Professional Documents
Culture Documents
السوسيولوجيا المرئيّة - إدراك ما لا تُدركه الكلمات - حسني عبدالعظيم - منصة معنى الثقافية
السوسيولوجيا المرئيّة - إدراك ما لا تُدركه الكلمات - حسني عبدالعظيم - منصة معنى الثقافية
السوسيولوجيا المرئيّة - إدراك ما لا تُدركه الكلمات - حسني عبدالعظيم - منصة معنى الثقافية
تسجيل الدخول تواصل معنا نشرة معنى شروط النشر الكّت اب من نحن؟
الفيلسوف الجدي المجلة السعودية أوراق ودراسات مراجعات مقاالت مقابالت وحوارات الرئيسية
https://mana.net/13108/ 1/11
09/06/2024 19:57 السوسيولوجيا المرئّية :إدراك ما ال ُتدركه الكلمات – حسني عبدالعظيم – منصة معنى الثقافية
يبدو من الوهلة األولى أنه من العبث الحديث عن السوسيولوجيا المرئية ،Visual Sociologyفهذا األمر يوحي
بشكل ما أن ثمة سوسيولوجيا مرئية ،في مقابل سوسيولوجيا نصية أو لفظية ، Verbal Sociologyوالواقع أن أحًد ا
لم يتحدث مطلًق ا عن علماء االجتماع اللفظيين ،وهذا أمر بدهي؛ ذلك أن علماء االجتماع يتعاملون – في العادة –
مع الكلمات واألشكال البيانية)Henny, Leonardo 2012:1( .
يحاول هذا المقال االقتراب من هذا المجال الحيوي من مجاالت علم االجتماع ،ويرصد تطوره التاريخي ،ويناقش
بعض قضاياه المحورية.
تمثل السوسيولوجيا المرئية واحدة من المناطق البحثية الفرعية لعلم االجتماع الكيفي ،Qualitative Sociology
ويتم تعريفها تقليدًي ا بأنها اسـتخدام الصور في البحث العلمي االجتماعي ،ويحدد هذا التعريف هوية المرحلة األولى
من نشأة العلم ،ويحيل إلى ما كان يفعله معظم علماء االجتماع المرئي حينئذ ،غـير أن تطـور العلم تجـاوز بكثير مجرد
اسـتخدام تقنية تصويرية معينة وتطبيقها من أجل الحصول على أشكال أو أنماط جديدة من البياناتGrady, John( .
)1996: 10
يرتكز اهتمام السوسيولوجيا المرئية بشكل أساسي على الصورة Imageالتي غدت سمة بارزة من سمات الواقع
المعاصر ،فنحن نتعرض اليوم – بجانب الصورة البصرية الكالسيكية – ألنماط جديدة من الممارسات البصرية مثل
مواقع التواصل االجتماعي واليوتيوب ،والتي نمت وتطورت بجانب الممارسات البصرية الكالسيكية وتفوقت عليها،
مما استلزم نظاًم ا معرفًي ا وأدوات منهجية جديدة لفهم آليات اشتغالها ومدلوالتها المتنوعةNathansohn, Reveg( .
)and Zuev, Dennis (Eds.) 2013: 2
فواحدة من القضايا الرئيسة التي تتأسس عليها السوسيولوجيا المرئية هي أنه يمكن الحصول على رؤية علمية
صحيحة عن المجتمع من خالل مالحظة وتحليل وتأطير مظاهره المرئية :كما تتجلى في سلوك الناس والمنتجات
المادية للثقافة .إن السوسيولوجيا المرئية تهدف إلى تطبيع Normalizationاستخدام الصور المرئية كشكل من
أشكال البيانات الدقيقة للبحث السوسيولوجي)Nathansohn, Reveg and Zuev, Dennis 2012:1( .
فالحقيقة أننا بالفعل نعيش عصر الصورة ،إذ نعيش في عالم تهيمن عليه الصورة بمختلف تجلياتها ،وتتخلله بشكل
سريع وكثيف ،فالصور تمأل كل الفضاءات المحيطة بنا :الصحف والمجالت والكتب والمالبس ولوحات اإلعالنات،
وشاشات التليفزيون والكمبيوتر واإلنترنت والهواتف المحمولة ،وغير ذلك من الوسائط بشكل لم يسبق له مثيل
في التاريخ اإلنساني( .شاكر عبد الحميد )1 :2005
وتتبنى السوسيولوجيا المرئية في مقاربة الصور البصرية واحًد ا من اتجاهين :يتمثل االتجاه األول في أن الكثير من
يستخدم الصور الفوتوغرافية (وزاد مؤخًر ا االهتمام بالفيديو والفيلم المؤلفات في السوسيولوجية المرئية
السينمائي) كأداة بحثية لتسهيل عملية جمع البيانات ،واالتجاه الثاني يقوم على معاملة الصور كبيانات في حد ذاتها
تستوجب البحث والتحليل ،وهو ما نجده عادة في دراسات علم االجتماع للثقافة ،حيث يكون الفيلم وغيره من
المنتجات الثقافية محل تحليل ،باالستعانة في الغالب بعلم العالمات (السيميوطيقا) (Semioticsجون سكوت
وجوردون مارشال .)393 :2011
https://mana.net/13108/ 2/11
09/06/2024 19:57 السوسيولوجيا المرئّية :إدراك ما ال ُتدركه الكلمات – حسني عبدالعظيم – منصة معنى الثقافية
والحق أن هذه السوسيولوجيا الواعدة ال تكتفي بفهم وتحليل الظواهر المرئية فقط ،وإنما تسمح أيضا بالمزج بين
المناهج الكيفية والكمية من أجل الكشف عن مختلف جوانب الظاهرة المدروسة ،فثمة افتراض أساسي في التحليل
السوسيولوجي مفاده أن الصورة في ذاتها تمثل مصدًر ا مهًم ا للبيانات ،وليست مجرد أداة توضيحية أو شكل تجميلي
للبحث السوسيولوجي .فصورة واحدة أو مجموعة من الصور ،يمكن أن تكون حجة في البحث السوسيولوجي إذا تم
تحليلها وتفسير مضمونها باستخدام النظرية في علم االجتماع (وهذا يسهم بدوره في تطوير النظرية
السوسيولوجية) ومن جانب آخر ،يمكن للسوسيولوجيا المرئية أن تحلل البيانات غير البصرية ،فعند إجراء مقابالت مع
أناس للتعرف على كيفية التقاطهم للصور وتفسيرهم لها ،وتبادلها فيما بينهم ،يقوم علماء االجتماع المرئي هنا
بتحليل البيانات المرتبطة بالعالم االجتماعي المحيط بالصور ،وليس فقط االهتمام بالصور في ذاتهاNathansohn,( .
