شهدت التجارة والصناعة في السنوات األخيرة تغيرا ملحوظا بسبب توفرآليات حماية‬
‫لهذه األعمال املختلفة واالستفادة من إدارة األزمات واستمرارالعمل نتيجة رفع الكفاءة والقدرة‬
‫التي تقوم بها اإلدارات املختلفة وكيفية التعامل مع املخاطر وتحويلها وإجراءات العمل وأسلوب‬
‫األداء لممان عدم تكرارووقوعها نتيجة االستراتيجيات الخاصة بمواجهتها لتقليلها واالحتفاظ‬
‫بالدراسات والتجارب السابقة لممان إدارة ومهام فاعلة وناجعة‪.‬‬
‫إن التقدم والتطورالتكنولوجي لدراسة كل األعمال خاصة االقتصادية والتجارية ساعد في‬
‫دراسة كل االحتماالت نتيجة اتباع طرق التقدم والنمو‪ ،‬فعندما تقوم مؤسسة معنية بتقديم‬
‫خطوات متكاملة لدراسة األخطارالمتوقعة واملحتملة وتعالج كل األخطاء واإلجراءات الموجودة‬
‫في هياكلها وتحسن احتماالت وقوع هذه األزمات تممن السير إلى األمام والتعامل مع املخاطر‬
‫بقدرة من القوة والتفاهم وتكون لديها المعلومات املختلفة والمرورية التي تستخدمها لممان‬
‫إجراءات صحيحة‪.‬‬
‫فالمهم هو االستعداد للقادم لممان استمرار القوة التشغيلية واستمرار األعمال بإدارة‬
‫صحيحة تظهراستمرارأعمالها وقدرتها على مواجهة ما سيحصل للمؤسسة فهذا ما يؤكد إدارتها‬
‫الناجحة ألنها توقعت حدوث أزمة وتم التعامل معها مما يسمح لها بممان وجود ضوابط‬
‫داخلية لمنع حدود هذه املخاطر في حال وقوعها ويكون لها قدرة لتقييم أي عمل أو أزمة قد‬
‫تحصل وال يمكن أن تمس من وجودها‪.‬‬
‫المطلب الثاني التنظيم اإلداري للمؤسسات‪:‬‬
‫إن اإلدارة بشكل عام تمثل عملية تيسيروتسهيل أمور املجتمع البشري وتميزه عن غيره من‬
‫البيئات األخرى غير االنسانية‪ ،‬فالفرد في املجتمع يحتاج ترتيب أجوائه العائلية واألسرية‬
‫والمناطقية إلى أن يصل على مستوى الدولة بشكل عام‪ ،‬هذا ما يكون له ارتباط وثيق الصلة‬
‫بالمؤسسات العاملة في هذا املجتمع التي تكون منظمة وفق آليات محددة ومعروفة للجميع‬
‫لتحقيق الهدف المرجو منها وهو الصالح لكل املجتمع‪.‬‬
‫فاإلنسان يتطلب وجوده في املجتمع بوجود هذه المؤسسات المرتبة لتيسير العالقات‬
‫ولتحقيق شؤون األفراد وتحقيق متطلباتهم اليومية بموجب وسيلة اإلدارة التي تؤدي لإليفاء‬
‫باألغراض المطلوبة منها التي يطمح لها الفرد أو املجتمع ككل‪.‬‬
‫لقد اختلفت وجهات النظربين الباحثين والكتاب في مفهوم اإلدارة والتنظيم اإلداري خاصة‬
‫في الظروف االستثنائية الغيرطبيعية "األزمات"‪.‬‬
‫إن كلمة اإلدارة موجودة على نطاق واسع ال يمكن أن نمع لها مفهوم واضح فهناك مفاهيم‬
‫مختلفة في الماض ي حاولت تحديد معنى ونطاق إداري حتى وإن لم تكن محددة بشكل دقيق‪ ،‬يرى‬
‫جورج تيري بأن اإلدارة عملية متميزة تتكون من التخطيط والتنظيم لتشغيل وتحكم الذي يتم‬
‫إجراءه لتحقيق الهدف من خالل استخدام الموارد واألشخاص كما عرفها جوزيف ماس ي بأنها‬
‫العملية التي من خاللها تواجه املجموعات التعاونية للعمل نحو األهداف المشتركة كما عرفها‬
‫جيمس لوندي فهي في األساس مهمة التخطيط والتنسيق والتحفيزوالسيطرة على جهود اآلخرين‬
‫نحو هدف محدد‪.‬‬
‫فمصطلح اإلدارة يوضح تنسيق وإدارة المهام لتحقيق الهدف في األنشطة اإلدارية ووضع‬
‫استراتيجية لمؤسسة معينة وتنسيق جهود الموظفين لتحقيق األهداف وتوجيه الموارد‬
‫المتاحة من خالل رجوع اإلدارة لهيكل األقدمية للموظفين الموجودين‪.‬‬
‫فاإلدارة تمثل الطريق التي تنظم بها المؤسسات والشركات لسير العمل لتحقيق األهداف‬
‫األساسية التي تطمح لها من خالل خلق بيئة تتيح للعمل بكفاءة و إنتاجية من خالل هيكل تنظيمي‬
‫متماسك يحدد طرقهم في العمل‪.‬‬
‫إن المسؤول على النشاط اإلداري وعن اتخاذ كل القرارات وصياغة األهداف وتجميع‬
‫الموارد المطلوب استخدامها بكفاءة لتحقيق نمو المؤسسة واستقرارها عن طريق تحديد‬
‫الوظائف المطلوبة منها التخطيط والتوجيه والتنظيم والرقابة والتقويم وهذا ما ينجح عمل‬
‫المؤسسة يكون في آليتان هما‪:‬‬
‫ً‬
‫ـ ـ ـ ـ أوال‪ -‬آلية التنظيم وتحديد األهداف‪:‬‬
‫يقوم المسؤول اإلداري بتنظيم وتقييم عمله وتقسيمه بطرق قابلة للتحقيق ويكلفون‬
‫المعنيين للقيام بهذه المهام نتيجة سلسلة من العالقات المتكونة داخل الوحدة اإلدارية بين‬
‫األفراد والكيانات املختلفة تقع على عاتق المسؤول ضمان عملهما في حالة من الهدوء واالستقرار‬
‫لممان تحفيزهم للقيام باالستمرار في األعمال المطلوبة منهم نتيجة ذكاء ومهارة هذا المسؤول‬
‫اإلداري في بناء عالقات متماسكة بين أعماء فريقه يمكن من خاللهم استكشاف األخطاء وإصالح‬
‫ومواجهة التحديات املختلفة‪.‬‬
‫ً‬
‫إن تحديد األهداف وطرقها من مهام المسؤول اإلداري الناجح الذي يجب أن يكون قادرا‬
‫ً‬
‫أيما على نقل وصنع الموظفين بطريقة نافعة للمؤسسة عن طريق تحسين أوقات عملهم وزيادة‬
‫إمكانياتهم بما يزيد في األداء داخل القطاع‪ ،‬وهذا ما يتطلب عمله ضمن الترتيبات التنظيمية على‬
‫تعزيزوتحسين الروح االنتاجية‪.‬‬
‫ً‬
‫ـ ـ ـ ـ ثانيا‪ -‬ابتكارتنمية العاملين وتحفيزهم‪:‬‬
‫إن المسؤول اإلداري يحتاج لتحديد هدف ومؤشر ألداء عمله الذي يهدف له هو وفريقه‬
‫اإلداري إليجاد طرق للقياس ما إذا كان العمل يسيرفي االتجاه الصحيح لتحقيق المطلوب أم ال‪،‬‬
‫ألنه من الصعوبة وجود أو التوصل لطرق لقياس األداء لفهم وضعية العمل اإلداري في‬
‫المؤسسة‪ ،‬فهذا يعتمد على ذكاء المسؤول و إبداعه للقياس ومعرفة فريق عمله فهذا أمر بالغ‬
‫األهمية‪.‬‬
‫إن قيادة الفريق نحو الهدف وقياس تقديمهم على طول الفترة الرئيسية في المؤسسة‬
‫يستثمره المسؤول الناجح في تطوير وظائفهم كالعمل مع الفريق لمساعدته على تحديد أهداف‬
‫لإلرتقاء بحياتهم المهنية‪.‬‬
‫إن مهام التنظيم اإلداري والتحفيزالمتالك المهارات الالزمة للتعامل مع أنواع مختلفة من‬
‫الشخصيات داخل الفريق هذا ما تكون مسؤولية المدير لمعرفة كيفية تشغيل وقيادة ومعرفة‬
‫فريق عمله بالصورة الصحيحة‪.‬‬
‫المطلب الثالث حماية المؤسسات في ظل األزمات‪:‬‬
‫إن اإلدارة الناجحة للمؤسسات في ظل األزمات تتطلب حمايتها من املخاطرالتي تهدد تحقيق‬
‫أهدافها املختلفة ويعتمد بشكل كبير على مشاريعها وخططها في األوقات املحددة لتحقيق‬
‫المطلوب في ظل فاعلية إدارية تساعد وتقيم إدارتها للتعرف على نقاط المعف في المؤسسة‬
‫ً‬
‫بأسرع وقت وتزيل وتبعد كل البرامج واألنشطة التي ال توفر عائدا لها وهذا ما يزيد من فرصة‬
‫تحقيق أهدافها المطلوبة وأداء أعمال واسعة وجني الفوائد واألرباح للمؤسسة‪.‬‬
‫فاإلدارة تساعد على استقرار األوضاع االقتصادية باإلضافة لفوائد أخرى ال تقل أهمية‬
‫هو إستقرار األرباح والمكاسب التي تسهم في األداء المتميز للمؤسسة بالتغلب على الخسائر‬
‫المرتبطة باألزمة إلى أقل مستوى وهو هدف رئيس ي للمؤسسة‪.‬‬
‫ففي ظل هذه األزمات تساعد اإلدارة الناجحة على حماية أحوال المؤسسة سواء كانت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مادية أو معلوماتية‪ ....‬الخ فحمايتها يعد أمرا حتميا لبقاء هذه المؤسسات‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لقد أظهر تقريرا صادرا عن شركة "‪ "IBM‬إنه تم اختراق أكثر من ثمان مليارات سجال من‬
‫البيانات في سنتي ‪2791‬م‪2727-‬م بحيث بلغ متوسط التكلفة لخرق البيانات الفخمة ما يزيد عن‬
‫ثالثة مليون دوالرأمريكي ففي العام ‪2727‬م كانت ‪ %27‬من السرقات عبارة عن معلومات تعريف‬
‫شخصية متعلقة بالعمالء وهذا ما يسجل إنشاء استراتيجية قوية وقابلة للتنفيذ إلدارة الزمة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أمرا ضروريا كتأمين لألعمال‪.‬‬
‫إن شعار المؤسسات التجارية وحمورها الرقمي يكمن في رضاء عمالئها للحفاظ والشعور‬
‫باألمان والثقة‪ ،‬فأحد األموال الثابتة للمؤسسة وسمعتها إن يكون لها خطة للمحافظة على‬
‫ً‬
‫سمعة وعالمة المؤسسة التجارية تساعد استراتيجيا إدارة املخاطر بالمؤسسة للمحافظة على‬
‫سمعتها وحماية أموالها لممان زيادة العمالء والحفاظ على قدرتهم وعلى التواجد وتقديم‬
‫المنتجات والخدمات المطلوبة منهم والنتيجة هي إرضاء العمالء‪.‬‬
‫إن اإلدارة الفاعلة تسعى لتقليل االضطراب بإبعاد التوترمن خالل وضع التدابيرالمناسبة‬
‫للتصدي للظروف القاسية‪ ،‬فالمؤسسة املحمية هي التي تدرس وتخطط لكل الظروف المتوقع‬
‫حدوثها‪ ،‬فحالة القلق ال يمكن أن تصرف النظرلإلنتباه لإلعتبارات األخرى وفي الحاالت القصوى‬
‫التي تؤدي وتؤثرعلى بقاء المؤسسة و إبداعها لألعمال المطلوبة منها‪.‬‬
‫إن التوتروالقلق وعدم االستقراريؤدي بطبيعة الحال الستنزاف طاقات زائدة من األفمل‬
‫استثمارها في أمور تخدم المؤسسة التي تكون لها استراتيجية إدارية للتعميم والتقيد بتوجيه‬
‫طاقتها نحو التنمية واالبداع‪.‬‬
‫إن إدارة املخاطر واألزمات في ظل مؤسسات حقيقية تساعد على استمرار النمو وهو هدف‬
‫ً‬
‫لكل مؤسسة ألن القدرة على مواصلة النمو يعتبر أحد األهداف المؤسسية فيكون النمو هدفا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تنظيميا هاما وتصبح الوقاية من التهديدات التي تواجه ذلك النمو هو أحد اهم أهداف إدارة‬
‫المؤسسة في ظل األزمات واألعداد الجيد والتنفيذ واستمرارالنمو و إبعاد كل شبح للخسائر‪.‬‬
‫في الختام‪ ،‬لقد اكتس ى موضوع إدارة األزمات أهمية كبرى في الوقت الحالي باعتبار‬
‫النشاطات والعمليات التي تقوم بها المؤسسات املختلفة تكسبها روح المتانة واالبتكاروتسعى في‬
‫ظل بيئة شديدة التنافس توضع اإلدارة فن وعلم منهي لها قواعدها من حيث التعرف على املخاطر‬
‫وأسبابها و أنواعها والتنبؤ بحدوثها وقياس شدتها ومدى القدرة على احتوائها وإطالق إبداعات في‬
‫استخدام مختلف األدوات العملية للوصول ألفمل النتائج الحتواء املخاطرفي أسرع وقت وبأقل‬
‫خسائر محتملة‪.‬‬
‫وبعد الوصول لهذه النتائج يوص ي الباحث بمعرفة دوراإلدارة كعلم وفن في مواجهة األزمات‬
‫للقيام باألبحاث والدراسات في كل المؤسسات للمساعدة على االستشراق بالتنبؤ للمخاطر‬
‫المتوقعة‪.‬‬
‫‪ -9‬د‪ .‬إدوارد أندرسون‪ ،‬إدارة مخاطرالعمال‪ ،‬القاهرة‪ :‬املجموعة العربية للتدريس والنشر‪،‬‬
‫ب‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬مدحت محمد أبو النصر‪ ،‬إدارة المعرفة واإلدارة بالمعرفة‪ ،‬ب‪.‬م‪ :‬املجلة العربية‬
‫للمعلومات‪2729 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -1‬د‪ .‬عبيدة محمد أحمد إبراهيم‪ ،‬إدارة املخاطر مدخل لتعزيز تنافسية الجامعات‬
‫المصرية‪ ،‬القاهرة‪ :‬جامعة عين شمس‪2791 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬بشير عبد العظيم محمد البناء ود‪ .‬صرباحي محمد العواد‪ ،‬تطبيق آليات حوكمة‬
‫تكنولوجيا المعلومات املحاسبية‪ ،‬المنصورة‪ :‬كلية التجارة‪2791 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬عبد الرشيد بن ديب ود‪ .‬عبد القادر شاللي‪ ،‬مدخل استراتيجي إلدارة املخاطر‪،‬‬
‫ب‪.‬م‪.‬ب‪.‬م‪2792 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -6‬د‪ .‬محمد صنهاجي الجعفري‪ ،‬إدارة املخاطر السياسية و أثرها على استراتيجية‬
‫المنظمات‪ ،‬الخرطوم‪ :‬مجلة العلوم االقتصادية واالدارية القانونية ‪.2729‬‬
‫‪ -0‬د‪ .‬مصطفى محمد الدرويش‪ ،‬الممارسات األفمل ودورها في تعزيزالميزة الثقافية‪ ،‬حلب‪:‬‬
‫رسالة دكتوراه‪2791 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬عبد الرحمان محمد سليمان رضوان ود‪ .‬زينب عبد الحفيظ أحمد رضوان‪ ،‬تأثر‬
‫تطبيق قواعد الحوكمة اإللزامية على إدارة املخاطر‪ ،‬ب‪.‬م‪ :‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪،‬‬
‫‪2727‬م‪.‬‬
‫–‬
‫الزجر اإلداري في المجال البيئي "دراسة في‬

‫التشريع المغربي"‬
‫‪Administrative injunction in the environmental field "a study‬‬
‫‪" in Moroccan legislation‬‬
‫تبلور قمية البيئة كفاح اإلنسان وسعيه الدؤوب من أجل تحقيق التنمية والتقدم‪،‬‬
‫فالمشرع ال يتدخل لحماية أي صورة من صور النشاط اإلنساني إال إدا كانت لها أهمية بالنسبة‬
‫للمجتمع‪ ،‬وغالبا ما يكون القانون الجنائي هو اآللية التي يتم اللجوء لها لحماية أي مصلحة‬
‫اجتماعية‪ ،‬غير أنه قد يقدر المشرع فعل قد يترتب على ارتكابه ضرر بالبيئة‪ ،‬ولكن هدا المرر ال‬
‫يكون جسيما‪ ،‬أو أن المصلحة التي مسها ليست جوهرية‪ ،‬ومن ثم يمع لمعاقبة هدا السلوك‬
‫عقوبة إدارية‪ ،‬وبدلك يعرف الزجر اإلداري حمورا في كافة القوانين التي تعنى بحماية البيئة‪،‬‬
‫ويأتي هدا ا لتوجه انسجاما وخصوصيات الجريمة البيئية والمصلحة املحمية فيها‪ .‬الكلمات‬
‫المفتاحية‪ :‬البيئة – الزجراإلداري – الجريمة البيئية – الجريمة الشكلية – العقوبات المالية‪.‬‬
‫‪Abstract‬‬
‫‪The cause of the environment crystallizes man's struggle and tireless quest‬‬
‫‪for development and progress, The legislator intervenes to protect any form of‬‬
‫‪human activity only if it is of importance to society, The Criminal Code is often the‬‬
‫‪mechanism used to protect any social interest. But the lawmaker may appreciate‬‬
‫‪an act that may result in damage to the environment, But this harm is not serious,‬‬
‫‪or the interest it has affected is not material, Thus, administrative punishment is‬‬
‫‪imposed to punish such conduct, instead of defining administrative injustice as a‬‬

‫‪presence in all laws dealing with the protection of the environment, This trend is‬‬
‫‪consistent with the specificities of environmental crime and its protected‬‬
‫‪interest. Keywords: environment - administrative drain - environmental crime -‬‬
‫‪formal crime - financial penalties.‬‬
‫يعد القانون بشكل عام انعكاس للمستوى الفكري والثقافي للمجتمع الدي يسيره دلك‬
‫القانون‪ ،‬لدا يتدخل المشرع لفرض حماية للدعائم والقيم االجتماعية حسب أهميتها‪ ،‬لدلك‬
‫نجد تدرجا في هده الحماية وفقا ألهمية محلها‪.1138‬‬
‫ولما كان حق اإلنسان في بيئة سليمة من الحقوق األساسية‪ ،‬فإن معظم الدول باختالف‬
‫توجهاتها و أنظمتها السياسية والقانونية‪ ،‬تسعى لوضع تشريعات لحماية البيئة‪ ،‬إد تعد البيئة‬
‫من العناصر األساسية للنظام العام في الدولة الرتباطها بالصحة العامة‪1139.‬‬
‫وإدا كان القانون الجنائي دائما يتم الدفع به أوال لحماية القيم والمصالح االجتماعية‬
‫املختلفة التي يعترف املجتمع بأحقيتها بالحماية‪ ،‬فإن األمرليس كدلك بالنسبة لمعظم القوانين‬
‫البيئية‪ ،‬التي تتبنى قاعدة التجديد في العقوبات بحق مرتكبي الجرائم البيئية‪ ،‬استنادا إلى أن‬
‫حماية البيئة والموارد الطبيعية من المواضيع الجديدة‪ ،1140‬األمر الدي يخول للقانون الزجري‬
‫البيئي حيزا كبيرا في توفير الحماية القانونية للبيئة‪ ،‬من خالل توسيع صالحية اإلدارة والعقوبات‬
‫اإلدارية‪ ،‬وهده األخيرة شأنها شأن أية عقوبات أخرى من حيث الطابع العقابي‪ ،‬وغايتها من‬
‫العقاب على كل تقصيرفي أداء التزام ما‪.‬‬
‫فأهمية البحث في الموضوع‪ ،‬تكمن في كون القوانين البيئية تجمع بين مجموعة من‬
‫الخصوصيات سواء من حيث األشخاص املخاطبين بمقتمياتها أوطبيعة املخالفات التي تشملها‬
‫‪-1138‬وردى بن بو عبد الله‪ ،‬ميلود بن عبد العزيز‪ ،‬خصوصية نص التجريم في الجرائم البيئية‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية لجامعة‬
‫أم البواقي‪ ،‬المجلد ‪ ،2‬العدد ‪ ،4‬ديسمبر ‪ ،2024‬ص ‪.22‬‬
‫‪-1139‬محمد أحمد عبد النعيم‪ ،‬مدى سلطة اإلدارة في وقف األنشطة الخطرة على البيئة – دراسة تحليلية مقارنة‪ ،‬مجلة كلية‬
‫الشريعة والقانون بطنطا‪ ،‬العدد السابع والثالثون لسنة ‪ ،2022‬الجزء األول ‪ ،4/4‬ص ‪.474‬‬
‫‪-1140‬بن أحمد محمد‪ ،‬الجزاءات اإلدارية والجنائية في مجال حماية البيئة – دراسة مقارنة‪ ،‬مجلة البحوث العلمية في التشريعات‬
‫البيئية‪ ،‬العدد الثامن – يناير ‪ ،2044‬ص ‪.12‬‬
‫أو من حيث المصلحة التي تتولى حمايتها‪ ،‬هده الخصوصيات ساهمت في بلورة عقوبات إدارية في‬
‫كافة القوانين المنظمة للبيئة‪ ،‬سواء تلك العقوبات المالية أو العقوبات العينية‪.‬‬
‫انطالقا من هاته األهمية‪ ،‬فإنه يمكننا طرح اإلشكالية التالية‪ :‬ما مدى حمور العقاب‬
‫اإلداري في التشريع اإلداري المغربي؟‬
‫خالفا عن الجرائم التقليدية تتصف الجريمة البيئية بعدة مميزات‪ ،‬على رأسها صعوبة‬
‫تحديد طبيعة الجريمة البيئية‪ ،‬وتعدد اآلليات التي كفلها القانون لحماية البيئة من التلوث‪،‬‬
‫تتفاوت من حيث الطبيعة أو األثر القانوني‪ ،1141‬بين استصدار عقوبات مالية كالغرامات‬
‫والمصادرة‪ ،‬أو مقيدة للحقوق ‘‘املحور الثاني‘‘‪ ،‬ودلك تماشيا وخصوصيات الجريمة البيئية‬
‫‘‘املحوراألول‘‘‪.‬‬
‫املحوراألول‪ :‬خصوصيات الجريمة البيئية‬
‫يشكل موضوع البيئة محورا أساسيا في كل النظم القانونية‪ ،‬وذلك راجع إلى المكانة التي‬
‫يحتلها في كل القطاعات‪ ،‬فحيثما وليت الوجهة تجد املجال البيئي حاضرا‪ ،‬يتعين احترامه وأخذه‬
‫بعين االعتبار في كل األنشطة التي تسعى الدولة إلى إنشائها‪ ،‬وتخصيصه حيزا شاسعا ضمن‬
‫السياسيات العمومية‪ ،‬حتى ال يتم اإلضراربه‪.‬‬
‫ولما كانت حماية البيئة وتحسينها يمثالن قيمة جديدة من قيم املجتمع‪ ،‬وامتدادها يمس‬
‫شتى مناحي الحياة‪ ،‬فقد أضحى ضروريا البحث عن خلق آلية قانونية لحمايتها‪ ،‬غير أن هاته‬
‫اإلرادة سرعان ما تصطدم بو اقع طبيعة السلوكات الماسة بالبيئة‪ ،‬إد تعتبر الجرائم البيئية‬
‫نمط غير مألوف من الجرائم تتميز عن غيرها من الجرائم التقليدية‪ ،1142‬وتماشيا ودلك فإن‬
‫مواجهة الجرائم البيئية تستلزم دراية عملية وفنية تمطلع بها اإلدارة كونها صاحبة الدور‬
‫الفعال والرئيس ي والصالحيات الواسعة في فرض حماية البيئة ‘‘ثانيا‘‘‪ ،‬ما رتبته خصوصية‬
‫السلوك املجرم في الجريمة البيئية ‘‘أوال‘‘‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الطبيعة الخاصة للجريمة البيئية‬
‫‪-1141‬محمد أحمد عبد النعيم‪ ،‬مدى سلطة اإلدارة في وقف األنشطة الخطرة على البيئة – دراسة تحليلية مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص ‪.240‬‬
‫‪-1142‬وردة بن بو عبد الله‪ ،‬ميلود بن عبد العزيز‪ ،‬خصوصية نص التجريم في الجرائم البيئية‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية لجامعة أم‬
‫البواقي‪ ،‬المجلد ‪ ،2‬العدد ‪ ،4‬ديسمبر ‪ ،2024‬ص ‪.21‬‬
‫تتسم الجريمة البيئية عن غيرها من الجرائم التقليدية بصعوبة في تحديد عناصرها‪،‬‬

