Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 71

‫‪‬‬

‫دخول الشهر القمري بين رؤية‬


‫الهالل والحساب الفلكي‬

‫إعداد ‪:‬‬
‫فهد بن علي احلسون‬
‫‪‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫(‪ )36‬سورة‬ ‫الحمد هلل رب العالمين ‪ ،‬الحمد هلل القائل ‪ِ{ :‬إَّن ِع َّدَة الُّش ُهوِر ِع نَد ِهّللا اْثَنا َع َش َر َش ْهًرا}‬

‫التوبة ‪ ،‬الحمد هلل القائل ‪{ :‬اْلَيْو َم َأْك َم ْلُت َلُك ْم ِد يَنُك ْم } (‪ )3‬سورة المائدة ‪ ،‬الحمد هلل الذي أنزل هذا الدين‬

‫الكامل الصالح لكل زمان ومكان ‪ ،‬الحمد هلل الذي أنعم علينا بكوننا منتسبين إلى هذا الدين‬
‫العظيم ‪ ،‬والصالة والسالم على النبي الصادق األمين ‪ ،‬الذي بّين ما أنزل إليه غاية التبيين عمًال‬

‫(‪ )44‬سورة‬ ‫بقول هللا الحكيم العليم ‪َ{ :‬و َأنَز ْلَنا ِإَلْيَك الِّذْك َر ِلُتَبِّيَن ِللَّناِس َم ا ُنِّز َل ِإَلْيِهْم َو َلَع َّلُهْم َيَتَفَّك ُروَن }‬

‫النحل ‪ ،‬وقوله جل جالله ‪َ{ :‬يا َأُّيَها الَّرُسوُل َبِّلْغ َم ا ُأنِزَل ِإَلْيَك ِم ن َّر ِّبَك َو ِإن َّلْم َتْفَع ْل َفَم ا َبَّلْغ َت‬

‫ِر َس اَلَتُه} (‪ )67‬سورة المائدة ‪ ،‬فبّين – عليه الصالة والسالم – لألمة جميع أمور دينها ‪ ،‬وتركهم على‬

‫المحجة البيضاء ليلها كنهارها ال يزيغ عنها إال هالك ‪ ،‬ومن جملة ما بّينه لهم أن بّين لهم كيف‬

‫يحسبون الشهور واألعوام ‪ ،‬وكيف يعرفون أن هذا الشهر خرج ‪ ،‬وذاك دخل ‪ ،‬حتى عرف‬

‫المسلمون ذلك عـلى أكمل وجه ‪ ،‬حتى استغـنى المسلمون بما بـينـه لهم نـبيـهم – صلى هللا عـليه‬

‫وسلم – عن غيره ؛ ألنه لم يترك موضع نقـص وال خـلل ‪ ،‬بل بّين لهـم أمور ديـنهـم عـلى أكـمـل‬

‫وجه ‪ ،‬بحيث ال يحـتاجـون بعـد ذلـك إلى اخـتـراع في أمور دينهم ؛ لذلك قال الفـقـهـاء ‪[ :‬األصل‬

‫في العـبادات الحضر] ‪ ،‬وضل المؤمنون الصادقون ما يزيد على أربعة عشر قرنًا آخذين بتلك‬

‫التعليمات ‪ ،‬ولم يشعروا في يوم من األيام أنها عاجزة عن اإليفاء بالغرض ‪ ،‬فصالة هللا وسالمه‬

‫على أشرف األنبياء والمرسلين ‪ ،‬النبي المصطفى األمين ‪ ،‬نبينا محمد بن عبد هللا وعلى آله‬

‫وصحبه أجمـعـين‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وبعد ‪:‬‬

‫فقد استعنت باهلل سبحانه وتعالى على كتابة هذا البحث ‪ ،‬وهلل الحمد على أن أعانني ووفقني‬

‫إلتمام هذا البحث ‪ ،‬والحمد هلل الذي هدانا لهذا ‪ ،‬وما كنا لنهتدي لوال أن هدانا هللا‪.‬‬

‫وعنوان البحث هو " دخول الشهر القمري بين رؤية الهالل والحساب الفلكي"‪.‬‬

‫وال تخفى األهمية الكبيرة لهذا الموضوع ‪ ،‬حيث يتوقف على إثبات دخول الشهر القمري جميع‬

‫العبادات المؤقتة ‪ ،‬وعليه فلو أخطأ المسلم في تحديد دخول الشهر القمري فإنه يترتب على ذلك‬
‫إيقاع العبادة في غير موضعها (‪ُ ،)1‬يضاف إلى ذلك كثرة الشوشرة في هذا الموضوع ‪ ،‬وكثرة من‬

‫خاض فيه من العالم والجاهل ‪ ،‬فلذلك كله اخترت هذا الموضوع‪.‬‬

‫وال يفوتني في هذا المقام أن أتقدم بالشكر لكل من ساهم معي في إخراج هذا البحث ‪ ,‬وأسأل هللا‬

‫لهم األجر والمثوبة‪.‬‬

‫خطة البحث ‪:‬‬


‫قد قسمت البحث إلى ‪ :‬مقدمة ‪ ،‬وتمهيد ‪ ،‬وفصلين ‪ ،‬وخاتمة ‪ ،‬وفهارس‪:‬‬

‫‪ ‬التمهيد ويتضمن أربعة مباحث ‪:‬‬

‫‪ -1‬تعريف الشهر القمري‪.‬‬

‫‪ -2‬تعريف رؤية الهالل‪.‬‬

‫‪ -3‬تعريف الحساب الفلكي‪.‬‬

‫‪ -4‬ما يترتب على دخول الشهر القمري‪.‬‬


‫_______________‬

‫‪3‬‬
‫(‪ )1‬لمزيد من اإليضاح عن أهمية هذا الموضوع انظر (صـ ‪.)11 -10‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ ‬الفصل األول بعنوان " بَم يثبت دخول الشهر القمري" ويتضمن ثالثة مباحث ‪:‬‬

‫‪ -1‬دخول الشهر بثبوت رؤية الهالل‪..‬‬

‫‪ -2‬دخول الشهر بإتمام الشهر السابق ثالثين يومًا‪.‬‬

‫‪ -3‬دخول الشهر بالحساب الفلكي‪.‬‬

‫‪ ‬الفصل الثاني بعنوان " ثبوت دخول الشهر القمري بالحساب الفلكي" ‪ ،‬وذكرت فيه‬

‫الخالف في هذه المسألة ‪ ،‬وذكرت فيه المطالب التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬منشأ الخالف‪.‬‬

‫‪ -2‬األقوال في المسألة‪.‬‬

‫‪ -3‬القول األول‪.‬‬

‫‪ -4‬أدلة القول األول‪.‬‬

‫‪ -5‬القول الثاني‪.‬‬

‫‪ -6‬أدلة القول الثاني‪.‬‬

‫‪ -7‬القول الثالث‪.‬‬

‫‪ -8‬أدلة القول الثالث‪.‬‬

‫‪ -9‬تفنيد الخالف الحادث في هذه المسألة‪.‬‬

‫‪ -10‬الحساب الفلكي في إثباته للشهور القمرية ظني‪.‬‬

‫‪ -11‬الترجيح‪.‬‬

‫‪ ‬الخاتمة ‪ ،‬وتشتمل على ‪:‬‬

‫‪ -1‬النتائج‪.‬‬

‫‪ -2‬التوصيات‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ ‬الفهارس وهي ‪:‬‬

‫‪ -1‬فهرس المصادر والمراجع‪.‬‬

‫‪ -2‬فهرس اآليات‪.‬‬

‫‪ -3‬فهرس األحاديث‪.‬‬

‫‪ -4‬فهرس األعالم‪.‬‬

‫‪ -5‬فهرس الموضوعات‪.‬‬

‫منهج البحث ‪:‬‬


‫المنهج الذي سرت عليه في هذا البحث هو كما يلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬أوثق األقوال التي أنقلها من كتب القائلين بها أنفسهم ما استطعت ‪ ،‬وإال ذكرت الكتب‬

‫التي ذكرت ذلك النقل‪.‬‬

‫‪ -2‬في المذاهب الفقهية األربعة ‪ ،‬أوثق قول كل مذهب من كتب المذهب نفسه‪.‬‬

‫‪ -3‬اذكر اآلية القرآنية بين القوسين التاليين ‪ ، } ... { :‬وألتزم ذكر رقم اآلية ‪ ،‬والسورة التي‬

‫وردت فيها تلك اآلية‪.‬‬

‫‪ -4‬اذكر الحديث النبوي بين القوسين التاليين ‪ ، » ... « :‬وألتزم تخريجه من الكتب السبعة ‪:‬‬

‫صحيح البخاري ‪ ،‬صحيح مسلم ‪ ،‬سنن أبي داود ‪ ،‬سنن الترمذي ‪ ،‬سنن النسائي ‪ ،‬سنن‬

‫ابن ماجه ‪ ،‬مسند اإلمام أحمد ‪ ،‬وإن لم يكن الحديث في الصحيحين بّينت درجة ذلك‬

‫الحديث بأقوال األئمة‪.‬‬

‫"‬ ‫‪ -5‬إذا نقلت قوال من أقوال العلماء أو غيرهم ‪ ،‬فإن وضعت اإلشارتين التاليتين ‪... " :‬‬

‫فمعنى ذلك أني ألتزم بنقل القول حرفيًا ‪ ،‬وأما إن نقلت قوال بدون تلك اإلشارتين ‪ ،‬فمعنى‬

‫ذلك أني سوف أنقله بالمعنى‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -6‬ما استفدته من عالم أو كاتب أو كتاب فإني أوثق ذلك بذكر الشخص الذي استفدت منه‬

‫ذلك المعنى ‪ ،‬وما لم اذكر فيه توثيقًا فإني لم استفده من أحد‪.‬‬

‫هذا هو مضمون البحث ‪ ،‬فما كان فيه من إصابة فهي من هللا ‪ ،‬وما كان فيه من خطأ فهو من‬

‫نفسي والشيطان ‪ ،‬وهللا ورسوله منه بريئان‪.‬‬

‫وفي الختام أسأل هللا الكريم رب العرش العظيم أن يرزقنا السداد واإلعانة ‪ ،‬وأن يرزقنا‬

‫اإلخالص في األقوال واألعمال ‪ ،‬وأن يجعل هذا العمل في موازين حسناتنا‪.‬‬

‫وصلى هللا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‬

‫كتبه‬

‫فهد بن علي الحسون‬

‫في يوم األربعاء ‪1425\10\5‬هـ‬

‫‪fahd088@hotmail.com‬‬

‫‪7‬‬
‫تـمـهـيـد‬

‫ويتضمن أربعة مباحث ‪:‬‬

‫‪ ‬تعريف الشهر القمري‪.‬‬

‫‪ ‬تعريف رؤية الهالل‪.‬‬

‫‪ ‬تعريف الحساب الفلكي‪.‬‬

‫‪ ‬ما يترتب على دخول الشهر القمري‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫المبحث األول‬

‫تعريف الشهر‬

‫الشهر في اللغة ‪ :‬وضوح في األمر وإضاءة ‪ ،‬قال ابن فارس ‪ " :‬الشين والهاء والراء أصل‬
‫صحيح يدل على وضوح في األمر وإضاءة ‪ ،‬من ذلك الشهر ‪ ،‬وهو في كالم العرب الهالل ‪ ،‬ثم‬
‫ُسمي كل ثالثين يومًا باسم الهالل ‪ ،‬فقيل شهر"(‪.)1‬‬

‫وفي الشرع ‪ :‬يراد بالشهر عند اإلطالق ‪ :‬الشهر الهاللي ‪ ،‬قال تعالى ‪ِ{ :‬إَّن ِع َّدَة الُّش ُهوِر ِع نَد‬
‫ِهّللا اْثَنا َع َش َر َش ْهًرا ِفي ِكَتاِب ِهّللا َيْو َم َخ َلَق الَّس َم اَو ات َو اَألْر َض ِم ْنَها َأْر َبَع ٌة ُحُر ٌم } (‪ )36‬سورة التوبة(‪.)2‬‬

‫_______________‬
‫(‪[ )1‬معجم مقاييس اللغة] البن فارس (‪.)222\3‬‬
‫(‪[ )2‬الموسوعة الفقهية الكويتية] (‪.)261\26‬‬

‫‪9‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫تعريف رؤية الهالل‬

‫الرؤية هي ‪ :‬النظر واإلبصار ‪ ،‬بعين أو بصيرة(‪.)1‬‬

‫والهالل هو ‪ :‬غرة القمر ‪ ،‬قال ابن منظور ‪ :‬والهالل غرة القمر حين ُيهله الناس في غرة‬
‫الشهر ‪ ،‬وقيل ‪ :‬يسمى هالًال لليلتين من الشهر ‪ ،‬ثم ال يسمى به إلى أن يعود في الشهر الثاني ‪،‬‬
‫وقيل ‪ :‬يسمى به ثالث ليالٍ ثم يسمى قمرًا ‪ ،‬قال أبو إسحاق ‪ :‬الذي عندي وما عليه األكثر أن‬
‫يسمى هالًال ابن ليلتين ‪ ،‬فإنه في الثالثة يتبين ضوءه‪ .‬والجمع أهلة ‪ ،‬وأهللنا شهر كذا رأينا‬
‫هالله ‪ ،‬وأهل الشهر واستهل ظهر هالله وتبين ‪ ،‬قال أبو العباس ‪ :‬وسمي الهالل هالًال ألن الناس‬
‫يرفعون أصواتهم باإلخبار عنه(‪.)2‬‬

‫والمراد برؤية الهالل في الشرع ‪ :‬مشاهدته بالعين بعد غروب شمس يوم التاسع والعشرين‬
‫من الشهر السابق ممن يعتمد خبر وتقبل شهادته ‪ ،‬فيثبت دخول الشهر برؤيته(‪.)3‬‬

‫_______________‬
‫(‪[ )1‬معجم مقاييس اللغة] البن فارس (‪.)472\2‬‬
‫(‪[ )2‬لسان العرب] البن منظور (‪.)703\11‬‬
‫(‪[ )3‬الموسوعة الفقهية الكويتية] (‪.)23\22‬‬

‫‪10‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫تعريف الحساب الفلكي‬

‫الحساب هو ‪ :‬العد ‪ ،‬ومنه قوله تعالى ‪{ :‬الَّش ْم ُس َو اْلَقَم ُر ِبُحْس َباٍن } (‪ )5‬سورة الرحمن(‪.)1‬‬

‫والفلك في اللغة هو ‪ :‬مدار النجوم ‪ ،‬قال ابن منظور ‪ :‬الفلك ‪ :‬مدار النجوم ‪ ،‬والجمع أفالك ‪،‬‬
‫(‬
‫والفلك واحد أفالك النجوم ‪ ،‬ويجوز أن يجمع على [فُـْع ـل] ‪ ،‬مثل ‪َ :‬أسـد وُأْسد ‪ ،‬وَخ ـَش ب وخُـْش ب‬
‫‪.)2‬‬

‫واصطالحًا هو ‪ :‬العلم الذي يبحث عن أحوال األجرام السماوية ‪ ،‬أو هو العلم الذي يدرس ما‬
‫في السماء من نجوم وكواكب(‪.)3‬‬

‫وينبغي التنبه إلى أن [علم الفلك] كان يطلق عليه قديمًا [علم الهيئة] ‪ ،‬وال فرق بين االثنين(‪.)4‬‬

‫وبناءًا على ما سبق ‪ ،‬يكون الحساب الفلكي هو ‪ :‬معرفة مسارات النجوم والكواكب ‪ ،‬وعد‬
‫أيام سيرها ‪ ،‬ومعرفة مواقيت سيرها ‪ ،‬وغيابها وظهورها‪.‬‬

‫_______________‬
‫(‪[ )1‬معجم مقاييس اللغة] البن فارس (‪.)59\2‬‬
‫(‪[ )2‬لسان العرب] البن منظور (‪.)478\10‬‬
‫(‪[ )3‬علم الفلك] ‪ ،‬للدكتور يحيى شامي (صـ ‪.)46‬‬
‫(‪[ )4‬علم الفلك] ‪ ،‬للدكتور يحيى شامي (صـ ‪.)46‬‬

‫‪11‬‬
‫المبحث الرابع‬

‫ما يترتب على دخول الشهر القمري‬

‫يترتب على دخول الشهر الهجري أحكام كثيرة من أحكام اإلسالم ‪ ،‬وكذلك مهمة جدًا ‪،‬‬
‫ومنها على سبيل المثال ‪:‬‬

‫‪ -1‬صيام شهر رمضان ‪ ،‬قال تعالى ‪َ{ :‬ش ْهُر َر َم َض اَن اَّلِذَي ُأنِزَل ِفيِه اْلُقْر آُن ُهًدى ِّللَّناِس‬
‫َو َبِّيَناٍت ِّم َن اْلُهَدى َو اْلُفْر َقاِن َفَم ن َش ِهَد ِم نُك ُم الَّش ْهَر َفْلَيُص ْم ُه} (‪ )185‬سورة البقرة‪.‬‬
‫‪ -2‬الزكاة ‪ ،‬وذلك أن الزكاة تجب في المال الذي قد بلغ النصاب إذا حال عليه الحول ‪،‬‬
‫والمسلم إنما يعرف ُم ضي الحول على ماله بمضي اثنا عشر شهرًا قمريًا‪.‬‬
‫‪ -3‬الحج ‪ ،‬قال تعالى ‪{ :‬اْلَح ُّج َأْش ُهٌر َّم ْع ُلوَم اٌت َفَم ن َفَر َض ِفيِهَّن اْلَح َّج َفَال َر َفَث َو َال ُفُسوَق َو َال‬
‫ِج َداَل ِفي اْلَح ِّج} (‪ )197‬سورة البقرة ‪ ،‬وأشهر الحج هي ‪ :‬شوال ‪ ،‬ذي القعدة ‪ ،‬ذي الحجة‪.‬‬
‫‪ -4‬مدة اإليالء ‪ ،‬قال تعالى ‪ِّ{ :‬لَّلِذ يَن ُيْؤ ُلوَن ِم ن ِّنَس آِئِهْم َتَر ُّبُص َأْر َبَعِة َأْش ُهٍر } (‪ )226‬سورة البقرة‪.‬‬
‫‪ -5‬صوم الكفارة ‪ ،‬قال تعالى ‪َ{ :‬فِص َياُم َشْهَر ْيِن ُم َتَتاِبَع ْيِن } (‪ )92‬سورة النساء‪.‬‬
‫‪ -6‬عدة المتوفى عنها زوجها ‪ ،‬قال تعالى ‪َ{ :‬و اَّلِذ يَن ُيَتَو َّفْو َن ِم نُك ْم َو َيَذ ُروَن َأْز َو اًجا َيَتَر َّبْص َن‬
‫ِبَأنُفِس ِهَّن َأْر َبَع َة َأْش ُهٍر َو َع ْش ًرا} (‪ )234‬سورة البقرة‪.‬‬
‫‪ -7‬عدة اليائسة من الحيض ‪ ،‬وكذلك التي لم تحض ‪ ،‬قال تعالى ‪َ{ :‬و الالِئي َيِئْس َن ِم َن‬
‫اْلَم ِح يِض ِم ن ِّنَس اِئُك ْم ِإِن اْر َتْبُتْم َفِع َّد ُتُهَّن َثالَثُة َأْش ُهٍر َو الالِئي َلْم َيِح ْض َن } (‪ )4‬سورة الطالق‪.‬‬
‫‪ -8‬األشهر الحرم التي يحرم القتال فيها ‪ ،‬وهي ‪ :‬رجب ‪ ،‬ذي القعدة ‪ ،‬ذي الحجة ‪ ،‬محرم ‪،‬‬
‫قال تعالى ‪ِ{ :‬إَّن ِع َّدَة الُّش ُهوِر ِع نَد ِهّللا اْثَنا َع َش َر َش ْهًرا ِفي ِكَتاِب ِهّللا َيْو َم َخ َلَق الَّس َم اَو ات‬
‫َو اَألْر َض ِم ْنَها َأْر َبَع ٌة ُحُر ٌم } (‪ )36‬سورة التوبة‪.‬‬
‫بل قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ " :‬فما ثبت من المؤقتات بشرع أو شرط ‪ ،‬فالهالل ميقات له"(‪.)1‬‬

‫_______________‬
‫(‪[ )1‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية] (‪.)134\25‬‬

‫‪12‬‬
‫بل إن الشرائع السابقة كذلك كانت أحكامها معلقة باألهلة ‪ ،‬كما قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪:‬‬
‫"وقد بلغني أن الشرائع قبلنا أيضًا إنما علقت األحكام باألهلة ‪ ،‬وإنما بدل من بدل من أتباعهم"(‪.)2‬‬

‫فمما مضى تتضح األهمية الكبيرة للشهر القمري ‪ ،‬خصوصًا أنه تتوقف عليه أحكام ثالثة‬
‫أركان من أركان اإلسالم هي ‪( :‬الصيام ‪ ،‬الزكاة ‪ ،‬الحج) وغيرها من األحكام المهمة في حياة‬
‫المسلم ‪ ،‬وإذا اتضحت تلك األهمية اتضحت أيضًا أهمية بحث هذا الموضوع ‪ ،‬وتنقيحه‬
‫وتوضيحه‪.‬‬

‫_______________‬
‫(‪[ )1‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية] (‪.)134\25‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل األول‬

‫بَم يثبت دخول الشهر القمري ؟‬

‫ويتضمن ثالثة مباحث ‪:‬‬

‫‪ ‬دخول الشهر بثبوت رؤية الهالل‪.‬‬

‫‪ ‬دخول الشهر بإتمام الشهر السابق ثالثين يومًا‪.‬‬

‫‪ ‬دخول الشهر بالحساب الفلكي‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫المبحث األول‬

‫دخول الشهر برؤية الهالل‬

‫يثبت دخول الشهر إذا ُرؤي هالله ؛ لقوله – صلى هللا عليه وسلم – في حديث أبي هريرة –‬
‫رضي هللا عنه – ‪ُ« :‬صوموا ِلُر ْؤ يتِه وأفِط روا لُرؤيته»(‪ ، )1‬ولقوله – صلى هللا عليه وسلم – في‬

‫حديث ابن عمر – رضي هللا عنهما – ‪« :‬إذا َر أيُتموُه فصوموا‪ ،‬وِإذا رَأيُتموُه فأفِط روا‪ .‬فإن ُغ َّم‬
‫عليكم فاْقُدُروا له»(‪ ، )2‬ولقـوله – صلى هللا عليه وسلم – في حذيفة – رضي هللا عنه – ‪َ« :‬ال‬
‫ُتَقِّد ُم وا الَّش ْهَر حتى َتَر ْو ا الِهَالَل أْو ُتْك ِم ُلوا اْلِع َّدَة ُثَّم ُصوُم وا حتى َتَر ْو ا الِهَالَل أْو ُتْك ِم ُلوا اْلِع َّد َة»(‪.)3‬‬

‫الرؤية التي يثبت بها دخول الشهر ‪:‬‬


‫المطلوب في رؤية الهالل هو رؤيته بالعين المجردة ‪ ،‬أما رؤيته باآلالت الحديثة ‪ -‬كالمكبرات‪-‬‬
‫فظاهر كالم الشيخ عبد العزيز بن باز ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬أن االستعانة بها جائزة ‪ ،‬ولكن العـمدة عـلى‬
‫________________‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الصوم ‪ /‬باب قوِل النبِّي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪« : -‬إذا رأيتُم الهالَل فصوموا‪،‬‬
‫وإذا رأيُتموُه فأفِط روا» (‪ ، )1888‬ومسلم في صحيحه في كتاب الصيام ‪ /‬باب وجوب صوم رمضان لرؤية‬
‫الهالل‪ ،‬والفطر لرؤية الهالل ‪ ،‬وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثالثين يوما (‪ ، )2468‬والترمذي‬
‫في سننه في كتاب الصوم ‪ /‬باب ما جاء ال تقدموا الشهر (‪ ، )678‬والنسائي في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب إكمال‬
‫شعبان ثالثين إذا كان غيم (‪ ، )2118‬وأحمد في مسنده (‪.)9696‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الصوم ‪ /‬باب هل ُيقاُل َر مضاُن أو شهُر رمضاَن ‪ ،‬وَم ن رَأى كَّلُه َو اِس عًا (‬
‫‪ ، )1879‬ومسلم في صحيحه في كتاب الصيام ‪ /‬باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهالل‪ ،‬والفطر لرؤية الهالل ‪،‬‬
‫وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثالثين يوما (‪ ، )2457‬والنسائي في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب‬
‫ذكر االختالف على الزهري في هذا الحديث (‪ ، )2121‬وابن ماجه في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب ما جاء في‬
‫«صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» (‪ ، )1704‬وأحمد في مسنده (‪)6307‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب إذا أغمي الشهر (‪ ، )2327‬والنسائي في سننه في كتاب الصيام ‪/‬‬
‫باب ذكر االختالف على منصور في حديث ربعي فيه (‪ ، )2127‬قال األلباني ‪ :‬صحيح [صحيح سنن أبي داود‬
‫لإلمام األلباني (‪ )50\2‬رقم الحديث (‪.])2326‬‬