)Reveg and Zuev, Dennis 2012:1
يرى عالم االجتماع األمريكي هيوارد بيكر ) – H. Becker ( 1928أن نشأة علم االجتماع تزامنت مع نشأة التصوير
الفوتوغرافي ،فقد صاغ أوجست كونت ( )1857 – 1798مصطلح علم االجتماع في عام ،1839وهو نفس العام
الذي استطاع فيه لويس داجير ) L. Daguerre (1787 – 1851طباعة صورة على قطعة معدنية وعرضها أمام
الجمهور ،ومنذ البداية اشتغل الرجالن على مشروعات متنوعة ،كان من بينها وأهمها استكشاف المجتمعBecker,(. .
)Howard 1974:3
ومع أن كاًّل من علم االجتماع والتصوير قد ظهرا في وقت واحد ،فقد ظل كل منهما مستقاًل عن اآلخر لفترة طويلة،
إال أنه ابتداء من أواخر القرن التاسع عشر ُن شرت في األعداد األولى من المجلة األمريكية لعلم االجتماع American
) Journal of Sociology (AJSالعديد من الصور التي التقطها علماء اجتماع ومصورون اجتماعيون Social
.Photographersففي الكثير من أعداد هذه المجلة خالل السنوات الخمس عشرة األولى من تاريخها ،وضعت الصور
بشكل أساسي لتدعيم المقاالت المتعلقة باإلصالح االجتماعي.
وقد حللت “ستاز” Staszالعالقة بين الصور والكلمات في هذه المقاالت ،وخلصت إلى أن الصـور لم تدعم بشـكل
كبير المحتوى المكتوب ،وبالتالي فقد استخدمت الصور أحياًن ا كخلفية لتحسين القيمة الفنية للمجلة ،وفي بعض
الحـاالت كانت تطبع الصور في سلسلة لتقارن الوضع قبل وبعد حدث معين ،بحيث تكشف الصور التباينات بين ما
قبل الحدث وما بعده ،وكانت الصور الخاصة باألشخاص تلتقط كما هي في سياق الحياة العادية .غير أن الجودة
التقنية للصور كانت منخفضة للغاية ،وكانت تعاني في كثير من األحيان من التكوين الفني الخاطئ( ،على سبيل
المثال ثمة صورة لمجموعة من البروتستانت الذين ُي عّم دون ،تتم رؤيتهم بصعوبة بالغة؛ ألنهم يختفون خلف سور
ضخم في مقدمة الصورة))Henny, Leonardo 2012:1 -2( .
غير أن ثمة صوًر ا كانت لها قيمة وثائقية عالية ،مثل تلك الصور التي وثقت الظروف السكنية في شيكاغو ،وعززت
بقوة تأثير سلسلة من المقاالت حول مشكالت اإلسكان في شيكاغو خالل الفترة من 1910إلى 1915وفي حدود
عام 1914وقع تحول الفت فيما يتعلق بنشر الصور في المجلة األمريكية لعلم االجتماع .فعندما تولى ألبيون سمول
A .Smallرئاسة تحرير المجلة ،أمسك السلوكيون زمام األمور ،وقد تملكهم شعور أن علم االجتماع ينبغي أن يتخلى
عن صورة العلم (الهاوي) Amateurغير الناضج ويتحول إلى علم صلب Hard Scienceيمكن أن يجمع بين البيولوجيا
والفيزياء ،ونتيجة لذلك ،اختفت الصور الوثائقية من المجلة بعد عام 1915لتحّل محلها المقاالت المدعومة
باإلحصاءات ،ومنذ ذلك الحين اقتصرت الصور – التي كانت تطبع على ورق مصقول – على تكريم مشاهير علم
االجتماع الذين رحلوا)Henny, Leonardo 2012:2( .
https://mana.net/13108/ 3/11
09/06/2024 19:57 السوسيولوجيا المرئّية :إدراك ما ال ُتدركه الكلمات – حسني عبدالعظيم – منصة معنى الثقافية
وبعيًد ا عن المجلة األمريكية لعلم االجتماع ،نجد أن بعض المؤلفات المبكرة – مثل كتاب العصابة The Gangلفريدرك
تراشر F. Thrasherعام – 1927قد عمدت إلى استخدام بعض الصور الفوتوغرافية لتوضيح جوانب من البحوث التي
تقدمها ،ومع ذلك كانت القاعدة العامة أن علماء االجتماع ظّل وا يتجاهلون طوياًل الصور البصرية ،والمالحظ أن تلك
الظاهرة لم تتكرر مع العلوم االجتماعية األخرى ،حيث نجد مثاًل أن العديد من علماء األنثروبولوجيا قد استعانوا كثيًر ا
بالصور واألفالم ،على نحو ما نلمسه في كتاب مرجريت ميد وجريجوري بيتسون “الشخصية البالينية ” Blinese
Characterعام ( .1942جون سكوت وجوردون مارشال )393 – 392 :2011
صورت ميد و بيتسون أكثر من خمس وعشرين ألف صورة التقطت على مدار عامين ،اختارا منها 759صورة تم نشرها
في الكتاب ،وُو زعت الصور على موضوعات ثقافية متنوعة ،كتب العالمان“ :نحن نحاول أن نجرب طريقة جديدة لرصد
العالقات الخفية بين أنماط متعددة من السلوك المحدد ثقافًي ا من خالل مجموعة من الصور المترابطة ،باستخدام
الصور يمكن استيعاب المعاني الكلية ألنماط السلوك التي قد تبدو ظاهريا منفصلة”)Harper, Douglas 2000:3( .
