الفصل الثاني علة ربا الفضل و ربا النسيئة

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 11

‫الفصل الثاني ‪ :‬علة ربا الفضل و ربا النسيئة‬

‫المبحت األول ‪ :‬علة ربا الفضل‬


‫الفرع األول ‪ :‬طريقة الحنفية والحنابلة ودليلهم في استنباط العلة‪:‬‬
‫أوًال ‪ -‬طريقة الحنفية ودليلهم‪:‬‬
‫يعبر بعض الحنفية (‪ )1‬عن علتهم بالقدر مع اتحاد الجنس اختصارًا‪ ،‬ولكن هذا االختصار ال يقصر‬
‫مدلوله على المكيل والموزون فقط‪ ،‬بل يدخل المعدود والمذروع‪ ،‬وهما ليسا من أموال الربا عندهم‪ .‬لذا‪،‬‬
‫فاألصح القول بأنها الكيل أو الوزن مع اتحاد الجنس‪ ،‬أي ما كان مكيًال أو موزونًا فهو ربوي‪ ،‬فال يجري‬
‫الربا في مقدرات ليست مكيلة أو موزونة‪ ،‬فضًال عن أن يجري في القيميات‪.‬‬
‫فكيف استنبطوا هذه العلة‪ ،‬وبأي شيء استدلوا ؟‬
‫خالصة ما تذكر كتب الحنفية من دليل أنهم نظروا في الحديث الذي يعد العمدة في هذا الباب‪ ،‬وهو حديث‬
‫عبادة المشهور‪ ،‬فرأوا أن هذا الحديث إنما يوجب المماثلة شرطًا في بيع ‪ .‬هذه األصناف‪ ،‬بل أن هذه‬
‫المماثلة هي المقصودة من هذا الحديث‪ ،‬ألن معناه ‪ :‬بيعوا الذهب بالذهب مثًال بمثل‪ ،‬والفضة بالفضة مثًال‬
‫بمثل‪ ،‬والبر بالبر مثًال بمثل ‪ ....‬وهكذا إلى آخر األصناف‪ .‬والدليل على أن المعنى (بيعوا ‪ ) ..‬أن الباء‬
‫المتكررة في هذا الحديث هي لإللصاق‪ ،‬فتدل على إضمار فعل تتعلق به‪ ،‬وقد دل على هذا الفعل آخر‬
‫الحديث ‪ :‬فبيعوا كيف شئتم»‪ .‬ويقول الحنفية بأن األمر هنا ليس متوجهًا إلى البيع‪ ،‬ألن البيع مباح أصًال‪،‬‬
‫وإنما هو متوجه إلى شرط المماثلة التي دل عليها الحال في الحديث (مثًال بمثل)‪ ،‬واألحوال تقع شروطًا‬
‫كما هو معروف‪ .‬فاألمر إذن متوجه إلى الحال التي هي شرط البيع المباح‪ ،‬وهذا ممكن‪ ،‬فقد يتعلق المباح‬
‫بشرط يجب رعايته‪ ،‬كاإلشهاد في النكاح (‪. )2‬‬
‫تلك ولما رأى الحنفية أن الحديث إنما سيق ليفيد شرط المماثلة في بيع األصناف‪ ،‬نظروا في علة ذلك‬
‫الشرط وغايته‪ ،‬فرأوا أنه يمكن أن يكون لفائدتين ‪:‬‬
‫األولى ‪ :‬تحقيق معنى البيع ‪ :‬فالبيع هو مقابلة المال بالمال‪ ،‬والتقابل يحصل بالتماثل إذا كان الماالن من‬
‫جنس واحد ؛ ألنه لو كان أحد المالين أكثر من اآلخر‪ ،‬لم يحصل التقابل كامًال‪ ،‬نظرًا لبقاء ذلك القدر‬
‫الزائد بال مقابل‪ ،‬وهذا ليس من شأن البيع الذي هو معاوضة تقتضي مقابلة عوض بعوض‪ ،‬ال أخذ مال أو‬
‫جزء مال بال عوض (‪. )3‬فاشتراط التماثل إذن في بيع المالين الربويين من جنس واحد إنما هو لتحقيق‬
‫معنى البيع‪ ،‬وذلك بخالف الحال في مختلف الجنس‪ ،‬ألن مختلف الجنس اليتحقق فيه وجود جزء من مال‬
‫لم يقابل بجزء من المال اآلخر‪ ،‬إذ اختالف الجنس ينفي إمكان المقابلة كما تقدم؛ وعليه فال يشترط التماثل‬
‫في مختلف الجنس ليتحقق معنى البيع‪.‬‬

‫(‪ )1‬فتح القدير البن الهمام ‪.١٤٨/٦ :‬‬


‫(‪ )2‬الكفاية للكرالني مع فتح القدير البن الهمام ‪.١٥٠-١٤٩/٦ :‬‬
‫(‪ )3‬بدائع الصنائع للكاساني ‪ ، ١٨٤/٥ :‬العناية للبابرتي والكفاية للكرالني مع فتح القدير البن الهمام‬

‫‪15‬‬
‫الثانية ‪ :‬صيانة أموال الناس عن الضياع‪ ،‬وذلك ألن أحد المالين إذا كان أنقص من اآلخر‪ ،‬كان التبادل‬
‫مضيعًا لذلك القدر الفاضل بال مقابل لصاحبه؛ فاشترط التماثل في متحد الجنس صيانة ألموال الناس عن‬
‫الضياع‪.‬‬
‫وهذه الفائدة ال تتحقق أيضًا حال اختالف الجنس‪ ،‬ألنه حينئذ ال يتحقق وجود جزء من مال غير مقابل‬
‫بجزء من اآلخر(‪ . )1‬فهما فائدتان إذن تتحققان في اشتراط المماثلة في مبادلة تلك األموال المنصوص‬
‫عليها في الحديث بجنسها‪.‬‬
‫وقد نظر الحنفية فرأوا أن هاتين الفائدتين أو المبدأين اللذين علل بهما اشتراط المماثلة في الحديث ال‬
‫ينطبقان فقط على تلك األصناف المذكورة فيه‪ ،‬بل على كل مال بيع بجنسه فتحقيق معنى البيع من مقابلة‬
‫المال بالمال‪ ،‬وكذا مبدأ الصيانة‪ ،‬يقتضيان تماثل كل مالين اتحدا جنسًا‪ ،‬ال مجرد تلك األصناف‬
‫المنصوص عليها في الحديث‪ ،‬فكان من الحنفية لذلك أن حكموا أوًال بتعدية حكم النص إلى كل مال‪.‬‬
‫ولكن‪ ،‬وقد وصل الحنفية إلى هذه النتيجة ‪ ،‬جابهتهم مشكلة اإلجماع الحاصل على جواز بيع عبد بعبدين‬
‫وبعير ببعيرين حاًال ‪ ،‬فقد جاء في الحديث عن جابر رضي هللا تعالى عنه قال ‪ :‬جاء عبد فبايع النبي‬
‫ﷺ على الهجرة‪ ،‬وال يشعر النبي أنه عبد‪ ،‬فجاء سيده يريده‪ ،‬فقال النبي ﷺ ‪ :‬بعنيه فاشتراه‬
‫بعبدين أسودين ثم‬
‫لم يبايع أحدًا بعد إال سأله ‪ :‬أعبد هو ؟ » (‪. )2‬‬
‫وروي عن عمار بن ياسر (‪ )3‬رضي هللا تعالى عنهما قوله ‪ « :‬العبد خير من العبدين‪ ،‬والبعير خير من‬
‫البعيرين‪ ،‬والثوب خير من الثوبين‪ ،‬ال بأس به يدًا بيد إنما الربا في النساء إال ما كيل أو وزن (‪. )4‬‬
‫وجاء في حديث عبد هللا بن عمرو بن العاص أن رسول هللا ﷺ أمره أن يجهز جيشًا فنفدت اإلبل‪،‬‬
‫فأمره رسول هللا ﷺ أن يأخذ في قالص الصدقة فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى أبل الصدقة ‪.‬‬
‫وذكر البخاري عند ترجمته لباب بيع العبد والحيوان بالحيوان نسيئة) عن سعيد بن المسي تعليقًا ‪ :‬وقال‬
‫ابن المسيبب ‪ :‬ال ربا في الحيوان البعير بالبعيرين والشاة بالشاتين إلى أجل‪.‬‬
‫فهذه النصوص تهدم مبدأ تحقيق معنى البيع‪ ،‬ومبدأ الحرص على صيانة أموال الناس عن الضياع ؛ ففي‬
‫تلك النصوص اتحد الجنس‪ ،‬وجاز التفاضل‪ ،‬مما يهدم ‪ -‬وقد علم أن األصناف المذكورة في حديث الباب‬
‫المشهور ليست هي المرادة فقط إمكان اعتماد مبدأ تحقيق معنى البيع أو صيانة أموال الناس عن الضياع‬
‫علة لتشمل كل مال‪.‬‬

