Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 17

‫موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي )‪557‬هـ‪629-‬هـ(‪ .‬ما بعد الطبيعة‪.

‬‬

‫قدم له وحققه يونس أجعون‪ .‬بيروت‪ :‬دار الـكتب العلمية‪.2017 ،‬‬


‫قراءة نقدي ّة‬

‫ف ؤ ا د بن أ ح م د‬

‫ج ا م ع ة ا لق ر و ي ي ن ‪ -‬ا ل ر ب ا ط‬

‫‪ 18‬ماي ‪2023‬‬
‫‪https://philosmus.org/archives/3739‬‬
‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬
‫‪ISSN: 2737-842X‬‬

‫ﻛﻞ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﳏﻔﻮﻇﺔ ©‬


‫‪ 18‬ماي ‪2023‬‬ ‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫‪Muwaffaq al-Dīn ʿAbd al-Laṭīf Ibn Yūsuf (557-629) al-Baghdādī.‬‬


‫‪Mā ba ʿda al-ṭabī ʿa [Metaphysics]. Edited by Yūnus Ajʿūn. Beirut: Dār al-Kutub‬‬
‫‪al-ʿIlmīyyah, 2017. ISBN: 978-2-7451-8878-6‬‬

‫موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي )‪557‬هـ‪629-‬هـ(‪ .‬ما بعد الطبيعة‪ .‬قدم له وحققه‬
‫يونس أجعون‪ .‬بيروت‪ :‬دار الـكتب العلمية‪.2017 ،‬‬

‫فؤاد بن أح مد‬
‫‪Fouad Ben Ahmed‬‬
‫ج امعة القرو يين ‪ -‬الر باط‬
‫‪Qarawiyyin University, Rabat‬‬

‫رغم أن الفيلسوف والطبيب موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي )ت‪629.‬هـ‪1231/‬م( موضوع‬
‫دراسات علمية منذ ما يقرب من القرن‪ ،‬فإن أعماله لم تحقق كاملة بعد ُ‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن كل نص ي ُنشر نشرة علمية‬
‫لهذ ا الف يلس وف و الط بيب يك ون ذ ا فائد ة ك برى لملف الف لس ف ة في س ياقات المس ل مين بعد أبي ح ام د الغزالي‬
‫)ت‪505.‬هـ‪1111/‬م(‪.‬‬

‫وفي الواقع‪ ،‬فإن أهمية عبد اللطيف البغدادي بالنسبة للمنشغلين بملف هذه الفلسفة ابتداء ً من القرن الحادي‬
‫عشر للميلاد لم تعد خافية‪ .‬ومع ذلك يمكن أن نجمل وجوه هذه الأهمية في العناصر الآتية‪:‬‬

‫م ن ش أ ن النص و ص الف لس ف ية و الع ل مية الت ي تظ ه ر ه نا و ه ناك لهذ ا الف يلس و ف أو ذ اك أن تد ع م َ ال ا ت جاه البح ث ي‬
‫الجديد في تقو يم صورة لطالما هيمنت على عقول الناس‪ ،‬صورة عالم إسلامي ماتت فيه الفلسفة جراء الضر بة‬
‫القاض ية التي و ج ه ه ا إليها الغزالي ‪ .‬فوفق ا لهذ ه الص ور ة التق ليد ية ‪ ،‬يك و ن العالم الإس لا م ي قد أد ار ظ ه ره للعلم اليوناني‬
‫كّفر الفلاسفة وانتشر خبر التكفير بين الناس‪ .‬و بفعل هذا وغيره‬
‫جرّاء تأليف كتاب تهافت الفلاسفة‪ ،‬حيث ُ‬
‫دخل العالم الإسلامي في حالة جمود فكري وعلمي لم يستفق منها إلا بفضل جيوش ناپليون بوناپارت )ت‪.(1821.‬‬
‫لذ لك ‪ ،‬فإن ظ ه و ر ه ذ ا ا ل ن ص ل م و ف ق ا ل د ي ن ع ب د ا ل ل ط ي ف ا ل ب غ د ا د ي ب م و ا ز ا ة ن ص و ص أ خ ر ى م ن ط ق ي ة و ف ل س ف ي ة‬

‫‪1‬‬
‫‪ 18‬ماي ‪2023‬‬ ‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫وكلامية وعلمية )من فلك و بصر يات وغيرهما( كثيرة‪ ،‬من شأنه أن ي ُسقط تلك الصورة القاتمة عن عالم إسلامي‬
‫‪1‬‬
‫ضاق صدره بالقول الفلسفي‪ ،‬و”انتصر فيه القرآن على الفكر الحر‪“.‬‬

‫و ي م ك ن أ ن ن ض ي ف ع ا م ل ا آ خ ر ‪ ،‬ل ا يق ل أ ه مية ‪ ،‬أس ه م ك ثي ر ا ف ي ا ه ت م ا م الد ار س ي ن بالبغ د ا د ي ؛ ف ن ص و ص ه ذ ا‬


‫الأخ ير تمثل ش اه د ا ه ام ا في م لف الأفلا ط ونية المحد ثة في س ياقات المس ل مين ‪ .‬فبالنظ ر إلى م ا تض م نته نص وص‬
‫البغدادي من نقول من پ ْرقُ ْليس )ت‪465.‬م( ومن أثولوجيا المنحول لأرسطو )ت‪ 322.‬ق‪.‬م( تغدو نصوصه‬
‫في ذ ات نف ع ك بير في اس تق ص اء و ج وه تلق ي المس ل مين لهذ ه النص وص ‪.‬‬

‫و م ع م ا س ب ق ي مك ن أ ن نق و ل إن لن ص و ص البغ د اد ي الف لس ف ية ق يم ة ً ذ ات ية ‪ ،‬بالن ظ ر إلى م ا ت مثله في س ي ر ة ه ذ ا‬


‫الفيلسوف‪ ،‬الذي حمل هم إصلاح صناعتي الفلسفة والطب في زمنه‪ ،‬جرّاء ما حصل من انحرافات ومن‬
‫‪2‬‬
‫أشكال الخلط بين الصنائع عند المتكلمين والفقهاء بسبب تيار السينو ية تحديدا‪.‬‬

‫و ع ليه ‪ ،‬ف ف ي ه ذ ا ال إ ط ار الع ام نق ر أ ع ملية إ خ ر ا ج نص م ا بع د الط بيع ة ل ل ب غ د ا د ي ‪ ،‬و ف ي ض و ئ ه ت ب ر ز أ ه م ي ت ه ‪.‬‬

‫صدر العمل عام ‪2017‬؛ وهو في أصله جزء ثا ٍ‬


‫ن م ن ر س ا لة تق د م ب ها يو ن س أ ج ع و ن لن ي ل ا لما ج س ت ي ر بق س م‬
‫الفلسفة من كلية العلوم‪-‬جامعة القاهرة‪ 3.‬وليست نشرة ما بعد الطبيعة بالعمل المعزول في السيرة العلمية‬
‫لصاحبها‪ ،‬فقد واصل اشتغاله على نصوص البغدادي‪ .‬وفي هذا السياق جاءت نشرته المشتركة مع نظيرة فدواش‬
‫‪4‬‬
‫و ف ؤ اد بن أ ح مد لل جز ء ال أ و ل م ن ا ل أ ع م ا ل ا ل ف ل س ف ي ة ا ل ك ا م ل ة ل ل ب غ د ا د ي ‪.‬‬