وفيما بعد بدأ إحياء االهتمام بوظيفة الصور في المجتمع بين علماء االجتماع في منتصف السبعينات تقريًب ا ،حيث
صدر عدد من الكتب وطائفة من النشرات العلمية في الموضوع ،وُع قدت االجتماعات الدورية ،وصدرت مجلة Video
Sociologyفي جامعة بوسطن في .1974 – 1972وأدرجت جلسات السوسيولوجيا المرئية بشكل سنوي في
إطار مؤتمرات الجمعية األمريكية لعلم االجتماع منذ عام 1974في مونتريال ،وما زالت مستمرة حتى اآلن.
ويمّث ل المقال الذي كتبه هيوارد بيكر عام 1974بعنوان التصوير وعلم االجتماع Photography and Sociology
نقطًة فارقة في تاريخ السوسيولوجيا المرئية ،حيث قدم تحلياًل عميًق ا لعمل كل من المصورين وعلماء االجتماع،
وأوضح رؤى كل فريق منهما ،وبين كيف يمكن أن يسهم كل منهما في تقدم اآلخر ،وركز بيكر على األرضية المشتركة
لكال الفريقين في فهم المؤسسات والنظم االجتماعية والمجتمعات المحلية ،فعلماء االجتماع يطمحون على الدوام
لفهم كيف يعمل المجتمع ،ويعملون على رسم خريطة ألبعاده و تحليل قطاعاته الكبرى Big Sectorsوالولوج إلى
مخابئه الصغرى Little Cranniesلقد أرادوا اكتشاف األشياء بأسلوب علمي دقيق ،وتطوير نظريات عامة حول
المجتمع ،وعمل المصورون كذلك منذ البداية على استخدام التصوير كأداة الستكشاف المجتمع ،واعتبر المصورون
ذلك إحدى مهامهم األساسية .في البدايـة اسـتخدم بعض المصـورين الكاميرا لتصوير جوانب من حياة المجتمعات
البعيدة التي لم يرها معاصروهم على اإلطالق ،وفي وقت الحق صور بعضهم جوانب خفية من مجتمعهم لم يرغب
معاصروهم في رؤيتها ،حتى إنهم شاركوا علماء االجتماع ما يفعلونه ،خاصة في مطلع القرن العشرين عندما اتفقوا
مًع ا على ضرورة فضح شرور المجتمع بالصور والكلمات)Becker, Howard 1974:3( .
وبدأت السوسيولوجيا المرئية تفسح لها مجااًل بشكل تدريجي على خارطة اهتمام علم االجتماع ،فقد تبوأت جلسات
السوسيولوجيا المرئية مكانها في االجتماعات السوسيولوجية اإلقليمية ،وفي المؤتمرات الدولية لعلم االجتماع في
الواليات المتحدة ابتداء من عام ،1978وفي المكسيك في عام ( .)1982وكانت الواليات المتحدة هي مركز النشاط
الرئيسي ،وتحول النشاط حديثا إلى أوروبا .واستخدمت عناوين متنوعة مثل سوسيولوجيا الصورة ’Sociologie de L
imageفي فرنسا ،وفعالية الصورة اإلعالمية medienwirkungsforschungفي ألمانيا ،ولكن المضمون كان واحًد ا.
وابتداء من عام 1982أعدت الجمعية الدولية للسوسيولوجيا المرئية منتديات في المؤتمرات الدولية في الواليات
المتحدة وأوروبا ،وآسيا)Henny, Leonardo 2012:3( .
وفي عام 1983رد ثمانية أو عشرة من علماء االجتماع المرئي الذين حضروا اجتماًع ا للجمعية األمريكية لعلم االجتماع
في ديترويت على استفسارات من بعض علماء االجتماع المهتمين بالسوسيولوجيا المرئية ،وكان من بين هؤالء
العلماء العشرة (جون جرادي) John Gradyالمخرج وعالم االجتماع الذي ساهم لعقود في خلق تيار من البحوث
المهمة في السوسيولوجيا المرئية ،وساهم في تأسيس المجلة الدولية للسوسيولوجيا المرئية International
https://mana.net/13108/ 4/11
09/06/2024 19:57 السوسيولوجيا المرئّية :إدراك ما ال ُتدركه الكلمات – حسني عبدالعظيم – منصة معنى الثقافية
) ،Journal of Visual Sociology (IJVSوكان من بين المشاركين أيًض ا ليوناردو هيني Hennyعالم االجتماع الهولندي
الذي أسهم في إثراء المجلة لسنوات طويلة)Harper, Douglas 2016:237( .
