Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 23

‫مقدمة‬

‫لئن كان حق التقاضي مصونا تكلفه الدولة لألفراد‪ ،‬فإن ممارسته ال يجب أن تتم‬

‫بطريق ة عش وائية غ ير منتظم ة‪ ،‬وإ نم ا وف ق لإلج راءات ال تي يح ددها المش رع وإ ذا ك ان‬

‫وظيف ة القض اء وظيف ة عام ة‪ ،‬فإنه ا يتعين طلب ا ممن ل ه مص لحة وق امت لدي ه الحاج ة إلى‬

‫حماية القضاء لحقوقه ومصالحه‪ .‬وألجل ذلك قام المشرع بتقرير الحق في الدعوى وتنظيم‬

‫اإلج راءات القانوني ة ال واجب احترامه ا للفص ل في ال دعوى وهي إج راءات يق وم ببعض ها‬

‫األط راف المتنازع ة والبعض األخ ر المحكم ة وأعوانه ا وتك ون ه ذه اإلج راءات م ا يس مى‬

‫بالخص ومة القض ائية وهي الوس يلة القانوني ة لرف ع ال دعوى للقض اء إذا ك ان الحكم يص در‬

‫بصفة عامة في منازعة قضائية‪ ،‬فإنه ال يصدر إال بعد بحث معمق لواقع ال دعوى الواقعي ة‬

‫منه ا والقانوني ة‪ ،‬األم ر ال ذي يس توجب أن تتخ ذ كاف ة اإلج راءات القض ائية في حض ور‬

‫األطراف أو عن طريق تبليغهم بها أن يكون تبليغ سليما وقانونيا قصد الوقوف على حقيق ة‬

‫ال نزاع ووص ول إلى حقيق ة ومب دأ إتخ اذ اإلج راءات في حض ور األط راف قص د إح اطتهم‬

‫علما بجميع اإلجراءات المتخذة سواء من طرف المحكمة أو من طرف أحدهم ضد اآلخر‬

‫وذلك بغية تمكن كل واحد منهم من الدفاع على حقوقه فهو من أهم المبادئ األساسية التي‬

‫ال غنى عنها أي نظام قانوني أو قضائي مهما كانت السياسة التي تتبعها الدولة‪.‬‬

‫في حال ة إذا ك انت ال دعوى غ ير ص الحة للبث فيه ا ف إن المحكم ة تق وم بالتش طيب‬

‫عليه ا من ج دول الجلس ات على أن تلغى على الحال ة إذا لم يقم الم دعى أو وكيل ه بطلب‬

‫المتابعة السير في نظر الدعوى داخل مدة شهرين من قرار التشطيب المذكور‪ ،‬وهو ج زاء‬

‫‪1‬‬
‫إجرائي يباشر ضد المتقاضين الذين ال يعبرون لدعاويهم أي اهتمام بعد رفضها‪ ،‬ويكون‬

‫من ح ق الط رف اآلخ ر في ال نزاع العلم بال دعوى واإلج راءات ال تي تج ري في مواجه ة‬

‫باإلض افة إلى منح ه الفرص ة المفي دة والقانوني ة في إي داء م ا لدي ه من ردا ودف اع فال يمكن‬

‫حال من األحوال احتجاج ضد شخص بإجراء ما إال بعد إشعاره عن طريق التبليغه إياه‪.‬‬

‫فمن المب ادئ األساس ية وج وب حص ول اإلج راءات في حض ور األط راف لكي‬

‫يتمكن وا من ال دفاع عن مص الحهم وحق وقهم وذل ك ي وجب الق انون على الم دعى أن يبل غ‬

‫الم دعى علي ه بالطلب ات المواجه ة إلي ه أو بالطلب ات جدي دة كم ا ال يج وز للم دعي علي ه أن‬

‫يطالب في غيبة المدعى الحكم له بطلب ما كما يتعين على القاضي أن يبني حكمه إال على‬

‫األقوال التي سمعها والمستندات التي قدمت إليه أثناء المرافعة وأن يمتنع بعد إقفال باب‬

‫المرافعة عن سماع أقوال من أحد طرفي الدعوى‪ ،‬في غيبة الطرف األخر وأو قبول أية‬

‫وثيقة لم يطلع عليها الطرف األخر وعلى أساس هذه القاعدة يوجب القانون تبليغ األطراف‬

‫بما يجري من إجراءات التحقيق المختلفة‪.‬‬

‫أهمية الموضوع‬

‫تعت بر قواع د الحض ور والغي اب ك إجراء مس طري قض ائي‪ ،‬موض وعا على درج ة‬

‫كبيرة من أهمية ال يجوز مخالفتها وال االتفاق على ما يخالفها وذلك التصال هذه القواعد‬

‫بح ق ال دفاع ال ذي ال يس وغ اإلخالل ب ه ب أي ح ال من األح وال وك ل إخالل ب ه ي ترتب‬

‫البطالن الذي يعد من النظام العام وهذه القواعد تساهم في ضمانة فعالية العمل القضائي‬

‫وذلك عن طريق تالقي الطعن بالتعرض في األحكام متى لم يتم احترام المبدأ المذكور في‬

‫‪2‬‬
‫ذلك عرقلة سير الدعوى وهذا من جهة وحماية المصالح وحقوق األفراد والمتقاضين من‬

‫جهة ثانية ذلك بتقير ضمانات لهم أثناء اتخاذ اإلجراءات المسطرية قض ائية وهكذا وتسيرا‬

‫على األط راف من جه ة ودفع ا لعجل ة س ير ال دعوى ورغب ة في حس م المنازع ات ق رر‬

‫المشرع وفرض على القضاء إتباع قواع د مسطرية معينة فهو باألساس يروم إلى تأمين‬

‫حق وق األف راد ألن ه يح ترم قواع د الم ذكورة بتحقي ق مب دأ التوجهي ة وهي وس يلة اش تراك‬

‫األطراف أي متقاضين في اتخاذ األحكام والقرارات القضائية‪.‬‬

‫اإلشكاالت المطروحة‬

‫إن قاع دة الحض ور والغي اب تب دو في ظاهره ا بس يطة ال تث ير أي إش كال‪ ،‬إال أنه ا‬

‫في عمقه ا ذات أهمي ة بالغ ة إلتص الها بح ق ال دفاع ال ذي يعت بر من أق دم الحق وق المعروف ة‬

‫وال يمكن انك اره إذا فرض ه العق ل والمنط ق إلى ج انب تأثيره ا على ال دعوى مم ا جعله ا‬

‫تطرح إشكاال رئيسيا وعدة إشكاالت فرعية‪.‬‬

‫إشكال الرئيسي فهو البحث والوقوف على أهمية قاعدة الحضور والغياب كتطبيق‬

‫من التطبيق ات ح ق ال دفاع وكيفي ة تطبيقه ا واإلل تزام به ا أم ا إش كاليات الفرعي ة فتابع ة من‬

