Professional Documents
Culture Documents
محمد رسول الله
محمد رسول الله
تأليف
أ.د .أمحد بن عثمان املزيد
أستاذ الدراسات اإلسالمية -جامعة امللك سعود
| 006حممد رسول اهللﷺ
حممد رسول اهللﷺ|007
( )1يتم اآلن ترجمة الكتاب ألهم اللغات العالمية منها اإلنجليزية والفرنسية واأللمانية واألسبانية.
| 008حممد رسول اهللﷺ
القسم األول :وأرشت فيه إىل مجلة من احلقوق التي ذكرها رسول اهلل حممد
ﷺ ،كحقوق اإلنسان ،وحقوق املرأة ،والطفل ،واآلباء ،واألبناء ،وذوي
االحتياجات اخلاصة ،واملسنني ،واخلدم والرقيق ،والضيف ،واليتيم ،واجلار،
وغري ذلك.
وقد اشتمل الكتاب عىل أكثر من ( )75موضو ًعا ،و ( )044قول لرسول
اهلل حممد ﷺ.
-1اخرتت أهم املوضوعات التي حيتاجها عاملنا املعارص وقسمتها إىل األقسام
األربعة السابقة.
هذا ،وحيدوين األمل -قارئي الكريم -أن تقرأ كتايب هذا وتطلع عليه كام
اطلع كثري من علامء الغرب -غري املسلمني -عىل سرية النبي ﷺ وأقواله
ومواقفه ،فكانت هلم أقوال ُّ
تدل عىل تعظيم النبي ﷺ واإلعجاب بشخصيته
واالنبهار بأخالقه وسريته يف الناس.
| 021حممد رسول اهللﷺ
ومن هؤالء األديب اإلنجليزي (جورج برنارد شو) حيث قال« :إن حممدً ا
جيب أن ُيدعى منقذ اإلنسانية ،إنني أعتقد أنه لو توىل مثله زعامة العامل احلديث
[عظمة اإلسالم :املجلد لنجح يف ِّ
حل مشكالته بطريقة جتلب إىل البرشية السعادة».
األول ،جلورج برنارد شو].
ويقول املؤرخ األمريكي ول ديورانت« :إذا ما حكمنا عىل العظمة بام كان
للعظيم من أثر يف الناس قلنا إن حممدً ا كان من أعظم عظامء التاريخ» [قصة احلضارة
ويقول العامل األمريكي املعارص مايكل هارت« :إن اختياري حممدً ا ليكون
كثريا من القراء إىل حد قد يثري
األول يف قائمة أهم رجال التاريخ ربام أدهش ً
بعض التساؤالت ...لكن يف اعتقادي أن حممدً ا ﷺ كان الرجل الوحيد يف
التاريخ الذي نجح بشكل أسمى وأبرز يف كال املستويني الديني والدنيوي» [املائة
وختاما :أسأل اهلل تعاىل أن حيقق هذا الكتاب الغاية منه ،وأن يسعد اجلميع
ً
دنيا وآخرة ،وصىل اهلل وسلم عىل نبينا حممد وعىل آله وصحبه وأتباعهم بإحسان إىل
يوم الدين.
حممد رسول اهللﷺ|020
التمهيد
- 3حياةُ رسولِ اهللِ حممدٍ ﷺ يف سطور
نسبه ﷺ:
ِ ِ
هو أبو القاس ِم حممدُ بن عبد اهلل ،ب ُن عبد املطلب ،ب ُن هاش ٍم بن عبد منافُ ،
بن
قيص ،بن كُالب ،بن ُم َّرة ،بن كعب بن لؤي بن غالب ،بن فهر ،بن مالك ،بن النِض،
بن كنانة ،بن خزيمة ،بن مدركة ،بن إلياس ،بن مِض ،بن نزار ،بن معدّ ،بن عدنان،
وعدنان من نسل إسامعيل بن إبراهيم عليهام السالم.
أمُّه ﷺ:
عبد ِ
مناف بن زهرة بن كُالب. وهب بن ِ
ٍ هلل ﷺ هي آمن ُة ُ
بنت ِ
رسول ا ِ وأ ُّم
والدته ﷺ:
ُ
رسول اهللِ ﷺ بمك َة يف العا ِم الذي غزا فيه أ ْبره ُة األرش ُم مك َة هلد ِم ُولِدَ
يوافق سن َة (175-174م).ُ ِ
الكعبة ،وهذا العا ُم
ِ
األول من هذا العا ِم. شهر ربي ٍع ِ
االثنني من ِ وقد ُولدَ يوم
َرضَاعهُ ﷺ:
نشأته ﷺ:
ٍ
طالب، عمه أبو
مات كفل ُه ُّ ِ
املطلب ،فلام َ ونش َأ ﷺ ً
يتيام يكفل ُه جدُّ ُه عبدُ
ِ
والرعاية. ِ
بالعطف واعتنى به وشمله
مجيل، كل ٍ
خلق ٍ عيب ،ومنحه َّ كل ٍ ِ
اجلاهلية ومن ِّ ِِ
دنس وطهره اهللُ من ّ
ِ
حديثه ِ
وصدق ِ
أمانته ِ
باألمني ،ملا شاهدوا من عرف بني ِ
قومه إال يكن ُي ُ حتى مل ْ
ِ
وطهارته.
ٍ
جتارة له. ٍ
طالب يف وسافر ﷺ إىل الشا ِم مع ِ
عمه أيب َ
ٍ
جتارة خرج ثان ًيا إىل الشا ِم مع م ْيرس َة -غال ِم خدجي َة ريض اهلل عنها -يفثم َ
شأنهوأمانته وما هبره من ِ
ِ ِ
صدقه قبل أن يتزوجها ،فلام حدَّ َثها ميرس ُة عن هلا وذلك َ
ََ ُ
ِ
التزوج به. وخلقه َر ِغ ْ
بت يف ِ
ابتداء الوحي:
ِ
برسالته. ِ
بكرامته ،وابتعثه اختصه اهللُ بلغ أربعني سن ًة عام 654م
فلام َ
َّ
حبب
َ جربيل عليه السالم وهو بغار ِحراء ٍ -
جبل بمكة -وكان اهللُ قد ُ أتاه
للتأمل يف هذا ِ
الغار. ِ ِ
بنفسه إليه االختال َء
حممد رسول اهللﷺ|023
ٍ
بقارئ .فغ ّطه امل َل ُك لست فقال له :اقر ْأَ .
قال: ِ
حراء َ جربيل ِ
بغار ُ َ
نزل عليه
ُ
فعل ذلك ثال ًثا .ثم قال ٍ
بقارئَ . لست
فقالُ : قال له :اقر ْأَ .
بلغ منه اجلهدُ .ثم َ
حتى َ
له ﴿ :ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ
ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ﴾ [العلق.]1-5:
َ
حدث له، يرجتف ،فأخربها بام
ُ هلل ﷺ إىل خدجي َة ُ
رسول ا ِ فرجع
َ
الرحم،
َ ُ
لتصل َ
خيزيك اهللُ أبدً ا ،إنك وقالت له :كال ،واهللِ ال
ْ فث َّبتته وطم َأنته
ِ
الدهر. ِ
نوائب ُعني عىل
ُكسب املعدو َم ،وت ُ
ُ الضيف ،وت
َ َ
احلديث ،وتقري وت َْصدُ ُق
ِ
باملعروف. فرحا( )1بينهم أن يعطوه
وإن املؤمنني ال يرتكون ُم ً
و َلدَ ِ
أحدهم. َ
ٍ
مؤمن. كافرا عىل
نرص ً ٍ
وال َيقتُل مؤم ٌن مؤمنًا يف كافر ،وال َي ْ ُ
ِ
الناس. دون ٍ
بعض َ بعضهم َموايل َّ
وإن املؤمنني ُ
ِ
واألسوةَ ،غري مظلومني وال وإن من تبعنا من ّنو َد ،فإ َّن له النرص َة
ٍ
متنارص عليهم.
وأقوم ِه.
ِ ِ
أحسن ٍ
هدي وإن املؤمنني املتقني عىل
َّ
وإن اليهو َد ينفقون مع املؤمنني ما داموا حماربني.
عوف أم ٌة مع املؤمنني ،لليهود دينُهم وللمسلمني دينُهم، ٍ َّ
وإن ّنود بني
وأهل بيتِ ِه.
نفسه َ ِ ()3
وأثم فإنه ال يوت ُغ إال َ
نفسه َ
ِ
مواليهم وأنفسهم ،إال من َظ َل َم َ ِ
النصح ِ
الصحيفة ،وإن بينهم حارب َ
أهل هذه النرص عىل من وإن بينهم
َ َ َ
رب دون اإلث ِم.والنصيح َة وال َ
أوالدُه ﷺ وبناتُه:
وإبراهيم
ُ القاسم وبه كان ُي َكنَّى ،وعاش أيا ًما يسرية،
ُ فالذكور من ولده:
ُ
ٍ
أشهر. ِ
بثالثة ِ
باملدينة وعاش عامني إال شهرين ومات قبله ﷺ ولد
أزواجُه ﷺ:
ِ
السيدة خدجي َة تزوج من ِ
اخلامسة والعرشين هلل ﷺ س َّن رسول ا ُِ وملا َ
بلغ
َ
وظل معها طيل َة أربعون عا ًماَّ ،
َ ِ
العمر ٍ
حينئذ من َ
وكان هلا خويلد ، ٍ ِ
بنت
ناهزت اخلامسة ِ يت وقد غريها حتى توف ْ مخس وعرشي َن سن ًة ،مل ٍ
يتزوج عليها َ ْ
ِ
النسوة مل ِ
بالعديد من وتزوج بعد ذلك مخسني سن ًة، عمره َ
َ َ وكان ُ والستني عا ًما،
حكم
ٌ ِ
العمر له زواج ُه منه َّن بعدَ هذا
ُ بكرا إال عائش َة .وقد َ
كان منهن ً َّ يكن
ْ
عديد ٌة منها:
-5غاية تعليمية :لتخريج بضع معلامت للنساء يعلمه َّن األحكام
الرشعية ،وخاصة التي تتعلق هب َّن.
ِ
كعادة التبني اجلاهلية املستن ِ
ْكرة ِ ِ
العادات ِ
بعض ِ
إلبطال -5غاي ٌة ترشيعي ٌة:
ٍ
جحش). السيدة (زينب ِ
بنت ِ كزواج ِه من
ِ
َ
| 028حممد رسول اهللﷺ
ِ
السيدة عائش َة ابن َة تزوج ِه من
ِ -3غاي ٌة اجتامعي ٌة :وهذه واضح ٌة متا ًما يف
عمر السيدة حفص َة ابن َة ِ ِ
ِ زواج ِه من
ِ ِ األول أيب ٍَ وزير ِه
ِ
وزيره الثاين َ الصديق ،ثم بكر
ِ
اخلطاب. ِ
بن
ِ
احلارث) سيد َة السيدة (جويري َة ِ
بنت ِ زواج ُه من -0غاي ٌة سياسي ٌة :فقد َ
كان
ُ
حيي ِ ِ ِ ِ
أخطب) سيد َة بني
َ بن املصطلق ،وكذا زواج ُه من السيدة (صفي َة بنت ِّ ِ
بني
قريظ َة.
وفاتُه ﷺ:
ٍ ِ
وستني سن ًةَّ ،
وغسله َ ثالث ابن
ُويف وهو ُ
سنني ،وت َ
َ عرش َ
مكث ﷺ باملدينة َ
ٍ
أثواب ِ
ثالثة ِ
املطلب وآخرون ،و ُك ِّف َن يف طالب وعمه العباس بن ِ
عبد ٍ عيل ب ُن أيب
ُ ُ ُّ ُّ
بيض.
وصىل عليه املسلمون أفذا ًذا ،مل يؤ َّمهم عليه أحدٌ لعظ ِم َقدْ ِر ِه ،وألنَّه هو
َّ
اإلما ُم ح ًّيا وميتًّا ﷺ.
ٍ
ألنس: ودفن ﷺ يف املوض ِع الذي تو َّفاه اهللُ فيه ،فلام دفِن ِ
قالت ابن ُت ُه فاطم ُة ُ َ ُ َ
ِ
رسول اهللِ ﷺ. الرتاب عىل أنفسكم َأ ْن حتثوا
َ طابت ُ
ْ كيف
َ
رسول اهللِ ﷺ املدين َة أضا َء منها ُّ
كل ُ كان اليو ُم الذي َق ِد َم فيه
أنس :ملا َ َ
وقال ٌ
كل ٍ
يشء. أظلم منها ُّ مات فيه ٍ
يشء ،فلام َ
َ كان اليو َم الذي َ
حممد رسول اهللﷺ|029
ِ
التفضيل بينهم: ِ
لَلنبياء هن ُي ُه عن ومن تعظي ِم النبي ﷺ
- 1منوذج لتعرف ملك من ملوك الروم على حممد رسول اهلل ﷺ
( )1أي فرتة الصلح بني النبي ﷺ وبني قريش ،وكانت عام (652م).
(ُ )2برصى :يف سوريا وتقع عىل بعد 04كم رشق مدينة درعة اآلن.
| 032حممد رسول اهللﷺ
قال لرتمجانِ ِه ْ
قل له: َ
ُ
الرسل ٍ
حسب ،وكذلك فزعمت أنه فيكم ذو
َ ِّ -1إين سألت َُك عن حسبِ ِه
أحساب ِ
قومها. ِ ت ُ
ُبعث يف
آبائ ِه
كان من ِ
فقلت :لو َ
ُ فزعمت ْ
أن ال. َ كان يف آبائِ ِه ٌ
ملك -2وسألتُك هل َ
آبائ ِه.
ملك ِيطلب َ
ُ قلتٌ :
رجل ٌ
ملك ُ
أتباع الرسل.
ُ
فزعمت ْ
أن َ يقول ما َ
قال أن َقبل ْ ِ
بالكذب َ -4وسألت َُك هل كنتم تتهمون ُه
فيكذب عىل اهللِ.
ُ يذهب
ُ ِ
الناس ثم الكذب عىل
َ ليدع
يكن َعرفت أنه مل ْ
ُ ال .فقد
فزعمت
َ -5وسألت َُك هل يرتدُّ أحدٌ منهم عن دين ِ ِه بعدَ ْ
أن يدخ َل ُه سخط ًة له
ِ
القلوب(.)1 خالط بشاش َة
َ ُ
اإليامن إذا ْ
أن ال .وكذلك
ُ
اإليامن فزعمت أهنم يزيدون وكذلك
َ قصون
َ يزيدون أو ين
َ وسألت هل
ُ -6
يتم.
حتى َّ
احلرب بينكم
ُ ُ
فتكون فزعمت أنَّكم قد قاتلتموه
َ َ
وسألتك هل قاتلتموه -7
تكون هلم العاقب ُة.
ُ ُ
الرسل تُبتىل ثم َ
وتنالون منه .وكذلك ينال منكم وبينه ِس ً
جاال ُ
ِ
الرمحن الرحي ِم من فيه« :بس ِم اهللِهلل ﷺ فقرأه ِ ِ
رسول ا ِ ِ
بكتاب قال :ثم دعاَ
ُ
اتبع اهلدى أما بعدُ فذين
من َ رسول اهللِ إىل هرقل عظي ِم الرو ِم سال ٌم عىل ِ ِ حمم ٍد
توليت
َ وإن
أجرك مرتنيْ ،َ ك اهللُأسلم تس َل ْم ،وأسلِ ْم يؤتِ َ
ْ
ِ
بدعاية اإلسالمِ، َ
أدعوك
إثم األريسيني ،و﴿ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ َ
عليك َ فذن
()1
َّ
ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ
ِ
ارتفعت ِ
الكتاب ِ
قراءة ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ﴾»( ،)2فلام فر َغ من
فقلت ألصحايب حني خرجنا ُ مر بنا ف ُأ ْخ ِر ْجنَاَ .
قال: اللغط و ُأ َ
ُ وكثر
األصوات عندَ ُه َ
ُ
َ ِ ()3
زلت موقنًا ابن أيب كبش َة( ،)4إنه ليخاف ُه َملِ ُك بني األصفرَ ،
قال :فام ُ أمر ُِ لقد أمر
عيل اإلسال َم. َ ِ ِ
أدخل اهللُ َّ سيظهر حتى
ُ رسول اهللِ ﷺ أ َّن ُه بأمر
- 4منوذج لتعرف ملك من ملوك احلبشة على حممد رسول اهلل ﷺ
ِ
احلبشة بعدَ ما تعرضوا له من رسول اهللِ ٍ
حممد إىل ِ ِ
صحابة ِ
هجرة ِ
حديث ويف
ِ
األخالق، ِ
حماسن حممد ﷺ منهلل ٍنبي ا ِ ِ
ذكر ملا تنطوي عليه دعو ُة ِّ
والتضييق ٌ األذى
جعفر ب ُن يب ِ ِ ِ
ُ رب باآلخري َن وذلك ما خلص ُه الصحا ُّ ومراعاة احلقوق اإلنسانية ،وال ِّ
حني سأ َله عن ِ
دينه وما يدعو إليه. (النجايش) َ ٍ
وقتئذ ِ
احلبشة طالب ِ
مللك ٍ أيب
ُ ِّ
فقال :ما هذا الدِّ ي ُن الذي فارقتُم فيه قومكم ومل تدخ ُلوا يف ديني وال يف ِ
دين َ
ٍ
أحد من هذه األُم ِم؟
َ
سواك ورغبنا َ
واخرتناك عىل من بني ديننا ،خرجنا إىل ِ
بلد َك علينا ،وحالوا بيننا و َ
امللك. َ
عندك ُّأّنا ُ ُظلم
أن الن ْ ِ
جوار َك ،ورجونا ْ يف
هلل من ٍ
يشء؟ النجايش :هل معك مما جا َء به عن ا ِ َ
فقال له
ُّ
جعفر :نعم.