‫‪15‬‬
‫رؤية العين حيث قال حين سئل عن استخدام الدربيل في رؤية الهالل ‪ " :‬إن استعان به فال‬
‫بأس ‪ ،‬ولكن العمدة على رؤية العين"(‪ ، )1‬وقال في موضع آخر ‪ " :‬أمـــا اآلالت فظاهر األدلة‬

‫الشرعية عدم تكليف الناس بالتماس الهالل بها ‪ ،‬بل تكفي رؤية العين ‪ ،‬ولكن من طالع الهالل بها‬
‫‪ ،‬وجزم بأنه رآه بواسطتها بعد غروب الشمس وهو مسلم عدل فال أعلم مانعًا من العمل برؤيته‬
‫الهالل ؛ ألنها من رؤية العين ال من الحساب"(‪.)2‬‬

‫العدد المطلوب لرؤية الهالل ‪:‬‬


‫تنقسم الشهور بالنسبة لهذه المسألة إلى قسمين ‪:‬‬
‫شهر رمضان ‪ :‬ويكفي في ثبوته شهادة شخص واحد‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ويدل لذلك حديث ابن عمر – رضي هللا عنهما – قال ‪َ« :‬تَر اءى الَّناُس الِهَالَل َفَأْخ َبْر ُت‬
‫َر ُسوَل هللا – صلى هللا عليه وسلم – أِّني َر َأْيُتُه َفَص اَم َو َأَم َر الَّناَس ِبِص َياِمِه»(‪ ، )3‬ويدل له كذلك‬

‫حديث ابن عباس – رضي هللا عنهما – قال ‪َ« :‬ج اَء أْع َر اِبٌّي إَلى الَّنبِّي – صلى هللا عليه وسلم‬
‫– َفقاَل ‪ :‬إِّني َر َأْيُت الِهَالَل ‪َ ،‬فقاَل ‪ :‬أَتْش َهُد أْن َال إلَه إَّال هللا؟ ‪ ،‬قال ‪َ :‬نَعْم ‪ ،‬قاَل ‪ :‬أَتْش َهُد أَّن‬
‫ُم حَّم دًا َر ُسوُل هللا؟ ‪ ،‬قال ‪َ :‬نَعْم ‪ ،‬قاَل ‪َ :‬يا ِبَالُل أِّذ ْن في الَّناِس َفْلَيُصوموا َغدًا»(‪.)4‬‬
‫وهذا هو قول الحنابلة(‪ )5‬والشافعية(‪.)6‬‬

‫وعـلى مـذهـب الحـنابلة ال يُـشترط كـون الشاهـد هنا ذكـرًا وال حـرًا ‪ ،‬وال أن تكـون بلـفـظ‬
‫_______________‬
‫(‪[ )1‬مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه هللا –] (‪.)70\15‬‬
‫(‪[ )2‬مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه هللا –] (‪.)69\15‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب في شهادة الواحد على رؤية هالل رمضان (‪ ، )2343‬قـال‬
‫األلــبـانـي ‪ :‬صحيح [صحيح سنن أبي داود لإلمام األلباني (‪ )55\2‬رقم الحديث (‪ ، ])2342‬وقال ابن حجر ‪:‬‬
‫صححه ابن حزم [تلخيص الحبير البن حجر (‪ )187\2‬رقم الحديث (‪.])879‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب في شهادة الواحد على رؤية هالل رمضان (‪ ، )2341‬والترمذي‬
‫في سننه في كتاب الصوم ‪ /‬باُب ما َج اء في الَّصْو ِم بالَّش َهاَدة (‪ ، )685‬والنسائي في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب‬
‫قبول شهادة الرجل الواحد على هالل شهر رمضان وذكر االختالف فيه على سفيان في حديث سماك (‪، )2113‬‬
‫وابن مـاجـه في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب ما جاء في الشهادة على رؤية الهالل (‪ ، )1702‬قال عنه األلباني ‪:‬‬
‫ضعيف [ضعيف سنن أبي داود لإلمام األلباني (صـ ‪ )182‬رقم الحديث (‪.])2340‬‬
‫(‪[ )5‬اإلنصاف] للمرداوي (‪.)194\3‬‬
‫(‪[ )6‬المجموع] للنووي (‪.)184\6‬‬

‫‪16‬‬
‫الشهادة(‪.)1‬‬
‫وأما مذهب الشافعية فال يقبلون هنا شهادة المرأة وال العبد(‪.)2‬‬
‫وأما مذهب المالكية فال يقبلون هنا إال أن يشهد عدالن بذلك(‪.)3‬‬

‫وأما مذهب الحنفية ففيه تفصيل ‪ :‬إن كان بالسماء علة – أي غيم أو قتر أو نحوهما –‬
‫فشهادة الواحد على هالل رمضان مقبولة ‪ ،‬وفي هذه الحالة ال يشترطون كـونه ذكرًا وال‬
‫حـرًا ‪ ،‬وإن لم يكن بالسماء علة فال تقبل إال شهادة جع كثير يقع العلم بخبرهم ‪ ،‬وتقدير ذلك‬
‫الجمع مفّو ض إلى اإلمام(‪.)4‬‬

‫الشهور الباقية غير رمضان ‪ :‬ال تثبت إال بشهادة ذكرين‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ويدل لذلك ما رواه النسائي َع ْن َع ْبِد الَّرْح مِن ْبِن َز ْيِد ْبِن اْلَخ َّطاِب ‪َ« :‬أَّنُه َخ َطَب الَّناَس ِفي‬
‫اْلَيْو ِم اَّلِذ ي ي ُـَش ـُّك فـِيـِه ‪َ ،‬فـَقاَل ‪َ :‬أَّال إِّني َج اَلـسـُْت َأْص َح اَب َر ُسوِل ِهَّللا – صلى هللا عـليه‬
‫وسـلـم – َو َس اَء ْلُتُهْم ‪َ ،‬و َأَّنُهْم َح َّد ُثوِني َأَّن َر ُسوَل ِهَّللا – صلى هللا عليه وسلم – َقاَل ‪ُ :‬صوُم وا‬
‫ِلُرؤَيِتِه َو َأْفِط ُروا لـُِرؤيَــتـِِه َو انـُْس ُك وا َلَها َفإْن ُغ َّم َع َلْيُك ْم َفَأْك ِم ُلوا َثَالِثيَن َفإْن َش ـِهـَد َش ـاِهـَداِن‬
‫َفـُص ـومـُوا َو َأْفِط ُروا»(‪ ، )5‬ولما رواه أبو داود عن ُح َس ْيُن بُن الحارِث اْلَج َد ِلُّي ‪« :‬أَّن أِم يَر َم َّك َة‬

‫َخ َطَب ُثَّم قال‪َ :‬ع ِهَد إَلْينا َر ُسوُل هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أْن َنْنُسَك ِللُّر ْؤ َيِة‪ ،‬فإْن لم َنَر ُه‬
‫َو َش ِهَد َش اِهَدا َع ْد ٍل َنَس ْك َنا ِبَش َهاَد ِتِهَم ا»(‪ ، )6‬ولما رواه أبو داود كذلك عن ِرْبِعِّي بِن ِحَر اٍش عن‬

‫َر ُج ٍل من أْص َح اِب الَّنبِّي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم – قال ‪« :‬اْخ َتَلَف الَّناُس في آِخ ِر َيْو ٍم ِم ْن‬

‫َر َم َض اَن ‪َ ،‬فـَقـِد َم أعَر اِبَّياِن َفَش ِهـَدا ِع ْنَد الَّنبِّي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلـم ‪ِ -‬باِهَّلل َألَهَّال الِهـَالَل أْم ـِس‬
‫_______________‬
‫(‪[ )1‬اإلنصاف] للمرداوي (‪.)195 -194\3‬‬
‫(‪[ )2‬المجموع] للنووي (‪.)184\6‬‬
‫(‪[ )3‬المدونة الكبرى] لإلمام مالك (‪.)193\1‬‬
‫(‪[ )4‬الفتاوى الهندية] للهمام موالنا الشيخ نظام (‪.)218 -217\1‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه النسائي في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب قبول شهادة الرجل الواحد على هالل شهر رمضان وذكر‬
‫االختالف فيه على سفيان في حديث سماك (‪ )2117‬وأحمد في مسنده (‪ ، )18540‬قال األلباني ‪ :‬صحيح [أرواء‬
‫الغليل لإلمام األلباني (‪ )16\4‬رقم الحديث (‪.])909‬‬
‫(‪ )6‬أخـرجـه أبـو داود في سننه في كـتاب الصيام ‪ /‬باب شهادة رجـلين عـلى رؤية هالل شـوال (‪ ، )2339‬وقـال‬
‫األلـبانــي ‪ :‬صحيح [صحيح سنن أبي داود لإلمام األلباني (‪ )54\2‬رقم الحديث (‪ ، ])2338‬وقال الدارقطني ‪:‬‬
‫هذا إسناد متصل صحيح [سنن الدارقطني (‪])267\2‬‬

‫‪17‬‬
‫َع ِش َّيًة‪ ،‬فأَم َر َر ُسوُل هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬الَّناَس أن ُيْفطُروا»(‪ ، )1‬وقد أجمع المسلمون‬
‫على أن شهور السنة غير رمضان ال تقبل بأقل من شهادة عدلين(‪.)2‬‬

‫الشروط المشترطة فيمن يرى الهالل ‪:‬‬


‫‪ -1‬أن يكون عدًال(‪ ،)3‬والعدالة هي ‪ :‬القيام بالوجبات واجتناب الكبائر وعدم اإلصرار على‬
‫الصغائر(‪.)4‬‬

‫ويرى الشيخ محمد العثيمين – رحمه هللا – أن الصحيح أن الشهادة تقبل في هذا الموضع‬
‫إذا ترجح أنها حق وصدق ‪ ،‬حيث قال ‪ " :‬ولو قلنا بقول الفقهاء لم نجد عدًال ‪ ،‬فمن يسلم من‬
‫الغيبة والسخرية بالناس والتهاون بالواجبات وأكل المحرم وغير ذلك ‪ ،‬ولهذا كان الصحيح‬
‫بالنسبة للشهادة أنه يقبل منها ما يترجح أنه حق وصدق ؛ لقوله تعالى ‪ِ{ :‬مَّم ن َتْر َض ْو َن ِم َن‬
‫الُّش َهَداء} (‪ )282‬سورة البقرة ‪ ،‬وألن هللا لم يأمرنا برد شهادة الفاسق ‪ ،‬بل أمرنا بالتبين فقال تعالى‬
‫‪َ{ :‬يا َأُّيَها اَّلِذ يَن آَم ُنوا ِإن َج اءُك ْم َفاِس ٌق ِبَنَبٍأ َفَتَبَّيُنوا} (‪ )6‬سورة الحجرات"(‪.)5‬‬
‫‪ -2‬أن يكون مكلفًا ‪ ،‬والمكلف هو ‪ :‬البالغ العاقل(‪.)6‬‬

‫‪ -3‬أن يكون قوي البصر ‪ ،‬بحيث يحتمل صدقه فيما ادعاه ‪ ،‬فإن كان ضعيف البصر لم تقبل‬
‫شهادته ‪ ،‬حتى وإن كان عدًال ؛ ألنه إذا كان ضعيف البصر وهو عدل فإننا نعلم أنه متوهم ‪،‬‬
‫وممن قال بذلك الشيخ محمد العثيمين – رحمه هللا – وقال ‪ " :‬والدليل على ذلك أن القوة‬
‫واألمانة شرطان أساسيان في العمل ‪ ،‬ففي قصة موسى مع صاحب مدين ‪ ،‬قالت إحدى‬
‫ابنتيه‪َ{:‬قاَلْت ِإْح َد اُهَم ا َيا َأَبِت اْسَتْأِج ْر ُه ِإَّن َخ ْيَر َمِن اْسَتْأَج ْر َت اْلَقِوُّي اَألِم يُن }(‪ )26‬سورة القصص ‪،‬‬
‫_______________‬
‫(‪ )1‬أخرجه أبو داود في سننه في كـتاب الصيام ‪ /‬باب شهادة رجـلين عـلى رؤية هالل شـوال (‪ ، )2340‬وقـال‬
‫األلـبانــي ‪ :‬صحيح [صحيح سنن أبي داود لإلمام األلباني (‪ )54\2‬رقم الحديث (‪.])2339‬‬
‫(‪ )2‬حكى هذا اإلجماع ابن رشد ‪ ،‬حيث قال ‪ " :‬وأجمعوا على أنه ال يقبل في الفطر إال اثنان ‪ ،‬إال أبا ثور فإنه لم يفرق‬
‫في ذلك بين الصوم والفطر" [بداية المجتهد] البن رشد (‪ )559\2‬وقول ابن رشد ‪ " :‬إال أبا ثور فإنه لم يفرق في‬
‫ذلك بين الصوم والفطر" ‪ ،‬يقصد به ‪ :‬أن أبا ثور لم يشترط في الفطر إال واحدًا كما أن الصوم يثبت بواحد كذلك‪.‬‬
‫(‪[ )3‬اإلنصاف] للمرداوي (‪.)194\3‬‬
‫(‪[ )4‬الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه هللا – (‪.)313\6‬‬
‫(‪[ )5‬الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه هللا – (‪.)315-314\6‬‬
‫(‪[ )6‬اإلنصاف] للمرداوي (‪.)195\3‬‬

‫‪18‬‬
‫(‪)39‬‬ ‫وقال العفريت من الجن الذي التزم أن يأتي بعرش ملكة سبأ ‪َ{ :‬و ِإِّني َع َلْيِه َلَقِوٌّي َأِم يٌن }‬
‫سورة النمل ‪ ،‬ومن ذلك الشهادة ‪ ،‬والبد فيها من األمانة التي تقتضيها العدالة ‪ ،‬والبد فيها من‬
‫القوة التي يحصل بها إدراك المشهود به"(‪.)1‬‬

‫مسألة ‪ :‬إذا غم على الهالل ليلة الثالثين من شعبان فما الحكم ؟‬

‫تحرير محل النزاع ‪:‬‬


‫اتفقوا على أنه إذا ُرؤي الهالل ليلة الثالثين وجب الصوم ‪ ،‬وعلى أنه إذا لم ُيرى الهالل ليلة‬
‫الثالثين وكان صحوًا لم يجب الصوم ‪ ،‬وإذا لم ُيرى الهالل ليلة الثالثين مع وجود غيم أو قتر‬
‫فهذا هو موضع الخالف ‪ ،‬وقد اختلف العلماء على أقوال أشهرها ‪:‬‬

‫القول األول ‪:‬‬


‫أن صوم يوم الثالثين هنا منهي عنه ‪ ،‬وقد اختلف أصحاب هذا القول ‪ ،‬فمنهم من قال منهي‬
‫عنه نهي تحريم ‪ ،‬ومنهم من قال منهي عنه نهي تنزيه ‪ ،‬وهذا هو قول المالكية(‪ )2‬والشافعية(‪، )3‬‬
‫ورواية عن أحمد(‪ )4‬اختارها بعض أصحابه(‪.)5‬‬

‫أدلة القول األول ‪:‬‬


‫‪ -1‬عن أبي هريرة – رضي هللا عنه – عن النبي – صلى هللا عليه وسلم – قال ‪« :‬ال َيتقَّد مَّن‬
‫أحُدكم رمضاَن بصوِم يوٍم أو يوَم يِن إّال أن يكوَن رُج ـٌل كان يـصوُم صوَم ـُه فـلـَيُص ْم ذلك‬
‫_______________‬
‫(‪[ )1‬الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه هللا – (‪.)315\6‬‬
‫(‪[ )2‬حاشية الخرشي على مختصر سيدي خليل] للخرشي (‪.)11\3‬‬
‫(‪[ )3‬الحاوي الكبير] للماوردي (‪.)109\3‬‬
‫(‪[ )4‬اإلنصاف] للمرداوي (‪.)192\3‬‬
‫(‪ )5‬نقل شيخ اإلسالم ابن تيمية في [مجموع الفتاوى] (‪ )99-98\25‬هذا القول عن أبي الخطاب ‪ ،‬وابن عقيل ‪ ،‬وأبي‬
‫القاسم بن منده االصفهاني ‪ ،‬وقال به من المعاصرين الحنابلة الشيخ محمد العثيمين – رحمه هللا – [الشرح‬
‫الممتع للشيخ محمد العثيمين – رحمه هللا – (‪.])307\6‬‬

‫‪19‬‬
‫اليوَم »(‪.)1‬‬

‫وجه الداللة ‪ :‬أنه إن لم يكن يصوم صومًا ‪ ،‬فصام هذا اليوم الذي فيه شك ‪ ،‬فقد تقدم‬
‫رمضان بيوم(‪.)2‬‬
‫‪ -2‬عن عمار بن ياسر – رضي هللا عنهما – قال ‪« :‬من صاَم يوَم الَّش ك فقد َعصىٰ أبا القاسم‬
‫‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪.)3(»-‬‬
‫وجه الداللة ‪ :‬أن هذا اليوم هو اليوم الذي يشك فيه ؛ لوجود الغيم والقتر(‪.)4‬‬

‫‪ -3‬عن عبِد ِهّللا بِن عمَر – رضَي هللا عنهما – أن رسوَل ِهّللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم – قال ‪:‬‬
‫«الشهُر ِتسٌع وعشروَن ليلًة‪ ،‬فال تصوُم وا حّتى َتَر وُه‪ ،‬فِإْن ُغ َّم عليكم فأكِم لوا الِع َّدَة‬
‫ثالثين»(‪.)5‬‬

‫وجه الداللة ‪ :‬أن قوله ‪« :‬فأكِم لوا الِع َّدَة ثالثين» أمـر ‪ ،‬واألصـل في األمـر الـوجوب ‪،‬‬
‫فإذا وجب إكمال شعبان ثالثين يومًا حرم صوم يوم الشك(‪.)6‬‬

‫_______________‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الصوم ‪ /‬باب ال ُيَتقَّد َم َّن رمضاَن بصوِم يوٍم وال يومين (‪ ، )1893‬ومسلم‬
‫في صحيحه في كتاب الصيام ‪ /‬باب ال تقدموا رمضان بصوم يوم وال يومين (‪ ، )2471‬وأبو داود في سننه في‬
‫كتاب الصيام ‪ /‬باب في من يصل شعبان برمضان (‪ ، )2336‬والترمذي في سننه في كتاب الصوم ‪ /‬باُب ما جاَء‬
‫ال َتَقَّد ُم وا الَّش ْهَر ِبَص ْو ٍم (‪ ، )678‬والنسائي في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب التقدم قبل شهر رمضان (‪، )2173‬‬
‫وابن ماجه في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب ما جاء في النهي أن يتقدم رمضان بـصـوٍم ‪ ،‬إال مـن صام صومًا‬
‫فوافقه (‪ ، )1700‬وأحمد في مسنده (‪.)7740‬‬
‫[الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه هللا – (‪.)305\6‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري في صحيحه معلقًا بصيغة الجزم في كتاب الصوم ‪ /‬باب قوِل النبِّي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪« :-‬إذا‬
‫رأيتُم الهالَل فصوموا‪ ،‬وإذا رأيُتموُه فأفِط روا» ‪ ،‬ووصله أبو داود في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب كراهية صوم‬
‫يوم الشك (‪ ، )2335‬والترمذي في سننه في كتاب الصوم ‪ /‬باُب ما جاَء في َك َر اَهيِة َص ْو ِم َيْو ِم الَّش ِّك (‪، )680‬‬
‫والنسائي في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب صيام يوم الشك (‪ ، )2189‬وابن ماجه في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب‬
‫ما جاء في صيام يوم الشك (‪.)1695‬‬
‫انظر [الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه هللا – (‪.)305\6‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الصوم ‪ /‬باب قوِل النبِّي – صلى هللا عليه وسلم – ‪« :‬إذا رأيتُم الهالَل‬
‫فصوموا‪ ،‬وإذا رأيُتموُه فأفِط روا» (‪ ، )1886‬ومسلم في صحيحه في كتاب الصيام ‪ /‬باب وجوب صوم رمضان‬
‫لرؤية الهالل‪ ،‬والفطر لرؤية الهالل وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثالثين يوما (‪ ، )2455‬وأبو‬
‫داود في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب الشهر يكون تسعًا وعشرين (‪ ، )2321‬والنسائي في سننه في كـتاب الصيام‬
‫‪ /‬باب ذكر االختالف على عبـــيد هللا بن عمر في هذا الحديث (‪ ،)2123‬وأحمد مسنده (‪.)4483‬‬
‫(‪[ )6‬الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه هللا – (‪)306\6‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -4‬عن ابن مسعود – رضي هللا عنه – َقاَل ‪َ :‬قاَل َر ُسوُل ِهّللا – صلى هللا عليه وسلم – ‪:‬‬
‫«َهَلَك اْلُم َتَنِّطُعوَن »(‪.)1‬‬

‫وجه الداللة ‪ :‬أن إيجاب صوم هذا اليوم هو من باب التنطع في العبادة ‪ ،‬واالحتياط لها‬
‫في غير محله(‪.)2‬‬

‫القول الثاني ‪:‬‬


‫وجوب صوم ذلك اليوم ‪ ،‬وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة(‪ ، )3‬وهو قول جمع من‬
‫الصحابة والتابعين(‪.)4‬‬

‫وهذا القول يقال أنه أشهر الروايات عن أحمد ‪ ،‬ولكن شيخ اإلسالم ابن تيمية حقق أن اإلمام‬
‫أحمد كان يرى استحباب صوم هذا اليوم ال الوجوب ‪ ،‬حيث قال ‪ :‬وهذا (‪ )5‬يقال أنه أشهر‬

‫الروايات عن أحمد ‪ ،‬لكن الثابت عن أحمد لمن عرف نصوصه ‪ ،‬وألفاظه أنه كان يستحب صيام‬
‫يوم الغيم ‪ ،‬وأما إيجاب صومه فال أصل له في كالم أحمد ‪ ،‬وال كالم أحد من أصحابه ‪ ،‬لكن كثير‬
‫من أصحابه اعتقدوا أن مذهبه إيجاب صومه ‪ ،‬ونصروا ذلك القول(‪.)6‬‬

‫أدلة القول الثاني ‪:‬‬


‫‪ -1‬عن نافع عن ابن عمر – رضي هللا عنهما – قال ‪ :‬قال رسول هللا – صلى هللا عليه وسلم – ‪:‬‬
‫«ِإَّنَم ا الَّش ْهُر ِتْسٌع َو ِع ْش ُروَن َفَال َتُصوُم وا َح َّتىٰ َتَر ْو ُه‪َ ،‬و َال ُتْفِط ُروا َح َّت ٰ‬
‫ى َتَر ْو ُه‪َ ،‬فِإْن ُغ َّم َع َلْيُك ْم‬
‫َفاْقِد ُروا َلُه»(‪.)7‬‬

‫قال نافع ‪َ :‬فَك اَن ابُن ُع َم َر إَذ ا كان َشْع َباُن ِتْسعًا َو ِع ْش ِر يَن ُنِظ َر َلُه َفإن ُر ِئَي َفَذ اَك َو إن ُيَر َو َلْم‬
‫_______________‬
‫(‪ )1‬أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب العلم ‪ /‬باب هلك المتنطعون (‪ ، )6735‬وأبو داود في سننه في كتاب السنة ‪/‬‬
‫باب في لزوم السنة (‪ ، )4600‬وأحمد في مسنده (‪.)3656‬‬
‫[الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه هللا – (‪.)306\6‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫(‪[ )3‬اإلنصاف] للمرداوي (‪.)191\3‬‬
‫(‪ )4‬نقله ابن قدامة عن عمر وابنه ‪ ،‬وعمرو بن العاص ‪ ،‬وأبي هريرة ‪ ،‬وأنس ‪ ،‬ومعاوية ‪ ،‬وعائشة وأسماء ابنتي أبي‬
‫بكر ‪ ،‬وبكر بن عبد هللا ‪ ،‬وأبو عثمان النهدي ‪ ،‬وابن أبي مريم ‪ ،‬ومطرف ‪ ،‬وميمون بن مهران ‪ ،‬وطاووس ‪،‬‬
‫ومجاهد – رحم هللا الجميع ورضي عنهم – [المغني البن قدامة (‪])330\4‬‬
‫(‪ )5‬اإلشارة إلى القول بالوجوب‪.‬‬
‫(‪[ )6‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية] (‪.)99\25‬‬
‫(‪ )7‬سبق تخريجه في (صـ ‪)18‬‬

‫‪21‬‬
‫َيُحْل ُدون َم ْنَظِر ِه َسَح اٌب َو َال َقَتَر ٌة أْص َبَح ُم ْفِط رًا‪َ ،‬فإْن َح اَل ُد وَن َم ْنَظِر ِه َسَح اٌب أْو َقَتَر ٌة أصـَْبَح‬
‫َص اِئمًا(‪.)1‬‬