‫طبيعة الموضوع منها‪.‬‬

‫ماهية المسطرة الكتابية والشفوية ومدى اسهام كل منهما في التحقيق‬ ‫‪‬‬

‫العدالة‬

‫ماهية قواعد الحضور والغي اب؟ * إشكاالت التشطيب على الدعوى‬ ‫‪‬‬

‫ومدى تطبقه أمام القضاء * طبيعة قرار التشطيب ومدى إمكانية الطعن فيه كيف‬

‫‪3‬‬
‫يتم وما هي آثاره على الحق الموضوعي أو اجرائي وأخيرا ما هي اآلثار المترتبة‬

‫عن حضور األطراف أو غيابهم بنسبة لدعوى والوصف القانوني األحكام‬

‫فكل هذه اإلشكاالت وغيرها سنتطرق لها في بحثنا هذا مع محاولة إيجاد حلول‪.‬‬

‫خطة البحث المعتمدة‬

‫إن الموض وع الدراس ة يتعل ق بالحض ور والغي اب في ق انون المس طرة المدني ة لق د‬

‫قسمنا البحث وجعلنه في بابين بعد المقدمة وخاتمة ولقد قسمنا البابين إلى فصول والقصول‬

‫إلى مباحث والمباحث إلى مطالب والمطالب إلى فقرات‪.‬‬

‫فالباب األول حاولنا أن نتناول فيه أحكام حضور وغياب أطراف الدعوى وقسمناه‬

‫إلى فصلين‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬حضور وغياب المدعى‬

‫الفصل الثاني‪ :‬حضور وغياب المدعى عليه‬

‫فالباب الثاني‪ :‬خصصنه اآلثار المترتبة عن حضور وغياب األطراف‬

‫الفصل األول‪ :‬آثار حضور وغياب األطراف بالنسبة للدعوى‬

‫الفصل الثاني‪ :‬آثار حضور وغياب األطراف بالنسبة للوصف القانوني األحكام‬

‫الباب األول‪ :‬أحكام حضور وغياب أطراف الدعوى‬

‫إن الح ديث عن أحك ام الحض ور والغي اب‪ ،‬يع ني التكلم عن أط راف ال دعوى‪،‬‬

‫المدعى والمدعى عليه‪ ،‬فاألحكام المذكورة تختلف باختالف مركز كل طرف من أطراف‬

‫‪4‬‬
‫ال دعوى‪ ،‬بحيث أن حكم حض ور الم دعي أو غياب ه يختل ف عن حكم حض ور أو غي اب‬

‫الم دعى علي ه‪ ،‬كم ا تختل ف ب اختالف درج ة المح اكم وطبيعته ا‪ ،‬أي بحس ب م ا إذا ك انت‬

‫محكم ة ابتدائي ة عام ة أو محكم ة إداري ة أو تجاري ة‪ ،‬وبحس ب م ا إذا تعل ق األم ر بمح اكم‬

‫اس تئناف تجاري ة وتتغ ير ك ذلك بحس ب م ا إذا ك ان الم دعى أو الم دعى علي ه منف ردا أو‬

‫متعددا‪ ،‬وبحسب توصل المدعي عليه بنفسه باالستدعاء أو لغيره من الجهات المعينة في‬

‫القانون‪.‬‬

‫وعليه سوف نحاول بحث هذا الباب من خالل التقسيم اآلتي‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬حضور وغياب المدعي‬

‫الفصل الثاني‪ :‬حضور وغياب المدعي عليه‬

‫الفصل األول‪ :‬أحكام حضور وغياب المدعي‬

‫‪5‬‬
‫أراد المش رع المغ ربي بتنظيم ه ألحك ام الحض ور والغي اب أن يخ ول للمتقاض ي‬

‫ضمانة قانونية للدفاع عن مصالحه‪ ،‬وقد عرف الدكتور فتحي والي حق الدفاع بالقول‪" :‬‬

‫يقص د بال دفاع في القض ية إب داء الخص م لوجه ة نظ ره أم ام القض اء فيم ا قدم ه ه و أو قدم ه‬

‫خصمه من إدعاءات"‪.1‬‬

‫في حين عرفه وجدي راغب بأنه‪" :‬مجموعة المكنات أو الرخص المخولة للخصم‬

‫وال تي ت رمي إلى تك وين ال رأي القض ائي لص الحه‪ .2‬أو "مجموع ة المكن ات اإلجرائي ة ال تي‬

‫تتيح للخصم أن يقدم وجهة نظره في الخصومة وأن يناقش ما قدم فيها من عناصر‪ ،‬وحق‬

‫الدفاع يشمل كل ما يلزم لتحقيق حق الخصم في تقييد دفاعه ووجهة نظره من الخصومة‬

‫ومناقشة عناصره"‪.3‬‬

‫فالعدال ة تقتض ي من القاض ي أن يل تزم ب احترام المقتض يات التش ريعية المتعلق ة‬

‫بالحض ور والغي اب‪ ،‬بحيث يتعين علي ه أن ال يفص ل في ال نزاع المع روض أمام ه إذا لم‬

‫تكتمل اإلجراءات القانونية الالزمة‪ ،‬أي إذا لم يسمع أوجه دفاع األطراف‪.‬‬

‫ومادمنا في إطار الحديث عن أحكام حضور وغياب المدعي‪ ،‬فإن اإلشكال ال يتار‬

‫بنفس الح دة والقيم ة فيم ا ل و تعل ق األم ر بالم دعي علي ه‪ ،‬ألن الم دعي يعت بر حاض را من‬

‫الناحي ة القانوني ة طبق ا لمقتض يات الفص ل ‪ 47‬من ق انون مس طرة المدني ة المع دل بظه ير ‪6‬‬

‫‪ - 1‬فتحى والي ‪" :‬الوسيط في قانون القضاء المدني"‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة الطبعة ‪ 1986‬ص ‪.470‬‬
‫‪ -‬وج دي راغب‪ " :‬مب ادئ القض اء الم دني دار الفك ر الع ربي – القاهرة الطبع ة األولى ‪ 1887-1986‬ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪.463‬‬
‫‪ -‬عب د محم د القص اص‪ " :‬ال تزام القاض ي ب احترام مب دأ المواجه ة"‪ ،‬دار النهض ة العربي ة القاهرة طبع ة األولى‬ ‫‪3‬‬

‫‪1992‬‬
‫‪6‬‬
‫ماي ‪ 1986‬مادام قد تقدم بالمقال اإلفتتاحي للدعى‪ ،‬ومن هذا المنطلق سنعمل على محاول ة‬

‫معالجة هذا الفصل في مبحثين‬

‫المبحث األول‪ :‬أحكام حضور المدعي ووسائل كفالته‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أحكام غياب المدعي‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬أحكام حضور المدعي ووسائل كفالته‬