‫‪ 1‬وتقول عبارة ر ينان‪:‬‬


‫‪“Quand Averroès mourut, en 1198, la philosophie arabe perdit en lui son dernier représentant, et le triomphe‬‬
‫‪du Coran sur la libre pensée fut assuré pour au moins six cents ans.” Ernest Renan, Averroès et l’averroïsme. Essai‬‬
‫بالنسبة إلى ر ينان‪ ،‬كانت حملة نابليون على ‪historique, 4ème édition revue et augmentée (Paris: Calmann Lévy, 1882), 2.‬‬
‫مصر عام ‪ 1798‬فرصة العالم العر بي لاستعادة الفكر النقدي الحر بعد أن قضى ستة قرون في التخلف‪ .‬وانظر تفاصيل إضافية في‪ :‬فؤاد بن‬
‫أحمد‪” ،‬موت الفلسفة في السياقات الإسلامية‪ :1 .‬في نقد الاستشراق‪ “،‬مجلة الفلسفة والعلوم في السياقات الإسلامية‪،‬‬
‫‪<https://philosmus.org/archives/2392>.‬‬
‫‪ 2‬عن هذا الموضوع‪ ،‬انظر‪ :‬فؤاد بن أحمد‪” ،‬في مناهضة ابن سينا والسينو ية‪ :‬عبد اللطيف البغدادي وإصلاح الفلسفة في القرن الثالث‬
‫عشر الميلادي‪ “،‬هسبر يس‪-‬تمودا ‪.164–129 :(2019 ،1) 54‬‬
‫‪ 3‬انظر يونس أجعون‪” ،‬مقدمة المحقق‪ “،‬ضمن موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي )‪557‬هـ‪629-‬هـ(‪ ،‬ما بعد الطبيعة‪ ،‬قدم له‬
‫وحققه ي‪ .‬أجعون )بيروت‪ :‬دار الـكتب العلمية‪.6 ،(2017 ،‬‬
‫‪ 4‬انظر‪ :‬موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي‪ ،‬الأعمال الفلسفية الكاملة‪ ،‬الجزء الأول‪ ،‬تحقيق وتقديم وفهرسة نظيرة فدواش‬
‫و يونس أجعون وفؤاد بن أحمد )الر باط‪-‬الجزائر‪-‬بيروت‪ :‬دار الأمان‪-‬منشورات الاختلاف‪-‬منشورات ضفاف‪.(2018 ،‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ 18‬ماي ‪2023‬‬ ‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫وكما هو معروف اليوم‪ ،‬لا يوجد نص البغدادي في علم ما بعد الطبيعة إلا في نسختين خطيتين‪ :‬مخطوطة‬
‫استانبول‪-‬خزانة السليمانية‪ ،‬جار الله ‪140 ،1279‬ظ–‪187‬ظ‪ ،‬ومخطوطة القاهرة‪-‬دار الـكتب‪ ،‬تيمور حكمة ‪،117‬‬
‫‪.178–16‬‬

‫ي ت ك و ن ن ص ا ل ب غ د ا د ي ف ي م ا بع د الط بيع ة م ن أر بع ة و ع ش ر ين ف ص لا ‪ .‬و لم يس بق أن ط بع ك ام لا م ن ق بل ؛‬


‫لـكن سبق لفصول منه أن ن ُشرت وترجمت‪.‬‬

‫فقد تقدم عبد الرحمن بدوي إلى نشر خمسة فصول منه )‪ (24-20‬عام ‪ :1955‬الفصل العشرون ضمن عمله‬
‫الأفلاطونية المحدثة عند العرب‪ 1،‬والفصول من ‪ 21‬إلى ‪ 24‬منه ضمن كتابه أفلوطين عند العرب‪ 2.‬ونشرت‬
‫‪4‬‬
‫أنگليكا نوڤيرت أر بعة فصول منه مصحو بة بترجمة ألمانية عام ‪1976‬؛‪ 3‬ثم نشرت الفصل الأول عام ‪.1978‬‬

‫وفي تزامن مع ظهور عمل أجعون‪ ،‬أي عام ‪ ،2017‬و باستقلال عنه‪ ،‬أعادت سيسيليا مارتيني نشر الفصل‬
‫العشر ين من نص البغدادي‪ ،‬الذي يحمل عنوان‪” :‬في ما قال الحكيم في كتاب إ يضاح الخـير“‪ ،‬ملحقا بدراسة‬
‫ل ه ا ‪ 5 .‬و ت جد ر ال إ ش ار ة إلى أن ع بد الر ح من بد و ي ق د اع تم د في نش ر ته تلك ع لى النس خ ة ال خط ية التيم و ر ية ‪ ،‬بينم ا‬
‫اعتمدت نوڤيرت على النسختين )التيمور ية والسليمانية(‪ ،‬وكذلك فعلت مارتيني‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪،‬‬
‫‪6‬‬
‫فالظ اه ر أن نشر ة بد وي تظ ل الأفض ل لأس باب ك ثيرة‪ ،‬بعض ه ا أش ار إليه أج عون في تق د يمه ‪.‬‬

‫أما بخصوص ترجمات نصوص البغدادي إلى اللغات الأور بية‪ ،‬فقد نشر عام َ ‪ 1965‬فرانز روزنتال‬
‫)ت‪2003.‬م( ترجمة ً إلى الألمانية للفصل الثامن عشر من كتاب علم ما بعد الطبيعة للبغدادي—والذي يحمل‬
‫عنوان ”في العناية الأزلية“—ضمن عمله ‪ 7.Das Fortleben der Antike im Islam‬وترُ جم هذا الفصل ضمن‬

‫‪ 1‬الأفلاطونية المحدثة عند العرب‪ ،‬نصوص حققها وقدم لها عبد الرحمن بدوي )القاهرة‪ :‬مكتبة النهضة المصر ية‪.265–248 ،(1955 ،‬‬
‫‪ 2‬أفلوطين عند العرب‪ ،‬نصوص حققها وقدم لها عبد الرحمن بدوي )القاهرة‪ :‬مكتبة النهضة المصر ية‪.240–199 ،(1955 ،‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Angelika Neuwirth, ‘Abd al Latif al-Baghdadi’s Bearbeitung von Buch Lambda der aristotelischen Metaphysik‬‬
‫‪(Wiesbaden: Franz Steiner Verlag GMBH, 1976).‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Angelika Neuwirth, “Neue Materialen zur Arabischen Tradition der beiden ersten Metaphysik-Bücher,” Die‬‬
‫‪Welt des Islams, 18 (1–2, 1977–78): 84–100.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Cecilia Martini Bonadeo, “The First ‘Proclean’ Section (Chapter 20) of ʿAbd al-Laṭīf al-Baġdādī’s Book on the‬‬
‫”‪Science of Metaphysics. Is the Pure Good of the Maḥḍ al-ḫayr Aristotle’s First Principle, Intellect in Actuality?,‬‬
‫‪Oriens 45 (2017): 259–305.‬‬
‫‪ 6‬انظر أجعون‪” ،‬مقدمة المحقق‪.22 “،‬‬
‫‪7‬‬
‫‪Franz Rosenthal, Das Fortleben der Antike im Islam (Zürich: Artemis Verlags, 1965).‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ 18‬ماي ‪2023‬‬ ‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫مجموع الكتاب إلى الإنجليز ية عام ‪ 1.1975‬وعام ‪ ،1984‬ترجم ر يتشارد تايلور الفصل العشر ين من الكتاب نفسه‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫اع تم اد ا على نشر ة بد و ي ‪.‬‬

‫أما النشرة التي أنجزها أجعون فتظل أول نشرةكاملة لكتاب علم ما بعد الطبيعة للبغدادي‪ .‬وقد بذل الباحث‬
‫جهدا حميدا في إخراج نشرته وتزو يدها بالجهاز النقدي اللازم‪ ،‬موثقا نقول البغدادي من مصادرها في كثير‬
‫م ن ال أ ح يان ‪ ،‬و خ ات ما بف ه ار س ع ام ة للأ ع لا م و الـك ت ب و الف ر ق و غ ي ر ه ا‪ .‬و ع لى الر غ م م ن أن م ق د م ة النش ر ة ق د‬
‫كتبت على عجل‪ ،‬بالنظر إلى ما شابها من هنات لغو ية وغيرها‪ ،‬فإنها تظل مفيدة‪ .‬فقد تضمنت تعر يفا بالمؤلف‬
‫وأعماله ومنزلة الكتاب المحقق ضمن هذه الأعمال‪ ،‬وقولا في مصادر المؤلف المباشرة‪ ،‬ووصفا للمخطوطتين‬
‫المعتمدتين؛ وهي كلها أمور م ُعيِ نة في قراءة العمل واستعماله‪.‬‬

‫و ع مو م ا‪ ،‬يلع ب نش ر ال م خط و ط ا ت د و ر ا ح اس ما في ال م جال ا ت الع ل مية الت ي م ا يز ال م و ض و ع ه ا في ط و ر البناء ؛ و ه ذ ا‬


‫حال البحث في تاريخ الفلسفة في السياقات الإسلامية؛ ذلك أن نشر مخطوط قد يحسم في صراع بين قراءات‪،‬‬
‫أو قد يرجح إحداها على حساب أخرى؛ وقد يصحح أحكاما قديمة‪ ،‬و يقيد بعضها‪ ،‬كما قد يؤكد غيرها‪ ...‬ومن‬
‫جّه؛ يؤدي فيه هذا‬
‫ه ذ ه ا ل ج ه ة أ ي ض ا ‪ ،‬ف إ ن إ خ ر ا ج ن ص م خط و ط ل ا ي ك و ن د و ن م ا إ ط ا ر ن ظ ر ي و إ ب س ت م ل و ج ي م و ِ‬
‫النص دور الشواهد والدعامات المادية للفرضيات أو الدعاوى‪ .‬وفي هذا يقول أجعون‪” :‬هذا الكتاب البالغ‬
‫الأهمية ينشر لأول مرة‪ ،‬وهو يؤكد مرة أخرى‪ ،‬على بقاء الدرس الفلسفي بل وازدهاره في شرق العالم الإسلامي‬
‫‪3‬‬
‫بين القرنين السادس والسابع الهجر يين‪ ،‬وتحديدا بعد وفاة الإمام أبي حامد الغزالي )ت‪505.‬هـ]‪1111/‬م[(‪“.‬‬
‫ص ا ل ب غ د ا د ي م ن ذ ا ل ب د ا ي ة ف ي إ ط ا ر و ا ح د ة م ن ا ل إ ش ك ا ل ي ا ت ا ل ت ا ر ي خي ة ا ل ـ ك ب ر ى ا ل ت ي ت حك م ت‬‫و ه ك ذ ا يض ع الب اح ث ن َ ّ‬
‫في الكتابات ح ول م ص ير الفلس ف ة في الس ياقات الإس لا مية ‪ ،‬أع ني إش ك الية م وت الفلس ف ة و نهايتها‪ .‬وقد أشر نا إلى‬
‫ه ذ ا في البد اية ‪.‬‬