‫وجه الداللة ‪ :‬من وجهين ‪:‬‬


‫أ – أن معنى قوله – صلى هللا عليه وسلم – ‪َ« :‬فاْقِد ُروا َلُه» أي ‪ :‬ضيقوا له العدد من قوله‬
‫تعالى ‪َ{ :‬و َم ن ُقِدَر َع َلْيِه ِرْز ُقُه} (‪ )7‬سورة الطالق ‪ ،‬أي ُضيق عليه ‪ ،‬وقوله ‪َ{ :‬يْبُس ُط‬
‫الِّر ْز َق ِلَم ْن َيَش اء َو َيَقِد ُر} (‪ )26‬سورة الرعد ‪ ،‬والتضييق له أن ُيجعل شعبان تسعة وعشرين‬
‫يومًا‪.‬‬
‫ب – أن ابن عمر – رضي هللا عنهما – قد فسر الحديث بفعله ‪ ،‬وهو راويه وأعلم بمعناه‬
‫فيجب الرجوع إلى تفسيره(‪.)2‬‬

‫والجواب عن استداللهم بهذا الحديث ما يأتي ‪:‬‬


‫أوًال ‪ :‬الجواب عن الوجه األول من وجهي استداللهم ‪ :‬والجواب عنه من وجهين ‪:‬‬
‫أ‪ -‬ال نسلم لكم أن معنى قوله – صلى هللا عليه وسلم – ‪َ« :‬فاْقِد ُروا َلُه» ضيقوا له ‪ :‬بل‬
‫المراد بالقدر هنا ما فسرته األحاديث األخرى ‪ ،‬وهو إكمال شعبان ثالثين يومًا إن‬
‫كان الهالل لرمضان وإكمال رمضان ثالثين يومًا إن كان الهالل لشوال‪.‬‬
‫ب‪ -‬وإن سلمنا لكم ما قلتم فلماذا ال نقول القدر أن يجعل رمضان تسعة وعشرين‬
‫فتجعل التضييق على رمضان ألنه لم يهل هالله إلى اآلن ‪ ،‬فليس له حق في‬
‫الوجود فيبقى ُم ضيقًا عليه‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬الجواب عن الوجه الثاني من وجهي استداللهم ‪ :‬أن أثر ابن عمر – رضي هللا‬
‫عنهما – ال دليل فيه على الوجوب ؛ ألن ابن عمر – رضي هللا عنهما – قد فعله على سبيل‬
‫االستحباب ‪ ،‬أو االحتياط ؛ ألنه لو كان على سبيل الوجوب ألمر الناس به ‪ ،‬ولو أهله على‬
‫األقل(‪.)3‬‬

‫‪ -2‬عن ِعْمَر اَن ْبِن ُح َص ْيٍن ‪َ -‬ر ِض َي ُهّللا َع ْنُهما ‪َ -‬أَّن َر ُسوَل ِهّللا – صلى هللا عليه وسلم – َقاَل َلُه‬
‫_______________‬
‫(‪ )1‬أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب الشهر يكون تسعًا وعشرين (‪ ، )2321‬وأحمد في مسنده (‬
‫‪ ، )4483‬قال األلباني عن حديث ابن عمر – رضي هللا عنهما – ‪ :‬صحيح دون قوله (فكان ابن عمر) [صحيح‬
‫سنن أبي داود لإلمام األلباني (‪ )49\2‬رقم الحديث (‪.])2320‬‬
‫(‪[ )2‬المغني] البن قدامة (‪.)332-331\4‬‬
‫(‪[ )3‬الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه هللا – (‪.)305-304\6‬‬

‫‪22‬‬
‫َأْو ِآل َخ َر ‪َ« :‬أُص ْم َت ِم ْن ُس َر ِر َشْع َباَن ؟» ‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬ال ‪َ ،‬قاَل ‪َ« :‬فِإَذ ا َأْفَطْر َت ‪َ ،‬فُص ْم َيْو َم ْيِن »(‪.)1‬‬
‫وجه الداللة ‪ :‬أن سرر الشهر آخره ‪ ،‬ليالي يستسر الهالل فال يظهر(‪.)2‬‬

‫والجواب عن استداللهم بالحديث ‪ :‬قيل ‪ :‬أن المراد بسرر الشهر أوله ‪ ،‬وقيل ‪ :‬أن المراد‬
‫بسرر الشهر آخره ؛ ألن السرر جمع سرة ‪ ،‬وسرة الشيء وسطه ‪ ،‬وهذان القوالن فيهما‬
‫ضعف ؛ ألن الراجح أن المراد بسرر الشهر آخر ‪ ،‬وهذا ما عليه الجمهور والحامل لمن‬
‫حمل سرر الشهر على غير ظاهره وهو آخر الشهر الفرار من المعارضة لنهيه ‪ -‬صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ -‬عن تقدم رمضان بيوم أو يومين ‪ ،‬والجمع بين الحديثين ممكن ‪ ،‬وذلك بحمل‬
‫النهي على من ليست له عادة بذلك وحمل األمر على من له عادة بذلك(‪.)3‬‬

‫‪ -3‬االحتياط ‪ ،‬وذلك ألن هذا اليوم شك في أحد طرفي الشهر لم يظهر أنه من غير رمضان ‪،‬‬
‫فوجب الصوم ‪ ،‬قالت عائشة ‪ :‬ألن أصوم يومًا من شعبان أحب إلَّي من أن أفطر يومًا من‬
‫رمضان(‪ ، )4‬وذلك ألن الصوم يحتاط له ؛ ولذلك وجب الصوم بخبر واحد ‪ ،‬ولم يفطر إال‬
‫بشهادة اثنين(‪.)5‬‬

‫الجواب عن هذا الدليل ‪ :‬قال الشيخ محمد العثيمين – رحمه هللا – ‪ " :‬ما كان سبيله‬
‫االحتياط فقد ذكر اإلمام أحمد وغيره أنه ليس بالزم ‪ ،‬وإنما هو على سبيل الورع‬
‫واالستحباب ؛ وذلك ألننا إذا احتطنا وأوجبنا فإننا وقعنا في غير االحتياط من حيث تأثيم‬
‫الناس بالترك ‪ ،‬واالحتياط هو ‪ :‬أال يؤثم الناس إال بدليل يكون حجة عند هللا تعالى"(‪.)6‬‬

‫_______________‬
‫أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الصوم ‪ /‬باب الصوِم من آِخ ِر الَّش هر (‪ ، )1960‬ومسلم في صحيحه في‬ ‫(‪)1‬‬
‫كتاب الصيام ‪ /‬باب صوم سرر شعبان (‪ ، )2704‬وأبو داود في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب في التقدم (‪)2329‬‬
‫‪ ،‬وأحمد في مسنده (‪)19612‬‬
‫[المغني] البن قدامة (‪.)332\4‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫[فتح الباري] البن حجر (‪.)294\4‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫أخرجه أحمد في مسنده (‪ : )24552‬عن عبد هللا بن أبي موسى قال ‪ :‬أرسلني ُم ْد ِرك أو ابن مدرك إلى عائشة‬ ‫(‪)4‬‬
‫أسألها عن أشياء ‪ ...‬وسألتها عن اليوم الذي يختلف فيه من رمضان ؟ ‪ ،‬فقالت ‪ :‬ألن أصوم يومًا من شعبان أحب‬
‫إلَّي من أن أفطر يومًا من رمضان‪ ،‬قال ‪ :‬فخرجت ‪ ،‬فسألت ابن عمر وأبا هريرة ‪ ،‬فكل واحد منهما قال ‪ :‬أزواج‬
‫النبّي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أعلم بذاك منا‪.‬‬
‫[المغني] البن قدامة (‪.)333-332\4‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫[الشرح الممتع] للشيخ محمد العثيمين – رحمه هللا – (‪.)305-304\6‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫‪23‬‬
‫القول الثالث ‪:‬‬
‫أنه يجوز صومه ‪ ،‬ويجوز فطره ‪ ،‬وهذا هو مذهب الحنفية(‪ ، )1‬وهو رواية عن أحمد(‪ )2‬وهو‬

‫اختيار شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ ،‬وقال ‪ " :‬وهو مذهب أحمد المنصوص الصريخ عنه ‪ ،‬وهو‬
‫مذهب كثير من الصحابة والتابعين أو أكثرهم"(‪.)3‬‬

‫دليل القول الثالث ‪:‬‬


‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية بعد أن ذكر أن هذا اليوم يجوز صومه وفطره ‪ " :‬وهذا كما أن‬
‫اإلمساك عند الحائل عن رؤية الفجر جائز ‪ ،‬فإن شاء أمسك ‪ ،‬وإن شاء أكل حتى يتقن طلوع‬
‫الفجر ‪ ،‬وكذلك إذا شك هل أحدث أم ال ‪ ،‬إن شاء توضأ وإن شاء لم يتوضأ ‪ ،‬وكذلك إذا شك هل‬
‫حال حول الزكاة أو لم يحل ‪ ،‬وإذا شك هل الزكاة الواجبة عليه مائة أو مائة وعشرون فأدى‬
‫الزيادة ‪ ،‬وأصول الشريعة كلها مستقرة على أن االحتياط ليس بواجب وال محرم"(‪.)4‬‬

‫القول الرابع ‪:‬‬


‫أن الناس تبع لإلمام ‪ ،‬فإن صام صاموا ‪ ،‬وإن أفطر أفطروا ‪ ،‬وهذا القول رواية عن أحمد(‪، )5‬‬
‫وهو قول الحسن وابن سيرين(‪.)6‬‬

‫دليل القول الرابع ‪:‬‬


‫عن أبي هريرة – رضي هللا عنه – عن النبي – صلى هللا عليه وسلم – قال ‪ِ«َ :‬فْطُر ُك ْم َيْو َم‬
‫ُتْفِط ُروَن َو أْض َح اُك ْم َيْو َم ُتَض ُّح وَن »(‪.)7‬‬

‫_______________‬
‫(‪[ )1‬البحر الرائق] البن نجيم (‪ )462\2‬و[الهداية شرح بداية المبتدئ] لبرهان الدين المرغيناني (‪.)532-531\2‬‬
‫(‪[ )2‬اإلنصاف] للمرداوي (‪.)191\3‬‬
‫(‪[ )3‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية] (‪.)100-99\25‬‬
‫(‪[ )4‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية] (‪.)100\25‬‬
‫(‪[ )5‬المغني] البن قدامة (‪.)330\4‬‬
‫(‪ )6‬نقل هذا القول عن الحسن وابن سيرين ابن قدامة في [المغني] (‪.)330\4‬‬
‫(‪ )7‬أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الصوم ‪ /‬باب إذا أخطأ القوم الهالل (‪ ، )2325‬وابن ماجه في سننه في كتاب‬
‫الصيام ‪ /‬باب ما جاء في شهري العيد (‪ ، )1710‬وقال عنه األلباني ‪ :‬صحيح [صحيح سنن أبي داود لإلمام‬
‫األلباني (‪ )50\2‬رقم الحديث (‪.])2324‬‬

‫‪24‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫بعد استعراض األقوال واألدلة بدا لي أن الراجح يدور بين القول باإلباحة ‪ ،‬والقول بالتحريم ‪،‬‬
‫أما القول بالوجوب فبعيد ؛ لعدم الدليل الذي ينتهض على تأثيم من ال يصوم ذلك اليوم ‪ ،‬وفي ظني‬
‫أن ما جعلهم يقولون بذلك هو احتياطهم للعبادة ‪ ،‬وتقدم معنا أن االحتياط إنما يفيد الورع‬
‫واالستحباب ‪ ،‬وال يقوى على اإليجاب ‪ ،‬الذي يأثم بموجبه من ترك ذلك الفعل ‪ ،‬ففي رأيي أن‬
‫صيام هذا اليوم إما أنه محرم أو مكروه ؛ ألنه هو يوم الشك ‪ ،‬أو أنه مباح كمن شك في طلوع‬
‫الفجر مع وجود الحائل ‪ ،‬فله أن يمسك ‪ ،‬وله أن يأكل حتى يتيقن طلوع والفجر ‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫دخول الشهر بإتمام الشهر السابق ثالثين يومًا‬

‫إذا لم يَر الهالل ليلة الثالثين ‪ ،‬فإن الشهر الحالي يكون تامًا ثالثين يومًا ثم بعد ذلك يدخل‬
‫الشهر الذي بعده ؛ ألن الشهر القمري ال يمكن أن يزود في حال من األحوال عن ثالثين يومًا ؛‬
‫لقوله – صلى هللا عليه وسلم – في حديث ابن عمر – رضي هللا عنهما – ‪« :‬الشهُر ِتسٌع‬
‫وعشروَن ليلًة‪ ،‬فال تصوُم وا حّتى َتَر وُه‪ ،‬فِإْن ُغ َّم عليكم فأكِم لوا الِع َّدَة ثالثين»(‪ ، )1‬فيفهم منه أنه ال‬

‫يزاد في الشهر عن ثالثين يومًا ‪ ،‬فإما أنهم يروا الهالل ليلة الثالثين ‪ ،‬فيدخل الشهر في ذلك اليوم‬
‫‪ ،‬ويصبح الشهر السابق ناقصًا – أي تسعة وعشرون يومًا – أو أال يروا الهالل فيكمل الشهر‬
‫السابق – أي ثالثين يومًا – ويدخل الشهر بعد يوم الثالثين ‪ ،‬ويدل على ذلك صراحة ما رواه‬
‫الحاكم بسنده عن ابن عمر – رضي هللا عنهما – أن رسول – صلى هللا عليه وسلم – قال ‪« :‬إن‬
‫هللا قد جعل األهلة مواقيت فإذا رأيتموه فصوموا ‪ ،‬وإذا رأيتموه فافطروا ‪ ،‬فإن غم عليكم فاقدروا‬
‫له ‪ ،‬واعلموا أن الشهر ال يزيد على ثالثين»(‪ ، )2‬وقد أجمع العلماء عـلى ذلك ‪ ،‬حيث قال ابن‬

‫رشد ‪ " :‬فأما ظرف الزمان فإن العلماء أجمعوا على أن الشهر العربي يكون تسعًا وعشرين ‪،‬‬
‫ويكون ثالثين"(‪.)3‬‬

‫_______________‬
‫(‪ )1‬سبق تخريجه في (صـ ‪.)18‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه الحاكم – واللفظ له – في المستدرك كتاب الصوم \ باب الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر (‪ )1579‬وقال‬
‫عن الحديث ‪ " :‬هذا حديث صحيح اإلسناد ‪ ،‬على شرطهما ‪ ،‬ولم يخرجها" ‪ ،‬وأخرجه كذلك البيهقي في السنن الكبرى‬
‫في كتاب الصيام \ باب الصوم لرؤية الهالل أو استكمال العدد ثالثين (‪.)7931‬‬
‫(‪[ )3‬بداية المجتهد] البن رشد (‪.)557\2‬‬

‫‪26‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫دخول الشهر بالحساب الفلكي‬

‫هناك من يقول أن الحساب الفلكي طريقًا من طرق ثبوت دخول الشهر القمري ‪ ،‬على‬

‫اختالف بينهم هل األخذ به واجب ‪ ،‬أم جائز ‪ ،‬أم يجوز في حال دون حال ‪ ،‬وهذا كله إنما قال‬

‫به المتأخرون ‪ ،‬أما المتقدمين والسلف فلم ينقل عن أحد منهم القول بهذا القول ‪ ،‬إال ما سنبينه‬

‫في الفصل القادم‪.‬‬

‫وتحقيق هذه المسألة ‪ ،‬واألقوال فيها ‪ ،‬وقائليها ‪ ،‬وتحقيق نسبة األقوال إليهم ‪ ،‬وأدلة كل قول‬

‫هو موضوع الفصل الثاني من هذا البحث ‪ ،‬فالكالم عن هذا كله موجود في الفصل الثاني‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫ثبوت دخول الشهر القمري بالحساب الفلكي‬

‫قد اختلف العلماء وغيرهم – من الفلكيين – في هذه المسألة على أقوال سوف‬
‫يتضح لك أصل الخالف ووضعه ‪ ،‬ومدى قوة كل قول من خالل النقاط التالية ‪:‬‬

‫منشأ الخالف ‪:‬‬


‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية – رحمه هللا – عن هذه المسألة ‪ " :‬وال ُيعرف فيه خالف قديم‬
‫أصًال ‪ ،‬وال خالف حديث ‪ ،‬إال بعض المتأخرين من المتفقهة الحادثين بعد المائة الثالثة زعم أنه‬
‫إذا غم الهالل جاز للحاسب أن يعمل في حق نفسه بالحساب ‪ ،‬فإن كان الحساب دل على الرؤية‬
‫صام وإال فال ‪ ،‬وهذا القول وإن كان مقيدًا باإلغمام ومختصًا بالحاسب فهو شاذ ‪ ،‬مسبوق‬
‫(‬
‫باإلجماع على خالفه ‪ ،‬فأما إتباع ذلك في الصحو ‪ ،‬أو تعليق عموم الحكم العام به فما قاله مسلم"‬

‫‪.)1‬‬

‫األقوال في المسألة ‪:‬‬


‫قُـيل في هذه المسألة أقوال أهمها ‪:‬‬

‫القول األول ‪:‬‬


‫ال يجوز االعتماد على الحساب الفلكي في ثبوت دخول الشهر إطالقًا ‪ ،‬وهذا قول السلف قاطبة‬
‫– إال ما حـكي عن عـدد قـليل منهم ‪ ،‬سـوف نبين مدى صحة نسبة القول إليهم فيما يأتي(‪ – )2‬وقـد‬
‫_______________‬
‫(‪[ )1‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية] (‪.)133-132\25‬‬
‫(‪ )2‬انظر (صـ ‪.)42-41‬‬

‫‪28‬‬
‫(‬
‫حكى اإلجماع على هذا القول شيخ اإلسالم ابن تيمية(‪ )1‬وابن المنذر(‪ )2‬وابن عابدين(‪ ، )3‬وابن رشد‬
‫‪ ، )4‬وغيرهم ‪ ،‬وهو قول جمهور المعاصرين‪.‬‬

‫أدلة القول األول ‪:‬‬


‫الدليل األول ‪ :‬قول تعالى ‪َ{ :‬فَم ن َش ِهَد ِم نُك ُم الَّش ْهَر َفْلَيُص ْم ُه} (‪ )185‬سورة البقرة‪.‬‬
‫وجه الداللة ‪ :‬قال الشيخ صالح اللحيدان ‪ -‬حفظه هللا ‪ " : -‬والمراد بالشهود رؤيـة الهالل كمـا‬
‫هو المتبادر ‪ ،‬وبه فسره أهل العلم العارفون بمدلول لغة القـرآن وهم القـدوة في ذلـك ال من خـالف‬
‫إجماع السلف"(‪.)5‬‬

‫جواب من قال بالحساب عن االستدالل بهذه اآلية ‪ :‬أن (شهد) في اللغة لها أربعة معانٍ ‪:‬‬
‫‪ -1‬بمعنى (أخبر) ‪ ،‬مثل ‪ :‬شهد عند الحاكم‪.‬‬
‫‪ -2‬بمعنى (اطلع على األمر وعاينه) ‪ ،‬مثل ‪ :‬شهدت فالنًا يصلي في المصلى‪.‬‬
‫‪ -3‬بمعنى (حضر) ‪ ،‬مثل ‪ :‬شهدنا العيد‪.‬‬
‫‪ -4‬بمعنى (علم) ‪ ،‬ومنه قوله تعالى {َش ِهَد ُهّللا َأَّنُه َال ِإَلَه ِإَّال ُهَو } (‪ )18‬سورة آل عمران‪.‬‬
‫وعليه فصوم رمضان وشهوده يصح بهذه المعاني األربعة مجتمعة ‪ ،‬كما يصح بواحد منها(‪.)6‬‬

‫مناقشــة هــذا الجــواب ‪ :‬حين رجعت إلى كتب التفســير وجــدت أن اآليــة ال تدل على قــول من‬
‫األقوال المذكورة في المسألة ‪ ،‬وأن اآلية ال يمكن أن يستدل بها على شيء ممـا قيـل في المسـألة ؛‬
‫ألن مـوضوعهـا خارج عـن محل النزاع أصًال ‪ ،‬قـال إمام المفسرين ابن جرير الطبري – رحمه‬
‫هللا – ما ملخصه ‪ " :‬اختلف أهل التأويل في معنى [شهود الشهر] فقال بعضهم هو مقــام المقيم في‬
‫داره ‪ ،‬قالوا ‪ :‬فمن دخل عليه شهر رمضان وهو مقيم في داره فعليه صوم الشهر كله ‪ ،‬غــاب بعــد‬
‫فسافر أو أقام فلم يبرح" ‪ ،‬ثم ذكر أن هذا القول قول ابن عباس وجماعة من التابعين وغيرهم ‪ ،‬ثم‬
‫قال ‪ " :‬وقال آخرون ‪ :‬معنى ذلك ‪ :‬فمن شهد منكم الشهر فليصمه ما شهد منه" ‪ ،‬ثم ذكر أن هــذا‬
‫(‬ ‫قول جماعة من التابعين وغيرهم ‪ ،‬ثم قال ‪ " :‬وقال آخرون ‪َ{ :‬فَم ن َش ِهَد ِم نُك ُم الَّش ْهَر َفْلَيُص ْم ُه}‬
‫‪ )185‬سورة البقرة ‪ ،‬يعـني ‪ :‬فـمـن شهـده عاقًال بالغًا مكـلفًا فـليصمه ‪ ،‬ومـمـن قـال بذلك أبـو حـنـيـفـة‬
‫_______________‬
‫(‪[ )1‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية] (‪.)132\25‬‬
‫(‪ )2‬نقله عنه الحافظ ابن حجر في [فتح الباري] (‪.)158\4‬‬
‫(‪[ )3‬حاشية ابن عابدين] (‪.)408\3‬‬
‫(‪[ )4‬بداية المجتهد] البن رشد (‪.)557\2‬‬
‫(‪[ )5‬مجلة البحوث العلمية] (صـ ‪ ، )95‬عدد (‪.)27‬‬
‫(‪ )6‬انظر ما كتبه الدكتور أمير حسين حسن في [مجلة األزهر] (صـ ‪ )1315‬عدد شعبان ‪1418‬هـ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫وأصحابه" ‪ ،‬ثم رجح أن المعنى الصحيح هو ‪ :‬فليصم جميع ما شهد منه مقيمًا(‪.)1‬‬

‫فمن خالل العرض السابق يتضح أن العلماء والمفسرين لم يــذكروا أن اآليــة لهــا عالقــة برؤيــة‬

‫الهالل ‪ ،‬وحتى سياق اآلية ال يشعر بذلك ‪َ{ :‬ش ْهُر َر َم َض اَن اَّل ِذَي ُأنـِز َل ِفيـِه اْلُق ْر آُن ُه ًدى ِّللَّن اِس‬
‫َو َبِّيَناٍت ِّم َن اْلُهَدى َو اْلُفْر َقاِن َفَم ن َش ِهَد ِم نُك ُم الَّش ْهَر َفْلَيُص ْم ُه َو َم ن َك اَن َم ِر يًضا َأْو َع َلى َس َفٍر َفِع َّد ٌة ِّم ْن‬
‫َأَّياٍم ُأَخ َر } (‪ )185‬سورة البقــرة ‪ ،‬وبهذا – حسب ما أرى – يســقط االســتدالل باآليــة في هــذه المســألة ؛‬
‫ألنها كما أسلفت موضوعها مغاير لموضوع مسألتنا‪.‬‬
‫وبناءًا على ذلك ال نناقش الدليل ‪ ،‬وال االستدالل به ‪ ،‬وال الجواب عن االستدالل به‪.‬‬

‫الدليل الثاني ‪ :‬عن أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول هللا – صلى هللا عليه وسلـم‬
‫– ‪ِ« :‬إَذ ا َر َأْيُتُم اْلِهَالَل َفُصوُم وا ‪َ ،‬و ِإَذ ا َر َأْيُتُم وُه َفَأْفِط ُروا ‪َ ،‬فِإْن ُغ َّم َع َلْيُك ْم َفُصوُم وا َثَالِثيَن َيْو مًا»(‪.)2‬‬

‫وجه الداللة ‪ :‬أن الشرع جعل عالمة أول الشهر ‪ :‬الهالل ال غير ‪ ،‬وأنه ليس ألول الشهر حد‬
‫عام سواه(‪.)3‬‬

‫الدليل الثالث ‪ :‬عن ابن عمر – رضــي هللا عنهمــا – أن رســول هللا – صــلى هللا عليــه وســلم –‬
‫قال‪« :‬إذا َر أيُتموُه فصوموا ‪ ،‬وِإذا رَأيُتموُه فأفِط روا ‪ ،‬فإن ُغ َّم عليكم فاْقُدُروا له»(‪.)4‬‬

‫وجه الداللة ‪ :‬أن الشرع حصر طرق ثبوت دخول الشهر بأحد طريقين ال ثالث لهمــا ‪ :‬رؤيــة‬
‫الهالل أو إكمال الشهر ‪ ،‬وإضافة طريقة ثالثــة لثبــوت دخــول الشــهر هــو اســتدراك على الشــارع‬
‫الحكيم العليم ‪ ،‬وقد قال تعالى {َو َم ن ُيَش اِقِق الَّرُسوَل ِم ن َبْع ِد َم ا َتَبَّيَن َل ُه اْلُه َدى َو َيَّتِب ْع َغْي َر َس ِبيِل‬
‫اْلُم ْؤ ِمِنيَن ُنَو ِّلِه َم ا َتَو َّلى َو ُنْص ِلِه َجَهَّنَم َو َس اءْت َم ِص يًرا} (‪ )115‬سورة النساء‪.‬‬