‫إن البحث في هذا الموضوع يقتضي منا أن نميز بين أنواع الحضور لتعرض بعد‬

‫ذلك لوسائل كفالة حضور المدعي‪ .‬وعليه سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أنواع حضور المدعي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬وسائل كفالة حضور المدعي‬

‫‪4‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أنواع حضور المدعي‬

‫يعد حضور المدعي بنفسه أكثر أهمية في إقناع هيئة المحطة بطلباته وإ دعاءاته‪،‬‬

‫فهو أجدر وأقدر من غيره على الدفاع والتدليل على حقه بنفسه‪ ،‬على أن حضور المدعي‬

‫شخصيا لدى الهيئة المذكورة قد يتعذر لسبب من األسباب كما لو كان مريضا يصعب معه‬

‫حض ور الجلس ات المح ددة لنظ ر ال دعوى أو ك ان في خدم ة عمومي ة أو ك ان غائب ا أو أن‬

‫القانون يفرض عليه تنصيب محام للدفاع عنه‪.‬‬

‫‪ -‬عاش ور م بروك‪ " :‬النظ ام القانوني لمت ول خص وم أم ام القض اء الم دني "‪ ،‬الطبع ة العربي ة الحديثة الطبع ة األولى‬ ‫‪4‬‬

‫‪ 1988‬ص ‪.17‬‬
‫‪7‬‬
‫ولبحث هذا المطلب سوف نقسمه إلى فقرتين‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الحضور القانوني‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحضور الشخصي والفعلي‬

‫الفقرة الثالثة‪:‬الحضور القانوني‬

‫لم تعمد التشريعات المتعلقة بالمسطرة المدنية إلى تعريف الحضور القانوني األمر‬

‫الذي جعل بعض الفقه‪ 5‬بالقول بأن الحضور القانوني ال يقصد به حضور الطرف بنفسه أو‬

‫بمن يمثل ه في جلس ة أو الجلس ات المح ددة لنظ ر ال دعوى فلم ا ك ان الم دعي ه و من أث ار‬

‫النزاع أمام المحكمة فالدعوى تعتبر دائما حضورية بالنسبة له وإ ن لم يحضر‪ ،‬فغيابه من‬

‫الناحية الفعلية ال يحول دون حضوره من الناحية القانونية‪.‬‬

‫فانطالق ا من ه ذا التعري ف الفقهي يمكن الق ول أن الحض ور الق انوني بتحق ق بمق ال‬

‫افتت احي ال ذي يتق دم ب ه الم دعي بص فة قانوني ة والمق ال الم ذكور "ه و ال ذي تفتتح بموجب ه‬

‫الدعوى التي يرفعها إلى القضاء صاحب الحق المنازع فيه على من ينازعه في هذا الحق‬

‫ليحكم له القضاء بما يدعيه"‪.‬‬

‫ولكي يك ون أي طلب مقب وال وص حيحا ال ب د من تض مينه أط راف الطلب‪ ،‬بحيث‬

‫يجب أن يت وافر ك ل طلب يه دف إلى فض منازع ة قض ائية على ط رفين رئيس يين الم دعي‬

‫أو المدعي عليه‪.6‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬العزي ز ب دون‪ :‬بح وث في قواع د المرافع ات والقض اء في إس الم‪ ،‬دار الفك ر الع ربي الطبع ة ‪ 1978‬ص‬ ‫‪5‬‬

‫‪.350‬‬
‫‪ - 6‬الفصل ‪ 32‬من قانون المسطرة المدنية‬
‫‪8‬‬
‫فالمدعي هو الشخص الذي يتقدم بطلب إلى المحكمة يعرض فيه ويدعي بموجبه‬

‫أن حقا من حقوقه تعرض لالعتداء من الغير‪.‬‬

‫وال يك ون لك ل ف رد الح ق في أن يتق دم بنفس ه ب الطلب الم ذكور‪ ،‬ب ل ك ان الب د من‬

‫توفر الطالب على األهلية القانونية للتقاضي‪.7‬‬

‫وإ لى ج انب األهلي ة القانوني ة يجب أن يت وفر الم دعى على الص فة والمص لحة وإ ال‬

‫ك ان مص ير طلب ة ه و ع دم القب ول‪ ،‬وال دفع الم ذكور ال يوج ه إلى إج راءات الخص ومة وال‬

‫إلى ذات الح ق الم دعي علي ه‪ ،‬وإ نم ا ي رمي إلى إنك ار س لطة الم دعى في اس تعمال ال دعوى‬

‫في حين أن الم دعى عليه في ال دعوى هو الطرف ال ذي ترفع ض ده ال دعوى‪ ،‬ومن الالزم‬

‫أن يكون معينا طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 32‬من قانون المسطرة المدنية المغربي يتعين أن‬

‫يتضمن أيضا الطلب الذي يتقدم به المدعي‪ ،‬موضوع الدعوى‪ ،‬سبب الطلب‪ .‬فيوقوقن ا عند‬

‫المقتض يات الفص ل ‪ 32‬من ذات الق انون الم ذكور ومض مون الفق رة الثالث ة من الفص ل ‪47‬‬

‫والمعدل بظهير ‪ 6‬ماي ‪ 1982‬يتضح لنا أن المشرع المغربي يسير في إتجاه الذي يعتبر‬

‫المدعي حاضرا من الناحية القانونية بمقالة الذي افتتح بموجبه الدعوى أمام القضاء فالفقرة‬

‫الثالثة من الفصل المذكور ال تدع مجاال لشك‪ ،‬ومما جاء فيها‪ " :‬وإ ذا كانت المحكمة تت وفر‬

‫على العناصر الضرورية للفصل في مطالب المدعي تتبث استنادا إلى هذه العناصر بحكم‬

‫بمثابة حضور بالنسبة للمدعى الذي تغيب أو نائبه"‪.‬‬

‫على المقتضيات الفقرة المشار إليها أعاله‪ ،‬تدفعنا إلى التساؤل عن مصير الدعوى‬

‫عندما يحضر المدعي عليه وفي المقابل بتخلق المدعى عن الحضور وال تتوفر الدعوى‬

‫‪ - 7‬الفصل األول من قانون المسطرة المدنية‪ .‬الفصل ‪ 137‬من قانون األحوال الشخصية‬
‫‪9‬‬
‫عن الش روط الض رورية والكافي ة للفص ل فيه ا‪ ،‬تم ه ل غي اب الم دعى يعت بر بمثاب ة تن ازل‬

‫عن دعواه‪ ،‬وهل يمكن للمدعى عليه الحاضر أن يطالب المحكمة بالبث في الدعوى‪ ،‬وهل‬

