Professional Documents
Culture Documents
مقدمة
مقدمة
أثبت التاريخ أن اللغة العربية قادرة على التكيف مع الحض ارات الس ابقة
والمعاصرة لتفي د منه ا م ا يمّك ن أبناءه ا من المش اركة في البن اء العلمي
والحضاري ،وال ريب في ذلك فهي نداء ال وحي من الس ماء إلى رس ولنا
الك ريم ولغت ه المحبوب ة وم يراث النب وة ،به ا كتب المس لمون ت اريخهم
وأمج ادهم ومؤلف اتهم وموس وعاتهم في كاف ة فن ون العل وم ،فأب دعوا في
مجال تفسير القرآن وعلومه والفقه وأصوله ،والحديث ومناهجه.
وقد أثبتت التجارب الميدانية والبحوث التجريبية التي قام بها المختص ون
أن استيعاب الطالب للمواد العلمية التي تدرس باللغة العربية أعلى بكث ير
من المواد ذاتها حينما تدرس باللغة األجنبية.
به ذه اللغ ة العبقري ة كتب المس لمون ت اريخهم وأمج ادهم ومؤلف اتهم
وموس وعاتهم في كاف ة فن ون العل وم ،فأب دعوا في مج ال تفس ير الق رآن
وعلومه والفقه وأص وله ،والح ديث ومناهج ه في الج رح والتع ديل وعلم
الكالم والتاريخ والجغرافيا والمنطق والفلسفة وغيره ا من عل وم األوائ ل
التي دخلت حياتنا مع ص عود نجم الدول ة األموي ة وازده ار العباس ية في
طورها األول؛ ونعني الفل ك والكيمي اء والرياض يات والموس يقى .وغ ني
عن البي ان أن وف ود العلم اء من األجن اس األخ رى غ ير العربي ة ال ذين
اعتنق وا اإلس الم عن اقتن اع وفهم ومحب ة ،عش قوا اللغ ة العربي ة ف انكبوا
يدرسون مفرداتها وجمله ا وأس لوبها نثره ا وش عرها ويحفظ ون قرآنه ا،
وكان منهم المفسر والنحوي واللغوي واألديب والمتكلم والفيلس وف ،كم ا
نرى عند سبيويه والثعالبي والزجاج والف راء وأبي س ليمان السجس تاني (
391هـ) وتلميذه التوحيدي ( 404هـ) فيلسوف األدباء وأديب الفالس فة،
والف ارابي ( 339هـ) وابن س ينا ( 428هـ) والشهرس تاني ( 548هـ)
وفخ ر ال دين ال رازي (ت 606هـ) وغ يرهم من ال ذين أب دعوا في ه ذا
الميدان؛ حتى قال الزمخشري ( 538هـ) ألن أهج و بالعربي ة أفض ل لي
من أن أمدح بالفارسية.
وأشار قائال :ومن المعل وم أن في بعض ال دول األجنبي ة ومنه ا فرنس ا ال
يس محون للطف ل بتعلم أي لغ ة أخ رى قب ل س ن السادس ة وإتق ان اللغ ة
الفرنس ية ق راءة وكتاب ة ،ولعلن ا ن رى أن رؤس اء فرنس ا ال يتكلم ون في
المنت ديات الدولي ة والم ؤتمرات إال باللغ ة الفرنس ية على ال رغم من أنهم
يجيدون اللغة اإلنجليزية ،وهذا دلي ل على اع تزازهم بلغتهم واإلعالء من
شأن الثقافة الفرنسية .فنود أن ننبه إلى ضرورة العودة إلى الينابيع الثري ة
من لغتن ا ،واالغ تراف منه ا ،والعك وف على قراءته ا أدب ا وعلم ا وفن ا
ونشرها في اآلفاق ،ومنع البرامج التي تقدم بالعامية واألزجال والمواويل
وكذلك الشعر المرسل الغامض الذي ال يقدم معنا مفهوما وال ذخيرة أدبية
عن جمي ع من ابر الص حافة واإلعالم .ومن جه ة أخ رى تس تطيع أجه زة
اإلعالم من خالل برامجها الهادفة تقديم دروس في اللغة العربية وتبس يط
قواعدها وتيسير فهم علم النحو بطريقة سهلة تناسب عقلية المستمعين.