‫_______________‬
‫(‪[ )1‬تفسير ابن جرير الطبري] (‪.)198 -193 \2‬‬
‫(‪ )2‬سبق تخريجه في (صـ ‪.)13‬‬
‫(‪ )3‬الشيخ بكر أبو زيد في [مجلة مجمع الفقه اإلسالمي] العدد الثالث لعام ‪1408‬هـ (‪.)820\2‬‬
‫(‪ )4‬سبق تخريجه في (صـ ‪.)13‬‬

‫‪30‬‬
‫الدليل الرابع ‪ :‬عن ابن عباس – رضي هللا عنهما – أن رســول هللا – صــلى هللا عليــه وســلم –‬
‫ذكر رمضان فقال ‪« :‬ال َتُصوُم وا َقْبَل َر َم َض اَن ‪ُ ،‬صوُم وا ِلُر ْؤ َيِتِه ‪ ،‬وأْفِط ُروا ِلُر ْؤ َيِت ِه ‪ ،‬فإْن َح اَلْت‬
‫ُدوَنُه َغ َياَبٌة فأْك ِم ُلوا ثالثين َيْو مًا»(‪.)1‬‬

‫وجه الداللة ‪ :‬أن النبي – صلى هللا عليه وسلم – أمرنا أن نصوم لرؤية الهالل ‪ ،‬وأن نفطر‬
‫لرؤيته ‪ ،‬وأمرنا فيما إذا غم علينا أن نكمل الشهر ثالثين ‪ ،‬ولم يدع لنا خيارًا آخر ‪ ،‬ولم يأمرنا‬
‫بالرجوع إلى علماء الفلك والنجوم ‪ ،‬ولو كان قولهم هو األصل وحده أو أصًال آخر مع الرؤية في‬
‫إثبات الشهر لبين ذلك(‪.)2‬‬

‫الدليل الخامس ‪ :‬عن َعاِئَش َة – رضــي هللا عنهـا – قــال ‪َ« :‬ك اَن َر ُس وُل هللا – صــلى هللا عليـه‬
‫وسلم – َيَتَح َّفُظ ِم ْن َشْع َباَن ماَال َيَتَح َّفُظ ِم ْن َغْيِر ِه ‪ُ ،‬ثَّم َيُص وُم لُر ْؤ َي ِة َر َم َض اَن ‪َ ،‬ف ِإْن ُغ َّم عَلْي ِه َع ــَّد‬
‫َثَالِثيَن َيْو مًا ُثَّم صام»(‪.)3‬‬
‫وجه الداللة ‪ :‬نفس وجه الداللة السابق‪.‬‬
‫جواب من قال بالحساب عن االستدالل بهذه األحاديث السابقة ‪ :‬أن كلمــة [الرؤيــة] في القــرآن‬
‫لها ستة معانٍ أساسية هي ‪:‬‬
‫‪ -1‬بمعنى العلم بالشيء‪ ،‬كما في قوله تعالى‪َ{:‬أَلْم َتَر َكْيَف َفَعَل َر ُّبَك ِبَأْص َح اِب اْلِفيِل }(‪ )1‬سورة الفيل‪.‬‬
‫‪ -2‬بمعنى التقدير والحساب ‪ ،‬كما في قوله تعالى ‪َ{ :‬فانُظْر َم اَذ ا َتَر ى} (‪ )102‬سورة الصافات‪.‬‬
‫‪ -3‬بمعنى الحسابات العلمية البحتــة والتجــارب المعمليــة ‪ ،‬كمــا في قولــه تعــالى ‪َ{ :‬و َي َر ى اَّل ِذ يَن‬
‫ُأوُتوا اْلِع ْلَم اَّلِذ ي ُأنِز َل ِإَلْيَك ِم ن َّر ِّبَك ُهَو اْلَح َّق َو َيْهِد ي ِإَلى ِص َر اِط اْلَع ِز يِز اْلَحِم يِد } (‪ )6‬سورة سبأ‪.‬‬
‫‪ -4‬بـمعـنى البصــر ‪ ،‬كمــا في قـــوله تعـــالى ‪{ :‬فَـَلَّم ـــا َر آَه ا َتهْـَتــُّز َك ـَأَّنَهـــا َج اٌّن َو َّلى ُم ْد ِبًرا َو َلْم‬
‫ُيَع ِّقْب } (‪ )31‬سورة القصص‪.‬‬
‫‪ -5‬بـمعـــنى الـتذكـــير ‪ ،‬كمــا في قـــوله تعـــالى ‪َ{ :‬أَر َأْيـــَت ِإذ َأَو ْيـَنـــا ِإَلى الَّص ْخ َر ِة َف ِإِّني َنِس يُت‬
‫اْلُح وَت } (‪ )63‬سورة الكهف‪.‬‬
‫_______________‬
‫(‪ )1‬أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب من قال فإن غم عليكم فصوموا ثالثين (‪ ، )2328‬والترمذي في‬
‫سننه في كتاب الصوم ‪ /‬باُب ما َج اء أَّن الَّصْو َم ِلُر ْؤ َيِة الهَالِل واإلْفَطاَر َلُه (‪ ، )682‬والنسائي في سننه في كتاب‬
‫الصيام ‪ /‬باب ذكر االختالف على عمرو بن دينار في حديث ابن عباس فيه (‪ ، )2125‬وأحمد في مسنده (‪، )1994‬‬
‫قال األلباني ‪ :‬صحيح [صحيح سنن أبي داود لإلمام األلباني (‪ )51\2‬رقم الحديث (‪.])2327‬‬
‫(‪[ )2‬مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه هللا –] (‪.)111\15‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب إذا أغمي الشهر (‪ ، )2326‬وأحمد في مسنده (‪ ، )24764‬قال‬
‫األلباني ‪ :‬صحيح [صحيح أبي داود لإلمام األلباني (‪ )50\2‬رقم الحديث (‪.])2325‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -6‬بمعنى الرؤيا المنامية‪ ،‬كما في قوله تعالى‪ِ{:‬إِّني َأَر ى ِفي اْلَم َناِم َأِّني َأْذ َبُحَك }(‪ )102‬سورة الصافات‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬والمعاني األربعة األولى تجمعهــا وتســاويها كلمــة [شهد] في قولــه تعــالى ‪َ{ :‬فَم ن َش ِهَد‬
‫ِم نُك ُم الَّش ْهَر َفْلَيُص ْم ُه} (‪ )185‬سورة البقرة ‪ ،‬وعليه فال تختص كلمة [رأى] الواردة في الحديث بمعــنى‬
‫الرؤية البصرية ‪ ،‬بل تشمل كل المعاني األربعة ‪ ،‬فمتى حصل واحد منها دخل الشهر(‪.)1‬‬

‫مناقشة هذا الجواب ‪ :‬عند الرجوع إلى أصل كلمة [رأى] في اللغة نرى أنها تطلق على احد‬
‫معنيين ‪ :‬الرؤية البصرية ‪ ،‬والرؤية العلمية فقط ‪ ،‬قال ابن فارس ‪ " :‬الراء والهمزة والياء أصل‬
‫يدل على نظر وإبصار بعين وبصيرة"(‪ ، )2‬وعند تأمل المعاني الستة السابقة نجد أنها ترجع إلى‬

‫هذين المعنيين – الرؤية البصرية والرؤية العلمية – وأنها تفريعات على هذين المعنيين ‪ ،‬مع أن‬
‫بعضها ال دليل عليه – كالمعنى الثاني والثالث – كما أن حصر المعاني األربعة األولى في‬
‫اختصاصها بمعنى [رأى] الواردة في الحديث ال دليل عليه أيضًا‪.‬‬
‫فإذا علمنا أن كلمة [رأى] على الصحيح تنحصر في المعنيين السابقين لزمنا الدليل على تعيين‬
‫أحدهما دون اآلخر‪.‬‬
‫ونحن نقول أن [رأى] الواردة في الحديث تختص بمعنى الرؤية البصرية والدليل على ذلك ما‬
‫يلي ‪:‬‬
‫أن هذا هو ما دل عليه فعله الرسول – صلى هللا عليه وسلم ‪ ، -‬فقد كان يتراءى الهالل فإن‬ ‫‪-1‬‬
‫رآه ليلة الثالثين وإال أكمل الشهر ثالثين يومًا (‪ ، )3‬وترائيه يدل على أن مقصوده – صلى هللا‬
‫عليه وسلــم – بقوله «َُصوُم وا ِلُر ْؤ َيِتِه»(‪ )4‬أي ‪ :‬صوموا لرؤيته الرؤية البصرية ‪ ،‬وهو من‬

‫قال الحديث ‪ ،‬وهو أعلم بمراده‪.‬‬


‫(‪)5‬‬
‫وهذا ما فعله الصحابة – رضي هللا عنهم – من بعده حيث كانوا يتراءونه ‪ ،‬مما يدل‬

‫على أنهم فهموا من قول الرسول – صلى هللا عليه وسلم – السابق الرؤية البصـرية ال‬
‫العلمية ‪ ،‬وهم أعلم باللغة ومقاصد الشريعة من غيرهم‪.‬‬
‫أن كلمة [رأى] في اللغة العربية إذا كانت متعدية إلى مفعول واحد فهي بصرية ‪ ،‬وإذا كانت‬ ‫‪-2‬‬
‫مـتـعـديـة إلى مـفـعـولـيـن فهي عـلمـيـة(‪ ، )6‬وكـلـمـة [رأى] مـتعـدية إلى مفعـول واحـد كـمـا‬
‫_______________‬
‫(‪ )1‬الدكتور أمير حسين حسن في [مجلة األزهر] (صـ ‪ )1316 -1315‬عدد شعبان ‪1418‬هـ‪.‬‬
‫(‪[ )2‬معجم مقاييس اللغة] البن فارس (‪.)472\2‬‬
‫(‪ )3‬كما سبق معنا في حديث – عائشة – رضي هللا عنها – وقد سبق تخريجه في (صـ ‪.)29‬‬
‫(‪ )4‬سبق تخرجه من حديث أبي هريرة – رضي هللا عنه – في (صـ ‪.)13‬‬
‫(‪ )5‬كما سبق معنا من فعل ابن عمر – رضي هللا عنهما – وقد سبق تخرجه في (صـ ‪.)19‬‬
‫(‪ )6‬انظر [ضياء السالك إلى أوضح المسالك] لمحمد النجار (‪.)373-359\1‬‬

‫‪32‬‬
‫في الحديث «ِإَذ ا َر َأْيُتُم اْلِهَالَل َفُصوُم وا ‪َ ،‬و ِإَذ ا َر َأْيُتُم وُه َفَأْفِط ُروا ‪َ ،‬فِإْن ُغ َّم َع َلْيُك ْم َفُصوُم وا َثَالِثيَن‬
‫َيْو مًا»(‪ ، )1‬فكلمة [رأيتم] قد نصبت مفعوًال واحدًا وهو [الهالل] ‪ ،‬ولم تنصب غيره فدل على أن‬
‫المراد بها الرؤية البصرية(‪.)2‬‬
‫قوله – صلى هللا عليه وسلم – ‪َ« :‬فِإْن ُغ َّم َع َلْيُك ْم »(‪ )3‬يدل على أن المراد بالرؤية هنا الرؤية‬ ‫‪-3‬‬

‫البصرية ‪ ،‬وال يدع مجاًال ألن يكون المراد بالرؤية الرؤية العلمية ‪ ،‬ألنه – صلى هللا عليه‬
‫وسلم – لو أراد الرؤية العلمية لما قال «َفِإْن ُغ َّم َع َلْيُك ْم » ‪ ،‬فإن اإلغمام إنما يحجب الرؤية‬
‫البصرية ‪ ،‬وهذا ظاهر‪.‬‬

‫الدليل السادس ‪ :‬إجماع المسلمين على مــوجب هــذه النصــوص ‪ ،‬وأنــه ال االعتمــاد في دخــول‬
‫الشهر على الحساب الفلكي ‪ ،‬وقد حكى اإلجمــاع – كمــا ســبق – شيخ اإلســالم ابن تيميــة(‪ )4‬وابن‬
‫المنذر(‪ )5‬وابن عابدين(‪ ، )6‬وابن رشد(‪ ، )7‬وغيرهم‪.‬‬

‫فكل من قال بغير هذا القول فهو مسبوق بإجماع المسلمين الذي ال تجوز مخالفته‪.‬‬

‫الدليل السابع ‪ :‬أن الشرع علّــق األحكام التعبدية الشهرية على األهلة بطــريقي اليقين ‪ :‬الرؤيــة‬
‫أو اإلكمال وذلك لما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬لسهولته ‪ ،‬ويسر يقينيته‪.‬‬
‫‪ -2‬ألنه ال يدخله الخطأ‪.‬‬
‫‪ -3‬ألن كل نظام سواه األصل فيه الخطأ ‪ ،‬كالحساب فإنــه مــع عســره ونــدرة العــارف بــه يدخلــه‬
‫الخطأ كثيرًا(‪ )8‬كما سيأتي(‪.)9‬‬
‫_______________‬
‫(‪ )1‬سبق تخرجه من حديث ابن عمر – رضي هللا عنهما – في (صـ ‪.)13‬‬
‫(‪ )2‬ممن ذكر أن المراد بالرؤية في الحديث الرؤية البصرية الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه هللا – حيث قال بعد ذكر‬
‫أن دعوى أن الرؤية في الحديث هي الرؤية العلمية دعوى مردودة ‪ " :‬ألن الرؤية في الحديث متعدية إلى مفعول واحد‬
‫فكانت بصرية ال علمية" [انظر مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه هللا – (‪.)111\15‬‬
‫(‪ )3‬سبق تخرجه من حديث ابن عمر – رضي هللا عنهما – في (صـ ‪.)13‬‬
‫(‪[ )4‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية] (‪.)132\25‬‬
‫(‪ )5‬نقله عن الحافظ ابن حجر في [فتح الباري] (‪.)158\4‬‬
‫(‪[ )6‬حاشية ابن عابدين] (‪.)408\3‬‬
‫(‪[ )7‬بداية المجتهد] البن رشد (‪.)557 \2‬‬
‫(‪ )8‬الشيخ بكر أبو زيد في [مجلة مجمع الفقه اإلسالمي] العدد الثالث لعام ‪1408‬هـ (‪.)821\2‬‬
‫(‪ )9‬انظر (صـ ‪.)45 -43‬‬

‫‪33‬‬
‫الدليل الثامن ‪ :‬أن اليقين في دخول الشهر يتحقق بأمر محـسـوس حـقـيـقـة أو حـكمًا ‪ ،‬حـقـيـقـة‬
‫محسوسة باإلهالل ‪ ،‬وفي حكم المحسوسة باإلكمال ‪ ،‬وأنه بأمر ال مدخل للعباد فيه ‪ ،‬بل هــو ســنة‬
‫كونية ثابتة ‪ ،‬وصاحب الشرع أشعر بحصر السبب فيهما ولم ينصب سببًا سواهما‬
‫ووجه التيقن باإلكمال ‪ :‬أنه استصحاب األصل ‪ ،‬إذ األصل بقاء الشهر وكماله ‪ ،‬فال يــترك هــذا‬
‫األصل إال ليقين ‪ ،‬بناءًا على أن ما ثبت بيقين ال يزول إال بمثله(‪.)1‬‬

‫القول الثاني ‪:‬‬


‫يجب االعتماد على الحساب الفلكي في إثبات دخول الشهر مطلقًا ‪ ،‬ومعنى ذلــك أن الشــهادة إذا‬
‫خالفت الحساب الفلكي ُردت ‪ ،‬وهذا لم يقل به أحد من المتقدمين إطالقًا ‪ ،‬بل قال شيخ اإلسالم ابن‬
‫تيمية أن هذا القول ما قاله مسلم(‪ ، )2‬وإنما نطق به كثير من الفلكيين ‪ ،‬وتبعهم عدد قليل من الفقهاء‬
‫المعاصرين(‪.)3‬‬

‫أدلة القول الثاني ‪:‬‬


‫الدليل األول ‪ :‬عن ابن عمر – رضي هللا عنهما – أن رسول هللا – صلى هللا عليه وسلم – قال‪:‬‬
‫«إذا َر أيُتموُه فصوموا ‪ ،‬وِإذا رَأيُتموُه فأفِط روا ‪ ،‬فإن ُغ َّم عليكم فاْقُدُروا له»(‪.)4‬‬

‫وجه الداللة ‪ :‬أن الحديث يشير صراحة إلى التقدير والحساب وإعمال الذهن والعقل «فاْق ُدُروا‬
‫له» ‪ ،‬وهي الحالة العامة ‪ ،‬فهو يحض صراحة على األخذ بالحساب والعلم متى توافرت أسبابهما‬
‫من أدوات رياضية وأجهزة علمية وحاسبين يؤمن بينهم الخطأ(‪.)5‬‬

‫وهذا أقوى ما استدلوا به‪.‬‬


‫الجواب عن هذا الدليل ‪ :‬أن األحاديث التي ورد فـيها لـفـظ «فاْقُدُروا له» جـاءت عـلى روايات‬
‫_______________‬
‫(‪ )1‬الشيخ بكر أبو زيد في [مجلة مجمع الفقه اإلسالمي] العدد الثالث لعام ‪1408‬هـ (‪.)822 - 821\2‬‬
‫(‪ )2‬حيث قال في [مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية] (‪ " : )133\25‬فأما إتباع ذلــك في الصــحو ‪ ،‬أو تعليــق‬
‫عموم الحكم العام به فما قاله مسلم" ‪ ،‬واإلشارة في قوله " فأما إتباع ذلك" تعود إلى الحساب الفلكي‬
‫(‪ )3‬من الفقهاء المعاصرين الذين قالوا بذلك اطلعت على قول الشيخ طنطاوي جـوهري فــقط ‪ ،‬وقــد نقــل قــوله هـذا‬
‫عبد الكريم محمد نصر في كتابه [الفلك العلمي] (صـ ‪.)131‬‬
‫(‪ )4‬سبق تخريجه في (صـ ‪.)13‬‬
‫(‪ )5‬انظر ما كاتبه الدكتور أمير حسين حسن في [مجلة األزهر] (صـ ‪ )1318‬عدد شعبان ‪1418‬هـ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫عدة في لفظ «فاْقُدُروا له» هي ‪:‬‬
‫‪ -1‬فأتموا العدة ثالثين‪.‬‬
‫‪ -2‬فأتموا شعبان ثالثين‪.‬‬
‫‪ -3‬فأكملوا ثالثين‪.‬‬
‫‪ -4‬حتى تروا الهالل أو تكملوا العدة‪.‬‬
‫‪ -5‬فصوموا ثالثين‪.‬‬
‫‪ -6‬أحصوا عدة شعبان لرمضان‪.‬‬
‫‪ -7‬فأكملوا العدة ثالثين ‪ .‬من حديث ابن عمر‪.‬‬
‫‪ -8‬فأكملوا العدة ثالثين فإنها ليست تغمى عليكم ‪ .‬أبو هريرة‪.‬‬
‫‪ -9‬فعدوا ثالثين ‪ .‬أبو هريرة ‪ ،‬وابن عمر‪.‬‬
‫‪ -10‬فاكلموا العدة ‪ .‬أبو هريرة‪.‬‬
‫‪ -11‬فأكملوا عدة شعبان ثالثين يومًا ‪ .‬أبو هريرة‪.‬‬
‫‪ -12‬فصوموا ثالثين يومًا ‪ .‬أبو هريرة‪.‬‬
‫‪ -13‬فعدوا له ثالثين يومًا‪ .‬ابن عمر‪.‬‬
‫‪ -14‬فاقدروا له ثالثين ‪ .‬أبو هريرة ‪ ،‬وابن عمر‪.‬‬
‫‪ -15‬فاقدروا له ‪ .‬أبو هريرة ‪ ،‬وابن عمر(‪.)1‬‬

‫فإذا نظرنا إلى رواية «فاْقُدُروا له» وجدناها رواية واحدة ُم فسرة بــأربع عشــرة روايــة ‪ ،‬وليس‬
‫من الفقه إفراد تلك الرواية وبترها عن الروايات الواردة في نفس الحديث‪.‬‬
‫ومن المتقــرر في علم أصــول الفقــه أن المجمــل يحمــل على المــبين ‪ ،‬وعليــه فتكــون روايــة‬
‫«فاْق ُدُروا لــه» روايــة مجملــة قــد بّيـــنتها الروايــات األخــرى الكثــيرة ‪ ،‬وعليــه فإن جميــع مــورد‬
‫الروايات واحد ‪ ،‬وإن اختلفت ألفاظها‪.‬‬
‫وهذا المعنى الذي ذكرناه هو الذي فهمه الكثرة الغالبة من المحدثين والفقهاء والشّراح‪.‬‬
‫" وقد تنبه لذلك الحذاق من المحدثين إلى صنيع اإلمام مالك في موطئه ‪ ،‬وصنيع البخاري في‬
‫الجامع الصحيح ‪ ،‬حيث أورد كل منهما حديث ابن عمر الذي فيه رواية «فاْقُدُروا له» ‪ ،‬ثم أتبعــاه‬
‫بحديث ابن عمر اآلخر والذي نصه ‪« :‬الشهُر ِتسٌع وعشروَن ليلًة ‪ ،‬فال تصوُم وا حّتى َتَر وُه ‪ ،‬فِإْن‬

‫_______________‬
‫(‪ )1‬حصر هذه الروايات وذكرها الشيخ بكر أبو زيد في [مجلة مجمع الفقه اإلسالمي] العدد الثالث لعام ‪1408‬هـ (‪\2‬‬
‫‪.)830‬‬

‫‪35‬‬
‫ُغ َّم عليكم فأكِم لوا الِع َّدَة ثالثين»(‪.)2( ")1‬‬

‫حتى إن من قال بالحساب الفلكي من علماء المسلمين فّسر رواية «فاْق ُدُروا لـه» بـالمعنى الـذي‬
‫ذكرنــاه ‪ ،‬ومنهم ابن الســبكي – وهــو من قــال بالحســاب الفلكي بشــروط على وجــه الجــواز ال‬
‫الوجوب كما سيأتي – حيث قال ‪ " :‬قوله ‪« :‬فاْقُدُروا له» قال بعض من يقــول باعتمــاد الحســاب ‪:‬‬
‫احسبوا له ‪ ،‬وقالت الحنابلة ‪ :‬ضيقوا ‪ ،‬وألجل ذلك رأوا جواز صوم يوم الشك ‪ ،‬والصحيح خالف‬
‫القولين ‪ ،‬وأن معناه ما رواه البخاري صريحًا ‪ :‬فأكملوا عدة شعبان ثالثين"(‪.)3‬‬

‫ثم بعد ذلك كله قــد روى الــبيهقي بســنده عن ابن عمــر – رضــي هللا عنهمــا – أن رســول هللا –‬
‫صلى هللا عليه وسلم – قال ‪« :‬إن هللا تعالى جعل األهلــة مــواقيت ‪ ،‬فإذا رأيتمــوه فصــوموا ‪ ،‬وإذا‬
‫رأيتموه فأفطروا ‪ ،‬فإن غم عليكم فاقدروا له ‪ ،‬أتموه ثالثين»(‪ ، )4‬فهذه الرواية الصحيحة صريحة‬
‫في تفسير المرفوع بالمرفوع(‪.)5‬‬

‫الدليل الثاني ‪ :‬قوله تعالى ‪{ :‬الَّش ْم ُس َو اْلَقَم ُر ِبُحْس َباٍن } (‪ )5‬سورة الرحمن ‪ ،‬فاهلل أوجد هذه األجرام‬
‫السماوية بعلم وحساب وحكمــة ‪ ،‬فهي ال تســير عشــوائيًا ‪ ،‬بــل إن هللا طلب منا صــراحة أن نتعلم‬
‫كيف تسير هذه األجرام فقال تعالى ‪َ{ :‬و ِلَتْع َلُم وْا َعَدَد الِّس ِنيَن َو اْلِحَس اَب } (‪ )12‬ســورة اإلســراء ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫{ُهَو اَّلِذ ي َجَعَل الَّش ْمَس ِض َياء َو اْلَقَم َر ُنوًرا َو َقَّد َر ُه َم َناِزَل ِلَتْع َلُم وْا َعَدَد الِّس ِنيَن َو اْلِحَس اَب َم ا َخ َل َق‬
‫ُهّللا َذ ِلَك ِإَّال ِباْلَح ِّق ُيَفِّص ُل اآلَياِت ِلَقْو ٍم َيْع َلُم وَن } (‪ )5‬سورة يونس(‪.)6‬‬