‫أ ك ث ر م ن ذ ل ك ‪ ،‬ي ق د م أ ج ع و ن ك ت ا ب م ا بع د ا لط ب ي ع ة ل ل ب غ د ا د ي م ن ح ي ث ه و ” ك ت ا ب ف ل س ف ي خ ا لص ) أ ي‬
‫أن فلس فته ليس ت قائمة على أس س لاه وتية ( ‪ 4 “ .‬لهذ ا‪ ،‬فإن الأمر لا يتعلق فق ط ببق اء الد ر س الف لس ف ي و اس تمرار ه‬

‫‪1‬‬
‫‪Franz Rosenthal, The Classical in Islam, Translated from the German by Emile and Jenny Marmorstein (New‬‬
‫‪York-London: Routledge & Kegan Paul Ltd., 1975).‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Richard Taylor, “ʿAbd al Latif al-Baghdadi’s Epitome of the Kalam fi Mahd al- Khayr (Liber de Causis),” In Islamic‬‬
‫‪Theology and Philosophy: Studies in Honor of George F. Hourani, ed. Michael E. Marmura (Albany, NY: State‬‬
‫‪University of New York Press, 1984), 286–323.‬‬
‫‪ 3‬أجعون‪” ،‬مقدمة المحقق‪.5 “،‬‬
‫‪ 4‬أجعون‪” ،‬مقدمة المحقق‪.5 “،‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ 18‬ماي ‪2023‬‬ ‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫في سياقات المسلمين‪ ،‬وإنما أيضا بطبيعة هذا الدرس و بالانتماء المذهبي لأصحابه‪ .‬يقول أجعون‪” :‬وقد ُ‬
‫سقت هذا‬
‫الكلام ردّا على من يؤ يد أطروحة قضاء الغزالي على الفلسفة في المشرق العر بي‪ ،‬و بين أوساط المسلمين السنة‬
‫‪1‬‬
‫على وجه الخصوص‪“.‬‬

‫و ل ا ي مد أ ج ع و ن ق ار ئه ب تف ا ص ي ل ك اف ية لل و ق و ف ع لى أ ص و ل ه ذ ا الز ع م الذ ي ج ع ل م ن الع ر ب المس ل مي ن الس نة‬


‫ع ا ج ز ين ع ن الت ف لس ف ؛ و أ ن م ن تف لس ف م ن ه ؤ ل ا ء ق د ك ان إم ا م ن أص و ل غ ي ر ع ر ب ية أو م ن غ ي ر المس ل مين ‪.‬‬
‫و بع بار ة أخ رى ‪ ،‬لا يس ع ف قار ئه بأي ش ي ء ب خص و ص أص حاب ه ذ ه الد ع و ى ‪ ،‬لـك نه في المق ابل يق و ل ع ن‬
‫م ض م و ن ها‪:‬‬

‫”إن أبا البركات البغدادي وفخر الدين الرازي وسيف الدين الآمدي ونصير الدين الطوسي وابن كمونة اليهودي‪،‬‬
‫كل هؤلاء الذين جاؤوا بعد الغزالي إنما مارسوا تفلسفهم—على زعم أولئك—من خلف ستار البحث العقدي أو‬
‫الاختلاف الديني أو القومي؛ فأبو البركات كان مسيحيا ]كذا‪ ،‬والصواب يهوديا[ وابن كمونة بقي يهوديا على‬
‫الأرجح‪ ،‬والفخر والنصير ومن جاء بعدهمـ]ا[ كانوا عجما‪ ،‬والسيف الآمدي وغيره من متكلمي الإسلام إنما كان‬
‫بحثهم متلبسا عباءة علم الأصول بالقصد الأول‪ ،‬وحينئذ اضطروا بالقصد الثاني أو بالعرض إلى النبش في قبر‬
‫‪2‬‬
‫الفلسفة التي قبرها من قبل حجة الإسلام‪“.‬‬

‫ب ا ل ب غ د ا د ي ‪ ،‬ه و أن الف لس ف ة في س ياقات‬


‫فيظهر أن الحكم الذي يحاول أجعون أن يراجعه‪ ،‬و يقُ دم ضّده كتا َ‬
‫المسلمين قد انتهت بعد زمن الغزالي‪ ،‬وأن الاهتمام بهذه الصناعة قد صار منحصرا في غير العرب‪ ،‬مثل فخر‬
‫الدين الرازي )ت‪606.‬هـ‪1210/‬م( ونصير الدين الطوسي )ت‪672.‬هـ‪1274/‬م(‪ ،‬أو في غير المسلمين‪ ،‬مثل أبي‬
‫البركات البغدادي )ت‪560.‬هـ‪1165/‬م( وابن كمونة )ت‪683.‬هـ‪1284/‬م(‪ ،‬أو فيمن رغب في الفلسفة حفظا‬
‫لنس ق ه الك لا م ي ‪ ،‬م ثل الآ م د ي و الراز ي ؛ و ال حال أن ” ه ذ ا الك تاب د ليل قاط ع في الق ض اء ع لى ه ذ ا الرأي‬
‫‪3‬‬
‫الفاس د ‪“ .‬‬

‫ه ك ذ ا يظ ه ر أن ر ه انين ك بير ين يط م ح أج ع و ن إلى ك س ب هم ا بنش ر ه نص البغ د اد ي ‪ :‬أو لهم ا إث بات أن الع ر ب‬


‫ق د و ا ص ل و ا ا ل تف لس ف بع د أب ي ح ا م د الغ ز ال ي ؛ و ه ذ ا ض د م ن يد ع ي أ ن غ البي ة المت ف لس ف ي ن بع د ه ذ ا ال أ خ ي ر ك انو ا‬

‫‪ 1‬أجعون‪” ،‬مقدمة المحقق‪.5 “،‬‬


‫‪ 2‬أجعون‪” ،‬مقدمة المحقق‪.5 “،‬‬
‫‪ 3‬أجعون‪” ،‬مقدمة المحقق‪.5 “،‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ 18‬ماي ‪2023‬‬ ‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫عجم ًا‪ .‬وأما الرهان الثاني‪ ،‬فهو البرهنة على أن موفق الدين قد تفلسف‪ ،‬مع أنه ”مسلم سني شافعي وذو انتماء‬
‫ع ر ب ي ‪ 1 “ .‬و ه ذ ا ض د م ن يز ع م أن الش يع ة و ح د ه م م ن اس تط اع اس تئنا ف النظ ر الف لس ف ي في س ياق ا ت المس ل مين ‪.‬‬

‫و ف ي الو اق ع ‪ ،‬ل س ت أ د ر ي إ ل ى أ ي ح د م ا ي ز ا ل ا ل ز ع م ب أ ن ا ل ع ر ب ل ا ي م ك ن أ ن ي ت ف ل س ف و ا ج د ي ر ا ب ا ل م ن ا ق ش ة ‪ .‬ف إ ذ ا‬


‫كانت هذه الأطروحة ”العرقية“ قد ازدهرت في القرن التاسع عشر‪ ،‬خاصة مع المؤرخ واللغوي الفرنسي إرنست‬
‫ر ينان )‪ ،(Ernest Renan, d. 1892‬وكان الدارسون قد استأنسوا بالحديث عن الأصول الفارسية والتركية‬
‫ك تبت و نشر ت‬
‫لـك ثير م ن الف لا س ف ة المس ل مين ‪ ،‬فإن ثمة اتف اقا ع ام ا ع لى أن أغ لب الك تابات الف لس ف ية و الع ل مية قد ُ‬
‫بالع ر بية ‪ ،‬بغ ض النظ ر ع ن انتماء أص حاب ها‪ .‬أما الزع م بأن الس نة لم يتمك نوا م ن م واص لة التفلس ف في م قابل از د ه ار ه‬
‫في الأو س اط الش يعية ‪ ،‬فالظ اه ر أن ه ذ ه الد ع وى تبق ى متأخ رة ز مانا قياس ا إلى س ابقتها‪ ،‬ه ذ ا إذ ا اع تبرنا أن م ن‬
‫صاغها بوضوح هو عالم الإ يرانيات الفرنسي هنري كور بان )‪.(Henry Corbin, d. 1978‬‬