وأضاف قائال :كذلك من الواجب األخالقي والضمير العلمي نقل الن دوات
األدبية والم ؤتمرات األكاديمي ة وإذاع ة الح وارات اللغوي ة ال تي يعق دها
جهابذة اللغة ومناقشة القضايا الدينية واالجتماعية وإذاعته ا في الجمه ور
لالرتقاء بلغتن ا الخال دة .وعلين ا إحي اء األدب الع ربي وتقريب ه من عقلي ة
الشباب المعاصر وغرسه في وج دانهم وتش جيع الش عراء المجي دين على
نشر أعمالهم وإذاعته في كل ناد ،وكذلك القصاصين الذين يكتبون باللغ ة
الفصحى مع قيام النقاد بالتحليل والشرح واس تخراج المض امين السياس ية
والدينية واألخالقية من هذه األعمال .وم ع تق ديرنا لمجامعن ا العربي ة في
دولن ا العربي ة وكفاحه ا المجي د في ترس يخ أهمي ة اللغ ة واالع تزاز به ا
والفخر بأدبها وتراثه ا وتثمين دوره ا المش هود في الحف اظ على العربي ة
واالرتق اء به ا والمنافح ة عنه ا ،م ازال عليه ا مهم ة ك برى في مواكب ة
مفردات الحضارة ،وإيجاد البدائل للمصطلحات األجنبية التي تنهال علين ا
من كل حدب وصوب وإشاعتها في المجتمع وكذلك أسماء األجه زة ال تي
تدفع بها المصانع يوميا ،وعلى أجهزة اإلعالم ترويج هذه المص طلحات،
وجعل العربية لغة التدريس للعلوم الحديث ة وفرض ها في الكلي ات العلمي ة
(الطب والهندس ة والص يدلة) بحيث تص بح س يدة اللغ ات ،الس يما وأن
التجارب الميدانية والبحوث التجريبية التي قام بها المختص ون أثبتت ب أن
استيعاب الطالب للمواد العلمي ة ال تي ت درس باللغ ة العربي ة أعلى بكث ير
ج دا من الم واد ذاته ا حينم ا ت درس باللغ ة األجنبي ة .وق د ُك تب في ه ذا
المجال بحوث متعددة تطالب بتدريس هذه المقررات باللغ ة العربي ة ،وال
شك أن هذا األمر يحتاج إلى إرادة سياسية وجهود أكاديمية.
وأك د الزي ني أن على معلمي اللغ ة العربي ة في كاف ة الم دارس وأس اتذة
الجامعات دوًر ا حضارًيا ومهًم ا للغاي ة في تح بيب اللغ ة العربي ة لعق ول
أبنائن ا الطالب من خالل انتق اء نص وص أدبي ة مش وقة للطالب س واء
أكانت للحفظ أو للدراسة وتقديم السيرة الشخص ية لجمه رة أدب اء العربي ة
الفطاحل ،ودورهم في الحفاظ على العربي ة ،م ع ض رورة تبس يط قواع د
النح و لنفوس هم ح تى يتع ودوا على الق راءة الص حيحة واإلقب ال عليه ا
بش غف .وش رح ه ذه المعلوم ات من خالل اس تعمال وس ائل اإليض اح
الحديث ة (الس بورة الذكي ة ،رس م الخرائ ط للقواع د ،ض رب األمثل ة
التوضيحية) .كما أنه من الواجب الجهات المعني ة في دولن ا العربي ة من ع
وج ود الفت ات على المحالت باللغ ة األجنبي ة ،إذ من الالفت للنظ ر في
بعض دولن ا العربي ة أن بعض أص حاب المحالت والش ركات أص بحوا
يكتبون أسماء محالتهم باللغ ات األجنبي ة (اإلنجليزي ة والفرنس ية) ،وه ذا
ش يء مؤس ف حقيقي ح تى يختل ط علي ك األم ر أنت في بل د ع ربي أم
أجن بي!! ،وك ذلك وج ود أخط اء فاض حة في كتاب ة ه ذه الالفت ات دون
مراعاة أبسط قواعد اللغة العربية؛ فالمذكر يؤنث ،والمؤنث يذكر وهك ذا،
ألننا أوال يجب أن نعتز بلغتنا ونفتخر بها فهي لغة قرآننا وإسالمنا ،وثانيا
نحن عرب وهي عنوان شخصيتنا ومهاد حضارتنا.
من جهته قال د .سليمان بن سيف الغتامي -األستاذ المساعد بقسم المناهج
والتدريس بكلية التربية -جامعة السلطان قابوس في استهالل حديثه أتذكر
قول المتنبي:
في ضوء هذا البيت الذي قاله المتنبي منذ مئات السنين ،نعيش هذه األي ام
«اليوم العالمي للغة العربية» الذي يصادف 18من ديسمبر من كل عام،
فمما ال شّك فيه أن اللغة العربية األداة الرئيس ة ال تي يتخ اطب به ا أبن اء
المجتمع العربي ،األمر ال ذي يمّك نهم من التف اهم والتفك ير ألج ل اإلب داع
وال رقي ،وك ان للع رب بفض لها فض ل على األمم األخ رى في علومه ا،
وعلى أساسها كان ُينظر إلى األمة العربي ة على أنه ا من ارة ُيهت دى به ا.
