Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 158

‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪005‬‬

‫‪‬موســـــــوعة حممــــــــــد رســـــــول اهلل ﷺ‬

‫دالئل نبوته وسريته وخصائصه ومشائله وهديه وحقوقه وقبس من حديثه‬

‫حممد رسول اهلل ﷺ‬

‫والحقوق والقيم واألخالق وعالج مشكالت العالم المعاصر‬

‫تأليف‬
‫أ‪.‬د‪ .‬أمحد بن عثمان املزيد‬
‫أستاذ الدراسات اإلسالمية ‪ -‬جامعة امللك سعود‬
‫‪ | 006‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪007‬‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬


‫املقدمة‬
‫ِ‬
‫وصحبه ومن وااله‪،‬‬ ‫رسول اهلل‪ ،‬وعىل ِ‬
‫آله‬ ‫ِ‬ ‫احلمدُ هلل‪ ،‬والصال ُة والسال ُم عىل‬
‫أما بعدُ ‪:‬‬
‫ال َّ‬
‫شك أننا نحن املسلمني مطالبون بتعريف شعوب العامل برسول اهلل حممد‬
‫ﷺ‪ ،‬وما قدَّ مه من خري للبرشية؛ فقد أقامها عىل املسار الصحيح‪ ،‬ونقلها إىل الطريق‬
‫ً‬
‫شامال عىل املستوى الديني واالقتصادي‬ ‫تغيريا‬
‫القويم والفطرة املستقيمة‪ ،‬وأحدث ً‬
‫والسياِّس واالجتامعي‪ ،‬أكده العديد من كبار الكتاب واملؤرخني الغربيني‪.‬‬
‫التعريف به من خالل‬
‫ُ‬ ‫أفضل وسيلة للتعريف بنبينا حممد ﷺ هي‬ ‫َ‬ ‫وإن‬
‫أقواله وأفعاله ومواقفه‪ ،‬وما أحد َثتْه ِمن ٍ‬
‫آثار يف العامل ك ِّله‪ ،‬فتلك هي يف احلقيقة‬
‫سريته وشخصيته ودعوته «فمن ثامرهم تعرفوهنم»‪.‬‬
‫قصدت بيانَه يف هذا الكتاب(‪)1‬؛ حيث عمدت إىل مجع بعض أقوال‬
‫ُ‬ ‫وهذا ما‬
‫النبي ﷺ يف كثري من املوضوعات التي حيتاجها العامل املعارص؛ ليتجىل للقارئ‬
‫مدى احلاجة لتطبيق هذه األقوال يف عامل الواقع؛ ملا تعود به من خري عىل الفرد‬
‫مجيع األنبياء واملرسلني‪.‬‬
‫واملجتمع والدولة‪ ،‬وهذا ما دعا إليه ُ‬
‫ومن خالل مشاركايت العلمية لتعزيز مكانة األنبياء والتعريف برسول اهلل‬
‫حممد ﷺ يف بريطانيا والنمسا وأملانيا والدانامرك والسويد وغريها‪ ،‬جاء هذا‬
‫الكتاب‪ ،‬الذي استغرق تأليفه ثالثة أعوام‪.‬‬

‫(‪ )1‬يتم اآلن ترجمة الكتاب ألهم اللغات العالمية منها اإلنجليزية والفرنسية واأللمانية واألسبانية‪.‬‬
‫‪ | 008‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫وقد بدأت الكتابة بالتأكيد عىل أن اإليامن بجميع األنبياء وتعظيمهم‬


‫مسلام‬
‫ً‬ ‫وتوقريهم ‪-‬عليهم الصالة والسالم‪ -‬جزء من عقيدة املسلم‪ ،‬إذ ال يعد املرء‬
‫إال باإليامن بجميع أنبياء اهلل تعاىل ورسله‪ ،‬ورسول اهلل حممد ﷺ قد بني أن األنبياء‬
‫إخوة‪ ،‬عقيدهتم واحدة وهي عقيدة التوحيد‪ ،‬ورشائعهم متنوعة‪.‬‬

‫قسمت الكتاب إىل متهيد وأربعة أقسام‪:‬‬


‫ُ‬ ‫وعليه فقد‬

‫القسم األول‪ :‬وأرشت فيه إىل مجلة من احلقوق التي ذكرها رسول اهلل حممد‬
‫ﷺ‪ ،‬كحقوق اإلنسان‪ ،‬وحقوق املرأة‪ ،‬والطفل‪ ،‬واآلباء‪ ،‬واألبناء‪ ،‬وذوي‬
‫االحتياجات اخلاصة‪ ،‬واملسنني‪ ،‬واخلدم والرقيق‪ ،‬والضيف‪ ،‬واليتيم‪ ،‬واجلار‪،‬‬
‫وغري ذلك‪.‬‬

‫القسم الثاين‪ :‬ذكرت فيه بعض أقواله ﷺ يف القيم واألخالق والفضائل‪:‬‬


‫كالعدل‪ ،‬والرمحة‪ ،‬واحللم‪ ،‬واألمانة‪ ،‬والشجاعة‪ ،‬والتواضع‪ ،‬والوفاء‪ ،‬واألمن‪،‬‬
‫والوسطية والتوازن‪ ،‬وحتمل املسؤولية‪ ،‬والرقابة الذاتية‪ ،‬واحرتام النفس اإلنسانية‪،‬‬
‫وحسن اخللق‪ ،‬والصداقة واحلب‪ ،‬والعمل التطوعي‪ ،‬ودفع الظلم ومقاومته‪ ،‬وروح‬
‫الدعابة‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬

‫بعضا من أقواله ﷺ يف التحذير من مساوئ‬


‫القسم الثالث‪ :‬ذكرت فيه ً‬
‫األخالق واألفعال‪ :‬كالقتل‪ ،‬والغدر‪ ،‬والغضب‪ ،‬وترويع الناس‪ ،‬واخليانة‪،‬‬
‫واإلفساد بني الناس‪ ،‬والتجسس‪ ،‬وسوء الظن‪ ،‬والرشوة‪ ،‬واملظهرية اجلوفاء‪،‬‬
‫والكسل‪ ،‬واالنتحار‪ ،‬والظلم واالعتداء‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪009‬‬

‫القسم الرابع‪ :‬ذكرت فيه العديد من أقواله ﷺ يف عالج املشكالت‬


‫املعارصة‪ :‬كمشكلة اإلرهاب‪ ،‬والعنف األرسي‪ ،‬والفراغ الروحي‪ ،‬والقلق‬
‫واالكتئاب‪ ،‬واملسكرات‪ ،‬واجلنس‪ ،‬واملخدرات‪ ،‬والفقر‪ ،‬ومشكلة البيئة‪ ،‬وغري‬
‫ذلك‪.‬‬

‫وقد اشتمل الكتاب عىل أكثر من (‪ )75‬موضو ًعا‪ ،‬و (‪ )044‬قول لرسول‬
‫اهلل حممد ﷺ‪.‬‬

‫وكان منهجي يف هذا الكتاب‪:‬‬

‫‪ -1‬اخرتت أهم املوضوعات التي حيتاجها عاملنا املعارص وقسمتها إىل األقسام‬
‫األربعة السابقة‪.‬‬

‫‪ -2‬ذكرت الصحيح من أقوال رسول اهلل حممد ﷺ يف كل موضوع‪ ،‬مع تعليق‬


‫خمترص عليها‪.‬‬
‫ِ‬
‫سرية‬ ‫التعر ِف عىل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الكتاب إال ْ‬
‫نشرتك مجي ًعا يف ُّ‬ ‫أن‬ ‫يتحقق املقصو ُد من‬
‫َ‬ ‫ول ْن‬
‫وندعو البرشي َة إليها بأفعالِنا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فنعمل هبا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املباركة‪،‬‬ ‫حممد ﷺ‪ ،‬وعىل سن ِته‬ ‫ٍ‬ ‫رسولِنا‬
‫ِ‬
‫ونرصته النرص َة‬ ‫حممد ﷺ‪،‬‬‫ٍ‬ ‫هلل‬ ‫ِ‬
‫برسول ا ِ‬ ‫ِ‬
‫للتعريف‬ ‫ٍ‬
‫وسيلة‬ ‫أعظم‬ ‫قبل أقوالِنا‪ ،‬فهذه‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫ومسلمة‪.‬‬ ‫احل َّق َة الواجب َة عىل ِّ‬
‫كل مسل ٍم‬

‫هذا‪ ،‬وحيدوين األمل ‪-‬قارئي الكريم‪ -‬أن تقرأ كتايب هذا وتطلع عليه كام‬
‫اطلع كثري من علامء الغرب ‪-‬غري املسلمني‪ -‬عىل سرية النبي ﷺ وأقواله‬
‫ومواقفه‪ ،‬فكانت هلم أقوال ُّ‬
‫تدل عىل تعظيم النبي ﷺ واإلعجاب بشخصيته‬
‫واالنبهار بأخالقه وسريته يف الناس‪.‬‬
‫‪ | 021‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫ومن هؤالء األديب اإلنجليزي (جورج برنارد شو) حيث قال‪« :‬إن حممدً ا‬
‫جيب أن ُيدعى منقذ اإلنسانية‪ ،‬إنني أعتقد أنه لو توىل مثله زعامة العامل احلديث‬
‫[عظمة اإلسالم‪ :‬املجلد‬ ‫لنجح يف ِّ‬
‫حل مشكالته بطريقة جتلب إىل البرشية السعادة»‪.‬‬
‫األول‪ ،‬جلورج برنارد شو]‪.‬‬

‫ويقول األديب األملاين (جوته)‪« :‬بحثت يف التاريخ عن مثل أعىل هلذا‬


‫اإلنسان فوجدته يف النبي حممد» [جوته‪ :‬الديوان الرشقي للشاعر الغريب جلوته]‪.‬‬

‫ويقول املؤرخ األمريكي ول ديورانت‪« :‬إذا ما حكمنا عىل العظمة بام كان‬
‫للعظيم من أثر يف الناس قلنا إن حممدً ا كان من أعظم عظامء التاريخ» [قصة احلضارة‬

‫(‪ )12/53‬ول ديورانت]‪.‬‬

‫ويقول العامل األمريكي املعارص مايكل هارت‪« :‬إن اختياري حممدً ا ليكون‬
‫كثريا من القراء إىل حد قد يثري‬
‫األول يف قائمة أهم رجال التاريخ ربام أدهش ً‬
‫بعض التساؤالت‪ ...‬لكن يف اعتقادي أن حممدً ا ﷺ كان الرجل الوحيد يف‬
‫التاريخ الذي نجح بشكل أسمى وأبرز يف كال املستويني الديني والدنيوي» [املائة‬

‫األوائل‪ :‬ملايكل هارت]‪.‬‬

‫وختاما‪ :‬أسأل اهلل تعاىل أن حيقق هذا الكتاب الغاية منه‪ ،‬وأن يسعد اجلميع‬
‫ً‬
‫دنيا وآخرة‪ ،‬وصىل اهلل وسلم عىل نبينا حممد وعىل آله وصحبه وأتباعهم بإحسان إىل‬
‫يوم الدين‪.‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪020‬‬

‫التمهيد‬
‫‪- 3‬حياةُ رسولِ اهللِ حممدٍ ﷺ يف سطور‬

‫نسبه ﷺ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هو أبو القاس ِم حممدُ بن عبد اهلل‪ ،‬ب ُن عبد املطلب‪ ،‬ب ُن هاش ٍم بن عبد مناف‪ُ ،‬‬
‫بن‬
‫قيص‪ ،‬بن كُالب‪ ،‬بن ُم َّرة‪ ،‬بن كعب بن لؤي بن غالب‪ ،‬بن فهر‪ ،‬بن مالك‪ ،‬بن النِض‪،‬‬
‫بن كنانة‪ ،‬بن خزيمة‪ ،‬بن مدركة‪ ،‬بن إلياس‪ ،‬بن مِض‪ ،‬بن نزار‪ ،‬بن معدّ ‪ ،‬بن عدنان‪،‬‬
‫وعدنان من نسل إسامعيل بن إبراهيم عليهام السالم‪.‬‬

‫أمُّه ﷺ‪:‬‬
‫عبد ِ‬
‫مناف بن زهرة بن كُالب‪.‬‬ ‫وهب بن ِ‬
‫ٍ‬ ‫هلل ﷺ هي آمن ُة ُ‬
‫بنت‬ ‫ِ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫وأ ُّم‬

‫والدته ﷺ‪:‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ بمك َة يف العا ِم الذي غزا فيه أ ْبره ُة األرش ُم مك َة هلد ِم‬ ‫ُولِدَ‬
‫يوافق سن َة (‪175-174‬م)‪.‬‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الكعبة‪ ،‬وهذا العا ُم‬
‫ِ‬
‫األول من هذا العا ِم‪.‬‬ ‫شهر ربي ٍع‬ ‫ِ‬
‫االثنني من ِ‬ ‫وقد ُولدَ يوم‬

‫وفاة والديه وجده ﷺ‪:‬‬


‫ِ‬
‫السادسة من‬ ‫ماتت أم ُه وهو يف‬ ‫بطن ِ‬
‫أمه‪ ،‬ثم ْ‬ ‫مح ٌل يف ِ‬
‫هلل وهو َ ْ‬
‫ومات أبوه عبدُ ا ِ‬
‫هلل ﷺ ابن ِ‬
‫ثامن‬ ‫ُ‬
‫ورسول ا ِ‬ ‫اآلخر‬ ‫مات هو‬ ‫ِ‬
‫املطلب الذي َ‬ ‫ِ‬
‫العمر‪ ،‬فكفل ُه جدُّ ه عبدُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫سنني‪.‬‬
‫‪ | 022‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫َرضَاعهُ ﷺ‪:‬‬

‫أرضعته ثويب ُة جاري ُة أيب ٍ‬


‫هلب‪ ،‬وأرضعته حليم ُة السعدي ُة‪.‬‬

‫نشأته ﷺ‪:‬‬

‫ٍ‬
‫طالب‪،‬‬ ‫عمه أبو‬
‫مات كفل ُه ُّ‬ ‫ِ‬
‫املطلب‪ ،‬فلام َ‬ ‫ونش َأ ﷺ ً‬
‫يتيام يكفل ُه جدُّ ُه عبدُ‬
‫ِ‬
‫والرعاية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالعطف‬ ‫واعتنى به وشمله‬
‫مجيل‪،‬‬ ‫كل ٍ‬
‫خلق ٍ‬ ‫عيب‪ ،‬ومنحه َّ‬ ‫كل ٍ‬ ‫ِ‬
‫اجلاهلية ومن ِّ‬ ‫ِِ‬
‫دنس‬ ‫وطهره اهللُ ‪ ‬من‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫حديثه‬ ‫ِ‬
‫وصدق‬ ‫ِ‬
‫أمانته‬ ‫ِ‬
‫باألمني‪ ،‬ملا شاهدوا من‬ ‫عرف بني ِ‬
‫قومه إال‬ ‫يكن ُي ُ‬ ‫حتى مل ْ‬
‫ِ‬
‫وطهارته‪.‬‬
‫ٍ‬
‫جتارة له‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫طالب يف‬ ‫وسافر ﷺ إىل الشا ِم مع ِ‬
‫عمه أيب‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫جتارة‬ ‫خرج ثان ًيا إىل الشا ِم مع م ْيرس َة ‪ -‬غال ِم خدجي َة ريض اهلل عنها ‪ -‬يف‬‫ثم َ‬
‫شأنه‬‫وأمانته وما هبره من ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صدقه‬ ‫قبل أن يتزوجها‪ ،‬فلام حدَّ َثها ميرس ُة عن‬ ‫هلا وذلك َ‬
‫ََ ُ‬
‫ِ‬
‫التزوج به‪.‬‬ ‫وخلقه َر ِغ ْ‬
‫بت يف‬ ‫ِ‬

‫خويلد‪ ،‬وكانت يف‬ ‫ٍ‬ ‫تزوج ﷺ خدجي َة َ‬


‫بنت‬ ‫مخسا وعرشين سن ًة‬
‫َ‬ ‫فلام بلغ ً‬
‫األربعني من عمرها‪.‬‬

‫ابتداء الوحي‪:‬‬
‫ِ‬
‫برسالته‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بكرامته‪ ،‬وابتعثه‬ ‫اختصه اهللُ‬ ‫بلغ أربعني سن ًة عام ‪654‬م‬
‫فلام َ‬
‫َّ‬
‫حبب‬
‫َ‬ ‫جربيل عليه السالم وهو بغار ِحراء ‪ٍ -‬‬
‫جبل بمكة ‪ -‬وكان اهللُ قد‬ ‫ُ‬ ‫أتاه‬
‫للتأمل يف هذا ِ‬
‫الغار‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بنفسه‬ ‫إليه االختال َء‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪023‬‬

‫ٍ‬
‫بقارئ‪ .‬فغ ّطه امل َل ُك‬ ‫لست‬ ‫فقال له‪ :‬اقر ْأ‪َ .‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫حراء َ‬ ‫جربيل ِ‬
‫بغار‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫نزل عليه‬
‫ُ‬
‫فعل ذلك ثال ًثا‪ .‬ثم قال‬ ‫ٍ‬
‫بقارئ‪َ .‬‬ ‫لست‬
‫فقال‪ُ :‬‬ ‫قال له‪ :‬اقر ْأ‪َ .‬‬
‫بلغ منه اجلهدُ ‪ .‬ثم َ‬
‫حتى َ‬
‫له‪ ﴿ :‬ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ﴾ [العلق‪.]1-5:‬‬
‫َ‬
‫حدث له‪،‬‬ ‫يرجتف‪ ،‬فأخربها بام‬
‫ُ‬ ‫هلل ﷺ إىل خدجي َة ‪‬‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫فرجع‬
‫َ‬
‫الرحم‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫لتصل‬ ‫َ‬
‫خيزيك اهللُ أبدً ا‪ ،‬إنك‬ ‫وقالت له‪ :‬كال‪ ،‬واهللِ ال‬
‫ْ‬ ‫فث َّبتته وطم َأنته‬
‫ِ‬
‫الدهر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫نوائب‬ ‫ُعني عىل‬
‫ُكسب املعدو َم‪ ،‬وت ُ‬
‫ُ‬ ‫الضيف‪ ،‬وت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫احلديث‪ ،‬وتقري‬ ‫وت َْصدُ ُق‬

‫النبي مر ًة أخرى ومعه‬ ‫حلكمة يعلمها اهللُ ‪ ‬ثم َ‬ ‫ٍ‬


‫نزل عىل ِّ‬ ‫الوحي‬
‫ُ‬ ‫ثم فرت‬
‫ِ‬
‫املسؤولية‪ ،‬فأنزل عليه‬ ‫ِ‬
‫وحتمل‬ ‫ِ‬
‫بالدعوة والبال ِغ‬ ‫واألمر اجلاز ُم‬ ‫التكليف األكيدُ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫قو َله‪ ﴿ :‬ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ﴾‬
‫[املدثر‪.]1-5:‬‬

‫ويدعوهم إىل عبادة اهللِ وحده‪،‬‬ ‫نذر قو َمه‬ ‫ِ‬


‫َ‬ ‫فأمره اهللُ تعاىل يف هذه اآليات أن ُي َ‬
‫واألبيض‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫والرجال والنسا َء‪،‬‬ ‫واحلر والعبدَ ‪،‬‬
‫َّ‬ ‫والصغري‬
‫َ‬ ‫الكبري‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‬ ‫فدعا‬
‫البعض‪ ،‬و َك َف َر به األكثرون‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فاستجاب له‬
‫َ‬ ‫واألسو َد‪،‬‬

‫مراحل دعوته ﷺ‪:‬‬

‫رجل تلو‬ ‫ثالث سنني يدعو ال َ‬‫َ‬ ‫واستمر عىل ذلك‬


‫َّ‬ ‫ابتد َأ ﷺ الدعو َة ًّ‬
‫رسا‪،‬‬
‫الرجل‪ ،‬فلام ن ََز َل عليه قو ُله تعاىل‪﴿ :‬ﭞ ﭟ ﭠ﴾ [احلجر‪َ ،]20:‬ج َه َر بدعوتِه‪،‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫جتمعهم يدعوهم إىل اهللِ‬ ‫ِ‬
‫وأماكن‬ ‫أسواقهم وأنديتِهم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الناس يف‬ ‫يذهب إىل‬ ‫فكان‬
‫ُ‬
‫تعاىل‪.‬‬
‫‪ | 024‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫صربه ﷺ على األذى‪:‬‬

‫حمتسب‪ ،‬فلام أكثروا‬ ‫صابر‬ ‫ِ‬


‫قومه وهو‬ ‫ِ‬
‫والشدائد من‬ ‫صنوف األذى‬
‫َ‬ ‫َل ِق َي ﷺ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫فرارا من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إيذاء أصحابِه‪ ،‬أمرهم ْ‬
‫أرض احلبشة عام ‪651‬م‪ً ،‬‬ ‫أن خيرجوا إىل‬ ‫من‬
‫عادال‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والطغيان فهاجروا ألن باحلبشة ملكًا نرصان ًيا ً‬ ‫الظل ِم‬

‫هجرته إىل املدينة‪:‬‬

‫مهاجرا عام‬ ‫ِ‬


‫املدينة‬ ‫فتوج َه إىل‬ ‫صاحبه أيب ٍ‬
‫بكر‬ ‫ِ‬ ‫رسول اهللِ ﷺ مع‬‫ُ‬ ‫خرج‬ ‫ثم‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫التكذيب‬ ‫ثالث عرش َة سن ًة من‬ ‫َ‬ ‫وترعرع فيه بعد‬
‫َ‬ ‫‪655‬م‪ ،‬تاركًا بلدَ ه الذي ُول ِدَ‬
‫حب والس ِ‬ ‫بالر ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعاناة‪ ،‬إىل ٍ‬ ‫ِ‬
‫عة‪ ،‬فآمنوا به‬ ‫َّ‬ ‫دار أخرى تل َّقاه أه ُلها َّ‬ ‫واالضطهاد‬
‫وصدقوه‪ ،‬وبذلوا أنفسهم وأمواهلم يف محايته ونرصة دينه‪.‬‬
‫ٍ‬
‫دستور َمدَ ٍّين َع َرفه‬ ‫ووضع َ‬
‫أول‬ ‫النبي ﷺ دول َة اإلسال ِم‬ ‫ِ‬
‫املدينة أقا َم‬ ‫ويف‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫التعايش‬ ‫النبي ﷺ فيه مبد َأ‬ ‫أقر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ُّ‬ ‫بدستور املدينة‪ ،‬وقد َّ‬ ‫عرف‬
‫التاريخ وهو ما ُي ُ‬
‫ٍ‬
‫سابقة مل‬ ‫ِ‬
‫لألقليات حقو َقها يف‬ ‫وح ِف َظ فيه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لمي بني األفراد واجلامعات واألديان َ‬ ‫الس ِّ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫الوقت‪.‬‬ ‫التاريخ مث َلها يف هذا‬
‫ُ‬ ‫رف‬‫َي ْع ْ‬
‫ومن نصوص هذا الدستور املدين‪:‬‬
‫ٍ‬
‫قريش‬ ‫واملسلمني من‬ ‫املؤمنني‬ ‫هلل بني‬ ‫ِ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫النبي ﷺ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫كتاب من حممد ّ‬
‫ٌ‬ ‫هذا‬
‫فلحق هبم وجاهدَ معهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫وأهل يثرب ومن تبعهم‬
‫ِ‬
‫الناس‪.‬‬ ‫إهنم أم ٌة واحد ٌة من ِ‬
‫دون‬ ‫‪‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪025‬‬

‫ِ‬
‫باملعروف‪.‬‬ ‫فرحا(‪ )1‬بينهم أن يعطوه‬
‫‪ ‬وإن املؤمنني ال يرتكون ُم ً‬

‫وإن املؤمنني املتقني أيدّنم عىل ِّ‬


‫كل من َب َغى منهم‪ ،‬أو ابتغى دسيعة‬ ‫‪َّ ‬‬
‫أيدّنم عليه مجي ًعا ولو كان‬
‫وإن َ‬‫إثام أو عدوانًا أو فسا ًدا بني املؤمنني‪َّ ،‬‬
‫ظل ٍم ‪ ،‬أو ً‬
‫(‪)2‬‬

‫و َلدَ ِ‬
‫أحدهم‪.‬‬ ‫َ‬

‫ٍ‬
‫مؤمن‪.‬‬ ‫كافرا عىل‬
‫نرص ً‬ ‫ٍ‬
‫‪ ‬وال َيقتُل مؤم ٌن مؤمنًا يف كافر‪ ،‬وال َي ْ ُ‬
‫ِ‬
‫الناس‪.‬‬ ‫دون‬ ‫ٍ‬
‫بعض َ‬ ‫بعضهم َموايل‬ ‫‪َّ ‬‬
‫وإن املؤمنني ُ‬
‫ِ‬
‫واألسوةَ‪ ،‬غري مظلومني وال‬ ‫‪ ‬وإن من تبعنا من ّنو َد‪ ،‬فإ َّن له النرص َة‬
‫ٍ‬
‫متنارص عليهم‪.‬‬

‫وأقوم ِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أحسن ٍ‬
‫هدي‬ ‫‪ ‬وإن املؤمنني املتقني عىل‬
‫‪َّ ‬‬
‫وإن اليهو َد ينفقون مع املؤمنني ما داموا حماربني‪.‬‬
‫عوف أم ٌة مع املؤمنني‪ ،‬لليهود دينُهم وللمسلمني دينُهم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪َّ ‬‬
‫وإن ّنود بني‬
‫وأهل بيتِ ِه‪.‬‬
‫نفسه َ‬ ‫ِ (‪)3‬‬
‫وأثم فإنه ال يوت ُغ إال َ‬
‫نفسه َ‬
‫ِ‬
‫مواليهم وأنفسهم‪ ،‬إال من َظ َل َم َ‬ ‫ِ‬

‫اليهود نفقتَهم‪ ،‬وعىل املسلمني نفقتَهم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وإن عىل‬‫‪َّ ‬‬

‫النصح‬ ‫ِ‬
‫الصحيفة‪ ،‬وإن بينهم‬ ‫حارب َ‬
‫أهل هذه‬ ‫النرص عىل من‬ ‫‪ ‬وإن بينهم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رب دون اإلث ِم‪.‬‬‫والنصيح َة وال َ‬

‫(‪ )1‬املفرح‪ :‬املثقل بالدين والكثري العيال‪.‬‬


‫(‪ )2‬ابتغى دسيعة ظلم‪ :‬أي طلب شيئًا عىل سبيل ا لظلم‪.‬‬
‫(‪ )3‬ال يوتغ‪ :‬ال ّنلك‪.‬‬
‫‪ | 026‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫جار ُخياف فسا ُده‬ ‫الصحيفة من حدَ ٍ‬


‫ث أو اشت ٍ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬وإنه ما كان بني ِ‬
‫أهل هذه‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫فإن مرده إىل اهللِ‪ ،‬وإىل ٍ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪.‬‬ ‫حممد‬ ‫َّ َّ‬
‫يثرب‪.‬‬
‫النرص من َد َهم َ‬
‫َ‬ ‫‪َّ ‬‬
‫وإن بينهم‬

‫الكتاب دون ظاملٍ أو آث ٍم‪ ،‬وإنه من َ‬


‫خرج آم ٌن‪ ،‬ومن قعد‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬وإنه ال حيول هذا‬
‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪.‬‬ ‫جار ملن َّبر واتقى‪ ،‬وحممدٌ‬
‫هلل ٌ‬ ‫آم ٌن باملدينة‪ ،‬إال من َظ َل َم وأثم‪َّ ،‬‬
‫وإن ا َ‬

‫أبرز ما كان يدعو إليه حممد رسول اهلل ﷺ‪:‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عبادة‬ ‫ُ‬
‫وترك‬ ‫بالعبادة‪،‬‬ ‫أهم ما بد َأ به ُّ‬
‫النبي حممدٌ دعوتَه هو إفرا ُد اهللِ تعاىل‬ ‫َّ‬
‫إن َّ‬
‫ِ‬
‫واملساواة‬ ‫ِ‬
‫والعدل‬ ‫ِ‬
‫الصدق‬ ‫ِ‬
‫تعزيز القي ِم اخلُلقية مثل‪:‬‬ ‫َم ْن سواه‪ ،‬ودعا كذلك إىل‬
‫ِ‬
‫والوسطية‪.‬‬ ‫والرمحة‬
‫ُ‬
‫اإلنسان‬ ‫تقرب به‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أهم ما َي ُ‬
‫كام أعىل من شأن األخالق احلسنة وجعلها من ِّ‬
‫مستخلف فيها‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫اإلنسان‬ ‫وأن‬ ‫ِ‬
‫لآلخرة‪َّ ،‬‬ ‫كون الدنيا مزرع ًة‬‫ِ‬ ‫إىل ربه‪ ،‬وأكَّد عىل‬
‫بكل ٍ‬
‫مفيد ونافعٍ‪.‬‬ ‫ليعمرها ِّ‬ ‫َ‬
‫غري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصاحب مؤمنًا أو َ‬
‫ُ‬ ‫احلقوق ألصحاهبا أ ًّيا كان هذا‬ ‫بأداء‬ ‫النبي‬
‫ُّ‬ ‫وأمر‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اإلنسان حري ُة املعتقد‬ ‫ِ‬
‫حقوق‬ ‫أهم ما أواله العناي َة يف‬ ‫ٍ‬
‫مؤمن إنسانًا أو حيوا ًنا‪ .‬ومن ِّ‬
‫اإلهلي القايض بأنه ﴿ﯿ ﰀ‬ ‫ِ‬
‫لألمر‬ ‫ً‬
‫تنفيذا‬ ‫ِ‬
‫دخول اإلسال ِم‬ ‫أحد عىل‬ ‫إكراه ٍ‬
‫ِ‬ ‫وعد ِم‬
‫ِّ‬
‫ﰁ ﰂ﴾‪.‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪027‬‬

‫أوالدُه ﷺ وبناتُه‪:‬‬

‫إبراهيم فإنه‬ ‫ذكر وأنثى فمن خدجي َة ِ‬


‫بنت خويلد‪ ،‬حاشا‬ ‫ِ‬
‫أوالده ﷺ من ٍ‬ ‫كل‬ ‫ُّ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املقوقس َمل ُك َ‬
‫مرص‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫مارية القبطية التي أهداها إليه‬ ‫من‬

‫وإبراهيم‬
‫ُ‬ ‫القاسم وبه كان ُي َكنَّى‪ ،‬وعاش أيا ًما يسرية‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فالذكور من ولده‪:‬‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫أشهر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بثالثة‬ ‫ِ‬
‫باملدينة وعاش عامني إال شهرين ومات قبله ﷺ‬ ‫ولد‬

‫ب‪ ،‬وقد مات يف حياتِه ﷺ ً‬


‫أيضا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالطاهر والط ِّي ِ‬ ‫وعبدُ اهلل وهو امللقب‬

‫زينب‪ ،‬ورقي ُة‪ ،‬وفاطم ُة‪ ،‬وأ ُّم كلثو ِم‪.‬‬


‫ُ‬ ‫وأما بناتُه ﷺ فهن‪:‬‬

‫أزواجُه ﷺ‪:‬‬
‫ِ‬
‫السيدة خدجي َة‬ ‫تزوج من‬ ‫ِ‬
‫اخلامسة والعرشين‬ ‫هلل ﷺ س َّن‬ ‫رسول ا ِ‬‫ُ‬ ‫وملا َ‬
‫بلغ‬
‫َ‬
‫وظل معها طيل َة‬ ‫أربعون عا ًما‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫العمر‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ من‬ ‫َ‬
‫وكان هلا‬ ‫خويلد ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بنت‬
‫ناهزت اخلامسة‬ ‫ِ‬ ‫يت وقد‬ ‫غريها حتى توف ْ‬ ‫مخس وعرشي َن سن ًة‪ ،‬مل‬ ‫ٍ‬
‫يتزوج عليها َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫النسوة مل‬ ‫ِ‬
‫بالعديد من‬ ‫وتزوج بعد ذلك‬ ‫مخسني سن ًة‪،‬‬ ‫عمره‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫وكان ُ‬ ‫والستني عا ًما‪،‬‬
‫حكم‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫العمر له‬ ‫زواج ُه منه َّن بعدَ هذا‬
‫ُ‬ ‫بكرا إال عائش َة ‪ .‬وقد َ‬
‫كان‬ ‫منهن ً‬ ‫َّ‬ ‫يكن‬
‫ْ‬
‫عديد ٌة منها‪:‬‬
‫‪ -5‬غاية تعليمية‪ :‬لتخريج بضع معلامت للنساء يعلمه َّن األحكام‬
‫الرشعية‪ ،‬وخاصة التي تتعلق هب َّن‪.‬‬
‫ِ‬
‫كعادة التبني‬ ‫اجلاهلية املستن ِ‬
‫ْكرة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العادات‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ِ‬
‫إلبطال‬ ‫‪ -5‬غاي ٌة ترشيعي ٌة‪:‬‬
‫ٍ‬
‫جحش)‪.‬‬ ‫السيدة (زينب ِ‬
‫بنت‬ ‫ِ‬ ‫كزواج ِه من‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫‪ | 028‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫ِ‬
‫السيدة عائش َة ابن َة‬ ‫تزوج ِه من‬
‫ِ‬ ‫‪ -3‬غاي ٌة اجتامعي ٌة‪ :‬وهذه واضح ٌة متا ًما يف‬
‫عمر‬ ‫السيدة حفص َة ابن َة ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫زواج ِه من‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األول أيب ٍ‬‫َ‬ ‫وزير ِه‬
‫ِ‬
‫وزيره الثاين َ‬ ‫الصديق‪ ،‬ثم‬ ‫بكر‬
‫ِ‬
‫اخلطاب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بن‬
‫ِ‬
‫احلارث) سيد َة‬ ‫السيدة (جويري َة ِ‬
‫بنت‬ ‫ِ‬ ‫زواج ُه من‬ ‫‪ -0‬غاي ٌة سياسي ٌة‪ :‬فقد َ‬
‫كان‬
‫ُ‬
‫حيي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أخطب) سيد َة بني‬
‫َ‬ ‫بن‬ ‫املصطلق‪ ،‬وكذا زواج ُه من السيدة (صفي َة بنت ِّ‬ ‫ِ‬
‫بني‬
‫قريظ َة‪.‬‬

‫ومجيل َق ْص ِد ِه يف زجياتِ ِه ك ِّلها‪،‬‬


‫ُ‬ ‫غرض ِه‪،‬‬
‫رسول اهللِ‪ ،‬وسمو ِ‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫يظهر ُ‬
‫نبل‬ ‫ُ‬ ‫وبذلك‬
‫سلطان عىل قلبِ ِه ومل يكن زواجه عليه الصالة والسالم هبذا‬ ‫ٌ‬ ‫إذ مل يك ْن للهوى‬
‫العدد من النساء مستغر ًبا يف جمتمعه‪ ،‬فقد كانت هذه عادة اجتامعية مألوفة‪.‬‬

‫وفاتُه ﷺ‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وستني سن ًة‪َّ ،‬‬
‫وغسله‬ ‫َ‬ ‫ثالث‬ ‫ابن‬
‫ُويف وهو ُ‬
‫سنني‪ ،‬وت َ‬
‫َ‬ ‫عرش‬ ‫َ‬
‫مكث ﷺ باملدينة َ‬
‫ٍ‬
‫أثواب‬ ‫ِ‬
‫ثالثة‬ ‫ِ‬
‫املطلب وآخرون‪ ،‬و ُك ِّف َن يف‬ ‫طالب وعمه العباس بن ِ‬
‫عبد‬ ‫ٍ‬ ‫عيل ب ُن أيب‬
‫ُ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫بيض‪.‬‬
‫وصىل عليه املسلمون أفذا ًذا‪ ،‬مل يؤ َّمهم عليه أحدٌ لعظ ِم َقدْ ِر ِه‪ ،‬وألنَّه هو‬
‫َّ‬
‫اإلما ُم ح ًّيا وميتًّا ﷺ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ألنس‪:‬‬ ‫ودفن ﷺ يف املوض ِع الذي تو َّفاه اهللُ فيه‪ ،‬فلام دفِن ِ‬
‫قالت ابن ُت ُه فاطم ُة‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪.‬‬ ‫الرتاب عىل‬ ‫أنفسكم َأ ْن حتثوا‬
‫َ‬ ‫طابت ُ‬
‫ْ‬ ‫كيف‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ ﷺ املدين َة أضا َء منها ُّ‬
‫كل‬ ‫ُ‬ ‫كان اليو ُم الذي َق ِد َم فيه‬
‫أنس‪ :‬ملا َ‬ ‫َ‬
‫وقال ٌ‬
‫كل ٍ‬
‫يشء‪.‬‬ ‫أظلم منها ُّ‬ ‫مات فيه‬ ‫ٍ‬
‫يشء‪ ،‬فلام َ‬
‫َ‬ ‫كان اليو َم الذي َ‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪029‬‬

‫‪- 9‬األنبياءُ إخوةٌ‬


‫ِ‬
‫الظلامت‬ ‫ِ‬
‫وإخراجها من‬ ‫ِ‬
‫البرشية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫هلداية‬ ‫إن األنبيا َء إخو ٌة مجي ًعا أرس َلهم ا ُ‬
‫هلل‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫اإليامن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أركان‬ ‫ِ‬
‫والرسل ركنًا من‬ ‫ِ‬
‫باألنبياء‬ ‫َ‬
‫اإليامن‬ ‫ولذلك َج َع َل ا ُ‬
‫هلل تعاىل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫النور‪،‬‬ ‫إىل‬
‫قال تعاىل‪ ﴿ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬ ‫َ‬
‫ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ‬
‫ﭿ ﮀ ﮁ﴾ [البقرة‪.]536:‬‬
‫ُ‬ ‫وكذ َب ُر ُس َل ُه‪ ،‬ولذلك فال‬
‫هلل َّ‬
‫واحد فقد َك َف َر با ِ‬‫ٍ‬
‫يكون‬ ‫َف َم ْن َج َحدَ نبو َة ٍّ‬
‫نبي‬
‫وأنبيائ ِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رسل اهللِ‬ ‫مسلام إذا آم َن بجمي ِع‬
‫ً‬ ‫املسلم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫واآلخرة‪ ،‬واألنبيا ُء‬ ‫مريم يف الدنيا‬ ‫الناس بعيسى ِ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ابن َ‬ ‫النبي ﷺ‪« :‬أنا أوىل‬
‫قال ُّ‬
‫أمهاُتم شتَّى‪ ،‬ودينُهم واحدٌ »(‪.)2‬‬
‫ُ‬ ‫إخو ٌة لِ َع َّالت(‪،)1‬‬
‫ِ‬
‫احلديث‪ُ :‬‬
‫أصل‬ ‫ٍ‬
‫أمهات شتَّى‪ .‬ومعنى‬ ‫ت هم اإلخو ُة ٍ‬
‫ألب م ْن‬ ‫أوالد الع َّال ِ‬
‫ُ َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫متفقون‬ ‫عقيدهتم وإيامهنم واحدٌ وهي عقيد ُة التوحيد‪ ،‬ورشائ ُعهم متنوع ٌة‪َّ ،‬‬
‫فإهنم‬
‫فروع الرشائ ِع فقد َو َ َ‬
‫ق فيها التنوع(‪.)3‬‬ ‫ِ‬
‫التوحيد‪ ،‬وأما‬ ‫ِ‬
‫أصول‬ ‫يف‬
‫ُ‬

‫ِ‬
‫التفضيل بينهم‪:‬‬ ‫ِ‬
‫لَلنبياء هن ُي ُه عن‬ ‫ومن تعظي ِم النبي ﷺ‬

‫(‪ )1‬إخوة ل ِ َّ‬


‫عالت‪ :‬أبوهم واحد‪ ،‬واألمهات متعددة‪.‬‬
‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)3527‬ومسلم (‪.)0365‬‬
‫(‪ )3‬رشح صحيح مسلم للنووي (‪.)552/51‬‬
‫‪ | 031‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫عطي هبا شي ًئا‬‫يعرض سلع َت ُه‪ُ ،‬أ َ‬


‫ُ‬ ‫ّنودي‬
‫ٌّ‬ ‫فعن أيب هرير َة ‪َ ‬‬
‫قال‪ :‬بينام‬
‫ِ‬
‫األنصار‪،‬‬ ‫رجل من‬ ‫البرش‪ِ ،‬‬
‫فسم َع ُه ٌ‬ ‫ِ‬ ‫كره ُه‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬ال والذي اصطفى موسى عىل‬
‫والنبي ﷺ بني‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫البرش‬ ‫تقول‪ :‬والذي اصطفى موسى عىل‬ ‫وقال‪ُ :‬‬
‫فلطم وجه ُه َ‬
‫َ‬ ‫فقا َم‬
‫إن يل ذم ًة وعهدً ا‪ ،‬فام ُ‬
‫بال‬ ‫النبي ﷺ َ‬
‫فقال‪ :‬أبا القاس ِم! َّ‬ ‫اليهودي إىل ِّ‬
‫ُّ‬ ‫فذهب‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫أظهرنا‪.‬‬
‫النبي ﷺ حتى‬ ‫لطم وجهي؟ َ‬ ‫ٍ‬
‫فغضب ُّ‬‫َ‬ ‫فذكر ُه‪،‬‬
‫َ‬ ‫وجه ُه؟»‬
‫لطمت َ‬ ‫َ‬ ‫فقال ﷺ‪« :‬مل‬ ‫فالن َ‬
‫ِ‬
‫أنبياء اهللِ»(‪.)1‬‬ ‫قال‪« :‬ال تُفضلوا بني‬ ‫ِ‬
‫وجهه‪ ،‬ثم َ‬ ‫ُرئي يف‬

‫خري‬ ‫هلل ﷺ َ‬ ‫ِ‬ ‫قال‪ :‬جا َء ٌ‬


‫مالك ‪َ ‬‬ ‫أنس بن ٍ‬ ‫وعن ِ‬
‫فقال‪ :‬يا َ‬ ‫رسول ا ِ‬ ‫رجل إىل‬
‫إبراهيم عليه السال ُم»(‪.)2‬‬ ‫رسول اهللِ ﷺ‪َ « :‬‬
‫ذاك‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الربية‪َ .‬‬
‫فقال‬
‫ُ‬

‫يونس بن متَّى»(‪.)3‬‬ ‫أن َ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬ال ينبغي ٍ‬


‫َ‬
‫خِّي من َ‬
‫يقول‪ :‬أنا ٌ‬ ‫لعبد ْ‬

‫ليس عن هذا‬‫قال‪« :‬أتقاهم»‪ ،‬قالوا‪َ :‬‬ ‫ِ‬


‫الناس؟ َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ من أكر ُم‬ ‫َ‬
‫وقيل‪ :‬يا‬
‫ليس‬
‫هلل»‪ .‬قالوا‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫خليل ا ِ‬ ‫ابن نبي اهللِ ِ‬
‫ابن‬ ‫هلل ِ‬
‫ابن نبي ا ِ‬‫نبي اهللِ ِ‬ ‫ُ‬
‫فيوسف ُّ‬ ‫نسأ ُل َك‪ .‬قال‪« :‬‬
‫خيارهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن هذا نسأ ُل َك‪َ .‬‬
‫خيارهم يف اجلاهلية ُ‬
‫العرب تسألوين‪ُ ،‬‬ ‫معادن‬ ‫قال‪« :‬فعن‬
‫يف اإلسالمِ‪ ،‬إذا ِ‬
‫فقهوا»(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪.)3565‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم (‪.)0367‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)3500‬ومسلم (‪.)0325‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري (‪ ،)3500‬ومسلم (‪.)0323‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪030‬‬

‫‪- 1‬منوذج لتعرف ملك من ملوك الروم على حممد رسول اهلل ﷺ‬

‫األرض يدعوهم فيها إىل‬‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ملوك وحكا ِم‬ ‫ِ‬
‫بالرسائل إىل‬ ‫ُ‬
‫يبعث‬ ‫النبي ﷺ‬ ‫َ‬
‫كان ُّ‬
‫الرسل الذين أرسلهم اهللُ ‪ ،‬وذلك يف‬ ‫ِ‬ ‫خاتم‬ ‫ِ‬
‫اآلخر وأن ُه‬ ‫ِ‬
‫اإليامن باهللِ واليو ِم‬
‫ُ‬
‫ظيم‬ ‫ُ‬ ‫النبي ﷺ إليهم رسائ َل ُه‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هرقل ع ُ‬ ‫أرسل ُّ‬ ‫الذين‬
‫َ‬ ‫القادة‬ ‫هؤالء‬ ‫عام ‪652‬م‪ ،‬ومن‬
‫كاذب‬‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫صادق أم‬ ‫النبي ﷺ‬
‫يعرف هل ُّ‬ ‫َ‬ ‫النبي ﷺ أرا َد ْ‬
‫أن‬ ‫كتاب ِّ‬‫ُ‬ ‫الرو ِم‪ ،‬فلام جاء ُه‬
‫ِ‬
‫حقيقة‬ ‫تكشف عن‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املحددة التي‬ ‫ِ‬
‫األسئلة‬ ‫ِ‬
‫طرح‬ ‫أسلوب‬ ‫فاستخد َم يف ذلك‬
‫َ‬
‫فاختار‬ ‫يكون جوا ُب ُه خمال ًفا للواقعِ‪،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫املسؤول حتى ال‬ ‫واستوثق من‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الشخصية‪،‬‬
‫َ‬
‫كذب أو‬‫يستمعون إليه‪ ،‬حتى إذا ما َ‬ ‫َ‬ ‫وجعل عليه رقبا َء‬ ‫َ‬ ‫النبي ﷺ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الناس إىل ِّ‬ ‫أقرب‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الصواب ن َّب ُهو ُه إىل ذلك‪.‬‬ ‫حا َد عن‬
‫ِ‬
‫ملوك‬ ‫واعرتاف ِ‬
‫أحد‬ ‫ِ‬ ‫النبي ﷺ‪،‬‬ ‫صدق‬ ‫ِ‬ ‫احلديث يف ِ‬
‫بيان‬ ‫ِ‬ ‫ونظرا لع َظ ِم هذا‬
‫ِّ‬ ‫ً‬
‫فوائد ِه ودالالتِ ِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لكثرة‬ ‫بتامم ِه‬
‫النصارى بذلك‪ ،‬آثرنا إيراده ِ‬
‫َُ‬
‫انطلقت يف ِ‬
‫املدة التي‬ ‫ُ‬ ‫سفيان أخرب ُه ِم ْن فِ ِيه إىل فِ ِيه َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫عن ِ‬
‫ابن عباس َّ‬
‫أن أبا‬
‫ِ‬
‫رسول‬ ‫ٍ‬
‫بكتاب من‬ ‫قال‪ :‬فبينا أنا بالشا ِم إذ جي َء‬ ‫هلل(‪ )1‬ﷺ َ‬ ‫ِ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫وبني‬
‫كانت بيني َ‬
‫الكلبي جا َء به فدفع ُه إىل‬
‫ُّ‬ ‫قال‪ :‬وكان ِد ْحي ُة‬ ‫عظيم الرو ِم ‪َ -‬‬
‫َ‬ ‫اهللِ ﷺ إىل َ‬
‫هرقل ‪ -‬يعني‬
‫ُ‬
‫هرقل‪ :‬هل ها هنا أحدٌ من‬ ‫هرقل‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫َ‬ ‫عظيم ُبرصى(‪ )2‬إىل‬
‫ُ‬ ‫عظي ِم ُبرصى‪ ،‬فدفعه‬
‫ٍ‬
‫قريش‪،‬‬ ‫عيت يف ٍ‬
‫نفر من‬ ‫قال‪ :‬فدُ ُ‬ ‫نبي؟ قالوا‪ :‬نع ِم‪َ ،‬‬
‫يزعم أنه ٌّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الرجل الذي‬ ‫قو ِم هذا‬
‫ِ‬
‫الرجل الذي‬ ‫أقرب نس ًبا من هذا‬ ‫هرقل‪ ،‬فأجلسنَا بني ِ‬
‫يديه فقال‪ :‬أيكُّم‬ ‫فدخلنا عىل َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬أي فرتة الصلح بني النبي ﷺ وبني قريش‪ ،‬وكانت عام (‪652‬م)‪.‬‬
‫(‪ُ )2‬برصى‪ :‬يف سوريا وتقع عىل بعد ‪ 04‬كم رشق مدينة درعة اآلن‪.‬‬
‫‪ | 032‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫فقلت أنا‪ ،‬فأجلسوين بني ِ‬


‫يديه‪ ،‬وأجلسوا أصحايب‬ ‫نبي؟ فقال أبو سفيان‪:‬‬
‫ُ‬ ‫يزعم أنه ٌّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الرجل الذي‬ ‫ٌ‬
‫سائل هذا عن هذا‬ ‫قل هلم‪ :‬إين‬ ‫برتمجانِ ِه َ‬
‫فقال له‪ْ :‬‬ ‫خلفي‪ ،‬ثم دعا ُ‬
‫سفيان‪ :‬وايم اهللِ لوال خماف ُة ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫قال َ‬
‫فقال أبو‬ ‫فكذبوه‪َ .‬‬
‫فإن كذ َبني ِّ‬
‫نبي‪ْ ،‬‬‫يزعم أنه ُّ‬‫ُ‬
‫قال لرتمجانِ ِه‪َ :‬س ْل ُه كيف َح َس ُبه فيكم؟ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫لكذبت‪ .‬ثم َ‬
‫ُ‬ ‫الكذب‬
‫ُ‬ ‫عيل‬
‫َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫يؤثر‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬فهل كنتم‬‫ملك؟ قلت‪ :‬ال‪َ .‬‬ ‫آبائ ِه ٌ‬
‫كان من ِ‬‫فهل َ‬‫قال‪ْ :‬‬ ‫ٍ‬
‫حسب‪َ ،‬‬ ‫قلت‪ :‬هو فينا ُذو‬ ‫ُ‬
‫أرشاف الناس‬
‫ُ‬ ‫قلت‪ :‬ال‪َ .‬‬
‫قال‪ :‬ومن يتبع ُه‬ ‫قال؟ ُ‬‫يقول ما َ‬
‫أن َ‬‫قبل ْ‬ ‫ِ‬
‫بالكذب َ‬ ‫تتهمون ُه‬
‫قلت‪:‬‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫قال‪ :‬أيزيدون أم ينقصون؟ َ‬ ‫قلت‪ :‬بل ضعفاؤهم‪َ .‬‬ ‫قال‪ُ :‬‬‫أم ضعفاؤهم؟ َ‬
‫سخ َط ًة له؟‬ ‫َ‬
‫يدخل فيه ْ‬ ‫قال‪ :‬هل يرتدُّ أحدٌ منهم عن دين ِ ِه بعدَ أن‬
‫ال بل يزيدون‪َ .‬‬
‫كان قتا ُلكم إ َّياه؟‬ ‫قلت‪ :‬نعم‪َ .‬‬
‫قال‪ :‬فكيف َ‬ ‫قلت‪ :‬ال‪َ .‬‬
‫قال‪ :‬فهل قاتلتموه؟ ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫قال‪ :‬فهل‬ ‫ُصيب منه‪َ .‬‬
‫صيب منا ون ُ‬ ‫ً‬
‫سجاال ُي ُ‬ ‫احلرب بيننا وبينه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تكون‬ ‫لت‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ُ :‬ق ُ‬
‫قال‪ :‬فواهللِ ما‬‫صانع فيها‪َ .‬‬ ‫قلت‪ :‬ال‪ .‬ونحن منه يف م ٍ‬
‫دة ال ندري ما هو‬ ‫يغدر؟ ُ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫القول أحدٌ قب َل ُه؟‬
‫َ‬ ‫قال‪ :‬فهل َ‬
‫قال هذا‬ ‫غري هذه‪َ .‬‬ ‫ٍ‬
‫كلمة ُأ ُ‬
‫دخل فيه شي ًئا َ‬ ‫أمكنني من‬
‫قلت‪ :‬ال‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ُ :‬‬

‫قال لرتمجانِ ِه ْ‬
‫قل له‪:‬‬ ‫َ‬

‫ُ‬
‫الرسل‬ ‫ٍ‬
‫حسب‪ ،‬وكذلك‬ ‫فزعمت أنه فيكم ذو‬
‫َ‬ ‫‪ِّ -1‬إين سألت َُك عن حسبِ ِه‬
‫أحساب ِ‬
‫قومها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ت ُ‬
‫ُبعث يف‬