‫وصحيح أيضا أن تلك الأسماء الواردة أعلاه كلها دليل على تعاطي المسلمين للفلسفة من خلفيات ومواقع‬
‫م تع د د ة ‪ ،‬لـك ن ج مع ه م د و ن تف ص ي ل يظ ل أم ر ا ق ابل ا للنق ا ش ؛ إ ذ ع لى الر غ م م ن أ ن بع ض ا م ن تلك ال أ س ماء ي جمع ه ا‬
‫ا ل ا ن ت م ا ء ا ل د ي ن ي و ا ل ع ق د ي ‪ ،‬ف إ ن ا ل ذ ي ي ف ر ق ه ا ‪ ،‬و ه و ا ل ص ن ا ع ة ا ل ف ل س ف ي ة ‪ ،‬أ ق و ى ر ب م ا م م ا ي جم ع ه ا ‪ .‬و ه ك ذ ا ‪ ،‬ف إ ن‬
‫البغداديين‪ ،‬أبا البركات وموفق الدين‪ ،‬يظلان فيلسوفين وإن كانا ينتميان إلى دينين مختلفين‪ .‬وفي المقابل‪ ،‬فإن‬
‫فخر الدين الرازي وسيف الدين الآمدي )ت‪631.‬هـ‪1233/‬م(‪ ،‬وعلى الرغم من كل الاختلافات التي بينهما‪،‬‬
‫يظلان متكلمين أشعر يين‪ ،‬وما يجمعهما أكثر مما يفرقهما؛ نعم تعاطيا للتفلسف في صيغته السينو ية تحديدا‬
‫و ح ص ر ا‪ ،‬و ش ر ح ا نص و ص ابن س ينا‪ ،‬ك ما ان تق د الثان ي م ن هم ا ال أ و ل ؛ ‪ 2‬ل ـ ك ن ه م ا ي ظ ل ا ن م حس و ب ي ن ع ل ى ا ل ن س ق ا ل ك ل ا م ي‬
‫الأش عري ‪ .‬لذ لك ‪ ،‬ع لى الرغ م م ن ك ل التأثير الذ ي م ار س ته الف لس ف ة الس ينو ية ع ليهم ا‪ ،‬فإن ح ف ظ النس ق العق د ي‬
‫ال أ ش ع ر ي ي ظ ل ‪ ،‬ع ن د ه م ا ‪ ،‬ا ل ه د ف ا ل أ و ل و ا ل أ خ ي ر ‪ .‬و ل ـ ك ن ي م ك ن ا ل ق و ل م ن ز ا و ي ة أ خ ر ى ‪ ،‬إ ن ه ع ل ى ا ل ر غ م م ن‬
‫ال خص ومة الفكر ية التي ك انت بين الراز ي والآم د ي ‪ ،‬فإنهم ا معا يمثلا ن الأش عر ية المتأخ رة‪ ،‬وقد التبس ت بالفلس فة‬
‫السينو ية؛ وهما معا يدلان‪ ،‬من الزاو ية ذاتها‪ ،‬على أن خصومة الأشاعرة مع الفلاسفة لم تتمكن من القضاء‬

‫‪ 1‬أجعون‪” ،‬مقدمة المحقق‪.5 “،‬‬


‫يقول جمال الدين ابن واصل )ت‪697.‬هـ‪1298/‬م(‪” :‬وكان يغري بالرد على فخر الدين ابن الخطيب الرازي‪ ،‬و يتتبع كلامه وإفساده‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫]‪ [...‬و يبالغ في ثلبه والوقيعة فيه‪ “.‬ابن واصل‪ ،‬مفرج الـكروب في أخبار بني أيوب‪ ،‬حققه ووضع حواشيه حسنين محمد ر بيع وجمال‬
‫الدين الشيال )القاهرة‪ :‬دار الـكتب والوثائق القومية‪-‬القاهرة‪ :‬وزارة الثقافة والإرشاد القومي‪ ،(1977-1953 ،‬ج‪ .36 :5 .‬وانظر أيضا‪:‬‬
‫‪Laura Hassan, Ash‘arism encounters Avicennism Sayf al-Dīn al-Āmidī on Creation (Piscataway, NJ: Gorgias Press,‬‬
‫‪2020), 12.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ 18‬ماي ‪2023‬‬ ‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫ع لى الف لس ف ة ‪ ،‬بل ‪ ،‬ع ك س ذ لك ‪ ،‬تد ل ع لى ن جا ح ال أ ش ع ر ية ف ي أ ن تط و ر نف س ه ا ع ن ط ر يق إ د م ا ج م ق د م ا ت ف لس ف ي ة‬


‫في نسق أصحابها‪ ،‬وهو ما صار معروفا بـ”الكلام الفلسفي“ أو بكلام المتأخر ين‪ .‬ولهذا أيضا‪ ،‬فإن موقع الرازي‬
‫والآمدي من التفلسف يظل مختلفا جدا عن موقع البغدادي َي ْن‪.‬‬

‫الأمر الآخ ر الذ ي نود أن نثيره ب خص وص ع مل أج عون يتعلق بالعنوان الذ ي اخ تار ه لك تاب البغد اد ي ‪ .‬فق د‬
‫أعطاه‪ ،‬كما هو معلوم من الغلاف‪ ،‬عنوان‪ :‬ما بعد الطبيعة‪ .‬وهذا العنوان يحتاج منا وقفة قصيرة‪ .‬كان تيمور‬
‫ب ا ش ا ‪ ،‬م ف ه ر س ا ل م ج م و ع ح ي ث ي و ج د ن ص ا ل ب غ د ا د ي ‪ ،‬ق د ع ن و ن ه ب ـ ‪ :‬ك ت ا ب ف ي ع ل م م ا بع د ا لط ب ي ع ة لل ش ي خ ع ب د‬
‫اللطيف ابن يوسف‪ 1.‬أما في مخطوطة السليمانية )جار الله ‪ ،(1279‬ف َيرَ د في حرد متن الكتاب العنوان الآتي‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫”كتاب ما بعد الطبيعة‪ ،‬تصنيف الشيخ العالم الفاهم الفيلسوف المدرك المحصل عبد اللطيف بن يوسف‪“.‬‬
‫وتكرر هذا العنوان‪ ،‬أي كتاب ما بعد الطبيعة مرتين‪ :‬في بداية النص وفي نهايته )السليمانية‪140 :‬و‪178 ،‬و(‪ .‬أما‬
‫الطبيب والمؤرخ ابن أبي أصيبعة )ت‪686.‬هـ‪1270/‬م( الذي يقّدم قائمة بأعمال البغدادي في عيون الأنباء في‬
‫طبقات الأطباء‪ ،‬فيورد ضمنها عملا بعنوان ”مختصر فيما بعد الطبيعة“‪ .3‬لـكن أجعون يعتبر أن مفردة ”مختصر“‬
‫الواردة في كلام ابن أبي أصيبعة لا تفيد جنس الكتابة المعروفة بالمختصرات وإنما تفيد وصفا فقط‪ .‬يقول في‬
‫هذا المعنى‪ :‬و”لعل كلمة مختصر ما هي إلا وصف أطلقه ابن أبي أصيبعة على ما قام به البغدادي من تلخيص‬
‫للق س م ال خاص بالإ لهيات م ن ك تابه الض خ م ال جام ع الـك بير‪ 4 ،‬أ و م ن ك ت ا ب آ خ ر م ب س و ط ف ي ن ف س ا ل م و ض و ع ‪ ،‬و ه و‬
‫ع ل م م ا بع د الط بيع ة ‪ 5 “ .‬و ف ي ا ل م ق ا ب ل ‪ ،‬ي ق و ل أ ج ع و ن إ ن ه س ي ق ت ص ر ع ل ى م ا ه و م ث ب ت ف ي م خط و ط ة ا ل س ل ي م ا ن ي ة ) ج ا ر ا ل ل ه‬
‫‪ ،(1279‬معتمدًا إ ياه عنوانا للكتاب؛ فجاء عنوان الكتاب كما يلي‪ :‬ما بعد الطبيعة‪.‬‬

‫غير أن ما يوجد في السليمانية هو كتاب ما بعد الطبيعة‪ ،‬وليس ما بعد الطبيعة عار يا عن مفردة ”كتاب“؛‬
‫ومعلوم أن القدماء قد درجوا على استعمال مفردة ”كتاب“ ضمن عناو ين أعمالهم‪ .‬و يظهر أن أجعون‪ ،‬في‬
‫مقترح عنوانه المذكور‪ ،‬قد سار على نهج عبد الرحمن بدوي‪ ،‬الذي اختار ما بعد الطبيعة عنوانا للكتاب ونشر‬