ولقد أثبت التاريخ أن اللغ ة العربي ة ق ادرة على التكي ف م ع الحض ارات
السابقة والمعاصرة لتفي د منه ا م ا يمّك ن أبناءه ا من المش اركة في البن اء
العلمي والحضاري؛ وذلك بما تتميز به من مقومات لغوي ة مختلف ة .إذن،
أليس من ح ق ه ذه اللغ ة ال تي حملت مش عل الحض ارة ،وس ايرت
الحضارات التي باد كثير منها وهي صامدة ش امخة أن تك ون في مقدم ة
أولوي ات األم ة العربي ة؟ وبالت الي من حقه ا أن نحتفي به ا لتواص ل
مس يرتها؟! أم حقه ا أن ننس اها ونهجره ا ،ونع تز بغيره ا من اللغ ات
لعرض زائل.
وأوضح أن الناظر في عالم اليوم يجده يعيش ت دافًعا لغوًي ا بين ال دول في
ظل العولمة؛ إذ يحاول أصحاب كل لغة أن يكون لهم س بق التق دم العلمي
وتصديره لآلخرين عن طريق لغته التي يسعى إلى نش رها بكاف ة الس بل،
وشتى الطرق ،فق د يك ون ع بر معاه د تعليم اللغ ات المنتش رة في ال دول
المختلف ة ،أو ع بر وس ائل اإلعالم من خالل ال برامج الجاذب ة بش تى
أنواعه ا ،أو ع بر م ا تقدم ه تل ك ال دول من منح دراس ية للدارس ين في
جامعاته ا ،أو ع بر الق وة االقتص ادية وم ا تحمل ه بض ائعها االس تهالكية
بأنواعها من دعايا للغاتها .مؤكدا أن هذا التدافع اللغوي كفيل ب أن يط رح
تساؤالت مهمة ،وهي :ه ل أص بحت اللغ ة العربي ة ع اجزة عن المض ي
ق دًما في مواكب ة تط ورات ه ذا العص ر ،والوق وف في مص اف اللغ ات
العالمية؟ وهل يناضل العرب كغيرهم من أجل نشر لغتهم؟ وه ل الجه ود
المبذولة حالًيا على المستوى السياسي واالقتصادي واالجتم اعي وغيره ا
تكفي لنصرة اللغة العربية ،وإظهاره ا للع الم في ظ ل تزاي د رغب ة غ ير
العرب لتعلم اللغة العربية ،وفي وقت وجود العديد من الجامعات األجنبية
التي ت دّر س اللغ ة العربي ة في أقس امها؟ إّن اإلجاب ة بنعم يحق ق االحتف اء
باللغة العربية ،بينما اإلجابة بال تعني الترحم عليها.
وق ال :ومن منطل ق ت أمين الحاج ات األساس ية في الحي اة ،تس عى ال دول
العربية كغيرها إلى تأمين األمن الغذائي لسكانها ،وحماية المستهلكين من
الغش في البضائع ،عبر إنشاء مؤسسات متخصصة تق وم به ذه الوظيف ة،
وتنفق األموال الطائل ة لتحقي ق األمن في أراض يها ،وتبحث عن مص ادر
متنوعة لتحسين دخلها ،ولكنه ا في ال وقت نفس ه نس يت أّن اللغ ة العربي ة
هي اقتص اد في ح ّد ذاته ا ،وث روة وطني ة ينبغي ع دم تجاهله ا ،فاللغ ة
اإلنجليزية مثال ُتنَفق األم وال الطائل ة لتعلمه ا في ش تى أرج اء األرض،
وبهذا شكلت رافدا اقتصاديا ألهلها ،في حين أن اللغة العربية باتت تع اني
اإلهم ال في من احي الحي اة المختلف ة ،وأوجهه ا المتع ددة ،ففي الل وائح
التجارية على سبيل المثال ال نرى إال لغة مهجنة ُمغَّر بة يحكم من خالله ا
السائح األجنبي أننا بال هوية ،بل َت بع لغيرن ا ،وفي ه ذا المق ام استحض ر
قول مصطفى ص ادق ال رافعي في كتاب ه (وحي القلم )2003 ،عن ح ال
اللغة األم عندما يحافظ عليه ا أبناؤه ا ،أو يهملونه ا ،فه و ي رى في اللغ ة
أنها تجعل المتحدث بها «س يد أم ره ،ومحق ق وج وده ،ومس تعمل قوت ه،
واآلخذ بحقه ،فأما إذا كان من ه ال تراخي واإلهم ال وت رك اللغ ة للطبيع ة
الس وقية ،وإص غار أمره ا ،وته وين خطره ا ،وإيث ار غيره ا ب الحب
واإلكبار؛ فهذا شعب خادم ال مخدوم ،تابع ال متبوع ،ضعيف عن تكاليف
الس يادة ،ال يطي ق أن يحم ل عظم ة ميراث ه» .ويؤك د ه ذا المع نى عب د
العزي ز الت ويجري في كتاب ه (مس تقبل اللغ ة العربي ة )2004 ،بقول ه:
«التفكير في مستقبل اللغة العربية قضية بالغة األهمي ة في الفك ر الع ربي
اإلسالمي المعاصر ،لها صلة وثيقة بسيادة األمة العربي ة اإلس المية على
ثقافته ا وفكره ا ،وعلى كيانه ا الحض اري ،وعلى حاض رها ومس تقبلها.