‫آبائ ِه‬
‫كان من ِ‬
‫فقلت‪ :‬لو َ‬
‫ُ‬ ‫فزعمت ْ‬
‫أن ال‪.‬‬ ‫َ‬ ‫كان يف آبائِ ِه ٌ‬
‫ملك‬ ‫‪ -2‬وسألتُك هل َ‬
‫آبائ ِه‪.‬‬
‫ملك ِ‬‫يطلب َ‬
‫ُ‬ ‫قلت‪ٌ :‬‬
‫رجل‬ ‫ٌ‬
‫ملك ُ‬

‫(‪ )1‬يؤثر‪ :‬ينقل‪.‬‬


‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪033‬‬

‫فقلت‪ :‬بل ضعفاؤهم وهم‬


‫َ‬ ‫أتباع ِه أضعفاؤهم أ ْم أرشا ُفهم‬
‫‪ -3‬وسألت َُك عن ِ‬

‫أتباع الرسل‪.‬‬
‫ُ‬
‫فزعمت ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫يقول ما َ‬
‫قال‬ ‫أن َ‬‫قبل ْ‬ ‫ِ‬
‫بالكذب َ‬ ‫‪ -4‬وسألت َُك هل كنتم تتهمون ُه‬
‫فيكذب عىل اهللِ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يذهب‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الناس ثم‬ ‫الكذب عىل‬
‫َ‬ ‫ليدع‬
‫يكن َ‬‫عرفت أنه مل ْ‬
‫ُ‬ ‫ال‪ .‬فقد‬

‫فزعمت‬
‫َ‬ ‫‪ -5‬وسألت َُك هل يرتدُّ أحدٌ منهم عن دين ِ ِه بعدَ ْ‬
‫أن يدخ َل ُه سخط ًة له‬
‫ِ‬
‫القلوب(‪.)1‬‬ ‫خالط بشاش َة‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫اإليامن إذا‬ ‫ْ‬
‫أن ال‪ .‬وكذلك‬

‫ُ‬
‫اإليامن‬ ‫فزعمت أهنم يزيدون وكذلك‬
‫َ‬ ‫قصون‬
‫َ‬ ‫يزيدون أو ين‬
‫َ‬ ‫وسألت هل‬
‫ُ‬ ‫‪-6‬‬
‫يتم‪.‬‬
‫حتى َّ‬
‫احلرب بينكم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فتكون‬ ‫فزعمت أنَّكم قد قاتلتموه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وسألتك هل قاتلتموه‬ ‫‪-7‬‬
‫تكون هلم العاقب ُة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الرسل تُبتىل ثم‬ ‫َ‬
‫وتنالون منه‪ .‬وكذلك‬ ‫ينال منكم‬ ‫وبينه ِس ً‬
‫جاال ُ‬

‫تغدر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ -8‬وسألتك هل ِ‬


‫الرسل ال ُ‬ ‫يغدر‪ .‬وكذلك‬
‫فزعمت أنه ال ُ‬
‫َ‬ ‫يغد ُر‬
‫فقلت‪ :‬لو َ‬
‫قال‬ ‫ُ‬ ‫فزعمت ْ‬
‫أن ال‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫القول أحدٌ قب َل ُه‬ ‫‪ -9‬وسألت َُك هل َ‬
‫قال هذا‬
‫بقول قيل قب َل ُه‪.‬‬‫ٍ‬ ‫ائتم‬ ‫قلت‪ٌ :‬‬ ‫القول أحدٌ قب َل ُه ُ‬
‫َ‬
‫رجل َّ‬ ‫هذا‬
‫ِ‬
‫والصلة‬ ‫ِ‬
‫والزكاة‬ ‫ِ‬
‫بالصالة‬ ‫يأمرنا‬ ‫ثم َ‬ ‫‪َ -11‬‬
‫قلت‪ُ :‬‬ ‫يأمركم ُ‬ ‫بم ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫قال َّ‬
‫يكن ما ُ‬ ‫ِ‬
‫والعفاف َ‬
‫خارج‪ ،‬ومل‬
‫ٌ‬ ‫أعلم أنه‬
‫ُ‬ ‫كنت‬
‫نبي‪ ،‬وقد ُ‬ ‫تقول فيه ح ًّقا فذنه ٌّ‬ ‫إن ْ‬ ‫قال‪ْ :‬‬
‫كنت عندَ ُه‬
‫لقاء ُه‪ ،‬ولو ُ‬
‫ألحببت َ‬
‫ُ‬ ‫أخلص إليه‬
‫ُ‬ ‫أعلم أين‬
‫ُ‬ ‫أكن أظن ُه منكم‪ ،‬ولو أين‬
‫ْ‬
‫قدمي‪.‬‬ ‫حتت‬
‫وليبلغن ُملكُه ما َ‬ ‫ِ‬
‫قدميه‪،‬‬ ‫لغسلت عن‬
‫ُ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬

‫(‪ )1‬بشاشة القلوب‪ :‬انرشاحها‪.‬‬


‫‪ | 034‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫ِ‬
‫الرمحن الرحي ِم من‬ ‫فيه‪« :‬بس ِم اهللِ‬‫هلل ﷺ فقرأه ِ‬ ‫ِ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫ِ‬
‫بكتاب‬ ‫قال‪ :‬ثم دعا‬‫َ‬
‫ُ‬
‫اتبع اهلدى أما بعدُ فذين‬
‫من َ‬ ‫رسول اهللِ إىل هرقل عظي ِم الرو ِم سال ٌم عىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫حمم ٍد‬
‫توليت‬
‫َ‬ ‫وإن‬
‫أجرك مرتني‪ْ ،‬‬‫َ‬ ‫ك اهللُ‬‫أسلم تس َل ْم‪ ،‬وأسلِ ْم يؤتِ َ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫بدعاية اإلسالمِ‪،‬‬ ‫َ‬
‫أدعوك‬
‫إثم األريسيني ‪ ،‬و﴿ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬ ‫َ‬
‫عليك َ‬ ‫فذن‬
‫(‪)1‬‬
‫َّ‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ‬
‫ِ‬
‫ارتفعت‬ ‫ِ‬
‫الكتاب‬ ‫ِ‬
‫قراءة‬ ‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ﴾»(‪ ،)2‬فلام فر َغ من‬
‫فقلت ألصحايب حني خرجنا‬ ‫ُ‬ ‫مر بنا ف ُأ ْخ ِر ْجنَا‪َ .‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫اللغط و ُأ َ‬
‫ُ‬ ‫وكثر‬
‫األصوات عندَ ُه َ‬
‫ُ‬
‫َ ِ (‪)3‬‬
‫زلت موقنًا‬ ‫ابن أيب كبش َة(‪ ،)4‬إنه ليخاف ُه َملِ ُك بني األصفر‪َ ،‬‬
‫قال‪ :‬فام ُ‬ ‫أمر ِ‬‫ُ‬ ‫لقد أمر‬
‫عيل اإلسال َم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أدخل اهللُ َّ‬ ‫سيظهر حتى‬
‫ُ‬ ‫رسول اهللِ ﷺ أ َّن ُه‬ ‫بأمر‬

‫(‪ )1‬األريسيون‪ :‬الفالحون‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)0522‬ومسلم (‪.)3355‬‬
‫(‪ِ )3‬أم َر‪ :‬عظم‪.‬‬
‫(‪ )4‬ابن أيب كبشة‪ :‬وهذه كنية جده ألمه (وهب)‪ .‬قالوا ذلك‪ :‬عداوة له؛ فنسبوه إىل نسب غري نسبه املشهور‪.‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪035‬‬

‫‪- 4‬منوذج لتعرف ملك من ملوك احلبشة على حممد رسول اهلل ﷺ‬
‫ِ‬
‫احلبشة بعدَ ما تعرضوا له من‬ ‫رسول اهللِ ٍ‬
‫حممد إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صحابة‬ ‫ِ‬
‫هجرة‬ ‫ِ‬
‫حديث‬ ‫ويف‬
‫ِ‬
‫األخالق‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حماسن‬ ‫حممد ﷺ من‬‫هلل ٍ‬‫نبي ا ِ‬ ‫ِ‬
‫ذكر ملا تنطوي عليه دعو ُة ِّ‬
‫والتضييق ٌ‬ ‫األذى‬
‫جعفر ب ُن‬ ‫يب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫رب باآلخري َن وذلك ما خلص ُه الصحا ُّ‬ ‫ومراعاة احلقوق اإلنسانية‪ ،‬وال ِّ‬
‫حني سأ َله عن ِ‬
‫دينه وما يدعو إليه‪.‬‬ ‫(النجايش) َ‬ ‫ٍ‬
‫وقتئذ‬ ‫ِ‬
‫احلبشة‬ ‫طالب ِ‬
‫مللك‬ ‫ٍ‬ ‫أيب‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫فقال‪ :‬ما هذا الدِّ ي ُن الذي فارقتُم فيه قومكم ومل تدخ ُلوا يف ديني وال يف ِ‬
‫دين‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫أحد من هذه األُم ِم؟‬

‫أهل‬‫امللك كنا قو ًما َ‬


‫ُ‬ ‫جعفر بن أيب طالب َ‬
‫فقال ل ُه‪ُّ :‬أّنا‬ ‫ُ‬ ‫فكان الذي كلم ُه‬ ‫َ‬
‫ونقطع األرحا َم‪ ،‬ونُيس ُء‬ ‫َ‬
‫الفواحش‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ونأكل امليت َة ونأيت‬ ‫ٍ‬
‫جاهلية نعبدُ األصنا َم‪،‬‬
‫ُ‬
‫هلل إلينا رس ً‬
‫وال منا‬ ‫الضعيف‪ ،‬فكنَّا عىل ذلك حتى َ‬
‫بعث ا ُ‬ ‫َ‬ ‫القوي منا‬
‫ُّ‬ ‫اجلوار‪ُ ،‬‬
‫يأكل‬ ‫َ‬
‫ونخلع ما كنا‬
‫َ‬ ‫نعرف نسب ُه وصدق ُه وأمانت ُه وعفاف ُه فدعانا إىل اهللِ لنوحدَ ُه‪ ،‬ونعبدَ ُه‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫وأداء‬ ‫ِ‬
‫احلديث‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بصدق‬ ‫وأمرنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نعبدُ نحن وآباؤنا من دونه من احلجارة واألوثان‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والدماء‪ ،‬وهنانا عن‬ ‫والكف عن املحار ِم‬ ‫ِّ‬ ‫اجلوار‪،‬‬ ‫سن‬ ‫األمانة‪ ،‬وصلة الرح ِم‪ُ ،‬‬
‫حصنة‪ ،‬وأمرنا أن نعبدَ اهللَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقذف املُ‬ ‫وأكل ِ‬
‫مال اليتي ِم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الزور‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وقول‬ ‫ِ‬
‫الفواحش‪،‬‬
‫ِ‬
‫والزكاة‪ ،‬والصيا ِم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالصالة‬ ‫وحدَ ُه ال ن ُ‬
‫ُرشك به شي ًئا‪ ،‬وأمرنا‬

‫ثم قال‪ :‬فصد ْقناه وآمنَّا به واتبعنَاه عىل ما جا َء به‬


‫أمور اإلسالم‪َّ ،‬‬
‫فعدَّ د عليه َ‬
‫أحل لنا‪،‬‬ ‫حرم علينا‪ ،‬وأحل ْلنا ما َّ‬ ‫فع َبدنا اهللَ وحدَ ه فلم نُرش ْك به شي ًئا َّ‬
‫وحرمنا ما َّ‬
‫ِ‬
‫عبادة اهللِ‬ ‫ِ‬
‫األوثان من‬ ‫ِ‬
‫عبادة‬ ‫لريدونا إىل‬ ‫فعدا علينا قو ُمنا َّ‬
‫فعذبونا‪ ،‬وفتنونا عن ديننا ُ‬
‫ِ‬
‫اخلبائث‪ ،‬فلام قهرونا وظلمونا‪ ،‬وش ُّقوا‬ ‫ِ‬
‫نستح ُّل من‬ ‫ِ‬
‫نستح َّل ما كنا‬ ‫وجل‪ْ ،‬‬
‫وأن‬ ‫عز َّ‬‫َّ‬
‫‪ | 036‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫َ‬
‫سواك ورغبنا‬ ‫َ‬
‫واخرتناك عىل من‬ ‫بني ديننا‪ ،‬خرجنا إىل ِ‬
‫بلد َك‬ ‫علينا‪ ،‬وحالوا بيننا و َ‬
‫امللك‪.‬‬ ‫َ‬
‫عندك ُّأّنا ُ‬ ‫ُظلم‬
‫أن ال‏ن ْ‬ ‫ِ‬
‫جوار َك‪ ،‬ورجونا ْ‬ ‫يف‬
‫هلل من ٍ‬
‫يشء؟‬ ‫النجايش‪ :‬هل معك مما جا َء به عن ا ِ‬ ‫َ‬
‫فقال له‬
‫ُّ‬
‫جعفر‪ :‬نعم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فقال له‬

‫صدرا من ﴿ﭑ﴾ [مريم]‪،‬‬


‫ً‬ ‫عيل فقر َأ عليه‬
‫النجايش‪ :‬فاقرأ ُه َّ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫فقال له‬
‫وبكت أساقفت ُه حتى أخضلوا مصاح َفهم‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أخضل حليت ُه‪،‬‬ ‫النجايش حتى‬
‫ُّ‬ ‫هلل‬
‫فبكى وا ِ‬
‫حني سمعوا ما تال عليهم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مشكاة‬ ‫ليخرج من‬ ‫إن هذا واهللِ والذي جا َء به موسى‬ ‫النجايش‪َّ :‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫أسلمهم إليكم أبدً ا وال أكا ُد(‪.)1‬‬ ‫ٍ‬
‫واحدة‪ ،‬انطلقا فواهللِ ال‬
‫ُ‬

‫(‪ )1‬رواه أمحد يف املسند (‪.)5602‬‬


‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪037‬‬

‫‪- 5‬منوذج لتعرف أحد كبار أحبار اليهود على حممد رسول اهلل ﷺ‬

‫النبي‬ ‫َ‬ ‫ِ‬


‫اليهود أرا َد ْ‬ ‫ِ‬ ‫أيضا زيدُ بن َس ْعنَ َة أحدُ ِ‬
‫صدق ِّ‬ ‫يعرف‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫أحبار‬ ‫كبار‬ ‫وهذا ً‬
‫يملك إال ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫املخالفني له يف عقيدتِ ِه‪ ،‬فلم‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الناس بل مع‬ ‫أخالق ِه مع‬
‫ِ‬ ‫رب ُه يف‬
‫ﷺ فاخت َ‬
‫املؤمنني به‪.‬‬
‫َ‬ ‫أتباع ِه‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ويكون أحدَ‬ ‫يعرتف بنبوتِ ِه‬
‫َ‬
‫تبارك وتعاىل ملا أراد هدى ِ‬
‫زيد‬ ‫َ‬ ‫قال‪َّ :‬‬
‫إن اهللَ‬ ‫سال ٍم ‪َ ‬‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهلل بن َ‬
‫َ ُ‬
‫النبوة يش ٌء إال وقد عرفتُها يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫ابن َسعن َة َ‬
‫قال زيدُ ب ُن سعن َة‪ :‬إنه مل َ‬
‫يبق من‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫وجه ٍ‬ ‫ِ‬
‫حلمه َجه َل ُه‪ ،‬وال‬
‫يسبق ُ‬ ‫خربمها منه‪ُ :‬‬ ‫اثنتني مل َأ ُ‬ ‫نظرت إليه إال‬
‫ُ‬ ‫حني‬
‫حممد ﷺ َ‬
‫حلم ُه‬
‫َ‬ ‫فأعرف‬
‫َ‬ ‫ألن أخال ِ َط ُه‬
‫ف ْ‬‫فكنت أت َل َّط ُ‬
‫ُ‬ ‫اجلهل عليه إال ِح ًلام‪،‬‬
‫ِ‬ ‫يزيدُ ه شدَّ ُة‬
‫وجه َل ُه‪.‬‬
‫ٍ‬
‫طالب‪،‬‬ ‫بن أيب‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫عيل ُ‬
‫احلجرات‪ ،‬ومعه ُّ‬
‫ُ‬ ‫هلل ﷺ يو ًما من‬
‫رسول ا ِ‬ ‫فخرج‬
‫َ‬ ‫قال‪:‬‬
‫كالبدوي‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫رجل عىل راحلتِ ِه‬
‫فأتاه ٌ‬

‫وكنت‬
‫ُ‬ ‫فالن قد أسلموا‪ ،‬ودخلوا يف اإلسال ِم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ ،‬قري ُة بني‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬
‫ِ‬
‫الغيث‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫وقحط من‬ ‫ُ‬
‫الرزق َر َغدً ا‪ ،‬وقد أصاهبم شدَّ ٌة‬ ‫إن أسلموا أتاهم‬ ‫أخربهتم ْأهنم ْ‬
‫ُ‬
‫أن خيرجوا من اإلسال ِم طم ًعا كام دخلوا فيه طم ًعا‪ ،‬فإ ْن‬ ‫رسول اهللِ ْ‬‫َ‬ ‫وأنا أخشى يا‬
‫فعلت‪.‬‬‫َ‬ ‫ُرسل إليهم من ُيغيثهم به‬ ‫رأيت أن ت َ‬‫َ‬

‫رجل جانبه ‪ُ -‬أراه َ‬


‫عمر ‪.-‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ إىل‬ ‫فنظر‬ ‫َ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫َ‬
‫فقال‪ :‬ما بقي منه يش ٌء يا رسول َ اهللِ‪.‬‬
‫مترا‬ ‫فقلت له‪ :‬يا حممدُ ‪ ،‬هل لك ْ‬
‫أن تبيعني ً‬ ‫ُ‬ ‫فدنوت إليه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال زيدُ بن سعن َة‪:‬‬
‫حائط بني ٍ‬
‫فالن إىل ِ‬
‫أجل كذا وكذا؟‬ ‫ِ‬ ‫معلو ًما من‬
‫‪ | 038‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫ِ‬
‫أجل كذا وكذا‪ ،‬وال‬ ‫معلوما إىل‬‫ً‬ ‫مترا‬
‫ك ً‬ ‫ولكن أبي ُع َ‬
‫ْ‬ ‫هيودي‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫فقال‪« :‬ال يا‬
‫حائط بني ٍ‬
‫فالن»‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُأسمي‬
‫ٍ‬
‫ذهب يف‬ ‫ثامنني ِم ً‬
‫ثقاال من‬ ‫َ‬ ‫مهياين(‪ ،)1‬فأعطي ُت ُه‬‫ُ ِ‬
‫فأطلقت ْ‬ ‫قلت‪ :‬نعم‪ ،‬فبايعنَي‪،‬‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫متر معلو ٍم إىل ِ‬
‫أجل كذا وكذا‪.‬‬
‫اع َج ْل عليهم‪ ،‬وأغثهم هبا»‪.‬‬ ‫الرجل‪َ ،‬‬
‫وقال‪ْ « :‬‬ ‫َ‬ ‫قال‪ :‬فأعطاها‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل‬ ‫رج‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫قبل ِّ‬‫كان َ‬
‫قال زيدُ بن َس ْعن َة‪ :‬فلام َ‬‫َ‬
‫األجل بيومني أوثالثة خ َ‬ ‫حمل‬
‫ونفر من أصحابِ ِه‪،‬‬
‫وعثامن ٍ‬
‫ُ‬ ‫وعمر‬
‫ُ‬ ‫بكر‬ ‫ِ‬
‫األنصار‪ ،‬ومعه أبو ٍ‬ ‫رجل من‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫جنازة‬ ‫ﷺ يف‬
‫قميص ِه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫فأخذت بمجام ِع‬
‫ُ‬ ‫فجلس إليه‪،‬‬
‫َ‬ ‫دار‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اجلنازة دنا من ِج ٍ‬ ‫صىل عىل‬ ‫فلام َّ‬
‫ٍ‬
‫غليظ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بوجه‬ ‫ونظرت إليه‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫املطلب‬ ‫قلت‪ :‬أالَ تقضيني يا حممدُ ح ِّقي؟ فواهللِ ما علمتُكم بني عبد‬
‫ثم ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ملُ ْط ٌلٍ‪ ،‬ولقد َ‬
‫كان يل بمخال َطتكم ع ٌ‬
‫لم‪.‬‬
‫ِ‬
‫كالفلك‬ ‫ِ‬
‫وجهه‬ ‫ِ‬
‫تدوران يف‬ ‫ِ‬
‫اخلطاب‪ ،‬وعيناه‬ ‫عمر ِ‬
‫بن‬ ‫َ‬
‫ونظرت إىل َ‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫ببرصه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املستدير‪ ،‬ثم رماين‬
‫وتفعل به ما أرى؟‬‫ُ‬ ‫أسمع‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫لرسول اهللِ ﷺ ما‬ ‫ُ‬
‫أتقول‬ ‫عدو اهللِ‪،‬‬
‫أي َّ‬ ‫َ‬
‫وقال‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫ورسول اهلل‬ ‫لِضبت بسيفي هذا عن َق َك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أحاذر فو َت ُه‬
‫ُ‬ ‫باحلق‪ ،‬لوال ما‬ ‫ِّ‬ ‫فوالذي بعثه‬
‫دة‪.‬‬‫سكون وت َُؤ ٍ‬
‫ٍ‬ ‫عمر يف‬
‫ينظر إىل َ‬ ‫ﷺ ُ‬
‫ِ‬
‫األداء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بحسن‬ ‫أن تأمرين‬ ‫عمر‪ْ ،‬‬ ‫أحوج إىل ِ‬ ‫ثم َ‬
‫غِّي هذا منك يا ُ‬ ‫َ‬ ‫قال‪« :‬إنَّا كنا‬ ‫َّ‬
‫غِّي ِه‬
‫عرشين صا ًعا من ِ‬
‫َ‬ ‫فاقض ِه ح َّقه‪ ،‬وز ْد ُه‬
‫باعة ‪ ،‬اذهب يا عمر ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫)‬‫‪2‬‬ ‫(‬ ‫بحسن الت ِ‬
‫ِ‬ ‫وتأمره‬
‫َ‬
‫مكان ما ُرعته»‪.‬‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬مهياين‪ :‬أي كيس النقود يشد به الوسط‪.‬‬


‫(‪ )2‬الت ِ‬
‫ِّباعة‪ :‬أي الطلب‪.‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪039‬‬

‫عمر‪ ،‬فقضاين ح ِّقي‪ ،‬وزادين عرشي َن صا ًعا من ٍ‬


‫متر‪،‬‬ ‫فذهب يب ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قال زيدٌ ‪:‬‬
‫فقلت‪ :‬ما هذه الزيادةُ؟‬
‫ُ‬
‫قلت‪ :‬أتعر ُفني يا‬ ‫َ‬
‫مكان ما ُرعت َُك‪ُ .‬‬ ‫رسول اهللِ ﷺ أن أزيدَ َك‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬أمرين‬
‫عمر؟‬
‫ُ‬
‫بن َس ْعن َة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬زيدُ ُ‬
‫من أنت؟ ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ال‪ْ ،‬‬
‫رب‪.‬‬
‫حل ُ‬
‫قلت‪ :‬نعم ا َ‬
‫رب؟ ُ‬
‫حل ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ا َ‬
‫فعلت؟‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وتفعل به ما‬ ‫قلت‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لرسول اهللِ ﷺ ما َ‬ ‫أن َ‬
‫تقول‬ ‫قال‪ :‬فام َد َعاك ْ‬

‫هلل ﷺ حني‬ ‫ِ‬


‫رسول ا ِ‬ ‫النبوة قد عر ْفتُها يف ِ‬
‫وجه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالمات‬ ‫كل‬‫عمر‪ُّ ،‬‬ ‫فقلت‪ :‬يا ُ‬
‫ُ‬
‫حلم ُه جه َل ُه‪ ،‬وال يزيدُ ه شدَّ ة اجلهل‬
‫اثنتني‪ ،‬مل أختربمها منه‪ :‬يسبق ُ‬ ‫نظرت إليه إال‏ ِ‬
‫ُ‬
‫رضيت باهللِ ر ًّبا‪ ،‬وباإلسال ِم‬
‫ُ‬ ‫حلام‪ ،‬فقد اخترب ُهتام‪ ،‬ف ُأشهدُ ك يا ُ‬
‫عمر أين قد‬ ‫عليه إال‏ ً‬
‫ماال ‪ -‬صدق ٌة عىل‬ ‫شطر مايل ‪ -‬فإين أكثرها ً‬ ‫ٍ‬
‫وبمحمد ﷺ نب ًّيا‪ ،‬و ُأشهدُ َك َّ‬
‫أن َ‬ ‫دينًا‪،‬‬
‫أمة ٍ‬
‫حممد ﷺ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فقال عمر‪ :‬أو عىل ِ‬
‫بعضهم؛ فإنَّك ال تس ُعهم ك َّلهم‪.‬‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫عمر وزيدٌ إىل رسو ِل اهللِ ﷺ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فرج َع ُ‬
‫قلت‪ :‬أو عىل بعضهم‪َ .‬‬
‫ُ‬

‫فآمن به‬
‫َ‬ ‫أن ال إل َه إال اهللُ‪َّ ،‬‬
‫وأن حممدً ا عبدُ ُه ورسول ُه ﷺ‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال زيدٌ ‪ :‬أشهدُ ْ‬
‫مقبال‬ ‫ِ‬
‫تبوك‪ً ،‬‬ ‫ِ‬
‫غزوة‬ ‫رسول اهللِ ﷺ مشاهدَ كثريةً‪ ،‬ثم ت ِّ‬
‫ُويف يف‬ ‫ِ‬ ‫وصدَّ ق ُه‪ِ ،‬‬
‫وشهدَ مع‬
‫غري ُم ٍ‬
‫دبر(‪.)1‬‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬رواه ابن حبان (‪.)522‬‬


‫‪ | 041‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫القسم األول‪ :‬حممد رسول اهلل ﷺ واحلقوق‬

‫بعضا و َي ْسبي‬
‫بعضهم ً‬ ‫قبائل متفرق ًة‪ُ ،‬‬
‫يقتل ُ‬ ‫لرسول ﷺ َ‬ ‫ِ‬ ‫قبل ِ‬
‫بعثة ا‬ ‫العرب َ‬ ‫َ‬
‫كان‬
‫ُ‬
‫القبائل‪ ،‬ومل ِ‬
‫يكن‬ ‫ِ‬ ‫املسيطر عىل تلك‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫القانون‬ ‫َ‬
‫وكان االستبدا ُد هو‬ ‫بعضا‪،‬‬
‫بعضهم ً‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫احلقوق‪ ،‬أما العبيدُ فلم‬ ‫ِ‬
‫بكافة‬ ‫قبة‪ ،‬بل َ‬
‫كان الساد ُة يتمتعون‬ ‫احل ِ‬
‫الناس سواء يف تلك ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ألسيادهم‪.‬‬ ‫حقوق‪ ،‬ألهنم ٌ‬
‫ملك‬ ‫ٍ‬ ‫تك ْن هلم أدنى‬
‫ِ‬
‫الذكور‪ ،‬ثم‬ ‫احلقوق‪ ،‬فهي ِم ٌ‬
‫لك ألبيها وإخوهتا‬ ‫ِ‬ ‫كانت مسلوب َة‬
‫ْ‬ ‫أما املرأ ُة فقد‬
‫بعد ِه‪.‬‬
‫تكون ملكًا لزوجها‪ ،‬ثم لورثتِ ِه من ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الرقيق‬ ‫ِ‬
‫جتارة‬ ‫ِ‬
‫والنهب وشيو ِع‬ ‫ِ‬
‫كالسلب‬ ‫ِ‬
‫اجلاهلية‬ ‫ِ‬
‫العادات‬ ‫ِ‬
‫انتشار‬ ‫هذا مع‬
‫ِ‬
‫وغري ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وعبادة األصنا ِم‬ ‫ِ‬
‫البنات‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ووأد‬ ‫ِ‬
‫والبغاء‪،‬‬
‫ِ‬
‫للحقوق مل‬ ‫ٍ‬
‫شامل‬ ‫ٍ‬
‫بمنهج‬ ‫ول اهللِ ﷺ َّ‬
‫كل هذا الواق ِع املؤملِ وجا َء‬ ‫واج َه رس ُ‬
‫تعرف البرشي ُة له ً‬
‫مثيال‪.‬‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫حقوق‬ ‫ِ‬
‫الناس‪ ،‬وأداء‬ ‫ِ‬
‫العدل بني‬ ‫هلل وحدَ ُه َّقر َر مبد َأ‬ ‫ِ‬
‫عبادة ا ِ‬ ‫فبعدَ ْ‬
‫أن دعا إىل‬
‫ِ‬
‫احلياة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جماالت‬ ‫اإلنسان يف ِ‬
‫كافة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان‪ِ ،‬‬
‫وغري‬

‫حقوق ر َّباني ٌة ال‬


‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫احلقوق يف اإلسال ِم بأهنا‬ ‫وغريها من‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان‬ ‫ُ‬
‫حقوق‬ ‫ومتتاز‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫ف فيها‪.‬‬
‫الترص َ‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫البرش إلغا َءها أو‬ ‫ُ‬
‫يملك أحدٌ من‬
‫ٍ‬
‫جانب آخر‪.‬‬ ‫جانب عىل‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫بحيث ال يطغى فيها‬ ‫حقوق متوازن ٌة‬
‫ٌ‬ ‫كام أهنا‬
‫ً‬
‫وطفال وشا ًبا‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان جنينًا‬ ‫مراحل ِ‬
‫عمر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لكافة‬ ‫حقوق شامل ٌة‬
‫ٌ‬ ‫وكذلك فإهنا‬
‫ومريضا‪.‬‬
‫ً‬ ‫صحيحا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وكهال ومسنًّا‪،‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪040‬‬

‫‪- 3‬من حقوق اإلنسان‬

‫حقوق اإلنسان كثرية ومتنوعة‪ ،‬وقد أكدّ نبي اهلل حممد ﷺ عىل هذه احلقوق‬
‫بعضا من هذه‬
‫بقوله وفعله وتوجيهه بام أوحى اهلل تعاىل إليه‪ ،‬وسوف نذكر ً‬
‫احلقوق‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪-1‬حق احلياة‪ :‬وهي مكفولة لإلنسان بدعوة النبي ﷺ والتأكيد عليها من‬
‫مناح أبرزها‪ :‬حتريمه القتل بغري حق‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪﴿ :‬ﯵ ﯶ ﯷ‬
‫خالل ٍ‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ﴾ [األنعام‪ ،]515:‬وقد أكدّ النبي ﷺ عىل هذا احلق يف‬
‫خطبة الوداع قبل وفاته بأشهر بقوله‪« :‬إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم بينكم‬
‫حرام كحرمة يومكم هذا يف شهركم هذا يف بلدكم هذا»(‪ ،)1‬وكذلك حتريمه‬
‫لالنتحار‪ ،‬فقال‪« :‬من قتل نفسه بيشء يف الدنيا عذب به يوم القيامة»(‪.)2‬‬
‫أيضا يف خطبة الوداع حني قال‪:‬‬
‫‪-2‬حق العدل‪ :‬وقد أكد عليها رسول اهلل ً‬
‫« يا أهيا الناس‪ :‬إن ربكم واحد‪ ،‬وإن أباكم واحد‪ ،‬كلكم آلدم وآدم من تراب‪ ،‬وإن‬
‫أكرمكم عند اهلل أتقاكم‪ ،‬ليس لعريب فضل عىل أعجمي إال بالتقوى»‪ ،‬والعدل‬
‫صنو املساواة‪ ،‬وهلذا جاء خطابه لألمة‪« :‬إن اهلل ال يقدس أمة ال يأخذ الضعيف‬
‫حقه من القوي‪ ،‬وهو غِّي متعتع»(‪ ،)3‬أي‪ :‬ال يناله مكروه‪.‬‬
‫‪-3‬ال إكراه يف الدين‪ :‬فأكد عىل عدم إكراه أحد عىل الدخول يف اإلسالم‪،‬‬
‫من خالل قول اهلل تعاىل‪﴿ :‬ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ﴾ [البقرة‪،]516:‬كام أكد حممد ﷺ عىل‬

‫(‪ )1‬رواه أمحد (‪.)55325‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪.)6407‬‬
‫(‪ )3‬رواه أمحد (‪.)2121‬‬
‫‪ | 042‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫حرية االجتهاد يف الشأن الدنيوي بام فيه املصلحة‪ ،‬فقال‪« :‬أنتم أعلم بأمور‬
‫دنياكم» [رواه أبو داود وأمحد]‪.‬‬
‫‪-4‬حق األمن‪ :‬وهذا يتضح من حرصه عىل عدم ترويع الناس وإخافتهم‪،‬‬
‫فقال‪« :‬ال حيل ملسلم أن يروع مسلام»(‪ ،)1‬وأ ّمن الناس عىل خصوصياهتم بقوله‪:‬‬
‫«إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا يف شهركم‬
‫هذا يف بلدكم هذا»‪.‬‬
‫‪-5‬حق التعليم‪ :‬فقال ﷺ‪« :‬طلب العلم فريضة عىل كل مسلم»‪ ،‬ولفظة‪:‬‬
‫ٍ‬
‫حريصات عىل‬ ‫«مسلم» تشمل الرجل واملرأة‪ ،‬وامتدح نساء األنصار لكوهن َّن‬
‫العلم فقال‪« :‬نعم النساء نساء األنصار‪ ،‬مل يمنعهن احلياء أن يتفقهن يف الدين»‬
‫[رواه البخاري]‪.‬‬
‫‪-6‬حق العمل‪ :‬فللعامل احلق يف اختيار مهنته‪ ،‬ومطالبته باألجر املتفق عليه‪،‬‬
‫واإلبداع يف العمل وإتقانه‪ ،‬فقال نبي اهلل حممد ﷺ‪« :‬خِّي الكسب‪ ،‬كسب يد العامل‬
‫إذا نصح»(‪ ،)2‬وقال‪« :‬أعطوا األجِّي أجره قبل أن جيف عرقه»(‪ ،)3‬وقال‪« :‬إن اهلل‬
‫حيب من العبد إذا عمل عمال أن يتقنه» [رواه أبو يعىل]‪.‬‬
‫‪-7‬حق التملك‪ :‬وأخص ممتلكات اإلنسان ماله‪ ،‬فقال ﷺ‪« :‬ال حيل مال امرئ‬
‫مسلم إال بطيب نفس منه» [رواه ابن حبان]‪ ،‬وامتدادا حلرصه عىل مصلحة اجلميع مل‬
‫يغفل النبي ﷺ حق املجتمع يف متلك األشياء املشرتكة بينهم فال يستأثر هبا أحد‪،‬‬
‫فقال ﷺ‪« :‬الناس رشكاء يف ثالث‪ :‬املاء‪ ،‬والكَل‪ ،‬والنار» [رواه أبو داود]‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه أبو داود (‪ ،)0315‬وأمحد (‪.)55226‬‬


‫(‪ )2‬رواه أمحد (‪.)2464‬‬
‫(‪ )3‬رواه ابن ماجه (‪.)5030‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪043‬‬

‫‪- 9‬من حقوق املرأة‬

‫كل‬ ‫إذن ُّ‬


‫اآلخر فهي ْ‬
‫َ‬ ‫النصف‬
‫َ‬ ‫نصف املجتم ِع كام أهنا تلدُ‬ ‫ُ‬ ‫أن املرأ َة هي‬‫شك َّ‬ ‫ال َّ‬
‫هدرت حقو ُقها وامت ْ‬
‫ُهنت كرامتُها يف‬ ‫ْ‬ ‫لمت و ُأ‬
‫كانت املرأ ُة قد ُظ ْ‬‫ِ‬ ‫املجتمعِ‪ ،‬وإذا‬
‫ِ‬
‫احلقوق ما مل‬ ‫ونرصها‪ ،‬وأعطاها من‬ ‫ِ‬
‫املرأة‪،‬‬ ‫النبي ﷺ عن‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫دافع ُّ‬
‫سبقت‪ ،‬فقد َ‬ ‫ْ‬ ‫عصور‬
‫ِ‬
‫والتغافر‬ ‫ِ‬
‫والوفاء والرتاح ِم‬ ‫احلب‬ ‫وحث عليه الصال ُة والسال ُم عىل‬ ‫َّ‬ ‫تك ْن حت ُل ُم به‪،‬‬
‫ِّ‬
‫س ٍ‬
‫قوية‪ ،‬ال‬ ‫الناس عىل أس ٍ‬
‫ِ‬ ‫بيوت‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األزواج‪ ،‬حتى تقو َم‬ ‫ِ‬
‫اهلفوات بني‬ ‫والتغايض عن‬
‫أركاهنا‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬ﯢ‬ ‫هتز‬
‫أن هتد َمها أو َّ‬ ‫ِ‬
‫املشكالت ْ‬ ‫عواصف‬
‫ُ‬ ‫تستطيع‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ﯣ﴾ [النساء‪.]52:‬‬
‫ٍ‬
‫ورمحة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ورفق‬ ‫ٍ‬
‫ولطف‬ ‫ٍ‬
‫وإحسان‬ ‫وبر‬ ‫لكل ٍ‬
‫واملعروف‪ :‬كلم ٌة جامع ٌة ِّ‬
‫خري ٍّ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬
‫بأمان اهللِ‪ ،‬واستحللتم‬ ‫ِ‬
‫النساء‪ ،‬فذنكم أخذمتوهن‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬اتقوا اهللَ يف‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫بكلمة اهللِ»(‪.)1‬‬ ‫فروجهن‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫أخطائها‪ ،‬فقال ﷺ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫احتامل‬ ‫ِ‬
‫املرأة‪ ،‬فأرشدَ إىل‬ ‫النبي ﷺ طبيع َة‬ ‫ف‬
‫وعر َ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫خِّيا»(‪.)2‬‬
‫«استوصوا بالنساء ً‬

‫خِّيكم ألهَل»(‪.)3‬‬ ‫ِِ‬


‫خِّيكم ألهله‪ - ،‬أي لزوجته ‪ -‬وأنا ُ‬
‫خِّيكم ُ‬
‫وقال ﷺ‪ُ « :‬‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪.)5537‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)0727‬ومسلم (‪.)5675‬‬
‫(‪ )3‬رواه الرتمذي (‪ ،)3234‬وابن ماجه (‪.)5267‬‬
‫‪ | 044‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫إن ك َِر َه منها ُخ ُل ًقا‪،‬‬


‫مؤمن مؤمنة ‪ -‬أي ال يبغضها ‪ْ -‬‬
‫ٌ‬ ‫يفر ْك‬
‫وقال ﷺ‪« :‬ال ُ‬
‫آخر»(‪.)1‬‬
‫رض منها َ‬
‫َ‬

‫تزوج‬ ‫ٌ‬
‫رجل‬ ‫ِ‬
‫الذنوبِ عند اهللِ‬ ‫أعظم‬ ‫إن‬
‫فقال‪َّ « :‬‬ ‫ِ‬
‫املرأة َ‬ ‫إثم ظل ِم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫وبني ﷺ‪َ :‬‬‫َّ‬
‫وذهب ِ‬
‫بمهر َها»(‪.)2‬‬ ‫َ‬ ‫امرأةً‪ ،‬فلام قىض حاج َت ُه منها طل َقها‬

‫العرشة مع زوجاتِ ِه‪ ،‬قال مر ًة لعائش َة‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحسن‬ ‫ِ‬
‫الرقة‬ ‫النبي ﷺ ً‬
‫مثاال يف‬ ‫َ‬
‫وكان ُّ‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ؟‬ ‫تعرف ذلك يا‬ ‫ُ‬ ‫كيف‬
‫قالت‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫ورضاك»‪ْ ،‬‬ ‫ألعرف غض َب ِك‬
‫ُ‬ ‫‪« :‬إين‬
‫قلت‪ :‬بىل ورب‬ ‫كنت ساخط ًة ِ‬ ‫وإن ِ‬ ‫قلت‪ :‬بىل ورب ٍ‬
‫حممد‪ْ ،‬‬ ‫كنت راضي ًة ِ‬
‫قال‪« :‬إنك إذا ِ‬

‫اسم َك(‪.)3‬‬
‫أهجر إال َ‬
‫ُ‬ ‫هلل إين ال‬
‫فقالت‪ :‬أجل‪ ،‬وا ِ‬
‫ْ‬ ‫إبراهيم»‬
‫َ‬

‫نسائ ِه‪،‬‬
‫يتعامل مع ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الرقراقة َ‬
‫كان حممدٌ ﷺ‬ ‫ِ‬
‫والكلامت‬ ‫ِ‬
‫الفياضة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املشاعر‬ ‫هبذه‬
‫ِ‬
‫الشعور‪.‬‬ ‫نفس‬
‫ريض اهللُ عنه َّن يبادلنه َ‬ ‫وك َّن‬
‫َ‬

‫النبي ﷺ مع عائش َة ‪ْ ،‬‬


‫قالت‪ :‬سابقني‬ ‫َسابق ُّ‬
‫ويف إحدى السفرات ت َ‬
‫اللحم‬
‫َ‬ ‫محلت‬
‫ُ‬ ‫اللحم‪ ،‬ثم ساب ْق ُت ُه بعدما‬
‫َ‬ ‫أن َ‬
‫أمحل‬ ‫هلل ﷺ فسبقت ُه‪ ،‬وذلك َ‬
‫قبل ْ‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬
‫فسبقني‪ ،‬فقال‪« :‬هذه بتلك»(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪.)5675‬‬


‫(‪ )2‬رواه احلاكم (‪.)5703‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)1650‬ومسلم (‪.)0062‬‬
‫(‪ )4‬رواه أبو داود (‪ ،)5550‬وأمحد (‪.)51471‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪045‬‬

‫اللهم إين ُأحر ُج َّ‬


‫حق الضعيفني‪:‬‬ ‫ِ‬
‫املرأة َ‬ ‫وأ َّث َم من اعتدى عىل ِّ‬
‫فقال ﷺ‪َّ « :‬‬ ‫حق‬
‫ِ‬
‫واملرأة»(‪.)1‬‬ ‫اليتيمِ‪،‬‬

‫أخربكم بنسائِكم‬ ‫فقال ﷺ‪« :‬أال‬ ‫ِ‬


‫إرضاء أزواجه َّن‪َ ،‬‬ ‫وحث ﷺ النسا َء عىل‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫غضبت أو ُأ َ‬
‫يسء‬ ‫ْ‬ ‫رسول اهللِ‪ .‬قال‪ُّ « :‬‬
‫كل ودو ٌد‪ ،‬ولو ٌد‪ ،‬إذا‬ ‫َ‬ ‫اجلنة؟» قالوا‪ :‬بىل يا‬ ‫يف‬
‫ٍ‬
‫بغمض حتى‬ ‫ُ‬
‫أكتحل‬ ‫قالت‪ :‬هذه يدي يف ِ‬
‫يد َك‪ ،‬ال‬ ‫زوجها‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫إليها‪ ،‬أو غَض َ‬
‫ترىض»(‪.)2‬‬

‫أحدكم‬ ‫ِ‬
‫الزوجة عاطف ًيا فقال‪« :‬ويف ُب ْض ِع‬ ‫النبي ﷺ عىل إشبا ِع‬ ‫َّ‬
‫وحث‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ! أيأيت أحدُ نا‬ ‫ِ‬
‫الرجل زوج َت ُه صدق ٌة ‪ -‬قالوا‪ :‬يا‬ ‫ِ‬
‫إتيان‬ ‫صدق ٌة» ‪ -‬أي ويف‬
‫وزر؟‬ ‫أجر؟ قال‪« :‬أرأيتم لو وض َعها يف حرا ٍم‪َ ،‬‬
‫أكان عليه ٌ‬ ‫ُ‬
‫ويكون له فيها ٌ‬ ‫شهوتَه‪،‬‬
‫أجر»(‪.)3‬‬ ‫ٍ‬
‫كذلك إذا وض َعها يف حالل كان له هبا ٌ‬

‫ِ‬
‫أفضل ما‬ ‫ينفق عىل زوجتِ ِه وأطفال ِ ِه‪ ،‬وجع َل ُه من‬ ‫أن َ‬ ‫ِ‬
‫الرجل ْ‬ ‫وأوجب ﷺ عىل‬‫َ‬
‫سبيل اهللِ‪ ،‬ودينار أنفقتَه يف ٍ‬
‫رقبة(‪،)4‬‬ ‫ِ‬ ‫دينار أنفق َت ُه يف‬ ‫أنفق‪ ،‬فقد َ‬
‫ٌ‬ ‫النبي ﷺ‪ٌ « :‬‬
‫ُّ‬ ‫قال‬ ‫َ‬
‫أجرا الذي‬
‫أعظمها ً‬ ‫ُ‬ ‫ك‪،‬‬ ‫ودينار أنفق َت ُه عىل أهلِ َ‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫مسكني‪،‬‬ ‫قت به عىل‬
‫ودينار تصدّ َ‬
‫ٌ‬
‫أنفق َت ُه عىل أهلِ َ‬
‫ك»(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬رواه ابن ماجه (‪ ،)3662‬وأمحد (‪.)2522‬‬


‫(‪ )2‬رواه الطرباين (‪.)5703‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم (‪.)5670‬‬
‫(‪ )4‬رقبة‪ :‬أي حترير رقبة‪.‬‬
‫(‪ )5‬رواه مسلم (‪.)5665‬‬
‫‪ | 046‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫هلل إِال ُأ ْ‬
‫جر َت عليها‪ ،‬حتى ما‬ ‫تنفق نفق ًة تبتغي هبا وج َه ا ِ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬إنَّك لن َ‬ ‫َ‬
‫جتعل يف ف ِم امرأتِ َك»(‪.)1‬‬
‫ُ‬

‫أطعمت ولدَ َك فهو لك‬


‫َ‬ ‫ك فهو لك صدق ٌة‪ ،‬وما‬
‫نفس َ‬
‫أطعمت َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬ما‬
‫خادم َ‬
‫ك فهو لك‬ ‫َ‬ ‫أطعمت‬
‫َ‬ ‫أطعمت زَ ْو َجك فهو لك صدق ٌة‪ ،‬وما‬
‫َ‬ ‫صدق ٌة‪ ،‬وما‬
‫صدق ٌة»(‪.)2‬‬
‫ِ‬
‫فأتيت‬
‫ُ‬ ‫العرباض‪:‬‬
‫ُ‬ ‫الرجل إذا سقى امرأ َت ُه من املاء ُأ َ‬
‫جر»‪ .‬قال‬ ‫َ‬ ‫إن‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪َّ « :‬‬
‫هلل ﷺ (‪.)3‬‬ ‫ِ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫سمعت من‬
‫ُ‬ ‫امرأيت فسقيتُها‪ ،‬وحدَّ ْثتُها بام‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)6373‬ومسلم (‪.)5652‬‬


‫(‪ )2‬رواه أمحد (‪.)56114‬‬
‫(‪ )3‬رواه أمحد (‪.)56152‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪047‬‬

‫‪- 1‬من حقوق الوالدين واألقارب‬


‫ِ‬
‫املودة‬ ‫ِ‬
‫حبال‬ ‫َّ‬
‫وحذ َر من قط ِع‬ ‫ِ‬
‫األرسية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العالقات‬ ‫أمر النبي ﷺ باحل ِ‬
‫فاظ عىل‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫وقرن ح َّقهام ِّ‬
‫بحق اهللِ تعاىل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الوالدان‪ ،‬فقد ع َّظ َم اإلسال ُم ح َّقهام‪،‬‬ ‫بني األرحا ِم‪ ،‬أما‬
‫فقال تعاىل‪﴿ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ﴾ [النساء‪.]36:‬‬ ‫َ‬

‫قال‪« :‬الصال ُة عىل وقتِها» َ‬


‫قيل‪ :‬ثم‬ ‫أفضل؟ َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫العمل‬ ‫أي‬
‫هلل ﷺ‪ُّ :‬‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫وسئل‬
‫ُ‬
‫أي؟ قال‪ُّ « :‬بر الوالدين»(‪.)1‬‬
‫ُّ‬
‫أحي والداك؟» َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫اجلهاد َ‬ ‫وجاء ٌ‬
‫فقال له‪ٌّ « :‬‬ ‫النبي ﷺ يستأذنه يف‬
‫رجل إىل ِّ‬
‫نعم‪َ ،‬‬
‫قال‪« :‬ففيهام فجاهدْ »(‪.)2‬‬

‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫يبكيان‪َ ،‬‬ ‫أبوي‬ ‫وتركت‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اهلجرة‬ ‫جئت أباي ُعك عىل‬
‫ُ‬ ‫رجل َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫وجاءه ٌ‬
‫َّ‬
‫ارجع إليهام فأضحكْهام كام أبكيتَهام»(‪.)3‬‬
‫« ْ‬
‫دين اإلسال ِم‪ ،‬فعن أسام َء‬ ‫وإن كانوا عىل ِ‬
‫غري ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلباء ْ‬ ‫ِ‬
‫بصلة‬ ‫النبي ﷺ‬ ‫وأمر‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪،‬‬ ‫قدمت عيل أمي وهي مرشك ٌة يف ِ‬
‫عهد‬ ‫ْ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫بنت أيب بكر‬
‫َّ‬
‫أفأصل أمي؟ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫عيل أمي وهي راغب ٌة‬
‫قدمت ّ‬
‫ْ‬ ‫قلت‪:‬‬
‫هلل ﷺ ُ‬ ‫َ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫فاستفتيت‬
‫ُ‬
‫«نعم ِصَل ِ‬
‫أمك»(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)026‬ومسلم (‪.)555‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)5725‬ومسلم (‪.)0653‬‬
‫(‪ )3‬رواه أمحد (‪ ،)6545‬وأبو داود (‪ ،)5566‬والنسائي (‪ ،)0423‬وابن ماجه (‪.)5775‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري (‪ ،)5057‬ومسلم (‪.)5675‬‬
‫‪ | 048‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫ُ‬
‫اإلرشاك‬ ‫الكبائر‪:‬‬‫النبي ﷺ‪« :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوالدين فهو من ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫الذنوب‪ ،‬لقول ِّ‬ ‫كبائر‬ ‫عقوق‬ ‫أما‬
‫الغموس»(‪.)1‬‬
‫ُ‬ ‫واليمني‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫النفس‪،‬‬ ‫وقتل‬ ‫ِ‬
‫الوالدين‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬
‫وعقوق‬ ‫باهللِ‪،‬‬
‫ِ‬
‫والديه»(‪.)2‬‬ ‫سب‬ ‫َ‬
‫لعن اهللُ من َّ‬
‫وقال ﷺ‪َ « :‬‬

‫ْ‬
‫فليصل‬ ‫ِ‬
‫اآلخر‬ ‫هلل واليو ِم‬
‫يؤمن با ِ‬
‫ُ‬ ‫كان‬
‫من َ‬ ‫أما صل ُة األرحا ِم فقد َ‬
‫قال ﷺ‪ْ « :‬‬
‫مح ُه»(‪.)3‬‬
‫ر َ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أفضل الصدقة الصدق ُة عىل ذي َّ‬
‫الرح ِم الكاشحِ (‪.)5(»)4‬‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬‬

‫حرم َ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫عامر‪« :‬يا عقب ُة! ِص ْل َم ْن‬
‫ٍ‬ ‫وقال ﷺ لعقب َة ِ‬
‫َ‬
‫قطعك‪ ،‬وأعط من َ‬ ‫بن‬
‫عمن َظ َل َم َك»(‪.)6‬‬ ‫ُ‬
‫واعف ‪ْ -‬‬ ‫ِ‬
‫وأعر ْض ‪ -‬ويف رواية‪:‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪.)6525‬‬


‫(‪ )2‬رواه أمحد (‪.)256‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪.)1673‬‬
‫(‪ )4‬الكاشح‪ :‬الذي يضمر العداوة يف نفسه‪.‬‬
‫(‪ )5‬رواه أمحد (‪ ،)50725‬والدارمي (‪.)5657‬‬
‫(‪ )6‬رواه أمحد (‪.)56626‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪049‬‬