والحقيقة أن السوسيولوجيا المرئية بقيت بشكل عام – كما ذكرنا منذ قليل – على هامش اهتمام التيار العام لعلم
االجتماع ،كما ظلت على هامش اهتمام الدوريات السوسيولوجية المعروفة ،غير أنه في اآلونة األخيرة ومع
المنعطفات البصرية والتصويرية البارزة التي شهدها العالم ،وّج ه بعض علماء االجتماع البارزين اهتمامهم نحو الدور
المتنامي للمنهجيات البصرية ،والظواهر األيقونية Iconic Phenomenaللثقافة المعاصرة ،وأظهـروا رغبتهم لفهم
الوضع المهم للمرئيات في البحوث السوسيولوجية ،وكرست المؤلفات الحديثة في السوسيولوجيا المرئية االهتمام
بقضايا اجتماعية متنوعة مثل النزاعات العرقية ،وقضايا النوع االجتماعي ،والهويات الجمعية ،وتصوير المناظر الطبيعية
الحضرية ،واستخدمت في ذلك طرًق ا معينة منها استخدام الكاميرا الفوتوغرافية والفيديو التشاركي Participatory
)Video . (Nathansohn, Reveg and Zuev, Dennis 2012:1-2
وفي الوقت الراهن تمثل السوسيولوجيا المرئية مجموعتان دوليتان كبيرتان من الباحثين ،األولى تمثلها الجمعية
الدولية للسوسيولوجيا المرئية ) The International Visual Sociological Association (IVSAالتي تأسست في
عام ،1983وقامت الجمعية بدورها بإصدار مجلة السوسيولوجيا المرئية التي تغير اسمها الحًق ا إلى “دراسات مرئية”
Visual Studiesلتجذب جمهوًر ا واسًع ا من الكتاب والقراء من التخصصات البينية interdisciplinary
أما المجموعة الثانية فتعمل تحت مظلة الجمعية الدولية لعلم االجتماع International Sociological Association
) .(ISAوأنشأ هذه المجموعة كل من دينيس زيوف وريفيج ناثانسون Dennis Zuev and Regev Nathansohnوتم
عقد جلساتها االفتتاحية في عام ،2008وتنظم هذه المجموعة جلسات في منتديات الجمعية الدولية لعلم
االجتماع ،وتعقد مؤتمرات دولية دورية ،كما تصدر نشرات نصف سنوية تتعلق باألنشطة واألبحاث المرئية.
()Nathansohn, Reveg and Zuev, Dennis 2012:4-5
وتنشر اآلن المجلة الدولية للسوسيولوجيا المرئية دراسات ومقاالت متعلقة بقضايا المرئيات لعلماء االجتماع من
مختلف أنحاء العالم .وفي إطار السوسيولوجيا المرئية يمكن اليوم التمييز بين اتجاهين رئيسيين:
(أ) المصلحون االجتماعيون الذين استمروا على نهج علماء االجتماع والمصورين األمريكيين األوائل.
(ب) السلوكيون الذين برزوا في عهد ألبيون سمول ،وكانوا ضد التصوير ،ولكنهم يستخدمون اآلن تقنيات تصويرية
كأدوات للبحث اإلمبيريقي ،ويستخدمونها أيًض ا لتحسين المقدرة والكفاءة في التدريس .يميل المصلحون
االجتماعيون إلى توجيه رسائل ،كما يميلون إلى االنخراط في إنتاج وسائل سمعية وبصرية للفعل االجتماعي ،بينما
يميل السلوكيون إلى استخدام الصور واألفالم والفيديوهات كأدوات للقياس العلمي ،بغض النظر عن تحقيق
أهداف اجتماعية معينة.
وبجانب هذين االتجاهين ،كان االتجاه اإلثنوميثودولوجي أحد المداخل المنهجية المهمة في علم االجتماع التي
وظفت البيانات المرئية ،وقد انشغل منظرو هذا االتجاه بالممارسات البصرية ضمن موضوعات أخرىNathansohn,( .
)Reveg and Zuev, Dennis 2012:2
ومن جهة أخرى فقد تم بالفعل تحليل العديد من المجاالت الكالسيكية للبحث في علم االجتماع من خالل عدسة
السوسيولوجيا المرئية مثل :الطبقة والنوع واألسرة والقومية والتنوع الثقافي ،والعالقات العرقية والعمل
والتنظيمات االجتماعية والحياة الحضرية ،كما تظهر السوسيولوجيا المرئية – على سبيل المثال ال الحصر – في
https://mana.net/13108/ 5/11
09/06/2024 19:57 السوسيولوجيا المرئّية :إدراك ما ال ُتدركه الكلمات – حسني عبدالعظيم – منصة معنى الثقافية
مجاالت البحث األكثر حداثة ،مثل االحتجاجات والحركات االجتماعية ،ووسائل اإلعالم الجديدةNathansohn,( .
)Reveg and Zuev, Dennis 2012:2
أما في الفضاء العربي ،فثمة غياب ظاهر لهذا المجال وغيره من المجاالت المهتمة بقضايا الصورة وجمالياتها ،حيث ال
يجد المرء إال جهوًد ا متناثرة ال تمثل تياًر ا فكرًي ا واضح القسمات ،وحسبما يذكر فريد الزاهي فإن علماء الجماليات في
البالد العربية قليلون ،وأقل منهم الباحثون في مجال الصورة .وثمة وشائج كثيرة بين المجالين ،وإن كانت الجماليات
أعم موضوًع ا من مبحث الصورة الذي يعد تفريًع ا مرّك ًب ا منها ،إذ تمنح الجماليات للبحث في الصورة األساس الفلسفي
والفكري الذي تحتاجه مقاربة الصور ،في بساطتها وتعقدها ،وترابطاتها المتعددة.