فهذه (قضية سيادة) بالمعنى الشامل ،وليست مج رد قض ية لغوي ة وأدبي ة
وثقافية».
وأض اف :ومن أمثل ة إهم ال اللغ ة العربي ة على أرض الواق ع أيًض ا م ا
نش اهده في األلع اب اإللكتروني ة ال تي يهواه ا األبن اء وهي منتش رة في
المحالت التجارية الكبيرة ،إذ ُت كتب تعليماتها بلغة أجنبية ال يفهمه ا كث ير
من المغ رمين به ذه األلع اب المس بوقة ال دفع ،فهي به ذا تمّث ل في بعض
األحيان خس ارة لمس تخدميها؛ نظ را لع دم فهمهم ق انون اللعب ة ،وبالت الي
يذهب الوقت المخص ص لممارس ها ،وت ذهب النق ود دون إكم ال اللعب ة،
والحال نفسه ينطبق على األدلة اإلرشادية لآلالت واألجهزة المختلفة ،فقد
تتعطل نتيج ة س وء االس تخدام؛ لع دم ق راءة المس تهلك ال دليل اإلرش ادي
كونه مكتوًبا بغ ير اللغ ة العربي ة ،وقس على ذل ك األدوي ة ال تي يتناوله ا
المريض ،فقد ال يعي مضارها عندما ال تكون بلغة مس تخدمها ،مم ا ينتج
عنه مشاكل صحية أخرى .واألدهى واألمّر أن إهمال اللغة العربية يظهر
لدى أصحاب المسؤوليات في قطاعات العمل المختلف ة من خالل تع املهم
باللغ ة اإلنجليزي ة في مراس التهم ،ب ل وص ل األم ر إلى أن يجتم ع ممن
ينطقون العربية في اجتماع ما ،فيتحدثون بلغة أجنبية دون أن يكون بينهم
أجن بي واح د ،ناهي ك عن الكلم ات ال تي يتلوه ا بعض كب ار المس ؤولين
الع رب في المحاف ل الدولي ة ،فهم يلقونه ا بلغ ة أجنبي ة خش ية التقلي ل من
شأنهم ،في حين يستخدم المسؤولون اآلخرون غ ير الع رب في مث ل ه ذه
المحافل لغتهم األم اعتزاًز ا بها .وقد طال إهمال اللغة العربية أسماء جي ل
هذا الي وم من الب نين والبن ات؛ إذ بتن ا نس مع أس ماء ليس له ا مع نى ،ب ل
بعضها م ركب من كلم ات غ ير مفهوم ة ،وبعض ها مس توحى من لغ ات
أخرى ،مما أفقد األسماء جمالها وروحه ا ،وأبع دها في ال وقت نفس ه عن
هوية المجتمع ،ناهي ك عن لغ ة التعليم في كث ير من المؤسس ات ،فال هي
بلغة عربية س ليمة ُتعين على تق ويم اللس ان ،ويحص ل على أساس ها الفهم
واإلفهام ،وال بلغ ة أجنبي ة ص حيحة ،فيبقى المتعلم تائًه ا بينهم ا بش كل ال
ُيسعفه الوضع على استيعاب العلوم ،وال اإلبداع فيها.
واختتم الغتامي حديثه قائال :أملي أن يكون االحتف اء باللغ ة العربي ة يتس م
بالمس ؤولية المجتمعي ة والمؤسس ية في الحف اظ على اللغ ة ،واح ترام
الدستور الذي تؤمن به الدول العربية الذي ينص على «أن اللغ ة العربي ة
هي اللغ ة الرس مية له ا» من خالل تحويل ه واقًع ا معيًش ا ينبض بالحي اة،
ومحاسبة المتجاوزين لهذا الدستور ،والمتعالين عليه.
/https://www.omandaily.omإشراقات/اللغة-العربية-قادرة-على-
التكّيف-مع-الح
اللغة أَدُّل العالمات على اجتماعي ة اإلنس ان؛ فهي وس يلته في االجتم اع والتواص ل والتف اهم
والعيش المشترك .واللغ ة ممارس ٌة اجتماعي ة يومي ة ،تحتض ن ُم ْج م ل الُم ْنَج ز اإلنس اني في
الفكر والثقاف ة والمعتقد والحض ارة ،وهي كلم ة الم رور إلى َع ْق ل الف رد وحص يلة المنجز
الحضاري للمجتمع.