‫‪- 4‬من حقوق األبناء‬


‫ِ‬
‫لألبناء‪ ،‬حتى يكونوا شبا ًبا‬ ‫ِ‬
‫والتنشئة‬ ‫ِ‬
‫الرتبية‬ ‫ِ‬
‫حسن‬ ‫النبي ﷺ إىل‬ ‫دعا‬
‫ُّ‬
‫ورجاال خملصني لدينهم ووطنِهم وأمتِهم‪.‬‬
‫ً‬ ‫صاحلني‪،‬‬
‫رشف ِ‬
‫كبِّينا»(‪.)1‬‬ ‫َ‬ ‫ويعرف‬
‫ْ‬ ‫صغِّينا‪،‬‬ ‫يرحم‬
‫ْ‬ ‫ليس منا من مل‬ ‫َ‬
‫قال ﷺ‪َ « :‬‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫لعرش‪،‬‬ ‫عليها‬ ‫(‪)2‬‬
‫بالصالة لسبعٍ‪ ،‬واَضبوهم‬ ‫ِ‬ ‫وقال ﷺ‪ُ « :‬مروا أبناءكم‬ ‫َ‬
‫وفرقوا بينهم يف املضاج ِع»(‪.)3‬‬
‫ب‬‫قال‪َ « :‬ما ن ََح َل والدٌ ولدً ا ِم ْن ن َْح ٍل َأ ْف َض َل ِم ْن َأ َد ٍ‬ ‫النبي ﷺ َ‬‫ِّ‬ ‫وعن‬
‫ٍ‬
‫حسن»(‪.)4‬‬
‫ألحدهم‪« :‬يا‬ ‫ِ‬ ‫فقال مر ًة‬ ‫ِ‬
‫والرشاب َ‬ ‫آداب الطعا ِم‬ ‫َ‬
‫األطفال‬ ‫يعلم‬ ‫َ‬
‫وكان ﷺ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يليك»(‪.)5‬‬ ‫بيمينك‪ْ ،‬‬
‫وكل مما َ‬ ‫َ‬ ‫غالم! سم اهللَ‪ ،‬وكُل‬
‫قالت‪:‬‬ ‫َ‬
‫بفضائل منها ما رو ْت ُه عائش ُة ‪ْ ‬‬ ‫ِ‬
‫البنات‬ ‫النبي ﷺ تربي َة‬
‫وخص ُّ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫واحدة‪،‬‬ ‫تسأل‪ ،‬فلم جتدْ عندي شي ًئا غري ٍ‬
‫مترة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ابنتان‬ ‫عيل امرأ ٌة ومعها‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫دخلت َّ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫فدخل‬ ‫فخرجت‪،‬‬
‫ْ‬ ‫قامت‬
‫ْ‬ ‫فأعطيتُها‪َ ،‬ف َق َسمتْها بني ابنتيها ومل تأكل منها شي ًئا‪ ،‬ثم‬
‫كن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫النبي ﷺ فأخرب ُت ُه َ‬
‫إليهن َّ‬
‫َّ‬ ‫فأحسن‬
‫َ‬ ‫بيشء‬ ‫البنات‬ ‫فقال‪« :‬من ابتَُل من هذه‬ ‫علينا ُّ‬
‫له سرتا من ِ‬
‫النار»(‪.)6‬‬ ‫ً‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي (‪ ،)5203‬وأمحد (‪.)6001‬‬


‫(‪ )2‬وارضبوهم‪ :‬أي رض ًبا خفي ًفا بالقلم والسواك ونحوه‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه أبو داود (‪ ،)052‬وأمحد (‪.)6067‬‬
‫(‪ )4‬رواه الرتمذي (‪ ،)5271‬وأمحد (‪.)56552‬‬
‫(‪ )5‬رواه البخاري (‪ ،)0217‬ومسلم (‪.)3767‬‬
‫(‪ )6‬رواه البخاري (‪ ،)5352‬ومسلم (‪.)0763‬‬
‫‪ | 051‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫كن له حجا ًبا من‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬


‫عليهن‪َّ ،‬‬
‫َّ‬ ‫فصرب‬
‫َ‬ ‫البنات‬ ‫بيشء من‬ ‫الرتمذي‪« :‬من ابتَُل‬
‫ِّ‬ ‫ولفظ‬
‫ِ‬
‫النار»(‪.)1‬‬

‫وضم‬ ‫ِ‬
‫القيامة أنا وهو»‬ ‫ِ‬
‫جاريتني حتى تبلغا‪ ،‬جاء يو َم‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬من َ‬
‫عال‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫أصابِ َع ُه(‪.)2‬‬
‫ٍ‬
‫أخوات‪ ،‬أو بنتان‪ ،‬أو أختان‬ ‫ُ‬
‫ثالث‬ ‫ثالث ٍ‬
‫بنات‪ ،‬أو‬ ‫ُ‬ ‫كان له‬
‫من َ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪ْ « :‬‬
‫وزوجهن فله اجلن ُة»(‪.)3‬‬
‫َّ‬ ‫إليهن‪،‬‬
‫َّ‬ ‫وأحسن‬
‫َ‬ ‫فأدهبن‪،‬‬
‫َّ‬

‫وأجلسها يف‬
‫َ‬ ‫دخلت عليه ابنت ُه فاطم ُة قا َم إليها فق ّبلها‬
‫ْ‬ ‫بل َ‬
‫كان ﷺ إذا‬
‫جملس ِه(‪.)4‬‬
‫ِ‬

‫ِ‬
‫لألبناء ح ُّقهم يف ِ‬
‫مال أبيهم فقد أرا َد سعدُ‬ ‫النبي ﷺ‬ ‫ِ‬
‫ومن احلقوق التي َّقررها ُّ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫فالثلث‬ ‫النبي ﷺ‪« :‬ال»‪َ ،‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫بثلثي مال ِ ِه‪َ ،‬‬
‫فقال له ُّ‬ ‫َ‬
‫يتصدق ْ‬ ‫وقاص ‪ْ ‬‬
‫أن‬ ‫ٍ‬ ‫ب ُن أيب‬
‫تذر ور َثت َ‬
‫َك‬ ‫إن َ‬‫كثِّي إنك ْ‬ ‫ُ‬
‫والثلث ٌ‬ ‫الثلث‪،‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪ُ « :‬‬ ‫رسول اهللِ؟ َ‬
‫فقال‬ ‫َ‬ ‫يا‬
‫تذرهم عال ًة يتك َّففون َ‬
‫الناس(‪.)7(»)6‬‬ ‫أن َ‬‫خِّي من ْ‬
‫أغنياء ٌ‬
‫(‪)5‬‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي (‪ ،)5236‬وأبو داود (‪.)0025‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم (‪.)0761‬‬
‫(‪ )3‬رواه الرتمذي (‪.)5232‬‬
‫(‪ )4‬رواه الرتمذي (‪.)3247‬‬
‫(‪ )5‬عالة‪ :‬فقراء‪.‬‬
‫(‪ )6‬يتكففون الناس‪ :‬يسألوهنم ما يكفيهم‪.‬‬
‫(‪ )7‬رواه البخاري (‪ ،)5553‬ومسلم (‪.)3476‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪050‬‬

‫‪- 5‬من حقوق األطفال‬


‫ِ‬
‫الزمان‪ ،‬وهب ُة ا ِ‬ ‫ِ‬
‫احلياة ومتع ُة‬
‫قدرها إال‬‫يعرف َ‬
‫ُ‬ ‫خلالق التي ال‬ ‫الطفول ُة هي ُّ‬
‫رس‬
‫ِ‬
‫األطفال ورمحتَهم والعناي َة‬ ‫وإن رعاي َة‬ ‫ٍ‬
‫نفيس‪َّ ،‬‬ ‫وبذل يف حتصيلِها َّ‬
‫كل‬ ‫َ‬ ‫ّمن ُح ِر َمها‪،‬‬
‫ناس من‬ ‫ومدح متعاط َي ُه‪ ،‬فقد َو َفدَ ٌ‬
‫َ‬ ‫وقرره‬
‫النبي ﷺ ّ‬ ‫ُّ‬ ‫حث عليه‬ ‫والرفق هبم مما َّ‬
‫َ‬
‫لون صبيا َنكُم‪ ،‬قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬فقالوا‪ :‬لكنا‬ ‫ِ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪ ،‬فقالوا‪ :‬أتق ّب َ‬ ‫ِ‬
‫األعراب عىل‬
‫هلل قد َنز ََع الرمح َة‬
‫كان ا ُ‬
‫إن َ‬ ‫ك ْ‬‫هلل ﷺ‪َ « :‬أو أملِ ُ‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫واهللِ ما نق ّب ُل صبيانَنا‪َ ،‬‬
‫فقال‬
‫منكم؟»(‪.)1‬‬
‫ُ‬
‫يستكمل‬ ‫إبراهيم‬ ‫حيث َ‬
‫كان ابن ُه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املدينة‪،‬‬ ‫يذهب إىل أعايل قرى‬ ‫َ‬
‫وكان ﷺ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫جع(‪.)2‬‬
‫أن يق ّبل ُه‪ ،‬ثم ير ُ‬ ‫يذهب إليه من ِ‬
‫أجل ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فكان‬ ‫َر َضا َع ُه هناك‪،‬‬
‫فاضت عيناه‪َ ،‬‬
‫فقال له سعدُ ب ُن عبادةَ‪ :‬ما هذا يا‬ ‫النبي ﷺ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫مات اب ُن ابنة ِّ‬
‫وملا َ‬
‫عباد ِه‬
‫عباد ِه‪ ،‬وإنام يرحم اهللُ من ِ‬
‫ُ‬
‫قلوب ِ‬‫ِ‬ ‫رسول اهللِ؟ َ‬
‫قال‪« :‬إهنا رمح ٌة جعلها اهللُ يف‬ ‫َ‬
‫الرمحاء»(‪.)3‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫صبياهنم‬ ‫األنصار‪ ،‬ويس ّل ُم عىل‬ ‫يزور‬ ‫النبي ﷺ كان‬ ‫وعن ٍ‬
‫أنس ‪َّ ‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أن َّ‬
‫رؤوسهم(‪.)4‬‬
‫َ‬ ‫ويمسح‬
‫ُ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)1132‬ومسلم (‪.)0525‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم (‪.)0524‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)1553‬ومسلم (‪.)5135‬‬
‫(‪ )4‬رواه ابن حبان (‪.)012‬‬
‫‪ | 052‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫مح َل َها‪ ،‬وإذا‬


‫زينب‪ ،‬فإذا قا َم َ‬ ‫بنت ِ‬
‫ابنته‬ ‫ٌ‬
‫حامل أمام َة َ‬ ‫َ‬
‫وكان ﷺ يصيل وهو‬
‫َ‬
‫وض َعها(‪.)1‬‬
‫َس َجدَ َ‬
‫ِ‬
‫أحبته يو َم‬ ‫هلل بينه وبني‬ ‫ِ‬
‫وولدها‪َّ ،‬فرق ا ُ‬ ‫ٍ‬
‫والدة‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬من َّفرق بني‬
‫ِ‬
‫القيامة»(‪.)2‬‬

‫احلق‬‫وجعل هلم من ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬


‫الكبار‬ ‫ِ‬
‫جمالس‬ ‫ِ‬
‫باجللوس يف‬ ‫ِ‬
‫لألطفال‬ ‫النبي ﷺ‬
‫وسمح ُّ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ ﷺ ُأيت‬ ‫َ‬ ‫الساعدي َّ‬
‫أن‬ ‫سهل بن ٍ‬
‫سعد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجللوس‪ ،‬فعن‬ ‫لغريهم من‬ ‫مثل ما ِ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬
‫أتأذن ل‬‫فقال للغال ِم‪ُ « :‬‬ ‫أشياخ وعن يمينه غال ٌم‪َ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫يسار ِه‬
‫فرشب منه‪ ،‬وعن ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫برشاب‬
‫َ‬
‫وكان ذك ًّيا‪ :‬ال واهللِ‪،‬‬ ‫فقال الغال ُم‬ ‫ِ‬
‫اليمني‪َ ،‬‬ ‫أن يبد َأ من‬ ‫ألن السن َة ْ‬ ‫ِ‬
‫هؤالء؟» َّ‬ ‫أعطي‬ ‫أن‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫يد ِه(‪.)3‬‬ ‫رسول اهللِ ﷺ اإلناء يف ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فوضع‬
‫َ‬ ‫أوثر بنصيبي منك أحدً ا‪،‬‬ ‫ال ُ‬
‫اكتامل والدتِ ِه‪ ،‬وانفصال ِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بمجرد‬ ‫ِ‬
‫املرياث‬ ‫للطفل ح َّق ُه يف‬ ‫ِ‬ ‫النبي ﷺ‬
‫ُّ‬ ‫وأثبت‬
‫َ‬
‫عن أ ِّم ِه ح ًّيا‪.‬‬

‫وتلطف معهم‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫األطفال فزارهم يف بيوهتم وواساهم‬ ‫مشاعر‬ ‫وقدّ ر ﷺ‬
‫َ‬
‫املسابقات وأحتفهم بال ُّط ِ‬
‫رف واهلدايا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫رؤوسهم‪ ،‬وعقدَ بينهم‬ ‫ومسح‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)026‬ومسلم (‪.)200‬‬


‫(‪ )2‬رواه الرتمذي (‪ ،)5025‬وأمحد (‪.)55045‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)5575‬ومسلم (‪.)3726‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪053‬‬

‫‪- 6‬من حقوق اخلدم‬


‫ِ‬
‫والضعفاء و َم ْن‬ ‫ِ‬
‫الفقراء‬ ‫احلضارة احلقيقي ألي ٍ‬
‫أمة هو تعام ُلها مع‬ ‫ِ‬ ‫مقياس‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫َّ ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫القرار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وأصحاب‬ ‫ِ‬
‫الوصول إىل املسؤولني‬ ‫ال حيل َة له يف‬
‫ِ‬
‫والكرباء‪ ،‬فقد‬ ‫البيوت عند األ ِ‬
‫غنياء‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫يعملون يف‬ ‫ِ‬
‫هؤالء اخلد ُم الذي‬ ‫ومن‬
‫ِ‬
‫وآرائهم‪ ،‬وقدّ رهم‬ ‫ِ‬
‫شكاهتم‬ ‫واستمع إىل‬ ‫ُ‬
‫الرسول ﷺ حقو َقهم كامل ًة‪،‬‬ ‫أعطاهم‬
‫َ‬
‫خدمت‬ ‫مالك ‪َ ‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫بن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫غاي َة‬
‫ُ‬ ‫أنس ُ‬ ‫والدليل عىل ذلك ما رواه ُ‬ ‫التقدير‪،‬‬
‫ٍ‬
‫ليشء فعلتُه‪ :‬مل فعلتَه‪.‬‬ ‫قط‪ ،‬وما َ‬
‫قال‬ ‫أف‪ُّ ،‬‬‫قال يل‪ٍّ :‬‬ ‫عرش سنني‪ ،‬فام َ‬ ‫َ‬
‫هلل ﷺ َ‬ ‫رسول ا ِ‬
‫فعلت كذا(‪.)1‬‬ ‫ٍ‬
‫ليشء مل أفع ْله‪ :‬أال‬ ‫وال‬
‫َ‬
‫أرادت يف‬ ‫ُ‬
‫حيث‬ ‫فتنطلق به‬
‫ُ‬ ‫بيد ِه ﷺ‬
‫تأخذ ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املدينة‬ ‫وكانت األَم ُة من ِ‬
‫إماء‬
‫ْ‬
‫حاجتِها(‪.)2‬‬
‫كان عبدً ا مملوكًا‪ ،‬بل إنه َ‬
‫جعل إيذا َء ُه‬ ‫وإن َ‬ ‫ِ‬
‫إيذاء اخلاد ِم ْ‬ ‫النبي ﷺ من‬ ‫َّ‬
‫وحذر ُّ‬
‫سب ًبا يف حريتِ ِه‪َ ،‬‬
‫فقال ﷺ‪« :‬من َل َطم مملوكًا له‪ ،‬أو َض َب ُه‪ ،‬فكفار ُت ُه أن يعت َق ُه»(‪.)3‬‬

‫فسمعت‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بالسوط‪،‬‬ ‫أرضب غال ًما يل‬ ‫كنت‬
‫قال‪ُ :‬‬‫األنصاري َ‬ ‫ٍ‬
‫مسعود‬ ‫وع ْن أيب‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الغضب‪ .‬فلام دنا مني‬ ‫الصوت من‬
‫َ‬ ‫أفهم‬
‫فلم ْ‬ ‫اعلم أبا مسعود» ْ‬ ‫من َخ ْلفي صوتًا‪ْ « :‬‬
‫فألقيت‬ ‫ٍ‬
‫مسعود»‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫اعلم أبا‬ ‫ٍ‬
‫مسعود‪،‬‬ ‫اعلم أبا‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫رسول اهللِ ﷺ فقال‪ْ « :‬‬ ‫إذا هو‬
‫أقدر عليك منك‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫السوط من يدي‪َ ،‬‬‫َ‬
‫تبارك وتعاىل ُ‬ ‫أن اهلل‬
‫مسعود َّ‬ ‫اعلم أبا‬
‫فقال‪ْ « :‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)1172‬ومسلم (‪.)0562‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪.)1654‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم (‪.)3534‬‬
‫‪ | 054‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫رسول اهللِ!‬‫َ‬ ‫قال‪ :‬يا‬ ‫ٍ‬


‫رواية َ‬ ‫أرضب مملوكًا بعده أبدً ا‪ .‬ويف‬ ‫قلت‪ :‬ال‬ ‫عىل هذا الغالم»‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪« :‬أما لو مل ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫لوجه اهللِ‪َ .‬‬
‫ملستْك‬ ‫تفعل لل َف َحتْك ُ‬
‫النار ‪ -‬أو َّ‬ ‫فقال‬ ‫هو ُح ٌّر‬
‫تفضال منك؛ ألنك رضب َت ُه‬ ‫ً‬ ‫وليس‬
‫َ‬ ‫واجب عليك‬
‫ٌ‬ ‫حتريرك له‬
‫َ‬ ‫لنار‪ .)1(»-‬أي َّ‬
‫أن‬ ‫ا ُ‬
‫ِ‬
‫العبيد‪.‬‬ ‫كثريا من‬ ‫النبي ﷺ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحرر ً‬ ‫الرق ّ‬ ‫حارب ُّ‬ ‫َ‬ ‫األسلوب‬ ‫بالسوط‪ ،‬وهبذا‬

‫طعام ُه‬ ‫ِ‬


‫للمملوك‬ ‫فقال ﷺ‪« :‬‬‫العمل ما ال ُيطيقون‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وحرم تكلي َفهم من‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫طيق»(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫العمل إال ما ُي ُ‬ ‫ف من‬‫وكسو ُت ُه وال يك َّل ُ‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ! كم أعفو عن اخلاد ِم؟ قال‪:‬‬ ‫النبي ﷺ َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫وجا َء ٌ‬
‫رجل إىل ِّ‬
‫سبعني مر ًة»(‪.)3‬‬
‫َ‬ ‫« َّ‬
‫كل يو ٍم‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪.)3531‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم (‪.)3505‬‬
‫(‪ )3‬رواه أبو داود (‪ ،)0026‬والرتمذي (‪.)5275‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪055‬‬

‫‪- 7‬من حقوق اجلار‬

‫الناس من يؤذي‬ ‫ِ‬ ‫يسألون عنهم‪ ،‬ومن‬ ‫َ‬ ‫جرياهنم وال‬


‫َ‬ ‫الناس ال يزورن‬ ‫ِ‬ ‫كثري من‬ ‫ٌ‬
‫جاره فال جيدُ ه يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحيتاج إىل مساعدة ِ‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان‬ ‫جريا َن ُه وهو َال يدري‪ ،‬وقد َي ْم َر ُض‬
‫ُ‬
‫كثريا من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشدة‪ ،‬وهذه العزل ُة من نَتاج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الناس ً‬ ‫َ‬ ‫أنست‬ ‫املعارصة التي‬ ‫احلياة‬ ‫وقت‬
‫جربيل يوصيني‬ ‫ُ‬ ‫النبي ﷺ‪« :‬ما َ‬
‫زال‬ ‫ِ‬
‫اجلار َ‬ ‫ِ‬
‫االجتامعية‪ .‬ولعظ ِم ِّ‬ ‫ِ‬
‫قال ُّ‬ ‫حق‬ ‫الواجبات‬
‫ِ‬
‫الوصاة به أنه‬ ‫ِ‬
‫كثرة‬ ‫ظننت من‬‫ُ‬ ‫ظننت أنه سيورثه»(‪ .)1‬أي‪ :‬حتى‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫باجلار حتى‬
‫ِ‬
‫املرياث‪.‬‬ ‫سيجعل له نصي ًبا من‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اجلِّيان عند اهلل‬ ‫وخِّي‬
‫ُ‬ ‫خِّيهم لصاحبِ ِه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األصحاب عندَ اهللِ ُ‬ ‫خِّي‬
‫وقال ﷺ‪ُ « :‬‬ ‫َ‬
‫جلار ِه»(‪.)2‬‬
‫خِّيهم ِ‬
‫ُ‬
‫جار ِه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بامرأة ِ‬ ‫يزين‬
‫أن َ‬ ‫من ْ‬ ‫خِّي له ْ‬
‫ٍ‬
‫بعرش نسوة‪ٌ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الرجل‬ ‫يزين‬
‫ألن َ‬ ‫وقال ﷺ‪ْ « :‬‬‫َ‬
‫جار ِه»(‪.)3‬‬
‫بيت ِ‬‫يرسق من ِ‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫أيرس له من ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الرجل من عرشة أبيات‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يرسق‬ ‫وألن‬
‫ْ‬
‫ٍ‬
‫رواية‬ ‫جار ُه»(‪ ،)4‬ويف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هلل واليو ِم‬ ‫َ‬
‫اآلخر فال يؤذ َ‬ ‫يؤمن با ِ‬ ‫ُ‬ ‫كان‬
‫وقال ﷺ‪« :‬من َ‬
‫ِ‬
‫جاره»(‪.)5‬‬ ‫فليحسن إىل‬ ‫ِ‬
‫اآلخر‬ ‫يؤمن باهللِ واليو ِم‬ ‫ملسل ٍم‪« :‬من َ‬
‫كان‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬ليس املؤمن بالذي يشبع وجاره جائع إىل ِ‬
‫جنبه»(‪.)6‬‬ ‫َ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)1111‬ومسلم (‪.)0717‬‬


‫(‪ )2‬رواه الرتمذي (‪ ،)5267‬وأمحد (‪.)6572‬‬
‫(‪ )3‬رواه أمحد (‪.)55730‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري (‪ ،)1112‬ومسلم (‪.)62‬‬
‫(‪ )5‬رواه مسلم (‪.)62‬‬
‫(‪ )6‬رواه احلاكم (‪.)567‬‬
‫‪ | 056‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫َك»(‪.)1‬‬‫ماءها‪ ،‬وتعاهدْ جِّيان َ‬ ‫طبخت مرق ًة‪ْ ،‬‬


‫فأكثر َ‬ ‫َ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬يا أبا ٍ‬
‫ذر! إذا‬ ‫َ‬

‫أغلق‬
‫ـم َ‬ ‫ِ‬ ‫يقول‪ :‬يا رب! ْ‬ ‫بجار ِه ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫كم من ٍ‬ ‫َ‬
‫سل هذا ل َ‬ ‫متعلق‬ ‫جار‬ ‫وقال ﷺ‪ْ « :‬‬
‫عني با َب ُه‪ ،‬ومنعني َف ْض َل ُه»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪.)0712‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري يف األدب املفرد (‪.)65‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪057‬‬

‫‪- 8‬من حقوق الضيف‬

‫البرش‬ ‫ِ‬
‫الضيف‪ ،‬ولقاؤه ب ِ‬ ‫الناس عليها‪ :‬إكرا ُم‬ ‫اتفق‬ ‫ِ‬
‫األخالق التي َ‬ ‫من مكار ِم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الضيف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإليامن باهللِ وبني إكرا ِم‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ ﷺ َ‬
‫ربط بني‬ ‫ِ‬
‫والرتحاب‪ ،‬ولذلك نجدُ‬
‫ِ‬
‫اآلخر فليكر ْم ضي َف ُه»(‪.)1‬‬ ‫هلل واليو ِم‬
‫يؤمن با ِ‬
‫كان ُ‬ ‫فقد َ‬
‫قال ﷺ‪« :‬من َ‬
‫ُ‬
‫السبل‪ ،‬فقد‬ ‫تقطعت به‬
‫ْ‬ ‫سفر ِه وقد‬
‫ينزل عىل قو ٍم أثنا َء ِ‬
‫املسافر الذي ُ‬
‫ُ‬ ‫أما‬
‫قال ﷺ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ثالثة أيا ٍم‪ ،‬فقد َ‬ ‫رسول اهللِ ﷺ عىل من َ‬
‫نزل عليهم ضياف َت ُه حتى‬ ‫ُ‬ ‫أوجب‬
‫َ‬
‫«الضياف ُة ثالث ُة أيامٍ‪ ،‬فام كان بعد ذلك فصدق ٌة»(‪.)2‬‬

‫رج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للضيف أال ُي ِثقل عىل‬


‫ِ‬
‫صاحب البيت باإلطالة‪ ،‬حتى ال ُحي َ‬ ‫وينبغي‬
‫يثوي عندَ ُه حتى‬ ‫أن‬ ‫قال ﷺ‪« :‬ال ُّ‬
‫حيل له ْ‬ ‫ويضيق عليه‪ ،‬فقد َ‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫البيت‬ ‫صاحب‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ُحي ِر َجه»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)1164‬ومسلم (‪.)3511‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)1221‬ومسلم (‪.)3516‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)1674‬والرتمذي (‪.)5225‬‬
‫‪ | 058‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 2‬من حقوق اليتيم‬


‫ِ‬ ‫واإلحسان إليه ومدِّ ِ‬
‫ِ‬ ‫وأمر برعايتِ ِه‬
‫العون له‪ ،‬قال‬ ‫يد‬ ‫احتفى اإلسال ُم باليتي ِم َ‬
‫تعاىل‪﴿ :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ﴾ [الضحى‪.]2:‬‬
‫ِ‬
‫بالسبابة‬ ‫وأشار‬ ‫ِ‬
‫كهاتني»‬ ‫ِ‬
‫اجلنة‬ ‫ُ‬
‫وكافل اليتي ِم يف‬ ‫النبي ﷺ‪« :‬أنا‬ ‫َ‬
‫وقال‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫والوسطى(‪.)1‬‬

‫فقال ﷺ‪:‬‬ ‫ِ‬


‫الكبائر َ‬ ‫أكرب‬ ‫أكل ِ‬
‫مال اليتي ِم وجع َل ُه من ِ‬ ‫النبي ﷺ من ِ‬ ‫َّ‬
‫وحذ َر‬
‫ُّ‬
‫ُ‬
‫الرشك باهللِ‪،‬‬ ‫رسول اهللِ؟ َ‬
‫قال‪« :‬‬ ‫َ‬ ‫هن يا‬ ‫ِ‬
‫السبع املوبقات»‪ ،‬قالوا‪ :‬وما َّ‬ ‫َ‬ ‫«اجتنبوا‬
‫وأكل ِ‬
‫مال اليتيمِ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وأكل الربا‪،‬‬ ‫هلل إال باحلق‪،‬‬ ‫ِ‬
‫النفس التي حر َم ا ُ‬ ‫ُ‬
‫وقتل‬ ‫والسحر‪،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫املؤمنات»(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫الغافالت‬ ‫ِ‬
‫املحصنات‬ ‫وقذف‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الزحف‪،‬‬ ‫ّ‬
‫والتول يو َم‬

‫يستغني عنه‬
‫َ‬ ‫طعام ِه ورشابِ ِه حتى‬
‫ِ‬ ‫يتيام بني مسلمني يف‬
‫ضم ً‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬من َّ‬
‫وجبت له اجلن ُة»(‪.)3‬‬
‫ْ‬
‫يلني قل ُب َك‬
‫أن َ‬ ‫أحتب ْ‬ ‫رجل يشكو قسو َة قلبِ ِه‪َ ،‬‬
‫فقال ل ُه‪ُّ « :‬‬ ‫النبي ﷺ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫وأتى‬
‫يلني قل ُبك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫طعام َ‬ ‫َك؟ ارح ِم‬ ‫َ‬
‫وتدرك حاجت َ‬
‫ك‪ُ ،‬‬ ‫وأطعم ُه من‬
‫ْ‬ ‫رأس ُه‪،‬‬
‫وامسح َ‬
‫ْ‬ ‫اليتيم‪،‬‬
‫َ‬
‫َك»(‪.)4‬‬ ‫و ِ‬
‫تدر ُك حاجت َ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)0225‬والرتمذي (‪.)5205‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)5164‬ومسلم (‪.)552‬‬
‫(‪ )3‬رواه أمحد (‪.)52515‬‬
‫(‪ )4‬رواه الطرباين (‪.)54570‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪059‬‬

‫‪- 30‬من حقوق الضعفاء والفقراء واملساكني‬

‫يقبل من‬ ‫مال هلم وال عشريةَ‪ ،‬فكان ُ‬ ‫بالضعفاء الذين ال َ‬ ‫ِ‬ ‫النبي ﷺ‬ ‫اهتم‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫الِض واألذى‬ ‫ِ‬ ‫ويتجاوز عن م ِ‬ ‫حمسنِهم‬
‫ويرفع عنهم َّ‬ ‫ُ‬ ‫حوائجهم‪،‬‬ ‫سيئهم‪ ،‬ويسعى يف‬ ‫ُ‬
‫مر‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫عمرو َّ‬ ‫عائذ ِ‬ ‫ُغضبهم‪ ،‬فعن ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫قريش ‪َّ -‬‬ ‫عظامء‬ ‫أن أبا سفيان ‪ -‬من‬ ‫بن‬ ‫ولو بكلمة ت ُ‬
‫ِ‬
‫العبيد‬ ‫احلبيش ‪ -‬وكانوا من‬ ‫ٍ‬
‫وبالل‬ ‫الرومي‬ ‫ٍ‬
‫وصهيب‬ ‫الفارِّس‪،‬‬ ‫َ‬
‫سلامن‬ ‫عىل‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫مأخذها‪ .‬فقال هلم‬ ‫َ‬ ‫عدو اهللِ‬ ‫سيوف اهللِ من ِ‬ ‫ِ‬
‫عنق ِّ‬ ‫ُ‬ ‫أخذت‬
‫ْ‬ ‫والفقراء ‪ -‬فقالوا‪ :‬واهللِ ما‬
‫النبى ﷺ‬ ‫وسيدهم؟ فأتى‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫قريش‬ ‫ِ‬
‫لشيخ‬ ‫الصديق ‪ :‬أتقولون هذا‬ ‫َ‬ ‫أبو ٍ‬
‫بكر‬
‫َّ‬
‫كنت‬
‫لئن َ‬ ‫رسول اهللِ ﷺ‪« :‬يا أبا ٍ‬
‫بكر! لع ّلك أغضبتَهم‪ْ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫رب ُه بام قالوا‪َ ،‬‬
‫فقال له‬ ‫فأخ َ‬
‫أغضبت ر ّبك» فأتاهم أبو ٍ‬
‫بكر فقال‪ :‬يا إخوتاه! أغضب ُتكم؟ قالوا‪:‬‬ ‫َ‬ ‫أغضبتَهم لقد‬
‫يغفر اهللُ لك يا أخي!!(‪.)1‬‬
‫ال‪ُ ،‬‬
‫ألبر ُه»(‪.)2‬‬
‫هلل َّ‬
‫أقسم عىل ا ِ‬ ‫ِ‬
‫باألبواب‪ ،‬لو َ‬ ‫أغرب مدفو ٍع‬ ‫َ‬
‫أشعث َ‬ ‫رب‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪َّ « :‬‬
‫واملناصب‬
‫َ‬ ‫أن َ‬
‫املال والوجاه َة االجتامعي َة‬ ‫النبي ﷺ ُيع ِّل ُم أصحا َب ُه َّ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫ِ‬
‫واجلاه ال‬ ‫وأن الفقر وقل َة ِ‬
‫املال‬ ‫فضال ال يستح ُّقه‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان ً‬ ‫املرموق َة ال تُضفي عىل‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫مر ٌ‬
‫رسول اهللِ ﷺ ومعه أصحا ُب ُه‪،‬‬ ‫رجل عىل‬ ‫اإلنسان رش ًفا يستح ُّقه‪ ،‬فقد َّ‬
‫َ‬ ‫يسلب‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الناس‪ ،‬هذا واهللِ‬ ‫ِ‬
‫أرشاف‬ ‫تقولون يف هذا؟» فقالوا‪ :‬هذا ٌ‬
‫رجل من‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال هلم‪« :‬ما‬
‫النبي‬
‫فسكت ُّ‬
‫َ‬ ‫َمع‪.‬‬ ‫وإن َ‬
‫قال أن ُي ْست َ‬ ‫نكح‪ ،‬وإن َش َف ْع أن ُيش َّفع‪ْ ،‬‬
‫خطب أن ُي َ‬
‫َ‬ ‫حري ْ‬
‫إن‬ ‫ٌّ‬
‫حري‬ ‫تقولون يف هذا؟» قالوا‪ :‬هذا‬ ‫املسلمني‪َ ،‬‬
‫فقال‪« :‬ما‬ ‫ِ‬
‫فقراء‬ ‫مر ٌ‬
‫رجل من‬
‫ٌّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﷺ‪ ،‬ثم َّ‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪.)0112‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم (‪.)0710‬‬
‫‪ | 061‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‬ ‫سمع‪َ .‬‬
‫فقال‬ ‫قال أال ُي َ‬ ‫وإن َ‬ ‫نكح‪ ،‬وإن َش َف َع ّأال ُي َش َّف َع‪ْ ،‬‬ ‫ب َّأال ُي َ‬ ‫إن َخ َط َ‬
‫مثل هذا»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫األرض َ‬ ‫الفقري‪« :‬هذا خِّي من ِ‬
‫ملء‬ ‫ِ‬ ‫عن‬
‫ٌ‬
‫أقسم‬ ‫ف‪ ،‬لو‬ ‫ضعيف متضع ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كل‬ ‫ِ‬
‫اجلنة؟ ُّ‬ ‫ِ‬
‫بأهل‬ ‫أخربكم‬ ‫النبي ﷺ‪« :‬أال‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وقال ُّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ (‪)3‬‬ ‫بأهل ِ‬
‫مستكرب»(‪.)4‬‬ ‫كل ُعت ٍُل(‪ )2‬جواظ‬ ‫النار؟ ُّ‬ ‫أخربكم ِ‬ ‫ألبر ُه‪ .‬أال ُ‬ ‫عىل اهللِ َّ‬
‫كانت ت ُق ُّم املسجدَ ‪،‬‬ ‫أن امرأ ًة سودا َء‬ ‫ِ‬
‫الضعفاء َّ‬ ‫ِ‬
‫بشأن‬ ‫النبي ﷺ‬ ‫ومن اهتام ِم‬
‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫فقال ﷺ‪« :‬أفال كنتم‬ ‫ماتت‪َ .‬‬ ‫ْ‬ ‫فسأل عنها‪ ،‬فقالوا‪:‬‬ ‫َ‬ ‫هلل ﷺ‪،‬‬ ‫رسول ا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ففقدها‬
‫قربها» فد ّلوه َّ‬
‫فصىل‬ ‫النبي ﷺ‪« :‬دلوين عىل ِ‬ ‫أمرها‪ .‬فقال ُّ‬ ‫آذنتموين»‪ ،‬فكأهنم ص َّغروا َ‬
‫عليها(‪.)5‬‬

‫والضعيف بأمهيتِ ِه واهتام ِم‬


‫ُ‬ ‫واملسكني‬
‫ُ‬ ‫الفقري‬
‫ُ‬ ‫يشعر فيه‬
‫ُ‬ ‫املجتمع الذي‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جمتمع التكاف ِل والرمحة واإلنسانية الذي ُ‬
‫ينعم به‬ ‫ُ‬ ‫والقوانني به هلو‬ ‫والقادة‬ ‫املسؤولني‬
‫َ‬
‫اجلميع ويسعدون بظالل ِ ِه‪.‬‬
‫ُ‬
‫فاحتجب دون‬
‫َ‬ ‫املسلمني‪،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫أمور‬ ‫قال ﷺ‪« :‬من ّ‬
‫واله اهللُ شيئًا من‬ ‫ولذلك َ‬
‫ِ‬
‫القيامة»(‪.)6‬‬ ‫وفقر ِه يو َم‬
‫وخ َّلتِ ِه ِ‬
‫احتجب اهللُ دون حاجتِ ِه َ‬ ‫وفقرهم‪،‬‬ ‫حاجتِهم َ‬
‫وخ َّلتهم ِ‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)0745‬وابن ماجه (‪.)0554‬‬


‫(‪ )2‬العتل‪ :‬الغليظ اجلايف‪.‬‬
‫(‪ )3‬اجلواظ‪ :‬الفاجر‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري (‪ ،)0137‬ومسلم (‪.)1423‬‬
‫(‪ )5‬رواه مسلم (‪ ،)5122‬وابن ماجه (‪.)5155‬‬
‫(‪ )6‬رواه أبو داود (‪.)5112‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪060‬‬

‫واخل َّل ِة‬ ‫ِ‬


‫احلاجة َ‬ ‫ورواه الرتمذي بلفظ‪« :‬ما من إما ٍم ُيغْلِ ُق باب ُه َ‬
‫دون ذوي‬
‫ِ‬
‫ومسكنته»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫وحاجته‬ ‫دون َخ ّل ِ‬
‫ته‬ ‫ِ‬
‫السامء َ‬ ‫أبواب‬ ‫هلل‬
‫أغلق ا ُ‬ ‫ِ‬
‫واملسكنة إال َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫املسكني واملظلو ِم وذوي‬ ‫أغلق باب ُه دون‬ ‫ِ‬
‫الناس‪ ،‬ثم َ‬ ‫أمر‬
‫وقال ﷺ‪« :‬من َول َ‬ ‫َ‬
‫أفقر ما يكو ُن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫دون حاجته وفقره َ‬ ‫رمحته َ‬ ‫أبواب‬
‫َ‬ ‫تبارك وتعاىل‬ ‫أغلق اهللُ‬
‫َ‬ ‫احلاجة‪،‬‬
‫إليها»(‪.)2‬‬
‫ِ‬
‫لنرصة املظلو ِم أ ًّيا‬ ‫تقف‬
‫أن َ‬ ‫ِ‬
‫باألمة ك ِّلها ْ‬ ‫ّنيب‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اجلملة َ‬
‫رسول اهللِ ﷺ ُ‬ ‫كان‬ ‫ويف‬
‫نفسها‪،‬‬ ‫األمة ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كرامة‬ ‫ِ‬
‫وقضية‬ ‫ِ‬
‫القضية‬ ‫حيث َ‬
‫ربط بني هذه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ومكانته؛‬ ‫كان مستواه‬
‫شديدها ح َّقه وهو غِّي‬ ‫ِ‬ ‫لضعيفها من‬‫ِ‬ ‫ُ‬
‫يؤخذ‬ ‫يقدس اهللُ أم ًة ال‬ ‫فقال‪َ « :‬‬
‫كيف‬
‫ُ‬
‫متعت ٍع»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي (‪.)5513‬‬


‫(‪ )2‬رواه أمحد (‪.)51427‬‬
‫(‪ )3‬رواه ابن ماجه (‪)5057‬‬
‫‪ | 062‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 33‬من حقوق الرقيق‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُب ِعث‬
‫للعبيد أي ُة‬ ‫النبي ﷺ يف جمتم ٍع يتشك َُّل من السادة والعبيد‪ ،‬ومل ْ‬
‫يكن‬ ‫ُّ‬
‫وحث عىل‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫هؤالء‪،‬‬ ‫شأن‬ ‫ٍ‬
‫سياسية‪ ،‬فرفع النبي ﷺ من ِ‬ ‫ٍ‬
‫اجتامعية أو‬ ‫ٍ‬
‫مالية أو‬ ‫ٍ‬
‫حقوق‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫الثواب‬
‫َ‬ ‫َّب عىل ذلك‬
‫حتريرهم‪ ،‬وجعل حترير العبيد كفارة للعديد من اخلطايا‪ ،‬ورت َ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫بالرقيق‪:‬‬ ‫النبي ﷺ‬ ‫َ‬
‫اجلزيل‪ ،‬فمن وصايا ِّ‬
‫ملكت أيامنُكم»(‪.)1‬‬
‫ْ‬ ‫قو ُله ﷺ‪« :‬اتقوا اهللَ فيام‬

‫اءكم‪ ،‬فأطعموهم مما تأكلون‪ ،‬وألبسوهم مما‬ ‫وقو ُل ُه ﷺ‪« :‬أر ّق َ‬


‫اءكم‪ ،‬أر ّق َ‬
‫أن تغفرو ُه‪ ،‬فبيعوا عباد اهللِ وال‬
‫بذنب ال تريدون ْ‬‫ٍ‬ ‫وإن جاؤوا‬
‫ْ‬ ‫تلبسون‪،‬‬
‫تعذبوهم»(‪.)2‬‬

‫حتت أيديكم‪ ،‬فمن‬ ‫(‪)4‬‬


‫وقال ﷺ‪« :‬إخوانُكم خو ُلكم(‪ ،)3‬جعلهم اهللُ ُقني ًة‬ ‫َ‬
‫لباس ِه‪ ،‬وال يكل ْف ُه ما يغل ُب ُه‪،‬‬
‫طعامه‪ ،‬وليلبسه من ِ‬
‫ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫يد ِه‪ ،‬فلي ْط ِع ْم ُه من‬
‫حتت ِ‬ ‫كان أخوه َ‬
‫فذن ك َّلفه ما يغل ُب ُه فل ُيعنْ ُه»(‪.)5‬‬
‫ْ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬من ََضب مملو َكه ظاملًا‪ُ ،‬أقيدَ منه يوم ال ِ‬
‫قيامة»(‪.)6‬‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬

‫(‪ )1‬رواه أبو داود (‪ ،)0022‬وأمحد (‪.)115‬‬


‫(‪ )2‬رواه أمحد (‪.)51253‬‬
‫(‪ )3‬خولكم‪ :‬خدمكم‪.‬‬
‫(‪ )4‬قنية‪ :‬مملوكني‪.‬‬
‫(‪ )5‬رواه البخاري (‪ ،)5312‬والرتمذي (‪.)5262‬‬
‫(‪ )6‬صحيح األدب املفرد (‪.)530‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪063‬‬

‫لطم مملوك ُه أو َضب ُه‪ ،‬فك ّفارت ُه أن يعت َق ُه»(‪.)1‬‬ ‫َ‬


‫وقال ﷺ‪« :‬من َ‬
‫مسلام‬ ‫أعتق ً‬
‫امرأ‬ ‫ٍ‬
‫امرئ مسل ٍم َ‬ ‫فقال‪« :‬أ ُّيام‬ ‫ِ‬
‫العبيد‪َ ،‬‬ ‫النبي ﷺ عىل ِ‬
‫عتق‬ ‫َّ‬
‫ً‬ ‫وحث ُّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أعتقت‬ ‫مسلمة‬ ‫امرأة‬ ‫عظام منه‪ ،‬وأيام‬ ‫فهو فكَاكُه من النار‪ُ ،‬جيزَ ى بكل عظ ٍم منه ً‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫امرئ‬ ‫امرأ ًة مسلم ًة فهي فكاكُها من النار‪ُ ،‬جتزَى بكل عظ ٍم منها ً‬
‫عظام منها‪ ،‬وأيام‬
‫عظام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مسل ٍم َ‬
‫أعتق امرأتني مسلمتني فهام فكاكُه من النار‪ُ ،‬جيزى بكل عظمني منهام ً‬
‫منه»(‪.)2‬‬

‫أعطيت‬
‫َ‬ ‫له َ‬
‫فقال له‪:‬‬ ‫عمرو ‪ ‬وجاءه َق ْه ٌ‬
‫رمان‬
‫(‪)3‬‬ ‫ٍ‬ ‫وعن ِ‬
‫عبد اهللِ بن‬
‫إثام أ ْن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫فأعطهم‪َ ،‬‬ ‫وهتم؟ َ‬
‫الرقيق ُق َ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪« :‬كفى ً‬ ‫قال‬ ‫فانطلق‬
‫ْ‬ ‫قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫َ‬
‫قوُتم»(‪.)4‬‬ ‫حتبس عمن ُ‬
‫متلك َ‬ ‫َ‬
‫الناس يف الدنيا»(‪.)5‬‬
‫بون َ‬ ‫يعذ ُب الذين ّ‬
‫يعذ َ‬ ‫إن اهللَ ّ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪َّ « :‬‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪ ،)3534‬وأبو داود (‪.)0144‬‬


‫(‪ )2‬رواه الرتمذي (‪ ،)5067‬وأبو داود (‪.)3013‬‬
‫(‪ )3‬القهرمان‪ :‬القائم بأمور الرجل ‪-‬مدير األعامل‪.-‬‬
‫(‪ )4‬رواه مسلم (‪.)5665‬‬
‫(‪ )5‬رواه مسلم (‪ ،)0730‬وأبو داود (‪.)5602‬‬
‫‪ | 064‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 39‬من حقوق املسنني‬

‫السن قد بلغوا من العمر ما يشعرون معه بالوحدة وتتواىل عليهم فيه آثاره‬ ‫ِّ‬ ‫كبار‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫واحلكمة‪ ،‬وينبغي عىل‬ ‫ِ‬
‫والتجارب‬ ‫ِ‬
‫اخلربة‬ ‫أيضا ُ‬
‫أهل‬ ‫من ضعف ومرض وغريمها‪ ،‬وهم ً‬
‫ِ‬
‫وخرباهتم‪.‬‬ ‫هؤالء‪ ،‬وإنام يقدِّ ُرهم وحيرت ُمهم ويستفيدُ من ِ‬
‫جتارهبم‬ ‫ِ‬ ‫املجتم ِع أال َ‬
‫ّنمل‬
‫وعظيم ح ِّقهم عىل اجلمي ِع‬
‫َ‬ ‫فض َلهم وسابقتَهم‬‫وبني ْ‬
‫السن‪َ َّ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫بكبار‬ ‫النبي ﷺ‬
‫ولقد احتفى ُّ‬
‫ِ‬
‫القيامة»(‪.)1‬‬ ‫نورا يو َم‬ ‫شاب شيب ًة يف اإلسال ِم ْ‬ ‫فهو ﷺ ُ‬
‫كانت له ً‬ ‫يقول‪« :‬من َ‬
‫ِ‬
‫إجالل اهللِ تعاىل‬ ‫إن من‬ ‫أصحاب الس ِّن‪ ،‬فقال ﷺ‪َّ « :‬‬ ‫ِ‬ ‫وحث ﷺ عىل إكرا ِم‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫الشيبة املسل ِم»(‪.)2‬‬ ‫إكرا َم ذي‬
‫ِ‬
‫العجيب الذي‬ ‫ِ‬
‫احلديث‬ ‫وانظر إىل هذا‬ ‫ِ‬
‫بالرشاب‪،‬‬ ‫َ‬
‫األشياخ‬ ‫ؤثر‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫وكان ﷺ ُي ُ‬
‫سهل بن ٍ‬
‫سعد‬ ‫ِ‬ ‫سواء‪ ،‬فع ْن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫واألطفال عىل حدٍّ‬ ‫النبي ﷺ لألشياخِ‬ ‫يتجىل فيه احرتا ُم ِّ‬
‫فرشب منه‪ ،‬وعن يمينه غال ٌم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫برشاب‪،‬‬ ‫رسول اهللِ ﷺ ُأيت‬ ‫َ‬ ‫الساعدي ‪َّ ‬‬
‫أن‬ ‫ِّ‬
‫هؤالء؟»‪َ ،‬‬
‫فقال الغال ُم‪ :‬ال‬ ‫ِ‬ ‫أعطي‬ ‫أن‬ ‫أشياخ‪ ،‬فقال للغال ِم‪ُ « :‬‬
‫أتأذن ل ْ‬ ‫ٌ‬ ‫يسار ِه‬‫ِ‬ ‫وعن‬
‫َ‬
‫يد ِه(‪.)4‬‬ ‫رسول اهللِ ﷺ يف ِ‬ ‫ُ‬ ‫(‪)3‬‬
‫منك أحدً ا‪ ،‬فت َّله‬ ‫أوثر بنصيبي َ‬ ‫واهللِ‪ ،‬ال ُ‬
‫ُ‬
‫يستأذن غال ًما‪ ،‬ليبدأ‬ ‫واملرسلني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األنبياء‬ ‫خاتم‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‬ ‫ويا للعجب!‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يرفض ألنه يريدُ ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫يسار ِه احرتا ًما هلم ولسنِّهم والغال ُم‬
‫ِ‬ ‫باألشياخِ الذين عىل‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي (‪ ،)5112‬والنسائي (‪.)3425‬‬


‫(‪ )2‬رواه أبو داود (‪.)0543‬‬
‫(‪ )3‬فتله‪ :‬فوضعه‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري (‪ ،)5575‬ومسلم (‪.)3726‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪065‬‬

‫يؤثر‬ ‫النبي ﷺ‪ ،‬فأبى ْ‬ ‫ِ‬


‫أن َ‬ ‫موضع شفتي ِّ‬ ‫َ‬ ‫فتمس شفتاه‬
‫َّ‬ ‫هلل ﷺ‬ ‫رسول ا ِ‬ ‫يرشب بعد‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫يمينه‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان بمن عىل‬ ‫أن يبد َأ‬
‫السنَّة هي ْ‬ ‫النبي ﷺ َّ‬
‫ألن ُّ‬ ‫بذلك أحدً ا‪ ،‬وإنام استأذ َن ُه ُّ‬
‫ونحو ِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرشاب‬ ‫يف‬
‫‪ | 066‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 31‬من حقوق ذوي االحتياجات اخلاصة‬

‫ِ‬
‫الناس كان قدرهم أن يصابوا ببعض البالء يف أعضائهم‪،‬‬ ‫هناك طائف ٌة من‬
‫فانعكس عليهم ذلك حيات ًيا‪ ،‬وربام أن بعض الناس ال ّنتم هبم‪ ،‬وال ينتبهون‬
‫ِ‬
‫ومشكالهتم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ومشاعرهم‬ ‫ِ‬
‫ألحاسيسهم‬

‫بعطفه ورعايتِه‪.‬‬
‫اخلاصة‪ ،‬وإنام حباهم ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االحتياجات‬ ‫النبي ﷺ ذوي‬
‫ينس ُّ‬‫مل َ‬
‫إن يل‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ َّ‬ ‫وقالت‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫النبي ﷺ‬
‫أوقفت َّ‬ ‫ْ‬ ‫فهذه امرأ ٌة َ‬
‫كان يف عقلها يش ٌء‪،‬‬
‫ِ‬
‫شئت‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الطريق‬ ‫هلل ﷺ هلا‪« :‬يا أ َّم فالن! خذي يف أي‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫إليك حاج ًة‪ ،‬فقال‬
‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ يناجيها‪ ،‬حتى قَض‬ ‫قومي فيه حتى أقو َم معك»‪ ،‬فخال معها‬
‫حاجتَها(‪.)1‬‬

‫فقال يو ًما ألصحابِ ِه‪« :‬انطلقوا بنا إىل بني‬


‫يزورهم يف بيوهتم‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان ﷺ‬
‫ِ‬
‫البرص ـ»(‪.)2‬‬ ‫مكفوف‬ ‫البصِّي ‪ٌ -‬‬
‫رجل‬ ‫نزور‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫واقف ُ‬
‫ً‬
‫تفاؤال‪.‬‬ ‫صريا‬
‫سمى األعمى ب ً‬
‫وانظر كيف َّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫هلل ع َّز‬ ‫عظيمة منها قو ُل ُه ﷺ‪َّ « :‬‬
‫إن ا َ‬ ‫ببشارات‬ ‫هؤالء املبت َل ْني‬ ‫النبي ﷺ‬
‫وبرش ُّ‬‫َّ َ‬
‫فصرب‪ ،‬عوضتُه‬ ‫نور عينيه ‪-‬‬ ‫بذهاب ِ‬
‫ِ‬ ‫ابتليت عبدي بحبيبتيه ‪ -‬أي‬‫ُ‬ ‫قال‪ :‬إذا‬ ‫وجل َ‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫منهام اجلن َة»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬رواه أمحد (‪.)53131‬‬


‫(‪ )2‬رواه الطرباين (‪.)5133‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)1555‬وأمحد (‪.)55455‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪067‬‬