‫(‪)1‬العناية للبابرتي والكفاية للكرالني مع فتح القدير البن الهمام‬


‫(‪ )2‬أخرجه الترمذي في سننه ‪ ، ٥٣١/٣ :‬كتاب البيوع ‪ ، ۱۲‬باب ما جاء في شراء العبد بالعبدين ‪ ، ۲۲‬رقم ‪ .۱۲۳۹‬وقال الترمذي ‪ :‬هذا‬
‫الحديث حسن صحيح‪ ،‬والعمل على هذا عند أهل العلم أنه ال بأس بعبد بعبدين يدًا بيد واختلفوا فيه إذا كان نسيئة‪.‬‬
‫(‪ )3‬عمار بن ياسر رضي هللا عنه‪ ،‬أبو اليقظان مولى بني مخزوم أسلم وأبوه وأمه قديمًا‪ ،‬وكانوا ممن يعذبون في هللا ‪ ،‬توفي سنة ‪٣٧‬هـ‬
‫اإلصابة‪.٥٧٥/٤ ،‬‬
‫(‪ )4‬مصنف ابن أبي شيبة ‪ ، ۱۱۲/۶ :‬كتاب البيوع واألقضية‪ ،‬باب في العبد خير من العبدين ‪ ،‬رقم ‪.٤٦٨‬‬