ُ َ
فقال له
- 5منوذج لتعرف أحد كبار أحبار اليهود على حممد رسول اهلل ﷺ
وكنت
ُ فالن قد أسلموا ،ودخلوا يف اإلسال ِم، ٍ َ
رسول اهللِ ،قري ُة بني َ
فقال :يا
ِ
الغيث، ٌ
وقحط من ُ
الرزق َر َغدً ا ،وقد أصاهبم شدَّ ٌة إن أسلموا أتاهم أخربهتم ْأهنم ْ
ُ
أن خيرجوا من اإلسال ِم طم ًعا كام دخلوا فيه طم ًعا ،فإ ْن رسول اهللِ َْ وأنا أخشى يا
فعلت.َ ُرسل إليهم من ُيغيثهم به رأيت أن ت ََ
ِ
أجل كذا وكذا ،وال معلوما إىلً مترا
ك ً ولكن أبي ُع َ
ْ هيودي،
ُّ َ
فقال« :ال يا
حائط بني ٍ
فالن». َ ُأسمي
ٍ
ذهب يف ثامنني ِم ً
ثقاال من َ مهياين( ،)1فأعطي ُت ُهُ ِ
فأطلقت ْ قلت :نعم ،فبايعنَي،
ُ
ٍ
متر معلو ٍم إىل ِ
أجل كذا وكذا.
اع َج ْل عليهم ،وأغثهم هبا». الرجلَ ،
وقالْ « : َ قال :فأعطاها َ
ُ
رسول اهلل رج ٍ ِ قبل ِّكان َ
قال زيدُ بن َس ْعن َة :فلام ََ
األجل بيومني أوثالثة خ َ حمل
ونفر من أصحابِ ِه،
وعثامن ٍ
ُ وعمر
ُ بكر ِ
األنصار ،ومعه أبو ٍ رجل من ٍ ِ
جنازة ﷺ يف
قميص ِه،
ِ فأخذت بمجام ِع
ُ فجلس إليه،
َ دار، ِ
اجلنازة دنا من ِج ٍ صىل عىل فلام َّ
ٍ
غليظ. ٍ
بوجه ونظرت إليهُ
ِ
املطلب قلت :أالَ تقضيني يا حممدُ ح ِّقي؟ فواهللِ ما علمتُكم بني عبد
ثم ُ
ِ ِ ملُ ْط ٌلٍ ،ولقد َ
كان يل بمخال َطتكم ع ٌ
لم.
ِ
كالفلك ِ
وجهه ِ
تدوران يف ِ
اخلطاب ،وعيناه عمر ِ
بن َ
ونظرت إىل َ
ُ قال:
ِ
ببرصه. ِ
املستدير ،ثم رماين
وتفعل به ما أرى؟ُ أسمع،
ُ ِ
لرسول اهللِ ﷺ ما ُ
أتقول عدو اهللِ،
أي َّ َ
وقالْ :
ُ
ورسول اهلل لِضبت بسيفي هذا عن َق َك. ُ أحاذر فو َت ُه
ُ باحلق ،لوال ما ِّ فوالذي بعثه
دة.سكون وت َُؤ ٍ
ٍ عمر يف
ينظر إىل َ ﷺ ُ
ِ
األداء، ِ
بحسن أن تأمرين عمرْ ، أحوج إىل ِ ثم َ
غِّي هذا منك يا ُ َ قال« :إنَّا كنا َّ
غِّي ِه
عرشين صا ًعا من ِ
َ فاقض ِه ح َّقه ،وز ْد ُه
باعة ،اذهب يا عمر ِ
ُ ْ
)2 ( بحسن الت ِ
ِ وتأمره
َ
مكان ما ُرعته».
َ
فآمن به
َ أن ال إل َه إال اهللَُّ ،
وأن حممدً ا عبدُ ُه ورسول ُه ﷺ. َ
فقال زيدٌ :أشهدُ ْ
مقبال ِ
تبوكً ، ِ
غزوة رسول اهللِ ﷺ مشاهدَ كثريةً ،ثم ت ِّ
ُويف يف ِ وصدَّ ق ُهِ ،
وشهدَ مع
غري ُم ٍ
دبر(.)1 َ
بعضا و َي ْسبي
بعضهم ً قبائل متفرق ًةُ ،
يقتل ُ لرسول ﷺ َ ِ قبل ِ
بعثة ا العرب َ َ
كان
ُ
القبائل ،ومل ِ
يكن ِ املسيطر عىل تلك
َ َ
القانون َ
وكان االستبدا ُد هو بعضا،
بعضهم ً ُ
ِ
احلقوق ،أما العبيدُ فلم ِ
بكافة قبة ،بل َ
كان الساد ُة يتمتعون احل ِ
الناس سواء يف تلك ِ
ً ُ
ِ
ألسيادهم. حقوق ،ألهنم ٌ
ملك ٍ تك ْن هلم أدنى
ِ
الذكور ،ثم احلقوق ،فهي ِم ٌ
لك ألبيها وإخوهتا ِ كانت مسلوب َة
ْ أما املرأ ُة فقد
بعد ِه.
تكون ملكًا لزوجها ،ثم لورثتِ ِه من ِ ُ
ِ
الرقيق ِ
جتارة ِ
والنهب وشيو ِع ِ
كالسلب ِ
اجلاهلية ِ
العادات ِ
انتشار هذا مع
ِ
وغري ذلك. ِ
وعبادة األصنا ِم ِ
البنات، ِ
ووأد ِ
والبغاء،
ِ
للحقوق مل ٍ
شامل ٍ
بمنهج ول اهللِ ﷺ َّ
كل هذا الواق ِع املؤملِ وجا َء واج َه رس ُ
تعرف البرشي ُة له ً
مثيال. ْ
ِ
حقوق ِ
الناس ،وأداء ِ
العدل بني هلل وحدَ ُه َّقر َر مبد َأ ِ
عبادة ا ِ فبعدَ ْ
أن دعا إىل
ِ
احلياة. ِ
جماالت اإلنسان يف ِ
كافة ِ ِ
اإلنسانِ ،
وغري
حقوق اإلنسان كثرية ومتنوعة ،وقد أكدّ نبي اهلل حممد ﷺ عىل هذه احلقوق
بعضا من هذه
بقوله وفعله وتوجيهه بام أوحى اهلل تعاىل إليه ،وسوف نذكر ً
احلقوق ،وهي:
-1حق احلياة :وهي مكفولة لإلنسان بدعوة النبي ﷺ والتأكيد عليها من
مناح أبرزها :حتريمه القتل بغري حق ،قال اهلل تعاىل﴿ :ﯵ ﯶ ﯷ
خالل ٍ
ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ﴾ [األنعام ،]515:وقد أكدّ النبي ﷺ عىل هذا احلق يف
خطبة الوداع قبل وفاته بأشهر بقوله« :إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم بينكم
حرام كحرمة يومكم هذا يف شهركم هذا يف بلدكم هذا»( ،)1وكذلك حتريمه
لالنتحار ،فقال« :من قتل نفسه بيشء يف الدنيا عذب به يوم القيامة»(.)2
أيضا يف خطبة الوداع حني قال:
-2حق العدل :وقد أكد عليها رسول اهلل ً
« يا أهيا الناس :إن ربكم واحد ،وإن أباكم واحد ،كلكم آلدم وآدم من تراب ،وإن
أكرمكم عند اهلل أتقاكم ،ليس لعريب فضل عىل أعجمي إال بالتقوى» ،والعدل
صنو املساواة ،وهلذا جاء خطابه لألمة« :إن اهلل ال يقدس أمة ال يأخذ الضعيف
حقه من القوي ،وهو غِّي متعتع»( ،)3أي :ال يناله مكروه.
-3ال إكراه يف الدين :فأكد عىل عدم إكراه أحد عىل الدخول يف اإلسالم،
من خالل قول اهلل تعاىل﴿ :ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ﴾ [البقرة،]516:كام أكد حممد ﷺ عىل
حرية االجتهاد يف الشأن الدنيوي بام فيه املصلحة ،فقال« :أنتم أعلم بأمور
دنياكم» [رواه أبو داود وأمحد].
-4حق األمن :وهذا يتضح من حرصه عىل عدم ترويع الناس وإخافتهم،
فقال« :ال حيل ملسلم أن يروع مسلام»( ،)1وأ ّمن الناس عىل خصوصياهتم بقوله:
«إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا يف شهركم
هذا يف بلدكم هذا».
-5حق التعليم :فقال ﷺ« :طلب العلم فريضة عىل كل مسلم» ،ولفظة:
ٍ
حريصات عىل «مسلم» تشمل الرجل واملرأة ،وامتدح نساء األنصار لكوهن َّن
العلم فقال« :نعم النساء نساء األنصار ،مل يمنعهن احلياء أن يتفقهن يف الدين»
[رواه البخاري].
-6حق العمل :فللعامل احلق يف اختيار مهنته ،ومطالبته باألجر املتفق عليه،
واإلبداع يف العمل وإتقانه ،فقال نبي اهلل حممد ﷺ« :خِّي الكسب ،كسب يد العامل
إذا نصح»( ،)2وقال« :أعطوا األجِّي أجره قبل أن جيف عرقه»( ،)3وقال« :إن اهلل
حيب من العبد إذا عمل عمال أن يتقنه» [رواه أبو يعىل].
-7حق التملك :وأخص ممتلكات اإلنسان ماله ،فقال ﷺ« :ال حيل مال امرئ
مسلم إال بطيب نفس منه» [رواه ابن حبان] ،وامتدادا حلرصه عىل مصلحة اجلميع مل
يغفل النبي ﷺ حق املجتمع يف متلك األشياء املشرتكة بينهم فال يستأثر هبا أحد،
فقال ﷺ« :الناس رشكاء يف ثالث :املاء ،والكَل ،والنار» [رواه أبو داود].
ِ
بأمان اهللِ ،واستحللتم ِ
النساء ،فذنكم أخذمتوهن وقال ﷺ« :اتقوا اهللَ يف َ
ِ
بكلمة اهللِ»(.)1 فروجهن
َّ
ِ
أخطائها ،فقال ﷺ: ِ
احتامل ِ
املرأة ،فأرشدَ إىل النبي ﷺ طبيع َة ف
وعر َ
ُّ َّ
خِّيا»(.)2
«استوصوا بالنساء ً
تزوج ٌ
رجل ِ
الذنوبِ عند اهللِ أعظم إن
فقالَّ « : ِ
املرأة َ إثم ظل ِم
َ َ وبني ﷺَ :َّ
وذهب ِ
بمهر َها»(.)2 َ امرأةً ،فلام قىض حاج َت ُه منها طل َقها
اسم َك(.)3
أهجر إال َ
ُ هلل إين ال
فقالت :أجل ،وا ِ
ْ إبراهيم»
َ
نسائ ِه،
يتعامل مع ِ
ُ ِ
الرقراقة َ
كان حممدٌ ﷺ ِ
والكلامت ِ
الفياضة، ِ
املشاعر هبذه
ِ
الشعور. نفس
ريض اهللُ عنه َّن يبادلنه َ وك َّن
َ
أحدكم ِ
الزوجة عاطف ًيا فقال« :ويف ُب ْض ِع النبي ﷺ عىل إشبا ِع َّ
وحث
ْ ُّ
َ
رسول اهللِ! أيأيت أحدُ نا ِ
الرجل زوج َت ُه صدق ٌة -قالوا :يا ِ
إتيان صدق ٌة» -أي ويف
وزر؟ أجر؟ قال« :أرأيتم لو وض َعها يف حرا ٍمَ ،
أكان عليه ٌ ُ
ويكون له فيها ٌ شهوتَه،
أجر»(.)3 ٍ
كذلك إذا وض َعها يف حالل كان له هبا ٌ
ِ
أفضل ما ينفق عىل زوجتِ ِه وأطفال ِ ِه ،وجع َل ُه من أن َ ِ
الرجل ْ وأوجب ﷺ عىلَ
سبيل اهللِ ،ودينار أنفقتَه يف ٍ
رقبة(،)4 ِ دينار أنفق َت ُه يف أنفق ،فقد َ
ٌ النبي ﷺٌ « :
ُّ قال َ
أجرا الذي
أعظمها ً ُ ك، ودينار أنفق َت ُه عىل أهلِ َ
ٌ ٍ
مسكني، قت به عىل
ودينار تصدّ َ
ٌ
أنفق َت ُه عىل أهلِ َ
ك»(.)5
هلل إِال ُأ ْ
جر َت عليها ،حتى ما تنفق نفق ًة تبتغي هبا وج َه ا ِ
وقال ﷺ« :إنَّك لن َ َ
جتعل يف ف ِم امرأتِ َك»(.)1
ُ
فقال: ِ
يبكيانَ ، أبوي وتركت
ُ ِ
اهلجرة جئت أباي ُعك عىل
ُ رجل َ
فقال: وجاءه ٌ
َّ
ارجع إليهام فأضحكْهام كام أبكيتَهام»(.)3
« ْ
دين اإلسال ِم ،فعن أسام َء وإن كانوا عىل ِ
غري ِ ِ
اآلباء ْ ِ
بصلة النبي ﷺ وأمر
ُّ َ
ِ
رسول اهللِ ﷺ، قدمت عيل أمي وهي مرشك ٌة يف ِ
عهد ْ قالت:
ْ ِ
بنت أيب بكر
َّ
أفأصل أمي؟ َ
قال: ُ عيل أمي وهي راغب ٌة
قدمت ّ
ْ قلت:
هلل ﷺ ُ َ
رسول ا ِ فاستفتيت
ُ
«نعم ِصَل ِ
أمك»(.)4
ُ
اإلرشاك الكبائر:النبي ﷺ« : ِ ِ الوالدين فهو من ِ
ِ ُ
ُ الذنوب ،لقول ِّ كبائر عقوق أما
الغموس»(.)1
ُ واليمني
ُ ِ
النفس، وقتل ِ
الوالدينُ ، ُ
وعقوق باهللِ،
ِ
والديه»(.)2 سب َ
لعن اهللُ من َّ
وقال ﷺَ « :
ْ
فليصل ِ
اآلخر هلل واليو ِم
يؤمن با ِ
ُ كان
من َ أما صل ُة األرحا ِم فقد َ
قال ﷺْ « :
مح ُه»(.)3
ر َ
ِ ُ
أفضل الصدقة الصدق ُة عىل ذي َّ
الرح ِم الكاشحِ (.)5(»)4 وقال ﷺ« :
حرم َ
ك، ِ َ عامر« :يا عقب ُة! ِص ْل َم ْن
ٍ وقال ﷺ لعقب َة ِ
َ
قطعك ،وأعط من َ بن
عمن َظ َل َم َك»(.)6 ُ
واعف ْ - ِ
وأعر ْض -ويف رواية:
وضم ِ
القيامة أنا وهو» ِ
جاريتني حتى تبلغا ،جاء يو َم وقال ﷺ« :من َ
عال َ
َّ
أصابِ َع ُه(.)2
ٍ
أخوات ،أو بنتان ،أو أختان ُ
ثالث ثالث ٍ
بنات ،أو ُ كان له
من َ َ
وقال ﷺْ « :
وزوجهن فله اجلن ُة»(.)3
َّ إليهن،
َّ وأحسن
َ فأدهبن،
َّ
وأجلسها يف
َ دخلت عليه ابنت ُه فاطم ُة قا َم إليها فق ّبلها
ْ بل َ
كان ﷺ إذا
جملس ِه(.)4
ِ
ِ
لألبناء ح ُّقهم يف ِ
مال أبيهم فقد أرا َد سعدُ النبي ﷺ ِ