‫وبِص َك للر ِ‬
‫جل‬ ‫ِ‬
‫البرص َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫فقال ﷺ‪ُ « :‬‬ ‫وضعيف‬ ‫هداية األعمى‬ ‫وحث ﷺ عىل‬
‫ِ‬
‫البِص صدق ٌة»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫الرديء‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فقالت‪:‬‬
‫ْ‬ ‫رسول اهللِ ﷺ‬ ‫اجلنون ‪ -‬إىل‬ ‫وجاءت امرأ ٌة هبا ملَ ٌم ‪ٌ -‬‬
‫نوع من‬
‫ِ‬
‫صربت‬ ‫ِ‬
‫شئت‬ ‫وإن‬ ‫ِ‬
‫فشفاك‪ْ ،‬‬ ‫هلل‬
‫دعوت ا َ‬ ‫ِ‬
‫شئت‬ ‫إن‬ ‫ادع اهللَ يل‪َ .‬‬
‫فقال‪ْ « :‬‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫رسول اهللِ! ُ‬‫يا‏‬
‫عيل(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫حساب َّ‬‫َ‬ ‫رب وال‬
‫قالت‪ :‬بل أص ُ‬
‫عليك»‪ْ ،‬‬ ‫والحساب‬
‫َ‬
‫قال عطا ٌء‪ :‬بىل‪َ ،‬‬ ‫أهل ِ‬
‫اجلنة؟ َ‬ ‫أريك امرأ ًة من ِ‬ ‫وقال ابن عباس ل ٍ‬
‫قال‬ ‫عطاء‪ :‬أال َ‬ ‫َ ُ‬
‫ف‪،‬‬ ‫رصع‪ ،‬وإين َّ‬
‫أتكش ُ‬ ‫فقالت‪ :‬إين ُأ ُ‬
‫ْ‬ ‫النبي ﷺ‬ ‫ٍ‬
‫عباس‪ :‬تلك املرأ ُة السودا ُء‪ ،‬أتت َّ‬ ‫اب ُن‬
‫دعوت اهلل أن ُيعاف َي ِك‪،‬‬
‫ُ‬ ‫صربت ولك اجلن ُة‪ ،‬وإن ِ‬
‫شئت‬ ‫ِ‬ ‫فادع اهللَ يل‪ ،‬قال‪« :‬إن ِ‬
‫شئت‬ ‫ُ‬
‫ف‪ ،‬فدعا هلا(‪.)3‬‬ ‫أتكش َ‬ ‫هلل يل ْ‬
‫أن ال َّ‬ ‫فادع ا َ‬
‫كشف‪ُ ،‬‬‫ُ‬ ‫فقالت‪ :‬إين أت‬
‫ْ‬ ‫رب‪،‬‬
‫فقالت‪ :‬أص ُ‬
‫ْ‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي (‪.)5272‬‬


‫(‪ )2‬رواه أمحد (‪.)2355‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)1554‬ومسلم (‪.)0673‬‬
‫‪ | 068‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 34‬من حقوق الطريق‬

‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫حيدث يف‬ ‫والتحرش هبم كام‬ ‫الناس‬ ‫إيذاء‬ ‫متنع من‬ ‫للطريق يف اإلسال ِم ٌ‬
‫آداب ُ‬
‫ِ‬
‫البالد‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫كثري من‬
‫ِ‬
‫الطرقات» قالوا‪ :‬ما لنا بدٌّ ‪ ،‬هي‬ ‫واجللوس عىل‬ ‫النبي ﷺ َ‬
‫قال‪« :‬إياكم‬
‫َ‬ ‫فعن ِّ‬
‫الطريق ح َّقها»‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫َ‬ ‫املجالس‪ ،‬فأعطوا‬
‫َ‬ ‫فذن أبيتم إال‬ ‫نتحدث فيها‪َ ،‬‬
‫قال‪ْ « :‬‬ ‫ُ‬ ‫جمالسنا‬
‫ُ‬
‫واألمر‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫وكف األذى‪ ،‬ور ُّد السالمِ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫البِص‪،‬‬ ‫غض‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ؟ قال‪ُّ « :‬‬ ‫وما ح ُّقها يا‬
‫ِ‬
‫املنكر»(‪.)1‬‬ ‫والنهي عن‬ ‫ِ‬
‫باملعروف‪،‬‬
‫ُّ‬
‫قال ﷺ‪:‬‬ ‫الظل‪ ،‬فقد َ‬ ‫ِ‬
‫وأماكن ِّ‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫طرق‬ ‫ِ‬
‫احلاجة يف ِ‬ ‫ِ‬
‫قضاء‬ ‫حتريم‬ ‫ومن ذلك‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الناس‪ ،‬أو يف ظلهم»(‪.)2‬‬ ‫طريق‬ ‫ِ‬ ‫«اتقوا اللعانني‪ :‬الذي يتخىل يف‬
‫ٍ‬
‫شجرة‬ ‫ِ‬
‫بغصن‬ ‫مر ٌ‬
‫رجل‬ ‫ِ‬
‫الطريق‪ ،‬فقد َ‬ ‫ومن ذلك إماط ُة األذى عن‬
‫قال ﷺ‪َّ « :‬‬
‫فأ ِ‬
‫املسلمني ال يؤذهيم‪ُ ،‬‬
‫دخ َل‬ ‫َ‬ ‫ني هذا عن‬‫فقال‪ :‬واهللِ ألُنَح َ َّ‬ ‫ٍ‬
‫طريق‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ظهر‬ ‫عىل‬
‫اجلن َة»(‪.)3‬‬
‫ٍ‬
‫شجرة َق َطعها من ِ‬
‫ظهر‬ ‫ِ‬
‫اجلنة يف‬ ‫يتقلب يف‬ ‫ً‬
‫رجال‬ ‫رأيت‬
‫ُ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬لقد‬
‫ُ‬
‫الناس»(‪.)4‬‬ ‫ِ‬
‫الطريق كانت تؤذي َ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)5521‬ومسلم (‪.)3264‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم (‪ ،)327‬وأبو داود (‪.)53‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم (‪.)0700‬‬
‫(‪ )4‬رواه مسلم (‪.)0701‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪069‬‬

‫‪- 35‬من حقوق احليوان‬

‫وإطعام ِه وسقايتِ ِه‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باإلحسان إليه‬ ‫وأمر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرفق باحليوان َ‬ ‫النبي ﷺ لوا َء‬
‫رفع ُّ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫بطريق‬ ‫رجل يميش‬ ‫النبي ﷺ‪« :‬بينام ٌ‬
‫قال ُّ‬ ‫ِ‬
‫العمل‪ ،‬فقد َ‬ ‫طيق من‬‫تكليف ِه ما ال ُي ُ‬
‫ِ‬ ‫وعد ِم‬
‫يلهث‪ُ ،‬‬
‫يأكل‬ ‫ُ‬ ‫كلب‬
‫خرج فذذا ٌ‬ ‫فرشب‪ ،‬ثم َ‬ ‫َ‬ ‫بئرا‪َ ،‬‬
‫فنزل فيها‪،‬‬ ‫العطش‪ ،‬فوجد ً‬ ‫ُ‬ ‫اشتدَّ عليه‬
‫مثل الذي كان‬ ‫ِ‬
‫العطش ُ‬ ‫الكلب من‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الرجل‪ :‬لقد بلغَ هذا‬ ‫فقال‬ ‫ِ‬
‫العطش‪َ ،‬‬ ‫الثرى من‬
‫الكلب‪،‬‬ ‫فسقى‬ ‫فنزل البئر‪ ،‬فمَل ُخ َّفه ماء‪ ،‬ثم أمس َكه ِ‬
‫بفيه حتى َرقي‪،‬‬ ‫مني‪َ ،‬‬‫بلغَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ألجرا؟ فقال‪:‬‬
‫ً‬ ‫وإن لنا يف هذه البهائ ِم‬
‫هلل َّ‬ ‫َ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫فشكر اهللُ له‪ ،‬فغفر له»‪ .‬قالوا‪ :‬يا‬
‫أجر»(‪.)1‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫«يف كل كبد رطبة ٌ‬
‫النبي ﷺ جزا َء من‬ ‫الرجل َغ َف َر اهللُ له يف ٍ‬
‫كلب سقاه‪ ،‬فقد َذك ََر ُّ‬ ‫َ‬ ‫وكام َّ‬
‫أن هذا‬
‫فدخلت فيها‬
‫ْ‬ ‫بت امرأة يف ِه َّرة سجنَتْها حتى ماتت‪،‬‬
‫فقال ﷺ‪« :‬ع ّذ ِ‬
‫ُ‬ ‫احليوان َ‬
‫َ‬ ‫يعذب‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫خشاش‬ ‫ُ‬
‫تأكل من‬ ‫النار‪ ،‬ال هي أطعمتْها وسقتْها إذ حبستْها‪ ،‬وال هي تركتْها‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األرض»(‪.)2‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫الذبح‪،‬‬ ‫باإلحسان إليه عند‬ ‫النبي ﷺ‬ ‫أمر ُّ‬ ‫حيل أك ُل ُه َ‬
‫احليوان الذي ُّ‬ ‫وعند ِ‬
‫ذبح‬
‫يشء‪ ،‬فذذا قتلتم فأحسنوا ِ‬
‫القتل َة‪ ،‬وإذا‬ ‫ٍ‬ ‫اإلحسان عىل كل‬ ‫كتب‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫إن اهللَ َ‬‫فقال ﷺ‪َّ « :‬‬
‫ِ‬
‫ذبحتم‪ ،‬فأحسنوا الذبح َة‪ ،‬ول ُيحدّ أحدُ كم َشفر َت ُه‪ُ ،‬‬
‫ولِّي ْح ذبيح َت ُه»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)5524‬ومسلم (‪.)0565‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)5525‬ومسلم (‪.)0564‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم (‪ ،)3651‬والرتمذي (‪.)5352‬‬
‫‪ | 071‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫أضجع شا ًة وهو حيدُّ شفر َت ُه ‪-‬أ َما َمها‪َ -‬‬


‫فقال‬ ‫َ‬ ‫أن ً‬
‫رجال‬ ‫عباس ‪َّ ‬‬ ‫ٍ‬ ‫وعن ِ‬
‫ابن‬
‫قبل أن تضج َعها»(‪.)1‬‬ ‫َك َ‬‫أحددت شفرت َ‬
‫َ‬ ‫هال‬ ‫ٍ‬
‫موتات؟ َّ‬ ‫النبي ﷺ‪« :‬أتريدُ أن متُ ِيتَها‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫حليوان»(‪.)2‬‬‫لعن اهللُ من م َّثل با‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪َ « :‬‬
‫ِ‬
‫القيامة»(‪.)3‬‬ ‫هلل يو َم‬ ‫ٍ‬
‫عصفور‪َ ،‬رمح ُه ا ُ‬ ‫من َر ِح َم ولو ذبيحة‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪ْ « :‬‬

‫(‪ )1‬رواه احلاكم (‪.)7163‬‬


‫(‪ )2‬رواه النسائي (‪ ،)0366‬والبخاري معل ًقا (‪.)1425‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري يف األدب املفرد (‪.)325‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪070‬‬

‫القسم الثاني‬
‫حممد رسول اهلل ﷺ والقيم واألخالق والفضائل‬
‫مدخل‬

‫ِ‬
‫واملثل التي‬ ‫حممد ﷺ من القي ِم‬‫ٍ‬ ‫هلل‬ ‫ِ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫ِ‬
‫رؤية‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان يف‬ ‫تنبع قيم ُة‬
‫ُ‬
‫ملموسا‪،‬‬
‫ً‬ ‫تنبع من داخلِ ِه فتغدو سلوكًا وواق ًعا‬ ‫ِ‬
‫الفضائل التي ُ‬ ‫يتمسك هبا‪ ،‬ومن‬ ‫ُ‬
‫ينظر إىل‬
‫ُ‬ ‫ولكن‬
‫ْ‬ ‫صوركم وال أموالِكم‬
‫ِ‬ ‫ينظر إىل‬
‫ُ‬ ‫إن اهللَ ال‬
‫وهلذا جا َء خطا ُب ُه‪َّ « :‬‬
‫قلوبِكم وأعاملِكم»(‪.)1‬‬
‫ٍ‬
‫واحد‪ ،‬هو طهار ُة‬ ‫ٍ‬
‫غرض‬ ‫ُ‬
‫يدرك أهنا ترمي إىل‬ ‫ِ‬
‫الرسول ﷺ‬ ‫يتأمل َ‬
‫أقوال‬ ‫ومن ُ‬
‫صالح‬ ‫ألمتم‬ ‫بعثت‬
‫ُ‬ ‫الكريم‪« :‬إنام‬ ‫اإلنساين‪ ،‬يؤكدُ هذا حدي ُث ُه‬ ‫ِ‬
‫وكامهلا‬ ‫ِ‬
‫النفس‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫األخالق»(‪.)2‬‬
‫ِ‬
‫والفضائل‬ ‫ِ‬
‫واألخالق‬ ‫ٍ‬
‫حاجة إىل العلو ِم فهو إىل القي ِم‬ ‫وإن َ‬
‫كان يف‬ ‫واإلنسان ْ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫احلقيقة إىل‬ ‫عزى يف‬ ‫ٍ‬
‫وقهر إنام ُي َ‬ ‫ِ‬
‫املجتمعات من ظل ٍم‬ ‫يصيب‬ ‫أن ما‬‫أحوج‪ ،‬ذلك َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫نقص يف العل ِم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األخالق ال إىل‬ ‫ٍ‬
‫نقص يف‬
‫رسول اهللِ ٍ‬
‫حممد ﷺ فدعا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دعوة‬ ‫ُ‬
‫عنوان‬ ‫األخالق احلسن ُة هي‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫كانت‬ ‫ثم‬
‫ومن َّ‬
‫ِ‬
‫احليوان‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الرمحة حتى مع‬ ‫كل ٍ‬
‫أحد‪ ،‬ودعا إىل‬ ‫ِ‬
‫والعدل مع ِّ‬ ‫ِ‬
‫معانيه‬ ‫ِ‬
‫العدل ِّ‬
‫بكل‬ ‫إىل‬
‫ِ‬
‫احلديث‪ ،‬كام‬ ‫ِ‬
‫وحسن‬ ‫ِ‬
‫واألمن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والوفاء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والشجاعة‪ ،‬والتواضعِ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واألمانة‪،‬‬ ‫واحلل ِم‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫امتدت رؤي ُت ُه اخللقي ُة إىل قضية التوازن والوسطية ً‬
‫فكرا وسلوكًا‪.‬‬ ‫ْ‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪.)0615‬‬


‫(‪ )2‬رواه أمحد (‪.)2121‬‬
‫‪ | 072‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫ُ‬
‫الدءوبة‬ ‫ِ‬
‫املسئولية‪ ،‬وكانت دعو ُت ُه‬ ‫وحتمل‬ ‫ِ‬
‫الوقت‪،‬‬ ‫ِ‬
‫إدارة‬ ‫ِ‬
‫حسن‬ ‫أيضا إىل‬
‫دعا ً‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫نفسه‬ ‫ِ‬
‫رقابة‬ ‫ِ‬
‫مسئولية‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان‬ ‫ِ‬
‫الطيب‪ ،‬وتويل‬ ‫ِ‬
‫احلالل‬ ‫ِ‬
‫والكسب‬ ‫ِ‬
‫والعمل‬ ‫للجدِّ‬
‫(الضمري)‪.‬‬

‫وحيرص‬
‫َ‬ ‫بمظهر ِه‬
‫ِ‬ ‫نفس ِه ويعتن َي‬
‫حيافظ عىل ِ‬
‫َ‬ ‫كام كان توجه ُه نحو الفرد بِ ْ‬
‫أن‬
‫ِ‬
‫النظافة والتداوي أنَّى وجدَ إىل ذلك ً‬
‫سبيال‪.‬‬ ‫سالمة صحتِ ِه من خالل‬
‫ِ‬ ‫عىل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مبني عىل احرتا ِم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وحسن‬ ‫البرشية‪،‬‬ ‫النفس‬ ‫رسول اهللِ ﷺ إىل إقامة جمتم ٍع ٍّ‬ ‫دعا‬
‫يعزز ذلك ٌ‬
‫أعامل تطوعي ٌة متعدي ُة النفعِ‪.‬‬ ‫احلب والو ُّد‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫األخالق‪ ،‬يسو ُد ُه ُّ‬
‫وقع‪ ،‬مع‬ ‫ِ‬
‫ورشعية دف ِع الظل ِم ْ‬ ‫كام أرسى مباد َئ عملي ًة َ‬
‫إن َ‬ ‫مثل الشورى‪،‬‬
‫البرش إليها َ‬
‫اآلن‪.‬‬ ‫أحوج‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫والقتال ما‬ ‫ِ‬
‫للحرب‬ ‫وضع آدا ًبا‬
‫َ‬ ‫ذلك‬
‫َ‬
‫لكل من يم ُ‬ ‫وروح الدُّ ِ‬
‫عابة‪ّ ،‬ندّنا ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أل‬ ‫ِ‬ ‫والتفاؤل‪،‬‬ ‫السعادة‪،‬‬ ‫كانت له رؤي ٌة َ‬
‫نحو‬
‫ُ‬
‫احلزن فؤا َد ُه‪.‬‬ ‫ويفتت‬
‫ُ‬ ‫القلق قل َب ُه‪،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وأجناسهم ليعيشوا هذه القيم‬ ‫ِ‬
‫أدياهنم‬ ‫ِ‬
‫اختالف‬ ‫أحوج البرشي َة اليو َم عىل‬ ‫فام‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫املدخل‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫تفصيل هلذا‬ ‫ننطلق نحو‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫واآلن‬ ‫يف عاملِ الواق ِع ليسعدوا‪،‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪073‬‬

‫‪- 3‬كيف تكسب الناس؟‬

‫الرقيقة التي ال ََت ِْد ُش حيا ًء وال‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكلمة‬ ‫صاحب‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حيبون‬ ‫ِ‬
‫بفطرهتم‬ ‫الناس‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫ِ‬
‫والنصح‬ ‫ِ‬
‫السديد‬ ‫ِ‬
‫املرشقة والرأي‬ ‫ِ‬
‫البسمة‬ ‫صاحب‬ ‫َ‬
‫حيبون‬ ‫شعورا‪ ،‬وكذلك‬ ‫جترح‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫القلوب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫امتالك‬ ‫ِ‬
‫بأسباب‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ حممدٌ ﷺ‬ ‫اهتم‬ ‫ِ‬
‫الرشيد ومن هنا َّ‬
‫ُ‬
‫بسط‬ ‫ولكن يس ُعهم منكم‬
‫ْ‬ ‫الناس بأموالِكم‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال ﷺ‪« :‬إنكم لن ت ََسعوا‬
‫ِ‬
‫اخللق»(‪.)1‬‬ ‫وحسن‬ ‫ِ‬
‫الوجه‪،‬‬
‫ُ‬
‫إل أحاسنُكم أخال ًقا‪ ،‬املُ َوطئون أكنا ًفا‪ ،‬الذين يألفو َن‬
‫إن أح َّبكم َّ‬
‫وقال ﷺ‪َّ « :‬‬ ‫َ‬
‫امللتمسون‬ ‫ِ‬
‫األحبة‪،‬‬ ‫قون بني‬ ‫ِ‬
‫بالنميمة‪ ،‬املفر َ‬ ‫إل ّ‬
‫املشاؤون‬
‫َ‬ ‫أبغضكم َّ‬
‫َ‬ ‫وإن‬
‫و ُيؤلفون‪َّ ،‬‬
‫العيب»(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫للربآء‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫بوجه‬ ‫أن تلقى أخاك‬ ‫ولو ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫حتقرن من املعروف شيئًا‪ْ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬ال‬
‫ٍ‬
‫طليق»(‪.)3‬‬
‫ِ‬ ‫وأمر َك با‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ك عن‬‫ملعروف‪ ،‬وهن ُي َ‬ ‫تبس ُمك يف وجه أخيك صدق ٌة‪ُ ،‬‬ ‫وقال ﷺ‪ُّ « :‬‬
‫ُك األذى‬ ‫الضالل لك صدق ٌة‪ ،‬وإماطت َ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أرض‬ ‫َ‬
‫الرجل يف‬ ‫ِ‬
‫املنكر صدق ٌة‪ ،‬وإرشا ُد َك‬
‫دلو أخيك لك‬ ‫ُك من د ْل ِو َك يف ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الطريق لك صدق ٌة‪ ،‬وإفراغ َ‬ ‫والعظم عن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫والشوك‬
‫البِص لك صدق ٌة»(‪.)5‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرديء‬ ‫للرجل‬ ‫ِصك‬‫صدق ٌة» ‪ ،‬وزاد البزار‪َ « :‬و َب ُ‬
‫(‪)4‬‬

‫(‪ )1‬رواه البزار (‪.)2100‬‬


‫(‪ )2‬رواه الطرباين (‪.)231‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم (‪ ،)0764‬والرتمذي (‪.)5716‬‬
‫(‪ )4‬رواه الرتمذي (‪.)5272‬‬
‫(‪ )5‬رواه البزار (‪.)0474‬‬
‫‪ | 074‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫وقال ﷺ‪« :‬والكلم ُة الطيب ُة صدق ٌة»(‪.)1‬‬


‫ِ‬
‫بالليل‬ ‫ِ‬
‫وأطب الكال َم‪ ،‬وصل‬ ‫ِ‬
‫وأفش السال َم‪،‬‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬أطع ِم الطعا َم‪،‬‬
‫والناس نيا ٌم‪ ،‬تدخل اجلن َة بسال ٍم»(‪.)2‬‬
‫ُ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)5767‬ومسلم (‪.)5677‬‬


‫(‪ )2‬رواه أمحد (‪.)2226‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪075‬‬

‫‪- 9‬العـــــــدل‬
‫بني اهللُ ِ‬
‫لنبيه‬ ‫ِ‬
‫العدل وقد َّ َ‬ ‫البرش مجي ًعا قيم ُة‬ ‫ِ‬
‫اإلنسانية التي يسعدُ هبا‬ ‫من القي ِم‬
‫ُ‬
‫قال تعاىل‪﴿ :‬ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ﴾ [النحل‪ ،]24:‬بل‬ ‫ويأمر به كام َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫العدل‬ ‫حيب‬
‫ﷺ أنه ُّ‬
‫تكون العداو ُة سب ًبا يف ظل ِم‬
‫َ‬ ‫وحذ َر من ْ‬
‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬
‫املخالف‪،‬‬ ‫العدو‬ ‫ِ‬
‫بالعدل حتى مع‬ ‫أمر‬
‫ِّ‬
‫فقال تعاىل‪﴿ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬ ‫ِ‬
‫حقوقهم‪َ ،‬‬ ‫اآلخرين والتعدي عىل‬
‫َ‬
‫ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ﴾ [املائدة‪.]2:‬‬

‫كان قبلكم‬ ‫َ‬


‫أهلك من َ‬ ‫ِ‬
‫العدل مع اجلميعِ‪« :‬إنام‬ ‫وجوب‬ ‫النبي ﷺ مبينًا‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫وقال ُّ‬
‫ُ‬
‫الضعيف أقاموا عليه‬ ‫ُ‬
‫الرشيف تركوه‪ ،‬وإذا رسق فيهم‬ ‫رسق فيهم‬ ‫أهنم كانوا إذا َ‬
‫لقطعت يدَ ها»(‪.)1‬‬ ‫رسقت‬ ‫بنت ٍ‬
‫حممد‬ ‫أن فاطم َة َ‬ ‫لو َّ‬ ‫ِِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫احلدَّ ‪ ،‬وإين والذي نفيس بيده‪ْ ،‬‬
‫نور‪ ،‬الذين ي ْع ِدلون يف‬
‫منابر من ٍ‬
‫َ‬ ‫املقسطني عندَ اهللِ عىل‬
‫َ‬ ‫إن‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪َّ « :‬‬
‫ُحك ِْمهم وأهليهم وما ُو ُّلوا»(‪.)2‬‬

‫الضعيف ح َّقه من القوي‪ ،‬وهو‬


‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يأخذ‬ ‫إن اهللَ ال ُيقدّ س أم ًة ال‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪َّ « :‬‬
‫غِّي متعت ٍع(‪.)4(»)3‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)3556‬ومسلم (‪.)3526‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم (‪.)3046‬‬
‫(‪ )3‬غري متعتع‪ :‬أي من غري أن يصيبه مكروه‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه ابن ماجه (‪.)5057‬‬
‫‪ | 076‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 1‬الـرحـــمـة‬

‫آثار عظيم ٌة من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ألن الرمح َة هلا ٌ‬
‫الرمحة‪َّ ،‬‬ ‫اإلنسانية قيم َة‬ ‫إن من أمج ِع القي ِم‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫وغري ذلك‬ ‫ِ‬
‫امللهوف‬ ‫ِ‬
‫وإغاثة‬ ‫ِ‬
‫العون‬ ‫والتعاون مع اآلخرين ومدِّ ِ‬
‫يد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واجلود‬ ‫ِ‬
‫العفو‬
‫ألن اهللَ ‪ ‬أرسله‬ ‫ِ‬
‫الرمحة‪َّ ،‬‬ ‫النبي ﷺ صف ُة‬ ‫ِ‬
‫صفات‬ ‫أخص‬ ‫ومن هنا كان من‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫فقال سبحانه‪﴿ :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ﴾ [األنبياء‪.]547:‬‬ ‫ِ‬
‫البرشية َ‬ ‫ِ‬
‫لرمحة‬
‫وقال تعاىل يف شأنِ ِه ﷺ‪﴿ :‬ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫َ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ﴾ [آل‏عمران‪.]512:‬‬
‫بعثت رمح ًة»(‪.)1‬‬
‫ُ‬ ‫النبي ﷺ‪« :‬إين مل ُأ ْ‬
‫بعث لعانًا‪ ،‬إنام‬ ‫َ‬
‫وقال ُّ‬
‫ُنزع الرمح ُة إال من ٍّ‬
‫شقي»(‪.)2‬‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬ال ت ُ‬
‫محكُم من يف‬ ‫ِ‬
‫األرض ير ْ‬ ‫الرمحن‪ ،‬ارمحوا من يف‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬الرامحون يرمحهم‬
‫ِ‬
‫السامء»(‪.)3‬‬
‫يرحم»(‪.)4‬‬
‫ُ‬ ‫حم ال‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬من ال َي ْر ُ‬
‫للنبي ﷺ‪ :‬يا‬ ‫قال ٌ‬
‫رجل‬ ‫احليوان‪ ،‬فقد َ‬
‫َ‬ ‫كل ٍ‬
‫يشء حتى‬ ‫شملت رمح ُت ُه ﷺ َّ‬ ‫وقد‬
‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫رمحك‬ ‫النبي ﷺ‪« :‬والشا ُة إن رمحتَها‬ ‫محها‪َ ،‬‬
‫فقال ُّ‬ ‫ألذبح الشا َة وأنا أر ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ! إين‬
‫اهللُ»(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪.)0740‬‬


‫(‪ )2‬رواه أبو داود (‪ ،)0525‬والرتمذي (‪.)5206‬‬
‫(‪ )3‬رواه أبو داود (‪ ،)0524‬والرتمذي (‪.)5207‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري (‪ ،)1132‬ومسلم (‪.)0525‬‬
‫(‪ )5‬رواه أمحد (‪.)52074‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪077‬‬

‫‪- 4‬احلِـــــــــلم‬

‫أنس‬ ‫ِ‬
‫االحتامل‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جمال احلل ِم وكظ ِم‬ ‫بلغ النبي ﷺ الذرو َة يف ِ‬ ‫َ‬
‫قال ُ‬ ‫وشدة‬ ‫الغيظ‬ ‫ُّ‬
‫ُ‬
‫غليظ‬ ‫نجراين‬ ‫ِ‬
‫رسول اهللِ ﷺ وعليه ُبر ٌد‬ ‫كنت أميش مع‬ ‫مالك ‪ُ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫ب ْن‬
‫ٌّ‬
‫عاتق‬ ‫ِ‬
‫صفحة ِ‬ ‫نظرت إىل‬ ‫ِ‬
‫بردائه ج ْب َذ ًة شديدةً‪ ،‬حتى‬ ‫يب‪ ،‬فجبذ ُه‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫احلاشية‪ ،‬فأدرك ُه أعرا ٌّ‬
‫قال‪ :‬يا حممدُ ! ُمر يل من‬ ‫ِ‬
‫جبذته‪ ،‬ثم َ‬ ‫أثرت هبا حاشي ُة الربد من ِ‬
‫شدة‬ ‫ْ‬ ‫النبي ﷺ‪ ،‬قد‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫ٍ‬
‫بعطاء(‪.)1‬‬ ‫أمر له‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وضحك‪ ،‬ثم َ‬ ‫رسول اهللِ ﷺ‪،‬‬ ‫فالتفت إليه‬
‫َ‬ ‫مال اهللِ الذي عندك‪.‬‬

‫يب اجلايف ومل‬


‫الترصف الس ِّيئ من هذا األعرا ِّ‬
‫َ‬ ‫النبي ﷺ هذا‬‫ُّ‬ ‫هكذا َ‬
‫تقبل‬
‫وجه ِه وأعطاه ما يريدُ ‪.‬‬
‫تبس َم يف ِ‬
‫يعات ْب ُه‪ ،‬وإنام َّ‬
‫ٍ‬
‫َ‬
‫فاخرتط‬ ‫ظل شجرة‪ ،‬قد ع َّل َق سي َف ُه هبا‪ ،‬فجا َء أعرا ٌّ‬
‫يب‬ ‫نائام يف ِّ‬
‫وكان ﷺ ً‬ ‫َ‬
‫وقال‪ :‬من يمنعك مني يا حممدُ ؟! قال‪« :‬اهللُ»‪.‬‬ ‫النبي ﷺ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫سيف‪َ ،‬‬
‫وش َه َر ُه يف وجه ِّ‬ ‫ال َ‬
‫السيف وعفا عنه‬‫َ‬ ‫النبي ﷺ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫فأخذ‬ ‫يد ِه‪،‬‬
‫السيف من ِ‬
‫ُ‬ ‫يب ووقع‬‫فاضطرب األعرا ُّ‬
‫َ‬
‫بجوار ِه(‪.)2‬‬
‫ِ‬ ‫وأجلس ُه‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)1365‬ومسلم (‪.)5702‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)5620‬ومسلم (‪.)0535‬‬
‫‪ | 078‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 5‬األمـــــــانة‬
‫اإلنسانية التي يمدح املرء باالتصاف هبا قيم ُة األ ِ‬
‫مانة‪ ،‬وقد َ‬
‫قال‬ ‫ِ‬ ‫من القي ِم‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫تعاىل‪﴿ :‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ﴾ [األحزاب‪.]75:‬‬
‫إيامن ملن ال أمان َة له»(‪.)1‬‬
‫قال ﷺ‪« :‬ال َ‬ ‫ولذلك َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫اإليامن‪،‬‬ ‫واألمان ُة من‬
‫ِ‬
‫املنافق‬ ‫فقال‪« :‬آي ُة‬ ‫ِ‬
‫النفاق‪َ ،‬‬ ‫صفات ِ‬
‫أهل‬ ‫ِ‬ ‫تضييع األمان َة من‬ ‫النبي ﷺ‬ ‫وعدَّ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫خان»(‪.)2‬‬
‫اؤمتن َ‬ ‫َ‬ ‫أخلف‪ ،‬وإذا‬ ‫َ‬ ‫كذب‪ ،‬وإذا وعد‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫ثالث‪ :‬إذا حدّ َ‬ ‫ٌ‬
‫كيف إضاعتُها؟ قال‪:‬‬ ‫فانتظر الساع َة» قالوا‪َ :‬‬ ‫عت األمان ُة‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬إذا ُضي ِ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫فانتظر الساع َة»(‪.)3‬‬ ‫ِ‬ ‫غِّي أهلِ ِه‪،‬‬ ‫األمر إىل ِ‬ ‫ُ‬ ‫وسدَ‬
‫«إذا ّ‬
‫باألمني‪ ،‬وقد تزوج ْت ُه خدجية ‪ ‬وهي املرأ ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قومه‬ ‫عرف يف‬ ‫وكان ﷺ ُي ُ‬ ‫َ‬
‫رشف عىل جتارهتا بالشا ِم وذلك‬ ‫حيث كان ُي ُ‬ ‫أخالقه‪ُ ،‬‬‫ِ‬ ‫ألمانته وكري ِم‬ ‫ِ‬ ‫الرشيف ُة الثري ُة‬
‫ِ‬
‫النبوة‪.‬‬ ‫َ‬
‫قبل‬
‫أمواهلم‬ ‫َ‬ ‫قريش ‪ -‬مع كفرهم به ‪ -‬كانوا يضعون عند ُه‬ ‫ٍ‬ ‫أهل‬ ‫أن َ‬ ‫ِ‬
‫أمانته َّ‬ ‫ومن‬
‫ٍ‬
‫قوس‬ ‫كذبه قو ُم ُه ورموه عن‬ ‫أن َّ‬ ‫ِ‬
‫املدينة بعدَ ْ‬ ‫ِ‬
‫باهلجرة إىل‬ ‫أذ َن اهللُ له‬ ‫ليحف َظها هلم‪ ،‬وملّا ِ‬
‫أن أه َلها هم‬ ‫أهلها‪ ،‬مع َّ‬ ‫ِ‬
‫األمانات إىل ِ‬ ‫عمه عل ًّيا ‪ ‬يف مك َة لر ِّد‬ ‫ٍ‬
‫واحدة‪ ،‬ترك ابن ِّ‬
‫َ‬
‫أمواهلم‬ ‫ْ‬
‫يأخذ‬ ‫أموال أصحابِ ِه‪ ،‬إال أنه ﷺ مل‬ ‫َ‬ ‫وكذبوه وصادروا‬ ‫الذين آذوه وعادوه َّ‬
‫حيفظ األمان َة‪.‬‬
‫خري من ُ‬ ‫وضا عن ذلك‪ ،‬بل ر َّدها إليهم ألهنا أمان ٌة وهو ﷺ ُ‬ ‫ِع ً‬

‫(‪ )1‬رواه أمحد (‪.)55231‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)35‬ومسلم (‪.)22‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)17‬وأمحد (‪.)2370‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪079‬‬

‫‪- 6‬الشجــــــاعة‬

‫رأى له‪ ،‬ال مبد َأ له‪،‬‬


‫متلو ٌن؛ ال َ‬
‫شخصا ما فيقولون‪ :‬إنه ِّ‬
‫ً‬ ‫الناس‬
‫ُ‬ ‫كثريا ما يذ ُّم‬
‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النبي ﷺ كذلك ال مع أصدقائه وال مع أعدائه وقد و َّد‬ ‫ال ُهوي َة له‪ ،‬ومل ِ‬
‫يكن‬
‫ُّ‬
‫مبادئ ِه فلم ي ْظفروا بذلك بل َ‬
‫قال كلم َت ُه الشهريةَ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫َ‬
‫يتنازل عن‬ ‫أعداؤه ْ‬
‫أن‬
‫األمر ‪ -‬أي‬
‫أترك هذا َ‬ ‫أن َ‬ ‫ِ‬
‫يساري عىل ْ‬ ‫والقمر يف‬
‫َ‬ ‫الشمس يف يميني‬
‫َ‬ ‫«واهللِ لو وضعوا‬
‫َ‬
‫أهلك دون ُه»‪.‬‬ ‫يظهر ُه اهللُ أو‬
‫َ‬ ‫الدعو َة إىل اإلسال ِم ‪ -‬ما ترك ُت ُه حتى‬

‫قال تعاىل‪﴿ :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ﴾ [القلم‪.]2:‬‬

‫خيارهم يف‬ ‫ِ‬


‫اجلاهلية‪،‬‬ ‫خيارهم يف‬ ‫معادن‪،‬‬
‫َ‬ ‫الناس‬ ‫النبي ﷺ‪« :‬جتدون‬ ‫َ‬
‫وقال‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫الشأن أشدَّ هم له كراه ًة‪ ،‬وجتدون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الناس يف هذا‬ ‫اإلسالمِ‪ ،‬إذا َفقهوا‪ .‬وجتدون َ‬
‫خيار‬
‫ٍ‬
‫بوجه»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫وهؤالء‬ ‫ٍ‬
‫بوجه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫هؤالء‬ ‫ِ‬
‫الوجهني‪ ،‬الذي يأيت‬ ‫ِ‬
‫الناس ذا‬ ‫رش‬
‫َّ‬
‫ُ‬ ‫هلل ِ‬ ‫أن ناسا قالوا جلدِّ ه ِ‬ ‫حممد ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ندخل‬ ‫عمر ‪ :‬إنا‬ ‫بن َ‬ ‫عبد ا ِ‬ ‫بن زيد َّ ً‬ ‫وعن‬
‫عندهم؟ فقال‪ :‬كنا نعدُّ هذا‬ ‫بخالف ما نتكلم إذا خرجنا من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫فنقول‬ ‫عىل سلطانِنا‪،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫رسول اهللِ ﷺ(‪.)2‬‬ ‫نفا ًقا عىل ِ‬
‫عهد‬
‫رسول اهللِ ﷺ ُ‬
‫يقول‪« :‬إذا رأيتم أمتي‬ ‫َ‬ ‫سمعت‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫عمرو َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫بن‬ ‫وعن ِ‬
‫عبد اهللِ ِ‬
‫إنك ظاملٌ‪ ،‬فقد تُودع منهم»(‪.)3‬‬ ‫أن َ‬
‫تقول له‪َ :‬‬ ‫ُتاب الظامل َ ْ‬
‫ُ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)3530‬ومسلم (‪.)0122‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪.)6605‬‬
‫(‪ )3‬رواه أمحد (‪.)6530‬‬
‫‪ | 081‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 7‬التواضــــــع‬

‫تسم يف‬ ‫ِ‬


‫بالرتحاب‪ ،‬ويب ُ‬ ‫املتواضع الذي يقاب ُلهم‬
‫َ‬ ‫الشخص‬
‫َ‬ ‫الناس‬
‫ُ‬ ‫حيب‬
‫ُّ‬
‫باحلرج عند ُلقيا ُه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫شعرهم‬ ‫ِ‬
‫وجوههم‪ ،‬وال ُي ُ‬
‫تواضع كلام‬ ‫َ‬
‫اإلنسان كلام‬ ‫وبني َّ‬
‫أن‬ ‫حث النبي ﷺ عىل ِ‬
‫قيمة التواضعِ‪َ َّ ،‬‬ ‫وقد َّ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫تواضع أحدٌ هللِ إال رفع ُه اهللُ ع َّز‬
‫َ‬ ‫فقال ﷺ‪« :‬وما‬ ‫ِ‬
‫الناس‪َ ،‬‬ ‫زادت منزل ُت ُه عند اهللِ وعندَ‬
‫ْ‬
‫َّ‬
‫وجل»(‪.)1‬‬
‫أن تواضعوا حتى ال يفخر أحدٌ عىل ٍ‬
‫أحد‪ ،‬وال‬ ‫إل ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫إن اهللَ أوحى َّ‬
‫وقال ﷺ‪َّ « :‬‬
‫يبغي أحدٌ عىل ٍ‬
‫أحد»(‪.)2‬‬

‫َ‬ ‫ِ‬
‫الصبيان إال ويس ّل ُم عليهم‪،‬‬
‫وكان‬ ‫يمر عىل‬ ‫وكان من تواض ِع ِّ‬
‫النبي ﷺ أنه ال ُّ‬
‫املسجد ال يعر ُفه من بني أصحابِ ِه وذلك لعد ِم متيز ِه عنهم يف ٍ‬
‫يشء من‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الداخل إىل‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫وخرج عىل أصحابِ ِه َ‬
‫ذات يو ٍم فقاموا‬ ‫َ‬ ‫األماكن أو ِ‬
‫غري ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوسائد أو‬ ‫ِ‬
‫اللباس أو‬
‫بعضهم‬
‫األعاجم‪ ،‬يعظ ُم ُ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫إجالال واحرتا ًما‪ ،‬فقال‪« :‬ال تقوموا كام تقو ُم‬ ‫له‬
‫ب ْع ًضا»(‪.)3‬‬

‫وحيلب‬ ‫ويرقع ثو َب ُه‪،‬‬ ‫ف نع َل ُه‪،‬‬ ‫خدمة أهلِ ِه‪ ،‬كان ِ‬


‫خيص ُ‬ ‫ِ‬ ‫وكان يف ِ‬
‫بيته ﷺ يف‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫املساكني‪ ،‬ويميش يف‬
‫َ‬ ‫وجيالس‬
‫ُ‬ ‫البعري‪ ،‬وي ُ‬
‫أكل مع اخلاد ِم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ويعلف‬
‫ُ‬ ‫الشا َة ألهلِ ِه‪،‬‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪ ،)0622‬والرتمذي (‪.)5215‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم (‪ ،)1542‬وأبو داود (‪.)0514‬‬
‫(‪ )3‬رواه أبو داود (‪ ،)0113‬وأمحد (‪.)55512‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪080‬‬

‫وجييب دعو َة من دعاه ولو إىل‬


‫ُ‬ ‫األرامل واليتامى‪ ،‬ويبد ُأ من لق َي ُه بالسال ِم‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حوائج‬
‫أيرس ٍ‬
‫يشء‪.‬‬ ‫ِ‬

‫َ‬
‫عليك‪ ،‬فذين‬ ‫هو ْن‬ ‫ِ‬
‫هيبته رعدةٌ‪َ ،‬‬ ‫ودخل عليه ٌ‬ ‫َ‬
‫فقال له‪ّ « :‬‬ ‫رجل‪ ،‬فأصاب ْت ُه من‬
‫ٍ‬
‫قريش كانت ُ‬
‫تأكل القديدَ (‪.)2(»)1‬‬ ‫ٍ‬
‫امرأة من‬ ‫ابن‬ ‫ٍ‬
‫لست بملك‪ ،‬إنام أنا ُ‬
‫ُ‬

‫(‪ )1‬القديد‪ :‬اللحم املشقق املجفف‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه ابن ماجه (‪.)3343‬‬
‫‪ | 082‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 8‬الـوفــــــــاء‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالعهود‬ ‫بالوفاء‬ ‫الوفا ُء من القي ِم اإلنسانية العظيمة‪ ،‬أ َّكدَ اإلسال ُم عليها َ‬
‫وأمر‬
‫ِ‬
‫الوعود‪.‬‬ ‫واحرتا ِم‬

‫قال تعاىل‪﴿ :‬ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬


‫ﮖ﴾ [النحل‪.]25:‬‬

‫النبي ﷺ‪« :‬املسلمون عىل رشوطِهم»(‪.)1‬‬ ‫َ‬


‫وقال ُّ‬
‫الرب َد»(‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫أحبس ُ ُ‬
‫ُ‬ ‫بالعهد‪ ،‬وال‬ ‫يس‬
‫وقال ﷺ‪« :‬إين ال أخ ُ‬
‫َ‬
‫الرسل والوفو َد كرهائ َن‪.‬‬ ‫أحتجز‬
‫ُ‬ ‫أنقض العهدَ ‪ ،‬وال‬
‫أي ال ُ‬
‫ِ‬
‫بعهودكم‬ ‫ونستعني اهللَ عليهم»(‪ ،)3‬أي أوفوا‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬فوا هلم‪،‬‬
‫ُ‬
‫للمرشكني‪.‬‬
‫فذن اإلسال َم مل يز ْد ُه إال شد ًة»(‪ ،)4‬وذلك‬ ‫ِ‬
‫اجلاهلية‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫بحلف‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬أوفوا‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫وحذر من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وااللتفاف عليها‪.‬‬ ‫نقضها‬ ‫ألن اإلسال َم شدّ َد عىل الوفاء بالعهود َّ َ‬
‫َّ‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي (‪ ،)5575‬وأبو داود (‪.)3554‬‬


‫(‪ )2‬رواه أبو داود (‪ ،)5377‬وأمحد (‪.)55737‬‬
‫(‪ )3‬رواه أمحد (‪.)55523‬‬
‫(‪ )4‬رواه الرتمذي (‪ ،)5155‬وأمحد (‪.)6632‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪083‬‬

‫‪- 2‬األمــــــــن‬

‫ُ‬
‫تتعطل‬ ‫ِ‬
‫األمن‬ ‫ِ‬
‫فبدون‬ ‫ِ‬
‫الناس‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حياة‬ ‫ِ‬
‫األمن يف‬ ‫ِ‬
‫قيمة‬ ‫َ‬
‫حول‬ ‫ِ‬
‫اثنان‬ ‫خيتلف‬
‫ُ‬ ‫ال‬
‫وينرش‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫والنهب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والسلب‬ ‫ِ‬
‫القتل‬ ‫جرائم‬
‫ُ‬ ‫وتكثر‬
‫ُ‬ ‫وتعم الفوىض‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫الناس‪،‬‬ ‫مصالح‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الناس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قلوب‬ ‫والرعب يف‬
‫َ‬ ‫اخلوف‬
‫َ‬ ‫املجرمون‬

‫النفيس‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫األمن‬ ‫أنواع ِه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بكافة‬ ‫ِ‬
‫األمن‬ ‫ِ‬
‫شأن‬ ‫النبي ﷺ ِع َظ َم‬‫ُّ‬ ‫بني‬
‫وقد َّ َ‬
‫ُ‬
‫اإلنسان‬ ‫يتمتع هبا‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وجعل ذلك من أعظ ِم النع ِم التي‬ ‫الغذائي‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫واألمن‬ ‫والصحي‪،‬‬
‫ِّ‬
‫جسد ِه‪ ،‬عنده ُ‬
‫قوت‬ ‫ِ‬ ‫أصبح منكم آمنًا يف رسبِ ِه‪ً ،‬‬
‫معاًف يف‬ ‫َ‬ ‫فقال ﷺ‪« :‬من‬‫يف الدنيا‪َ ،‬‬
‫يوم ِه‪ ،‬فكأنام حيزت له الدنيا»(‪.)1‬‬
‫ِ‬

‫ِ‬
‫املدينة‪ ،‬ملَّا افتقدوا األم َن يف‬ ‫ِ‬
‫باهلجرة من مك َة إىل‬ ‫أمر أصحا َب ُه‬ ‫والنبي ﷺ َ‬‫ُّ‬
‫ِ‬
‫وللبحث‬ ‫نفس ِه‪،‬‬
‫للسبب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واالضطهاد‪ ،‬ثم هاجر ﷺ‬ ‫ِ‬
‫للتعذيب‬ ‫وتعرضوا‬ ‫ِ‬
‫بلدهم‪،‬‬
‫َّ‬
‫ويستقبل النور الذي أنز َله اهللُ ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫جديد ُ‬
‫يتقبل دعو َت ُه‬ ‫ٍ‬
‫مكان‬ ‫عن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يرتك حممدٌ ﷺ مك َة التي حي ُّبها‪ ،‬والتي‬ ‫ِ‬
‫احلزن واألملِ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫مشاهد‬ ‫ٍ‬
‫مشهد من‬ ‫ويف‬
‫األربعني‪ ،‬يرتكُها وهو ُ‬
‫يقول‪« :‬ما‬ ‫َ‬ ‫عمر ُه إىل‬
‫وصل ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عاش فيها طفول َت ُه وشبا َب ُه حتى‬
‫خرجت ِ‬
‫منك‪،‬‬ ‫قوم ِك أخرجوين منك ما‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫أن َ‬ ‫إل‪ ،‬ولوال َّ‬
‫أطي َبك من بلد‪ ،‬وما أح َّبك ّ‬
‫غِّي ِك»(‪.)2‬‬
‫سكنت َ‬
‫ُ‬ ‫وما‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي (‪.)5562‬‬


‫(‪ )2‬رواه الرتمذي (‪.)3265‬‬
‫‪ | 084‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫وض أركا َن ُه‪ ،‬ومن ذلك‬ ‫األمن وي ِّق ُ‬


‫َ‬ ‫يزعزع‬
‫ُ‬ ‫كل ما‬ ‫النبي ﷺ من ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫وقد َّ‬
‫حذ َر‬
‫دماءكم وأموا َلكم‬ ‫إن‬
‫فقال ﷺ‪َّ « :‬‬ ‫األعراض َ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وانتهاك‬ ‫ِ‬
‫والرسقة‬ ‫ِ‬
‫القتل‬ ‫جرائم‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫شهركم هذا»(‪.)1‬‬ ‫بلدكم هذا‪ ،‬يف ِ‬ ‫يومكم هذا‪ ،‬يف ِ‬ ‫كحرمة ِ‬‫ِ‬ ‫وأعراضكم عليكم حرا ٌم‬ ‫َ‬

‫بالقوة أو ما يسمى‬ ‫ِ‬ ‫املسلمني‬


‫َ‬ ‫اخلروج عىل احلكا ِم‬‫ِ‬ ‫النبي ﷺ عن‬ ‫وهنى‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫األمن َ‬
‫فقال‬ ‫ِ‬
‫وفقدان‬ ‫ِ‬
‫الدماء‬ ‫ِ‬
‫وإراقة‬ ‫ِ‬
‫الفتن‬ ‫العسكرية ملا يف ذلك من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باالنقالبات‬
‫مات ميت ًة جاهلي ًة»(‪ ،)2‬ومع‬ ‫فامت‪َ ،‬‬ ‫وفارق اجلامع َة‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الطاعة‪،‬‬ ‫خرج من‬ ‫ﷺ‪« :‬من‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الواضحة‬ ‫ِ‬
‫واحلجة‬ ‫ِ‬
‫احلسن‬ ‫ِ‬
‫باألسلوب‬ ‫ِ‬
‫األمور‬ ‫بنصيحة ِ‬
‫والة‬ ‫ِ‬ ‫النبي ﷺ‬ ‫أمر ُّ‬ ‫ذلك فقد َ‬
‫قال‪« :‬هللِ‪ ،‬ولكتابِ ِه‪،‬‬ ‫رسول اهللِ؟ َ‬ ‫َ‬ ‫الدين النصيح ُة» قالوا‪ :‬ملن يا‬ ‫فقال ﷺ‪ُ « :‬‬ ‫َ‬
‫وألئمة املسلمني وعامتِهم»(‪.)3‬‬ ‫ِ‬ ‫ولرسولِ ِه‪،‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)5653‬ومسلم (‪.)3524‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم (‪ ،)3036‬والنسائي (‪ ،)0401‬وأمحد (‪.)7643‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم (‪ ،)25‬والرتمذي (‪.)5202‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪085‬‬

‫‪- 30‬الصمت والكالم‬

‫كثري من‬ ‫اإلنسان شي ًئا‪ ،‬بل إنه خي ِّل ُصه من ٍ‬


‫َ‬ ‫يكلف‬
‫ُ‬ ‫يسري ال‬ ‫الصمت يش ٌء‬
‫ُ‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫املحن والباليا‪ ،‬ومع ذلك ال جييدُ ف َّن‬ ‫كثريا من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويدفع عنه ً‬‫ُ‬ ‫واملشكالت‪،‬‬ ‫املواقف‬
‫ِ‬
‫خطورة‬ ‫وحذ َر من‬ ‫ِ‬
‫الصمت َّ‬ ‫بني فضيل َة‬
‫والنبي ﷺ َّ َ‬ ‫ِ‬
‫البرش‪،‬‬ ‫ُ‬
‫القالئل من‬ ‫ِ‬
‫الصمت إال‬
‫ُّ‬
‫ت»(‪.)1‬‬ ‫ليص ُم ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫يؤمن باهللِ واليو ِم‬ ‫اللسان‪َ ،‬‬‫ِ‬
‫خِّيا أو ْ‬
‫فليقل ً‬ ‫اآلخر‬ ‫ُ‬ ‫كان‬
‫من َ‬‫فقال ﷺ‪ْ « :‬‬
‫صمت نجا»(‪.)2‬‬ ‫َ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬من‬ ‫َ‬

‫ويد ِه»(‪.)3‬‬
‫املسلمون من لسانِ ِه ِ‬
‫َ‬ ‫املسلم من َسلِ َم‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬‬
‫ك عليك‬ ‫رسول اهللِ ﷺ‪ :‬ما النجاةُ؟ فقال ﷺ‪ْ « :‬أم ِس ْ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫عامر‬ ‫وسأل عقب ُة ب ُن‬‫َ‬
‫ك»(‪.)4‬‬ ‫بيتك‪ ،‬وا ْب ِك عىل خطيئتِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫َك‪ ،‬وليس ْع َ‬ ‫لسان َ‬
‫والسكوت‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫املنكر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫تغيري‬ ‫اخلنوع وعد َم‬ ‫ِ‬
‫األحاديث هو‬ ‫وليس املرا ُد من هذه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫النبي ﷺ‬
‫ألن َّ‬ ‫احلق‪َّ ،‬‬‫بغري ِّ‬‫الباطل‪ ،‬والتكل ِم ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلوض يف‬ ‫عىل الظل ِم‪ ،‬بل املرا ُد عد ُم‬
‫مرا»(‪.)5‬‬‫كان ًّ‬‫وإن َ‬ ‫احلق ْ‬ ‫قل َّ‬ ‫قال‪ِ « :‬‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫جائر‬ ‫ٌ‬
‫ورجل قا َم إىل إما ٍم‬ ‫الشهداء محز ُة بن ِ‬
‫عبد املطلب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬س ّيدُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫فأمر ُه وهناه فقتَل ُه»(‪.)6‬‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)1112‬ومسلم (‪.)67‬‬


