Professional Documents
Culture Documents
التنمية وحقوق الإنسان بين الفشل المؤسساتي والوعي الإجتماعي
التنمية وحقوق الإنسان بين الفشل المؤسساتي والوعي الإجتماعي
اإلجتماعي
أبو القاسم المشاي
تدفقات رؤوس األموال الع**ابرة للح**دود والتقني**ات الجدي**دة وعملي**ات االن**دماج االقتص**ادي
تفتح البوابات وتمهد الطرق والوسائط المتنوعة ام**ام ظه**ور اس**واق عالمي**ة ،وم**ع تزاي**د
معدالت النمواالقتصادي في مناطق يتناقص النمو والغ**ذاء في من**اطق اخ**رى وبش**كل اك**ثر
حدة ،ويتجاوز الفقر حدوده ليهدد شعوب كثيرة بالمجاعات واالم**راض والم**وت ،..وبينم**ا
تأخذ أطروحات العولمة والتنمية البشرية والتنمية المستدامة اتجاه**ات متنوع**ة ( عالمي**ة،
دولي**ة ،اممي**ة ،حكومي**ة ،غ**ير حكومي**ة ،)......،الق**تراح الحل**ول وانش**اء االس**تراتيجيات
والخطط واصدار االتفاقيات واعادة رسم السياسات ومابين التوازنات المختلف**ة االقتص**ادية
– االجتماعية ،وغيرها من التوازن**ات والت**داعيات والتس**ارع التق**ني والمعلوم**اتي وتقلص
سيادة الدولة ،يطفو العائق األساس**ي أم**ام التنمي**ة البش**رية واالقتص**ادية واالجتماعي**ة في
الع**الم الث**الث وال**دول العربي**ة بش**كل اك**ثر خصوص**ية وال**ذي تمثل**ه ه**ذه الم**رة وبقس**وة
مؤسسات الحكم ( المركزية والمحورية ) ،وفي سبيل تكريس حكمها ومركزيته**ا وهيمنته**ا
القائمة على االستبداد والجه**ل والدكتاتوري**ة والالمس**اوة والالعدال**ة وعلى مختل**ف انم**اط
الحياة المجتمعية ،وبالشكل الذي تتحول فيه حق**وق االنس**ان وحق**وق المواطن**ة والحري**ات
االساسية الى مساحات لالتهام والتعذيب والتجوي**ع والس**جن واالختط**اف والنفي والتهج**ير
والقتل وتمارس شتى ان**واع االض**طهاد واالب**ادة والت**دمير ،....وترتف**ع الش**عارات الثوري**ة
الزائف**ة والمف**اهيم المظلل**ة باس**م المص**لحة الوطني**ة ،ويتم ت**دويرها ع**بر وس**ائل األعالم
ووسائط التعبير المتلونة باالستبداد ومن خالل مرتزقة االنظمة االستبدادية ،وتزيد من ح**دة
طغيانها لتنهش وتقمع وتستعبد ويتصاعد الظلم وتنمو مخالبه ،وهي في ظل كل ذلك تع**اني
من فساد مؤسساتي وقانوني وامني واخالقي يهدد بانهيارات بنيوية وحيوية تط**ال مختل**ف
1
مكونات المجتمع الجوهرية والعرضية ،وبالتالي ت**زداد المعان**اة والمأس**اة والب**ؤس ،وه**ذه
التداعيات تنعكس على المشهد االنساني الع**المي ومالمح وابع**اد السياس**ة العربي**ة عموم**ا
الداخلية والخارجية ،تؤكدها جمل**ة من المعطي**ات والوق**ائع وت**دعمها االح**داث والدراس**ات
والتقارير وما نشاهده ونراه ونسمعه في كل لحظة ،يؤكد هذه الحقيق**ة المؤلم**ة والم**رة في
آن واحد ،والتي تستفز الوجدان والمشاعر اإلنسانية في كل مكان.