ومن احلقوق التي َّقررها ُّ
َ
ُ
فالثلث النبي ﷺ« :ال»َ ،
قال: بثلثي مال ِ ِهَ ،
فقال له ُّ َ
يتصدق ْ وقاص ْ
أن ٍ ب ُن أيب
تذر ور َثت َ
َك إن َكثِّي إنك ْ ُ
والثلث ٌ الثلث، ُ
رسول اهللِ ﷺُ « : رسول اهللِ؟ َ
فقال َ يا
تذرهم عال ًة يتك َّففون َ
الناس(.)7(»)6 أن َخِّي من ْ
أغنياء ٌ
()5
َ
وتلطف معهم
َ ِ
األطفال فزارهم يف بيوهتم وواساهم مشاعر وقدّ ر ﷺ
َ
املسابقات وأحتفهم بال ُّط ِ
رف واهلدايا. ِ رؤوسهم ،وعقدَ بينهم ومسح
َ َ
فسمعت
ُ ِ
بالسوط، أرضب غال ًما يل كنت
قالُ :األنصاري َ ٍ
مسعود وع ْن أيب
ُ ِّ
ِ ٍ ِ
الغضب .فلام دنا مني الصوت من
َ أفهم
فلم ْ اعلم أبا مسعود» ْ من َخ ْلفي صوتًاْ « :
فألقيت ٍ
مسعود» ،قال: اعلم أبا ٍ
مسعود، اعلم أبا ُ
ُ ْ رسول اهللِ ﷺ فقالْ « : إذا هو
أقدر عليك منك َ ٍ السوط من يديَ ،َ
تبارك وتعاىل ُ أن اهلل
مسعود َّ اعلم أبا
فقالْ « :
أغلق
ـم َ ِ يقول :يا رب! ْ بجار ِه ُ
ِ ٍ كم من ٍ َ
سل هذا ل َ متعلق جار وقال ﷺْ « :
عني با َب ُه ،ومنعني َف ْض َل ُه»(.)2
البرش ِ
الضيف ،ولقاؤه ب ِ الناس عليها :إكرا ُم اتفق ِ
األخالق التي َ من مكار ِم
ُ
ِ
الضيف. ِ
اإليامن باهللِ وبني إكرا ِم َ
رسول اهللِ ﷺ َ
ربط بني ِ
والرتحاب ،ولذلك نجدُ
ِ
اآلخر فليكر ْم ضي َف ُه»(.)1 هلل واليو ِم
يؤمن با ِ
كان ُ فقد َ
قال ﷺ« :من َ
ُ
السبل ،فقد تقطعت به
ْ سفر ِه وقد
ينزل عىل قو ٍم أثنا َء ِ
املسافر الذي ُ
ُ أما
قال ﷺ: ِ
ثالثة أيا ٍم ،فقد َ رسول اهللِ ﷺ عىل من َ
نزل عليهم ضياف َت ُه حتى ُ أوجب
َ
«الضياف ُة ثالث ُة أيامٍ ،فام كان بعد ذلك فصدق ٌة»(.)2
يستغني عنه
َ طعام ِه ورشابِ ِه حتى
ِ يتيام بني مسلمني يف
ضم ً وقال ﷺ« :من َّ
وجبت له اجلن ُة»(.)3
ْ
يلني قل ُب َك
أن َ أحتب ْ رجل يشكو قسو َة قلبِ ِهَ ،
فقال ل ُهُّ « : النبي ﷺ ٌ َّ وأتى
يلني قل ُبك، ِ
طعام َ َك؟ ارح ِم َ
وتدرك حاجت َ
كُ ، وأطعم ُه من
ْ رأس ُه،
وامسح َ
ْ اليتيم،
َ
َك»(.)4 و ِ
تدر ُك حاجت َ
يقبل من مال هلم وال عشريةَ ،فكان ُ بالضعفاء الذين ال َ ِ النبي ﷺ اهتم
ُّ َّ
الِض واألذى ِ ويتجاوز عن م ِ حمسنِهم
ويرفع عنهم َّ ُ حوائجهم، سيئهم ،ويسعى يف ُ
مر ٍ ِ ٍ
عمرو َّ عائذ ِ ُغضبهم ،فعن ِ ٍ ِ
قريش َّ - عظامء أن أبا سفيان -من بن ولو بكلمة ت ُ
ِ
العبيد احلبيش -وكانوا من ٍ
وبالل الرومي ٍ
وصهيب الفارِّس، َ
سلامن عىل
ِّ ِّ ِّ
مأخذها .فقال هلم َ عدو اهللِ سيوف اهللِ من ِ ِ
عنق ِّ ُ أخذت
ْ والفقراء -فقالوا :واهللِ ما
النبى ﷺ وسيدهم؟ فأتى ِ ٍ
قريش ِ
لشيخ الصديق :أتقولون هذا َ أبو ٍ
بكر
َّ
كنت
لئن َ رسول اهللِ ﷺ« :يا أبا ٍ
بكر! لع ّلك أغضبتَهمْ ، ُ رب ُه بام قالواَ ،
فقال له فأخ َ
أغضبت ر ّبك» فأتاهم أبو ٍ
بكر فقال :يا إخوتاه! أغضب ُتكم؟ قالوا: َ أغضبتَهم لقد
يغفر اهللُ لك يا أخي!!(.)1
الُ ،
ألبر ُه»(.)2
هلل َّ
أقسم عىل ا ِ ِ
باألبواب ،لو َ أغرب مدفو ٍع َ
أشعث َ رب َ
وقال ﷺَّ « :
واملناصب
َ أن َ
املال والوجاه َة االجتامعي َة النبي ﷺ ُيع ِّل ُم أصحا َب ُه َّ
ُّ َ
وكان
ِ
واجلاه ال وأن الفقر وقل َة ِ
املال فضال ال يستح ُّقهْ ، ِ
اإلنسان ً املرموق َة ال تُضفي عىل
َ
ِ مر ٌ
رسول اهللِ ﷺ ومعه أصحا ُب ُه، رجل عىل اإلنسان رش ًفا يستح ُّقه ،فقد َّ
َ يسلب
ُ
ِ
الناس ،هذا واهللِ ِ
أرشاف تقولون يف هذا؟» فقالوا :هذا ٌ
رجل من َ َ
فقال هلم« :ما
النبي
فسكت ُّ
َ َمع. وإن َ
قال أن ُي ْست َ نكح ،وإن َش َف ْع أن ُيش َّفعْ ،
خطب أن ُي َ
َ حري ْ
إن ٌّ
حري تقولون يف هذا؟» قالوا :هذا املسلمنيَ ،
فقال« :ما ِ
فقراء مر ٌ
رجل من
ٌّ َ َ ﷺ ،ثم َّ
ُ
رسول اهللِ ﷺ سمعَ .
فقال قال أال ُي َ وإن َ نكح ،وإن َش َف َع ّأال ُي َش َّف َعْ ، ب َّأال ُي َ إن َخ َط َ
مثل هذا»(.)1 ِ
األرض َ الفقري« :هذا خِّي من ِ
ملء ِ عن
ٌ
أقسم ف ،لو ضعيف متضع ٍ ٍ كل ِ
اجلنة؟ ُّ ِ
بأهل أخربكم النبي ﷺ« :أال َ
َ ُ وقال ُّ
ٍ ٍ ()3 بأهل ِ
مستكرب»(.)4 كل ُعت ٍُل( )2جواظ النار؟ ُّ أخربكم ِ ألبر ُه .أال ُ عىل اهللِ َّ
كانت ت ُق ُّم املسجدَ ، أن امرأ ًة سودا َء ِ
الضعفاء َّ ِ
بشأن النبي ﷺ ومن اهتام ِم
ْ ِّ
فقال ﷺ« :أفال كنتم ماتتَ . ْ فسأل عنها ،فقالوا: َ هلل ﷺ، رسول ا ِ ُ ففقدها
قربها» فد ّلوه َّ
فصىل النبي ﷺ« :دلوين عىل ِ أمرها .فقال ُّ آذنتموين» ،فكأهنم ص َّغروا َ
عليها(.)5
أعطيت
َ له َ
فقال له: عمرو وجاءه َق ْه ٌ
رمان
()3 ٍ وعن ِ
عبد اهللِ بن
إثام أ ْن ُ ِ
فأعطهمَ ، وهتم؟ َ
الرقيق ُق َ
رسول اهللِ ﷺ« :كفى ً قال فانطلق
ْ قال :ال ،قال: َ
قوُتم»(.)4 حتبس عمن ُ
متلك َ َ
الناس يف الدنيا»(.)5
بون َ يعذ ُب الذين ّ
يعذ َ إن اهللَ ّ َ
وقال ﷺَّ « :
السن قد بلغوا من العمر ما يشعرون معه بالوحدة وتتواىل عليهم فيه آثاره ِّ كبار
ُ
ِ
واحلكمة ،وينبغي عىل ِ
والتجارب ِ
اخلربة أيضا ُ
أهل من ضعف ومرض وغريمها ،وهم ً
ِ
وخرباهتم. هؤالء ،وإنام يقدِّ ُرهم وحيرت ُمهم ويستفيدُ من ِ
جتارهبم ِ املجتم ِع أال َ
ّنمل
وعظيم ح ِّقهم عىل اجلمي ِع
َ فض َلهم وسابقتَهموبني ْ
السنَ َّ ،
ِّ ِ
بكبار النبي ﷺ
ولقد احتفى ُّ
ِ
القيامة»(.)1 نورا يو َم شاب شيب ًة يف اإلسال ِم ْ فهو ﷺ ُ
كانت له ً يقول« :من َ
ِ
إجالل اهللِ تعاىل إن من أصحاب الس ِّن ،فقال ﷺَّ « : ِ وحث ﷺ عىل إكرا ِم َّ
ِ
الشيبة املسل ِم»(.)2 إكرا َم ذي
ِ
العجيب الذي ِ
احلديث وانظر إىل هذا ِ
بالرشاب، َ
األشياخ ؤثر َ
ْ وكان ﷺ ُي ُ
سهل بن ٍ
سعد ِ سواء ،فع ْن ٍ ِ
واألطفال عىل حدٍّ النبي ﷺ لألشياخِ يتجىل فيه احرتا ُم ِّ
فرشب منه ،وعن يمينه غال ٌم، َ ٍ
برشاب، رسول اهللِ ﷺ ُأيت َ الساعدي َّ
أن ِّ
هؤالء؟»َ ،
فقال الغال ُم :ال ِ أعطي أن أشياخ ،فقال للغال ِمُ « :
أتأذن ل ْ ٌ يسار ِهِ وعن
َ
يد ِه(.)4 رسول اهللِ ﷺ يف ِ ُ ()3
منك أحدً ا ،فت َّله أوثر بنصيبي َ واهللِ ،ال ُ
ُ
يستأذن غال ًما ،ليبدأ واملرسلني، ِ
األنبياء خاتم ُ
رسول اهللِ ﷺ ويا للعجب!
َ ُ
يرفض ألنه يريدُ ْ
أن ُ يسار ِه احرتا ًما هلم ولسنِّهم والغال ُم
ِ باألشياخِ الذين عىل
ِ
الناس كان قدرهم أن يصابوا ببعض البالء يف أعضائهم، هناك طائف ٌة من
فانعكس عليهم ذلك حيات ًيا ،وربام أن بعض الناس ال ّنتم هبم ،وال ينتبهون
ِ
ومشكالهتم. ِ
ومشاعرهم ِ
ألحاسيسهم
بعطفه ورعايتِه.
اخلاصة ،وإنام حباهم ِ
ِ ِ
االحتياجات النبي ﷺ ذوي
ينس ُّمل َ
إن يل َ
رسول اهللِ َّ وقالت :يا
ْ النبي ﷺ
أوقفت َّ ْ فهذه امرأ ٌة َ
كان يف عقلها يش ٌء،
ِ
شئت، ِ
الطريق هلل ﷺ هلا« :يا أ َّم فالن! خذي يف أي ُ
رسول ا ِ إليك حاج ًة ،فقال
ُ
رسول اهللِ ﷺ يناجيها ،حتى قَض قومي فيه حتى أقو َم معك» ،فخال معها
حاجتَها(.)1
وبِص َك للر ِ
جل ِ
البرص َ ِ ِ َّ
فقال ﷺُ « : وضعيف هداية األعمى وحث ﷺ عىل
ِ
البِص صدق ٌة»(.)1 ِ
الرديء
ِ ِ ِ
فقالت:
ْ رسول اهللِ ﷺ اجلنون -إىل وجاءت امرأ ٌة هبا ملَ ٌم ٌ -
نوع من
ِ
صربت ِ
شئت وإن ِ
فشفاكْ ، هلل
دعوت ا َ ِ
شئت إن ادع اهللَ يلَ .
فقالْ « : َ
ُ رسول اهللِ! ُيا
عيل(.)2 ِ
حساب ََّ رب وال
قالت :بل أص ُ
عليك»ْ ، والحساب
َ
قال عطا ٌء :بىلَ ، أهل ِ
اجلنة؟ َ أريك امرأ ًة من ِ وقال ابن عباس ل ٍ
قال عطاء :أال َ َ ُ
ف، رصع ،وإين َّ
أتكش ُ فقالت :إين ُأ ُ
ْ النبي ﷺ ٍ
عباس :تلك املرأ ُة السودا ُء ،أتت َّ اب ُن
دعوت اهلل أن ُيعاف َي ِك،
ُ صربت ولك اجلن ُة ،وإن ِ
شئت ِ فادع اهللَ يل ،قال« :إن ِ
شئت ُ
ف ،فدعا هلا(.)3 أتكش َ هلل يل ْ
أن ال َّ فادع ا َ
كشفُ ،ُ فقالت :إين أت
ْ رب،
فقالت :أص ُ
ْ
القسم الثاني
حممد رسول اهلل ﷺ والقيم واألخالق والفضائل
مدخل
ِ
واملثل التي حممد ﷺ من القي ِمٍ هلل ِ
رسول ا ِ ِ
رؤية ِ
اإلنسان يف تنبع قيم ُة
ُ
ملموسا،
ً تنبع من داخلِ ِه فتغدو سلوكًا وواق ًعا ِ
الفضائل التي ُ يتمسك هبا ،ومن ُ
ينظر إىل
ُ ولكن
ْ صوركم وال أموالِكم
ِ ينظر إىل
ُ إن اهللَ ال
وهلذا جا َء خطا ُب ُهَّ « :
قلوبِكم وأعاملِكم»(.)1
ٍ
واحد ،هو طهار ُة ٍ
غرض ُ
يدرك أهنا ترمي إىل ِ
الرسول ﷺ يتأمل َ
أقوال ومن ُ
صالح ألمتم بعثت
ُ الكريم« :إنام اإلنساين ،يؤكدُ هذا حدي ُث ُه ِ
وكامهلا ِ
النفس،
َ َ ُ ِّ
ِ
األخالق»(.)2
ِ
والفضائل ِ
واألخالق ٍ
حاجة إىل العلو ِم فهو إىل القي ِم وإن َ
كان يف واإلنسان ْ
ُ
ِ
احلقيقة إىل عزى يف ٍ
وقهر إنام ُي َ ِ
املجتمعات من ظل ٍم يصيب أن ماأحوج ،ذلك َّ
ُ ُ
ٍ
نقص يف العل ِم. ِ
األخالق ال إىل ٍ
نقص يف
رسول اهللِ ٍ
حممد ﷺ فدعا ِ ِ
دعوة ُ
عنوان األخالق احلسن ُة هي
ُ ِ
كانت ثم
ومن َّ
ِ
احليوان، ِ
الرمحة حتى مع كل ٍ
أحد ،ودعا إىل ِ
والعدل مع ِّ ِ
معانيه ِ
العدل ِّ
بكل إىل
ِ
احلديث ،كام ِ
وحسن ِ
واألمن، ِ
والوفاء، ِ
والشجاعة ،والتواضعِ، ِ
واألمانة، واحلل ِم،
ِ ِ ِ
امتدت رؤي ُت ُه اخللقي ُة إىل قضية التوازن والوسطية ً
فكرا وسلوكًا. ْ
ُ
الدءوبة ِ
املسئولية ،وكانت دعو ُت ُه وحتمل ِ
الوقت، ِ
إدارة ِ
حسن أيضا إىل
دعا ً
ُّ
ِ
نفسه ِ
رقابة ِ
مسئولية ِ
اإلنسان ِ
الطيب ،وتويل ِ
احلالل ِ
والكسب ِ
والعمل للجدِّ
(الضمري).