‫(‪ )2‬رواه الرتمذي (‪ ،)5051‬وأمحد (‪.)6523‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)2‬ومسلم (‪.)12‬‬
‫(‪ )4‬رواه الرتمذي (‪ ،)5334‬وأمحد (‪.)55546‬‬
‫(‪ )5‬رواه أمحد (‪.)54007‬‬
‫(‪ )6‬رواه احلاكم (‪.)0220‬‬
‫‪ | 086‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫ِ‬
‫والفتن‬ ‫ِ‬
‫األمور‬ ‫ِ‬
‫التباس‬ ‫فيحس ُن عند‬
‫ُ‬ ‫الصمت‬
‫ُ‬ ‫باحلق‪ ،‬أما‬
‫ِّ‬ ‫وغري ُه تك َّل َم‬ ‫فهذا‬
‫ُ‬
‫النبي ﷺ‪« :‬من ُح ِ‬
‫سن إسال ِم املرء تر ُك ُه ما ال‬ ‫ِ‬
‫استواء الكال ِم وتركِ ِه‪ ،‬وقد َ‬
‫قال ُّ‬ ‫وعند‬
‫َي ْعنيه»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي (‪ ،)5532‬وابن ماجه (‪.)3266‬‬


‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪087‬‬

‫‪- 33‬الوسطية والتوازن‬

‫ٌ‬
‫وسط ﴿ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ﴾‬ ‫ٍ‬
‫حممد ﷺ أهنا أم ٌة‬ ‫وصف اهللُ أم َة‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫والوسطية يف‬ ‫ِ‬
‫التوازن‬ ‫هلل ﷺ لرتسي ِخ ِ‬
‫قيمة‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫[البقرة‪ ،]503:‬فلذلك سعى‬
‫ِ‬
‫حياة‬ ‫ِ‬
‫سامت‬ ‫ُ‬
‫تشكل سم ًة بارز ًة من‬ ‫ُ‬
‫واالعتدال والوسطي ُة‬ ‫ُ‬
‫فالتوازن‬ ‫ِ‬
‫حياة املسل ِم‪،‬‬
‫الغلو‬ ‫النبي ﷺ عن‬ ‫ٍ‬
‫يشء ولذلك فقد هنى‬ ‫النبي ﷺ وعبادتِ ِه وطريقتِ ِه يف ِّ‬
‫كل‬
‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬
‫الغلو»(‪.)1‬‬ ‫َ‬
‫أهلك من كان قبلكم‬ ‫والغلو‪ ،‬فذنام‬ ‫ِ‬
‫والتطرف فقال‪« :‬إياكم‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫يشء فعن ٍ‬
‫أنس‬ ‫كل ٍ‬ ‫ِ‬
‫والوسطية يف ِّ‬ ‫ِ‬
‫التوازن‬ ‫يعلم أصحا َب ُه معامل َ هذا‬ ‫َ‬
‫وكان ﷺ ُ‬
‫يسألون عن عبادتِ ِه‪ ،‬فلام‬ ‫َ‬ ‫النبي ﷺ‬ ‫ِ‬
‫أزواج ِّ‬
‫ِ‬
‫بيوت‬ ‫ٍ‬
‫رهط إىل‬ ‫قال‪ :‬جا َء ثالث ُة‬ ‫‪َ ‬‬
‫فر له ما تقد َم من‬ ‫النبي ﷺ‪ ،‬وقد ُغ َ‬ ‫ُأخربوا كأهنم تقا ُّلوها‪ .‬فقالوا‪ :‬وأين نحن من ِّ‬
‫الليل أبدً ا‪ ،‬وقال آخر‪ :‬وأنا‬ ‫تأخر؟! فقال أحدُ هم‪ :‬أما أنا‪ ،‬فإين أصيل َ‬ ‫ِ‬
‫ذنبه وما‬
‫َ‬
‫أتزوج النسا َء أبدً ا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أعتزل النسا َء فال‬ ‫آخر‪ :‬وأنا‬
‫وقال ُ‬ ‫أفطر‪َ ،‬‬
‫الدهر وال ُ‬‫َ‬ ‫أصو ُم‬

‫النبي ﷺ بام قالوا‪ ،‬فقال‪« :‬أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ َأما واهللِ إين‬
‫رب ُّ‬ ‫ف ُأخ َ‬
‫النساء‪،‬‬
‫َ‬ ‫وأتزوج‬
‫ُ‬ ‫وأفطر‪ ،‬وأصَل وأرقدُ ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ألخشاكم هللِ‪ ،‬وأتقاكم له‪ ،‬لكنَّي أصو ُم‬
‫فليس مني»(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫ب عن سنتي َ‬ ‫فمن َرغ َ‬
‫جحش ‪ ،‬فوجدَ‬ ‫ٍ‬ ‫بنت‬
‫زينب ُ‬
‫ُ‬ ‫ودخل ﷺ عىل إحدى زوجاتِ ِه وهي‬ ‫َ‬
‫لزينب إذا َف َرت ْت‬
‫َ‬ ‫حبل‬‫احلبل؟» قالوا‪ :‬هذا ٌ‬
‫فقال‪« :‬ما هذا ُ‬ ‫حبال ممدو ًدا بني ساريتني َ‬
‫ً‬

‫(‪ )1‬رواه أمحد (‪ ،)3472‬والنسائي (‪.)3447‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)0671‬ومسلم (‪.)5027‬‬
‫‪ | 088‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النبي ﷺ‪« :‬ال‪ ،‬ح ّلوه‪ ،‬ليصل أحدُ كم نشا َط ُه‪ ،‬فذذا َف َ َ‬
‫رت‬ ‫تعلقت به‪َ .‬‬
‫فقال ُّ‬ ‫ْ‬ ‫الصالة‬ ‫عن‬
‫فليقعدْ »(‪.)1‬‬

‫الدين أحدٌ إال غل َب ُه‬


‫َ‬ ‫ولن يشا َّد‬
‫يرس‪ْ ،‬‬ ‫الدين ٌ‬
‫َ‬ ‫إن‬ ‫ين َ‬
‫فقال‪َّ « :‬‬ ‫وبني ﷺ حقيق َة الدِّ ِ‬ ‫َّ‬
‫اختار‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫أمرين إال‬ ‫رسول اهللِ ﷺ بني‬ ‫ُ‬ ‫فسدّ دوا وقاربوا وأبرشوا»(‪ .)2‬ولذلك ما ُخ ِّ َري‬
‫ِ‬
‫الناس منه‪.‬‬ ‫إثام كان أبعدَ‬ ‫فإن َ‬
‫كان ً‬ ‫إثام‪ْ ،‬‬ ‫أيرسمها ما مل يك ْن ً‬
‫َ‬
‫أنت يا حنظل ُة!‬‫فقال‪ :‬كيف َ‬‫بكر َ‬ ‫وعن حنظل َة األسيدي قال‪ :‬لقيني أبو ٍ‬ ‫ْ‬
‫هلل ﷺ‬ ‫ِ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫ُ‬
‫نكون عند‬ ‫قلت‪:‬‬ ‫سبحان اهللِ! ما ُ‬
‫تقول؟ ُ‬ ‫َ‬ ‫نافق حنظل ُة‪ .‬قال‪:‬‬
‫قلت‪َ :‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‬ ‫ِ‬ ‫عند‬‫عني‪ ،‬فإذا خرجنا من ِ‬
‫رأي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالنار واجلنة‪ ،‬حتى كأنَّا ُ‬ ‫يذكّرنا‬
‫ِ (‪)3‬‬
‫كثريا‪ .‬قال أبو بكر‪ :‬فواهللِ إنا‬
‫األزواج واألوال َد والضيعات ‪ ،‬فنسينا ً‬ ‫َ‬ ‫عافسنا‬
‫ْ‬
‫قلت‪:‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪ُ ،‬‬ ‫فانطلقت أنا وأبو ٍ‬
‫بكر‪ ،‬حتى دخلنا عىل‬ ‫ُ‬ ‫مثل هذا‪،‬‬‫لنلقى َ‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ‬ ‫قلت‪ :‬يا‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪« :‬وما ذاك؟» ُ‬ ‫رسول اهللِ‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫َ‬ ‫نافق حنظل ُة يا‬‫َ‬
‫عني‪ ،‬فإذا خرجنَا من ِ‬
‫عند َك‬ ‫رأي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نكون عندَ َك تُذكّرنا‬
‫ُ‬
‫ْ‬ ‫بالنار واجلنة‪ ،‬حتى كأنَّا ُ‬
‫كثريا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األزواج واألوال َد والضيعات نسينا ً‬
‫َ‬ ‫عافسنا‬
‫ْ‬
‫بيد ِه‪ ،‬لو تدومون عىل ما تكونون‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪« :‬والذي نفيس ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ولكن يا‬ ‫ِ‬
‫طرقكم‪،‬‬ ‫الذكر‪ ،‬لصافحتْكم املالئك ُة عىل ُف ِ‬
‫رشكم ويف‬ ‫ِ‬ ‫عندي‪ ،‬ويف‬
‫ْ‬
‫حنظل ُة! ساع ًة وساع ًة» ثالث مرات(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)5425‬ومسلم (‪.)5346‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)32‬والنسائي (‪.)0202‬‬
‫(‪ )3‬عافسنا األزواج واألوالد والضيعات‪ :‬اشتغلنا بأهلينا وأموالنا‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه مسلم (‪ ،)0237‬والرتمذي (‪.)5032‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪089‬‬

‫املتنطعون»‬ ‫ِ‬
‫اهلالك فقال‪َ « :‬‬
‫هلك‬ ‫أن التشد َد يف الدِّ ِ‬
‫ين يؤدي إىل‬ ‫رب ﷺ َّ‬
‫َ‬ ‫وأخ َ‬
‫قاهلا ثال ًثا(‪.)1‬‬
‫فقال‪« :‬ما ُ‬
‫بال هذا؟»‬ ‫شيخا ُّنادى بني ابنيه َ‬
‫ً‬ ‫النبي ﷺ رأى‬
‫َّ‬ ‫وعن أنس َّ‬
‫أن‬
‫نفس ُه»(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫تعذيب هذا َ‬ ‫لغني من‬
‫إن اهلل ٌّ‬ ‫يميش‪َ ،‬‬
‫فقال ﷺ‪َّ « :‬‬ ‫َ‬ ‫قالوا‪ :‬ن ََذ َر ْ‬
‫أن‬

‫ينحرف‬ ‫وأال‬ ‫ِ‬


‫توازن املسل ِم َّ‬ ‫النبي ﷺ عىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫َ‬ ‫حرص ِّ‬ ‫األدلة تؤكدُ عىل‬ ‫كل هذه‬
‫ِ‬
‫والتساهل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اجلفاء‬ ‫الغلو‪ ،‬وال إىل‬ ‫ِ‬
‫اجلادة ال إىل‬ ‫عن‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫للشهوات‬ ‫الطبيعي‬ ‫مليلها‬ ‫ِ‬
‫اإلنسانية ومساير ًة ِ‬ ‫ِ‬
‫النفس‬ ‫ِ‬
‫التعامل مع‬ ‫ِ‬
‫جانب‬ ‫ويف‬
‫ِّ‬
‫ت فقال سبحانه‪﴿ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬ ‫أباح التمتع بالطيبا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ﭬ ﭭ﴾ [األعراف‪.]35:‬‬
‫َ‬
‫وقال سبحانه‪﴿ :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ﴾ [القصص‪.]77:‬‬

‫أصلح ل ديني الذي هو عصم ُة أمري‪،‬‬ ‫اللهم‬ ‫ِ‬ ‫َ‬


‫ْ‬ ‫النبي ﷺ‪َّ « :‬‬
‫وكان من دعاء ِّ‬
‫دنياي التي فيها معايش»(‪.)3‬‬
‫َ‬ ‫وأصلح ل‬
‫ْ‬
‫ٍ‬
‫عجيب بني الدنيا والدين‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫توازن‬ ‫ف عن‬ ‫فهذا الدعاء ِ‬
‫يكش ُ‬ ‫ُ‬
‫وكالم ِه‪ ،‬فعن عائش َة ‪‬‬
‫ِ‬ ‫نبي اهللِ يف حديثِ ِه‬ ‫َ‬
‫عنوان ِّ‬ ‫كام كانت الوسطي ُة‬
‫ُ‬
‫رسول اهللِ يرس ُد رس َدكم هذا»(‪.)4‬‬ ‫قالت‪« :‬ما َ‬
‫كان‬ ‫أهنا ْ‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪ ،)0253‬وأبو داود (‪.)3225‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)6547‬ومسلم (‪.)3544‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم (‪ ،)0227‬والنسائي (‪.)5352‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري (‪ ،)3343‬ومسلم (‪.)0102‬‬
‫‪ | 091‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫ظهرا أبقى»(‪.)1‬‬ ‫املنبت ال ً‬


‫أرضا قطع وال ً‬ ‫َ‬ ‫إن‬ ‫وكان ُ‬
‫يقول ﷺ‪َّ « :‬‬ ‫َ‬

‫وإن ألهلِ َك‬ ‫وإن لبدنِ َ‬


‫ك عليك ح ًّقا‪َّ ،‬‬ ‫ك عليك ح ًّقا‪َّ ،‬‬ ‫إن لربِ َ‬ ‫ِ‬
‫احلديث‪َّ « :‬‬ ‫ويف‬
‫حق ح َّق ُه»(‪.)2‬‬
‫كل ذي ٍّ‬ ‫ِ‬
‫فأعط َّ‬ ‫عليك ح ًّقا؛‬

‫خص‬‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫تتضح وسطي ُة اإلسال ِم من‬


‫نبي اهللِ ﷺ من ُّ‬
‫رشع ُه ُّ‬
‫َ‬ ‫خالل ما‬ ‫ُ‬ ‫كام‬
‫يكر ُه أ ْن‬ ‫ٍ‬
‫جماالت شتَّى ُ‬ ‫ِ‬
‫رخص ُه كام َ‬
‫ُ‬ ‫أن تؤتى‬‫حيب ْ‬
‫إن اهللَ ُّ‬
‫يقول عنها‪َّ « :‬‬ ‫الكثرية يف‬
‫تؤتى معصي ُت ُه»(‪.)3‬‬

‫أمرين إِال‬
‫ِ‬ ‫هلل بني‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫وكان عليه الصال ُة والسال ُم من صفاتِ ِه‪« :‬ما ُخ ّ َري‬
‫َ‬
‫إثام»(‪.)4‬‬
‫أيرسمها ما مل يك ْن ً‬
‫اختار َ‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬رواه البيهقي (‪.)0235‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)1670‬والرتمذي (‪.)5337‬‬
‫(‪ )3‬رواه أمحد (‪.)1644‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري (‪ ،)3526‬ومسلم (‪.)0520‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪090‬‬

‫‪- 39‬الوقــــــت‬

‫رشفِ ِه‪،‬‬ ‫ِ‬


‫الوقت مما ُّ‬ ‫ٍ‬
‫يدل عىل َ‬ ‫بأجزاء من‬ ‫أقسم اهللُ‬
‫َ‬ ‫الوقت هو احلياةُ‪ ،‬وقد‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والنهار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والليل‬ ‫ِ‬
‫والعرص‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالفجر والضحى‪،‬‬ ‫فأقسم‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الناس‪ :‬الصح ُة والفرا ُغ»(‪.)1‬‬ ‫كثِّي من‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫مغبون فيهام ٌ‬
‫ٌ‬ ‫نعمتان‬ ‫النبي ﷺ‪« :‬‬
‫وقال ُّ‬
‫عمر ِه‬
‫سأل عن أربعٍ‪ :‬عن ِ‬ ‫ِ‬
‫القيامة حتى ُي َ‬ ‫تزول قدما ٍ‬
‫عبد يو َم‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬ال ُ‬ ‫َ‬
‫وفيم أنفق ُه‪ ،‬وعن‬ ‫أين اكتسب ُه‬ ‫ِِ‬ ‫علم ِه ما َ‬
‫فيم أفناه‪ ،‬وعن ِ‬
‫َ‬ ‫فعل فيه‪ ،‬وعن ماله من َ‬ ‫ُ‬
‫فيم أباله»(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫جسمه َ‬
‫اغتنم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقال ﷺ حا ًّثا عىل‬‫َ‬
‫بالعمل اجلا ِّد والسعي احلميد‪ْ « :‬‬ ‫األعامر‬ ‫مبادرة‬
‫قبل‬‫َك َ‬‫ك‪ ،‬وصحتَك قبل َس َق ِمك‪ ،‬وفراغ َ‬ ‫قبل موتِ َ‬
‫ُخس‪ ،‬حياتَك َ‬ ‫ٍ‬ ‫ُخسا َ‬
‫قبل‬ ‫ً‬
‫َ‬
‫فقرك»(‪.)3‬‬ ‫قبل‬ ‫َ‬
‫وغناك َ‬ ‫َ‬
‫هرمك‪،‬‬ ‫ك‪ ،‬وشبابك َ‬
‫قبل‬ ‫شغلِ َ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)1233‬والرتمذي (‪.)5556‬‬


‫دارمي (‪.)136‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )2‬رواه الرتمذي (‪ ،)5305‬وال‬
‫(‪ )3‬رواه احلاكم (‪.)7206‬‬
‫‪ | 092‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 31‬حتمل املسؤولية‬

‫ياهتم‪،‬‬‫وحدود صالح ِ‬‫ِ‬ ‫مواقعهم‬ ‫بحسب ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الناس‬ ‫النبي ﷺ املسؤولي َة عىل‬ ‫وز َع ُّ‬‫َّ‬
‫وبني َّ‬
‫أن‬ ‫شخص‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫كل‬ ‫ِ‬
‫املوكولة إىل ِّ‬ ‫ِ‬
‫وإمهال املها ِّم‬ ‫ِ‬
‫املسؤولية‬ ‫ِ‬
‫التفريط يف‬ ‫وحذ َر من‬ ‫َّ‬
‫فقال ﷺ‪« :‬كلكم را ٍع وكلكم‬ ‫ِ‬
‫املسؤولية‪َ ،‬‬ ‫سأل أما َم اهللِ تعاىل عن هذه‬ ‫اإلنسان س ُي ُ‬
‫َ‬
‫والرجل را ٍع يف أهلِ ِه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫مسؤول عن رعيتِ ِه‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫مسؤول عن رعيتِ ِه‪ ،‬فاإلما ُم را ٍع وهو‬ ‫ٌ‬
‫زوجها‪ ،‬وهي مسؤول ٌة عن رعيتِها‪،‬‬ ‫بيت ِ‬ ‫مسؤول عن رعيتِ ِه‪ ،‬واملرأ ُة راعي ٌة يف ِ‬ ‫ٌ‬ ‫وهو‬
‫مسؤول عن رعيتِ ِه‪ ،‬أال فكلكم را ٍع وكلكُم‬ ‫ٌ‬ ‫سيد ِه‪ ،‬وهو‬‫مال ِ‬ ‫واخلادم را ٍع يف ِ‬
‫ُ‬
‫مسؤول عن رعيتِ ِه»(‪.)1‬‬ ‫ٌ‬
‫أبنائ ِه وزوجتِ ِه‪ ،‬يقع يف اإلث ِم والو ِ‬
‫عيد‪،‬‬ ‫اإلنسان مسئولي َته ُجتاه ِ‬
‫ُ‬ ‫ويو َم يض ِّي ُع‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫يقوت»(‪.)2‬‬ ‫يضيع من‬ ‫النبي ﷺ‪« :‬كفى باملرء إِ ًثام أن‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫لقول ِّ‬
‫أن‬
‫خِّي من ْ‬ ‫تذر ور َثت َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫لسعد ِ‬ ‫َ‬
‫أغنياء‪ٌ ،‬‬
‫َ‬ ‫َك‬ ‫إن ْ‬‫وقاص‪« :‬إنك ْ‬ ‫بن أيب‬ ‫قال ﷺ‬
‫الناس»(‪.)3‬‬
‫يتكففون َ‬
‫َ‬ ‫تذرهم عال ًة‬
‫َ‬
‫بالكلمة ِمن‬
‫ِ‬ ‫ليتكلم‬
‫ُ‬ ‫إن العبدَ‬‫فقال ﷺ‪َّ « :‬‬ ‫ِ‬
‫الكلمة َ‬ ‫النبي ﷺ مسؤولي َة‬
‫وبني ُّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫ليتكلم بالكلمة من‬ ‫وإن العبدَ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫رضوان اهللِ ال يلقي هلا ً‬
‫باال‪ ،‬ير َف ُع ُه اهللُ هبا درجات‪َّ ،‬‬
‫ُ‬
‫جهنم»(‪.)4‬‬ ‫هلل ال يلقي هلا ً‬
‫باال‪ ،‬هيوي هبا يف‬ ‫ِ‬
‫سخط ا ِ‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)200‬ومسلم (‪.)3042‬‬


‫(‪ )2‬رواه أبو داود (‪ ،)5005‬وأمحد (‪.)6547‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)5553‬ومسلم (‪.)3476‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري (‪ ،)1227‬والرتمذي (‪.)5505‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪093‬‬

‫ٍ‬
‫عمل‪،‬‬ ‫عامل عن عملِ ِه‪َ ،‬‬
‫فقال‪« :‬من استعملناه عىل‬ ‫ٍ‬ ‫وبني ﷺ مسؤولي َة ِّ‬
‫كل‬ ‫َّ‬
‫أخذ بعد ذلك فهو غ ٌ‬
‫ُلول(‪.)2(»)1‬‬ ‫فرزقناه رز ًقا‪ ،‬فام َ‬

‫فيقول‪ :‬هذا من‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬


‫العامل نستعم ُل ُه فيأتينا‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬أما بعدُ ‪ ..‬فام ُ‬
‫بال‬ ‫َ‬
‫فينظر هل ُهيدى له أم ال؟‬ ‫َ‬ ‫بيت أبيه وأم ِه‪،‬‬
‫عملِكم‪ ،‬وهذا ُأهدي ل‪ ،‬أفال قعدَ يف ِ‬
‫القيامة ِ‬
‫حيم ُل ُه عىل‬ ‫ِ‬ ‫جاء يو َم‬ ‫بيد ِه‪ ،‬ال ُّ‬
‫حممد ِ‬
‫ٍ‬
‫يغل أحدُ كم منها شيئًا إال َ‬ ‫نفس‬
‫فوالذي ُ‬
‫عنق ِه»(‪.)3‬‬
‫ِ‬

‫(‪ )1‬غلول‪ :‬رسقة‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه أبو داود (‪.)5110‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)6501‬ومسلم (‪.)3053‬‬
‫‪ | 094‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 34‬العمل والكسب‬

‫كثريا من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫العمل َّ‬ ‫ُ‬
‫الرسول ﷺ َ‬
‫وأوضح ً‬
‫َ‬ ‫والبطالة‪،‬‬ ‫الكسل‬ ‫وحذ َر من‬ ‫شأن‬ ‫بني‬
‫َّ َ‬
‫ِ‬
‫والتجارة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الكسب‬ ‫ِ‬
‫آداب‬
‫َ‬
‫قال تعاىل‪﴿ :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ﴾‬
‫[اجلمعة‪.]54:‬‬
‫نبي‬ ‫يد ِه‪َّ ،‬‬
‫وإن َّ‬
‫عمل ِ‬
‫يأكل من ِ‬
‫أن َ‬ ‫خِّيا من ْ‬
‫قط ً‬‫طعاما ُّ‬
‫ً‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬ما َ‬
‫أكل أحدٌ‬ ‫َ‬
‫يد ِه»(‪.)1‬‬
‫عمل ِ‬
‫يأكل من ِ‬
‫كان ُ‬
‫اهللِ داو َد َ‬
‫حيب إذا َع ِم َل أحدُ كم‬
‫إن اهللَ ُّ‬ ‫العمل َ‬
‫فقال‪َّ « :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إتقان‬ ‫النبي ﷺ عىل‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫وحث‬
‫ً‬
‫عمال أن يتقنَ ُه»(‪.)2‬‬
‫فقال‪« :‬ال ُ‬
‫تزال املسأل ُة‬ ‫ٍ‬
‫حاجة َ‬ ‫أمواهلم من ِ‬
‫غري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫ِ‬
‫سؤال‬ ‫وحذ َر ﷺ من‬ ‫َّ‬
‫خجال من مسألتِ ِه‪،‬‬
‫ً‬ ‫وجه ِه ُمزع ُة حل ٍم»(‪ ،)3‬وذلك‬‫بأحدكم حتى يلقى اهللَ وليس يف ِ‬ ‫ِ‬
‫كسب يد ْي ِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ويأكل من‬ ‫كان عليه ْ‬
‫أن يعمل‬ ‫ألنه َ‬

‫اجلمر»(‪.)4‬‬
‫َ‬ ‫فقر‪ ،‬فكأنام ُ‬
‫يأكل‬ ‫سأل من ِ‬
‫غِّي ٍ‬ ‫من َ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪ْ « :‬‬
‫احتكر فهو‬
‫َ‬ ‫فقال‪« :‬من‬ ‫ِ‬
‫السعر َ‬ ‫ِ‬
‫احتكار السل ِع بغي َة رف ِع‬ ‫وهنى ﷺ عن‬
‫خاطئ»(‪.)5‬‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪.)5234‬‬


‫(‪ )2‬رواه البيهقي (‪.)0235‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)5325‬ومسلم (‪.)5750‬‬
‫(‪ )4‬رواه الطرباين (‪.)3146‬‬
‫(‪ )5‬رواه مسلم (‪ ،)3455‬والرتمذي (‪.)5522‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪095‬‬

‫خين‬ ‫ُ‬
‫ثالث الرشيكني ما مل ْ‬ ‫إن اهللَ تعاىل ُ‬
‫يقول‪ :‬أنا‬ ‫وروي أنه ﷺ َ‬
‫قال‪َّ « :‬‬
‫خرجت من بينهام»(‪.)1‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫صاح َب ُه‪ ،‬فذذا خانه‬ ‫أحدُ مها‬
‫ِ‬
‫والشهداء»(‪.)2‬‬ ‫والصديقني‬ ‫النبيني‬ ‫ُ‬
‫الصدوق مع‬ ‫األمني‬ ‫التاجر‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يمحق»(‪.)3‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫احللف يف البيعِ‪ ،‬فذنه ُينف ُق ثم‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬إياكم وكثر َة‬
‫بورك هلام يف ِ‬
‫بيعهام‪،‬‬ ‫َ‬ ‫فذن َصدَ قا وب َّينا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫باخليار ما مل يتفرقا‪ْ ،‬‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬البي ِ‬
‫عان‬ ‫َ‬
‫وإن ك ََذبا وكتام‪ُ ،‬حم ْ‬
‫قت برك ُة بيعهام»(‪.)4‬‬ ‫ْ‬
‫جيف عر ُقه»(‪.)5‬‬
‫أن َّ‬ ‫أج َر ُه‪َ ،‬‬
‫قبل ْ‬ ‫األجِّي ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬أعطوا‬
‫ِ‬
‫العامل إذا ن ََص َح»(‪.)6‬‬ ‫الكسب كسب ِ‬
‫يد‬ ‫ِ‬ ‫خِّي‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫قال ﷺ‪ُ « :‬‬
‫ِ‬
‫اخلمر»(‪.)7‬‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬حر ِ‬
‫مت التجار ُة يف‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫وتذهب عنها اآلف ُة»(‪.)8‬‬
‫َ‬ ‫صالحها‪،‬‬
‫ُ‬ ‫يبدو‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬ال تبتاعوا الثمر َة حتى َ‬
‫فليس منَّا»(‪.)9‬‬
‫غش َ‬‫وقال‪ :‬ﷺ‪« :‬من َّ‬

‫(‪ )1‬رواه أبو داود (‪.)5236‬‬


‫(‪ )2‬رواه الرتمذي (‪ ،)5534‬وابن ماجه (‪.)5534‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم (‪ ،)3451‬والنسائي (‪.)0320‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري (‪ ،)5262‬ومسلم (‪.)5251‬‬
‫(‪ )5‬رواه ابن ماجه (‪.)5030‬‬
‫(‪ )6‬رواه أمحد (‪.)2464‬‬
‫(‪ )7‬رواه البخاري (‪ ،)5470‬ومسلم (‪.)5212‬‬
‫(‪ )8‬رواه مسلم (‪.)5252‬‬
‫(‪ )9‬رواه مسلم (‪ ،)506‬والرتمذي (‪.)5536‬‬
‫‪ | 096‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫ِ‬ ‫املسلم أخو املسلمِ‪ ،‬وال ُّ‬


‫عيب‬ ‫حيل ملسل ٍم َ‬
‫باع من أخيه بي ًعا فيه ٌ‬ ‫ُ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬‬
‫إال َب َّين ُه له»(‪.)1‬‬

‫بعضكم عىل بي ِع أخيه»(‪.)2‬‬ ‫َ‬


‫وقال ﷺ‪« :‬ال يبيع ُ‬
‫ٍ‬
‫تراض»(‪.)3‬‬ ‫البيع عن‬
‫وقال ﷺ‪« :‬إنام ُ‬
‫ِ‬
‫القضاء(‪.)5(»)4‬‬ ‫سمح‬ ‫ِ‬
‫الرشاء‪،‬‬ ‫سمح‬ ‫سمح البيعِ‪،‬‬ ‫حيب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إن اهللَ تعاىل ُّ‬
‫وقال ﷺ‪َّ « :‬‬

‫(‪ )1‬رواه ابن ماجه (‪.)5537‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)5221‬ومسلم (‪.)5135‬‬
‫(‪ )3‬رواه ابن ماجه (‪.)5576‬‬
‫(‪ )4‬سمح القضاء‪ :‬اللني يف طلب احلق‪.‬‬
‫(‪ )5‬رواه الرتمذي (‪.)5504‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪097‬‬

‫‪- 35‬الرقابة الذاتية‬

‫ُ‬
‫اإلنسان رقي ًبا‬ ‫أن َ‬
‫جيعل‬ ‫هلل حممدٌ ﷺ ْ‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫أمر هبا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمور املهمة التي َ‬ ‫من‬
‫ِ‬
‫العلن‪.‬‬ ‫الرس قبل‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫عىل ذاتِ ِه‪ ،‬بحيث يرعى حقوق اهللِ‬
‫وحقوق العباد يف ِّ‬
‫ِ‬
‫وخالق‬ ‫كنت‪ ،‬واتب ِع السيئ َة احلسن َة ُ‬
‫متحها‪،‬‬ ‫النبي ﷺ‪ِ « :‬‬
‫اتق اهللَ حيثام َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫ٍ‬
‫حسن»(‪.)1‬‬ ‫ٍ‬
‫بخلق‬ ‫الناس‬
‫َ‬
‫َ‬
‫والتوكل عىل‬ ‫عباس ‪ ‬يع ِّل ُم ُه الرقاب َة الذاتي َة والشجاع َة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫البن‬ ‫َ‬
‫وقال‬
‫احفظ اهللَ جتده ُجتاهك‪ ،‬إذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احفظ اهللَ حيف ْظ َك‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫كلامت؛‬ ‫أعلمك‬ ‫اهللِ‪« :‬يا غال ُم إين ُ‬
‫اجتمعت عىل أ ْن‬
‫ْ‬ ‫أن األم َة لو‬
‫واعلم َّ‬ ‫فاستعن باهللِ‪،‬‬
‫ْ‬ ‫استعنت‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫فاسأل اهللَ‪ ،‬وإذا‬ ‫سألت‬
‫َ‬
‫ْ‬
‫أن يرضوك‬ ‫بيشء قد كتب ُه اهللُ لك‪ ،‬ولو اجتمعوا عىل ْ‬ ‫ٍ‬ ‫بيشء مل ينفعوك إال‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫ينفعوك‬
‫ُ‬
‫الصحف»(‪.)2‬‬ ‫ت األقالم ور ِ‬
‫فعت‬ ‫هلل عليك‪ ،‬ج ّف ِ‬ ‫ٍ‬
‫بيشء قد كتبه ا ُ‬ ‫بيشء مل يرضوك إال‬ ‫ٍ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫فذن مل‬
‫أن تعبدَ اهللَ كأنَّك تراه‪ْ ،‬‬
‫فقال‪ْ « :‬‬ ‫ِ‬
‫اإلحسان َ‬ ‫وس َئل رسول اهللِ ﷺ عن‬
‫ُ‬
‫تكن ترا ُه فذنه َ‬
‫يراك»(‪.)3‬‬
‫ِ‬
‫اجلنة يو َم‬ ‫ِ‬
‫درجات‬ ‫السبعة الذين يكونون يف أعىل‬ ‫ِ‬ ‫النبي ﷺ من‬ ‫ذكر‬
‫ُّ‬ ‫وقد َ‬
‫ذات‬ ‫ٌ‬
‫ورجل دع ْت ُه امرأ ٌة ُ‬ ‫ظل إال ظ ُّل ُه‪َ ،‬‬
‫قال‪« :‬‬ ‫القيامة‪ ،‬ويظ ُّلهم اهللُ يف ظ ِّل ِه يو َم ال َّ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫وترك‬ ‫راقب ر َّب ُه‬
‫َ‬ ‫رب العاملني»(‪ ،)4‬وذلك ألنه‬ ‫هلل َّ‬ ‫أخاف ا َ‬
‫ُ‬ ‫فقال‪ :‬إين‬ ‫ٍ‬
‫ومجال‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫منصب‬
‫معصي َت ُه ُ‬
‫حيث ال يراه أحدٌ ‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي (‪ ،)5254‬وأمحد (‪.)54325‬‬


‫(‪ )2‬رواه الرتمذي (‪ ،)5004‬وأمحد (‪.)5137‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)02‬ومسلم (‪.)2‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري (‪ ،)5330‬ومسلم (‪.)5755‬‬
‫‪ | 098‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 36‬الطب والصحة‬

‫ِ‬
‫بعض‬ ‫النبي ﷺ إىل‬ ‫ِ‬ ‫إنسان عىل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مطلب ِّ‬ ‫الصح ُة‬
‫أشار ُّ‬
‫األرض‪ ،‬وقد َ‬ ‫وجه‬ ‫كل‬ ‫ُ‬
‫ُّ‬
‫وحتث عىل التداوي‬ ‫ِ‬
‫األمراض‬ ‫ِ‬
‫الوقاية من‬ ‫الوصايا والقضايا الصحي ِة التي تُفيدُ يف‬
‫النافعة‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األدوية‬ ‫هلل من‬
‫حر َم ا ُ‬ ‫ِ‬
‫بغري ما َّ‬
‫كان ال حمال َة ً‬
‫فاعال‪،‬‬ ‫فذن َ‬‫يقمن ُص ْل َب ُه‪ْ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫لقيامت‬ ‫بحسب ابن آد َم‬‫ِ‬ ‫قو ُله ﷺ‪« :‬‬
‫َ‬
‫لنفس ِه»(‪.)1‬‬
‫وثلث ِ‬ ‫ٌ‬ ‫وثلث لرشابِ ِه‪،‬‬‫ٌ‬ ‫لطعام ِه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫فثلث‬
‫ِ‬
‫األمراض‬ ‫ِ‬
‫الكثري من‬ ‫لسلمت من‬
‫ْ‬ ‫وهذه وصي ٌة لو َع ِم ْ‬
‫لت هبا البرشي ُة اليو َم‬
‫ِ‬
‫املنترشة‪.‬‬
‫ِ‬
‫الداء‪ ،‬برئَ ِ‬ ‫ٍ‬
‫بذذن اهللِ تعاىل»(‪.)2‬‬ ‫دواء‬
‫صيب ٌ‬‫دواء‪ ،‬فذذا ُأ َ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬لكل داء ٌ‬
‫وقع وأنتم‬ ‫ٍ‬
‫بأرض فال تدخلوا عليه‪ ،‬وإذا َ‬ ‫ِ‬
‫بالطاعون‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬إذا سمعتم‬
‫فرارا منه»(‪.)3‬‬ ‫ٍ‬
‫بأرض فال خترجوا منها ً‬
‫الصحي‪.‬‬ ‫حل ْج ِر‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أصل فيام ُع ِر َ‬
‫وهذا ٌ‬
‫ِّ‬ ‫الطب بعد ذلك بقرون با َ‬ ‫ف يف‬
‫ريح ٍ‬ ‫ِِ‬ ‫َ‬
‫غمر(‪.)5(»)4‬‬ ‫يبيت ويف يده ُ‬ ‫يلومن امرؤٌ إال َ‬
‫نفس ُه‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬أال ال‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي (‪ ،)5345‬وابن ماجه (‪.)3304‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم (‪.)0420‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)1527‬ومسلم (‪.)0555‬‬
‫(‪ )4‬غمر‪ :‬الدسم‪.‬‬
‫(‪ )5‬رواه ابن ماجه (‪.)3527‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪099‬‬

‫اإلنسان ْ‬
‫أن ينا َم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫وبخاصة إذا أرا َد‬ ‫ِ‬
‫بغسل األيدي بعد الطعا ِم‬ ‫وهذا توجي ٌه‬
‫نفس ُه‪.‬‬ ‫فمن َ‬
‫أمهل ذلك فال يلوم َّن إال َ‬
‫ثبت علم ًيا‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬احلب ُة السوداء شفاء من كل ٍ‬
‫داء إال السا َم» ‪ ،‬وقد َ‬
‫(‪)1‬‬
‫َ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫كل ٍ‬
‫داء كام‬ ‫ِ‬
‫املناعة يف اجلس ِم‪ ،‬فهي بذلك شفا ٌء من ِّ‬ ‫جهاز‬ ‫أن احلب َة السودا َء تقوي‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫النبي ﷺ‪.‬‬
‫رب ُّ‬ ‫أخ َ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)1511‬ومسلم (‪.)0540‬‬


‫‪ | 211‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 37‬النظافة والتجمل‬

‫الريح‬ ‫ِ‬
‫والبيوت‪ ،‬وكا َن ﷺ يعجب ُه‬ ‫ِ‬
‫والثياب‬ ‫ِ‬
‫البدن‬ ‫ِ‬
‫نظافة‬ ‫النبي ﷺ عىل‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫حث ُّ‬
‫الريح اخلبيث َة‪ ،‬ومن وصاياه ﷺ يف ذلك‪:‬‬
‫َ‬ ‫الطيب ُة‪ ،‬ويكر ُه‬

‫فليكرم ُه»(‪.)1‬‬ ‫شعر‬ ‫ِ‬ ‫قو ُله ﷺ‪« :‬إذا َ‬


‫ْ‬ ‫كان ألحدكم ٌ‬
‫ُ‬
‫والسواك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اجلمعة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫الغسل يو َم‬ ‫حق عىل كل مسلمٍ‪:‬‬
‫ثالث ٌّ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪ٌ « :‬‬
‫يب»(‪.)2‬‬
‫والط ُ‬
‫أقبل‪.‬‬ ‫بريح ال ِّط ِ‬
‫يب إذا َ‬ ‫عرف ِ‬ ‫َ‬
‫وكان ﷺ ُي ُ‬
‫وقص‬ ‫َ‬
‫والسواك‪،‬‬ ‫َ‬
‫واالستنشاق‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الفطرة‪ :‬املضمض َة‪،‬‬ ‫إن من‬
‫وقال ﷺ‪َّ « :‬‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫وغسل الرباج ِم(‪،)4‬‬ ‫ِ‬
‫اإلبط‪ ،‬واالستحدا َد(‪،)3‬‬ ‫َ‬
‫ونتف‬ ‫ِ‬
‫األظفار‪،‬‬ ‫وتقليم‬ ‫الشوارب‪،‬‬
‫َ‬
‫واالختتان»(‪.)6‬‬
‫َ‬ ‫واالنتضاح ِ‬
‫باملاء(‪،)5‬‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬طهروا أفنيتَكم»(‪.)7‬‬
‫َ‬
‫اجلامل»(‪.)8‬‬ ‫حيب‬ ‫إن اهلل ٌ‬
‫مجيل ُّ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪َّ « :‬‬

‫(‪ )1‬رواه أبو داود (‪.)3635‬‬


‫(‪ )2‬رواه أمحد (‪.)55222‬‬
‫(‪ )3‬االستحداد‪ :‬حلق العانة‪.‬‬
‫(‪ )4‬الرباجم‪ :‬العقد التي بظهر األصابع‪.‬‬
‫(‪ )5‬االنتضاح باملاء‪ :‬االستنجاء به‪.‬‬
‫(‪ )6‬رواه أمحد (‪ ،)57646‬وأبو داود (‪.)02‬‬
‫(‪ )7‬رواه الرتمذي (‪.)5753‬‬
‫(‪ )8‬رواه مسلم (‪ ،)535‬وأمحد (‪.)3644‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪210‬‬

‫كان جيدُ هذا ما يسك ُن به‬ ‫شعر ُه‪َ ،‬‬


‫فقال‪َ « :‬أما َ‬ ‫تفر َق ُ‬
‫ورأى ﷺ رج ًال شع ًثا قد َّ‬
‫ِ‬
‫ثياب وس َخ ٌة‪ ،‬فقال‪« :‬أما كان جيدُ هذا ً‬
‫ماء‬ ‫آخر وعليه ٌ‬
‫رجال َ‬ ‫ً‬ ‫شعر ُه؟»‪ .‬ورأى‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫يغس ُل به َث ْو َب ُه؟»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬رواه أبو داود (‪.)3104‬‬


‫‪ | 212‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 38‬احرتام النفس اإلنسانية‬

‫أرشف خملوقاتِ ِه‪َ ،‬‬


‫قال تعاىل‪﴿ :‬ﮏ ﮐ ﮑ‬ ‫ِ‬ ‫اإلنسان وجع َل ُه من‬
‫َ‬ ‫كر َم اهللُ‬
‫َّ‬
‫ﮒ﴾ [اإلرساء‪.]74:‬‬
‫فوقف‪ ،‬فقالوا‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وكان ﷺ قاعدً ا‪،‬‬ ‫مرت به جنازةٌ‪،‬‬
‫نبي اهللِ ﷺ‪ ،‬وقد ْ‬
‫وها هو ُّ‬
‫نفسا»(‪.)1‬‬
‫أليست ً‬
‫ْ‬ ‫ّنودي‪َ ،‬‬
‫فقال ﷺ‪« :‬‬ ‫ٌّ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ إنه‬ ‫يا‬
‫ِ‬
‫اإلنسانية‪ ،‬مهام كان دينُها وانتامؤها‬ ‫ِ‬
‫للنفس‬ ‫النبي ﷺ‬ ‫تكريم‬ ‫يبني‬
‫وهذا ُ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫وترصفاهتا يف الدنيا‪.‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫القيامة الذين‬ ‫هلل ّ‬
‫يعذ ُب يو َم‬ ‫إن ا َ‬
‫فقال‪َّ « :‬‬ ‫ِ‬
‫الناس َ‬ ‫ِ‬
‫تعذيب‬ ‫النبي ﷺ عن‬‫وهنى ُّ‬
‫ِ‬
‫العمل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جنس‬ ‫الناس يف الدنيا»(‪ ،)2‬وذلك َّ‬
‫ألن اجلزاء من‬ ‫يعذبون َ‬
‫كأذناب ِ‬
‫البقر‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫سياط‬ ‫أهل النار مل أرمها‪ :‬قو ٌم معهم‬ ‫صنفان من ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫كأسنمة‬ ‫رؤوسه َّن‬ ‫مائالت‪،‬‬ ‫يالت‬
‫عاريات‪ ،‬مم ٌ‬ ‫كاسيات‬ ‫ونساء‬ ‫الناس‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫يرضبون هبا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حيها»(‪.)3‬‬ ‫يدخلن اجلن َة وال جيدْ َن ر َ‬‫َ‬ ‫املائلة‪ ،‬ال‬ ‫البخت‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األموات(‪.)4‬‬ ‫سب‬
‫للنفس اإلنسانية أنه هنى عن ِّ‬ ‫دالئل احرتا ِم ِّ‬
‫النبي ﷺ‬ ‫ومن‬
‫ت‬ ‫العبث هبا‪ ،‬فقال‪« :‬كَرس ع ْظ ِم املي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫امليت أو‬ ‫امتهان ِ‬
‫جثة‬ ‫ِ‬ ‫وهنى ﷺ عن‬
‫ُْ َ‬
‫اإلثم واحدٌ يف احلالتني‪.‬‬‫َ‬ ‫ككرس ِه ح ًّيا»(‪ .)5‬أي َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)5552‬ومسلم (‪.)5126‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم (‪ ،)0733‬وأبو داود (‪.)5602‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم (‪.)1422‬‬
‫(‪ )4‬رواه أمحد (‪.)57022‬‬
‫(‪ )5‬رواه أبو داود (‪ ،)5725‬وأمحد (‪.)53575‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪213‬‬

‫‪- 32‬حسن اخللق‬


‫ِ‬
‫والثغر الباس ِم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املرشق‬ ‫ِ‬
‫الوجه‬ ‫صاحب‬ ‫ِ‬
‫اخللق‪،‬‬ ‫الناس مجي ًعا حيبون َح َس َن‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب صداقتِه ِم‪،‬‬‫وكس ِ‬ ‫ِ‬
‫الناس ْ‬
‫ِ‬
‫والتودد إىل‬ ‫ِ‬
‫اخللق‪،‬‬ ‫النبي ﷺ عىل ُح ْس ِن‬
‫حث ُّ‬ ‫ومن هنا َّ‬
‫ٍ‬
‫حسن‪ ،‬وإ َّن‬ ‫خلق‬ ‫ِ‬
‫القيامة من ٍ‬ ‫من يو َم‬ ‫ِ‬
‫ميزان املؤ ِ‬ ‫يشء ُ‬
‫أثقل يف‬ ‫فقد َ‬
‫النبي ﷺ‪« :‬ما ٌ‬ ‫قال ُّ‬
‫البذيء»(‪.)1‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الفاحش‬ ‫اهللَ ُ‬
‫يبغض‬
‫ُ‬
‫أفضل املؤمنني أحسنُهم خل ًقا»(‪.)2‬‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬‬
‫ِ‬
‫خلقه درج َة القائ ِم الصائ ِم»(‪.)3‬‬ ‫ِ‬
‫بحسن‬ ‫املؤمن ليدْ ِر ُك‬ ‫إن‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪َّ « :‬‬
‫َ‬
‫إن ِقيد انقا َد‪ْ ،‬‬
‫َ ِ ِ (‪)4‬‬
‫وإن ُأ َ‬
‫نيخ‬ ‫ف ؛ ْ‬ ‫ِ‬
‫كاجلمل األن‬ ‫نون‬
‫نون لي َ‬
‫املؤمنون هي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬‬
‫عىل صخْ ٍ‬
‫رة استناخَ »(‪.)5‬‬ ‫َ‬
‫جرياهنا‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫الليل إال أهنا تؤذي‬ ‫النهار وتقو ُم َ‬ ‫ٍ‬
‫امرأة تصو ُم‬ ‫وس َئل ﷺ عن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫هلل‬ ‫َ‬
‫واجلهل‪ ،‬فليس ِ‬ ‫والعمل ِبه‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الزور‬ ‫يدع َ‬
‫قول‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬من مل ْ‬ ‫َ‬ ‫«هي يف ِ‬
‫النار»(‪.)6‬‬
‫طعام ُه ورشا َب ُه»(‪.)7‬‬
‫َ‬ ‫يدع‬
‫أن َ‬‫حاج ٌة يف ْ‬
‫أحسن‬ ‫وإن‬ ‫ٍ‬
‫يشء‪َّ ،‬‬ ‫حش وال َت َف ُّح َش ليسا من اإلسال ِم يف‬‫إن ال ُف َ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪َّ « :‬‬
‫َ‬
‫إسالما أحسنُهم ُخ ُل ًقا»(‪.)8‬‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫الناس‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي (‪ ،)5251‬وقال‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه احلاكم (‪ ،)2653‬والبيهقي (‪.)5752‬‬
‫(‪ )3‬رواه أبو داود (‪.)0561‬‬
‫(‪ )4‬اجلمل األنف‪ :‬الذي ينقاد لصاحبه بسهولة‪.‬‬
‫(‪ )5‬رواه البيهقي (‪.)7772‬‬
‫(‪ )6‬رواه أمحد (‪.)2522‬‬
‫(‪ )7‬رواه البخاري (‪ ،)1127‬وأمحد (‪.)2063‬‬
‫(‪ )8‬رواه أمحد (‪.)52251‬‬
‫‪ | 214‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 90‬الصداقة واحلب‬


‫ِ‬
‫والبذل‬ ‫ِ‬
‫املحبة‬ ‫يكون هلا رصيدٌ من‬ ‫َ‬ ‫دون ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫ليست كلم ٌة ُ‬
‫تقال‬ ‫ْ‬ ‫الصداق ُة‬
‫ألسس الرئيس َة‬ ‫النبي ﷺ ا‬ ‫ِ‬ ‫والعطاء‪ ،‬ولذلك َ‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫بني ُّ‬ ‫الضيق‪ ،‬وقد َّ َ‬ ‫وقت‬
‫الصديق َ‬ ‫ُ‬ ‫قيل‪:‬‬
‫خِّيهم لصاحبِ ِه‪،‬‬ ‫هلل ُ‬ ‫ِ‬
‫األصحاب عندَ ا ِ‬ ‫فقال ﷺ‪َ « :‬خ ُِّي‬ ‫التي تقو ُم عليها الصداق ُة َ‬
‫جلار ِه»(‪.)1‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اجلِّيان عندَ اهللِ خِّيهم ِ‬ ‫وخِّي‬
‫ُ‬
‫َّ‬
‫وجل أشدُّ مها‬ ‫هلل عزَّ‬
‫كان أح َّبهام إىل ا ِ‬
‫رجالن يف اهللِ‪ ،‬إال َ‬ ‫ِ‬ ‫حتاب‬
‫وقال ﷺ‪« :‬ما َّ‬ ‫َ‬
‫ح ًّبا لصاحبِ ِه»(‪.)2‬‬
‫لنفس ِه»(‪.)3‬‬
‫وقال ﷺ‪« :‬ال يؤمن أحدُ كم حتى حيب ألخيه ما حيب ِ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫بسبب ح ِّب ِه‬
‫ِ‬ ‫ُرفع درج ُت ُه فيها‬ ‫ُ‬
‫يدخل اجلن َة وت ُ‬ ‫َ‬
‫الرجل‬ ‫النبي ﷺ َّ‬
‫أن‬ ‫ُّ‬ ‫رب‬
‫وأخ َ‬
‫قال ﷺ‪« :‬وما‬ ‫رسول اهللِ ﷺ فسأ َل ُه‪ :‬متى الساع ُة؟ َ‬‫ِ‬ ‫رجل إىل‬ ‫الصاحلني‪ ،‬فقد جا َء ٌ‬ ‫َ‬
‫أنت مع‬ ‫فقال ﷺ‪َ « :‬‬ ‫أحب اهللَ ورسو َل ُه ﷺ‪َ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫أعددت هلا؟» قال‪ :‬ال يش َء‪ ،‬إال أين‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أحببت»‪َ .‬‬
‫أنت مع‬ ‫فرحنَا بيشء َف َر َحنَا بقول ِّ‬
‫النبي ﷺ‪َ « :‬‬ ‫أنس ‪ :‬فام ْ‬ ‫فقال ٌ‬ ‫َ‬ ‫من‬
‫أحببت»(‪.)4‬‬ ‫َ‬ ‫من‬
‫ْ‬
‫تصاحب إال مؤمنًا‪ ،‬وال‬
‫ْ‬ ‫فقال‪« :‬ال‬ ‫ِ‬
‫الصاحب َ‬ ‫ِ‬
‫اختيار‬ ‫النبي ﷺ عىل‬ ‫وحث ُّ‬ ‫َّ‬
‫تقي»(‪.)5‬‬
‫طعامك إال ٌّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫يأكل‬
‫دين خليلِ ِه‪ ،‬فلينظر أحدكم من خيالِ ُل»(‪.)6‬‬
‫املرء عىل ِ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪ُ « :‬‬
‫(‪ )1‬رواه الرتمذي (‪ ،)5267‬وأمحد (‪.)6572‬‬
‫(‪ )2‬رواه ابن حبان (‪.)166‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)55‬ومسلم (‪.)60‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري (‪ ،)3055‬ومسلم (‪.)0771‬‬
‫(‪ )5‬رواه الرتمذي (‪ ،)5352‬وأبو داود (‪.)0525‬‬
‫(‪ )6‬رواه أمحد (‪.)2461‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪215‬‬