‫فاألصل تقوم الجريمة بقيام أركانها بدءا من السلوك املجرم – فعل أو امتناع – الدي يكون ناتج‬
‫عن قصد من فاعله هو ما يعرف بالركن المعنوي‪ ،‬إلى حين تحقق النتيجة اإلجرامية التي تكون‬
‫تجمعها رابطة سببية بالفعل المأثم قانونا‪ ،‬ولكن يطرح سؤال على هدا المستوى بخصوص‬
‫الجريمة البيئة حول مدى احترامها لهاته العناصر خصوصا تلك األفعال منها التي يمكن أن‬
‫ندرجها تحت مظلة القانون الجنائي اإلداري‪.‬‬
‫‪-9‬بناء الجريمة البيئية‬
‫إن البنيان القانوني للجريمة في تطور مستمر‪ ،‬ألن النموذج األولي للعقاب كان يقوم على‬
‫السلوكيات املجردة من دون االعتماد على نصوص تجرمه وتبين أوصافه‪ ،‬كدلك اعتبرالبحث في‬
‫نيات املجرمين شيئا أخد بالتطور في السنوات األخيرة‪ ،1143‬فتحديد بنيان الجريمة قد يتطلب‬
‫أوصافا في بعمها‪ ،‬ويستغني عنها في غيرها‪ ،‬على العموم إن إشكالية البحث في بنيان الجريمة‬
‫البيئية على الخصوص تتمثل في بيان األحكام التي تميزت بها من غيرها‪.‬‬
‫أ‪-‬الجريمة البيئية جريمة مادية‬
‫إن إضفاء صفة الجريمة المادية‪ 1144‬على الجريمة البيئية هواستجابة للحاجة االجتماعية‬
‫للوقاية من أضرارها‪ ،‬إد يستهدف المشرع الجنائي البيئي زجر املخالفات الماسة بتلويث عناصر‬
‫البيئة املختلفة‪ ،‬بمجرد اقتراف النشاط املجرم دونما التنصيص على الركن المعنوي لهده‬
‫الجريمة‪ ،1145‬أي بغض النظرعن نية مرتكب السلوك الماس بالبيئة‪ ،‬وهدا التوجه يبرزمن خالل‬
‫الصياغة اللغوية للبناء التشريع الزجري البيئي‪ ،‬فجل القوانين البيئية – على تنوعها – تؤكد‬
‫‪-1143‬آدم سميان دياب الغريري‪ ،‬األوصاف الخاصة بالجرائم مبكرة اإلتمام‪ ،‬مجلة جامعة تكريت للحقوق‪ ،‬السنة ‪ ،2‬المجلد ‪،2‬‬
‫العدد ‪ ،2‬الجزء ‪ ،4‬سنة ‪ ،2044‬ص ‪.4‬‬
‫‪-1144‬برزت معالم الجرائم المادية مع قيام الثورة الصناعية في أوروبا خالل القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بسبب استعمال‬
‫اآللة وتعميم المكننة في جميع النشاطات الصناعية ومصاحبها من ازدهار اقتصادي وتجاري في ظل النظام الليبرالي الحر‪،‬‬
‫فاندفع األفراد نحو النشاطات الصناعية واالقتصادية وتوسعوا في األعمال التجارية مما أدى الى انفالت األمور نتيجة الجشع‬
‫والطمع في الربح السريع بجميع الوسائل‪ ،‬فازدادت التجاوزات وكثر الغش‪ ،‬و أصبح الخطر يهدد النسان والحيوان والبيئة‬
‫والمحيط‪ ،‬مما جعل المشرع يتدخل لوضع آليات لضبط هذه النشاطات لوضع حد للممارسات غير النزيهة‪ ،‬وهو ما رتب فكرة‬
‫الجرائم المادية التي يمكن أن نعرفها بأنها‪‘‘ :‬فعل أو امتناع معاقب عليه ليس لنتيجة إجرامية يحدثها ولكن العتبارات أخرى‬
‫يقدرها المشرع‪ ،‬إد تقوم بمجرد ارتكاب الفعل المجرم وحده‪ ،‬وال اعتبار فيها للنتيجة اإلجرامية أو العالقة السببية أو الركن‬
‫المعنوي‪ ،‬سواء ارتكبت عن قصد أو غير قصد‪ ،‬وسواء كان الخطأ موجودا أو غير موجود‪ ،‬فالنهاية هي قيام الجريمة وثبوت‬
‫المسؤولية الجزائية عنها بمجرد ارتكاب الفعل وحده‘‘‪ ،‬أنظر‪ :‬مزياني عمار‪ ،‬الجرائم المادية والمسؤولية الجنائية‪ ،‬المجلة‬
‫الجزائرية للحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬المجلد ‪ ،4‬العدد ‪ ،2‬سنة ‪ ،2022‬ص ‪ 7‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -1145‬ياسين الكعيوش‪ ،‬السياسة الجنائية في مواجهة الجرائم البيئية‪ ،‬أطروحة نيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة سيدي‬
‫محمد بن عبد الله كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية – فاس‪ ،‬سنة ‪ ،2047/2042‬ص ‪.474‬‬
‫على مجرد ارتكاب املخالفة يرتب العقاب‪ ،‬وبتالي فال مجال للحديث عن قصد المتهم من جهة أو‬
‫حسن نيته من جهة أخرى‪ ،‬فهو يستحق العقاب بمجرد إتيان املخالفة‪.‬‬
‫ولعل الصفة المادية للجريمة البيئية هي في األصل من صنع القماء الفرنس ي‪ ،‬حيث قمت‬
‫الغرفة الجنائية ملحكمة النقض بأن‪‘’ :‬و اقعة ترك مواد تناسب في املجرى المائي يعد خطأ في حد‬
‫داته‪ ،‬وال يلزم النيابة العامة أن تقيم الدليل عليه وال يعفى المتهم من المساءلة عنه إال بإثباته‬
‫لوجود القوة القاهرة‪ ،‬وسيكون الحكم ناقصا ومستجيبا للنقض إدا ما قض ى ببراءة المتهم على‬
‫أساس انتفاء الركن المعنوي وعدم تو افرالخطأ في جانبه بعد ثبوت وقوع الركن المادي‪. ‘’1146‬‬
‫ولقد ثارنقاش فقهي بخصوص التوجه السالف الدكرملحكمة النقض الفرنسية‪ ،‬إد رفض‬
‫من لدن بعض الفقه ملجموعة من االعتبارات يمكن أن نشيرمنها إلى إشكالية تحديد المسؤولية‬
‫عن الجريمة البيئية ودفع بعمهم بجهل وجود الثلوث‪ ،‬إال أنه يمكننا أن نقول بأنه يمكن أن تثير‬
‫الصفة المادية للجريمة البيئية إشكال بخصوص الجرائم التي يعاقب عنها بعقوبات مشددة‪ ،‬في‬
‫حين أنه ونحن بصدد الجرائم التدخل في إطار القانون الجنائي اإلداري فإن هدا األمر ال يطرح‬
‫مشكل‪ ،‬كونها من ناحية تقوم على الجرائم قليلة الخطورة وكون عدم اشتراط الركن المعنوي‬
‫لقيام الجريمة ينسجم ومنطق التجريم في القانون الجنائي اإلداري‪.‬‬
‫ونظرا للتشابك واالتصال العميق بين ما هو بيئي وبين كافة أوجه الحياة المعاصرة‪،‬‬
‫و اتساع نطاق السلوكات التي من شأنها أن تأثر على البيئة‪ ،‬ما جعل النظام البيئي محط تهديد‬
‫دائم‪ ،‬فإن المشرع المغربي سار على نفس النهج إد لم ينص على ضرورة تو افر الركن المعنوي‬
‫للمساءلة عن الجريم البيئية في عديد صورها‪ ،‬ألن هاته الطائفة من الجرائم ال تظهرنتائجها مع‬
‫إتمام سلوكها‪ ،‬بل إن نتيجتها تلتصق بلحظة مباشرة السلوك‪.1147‬‬
‫ب‪ -‬الجريمة البيئية كجريمة شكلية‬
‫‪-1146‬ياسين الكعيوش‪ ،‬السياسة الجنائية في مواجهة الجرائم البيئية‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.472‬‬
‫‪-1147‬آدم سميان دياب الغريري‪ ،‬األوصاف الخاصة بالجرائم مبكرة اإلتمام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫انطالقا من مكانة موضوع حماية البيئة‪ ،‬وتعزيزا لمنطق عدم اشتراط تو افر الركن‬
‫المعنوي لقيام الجريمة البيئية‪ ،‬فإن هاته األخيرة تتصف بكونها جريمة شكلية‪ 1148‬أي ال يتطلب‬
‫تحقق النتيجة اإلجرامية للعقاب عنها‪.‬‬
‫وبدلك يتحقق الركن المادي للجرائم الماسة بالبيئة بارتكاب أي سلوك مقصود أو غير‬
‫مقصود يؤدي إلى تعريض حياة الناس للخطر‪ ،‬ويترتب على دلك السلوك تعريض حياة الناس أو‬
‫سالمتهم للخطر‪ ،‬سواء تمثل بحدوث ضرر مادي ملموس أو خطر محتمل الحدوث فالمرر ال‬
‫يشترط أن يكون حاال بل قد يكون محتمال‪ ،‬ومعظم أضرار البيئة تحتاج إلى وقت كبير كي تظهر‬
‫للعيان‪.1149‬‬
‫وإن ما يمكن أن يترجم هدا التوجه تماس الجريمة البيئة مع كل أشكال الحياة‪ ،‬وبه تقرر‬
‫حماية البيئية بمنطق جرائم الخطر‪ ،‬ودلك باالعتماد على فكرة المرر في تجريم الفعل‪ ،‬لتوفر‬
‫المرر املحتمل دون انتظار وقوع النتيجة‪ ،‬والمشرع البيئي المغربي أضفى الصفة الشكلية على‬
‫معظم الجرائم البيئية مسايرا في دلك التوجهات الدولية للتشريعات المعاصرة في تصنيف‬
‫الجرائم الماسة بالبيئة وسالمتها‪ ،1150‬إد يصنفها بدوره ضمن جرائم الخطر‪.‬‬
‫ونمثل لهدا التوجه بجريمة استغالل منشأة مصنفة بدون ترخيص‪ ،‬أي أن مجرد اكتشاف‬
‫بداية استغالل المنشأة وعدم حيازة ترخيص إداري مسبق تقوم عناصر الجريمة‪ ،‬وال داعي‬
‫للبحث عن النتيجة أو العالقة السببية‪ ،‬ونشير كدلك للمادة ‪ 291151‬من قانون ‪ 91.71‬المتعلق‬
‫بمكافحة تلوث الهواء التي تجسد الطابع الشكلي للجريمة البيئية‪ ،‬فاملخالف يعاقب بمجرد‬
‫‪-1148‬تعرف الجريمة الشكلية بأنها‪‘‘ :‬الجريمة التي تكون تامة بصرف النظر عن تحقق النتيجة التي أرادها الجاني‪ ،‬إد يكتمل‬
‫ركنها المادي بمجرد القيام بالفعل المجرم‪ ،‬بغض النظر عما سيحدث أو ينتج عن دلك الفعل من وقائع وأضرار‘‘‪ ،‬أنظر‪ :‬عبد‬
‫القادر قائد سعيد المجيدي‪ ،‬النتيجة المادية وغير المادية للجريمة – قراءة جديدة للنتيجة اإلجرامية‪ ،‬المجلة العلمية لجامعة سبأ‪،‬‬
‫مجلد ‪ ،4‬عدد ‪ ،2‬سنة ‪ ،2024‬ص ‪.402-401‬‬
‫‪ -1149‬محمد عارف عبد األمير‪ ،‬جريمة تلوث البيئة دراسة مقارنة بين القانون العراقي والقانون األردني‪ ،‬رسالة الستكمال‬
‫متطلبات الحصول على درجة ماجستير في القانون العام‪ ،‬كلية القانون جامعة الشرق األوسط – األردن‪ ،‬سنة ‪ ،2047‬ص ‪.10‬‬
‫‪-1150‬ياسين الكعيوش‪ ،‬السياسة الجنائية في مواجهة الجرائم البيئية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.200‬‬
‫‪-1151‬المادة ‪ 24‬من ظهير شريف رقم ‪ 4.04.24‬صادر في ‪ 40‬ربيع األول ‪ 42 – 4121‬ماي ‪ – 2004‬بتنفيذ القانون رقم‬
‫‪ 44.04‬المتعلق بمكافحة تلوث الهواء‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 42 – 1442‬ربيع اآلخر ‪ 47 – 4121‬يونيو ‪،2004‬‬
‫ص ‪‘‘ :4742‬يعاقب بغرامة من ‪ 2‬مائة درهم ‪ 400‬إلى ألف وأربع مائة ‪ 4100‬درهم كل من قام بتشغيل عربة أو آلة دلت‬
‫محرك أو جهاز الحتراق الوقود أو لإلحراق أو للتكييف كانت موضوع منع من طرف اإلدارة كما يمكن األمر بحجز الوسيلة‬
‫مصدر التلوث‘‘‪.‬‬
‫مخالفة الموابط القانونية البيئية ألن هاته األفعال إن لم تشكل خطرا اآلن على البيئة فهي قد‬
‫ترتبه في المستقبل‪.1152‬‬
‫على العموم إن المزج بين شكلية ومادية الجريمة البيئة في الطرح التشريعي المغربي‪ ،‬هو‬
‫محاولة لوضع قالب تشريعي يستوعب الطبيعة الخاصة للجريمة البيئية‪ ،‬ويتماش ى مع الليونة‬
‫التي تتطلبها المعاملة معها‪ ،‬فالصلة بين الفعل والمررالحال أو املحتمل يؤيد اعتماد العقوبات‬
‫اإلدارية بالنسبة للخروقات البسيطة مادام أنه خرق التزام إداري فقط‪ ،1153‬ثم إن خصوصية‬
‫الجريمة البيئية ال تقف عند تنوع صفاتها بل تمتد لدرجة المساس بأركان الجريمة وعلى وجه‬
‫الخصوص ركنها المعنوي‪.‬‬
‫‪-2‬تالش ي الركن المعنوي في الجريمة البيئية‬
‫لقد اعتبر التمسك بالركن المعنوي كحجر الزاوية في بنيان الجرائم التي خلقها التطور‬
‫الصناعي تعطيال لدور القانون الجنائي‪ ،‬خاصة وأن هاته الجرائم تتميز بصعوبة إثبات ركنها‬
‫المعنوي‪ ،‬وتحميل سلطة االتهام هدا العبء سيؤدي حتما إلفالت بعض المتهمين من العقاب‬
‫بسبب عدم تمكن هده السلطة نسبة العمد أو الخطأ إلى المتهم‪.1154‬‬
‫إن التقيد بالركن المعنوي بمفهومه التقليدي‪ ،‬دون األخذ بعين االعتبار تطورات الجريمة‬
‫وما تحتاجه من تطورلقمعها قد يعطل العدالة الجنائية‪ ،‬وفي هدا الصدد مع تعاظم دورالتجريم‬
‫الالئحي أو الفني بدأت تتعالى األصوات منادية بأن حماية املجتمع ضد اإلجرام التنظيمي أو الفني‬
‫يوجب التغاض ي عن الركن المعنوي من بنيان هده الجرائم‪.‬‬
‫إن الجريمة البيئية شأنها شأن الجرائم األخرى‪ ،‬فهي ليست ظاهرة مادية بحثة قوامها‬
‫الفعل و آثاره‪ ،‬ولكنها كدلك كيان نفس ي‪ ،‬تتطلب حمور الركن المعنوي أي الباعث النفس ي‬
‫الرتكاب الجريمة‪ ،‬بمعنى توجه إرادة الجاني الرتكاب الجريمة مع العلم بكيانها الو اقعي والقانوني‪،‬‬
‫وهدا الركن – المعنوي – يقوم على عنصرين العلم واإلرادة فهما شرطان أساسيان لقيام‬
‫‪1152‬‬
‫‪-Van Keirsbilck, Chloé ; "Droit pénal de l'environnement : le droit répressif permet-il une‬‬
‫; ‪protection effective de l'environnement ?" ; Master en droit, finalité justice civile et pénale‬‬
‫‪Faculté de droit et de criminologie, Université catholique de Louvain, 2020 ; P 46.‬‬
‫‪1153‬‬
‫‪- Van Keirsbilck, Chloé ; "Droit pénal de l'environnement : le droit répressif permet-il une‬‬
‫‪protection effective de l'environnement ?" ; OP ; P 46.‬‬
‫‪-1154‬أحمد لطفي السيد مرعي‪ ،‬المسؤولية الجنائية الضيقة في النظام األنجلوأمريكي والقانون المقارن ‘‘دراسة حول أزمة الركن‬
‫المعنوي‪ ،‬وتراجع مبدأ ال جريمة بدون خطأ‘‘‪ ،‬مجلة البحوث القانونية واالقتصادية‪ ،‬العدد ‪ – 42‬مارس ‪ ،2024‬ص ‪.442‬‬
‫السلوك اإلجرامي – بمعناه العام – إال أنهما في الجريمة البيئية يعرفان انكماش نسبي مقارنة مع‬
‫باقي السلوكات اإلجرامية األخرى‪.‬‬
‫فالعلم في الجريمة اإلدارية يمكن أن نحدده انطالقا من المغزى التجريم البيئي‪ ،‬الدي‬
‫يتمثل في حماية الحق في بيئة نظيفة وسليمة‪ ،‬فعلم الجاني بموضوع الحق في بيئة سليمة نظيفة‬
‫المعتدى عليها بموجب سلوكه كافي لتحقق القصد لديه‪ ،‬فالعلم في الجريمة البيئية مفترض وال‬
‫يقبل العكس‪ ،‬وبناء عليه ال يمكن دفع المسؤولية بالتمسك بجهل القانون‪ ،‬أما عنصر اإلرادة‬
‫فهو جوهر القصد الجنائي‪ ،‬فهو المميز بين الجرائم العمدية والغير عمدية‪ ،‬وهدا العنصر في‬
‫الجريمة البيئية يتأرجح بين االشتراط تارة وعدم اشتراطه تارة أخرى‪ ،‬وهدا ما اعتمده المشرع‬
‫المغربي على غرارالتجارب المقارنة‪.1155‬‬
‫بدلك فالركن المعنوي في الجريمة البيئية يتخذ صورة الخطأ العمد‪ ،‬واإلهمال أو الخطأ‬
‫غيرالعمد‪ ،‬وقد يتخذ صورة ثالثة تمثل دمج بين صورتي الخطأ العمدي والغيرعمدي وهو ما يعبر‬
‫عنه بالقصد المتجاوز‪ ،1156‬إال أنه في إطار ما أوضحناه من خصوصيات تطول الجريمة البيئية‪،‬‬
‫فإن المسؤولية في إطارها تقوم على أساس الصفة المادية دونما اعتبار للجانب المعنوي الدي‬
‫يربط الفاعل بماديات الجريمة‪ ،‬خروجا عن المبدأ المستقر في القانون الجنائي بأن ال جريمة‬
‫بدون خطأ‪ ،‬مما يغير من خصوصية وطبيعة الركن المعنوي في مثل هدا النوع من الجرائم إلى‬
‫الحد الدي يجعل منه مفترض‪.1157‬‬
‫إن افتراض الركن المعنوي استثناء من أصل من األصول النظرية العامة للجريمة‪ ،‬بحيث‬
‫يجد نطاقه في زمرة الجرائم التنظيمية التي تستوعب الجرائم االقتصادية وجرائم حماية‬
‫البيئة‪ ،‬وهو ما يتماش ى ومنطق الجرائم اإلدارية فهي جرائم مصطنعة أفردتها التطورات‬
‫املجتمعية‪ ،‬غايتها مواجهة اإلجرام البسيط‪ ،‬وهوما يمكن اعتباره أسس لهاته النظرية التي جاءت‬
‫كنتيجة حتمية لبلورة األساس القانوني الدي تبنى عليه جرائم المسؤولية المطلقة‪ ،‬كحلقة من‬
‫‪-1155‬ياسين الكعيوش‪ ،‬السياسة الجنائية في مواجهة الجرائم البيئية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.210-247‬‬
‫‪1156‬‬
‫‪protection effective de l'environnement ?" ; OP ; P 51-52.‬‬
‫‪-1157‬يوسف بوشي‪ ،‬افتراض الركن المعنوي في الجرائم الماسة بالنظام البيئي‪ ،‬مجلة البحوث العلمية في التشريعات البيئية‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،02‬العدد ‪ ،04‬السنة ‪ ،2047‬ص ‪.420‬‬
‫سلسلة تتابع النظريات التي حاولت سد ثغرة عدم تطلب الركن المعنوي في جرائم المسؤولية‬
‫المطلقة‪ ،‬كنظرية املخاطر ثم نظرية اإلهمال الخاص وصوال إلى فكرة الخطأ المفترض‪.1158‬‬
‫ثانيا‪ :‬ضبط الجريمة البيئية والمتابعة عنها‬
‫إن حماية البيئة ال تقف عند تجريم األفعال المارة بها وتحديد األشخاص المسؤولين‬
‫جنائيا‪ ،‬و إنما تمتد إلى وضع آليات عقابية تهدف إلى قمع هذه الجرائم ال يتحقق ذلك إال بتوفير‬
‫جهازرقابة فعال‪ ،‬يهدف إلى البحث عن هاته املخالفات ومعاينتها وتقديم أصحابها للعدالة‪ ،‬ويراد‬
‫بمعاينة الجرائم البيئية مشاهدة و إثبات حالة القائمة في مكان الجريمة واألشياء التي تتعلق بها‪،‬‬
‫كما تفيد البحث والتحري عن األشخاص اللذين لهم صلة بها‪ ،‬وبعبارة أخرى هي إثبات كل ما‬
‫يتعلق بماديات الجريمة‪ ،‬وهاته السلطة على خالف القواعد العامة‪ ،‬فهي تنتقل من الشرطة‬
‫القمائية إلى جهات إدارية تتولى معاينة املخالفات والبحث والتحري بشأنها‪ ،‬كما أن األمر ال‬
‫يقتصر على دلك بل يمتد من المبط حتى تحريك المتابع في حق مخالف المعتدي على النظام‬
‫البيئي‪.‬‬
‫‪-9‬ضبط الجريمة البيئية‬
‫إن عملية ضبط الجريمة والتثبت منها تعد أولى املحطات اتجاه السلوك اإلجرامي‪ ،‬يتوالها‬
‫وفقا للقواعد العامة ضباط الشرطة القمائية‪ ،‬غير أنه نظرا لخصوصية الجريمة البيئية فإنه‬
‫يتطلب ضبطها استعمال تقنيات خاصة‪ ،‬ال تتوفر عادة لدى ضباط الشرطة القمائية‪ ،‬وهو ما‬
‫دفع بالمشرع المغربي على غرار التشريعات المقارنة بمنح جهات إدارية صالحية التثبت وضبط‬
‫والتحقيق في هاته الجرائم‪ ،‬نظرا لما يتوفرون عليه من تقنيات ومعرفة بمجال عملهم‪ ،‬غير أن‬
‫هاته الصالحيات تمارس وفق ضوابط حددها القانون‪.1159‬‬
‫وتماشيا وتشعب الحقل القانوني البيئي فإن جهاته المبطية متعددة بتعدد قوانينه‪ ،‬إد‬
‫نجد موظفو الجماعات الترابية المفوض لهم صالحية المبط كرؤساء الجماعات‪ ،1160‬ثم‬
‫‪ -1158‬يوسف بوشي‪ ،‬افتراض الركن المعنوي في الجرائم الماسة بالنظام البيئي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.420‬‬
‫‪ -1159‬الفصل ‪ 24‬من القانون رقم ‪ 22.04‬المتعلق بالمسطرة الجنائية‪‘‘ :‬يمارس موظفو وأعوان اإلدارات والمرافق العمومية‬
‫الذين تسند إليهم بعض مهام الشرطة القضائية بموجب نصوص خاصة‪ ،‬هذه المهام حسب الشروط وضمن الحدود المبينة في‬
‫هذه النصوص‘‘‪.‬‬
‫‪ -1160‬المادة ‪ 41‬من ظهير شريف رقم ‪ 4.04.20‬صادر في ‪ 40‬ربيع األول ‪ 42 – 4121‬ماي ‪ – 2004‬بتنفيذ القانون رقم‬
‫‪ 42.04‬المتعلق بدراسات التأثير على البيئة‪ ،‬منشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 42 – 2442‬ربيع اآلخر ‪ 47 – 4121‬يونيو‬
‫‪ ،2004‬ص ‪‘‘ :4707‬يتولى ضباط الشرطة القضائية واألعوان المحلفون والمكلفون من طرف اإلدارة والجماعات المحلية‬
‫بمعاينة وضبط مخالفات مقتضيات هدا القانون ونصوصه التطبيقية‘‘‪.‬‬
‫األعوان اإلداريون وكدا كل خبيرأو شخص كلف بهده المهمة بصورة استثنائية من طرف اإلدارة‪،‬‬
‫حيث يسمح لهؤالء األطر البيئية بالدخول إلى المشآة والبنايات باستثناء دور السكن‪ ،‬للقيام‬
‫بعمليات التفتيش والتحري ووضع أجهزة قياس وأخد عينات وإجراء التحاليل وفقا لما ينص‬
‫عليه القانون‪ ،1161‬وكدلك شرطة المياه تتولى تفتيش وتحريراملحاضرفي الجرائم و إثباتها‪.‬‬
‫إن موظفي اإلدارة املختصين في املجال البيئي الدين يتولون ضبط الجرائم الماسة بالبيئة‪،‬‬
‫لهم أدوار مهمة في مكافحة كل ما من شأنه المساس بالبيئة‪ ،‬بناء على قدراتهم الفنية والتقنية‪،‬‬
‫وعلى رأس هاته الهيئات اإلدارية البيئية نجد جهازالشرطة البيئة‪ ،‬فهد األخيريحظى بدورطالئعي‬
‫في حماية البيئة‪ ،‬إد يشكل وجود جهاز شرطة بيئية فاعال ومؤهال ومتخصصا أحد الدعائم‬
‫األساسية للمحافظة على البيئة وضمان استمراريتها‪ ،‬ويعكس األهمية واألولوية التي توليها‬
‫الدولة لهدا القطاع الحيوي‪.1162‬‬
‫تمثل الشرطة البيئية تجديدا في القانون المغربي‪ ،‬باعتبار وجود مثل هدا الهيكل القانون‬
‫المغربي من شأنه تعزيز حمور البعد البيئي في التشريع المغربي‪ ،‬وقد تم إحداث هدا الجهاز في‬
‫التشريع المغربي بموجب القانون ‪ 11.92‬بموجب فصله ‪ ،116312‬فللشرطة البيئة عديد‬
‫الصالحيات‪ ،1164‬فهي تتولى مهمة التفتيش والبحث والتحري عن املخالفات البيئية وتحرير ما‬
‫يلزم من محاضر بخصوصها‪ ،‬فهي تعمل بتعاون مع مصالح األمن الوطني والدرك الملكي ووزارة‬
‫العدل من أجل مر اقبة املخالفات البيئية‪ ،‬وبصفة خاصة الجانب التقني منها المرتبط بثلوث‬
‫المناخ‪ ،‬كما تتولى مر اقبة مطارح النفايات ومحطات تصفية المياه العادمة وشاحنات نقل‬
‫‪-1161‬ياسين الكعيوش‪ ،‬السياسة الجنائية في مواجهة الجرائم البيئية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.440‬‬
‫‪-1162‬أسماء عامر عبد الله‪ ،‬دور الشرطة في تقويم السلوك اإلنساني نحو مقاومة التلوث البيئي‪ ،‬مجلة كلية القانون للعلوم‬
‫القانونية والسياسية‪ ،‬المجلد ‪ ،40‬العدد ‪ ،44‬سنة ‪ ،2024‬ص ‪.444‬‬
‫‪-1163‬المادة ‪ 42‬من ظهير شريف رقم ‪ 4.41.07‬صادر في ‪ 1‬جمادى األولى ‪ 2( 4142‬مارس ‪ )2041‬بتنفيذ القانون اإلطار‬
‫رقم ‪ 77.42‬بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة‪ ،‬منشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 42 – 2210‬جمادى األولى ‪4142‬‬
‫– ‪ 20‬مارس ‪ ،2041‬ص ‪‘‘ :4471‬تحدث شرطة للبيئة مهمتها تعزيز سلطة اإلدارات المعنية في مجال الوقاية والمراقبة‬
‫والتفتيش‘‘‪.‬‬
‫‪-1164‬حدد المرسوم رقم ‪ 2.41.422‬صادر في ‪ 40‬من رجب ‪ 47 – 4142‬ماي ‪ 2042‬يتعلق بتنظيم وبكيفيات سير الشرطة‬
‫البيئية‪ ،‬منشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 42 – 2422‬شعبان ‪ 47 – 4142‬ماي ‪ ،2042‬حيث حدد في مادته األولى مهام‬
‫الشرطة البيئية كما يلي‪:‬‬
‫‪-‬المراقبة والتفتيش والبحث والتحري ومعاينة المخالفات وتحرير المحاضر في شأنها المنصوص عليها في مقتضيات كل من‬
‫القانون رقم ‪ 44.04‬والقانون رقم ‪ 42.04‬والقانون رقم ‪ 44.04‬والقانون رقم ‪.22.00‬‬
‫‪-‬تقديم الدعم الضروري لتعزيز سلطة اإلدارات المعنية بتنفيذ تدابير حماية البيئة الواردة في كل نص تشريعي آخر خاص‪.‬‬
‫النفايات الخطيرة‪ ،‬زيادة على تلوث الماء والهواء ونهب الرمال وتدميرو اقتالع األشجار‪ ،‬والعديد‬
‫من الصالحيات األخرى المرتبطة بكل ما من شأنه المساس بالبيئة‪.1165‬‬
‫ومن خالل ما سبق‪ ،‬يمكن القول بأن الشرطة اإلدارية عموما تتولى مهمة صيانة املجتمع‬
‫وحفظ نظامه العام‪ ،‬فهي بدلك تعد ضرورة ال غنى عنها‪ ،1166‬فحفظ النظام العامة بكافة مداخله‬
‫خصوصا الشق البيئي منها‪ ،‬دعا لتجنيد كافة اآلليات القانونية والمؤسساتية وبالمبط الجانب‬
‫اإلداري نظرا الحتكاكه اليومي به‪ ،‬األمرالدي يتطلب اليوم أكثرمن أي وقت مض ى التعزيزالفعلي‬
‫للشرطة البيئية وغيرها من األجهزة التي تتدخل معها لحفظ النظام العام البيئي‪ ،‬ألنها تتميز‬
‫بالسرعة والفعالية في التدخل‪ ،‬وهده أبرز سمات القانون الجنائي اإلداري واألهداف التي يسعى‬
‫إليها‪ ،‬كما أنها تتميز بالصرامة والحزم المطلوبتين في مباشرة واجباتها داخليا وخارجيا‪ ،‬ولدلك‬
‫فهي تشكل ضرورة ملموسة في كل الدول لتحقيق الطمأنينة‪.‬‬
‫إن مكافحة الجريمة ال يقف عند مجرد ضبطها‪ ،‬إنما يتطلب المتابعة عنها بغية إصدار‬
‫عقاب في حق مرتكبها‪ ،‬وما دمنا نبحث في القانون الجنائي اإلداري فقد رأينا بأن هاته المهمة في‬
‫إطاره تتوالها اإلدارة األمر الدي سوف نبحث مدى حموره في التشريع البيئي المغربي‪.‬‬
‫‪-2‬سلطة المتابعة عن الجريمة البيئية‬
‫إن األصل في تحريك الدعوى العمومية وممارستها يرجع للنيابة العامة‪ ،‬غير أن المشرع لم‬
‫يقيد هده الصالحية على اإلطالق‪ ،‬بل ترك مجال لممارسة هاته الصالحية وداك هو المدخل‬
‫الدي من خالله يجوز لإلدارة تحريك المتابعة في إطار قواعد ق‪.‬ج‪.‬إ‪ ،‬ومن هنا ما دامت اإلدارة‬
‫وأجهزتها معنية بالشؤون البيئية فإنه تقع على عاتقها مسؤولية حمايتها والحفاظ عليها‪ ،‬فهدا‬
‫التزام عليها طبقا للمواثيق الدولية والتشريعات الوطنية‪ ،‬ومن هده الزاوية فإنها تعتبر صاحبة‬
‫المصلحة المباشرة في رفع الدعوى البيئية على المعتدي على البيئة‪ ،‬ومن ثم فإن صفتها‬
‫القانونية ثابتة لها في هدا الشأن في مواجهة هدا الخطر على مواردها البيئية الملتزمة بتنميتها‬
‫والحفاظ عليها‪.1167‬‬
‫‪-1165‬ياسين الكعيوش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.402‬‬