‫‪16‬‬
‫لقد جعل مجموع هذه النصوص الحنفية يعيدون النظر‪ ،‬فيقولون بأن مبدأ الصيانة ومبدأ تحقيق معنى البيع‬
‫حكمة وليس علة‪ ،‬نظرًا لعدم اطرادهما وإن كانا متحققين في نص حديث عبادة؛ ولكن قالوا بأن العلة‬
‫الصحيحة يجب أن تكون ذات صلة وثقى بالمبدأين المذكورين‪ ،‬لما تقدم من قولهم بأن النص إنما سيق‬
‫لألمر بتحقيق المماثلة والمعادلة‪ ،‬وهو أمر ال يقتصر على األصناف الستة المذكورة في الحديث؛ فإلى أي‬
‫علة توصل الحنفية ؟‬
‫لقد توصل الحنفية إلى أن العلة هي الكيل أو الوزن مع اتحاد الجنس استنادًا إلى حديث عبادة‪ ،‬فقالوا‬
‫مستندين إليه ‪ :‬إن المماثلة بين الشيئين التي يجب تحقيقها إنما تكون باعتبار التماثل في الصورة والمعنى‬
‫والمعيار ‪ -‬وأرادوا به الكيل والوزن ألن األصناف المذكورة في الحديث إما مكيلة أو موزونة ‪ -‬إنما‬
‫يسوي الصورة‪ ،‬والتجانس يسوي المعنى‪ .‬أي أن الحنفية وجدوا الكيل والوزن مع اتحاد الجنس علة يصلح‬
‫التعليل بها ‪ ،‬وهي ذات صلة وثقى بالمبدأين المذكورين‪.‬‬
‫والواقع أن في هذا الكالم مطعنًا ‪ ،‬فلم كان المعبر عن المماثلة الكيل والوزن فحسب ! لم لم يشمل المعيار‬
‫العد والذرع لتكون المعدودات التي ال تتفاوت آحادها والمذروعات من قبيل األموال الربوية؛ فيمتنع ذراع‬
‫من قماش بذراعين منه‪ ،‬وعدد من جوز أو بيض غير بين التفاوت في أفراده حجمًا بعدد أكبر أو أصغر‬
‫منه‪ ،‬ما دامت المماثلة التي اعتبرها الشارع تحقيقًا لمعنى البيع ولصيانة أموال الناس عن الضياع يمكن‬
‫تحقيقها هنا ‪ ،‬ال سيما وقد انتفى الدليل المانع الذي وجد في بيع العبد بالعبدين والبعير بالبعيرين ؟!‬
‫لقد اعتمد الحنفية مرة أخرى على ذينك المبدأين اللذين استنبطوهما من حديث عبادة الذي جعلوه العمدة‬
‫في بابه واألصل في استنباط العلة‪ ،‬فضبطوا حكمة تحقيقهما بالكيل والوزن‪ ،‬تفاديًا عن نقضهما بنصوص‬
‫العبد بالعبدين والبعير بالبعيرين‪ ،‬ولم يضبطوها بالذرع والعد أيضًا فيما يعد ويذرع من األموال‪ ،‬مع أن‬
‫تحقيق معنى البيع وصيانة المال يقتضي القول بشمول المذروع والمعدود غير المتفاوت إلى جانب المكيل‬
‫والموزون لما تقدم أقول ‪ :‬إن هذا الحديث المشهور الذي اعتمده الحنفية في استداللهم على العلة التي‬
‫توصلوا فيها ال يعبر بالضرورة عما توصلوا إليه‪ ،‬فمدلوله أعم مما قالوا به‪ ،‬فهو ال يحصر العلة بالطريقة‬
‫التي استدلوا بها في الكيل والوزن فحسب؛ بل جملة ما في األمر أن هذا الحديث ذكر أصنافًا مكيلة‬
‫وموزونة‪ ،‬فليس شرطًا أن تكون العلة الكيل أو الوزن بداعي أن تلك األصناف مكيلة أو موزونة‪.‬‬
‫يقول المرغيناني في الهداية ‪( :‬ولنا ‪ -‬أي دليلنا ـ أنه ـ أي حديث عبادة ‪ -‬أوجب المماثلة شرطًا في البيع‬
‫وهو المقصود بسوقه‪ ،‬تحقيقًا لمعنى البيع‪ ،‬إذ هو ينبئ عن التقابل‪ ،‬وذلك بالتماثل أو صيانة ألموال الناس‬
‫عن التوى ‪ -‬أي الهالك أو تتميمًا للفائدة باتصال التسليم به ثم يلزم عند فوته حرمة الربا) والمماثلة بين‬
‫الشيئين باعتبار الصورة والمعنى ‪ ،‬والمعيار ‪ -‬أي الكيل والوزن ‪ -‬يسوي الذات والجنسية تسوي المعنى‬
‫و تجدر اإلشارة إلى أنه ال يعترض هنا على الحنفية بالقول ‪ :‬إذا كانت العلة هي الكيل والوزن تحقيقًا‬
‫لمعنى البيع‪ ،‬ولحكمة صيانة أموال الناس؛ أفليس في اغتفار تفاوت المالين المبيعين من جنس واحد جودة‬
‫ورداءة نقضًا لذلك‪ ،‬فإن قيمة الجيد غير قيمة الرديء‪ ،‬فكان ينبغي أن يتساويا في الصفة كما تساويا في‬
‫الكيل أو الوزن لتحقق المساواة ؟‬
‫يجيب الحنفية عن هذا بما يجيب به الجمهور ‪ -‬وقد قالوا باعتبار أمر الجودة والرداءة هنا أيضًا ‪ -‬من أن‬
‫الشارع قد اغتفر ذلك كما دل عليه حديث أبي سعيد وأبي هريرة في التمر الجنيب‪ ،‬فقد نهى النبي‬
‫ﷺ فيه عن بيع صاع جيد بصاعين رديئين‪ ،‬أي أنه قد شرط التماثل دون مراعاة أمر الجودة‬
‫والرداءة‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ويقول الحنفية أيضًا بأن المساواة بين العوضين المتجانسين ال يمكن أن تتيقن إال بعد إسقاط الجودة‪ ،‬لتعذر‬
‫التساوي في القيم ؛ ويقولون بأنه إذا اعتبر الوصف جودة ورداءة‪ ،‬منع كثير من البيوع‪ ،‬ألنه قلما يخلو‬
‫ماالن من جنس واحد عن تفاوت‪ ،‬فلذلك لم يعتبر تتمة لما تقدم‪ ،‬فقد رأينا كيف أن حديث عبادة ال يكفي‬
‫الحنفية في استداللهم على علية الكيل والوزن‪ ،‬فبماذا قووا قولهم إذن ؟‬
‫لقد استعان بعض الحنفية بنصوص غير ذلك الحديث المشهور فيها إشارات إلى علية الكيل والوزن‪،‬‬
‫وكأن هؤالء رأوا أن ذلك الحديث ال ينهض وحده دليًال على ما ذهب إليه عامتهم ؛ ومن هذه األدلة ‪:‬‬
‫من القرآن الكريم ‪:‬‬
‫قوله تعالى‪َ ﴿ :‬أْو ُفوا اْلَك ْي َل َو اَل َت ُك وُنوا ِمَن اْلُم ْخ ِس ِر يَن َو ِز ُنوا ِباْلِقْس َط اِس اْلُمْس َت ِقيِم (‪ .)1‬وقوله تعالى ‪َ﴿ :‬و ْيٌل‬
‫ِلْلُم َط ِّفِفيَن اَّلِذيَن ِإَذ ا اْك َت اُلوا َع َلى الَّن اِس َي ْس َت ْو ُفوَن ) َو ِإَذ ا َك اُلوُه ْم َأو َو َز ُنوُه ْم ُيْخ ِس ُروَن ) (‪. )1‬‬
‫وقوله تعالى ‪َ﴿ :‬و َي َقْو ِم َأْو ُفوا اْلِم ْك َي اَل َو اْلِميَز اَن ِباْلِقْس ِط َو اَل َت ْب َخ ُسوا الَّن اَس َأْش َب اَء ُه ْم َو اَل َت ْع َث ْو ا ِفي اَأْلْر ِض‬
‫ُم ْف ِس ِديَن ) (‪.)2‬‬
‫فقد جعلت هذه اآليات حرمة الزيادة في الكيل أو الوزن مطلقة عن شرط آخر كالطعم وغيره‪ ،‬مما يقوي‬
‫ضرورة اعتبار المساواة في الكيل والوزن ومن السنة المطهرة ‪:‬‬
‫‪ -‬حديث التمر الجنيب المتقدم في الصحيحين‪ ،‬فقد جاء في آخره كما تقدم لفظ (وكذلك الميزان)‪ .‬فالمراد‬
‫من الميزان الموزون بطريق المجاز‪.‬‬
‫‪-‬الحديث الذي روي عن أبي سعيد الخدري رضي هللا تعالى عنه في قصته مع ابن عباس‪ ،‬وفيه أن النبي‬
‫ﷺ قال ‪ :‬التمر بالتمر والحنطة بالحنطة والشعير بالشعير والذهب بالذهب والفضة بالفضة يدًا بيد‪،‬‬
‫عينًا بعين‪ ،‬مثًال بمثل‪ ،‬فمن زاد فهو ربا ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬كذلك ما يكال ويوزن‪.‬‬
‫‪-‬حديث أنس وعبادة رضي هللا تعالى عنهما ‪ :‬ما وزن فمثل بمثل إذا كان نوعًا واحدًا ‪ ، ،‬وما كيل فمثل‬
‫ذلك‪ ،‬فإذا اختلف النوعان فال بأس به ‪.‬‬
‫‪-‬حديث ابن عمر رضي هللا تعالى عنهما قال ‪ :‬قال رسول هللا ﷺ ‪ :‬ال تبيعوا الدينار بالدينارين وال‬
‫الدرهم بالدرهمين وال الصاع بالصاعين‪ ،‬فإني أخاف عليكم الرماء‪ .‬وهو الربا‪ ،‬فقام إليه رجل فقال ‪ :‬يا‬
‫رسول هللا أرأيت الرجل يبيع الفرس باألفراس والنجيبة باإلبل ؟ فقال ‪ :‬ال بأس إذا كان يدًا بيد‪.‬‬
‫فقد ذكر هذان الحديثان الوزن والكيل‪ ،‬أو الموزون وأداة الكيل‪ ،‬مما يدل على أنه المعتبر في مال الربا ‪،‬‬
‫بل الحديث األول نص في ذلك‪ .‬تلك أدلة استدل بها الحنفية ومن وافقهم في علتهم لتقوية مذهبهم في العلة‬
‫التي قالوا بها‪ ،‬ولكن الحنفية مع ذلك يجعلون العمدة في دليل علتهم حديث عبادة بالطريقة التي سبق‬
‫ذكرها‪ ،‬وهذا كما قلنا ال يسلم لهم‪ ،‬ألن استبعاد المعدود والمذروع‪ ،‬وكذا أيضًا ما دون المعيار الذي حدده‬
‫الحنفية في المكيالت والموزونات كما تقدم‪ ،‬يهدم مبدأ الحنفية في التعليل بتحقيق معنى المساواة في البيع‬
‫وصيانة المال؛ ألن هذا مبدأ مطلق‪ ،‬فيجب أن ينطبق على كل مبيع مذروعًا كان أم مكيًال أم معدودًا ‪،‬‬
‫قليًال كان أم كثيرًا ‪ ،‬ما دام يمكن تحقيق التساوي فيه بالذرع أو بالعد‪ ،‬أو بإيجاد مكاييل وأوزان صغيرة‪.‬‬