‫‪- 93‬كيف تعلم الناس؟‬

‫ِ‬
‫القوية‬ ‫حل َّج ِة‬ ‫ُ‬ ‫من املعلو ِم َّ‬
‫صاحب ا ُ‬
‫ُ‬ ‫اهلادئ‬
‫ُ‬ ‫الرجل‬ ‫الناجح هو ذاك‬
‫َ‬ ‫املعلم‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫ِ‬
‫القلب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القلب إىل‬ ‫َترج من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والكلمة الصادقة التي ُ‬
‫قال‪« :‬إنام أنا لكم بمنزل ِة‬
‫تعليام‪ ،‬ولذلك َ‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫أحسن‬
‫َ‬ ‫النبي ﷺ‬
‫كان ُّ‬‫وقد َ‬
‫ِ‬
‫الوالد أعل ُمك ُُم»(‪.)1‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫مالك ‪َ ‬‬
‫قال‪ :‬بينام‬ ‫أنس بن‬
‫النبي ﷺ ما رواه ُ‬ ‫صور ُح ْس ِن تعلي ِم ِّ‬ ‫ومن‬
‫ِ‬
‫املسجد‪َ .‬‬
‫فقال‬ ‫يب‪ ،‬فقا َم ُ‬
‫يبول يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪ ،‬إذ جا َء أعرا ٌّ‬ ‫املسجد مع‬ ‫نح ُن يف‬
‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪:‬‬ ‫الناس‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫ُ‬ ‫فزجر ُه‬ ‫ِ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪َ :‬م ْه َم ْه‪ .‬ويف رواية‪:‬‬ ‫أصحاب‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫بال‪ .‬ثم َّ‬
‫إن‬ ‫ُزرموه ‪ -‬أي ال تقطعوا عليه بوله فيتِضر ‪ -‬دعوه» فرتكوه حتى َ‬ ‫«ال ت ِ‬
‫ٍ‬
‫ليشء من هذا‬ ‫تصلح‬ ‫بيوت اهللِ‪ ،‬ال‬
‫ُ‬ ‫إن املساجدَ‬ ‫هلل ﷺ دعاه َ‬
‫فقال له‪َّ « :‬‬ ‫َ‬
‫رسول ا ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫القرآن»(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫وقراءة‬ ‫ِ‬
‫والصالة‬ ‫ِ‬
‫لذكر اهللِ ع َّز َّ‬
‫وجل‬ ‫ِ‬
‫والقذر‪ ،‬إنام هي‬ ‫ِ‬
‫البول‬

‫هلل‬ ‫ِ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫قال‪ :‬بينا أنا أصيل مع‬ ‫الس َل ِم ِّي ‪َ ‬‬
‫بن احلك ِم ُّ‬ ‫وعن معاوي َة ِ‬
‫ِ‬
‫بأبصارهم‪.‬‬ ‫َ‬
‫يرمحك اهللُ‪ ،‬فرماين القو ُم‬ ‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬ ‫رجل من القو ِم‬ ‫ٌ‬ ‫عطس‬
‫َ‬ ‫ﷺ‪ ،‬إ ْذ‬
‫يِضبون ِ‬
‫بأيدّنم عىل‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تنظرون إ َّيل؟ فجعلوا‬ ‫فقلت‪ :‬واثك َْل أ ّمياه‪ ،‬ما شأنكم‬ ‫ْ‬
‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ فبأيب هو وأمي‪،‬‬ ‫فلام َ‬
‫صىل‬ ‫ِ‬
‫سكت‪َّ ،‬‬‫ُّ‬ ‫أفخاذهم‪ ،‬فلام رأيتُهم ُي َص ِّمتونني‬
‫هلل ما ك ََهرين‪ ،‬وال رضبني‪ ،‬وال‬
‫تعليام منه‪ ،‬فوا ِ‬
‫أحسن ً‬‫َ‬ ‫معلام قب َل ُه وال بعدَ ُه‬
‫رأيت ً‬
‫ُ‬ ‫ما‬

‫(‪ )1‬رواه أبو داود (‪ ،)7‬وأمحد (‪.)7545‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم (‪.)052‬‬
‫‪ | 216‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫ِ‬
‫الناس‪ ،‬إنام هي‬ ‫يشء من كال ِم‬
‫ٌ‬ ‫يصلح فيها‬
‫ُ‬ ‫إن الصال َة ال‬ ‫شتَمني‪ ،‬وإنام َ‬
‫قال‪َّ « :‬‬
‫ِ‬
‫القرآن»(‪.)1‬‬ ‫والتكبِّي وقراء ُة‬ ‫التسبيح‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫العقيل يف اإلقنا ِع والتعلي ِم فعن أيب أمام َة َّ‬
‫أن فتًى‬ ‫ِ‬
‫احلوار‬ ‫النبي يلج ُأ إىل‬ ‫َ‬
‫وكان ُّ‬
‫ِّ‬
‫َ‬
‫فأقبل القو ُم عليه‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ! ائذن يل بالزنا!!‬ ‫النبي ﷺ َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫َّ‬ ‫شا ًّبا أتى‬
‫فجلس‪َ .‬‬
‫فقال له‬ ‫َ‬ ‫النبي ﷺ‪« :‬ا ْدن ُه» فدنا منه قري ًبا‪،‬‬
‫فقال ُّ‬‫فزجروه‪ ،‬وقالوا‪َ :‬م ْه َم ْه‪َ ،‬‬
‫هلل فدا َء َك‪َ ،‬‬
‫قال‬ ‫هلل جعلني ا ُ‬ ‫َ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫هلل يا‬ ‫ُ‬
‫الرسول ﷺ‪« :‬أحت ُّبه ألم َك؟» قال‪ :‬ال وا ِ‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ‬ ‫ك؟» َ‬
‫قال‪ :‬ال واهللِ يا‬ ‫ألمهاُتم‪ .‬أفتح ُّبه البنتِ َ‬
‫ِ‬ ‫الناس حيبونه‬
‫ُ‬ ‫ﷺ‪« :‬وال‬
‫ك؟» قال‪ :‬ال‬ ‫لبناُتم‪ ،‬أحت ُّبه ألختِ َ‬
‫الناس حيبونه ِ‬‫ُ‬ ‫قال ﷺ‪« :‬وال‬ ‫جعلني اهللُ فدا َء َك‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫ألخواُتم‪ ،‬أفتح ُّبه‬ ‫الناس حيبو َن ُه‬
‫ُ‬ ‫رسول اهللِ جعلني اهللُ فدا َء َك‪َ ،‬‬
‫قال‪« :‬وال‬ ‫َ‬ ‫واهللِ يا‬
‫الناس حيبونه‬ ‫ُ‬ ‫رسول اهللِ جعلني اهللُ فدا َء َك‪ ،‬قال‪« :‬وال‬
‫َ‬ ‫هلل يا‬
‫قال‪ :‬ال وا ِ‬ ‫ك؟» َ‬ ‫لعمتِ َ‬
‫قال‪« :‬وال‬ ‫رسول اهللِ جعلني اهللُ فدا َء َك‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫هلل يا‬ ‫ك؟» َ‬
‫قال‪ :‬ال وا ِ‬ ‫لعامُتم‪ ،‬أفتح ُّب ُه خلالتِ َ‬ ‫ِ‬
‫وطه ْر قلب ُه‪،‬‬
‫اغفر ذنب ُه‪ّ ،‬‬ ‫فوضع يدَ ُه عليه َ‬ ‫ِ‬
‫خلاالُتم» َ‬ ‫الناس حي ُّبو َن ُه‬
‫اللهم ْ‬ ‫وقال‪َّ « :‬‬ ‫َ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬
‫يكن الفتى بعد ذلك يلتفت إىل ٍ‬
‫يشء(‪.)2‬‬ ‫وحص ْن فرج ُه»‪ ،‬فلم ِ‬
‫ُ‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪ ،)236‬والنسائي (‪.)5543‬‬


‫(‪ )2‬رواه أمحد (‪.)55521‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪217‬‬

‫‪ - 99‬العمل التطوعي والنفع العام‬

‫ات‬
‫وقامت احلكوم ُ‬
‫ْ‬ ‫واإلغاثي‬ ‫التطوعي‬ ‫ِ‬
‫بالعمل‬ ‫ِ‬
‫األخرية‬ ‫ِ‬
‫الفرتة‬ ‫اهتم العامل ُ يف‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫وإنقاذهم‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫ِ‬
‫مساعدة‬ ‫ٍ‬
‫أمهية يف‬ ‫السبل إلقامتِ ِه‪ ،‬وذلك ملا له من‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتيسري‬ ‫ِ‬
‫بدعمه‬
‫حتل هبم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والكوارث التي ُّ‬ ‫ِ‬
‫املصائب‬ ‫َ‬
‫حال‬

‫وخيفف من‬
‫ُ‬ ‫الناس‪،‬‬
‫َ‬ ‫ينفع‬ ‫ِ‬
‫العمل الذي ُ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ حممدٌ ﷺ عىل‬ ‫وقد َّ‬
‫حث‬
‫َ‬
‫اجلليل‪.‬‬ ‫والثواب‬
‫َ‬ ‫الكبري‬ ‫األجر‬ ‫ورتب عىل َ‬
‫ذلك‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫معاناهتم‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ظهر‬ ‫ٍ‬
‫شجرة َق َط َعها من ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلنة‪ ،‬يف‬ ‫يتقلب يف‬ ‫رأيت ً‬
‫رجال‬ ‫ُ‬ ‫قال ﷺ‪« :‬لقد‬‫فقد َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الطريق كانت تؤذي املسلمني»(‪.)1‬‬
‫ِ‬
‫حماسن‬ ‫فوجدت من‬
‫ُ‬ ‫عَل ُ‬
‫أعامل أمتي حسنُها وسيئُها‪،‬‬ ‫ت ّ‬‫وقال ﷺ‪ُ « :‬ع ِر َض ْ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الطريق»(‪.)2‬‬ ‫يامط عن‬ ‫ِ‬
‫أعامهلا‪ :‬األذى ُ‬
‫ِ‬
‫اإليامن‬ ‫ِ‬
‫شعب‬ ‫جعل إماط َة األذى عن الطر ِيق شعب ًة من‬
‫النبي ﷺ َ‬ ‫بل َّ‬
‫إن‬
‫َّ‬
‫بضع وسبعون شعب ًة‪ ،‬أعالها ُ‬
‫قول ال إل َه إال اهللُ‪ ،‬وأدناها إماط ُة‬ ‫اإليامن ٌ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فقال ﷺ‪« :‬‬
‫ِ‬
‫اإليامن»(‪.)3‬‬ ‫واحلياء شعب ٌة من‬ ‫ِ‬
‫الطريق‪،‬‬ ‫األذى عن‬
‫ُ‬
‫رسورا‪ ،‬أو تقِض‬
‫ً‬ ‫املؤمن‬
‫َ‬ ‫أن تُدْ ِخ َل عىل أخيك‬ ‫ِ‬
‫األعامل ْ‬ ‫ُ‬
‫أفضل‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬‬ ‫َ‬
‫عنه دينًا‪ ،‬أو ِ‬
‫تطع َم ُه خبزًا»(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪.)0701‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم (‪ ،)212‬وأمحد (‪.)54162‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم (‪ ،)15‬وأبو داود (‪.)0416‬‬
‫(‪ )4‬رواه البيهقي يف شعب اإليامن (‪.)7573‬‬
‫‪ | 218‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫ِ‬
‫سبيل اهللِ‪ ،‬أو القائمِ‬ ‫ِ‬
‫كاملجاهد يف‬ ‫ِ‬
‫واملسكني‬ ‫ِ‬
‫األرملة‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬الساعي عىل‬
‫النهار»(‪.)1‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الليل الصائ ِم‬

‫إن‬ ‫ِ‬
‫واحلروب‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فقال‪َّ « :‬‬ ‫والشدة‬ ‫الغالء‬ ‫ملواقفهم عند‬ ‫ومدح ﷺ األشعريني‬ ‫َ‬
‫قل طعام ِ‬
‫عياهلم باملدين َة‪ ،‬جعلوا ما عندهم يف‬ ‫ِ‬
‫الغزو أو َّ‬ ‫األشعريني إذا أرملوا(‪ )2‬يف‬
‫ُ‬
‫واحد بالسو َّي ِة‪ ،‬فهم مني وأنا منهم»(‪.)3‬‬
‫ٍ‬ ‫واحد‪ ،‬ثم اقتسموه بينهم يف ٍ‬
‫إناء‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ثوب‬
‫جن وال ٍ‬
‫إنس وال‬ ‫حرى من ٍّ‬
‫يرشب منه كبدٌ َّ‬
‫ْ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬من َح َف َر ً‬
‫ماء‪ ،‬مل‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫القيامة»(‪.)4‬‬ ‫ٍ‬
‫طائر‪ ،‬إال آجره اهللُ يو َم‬

‫(‪ )1‬البخاري (‪ ،)0230‬ومسلم (‪.)1521‬‬


‫(‪ )2‬أرملوا‪ :‬نفد زادهم‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)5346‬ومسلم (‪.)0116‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري يف التاريخ الكبري (‪.)335/5‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪219‬‬

‫‪- 91‬الشـــورى‬
‫ِ‬
‫وجهات‬ ‫ِ‬
‫وتبادل‬ ‫ِ‬
‫اخلربة والرأي‬ ‫أهل‬ ‫ِ‬
‫مشورة ِ‬ ‫حيتاج إىل‬ ‫ٍ‬
‫إنسان‬ ‫أن َّ‬
‫كل‬ ‫شك َّ‬
‫ال َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الراجحة فيام‬ ‫ِ‬
‫واملصلحة‬ ‫ِ‬
‫السديد‬ ‫ِ‬
‫االختيار‬ ‫ِ‬
‫خالل ذلك إىل‬ ‫َ‬
‫ليصل من‬ ‫ِ‬
‫النظر معهم؛‬
‫ّنمه من قضايا‪.‬‬
‫ُّ‬
‫حيث أمر اهللُ تعاىل هبا رسو َل ُه ﷺ‬ ‫ِ‬
‫القرآن يف موضعني‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫وذكرت الشورى يف‬
‫ومدح اهلل أه َلها فقال‪﴿ :‬ﮙ‬
‫َ‬ ‫مر ًة َ‬
‫فقال‪﴿ :‬ﭭ ﭮ ﭯ﴾ [آل عمران‪،]512:‬‬
‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ﴾ [الشورى‪.]32:‬‬

‫األمر‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ويدرسون‬ ‫ِ‬
‫باألمر‪ ،‬بل يتشاورون‬ ‫هلل تعاىل بأهنم ال ينفردون‬
‫فمدحهم ا ُ‬
‫َ‬
‫احلق يف ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫سبيل ِّ‬ ‫ِ‬
‫املختلفة ليصلوا إىل‬ ‫وجوه ِه‬
‫ِ‬ ‫من‬
‫ِ‬
‫السامء‪ ،‬وإنام‬ ‫مشورة ٍ‬
‫أحد‪ ،‬ألنه مؤ ّيدٌ بالوحي من‬ ‫ِ‬ ‫حيتاج إىل‬
‫يكن ُ‬ ‫والنبي ﷺ مل ْ‬
‫ُّ‬
‫بعد ِه‪.‬‬
‫الفضل‪ ،‬ولتقتدي به األم ُة من ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫أمره اهللُ بالشورى لتع َل َم األم ُة ما يف الشورى من‬

‫كثري من‬ ‫النبي ﷺ أصحا َب ُه كثريا‪ ،‬و َع ِم َل برأي مستشاريه يف ٍ‬‫استشار ُّ‬
‫َ‬ ‫وقد‬
‫ً‬
‫مشورة ألصحابِ ِه‬
‫ٍ‬ ‫أكثر‬
‫رأيت أحدً ا َ‬
‫ُ‬ ‫قال أبو هريرة ‪ :‬ما‬ ‫املواضعِ‪ ،‬ولذلك َ‬
‫ِ‬
‫رسول اهللِ ﷺ(‪.)1‬‬ ‫من‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي (‪ ،)5636‬وأمحد (‪.)52566‬‬


‫‪ | 201‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫يصلح ما‬ ‫ٍ‬


‫جديد‪ ،‬أو‬ ‫الكعبة ِ‬
‫وبنائها من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نقض‬ ‫النبي ﷺ أصحا َب ُه يف‬
‫ُ‬ ‫واستشار ُّ‬
‫َ‬
‫َو َهى منها(‪.)1‬‬

‫أقبل ﷺ عىل‬ ‫ِ‬


‫رسول اهللِ ﷺ َ‬ ‫حرب‬
‫َ‬ ‫جتمع املرشكون يف بدر يريدون‬
‫َ‬ ‫و ّملا‬
‫شأن‬ ‫ألقت إليكم أفال َذ ِ‬
‫كبدها»‪ ،‬ثم استشارهم يف ِ‬ ‫ْ‬ ‫أصحابِ ِه َ‬
‫وقال‪« :‬هذه مك ُة قد‬
‫ٍ‬
‫عمرو‬ ‫عمر فأحس َن‪ ،‬ثم قا َم املقدا ُد اب ُن‬ ‫ِ‬
‫تكلم ُ‬
‫َ‬ ‫فتكلم أبو بكر فأحس َن‪ ،‬ثم‬
‫َ‬ ‫القتال‪،‬‬
‫قالت بنو‬
‫نقول كام ْ‬ ‫أمر َك اهللُ به‪ ،‬فنح ُن معك‪ ،‬واهللِ ال ُ‬ ‫ِ‬
‫امض ملا َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل!‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬
‫اذهب‬
‫ْ‬ ‫إرسائيل ملوسى‪﴿ :‬ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ﴾‪ ،‬ولكن‬ ‫َ‬
‫رست بنا إىل بر ِك ال ُغ ِ‬
‫امد ‪ -‬يعني‬ ‫َ‬ ‫هلل لو‬
‫أنت ور ُّبك فقاتال إنا معكام مقاتلون‪ ،‬فوا ِ‬
‫َْ‬
‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫رسول اهللِ ﷺ ٍ‬
‫بخري َّ‬ ‫ُ‬ ‫احلبشة ‪ -‬جلالدْ نا معك َم ْن ُدونَه حتى تبل َغ ُه‪ .‬فدعا له‬
‫ِ‬
‫للناس‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األنصار‪ ،‬ألهنم كانوا ُعدَّ ت ُه‬ ‫رأي‬
‫الناس»‪ ،‬وكان يريدُ َ‬ ‫عَل أهيا‬
‫ُ‬ ‫«أشِّيوا َّ‬
‫يسري‬ ‫ليس عليهم ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫أن َ‬ ‫خارج املدينة‪ ،‬و َ‬
‫َ‬ ‫األنصار ترى عليها نرص َت ُه‬
‫ُ‬ ‫تكون‬ ‫وخاف أال‬
‫َ‬
‫هبم‪.‬‬

‫قال‪ :‬قد آمنَّا‬ ‫أجل»‪َ ،‬‬


‫قال‪ْ « :‬‬ ‫رسول اهللِ! َ‬
‫َ‬ ‫معاذ‪ :‬لكأنَّك تريدُ نا يا‬ ‫فقال سعدُ بن ٍ‬ ‫َ‬
‫مرت‪ ،‬فوالذي بعثك‬ ‫رسول اهللِ ملا ُأ َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫فامض يا‬ ‫بك وصدّ قناك‪ ،‬وأعطيناك عهو َدنا‪،‬‬
‫البحر فخضتَه‪ ،‬لنخوضنَّه معك‪ ،‬وما نكر ُه أن َت ْل ِق َى‬ ‫َ‬ ‫استعرضت بنا هذا‬
‫َ‬ ‫باحلق إن‬
‫ِّ‬
‫يريك منا ما ت ُق ّر‬‫هلل َ‬‫لعل ا َ‬ ‫ِ‬
‫اللقاء‪َّ ،‬‬ ‫احلرب‪ ،‬صدُ ٌق عند‬‫ِ‬ ‫لصرب عند‬‫العدو بنا غدً ا‪ ،‬وإننا ُ ٌ‬
‫َّ‬
‫فرس بنا عىل ِ‬
‫بركة اهللِ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫به عينُك ْ‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪.)5375‬‬


‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪200‬‬

‫استشار‬ ‫ِ‬
‫احلديبية‬ ‫ِ‬
‫صلح‬ ‫ِ‬
‫األمور؛ ففي‬ ‫ِ‬
‫مهامت‬ ‫النبي ﷺ النسا َء يف‬ ‫واستشار‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫أن الشورى كانت‬ ‫ِ‬
‫شورهتا‪ ،‬مما ُّ‬
‫يدل عىل َّ‬ ‫َ‬
‫وأخذ بم‬ ‫ِ‬
‫املسلمني‬ ‫زوجتَه أم سلم َة يف ِ‬
‫شأن‬ ‫َّ‬
‫النبي ﷺ ويف طريقتِ ِه يف احلك ِم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جز ًءا أساس ًّيا يف حياة ِّ‬
‫‪ | 202‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 94‬دفع الظلم ومقاومته‬

‫ِ‬
‫وحصار الظاملِ حتى َي ْس َل ُم‬ ‫ِ‬
‫بمواجهته‬ ‫أمر‬
‫الظلم‪ ،‬فقد َ‬
‫َ‬ ‫حر َم اإلسال ُم‬
‫وكام ّ‬
‫فقال اهللُ سبحانه‪﴿ :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬ ‫رشور ِه‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫الناس من‬
‫ُ‬
‫ﮖ﴾ [البقرة‪.]520:‬‬

‫ظلم املعتدي واالنتقا ُم منه‪ ،‬وإنام ينبغي‬


‫ُ‬ ‫جيوز‬
‫ُ‬ ‫واآلي ُة ُّ‬
‫تدل عىل أنه ال‬
‫ِ‬
‫عظمة اإلسال ِم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جوانب‬ ‫ٍ‬
‫زيادة‪ ،‬وهذا من‬ ‫احلق َ‬
‫دون‬ ‫االقتصار عىل ِ‬
‫أخذ ِّ‬ ‫ُ‬
‫قال ﷺ‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫عديدة منها َ‬ ‫َ‬
‫بوسائل‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ حممدٌ ﷺ عىل دف ِع الظل ِم‬ ‫َّ‬
‫وحث‬
‫أنت ظاملٌ‪ ،‬فقد ت ُُودع منهم»(‪.)1‬‬ ‫أن َ‬
‫تقول له َ‬ ‫ُتاب الظامل َ ْ‬
‫رأيت أمتي ُ‬
‫َ‬ ‫«إذا‬

‫َ‬
‫أوشك اهللُ أن َي ُعمهم‬ ‫يغِّيوه‪،‬‬
‫املنكر وال ّ‬
‫َ‬ ‫الناس إذا رأوا‬
‫َ‬ ‫إن‬
‫وقال ﷺ‪َّ « :‬‬
‫بعقابِ ِه»(‪.)2‬‬
‫إن جا َء ٌ‬
‫رجل يريدُ‬ ‫أرأيت ْ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ!‬ ‫النبي ﷺ َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫ِّ‬ ‫وجا َء ٌ‬
‫رجل إىل‬
‫أرأيت ْ‬
‫إن‬ ‫َ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫فقال ﷺ‪« :‬فال تُعطِه»‪َ ،‬‬
‫قال‪ :‬فإ ْن قاتلني؟ قال‪« :‬فقات ْل ُه» َ‬ ‫َأ ْخ َذ مايل؟ َ‬
‫أرأيت إن قتل ُت ُه؟ قال‪« :‬هو يف ِ‬
‫النار»(‪.)3‬‬ ‫َ‬ ‫فأنت شهيدٌ » قال‪:‬‬ ‫قتلني؟ َ‬
‫قال‪َ « :‬‬

‫(‪ )1‬رواه أمحد (‪.)6021‬‬


‫(‪ )2‬رواه أمحد (‪.)56‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم (‪.)545‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪203‬‬

‫هلل العافي َة‪ ،‬فذذا‬


‫لقاء العدو‪ ،‬واسألوا ا َ‬
‫الناس! ال تتمنوا َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪ُّ « :‬أهيا‬
‫ِ‬
‫الكتاب‪،‬‬ ‫اللهم ُم َ‬
‫نزل‬ ‫ِ‬
‫السيوف‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ظالل‬ ‫لقيتموهم فاصربوا‪ ،‬واع َلموا َّ‬
‫أن اجلن َة َ‬
‫حتت‬
‫َّ‬
‫وانِصنَا عليهم»(‪.)1‬‬
‫ْ‬ ‫اهزمهم‬ ‫ِ‬
‫األحزاب‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫السحاب‪ ،‬وهاز َم‬ ‫وجمري‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫باعتداء‪ ،‬بل إهنم‬ ‫ٍ‬
‫بقتال وال‬ ‫أن املسلمني ال يبدؤون‬ ‫احلديث ُّ‬
‫يدل عىل َّ‬ ‫ُ‬ ‫فهذا‬
‫ويسألون اهلل العافي َة من ذلك‪.‬‬
‫َ‬ ‫العدو‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ال يتمنون لقا َء‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)5700‬ومسلم (‪.)3576‬‬


‫‪ | 204‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 95‬أدب احلرب والقتال‬

‫التدمري‬ ‫ِ‬
‫اهلمجية التي ُي ْق َصدُ هبا‬ ‫ِ‬
‫احلروب‬ ‫النبي ﷺ كتلك‬ ‫حروب‬ ‫مل تكن‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫كانت حرو ًبا أخالقي ًة يف أهدافِها‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫الناس‪ ،‬بل‬ ‫ٍ‬
‫ممكن من‬ ‫أكرب ٍ‬
‫عدد‬ ‫وقتل ِ‬ ‫واخلراب ُ‬ ‫ُ‬
‫قال‬ ‫ٍ‬
‫حلرب َ‬ ‫وج َه قوا َد ُه‬ ‫إدراهتا‪ ،‬ولذلك َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويف دوافِعها ويف‬
‫النبي ﷺ إذا ّ‬ ‫كان ُّ‬ ‫كيفية‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪ ،‬وال تقتلوا شيخً ا فان ًيا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫هلم‪« :‬انطلقوا باس ِم اهللِ‪ ،‬وباهللِ‪ ،‬وعىل ِ‬
‫ملة‬
‫وض ُّموا غنائمكم‪ ،‬وأصلِ ُحوا‪ ،‬وأحسنوا‪،‬‬ ‫صغِّيا‪ ،‬وال امرأةً‪ ،‬وال َت ُغ ُّلوا‪ُ ،‬‬ ‫ً‬ ‫طفال‬‫وال ً‬
‫حيب املحسنني»(‪.)1‬‬ ‫إن اهللَ ُّ‬ ‫َّ‬
‫قال‪:‬‬ ‫فوقف عليها ثم َ‬ ‫ِ‬
‫الغزوات‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ٍ‬
‫مقتولة يف‬ ‫ٍ‬
‫امرأة‬ ‫النبي ﷺ عىل‬
‫َ‬ ‫ومر ُّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وجوه أصحابِ ِه‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بخالد‬ ‫احلق‬
‫ألحدهم‪ْ « :‬‬ ‫وقال‬ ‫نظر يف‬ ‫«ما كانت هذه لتقات ُل» ثم َ‬
‫ِ‬
‫أجريا ‪ -‬وال امرأ ًة»(‪.)2‬‬ ‫يقتلن ذري ًة‪ ،‬وال عسي ًفا‪ - ،‬أي ً‬ ‫َّ‬ ‫الوليد‪ ،‬فال‬ ‫بن‬
‫ِ‬
‫احلرب(‪.)3‬‬ ‫ِ‬
‫والصبيان يف‬ ‫ِ‬
‫النساء‬ ‫وهنى ﷺ عن ِ‬
‫قتل‬
‫الصديق‬
‫َ‬ ‫السبيل‪ ،‬فهذا أبو ٍ‬
‫بكر‬ ‫ِ‬ ‫بعد ِه عىل ِ‬
‫نفس‬ ‫وقد سار خلفاء النبي ﷺ من ِ‬
‫ُ ِّ‬ ‫َ‬
‫حني بعث ُه إىل الشا ِم ً‬
‫قائال‪« :‬ال َتونوا‪،‬‬ ‫زيد ‪َ ‬‬ ‫‪ ‬يويص قائدَ ه أسامة بن ٍ‬
‫ُ‬
‫كبريا‪ ،‬وال‬ ‫صغريا‪ ،‬وال ً‬
‫شيخا ً‬ ‫ً‬ ‫وال ت ُغ ّلوا‪ ،‬وال تغدروا‪ ،‬وال متثلوا‪ ،‬وال تقتلوا ً‬
‫طفال‬
‫امرأة‪ ،‬وال تعقروا ً‬
‫نخال‪ ،‬وال حترقوه‪ ،‬وال تقطعوا شجر ًة مثمرةً‪ ،‬وال تذبحوا شاةً‪،‬‬
‫ٍ‬
‫مترون بأقوا ٍم‪ ،‬قد َّفرغوا َ‬
‫أنفسهم يف‬ ‫بعريا‪ ،‬إال ملأكلة‪ ،‬وسوف ّ‬‫وال بقرةً‪ ،‬وال ً‬
‫هبان ‪ -‬فدعوهم وما َف َّر ُغوا َ‬
‫أنفسهم له»‪.‬‬ ‫الر َ‬‫الصوام ِع ‪ -‬يريد ُّ‬

‫(‪ )1‬رواه أبو داود (‪.)5507‬‬


‫(‪ )2‬رواه أبو داود (‪ ،)5521‬وأمحد (‪.)51053‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)5725‬ومسلم (‪.)3524‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪205‬‬

‫‪- 96‬السعــــادة‬

‫يطلب السعاد َة ويتمنى َ‬


‫بلوغها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫فالكل‬ ‫ِ‬
‫للناس مجي ًعا‪،‬‬ ‫أساس‬
‫ٌ‬ ‫مطلب‬
‫ٌ‬ ‫السعاد ُة‬
‫خارج ِ‬
‫ذواهتم‬ ‫ِ‬ ‫اس أخطأوا طري َقها‪ ،‬ألهنم طلبوها يف‬ ‫أكثر الن ِ‬ ‫ِ‬
‫ولكن َ‬‫َّ‬ ‫إدراكها‪،‬‬ ‫ويسعى يف‬
‫ِ‬
‫االجتامعية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واملكانة‬ ‫ِ‬
‫والشهرة‬ ‫ِ‬
‫والسفر‬ ‫ِ‬
‫والنساء‬ ‫ِ‬
‫األموال‬ ‫يف‬
‫ِ‬
‫اإليامن‬ ‫ُّ‬
‫تنفك عنه‪ ،‬فالسعاد ُة يف‬ ‫السعادة هي يف ِ‬
‫ذات اإلنسان ال‬ ‫ِ‬ ‫وحقيق ُة‬
‫للناس‪ ،‬وقد أشار النبي ﷺ إىل ذلك يف ِ‬
‫عدة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملحبة‬ ‫والرىض‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫واليقني والقناعة ِّ‬
‫فشكر‪،‬‬
‫َ‬ ‫رساء‬
‫ُ‬ ‫إن أصابته‬ ‫أمره ك َّل ُه ٌ‬
‫خِّي‪ْ ،‬‬ ‫إن َ‬ ‫ِ‬
‫املؤمن َّ‬ ‫أحاديث‪ ،‬فقال ﷺ‪« :‬عج ًبا ِ‬
‫ألمر‬ ‫َ‬
‫خِّيا له»(‪.)1‬‬
‫فكان ً‬
‫َ‬ ‫فصرب‬
‫َ‬ ‫َضاء‬
‫َ‬ ‫وإن أصابته‬
‫خِّيا له‪ْ ،‬‬
‫فكان ً‬
‫َ‬

‫فقال ﷺ‪:‬‬ ‫ِ‬


‫واآلخرة َ‬ ‫ِ‬
‫والفالح يف الدنيا‬ ‫ِ‬
‫السعادة‬ ‫ُ‬
‫عنوان‬ ‫وبني ﷺ َّ‬
‫أن القناعة‬ ‫َّ َ‬
‫أس َل َم‪ُ ،‬‬
‫ورزق كفا ًفا‪ ،‬وقنَّع َه اهللُ بام آتاه»(‪.)2‬‬ ‫أفلح من ْ‬
‫«قد َ‬
‫يوم ِه‪ ،‬فكأنام‬
‫قوت ِ‬
‫أصبح آمنًا يف رسبِ ِه‪ ،‬معا ًفا يف بدنِ ِه‪ ،‬عنده ُ‬
‫َ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬من‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫بحذافِّيها»(‪.)3‬‬ ‫حيزت له الدنيا‬

‫ومشاع ِر ِه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان‬ ‫ِ‬
‫مزاج‬ ‫ِ‬
‫اخلارجية عىل‬ ‫ِ‬
‫العوامل‬ ‫تأثري‬
‫ينس َ‬ ‫والنبي ﷺ مل َ‬
‫ُّ‬
‫تأثري عىل‬ ‫ِ‬
‫السعادة وذلك ملا هلا من ٍ‬ ‫ِ‬
‫أسباب‬ ‫أمورا خارجي ًة جعلها من‬
‫ولذلك عدّ د ً‬
‫واجلار‬ ‫الواسع‪،‬‬ ‫واملسكن‬ ‫أربع من السعادة‪ :‬املرأ ُة الصاحل ُة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فقال ﷺ‪ٌ « :‬‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪.)1352‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم (‪.)5706‬‬
‫(‪ )3‬رواه الرتمذي (‪ ،)5562‬وابن ماجه (‪.)0535‬‬
‫‪ | 206‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫السوء‪،‬‬ ‫واجلار‬ ‫السوء‪،‬‬ ‫ِ‬


‫الشقاء‪ :‬املرأ ُة‬ ‫وأربع من‬ ‫اهلنيء‪،‬‬ ‫واملركب‬ ‫الصالح‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الضيق»(‪.)1‬‬
‫ُ‬ ‫واملسكن‬
‫ُ‬ ‫السوء‪،‬‬
‫ُ‬ ‫واملركب‬
‫ُ‬
‫احلسن ويكر ُه‬ ‫كان ﷺ «يعج ُب ُه ُ‬
‫الفأل‬ ‫ُ‬
‫التفاؤل ولذلك َ‬ ‫ِ‬
‫السعادة‬ ‫ومن أس ِ‬
‫باب‬
‫ُ‬
‫ال ِّطري َة»(‪.)2‬‬

‫َطِّي أو ُت ُطِّي له‪ ،‬أو تك ََّهن أو ُتكُه َن له»(‪.)3‬‬ ‫وكان ُ‬


‫يقول‪« :‬ليس منا من ت َّ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬رواه البيهقي (‪.)2116‬‬


‫(‪ )2‬رواه ابن ماجه (‪.)3156‬‬
‫(‪ )3‬رواه الطرباين (‪.)0565‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪207‬‬

‫‪- 97‬التفـــــاؤل‬

‫ِ‬
‫الرتكيز‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان‪ ،‬ألنه يمنح ُه القدر َة عىل‬ ‫ِ‬
‫اإلجيابية يف‬ ‫ُ‬
‫التفاؤل من القي ِم‬
‫ِ‬
‫الناس‬ ‫أكثر‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫املشكالت‪ ،‬ومن هنا َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املتفائلون هم َ‬ ‫كان‬ ‫ألعقد‬ ‫املناسبة‬ ‫احللول‬ ‫وإجياد‬
‫ِ‬
‫العقبات التي واجهتْهم‪.‬‬ ‫نجاحا عىل الرغ ِم من ِ‬
‫كثرة‬ ‫ً‬
‫احلسن‪ ،‬ويكر ُه ال ِّطري َة(‪ ،)1‬وال ِّطريةُ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫النبي حممدٌ ﷺ يعج ُب ُه ُ‬
‫الفأل‬ ‫كان ُّ‬‫ولقد َ‬
‫التشاؤ ُم‪.‬‬

‫فرتات حياتِ ِه شدةً‪ ،‬فها هو ﷺ قد‬ ‫ِ‬ ‫يالز ُم ُه ﷺ يف ِ‬


‫أكثر‬ ‫التفاؤل ِ‬ ‫ُ‬ ‫وقد َ‬
‫كان‬
‫أن ازدا َد أذى املرشكني‬ ‫ِ‬
‫املدينة بعد ْ‬ ‫مهاجرا من مك َة إىل‬ ‫صاحبه أيب ٍ‬
‫بكر‬ ‫ِ‬ ‫خرج مع‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫يقبض‬ ‫املرشكون بذلك أرسلوا يف طلبهام‪ ،‬وجعلوا ملن ُ‬ ‫َ‬ ‫للمؤمنني يف مك َة‪ ،‬فلام َع ِل َم‬
‫َ‬
‫املرشكون يتتبعون‬ ‫َ‬
‫فأخذ‬ ‫ِ‬
‫الوقت‪،‬‬ ‫عليهام مائ َة ناق ًة‪ ،‬وهذه جائز ٌة عظيم ٌة جدً ا يف هذا‬
‫النبي ﷺ‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫الغار الذي كان فيه‬ ‫النبي ﷺ وصاحبِ ِه‪ ،‬حتى وصلوا إىل‬ ‫ِّ‬ ‫آثار أقدا ِم‬‫َ‬
‫بكر أقدا َمهم بكى خو ًفا عىل‬ ‫املكان‪ ،‬ورأى صاح ُب ُه أبو ٍ‬ ‫ِ‬ ‫فعندما وصلوا إىل هذا‬
‫ُ‬
‫رسول‬ ‫نظر أحدُ هم إىل قدميه لرآنا!! َ‬
‫فقال له‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ! لو َ‬ ‫وقال‪ :‬يا‬‫النبي ﷺ‪َ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫باثنني اهللُ‬ ‫ِ‬
‫بقضيته‪« :‬ما ظنُّك‬ ‫ِ‬
‫املؤمن‬ ‫ِ‬
‫بالنرص‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املتفائل‬ ‫ِ‬
‫الواثق بر ِّبه‬ ‫ِ‬
‫بلسان‬ ‫اهللِ ﷺ‬
‫ثالثهام»‪.‬‬

‫القرآن هذا املشهدَ بقول ِ ِه‪﴿ :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬


‫ُ‬ ‫صو َر‬
‫وقد َّ‬
‫ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ‬

‫(‪ )1‬رواه ابن ماجه (‪.)3156‬‬


‫‪ | 208‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬
‫ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ﴾‬
‫[التوبة‪.]04:‬‬

‫واخلوف‪،‬‬ ‫الفقر‬ ‫النبي ﷺ‬ ‫يشكون إىل‬‫آخر وبينام املسلمون ْ‬ ‫ٍ‬


‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ويف موقف َ‬
‫ِ‬
‫والتمكني‪ ،‬فعن‬ ‫ِ‬
‫والنرص‬ ‫بالعز‬
‫ِّ‬ ‫ً‬
‫متفائال ويعدُ املسلمني‬ ‫النبي ﷺ حدي ًثا‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫يتحدث‬
‫النبي ﷺ إذ أتاه ٌ‬
‫رجل فشكا إليه الفاق َة‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫عدي بن حات ٍم ‪ ‬قال‪ :‬بينام أنا عندَ‬
‫ِّ‬
‫قلت‪:‬‬‫رأيت احلِّي َة ؟» ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫َ‬ ‫عدي! هل‬‫ُّ‬ ‫قال‪« :‬يا‬ ‫ِ‬
‫السبيل‪ .‬ف َ‬ ‫قطع‬
‫آخر فشكا إليه َ‬
‫ثم أتاه ُ‬
‫ُ‬
‫ترحتل من احلِّي َة حتى‬ ‫(‪)2‬‬
‫بك احليا ُة ف َل َرت َّ‬
‫ين الظعين َة‬ ‫طالت َ‬
‫ْ‬ ‫فذن‬ ‫مل أرها‪َ .‬‬
‫قال‪ْ « :‬‬
‫طالت بك حيا ٌة لتفت ََح َّن كنو ُز‬
‫ْ‬ ‫ختاف أحدً ا إال اهللَ‪ .‬ولئن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بالكعبة ال‬ ‫تطوف‬
‫َ‬
‫بن هرم َز‪ ،‬ولئن طالت بك‬ ‫كرسى!!» قلت‪ :‬كرسى ب ْن هرمز؟! قال‪« :‬كرسى ْ‬
‫يطلب من يقبل ُه منه‪ ،‬فال جيدُ‬ ‫ذهب أو ٍ‬
‫فضة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫خيرج ْ‬
‫مل َء ك ّفه من‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫الرجل ُ‬ ‫ين‬
‫لرت َّ‬
‫حياة َ‬
‫أحدً ا يقب ُل ُه منه»‪.‬‬

‫َتاف‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بالكعبة ال‬ ‫تطوف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫احلرية حتى‬ ‫ُ‬
‫ترحتل من‬ ‫فرأيت الظعين َة‬
‫ُ‬ ‫عدي‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫ٌّ‬
‫َّ‬
‫لرتون ما‬ ‫هرمز‪ ،‬ولئ ْن طالت بكم حيا ٌة‬
‫َ‬ ‫كنوز كرسى بن‬
‫افتتح َ‬‫إال اهللَ‪ ،‬وكنت فيمن َ‬
‫يطلب من‬ ‫ذهب أو ٍ‬
‫فضة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ملء كفه من‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫الرجل َ‬ ‫رج‬
‫النبي أبو القاسم ﷺ‪ُ « :‬خي ُ‬
‫قال ُّ‬
‫يقب ُل ُه منه‪ ،‬فال جيدُ أحدً ا يقب ُل ُه منه»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬احلرية‪ :‬وتقع جنوب وسط العراق عىل بعد سبعة كيلومرتات حنوب رشق النجف‪.‬‬
‫(‪ )2‬الظعينة‪ :‬املرأة يف اهلودج (لسان العرب‪ :‬ظ ع ن)‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪.)3352‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪209‬‬

‫‪- 98‬روح الدعابة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النبي ﷺ يباس ُط أصحا َب ُه ويداع ُبهم ويامز ُحهم أحيانًا‪َ ،‬‬
‫غري أنه حدَّ َد‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫كان‬
‫ِ‬
‫وانتقاص اآلخري َن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والسخرية‬ ‫ِ‬
‫الكذب‬ ‫اح إىل‬ ‫ينتهي ِ‬ ‫َ‬
‫املز ُ‬ ‫َ‬ ‫امليزان يف ذلك حتى ال‬
‫رسول اهللِ! إنَّك تداع ُبنا‪َ ،‬‬
‫فقال ﷺ‪« :‬نعم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أن الصحاب َة قالوا‪ :‬يا‬ ‫فعن أيب هريرة َّ‬
‫أقول َّإال ح ًّقا»(‪.)1‬‬
‫غِّي أين ال ُ‬
‫َ‬
‫نوع من ا ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫لنفاق‬ ‫أن مداعب َت ُه أه َل ُه ولع َب ُه مع زوجته وأبنائه ٌ‬
‫وملا ظ َّن حنظل ُة َّ‬
‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪« :‬وما‬ ‫رسول اهللِ‪َ .‬‬
‫فقال‬ ‫َ‬ ‫نافق حنظل ُة يا‬
‫فقال‪َ :‬‬ ‫النبي ﷺ َ‬
‫ذهب إىل ِّ‬‫َ‬
‫رأي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نكون عندَ َك‪ ،‬فتذك ُِّرنَا‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫والنار‪ ،‬حتى كأنَّا َ‬ ‫باجلنة‬ ‫رسول اهللِ!‬ ‫ذاك؟» قال‪ :‬يا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫كثريا‪،‬‬
‫األزواج واألوال َد‪ ،‬والضيعات‪ ،‬ونسينا ً‬ ‫َ‬ ‫عني‪ ،‬فإذا خرجنا من عند َك ْ‬
‫عافسنا‬
‫تكونون عندي ويف‬
‫َ‬ ‫بيد ِه‪ ،‬لو تدومون عىل ما‬ ‫هلل ﷺ‪« :‬والذي نفيس ِ‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫ف َ‬
‫قال‬
‫ولكن يا حنظل ُة! ساع ًة‬ ‫فرشكم ويف ِ‬
‫طرقكم‪،‬‬ ‫الذكر‪ ،‬لصافحتْكم املالئك ُة عىل ِ‬
‫ِ‬
‫ْ‬
‫وساع ًة‪ ،‬ساع ًة وساع ًة‪ ،‬ساع ًة وساع ًة»(‪.)2‬‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ! امحلني عىل‬ ‫رجال جا َء ُه َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫أن ً‬ ‫النبي ﷺ َّ‬
‫مزاح ِّ‬ ‫نامذج ِ‬
‫ِ‬ ‫ومن‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ! هو ال‬ ‫ُ‬
‫الرجل‪ :‬يا‬ ‫ِ‬
‫الناقة» َ‬
‫فقال‬ ‫فقال ﷺ‪« :‬ال أمح ُل َك إال عىل ِ‬
‫ولد‬ ‫ٍ‬
‫مجل‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫النوق»(‪.)3‬‬ ‫ُ‬
‫اإلبل إال‬ ‫هلل ﷺ‪« :‬وهل تلدُ‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫ُيطيقني‪َ ،‬‬
‫فقال‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي (‪.)5253‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم (‪ ،)0237‬والرتمذي (‪.)5032‬‬
‫(‪ )3‬رواه الرتمذي (‪ ،)5250‬وأمحد (‪.)53351‬‬
‫‪ | 221‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫دميام‪ ،‬فأتاه‬ ‫ِ‬ ‫زاهر ب َن َحرا ٍم‪ٌ ،‬‬ ‫َ‬


‫رجل من البادية وكان ً‬ ‫َ‬ ‫حيب‬
‫النبي ﷺ ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫وكان‬
‫فقال‬ ‫يبرص ُه‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫يبيع متا ًعا يف السوق‪ ،‬فاحتضنَ ُه من خلفه وهو ال ُ‬ ‫النبي ﷺ يو ًما وهو ُ‬ ‫ُّ‬
‫ظهر ُه‬‫ألصق َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فجعل ال يألوا ما‬ ‫النبي ﷺ‪،‬‬
‫فعرف ُّ‬
‫َ‬ ‫فالتفت‪،‬‬
‫َ‬ ‫زاهر‪ :‬أرسلني َم ْن هذا؟‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫زاهر‪:‬‬ ‫فقال ٌ‬ ‫يقول‪َ « :‬م ْن يشرتي العبدَ ؟» َ‬
‫هلل ﷺ ُ‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫بصدْ ِره حني عر َف ُه‪َ ،‬‬
‫وج َع َل‬
‫لست‬‫َ‬ ‫النبي ﷺ‪« :‬لكنَّك عندَ اهللِ‬
‫ُّ‬ ‫إذن جتدين كاسدً ا ‪ -‬يشري إىل دمامتِ ِه ‪َ -‬‬
‫فقال‬ ‫ْ‬
‫غال»(‪.)1‬‬‫أنت عندَ اهللِ ٍ‬‫لكن َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بكاسد»‪ ،‬ويف لفظ‪ْ « :‬‬
‫ِ‬
‫األذنني»(‪.)2‬‬ ‫ُ‬
‫ويقول له‪« :‬يا ذا‬ ‫أنسا ‪‬‬
‫يامزح ً‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان ﷺ‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ!‬ ‫فقالت‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫عجوزا ِ‬
‫أتت النبي ﷺ‬ ‫ً‬ ‫أن امرأ ًة‬ ‫وع ْن ٍ‬
‫أنس ‪َّ ‬‬
‫ُ‬
‫يدخل اجلن َة عجوزٌ » فبكت املرأ ُة‬ ‫فقال هلا ﷺ‪« :‬ال‬‫أن يدخ َلني اجلن َة‪َ ،‬‬
‫ادع اهللَ يل ْ‬‫ْ‬
‫قرأت قو َل ُه تعاىل‪﴿ :‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬ ‫ِ‬ ‫النبي ﷺ َ‬
‫وقال هلا‪« :‬أما‬ ‫فتبس َم ُّ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن َ‬‫أي َّ‬
‫والنضارة‬ ‫الشباب‬ ‫سن‬
‫هلل مجي ًعا إىل ِّ‬
‫اجلنة سيعيدُ هم ا ُ‬ ‫أهل‬ ‫ﮧ ﮨ ﮩ﴾»‪ْ ،‬‬
‫ِ‬
‫واحليوية‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُذهب‬
‫النفوس‪ ،‬وت ُ‬ ‫املواقف منه ﷺ كانت تُدخ ُل الرس َ‬
‫ور والبهج َة عىل‬ ‫ُ‬ ‫فهذه‬
‫ِ‬
‫النفس‬ ‫ِ‬
‫حاجات‬ ‫أن اإلسال َم ليس دينًا جامدً ا ُ‬
‫ّنمل‬ ‫وتثبت َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫واألحزان‪،‬‬ ‫اهلمو َم‬
‫ِ‬
‫الربيء‪ ،‬وهلذا كانت‬ ‫ِ‬
‫واللهو‬ ‫ِ‬
‫والسعادة‬ ‫ِ‬
‫البهجة‬ ‫ِ‬
‫البرشية‪ ،‬وإنام يعطيها ح َّقها من‬
‫اإلنسان وميول ِ ِه وفطرتِ ِه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جتاوهبا مع دواف ِع‬ ‫ِ‬
‫بالواقعية يف‬ ‫تتسم‬
‫ُ‬ ‫النبي ﷺ‬
‫ِّ‬ ‫تعاليم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫واالجتامعية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫النفسية‬ ‫وحاجاتِ ِه‬

‫(‪ )1‬رواه أمحد (‪.)55527‬‬


‫(‪ )2‬رواه الرتمذي (‪ ،)5251‬وأبو داود (‪.)0302‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪220‬‬

‫القسم الثالث‬
‫حتذير حممد رسول اهلل ﷺ من الرذائل واملساوئ‬
‫مدخـــــل‬

‫ٍ‬
‫وطن‪ ،‬بل ُأ َ‬ ‫ٍ‬ ‫دون ٍ‬ ‫يرسل نبي اهللِ حممدٌ ﷺ ٍ‬
‫رسل إىل‬ ‫لوطن َ‬
‫دون‬ ‫أمة‪ ،‬أو‬ ‫ألمة َ‬ ‫ْ ُّ‬ ‫مل‬
‫ِ‬
‫باملعروف‬ ‫يأمرهم‬ ‫ِ‬
‫الناس كاف ًة‬
‫منريا‪ُ .‬‬
‫اجا ً‬‫هلل بإذنه ورس ً‬
‫ونذيرا‪ ،‬وداع ًيا إىل ا ِ‬
‫ً‬ ‫بشريا‬
‫ً‬
‫وحير ُم عليهم اخلبائث‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املنكر ُّ‬
‫وحيل هلم الطيبات‪ِّ ،‬‬ ‫وينهاهم عن‬
‫ٍ‬
‫بعامة‪،‬‬ ‫اإلنساين‬ ‫ِ‬
‫وللضمري‬ ‫ٍ‬
‫بإطالق‪،‬‬ ‫ِ‬
‫البرشية‬ ‫ِ‬
‫للنفس‬ ‫موجها‬ ‫كان خطا ُب ُه‬
‫ِّ‬ ‫ً‬
‫أي ٍ‬
‫قلب ‪ -‬نقا ًء‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فوضع عىل ُق َف ِل‬
‫القلب ‪ُّ -‬‬
‫ُ‬ ‫مفتاح ُه؛ ليزدا َد‬
‫َ‬ ‫البرشية‬ ‫الطبيعة‬ ‫َ‬
‫ً‬
‫وجالال‪.‬‬ ‫األخالق ً‬
‫مجاال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وتزدان‬ ‫سموا‪،‬‬
‫والروح ً‬
‫ُ‬
‫اغي‪،‬‬ ‫املاديات ال َّط ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سلطان‬ ‫اإلنسان من‬‫ُ‬ ‫حيرر‬ ‫بأمر ر ِّب ِه ْ‬
‫أرا َد حممدٌ ﷺ ِ‬
‫أن َ‬
‫فكانت دعو ُت ُه‬‫ِ‬ ‫والسلوكي‪،‬‬ ‫األخالقي‬ ‫ِ‬
‫لالنفالت‬ ‫الشهوات الداعي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ضغط‬ ‫ويقاو َم‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫تطلب‬‫ُ‬ ‫الغضب شعل ُة ٍ‬
‫نار‬ ‫َ‬ ‫والصفح ما أمك َن؛ معلنًا َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والتحمل‬ ‫ِ‬
‫الصرب‬ ‫إىل‬
‫وحذ َر من‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫الناس‪،‬‬ ‫الوحدة والتالح ِم بني‬ ‫ِ‬ ‫مؤذن بانفصا ِم‬ ‫ٌ‬ ‫وأن سو َء ال َّظ َّن‬ ‫االنتقا َم‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫الرقيقة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الطيبة‬ ‫ِ‬
‫والكلمة‬ ‫ِ‬
‫القول‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالعفة يف‬ ‫فأمر‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سقطات اللسان وزالته َ‬
‫فجاءت أحاديث ُه تدعو‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫واحلياة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الكون‬ ‫ٍ‬
‫تفاؤلية ُجتا َه‬ ‫ذات ٍ‬
‫رؤية‬ ‫وكانت دعو ُت ُه َ‬
‫والسلبية‪ ،‬وتؤكدُ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلمول‬ ‫العمل أو‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وترك‬ ‫ِ‬
‫اليأس‬ ‫وحتذ ُر من ضدِّ ِه من ِ‬
‫مثل‬ ‫لتفاؤل ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬
‫غري ِه بالرتوي ِع‬ ‫يعتدي املر ُء عىل ِ‬ ‫َ‬ ‫حتريام شديدً ا ْ‬
‫أن‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫البرشية فحر َم‬ ‫ِ‬
‫النفس‬ ‫ِ‬
‫حرمة‬ ‫عىل‬
‫وجعل ذلك من أعظ ِم‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫االنتحار‪،‬‬ ‫نفس ِه باألذى أو‬ ‫بالقتل‪ ،‬أو عىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والتخويف أو‬
‫ِ‬
‫األفعال شناع ًة وجر ًما‪.‬‬
‫‪ | 222‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫االجتامعي‬ ‫ِ‬
‫الفساد‬ ‫ِ‬
‫عوامل‬ ‫ِ‬
‫التطهر من‬ ‫ِ‬
‫وجوب‬ ‫كام كانت دعو ُت ُه رصحي ًة يف‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫والتجسس عىل اآلخري َن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫البني‪،‬‬ ‫إفساد ِ‬
‫ذات‬ ‫ِ‬ ‫والسياِّس فنهى عن‬ ‫واإلداري‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫أمهية‬ ‫الرشوة وذ َّم صاح َبها أشدَّ الذ ِم‪ ،‬وأكدَ عىل‬ ‫ِ‬ ‫حذر من‬ ‫ِ‬
‫والغدر‪ ،‬كام‬ ‫ِ‬
‫واخليانة‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اجلوفاء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املظهرية‬ ‫والبعد عن‬‫ِ‬ ‫العمل اجلا ِّد‬‫ِ‬
‫ٍ‬
‫عملية‬ ‫ٍ‬
‫صورة‬ ‫خالل أقوالِ ِه وأفعال ِ ِه وإشاراتِ ِه وتلميحاتِ ِه يف‬
‫ِ‬ ‫كل ذلك من‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫واآلخرة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والبحث لنسعدَ يف الدنيا‬ ‫ٍ‬
‫جديرة بالتقيص‬ ‫ٍ‬
‫وواقعية‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪223‬‬