‫‪-1166‬عزالدين الرماش‪ ،‬الشرطة اإلدارية بالمغرب بين التشريع والقضاء‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة‬
‫سيدي محمد بن عبد الله – كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية – فاس‪ ،‬سنة ‪ ،2020 – 2047‬ص ‪.4‬‬
‫‪ -1167‬محمد يحيى أحمد عطية‪ ،‬الصفة القانونية في رفع الدعاوى البيئية دراسة تحليلية مقارنة في ضوء التشريعات البيئية‬
‫والمواثيق اإلقليمية والدولية‪ ،‬مجلة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية للبنات بدمنهور‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬الجزء السادس‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،2020‬ص ‪.4424-4422‬‬
‫وتنزيال للمقتميات السابقة‪ ،‬يتولى الموظفين والسلطات اإلدارية املخول لها قانونا معاينة‬
‫املخالفات البيئية‪ ،‬وتحرير بصددها محاضر تثبت الجريمة والمرر المترتب عنها إضافة لكافة‬
‫وسائل االستدالل التي يمكن التوصل إليها لتحديد مسؤولية مرتكبها‪ ،‬فالجريمة البيئية قد يبدو‬
‫ضبطها بسيط من الناحية النظرية‪ ،‬إال أنه صعب من الناحية العملية ألنه يحتاج إلى طاقات‬
‫متخصصة بشكل فعال في حماية البيئة‪.1168‬‬
‫وتعتبر هاته املحطة في غاية األهمية‪ ،‬فاإلدارة تتمتع بمناسبة ممارسة صالحياتها إلعمال‬
‫سلطتها التقديرية‪ ،‬ومعنى دلك أن اإلدارة البيئية تقدر بناء على المرر المترتب وما مسه من‬
‫مصالح اإلجراءات التي ستسلكها بخصوص الملف‪ ،‬هل تصدر عقوبة إدارية فيه إما غرامة أو‬
‫تصالح بشأنه أو تسحب ترخيصا أو غيره من العقوبات اإلدارية األخرى‪ ،‬أو تحرك الدعوى‬
‫العمومية – أي تتابع المتهم وفقا لقواعد القانون الجنائي اإلداري إدا تبين أن الجريمة تمس‬
‫مصلحة جوهرية وتخرج من اختصاصاتها – ودلك بإحالة الملف على النيابة العامة املختصة‪،‬‬
‫فاإلدارة تمارس صالحية يمكن وصفها بأنها عملية تصفية للملفات‪ ،‬إد تتكفل بالحاالت البسيطة‬
‫في حين تحيل ما دون دلك على النيابة العامة انسجاما وخطورة الفعل وما رتب من ضرر‪ ،‬يمكن‬
‫أن نقول عن هدا المنطق بأنه يخلق نوع من المرونة ويتماش ى مع طبيعة املخالفات البيئية‪ ،‬كما‬
‫يصب في منطق القانون الجنائي اإلداري‪.‬‬
‫املحورالثاني‪ :‬عقاب الجريمة البيئية‬
‫يلقى اليوم موضوع العقاب عن الجرائم البيئية اهتماما متزايدا‪ ،‬ألنه يتقاطع من خالله‬
‫الهاجس االقتصادي والقيم البيئية والمنطق القانوني العقابي‪ ،‬فالصعوبة تكمن في كيفية‬
‫الدمج بين كل هاته االعتبارات دون قمع صالحيات كل منها من جهة واالستفادة من امتيازاتها من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬لدلك يشكل البحث عن النظام العقابي األمثل لحماية المصالح المتدخلة في املجال‬
‫البيئي هدف سامي‪.‬‬
‫ولعله إن كانت سياسة التجريم في املجال البيئي تطبعها خصوصيات فريدة فإن العقاب ال‬
‫يحيد عن نفس الخصوصيات‪ ،‬فالعقاب البيئي يطبعه التعدد والتنوع‪ ،‬فهو يتدرج بين العقوبات‬
‫السالبة للحرية تارة ويزاوج بين الغرامات والعقوبات السالبة للحرية‪ ،‬ثم في بعض الحاالت يعاقب‬
‫‪-1168‬آدم سميان دياب الغريري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.472‬‬
‫بالغرامة فقط‪ ،‬وتارة أخرى يعتمد نظام عقابي آخر متمثل في العقاب اإلداري وتوسيع صالحية‬
‫اإلدارة من خالله‪ ،‬عندئذ يتعين على اإلدارة السعي إلى توفيرالحماية الالزمة بوسائلها المعروفة‪،‬‬
‫إد أن الحاجة إلى بيئة سليمة من أولى الواجبات التي يجب على اإلدارة القيام بها من خالل وسائل‬
‫المبط اإلداري المتاحة لها‪ ،1169‬ومصطلح «العقوبات اإلدارية» ليس مفهوما جديدا على املجال‬
‫البيئي‪ ،‬فهي دائما حاضرة إال أن التغيريكون في نطاقها‪ ،1170‬على العموم فاآلليات العقابية لإلدارة‬
‫في إطارالزجراإلداري‪ ،‬ال تخرج عن عقوبات مالية ‘‘أوال‘‘ وعقوبات مقيدة للحقوق ‘‘ثانيا‘‘‪.‬‬
‫أوال‪ :‬العقوبات المالية‬
‫إن الحديث عن العقوبات المالية قد يوحي لنا في الوهلة األولى أنها تقتصر على الغرامة‬
‫فقط‪ ،‬على اعتبارأن هاته األخيرة هي األبرزعلى المستوى الزجرالمالي إال أنها ليست وحدها‪ ،‬ومن‬
‫أبرزالعقوبات المالية األخرى سوف نتطرق لعقوبة المصادرة‪.‬‬
‫‪-9‬الغرامة البيئية‬
‫كما نعلم فالغرامة هي إلزام املحكوم عليه بأداء مبلغ من المال لفائدة خزينة الدولة‪،‬‬
‫والغرامة اإلدارية هي عبارة عن عقاب إداري يتمثل في مبلغ مالي نقدي تفرضه الجهات اإلدارية‬
‫املختصة‪ ،‬على مخالف أحكام القانون البيئي‪ ،‬ودلك عوضا عن مالحقته جنائيا عن سلوكه‪،1171‬‬
‫وتعتبرالغرامة أبرزعقاب إداري معتمد في إطارالزجر اإلداري البيئي‪ ،‬ودلك العتبارات عدة سواء‬
‫من حيث سهولة توقيعها أو من حيث سرعة تحصيلها‪ ،‬والغرامة اإلدارية تحمر بشكل بارز‪1172‬‬
‫في التشريع البيئي المغربي‪ ،‬ونمثل لها بالقانون رقم ‪ 00.92‬المتعلق بصنع األكياس البالستيكية‬
‫‪-1169‬رنا ياسين حسين العابدي‪ ،‬وسائل اإلدارة في حماية البيئة ‘‘دراسة في التشريع العراقي‘‘‪ ،‬مجلة رسالة الحقوق‪ ،‬السنة‬
‫الثالثة‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬سنة ‪ ،2044‬ص ‪.424‬‬
‫‪1170‬‬
‫‪- Aline Coche ; La protection de l'environnement par les sanctions administratives pécuniaires‬‬
‫‪au Québec ; Mémoire présenté à la Faculté études supérieures et postdoctorales en vue de‬‬
‫‪l’obtention du grade de maîtrise en droit option droit des affaires ; Université de Montréal‬‬
‫‪Faculté de droit ; Novembre 2015 ; P3.‬‬
‫‪-1171‬بن أحمد محمد‪ ،‬الجزاءات اإلدارية والجنائية في مجال حماية البيئية – دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪1172-‬نفس األمر بالنسبة للتشريع البيئي الفرنسي‪ ،‬فهو يعرف حضور عقوبة الغرامة اإلدارية بشكل كبير لزجر المخالفات‬
‫البيئية‪ ،‬غير أنه ما يمكن أن نشير له بالنسبة للتشريع الفرنسي أنه قد صنف المخالفات البيئية إلى أربع أصناف‪ ،‬بالنسبة للصنف‬
‫األول هو الخطير ويضم عدد من الجرائم الخطيرة التي تستدعي مواجهتها وجوبا اللجوء للقضاء‪ ،‬في حين األصناف الثالثة‬
‫األخرى المتبقية فهي التي تعرف حضور عقوبة الغرامة اإلدارية‪ ،‬فبالنسبة لجرائم الفئة الثانية‪ ،‬يمكن أن تتراوح الغرامة‬
‫اإلدارية من ‪ 20‬إلى ‪ 400000‬يورو‪ ،‬بالنسبة ألولئك من الفئة الثالثة‪ ،‬تتراوح الغرامة من ‪ 20‬إلى ‪ 40000‬يورو‪ ،‬وأخيرا ً‬
‫بالنسبة ألولئك من الفئة الرابعة‪ ،‬سترتفع الغرامة من يورو واحد إلى ‪ 4000‬يورو‪ .‬يورو‪ .‬ويضاعف الحد األقصى لهذه‬
‫الغرامات في حالة تكرار الجريمة في غضون ثالث سنوات‪ ،‬أنظر في دلك‪:‬‬
‫‪Van Keirsbilck, Chloé ; "Droit pénal de l'environnement : le droit répressif permet-il une‬‬
‫‪protection effective de l'environnement ?" ; OP ; P42 .‬‬
‫واستيرادها وتصديرها وتسويقها‪ ،‬إد نص هدا األخير على غرامات مهمة في حق املخالفين حددتها‬
‫المواد ‪ 1‬و‪ 97‬و‪ ،99‬أقل غرامة نص عليها تتمثل في ‪ 2777‬درهم في م ‪ 97‬في حين أقصها تتمثل في‬
‫‪ 9777777‬درهم في م ‪.11731‬‬
‫والغرامة تتخذ صورتين في إطارالعقاب اإلداري البيئي‪ ،‬فهي قد تكون في شكل ثابت كتعريفة‬
‫محددة على كل سلوك خاطئ أو تكون محددة بين حدين كما رأينا‪ ،‬أو قد يحدد المشرع الغرامة‬
‫على أساس المماعفات‪ ،‬كما هو الحال في الغرامة النسبية‪ ،‬بحيث يترك األمر للجهة اإلدارية‬
‫سلطة تقديرها وتحديد مقدارها بناء على حجم المرر‪ ،1174‬ونمثل لهاته الحالة بالفصل ‪ 921‬من‬
‫ق ‪ 16.92‬المتعلق بالماء‪ ،‬فهي لم تحدد مقدارالغرامة بل سمحت لوكالة الحوض المائي تقديره‬
‫بغرامة تساوي عشرمبلغ األشغال‪.1175‬‬
‫والمالحظ عن الغرامة في إطارالتشريع البيئي المغربي أنه ال يتم التميزمن خالل فرضها بين‬
‫الشخص الطبيعي والشخص المعنوي‪ ،‬فالمشرع يساوي بينهم رغم اختالف دممهم المالية‪،1176‬‬
‫فاألجدرأن يتم التميزبينهما ألن طبيعة الشخص المعنوي في بعض الحاالت تستحق غرامة مالية‬
‫مرتفعة عما هو مستحق للشخص الطبيعي‪.‬‬
‫لعل اتساع نطاق الغرامة في التشريع البيئي يحيلنا على مبدأ مهم جاء نتيجة تزايد االهتمام‬
‫بحماية البيئة هو ‘‘الملوث الدافع‘‘‪ ،1177‬يرى الفقه بأن المقصود بهذا المبدأ – الملوث الدافع‬
‫‪-1173‬ظهير شريف رقم ‪ 4.42.412‬صادر في ‪ 22‬من صفر ‪ 4 – 4144‬ديسمبر ‪ 2042‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 44.42‬القاضي‬
‫بمنع صنع األكياس البالستيكية من مادة البالستيك واستيرادها وتصديرها وتسويقها واستعمالها‪:‬‬
‫المادة ‪‘‘ :7‬يعاقب بغرامة من ‪ 200.000‬إلى ‪ 4.000.000‬درهم كل شخص صنع األكياس البالستكية‪ ،‬المنصوص عليها في‬
‫البند ‪ 1‬من المادة ‪ 4‬من هذا القانون‘‘‪.‬‬
‫المادة ‪‘‘ :40‬يعاقب بغرامة من ‪ 2000‬إلى ‪ 200.000‬درهم كل شخص يحوز األكياس البالستكية‪ ،‬المنصوص عليها في البند‬
‫‪ 1‬من المادة ‪ 4‬من هذا القانون بغرض بيعها أو عرضها للبيع أو بيعها أو يوزعها بعوض أو بدون عوض‘‘‪.‬‬
‫المادة ‪‘‘ :44‬يعاقب بغرامة مالية من ‪ 2000‬إلى ‪ 200.000‬درهم كل شخص يحوز األكياس البالستكية‪ ،‬المنصوص عليها في‬
‫البنود ‪ 2‬و‪ 2‬و‪ 4‬و‪ 2‬و‪ 7‬و‪ 40‬من المادة ‪ 4‬أعاله ألغراض غير تلك الموجهة إليها‘‘‪.‬‬
‫‪ -1174‬بن أحمد محمد‪ ،‬الجزاءات اإلدارية والجنائية في مجال حماية البيئية – دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪-1175‬المادة ‪ 414‬من ظهير شريف رقم ‪ 4.42.444‬صادر في ‪ 2‬دي القعدة ‪ 40 – 4144‬أغسطس ‪ 2042‬بتفنيد القانون رقم‬
‫‪ 42.42‬المتعلق بالماء‪‘‘ :‬يعاقـب عـن اإلنجاز بـدون ترخيـص لألشغال المذكورة في الفقـرات ‪ 4‬و‪ 4‬و‪ 7‬مـن المادة ‪ 22‬أعـاله‬
‫وفي المواد ‪ 20‬و‪ 72‬و‪ 444‬أعـاله بغرامـة تسـاوي عـشر مبلـب األشغال تقـدره وكالـة الحـوض المائي‘‘‪.‬‬
‫‪ -1176‬ياسين الكعيوش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.220‬‬
‫‪-1177‬تطرقت أهم الدراسات االقتصادية واالجتماعية إلى موضوع من يتحمل أعباء حدوث التلوث‪ ،‬ووفق األصل العام وما‬
‫تمليه العدالة االجتماعية أن من يتحمل عبء التلوث البيئي هو من تسبب في إحداثه (أي الملوث) والذي تمت صياغته في المبدأ‬
‫الشهير الملوث المؤدي أو الدافع )‪ ، le principe pollueur-payeur (P.P.P‬ويقصد بمبدأ ” الملوث المؤدي أو الدافع ‪le‬‬
‫)‪principe pollueur-payeur (P.P.P‬إدراج كلفة الموارد البيئية ضمن ثمن السلع أو الخدمات المعروضة في السوق‪ ،‬ذلك‬
‫أن إلقاء نفايات ملوثة في الهواء أو المياه أو التربة هو نوع من استعمال هذه الموارد ضمن عوامل اإلنتاج‪ ،‬وبذلك ينبغي أن‬
‫يدخل استعمال هذه الموارد الطبيعية في كلفة المنتوج او الخدمة المعروضة‪ .‬وتؤدي مجانية استخدام هذه الموارد البيئية التي‬
‫– ينصرف إلى معنيين‪ ،‬أولهما أنه كل من تسبب في إحداث أضراربيئية للغيريلزم بدفع التعويض‬
‫المناسب‪ ،‬ويقصد الثاني أن يتحمل الشخص المسؤول عن النشاط الممر بالبيئة كافة‬
‫التكاليف المرورية لمنع حدوث هده األضرار‪ ،‬بناء على دلك فقد تطورت وظيفة الملوث الدافع‬
‫التي بدأت بتحمل التكاليف املخصصة لمنع التلوث وتدابير الرقابة عليه ثم أصبح آلية وقائية‬
‫فعالجية‪.1178‬‬
‫ومبدأ الملوث الدافع دو طبيعة مزدوجة قانونية و اقتصادية في الوقت نفسه‪ ،‬فهو يممن‬
‫توزيع تكاليف حماية البيئة بشكل منصف‪ ،‬فهو مبدأ قانوني ألنه يعد بمثابة طرح جديد‬
‫للمسؤولية‪ ،‬حيث أن مسؤولية الملوث تكون قائمة سواء كان نشاطه مشروع أو غير مشروع‪ ،‬إد‬
‫يكفي وجود ضرر يمس بالبيئة‪ ،‬كما أن كونه ينسجم مع فكرة العدالة من خالل إلزام محدث‬
‫المرر بتحمل تبعاته‪ ،‬فتلويث البيئة ال يجوز‪ ،‬ومنه البد من تحمل المتسبب فيه مسؤولية‬
‫التعويض عنه وإصالحه‪ ،‬كما يشكل المبدأ تطبيق لقاعدة اقتصادية‪ ،‬فهو يعتبر تدعيما للفكرة‬
‫التي تبناها مؤتمر قمة األرض وهي التنمية المستدامة‪ ،‬أو التنمية االقتصادية من منظور بيئي‪،‬‬
‫وهو يقض ي على أن الملوث يجب أن تقتطع منه السلطات العمومية نفقات منه ومكافحة التلوث‬
‫كي تكون البيئة في حالة مقبولة‪.1179‬‬
‫إن تطورهدا المبدأ من مفهوم اقتصادي إلى مفهوم قانوني‪ ،‬كونه آلية قانونية للوقاية من‬
‫التلوث‪ ،‬ليشكل في نهاية المطاف ضمانة لتعويض األضرار البيئية‪ ،1180‬حيث يتمتع بوظائف‬
‫عدة‪ ،‬سواء مهمة إعادة توزيع تكاليف التلوث لتحقيق التكامل االقتصادي‪ ،‬كونه يممن‬
‫م داخيل جبائية للدولة‪ ،‬ثم من شأنه أن يشكل آلية وقائية من خالل دفع الملوثين إلى تغيير‬
‫تدخل ضمن عوامل اإلنتاج إلى هدرها‪ ،‬لذلك يعتبر االقتصاديون أن سبب تدهور البيئة يعود إلى مجانية استخدام الموارد‬
‫الطبيعية‬
‫وقد ظهر هذا المبدأ لألول مرة سنة ‪ 4742‬من طرف منظمة التعاون و التنمية االقتصادية)‪، (OCDE‬كما تم تكريسه ضمن‬
‫المبدأ ‪ 42‬من إلعالن ريو لسنة ‪ ،4772‬كما ظهر في القانون الفرنسي سنة ‪ ،4772‬بموجب قانون فيفري ‪ ،4772‬ويقضي‬
‫هذا المبدأ على ” أن الملوث يجب أن تقتطع منه السلطات العمومية النفقات الخاصة باإلجراءات الرامية إلى الحفاظ على البيئة‬
‫في حالة مقبولة ”حيث أن سعر الضريبة يتحدد عند النقطة التي تتعادل فيها كلفة الضرر الحدي الذي يسببه الملوث مع التكاليف‬
‫الحدية لمكافحة التلوث بمعنى أخر فإن الضريبة تساوي تكلفة تفادي الضرر أو تكلفة إزالة الضرر‪ .‬أنظر‪ :‬غالي مراد‪ ،‬الجبايات‬
‫الخضراء ومتطلبات التنمية المستدامة‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬العدد ‪ 40 – 47‬يونيو ‪ /‬حزيران ‪،2044‬‬
‫ص ‪.74‬‬
‫‪ -1178‬ولد عمر الطيب‪ ،‬قرميط الجياللي‪ ،‬تكريس الجباية لحماية البيئة في ظل مبدأ الملوث الدافع‪ ،‬مجلة البحوث العلمية في‬
‫التشريعات البيئية‪ ،‬المجلد ‪ ،44‬العدد ‪ 4‬سنة ‪ ،2024‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -1179‬حورية رداوية‪ ،‬تكريس مبدأ ‘‘الملوث الدافع‘' في الممارسات الدولية‪ ،‬مجلة البحوث والدراسات القانونية والسياسية‪،‬‬
‫العدد التاسع‪ 44 ،‬غشت ‪ ،2042‬ص ‪.44‬‬
‫‪ -1180‬عطوي وداد‪ ،‬مبدأ الملوث الدافع كسلية بعدية لحماية البيئة‪ ،‬دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،1‬العدد ‪ ،2‬سنة ‪ ،2020‬ص ‪.14‬‬
‫سلوكياتهم اتجاه البيئة‪ ،‬وأهم وظيفة يتمتع بها هي العالجية‪ ،‬ولعل طبيعة هدا المبدأ ووظائفه‬
‫من شأنها أن تمنحنا آلية تمتلكها اإلدارة لممارسة رقابتها على البيئة وزجراملخالفين‪ ،‬ليس فقط‬
‫تحول دون اللجوء للزجرالجنائي بل قبل الزجراإلداري نفسه‪ ،‬إد اإلدارة تمارس دورالوقاية حتى‬
‫ال تلجأ للعالج بشكلي الحق بعد حدوث المرر‪ ،‬ونحن نعلم أن ضررالبيئي يتخذ صورمتعددة‪ ،‬إد‬
‫قد يستعص ي في عدة صورإصالح المررالدي أصاب البيئة‪ ،‬لدلك يمكن اعتبارأن التوجه صوب‬
‫الوقاية من خالل ما تتمتع به اإلدارة باملجال ومنحها ما يكفي من آليات من شأنه أن يوفر عنا‬
‫عدة خطوات خصوصا منها ما يتعلق بالتجريم والعقاب‪.‬‬
‫إن الوعي الجدي بأهمية الجبايات البيئية ساعد في توجيه السلوك والفعل الشخص ي‬
‫والجماعي نحو تبني أدوات بيئية أكثر استدامة‪ ،‬دفع مجموعة من الدول إلى تكيف تشريعاتها مع‬
‫الفلسفة واإلطار الجديدة للجبايات الخمراء‪ 1181‬ضمن قوانينها البيئية وربطها بالتشريع المالي‬
‫وبالتالي بالسياسات العمومية‪ ،‬والمغرب بدوره سار في نفس النهج من خالل تحديد الئحة‬
‫اقتطاعات ضريبية بيئة تشمل مجاالت الماء والطاقة والنقل والنفايات…‪ ،‬كتعبير عن إرادة‬
‫حقيقية في بناء فعل عمومي بيئي يجعل غاية تحقيق التنمية المستدامة في صلب اهتماماته بدل‬
‫أن يكون الهدف هو مجرد تحصيل موارد لفائدة الخزينة العامة للدولة‪ ،‬ودلك بموجب القانون‬
‫رقم ‪ 20.76‬المتعلق بجبايات الجماعات الترابية‪.1182‬‬
‫بالرجوع للقانون السالف الدكر نجده ينص على مجموعة من الجبايات وردت في سياق‬
‫المساهمة في توفير إيرادات مالية مهمة من أجل ضمان حماية واستصالح البيئة‪ ،‬ندكر منها ما‬
‫ورد في المادة ‪ 00‬منه بخصوص فرض رسوم على المؤسسات التي تستغل ينابيع المياه المعدنية‬
‫أو مياه المائدة المعدة لالستهالك في شكل قنينات‪ ،‬حيث حددت المادة ‪ 27‬سعرالرسم في ‪7.97‬‬
‫‪-1181‬تعرف الجبايات الخضراء على أنها نوع من األدوات االقتصادية لمعالجة المشاكل البيئية‪ ،‬وهي مصممة الستيعاب‬
‫التكاليف البيئية وتوفير الحوافز االقتصادية لألشخاص والشركات لتعزيز األنشطة المستدامة بيئيا‪ ،‬كما تعرفها منظمة التعاون‬
‫والتنمية االقتصادية )‪ (OCDE‬الجبايات الخضراء بأنها مجموع الضرائب والرسوم واإلتاوات التي يشتمل وعاؤها على منتوج‬
‫أو خدمة تلحق أضرارا بالبيئة‪ ،‬أو يترجم وعاؤها باقتطاع من الموارد الطبيعية‪ ،‬وعرفتها لجنة الحسابات واقتصاد البيئة على‬
‫أنها الجباية المفروضة على المنتجات‪ ،‬الخدمات والمعدات…إلخ‪ ،‬التي لها تأثير على البيئة‪ .‬أنظر‪ :‬غالي مراد‪ ،‬الجبايات‬
‫الخضراء ومتطلبات التنمية المستدامة‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬العدد ‪ 40 – 47‬يونيو ‪ /‬حزيران ‪،2044‬‬
‫ص ‪.70‬‬
‫‪ -1182‬القانون رقم ‪ 14.02‬المتعلق بجبايات الجماعات الترابية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 4.04.472‬بتاريخ ‪ 47‬من‬
‫ذي القعدة ‪30 1428‬نوفمبر ‪ 2004‬كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم ‪ 04.20‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 4.20.74‬بتاريخ ‪16‬جمادى األولى ‪ 44 4112‬ديسمبر ‪ :2020‬ج‪ .‬ر‪ .‬عدد ‪ 2712‬بتاريخ ‪ 42‬جمادى األولى ‪44 4112‬‬
‫ديسمبر ‪.2020‬‬
‫درهم عن كل لتر أو كسر من اللتر‪ 1183‬ودلك بغية عقلنة وضبط استعمال المياه من لدن‬
‫المؤسسات المرخص لها وفق الموابط املحددة في الترخيص‪.‬‬
‫كما نجد المادة ‪ 17‬من نفس القانون وهي تتعلق بالرسوم على استخراج مواد المقالع‪،‬‬
‫فالرسوم تفرض على كميات المواد المستخرجة من المقالع‪ ،‬وهي تفرض على المستغل‬
‫المرخص له كيفما كان نظام ملكية المقلع‪ ،‬أما بخصوص طريقة احتساب الرسم فهي تتم على‬
‫أساس كميات المواد المستخرجة من المقالع وحسب طبيعة المواد‪.1184‬‬
‫ونشير أيما للمادة ‪ 971‬المتعلقة بالرسوم على بيع الحاصالت الغابوية‪ ،‬فمقتمياتها‬
‫تشمل بيع الحاصالت الغابوية بما فيها األخشاب المقطوعة من األشجارعلى أساس الثمن الدي‬
‫بيعت به هده الحاصالت دون احتساب المريبة على القيمة الممافة‪ ،‬ويفرض الرسم على‬
‫المشتري‪ ،‬وهده الحالة يحدد فيها الرسم بناء على النسبة المئوية‪ ،‬إد حددتها المادة ‪ 999‬في ‪10%‬‬
‫من مبلغ مبيعات الحاصالت الغابوية‪.1185‬‬
‫وبدلك يبدوأن المشرع المغربي يعتمد على المنطق المالي بشكل كبيرفي حماية البيئة سواء‬
‫على شكل غرامة عقابية أو شكل جبايات تفرضها اإلدارة املختصة‪ ،‬وهدا إن دل إنما يدل على‬
‫أمرين أساسيين‪ ،‬األول يمكن اعتبارالعقاب المالي أو الملوث الدافع أساسه مبدأ الغنم بالغرم‪،‬‬
‫فكل من يلوث البيئة نتيجة لسلوكه ملزم بالدفع مقابل هدا الفعل سواء بشكل مسبق وهو ما‬
‫حدد في الجبايات أو في شكل الحق للفعل من خالل غرامات زجرية‪ ،‬أما األمر الثاني فإننا نلمس‬
‫من خالله – ونحن بصدد دراسة القانون الجنائي اإلداري – صالحيات اإلدارة في حماية البيئة‬
‫‪-1183‬المادة ‪ 20‬من ق ‪‘‘ :14.02‬يحدد سعر الرسم في ‪ 0،40‬درهم عن كل لتر أو كسر من اللتر من المياه المعدنية أو مياه‬
‫المائدة المعدة لالستهالك في شكل قنينات‘‘‪.‬‬
‫‪-1184‬المادة ‪ 74‬من ق ‪ :14.02‬يحدد سعر الرسم كما يلي‪:‬‬
‫السعر عن كل متر مكعب من المستخرج‬ ‫أصناف المواد المستخرجة‬
‫من ‪ 20‬إلى ‪ 40‬درهم‬ ‫بالنسبة للغاسول‬