‫‪ 1‬مخطوطة القاهرة دار الـكتب‪ ،‬تيمور حكمة ‪.16 ،117‬‬


‫‪ 2‬مخطوطة استانبول خزانة السليمانية‪ ،‬جار الله ‪140 ،1279‬و‪.‬‬
‫‪ 3‬ابن أبي أصيبعة‪ ،‬عيون الأنباء في طبقات الأطباء‪ .696 ،‬نقلا عن أجعون‪” ،‬مقدمة المحقق‪.9 “،‬‬
‫‪” 4‬الكتاب الجامع الـكبير في المنطق والعلم الطبيعي والعلم الإلهي؛ وهو زهاء عشرة مجلدات التام تصنيفه في نحو نيف وعشر ين سنة‪ “.‬انظر‬
‫ابن أبي أصيبعة‪ ،‬عيون الأنباء في طبقات الأطباء‪ ،40.15 .9 ،‬ضمن‬
‫‪E. Savage-Smith, S. Swain, G.J. van Gelder eds., A Literary History of Medicine (Leiden: Brill, 2020),‬‬
‫>‪9.40.15 <https://shorturl.at/sGMU8‬‬
‫‪ 5‬أجعون‪” ،‬مقدمة المحقق‪.9 “،‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ 18‬ماي ‪2023‬‬ ‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫م نه بع ض الف ص و ل ؛ ‪ 1‬و إ ن ك ان بد و ي لم ي س ت ق ر ع لى ع نو ا ن و ا ح د ؛ ذ لك أنه ا س تع م ل ف ي م و ض ع آ خ ر ع با ر ة ف ي‬


‫ما بعد الطبيعة عنوانا للكتاب‪ 2.‬هذا‪ ،‬و يجدر بنا التنبيه إلى أن كثير ًا من الدارسين الذين شغلوا بملف موفق‬
‫الد ين ع بد اللط يف البغد اد ي ‪ ،‬و م نهم پول ك راو س و ر يتش ار د تايلر و م ار و ن ع واد و س يس يليا م ار تيني ‪ ،‬يس تعم لون‬
‫‪3‬‬
‫العنوان الآتي‪ :‬كتاب في علم ما بعد الطبيعة‪.‬‬

‫والحال أن عبارة البغدادي مفصحة عن غرضه‪ ،‬إْذ يقول‪” :‬غرضي كتابا في علم ما بعد الطبيعة يكون‬
‫متوسطا بين المبسوط والمختصر‪ 4،‬لأني كنت قد صنفت من قديم كتاباً في ذلك فجاء مبسوطا‪ ،‬وكررت فيه‬
‫المعاني تكر يرا طو يلا يكاد أن يمله القارئ فيه‪ 5“.‬فالقصد إذ ًا هو تأليف كتاب‪ ،‬لا هو بالمبسوط والمفصل ولا‬
‫ب ا ل م خ ت ص ر ا ل ج ا م ع ‪ ،‬و إ ن م ا ي ق ع ب ي ن ه م ا ‪ .‬لذ ا‪ ،‬يب د و لنا أن الع نو ان الأ قر ب إلى ه و ية الك تاب و غ ر ض ه ه و ت ل خ ي ص ع ل م‬
‫م ا ب ع د ا ل ط ب ي ع ة ‪ ،‬أ ع ن ي تل خ ي ص ا ل ه ذ ا ا لع ل م ب حس ب م ا ي تص و ر ه ا لب غ د ا د ي م ذ ه َ‬
‫ب أرسطو ومدرست ِه‪ .‬و بطبيعة الحال‪،‬‬
‫فإن كتاب موفق الدين ليس تلخيصا لكتاب ما بعد الطبيعة لأرسطو وإنما هو تلخيص للمقالات التي ألفت في‬
‫ع ل م الط بيع ة ‪ ،‬ب ما ف ي ذ لك م ق ال ا ت أر س ط و نف س ه ‪ ،‬بال إ ض اف ة إل ى ش ر ا ح ه و غ ي ر ه م ‪ .‬و ل ا ف ر ق ع ن د ص ا ح بنا بي ن أ ن‬
‫يكون العمل لأرسطو أو لپروقلس أو للإسكندر الأفروديسي )ت‪ .‬منتصف القرن الثالث للميلاد( أو‬
‫لثامسطيوس )ت‪388.‬م(‪ ،‬ولم يكن البغدادي ليميز بينهم و بين مقالاتهم‪ .‬فهؤلاء كلهم يمثلون عنده رأي‬

‫‪ 1‬بدوي‪ ،‬أفلوطين عند العرب‪(61) ،‬؛ وانظر أيضا فهرس المواد‪.198 ،‬‬
‫‪ 2‬بدوي‪ ،‬الأفلاطونية المحدثة‪ ،‬الصفحة الثانية من فهرس المواد‪.248 ،‬‬
‫‪3‬‬
‫”‪Cf. Paul Kraus, “Plotin chez les Arabes. Remarques sur un nouveau fragment de la paraphrase des Ennéades,‬‬
‫;‪Bulletin de l’Institut d’Egypte 23 (1940–41) : 279, n. 2 ; Taylor, “ʿAbd al Latif al-Baghdadi’s Epitome,” 236, 238‬‬
‫‪Maroun Aouad, “Théologie d’Aristote et autres textes du Plotinus Arabus,” in Dictionnaire des Philosophes‬‬
‫‪Antiques, ed. Richard Goulet (Paris : CNRS, 1989), I, 541–90, 586; Cecilia Martini Bonadeo, ʿAbd al-Laṭīf al-‬‬
‫‪Baġdādī’s Philosophical Journey. From Aristotle’s Metaphysics to the ‘Metaphysical Science’ (Leiden-Boston: Brill,‬‬
‫…‪2013), 1, 6, 9, 10, 139‬‬
‫‪ 4‬ترجمت سيسليا مارتيني مفردتي ”غرضي كتابا في علم ما بعد الطبيعة يكون متوسطا بين المبسوط والمختصر“ بالجملة السقيمة الآتية‪:‬‬
‫‪“My intention is a Book on the Science of Metaphysics which will be an intermediary between the simple and‬‬
‫‪the specific.” Martini, ʿAbd al-Laṭīf al-Baġdādī’s Philosophical Journey, 214.‬‬
‫فلا علاقة للمبسوط بـ ‪ simple‬لأن البغدادي يقصد به الكلام المفصل أو المطول؛ كما لا علاقة للمختصر بـ ‪ specific‬لأن البغدادي‬
‫يقصد به الكتابة الجامعة المختصرة‪ .‬و بالمناسبة‪ ،‬فإن حاجي خليفة )كاتب چلبي( يصف الكتاب الآخر الذي يذكر البغدادي في تتمة كلامه‬
‫أنه قد كتبه من قبل وهو‪ ،‬الجامع الـكبير في المنطق والطبيعي والإلهي‪” ،‬بأنهكتاب مبسوط في نحو عشر مجلدات‪ “.‬حاجي خليفة‪ ،‬كشف‬
‫الظنون عن أسامي الـكتب والفنون‪ ،‬عني بتصحيحه وطبعه على نسخة المؤلف محمد شرف الدين يالتقايا ورفعت بيلـگه الكليسي )بيروت‪:‬‬
‫دار إحياء التراث العر بي‪ ،(1941 ،‬ج‪ .572 :1 .‬وهذا الكتاب هو نفسه الكتاب الذي أورده ابن أبي أصيبعة ضمن أعمال البغدادي‪ .‬انظر‪:‬‬
‫هـ ‪.23‬‬
‫‪ 5‬البغدادي‪ ،‬ما بعد الطبيعة‪.33 ،‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ 18‬ماي ‪2023‬‬ ‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫”الحكيم“ أو الفلسفة المشائية المهددة من قبل ابن سينا )ت‪428.‬هـ‪1037/‬م(‪ .‬لهذا‪ ،‬فإن الغرض من التأليف‬
‫ع ن د ا ل ب غ د ا د ي ه و ت ل خ ي ص م ق ا ل ا ت ا ل ف ل ا س ف ة ا ل م ش ا ئ ي ن ف ي م ا ب ع د ا ل ط ب ي ع ة ‪ .‬و ي ن س ج م ه ذ ا م ع م ا ي ق و ل ا ل ن ا س خ‪:‬‬
‫”ثم ذكر أنه ما دعاه لتصنيف هذا الكتاب إلا كونه وجد لابن سينا تصانيف مخالفة لرأي المشائين‪ ،‬فأراد أن‬
‫ينبه طالبي العلم بأنهم لا يغتروا بتآليفه‪ 1“.‬وأجعون يدرك أن ”البغدادي كان يلخص ]مقالات أرسطو وغيره[‬
‫‪3‬‬
‫بتوسع لا ينقل النص بحروفه؛“‪ 2‬وقبله بدوي كان قد قّدم كتاب صاحبنا بوصفه ”تلخيصا‪“.‬‬