‫‪- 3‬القـــــتل‬

‫وأن ُمصا َد َر َة هذا احل ِّق‬ ‫ِ‬


‫احلياة‪َّ ،‬‬ ‫حق‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان‪ُّ :‬‬ ‫ِ‬
‫حقوق‬ ‫أن من أعظ ِم‬
‫شك َّ‬
‫ال َّ‬
‫قال تعاىل‪﴿ :‬ﭑ ﭒ‬ ‫ِ‬
‫وتقبيحها‪َ ،‬‬ ‫الناس عىل إدانتِها‬ ‫من أعظ ِم اجلرائ ِم التي َ‬
‫اتفق‬
‫ُ‬
‫ﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ﴾‬
‫[املائدة‪.]35:‬‬
‫َ‬
‫وقال تعاىل‪﴿ :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ﴾ [اإلرساء‪.]33:‬‬
‫ٍ‬
‫وسيلة‬ ‫القتل تشديدً ا عظم ًيا‪ ،‬وهنى عن ِّ‬
‫كل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مسألة‬ ‫النبي ﷺ يف‬
‫وقد شدَّ َد ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدماء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فقال ﷺ‪َ « :‬م ْن َقت ََل ُمعاهدً ا مل ْ‬
‫يرح رائح َة‬ ‫حق َ‬ ‫بغري ٍّ‬ ‫وإراقة‬ ‫القتل‬ ‫تؤدي إىل‬
‫عاما»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أربعني ً‬
‫َ‬ ‫مسِّية‬ ‫حيها ليوجدُ من‬ ‫وإن ر َ‬
‫اجلنة‪َّ ،‬‬
‫حيها ليوجدُ‬ ‫الذمة مل جيدْ ريح ِ‬
‫ِ‬ ‫رجال من ِ‬
‫وقال ﷺ‪َ « :‬م ْن َقت ََل ً‬
‫َ‬
‫وإن ر َ‬
‫اجلنة‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫أهل‬
‫عاما»(‪.)2‬‬
‫سبعني ً‬
‫َ‬ ‫من مسِّية‬

‫قيل يا‬ ‫واملقتول يف ِ‬


‫النار» َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فالقاتل‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬إذا التقى املسلامن بسيفيهام‬‫َ‬
‫حريصا عىل ِ‬
‫قتل‬ ‫ً‬ ‫كان‬
‫قال‪« :‬إنه َ‬ ‫ِ‬
‫املقتول؟ َ‬ ‫القاتل‪ ،‬فام ُ‬
‫بال‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ :‬هذا‬
‫صاحبِ ِه»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)5234‬وابن ماجه (‪.)5676‬‬


‫(‪ )2‬رواه أمحد (‪ ،)57327‬والنسائي (‪.)0662‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)34‬ومسلم (‪.)1504‬‬
‫‪ | 224‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫ٍ‬
‫رجل مسل ٍم»(‪.)1‬‬ ‫أهون عىل اهللِ من ِ‬
‫قتل‬ ‫ُ‬ ‫وقال ﷺ‪َ « :‬لز ُ‬
‫َوال الدنيا‬ ‫َ‬

‫فليس منَّا»(‪.)2‬‬
‫السالح َ‬
‫َ‬ ‫مح َل علينا‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪َ « :‬م ْن َ َ‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي (‪ ،)5351‬والنسائي (‪.)3255‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)6366‬ومسلم (‪.)503‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪225‬‬

‫‪- 9‬الغـــــــدر‬

‫يغدر هبم أحدٌ ‪ ،‬ومن هنا هنى‬


‫َ‬ ‫الغدر‪ ،‬وال حيبون ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫الناس مجي ًعا يكرهون‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫القيامة‬ ‫لواء يو َم‬ ‫ٍ‬ ‫وحذ َر من عاقبتِ ِه‪ ،‬فقال ﷺ‪« :‬لكل‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫غادر ٌ‬ ‫الغدر‪،‬‬ ‫اإلسال ُم عن‬
‫عرف به»(‪.)1‬‬
‫ُي ُ‬
‫عليهم جائر ٌة(‪ ،)2‬فال‬
‫ْ‬ ‫جارت‬
‫ْ‬ ‫فذن‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬ذم ُة املسلمني واحدةٌ‪ْ ،‬‬
‫يعرف به»(‪.)4‬‬
‫ُ‬ ‫فذن لكل ٍ‬
‫غادر لواء‬ ‫ِ‬
‫ختف ُروها ‪َّ ،‬‬
‫(‪)3‬‬

‫ُ‬
‫املقتول‬ ‫كان‬
‫وإن َ‬ ‫ِ‬
‫القاتل‪ْ ،‬‬ ‫بريء من‬
‫ٌ‬ ‫رجال عىل َد ِم ِه‪ ،‬فأنا‬
‫وقال ﷺ‪َ « :‬م ْن َّأم َن ً‬
‫َ‬
‫كافرا»(‪.)5‬‬
‫ً‬
‫اإليامن قيدُ ال َفتك‪ ،‬ال يفتك مؤمن»(‪.)6‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬‬

‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الرجل‪ ،‬ثم قت َل ُه بعدما‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫اطمأن إليه‪ ،‬نُص َ‬
‫َّ‬ ‫الرجل إىل‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬إذا اطمأ َّن‬
‫لواء ٍ‬
‫غدر»(‪.)7‬‬ ‫ِ‬
‫له يو َم القيامة ُ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)5202‬ومسلم (‪.)3562‬‬


‫كافرا‪.‬‬
‫(‪ )2‬جائرة‪ :‬أي إذا عاهد أحد من املسلمني ً‬
‫(‪ )3‬حتفروها‪ :‬فال تنقضوها‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه احلاكم (‪.)5656‬‬
‫(‪ )5‬رواه ابن ماجه وابن حبان واللفظ له‪.‬‬
‫(‪ )6‬رواه أبو داود (‪ ،)5322‬وأمحد (‪.)5316‬‬
‫(‪ )7‬رواه احلاكم (‪.)2404‬‬
‫‪ | 226‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 1‬الغضـــــب‬

‫ُ‬
‫رسول اهللِ حممدٌ‬ ‫حذر منها‬ ‫ِ‬
‫املساوئ التي َّ‬ ‫مرض من‬ ‫الغضب وشدَّ ِ‬
‫ته ٌ‬ ‫ِ‬ ‫رسع ُة‬
‫ﷺ‪.‬‬

‫تغضب»‪ ،‬فر َّد َد‬


‫ْ‬ ‫فقال‪ :‬أوصني‪َ ،‬‬
‫فقال‪« :‬ال‬ ‫النبي ﷺ َ‬
‫ِّ‬ ‫ٌ‬
‫رجل إىل‬ ‫فقد جا َء‬
‫تغضب»(‪.)1‬‬
‫ْ‬ ‫قال‪ :‬أوصني أوصني‪َ .‬‬
‫فقال ﷺ‪« :‬ال‬ ‫مرا ًرا‪ .‬أي َ‬
‫ِ‬
‫الشيطان‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الغضب‪ ،‬فمنها االستعاذ ُة من‬ ‫ِ‬
‫عالجات‬ ‫بعض‬‫النبي ﷺ َ‬ ‫وبني‬
‫َّ َ‬
‫ُّ‬
‫وتغري‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫وجه ُه‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫انتفخ ُ‬ ‫فغضب أحدُ مها حتى‬
‫َ‬ ‫النبي ﷺ‪،‬‬
‫استب رجالن عند ِّ‬ ‫َّ‬ ‫فقد‬
‫قال‪ :‬أعو ُذ باهللِ من‬‫لذهب عنه ما جيدُ ‪ ،‬لو َ‬
‫َ‬ ‫ألعلم كلم ًة لو قاهلا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫النبي ﷺ‪« :‬إين‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫الشيطان الرجي ِم»(‪.)2‬‬

‫َضب‬ ‫ِِ‬
‫السكوت‪ ،‬لقوله ﷺ‪« :‬علموا‪ ،‬ويرسوا‪ ،‬وال ُت َعرسوا‪ ،‬وإذا غ َ‬
‫ُ‬ ‫ومنها‬
‫فليسكت»(‪.)3‬‬
‫ْ‬ ‫أحدُ كم‬

‫فذن‬
‫فليجلس‪ْ ،‬‬ ‫قائم‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ب أحدُ كم وهو ٌ‬
‫تغيري اهليئة‪ ،‬لقوله ﷺ‪« :‬إذا غَض َ‬
‫ُ‬ ‫ومنها‬
‫فليضطجع»(‪.)4‬‬
‫ْ‬ ‫الغضب وإال‬
‫ُ‬ ‫ذهب عنه‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪.)1615‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)1614‬ومسلم (‪.)0756‬‬
‫(‪ )3‬رواه أمحد (‪.)5452‬‬
‫(‪ )4‬رواه أبو داود (‪ ،)0515‬وأمحد (‪.)54326‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪227‬‬

‫‪- 4‬ترويع الناس‬

‫وعلو شأنِ ِه أنه هنى عن ِّ‬


‫كل‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان عندَ‬ ‫يبني كرام َة‬
‫مما ِّ ُ‬
‫ِ‬
‫والضحك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املزاح‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫ِ‬
‫واإلرضار به حتى ولو عىل‬ ‫ِ‬
‫اإليذاء له‬ ‫ِ‬
‫أشكال‬
‫َ‬
‫قال تعاىل‪﴿ :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬
‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ﴾ [األحزاب‪.]12:‬‬

‫وجبت عليه لعنتُهم»(‪.)1‬‬


‫ْ‬ ‫وقال النبي ﷺ‪« :‬من آذى املسلمني يف ِ‬
‫طرقهم‪،‬‬ ‫َ‬
‫ُّ‬
‫َضر وال َِض َار»(‪.)2‬‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬ال َ‬
‫بالغري بأي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجه‪.‬‬ ‫ِ ِّ‬ ‫الِضر‬ ‫إحلاق‬ ‫وهذه قاعد ٌة يف حتري ِم‬

‫مسلام»(‪.)3‬‬
‫يرو َع ً‬
‫أن ّ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬ال ُّ‬
‫حيل ملسل ٍم ْ‬ ‫َ‬
‫يأخذن أحدُ كم متاع ِ‬
‫أخيه الع ًبا وال جا ًّدا»(‪.)4‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬ال‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬رواه الطرباين (‪.)3414‬‬


‫(‪ )2‬رواه أمحد (‪ ،)5752‬وابن ماجه (‪.)5335‬‬
‫(‪ )3‬رواه أبو داود (‪ ،)0315‬وأمحد (‪.)55226‬‬
‫(‪ )4‬رواه أبو داود (‪ ،)0314‬وأمحد (‪.)57565‬‬
‫‪ | 228‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 5‬اخلـــــــيانة‬

‫ِ‬
‫واحلذر‬ ‫ِ‬
‫واحتقار صاحبِها‬ ‫اتفق العقال ُء عىل كراهيتِها‬
‫أن اخليان َة مما َ‬‫شك َّ‬
‫ال َّ‬
‫التوجس‬ ‫ِ‬
‫النفوس‬ ‫ويزرع يف‬ ‫ِ‬
‫الناس‪،‬‬ ‫زعزعة ِ‬
‫الثقة بني‬ ‫ِ‬ ‫اخللق يؤدي إىل‬
‫َ‬ ‫منه َّ‬
‫ألن هذا‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫والريب َة‪ ،‬واهللُ تعاىل ُ‬
‫يقول‪﴿ :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ﴾ [األنفال‪.]12:‬‬ ‫ِّ‬
‫َ‬
‫ويبطنون‬ ‫َ‬
‫اإليامن‬ ‫َ‬
‫ظهرون‬ ‫املنافقني الذين ُي‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫صفات‬ ‫جعل اخليان َة من‬‫النبي ﷺ َ‬
‫ُّ‬
‫أخلف‪ ،‬وإذا اؤمتُ ن‬
‫َ‬ ‫كذب‪ ،‬وإذا وعدَ‬
‫َ‬ ‫ث‬‫ثالث‪ :‬إذا حدَّ َ‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫املنافق‬ ‫الكفر َ‬
‫فقال ﷺ‪« :‬آي ُة‬ ‫َ‬
‫خان»(‪.)1‬‬
‫َ‬
‫غدر»‪.‬‬
‫فجر‪ ،‬وإذا عاهدَ َ‬
‫خاصم َ‬
‫َ‬ ‫ويف رواية‪« :‬وإذا‬
‫ِ‬
‫الزوجات إذا‬ ‫بعض‬ ‫أخون من خانني‪ ،‬كام ُ‬
‫تفعل ُ‬ ‫ُ‬ ‫يقول‪ :‬إنام‬ ‫ِ‬
‫الناس ُ‬ ‫وكثري من‬
‫ٌ‬
‫النبي‬ ‫ولذلك ُ‬
‫يقول‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫يضاع ُف َها‪،‬‬ ‫الزوج‪ ،‬وهذا ال ُّ‬
‫حيل املشكل َة بل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بخيانة‬ ‫أحس ْت‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫ﷺ‪« :‬أد األمان َة إىل من ائتمنَك وال ْ‬
‫ختن من خان َ‬
‫َك»(‪.)2‬‬

‫إيامن ملن ال أمان َة له‪ ،‬وال َ‬


‫دين ملن ال عهدَ له»(‪.)3‬‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬ال َ‬
‫يعج َل اهللُ تعاىل لصاحب ِه العقوب َة يف الدنيا‪،‬‬
‫أن ّ‬
‫أجدر ْ‬
‫ُ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬ما من ٍ‬
‫ذنب‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫والكذب»(‪.)4‬‬ ‫ِ‬
‫واخليانة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫قطيعة الرحمِ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اآلخرة‪ :‬من‬ ‫خر ُه له يف‬
‫مع ما يدَّ ُ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)35‬ومسلم (‪.)22‬‬


‫(‪ )2‬رواه أبو داود (‪ ،)3467‬والرتمذي (‪.)5521‬‬
‫(‪ )3‬رواه أمحد (‪.)55231‬‬
‫(‪ )4‬األدب املفرد (‪.)52‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪229‬‬

‫‪- 6‬اإلفساد بني الناس‬

‫ِ‬
‫قلوهبم‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬
‫العداوة يف‬ ‫ِ‬
‫الناس وزر ِع‬ ‫ِ‬
‫باإلفساد بني‬ ‫ِ‬
‫الناس يسعى‬ ‫بعض‬‫ُ‬
‫النبي ﷺ‪« :‬ال يد ُ‬
‫خل اجلن َة‬ ‫قال ُّ‬ ‫لغضب اهللِ وسخطِ ِه وقد َ‬
‫ِ‬ ‫يتعر ُض‬
‫يدري أنه بذلك َّ‬
‫ِ‬
‫اإلفساد بينهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بقصد‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫َّات هو النام ُم الذي ُ‬
‫ينقل الكال َم بني‬ ‫َّات» ‪ ،‬والقت ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫قت ٌ‬
‫ب(‪ )2‬امرأ ًة عىل ِ‬
‫زوجها»(‪.)3‬‬ ‫ليس منّا من َخ ّب َ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪َ « :‬‬
‫ليس َّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اب‬
‫الكذ ُ‬ ‫لإلصالح فليس ف ْع ُل ُه حمر ًما لقوله ﷺ‪َ « :‬‬
‫ِ‬ ‫يكذب‬
‫ُ‬ ‫أما الذي‬
‫خِّيا»(‪.)4‬‬
‫يقول ً‬ ‫خِّيا أو َ‬ ‫ِ‬
‫الناس‪ ،‬فينْمي ً‬ ‫يصلح بني‬
‫ُ‬ ‫بالذي‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)1126‬ومسلم (‪.)515‬‬


‫(‪ )2‬خبب‪ :‬خدعها وأفسدها وحرضها عليه‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه أبو داود (‪.)5264‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري (‪ ،)5021‬وأمحد (‪.)56455‬‬
‫‪ | 231‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 7‬التجـســـس‬

‫َّ‬
‫وحذ َر من‬ ‫ِ‬
‫وخصوصياهتم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫ِ‬
‫حرمات‬ ‫هلل ﷺ عىل‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫َ‬
‫حافظ‬
‫وإيكال بواطِنِهم إىل اهللِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بظواهرهم‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫ِ‬
‫بأخذ‬ ‫وأمر‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وانتهاكها‪،‬‬ ‫املس ِ‬
‫اس هبا‬ ‫َ‬
‫تعاىل‪.‬‬
‫َ‬
‫قال تعاىل‪﴿ :‬ﭝ ﭞ﴾‪.‬‬

‫أن‬
‫كدت ْ‬
‫َ‬ ‫سدُتم‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫الناس أف َ‬ ‫ِ‬
‫عورات‬ ‫َّبعت‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬إنك ِ‬
‫إن ات َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫تفسدَ هم»(‪.)1‬‬
‫ُ‬
‫وعرض ُه»(‪.)2‬‬ ‫كل املسل ِم عىل املسل ِم حرا ٌم‪َ ،‬د ُم ُه وما ُل ُه‬
‫وقال ﷺ‪ُّ « :‬‬
‫َ‬

‫فلينِصف»(‪.)3‬‬
‫ْ‬ ‫ؤذن له‬ ‫استأذن أحدُ كم ثال ًثا‪ْ ،‬‬
‫فلم ُي ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬إذا‬

‫اإليامن قل َب ُه‪ ،‬ال تغتابوا‬


‫ُ‬ ‫آمن بلسانِ ِه‪ ،‬ومل يدخل‬
‫معرش َم ْن َ‬
‫َ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬يا‬ ‫َ‬
‫يتبع اهللُ‬
‫يتبع اهللُ عور َت ُه‪ ،‬ومن ُ‬ ‫ِ‬
‫عوراُتم ُ‬ ‫يتبع‬
‫فذن من ُ‬ ‫ِ‬
‫عوراُتم‪َّ ،‬‬ ‫املسلمني‪ ،‬وال تتبعوا‬
‫يفضح ُه يف بيتِ ِه»(‪.)4‬‬
‫ُ‬ ‫عور َت ُه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫أذنيه‬ ‫استمع إىل حديث قو ٍم وهم له كارهون‪ُ ،‬ص َّ‬
‫ب يف‬ ‫َ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬من‬
‫ِ‬
‫القيامة»(‪.)5‬‬ ‫ُك يو َم‬‫اآلن َ‬

‫(‪ )1‬رواه أبو داود (‪.)0500‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم (‪ ،)0614‬والرتمذي (‪.)5214‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)1776‬ومسلم (‪.)0446‬‬
‫(‪ )4‬رواه أبو داود (‪ ،)0536‬وأمحد (‪.)52204‬‬
‫(‪ )5‬رواه البخاري (‪ ،)6154‬وأمحد (‪.)5543‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪230‬‬

‫املذاب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫صاص‬
‫ُ‬ ‫الر‬ ‫ُ‬
‫واآلنك‪َّ :‬‬
‫املرء تَر ُكه ما ال يع ِ‬
‫نيه»(‪.)1‬‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬من حس ِن إسال ِم ِ‬
‫َ‬
‫ُ َ َْ‬ ‫ُ ْ‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي (‪ ،)5532‬وابن ماجه (‪.)3266‬‬


‫‪ | 232‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 8‬السباب واللعن‬

‫النبي‬
‫قال ُّ‬‫الناس ويلعنُهم‪ ،‬فقدْ َ‬
‫َ‬ ‫يسب‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫الشيطان؟ إنه الذي‬ ‫َ‬
‫أتدرون من هو‬
‫ِ‬
‫ويتكاذبان»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫يتهاتران‬ ‫ِ‬
‫شيطانان‬ ‫ﷺ‪« :‬املست َّب ِ‬
‫ان‬

‫فسوق‪ ،‬وقتا ُل ُه ٌ‬
‫كفر»(‪.)2‬‬ ‫ٌ‬ ‫سباب املسل ِم‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪ُ « :‬‬
‫تسبن أحدً ا»(‪.)3‬‬
‫َّ‬ ‫رجال َ‬
‫فقال له‪« :‬ال‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ ً‬ ‫وأوَص‬
‫املؤمن ل َّعانًا»(‪.)4‬‬
‫ُ‬ ‫يكون‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬ال‬
‫ِ‬
‫احليوان وهذا مما ال تعرف ُه أم ٌة من األم ِم‪ ،‬فقد‬ ‫النبي ﷺ هنى عن ِ‬
‫لعن‬ ‫بل َّ‬
‫إن َّ‬
‫ِ‬
‫للصالة»(‪.)5‬‬ ‫ُ‬
‫يوقظ‬ ‫َ‬
‫الديك فذنه‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪« :‬ال تسبوا‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫الريح عند‬
‫َ‬ ‫الريح‪ ،‬فقد لع َن ٌ‬
‫رجل‬ ‫ِ‬ ‫ذلك أنه ﷺ هنى عن ِ‬
‫لعن‬ ‫واألعجب من َ‬
‫ُ‬
‫ليس له ٍ‬
‫بأهل‪،‬‬ ‫الريح فذهنا مأمورةٌ‪ ،‬من َل َع َن شيئًا َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫تلعن‬ ‫ِ‬
‫رسول اهللِ ﷺ َ‬
‫فقال له‪« :‬ال‬
‫رجعت اللعن ُة ِ‬
‫عليه»(‪.)6‬‬ ‫ِ‬
‫وإن امرؤٌ‬‫قال له‪ِ « :‬‬ ‫النبي ﷺ أحدَ أصحابِ ِه أنه َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫األدب الذي علم ُه‬ ‫ومن‬
‫ِ‬
‫عليه‪،‬‬ ‫يكون وبا ُله‬
‫ُ‬ ‫بيشء تعلمه ِ‬
‫فيه‪ ،‬ودع ُه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بيشء يعلم ُه َ‬
‫فيك‪ ،‬فال تعِّيه‬ ‫عِّيك‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫الرجل‪ :‬فام َس َب ْب ُت بعد ذلك داب ًة وال إنسانًا(‪.)7‬‬ ‫تسبن شيئًا»‪َ ،‬‬
‫قال‬ ‫َّ‬ ‫وأجر ُه َ‬
‫لك‪ ،‬وال‬ ‫ُ‬

‫(‪ )1‬رواه ابن حبان (‪.)1756‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)1120‬ومسلم (‪.)27‬‬
‫(‪ )3‬رواه أبو داود (‪ ،)3165‬ومسند أمحد (‪.)52752‬‬
‫(‪ )4‬رواه الرتمذي (‪.)5205‬‬
‫(‪ )5‬رواه أبو داود (‪ ،)0037‬وأمحد (‪.)54624‬‬
‫(‪ )6‬رواه الرتمذي (‪ ،)5245‬وأبو داود (‪.)0565‬‬
‫(‪ )7‬رواه ابن حبان (‪.)155‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪233‬‬

‫‪- 2‬سوء الظن‬

‫َ‬
‫قال تعاىل‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ﴾‬
‫[احلجرات‪.]55:‬‬
‫َ‬
‫وقال‪﴿ :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬
‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ﴾ [احلجرات‪.]6:‬‬
‫ِ‬
‫الناس‪ ،‬وربام‬ ‫ِ‬
‫العالقات بني‬ ‫ِ‬
‫وتشويه‬ ‫الظن يؤدي إىل قط ِع األرحا ِم‬ ‫إ َّن سو َء‬
‫ِّ‬
‫فإن اإلسالم هنى عن‏ ِ‬
‫سوء ظ ِّن‬ ‫ولذلك َّ‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫وإيذائهم‪،‬‬ ‫أ َّدى إىل التعدي عىل اآلخري َن‬
‫َ‬
‫ذلك‬ ‫ِ‬
‫الناس‪ ،‬ويف َ‬ ‫ِ‬
‫بالتثبت َ‬
‫قبل اهتا ِم‬ ‫وأمر‬ ‫ٍ‬ ‫الناس من ِ‬ ‫ِ‬ ‫بغري ِه من‬
‫املسل ِم ِ‬
‫غري برهان‪َ ،‬‬
‫حتسسوا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫جتسسوا‪ ،‬وال َّ‬ ‫أكذب احلديث‪ ،‬وال َّ‬ ‫ُ‬ ‫الظن‬
‫َّ‬ ‫فذن‬
‫والظن‪َّ ،‬‬
‫َّ‬ ‫قال ﷺ‪« :‬إياكم‬
‫حتاسدُ وا‪ ،‬وال تدابروا‪ ،‬وكونوا عبا َد اهللِ إخوانًا»(‪.)1‬‬
‫وال َ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)0707‬ومسلم (‪.)0606‬‬


‫‪ | 234‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 30‬الرشـــــــوة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خطري ُّ‬


‫يدل عىل فساد الذم ِم وضيا ِع احلقوق‪ ،‬وقد شدَّ َد ُّ‬
‫النبي‬ ‫ٌ‬ ‫مرض‬
‫الرشو ُة ٌ‬
‫ِّ‬
‫وهتد ُم صورت ُه احلضاري َة‬
‫املجتمع َ‬ ‫ِ‬
‫اخلطرية التي تُفسدُ‬ ‫ِ‬
‫اآلفة‬ ‫ﷺ يف النهي عن ِ‬
‫هذه‬
‫َ‬
‫َ‬
‫فقال ﷺ‪« :‬لعن ُة اهللِ عىل الرايش واملرتيش»(‪.)1‬‬
‫ِ‬
‫بالتحذير ألهنا تؤدي إىل‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ الرشو َة يف احلك ِم بني‬ ‫وخص‬‫َّ‬
‫ِ‬
‫وقتل من‬ ‫احلبس‬
‫َ‬ ‫يستحق‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫حبس من ال‬ ‫أدت إىل‬ ‫ِ‬
‫بالباطل‪ ،‬وربام ْ‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫ِ‬
‫حقوق‬ ‫ِ‬
‫أكل‬
‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ الرايش‬ ‫قال‪َ « :‬ل َع َن‬
‫القتل‪ ،‬فعن أيب هريرة ‪َ ‬‬
‫َ‬ ‫يستحق‬
‫ُّ‬ ‫ال‬
‫واملرتيش يف احلك ِم»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬رواه أمحد (‪ ،)6622‬وابن ماجه (‪.)5340‬‬


‫(‪ )2‬رواه الرتمذي (‪.)5516‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪235‬‬

‫‪- 33‬املظهرية اجلوفاء‬

‫املظاهر خداع ٌة َّ‬


‫وأن املر َء‬ ‫َ‬ ‫يعلم أصحا َب ُه َّ‬
‫أن‬ ‫دائام ما ُ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ حممدٌ ﷺ ً‬ ‫َ‬
‫كان‬
‫ِ‬
‫حسن‬ ‫ِ‬
‫صورته أو‬ ‫مجال‬ ‫بقوة ِ‬
‫بدنه أو ِ‬ ‫أن يقاس بدين ِ ِه وتقواه هللِ ‪ ‬وليس ِ‬ ‫ينبغي ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فقال‬‫النبي ﷺ‪َ ،‬‬ ‫مر ٌ‬ ‫الساعدي ‪َ ‬‬ ‫سهل بن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رجل عىل ِّ‬ ‫قال‪َّ :‬‬ ‫ِّ‬ ‫سعد‬ ‫ثيابه‪ ،‬فعن‬
‫الناس‪ ،‬هذا‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أرشاف‬ ‫رأيك يف هذا؟» فقال‪ :‬هذا ٌ‬
‫رجل من‬ ‫َ‬ ‫جالس‪« :‬ما‬ ‫ٍ‬
‫لرجل عندَ ُه‬
‫ٌ‬
‫ثم‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫فسكت‬
‫َ‬ ‫أن ُيش َّفعِ‪،‬‬‫وإن َش َف َع ْ‬
‫نكح(‪ْ ،)1‬‬
‫خطب أن ُي َ‬
‫َ‬ ‫حري ْ‬
‫إن‬ ‫ٌّ‬ ‫واهللِ‬
‫رسول اهللِ! هذا‬‫َ‬ ‫رأيك يف هذا؟» َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫هلل ﷺ‪« :‬ما َ‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫آخر َ‬
‫فقال له‬ ‫رجل ُ‬ ‫مر ٌ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫نكح‪ ،‬وإن َش َف َع أال ُيش َّف َع‪،‬‬ ‫خطب َّأال ُي َ‬
‫َ‬ ‫حري ْ‬
‫إن‬ ‫ٌّ‬ ‫املسلمني؛ هذا‬
‫َ‬ ‫فقراء‬ ‫ٌ‬
‫رجل من‬
‫األرض من‬‫ِ‬ ‫رسول اهللِ ﷺ‪« :‬هذا خِّي من ِ‬
‫ملء‬ ‫ُ‬ ‫قال أال ُي ْس َم ُع لقول ِ ِه‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫وإن َ‬ ‫ْ‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫مثل هذا»(‪.)2‬‬

‫رب‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪َّ « :‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ومثل ذلك ما ور َد عن أيب هرير َة ‪َ ‬‬ ‫ُ‬
‫ألبر ُه»(‪.)3‬‬
‫هلل َّ‬
‫أقسم عىل ا ِ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫باألبواب‪ ،‬لو‬ ‫أغرب مدفو ٍع‬ ‫َ‬
‫أشعث َ‬
‫ٌ‬
‫فضل إال‬ ‫ألحد عىل ٍ‬
‫أحد‬ ‫ٍ‬ ‫ليس‬ ‫رسول اهللِ ﷺ َ‬
‫َ‬ ‫بن عامر َّ‬ ‫وعن عقب َة ِ‬
‫قال‪َ « :‬‬ ‫أن‬
‫فاحشا بذ ًّيا ً‬
‫بخيال جبانًا»(‪.)4‬‬ ‫ً‬ ‫يكون‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫الرجل ْ‬ ‫ب‬ ‫ين‪ ،‬أو ٍ‬ ‫ِ‬
‫بد ٍ‬
‫َ‬ ‫عمل صالحٍ ‪َ ،‬ح ْس ُ‬

‫(‪ُ )1‬ينكَح‪ُ :‬يزوج‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)0745‬وابن ماجه (‪.)0554‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم (‪.)0710‬‬
‫(‪ )4‬رواه أمحد (‪.)56671‬‬
‫‪ | 236‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫قال‪:‬‬ ‫مسعود ‪َ ‬‬ ‫ٍ‬ ‫باآلخرين فعن ابن‬ ‫النبي ﷺ يكر ُه السخري ُة‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫وكان يف‬ ‫َ‬ ‫الريح تكفؤ ُه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فكانت‬ ‫ِ‬
‫األراك‪،‬‬ ‫لرسول اهللِ ﷺ سواكًا من‬ ‫ِ‬ ‫كنت أجتني‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫ضحكُكم؟» قالوا‪ :‬من د َّق ِة‬ ‫فقال النبي ﷺ‪« :‬ما ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫فضحك القو ُم‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ساقه د َّق ٌة‪،‬‬
‫حد»(‪.)1‬‬ ‫امليزان من ُأ ٍ‬
‫ِ‬ ‫أثقل يف‬‫النبي ﷺ‪« :‬والذي نفيس بيده هلام ُ‬ ‫قيه‪َ .‬‬ ‫سا ِ‬
‫فقال ُّ‬
‫قال‪ :‬مررنا‬ ‫ٍ‬
‫سويد َ‬ ‫بن‬ ‫ِ‬
‫املعرور ِ‬ ‫وأمه‪ ،‬فعن‬‫بأبيه ِ‬
‫إنسان ِ‬ ‫ٌ‬ ‫يعري‬ ‫وكان ﷺ يكر ُه ْ‬ ‫َ‬
‫أن َّ‬
‫ذر لو‬ ‫خاد ِم ِه ‪ -‬مث ُل ُه‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا أبا ٍ‬
‫غالم ِه ‪ِ -‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالربذة‪ ،‬وعلي ُه بر ٌد‪ ،‬وعىل‬ ‫بأيب ٍ‬
‫ذر‬
‫ٍ‬
‫رجل من إخويت كال ٌم‪ ،‬وكانت‬ ‫كان ُح َّل ًة‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬إنه كان بيني وبني‬ ‫مجعت بينهام َ‬
‫َ‬
‫فقال‪« :‬يا أبا ٍ‬
‫النبي ﷺ َ‬ ‫ِ‬
‫ذر‬ ‫فلقيت َّ‬
‫ُ‬ ‫النبي ﷺ‪،‬‬
‫فعريتُه بأمه‪ ،‬فشكاين إىل ِّ‬ ‫أم ُه أعجمي ٌة‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫الرجال َس ّبوا أباه وأ َّمه‪.‬‬ ‫سب‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ! َم ْن َّ‬ ‫إنك امرؤٌ فيك جاهلي ٌة» ُ‬
‫قلت‪ :‬يا‬
‫فقال‪« :‬يا أبا ذ ٍّر! إنك امرؤٌ فيك جاهلي ٌة‪ .‬هم إخوانُكم جع َلهم اهللُ َ‬
‫حتت أيديكم‪،‬‬
‫تلبسون‪ ،‬وال تكل ُفوهم ما يغلِ ُبهم‪ْ ،‬‬
‫فذن‬ ‫َ‬ ‫وألبسوهم مما‬
‫ُ‬ ‫تأكلون‬
‫َ‬ ‫فأطعموهم مما‬
‫ُ‬
‫كلفتُموهم فأعينُوهم»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬رواه أمحد (‪.)276‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)52‬ومسلم (‪.)3504‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪237‬‬

‫‪- 39‬الكـــسـل‬

‫فتؤخرها وتعو َقها‬


‫َ‬ ‫واألمم‪،‬‬
‫َ‬ ‫والشعوب‬
‫َ‬ ‫تصيب األفرا َد‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الكسل صف ٌة ذميم ٌة‬
‫والرقي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫النهضة والتقد ِم‬ ‫ِ‬
‫بركاب‬ ‫ِ‬
‫اللحاق‬ ‫عن‬
‫ِّ‬
‫فقال‪﴿ :‬ﭸ ﭹ ﭺ‬ ‫ِ‬
‫الذميمة َ‬ ‫ِ‬
‫اخلصلة‬ ‫ِ‬
‫النفاق هبذه‬ ‫نعت اهللُ َ‬
‫أهل‬ ‫وقد َ‬
‫ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ‬
‫ﮊ﴾ [النساء‪.]505:‬‬

‫العج ِز‬
‫بك من ْ‬ ‫اللهم إين أعو ُذ َ‬‫فقال‪َّ « :‬‬ ‫ِ‬
‫الكسل َ‬ ‫النبي ﷺ من‬
‫ُّ‬ ‫وقد استعا َذ‬
‫ف به من م ٍ‬
‫هامت‪.‬‬ ‫بالعجز‪ ،‬ألنه إذا كَس َل عجز عن ِ‬
‫أداء ما ُك ِّل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والكسل»(‪ ،)1‬وقر َن ُه‬
‫َ‬ ‫َ َ ََ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)5655‬ومسلم (‪.)0270‬‬


‫‪ | 238‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 31‬اليــــــأس‬

‫نظرا لعظم ما ارتكبوه‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اليأس من رمحة اهللِ ومغفرته‪ً ،‬‬
‫ُ‬ ‫الناس‬ ‫كثريا من‬
‫يصيب ً‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫لليأس يف اإلسال ِم‪ ،‬فرمح ُة‬ ‫رب أنه ال َ‬
‫جمال‬ ‫ٍ‬
‫النبي ﷺ أخ َ‬
‫جرائم وخمالفات‪ ،‬ولك َّن َّ‬ ‫َ‬ ‫من‬
‫وأناب و َع ِم َل صاحلًا‪.‬‬
‫َ‬ ‫اهللِ واسع ٌة ملن ت َ‬
‫اب‬
‫َ‬
‫قال تعاىل‪﴿ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ﴾ [الزمر‪.]13:‬‬

‫ذنب له»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬


‫الذنب كمن ال َ‬ ‫والتائب من‬
‫ُ‬ ‫النبي ﷺ‪« :‬الند ُم توب ٌة‪،‬‬ ‫َ‬
‫وقال ُّ‬
‫جزءا‪،‬‬ ‫فأمسك عنده تسع ًة‬
‫َ‬ ‫هلل الرمح َة مائ َة ٍ‬ ‫وقال ﷺ‪َ « :‬‬ ‫َ‬
‫وتسعني ً‬
‫َ‬ ‫جزء‪،‬‬ ‫جعل ا ُ‬
‫الفرس‬ ‫ترفع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫اخللق‪ ،‬حتى ُ‬‫ُ‬ ‫ترتاحم‬
‫ُ‬ ‫اجلزء‬ ‫زءا واحدً ا‪ ،‬فمن ذلك‬ ‫األرض ُج ً‬ ‫وأنزل يف‬
‫ولدها‪ ،‬خشي َة ْ‬
‫أن تصي َب ُه»‪.‬‬ ‫حافرها عن ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ويف ٍ‬
‫وأخ َر تس ًعا‬
‫جزءا‪َّ ،‬‬
‫اخلالئق ً‬ ‫هلل مائ ُة جزء‪َّ ،‬‬
‫فقس َم بني‬ ‫لفظ‪« :‬الرمح ُة عندَ ا ِ‬
‫ِ‬
‫القيامة»(‪.)2‬‬ ‫وتسعني إىل يو ِم‬
‫َ‬
‫ابن آد َم! إنك ما دعوتَني ورجوتَني‬ ‫القدِّس‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫قال اهللُ تعاىل‪« :‬يا َ‬ ‫ِّ‬ ‫احلديث‬ ‫ويف‬
‫ِ‬
‫السامء‪،‬‬ ‫عنان‬
‫بلغت ذنو ُبك َ‬ ‫ابن آد َم! لو‬ ‫غفرت َ‬
‫ْ‬ ‫لك عىل ما كان منك وال أبال‪ ،‬يا َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫األرض‬ ‫ابن آد َم! لو أنك أتيتني ب ُق ِ‬
‫راب‬ ‫غفرت لك وال أبال‪ .‬يا َ‬‫ُ‬ ‫ثم استغفرتني‬
‫ِ‬
‫بقراهبا مغفر ًة»(‪.)3‬‬ ‫ُ‬
‫ترشك يب شيئًا‪ ،‬ألتيتُك‬ ‫خطايا‪ ،‬ثم لقيتني ال‬

‫(‪ )1‬رواه الطرباين (‪.)771‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)1105‬ومسلم (‪.)0205‬‬
‫(‪ )3‬رواه الرتمذي (‪ ،)3063‬وأمحد (‪.)54022‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪239‬‬

‫‪- 34‬االنتحـــــــار‬

‫جيوز له‬
‫ُ‬ ‫النفس اإلنساني َة أمان ٌة لدى صاحبِها‪ ،‬ال‬ ‫َ‬ ‫رسول اهللِ ﷺ َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫أكدَ‬
‫ٍ‬
‫بحديدة‪،‬‬ ‫نفس ُه‬ ‫فقال ﷺ‪« :‬من َ‬ ‫األسباب‪َ .‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫قتل َ‬ ‫سبب من‬ ‫ألي‬
‫التخلص منها ِّ‬‫ُ‬
‫جهنم خالدً ا خملدً ا فيها أبدً ا‪ ،‬ومن َ ِ‬
‫رش َب‬ ‫َ‬ ‫يتوج ُأ هبا يف بطن ِ ِه‪ ،‬يف ِ‬
‫نار‬ ‫ِِ‬
‫فحديد ُت ُه يف يده‪َّ ،‬‬
‫جهنم‪ ،‬خالدً ا خملدً ا فيها أبدً ا‪ ،‬ومن تر َّدى من‬‫َ‬ ‫يتحساه يف ِ‬
‫نار‬ ‫َّ‬ ‫نفس ُه‪ ،‬فهو‬ ‫ُس ًّام َ‬
‫فقتل َ‬
‫جهنم خالدً ا خملدً ا فيها أبدً ا»(‪.)1‬‬‫َ‬ ‫نفس ُه‪ ،‬فهو يرتدى يف ِ‬
‫نار‬ ‫فقتل َ‬ ‫ٍ‬
‫جبل َ‬

‫وغري ِه فإهنا‬
‫ِ‬ ‫وفقر‬ ‫ٍ‬
‫مشكالت ٍ‬ ‫َ‬
‫الدول اإلسالمي َة عىل ما فيها من‬ ‫ومن هنا َّ‬
‫فإن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أقل ِ‬
‫ُّ‬
‫االنتحار‪.‬‬ ‫دول العاملِ يف نس َ‬
‫ب‬
‫نفس ُه خينقها يف ِ‬
‫النار‪ ،‬والذي يطعنُها يطعنُها يف‬ ‫خينق َ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬الذي ُ‬
‫ِ‬
‫النار»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)1333‬ومسلم (‪ ،)512‬واللفظ له‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)5576‬وأمحد (‪.)2501‬‬
‫‪ | 241‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 35‬الظلم واالعتداء‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأخذ‬ ‫اآلخرين‬
‫َ‬ ‫تسو ُل له ُ‬
‫نفس ُه وتدعوه قو ُت ُه ومكان ُت ُه إىل ظلم‬ ‫الناس من ِّ‬ ‫من‬
‫أمرهم‬ ‫ِ‬
‫هؤالء عاقب َة ِ‬ ‫ِّ‬
‫ليحذ َر‬ ‫ُ‬
‫القرآن‬ ‫ِ‬
‫العقوبة يف الدنيا فجا َء‬ ‫حقوقهم و َقد َأ ِم َن من‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫والعقاب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫السيطرة‬ ‫خارج‬ ‫وليبني أهنم ليسوا‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫قال تعاىل‪﴿ :‬ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ‬
‫ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ﴾‬
‫[إبراهيم‪.]03-05:‬‬
‫َ‬
‫قال تعاىل‪﴿ :‬ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ﴾ [البقرة‪.]524:‬‬
‫ِ‬
‫القيامة»(‪.)1‬‬ ‫ظلامت يو َم‬
‫ٌ‬ ‫الظلم‬ ‫فذن‬
‫الظلم‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫قال ﷺ‪« :‬اتقوا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أخذ منه‬ ‫ِ‬
‫طاقته‪ ،‬أو َ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬من َظ َل َم معاهدً ا أو انتقص ُه‪ ،‬أو ك ّلف ُه َ‬
‫فوق‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫القيامة»(‪.)2‬‬ ‫حجيج ُه يو َم‬ ‫يب ٍ‬
‫نفس‪ ،‬فأنا‬ ‫بغِّي طِ ِ‬
‫شيئًا ِ‬
‫ُ‬
‫الظلم عىل نفيس‪،‬‬
‫َ‬ ‫حرمت‬
‫ُ‬ ‫هلل ‪« :‬يا عبادي إين‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ فيام يرويه عن ا ِ‬
‫حمرما فال تظاملوا»(‪.)3‬‬
‫وجعل ُت ُه بينكم ً‬
‫املفلس فينا‬
‫ُ‬ ‫املفلس؟» قالوا‪:‬‬
‫ُ‬ ‫النبي ﷺ يو ًما ألصحابِ ِه‪« :‬أتدرون من‬
‫وقال ُّ‬‫َ‬
‫ٍ‬
‫بصالة‬ ‫ِ‬
‫القيامة‬ ‫املفلس من أمتي َم ْن يأيت يو َم‬ ‫إن‬ ‫متاع‪َ ،‬‬
‫قال‪َّ « :‬‬
‫َ‬ ‫درهم له وال َ‬
‫َ‬ ‫من ال‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪.)0671‬‬


‫(‪ )2‬رواه أبو داود (‪.)5610‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم (‪.)0670‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪240‬‬

‫َ‬ ‫وأكل َ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫وسفك د َم هذا‪،‬‬ ‫مال هذا‪،‬‬ ‫وقذف هذا‪،‬‬
‫َ‬ ‫وصيا ٍم وزكاة‪ ،‬ويأيت وقد َ‬
‫شتم هذا‪،‬‬
‫نيت حسنا ُت ُه َ‬
‫قبل‬ ‫وَضب هذا‪ ،‬ف ُيعطى هذا من حسناتِ ِه‪ ،‬وهذا من حسناتِ ِه‪ْ ،‬‬
‫فذن َف ْ‬ ‫َ‬
‫رح يف ِ‬
‫النار»(‪.)1‬‬ ‫رحت عليه‪ ،‬ثم ُط َ‬
‫خذ من خطاياهم‪ ،‬ف ُط ْ‬ ‫أن يقِض ما عليه ُأ َ‬
‫ْ‬
‫جيرؤ أحدٌ عىل الظل ِم بعدَ َ‬
‫ذلك؟‬ ‫فهل ُ‬‫ْ‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪.)0672‬‬


‫‪ | 242‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫القسم الرابع‬
‫حممد رسول اهلل ﷺ وعالج مشكالت البشرية‬
‫مدخــــل‬

‫من أهداف دعوة أنبياء اهلل موسى وعيسى وحممد دعوة إخواهنم من النبيني‬
‫عليهم الصالة والسالم وكذلك مسايرة أوضاع الفطرة اإلنسانية‪ ،‬ومراعاهتا يف‬
‫أحكامها االعتقادية‪ ،‬واخللقية‪ ،‬والتعبدية‪ .‬ولذا ُوصف اإلسالم بأنه (دين‬
‫الفطرة) كام جاء ذلك يف قوله سبحانه‪﴿ :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫ﯬ﴾ [الروم‪.]34:‬‬

‫ومن وسائل التعامل مع الفطرة اإلنسانية اإلقرار بوجود النزعات وامليول‬


‫البرشية‪ ،‬فال ينكر إنسان وجود الواقع النفيس وامليول والعواطف والغرائز التي‬
‫وعالجا للمشكالت‬
‫ً‬ ‫خلقها اهلل يف البرش‪ ،‬وهذا حيتاج إىل اإلشباع بالطرق السوية‪،‬‬
‫دون التنكر هلا أو التعامل معها بمثالية أو تعال‪.‬‬

‫فمن املشكالت املجتمعية التي عاجلها رسول اهلل حممد ﷺ مشكلة‬


‫اإلرهاب وهي مشكلة قديمة قدم وجود اإلنسان عىل األرض‪ ،‬وقد ظهرت بعدة‬
‫ً‬
‫حلوال عملية‬ ‫ألوان كاإلرهاب الفكري‪ ،‬أو اإلرهاب البدين‪ .‬وضع هلا النبي ﷺ‬
‫تتفق ومنهج اإلسالم يف وسطيته واعتداله وسامحته‪.‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪243‬‬

‫كام واجه نبي اهلل حممد ﷺ مشكلة العنف األرسي التي تفشت يف‬
‫موجها املرء إىل حسن العرشة‬
‫ً‬ ‫املجتمعات منذ زمن بعيد بحكم الطبيعة اإلنسانية‬
‫ولني الكالم والتغايض عن اهلفوات‪ ،‬واالهتامم باألرسة واألبناء‪.‬‬

‫ومن املشكالت التي انترشت وخاصة يف هذا العرص مشكلة القلق‬


‫عالجا ناج ًعا ينبع من داخل النفس‬
‫ً‬ ‫واالكتئاب النفيس‪ ،‬وقد وضع النبي هلا‬
‫البرشية من جانب‪ ،‬ويراعي من جانب آخر العوامل اخلارجية التي تؤدي ملثل‬
‫هذه احلالة؛ فيستأصلها ويقوم عىل َتفيفها‪.‬‬

‫وكذا املشكالت املتعلقة بالزواج فقد حث نبي اهلل حممد ﷺ عىل الزواج؛ ملا‬
‫الرتهبن فال‬
‫ُّ‬ ‫فيه من اخلري والعفة‪ ،‬وبقاء النوع اإلنساين بإنجاب الذرية‪ ،‬وهنى‬
‫رهبانية يف اإلسالم‪ .‬وعالج مشكلة اخلمر واملخدرات بذكر آفاهتا؛ وبيان مضارها‬
‫اخللقية والسلوكية وما ينتج عنها من اجلرائم‪ ،‬كام وضع ملتناوهلا عقا ًبا راد ًعا يكفي‬
‫لزجره وردعه‪.‬‬

‫وانطال ًقا من مكانة العلم والعقل يف اإلسالم حارب رسول اهلل ﷺ كل‬
‫اخلرافات التي ال تقوم عىل دليل أو برهان‪ ،‬وحارب السحرة واملشعوذين الذين‬
‫يتنكبون طريق العلم واملعرفة والربهان إىل التخمني والكذب‪ ،‬وجعل من يقع يف‬
‫مثل هذا الفعل قرينًا ملن خرج من اإلسالم برمته‪.‬‬
‫‪ | 244‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫كام عالج رسول اهلل ﷺ مشكلة الفقر واستعاذ منه‪ ،‬ووضع له العالجات‬
‫التي ترتقي باملجتمع من الوقوع يف براثنه‪ ،‬وتقية رشه وذله‪ .‬ويف ذلك يقول‪:‬‬
‫« املؤمن القوي خِّي وأحب إىل اهلل من املؤمن الضعيف ويف كل خِّي‪ ،‬احرص عىل‬
‫ما ينفعك واستعن باهلل وال تعجز»(‪.)1‬‬

‫وامتدت رؤيته ﷺ إىل الكون بإطالق لتصلح البيئة من أرضه وسامئه‬


‫ومائه‪ ،‬وجتعل ذلك صنو الطاعة والقربى من اهلل تعاىل‪ .‬حتى أنه عليه الصالة‬
‫والسالم ليقول‪« :‬إذا قامت القيامة ويف يد أحدكم فسيلة فليغرسها»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪.)5663‬‬


‫(‪ )2‬رواه أمحد يف مسنده (‪.)520/3‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪245‬‬

‫‪- 3‬عالج مشكلة اإلرهاب‬

‫من املشكالت التي هتدد األمن واالستقرار العاملي‪ :‬مشكلة اإلرهاب‪،‬‬


‫وترويع اآلمنني‪ ،‬واالعتداء عىل الناس يف أنفسهم وأمواهلم‪.‬‬

‫َتتص بأمة من األمم أو شعب من الشعوب أو‬


‫ُّ‬ ‫واإلرهاب مشكلة عاملية ال‬
‫دين من األديان‪.‬‬

‫وقد عالج النبي ﷺ هذه املشكلة من عدة جوانب‪:‬‬


‫ً‬
‫أوال‪َّ :‬بني حرمة األموال والدماء واألنفس وخطورة التعدي عليها بغري‬
‫وجه حق‪ ،‬فمام قاله ﷺ‪« :‬إن دماءكم وأموالكم حرا ٌم عليكم‪ ،‬كحرمة يومكم‬
‫هذا‪ ،‬يف شهركم هذا‪ ،‬يف بلدكم هذا»(‪ ،)1‬وقال ﷺ‪« :‬جييء املقتول بالقاتل يوم‬
‫رب سل هذا فيم‬
‫دما يقول‪ :‬يا ّ‬
‫ً‬
‫(‪)2‬‬
‫القيامة‪ ،‬ناصيته ورأسه بيده‪ ،‬وأوداجه تشجب‬
‫قتلني»(‪.)3‬‬