‫الجواب عن هذا الدليل ‪ :‬بعد الرجوع إلى كتب التفسير ُو جد ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬أما قوله تعالى ‪{ :‬الَّش ْم ُس َو اْلَقَم ُر ِبُحْس َباٍن } (‪ )5‬ســورة الــرحمن ‪ ،‬فقد قال القرطــبي – رحمــه هللا –‬
‫فيها ‪ " :‬أي يجريان بحساب معـلـوم ‪ ،‬فأضمر الخبر ‪ ،‬وقال ابن عباس وقتادة وأبو مالك ‪ :‬أي‬
‫_______________‬
‫(‪ )1‬سبق تخريجه من حديث ابن عمر – رضي هللا عنهما – في (صـ ‪.)18‬‬
‫(‪[ )2‬مسائل في الفقه المقارن] (صـ ‪.)161‬‬
‫(‪[ )3‬العلم المنشور في إثبات الشهور] البن السبكي (صـ ‪.)11‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البيهقي – واللفظ له – في السنن الكبرى في كتاب الصيام \ باب الصوم لرؤية الهالل أو استكمال العدد ثالثين‬
‫(‪ ، )7931‬وأخرجه الحاكم في المستدرك كتاب الصوم \ باب الطاعم الشاكر مثل الصــائم الصــابر (‪ )1579‬وقــال عن‬
‫الحديث ‪ " :‬هذا حديث صحيح اإلسناد ‪ ،‬على شرطهما ‪ ،‬ولم يخرجها"‪.‬‬
‫(‪ )5‬أشار إلى هذه الرواية الشيخ بكر أبو زيد في [مجلة مجمع الفقــه اإلســالمي] العــدد الثــالث لعــام ‪1408‬هـ (‪، )832\2‬‬
‫وقال ‪ " :‬ولم أَر من أشار إليها في النقض ‪ ،‬فالحمد هلل على التيسير"‪.‬‬
‫(‪ )6‬الدكتور أمير حسين حسن في [مجلة األزهر] (صـ ‪ )1318‬عدد شعبان ‪1418‬هـ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫يجريان بحساب معلوم في منازل اليعدوانها وال يحيدان عنها ‪ ،‬وقال ابن زيد وكيسان يعني ‪:‬‬
‫أن بهما تحسب األوقات واآلجال واألعمار ‪ ،‬ولوال الليل والنهار والشمس والقمر لم يدر أحــد‬
‫كيف يحسب شيئًا لو كان الدهر كله ليًال أو نهارًا ‪ ،‬وقـال السـدي ‪ :‬بحسـبان تقـدير آجالهمـا ‪،‬‬
‫(‬ ‫أي تجري بآجال كآجال الناس ‪ ،‬فإذا جاء أجلهما هلكا ‪ ،‬نظيره ‪ُ{ :‬ك ٌّل َيْج ِري َألَج ٍل ُّمَس ًّمى}‬
‫‪ )2‬ســورة الرعد ‪ ،‬وقال ‪ :‬الضحاك ‪ ،‬بقدر ‪ ،‬مجاهـد ‪ :‬بحسـبان كحسـبان الـرحى ‪ ،‬يعـني قطبهـا‬
‫يدوران في مثل القطب"(‪.)1‬‬

‫فحتى على قول من قال أن المعنى ‪ :‬أن الشمس والقمر يجريان بحســاب معلــوم في منازل‬
‫اليعدوانها وال يحيدان عنها ‪ ،‬حــتى على هــذا القــول ‪ ،‬مــا عالقــة ذلــك برؤيــة الهالل وإثبــات‬
‫الشهر ؟ هل كون الشمس والقمر يجريان بحساب معـلوم فيه داللة على جــواز – فـــضًال عن‬
‫وجوب – األخذ بالحساب في إثبات الشهر القمر ؟‬
‫نحن نعلم علم اليقين أن كل ما في هذا الكون ال يسير وال يتحـرك وال يسـكن إال بتقـدير من‬
‫هللا الحكيم العليم ‪ ،‬فاهلل أخبرنا أن كل أمر يحصل إنما يحصل بتقديره ‪ ،‬وهللا الذي أخبرنــا عن‬
‫(‬
‫ذلك هو الذي أمرنا أن نطيع رسوله – صلى هللا عليه وسلم – الذي قال ‪َُ« :‬صوُم وا ِلُر ْؤ َيِت ِه»‬
‫‪.)2‬‬

‫‪ -2‬وأما قوله تعالى ‪ُ{ :‬هَو اَّل ِذ ي َجَع َل الَّش ْمَس ِض َياء َو اْلَقَم َر ُن وًرا َو َق َّد َر ُه َم َن اِز َل ِلَتْع َلُم وْا َع َدَد‬
‫الِّس ِنيَن َو اْلِحَس اَب } (‪ )5‬ســورة يــونس ‪ ،‬وقولــه ‪َ{ :‬و َجَع ْلَن ا الَّلْي َل َو الَّنَه اَر آَيَتْيِن َفَم َح ْو َن ا آَي َة الَّلْي ِل‬
‫َو َجَع ْلَنا آَيَة الَّنَهاِر ُم ْبِص َر ًة ِلَتْبَتُغ وْا َفْض ًال ِّم ن َّرِّبُك ْم َو ِلَتْع َلُم وْا َعَدَد الِّس ِنيَن َو اْلِحَس اَب }‬
‫(‪ )12‬ســورة‬

‫اإلسراء ‪ ،‬فقد قال القرطبي فيها ‪ " :‬أي لو لم يفعل ذلك لما ُعرف الليل من النهار"(‪ ، )3‬فواضــح‬

‫أن اآليتين الكريمتين ال تدالن على ما ذهب إليه من استدل بهما‪.‬‬

‫الدليل الثالث ‪ :‬عن ابَن عمَر – رضَي ُهّللا عنهما – عن النبِّي – صلى هللا عليه وسلم – أنُه قال‪:‬‬
‫(‬
‫«إّنا ُأَّم ٌة ُأِّم يٌة ال َنكُتُب وال َنحُسُب ‪ ،‬الشهُر هكذا وهكذا‪َ .‬يعني مَّر ًة تسعًة وعشــريَن ومــَّر ًة ثالثين»‬
‫‪.)4‬‬

‫_______________‬
‫(‪[ )1‬الجامع ألحكام القرآن] للقرطبي (‪.)134\7‬‬
‫(‪ )2‬سبق تخرجه من حديث أبي هريرة – رضي هللا عنه – في (صـ ‪.)17‬‬
‫(‪[ )3‬الجامع ألحكام القرآن] للقرطبي (‪.)200\10‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الصوم ‪ /‬باب قوِل النبِّي – صلى هللا عليه وســلم – ‪« :‬ال َنكُتُب وال َنحُس ب» (‬
‫‪ ، )1892‬ومسلم في صحيحه في كتاب الصيام ‪ /‬باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهالل ‪ ،‬والفطر لرؤية الهالل =‬

‫‪37‬‬
‫وجه االستدالل ‪ :‬أن النبي – صلى هللا عليه وسلم – أمر باالعتماد على الرؤية وذلك لعلة عدم‬
‫معرفة الحساب ‪ ،‬فإذا انتفت هـذه العلـة ‪ ،‬واسـتطاعت األمـة معرفة الحسـاب وأمكن أن يثقـوا بـه‬
‫ثقتهم بالرؤية أو أقوى صار لهم األخذ بالحساب في إثبات أوائل الشهور القمرية(‪.)1‬‬

‫الجواب عن هذا الدليل ‪ :‬قدُعلم في اللسان أن بساط المقال كبساط الحال له تأثيرفي األحكام ‪ ،‬كما‬
‫ُعلم في مسائل من اإليمان والنذور والطالق‪ ،‬فقوله–صلى هللا عليه وسلم– ‪«:‬إّنا ُأَّم ٌة ُأِّم ي ـٌةال َنكُتُب‬
‫وال َنحُسُب » قرنه بقوله«الشهُر هكذا‪ »...‬أي مرة[‪ ]30‬ومرة[‪ ،]29‬فهو خبر من النبي–صــلى هللا‬
‫عليه وسلم –ألمته أنها ال تحتاج في أمر الهالل إلى كتاب والحساب‪،‬إذ هو إما[‪ ]30‬يومـًا أو[‪]29‬‬
‫يومًا ومرد معرفته بالرؤية للهالل أو باإلكمال ‪ ،‬كما في األحاديث المتقدمة المشعرة بالحصــر في‬
‫هذين السبيلين ال بكتاب وال بحساب ‪ ،‬وهذا الظاهر في خبرية النص هو الــذي يتفــق مــع الحقــائق‬
‫الشرعية والدالئل النصية من األحاديث السابقة ‪ ،‬إذن فيتعين إبقاء النص على ظاهره في الخبرية‬
‫وال يصرف عنها إلى العلية إال بدليل ‪ ،‬وصرفه يؤدي إلى تعارض النصوص كما هو بين(‪.)2‬‬

‫ثم إنه قد سبق في علم هللا أن علم الفلك سوف يتطور ‪ ،‬وسوف يصل إلى ما وصل إليه اآلن ‪،‬‬
‫فإن هللا يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون ‪ ،‬ومع ذلك لم يأمر نبيه – صــلى هللا‬
‫عليه وسلم – أن يخبر أمته أنهم إذا وصلوا إلى درجة من علم الفلك عالية أنه بإمكانهم أن ُيـــثبتوا‬
‫دخول الشهر بالحساب ‪ ،‬بل إن النبي – صــلى هللا عليــه وســلم – لم يــدع مجــاًال لــذلك ‪ ،‬وحصــر‬
‫األسباب التي يثبت بها الشهر في الرؤيـة واإلكمـال فقـط ‪ ،‬وقـد أوتي – عليـه الصـالة والسـالم –‬
‫جوامع الكلم‪.‬‬

‫الدليل الرابع ‪ :‬أن الرؤية البصــرية والحســاب الفلكي وســيلتان لشــيء واحــد وســيلتان لــدخول‬
‫الشهر القمري ‪ ،‬وكل منهما يقـوم مقـام اآلخـر ‪ ،‬فمـتى ُو جـد أحـدهما ثبت دخـول الشـهر ‪ ،‬ولسـنا‬
‫متعبدين برؤية الهالل ‪ ،‬بل إنما ُجعل الهالل وسيلة لدخول الشهر(‪.)3‬‬

‫الجواب عن هذا الدليل ‪ :‬أن الرسـول – صلى هللا عـليه وسلـم – حـصر ثبـوت دخـول الـشهـر‬
‫_______________‬
‫= وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثالثين يوما (‪ ، )2464‬وأبو داود في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب‬
‫الشهر يكون تسعًا وعشرين (‪ ، )2320‬والنسائي في سننه في كتاب الصيام ‪ /‬باب ذكر االختالف على يحيـــــــى‬
‫بن أبـــــي كثير في خبر أبـــــي سلمة فيه (‪ ، )2142‬وأحمد في مسنده (‪.)6113‬‬
‫(‪ )1‬الدكتور أمير حسين حسن في [مجلة األزهر] (صـ ‪ )1318‬عدد شعبان ‪1418‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )2‬الشيخ بكر أبو زيد في [مجلة مجمع الفقه اإلسالمي] العدد الثالث لعام ‪1408‬هـ (‪.)833\2‬‬
‫(‪ )3‬انظر [الفلك العلمي] لعبد الكريم محمد نصر (صـ ‪.)133‬‬

‫‪38‬‬
‫بالرؤية كما في قوله – صلى هللا عليه وسلم – ‪َ« :‬ال ُتَق ِّد ُم وا الَّش ْهَر حــتى َت َر ْو ا الِهَالَل أْو ُتْك ِم ُل وا‬
‫اْلِع َّدَة ُثَّم ُصوُم وا حتى َتَر ْو ا الِهَالَل أْو ُتْك ِم ُل وا اْلِع َّد َة»(‪ ، )1‬وحصــر دخــول الشــهر برؤيــة الهالل ال‬

‫يعني أن الرؤية مجـرد وسيلة ‪ ،‬بل يـفـيـد مـنع أي طـريـقـة أخـرى غير الـرؤية لـثبوت الـشهـر ‪،‬‬
‫والرسـول – صـلى هللا عليـه وسـلم – قـد أوتي جوامـع الكلم ‪ ،‬فلـو أراد أن الرؤيـة مجـرد وسـيلة‬
‫التضح ذلك من كالمه جليًا ‪ ،‬كأن يقــول ‪ :‬إذا دخــل الشــهر فصــوموا ‪ ،‬أو إذا ثبت عندكم دخــول‬
‫الشهر فصوموا ‪ ،‬كما ُبين ذلك في أوقـات الصـلوات ‪ ،‬فقـد ُبين أن وقت المغرب – مثًال – يـدخل‬
‫بغروب الشمس ‪ ،‬ولم يقل النبي – صلى هللا عليه وسلم – ‪ :‬إذا رأيتم أن الشمس غــربت فصــلوا ‪،‬‬
‫فكون النبي – صلى هللا عليه وسلم – قد علق دخول الشــهر برؤيــة الهالل بلفــظ يفيــد منع طريــق‬
‫آخر غيره وهو – صلى هللا عليه وسلم – أوتي جوامع الكلم ‪ ،‬كل ذلك يرد دعوى أن رؤية الهالل‬
‫مجرد وسيلة لدخول الشهر‪.‬‬

‫الدليل الخامس ‪ :‬قياس إثبات أوائل الشهور القمريـة بالحسـاب على إثبـات أوقـات الصـلوات‬
‫بالحساب ‪ ،‬فإن الصالة أصبحت اآلن في جميع بقاع األرض تعتمــد على الحســاب فقــط ‪ ،‬ولم ن ـَر‬
‫من بين علماء المسلمين من يتمسك منهم برؤية الشـمس الرؤيـة البصــرية لـيرى عالمـات دخـول‬
‫أوقات الصالة ويرفض االعتماد على الحساب ‪ ،‬فإذا كانت عالمات الصــالة قــد تحــولت اآلن إلى‬
‫أزمنة محسوبة وأقرها جميع علماء المسلمين دون أدنى اعتراض من أي عالم منهم ‪ ،‬فمــا الــذي‬
‫يمنع من تطبيق ذلك في تعيين أوائل الشهور العربية(‪.)2‬‬

‫الجــواب عن هــذا الــدليل ‪ :‬هــذا قيــاس باطــل من أصــله ؛ ألن المقيس عليــه لم يثبت بنص وهــو‬
‫مختلف فيه ‪ ،‬وليس صحيح ما ُذ كر من اإلجماع عليه ‪ ،‬فهو غير ثابت بنص وال إجمــاع ‪ ،‬وثبوته‬
‫بنص أو اتفاق الخصمين شرط لألصــل المقيس عليــه ‪ ،‬وشرط ثانٍ أن يكــون الحكم في المقيس‬
‫عليه معقول المعنى كتحريم الخمر ‪ ،‬أما إن كان تعبــديًا كأوقــات الصــلوات وأعداد الركعــات فال‬
‫يقاس عليه ؛ ألن ما ال يعقل معناه ال يمكن تعدية حكمه إلى محل آخر(‪.)3‬‬

‫وعلى التسليم ‪ ،‬فهو قياس فيه قادحان من قوادح القياس هما ‪:‬‬
‫‪ -1‬فساد االعـتبار ؛ لمخـالـفة الـقياس لصرائح الـنصوص المـشعرة بالحـصر في نصب الـشـارع‬
‫_______________‬
‫(‪ )1‬سبق تخريجه من حديث حذيفة – رضي هللا عنه – في (صـ ‪.)13‬‬
‫(‪[ )2‬دورتا الشمس والقمر وتعيين أوائل الشهور العربية باســتعمال الحســاب] للـدكتور حســين كمــال الـدين (صــ ‪، )61‬‬
‫وكذلك [الفلك العلمي] للدكتور عبد الكريم محمد نصر (صـ ‪.)132‬‬
‫(‪ )3‬الشيخ بكر أبو زيد في [مجلة مجمع الفقه اإلسالمي] العدد الثالث لعام ‪1408‬هـ (‪.)834\2‬‬

‫‪39‬‬
‫الرؤية سببًا للحكم بأول الشهر(‪.)1‬‬

‫‪ -2‬وهو كذلك قياس مع الفـارق ‪ ،‬ذلـك أن المشـرع أنـاط الصــالة بوجـود العالمـة لوقتهـا ‪ ،‬فنفس‬
‫الوقت هو سبب الصالة ‪ ،‬فمن علم السبب بأي طريق كان لزمه حكمه ‪ ،‬فلذلك اعتبر الحساب‬
‫المفيد للقطع في أوقات الصلوات ‪ ،‬وأما األهلة فلم ينصب الشرع خروجها سببًا للصــوم ‪ ،‬بــل‬
‫جعل رؤية الهالل هي الســبب‪ ،‬فإذا لم تحصــل الرؤيــة لم يحصــل الســبب الشــرعي فال يثبت‬
‫الحكم ‪ ،‬ويدل على أن الشرع لم ينصــب نفس خــروج الهالل ســببًا للصــوم قولــه – صــلى هللا‬
‫عليه وسلم – «َُصوُم وا ِلُر ْؤ َيِتِه» ‪ ،‬ولم يقـل لخروجـه كمـا قـال تعـالى ‪َ{ :‬أِقِم الَّص َالَة ِل ُد ُلوِك‬
‫(‪)2‬‬

‫الَّش ْم ِس} (‪ )78‬سورة اإلسراء ‪ ،‬فإن لم تكن رؤية ُرد إلى اإلكمال الذي يباري الرؤية في اإلهالل ‪،‬‬
‫ولم يتعرض لخروج الهالل(‪.)3‬‬

‫الــدليل الســادس ‪ :‬القيــاس على المحبــوس في المطمــورة ؛ وذلــك لوجــود االتفــاق على أن‬
‫المحبوس في المطمــورة إذا علم بالحســاب بإكمــال العــدة ‪ ،‬أو باالجتهــاد باألمــارات أن اليــوم من‬
‫رمضان وجب عليه الصوم وإن لم يَر الهالل ‪ ،‬وال أخــبره من راءه ‪ ،‬فكــذلك إذا علمنا بالحســاب‬
‫أن اليوم من رمضان وجب علينا الصوم وإن لم نره وال أخبرنا من راءه(‪.)4‬‬

‫الجواب عن هذا الدليل ‪ :‬هذا قياس باطل من أصله كذلك ؛ ألن المقيس عليه هنا لم يثبت بنص‬
‫وال اتفاق ‪ ،‬ومن شرط القياس توفر ذلك ‪ ،‬وهو هنا مفقود فهو ملغي من أصله‪.‬‬
‫ثم هو على التسليم مقدوح فيه بقادحين من قوادح القياس هي ‪:‬‬
‫‪ -1‬فساد االعتبار ؛ لمخالفـة القيـاس لصـرائح النصـوص المشـعرة بالحصـر في نصـب الشـارع‬
‫الرؤية سببًا للحكم بأول الشهر‪.‬‬
‫‪ -2‬وهو كذلك قياس مع الفارق ؛ إذ المحبوس معــذور ‪ ،‬فيجب عليــه االجتهــاد في دخــول الــوقت‬
‫فإن انكشف له غلط قضى(‪.)5‬‬

‫_______________‬
‫الشيخ بكر أبو زيد في [مجلة مجمع الفقه اإلسالمي] العدد الثالث لعام ‪1408‬هـ (‪.)834\2‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫سبق تخريجه من حديث أبي هريرة – رضي هللا عنه – في (صـ ‪.)13‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ذكر هذا القادح القرافي في [الفروق] (‪ ، )182-178\2‬وقد بســط الكالم في هــذه المســألة في الفــرق (‪ )102‬في‬ ‫(‪)3‬‬
‫خمس صفحات نقلت لك ملخصه ‪ ،‬ومن أراد االستزادة فعليه الرجوع إلى كالمه – رحمه هللا –‪.‬‬
‫هذا الدليل لم أَر أحدًا ممن قال بالحساب ذكره ‪ ،‬ولكني وجدت الشيخ بكر أبو زيد قد ذكره في [مجلة مجمع الفقـه‬ ‫(‪)4‬‬
‫اإلسالمي] العدد الثالث لعام ‪1408‬هـ (‪ )829\2‬فنقلته‪.‬‬
‫الشيخ بكر أبو زيد في [مجلة مجمع الفقه اإلسالمي] العدد الثالث لعام ‪1408‬هـ (‪.)834\2‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪40‬‬
‫القول الثالث ‪:‬‬
‫جواز األخذ بالحساب الفلكي في إثبات دخول الشهر القمــري ‪ ،‬على اختالف بين من قــال بهــذا‬
‫القول ‪ ،‬فمنهم من قال بالجواز مطلقا ‪ ،‬ومنهم من قيده بحال دون حــال ‪ ،‬كمن قيــده في حــال النفي‬
‫دون اإلثبات ‪ ،‬وكمن قيده بحال الغيم دون الصحو ‪ ،‬ومنهم من قيده بأن يعمل الحساب فيــه لنفســه‬
‫فقط‪.‬‬
‫ومن قال بهذا القول من المتقدمـيـن ‪ :‬ابن سـريج(‪ ، )2(،)1‬ومـطـرف بن عـبد هللا الشخير (‪، )4(،)3‬‬
‫وابن قتيبة (‪.)6(،)5‬‬
‫ومن المتأخرين ابن السبكي(‪.)8( ،)7‬‬

‫وقد حكى ابن سريج هذا القول عن الشافعي ‪ ،‬حيث نقل ابن سريج أن الشافـعي قـال ‪ :‬من كـان‬
‫_______________‬
‫(‪ )1‬هو أبو العباس أحمـد بن عمـر بن سـريج البغدادي القاضـي الشـافعي ‪ ،‬ولـد سـنة بضـع وأربعين ومـائتين ‪ ،‬ولي‬
‫القضاء بشيراز ‪ ،‬وكان ُيفضل على جميع أصـحاب الشـافعي حـتى على المـزني ‪ ،‬مـات سـنة ‪[ 303‬سـير إعالم‬
‫النبالء للذهبي (‪.])204-201\14‬‬
‫(‪ )2‬نقل هذا القول عنه ابن السبكي في [العلم المنشور في إثبات الشهور] (صـ ‪ ، )8‬وابن عبد الــبر في [االســتذكار]‬
‫(‪ ، )18\10‬والحافظ ابن حجر في [فتح الباري] (‪ ، )157\3‬وقال ابن حجر ‪ " :‬ونقل ابن العربي عن ابن سريج‬
‫أن قوله «فاْقُدُروا له» خطــاب لمن خصــه هللا بهــذا العلم ‪ ،‬وأن قولــه «فأكملوا العــدة» خطــاب للعامــة ‪ ،‬قــال ابن‬
‫العربي ‪ :‬فصار وجــوب رمضــان عنده مختلــف الحــال يجب على قــوم بحســب الشــمس والقمــر ‪ ،‬وعلى آخــرين‬
‫بحساب العدد ‪ ،‬قال ‪ :‬وهذا بعيد عن النبالء"‪.‬‬
‫(‪ )3‬هو مطرف بن عبد هللا الشخير الحرشي العامري أبو عبد هللا البصــري ‪ ،‬توفي ســنة ‪ ، 95‬أول واليــة الحجــاج ‪،‬‬
‫قال العجلي ‪ :‬كان ثقة ‪ ،‬ولم ينجِ بالبصرة من فتنة ابن األشعث إال رجالن ‪ :‬مطرف وابن سيرين [تهذيب الكمــال‬
‫للمزي (‪.])70-67\28‬‬
‫(‪ )4‬نقل هذا القول عنه الحافظ ابن حجر في [فتح البــاري] (‪ ، )157\3‬وابن عبــد الــبر في [االســتذكار] (‪، )18\10‬‬
‫وابن رشد في [بداية المجتهد] (‪.)558\2‬‬
‫(‪ )5‬هو أبو محمد عبد هللا بن مسلم بن قتيبة الدينوري ‪ ،‬وقيل المروزي ‪ ،‬الكــاتب ‪ ،‬صــاحب التصــانيف ‪ ،‬نــزل بغداد‬
‫وصنف وُبعد صيته ‪ ،‬قال أبو بكر الخطيب ‪ :‬كان ثقــة دينًا فاضـًال ‪ ،‬ولي قضــاء الــدينور ‪ ،‬وكان رأسـًا في علم‬
‫الـلـسـان العـربي واألخـبـار وأيـام الناس ‪ ،‬توفي في رجب سنة ‪276‬هـ [سـير أعـالم النبـالء للذهبي (‪-296\13‬‬
‫‪.])302‬‬
‫(‪ )6‬نقل هذا القول عنه الحافظ ابن حجر في [فتح الباري] (‪.)157\4‬‬
‫(‪ )7‬هو تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الكافي السبكي الكبير ‪ ،‬ولد بسبك في مصر عام ‪687‬هـ ‪ ،‬قـال الحافظ ابن‬
‫حجر ‪ :‬ولي قضاء دمشق سنة ‪739‬هـ بعد وفاة الجالل القزويني ‪ ،‬فباشر القضاء بهمـة وصـرامة وعفـة وديانـة ‪،‬‬
‫وأضيفت إليه الخطابة بالجامع األموي فباشره مدة ‪ ،‬وولي التدريس بدار الحديث األشرفية بعد وفاة المزي ‪ ،‬ومــا‬
‫حفظ عنه في التركات وال في الوظائف ما يعاب عليه ا‪.‬هـ ‪ ،‬توفي في القاهرة عان ‪756‬هـ [استفدت هذه الترجمة‬
‫من مقدمة فتاوى السبكي (‪.])5-3 \1‬‬
‫(‪ )8‬كما في كتابه [العلم المنشور في إثبات الشهور] (صـ ‪.)8‬‬