وما تزال هذه الفكرة رائدة وسائدة في العلوم المعاصرة كِّلها بدًء ا باإلنسانيات وانتهاًء بالعلوم
الطبية والهندسية المعَّقدة .وإذا كانت هذه الفكرة تنطبق على اللغة في مجتمعها فإنها قد ب دأت
تتجاوزه ا لتنطب ق على اللغ ات األجنبي ة؛ ذل ك أّن التح والِت االجتماعي َة والسياس َّية ال تي
أصابت المجتمعاِت المعاصرَة ق د خلقت أنواًع ا جدي دة من المجتمع ات المختلط ة والمتع ددة
ثقافًيا وسياس ًيا ودينًي ا .ثم إن وس ائل التواص ل االجتم اعي المتع ددة َقَّص رت المس افات بين
الدول واألفراد ،وجعلت العالم قريًة صغيرًة.
ومهما تعددت األهداف والغايات والمنطلقات من تعُّلم لغة اآلخ ر فال ش ك في أن الرغب ة في
َفْهم اآلخر ومعرفة كيف ُيَفِّك ر وكيف يمكن َتَفُّهمه والتح اور مع ه ك انت حاض رًة دائًم ا ل دى
أصحاب القرار.
وال يختل ف الح ال كث يًرا في اللس انيات التطبيقي ة وتعليم اللغ ة األجنبي ة؛ فقد ك ان الجانب
االجتم اعي حاض ًر ا في التجلي ات النظري ة والتطبيقي ة لتعليم اللغ ات؛ فقد ك انت رؤى «دل
هايمز» في الكفاية التواصلية وما تنطوي عليه من كفاي ات تثاقفي ة ولس انية اجتماعي ة نقط ة
االنطالق في تحقي ق اجتماعي ة تعُّلم اللغ ة حين جعلت ه دفها ال رئيس إق دار المتعلمين على
استعمال اللغة استعماًال ُيضاهي اس تعمال الناطقين األص الء ،وممارس ة الحي اة االجتماعي ة
بتلك اللغة على ُم قتضى أعراف مجتمعها الناطق بها.
وكانت الدوافع االندماجية حقًال فرعًّيا من حقول دراس ة الف روق الفردي ة ل دى متعلمي اللغ ة
الثانية ،تلك الفروق التي ُتْس ِهُم في تفُّو ق متعلم على آخر؛ فقد وجد الب احثون أن رغب ة المتعلم
في االندماج في مجتمع اللغة ومحاولته تَم ُّثل نظامه ا الثقافي والت داولي تمثالن ع امًال ُم هًّم ا
ومحِّفًز ا قوًّيا وُم سهًم ا فاعًال في تنمية كفايته اللغوية والتداولية باللغ ة اله دفُ .ثَّم ك انت ث ورة
الشابكة َم دخًال عريًض ا لزيادة رغبة المجتمعات في التفاهم والتعارف والتقارب ،والسيما م ع
بروز التيارات المتطرفة والمغالية في جميع أنحاء العالم ،وم ا ت رَّتب على ذل ك من رغب ات
أكيدة لدى المجتمعات في مزيد من التواصل تحقيًقا لهدفين:
األول :الرغبة األكيدة في تقديم صورة حقيقية وواقعية غير مشَّو هة للدين والثقافة والمعرفة.
والثاني :الرغبة العارمة في االنفتاح على اآلخر ومّد جسور التواصل للتعرف على الص ورة
الحقيقية لتلك المجتمعات ومنطوياتها الثقافية والدينية.
وظاهر لنا أنهما رغبتان متضافرتان ،تجسدان مسعًى أكيًدا للتفاهم والتصالح والتقارب.
وقد أدرك القائمون على برامج تعليم اللغة العربية في غير بالدنا أَّن ثمة فرًقا كبيًر ا بين تعليم
اللغة العربية تعليًم ا رسمًّيا شكلًّيا في تلك البالد وتعليمها في أوطانها ،وأدركوا أن تعليم اللغ ة
عندهم سيظُّل قاصًرا ومنقوًص ا ،وقد ال يتحول إلى عملية متكاملة (تعليم +تعُّلم = اكتساب)؛
وذلك الفتقار ب رامجهم إلى الممارس ة الواقعي ة الحقيقي ة!!! وأدرك وا أيًض ا أَّن «التعليم عن
الثقافة» تعليًم ا إجرائًّيا كأي مادة علمية أخرى ،وبلغة غير العربية ،لن َيترَك في الطلب ة أث ًرا
كبيًرا؛ فالثقافة ممارسة وحي اة اجتماعي ة ،وليس ت معلوم اٍت تحش ى به ا األدمغ ة .ومن هنا
يتجلى الفرق بين «التعليم عن الثقافة» و»َعْيش الثقافة وممارستها» .ولهذا كل ه تع اظم اتجاه
تل ك ال برامج نح و ب رامج الدراس ة في الخ ارج (في البالد العربي ة) ،وتعزي ز تل ك ال برامج
ببرامج فرعية في االنغماس اللغوي والتثاقف االجتماعي.