‫من ‪ 42‬إلى ‪ 20‬درهم‬ ‫بالنسبة للرخام ولغرانيت المستخدمين في التكسية ‪....‬‬
‫من ‪ 4‬إلى ‪ 2‬دراهم‬ ‫بالنسبة للرمال والطين المستخدمين في الهندسة المدنية‬
‫والبناء والكلس المعد لحجر البناء أو للحصى والطين المعد‬
‫للصناعة الخزفية‪...‬‬
‫‪ -1185‬م ‪ 444‬من ق ‪‘‘ :14.02‬يحدد سعر الرسم في ‪ 40%‬من مبلب مبيعات الحاصالت الغابوية المنصوص عليها في المادة‬
‫‪407‬أعاله‪‘‘.‬‬
‫وما منحها المشرع من إمكانية فرض غرامات إدارية في حق املخالفين‪ ،‬وكما أشرنا فالجزاء المالي‬
‫ال يقتصرعلى الغرامة فقط بل يشمل المصادرة كدلك‪.‬‬
‫‪-2‬المصادرة‬
‫تعتبر المصادرة عقوبة مالية إلى جانب الغرامة‪ ،‬والمقصود بها هو تلك العقوبة المالية‬
‫التي بموجبها يتم نقل ملكية األموال واألشياء دات الصلة بالجريمة من املحكوم عليه إلى الدولة‪،‬‬
‫وبهذا المفهوم تختلف المصادرة عن الغرامة‪ ،‬في أن الغرامة عقوبة نقدية‪ ،‬في حين أن المصادرة‬
‫عقوبة عينية‪.‬‬
‫والمصادرة في التشريع البيئي تتمثل في استيالء الدولة على المعدات والمواد التي تعد بأنها‬
‫ضارة بالبيئة‪ ،‬فعلى سبيل المثال مصادرة اآلليات واألجهزة أوالمواد التي تصدرغازات أوإفرازات‬
‫سامة يمكن أن تمرالبيئة‪ ،‬والمصادرة على نوعان فهي إما أن تكون وجوبية أو جوازية‪.1186‬‬
‫وبالعودة للتشريع الزجري البيئي المغربي‪ ،‬أول ما يمكن أن نالحظه عن المصادرة هو أن‬
‫المشرع المغربي لم يفرضها كعقوبة منفردة‪ ،‬بل جعلها كتدبير وقائي عيني‪ ،‬إد يمكن أن نجدها‬
‫من خالل المادة ‪ 22‬من قانون ‪ 91.71‬المتعلق بالطاقات المتجددة‪ ،1187‬ففي هاته الحالة‬
‫املحكمة هي التي تصادر التجهيزات والمعدات موضوع املخالفة الماسة بالبيئة‪ ،‬ونشير في نفس‬
‫السياق إلى ظهير‪ 29‬يوليوز‪ 9121‬المتعلق بالقنص واملحافظة على الوحيش‪ ،‬الدي عالج موضوع‬
‫المصادرة‪ ،‬إد نص من خالل المادة ‪ 27‬على أنه يترتب على كل حكم باإلدانة‪ ،‬مصادرة األسلحة‬
‫واألدوات واآلالت أو الوسائل المستعملة في القنص‪ ،‬وجلود الحيوانات التي تم قنصها خالفا‬
‫للنصوص المنظمة للقنص‪ ،‬ويجوز أن تمتد المصادرة للدواب والعربات والوسائل األخرى‪،1188‬‬
‫هدا فيما يخص المصادرة اإلجبارية‪.‬‬
‫‪-1186‬علي عدنان الفيل‪ ،‬دراسة مقارنة للتشريعات العربية الجزائية في مكافحة جرائم التلوث البيئي‪ ،‬مجلة الزرقاء للبحوث‬
‫والدراسات اإلنسانية‪ ،‬المجلد التاسع‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬سنة ‪ ،2007‬ص ‪.444‬‬
‫‪ -1187‬ظهير شريف رقم ‪ 4.40.42‬صادر في ‪ 22‬من صفر ‪1431 11‬فبراير ‪ 2040‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 44.07‬المتعلق‬
‫بالطاقات المتجددة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 2222‬بتاريخ فاتح ربيع اآلخر ‪ 42 – 4144‬مارس ‪ ،2040‬ص ‪.4442‬‬
‫‪-1188‬ياسين الكعيوش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫في حين نجد مثال المادة ‪ 26‬من قانون رقم ‪ 20.91‬المتعلق بالمقالع‪ ،1189‬جعلت المصادرة‬
‫كتدبيروقائي اختياري تبقى مسألة الحكم بها تقديرية‪ ،‬بحيث تتمتع املحكمة بكامل الصالحية بأن‬
‫تأمربمصادرة المواد واآلالت التي استعملت في المقالع من طرف المستغل لفائدة الدولة‪.‬‬
‫وما يمكن قوله بخصوص المصادرة في التشريع البيئة فإنها حاضرة بشكل ملحوظ‪ ،‬غير‬
‫أنها ال تحمر بصورة العقوبات اإلدارة التي تتولى اإلدارة إصدارها‪ ،‬إنما هي حاضرة تحت الغطاء‬
‫الجنائي بناء على حكم قمائي في صورة تدبير وقائي‪ ،‬ولعل احتكار المشرع هاته الصالحية‬
‫للمحكمة إن دل على ش يء إنما يدل عن حدره من أن يفتح أمام اإلدارة املجال التخاذ مثل هاته‬
‫العقوبات‪ ،‬ألنها وإن كانت المصادرة ليست عقوبة مالية بالمعنى الميق للمال إال أنها قد تنصب‬
‫أحيانا على معدات أو أدوات تتجاوزقيمتها مقدارالغرامة التي يمكن الحكم بها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬العقوبات المقيدة للحقوق‬
‫إن كفاءة السياسة الجنائية عموما‪ ،‬والسياسة العقابية على وجه الخصوص تقاس بمدى‬
‫فعالية العقاب الدي تقوم عليه‪ ،‬وهاته الفعالية ال يمكن الحديث عنها دون سن قواعد عقابية‬
‫متطورة تنسجم وسائر املخاطبين بها أيا كانت صفتهم‪ ،‬فاملجال البيئي يعرف انتشار كبير‬
‫لألشخاص المعنوية الدي يمكن عقابهم‪ ،‬فالهاجس العقابي هنا هو خلق عقوبات قادرة على‬
‫قمعهم تماش يا والسلوكات املجرمة المقترفة من طرفهم‪ ،‬فإلى جانب العقوبات المالية نجد‬
‫العقوبات المقيدة لحقوق املخاطبين بها‪ ،‬فاإلدارة تملك صالحية فرض هاته العقوبات‪.‬‬
‫‪-9‬إيقاف النشاط وغلق المنشأة‬
‫يعتبر الغرض من كل منشأة أو العاملين فيها هو استمرار العمل وجني أكبر قدر ممكن من‬
‫الربح‪ ،‬والسيروراء هاته الغاية يمكن أن يرتب أضرارتمس بالبيئة إن لم يكن معقلنا‪ ،‬وهنا العقوبة‬
‫كي تكون فعالة يجب أن تصيب في عمق هاته الغاية‪ ،‬ودلك من خالل وقف المنشأة أو إغالقها‬
‫فدلك يكون بمثابة إعدام لها‪.‬‬
‫ويقصد به منع المنشأة املخالفة ألحكام التشريعات البيئية من مزاولة نشاطها بصفة‬
‫مؤقتة أو دائمة‪ ،1190‬في المكان الدي ارتكبت فيه أو بسببه املخالفة البيئية‪ ،‬حيث يتم من خالله‬
‫‪ -1189‬ظهير شريف رقم ‪ 4.44.22‬صادر في ‪ 44‬من شعبان ‪ 7 4422‬يونيو ‪ 4244‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 42.42‬المتعلق بالمقالع‪،‬‬
‫ج‪.‬ر عدد ‪ 2441‬بتاريخ ‪ 42‬رمضان ‪ 2 – 4142‬يوليو ‪ ،2042‬ص ‪.2022‬‬
‫‪-1190‬علي عدنان الفيل‪ ،‬دراسة مقارنة للتشريعات الجزائية في مكافحة جرائم الثلوث البيئي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.447‬‬
‫إبعاد المنشأة عن دائرة التعامل متى كانت مسرحا أو وسيلة لبعض أوجه النشاط الملوث الدي‬
‫يشكل خطرا على املجال البيئي عموما‪.1191‬‬
‫فغلق المنشأة يحمـل معنـى وقـف الـشخص المعنوي‪ ،‬مما يستتبع حظر ممارسـة أعمالـه‬
‫التـي خصص نشاطه لها‪ ،‬ولو كان ذلك باسم آخر أو تحت إدارة أخرى‪ ،‬كما يحمل معنى حل‬
‫ً‬
‫الشخص المعنوي‪ ،‬مما يعني إنهاء وجوده القانوني‪ ،‬والحل يستتبع أيـما تصفية أمواله‪ ،‬وزوال‬
‫صفة القائمين على إدارتـه أوتمثيله‪ ،1192‬والغلق قد يكون مؤقتا مثال في حالة عدم استجابة مزاول‬
‫النشاط المار بالبيئة لإلنذار وبعد انتهاء مدة اإلنذار يصار إلى غلق مؤقت‪ ،‬أو قد يكون غلقا‬
‫نهائيا‪ ،‬وهدا األخيرأشد صرامة من سابقه‪.1193‬‬
‫باستقراء قوانين حماية البيئة بالمغرب‪ ،‬نالحظ أن المشرع المغربي نص على إغالق‬
‫المنشأة أو المؤسسة المسؤولة عن الجريمة البيئية في العديد من القوانين وسنخص بالدكر‬
‫قانونين اثنين‪ ،‬األول هوق ‪ 91.71‬المتعلق بمكافحة تلوث الهواء‪ ،‬بموجب المادة ‪ 91‬منه‪ ،‬فاإلدارة‬
‫تمنح الشخص المسؤول عن التلوث التعليمات الالزمة التخاذ اإلجراءات واإلصالحات المرورية‬
‫للحد من االنبعاثات الخطيرة الماسة بالبيئية‪ ،‬غيرأنه بالرغم من االستجابة ألوامراإلدارة بإدخال‬
‫التعديالت الالزمة فإن مخاطر التلوث لم تتوقف‪ ،‬هنا منح المشرع لإلدارة صالحية التدخل‬
‫بوقف النشاط أو االستغالل مصدرالتلوث‪ ،1194‬وعلى خالف المادة السابقة وردت المادة ‪ 92‬من‬
‫ق ‪ 91.71‬إد هاته األخيرة تعاقب بوقف نشاط المنشأة إما كليا أوجزئيا ودلك في حالة عدم احترام‬
‫صاحب المنشأة اإلنذارالموجه له التخاذ التدابيرالالزمة للحد من ضررالبيئي إال أنه لم يستجب‬
‫لها‪.1195‬‬
‫ونفس التوجه سار عليه القانون رقم ‪ 20.91‬المتعلق بالمقالع‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ 29‬منه‬
‫على الغلق المؤقت للمنشأة‪ ،‬وربط المشرع صالحية اإلدارة باتخاذ هدا الجزاء بتمادي المستغل‬
‫في املخالفة بعد انصرام شهرواحد على تاريخ فرض الغرامة اإلدارية‪ ،‬غيرأن الغلق المؤقت يمكن‬
‫‪ -1191‬بن أحمد محمد‪ ،‬الجزاءات اإلدارية والجنائية في مجال حماية البيئة – دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪.22 ،‬‬
‫‪-1192‬علي عدنان الفيل‪ ،‬دراسة مقارنة للتشريعات الجزائية في مكافحة جرائم الثلوث البيئي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.447‬‬
‫‪-1193‬رنا ياسين حسين العابدي‪ ،‬وسائل اإلدارة في حماية البيئة – دراسة في التشريع العراقي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.474‬‬
‫‪-1194‬م ‪ 44‬من ق ‪...‘‘ :44.04‬غير أنه إدا تبين لإلدارة استمرار المخاطر والمضار بالرغم من قيام الشخص المسؤول بالتدابير‬
‫التكميلية وبوضع التجهيزات والتغييرات المطلوبة‪ ،‬يحق لها أن تأمر بوقف النشاط أو االستغالل لمصدر التلوث‘‘‪.‬‬
‫‪-1195‬م ‪ 42‬ق ‪‘‘ :44.04‬إد الحظت اإلدارة عدم احترام صاحب المنشأة أو مستغل لها لمقتضيات هدا القانون والنصوص‬
‫الصادرة بتطبيقه‪ ،‬وجهت إليه إنذارا للتقيد بالشروط والمعايير وللقيام بالتدابير واألشغال واإلصالحات الضرورية داخل أجل‬
‫محدد‪ ،‬وعند عدم تنفيذه تلك األشغال واإلصالحات يمكنها أن توقف كليا أو جزئيا نشاط المنشأة أو تقوم تلقائيا بإنجاز تلك‬
‫األشغال على نفقة المخالف‘‘‪.‬‬
‫أن يتحول إلى نهائي بمقتض ى الفقرة الثانية من م ‪ ،29‬ودلك عند عدم تنفيذ المستغل التدابير‬
‫الالزمة داخل أجل ستة أشهر من تاريخ توقيف االستغالل المؤقت‪ ،‬بحيث يجوز لإلدارة أن تأمر‬
‫بإغالق المنشأة دون اإلخالل بصالحياتها بالمتابعات القمائية‪.1196‬‬
‫وما يمكنن أن نالحظه بخصوص غلق و إيقاف المنشأة هو حموره بشكل بارز في العقاب‬
‫البيئي‪ ،‬على الرغم من خطورته‪ ،‬يمكن اتخاده سواء من لدن املحكمة على اعتبار أنها صاحبة‬
‫الوالية العامة في العقاب أو بواسطة اإلدارة كونها تشكل جهاز أكثر دراية ومعرفة وقرب من‬
‫املجال‪ ،‬األمر الدي خولها صالحية اتخاده في عدة حاالت ولكن في إطار ضوابط قانونية كي ال‬
‫يصبح أداة تعسف في يدها‪ ،‬إد دائما ما يخولها المشرع غلق المنشأة كآخر تدبير في حال عدم‬
‫احترام املخالف للقوانين الحمائية للبيئة‪ ،‬وهدا التوجه يعتبر منطقيا لما يتسم به الغلق من‬
‫شدة‪.‬‬
‫‪-2‬سحب الترخيص‬
‫األصل أن يمارس األفراد نشاطاتهم وحرياتهم دون إدن مسبق‪ ،‬إال أن ترك هدا األمر دون‬
‫تنظيم يرتب فوض ى في املجتمع‪ ،‬وعلى هدا النحو فإن تتولى التنظيم بواسطة اإلذن السابق أو‬
‫الترخيص‪ ،1197‬بدلك فالترخيص آلية لتقييد حرية األفراد في ممارسة أنشطتهم‪ ،‬خولها لإلدارة‬
‫املختصة‪ ،‬فهو وسيلة قانونية وقائية من أجل حماية النظام العام بصفة عامة والبيئة بصفة‬
‫خاصة‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى فإن الترخيص هو اإلذن الصادرمن اإلدارة املختصة بممارسة نشاط معين ال‬
‫يجوز ممارسته بغير هدا اإلذن‪ ،‬وتمنح اإلدارة اإلذن إدا تو افرت الشروط الالزمة التي يحددها‬
‫القانون لمنحه‪ ،‬ويشكل الترخيص أبرزأساليب الوقائية لحماية البيئة‪ ،‬ألنه ليس لهيئات المبط‬
‫املختصة بحماية البيئة منح التراخيص إال بعد تحققها من توفرالشروط الالزمة لمنحه‪.‬‬
‫وفي هدا السياق ينص القانون رقم ‪ 20.91‬بأنه ال يمكن الشروع في استغالل المقالع إال بعد‬
‫الحصول على تصريح في الشكل المتطلب قانونا‪ ،‬إضافة إلى ضرورة االنتهاء من تهيئتها وفق‬
‫‪ -1196‬ف ‪ 24‬من ق ‪...‘‘ :24.44‬إدا تمادى المستغل في المخالفة بعد انصرام شهر واحد على تاريخ فرض الغرامة اإلدارية‪،‬‬
‫فإن اإلدارة توقف استغالل المقلع إلى حين تنفيذ التدابير المذكورة‪.‬‬
‫وفي حالة عدم تنفيذ التدابير الالزمة من لدن المستغل داخل أجل ستة ‪ 2‬أشهر من تاريخ توقيف االستغالل المنصوص عليه في‬
‫الفقرة ‪ 4‬أعاله‪ ،‬تأمر اإلدارة بإغالق المقلع دون اإلخالل بالمتابعات القضائي‘‘‪.‬‬
‫‪-1197‬محمد أحمد عبد النعيم‪ ،‬مدى سلطة اإلدارة في وقف األنشطة الخطرة على البيئة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.244‬‬
‫مقتميات كناش التحمالت و إيداع تصريح بدلك لإلدارة‪ ،‬ولكن في حالة عدم احترام المقتميات‬
‫السالفة الدكرفإنه تنتهي بقوة القانون صالحية وصل التصريح‪ ،‬ويكون موضوع الفسخ غيرقابل‬
‫للطعن م ‪ 92‬من ق ‪ ،119820.91‬وسعيا من اإلدارة على التفعيل الجاد للحماية القبلية فإن منح‬
‫وصل التصريح باستغالل المقلع يتوقف على تقديم كفالة بنكية تستعمل إلعادة تهيئة موقع‬
‫المقلع المستغل في حالة عدم إعادة تهيئته من طرف المستغل بناء على م ‪ 92‬من ق ‪.20.91‬‬
‫وفي نفس السياق يحدد القانون رقم ‪ 22.77‬المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها‪،1199‬‬
‫مثال من خالل م ‪ 17‬لشروط منح ترخيص جمع النفايات الخطرة ونقلها‪ ،‬ثم م ‪ 27‬تشترط نفس‬
‫المقتميات بخصوص تدبير النفايات الطبية والصيدلية‪ ،‬وغيرها من الحاالت األخرى التي‬
‫تتطلب ترخيصا من اإلدارة لممارسة أعماله‪ ،‬غيرأن المشرع قيد الترخيص بشرط يتعلق بمراعاة‬
‫حقوق األفراد‪ ،1200‬كما وسع من صالحيات اإلدارة تجاه الترخيص قرر بناء على المادة ‪ 20‬من ق‬
‫‪ 22.77‬أنه يجوز لإلدارة متى تبين لها بأن المصلحة العامة تقتض ي سحب الترخيص أن تقوم‬
‫بسحبه‪.1201‬‬
‫وما يمكن قوله هو أن سحب الترخيص بوجه عام وسيلة تلجأ إليها اإلدارة لحفظ النظام‬
‫العام بالنهي عن ممارسة التصرفات الماسة بالبيئة عن طريق سحب التصريح الدي هو أساس‬
‫ممارسة املخالف ألنشطته املحظورة وبالتالي تكون أغلقت املجال أمامه‪ ،‬كما نشير أنه بغض‬
‫النظرعن سحب الترخيص فهي تمل ممتلكة إلمكانية المتابعة القمائية في حاالت معينة‪.‬‬
‫على العموم لقد ظل يرتبط القانون الجنائي والقانون الجنائي اإلداري ارتباطا وثيقا في‬
‫دورهما في حماية البيئة‪ ،‬والدليل على القرب بين القانون الجنائي والقانون اإلداري فيما يتعلق‬
‫‪ -1198‬الفقرة ‪4‬و‪ 1‬من م ‪ 42‬من ق ‪ ...‘‘ :24.44‬تنتهي بقوة القانون صالحية وصل التصريح إد لم يشرع في استغالل المقلع‬
‫المعني خالل مدة أربعة وعشرين شهرا من تاريخ سريان وصل التصريح‪ ،‬مع مراعاة مقتضيات الفقرة الثانية من م ‪ 44‬أدناه‪.‬‬
‫كما تنتهي بقوة القانون صالحية وصل التصريح في حالة ما إدا كان العقد أو الرخصة المنصوص عليهما في الفقرتين الثانية‬
‫والثالثة من المادة ‪ 4‬أعاله موضوع فسخ غير قابل للطعن‘‘‪.‬‬
‫‪-1199‬ظهير شريف رقم ‪ 4.02.424‬صادر في ‪ 40‬من شوال ‪22 1427‬نوفمبر ‪ 2002‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 22.00‬المتعلق‬
‫بتدبير النفايات والتخلص منها‪ ،‬منشور في ج‪.‬ر عدد ‪ ،2120‬بتاريخ ‪ 42‬دو القعدة ‪ 4 – 4124‬ديسمبر ‪ ،2002‬ص ‪.4414‬‬
‫‪ -1200‬المادة ‪ 22‬من ق ‪‘‘ :22.00‬ال يجوز منح أي ترخيص دون مراعاة حقوق الغير‘‘‪.‬‬
‫‪ -1201‬المادة ‪ 2‬من ق ‪‘‘ :22.00‬يجوز متى اقتضت المصلحة العامة ذلك سحب كل رخصة سلمت بمقتضى هذا القانون مقابل‬
‫تعويض منصف‪‘‘ .‬‬
‫بحماية البيئة‪ ،‬يكمن على الخصوص في إمكانية فرض عقوبات إدارية كعقاب على جريمة بيئية‬
‫و اتساع صالحيات اإلدارة في هدا املجال‪.1202‬‬
‫أولى المشرع المغربي اهتماما خاصا بالبيئة في كافة أبعادها‪ ،‬من خالل ضبط كافة أوجه‬
‫الحياة التي من شأنها المساس بالبيئة‪ ،‬محاوال بدلك وضع ترسانة تشريعية تسهم بالحد من كل‬
‫السلوكات الماسة بها‪ ،‬و انسجاما والخصوصيات المميزة للجريمة البيئية فإن مواجهة تقتض ي‬
‫تنويعا في اآلليات الزجرية تارتا التشديد وتارة أخرى التخفيف‪ ،‬فهدا األمر هي ما فتح الباب أمام‬
‫اإلدارة للتدخل للعقاب على هاته الجرائم‪ ،‬كما أنه كون اإلدارة أكثردراية باملجال من غيرها عزز‬
‫من صالحياتها بما من شأنه أن يجعلها أكثردقة ونجاعة‪ ،‬وفي هدا السياق انتهت الدراسة إلى بعض‬
‫النتائج والتوصيات هي كالتالي‪:‬‬
‫أوال‪-‬النتائج‬
‫‪ -9‬تتميز الجريمة البيئية عن غيرها من الجرائم‪ ،‬فهي جريمة مادية أي أنها تتحقق بمجرد‬
‫ارتكاب الفعل املجرم وحده‪ ،‬وال اعتبار فيها للنتيجة اإلجرامية أو العالقة السببية أو الركن‬
‫المعنوي‪ ،‬سواء ارتكبت عن قصد أوغيرقصد‪ ،‬وسواء كان الخطأ موجودا أوغيرموجود‪ ،‬فالنهاية‬
‫هي قيام الجريمة وثبوت المسؤولية الجزائية عنها بمجرد ارتكاب الفعل وحده‪.‬‬
‫‪-2‬كما تعتبرالجريمة البيئية جريمة شكلية‪ ،‬إد تكون تامة بصرف النظرعن تحقق النتيجة‬
‫التي أرادها الجاني‪ ،‬إد يكتمل ركنها المادي بمجرد القيام بالفعل املجرم‪ ،‬بغض النظر عما‬
‫سيحدث أو ينتج عن دلك الفعل من وقائع وأضرار‪.‬‬
‫‪-1‬تتولى ضبط الجريمة البيئية جهات إدارية وهي متعددة بتعدد القوانين المنظمة للبيئة‪،‬‬
‫إد نجد موظفو الجماعات الترابية المفوض لهم صالحية المبط كرؤساء الجماعات‪ ،‬ثم‬
‫األعوان اإلداريون وكدا كل خبيرأو شخص كلف بهده المهمة بصورة استثنائية من طرف اإلدارة‪.‬‬
‫‪-2‬كما تمثل الشرطة البيئية تجديدا في القانون المغربي‪ ،‬باعتبار وجود مثل هدا الهيكل‬
‫القانون المغربي من شأنه تعزيزحمورالبعد البيئي في التشريع المغربي‪.‬‬
‫‪1202‬‬
‫‪protection effective de l'environnement ?" ; OP ; P 34.‬‬
‫‪-2‬إن المتابعة عن الجريمة البيئية تشترك فيها كل من النيابة العامة واإلدارة‪ ،‬فالنيابة‬
‫العامة هي املختصة من حيث األصل‪ ،‬غيرأن المشرع خول لإلدارة أن تتابع عن الجرائم البسيطة‬
‫– املخالفات – وإصدارعقوبات إدارية بخصوصها‪.‬‬
‫‪-6‬أما على مستوى العقاب‪ ،‬تحظى العقوبات المالية بمساحة شاسعة خصوصا عقوبة‬
‫الغرامة‪ ،‬ألن هاته األخيرة من شأنها أن تحقق الغايات المتوخاة من العقاب‪ ،‬خصوصا نظرا‬
‫لحمورالشخص المعنوي في شكل كبيرفي املجال البيئي‪.‬‬
‫‪-0‬كما يعرف املجال البيئي حمورعديد العقوبات اإلدارية المقيدة للحقوق‪ ،‬سواء إيقاف‬
‫نشاط المؤسسة المسببة في الثلوث لمدة محددة‪ ،‬أو إغالقها بشكل مؤقت أو نهائي‪ ،‬ونظرا لكون‬
‫أي نشاط اقتصادي إال ويقوم على ترخيص من لدن اإلدارة‪ ،‬فإن هاته األخيرة تملك صالحية‬
‫سحب الترخيص كجزاء على مخالفة الموابط البيئية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التوصيات‬
‫‪-9‬من أهم التوصيات التي يمكن أن نقدمها في هدا الصدد‪ ،‬هي تلك المتعلقة بالنظام‬
‫التشريعي المتعدد والدي يمكن وصفه ‘‘بالمشتت‘‘‪ ،‬إد ينبغي على المشرع المغربي أن ينظم كافة‬
‫القوانين البيئية في إطارمدونة واحدة تفاديا للتشتت وتحقيقا للعلم بالقاعدة القانونية‪.‬‬
‫‪-2‬اعتماد عقوبات خاصة بالشخص المعنوي‪ ،‬ألنه ال يمكن المساواة بين الشخص‬
‫الطبيعي والشخص المعنوي خصوصا بالنسبة لعقوبة الغرامة‪.‬‬
‫أطاريح‪:‬‬
‫ياسين الكعيوش‪ ،‬السياسة الجنائية في مواجهة الجرائم البيئية‪ ،‬أطروحة نيل‬ ‫‪-9‬‬
‫الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية – فاس‪ ،‬سنة ‪.2791/2792‬‬
‫عزالدين الرماش‪ ،‬الشرطة اإلدارية بالمغرب بين التشريع والقماء‪ ،‬أطروحة‬ ‫‪-2‬‬
‫لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد الله – كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية – فاس‪ ،‬سنة ‪.2727 – 2791‬‬
‫مقاالت‪:‬‬
‫وردى بن بو عبد الله‪ ،‬ميلود بن عبد العزيز‪ ،‬خصوصية نص التجريم في الجرائم‬ ‫‪-9‬‬
‫البيئية‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية لجامعة أم البواقي‪ ،‬املجلد ‪ ،2‬العدد ‪ ،1‬ديسمبر‪.2729‬‬
‫محمد أحمد عبد النعيم‪ ،‬مدى سلطة اإلدارة في وقف األنشطة الخطرة على‬ ‫‪-2‬‬
‫البيئة – دراسة تحليلية مقارنة‪ ،‬مجلة كلية الشريعة والقانون بطنطا‪ ،‬العدد السابع والثالثون‬
‫لسنة ‪ ،2722‬الجزء األول ‪.9/1‬‬
‫بن أحمد محمد‪ ،‬الجزاءات اإلدارية والجنائية في مجال حماية البيئة – دراسة‬ ‫‪-1‬‬
‫مقارنة‪ ،‬مجلة البحوث العلمية في التشريعات البيئية‪ ،‬العدد الثامن – يناير ‪.2790‬‬
‫وردة بن بو عبد الله‪ ،‬ميلود بن عبد العزيز‪ ،‬خصوصية نص التجريم في الجر ائم‬ ‫‪-2‬‬
‫البيئية‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية لجامعة أم البواقي‪ ،‬املجلد ‪ ،2‬العدد ‪ ،1‬ديسمبر‪.2729‬‬
‫آدم سميان دياب الغريري‪ ،‬األوصاف الخاصة بالجرائم مبكرة اإلتمام‪ ،‬مجلة‬ ‫‪-2‬‬
‫جامعة تكريت للحقوق‪ ،‬السنة ‪ ،6‬املجلد ‪ ،6‬العدد ‪ ،6‬الجزء ‪ ،9‬سنة ‪.2790‬‬
‫مزياني عمار‪ ،‬الجرائم المادية والمسؤولية الجنائية‪ ،‬املجلة الجزائرية للحقوق‬ ‫‪-6‬‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬املجلد ‪ ،0‬العدد ‪ ،2‬سنة ‪.2722‬‬
‫عبد القادرقائد سعيد املجيدي‪ ،‬النتيجة المادية وغيرالمادية للجريمة – قراءة‬ ‫‪-0‬‬
‫جديدة للنتيجة اإلجرامية‪ ،‬املجلة العلمية لجامعة سبأ‪ ،‬مجلد ‪ ،9‬عدد ‪ ،2‬سنة ‪.2729‬‬
‫أحمد لطفي السيد مرعي‪ ،‬المسؤولية الجنائية الميقة في النظام األنجلوأمريكي‬ ‫‪-2‬‬
‫والقانون المقارن ‘‘دراسة حول أزمة الركن المعنوي‪ ،‬وتراجع مبدأ ال جريمة بدون خطأ‘‘‪ ،‬مجلة‬
‫البحوث القانونية واالقتصادية‪ ،‬العدد ‪ – 02‬مارس ‪.2729‬‬
‫يوسف بوش ي‪ ،‬افتراض الركن المعنوي في الجرائم الماسة بالنظام البيئي‪ ،‬مجلة‬ ‫‪-1‬‬
‫البحوث العلمية في التشريعات البيئية‪ ،‬املجلد ‪ ،76‬العدد ‪ ،79‬السنة ‪.2791‬‬
‫أسماء عامر عبد الله‪ ،‬دور الشرطة في تقويم السلوك اإلنساني نحو مقاومة‬ ‫‪-97‬‬
‫التلوث البيئي‪ ،‬مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‪ ،‬املجلد ‪ ،97‬العدد ‪ ،10‬سنة‬
‫‪.2729‬‬
‫محمد يحيى أحمد عطية‪ ،‬الصفة القانونية في رفع الدعاوى البيئية دراسة‬ ‫‪-99‬‬
‫تحليلية مقارنة في ضوء التشريعات البيئية والمواثيق اإلقليمية والدولية‪ ،‬مجلة كلية الدراسات‬
‫اإلسالمية والعربية للبنات بدمنهور‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬الجزء السادس‪ ،‬سنة ‪.2727‬‬
‫رنا ياسين حسين العابدي‪ ،‬وسائل اإلدارة في حماية البيئة ‘‘دراسة في التشريع‬ ‫‪-92‬‬
‫العراقي‘‘‪ ،‬مجلة رسالة الحقوق‪ ،‬السنة الثالثة‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬سنة ‪.2799‬‬
‫غالي مراد‪ ،‬الجبايات الخمراء ومتطلبات التنمية المستدامة‪ ،‬مجلة المنارة‬ ‫‪-91‬‬
‫للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬العدد ‪ 17 – 91‬يونيو ‪ /‬حزيران ‪.2790‬‬
‫ولد عمر الطيب‪ ،‬قرميط الجياللي‪ ،‬تكريس الجباية لحماية البيئة في ظل مبدأ‬ ‫‪-92‬‬
‫الملوث الدافع‪ ،‬مجلة البحوث العلمية في التشريعات البيئية‪ ،‬املجلد ‪ ،99‬العدد ‪ 9‬سنة ‪.2729‬‬
‫حورية رداوية‪ ،‬تكريس مبدأ ‘‘الملوث الدافع‘' في الممارسات الدولية‪ ،‬مجلة‬ ‫‪-92‬‬
‫البحوث والدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬العدد التاسع‪ 19 ،‬غشت ‪.2796‬‬
‫عطوي وداد‪ ،‬مبدأ الملوث الدافع كآلية بعدية لحماية البيئة‪ ،‬دائرة البحوث‬ ‫‪-96‬‬
‫والدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬املجلد ‪ ،2‬العدد ‪ ،2‬سنة ‪.2727‬‬
‫قوانين‪:‬‬
‫ظهيرشريف رقم ‪ 9.71.69‬صادرفي ‪ 97‬ربيع األول ‪ 92 – 9222‬ماي ‪ – 2771‬بتنفيذ‬ ‫‪-9‬‬

‫القانون رقم ‪ 91.71‬المتعلق بمكافحة تلوث الهواء‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪92 – 2992‬‬
‫ربيع اآلخر‪ 91 – 9222‬يونيو ‪ ،2771‬ص ‪.9192‬‬
‫القانون رقم ‪ 22.79‬المتعلق بالمسطرة الجنائية‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ظهيرشريف رقم ‪ 9.71.67‬صادرفي ‪ 97‬ربيع األول ‪ 92 – 9222‬ماي ‪ – 2771‬بتنفيذ‬ ‫‪-1‬‬

‫القانون رقم ‪ 92.71‬المتعلق بدراسات التأثيرعلى البيئة‪ ،‬منشورفي الجريدة الرسمية عدد ‪2992‬‬
‫– ‪ 92‬ربيع اآلخر‪ 91 – 9222‬يونيو ‪ ،2771‬ص ‪.9171‬‬
‫القانون رقم ‪ 20.76‬المتعلق بجبايات الجماعات الترابية الصادربتنفيذه الظهير‬ ‫‪-2‬‬

‫الشريف رقم ‪ 9.70.912‬بتاريخ ‪ 91‬من ذي القعدة ‪30 1428‬نوفمبر‪ 2770‬كما وقع تغييره وتتميمه‬
‫بالقانون رقم ‪ 70.27‬الصادربتنفيذه الظهيرالشريف رقم ‪ 9.27.19‬بتاريخ ‪16‬جمادى األولى ‪9222‬‬

‫‪ 19‬ديسمبر‪ :2727‬ج‪ .‬ر‪ .‬عدد ‪ 6122‬بتاريخ ‪ 96‬جمادى األولى ‪ 19 9222‬ديسمبر‪.2727‬‬
‫ظهيرشريف رقم ‪ 9.92.71‬صادرفي ‪ 2‬جمادى األولى ‪ 6( 9212‬مارس ‪ )2792‬بتنفيذ‬ ‫‪-2‬‬

‫القانون اإلطار رقم ‪ 11.92‬بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة‪ ،‬منشور في الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 92 – 6227‬جمادى األولى ‪ 27 – 9212‬مارس ‪ ،2792‬ص ‪.1912‬‬
‫المرسوم رقم ‪ 2.92.022‬صادر في ‪ 17‬من رجب ‪ 91 – 9216‬ماي ‪ 2792‬يتعلق‬ ‫‪-6‬‬

‫بتنظيم وبكيفيات سير الشرطة البيئية‪ ،‬منشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 96 – 6166‬شعبان‬
‫‪ 91 – 9216‬ماي ‪.2792‬‬
‫ظهيرشريف رقم ‪ 9.92.922‬صادرفي ‪ 22‬من صفر‪ 0 – 9210‬ديسمبر‪ 2792‬بتنفيذ‬ ‫‪-0‬‬

‫القانون رقم ‪ 00.92‬القاض ي بمنع صنع األكياس البالستيكية من مادة البالستيك واستيرادها‬
‫وتصديرها وتسويقها واستعمالها‪.‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 9.96.991‬صادر في ‪ 6‬دي القعدة ‪ 97 – 9210‬أغسطس ‪2796‬‬ ‫‪-2‬‬

‫بتفنيد القانون رقم ‪ 16.92‬المتعلق بالماء‪.‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 9.97.96‬صادر في ‪ 26‬من صفر ‪1431 11‬فبراير ‪ 2797‬بتنفيذ‬ ‫‪-1‬‬
‫القانون رقم ‪ 91.71‬المتعلق بالطاقات المتجددة‪ ،‬ج‪.‬رعدد ‪ 2222‬بتاريخ فاتح ربيع اآلخر‪– 9219‬‬
‫‪ 92‬مارس ‪.2797‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 9.99.66‬صادر في ‪ 99‬من شعبان ‪ 1 9966‬يونيو ‪ 9299‬بتنفيذ‬ ‫‪-97‬‬

‫القانون رقم ‪ 92.96‬المتعلق بالمقالع‪ ،‬ج‪.‬رعدد ‪ 6102‬بتاريخ ‪ 92‬رممان ‪ 2 – 9216‬يوليو ‪.2792‬‬
‫ظهيرشريف رقم ‪ 9.76.921‬صادرفي ‪ 17‬من شوال ‪22 1427‬نوفمبر‪ 2776‬بتنفيذ‬ ‫‪-99‬‬

‫القانون رقم ‪ 22.77‬المتعلق بتدبيرالنفايات والتخلص منها‪ ،‬منشورفي ج‪.‬رعدد ‪ ،2227‬بتاريخ ‪92‬‬
‫دو القعدة ‪ 0 – 9220‬ديسمبر ‪.2776‬‬
‫مراجع باللغة األجنبية‪:‬‬
‫‪Van Keirsbilck, Chloé ; "Droit pénal de l'environnement : le droit‬‬ ‫‪-9‬‬

‫‪répressif permet-il une protection effective de l'environnement ?" ; Master en‬‬
droit, finalité justice civile et pénale ; Faculté de droit et de criminologie,

Université catholique de Louvain, 2020 .
Aline Coche ; La protection de l'environnement par les sanctions -2

administratives pécuniaires au Québec ; Mémoire présenté à la Faculté études
supérieures et postdoctorales en vue de l’obtention du grade de maîtrise en droit
option droit des affaires ; Université de Montréal Faculté de droit ; Novembre
2015 .
‫إحياء أراضي الموات في الفقه اإلسالمي والتشريع‬

‫المغربي وأثره في التنمية االقتصادية‬
‫‪The revival of Mowat lands in Moroccan jurisprudence and legislation and‬‬
‫‪its impact on economic development‬‬
‫ُُ ْ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ أ َأ َ َ ُ ا َ ُ ْ َ‬ ‫ُ َّ‬
‫ض ذلوال ف أٱمشوا ِفي َمن ِاك ِب َها َوكلوا‬ ‫قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ه َوٱل ِذي جعل لكم ٱألر‬
‫َ َ أ َ أ َ أ َ أ َ ََٰ ا َ أ َ َ َ َ‬ ‫َ َ أ ُّ‬
‫ٱلن ُش ُ‬ ‫أ‬
‫ال أ أوت اادا‬ ‫ور‪[ ٥١‬الملك‪ ، ]92 :‬وقال عزوجل ألم نجع ِل ٱألرض ِمهدا ‪ ٦‬وٱل ِجب‬ ‫ِمن ِرز ِق ِهۦۖ و ِإلي ِه‬
‫وا م أن َها ُس ُب اال ف َج ا‬
‫َ أُُ ْ‬ ‫َ َّ ُ َ َ َ َ ُ ُ أ َ أ َ َ ا‬
‫اجا [نوح‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬‫ل‬ ‫س‬‫ت‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫‪٥١‬‬ ‫ا‬‫اط‬ ‫‪[ ٧‬النبأ‪ ،]0-6 :‬وقال عزشأنه‪ :‬وٱلله جعل لكم ٱألرض ِبس‬
‫‪ ،]27-91‬فمن خالل هذه اآليات الكريمات يتبين لنا عناية الله سبحانه وتعالى فائقة باألرض‬
‫باعتبارها من مصادرالرزق‪ ،‬وأمره تعالى بالسعي فيها لتحصيل الكسب المشروع‪ ،‬وجاء في السنة‬
‫النبوية أحاديث تعمد ما ذهب إليه القرآن الكريم في مجال إحياء األرض واالنتفاع بها‪ .‬قال‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ":‬ال يغرس مسلم غرسا‪ ،‬وال يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان‪ ،‬أو‬
‫بهيمة إال كان له به صدقة"‪، 1203‬وقال ‪ ":‬من أحيا أرضا ميتة فهي له"‪ .‬وما ال يخفى أن إعماراألرض‬
‫في الشريعة اإلسالمية هو عبادة ومن أبرز لوازم عمارتها ومن أفمل الطرق الستثمارها هو‬
‫"االحياء" فهذا األخير يعتبر شرعا وقانونا سببا من أسباب كسب الملكية‪ .‬فهل حقا العمل على‬
‫إحياء أرض موات يخول صاحبه تمليك هذه األرض ملكا خاصا أي ملكية مفردة أم أن ذلك يكسبه‬
‫حق االستغالل فقط دون التملك؟ او باألحرى ما وضع هذه األراض ي الموات‪ ،‬هل هي تعتبر ملكا‬
‫خاصا للدولة او ملكية خاصة لمن أحياها؟ هذا ما سيتبين معنا من خالل دراسة الموضوع كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ 1203‬أخرجه البخاري في صحيحه ‪ 66/3‬ومسلم في صحيحه ‪. 8811/3‬‬
‫‪ ‬المبحث األول‪ :‬أراض ي الموات تعريفها‪ ،‬ومشروعية إحياءها‪ ،‬طرقه وكيفيته وشروطه‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬إحياء أراض ي الموات في ظل التشريع المغربي و أثره في التنمية‬
‫االقتصادية‪.‬المبحث الثالث‪ :‬إحياء أراض ي الموات ونهج المغرب سياسة اإلصالح الزراعي‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف إحياء أراض ي الموات‪ ،‬مشروعيته‪ ،‬شروطه‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التعريف اللغوي واالصطالحي إلحياء أراض ي الموات‪.‬‬
‫التعريف اللغوي‬
‫األرض تطلق على ما يقابل السماء جمعها آراض‪ ،‬وأرضون ‪ ،‬وأروض و أراض ي‪ ،‬وتطلق على‬
‫سفلة البعير والدابة وأرض اإلنسان ركبتاه فما بعدهما‪ .‬وأرض النعل‪ :‬ما أصاب األرض منها‪1204.‬‬
‫الموات من مات يموت ويمات ويميت‪ ،‬فهو ميت وميت‪ :‬ضد حي‪ .‬ومات‪ :‬سكن‪ ،‬ونام‪ ،‬وبلي‪،‬‬
‫أو الميت‪ ،‬مخففة‪ :‬الذي مات‪ ،‬والميت والمائت‪ :‬الذي لم يمت بعد‪ ،‬ج‪ :‬أموات والميتة‪ :‬ما لم‬
‫تلحقه الذكاة‪ ،‬وبالكسر‪ :‬للنوع‪1205.‬‬
‫واإلحياء من حيى حياة حيوانا‪ ،‬أحياه جعله حيا واستحياه‪ .‬استبقاه وأرض حية‪:‬‬
‫مخصبة‪1206.‬‬
‫التعريف االصطالحي‪:‬‬
‫الك َراب‪ ،1207‬أو غيرذلك‪.‬‬

‫اإلحياء‪ :‬إصالح األرض الموات بالبناء أو الغرس أو ِ‬
‫والموات‪ :‬األرض التي ال عمارة وال ماء فيها‪ ،‬وال يملكها وال ينتفع بها أحد‪ 1208.‬أو هو عند‬
‫الحنفية األرض التي تعذر زرعها النقطاع الماء عنها‪ ،‬أو لغلبته عليها‪ ،‬غير مملوكة‪ ،‬بعيدة من‬
‫العامر‪ .‬أو هو ما سلم عن اختصاص بإحياء أي بسبب إحياء‪1209.‬وحد الموات عند الشافعية‪ :‬ما‬
‫‪ 1204‬لسان العرب البن منظور ‪ 881/7‬حرف الضاد ‪ ،‬فصل االلف ‪.‬‬

‫‪1205‬القاموس المحيط ‪ 861/8‬و‪ 868‬أنظر كلمة مات يموت ‪.‬‬
‫‪ 1206‬القاموس المحيط ‪ 8177/8‬و‪ 8171‬أنظر كلمة حي ‪.‬‬
‫‪ 1207‬كرب األرض قلبها للحرث ‪.‬‬
‫‪ 1208‬القوانين الفقهية ص ‪ 333‬كشاف القناع ‪.4 /112‬‬
‫‪1209‬تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي ‪. 6/34‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لم يكن عامرا‪ ،‬وال حريما لعامر‪ ،‬قرب من العامرأو بعد‪ 1210.‬وقد عرفها الحنابلة‪ :‬باألرض الخراب‪،‬‬
‫الدارسة‪ ،‬الداثرة التي ال يعلم أنها ملكت‪ 1211.‬وعرفها ابن حزم الظاهري بأنها كل أرض ال مالك لها‬
‫وال يعرف أنها عمرت في اإلسالم‪1212.‬‬
‫ونستخلص من هذه التعاريف أمرين متفق عليهما‪:‬‬
‫‪ .9‬أن االرض الموات ال يكون لها مالك معين محدد‪.‬‬
‫‪ .2‬أن االرض الموات هي االرض التي تعذراستثمارها لسبب من األسباب وال ينتفع بها وليست‬
‫بها عمارة ‪.‬‬
‫والحنفية يشترطون كون أرض الموات بعيدة عن العمران‪.‬‬
‫وال نغفل عن تعريف اإلمام الشوكاني لإلحياء وهو" إحياء الموات استصالحه وعمارته بأي‬
‫نوع من أنواع اإلحياء من زرع أو غرس أو بناء "‪ 1213‬فاإلحياء عند اإلمام الشوكاني يتم بأموروهي‪:‬‬
‫‪ .9‬استصالح األرض بتنقية أحجارها‪ ،‬وتسوية أرضها‪ ،‬بحبس الماء إن كانت مغمورة وغيرها‬
‫من األمور‪.‬‬
‫‪ .2‬عمارتها ببناء مساكن‪ ،‬أو حظائر‪ ،‬أو زرعها أو غرسها باألشجار‪.‬‬
‫ومممون التعاريف هو أن إحياء الموات في الغالب‪ :‬يعني استصالح األراض ي الزراعية أو‬
‫جعلها صالحة للزراعة‪ ،‬برفع عوائق الزراعة من أحجار وأعشاب منها‪ ،‬واستخراج الماء‪ ،‬وتوفير‬
‫التربة الصالحة للزراعة‪ ،‬و إقامة األسوار عليها أو تشييد البناء فيها‪1214.‬‬
‫ً‬
‫واإلحياء ورد عن الشارع مطلقا‪ ،‬وما كان كذلك وجب الرجوع فيه إلى العرف؛ ألنه قد يبين‬
‫مطلقات الشارع‪ ،‬والذي يحصل به اإلحياء في العرف أحد خمسة أسباب‪ :‬تبييض األرض‪ ،‬وتنقيتها‬
‫‪ 1210‬مغني المحتاج ‪. 368/1‬‬

‫‪ 1211‬المغني والشرح الكبير البن قدامة ‪. 864/6‬‬
‫‪ 1212‬المحلى البن حزم ‪. 133/1‬‬
‫‪ 1213‬نيل األوطار للشوكاني ‪. 341 / 3‬‬
‫‪1214‬الفقه االسالمي وأدلته للزحيلي ‪. 4682/6‬‬
‫للزرع‪ ،‬وبناء الحائط على األرض‪ ،‬وحفر الخندق القعير الذي ال يطلع من نزله إال بمطلع‪،‬‬
‫واستخراج الماء‪1215.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مشروعية إحياء أراض ي الموات‪.‬‬
‫ثبتت شرعية إحياء الموات بالسنة النبوية في أحاديث كثيرة منها‪ :‬قوله صلى الله عليه وسلم‬
‫ضا ميتة فهي له‪ ،‬وليس لعرق ظالم حق» ‪1217‬‬‫ً‬ ‫ً‬
‫«من أحيا أرضا ميتة فهي له»‪1216‬وقال‪« :‬من أحيا أر‬
‫ً‬
‫وقال عليه الصالة و السالم‪« :‬من عمرأرضا ليست ألحد‪ ،‬فهو أحق بها»‪ ،1218‬وقال‪ « :‬من سبق إلى‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يتعاد ْون‪ 1219‬يتخاطون‪ 1221.»1220‬وقال عليه‬ ‫ماء لم يسبقه إليه مسلم فهو له» قال‪ :‬فخرج الناس‬
‫الصالة والسالم ‪ « :‬من أحاط حائطا على أرض فهي له»‪ ،1222‬والحديث مروي عن سمرة وإسناده‬
‫صحيح‪.‬‬
‫هذه األحاديث دلت على إباحة إحياء األرض الميتة التي ال مالك لها‪ ،‬ولم ينتفع بها أحد‪،‬‬
‫فيحييها الشخص بالسقي‪ ،‬أو الزرع أو الغرس‪ ،‬أو البناء‪ ،‬أو بالتحويط على األرض بمقدارما يسمى‬
‫ً‬
‫حائطا في اللغة‪ .‬قال عروة‪ :‬قض ى عمربن الخطاب رض ي الله عنه في خالفته وعامة فقهاء األمصار‬
‫على أن الموات يملك باإلحياء‪ ،‬وإن اختلفوا في شروطه‪.‬‬
‫ً‬
‫وتدل األحاديث أيما على أن الشرع رغب في اإلحياء‪ ،‬لحاجة الناس إلى موارد الزراعة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وتعمير الكون‪ ،‬مما يحقق لهم رفاها اقتصاديا‪ ،‬ويوفر ثروة عامة كبرى‪ 1223.‬لكن كيف يتم هذا‬
‫اإلحياء؟‬
‫المطلب الثالث‪ :‬كيفية اإلحياء وطرقه‪.‬‬
‫‪1215‬سبل السالم الصنعاني ‪. 11/3‬‬