‫‪41‬‬
‫مذهبه االستدالل بالنجوم ومنازل القمر ثم تبين له من جهة النجوم أن الهالل الليلة وغم عليه جاز‬
‫له أن يعتقد الصوم ‪ ،‬ويبيته ويجزئه(‪.)1‬‬

‫وقد أنكر علماء الشافعية نسبة هذا القــول إلى إمــامهم الشــافعي ‪ ،‬فقــال ابن عبــد الــبر – بعــد أن‬
‫ساق النقل السابق عن ابن سـريج – ‪ " :‬الـذي عندنا في كتبـه(‪ )2‬أنـه ال يصـح اعتقـاد رمضـان إال‬

‫برؤية فاشية أو شهادة عادلــة أو إكمــال شعبان ثالثين يومـًا ؛ لقولــه – صــلى هللا عليــه وســلم – ‪:‬‬
‫«صوموا لرؤيته ‪ ،‬وأفطروا لرؤيته ‪ ،‬فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثالثين»(‪.)4( ")3‬‬

‫وقال الحافظ ابن حجر بعد أن ذكر أن ابن سريج نقــل هــذا القــول الشــافعي ‪ " :‬والمعــروف عن‬
‫الشافعي ما عليه الجمهور"(‪.)5‬‬

‫وبهذا ُيعلم أن ابن سريج – رحمه هللا – قد وهم في نسبة هذا القول إلى اإلمام الشافعي‪.‬‬
‫وقـد قـال بـالـقـول الثالث بعـض الـفـقهاء المعاصرين ‪ ،‬ومنهم ‪ :‬الشــيخ أحمــد شاكر – رحمــه‬
‫هللا –(‪ ، )6‬والشيخ عبد هللا المنيع(‪.)7‬‬

‫أدلة القول الثالث ‪:‬‬


‫لم تخرج أدلة القول الثالث عن أدلة القول الثاني ‪ ،‬بل استدل أصحاب القول الثــالث ببعض أدلــة‬
‫القول الثاني ‪ ،‬لكن يبدو أنهم لم يجسروا على القول بالوجوب كما جسر به أصحاب القول الثاني‪.‬‬
‫_______________‬
‫(‪ )1‬نقل هذا النقل عن ابن سريج الحافظ ابن حجر في [فتح الباري] (‪ ، )157\4‬وابن عبد البر في [االستذكار] (‪\10‬‬
‫‪ ، )19-18‬وابن رشد في [بداية المجتهد] (‪.)558\2‬‬
‫(‪ )2‬الضمير يرجع إلى اإلمام الشافعي‪.‬‬
‫(‪ )3‬سبق تخرجه من حديث أبي هريرة – رضي هللا عنه –(صـ ‪.)13‬‬
‫(‪[ )4‬االستذكار] البن عبد البر (‪.)19\10‬‬
‫(‪[ )5‬فتح الباري] البن حجر (‪.)157\4‬‬
‫(‪ )6‬وذلك في رسالته [أوائل الشهور العربية هل يجوز شرعًا إثباتها بالحساب الفلكي] ‪ ،‬مع أن الشيخ بكــر أبــو زيــد‬
‫– حفظه هللا – قال ‪ " :‬رأيت لدى الشيخ إسماعيل خطابًا من الشيخ أحمد شاكر – رحمـه هللا تعـالى – يعتـذر فيـه‬
‫إلى الشيخ إسماعيل ‪ ،‬وأنه إنما نشر رسالته إلثارة البحث بين أهــل العلم ‪ ،‬وإال فليس لــه رأي بــات في المســألة"‬
‫[الشيخ بكر أبو زيد في مجلة مجمع الفقه اإلسالمي العدد الثالث لعام ‪1408‬هـ (‪ ، ])834\2‬ويقصــد الشــيخ بكــر‬
‫أبو زيد بـ[الشيخ إسماعيل] ‪ :‬الشيخ إسماعيل بن محمد األنصاري‪.‬‬
‫(‪ )7‬وذلك في بحث له بعنوان [التحديد الفلكي ألوائـل الشـهور القمريـة ( رجب ‪ ،‬شـعبان ‪ ،‬رمضـان ‪ ،‬شـوال ) لعـام‬
‫‪ 1425‬هـ] ‪ ،‬وهذا البحث موجود في موقع [اإلسالم اليوم] على العنوان التالي ‪:‬‬
‫‪www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?catid=71&artid=4067‬‬

‫‪42‬‬
‫تفنيد الخالف الحادث في هذه المسألة ‪:‬‬
‫ذكر الشيخ بكر أبو زيد – حفظه هللا – تحقيقًا قّيمًا في الخالف الحاصل في هذه المســألة ‪ ،‬انقــل‬
‫لك خالصته حيث قال‪:‬‬
‫كم رأينا من فرع ُحكي فيه الخالف ثم يتبين عند التحقيق عدم ثبوته عن المخالف ‪ ،‬وهــذا كثــير‬
‫في مسائل فرعية ‪ ،‬وذلك مثل ما يروى عن جماعة كثيرين من الصــحابة والتــابعين أنهم خضــبوا‬
‫بالسواد ‪ ،‬وقد أبان الحفاظ ومنهم ابن القيم في [الهــدي] أن في الروايــات عنهم ضــعفًا وانقطاعًا ‪،‬‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وفي هذه المسألة ‪ :‬ال يعرف فيهــا خالف صــحابي ‪ ،‬بــل ُحكي إجمــاعهم ‪ ،‬وقــد ُحكي الخالف‬

‫فيها عن ‪:‬‬
‫‪ -1‬الشافعي‪.‬‬
‫‪ -2‬ابن سريج‪.‬‬
‫‪ -3‬ابن السبكي‪.‬‬
‫‪ -4‬مطرف بن عبد هللا الشخير‪.‬‬
‫‪ -5‬ابن قتيبة‪.‬‬
‫وسوف نبين أنه حصل الغلط في هذا الخالف على القائل به وفي نوعه‪.‬‬
‫وذلك كما يلي ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -1‬ما ُحكي عن الشافعي غلط ‪.‬‬

‫األصل في خالف ابن سريج أنه رأى األخذ بالحساب جوازًا في حق الحاســب خاصــة إذا غم‬ ‫‪-2‬‬
‫الشهر ولم يره الراءون‪.‬‬
‫والذي ينجلي أن ابن ســريج مــع – جاللتــه – رتب مــا ذهب إليــه على مــا حكــاه غلطـًا عن‬
‫الشافعي‪.‬‬
‫فكما مضى أن ابن سريج قال باألخذ بالحساب جوازًا في حق الحاسب نفسه خاصة إذا غم‬
‫الشهر ولم يره الراءون ‪ ،‬وهذا القول هو عين ما حكاه هو غلطًا على الشـافعي ‪ ،‬فإذا ثبت أن‬
‫ابن سريج قد غلط في هذه الحكاية عن الشافعي ‪ ،‬فإن ابن سريج إنما قــال مــا قــال تقليــدًا منه‬
‫إلمام المـذهب عـنده ‪ ،‬وإذا بطلت نسبة الـقـول به إلى الشافعي ‪ ،‬فهذا يفرغ ما ُبني عليه ‪ ،‬فلم‬
‫_______________‬
‫(‪ )1‬يقصد – حفظه هللا – مسألة ثبوت الشهر القمري بالحساب الفلكي‪.‬‬
‫(‪ )2‬كما بّينا ذلك في (صـ ‪.)40‬‬

‫‪43‬‬
‫يبَق ذلك قوًال البن سريج‪.‬‬
‫ثم إن العالمــة تقي الــدين الســبكي الشــافعي – رحمــه هللا – ألــف رســالته [العلم المنشــور في‬ ‫‪-3‬‬
‫إثبات الشهور] ‪ ،‬وانتصر فيها لرأي ابن سريج للجواز ال للوجوب ‪ ،‬مقيدًا ذلك بشرطين ‪ :‬أن‬
‫ينكشف الحساب جليًا من ماهر بالصنعة والعلم ‪ ،‬وأن يكون الجــواز في خصــوص الصــوم ال‬
‫الفطر‪.‬‬
‫ثم ألف بعد ذلك الشيخ أحمد شاكر – رحمه هللا – رسالة باسم [أوائل الشهور العربيــة هــل‬
‫يجوز شرعًا إثباتها بالحساب الفلكي]‪.‬‬
‫ثم تبعهما من تبعهما من الفقهاء المعاصرين‪.‬‬
‫وكل هؤالء األجلة ‪ :‬السبكي ‪ ،‬فأحمد شاكر ‪ ،‬فمن تبعهما ‪ ،‬ينزعون من قــوس واحــدة ‪ ،‬من‬
‫قول ابن سريج ‪ ،‬وقد علمت مدى العمدة في رأيه مذهبيًا‪.‬‬
‫وأما مطرف بن عبد هللا ‪ ،‬فقد نفى ابن عبد البر صحة األثر عنه ‪ ،‬فقال ‪ " :‬روى عن مطرف‬ ‫‪-4‬‬
‫بن الشخير ‪ ،‬وليس بصحيح عنه ‪ ،‬ولو صح عنه ما وجب إتباعه عليه لشذوذه فيه ‪ ،‬ولمخالفة‬
‫الحجة له" (‪.)1‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ " :‬إن هذا إن صح عنه فهي من زالت العلماء" (‪.)2‬‬

‫وأما ابن قتيبة فقد قال ابن عبد البر متعقبا له ‪ " :‬وأما ابن قتيبة فليس هو ممن يعرج عليــه في‬ ‫‪-5‬‬
‫مثل هذا" (‪.)3‬‬
‫وعليه فتبقى حكاية اإلجماع إن قبلناها قائمة(‪.)4‬‬

‫_______________‬
‫(‪ )1‬نقله عنه الحافظ ابن حجر في [فتح الباري] (‪.)157\4‬‬
‫(‪[ )2‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية] (‪.)182\25‬‬
‫(‪ )3‬نقله عنه الحافظ ابن حجر في [فتح الباري] (‪.)157\4‬‬
‫(‪ )4‬الشيخ بكر أبو زيد في [مجلة مجمع الفقه اإلسالمي] العدد الثالث لعام ‪1408‬هـ (‪.)829 – 824\2‬‬

‫‪44‬‬
‫الحساب الفلكي في إثباته للشهور القمرية يفيد الظن ال القطع ‪:‬‬

‫وذلك لما يلي ‪:‬‬


‫‪ -1‬أن قطعية الحساب ال تقبل إال بنتائج فاشية تفيد العلم اليقيــني بصــدق نتيجتــه واطراده ـا ‪،‬‬
‫وإخبار العدول على رسم الشرع من ذوي البصارة بـه بـذلك ‪ ،‬ويبسـط طريقتـه بمحضـر‬
‫من أهل العلم لمعرفة مدة سالمة مقدماته شرعًا ‪ ،‬هذا لو جعل الشرع المصير إليه‪.‬‬
‫والواقع أنه ليس لدينا دليل متوفر على هذا المنوال ليكسب إفادة اليقين إال شهادة بعض‬
‫الفلكيين ألنفسهم بأن حسابهم يقيني ‪ ،‬واألدلة المادية تقدح في مؤدى شهادتهم(‪ ، )1‬ويقــوى‬
‫ذلــك بنفي نظــرائهم في الفلــك من عدم إفادته اليقين(‪ ، )2‬إضــافة إلى أن الشــرع ال يعتــبر‬
‫صدق الخبر والشهادة إال من مبرز في العدالة الشرعية(‪.)3‬‬

‫‪ -2‬قيام دليل مادي في الساحة المعاصرة على أن الحساب أمر تقديري اجتهادي يدخله الغلط‬
‫واالضطراب ‪ ،‬وذلك في النتائج الحسابية التي ينشرها الحاســبون في الصــحف من تعــذر‬
‫والدة شهر كذا ‪ ،‬ثم تثبت رؤية الهالل بشــهادة شرعية معدلــة ‪ ،‬أو رؤيــة فاشية في ذات‬
‫الليلة التي قرروا استحالته فيها‪.‬‬
‫من ذلك ما ذكره األمين محمد كعورة حيث قال ‪ " :‬والذي حدث في موعد بــدء صــيام‬
‫رمضــان لعــام ‪1389‬هـ يســتحق الــذكر ‪ ،‬أال وهــو أن بعض الــدول اإلســالمية – أي‬
‫الجمهورية العربيـة المتحـدة بالـذات(‪ – )4‬اعتمـدت على حسـاب الفلـك واألرصـاد في أن‬

‫هالل رمضان لن يولد قبل منتصف ليلــة االثنين – أي ال تمكن رؤيتــه مســاء األحــد – ‪،‬‬
‫ولكن الذي حــدث أن رؤيــة الهالل ثبتت في الســعودية وبعض الــدول األخــرى في مســاء‬
‫األحد"(‪.)5‬‬

‫ومن ذلك ما حدث أيضًا في هالل شهر شوال في عام ‪1406‬هـ ‪ ،‬فإن الحاسبين أعلنوا‬
‫النتيجة في الصحف باستحالة رؤية هالل شوال ليلة الســبت الثالثين من رمضــان ‪ ،‬فثبت‬
‫شرعًا بعشرين شاهدًا على أرض المملكة العربية السعودية في مناطق مختلفة في عاليتها‬
‫_______________‬
‫(‪ )1‬كما سيأتي ذلك في الفقرة رقم (‪.)2‬‬
‫(‪ )2‬كما سيأتي ذلك في الفقرة رقم (‪ )5‬في (صـ ‪.)46‬‬
‫(‪ )3‬الشيخ بكر أبو زيد في [مجلة مجمع الفقه اإلسالمي] العدد الثالث لعام ‪1408‬هـ (‪.)835\2‬‬
‫(‪ )4‬يبدو أن الكاتب يقصد دولتا مصر وسوريا حين اتحدتا في عهد الهالك جمال عبد الناصر‪.‬‬
‫(‪[ )5‬مبادئ الكونيات] لألمين محمد كعورة (صـ‪.)97‬‬

‫‪45‬‬
‫وشمالها وشرقها ‪ ،‬ورؤي في أقطار أخرى من البالد اإلسالمية(‪.)1‬‬

‫ومن ذلك أيضـًا مــا حصــل في عام ‪1407‬هـ حيث أفاد الــدكتور علي عبندة – مــدير‬
‫األرصادات العامة وعضو لجنة المــواقيت في وزارة األوقــاف األردنيــة – بــأن الحقــائق‬
‫العلمية تؤكد عدم إمكانية رؤية هالل رمضان مساء االثنين مطلقـًا ‪ ،‬حيث أفاد أن الهالل‬
‫يغيب قبل غروب الشمس بحوالي ‪ 20‬دقيقة ‪ ،‬ومع ذلك فقــد ثبتت الرؤيــة لهالل رمضــان‬
‫في ليلة الثالثاء لدى مجلس القضاء األعلى في المملكة العربية السعودية(‪.)2‬‬

‫وآخر ما حصل في هذا الشأن – حسب وقت كتابة البحث – ما حصل في ثبــوت شهر‬
‫شوال لعــام ‪1425‬هـ ‪ ،‬حيث أن الفلكــيين نُـ شرت أقــوالهم في األســبوعّين األخــيرين من‬
‫رمضان ‪ ،‬ويفيدون أن هالل شوال ال يمكن أن ُيرى مساء الجمعــة ‪ ،‬وأن شهر رمضــان‬
‫سوف يكمل ‪ ،‬وأن أول أيام العيد هو يوم األحد ‪ ،‬ومن ذلــك مــا ذكرته صــحيفة الجزيــرة‬
‫الســعودية يــوم الثالثاء ‪1425\9\19‬هـ عدد [‪ ، ]11723‬تحت عنوان [الســـبت ‪30‬‬
‫رمضان متمم لشهر رمضان والعيد األحــد لتعــذر رؤيــة الهالل مســاء الجمعــة] ‪ ،‬حيث‬
‫ذكرت الصحيفة أن الدكتور زكي بن عبــد الــرحمن المصــطفى – مســاعد المشــرف على‬
‫معهد بحوث الفلك والجيوفيزياء ‪ ،‬ورئيس قســم الفلــك بمدينة الملــك عبــد العزيــز للعلــوم‬
‫والتقنية – أوضح أن رؤية الهالل مساء يوم الجمعة ‪ 29‬رمضان ‪1425‬هـ متعذرة وغير‬
‫ممكنة في جميع مناطق المملكة ؛ وذلك لكون القمر يغرب قبل غروب الشمس مساء ذلك‬
‫اليوم ‪ ،‬وقال الدكتور زكي المصطفى ‪ :‬إن الشمس تغرب عن مكة المكرمــة يــوم الجمعــة‬
‫[ليلة السبت] الساعة الخامسة وأربعين دقيقة ‪ ،‬ويغرب القمــر الســاعة الخامســة وإحــدى‬
‫وثالثين دقيقة ‪ ،‬وعليه فإن يوم الســبت ‪ 13‬نوفمــبر ‪2004‬م ســيكون – بــإذن هللا تعــالى –‬
‫المتمم لشهر رمضان [ثالثون يوما] وأن يوم األحد الموافق ‪ 14‬نوفمبر ‪2004‬م أول أيام‬
‫عيد الفطر المبارك ا‪.‬هـ‬
‫وبعد أسبوع من هذا الخبر نشرت نفس الصحيفة– أي في يوم الثالثاء ‪1425\9\26‬هـ‬
‫عدد [‪ – ]11730‬مقاًال تحت عنوان [األحد المقبل أول أيام العيد فلكيـًا] ‪ ،‬نقلت فيــه عن‬
‫المهندس محمد شوكت عودة – نائب رئيس لجنة األهلة والتقــويم والمــواقيت في االتحــاد‬
‫العـربي لعـلوم الفـضاء والـفـلك – أن األحـد الموافق ‪ 14‬تشرين الثاني هو أول أيام عـيد‬
‫_______________‬
‫(‪ )1‬ذكر هذه الحادثة الشيخ بكر أبو زيد في [مجلة مجمع الفقه اإلسالمي] العدد الثالث لعام ‪1408‬هـ (‪.)836\2‬‬
‫(‪ )2‬ذكر هذه الحادثة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه هللا – في [مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه‬
‫هللا –] (‪.)134 -127\15‬‬

‫‪46‬‬
‫الفطر ‪ ،‬وقال ‪ :‬إن االقتران المركزي لشهر شوال لهذا العام سيكون يوم الجمعة الموافق‬
‫‪ 12‬تشرين الثاني في الساعة ‪ 14 : 27‬بالتوقيت العالمي ومن المستحيل رؤية الهالل في‬
‫ذلك اليوم من جميع دول العالم اإلسالمي لغروب القمر قبل غروب الشمس ا‪.‬هـ‬
‫هذا ما اطلعت عليه من أقوال الفلكيين حــول دخــول شهر شوال ‪ ،‬ويحتمــل أنهم قــالوا‬
‫أكثر من ذلك ‪ ،‬وما نقلته لك يفيد أن الفلكيين متفقين على أن هالل شهر شوال ال يمكن أن‬
‫ُيرى مساء يوم الجمعة – حسب حساباتهم الدقيقة كما يذكرون – ‪ ،‬ومع هذا كله فقد ُرؤي‬
‫هالل شهر شوال مساء يوم الجمعة في المملكة العربية السـعودية ‪ ،‬وشوهد في أكثر من‬
‫منطقة ‪ ،‬وشهد برؤية هالل شوال مساء يوم الجمعة أكثر من عشرين شاهدًا ‪ ،‬منهم اثنان‬
‫أتيا إلى نفس مكتب مجلس القضاء األعلى في الرياض – كما أوضــح لي ذلــك المســؤول‬
‫في مجلس القضاء األعلى في المملكة العربية الســعودية – وبــذلك يكــون شهر رمضــان‬
‫ناقص غير تام ‪ ،‬ويكون يوم السبت هو أول أيام العيد ‪ ،‬وليس كما قالوا ‪ ،‬وبذلك يتبين أن‬
‫حساباتهم ليست دقيقة إطالقُا ‪ ،‬وإنما هي ظنية‪.‬‬
‫ومن الشواهد المعاصرة أيضًا على ذلك أنا رأينا بعض البلدان اإلسـالمية تعلن الصــوم‬
‫والفطر بموجب الحساب الفلكي ‪ ،‬والفارق بينها وبين البلدان التي تثبته بالرؤية يومــان أو‬
‫ثالثة ‪ ،‬فهل يكون في الدنيا فارق في الشهور القمرية الشرعية كهذه المدة‪.‬‬
‫ومما يدل على اضطرابهم هو التضارب الحاصل بالنتائج والتقـاويم المنتشـرة بحسـاب‬
‫المعاصرين ‪ ،‬فإنها متفاوتة مختلفة في إثبات أوائل الشهور ‪ ،‬وما زال اختالفهــا حــتى في‬
‫الوالية الواحد ‪ ،‬وهذا يدل على دفع يقينيته أو ظنيته الغالبة(‪ ، )1‬وعلى اضـطرابه ‪ ،‬فكيـف‬

‫نعلق أمورنا التعبدية بحساب مضطرب ؟‬


‫وهذا كله دليل مادي واضح على أن النتائج الفلكية المعاصرة في هذا ظنية وضعيفة‪.‬‬
‫‪ -3‬أن الطب – مثًال – بلــغ في العصــر الحاضــر من الدقــة والــترقي مــا هــو مشــاهد لعمــوم‬
‫الناس ‪ ،‬ومع هذا فيقع لذوي البصارة فيه ومن دونهم من الخطأ والغلط ما يكــون ضــحيته‬
‫نفس معصومة أو منفعة أو عضو محترم ‪ ،‬هذا مع أن لوازمــه مدركة بــالحواس العاملــة‬
‫فيه من سمع وبصر ولمس ‪ ،‬فكيف بحال الحساب الفلكي الــذي مــا زال عملــة نــادرة ولم‬
‫تكن نتيجتــه فاشية بــاليقين ‪ ،‬ولوازمــه غــير محسوســة ‪ ،‬إذن فكيــف يســوغ التحـــول من‬
‫المـقـطـوع‬
‫_______________‬
‫(‪ )1‬الشيخ بكر أبو زيد في [مجلة مجمع الفقه اإلسالمي] العدد الثالث لعام ‪1408‬هـ (‪.)837 -836\2‬‬

‫‪47‬‬
‫بدالته بحكم الشارع إلى المظنون ‪ ،‬ومن المتيقن إلى المشكوك في نتيجته(‪.)1‬‬

‫‪ -4‬أن الحساب الفلكي المعاصر قائم على الرصد بالمراصد الصــناعية الحديثــة ‪ ،‬والمرصــد‬
‫كغيره من اآلالت الـتي يـؤثر على صــالحية نتائجهـا أي خلـل فني فيهـا قــد ال يشـعر بـه‬
‫الراصد ‪ ،‬وهذا فيه ظنية من جهة أخرى غير الراصد وهي جهة اآللة(‪.)2‬‬

‫‪ -5‬مما يدل على ظنية الحساب أنه قد شهد بذلك حتى بعض أرباب هذا الفن – أعني الحساب‬
‫الفلكي – ‪ ،‬وممن شهد بذلك األمين محمد كعورة ‪ ،‬حيث قال ما ملخصه ‪:‬‬
‫كثيرًا ما اختلفت الدول اإلسالمية في بداية ونهاية شهر رمضــان ‪ ،‬بــل إن رؤيــة هالل‬
‫شهر رمضان أصبحت من المشاكل المزمنة التي لم يجد لها العــالم اإلســالمي حال بعــد ‪،‬‬
‫والسبب األساسي في ذلك هو ما سبق أن ذكرت من أن حركة القمر معقدة للغاية ‪ ،‬ويكــاد‬
‫يكون في حـكم المستحيل وضع تـقـويـم مـضبوط للشهـور العربيـة ؛ ألن مـواقع األرض‬
‫والقمر والشمس ال تتكرر في فترات منتظمة ‪ ،‬إن الحل في رأيي لهذه المشكلة التي أسـاء‬
‫الخالف فيها إلى ســمعة العــالم اإلســالمي هــو أن يعتمــد المســلمون على الرؤيــة ‪ ،‬وذلــك‬
‫يتمشى مع الدين كما جاء في الحديث الشريف «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم‬
‫عليكم فأكملوا عدة شعبان ثالثين»(‪.)4( ،)3‬‬

‫‪ -6‬فإذا علمنا االضطراب الحاصل لمن يعتمــد على الحســاب في دخــول الشــهر وخروجــه ‪،‬‬
‫وعلمنا أن هذا الحساب إنما يفيـد الظن بـدليل الوقـائع الماديـة ‪ ،‬وبشـهادة بعض أهـل الفن‬
‫نفسه ‪ ،‬إذا علمنا ذلك كله ‪ ،‬علمنا أن هذا هو عين دخول الخلل في مواسم التعبد للمسلمين‬
‫‪ ،‬مما يقطع كل عاقل بفساده ‪ ،‬وقد بسط شيخ اإلسالم ابن تيمية(‪ – )5‬رحمه هللا – ما يدخل‬