‫غياب المدعى عليه يعتبر إقرارا بطلبات المدعي‪.‬‬

‫والحقيق ة وب الرجوع إلى مقتض يات نص الفص ل ‪ 47‬ال تس عفنا في اإلجاب ة عن‬

‫األسئلة المثارة بشكل واضح وصريح‪ ،‬على أن المشرع ومن خالل تضمينه لفضه "أمكن"‬

‫ض من مقتض يات الفص ل أعاله ق د خ ول للمحكم ة س لطة تقديري ة واس عة في مث ل ه ذه‬

‫األوض اع ألن مس ألة ت وافر ال دعوى على العناص ر الض رورية من عدم ه‪ ،‬مس ألة واق ع ال‬

‫تخضع فيها لرقاب ة المجلس األعلى‪ ،‬وعليه فللمحكمة أن تقرر التشطيب‪ 8‬وتخلف المدعي‬

‫عن متابع ة دع واه ال يعت بر تن ازال عنه ا إال أن ه ل و أراد المش رع ذل ك لق ام بتنص يص علي ه‬

‫صراحة فالتنازل يكون بعقد مكتوب أو بتصريح‪ 9‬فهو يكون بإرادة الم دعي بينم ا التشطيب‬

‫يكون بقرار من المحكمة أن التشطيب ال يترتب عليه سوى استبعاد الدعوى أو القضية من‬

‫ج دول الجلس ات‪ ،‬فه و إج راء م ؤقت وتمهي دي اإللغ اء ال دعوى يع د مض ى الم دة القانوني ة‬

‫منصوص عليها في قانون المسطرة المدنية‪ 10‬أما بخصوص حالة التعدد المدعين‪ .‬فلم يشر‬

‫إليه ا المش رع المغ ربي ض من المقتض يات الفص ل ‪ 47‬ل ذا نحيب بالمش رع أن بت دخل كلم ا‬

‫سمحت الفرصة للتنصيص على حكم هذه الحالة ضمن المقتضيات الفصل ذاته‪ ،‬يعتقد أن‬

‫المحكمة في مثل هذا الوضع أن تنبه المدعين الذين ال تتوفر طلباتهم على العناصر الكافي ة‬

‫للبث فيه ا قص د تق ديم ب اقي البيان ات مقي دة داخ ل أج ل معين على أن ه وبم رور األج ل دون‬

‫‪ - 8‬يقصد بتشطيب عدم نظر المحكمة للدعوى لغياب ولعدم توفرها العناصر الضرورية للفصل فيها‪.‬‬
‫‪ - 9‬الفصل ‪ 119‬من قانون المسطرة المدنية المغربي‪.‬‬
‫‪ - 10‬الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 47‬المعدل بظهير ‪ 6‬ماي ‪.1982‬‬
‫‪10‬‬
‫تقديم ما يؤكد وبين مطالبهم تصدر المحكمة قرار التشطيب بالنسبة لألطراف الذين تكون‬

‫مق االتهم غ ير كافي ة للبث فيه ا إذن فغي اب البعض م ع ع دم ت وافر مطلب اتهم على م ا يل زم‬

‫للنظر فيها ال يحول دون استمرار المحكمة في نظرها النزاع خصوصا إذا كان موضوع‬

‫قابل لتجزئة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحضور الشخصي أو الفعلي‬

‫يقصد بالحضور الشخصي‪ ،‬الحضور المادي للطرف أو لوكيله أمام هيئة المحكم ة‬

‫المختصة لنظر في الدعوى وهو ما يستفاد من عبارة "ولم يحضر في الوقت محدد" والتي‬

‫أوردها المشرع المغربي ضمن مقتضيات الفقرة األولى من الفصل ‪ 47‬ومن األمثلة على‬

‫ذل ك م ا ج اء في فص ل ‪ 275‬من ق انون المس طرة المدني ة ال تي تنص على م ا يلي‪ ":‬يتعين‬

‫على األط راف الحض ور شخص يا في الجلس ة األولى غ ير أن ه يج وز للمش غل أو الم ؤمن‬

‫ال ذي يق وم مقام ه في قض ايا ح وادث الش غل واألم راض المهني ة والم دبر الع ام لص ندوق‬

‫الضمان االجتماعي في قضايا تعيين من ينوب عنهما"‪.‬‬

‫ومن تم فليس بالزم أن يحض ر الخص م بنفس ه ب ل يكفي حض ور من يمثل ه‪ ،‬فق د ال‬

‫يملك المدعى من الملكات والمواهب القانونية ما يمكنه من إقامة الدليل على حقه بطريقة‬

‫مقنعة لهيئة المحكمة باستثناء واإلقرار‪ 11‬اللذين يستلزمان حضور المدعي شخصيا على أن‬

‫ع دم حض وره على اإلطالق ال يح ول دون الس ير في ال نزاع القض ائي وإ ص دار حكم في‬

‫الموضوع النزاع‪ ،‬كلما تكون الدعوى متوفرة على العناصر القانونية وضرورية للبث فيه ا‬

‫‪ -‬أحمد السنهوري‪ " :‬الوسيط في شرح القانون المدني الجدي د"‪ ،‬المجل د الث اني دار النهض ة العربي ة قاهرة ص‬ ‫‪11‬‬

‫‪ 471‬و‪.515‬‬
‫‪11‬‬
‫وأساس ذلك على – ما يقوم لدينا من اعتقاء‪ -‬وهو أن بحضور الشخص أو المدعي ليس‬

‫بواجب عليه وال يترتب عليه أي جزاء سوى فوات المصلحة‪ ،‬أي فوات فرصة الدفاع عن‬

‫مص الحه وحقوق ه‪ ،‬حيث أج از المش رع للمحكم ة مواص لة الفص ل في ال نزاع كم ا ك انت‬

‫مت وفرا على الش روط األساس ية ل ذلك‪ ،‬ول و تغيب الم دعى ويك ون الحكم الص ادر والحال ة‬

‫هات ه بمثاب ة حض ور‪ ،‬أي كم ا ك ان ل و ص در بحض ور الم دعى أو نائب ه وه و م ا قض ت ب ه‬

‫المحكمة ابتدائية بإيمنتانوت في حكم لها‪.‬‬

‫بقي أن نش ير إلى أن مس ألة الحض ور الشخص ي ال تث ار إال في األح وال ال تي‬

‫تك ون‪ ،‬فيه ا المس طرة ش فوية وف ق للمقتض يات الفص ل ‪ 47‬من ق انون المس طرة المدني ة‬

‫المعدل بظهير الصادر بتاريخ ‪ 10/9/39‬وتكون المسطرة شفوية في القضايا التي تختص‬

‫فيها محاكم ابتدائية وانتهائيا أي قضايا التي تتجاوز قيمتها ثالثة األلف درهم وقضايا النفق ة‬

‫والقض ايا االجتماعي ة‪ )....‬أم ا في حال ة ال تي تك ون فيه ا كتابي ة فحض ور يتحق ق بتج ادل‬