‫‪1216‬أخرجه السيوطي في الجامع الصغير ‪ 227/1‬ومالك في الموطا‪ 743/1‬وابو داوود في سننه ‪. 871/3‬‬
‫‪ 1217‬رواه أحمد وابو داوود والترمذي وقال‪ :‬هذا حديث حسن ‪.‬‬
‫‪1218‬رواه مالك في موطئه واحمد والبخاري وابو داوود عن عائشة أنظر نصب الراية للزيلعي ‪ 111/4‬ونيل االوطار ‪. 311/2‬‬
‫‪ 1219‬يتعادون بمعنى االسراع بالسير ‪.‬‬
‫‪1220‬يتخاطون بمعنى يعملون على االرض عالمات بالخطوط وتسمى الخطط جمع خطة بكسر الخاء ‪.‬‬
‫‪ 1221‬رواه ابو داوود في سننه عن سمرة بن مضرس‪/‬كتاب الخراج واالمارة والفيء باب في اقطاع االرضين ‪.‬‬
‫‪ 1222‬أخرجه أبو داوود في السنن‪/‬كتاب الخراج و الفئ ‪ 873/3‬واإلمام أحمد في مسنده ‪ 817/1‬و السيوطي في الجامع الصغير ‪221/1‬‬
‫‪ 1223‬الفقه االسالمي وادلته ‪. 4686/6‬‬
‫إحياء األرض الموات‪ :‬يكون باستصالحها للزراعة بحسب عرف الناس وعاداتهم‪ ،‬كما قرر‬
‫الشافعية‪ ،‬لكن للمذاهب آراء في الموضوع‪.‬‬
‫قال الحنفية‪ :1224‬إصالح األرض الموات يكون بالبناء أو الغرس أو الكراب (قلبها للحرث)‪،‬‬
‫أو إقامة المسناة (السد‪ :‬وهو ما يبنى ليرد ماء السيل‪ ،‬والمراد هنا الجسر)‪ ،‬أو شق النهر‪ ،‬أو إلقاء‬
‫البذور‪ ،‬أو السقاية مع حفر األنهار‪ ،‬أو التحويط والتسنيم بحيث يعصم الماء؛ ألنه من جملة‬
‫البناء‪.‬‬
‫وقال المالكية ‪ :1225‬اإلحياء يكون بالبناء والغرس والزراعة والحرث وإجراء المياه فيها‬
‫وغيرها من أحد أمورسبعة هي‪:‬‬
‫‪ .9‬بتفجيرماء لبئرأو عين‪ ،‬فيملك به‪ ،‬وكذا تملك األرض التي تزرع به؛‬
‫‪ .2‬بإزالة الماء منها حيث كانت األرض غامرة بالماء؛‬
‫‪ .1‬ببناء أرض؛‬
‫‪ .2‬بسبب غرس الشجرفيها؛‬
‫‪ .2‬بسبب تحريك أرض بحرثها ونحوه (الحراثة)؛‬
‫‪ .6‬يكون بسبب قطع شجر بها بينة وضع يده عليها؛‬
‫‪ .0‬بسب كسرحجرها مع تسوية األرض؛‬
‫وقال الشافعية‪ :1226‬اإلحياء الذي يملك به‪ :‬يختلف بحسب الغرض المقصود من األرض‪،‬‬
‫ويرجع فيه إلى العرف‪ ،‬والعرف يمثل المصلحة عادة؛ ألن الشرع أطلقه‪ ،‬وال حد له في اللغة‪،‬‬
‫فيرجع فيه إلى العرف كالقبض في المبيع والموهوب‪ ،‬والحرزفي السرقة‪ :‬وهو في كل ش يء بحسبه‪،‬‬
‫ً‬
‫والمابط‪ :‬التهيئة للمقصود‪ .‬فإن أراد إحياء الموات مسكنا‪ ،‬اشترط فيه تحويط البقعة بآجرأو‬
‫لبن أو قصب بحسب عادة ذلك المكان‪ .‬والمعتمد أنه ال يكتفى بالتحويط من غير بناء‪ ،‬بل ال بد‬
‫من البناء‪ ،‬ويشترط سقف بعض األرض ليتهيأ للسكنى‪ ،‬وتعليق (نصب) باب؛ ألن العادة في‬
‫‪ 1224‬تبيين الحقائق ‪. 36/6‬‬

‫‪ 1225‬الشرح الصغير ‪.33/4‬‬
‫‪1226‬مغني المحتاج ‪ 362/4‬وما بعدها والمهذب ‪. 414/8‬‬
‫المنازل أن يكون لها أبواب‪ ،‬وال تصلح األرض للسكنى بما دون ذلك (أي بالبناء والسقف وتركيب‬
‫باب)‪ .‬وإن أراد إحياء الموات زريبة دواب أو نحوها‪ ،‬كحظيرة لجمع ثمار وغالت وغيرها‪ ،‬فيكتفى‬
‫بالتحويط بالبناء بحسب العادة‪ ،‬وال يشترط سقف ش يء؛ ألن العادة فيها عدمه‪ ،‬وال بد فيه من‬
‫تركيب باب على األرجح مع البناء أو التحويط بالبناء‪ .‬وإن أراد إحياء الموات مزرعة‪ ،‬فيطلب جمع‬
‫التراب حولها‪ ،‬وتسوية األرض‪ ،‬وترتيب ماء لها بشق ساقية من نهر‪ ،‬أو بحفر بئر أو قناة أو نحوها‪،‬‬
‫ً‬
‫إن لم يكفها المطر المعتاد‪ .‬وال تشترط الزراعة فعال في األصح‪ ،‬ألنه استيفاء منفعة األرض‪ ،‬وهو‬
‫خارج عن اإلحياء‪ ،‬كما ال يعتبر في إحياء الدار سكناها‪ .‬والخالصة‪ :‬أنه بالتحويط وتسوية األرض‬
‫و إيجاد الماء‪.‬‬
‫ً‬
‫وإن أراد إحياء الموات بستانا‪ ،‬فيشترط جمع التراب حول األرض كالمزرعة‪ ،‬والتحويط‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حيث جرت العادة به عمال بها‪ ،‬وتهيئة ماء كما تقرر في المزرعة‪ .‬ويشترط أيما في البستان غرس‬
‫البعض على المذهب‪ .‬فهذا اإلحياء يكون بالتحويط وتسوية األرض و إيجاد الماء والغرس‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وقال الحنابلة‪ :1227‬إحياء األرض‪ :‬أن يحوط عليها حائطا منيعا‪ ،‬سواء أرادها للبناء أو للزرع‬
‫ً‬
‫أو حظيرة للغنم أو الخشب أو غيرها‪ ،‬لقوله صلى الله عليه وسلم‪« :‬من أحاط حائطا على أرض‪،‬‬
‫فهي له» ‪ ،1228‬وألن الحائط حاجزمنيع‪ ،‬فكان إحياء‪.‬‬
‫وكالحائط‪ :‬إجراء ماء لألرض من نهر أو بئر إن كانت ال تزرع إال به‪ ،‬أو حفر بئر فيها ينبع منها‬
‫الماء‪ ،‬فإن لم يخرج الماء فهو كالمتحجرالشارع في اإلحياء‪.‬‬
‫ً‬
‫ومثل الحائط‪ :‬أن يغرس فيها شجرا‪ ،‬أو أن يمنع عن الموات ما ال يمكن زرعها إال بحبسه‬
‫عنها كأرض البطائح‪1229.‬‬
‫وفي الجملة‪ :‬اإلحياء يكون إما بالتحويط المنيع أو إيجاد الماء أو غرس الشجر‪ ،‬وال يحصل‬
‫ً‬
‫اإلحياء بمجرد الحرث والزرع؛ ألنه ال يراد للبقاء بخالف الغرس‪ ،‬كما ال يحصل اإلحياء أيما‬
‫ً‬
‫بخندق يجعله حول األرض التي يريد إحياءها وال بشوك وشبهه يحوطها به‪ ،‬ويكون تحجرا‪.‬‬
‫‪1227‬المغني ‪ 232/2‬وكشاف القناع ‪. 181/4‬‬

‫‪1228‬رواه أحمد و أبو داوود عن جابر ولهما مثله عن سمرة بن جندب ‪.‬‬
‫‪ 1229‬البطحاء واالبطح مسيل واسع فيه دقاق الحصى ‪.‬‬
‫وما يالحظ عند تفحص المصادر الفقهية المعالجة لموضوع إحياء الموات نجدها قد‬
‫أفردت لإلقطاع والتحجير حيزا ال يستهان به وذلك للصلة التي تربطهما باإلحياء‪.‬‬
‫فهل يحصل اإلحياء بالتحجير؟‬
‫التحجير لغة‪ :‬من حجر حجرا‪ :‬إذا أمنع غيره من التصرف أو من وضع حجرا للحيلولة دون‬
‫يء‪1230.‬‬ ‫أصول الغيرإلى ش‬
‫اصطالحا‪ :‬ضرب حدود حول ما يريد إحياءه‪ 1231.‬ومشروعيته مستمدة من قوله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ":‬من سبق الى ما لم يسبق اليه مسلم فهو أحق به"‪ ، 1232‬وقوله أيما‪ ":‬من أحاط‬
‫يء فهو له" ‪1233‬‬ ‫حائطا على ش‬
‫فالتحجير أو التحويط‪ :‬هو اإلعالم بوضع األحجار حول األرض‪ ،‬أي وضع سور من األحجار‬
‫واألشواك ونحوها على جوانب األرض‪ ،‬وقد اتفق الفقهاء على عدم صالحيته لإلحياء‪ ،‬لكن‬
‫المتحجريكون أحق بها من غيره‪.‬‬
‫قال الحنفية‪ :1234‬إن حجر شخص األرض‪ ،‬ال يملكها بالتحجير؟ ألنه ليس بإحياء في‬
‫الصحيح؛ ألن اإلحياء جعلها صالحة للزراعة‪ ،‬والتحجير لإلعالم مشتق من الحجر‪ :‬وهو المنع‬
‫للغيربوضع عالمة من حجر‪ ،‬أو بحصاد ما فيها من الحشيش والشوك ونفيه عنها وجعله حولها‪،‬‬
‫أو بإحراق ما فيها من الشوك وغيره‪ ،‬وكل ذلك ال يفيد الملك‪ ،‬فبقيت مباحة على حالها‪ ،‬لكن‬
‫المتحجرأولى بها من غيره‪ ،‬وال تؤخذ منه إلى ثالث سنين‪ ،‬فإذا لم يعمرها فيها‪ ،‬أخذها الحاكم منه‪،‬‬
‫ودفعها إلى غيرها‪ .‬والتقدير بثالث سنين مأخوذ من قول عمر رض ي الله عنه‪« :‬ليس لمتحجر بعد‬
‫ثالث سنين حق»‪ ،1235‬لكن هذا حكم ديانة‪ ،‬أما قماء‪ :‬فإذا أحياها غيره قبل مميها‪ ،‬ملكها‬
‫لتحقق سبب الملك منه‪ ،‬دون األول أي المتحجر‪.‬‬
‫‪ 1230‬لسان العرب البن منظور ‪ 867/4‬ومختار الصحاح ص ‪. 813‬‬

‫‪ 1231‬شرح حدود اإلمام البن عرفة للرصاع ص ‪. 217‬‬
‫‪ 1232‬أخرجه بو داوود في سننه ‪. 877/3‬‬
‫‪ 1233‬سبق تخريجه ‪.‬‬
‫‪1234‬تبيين الحقائق ‪. 32/6‬‬
‫‪ 1235‬نصب الراية ‪. 131/4‬‬
‫وقال المالكية ‪ :1236‬ال يكون اإلحياء بتحويط (تحجير) لألرض بنحو خط عليها‪ ،‬وال رعي كأل‬
‫بها‪ ،‬وال حفربئرماشية أو شرب بها‪ ،‬إال أن يبين الملكية حين حفرالبئر‪ ،‬فإن بينها فإحياء‪.‬‬
‫ً‬
‫وقرر الشافعية والحنابلة ‪ 1237‬أنه‪ :‬إن تحجر مواتا‪ ،‬وهو أن يشرع في إحيائه‪ ،‬ولم يتمه‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أعلم على بقعة بنصب أحجار‪ ،‬أو غرزخشبا فيها‪ ،‬أو نصب أسالكا شائكة‪ ،‬أو حاطها بحائط صغير‬
‫لم يملكها بما ذكر؛ ألن الملك باإلحياء‪ ،‬وليس هذا إحياء‪ .‬لكن يصير أحق الناس به لحديث أبي‬
‫داود‪« :‬من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم‪ ،‬فهو أحق به»‪ ،‬فلو أحياه آخرملكه‪ .‬فإن لم يتم إحياء‬
‫ً‬
‫المتحجر‪ ،‬وطالت المدة عرفا‪ ،‬كنحو ثالث سنين‪ ،‬قيل له‪ :‬إما أن تحييه فتملكه‪ ،‬أو تتركه لمن‬
‫يحييه‪ ،‬إن حصل متشوف لإلحياء؛ ألنه ضيق على الناس في حق مشترك بينهم‪ ،‬فلم يمكن من‬
‫اإلحياء‪ ،‬فإن طلب المتحجر المهلة لعذر‪ ،‬أمهل شهرين أو ثالثة أو أقل‪ ،‬على ما يراه الحاكم ألنه‬
‫ً‬
‫يسير‪ .‬وإن لم يكن له عذر‪ ،‬فال يمهل‪ ،‬فهم تقريبا كالحنفية‪.‬‬
‫فما عالقة اإلقطاع بإحياء أراض ي الموات؟‬
‫اإلقطاع‪ :‬هو جعل بعض األراض ي الموات مختصة ببعض األشخاص ـ سواء أكان ذلك‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫معدنا‪ ،‬أم أرضا‪ ،‬فيصيرذلك البعض أولى به من غيره‪ ،‬بشرط أن يكون من الموات الذي ال يختص‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫به أحد‪ .‬أو هو تسويغ اإلمام من مال الله شيئا لمن يراه أهال له‪ .‬وأكثرما يستعمل في األرض‪ :‬وهو‬
‫مدة‪1238.‬‬
‫أن يخرج منها لمن يراه ما يحوزه‪ ،‬إما بأن يملكه‪ ،‬فيعمره‪ ،‬وإما بأن يجعل له غلته‬
‫ً‬
‫ومشروعيته مستمدة من رواية و ائل بن ُحجر‪« :‬أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضا‬
‫بحمر موت‪ ،‬وبعث معاوية ليقطعها إياه»‪ ،1239‬وروى ابن عمر‪« :‬أن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫مرفرسه‪ ،1240‬وأجرى الفرس حتى قام‪ ،‬ثم رمى بسوطه‪ ،‬فقال‪ :‬أقطعوه‪ ،‬حيث بلغ‬ ‫أقطع الزبير ُح ْ‬
‫ً‬
‫السوط»‪ .1241‬وروى عمرو بن شعيب أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع ناسا من جهينة أومزينة‬
‫ً‬
‫أرضا‪.1242‬‬
‫‪ 1236‬الشرح الكبير ‪ 71/4‬والشرح الصغير ‪. 33/4‬‬

‫‪1237‬مغني المحتاج ‪ 366/4‬المغني ‪ 281/2‬المهذب ‪. 412/8‬‬
‫‪ 1238‬أنظر نيل األوطان ‪. 388/2‬‬
‫‪ 1239‬رواه الترميذي وصححه‪ ،‬نيل األوطار ‪.381/2‬‬
‫‪1240‬حضر فرسه ‪:‬مقدار عدوه ‪.‬‬
‫‪ 1241‬رواه أحمد و أبو داوود لكن في اسناده رجل فيه مقال وهو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر ‪/‬نيل االوطار ‪. 381/2‬‬
‫‪1242‬رواه سعيد بن منصور في سننه ‪.‬‬
‫ً‬
‫وروي أن أبا بكر أقطع الزبير‪ :‬و أقطع عمر عليا‪ ،‬و أقطع عثمان رض ي الله عنهم خمسة من‬
‫ً‬
‫أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬الزبير‪ ،‬وسعد‪ ،‬و ابن مسعود‪ ،‬وخبابا‪ ،‬وأسامة بن زيد‪،‬‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫رض ي الله عنهم‪ .‬ويروى عن نافع أبي عبد الله‪ :‬أنه قال لعمر‪ :‬إن قبلنا أرضا بالبصرة‪ ،‬ليست من‬
‫أرض الخراج‪ ،‬وال تمر بأحد من المسلمين‪ ،‬فإن رأيت أن تقطعنيها‪ ،‬أتخذ فيها قصيال‪ 1243‬لخيلي‬
‫ً‬
‫فافعل‪ .‬قال‪ :‬فكتب عمرإلى أبي موس ى‪ :‬إن كانت كما يقول‪ ،‬فاقطعها إياه‪ 1244.‬ويجوزأيما إقطاع‬
‫المعادن لالستغالل‪ ،‬ال ملك الرقبة (عين الش يء)‪ ،‬لما روى ابن عباس قال‪« :‬أقطع رسول الله‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫صلى الله عليه وسلم بالل بن الحارث المزني معادن الق َبلية‪َ ،1245‬جلسيها وغ ْوريها وحيث يصلح‬
‫الزرع من ُق ْدس ‪ ،1246‬ولم يعطه حق مسلم»‪1247.‬‬
‫واإلقطاع ثالثة أقسام‪ :‬إقطاع تمليك‪ ،‬و إقطاع استغالل‪ ،‬و إقطاع إرفاق‪ .‬و إقطاع‬
‫التمليك ينقسم إلى موات‪ ،‬وعامر‪ ،‬ومعادن‪ .‬و إقطاع االستغالل نوعان‪ :‬عشر‪ ،‬وخراج‪ .‬والذي‬
‫يهمنا هنا هو إقطاع الموات‪.‬‬
‫حكم إقطاع الموات‪:‬‬
‫أما إقطاع الموات‪ :‬فيجوزلإلمام باتفاق المذاهب األربعة إقطاع موات لمن يحييه‪ ،‬فيؤدي‬
‫إلى عمارة البالد‪ ،‬ألنه صلى الله عليه وسلم ـ كما تقدم ـ أقطع بالل ابن الحارث العقيق‪ ،‬و أقطع‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫و ائل بن حجر أرضا‪ ،‬و أقطع أبو بكر وعمر وعثمان جمعا من الصحابة‪ .‬فإن أقطع اإلمام أرضا‬
‫لشخص‪ ،‬ملكها عند المالكية‪ 1248‬وإن لم يعمرها بش يء‪ ،‬فله بيعها وهبتها‪ ،‬وتورث عنه‪ .‬وليس هو‬
‫من اإلحياء‪ ،‬بل هو تمليك مجرد‪.‬‬
‫(غير المالكية)‪ ،‬ألنه لو ملكه ما جاز‬ ‫الجمهور‪1249‬‬ ‫وال يملك الموات باإلقطاع عند‬
‫استرجاعه‪ ،‬بل يصير المقطع كالمتحجر الشارع في اإلحياء‪ ،‬فيكون أحق به إذا أحياه خالل مدة‬
‫أقصاها عند الحنفية ثالث سنين‪ ،‬لقول عمر‪« :‬ليس لمتحجر بعد ثالث سنين حق»‪ .‬وال ينبغي‬
‫‪ 1243‬القصيل ‪:‬الشعير يجز أخضر لعلف الدواب ‪.‬‬

‫‪1244‬روى هذه اآلثار كلها أبو عبيد في األموال ‪.‬‬
‫‪ 1245‬القبلية ناحية من ساحل البحر بينها وبين المدينة خمسة أيام ‪.‬‬
‫‪1246‬الجلس ‪ :‬كل مرتفع من األرض ويطلق على أرض نجد ‪.‬‬
‫‪1247‬رواه أحمد وأبو داوود‪ ،‬وروياه أيضا من حديث عمرو بن عوف المزني‪/‬نيل األوطار ‪. 313/2‬‬
‫‪1248‬األحكام السلطانية للماوردي‪ ،‬ص ‪. 831‬‬
‫‪ 1249‬كشاف القناع ‪ 186/4‬وما بعدها ‪.‬‬
‫لإلمام أن يقطع من الموات إال ما قدر المقطع على إحيائه؛ ألن في إقطاعه أكثر من هذا القدر‬
‫ً‬
‫تمييقا على الناس في حق مشترك بينهم‪ ،‬مما ال فائدة فيه‪ ،‬فيدخل به المررعلى المسلمين‪.‬‬
‫ً‬
‫فإن أقطع اإلمام أحدا أكثر من القدر الذي يمكن إحياؤه‪ ،‬ثم تبين عجزه عن عمارته أو‬
‫إحيائه استرجعه اإلمام منه‪ ،‬كما استرجع عمرمن بالل بن الحارث ما عجزعن عمارته من العقيق‬
‫الذي أقطعه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ .‬وهذا هو المراد بالمصلحة التي يجوزاإلقطاع‬
‫ألجلها؛ ألن الحكم يدورمع علته‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ولإلمام عند الحنابلة إقطاع غيرموات تمليكا‪ ،‬و انتفاعا للمصلحة‪ 1250.‬ويجوزاإلقطاع من‬
‫مال الخراج‪ ،‬كما يجوز من مال الجزية‪1251.‬‬
‫وقال المالكية‪ :1252‬ال يقطع اإلمام معمور أرض العنوة كأرض مصر والشام والعراق‪ ،‬أي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الصالحة لزرع الحب ملكا؛ ألنها وقف عندهم‪ ،‬بل يقطعها إمتاعا و انتفاعا‪ .‬وأما ما ال يصلح لزرع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الحب‪ ،‬وإن صلح لغرس الشجر‪ ،‬وليس من العقار‪ ،‬فإنه من الموات‪ ،‬يقطعه ملكا و انتفاعا‪ .‬وأما‬
‫ً‬
‫أرض الصلح فال يقطعها اإلمام ألحد مطلقا؛ ألنها مملوكة ألربابها‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬شروط إحياء الموات‪.‬‬
‫أوال ‪:‬شروط في املحيي‪.‬‬
‫املحيي‪ :‬هو الذي يباشراإلحياء الذي هو من أسباب االختصاص أو التملك‪ ،‬ويجوزإحياء كل‬
‫من يملك المال؛ ألنه فعل بملك به كاالصطياد‪.‬‬
‫ً‬
‫وال يشترط عند الجمهور (الحنفية والمالكية والحنابلة)‪ 1253‬كون املحيي مسلما‪ ،‬فال فرق‬
‫ً‬
‫بين المسلم والذمي في اإلحياء‪ ،‬لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم‪« :‬من أحيا أرضا ميتة‪ ،‬فهي‬
‫له»‪ ،‬وألن اإلحياء أحد أسباب التمليك‪ ،‬فاشترك فيه المسلم والذمي‪ ،‬كسائرأسباب الملكية‪.‬‬
‫‪1250‬كشاف القناع ‪. 187/4‬‬

‫‪1251‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ 1252‬الشرح الصغير ‪ 38//4‬وما بعدها‪ ،‬الشرح الكبير ‪. 61/4‬‬
‫‪ 1253‬الهداية مع تكملة الفتح ‪ 831/1‬الشرح الكبير ‪. 63/4‬‬
‫ً‬
‫واشترط الشافعية ‪ 1254‬في املحيي أن يكون مسلما‪ ،‬وال يملك الذمي إحياء األرض الموات‪،‬‬
‫ً‬
‫وإن أذن له فيه اإلمام؛ ألن اإلحياء استعالء‪ ،‬وهو ممتنع عليهم بداراإلسالم‪ .‬فلو أحيا ذمي أرضا‪،‬‬
‫نزعت منه وال أجرة عليه‪ ،‬فلو نزعها منه مسلم وأحياها‪ ،‬ملكها‪ ،‬وإن لم يأذن له اإلمام‪ ،‬إذ ال أثر‬
‫لفعل الذمي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬شروط األرض الموات‬
‫يشترط في األرض الموات شروط تتعلق بملكيتها واالرتفاق بها ومكانها‪ ،‬وهي ما يأتي‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ - 9‬أال تكون ملكا ألحد‪ ،‬مسلم أوذمي‪ ،‬وليست من اختصاص أحد‪ .‬وهذا معنى قول الفقهاء‪:‬‬
‫ً‬
‫أن تكون األرض عاديا (أي قديم الخراب بحيث لم يملك في اإلسالم‪ ،‬ال مالك لها في اإلسالم‪ ،‬فكأنها‬
‫ً‬
‫فقها‪1255.‬‬ ‫خربت من عهد عاد)‪ .‬وهذا الشرط متفق عليه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ - 2‬أال تكون مرتفقا بها أي مستعملة ارتفاقا ألهل البلدة‪ ،‬قريبا أو بعيدا‪ ،‬كمحتطب ومرعى‪،‬‬
‫وناد (مجلس يجتمعون فيه للتحدث)‪ ،‬ومرتكض خيل‪ُ ،‬‬
‫ومناخ إبل‪ ،‬ومطرح رماد‪ ،‬وحريم بئر‪،‬‬
‫ً‬
‫وشوارع وطرقات‪ ،‬ونحوها‪ .‬وهو شرط متفق عليه أيما بين المذاهب في األرجح عند بعمها‬
‫كالحنفية‪1256.‬‬
‫‪ - 1‬أن تكون األرض عند الشافعية في بالد اإلسالم‪ :‬فإن كانت في دارالحرب فللمسلم إحياؤها‬
‫إن كانت مما ال يمنعها أهلها عن المسلمين‪ ،‬فإذا منعوها أو دفعوا المسلمين عنها‪ ،‬فال يملكها‬
‫المسلم باالستيالء‪1257.‬‬
‫وال فرق عند الجمهور غير الشافعية بين دار الحرب ودار اإلسالم لعموم األخيار‪ ،‬وألن عامر‬
‫دار الحرب إنما يملك بالقهر والغلبة كسائر أموالهم‪1258.‬‬
‫إذن فما هو اإلحياء الذي يثبت الملك ؟‬
‫يشترط في اإلحياء الذي يثبت به الملك شرطان في بعض اآلراء‪:‬‬
‫‪ 1254‬مغني المحتاج ‪. 368/4‬‬

‫‪ 1255‬كشاف القناع ‪ 112/4‬الشرح الكبير ‪ 66/4‬اللباب شرح الكتاب ‪183/1‬‬
‫‪ 1256‬الهداية مع التكملة ‪ 836/1‬الشرح الكبير ‪67/4‬‬
‫‪ 1257‬مغني المحتاج ‪361/4‬‬
‫‪ 1258‬المغني ‪ 282/2‬والمراجع السابقة‬
‫أوال‪ -:‬أن يكون اإلحياء بإذن الحاكم عند أبي حنيفة‪ ،‬وقال المالكية ‪ 1259‬إذا كانت األرض‬
‫قريبة من العمران‪ ،‬افتقر إحياؤها إلى إذن اإلمام‪ ،‬بخالف البعيدة من العمران‪ ،‬وأن يكون فيها‬
‫اإلذن لمسلم‪ ،‬فال يأذن اإلمام لذمي على المشهور في إحياء األرض القريبة من العمران‪ ،‬وال يجوز‬
‫للذمي إحياء األرض في جزيرة العرب‪ :‬مكة والمدينة وما واالها‪.‬‬
‫ثانيا‪ - :‬يشترط عند الحنفية في حالة التحجير‪ :‬أن يتم اإلحياء خالل مدة أقصاها ثالث‬
‫سنين‪ .‬فإذا لم يعمرها فيها أخذها الحاكم منه‪ ،‬ودفعها إلى غيره؛ ألن البدء أو الشروع في‬
‫استصالحها يتطلب تعميرها‪ ،‬فيحصل النفع للمسلمين بدفع العشر أو الخراج‪ ،‬فإذا لم يحصل‬
‫المقصود‪ ،‬فال فائدة فيتركها في يده‪ 1260.‬والتقدير بثالث سنين مأخوذ من قول عمر رض ي الله‬
‫عنه‪« :‬ليس لمتحجر بعد ثالث سنين حق» ‪ .1261‬وهذه مدة معقولة الستصالح األراض ي وتدبير‬
‫مصالحها‪ .‬لكن هذا الحكم من طريق الديانة‪ ،‬أما من طريق القماء‪ ،‬فلو أحياها غيره قبل مض ي‬
‫تلك المدة‪ ،‬ملكها لتحقق سبب الملك منه‪ ،‬دون األول‪.‬‬
‫ً‬
‫ومذهب الشافعية والحنابلة كالحنفية تقريبا‪.‬‬
‫وبالرجوع الى مصادر تملك الدولة أي "الملك الخاص " للعقارات يتضح أنها متعددة‬
‫ومتنوعة‪ ،‬فالتملك إما بمقابل ويكون رضائيا كاالقتناءات العقارية أو عن طريق نزع الملكية‪ ،‬أو‬
‫يكون مجانا‪ ،‬كالهبات ‪ ،‬المصادرات والحجز وغيره ‪..‬ومن بين مصادر تملك الدولة باملجان يوجد‬
‫نظام األراض ي التي ال مالك لها وهو ما تناولناه بالدراسة في إطاره الشرعي‪ ،‬أما اآلن فسنتناوله في‬
‫إطاره القانوني لذا سنخصص المبحث الموالي لمعرفة ما يقصد بأراض ي الموات في القانون‬
‫المغربي و تحديدا في ظل مدونة الحقوق العينية ‪ ،‬و أثره في التنمية االقتصادية ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬إحياء أراض ي الموات في ظل التشريع المغربي‪ ،‬و أثره في التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫إحياء األرض بزراعتها له دور مهم في الحياة االقتصادية خاصة في الدول التي تعتمد على‬
‫الفالحة في اقتصادها والمغرب من بين هذه الدول لما تحقق من توازن اقتصادي بين األفراد‬
‫‪ 1259‬القوانين الفقهية ص ‪333‬‬