وليس من قبي ل المبالغ ة أب ًدا أن نقول إن اللغ ة في زمن الش ابكة والقري ة الكونَّي ة أض حت
المفت اح الرئيس ي للتث اُقف والتف اهم وتع ُّر ف اآلخ ر وتقُّبل ه ،والس يما في ب رامج تعليم اللغ ة
الثانية؛ ففيها يلتقي طلبة من أديان وأعراق وثقافات مختلفة على هدف واحد هو تعلم اللغة.
ولعل اللغة العربية تحظى بنصيب أوفر وأوفى لتحقيق هذا النوع من التفاهم والّتثاُقف؛ ألنه ا
لغة القرآن الكريم ،وبها أنزل هللا تعالى قرآًن ا ُيتلى لياًل ونه اًرا داعًي ا إلى المس اواة والتف اهم
واحترام اآلخر ،وُم علًيا قيم اإلنسانية والعدالة وحرمة الدماء.
وأحسُب أن تزاي د اإلقب ال على تعلم العربي ة في بالدن ا يمِّث ل فرص ة جوهري ة ،ينبغي علينا
استغاللها االستغالل األمثل؛ فنحن نتعامل مع أن اس َق ِد موا إلينا رغب ًة في معرفتنا ومعرف ة
ثقافتنا وقيمنا عن ُقْر ب وعلى الواقع الُم شاَهِد ال ما قَّر في أذه ان كث يرين من ص ورة نمطي ة
عن العرب والمسلمين؛ إنه ا فرص ة ذهبي ة ِلَطْم ِس تل ك الص ورة واس تنبات ص ورة حقيقي ة
واقعية لديننا وثقافتنا ومجتمعنا .وأحتفي هنا بمث ال ينبئ عن دور معاه د تعليم العربي ة في
تغيير الصورة النمطية المص نوعة للع رب والمس لمين؛ ففي ع ام 1997وبينم ا كنت ُأَدِّرس
العربية في مركز اللغات في الجامعة األردنية َأْفَس ْح ُت مجاًال الستطالع آراء الطلبة حول م ا
يرونه في إعالمهم عن األردن والعالم العربي وما وجدوه حًّقا في عَّم ان .لقد أذهلت ني إجاب ة
طالبة أمريكية تدرس القانون؛ إذ قالتُ :كْنُت أظُّن أنني س أنزُل من الط ائرة على جب ل وس ط
الص حراء ،وأنتظ ر من يخ رج من األرض ليقتل ني!!!!! ولكنني عندما ن زلت في المط ار
وبدأت السيارة تجوب شوارع عمان وجدت أنها عاص مة نظيف ة ،وأبنيته ا أجم ل وأرقى من
كثير من أحيائنا في أمريكا!!!
إَّن ه من المؤَّك د اآلن أن ه ليس ثم ة تجٍّن على بالدن ا كه ذا التجني بت أثير وس ائل اإلعالم
واالتصال ،ولكن ما ي زال أمامنا عم ل كب ير وكث ير إلع ادة األم ور إلى نص ابها الط بيعي.
والشك في أّن علينا مسؤولياٍت كبيرًة لتحقيق هذا اإلنجاز.
وتقع على معاهد تعليم اللغة العربية في بالدنا مسؤوليات كبرى لفتح آفاق التح اور والتث اقف
والتفاهم واحترام اآلخر والتع اون مع ه ،ولع ل أولى الخط وات العلمي ة تك ون اح ترام ذك اء
ه ؤالء المتعلمين ومع املتهم بم ا يس تحقون؛ وإنم ا أقص د ب ذلك أن نك ون على وعي وح ذر
كبيرين حين نختار أساتذة لتدريس ه ؤالء الطلب ة وتعليمهم ،ومن أبس ط قواع د االح ترام أال
ُيْع َهَد بتدريسهم إَّال إلى األكفياء من المتخصصين في علوم العربية وفنونها ،بل إَّن هذا َش ْر ٌط
من شروط األمانة في العمل و»إتقانه» على ما يرضي هللا ورسوله الكريم.