‫المذكرات والردود وتقديم المستنتجات‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬وسائل كفالة حضور المدعي‬

‫يعت بر حض ور الم دعي من الوس ائل القانوني ة ال تي نظمه ا المش رع ض من ق انون‬

‫المسطرة المدنية‪ ،‬والتي بموجبها يخول المدعى حق الدفاع عن حقوقه ومصالحه ولتحقيق‬

‫الغاية المذكورة كان البد من استدعاء المدعي لحضور الجلسة المحددة للبث في الدعوى‬

‫التي كان طرفا فيها‪ ،‬وعالوة على ذلك فقد نص المشرع المغربي على التشطيب كجزاء‬

‫‪ -‬عب د العزي ز توفي ق‪ " :‬ش رح قانون المس طرة المدني ة والتنظيم القض ائي"‪ ،‬الج زء األول مطبع ة النج اح الجدي دة‬ ‫‪12‬‬

‫الدار البيضاء الطبعة الثانية ص ‪.162‬‬


‫‪12‬‬
‫ي ترتب عن ع دم طلب متابع ة الس ير في نظ ر ال دعوى من ط رف الم دعي‪ ،‬والتش طيب‬

‫الم ذكور ال يع دو أن يك ون س وى وس يلة من إجب ار الم دعى المتخل ف عن المت ول أم ام‬

‫القضاء‪.‬‬

‫ولدراسة هذا المطلب سوف نبحثه من خالل ما يلي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬وجوب استدعاء المدعي‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إمكانية التشطيب على الدعوى كوسيلة إلجبار المدعى الغائب عن‬

‫المثول أمام القضاء‬

‫الفقرة األولى‪ :‬وجوب استدعاء المدعي‬

‫ينص المش رع المغ ربي على ه ذه القاع دة في الفص ل ‪ 36‬من ق انون المس طرة‬

‫المدنية الذي جاء فيه ما يلي‪ " :‬يستدعي القاضي حاالت المدعي والمدعي عليه كتابة إلى‬

‫جلسة يعين يومها ويتضمن هذا االستدعاء االسم العائلي والشخصي ومهنة موطن ومحل‬

‫إقام ة الم دعى أو الم دعى علي ه وموض وع الطلب والمحكم ة ال تي يجب أن تبث في ه‪ ،‬وي وم‬

‫وساعة الحضور‪ ،‬والتنبيه إلى وجوب اختيار موطن في مقر المحكمة عند االقتضاء"‪.‬‬

‫وهكذا وتحقيقا لمبدأ الوجاهية أي الحق في الدفاع الذي يعتبر من الحقوق المقدسة‬

‫في مي دان العدال ة لج أ المش رع إلى إج راءات مس طرية وقانوني ة ته دف إلى التبلي غ ك ل‬

‫اإلجراءات القضائية إلى األطراف المعينة تبليغا قانونيا سليما تتوفر فيه العديد من األركان‬

‫والش روط ال تي نص عليه ا وح ددها مش رع ف إن ك ان الم دعي حاض را بمقال ه االفتت احي‬

‫للدعوى المقدم طبقا لمقتضيات فصول ‪ 31‬و‪ 32‬من قانون المسطرة المدنية فإن المشرع‬

‫‪13‬‬
‫مع ذلك أوجب استدعاؤه هو ما قرر بشكل واضح وجلي في الفقرة األولى من الفصل ‪47‬‬

‫ونعتقد ن المشرع بنصه على هذا اإلجراء‪ ،‬قد "تنبه إلى الفرضية التي تكون فيها البيانات‬

‫الواردة في الطلب الذي تقدم به المدعى غير تامة أو إلى حالة التي يحضر فيها المدعى‬

‫عليه مدعيا حقا من حقوق تجاه المدعي األصلي‪ ،‬ففي مثل هذه األحوال يكون من الالزم‬

‫استدعاء المدعي بتحديد البيانات غير التامة أو التي وقع إغفالها أو اإلدالء بالحجج المؤيدة‬

‫لطلبات ه ويتم تبلي غ االس تدعاء طبق ا لمقتض يات الفص ول ‪ 41 ،39 ،38 ،37‬من الق انون‬

‫المسطرة المدنية‪.‬‬

‫ومن هنا وإ عماال لمبدأ احترام حقوق الدفاع‪ ،‬يكون من ضروري إخطار الطرف‬

‫األخر بأي عمل إجرائي يقوم به الخصم األخر‪ ،‬سواء برفع الدعوى أو أثناء منازعة‪.13‬‬

‫الفق ر الثاني ة‪ :‬إمكاني ة التش طيب على ال دعوى كوس يلة إلجب ار م دعى متخل ف عن‬

‫المتول أمام القضاء‬

‫إذا ك ان األص ل في الحض ور أن ه رخص ة للخص م وعبء علي ه‪ ،‬ف ذلك يتطلب أال‬

‫يجبر على إحضاره ب القوة إذا لم يمتثل طواعية وواختيارا‪ ،‬وإ ذا كان حضور الخصم من‬

‫جهة أخرى ال يع د التزاما علي ه‪ .‬فال يعتبر بالت الي التخل ف عن الحضور عص يانا وتمردا‬

‫ض د الس لطة‪ ،‬يس توجب عقاب ه‪ ،‬أي ا ك ان ن وع العق اب م دنيا أو جنائي ا‪ ،14‬إال أن ه رعاي ة‬

‫للمص لحة العام ة‪ ،‬وال تي تتمث ل في اس تقرار الحق وق واألوض اع وأثره ا على المجتم ع من‬

‫‪ -‬عب د الس الم بن اني‪" :‬قانون المس طرة المدني ة المغ ربي في ض وء الفق ه والقض اء"‪ ،‬الج زء األول ال دار العربي ة‬ ‫‪13‬‬

‫للموسوعات الطبعة األولى ‪ 1983‬ص ‪.216‬‬


‫‪ -‬فتحي والي‪" :‬قانون المرافعات المصري في مائة ع ام "‪ ،‬مقال منش ور بمجل ة االقتص اد الع دد الث اني الس نة ‪43‬‬ ‫‪14‬‬

‫ص ‪.389‬‬
‫‪14‬‬
‫اس تثباب األمن والنظ ام أو القل ق واالض طراب‪ ،‬كم ا أن المنازع ة ليس ت ملك ا لألط رف أو‬

‫خصوم يسيرونها كيفما يشاءون دون تدخل من الدول متمثلة في سلطة قضائية بل إنها أداة‬

‫القضاء في تطبيق الق انون على الوجه المنشود عالوة على ذلك فحقوق األشخاص مدعيا‬

‫كان أو مدعى عليه أو من الغير تتطلب أال تكون رهينة تصرفات أحدهم فقط بتالعب بها‬

‫كي ف ش اء ب ل من مص الحهم أن تس تقر األوض اع‪ 15‬ل ذلك فق د تض م اس تخدامهم ض د‬