‫(‪ )1‬اآليتان ‪ ۱۸۲ ، ۱۸۱‬من سورة الشعراء‪.‬‬


‫(‪ )2‬اآليات‪ ۳ ،۲ ،۱‬من سورة المطففين‪.‬‬
‫(‪ )3‬اآلية ‪ ٨٥‬من سورة هود‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫كل هذا يجعل علة الحنفية بالطريقة التي استدلوا بها ثابتة بطريق الوقوف عند النص في أمر الربا ثم‬
‫محاولة تعليله‪ ،‬فقد حكمت األدلة التي ذكرت الوزن والكيل في حديث عبادة‪ ،‬وهذا وقوف عند النص‪ ،‬ثم‬
‫علل هذا الحديث‪ ،‬بل جعل أصل التعليل في قضية الربا ؛ لذا فإني أرى أن منهج الحنفية في استنباط‬
‫علتهم من الحديث المشهور ال يسلم لهم‪ .‬ولو قال الحنفية ‪ :‬إن حديث عبادة يأمر بتحقيق التماثل وسيق‬
‫لذلك‪ ،‬وأنه إنما ذكرت تلك األصناف على سبيل التمثيل ال الحصر‪ ،‬ووجدنا أن بعض تلك األصناف‬
‫المذكورة في الحديث موزون وبعضها مكيل‪ ،‬ووجدنا أدلة أخرى تدل على أن المراد المكيالت‬
‫والموزونات وتأمر بتحقيق التماثل فيها ‪ ،‬فقلنا بأن العلة الوزن أو الكيل‪ .‬لكان ذلك أسلم لهم‪.‬‬
‫أما أن يدمج الحنفية بين الحكمة والعلة‪ ،‬فيجعلوا العلة ضابطًا للحكمة‪ ،‬مع أن العلة التي قالوا بها هنا ال‬
‫يتحقق بها إال قدر مما يمكن أن تشمله تلك الحكمة فهو ما ال يسلم لهم‪.‬‬
‫والخالصة أنه إنما يسلم القول بعلية الكيل أو الوزن‪ ،‬بالطريقة التي قال بها الحنفية‪ ،‬على سبيل التعبد ال‬
‫بالقول بأن الشارع شرط الماثلة في المكيالت والموزونات فقط صيانة للمال وتحقيقًا لمعنى البيع‪ .‬وال‬
‫ينكر أن في ذلك الشرط تحقيقًا لتلك الغاية‪ ،‬ولكن تحقيقها إنما يصلح ثمرة وحكمة‪ ،‬وهو أمر ال صلة له‬
‫بالعلة مطلقًا‪ ،‬فال يصح استنباط العلة من تلك الحكمة‪ ،‬ألن في ذلك تخصيصًا لتلك الحكمة‪ ،‬والحكمة شيء‬
‫إذا ما قيل به ينبغي القول بعمومه وشموله على أفراده ال تخصيصه في جانب دون جانب؛ فإنك لست‬
‫تملك أن تقول ‪ :‬إن فالنًا رحيم بمن حوله عامة‪ ،‬يكرمهم ؛ ثم تراه يرحم ذا العرق األبيض واألسود ممن‬
‫حوله ويترك ذا العرق األصفر رغم حاجة األخير‪ ،‬فتقول ‪ :‬فالن يرحم من حوله عمومًا يكرمهم‪ ،‬ولكن‬
‫كرمه يطال األبيض واألسود فقط‪ .‬بل ليصح كالمك قل ‪:‬‬
‫إنما فالن يرحم األسود واألبيض من الناس يكرمهم‪ .‬فاختيار فالن األبيض واألسود من الناس ليكرمه‪ ،‬مع‬
‫قدرته على إكرام الجميع‪ ،‬ال يمكن القول بأنه ناتج عن صفة رحمة عامة ؛ ولكن نقول وقد وقع منه رحمة‬
‫باألبيض واألسود من الناس ‪ :‬إن في ذلك رحمة وكرمًا‪.‬‬
‫فالنتيجة أن موضع قوة قول الحنفية وضعفه ‪ -‬نظرًا لضعف الطريقة التي استدلوا بها بحديث عبادة ‪ -‬هو‬
‫قوة تلك األحاديث أو الروايات التي ذكرت الكيل والوزن أو ضعفها‪ ،‬ومدى سالمة االستدالل بتلك اآليات‪.‬‬
‫أما اآليات فواضح أنها ال تصلح دليًال صريحًا في العلة‪ ،‬وأما األحاديث فسيأتي الحديث عنها في محله إن‬
‫شاء هللا تعالى‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬طريقة الحنابلة ودليلهم في استباط علة ربا الفضل‪:‬‬


‫تقدم أن للحنابلة ثالثة آراء في العلة هي ثالثة روايات عن اإلمام أحمد‪ ،‬وأن الرواية الراجحة هي الرواية‬
‫التي توافق قول الحنفية في العلة‪ ،‬فما طريقة‬
‫استداللهم على كل رواية ؟‬
‫الرواية األولى والراجحة‪( :‬الكيل أو الوزن مع اتحاد الجنس) واستدل الحنابلة لها بحديث عبادة‪ ،‬فالعلة في‬
‫الذهب والفضة في الحديث أنهما موزون جنس وكل ما كان كذلك فهو ربوي‪ ،‬وفي سائر األصناف أنها‬
‫مكيل جنس‪ ،‬وكل ما كان كذلك فهو ربوي‪.‬‬
‫ووجه استدالل الحنابلة على هذه العلة قريب من وجه استدالل الحنفية‪ ،‬يقول ابن قدامة ‪ :‬وألن قضية البيع‬
‫المساواة‪ ،‬والمؤثر في تحقيقها الكيل والوزن والجنس‪ ،‬فإن الوزن أو الكيل يسوي بينهما صورة والجنس‬