وأن ا أع ِّو ُل كث يًر ا على المدرس ين األكفي اء والمدرس ات الكفَّي ات في تأس يس دروس باللغ ة
العربية تكون الخطوَة األولى في َك ْس ِر عقدة الَخ ْو ف من المجتمع الع ربي اإلس المّي ،ومنح ه
الثقة التي تمِّك نه من تجاوز عقب ة الخ وف ه ذه ،والخ روج إلى المجتم ع وه و يش عر ب األمن
والطمأنينة والمحَّبة .ويكون من أولويات هذه البرامج أيًض ا تنمي ة قض ايا التث اقف ،وتعزي ز
دورها في خلق عفوية وتلقائية في التواصل مؤسسٍة على أننا جميًع ا َبَش ٌر ونحن أق رُب إلى
التفاهم والتواصل ،وأبعد عن التباُغ ض والّت داُبر ..وَلَك ْم ك انت اللغ ة العربي ة س بًبا في إس الم
طلبة أجانب ،صاروا فيما بعد لساًنا َيْدَفع عن العرب والمسلمين بلساٍن عربي مبين!
أ.د .وليد العناتي -أستاذ اللسانيات التطبيقية -قس م اللغ ة العربي ة بجامع ة قط ر -المستش ار
األكاديمي لمركز العناتي للدعم العلمي -األردن
تحتفل األمم المتحدة ،اليوم السبت 18 ،ديس مبر ،2021 ،ب اليوم الع المي للغ ة العربي ة .وبه ذه المناس بة ،دع ا
األمين العام لألمم المتح دة ،أنطوني و غوت يريش ،إلى تعزي ز الح وار والتف اهم المتب ادل ،واالحتف اء مع ا بتن ّو ع
األسرة البشرية.
وقال األمين العام ،في رسالة به ذه المناس بة ،إن اللغ ة العربي ة تس اهم ،يومي ا في األمم المتح دة ،في التواص ل
المتناغم بين الشعوب واألمم ،والمضي ُقدمًا صوب منظمٍة متعددِة اللغات وشاملٍة للجميع.
وإذ أعرب عن سعادته بالمشاركة في االحتفال باليوم العالمي للغة العربية .مضى ق ائال :إن “اللغ ة العربي ة هي
إحدى أقدم اللغات التي نطق بها البشر منذ فجر التاريخ .فعلى مدى قرون ،ربطت اللغُة العربية بين الشعوب من
خالل األدب والموسيقى والشعر والفلسفة”.
وأضاف أن اللغة العربية كانت لغة التواصل الشائعة في مجاالت التجارة والفن والعلم.
“واللغة العربية لغٌة غنية ونابضة بالحياة ،توّح د مئات الماليين من الناس في 22دولة ناطقة بالعربي ة ،وترب ط
بين حوالي بليوني مسلم يستخدمونها في صالتهم ودعائهم”.
وُتعد اللغة العربية ركنًا من أركان التن وع الثق افي للبش رية .وهي إح دى اللغ ات األك ثر انتش ارًا واس تخدامًا في
العالم ،إذ يتكلمها يوميًا ما يزيد على 400مليون نسمة من سكان المعمورة.
ويتوزع متحدثو العربية بين المنطقة العربية وعديد المناطق األخرى المجاورة في تركيا وتشاد ومالي الس نغال
وإرتيري ا ،حيث أن للعربي ة أهمي ة قص وى ل دى المس لمين .فهي لغ ة مقدس ة (لغ ة الق رآن) ،وال تتم الص الة
(وعبادات أخرى) في اإلسالم إال بإتقان بعض من كلماتها .كما أن العربية هي كذلك لغ ة ش عائرية رئيس ية ل دى
عدد من الكنائس المسيحية في المنطقة العربية حيث كتب بها كثير من أهم األعم ال الديني ة والفكري ة اليهودي ة
في العصور الوسطى(.)1
وتتيح اللغة العربية الدخول إلى عالم زاخر بالتنوع بجمي ع أش كاله وص وره ،ومنه ا تن وع األص ول والمش ارب
والمعتقدات ،كما أنها أب دعت بمختل ف أش كالها وأس اليبها الش فهية والمكتوب ة والفص يحة والعامي ة .ومختل ف
خطوطها وفنونها النثرية والشعرية ،آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب األلب اب في مي ادين متنوع ة تض م
على سبيل المثال ال الحصر الهندسة والشعر والفلسفة والغناء.
وسادت العربية لقرون طويلة من تاريخها بوصفها لغة السياس ة والعلم واألدب ،ف أثرت ت أثيًر ا مباش ًر ا أو غ ير
مباشر في كثير من اللغات األخرى في العالم اإلسالمي .مثل :التركية والفارسية والكردية واألوردي ة والماليزي ة
واإلندونيسية واأللبانية وبعض اللغات اإلفريقية األخرى مث ل الهاوس ا والس واحيلية ،وبعض اللغ ات األوروبي ة
وخاصًة المتوسطية منها كاإلسبانية والبرتغالية والمالطية والصقلية.
وفض ال عن ذل ك ،مثلت ح افزًا إلى إنت اج المع ارف ونش رها ،وس اعدت على نق ل المع ارف العلمي ة والفلس فية
اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة .كما أت احت إقام ة الح وار بين الثقاف ات على ط ول المس الك
البرية والبحرية لطريق الحرير من سواحل الهند إلى القرن األفريقي.