‫‪1260‬تبيين الحقائق ‪32/6‬‬
‫‪ 1261‬سبق تخريجه‬
‫واملجتمع وتوازن أمني بين الدول العربية من خالل استغالل األراض ي الزراعية‪ ،‬وإحياء هذه‬
‫األراض ي واستغاللها زراعيا كفيل بتحقيق األمن الغذائي للمجتمعات‪ .‬لكن السؤال الذي يطرح‬
‫نفسه ما هو وضع هذا املحيي لألرض هل يعتبر في التشريع المغربي مالكا ملكية خاصة لهذه‬
‫األراض ي الموات أم أن له الحق فقط في استغاللها واالنتفاع بها دون حق تملك الرقبة أي انها‬
‫تبقى ملكا خاصا للدولة ؟ فهذا السؤال سنجيب عليه في المطلب األول‪ ،‬وسنتطرق في المطلب‬
‫الثاني ألثره في التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬إحياء الموات في ظل التشريع المغربي‪.‬‬
‫إن الهدف من صدور مدونة الحقوق العينية هو توحيد النصوص القانونية المنظمة‬
‫للعقار غير املحفظ وإن كانت المدونة تطبق كذلك على العقارات املحفظة حتى ال تبقى محال‬
‫لتمارب االجتهادات القمائية واختالف اآلراء الفقهية‪ ،‬ولعل ذلك هو السبب في استفاضة‬
‫المشرع المغربي في شرح بعض بنود المدونة خاصة ما يتعلق بأسباب كسب الملكية‪ ،‬بشكل‬
‫خاص إحياء األراض ي الموات‪ ،‬والتي كانت تعد من بين أسباب كسب الملكية استنادا للحديث‬
‫الشريف" من أحيا أرضا مينة فهي له" ‪ 1262‬ويطلق هذا المصطلح الفقهي على قيام الشخص‬
‫بأعمال تؤدي الى جعل األرض غير المملوكة والتي ال يمكن االنتفاع بها على حالتها‪ ،‬صالحة‬
‫لالستغالل‪.1263‬‬
‫والمشرع المغربي اعتبر احياء األرض الموات سببا مكسبا للملكية وذلك ما عبر بصريح‬
‫المادة ‪ 222‬من مدونة الحقوق العينية التي تنص على أن‪ " :‬االراض ي الموات التي ال مالك لها‬
‫تكون ملكا للدولة وال يجوز وضع اليد عليها إال بإذن صريح من السلطة املختصة ويكون إحياء‬
‫األرض الموات بجعلها صالحة لالستغالل"‪ ،1264‬يعني أن المشرع قرر أن األراض ي الموات وغير‬
‫المزروعة التي ال مالك لها تكون ملكا للدولة‪ ،‬وال يجوزألحد تملك هذه األراض ي أو وضع اليد عليها‬
‫وهذا يعني أن األرض التي ال تصلح‬ ‫إال بترخيص صريح من السلطة املختصة وفقا للقانون‪1265.‬‬
‫تسمى أرضا ميتة وإحياؤها يكون بجعلها صالحة لالنتفاع بها‪ ،‬ويرى الفقهاء أن كل من وضع يده‬
‫‪1262‬سبق تخريجه‬
‫‪ 1263‬الحقوق العينية في الفقه االسالمي والتقنين المغربي‪ ،‬ابن معجوز ص ‪311‬‬
‫‪ 1264‬مدونة الحقوق العينة‪ ،‬ادريس الفاخوري‪ ،‬ص ‪36‬‬
‫‪ 1265‬الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة‪ ،‬عبد الكريم شهبون‪ ،‬ص ‪414‬‬
‫على ارض ميتة غير مملوكة ألحد وقام بإحيائها وتحويلها الى أرض صالحة لالستغالل تصبح‬
‫مملوكة له ملكية تامة وذلك استنادا للحديث الشريف" من أحيى ارضا ميتة فهي له" والمالكية‬
‫يشترطون في تملك أرض الموات بدون الحاجة الى ترخيص من الدولة أن ال تكون هذه األراض ي‬
‫قريبة من العمران وذلك تفاديا للمشاحنات والمنازعات حول األرض وحسما لذلك قرر المشرع‬
‫حسب المادة أعاله تعميم تملك الدولة لألراض ي الموات كلها بدون تخصيص وال تقييد واعتبار‬
‫هذه األراض ي الموات التي ال مالك لها هي ملك خاص للدولة وال يجوز وضع اليد اال بإذن صريح‬
‫من السلطة املختصة طبقا للقانون‪ ،‬وقد اعتبر المشرع احياء الموات سببا مكسبا للملكية‬
‫بصريح هذه المادة‪ 1266.‬وتوضح المادة ‪ 221‬من المدونة حق املحيي المتمثل في االستغالل دون‬
‫تملك الرقبة وتنص بما يلي ‪":‬من أحيى أرضا من األراض ي الموات بإذن من السلطة املختصة فله‬
‫حق استغاللها "ويفهم منها على أن األرض غيرالمملوكة هي من ملك الدولة ومن أخذ إذن بإحيائها‬
‫له حق استغاللها و إحيائها وتحويلها الى أرض صالحة لالستغالل واالنتفاع منا‪ ،‬فالمواد الذي‬
‫نظمت احياء الموات ربطت مسألة اإلحياء بمرورة الحصول على ترخيص قانوني من السلطة‬
‫املختصة تطبيقا للمادة السالفة الذكر‪1267.‬‬
‫واالحياء حسب مدونة الحقوق العينية يكون بأموروهي‪ :‬الزراعة‪ ،‬الغرس‪ ،‬البناء‪ ،‬تفجرماء‬
‫بها أوصرفه عنها كما جاء ي المادة ‪ 222‬من مدونة ح ع وتنص بما يلي" يكون إحياء األرض الموات‬
‫بجعلها صالحة لالستغالل‪ ،‬ويتم إحياؤها بزراعتها أو غرس أشجار بها أو إقامة منشآت عليها أو‬
‫تفجير ماء بها أو صرفه عنها " أي أن إحياء الموات يكون بإحدى هذه األعمال المنصوص عليها‬
‫من خالل المادة على سبيل المثال‪ 222‬بحيث يمكن أن يتحقق اإلحياء بأعمال أخرى كإزالة‬
‫األمالح األوساخ أو األحجارمنها‪ ،‬على أنه متى صارت األرض الموات مستغلة من طرف من أحياها‬
‫فال يزول حقه في استغاللها بعودتها الى ما كانت عليه قبل اإلحياء كما نصت المادة ‪ 222‬من م ح‬
‫ع ‪ 1268.‬أي أنه من أحيى األرض الموات و أصبحت صالحة لالنتفاع‪ ،‬ومستغلة استغالال كامال‪،‬‬
‫بأحد األعمال السالفة الذكر‪ ،‬ثم أهملها صاحبها بعد إحيائها إهماال حتى صارت ميتة‪ ،‬فال يزول‬
‫‪ 1266‬أنظر المرجع السابق ص ‪ 412 - 414‬بتصرف‬

‫‪ 1267‬المرجع السابق بتصرف‬
‫‪ 1268‬مدونة الحقوق العينية‪ ،‬ص ‪ 36‬بتصرف‬
‫حقه في استغالل هذه األرض بعودتها الى ما كانت عليه قبل اإلحياء كما نصت عليه المادة ‪222‬‬
‫من مدونة الحقوق العينية‪1269.‬‬
‫فما نستنجه وهو واضح بشكل كبير أن المدونة اختارت في اإلحياء مسلك اشتراط‬
‫الحصول على اإلذن في اإلحياء بصريح المادة ‪ 222‬وهو ما يعني أن األرض الموات غير موجودة‬
‫حقيقة في التراب المغربي على اعتبارأن األراض ي التي ال مالك لها هي من أمالك الدولة ابتداء‪ ،‬فال‬
‫يجوز وضع اليد عليها اال بإذن صريح منها‪ ،‬وأن من أذن له بإحيائها يملك حق االستغالل الدائم‬
‫فقط ويكون االحياء بجميع األعمال المتعلقة باستصالحها من ري أو سقي أو غرس‪....‬‬
‫ومن خالل قراءتنا للفصل األول من ظهير ‪ 20‬أبريل ‪ 9191‬المتعلق بأراض ي الجموع الذي‬
‫ينص على عدم قابلية األمالك الجماعية للتفويت أو الحجز أو التقادم كمبدأ عام اال أنه يجوز‬
‫للجماعة أن تكسب ملكية األراض ي الخالء التي تم احياؤها استنادا للتشريع االسالمي وتكون هذه‬
‫االراض ي التي تم احياءها جماعيا ملكا للجماعة‪ ،‬ويعني أن األراض ي الموات والتي تم إحياءها من‬
‫طرف الجماعات الساللية قد تدخل في االراض ي الجماعية وذلك قبل صدور القانون المنظم‬
‫ألراض ي الموات ‪.11.72‬‬
‫لكن ما يعاب على المشرع المغربي أنه يحصرحق املحيي في االستغالل ثم يجعل هذا اإلحياء‬
‫مما تكسب به الملكية‪ ،‬فهذا تناقض‪ ،‬فاألحرى أن يمع اإلحياء بهذا التقييد ضمن الملك‬
‫الناقص أو ضمن الحقوق العينية المتفرعة عن الملكية‪ ،‬فشروط اإلحياء كما وردت في المدونة‬
‫ليست على قواعد الفقهاء وال هي سبب لكسب الملكية‪.‬‬
‫فما هو أثرإحياء الموات في التنمية االقتصادية ؟ وهذا ما سنتناوله في المطلب الموالي‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬إحياء الموات و أثره في التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫إذا كان المقصد الشرعي من إحياء أرض الموات هو استثمارها وعمارتها لتحقيق التنمية‬
‫االقتصادية فإن إهمالها أو تعطيلها يزيل للمحيي حقه منها ألن بقاء أرض الموات على الجمود ال‬
‫يساعد على التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫‪ 1269‬الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية‪ ،‬ص ‪417‬‬
‫فلهاذا حث اإلسالم على إحياء األرض وعمارتها من أجل استثمارها واستغاللها‪ ،‬لكن‬
‫كيف يمكن للمحيي أن يبيع أرض الموات مع العلم أنه ال يملك رقبة األرض التي أحياها على قول‬
‫المشرع المغربي؟‬
‫وجوابا على هذا السؤال يقول األستاذ محمد باقر الصدر‪ ":‬إن البائع يتكفل منح‬
‫المشتري نفس العالقة التي كانت تربط المال بالبائع‪ ،‬في مقابل حصول البائع على نفس العالقة‬
‫التي تربط الثمن بالمشتري سواء كانت العالقة على مستوى الملكية‪ ،‬أوعلى مستوى حق‪ ،‬فالفرد‬
‫الذي أحيا أرضا يجوزله بيعها ألنه يتمتع بعالقة خاصة باألرض وهو ما يصطلح عليه باسم الحق‬
‫‪...‬إن املحيي يبيع حقه في األرض ال نفس األرض"‪.1270‬‬
‫ومن هذا نستنتج أن املحيي إنما يجوزله ان يبيع حق االنتقاع ال حق الملكية‪ ،‬وال يجوزله‬
‫أن يبيع رقبة األرض ألنه ال يملكها باألصل‪ ،‬ومنه فإن بيع املحيي حقه الثابت في الملكية العقارية‬
‫الجماعية جائز شرعا لوجود عالقة شرعية بين هذا الحق والمبيع‪ ،‬غير أن هذا األخير ال يجوز‬
‫تملكه إال بحق شرعي‪ .‬فاإلحياء يعتبر أسلوبا من األساليب االستثمارية للملكية العقارية‬
‫الجماعية لتحقيق التنمية االقتصادية‪1271.‬‬
‫وتجدر اإلشارة الى أن هناك عالقة بين إحياء أرض الموات وبين اإلصالح الزراعي باعتبار‬
‫أن جعل األرض صالحة للزراعة واستغاللها على ذلك النحو يعتبر إحياء لها‪ .‬فماذا يقصد‬
‫باإلصالح الزراعي؟ وماهي أهدافه ومبرراته؟ وما هي أهم اإلصالحات الزراعية التي قام بها‬
‫المغرب؟ وهذا ما سنتناوله بالتفصيل في المبحث الثالث‪ ،‬سنخصص المطلب األول لتعريف‬
‫اإلصالح الزراعي‪ ،‬المطلب الثاني‪ ،‬أهدافه ومبرراته‪ ،‬والمطلب الثالث‪ ،‬أهم اإلصالحات الزراعية‬
‫التي قام بها المغرب بعد االستقالل‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬إحياء أراض ي الموات ونهج المغرب سياسة اإلصالح الزراعي‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم اإلصالح الزراعي ‪REFORME AGRAIRE.‬‬
‫‪1270‬اقتصادنا‪ ،‬محمد باقر الصدر‪ ،‬تحقيق مكتب اإلعالم اإلسالمي‪ ،‬الطبعة الثانية‪ :‬طبعة المكتب اإلسالمي‪ ،‬ص ‪716‬‬
‫‪ 1271‬الملكية العقارية الجماعية واثرها في التنمية االقتصادية في االقتصاد االسالمي وفي الجماعات المحلية بالمغرب‪ ،‬مبارك أخرضيض‪،‬‬
‫اطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الشريعة‪ ،‬كلية الشريعة جامعة ابن زهر‪1118 ،‬م‪8411 /‬ه‪ ،‬ص‪ 813- 814‬بتصرف ‪.‬‬
‫اإلصالح الزراعي بالمعنى المتداول قد يفسر على أنه مجرد توزيع الملكية الزراعية لصالح‬
‫المزارعين أو المعدومين الذين هم السواد االعظم من شعوب الدول التي ساءت ظروف توزيع‬
‫الملكية لها‪.‬‬
‫لكن لإلصالح الزراعي تعريف شامل‪ ،‬ومعنى أعمق‪ ،‬ينطوي على ما فيه من وسائل لتحسين‬
‫اإلنتاج ورفع كفاية المشتغلين به أو بمعنى آخر تحسين الكيان أو البنيان الزراعي للدولة بإعادة‬
‫تنظيمه‪ ،‬والوصول به إلى أفمل المستويات‪1272.‬‬
‫كما يعرف أيما اإلصالح الزراعي على انه مجموعة من اإلجراءات التشريعية والتنفيذية‬
‫التي تقوم بها السلطات العامة إلحداث تغيرات إيجابية في الحقوق المتعلقة باألرض الزراعية من‬
‫حيث ملكيتها‪ ،‬وحيازتها‪ ،‬والتصرف فيها لينجم عن هذه التغيرات إلغاء احتكاراألرض الزراعية‪ ،‬او‬
‫تقليصه‪ ،‬وضمان توزيع أكثرعدالة في الثروة‪.‬‬
‫ويتم ذلك عن طريق وضع حد أعلى للملكية الخاصة ال يجوزتخطيه‪ ،‬أو االستيالء عليه على‬
‫ما يتجاوز هذا الحد من أراض‪ ،‬وتوزيعها على فقراء الفالحين المستحقين وفقا للشروط‪،‬‬
‫وأولويات تختلف باختالف األوضاع السياسة‪ ،‬واالقتصادية والسكانية واالجتماعية لكل بلد‪1273.‬‬
‫المطلب الثاني ‪:‬أهداف اإلصالح الزراعي‪ ،‬ومبرراته‪.‬‬
‫من أهداف اإلصالح الزراعي الذي وضع موضع التطبيق ركز بشكل كبير على إعادة توزيع‬
‫األرض لصالح صغارالمزارعين والعمال الزراعيين كإجراء للقماء على الملكيات الواسعة تمهيدا‬
‫إللغاء النظام اإلقطاعي‪ ،‬وله غرض اجتماعي بإنهاء الملكيات الكبيرة وسيلة لممان العدالة‬
‫والمساواة‪ ،‬أكثر من اعتبارها وسيلة لزيادة إنتاجية األرض و إنتاجية مستغليها‪1274.‬‬
‫كما أن الغاية من هذا النظام التقف عند حد توزيع األرض بل تتعداه إلى مهام وغايات‬
‫أخرى‪ ،‬كتنظيم العالقة بين المالك والمستأجر‪ ،‬والحد من املجاالت االستغاللية واالحتكارية في‬
‫ميدان الزراعة‪ ،‬وتحسين أساليب االئتمان الزراعي‪ ،‬وتعديل أسس المرائب الزراعية فيها‪ ،‬مما‬
‫‪ 1272‬اإلصالح الزراعي وتنمية المجتمع‪ ،‬عبد المجيد مرعي‪ ،‬دار الكتاب العربي للطباعة والنشر‪ ،‬ص ‪3‬‬
‫‪1273‬تنمية الزراعة العربية‪ ،‬صالح وزان‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية ‪ ،8331‬ص ‪13‬‬
‫‪ 1274‬اقتصاديات االرض واالصالح الزراعي‪ ،‬عبد الخالق محمد عبدي‪ ،‬مطبعة سليمان األعظم ‪-‬بغداد‪ ، -‬طبعة ‪ ،8377‬ص ‪83‬‬
‫يؤدي إلى زيادة إمكانياتهم وقدرتهم على االنتاج‪ ،‬وبالتالي زيادة مدخولهم مما ينعكس أثره على‬
‫االقتصاد القومي بصفة عامة‪1275.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أهم اإلصالحات الزراعية التي قام بها المغرب بعد االستقالل‪.‬‬
‫بعد مفاوضات إيكس ليبان التي أفمت الى الحفاظ على المصالح االستراتيجية‬
‫لإلمبريالية الفرنسية بالمغرب سيتم االنسحاب التدريجي للمعمرين الفرنسين من الميعات التي‬
‫احتلوها والتي تعود ملكيتها الى مختلف القبائل التي انتزعها منهم االستعمار وفي مجملها هي‬
‫أراض ي خصبة تتواجد بالدو ائر السقوية‪ ،‬فخالل االستقالل الشكلي ستعد الحركة الوطنية‬
‫اصالح زراعي شامل هدفه إرجاع األراض ي التي استولى عليها المعمرون وحمايتها من المماربات‪،‬‬
‫ففي سنة ‪ 9161‬تم استرجاع األراض ي المسماة أراض ي االستعمار الرسمي وتقدر ب ‪ 227‬ألف‬
‫هكتار‪ ،1276‬وفي سنة ‪ 9101‬تم استرجاع األراض ي المسمات بأراض ي االستعمار الخاص وتقدر‬
‫ب‪ 027‬ألف هكتار‪ ،‬و ارتباطا مع هذا كله قرر الملك الراحل الحسن الثاني منح بعض الفالحين‬
‫الصغار األشد تمررا‪ ،‬األراض ي الفالحية أو ذات األغراض الفالحية التي تشكل جزءا من املجال‬
‫الخاص بالدولة‪ ،‬والتي يمكن أن تجزأ أو توزع وذلك بمقتض ى الظهير الشريف ‪ 9.02.200‬بتاريخ‬
‫‪ 22‬ذي القعدة ‪ 9112‬المو افق ل‪ 21‬دجنبر ‪ 9102‬ويراد بالتجزئة حسب هذا الظهير‪ :‬القطعة‬
‫األرضية المسلمة بصفة فردية‪ ،‬الحقوق المشاعة في ارض جماعية‪ ،‬أو التجزئة المتألفة من‬
‫قطعة أرضية مستقلة ومن حقوق مشاعة في أرض جماعية‪ ،‬وذلك مع ضرورة إنشاء تعاونيات‪.‬‬
‫وكانت الدولة تستهدف بهذا إدخال جزء من الفالحين الى نطاق االنتاج الرأسمالي وذلك لسببين‪:‬‬
‫األول سياس ي والثاني اقتصادي‪.‬‬
‫من الناحية السياسية‪ :‬يكمن السبب في ضرورة التخفيض من حدة تهميش فالحي المناطق‬
‫التي تسودها األشكال الجماعية وبالتالي البحث عن توسيع األسس االجتماعية لدعم السلطة‬
‫العمومية بالبادية وذلك عبر خلق فئة من الفالحين‪ ،‬تستمد امتيازاتها من أراض ي التوزيع ومن‬
‫االمكانيات المادية التي يوفرها لها التنظيم التعاوني‪.‬‬
‫‪ 1275‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪1276‬حسب ظهير ‪ 16‬شتنبر ‪ 8363‬المعدل والمغير لظهير ‪ 8383‬المتعلق باالراضي الجماعية الذي ينص على استرجاع االراضي التي‬
‫كانت ملكا للمعمرين من طرف الدولة‪ ،‬فهذه االراضي لم تسترجعها الجماعات الساللية وانم استرجعتها الدولة ووزعت جانبا منها لصغار‬
‫الفالحين في اطار سياسة االصالح الزراعي و الجانب االخر استغلته شركات فالحية تابعة للدولة ‪.‬‬
‫ومن الناحية االقتصادية فمادام الفالحون المستفيدون مر اقبون بواسطة الدولة من‬
‫طرف الرأسمال الصناعي الذي تربطه معهم عقد إنتاج‪ ،‬فإنهم يصبحون في وضعية شبه أجرية‬
‫لهذا األخير‪ ،‬يتمتعون بالملكية الشكلية لألرض لكنهم فاقدون السيطرة على وسائل إنتاجهم‬
‫وتبادلهم‪1277.‬‬
‫وقد تميزت اإلصالحات الزراعية بعد االستقالل بالتركيزعلى استخدام التقنيات الحديثة‬
‫وتحديث الزراعة أكثر من االهتمام بالبنى الزراعية وهذه اإلصالحات عديدة ومن أهمها‪1278:‬‬
‫‪ ‬إصالحات ‪ ،9120‬ويهدف تجميع القطع الزراعية الصغيرة في وحدات زراعية واسعة من‬
‫أجل استخدام المعدات الحديثة كالجرارات‪.‬‬
‫‪ ‬إصالحات ‪ ،9167‬والتي تمت إدارتها من طرف المكتب القومي للري الذي عمل على‬
‫إصالح ‪ 927‬ألف هكتار‪.‬‬
‫‪ ‬إصالحات ‪ ،9162‬الذي يهدف إلى إصالح األراض ي المسترجعة من األوربيين‪ ،‬والمغاربة‬

‫المتعاملين معهم‪.‬‬
‫‪ ‬الخطة الثالثية ‪ 9160/9162‬مكنت هذه الخطة من توزيع ‪ 92‬ألف هكتار من األراض ي‬

‫المروية‪ ،‬و‪ 92‬ألف هكتار من األراض ي غيرالمروية‪.‬‬
‫ويعتبر الدارسون للقطاع الزراعي في المغرب أن المعدل لمعظم املحاصيل الزراعية ارتفع‬
‫في الستينات مقارنة بالخمسينات‪ ،‬وقد تراجع قسم كبير من املحاصيل في السبعينات مقارنة‬
‫بالستينات مع املحافظة في الغالب على مستوى أعلى من الذي كان في الخمسينات‪ ،‬فعلى سبيل‬
‫المثال ارتفع مردود مجموع الحبوب الى ‪ 6212‬بالمائة في الخمسينات‪ ،‬وارتفع الى ‪ 22.92‬بالمائة في‬
‫الستينات‪ ،‬وتراجع الى ‪ 1110‬بالمائة ي السبعينات‪ ،‬ثم ارتفع الى ‪ 90172‬بالمائة في النصف األول‬
‫من الثمانينات‪1279.‬‬
‫‪ 1277‬مقتطف من موقع ‪www.barc.frbb.net‬موضوع عن التجربة المغربية في االصالح الزراعي ‪8373-8361‬‬

‫‪ 1278‬احياء الموات في الفقه االسالمي والتشريعات العربية‪ ،‬الحديثة طروب كامل‪ ،‬رسالة لنيل درجة الدكتوراه العلوم في الشريعة والقانون‬
‫‪ ، 1184-1183‬جامعة الحاج لخضر باتنة الجزائر‪ ،‬ص ‪114‬‬
‫‪ 1279‬التصور الجديد لالحياء الزراعي‪ ،‬األمين النصيري‪ ،‬مجلة أطروحات‪ ،‬العدد السابع سنة ‪ ،8331‬ص ‪ 832- 38‬بتصرف‬
‫ومن مظاهر هذا التحديث تعديل سياسة المريبة على الفالحين منذ ‪ ،9162‬حيث ثم‬
‫تحويل ضريبة الترتيب الى ضريبة فالحية تعفي الفالحين الذين يقل مدخولهم عن ‪ 9277‬درهم‬
‫وتأسس في نفس السنة الصندوق الوطني للقرض الفالحي كأداة لتعبئة الموارد المالية لصالح‬
‫الفالحين حتى يتمكنوا من اصالح وتجهيز اراضيهم‪ ،‬وتأسس بموجب ظهير ‪ 17‬يونيو ‪ 9162‬المعهد‬
‫الوطني للبحث الزراعي‪ .‬وبتاريخ ‪ 9160‬أعلن الملك الحسن الثاني عن قرار سقي مليون هكتار في‬
‫أفق سنة ‪ ، 2777‬فصدر في سنة ‪ 9161‬نص على الزامية استصالح االراض ي الفالحية داخل‬
‫المساحات املحددة اال ان هناك كوابح تحول دون هذه التنمية الفالحية المتمثلة في الوضعية‬
‫الغيرمالئمة ( أراض ي الجموع واراض ي االحباس ) والتوزيع الس يء لوسائل االنتاج (االرض‪ ،‬الماء‪،‬‬
‫التجهيزات‪ ،‬المواد الزراعية والقروض) وهشاشة أنظمة االستغالل الزراعي‪1280.‬‬
‫وتجدر االشارة أن الخطاب الملكي االخير يوم ‪ 92‬أكتوبر ‪ 2792‬بمناسة افتتاح الدورة‬
‫التشريعية الجديدة أشارفيه الى ضرورة النهوض باملجال الفالحي خاصة ما تعرفه حاليا األراض ي‬
‫الفالحية من تقسيم متزايد مع ما ينتج ذلك من ضعف في اإلنتاجية‪ ،‬ويطالب فيه الحكومة ببلورة‬
‫آليات مبتكرة لتحفيز الفالحين على المزيد من االنخراط في تجمعات وتعاونيات فالحية منتجة‬
‫ومتابعة تكوين فالحي‪ ،‬كما طالب كذلك بجعل االراض ي الساللية قابلة لالستثمار فيها في املجال‬
‫الفالحي وتسهيل تمليكا خاصة لذوي الحقوق‪.‬‬
‫خاتمة‪.‬‬
‫في ختام هذا البحث نستخلص أن المشرع المغربي لم يحكم مسألة تنظيم أراض ي الموات‬
‫بنص قانوني اال بعد صدور مدونة الحقوق العينية خاصة المواد ‪ 222‬الى ‪ 226‬منها‪ ،‬فهذه‬
‫الفصول تؤكد وتقر بكون االراض ي التي ال مالك لها هي ملك للدولة وال يجوز وضع اليد عليها إال‬
‫بإذن صريح من السلطة املختصة‪ ،‬ومن أخذ اإلذن بإحيائها فله حق االستغالل فقط‪ ،‬فمن هذا‬
‫يتضح لنا أموروهي‪:‬‬
‫‪ -‬األراض ي الموات هي ملك للدولة فقط؛‬
‫‪ -‬ان استغاللها من قبل الغير ال يمكن أن يتم اال بعد الحصول على ترخيص واذن من‬
‫السلطة املختصة؛‬
‫‪ -‬الغير له حق االستغالل فقط دون االدعاء في يوم من األيام ملكية الرقبة التي هي‬
‫للدولة وبقوة القانون؛‬
‫وما يعاب على التشريع المغربي‪ ،‬عدم تحديد طبيعة المستغل ألرض الموات والشروط‬
‫الواجب تو اف رها فيه‪ ،‬هل يقتصر فيه على الشخص الطبيعي أم يتعدى ذلك الى االشخاص‬
‫االعتبارية وكذا األجانب‪ ،‬وما هي الجهة المعنية بمنح ترخيص االستغالل‪ ،‬هل هي السلطة املحلية‬
‫فقط‪ ،‬أم تنماف اليها مندوبية أمالك الدولة باعتبارها هي المالكة للعقار‪ ،‬أم أن األمر يستدعي‬
‫ضرورة إدخال جهات أخرى كاإلدارة المكلفة بالفالحة في حالة االستغالل الفالحي أو الزراعي ‪....‬‬
‫كلها تساؤالت تستدعي التوضيح لإللمام أكثربالموضوع وتفادي أية تأويالت قد تطرح‪.‬‬
‫كما أنه هناك تساؤل آخر يطرحه نفسه‪ ،‬كيف كان يتعامل مع نظام أراض ي الموات قبل‬
‫صدورقانون ‪ 11.72‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية‪.‬‬
‫المصادروالمراجع‬
‫لسان العرب إلبن منظور‪ /‬دارصادربيروت‪ /‬الطبعة الثالثة ‪.9292‬‬ ‫‪.9‬‬
‫تبيين الحقائق للزيلعي‪ /‬المطبعة األميرية‪ /‬الطبعة األولى ‪9191‬هـ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫كشاف القناع للبهوتي الحنبلي (‪ 9729‬هـ)‪ /‬دارالكتب العلمية‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫المغني البن قدامة (‪627‬هـ)‪ /‬ملكية القاهرة ‪.9162‬‬ ‫‪.2‬‬
‫القاموس املحيط للفيروز آبادي (‪290‬هـ)‪/‬نشر مؤسسة الرسالة للطباعة‬ ‫‪.2‬‬

‫والتوزيع بيروت‪ -‬لبنان الطبعة الثامنة هـ‪2772-9226‬م‪.‬‬
‫القوانين الفقهية البن جزي الكلبي الغرناطي ( ‪092‬هـ)‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫المغني املحتاج لشمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشريني الشافعي‬ ‫‪.0‬‬
‫(‪100‬هـ)‪ /‬الناشردارالكتب العلمية‪ /‬الطبعة األولى ‪9292‬هـ‪9112-‬م‬
‫نيل األوطار للشوكاني( هـ‪/ )9227‬الناشر دار الحديث مصر‪ /‬الطبعة االولى‬ ‫‪.2‬‬
‫‪9291‬هـ‪ 9111-‬م‬
‫الفقه اإلسالمي وادلته لوهبة الزحيلي‪/‬دارالفكردمشق ‪ /‬الطبعة ‪ 92‬مصورة‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫سبيل السالم للكحالني ثم الصنعاني ‪/‬الناشردارالحديث‬ ‫‪.97‬‬
‫نصب الراية للزيلعي‪/‬مؤسسة الريان للطباعة والنشر بيروت‪/‬الطبعة األولى‬ ‫‪.99‬‬

‫‪. 9110‬‬
‫الحقوق العينية في الفقه االسالمي والتقنين المغربي البن معجوز‪/‬طبعة ‪/2796‬‬ ‫‪.92‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة الدارالبيماء‪.‬‬
‫مدونة الحقوق العينية الدريس الفاخوري ‪/‬طبعة ‪/ 2791‬دار نشر المعرفة‬ ‫‪.91‬‬
‫الرباط‪.‬‬
‫الشرح الشافي لمدونة الحقوق العينية لعبد الكريم شهبون‪/‬الطبعة االولى‬ ‫‪.92‬‬
‫‪ /2792-9216‬مكتبة الرشاد سطات‪.‬‬
‫االصالح الزراعي وتنمية املجتمع لعبد املجيد مرعي ‪/‬مصر دار الكتاب العربي‬ ‫‪.92‬‬
‫للطباعة والنشر‪.‬‬
‫تنمية الزراعة العربية لصالح وزان‪/‬مركزدراسات الوحدة العربية ‪.9112‬‬ ‫‪.96‬‬
‫اقتصاديات االرض واالصالح الزراعي لعبد الخالق محمد عبدي ( بغداد‪/‬مطبعة‬ ‫‪.90‬‬
‫سلمان االعظم ‪)9100‬‬
‫التصورالجديد الحياء الزراعي المين النصيري عن مجلة اطروحات العدد السابع‬ ‫‪.92‬‬
‫‪9117‬‬
‫محمد باقر الصدر اقتصادنا تحقيق مكتب االعالم االسالمي‪ /‬الطبعة الثانية‪/‬‬ ‫‪.91‬‬
‫مطبعة مكتب االعالم االسالمي‪/‬الناشرمؤسسة بوستان‪.‬‬
‫الملكية العقارية الجماعية و اثرها في التنمية االقتصادية في االقتصاد االسالمي‬ ‫‪.27‬‬

‫وفي الجماعات املحلية بالمغرب للدكتور مبارك أخرضيض ‪2779‬م‪9222-‬هـ ‪ /‬اطروحة لنيل‬
‫دكتوراه الدولة في الشريعة‪ .‬بكلية الشريعة جامعة ابن زهراكادير‪.‬‬
‫طروب كامل احياء الموات في الفقه االسالمي والتشريعات العربية الحديثة ‪/‬‬ ‫‪.29‬‬
‫رسالة لنيل درجة الدكتوراه العلوم في الشريعة والقانون ‪ ، 2792-2791‬جامعة الحاج لخمر‬
‫باتنة‪ -‬الجزائر‪.‬‬
‫مقاالت وأبحاث‬
‫قانونية وقضائية باللغة‬
‫الفرنسية‬
Dr BOUROUD Hanane
Doctorante chercheuse en sciences économiques
et de Gestion FSJES Oujda
Le supply chain risk management : identification,

évaluation, analyse et traitement
2. Le Supply Chain Risk Management (SCRM) : fondements

théoriques.
Le concept de gestion des risques (ou risk management) est
apparu à la fin des années 1950 aux États-Unis dans le domaine
financier, en relation avec des questions d’assurance (Mayer,
Humbert, 2006 ; Tchankova, 2002, rapportés par Mohamed et al.,
2010). Par la suite, il a été étendu à d’autres domaines, notamment
l’environnement, la gestion de projet, le marketing, ainsi que la
logistique (Mohamed et al., 2010). Son intérêt croissant couple avec
les initiatives prises par les acteurs économiques. Ainsi, dès Juin
2005, la norme « ISO 31000, Management des risques, principes et
lignes directrices de mise en œuvre » est initiée et permet de
standardiser l’encadrement des risques au sein des organisations. Il
s'agit principalement du management des perturbations de la
demande tout au long de la chaîne de valeur.
On peut définir le Supply Chain Risk Management (SCRM, ou
management des risques liés à la chaîne
d’approvisionnement/livraison) comme le management (avec une
dimension stratégique et opérationnelle) des risques liés à la chaîne.
Risques qui peuvent modifier voire empêcher tout ou partie de la

circulation efficace et efficiente des flux d'informations, de matières
premières et de produits depuis le fournisseur du fournisseur
jusqu’au client du client de l'entreprise (Lavastre et Spalanzani,
2010).
Pour Jüttner (2005), le SCRM est l’identification et le
management des risques de la supply chain à travers une approche
coordonnée entre ses membres afin de réduire la vulnérabilité
globale de la chaîne d’approvisionnement. Laville (2006), rapporté
par Delesse (2010) caractérise le SCRM comme « une approche
systématique servant à déterminer la meilleure voie à prendre en cas
d'incertitude, en identifiant, en évaluant, en comprenant et en
communiquant les questions liées aux risques et en prenant des
mesures à leur égard ». Kouvelis et al. (2006) perçoivent le
management des risques de la supply chain en termes de gestion de
l’incertitude de la demande, de l’approvisionnement et des coûts.
Carter et Rogers (2008) définissent le SCRM comme « la capacité
de la firme à comprendre et à gérer ses risques économiques,
environnementaux et sociaux au sein de la supply chain » qui peut
être matérialisée par l’adoption d’une planification contingente et
d’une chaîne d’approvisionnement agile et résiliente. Gérer les
risques reviendrait donc à initier un cadre serein au sein duquel, les
manageurs développeront des aptitudes à même d’anticiper sur des
évènements imprévisibles (résilience).
Rice et Caniato (2003) quant à eux, définissent la résilience de

la chaîne d’approvisionnement comme la capacité d‟une
organisation « à réagir à une perturbation imprévue et à maintenir
ses opérations après l’évènement ». Cette résilience peut s’obtenir
en utilisant une forte flexibilité et une redondance adéquate au sein
des organisations. Elle serait « la capacité du système à revenir à
son état originel ou à mouvoir vers un nouvel, plus désirable après
avoir été perturbé » (Christopher et Peck, 2004) et fait apparaitre le
concept de « capacité de l’organisation à absorber ou à mitiger
l’impact de la perturbation » (Peck, 2006). L’acquisition de ces
aptitudes passe nécessairement par l’adoption d’une planification
d’urgence qui offre à l’entreprise des possibilités de réaction face
aux situations incertaines.
Cette approche nécessite l’évaluation, le développement et
l’entretien continus des capacités alternatives, des systèmes
d’information visibles et cachés et des plans de réponse d’urgences
spécifiques (Musa, 2012 ; Rice et Caniato, 2003).
De façon restrictive, le SCRM peut alors être défini comme la
gestion des risques de l a seule chaîne logistique interne de
l'entreprise, sans prendre en considération les acteurs externes
(notamment les partenaires amont et aval) ni les risques extérieurs
(Lavastre et Spalanzani, 2010). La définition de Tang (2006a)
adoptée par Musa (2012) selon laquelle le SCRM est perçu comme
« la gestion des risques de la supply chain à travers la coordination
ou la collaboration entre les partenaires de la chaîne pour assurer la
profitabilité et la continuité », semble plus pertinente dans le cadre

de ce travail de recherche.
Cette logique fait naître deux perspectives du SCRM qui
peuvent être envisagées selon l’angle d’analyse choisi : l’une
réduite à une seule organisation (considérée isolément), l’autre
considérant les relations entre partenaires industriels (avec une
vision transversale) (Lavastre et Spalanzani, 2010). Le SCRM est
donc envisagé ici sous l’angle de la gestion des risques liés à la
chaîne logistique globale. Pour Fone et Young (2000) « La gestion
des risques doit être considérée comme une fonction de l’entreprise
qui cherche à identifier, à évaluer et à gérer des risques dans le cadre
des objectifs généraux de l'organisation »
(Khan et Burnes, 2007 ; Mohamed et al., 2010). Cette définition
va au-delà du cadre conceptuel de la gestion des risques comme un
simple outil de gestion pour l’ériger comme une fonction à part
entière qui doit exister indépendamment des autres fonctions de
l’organisation. Harland et al. (2003) repris par Mohamed et al.
(2010) suggèrent que « La gestion des risques doit incorporer la
planification des scénarii et l'utilisation des groupes d'experts et
d’études de Delphi, en plus de la prévision par des méthodes basées
sur les statistiques de prévisions ». Elle dépendra de l'attitude de
l’organisation : une organisation peut prendre plusieurs positions
face au risque : réactive, défensive, proactive ou analytique. Pour
Evrard et al. (2011), les entreprises adoptent deux types de posture
face à une crise : elles vont d’abord y répondre à court terme en
mettant en œuvre des solutions qui leur permettent de régler

rapidement les problèmes auxquels elles sont confrontées, puis elles
vont faire évoluer leurs organisations, leurs pratiques et leurs
systèmes grâce à un processus d’apprentissage qui leur permettra
par la suite de s’adapter plus facilement à d’autres situations
critiques.
Pour Delesse (2010), il existe cinq phases du management du
risque : détection des signes d’alerte, préparation-prévention,
réponse/réduction, récupération, apprentissage (Mitroff, 1988 ;
Pearson et Mitroff, 1993 ; Brouard et Sprott, 2004). Malgré la
qualité des outils et des modèles statistiques qui sont utilisés pour
élaborer les prévisions, en cas de crise, c’est bien la capacité de
l’ensemble des acteurs d’une même chaîne à alimenter le système
en informations diverses (remontée client, variation de stock,
référencement/déréférencement, promotions) qui va permettre aux
entreprises de s’adapter à la situation en limitant l’effet Bullwhip
par un échange d’informations plus fréquent et plus précis. La
résilience organisationnelle suite à un événement majeur suppose
ainsi deux dimensions qui sont la capacité à résister ou à limiter
l’incident, et la capacité à résorber l‟impact (Meyer, 1982; Roux
Dufort, 2004, cités par Evrard et al., 2011). L’adoption de l’une ou
l’autre stratégie dépend à la fois de ses aptitudes et des moyens dont
dispose l’entreprise.
2. Identification et évaluation des risques en supply chain : des
divergences d’approches
2.1. L’identification des risques de la supply chain