ولسوء حظ الثقافة العربية المعاصرة أنها ال تتوفر على علماء جماليات مرجعيين كثيرين وال على وفرة من الباحثين
المتخصصين في الصورة ،باعتبار أن هذين المبحثين ال يزاالن مهمشين في ثقافة يغلب عليها التمركز حول اللغة
واألدب والنصية الدينية( .فريد الزاهي 2019ب)
تمثل الصورة مصدًر ا ثرًي ا للمعلومات ،إذ أنها تنتج كثيًر ا من المعاني العميقة التي قد ال تحيط بها البيانات المجـردة،
فقد تتضمن الصور معلومات بسيطة يمكن تحديدها أوقياسها بوسائل شتى ،غير أنها أيًض ا تمثل مستودعات
للمعنى ساحرة وغامضة في آن)Grady, John 1996: 10( .
إن الصورة في عالم اليوم كما ترى رشيدة التريكي هي إحدى المفاهيم الفلسفية األكثر إشكالية بما تملكه من
رهانات حاسمة في الوضع الراهن .وتؤكد أنه بإمكاننا اليوم الحديث بسهولة عن “حرب الصور” ،وذلك بالنظر إليها،
حسب السياقات( ،بوصفها أسلحة تشَّر ع أو ُت منع أو تتم المتاجرة بها ،أو بوصفها أسلحة استراتيجية .بل إنها تنحو إلى
أن تغدو وسائل للسيطرة في خضم التفاوت الكبير بين القوى المنتجة للتقنيات الجديدة وباقي بلدان العالم)
(رشيدة التريكي )2019
لم تعد الصورة بألف كلمة كما كان يقول المثل الصيني القديم ،وإنما أضحت الصورة بماليين الكلماتُ ،ت حيلنا صور
بعض األحداث القريبة إلى هذا المعنى :الهجوم على مركز التجارة العالمي في نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر
،2001سقوط تمثال صدام حسين في قلب بغداد في ،2003وصور القبض عليه ثم محاكمته وإعدامه ،صورة
استشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدرة وهو في حضن أبيه في عام ،2000وصور لوحات مثل الموناليزا
لدافنشي ،والجيرنيكا لبيكاسو ،والصرخة لمونش وغيرها من الصور التي فاق تأثيرها في الوعي اإلنساني ماليين
الكلمات( .شاكر عبد الحميد )5 :2005
تاريخًي ا ،لعبت الصورة بمختلف تجلياتها دوًر ا مهًم ا في التاريخ اإلنساني ،منذ مراحله المبكرة ،وجّس دت مراحل تطوره
الكبرى ،ووّث قت وقائع اجتماعية وسياسية متنوعة ،وعكست أوضاًع ا اجتماعية ورؤى ثقافية وحضارية متباينة،
والحقيقة أن جزًء ا كبيًر ا من معرفتنا بالتاريخ اإلنساني مدين بال شك لإلبداع الفني المصور ،وربما يمثل الفكر الديني
مجااًل جلًّي ا يكشف أهمية الصورة في تاريخ اإلنسان.
فقد لعبت اإليقونات ( Iconsوهي صور ذات مضامين الهوتية مسيحية) دوًر ا مهًم ا في نشر العقيدة المسيحية،
وقد جّس دت هذه األيقونات طائفة من التعاليم والعقائد الدينية ،وعكست روح الدين الجديد ،فقد أبرزت قيم
الوداعة والسالم والورع والخشوع ،كما خلت من مناظر تعذيب القديسين ،وخلت كذلك من الصور المخيفة
كالجماجم والعظام والصور المتخيلة للشيطان ،كما كان يرسم الرسامون في الحضارتين البيزنطية واليونانية( .رؤوف
حبيب :د.ت)14 – 13 .
https://mana.net/13108/ 6/11
09/06/2024 19:57 السوسيولوجيا المرئّية :إدراك ما ال ُتدركه الكلمات – حسني عبدالعظيم – منصة معنى الثقافية
وتتوفر الحضارة اإلسالمية – على خالف ما يدعيه كثير من الغربيين – على تراث غني في إنتاج الصور ،لقد أنتج
المسلمون في الماضي ،وخاصة الفرس منهم والهنود والترك – عدًد ا ال ُي حصى من المنمنات (وهي لوحات فنية
تمزج النصوص بالرسوم التوضيحية المزركشة وتعكس روح الحضارة اإلسالمية) كما أن كافة المسلمين في الحاضر
ينتجون الصور ويستهلكونها بواسطة السينما والتليفزيون وغيرهما ،إن المجال الوحيد الذي تحظر فيه الصور
التشخيصية في اإلسالم هو أماكن العبادة ،حيث أن العقيدة اإلسالمية لم تستغل الصور لنشر مبادئها ،خالًف ا
للمسيحية والبوذية على سبيل المثال ،يذكر توماس أرنولد Thomas Arnoldفي كتابه Painting in Islamأن من
بين األديان الثالثة الكبرى – البوذية والمسيحية واإلسالم – التي كانت تتوخى االنتشار في العالم من جالل جذب
أنصار عن طريق كل أشكال اإلجراءات اإلعالمية ،وحده اإلسالم رفض استعمال الفنون التصويرية كوسيلة لشرح
مبادئه ونشر عقيدته( .فاطمة المرنيسي )28 – 27 :2000
ولذلك أصبح التصوير اإلسالمي (نشاًط ا مدنًي ا) في طبعه يتم النظر إليه كفٍّن من فنون الدنيا ،وليس (عماًل الهوتًي ا)
كعمل من أعمال اآلخرة ،فلم يستعمل التصوير لخدمة الدين وتسويق عقائده ،ولم يدخل المساجد ،ولم يدرج في
تجميل المصحف ،ولم يتخذ كوسيلة لنشر الدين – كما هو الحال في المسيحية وديانات أخرى – وانصرف الفنانون
المسلمون إلى إتقان الزخارف النباتية والهندسية ،وصياغة الزخارف الخطية الرائعة ،وغير ذلك من فنون التصوير التي
عكست جانًب ا من جوانب القيم االجتماعية واإلسالمية( .أبو الحمد محمود فرغلي )26 :2000
والحّق أن العديد من الخلفاء والملوك المسلمين – سواء أكانوا عرًب ا أم غير عرب – كانوا (مشجعين كرماء) لفنون
التصوير منذ القرن الثاني الهجري ،وبلغ فّن المنمنمات أوج ازدهاره في القرن السابع الهجري ،فخالل حكم دولة
الصفويين الفارسية ازدهر هذا الفن ،وكان الملوك المسلمون من إيران إلى الهند يجمعون أعداًد ا هائلة من الفنانين
والحرفيين لصنع تلك المنمنات الفنية الجميلة( .فاطمة المرنيسي )29 – 28 :2000
والواقع أن هذه المنتجات التصويرية كانت – بجانب قيمتها الفنية والجمالية – كاشفة للبناء السياسي واالجتماعي
والطبقي في تلك الفترة (القرن السابع الهجري – الثالث عشر الميالدي) ،ويمكن القول أيًض ا إنها كانت واحدة من
ذلك أن هذه الصور كانت تعكس الطابع األسمى لالمتياز المؤشرات التي تنّب ئ عن انهيار حضارة ،وانبثاق أخرى.