‫األش خاص ال ذين يتالعب ون ب وقت العدال ة ومتقاض ين حث ا لهم على المث ول وحماي ة لحق وق‬

‫غيرهم‪ ،‬ومن هذه الجزاءات التي يمكن استخدامها ضد المدعى أو المدعين حالة تعددهم‪،‬‬

‫ال ذين لم يمتثل وا أم ام المحكم ة التش طيب على ال دعوى‪ ،‬ف الفقرة األولى من الفص ل ‪47‬‬

‫تقضي بأنه إذا استدعي المدعي أو نائبه بصفة قانونية ولم يحضر في الوقت المحدد أو لم‬

‫يقدم ما يؤكد طلباته في حالة التي تكون فيها المسطرة كتابية أمكن للمحكمة إذا لم تتوفر‬

‫على أي عنص ر يس مح له ا ب البث في المطلب أن تق رر التش طيب على القض ية من ج دول‬

‫الجلس ات ففي مث ل ه ذه الحال ة يس وغ للمحكم ة أن تش طب على ال دعوى ال تي تق دم به ا‬

‫المدعى لكن بشرط أال وزوال كل آثارها القانونية وإ نما يعنى استبعادها من عداد القضايا‬

‫المتداولة‪ ،‬فال تنظر في ذات الجلسة وال تحدد لها جلسة ثالية لنظرها‪ ،‬فالدعوى تظل قائمة‬

‫أم ام القض اء منتج ة لكاف ة آثاره ا‪ ،‬ك ل م ا في األم ر أن المحكم ة ال تنظره ا إال بن اء على‬

‫طلب جديد من المعني باألمر‪ ،‬لذ فالتشطيب يعتبر عارضا من العوارض التي تمنع السير‬

‫المنازعة القضائية‪.16‬‬
‫‪ -‬محم ود هاش م‪ " :‬قانون القض اء الم دني"‪ ،‬الج زء الث اني دار إحي اء ال ثرات الع ربي ب يروت طبع ة ‪ 1972‬ص‬ ‫‪15‬‬

‫‪.304‬‬
‫‪ -‬وج دى راغب‪ " :‬مب ادئ القض اء الم دني الكوي تي وفقا لقانون المرافع ات الجدي د "‪ ،‬دار الكتب الك ويت‬ ‫‪16‬‬

‫الطبعة ‪ 1984‬ص ‪.527‬‬


‫‪15‬‬
‫والمشرع المغربي يريد بتقرير لهذا الجزاء أن يدفع عجلة سير المنازعة القضائية‬

‫إلى األمام‪ ،‬وأن ال يترك المتنازعة الفرصة في تخليدها أمام القضاء على أن هذا الجزاء‬

‫ليس وجوبي ا ب ل جعل ه المش رع المغ ربي أم را جوازي ا مثروك ا لتق دير المحكم ة‪ ،‬وب ذلك ال‬

‫يختل ف التش ريع المغ ربي عن التش ريع المص ري ال ذي جع ل التش طيب أم را جوازي ا بع دما‬

‫كان وفق لقانون المادة ‪ 91‬من قانون مرافعات السابق وجوبي ا‪ ،‬وعلى ال رغم من أن هذا‬

‫اإلجراء فيه مصلحة األطراف جميعا فإنه مع ذلك سوف يعوق العدالة من تحقيق أهدافها‬

‫المنشودة مما ينعكس على أمن الدولة وسالمتها وهذا ما أال إليه المشرع المغربي في حين‬

‫فرض على المحكمة التصدي للنزاع الفصل فيه إذا ما كان لدعوى‪ ،‬جاهزة ومتوفرة على‬

‫العناصر الالزمة والتي تسمح اللبث فيها وذلك تفاديا لتراكم القضايا أمام المحاكم‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬غياب المدعي‬

‫يقتض ي المج رى الع ادي لألم ور أال يتغيب الم دعى عن متابع ة س ير إج راءات‬

‫الدعوى‪ ،‬فهو الذي بادر بإنشائها عن طريق تقديمه للمقال أو الطلب االفتتاحي لها‪ ،‬وهو‬

‫الذي يسعي من وراء مباشرتها إلى حماية مصلحته محل المطالبة القضائية إال أن األمور‬

‫ال تس رى دائم ا كم ا ينبغي فق د يتخل ف الم دعى تتج ه أم راض أو الق وة ق اهرة حال ة دون‬

‫انتق ال إلى محكم ة وق د يتخل ف الم دعى من ناحي ة قانوني ة وإ ن ك ان حاض را من الناحي ة‬

‫الفعلية كما ل و ك ان الق انون يفرض عليه أن يمثل بواسطة مح ام ولم يوكل عنه من يمثله‬

‫أم ام المحكم ة كم ا ه و الح ال في الطعن ب النقض أم ام المجلس األعلى‪ ،17‬أو كم ا ل و تعل ق‬

‫األمر بالمسطرة كتابية‪.‬‬

‫‪ - 17‬االستدعاء القانوني هو الذي يتم وفق الفصول ‪ 36،37،38،41‬من قانون مسطرة مدنية‬
‫‪16‬‬
‫وهكذا سنقوم بتناول هذا المبحث من خالل ما يلي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬صور غياب المدعي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬سلطة المحكمة في الفصل في مطالب المدعى رغم غيابه‬

‫المطلب األول‪ :‬صور غياب المدعي‬

‫غي اب الم دعى يتحق ق في ح التين األولى يتخل ف الم دعى بس بب م رض أو ق وة‬

‫ق اهرة والثاني ة هي ال تي يع د الم دعي فيه ا غائب ا من الناحي ة القانوني ة وللبحث في ه ذا‬

‫المطلب سنقسمه إلى فقرتين‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬غياب المدعى بفعل المرض أو القوة القاهرة‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الغياب القانوني‬

‫الفقرة األولى‪ :‬غياب المدعى بفعل المرض أو القوة القاهرة‬

‫لم ي أتى المش رع بحكم واض ح وجلى ض من مقتض يات المس طرة المدني ة عام ة‬

‫والفصل ‪ 47‬خاصة بالنسبة لهذه الحالة لكن وعلى ما هو يقوم لدينا من اعتقاد انطالقا من‬

‫مقتض يات الفص ل الم ذكور‪ ،‬يمكن الق ول على أن ه إذ لم يحض ر الم دعى ووكيل ه في الي وم‬

‫المحدد رغم استدعائه‪ 18‬طبقا للقانون يشطب على الدعوى ما عدا إذا أخبر القاضي برسالة‬

‫من أقربائه بأن عائق عدم حضوره هو المرض أو القوة القاهرة‪.‬‬

‫ففي ه ذه الحال ة ج از للمحكم ة تأجي ل القض ية للجلس ة المقبل ة‪ ،‬إال أن كاف ة أح وال‬