‫على المسلمين من التالعب في شعائرهم من جنس ما حصــل ويحصــل من أهــل الكتــابين‬


‫وغيرهم ‪ ،‬وقد كانت العرب على ملة إبراهيم ‪ ،‬ثم غّيرت هذه الملة بأمور منها ‪ :‬النســيء‬
‫الذي ابتدعته ‪ ،‬فزادت به في السنة شهرًا جعلتها كبيسًا ألغراض لهم ‪ ،‬وغيروا به ميقات‬
‫_______________‬
‫(‪ )1‬الشيخ بكر أبو زيد في [مجلة مجمع الفقه اإلسالمي] العدد الثالث لعام ‪1408‬هـ (‪.)837\2‬‬
‫(‪ )2‬الشيخ بكر أبو زيد في [مجلة مجمع الفقه اإلسالمي] العدد الثالث لعام ‪1408‬هـ (‪.)837\2‬‬
‫(‪ )3‬سبق تخرجه من حديث أبي هريرة – رضي هللا عنه – في (صـ ‪.)13‬‬
‫(‪[ )4‬مبادئ الكونيات] لألمين محمد كعورة (صـ ‪ ، )97 -96‬وقد ذكر بعد ما نقلناه عنه اقتراحًا مفاده أنه ينبغي على‬
‫البالد اإلسالمية أن تستخدم في الرؤية للهالل أحدث الوسائل من منظار وغيره ‪ ،‬وأن يكون ذلك من قبيل الرؤيــة‬
‫ال الحساب‪.‬‬
‫(‪ )5‬وذلك في [مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية] (‪.)141 – 140\25‬‬

‫‪48‬‬
‫الحج واألشهر الحـرم ‪ ،‬حـتى كانوا يحـجـون تارة في المحـــرم ‪ ،‬وتارة في صفـــر ‪ ،‬قـــال شـــيخ‬
‫اإلسـالم ‪ " :‬فلهذا ذكرنا ما ذكرناه حفظًا لهذا الدين عن إدخال المفسدين"(‪ ، )1‬وقد صدق – رحمــه‬

‫هللا – فإن هذا باب إن فُـتح كان مجاًال واسعًا للتالعب في مواسم العبادة وإيقاعهــا في غــير الــوقت‬
‫الذي هي مشروعة فيه ‪ ،‬وهذا مما ال نعذر فيه لو حصل ؛ ألنه لم يؤذن لنا أصًال في إثبات الشــهر‬
‫بالحساب ‪ ،‬والقاعدة ‪ :‬أن ما ترتب على المأذون غــير مضــمون ‪ ،‬ومــا ترتب على غــير المــأذون‬
‫مضــمون ‪ ،‬وكيــف نعــذر أمــام هللا في اعتمادنــا في أمورنــا التعبديــة الــتي كلفنا هللا بهــا على أمــر‬
‫مضطرب ‪ ،‬وثقنا لك اضطرابه خالل ست وثالثين سنة أربع مرات ‪ ،‬هـذا ما وثـقناه ‪ ،‬ومــا فاتـــنا‬
‫– بالتأكيد – أكثر ‪ ،‬فلو فُـ رض أننا اعتمـدنا في حادثة من تلـك الحـوادث على الحسـاب الفلكي ‪،‬‬
‫فكيــف نعــذر أمــام هللا في تركنا لصــوم يــوم من رمضــان ‪ ،‬أو في صــوم يــوم العيــد الــذي يحــرم‬
‫صيامه ‪ ،‬أو في إيقاع يوم عرفة وأمور الحج األخرى في غير أيامها المشروعة لها أصًال ‪ ،‬كيــف‬
‫نعذر حين نترك ما شرعه هللا لنا من تراءي الهالل ونــركن إلى الحســاب الفلكي ‪ ،‬ثم نخطئ في‬
‫إيقاع العبادة في وقتها‪.‬‬

‫_______________‬
‫(‪[ )1‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية] (‪.)140\25‬‬

‫‪49‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫يظهر مما سبق قوة وصراحة وصحة أدلة القول األول القائلين بتحريم استخدام الحساب الفلكي‬
‫في إثبات الشهور القمرية ‪ ،‬وأما من قال بالوجوب أو الجواز ‪ ،‬فـقـولهم مخـالف للنص ‪ ،‬وكـل ما‬
‫استدلوا به من النصوص الشرعية إنما استدلوا بمفهومها ‪ ،‬وبعض األدلــة لــووا أعناقهــا لكي تدل‬
‫على مــا قــالوا ‪ ،‬وأمــا التعليالت الــتي ذكروهــا فهي في مقابــل النصــوص فتـــسقط ‪ ،‬ولمــا نــترك‬
‫الصريح الواضح المنطوق ‪ ،‬ونذهب إلى المفهوم والمبهم أحيانًا ؟‬
‫يظهر لنا من كل ما سبق صحة القول األول‪.‬‬
‫وديننا دين واضح ال إبهام فيه ‪ ،‬وشرعنا الواضح ال يمكن أن يحيلنا إلى أمــر مضــطرب غــير‬
‫منضبط‪.‬‬
‫وقد ردنا شرعنا إلى أمر واضح منضبط بإمكان علماء المسلمين وجهــالهم معرفتــه بيســر ‪ ،‬أال‬
‫وهو الخروج ليلة الثالثين من كل شهر لتراءي الهالل ‪ ،‬فإن راءوه فقد ثبت دخــول الشــهر ‪ ،‬وإال‬
‫أتموا شهرهم ثالثين يومًا ثم يثبت بعد ذلك دخول الشهر الذي بعــده ‪ ،‬فلمــاذا نــترك هــذا الوضــوح‬
‫والبيان واالنضباط ونركن إلى أمر قد شهد بعض علماءه أنه ال يمكن ضبطه ؛ ألن مواقع الشمس‬
‫والقمر ال تتكرر في فترات منتظمة‪.‬‬
‫قال تعالى ‪َ{ :‬و َأَّن َهَذ ا ِص َر اِط ي ُم ْسَتِقيًم ا َف اَّتِبُعوُه َو َال َتَّتِبُع وْا الُّس ُبَل َفَتَف َّر َق ِبُك ْم َعن َس ِبيِلِه َذ ِلُك ْم‬
‫َو َّصاُك م ِبِه َلَع َّلُك ْم َتَّتُقوَن } (‪ )153‬سورة األنعام‪.‬‬
‫وحــتى على فرض وقوعـــنا في الخـــطأ بســبب اعـــتمادنا على رؤيــة الهالل فنحـــن غـــير‬
‫مـؤاخـذين – إن شاء هللا – ‪ ،‬قال الشـيخ عبـد العزيـز بن بـاز – رحمـه هللا – ‪ " :‬ولـو فرضــنا أن‬
‫المسلمين أخطأوا في إثبات الهالل دخوًال أو خـروجًا وهم معـــتمدون في إثباته عـــلى مــا صــحت‬
‫بـه السنة عن نبيهم – صلى هللا عليـه وسـلم – لم يكن عليهم في ذلـك بـأس ‪ ،‬بـل كانوا مـأجورين‬
‫ومشكورين من أجل اعتمادهم على ما شرعه هللا لهم وصحت به األخبــار عن نــبيهم – صــلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ ، -‬ولو تركوا ذلك ألجل قول الحاسبين مع قيام البينة الشرعية برؤية الهالل دخوًال أو‬
‫خروجًا لكانوا آثمين ‪ ،‬وعلى خطر عظيم من عقوبة هللا – عز وجل – ؛ لمخــالفتهم مــا رســمه لهم‬
‫نبيهم وإمامهم محمد بن عبد هللا – صــلى هللا عليــه وســلم – الــتي حــذر هللا مـــنها في قولــه – عز‬
‫(‪ )63‬ســورة‬ ‫وجـل – ‪َ{ :‬فْلَيْح َذ ِر اَّلِذ يَن ُيَخاِلُفوَن َع ْن َأْم ِر ِه َأن ُتِص يَبُهْم ِفْتَن ٌة َأْو ُيِص يَبُهْم َع َذ اٌب َأِليٌم }‬
‫النــور ‪ ،‬وفي قوله – عز وجـل – ‪َ{ :‬و َم ـا آَتاُك ُم الـَّرُسوُل َفُخ ـُذ وُه َو َم ا َنَهاُك ْم َع ْنُه َف انَتُهوا َو اَّتُق وا َهَّللا‬

‫‪50‬‬
‫ِإَّن َهَّللا َش ِد يُد اْلِع َق اِب} (‪ )7‬ســورة الحشــر ‪ ،‬وقولــه ســبحانه وتعــالى ‪َ{ :‬و َم ن َيْع ِص َهّللا َو َر ُس وَلُه َو َيَتَع َّد‬
‫ُح ُد وَد ُه ُيْد ِخ ْلُه َناًرا َخاِلًدا ِفيَها َو َلُه َع َذ اٌب ُّم ِهيٌن } (‪ )14‬سورة النساء"(‪.)1‬‬

‫وإذا ثبت لـنا أن القـول بـتحـريم استخـدام الحـساب الفـلـكي إلثبات الشهـر الـقـمـري هـو القول‬
‫الصحيح فإننا نقول كما الشيخ عبــد العزيــز بن بــاز – رحمــه هللا – ‪ " :‬أمــا الحســابون فال يلـــتفت‬
‫إليهم ‪ ،‬وال يعــول على حســابهم ‪ ،‬وال ينبغي لهم أن ينشــروا حســابهم ‪ ،‬وينبغي منعهم من نشــر‬
‫حســـاباتهم ؛ ألنهم بـــذلك يشوشون على الناس ‪ ،‬ال في مســـألة رؤيـــة الهالل ‪ ،‬وال في مســـألة‬
‫الكسوفات"(‪.)2‬‬

‫وهللا أعلم‪.‬‬

‫_______________‬
‫(‪[ )1‬مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز ‪ -‬رحمه هللا ‪.)133 \15( ]-‬‬
‫(‪[ )2‬مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه هللا –] (‪.)136-135\15‬‬

‫‪51‬‬
‫الـخـاتـمـة‬

‫أوًال ‪ :‬النتائج ‪:‬‬


‫‪ -1‬أن الشهر القمري ال يمكن أن يدخل إال بأحد طريقين ‪:‬‬
‫رؤية الهالل ليلة الثالثين من الشهر الذي قبله‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫إتمام الشهر السابق ثالثين يومًا ثم يدخل الشهر الذي بعده‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫‪ -2‬أن الرؤية الشرعية المطلوبة للهالل هي الرؤية بالعين المجردة ‪ ،‬وال مانع من االستعانة‬
‫بالمكبرات ‪ ،‬لكن العمدة على رؤية العين‪.‬‬

‫‪ -3‬أن شهر رمضان يثبت بشهادة شخص واحد ‪ ،‬وأما غير رمضان فال يدخل إال بشهادة‬
‫عدلين‪.‬‬

‫‪ -4‬أن من يرى الهالل ُيشترط فيه أن يكون عدال ‪ -‬وعلى الراجح للحاكم أن يقبل الشهادة إذا‬
‫ترجح لديه أنها حق وصدق ‪ ، -‬وأن يكون الشاهد مكلفا ‪ ،‬وأن يكون قوي البصر‪.‬‬

‫‪ -5‬إذا كان في السماء ليلة الثالثين من شعبان غيم أو قتر فالراجح أن يوم الثالثين ال يجب‬
‫وجوبه ‪ ،‬وأن الراجح يدور بين إباحة صوم ذلك اليوم ‪ ،‬أو النهي عنه‪.‬‬

‫‪ -6‬في مسألة ثبوت دخول الشهر القمري بالحساب الفلكي تبين لنا ما يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬أن الخالف في المسألة حادث ومسبوق باإلجماع‪.‬‬
‫‪ ‬القول بتحريم االعتماد على الحساب الفلكي هو القول الذي يدل عليه الشرع والعقل‬
‫والحس‪.‬‬
‫‪ ‬من قال بوجوب الحساب الفلكي أو جوازه اعتمد في قوله عـلى تعـليالت هي‬
‫مـردودة ؛ ألنها في مقابل النصوص الشرعية ‪ ،‬وما ذكروه من نصوص شرعية إنما‬
‫دلت على قولهم بطريق التأويل الفاسد‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ ‬الحساب الفلكي ال يفيد القطع في إثبات دخول الشهر القمري ‪ ،‬وإنما يفيد الظن‪.‬‬
‫‪ ‬وختامًا ‪ ،‬القول الصحيح في هذا المسألة هو ‪ :‬تحريم االعتماد على الحساب الفلكي‬
‫في إثبات الشهر القمري‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬التوصيات ‪:‬‬


‫‪ -1‬بما أن القول الصحيح هو ‪ :‬تحريم االعتماد على الحساب الفلكي في إثبات دخول الشهر‬
‫القمري ‪ ،‬فإني أرى أن ُيمنع الفلكيون من الكالم في هذه المسألة ؛ لما يسببونه من شوشرة‬
‫وبلبلة عند العامة ؛ فإن الغالب أن الفلكيين يثيرون هذا الموضوع عند اقتراب شهور ‪:‬‬
‫رمضان وشوال وذي الحجة ؛ ألن معرفة وقت دخول تلك األشهر يتوقف عليه عبادات‬
‫عظيمة ‪ ،‬ومن آخر من نُـشر في هذا الموضوع – بالنسبة للوقت الذي كتب فيه هذا البحث –‬
‫ما سبق أن أشرنا إليه في المقالين اللذّين نشرتهما صحيفة الجزيرة (‪.)1‬‬

‫فإذا أثاروا ذلك الموضوع عند اقتراب تلك األشهر وقالوا أن الهالل ال يمكن أن ُيرى في‬
‫تلك الليلة ‪ ،‬أو تمكن رؤيته ‪ ،‬فإنهم يحدثون بذلك بلبلة عند العامة ‪ ،‬وقد يصل األمر إلى أكبر‬
‫من ذلك ‪ ،‬خصوصًا إذا جاء األمر على عكس ما قالوا ‪ ،‬وربما وصل األمر إلى أكبر من ذلك‬
‫أيضًا ‪ ،‬وذلك أنه إذا قرأ المسلمون أن الهالل لن يخرج في ليلة الثالثين ‪ ،‬وأن الشهر سوف‬
‫يكون كامًال – كما في المقالين الذّين نشرتهما صحيفة الجزيرة – فربما أدى ذلك إلى أال‬
‫يتراءى المسلمون الهالل في تلك الليلة ‪ ،‬وال يخفى ما في ذلك من مفاسد العظيمة ‪ ،‬وتعطيل‬
‫لشعيرة من شعائر اإلسالم ‪ ،‬فأرى أن ُيمنعوا من إثارة البلبلة في هذا الموضوع ‪ ،‬وأن‬
‫يصرفوا اهتماماتهم في أمور أخرى تكون مصلحة المسلمين فيها بدل كثرة القيل والقال في‬
‫هذه المسألة ‪ ،‬وهللا يزع بالسلطان ما ال بزع بالقرآن‪.‬‬
‫‪ -2‬اقترح أن تكون هناك حمالت ونشرات هدفها توعية المسلمين بأهمية تراءي هالل الشهور‬
‫القمرية ؛ وخصوصًا هالل شهور ‪ :‬رمضان وشوال وذي الحجة ‪ ،‬واإلدالء بشهادتهم لدى‬
‫الـمـحـاكم ‪ ،‬وبيان أن هـذا األمر يزداد أهـمية ومشروعية في حق من رزقه هللا البصر‬
‫القوي‪.‬‬

‫_______________‬
‫(‪ )1‬انظر (صـ ‪.)45-44‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -3‬البد من التفريق بين علم الفلك الحالي ‪ ،‬وبين علم التنجيم المنهي عنه شرعًا ‪ ،‬ففرق عظيم‬
‫بينهما ‪ ،‬ونحن إنما ذكرنا تحريم االعتماد على الحساب الفلكي في إثبات الشهر القمري ‪ ،‬وإال‬
‫فنفس علم الفلك علم مهم وتتوقف عليه كثير من األمور التي تهم الناس ‪ ،‬مثل أوقات دخول‬
‫الفصول السنوية من شتاء وصيف وربيع وغيرها ‪ ،‬وما يترتب على ذلك من أوقات الزراعة‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫ونحن كما سبق إنما ذكرنا تحريم االعتماد على الحساب الفلكي في إثبات الشهر القمري ‪،‬‬
‫فأرى أنه ال مانع من االستعانة بحساباتهم ‪ ،‬وما يفيدوننا فيه من وقت خروج القمر ‪ ،‬وأين‬
‫تمكن رؤيته في الشمال أو الجنوب ‪ ،‬وضابط ذلك أن يكون االعتماد في دخول الشهر على‬
‫رؤية الهالل ال على حساباتهم ‪ ،‬فإن رؤي الهالل دخل الشهر ‪ ،‬وإن قالوا بضد ذلك ‪ ،‬وإن لم‬
‫يَر الهالل لم يدخل الشهر وإن قالوا بضد ذلك‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪.‬‬

‫والحمد هلل الذي هدانا لهذا ‪ ،‬وما كنا لنهتدي لوال أن هدانا هللا‪.‬‬

‫وصلى هللا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪54‬‬
‫الفهارس‬

‫وتشتمل على ‪:‬‬

‫‪ ‬فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ ‬فهرس اآليات القرآنية‪.‬‬

‫‪ ‬فهرس األحاديث واآلثار‪.‬‬

‫‪ ‬فهرس األعالم‪.‬‬

‫‪ ‬فهرس الموضوعات‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫أوًال الكتب ‪:‬‬


‫‪[ -1‬االستذكار] البن عبد البر ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي ‪ ،‬مطبعة مؤسسة‬
‫الرسالة ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1414‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -2‬اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف على مذهب اإلمام أحمد بن حنبل] لعالء الدين‬
‫أبي الحسن على بن سليمان المرداوي ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬محمد عبد الرحمن المرعشلي ‪ ،‬مطبعة‬
‫دار إحياء التراث العربي في لبنان ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1419‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -3‬أوائل الشهور العربية هل يجوز شرعًا إثباتها بالحساب الفلكي] للشيخ أحـمـد شـاكـر‬
‫– رحمه هللا – ‪ ،‬مطبعة ابن تيمية في القاهرة ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1407‬هـ‬

‫‪[ -4‬البحر الرائق شرح كنز الدقائق] لزين الدين بن إبراهيم بن محمد المعروف بابن نجيم‬
‫المصري الحنفي ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬زكريا عميرات ‪ ،‬مطبعة دار الكتب العلمية في لبنان ‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪1418‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -5‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد] ألبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد‬
‫القرطبي ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬ماجد الحموي ‪ ،‬مطبعة دار ابن حزم ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1416‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -6‬تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير] للحافظ ابن حجر ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬السيد‬
‫عبد هللا هاشم اليماني المدني ‪ ،‬مطبعة دار المعرفة في لبنان ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1406‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -7‬تهذيب الكمال في أسماء الرجال] لجمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي ‪ ،‬تحقيق ‪:‬‬
‫الدكتور بشار عواد معروف ‪ ،‬مطبعة مؤسسة الرسالة ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1422‬هـ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫‪[ -8‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن] لإلمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري ‪ ،‬مطبعة‬
‫دار األعالم في األردن ‪ ،‬ومطبعة دار ابن حزم في لبنان ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1423‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -9‬الجامع ألحكام القرآن] ألبي عبد هللا محمد بن أحمـد األنصاري القـرطبي ‪ ،‬تحـقـيق ‪:‬‬
‫عبد الرزاق المهدي ‪ ،‬مطبعة دار الكتاب العربي في لبنان ‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1422‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -10‬حاشية الخرشي على مختصر سيدي خليل] لمحمد بن عبد هللا الخرشي ‪ ،‬تحقيق ‪:‬‬
‫زكريا عميرات ‪ ،‬مطبعة دار الكتب العلمية ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1417‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -11‬الحاوي الكبير في فقه مذهب اإلمام الشافعي] ألبي الحسن علي بن محمد بن حبيب‬
‫الماوردي البصري ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬علي محمد معوض ‪ ،‬وعادل أحمد عبد الموجود ‪ ،‬مطبعة‬
‫دار الكتب العلمية في لبنان ‪ ،‬طبعة عام ‪1419‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -12‬دورتا الشمس والقمر وتعيين أوائل الشهور العربية باستعمال الحساب] للدكتور‬
‫حسين كمال الدين ‪ ،‬مطبعة دار الفكر العربية في مصر ‪ ،‬طبعة عام ‪1416‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -13‬رد المختار على الدر المختار] ‪[ ،‬حاشية ابن عابدين على الشيخ عالء الدين محمد‬
‫عـلي المصكـفي لمتن تنوير اإلبصار] للـشيخ شـمـس الدين النمـرتاشي ‪ ،‬تحـقـيـق ‪:‬‬
‫عـبـد المجيد طعمه حلبي ‪ ،‬مطبعة دار المعرفة في لبنان ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1420‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -14‬روضة الطالبين] ليحيى بن شرف النووي ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬عادل أحمد عبد الموجود ‪ ،‬وعلي‬
‫محمد معوض ‪ ،‬مطبعة دار عالم الكتب ‪ ،‬طبعة عام ‪1423‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -15‬سنن ابن ماجه] ألبي عبد هللا محمد بن يزيد القزويني الشهير بابن ماجه ‪ ،‬مطبعة دار‬
‫إحياء التراث العربي في لبنان‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫‪[ -16‬سنن أبي داود] ألبي داود سليمان بن األشعث بن إسحاق بن بشير األزدي السجستاني ‪،‬‬
‫مطبعة دار أحياء التراث العربي في لبنان‪.‬‬

‫‪[ -17‬سنن الترمذي] لألبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة بن موسى السلمي البوغي‬
‫الترمذي ‪ ،‬مطبعة دار الكتب العلمية في لبنان ‪ ،‬طبعة عام ‪1994‬م‪.‬‬

‫‪[ -18‬سنن الدار قطني] لعلي بن عمر الدار قطني ‪ ،‬مع [التعليق المغني على الدار قطني]‬
‫ألبي الطيب محمد آبادي ‪ ،‬مطبعة عالم الكتب ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1413‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -19‬السنن الكبرى] ألبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬محمد عبد القادر‬
‫عطا ‪ ،‬مطبعة دار الكتب العلمية في لبنان ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1424‬هأ‪.‬‬

‫‪[ -20‬سنن النسائي – المجتبى –] ألبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الشهير‬
‫بالنسائي ‪ ،‬مطبعة دار الفكر‪.‬‬

‫‪[ -21‬سير أعالم النبالء] لإلمام شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬شعيب‬
‫األرنؤوط ‪ ،‬مطبعة مؤسسة الرسالة ‪ ،‬الطبعة الحادية عشرة ‪1422‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -22‬الشرح الممتع على زاد المستقنع] لفضيلة الشيخ العالمة ‪ :‬محمد بن صالح العـثيـمين‬
‫– رحمه هللا – ‪ ،‬مطبعة دار ابن الجوزي ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1424‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -23‬صحيح أبي داود] لإلمام محمد ناصر الدين األلباني ‪ ،‬مطبعة مكتبة المعارف للنشر‬
‫والتوزيع في الرياض ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1421‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -24‬صحيح البخاري] لمحمد بن إسماعيل البخاري ‪ ،‬مطبعة دار إحياء التراث العربي في‬
‫لبنان‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫‪[ -25‬صحيح مسلم] ألبي الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري ‪ ,‬مطبعة‬
‫دار الكتب العلمية في لبنان ‪ ،‬طبعة عام ‪1992‬م‪.‬‬

‫‪[ -26‬ضعيف أبي داود] لإلمام محمد ناصر الدين األلباني ‪ ،‬مطبعة مكتبة المعارف للنشر‬
‫والتوزيع في الرياض ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1421‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -27‬ضياء السالك إلى أوضح المسالك] لمحمد عبد العزيز النجار ‪ ،‬مـطبعـة مؤسسة‬
‫الرسالة ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1420‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -28‬عـلم الفـلك] للدكتور يحيى شامي ‪ ،‬مـطبعة دار الفكر العـربي في لبنان ‪ ،‬الطـبعة‬
‫األولى ‪1417‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -29‬العلم المنشور في إثبات الشهور] لعلي بن عبد الكافي السبكي ‪ ،‬مطبعة مكتبة اإلمام‬
‫الشافعي في الرياض ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1410‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -30‬فتاوى السبكي] لإلمام أبي الحسن تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي ‪ ،‬مطبعة دار‬
‫المعرفة في لبنان‪.‬‬