‫و المع ل و م ع ن د الد ار س ي ن أ ن الن ص ي ن الع ر ب يې ن المن س و بي ن إل ى ال إ س ك ن د ر ال أ ف ر و د يس ي ‪ ،‬أ ع ن ي ا ل ع ن ا ي ة و ف ي ا ل ت د ب ي ر ا ت‬


‫ا ل ف ل ـ ك ي ة ه ما في الأ ص ل نص و اح د ‪ ،‬لـك ن هم ا في الع ر بية ص ار ا م نف ص لين ‪ .‬فإذ ا ك ان النص الأ و ل م ن تر ج مة م ت ى‬
‫بن يونس )ت‪328.‬هـ‪939/‬م(‪ ،‬فإن النص الثاني يصعب أن يسمى ترجمة؛ وإنما هو اختصار بالعر بية‪ ،‬إن جاز‬
‫التعبير‪ ،‬لنص العناية من قبل حلقَ َة الـكندي )ت‪265.‬هـ‪873/‬م(‪ .‬والنصان معا من مصادر البغدادي في عمله‬
‫هذا‪ ،‬حيث نقل تقر يبا مجموعهما في الفصول ‪ 17‬و‪ 18‬و‪.19‬‬

‫و بالمناسبة‪ ،‬كانت الدارسة سيسيليا مارتيني وضعت جدولا مفصلا للمصادر التي اعتمدها البغدادي في‬
‫عمله‪ .‬وقد أحصت منها مقالات ما بعد الطبيعة لأرسطو وكتابي السماء والعالم بشروح الإسكندر وثامسطيوس‪،‬‬
‫وطيماوس لأفلاطون )ت‪ 347.‬ق‪.‬م‪ ،(.‬فضلا عن مقالات الإسكندر في مبادئ الكل وفي التدبيرات‬
‫الفلـكية وفي العناية‪ ،‬وكتاب الإ يضاح في الخـير المحض وعناصر الثيولوجيا لبروقلس وأثولوجيا المنحول لأرسطو‬
‫‪4‬‬
‫و م س ائل ا ل إ س ك ن د ر ‪.‬‬

‫و ا ل جد ير بالمل ا ح ظ ة ه نا أم ر ا ن اث نا ن ‪ :‬أ و له م ا أ ن أ ج ع و ن ق د ا ع ت م د ع لى ج د و ل س ي س ليا م ا ر ت ين ي ‪ ،‬ح ي ث يق و ل ‪:‬‬


‫” ر أ ي ت أ ن أ نق ل ه ن ا ج د و ل ا م ف ي د ا ج د ا أ و ر د ته ] ‪ [ . . .‬س ي س ي لي ا بو نا د يو ف ي آ خ ر ك ت ا ب ها ] ‪ [ . . .‬و ا لف ا ئد ة م ن ه ذ ا‬
‫الجدول هو اعتباره بمثابة خر يطة طر يق لقراءةكتابنا هذا‪ ،‬و بالتالي التفر يق بين ما هو رأي خالص للمؤلف و بين‬
‫ت ف ي ه ع ل ى ن ق ل م حت و ي ا ت ه م ن‬
‫م ا ه و لغ ي ر ه م ن ا لف ل ا س ف ة ا لذ ين ا ع ت م د ع ل ى م ؤ لف ا ت هم أ و ن ق ل آ ر ا ء ه م ‪ .‬و لق د ا ق ت ص ر ُ‬
‫اللغة الإنجليز ية إلى اللغة العر بية‪ ،‬وأضفت بعض الهوامش لنقاط تحتاج إلى مز يد بيان‪ 5“.‬وأما الأمر الثاني‪،‬‬

‫‪ 1‬البغدادي‪ ،‬ما بعد الطبيعة‪.33 ،‬‬


‫‪ 2‬أجعون‪” ،‬مقدمة المحقق‪.22 “،‬‬
‫‪ 3‬بدوي‪ ،‬أفلوطين عند العرب‪.(62) ،(61) ،‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cf. Martini, ʿAbd al-Laṭīf al-Baġdādī’s Philosophical Journey, 293–304.‬‬
‫‪ 5‬أجعون‪” ،‬مقدمة المحقق‪ .11 “،‬وانظر بخصوص جدول أجعون‪” :‬مقدمة المحقق‪.13–12 “،‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ 18‬ماي ‪2023‬‬ ‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫فهو أن سيسيليا مارتيني لم تحص في جدولها مقالة الإسكندر الأفروديسي في الاستطاعة ضمن مصادر‬
‫ا ل ب غ د ا د ي ؛ ‪ 1‬و ا ل حا ل أن نا ن جد ه ا م ض اف ة ً ف ي ج د و ل أ ج ع و ن ‪ ،‬الذ ي يف ت ر ض أ ن يك و ن تع ر ي با ل جد و ل م ا ر ت ين ي‬
‫فحسب‪ ،‬دون تفصيل في هذا الأمر الهام الذي ذهلت عنه هذه الأخيرة‪ 2.‬و بالفعل‪ ،‬عند المقارنة بين الفصل‬
‫‪ 19‬من عمل البغدادي ومقالة الإسكندر في الاستطاعة‪ ،‬يظهر بوضوح أن الأول قد نقل جزءا من هذه المقالة‬
‫ص ا إ يا ه ف ي بع ض المو ا ض ع ‪.‬‬
‫م لخ ً‬

‫ومما يجدر بنا‪ ،‬أيضا‪ ،‬ذكره أن النسختين الخطيتين اللتين استعملهما أجعون في نشرته ليستا بالجودة المرجوة؛‬
‫فالأخطاء ووجوه البتر فيهما كثيرة‪ ،‬على الرغم من وضوح الخط فيهما مع ًا‪ .‬والظاهر أن تطابق الأخطاء فيهما‪،‬‬
‫في حالات كثيرة‪ ،‬يوحي بأن إحداهما )تيمور حكمة ‪ (117‬نقُ لت عن الأخرى )السليمانية‪ ،‬جار الله ‪ ،(1279‬أو‬
‫إنهما معا نقُ لتا عن أصل أو نسخة أخرى‪ .‬ولهذا‪ ،‬لا تسعف المقارنة كثيرا في إصلاح مواطن الغموض في‬
‫النسختين‪ .‬ولقد بذل أجعون جهدا في إصلاح أخطائهما وتجاوز هناتهما من أجل إخراج نص سليم‪ .‬ولأجل‬
‫هذا كان يتدخل بين الفينة والأخرى لاقتراح قراءته الخاصة للمخطوط؛ خاصة وأن منهجيته في التحقيق ”لم‬
‫تكن عملية ]‪ [...‬آلية تقتصر على إثبات إحدى النسختين‪ ،‬وإنما هي أقرب إلى رؤ ية تفسير ية للمحقق بغية‬
‫إ يصال المعنى الذي قصده المؤلف في نسخته هو‪ 3“.‬وهذا لعمري أمر يحسب لهذه النشرة في الحقيقة‪.‬‬

‫غ ي ر أنه م ن المف ي د أ ن نلف ت ال ا نتباه إل ى و ر و د م ا نع تب ر ه ه نا ت ش اب ت ع مليا ت ق ر اء ة ال م خط و ط أو الت د خ ل‬


‫للتص ح يح ‪.‬‬

‫فالعبارة التي تقول‪” :‬ونبېن كيف عنايته بعوالمه‪ ،‬وكيف وقع الشر في بعضها‪ ،‬وما حقيقة الشر‪ ،‬وماذا‬
‫حدث‪) “.‬ص‪ (37‬شابها خطأ في القراءة‪ ،‬والصواب اعتمادا على النص المخطوط هو‪” :‬ونبېن كيف عنايته‬
‫بعوالمه‪ ،‬وكيف وقع الشر في بعضها‪ ،‬وما حقيقة الشر‪ ،‬ومماذا حدث‪) “.‬السليمانية‪140 :‬و ؛ تيمور‪.(17 :‬‬

‫و ق د ي حص ل ل أ ج ع و ن أ ن يص ح ح الص و ا ب أ ح يانا أو أ ن يف و ت ف ر ص ة تص و ي ب ال أ خ ط اء ‪ .‬م ثا ل ذ لك م ا‬


‫حصل في الصفحة ‪ 69‬من النشرة‪ ،‬نقرأ‪” :‬وهذه الأسماء ]الأسماء المستعملة في ما بعد الطبيعة[ إنما هي مقولة‬
‫مما عند الجمهور‪ ،‬ولا تقال مما هي على جهة المجاز والاستعارة؛ لأن ذلك وضع ثان‪ “.‬والحال أنه بالعودة إلى‬