وحيرص
َ بمظهر ِه
ِ نفس ِه ويعتن َي
حيافظ عىل ِ
َ كام كان توجه ُه نحو الفرد بِ ْ
أن
ِ
النظافة والتداوي أنَّى وجدَ إىل ذلك ً
سبيال. سالمة صحتِ ِه من خالل
ِ عىل
ِ ِ ِ مبني عىل احرتا ِم ِ ُ
وحسن البرشية، النفس رسول اهللِ ﷺ إىل إقامة جمتم ٍع ٍّ دعا
يعزز ذلك ٌ
أعامل تطوعي ٌة متعدي ُة النفعِ. احلب والو ُّدُ ، ِ
األخالق ،يسو ُد ُه ُّ
وقع ،مع ِ
ورشعية دف ِع الظل ِم ْ كام أرسى مباد َئ عملي ًة َ
إن َ مثل الشورى،
البرش إليها َ
اآلن. أحوج
َ ِ
والقتال ما ِ
للحرب وضع آدا ًبا
َ ذلك
َ
لكل من يم ُ وروح الدُّ ِ
عابةّ ،ندّنا ِّ ِ ِ
أل ِ والتفاؤل، السعادة، كانت له رؤي ٌة َ
نحو
ُ
احلزن فؤا َد ُه. ويفتت
ُ القلق قل َب ُه،
ُ
ِ
وأجناسهم ليعيشوا هذه القيم ِ
أدياهنم ِ
اختالف أحوج البرشي َة اليو َم عىل فام
َ
ِ
املدخل. ٍ
تفصيل هلذا ننطلق نحو
ُ َ
واآلن يف عاملِ الواق ِع ليسعدوا،
حممد رسول اهللﷺ|073
- 9العـــــــدل
بني اهللُ ِ
لنبيه ِ
العدل وقد َّ َ البرش مجي ًعا قيم ُة ِ
اإلنسانية التي يسعدُ هبا من القي ِم
ُ
قال تعاىل﴿ :ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ﴾ [النحل ،]24:بل ويأمر به كام َ
ُ َ
العدل حيب
ﷺ أنه ُّ
تكون العداو ُة سب ًبا يف ظل ِم
َ وحذ َر من ْ
أن ّ ِ
املخالف، العدو ِ
بالعدل حتى مع أمر
ِّ
فقال تعاىل﴿ :ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ِ
حقوقهمَ ، اآلخرين والتعدي عىل
َ
ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ﴾ [املائدة.]2:
- 1الـرحـــمـة
- 4احلِـــــــــلم
أنس ِ
االحتاملَ ، ِ ِ جمال احلل ِم وكظ ِم بلغ النبي ﷺ الذرو َة يف ِ َ
قال ُ وشدة الغيظ ُّ
ُ
غليظ نجراين ِ
رسول اهللِ ﷺ وعليه ُبر ٌد كنت أميش مع مالك ُ : ٍ ب ْن
ٌّ
عاتق ِ
صفحة ِ نظرت إىل ِ
بردائه ج ْب َذ ًة شديدةً ،حتى يب ،فجبذ ُه ِ
ُ احلاشية ،فأدرك ُه أعرا ٌّ
قال :يا حممدُ ! ُمر يل من ِ
جبذته ،ثم َ أثرت هبا حاشي ُة الربد من ِ
شدة ْ النبي ﷺ ،قد
ُ ِّ
ٍ
بعطاء(.)1 أمر له َ ُ ِ
وضحك ،ثم َ رسول اهللِ ﷺ، فالتفت إليه
َ مال اهللِ الذي عندك.
- 5األمـــــــانة
اإلنسانية التي يمدح املرء باالتصاف هبا قيم ُة األ ِ
مانة ،وقد َ
قال ِ من القي ِم
ُ ُ ُ
تعاىل﴿ :ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ
ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ﴾ [األحزاب.]75:
إيامن ملن ال أمان َة له»(.)1
قال ﷺ« :ال َ ولذلك َ َ ِ
اإليامن، واألمان ُة من
ِ
املنافق فقال« :آي ُة ِ
النفاقَ ، صفات ِ
أهل ِ تضييع األمان َة من النبي ﷺ وعدَّ
َ ُّ
خان»(.)2
اؤمتن َ َ أخلف ،وإذا َ كذب ،وإذا وعد َ ث ثالث :إذا حدّ َ ٌ
كيف إضاعتُها؟ قال: فانتظر الساع َة» قالواَ : عت األمان ُة وقال ﷺ« :إذا ُضي ِ َ
ْ ّ
فانتظر الساع َة»(.)3 ِ غِّي أهلِ ِه، األمر إىل ِ ُ وسدَ
«إذا ّ
باألمني ،وقد تزوج ْت ُه خدجية وهي املرأ ُة ِ ِ
قومه عرف يف وكان ﷺ ُي ُ َ
رشف عىل جتارهتا بالشا ِم وذلك حيث كان ُي ُ أخالقهُ ،ِ ألمانته وكري ِم ِ الرشيف ُة الثري ُة
ِ
النبوة. َ
قبل
أمواهلم َ قريش -مع كفرهم به -كانوا يضعون عند ُه ٍ أهل أن َ ِ
أمانته َّ ومن
ٍ
قوس كذبه قو ُم ُه ورموه عن أن َّ ِ
املدينة بعدَ ْ ِ
باهلجرة إىل أذ َن اهللُ له ليحف َظها هلم ،وملّا ِ
أن أه َلها هم أهلها ،مع َّ ِ
األمانات إىل ِ عمه عل ًّيا يف مك َة لر ِّد ٍ
واحدة ،ترك ابن ِّ
َ
أمواهلم ْ
يأخذ أموال أصحابِ ِه ،إال أنه ﷺ مل َ وكذبوه وصادروا الذين آذوه وعادوه َّ
حيفظ األمان َة.
خري من ُ وضا عن ذلك ،بل ر َّدها إليهم ألهنا أمان ٌة وهو ﷺ ُ ِع ً
- 6الشجــــــاعة
- 7التواضــــــع
َ ِ
الصبيان إال ويس ّل ُم عليهم،
وكان يمر عىل وكان من تواض ِع ِّ
النبي ﷺ أنه ال ُّ
املسجد ال يعر ُفه من بني أصحابِ ِه وذلك لعد ِم متيز ِه عنهم يف ٍ
يشء من ِ ُ
الداخل إىل
ُّ ُ
وخرج عىل أصحابِ ِه َ
ذات يو ٍم فقاموا َ األماكن أو ِ
غري ذلك. ِ ِ
الوسائد أو ِ
اللباس أو
بعضهم
األعاجم ،يعظ ُم ُ
ُ ً
إجالال واحرتا ًما ،فقال« :ال تقوموا كام تقو ُم له
ب ْع ًضا»(.)3
َ
عليك ،فذين هو ْن ِ
هيبته رعدةٌَ ، ودخل عليه ٌ َ
فقال لهّ « : رجل ،فأصاب ْت ُه من
ٍ
قريش كانت ُ
تأكل القديدَ (.)2(»)1 ٍ
امرأة من ابن ٍ
لست بملك ،إنام أنا ُ
ُ
- 8الـوفــــــــاء
ِ ِ ِ ِ
بالعهود بالوفاء الوفا ُء من القي ِم اإلنسانية العظيمة ،أ َّكدَ اإلسال ُم عليها َ
وأمر
ِ
الوعود. واحرتا ِم
- 2األمــــــــن
ُ
تتعطل ِ
األمن ِ
فبدون ِ
الناس، ِ
حياة ِ
األمن يف ِ
قيمة َ
حول ِ
اثنان خيتلف
ُ ال
وينرش
ُ ِ
والنهب، ِ
والسلب ِ
القتل جرائم
ُ وتكثر
ُ وتعم الفوىض،
ُّ ِ
الناس، مصالح
ُ
ِ
الناس. ِ
قلوب والرعب يف
َ اخلوف
َ املجرمون
النفيس،
ِّ ِ
األمن أنواع ِه،
ِ ِ
بكافة ِ
األمن ِ
شأن النبي ﷺ ِع َظ َمُّ بني
وقد َّ َ
ُ
اإلنسان يتمتع هبا
ُ َ
وجعل ذلك من أعظ ِم النع ِم التي الغذائي،
ِّ ِ
واألمن والصحي،
ِّ
جسد ِه ،عنده ُ
قوت ِ أصبح منكم آمنًا يف رسبِ ِهً ،
معاًف يف َ فقال ﷺ« :منيف الدنياَ ،
يوم ِه ،فكأنام حيزت له الدنيا»(.)1
ِ
ِ
املدينة ،ملَّا افتقدوا األم َن يف ِ
باهلجرة من مك َة إىل أمر أصحا َب ُه والنبي ﷺ َُّ
ِ
وللبحث نفس ِه،
للسبب ِ
ِ ِ
واالضطهاد ،ثم هاجر ﷺ ِ
للتعذيب وتعرضوا ِ
بلدهم،
َّ
ويستقبل النور الذي أنز َله اهللُ ِ
عليه. ُ ٍ
جديد ُ
يتقبل دعو َت ُه ٍ
مكان عن
ُ َ
يرتك حممدٌ ﷺ مك َة التي حي ُّبها ،والتي ِ
احلزن واألملُِ ، ِ
مشاهد ٍ
مشهد من ويف
األربعني ،يرتكُها وهو ُ
يقول« :ما َ عمر ُه إىل
وصل ُ َ َ
عاش فيها طفول َت ُه وشبا َب ُه حتى
خرجت ِ
منك، قوم ِك أخرجوين منك ما ِ ٍ ِ
ُ أن َ إل ،ولوال َّ
أطي َبك من بلد ،وما أح َّبك ّ
غِّي ِك»(.)2
سكنت َ
ُ وما
ويد ِه»(.)3
املسلمون من لسانِ ِه ِ
َ املسلم من َسلِ َم
ُ َ
وقال ﷺ« :
ك عليك رسول اهللِ ﷺ :ما النجاةُ؟ فقال ﷺْ « :أم ِس ْ َ ٍ
عامر وسأل عقب ُة ب ُنَ
ك»(.)4 بيتك ،وا ْب ِك عىل خطيئتِ َ ك َ َك ،وليس ْع َ لسان َ
والسكوت
َ ِ
املنكر، ِ
تغيري اخلنوع وعد َم ِ
األحاديث هو وليس املرا ُد من هذه
َ َ
النبي ﷺ
ألن َّ احلقَّ ،بغري ِّالباطل ،والتكل ِم ِ
ِ ِ
اخلوض يف عىل الظل ِم ،بل املرا ُد عد ُم
مرا»(.)5كان ًّوإن َ احلق ْ قل َّ قالِ « :
َ
ٍ
جائر ٌ
ورجل قا َم إىل إما ٍم الشهداء محز ُة بن ِ
عبد املطلب، ِ وقال ﷺ« :س ّيدُ َ
ُ
فأمر ُه وهناه فقتَل ُه»(.)6
َ
ِ
والفتن ِ
األمور ِ
التباس فيحس ُن عند
ُ الصمت
ُ باحلق ،أما
ِّ وغري ُه تك َّل َم فهذا
ُ
النبي ﷺ« :من ُح ِ
سن إسال ِم املرء تر ُك ُه ما ال ِ
استواء الكال ِم وتركِ ِه ،وقد َ
قال ُّ وعند
َي ْعنيه»(.)1
ٌ
وسط ﴿ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ﴾ ٍ
حممد ﷺ أهنا أم ٌة وصف اهللُ أم َة
َ
ِ
والوسطية يف ِ
التوازن هلل ﷺ لرتسي ِخ ِ
قيمة ُ
رسول ا ِ [البقرة ،]503:فلذلك سعى
ِ
حياة ِ
سامت ُ
تشكل سم ًة بارز ًة من ُ
واالعتدال والوسطي ُة ُ
فالتوازن ِ
حياة املسل ِم،
الغلو النبي ﷺ عن ٍ
يشء ولذلك فقد هنى النبي ﷺ وعبادتِ ِه وطريقتِ ِه يف ِّ
كل
ِّ ُّ ِّ
الغلو»(.)1 َ
أهلك من كان قبلكم والغلو ،فذنام ِ
والتطرف فقال« :إياكم
ُّ َ
يشء فعن ٍ
أنس كل ٍ ِ
والوسطية يف ِّ ِ
التوازن يعلم أصحا َب ُه معامل َ هذا َ
وكان ﷺ ُ
يسألون عن عبادتِ ِه ،فلام َ النبي ﷺ ِ
أزواج ِّ
ِ
بيوت ٍ
رهط إىل قال :جا َء ثالث ُة َ
فر له ما تقد َم من النبي ﷺ ،وقد ُغ َ ُأخربوا كأهنم تقا ُّلوها .فقالوا :وأين نحن من ِّ
الليل أبدً ا ،وقال آخر :وأنا تأخر؟! فقال أحدُ هم :أما أنا ،فإين أصيل َ ِ
ذنبه وما
َ
أتزوج النسا َء أبدً ا.
ُ ُ
أعتزل النسا َء فال آخر :وأنا
وقال ُ أفطرَ ،
الدهر وال َُ أصو ُم
النبي ﷺ بام قالوا ،فقال« :أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ َأما واهللِ إين
رب ُّ ف ُأخ َ
النساء،
َ وأتزوج
ُ وأفطر ،وأصَل وأرقدُ ،
ُ ألخشاكم هللِ ،وأتقاكم له ،لكنَّي أصو ُم
فليس مني»(.)2 ِ
ب عن سنتي َ فمن َرغ َ
جحش ،فوجدَ ٍ بنت
زينب ُ
ُ ودخل ﷺ عىل إحدى زوجاتِ ِه وهي َ
لزينب إذا َف َرت ْت
َ حبلاحلبل؟» قالوا :هذا ٌ
فقال« :ما هذا ُ حبال ممدو ًدا بني ساريتني َ
ً
ِ ِ
النبي ﷺ« :ال ،ح ّلوه ،ليصل أحدُ كم نشا َط ُه ،فذذا َف َ َ
رت تعلقت بهَ .
فقال ُّ ْ الصالة عن
فليقعدْ »(.)1
املتنطعون» ِ
اهلالك فقالَ « :
هلك أن التشد َد يف الدِّ ِ
ين يؤدي إىل رب ﷺ َّ
َ وأخ َ
قاهلا ثال ًثا(.)1
فقال« :ما ُ
بال هذا؟» شيخا ُّنادى بني ابنيه َ
ً النبي ﷺ رأى
َّ وعن أنس َّ
أن
نفس ُه»(.)2 ِ
تعذيب هذا َ لغني من
إن اهلل ٌّ يميشَ ،
فقال ﷺَّ « : َ قالوا :ن ََذ َر ْ
أن
أمرين إِال
ِ هلل بني ُ
رسول ا ِ وكان عليه الصال ُة والسال ُم من صفاتِ ِه« :ما ُخ ّ َري
َ
إثام»(.)4
أيرسمها ما مل يك ْن ً
اختار َ
َ
- 39الوقــــــت
ٍ
عمل، عامل عن عملِ ِهَ ،
فقال« :من استعملناه عىل ٍ وبني ﷺ مسؤولي َة ِّ
كل َّ
أخذ بعد ذلك فهو غ ٌ
ُلول(.)2(»)1 فرزقناه رز ًقا ،فام َ
اجلمر»(.)4
َ فقر ،فكأنام ُ
يأكل سأل من ِ
غِّي ٍ من َ َ
وقال ﷺْ « :
احتكر فهو
َ فقال« :من ِ
السعر َ ِ
احتكار السل ِع بغي َة رف ِع وهنى ﷺ عن
خاطئ»(.)5
َ
خين ُ
ثالث الرشيكني ما مل ْ إن اهللَ تعاىل ُ
يقول :أنا وروي أنه ﷺ َ
قالَّ « :
خرجت من بينهام»(.)1
ُ ِ
صاح َب ُه ،فذذا خانه أحدُ مها
ِ
والشهداء»(.)2 والصديقني النبيني ُ
الصدوق مع األمني التاجر َ
وقال ﷺ« :
َ َ ُ ُ
يمحق»(.)3
ُ ِ
احللف يف البيعِ ،فذنه ُينف ُق ثم َ
وقال ﷺ« :إياكم وكثر َة
بورك هلام يف ِ
بيعهام، َ فذن َصدَ قا وب َّينا، ِ
باخليار ما مل يتفرقاْ ، وقال ﷺ« :البي ِ
عان َ
وإن ك ََذبا وكتامُ ،حم ْ
قت برك ُة بيعهام»(.)4 ْ
جيف عر ُقه»(.)5
أن َّ أج َر ُهَ ،
قبل ْ األجِّي ْ
َ َ
وقال ﷺ« :أعطوا
ِ
العامل إذا ن ََص َح»(.)6 الكسب كسب ِ
يد ِ خِّي َ
ُ قال ﷺُ « :
ِ
اخلمر»(.)7 وقال ﷺ« :حر ِ
مت التجار ُة يف َ
ُ
وتذهب عنها اآلف ُة»(.)8
َ صالحها،
ُ يبدو َ
وقال ﷺ« :ال تبتاعوا الثمر َة حتى َ
فليس منَّا»(.)9
غش َوقال :ﷺ« :من َّ
ُ
اإلنسان رقي ًبا أن َ
جيعل هلل حممدٌ ﷺ ْ ُ
رسول ا ِ أمر هبا ِ ِ
األمور املهمة التي َ من
ِ
العلن. الرس قبل ِ َ عىل ذاتِ ِه ،بحيث يرعى حقوق اهللِ
وحقوق العباد يف ِّ
ِ
وخالق كنت ،واتب ِع السيئ َة احلسن َة ُ
متحها، النبي ﷺِ « :
اتق اهللَ حيثام َ ُّ َ
قال
ٍ
حسن»(.)1 ٍ
بخلق الناس
َ
َ
والتوكل عىل عباس يع ِّل ُم ُه الرقاب َة الذاتي َة والشجاع َة ٍ ِ
البن َ
وقال
احفظ اهللَ جتده ُجتاهك ،إذا ِ ِ
احفظ اهللَ حيف ْظ َك، ٍ
كلامت؛ أعلمك اهللِ« :يا غال ُم إين ُ
اجتمعت عىل أ ْن
ْ أن األم َة لو
واعلم َّ فاستعن باهللِ،
ْ استعنت
َ ِ
فاسأل اهللَ ،وإذا سألت
َ
ْ
أن يرضوك بيشء قد كتب ُه اهللُ لك ،ولو اجتمعوا عىل ْ ٍ بيشء مل ينفعوك إال ٍ َ
ينفعوك
ُ
الصحف»(.)2 ت األقالم ور ِ
فعت هلل عليك ،ج ّف ِ ٍ
بيشء قد كتبه ا ُ بيشء مل يرضوك إال ٍ
ُ ُ َ
فذن مل
أن تعبدَ اهللَ كأنَّك تراهْ ،
فقالْ « : ِ
اإلحسان َ وس َئل رسول اهللِ ﷺ عن
ُ
تكن ترا ُه فذنه َ
يراك»(.)3
ِ
اجلنة يو َم ِ
درجات السبعة الذين يكونون يف أعىل ِ النبي ﷺ من ذكر
ُّ وقد َ
ذات ٌ
ورجل دع ْت ُه امرأ ٌة ُ ظل إال ظ ُّل ُهَ ،
قال« : القيامة ،ويظ ُّلهم اهللُ يف ظ ِّل ِه يو َم ال َّ
ِ
َ
وترك راقب ر َّب ُه
َ رب العاملني»( ،)4وذلك ألنه هلل َّ أخاف ا َ
ُ فقال :إين ٍ
ومجالَ ، ٍ
منصب
معصي َت ُه ُ
حيث ال يراه أحدٌ .