‫‪[ -31‬الفتاوى الهندية] المعروفة بـ[الفتاوى العالمكيرية في مذهب اإلمام األعظم أبي حنيفة‬
‫النعمان] للهمام موالنا الشيخ ِنظام ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬عبد اللطيف حسن عبد الرحمن ‪ ،‬مطبعة‬
‫دار الكتب العلمية في لبنان ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1421‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -32‬فتح الباري شرح صحيح البخاري] لإلمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقالني ‪،‬‬
‫مطبعة دار السالم في الرياض ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1421‬هـ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪[ -33‬الفروق] ألبي العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن الصنهاجي‬
‫المشهور بالقرافي ‪ ،‬بهامش الكتابين ‪[ :‬تهذيب الفروق] ‪ ،‬و [القواعد السنية في‬
‫األسرار الفقهية] ‪ ،‬مطبعة عالم الكتب في لبنان‪.‬‬

‫‪[ -34‬الفلك العلمي] لعبد الكريم محمد نصر ‪ ،‬طبعة عام ‪1407‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -35‬لسان العرب] ألبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور ‪ ،‬مطبعة دار صادر‬
‫في لبنان ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1414‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -36‬مبادئ الكونيات] لألمين محمد أحمد كعورة ‪ ،‬مطبعة عالم الكتب في لبنان‪.‬‬

‫‪[ -37‬المجموع شرح المهذب] للشيرازي ‪ ،‬لإلمام أبي زكريا يحيى الدين بن شرف النووي ‪،‬‬
‫تحقيق محمد نجيب المطيعي ‪ ،‬مطبعة دار إحياء التراث العربي في لبنان ‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪1421‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -38‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم أحمد بن تيمية] ‪ ،‬جمع وترتيب ‪ :‬عبد الرحمن بن قاسم‬
‫العاصمي ‪ ،‬وساعده ابنه محمد ‪ ،‬طُـبع بأمر خادم الحـرمين الشـريـفـيـن الملك فهد ابن‬
‫عبد العزيز ‪ ،‬إشراف الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين‪.‬‬

‫‪[ -39‬مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه هللا –] ‪ ،‬جمع وترتيب وإشراف‬
‫د‪.‬محمد بن سعد الشويعر ‪ ،‬طُـبع تحت إشراف رئاسة إدارة البحوث العلمية واإلفتاء ‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة ‪1423‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -40‬المدونة الكبرى] لإلمام مالك بن أنس ‪ ،‬رواية سحنون ‪ ،‬مطبعة السعادة‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫‪[ -41‬مسائل في الفقه المقارن] تأليف ‪ :‬الدكتور عمر سليمان األشقر ‪ ،‬والدكتور ماجد أبو‬
‫رخية ‪ ،‬والدكتور محمد عثمان شبير ‪ ،‬والدكتور عبد الناصر أبو البصل ‪ ،‬مطبعة دار‬
‫النفائس ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1416‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -42‬المستدرك على الصحيحين] ألبي عبد هللا محمد بن عبد هللا الحاكم ‪ ،‬مطبعة دار‬
‫المعرفة في لبنان ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1418‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -43‬مسند اإلمام أحمد بن حنبل] لإلمام أبي عبد هللا أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني‬
‫الوائلي ‪ ،‬مطبعة دار إحياء التراث العربي‪.‬‬

‫‪[ -44‬معجم مقاييس اللغة] ألبي الحسين أحمد بن فارس ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬عبد السالم محمد‬
‫هارون ‪ ،‬مطبعة دار الجيل في لبنان ‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬

‫‪[ -45‬المغني] لموفق الدين أبي محمد عبد هللا بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي ‪ ،‬تحقيق ‪:‬‬
‫الدكتور عبد هللا عبد المحسن التركي ‪ ،‬والدكتور عبد الفتاح محمد الحلو ‪ ،‬مطبعة دار‬
‫عالم الكتب ‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1419‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -46‬الموسوعة الفقهية] ‪ ،‬إصدار وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية في الكويت ‪ ،‬مطبعة‬
‫دار الصفوة ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1412‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -47‬الهداية شرح بداية المبتدئ] لبرهان الدين المرغيناني ‪ ،‬مع [نصب الراية تخريج‬
‫أحاديث الهداية] لجمال الدين الزيلعي ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬أيمن صالح شعبان ‪ ،‬طبعة دار الحديث‬
‫في القاهرة ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1415‬هـ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬المجالت والصحف‪:‬‬
‫‪[ -1‬صحيفة الجزيرة السعودية]‪.‬‬

‫‪[ -2‬مجلة األزهر] ‪ ،‬الجزء الثامن ‪ ،‬السنة السبعون ‪ ،‬عدد شعبان ‪1418‬هـ‪.‬‬

‫‪[ -3‬مجلة البحوث اإلسالمية] عدد [‪ ، ]27‬عدد ‪ :‬ربيع األول ‪ ،‬ربيع اآلخر ‪ ،‬جمادى األولى ‪،‬‬
‫جمادى اآلخر ‪1410‬هـ ‪ ،‬طبعة مطابع الشرق األوسط‪.‬‬

‫‪[ -4‬مجلة مجمع الفقه اإلسالمي] ‪ ،‬الدورة الثالثة لمؤتمر الفقه اإلسالمي ‪ ،‬العدد الثالث ‪:‬‬
‫‪1408‬هـ‪.‬‬

‫ثالثًا ‪ :‬المواقع اإللكترونية ‪:‬‬


‫‪ -1‬موقع [اإلسالم اليوم] ‪ ،‬وهو على العنوان التالي ‪:‬‬
‫‪www.islamtoday.net‬‬

‫‪62‬‬
‫فهرس اآليات القرآنية‬

‫‪ -1‬قــولـه تعالى ‪َ{ :‬أِقِم الَّصَالَة ِلُد ُلوِك الَّش ْم ِس‪ )78( }...‬سورة اإلسراء ‪39 ......................‬‬

‫‪ -2‬قــولـه تعالى ‪َ{ :‬أَلْم َتَر َكْيَف َفَعَل َر ُّبَك ِبَأْص َح اِب اْلِفيِل } (‪ )1‬سورة الفيل ‪30 ...............‬‬

‫‪ -3‬قــولـه تعالى ‪ِ{ :‬إَّن ِع َّدَة الُّش ُهوِر ِع نَد ِهّللا اْثَنا َع َش َر َش ْهًرا‪ )36( }...‬سورة التوبة ‪11 ،8 ، 2 ......‬‬

‫‪ -4‬قــولـه تعالى ‪ِ...{ :‬إِّني َأَر ى ِفي اْلَم َناِم َأِّني َأْذ َبُحَك َفانُظْر ‪ )102( }...‬سورة الصافات ‪31 ، 30 ......‬‬

‫‪ -5‬قــولـه تعالى ‪{ :‬اْلَح ُّج َأْش ُهٌر َّم ْع ُلوَم اٌت َفَم ن َفَر َض ِفيِهَّن اْلَح َّج‪ )197(}...‬سورة البقرة‪11 ..‬‬

‫‪ -6‬قــولـه تعالى ‪{ :‬الَّش ْم ُس َو اْلَقَم ُر ِبُحْس َباٍن } (‪ )5‬سورة الرحمن ‪35 ، 10 ..............................‬‬

‫‪ -7‬قــولـه تعالى ‪َ{ :‬ش ِهَد ُهّللا َأَّنُه َال ِإَلَه ِإَّال ُهَو ‪ )18( }...‬سورة آل عمران ‪28 ......................‬‬

‫‪ -8‬قــولـه تعالى ‪َ{ :‬ش ْهُر َر َم َض اَن اَّلِذَي ُأنِز َل ‪ )185( }...‬سورة البقرة ‪31 ، 29 ، 28 ، 14 ، 11 ....‬‬

‫‪ -9‬قــولـه تعالى ‪َ{ :‬قاَلْت ِإْح َد اُهَم ا َيا َأَبِت اْسَتْأِج ْر ُه‪ )26( }...‬سورة القصص ‪17 .................‬‬

‫‪ -10‬قوله تعالى ‪َ{ :‬قاَل َأَر َأْيَت ِإْذ َأَو ْيَنا ِإَلى الَّص ْخ َر ِة‪ )63( }...‬سورة الكهف ‪30 ................‬‬

‫‪ -11‬قوله تعالى ‪َ...{ :‬فِص َياُم َشْهَر ْيِن ُم َتَتاِبَع ْيِن ‪ )92( }...‬سورة النساء ‪11 .....................‬‬

‫‪ -12‬قوله تعالى ‪َ...{ :‬فَلَّم ا َر آَها َتْهَتُّز َك َأَّنَها َج اٌّن َو َّلى ُم ْد ِبًرا‪ )31( }...‬سورة القصص ‪30 ......‬‬

‫‪ -13‬قوله تعالى ‪َ{ :‬فْلَيْح َذ ِر اَّلِذ يَن ُيَخ اِلُفوَن َع ْن َأْم ِر ِه‪ )63( }...‬سورة النــور ‪47 ................‬‬

‫‪ -14‬قوله تعالى ‪ِّ{ :‬لَّلِذ يَن ُيْؤ ُلوَن ِم ن ِّنَس آِئِهْم َتَر ُّبُص َأْر َبَعِة َأْش ُهٍر ‪ )226(}...‬سورة البقرة‪11 ..‬‬

‫‪ -15‬قوله تعالى ‪ُ{ :‬هّللا َيْبُس ُط الِّر ْز َق ِلَم ْن َيَش اء َو َيَقِد ُر‪ )26( }...‬سورة الرعد ‪21 ..............‬‬

‫‪ -16‬قوله تعالى ‪ُ...{ :‬ك ٌّل َيْج ِري َألَج ٍل ُّمَس ًّمى‪ )2( }...‬سورة الرعد ‪36 .........................‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ -17‬قوله تعالى ‪ِ...{ :‬مَّم ن َتْر َض ْو َن ِم َن الُّش َهَداء‪ )282( }...‬سورة البقرة ‪17 ...................‬‬

‫‪ -18‬قوله تعالى ‪ُ{ :‬هَو اَّلِذ ي َجَعَل الَّش ْمَس ِض َياء َو اْلَقَم َر ُنوًرا‪ )5( }...‬سورة يونس ‪36 ، 30 ......‬‬

‫‪ -19‬قوله تعالى ‪َ...{ :‬و َأنَز ْلَنا ِإَلْيَك الِّذْك َر ِلُتَبِّيَن ِللَّناِس َم ا ُنِّز َل ِإَلْيِهْم ‪ )44(}...‬سورة النحل‪2 ...‬‬

‫‪ -20‬قوله تعالى ‪َ{ :‬و َأَّن َهَذ ا ِص َر اِط ي ُم ْسَتِقيًم ا َفاَّتِبُعوُه‪ )153( }...‬سورة األنعام ‪47 ............‬‬

‫‪ -21‬قوله تعالى ‪َ{ :‬و َجَع ْلَنا الَّلْيَل َو الَّنَهاَر آَيَتْيِن َفَم َح ْو َنا آَيَة الَّلْيِل ‪ )12( }...‬سورة اإلسراء‪36 ، 30 ...‬‬

‫‪ -22‬قوله تعالى ‪َ { :‬و َم ا آَتاُك ُم الَّرُسوُل َفُخ ُذ وُه َو َم ا َنَهاُك ْم َع ْنُه َفانَتُهوا‪ )7(}...‬سورة الحشر‪47..‬‬

‫‪ -23‬قوله تعالى ‪َ{ :‬و اَّلِذ يَن ُيَتَو َّفْو َن ِم نُك ْم َو َيَذ ُروَن َأْز َو اًجا} (‪ )234‬سورة البقرة ‪11 ............‬‬

‫‪ -24‬قوله تعالى ‪َ...{ :‬و َم ن ُقِدَر َع َلْيِه ِرْز ُقُه‪ )7( }...‬سورة الطالق ‪21 ...........................‬‬

‫‪ -25‬قوله تعالى ‪َ{ :‬و َم ن ُيَش اِقِق الَّرُسوَل ِم ن َبْع ِد َم ا َتَبَّيَن َلُه اْلُهَدى‪ )115( }...‬سورة النساء‪29 ..‬‬

‫‪ -26‬قوله تعالى ‪َ{ :‬و َم ن َيْع ِص َهّللا َو َر ُسوَلُه َو َيَتَع َّد ُح ُد وَد ُه‪ )14( }...‬سورة النساء ‪47 .........‬‬

‫‪ -27‬قوله تعالى ‪َ{ :‬و الالِئي َيِئْس َن ِم َن اْلَم ِح يِض ِم ن ِّنَس اِئُك ْم } (‪ )4‬سورة الطالق ‪11 ............‬‬

‫‪ -28‬قوله تعالى ‪َ{ :‬و َيَر ى اَّلِذ يَن ُأوُتوا اْلِع ْلَم اَّلِذ ي ُأنِز َل ِإَلْيَك ‪ )6( }...‬سورة سبأ ‪30 ..........‬‬

‫‪ -29‬قوله تعالى ‪َ{ :‬يا َأُّيَها اَّلِذ يَن آَم ُنوا ِإن َج اءُك ْم َفاِس ٌق ِبَنَبٍأ‪ )6( }...‬سورة الحجرات ‪17 ......‬‬

‫قوله تعالى ‪َ{ :‬يا َأُّيَها الَّرُسوُل َبِّلْغ َم ا ُأنِز َل ِإَلْيَك ِم ن َّر ِّبَك ‪ )67( }...‬سورة المائدة ‪2 ..‬‬ ‫‪-30‬‬

‫قوله تعالى ‪...{ :‬اْلَيْو َم َأْك َم ْلُت َلُك ْم ِد يَنُك ْم ‪ )3( }...‬سورة المائدة ‪2 ........................‬‬ ‫‪-31‬‬

‫‪64‬‬
‫فهرس األحاديث واآلثار‬

‫‪َ« -1‬أُص ْم َت ِم ْن ُس َر ِر َشْع َباَن ‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬ال ‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬فِإَذ ا َأْفَطْر َت َفُص ْم َيْو َم ْيِن » ‪21 .................‬‬

‫‪« -2‬اْخ َتَلَف الَّناُس في آِخ ِر َيْو ٍم ِم ْن َر َم َض اَن ‪َ ،‬فـَقـِد َم أعَر اِبَّياِن َفَش ِهـَدا ‪16 ................... » ...‬‬

‫‪« -3‬إذا َر أيُتموُه فصوموا‪ ،‬وِإذا رَأيُتموُه فأفِط روا ‪33 ، 32 ، 29 ، 14 .................... » ...‬‬

‫‪« -4‬إن هللا قد جعل األهلة مواقيت فإذا رأيتموه فصوموا ‪35 ، 25 .......................... » ...‬‬

‫‪« -5‬إّنا ُأَّم ٌة ُأِّم يٌة ال َنكُتُب وال َنحُسُب ‪ ،‬الشهُر هكذا وهكذا» ‪36 .....................................‬‬

‫‪َ« -6‬تَر اءى الَّناُس الِهَالَل َفَأْخ َبْر ُت َر ُسوَل هللا صلى هللا عليه وسلم ‪15 ...................... » ...‬‬

‫‪َ« -7‬ج اَء أْع َر اِبٌّي إَلى الَّنبِّي صلى هللا عليه وسلم َفقاَل ‪ :‬إِّني َر َأْيُت الِهَالَل ‪15 .............. » ...‬‬

‫‪ُ« -8‬صوموا ِلُر ْؤ يتِه وأفِط روا لُرؤيته ‪46 ، 41 ، 39 ، 31 ، 29 ، 14 ................... » ...‬‬

‫‪ُ« -9‬صوُم وا ِلُرؤَيِتِه َو َأْفِط ُروا لِـُرؤيَــتِـِه َو انْـُس ُك وا َلَها ‪16 ...................................... » ...‬‬

‫‪« -10‬الشهُر ِتسٌع وعشروَن ليلًة‪ ،‬فال تصوُم وا حّتى َتَر وُه ‪35 ، 25 ، 20 ، 19 ......... » ...‬‬

‫‪َ« -11‬ع ِهَد إَلْينا َر ُسوُل هللا صلى هللا عليه وسلم أْن َنْنُسَك ِللُّر ْؤ َيِة‪ ،‬فإْن لم َنَر ُه ‪16 ......... » ...‬‬

‫‪ِ« -12‬فْطُر ُك ْم َيْو َم ُتْفِط ُروَن َو أْض َح اُك ْم َيْو َم ُتَض ُّح ون» ‪23 ............................................‬‬

‫‪« -13‬قال نافع ‪َ :‬فَك اَن ابُن ُع َم َر إَذ ا كان َشْع َباُن ِتْسعًا َو ِع ْش ِر يَن ُنِظ َر َلُه ‪31 ، 20 ........... » ...‬‬

‫‪« -14‬قالت عائشة ‪ :‬ألن أصوم يومًا من شعبان أحب إلَّي من أن أفطر ‪22 .................. » ...‬‬

‫‪َ« -15‬ك اَن َر ُسوُل هللا صلى هللا عليه وسلم َيَتَح َّفُظ ِم ْن َشْع َباَن ‪31 ، 30 .................... » ...‬‬

‫‪« -16‬ال َتُصوُم وا َقْبَل َر َم َض اَن ‪ُ ،‬صوُم وا ِلُر ْؤ َيِتِه ‪ ،‬وأْفِط ُروا ِلُر ْؤ َيِتِه ‪30 ................... » ...‬‬

‫‪65‬‬
‫‪َ« -17‬ال ُتَقِّد ُم وا الَّش ْهَر حتى َتَر ْو ا الِهَالَل أْو ُتْك ِم ُلوا اْلِع َّد ة» ‪38 ، 14 .................................‬‬

‫‪« -18‬ال َيتقَّد مَّن أحُدكم رمضاَن بصوِم يوٍم أو يوَم يِن إّال أن يكوَن رُجـٌل ‪18 .............. » ...‬‬

‫‪« -19‬من صاَم يوَم الَّش ك فقد َعصى أبا القاسم صلى هللا عليه وسلم » ‪19 ........................‬‬

‫‪َ« -20‬هَلَك اْلُم َتَنِّطُعوَن » ‪20 ...............................................................................‬‬

‫‪66‬‬
‫فهرس األعالم‬

‫ابن السبكي ‪40 ...............................................................................................‬‬

‫ابن سريج ‪40 .................................................................................................‬‬

‫عبد هللا بن مطرف بن الشخير ‪40 .......................................................................‬‬

‫ابن قتيبة ‪40 ..................................................................................................‬‬

‫‪67‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫المقدمة ‪2 ............................................................................‬‬
‫‪3‬‬ ‫عنوان البحث ‪..............................................................................................‬‬

‫‪3‬‬ ‫أهمية البحث ‪...............................................................................................‬‬

‫‪3‬‬ ‫خطة البحث ‪................................................................................................‬‬

‫منهج البحث ‪5 ................................................................................................‬‬

‫تمهيد ‪7 ...............................................................................‬‬
‫‪8‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬تعريف الشهر ‪...........................................................‬‬
‫‪8‬‬ ‫تعريف الشهر في اللغة ‪..................................................................................‬‬

‫‪8‬‬ ‫تعريف الشهر في الشرع ‪...............................................................................‬‬

‫‪9‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬تعريف رؤية الهالل ‪...................................................‬‬


‫‪9‬‬ ‫تعريف الرؤية ‪...........................................................................................‬‬

‫‪9‬‬ ‫تعريف الهالل ‪...........................................................................................‬‬

‫‪9‬‬ ‫تعريف رؤية الهالل في الشرع ‪......................................................................‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬تعريف الحساب الفلكي ‪10 ..............................................‬‬


‫‪10‬‬ ‫تعريف الحساب ‪..........................................................................................‬‬

‫‪10‬‬ ‫تعريف الفلك في اللغة ‪..................................................................................‬‬

‫‪10‬‬ ‫تعريف الفلك في االصطالح ‪..........................................................................‬‬

‫‪10‬‬ ‫تعريف الحساب الفلكي ‪.................................................................................‬‬

‫‪68‬‬
‫‪11‬‬ ‫المبحث الرابع ‪ :‬ما يترتب على دخول الشهر القمري ‪.............................‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬بَم يثبت دخول الشهر القمري ‪13 .............................‬‬


‫المبحث األول ‪ :‬دخول الشهر برؤية الهالل ‪14 ..........................................‬‬
‫‪14‬‬ ‫األدلة على أن رؤية الهالل يثبت بها دخول الشهر القمري ‪......................................‬‬

‫‪14‬‬ ‫الرؤية التي يثبت بها دخول الشهر القمري ‪.........................................................‬‬

‫‪15‬‬ ‫العدد المطلوب لرؤية الهالل ‪.........................................................................‬‬

‫‪15‬‬ ‫العدد المطلوب لرؤية هالل رمضان ‪................................................................‬‬

‫‪16‬‬ ‫العدد المطلوب لرؤية هالل غير رمضان من الشهور القمرية ‪.................................‬‬

‫‪17‬‬ ‫الشروط المشترطة فيمن يرى الهالل ‪..............................................................‬‬

‫‪17‬‬ ‫الشرط األول ‪ :‬أن يكون عدال ‪........................................................................‬‬

‫‪17‬‬ ‫الشرط الثاني ‪ :‬أن يكون مكلفا ‪........................................................................‬‬

‫‪17‬‬ ‫الشرط الثالث ‪ :‬أن يكون قوي البصر ‪...............................................................‬‬

‫‪18‬‬ ‫مسألة ‪ :‬إذا غم على إذا غم على الهالل ليلة الثالثين من شعبان فما الحكم ؟ ‪............‬‬

‫‪18‬‬ ‫تحرير محل النزاع ‪.....................................................................................‬‬

‫‪18‬‬ ‫القول األول ‪ُ :‬ينهى عن صوم ذلك اليوم ‪...........................................................‬‬

‫‪18‬‬ ‫أدلة القول األول ‪.........................................................................................‬‬

‫‪20‬‬ ‫القول الثاني ‪ :‬يجب صوم ذلك اليوم ‪................................................................‬‬

‫‪20‬‬ ‫أدلة القول الثاني ‪.........................................................................................‬‬

‫‪23‬‬ ‫القول الثالث ‪ :‬يباح صوم ذلك اليوم ‪................................................................‬‬

‫‪23‬‬ ‫أدلة القول الثالث ‪........................................................................................‬‬

‫‪23‬‬ ‫القول الرابع ‪ :‬أن الناس تبع لإلمام في صوم ذلك اليوم ‪........................................‬‬

‫‪23‬‬ ‫أدلة القول الرابع ‪........................................................................................‬‬

‫‪69‬‬
‫‪24‬‬ ‫الترجيح ‪..................................................................................................‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬دخول الشهر بإتمام الشهر السابق ثالثين يومًا ‪25 ................‬‬
‫‪25‬‬ ‫األدلة على أن الشهر القمري يثبت دخوله إذا تم الشهر الذي قبله ثالثين يومًا ‪...............‬‬

‫‪26‬‬ ‫المبحث الثالث ‪ :‬دخول الشهر بالحساب الفلكي ‪....................................‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬دخول الشهر القمري بالحساب الفلكي ‪27 ..................‬‬


‫‪27‬‬ ‫ذكر خالف العلماء في هذه المسألة ‪..................................................................‬‬

‫‪27‬‬ ‫منشأ الخالف ‪............................................................................................‬‬

‫األقوال في هذه المسألة ‪27 .................................................................‬‬


‫‪27‬‬ ‫القول األول ‪ :‬تحريم االعتماد على الحساب الفلكي في إثبات دخول الشهر القمري ‪.....‬‬

‫‪28‬‬ ‫أدلة القول األول ‪........................................................................................‬‬

‫القول الثاني ‪ :‬وجوب االعتماد على الحساب الفلكي في إثبات دخول الشهر القمري ‪33 ....‬‬

‫‪33‬‬ ‫أدلة القول الثاني ‪........................................................................................‬‬

‫‪40‬‬ ‫القول الثالث ‪ :‬جواز االعتماد على الحساب الفلكي في إثبات دخول الشهر القمري ‪.....‬‬

‫‪41‬‬ ‫أدلة القول الثالث ‪..................................................................................... :‬‬

‫تفنيد الخالف الحادث في المسألة ‪42 .....................................................‬‬


‫الحساب الفلكي في إثباته للشهور القمرية يفيد الظن ال القطع ‪44 ..................‬‬
‫‪44‬‬ ‫الدالئل الحسية على اضطراب الحساب الفلكي ‪...................................................‬‬

‫الترجيح ‪49 ....................................................................................‬‬

‫الخاتمة ‪51 ...........................................................................‬‬


‫النتائج ‪51 ......................................................................................‬‬
‫التوصيات ‪52 ..................................................................................‬‬

‫‪70‬‬
‫الفهارس ‪54 ........................................................................‬‬
‫‪55‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع ‪.............................................................‬‬
‫‪55‬‬ ‫أوًال ‪ :‬الكتب‪........................................................................................... .‬‬

‫‪61‬‬ ‫ثانيُا المجالت والصحف ‪.............................................................................‬‬

‫‪61‬‬ ‫ثالثًا ‪ :‬المواقع اإللكترونية ‪...........................................................................‬‬

‫‪62‬‬ ‫فهرس اآليات القرآنية ‪..................................................................‬‬


‫‪64‬‬ ‫فهرس األحاديث واآلثار ‪................................................................‬‬
‫‪66‬‬ ‫فهرس األعالم ‪............................................................................‬‬
‫‪67‬‬ ‫فهرس الموضوعات ‪.....................................................................‬‬

‫‪71‬‬

You might also like