‫التخلف ال تفترض دائما حسن النية المدعي‪ ،‬فقد يرمي من وراء ذلك أغراض آخ رى ك أن‬

‫‪ - 18‬االستدعاء القانوني هو الذي يتم وفق الفصول ‪ 36،37،38،41‬من قانون مسطرة مدنية‬
‫‪17‬‬
‫يهدف إلى إثارة أمد النزاع ألن وضعه حالي ليس في حالة صالحة‪ ،‬أو أنه لم يستطيع بعد‬

‫من توفير األدلة كافية هناك مصالح أخرى يستوجب مراعاتها‪ ،‬مما يستوجب أن يوضع‬

‫حد لتلك الدعوى في أقرب وقت ممكن تستوجب أن التحاد المنازعات أمام القضاء لذلك‬

‫ك ان لزم ا على المش رع أن يوف ق بين تل ك المص الح المتعارض ة والمتض اربة ولبعض‬

‫التشريعات المقارنة كالتشريع المصري‪ 19‬نجد بنص على أن المحكمة أن تحكم ال دعوى إذا‬

‫غاب المدعى أو المدعون أو بعضهم في الجلسة األولى وحضر المدعى عليه‪ ،‬وهو جزاء‬

‫وض عه المش رع لمواجه ة الم دعى ال ذي يهمل ه دع واه‪ ،‬فال يك ون ج ديرا بأي ة حماي ة فض ال‬

‫عن كون المدعى يعتبر حاضرا قانونيا بتقديمه مقاله االفتتاحي ولو تغيب بعد ذلك‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الغياب القانوني‬

‫إن الطعن في األحكام والقرارات القضائية واإلدارية أمام المجلس األعلى بطريقة‬

‫النقض‪ ،‬يستوجب ضرورة تنصيب محام ليقوم بهذه المهمة اإلجرائية‪.‬‬

‫وقاع دة ض رورة تنص يب مح ام لل ترافع أم ام المجلس األعلى في إط ار المنازع ات‬

‫مدنية البد فيها من توفر شروط معينة في محامي‪ ،‬سواء من حيث التقيد جدول من جداول‬

‫إحدى النقابات المحامين بالمغرب أو من حيث مدة الممارسة بمهنة المحاماة أو من حيث‬

‫القب ول في الئح ة المقب ولين لل ترافع أم ام المجلس األعلى‪ ،‬وإ ذا ك ان الب د أن يك ون مح امي‬

‫مقيد في جدول نقابة المحامين بالمغرب فإن هذا ال يقتصر وال يعني مجرد التقيد بالجدول‬

‫دون الممارس ة الفعلي ة ب ل الب د من أن يك ون محامي ا ممارس ا وأن تمض ي الم دة المطلوب ة‬

‫ح تى يك ون ل ه الح ق في ال ترافع أم ام المجلس األعلى‪ ،‬وه ذه الم دة ك انت تح دد في خمس‬

‫‪ - 19‬المادة ‪ 82‬من قانون المرافعات المصري الجديد‬


‫‪18‬‬
‫س نوات وذل ك من ذ تأس يس المجلس األعلى بمقتض ي ظه ير ‪ 27‬ش تنبر ‪ 1957‬وبقي األم ر‬

‫ك ذلك في ظ ل المرس وم الملكي الص ادر بت اريخ ‪ 19‬دجن بر ‪ 1968‬منظم بموجب ه نقاب ات‬

‫محامين ومزاولة مهنة المحاماة فأضحت هي عشر سنوات بدل ‪ 5‬سنوات المعمول بها قبل‬

‫ص دور ه ذا الق انون والب د ك ذلك من أن يك ون المح امي مس جال في الئح ة المقب ولين أم ام‬

‫المجلس األعلى لكي يح ق ل ه المرافع ة أم ام ذات المجلس فش رط الم دة وح ده ك اف فتحق ق‬

‫ه ذه الش روط مجتمع ة هي ال تي تعطى الح ق للمح امي في أن يك ون مقب وال للمرافع ة أم ام‬

‫المجلس األعلى أو للطعن بالنقض في األحكام والقرارات اإلدارية والقضائية‪.‬‬

‫ومن المعل وم أن الطعن ب النقض أم ام المجلس الم ذكور‪ ،‬يس توجب تنص يب مح ام‬

‫ليباشر اإلجراء المذكور تحت طائلة عدم القبول‪ ،20‬القاعدة أن طلب النقض يجب أن يرفع‬

‫بواس طة عارض ة كتابي ة يوق ع عليه ا أح د المح امين المقي دين في ج دول هيئ ات المح امين‬

‫ب المغرب والمقب ولين لل ترافع أم ام المجلس األعلى‪ ،‬وه و م ا ق ام المش رع المغ ربي ض من‬

‫مقتضيات الفصل ‪ 354‬من قانون المسطرة المدنية الذي يجري سياقه فيما يالي‪ " :‬ترفع‬

‫طلبات النقض واإللغاء المشار إليها في الفصل السابق‪ ،‬بواسطة مقال مكتوب موقع عليه‬

‫من ط رف أح د الم دافعين المقب ولين لل ترافع أم ام المجلس األعلى يمكن للمجلس عن د ع دم‬

‫تق ديم مق ال أو تقديم ه موقع ا علي ه من ط رف ط الب النقض نفس ه أو من ط رف م دافع ال‬

‫توفر فيه الشروط المقرر‪ .‬في الفقرة السابقة أن التشطيب على القضية من غير استدعاء‬

‫الطرف ‪"....‬‬

‫‪ -‬ق رار ع دد ‪ 133‬بت اريخ ‪ 17/7/1986‬ذك ره الطيب بن مق دم في مؤلف ه المحام اة في مب ادئ األحك ام‬ ‫‪20‬‬

‫والقرارات القضائية "‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ‪.1992‬‬


‫‪19‬‬
‫فكما هو واضح من مقتضيات الفصل المذكور‪ ،‬فإنه ال يعتد بالحضور الشخصي‬

‫للمدعي أو بالعريضة المقدمة والوقعة من طرف بحيث يعد نائبا من الناحية القانونية رغم‬

‫الحض ور الق انوني أي ال واقعي ألن الق انون علي ه "تنص يب مح ام كلم ا تعل ق األم ر ب إجراء‬

‫قض ائي يتم أم ام المجلس األعلى‪ .‬فال ب د من تق ديم الم ذكرات بواس طة مح ام مس موح ل ه‬

‫بالترافع أمام المجلس المذكور‪.‬‬

‫والج ذير ب ذكر أن لقاع دة التقي د بتنص يب مح ام مقب وال أم ام المجلس األعلى حسب‬

‫الشروط التي سبق اإلشارة إليها سابقا لها عدة استثناءات قانونية بعضها منصوص عليها‬