ِ
بعض النبي ﷺ إىل ِ إنسان عىل ِ ٍ مطلب ِّ الصح ُة
أشار ُّ
األرض ،وقد َ وجه كل ُ
ُّ
وحتث عىل التداوي ِ
األمراض ِ
الوقاية من الوصايا والقضايا الصحي ِة التي تُفيدُ يف
النافعة ،فمن ذلك: ِ ِ
األدوية هلل من
حر َم ا ُ ِ
بغري ما َّ
كان ال حمال َة ً
فاعال، فذن َيقمن ُص ْل َب ُهْ ، ٍ
لقيامت بحسب ابن آد َمِ قو ُله ﷺ« :
َ
لنفس ِه»(.)1
وثلث ِ ٌ وثلث لرشابِ ِه،ٌ لطعام ِه،
ِ ٌ
فثلث
ِ
األمراض ِ
الكثري من لسلمت من
ْ وهذه وصي ٌة لو َع ِم ْ
لت هبا البرشي ُة اليو َم
ِ
املنترشة.
ِ
الداء ،برئَ ِ ٍ
بذذن اهللِ تعاىل»(.)2 دواء
صيب ٌدواء ،فذذا ُأ َ َ
وقال ﷺ« :لكل داء ٌ
وقع وأنتم ٍ
بأرض فال تدخلوا عليه ،وإذا َ ِ
بالطاعون َ
وقال ﷺ« :إذا سمعتم
فرارا منه»(.)3 ٍ
بأرض فال خترجوا منها ً
الصحي. حل ْج ِر ٍ ِ أصل فيام ُع ِر َ
وهذا ٌ
ِّ الطب بعد ذلك بقرون با َ ف يف
ريح ٍ ِِ َ
غمر(.)5(»)4 يبيت ويف يده ُ يلومن امرؤٌ إال َ
نفس ُهُ ، ّ وقال ﷺ« :أال ال
اإلنسان ْ
أن ينا َم، ُ ٍ
وبخاصة إذا أرا َد ِ
بغسل األيدي بعد الطعا ِم وهذا توجي ٌه
نفس ُه. فمن َ
أمهل ذلك فال يلوم َّن إال َ
ثبت علم ًيا وقال ﷺ« :احلب ُة السوداء شفاء من كل ٍ
داء إال السا َم» ،وقد َ
()1
َ
ٌ ُ
كل ٍ
داء كام ِ
املناعة يف اجلس ِم ،فهي بذلك شفا ٌء من ِّ جهاز أن احلب َة السودا َء تقوي
َّ
َ
النبي ﷺ.
رب ُّ أخ َ
الريح ِ
والبيوت ،وكا َن ﷺ يعجب ُه ِ
والثياب ِ
البدن ِ
نظافة النبي ﷺ عىل َّ
ُ حث ُّ
الريح اخلبيث َة ،ومن وصاياه ﷺ يف ذلك:
َ الطيب ُة ،ويكر ُه
ِ
القوية حل َّج ِة ُ من املعلو ِم َّ
صاحب ا ُ
ُ اهلادئ
ُ الرجل الناجح هو ذاك
َ املعلم
َ أن
ِ
القلب. ِ
القلب إىل َترج من ِ ِ
والكلمة الصادقة التي ُ
قال« :إنام أنا لكم بمنزل ِة
تعليام ،ولذلك َ
ً ِ
الناس أحسن
َ النبي ﷺ
كان ُّوقد َ
ِ
الوالد أعل ُمك ُُم»(.)1
ٍ ِ
مالك َ
قال :بينام أنس بن
النبي ﷺ ما رواه ُ صور ُح ْس ِن تعلي ِم ِّ ومن
ِ
املسجدَ .
فقال يب ،فقا َم ُ
يبول يف ِ ِ
رسول اهللِ ﷺ ،إذ جا َء أعرا ٌّ املسجد مع نح ُن يف
ُ
رسول اهللِ ﷺ: الناسَ ،
فقال ُ فزجر ُه ِ
رسول اهللِ ﷺَ :م ْه َم ْه .ويف رواية: أصحاب
ُ
َ
بال .ثم َّ
إن ُزرموه -أي ال تقطعوا عليه بوله فيتِضر -دعوه» فرتكوه حتى َ «ال ت ِ
ٍ
ليشء من هذا تصلح بيوت اهللِ ،ال
ُ إن املساجدَ هلل ﷺ دعاه َ
فقال لهَّ « : َ
رسول ا ِ
ُ
ِ
القرآن»(.)2 ِ
وقراءة ِ
والصالة ِ
لذكر اهللِ ع َّز َّ
وجل ِ
والقذر ،إنام هي ِ
البول
هلل ِ
رسول ا ِ قال :بينا أنا أصيل مع الس َل ِم ِّي َ
بن احلك ِم ُّ وعن معاوي َة ِ
ِ
بأبصارهم. َ
يرمحك اهللُ ،فرماين القو ُم فقلت:
ُ رجل من القو ِم ٌ عطس
َ ﷺ ،إ ْذ
يِضبون ِ
بأيدّنم عىل َ َ
تنظرون إ َّيل؟ فجعلوا فقلت :واثك َْل أ ّمياه ،ما شأنكم ْ
ُ
رسول اهللِ ﷺ فبأيب هو وأمي، فلام َ
صىل ِ
سكتَّ ،ُّ أفخاذهم ،فلام رأيتُهم ُي َص ِّمتونني
هلل ما ك ََهرين ،وال رضبني ،وال
تعليام منه ،فوا ِ
أحسن ًَ معلام قب َل ُه وال بعدَ ُه
رأيت ً
ُ ما
ِ
الناس ،إنام هي يشء من كال ِم
ٌ يصلح فيها
ُ إن الصال َة ال شتَمني ،وإنام َ
قالَّ « :
ِ
القرآن»(.)1 والتكبِّي وقراء ُة التسبيح
ُ
ُ
العقيل يف اإلقنا ِع والتعلي ِم فعن أيب أمام َة َّ
أن فتًى ِ
احلوار النبي يلج ُأ إىل َ
وكان ُّ
ِّ
َ
فأقبل القو ُم عليه َ
رسول اهللِ! ائذن يل بالزنا!! النبي ﷺ َ
فقال :يا َّ شا ًّبا أتى
فجلسَ .
فقال له َ النبي ﷺ« :ا ْدن ُه» فدنا منه قري ًبا،
فقال ُّفزجروه ،وقالواَ :م ْه َم ْهَ ،
هلل فدا َء َكَ ،
قال هلل جعلني ا ُ َ
رسول ا ِ هلل يا ُ
الرسول ﷺ« :أحت ُّبه ألم َك؟» قال :ال وا ِ
َ
رسول اهللِ ك؟» َ
قال :ال واهللِ يا ألمهاُتم .أفتح ُّبه البنتِ َ
ِ الناس حيبونه
ُ ﷺ« :وال
ك؟» قال :ال لبناُتم ،أحت ُّبه ألختِ َ
الناس حيبونه ُِ قال ﷺ« :وال جعلني اهللُ فدا َء َكَ ،
ِ
ألخواُتم ،أفتح ُّبه الناس حيبو َن ُه
ُ رسول اهللِ جعلني اهللُ فدا َء َكَ ،
قال« :وال َ واهللِ يا
الناس حيبونه ُ رسول اهللِ جعلني اهللُ فدا َء َك ،قال« :وال
َ هلل يا
قال :ال وا ِ ك؟» َ لعمتِ َ
قال« :وال رسول اهللِ جعلني اهللُ فدا َء َكَ ، َ هلل يا ك؟» َ
قال :ال وا ِ لعامُتم ،أفتح ُّب ُه خلالتِ َ ِ
وطه ْر قلب ُه،
اغفر ذنب ُهّ ، فوضع يدَ ُه عليه َ ِ
خلاالُتم» َ الناس حي ُّبو َن ُه
اللهم ْ وقالَّ « : َ قال: ُ
يكن الفتى بعد ذلك يلتفت إىل ٍ
يشء(.)2 وحص ْن فرج ُه» ،فلم ِ
ُ
ات
وقامت احلكوم ُ
ْ واإلغاثي التطوعي ِ
بالعمل ِ
األخرية ِ
الفرتة اهتم العامل ُ يف
ِّ ِّ َّ
ِ
وإنقاذهم ِ
الناس ِ
مساعدة ٍ
أمهية يف السبل إلقامتِ ِه ،وذلك ملا له من
ِ ِ
وتيسري ِ
بدعمه
حتل هبم. ِ
والكوارث التي ُّ ِ
املصائب َ
حال
وخيفف من
ُ الناس،
َ ينفع ِ
العمل الذي ُ ُ
رسول اهللِ حممدٌ ﷺ عىل وقد َّ
حث
َ
اجلليل. والثواب
َ الكبري األجر ورتب عىل َ
ذلك َ ِ
معاناهتم،
َ َ
ظهر ٍ
شجرة َق َط َعها من ِ ِ
اجلنة ،يف يتقلب يف رأيت ً
رجال ُ قال ﷺ« :لقدفقد َ
ُ
ِ
الطريق كانت تؤذي املسلمني»(.)1
ِ
حماسن فوجدت من
ُ عَل ُ
أعامل أمتي حسنُها وسيئُها، ت ّوقال ﷺُ « :ع ِر َض ْ
َ
ِ
الطريق»(.)2 يامط عن ِ
أعامهلا :األذى ُ
ِ
اإليامن ِ
شعب جعل إماط َة األذى عن الطر ِيق شعب ًة من
النبي ﷺ َ بل َّ
إن
َّ
بضع وسبعون شعب ًة ،أعالها ُ
قول ال إل َه إال اهللُ ،وأدناها إماط ُة اإليامن ٌ
ُ َ
فقال ﷺ« :
ِ
اإليامن»(.)3 واحلياء شعب ٌة من ِ
الطريق، األذى عن
ُ
رسورا ،أو تقِض
ً املؤمن
َ أن تُدْ ِخ َل عىل أخيك ِ
األعامل ْ ُ
أفضل وقال ﷺ« : َ
عنه دينًا ،أو ِ
تطع َم ُه خبزًا»(.)4
ِ
سبيل اهللِ ،أو القائمِ ِ
كاملجاهد يف ِ
واملسكني ِ
األرملة َ
وقال ﷺ« :الساعي عىل
النهار»(.)1
َ َ
الليل الصائ ِم
إن ِ
واحلروبَ ، ِ ِ ِ
فقالَّ « : والشدة الغالء ملواقفهم عند ومدح ﷺ األشعريني َ
قل طعام ِ
عياهلم باملدين َة ،جعلوا ما عندهم يف ِ
الغزو أو َّ األشعريني إذا أرملوا( )2يف
ُ
واحد بالسو َّي ِة ،فهم مني وأنا منهم»(.)3
ٍ واحد ،ثم اقتسموه بينهم يف ٍ
إناء ٍ ٍ
ثوب
جن وال ٍ
إنس وال حرى من ٍّ
يرشب منه كبدٌ َّ
ْ وقال ﷺ« :من َح َف َر ً
ماء ،مل َ
ِ
القيامة»(.)4 ٍ
طائر ،إال آجره اهللُ يو َم
- 91الشـــورى
ِ
وجهات ِ
وتبادل ِ
اخلربة والرأي أهل ِ
مشورة ِ حيتاج إىل ٍ
إنسان أن َّ
كل شك َّ
ال َّ
ُ
ِ
الراجحة فيام ِ
واملصلحة ِ
السديد ِ
االختيار ِ
خالل ذلك إىل َ
ليصل من ِ
النظر معهم؛
ّنمه من قضايا.
ُّ
حيث أمر اهللُ تعاىل هبا رسو َل ُه ﷺ ِ
القرآن يف موضعنيُ ، ِ
وذكرت الشورى يف
ومدح اهلل أه َلها فقال﴿ :ﮙ
َ مر ًة َ
فقال﴿ :ﭭ ﭮ ﭯ﴾ [آل عمران،]512:
ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ﴾ [الشورى.]32:
األمر
َ َ
ويدرسون ِ
باألمر ،بل يتشاورون هلل تعاىل بأهنم ال ينفردون
فمدحهم ا ُ
َ
احلق يف ذلك. ِ
سبيل ِّ ِ
املختلفة ليصلوا إىل وجوه ِه
ِ من
ِ
السامء ،وإنام مشورة ٍ
أحد ،ألنه مؤ ّيدٌ بالوحي من ِ حيتاج إىل
يكن ُ والنبي ﷺ مل ْ
ُّ
بعد ِه.