‫‪1‬‬
‫‪Cf. Martini, ʿAbd al-Laṭīf al-Baġdādī’s Philosophical Journey, 302.‬‬
‫‪ 2‬أجعون‪” ،‬مقدمة المحقق‪.14 “،‬‬
‫‪ 3‬أجعون‪” ،‬مقدمة المحقق‪.22 “،‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ 18‬ماي ‪2023‬‬ ‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫النسختين نجد ما يلي‪” :‬وهذه الأسماء إنما هي منقولة مما عند الجمهور‪ ،‬ولا ينقل مما على جهة المجاز والاستعارة‪،‬‬
‫لأن ذلك وضع ثان‪) “.‬السليمانية‪145 :‬و( والصواب هو ما يوجد في النسختين؛ وهذه العبارة معروفة‪.‬‬

‫مثال آخر للتدخل المجانب للصواب أننا نقرأ في النسختين معا العبارة الآتية‪” :‬أحصى الحكيم في هذا الكتاب‬
‫من المقولات ثمانيا‪) “.‬السليمانية‪146 :‬ظ( و يصححها أجعون بما يلي‪” :‬أحصى الحكيم في هذا الكتاب من‬
‫المقولات ثمانية‪) “.‬أجعون‪ (78 :‬فالتصحيح لا يستقيم لغو يا‪ ،‬كما هو معلوم‪.‬‬

‫ومثال ثالث أننا نجد في المخطوطين اسم ”أرديمس“ )تيمور‪ (130 :‬أو ”أرديميس“ )السليمانية‪172 :‬ظ(‪.‬‬
‫فيحذف أجعون هذا الاسم و يعوضه بـ” ُأم ِروس“‪) ،‬أو الأحرى ”أوميرس“( اعتمادا على قراءة هانس‪-‬يوخن‬
‫رولان لمقالة الإسكندر الأفروديسي في التدبيرات الفلـكية‪ 1،‬التي ينقل منها البغدادي )أجعون‪ ،236 :‬هـ‪.(3‬‬
‫أكثر من ذلك‪ ،‬إن أجعون‪ ،‬بعد أن تبنى اسم ” ُأم ِروس“‪ ،‬يدون في الهامش ما يفيد أنه يدرك أن ”الكلام‬
‫ل أن يكون الكلام ليور بيدس؛ وهذا أمر مستغرب‪) .‬انظر أجعون‪،237–236 :‬‬ ‫ليس لأ و م يرو س ‪ “ ،‬و َ‬
‫ي حتم ُ‬
‫هـ‪ .(4‬ومادام الأمر هكذا‪ ،‬فلسنا نفهم السبب وراء حذف ”أرديمس“ أو ”أرديميس“ القر يبتين في الرسم من‬
‫”أور يبدس“ ‪ ،Euripides‬وتعو يضهما بـ” ُأم ِروس“‪ ،‬فقط لأن رولان تبنى هذه القراءة‪ .‬والجدير بالذكر أن پيار‬
‫تياه ‪ Pierre Thillet‬كان قد اقترح ما نراه الأقرب إلى الصواب‪ ،‬وهو أن يكون الكلام لـ”أور يبدس“‬
‫‪2‬‬
‫‪ Euripides‬في مأساته فاتون ‪.Phaethon‬‬

‫ومثال رابع ما نجده في الصفحة ‪ ،83‬حيث نقرأ‪” :‬وأنواع المقولات ترتقي إلى الواحد >في< الأجناس علوا‪،‬‬
‫وأسبقها كلها في العلم وأوثقها في الوجود هو مقولة الجوهر‪ ،‬ثم الـكم والـكيف والزمان؛ الباقية نسب ًا للجوهر إلى‬
‫ما هو خارج عنه‪ “.‬والحقيقة أن هناك بترا ما في هذه الجملة كما وردت في النسختين الخطيتين )السليمانية‪:‬‬
‫‪147‬ظ؛ تيمور‪(24 :‬؛ وقد أصلح أجعون مفردة ”مقولات“ غير أن بقية الإصلاحات كانت مجانبة للصواب في‬
‫تقديرنا‪ .‬وهكذا‪ ،‬فبدلا من حرف الجر الذي ُأضيف لتستقيم القراءة‪ ،‬أعني ”>في<“‪ ،‬كان ال َأْولى إضافة اسم‬
‫ب “؛ فتك ون‬
‫تفضيل‪>” ،‬أكثر<“؛ و بدلا من ”نسب ًا“ كان الأحرى إ بقاؤها على حالها وقراءتها على أنها ”ن ِس ٌ‬

‫‪1‬‬
‫‪Hans-Jochen Ruland, Die arabischen Fassungen von zwei Schriften des Alexanders von Aphrodisias. Über die‬‬
‫و بالعودة إلى نسخة السليمانية ‪Vorsehung und Über das liberum Arbitrium, diss. (Saarbrucken 1976), 33–105, 43.‬‬
‫)‪51‬و(‪ ،‬نجد جالينوس أونش‪ .‬وهو ما دفع رولان إلى إ بدالها بأوميرس‪.‬‬
‫‪ 2‬انظر‪ :‬الإسكندر الأفروديسي‪ ،‬مقالة في العناية‪ ،‬ضمن‬
‫‪Alexandre d’Aphrodise, Traité de la Providence. Περί προνοίας. Version arabe de Abū Bišr Mattä Ibn Yūnus,‬‬
‫‪Introduction, édition et traduction de Pierre Thillet (Lagrasse : Éditions Verdier, 2003), Section arabe, 12.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ 18‬ماي ‪2023‬‬ ‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫المقولات الباقية إضافات لما هو خارج عن الجوهر )الأعراض( إلى الجوهر‪ .‬والجملةكاملة ً‪ ،‬وفق قراءتنا‪ ،‬يمكن‬
‫أن تكون كما يلي‪” :‬وأنواع المقولات ترتقي إلى الواحد‪> .‬أكثر< الأجناس علوا وأسبقها كلها في العلم وأوثقها‬
‫ب للجوهر إلى ما هو خارج عنه‪“.‬‬
‫في الوجود هو مقولة الجوهر‪ .‬ثم الـكم والـكيف والزمان ]و[ الباقية نس ٌ‬

‫وعلى الرغم من أن أجعون يتدخل كثير ًا في نشرته لتصو يب أخطاء في النسختين‪ ،‬فإننا نراه في بعض‬
‫الأحيان يحيد عن منهجه‪ ،‬فيحجم عن التدخل و يتراجع ليترك النص كما ورد فيهما معا‪ .‬من ذلك‪ ،‬مثلا‪ ،‬ما‬
‫يرد في الصفحة ‪ 41‬من نشرته‪ ،‬حيث نقرأ‪” :‬فلذلك صار أخلص العلوم بأن يسمى حكمة؛“ وفعلا فإن مفردة‬
‫”أخلص“ قد وردت بهذه الصيغة في النسختين )انظر‪ ،‬السليمانية‪141 :‬و ؛ تيمور‪ ،(19 :‬وقد أبقاها صاحب النشرة‬
‫على حالها‪ .‬والذي نقترحه هو ما يلي‪” :‬فلذلك صار أخلق العلوم بأن يسمى حكمة‪“.‬‬

‫ومثال ثان ما ورد في الصفحة ‪” :70‬فأما قائد العسكر وسائس المدينة فمبدأ سعادتهم واجتماع كلمتهم‪،‬‬
‫ولـكنه مبدأ منفصل‪ “.‬والجملة قد وردت هكذا في النسختين الخطيتين‪ ،‬وهي بهذه الصيغة لا معنى لها‪ ،‬لأن‬
‫البغدادي يتحدث عن اجتماع كلمة حاكم المدينة وقائد العسكر بوصفه مبدأ سعادتهما‪ ،‬فهو مبدأ منفصل عما‬
‫ه و م بد أ له ‪ .‬لذ لك ‪ ،‬فالص و اب ف ي تق د يرنا أن نك تب ‪ ” :‬ف أ م ا ق ا ئ د ا ل ع س ك ر و س ا ئ س ا ل م د ي ن ة ف م ب د أ س ع ا د ت ه م ا ج ت م ا ع ُ‬
‫كلمتهم‪ ،‬ولـكنه مبدأ منفصل‪) “.‬السليمانية‪145 :‬و( لقد كان حذف واو العطف كافيا لتصبح عبارة البغدادي‬
‫ذ ات م ع ن ى ‪.‬‬

‫ب التغير إلى الهيولى توسعا‪ “.‬في هذه الحالة الجملة تكون ناقصة أو‬
‫مثال ثالث ما ورد في الصفحة ‪” :73‬ون َْس ُ‬
‫غير سليمة لغو يا‪ .‬والصواب في تقديرنا هو‪” :‬وننسب التغير إلى الهيولى توّسع ًا‪) “.‬السليمانية‪145 :‬ظ( لـكن أجعون‬
‫فضل أن يبقيها كما هي‪.‬‬