وتتزايد معدالت الفشل المريع ويفقد (النظام السياسي الع**ربي في عموم**ه وعلى مس**توياته
القطرية) ،كل عوام**ل االس**تقرار والتكي**ف والق**درة على االس**تيعاب واالس**تجابة لمتطلب**ات
التنمية وحقوق اإلنسان ،في ظل ضرورات واشتراطات عالمي**ة وعولمي**ة ،يمكن تلخيص**ها
في ع**دة ج**وانب وتكمن في انع**دام ابس**ط ض**رورات الحي**اة اإلنس**اني؛ (نقص في الغ**ذاء
واألمراض وفش**ل وانهي**ار التعليم وتزاي**د االس**تبداد والعن**ف المتع**دد األوج**ه ،م**ع اختف**اء
مف***اهيم العدال***ة وقم***ع الحري***ات المدني***ة وانته***اك حق***وق اإلنس***ان والفس***اد اإلداري
واالقتصادي.
وفي خضم التسارع التاريخي الذي يحمل معه مختلف تشكالت الحياة المجتمعية (سياس**ية،
اقتصادية ،اجتماعية ،ثقافية ،ويؤسس لمرحلة اكثر تعقيدا (مرحلة ما بعد العولمة) وأنم**اط
التباساتها وتوجس**اتها علي الص**عيد المع*رفي والفك*ري وث**ورة تقني**ة ومعلوماتي**ة جدي**دة،
وتصبح السمة والعالمة األساسية المح**ددة له**ذا الش**كل الحك**ومي ال**دكتاتوري (مؤسس**ات
إدارة ضعيفة وفاشلة وساذجة ،...وفجوات معرفية وتكنولوجية واضحة تدعو إلى الرثاء)،
ومع التخلف واالنح**دار المري**ع وال**ذريع لمش**اريع اإلنم**اء والتنمي**ة المختلف**ة والتوهم**ات
الغائية المتبلدة لاليديولوجيات التعبوية وهشاشة التنظيرات وتصدعات الممارسات النمطية
المؤطرة بالقمع االذالل واالنتهاكات المستمرة بوحشية وسادية ،ومع تقييد الحريات العام**ة
واختص**ار المش**اركة السياس**ية في حفن**ة أع**وان ه**ذا الن**وع من األنظم**ة ،تتزاي**د وترتف**ع
معدالت الفقر والعنف المؤسساتي وارتفاع معدالت الالمساوة وتفشي الظواهر الالخالقي**ة (
مخدرات ،دعارة ،نهب ،سرقة األم**وال العام**ة ،إب**ادة ،اغتص**اب ،انته**اك لحق**وق األقلي**ات
والضعفاء )...،وتضيق بالتالي وتنحسر فرص التنمي**ة الش**املة والتنمي**ة السياس**ية تخس**ر
2
أجندتها التي وضعتها تحت وسادة الطغ*اة وبين مخ*الب مراك*ز الق*وة ال*تي اخترعته**ا فق*ط
للقم**ع والقت**ل والتع**ذيب بمختل**ف ص**وره وأش**كاله ،...ويتم تجمي**د ك**ل محاول**ة لإلص**الح
والتقدم ،كل ذلك وأكثر يدعو للنضال من اجل الديمقراطية لتحقيق التنمية والعدالة واح**داث
تغ**يرات أساس**ية جوهري**ة في ُب نى المؤسس**ات الحاكم**ة وإح**داث انتق**ال ن**وعي اجتم**اعي
وانتاج خطاب واعي بالتغيرات الكبرى التي تشكل مشهد وصورة وواقع الحياة المعاصرة.
إن ال**وعي المجتمعي الجمعي بض**رورة الديمقراطي**ة و التنمي**ة البش**رية وحق**وق االنس**ان
والمواطنة النابعة من احتياجات المجتمع والتي تعكس مفاهيمه السوسيو -ثقافية ومكوناته
المعرفية ومفاهيمه االخالقية تعد اله*دف االس*تراتيجي ألي سياس*ة رش*يدة واعي*ة ب*دورها
وبرسالتها في ظل ظروف عالمي**ة يحكمه**ا منط**ق الص**راع في مختل**ف جوانب**ه وتوجهات**ه
السياسية واالقتصادية والثقافية.