الفضل ،ولتقتدي به األم ُة من ِ
َ ِ أمره اهللُ بالشورى لتع َل َم األم ُة ما يف الشورى من
كثري من النبي ﷺ أصحا َب ُه كثريا ،و َع ِم َل برأي مستشاريه يف ٍاستشار ُّ
َ وقد
ً
مشورة ألصحابِ ِه
ٍ أكثر
رأيت أحدً ا َ
ُ قال أبو هريرة :ما املواضعِ ،ولذلك َ
ِ
رسول اهللِ ﷺ(.)1 من
استشار ِ
احلديبية ِ
صلح ِ
األمور؛ ففي ِ
مهامت النبي ﷺ النسا َء يف واستشار
َ ُّ َ
أن الشورى كانت ِ
شورهتا ،مما ُّ
يدل عىل َّ َ
وأخذ بم ِ
املسلمني زوجتَه أم سلم َة يف ِ
شأن َّ
النبي ﷺ ويف طريقتِ ِه يف احلك ِم. ِ
جز ًءا أساس ًّيا يف حياة ِّ
| 202حممد رسول اهللﷺ
ِ
وحصار الظاملِ حتى َي ْس َل ُم ِ
بمواجهته أمر
الظلم ،فقد َ
َ حر َم اإلسال ُم
وكام ّ
فقال اهللُ سبحانه﴿ :ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ رشور ِهَ ،
ِ الناس من
ُ
ﮖ﴾ [البقرة.]520:
َ
أوشك اهللُ أن َي ُعمهم يغِّيوه،
املنكر وال ّ
َ الناس إذا رأوا
َ إن
وقال ﷺَّ « :
بعقابِ ِه»(.)2
إن جا َء ٌ
رجل يريدُ أرأيت َْ َ
رسول اهللِ! النبي ﷺ َ
فقال :يا ِّ وجا َء ٌ
رجل إىل
أرأيت ْ
إن َ قال: فقال ﷺ« :فال تُعطِه»َ ،
قال :فإ ْن قاتلني؟ قال« :فقات ْل ُه» َ َأ ْخ َذ مايل؟ َ
أرأيت إن قتل ُت ُه؟ قال« :هو يف ِ
النار»(.)3 َ فأنت شهيدٌ » قال: قتلني؟ َ
قالَ « :
التدمري ِ
اهلمجية التي ُي ْق َصدُ هبا ِ
احلروب النبي ﷺ كتلك حروب مل تكن
ُ ِّ ُ
كانت حرو ًبا أخالقي ًة يف أهدافِها ْ ِ
الناس ،بل ٍ
ممكن من أكرب ٍ
عدد وقتل ِ واخلراب ُ ُ
قال ٍ
حلرب َ وج َه قوا َد ُه إدراهتا ،ولذلك َ ِ ِ ويف دوافِعها ويف
النبي ﷺ إذا ّ كان ُّ كيفية
رسول اهللِ ﷺ ،وال تقتلوا شيخً ا فان ًيا، ِ هلم« :انطلقوا باس ِم اهللِ ،وباهللِ ،وعىل ِ
ملة
وض ُّموا غنائمكم ،وأصلِ ُحوا ،وأحسنوا، صغِّيا ،وال امرأةً ،وال َت ُغ ُّلواُ ، ً طفالوال ً
حيب املحسنني»(.)1 إن اهللَ ُّ َّ
قال: فوقف عليها ثم َ ِ
الغزوات، ِ
بعض ٍ
مقتولة يف ٍ
امرأة النبي ﷺ عىل
َ ومر ُّ َّ
ِ ِ وجوه أصحابِ ِهَ ، ِ ِ
بخالد احلق
ألحدهمْ « : وقال نظر يف «ما كانت هذه لتقات ُل» ثم َ
ِ
أجريا -وال امرأ ًة»(.)2 يقتلن ذري ًة ،وال عسي ًفا - ،أي ً َّ الوليد ،فال بن
ِ
احلرب(.)3 ِ
والصبيان يف ِ
النساء وهنى ﷺ عن ِ
قتل
الصديق
َ السبيل ،فهذا أبو ٍ
بكر ِ بعد ِه عىل ِ
نفس وقد سار خلفاء النبي ﷺ من ِ
ُ ِّ َ
حني بعث ُه إىل الشا ِم ً
قائال« :ال َتونوا، زيد َ يويص قائدَ ه أسامة بن ٍ
ُ
كبريا ،وال صغريا ،وال ً
شيخا ً ً وال ت ُغ ّلوا ،وال تغدروا ،وال متثلوا ،وال تقتلوا ً
طفال
امرأة ،وال تعقروا ً
نخال ،وال حترقوه ،وال تقطعوا شجر ًة مثمرةً ،وال تذبحوا شاةً،
ٍ
مترون بأقوا ٍم ،قد َّفرغوا َ
أنفسهم يف بعريا ،إال ملأكلة ،وسوف ّوال بقرةً ،وال ً
هبان -فدعوهم وما َف َّر ُغوا َ
أنفسهم له». الر َالصوام ِع -يريد ُّ
- 96السعــــادة
ومشاع ِر ِه،
ِ ِ
اإلنسان ِ
مزاج ِ
اخلارجية عىل ِ
العوامل تأثري
ينس َ والنبي ﷺ مل َ
ُّ
تأثري عىل ِ
السعادة وذلك ملا هلا من ٍ ِ
أسباب أمورا خارجي ًة جعلها من
ولذلك عدّ د ً
واجلار الواسع، واملسكن أربع من السعادة :املرأ ُة الصاحل ُة، ِ
اإلنسانَ ،
ُ ُ ُ فقال ﷺٌ « :
- 97التفـــــاؤل
ِ
الرتكيز ِ
اإلنسان ،ألنه يمنح ُه القدر َة عىل ِ
اإلجيابية يف ُ
التفاؤل من القي ِم
ِ
الناس أكثر َ ِ
املشكالت ،ومن هنا َ ِ ِ ِ ِ
املتفائلون هم َ كان ألعقد املناسبة احللول وإجياد
ِ
العقبات التي واجهتْهم. نجاحا عىل الرغ ِم من ِ
كثرة ً
احلسن ،ويكر ُه ال ِّطري َة( ،)1وال ِّطريةُ:
ُ النبي حممدٌ ﷺ يعج ُب ُه ُ
الفأل كان ُّولقد َ
التشاؤ ُم.
ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ
ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ﴾
[التوبة.]04:
َتاف
ُ ِ
بالكعبة ال تطوف
َ ِ
احلرية حتى ُ
ترحتل من فرأيت الظعين َة
ُ عدي: َ
قال
ٌّ
َّ
لرتون ما هرمز ،ولئ ْن طالت بكم حيا ٌة
َ كنوز كرسى بن
افتتح َإال اهللَ ،وكنت فيمن َ
يطلب من ذهب أو ٍ
فضة، ٍ ملء كفه من ُ َ
ُ الرجل َ رج
النبي أبو القاسم ﷺُ « :خي ُ
قال ُّ
يقب ُل ُه منه ،فال جيدُ أحدً ا يقب ُل ُه منه»(.)3
( )1احلرية :وتقع جنوب وسط العراق عىل بعد سبعة كيلومرتات حنوب رشق النجف.
( )2الظعينة :املرأة يف اهلودج (لسان العرب :ظ ع ن).
( )3رواه البخاري (.)3352
حممد رسول اهللﷺ|209
ِ ِ
النبي ﷺ يباس ُط أصحا َب ُه ويداع ُبهم ويامز ُحهم أحيانًاَ ،
غري أنه حدَّ َد ُّ َ
كان
ِ
وانتقاص اآلخري َن، ِ
والسخرية ِ
الكذب اح إىل ينتهي ِ َ
املز ُ َ امليزان يف ذلك حتى ال
رسول اهللِ! إنَّك تداع ُبناَ ،
فقال ﷺ« :نعم، َ أن الصحاب َة قالوا :يا فعن أيب هريرة َّ
أقول َّإال ح ًّقا»(.)1
غِّي أين ال ُ
َ
نوع من ا ِ ِِ ِِ
لنفاق أن مداعب َت ُه أه َل ُه ولع َب ُه مع زوجته وأبنائه ٌ
وملا ظ َّن حنظل ُة َّ
ُ
رسول اهللِ ﷺ« :وما رسول اهللَِ .
فقال َ نافق حنظل ُة يا
فقالَ : النبي ﷺ َ
ذهب إىل َِّ
رأي ِ ِ نكون عندَ َك ،فتذك ُِّرنَا
ُ َ
والنار ،حتى كأنَّا َ باجلنة رسول اهللِ! ذاك؟» قال :يا
ِ ِ ٍ
كثريا،
األزواج واألوال َد ،والضيعات ،ونسينا ً َ عني ،فإذا خرجنا من عند َك ْ
عافسنا
تكونون عندي ويف
َ بيد ِه ،لو تدومون عىل ما هلل ﷺ« :والذي نفيس ِ ُ
رسول ا ِ ف َ
قال
ولكن يا حنظل ُة! ساع ًة فرشكم ويف ِ
طرقكم، الذكر ،لصافحتْكم املالئك ُة عىل ِ
ِ
ْ
وساع ًة ،ساع ًة وساع ًة ،ساع ًة وساع ًة»(.)2
َ
رسول اهللِ! امحلني عىل رجال جا َء ُه َ
فقال :يا أن ً النبي ﷺ َّ
مزاح ِّ نامذج ِ
ِ ومن
َ
رسول اهللِ! هو ال ُ
الرجل :يا ِ
الناقة» َ
فقال فقال ﷺ« :ال أمح ُل َك إال عىل ِ
ولد ٍ
مجلَ ،
َ
النوق»(.)3 ُ
اإلبل إال هلل ﷺ« :وهل تلدُ ُ
رسول ا ِ ُيطيقنيَ ،
فقال
القسم الثالث
حتذير حممد رسول اهلل ﷺ من الرذائل واملساوئ
مدخـــــل
ٍ
وطن ،بل ُأ َ ٍ دون ٍ يرسل نبي اهللِ حممدٌ ﷺ ٍ
رسل إىل لوطن َ
دون أمة ،أو ألمة َ ْ ُّ مل
ِ
باملعروف يأمرهم ِ
الناس كاف ًة
منرياُ .
اجا ًهلل بإذنه ورس ً
ونذيرا ،وداع ًيا إىل ا ِ
ً بشريا
ً
وحير ُم عليهم اخلبائث. ِ ِ
املنكر ُّ
وحيل هلم الطيباتِّ ، وينهاهم عن
ٍ
بعامة، اإلنساين ِ
وللضمري ٍ
بإطالق، ِ
البرشية ِ
للنفس موجها كان خطا ُب ُه
ِّ ً
أي ٍ
قلب -نقا ًء، ِ ِ فوضع عىل ُق َف ِل
القلب ُّ -
ُ مفتاح ُه؛ ليزدا َد
َ البرشية الطبيعة َ
ً
وجالال. األخالق ً
مجاال ُ ُ
وتزدان سموا،
والروح ً
ُ
اغي، املاديات ال َّط ِ
ِ ِ
سلطان اإلنسان منُ حيرر بأمر ر ِّب ِه ْ
أرا َد حممدٌ ﷺ ِ
أن َ
فكانت دعو ُت ُهِ والسلوكي، األخالقي ِ
لالنفالت الشهوات الداعي ِ َ
ضغط ويقاو َم
ِّ ِّ
تطلبُ الغضب شعل ُة ٍ
نار َ والصفح ما أمك َن؛ معلنًا َّ
أن ِ ِ
والتحمل ِ
الصرب إىل
وحذ َر من َّ ِ
الناس، الوحدة والتالح ِم بني ِ مؤذن بانفصا ِم ٌ وأن سو َء ال َّظ َّن االنتقا َمَّ ،
ِ
الرقيقة. ِ
الطيبة ِ
والكلمة ِ
القول، ِ
بالعفة يف فأمر ِِ ِ ِ
سقطات اللسان وزالته َ
فجاءت أحاديث ُه تدعو ْ ِ
واحلياة، ِ
الكون ٍ
تفاؤلية ُجتا َه ذات ٍ
رؤية وكانت دعو ُت ُه َ
والسلبية ،وتؤكدُِ ِ
اخلمول العمل أوِ ِ
وترك ِ
اليأس وحتذ ُر من ضدِّ ِه من ِ
مثل لتفاؤل ِّ ِ ل
غري ِه بالرتوي ِع يعتدي املر ُء عىل ِ َ حتريام شديدً ا ْ
أن ً
ِ
البرشية فحر َم ِ
النفس ِ
حرمة عىل
وجعل ذلك من أعظ ِم َ ِ
االنتحار، نفس ِه باألذى أو بالقتل ،أو عىل ِ ِ ِ
والتخويف أو
ِ
األفعال شناع ًة وجر ًما.
| 222حممد رسول اهللﷺ
االجتامعي ِ
الفساد ِ
عوامل ِ
التطهر من ِ
وجوب كام كانت دعو ُت ُه رصحي ًة يف
ِّ
ِ
والتجسس عىل اآلخري َن، ِ
البني، إفساد ِ
ذات ِ والسياِّس فنهى عن واإلداري
ِّ ِّ
ِ
أمهية الرشوة وذ َّم صاح َبها أشدَّ الذ ِم ،وأكدَ عىل ِ حذر من ِ
والغدر ،كام ِ
واخليانة
َ
ِ
اجلوفاء. ِ
املظهرية والبعد عنِ العمل اجلا ِّدِ
ٍ
عملية ٍ
صورة خالل أقوالِ ِه وأفعال ِ ِه وإشاراتِ ِه وتلميحاتِ ِه يف
ِ كل ذلك من ُّ
ِ
واآلخرة. ِ
والبحث لنسعدَ يف الدنيا ٍ
جديرة بالتقيص ٍ
وواقعية
حممد رسول اهللﷺ|223
- 3القـــــتل
ٍ
رجل مسل ٍم»(.)1 أهون عىل اهللِ من ِ
قتل ُ وقال ﷺَ « :لز ُ
َوال الدنيا َ
فليس منَّا»(.)2
السالح َ
َ مح َل علينا َ
وقال ﷺَ « :م ْن َ َ
- 9الغـــــــدر
ُ
املقتول كان
وإن َ ِ
القاتلْ ، بريء من
ٌ رجال عىل َد ِم ِه ،فأنا
وقال ﷺَ « :م ْن َّأم َن ً
َ
كافرا»(.)5
ً
اإليامن قيدُ ال َفتك ،ال يفتك مؤمن»(.)6
ُ َ
وقال ﷺ« :
- 1الغضـــــب
ُ
رسول اهللِ حممدٌ حذر منها ِ
املساوئ التي َّ مرض من الغضب وشدَّ ِ
ته ٌ ِ رسع ُة
ﷺ.
َضب ِِ
السكوت ،لقوله ﷺ« :علموا ،ويرسوا ،وال ُت َعرسوا ،وإذا غ َ
ُ ومنها
فليسكت»(.)3
ْ أحدُ كم
فذن
فليجلسْ ، قائم ِ ِِ ِ
ْ ب أحدُ كم وهو ٌ
تغيري اهليئة ،لقوله ﷺ« :إذا غَض َ
ُ ومنها
فليضطجع»(.)4
ْ الغضب وإال
ُ ذهب عنه
َ
مسلام»(.)3
يرو َع ً
أن ّ وقال ﷺ« :ال ُّ
حيل ملسل ٍم ْ َ
يأخذن أحدُ كم متاع ِ
أخيه الع ًبا وال جا ًّدا»(.)4 َّ َ
وقال ﷺ« :ال
َ
- 5اخلـــــــيانة
ِ
واحلذر ِ
واحتقار صاحبِها اتفق العقال ُء عىل كراهيتِها
أن اخليان َة مما َشك َّ
ال َّ
التوجس ِ
النفوس ويزرع يف ِ
الناس، زعزعة ِ
الثقة بني ِ اخللق يؤدي إىل
َ منه َّ
ألن هذا
َ ُ
والريب َة ،واهللُ تعاىل ُ
يقول﴿ :ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ﴾ [األنفال.]12: ِّ
َ
ويبطنون َ
اإليامن َ
ظهرون املنافقني الذين ُي
َ ِ
صفات جعل اخليان َة منالنبي ﷺ َ
ُّ
أخلف ،وإذا اؤمتُ ن
َ كذب ،وإذا وعدَ
َ ثثالث :إذا حدَّ َ
ٌ ِ
املنافق الكفر َ
فقال ﷺ« :آي ُة َ
خان»(.)1
َ
غدر».
فجر ،وإذا عاهدَ َ
خاصم َ
َ ويف رواية« :وإذا
ِ
الزوجات إذا بعض أخون من خانني ،كام ُ
تفعل ُ ُ يقول :إنام ِ
الناس ُ وكثري من
ٌ
النبي ولذلك ُ
يقول َ ِ
يضاع ُف َها، الزوج ،وهذا ال ُّ
حيل املشكل َة بل ِ ِ
بخيانة أحس ْت
ُّ َّ
ﷺ« :أد األمان َة إىل من ائتمنَك وال ْ
ختن من خان َ
َك»(.)2
ِ
قلوهبم ،وال ِ
العداوة يف ِ
الناس وزر ِع ِ
باإلفساد بني ِ
الناس يسعى بعضُ
النبي ﷺ« :ال يد ُ
خل اجلن َة قال ُّ لغضب اهللِ وسخطِ ِه وقد َ
ِ يتعر ُض
يدري أنه بذلك َّ
ِ
اإلفساد بينهم. ِ
بقصد ِ
الناس َّات هو النام ُم الذي ُ
ينقل الكال َم بني َّات» ،والقت ُ
()1
قت ٌ
ب( )2امرأ ًة عىل ِ
زوجها»(.)3 ليس منّا من َخ ّب َ َ
وقال ﷺَ « :
ليس َّ ِِ ِ
اب
الكذ ُ لإلصالح فليس ف ْع ُل ُه حمر ًما لقوله ﷺَ « :
ِ يكذب
ُ أما الذي
خِّيا»(.)4
يقول ً خِّيا أو َ ِ
الناس ،فينْمي ً يصلح بني
ُ بالذي
- 7التجـســـس
َّ
وحذ َر من ِ
وخصوصياهتم، ِ
الناس ِ
حرمات هلل ﷺ عىل ُ
رسول ا ِ َ
حافظ
وإيكال بواطِنِهم إىل اهللِ
ِ ِ
بظواهرهم ِ
الناس ِ
بأخذ وأمر
َ
ِ
وانتهاكها، املس ِ
اس هبا َ
تعاىل.
َ
قال تعاىل﴿ :ﭝ ﭞ﴾.
أن
كدت ْ
َ سدُتم ،أو ِ
الناس أف َ ِ
عورات َّبعت وقال ﷺ« :إنك ِ
إن ات َ َ
ِ
تفسدَ هم»(.)1
ُ
وعرض ُه»(.)2 كل املسل ِم عىل املسل ِم حرا ٌمَ ،د ُم ُه وما ُل ُه
وقال ﷺُّ « :
َ
فلينِصف»(.)3
ْ ؤذن له استأذن أحدُ كم ثال ًثاْ ،
فلم ُي ْ َ َ
وقال ﷺ« :إذا
املذاب.