‫‪19‬‬
‫يسوي بينهما معنى‪ ،‬فكانا علة ووجدنا الزيادة في الكيل محرمة دون الزيادة في الطعم‪ ،‬بدليل بيع الثقيلة‬
‫بالخفيفة فإنه جائز إذا تساويا في الكيل ‪.‬‬
‫وهكذا نجد الحنابلة هنا قد وقعوا في ذات خطأ الحنفية‪ ،‬فقد استدلوا على الكيل والوزن بأنه بهما يتحقق‬
‫معنى البيع من تحقق المساواة بين البدلين‪ ،‬مع أن المبيع ليس مكيًال أو موزونًا فقط‪ ،‬بل هو مذروع‬
‫ومعدود أيضًا‪.‬‬
‫واستدل لهذه العلة أيضًا باألحاديث التي تذكر الكيل والوزن كما تقدم في علة الحنفية‪.‬‬
‫الرواية الثانية ‪ :‬الثمنية في األثمان‪ ،‬وفي األصناف األربعة كونها مطعوم جنس ؛ وهو المطعوم بمعناه‬
‫عند الشافعية فال يشترط فيه االقتيات وال االدخار)‪ .‬واألدلة التي استدل بها على هذه العلة هي ذات أدلة‬
‫الشافعية‪ ،‬وستأتي مفصلة‪.‬‬
‫الرواية الثالثة ‪ :‬العلة فيما عدا الذهب والفضة كون الشيء مطعوم جنس‪ ،‬سواء أكان مكيًال أم موزونًا ‪.‬‬
‫وأدلة هذه العلة الثالثة ‪:‬‬
‫من النقل ‪ :‬ما روي عن سعيد بن المسيب رضي هللا تعالى عنه‪ ،‬عن النبي ﷺ ال ربا إال فيما كيل أو‬
‫وزن مما يؤكل ويشرب ‪.‬‬
‫ومن العقل ‪:‬‬
‫ال بد من إيجاد القاسم المشترك بين هذه األصناف األربعة في الحديث والكيل والوزن بمفردهما إنما هما‬
‫وسيلة لتحقيق المماثلة في العلة‪ ،‬والطعم بمفرده ال تتحقق به المماثلة نظرًا لعدم وجود المعيار الشرعي‬
‫الذي يحققها‪ .‬ثم الحكم الذي تضمنه الحديث الشريف مقرون بتلك األصناف األربعة‪ ،‬فيجب اعتبار كل‬
‫جامع مشترك بينها وعدم إهماله‪ .‬والجامع الذي نجده بين تلك األصناف هو الطعم والكيل الذي هو معيار‬
‫التماثل‪ ،‬وعليه فينبغي أن يكون الطعم معتبرًا في المكيل‪ ،‬ويلحق به الموزون ثم إن األحاديث الواردة في‬
‫هذا الباب يجمع بينها ويقيد كل منها باآلخر‪ ،‬فالنهي عن بيع الطعام يتقيد بما فيه معيار شرعي‪ ،‬وهو الكيل‬
‫والوزن‪ ،‬والنهي عن بيع الصاع بالصاعين يتقيد بالمطعوم ‪.‬‬
‫والسؤال اآلن وقد علم أن العلة الراجحة عند الحنابلة هي الكيل أو الوزن مع الجنس ‪ :‬هل الحنابلة‬
‫كالحنفية في اشتراط معيار كمي ال يقع الربا إال بتحققه ؟‬
‫إن الحنابلة مع قوله؟ بعلة الحنفية يقولون بوقوع الربا في القليل وقوعه في الكثير‪ ،‬إذ يعنون بالمكيل ما‬
‫كان جنسه مكيًال‪ ،‬وبالموزون ما كان جنسه موزونًا‪ ،‬وال يستثنون القليل‪ .‬ويستدلون على هذا بإطالق قوله‬
‫ﷺ (مثًال بمثل) كما في حديث عبادة‪.‬‬
‫ويقولون أيضًا ‪ :‬إن ما جرى فيه الربا في كثيره جرى في قليله‪ ،‬ألن الربا يعني الفضل دون عوض‪ ،‬وهذا‬
‫واقع في القليل وفي الكثير ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬طريقة الشافعية والمالكية ودليلهم في استنباط العلة‪:‬‬
‫اوًال ‪ -‬طريقة الشافعية ودليلهم‪:‬‬

‫قال الشافعية في الجديد من مذهبهم بأن العلة هي الطعم‪ ،‬وفي الذهب والفضة جوهرية األثمان سواء أكانا‬
‫مضروبين أم غير مضروبين‪ .‬وقالوا في القديم ‪ :‬هي الطعم مع الجنس بالكيل والوزن‪ ،‬فال ربا فيما ال‬
‫يكال وال يوزن من الطعام كالبيض والسفرجل(‪ )1‬والجديد هو األظهر عند الشافعية‪ ،‬لذا سيكون محل‬
‫البحث هنا ‪ :‬أخذ الشافعية علة الطعم من قوله ﷺ كما في حديث معمر إن النبي ﷺ نهى عن‬
‫بيع الطعام بالطعام إال مثًال بمثل»‪ .‬وهو حديث صحيح‪ .‬ووجه داللة الحديث أنه علق الحكم الذي يختص‬
‫باألموال الربوية على الطعام‪ ،‬والطعام اسم مشتق وتعليق الحكم على االسم المشتق يدل على علية ما منه‬
‫االشتقاق (‪ .)٤2‬وذلك كما في قوله تعالى ﴿َو الَّساِر ُق َو الَّساِر َقُة َفاْق َط ُعوا َأْي ِدَي ُهَم ا َج َز اء ِبَم ا َك َسَب ا َنَك اًل ِّم َن ِهَّللا‬
‫َو ُهَّللا َع ِز يٌز َح ِكيٌم ) (‪ . )3‬فإن علة القطع هي السرقة‪ ،‬دل على ذلك توقف قطع اليد ‪ -‬وهو الحكم ‪ -‬على‬
‫السرقة المتضمنة في لفظ السارق والسارقة‪ .‬وبالمقابل تكون العلة في مسألتنا هي الطعم‪ ،‬الشتقاقه من‬
‫الطعام في الحديث؛ وال يقال ‪ :‬إن المراد بالطعام في الحديث صنف معين منه ‪ ،‬كالقمح ودقيقه‪ ،‬كما قال‬
‫الحنفية ‪ ،‬ألن الطعام اسم لما يطعم مطقًا ‪ ،‬والدليل قوله تعالى ‪َ﴿ :‬و َط َع اُم اَّلِذيَن ُأوُتوا اْلِك َت َب ِحٌّل َلُك ْم ﴾ (‬
‫‪ . )4‬فقد أريد بالطعام هنا الذبائح ‪.‬‬
‫وقد قالت السيدة عائشة رضي هللا تعالى عنها ‪ :‬مكثنا ‪ .‬مع رسول هللا ﷺ سنة مالنا طعام إال‬
‫األسودان ‪ :‬الماء والتمر (‪.)2‬‬
‫وقال الشاعر لبيد ‪:‬‬
‫غبش كواسب ما يمن طعامها‬ ‫فلمعفر قهد تنازع شلوه‬

‫(‪)1‬روضة الطالبين للنووي ‪ ، ٤١/٣ :‬حاشية البجيرمي ‪.١٦/٣ :‬‬


‫(‪ )2‬اآلية ‪ ٣٨‬من سورة المائدة‪.‬‬
‫(‪)3‬من اآلية ‪ ٥‬من سورة المائدة‪.‬‬
‫(‪ ) 4‬هذا الحديث متفق عليه‪ ،‬ولكن ليس في أي من الصحيحين لفظ الطعام‪ ،‬وإنما جاء في كتب أخرى مثل سنن ابن ماجه ومسند اإلمام أحمد‪.‬‬
‫انظر صحيح البخاري ‪ ،٨٤٨/٢ :‬کتاب الهبة وفضلها ‪ ، ٥٥‬باب فضلها والتحريض عليها ‪ ،١‬رقم ‪ .٢٤٢٨‬صحيح مسلم ‪، ۲۲۸۳ / ٤ :‬‬

‫‪21‬‬
‫كتاب الزهد والرقائق ‪ ، ٥٣‬رقم ‪ .٢٩٧٢‬سنن ابن ماجه ‪ ، ۱۳۸۸ /۲ :‬كتاب الزهد ‪ ۳۷‬باب معيشة آل محمد ﷺ ‪ ، ۱۰‬رقم ‪٤١٤٥‬‬
‫مسند اإلمام أحمد ‪ ، ١٨٢/٦ :‬رقم ‪.٢٥٦٤٥‬‬