L’identification des risques (Risk identification) est un «
processus de recherche, de reconnaissance et de description » des
sources de risques, de leur(s) zone(s) d’impact, des évènements
potentiels, de leurs causes et de leurs conséquences possibles. Le
but est de construire une liste des risques potentiels.
L'identification des risques peut faire appel à des outils
classiques tels que des données historiques, des analyses théoriques,
des avis d'experts et autres personnes compétentes, des
brainstormings, etc. (Guillaume, 2011).
L’identification des risques de la supply chain est la première
étape du processus de gestion des risques (Kleindorfer, 2000). Dans
un contexte d’inter-connectivité des parties prenantes, établir les
responsabilités et les limites d’intervention de chacun anticipe la
détection des points d’entrave de la chaîne. Ainsi, procéder en
premier lieu par l’identification des risques renseigne sur leur nature
et permet de mobiliser des outils capables de mieux les appréhender.
Götze et Mikus (2007), Jüttner et al. (2003) s’intéressant aux causes
de risques, effectuent une catégorisation selon leur origine : les
risques à l’intérieur de l’entreprise focale, les risques à l’extérieur
de cette entreprise et à l’intérieur de la supply chain, enfin les
risques à l’extérieur de la supply chain. Mattos et Vaz de Magalhães
(2010) évoquent les exemples de risques courants en supply chain
observables dans la variation de la demande, des détériorations
pendant le transport, des risques opérationnels et des évènements

catastrophiques qui peuvent affecter les unités de réseau logistiques.
Chopra et Sodhi (2004) identifient les facteurs de risques de la
supply chain dans les évènements tels que les retards, les
interruptions d’approvisionnement, la fourniture, les niveaux de
stocks et la capacité physique limitée entre autres. Pour Sudy et
Schramm (2010), les risques apparaissent dans toutes les fonctions
de l’entreprise, à l’exemple du ravitaillement, de
l’approvisionnement, de la fabrication et de la distribution. Après
l’identification de ces différents risques, les manageurs développent
les techniques d’évaluation pouvant leur permettre de cerner leur
degré d’importance.
2.2. Evaluation des risques de la supply chain
L’évaluation des risques (Risk evaluation) est un processus
dont le but est de proposer un cadre permettant de comparer les
risques et de distinguer ceux qui devront être traités de ceux qui ne
le seront pas, sur la base de critères définis lors de l’établissement
du contexte (Guillaume, 2011). Dans ce cas, les auteurs proposent
l’utilisation d’une matrice des risques qui permettrait de ressortir les
conséquences et la vraisemblance sur ces deux dimensions. Cette
matrice facilite le classement et la visualisation des catégories de
risques. C’est aussi à ce niveau que doit être prise en compte
l’attitude de l’entité face au risque : goût, tolérance, aversion. Ces
trois attitudes sont généralement graduelles : « importance et type
d’opportunité qu’elle est prête à saisir » (goût), « disposition à
supporter le risque » (tolérance) et « attitude de rejet du risque »

(aversion) (Guillaume, 2011).
Evaluer le risque c’est déterminer son importance ou sa valeur
au sein de la supply chain. Plusieurs approches abordent cet
exercice sous des angles différents. Parmi elles, les techniques de
simulations de la supply chain qui permettent d’évaluer les pertes et
les dommages causés par une perturbation. Elles se font à l’aide de
techniques mathématiques avancées à travers des simulateurs qui
produisent des scénarii en temps réel d’évènements de crise (Mattos
et Vaz de Magalhães, 2010). L’utilisation des études statistiques
préliminaires est une autre alternative d’évaluation du risque.
L’évaluation du risque pose un diagnostic sur ses différentes
facettes au sein de la chaîne et aboutie à l’administration d’un
traitement adéquat. Le traitement des risques de la chaîne logistique
considérée comme une source de création de valeur et porteuse de
différenciation concurrentielle consiste avant tout à réduire les
impacts défavorables du risque sur la performance de l’entreprise
(Delesse, 2010).
Il s’agit des modes de gestion de risques pouvant s‟adosser sur
plusieurs stratégies. Parmi les cinq stratégies génériques utilisées
par les entreprises pour gérer leurs risques telles que identifiées par
Miller (1992), Jüttner et al. (2003) retiennent quatre d’entre elles
pouvant être appliquées au contexte de la chaîne logistique :
l’évitement, le contrôle, la coopération et la flexibilité. Evaluer le
risque, c’est également adopter un comportement actif face à celui-

ci.
Si certaines mesures ne sont pas prises, l’on parle de
comportement passif des acteurs. Selon le cas, l‟on peut mesurer la
pertinence des décisions prises (Rogler, 2002 ; Sudy et Schramm,
2010). Sudy et Schramm (2010) soutiennent à cet effet qu’il y a
deux manières d’évaluer le risque. Premièrement, on peut l’éviter
ou le réduire, deuxièmement on peut soit le transférer ou le partager,
soit l’accepter tel quel.
Dans cette perspective, les initiatives prises face au risque
nécessitent que l‟on intègre toutes les parties prenantes à la chaîne
de sorte que le niveau de compréhension soit le même pour tous.
Mullai (2004) prône dans ce cas, l’accès commun à une large base
de données qui accroitrait leur acceptation du risque à travers le
partage d’informations. Les décisions face au risque concernent
donc les différents niveaux d’interventions au sein de la chaîne : du
simple transport jusqu’à la gestion globale de la chaîne logistique,
en passant par le transport en chaîne (Sudy et Schramm, 2010).
3. La réduction du risque
Les risques de transport sont de simples risques qui surviennent
en rapport avec les mouvements physiques de marchandises
(Oberparleitner, 1955). Le choix d’un mode ou moyen de transport
prend en compte certains aspects liés aux spécificités de la
marchandise transportée. Ainsi, ce choix peut être motivé par la
viabilité, la flexibilité et l’opérationnalité du moyen choisi. De
même certains aspects de sécurité doivent être pris en compte

surtout dans des zones politiquement instables et non sécurisées.
Dans cette perspective, les techniques de convoi ou d’escorte
permettent de réduire le risque. Une autre façon de réduire le risque
consisterait à procéder par une fragmentation de colis de
marchandises de façon à utiliser plusieurs canaux de transports pour
les acheminer. L’avantage ici serait celui de la réduction des pertes
en cas de survenance d’un incident sur l’un des lots, mais l’ampleur
des coûts de transport constitue un frein pour l’adoption d’une telle
solution.
D’autres techniques telles que l’utilisation des containeurs
spécialisés capables de résister aux intempéries ou à certaines
conditions climatiques rudes limitent les risques de détérioration
des marchandises transportées.
Dans cette même logique, la fluidité dans le partage de
l’information et la confiance entre acteurs de la supply chain
réduisent considérablement le risque (Özer et al., 2011 ;
Spiliotopoulou et al., 2012).
La mise sur pied d’un système d’information transparent
contribue à relier les flux physiques de marchandises aux flux
informationnels. Ce qui favorise la gestion à temps des opérations
de transport et de manutention, et qui réduit également le risque de
transmission d’informations erronées (Frankel, 1999 ; Stopford,
2002). Pour réduire ses risques, la poste française a mis sur pied un
système de suivi en temps réel de l’évolution du courrier. Cette
technique permet de déterminer en temps réel la position du courrier

dans son acheminement.
Les mécanismes financiers sont également des procédés
pouvant diminuer les risques causés par la fluctuation du taux de
change, du taux d‟intérêt, des prix de marchandises ainsi que des
prix de transport en s’appuyant sur l’exploitation des instruments
financiers appropriés (Bernstorff, 2001 ; Schäfer et Frank, 2006 ;
Kummer et al., 2009). Il est donc judicieux pour l’entreprise de
procéder à la reconnaissance des risques ainsi que de ses chances de
réussite dans les échanges auxquels elle s’engage. Elle se doit de
négocier aussi des arrangements qui peuvent lui permettre d’éviter
les risques, de les réduire et/ou d’augmenter ses chances
d’exploitation.
C’est dans ce même sillage que l’entreprise doit constamment
procéder à un arbitrage sur le marché de capitaux et de crédit (Sudy
et Schramm, 2010). Il faut cependant noter que ces différents
mécanismes sont de nouvelles sources de risques qui méritent une
attention particulière pour la gestion intégrée de la supply chain.
Ainsi, Sudy et Schramm (2010) proposent cinq moyens de
réduire les risques :
- La réduction des distances entre les partenaires de la supply
chain apparait comme une mesure fiable de réduction des
dommages. L’installation des industries clientes près du fournisseur
clé de la filière, ou l’installation du fournisseur près de ses marchés
cibles (Morita, 1992 ; Morris, 1991), facilite les échanges ;
- L’établissement d’un partenariat domestique, où le

fournisseur s’installe dans les locaux du client permet non
seulement de réduire le risque mais de l’éviter ;
- L’amélioration des savoir-faire via la coopération et la
collaboration dans les relations acheteur-vendeur. La gestion des
relations avec les fournisseurs et la coordination des activités
d’approvisionnement au sein de la supply chain, nécessitent une
meilleure connaissance des caractéristiques du matériel en termes
de transportabilité et d’entreposage ;
- L’amélioration des designs des produits en termes de
transportabilité et d’entreposage permet de réduire les risques de
détérioration. Rogler (2002) affirme à cet effet que l’emballage avec
du plastique est plus sécurisant que l’emballage avec du verre. Au-
delà des moyens comme la standardisation des procédés mise en
place pour limiter les risques, la gestion des assortiments toujours
larges des produits noie les efforts. L’astuce réside souvent dans la
réduction des délais de stockage des produits à court cycle de vie ;
- L’étalement du risque qui s’appuie sur l’implémentation d’un
bon niveau de flexibilité ou de la création des nouvelles options
pour amortir le risque (Miller, 1992 ; Triantis ; 2005). La flexibilité
est acquise par plusieurs modes, notamment l’utilisation des
logiciels associés aux employés hautement qualifiés qui facilitent
l’expédition rapide et sure des marchandises, l’intégration des
ressources externes dans les chaînes à forte valeur ajoutée sont
également sources de flexibilité opérationnelle. Les nouvelles
options peuvent également apparaitre dans le cadre de la

délocalisation qui amène les changements dans la politique du
produit, la structure internationale d’approvisionnement et le
contrôle du niveau de service actuel pour chaque marché considéré
(Dornier et al., 1998)
Si au-delà de ces différents mécanismes le risque persiste, son
transfert à un tiers peut contribuer à amortir ses effets sur l’activité
de l’entreprise.
4. Le transfert de risque
L’ampleur de certains risques a permis aux entreprises
d’imaginer de nombreuses mesures visant à les éviter tout en les
transférant chez un tiers. Le fournisseur et le client consentent
quelques fois à solliciter un intermédiaire prestataire de service
logistique qui devient responsable des marchandises transportées.
Cependant, les partenaires commerciaux s’appuient sur les
INCOTERM pour délimiter leurs devoirs et leurs droits dans les
échanges (Ramberg, 2000 ; David et Stewart, 2008 ; Kummer et al.,
2009).
La souscription aux polices d’assurances est un autre mode de
transfert de risques (Branch, 2006 ; David et Stewart, 2008 ;
Kummer et al., 2009). En cas d’incident, l’assureur couvre
partiellement ou intégralement les dommages financiers qui en
résultent. Cependant, l’inquiétude provient du caractère flou des
contrats de logistique, compte tenu des services connexes qui
accompagnent l’offre de transport, de manutention ou
d’entreposage concernant les dispositions et l’assurance de

l’évolution des risques sous-jacents (Wieske, 2006 ; Jerman, 2008 ;
Sudy et Schramm, 2010).
En supply chain, l’évidence des risques qui surviennent lors de
l’acheminement et du stockage des marchandises ainsi que des
pertes financières qui en résultent ne souffre d’aucune contestation,
il est facile d’en faire une évaluation (Oberparleiter, 1955 ; Sudy et
Schramm, 2010). Les pertes de marchandises occasionnées par les
actes tels le terrorisme, le vol et les accidents occasionnent des coûts
supplémentaires chez les fournisseurs. Il s’agit des coûts relatifs au
transport et au processus de remplacement des marchandises, mais
aussi des pénalités auxquelles fournisseurs et clients doivent faire
face. Comme résultat direct de ces manquements, le détour des
clients vers d’autres fournisseurs pour satisfaire leur demande et
éviter les ruptures. De manière indirecte, en cas de rupture, l’image
du fournisseur est ternie, ce qui peut lourdement entraver l’action
de ce dernier.
Si les coûts de transfert du risque sont jugés élevés par
l’entreprise, la nécessité de le gérer en interne amène les
gestionnaires de risque à l’accepter.
5. L’acceptation du risque
Accepter le risque, c’est l’admettre en tant qu’évènement à
gérer par l’entreprise. Cette acceptation suppose que l’entreprise
développe des stratégies globales pour faire face aux risques. Il
s’agit ici d’un processus complet échelonné sur plusieurs étapes qui
se complètent. Leur agencement est fonction du type de risque

auquel les manageurs font face. Knemeyer et al. (2009) s’inspirant
des travaux de Helferich et Cook (2002) et de la FEMA, proposent
les étapes de gestion des risques suivantes :
Tableau : étapes de l’acceptation du risque
Source : Knemeyer et al. (2009) adapté de Helferich et Cook

(2002).
Lavastre et Spalanzani (2008) établissent que la gestion du
risque au sein des entreprises passe successivement par quatre
étapes particulières, il s’agit de : l‟appréhension, la planification,
l’action et le contrôle. Plus tard, Lavastre et Spalanzani (2010),
s’inspirant de Hauser (2003), Kleindorfer et Saad (2005), ainsi que
de Hallikas et al. (2004), résument la gestion du risque en cinq
étapes : identification, évaluation, maîtrise, contrôle et traitements
des risques résiduels. Harland et al. (2003), ajoutent à ces étapes, le

principe d'une stratégie collaborative dans la gestion du risque.
Soulignant ainsi la dimension inter-organisationnelle de la
gestion du risque au sein des chaînes logistiques. Pour Stemmler
(2007), le processus du management de risque englobe
généralement l’identification de la source du risque, l’analyse et
l’évaluation de la conséquence du risque, la recherche de mesures,
et finalement, le contrôle du risque (Mohamed et al., 2010).
6. Le partage du risque
« Aujourd'hui, la firme ne peut faire l’économie d’une réflexion
générale visant à optimiser les liens verticaux et horizontaux
existant entre sa chaîne de valeur et celles de ses partenaires. Dans
cette optique, elle a l’obligation de recourir à des compétences
extérieures afin de construire ou de conforter l’offre destinée au
client final » (Brulhart, 2002). Dans la recherche de solutions pour
la gestion du risque, cette réalité contraint les firmes à envisager les
relations avec d’autres dont les compétences et les ressources
peuvent apporter une plus-value à l’activité.
Au-delà des simples relations fournisseur-client ou l’inverse,
les liens entre les firmes se gèrent aujourd’hui à l’intérieur des
réseaux plus complexes où le partage des responsabilités constitue
la règle. Plusieurs mécanismes sont cependant développés pour les
rendre fluides et bénéfiques pour l’ensemble des membres du
réseau.
Pour Brulhart (2002), le partenariat entre les firmes est nourri

par la satisfaction, la confiance, l’engagement, la communication,
l’intégration inter-organisationnelle des systèmes d’information et
l’équité entre les parties prenantes. En l’absence de ces éléments, la
chaîne est grippée. Le choix d’intégrer un réseau est ainsi tributaire
de l’absence de tout soupçon pouvant impacter négativement
l’activité.
La recherche de la satisfaction rejoint l’idée des gestionnaires à
conduire leurs activités de manière sereine dans tous les aspects
mais surtout en harmonie avec les autres parties prenantes.
Geyskens et al. (1999) définissent la satisfaction comme un état
affectif résultant de l’appréciation de tous les aspects d’une relation
de travail d’une entreprise avec une autre entreprise. Cette définition
a l’avantage d’être formulée spécifiquement pour des relations
clients-fournisseurs en milieu industriel et présente une réelle
approche relationnelle en supply chain. Le construit
multidimensionnel de la satisfaction permet de poser un diagnostic
par rapport à l’atteinte des objectifs en général, aux compétences du
partenaire, au profit dégagé par le partenariat, au rapport coût /
bénéfices, …etc.
La confiance est la clef des relations entre partenaires de la
supply chain. Son degré limite les risques pouvant survenir dans les
échanges au sein de la chaîne. Parmi les définitions rencontrées dans
la littérature, celle de Moorman et al. (1993) semble plus
intéressante pour la supply chain. Pour lui en effet, la confiance
correspond à la volonté de se fier à un partenaire d’échange en qui

l’on croit. La confiance serait donc sous tendue par deux
composantes (Brulhart, 2002) : la crédibilité, qui fait référence à la
capacité de l'autre partie à remplir ses obligations de manière fiable
et efficace et la bienveillance, qui est fondée sur la volonté supposée
du partenaire de se comporter de façon honnête, tous atténuants
actifs du risque.
La fiabilité d’un réseau d’approvisionnement ou logistique est
largement tributaire de la qualité du système de communication
généralement source de plusieurs risques au sein de la chaîne. Ainsi,
en réduisant l’incertitude associée à la relation, la fluidité de la
communication impacte positivement l’efficience de la relation,
stimule la confiance et encourage l’engagement (Moore, 1998).
La continuité du flux d’information, tout comme celle des flux
physiques, ne doit pas être compromise afin de réduire l’incertitude,
de minimiser le risque de confusion ou de conflit et d’assurer
l’efficacité du processus (Sink et Langley, 1997 ; Brulhart, 2002).
Bowersox (1990) affirme d'ailleurs que la communication constitue
le liant indispensable à la réussite des partenariats logistiques.
Le développement technologique à l’origine du
raccourcissement des distances entre partenaires est un outil
incontestable de partage des risques au sein de la supply chain. La
notion d’intégration inter-organisationnelle des systèmes
d'information fait référence à la présence d’investissements dans le
domaine de l’échange d’informations informatisées, afin de mettre
en œuvre et d’utiliser des systèmes informatisés partagés ou

compatibles, de type Intranet ou EDI par exemple.
La recherche de l’équité entre partenaires s’aligne à la volonté
de partage des bénéfices. Cette notion permet de mesurer la capacité
des partenaires à prioriser les relations sociales entre eux par rapport
à leurs intérêts individuels.
En somme, le partage des risques au sein de la supply chain
rejoint les principes généraux de réseaux intégrés au sein desquels
l’échange de tout s’impose comme règle. Chaque membre investit
dans l’optique d’en tirer le plus de gains en tenant compte de ceux
des autres. De même, en cas de difficultés, la responsabilité de tous
est engagée.
Dr Mhamed LKAIHAL
Doctorant chercheur en Droit Public et Sciences Politiques Faculté des Sciences
Juridiques, Economiques et Sociales d’Agdal Rabat
La pratique de l'audit interne dans les communes

marocaines
Résumé
A travers cette communication, nous avons essayé de présenter
la première expérience de l’instauration de la structure de l’audit
interne au sein de trois communes marocaines pilotes. Sur la base
de ses résultats timides, il s’avère que malgré la volonté
institutionnelle, l’expérience a démontré la nécessité de la mise en
place d’un ensemble de prérequis d’ordre managérial et juridique.
Mots clés: la pratique de l’audit interne, communes
marocaines, normes IPSAS comme prérequis de l’audit de
performance.
Abstract
Through this communication, we have tried to present the first
experience of the establishment of the internal audit structure within
three pilot Moroccan municipalities. Based on its timid results, it
turns out that despite the institutional will, the experience has
demonstrated the need to put in place a set of managerial and legal
prerequisites.
Key-words: the practice of internal audit, Moroccan
municipalities, IPSAS standards as prerequisites for performance
audit.
Introduction
La modernisation de l’action publique locale constitue l’un des
axes majeurs de la politique gouvernementale marocaine.
En effet, Les communes marocaines, en tant qu’acteur
économique et social, sont dotées depuis longtemps par un
ensemble d’instruments de la gouvernance1281. Ceux-ci visent
l’amélioration de leurs fonctionnements ainsi que la production des
services de qualité qui répondent aux exigences des citoyens.
La gouvernance locale vient de se consolider par de nouveaux
principes édictés par la nouvelle constitution marocaine de 2011. A
cet effet, les services publics sont soumis aux normes de qualité, de
transparence, de reddition des comptes et de responsabilité1282voire
aux normes de contrôle et d’évaluation1283. Ces principes devraient
faire du service public un élément moteur qui légitime l’action
publique locale.
Sur la base d’un contexte marqué par la montée en puissance
d’un citoyen-client exigeant un service de qualité, les défis de la
globalisation, le statut avancé accordé au Maroc par l’union
européen, l’édiction de la nouvelle constitution de 2011 favorisant
l’ensemble des principes de la bonne gouvernance pour les
collectivités territoriales, l’introduction des éléments réformateurs
au sein de l’administration locale est devenue une nécessité
impérieuse.
1281Plan d’action Communal de, comptabilité générale…

1282 Article 154 de la constitution.
1283 Article 156 de la constitution.
A cet effet, l’Audit Interne (AI), qui constitue l’un des éléments
de base de la mise en œuvre de ces principes constitutionnels, peut
apporter une réponse adéquate aux exigences et enjeux extérieurs.
Il s’agit d’une nouvelle logique stratégico-opérationnelle qui se
traduit, en particulier, par la nécessité de la soumission de
l’ensemble des communes à l’esprit de cette nouvelle gestion axée
sur la performance. Sa logique vise la vérification, l’appréciation et
le changement de fonctionnement global de la commune.
L’audit interne constitue, bien entendu, un des mécanismes
essentiels permettant à l’institution communale de se moderniser et
se conformer aux exigences de la nouvelle donne. Elle vise à auditer
l’ensemble des activités de la commune en soulevant les
dysfonctionnements et en assurant le suivi des pistes
d’amélioration.
L’année 2010 constitue une étape importante dans le processus
de la mise en place de la pratique de l’AI au sein des collectivités
territoriales marocaines. En effet, l’activité de l’AI est entrée dans
leurs mœurs, et constitue, par conséquent, l’une des principales
pionnières de cette expérience audacieuse à l’échelle maghrébine.
L’intégration de la culture de l’AI dans les pratiques
communales s’inscrit, aussi, dans le cadre du Programme de
Gouvernance Locale (PGL)1284 lancé en 2010 par l’Agence
Américaine pour le Développement International (USAID), conduit
en partenariat avec la Direction Générale des Collectivités Locales
1284 Ce programme vise à la promotion accrue des citoyens à la gouvernance locale.
du Ministère de l’Intérieur1285. Parmi les objectifs principaux de ce

partenariat, la création d’une structure d’AI au sein des communes.
Pratiquement, trois communes ont manifesté leur intérêt de
participer à ce chalenge. Il s’agit Il s’agit des communes d’El-
Jadida, Safi et Salé.
Il convient de noter que, l’AI est encadré par une méthodologie
inspirée par les standards de IIA1286 et INTOSAI1287 suivant une
démarche régulée, articulée et encadrée, tout au long de la durée du
processus de l’audit1288.
L’AI peut-être défini comme « une activité indépendante et
objective qui donne à une organisation une assurance sur le degré
de maîtrise de ses opérations, lui apporte ses conseils pour les
améliorer, et contribue à créer de la valeur ajoutée. Il aide,
également, cette organisation à atteindre ses objectifs en évaluant,
par une approche systématique et méthodique, ses processus de
management des risques, de contrôle, de gouvernement d'entreprise,
et de renforcement de leur efficacité.1289 »
Il en découle de ces deux définitions que l’AI est conditionné,
avant sa mise en œuvre, par un ensemble d’impératifs. Une
autonomie de la structure et une instauration des mécanismes qui
1285 Ce programme appuie les efforts de la DGCL en vue de mieux répondre aux attentes des communes
dans le cadre de leur ouverture envers les citoyens.
1286l'Institute of InternalAuditors (IIA) ou Institut des Auditeurs Internes est un institut dédié à
l'établissement de standards professionnels d'audit interne
1287 L'Organisation internationale des institutions supérieures de contrôle des finances publiques (en
anglais :International Organisation of Supreme Audit Institutions (INTOSAI)) est une entité mondiale
d'affiliation des cours d'audit gouvernementales.
1288 Contrôle interne et audit publics, ALAIN-GERARD COHEN, 2eme édition 2008, lextenso éditions
1289
http://www.ifaci.com/ifaci/connaitre-l-audit-et-le-controle-interne/definitions-de-l-audit-et-du-
controle-internes-78.html le 28/03/15 à 12 :25
sont jugés indispensables par des normes et standards

internationaux, en l’occurrence la fonction de la gestion des risques
et le dispositif du contrôle interne. En effet, la gestion des risques a
pour objectif de prévoir et de maitriser des scénarios incertains et
d’assurer par la suite la continuité des services publics locaux,
tandis que le dispositif du contrôle interne constitue un élément
garantissant les pistes d’amélioration pour l’AI.
En outre, les normes de l’AI exigent quelques prérequis
indispensables. L’AI s’exerce, efficacement, selon l’existence de
deux types de systèmes : Un système d’information comptable
normé et un système d’information intégré.
Ces enjeux et le statut politique du président de la commune1290
qui est fondé, principalement, sur une rationalité politique et la crise
de la gouvernance des collectivités territoriales constituent un enjeu
majeur dans le perfectionnement et la mise en place de l’AI dans les
structures des communes. Jusqu’à présent l’adhésion effective se
limite à trois communes sur un total de mille trois cent cinq
communes, ce faible taux explique amplement la difficulté de la
mise en œuvre de cette structure.
Il convient de signaler que la notion de l’AI ne doit pas être
confondue par celles qui lui sont connexes à savoir le contrôle
interne et l’inspection. Si elles partagent et convergent vers le même
1290 Qui constitue un enjeu à l’indépendance de la cellule de l’AI selon le niveau de la démocratie locale.
but de relever les dysfonctionnements, elles se divergents dans les

conséquences de leurs actes1291.
Notre réflexion émane d’une analyse axée sur le bilan de cette
expérience embryonnaire. En effet, la simple observation du cadre
conceptuel de l’audit interne destiné aux collectivités territoriales et
l’analyse juridique des lois régissant celles-ci permettent de ressortir
des insuffisances, voire des dysfonctionnements liés à la mise en
œuvre de cet outil stratégique pour la modernisation de
l’organisation communale. Ces anomalies sont, principalement, soit
d’ordre politique, soit d’ordre organisationnel, juridique et
managérial. D’où la nécessité de s’interroger sur la pertinence de
l’application de l’audit dans le service public communal. Quels sont
les apports et les enjeux de l’application de l’audit ? Quelles sont
les contraintes et les perspectives ? Et quels sont leurs impacts sur
les services publics communaux ?
C’est à travers la réponse à ces différentes interrogations que
s’articule notre présentation sur l’audit et le service public
communal.
I- Les enjeux du cadre conceptuel de l’audit internedans
les collectivités territoriales.
Les enjeux du cadre conceptuel élaboré dans le cadre de ce
partenariat qui vise à l’instauration de la structure de l’audit interne
1291 Contrôle interne aboutit à des corrections amiable saut faute grave, l’audit émet des recommandations
par son opinion déclaratif, l’inspection est chargée à des sanctions administratives, financières, voire
judiciaires et pénales. L’AI est basé sur la confiance tandis que l’inspection est basée sur la méfiance.
au sein des communes marocaines peuvent être présentés selon une

approche théorique et praxéologique.
A- Le cadre conceptuel de l’AI
Globalement, le cadre conceptuel de l’AI des collectivités
territoriales a été, fortement, inspiré des normes internationales de
l’audit interne de l'Institut des Auditeurs Internes (IIA)1292 et de
l'Institut Français des Auditeurs et Contrôleurs Internes (IFACI)1293.
Des dérogations timides ont été prises selon la particularité de la
gestion communale.
Il convient de préciser que l’audit interne est une profession
normée qui s’appuie sur un cadre de référence à
dimensioninternationale comprenant,pour l’essentiel d’une part, un
code de déontologie et d’autre part des normes professionnelles.
Pour ce code déontologique, il fournitaux auditeurs internes les
principes et valeurs régissant leur pratique professionnelle. Il a aussi
pour objectif l’intégration dans les communes la culture de
l’éthique.Quant aux normes professionnelles, elles ont pour objectif
de guider les auditeurs dans la réalisation de leurs missions et la
gestion de leurs activités.
La charte de l’audit constitue une pièce obligatoire exigée par
ses normes. Selon son importance managériale et éthique, elle doit
être élaborée avant de procéder à des missions d’audit. Ce document
1292
L'Institut des Auditeurs Internes, de son nom anglais Institute of Internal Auditors, est créé en 1941. Il
rassemble plus de 165 pays dans le but d'établir les standards de l'audit interne. Son siège se situe à
Altamonte Springs, une petite ville de 50 000 habitants située en Floride, aux États-Unis.
1293
L'Institut français des auditeurs et contrôleurs internes est le chapitre français de l'Institute of Internal
Auditors. Fondé en 1965 sous le statut associatif, l'IFACI fédère 6 500 auditeurs issus de quelque 1 000
entreprises et institutions publiques.
établit les missions, les pouvoirs et les responsabilités de la structure

d'audit interne. La charte doit être proposée, en principe, par le
responsable de l'audit interne et approuvée par l’organe délibérant
de la commune.
Toutefois, selon le cadre établi, par le PGL1294, à cette fin, la
charte d’audit interne de la commune prévoit une mission restrictive
à cette structure. En effet, Celle-ci est centrée, uniquement, sur la
réalisation d’audits opérationnels et d’audits financiers.
La mission dévolue à l’audit opérationnel se limite à
l’appréciation de fonctionnement de l’administration et à la
conformité des opérations réalisées aux textes et procédures les
régissant. Autrement dit, c’est un audit qui est fondamentalement de
régularité ou de contrôle de conformité.Encore faut-il préciser que
la conformité s’entend non pas seulement par référence uniquement
à la législation et à la réglementation obligatoire (contrôle interne),
mais aussi par rapport à l’ensemble des règles et standards (audit
interne), voire des bonnes pratiques, « internationalement
reconnues »1295.En outre, l’audit interne ne couvre pas seulement un
audit de conformité mais aussi un audit du système1296 et un audit
de performance1297.
1294
PGL Charte d’audit interne de la commune juillet 2012, document provisoire, présenté en le 18/12/2014
lors de le rencontre nationale sur la promotion de l’AI au sein des communes, organisée à la DGCL.
1295
Contrôle interne et audit publics, ALAIN-GERARD COHENopcit .Page 168.
1296
Il examine les réponses apportées par les systèmes de contrôle interne instaurer par le manager aux
problèmes posés par la bonne réalisation des objectifs et par l’existence des risques potentiels concourus.
Dans celle-ci le manager et auditeur s’épaulent mutuellement dans une recherche commune d’efficacité et
de performance.
1297 Appelé aussi audit de résultats, il s’intéresse au contrôle et l’appréciation des résultats de la gestion,
comte tenue des objectifs qu’elle s’est fixée et des moyens dont elle dispose.
D’après la charte, l’audit financier permet,