وبناء القوة في الدول اإلسالمية آنذاك ،حيث لم يكن للفقراء فيها نصيب ،على خالف ما كان متبًع ا في أوروبا،
عندما كان يطلب ملك فرنسي أو إيطالي لوحة من فنان فإنه كان يضعها في متحف لتجلب المتعة لكافة الرعايا ،ولم
يكتنزها لنفسه ،أما في كثير من ممالك اإلسالم آنذاك لم تكن تلك الصور والمنمنات موجهة للعامة ،أي الجماهير
التي يجب – حسب الفهم السائد قمعها ال تعليمها أو تثقيفها – وحدها الطبقة العليا (طبقة الخاصة) التي تتشكل
من الحاكم وحاشيته هي الجديرة باالستمتاع بالصور النادرة التي تحفظ في مخطوطات نادرة ،وقد استمر احتكار
الخاصة إلنتاج واستهالك الصور حتى السنوات األخيرة ،عندما تزعزع هذا االمتياز بظهور وسائل االتصال الحديثة التي
قضت على هذا االمتياز البصري للطبقة العليا وهو ما ساهم من جانب آخر في تقوية سلطة الجماهير( .فاطمة
المرنيسي )30: 2000
حديًث ا ،ربما يعد الكتاب الذي أصدره بيير بورديو ( )2002 – 1930وزمالؤه في عام 1965بالفرنسية تحت عنوان Un
Art Moyenوترجم إلى اإلنجليزية عام 1990بعنوان Photography: A Middle-Brow Artمن أفضل الموضوعات
تمثياًل لالهتمام السوسيولوجي بالتصوير واألنشطة البصرية ،وقد ارتكز اهتمام الكتاب على التصوير كممارسة
اجتماعية.
في هذا الكتاب يضع بورديو ورفاقه ممارسة التصوير في سياق الممارسات االجتماعية األوسع التي تشكل الهوية
االجتماعية ،وعلى الرغم من أن عنوان الكتاب يتضمن مصطلح التصوير ،Photographyإال أننا عند مطالعة الكتاب
نكتشف أنه ال يتناول التصوير في ذاته ،وإنما يهتم به كممارسة اجتماعية ذات دالالت رمزية واجتماعية .وبهذه
https://mana.net/13108/ 7/11
09/06/2024 19:57 السوسيولوجيا المرئّية :إدراك ما ال ُتدركه الكلمات – حسني عبدالعظيم – منصة معنى الثقافية
للتصوير في سياقه االجتماعي األوسع ،فمن الصعب فصل الصورة عن دالالتها الطريقة يقدم الكتاب تحلياًل
االجتماعية ،ومن أجـل ذلك يرفض بورديو االفتراض البسيط القائل بأن الصورة ينبغي أن تكون فقط مجرد توضيح
بصري لقضية سوسيولوجية أكبر)Gonzalez, J.A., 1992:126( .
فعلى المستوى العام أوضح بورديو – ابتداء – أن التصوير ممارسطة وسيطة ،إي أنها ترتبط بشكل أساس بالطبقة
الوسطى ،كما أن انخراط الناس في أنماط مختلفة من األنشطة التصويرية يمكن أن يساهم في تالشي الحدود
الطبقية)Nathansohn, Reveg and Zuev, Dennis 2012:2( .
ويضع بورديو األسرة في قلب مناقشاته ،مؤكًد ا أن هذه الجماعة هي التي تستدعي أكثر من أي جماعة أخرى
ممارسة التصوير كـأداة للتكامل االجتماعي ،يقول بورديو( :من الواضح أن ممارسة التصوير الفوتوغرافي موجودة
ومستمرة فقط بحكم وظيفتها العائلية أو باألحرى الوظيفة الممنوحة لها من قبل األسرة ،أي وظيفة توثيق وتخليد
أبرز نقاط الحياة العائلية ،باختصار يعمل التصوير على تعزيز التضامن العائلي من خالل إعادة تأكيد شعور العائلة بذاتها
ووحدتها ،ويكشف التصوير أيًض ا عن بناء السلطة داخل األسرة( ،كما يتضح من موقع األب مثاًل في صدارة الصورة)
وبما أن الصور العائلية تجسد طقوس الحياة المنزلية في المناسبات المختلفة ،فإنها تجسد المعنى االحتفالي الذي
تعطيه األسرة لنفسها .إن الحاجة إلى الصور وإلى المزيد من التقاط الصور تزداد كلما زاد تكامل األسرة وتضامنها.