‫فقد أراد بالطعام الفريسة‪ .‬وهكذا‪ ،‬واستنادًا للحديث‪ ،‬فكل ‪ .‬ما قصد للطعم ‪ -‬من اآلدميين (‪ - . )1‬فهو‬
‫ربوي ‪ ،‬وذلك يشمل القوت والفاكهة والدواء‪ .‬والذي دل على ذلك العموم أيضًا حديث عبادة في األصناف‬
‫الستة ‪:‬‬
‫فاالقتيات مأخوذ من لفظ ‪( :‬الحنطة بالحنطة والشعير بالشعير)‪ ،‬فالحنطة والشعير مما يقتات فيلحق بهما‬
‫ما كان في معناهما كاألرز‪.‬‬
‫والتفكه مأخوذ من لفظ ‪ (:‬التمر بالتمر)‪ ،‬فالتمر يتفكه به فيلحق به ‪ -‬كما يقول الشافعية ‪ -‬ما في معناه التين‬
‫والزيت‪.‬‬
‫والتداوي مأخوذ من لفظ ‪( :‬والملح بالملح )‪ ،‬إذ القصد من الملح إصالح الطعام‪ ،‬فيلحق به ما كان في‬
‫معناه كالطين األرمني والزنجبيل؛ وسواء إصالح البدن أم الطعام‪ .‬وإذا كان حديث الطعام يستدل منه‬
‫الشافعية على أن العلة الطعام‪ ،‬فإن حديث عبادة المشهور إنما يذكر أصنافًا مكيلة فقط من المطعومات‪،‬‬
‫فهل يفهم منه كان تخصيص الربوي بالطعام المكيل دون الموزون أو المعدود أو ما يباع جزافًا ؟ يقول‬
‫اإلمام الشافعي‪ .‬رحمه هللا تعالى مجيبًا ‪( :‬فوجدنا المأكول إذا مكيًال فالمأكول إذا كان موزونًا في معناه‪،‬‬
‫ألنهما مأكوالن معًا ؛ وكذلك إذا كان مشروبًا مكيًال ‪ ،‬ألن الوزن ‪ -‬أي الغرض منه ‪ -‬أن يباع معلومًا عند‬
‫البائع والمشتري كما كان المكيل معلومًا عندهما ‪ ،‬بل الوزن أقرب من اإلحاطة‪ ،‬لبعد تفاوته من‬
‫الكيل )‪.‬‬
‫ثم يقول اإلمام الشافعي ‪ ( :‬وكذلك في معناها ‪ -‬المراد معنى الحكم في المأكول والمشروب مكيلين أو‬
‫موزونين ‪ -‬عندنا ‪ ،‬وهللا أعلم‪ ،‬كل مكيل أو مشروب بيع عددًا‪ ،‬ألنا وجدنا كثيرًا منها يوزن ببلدة وال يوزن‬
‫بأخرى‪ ،‬ووجدنا عامة الرطب بمكة إنما يباع في سالل جزافًا‪ ،‬ووجدنا عامة اللحم إنما يباع جزافًا ‪ ...‬وقد‬
‫يوزن عند غيرهم) ‪.‬‬
‫أي إن اإلمام الشافعي يحكم بشمول علة الطعم للمأكول والمشروب مكيًال أو موزونًا أو معدودًا‪ ،‬وحتى ما‬
‫بيع جزافًا ؛ ذلك أن علة الطعم اشتقت من حديث الطعام بالطعام)؛ والمشروب مطعوم لآلية ﴿َو َم ن َّلْم‬
‫َي ْط َع ْم ُه َفِإَّن ُه ِم ِّن ي ) (‪.)2‬‬
‫ثم إنه لم يقم داعي التفريق بين مكيل أو موزون أو ما بيع جزافًا‪ ،‬وبخاصة أن الصنف من الطعام نفسه‬
‫ربما بيع في بلد كيًال وفي آخر وزنًا أو جزافًا‪.‬‬
‫وكذلك فعند الشافعية المقتات من المطعوم وغير المقتات سواء‪ ،‬لعدم قيام داعي التفريق بينهما ‪ ،‬فكل‬
‫منهما مطعوم‪ ،‬ولتفاوت المطعومات في أمد البقاء فال يوجد ضابط في ذلك‪ .‬ويدخل الدواء ألنه يؤكل‬
‫ويشرب للمنفعة شأن سائر المطعومات‪ ،‬بل إن منفعة الدواء أعظم‪ ،‬فكان أن يقاس بالمأكول والمشروب‬
‫أولى من أن يقاس بالمتاع كما قال اإلمام الشافعي ‪.‬‬

‫(‪ )1‬يخرج ما كان طعاما إلخواننا من الجن؛ وما كان طعامًا للبهائم‪ ،‬أما ما يستوي فيه اإلنس والبهائم‪ ،‬فاألصح ثبوت الربا فيه‪ .‬انظر مغني‬
‫المحتاج للخطيب الشربيني ‪.٢٢/٢ :‬‬