ُ صاص
ُ الر ُ
واآلنكَّ :
املرء تَر ُكه ما ال يع ِ
نيه»(.)1 وقال ﷺ« :من حس ِن إسال ِم ِ
َ
ُ َ َْ ُ ْ
النبي
قال ُّالناس ويلعنُهم ،فقدْ َ
َ يسب
ُّ ُ
الشيطان؟ إنه الذي َ
أتدرون من هو
ِ
ويتكاذبان»(.)1 ِ
يتهاتران ِ
شيطانان ﷺ« :املست َّب ِ
ان
فسوق ،وقتا ُل ُه ٌ
كفر»(.)2 ٌ سباب املسل ِم َ
وقال ﷺُ « :
تسبن أحدً ا»(.)3
َّ رجال َ
فقال له« :ال ُ
رسول اهللِ ﷺ ً وأوَص
املؤمن ل َّعانًا»(.)4
ُ يكون
ُ َ
وقال ﷺ« :ال
ِ
احليوان وهذا مما ال تعرف ُه أم ٌة من األم ِم ،فقد النبي ﷺ هنى عن ِ
لعن بل َّ
إن َّ
ِ
للصالة»(.)5 ُ
يوقظ َ
الديك فذنه ُ
رسول اهللِ ﷺ« :ال تسبوا َ
قال
الريح عند
َ الريح ،فقد لع َن ٌ
رجل ِ ذلك أنه ﷺ هنى عن ِ
لعن واألعجب من َ
ُ
ليس له ٍ
بأهل، الريح فذهنا مأمورةٌ ،من َل َع َن شيئًا َ
َ ِ
تلعن ِ
رسول اهللِ ﷺ َ
فقال له« :ال
رجعت اللعن ُة ِ
عليه»(.)6 ِ
وإن امرؤٌقال لهِ « : النبي ﷺ أحدَ أصحابِ ِه أنه َ ُّ ِ
األدب الذي علم ُه ومن
ِ
عليه، يكون وبا ُله
ُ بيشء تعلمه ِ
فيه ،ودع ُه ٍ ٍ
بيشء يعلم ُه َ
فيك ،فال تعِّيه عِّيك
ُ َّ
ُ
الرجل :فام َس َب ْب ُت بعد ذلك داب ًة وال إنسانًا(.)7 تسبن شيئًا»َ ،
قال َّ وأجر ُه َ
لك ،وال ُ
َ
قال تعاىل﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ﴾
[احلجرات.]55:
َ
وقال﴿ :ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ
ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ﴾ [احلجرات.]6:
ِ
الناس ،وربام ِ
العالقات بني ِ
وتشويه الظن يؤدي إىل قط ِع األرحا ِم إ َّن سو َء
ِّ
فإن اإلسالم هنى عن ِ
سوء ظ ِّن ولذلك ََّ ِ
وإيذائهم، أ َّدى إىل التعدي عىل اآلخري َن
َ
ذلك ِ
الناس ،ويف َ ِ
بالتثبت َ
قبل اهتا ِم وأمر ٍ الناس من ِ ِ بغري ِه من
املسل ِم ِ
غري برهانَ ،
حتسسوا، ِ َ
جتسسوا ،وال َّ أكذب احلديث ،وال َّ ُ الظن
َّ فذن
والظنَّ ،
َّ قال ﷺ« :إياكم
حتاسدُ وا ،وال تدابروا ،وكونوا عبا َد اهللِ إخوانًا»(.)1
وال َ
- 30الرشـــــــوة
رب ُ
رسول اهللِ ﷺَّ « : قالَ :
قال ومثل ذلك ما ور َد عن أيب هرير َة َ ُ
ألبر ُه»(.)3
هلل َّ
أقسم عىل ا ِ
َ ٍ
باألبواب ،لو أغرب مدفو ٍع َ
أشعث َ
ٌ
فضل إال ألحد عىل ٍ
أحد ٍ ليس رسول اهللِ ﷺ َ
َ بن عامر َّ وعن عقب َة ِ
قالَ « : أن
فاحشا بذ ًّيا ً
بخيال جبانًا»(.)4 ً يكون أن ِ
الرجل ْ ب ين ،أو ٍ ِ
بد ٍ
َ عمل صالحٍ َ ،ح ْس ُ
قال: مسعود َ ٍ باآلخرين فعن ابن النبي ﷺ يكر ُه السخري ُة َ
وكان
َ ُّ
وكان يف َ الريح تكفؤ ُه، ِ
فكانت ِ
األراك، لرسول اهللِ ﷺ سواكًا من ِ كنت أجتني ُ
ُ
ضحكُكم؟» قالوا :من د َّق ِة فقال النبي ﷺ« :ما ي ِ
ُ ُّ فضحك القو ُمَ ، َ ِ
ساقه د َّق ٌة،
حد»(.)1 امليزان من ُأ ٍ
ِ أثقل يفالنبي ﷺ« :والذي نفيس بيده هلام ُ قيهَ . سا ِ
فقال ُّ
قال :مررنا ٍ
سويد َ بن ِ
املعرور ِ وأمه ،فعنبأبيه ِ
إنسان ِ ٌ يعري وكان ﷺ يكر ُه ْ َ
أن َّ
ذر لو خاد ِم ِه -مث ُل ُه ،فقلنا :يا أبا ٍ
غالم ِه ِ -ِ ِ
بالربذة ،وعلي ُه بر ٌد ،وعىل بأيب ٍ
ذر
ٍ
رجل من إخويت كال ٌم ،وكانت كان ُح َّل ًةَ ،
فقال :إنه كان بيني وبني مجعت بينهام َ
َ
فقال« :يا أبا ٍ
النبي ﷺ َ ِ
ذر فلقيت َّ
ُ النبي ﷺ،
فعريتُه بأمه ،فشكاين إىل ِّ أم ُه أعجمي ٌةَّ ،
َ
الرجال َس ّبوا أباه وأ َّمه. سب َ
رسول اهللِ! َم ْن َّ إنك امرؤٌ فيك جاهلي ٌة» ُ
قلت :يا
فقال« :يا أبا ذ ٍّر! إنك امرؤٌ فيك جاهلي ٌة .هم إخوانُكم جع َلهم اهللُ َ
حتت أيديكم،
تلبسون ،وال تكل ُفوهم ما يغلِ ُبهمْ ،
فذن َ وألبسوهم مما
ُ تأكلون
َ فأطعموهم مما
ُ
كلفتُموهم فأعينُوهم»(.)2
- 39الكـــسـل
العج ِز
بك من ْ اللهم إين أعو ُذ َفقالَّ « : ِ
الكسل َ النبي ﷺ من
ُّ وقد استعا َذ
ف به من م ٍ
هامت. بالعجز ،ألنه إذا كَس َل عجز عن ِ
أداء ما ُك ِّل َ ِ ِ
والكسل»( ،)1وقر َن ُه
َ َ َ ََ
- 31اليــــــأس
- 34االنتحـــــــار
جيوز له
ُ النفس اإلنساني َة أمان ٌة لدى صاحبِها ،ال َ رسول اهللِ ﷺ َّ
أن ُ أكدَ
ٍ
بحديدة، نفس ُه فقال ﷺ« :من َ األسبابَ . ِ ٍ
قتل َ سبب من ألي
التخلص منها ُِّ
جهنم خالدً ا خملدً ا فيها أبدً ا ،ومن َ ِ
رش َب َ يتوج ُأ هبا يف بطن ِ ِه ،يف ِ
نار ِِ
فحديد ُت ُه يف يدهَّ ،
جهنم ،خالدً ا خملدً ا فيها أبدً ا ،ومن تر َّدى منَ يتحساه يف ِ
نار َّ نفس ُه ،فهو ُس ًّام َ
فقتل َ
جهنم خالدً ا خملدً ا فيها أبدً ا»(.)1َ نفس ُه ،فهو يرتدى يف ِ
نار فقتل َ ٍ
جبل َ
وغري ِه فإهنا
ِ وفقر ٍ
مشكالت ٍ َ
الدول اإلسالمي َة عىل ما فيها من ومن هنا َّ
فإن
ِ ِ أقل ِ
ُّ
االنتحار. دول العاملِ يف نس َ
ب
نفس ُه خينقها يف ِ
النار ،والذي يطعنُها يطعنُها يف خينق َ َ
وقال ﷺ« :الذي ُ
ِ
النار»(.)2
َ وأكل َ
َ ٍ
وسفك د َم هذا، مال هذا، وقذف هذا،
َ وصيا ٍم وزكاة ،ويأيت وقد َ
شتم هذا،
نيت حسنا ُت ُه َ
قبل وَضب هذا ،ف ُيعطى هذا من حسناتِ ِه ،وهذا من حسناتِ ِهْ ،
فذن َف ْ َ
رح يف ِ
النار»(.)1 رحت عليه ،ثم ُط َ
خذ من خطاياهم ،ف ُط ْ أن يقِض ما عليه ُأ َ
ْ
جيرؤ أحدٌ عىل الظل ِم بعدَ َ
ذلك؟ فهل ُْ
القسم الرابع
حممد رسول اهلل ﷺ وعالج مشكالت البشرية
مدخــــل
من أهداف دعوة أنبياء اهلل موسى وعيسى وحممد دعوة إخواهنم من النبيني
عليهم الصالة والسالم وكذلك مسايرة أوضاع الفطرة اإلنسانية ،ومراعاهتا يف
أحكامها االعتقادية ،واخللقية ،والتعبدية .ولذا ُوصف اإلسالم بأنه (دين
الفطرة) كام جاء ذلك يف قوله سبحانه﴿ :ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ
ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ
ﯬ﴾ [الروم.]34:
كام واجه نبي اهلل حممد ﷺ مشكلة العنف األرسي التي تفشت يف
موجها املرء إىل حسن العرشة
ً املجتمعات منذ زمن بعيد بحكم الطبيعة اإلنسانية
ولني الكالم والتغايض عن اهلفوات ،واالهتامم باألرسة واألبناء.
وكذا املشكالت املتعلقة بالزواج فقد حث نبي اهلل حممد ﷺ عىل الزواج؛ ملا
الرتهبن فال
ُّ فيه من اخلري والعفة ،وبقاء النوع اإلنساين بإنجاب الذرية ،وهنى
رهبانية يف اإلسالم .وعالج مشكلة اخلمر واملخدرات بذكر آفاهتا؛ وبيان مضارها
اخللقية والسلوكية وما ينتج عنها من اجلرائم ،كام وضع ملتناوهلا عقا ًبا راد ًعا يكفي
لزجره وردعه.
وانطال ًقا من مكانة العلم والعقل يف اإلسالم حارب رسول اهلل ﷺ كل
اخلرافات التي ال تقوم عىل دليل أو برهان ،وحارب السحرة واملشعوذين الذين
يتنكبون طريق العلم واملعرفة والربهان إىل التخمني والكذب ،وجعل من يقع يف
مثل هذا الفعل قرينًا ملن خرج من اإلسالم برمته.
| 244حممد رسول اهللﷺ
كام عالج رسول اهلل ﷺ مشكلة الفقر واستعاذ منه ،ووضع له العالجات
التي ترتقي باملجتمع من الوقوع يف براثنه ،وتقية رشه وذله .ويف ذلك يقول:
« املؤمن القوي خِّي وأحب إىل اهلل من املؤمن الضعيف ويف كل خِّي ،احرص عىل
ما ينفعك واستعن باهلل وال تعجز»(.)1
وأخرب ﷺ أن دماء الناس أول ما حياسب عليه اإلنسان فقال« :أول ما
يقىض بني الناس يوم القيامة يف الدماء»( ،)4وذلك لشدة حتريمها وعظيم إثم من
ولغ فيها بغري حق.
راب ًعا :أخرب رسول اهلل ﷺ أن قتىل األعامل اإلرهابية يف النار ،فقال ﷺ:
«إذا التقى املسلامن بسيفيهام فالقاتل واملقتول يف النار» ،قالوا :يا رسول اهلل! هذا
حريصا عىل قتل صاحبه»(.)3
ً القاتل ،فام بال املقتول؟ قال« :إنه كان
ساب ًعا :هنى رسول اهلل ﷺ عن الغدر واخليانة حتى مع الكفار ،فقال ﷺ:
« ّ
لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به»(.)4
ِ
الفتك ،ال يفتك مؤمن»(.)5 وقال ﷺ« :اإليامن قيدُ
رجال عىل دمه ثم قتله ،فأنا من القاتل بريء ،وإن ٍ
رجل َّأمن ً وقال ﷺ« :إيام
كافرا»(.)6
كان املقتول ً
ُ
القتل وحذر ﷺ من نقض العهود فقال« :ما نقض قوم العهد إال كان
بينهم ،وال ظهرت الفاحشة يف قوم إال س ّلط عليهم املوت ،وال منع قوم الزكاة إال
ُحبس عنهم القطر»(.)7
النبي ﷺ للناس نعمة األمن فقال« :من أصبح منكم آمنًا يف
ُّ تاس ًعا :بني
قوت يومه ،فكأنام حيزت له الدنيا بحذافِّيها»(.)1 رسبهً ،
معاًف يف جسده ،عنده ُ
ويف القرآن م َّن اهلل عىل املؤمنني بنعمة األمن فقال﴿ :ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ
ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ﴾ [العنكبوت،]67:
وقال﴿ :ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ﴾
[قريش.]0-3:
النبي ﷺ عىل رمحة اخللق والشفقة عليهم فقال ﷺ: ُّ عارشا :حث
ً
«الرامحون يرمحهم الرمحن ارمحوا من يف األرض يرمحكم من يف السامء»(.)2
من املشكالت العاملية التي يعاين منها ماليني البرش يف العامل مشكلة العنف
األرسي ،وقد عالج رسول اهلل حممد ﷺ هذه املشكلة من خالل الدعوة إىل
الرتاحم والتغافر والتغافل عن السلبيات قدر املستطاع ،والنظر إىل اإلجيابيات
والبحث عنها ،ومن ذلك أن النبي ﷺ قال« :ال يفرك مؤمن مؤمنة ،إن كره منها
خل ًقا ،رض منها آخر»(.)1
وكأنه ﷺ يدعو األزواج بذلك إىل حسن عرشة أزواجهم ،وأنه ال ينبغي
للزوج أن يكره زوجته ٍ
ألمر صدر منها ،بل عليه أن ينظر يف صفاهتا اجلميلة التي
ربام تكون أكثر بكثري مما يكره منها.
وقال ﷺ« :خِّيكم خِّيكم ألهله ،وأنا خِّيكم ألهَل»(.)2
وعن معاوية بن حيدة قال :أتيت رسول اهلل ﷺ فقلت :ما تقول يف
أطعموهن مما تأكلون ،واكسوهن مما تكتسون ،وال ترضبوهن وال
َّ نسائنا ،قال« :
تقبحوهن»(.)3
النبي ﷺ طبيعة املرأة وأن العنف ال يصلحها ،فقال ﷺ« :استوصوا
وعرف ُّ
ذهبت
َ أعوج ما يف الضل ِع أعاله ،فذن
َ خِّيا ،فذن املرأة ُخلقت من ضلع ،وإن
بالنساء ً
خِّيا»(.)4
تقيمه كرسته ،وإن تركتَه مل يزل أعوج ،فاستوصوا بالنساء ً
وعالج النبي ﷺ مجيع األسباب التي تؤدي إىل العنف األرسي ،وأول ذلك
مبارشا حلوادث العنف األرسي ،فقد قال رجل للنبي
ً الغضب الذي يعدُّ سب ًبا
مرارا ،أي قال :أوصني أوصني ،فلم يزد
ﷺ :أوصني .فقال« :ال تغضب» ،فر َّدد ً
النبي ﷺ عىل قوله« :ال تغضب»(.)1
ُّ
كف غضبه سرت اهلل عورته ،ومن كظم غي ًظا ولو شاء وقال ﷺ ...« :ومن َّ
أن ي ِ
مض َيه أمضاه مَل اهلل قلبه ً
رضا يوم القيامة»(.)2 ُ
وهنى ﷺ عن السباب واللعن وبذاءة اللسان ألن ذلك كله يمكن أن يكون
من أسباب العنف اجلسدي فقال ﷺ« :ليس املؤمن بالط ّعان وال بالل ّعان ،وال
الفاحش وال البذيء»(.)3
ويصور هذا احلديث ما كان عليه النبي ﷺ من حسن عرشة زوجاته يف
ٍ
عرص مل يكن للنساء فيه شأن يذكر ،قال عمر بن اخلطاب :واهلل إن كنا يف
أمرا -أي ال نرى هلن شأنًا -حتى أنزل اهلل فيهن ما أنزل،
اجلاهلية ما نعدُّ النسا َء ً
صنعت كذا
َ وقسم هلن ما قسم ،فبينام أنا يف ٍ
أمر َأ ْأمتره ،إذ قالت يل امرأيت :لو
لك ِ
أنت وملا ها هنا؟ وما تك ّلفك يف ٍ
أمر أريده ،فقالت يل: وكذا .فقلت هلا :وما ِ
عج ًبا لك يا ابن اخلطاب! ما تريد أن تراجع أنت وإن ابنتك لرتاجع رسول اهلل
ﷺ ،حتى َّ
يظل يومه غضبان!!(.)1
يتفق العقالء عىل أن الفراغ الروحي وضغوط احلياة املختلفة يعدان من أهم
أسباب انتشار األمراض النفسية ،وبخاصة القلق واالكتئاب.