()Bourdieu, Pierre 1990:19
وثمة مفكر آخر اهتم اهتماًم ا خاًّص ا بالصورة وُق درتها على تشكيل الوعي في المجتمع المعاصر ،وهو الفيلسوف وعالم
االجتماع الفرنسي جان بودريار ( .)2007 – 1929يرى بودريار أن طبيعة العالم اآلن قد تغَّي رت نتيجة دخول العديد
من الُم تغِّي رات التي أَّث رت في ُط رق تعاملنا وتواُص لنا مع العالم ومع اآلخرين .أهم تلك المتغيرات دخول الصورة في
تعاملنا مع األشياء من حولنا؛ فقد حَّل ت الصورة محَّل اللغة .إن الصورة قد أنشأت في البداية عالًم ا موازًي ا لعالم
الواقع ،ما لبث هذا العالم أن تضَّخ م حتى استوعب العالم الواقعي بأكمله ،لدرجٍة أصبح معها هذا األخير جزًء ا ضئياًل
من األول .وهو ما يعني في النهاية أن ثمة تغيًر ا أنطولوجًّي ا (وجودًي ا) طرأ على طبيعة العالم من حولنا ،ما َي ستوجب
معه جهًد ا نظرًّي ا موازًي ا للكشف عنه وتحليله .وبجانب التغير الذي ألحقته الصورة على الطبيعة األنطولوجية للعالم؛
فثمة مستًو ى آَخ ر للصورة ذو طبيعة إبستمولوجية يتعَّل ق بمشكلة التمثيل ( representationأي الصور الذهنية
واإلدراكات التي ُي كِّو نها اإلنسان عن العالم الخارجي والتي تغدو بعد ذلك أشبه بالموجهات التي توِّج ه طريقة تفكيره
وتحكم استجاباته في العالم)( .بدر الدين مصطفى )208 :2017
فإذا وضعنا في االعتبار أن الصورة أصبحت تحتُّل مكانة كبيرة في المشهد الثقافي الراهن ،فإن النتيجة المترتبة على
ذلك أن ما يكتسبه اإلنسان من خالل وسيط الصورة يتحَّك م في رؤيته للعالم من حوله ،وينعكس على طبيعة سلوكه
ووجوده في العالم ،ومن هنا يتشَّك ل العالم الخارجي ويَّت خذ صورته في العقل اإلنساني عْب ر ذلك الوسيط – وسيط
الصورة – وبعبارة أخرى ،إذا كان اإلنسان في النهاية محِّص لة تمُّث الته عن العالم ،وإذا كانت تلك التمثالت في
معظمها تتُّم اآلن عْب ر وسائل اإلعالم ،أي من خالل توُّس ط الشاشة ،وعْب ر تقنيات صناعة الخبر ،فإن النتيجة هي أن
ُج ل تمُّث الت اإلنسان عن الواقع وبالتالي استجاباته في العالم ،هي في حقيقة األمر تجليات لعالم الصورة ( .بدر الدين
مصطفى )209 :2017
ويؤكد بودريار على فرضية مهمة وهي أن الصورة بطبيعتها غير ُم حايدة أو غير بريئة؛ فالصورة ال َت نقل الحدث كما هو؛
ألن الصورة إذا كانت تقوم بوظيفتها عْب ر تقنية آلية محددة ،فإن هذه التقنية ال تعمل بمفردها ،بل توجد ذات عارفة
تقف وراءها ،ذات محَّم لة بنسق معرفي وأيديولوجي يحكم رؤيتها للعالم ويتدخل بالتالي في فعل التقاط الصورة
للحدث .إذا أضفنا إلى هذا ،التطور التكنولوجي الهائل الذي نشهده اآلن في تقنيات صناعة الصورة ،مع ضعف
األدوات التحليلية المقاومة للخطاب البصري ،فإَّن النتيجة الُم ترِّت بة على ذلك حالة عالية من استالب الوعي اإلنساني
داخل عالم من الصور المحَّم ل باأليديولوجيات المختلفة( .بدر الدين مصطفى )210 – 209 :2017
والحقيقة أن الصورة في الوقت الراهن تعكس كثيًر ا من جوانب التغير االجتماعي الحديث ،كما تضفي أبعاًد ا ودالالت
عميقة عن الواقع االجتماعي المأزوم ،فحتى وقت قريب ،لم يكن أحد يتصور أن الصورة يمكن أن تكون قاتلة إال على
سبيل المجاز .وحتى ماري جوزي موندزان ،التي منحت ألحد كتبها عنواًن ا يوحي بأن “الصورة قد تكون قاتلة” ،ال تثبت
بأن الصورة قاتلة وال تجيب باإليجاب على السؤال الذي يطرحه عنوان ذاك الكتاب ،تكتفي الفيلسوفة فقط باإلصرار
على أن “الصورة كانت دائًم ا ومنذ بداية التاريخ عنيفة ،إنه عنف مضمونها باألساس .فالصور التلفزيونية اليوم تجعل
من الحروب والعنف والقتل وسفك الدماء مجالها “الجمالي” والتداولي بامتياز .وهو أمر يطرح هوية الصورة نفسها
من حيث هي وعاء ملتبس يمكن أن يضع فيه المصور كل ما يبتغيه ،ويمكن أن يتحول إلى مجال صراع واضح حول
السلطة والمال .وذلك هو مجال اإلعالن الذي يتالعب برغبة الناظر ويحوله إلى كائن مستهلك على الدوام ،بيد أن
عنف الصور حسب بعض الباحثين ليس بالضرورة ذا آثار سيئة أو مستهجنة على الناشئة .فقد قام عالم النفس
الفرنسي سيرج تيسيرون في كتابه فضائل الصورة – معتمًد ا على مئات األمثلة – بالتدليل على أن الصور توفر العديد
من المحاسن ولها الكثير من اإليجابيات التي تساهم في هيكلة شخصية المراهقين( .فريد الزاهي – 2019منصة
معنى)
ثمة خالصة نهائية في هذا السياق وهي أن البحث عن الدالالت الرمزية للصورة ،والحفر في أبعادها الفلسفية
واالجتماعية والثقافية يمثل َم ِع يًن ا فكرًي ا ال ينضب ،ويفتح آفاًق ا رحبة في الدرس السوسيولوجي المعاصر ،وهو ما
يؤكد مجدًد ا أهمية وجود السوسيولوجيا المرئية في الفضاء األكاديمي والثقافي العربي ،حتى نواكب المنجزات
الفكرية الغربية التي ترتاد كل يوم حقواًل معرفية جديدة توسع الهوة المعرفية بيننا وبينهم.