‫‪22‬‬
‫(‪ )2‬من اآلية ‪ ٢٤٩‬من سورة البقرة‪.‬‬

‫علة الربا في الذهب والفضة ( عند الشافعية)‪:‬‬


‫أما علة الربا في الذهب والفضة فهي جوهرية األثمان‪ ،‬ويدل عليه أنه لما جاز إسالم الذهب والفضة في‬
‫الموزونات والمكيالت وغيرها من األموال‪ ،‬أي فميزا عن سائر األصناف الربوية المذكورة في الحديث‪،‬‬
‫دل ذلك على أن العلة فيهما لمعنى ال يتعداهما‪ ،‬وهو أنهما من جنس األثمان‪ .‬ويعبر بعض الشافعية أيضًا‬
‫عن العلة في الذهب والفضة بجوهرية األثمان غالبًا‪ ،‬أو جنسية األثمان غالبًا‪.‬‬
‫فالعلة في الذهب والفضة إذن جوهرية األثمان‪ ،‬وال يشترط أن يكونا عمليًا كذلك‪ ،‬ألن األواني والتبر‬
‫والحلي يجري فيها الربا وليست هذه األشياء مما يقوم بها‪ ،‬ولهذا عبر بالجوهرية‪.‬‬
‫أما فائدة قيد (غالبًا) في تعليل الربا في الذهب والفضة‪ ،‬سواء أقلنا بأنها جوهرية األثمان أم جنسيتها‪ ،‬فهي‬
‫االحتراز عن الفلوس إذا راجت وصارت أثمانًا كما يقول الخطيب الشربيني ؛ فإنه ال ربا فيها ‪ ،‬ألن صفة‬
‫الثمنية في الفلوس حينئذ ليست غالبة ‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬ال يخفى بعد ما تقدم أن علية الطعام اشتقاقًا من حديث الطعام بالطعام مثًال بمثل هي من قبيل العلة‬
‫المنصوصة ال المستنبطة ما دام الشافعية قد جعلوا هذا الحديث معرفًا عن العلة‪ ،‬فكما يقال بأن في قوله‬
‫تعالى ‪ :‬الَّز اِنَي ُة َو الَّز اِني َفاْج ِلُد وا ُك َّل َو اِحٍد ِم ْن ُهَم ا ِم اَئ َة َج ْلَدٍة ) (‪ )1‬نصًا على أن علة الجلد الزنا‪ ،‬يقال بأن‬
‫علة الربا الطعم نصًا في قوله ﷺ الطعام بالطعام مثًال بمثل‪ .‬وإنما نقول بأن العلة ثابتة عند الشافعية‬
‫استنباطًا‪ ،‬ال نصًا‪ ،‬عندما نقرأ من قولهم ما معناه ‪ :‬إن حديث عبادة يشترط التساوي والتقابض في تلك‬
‫األصناف وهذا إنما يعبر عن عظيم خطر الربا‪ ،‬فقد اشترطت الشهادة في النكاح لعظم أمر العرض‪،‬‬
‫فينبغي أن تكون العلة في أمر الربا على مستوى ذلك الخطر ؛ وفي الطعم ذلك‪ ،‬ألن الطعام بقاء النفوس‬
‫وحياتها ؛ والثمنية فيها ذلك أيضًا‪ ،‬نظرًا لشدة الحاجة إلى األثمان‪ ،‬فبها يتوصل إلى األشياء التي تقوم‬
‫النفس بها وتلبى حاجاتها ؛ وال تحقق علة أخرى كالقدر هذا المعنى‪ ،‬بل ال أثر للقدر كيًال ووزنًا‬
‫في إظهار خطر أمر الربا وأهميته‪.‬‬
‫وقد اختار إمام الحرمين الجويني القول بأن ربوية المطعومات ثابتة بالنص ال بالتعليل‪ ،‬واستدل لذلك بأن‬
‫ربا الفضل في المطعومات لو كان ثابتًا بالعلة‪ ،‬للزم اطراد هذه العلة في ربا النسيئة كما هي مطردة في‬
‫ربا الفضل ألن ربا النسيئة‪ ،‬كما يرى الجويني‪ ،‬فرع عن ربا الفضل ؛ لكنها غير مطردة‪ ،‬فربا النسيئة قد‬
‫يقع حين ال يقع ربا الفضل‪ ،‬وذلك إذا اختلفت أصناف المطعومات‪ .‬فيدل ذلك على عدم صحة القول بأن‬
‫ربوية المطعومات ثابتة بالتعليل‪ .‬أما عن داللة حديث عبادة على العلة‪ ،‬وقضية اقتصاره على أربعة‬
‫أصناف من المطعومات مما يستدعي قيام داعي التعليل‪ ،‬فيقول الجويني بأن الحديث قد كان إلبانة اطراد‬
‫تحريم الربا في جميع ما يطعم ‪ :‬ما كان قوتًا وما كان فاكهة‪ ،‬وليس مرادًا منه االقتصار على األربعة‪،‬‬
‫ألن تلك األلفاظ الواردة فيه ألقاب‪ ،‬واأللقاب ال مفهوم لها‪ .‬أي فحديث عبادة عون على فهم النص الوارد‬
‫في ربوية كل طعام ‪.‬‬

‫(‪ )1‬من اآلية ‪ ٢‬من سورة النور‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫ثانيًا ‪ -‬طريقة المالكية ودليلهم ‪:‬‬
‫سبق أن العلة عند المالكية في ربا الفضل هي اتحاد الجنس مع الطعم المقتات والمدخر‪ ،‬وفي الذهب‬
‫والفضة اتحاد الجنس مع كونهما رؤوسًا لألثمان وقيمًا للمتلفات‪ ،‬أي الثمنية (‪ . )1‬والمقتات هو ما أمكنت‬
‫حياة البدن باالقتصار عليه‪.‬‬
‫والمدخر هو ما ال يفسد بتأخيره إلى األجل المبتغى منه عادة‪ ،‬ويختلف األجل في كل شيء بحسبه‪ .‬أما‬
‫معنى الطعام‪ ،‬فال نجد المالكية يختلفون فيه مع الشافعية كبير خالف فمعناه عندهم ‪ :‬ما غلب اتخاذه ألكل‬
‫اآلدمي أو إلصالحه أو لشربه‪ ،‬ولكن ال يدخلون فيه ما كان على سبيل الدواء‪ ،‬ألن الدواء ال يكون قوتًا‪.‬‬
‫واالقتيات واالدخار شرط لربوية ذلك الطعام عند المالكية‪ ،‬وهو أهم ما يميز علتهم عن علة الشافعية‪.‬‬
‫والذي يقصده المالكية من شرط االقتيات واالدخار هو قابلية ذلك الطعام ألن يكون مقتاتًا ومدخرًا ؛ ولكن‬
‫هل يشترط أن يكون كذلك بالفعل؟ أي أيشترط أن يكون متخذًا لغلبة العيش بأن يكون غالب قوت اآلدمي‬
‫بالفعل كما هو حال القمح في بالدنا مثًال ؟‬
‫ما عليه أكثر المالكية‪ ،‬وهو الراجح‪ ،‬أن ذلك ال يشترط‪ ،‬فيكفي أن يكون طعامًا مقتاتًا ألن يكون ربويًا وإن‬
‫لم يتخذ قوتًا بالفعل‪ .‬وقد مثل الدسوقي لغير المقتات بالفعل بالبيض والزيت‪ ،‬فالمختار أنهما ربويان‪.‬‬
‫واالدخار ال حد له في ظاهر المذهب والمرجع في ذلك للعرف‪ .‬وقد رأينا كيف أن البيض ربوي عند‬
‫المالكية‪ ،‬فهو إذن مدخر‪ ،‬ومعلوم أن البيض ال يطول آمد ادخاره‪ ،‬مما يشير إلى أن صفة االدخار هي في‬
‫كل شيء بحسبه‪ .‬وقد حكي أيضًا أن حد االدخار ستة أشهر فأكثر‪ ،‬إال أن التعويل على القول‪.‬‬
‫وطريقة المالكية ودليلهم في استنباط العلة قريب من الشافعية‪ ،‬ذلك أنهم قالوا ‪ :‬لما كان حكم التحريم في‬
‫األحاديث التي دلت على الربا معقول المعنى وهو أن ال يغبن الناس بعضهم بعضًا وأن تحفظ أموالهم‪،‬‬
‫فيجب أن يكون هذا فيما تشتد إليه الحاجة ويعظم خطره‪ ،‬وهو أصول المعايش‪ ،‬أي أقوات الناس التي‬
‫يدخرونها لعيشهم‪ ،‬وهو ما دّل عليه حديث عبادة في األصناف الستة‪ ،‬فقد ذكر هذا الحديث أصنافًا أربعة‬
‫كلها مقتات مدخر ‪ ،‬فدل ذلك على اعتبار صفة االدخار واالقتيات في العلة‪.‬‬
‫وكذا الشأن في الذهب والفضة‪ ،‬فهما األثمان التي يحصل بها الناس حاجاتهم الضرورية‪ ،‬وقد جاز‬
‫إسالمهما في غيرهما من األموال‪ ،‬فدل هذا على توفر صفة فيهما دون غيرهما‪ ،‬فيجب اعتبارها‪ ،‬وهي‬
‫الثمنية ‪.‬‬
‫وفي استنباطهم لتلك العلة من حديث عبادة يقول المالكية ‪( :‬نص على البر ليفيد كل مقتات تعم الحاجة إليه‬
‫وتقوم األبدان به ‪ ،‬ونص على الشعير ليبين مشاركته للبر في ذلك ‪ :‬أنه يكون قوتًا حال االضطرار‪ ،‬فنبه‬
‫به على الدخن وغيره ؛ ونص على التمر لينبه به على كل حالوة ومدخرة غالبًا كالسكر والعسل والزبيب‬
‫وما في معناها‪ ،‬ونص على الملح لينبه على ما أصلح المقتات من المأكوالت) ‪.‬‬
‫ونالحظ من النص أن الشعير مما يقتات لطعام اآلدمي وإن انفرد بصفة أخرى وهي كونه علفًا للدواب‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد أسقط المالكية شرط االقتيات في الطعم في ربا النسيئة كما سيأتي‪ ،‬توسيعًا لدائرة هذا الربا‪ ،‬الذي‬
‫هو محل صالح الستغالل أحد العاقدين لحاجة العاقد اآلخر أكثر من ربا الفضل‪.‬‬