fondamentalement,de vérifier la fiabilité des données financières et
d’arrêter le compte administratif. La fiabilité des données
financières suppose l’existence d’un système d’information fiable.
Toutefois, le système d’information comptable communale, selon
sa configuration, est loin de répondre au principe defiabilité et de
sincérité, il est caractérisé par l’inintelligibilité de sa comptabilité.
Cette inintelligibilité peut être perçue par l’absence de la dimension
patrimoniale dans la comptabilité communale, la pluralité des
modes de comptabilisation, et une comptabilité qualifiée de
caisse1298. En outre, la nomenclature budgétaire ne donne pas lieuà
une image sincère aux comptes.Par ailleurs le budget communal est
loin d’être un budget du résultat, il est plutôt un budget de moyens.
D’après ce postulat, la mission de l’audit financier ne va pas
s’exercer efficacement. De ce sens, la comptabilité1299 participe du
contrôle relatif à l’information financière1300.
En somme le budget, en tant qu’instrument qui retrace toutes
les activités de la commune, ne peut auditer efficacement sans la
migration aux normes et standards qui assurent la fiabilité des
comptes. En réalité les collectivités territoriales, en vertu d’une
disposition, sont obligées de présenter leur budget selon une
comptabilité aussi bien générale qu’analytique1301.
1298 Et par conséquent, ne permet pas de suivre que les mouvements liés aux paiements et aux
décaissements.
1299
Qui est compatible avec les normes internationales (IPSAS)
1300 Jean_ Bernard Mattret.la nouvelle comptabilité publique. Edition lexto. 2010.
1301
L’article 104 et 106 de décret de 3 janvier 2010 portant règlement de la comptabilité publique des
collectivités locales.
Malheureusement, sa mise en application n’a pas encorevu le jour

jusqu’à maintenant.
B- La structure de l’audit interne entre la légitimité
démocratique et la légitimité bureaucratique
Les normes de l’AI disposentque la structure d’AIdoit être
rattachée directement au niveau le plus élevé de la hiérarchie.
Pratiquement, la charte de l’AI établi pour les communes pilotes
prévoit- elle aussi son rattachement direct au président ? Ce
rattachement a été justifié selon les prérogatives de contrôle attribué
au président en vertu des articles 47 et 49 de la charte
communale1302. Toutefois, selon cette charte de l’AI1303, le kit
organisationnel élaboré par la DGCL prévoit son rattachement
hiérarchique au Secrétaire Général. L’AI dans les collectivités
territoriales se trouve, alors, entre deux légitimités relativement
opposées : une politique et l’autre apolitique.
Contrairement à la rationalité du dirigeant du secteur privé qui
est dominée par la préservation et la promotion des intérêts de la
société (privé)1304, la rationalité politique du dirigeant des
communes est commandée, plutôt, par la préservation de ses intérêts
personnels politiques, économiques et idéologiques. Dans la
littérature, un ensemble de théories et travaux empiriques
1302
Il est à rappeler que cette expérience a été lancéen 2010.
1303
PGL Charte d’audit interne de la commune juillet 2012. op cite. Page 3.
1304
Selon la règle du marché, les sociétés n’ont pas de place dans le marché concurrentiel si elles ne
dégagent pas des bénéfices pour survire, contrairement aux communes que leur déficit est équilibré par
l’intervention de l’Etat.
confirment ce constat. Nous pouvons citer, à titre exemple, les

résultats émanant des partisansde la théorie du choix rationnel.
En effet, les auteurs de l'école du choix rationnel soulignent
l'importance de la micro-analyse de la décision, des interactions, des
jeux entre les acteurs, des effets d'agrégation. Partant des postulats,
des méthodes et des formes de raisonnements des économistes, ils
analysent les politiques publiques comme le résultat de choix
d'individus égoïstes dont la rationalité instrumentale (en termes
d'intérêt), le calcul coût/bénéfice de la décision (ou non-décision)
est influencé par des incitations et des sanctions. Les individus font
des choix afin de maximiser leur intérêt et leur satisfaction.
Nous pouvons déduire que l'homme est égoïste, toujours à la
recherche de son intérêt personnel. Toute action sociale devrait ainsi
être ramenée à cette motivation originelle : la quête des individus
pour bénéficier au maximum d'une situation donnée. Voici un
postulat qui parait intuitivement plausible et qui est aussi à la base
d'un important groupe de travaux dans l'analyse des politiques
publiques. Ils reposent sur l'idée que l'action publique, comme toute
action humaine, s'explique par des stratégies d'individus cherchant
à maximiser leur intérêt personnel1305.
Dans le même ordre d’idée, nous pouvons s’appuyer sur le
modèle l'homo œconomicus qui est une représentation théorique du
comportement de l'être humain, principalement fondée sur l'idée de
rationalité et d'utilisation optimale des ressources rares pour
1305
ibidem
atteindre une fonction objective qualifiée de fonction d'utilité. Il est

développé dans cette tradition de la pensée économique classique et
néoclassique, le modèle d'acteur dans la théorie du choix rationnel
est celui de l'homo œconomicus1306. Selon D.KUBLER et J.DE
MAILLARD (2009 p.102), ce modèle, l'agir humain est régi par
quatre principes :
Par ailleurs, fidèle au modèle de l'homo œconomicus, Downs
part de l'idée que la motivation principale des élus consiste à profiter
des avantages personnels que peuvent leur conférer les fonctions
publiques en termes de revenu, de prestige et de pouvoir. L’objectif
d'un élu consiste, dès lors, à obtenir un maximum de votes lors des
élections, pour être élu ou réélu dans une fonction politique. Il
cherchera ainsi à vendre des produits qui promeuvent les intérêts
des électeurs, des programmes électoraux qui ne sont que des
projets de politiques publiques. Dans le but d'assurer le maximum
de votes, ces programmes seront formulés de façon à plaire au plus
grand nombre d'électeurs. C'est la recherche du succès électoral qui
explique pourquoi des élus vont s'engager pour la mise en place de
politiques publiques.
1306
L’homo oeconomicus se présente donc comme un individu rationnel, c’est-à-dire calculateur, qui
dispose de ressources rares, qui peuvent être affectées à des usages différents, mais dont les besoins sont
illimités, qui effectue ses choix en fonction de son intérêt propre, et qui cherche donc à obtenir la plus
grande satisfaction avec le minimum d’effort. C’est un consommateur, mais non pas un citoyen.Au cours
de l’histoire, le modèle a certes évolué, passant des classiques (Adam Smith) aux utilitaristes (Jeremy
Bentham), puis aux marginalistes et aux néoclassiques (Léon Walras), jusqu’à l’économie
comportementale ou la théorie du capital humain (Gary Becker) qui généralise le modèle économique à
l’ensemble du comportement humain. Mais les hypothèses de base demeurent. Il s’agit toujours d’un
individu rationnel et maximisateur, sans histoire, ni inconscient, ni appartenance de classe, doté d’une
information parfaite sur les prix et qui ne réagit qu’à eux…Rist, G. (2010). Chapitre 3. L'Homo
oeconomicus : un fantôme dangereux. Dans : , G. Rist, L’économie ordinaire entre songes et
mensonges (pp. 51-69). Paris: Presses de Sciences Po.
Par ailleurs, l’ouvrage majeur plus représentatif de cette

manière de penser est celui de Robert Dahl, intitulé « Qui gouverne
? », publié en 1961 aux Etats-Unis puis en 1971 en France. Dans ce
livre, Dahl propose une monographie des relations de pouvoir au
sein d’une ville, New Haven. L'approche « décisionnelle » de son
travail empirique lui permet de montrer que la politique municipale
est essentiellement le résultat ou le produit des conflits d’intérêt
entre des groupes de pression.
Si la première légitimité politique est dominée par le caractère
de la préservation de ses intérêts politiques et idéologies dans un
mandat déterminé, la deuxième légitimité apolitique qui dispose un
caractère de la durabilité de l’action publique locale vu qu’elle veille
sur la continuité du service public local, détient des compétences
managériales, techniques et juridiques.
A travers ces constats, nous pouvons déduire la problématique
sur laquelle repose cette divergence de rattachement hiérarchique
de la structure de l’AI au sein des communes qui vont risquer sur
l’objectivité de la fonction d’AI.
Le préalable de l’audit interne
Comme il a été signalé précédemment, la fonction de l’AI est
tributaire de l’existence d’un ensemble de conditions
préalablesjugées impératives par les normes internationales.Nous
pouvons citer l’existence d’un environnement sain et un climat
social marqué par la confiance. De ce fait, l’administration locale
doit être centrée sur les valeurs et la performance tout en
garantissant une approche participative. Les différentes catégories

de la commune doivent collaborer, mutuellement, avec la structure
d’AI par la mise en place de toutes les informations nécessaires, en
s’épaulant mutuellement afin de dégager les dysfonctionnements
etsuggérer des pistes d’amélioration et leurs suivis. Cependant, le
début de l’expérience a montré une méfiance par les audités, élus et
le corps administratif, suite à la confusion de la notion d’AI avec
celle de l’inspection qui a un caractère punitif.
A travers cette expérience de la mise en place de la structure de
l’AI au sein des communes marocaines, il a été constaté,
unanimement, l’absence d’un dispositif efficace relatif aucontrôle
interne au sein des collectivités locales. L’efficacité et la pertinence
de la mission de l’audit de performance reste tributaire de
l’existence d’un dispositif de contrôle interne solide.
En effet l’audit interne est une fonction d’appréciation et
d’évaluation dont la tâche essentielle est, notamment, la validation
du contrôle interne. Il en résulte que sans système de contrôle
interne il n’y a rien à auditer1307.
Gestion des risques : une vision prospective
La gestion des risques est une politique qui permet d’assurer la
continuité de l’activité1308. Elle repose sur une gestion basée sur une
approche prospective qui permet de réduire les incertitudes face à
un environnement jugé de plus en plus complexe et incertain.
1307
Alain-Gérard Cohen. Contrôle interne et audit publics. Edition Lextenso. 2008. Page 92
1308
F.Bernard. R.Gayroud et L.Rousseau. contrôle interne. Maxima. 2eme edition 2008. Page 40
Son importance capitale, par rapport à la production des

services, réside dans la proposition des bonnes pratiques au profit
du contrôle et de l’audit interne moderne.
Cette politique a constitué l’élément de base par lequel les trois
communes ont identifié les grandes catégories des risques. Les
risques constatés à travers la cartographie des risques constituent un
élément de base du plan d’action pour les auditeurs.
Les systèmes d’informations : un facteur clé de succès de
l’AI
L’une des principales contraintes qui pèsent sur
l’administration communale est sa capacité limitée de gérer toutes
ses activités administratives, financières, techniques… selon une
solution informatique intégrée. En effet, le système d’information
est aujourd’hui reconnu comme une composante hautement
stratégique pour toute organisation car il lui apporte une maitrise
efficace de sa gestion.
Selon son importance dans sa contribution à la modernisation
de l’administration, l’IFACI prévoit selon la norme 2110.A2que
l’audit interne doit évaluer si la gouvernance des systèmes
d’information de l’organisation soutient la stratégie et les objectifs
de l’organisation1309.
L’absence d’un progiciel qui intègre, fidèlement, les
informations de toutes les activités de la commune constitue un
1309
http://www.ifaci.com/bibliotheque/bibliotheque-en-ligne-telecharger-la-documentation-
professionnelle/referentiel-international-de-l-audit-interne/acces-thematique/systemes-drinformation-
194.html. Le 14/03/2015 à 18 : 35
enjeu majeur. L’équipe de l’audit vaconfronter lors de l’exerce de

leurs missions des difficultés dans la maitrise et le jugement de
l’information.
Système d’information comptable communal loin de répondre
au principe de la sincérité
Comme nous l’avons précédemment exposé, le succès de la
mission d’audit se réalise favorablement dans un système
d’information comptable fiable et sincère. Pour mémoire, nous
signalons que chaque système d’information comptable pour qu’il
soit fiable, il doit répondre à deux impératifs : il doit donner, en
premier lieu, une image fidèle sur la situation financière et
patrimoniale à travers une comptabilité générale, et en deuxième
lieu, valoriser le coût du service rendu par une comptabilité
analytique.
Selon l’existence d’une obligation juridique qui exige
descollectivités territoriales à présenter leur compte conformément
aux normes citées ci-dessus, nous estimons que la pertinence de
l’audit, notamment financier, sera plus garanti si cette disposition
estmise en application.
II- Vers une gouvernance locale basée sur la pratique de
l’AI
Avant de se projeter sur les perspectives de la pratique de l’AI
au sein des communes pilotes, il est jugé utile de présenter d’abord
les apports des acteurs clés de cette nouvelle approche managériale.
A- Les apports des acteurs de l’AI
Comme nous avons déjà cité la partie relative aux principaux

acteurs de la mise en œuvre de cette pratique, il s’avère nécessaire
de citer également l’Agence Américaine pour le Développement
International (USAID),la Direction Générale des Collectivités
Locales (DGCL), l’Inspection Générale d’Administration
Territoriale (IGAT), et le cabinet spécialisé en audit(AUDITAS).
L’AI s’inscrit dans le cadre de PGL de l’USAID. En effet, ces
stimulus qui est un facteur contextuel constitue l’élément par lequel
l’AI a vu le jour.
Le plan d’action, prévu pour la mise en place de la pratique de
l’AI au sein des trois communes pilotes, peut être présenté comme
suit :
 La mise en place d’un programme d’appui à la création des
structures d’AI opérationnelles au sein des trois communes
pilotes (Salé, Safi et El Jadida) ;
 L’élaboration des référentiels pour la pratique de l’AI dans
les communes (charte, manuel de procédures, guide
pratique, note d’organisation,…) ;
 L’organisation d’action d’information de formateurs en
audit interne et de formation-action au bénéfice des futurs
auditeurs internes des communes partenaires ; et
 L’organisation de cinq rencontres régionales en vue de
sensibiliser des élus locaux à l’AI1310.
1310
Article de l’USAID septembre 2014.
La Direction Générale des collectivités locales est considérée

le premier acteur stratégique dans ce programme. Son apport est
crucial pour la simple raison qu’elle est en même temps la hiérarchie
supérieure des Collectivités Locales et la partie contractante de ce
programme.
A travers ce partenariat, la DGCL a encouragé les communes
de s’inscrire librement dans ce programme ayant pour objectif la
modernisation et l’appréciation de la qualité des services
communaux dans le sens de l’efficacité, l’efficience et la
performance.
L’Inspection Générale d’Administration Territoriale se
présente comme le deuxième acteur institutionnel. Elle constitue
l’élément de base de la réussite de cette expérience vu qu’elle
dispose d’une double mission. Une première mission d’inspection
qui est considérée la principale, et sa deuxième mission de l’audit
externe qui peut être réalisée suite à la demande du président de la
commune, en vertu de l’article 56 de la loi 45-08 relative à
l'organisation des finances des collectivités locales et de leurs
groupements1311.
Le cabinet Auditas, se présente comme un acteur d’expertise, il
estspécialisé en audit, conseil, expertise comptable. Sa mission
principale s’explique par l’élaboration du cadre global de l’AI et des
modules de formation et de sensibilisation
1311
Nous rappelons que ce programme a été effectué en 2010.
Il intervient, ainsi dans ce projet, en sa qualité de délégataire de

l’institut « RTI international1312 ». Il est chargé de
l’accompagnement des communes pilotes. L’une des contraintes
confrontées lors de la mise en place de cette pratique de l’AI est la
divergence structurelle et organisationnelle entre la logique
managériale de gestion locale et celle du secteur privé.
L’élément psychologique était déterminant dans l’intégration
des audités dans cette conduite de changement. L’équipe a
confronté au début le problème du manque de confiance qui rend la
tâche difficile à convaincre les futurs audités sur le caractère non
contraignant de la fonction.
Par ailleurs, d’autres entraves ont été enregistrées lors de la
phase de diagnostic qui a démontré l’absence de quelques prérequis
élémentaires. Nous pouvons citer, entre autres, l’insuffisance des
compétences relatives à cette pratique, l’absence d’un
organigramme officiel, l’absence du descriptif des fonctions, la non
adéquation des postes aux profils, le manque de procédures écrites
et l’insuffisance des systèmes d’information.
La formation a été concrétisée théoriquement et pratiquement.
Elle a été caractérisée par des simulations et des actions de
sensibilisation. Toutefois, les missions pratiques et réelles sur le
terrain ont nécessité l’adhésion de l’équipe de l’IGAT qui est dotée
1312RTI est un institut de recherche et de développement, indépendant et non lucratif, qui propose ses
services techniques à ses différents clients, issus du secteur public, privé et commercial, à travers le
monde
d’une expertise et d’une connaissance de la particularité des

pratiques administratives et financières communales.
B- La genèse de la pratique de l’AI dans les communes
marocaines
Nous allons présenter les différentes expériences des trois
communes pilotes ayant adhéré à l’exécution de ce programme axé
sur cette pratique de l’AI. Cette expérience menée par ces trois
communes peut constituer un modèle attrayant et un moyen efficace
pour essayer de convaincre et d’encourager les autres communes à
y adhérer.
Il est à noter que l’adhésion à cette pratique par les trois
communes n’est pas cadrée par des dispositions normatives
obligatoires et que chaque commune a manifesté librement son
adhésion dans ce chantier.
L’expérience de la commune de SAFI
L’expérience de la commune de Safi a été marquée par la mise
en place de trois de missions d’AI.
La première mission, axée sur un caractère purement juridique,
concerne la gare routière de Safi. Les recommandations de la
structure de l’AI s’orientent sur l’exécution de l’arrêt de la cour
d’appel de commerce de CASA. Cette décision a pour objet la
dissolution de contrat de la société qui gère la gare routière. Sur la
base de cette recommandation, le conseil communal a pris un arrêt
qui s’aligne avec la recommandation de la structure de l’AI.
Après un diagnostic à soumettre au président, la structure de

l’AI a fait une autre recommandation qui consiste à enregistrer et à
titrer tous les lots des terrains appartenant à la commune qui vont
servir de base foncière de la gare routière. Toutes ces
recommandations ont été exécutées par le conseil communal.
Cette action a pour objectif principal l’amélioration de la
qualité du service public local par une société responsable et par
conséquent la création d’une source financière supplémentaire.
La deuxième mission de l’AI a consisté à la vérification de la
convention de gestion déléguée relative à la gestion des déchets
ménagers et qui a été conclue entre la commune et la société SITA
Blanca.
La mission a pour objectif de s’assurer du respect des
dispositions de la convention du service de nettoyage et de s’assurer
de l’efficacité des mesures préventives prises par la société visant à
protéger la commune contre des risques éventuels. Les
recommandations de la structure qui ont portésur l’amélioration de
ce service font l’objet d’une réaction immédiate de la part du
président qui a donné ses instructions d’exécuter ces
recommandations.
La troisième mission concerne les conventions liant la
commune avec l’agence autonome de distribution de l’eau et de
l’électricité. Il s’agit d’un audit de conformité ayant pour objet de
s’assurer du respect de la partie contractante aux dispositions du
contrat.
L’expérience de la commune d’El Jadida

La première mission opérationnelle de la structure de l’AI a
porté sur le service de l’assainissement solide (en 2013). Ce service
a été régi par une société spécialisée dans le domaine du nettoyage
dans le cadre de la gestion déléguée. La mission d’audit a concerné
le déléguant et le délégataire.
La structure de la commune chargée du contrôle et du suivi des
activités de cette société a été concernée par la mission de l’audit
réalisé par l’équipe de l’AI. Cette dernière a soulevé l’inefficacité
de celle-ci aussi bien au niveau quantitatif qu’au niveau qualitatif
de ses résultats. En effet, le ressort géographique important de
commune n’est contrôlé que par quatre contrôleurs. Par ailleurs,
ceux-ci n’ont pas la compétence nécessaire d’exercer la mission de
contrôle et du suivi des différentes natures d’activités de la société.
Cette situation a influencé négativement sur la qualité du service
public local délivré à la population locale. Il est à noter que les
recommandations de la structure de l’AI ont été prises en
considération, ce qui a permis l’amélioration de la qualité du service
en question.
La deuxième mission était effectuée en Mars 2014. La structure
visée était la division chargée de la fiscalité de la commune. L’audit
fiscal a concerné les taxes foncières suivantes : taxe sur les terrains
urbains non battis (TNB), taxe sur les opérations de constructions,
taxe sur les opérations de lotissements et taxe sur l’occupation
temporaire du domaine public.
Cette mission a pour objectif de rationaliser etde moraliser la

gestion fiscale afin d’élargir l’assiette communale.
Par ailleurs, le rapport de cette mission d’audit fiscal a été
communiqué à ladite division afin de valider les remarques de la
structure de l’audit.
L’expérience de la commune de Salé :
D’après cette commune, les actions de formation et de
sensibilisation ont permis d’obtenir les résultats suivants :
1. La Sensibilisation des cadres et des élus de la Commune au
rôle et à la mission de l’audit interne
2. La Formation des auditeurs à la démarche et aux outils de
l’audit interne ;
3. La Mise en œuvre sur le terrain des techniques et outils d’audit
à travers la réalisation de deux missions tests à la commune
(Audit des abattoirs et du parc auto).
Sur le plan pratique, les missions réalisées sont celles qui sont
prévues par le plan d’action de la division d’audit interne, elles sont
au nombre de deux :
- Mission d’audit interne des procédures de gestion de la gare
routière de Salé.
- Et mission d’audit interne des procédures de gestion du
marché de gros de Salé
En somme, en dépit du caractère volumineux de la fonction, ces
trois communes ont exprimé une grande volonté de s’adhérer
davantage à cette expérience.
L’audit interne : un chemin considérable à parcourir

D’après ces expériences et résultats réalisés par ces trois
communes pilotes, nous constatons que la modestie de la pratique
trouve ses justifications dans la maturation de l’expérience et ainsi
l’absence de quelques conditions fondamentales liées à la fonction
de l’AI.
En effet, la première remarque constatée est la problématique
de l’indépendance de la cellule d’AI. La norme prévoit
l’indépendance de la cellule comme une assurance de son
impartialité, tandis que la conception de la charte élaborée constitue,
à cet effet, une contrainte à son autonomie.
En effet, la nature politico-administrative qui se représente par
la nature de rationalité politique du président (dirigeant) de la
commune et la nature administrative de l’institution du secrétaire
général de la commune pose le problème de l’impartialité et de
l’autonomie de la structure de l’AI.
Suite à ce problème de nature conceptuel et structurel qui
menace l’autonomie de la structure et suite à l’incapacité de la
majorité des communes d’adhérer à cette nouvelle culture
managériale, et afin d’éviter toute sorte d’ingérence et garantir une
autonomie à la structure de l’audit, il nous semble judicieux de
rattacher la structure d’audit à une autre entité. Celle-ci doit avoir le
statut d’une entité décentralisée de façon à ne pas mettre en cause
les principes de libre administration et de l’autonomie de chaque
commune. Le conseil préfectoral ou provincial, qui regroupe et
représente les élites des communes et abrite aussi l’institution du

Gouverneur, constitue selon notre point de vue, le cadre propice
dans lequel la fonction d’audit peut s’exercer indépendamment.
Afin de garantir à la structure de l’audit un cadre professionnel
auquel elle peut exercer ses missions conformément aux standards
et normes de l’audit, il est jugé nécessaire de doter les communes
des systèmes d’informations modernes. Leurs importances est
considérable pour l’audit puisqu’ils reflèteront fidèlement la
situation globale, ils joueront, en quelque sorte, le rôle d’un miroir
qui renvoie sans cesse sa propre image avec ses faiblesses et ses
points forts.
Par ailleurs, une réforme comptable axée sur une logique
d’exercice et de performance est nécessaire. Elle constituera un
levier essentiel de modernisation et de bonne gouvernance, dans la
mesure où il donnera une image fidèle de la situation financière et
patrimoniale de la commune. Pour avoir un audit de performance,
la pratique de l’AI doit exiger l’existence d’un système comptable
axé sur des normes inspirées des normes comptables internationales
du secteur public (IPSAS).
Conclusion
En dépit de l’importance de la fonction de l’audit interne, en
tant qu’une nouvelle culture managériale qui a pour objectif la
modernisation de l’administration locale, et par voie de
conséquence l’amélioration du service public local, les timides
résultats obtenus de cette expérience oblige de procéder à
l’instauration d’une nouvelle démarche stratégique contingente.

Celle-ci doit avoir comme objectif la création d’un nouveau cadre
conceptuel de l’audit interne dans les collectivités territoriales. Ce
cadre doit prendre en considération la particularité communale.
Bibliographie
Article de l’USAID septembre 2014.
BARILARI, (A). les contrôles financiers comptables.
Administratifs et juridictionnels des finances publiques. Ed.
L.G.D.J. 2003.
BOUVIER (M). ESCLASSAN (M-CH). Finances publiques.
L.G.D.J 9e Ed 2008.
CAHAN S F., GODFREY J M., HAMILTON J. et JETER D
C., «Auditor Specialization, Auditor Dominance, and Audit Fees:
The Role of Investment Opportunities», The accounting Review,
vol 83, n°6, 2008, p.1393.-1423.
CARPENTER T D., «Audit Team Brainstorming, FraudRisk
Identification, and FraudRiskAssessment: Implications of SAS
No.99», The AccountingReview, vol 82, n° 5, 2007, p.1119.-1140.
Charte d’audit interne de la commune juillet 2012, document
provisoire
Contrôle interne et audit publics, ALAIN-GERARD COHEN,
2eme édition 2008, lextenso éditions
F.Bernard. R.Gayroud et L.Rousseau. contrôle interne.
Maxima. 2eme edition 2008
GIROUX E., « L’entreprise et l’audit environnemental :

perspectives de développement national et international dans les
secteurs de l’environnement et du commerce », les Cahiers de Droit,
vol 38, n°1, 1997, p.71.-118.
Hassane ELARAFI. Gestion des finances de l’Etat. REJJES
Première édition.2006.
Jean_ Bernard Mattret.la nouvelle comptabilité publique.
Edition lexto. 2010
KARIM, (M). Management des finances publiques au Maroc.
1er Ed. Imprimerie el maarif al jadida. 2006.
La constitution marocaine de 2011.
MATTRET, (J-B). La nouvelle comptabilité publique.
L.G.D.C. 2010.
OMOTESO K., PATEL A. et SCOTT P., «Information and
Communications Technology and Auditing: Current Implications
and Future Directions», International Journal of Auditing, vol 14,n°
2, 2010, p.147.-162.
RENARD J., L’audit interne : ce qui fait débat, Edition
Maxima, 2003. RENARD J., Théorie et pratique de l’audit interne,
Eyrolles, 2010.
‫‪https://www.allbahit.com/search/label‬‬

العدد 65 من مجلة الباحث للدراسات القانونية - اعداد وتقديم الأستاذ محمد قاسمي PDF

Uploaded by

Document Information

Original Title

Copyright

Available Formats

Share this document

Share or Embed Document

Sharing Options

Did you find this document useful?

Is this content inappropriate?

Copyright:

Available Formats

العدد 65 من مجلة الباحث للدراسات القانونية - اعداد وتقديم الأستاذ محمد قاسمي PDF

Uploaded by

Copyright:

Available Formats

‫واألبحاث القانونية ‪2024‬‬

‫والقضائية ‪ /RJLGRS/‬هشـر مارس ‪2024‬‬ ‫‪.‬‬

‫رئيس التحرير – الأستاذ جعفر القاسمي‬

‫‪FCB- majalatlbahit‬‬ ‫‪Majalatlbahit2017@gmail.com‬‬ ‫‪www.allbahit.com‬‬

‫اآلية الحادية عرش (‪ )11‬من سورة المجادلة‬

‫مجلة الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية‬ ‫‪‬‬

‫للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية‬

‫محامي بهيئة المحامين بالرباط‬ ‫عضو نادي قضاة المغرب‬

‫الأعضاء من داخل المملكة المغربية‪:‬‬

‫الأعضاء من باقي الأقطار العربية‪:‬‬

‫لجنة التنقيح والمراجعة اللغوية والنشر‪:‬‬

‫اعتمادات مجلة الباحث للدراسات القانونية‪:‬‬

‫‪isi indexing‬‬ ‫‪SCRIP‬‬

918 Le supply chain risk management : identification, évaluation, analyse et

913 La pratique de l'audit interne dans les communes marocaines ……………

‫افتتاحية العدد‪ ،‬يقدمها‪ :‬ذ محمد القاسمي‬

‫بسم لله الكريم‪ ،‬وبه نستعين‪ ،‬وبفضله نمضي‬

‫تكريس المقاوالتية االجتماعية فـي التشريع المغربي‬

‫واإلشكالية المطروحة مدى انسجام اإلطار القانوني للمقاوالتية االجتماعية مع مظاهر‬

‫املحوراألول‪ :‬اإلطارالقانوني إلنشاء المقاوالت االجتماعية‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ميثاق المقاوالت الصغرى والمتوسطة‬

‫تشكل المقاوالت الصغرى والمتوسطة أساس النسيج االقتصادي للمغرب‪ .‬وتساهم‬

‫أوال‪ :‬تبسيط القواعد القانونية واإلجراءات اإلدارية‬

‫تعتبرالمقاولة الصغرى أوالمتوسطة في مدلول القانون السالف الذكرهي كل مقاولة يقوم‬

‫ـ إما تحقيق حصيلة سنوية إجمالية ال تتجاوزعشرة ماليين درهم‬

‫ثانيا‪ :‬اإلطارالمؤسس ي للنهوض بالمقاوالت الصغرى والمتوسطة‬

‫‪ 6‬المادة ‪ 77‬في قانون رقم ‪ 23.88‬المتعلق بميثاق المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪.‬‬

‫الوكالة بالمساعدة لتأسيس وتسيير الجمعيات واملجموعات والشبكات الخاصة بالمقاوالت‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المقاول الذاتي‬

‫أوال‪ :‬االمتيازات المقدمة للمقاول الذاتي‬

‫‪ 8‬أنظر المادة ‪ 2‬من نفس القانون‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الموازنة بين البعد االجتماعي واالقتصادي في المقاول الذاتي‬

‫املحورالثاني ‪ :‬مظاهرالبعد االجتماعي للمقاوالتية االجتماعية‬

‫‪ 10‬القانون أنظر المادة الثانية من نفس‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬األسس القانونية للتعاونيات والبعد االقتصادي واالجتماعي‬

‫أوال‪ :‬األسس القانونية للتعاونيات‬

‫ثانيا‪ :‬البعد االقتصادي واالجتماعي للتعاونيات‬

‫ـ تنمية أعمائها وتثمينه إلى أقص ى حد‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األسس القانونية للجمعيات و آفاقها االقتصادية‬

‫أوال ‪ :‬األسس القانونية للجمعيات‬

‫وللدورالفعال للنسيج الجمعوي في عملية التنمية صدرمنشورالوزيراألول حول الشراكة‬

‫ثانيا ‪ :‬البعد االقتصادي واالجتماعي للجمعيات‬

‫و على الرغم من ديناميكية الجمعيات التنموية ووظيفتها األساسية في مجال تنمية‬

‫‪ 21‬الحسن الرامي مرجع سابق ص ‪.077‬‬

‫مقاربات للنشر والصناعات الثقافية للنشر ‪ 2790‬ص‪ 21‬المعرفة السوسيولوجية عند‬

‫تقريراملجلس االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬االقتصاد االجتماعي والتمامني ر افعة لنمو مدمج‬

‫القانون رقم ‪21.77‬المتعلق بميثاق المقاوالت الصغرى والمتوسطة الصادربتنفيذ الظهير‬

‫الظهير الشريف رقم ‪ 9.92.921‬صادر في ‪ 20‬من محرم ‪29{ 9216‬نوفنبر ‪ }2792‬بتنفيذ‬

‫النظام األمني داخل المؤسسات السجنية بالمغرب‬

‫استطاعت الحركات الحقوقية من خالل نشاطها المتمثل في الدفاع عن حقوق االنسان‬

‫المبحث األول ‪ :‬األجهزة المكلفة بحماية أمن المؤسسات السجـنية‬

‫المطلب األول ‪ :‬األجهزة الساهرة على األمن داخل المؤسسات السجنية‬

‫_ تفتيش المعتقلين عند الدخول أو الخروج من المؤسسة ألي سبب من األسباب‪.‬‬

‫_ تأمين الحراسة بمختلف المراكزداخل المؤسسة السجنية‪.‬‬

‫_ مر اقبة وتفتيش كل مر افق المؤسسات السجنية‪.‬‬

‫‪ -‬استعمال السالح عند المرورة للحفاظ على أمن المؤسسة السجنية‪.‬‬

‫‪ -‬مر اقبة تحركات السجناء أثناء األشغال العامة والفسحة‪.‬‬

‫‪ -‬المساهمة في تنظيم وتسييرالعمل على األحياء واألجنحة داخل المعقل‪.‬‬

‫‪ -‬التدخل في الحاالت االستعجالية والطارئة‪.‬‬

‫‪ -‬القيام بجوالت تفقدية بعد إغالق الزنازين و أثناء الليل‪.‬‬

‫‪ -‬تفتيش الزوارو المؤونة ومر اقبة قاعة الزيارة‪.‬‬

‫‪ -‬حراسة المصحة تأمين عمل األطرالطبية وشبه الطبية‪.31‬‬

‫‪ -‬ادارة وتسيير شؤون المؤسسات السجنية‪.‬‬