‫في قانون المسطرة المدنية وبعضها اآلخر في قوانين خاصة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬سلطة المحكمة في الفصل في مطالب المدعي رغم غيابه‬

‫بالرجوع إلى مقتضيات الفصل الثاني من قانون المسطرة المدنية نستخلص حكما‬

‫مف اده أن المش رع المغ ربي أوجب على المحكم ة البث في ك ل قض ية رفعت أمامه ا أو‬

‫إصدار قرار بشأنها‪ .‬وهو ما قام بالعمل على تكريسه انطالقا من فصل ‪ 47‬قانون مسطر‬

‫وعلى هذا األساس سنحاول دراسة هذا المطلب وفق التصميم اآلتي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إمكانية الفصل في الدعوى‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عدم صالحية الدعوى للفصل فيها‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إمكانية الفصل في الدعوى‬

‫ع الج المش رع المغ ربي حكم ه ذه الحال ة ض من الفق رة الرابع ة من الفص ل ‪47‬‬

‫ق‪.‬م‪.‬م وفقا للفقرة المذكورة يتعين على المحكمة أن تحكم في موضوع الدعوى رغم غياب‬

‫‪20‬‬
‫الم دعى م تى تحققت الش روط الالزم ة للبث فيه ا‪ ،‬وه و م ا قض ت ب ه المحكم ة االبتدئي ة‬

‫بم راكش في حكم له ا‪ ،‬بحيث أن المق ال االفتت احي المق دم من ط رف الم دعى يق وم مق ام‬

‫الحضور الشخص له وهكذا فغياب المدعى ال يمنع المحكمة من النظر في الدعوى متى‬

‫كانت ص الحة للفص ل فيها وص الحية الدعوى للفص ل فيه ا من المس ائل الواقعي ة المثروكة‬

‫لتق دير المحكم ة لتوقفه ا على م دى تحقي ق وت وافر العناص ر الالزم ة في ال دعوى‪ ،‬فقاض ي‬

‫الموضوع هو الذي يعمل سلطته التقديرية في بحث مسألة صالحية لدعوى للفصل وهو‬

‫يجري فحصا تقديريا لمراكز األطراف الموضوعية ويبحث في أصل الحق أو في مسألة‬

‫المطلوب منه الفصل فيها ليتأكد من صالحية هذا الموضوع إلصدار حكم فيه‪ 21‬إذا كانت‬

‫ص الحية ال دعوى والفص ل فيه ا من المس ائل ال تي يس تقل بتق ديرها قاض ي الموض وع فق د‬

‫اختل ف الفق ه المق ارن بخص وص م دى ص الحية ال دعوى للفص ل فيه ا ح ال غي اب الم دعى‬

‫عليه‪.‬‬

‫فقد ذهب البعض بالقول أن الدعوى تكون صالحة للفصل فيها إذا ما بلغ المدعى‬

‫علي ه شخص يا أو أعي د تبليغ ه في ال دعوى العادي ة‪ ،‬وذل ك ألن الم دعى ق د أب دي طلبات ه في‬

‫المقال ال ذي افتتح بموجبه دع واه والم دعى عليه لم يحض ر بع د رغم تمكينه من الحض ور‬

‫البيدي دفاعه‪.‬‬

‫وبش أن ذل ك ال دكتور فتحى والي‪ " :‬كم ا يكفي بالنس بة للم دعى علي ه أن يك ون ق د‬

‫تمكن من إبداء دفاعه بأن يكون قد أعلن شخصيا أو أكيد إعالنه"‪.22‬‬

‫‪ - 21‬نبيل عمر‪ " :‬أصول المرافعات المدنية والتجارية "‪ ،‬منشأ المعارف اإلسكندرية طبعة األولى ‪ 1986‬ص ‪.391‬‬
‫‪ - 22‬فتحي والي‪ " :‬الوسيط في قانون القضاء المدني"‪ ،‬ص ‪.572‬‬
‫‪21‬‬
‫وترى وبكل وضوح إن غياب المدعى عليه في الجلسة األولى ال يمنع من الفص ل‬

‫في الدعوى إذا كان قد بلغ شخصيا‪ ،‬أو كان الدعوى من الدعاوى المستعجلة ونحن بموقفنا‬

‫ه ذا تؤي د ال رأي الث اني ألن أق رب إلى ني ة المش رع حيث ي روم إلى س رعة الفص ل في‬

‫المنازعات وقبل باب التحايل من قبل المتقاضين الذين يتالعبون بوقت القضاء‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عدم صالحية الدعوى للفصل فيها‬

‫ع الج المشرع المغ ربي هذه الحال ة الفق رة األولى من الفصل ‪ 47‬من ق‪.‬م‪.‬م حيث‬

‫نص على التشطيب على الدعوى إذ تغيب المدعى ولم يشير ال من بعيد أو من قريب إلى‬

‫حالة التي يتغيب فيها الطرفان عن الجلسة المحددة لنظر الدعوى نرى مع بعض الفقه أنه‬

‫ك ان من ب اب أولى وأج در يقض ى بالتش طيب على دع وى إذا تغيب الطرف ان مع ا‪ 23‬وه ذا‬

‫الموق ف ه و م ا أخ ذ ب ه ق انون المرفع ات المص ري الق ديم في الفص ل ‪ 91‬وأك د علي ه في‬

‫مقتض يات الم ادة ‪ 82‬من ق انون المرفع ات الجدي د وال ذي ج اء فيه ا م ا يلي‪" :‬لم يحض ر‬

‫لم دعى أو الم دعى علي ه حكمت المحكم ة في ال دعوى إذا ك انت ص الحة للحكم وإ ال ق ررت‬

‫شطبها"‪.‬‬

‫كما هو واضح من المادة أعاله فإن المحكمة يمكن لها أن تحكم في الدعوى متى‬

‫توفرت على العناصر الالزمة للنظر فيها سواء حضر المدعى المدعي عليه أو لم يحضر‬

‫أيا منهما وتقتض بالتشطيب عليها متى كانت غير صالحة للحكم فيها أو متى كانت غير‬

‫متوفرة على ما يسمح للبث في والتشطيب على دعوى ال يعني زوال رفع ال دعوى إذ تبقى‬

‫‪ - 23‬عبد السالم بناني‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.310‬‬


‫‪22‬‬
‫الدعوى قائمة منتجة الثارها سواء اإلجرائية أو الموضوعية‪ 24‬كما ال يؤثر التشطيب على‬

‫اإلج راءات التالي ة على رف ع ال دعوى إلى حين التش طيب عليه ا‪ .‬وتج در اإلش ارة ب أن‬

‫التشطيب أمر جواز للمحكمة‪ ،‬وهو ما يستفاد من الفصل ‪ 47‬من قانون المسطرة المدنية‬

‫المغربي‪.‬‬

‫‪ - 24‬عبد السالم بناني‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.310‬‬


‫‪23‬‬

You might also like