المراجع:
أبو الحمد محمد فرغلي ( )2000التصوير اإلسالمي :نشأته وموقف اإلسالم منه وأصله ومدارسه ،القاهرة،
الدار المصرية اللبنانية.
بدر الدين مصطفى ( )2017دروب ما بعد الحداثة ،مؤسسة هنداوي سي آي سي ،وندسور ،المملكة
المتحدة.
جون سكوت وجوردون مارشال ( )2011موسوعة علم االجتماع :المجلد الثاني ،ترجمة محمد الجوهري
وآخرين ،القاهرة ،المركز القومي للترجمة.
رشيدة التريكي ( )2019حرب الصور ،ترجمة فريد الزاهي ،منصة معنى الثقافية:
https://mana.net/archives/2130
Send Share Send Tweet Share
رؤوف حبيب (د.ت) األيقونات القبطية ،القاهرة ،مكتبة المحبة.
فاطمة المرنيسي ( )2000شهرزاد ترحل إلى الغرب ،ترجمة فاطمة الزهراء أزرويل ،الدار البيضاء ،المركز
المقال التالي السابقالعربي.
الثقافي
المقال
عبده أبوالعالhttps://mana.net/archives/1690
فريد الزاهي ( )2019الصورة والموت ،منصة معنى الثقافية:من الليبرالية إلى الليبرتارية – محمد
https://mana.net/13108/
ّل 9/11
09/06/2024 19:57 إدراك ما ال ُتدركه الكلمات – حسني عبدالعظيم – منصة معنى الثقافية:السوسيولوجيا المرئّية
Harper, Douglas (2000) The image in sociology : histories and issues, Journal des
إن عملية الفن مهمة فكرية تثبت حقيقتها من خالل الوعي العميق
.anthropologues Association française des anthropologues, 80-81
...بالذات والنشاط التأملي والتفكير التجاوزي الذي يؤثر في تبعات
Harper, Douglas (2016) The Development of Visual Sociology: A view from the inside, Rivista
.Italiana di Sociologia, Società Mutamento Politica, vol. 7, n. 14
Henny, Leonardo (2012) Trend Report: Theory and Practice of Visual Sociology, In Jason
الغذامي بين أبي تمامين أم أبو تمام بين
.Hughes (ed.) Sage Visual Methods, Vol., 1, Sage
غذاميين؟ | هيثم الصديان
Gonzalez, J.A., (1992) A Contemporary Look at Pierre Bourdieu’s Photography: A Middle-Brow
2024 ، يونيو6
. Art, Visual Anthropology Review, Volume 8, Number 1
معلوم قراءة في إشكاليات النقد الثقافي بين التحول والتناقض
Nathansohn, Reveg and Zuev, Dennis (2012) Visual Sociology, in George Ritzer and J.
...للمهتمين بالشأن النقدي العربي أن الدكتور عبدالله الغذامي قد تحول
Michael Ryan (eds.) Blackwell Encyclopedia of Sociology. Blackwell Publishing, Blackwell
.Reference Online. DOI: 10.1111/b.9781405124331.2007.x
Nathansohn, Reveg and Zuev, Dennis (Eds.) (2013) Sociology of the Visual Sphere, Routledge
راهب بوذي يسـأل:مهمــة التفـكــير اليـوم
.Advances in Sociology (Book 91) , Routledge
هـيـدغـر | ترجمة حمـزة فنـيــن
2024 ، يونيو5
اسمه، بحواٍر ُم صَّو ٍر مع راهٍب بوذٍي،1964 سبتمبر28 بتاريخ،قام هيدغر معنى فكر علم اجتماع :الوسوم
... قام بزيارته،)Bhikko Maha Mani( بهيكو ماها ماني
https://mana.net/13108/ 10/11
09/06/2024 19:57 السوسيولوجيا المرئّية :إدراك ما ال ُتدركه الكلمات – حسني عبدالعظيم – منصة معنى الثقافية
«معنى» ،مؤسسة ثقافية تقّد مية ودار نشر تهتم بالفلسفة والمعرفة والفنون ،عبر مجموعة متنوعة من المواد المقروءة والمسموعة
والمرئية .انطلقت في 20مارس ،2019بهدف إثراء المحتوى العربي ،ورفع ذائقة ووعي المتلّق ي المحلي والدولي ،عبر اإلنتاج األصيل
للمنصة والترجمة ونقل المعارف.
روابط سريعة
أرشيف معنى
مكتبة معنى
تطبيق معنى
األفالم
التصنيفات
الفلسفة اآلن الحياة الطيبة إيون إعالنات معنى أوراق ودراسات SJPS Articles & Essays
مقابالت وحوارات مراجعات غير مصنف بودكاست المتن الفلسفي المتن الفلسفي الفيلسوف الجديد
/ الشروط واألحكام / السلة / نشرة معنى / شروط النشر / الكّت اب / من نحن؟ / الرئيسية
تواصل معنا / سياسة الخصوصية
https://mana.net/13108/ 11/11