في إط ار دعم وتعزي ز تع دد اللغ ات وتع دد الثقاف ات في األمم المتح دة ،اعتم دت إدارة األمم المتح دة للتواص ل
العالمي — ُعرفت سابقا باسم إدارة شؤون اإلعالم — قرارا عشية االحتفال باليوم ال دولي للغ ة األم باالحتف ال
بكل لغة من اللغات الرسمية الست لألمم المتحدة.
وبناء عليه ،تقرر االحتفال باللغة العربية في 18كانون األول/ديسمبر كونه اليوم الذي صدر فيه ق رار الجمعي ة
العام ة (3190د )28-الم ؤرخ 18ك انون األول/ديس مبر 1973المع ني بإدخ ال اللغ ة العربي ة ض من اللغ ات
الرسمية ولغات العمل في األمم المتحدة.
والغ رض من ه ذا الي وم ه و إذك اء ال وعي بت اريخ اللغ ة وثقافته ا وتطوره ا من خالل إع داد برن امج أنش طة
وفعاليات خاصة.
“اللغة العربية والتواصل الحضاري”
موضوُع اليوم العالمي للغة العربية لهذا العام هو “اللغ ة العربي ة والتواص ل الحض اري” ،وُيعت بر بمثاب ة ن داء
للتأكيد مجددًا على الدور الهام الذي تؤّديه اللغة العربية في مّد جس ور الوص ال بين الن اس على ص هوة الثقاف ة
والعلم واألدب وغيرها من المجاالت الكثيرة جدًا.
وتتمّثل الغاية من ه ذا الموض وع في إب راز ال دور الت اريخي ال ذي تض طلع ب ه اللغ ة العربي ة ك أداة الس تحداث
المعارف وتناقلها ،فضًال عن كونها وسيلة لالرتقاء بالحوار وإرساء أسس السالم .وكانت اللغة العربية على مّر
القرون الركيزة المشتركة وحلقة الوصل التي تجّس د ثراء الوجود اإلنساني وتتيح االنتفاع بالعديد من الموارد.
ويكتسي موضوع عام 2021أهمّية بالغة في كنف المجتمع ات ال تي تتع اظم فيه ا العولم ة والرقمن ة والتعددي ة
اللغوية ،إذ ُيسّلم بالطبيعة المتغّيرة للعالم والحاجة الماسة لتعزيز الحوار بين األمم والشعوب.
أبرز الفعاليات االحتفالية
تحتفل األمم المتحدة في إطار فعاليات معرض إكسبو 2020دبي — وبتمثيل من مكتب مدير ش عبة التوعي ة في
إدارة التواصل العالمي — باللغة العربية وجمالها وقيمته ا ،والحاج ة إلى ص ون تراثه ا ،ودعم اس تخدامها في
الشؤون السياسية واالقتصادية والثقافية العالمية .وتقام تلك الفعاليات بدعم من جامعة الدول العربية.
فعاليات في مقر األمانة العامة
نظمت عديد الكيانات األممية في األمانة العامة لألمم المتحدة — من مثل قسم الترجمة العربي ة ،وبرن امج تعليم
اللغة العربية ،ومكتب أمين المظالم وخدمات الوس اطة ،والمكتب اإلقليمي لمكتب الح د من الك وارث ،فض ال عن
النادي العربي في األمم المتحدة كذلك — فعاليات احتفالية عبر اإلنترنت.
كم ا رعت بعثت ا س لطنة ُعم ان ومملك ة البح رين فعالي ة خطابي ة وتكريمي ة خاص ة حض رها جمه ور من
الدبلوماسيين وممثلي الدول ،وُألقيت فيها كلمات لألمين العام لألمم المتحدة ،ولرئيس الجمعي ة العام ة ،ولألمين
العام لجامعة الدول العربية ،عبرت عن أهمية هذه المناسبة.
فعاليات على مستوى المنظمة
تقيم كيانات عدة في المنظمة ،داخل المقر وخارجه ،فعاليات احتفالية بمناسبة حلول اليوم العالمي للغة العربي ة.
فمكتب األمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة يقيم معرضا للمنشورات العربية وعرض ا س ينمائيا — ب دعم
من خدمة المعلوم ات بفيين ا — في إط ار الجلس ة التاس عة لم ؤتمر األط راف في اتفاقي ة مكافح ة الفس اد .كم ا
تستضيف إسكوا فعالية على اإلنترنت عنوانها ’’السهل الممتنع‘‘ وعرض ا لفي ديو ’’لك ل زم ان‘‘ .وفض ال عن
ذلك ،تقيم اللجنة االقتصادية ألفريقيا ،بالتعاون مع الجامعة العربية فعالية خاصة في أديس أبابا.