‫بداية المجتهد البن رشد الحفيد ‪۹۷/۲ :‬‬ ‫( ‪)1‬‬

‫‪24‬‬
‫علل الربا في مذاهب أخرى‬
‫علة الربا عند الزيدية والجعفرية‪:‬‬
‫ذهب الزيدية والشيعة الجعفرية إلى ما ذهب إليه الحنفية من أن العلة الكيل أو الوزن مع الجنس ‪ ،‬واستدل‬
‫الزيدية لذلك باألحاديث التي تنص على الكيل والوزن‪ ،‬ومنها ‪:‬‬
‫الحديث الذي يرويه أبو سعيد الخدري رضي هللا تعالى عنه عن النبي ﷺ (ال تبيعوا الذهب بالذهب‬
‫وال الورق بالورق إال وزنًا بوزن‪ ،‬مثًال بمثل‪ ،‬سواء بسواء)‬
‫ذلك الحديث دليل الوزن؛ أما الكيل‪ ،‬فقد استدلوا بحديث المزابنة الذي يرويه ابن عمر نهى رسول هللا‬
‫ﷺ عن المزابنة ‪ -‬وفسرها ابن عمر بقوله ‪ (:‬أن يبيع ثمر حائطه إذا كان نخًال بتمر كيًال‪ ،‬وإن كان‬
‫كرمًا أن يبيعه بزبيب كيًال‪ ،‬وإن كان زرعًا أن يبيعه بكيل طعام‪ ،‬نهى عن ذلك كله)‪)1(.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فقد استدل الزيدية باألحاديث التي تذكر الكيل والوزن ولم يستدلوا بحديث عبادة‪ ،‬وذلك ألنهم رأوا‬
‫أن هذا الحديث يدل على األصناف الستة فقط‪ .‬ما عدا بن مالك يقول الشوكاني‪( : :‬والحاصل أنه لم يرد ما‬
‫تقوم به الحجة على إلحاق ‪ .‬األجناس المنصوص عليها‪ ،‬ولكنه روى الدار قطني‪ .‬عن عبادة وأنس ‪ :‬أن‬
‫النبي ﷺ قال ‪ :‬ما وزن مثل بمثل إذا كان نوعًا واحدًا‪ ،‬وما كيل فمثل ذلك ؛ فإذا اختلف النوعان‪ ،‬فال‬
‫بأس به ‪ -‬وذكر أقوال العلماء في قوة هذا الحديث ثم قال ‪ :‬وال يخفاك أن الحجة ال تقوم بمثل هذا الحديث‪،‬‬
‫السيما في مثل هذا األمر العظيم‪ ،‬فإنه حكم بالربا الذي هو من أعظم معاصي هللا سبحانه على غير‬
‫األجناس التي نص عليها رسول هللا صلى هللا عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وذلك يستلزم الحكم على فاعله بأنه‬
‫مرتكب لهذه المعصية التي هي من الكبائر ومن قطعيات الشريعة‪ ،‬ومع هذا‪ ،‬فإن هذا اإللحاق قد ذهب إليه‬
‫الجمع والجم والسواد األعظم‪ ،‬ولم يخالف في ذلك إال الظاهرية فقط) ‪ .‬وغريب حقًا قول الشوكاني هنا في‬
‫عدم قيام الحجة على إلحاق ما عدا األجناس المنصوص عليها ! أفيكون قول الجم والسواد األعظم قوًال‬
‫بال حجة كافية! أما الظاهرية‪ ،‬فكما نقل الشوكاني وكما قدمنا من قبل‪ ،‬يقولون باقتصار الربا على‬
‫األصناف الستة في الحديث‪ ،‬وال يقولون بالعلة في قضية الربا‪.‬‬
‫علل أخرى للربا عند بعض الفقهاء ‪:‬‬
‫الجنس الواحد علة مطلقًا في كل شيء ؛ وهو البن سيرين‪ .‬وهذه العلة تنقض بأدلة كثيرة منها األحاديث‬
‫التي تجيز بيع العبد بالعبدين والبعير بالبعيرين ‪ ،‬فقد جازت الزيادة فيها في الجنس الواحد‪ .‬الربا يجري‬
‫فيما تجب فيه الزكاة؛ وهو الربيعة‪ .‬ومما تنقض به ‪ .‬هذه العلة الملح‪ ،‬فهو مال ربوي بنص حديث عبادة‪،‬‬
‫وال زكاة في الملح‪ .‬الربا يجري في كل مال (المالية)؛ وينسب البن الماجشون ‪ .‬ويمكن أن تنقض بمثل ما‬
‫نقضت به العلة األولى التي تنسب البن سيرين‪ .‬وهذه العلة تؤدي إلى تحريم كثير من التجارات‪.‬‬
‫نتائج ‪ :‬مما تقدم من علل الفقهاء يتبين لنا ما يلي ‪:‬‬
‫ما اجتمع فيه الكيل والوزن والطعم‪ ،‬وهو مقتات ومدخر‪ ،‬ففيه الربا قوًال واحدًا عند جميع فقهاء المذاهب‬
‫األربعة‪ ،‬والزيدية والجعفرية‪ .‬ومثال ذلك األرز‪ .‬ما انعدم فيه الكيل والوزن والطعم فال ربا فيه قوًال‬
‫واحدًا‪ ،‬كالثياب؛ إال في قول من ذهب إلى أن العلة المالية‪ .‬ما وجد فيه الطعم أو الوزن أو الكيل وحده‪،‬‬
‫وكل ذلك جنس واحد‪ ،‬ففيه الخالف بين الفقهاء‪.‬‬

‫أخرجه ‪ :‬البخاري في صحيحه ‪ ، ٧١٦/۲ :‬كتاب البيوع ‪ ۳۹‬باب بيع الزرع بالطعام كيًال ‪ ،۹۱‬رقم ‪ ۲۰۹۱‬مسلم في صحيحه ‪:‬‬ ‫( ‪)1‬‬
‫‪ ، ۱۱۷۲/۳‬كتاب البيوع ‪ ، ۲۱‬باب تحريم بيع الرطب بالتمر إال في العرايا ‪ ، ١٤‬رقم ‪١٥٤٢-٧٦‬‬

‫‪25‬‬

You might also like