كما إن ضرورة التفريق بين الغايات والوس*ائل ،بين المص*لحة العام*ة والمنفع*ة الشخص*ية
يصيغ السؤال االساسى لخلق بيئة تمكن المجتمع من تحديد اولوياته والمشاركة بفعالية في
عملي**ة التنمي**ة الش**املة لتوس**يع الخي**ارات وتع**ددها وتنوعه**ا ،أم**ام المجتم**ع وحراك**ه
االجتم**اعي الساس**ي لتحقي**ق حي**اة مس**تقرة ،كإحس**اس ومس**ؤولية ب**دوره اإلنس**اني
واالجتماعي والوطني لتحقيق النمو والرفاهية ويصبح للفرد حياة ذات معنى.
تتأك**د أهمي**ة التنمي**ة واس**تراتيجيات التط**وير وبش**كل متص**اعد في ط**ور مرحل**ة حض**ارة
المعلومات واالتصاالت ومجتمع المعرفة ،وفق أس**س بنيوي**ة ووظائفي**ة متنوع**ة ومتع**ددة
األوجه والتي ال يمكن اختزالها في مفهوم واحد ورؤية أحادية هي التنمية االقتص**ادية وفي
شكل ( نمط ) اقتص**ادي واح**د ه**و ال**دخل الق**ومي (إجم**الي الن**اتج الق**ومي) دون االهتم**ام
ووضع الحلول المنطقية لمعطي**ات الحي**اة األخ**رى ( مادي**ة ومعنوي**ة) ،والتنمي**ة كض**رورة
حياتي**ة أساس**ية تس**تهدف دراس**ة ووض**ع الحل**ول الش**املة من إدارة فاعل**ة للمؤسس**ات
وإصدار التشريعات وإدارة جيدة لإلعالم والتعليم ومخرجاته ،واستدراكا لهذا الجانب يمكننا
القول :إن زيادة اإلنتاجية والنمو االقتصادي الحقيقي وزيادة االستثمارات والتقدم المع**رفي
والتفني والصناعي وتنمية القدرات والمهارات البشرية تعد رسائل ومخططات اولى للتنمية
3
الشاملة الحقيقية وليس**ت انعكاس**ات لغاي**ات ،كم**ا إن ه**ذه المؤش**رات ض**رورية واساس**ية
واليمكن تحييدها او استبعاد احد عناصرها ،وفي ظل نظام اقتصادي عالمي ومعولم يكتس**ح
مختلف بنى ومكونات المجتمعات المتقدمة والمتخلفة ويؤثر تاثيرا عميق**ا على نم**ط الحي**اة
وبفعالية متسارعة ،وعلى ضوء كثير من المعطي**ات والمؤش**رات المعلن**ة والمتس**ترة ال*تى
سبق تناولها ،وكذلك التداخالت السياسية والجيو – سياسية المتشابكة ،الزلنا نلمس ونرى
حجم المأساة التي يعيشها التخطيط المؤسساتي الحك**ومي ويقره**ا ب**وعي وب**دون وعي في
أحيان كثيرة ،وكأنها حالة من التخبط العشوائي والمراوحة داخ**ل ح**يز ونف**ق مظلم ومعتم،
وبحجم تخبطاته وفقدان**ه لتوازن**ه ال**داخلي والخ**ارجي س**يفقد دوره وس**تفلت من بين يدي**ه
خي**وط اللعب**ة والمنتص**ر الوحي**د :االس**واق والتح**رر السياس**ي ،والحكوم**ات ال**تي لم تعي
المعادلة واستراتيجيات العولمة ومابعدها ( كتطور حضاري معرفي وتقني) فإنه**ا س**تتحول
إلي مرحل**ة تبعي**ة مطلق**ة ،ولكن ه**ذه الم**رة لص**الح الش**ركات الكوني**ة (م**افوق الدولي**ة)
وسستتجزاء سيادة الدولة في سوق المضاربات وداخل س*لة األوراق المالي*ة وتحت طاول*ة
المفاوضات السياسية تمر القرارت خارج سيادة الحكومات الهامشية والكرتوني*ة ،وش*رارة
اللهب ب**داءت تظه**ر هالته**ا في االف**ق وقريب**ا س**تعيد ص**ياغة المش**هد برمت**ه ،وبمراجع**ة