‫والمثال الرابع ما ورد في الصفحة ‪” :98‬ولما كان هذا المشار إليه ليس في موضوع‪ ،‬هو الذي تحمل عليه جميع‬
‫المقولات‪ ،‬وهو مستغن في قواه عنها‪ ،‬وهي مفتقرة في قواها ووجودها إليه‪ “.‬لا معنى لمفردة ”قواها“ هنا‪ ،‬إذ‬
‫المقصود هو ”القوام“؛ لـكن النص ي ُت ْرك ُ كما هو هنا‪ ،‬و ي ُكتفى بتسجيل الملاحظة الآتية‪” :‬كذا في النسختين‪،‬‬
‫ولعل صوابها‪ :‬وهو مستغن في قوامه]ا[ عنها‪ ،‬وهي مفتقرة في قوامها ووجودها إليه‪) “.‬أجعون‪ ،98 :‬هـ‪.(4‬‬
‫و ا ل حا ل أ ن ال أ ق ر ب إل ى الص و ا ب ت ما ش يا م ع م ن هج ي ة أ ج ع و ن ف ي الت ح ق ي ق ه و أ ن ي ثب ت الت ص ح ي ح ف ي المت ن ‪.‬‬

‫ومثال آخر ما ورد في الصفحة ‪ ،240‬حيث نقرأ‪” :‬لأنها لم تقوى أن تبقيها‪ “.‬وفي الواقع‪ ،‬بهذه الصيغة ترد‬
‫العبارة في النسختين الخطيتين‪ ،‬والخطأ بي ّن فيهما؛ والصواب هو ”لأنها لم تقو أن تبقيها“‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ 18‬ماي ‪2023‬‬ ‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫ختاما‪ ،‬إن كان لهذه الملاحظات الطفيفة —والتي لا ترقى إلى أن تكون قراءة شاملة للنص—من فائدة‪،‬‬
‫فهي أنها سعت إلى أن تظهر قيمة هذه النشرة وتقف على بعض حدودها‪ ،‬تحفيزا لصاحبها على إعداد نشرة‬
‫ثانية أجود وأروح؛ وإلا فإن الد ّارسين اليوم قد صار بوسعهم أن يستعملوا نشرة علمية مفيدة في مجملها‪ .‬نجح‬
‫يونس أجعون في إنجاز عمل تردّد الدارسون عقود ًا في القيام به‪ ،‬بعد أن ع ُرف بفضل پول كراوس‪ ،‬أول‬
‫الأمر ‪ ،‬في بد اية الأر بعينيات م ن الق رن العش ر ين ‪.‬‬

‫‪13‬‬
2023 ‫ ماي‬18 ‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

Bibliography

al-Baghdādī, Muwaffaq al-Dīn ʿAbd al-Laṭīf ibn Yūsuf (557h-629h). Mā baʿda al-ṭabīʿah. Qaddama
la-hu wa-ḥaqqaqahu Yūnus Ajʿūn. Beirut: Dār al-Kutub al-ʿIlmīyyah, 2017.

—— al-Aʿmāl al-falsafīyyah al-kāmilah. Volume I. Edited by Naẓīra Fadwāsh wa-Yūnus Ajʿūn wa-
Fuʾād b. Aḥmad. Rabat-Alger-Beirut: Dār al-Amān-Manshūrāt al-Ikhtlāf-Manshūrāt Ḍifāf,
2018.

Alexandre d’Aphrodise. Traité de la Providence. Περί προνοίας. Version arabe de Abū Bišr Mattä Ibn
Yūnus. Introduction, édition et traduction de Pierre Thillet. Lagrasse : Éditions Verdier,
2003.

Aouad, Maroun. “Théologie d’Aristote et autres textes du Plotinus Arabus.” In Dictionnaire des
Philosophes Antiques, édité par Richard Goulet, 541–90. Volume I. Paris : CNRS, 1989.

Badawī, ʿAbd al-Raḥmān (ed.). Aflūṭīn ʿinda al-ʿArab. Nuṣūṣ ḥaqqaqahā wa-qaddama lahā ʿAbd al-
Raḥmān Badawī. Cairo: Maktabat al-Nahḍah al-Miṣrīyah, 1955.

—— (ed.). al-Aflāṭūnīyyah al-muḥdathah ʿinda al-ʿArab. Nuṣūṣ ḥaqqaqahā wa-qaddama la-hā


ʿAbd al-Raḥmān Badawī. Cairo: Maktabat al-Nahḍah al-Miṣrīyah, 1955.

Ben Aḥmad, Fuʾād. “Fī munāhaḍat Ibn Sīnā wa as-sīnawiyya: ʿAbd al-Laṭīf al-Baghdādī wa iṣlāḥ al-
falsafa fī al-qarn atthālith ʿashar al-mīlādī.” Hespéris-Tamuda 54 (1. 2019): 129–164.

——. “Mawt al-falsafa fī al-siyāqāt al-Islāmiyyah (1): Fī naqd al-istishrāq.” E-Journal Philosophy
and Sciences in Muslim Contexts (2021): <https://philosmus.org/archives/2392>. (In Arabic
with and Abstract in English).

Hassan, Laura. Ash‘arism Encounters Avicennism Sayf al-Dīn al-Āmidī on Creation. Piscataway, NJ:
Gorgias Press, 2020.

Ibn Wāṣil, Jamāl al-Dīn. Mufarrij al-Kurūb fī Akhbār Banī Ayyūb. Edited by Ḥasanīn Muḥammad
Rabīʿ and Jamāl al-Dīn al-Shayyāl. Volume V. Cairo: Dār al-Kutub wa-al-Wathāʾiq al-
Qawmiyyat, 1977.

Khalīfah, Ḥājjī. Kashf al-ẓunūn ʿan asāmī al-kutub wa-al-funūn. Edited by Muḥammad Sharaf al-
Dīn Yaltkaya wa Rifat Bilge Kilisi. Volume I. Beirut: Dār Iḥyāʾ al-Turāth al-ʿArabī, 1941.

Kraus, Paul. “Plotin chez les Arabes. Remarques sur un nouveau fragment de la paraphrase des
Ennéades.” Bulletin de l’Institut d’Egypte 23 (1940–41): 263–295.

14
2023 ‫ ماي‬18 ‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

Martini, Cecilia Bonadeo. “The First ‘Proclean’ Section (Chapter 20) of ʿAbd al-Laṭīf al-Baġdādī’s
Book on the Science of Metaphysics. Is the Pure Good of the Maḥḍ al-ḫayr Aristotle’s First
Principle, Intellect in Actuality?.” Oriens 45 (2017): 259–305.

——. ʿAbd al-Laṭīf al-Baġdādī’s Philosophical Journey. From Aristotle’s Metaphysics to the
‘Metaphysical Science’. Leiden-Boston: Brill, 2013.

Neuwirth, Angelika. ‘Abd al Latif al-Baghdadi’s Bearbeitung von Buch Lambda der aristotelischen
Metaphysik. Wiesbaden: Franz Steiner Verlag GMBH, 1976.

——. “Neue Materialen zur Arabischen Tradition der beiden ersten Metaphysik-Bücher.” Die
Welt des Islams 18 (1–2, 1977–78): 84–100.

Renan, Ernest. Averroès et l’averroïsme. Essai historique. 4ème édition revue et augmentée. Paris :
Calmann Lévy, 1882.

Rosenthal, Franz. Das Fortleben der Antike im Islam. Zürich: Artemis Verlags, 1965.

——. The Classical Heritage in Islam. Translated from the German by Emile and Jenny
Marmorstein. New York-London: Routledge & Kegan Paul Ltd., 1975.

Ruland, Hans-Jochen. Die arabischen Fassungen von zwei Schriften des Alexanders von Aphrodisias.
Über die Vorsehung und Über das liberum Arbitrium. Diss. Saarbrucken, 1976.

Savage-Smith, E. S. Swain, G.J. van Gelder (eds). A Literary History of Medicine. Leiden: Brill, 2020.
<https://shorturl.at/sGMU8>

Taylor, Richard. “ʿAbd al Latif al-Baghdadi’s Epitome of the Kalam fi Mahd al- Khayr (Liber de
Causis).” In Islamic Theology and Philosophy: Studies in Honor of George F. Hourani, edited
by Michael E. Marmura, 286–323. Albany, Ny: State University of New York Press, 1984.

15
‫‪ 18‬ماي ‪2023‬‬ ‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫تابع أنش ط تنا‬

‫اتص ل بنا‬

‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬


‫‪https://Philosmus.org‬‬

‫ﻛﻞ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﳏﻔﻮﻇﺔ ©‬

‫‪16‬‬

You might also like