‫وأخرب ﷺ أن دماء الناس أول ما حياسب عليه اإلنسان فقال‪« :‬أول ما‬
‫يقىض بني الناس يوم القيامة يف الدماء»(‪ ،)4‬وذلك لشدة حتريمها وعظيم إثم من‬
‫ولغ فيها بغري حق‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)61‬ومسلم (‪.)5537‬‬


‫(‪ )2‬تشجب‪ :‬تسيل‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه الرتمذي (‪ ،)5211‬وأمحد (‪.)5204‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري (‪ ،)6317‬ومسلم (‪.)3572‬‬
‫‪ | 246‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫ثان ًيا‪ :‬هنى اإلسالم عن االعتداء‪ ،‬ويف القرآن‪﴿ :‬ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬


‫ﯻ ﯼ﴾ [البقرة‪.]524:‬‬

‫النبي ﷺ بعض أفعال اإلرهاب بالكفر‪ ،‬فقال ﷺ‪:‬‬


‫ُّ‬ ‫ثال ًثا‪ :‬وصف‬
‫رقاب بعض»(‪.)1‬‬
‫َ‬ ‫كفارا يرضب بعضكم‬
‫«ال ترجعوا بعدي ً‬
‫وقال ﷺ‪« :‬سباب املؤمن فسوق وقتا ُله كفر»(‪.)2‬‬

‫راب ًعا‪ :‬أخرب رسول اهلل ﷺ أن قتىل األعامل اإلرهابية يف النار‪ ،‬فقال ﷺ‪:‬‬
‫«إذا التقى املسلامن بسيفيهام فالقاتل واملقتول يف النار»‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول اهلل! هذا‬
‫حريصا عىل قتل صاحبه»(‪.)3‬‬
‫ً‬ ‫القاتل‪ ،‬فام بال املقتول؟ قال‪« :‬إنه كان‬

‫النبي ﷺ عن قتل املعاهدين واملستأمنني من أهل األديان‪،‬‬‫ُّ‬ ‫خامسا‪ :‬هنى‬


‫ً‬
‫فقال ﷺ‪« :‬من قتل معاهدً ا مل يرح رائحة اجلنة‪ ،‬وإن رحيها ليوجد من مسِّية‬
‫عاما»(‪.)4‬‬
‫أربعني ً‬
‫سادسا‪ :‬هنى رسول اهلل ﷺ عن إشهار السالح يف وجوه الناس‪ ،‬فقال ﷺ‪:‬‬
‫ً‬
‫«ال ُيرش أحدكم إىل أخيه بالسالح‪ ،‬فذنه ال يدري‪ ،‬لعل الشيطان ينزغ يف يده‪ ،‬فيقع‬
‫ٍ‬
‫حفرة من النار»(‪.)5‬‬ ‫يف‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)552‬ومسلم (‪.)22‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)06‬ومسلم (‪.)27‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪.)34‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري (‪.)5234‬‬
‫(‪ )5‬رواه البخاري (‪ ،)6101‬ومسلم (‪.)0705‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪247‬‬

‫سالحا‪ ،‬فال تزال مالئكة اهلل تلعنه حتى‬


‫ً‬ ‫وقال‪« :‬إذا شهر املسلم عىل أخيه‬
‫يشيمه عنه(‪.)2(»)1‬‬

‫وقال ﷺ‪« :‬من محل علينا السالح فليس منا»(‪.)3‬‬

‫ساب ًعا‪ :‬هنى رسول اهلل ﷺ عن الغدر واخليانة حتى مع الكفار‪ ،‬فقال ﷺ‪:‬‬
‫« ّ‬
‫لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به»(‪.)4‬‬
‫ِ‬
‫الفتك‪ ،‬ال يفتك مؤمن»(‪.)5‬‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬اإليامن قيدُ‬
‫رجال عىل دمه ثم قتله‪ ،‬فأنا من القاتل بريء‪ ،‬وإن‬ ‫ٍ‬
‫رجل َّأمن ً‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬إيام‬
‫كافرا»(‪.)6‬‬
‫كان املقتول ً‬
‫ُ‬
‫القتل‬ ‫وحذر ﷺ من نقض العهود فقال‪« :‬ما نقض قوم العهد إال كان‬
‫بينهم‪ ،‬وال ظهرت الفاحشة يف قوم إال س ّلط عليهم املوت‪ ،‬وال منع قوم الزكاة إال‬
‫ُحبس عنهم القطر»(‪.)7‬‬

‫النبي ﷺ عن ترويع الناس وإخافتهم بغري حق فقال ﷺ‪« :‬ال‬


‫ثامنًا‪ :‬هنى ّ‬
‫مسلام»(‪.)8‬‬
‫يروع ً‬ ‫ٍ‬
‫لرجل أن ّ‬ ‫ُّ‬
‫حيل‬

‫(‪ )1‬يشيمه عنه‪ :‬يبعده عنه‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه البزار (‪.)3605‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)6366‬ومسلم (‪.)503‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري (‪ ،)6014‬ومسلم (‪.)3562‬‬
‫(‪ )5‬رواه أمحد (‪ ،)5316‬وأبو داود (‪.)5322‬‬
‫(‪ )6‬رواه ابن ماجه (‪ ،)5672‬وابن حبان (‪ ،)1225‬واللفظ له وحسنه األلباين‪.‬‬
‫(‪ )7‬رواه احلاكم (‪ ،)5177‬وقال األلباين صحيح‪.‬‬
‫(‪ )8‬رواه أبو داود (‪ ،)0515‬وأمحد (‪.)55226‬‬
‫‪ | 248‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫النبي ﷺ للناس نعمة األمن فقال‪« :‬من أصبح منكم آمنًا يف‬
‫ُّ‬ ‫تاس ًعا‪ :‬بني‬
‫قوت يومه‪ ،‬فكأنام حيزت له الدنيا بحذافِّيها»(‪.)1‬‬ ‫رسبه‪ً ،‬‬
‫معاًف يف جسده‪ ،‬عنده ُ‬
‫ويف القرآن م َّن اهلل عىل املؤمنني بنعمة األمن فقال‪﴿ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ﴾ [العنكبوت‪،]67:‬‬
‫وقال‪﴿ :‬ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ﴾‬
‫[قريش‪.]0-3:‬‬

‫النبي ﷺ عىل رمحة اخللق والشفقة عليهم فقال ﷺ‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫عارشا‪ :‬حث‬
‫ً‬
‫«الرامحون يرمحهم الرمحن ارمحوا من يف األرض يرمحكم من يف السامء»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي (‪ ،)5562‬وابن ماجه (‪.)0535‬‬


‫(‪ )2‬رواه الرتمذي (‪ ،)5207‬وأبو داود (‪.)0524‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪249‬‬

‫‪- 9‬عالج مشكلة العنف األسري‬

‫من املشكالت العاملية التي يعاين منها ماليني البرش يف العامل مشكلة العنف‬
‫األرسي‪ ،‬وقد عالج رسول اهلل حممد ﷺ هذه املشكلة من خالل الدعوة إىل‬
‫الرتاحم والتغافر والتغافل عن السلبيات قدر املستطاع‪ ،‬والنظر إىل اإلجيابيات‬
‫والبحث عنها‪ ،‬ومن ذلك أن النبي ﷺ قال‪« :‬ال يفرك مؤمن مؤمنة‪ ،‬إن كره منها‬
‫خل ًقا‪ ،‬رض منها آخر»(‪.)1‬‬
‫وكأنه ﷺ يدعو األزواج بذلك إىل حسن عرشة أزواجهم‪ ،‬وأنه ال ينبغي‬
‫للزوج أن يكره زوجته ٍ‬
‫ألمر صدر منها‪ ،‬بل عليه أن ينظر يف صفاهتا اجلميلة التي‬
‫ربام تكون أكثر بكثري مما يكره منها‪.‬‬
‫وقال ﷺ‪« :‬خِّيكم خِّيكم ألهله‪ ،‬وأنا خِّيكم ألهَل»(‪.)2‬‬
‫وعن معاوية بن حيدة ‪ ‬قال‪ :‬أتيت رسول اهلل ﷺ فقلت‪ :‬ما تقول يف‬
‫أطعموهن مما تأكلون‪ ،‬واكسوهن مما تكتسون‪ ،‬وال ترضبوهن وال‬
‫َّ‬ ‫نسائنا‪ ،‬قال‪« :‬‬
‫تقبحوهن»(‪.)3‬‬
‫النبي ﷺ طبيعة املرأة وأن العنف ال يصلحها‪ ،‬فقال ﷺ‪« :‬استوصوا‬
‫وعرف ُّ‬
‫ذهبت‬
‫َ‬ ‫أعوج ما يف الضل ِع أعاله‪ ،‬فذن‬
‫َ‬ ‫خِّيا‪ ،‬فذن املرأة ُخلقت من ضلع‪ ،‬وإن‬
‫بالنساء ً‬
‫خِّيا»(‪.)4‬‬
‫تقيمه كرسته‪ ،‬وإن تركتَه مل يزل أعوج‪ ،‬فاستوصوا بالنساء ً‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪ ،)5675‬وأمحد (‪.)2453‬‬


‫(‪ )2‬رواه الرتمذي (‪ ،)3234‬وابن ماجه (‪.)5267‬‬
‫(‪ )3‬رواه أبو داود (‪.)5235‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري (‪ ،)3420‬ومسلم (‪.)5675‬‬
‫‪ | 251‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫وعالج النبي ﷺ مجيع األسباب التي تؤدي إىل العنف األرسي‪ ،‬وأول ذلك‬
‫مبارشا حلوادث العنف األرسي‪ ،‬فقد قال رجل للنبي‬
‫ً‬ ‫الغضب الذي يعدُّ سب ًبا‬
‫مرارا‪ ،‬أي قال‪ :‬أوصني أوصني‪ ،‬فلم يزد‬
‫ﷺ‪ :‬أوصني‪ .‬فقال‪« :‬ال تغضب»‪ ،‬فر َّدد ً‬
‫النبي ﷺ عىل قوله‪« :‬ال تغضب»(‪.)1‬‬
‫ُّ‬
‫كف غضبه سرت اهلل عورته‪ ،‬ومن كظم غي ًظا ولو شاء‬ ‫وقال ﷺ‪ ...« :‬ومن َّ‬
‫أن ي ِ‬
‫مض َيه أمضاه مَل اهلل قلبه ً‬
‫رضا يوم القيامة»(‪.)2‬‬ ‫ُ‬
‫وهنى ﷺ عن السباب واللعن وبذاءة اللسان ألن ذلك كله يمكن أن يكون‬
‫من أسباب العنف اجلسدي فقال ﷺ‪« :‬ليس املؤمن بالط ّعان وال بالل ّعان‪ ،‬وال‬
‫الفاحش وال البذيء»(‪.)3‬‬

‫وكان ﷺ أحسن األزواج عرشة ألزواجهم‪ ،‬فعن أنس ‪ ‬خادم‬


‫رسول اهلل ﷺ قال‪« :‬ما رضب رسول اهلل ﷺ بيده خاد ًما ّ‬
‫قط وال امرأة»(‪.)4‬‬
‫وكان ﷺ ً‬
‫مثاال للرفق واللني بعيدً ا كل البعد عن العنف والشدة مع‬
‫سهال‪ ،‬إذا َه ِويت ‪ -‬أي‬
‫رجال ً‬
‫زوجاته‪ ،‬كام قال جابر ‪« :‬كان رسول اهلل ﷺ ً‬
‫عائشة ‪ - ‬اليش َء تابعها عليه»(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪.)3014‬‬


‫(‪ )2‬رواه الطرباين (‪.)265‬‬
‫(‪ )3‬رواه الرتمذي (‪ ،)5244‬وقال حسن‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه مسلم (‪.)0526‬‬
‫(‪ )5‬رواه مسلم (‪.)5557‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪250‬‬

‫ويصور هذا احلديث ما كان عليه النبي ﷺ من حسن عرشة زوجاته يف‬
‫ٍ‬
‫عرص مل يكن للنساء فيه شأن يذكر‪ ،‬قال عمر بن اخلطاب ‪ :‬واهلل إن كنا يف‬
‫أمرا ‪ -‬أي ال نرى هلن شأنًا ‪ -‬حتى أنزل اهلل فيهن ما أنزل‪،‬‬
‫اجلاهلية ما نعدُّ النسا َء ً‬
‫صنعت كذا‬
‫َ‬ ‫وقسم هلن ما قسم‪ ،‬فبينام أنا يف ٍ‬
‫أمر َأ ْأمتره‪ ،‬إذ قالت يل امرأيت‪ :‬لو‬
‫لك ِ‬
‫أنت وملا ها هنا؟ وما تك ّلفك يف ٍ‬
‫أمر أريده‪ ،‬فقالت يل‪:‬‬ ‫وكذا‪ .‬فقلت هلا‪ :‬وما ِ‬

‫عج ًبا لك يا ابن اخلطاب! ما تريد أن تراجع أنت وإن ابنتك لرتاجع رسول اهلل‬
‫ﷺ‪ ،‬حتى َّ‬
‫يظل يومه غضبان!!(‪.)1‬‬

‫العنف مفرد ًة يف قاموس‬


‫ُ‬ ‫فأنَّى ملن كان هذا خلقه أن يكون عني ًفا أو أن يكون‬
‫حياته اخلاص‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪.)5741‬‬


‫‪ | 252‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 1‬عالج مشكلة القلق واالكتئاب‬

‫يتفق العقالء عىل أن الفراغ الروحي وضغوط احلياة املختلفة يعدان من أهم‬
‫أسباب انتشار األمراض النفسية‪ ،‬وبخاصة القلق واالكتئاب‪.‬‬

‫وقد عالج النبي ﷺ هذه املشكلة النفسية باإليامن الصادق باهلل ‪ ،‬كام‬
‫جاء يف القرآن‪﴿ :‬ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ‬
‫ﰓ﴾ [الرعد‪ .]32:‬فاإلنسان املؤمن الذي مدَّ جسور الصلة مع خالقه يكون‬
‫مطمئن القلب هادئ البال‪ ،‬مرتاح الضمري‪ ،‬ولذلك قال النبي ﷺ‪« :‬عج ًبا ألمر‬
‫َضاء‬
‫ُ‬ ‫خِّيا له‪ ،‬وإن أصابته‬
‫رساء شكر فكان ً‬ ‫ُ‬ ‫املؤمن إن أمره ك َّله خِّي‪ ،‬إن أصابته‬
‫خِّيا له»(‪ ،)1‬فاخلري ال يفارقه يف مجيع أحواله‪.‬‬
‫صرب فكان ً‬
‫وقد يكون القلق واالكتئاب نا ًجتا عن اخلوف أو الفقر أو املرض أو‬
‫املصائب املتوقعة‪ ،‬إال أن املؤمن الذي يعلم أن كل ذلك بقدر اهلل ‪ ،‬فإنه‬
‫يصرب وحيتسب فتتحول هذه املحن واملصائب إىل منح وعطايا وأجور من اهلل‬
‫تعاىل‪ ،‬كام قال سبحانه‪﴿ :‬ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬
‫ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ﴾ [البقرة‪.]517-511:‬‬

‫ويتكرر املوقف ذاته بالنسبة للتهديدات املتوقعة واألذى الذي أصبح‬


‫وشيك احلدوث‪ ،‬فإن املؤمن يتلقى ذلك بمزيد من الرضا والتسليم واإليامن باهلل‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪.)1352‬‬


‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪253‬‬

‫‪ ‬واللجوء إليه يف دفع هذا األذى اخلارجي‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬


‫ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇ‬
‫ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ﴾ [آل‬
‫عمران‪.]570-573:‬‬

‫وكان النبي ﷺ إذا ضاقت عليه األمور فزع إىل الصالة‪ ،‬وكان يقول‪« :‬يا‬
‫بالل! أقم الصالة‪ ،‬أرحنا هبا»(‪ .)1‬فالصالة من أكرب أسباب الراحة النفسية‬
‫والسالم الداخيل‪ ،‬والتخلص من التوتر والقلق واهلم والغم‪.‬‬

‫وأرشد النبي ﷺ إىل بعض األذكار التي تقال عند اهلموم والغموم والتوتر‬
‫حزن فقال‪ :‬اللهم إين‬
‫ٌ‬ ‫هم وال‬
‫والقلق‪ ،‬فمن ذلك قوله ﷺ‪« :‬ما أصاب عبدً ا ٌّ‬
‫عدل َّيف قضاؤك‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ماض َّيف حكمك‪ٌ ،‬‬ ‫عبدك‪ ،‬ابن عبدك‪ ،‬ابن أمتك‪ ،‬ناصيتي بيدك‪،‬‬
‫سميت به نفسك‪ ،‬أو أنزلتَه يف كتابك‪ ،‬أو ع ّلمته أحدً ا‬
‫َ‬ ‫أسألك بكل اس ٍم هو لك‪،‬‬
‫من خلقك‪ ،‬أو استأثرت به يف علم الغيب عندك أن جتعل القرآن ربيع قلبي‪ ،‬ونور‬
‫وحزنه‪ ،‬وأبدله مكانه‬
‫مهه ُ‬
‫بِصي‪ ،‬وجالء ُحزين‪ ،‬وذهاب مهي‪ ،‬إال أذهب اهلل َّ‬
‫فرحا»(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫تقولينهن عند الكرب؟‬
‫َّ‬ ‫وقال ﷺ ألسامء بنت عميس‪« :‬أال أعلمك كلامت‬
‫ُ‬
‫أرشك به شيئًا»(‪.)3‬‬ ‫اهلل اهلل ريب ال‬

‫(‪ )1‬رواه أبو داود (‪ ،)0333‬وأمحد (‪.)55442‬‬


‫(‪ )2‬رواه أمحد (‪.)0425‬‬
‫(‪ )3‬رواه أبو داود (‪ ،)5340‬وابن ماجه (‪)3275‬‬
‫‪ | 254‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫حي يا قيوم‬
‫أمر قال‪« :‬يا ُّ‬
‫وعن أنس ‪ ‬أن النبي ﷺ كان إذا َح َزبه ٌ‬
‫برمحتك أستغيث»(‪.)1‬‬

‫كر اهلل ‪ ‬ودعاؤه والصالة له من أعظم عالج األمراض النفسية‪،‬‬ ‫ِ‬


‫فذ ُ‬
‫ولذلك قال تعاىل‪﴿ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ﴾ [احلجر‪.]22-27:‬‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي (‪.)3006‬‬


‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪255‬‬

‫‪- 4‬عالج مشكلة الفراغ الروحي‬

‫عالج النبي ﷺ مشكلة الفراغ الروحي وذلك بإحياء املعاين الربانية من اإليامن‬
‫باهلل وتوحيده والبعد عن الرشك‪ ،‬واإليامن باألنبياء والرسل مجي ًعا‪ ،‬واإليامن بالكتب‬
‫الساموية‪ ،‬واإليامن باملالئكة‪ ،‬واليوم اآلخر‪ ،‬والقدر خريه ورشه‪.‬‬

‫وباإلضافة إىل اإليامن القلبي عالج النبي ﷺ مشكلة الفراغ الروحي‬


‫بالعبادات الرشعية التي تربط املسلم بربه يف كل وقت‪ ،‬وأهم هذه العبادات‬
‫أركان اإلسالم اخلمسة وهي‪ :‬الشهادتان‪ ،‬إقامة الصالة‪ ،‬إيتاء الزكاة‪ ،‬صوم‬
‫رمضان‪ ،‬حج البيت احلرام‪.‬‬

‫إضافة إىل ذلك ر َّبى النبي ﷺ املسلم عىل معاين التقوى واإلخالص هلل‬
‫والثقة به‪ ،‬والتوكل عليه‪ ،‬وغرس اإلحساس الدائم برقابة اهلل عىل كل أعامله‪،‬‬
‫واطالعه عىل رسه ونجواه‪ ،‬وتغذية الشعور باملسؤولية وإن كان ال يراه أحد من‬
‫الناس‪ ،‬ألن اهلل تعاىل يراه‪.‬‬

‫قال النبي ﷺ البن عباس‪« :‬يا غالم! إين أعلمك كلامت‪ :‬احفظ اهلل‬
‫حيفظك‪ ،‬احفظ اهلل جتده جتاهك‪ ،‬إذا سألت فاسأل اهلل‪ ،‬وإذا استعنت فاستعن باهلل‪،‬‬
‫واعلم أن األمة لو اجتمعت عىل أن ينفعوك بيشء مل ينفعوك إال بيشء قد كتبه اهلل‬
‫لك‪ ،‬ولو اجتمعوا عىل أن يرضوك بيشء مل يرضوك إال بيشء قد كتبه اهلل عليك‪،‬‬
‫َج ّفت األقالم‪ ،‬ورفعت الصحف»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬رواه أمحد (‪ ،)5137‬والرتمذي (‪.)5004‬‬


‫‪ | 256‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫ويف حديث جربيل الطويل َّبني النبي ﷺ أصول اإلسالم واإليامن‬


‫واإلحسان‪ ،‬وهو من أهم األحاديث النبوية ألنه اشتمل عىل الدين اإلسالمي كله‬
‫بصورة خمترصة‪ ،‬فعن عمر بن اخلطاب ‪ ‬قال‪ :‬بينام نحن جلوس عند رسول‬
‫اهلل ﷺ إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب‪ ،‬شديد سواد الشعر‪ ،‬ال ُيرى عليه‬
‫النبي ﷺ فأسند ركبتيه إىل ركبتيه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أثر السفر‪ ،‬وال يعرفه منا أحد‪ ،‬فجلس إىل‬
‫ووضع كفيه عىل فخذيه وقال‪ :‬يا حممد! أخربين عن اإلسالم؟ فقال رسول اهلل ﷺ‪:‬‬
‫«اإلسالم أن تشهد أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وأن حممدً ا رسول اهلل‪ ،‬وتقيم الصالة‪ ،‬وتؤيت‬
‫ً‬
‫سبيال»‪ ،‬قال‪ :‬صدقت‪.‬‬ ‫الزكاة‪ ،‬وتصوم رمضان‪ ،‬وحتج البيت إن استطعت إليه‬
‫فعجبنا له يسأله ويصدّ قه‪ .‬قال‪ :‬فأخربين عن اإليامن؟ قال‪« :‬أن تؤمن باهلل ومالئكته‬
‫وكتبه ورسله واليوم اآلخر‪ ،‬وتؤمن بالقدر خِّيه ورشه»‪ ،‬قال‪ :‬صدقت‪ ،‬فأخربين‬
‫عن اإلحسان؟ قال‪« :‬أن تعبد اهلل كأنك تراه‪ ،‬فذن مل تكن تراه فذنه يراك»‪ .‬قال‪:‬‬
‫فأخربين عن الساعة؟ قال‪« :‬ما املسؤول عنها بأعلم من السائل»‪ .‬قال‪ :‬فأخربين عن‬
‫ِ‬
‫الشاء‬ ‫أماراهتا؟ قال‪« :‬أن تلد األمة ر َّب ُتها‪ ،‬وأن ترى احلفاة ال ُعراة العالة ِر َ‬
‫عاء‬
‫فلبثت مل ًّيا(‪ ،)1‬ثم قال ﷺ‪« :‬يا عمر! أتدري من‬
‫ُ‬ ‫يتطاولون يف البنيان»‪ ،‬ثم انطلق‬
‫السائل؟» قلت‪ :‬اهلل ورسوله أعلم‪ .‬قال‪« :‬فذنه جربيل أتاكم يع ّلمكم أمر‬
‫دينكم»(‪.)2‬‬

‫ودعا النبي ﷺ غري املؤمنني بالواحد األحد إىل التفكري والتأمل‪ ،‬فعن‬
‫عمران بن حصني ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ أليب‪« :‬يا حصني! كم تعبد‬

‫ً‬
‫طويال‪.‬‬ ‫(‪ )1‬فلبثت مل ًّيا‪ :‬أي انتظرت زمنًا‬
‫(‪ )2‬رواه مسلم (‪.)2‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪257‬‬

‫اليوم ً‬
‫إهلا؟» قال‪ :‬سبعة‪ ،‬ستة يف األرض وواحد يف السامء‪ .‬فقال له النبي ﷺ‪:‬‬
‫«فأهيم تعد لرهبتك ورغبتك؟» قال‪ :‬الذي يف السامء(‪ .)1‬فكأن النبي ﷺ يقول له‬
‫كيف تعبد غريه وأنت ال ترجو سواه يف الرغبة والرهبة‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي (‪.)3041‬‬


‫‪ | 258‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 5‬عالج مشكلة االحنرافات اجلنسية‬

‫عالج النبي ﷺ املشكلة اجلنسية من خالل احلث عىل الزواج يف س ٍّن مبكرة‪،‬‬
‫وكذلك حث عىل الصوم ملن ال يملك تكاليف الزواج وأكد عىل سدّ األبواب‬
‫التي تؤجج الشهوات ومن ذلك حتريم اخللوة باملرأة األجنبية والنظر إىل النساء‬
‫األجنبيات وكذلك من خالل احلوار مع الشباب وإقانعهم بقبح الزنا وخطورته‪.‬‬

‫قال النبي ﷺ‪« :‬يا معرش الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج‪ ،‬فذنه‬
‫أغض للبِص‪ ،‬وأحصن للفرج‪ ،‬ومن مل يستطع فعليه بالصوم فذنه له ِو َجاء»(‪.)1‬‬
‫ُّ‬

‫وقال ﷺ‪« :‬إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه‪ ،‬إال تفعلوا تكن‬
‫فتنة يف األرض وفساد كبِّي»(‪.)2‬‬

‫خيلون رجل بامرأة إال ومعها ذو حمرم»(‪.)3‬‬


‫َّ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬ال‬
‫وقال ﷺ وقد ُسئل عن النظر إىل النساء‪« :‬ارصف بِصك»(‪.)4‬‬

‫وقال ﷺ‪« :‬ال يزين الزاين حني يزين وهو مؤمن»(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)0677‬ومسلم (‪.)5021‬‬


‫(‪ )2‬رواه الرتمذي (‪.)5441‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)5720‬ومسلم (‪.)5325‬‬
‫(‪ )4‬رواه أبو داود (‪.)5236‬‬
‫(‪ )5‬رواه البخاري (‪ ،)5521‬ومسلم (‪.)26‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪259‬‬

‫وروي أن فتًى شا ًّبا أتى النبي ﷺ كي ّ‬


‫يرخص له يف الزنا‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسواهلل!‬
‫ائذن يل يف الزنا!! فأقبل عليه القوم فزجروه‪ ،‬وقالوا‪َ :‬م ْه َم ْه‪ .‬فقال ﷺ للشاب‪:‬‬
‫«ادن» فدنا منه قري ًبا‪ ،‬قال‪« :‬اجلس» فجلس‪ ،‬فقال ﷺ‪« :‬أحتبه ألمك؟» قال‪ :‬ال‬
‫واهلل‪ ،‬جعلني اهلل فداءك‪ ،‬ثم قال له‪« :‬أحتبه ألختك‪ ..‬لعمتك‪ ..‬خلالتك»‪ ،‬والشاب‬
‫يقول‪ :‬ال واهلل‪ ،‬جعلني اهلل فداءك‪ ،‬والنبي يقول له‪« :‬وكذلك الناس ال حيبونه‬
‫ألخواُتم‪ ..‬لعامُتم‪ ..‬خلاالُتم»‪.‬‬

‫وح َّصن‬
‫ثم وضع النبي ﷺ يده عليه وقال‪« :‬اللهم اغفر ذنبه‪ ،‬وطهر قلبه‪َ ،‬‬
‫فرجه» فلم يكن الفتى بعد ذلك يلتفت إىل يشء(‪.)1‬‬

‫حتريام من الزنى يف اإلسالم‪ ،‬وقد قال ﷺ‪:‬‬


‫ً‬ ‫وأما الشذوذ اجلنيس فإنه أشدّ‬
‫« لعن اهلل من عمل عمل قوم لوط‪ ،‬لعن اهلل من عمل عمل قوم لوط‪ ،‬لعن اهلل من‬
‫عمل عمل قوم لوط»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬رواه أمحد (‪.)55521‬‬


‫(‪ )2‬رواه أمحد (‪.)5763‬‬
‫‪ | 261‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 6‬عالج مشكلة اخلمر واملخدرات‬

‫يعاين العامل بأرسه من مشكلة املسكرات واملخدرات‪ ،‬وقد كان اإلسالم‬


‫صار ًما يف حماربة هذه اآلفة‪ ،‬فقد َح َّرم كل ما يؤدي إىل غياب العقل وسرته مهام‬
‫اختلفت األسامء واملسميات‪.‬‬
‫قال تعاىل‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ﴾ [املائدة‪.]24:‬‬
‫وقال ﷺ‪« :‬ما أسكر كثِّيه‪ ،‬فقليله حرام»(‪.)1‬‬
‫وقال ﷺ‪« :‬كل رشاب أسكر فهو حرام»(‪ ،)2‬ويدخل يف ذلك كل أنواع‬
‫املسكرات واملخدرات‪.‬‬
‫مدمن ُخر»(‪.)3‬‬
‫ُ‬ ‫وقال النبي ﷺ‪« :‬ال يدخل اجلنة‬
‫مفتاح ّ‬
‫كل رش»(‪.)4‬‬ ‫ُ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬ال ترشبوا اخلمر فذهنا‬
‫ٍ‬
‫مسكر‬ ‫وعن أم سلمة ‪ ‬قالت‪« :‬هنى رسول اهلل ﷺ عن كل‬
‫و ُم ِّ ٍ‬
‫فرت»(‪.)5‬‬
‫واملفرت‪ :‬كل ما يورث الفتور وهو اخلمول والضعف واالنكسار واسرتخاء‬
‫اجلسم وخدر األطراف‪ ،‬واملخدرات تفعل ذلك بال جدال‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه أمحد (‪ ،)6575‬وأبو داود (‪.)3526‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)1517‬ومسلم (‪.)3757‬‬
‫(‪ )3‬رواه أمحد (‪ ،)6515‬والنسائي (‪ ،)1177‬وابن ماجه (‪.)3367‬‬
‫(‪ )4‬رواه ابن ماجه (‪.)3365‬‬
‫(‪ )5‬رواه أبو داود (‪ ،)3545‬وأمحد (‪.)51056‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪260‬‬

‫‪- 7‬عالج مشكلة السحر والكهانة والشعوذة‬

‫عىل الرغم من تقدُّ م العامل صناع ًّيا وتكنولوج ًّيا إال أن ماليني البرش يف العامل‬
‫بعضا من‬
‫ما زالوا يعيشون أرسى لعامل السحر والكهانة والشعوذة‪ ،‬وقد قرأنا أن ً‬
‫ٍ‬
‫واحد منهم ساحره اخلاص وكاهنه الذي يزعم أنه‬ ‫كبار الساسة يف العامل لكل‬
‫خيربه ببعض األمور التي حتدث يف املستقبل‪ ،‬ويدعي أنه يطلعه عىل مؤامرات‬
‫اخلصوم وخططهم‪.‬‬

‫والسحر حقيقة ولكن تعلمه وممارسته كفر يف اإلسالم كام قال تعاىل‪:‬‬
‫﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ﴾ [البقرة‪ ،]545:‬فكان كفرهم بسبب تعليم الناس‬
‫السحر‪.‬‬

‫والنبي ﷺ هنى عن السحر والكهانة والشعوذة‪ ،‬فقال ﷺ‪« :‬ليس منا من‬
‫تسحر أو تُسحر له» (‪.)1‬‬
‫تطِّي أو تُطِّي له‪ ،‬أو تك َّهن أو تُكهن له‪ ،‬أو َّ‬
‫َّ‬
‫وقال النبي ﷺ‪« :‬اجتنبوا السبع املوبقات» ‪ -‬أي املهلكات ‪ -‬قالوا‪ :‬يا‬
‫رسول اهلل! وما هن؟ قال‪« :‬الرشك باهلل‪ ،‬والسحر‪ ،‬وقتل النفس التي َح َّرم اهلل إال‬
‫باحلق‪ ،‬وأكل الربا‪ ،‬وأكل مال اليتيم‪ ،‬والتول يوم الزحف‪ ،‬وقذف املحصنات‬
‫الغافالت املؤمنات»(‪ ،)2‬فجعل مرتبة السحر يف اإلثم بعد الرشك باهلل الذي هو‬
‫أعظم الذنوب عىل اإلطالق‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه الطرباين (‪.)0565‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)5164‬ومسلم (‪.)552‬‬
‫‪ | 262‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫النبي ﷺ عن الذهاب إىل الكهنة والعرافني‪ ،‬فقال ﷺ‪« :‬من أتى‬ ‫ُّ‬ ‫وهنى‬
‫عرا ًفا‪ ،‬فسأله عن يشء‪ ،‬مل تُقبل له صال ٌة أربعني ليلة»(‪.)1‬‬

‫وشدّ د اإلثم عىل من صدَّ قهم فقال‪« :‬من أتى كاهنًا فصدقه بام يقول‪ ،‬فقد‬
‫كفر بام أنزل عىل حممد ﷺ»(‪.)2‬‬

‫وقد يتساءل البعض فيقول‪ :‬لكن السحرة والكهان يصدقون أحيانًا فيام‬
‫يقولون‪ ،‬وهذا ُّ‬
‫يدل عىل صدقهم‪ ،‬واجلواب ما قاله رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فقد‏سأله‬
‫ناس عن الكهان‪ ،‬فقال‪« :‬ليسوا بيشء» فقالوا‪ :‬يا رسول اهلل! إهنم حيدثونا أحيانًا‬
‫أ ٌ‬
‫اجلني‬
‫ُّ‬ ‫بيشء فيكون ح ًّقا؟ فقال رسول اهلل ﷺ‪« :‬تلك الكلمة من احلق خيطفها‬
‫في ُق ُّرها يف أذن ول ّيه‪ ،‬فيخْ لطون معها مئة كذبة»(‪.)3‬‬

‫ويف رواية للبخاري عن عائشة أهنا سمعت رسول اهلل ﷺ يقول‪« :‬إن‬
‫ُ‬
‫فيسرتق‬ ‫األمر قِض يف السامء‪،‬‬
‫َ‬ ‫املالئكة تنزل يف العنان ‪ -‬وهو السحاب ‪ -‬فتذكر‬
‫السمع‪ ،‬فيسمعه‪ ،‬فيوحيه إىل الكهان‪ ،‬فيكذبون معها مائة كذبة من عند‬
‫َ‬ ‫الشيطان‬
‫ُ‬
‫أنفسهم»(‪.)4‬‬

‫وعن أيب هريرة ‪ ،‬أن رسول اهلل ﷺ قال‪« :‬ال َعدوى وال طِّية وال‬
‫هامة وال َص َفر»(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪ ،)0537‬وأمحد (‪.)56405‬‬


‫(‪ )2‬رواه الرتمذي (‪ ،)551‬وأمحد (‪.)2575‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)1701‬ومسلم (‪.)0531‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري (‪.)5275‬‬
‫(‪ )5‬رواه البخاري (‪ ،)1356‬ومسلم (‪.)0556‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪263‬‬

‫وقوله ﷺ‪« :‬ال عدوى» ليس فيه إنكار تأثري العدوى ألنه ﷺ أثبت تأثري‬
‫العدوى يف أحاديث أخر كقوله ﷺ‪ّ « :‬فر من املجذوم فرارك من األسد»(‪ ،)1‬وقوله‬
‫أي‪ :‬ال يورد صاحب اإلبل املريضة عىل‬ ‫(‪)2‬‬
‫صح»‬ ‫ٌ‬
‫ممرض عىل ُم ّ‬ ‫ﷺ‪« :‬ال يورد‬
‫صاحب اإلبل الصحيحة‪ ،‬لئال تنتقل العدوى‪.‬‬

‫إذن فقوله ﷺ‪« :‬ال عدوى» هو إنكار لكون العدوى علة فاعلة وكون‬
‫تأثريها حتم ًّيا واألمر ليس كذلك‪ ،‬ألن املرض قد يعدي وقد ال يعدي‪ ،‬ولذلك ملا‬
‫قال النبي ﷺ‪« :‬ال عدوى» قال له رجل‪ :‬يا رسول اهلل! اإلبل تكون صحيحة مثل‬
‫الظباء‪ ،‬فيدخلها اجلمل األجرب‪ ،‬فتجرب؟ فقال النبي ﷺ‪« :‬فمن أعدى‬
‫األول؟»(‪ )3‬يعني أن املرض نزل عىل األول بدون عدوى‪ ،‬بل نزل من عند اهلل‬
‫‪ ،‬فكذلك إذا انتقل بالعدوى فقد انتقل بأمر اهلل‪ ،‬وقد ينتقل املرض‬
‫بالعدوى وقد ال ينتقل‪ ،‬واألمر كله بيد اهلل تعاىل‪.‬‬

‫وقوله ﷺ‪« :‬وال طِ َِّية» من التطري وهو التشاؤم وقوله‪« :‬وال هامة» طري‬
‫معروف مثل البومة كانت العرب تتشاءم منها‪.‬‬

‫قوله‪« :‬وال صفر» قيل إهنم كانوا يتشاءمون بشهر صفر كام يتشاءم اليوم‬
‫النبي ﷺ كل هذه املعتقدات الباطلة‬
‫كثري من الناس بأيام أو تواريخ حمددة‪ ،‬فأبطل ُّ‬
‫التي كانت تربط الناس باخلرافات والكهانة والشعوذة‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪.)1352‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)1352‬ومسلم (‪.)0557‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)1334‬ومسلم (‪.)0556‬‬
‫‪ | 264‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 8‬عالج مشكلة الفقر‬

‫استعاذ النبي ﷺ من الفقر وقرنه بالذ ّلة فقال‪« :‬اللهم إين أعوذ بك من الفقر‬
‫ِ‬
‫والذلة»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫والقلة‬
‫وقرنه كذلك بالكفر فقال‪ ...« :‬وأعوذ بك من الفقر والكفر‪ .)2(»...‬وهذا‬
‫يدل عىل خطورة الفقر‪ ،‬وأنه يمكن أن يؤدي إىل الكفر والعياذ باهلل‪.‬‬
‫وحارب النبي ﷺ مشكلة الفقر باحلث عىل العمل وتبشيع سؤال الناس‬
‫أمواهلم‪ ،‬فقال ﷺ‪« :‬ألن يأخذ أحدكم َح ْب َله‪ ،‬ثم يغدو إىل اجلبل‪ ،‬فيحتطب‪ ،‬فيبيع‪،‬‬
‫فيأكل‪ ،‬ويتصدق‪ ،‬خِّي له من أن يسأل الناس»(‪.)3‬‬
‫وقال النبي ﷺ‪« :‬ال ينبغي ملؤمن أن ّ‬
‫يذل نفسه»(‪.)4‬‬
‫حق توكله لرزقكم كام يرزق‬
‫وقال النبي ﷺ‪« :‬لو أنكم توكلون عىل اهلل َّ‬
‫ُخاصا‪ ،‬وتروح بطانًا»(‪.)5‬‬
‫الطِّي‪ ،‬تغدو ً‬
‫فالطري تغدو لطلب الرزق‪ ،‬وتذهب وجتيء‪ ،‬وال تقع إال حيث ترى طعا ًما‪،‬‬
‫وال تزال تسبح يف اهلواء حتى ترى ماء فتنزل لترشب‪ّ ،‬‬
‫وكل ذلك ابتغاء الرزق‪،‬‬
‫فالعمل واألخذ باألسباب وقبل ذلك التوكل عىل اهلل تعاىل واللجوء إليه هو‬
‫السبيل األول للتخلص من الفقر يف اإلسالم‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه أبو داود (‪ ،)5354‬وأمحد (‪.)7742‬‬


‫(‪ )2‬رواه أبو داود (‪ ،)0056‬وأمحد (‪.)52150‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري (‪ ،)5326‬وأمحد (‪.)54433‬‬
‫(‪ )4‬رواه الرتمذي (‪ ،)5524‬وأمحد (‪.)55357‬‬
‫(‪ )5‬رواه الرتمذي (‪ ،)5566‬وأمحد (‪.)544‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪265‬‬

‫ثم تأيت بعد ذلك الزكاة لغري القادرين عىل العمل‪ ،‬أو للذين يعملون وال‬
‫تكفيهم أمواهلم فهؤالء يأخذون من أموال الزكاة‪ ،‬وهي فريضة تؤخذ من مال‬
‫األغنياء فتعطى للفقراء ثم تأيت الصدقات التي خيرجها األغنياء باختيارهم طم ًعا‬
‫يف األجر والثواب اجلزيل من اهلل تعاىل‪.‬‬

‫قال اهلل تعاىل‪﴿ :‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ﴾‬


‫[املعارج‪.]51-50:‬‬

‫وقال‪﴿ :‬ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ﴾ [اإلنسان‪.]2:‬‬

‫وقال ﷺ‪ « :‬من كان له فضل ظهر فليعد به عىل من ال ظهر له‪ ،‬ومن كان له‬
‫فضل ٍ‬
‫زاد‪ ،‬فليعد به عىل من ال زاد له»(‪.)1‬‬

‫وملا كانت أسوأ نتائج الفقر أن يفقد الفقري أهم مقومات احلياة ومنها الطعام‬
‫واللباس فقد جاءت توجيهات رسول اهلل حممد ﷺ مرغبة يف إطعام الطعام ويف‬
‫كسوة اللباس حتى أهنا جعلت كفارات للعديد من اخلطايا‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪ ،)3512‬وأبو داود (‪.)5056‬‬


‫‪ | 266‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪- 2‬عالج مشكلة اإلخالل بالبيئة‬

‫أسهم النبي ﷺ يف عالج املشكالت النامجة عن إخالل اإلنسان بالتوازن‬


‫البيئي وذلك عن طريق التوجيه واإلرشاد للحفاظ عىل املياه واحلفاظ عىل‬
‫األرض واحلفاظ عىل التوازن البيئي واحرتام احلياة حتى للحيوان الذي ليس من‬
‫وجوده رضر‪.‬‬

‫غرسا‪ ،‬فيأكل منه طِّي‪،‬‬


‫قال النبي ﷺ‪« :‬ما من مسلم يزرع زر ًعا‪ ،‬أو يغرس ً‬
‫أو إنسان‪ ،‬أو هبيمة‪ ،‬إال كانت له به صدقة»(‪.)1‬‬

‫وهنى النبي ﷺ عن قضاء احلاجة يف طرق الناس وموارد املياه وأماكن‬


‫الربازُ يف املوارد‪ ،‬وقارعة الطريق‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الظل‪ ،‬فقال ﷺ‪« :‬اتقوا املالعن الثالث‪َ :‬‬
‫ّ‬
‫والظل»(‪.)2‬‬
‫وهنى النبي ﷺ عن اإلرساف يف املاء فقال‪« :‬ال ترسف يف املاء وإن كنت عىل‬
‫هنر ٍ‬
‫جار»(‪.)3‬‬ ‫ٍ‬

‫عصفورا فام فوقها بغِّي‬


‫ً‬ ‫وهنى عن قتل احليوان بغري فائدة فقال‪« :‬من قتل‬
‫ح ّقها إال سأله اهلل عنها يوم القيامة»‪ .‬قيل‪ :‬يا رسول اهلل! فام ح ُّقها؟ قال‪« :‬أن‬
‫يذبحها فيأكلها‪ ،‬وال يقطع رأسها فِّيمي به»(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)5515‬ومسلم (‪.)5240‬‬


‫(‪ )2‬رواه أبو داود (‪ ،)50‬وأمحد (‪ ،)5124‬وابن ماجه (‪.)353‬‬
‫(‪ )3‬رواه أمحد (‪ ،)6762‬وابن ماجه (‪.)052‬‬
‫(‪ )4‬رواه النسائي (‪ ،)0362‬وأمحد (‪.)6560‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪267‬‬

‫وحافظ النبي ﷺ عىل نظافة األرض‪ ،‬حيث شبهها باملسجد يف الطهارة‬


‫وطهورا»(‪.)1‬‬
‫ً‬ ‫والنظافة‪ ،‬فقال ﷺ‪« :‬وجعلت ل األرض مسجدً ا‬

‫وعن النبي ﷺ‪« :‬أن نمل ًة قرصت نب ًّيا من األنبياء‪ ،‬فأمر بقرية النمل‬
‫تسبح»‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أهلكت أم ًة من األمم‬
‫َ‬ ‫قرصتك نمل ٌة‬
‫فأحرقت‪ ،‬فأوحى اهلل إليه‪ :‬أيف أن َ‬
‫ويف رواية‪« :‬فأوحى اهلل إليه َّ‬
‫فهال نملة واحدة»(‪ ،)2‬ويف هذا من احلفاظ عىل‬
‫التوازن البيئي ما فيه‪ ،‬ألن كل إنسان إذا تأذى من حيوان ما قام بقتل املئات أو‬
‫اآلالف من ذاك احليوان مل يبق من جنس هذا احليوان يشء‪ ،‬وهذا خمالف للنظام‬
‫البيئي الذي خلقه اهلل تعاىل‪.‬‬

‫وأمر النبي ﷺ بتنظيف البيوت وتطهريها حتى ال تنترش األوبئة فقال ﷺ‪:‬‬
‫«طهروا أفنيتكم»(‪.)3‬‬

‫النبي ﷺ عىل الزراعة التي تعترب الصديق الويف للبيئة فقال ﷺ‪« :‬إذا‬
‫وحث ُّ‬
‫قامت الساعة ويف يد أحدكم فسيلة‪ ،‬فذن استطاع أال تقوم حتى يغرسها‪،‬‬
‫فليغرسها»(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (‪ ،)052‬ومسلم (‪.)255‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري (‪ ،)5726‬ومسلم (‪.)0517‬‬
‫(‪ )3‬رواه الطرباين (‪.)0417‬‬
‫(‪ )4‬رواه أمحد (‪.)55155‬‬
‫‪ | 268‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪269‬‬

‫فهرس املوضوعات‬
‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬
‫املقدمة ‪557 .............................................................................‬‬
‫التمهيد ‪555 ............................................................................‬‬
‫‪ -5‬حياة حممد رسول اهلل ﷺ يف سطور ‪555 .............................................‬‬
‫‪ -5‬األنبياء أخوة ‪552 ...................................................................‬‬
‫‪ -3‬نموذج لتعرف ملك من ملوك الروم عىل حممد رسول اهلل ﷺ ‪535 ........................‬‬
‫‪ -0‬نموذج لتعرف ملك من ملوك احلبشة عىل حممد رسول اهلل ﷺ ‪531...........................‬‬
‫‪ -1‬نموذج لتعرف أحد كبار أحبار اليهود عىل حممد رسول اهلل ﷺ ‪537 .......................‬‬
‫القسم األول‪ :‬حممد رسول اهلل ﷺ واحلقوق‪504 ...............................‬‬
‫‪-5‬من حقوق اإلنسان ‪505 ..............................................................‬‬
‫‪ -5‬من حقوق املرأة ‪503 ................................................................‬‬
‫‪ -3‬من حقوق الوالدين واألقارب ‪507 ..................................................‬‬
‫‪ -0‬من حقوق األبناء ‪502 ...............................................................‬‬
‫‪ -1‬من حقوق األطفال ‪515 .............................................................‬‬
‫‪ -6‬من حقوق اخلدم ‪513 ...............................................................‬‬
‫‪ -7‬من حقوق اجلار ‪511 ................................................................‬‬
‫‪ -2‬من حقوق الضيف ‪517 .............................................................‬‬
‫‪ -2‬من حقوق اليتيم ‪512 ................................................................‬‬
‫‪ -54‬من حقوق الضعفاء والفقراء واملساكني ‪512 ........................................‬‬
‫‪ -55‬من حقوق الرقيق ‪565 .............................................................‬‬
‫‪ -55‬من حقوق املسنني ‪560 ............................................................‬‬
‫‪ -53‬من حقوق ذوي االحتياجات اخلاصة ‪566 ..........................................‬‬
‫‪ | 271‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫‪ -50‬من حقوق الطريق ‪562 ............................................................‬‬


‫‪ -51‬من حقوق احليوان ‪562 ............................................................‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬حممد رسول اهلل ﷺ والقيم واألخالق والفضائل ‪575 ......................‬‬
‫مدخل ‪575 .............................................................................‬‬
‫‪ -5‬كيف تكسب الناس؟ ‪573 ...........................................................‬‬
‫‪ -5‬العدل ‪571 ..........................................................................‬‬
‫‪ -3‬الرمحة ‪576 ..........................................................................‬‬
‫احللم ‪577 ..........................................................................‬‬‫‪ِ -0‬‬
‫‪ -1‬األمانة ‪572 .........................................................................‬‬
‫‪ -6‬الشجاعة ‪572 .......................................................................‬‬
‫‪ -7‬التواضع ‪524 .......................................................................‬‬
‫‪ -2‬الوفاء ‪525 ..........................................................................‬‬
‫‪ -2‬األمن ‪523 ..........................................................................‬‬
‫‪ -54‬الصمت والكالم ‪521 .............................................................‬‬
‫‪ -55‬الوسطية والتوازن ‪527 ............................................................‬‬
‫‪ -55‬الوقت ‪525 .......................................................................‬‬
‫‪ -53‬حتمل املسؤولية ‪525 ...............................................................‬‬
‫‪ -50‬العمل والكسب ‪520 ..............................................................‬‬
‫‪ -51‬الرقابة الذاتية ‪527 .................................................................‬‬
‫‪ -56‬الطب والصحة ‪522 ...............................................................‬‬
‫‪ -57‬النظافة والتجمل ‪544 ..............................................................‬‬
‫‪ -52‬احرتام النفس اإلنسانية ‪545 .......................................................‬‬
‫‪ -52‬حسن اخللق ‪543 ..................................................................‬‬
‫‪ -54‬الصداقة واحلب ‪540 ..............................................................‬‬
‫‪ -55‬كيف تعلم الناس؟ ‪541 ............................................................‬‬
‫حممد رسول اهلل‏ﷺ‏|‏‪270‬‬

‫‪ -55‬العمل ا لتطوعي ‪547 ..............................................................‬‬


‫‪ -53‬الشورى ‪542 ......................................................................‬‬
‫‪ -50‬دفع الظلم ومقاومته ‪555 ..........................................................‬‬
‫‪ -51‬أدب احلرب والقتال ‪550 ..........................................................‬‬
‫‪ -56‬السعادة ‪551 ......................................................................‬‬
‫‪ -57‬التفاؤل ‪557 .......................................................................‬‬
‫‪ -52‬روح الدعابة ‪552 ..................................................................‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬حتذير حممد رسول اهلل ﷺ من الرذائل واملساوئ ‪555..............................‬‬
‫مدخل ‪555 .............................................................................‬‬
‫‪ -5‬القتل ‪553 ...........................................................................‬‬
‫‪ -5‬الغدر ‪551 ..........................................................................‬‬
‫‪ -3‬الغضب ‪556 ........................................................................‬‬
‫‪ -0‬ترويع الناس ‪557 ...................................................................‬‬
‫‪ -1‬اخليانة ‪552 ..........................................................................‬‬
‫‪ -6‬اإلفساد بني الناس ‪552 ..............................................................‬‬
‫‪ -7‬التجسس ‪534 .......................................................................‬‬
‫‪ -2‬السباب واللعن ‪535 .................................................................‬‬
‫‪ -2‬سوء الظن ‪533 ......................................................................‬‬
‫‪ -54‬الرشوة ‪530 .......................................................................‬‬
‫‪ -55‬املظهرية اجلوفاء ‪531 ...............................................................‬‬
‫‪ -55‬الكسل ‪537 .......................................................................‬‬
‫‪ -53‬اليأس ‪532 ........................................................................‬‬
‫‪ -50‬االنتحار ‪532 ......................................................................‬‬
‫‪ -51‬الظلم واالعتداء ‪504 ..............................................................‬‬
‫‪ | 272‬حممد رسول اهلل‏ﷺ‬

‫القسم الرابع‪ :‬حممد رسول اهلل ﷺ عالج مشكالت البرشية ‪505 ...........................‬‬
‫مدخل ‪505 .............................................................................‬‬
‫‪ -5‬عالج مشكلة اإلرهاب ‪501 .........................................................‬‬
‫‪ -5‬عالج مشكلة العنف األرسي ‪502 ...................................................‬‬
‫‪ -3‬عالج مشكلة القلق واالكتئاب ‪515 ..................................................‬‬
‫‪ -0‬عالج مشكلة الفراغ الروحي ‪511 ...................................................‬‬
‫‪ -1‬عالج مشكلة االنحرافات اجلنسية ‪512 ..............................................‬‬
‫‪ -6‬عالج مشكلة اخلمر واملخدرات ‪564 .................................................‬‬
‫‪ -7‬عالج مشكلة السحر والكهانة والشعوذة ‪565 ........................................‬‬
‫‪ -2‬عالج مشكلة الفقر ‪560 .............................................................‬‬
‫‪ -2‬عالج مشكلة اإلخالل بالبيئة ‪566 ...................................................‬‬
‫فهرس املوضوعات ‪562 .................................................................‬‬

You might also like