وقد عالج النبي ﷺ هذه املشكلة النفسية باإليامن الصادق باهلل ،كام
جاء يف القرآن﴿ :ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ
ﰓ﴾ [الرعد .]32:فاإلنسان املؤمن الذي مدَّ جسور الصلة مع خالقه يكون
مطمئن القلب هادئ البال ،مرتاح الضمري ،ولذلك قال النبي ﷺ« :عج ًبا ألمر
َضاء
ُ خِّيا له ،وإن أصابته
رساء شكر فكان ً ُ املؤمن إن أمره ك َّله خِّي ،إن أصابته
خِّيا له»( ،)1فاخلري ال يفارقه يف مجيع أحواله.
صرب فكان ً
وقد يكون القلق واالكتئاب نا ًجتا عن اخلوف أو الفقر أو املرض أو
املصائب املتوقعة ،إال أن املؤمن الذي يعلم أن كل ذلك بقدر اهلل ،فإنه
يصرب وحيتسب فتتحول هذه املحن واملصائب إىل منح وعطايا وأجور من اهلل
تعاىل ،كام قال سبحانه﴿ :ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ
ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ
ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ﴾ [البقرة.]517-511:
وكان النبي ﷺ إذا ضاقت عليه األمور فزع إىل الصالة ،وكان يقول« :يا
بالل! أقم الصالة ،أرحنا هبا»( .)1فالصالة من أكرب أسباب الراحة النفسية
والسالم الداخيل ،والتخلص من التوتر والقلق واهلم والغم.
وأرشد النبي ﷺ إىل بعض األذكار التي تقال عند اهلموم والغموم والتوتر
حزن فقال :اللهم إين
ٌ هم وال
والقلق ،فمن ذلك قوله ﷺ« :ما أصاب عبدً ا ٌّ
عدل َّيف قضاؤك، ٍ
ماض َّيف حكمكٌ ، عبدك ،ابن عبدك ،ابن أمتك ،ناصيتي بيدك،
سميت به نفسك ،أو أنزلتَه يف كتابك ،أو ع ّلمته أحدً ا
َ أسألك بكل اس ٍم هو لك،
من خلقك ،أو استأثرت به يف علم الغيب عندك أن جتعل القرآن ربيع قلبي ،ونور
وحزنه ،وأبدله مكانه
مهه ُ
بِصي ،وجالء ُحزين ،وذهاب مهي ،إال أذهب اهلل َّ
فرحا»(.)2
ً
تقولينهن عند الكرب؟
َّ وقال ﷺ ألسامء بنت عميس« :أال أعلمك كلامت
ُ
أرشك به شيئًا»(.)3 اهلل اهلل ريب ال
حي يا قيوم
أمر قال« :يا ُّ
وعن أنس أن النبي ﷺ كان إذا َح َزبه ٌ
برمحتك أستغيث»(.)1
عالج النبي ﷺ مشكلة الفراغ الروحي وذلك بإحياء املعاين الربانية من اإليامن
باهلل وتوحيده والبعد عن الرشك ،واإليامن باألنبياء والرسل مجي ًعا ،واإليامن بالكتب
الساموية ،واإليامن باملالئكة ،واليوم اآلخر ،والقدر خريه ورشه.
إضافة إىل ذلك ر َّبى النبي ﷺ املسلم عىل معاين التقوى واإلخالص هلل
والثقة به ،والتوكل عليه ،وغرس اإلحساس الدائم برقابة اهلل عىل كل أعامله،
واطالعه عىل رسه ونجواه ،وتغذية الشعور باملسؤولية وإن كان ال يراه أحد من
الناس ،ألن اهلل تعاىل يراه.
قال النبي ﷺ البن عباس« :يا غالم! إين أعلمك كلامت :احفظ اهلل
حيفظك ،احفظ اهلل جتده جتاهك ،إذا سألت فاسأل اهلل ،وإذا استعنت فاستعن باهلل،
واعلم أن األمة لو اجتمعت عىل أن ينفعوك بيشء مل ينفعوك إال بيشء قد كتبه اهلل
لك ،ولو اجتمعوا عىل أن يرضوك بيشء مل يرضوك إال بيشء قد كتبه اهلل عليك،
َج ّفت األقالم ،ورفعت الصحف»(.)1
ودعا النبي ﷺ غري املؤمنني بالواحد األحد إىل التفكري والتأمل ،فعن
عمران بن حصني قال :قال رسول اهلل ﷺ أليب« :يا حصني! كم تعبد
ً
طويال. ( )1فلبثت مل ًّيا :أي انتظرت زمنًا
( )2رواه مسلم (.)2
حممد رسول اهللﷺ|257
اليوم ً
إهلا؟» قال :سبعة ،ستة يف األرض وواحد يف السامء .فقال له النبي ﷺ:
«فأهيم تعد لرهبتك ورغبتك؟» قال :الذي يف السامء( .)1فكأن النبي ﷺ يقول له
كيف تعبد غريه وأنت ال ترجو سواه يف الرغبة والرهبة.
عالج النبي ﷺ املشكلة اجلنسية من خالل احلث عىل الزواج يف س ٍّن مبكرة،
وكذلك حث عىل الصوم ملن ال يملك تكاليف الزواج وأكد عىل سدّ األبواب
التي تؤجج الشهوات ومن ذلك حتريم اخللوة باملرأة األجنبية والنظر إىل النساء
األجنبيات وكذلك من خالل احلوار مع الشباب وإقانعهم بقبح الزنا وخطورته.
قال النبي ﷺ« :يا معرش الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ،فذنه
أغض للبِص ،وأحصن للفرج ،ومن مل يستطع فعليه بالصوم فذنه له ِو َجاء»(.)1
ُّ
وقال ﷺ« :إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ،إال تفعلوا تكن
فتنة يف األرض وفساد كبِّي»(.)2
وح َّصن
ثم وضع النبي ﷺ يده عليه وقال« :اللهم اغفر ذنبه ،وطهر قلبهَ ،
فرجه» فلم يكن الفتى بعد ذلك يلتفت إىل يشء(.)1
عىل الرغم من تقدُّ م العامل صناع ًّيا وتكنولوج ًّيا إال أن ماليني البرش يف العامل
بعضا من
ما زالوا يعيشون أرسى لعامل السحر والكهانة والشعوذة ،وقد قرأنا أن ً
ٍ
واحد منهم ساحره اخلاص وكاهنه الذي يزعم أنه كبار الساسة يف العامل لكل
خيربه ببعض األمور التي حتدث يف املستقبل ،ويدعي أنه يطلعه عىل مؤامرات
اخلصوم وخططهم.
والسحر حقيقة ولكن تعلمه وممارسته كفر يف اإلسالم كام قال تعاىل:
﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ
ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ﴾ [البقرة ،]545:فكان كفرهم بسبب تعليم الناس
السحر.
والنبي ﷺ هنى عن السحر والكهانة والشعوذة ،فقال ﷺ« :ليس منا من
تسحر أو تُسحر له» (.)1
تطِّي أو تُطِّي له ،أو تك َّهن أو تُكهن له ،أو َّ
َّ
وقال النبي ﷺ« :اجتنبوا السبع املوبقات» -أي املهلكات -قالوا :يا
رسول اهلل! وما هن؟ قال« :الرشك باهلل ،والسحر ،وقتل النفس التي َح َّرم اهلل إال
باحلق ،وأكل الربا ،وأكل مال اليتيم ،والتول يوم الزحف ،وقذف املحصنات
الغافالت املؤمنات»( ،)2فجعل مرتبة السحر يف اإلثم بعد الرشك باهلل الذي هو
أعظم الذنوب عىل اإلطالق.
النبي ﷺ عن الذهاب إىل الكهنة والعرافني ،فقال ﷺ« :من أتى ُّ وهنى
عرا ًفا ،فسأله عن يشء ،مل تُقبل له صال ٌة أربعني ليلة»(.)1
وشدّ د اإلثم عىل من صدَّ قهم فقال« :من أتى كاهنًا فصدقه بام يقول ،فقد
كفر بام أنزل عىل حممد ﷺ»(.)2
وقد يتساءل البعض فيقول :لكن السحرة والكهان يصدقون أحيانًا فيام
يقولون ،وهذا ُّ
يدل عىل صدقهم ،واجلواب ما قاله رسول اهلل ﷺ ،فقدسأله
ناس عن الكهان ،فقال« :ليسوا بيشء» فقالوا :يا رسول اهلل! إهنم حيدثونا أحيانًا
أ ٌ
اجلني
ُّ بيشء فيكون ح ًّقا؟ فقال رسول اهلل ﷺ« :تلك الكلمة من احلق خيطفها
في ُق ُّرها يف أذن ول ّيه ،فيخْ لطون معها مئة كذبة»(.)3
ويف رواية للبخاري عن عائشة أهنا سمعت رسول اهلل ﷺ يقول« :إن
ُ
فيسرتق األمر قِض يف السامء،
َ املالئكة تنزل يف العنان -وهو السحاب -فتذكر
السمع ،فيسمعه ،فيوحيه إىل الكهان ،فيكذبون معها مائة كذبة من عند
َ الشيطان
ُ
أنفسهم»(.)4
وعن أيب هريرة ،أن رسول اهلل ﷺ قال« :ال َعدوى وال طِّية وال
هامة وال َص َفر»(.)5
وقوله ﷺ« :ال عدوى» ليس فيه إنكار تأثري العدوى ألنه ﷺ أثبت تأثري
العدوى يف أحاديث أخر كقوله ﷺّ « :فر من املجذوم فرارك من األسد»( ،)1وقوله
أي :ال يورد صاحب اإلبل املريضة عىل ()2
صح» ٌ
ممرض عىل ُم ّ ﷺ« :ال يورد
صاحب اإلبل الصحيحة ،لئال تنتقل العدوى.
إذن فقوله ﷺ« :ال عدوى» هو إنكار لكون العدوى علة فاعلة وكون
تأثريها حتم ًّيا واألمر ليس كذلك ،ألن املرض قد يعدي وقد ال يعدي ،ولذلك ملا
قال النبي ﷺ« :ال عدوى» قال له رجل :يا رسول اهلل! اإلبل تكون صحيحة مثل
الظباء ،فيدخلها اجلمل األجرب ،فتجرب؟ فقال النبي ﷺ« :فمن أعدى
األول؟»( )3يعني أن املرض نزل عىل األول بدون عدوى ،بل نزل من عند اهلل
،فكذلك إذا انتقل بالعدوى فقد انتقل بأمر اهلل ،وقد ينتقل املرض
بالعدوى وقد ال ينتقل ،واألمر كله بيد اهلل تعاىل.
وقوله ﷺ« :وال طِ َِّية» من التطري وهو التشاؤم وقوله« :وال هامة» طري
معروف مثل البومة كانت العرب تتشاءم منها.
قوله« :وال صفر» قيل إهنم كانوا يتشاءمون بشهر صفر كام يتشاءم اليوم
النبي ﷺ كل هذه املعتقدات الباطلة
كثري من الناس بأيام أو تواريخ حمددة ،فأبطل ُّ
التي كانت تربط الناس باخلرافات والكهانة والشعوذة.
استعاذ النبي ﷺ من الفقر وقرنه بالذ ّلة فقال« :اللهم إين أعوذ بك من الفقر
ِ
والذلة»(.)1 ِ
والقلة
وقرنه كذلك بالكفر فقال ...« :وأعوذ بك من الفقر والكفر .)2(»...وهذا
يدل عىل خطورة الفقر ،وأنه يمكن أن يؤدي إىل الكفر والعياذ باهلل.
وحارب النبي ﷺ مشكلة الفقر باحلث عىل العمل وتبشيع سؤال الناس
أمواهلم ،فقال ﷺ« :ألن يأخذ أحدكم َح ْب َله ،ثم يغدو إىل اجلبل ،فيحتطب ،فيبيع،
فيأكل ،ويتصدق ،خِّي له من أن يسأل الناس»(.)3
وقال النبي ﷺ« :ال ينبغي ملؤمن أن ّ
يذل نفسه»(.)4
حق توكله لرزقكم كام يرزق
وقال النبي ﷺ« :لو أنكم توكلون عىل اهلل َّ
ُخاصا ،وتروح بطانًا»(.)5
الطِّي ،تغدو ً
فالطري تغدو لطلب الرزق ،وتذهب وجتيء ،وال تقع إال حيث ترى طعا ًما،
وال تزال تسبح يف اهلواء حتى ترى ماء فتنزل لترشبّ ،
وكل ذلك ابتغاء الرزق،
فالعمل واألخذ باألسباب وقبل ذلك التوكل عىل اهلل تعاىل واللجوء إليه هو
السبيل األول للتخلص من الفقر يف اإلسالم.
ثم تأيت بعد ذلك الزكاة لغري القادرين عىل العمل ،أو للذين يعملون وال
تكفيهم أمواهلم فهؤالء يأخذون من أموال الزكاة ،وهي فريضة تؤخذ من مال
األغنياء فتعطى للفقراء ثم تأيت الصدقات التي خيرجها األغنياء باختيارهم طم ًعا
يف األجر والثواب اجلزيل من اهلل تعاىل.
وقال ﷺ « :من كان له فضل ظهر فليعد به عىل من ال ظهر له ،ومن كان له
فضل ٍ
زاد ،فليعد به عىل من ال زاد له»(.)1
وملا كانت أسوأ نتائج الفقر أن يفقد الفقري أهم مقومات احلياة ومنها الطعام
واللباس فقد جاءت توجيهات رسول اهلل حممد ﷺ مرغبة يف إطعام الطعام ويف
كسوة اللباس حتى أهنا جعلت كفارات للعديد من اخلطايا.
وعن النبي ﷺ« :أن نمل ًة قرصت نب ًّيا من األنبياء ،فأمر بقرية النمل
تسبح».
ُ أهلكت أم ًة من األمم
َ قرصتك نمل ٌة
فأحرقت ،فأوحى اهلل إليه :أيف أن َ
ويف رواية« :فأوحى اهلل إليه َّ
فهال نملة واحدة»( ،)2ويف هذا من احلفاظ عىل
التوازن البيئي ما فيه ،ألن كل إنسان إذا تأذى من حيوان ما قام بقتل املئات أو
اآلالف من ذاك احليوان مل يبق من جنس هذا احليوان يشء ،وهذا خمالف للنظام
البيئي الذي خلقه اهلل تعاىل.
وأمر النبي ﷺ بتنظيف البيوت وتطهريها حتى ال تنترش األوبئة فقال ﷺ:
«طهروا أفنيتكم»(.)3
النبي ﷺ عىل الزراعة التي تعترب الصديق الويف للبيئة فقال ﷺ« :إذا
وحث ُّ
قامت الساعة ويف يد أحدكم فسيلة ،فذن استطاع أال تقوم حتى يغرسها،
فليغرسها»(.)4
فهرس املوضوعات
الصفحة املوضوع
املقدمة 557 .............................................................................
التمهيد 555 ............................................................................
-5حياة حممد رسول اهلل ﷺ يف سطور 555 .............................................
-5األنبياء أخوة 552 ...................................................................
-3نموذج لتعرف ملك من ملوك الروم عىل حممد رسول اهلل ﷺ 535 ........................
-0نموذج لتعرف ملك من ملوك احلبشة عىل حممد رسول اهلل ﷺ 531...........................
-1نموذج لتعرف أحد كبار أحبار اليهود عىل حممد رسول اهلل ﷺ 537 .......................
القسم األول :حممد رسول اهلل ﷺ واحلقوق504 ...............................
-5من حقوق اإلنسان 505 ..............................................................
-5من حقوق املرأة 503 ................................................................
-3من حقوق الوالدين واألقارب 507 ..................................................
-0من حقوق األبناء 502 ...............................................................
-1من حقوق األطفال 515 .............................................................
-6من حقوق اخلدم 513 ...............................................................
-7من حقوق اجلار 511 ................................................................
-2من حقوق الضيف 517 .............................................................
-2من حقوق اليتيم 512 ................................................................
-54من حقوق الضعفاء والفقراء واملساكني 512 ........................................
-55من حقوق الرقيق 565 .............................................................
-55من حقوق املسنني 560 ............................................................
-53من حقوق ذوي االحتياجات اخلاصة 566 ..........................................
| 271حممد رسول اهللﷺ
القسم الرابع :حممد رسول اهلل ﷺ عالج مشكالت البرشية 505 ...........................
مدخل 505 .............................................................................
-5عالج مشكلة اإلرهاب 501 .........................................................
-5عالج مشكلة العنف األرسي 502 ...................................................
-3عالج مشكلة القلق واالكتئاب 515 ..................................................
-0عالج مشكلة الفراغ الروحي 511 ...................................................
-1عالج مشكلة االنحرافات اجلنسية 512 ..............................................
-6عالج مشكلة اخلمر واملخدرات 564 .................................................
-7عالج مشكلة السحر والكهانة والشعوذة 565 ........................................
-2عالج مشكلة الفقر 560 .............................................................
-2عالج مشكلة اإلخالل بالبيئة 566 ...................................................
فهرس املوضوعات 562 .................................................................