سريعة لمنجزات الدول العربية ومخططاته**ا المس**تقبلية تتض**ح لن**ا حجم الكارث**ة والمأس**اة
ولعل تقارير التنمية البشرية تطل بنا على حقائق دامغة ومؤلمة ،مثيرة ودرامية ،للمسببات
الرئيسية لفشل التنمية البشرية بمختلف مستوياتها وانتكاس الديمقراطية وانعدام الحري**ات
االساس*ية في المجتم*ع الع*ربي عموم*ا تمنحن*ا هي االخ*رى رؤي*ة واض*حة وص*ورة جلي*ة
وتقودنا الكتشاف عمق ومدى فشل السياس**ات الحكومي**ة في ال**دول النامي**ة والعربي**ة على
وجه التحديد ،وتزداد التحديات وبشكل متسارع وتتغلغل في مختلف أوجه الحياة المجتمعي*ة
وبشكل متسارع وامام تحديات متعددة ومتنوعة الج**وانب واالبع**اد على المس**توى الع**المي
وكأنه ( شكل لحكم جديد في عالم يتجه نح**و العولم**ة ليفض**ى لمرحل**ة اك**بر واوس**ع واك**ثر
شمولية ( امبر طورية كوني**ة ) ،وه**ذا النظ**ام الجدي**د يف**رض منهجيت**ه وقرارات**ه وادوات**ه
ووسائطه واشتراطاته وهو أيضا بالمقابل يحدد شروط ون*وع هيمنت*ه ،وم*ا يّس هل المهم*ة
ويسرع من تحققه**ا ش**كل الحكوم**ات العربي**ة ولونه**ا الب**اهت ،فهي تمه**د الطري**ق وتض**ع
4
العالمات التي تسهل العبور والم**رور وكأنه**ا ب**ذلك تس**لم وتؤك**د الفرض**يات ال**تى نتناوله**ا
ونحاول ايضاحها تبسيطها.
شعوب بأكمله*ا يتم انتهاكه*ا يومي*ا بحجج واهي*ة ومريض*ة تؤك*دها االم*راض والمجاع*ات
والتهريب والمخدرات والتفكك االجتماعي والبطالة واالمية والعنف والقمع والقت**ل واالب**ادة
والجه**ل والفس**اد المؤسس**اتي والتهج**ير ،....،وك**ل ه**ذه المعوق**ات واالنتكاس**ات وال**دمار
ت**دعمها وتحركه**ا جمل**ة من العوام**ل واأله**داف ( محلي**ة ودولي**ة) ،وم**ع الت**دفق الح**ر
للمعلوم**ات واألم**وال والث**ورة التقني**ة الجدي**دة والتح**ول نح**و الديمقراطي**ة والمنافس**ة
االقتص***ادية والتج***ارة االلكتروني***ة ،...ف***إن ه***ذه االنهي***ارات والبن***اءات والتوص***يفات
والتوظيفات العالمية لشكل ولون ومؤديات واستراتيجيات العالمية الجدي**دة ،تف**رض إع**ادة
التفك**ير والتخطي**ط واالس**راع في التنمي**ة البش**رية ،م**ع اعتب**ار ان التنمي**ة ش**املة يس**اهم
المجتم**ع بمختل**ف فئات**ه وش**رائحه للمش**اركة في انجازه**ا وتحقيقه**ا واألخ**ذ في االعتب**ار
اهمية ودور المؤسات االهلية والغير حكومي**ة المحلي**ة والدولي**ة في القف**زعلى االنهي**ارات
والتداعيات والتفككات والتي تتعمق وتزداد حدة ،ويمكن توجيه البع**د االس**تراتيجي للتنمي**ة
والتطوير وذلك باتجاه توسيع فرص االختيار والمشاركة تأسيس**ا على المعرف**ة والمه**ارات
والق**درات والكف**اءات العلمي**ة والفكري**ة والص**حية ،وتوف**ير ش**روط مواطن**ة (الحق**وق/
الواجبات) في إطار دينامي متطور نابع من تفاعل الفكر والعمل االنساني واالجتماعي.
http://www.amanjordan.org/aman_studies/wmview.php?ArtID=620
5